You are on page 1of 460

‫‪5‬‬

‫العربية يف العامل‬
‫العربية يف العامل ‪5‬‬

‫اللغة العرب ّية فـي ترك ّيا‬

‫تأليف‪:‬‬

‫د‪.‬حممد حقي صوتشني‬ ‫أ‪.‬عيل عبد الواحد عبد احلميد‬ ‫د‪.‬إبراهيم شعبان‬
‫د‪.‬حممد حممود كالو‬ ‫د‪.‬عيد عبداللطيف‬ ‫د‪.‬أمحد حسن حممد عيل‬
‫د‪.‬حممود حممد قدوم‬ ‫د‪.‬عمر إسحاق أوغلو‬ ‫د‪.‬أمحد صنوبر‬
‫أ‪.‬د‪.‬يعقوب جيولك‬ ‫أ‪.‬قدرية هوكلكيل‬ ‫د‪.‬حسني األسود‬
‫د‪.‬يونس إينانج‬ ‫د‪.‬كريم فاروق اخلويل‬ ‫د‪.‬رمضان دمري‬

‫حترير ‪:‬‬
‫د‪.‬حممود حممد قدوم‬
‫اللغة العرب ّية فـي ترك ّيا‬

‫الطبعة األوىل‬
‫‪ 1438‬هـ ‪2016 -‬م‬
‫مجيع احلقوق حمفوظة‬
‫اململكة العربية السعودية ‪ -‬الرياض‬
‫ص‪.‬ب ‪ 12500‬الرياض ‪11473‬‬
‫هاتف‪00966112581082 - 00966112587268:‬‬
‫الربيد اإلليكرتوين‪nashr@kaica.org.sa :‬‬

‫مركز امللك عبداهلل بن عبدالعزيز الدويل خلدمة اللغة‬


‫العربية‪1438 ،‬هـ‪.‬‬
‫فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية أثناء النرش‬
‫قدوم‪ ،‬حممود حممد‬
‫التصميم واإلخراج‬
‫تركيا‪ /.‬حممود حممد قدوم‬
‫العربية فـي ّ‬
‫ّ‬ ‫اللغة‬
‫‪ -‬الرياض‪1438 ،‬هـ‬
‫‪..‬ص؛ ‪ ..‬سم‬
‫ردمك‪978-603-90847-5-4 :‬‬
‫‪ -1‬اللغة العربية‪-‬بحوث ‪ -2‬تركيا أ‪ .‬العنوان‬
‫ديوي ‪1438/457 41.72‬‬
‫رقم اإليداع‪1438/457 :‬‬
‫ردمك‪978-603-90847-5-4 :‬‬

‫اليسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب‪ ،‬أو نقله يف أي شكل أو وسيلة‪،‬‬


‫سواء أكان إلكرتونية أم يدوية أم ميكانيكية‪ ،‬بام يف ذلك مجيع أنواع تصوير املستندات بالنسخ‪ ،‬أو‬
‫التسجيل أو التخزين‪ ،‬أو أنظمة االسرتجاع‪ ،‬دون إذن خطي من املركز بذلك‪.‬‬
‫كلمة املركز‬

‫يعتني مركز امللك عبداهلل بن عبدالعزيز الدويل خلدمة اللغة العربية برصد حضور‬
‫العربية يف أنحاء العامل غري العريب‪ ،‬وهيتم بتقديم املعلومات املوثقة لتارخيها وحارضها‪،‬‬
‫كام هيتم ببناء أدلة للمعلومات تيرس التواصل عىل الباحثني واملؤسسات الثقافية يف‬
‫داخل الوطن العريب وخارجه‪ .‬كام جيتهد املركز يف رصد جماالت العربية التي مل حتظ‬
‫يوسعها بحث ًا ودرس ًا‬ ‫بالدراسة الكافية‪ ،‬وقد وضع أطر ًا علمية يف خططه نِّ‬
‫يتعي عليه أن ّ‬
‫لتكون منارة يستعني هبا األفراد واملؤسسات الذين يعملون يف خدمة العربية يف هذا‬
‫النطاق‪ ،‬حيث نؤمن بأن خدمة اللغة ينبع من تصور واقعها‪ ،‬ومعرفة جماالت انتشارها‬
‫وتقاطعها مع غريها‪ ،‬وتتبع أوجه التأثر والتأثري يف حميطها‪ ،‬السيام عندما نتحدث عن‬
‫اللغة يف بيئة خارج نطاقها الطبيعي‪.‬‬
‫وكلام توغل املركز يف صقع من أصقاع املعمورة (مثل‪ :‬الصني ‪ ،‬وإندونيسيا‪ ،‬واهلند‪،‬‬
‫وإسبانيا‪ ،‬وماليزيا‪ ،‬والواليات املتحدة‪ )...‬عجب من عمق احلضور التارخيي للعربية‬
‫فيها‪ ،‬وسعد بذلك‪ ،‬وباستمرار تو ّقد الرغبة يف زيادة نفوذ العربية وانتشارها‪ ،‬وتطلع‬
‫املختصني إىل إتقاهنا والتبحر يف البحث فيها‪ .‬والعجب يزداد يف بعض الدول الصديقة‪،‬‬
‫أما الدول اإلسالمية كاجلمهورية الرتكية فال غرو أن يكون للغة العربية حضورها‬
‫العميق املؤثر فيها‪ ،‬كيف ال وهي لغة القرآن‪ ،‬كام أهنا احلاضن التارخيي الثقايف الوثيق‬

‫‪-7-‬‬
‫بني العرب وإخواهنم من سائر القوميات واألعراق‪ ،‬كام أن للعربية حضورها اخلاص‬
‫جدا يف تركيا‪ ،‬إذ يمتد هذا احلضور يف عمق القرون‪ ،‬وما زالت املكتبات الرتكية حتتفظ‬
‫بذخائر املخطوطات العربية‪ ،‬وما زال للعلامء العرب أصداؤهم يف تركيا‪ ،‬وما زالت‬
‫العربية حارضة يف وجدان املسلمني األتراك‪ ،‬وذلك نابع من االرتباط الروحي الديني‬
‫إضافة إىل اجلوار احلضاري‪.‬‬
‫ومن ضمن مرشوعات املركز التي يعمل عليها يف دعم العربية دوليا‪( :‬برنامج‬
‫النرش) ويتضمن هذا الربنامج جمموعة من سبل التأليف وطرائق مجع املعلومات‬
‫وتقديمها‪ ،‬ومنها (مجع األبحاث التخصصية) وهو مرشوع يتواله أحد املختصني يف‬
‫موضوع حمدد بإرشاف املركز ومتابعته‪ ،‬فيجمع كل ما تصل إليه يده من أبحاث يف هذا‬
‫ويبوهبا‪ ،‬وحيرر ما حيتاج فيها إىل حترير‪ ،‬ثم يضمها كتاب ًا‬
‫املوضوع‪ ،‬ثم ينتخلها ويرتبها ّ‬
‫نسعد بتقديمه للقارئ الكريم‪ ،‬مثل هذا الكتاب بني يديك‪ ،‬الذي عمل الدكتور حممود‬
‫قدوم فيه عىل مجع األبحاث املكتوبة يف املؤسسات العلمية الرتكية عن اللغة العربية‬
‫يف تركيا؛ هبدف تقديم تصور واضح عنها تارخيا وواقعا‪ ،‬مما سيكون جاذبا للباحثني‬
‫وللمؤسسات الثقافية ملواصلة السبيل البحثي والتجسري العلمي واملعريف بني األطراف‬
‫املتباعدة‪.‬‬
‫ويرفد هذا املرشوع العلمي كتاب آخر يصدر باملزامنة معه ضمن سلسلة (األدلة‬
‫مجع بيبلوغرايف للرسائل اجلامعية العربية يف‬ ‫واملعلومات) التي ينرشها املركز‪ ،‬وهو ٌ‬
‫تركيا (املاجستري والدكتوراه) هنض به الدكتور حممد وجيه أوغلو‪.‬‬
‫كام يأيت هذان الكتابان فاحتة للعناية البحثية للمركز باللغة العربية يف تركيا‪ ،‬ويعمل‬
‫املركز حاليا عىل كتاب ثالث خيتص برصد املؤسسات املعنية بالعربية يف تركيا‪ ،‬وهذه‬
‫العناية تتكامل مع جهود املركز األخرى واهتاممه باللغة العربية يف تركيا‪ ،‬حيث افتتح‬
‫املركز معمل اللغة العربية يف إسطنبول‪ ،‬ويساهم يف تنظيم الندوات واملؤمترات‪ ،‬كام يعمل‬
‫عىل توقيع مذكرات تعاون مع بعض املؤسسات العلمية؛ لتكون مفتاحا ملرشوعات‬
‫أعمق وأبعد مدى‪ ،‬ويسهم يف التواصل املبارش بني املختصني العرب واألتراك‪.‬‬
‫والدعوة قائمة لكافة املؤسسات اللغوية العربية يف تركيا والوطن العريب لبذل مزيد‬
‫من اجلهود يف التقارب؛ لدعم حضور العربية يف تركيا‪ ،‬والوفاء ببعض حق هذه اللغة‬
‫الرشيفة‪.‬‬

‫‪-8-‬‬
‫أحتفي كثري ًا بام قام به حمرر الكتاب د‪.‬حممود قدوم‪ ،‬وأشيد باملجهود العلمي البارز‬
‫للمشاركني يف بحوثه وموضوعاته‪ ،‬وأتطلع إىل مزيد من األعامل العلمية التي تتناول‬
‫العربية يف تركيا‪ ،‬وأن تتكامل اجلهود العلمية مع اجلهود التفيذية املبارشة يف التعاون‬
‫والتكامل بني املؤسسات ذات األهداف املشرتكة‪.‬‬

‫سدد اهلل اجلهد والرأي‪.‬‬

‫األمني العام‬
‫د‪.‬عبداهلل بن صالح الوشمي‬

‫‪-9-‬‬
‫مقدمة الكتاب‬

‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم عىل سيد املرسلني وآله وأصحابه أمجعني‪،‬‬
‫وبعد‪،‬‬
‫فتشهد اجلمهور ّية الرتك ّية يف األعوام األخرية صحوة علم ّية هائلة‪ ،‬وازدهارا‬
‫منقطع النظري يف تع ّلم اللغة العرب ّية وتعليمها ونرشها‪ ،‬سواء كان ذلك يف أقسام اللغة‬
‫العربية يف كليات اآلداب والرتبية‪ ،‬أم يف كل ّيات الرتمجة‪ ،‬أم يف كليات اإلهليات والعلوم‬
‫اإلسالمية‪ ،‬أم يف ثانويات األئمة واخلطباء‪ ،‬أم يف املراكز واملعاهد واألكاديم ّيات املنترشة‬
‫يف أنحاء اجلمهور ّية‪.‬‬
‫فقد تضاعف عدد الطالب الراغبني يف دراسة العربية‪ ،‬وكثرت البعثات الطالبية‬
‫خاصة؛‬
‫الرتكية لدراسة العربية يف البلدان العربية‪ ،‬وزاد اإلقبال عىل العربية ألغراض ّ‬
‫ِ‬
‫نص عىل‬‫جتارية واقتصادية‪ ،...‬ووضع قرار يف كليات اإلهليات (‪َّ )İlahiyat Fakültesi‬‬
‫خمصصة ملهارات العربية فقط‪:‬‬ ‫أن ُتعينَّ سنة متهيدية أو حتضريية (‪ّ )Hazırlık Sınıf‬‬
‫االستامع واملحادثة والقراءة والكتابة‪.‬‬
‫وأعلنت وزارة التعليم الرتكية إضافة اللغة العربية إىل املناهج التعليمية لطالب‬
‫املرحلة االبتدائية‪ ،‬ابتداء من العام الدرايس (‪ ،)2017-2016‬موضحة أن اللغة‬
‫العربية ستدرس بوصفها إحدى اللغات األجنبية االختيارية لكل من الصفوف‬

‫‪-11-‬‬
‫االبتدائية‪( :‬الثاين‪ ،‬الثالث‪ ،‬الرابع)‪ ،‬فضال عن تدريسها مسب ًقا يف صفوف املرحلة‬
‫املتوسطة‪(:‬اخلامس‪ ،‬السادس‪ ،‬السابع‪ ،‬الثامن)‪ ،‬واملدارس الثانوية املعروفة باسم‬
‫«مدارس األئمة واخلطباء»‪ .‬وعزت احلكومة قرارها إىل أمهية اللغة العربية التي ينطق‬
‫هبا نحو (‪ )350‬مليون شخص يف (‪ )22‬دولة يف العامل‪ ،‬إضافة إىل ما وصفته بالدواعي‬
‫التارخيية والثقافية التي تستدعي تعلمها يف أي بلد مسلم‪.‬‬
‫أمور متعددة؛ منها‪:‬‬ ‫ويشجع عىل هذا االزدهار ال ُّلغوي ٌ‬ ‫ِّ‬
‫‪-1‬التمسك بالدين اإلسالمي وكتابه (القرآن الكريم)‪ ،‬ولغته (اللغة العرب ّية)؛ إذ َّ‬
‫إن‬ ‫ّ‬
‫الديني هو الدَّ افع األكرب ملتعلمي العربية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الغرض‬ ‫َ‬
‫‪-2‬سياسة اجلمهور ّية يف االنفتاح عىل العامل العريب سياسيا واقتصاديا واجتامعيا‬
‫أدل عىل ذلك من التوسع يف تدشني حمطات التلفزة الناطقة‬ ‫وأكاديميا‪ ،...‬وليس ّ‬
‫باللغة العربية‪ ،‬وإقامة املسابقات الرسمية وغري الرسمية عىل مدار العام ليتبارى طالب‬
‫واخلاصة بني تركيا والعامل العريب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املدارس يف آداب العربية وفنوهنا‪ ،‬والزيارات الرسم ّية‬
‫إن األتراك بعمومهم يكنُّون للغة العرب ّية االحرتام والتقدير‪،‬‬ ‫‪-3‬ثقافة البلد؛ إذ َّ‬
‫نصا مقدّ سا‪ ،‬ويعدّ ون احلرف العريب مم ّثلاً للغة‬ ‫ويتعاملون مع النَّص العريب بوصفه ّ‬
‫دينهم‪.‬‬
‫إال أن هذا االزدهار يف «الكم» مل يصاحبه ازدهار يف «الكيف»؛ فلم تتطور وسائل‬
‫تعليم اللغة إال يف بعض اجلامعات احلديثة‪ ،‬وبقي تعليم اللغة عىل حاله يف كثري من‬
‫األقسام واملراكز واجلامعات‪ ،‬يعاين من مشكالت كبرية وحتديات كثرية‪ ،‬بحيث يتخرج‬
‫كثري من الطالب بعد سنة حتضريية كاملة وال يزال إنتاجهم اللغوي ضعيفا‪ ،‬وإن‬
‫حتسنت مهاراهتم يف القراءة والرتمجة‪.‬‬
‫إن االزدهار الذي تعيشه اللغة العربية يف اجلمهور ّية الرتك ّية يستدعي ختطي ًطا لغو ًّيا‬ ‫َّ‬
‫أسس علمية دقيقة‪ ،‬وهذا حيتاج إىل تضافر جهود اجلامعات واملؤسسات‬ ‫ٍ‬ ‫قائماً عىل‬
‫اللغوية والفكرية؛ فالتخطيط ال ُّلغوي الدقيق يقتيض أن توجد وسائل وأدوات ومناهج‬
‫ط يكون واع ًيا ملشكالهتا‪ ،‬واجلوانب‬ ‫ترفع من مستوى العربية وحت ِّقق انتشارها وفق خم َّط ٍ‬
‫ُنميها‪ ،‬إضافة إىل تكثيف التَّواصل بني العامل العريب ومؤسسات تعليم ال ُّلغة العربية‬ ‫التي ت ِّ‬
‫ٍ‬
‫ومهارات‬ ‫ٍ‬
‫بقدرات‬ ‫املدرسني العرب واألتراك وتزويدهم‬ ‫خارج الوطن العريب‪ ،‬وتأهيل ِّ‬
‫فكل القضايا‬ ‫تُسهم يف رفع كفاياهتم عىل التواصل مع متع ِّلمي العربية من غري أهلها؛ ّ‬

‫‪-12-‬‬
‫ويقوم‬
‫السابقة ترتبط بالتخطيط اللغوي الدقيق‪ ،‬الذي يل ّبي احلاجات ويسدّ النّقص ِّ‬
‫املناهج وجيعل تعليم العربية حم ِّق ًقا ومتامش ًيا مع معايري تعليم اللغات العاملية األخرى‪،‬‬
‫التي ُيتَّبع يف تعليمها طرق ووسائل تؤ ِّدي إىل سهولة تع ُّلمها ورسعة انتشارها‪.‬‬
‫واملختصني‬
‫ّ‬ ‫ولعل هذا أبرز ما يقدّ مه هذا املرشوع الذي هيدف إىل تعريف اخلرباء‬ ‫َّ‬
‫والدارسني بأوضاع اللغة العرب ّية يف ترك ّيا؛ حتى تتبلور هلم صورة واضحة يعتمدون‬
‫عليها يف بناء مشاريعهم ودراساهتم سواء تلك املتعلقة بالتخطيط اللغوي أم املنهجي أم‬
‫الكفايات اللغو ّية والرتبو ّية واملهن ّية‪.‬‬
‫وتعود فكرة العمل هبذا املرشوع العلمي املتم ّيز إىل اللقاء الذي مجعني بسعادة األمني‬
‫العام ملركز امللك عبداهلل بن عبدالعزيز الدويل خلدمة اللغة العرب ّية الدكتور الفاضل‬
‫عبداهلل الوشمي يف مدينة باريس الفرنس ّية‪ ،‬وحتدّ ثنا خالله عن فكرة املرشوع ورؤيته‬
‫وأهدافه؛ رغبة يف توفري املعلومات للدارسني عن حال اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬وإظهار‬
‫املتفرقة يف جمال‬
‫األبحاث العلم ّية املنجزة املهمة املتوارية عن األنظار‪ ،‬وتقريب األبحاث ّ‬
‫معني‪.‬‬
‫وهواجس دفينة ّيف تتع ّلق بعدد من املرشوعات‬‫َ‬ ‫أفكارا‬
‫ً‬ ‫ومنذ ذلك اللقاء الذي خاطب‬
‫التي أسعى للقيام هبا خدمة للغة العرب ّية‪ ،‬وأنا مأخوذ بأمه ّية الفكرة ومت ّيزها‪ ،‬وما إن وصل‬
‫واملتخصصني‬
‫ّ‬ ‫تواصلت مع عدد من اخلرباء‬
‫ُ‬ ‫خطاب (املفامهة) بإنجاز املرشوع‪ ،‬حتى‬
‫املؤ ّثرين يف هذا املجال من األساتذة العرب واألتراك‪ ،‬واسترشتهُ م باخلطوات املبدئ ّية‬
‫أخذت هبا‪ ،‬وكان هلا‬
‫ُ‬ ‫املهمة التي‬
‫عيل بعدد من اإلشارات ّ‬ ‫للعمل يف املرشوع‪ ،‬فأشاروا ّ‬
‫األثر السديد يف كتابة خ ّطة املرشوع‪ ،‬وحتديد موضوعاته‪ ،‬وقد عرضت خطة العمل‬
‫عىل جلنة املركز العلم ّية‪ ،‬واستفدت من ملحوظاهتم وآرائهم الق ّيمة التي فاءت إىل مجع‬
‫األبحاث العلم ّية وفق املحاور اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬عالقة اللغة العربية باللغة الرتك ّية‪.‬‬
‫‪-2‬اللغة العربية يف التعليم العام يف تركيا‪.‬‬
‫‪-3‬اللغة العربية يف التعليم العايل يف تركيا‪.‬‬
‫‪-4‬الرتمجة من اللغة العربية إىل اللغة الرتك ّية‪.‬‬
‫بارزا يف تعليم العرب ّية يف‬
‫وقد شارك يف أبحاث هذه املحاور العلم ّية ‪ 15‬أكاديم ًّيا ً‬
‫اجلمهور ّية الرتك ّية من أصحاب اخلربة والتجربة يف هذا املجال‪ ،‬الذين أصدروا العديد‬

‫‪-13-‬‬
‫من األبحاث العلم ّية ذات الصلة بتعليم العرب ّية يف تركيا سواء يف املجالت العلم ّية‬
‫املحكّمة أم املؤمترات الدول ّية املتخصصة‪.‬‬
‫ويقتيض املقام أن أتوجه هلؤالء األكاديم ّيني األعالم بالشكر اجلزيل عىل مبادرهتم‬
‫وتعاوهنم يف سبيل إمتام هذا املرشوع‪ ،‬كام أنه من دواعي رسوري وغبطتي أن أتقدّ م‬
‫بشكري املوصول ملركز امللك عبداهلل عىل رعايته الكريمة هلذا املرشوع‪ ،‬واهلل أسأل أن‬
‫حيقق هذا العمل الغرض من تأليفه وإعداده‪ ،‬وأن يسهم يف تقدّ م مسرية العرب ّية يف ترك ّيا‬
‫وازدهارها وفق الرؤى العلم ّية واملنهج ّية التي تؤ ّمن ذلك‪.‬‬

‫واحلمد هلل رب العاملني‬

‫حمرر الكتاب‬
‫د‪ .‬حممود حممد قدوم‬

‫‪-14-‬‬
‫املحور الأ ّول‬

‫عالقة اللغة العربية باللغة الرتك ّية‬

‫تدريس اللغة العربية يف تركيا‪ :‬باألمس واليوم‬


‫حممد حقي صوتشني‬
‫التأثري والتأ ّثر بني اللغة العربية واللغة الرتكية‬
‫إبراهيم شعبان‬
‫تأثري اللغة العربية يف اللغة الرتكية‬
‫حممد حممود كالو‬
‫احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العربية والرتكية وأثرها يف تعليم العربية للطلبة األتراك‬
‫يعقوب جيولكمحمود قدوم‬
‫التبادل الثقايف بني األتراك والعرب‬
‫عيد عبداللطيف‬
‫اللغة العربية يف ظل الدولة العثامن ّية‬
‫عيد عبداللطيف‬
‫مواقف أساتذة اللغة العربية وطالهبا من تدريس اللهجات العربية‪ ‬عىل املستوى‬
‫اجلامعي يف تركيا ‪:‬‬
‫حممد حقي صوتشني‬
‫مستقبل اللغة العربية يف تركيا من خالل ماضيها وحارضها‬
‫إبراهيم شعبان‬

‫‪-15-‬‬
‫تدري�س اللغة العربية فـي تركيا‪ :‬بالأم�س واليوم‬

‫د‪ .‬حممد حقي صوتشني‬


‫جامعة غازي‪ ،‬أنقرة‪-‬تركيا‬

‫مدخل‬
‫يتشاطر األتراك والعرب روابط تارخيية وثقافية عميقة قائمة عىل الثقافة اإلسالمية‬
‫املشرتكة‪ .‬لقد انضمت األرايض العربية ضمن اإلمرباطورية العثامنية خالل القرنني‬
‫اخلامس عرش والسادس عرش‪ ،‬حيث انضمت لألرايض العثامنية كل من سوريا ولبنان‬
‫وفلسطني ومرص ومنطقة احلجاز يف عهد السلطان بايزيد الثاين (‪1481‬م ـ‪1512‬م)‬
‫والسلطان ياووز سليم (‪1512‬م ـ‪1520‬م)‪ ،‬والعراق والبرصة وليبيا واجلزائر واليمن‬
‫والسواحل الرشقية لشبه اجلزيرة العربية يف عهد السلطان سليامن القانوين (‪1527‬م ـ‬
‫‪1566‬م)‪ ،‬وجنوب شبه اجلزيرة العربية واليمن (‪1568‬م) وتونس (‪ )1574‬واملغرب‬
‫(‪1577‬م) يف عهد الصدر األعظم صوكوللو حممد باشا‪ ،‬ومع دخول اإلمرباطورية‬
‫العثامنية مرحلة االنحطاط بدأت الدول األوروبية بغزو هذه األرايض واحدة تلو‬
‫األخرى‪.‬‬
‫كان تعليم اللغة العربية من الوسائل احلتمية الكفيلة باستمرار النظام اإلداري‬
‫الذي ورثه العثامنيون من األتراك السلجوقيني‪ ،‬والذي مل تكن فيه الثقافة الرتكية الطابع‬
‫الغالب يف املجتمع اإلسالمي‪ ،‬بل كانت منصهرة يف ثقافة إسالمية مشرتكة‪.‬‬
‫أما يف الوقت الراهن فعندما يقال «تعليم اللغة األجنبية»‪ ،‬فال خيطر عىل البال عادة إال‬

‫‪-17-‬‬
‫تعلم اللغات اإلنجليزية واألملانية والفرنسية‪ ،‬وغريها من اللغات األوروبية الشائعة؛‬
‫فثمة قناعة شائعة يف تركيا عىل أن تعليم اللغة العربية يندرج ضمن التعليم الديني‪.‬‬
‫‪.2‬نظرة تارخيية رسيعة ‪:‬‬
‫لقد نشأت الثقافة الرتكية‪-‬اإلسالمية بعد اعتناق األتراك لإلسالم يف عهد‬
‫القراخانيني (‪932‬م ـ‪1212‬م)‪ ،‬الذين اختذوا احلروف العربية يف كتابة لغتهم الرتكية‪،‬‬
‫وبذلك احتلت لغة القرآن مكانة مرموقة يف حياة األتراك‪.‬‬
‫كانت املدارس التقليدية هي املؤسسات التعليمية الوحيدة يف الدولة السلجوقية‪.‬‬
‫وكانت لغة التعليم فيها هي اللغة الفارسية‪ ،‬أما تعليم النحو والرصف العربيني يف تلك‬
‫املدارس فكان جار ًيا لغرض استيعاب الكتب الدينية واملراجع اإلسالمية الرئيسة؛‬
‫لذلك فإن اهلدف املنشود من تعليم اللغة العربية مل يكن لتعليم اللغة نفسها‪ ،‬بل لرتسيخ‬
‫التعليم الديني بواسطة لغة القرآن‪.‬‬
‫أما العهد العثامين فمن املمكن دراسته من ناحية تعليم اللغة العربية يف مرحلتني‪،‬‬
‫األوىل «مرحلة املدارس التقليدية» (‪1299‬م ـ‪1773‬م)‪ ،‬والثانية «مرحلة املدارس‬
‫الرسمية» (‪1773‬م ‪1923-‬م)‪.‬‬
‫‪ 2.1‬مرحلة املدارس التقليدية (‪1299‬م ‪1773-‬م)‬
‫كانت لغة التعليم خالل هذه املرحلة هي اللغة العربية‪ ،‬إال أن اهلدف من تعليم‬
‫اللغة العربية ليس إال فهم الكتب املدرسية السارية يف ذلك الوقت‪ ،‬واستيعاب املصادر‬
‫اإلسالمية الرئيسة من تفسري وحديث وفقه إسالمي‪.‬‬
‫وكان تعليم اللغة العربية يعتمد عىل تعليم القواعد النحوية والرصفية عن طريق‬
‫و«عزي»‪ ،‬و«الشافية»‪ ،‬وكتب‬
‫ّ‬ ‫حفظ كتب الرصف وهي «مثلة»‪ ،‬و«بناء»‪ ،‬و«مقصود»‪،‬‬
‫النحو‪ ،‬وهي‪« :‬العوامل»‪ ،‬و«الكافية»‪ ،‬و«مال جامع»‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وكانت طريقة التعليم هي تدريس الكتب املذكورة‪ ،‬ثم قراءهتا عن ظهر القلب‪.‬‬
‫وهي طريقة تقوم عىل االستدالل؛ حيث تعطى القواعد أوال‪ ،‬تليها بعض األمثلة‬
‫العشوائية بمعزل عن السياق اللغوي غال ًبا‪.‬‬
‫ومل تكن هلذه املدارس مناهج دراسية معتمدة من قبل إحدى اجلهات الرسمية يف‬
‫ذلك الوقت‪ .‬فكانت معلومات طالهبا مقترصة عىل فحوى هذه الكتب من قواعد‬

‫‪-18-‬‬
‫وعلل معظمها غري عملية‪ .‬وبذلك كانوا يتعلمون حمارضات عن «اللغة العربية»‪،‬‬
‫وليست «اللغة العربية» نفسها‪ .‬وتعليم اللغة العربية يف تلك املرحلة أشبه بتعليم‬
‫الالتينية واإلغريقية لدى الغرب يف العصور القديمة‪.‬‬
‫‪ 2.2‬مرحلة املدارس الرسمية (‪1773‬م‪1923-‬م)‬
‫يف هذه املرحلة تم وألول مرة تأسيس مدارس رسمية عىل املستوى املتوسط تابعة‬
‫لـ«نظارة املعارف» (وزارة الرتبية)‪ ،‬يف الوقت الذي واصلت فيه املدارس التقليدية‪،‬‬
‫التي متوهلا األوقاف‪ ،‬دراستها عىل املنهاج القديم اآلنف الذكر‪ .‬وكانت دراسة اللغة‬
‫العربية يف هذه املدارس «اجلديدة» جتري بوصفها مادة مساندة لتعليم الرتكية العثامنية‬
‫بجانب اللغة الفارسية‪.‬‬
‫وقد جرى تعليم اللغة العربية يف هذه املدارس «اجلديدة» يف إطار تعليم قواعد‬
‫الرصف والنحو العربيني‪ ،‬التي من شأهنا تسهيل دراسة الرتكية العثامنية التي أصبحت‬
‫لغة «خمتلطة» من الرتكية والعربية والفارسية من ناحية ثروة الكلامت والرتاكيب اللغوية‬
‫والبناء‪.‬‬
‫ومن السهل تقويم أسباب فشل تعليم اللغة العربية يف هذه املدارس‪ ،‬إذا أخذنا بعني‬
‫االعتبار عدم متكن معلمي تلك املدارس من إجراء أسهل حوار ثنائي مع أبناء العرب‬
‫يف عهدهم‪ .‬لذلك مل تكن حالة تعليم اللغة العربية يف هذه املدارس «اجلديدة» خمتلفة عن‬
‫التعليم اجلاري يف املدارس التقليدية‪.‬‬
‫‪ 2.3‬البحث عن مناهج جديدة‬
‫ظل تعليم اللغة العربية يف املدارس التقليدية كام هو‪ ،‬خالل مرحلة املدارس‬
‫الرسمية التي ظهرت فيها جهود فردية يف سبيل تسجيل خطوات ناجحة يف تدريس‬
‫اللغة العربية؛ فعىل سبيل املثال كان «احلاج إبراهيم أفندي»‪ ،‬وهو مؤسس مدرسة «دار‬
‫التعليم» االبتدائية اخلاصة يف عام ‪1882‬م‪ ،‬ذائع الصيت بفضل طريقته اجلديدة يف‬
‫تعليم اللغة العربية لتالميذ هذه املدرسة الذين ترتاوح أعامرهم بني ‪ 14-11‬سنة‪.‬‬
‫وعليه فقد أصدر السلطان واحلكومة أوامرمها لتطوير «تعليم اللغة العربية بطريقة‬
‫رشحا‬
‫ً‬ ‫احلاج إبراهيم أفندي»‪ ،‬الذي يقوم عىل رشح قواعد الرصف والنحو العربيني‬
‫وافي ًا؛ ليسجلها الطالب بعد ذلك يف كراساهتم‪ ،‬ومن ثم إجراء تدريبات كافية حول‬

‫‪-19-‬‬
‫القاعدة املرشوحة من قبل الطالب‪.‬‬
‫وكانت كل حصة تتضمن مراجعة الدرس السابق‪ ،‬وتعلم قواعد لغوية جديدة ثم‬
‫حفظها‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن توجيه االهتامم ملهارات التحدث والرتمجة من الرتكية إىل العربية‪ ،‬إال‬
‫أن هذه الطريقة مل تكتسب إقباال شامال‪ ،‬وظلت جمهودا فرديا‪.‬‬
‫‪ .3‬تعليم اللغة العربية من تأسيس اجلمهورية الرتكية إىل يومنا‬
‫تركزت اجلهود يف عهد مصطفى كامل أتاتورك عىل تطوير التعليم عىل املستوى‬
‫االبتدائي‪ ،‬األمر الذي أدى إىل تكثيف اجلهود عىل تعليم اللغة الرتكية‪ ،‬التي أصبحت‬
‫عنرصا أساس ًيا من عنارص القومية الرتكية‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد صدر يف عام ‪1924‬م ضمن هذه اجلهود قانون «توحيد التعليم» الذي تم‬
‫بموجبه توحيد مجيع املؤسسات التعليمية والرتبوية حتت رعاية «وزارة الرتبية الوطنية»‪،‬‬
‫والقايض بإلغاء املدارس التقليدية التي سبق ذكرها‪.‬‬
‫وكانت الفرتة ما بني ‪ 1950-1930‬بمثابة فرتة «ركود» بالنسبة لتعليم اللغة العربية‬
‫يف مجهورية تركيا‪ ،‬إال أنه يف أعقاب اخلمسينيات انترشت مدارس األئمة واخلطباء يف‬
‫أنحاء البالد‪ ،‬وأصبحت اللغة العربية تُدرس يف هذه املدارس بوصفها مادة دراسية‬
‫مساندة ملواد أخرى من تفسري وحديث وفقه وغريها من املواد املهنية‪ ،‬وكذلك يف‬
‫كليات اإلهليات وأقسام اللغة العربية وآداهبا التابعة ملختلف اجلامعات‪.‬‬
‫‪ 3.1‬تعليم اللغة العربية عىل املستوى الثانوي‬
‫‪ 3.1.1‬تعليم اللغة العربية يف ثانويات األئمة واخلطباء‬
‫تفيد إحصائيات العام الدرايس ‪2010/2009‬م بدراسة ‪ 198581‬طال ًبا وطالبة‬
‫يف ‪ 489‬ثانوية لألئمة واخلطباء يف أنحاء تركيا‪ ،‬ومدة الدراسة يف هذه الثانويات التي‬
‫تعد «مهنية» هي أربع سنوات‪.‬‬
‫وعدد حصص اللغة العربية ‪ 5‬حصص لكل سنة دراسية يف «ثانويات األئمة‬
‫واخلطباء» االعتيادية‪ ،‬و‪ 4‬حصص لكل سنة دراسة بالنسبة لـ «ثانويات األناضول‬
‫لألئمة واخلطباء»‪ ،‬وعليه فإن عدد حصص اللغة العربية يف هذه الثانويات عىل النحو‬
‫اآليت‪:‬‬

‫‪-20-‬‬
‫عدد حصص جمموع عدد‬ ‫عدد حصص‬
‫اللغة العربية حصص اللغة‬ ‫اللغة العربية‬ ‫الصفوف‬ ‫نوع الثانوية‬
‫العربية كاملة‬ ‫سنو ًّيا‬ ‫أسبوع ًيا‬

‫ثانويات األناضول لألئمة‬


‫‪720‬‬ ‫‪180‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الصف األول‬
‫واخلطباء‬

‫‪720‬‬ ‫‪180‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الصف الثاين‬

‫‪720‬‬ ‫‪180‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الصف الثالث‬

‫‪720‬‬ ‫‪180‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الصف الرابع‬

‫ثانويات األئمة واخلطباء‬


‫‪576‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الصف األول‬
‫العادية‬

‫‪576‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الصف الثاين‬

‫‪576‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الصف الثالث‬

‫‪576‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الصف الرابع‬

‫ُأعد منهج جديد لتدريس اللغة العربية يف هذه الثانويات يف عام ‪ ،2006‬كام قامت‬
‫جلنة تتكون من األساتذة اجلامعيني ومع ّلمي مادة اللغة العربية يف هذه الثانويات‬
‫املدرس‪ ،‬وكتاب‬
‫بإعداد سلسلة الكتب املدرسية‪ ،‬التي تشمل كتاب الطالب‪ ،‬وكتاب ّ‬
‫التدريبات‪ ،‬باإلضافة إىل التسجيالت الصوتية اخلاصة هبا‪.‬‬
‫‪ 3.1.2‬تعليم اللغة العربية يف الثانويات العامة‬
‫اختذت وزارة الرتبية الوطنية الرتكية قرارا عام ‪ 2016‬يقيض بتدريس اللغة العربية‬
‫يف ثانويات العامة‪ ،‬بوصفها لغة أجنبية اختيارية أو إلزامية عىل غرار اللغات األجنبية‬
‫األخرى من بينها اإلسبانية واإليطالية والصينية‪.‬‬
‫وال تزال األعامل مستمرة لتشكيل جلنة من اخلرباء الذين سيقومون بإعداد مناهج‬
‫هذه املادة اجلديدة‪.‬‬

‫‪-21-‬‬
‫ُدرس اللغة العربية يف‬
‫وبعد صدور املناهج والكتب الدراسية‪ ،‬فمن املمكن أن ت ّ‬
‫الثانويات غري املهنية عىل النحو اآليت‪:‬‬

‫الصف الثاين‬ ‫الصف‬


‫الصف التاسع الصف العارش‬
‫عرش‬ ‫احلادي عرش‬

‫اللغة العربية‬
‫لغة أجنبية‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫يف الثانويات‬
‫إجبارية‬
‫العامة‬
‫لغة أجنبية‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬
‫ثانية‬

‫لغة أجنبية‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬
‫اختيارية‬

‫الصف الثاين‬ ‫الصف‬


‫الصف التاسع الصف العارش‬
‫عرش‬ ‫احلادي عرش‬
‫اللغة العربية‬
‫لغة أجنبية‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫يف ثانويات‬
‫إجبارية‬
‫«األناضول»‬
‫لغة أجنبية‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬
‫ثانية‬

‫لغة أجنبية‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬
‫اختيارية‬

‫‪ 3.2‬تعليم اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‬


‫‪ 3.2.1‬تدريس اللغة العربية يف كليات األدب أو الرتبية‬
‫توجد ‪ 7‬جامعات تركية حكومية تتضمن أقسا ًما خاصة بتعليم اللغة العربية وآداهبا‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪-22-‬‬
‫جامعات نشيطة‬
‫حاليا‬
‫تاريخ تأسيس‬
‫التخصص‬
‫ّ‬ ‫مدة الدراسة‬ ‫قسم اللغة‬ ‫املدينة‬ ‫اسم اجلامعة‬
‫العربية‬

‫لغة وآداب‬ ‫‪ 4‬سنوات‬ ‫‪1935‬‬ ‫أنقرة‬ ‫جامعة أنقرة‬

‫‪ 4‬سنوات (‪+‬سنة‬
‫لغة وآداب‬ ‫‪1938‬‬ ‫اسطنبول‬ ‫جامعة اسطنبول‬
‫متهيدية)‬

‫لغة وآداب‬ ‫‪ 4‬سنوات‬ ‫‪1968‬‬ ‫أررضوم‬ ‫جامعة أتاتورك‬

‫‪ 4‬سنوات (‪+‬سنة‬
‫تربية‪ ،‬لغة وآداب‬ ‫‪1984‬‬ ‫أنقرة‬ ‫جامعة الغازي‬
‫متهيدية)‬

‫لغة وآداب‬ ‫‪ 4‬سنوات‬ ‫‪1986‬‬ ‫قونية‬ ‫جامعة سلجوق‬

‫لغة وآداب‬ ‫‪ 4‬سنوات‬ ‫دياربكر‬ ‫جامعة دجلة‬

‫ترمجة حتريرية‬ ‫‪ 4‬سنوات (‪+‬سنة‬


‫‪2009‬‬ ‫اسطنبول‬ ‫جامعة أوكان‬
‫وشفوية‬ ‫متهيدية)‬

‫جامعات فيها أقسام اللغة‬


‫العربية رسميا لكنها غري‬
‫نشيطة‬

‫لغة وآداب‬ ‫‪ 4‬سنوات‬ ‫‪1993‬‬ ‫كرييك كالة‬ ‫جامعة كرييك كالة‬

‫لغة وآداب‬ ‫‪ 4‬سنوات‬ ‫‪2010‬‬ ‫غازي عنتاب‬ ‫جامعة غازي عنتاب‬

‫لغة وآداب‬ ‫‪ 4‬سنوات‬ ‫‪2010‬‬ ‫كيليس‬ ‫جامعة كيليس‬

‫جامعة كارامانوغلو مهمت‬


‫ترمجة‬ ‫‪ 4‬سنوات‬ ‫‪2010‬‬ ‫كارامان‬
‫بك‬

‫‪-23-‬‬
‫كام جتري يف كل من جامعة أنقرة‪ ،‬وجامعة اسطنبول‪ ،‬وجامعة أتاتورك‪ ،‬وجامعة‬
‫الغازي‪ ،‬دراسة اللغة العربية وآداهبا عىل مستويي املاجستري والدكتوراة‪.‬‬
‫‪ 3.2.2‬تعليم اللغة العربية يف كليات اإلهليات‬
‫اختذت كليات اإلهليات التي مدة الدراسة فيها أربع سنوات تشكي ً‬
‫ال جديدً ا يف‬
‫السنوات األخرية؛ إذ ُقسمت إىل فرعني؛ أحدمها يدرب طالبه إلعداد الباحثني يف جمال‬
‫العلوم اإلسالمية‪ ،‬وكذلك لتغطية احتياج الكادر اإلداري والرتبوي لدى املؤسسات‬
‫الدينية الرسمية‪ ،‬والفرع الثاين يتوىل تدريب معلمني ملادة الدين واألخالق اإللزامية‬
‫للمدارس عىل املستوى املتوسط والثانوي‪.‬‬

‫الصف‬
‫الصف الثاين الصف الثالث الصف الرابع‬ ‫الصف األول‬
‫التحضريي‬
‫كليات‬
‫حصتان‬ ‫حصتان‬ ‫‪ 4‬حصص‬ ‫‪ 9‬حصص‬ ‫‪-‬‬ ‫اإلهليات‬
‫التخصصية‬
‫برنامج تربية‬
‫مع ّلمي‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ 6‬حصص‬ ‫‪-‬‬ ‫املادة الدينية‬
‫باملدارس‬
‫العامة‬

‫يدرس طالب النوع األول من كليات اإلهليات مادة اللغة العربية من خالل تسع‬ ‫ُ‬
‫حصص أسبوع ًيا يف السنة األوىل‪ ،‬وأربع حصص أسبوع ًيا يف السنة الثانية‪ ،‬وحصتني‬
‫يف السنة الثالثة والرابعة عىل التوايل‪ .‬أما النوع الثاين من هذه الكليات فيجري تعليم‬
‫اللغة العربية فيها خالل السنتني األوىل والثانية فقط‪ ،‬وذلك من خالل مخس حصص‬
‫يف السنة األوىل‪ ،‬وأربع حصص يف السنة الثانية‪ .‬واهلدف من دراسة اللغة العربية يف‬
‫هذه الكليات هو متكني الطالب ودعمه لغو ًيا الستيعاب علوم القرآن‪ ،‬وفهم النصوص‬
‫الدينية املكتوبة باللغة العربية‪ .‬كام أن للنوع األول من هذه الكليات فروع اللغة العربية‬
‫وبالغتها‪ ،‬تتم فيها الدراسة عىل مستويي املاجستري والدكتوراة يف جماالت‪ :‬البالغة‬
‫العربية والنحو العريب واملدارس النحوية واألدب اإلسالمي‪.‬‬

‫‪-24-‬‬
‫ودخلت كليات اإلهليات تنظيام جديدا يف السنوات األخرية؛ إذ تُدرس اللغة العربية‬
‫بصورة مكثفة (‪ 24‬حصة أسبوعيا) يف الصف التحضريي‪ ،‬باإلضافة إىل استخدام اللغة‬
‫العربية بوصفها لغة وسيطة بدال من اللغة الرتكية يف ‪ %30‬من جمموع وحدات املواد‬
‫الدينية املقررة يف مرحلة «الليسانس»‪.‬‬

‫‪ .4‬خامتة‬
‫نالحظ أن ثمة إقباال كبريا لتدريس اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬سواء عىل املستوى‬
‫الثانوي أم اجلامعي يف السنوات األخرية‪.‬‬
‫املؤسسات موجودة لكن حتتاج إىل مواكبة روح العرص يف تدريس اللغة‪.‬‬
‫التدريب املهني للمع ّلمني أمر رضوري‪.‬‬
‫تنسيق مشاريع تعليمية مشرتكة وغريها من النشاطات‪ ،‬التي من شأهنا دفع عجلة‬
‫تعليم اللغة العربية؛ متش ًيا مع املناهج والطرق احلديثة‪.‬‬
‫يتعامل الناس عادة مع الشعب الذي جييدون لغته بأسلوب أكثر ودية‪.‬‬

‫‪-25-‬‬
‫املصادر‬

Akyüz، Yahya (2001). Başlangıçtan 2001’e Türk Eğitim Tarihi، İstanbul:


Alfa Basım Yayım Dağıtım Ltd. Şti.
Council of Europe (2001). Common European Framework of Reference
for Languages: Learning، Teaching، Assessment (CEFR). (Retrieved: http://
www.coe.int/t/dg4/linguistic/Source/Framework_EN.pdf).
Demircan، Ömer (1988). Dünden Bugüne Türkiye’de Yabancı Dil،
İstanbul: Remzi Kitabevi.
Millî Eğitim Bakanlığı (2012). Millî Eğitim İstatistikleri Örgün Eğitim
2011-2012 (Retrieved: http://sgb.meb.gov.tr/istatistik/meb_istatistikleri_
orgun_egitim_2011_2012.pdf).
Suçin، Mehmet Hakkı et. al. (2011). İlköğretim (4-8. Sınıflar) Arapça
Öğretim Programı. Ankara: Millî Eğitim Basımevi.
Suçin، Mehmet Hakkı et. al. (2012). Ortaöğretim I، II ve III. Yabancı
Dil Arapça Dersi (9، 10، 11 ve 12. Sınıflar) Öğretim Programı. Ankara: Millî
Eğitim Bakanlığı.

-26-
‫الت�أثري والت�أ ّثر بني اللغة العربية واللغة الرتكية‬

‫د‪ .‬إبراهيم شعبان‬


‫قسم اللغة العربية واداهبا ‪ -‬جامعة إسطنبول‪-‬تركيا‬

‫من اجلدير بالذكر أن العالقات السياسية والتجارية واالجتامعية والثقافية القائمة‬


‫بني الشعوب الناطقة بلغات خمتلفة‪ ،‬تؤدي مع مرور الزمن إىل حالة من التأثري والتأ ّثر‬
‫والتبادل بني لغات تلك الشعوب‪ .‬وهذا ما حدث متاما بني اللغتني العربية والرتكية‪.‬‬
‫أن العرب والرتك لدهيم ما لدهيم من أمور كثرية مشرتكة كالدين‬ ‫فال خيفى عىل أحد ّ‬
‫والتاريخ والثقافة‪ ،‬وكل هذه عوامل أدت إىل خلق حالة من التأثر املتبادل بني اللغتني‪،‬‬
‫حتى أصبح تبادل الكلامت بينهام أمرا ال مفر منه‪ .‬بيد أن اللغة العربية كان هلا الغلبة يف‬
‫مسألة التأثري يف لغات الشعوب املسلمة الناطقة بغري العربية؛ وذلك راجع إىل كوهنا لغة‬
‫القرآن الكريم‪ .‬وهذا ما حدث مع اللغة الرتكية‪.‬‬
‫ويعود تاريخ معرفة العرب باألتراك إىل ما قبل ظهور اإلسالم‪ ،‬أي إىل العرص‬
‫اجلاهيل‪ .‬والدليل عىل ذلك أن شعراء العرص اجلاهيل‪ ،‬قد ذكروا األتراك يف قصائد هلم؛‬
‫فعىل سبيل املثال قال الشاعر اجلاهيل النابغة الذبياين يف قصيدته التي رثى فيها األمري‬
‫الغساين نعامن بن احلارث بن أيب شرب‪:‬‬
‫األعجمني وكابل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ورهط‬ ‫يرجون ْأو ُهبوت ُْر ٌك‬
‫َ‬ ‫غسان‬
‫قعدوا له ّ‬
‫وعىل الشاكلة نفسها فإن الشاعر اجلاهيل األعشى ميمون بن قيس قال يف قصيدة له‪:‬‬

‫‪-27-‬‬
‫الذبِيحِ غ َِري َب ًة مِمَّا ُي َعت َُّق َأ ْه ُل َبابِ ْل‬
‫كَدَ ِم َّ‬ ‫اخلمر ترك ُُض َح ْو َلنا ت ُْر ٌك وكَا ُب ْل‬
‫ّ‬ ‫رشبت‬
‫ُ‬ ‫ولقدْ‬
‫فذكر شعراء العرص اجلاهيل األتراك يف قصائدهم دليل واضح عىل معرفة بعضهم‬
‫بعضا‪ .‬ولقد بدأت العالقات املبارشة بني الشعبني الرتكي والعريب يف عهد اخللفاء‬
‫الراشدين وخصوصا يف عهد اخلليفة عمر بن خطاب‪ ،‬أي يف النصف األول من القرن‬
‫السابع امليالدي بعد فتح إيران ووصول اجليش اإلسالمي إىل حدود بالد ما وراء النهر؛‬
‫حيث كان يعيش فيها األتراك‪ ،‬حتى وإن كانت تلك العالقات غري ودية‪.‬‬
‫ونظرا ألن العالقات يف بدايتها كانت غري ودية كام ذكرنا‪ ،‬فقد ّ‬
‫تأخر اعتناق االتراك‬
‫للدين اإلسالمي‪ .‬لكن مع مرور الزمن‪ ،‬أخذ الرتك يعتنقون اإلسالم‪ ،‬رويدا رويدا‬
‫بد ًءا من القرن الثامن امليالدي‪ ،‬ليعتنق معظم الشعب الرتكي اإلسالم يف القرن احلادي‬
‫عرش‪ ،‬ليشملهم عندئذ حميط الدين اإلسالمي وثقافته‪.‬‬
‫ولقد أصبحت اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة اإلسالمية يف عهد اخلليفة األموي‬
‫عبدامللك بن مروان؛ نظرا لكوهنا اللغة التي نزل هبا القرآن الكريم‪ .‬األمر الذي أ ّدى‬
‫بدوره إىل انتشار اللغة العربية بني الشعوب اإلسالمية الناطقة بغري العربية‪ ،‬وبدأ العلامء‬
‫من تلك الشعوب هيتمون باللغة العربية التي كانت لغة العلم يف ذلك الوقت‪ .‬كام أن‬
‫القبائل الرتكية التي هاجرت إىل املناطق العربية بدأت التحدث باللغة العربية بدال من‬
‫الرتكية‪ ،‬وبدأ العلامء األتراك يكتبون مؤلفاهتم بتلك اللغة‪ .‬ومن هؤالء العلامء البارزين‬
‫العامل عبداهلل بن املبارك الرتكي (ت ‪797‬م) واألديب واملؤرخ أبو بكر حممد بن حييى‬
‫اشتق مقابال عربيا ملصطلحات الفلسفة‬ ‫الصويل (ت ‪ 917‬م) والفيلسوف الفارايب الذي ّ‬
‫اليونانية (ت ‪ 950‬م)‪ ،‬وهكذا قد أصبح األتراك عنرصا مهماّ يف العامل اإلسالمي‪.‬‬
‫منذ ذلك احلني بدأت اللغة العربية تؤثر يف اللغة الرتكية‪ ،‬ليتسع ذلك التأثري يف‬
‫القرون الالحقة؛ حيث بدأت تدخل الكلامت والعبارات والقواعد العربية إىل اللغة‬
‫الرتكية بشكل ملحوظ‪.‬‬
‫واعتمد السالجقة والعثامنيون اللغة العربية لغة للعلم والدين والسياسة؛ لذلك‬
‫تع ّلموها وع ّلموها يف املدارس‪ .‬ولقد سارت اجلمهورية الرتكية عىل املنوال عينه يف‬
‫تعليم اللغة العربية؛ نظرا لكون أغلب ّية شعبها من املسلمني‪ ،‬وكل هذه األمور أسهمت‬
‫يف دخول الكثري من الكلامت والعبارات العربية إىل اللغة الرتكية‪.‬‬

‫‪-28-‬‬
‫ويعتقد أن لغة الكتابة واملحادثة الرتكية‪ ،‬فيها حاليا حوايل ‪ 6500‬كلمة أصلها‬
‫عريب؛ بعض هذه الكلامت قد دخلت إىل الرتكية دون تغيري أي كام هي‪ ،‬ولكن الكثري‬
‫منها دخلت إىل الرتكية بعد ما تعرضت لبعض التغيريات الصوتية التي طرأت عليها‪.‬‬
‫بعض الكلامت دخلت إىل الرتكية بتغيري حرف (ب) إىل حرف (پ)‪ ،‬وبتغيري حرف (ت‬
‫أو ط) إىل حرف (د)‪ ،‬وبعضها بتغيري حرف (ج) إىل حرف (چ)‪ ،‬وبعضها بتغيري حرف‬
‫(خ) أو (ح) إىل حرف (هـ) أو إىل حرف (ك)‪ ،‬وبعضها بتغيري حرف (غ) إىل حرف‬
‫(ك)‪ ،‬والبعض اآلخر بتغيري حرف (ع) إىل حرف (أ) أو إىل حرف (هـ)‪ ،‬وبعضها بتغيري‬
‫حرف (ن) إىل حرف (م) والخ‪ .‬مثل‪ :‬باذجيان (پاتليجان‪ ،)Patlıcan/‬توت (دوت‪/‬‬
‫‪ ،)Dut‬طبل (دابول‪ ،)Davul/‬جورب (چوراپ‪ ،)Çorap/‬مطبخ (متفاك‪،)Mutfak/‬‬
‫خليل (هاليل‪ ،)Halil/‬حساب (هساپ‪ ،)Hesap/‬غائب (كايپ‪ ،)Kayıp/‬ع ّطار‬
‫(أتّار‪ ،)Attar/‬طمع (متاه‪ ،)Tamah/‬سنبل (سمبل‪ )Sümbül/‬والخ‪.‬‬
‫أ ّما بالنسبة لتأثري اللغة الرتكية يف اللغة العربية‪ ،‬فبدأ مع تويل األتراك مناصب‬
‫عالية يف جيوش اخلالفة اإلسالمية وبإنشائهم دوال مستقلة مل تدم طويال‪ .‬ومن هذه‬
‫الشخصيات البارزة التي تولت مناصب مرموقة يف جيوش اخلالفة اإلسالمية‪ :‬أمحد بن‬
‫طولون (‪ 884-835‬م) الذي أسس يف مرص والشام الدولة الطولونية (‪915-868‬‬
‫م)‪ ،‬وحممد بن طغج الفرغاين (‪ )946-882‬الذي أسس يف مرص والشام أيضا الدولة‬
‫اإلخشيدية (‪ 969-935‬م)‪ .‬فهاتان الشخصيتان البارزتان وأمثاهلام نرشوا سمعة‬
‫األتراك إجيابا يف املجتمعات العربية‪.‬‬
‫إن ثمة كلامت‬ ‫وهكذا بدأت تدخل كلامت من اللغة الرتكية إىل اللغة العربية‪ ،‬حتى ّ‬
‫تركية من الكلامت التي كانت مستخدمة يف لغة املحادثة العربية يف تلك اآلونة‪ ،‬دخلت‬
‫بشكل حمدود وقليل إىل لغة الكتابة العربية أيضا‪ ،‬فعىل سبيل املثال يف كتاب تاريخ‬
‫الرسل وامللولك للمؤرخ الكبري حممد بن جرير الطربي (ت ‪ 923‬م) تتواجد بعض‬
‫الكلامت الرتكية‪ ،‬مثل‪ :‬تغار‪ ،‬خاقان‪ ،‬دبوس‪ ،‬دبوق‪ ،‬طرخان والخ‪.‬‬
‫ويف الفرتات الالحقة أيضا كان دخول الكلامت الرتكية إىل لغة الكتابة األدبية العربية‬
‫حمدودا جدا‪ ،‬وظل حمدودا حتى اآلن‪ .‬و ُيعتقد أن هناك حوايل ‪ 2000‬كلمة من اللغة‬
‫الرتكية يف اللغة العربية الدارجة أي يف اللهجات العربية‪ ،‬وبعض هذه الكلامت التي‬
‫دخلت إىل اللغة العربية أسامء علم أصال عربية‪ ،‬ولكن اخلاصة باللغة الرتكية (حكمت‪،‬‬

‫‪-29-‬‬
‫بدري‪ ،‬تُركي)‪ ،‬وبعضها أسامء أماكن (جامع االغاوات‪ ،‬جامع الباشا‪ ،‬رسجخانه)‪،‬‬
‫وبعضها أسامء عائالت (جادرجي‪،‬يازجيي‪،‬قزانجي)‪ ،‬وبعضها كلامت مصنوعة‬
‫مجع بالقواعد العربية (شوادر‪ ،‬قوشجيه‪ ،‬كبابجيه)‪ ،‬وبعضها عبارات (ليشهزاآيري‪،‬‬
‫ايكيبري‪ ،‬عقليوخرت)‪ ،‬وبعضها أفعال (بلش‪ ،‬يبلش‪ ،‬تنبل‪ ،‬يتنبل)‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫وختاما يمكننا القول إن الدين والتاريخ والثقافة املشرتكة بني الشعبني الرتكي‬
‫والعريب عوامل أدت إىل حدوث تأثري وتأثر بينهام يف اللغة التي يتحدثوهنا‪ ،‬حتى أصبح‬
‫تبادل الكلامت بينهام أمرا ال مفر منه‪ .‬بيد أن اللغة العربية كان هلا الغلبة يف مسألة التأثري‬
‫يف لغات الشعوب املسلمة الناطقة بغري العربية؛ وذلك راجع إىل كوهنا لغة القرآن‬
‫الكريم‪ .‬وهذا ما حدث مع اللغة الرتكية‪ .‬الكلامت والعبارات العربية التي دخلت‬
‫إىل اللغة الرتكية العربية تستخدم يف لغة الكتابة واملحادثة الرتكية يف الوقت نفسه‪ .‬كام‬
‫أن الكلامت الرتكية التي دخلت إىل اللغة العربية تستخدم غالبا يف اللهجات العربية‬
‫الدارجة أكثر من اللغة املستخدمة الكتب األدبية‪.‬‬

‫‪-30-‬‬
‫ت�أثري اللغة العربية فـي اللغة الرتكية‬

‫د‪ .‬حممد حممود كالو‬


‫جامعة أديامان ‪ -‬تركيا‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ال ريب أن اللغة العربية ركن أساس من أركان وحدة أمتنا اإلسالمية‪ ،‬وعمود‬
‫حموري من أعمدة قوهتا‪ ،‬إهنا دعامة بقاء وعنرص تفوق هلذه األمة‪ ،‬وك ّلام اتسعت‬
‫حضارة أمة‪ ،‬هنضت لغتها وسمت أساليبها‪ ،‬وتعددت فيها فنون القول‪ ،‬ودخلت فيها‬
‫ألفاظ جديدة عن طريق الوضع‪ ،‬واالشتقاق واالقتباس أو االقرتاض؛ للتعبري عن‬
‫املسميات واألفكار اجلديدة‪.‬‬
‫خص اهلل تبارك وتعاىل اللغة العربية لكتابه احلكيم؛ ألهنا لغة هلا مميزاهتا‬ ‫ولقد َّ‬
‫وخصوصياهتا‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ :‬ﱯ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﱮ [يوسف‪.]2:‬‬
‫ص ‪ -‬جل ثناؤه ‪-‬‬ ‫وقال أبو احلسني أمحد بن فارس املتوىف سنة (‪ 395‬هـ)‪« :‬فلام َخ َّ‬
‫ِ‬
‫بالبيان‪ُ ،‬ع ِل َم أن سائر اللغات قارص ٌة عنه‪ ،‬وواقعة دونه»‪.‬‬ ‫يب‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫اللسان العر َّ‬
‫ومن املعلوم أن الشعوب اإلسالمية تأثرت كثري ًا بلغة القرآن الكريم؛ لفهم الدين‬
‫يتم األجر عليه إال باللسان‬ ‫وتعاليم اإلسالم‪ ،‬وتالوة القرآن الكريم الذي ُي ّعدُّ عبادة ال ُّ‬
‫العريب‪ ،‬وهكذا أصبحت اللغة العربية لغة الدين والثقافة واحلضارة؛ ألهنا من أقدم‬
‫اللغات التي ما زالت تتمتع بخصائصها من ألفاظ وتراكيب ورصف ونحو وأدب‬

‫‪-31-‬‬
‫وخيال‪ ،‬مع االستطاعة يف التعبري عن مدارك العلم املختلفة‪.‬‬
‫ونظرا لتامم القاموس العريب وكامل الرصف والنحو فإهنا تعدّ أ ّم جمموعة من اللغات‬‫ً‬
‫تُعرف باللغات األعرابية‪ ،‬أي التي نشأت يف شبه جزيرة العرب‪ ،‬أو العربيات من محريية‬
‫وبابلية وآرامية وعربية وحبشية‪.‬‬
‫إال أن علامء اللغة حدي ًثا يصنفون كل السالالت اللغوية والعودة هبا إىل لغة (أم)‬
‫أطلقوا عليها (اللغة السامية)‪ ،‬وأول من أطلق هذه التسمية هو العامل النمساوي‬
‫(شولتزر) عام ‪1781‬م‪ ،‬وواضح أهنا تسمية عنرصية اقتبسها من نص من نصوص‬
‫التوراة املكتوبة بأيدي األحبار (العهد القديم‪ ،‬اإلصحاح ‪ 10‬سفر التكوين)‪ ،‬يف ظل‬
‫تقسيم ومهي لألجناس البرشية مستمد من أبناء نوح وهم‪ :‬سام وحام ويافث‪ ،‬فكيف‬
‫ينشأ ثالثة إخوة يف بيت واحد ويتكلمون ثالث لغات؟!‬
‫وبناء عىل ما تعارفوا عليه من أن اللغة العربية تنتمي إىل جمموعة «اللغات السامية‪،‬‬
‫التي تضم أيض ًا الكنعانية والفينيقية والعربية واآلرامية والنبطية والبابلية والرسيانية‬
‫واحلبشية‪ ،‬ولقد اندثرت غالبية تلك اللغات ومل يبق منها سوى آثار ورسوم عىل‬
‫األحجار واجللود‪ ،‬أما اللغة العربية فعاشت وبقيت وال تزال تنترش‪ ،‬بل وتتوسع يف‬
‫(‪)2‬‬
‫بقاع من األرض عديدة»‪.‬‬
‫إن قوة اللغة يف أمة ما‪ ،‬تعني استمرارية هذه األمة بأخذ دورها بني بقية األمم؛ ألن‬
‫غلبة اللغة بغلبة أهلها ومنزلتها بني اللغات صورة ملنزلة دولتها بني األمم‪.‬‬
‫عاشت اللغة العربية فرتة طويلة من عمر البرشية بوصفها لغة رسمية عامة‪ ،‬لشعوب‬
‫وأجناس شتى‪ ،‬وشملت كل مناحي احلياة اليومية‪ ،‬فكانت لغة احلياة اخلاصة والثقافة‬
‫ٍ‬
‫ومعرفة من أن يتقنها‪.‬‬ ‫العامة‪ ،‬ومل يكن بدٌ ملدعي ٍ‬
‫فكر‬
‫وقد جعل املسلمون من حقبة حكمهم بوتقة انصهار ذابت واختلطت فيها قوميات‬
‫وملل ولغات شتى‪ ،‬محلوا فيها راية القيادة يف مضامر احلضارة البرشية‪.‬‬
‫يقول املسترشق «إرنست رينان» يف كتابه‪( :‬تاريخ اللغات السامية)‪« :‬إن انتشار‬
‫اللغة العربية ليعترب من أغرب ما وقع يف تاريخ البرش كام يعترب من أصعب األمور التي‬
‫استعىص حلها؛ فقد كانت هذه اللغة غري معروفة بادئ ذي بدء‪ ،‬فبدت فجأة عىل غاية‬
‫الكامل سلسة غاية السالسة‪ ،‬غنية أي غنى‪ ...،‬فليس هلا طفولة وال شيخوخة ظهرت‬
‫ألول أمرها تامة مستحكمة‪ ،‬وال أدري هل وقع مثل ذلك للغة من لغات األرض قبل أن‬

‫‪-32-‬‬
‫(‪)3‬‬
‫تدخل يف أدوار خمتلفة؟ فإهنا العربية ‪-‬وال جدال‪ -‬قد عمت أجزاء كربى من العامل»‪.‬‬
‫ولقد حرص أحد الباحثني األمريكيني عام ‪1938‬م؛ ما يزيد عىل مئة وأربعني لغة‬
‫كان أهلها يكتبون تراثهم باخلط العريب قبل أن يعمل االستعامر عىل حتويل هذا اخلط إىل‬
‫(‪)4‬‬
‫اخلط الالتيني‪.‬‬
‫إن اللغة العربية امتازت بحيوية نفاذة متأججة بحيث مل تنازل لغة أيام الفتوحات‬
‫اإلسالمية إال ظفرت هبا‪ ،‬فظفرت يف العراق باللغتني اآلرامية والرسيانية‪ ،‬ويف إيران‬
‫الشام باللغتني الرسيانية واليونانية‪ ،‬ويف‬ ‫انترصت عىل اللغة الفارسية وظفرت هبا‪ ،‬ويف ّ‬
‫مرص باللغتني القبطية واليونانية‪ ،‬ويف املغرب باللغتني الرببرية والالتينية‪ ،‬ويف األندلس‬
‫باللغة اإلسبانية‪ ،‬وأهل كل هذه البلدان رشق ًا وشامالً وغرب ًا زايلت لغاهتم ألسنتهم‬
‫وحلت مكاهنا العربية واختذوها للتعبري عن مشاعرهم شعر ًا ونثر ًا‪ ،‬وعن عقوهلم‬
‫(‪)5‬‬
‫وألباهبم فكر ًا وعلوم ًا وسياسية»‪.‬‬
‫ذلك ألهنم كانوا يقولون عن اخلط العريب‪ :‬احلرف الرشيف‪ ،‬فقد «غلبت عىل غريها‬
‫من اللغات «ألهنا لغة القرآن الكريم أوالً‪ ،‬ثم بفضائلها الذاتية ثانيا»‪.‬‬
‫ً (‪)6‬‬

‫ومن الطريف ما ذكره حممد اخلرض حسني‪« :‬كتب (جون فرن) قصة خيالية بناها‬
‫عىل سياح خيرتقون طبقات الكرة األرضية حتى يصلوا أو يدنوا من وسطها‪ ،‬وملا أرادوا‬
‫أثرا يدل عىل مبلغ رحلتهم‪ ،‬فنقشوا‬ ‫العودة إىل ظاهر األرض بدا هلم هنالك أن يرتكوا ً‬
‫عىل الصخر كتابة باللغة العربية‪ ،‬وملا ُسئل (جون فرن) عن اختياره للغة العربية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪)7‬‬
‫إهنا لغة املستقبل‪ ،‬وال شك أنه يموت غريها‪ ،‬وتبقى حية حتى يرفع القرآن نفسه»‪.‬‬
‫يب مكانة فريدة بني خطوط اللغات األخرى من حيث مجاله الفنِّي‬ ‫اخلط العر ُّ‬ ‫وحيتل ُّ‬‫ُّ‬
‫جمال خصب إلبداع اخل َّطاطني‪ ،‬حيث َب َر ُعوا يف كتابة املصاحف‪،‬‬ ‫وتنوع أشكاله‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫ُّ‬
‫وتفنَّنوا يف كتابة لوحات رائعة اجلامل‪ ،‬كام َز َّينوا باخلطوط جدران املساجد وسقوفها‪،‬‬
‫والشائع منها اآلن‪ :‬خطوط‪:‬‬ ‫مر تاريخ العربية‪َّ ،‬‬
‫وقد ظهرت أنواع كثرية من اخلطوط عىل ِّ‬
‫والفاريس والدِّ يواين‪ ،‬والكويف واخلطوط املغربية‪ ،‬حتى أن‬ ‫ّ‬ ‫والرقعة وال ُّث ُلث‬‫النَّسخ ُّ‬
‫األتراك يسمون اخلط العريب بـ (احلرف الرشيف)‪.‬‬
‫أما البحث فقد قسمته بعد هذه املقدمة‪ ،‬إىل فقرات إلبراز أثره وتأثريه يف اللغات‬
‫احلية وخاصة اللغة الرتكية‪ ،‬بعد أن َّنو ْهنا عىل أن من أهم أسباب حياة اللغات امتدادها‬
‫ختمت‬
‫ُ‬ ‫يف اللغات األخرى‪ ،‬وخصوص ًا إذا كانت تلك اللغات حية ومعتدٌّ هبا عاملي ًا‪ ،‬ثم‬
‫البحث بخامتة َحوت عىل أهم نتائجه‪.‬‬

‫‪-33-‬‬
‫اللغة الرتكية بني التأثري والتأ ُّثر‪:‬‬
‫أن اللغات تتداخل وتتالقح بسبب االتصال سواء بصورة مبارشة أم‬ ‫ال أحد ينكر ّ‬
‫غري مبارشة‪ ،‬كام ّ‬
‫أن أية لغة من اللغات يف العامل كام تؤثر يف غريها‪ ،‬فإهنا أيضا تتأثر‪ ،‬بل‬
‫(‪)8‬‬
‫«يتعذر أن تظل لغة بمأمن من االحتكاك بلغة أخرى»‪.‬‬
‫فظاهرتا التأثري والتأثر يف لغات البرش‪ ،‬ال غنى عنهام إذا ما أرادت الشعوب أن‬
‫تتعارف وتتآلف‪ ،‬وتتعاون فيام بينها كام قال اهلل تعاىل يف حمكم كتابه العزيز‪ :‬ﱯ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﱮ‪[ ‬احلجرات‪ ]13:‬بل ال مهرب منهام حلاجة بني البرش إىل بعضهم‪ ،‬وعدم‬
‫غنى اإلنسان عن أخيه اإلنسان مهام ارتقى وتطور‪.‬‬
‫ومل يبدأ دخول العربية والفارسية إىل الرتكية إال مع ظهور اللهجات األدبية بعد القرن‬
‫الثالث عرش امليالدي (اللهجات الرشقية والغربية‪ ،‬ثم العثامنية‪ ،‬واآلذرية واجلغتائية)‪.‬‬
‫فلام دخل األتراك يف نطاق احلضارة اإلسالمية يف عهد القراخانيني (‪932‬م‪1212 -‬م)‬
‫انتقلت إىل الرتكية ألفاظ عديدة من العربية لغة الدين‪ ،‬ومن الفارسية لغة األدب‪ ،‬حتى‬
‫بدأت الرتكية تبتعد عن لغة العامة وتتحول بالتدريج إىل لغة تستخدمها الصفوة‪ ،‬وهو‬
‫األمر الذي ينطبق عىل اآلذرية واجلغتائية بقدر انطباقه عىل العثامنية‪.‬‬
‫وكان األتراك قدي ًام يستخدمون األبجدية األُو ْي ُغورية‪ ‬فاستبدلوها باألبجدية‬
‫العربية‪ ،‬واملعروف أن العثامنيني عاشوا إىل جانب السالجقة األتراك حتى ورثوا ملكهم‬
‫وثقافاهتم‪ ،‬ومن هنا يرتبط العرب واألتراك بروابط تارخيية وثقافية عميقة‪ ،‬قائمة عىل‬
‫الثقافة اإلسالمية املشرتكة‪.‬‬
‫لقد ضمت«اإلمرباطورية العثامنية خالل القرنني اخلامس عرش والسادس عرش‬
‫ال من سورية ولبنان وفلسطني ومرص ومنطقة احلجاز يف عهد السلطان بايزيد الثاين‬ ‫ك ً‬
‫(‪1481‬هـ ‪1512 -‬هـ)‪ ،‬وتال ذلك بقية البالد العربية عىل حقب زمنية متتالية‪ ،‬وقد‬
‫كان تعليم اللغة العربية من الوسائل احلتمية الكفيلة باستمرار النظام اإلداري الذي‬
‫ورثه العثامنيون من األتراك السلجوقيني‪ ،‬والذي كانت فيه الثقافة الرتكية منصهرة يف‬
‫(‪)9‬‬
‫ثقافة إسالمية مشرتكة»‪.‬‬

‫‪-34-‬‬
‫أصل اللغة الرتكية ومراحلها األساسية‪:‬‬
‫تنتسب اللغة الرتكية إىل لغة أورال – آلتاي ‪ ،Ural Altay‬وهي جمموعة من اللغات‪،‬‬
‫توجد بينها وحدة أو تقارب يف البناء اللغوي أكثر من التقارب يف اجلذور اللغوية‪،‬‬
‫وهي من اللغات اإلحلاقية أو اإللصاقية وليست من اللغات املترصفة كالعربية‪ ،‬أي ألن‬
‫ٍ‬
‫معان جديدة‪ ،‬حيث ال يتغري‬ ‫يضاف إىل جذر الكلمة‪ ،‬عدة لواحق ومقاطع‪ ،‬الشتقاق‬
‫(‪)10‬‬
‫فيها أصل الكلمة»‪.‬‬
‫وتنقسم اللغة الرتكية إىل لغتني أو هلجتني‪:‬‬
‫‪-1‬اللغة الرتكية الرشقية‪:‬‬
‫وهي هلجة القبجاق التي استخدمها املامليك يف مرص‪ ،‬واللهجة اجلغتائية نسبة إىل‬
‫جغتاي بن جنكيزخان‪َّ ،‬‬
‫وحل حملها اليوم اللهجة األوزبكية يف تركستان الرشقية‪.‬‬
‫‪-2‬اللغة الرتكية الغربية‪:‬‬
‫أو لغة األوغوز وتفرعت إىل ثالثة فروع‪:‬‬
‫األول‪ :‬اللهجة اآلذرية‪:‬‬
‫وتستخدم يف شامل إيران وومجهورية آذربيجان وبعض مناطق بحر قزوين‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬اللهجة الرتكامنية‪:‬‬
‫ويتكلم هبا سكان مجهورية تركامنستان رشق بحر قزوين‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬هلجة األناضول‪:‬‬
‫ويتكلم هبا سكان تركيا يف العرص احلارض‪ ،‬وهي لغة العثامنيني قبلهم‪.‬‬
‫(‪)11‬‬

‫كام مرت اللغة الرتكية بثالث مراحل أساسية‪ :‬املرحلة القديمة‪( :‬لغة األناضول)‬
‫ويمتد عمر هذه املرحلة القديمة من بداية ظهور اللغة وحتى القرنني الثاين عرش‬
‫والثالث عرش امليالديني‪.‬‬
‫املرحلة احلديثة‪ :‬التي تغري فيها تركيب اللغة وظهرت فيها القواعد النحوية اجلديدة‪،‬‬
‫وتغريت فيها األبجدية‪.‬‬
‫ومن ناحية الشكل اخلارجي للغة؛ فقد بدأت تدخلها العنارص العربية والفارسية‪،‬‬

‫‪-35-‬‬
‫واستمر ذلك دون كثافة كبرية حتى القرن اخلامس عرش امليالدي‪ ،‬ومتثل اللغة العثامنية‬
‫بشكلها وتركيبها هذه املرحلة الثانية‪ ،‬وهي تتميز بزوال آثار املرحلة القديمة‪ ،‬أما من‬
‫ناحية الشكل اخلارجي فقد مرت هي األخرى باملرحلة األوىل التي ذكرناها أي مرحلة‬
‫الرتكية األناضولية القديمة‪ ،‬التي متيزت بالبساطة وغلبة العنارص الرتكية عىل اجلملة‬
‫فيها‪ ،‬واستمرت حتى أوائل القرن اخلامس عرش‪ ،‬وخالل هذا القرن أخذت تتوازن‬
‫العنارص الرتكية مع األجنبية يف اجلملة‪.‬‬
‫ولوحظ أن كمية األلفاظ والرتاكيب العربية زادت مع قبول العروض العريب يف‬
‫الشعر الرتكي آنذاك‪ ،‬فقد دخل الوزن الشعري (البحور الشعرية) إىل اللغة العثامنية‬
‫الكالسيكية يف هذه املدة الزمنية املعروفة بالرتكية ب “‪ ”Divan Edebiyatı‬واستمر‬
‫األمر عىل ذلك حتى «بلغت الرتكية العثامنية غاية التعقيد‪ ،‬وأصبحت اجلملة ال حتتوي‬
‫من العنارص الرتكية األصلية أكثر من الفعل وبعض أدوات الربط»(‪ ،)12‬واستخدمت‬
‫اللغة العربية يف هذه املرحلة بوصفها لغة األدب والفكر والشعر‪.‬‬
‫املرحلة املعارصة‪ :‬بعد هذا التاريخ وأثناء إعالن اجلمهورية الرتكية‪ ،‬استبدلت‬
‫األبجدية الرتكية من احلرف العريب إىل احلرف الالتيني عام ‪ 1347‬هـ ‪1928‬م(‪،)13‬‬
‫وهي تتكون من تسعة وعرشين حرف ًا‪ ،‬واحد وعرشون حرف ًا صحيح ًا‪ ،‬وثامنية أحرف‬
‫معتلة‪ ،‬وقد تأثرت اللغة العثامنية يف هذه احلقبة الزمنية بالغرب كثري ًا‪ ،‬حيث بدأ اللسان‬
‫الرتكي بستقبل املفردات من اللغات الغربية املختلفة‪ ،‬وأصبحت تذكر اللغة العثامنية‬
‫بلغة األدب والفكر والعلوم اإلسالمية فقط‪.‬‬
‫اهتامم العثامنيني باللغة العربية‪:‬‬
‫ملا كانت اللغة الرتكية اجلديدة لغة إسالمية نشأت يف كنف اإلسالم‪ ،‬فقد كان من‬
‫الطبيعي أن تدخلها أوالً األلفاظ العربية التي دخلت الفارسية قبلها وكان يتعذر‬
‫وجودها يف هاتني اللغتني قبل اإلسالم‪ ،‬ومصطلحات ٍ‬
‫ملعان إسالمية خالصة‪ ،‬كاملسلم‬
‫واملؤمن والصالة والزكاة واحلج والتيمم والقبلة وغري ذلك‪.‬‬
‫فعىل الرغم من اعتزاز الرتكي هبويته ولغته‪ ،‬فإن اللغة العربية م َّثلت أحد أحجار‬
‫الزاوية يف املكون الثقايف العثامين؛ حتى قبل دخول العثامنيني إىل البالد العربية‪ ،‬كام‬
‫يتضح من خالل كتاب‪« :‬ديوان لغات الرتك» ملحمود بن احلسني بن حممد الكاشغري‪،‬‬

‫‪-36-‬‬
‫واستعرت ألقاب هذه‬‫ُ‬ ‫والذي ألفه باحلروف العربية عام (‪ 466‬هجرية)‪ ،‬ويقول‪« :‬‬
‫(‪)14‬‬
‫الكتب واألبواب من العربية اصطالح ًا‪ ،‬ملعرفة الناس هبا»‪.‬‬
‫وازداد العثامنيون اهتامم ًا باللغة العربية منذ تأسيس دولتهم‪ ،‬يقول حممد حرب‪:‬‬
‫«فإن عثامن مؤسس الدولة العثامنية قد توىل عام ‪1281‬م(‪ ،)15‬وحكم ‪ 37‬سنة‪ ،‬وأحاط‬
‫(‪)16‬‬
‫نفسه بعلامء ومشايخ قبيلته‪ ،‬الذين كانوا ُيعنون بحفظ القرآن الكريم وحتفيظه»‪.‬‬
‫إن احلضارة العربية اإلسالمية كانت يف احلقيقة حجر الزاوية يف بنية احلضارة الرتكية‬
‫املدون منذ القرن الثالث عرش‬ ‫العثامنية‪ ،‬بل إن اللغة الرتكية نفسها التي «أثبتت وجودها َّ‬
‫امليالدي ذخرت باملفردات العربية‪ ،‬واقتبست بعض قواعدها من العربية ودونت‬
‫(‪)17‬‬
‫باألحرف العربية»‪.‬‬
‫ويف وثيقة عثامنية مؤرخة عام ‪1565‬م‪973/‬هـ برقم (‪ )E 2803‬يف أرشيف طوب‬
‫قايب يف إسطنبول‪ ،‬قائمة بالكتب املؤرخة عىل املدرسني يف املدارس العثامنية‪ ..‬منها يف‬
‫الفقه واللغة‪« :‬اهلداية ‪ -‬النهاية ‪ -‬غاية البيان ‪ -‬قايض خان ‪ -‬البزدوي ‪ -‬النووي رشح‬
‫(‪)18‬‬
‫مسلم»‪.‬‬
‫فقد كان هذا التعليم دين ًّيا يف الدرجة األوىل؛ إذ إن التعليم العريب اإلسالمي منذ‬
‫(‪)19‬‬
‫نشأته اختذ مكانًا له املسجد واجلامع‪ ،‬وكان اهلدف الديني فيه هو األغلب»‪.‬‬
‫يدرسوا‬
‫والعثامنيون مع استخدامهم للغتهم الرتكية يف األعامل احلكومية‪ ،‬فإهنم مل ِّ‬
‫هذه اللغة للشعب يف أي مؤسسة من املؤسسات ‪ -‬وفق ما كتب مؤرخ الرتبية الرتكية‬
‫املشهور «عثامن أركني» يف كتابه (تاريخ الرتبية الرتكية)؛ فاللغة السائدة واملسيطرة يف‬
‫تتنح اللغة العربية عن املكانة‬
‫املدارس واجلامعات عند العثامنيني كانت اللغة العربية‪ ،‬ومل َّ‬
‫األوىل يف املؤسسات التعليمية العثامنية إال مع إلغاء النظام الرتبوي العثامين عندما صدر‬
‫قانون عام ‪1923‬م؛ أي مع النهاية الرسمية للدولة العثامنية وميالد تركيا اجلديدة‪.‬‬
‫ويعدد «عثامن أركني» أسامء املدارس يف عهد‪« ‬اختاذ التعليم العثامين اللغ َة العربية‬
‫أساسا لغو ًّيا»؛ فيذكر‪« :‬مدرسة إعداد األمراء‪ ،‬ومدرسة أندرون (وهي مدرسة يف‬ ‫ً‬
‫القرص السلطاين إلعداد موظفني من الدرجة األوىل العالية الستخدامهم يف القرص‬
‫واجليش واحلكومة)‪ ،‬واملدارس العسكرية‪ ،‬ومدارس املوسيقا العسكرية‪ ،‬ومدارس‬
‫(‪)20‬‬
‫الفنون العسكرية»‪.‬‬
‫وعندما ننظر إىل ترتيب املدارس العثامنية نالحظ أن الدرجات الثالث األوىل منها‬

‫‪-37-‬‬
‫سميت باسم «حاشية التجريد»‪ ،‬و«املفتاح»‪ ،‬و«التلويح»؛ أي إهنا أخذت أسامء الكتب‬
‫تدرس فيها‪ ،‬فقد أخذت مدارس «حاشية التجريد» هذا االسم نسبة‬ ‫األساسية التي كانت ّ‬
‫إىل احلاشية التي وضعها السيد الرشيف اجلرجاين (ت ‪816‬هـ‪1414/‬م) عىل الرشح‬
‫حرره حممود بن أيب القاسم األصفهاين (ت ‪746‬هـ‪1346/‬م) عىل الكتاب الذي‬ ‫الذي َّ‬
‫ألفه نصري الدين الطويس (ت ‪672‬هـ‪1274/‬م) حتت عنوان‪« :‬جتريد الكالم»‪.‬‬
‫أما «املفتاح» فهو الكتاب الذي وضعه يف البالغة يوسف السكَّاكي (ت ‪626‬هـ‪/‬‬
‫‪1229‬م)‪ ،‬وكان جيري تدريسه يف تلك املدارس مع الرشوح التي كتبها عليه السيد‬
‫الرشيف اجلرجاين وسعد الدين التفتازاين (ت ‪971‬هـ‪1389/‬م)‪ ،‬ومن ثم ُعرفت‬
‫باسم مدارس املفتاح‪.‬‬
‫وأما «التلويح» فهو الرشح الذي وضعه التفتازاين عىل كتاب أصول الفقه‬
‫املعروف باسم «تنقيح األصول» الذي أ َّلفه صدر الرشيعة عبيداهلل البخاري (ت‬
‫أيضا حتت اسم «توضيح‬ ‫‪747‬هـ‪1347/‬م)‪ ،‬ورشح عىل الرشح الذي أ َّلفه األخري ً‬
‫(‪)21‬‬
‫التنقيح»‪ ،‬وهذا الرشح كان جيري تدريسه يف تلك املدارس ككتاب أسايس»‪.‬‬
‫وكتاب «الشقائق النعامنية يف علامء الدولة العثامنية» لطاشكربي زاده‪ ،‬هو أشهر‬
‫كتب الرتاجم العربية يف العهد العثامين‪.‬‬
‫وال خيفى عىل داريس التاريخ مدى أمهية كتب الرتاجم يف التاريخ جلانب شديد‬
‫العلمي‪ ،‬فام بالنا وهذا الكتاب يتعرض‬ ‫األمهية يف حياة الدول واملجتمعات‪ ،‬وهو اجلانب ِ‬
‫أيضا للجانب األخالقي يف حياة العلامء‪ ،‬وانعكاسات ذلك عىل توسيد املناصب الدينية‬ ‫ً‬
‫والعلمية والقضائية يف الدولة العثامنية‪ ،‬بل وتأثريها يف احلياة العامة واملجتمع‪.‬‬
‫أما مؤ ِّلف الكتاب طاشكربي زاده‪ ،‬كام ترجم له املوىل نوعي زاده عطائي يف كتابه‪:‬‬
‫(حدائق احلقائق يف تكملة الشقائق)‪« :‬كان رمحه اهلل فريد وقته معرفة يف نوادر العلوم‬
‫العربية وجواهر الفنون األدبية‪ ،‬نقادة ذا دراية يف النظم والنثر‪ ،‬وأ َّلف حاشية عىل‬
‫أج ِّل تآليف علامء الروم»‪ ،‬والروم‪ :‬هو اللقب الذي استخدمه‬ ‫رشح املفتاح‪ ،‬وهي من َ‬
‫العرب والفرس للعثامنيني‪« ،‬نسبة ألرايض الروم التي كانت تابعة للدولة البيزنطية‪،‬‬
‫والتي سميت بروما الرشقية‪ ،‬وقد أطلقت عىل والية «سيواس» يف بدايات عهد الدولة‬
‫(‪)22‬‬
‫العثامنية‪ :‬والية روم‪ ،‬كام أطلقت التسمية عىل املنسوبني للعرق األلني (اليوناين)»‪.‬‬
‫وكان تأليف ذلك الكتاب وحياة صاحبه يف فرتة مبكرة من دخول البلدان العربية يف‬

‫‪-38-‬‬
‫حوزة العثامنيني‪ ،‬مما يعني أن العربية كانت لغة هوية دينية‪.‬‬
‫وهناك خمطوط حيمل عنوان‪« :‬العقد املنظوم يف ذكر أفاضل الروم»‪ ،‬وضعه صاحبه‬
‫يف هنايات القرن العارش اهلجري‪ /‬السادس عرش امليالدي باللغة العربية‪ ،‬يضم تراجم‬
‫عدة طبقات من علامء الدولة العثامنية‪ ،‬يمكننا من خالله تبيان كثري من العنارص املتعلقة‬
‫باهلوية احلضارية للدولة العثامنية واللغة العربية عىل حد سواء‪.‬‬
‫املفردات العربية يف اللغة الرتكية‪:‬‬
‫لعل امتداد اللغة العربية يف اللغات احلية من أهم أسباب احلياة فيها‪ ،‬إذ تفتقد هلذه‬
‫املزية أغلب لغات العامل‪ ،‬فقد ذكر املسترشقان (انجلامن و دوزي) أن «الكلامت العربية‬
‫املوجودة باللغة اإلسبانية تعادل ربع اللغة اإلسبانية وأن باللغة الربتغالية ما يربوا عىل‬
‫(‪)23‬‬
‫ثالثة اآللف كلمة عربية»‪.‬‬
‫كام أبان املسترشق (المانس) بأن «ما يربوا عىل سبعامئة كلمة عربية دخلت اللغة‬
‫(‪)24‬‬
‫الفرنسية عن طريق التجارة وغريها»‪.‬‬
‫وقدم األستاذ (تيلور) بحث ًا عنوانه‪( :‬الكلامت العربية يف اللغة اإلنجليزية) ذاكر ًا‬
‫فيه «ما يزيد عىل ألف كلمة عربية يف الطب والكيمياء والفلك والبيولوجيا واجلراحة‬
‫(‪)25‬‬
‫دخلت اللغة اإلنجليزية»‪.‬‬
‫أما عن تأثري اللغة العربية يف اللغة اإليطالية فقد ترك املسلمون عدد ًا عظي ًام من‬
‫كلامهتم يف اللغة الصقلية واإليطالية‪« ،‬وانتقلت كثري من الكلامت الصقلية التي من‬
‫أصل عريب إىل اللغة اإليطالية‪ ،‬وال يزال اجلزء األعظم من الكلامت العربية باقية يف‬
‫(‪)26‬‬
‫اللغة اإليطالية التي تفوق احلرص دخل اللغة بطريق املدنية ال بطريق االستعامر»‪.‬‬
‫إن وجود هذه الكلامت يف هذه اللغات يشهد بام كان للمدنية العربية ولغتها من‬
‫نفوذ عاملي عظيم‪ ،‬ومن هذه اللغات أيض ًا اللغة الرتكية‪ ،‬فقد كان تأثري اللغة العربية فيها‬
‫واضح ًا ال يف املصطلحات اإلسالمية فحسب‪ ،‬بل يف كثري من األلفاظ واملصطلحات‬
‫الثقافية والسياسية واالقتصادية واالجتامعية أيض ًا‪« ،‬بل إهنم استعاروا مصطلحات يف‬
‫(‪)27‬‬
‫النحو والرصف والعروض وأوزانه»‪.‬‬
‫ففي دراسة قام هبا (‪ )Yaşar Avcı‬باالعتامد عىل قاموس مؤسسة اللغة الرتكية‬
‫(‪2005 Türk Dil Kurumu‬م) تبني أن جمموع الكلامت الدخيلة يف اللغة الرتكية من‬

‫‪-39-‬‬
‫اللغة العريية فقط (‪ )6463‬كلمة(‪ ،)28‬وهي أعىل نسبة مقارنة بكافة اللغات األخرى‬
‫الدخيلة‪ ،‬وبالتدقيق يف املفردات العربية املوجودة يف اللغة الرتكية يتبني أهنا قد شملت‬
‫مجيع مناحي احلياة‪ ،‬وكل ميادين التفكري والتعبري‪ ،‬وليست مفردات دينية فقط كام يظن‬
‫بعض الناس‪.‬‬
‫عل ًام أن أغلب إخواننا األتراك ال يعلمون أن هذه الكلامت عربية‪ ،‬بل يعتربوهنا‬
‫– إال ما َّ‬
‫قل – من صميم لغة الرتك‪ ،‬ويسوق لنا سفري اجلزائر يف تركيا موقف ًا طريف ًا‬
‫يف هذا الشأن حصل معه يف أول تعيينه سفري ًا يف تركيا‪ ،‬فيقول‪ « :‬عندما تعني موعد‬
‫اجتامعي برئيس مجهورية تركيا‪ ،‬لتقديم أوراق اعتامدي‪ ،‬جاءين رئيس ترشيفات الدولة‪،‬‬
‫يلقنني طريقة التقديم‪ ،‬وهي عندهم بسيطة جد ًا‪ ،‬ولكنه قال يل يف هلجة حازمة‪ :‬هناك‬
‫أمر ال يمكن إطالق ًا نسيانه أو التهاون به‪ ،‬وهو أنك جيب أن تقدم حتية لفرقة احلرس‬
‫اجلمهوري الذي جتده واقف ًا الستقبالك‪ ،‬وذلك بأن تقول له بصوت مرتفع‪ ،‬كلمتني‬
‫باللغة الرتكية الصميمة‪ ،‬وهو حيييك عنهام مجاعي ًا‪ ،‬فيجب أن حتفظ الكلمتني جيدا‪،‬‬
‫وعىل كل فأنا سأكون إىل جانبك‪ ،‬ألقنك إذا نسيت‪ ،‬قلت جاد ًا‪ :‬سأحفظهام إن شاء‬
‫وسأمرن لساين عليهام فهات الكلمتينْ ؟ قال يل‪ :‬مها (مرحب ًا عسكر) فكتمت بكل‬
‫ِّ‬ ‫اهلل‪،‬‬
‫صعوبة ضحكة كانت ترتجرج يف صدري‪ ،‬وقلت‪ :‬إن كانت اللغة الرتكية كلها عىل هذا‬
‫(‪)29‬‬
‫املنوال‪ ،‬فسأكون أفصح من يتكلمها»‪.‬‬
‫فرغم أن ربع اللغة الرتكية أصلها كلامت عربية فصيحة‪ ،‬إال أن اإلنسان إذا أنصت إىل‬
‫األتراك وهم يتكلمون‪ ،‬ال يكاد يشعر بوجود هذه الكلامت العديدة من اللغة العربية يف‬
‫يفخمون بعض احلروف وير ّققون بعضها‪ ،‬مما خيرج الكلمة العربية‬‫لساهنم‪ ،‬ذلك ألهنم ّ‬
‫عن مبناها الطبيعي‪ ،‬عالوة عىل أهنم ال ينطقون عدد ًا من احلروف العربية كالثاء واحلاء‬
‫واخلاء والضاد والظاء والعني والقاف والواو‪ ،‬بل نجد يف لساهنم حروف ًا ال وجود هلا يف‬
‫اللغة العربية أص ً‬
‫ال مثل‪.P-V-U :‬‬
‫ومما يلفت االنتباه أن «بعض الكلامت دخلت إىل اللغة الرتكية بنفس اللفظ ولكن‬
‫باختالف املعنى والداللة‪ ،‬وربام يرجع ذلك إىل بدايات التأثر باللغة العربية‪ ،‬وذلك‬
‫لعدم التمكّن من اللغة العربية يف البداية األوىل‪ ،‬ودرج لسان الناس عليها؛ فأصبحت‬

‫‪-40-‬‬
‫من صميم اللغة‪ ،‬ولكنها بحلة جديدة»(‪ ،)30‬وهذه أمثلة منها‪:‬‬

‫معناها باللغة العربية‬ ‫داللتها باللغة الرتكية‬ ‫الكلمة الرتكية‬

‫اخلروج لالرحتال‪.‬‬ ‫ض ْيف‬ ‫‪Misafir‬‬

‫فحسب‪ ،‬وتقرتن بالعدد حتى ال يزاد‬


‫لك ْن‬ ‫‪Fakat‬‬
‫عليه‪.‬‬

‫وعاونَه‬
‫َ‬ ‫ساعَدَ ه عىل األمر‪،‬‬ ‫باإلذن ‪ /‬لالستئذان‬ ‫‪Müsadenle‬‬

‫كفى وأغنى‪ ،‬املكافأة‬ ‫ِ‬


‫الع َقاب فقط‬ ‫‪Ceza‬‬

‫وجهه إليهم‬
‫رصف َ‬
‫َ‬ ‫مدح‬ ‫‪İltifat‬‬

‫الرت ُّقب‬ ‫اللؤم‬ ‫‪İntizar‬‬

‫الذي ِ‬
‫يغسل املالبس وغريها‪.‬‬ ‫ل َغ ْسل امل ّيت فقط‬ ‫‪Ğassal‬‬

‫غري عريب‪ ،‬وكتاب أعجمي‪ :‬غري واضح‪.‬‬ ‫ليس له ِخبرْ ة‬ ‫‪Acemi‬‬

‫‪-41-‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫وأهم ما توصل‬‫ّ‬ ‫بعد محد اهلل والثناء عليه وصل البحث إىل آخر املطاف؛ وهو خامتته‬
‫إليه من نتائج‪ ،‬فلقد ذكرنا كيف كان تأثري اللغة العربية كبري ًا يف كثري من لغات العامل‬
‫احلية التي يتحدث هبا املاليني من البرش‪ ،‬ومنها اللغة الرتكية‪ ،‬ويف املجال متسع للباحثني‬
‫مقومات‬‫والدارسني إلبراز أثر لغتنا العربية يف لغات عاملية عديدة‪ ،‬ملا يف هذا البحث من ّ‬
‫كبرية يف حياة اللغة العربية‪.‬‬
‫أما أهم النتائج التي توصل إليها البحث فهي‪:‬‬
‫مصاف‬
‫ّ‬ ‫يؤهلها ألن تكون يف‬
‫أن اللغة العربية متتلك من أسباب احلياة الداخلية ما ّ‬
‫اللغات العاملية احلية‪.‬‬
‫كام أهنا متتلك من أسباب احلياة اخلارجية مما جيعلها يف مصاف اللغات األوىل يف العامل‪.‬‬
‫أثبت البحث أن للغة العربية تأثري ًا كبري ًا عىل لغات عاملية وأمهها اللغة الرتكية‪،‬‬
‫وذلك يف شتى جماالت احلياة والسيام ما استعارته األخرية من ألفاظ إسالمية‪.‬‬
‫أن اللغة العربية ذات تأثري كبري وامتداد واسع يف اللغة الرتكية وغريها‪.‬‬
‫وفاعلة يف اللغات احلية وذلك‬ ‫ِ‬ ‫توصل البحث إىل أن اللغة العربية لغة َّثرة ومؤ ّثرة‬
‫بشهادة كثري من املسترشقني الغربيني وغريهم‪.‬‬
‫وأخري ًا‪ :‬لقد كان هذا البحث حماولة متواضعة لفتح الباب يف الكتابة من أجل إعادة‬
‫االعتبار للغتنا لغة القرآن الكريم‪ ،‬راجي ًا من اهلل تعاىل أن يكون فاحتة خري ملا يتبعه من‬
‫كتابات‪ ،‬وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫‪-42-‬‬
‫هوامش البحث‪:‬‬
‫‪ - 1‬الصاحبي يف فقه اللغة‪ ،‬أبو احلسني أمحد بن فارس‪.4/1 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ - 2‬ال ّلغة ال َعرب ّية َواالصطالح الع ّ‬
‫لمي‪ ،‬وليد سرَ اج‪ ،‬جملة الرتاث العريب‪ ،‬العدد‬
‫‪ 42‬و ‪ - 43‬السنة ‪ - 11‬كانون الثاين ونيسان «يناير وابريل» دمشق ‪.1991‬‬
‫‪ - 3‬تاريخ اللغات السامية‪ ،‬املسترشق إرنست رنان‪ ،‬عن كتاب «اللسان العريب‬
‫وقضايا العرص»‪ ،‬عامر سايس‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬الطبعة األوىل ‪2009‬م‪.176 :‬‬
‫‪4 - Eric M. North،The Book of a thousand tongsk Published for the‬‬
‫‪American Bible Society، New York and London، 1938.‬‬
‫‪ - 5‬تأثري اللغة العربية يف غريها من اللغات‪ ،‬ليىل صديق‪ ،‬جملة حوليات الرتاث‪،‬‬
‫العدد اخلامس‪ 2006 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 6‬احلضارة‪ ،‬حسني مؤنس‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة‪ ،‬املجلس الوطني للثقافة والفنون‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬رقم ‪ 1998 ،237‬م‪.62 :‬‬
‫‪ - 7‬القياس يف اللغة العربية‪ ،‬حممد اخلرض حسني‪ ،‬دار احلداثة‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪1983‬م‪.12 :‬‬
‫‪ - 8‬تأثري اللغة العربية يف غريها من اللغات‪ ،‬ليىل صديق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬وفصول يف‬
‫فقه اللغة‪ ،‬رمضان عبد التواب‪ ،‬مكتبة اخلانجي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬القاهرة ‪1987‬م‪.258 :‬‬
‫‪ - 9‬التأثر والتأثري اللغوي بني اللغة العربية والرتكية‪ ،‬تيسري حممد الزيادات وغريه‪،‬‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يونيو ‪ 2014‬م‪.9-8 :‬‬
‫‪ - 10‬قواعد اللغة الرتكية‪ ،‬مسعد سويلم الشامان‪ ،‬الرياض‪ ،‬جامعة امللك سعود‪،‬‬
‫عامدة شؤون املكتبات‪ 1417 ،‬هـ‪.2 :‬‬
‫‪ - 11‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 12‬التالقح بني اللغة العربية ولغات املسلمني األخرى‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬أكمل الدين إحسان‬
‫أوغىل‪ ،‬موقع إلكرتوين‪:‬‬
‫‪http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad43partie3.htm‬‬
‫‪ - 13‬معجم األلفاظ العربية يف اللغة الرتكية‪ ،‬سهيل صابان ابن شيخ ابراهيم حقي‪،‬‬
‫جامعة اإلمام حممد بن سعود‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1426‬هـ ‪2005‬م‪.14 :‬‬

‫‪-43-‬‬
‫‪ - 14‬ديوان لغات الرتك‪ ،‬حممود بن احلسني بن حممد الكاشغري دار اخلالفة العلية‪،‬‬
‫مطبعة عامرة ‪1333‬هـ‪ :‬املجلد األول‪.5 :‬‬
‫‪ - 15‬املعروف أن عثامن الغازي مؤسس الدولة العثامنية توىل احلكم عقب وفاة‬
‫والده أرطغرل سنة ‪699‬هـ‪1299-‬م‪[ .‬انظر‪ :‬تاريخ سالطني بني عثامن‪ ،‬عزتلو‬
‫يوسف بك آصاف‪ ،‬مؤسسة هنداوي‪ ،‬القاهرة ‪2014‬م‪.]34 :‬‬
‫‪ - 16‬العثامنيون يف التاريخ واحلضارة‪ ،‬حممد حرب‪ ،‬املركز املرصي للدراسات‬
‫العثامنية‪ ،‬وبحوث العامل الرتكي‪ ،‬القاهرة‪1994 ،‬م‪.315 :‬‬
‫‪ - 17‬معامل احلياة الفكرية يف الواليات العربية يف العرص العثامين‪ ،‬ليىل الصباغ‪،‬‬
‫الباب الثالث يف الدولة العثامنية تاريخ وحضارة‪ ،‬إرشاف وتقديم أكمل الدين إحسان‬
‫أوغيل‪ ،‬إرسيكا‪ ،‬ترمجـة صـالح سعدواي‪ ،‬مركز األبحاث للتاريخ والفنون اإلسـالمية‪،‬‬
‫اسـتانبول‪1999 ،‬م‪.308 – 307/2:‬‬
‫‪ - 18‬العثامنيون يف التاريخ واحلضارة‪ ،‬حممد حرب‪ ،‬مرجع سابق‪.316 :‬‬
‫‪ - 19‬معامل احلياة الفكرية يف الواليات العربية يف العرص العثامين‪ ،‬ليىل الصباغ‪:‬‬
‫مرجع سابق‪.308 /2:‬‬
‫‪ - 20‬العثامنيون يف التاريخ واحلضارة‪ ،‬حممد حرب‪ :‬مرجع سابق‪.320 – 319 :‬‬
‫‪ - 21‬الدولة العثامنية تاريخ وحضارة‪ ،‬أكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬إرسيكا‪،‬‬
‫اسطنبول‪1999 ،‬م‪.459-458/2 :‬‬
‫‪ - 22‬املعجم املوسوعي للمصطلحات التارخيية العثامنية‪ ،‬سهيل صابان ابن شيخ‬
‫ابراهيم حقي‪ ،‬مكتبة امللك فهد‪ ،‬الرياض‪2000 ،‬م‪.128 :‬‬
‫‪ - 23‬معجم املفردات اإلسبانية والربتغالية املشقة من العربية‪ ،‬املسترشقان انجلامن‬
‫ودوزي‪ ،‬تعريب هناد املوسى‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عامن‪1980 ،‬م‪.282 :‬‬
‫‪ - 24‬مالحظات عىل ألفاظ الفرنسية املشتقة من العربية عن كتاب‪ :‬الفصحى لغة‬
‫القرآن‪ ،‬أنور اجلندي‪ ،‬دار الفرقان‪1990 ،‬م‪.95 :‬‬
‫‪ - 25‬الكلامت العربية يف اللغة اإلنجليزية‪ ،‬نادر رساج‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪2003‬م‪.93 :‬‬
‫‪ - 26‬التعريب ومستقبل اللغة العربية‪ ،‬عبد العزيز بن عبد اهلل‪ ،‬الرباط‪1975 ،،‬م‪.62 :‬‬
‫‪ - 27‬تأثري اللغة العربية يف اللغة الرتكية‪ ،‬أمحد فؤاد متويل‪ ،‬جملة الفيصل العدد‬
‫‪.6 :140‬‬

‫‪-44-‬‬
‫‪28 - Yaşar Avcı، (Arapça Kökenli Osmanlıca Sözcükler، s.7; bkz.Türk Dil‬‬
‫‪Kurumu، Türkçe Sözlük، Ankara، 3448 s.1-7.‬‬
‫‪ - 29‬الوجود العريب يف اللغة الرتكية‪ ،‬أمحد توفيق املدين‪ ،‬جملة جممع اللغة العربية‪،‬‬
‫اجلزء ‪ ،36‬ذو القعدة ‪ 1395‬هـ ‪1975‬م‪.128 :‬‬
‫‪ - 30‬التأثر والتأثري اللغوي بني اللغة العربية والرتكية‪ ،‬تيسري حممد الزيادات وغريه‪،‬‬
‫مرجع سابق‪.12 :‬‬

‫املصادر واملراجع‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الكتب العربية‪:‬‬

‫تاريخ سالطني بني عثامن‪ ،‬عزتلو يوسف بك آصاف‪ ،‬مؤسسة هنداوي‪ ،‬القاهرة‬
‫‪2014‬م‪.‬‬
‫التعريب ومستقبل اللغة العربية‪ ،‬عبد العزيز بن عبد اهلل‪ ،‬الرباط‪1975 ،،‬م‪.‬‬
‫الدولة العثامنية تاريخ وحضارة‪ ،‬أكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬إرسيكا‪ ،‬اسطنبول‪،‬‬
‫‪1999‬م‪.‬‬
‫ديوان لغات الرتك‪ ،‬حممود بن احلسني بن حممد الكاشغري دار اخلالفة العلية‪،‬‬
‫مطبعة عامرة ‪1333‬هـ‪.‬‬
‫الصاحبي يف فقه اللغة‪ ،‬أبو احلسني أمحد بن فارس‪.‬‬
‫العثامنيون يف التاريخ واحلضارة‪ ،‬حممد حرب‪ ،‬املركز املرصي للدراسات العثامنية‪،‬‬
‫وبحوث العامل الرتكي‪ ،‬القاهرة‪1994 ،‬م‪.‬‬
‫الفصحى لغة القرآن‪ ،‬أنور اجلندي‪ ،‬دار الفرقان‪1990 ،‬م‪.‬‬
‫فصول يف فقه اللغة‪ ،‬رمضان عبد التواب‪ ،‬مكتبة اخلانجي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬القاهرة‬
‫‪1987‬م‪.‬‬
‫قضايا العرص‪ ،‬عامر سايس‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬الطبعة األوىل ‪2009‬م‪.‬‬
‫قواعد اللغة الرتكية‪ ،‬مسعد سويلم الشامان‪ ،‬الرياض‪ ،‬جامعة امللك سعود‪ ،‬عامدة‬
‫شؤون املكتبات‪ 1417 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪-45-‬‬
‫القياس يف اللغة العربية‪ ،‬حممد اخلرض حسني‪ ،‬دار احلداثة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1983 ،‬م‪.‬‬
‫الكلامت العربية يف اللغة اإلنجليزية‪ ،‬نادر رساج‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬القاهرة‪2003 ،‬م‪.‬‬
‫اللسان العريب وقضايا العرص‪ ،‬عامر سايس‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪2009‬م‪.‬‬
‫معامل احلياة الفكرية ىف الواليات العربية ىف العرص العثامين‪ ،‬الدولة العثامنية تاريخ‬
‫وحضارة‪ ،‬ليىل الصباغ‪ ،‬إرشاف وتقديم أكمل الدين إحسان اوغىل‪ ،‬ترمجـة صـالح‬
‫سعدواي‪ ،‬مركز األبحاث للتاريخ والفنون اإلسـالمية‪ ،‬اسـتانبول‪1999 ،‬م‪.‬‬
‫معجم األلفاظ العربية يف اللغة الرتكية‪ ،‬سهيل صابان ابن شيخ ابراهيم حقي‪،‬‬
‫جامعة اإلمام حممد بن سعود‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1426‬هـ ‪2005‬م‪.‬‬
‫معجم املفردات اإلسبانية والربتغالية املشقة من العربية‪ ،‬املسترشقان انجلامن‬
‫ودوزي‪ ،‬تعريب هناد املوسى‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عامن‪1980 ،‬م‪.‬‬
‫املعجم املوسوعي للمصطلحات التارخيية العثامنية‪ ،‬سهيل صابان ابن شيخ‬
‫ابراهيم حقي‪ ،‬مكتبة امللك فهد‪ ،‬الرياض‪2000 ،‬م‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬املراجع األجنبية‪:‬‬

‫‪Eric M. North،The Book of a thousand tongsk Published for the American‬‬


‫‪Bible Society، New York and London، 1938.‬‬

‫‪Yaşar Avcı، (Arapça Kökenli Osmanlıca Sözcükler، s.7; bkz.Türk Dil‬‬


‫‪Kurumu، Türkçe Sözlük، Ankara، 3448.‬‬

‫‪-46-‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬املجالت‪:‬‬

‫التأثر والتأثري اللغوي بني اللغة العربية والرتكية‪ ،‬تيسري حممد الزيادات وغريه‪،‬‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2014‬م‪.‬‬
‫تأثري اللغة العربية يف غريها من اللغات‪ ،‬ليىل صديق‪ ،‬جملة حوليات الرتاث‪ ،‬العدد‬
‫اخلامس ‪ 2006‬م‪.‬‬
‫تأثري اللغة العربية يف اللغة الرتكية‪ ،‬أمحد فؤاد متويل‪ ،‬جملة الفيصل العدد ‪.140‬‬
‫احلضارة‪ ،‬حسني مؤنس‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة‪ ،‬املجلس الوطني للثقافة والفنون‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬رقم ‪1998 ،237‬م‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لمي‪ ،‬وليد سرَ اج‪ ،‬جملة الرتاث العريب‪ ،‬العدد ‪ 42‬و‬‫ال ّلغة ال َعرب ّية َواالصطالح الع ّ‬
‫‪ - 43‬السنة ‪ - 11‬كانون الثاين ونيسان «يناير وابريل» دمشق ‪.1991‬‬
‫الوجود العريب يف اللغة الرتكية‪ ،‬أمحد توفيق املدين‪ ،‬جملة جممع اللغة العربية‪ ،‬اجلزء‬
‫‪ ،36‬ذو القعدة ‪ 1395‬هـ ‪1975‬م‪.‬‬
‫رابع ًا‪ :‬املواقع االلكرتونية‪:‬‬
‫التالقح بني اللغة العربية ولغات املسلمني األخرى‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬أكمل الدين إحسان‬
‫أوغىل‪ ،‬موقع إلكرتوين‪:‬‬
‫‪http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad43partie3.htm‬‬

‫‪-47-‬‬
‫احل�صيلة اللغو ّية امل�شرتكة بني العربية والرتكية و�أثرها‬
‫فـي تعليم العربية للطلبة الأتراك‬
‫أ‪.‬د يعقوب جيولك د‪ .‬حممود قدّ وم‬
‫جامعة بارطِن ‪ -‬تركيا‬

‫مقدّ مة‪:‬‬
‫يرى كثري من األساتذة العاملني يف تعليم العرب ّية للناطقني بغريها‪ّ ،‬‬
‫أن أبرز مظاهر‬
‫الضعف اللغوي لدى هؤالء تتم ّثل يف افتقارهم للحصيلة اللغو ّية‪ ،‬التي تُعينهم يف‬
‫التعبري عن أغراضهم‪ّ ،‬‬
‫ولعل سبب ذلك ضآلة حمصوهلم من ألفاظ الفصحى املالئمة‬
‫الحتياجاهتم يف التعبري‪ ،‬وعدم توافر احلوافز والوسائل الكافية لدهيم لتنمية هذا‬
‫املحصول واالرتقاء به‪.‬‬
‫وإذا كانت احلصيلة اللغو ّية هي الرصيد األساس للوصول بمتع ّلمي العرب ّية إىل‬
‫امتالك مهارات اللغة األربعة‪ :‬االستامع‪ ،‬واملحادثة‪ ،‬والكتابة‪ ،‬والقراءة‪ّ ،‬‬
‫فإن الرتكيز‬
‫أهم حماور تعليم العرب ّية للناطقني بغريها‪ ،‬حتّى‬
‫عىل إثرائها وتنميتها ينبغي أن يكون من ّ‬
‫ثم التواصل مع أبناء العرب ّية‬
‫يتمكّنوا من التواصل بلغة عرب ّية سليمة فيام بينهم‪ ،‬ومن ّ‬
‫باملستوى نفسه أو أفضل منه‪.‬‬
‫وبام ّ‬
‫أن احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العرب ّية وغريها من اللغات متفاوتة‪ ،‬وقد‬

‫‪-49-‬‬
‫فإن هذا البحث سيتناول احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني‬ ‫تو ّقف عندها غري باحث(‪ّ ،)1‬‬
‫العرب ّية والرتك ّية‪ ،‬وأثرها يف تعليم العرب ّية للناطقني بغريها يف اجلامعات الرتك ّية‪ ،‬وفق‬
‫املباحث اآلتية‪:‬‬
‫أولاً ‪ :‬تعليم اللغة العرب ّية للناطقني بغريها يف تركيا‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العرب ّية والرتك ّية‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬دور مع ّلم العرب ّية يف تنمية احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العرب ّية‬
‫والرتك ّية‪.‬‬

‫أولاً ‪ :‬تعليم اللغة العرب ّية للناطقني بغريها يف تركيا‪:‬‬


‫ينصب االهتامم هبا ليس‬
‫ُّ‬ ‫صار تعليم اللغة العرب ّية للناطقني بغريها من املجاالت التي‬
‫فحسب‪ ،‬وإنّام عىل الصعيد العاملي بشكل عام‪ ،‬والصعيد اإلسالمي‬ ‫عىل الصعيد العريب ْ‬
‫بشكل خاص؛ ملا حتظى به هذه اللغة الرشيفة من مكانة عالية تنبع من مكانة القرآن‬
‫الكريم واحلديث النبوي الرشيف والدين اإلسالمي يف نفوس املسلمني‪ ،‬وعىل املستوى‬
‫األورويب برزت ظاهرة جديدة‪ ،‬تتم ّثل يف االهتامم املتنامي باللغة العربية بوصفها لغة‬
‫ختاطب حيتاجها املتعاقدون للعمل أو الدراسة يف البالد العربية؛ إذ نشهد إقبال نسبة من‬
‫بتطور العالقات‬‫األوروبيني عىل تع ّلم اللغة العربية ألغراض متعددة؛ منها ما يتع ّلق ّ‬
‫الدبلوماس ّية‪ ،‬واالقتصاد ّية‪ ،‬والثقاف ّية مع البالد العرب ّية مرش ًقا ومغر ًبا‪ ،‬ومنها ما يتع ّلق‬
‫بالتطورات التي تشهدها املنطقة العرب ّية اإلسالم ّية‪ ،‬بام يثري االهتامم بقضايا العامل العريب‬ ‫ّ‬
‫إعالم ًيا واسرتاتيج ًيا‪.‬‬
‫ويالحظ اليوم حرص نسبة من املثقفني غري العرب عىل تع ّلم اللغة العرب ّية؛ لشعورهم‬
‫بتصاعد الوزن السيايس واالقتصادي العريب داخل املنظومة الدول ّية‪ ،‬وارتباط ذلك‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬حممد مصطفى بن احلاج‪ ،‬عاملية اللغة العرب ّية‪ ،‬بحث منشور ضمن كتاب اللغة العرب ّية وحتدّ يات القرن العرشين‪،‬‬
‫املن ّظمة العرب ّية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪ ،1996 ،‬ص‪ .158-157‬ووقائع امللتقى العريب االفريقي حول العالقات‬
‫بني اللغة العرب ّية واللغات االفريق ّية األخرى بعنوان‪»:‬العرب ّية يف اللغات االفريق ّية»‪ ،‬داكار‪ ،‬السنغال‪ ،12-9 ،‬نيسان‪،‬‬
‫‪ .1984‬ونيقوال دوبرشيان‪ ،‬اللغة العرب ّية خارج حدودها‪ ،‬بحث منشور ضمن كتاب اللغة العرب ّية وحتدّ يات القرن‬
‫العرشين‪ ،‬املن ّظمة العرب ّية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪ ،1996 ،‬ص‪ .131-98‬وقد اجتهد أنور حممود زنايت يف تتبع‬
‫أثر اللغة العربية يف اللغات األخرى بمجموعة من املقاالت نرشها تباعًا عىل موقع األلوكة‪www.alukah.net ،‬‬

‫‪-50-‬‬
‫بحركة الوعي املتزايد لدى شعوب املنطقة العرب ّية(‪ ...)1‬ولعل إدراج هذه اللغة ضمن‬
‫اللغات العامل ّية املستخدمة يف منظمة األمم املتحدة‪ ،‬مؤرش مهم عىل الرهانات الدول ّية‬
‫عىل املنطقة العرب ّية اإلسالم ّية ذات البعد االسرتاتيجي‪.‬‬
‫الرس يف هذا‬
‫ولعل ّ‬ ‫عمت آفا ًقا شاسعة عرب قارات العامل‪ّ ،‬‬ ‫ممّا تقدّ م يتّضح ّ‬
‫أن العرب ّية ّ‬
‫أن العرب ّية ذاهتا إىل جانب كوهنا‬ ‫النجاح الباهر الذي مل تعر ْفه لغة يف العصور املاضية‪ّ ،‬‬
‫لغة اإلسالم عقيد ًة وأحكا ًما وشعائر‪ ،‬كانت لغة العامل املتحضرّ ‪ ،‬لغة البيان والعمل‪،‬‬
‫املجرد‪ ،‬لغة الطب والصيدلة والكيمياء والفلك والصناعة‪ ،‬لغة االكتشاف‬ ‫ّ‬ ‫لغة الفكر‬
‫واالبتكار‪ ،‬لغة احلقوق والفنون واآلداب‪ ،‬لغة السيف والراية كام هي لغة القلم‬
‫سميها‬‫والدواة‪ ،‬ولغة الدبلوماس ّية والتجارة العامل ّية‪ ...‬أي إنهّ ا كانت لغة ثقاف ّية كام ُي ّ‬
‫علامء اللغة «‪ ،»Cultrural Language‬كام كانت لغة دين الفطرة احلق الذي جاء للبرش ّية‬
‫ونذيرا»‪.‬‬ ‫كا ّفة قال تعاىل‪«:‬وما أرسلناك إال كافة للناس ً‬
‫بشريا‬
‫(‪)2‬‬
‫ً‬
‫كثريا بلغة‬
‫أن الشعوب اإلسالم ّية غري الناطقة بالعرب ّية قد تأثرت ً‬ ‫ومن املعلوم ّ‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬وأ ّدى ذلك هبم إىل تعلم العرب ّية لفهم تعاليم اإلسالم‪ ،‬ولذلك ّ‬
‫فإن‬
‫الشعوب الرتكية يف بالد تركستان يف آسيا الوسطى بعد أن اعتنقت اإلسالم أخذت‬
‫تكتب باحلروف العربية وتعلمت اللغة العربية لغة القرآن الكريم واحلديث النبوي‬
‫الرشيف‪ ،‬ومن هنا كانت صلة اللغات الرتكية يف اجلمهوريات اإلسالمية وكذلك صلة‬
‫اللغة العثامن ّية يف تركيا باللغة العرب ّية صلة قو ّية؛ إذ استعارت آال ًفا متعدّ دة من الكلامت‬
‫العرب ّية بفضل انتشار اإلسالم‪ ،‬وكذلك جعلت قواعدها وعروضها طب ًقا للقواعد‬
‫العرب ّية والعروض العرب ّية مع تغيري فرعي بسيط‪.‬‬
‫واللغة الرتكية العثامنية هي الرتكية اإلسالمية يف تركيا‪ ،‬التي أخذت تتطور وتتكامل‬
‫أيام حكم السالجقة بأناضول‪ ،‬وال سيام بعد تأسيس الدولة العثامنية‪ ،‬فسميت باللغة‬
‫العثامنية نسبة إىل عثامن خان مؤسس الدولة‪ ،‬وأصبحت منذ هناية القرن اخلامس عرش‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬نونج لكسنأ كاما‪ ،‬حممد أزرول‪ ،‬أسلوب العصف الذهني من خالل بيئة افرتاضية إلثراء املفردات العربية لدى‬
‫الناطقني بغريها‪ ،‬بحث منشور ضمن أعامل املؤمتر الدويل لتعليم العربية «األنساق اللغو ّية والسياقات الثقاف ّية يف تعليم‬
‫اللغة العرب ّية»‪ ،‬مركز اللغات‪ ،‬اجلامعة األردن ّية‪ ،‬حترير د‪ .‬حممود قدوم‪ ،‬د‪ .‬حممد السامعنة‪ ،‬دار كنوز املعرفة للنرش والتوزيع‪،‬‬
‫عماّ ن‪ ،‬األردن‪ ،2014 ،‬ج‪ ،2‬ص‪.905-904‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬حممد مصطفى بن احلاج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .169-133‬واآلية رقم ‪ ،28‬من سورة سبأ‪.‬‬

‫‪-51-‬‬
‫ِ‬
‫برقي الدولة العثامن ّية‬
‫ّ‬ ‫امليالدي لغة أدب وثقافة‪ ،‬وكان تطورها ومدى تأثريها متّص َلينْ‬
‫أهم لغات العامل اإلسالمي‪.‬‬ ‫من الناحي َتينْ السياس ّية والثقاف ّية حتى صارت من ّ‬
‫وقد اتسمت هذه اللغة العثامن ّية الفصيحة (املكتوبة باحلروف العرب ّية) بسمة اللغة‬
‫القوم ّية‪ ،‬بعد أن بدأت الثقافة العثامن ّية تتجه صوب الغرب يف عهد التنظيامت يف القرن‬
‫التاسع عرش امليالدي إىل أن ُس ِّم َيت بعد زوال اإلمرباطورية العثامن ّية عام ‪1923‬م باللغة‬
‫الرتك ّية احلديثة‪ ،‬وتغيرّ ت حروفها إىل حروف التين ّية‪.‬‬
‫وقد تأ ّثرت اللغة العثامن ّية باللغة العرب ّية وآداهبا وأخذت منها كلامت كثرية‪ ،‬كام حذا‬
‫الشعراء العثامن ّيون حذو الشعراء العرب‪ ،‬وقلدوهم يف منظوماهتم الشعر ّية بمختلف‬
‫أنواعها‪.‬‬
‫ويف القرن التاسع عرش امليالدي قامت حركة مناهضة للغة الرتكية القديمة (العثامن ّية)‬
‫من قبل مجاعة من األتراك‪ ،‬استنكر دعاهتا كثرة استعامل األلفاظ العربية‪ ،‬وقد اقرتنت هذه‬
‫احلركة بازدياد األثر األورويب يف األدب الرتكي‪ ،‬وأخذ أصحاهبا يف إحالل بعض الكلامت‬
‫حمل الكلامت العرب ّية‪ ،‬ولكن مل يستمر نشاط تلك احلركة‪.‬‬ ‫الرتك ّية أو املترتكة اجلديدة ّ‬
‫وبعد قيام حكم مصطفى أتاتورك يف تركيا تغيرّ ت احلروف الرتك ّية العرب ّية إىل‬
‫احلروف الرتك ّية الالتين ّية يف سنة ‪1928‬م‪ ،‬وبذلك ابتعد األتراك عن اللغة العرب ّية بل‬
‫عن الدراسات اإلسالم ّية لألسف الشديد‪ ،‬وكان من دواعي تغيري اخلط من الشكل‬
‫العريب إىل الشكل الالتيني يف رأي هؤالء املتجددين‪ ،‬ضبط النطق للكلامت الرتك ّية‪،‬‬
‫وسهولة الكتابة باحلروف الالتين ّية‪.‬‬
‫كبريا يف سبيل نرش اإلسالم وثقافته‪ ،‬وبانتشار‬ ‫وال شك يف أن األتراك بذلوا جهدً ا ً‬
‫اإلسالم بني األتراك وإجادة علامئهم اللغة العربية لغة القرآن الكريم واحلديث النبوي‬
‫األخوة واملو ّدة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرشيف‪ ،‬امتزجت الشعوب العرب ّية والرتك ّية وانترشت بينها روح‬
‫وساد االختالط وظهرت املشاركة يف احلياة الفكر ّية واالجتامع ّية واالقتصاد ّية‪ ،‬ممّا أ ّدى‬
‫إىل تأثري الشعوب اإلسالم ّية بعضها يف بعض‪ ،‬سواء يف آداهبا أم تقاليدها أم عاداهتا‪،‬‬
‫آثارا عرب ّية وترك ّية كثرية‪ ،‬كانت منهم مسامهة كبرية يف تشييد‬ ‫وخ ّلف العلامء األتراك ً‬
‫(‪)1‬‬
‫رصح احلضارة اإلسالم ّية‪.‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬عبد اهلل مبرش الطرازي‪ ،‬اهتامم األتراك باللغة العرب ّية وأثرها يف اللغة الرتك ّية‪ ،‬صحيفة املدينة‪ ،‬تاريخ ‪-5-4‬‬
‫‪ ،2011‬ص‪.6‬‬

‫‪-52-‬‬
‫أ ّما يف الوقت الراهن فقد انترش تعليم اللغة العرب ّية يف ترك ّيا خالل العرشين سنة‬
‫تطور‬‫أخرية؛ نتيجة ملركز ترك ّيا يف الرشق األوسط وقرهبا من البالد العرب ّية‪ ،‬إضافة إىل ّ‬
‫العالقات بني ترك ّيا والبالد العرب ّية يف املجاالت السياس ّية واالقتصاد ّية والثقاف ّية‬
‫والتجار ّية‪ ،...‬ممّا أ ّثر يف ازدياد عدد أقسام اللغة العرب ّية يف اجلامعات الرتك ّية وظهور‬
‫(‪)1‬‬
‫اخلاصة التي تع ّلم العرب ّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املعاهد‬
‫ويتوزع تعليم العربية يف تركيا يف مراكز تعليمية متعدّ دة عىل رأسها اجلامعات‬
‫الرسمية‪ ،‬تليها مدارس األئمة واخلطباء‪ ،‬ثم املراكز الرسمية التابعة للجامعات‪ ،‬ثم‬
‫املراكز اخلريية التابعة إما ملؤسسات الديانة‪ ،‬أو املستقلة كوقف خاص يتبع إلحدى‬
‫(‪)2‬‬
‫اجلامعات‪ ،‬وأخريا املعاهد اخلاصة‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العرب ّية والرتك ّية‪:‬‬
‫حيظى تأثري اللغة العرب ّية يف اللغة الرتك ّية بمكانة متم ّيزة يف التداخالت اللغو ّية(‪،)3‬‬
‫ويرى الدارسون وفرة األلفاظ العرب ّية التي دخلت اللغة الرتك ّية‪ ،‬ويقدّ رون نسبة هذه‬
‫األلفاظ وفق مقاييس خمتلفة لترتاوح نسبة تأثري اللغة العربية يف الرتك ّية عندهم بني ‪%40‬‬
‫(‪)4‬‬
‫و‪. %60‬‬
‫ولعل هذا الفارق امللحوظ ناتج عن اختالف املقاييس املأخوذة بعني االعتبار؛ ففيام‬ ‫ّ‬
‫اقترص البعض عىل األلفاظ األساس ّية املأخوذة من اللغة العرب ّية‪ ،‬أضاف البعض اآلخر‬
‫إليها املشتقات التي نشأت منها يف اللغة الرتك ّية‪ ،‬كام أخذ بعض الدارسني يف االعتبار‬
‫األلفاظ العرب ّية األصل املستخدمة يف العرص احلديث‪ ،‬فيام أخذ البعض األلفاظ العرب ّية‬
‫املهجورة كذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬أمحد الدياب‪ ،‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العرب ّية واملقرتحات‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬إرشاف موسى‬
‫يلدز‪ ،‬جامعة أنقرة‪ ،2012 ،‬ص‪.30-29‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬أمحد الدياب‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫خواصها جتاور‬‫ّ‬ ‫أن اللغات الرشق ّية الثالث‪ :‬العرب ّية والفارس ّية والرتك ّية قد مزج بينها يف كثري من‬‫‪ -3‬من اجلدير بالذكر ّ‬
‫ثم اختالطها التارخيي عن طريق التجارة والفتوح العرب ّية وخضوع الفرس ثم األتراك للحكم العريب طويلاً ‪،‬‬ ‫شعوهبا‪ّ ،‬‬
‫ترسم األفكار العرب ّية والثقافة اإلسالم ّية‪ ...‬ثم ما نشأ عن‬ ‫ّ‬ ‫إىل‬ ‫اضطرهم‬ ‫وثقايف‬ ‫روحي‬ ‫أثر‬ ‫بينهم‬ ‫اإلسالم‬ ‫النتشار‬ ‫وكان‬
‫ذلك من تراوح ثقافاهتا وتواصل حضاراهتا طوال أعصرُ مديدة‪ ،‬ذلك رغم تباين فصائل هذه اللغات؛ إذ إنهّ ا تنتمي إىل‬
‫أن اشرتاك هاتيك اللغات الثالث يف كتابة حروفها بخط واحد وهو‬ ‫السام ّية واهلند ّية واألورال التائية عىل التوايل‪ .‬وال جرم ّ‬
‫اخلط العريب بصوره املختلفة‪ ،‬كان له فضل تيسري السبيل إىل تزاوجها وتفاعلها‪.‬ينظر‪ :‬أمحد فؤاد متوليّ ‪ ،‬تأثري اللغة العرب ّية‬
‫يف اللغة الرتك ّية‪ ،‬جم ّلة الفيصل‪ ،‬عدد ‪ ،140‬ص‪.11-10‬‬
‫‪ -4‬ينظر‪ :‬حممد مصطفى بن احلاج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.147‬‬

‫‪-53-‬‬
‫وقد كتب كثري من الباحثني املحدثني عن أثر اللغة العرب ّية يف الشعوب الرشق ّية‬
‫خاصة‪،‬‬‫ّ‬ ‫اآلسيو ّية‪ ،‬يقول حسني حمفوظ‪«:‬درست أثر العرب ّية يف اللغات الرشق ّية‬
‫وأحصيت نسبتها‪ ،‬وهي‪ :‬يف الفارس ّية ‪ ،%60.67‬ويف الرتك ّية ‪ ،%65.30‬ويف األرد ّية‬
‫‪ ،%41.95‬ويف التاجيك ّية ‪ ،%46.39‬ويف األفغان ّية ‪ )1(.»%56.99‬وقد استخرج هذه‬
‫النسب من خالل دراساته اإلحصائ ّية املقارنة للمفردات العرب ّية املبثوثة خالل اللغات‬
‫املذكورة ثم ساق عرشات منها عىل سبيل التمثيل‪ ،‬مرك ًّزا عىل أسامء األعالم واأللفاظ‬
‫العرب ّية املستعملة يف العام ّية من تلك اللغات‪.‬‬
‫كرس الباحثون العرب واألتراك خالل القرون األخرية العديد من املقاالت‬ ‫وقد ّ‬
‫والبحوث والكتب للتأثري العريب يف اللغة الرتك ّية‪ ،‬فوجدوا أنّه ال يكاد خيلو جمال داليل‬
‫(‪)2‬‬
‫من التأثري الواضح للغة العرب ّية‪.‬‬
‫ويف دراسة قام هبا (‪ ) Yaşar Avcı‬باالعتامد عىل قاموس مؤسسة اللغة الرتكية( ‪Türk‬‬
‫‪ ،)2005 Dil) (Kurumu‬وجد ّ‬
‫أن تأثري اللغة العرب ّية يف اللغة الرتك ّية يبلغ أعىل نسبة‬
‫بعدد كلامت وصل إىل (‪ )6463‬كلمة‪ ،‬ويليه بعد ذلك التأثر باللغة الفرنسية (‪)4974‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ثم باللغة الفارسية (‪.)1347‬‬
‫ويمكن قراءة احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العرب ّية والرتك ّية وفق اجلدول اآليت(‪:)4‬‬

‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬


‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬
‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬

‫‪muhafaza‬‬ ‫حمافظة‬ ‫‪Saat‬‬ ‫ساعة‬ ‫‪Allah‬‬ ‫اهلل‬

‫‪Mükafat‬‬ ‫مكافأة‬ ‫‪Sahil‬‬ ‫ساحل‬ ‫‪Ebyat‬‬ ‫أبيات‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬حسني حمفوظ‪ ،‬أثر اللغة العربية يف الشعوب الرشقية‪ :‬اإلعالم‪ -‬اللهجات يف إيران وتركية واهلند‪ ،‬جملة املورد‬
‫العراقية‪ ،‬عدد‪ ،4‬جملد‪ ،9‬ص‪.215‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬نيقوال دوبرشيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬تيسري حممد الزيادات‪ ،‬وسمرية ياير‪ ،‬التأثر والتأثري اللغوي بني اللغة العربية والرتكية‪ ،‬جملة الدراسات اللغوية‬
‫واألدبية‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية العاملية‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬العدد األول‪ ،‬السنة اخلامسة‪ ،2014 ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ُ -4‬ينظر‪ :‬سهيل صابان‪ ،‬معجم األلفاظ العرب ّية يف اللغة الرتكية‪ ،‬عامدة البحث العلمي‪ ،‬جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالم ّية‪.2005 ،‬‬

‫‪-54-‬‬
‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬
‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬
‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬

‫‪Mekan‬‬ ‫مكان‬ ‫‪Sebep‬‬ ‫صاحب‬ ‫‪Ecdat‬‬ ‫أجداد‬

‫‪Millet‬‬ ‫ِم ّلة‬ ‫‪Secde‬‬ ‫َس ْجدة‬ ‫‪Ehil‬‬ ‫أهل‬


‫‪Mümkün‬‬ ‫ممكن‬ ‫‪Sicil‬‬ ‫ِس ِجل‬ ‫‪Elfaz‬‬ ‫ألفاظ‬

‫‪Memnun‬‬ ‫ممنون‬ ‫‪Hasenat‬‬ ‫حسنات‬ ‫‪Esas‬‬ ‫أساس‬

‫‪Minare‬‬ ‫منارة‬ ‫‪Syr‬‬ ‫رس‬ ‫‪Eşkal‬‬ ‫أشكال‬

‫‪Memleket‬‬ ‫مملكة‬ ‫‪Satyr‬‬ ‫سطر‬ ‫‪Evham‬‬ ‫أوهام‬

‫‪menasik‬‬ ‫مناسك‬ ‫‪Silsile‬‬ ‫سلسلة‬ ‫‪Evrak‬‬ ‫أوراق‬

‫‪münafık‬‬ ‫منافق‬ ‫‪Sultan‬‬ ‫سلطان‬ ‫‪Evsaf‬‬ ‫أوصاف‬

‫‪minber‬‬ ‫منرب‬ ‫‪Selam‬‬ ‫سالم‬ ‫‪Evset‬‬ ‫أوسط‬

‫‪müntesib‬‬ ‫منتسب‬ ‫‪Sünnet‬‬ ‫ُسنّة‬ ‫‪Ezeli‬‬ ‫أزيل‬

‫‪müntezim‬‬ ‫منتظم‬ ‫‪Senet‬‬ ‫َسنَة‬ ‫‪Ezhan‬‬ ‫أذهان‬

‫‪menhus‬‬ ‫منحوس‬ ‫‪Seyahat‬‬ ‫سياحة‬ ‫‪Asil‬‬ ‫أصيل‬

‫‪mendub‬‬ ‫مندوب‬ ‫‪Şair‬‬ ‫شاعر‬ ‫‪Islah‬‬ ‫إصالح‬

‫‪mendil‬‬ ‫منديل‬ ‫‪Şamil‬‬ ‫شامل‬ ‫‪Ayet‬‬ ‫آية‬

‫‪mensıp‬‬ ‫منصب‬ ‫‪Şahit‬‬ ‫شهيد‬ ‫‪Ezan‬‬ ‫أذان‬

‫‪mentık‬‬ ‫منطق‬ ‫‪Şüphe‬‬ ‫شبهة‬ ‫‪Ahvâl‬‬ ‫أحوال‬

‫‪mühendis‬‬ ‫مهندس‬ ‫‪Şart‬‬ ‫رشط‬ ‫‪Elem‬‬ ‫أمل‬

‫‪müezzin‬‬ ‫مؤذن‬ ‫‪Şeref‬‬ ‫رشف‬ ‫‪Alet‬‬ ‫آلة‬

‫‪-55-‬‬
‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬
‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬
‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬

‫‪Muti‬‬ ‫مطيع‬ ‫‪Şeytan‬‬ ‫شيطان‬ ‫‪Emel‬‬ ‫أمل‬

‫‪meslek‬‬ ‫مسلك‬ ‫‪Sabah‬‬ ‫صباح‬ ‫‪Amin‬‬ ‫آمني‬

‫‪müşkül‬‬ ‫مشكل‬ ‫‪Sabyr‬‬ ‫صرب‬ ‫‪Emin‬‬ ‫أمني‬

‫‪maaş‬‬ ‫معاش‬ ‫‪Sohbet‬‬ ‫صحبة‬ ‫‪Emir‬‬ ‫أمري‬

‫‪misvak‬‬ ‫مسواك‬ ‫‪Sahip‬‬ ‫صاحب‬ ‫‪Eser‬‬ ‫أثر‬

‫‪mürşid‬‬ ‫مرشد‬ ‫‪Salahiyet‬‬ ‫صالحية‬ ‫‪Arazi‬‬ ‫أرايض‬

‫‪mihrab‬‬ ‫حمراب‬ ‫‪Sulh‬‬ ‫صلح‬ ‫‪İktişaf‬‬ ‫اكتشاف‬

‫‪Nebatat‬‬ ‫نباتات‬ ‫‪Zalalet‬‬ ‫ضاللة‬ ‫‪İktisap‬‬ ‫اكتساب‬

‫‪Netice‬‬ ‫نتيجة‬ ‫‪Tamah‬‬ ‫طمع‬ ‫‪Ecel‬‬ ‫أجل‬

‫‪Nüsha‬‬ ‫نسخة‬ ‫‪Zalim‬‬ ‫ظامل‬ ‫‪Adab‬‬ ‫أدب‬

‫‪Nasihat‬‬ ‫نصيحة‬ ‫‪Zulüm‬‬ ‫ظلم‬ ‫‪Evham‬‬ ‫أوهام‬

‫‪Nizam‬‬ ‫نظام‬ ‫‪Zan‬‬ ‫ظن‬ ‫‪İkrar‬‬ ‫إقرار‬

‫‪Nazaran‬‬ ‫نظرا‬
‫ً‬ ‫‪Adat‬‬ ‫عدد‬ ‫‪İhbar‬‬ ‫إخبار‬

‫‪Nefis‬‬ ‫نفس‬ ‫‪Adale‬‬ ‫عدالة‬ ‫‪İftira‬‬ ‫افرتاء‬

‫‪Nakit‬‬ ‫نقد‬ ‫‪Adil‬‬ ‫عادل‬ ‫‪İstisnâ‬‬ ‫استثناء‬

‫‪Noksan‬‬ ‫نقصان‬ ‫‪Asi‬‬ ‫عايص‬ ‫‪İstifar‬‬ ‫استفسار‬

‫‪Nakil‬‬ ‫نقل‬ ‫‪İbadet‬‬ ‫عبادة‬ ‫‪Batyl‬‬ ‫باطل‬

‫‪-56-‬‬
‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬
‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬
‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬

‫‪Nakliyat‬‬ ‫نقل ّيات‬ ‫‪Afiyet‬‬ ‫عافية‬ ‫‪Bâliğ‬‬ ‫بالغ‬

‫‪Nikah‬‬ ‫نكاح‬ ‫‪İlim‬‬ ‫علم‬ ‫‪Bariz‬‬ ‫بارز‬

‫‪Niyet‬‬ ‫ن ّية‬ ‫‪Alim‬‬ ‫عامل‬ ‫‪Basit‬‬ ‫بسيط‬

‫‪Nadir‬‬ ‫نادر‬ ‫‪Asker‬‬ ‫عسكر‬ ‫‪Batyniye‬‬ ‫باطن ّية‬

‫‪Nemam‬‬ ‫نماّ م‬ ‫‪Aile‬‬ ‫عائلة‬ ‫‪Belde‬‬ ‫بلدة‬

‫‪nebi‬‬ ‫نبي‬ ‫‪Akil‬‬ ‫عاقل‬ ‫‪Burhan‬‬ ‫برهان‬

‫‪nesir‬‬ ‫نرص‬ ‫‪Azap‬‬ ‫عذاب‬ ‫‪Bereket‬‬ ‫بركة‬

‫‪nedamet‬‬ ‫ندامة‬ ‫‪özür‬‬ ‫ُع ُذر‬ ‫‪Ensar‬‬ ‫أنصار‬

‫‪nisbet‬‬ ‫نسبة‬ ‫‪Akide‬‬ ‫عقيدة‬ ‫‪Buhar‬‬ ‫ُبخار‬

‫‪nasip‬‬ ‫نصيب‬ ‫‪Ayyp‬‬ ‫عيب‬ ‫‪Bühtan‬‬ ‫بهُ تان‬

‫‪nefis‬‬ ‫نفيس‬ ‫‪Fasih‬‬ ‫فصيح‬ ‫‪Beraat‬‬ ‫براءة‬

‫‪nimet‬‬ ‫نعمة‬ ‫‪Fikir‬‬ ‫فكر‬ ‫‪Berzah‬‬ ‫برزخ‬

‫‪nifak‬‬ ‫نفاق‬ ‫‪Firar‬‬ ‫فرار‬ ‫‪Bidat‬‬ ‫بدعة‬

‫‪nafaka‬‬ ‫نفقة‬ ‫‪Fatih‬‬ ‫فاتح‬ ‫‪Bina‬‬ ‫بناء‬

‫‪nüfuz‬‬ ‫نُفوذ‬ ‫‪Fayda‬‬ ‫فائدة‬ ‫‪Tebessüm‬‬ ‫تبسم‬


‫ّ‬

‫‪nehir‬‬ ‫هنر‬ ‫‪Mahşer‬‬ ‫حمرش‬ ‫‪Tedbir‬‬ ‫تدبري‬

‫‪Hibe‬‬ ‫هبة‬ ‫‪Mümin‬‬ ‫مؤمن‬ ‫‪Tedarüs‬‬ ‫تدارس‬

‫‪-57-‬‬
‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬
‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬
‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬

hicran ‫هجران‬ Mevsim ‫موسم‬ Tedavi ‫تداوي‬

Hicret ‫هجرة‬ Meydan ‫ميدان‬ Temlik ‫متليك‬

Hazym ‫هضم‬ Matbaa ‫مطبعة‬ Tenzilat ‫تنزيالت‬

Hüviyet ‫هوية‬ Misal ‫مثال‬ Teslim ‫تسليم‬

Heybet ‫هيبة‬ Mecbur ‫جمبور‬ TeŞekkür ‫تشكر‬

Heykel ‫هيكل‬ Muhasip ‫محُ اسب‬ Taksim ‫تقسيم‬

Hava ‫هواء‬ Muhabbet ‫حم ّبة‬ Tevessül ‫توصل‬


ّ

Hilal ‫هالل‬ Muhterem ‫حمرتم‬ Taziye ‫تعزية‬

Hücum ‫هجوم‬ MuhteŞem ‫حمتشم‬ Taassup ‫تعصب‬


ّ

Heyet ‫هيئة‬ Muhtemel ‫حمتمل‬ Takdim ‫تقديم‬

Vakya ‫واقعة‬ Merhaba ‫مرحبا‬ Takip ‫تعقيب‬

Veda ‫وداع‬ Merhamet ‫مرمحة‬ Tabi ‫طبيعي‬

Vasiyet ‫وصية‬ Merkez ‫مركز‬ Tasavvur ‫تصور‬


ّ

Vatan ‫وطن‬ Mizah ‫مزاح‬ Takvim ‫تقويم‬

Vazife ‫وظيفة‬ Müsabaka ‫مسابقة‬ Temayüz ‫مت ّيز‬

Vaat ‫وعد‬ Mesafe ‫مسافة‬ Tevafuk ‫توافق‬

Vaaz ‫وعظ‬ Misafir ‫مسافر‬ Ticaret ‫جتارة‬

-58-
‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬ ‫الكلمة‬
‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬ ‫الكلمة بالرتك ّية‬
‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬ ‫بالعرب ّية‬

‫‪Vefa‬‬ ‫وفاء‬ ‫‪Mescit‬‬ ‫مسجد‬ ‫‪Semere‬‬ ‫ثمرة‬

‫‪Vakit‬‬ ‫وقت‬ ‫‪Misk‬‬ ‫مسك‬ ‫‪Cilt‬‬ ‫جلد‬

‫‪Vakyf‬‬ ‫وقف‬ ‫‪Müslim‬‬ ‫مسلم‬ ‫‪Cesur‬‬ ‫جسور‬

‫‪Velayet‬‬ ‫والية‬ ‫‪Mesul‬‬ ‫مسؤول‬ ‫‪Cümle‬‬ ‫مجلة‬

‫‪Vehim‬‬ ‫وهم‬ ‫‪Müsvedde‬‬ ‫مسودة‬


‫ّ‬ ‫‪Ceset‬‬ ‫جسد‬

‫‪Vasyta‬‬ ‫واسطة‬ ‫‪Matbû‬‬ ‫مطبوع‬ ‫‪Cevap‬‬ ‫جواب‬

‫‪Verem‬‬ ‫ورم‬ ‫‪Mabet‬‬ ‫معبد‬ ‫‪Ceza‬‬ ‫جزاء‬

‫‪Varis‬‬ ‫وارث‬ ‫‪Merci‬‬ ‫مرجع‬ ‫‪Cihat‬‬ ‫جهاد‬

‫‪vesika‬‬ ‫وثيقة‬ ‫‪Makam‬‬ ‫مقام‬ ‫‪Cihaz‬‬ ‫جهاز‬

‫‪vicdan‬‬ ‫وجدان‬ ‫‪Malum‬‬ ‫معلوم‬ ‫‪Cuma‬‬ ‫مجعة‬

‫‪vahiy‬‬ ‫وحي‬ ‫‪Mahrum‬‬ ‫حمروم‬ ‫‪Cüsse‬‬ ‫ج ّثة‬

‫‪vesvese‬‬ ‫وسوسة‬ ‫‪Mutlak‬‬ ‫مطلق‬ ‫‪Cahil‬‬ ‫جاهل‬

‫‪vesile‬‬ ‫وسيلة‬ ‫‪Mukim‬‬ ‫مقيم‬ ‫‪Câiz‬‬ ‫جائز‬

‫‪veten‬‬ ‫وطن‬ ‫‪Müfteri‬‬ ‫مفرتي‬ ‫‪Cami‬‬ ‫جامع‬

‫‪vezifet‬‬ ‫وظيفة‬ ‫‪Maden‬‬ ‫معدن‬ ‫‪Zühd‬‬ ‫زهد‬

‫‪vefat‬‬ ‫وفاة‬ ‫‪Mazeret‬‬ ‫معذرة‬ ‫‪Zaman‬‬ ‫زمان‬

‫‪Yakut‬‬ ‫ياقوت‬ ‫‪Müfettiş‬‬ ‫مفتّش‬ ‫‪Zevce‬‬ ‫زوجة‬

‫‪Yetim‬‬ ‫يتيم‬ ‫‪Müflis‬‬ ‫مفلس‬ ‫‪Zekat‬‬ ‫زكاة‬

‫‪-59-‬‬
‫أن تأثري اللغة العرب ّية يف اللغة الرتك ّية واضح ليس يف‬ ‫يظهر من اجلدول السابق ّ‬
‫فحسب‪ ،‬بل يف كثري من األلفاظ واملصطلحات الثقاف ّية والسياس ّية‬ ‫املصطلحات اإلسالم ّية ْ‬
‫أيضا مصطلحات عرب ّية يف‬ ‫إن اللغة الرتك ّية استعارت ً‬ ‫واالجتامع ّية واالقتصاد ّية‪...‬؛ بل ّ‬
‫النحو والرصف والبالغة والعروض‪ )1(.‬وهذا يؤكد أن العرب ّية مل تكن لغة دين ّية فقط؛ بل‬
‫لغة حية تشمل مجيع مناحي احلياة‪ ،‬وال تزال تنبض باحلياة إىل يومنا هذا‪.‬‬
‫كل املحاوالت التي استهدفت تصفية اللغة الرتك ّية من الكلامت األجنب ّية‬ ‫ورغم ّ‬
‫ومن ضمنها كلامت اللغة العرب ّية‪ ،‬واالنقالب الذي أ ّدى إىل تبدّ ل األبجد ّية الرتك ّية من‬
‫فإن اللغة الرتك ّية ما زالت حتوي آال ًفا‬ ‫يب إىل احلرف الالتيني عام ‪ّ ،1928‬‬ ‫احلرف العر ّ‬
‫يب نفسه أم باالقرتاض اللغوي أم بغريه؛ أي ّ‬
‫إن‬ ‫من األلفاظ العرب ّية‪ ،‬سواء باملعنى العر ّ‬
‫بعض الكلامت العرب ّية دخلت الرتك ّية للتعبري عن مفهوم معينّ ال يوجد له مثيل بني‬
‫األلفاظ الرتك ّية‪ ،‬وقد اكتسبت هذه الكلامت العرب ّية مفاهيم جديدة يف اللغة الرتك ّية مل‬
‫(‪)2‬‬
‫تكن موجودة من قبل يف العرب ّية‪ ،‬لكنّها متّصلة بمعناها من قريب أو بعيد‪.‬‬
‫وقد تجُ رى بعض التغيريات الصوت ّية واإلمالئ ّية عىل الكلامت العرب ّية عند دخوهلا إىل‬
‫اللغة الرتك ّية‪ ،‬وهي كاآليت(‪:)3‬‬
‫‪-1‬أداة التعريف (أل) يف اللغــة العربية ال تُستعمل يف اللغة الرتكية وال يوجد هلا‬
‫بديل مثل‪ :‬اإلسالم= إسالم‪ .‬القرآن= قرآن‪ .‬العلم= علم‪ .‬الكتاب= كتاب‪.‬‬
‫‪(-2‬التاء املربوطة) يف الكلمة العربية تكتب بثالثة أوجه يف اللغة الرتكية(‪:)4‬‬
‫أ‪(-‬تاء مفتوحة)‪ ،‬مثل‪ :‬آية= آيت‪ .‬جنة= جنت‪ .‬حكومة= حكومت‪ .‬بركة= بركت‪.‬‬
‫ب‪(-‬هاء صامتة)‪ ،‬مثل‪ :‬قرطاس ّية= قرطاس ّيه‪ .‬ثمرة= َس َمره‪ .‬جا ّدة= جا ّده‪.‬‬
‫منونة مثل‪ :‬حقيق ًة= حقيق ًة‪ .‬عالوةً= عالوةً‪.‬‬‫ج‪(-‬تاء مربوطة) برشط أن تكون ّ‬
‫‪-3‬غال ًبا (اهلمزة) عىل األلف يف الكلمة العربية ال تكتب يف اللغة الرتكية مثل‪:‬‬
‫أدب= ادب‪ .‬أخالق= اخالق‪ .‬أزل= ازل‪ .‬أساس= اساس‪.‬‬

‫‪ -1‬أمحد فؤاد متوليّ ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6‬‬


‫أيضا‪ :‬سهيل صابان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20-19‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ .6‬و ُينظر ً‬
‫أيضا‪ :‬سهيل صابان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -3‬عبد اهلل مبرش الطرازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .6‬و ُينظر ً‬
‫‪ -4‬ع ّلق سهيل صابان صاحب معجم األلفاظ العرب ّية يف اللغة الرتكية‪ ،‬عىل هذه احلالة بالقول‪»:‬وال قاعدة لذلك»‪ُ ،‬ينظر‪:‬‬
‫سهيل صابان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪-60-‬‬
‫‪-4‬أحيانًا (اهلمزة املفردة) يف آخر الكلمة العربية ال تكتب يف اللغة الرتكية مثل‪:‬‬
‫أدباء= ادبا‪ .‬علامء= علام‪ .‬ابتالء= ابتال‪ .‬صحراء= صحرا‪.‬‬
‫‪-5‬أحيانًا (اهلمزة) يف وسط الكلمة العربية تكتب (ياء) يف اللغة الرتكية مثل‪:‬‬
‫استئذان= استيذان‪ .‬مالئم= ماليم‪ .‬ائتالف= ايتالف‪ .‬جتزئة= جتزيه‪.‬‬
‫‪-6‬أحيانًا حرف (األلف املنقوصة عىل شكل ياء) يف الكلمة العربية ُيكتب (أل ًفا) يف‬
‫اللغة الرتكية مثل‪ :‬مستثنى= مستثنا‪ .‬تقوى= تقوا‪ .‬مقتىض= مقتضا‪ .‬حلوى= حلوا‪.‬‬
‫‪-7‬أحيانًا يتغري (نطق) حرف (الدال) يف آخر الكلمة العربية إىل حرف (التاء) يف‬
‫اللغة الرتكية مثل‪ :‬اقتصاد= اقتصات‪ .‬حتديد= حتديت‪.‬‬
‫‪-8‬نادرا (يستبدل حرف ما) يف الكلمة العربية إىل (حرف مشابه صوتًا) يف اللغة الرتكية‬ ‫ً‬
‫مثل‪ :‬اختصاص= اختساس‪ .‬سـُـفرة= صوفرا‪ .‬زعفران= صافران‪ .‬شمعــة= شـامــا‪.‬‬
‫‪ -9‬الكلامت العرب ّية التي حتتوي عىل أحرف «ث‪ ،‬ح‪ ،‬خ‪ ،‬ض» ال تُلفظ بالنطق‬
‫يب؛ فحرف «ث» ُين َطق «‪ ،»s‬مثل‪ :‬إثبات= إسبات‪ .‬وحرفا «ح‪ ،‬خ» ُين َطقان «‪»h‬‬ ‫العر ّ‬
‫مثل‪ :‬حترير= هترير‪ .‬بخور= هبور‪ ،‬وحرف «ض» ُين َطق «‪ »z‬مثل‪ :‬إمضاء= إمزا‪.‬‬
‫‪ -10‬حرف العني يف الكلامت العرب ّية ُيلفظ يف ّأول الكلمة أل ًفا‪ ،‬مثل‪ :‬عامل «‪،»amil‬‬
‫أ ّما يف وسط الكلمة وآخرها فال يظهر يف النطق سوى حركته‪ ،‬مثل‪ :‬إعامر= إيامر «‪.»imar‬‬
‫جامع= جامي «‪.»cami‬‬
‫كام ال بدّ من التن ّبه إىل اآليت(‪:)1‬‬
‫‪ -1‬ثمة كلامت عرب ّية دخلت اللغة الرتك ّية باللفظ نفسه‪ ،‬لك ّن املعنى خمتلف‪ ،‬مثل‬
‫أعجمي(‪ ،)Acemi‬معناها بالعرب ّية‪ :‬كل ما هو غري عريب‪ ،‬ومعناها بالرتك ّية‪ :‬الشخص‬
‫الذي ليس له خربة‪ .‬كلمة التفات (‪ ،)İltfat‬معناها بالعرب ّية‪ :‬االنتباه‪ ،‬ومعناها بالرتك ّية‪:‬‬
‫املدح‪ .‬كلمة انتظار (‪ ،)İntizar‬معناها بالعرب ّية‪ :‬الرت ّقب‪ ،‬ومعناها بالرتك ّية‪ :‬اللؤم‪ .‬كلمة‬
‫جزاء (‪ ،)Ceza‬معناها بالعرب ّية‪ :‬املكافأة واجلزاء‪ ،‬ومعناها بالرتك ّية‪ :‬العقاب فقط‪.‬‬
‫كلمة مسافر (‪ ،)Misafir‬معناها بالعرب ّية‪ :‬الشخص الذي ينتقل من بلد آلخر‪ ،‬ومعناها‬
‫حسب‪ ،‬ال غري‪ ،‬ومعناها‬ ‫بالرتك ّية‪ :‬الضيف‪ .‬كلمة فقط (‪ ،)Fakat‬معناها بالعرب ّية‪ْ :‬‬
‫بالرتك ّية‪ :‬لكن‪ .‬كلمة مساعدة (‪ ،)Müsadenle‬معناها بالعرب ّية‪ :‬املساعدة‪ ،‬ومعناها‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬تيسري حممد الزيادات‪ ،‬وسمرية ياير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14-12‬‬

‫‪-61-‬‬
‫بالرتك ّية‪ :‬باإلذن‪ .‬كلمة مرشب (‪ ،)Meşreb‬معناها بالعرب ّية‪ :‬موضع الرشب‪ ،‬ومعناها‬
‫غسال (‪ ،)Ğassal‬معناها بالعرب ّية‪ :‬الذي يقوم بالغسل‪ ،‬ومعناها‬‫بالرتك ّية‪ :‬الطبيعة‪ .‬كلمة ّ‬
‫بالرتك ّية‪ :‬غسل امليت فقط‪ .‬كلمة ورم (‪ ،)Verem‬معناها بالعرب ّية‪ :‬انتفاخ‪ ،‬ومعناها‬
‫بالرتك ّية‪ :‬مرض السل‪ .‬كلمة سوء قصد (‪ ،)Suikast‬معناها بالعرب ّية‪ :‬نية العمل السيئ‪،‬‬
‫ومعناها بالرتك ّية‪ :‬االغتيال‪ .‬كلمة ع ّياش (‪ ،)Ayyaş‬معناها بالعرب ّية‪ :‬خ ّباز‪ ،‬ومعناها‬
‫بالرتك ّية‪ :‬دائم السكر‪ .‬كلمة مالزم (‪ ،)Mülazım‬معناها بالعرب ّية‪ :‬مرافق بشكل دائم‪،‬‬
‫ومعناها بالرتك ّية‪ :‬مو ّظف‪ .‬كلمة مملكة (‪ ،)Memleket‬معناها بالعرب ّية‪ :‬بلد آخر خارج‬
‫احلدود‪ ،‬ومعناها بالرتك ّية‪ :‬مدينة داخل البلد‪.‬‬
‫‪ -2‬ثمة كلامت عرب ّية بصيغة اجلمع دخلت اللغة الرتك ّية بلفظ اجلمع لكن اللغة‬
‫(‪ )lar‬مع احلفاظ عىل املعنى‪ ،‬مثل‪ :‬كلمة (أحباب) فهي باللغة الرتكية (‪)Ahbablar‬‬
‫أيضا‪ :‬كلمة أجداد (‪ ،)Acdadlar‬وأرزاق‬ ‫أي بإضافة الزمة اجلمع (‪ ،)lar‬ومن ذلك ً‬
‫(‪ ،)Erzaklar‬وأشقياء (‪ ،)Eşkiyalar‬وأشياء (‪ ،)Eşyalar‬وأصناف (‪،)Esnaflar‬‬
‫وأطراف (‪ ،)Etraflar‬وأعضاء (‪ ،)Azalar‬وأقران (‪ ،)Akranlar‬وأقرباء (‪،)Akrabalar‬‬
‫وألبسة (‪ ،)Elbiseler‬وأمالك (‪ ،)Emlaklar‬وأوراق (‪ ،)Evraklar‬وأوالد (‪،)Evladlar‬‬
‫وأولياء (‪ ،)Evliyalar‬وتبليغات (‪ ،)Tebliğatlar‬وتنزيالت (‪ ،)Tenzilatlar‬وتنظيامت‬
‫(‪ ،)Tenzimatlar‬وحدود (‪ ،)Hudutlar‬وكلمة حوادث (‪ ،)Havadisler‬وكلمة طلبة‬
‫(‪ ،)Talebeler‬وكلمة فقراء (‪ ،)Fukaralar‬وكلمة نفوس (‪.)Nüfuslar‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬دور مع ّلم العرب ّية يف تنمية احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العرب ّية‬
‫والرتك ّية‪:‬‬
‫إن هذه احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العرب ّية والرتك ّية جتعل الطلبة أكثر فهماً لمِا‬
‫ّ‬
‫نمو وعيهم وإدراكهم وتزيد قدرهتم عىل التخاطب‬ ‫يقرؤون أو يكتبون‪ ،‬وتُسهم يف ّ‬
‫أن هذه الكلامت مشرتكة بني العرب ّية والرتك ّية يسهل‬ ‫والتفاهم؛ فهم حينام يعرفون ّ‬
‫عليهم فهم اجلُمل والعبارات التي تُصاغ هبا‪ ،‬كام يسهل عليهم تشكيل جمُ ل وعبارات‬
‫فإن هذا‬ ‫كثريا من جماالت احلياة ّ‬‫أن هذه احلصيلة تشمل ً‬ ‫جديدة وفق السياق‪ ،‬وبام ّ‬
‫يقود الطلبة إىل االنفتاح عىل فئات املجتمع املختلفة‪ ،‬وحي ّفزهم عىل االستفادة من هذه‬
‫ِ‬
‫والص َيغ اللغو ّية‬ ‫احلصيلة لتطوير قدراهتم يف استكناه مدلوالت األلفاظ والرتاكيب‬

‫‪-62-‬‬
‫حيث الطلبة‬‫ثم مدّ حصيلته باملزيد من املفردات والرتاكيب‪ ،‬مما ّ‬ ‫وإدراك مفاهيمها‪ ،‬ومن ّ‬
‫ألن اإلنسان مدفوع إلنشاء العالقات مع من يفهمه‬ ‫عىل توثيق عالقاهتم باللغة العرب ّية؛ ّ‬
‫أو يستطيع التخاطب معه ب ُيسرْ ‪ ،‬ونجمل هنا أثر احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العرب ّية‬
‫والرتك ّية يف اآليت(‪:)1‬‬
‫‪-1‬زيادة اخلربات والتجارب واملعارف واملهارات التي يكتسبها الطالب‪ ،‬ومن ثم‬
‫أن الكلامت والصيغ اللفظية‬ ‫زيادة املحصول الفكري والثقايف والفني عامة‪ ،‬عىل أساس ّ‬
‫عامة هي املادة اللغوية األساسية التي تدون هبا املعارف والثقافات فيتمكن اإلنسان‬
‫العارف هبا من االستمرار يف التحصيل املعريف وتزويد الفكر باخلربات واملهارات‬
‫أن الكلامت هي الوسيلة األوىل التي يتخاطب‬ ‫والثقافات عىل اختالفها‪ ،‬وعىل أساس ّ‬
‫هبا اإلنسان ويستخدمها لنقل جتاربه ومعارفه وخرباته إىل اآلخرين وتبادل املشاعر‬
‫واألفكار معهم‪.‬‬
‫‪-2‬آثار نفسية تتمثل يف انفتاح الشخصية عىل ما حييط هبا ونمو غريزة االجتامع لدهيا‪،‬‬
‫ومن ثم نمو روح األلفة واجلرأة األدبية والثقة بالنفس؛ فاإلنسان الذي يقل حمصوله من‬
‫ألفاظ اللغة وصيغها يقل حمصوله الفكري كام تقل قدرته عىل التعبري وعىل التواصل مع‬
‫اآلخرين والتكيف معهم‪ ،‬وقلة املحصول الفكري وفقدان القدرة الكافية عىل التواصل‬
‫والتكيف مع اآلخرين قد يؤديان إىل الشعور بالنقص وعدم تقدير الذات‪ ،‬وعدم تقدير‬
‫الذات يمكن أن يقود بدوره إىل نوع من الشعور باالكتئاب وإىل رغبة يف االنسحاب‬
‫والعزلة وربام إىل الفصام أيض ًا‪ ،‬وهذا عىل خالف من يمتلك ناصية اللغة؛ فهو باإلضافة‬
‫إىل أنه يستطيع حتقيق رغباته احلياتية وتلبية حاجاته من اآلخرين بيرس‪ ،‬جيد لذة يف بناء‬
‫الروابط مع اآلخرين ويف تبادل املشاعر واألحاسيس معهم وحيس بنشوة يف لقائه معهم‪.‬‬
‫‪-3‬الثراء اللغوي اللفظي يعني الطالب كام سبق القول عىل استيعاب ما يقرأ‪ ،‬وذلك‬
‫يدفعه إىل االستمرار يف القراءة‪ ،‬وال شك يف أن االستمرار يف القراءة يكسبه ثقافة وعل ًام‪،‬‬
‫كام يعينه عىل فهم قواعد اللغة وأصول نحوها ورصفها‪ ،‬ومن ثم يعينه عىل توظيف‬
‫هذه القواعد واألصول عىل الوجه الصحيح يف التعبري عن أفكاره وأحاسيسه؛ إذ إن‬
‫الدراسة النظرية لقواعد نحو اللغة ال تكفي لتحقيق القدرة عىل توظيفها للقيام بمهمتها‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬أمحد معتوق‪ ،‬احلصيلة اللغو ّية‪ :‬أمه ّيتها‪ ،‬مصادرها‪ ،‬وسائل تنميتها‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة‪ ،‬املجلس الوطني للثقافة‬
‫والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،1996 ،‬ص‪.62-59‬‬

‫‪-63-‬‬
‫يف التعبري مهام طالت واتسعت وتعمقت هذه الدراسة‪ ،‬وال بد من رؤيتها يف إطارها‬
‫التطبيقي العميل عىل نحو مستمر‪ ،‬واملواظبة عىل القراءة حتقق ذلك‪.‬‏‬
‫‪-4‬نتيجة لتكرار االتصال باآلخرين واتساع رقعة هذا االتصال وممارسة االحتكاك‪،‬‬
‫فإن املحصول اللفظي املتوافر يصبح أكثر تداولاً ‪ ،‬وذلك ال يؤدي إىل تكاثر هذا‬ ‫ّ‬
‫أيضا إىل جعل املفردات والرتاكيب‬ ‫املحصول واتساعه وتنوعه فحسب‪ ،‬وإنام يؤدي ً‬
‫حضورا يف الذهن وأكثر بروز ًا وجالء يف الذاكرة‪ ،‬مما‬
‫ً‬ ‫والصيغ واألساليب املكتسبة أكثر‬
‫جيعلها أكثر انقيا ًدا وجيعل صاحبها أكثر طالقة وسالسة يف التعبري‪.‬‬
‫فإن معلم العرب ّية يف اجلامعات الرتك ّية ينبغي أن يراعي يف تقديمه هلذه‬ ‫ومع ذلك ّ‬
‫احلصيلة اللغوية املشرتكة األسس اآلتية(‪:)1‬‬
‫اختيارا علم ًيا دقي ًقا اعتام ًدا عىل األساليب العلمية الرتبوية‬
‫ً‬ ‫‪-1‬اختيار املفردات‬
‫والدراسات اللغوية النفسية واختيار األلفاظ الدارجة والشائعة منها‪.‬‬
‫‪-2‬تقديم املفردات من خالل أنامط شائعة االستعامل ومتدرجة من حيث الصعوبة‬
‫والتعقيد‪ ،‬وذلك بام يتناسب مع مستوى املتعلمني؛ وهو ما عبرّ عنه ابن خلدون يف‬
‫مقدمته بقوله‪« :‬اعلم أن تلقني العلوم للمتعلمني إنام يكون مفيد ًا إذا كان عىل التدريج‬
‫ال قليالً‪ ،‬يلقى عليه أوالً مسائل من كل باب من الفن هي أصول ذلك‬ ‫شيئ ًا فشيئ ًا‪ ،‬وقلي ً‬
‫الباب‪ ،‬ويقرب له يف رشحها عىل سبيل اإلمجال‪ ،‬ويراعى يف ذلك قوة عقله واستعداده‬
‫لقبول ما يرد عليه حتى ينتهي إىل آخر الفن»(‪)2‬؛ «فكل من عرف أوضاع لغة من اللغات‪،‬‬
‫عربية كانت أو فارسية‪ ،‬وعرف املغزى من كل لفظة‪ ،‬ثم ساعده اللسان عىل النطق هبا‪،‬‬
‫وعىل تأدية أجراسها وحروفها‪ ،‬فهو بني يف تلك اللغة‪ ،‬كامل األداة‪ ،‬بالغ من البيان‬
‫(‪)3‬‬
‫املبلغ الذي ال مزيد عليه‪ ،‬منته إىل الغاية التي ال مذهب بعدها »‪.‬‬
‫إذ البد من مراعاة مبدأ التدرج من السهل إىل الصعب‪ ،‬ومن املعروف إىل املجهول‪،‬‬
‫ومن الشائع إىل النادر بناء عىل املعايري اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬األمه ّية واألولو ّية‪.‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬شادي سكر‪ ،‬طرق تنمية املفردات يف سلسلة تعليمية لتعليم اللغة العربية للناطقني بغريها‪ ،‬بحث منشور عىل‬
‫موقع‪/http://www.shatharat.net :‬‬
‫‪ -2‬ابن خلدون‪ ،‬املقدمة‪ ،‬حتقيق‪ :‬درويش اجلويدي‪ ،‬املكتبة العرصية‪ ،‬بريوت‪ ،2002 ،‬ص‪.532-531‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬صححه حممد عبده وحممد رشيد رضا‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،1988 ،‬‬
‫ص ‪.6-5‬‬

‫‪-64-‬‬
‫‪-‬الكيف ّية ال الكم ّية‪.‬‬
‫‪-‬اختيار املفردات املستعملة والشائعة‪.‬‬
‫‪-‬اختيار الصفات واألفعال املناسبة للمفردات‪.‬‬
‫تغذى‪ ،‬واستوعب‪،‬‬ ‫ومن ذلك الكلامت اآلتية‪ :‬أكل‪ ،‬وفهم‪ ،‬وقال‪ ،‬فهي أسهل من‪ّ :‬‬
‫وتك ّلم‪.‬‬
‫‪-3‬تعليم املفردات من خالل سياقات لغوية خمتلفة وتقديم املفردات من خالل‬
‫الصور التوضيحية‪.‬‬
‫‪-4‬اختيار املفردات ذات الطبيعة احلوارية والقريبة من املفاهيم احلضارية والثقافية‪.‬‬
‫تعريف الناطق اجلديد باللغة ووظائفها االجتامعية ُيمكنه من معرفة أقدار املعاين‪،‬‬
‫فيتوصل بذلك إىل ترتيبها يف نفسه‪ ،‬فيلحق ذلك ترتيبها يف نطقه‪ ،‬وإذا «فرغت من ترتيب‬
‫فكرا يف ترتيب األلفاظ‪ ،‬بل جتدها ترتتب لك‬ ‫املعاين يف نفسك مل حتتج إىل أن تستأنف ً‬
‫بحكم أهنا خدم وتابعة هلا والحقة هبا‪ ،‬وإن العلم بمواقع املعاين يف النفس علم بمواقع‬
‫األلفاظ الدالة عليها يف النطق»‪ )1(.‬ولذلك ال بد من التنبيه عىل استخدام االشتقاقات‬
‫والتصاريف؛ فقد يعرف الطالب الفعل املايض‪ ،‬وال يعرف الفعل املضارع أو األمر من‬
‫الفعل نفسه‪ ،‬وقد يعرف الصفة وال يعرف املصدر‪ ،‬أو يعرف املفرد وال يعرف اجلمع‪.‬‬
‫‪-5‬يمثل معلم اللغة «املشكلة احلقيقية يف تعليم اللغة لغري أهلها‪ .‬وال خري يف مادة أو‬
‫منهج أو أي يشء آخر ما مل يكن املعلم عىل درجة عالية من الكفاية التي ترشحه للقيام‬
‫كاف و«ليس كل مدرس قوي يف‬ ‫هبذا الدور اخلطري»‪ )2(.‬عىل أن هذا وحده أمر غري ٍ‬
‫ٌ‬
‫حلا لتدريس األجانب بل ال بد ملدرس األجانب إىل جانب قوته يف مادته من‬ ‫مادته صا ً‬
‫نطق سليم وخمارج صوتية واضحة وجتربة كافية »‪ )3(.‬فمعلم العربية ناطق فصيح يبني‬
‫لسامعه أصوات العربية‪ ،‬وال ختالط لغته ُعجمة أو ُحبسة أو أي عيب نطقي؛ فاملعلم‬
‫إن األمر ال يقترص عىل اختيار املفردات فقط‪ ،‬بل‬ ‫أهم املصادر اإلنسانية للمتعلم‪ )4(.‬إذ ّ‬
‫ال بد من مراعاة األسلوب الذي تُعرض به هذه املفردات عىل الطلبة بصوت واضح‬

‫‪ -1‬عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬


‫‪ -2‬كامل برش‪ ،‬اللغة العربية بني الوهم وسوء الفهم‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪ -3‬مازن املبارك‪ ،‬نحو وعي لغوي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪ ،1985 ،2‬ص‪.135‬‬
‫‪ -4‬ينظر‪ :‬إبراهيم وجيه حممود‪ ،‬التع ُّلم أسسه ونظرياته وتطبيقاته‪ ،‬مكتبة األنجلو املرصية‪ ،1986 ،‬ص‪.433‬‬

‫‪-65-‬‬
‫يظهر فيه التنغيم والنرب؛ فقد «حيدث أحيانًا أن يستعمل املتك ّلم النغمة عىل صورة ت ّ‬
‫ُقوي‬
‫من العالقة بني إحدى كلامت السياق ومعناها الذي سيقت له‪ .‬فإذا قال (بالد بعيدة)‬
‫ال وكذلك الفتحة التي بعدها من كلمة (بعيدة)‬ ‫عبرّ عن شدّ ة ال ُبعد بمدّ الياء مدًّ ا طوي ً‬
‫(‪)1‬‬
‫ونطق الياء والفتحة عىل نغمة واحدة ُمس ّطحة عالية نو ًعا ما»‪.‬‬
‫أن املتعلم يلجأ – عادة‪-‬‬ ‫‪-6‬عىل املعلم أن يراعي أثناء تقديم هذه احلصيلة اللغو ّية ّ‬
‫إىل ربط املعلومات اجلديدة التي يتلقاها باملعلومات القديمة‪ ،‬واملفاهيم األوىل التي‬
‫يعرفها من قبل‪ ،‬وسبق له أن اكتسبها‪ .‬وهذا ما ُيعرف بالتع ُّلم املعريف(‪ ،)2‬وهو ميل‬
‫املتعلمني إىل ربط اجلديد بام يعرفونه بالفعل‪ ،‬وعليه فال بد للامدة اجلديدة من أن تكون‬
‫قابلة للربط بال ُبنى املعرفية لدهيم‪ .‬ويتوقع من املعلم أن ُيراعي هذا‪ ،‬ويقدم للمتعلمني‬
‫اللغ َة يف سياقات موقفية يصنعها باالعتامد عىل ثقافته الواسعة التي تُدرك اإلطار العام‬
‫للبنى املعرفية ألبناء املجتمعات التي ينتمي إليها املتعلمون عىل يديه‪ ،‬ومن ذلك أن‬
‫يفرتض املع ّلم وجود حقول دالل ّية مع ّينة عند املتع ّلم يستطيع االنطالق منها والبناء‬
‫اخلاصة بالعبادات‪ ،‬والعائلة‪ ،‬واأللوان‪ ،‬والطبيعة‪ ،‬والطقس‪ ،‬واألثاث‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عليها‪ ،‬كاحلقول‬
‫واملوصالت‪ ،‬واحليوانات‪..‬‬
‫وعىل املع ّلم يف النقاط السابقة مجيعها أن يكون م ّطل ًعا عىل احلصيلة اللغو ّية املشرتكة‬
‫بني العرب ّية والرتك ّية؛ فهو ينطلق من املفردات التي يألفها الطالب لعرض املوضوعات‬
‫يب عند‬‫وذهني إجيا ّ‬
‫ّ‬ ‫نفيس‬
‫ّ‬ ‫التي يروم طرحها؛ إذ ُيسهم هذا األسلوب يف إشاعة مردود‬
‫الطالب‪ ،‬كام أنّه يو ّفر الوقت واجلهد عىل املع ّلم‪.‬‬
‫كام ال بد من التنسيق املستمر بني املع ّلم وزمالئه العاملني معه يف املجال نفسه يف‬
‫عرض مهارات اللغة؛ بحيث يسمع الطالب الكلمة نفسها من أكثر من مع ّلم يف يوم‬
‫واحد أو يف أسبوع واحد‪ ،‬ممّا جيعل الكلمة مألوفة عند الطالب ويسهل عليه استخدامها‬
‫يف السياقات التي يرغب هبا‪.‬‬

‫حسان‪ ،‬اللغة العرب ّية معناها ومبناها‪ ،‬اهليئة املرص ّية العا ّمة للكتاب‪ ،‬ط‪ ،1979 ،2‬ص‪.310‬‬
‫‪ -1‬متام ّ‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬براون‪ ،‬دوجالس‪ ،‬أسس تعلم اللغة وتعليمها‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبده الراجحي وعيل شعبان‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،1994 ،‬ص‪.95 -88‬‬

‫‪-66-‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫تناول هذا البحث احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني اللغتني العرب ّية والرتك ّية‪ ،‬وأثرها‬
‫يف تدريس العرب ّية للناطقني بغريها يف اجلامعات الرتك ّية‪ ،‬وبينّ أبرز الفروقات اللغو ّية‬
‫أهم التغيريات الصوت ّية واإلمالئ ّية التي‬ ‫بني اللغ َتينْ سواء يف النطق أم املعنى‪ ،‬كام بحث ّ‬
‫مشريا إىل دور مع ّلم العرب ّية‬
‫ً‬ ‫جرت عىل الكلامت العرب ّية بعد دخوهلا إىل اللغة الرتك ّية‪،‬‬
‫يف تنمية احلصيلة اللغو ّية العرب ّية عند الطلبة؛ إذ يمثل تعليم العربية لغري الناطقني هبا‬
‫اسرتاتيجية ف َّعالة؛ كونه مباينًا لتعليم العربية ألبنائها من حيث براجمه وخططه ومناهجه‬
‫وكتبه التعليمية‪.‬‬
‫أن اللغة العربية مل تعد لغة خاصة بالعرب وحدهم؛ صحيح أنهّ ا‬ ‫وأظهر البحث ّ‬
‫اللغة الروح ّية والرسمية للمسلمني‪ ،‬باإلضافة إىل أهنا اللغة القومية بالنسبة للعرب‪،‬‬
‫لكنّها أضحت لغة عاملية يطلبها غري املختص هبا؛ وذلك ألغراض خمتلفة‪.‬‬
‫وخ ُلص البحث إىل ّ‬
‫أن احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني اللغتني العرب ّية والرتك ّية مل تقترص‬
‫فحسب‪ ،‬بل شملت املفردات الكثري‬ ‫عىل املفردات التي تتعلق بالدين اإلسالمي احلنيف ْ‬
‫لمِ‬
‫من املناحي احلياتية‪ ،‬وبينّ البحث أن هذه احلصيلة جتعل الطلبة أكثر فهماً ا يقرؤون أو‬
‫نمو وعيهم وإدراكهم وتزيد قدرهتم عىل التخاطب والتفاهم؛ فهم‬ ‫يكتبون‪ ،‬وتُسهم يف ّ‬
‫أن هذه الكلامت مشرتكة بني العرب ّية والرتك ّية يسهل عليهم فهم اجلُمل‬ ‫حينام يعرفون ّ‬
‫والعبارات التي تُصاغ هبا‪ ،‬كام يسهل عليهم تشكيل جمُ ل وعبارات جديدة وفق السياق‪،‬‬
‫فإن هذا يقود الطلبة إىل االنفتاح‬ ‫كثريا من جماالت احلياة ّ‬ ‫أن هذه احلصيلة تشمل ً‬ ‫وبام ّ‬
‫عىل فئات املجتمع املختلفة‪ ،‬وحي ّفزهم عىل االستفادة من هذه احلصيلة لتطوير قدراهتم‬
‫يف استكناه مدلوالت األلفاظ والرتاكيب ِ‬
‫والص َيغ اللغو ّية وإدراك مفاهيمها‪.‬‬
‫أن تعليم اللغات اختصاص يف حدّ ذاته يتطلب كثري ًا من اجللد‬ ‫كام خ ُلص البحث إىل ّ‬
‫والصرب والطاقة‪ ،‬كام أنه يتطلب الكثري من املتابعة واحلرص عىل حتصيل العلوم اللغوية‪،‬‬
‫ومعرفة القضايا الثقافية العامة‪ ،‬باإلضافة إىل معرفة الثقافات األخرى‪ ،‬وامتالك القدرة‬
‫عىل تقبل اآلخر‪ .‬كام أنه يتطلب رغبة حقيقية يف التعاون من أجل الوصول إىل نتيجة؛‬
‫وال يمكن للمتعلم أ َّي ًا كانت طاقته أن حيقق مستوى لغو ًيا مقبولاً دون معلم ناصح‬
‫يأخذ بيده‪.‬‬

‫‪-67-‬‬
‫مراجع البحث‪:‬‬
‫القرآن الكريم‬
‫إبراهيم وجيه حممود‪ ،‬التع ُّلم أسسه ونظرياته وتطبيقاته‪ ،‬مكتبة األنجلو املرصية‪،‬‬
‫‪.1986‬‬
‫أمحد فؤاد متوليّ ‪ ،‬تأثري اللغة العرب ّية يف اللغة الرتك ّية‪ ،‬جم ّلة الفيصل‪ ،‬عدد ‪.140‬‬
‫أمحد معتوق‪ ،‬احلصيلة اللغو ّية‪ :‬أمه ّيتها‪ ،‬مصادرها‪ ،‬وسائل تنميتها‪ ،‬سلسلة عامل‬
‫املعرفة‪ ،‬املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪.1996 ،‬‬
‫أنور حممود زنايت‪ ،‬جمموعة من املقاالت عن أثر اللغة العربية يف اللغات األخرى‪،‬‬
‫نرشها تبا ًعا عىل موقع األلوكة‪www.alukah.net ،‬‬
‫براون‪ ،‬دوجالس‪ ،‬أسس تعلم اللغة وتعليمها‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبده الراجحي وعيل‬
‫شعبان‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪.1994 ،‬‬
‫حسني حمفوظ‪ ،‬أثر اللغة العربية يف الشعوب الرشقية‪ :‬اإلعالم‪ -‬اللهجات يف‬
‫إيران وتركية واهلند‪ ،‬جملة املورد العراقية‪ ،‬عدد‪ ،4‬جملد‪.9‬‬
‫ابن خلدون‪ ،‬املقدمة‪ ،‬حتقيق‪ :‬درويش اجلويدي‪ ،‬املكتبة العرصية‪ ،‬بريوت‪.2002 ،‬‬
‫حسان‪ ،‬اللغة العرب ّية معناها ومبناها‪ ،‬اهليئة املرص ّية العا ّمة للكتاب‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫متام ّ‬
‫‪.1979‬‬
‫تيسري حممد الزيادات‪ ،‬وسمرية ياير‪ ،‬التأثر والتأثري اللغوي بني اللغة العربية‬
‫والرتكية‪ ،‬جملة الدراسات اللغوية واألدبية‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية العاملية‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬العدد‬
‫األول‪ ،‬السنة اخلامسة‪.2014 ،‬‬
‫سهيل صابان‪ ،‬معجم األلفاظ العرب ّية يف اللغة الرتكية‪ ،‬عامدة البحث العلمي‪،‬‬
‫جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالم ّية‪.2005 ،‬‬
‫شادي سكر‪ ،‬طرق تنمية املفردات يف سلسلة تعليمية لتعليم اللغة العربية للناطقني‬
‫بغريها‪ ،‬بحث منشور عىل موقع‪http://www.shatharat.net/ :‬‬
‫عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬صححه حممد عبده وحممد رشيد رضا‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪.1988 ،‬‬
‫عبد اهلل مبرش الطرازي‪ ،‬اهتامم األتراك باللغة العرب ّية وأثرها يف اللغة الرتك ّية‪،‬‬

‫‪-68-‬‬
‫صحيفة املدينة‪ ،‬تاريخ ‪.2011-5-4‬‬
‫كامل برش‪ ،‬اللغة العربية بني الوهم وسوء الفهم‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪.1999 ،‬‬
‫مازن املبارك‪ ،‬نحو وعي لغوي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪.1985 ،2‬‬
‫حممد مصطفى بن احلاج‪ ،‬عاملية اللغة العرب ّية‪ ،‬بحث منشور ضمن كتاب اللغة‬
‫العرب ّية وحتدّ يات القرن العرشين‪ ،‬املن ّظمة العرب ّية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫‪.1996‬‬
‫نونج لكسنأ كاما‪ ،‬حممد أزرول‪ ،‬أسلوب العصف الذهني من خالل بيئة افرتاضية‬
‫إلثراء املفردات العربية لدى الناطقني بغريها‪ ،‬بحث منشور ضمن أعامل املؤمتر الدويل‬
‫لتعليم العربية «األنساق اللغو ّية والسياقات الثقاف ّية يف تعليم اللغة العرب ّية»‪ ،‬مركز‬
‫اللغات‪ ،‬اجلامعة األردن ّية‪ ،‬حترير د‪ .‬حممود قدوم‪ ،‬د‪ .‬حممد السامعنة‪ ،‬دار كنوز املعرفة‬
‫للنرش والتوزيع‪ ،‬عماّ ن‪ ،‬األردن‪.2014 ،‬‬
‫نيقوال دوبرشيان‪ ،‬اللغة العرب ّية خارج حدودها‪ ،‬بحث منشور ضمن كتاب اللغة‬
‫العرب ّية وحتدّ يات القرن العرشين‪ ،‬املن ّظمة العرب ّية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫‪.1996‬‬
‫وقائع امللتقى العريب االفريقي حول العالقات بني اللغة العرب ّية واللغات االفريق ّية‬
‫األخرى بعنوان‪»:‬العرب ّية يف اللغات االفريق ّية»‪ ،‬داكار‪ ،‬السنغال‪ ،12-9 ،‬نيسان‪،‬‬
‫‪.1984‬‬

‫‪-69-‬‬
‫التبادل الثقافـي بني العرب والأتراك‬

‫د‪ .‬عيد فتحي عبداللطيف‬


‫جامعة بايبورت ‪ -‬تركيا‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يلحظ أن معظم الكتَّاب والدارسني أساءوا فهم العرص العثامين‪ ،‬وصوروا الفرتة‬
‫التي سيطرت فيها الدولة العثامنية عىل العامل العريب بأهنا فرتة مخول واهنيار اقتصادي‬
‫تام‪ ،‬وضعف سيايس عام‪ ،‬وختلف علمي كبري‪ ،‬وانحطاط أديب عظيم؛ وأخذوا يربهنون‬
‫عىل آرائهم ببعض احلجج والرباهني التي ال تقف أمام النقد‪ ،‬ويتضح من ذلك تأثرهم‬
‫بمؤامرة هتدف إىل القضاء عىل اإلسالم واملسلمني‪ ،‬من خالل متزيق وحدة الدولة‬
‫العثامنية والسيطرة عليها فكر ًّيا واقتصاد ًّيا وسياس ًّيا(‪)1‬؛ وهلذا سأسعى كام سعى بعض‬
‫الباحثني جاهدين الوقوف يف وجه هذا االجتاه‪ ،‬وإنصاف الدولة العثامنية؛ وتوضيح‬
‫دورها الكبري يف احلفاظ عىل الرتاث العريب واإلسالمي‪.‬‬
‫وسوف توضح هذه الدراسة مدى التبادل العلمي والثقايف بني الشعوب العربية‬
‫أيضا ما كان‬
‫والرتكية العثامنية يف تلك املرحلة من مراحل التاريخ‪ ،‬وسوف توضح ً‬
‫سائدً ا يف العرص العثامين من اهتامم شديد بدراسة اللغة العربية التي كانت تدرس هبا‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬الدولة العثامنية دولة إسالمية مفرتى عليها للدكتور عبد العزيز الشناوي‪ :‬ص ‪14‬‬

‫‪-71-‬‬
‫ثقايف واضح‬
‫علوم الرشيعة اإلسالمية والفلسفة والعلوم والفنون‪ ،‬كام كان ثمة تبادل ّ‬
‫بني البلدان العربية اإلسالمية والعلامء العثامنيني الذين يعود جنسهم إىل اجلنس الرتكي؛‬
‫إذ تعلم هؤالء اللغة العربية يف مدارس عربية وإسالمية وحفظوا القرآن الكريم‪،‬‬
‫كنـزا عظيماً من املؤلفات يف خمتلف العلوم‪ ،‬وسوف يكون‬ ‫ودرسوا علومه‪ ،‬وأنتجوا ً‬
‫ردنا بناء عىل حماور متعددة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬املدارس العربية‪:‬‬
‫حفلت احلضارة اإلسالمية بعدد كبري من املؤسسات التي غلب عليها طابع الصفة‬
‫الدينية كاملساجد واخلانقاوات والزوايا‪ ،‬ومنها ما غلب عليها الطابع االجتامعي‬
‫كاحلاممات واألسبلة والبيامرستانات‪ ،‬ومنها ما غلب عليه التعليم كاملدارس واملكاتب‪،‬‬
‫ومنها ما كان له طابع اقتصادي كالوكاالت واخلانات والفنادق واألسواق(‪ ،)1‬وقد‬
‫جتمع املؤسسة الواحدة بني لونني من ألوان النشاط كاملساجد التي كان هلا صفة تربوية‬
‫دينية‪ ،‬وصفة علمية تعليمية‪.‬‬
‫منافسا للمذهب‬
‫ً‬ ‫ونتيجة النتشار املذاهب الفقهية املختلفة‪ ،‬وظهور املذهب الشيعي‬
‫السني فقد ظهرت املدارس‪ ،‬وكانت املدرسة «البيهقية» أوىل املدارس يف اإلسالم يف‬
‫نيسابور؛ لتقوية املذهب السني يف مواجهة االمتداد الشيعي الذي بدأ باجتياح الفاطميني‬
‫ملرص وبالد الشام‪ ،‬وتلبية لرغبة السالطني يف إحكام السيطرة عىل رجال الدين‪ ،‬وإعداد‬
‫كوادر موالية للخليفة يف كل جماالت احلياة كالقضاة والوزراء وكبار موظفي الدولة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫واشتهر بمرص كثري من املدارس التي القت اهتـامم السالطني واألمراء والوزراء(‪ ،)3‬الذين‬
‫(‪)4‬‬
‫اهتموا بتزويدها باملكتبات الزاخرة بصنوف الكتب‪ ،‬وأوقفوا عليها األوقاف‪.‬‬
‫أما يف العرص العثامين فقد اكتفت الدولة بام قام به الوزراء والوجهاء واألغنياء‬
‫والوالة؛ ذلك ألهنا ورثت عن دولة املامليك أكثر من ثالثة آالف مدرسة عالية‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬العلم بني املسجد واملدرسة للدكتور سعيد عاشور‪ :‬ص ‪15‬‬
‫‪ -2‬انظر املرجع السابق‪ :‬ص ‪ ،20‬وانظر‪ :‬املدارس يف مرص قبل العرص األيويب أليمن فؤاد سيد‪ :‬ص ‪94‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬املدارس يف مرص أليمن فؤاد سيد‪ :‬ص ‪ 152‬ـ ‪303‬‬
‫‪ -4‬وبذلك انترش التعليم يف عهدهم يف كثري من مدن مرص‪ ،‬كالقاهرة واإلسكندرية ودمياط وقوص وأسيوط وأبو تيج‬
‫وأمخيم وسوهاج وغريها‪.‬‬

‫‪-72-‬‬
‫ومتوسطة‪ ،‬وكان لكل جامع سلطاين مدرسته(‪ ،)1‬أما املناطق التي كان هبا قلة واضحة يف‬
‫عدد املساجد واملدارس كاملدينة ومكة وبعض مدن الشام‪ ،‬فقد القت اهتامم السالطني‬
‫العثامنيني الذين قاموا ببناء كثري من املساجد واملدارس‪ ،‬وأوقفوا هلا أوقا ًفا يف مدن‬
‫(‪)2‬‬
‫ُم َت َعدِّ دة من مرص‪.‬‬
‫وكانت الدراسة تبدأ من الكتاتيب التي كانت منترشة يف كل قرى مرص ومدهنا‪،‬‬
‫حتى بلغ عددها أكثر من ستة آالف كتَّاب ومدرسة‪ ،‬وكان هلذه الكتاتيب أثرها الكبري‬
‫يف تلقني التالميذ مبادئ العلوم كالقراءة والكتابة‪ ،‬واحلساب‪ ،‬وحفظ القرآن الكريم‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫واحلديث الرشيف‪.‬‬
‫ثم يتحول الطالب إىل التعليم االبتدائي يف مدارس املساجد الكربى التي أقيمت‬
‫باملدن‪ ،‬وتسري الدراسة فيها عىل نمط الدراسة يف األزهر الرشيف‪ ،‬عىل أيدي مدرسني‬
‫(‪)4‬‬
‫خترجوا يف األزهر‪.‬‬
‫وكان التعليم االبتدائي قد انترش يف مرص العثامنية منذ القرن العارش اهلجري‪ ،‬وكان‬
‫إجبار ًّيا‪ )5(.‬وتبدأ مرحلة التعليم املتوسط عقب االنتهاء من التعليم االبتدائي‪ ،‬وكانت‬
‫تلك املدارس توجد يف كل مدينة‪ ،‬وجيري االنتقال بني صفوفها من خالل امتحان يعد‬
‫للطالب‪ ،‬كام يمكن للطالب أن جيتاز أكثر من صف خالل سنة دراسية واحدة‪ ،‬وبعدها‬
‫تبدأ مرحلة التعليم العايل التي ال تكون إالَّ يف املدن الكبرية كالقاهرة واستانبول وأدرنة‬
‫(‪)6‬‬
‫وبورصة وبغداد‪.‬‬
‫أما يف بالد الشام فبالرغم من تدهور الدراسة هبا نو ًعا ما‪ ،‬فقد وجدت الكثري من‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬تاريخ الدولة العثامنية ليلامز أوزتونا‪839 / 2 :‬‬


‫‪ -2‬انظر ‪ :‬املرجع السابق‪487 / 2 :‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬تاريخ الدولة العثامنية ليلامز أوزتونا‪ ،489 / 2 :‬وانظر‪ :‬حقيقة الغرب للدكتور مصطفى عبد الغني‪ :‬ص ‪،43‬‬
‫‪ ،111 ،110‬املؤرخون والعلامء يف مرص لعبد اهلل عزباوي‪ 16 :‬ـ ‪22‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬دور األزهر يف احلفاظ عىل الطابع العريب ملرص للدكتور عبد العزيز الشناوي‪684 / 2 :‬‬
‫مقترصا عىل تعليم مباديء القراءة والكتابة وحفظ القرآن والنقد والبالغة‪ ،‬والرياضيات واخلط والتاريخ‬
‫ً‬ ‫‪ -5‬وكان‬
‫واجلغرافيا‪ ،‬ويف بعضها تدرس املوسيقى واخلط‪ .‬انظر‪ :‬تاريخ الدولة العثامنية ليلمز أوزتونا‪ ،488 / 2 :‬وانظر‪ :‬تفاعل‬
‫الفكر اإلسالمي بالفكر الغريب لعبد احلق عدنان‪ :‬ص ‪167‬‬
‫‪ -6‬انظر يف ذلك‪ :‬تاريخ الدولة العثامنية ليلامز أوزتونا‪488 ،485 / 2 :‬‬

‫‪-73-‬‬
‫املدارس يف املدن الكبرية‪ ،‬وكان هناك دائماً مدارس تنشأ هنا أو هناك‪ ،‬وبالرغم من عدم‬
‫وجود منهج ثابت يتم تدريسه يف تلك املدارس‪ ،‬فقد كان آالف الطالب يفدون عليها‬
‫يف سن مبكرة‪ ،‬وكانت الدراسة ابتدائية‪ ،‬تعقبها مرحلة دراسية متقدمة حمدودة‪ ،‬يأخذ‬
‫دروسا معينة يف الفقه والرشيعة ومبادئ الرياضيات‬ ‫ً‬ ‫الطالب فيها العلم عىل يد شيخ‬
‫والتصوف والفلسفة‪ ،‬واملنطق‪ ،‬هذا باإلضافة إىل علوم العربية كالبيان والبالغة‬
‫والعروض‪ ،‬وكانت هذه الدراسة تتم يف حلقات ُم َت َعدِّ دة‪ ،‬ومل يكن لنظام التدريس‬
‫امتحان أو شهادة‪ ،‬ولكن كل ما يف األمر يوجد «إجازة» يمنحها الشيخ لتلميذه‪ ،‬يصبح‬
‫(‪)1‬‬
‫بموجبها أه ً‬
‫ال للتعليم‪.‬‬
‫ومن أهم مراكز التعليم ومؤسساته يف بالد الشام زمن العثامنيني‪ :‬حلب‪ ،‬ودمشق‪،‬‬
‫والقدس‪ ،‬ونابلس‪ ،‬والرملة‪ ،‬ومحص‪ ،‬وغزة‪ ،‬وصيدا‪ ،‬ومحاة‪ ،‬وعكا‪ ،‬وطرابلس‪،‬‬
‫وبعلبك‪ ،‬وغريها‪ ،‬ويذكر املرادي أحد أكرب مؤرخي القرن الثاين عرش اهلجري‪ ،‬الثامن‬
‫عرش امليالدي‪ ،‬أكثر من مخس وأربعني مدرسة يف مدن بالد الشام‪ ،‬يف زمن العثامنيني‪،‬‬
‫كام ذكر أن تلك املدارس كان هبا العديد من املكتبات التي حتتوي عىل كتب كثرية‪،‬‬
‫وأهنا كانت تعتمد عىل النسخ والطباعة واقتناء الكتب املتفرقة التي كان يتم تداوهلا بني‬
‫(‪)2‬‬
‫طالب العلم بصفة مستمرة‪.‬‬
‫كثريا يف بناء املدارس‪ ،‬وجددوا بعضها اآلخر‪ ،‬كام‬ ‫وكان العثامنيون قد أسهموا ً‬
‫هنض الوالة واألمراء واألثرياء إىل بناء املدارس والتكايا الصوفية‪ ،‬فاشتهر بعض هذه‬
‫(‪)3‬‬
‫املدارس شهرة واسعة‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬احلركة األدبية يف بالد الشام خالل القرن الثامن عرش للدكتور أسامة عانويت‪ ،‬املكتبة الرشقية‪ ،‬اجلامعة اللبنانية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪1971 ،‬م‪ ،‬ص ‪27‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬احلركة األدبية يف بالد الشام خالل القرن الثامن عرش للدكتور أسامة عانويت‪ ،‬السابق‪ ،‬ص ‪27‬‬
‫‪ -3‬ومن أمهها‪ :‬يف دمشق‪ :‬املدرسة املرادية سنة (‪1118‬هـ= ‪1706‬م)‪ ،‬والنقشبندية الربانية سنة (‪ 1150‬هـ=‪1737‬م) وقد‬
‫تأسستا عىل يد الشيخ مراد احلسيني املرادي‪ ،‬واملدرسة السليامنية التي أنشأها سليامن باشا العظم سنة (‪1150‬هـ=‪1737‬م)‪،‬‬
‫والعبدلية التي أنشأها عبد اهلل باشا العظم سنة (‪1193‬هـ=‪1779‬م)‪ .‬أما يف حلب‪ :‬املدرسة اخلرسوية التي بناها خرسو‬
‫باشا سنة (‪951‬هـ=‪1544‬م)‪ ،‬واملدرسة العثامنية التي بناها وايل حلب عثامن باشا سنة (‪1143‬هـ= ‪1730‬م)‪ ،‬واملدرسة‬
‫األمحدية التي بناها القايض أمحد بن طه جلبي سنة (‪1165‬هـ=‪1751‬م)‪ ،‬واملدرسة املنصورية التي بنيت سنة (‪1206‬هـ=‬
‫‪1791‬م)‪ .‬انظر‪ :‬بالد الشام إبان العهد العثامين للدكتور حممد التونجي‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪1425 ،‬‬
‫هـ= ‪2004‬م‪ ،‬ص ‪123 – 122‬‬

‫‪-74-‬‬
‫ويذكر املرادي بكثري من التفصيل بعض الكتب التي كانت تستخدم بوصفها مناهج‬
‫علمية يتبعها شيوخ تلك املدارس‪ ،‬ومن هذه الكتب‪ :‬يف الفقه‪ :‬رشح التحرير ورشح‬
‫املنهج للشيخ زكريا األنصاري‪ .‬ويف احلديث‪ :‬موطأ اإلمام مالك‪ ،‬وصحيح اإلمام‬
‫البخاري‪ ،‬وصحيح اإلمام مسلم‪ ،‬والشامئل للرتمذي‪ ،‬واملصابيح للبغوي‪ ،‬واملشارق‬
‫للصنعاين‪ ،‬واجلامع الصحيح للسيوطي‪ .‬ويف التفسري‪ :‬تفسري الكشاف للزخمرشي‪،‬‬
‫وتفسري البيضاوي‪ .‬ويف القراءات‪ :‬الشاطبية‪ ،‬والرائية‪ ،‬والعرشة‪ .‬ويف النحو والرصف‬
‫وعلوم العربية‪ :‬األلفية ورشوحها‪ ،‬ورشح مغني اللبيب‪ ،‬ورشح الكافية‪ ،‬وحاشية‬
‫العصام‪ ،‬ورشح قطر الندى‪ ،‬ورشح التلخيص‪ ،‬وخمترص املعاين والبيان‪ .‬ويف العلوم‬
‫العقلية‪ :‬إيساغوجي‪ ،‬وجوهرة التوحيد‪ .‬ويف التصوف‪ :‬الفتوحات املكية‪ ،‬وفصوص‬
‫(‪)1‬‬
‫احلكم‪.‬‬
‫ويذكر بعض الباحثني أن بيوت العلامء يف تلك الفرتة كانت تشبه إىل حد كبري‬
‫املدارس الصغرية‪ ،‬حيث كان يدرس بعض هؤالء الشيوخ يف بيوهتم‪ ،‬مثل عبد الرمحن‬
‫السفرجالين املتوىف سنة (‪ 1150‬هـ= ‪1738‬م )‪ ،‬وعبد اهلل البرصوي املتوىف سنة‬
‫(‪1170‬هـ = ‪1757‬م )‪ ،‬وعبد الرمحن الكيالين املتوىف سنة (‪1172‬هـ = ‪1758‬م)‪،‬‬
‫وأبو الفتح العجلوين املتوىف سنة (‪1193‬هـ = ‪1779‬م)‪ ،‬وغريهم كثري‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬األزهر الرشيف‪:‬‬
‫وكان للمساجد الكربى يف العاملني العريب واإلسالمي دورها الكبري يف التعليم‪،‬‬
‫منذ دخول اإلسالم إىل مرص(‪ ،)2‬وكان اجلامع األزهر الذي بناه جوهر الصقيل بأمر من‬
‫مركزا للدعوة الشيعية اإلسامعيلية‬
‫ً‬ ‫املعز لدين اهلل الفاطمي سنة (‪ 361‬هـ = ‪972‬م)‬
‫مركزا لدراسات أهل السنة‪ )3(.‬وكانت‬
‫ً‬ ‫يف مواجهة جامع عمرو بن العاص الذي كان‬
‫الدراسة يف األزهر الرشيف مقترصة عىل املذهب الشيعي الفاطمي يف الفقه‪ ،‬وتعاليم‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬احلركة األدبية يف بالد الشام خالل القرن الثامن عرش للدكتور أسامة عانويت‪ ،‬ص ‪30 - 29‬‬
‫‪ -2‬ومن هذه املساجد‪ :‬جامع عمرو بن العاص‪ ،‬ومسجد ابن طولون بالقطائع‪ ،‬فكان حمط رحال العلامء‪ ،‬ومستقر‬
‫احللقات العلمية التي تدرس فيها علوم الدين واللغة واألدب‪ ،‬واشتهر فيه العديد من العلامء واألئمة واألدباء والشعراء‪.‬‬
‫انظر‪ :‬مرص والشام لشوقي ضيف‪ :‬ص ‪ ،15‬واألزهر يف ألف عام للدكتور حممد عبد املنعم خفاجي‪ 15 / 1 :‬ـ ‪16‬‬
‫‪ . -3‬انظر‪ :‬مرص والشام لشوقي ضيف‪ :‬ص ‪77‬‬

‫‪-75-‬‬
‫الشيعة يف الدين والفلسفة والتوحيد‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ثم بدأ األزهر يف التحول عن املذهب الشيعي إىل املذهب السني بداية من عهد‬
‫صالح الدين األيويب‪ ،‬الذي جعل الدراسة فيه للمذاهب األربعة‪ ،‬ورتب لذلك العلامء‬
‫دارا للصوفية بجوار‬‫والفقهاء‪ ،‬وأجزل هلم العطاء‪ .‬ولكنه أصبح منذ العرص اململوكي ً‬
‫(‪)2‬‬

‫(‪)3‬‬
‫كونه مدرسة لطالب العلم‪ ،‬ومسجدً ا للعبادة‪.‬‬
‫أما يف العرص العثامين فقد قدر اهلل تعاىل لألزهر الرشيف أن يكون أكرب جامعة‬
‫إسالمية يف العامل اإلسالمي‪ ،‬حيث يفد إليه الطالب من مجيع أرجاء العامل‪ ،‬كام ازدادت‬
‫مكانته لدى السالطني العثامنيني عام كان عليه لدى سالطني األيوبيني واملامليك؛ إذ‬
‫مركزا قو ًّيا للمذهب السني يف مواجهة املذهب الشيعي‪ ،‬مما أتاح لعلامء‬ ‫ً‬ ‫رأوا األزهر‬
‫األزهر احلرية يف اختيار العلامء والدراسات والبحوث‪ ،‬دون اخلضوع لرقابة احلكومة‬
‫أو توجيهها أو إرشافها‪ ،‬وكذلك ظلت الـدراسات واملـراجع والكتب كلها باللغة‬
‫استمرارا وتدعيماً للمركز االنفرادي الذي تشغله لغة القرآن الكريم يف احلياة‬ ‫ً‬ ‫العربية‪،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫العلمية يف مرص‪.‬‬
‫وكان هلذه احلرية التي منحها سالطني العثامنيني لعلامء األزهر أثرها الواضح يف‬
‫قيام األزهر الرشيف بدوره‪ :‬العلمي والثقايف والسيايس واالجتامعي خري قيام؛ حيث‬
‫قام األزهر بنرش الثقافة العربية واإلسالمية من خالل علوم التفسري والقرآن واحلديث‬
‫ال للغة العربية وآداهبا‪ ،‬وحافظ عىل‬‫الرشيف والفقه والتوحيد‪ ،‬كام كان مال ًذا ومعق ً‬
‫(‪)5‬‬
‫اهلوية اإلسالمية العربية هبا‪.‬‬
‫ويرجع انفراد األزهر بتوجيه الثقافة العربية اإلسالمية يف مرص والعامل اإلسالمي إىل‬

‫‪ . -1‬انظر‪ :‬دور األزهر يف احلفاظ عىل الطابع العريب ملرص للدكتور عبد العزيز الشناوي‪676 / 2 :‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬األزهر يف ألف عام للدكتور حممد عبد املنعم خفاجي‪ 87 / 1 :‬ـ ‪88‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬األزهر يف ألف عام خلفاجي‪ 103 / 1 :‬ـ ‪ ،104‬ومرص والشام لشوقي ضيف‪ :‬ص ‪551‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬اجلامع األزهر ودوره يف نرش الثقافة العربية لسيده إسامعيل كاشف‪ :‬ص ‪ ،62‬وانظر دور األزهر يف احلياة‬
‫العلمية يف مرص يف كتاب « املؤرخون والعلامء يف مرص» لعبد اهلل عزباوي‪ 22 :‬ـ ‪66‬‬
‫‪ -5‬انظر‪ :‬األزهر يف ألف عام ملحمد عبد املنعم خفاجي‪ 127 ،116 / 1 :‬ـ ‪ ،128‬اجلامع األزهر ودوره يف نرش الثقافة‬
‫العربية لسيده إسامعيل كاشف‪ :‬ص ‪ ،66‬مرص والشام لشوقي ضيف‪ :‬ص ‪ ،560‬دور األزهر يف احلفاظ عىل الطابع العريب‬
‫ملرص لعبد العزيز الشناوي‪682 / 2 :‬‬

‫‪-76-‬‬
‫عدم وجود معاهد علمية تنافسه أو تدانيه يف شهرته‪ ،‬أو يف رسوخ قدمه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وكان منصب شيخ األزهر الذي وضعه سالطني آل عثامن عام ً‬


‫ال من عوامل احلفاظ‬
‫عىل الطابع العريب يف مرص؛ وكان الشيخ حممد عبد اهلل اخلريش املالكي املتوىف سنة‬
‫(‪ 1101‬هـ=‪1690‬م) أول من توىل هذا املنصب يف مرص‪ ،‬ومنع العثامنيون تعيني العلامء‬
‫العثامنيني يف هذا املنصب‪ ،‬طوال احلكم العثامين‪ ،‬وتركت هذا املنصب للعلامء املرصيني‬
‫(‪)2‬‬
‫فقط‪ ،‬كام عملت عىل أال يتقلده علامء من املذهب احلنفي املذهب الرسمي للدولة‪.‬‬
‫وكان لألزهر الرشيف دور كبري يف بروز مرص يف العرص العثامين‪ ،‬بوصفها حارضة‬
‫الفكر اإلسالمي(‪)3‬؛ إذ خترج فيه كثري من العلامء واألدباء والشعراء واملفكرين الذين‬
‫يرجع نسبهم إىل العديد من اإلمارات العربية واإلسالمية املختلفة‪.‬‬
‫وبالرغم من ذلك فقد اهتمت مرص العثامنية بنفور اهلمم عن التأليف‪ ،‬وانرصاف‬
‫املؤرخني عن تناول الشئون العامة إىل متلق احلكام والوالة‪ ،‬وتدوين سري السالطني‬
‫واألمراء‪ ،‬واستكانة العلامء وابتعادهم عن االجتهاد‪ ،‬وجهلهم بطرق التفكري احلديثة‪،‬‬
‫وطرق البحث العلمي احلديث‪ ،‬وظهور الرشوح واحلوايش‪ ،‬وغياب العلوم العقلية‬
‫(‪)4‬‬
‫والرياضية والفلكية‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬العلامء األتراك يف بالد العرب‪:‬‬
‫حفل احلكم العثامين عىل امتداد عصوره‪ ،‬واتساع أراضيه‪ ،‬واختالف األجناس البرشية‬
‫بكم هائل من املؤلفات التي كتبت‬
‫التي انضوت حتت حكم الدولة العثامنية وهيمنتها‪ٍّ ،‬‬
‫باللغة العربية‪ ،‬بأيدي علامء اختلفت أجناسهم وألواهنم‪ ،‬ولغاهتم‪ ،‬ولكن احتدت‬
‫ثقافتهم ودينهم‪ ،‬واشرتكوا يف معرفتهم العظيمة باللغة العربية‪ ،‬وما اتصل هبا من علوم‬
‫رشعية وفقهية وتفسريية وفلسفية‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬ولكن املهم يف هذا السياق هو أشهر‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬دور األزهر يف احلفاظ عىل الطابع العريب ملرص للدكتور عبد العزيز الشناوي‪676 / 2 :‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬دور األزهر يف احلفاظ عىل الطابع العريب ملرص للدكتور عبد العزيز الشناوي‪ 678 / 2 :‬ـ ‪700 ،683 ،679‬‬
‫أيضا‪ :‬األزهر يف ألف عام للدكتور حممد عبد املنعم‬
‫ـ ‪ 706 ،704 ،701‬ـ ‪ ،708‬وهامش رقم ‪ ،1‬ص ‪ ،708‬وانظر ً‬
‫خفاجي‪129 / 1 :‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬تاريخ األدب العريب لكارل بروكلامن‪ 7 / 8 :‬ـ ‪ ،8‬مرص والشام لشوقي ضيف‪ :‬ص ‪553‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬األزهر يف ألف عام للدكتور حممد عبد املنعم خفاجي‪ 117 / 1 :‬ـ ‪118‬‬

‫‪-77-‬‬
‫املؤلفات التي ألفها علامء وكتاب كانوا ينتمون وينتسبون إىل جنس العثامنيني؛ ألن هذا‬
‫يدلنا عىل أن الدولة العثامنية مل حتارب املؤلفات العربية من ِقبل علامء الرتك أنفسهم‬
‫ال عن لغتهم األصلية‪ ،‬ومن خالل ذلك يتضح لنا أن‬ ‫الذين أتقنوا اللغة العربية فض ً‬
‫الدولة العثامنية إذا كانت مل حتارب أبناء جلدهتا ومتنعهم من تعلم العربية والتأليف هبا‪،‬‬
‫مل متنع ‪ -‬بالطبع – أبناء العرب وأوالدهم من إجادة لغتهم والتأليف هبا‪.‬‬
‫وبرز كثري من علامء الدولة العثامنية يف جمال الثقافة اإلسالمية املكتوبة باللغة العربية؛‬
‫نتيجة لتلك الصالت الثقافية بني الدولة العثامنية ومرص‪ ،‬وهلذا ظهر الكثري من العلامء‬
‫الذين كان هلم أكرب األثر يف تقدم احلياة العلمية يف الدولة العثامنية ويف غريها من بالد‬
‫اإلسالم‪ ،‬حيث كان تعلم كثري من هؤالء العلامء يف مرص أو يف أحد البلدان اإلسالمية‬
‫العربية‪ ،‬ثم عادوا إىل بالدهم فاشتهروا هبا‪ ،‬وبدأ طالب العلم يفدون إليهم من كل‬
‫حدب وصوب (‪ ،)1‬ومن هؤالء‪ :‬الشيخ عالء الدين القونوي املتوىف سنة (‪ 727‬هـ=‬
‫‪1327‬م)‪ ،‬وكان أحد كبار العلامء الذين هاجروا من منطقة األناضول برتكيا إىل مرص‬
‫أيام النارص حممد بن قالوون‪ ،‬وتعلم هبا‪ .‬والشيخ ويل الدين حممد بن حممد بن إبراهيم‬
‫الديباجي املولوي الشافعي املنفلوطي املتوىف سنة ( ‪ 744‬هـ = ‪1372‬م )‪ )2(.‬والشيخ‬
‫«داود القيرصي القرماين الصويف» املتوىف سنة (‪751‬هـ= ‪1350‬م) الذي تعلم يف مرص‬
‫احلديث والتفسري واألصول‪ ،‬والعلوم العقلية‪ ،‬وبلغ يف العلم مكانة عظيمة حتى عني يف‬
‫مدرسة أورخان يف مدينة إزنيق‪ ،‬والتي كانت أول مدرسة عثامنية تقام يف الدولة العثامنية‬
‫(‪)3‬‬
‫سنة (‪1331‬م )‪.‬‬
‫والشيخ أكمل الدين حممد بن حممد بن حممود بن أمحد الرومي البابريت املتوىف سنة‬
‫(‪786‬هـ = ‪1384‬م ) أحد كبار علامء احلنفية يف مرص‪ ،‬والذي كان قد تعلم ودرس‬
‫يف مرص عىل كبار علامئها يف ذلك الوقت‪ ،‬وكان حسن املعرفة بالفقه واللغة العربية‪،‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬الثقافة الرتكية يف مرص‪ ،‬ألكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬وصالح سعداوي صالح‪ ،‬مركز األبحاث للتاريخ والفنون‬
‫والثقافة اإلسالمية باستانبول‪ 2003 ،‬م‪ ،‬ص ‪159 – 158‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬كشف الظنون يف أسامء الكتب والفنون حلاجي خليفة‪ ،‬ص‪ ،1043‬وإيضاح املكنون للبغدادي‪،416 / 1 :‬‬
‫وهدية العارفني للبغدادي‪166 / 2 :‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬الثقافة الرتكية يف مرص‪ ،‬ألكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬ص ‪162 - 161‬‬

‫‪-78-‬‬
‫ثم توىل املدرسة الشيخونية يف القاهرة‪ ،‬وكان صاحب نفوذ كبري يف احلياة السياسية‪،‬‬
‫وحكم البالد‪ ،‬وله مشاركات كبرية يف القضاء والدين‪ ،‬واملسائل احلقوقية بني الناس‬
‫وبني الوالة واألمراء وغري ذلك‪ ،‬وقد ظل بالقاهرة إىل أن وافاه أجله‪ ،‬وكان قد ألف‬
‫جمموعة كتب ورسائل باللغة العربية‪ ،‬منها‪ :‬رشح خمترص ابن احلاجب‪ ،‬ورشح املنار‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والتلخيص‪ ،‬ورشح البزدوي وغريها‪.‬‬
‫وكان قد تعلم عليه كثري من العلامء املربزين من العرب واألتراك عىل حد سواء يف‬
‫احلياة العلمية‪ ،‬ومن أشهر هؤالء‪:‬‬
‫القايض صدر الدين ابن القايض مجال الدين ابن عالء الدين الرتكامين املتوىف سنة‬
‫(‪776‬هـ = ‪1375‬م )‪ ،‬وموفق الدين الرومي قايض قضاء العسكر بالقاهرة والقدس‬
‫املتوىف سنة (‪810‬هـ= ‪1407‬م )‪ ،‬وحممد بن خاص الرتكي بدر الدين احلنفي املتوىف‬
‫سنة (‪813‬هـ= ‪1410‬م)‪ .‬والشيخ بدر الدين حممود بن إرسائيل بن عبد العزيز‬
‫(‪)2‬‬
‫املعروف بابن قايض سامونة املتوىف سنة (‪818‬هـ= ‪1415‬م )‪ ،‬وغريهم‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬شمس الدين حممد بن محزة بن حممد بن حممد الرومي احلنفي املعروف‬ ‫ومنهم ً‬
‫بمنال فناري‪ ،‬أحد كبار علامء الدولة العثامنية‪ ،‬رحل إىل مرص ودرس هبا العلوم الرشعية‬
‫والقراءات والعربية‪ ،‬عىل كبار علامئها‪ ،‬ثم رحل إىل مدينة بورصة الرتكية فتوىل القضاء‬
‫(‪)3‬‬
‫هبا‪ ،‬إىل أن وافاه أجله هبا سنة (‪ 834‬هـ = ‪1430‬م)‪.‬‬
‫والشيخ كامل الدين حممد بن عبد الواحد بن عبد احلميد السيوايس السكندري‬
‫املعروف بابن اهلامم الفقيه احلنفي‪ ،‬املتوىف سنة (‪ 861‬هـ = ‪1457‬م)‪ ،‬وله جمموعة‬
‫مؤلفات منها‪« :‬رشح اهلداية لربهان الدين املرغيناين» ‪ ،‬و«التحرير يف علم األصول»‬
‫و«فواتح األفكار يف رشح ملعات األنوار يف الترشيح»‪ ،‬ورشوح كثرية‪.‬‬
‫والشيخ حميي الدين أبو عبد اهلل حممد بن سليامن بن سعيد بن مسعود الرومي‬
‫الربغمي الكافيجي‪ ،‬املتوىف سنة ( ‪ 879‬هـ = ‪1474‬م )‪ ،‬وكان إما ًما يف املعقوالت‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬السابق نفسه‪ :‬ص ‪ ،164 – 163‬والدرر الكامنة البن حجر العسقالين‪ ،‬بريوت‪ ،250 / 4 ،‬والنجوم الزاهرة‬
‫يف ملوك مرص والقاهرة‪ ،‬البن تغري بردي‪ ،‬القاهرة‪ 1963 ،‬م‪302 / 11 ،‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬الثقافة الرتكية يف مرص‪ ،‬ألكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬ص ‪166 -164‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬الشقائق النعامنية لطاش كربي زاده‪ :‬ص ‪ ،22‬الثقافة الرتكية يف مرص‪ ،‬ألكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬ص ‪165‬‬

‫‪-79-‬‬
‫واللغة والنحو والرصف واملعاين والبيان واجلدل واملنطق والفلسفة‪ ،‬وله كتاب « رشح‬
‫(‪)1‬‬
‫قواعد اإلعراب » و «رشح كلمتي الشهادة »‪.‬‬
‫وليحيى بن نصوح بن إرسائيل احلنفي املتوىف سنة ( ‪ 950‬هـ = ‪1532‬م ) جمموعة‬
‫كتب منها‪ :‬رشح العوامل املائة‪ ،‬ورشح املصباح يف النحو‪ ،‬والدر النظيم رشح رسالة يف‬
‫اللغة لعبد اللطيف بن عبد العزيز‪ .‬ومصطفى بن شمس الدين القرحصاري األخرتي‪،‬‬
‫املتوىف سنة (‪ 968‬هـ = ‪1560‬م) الذي ألف كتاب «األخرتي» وهو قاموس عريب‬
‫تركي‪ .‬و«حممد بن أمحد بن عبد اهلل الرومي االنحساري االنكشاري»‪ ،‬املعروف باممايه‪،‬‬
‫املتوىف سنة (‪987‬هـ= ‪1580‬م)‪ ،‬وكان قد ولد يف مدينة إستانبول سنة (‪ 930‬هـ =‬
‫‪1530‬م ) ثم رحل إىل مدينة دمشق ببالد الشام‪ ،‬وانضم إىل فرقة االنكشارية هناك‪ ،‬ثم‬
‫انرصف إىل الدراسة‪ ،‬فأصبح ترمجان املحكمة الصاحلية‪ ،‬وحمكمة املواريث‪ ،‬وكان له‬
‫أشعار جيدة‪ ،‬وله ديوان شعر اسمه « روضة املشتاق » مجعه سنة (‪971‬هـ = ‪1563‬م)‪،‬‬
‫وله ديوان آخر اسمه « برهان الربكان » لالستشهاد وبيان أنواع البيان والبديع‪ ،‬وله كثري‬
‫(‪)2‬‬
‫من املقاطع الشعرية املتفرقة‪.‬‬
‫و«درويش حممد بن أمحد بن طالو الطالوي األرتقي الدمشقي‪ ،‬املتوىف سنة‬
‫(‪1014‬هـ= ‪1605‬م)‪ ،‬وكان قد ولد يف دمشق سنة (‪955‬هـ = ‪1540‬م) ألب تركي‬
‫األصل كان يعمل يف جيش السلطان العثامين سليم األول‪ ،‬وقد انضم ابنه درويش إىل‬
‫طريقة صوفية‪ ،‬وتعلم حتى أصبح أستا ًذا باملدرسة احلامتية‪ ،‬ونائ ًبا لقايض احلنفية‪ ،‬ثم‬
‫رحل إىل إستانبول‪ ،‬وعمل هبا يف التدريس فرتة‪ ،‬ثم عاد إىل دمشق‪ ،‬وظل هبا إىل وفاته‬
‫بعد أن حج بيت اهلل احلرام‪ ،‬وله الكثري من الكتب واملؤلفات واألشعار‪ ،‬من أمهها‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫كتاب سانحات دمى القرص يف مطارحات بني العرص»‪.‬‬
‫ومصطفى بن عبد اهلل كاتب جلبي املعروف بحاجي خليفة املتوىف سنة (‪1067‬هـ=‬
‫‪1657‬م)‪ ،‬وكان أبوه من موظفي نظارة احلرب من مدينة استانبول‪ ،‬ثم انضم إىل‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬شذرات الذهب البن العامد‪ ،327 – 326 / 7 ،‬الشقائق النعامنية‪ ،‬ص ‪ ،65 – 64‬الثقافة الرتكية يف مرص‪،‬‬
‫ألكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬ص ‪.160‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬تاريخ األدب العريب لكارل بروكلامن‪14 - 13 / 8 :‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬خالصة األثر للمحبي‪ ،149 / 2 :‬وتاريخ األدب العريب لكارل بروكلامن‪20 - 19 / 8 :‬‬

‫‪-80-‬‬
‫اجليوش الرتكية يف الرابعة عرشة من عمره‪ ،‬وقد خاض الكثري من احلروب يف‬
‫األناضول ويف إيران والعراق‪ ،‬ولكنه ما لبث أن تفرغ للعلم بعد أن ترك اجلندية‪ ،‬وقد‬
‫ترك الكثري من املؤلفات العلمية التي كتب بعضها بالعربية‪ :‬منها‪ :‬العقد املنظوم يف ذكر‬
‫ال للشقائق النعامنية لطاش كربي زاده‪ ،‬وكتاب كشف الظنون يف‬ ‫أفاضل الروم‪ ،‬جعله ذي ً‬
‫أسامي الكتب والفنون‪ ،‬وحتفة األخبار يف احلكم واألمثال واألشعار‪ ،‬وسلم الوصول‬
‫(‪)1‬‬
‫إىل طبقات الفحول‪ ،‬وميزان احلق يف اختيار األحق‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫كام كان هناك العديد من العثامنيني الذين برعوا يف خمتلف العلوم والفنون باللغة‬
‫أيضا باللغة العربية(‪)2‬؛ ففي جمال الشعر‪ ،‬برع ك ٌُّل ِم ْن‪ :‬حممد‬
‫العربية‪ ،‬وألفوا مؤلفاهتم ً‬
‫بن موسى القيرصي املتوىف سنة (‪1000‬هـ= ‪1591‬م )‪ ،‬وله أشعار دينية جيدة‪ ،‬وحممد‬
‫بن أمحد بن حممد بن جنتيمر احلنفي‪ ،‬وله كتاب منتخب األفكار يف مدح اخلنكيار‪ ،‬أي‬
‫السلطان سليامن الثاين‪ ،‬وحممد أفندي الكريمي وله ديوان شعر ورسائل وألغاز‪ ،‬وعبد‬
‫اهلل بن مصطفى بن حممد كوبرولوزاده املعروف بأيب نائلة‪ ،‬وله ديوان شعر‪ ،‬وكتاب‬
‫اإلفادة املقنعة يف قراءات اإلمامة األربعة‪ ،‬وعبد الباقي بن حممد بن مصطفى عريف‬
‫املتوىف سنة (‪1125‬هـ = ‪1713‬م )‪ ،‬وله مقامة فتح قندية‪ ،‬والرسالة القلمية‪ ،‬ورسالة‬
‫يف احلقيقة واملجاز‪.‬‬
‫ويف جمال علوم اللغة‪ :‬مجال الدين إسحاق القرماين املتوىف سنة (‪ 930‬هـ = ‪1533‬م)‬
‫وله التوابع يف الرصف‪ ،‬ومصطفى بن حممد أينكويل وقد كتب سنة (‪935‬هـ = ‪1528‬م)‬
‫معجماً عرب ًّيا‪ .‬وحسام الدين بن عبد اهلل الرومي‪ .‬ومصطفى بن حممد الربوسوي املتوىف‬
‫سنة (‪998‬هـ = ‪1590‬م ) وله تنبيه األنام يف توجيه الكالم يف حلن العامة‪ ،‬وجممع‬
‫العبارات عىل أفصح اللغات‪ ،‬وشمس الدين أبو الثناء أمحد بن حممد الزييل الشميس‬
‫السيوايس املتوىف سنة (‪1009‬هـ= ‪1600‬م)‪ ،‬وله نجم اهلدى يف مناقب الشيخ شمس‬
‫الدين السيوايس‪ ،‬وحل معاقد القواعد التي ثبتت بدالئل الشواهد‪ ،‬ورشح منار األنوار‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬تاريخ األدب العريب لكارل بروكلامن‪316 - 312 / 9 :‬‬


‫ال باختصار عن تاريخ األدب العريب لكارل بروكلامن‪،‬‬‫‪ -2‬لقد ذكرت معظم أسامء العلامء الذين برعوا يف هذه الفنون‪ ،‬نق ً‬
‫اجلزء التاسع‪ ،‬ذكر فيه معظم علامء أرض الروم‪ ،‬ممن برع يف الشعر واألدب والنثر‪ ،‬والفقه والتفسري وعلوم القرآن الكريم‬
‫والفلسفة والتصوف والرحالت‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬

‫‪-81-‬‬
‫ومصطفى بن إبراهيم املتوىف سنة (‪1024‬هـ= ‪1615‬م ) وله زبدة األمثال وهو كتاب‬
‫يف األمثال اعتمد فيه عىل الزخمرشي وامليداين وغريها‪ .‬وعبد اهلل الدنقزي املتوىف نحو سنة‬
‫(‪1038‬هـ= ‪1628‬م ) وله بناء األفعال‪ .‬وخرض بن حممد املفتي األمايس‪ ،‬وله أنبوب‬
‫أيضا هتييج‬
‫البالغة يف ينبوع الفصاحة‪ ،‬وقد كتبه نحو سنة (‪1060‬هـ= ‪1651‬م )‪ ،‬وله ً‬
‫غصون األصول‪ .‬وعبد اهلل بن حممد رياض زاده‪ ،‬كاتب حممد الرابع‪ ،‬وله‪ :‬أبكار األبكار‬
‫يف كشف الغطاء عن أبكار األفكار‪ ،‬وهو عن أخطاء مصنفي املعاجم العربية‪ .‬وحممد‬
‫التريوي العييش املتوىف سنة (‪1046‬هـ = ‪1636‬م ) وله املنقحات املرشوحة‪ ،‬وهو‬
‫كتاب تعليمي يف البالغة‪ .‬وصالح أفندي بن شيخ اإلسالم أحد أعالم القرن احلادي‬
‫عرش اهلجري‪ ،‬السابع عرش امليالدي‪ ،‬وله قاموس األروام يف نظام الكالم‪ ،‬وهو معجم‬
‫تركي‪ .‬وحممد بن مصطفى بن حممود حاجب زاده اإلستانبويل املتوىف سنة (‪1100‬هـ =‬
‫‪1698‬م ) وله هدية الصبيان يف ترصيف األفعال‪ ،‬وبداعة احلكام يف إحكام األحاكم‪،‬‬
‫وهو استفسارات عربية وتركية‪ ،‬ورشح الرساجية‪ .‬ومال عبد اهلل بن عبد الرمحن بن‬
‫موسى‪ ،‬وله املقدمة الفخرية‪ ،‬وهو كتاب يف النحو‪ ،‬ورشح املنح اإلهلية‪ .‬وعيسى بن عيل‬
‫بن حسن بن مزيد بن يوسف بن عيل البلوي الكردي‪ ،‬وله كتاب مفيد اإلعراب وقد‬
‫كتبه سنة (‪ 1113‬هـ= ‪1701‬م )‪ .‬وعبد اهلل بن حممد بن ويل احلنفي‪ ،‬وله أزهر الرشوح‬
‫عىل الترصيف العزي‪ ،‬وقد كتبه سنة (‪1123‬هـ= ‪1711‬م )‪ ،‬وحممد سليم بن حسني بن‬
‫عبد احلليم أفندي املتوىف سنة (‪1138‬هـ= ‪1725‬م ) وله موارد البصائر لفرائد الرضائر‪،‬‬
‫وهو يف الرضورة الشعرية‪ .‬وشيخ اإلسالم حممد أسعد بن عيل ينبويل أفندي املتوىف سنة‬
‫(‪1166‬هـ= ‪1752‬م ) وله إطباق األطباق‪ ،‬وهو جمموعة من األقوال املأثورة‪ ،‬وهبجة‬
‫اللغات وهو معجم عريب فاريس تركي‪ ،‬وله جمموعة رسائل فلسفية‪ .‬وحممد راغب باشا‬
‫وايل مرص سنة (‪1159‬هـ = ‪1746‬م ) املتوىف سنة (‪1176‬هـ = ‪1763‬م )‪ ،‬وله سفينة‬
‫الراغب ودفينة الطالب‪ ،‬وهو خمتارات أدبية‪ ،‬ومنتخبات‪ ،‬ورسالة العروض‪ .‬وحممد بن‬
‫محيد الكفوي املتوىف سنة (‪1168‬هـ= ‪1754‬م ) وله رسالة يف املناظرة‪ ،‬ورشح بانت‬
‫سعاد‪ ،‬وحاشية عىل حاشية اجلرجاين عىل رشح اإلجيي ملخترص املنتهى‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫ويف جمال التدوين التارخيي‪ :‬رمضان الطبيب‪ ،‬وله الرسالة الفتحية الرادوسية يف‬
‫فتح رودس يف عهد السلطان سليم‪ ،‬وكان طبيبه اخلاص‪ ،‬وقد كتبه سنة (‪928‬هـ=‬

‫‪-82-‬‬
‫‪1521‬م )‪ .‬وعيل بن حممد اللخمي اإلشبييل املغريب‪ ،‬وله الدر املصان يف سرية املظفر‬
‫سليم خان‪ .‬وسنان الدين يوسف بن عيل بن حممد شاه بن حممد اليكاين‪ ،‬املتوىف‬
‫سنة (‪945‬هـ= ‪1539‬م ) وله رسالة يف اإلشارة إىل غزوة روافض العجم واستيالء‬
‫ملك الروم عىل مملكة الشام‪ .‬وأبو اخلري أمحد بن مصلح الدين مصطفى املعروف‬
‫بطاشكربي زاده املتوىف سنة (‪968‬هـ = ‪1560‬م ) وله عدة مؤلفات منها‪ :‬نوادر‬
‫األخبار يف مناقب األخيار‪ ،‬وهو يف سرية أصحاب النبي‪ ، ،‬والشقائق النعامنية‬
‫يف علامء الدولة العثامنية‪ .‬وصارم الدين بن يوسف املختار الرومي امليل‪ ،‬املتوىف سنة‬
‫(‪1040‬هـ= ‪1630‬م ) وله الروض األرج الشميم العاطر النسيم‪ .‬وأمحد ديدي‬
‫بن لطف اهلل السالنيكي املولوي الصديقي منجم بايش‪ ،‬املتوىف سنة (‪1113‬هـ=‬
‫‪1703‬م ) منجم السلطان مراد الرابع‪ ،‬وله تاريخ الدول‪ ،‬وهو تاريخ عريب لألرس‬
‫مصدرا عرب ًّيا‬
‫ً‬ ‫احلاكمة منذ آدم إىل سنة (‪1083‬هـ = ‪1672‬م ) وقد نقله عن سبعني‬
‫وفارس ًّيا وترك ًّيا‪ .‬وحممود بن حممد القرباغي حميي الدين‪ ،‬املتوىف سنة (‪942‬هـ=‬
‫‪1535‬م ) وله جالب الرسور وسالب الغرور‪ ،‬واملقاالت يف علم املحارضات‪،‬‬
‫ورسالة يف مناقب الشيخ‪ .‬وحممد بن حماسن األنصاري احلنفي كاتب السلطان‬
‫سليامن األول‪ ،‬وله حتفة الزمان إىل امللك املظفر سليامن‪ ،‬وأبو الفيض حممد بن احلاج‬
‫حيدر الكفوي‪ ،‬املتوىف سنة (‪1053‬هـ= ‪1643‬م) وله حدائق األخبار يف حقائق‬
‫األخبار‪ .‬وأمحد بن إبراهيم الرسمي املتوىف سنة (‪1197‬هـ= ‪1783‬م ) وله املقامة‬
‫الزاللية والبشارية‪ .‬وحممد بن احلاج عيل العطار‪ ،‬وله كتاب الرياض األنيفة يف‬
‫النكات واألشعار الرقيقة‪ ،‬وقد كتبه سنة (‪ 1140‬هـ= ‪1727‬م)‪.‬‬
‫ويف جمال احلديث‪ :‬خري الدين خرض بن حممود بن عمر العطويف املرزيغوين‪ ،‬املتوىف سنة‬
‫(‪948‬هـ= ‪1541‬م )‪ ،‬وله روض اإلنسان يف تدبري صحة األبدان‪ ،‬وهو يف الطب النبوي‪،‬‬
‫ورشح الربدة‪ ،‬ورشح مشارق األنوار‪ ،‬وحاشية عىل البيضاوي‪ ،‬وحاشية عىل الكشاف‪،‬‬
‫وحصن اآليات العظام يف تفسري أوائل سورة األنعام‪ .‬وعيل بن حسن بن عيل األمايس‪،‬‬
‫خرج هلم الشيخان من األصحاب‪ .‬ومصلح الدين‬ ‫وله حتفة ذوي األلباب يف ترمجة من َّ‬
‫مصطفى بن شمس الدين القرحصاري‪ ،‬املتوىف سنة (‪968‬هـ= ‪1560‬م ) وله كتاب‬
‫خلقة آدم‪ .‬وحممد شاهي أقحي زاده املتوىف نحو سنة (‪1039‬هـ= ‪1626‬م ) وله النظم‬

‫‪-83-‬‬
‫املبني يف اآليات األربعني‪ ،‬واملقام املحمود يف أحاديث أخالقية‪ .‬وشيخ اإلسالم حممد‬
‫بن حممود بن أمحد دباغ زاده‪ ،‬املتوىف سنة (‪ 1110‬هـ= ‪1698‬م ) وله رشحة النصيح‬
‫من احلديث الصحيح‪ .‬وبري حممد ديدي أفندي بن السيد مصطفى بن حبيب بن حممد‬
‫أيب املكارم زين الدين الربوسوي املنسوب إىل أررضوم‪ ،‬وله املدحة الكربى من الكالم‬
‫القديم يف حق سيدنا حممد املصطفى‪ ،‬ورسالة يف السياسة الرشعية‪.‬‬
‫ويف جمال الفقه احلنفي‪ :‬حبيب بن عيل إلياس‪ ،‬له الكفاية‪ ،‬وهو مقدمة يف الطهارة‬
‫والصالة‪ ،‬ومصلح الدين موسى بن موسى األمايس خازن كتب السلطان سليم األول‪،‬‬
‫وله خمزن الفقه‪ .‬وعالء الدين عيل بن أمحد اجلاميل‪ ،‬املتوىف سنة (‪931‬هـ= ‪1525‬م )‬
‫وله آداب األوصياء‪ ،‬واملختار للفتوى‪ ،‬وخمترص اهلداية‪ ،‬ورسالة يف حق الدوران‪ .‬وكامل‬
‫الدين بن أسايش بن يوسف الرشواين‪ ،‬وله مفتاح السعادة‪ .‬ويعقوب بن سيدي عيل بن‬
‫عيل زاده الرومي البناين‪ ،‬املتوىف سنة (‪930‬هـ= ‪1524‬م ) وله أرسار األحكام‪ ،‬وحاشية‬
‫عىل رشح ديباجة مصباح النحو‪ ،‬وله رشح باللغة العربية عىل كلستان سعدي‪ .‬ودرويش‬
‫حممد بن أفالطون طورسون بن أكمل الدين أفالطون زاده الربسوي‪ ،‬املتوىف سنة‬
‫(‪937‬هـ= ‪1530‬م ) وله صكوك‪ ،‬واختيار األحكام‪ .‬وحممد بن عمر بن محزة الواعظ‬
‫مال عرب حمي الدين املتوىف سنة (‪938‬هـ= ‪1531‬م )‪ ،‬وله السداد يف فضل اجلهاد‪،‬‬
‫ورسالة يف مسألة اجلرب والقدر‪ .‬وبرهان الدين بن حممد بن إبراهيم احللبي املتوىف سنة‬
‫(‪956‬هـ= ‪1549‬م) وله مؤلفات ُم َت َعدِّ دة منها‪ :‬رشح منية املصيل‪ ،‬والرهص والوقص‬
‫ملستحل الرقص‪ ،‬ونعمة الذريعة يف نرصة الرشيعة‪ ،‬ودرة املوحدين وردة امللحدين‪،‬‬
‫والقول التامم عند ذكر والدته عليه السالم‪ ،‬ورسالة يف حق أبويه‪ ،‬عليه السالم‪ ،‬ورسالة‬
‫املسح‪ ،‬ونظم سرية النبي ورشحه‪ ،‬ورسالة يف توجيه التشبيه‪ ،‬وتسفيه الغبي‪ ،‬وملتقى‬
‫األبحر يف فروع فقه احلنفية الذي وجدت عليه الكثري من الرشوح منها‪ :‬جممع األهنر‬
‫لعبد الرمحن بن حممد بن سليامن شيخ زاده املتوىف سنة (‪1078‬هـ= ‪1667‬م )‪ ،‬ورشح‬
‫الدر املنتقى لعالء الدين حممد بن عيل احلصفكي مفتي الشام املتوىف سنة (‪1088‬هـ=‬
‫‪1677‬م )‪ ،‬وغريها‪ .‬وعيل حلبي بن أمر اهلل حممد إرسافيل سيف الدين قنايل زاده‬
‫احلميدي املتوىف سنة (‪979‬هـ= ‪1572‬م ) وله طبقات علامء أو فقهاء احلنفية‪ ،‬ورسالة‬
‫يف طبقات املسائل‪ ،‬واالستيعاب يف أحكام األوقاف‪ ،‬ورسالة يف الغصب‪ ،‬ورسالة‬

‫‪-84-‬‬
‫يف الوجود الذهني‪ ،‬ورسالة اللطائف اخلمس‪ ،‬والرسالة القلمية‪ ،‬ورشح اهلداية‪،‬‬
‫واملحاكامت العلية يف األبحاث الرضوية يف إعراب بعض اآلي القرآنية‪ .‬وحممد بن‬
‫سلامن الكفوي املتوىف سنة (‪990‬هـ= ‪1582‬م ) وله كتاب أعالم األخبار من فقهاء‬
‫مذهب النعامن املختار‪ ،‬ورشح آداب البحث‪ .‬وفضل بن عيل اجلاميل البكري الرومي‬
‫املتوىف سنة (‪ 991‬هـ= ‪1583‬م ) وله الضامنات يف الفروع الفقهية‪ ،‬ورسالة الوظائف‬
‫يف النحو‪ ،‬وأدب األوصياء‪ ،‬وعون الفائد‪ .‬ومصطفى بن سنان الطويس‪ ،‬املتوىف سنة‬
‫(‪1032‬هـ= ‪1623‬م ) وله املرام يف أحوال البيت احلرام‪ .‬ومصطفى بايل بن سليامن‬
‫زاده املتوىف سنة (‪1069‬هـ= ‪1658‬م ) وله ميزان الفتاوى‪ ،‬واألحكام الصمدانية‪،‬‬
‫ورشح اهلداية‪ ،‬ورشح كنز الدقائق‪ ،‬وأحاديث أليب أيوب األنصاري‪ .‬وحافظ الواردايت‬
‫املفتي املتوىف نحو سنة (‪1060‬هـ= ‪1650‬م ) وله معني املنتهى يف الفرائض‪ ،‬ومعجم‬
‫مفهرس للقرآن الكريم‪ .‬ومال حسني بن إسكندر وله جممع املهامت الدينية عىل مذهب‬
‫السادة احلنفية‪ ،‬ومقدمة يف العقائد والفقه عىل مذهب اإلمام أيب حنيفة‪ ،‬والعبادة ووسيلة‬
‫السعادة‪ ،‬وجواهر املسائل فيام حيتاج إليه كل عاقل وجاهل‪ ،‬ولباب التجويد للقرآن‬
‫املجيد‪ ،‬وحتفة نجباء العرص‪ .‬وحممد بن حممود طرقجي زاده املتوىف سنة (‪1068‬هـ=‬
‫‪1657‬م ) صاحب جامع األسئلة العديدة يف زبد األجوبة املفيدة‪ ،‬وقانون العلامء يف‬
‫ديوان الفضالء‪ ،‬يف تاريخ احلنفية‪ ،‬وحتفة اإلخوان يف بيان احلالل واحلرام من احليوان‪،‬‬
‫وروضة العلوم يف املنطوق واملفهوم‪.‬‬
‫ويف جمال علوم القرآن الكريم‪ :‬حممد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي حميي‬
‫الدين شيخ زاده املتوىف سنة (‪950‬هـ= ‪1543‬م) صاحب‪ :‬حاشية عىل البيضاوي‪،‬‬
‫ورشح الشاطبية‪ ،‬وغريها‪ .‬ومصلح الدين مصطفى بن شعبان الرسوري املتوىف سنة‬
‫(‪996‬هـ= ‪1561‬م) صاحب‪ :‬تفسري سورة يوسف‪ ،‬وحاشية عىل البيضاوي‪ ،‬ورشح‬
‫األمثلة املختلفة‪ ،‬ورشح املصباح‪ ،‬ورشح مراح األرواح‪ ،‬وغريها‪ .‬وأبو السعود حممد‬
‫بن حممد بن مصطفى العامدي‪ ،‬املتوىف سنة (‪982‬هـ= ‪1574‬م) صاحب‪ :‬إرشاد العقل‬
‫السليم إىل مزايا الكتاب الكريم‪ ،‬ورسالة يف جواز وقف النقود‪ ،‬ورسالة يف املسح عىل‬
‫اخلفني‪ ،‬وحتفة الطالب يف املناظرة‪ ،‬وقصيدة ميمية يف الغزل‪ ،‬وقصة هاروت وماروت‪،‬‬
‫وغريها كثري‪ .‬ومصطفى عبد الرمحن اإلزمريي املتوىف سنة (‪1156‬هـ= ‪1743‬م)‬

‫‪-85-‬‬
‫صاحب‪ :‬عمدة الفرقان يف وجوه القرآن‪ ،‬وبدائع الربهان عىل عمدة الفرقان‪ ،‬وتقريب‬
‫حصول املقاصد يف ختريج ما يف النرش من الفوائد‪ ،‬وحصني القارئ يف اختالف املقارئ‪،‬‬
‫ورسالة الضاد‪ ،‬وغريهم‪.‬‬
‫ويف جمال العقائد‪ :‬عبد الباري بن طورخان بن طورميش السينويب‪ ،‬صاحب حياة‬
‫القلوب يف الرد عىل اخللوتية‪ .‬وحممد أبو اللطف البكري صاحب منية العباد إىل‬
‫االستعداد أليام املعاد‪ ،‬وحتفة األحباب يف الدعاء املستجاب‪ .‬وحممد بن بري عيل حميي‬
‫الدين الربكوي املتوىف سنة (‪981‬هـ= ‪1573‬م ) صاحب إنقاذ اهلالكني وله ترمجة‬
‫إىل اللغة الرتكية‪ ،‬والدر اليتيم يف التجويد‪ ،‬والرد عىل الشيعة‪ ،‬وحتفة املسرتشدين‬
‫يف بيان مذاهب فرق املسلمني‪ ،‬وجالء القلوب يف أسس العقيدة‪ ،‬وكتاب اإليامن‬
‫واالستحسان‪ ،‬ودامغة املبتدعني وكاشفة بطالن امللحدين‪ ،‬ورسالة يف أصول احلديث‪،‬‬
‫ومعدل الصالة‪ ،‬وذخر املتأهلني والنساء يف معرفة األطهار والدماء‪ ،‬وراحة الصاحلني‬
‫وصواعق املنافقني يف الفقه‪ ،‬ورسالة فيام شاع وذاع بعلم القرآن العظيم‪ ،‬والطريقة‬
‫املحمدية‪ ،‬وإيقاظ النائمني‪ ،‬وامتحان األذكياء يف النحو‪ ،‬وكتاب اإلرشاد‪ ،‬وروضات‬
‫اجلنات يف أصول االعتقاد‪ ،‬وإظهار األرسار يف النحو‪ ،‬ورشح األحاديث األربعني‪،‬‬
‫وحمك املتصوفني واملنتسبني إىل سلوك طريق اهلل‪ ،‬ورشح الدر اليتيم يف القراءة‪ ،‬وروضة‬
‫اجلنات يف العقائد‪ ،‬ونجاة األبرار‪ ،‬وغري ذلك كثري‪ .‬وأرشف معني الدين مريزا خمدوم‬
‫بن عبد الباقي احلسني الشريازي سبط الرشيف اجلرجاين املتوىف سنة (‪995‬هـ=‬
‫‪1587‬م ) صاحب النواقض يف الرد عىل الروافض‪ ،‬وذخرية العقبى يف ذم الدنيا‪ .‬وحييى‬
‫بن عيل بن نصوح نوعي املتوىف سنة (‪1007‬هـ= ‪1598‬م) صاحب حمصل املسائل‬
‫الكالمية وملخص وسائل العقائد اإلسالمية‪ .‬وعيل بن أمحد اهليتي اإلمام املتوىف‬
‫نحو سنة (‪1020‬هـ= ‪1611‬م) صاحب السيف الباتر ألقارب الشيعة والروافض‬
‫الكوافر‪ .‬والسيد مطهر بن عبد الرمحن بن عيل بن إسامعيل بن عرب قايض صاحب‬
‫رسالة يف تكفري الشيعة‪ ،‬ورسالة يف تفسري آية من سورة األحزاب‪ .‬وكايف حسن أفندي‬
‫األقحصاري املتوىف سنة (‪1025‬هـ= ‪1616‬م) صاحب روضات اجلنات يف أصول‬
‫االعتقادات‪ ،‬وأصول احلكم يف نظام العامل‪ ،‬ونور اليقني‪ .‬وحممد أمني األسكداري‬
‫املتوىف سنة (‪1149‬هـ= ‪1736‬م) صاحب رشح الكافية‪ ،‬ورشح املنار‪ ،‬ورشح إثبات‬

‫‪-86-‬‬
‫الواجب‪ ،‬ورشح العقائد العضدية‪ ،‬وحاشية عىل النونية‪ ،‬وجامع األنوار‪ .‬وحسني بن‬
‫يوسف األررضومي صاحب الرسالة املنجية من اخلطأ الواقع بني الفرقة الناجية وغري‬
‫الناجية‪ ،‬ألفها سنة (‪1154‬هـ= ‪1741‬م)‪.‬‬
‫ويف جمال التصوف‪ :‬شيخ حامد بن جالل الدين احلارثي شيخ زاده اهلندي املتوىف‬
‫يف إستانبول سنة (‪959‬هـ= ‪1522‬م) صاحب لطائف اإلشارات يف منازل السائرين‬
‫ومقامات العارفني‪ .‬وأمحد يوسف بن يعقوب اخللويت سنبل سنان أفندي‪ ،‬املتوىف سنة‬
‫(‪989‬هـ= ‪1581‬م ) صاحب الرسالة التحقيقية لطالب اإليقاف يف طريقة الصوفية‬
‫املحمدية ألهل العرفان‪ .‬وعبد املجيد بن نصوح بن إرسائل صاحب رياض الناصحني‬
‫وحياض السالكني ورسور الناظرين ونور البارصين‪ ،‬وتضليل التأويل‪ .‬وعزيز حممود‬
‫األسكداري هدائي‪ ،‬املتوىف سنة (‪1038‬هـ= ‪1628‬م ) صاحب حياة األرواح ونجاة‬
‫األشباح‪ ،‬وفتح الباب ورفع احلجاب‪ ،‬وخاصة األخبار يف أحوال النبي املختار‪،‬‬
‫واملجالس‪ ،‬والترب املسبوك املشتمل عىل ما جرى من اللطائف يف أثناء السلوك‪ ،‬وجامع‬
‫الفضائل وقامع الرذائل‪ ،‬وكشف القناع عن وجه السامع‪ ،‬ومفتاح الصالح ومرقاة‬
‫الفالح‪ ،‬وحبة املحبة‪ ،‬ورسالة يف الطريقة املحمدية وسيلة إىل السعادة الرسمدية‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫وإبراهيم حقي بن عثامن الفقريي األرض رومي‪ ،‬املتوىف سنة (‪1186‬هـ= ‪1772‬م)‪،‬‬
‫صاحب‪ :‬حصن العارفني‪ ،‬ومنتخبات املثنوي يف تقليل األكل كتبه بالفارسية‪ ،‬واإلنسان‬
‫الكامل‪ ،‬واملربعات العربية‪ ،‬ومائة ومخسون حكمة‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫ويف جمال السياسة والفلسفة‪ :‬القايض حسني بن حسن السمرقندي‪ ،‬أحد كتاب‬
‫القرن العارش اهلجري‪ ،‬السادس عرش امليالدي‪ ،‬صاحب كتاب الكنوز يف حل الرموز‪،‬‬
‫وخالص األمة يف معرفة األمة‪ .‬وحممود بن إسامعيل بن إبراهيم ميكائيل اخلريري‪ ،‬أحد‬
‫كتاب القرن احلادي عرش اهلجري‪ ،‬السابع عرش امليالدي‪ ،‬صاحب كتاب‪ :‬الدرة الغراء‬
‫يف نصائح امللوك والوزراء‪ ،‬ورشح اإلعراب عن قواعد اإلعراب‪ ،‬وغريه‪.‬‬
‫ويف جمال الفلك والطبيعة‪ :‬حممود بن حممد مريم جلبي‪ ،‬املتوىف سنة (‪931‬هـ=‬
‫‪1524‬م) صاحب رسالة اجليب اجلامعة‪ ،‬ورسالة يف أحكام الطالع‪ ،‬ورسالة يف حتقيق‬
‫سمت القبلة‪ ،‬ورشح الرسالة الفتحية‪ ،‬وغريها‪ .‬وأسعد بن عيل بن عثامن اليانيوي املتوىف‬
‫سنة (‪1134‬هـ= ‪1722‬م) صاحب‪ :‬التعليم الثالث أو ترمجة الكتب الثامنية ألرسطو‪،‬‬

‫‪-87-‬‬
‫ورشح األنوار يف املنطق‪ ،‬وترمجة كتاب أرسطو يف املنطق‪ ،‬وترمجة كالم احلكامء يف‬
‫املنطق وغريه‪ ،‬وخمترص مطالع األنوار يف املنطق‪ ،‬وترمجة رشح مطالع األنوار‪ ،‬واملشاري‬
‫واملطارحات يف املنطق‪ ،‬وترمجة كالم احلكامء يف احلكمة الطبيعية‪.‬‬
‫ويف جمال الطب‪ :‬حممد بن حممد القوصوين بدر الدين (قيصوين زاده) املعروف‬
‫بندائي‪ ،‬أحد علامء القرن العارش اهلجري‪ ،‬السادس عرش امليالدي‪ ،‬صاحب زاد املسري‬
‫يف عالج البواسري‪ ،‬ومقالة يف جواز استعامل حجر البادزهر احليواين‪ ،‬ودستور الطب‬
‫املصباح‪ ،‬وكامل الفرحة يف دفع السموم وحفظ الصحة‪ ،‬ومقالة يف احلامم‪ ،‬والدرة‬
‫املنتخبة فيام من األغذية املجرية‪ ،‬وله نصائح يف القهوة‪ ،‬وكتاب منافع الناس‪ .‬وصالح‬
‫بن نرص اهلل احللبي حكيم بايش بن سلوم املتوىف سنة (‪1081‬هـ= ‪1670‬م) صاحب‪:‬‬
‫غاية البيان يف تدبري بدن اإلنسان‪ ،‬وغاية اإلتقان يف تدبري بدن اإلنسان‪ ،‬ومركبات‪،‬‬
‫واألقرباذين‪.‬‬
‫ويف املوسيقا‪ :‬حممد بن عبد احلميد الالذقي أحد أعالم القرن العارش اهلجري‪،‬‬
‫السادس عرش امليالدي‪ ،‬صاحب الفتحية يف علم املوسيقا‪ ،‬وزين اإلحسان يف علم‬
‫التأليف واألوزان‪ .‬وحممد أفندي بن أمحد بن حممود بن حممد الكنجي بن أيب عرصون‪،‬‬
‫املتوىف نحو سنة (‪1150‬هـ= ‪1737‬م) صاحب‪ :‬بلوغ املنى يف تراجم أهل الغناء‪،‬‬
‫ورشف النبيه يف جتريد التشبيه‪.‬‬
‫ويف جمال التأليف املوسوعي‪ :‬شمس الدين أمحد بن سليامن بن كامل باشا‪ ،‬املتوىف سنة‬
‫(‪940‬هـ= ‪1533‬م)‪ ،‬صاحب‪ :‬رسالة يف حتقيق العلم‪ ،‬رسالة يف جواز االستئجار عىل‬
‫تعليم القرآن‪ ،‬ورسالة فيام يتعلق بخلق القرآن‪ ،‬ورسالة يف أن القرآن كالم اهلل القديم‪،‬‬
‫ورسالة يف إعجاز القرآن‪ ،‬وتفسري القرآن الكريم‪ ،‬ورسالة يف التفسري‪ ،‬والنوادر اللطائف‬
‫يف تفسري اآليات التي احتوت عىل النكت والطرائف‪ ،‬وتفسري سورة امللك‪ ،‬ورسالة يف‬
‫تسمية آية الكريس سيد القرآن‪ ،‬ورسالة يف أنواع علم احلديث‪ ،‬ورشح أربعني حدي ًثا‪،‬‬
‫وفصل يف ظهور احلق ومظاهر األشياء‪ ،‬ورسالة يف اجلرب والقدر‪ ،‬ورسالة يف تفضيل‬
‫البرش عىل امللك‪ ،‬ورسالة يف تفضيل األنبياء عىل املالئكة‪ ،‬ورسالة يف حتقيق املعجزة‪،‬‬
‫ورسالة يف القول‪ :‬إن الشهداء أحياء يف الدنيا‪ ،‬وعلم احلقائق‪ ،‬ويف حتقيق لفظ الزنديق‬
‫وتوضيح معناه الدقيق‪ ،‬ورسالة يف الفقر‪ ،‬واإلصالح يف الفقه‪ ،‬ويف أدب القايض‪ ،‬ويف‬

‫‪-88-‬‬
‫حتقيق مسألة االستخالف‪ ،‬ورسالة يف الروح‪ ،‬ورسالة يف آداب البحث‪ ،‬ويف حتقيق‬
‫توقيفية أسامء اهلل تعاىل‪ ،‬ويف الكالم النفيس‪ ،‬وبيان حد اخلمر‪ ،‬ورجوع الشيخ إىل صباه‪،‬‬
‫وتعليم الزمر وحتريم اخلمر‪ ،‬وحتقيق معنى النظم والصياغة‪ ،‬ورسالة يف تقسيم املجاز‬
‫واالستعارة‪ ،‬وحتقيق الكناية واالستعارة‪ ،‬ورسالة يف بيان طبقات الفقهاء‪ ،‬ورسالة يف‬
‫طبقات املجتهدين‪ ،‬ورسالة يف بيان أحوال السلف وطبقاهتم من العلامء الراسخني‪،‬‬
‫وغريها كثري‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬أثر العلامء العرب يف الدولة العثامنية‪:‬‬
‫كان هناك العديد من الشيوخ واألئمة والعلامء العرب واملسلمني الذين كان هلم‬
‫تأثري واضح ومهم يف الطالب العثامنيني دون غريهم؛ وذلك لقرب بلداهنم من الدولة‬
‫العثامنية نفسها‪ ،‬أو لوصول الطالب العثامنيني الذين انشغلوا بالعلم والبحث عن‬
‫العلوم الرشعية والفقهية إليهم‪ ،‬ولذلك اختصوا هبؤالء العلامء واألئمة دون غريهم‪،‬‬
‫وكان من أشهر هؤالء العلامء والشيوخ‪:‬‬
‫الشيخ شمس الدين حممد بن اجلزري‪ ،‬املتوىف سنة (‪833‬هـ = ‪1387‬م)‪ ،‬أحد‬
‫أبرز علامء عرصه يف علم القراءات‪ ،‬الذي كان أحد كبار العلامء املرصيني الذين تركوا‬
‫واضحا يف احلياة العلمية عند العثامنيني‪ ،‬وكان قد سافر إىل مدينة اإلسكندرية سنة‬
‫ً‬ ‫أثرا‬
‫ً‬
‫(‪789‬هـ = ‪1387‬م)‪ ،‬ثم ما لبث أن انتقل منها إىل أنطالية بطريق البحر‪ ،‬ومنها إىل‬
‫بورصة عاصمة الدولة العثامنية يف ذلك الوقت‪ ،‬وهناك التحق بالسلطان العثامين بايزيد‬
‫الصاعقة‪ ،‬وجلس هبا للتدريس فأخذ عنه كثري من طالب العلم‪ ،‬وخصص له السلطان‬
‫كبريا‪ ،‬وملا هزم السلطان بايزيد أمام قوات تيمورلنك سنة (‪805‬هـ = ‪1402‬م)‬ ‫رات ًبا ً‬
‫انتقل إىل مدينة كش وسمرقند التي استقر هبا فرتة يدرس ويعلم‪ ،‬ثم جعله تيمورلنك‬
‫قاض ًيا عىل شرياز‪ ،‬فظل هبا فرتة طويلة‪ ،‬والبن اجلزري العديد من املؤلفات يف القراءات‬

‫‪-89-‬‬
‫العرش‪ ،‬وله ذيل عىل طبقات القراء لإلمام شمس الدين الذهبي‪ ،‬وطبقات القراء‪،‬‬
‫وخمترص التقريب‪ ،‬وجتبري التفسري يف القراءات العرش‪ ،‬ورشح املصابيح‪ ،‬وطيبة النرش يف‬
‫(‪)1‬‬
‫القراءات العرش‪ ،‬والدرجات العلية يف طبقات احلنفية‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫وبدر الدين أبو الفتح عبد الرحيم بن عبد الرمحن بن أمحد العبايس الشافعي القاهري‬
‫اإلستانبويل‪ ،‬املتوىف سنة (‪963‬هـ = ‪1556‬م)‪ ،‬وكان قد ولد يف القاهرة‪ ،‬ثم رحل إىل‬
‫إستانبول وعاش هبا مدة طويلة‪ ،‬ثم عاد إىل القاهرة حيث مات هبا‪ ،‬وله كتب منها‪ :‬أنفع‬
‫(‪)2‬‬
‫الوسائل إىل بديع الرسائل‪ ،‬واملواعد الوفية‪.‬‬
‫السقيفي الدمشقي» املتوىف سنة (‪1056‬هـ =‬ ‫و«يوسف بن أيب الفتح بن منصور ُّ‬
‫‪1646‬م) وكان قد ولد يف دمشق سنة (‪994‬هـ = ‪1586‬م) وكان والده واع ًظا باملدرسة‬
‫السليمية‪ ،‬وإما ًما للسلطان العثامين «عثامن الثاين» يف إستانبول‪ ،‬ثم ما لبث أن عاد إىل‬
‫دمشق بعد قتل السلطان‪ ،‬فعمل واع ًظا يف اجلامع األموي‪ ،‬وأستا ًذا يف املدرسة السليمية‪،‬‬
‫ثم رحل إىل إستانبول حيث دعاه السلطان مراد الرابع سنة (‪1044‬هـ = ‪1634‬م )‬
‫(‪)3‬‬
‫ليكون إما ًما له‪ ،‬فظل هبذا املنصب حتى وفاته‪.‬‬
‫و«حممد بن يوسف الكريمي الدمشقي»‪ ،‬وكان قد ولد يف دمشق سنة (‪1008‬هـ =‬
‫مدرسا‬
‫ً‬ ‫‪1599‬م )‪ ،‬ثم رحل إىل إستانبول مع والده سنة (‪1028‬هـ= ‪1619‬م )‪ ،‬وعمل‬
‫باملدرسة العزية بدمشق بعد وفاة والده‪ ،‬ثم أصبح قاض ًيا يف استانبول‪ ،‬ولكنه ما لبث أن‬
‫(‪)4‬‬
‫اعتزل احلياة زهدً ا‪ ،‬إىل وفاته سنة (‪1068‬هـ = ‪1657‬م)‪ ،‬وله ديوان شعر ورسائل‪.‬‬
‫وشهاب الدين «أمحد بن حممد بن عمر» املرصي الشافعي‪ ،‬املعروف بالشهاب‬
‫اخلفاجي‪ ،‬قايض القضاة‪ ،‬وكان قد ولد يف رسياقوس يف مرص‪ ،‬ودرس بالقاهرة عىل كبار‬
‫علامء وقته‪ ،‬ثم رحل إىل مدينة إستانبول حيث واصل دراسته هناك‪ ،‬وملا خترج أصبح‬
‫قاض ًيا يف بالد الروم ثم يف سالونيكي‪ ،‬وعينه السلطان مراد قايض العسكر يف مرص‪ ،‬ولكنه‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬إنباء الغمر البن حجر العسقالين‪ ،248 – 245/ 8 :‬وبدائع الزهور البن إياس‪ ،487 / 1 :‬الشقائق النعامنية‬
‫لطاشكربي زاده‪ ،‬استانبول‪ 1405 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪ ، 37‬الثقافة الرتكية يف مرص ألكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬ص ‪168 – 167‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬تاريخ األدب العريب لكارل بروكلامن‪51 - 50 / 8 :‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬خالصة األثر للمحبي‪ ،493 / 4 :‬وتاريخ األدب العريب لكارل بروكلامن‪25 - 24 / 8 :‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬خالصة األثر للمحبي‪ ،273 / 4 :‬وتاريخ األدب العريب لكارل بروكلامن‪27 - 26 / 8 :‬‬

‫‪-90-‬‬
‫ما لبث أن عاد إىل إستانبول فظل هبا وقتًا من الزمن‪ ،‬ثم عاد إىل القاهرة‪ ،‬حيث مات‬
‫هبا سنة (‪1069‬هـ= ‪1659‬م)‪ ،‬وكان اخلفاجي قد ترك ترا ًثا عظيماً من املؤلفات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ديوان شعر‪ ،‬وكتاب خبايا الزوايا فيام يف الرجال من بقايا‪ ،‬وكتاب رحيانة األلبا ونزهة‬
‫احلياة الدنيا‪ ،‬وطراز املجالس‪ ،‬وشفاء الغليل فيام يف كالم العرب من الدخيل‪ ،‬ورشح درة‬
‫الغواص للحريري‪ ،‬وحاشية عىل البيضاوي‪ ،‬وقصيدة يف مدح النبي‪ ، ،‬وله معارضة‬
‫(‪)1‬‬
‫ملقصورة ابن دريد‪ ،‬وديوان األدب يف ذكر شعراء العرب‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫و «حممد أمني ابن فضل اهلل بن حمب اهلل بن حممد حمب الدين بن أيب بكر تقي الدين‬
‫بن داود املحبي» ‪ ،‬أحد كبار العلامء والشعراء واملؤرخني يف القرنني احلادي عرش والثاين‬
‫عرش اهلجريني‪ .‬ولد املحبي يف دمشق سنة (‪1061‬هـ = ‪1651‬م) ونشأ هبا يف كنف‬
‫والده فوجهه إىل طلب العلم‪ ،‬فقرأ عىل كبار علامء وقته‪ ،‬ورحل إىل بريوت مع والده‬
‫سنة (‪ 1077‬هـ = ‪1666‬م) ثم تركها وانتقل إىل استانبول سنة (‪ 1081‬هـ = ‪1670‬م)‬
‫حيث عمل هناك لسنوات‪ ،‬ثم ما لبث أن رحل إىل بريوت‪ ،‬ومنها إىل دمشق‪ ،‬ثم رحل‬
‫سنة (‪1086‬هـ = ‪1675‬م) إىل بروسة يف صحبة املفتي « حممد بن عبد احلليم»‪ ،‬الذي‬
‫واله منصب وايل قايض العسكر‪ ،‬ثم ما لبث أن رحل يف رفقته إىل استانبول‪ ،‬وظل‬
‫معه حتى مات يف سنة (‪1092‬هـ = ‪1681‬م) فرحل املحبي إىل دمشق وظل هبا إىل‬
‫أن خرج للديار احلجازية ألداء فريضة احلج سنة (‪1101‬هـ= ‪1690‬م)‪ ،‬فعمل نائ ًبا‬
‫لقايض مكة‪ ،‬ثم رحل إىل مرص‪ ،‬فناب يف القضاء هبا‪ ،‬ثم خرج للحج‪ ،‬ودخل دمشق‬
‫فدرس باملدرسة األمينية‪ ،‬فظل هبا إىل وفاته سنة (‪1111‬هـ= ‪1699‬م)‪ .‬وله العديد‬
‫من املؤلفات‪ ،‬منها‪ :‬خالصة األثر يف تراجم أهل القرن احلادي عرش‪ ،‬ونفحة الرحيانة‬
‫ورشحة طالء احلانة‪ ،‬وهو ذيل عىل رحيانة األلبا لشهاب الدين اخلفاجي‪ ،‬وما يعول‬
‫عليه يف املضاف واملضاف إليه‪ ،‬واملثنى الذي ال يكاد يتثنى‪ ،‬وقصد السبيل فيام يف لغة‬
‫العرب من الدخيل‪ ،‬وبراحة األرواح جالبة الرسور واألفراح‪ ،‬وهو رجز يف احلكم‪،‬‬
‫والدر املرصوف يف الصفة واملوصوف‪ ،‬وحاشية عىل القاموس سامها بالناموس‪ ،‬وله‬
‫ديوان شعر‪ ،‬وله شعر لطيف مشهور أودع غالبه يف كتابيه «خالصة األثر»‪ ،‬و« نفحة‬
‫(‪)2‬‬
‫الرحيانة »‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬خالصة األثر للمحبي‪ ،331 / 1 :‬تاريخ اآلداب العربية جلرجي زيدان‪ ،126 / 4 :‬وتاريخ األدب العريب‬
‫لكارل بروكلامن‪ ،57 - 55 / 8 :‬تاريخ األدب العريب (العرص العثامين ) للدكتور عمر موسى باشا‪ ،‬ص ‪53 – 52‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬سلك الدرر للمرادي‪ ،86 / 4 :‬تاريخ اآلداب العربية جلرجي زيدان‪ ،295 / 3 :‬وتاريخ األدب العريب لكارل‬

‫‪-91-‬‬
‫خامسا‪ :‬علامء مجعوا بني الثقافتني العربية والرتكية‪:‬‬
‫ً‬
‫مع بداية نشاط العنارص الرتكية وسيطرهتا عىل كثري من مقاليد األمور يف البلدان‬
‫ومرورا‬
‫ً‬ ‫العربية بداية من عهد «أمحد بن طولون» مؤسس الدولة الطولونية يف مرص‪،‬‬
‫بالدولة األيوبية والدولة اململوكية وانتها ًء بالدولة العثامنية‪ ،‬ظهرت احلاجة إىل التعرف‬
‫عىل لغات تلك األجناس املختلفة وتعدد عنارصها‪ ،‬وحماولة إجياد الوسيلة لالقرتاب‬
‫من هؤالء احلكام‪ ،‬فظهرت الكتب العربية التي تتحدث عن اللغة الرتكية‪ ،‬وترشح‬
‫قواعدها‪ ،‬فظهرت العديد من الكتب املرتمجة من اللغة العربية إىل اللغة الرتكية‪ ،‬ومن‬
‫(‪)1‬‬
‫اللغة الرتكية إىل العربية‪.‬‬
‫ومن أهم هذه املؤلفات‪ :‬كتاب «األنوار املضيئة» لبيليك القبجاقي‪ ،‬وكان ح ًّيا‬
‫سنة (‪660‬هـ = ‪1262‬م)‪ .‬وكتاب «الصحيح من الدرة املضيئة» لعامد الدين داود بن‬
‫معارصا للسابق‪ .‬وكتاب «العمدة القوية يف اللغة‬‫ً‬ ‫عيل بن حممد الوراق املرصي‪ ،‬وكان‬
‫الرتكية»ألمني الدين حممد بن عبد الويل البعيل املرصي‪ .‬وكتاب «جمموع ترمجان تركي‬
‫وأعجمي ومغويل » وهو معجم ملجهول‪ .‬وكتاب «حلية اإلنسان وحلبة اللسان» وهو‬
‫معجم تركي البن املهنا‪ ،‬أحد كتاب القرن الثامن اهلجري‪ ،‬الرابع عرش امليالدي‪ .‬وكتاب‬
‫«قواعد لسان الرتك» لفخر الدين الديوريكي املتوىف سنة (‪713‬هـ= ‪1313‬م)‪ .‬وكتاب‬
‫«اإلدراك للسان األتراك» أليب حيان األندليس املتوىف سنة (‪745‬هـ = ‪1344‬م )‪.‬‬
‫وكتاب « القوانني الكلية يف ضبط اللغة الرتكية » لكاتب جمهول‪ ،‬يعود تاريخ كتابته إىل‬
‫عرص تيمورلنك‪ .‬وكتاب «بلغة املشتاق يف لغة الرتك والقفجاق» جلامل الدين أبو حممد‬
‫عبد اهلل الرتكي‪ .‬وكتاب «التحفة الزكية يف اللغة الرتكية» وهو كتاب مدريس لتعليم اللغة‬
‫الرتكية القفجاقية‪ ،‬وقد طبع بمجمع اللغة الرتكية سنة (‪1945‬م)‪.‬‬
‫نظرا هلذا التبادل الثقايف والعلمي املتبادل بني اجلانبني العريب‬
‫وكان من الطبيعي ً‬
‫والرتكي أن يظهر الكثري من العلامء الذين مجعوا بني الثقافتني واللغتني العربية والرتكية‪،‬‬

‫بروكلامن‪ ،81 - 79 / 8 :‬تاريخ األدب العريب (العرص العثامين ) للدكتور عمر موسى باشا‪ ،‬ص ‪ ،627‬األعالم للزركيل‪:‬‬
‫‪266 / 6‬‬
‫‪ -1‬انظر‪ :‬الثقافة الرتكية يف مرص جوانب من التفاعل احلضاري بني املرصيني واألتراك مع معجم لأللفاظ الرتكية يف‬
‫العامية املرصية‪ ،‬ألكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬ص ‪138‬‬

‫‪-92-‬‬
‫وهلذا فقد سعى كثري من العلامء تعلم اللغة الرتكية بجانب لغته العربية‪ ،‬مثل‪ :‬الشيخ‬
‫عبد القادر بن عمر البغدادي املتوىف سنة (‪1093‬هـ= ‪1682‬م ) أحد أعالم العربية يف‬
‫العرص العثامين‪ ،‬الذي كان أحد كبار العارفني باللغة الفارسية والرتكية والعربية‪.‬‬
‫‪ -‬والشيخ «حممد بن إسامعيل السكندري» املتوىف سنة (‪1183‬هـ= ‪1769‬م) الذي‬
‫كان جييد اللغة الرتكية والفارسية‪ ،‬وله أشعار جيدة باللغات الثالث‪ ،‬وكذلك من‬
‫النوادر واحلكايات‪.‬‬
‫‪ -‬والشيخ «عيل بن حممد اجلزائري املرصي» املتوىف سنة (‪1185‬هـ = ‪1771‬م)‬
‫الذي استطاع أن يتقرب من أمراء الرتك يف وقته نتيجة إلجادته اللغة الرتكية‪.‬‬
‫‪ -‬و«حسن الدرويش» املتوىف سنة (‪1231‬هـ = ‪1815‬م) الذي كان جييد اللغتني‬
‫الرتكية والعربية والرياضيات واألدب وغري ذلك‪.‬‬
‫أهم نتائج البحث‪:‬‬
‫يتضح لنا مما سبق بيانه يف هذا البحث جمموعة نتائج نجملها يف اآليت‪:‬‬
‫إن العثامنيني قد وضعوا اللغة العربية‪ ،‬لغة القرآن الكريم نصب أعينهم‪ ،‬ومبتغاهم‪،‬‬
‫ووسيلتهم إىل حفظ القرآن الكريم‪ ،‬وفهم معانيه‪ ،‬وتفسريه‪ ،‬وفقه ما فيه من أحكام‪،‬‬
‫ال هلم إىل رضوان اهلل – تعاىل – عليهم‪ ،‬ورضوان‬ ‫كام أهنم اعتربوا ذلك طري ًقا وسبي ً‬
‫نبيهم ‪ ،‬وبذلك يصلون إىل جنة رهبم سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫وحفل العرص العثامين عىل إمتداد عصوره واتساع أراضيه بالعديد من املؤلفني‬
‫والعلامء الذين يرجع أصلهم إىل اجلنس الرتكي‪ ،‬والذين كانت هلم مؤلفات مهمة كتبت‬
‫باللغة العربية‪ ،‬يف خمتلف جماالت العلوم اإلسالمية‪.‬‬
‫كام كثر العلامء األتراك الذين انتقلوا إىل مرص والشام من أجل تلقي العلوم اإلسالمية‬
‫باللغة العربية‪ ،‬فبلغ منهم كثريون منـزلة كبرية يف البلدان العربية‪.‬‬
‫كام اتضح أن أكثر مؤلفات العلامء األتراك كانت باللغة العربية‪ ،‬ويدلنا عىل هذا الكم‬
‫اهلائل من املؤلفات والرتاث العريب اإلسالمي الذي تركوه لنا يف جمال الفقه والتفسري‬
‫وعلوم القرآن واحلديث النبوي الرشيف‪ ،‬واللغة العربية من نحو ورصف‪ ،‬والشعر‬
‫العريب‪ ،‬والنثر العريب‪ ،‬والرحالت‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬

‫‪-93-‬‬
‫أهم املصادر واملراجع‪:‬‬

‫أكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬وصالح سعداوي صالح‪ ،‬الثقافة الرتكية يف مرص جوانب من‬
‫التفاعل احلضاري بني املرصيني واألتراك مع معجم لأللفاظ الرتكية يف العامية املرصية‪،‬‬
‫مركز األبحاث للتاريخ والفنون والثقافة اإلسالمية باستانبول‪ 2003 ،‬م‪.‬‬

‫ابن إياس (حممد بن أمحد)‪ :‬بدائع الزهور يف وقائع الدهور ‪ -‬اهليئة املرصية العامة‬
‫للكتاب ‪ -‬القاهرة ‪ -‬الطبعة الثانية ‪1402 -‬هـ = ‪1982‬م‪.‬‬
‫محد بن صادق اجلامل‪ :‬اجتاهات الفكر اإلسالمي املعارص يف مرص يف النصف‬
‫األول من القرن الرابع عرش اهلجري‪ ،‬دار عامل الكتب للطباعة والنرش والتوزيع‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬الطبعة األوىل‪ 1414 ،‬هـ = ‪1994‬م‪.‬‬
‫عبدالعزيز حممد الشناوي‪ :‬الدولة العثامنية دولة إسالمية مفرتى عليها ‪ -‬مكتبة‬
‫األنجلو املرصية ‪ -‬القاهرة ‪1984 -‬م‪.‬‬
‫عبد العزيز حممد الشناوي‪ :‬دور األزهر يف احلفاظ عىل الطابع العريب ملرص‪ ،‬بحث‬
‫ضمن أبحاث الندوة الدولية لتاريخ القاهرة ( مارس ـ أبريل ‪1969‬م)‪ ،‬وزارة الثقافة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مطبعة دار الكتب‪1971 ،‬م‪.‬‬
‫ابن العامد احلنبيل (عبد احلي بن أمحد ) ‪ -‬شذرات الذهب يف أخبار من ذهب‪-‬‬
‫حتقيق حممود األرناؤوط‪ -‬دار ابن كثري‪ -‬بريوت‪1406 -‬هـ= ‪1986‬م‪.‬‬
‫كارل بروكلامن‪ :‬تاريخ األدب العريب ( العرص العثامين )‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممود فهمي‬
‫حجازي‪ ،‬وعمر صابر عبد اجلليل‪ ،‬اهليئة املرصية العامة للكتاب‪1995 ،‬م‪.‬‬
‫جمموعة من العلامء‪ :‬موسوعة سفري للتاريخ اإلسالمي‪ ،‬اجلزء الثامن‪ ،‬الدولة‬
‫العثامنية‪ ،‬رشكة سفري‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫املحبي ( حممد أمني )‪ :‬خالصة األثر يف أعيان القرن احلادي عرش‪ ،‬طبعة مرص‪،‬‬
‫‪ 1284‬هـ ‪.‬‬

‫‪-94-‬‬
‫املحبي ( حممد أمني )‪ :‬نفحة الرحيانة ورشحة طالء احلانة‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الفتاح‬
‫حممد احللو‪ ،‬طبع بدار إحياء الكتب العربية عيسى البايب احللبي ‪1387‬هـ = ‪ 1969‬م‪.‬‬
‫املحبي ( حممد أمني )‪ :‬ذيل نفحة الرحيانة ورشحة طالء احلانة‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الفتاح‬
‫حممد احللو‪ ،‬طبع بدار إحياء الكتب العربية عيسى البايب احللبي ‪1387‬هـ = ‪ 1969‬م‪.‬‬
‫يلامز أوزتونا‪ :‬تاريخ الدولة العثامنية ‪ -‬منشورات مؤسسة فيصل للتمويل ‪-‬‬
‫إستانبول ‪ -‬الطبعة األوىل ‪1408 -‬هـ = ‪1988‬م‪.‬‬

‫‪-95-‬‬
‫اللغة العربية يف ظل الدولة العثمانية‬

‫د‪ .‬عيد فتحي عبد اللطيف‬


‫جامعة بايبورت ‪ -‬تركيا‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ادعى كثري من املفكرين والكتَّاب العرب أن العثامنيني قد سعوا للقضاء عىل اللغة‬
‫العربية‪ ،‬وكان هؤالء املفكرون والكتَّاب قد لفوا لف املسترشقني الذين حاربوا الدولة‬
‫العثامنية وتارخيها بغية تشويه صورة تلك الدولة العظيمة التي كانت الدولة اإلسالمية‬
‫األوىل واألخرية التي استطاعت السيطرة عىل أوربا وعىل دوهلا الواحدة تلو األخرى‪،‬‬
‫وعاشت مسيطرة عىل تلك البالد قرونا ُم َت َعدِّ دة من الزمان‪ ،‬فأثرت فيها لغو ًّيا ودين ًّيا‪.‬‬
‫وسوف نرد عىل هذا االدعاء الكاذب الذي ال يقف أمام النقد‪ ،‬والذي ليس لديه‬
‫أدلة تثبت ما ذهب إليه هؤالء‪ ،‬وهناك الكثري من الشواهد واألدلة التي تدل عىل عدم‬
‫حماربة الدولة العثامنية للغة العربية أو التفكري يف القضاء عليها‪ ،‬وذلك باملحاور اآلتية‪:‬‬
‫األول‪ :‬عناية سالطني العثامنيني باللغة العربية‪:‬‬
‫تناسى هؤالء املفكرون واملسترشقون الذين اهتموا الدولة العثامنية بمعاداة اللغة‬
‫العربية‪ ،‬ارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم الذي كان يسيطر عىل قلوب العثامنيني‬
‫وعقوهلم‪ ،‬كام نسوا ما كان للغة العربية من مكانة خاصة لدهيم‪ ،‬فهؤالء كانوا من‬
‫املسلمني الذين دخلوا يف اإلسالم عن قناعة‪ ،‬وحفظوا القرآن الكريم‪ ،‬فسيطر عىل‬

‫‪-97-‬‬
‫ونرشا ألفكاره وتعاليمه يف كل‬ ‫ً‬ ‫عقوهلم وأفكارهم‪ ،‬فخرجوا دفا ًعا عن دين اإلسالم‪،‬‬
‫مكان ‪ -‬وخصوصا يف أوربا النرصانية ‪ -‬فسيطروا عىل تلك البالد‪ ،‬ونرشوا اإلسالم يف‬
‫ربوعها‪.‬‬
‫كام كان العثامنيون حيرتمون اللغة العربية وحيبوهنا؛ لكون النبي عرب ًّيا‪ ،‬ولنـزول‬
‫َان ثقافة غنية‪ ،‬كان املجتمع‬‫القرآن الكريم باللغة العربية؛ وألن اللغة العربية وآداهبا يكون ِ‬
‫ِّ‬
‫العثامين جز ًءا منها‪ ،‬حيث كان املتعلم للغة العربية يعامل معاملة متميزة‪ ،‬ويلقى الكثري‬
‫من االحرتام(‪.)1‬‬
‫وهلذا حظيت الثقافة العربية اإلسالمية باهتامم األتراك بعد اعتناقهم اإلسالم‪،‬‬
‫وتبنتها مجيع الدول الرتكية اإلسالمية ابتدا ًء من دولة القرخانيني ونزوالً إىل دولة‬
‫وأخريا الدولة العثامنية‪.‬‬
‫ً‬ ‫السالجقة ودويالت منطقة األناضول‪،‬‬
‫واستمرت اللغة العربية ‪ -‬بوصفها لغة القرآن الكريم‪ -‬لغة ثقافية مشرتكة جلميع‬
‫الشعوب التي كانت حتت سيطرة الدول العثامنية‪ ،‬وأصبحت املؤلفات ‪-‬دينية كانت‬
‫أم غري دينية‪ -‬تكتب باللغة العربية‪ ،‬حتى برز العديد من العلامء األتراك العثامنيني‪،‬‬
‫وظهرت بصامهتم عىل هذه الثقافة‪ ،‬واضحة جلية‪.‬‬
‫وبلغ األزهر الرشيف يف العرص العثامين قمة زعامته للمؤسسات التعليمية التي‬
‫كانت توجد منذ زمن األيوبيني واملامليك‪ ،‬وأظهر العثامنيون احرتا ًما وتعظيماً لألزهر‬
‫وعلامئه‪ ،‬إذ كان األزهر يف ذلك الوقت ومنذ عهد األيوبيني قد أصبح املركز الرئيس‬
‫للدراسات السنية يف العامل اإلسالمي‪ ،‬والعثامنيون يعتنقون املذهب السني ويتعصبون‬
‫له‪ ،‬فكان من الطبيعي أن يلقى األزهر الرشيف تقدير سالطني العثامنيني‪ ،‬وظهر هذا‬
‫واضحا وجل ًّيا منذ أن زاره السلطان سليم األول عقب دخوله مرص مرات ُم َت َعدِّ دة‪،‬‬ ‫ً‬
‫وصىل به‪ ،‬وأكرم شيوخه‪ ،‬وعىل هذا سار من جاء بعده من سالطني الدولة العثامنية‪،‬‬
‫غزيرا‬
‫رصحا شاخمًا يقوم بدوره احلضاري اخلالد‪ ،‬ونب ًعا ً‬ ‫ً‬ ‫حيث استمر األزهر الرشيف‬
‫للدراسات الدينية واللغوية واألدبية‪ ،‬يستقبل طالب العلم من املرشق واملغرب‪،‬‬
‫وكذلك العلامء الذين تعلموا يف بالدهم‪ ،‬والذين أخذوا يرتددون عىل أروقته ومكتباته‪،‬‬
‫َيدْ ُر ُسون و ُيدَ ِّر ُسون‪ ،‬وهكذا ظل األزهر الرشيف أمينًا عىل اللغة العربية‪ ،‬وحماف ًظا‬

‫أيضا‪ :‬اجتاهات الفكر اإلسالمي املعارص يف مرص حلمد‬


‫‪ -1‬انظر‪ :‬تاريخ الدولة العثامنية ليلامز أوزتونا‪ ،813 / 2 :‬وانظر ً‬
‫بن صادق اجلامل‪ :‬ص ‪ 108‬ـ ‪109‬‬

‫‪-98-‬‬
‫عىل الثقافة اإلسالمية العربية‪ ،‬مثر ًيا املكتبة اإلسالمية والعربية بروائع إنتاج العلامء‬
‫املسلمني‪ ،‬طوال فرتة حكم الدولة العثامنية (‪ ،)1‬وحتى يومنا هذا‪.‬‬
‫كبريا يف ظل الدول العثامنية بعد أن أصبح هلا‬ ‫ازدهارا ً‬
‫ً‬ ‫كام ازدهرت اللغة العربية‬
‫دور مؤثر يف والدة اللغة العثامنية‪ ،‬فال غرو إذن أن تصبح اللغة العربية لغة التدريس يف‬
‫املدارس العثامنية‪ ،‬وكان هلذا أثره الواضح يف تطور العلوم والفنون يف الدولة العثامنية‪،‬‬
‫حيث صنفت أعداد هائلة من الكتب يف شتى املجاالت‪ ،‬وازداد االهتامم بالعلم والكتب‬
‫ِم ْن ِق َب ِل سالطني الدولة العثامنية‪ ،‬فقام كل سلطان أو صدر أعظم أو قائد كبري ببناء‬
‫(‪)2‬‬
‫مسجد وإقامة مكتبة أو مدرسة بالقرب منه تابعة له‪ ،‬كام أوقفوا كت ًبا خمتلفة فيها»‪.‬‬
‫كام اعتنى السالطني العثامنيون باألدب والشعر‪ ،‬فكان السلطان «مراد الثاين» (‪805‬‬
‫جملسا يف قرصه‪ ،‬يدعو إليه الشعراء ليقرضوا‬ ‫‪855 -‬هـ= ‪1451 - 1402‬م) يعقد ً‬
‫الشعر بني يديه‪ ،‬وكان يشجع حركة الرتمجة من اللغة العـربية إىل اللغة الرتكـية‪ ،‬كام‬
‫دورا مهماًّ يف تطوير األدب‬ ‫جعل من قرصه مكانًا للمرتمجني‪ .‬وكان ينظم الشعر ويؤدي ً‬
‫(‪)3‬‬
‫الرتكي‪ ،‬وكان يرى أن اللغة األدبية جيب أن تكون بسيطة يف فهمها‪ ،‬ليتقبلها الناس‪.‬‬
‫ثم خلفه ابنه «حممد الفاتح» الذي وصفه املؤرخون بأنه را ٍع لنهضة أدبية‪ ،‬وشاعر‬
‫جميد‪ ،‬وكان جييد جمموعة لغات‪ ،‬منها‪ :‬الالتينية واليونانية والرصبية‪ ،‬ودرس إىل جانب‬
‫دراسته األكاديمية املنظمة اللغات اإلسالمية الثالثة التي مل يكن يستغني عنها مثقف‬
‫عرصي آنذاك ‪ :‬العربية‪ ،‬والفارسية‪ ،‬والرتكية‪ ،‬واعتنى باألدب والشعر خاصة‪ ،‬فكان‬
‫شاعرا له ديوان بالرتكية‪ .‬وكان يداوم عىل مطالعة الكتب العربية‪ ،‬ويعتني باألدب عامة‬ ‫ً‬
‫والشعر خاصة‪ ،‬ويصاحب العلامء والشعراء ويصطفيهم‪ ،‬وقد استوزر منهم الكثري‪،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫مثل‪« :‬أمحد باشا» و«قاسم اجلزري باشا»‪.‬‬
‫كام برع السلطان «حممد الفاتح» نفسه يف نظم الشعر‪ ،‬حتى اختذ لنفسه اسماً شعر ًّيا‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬الثقافة الرتكية يف مرص جوانب من التفاعل احلضاري بني املرصيني واألتراك مع معجم لأللفاظ الرتكية يف‬
‫العامية املرصية‪ ،‬ألكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬وصالح سعداوي صالح‪ ،‬ص ‪189 – 188‬‬
‫أيضا‪ :‬مكتبة‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬االجتاهات الشعرية يف بالد الشام يف العهد العثامين للدكتور حممد التونجي‪ ،‬ص ‪ ،69 – 68‬وانظر ً‬
‫املخطوطات يف إستانبول‪ ،‬للدكتور فاضل مهدي بيات‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية‪ ،‬جملد ‪ ،40‬ج‪ ،2‬رجب ‪1417‬‬
‫هـ = ‪1996‬م‪ ،‬ص ‪8 – 7‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬موسوعة سفري للتاريخ اإلسالمي‪ ،‬اجلزء الثامن‪ ،‬الدولة العثامنية‪.‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬موسوعة سفري للتاريخ اإلسالمي‪ ،‬اجلزء الثامن‪ ،‬الدولة العثامنية‪.‬‬

‫‪-99-‬‬
‫يستخدمه فـي أشعاره التي تعكس رقة إحساسه‪ ،‬ورهافة مشاعره‪ ،‬وتربز تكوينه‬
‫الديني‪ .‬وكان السلطان بايزيد الثاين عالـماً يف العلوم العربية واإلسالمية‪ ،‬كام كان عالـماً‬
‫يف الفلك‪ ،‬وكان حيب الشعر والشعراء والعلم والعلامء ويكرمهم (‪ ،)1‬كام كان يتعلم‬
‫جتويد اخلط العريب عىل يد الشيخ « محد اهلل بن مصطفى دده » املعروف باألمايس املتوىف‬
‫(‪)2‬‬
‫سنة (‪ 926‬هـ = ‪1520‬م) »‪.‬‬
‫وكان السلطان «سليم األول» شغو ًفا بالشعر والشعراء والعلم والعلامء‪ ،‬حتى إنه‬
‫صحب معه يف محلته عىل «فارس» الشاعر «جعفر ُلبي»‪ ،‬واصطحب الشاعر «ابن كامل‬
‫باشا» يف محلته عىل «مرص» و«الشام»‪.‬‬
‫وللسلطان «سليم األول» أشعار جيدة أشاد هبا كثري من األساتذة يف العرص احلديث‬
‫كالدكتور حسني جميب املرصي‪ ،‬الذي وصف أشعاره بالرقة‪ ،‬كام كان جييد اللغة العربية‬
‫(‪)3‬‬
‫ويشتغل بآداهبا‪.‬‬
‫كل من السلطان مصطفى الثاين‪ ،‬والسلطان أمحد الثالث جتويد اخلط عىل‬ ‫كام تعلم ٌّ‬
‫احلافظ عثامن اخلطاط املعروف املتوىف سنة (‪1110‬هـ = ‪1698‬م)‪ ،‬ويف عهد كل منهام‬
‫ظهر االهتامم الكبري والتشجيع العظيم لتعلم اخلط العريب‪ ،‬وبلغ من اهتامم السلطان‬
‫مصطفى باللغة العربية‪ ،‬أنه كان يمسك الدواة ألستاذه احلافظ عثامن وهو يكتب‪ ،‬حتى‬
‫يستطيع احلافظ أن يغمس قلمه يف الدواة بسهولة يف مدادها‪ ،‬ويف إحدى املرات أبدى‬
‫السلطان إعجابه من براعة أستاذه يف الكتابة‪ ،‬فقال‪ :‬ال أظن أن حاف ًظا آخر يأيت بعدك ‪.‬‬
‫فأجابه احلافظ بقوله‪ «:‬إذا جاء سالطني يمسكون الدواة ملعلميهم مثل سلطاننا‪ ،‬فسيأيت‬
‫(‪)4‬‬
‫كثريون مثل احلافظ »‪.‬‬
‫كام ُلوحظ أن قضاة العسكر يف مرص كانوا يتكلمون اللغة العربية بطالقة‪ ،‬وكان‬
‫لبعضهم العديد من املؤلفات األدبية يف األدب العريب‪ ،‬ومؤلفات أخرى يف الفقه‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬العثامنيون يف التاريخ واحلضارة للدكتور حممد حرب‪ :‬ص ‪ 179‬ـ ‪186‬‬
‫أيضا‪ :‬دور تركيا‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬االجتاهات الشعرية يف بالد الشام يف العهد العثامين للدكتور حممد التونجي‪ ،‬ص ‪ ،70‬وانظر ً‬
‫العثامنية يف حفظ الرتاث العريب للدكتور أيمن فؤاد سيد – جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد ‪ – 44‬اجلزء الثاين –‬
‫شعبان ‪ 1421‬هـ = نوفمرب ‪2000‬م – القاهرة – ص ‪138‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬موسوعة سفري للتاريخ اإلسالمي‪ ،‬اجلزء الثامن‪ ،‬الدولة العثامنية‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬االجتاهات الشعرية‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬دور تركيا العثامنية يف حفظ الرتاث العريب للدكتور أيمن فؤاد سيد‪ ،‬ص ‪ ،139‬وانظر ً‬
‫يف بالد الشام يف العهد العثامين للدكتور حممد التونجي‪ ،‬ص ‪70‬‬

‫‪-100-‬‬
‫اإلسالمي والتفسري والنحو والرصف‪ ،‬وكان هؤالء يدرسون هذه العلوم باللغة‬
‫العربية يف استانبول‪ )1(.‬وبلغ من شدة اهتامم العثامنيني باللغة العربية أهنا كانت رش ًطا‬
‫لدخول العلامء إىل جملس ال ُع َل َمة العثامين‪ ،‬كام كان يشرتط إجادهتا للعمل يف كثري من‬
‫الوظائف الرسمية‪ ،‬وكان من ال جييدها باإلضافة إىل لغته الرتكية ال يعد مثق ًفا‪ ،‬وال‬
‫(‪)2‬‬
‫يعد رجل علم‪.‬‬
‫وكانت الدولة العثامنية قد جعلت الدراسة باللغة العربية يف مدارسها التي تقع ضمن‬
‫نطاق أراضيها األساسية‪ ،‬وكانت كل الدراسات العلمية واألدبية واللغوية والفقهية‬
‫واإلسالمية باللغة العربية‪ ،‬وكذلك مل تفرض الدولة العثامنية عىل أي شعب دخل حتت‬
‫سلطاهنا أن يدرس باللغة الرتكية‪ ،‬وكذلك مل تفرض عليهم دراسة األدب الرتكي وال‬
‫فكره وال لغته‪ ،‬ومل يتعد األمر أن جعلوا اللغة الرتكية يف ثالثة دواوين فقط من دواوين‬
‫احلكومة‪ :‬ديوان الباشا‪ ،‬والديوان الدفرتي‪ ،‬وديوان الروزنامة‪ ،‬وظلت اللغة الرتكية‬
‫بعيدة عن أسامع الشعوب اإلسالمية حتى الفرامانات الصادرة من السالطني‪ ،‬كانت‬
‫ترتجم إىل اللغة العربية أوالً‪ ،‬ثم ُينَا َدى هبا يف اجلامع األزهر وخان اخللييل باللغة العربية‬
‫(‪)3‬‬
‫فقط‪ ،‬وأحيانًا باللغتني العربية والرتكية م ًعا‪.‬‬
‫وإذا كانت دراسة اللغة الرتكية عي ًبا‪ ،‬فلامذا تدرس اليوم يف جامعات العاملني العريب‬
‫واإلسالمي‪ ،‬وملاذا يكثر االهتامم هبا لدى الباحثني العرب واملسلمني‪ ،‬فهل نسوا أن‬
‫احلضارة اإلسالمية بدأت يف ظل العباسيني من خالل الرتمجة من اآلداب والعلوم‬
‫والفلسفات اليونانية والفارسية واهلندية‪ ،‬ثم قامت عىل هذه الرتمجات الرشوح‬
‫أيضا‪ ،‬وبذلك قامت‬ ‫واحلوايش‪ ،‬التي ظهرت عليها االختصارات‪ ،‬والعديد من الرشوح ً‬
‫هنضة علمية واسعة‪ ،‬أفضت فيام بعد إىل ظهور كثري من العلامء واألدباء واملوسوعيني‬
‫كاجلاحظ وأيب حيان التوحيدي‪ ،‬ومل يعب أحد عىل هؤالء موسوعيتهم‪ ،‬ومعرفتهم‬
‫بكثري من اللغات‪ ،‬فلامذا ُيتهم العرص العثامين بالذات هبذا االهتام الذي يوضع يف‬
‫حسنات غريهم من الشعوب واألمم‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬تاريخ القضاة يف مرص لعبد الرازق إبراهيم‪ :‬ص‬


‫‪ -1‬انظر‪ :‬تاريخ الدولة العثامنية ليلامز أوزتونا‪ ،509 / 2 :‬وانظر ً‬
‫‪360‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬تاريخ الدولة العثامنية ليلامز أوزتونا‪ 471 / 2 :‬ـ ‪477‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬دور األزهر يف احلفاظ عىل الطابع العريب ملرص للدكتور عبد العزيز الشناوي‪679 / 2 :‬‬

‫‪-101-‬‬
‫الثاين‪ :‬اللغة العربية لغة املؤلفات العلمية‪:‬‬
‫حفل العرص العثامين عىل امتداده‪ ،‬واتساع أراضيه‪ ،‬واختالف األجناس البرشية التي‬
‫بكم هائل من املؤلفات التي كُتِ َبت باللغة‬
‫انضوت حتت حكم الدولة العثامنية وهيمنتها‪ٍّ ،‬‬
‫العربية‪ ،‬بأيدي علامء اختلفت أجناسهم وألواهنم‪ ،‬ولغاهتم‪ ،‬ولكن احتدت ثقافتهم‬
‫ودينهم‪ ،‬واشرتكوا يف معرفتهم العظيمة باللغة العربية‪ ،‬وما اتصل هبا من علوم رشعية‬
‫وفقهية وتفسريية وفلسفية‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬ولكن ما يشغلني هنا هو أشهر املؤلفات التي‬
‫ألفها علامء وكتاب كانوا ينتمون وينتسبون إىل جنس العثامنيني؛ ألن هذا يدلنا عىل أن‬
‫الدولة العثامنية مل حتارب املؤلفات العربية من ِقبل علامء الرتك أنفسهم الذين أتقنوا‬
‫ال عن لغتهم األصلية‪ ،‬ومن خالل ذلك يتضح لنا بكل جالء ووضوح‬ ‫اللغة العربية فض ً‬
‫أن الدولة العثامنية إذا كانت مل حتارب أبناء جلدهتا‪ ،‬ومتنعهم من تعلم العربية والتأليف‬
‫هبا‪ ،‬فإهنا مل متنع ‪ -‬بالطبع – أبناء العرب وأوالدهم من إجادة لغتهم والتأليف هبا‪.‬‬
‫كام قام العثامنيون بالتأليف يف كل جماالت العلم‪:‬‬
‫ففي جمال األدب ظهر كتاب منتخب األفكار يف مدح اخلنكيار ( السلطان سليامن‬
‫القانوين) ملحمد بن أمحد بن حممد بن جنتمري املتوىف سنة ( ‪ 1102‬هـ = ‪1691‬م )‪،‬‬
‫وملحمد أفندي الكريمي املتوىف يف منتصف القرن احلادي عرش ديوان شعر معظمه‬
‫يف الرسائل واأللغاز‪ ،‬ولعبد الباقي بن حممد بن مصطفى املعروف بعريف املتوىف سنة‬
‫(‪ 1125‬هـ = ‪1713‬م ) جمموعة مؤلفات منها‪ :‬مقامة فتح قندية‪ ،‬والرسالة القلمية‬
‫(‪)1‬‬
‫ورسالة يف احلقيقة واملجاز‪.‬‬
‫ويف علوم اللغة‪ :‬كتاب تلخيص النحو حلسام الدين بن عبد اهلل الرومي وهو أحد‬
‫كتاب السلطان مراد الثالث‪ ،‬وليحيى بن نصوح بن إرسائبل احلنفي املتوىف يف سنة‬
‫(‪ 950‬هـ = ‪1532‬م) جمموعة كتب منها‪ :‬رشح العوامل املائة‪ ،‬ورشح املصباح يف‬
‫النحو‪ ،‬والدر النظيم رشح رسالة يف اللغة لعبد اللطيف بن عبد العزيز‪ ،‬وملصطفى بن‬
‫شمس الدين القرحصاري األخرتي‪ ،‬املتوىف سنة (‪ 968‬هـ=‪1560‬م) والذي ألف‬
‫(‪)2‬‬
‫كتاب «األخرتي» وهو قاموس عريب تركي‪.‬‬
‫ومن أهم هذه املؤلفات وأشهرها‪ :‬كتاب «كشف الظنون عن أسامي الكتب‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬املرجع السابق‪299 - 293 / 9 ،‬‬


‫‪ -2‬انظر‪ :‬املرجع السابق‪299 - 293 / 9 ،‬‬

‫‪-102-‬‬
‫والفنون»‪ ،‬حلاجي خليفة‪ ،‬وكتاب «نوادر األخبار يف مناقب األخيار»‪ ،‬وكتاب« الرسالة‬
‫اجلامعة لوصف العلوم النافعة »‪ ،‬و«كتاب مفتاح السعادة ومصباح السيادة » و كتاب‬
‫«الشقائق النعامنية يف علامء الدولة العثامنية» وكلها «لعصام الدين أبو اخلري أمحد بن‬
‫مصطفى» املعروف بـ«طاشكربي زاده»‪ ،‬تناول فيه تراجم أكثر من (‪ )500‬عامل وشيخ‬
‫من علامء الدولة العثامنية من عهد األمري «عثامن» حتى السلطان سليامن القانوين‪ ،‬منهم‪:‬‬
‫ابن كامل باشا «شمس الدين أمحد بن سليامن» الذي اشتهر بكثرة تآليفه ورسائله‪ ،‬يقول‬
‫«اللكنوي» إن البن كامل باشا رسائل كثرية يف فنون ُم َت َعدِّ دة‪ ،‬لعلها تزيد عىل ثالثامئة غري‬
‫تصانيف له يف لغات إسالمية أخرى كالفارسية والرتكية‪ ،‬وكان ذلك يف عهد السلطان‬
‫(‪)1‬‬
‫«سليم األول»‪.‬‬
‫وقد زخر عهد السلطان «حممد الفاتح» باملصنفات العربية‪ ،‬وخصوصا أساتذته‬
‫الذين قاموا بتعليمه وتثقيفه‪ ،‬مثل الشيخ «الكوراين»‪ ،‬والشيخ «خرسو»‪ ،‬كام ظهر يف‬
‫عهد «سليامن القانوين» شيخ اإلسالم «أبو السعود أفندي» صاحب التفسري املعروف‬
‫«إرشاد العقل السليم إىل مزايا الكتاب الكريم»‪.‬‬
‫وقد بدأت املحاوالت األوىل لتدوين التاريخ العثامين تدوينًا منظماً يف عهد السلطان‬
‫«بايزيد األول» عىل يد املتصوف «أمحد عاشق باشا»‪ ،‬ثم اهتم الباب العايل منذ القرن‬
‫العارش اهلجري بكتابة التاريخ‪ ،‬فعني بعض املؤرخني الرسميني مثل‪« :‬سعد الدين»‬
‫املتوىف سنة (‪1007‬هـ= ‪1598‬م)‪.‬‬
‫وتعد اجلغرافيا أحد اهتاممات العثامنيني‪ ،‬وكان من أشهر األعامل اجلغرافية ما كتبه‬
‫الرحالة البحري «بريي رئيس» من كتب تتضمن رحالته يف البحر املتوسط‪ ،‬واكتشافات‬
‫اإلسبان والربتغال يف إفريقيا‪ ،‬كام ألف كتا ًبا عن املالحة أطلق عليه اسم «بحريت»‪،‬‬
‫ويف سنة (‪919‬هـ= ‪1513‬م) رسم خريطة للمحيط األطليس والشواطئ الغربية من‬
‫أوربا‪ ،‬وأهداها للسلطان «سليم األول» بالقاهرة‪ ،‬ورسم خريطة أخرى متثل اكتشافات‬
‫الربتغاليني يف «أمريكا اجلنوبية» و«الوسطى» و«نيوزيالندا»‪ ،‬كام أسهمت كتب «حاجي‬
‫كبريا يف هذا املجال‪.‬‬
‫خليفة» وغريه اجلغرافية إسها ًما ً‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬املرجع السابق‪301 / 9 ،‬‬

‫‪-103-‬‬
‫الثالث‪ :‬االهتامم باخلط العريب‪:‬‬
‫ذهب بعض الباحثني إىل أن الدولة العثامنية ‪ -‬متمثلة يف كثري من سالطينها وعلامئها‬
‫‪ -‬قد قامت بدور أسايس يف احلفاظ عىل الرتاث الثقايف لألمة اإلسالمية‪ ،‬من خالل‬
‫(‪)1‬‬
‫ثالثة جماالت‪ :‬اخلط العريب‪ ،‬ومجع املخطوطات العربية‪ ،‬وتصنيف الرتاث العريب‪.‬‬
‫وكان اخلط العريب الذي كتب به العثامنيون علومهم وأدخلوا عليه حرو ًفا يتأتى هبا نطق‬
‫(‪)2‬‬
‫حروف يف لغتهم‪ ،‬ونطقوا األلفاظ العربية بلكنة األعاجم‪ ،‬شأهنم يف ذلك شأن الفرس‪.‬‬
‫وذهب بعض الباحثني إىل أن طريقة أيب احلسن عيل بن هالل البغدادي املعروف‬
‫بابن البواب املتوىف سنة (‪ 423‬هـ = ‪1032‬م) وأسلوبه يف الكتابة قد استمرا يف مرص‬
‫بجانب طريقة مجال الدين ياقوت بن عبد اهلل الرومي املتوىف سنة (‪ 698‬هـ = ‪1299‬م)‪،‬‬
‫حتى عرف يف تركيا يف عهد الدولة العثامنية منذ مطلع القرن التاسع اهلجري‪ ،‬اخلامس‬
‫عرش امليالدي‪ ،‬مدرسة جديدة يف فن اخلط العريب تأثرت بمدرسة ياقوت املستعصمي‬
‫احلموي‪ ،‬ثم رسعان ما أصبحت هلا سامهتا اخلاصة‪ ،‬ويأيت عىل رأسها الشيخ « محد اهلل‬
‫بن مصطفى دده » املعروف باألمايس املتوىف سنة ( ‪ 926‬هـ = ‪1520‬م) الرائد األكرب‬
‫للخطاطني األتراك فبظهوره يف عهد السلطان بايزيد الثاين الذي توىل العرش سنة ( ‪866‬‬
‫هـ = ‪1481‬م) بدأ يف تركيا عهد جديد متألق يف تاريخ اخلط العريب‪ ،‬وقد استمر هذا إىل‬
‫يومنا هذا (‪)3‬؛ ألنه قد أدخل عىل أنواع اخلط العريب إصالحات أساسية وأضفى عليها‬
‫باهرا‪ ،‬وبد ًءا من أوائل القرن العارش اهلجري‪ ،‬السادس عرش امليالدي‪ ،‬احتل أسلوبه‬ ‫مجاالً ً‬
‫(‪)4‬‬
‫املكانة العالية التي كانت لياقوت احلموي يف ظل الدولة العثامنية‪.‬‬
‫وكان « أمحد َق َره ِحصاري » املتوىف سنة ( ‪ 963‬هـ = ‪1556‬م) من أشهر خطاطي‬
‫(‪)5‬‬
‫الدولة العثامنية‪ ،‬وكان يسعى إلحياء طريقة « ياقوت احلموي » يف الكتابة‪.‬‬
‫كام شهد الربع األخري من القرن احلادي عرش اهلجري‪ ،‬السابع عرش امليالدي‪ ،‬ظهور‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬دور تركيا العثامنية يف حفظ الرتاث العريب للدكتور أيمن فؤاد سيد ص ‪131‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬بني العربية والفارسية والرتكية‪ ،‬للدكتور حسني جميب املرصي‪ ،‬جملة جممع اللغة العربية‪ ،‬مرص‪ ،‬اجلزء ‪ ،40‬ذو‬
‫القعدة ‪ 1397‬هـ = نوفمرب ‪1977‬م‪ ،‬ص ‪60 - 59‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬دور تركيا العثامنية يف حفظ الرتاث العريب للدكتور أيمن فؤاد سيد ‪ -‬ص ‪135‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬السايق ص ‪136‬‬
‫‪ -5‬انظر‪ :‬السابق نفسه ‪ -‬ص ‪136‬‬

‫‪-104-‬‬
‫األستاذ اخلطاط احلافظ عثامن املتوىف سنة (‪ 1110‬هـ = ‪1698‬م) الذي طور اخلط العريب‬
‫(‪)1‬‬
‫وهنض به برعاية من السالطني العثامنيني‪ ،‬وانترشت طريقته يف الدولة العثامنية رسي ًعا‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬مجع الكتب واملخطوطات العربية‪:‬‬
‫كانت الكتب قبل اخرتاع الطباعة غالية الثمن‪ ،‬ال يقتنيها إال األغنياء؛ ألهنا كانت‬
‫خمطوطات مرتفعة التكاليف‪ ،‬ولذلك قام القادرون من حمبي العلم بإنشاء املكتبات‪،‬‬
‫جيمعون فيها الكتب‪ ،‬وبفتحون أبواهبا للراغبني يف القراءة والبحث‪ ،‬وكانت هذه‬
‫املكتبات تؤدي ما تؤديه معاهد العلم واجلامعات يف الوقت احلارض‪ .‬وكان هلذه‬
‫املكتبات فهارس منظمة‪ ،‬تتناول عناوين الكتب وأسامء املؤلفني‪ ،‬ويعد «بيت احلكمة»‬
‫مركزا‬
‫الذي أنشأه هارون الرشيد أول مكتبة عامة مهمة يف العامل اإلسالمي‪ ،‬فقد كانت ً‬
‫علم ًّيا جيتمع فيه العلامء للبحث والدرس ويلجأ إليه الطالب‪ ،‬ويعد عرص اخلليفة‬
‫كبريا من كتب اليونان‬‫املأمون أزهى عصور «بيت احلكمة» حيث نقل إليها عد ًدا ً‬
‫والفرس واهلند‪ ،‬وكلف املرتمجني برتمجتها‪ .‬وهكذا كانت نظرة اإلسالم واملسلمني‬
‫ومركزا للبحث‪.‬‬
‫ً‬ ‫للمكتبة‪ ،‬غذا ًء للعقل‪ ،‬ومكانًا للعلم‪،‬‬
‫ومن هذا املنطلق كان مجع املخطوطات العربية يف مكتبات خاصة وعامة املجال الثاين‬
‫الذي أسهمت فيه الدولة العثامنية يف احلفاظ عىل الثقافة العربية اإلسالمية‪ ،‬وكانت الدولة‬
‫العثامنية قد بدأت يف مجع املخطوطات العربية بداية من القرن العارش اهلجري‪ ،‬السادس‬
‫عرش امليالدي ‪ -‬وذلك عهد السلطان سليم األول ‪ -‬من مكتبات مرص ومساجدها‬
‫(‪)2‬‬
‫ومدارسها‪ ،‬ومن مكتبات الكثري من البالد العربية ومساجدها ومدارسها‪.‬‬
‫وما ان انتقلت املخطوطات العربية إىل إستانبول حتى قام السالطني العثامنيون‬
‫وكثري من الوزراء وشيوخ اإلسالم وكبار رجال الدولة بإنشاء مكتبات يف املدن الكبرية‬
‫ومساجدها‪ ،‬وقد شملت هذه املكتبات كل ما استطاعوا احلصول عليه من خمطوطات‬
‫وكتب‪ ،‬وما تم نسخه منها‪ ،‬وتوزعت الكتب عىل املكتبات الدينية امللحقة باملساجد‬
‫(‪)3‬‬
‫اجلامعة‪ ،‬واملدارس والتكايا والزوايا‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬السابق نفسه ص ‪138‬‬


‫أيضا‪ :‬دور تركيا العثامنية يف حفظ الرتاث العريب للدكتور أيمن‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬بدائع الزهور البن إياس‪ ،179 / 5 :‬وانظر ً‬
‫فؤاد سيد – ص ‪142‬‬
‫أيضا‪:‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬دور تركيا العثامنية يف حفظ الرتاث العريب للدكتور أيمن فؤاد سيد – ص ‪ ،143 – 142‬وانظر ً‬
‫املخطوطات العربية يف مكتبات األناضول‪ ،‬ألمحد آتش‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية‪ ،‬مايو ‪1958‬م‪ ،‬املجلد ‪ ،4‬ص ‪3‬‬

‫‪-105-‬‬
‫كام أنشأ كثري من السالطني جمموعة مكتبات مستقلة عن املدارس والتكايا‪ ،‬حتى إن‬
‫السلطان حممد الفاتح أوقف ألفي كتاب ملكتبتي جامع أيوب وجامع الفاتح‪ ،‬كام أسس‬
‫مكتبة خاصة يف قرصه ما لبثت أن توسعت يف زمن من خلفه من السالطني‪ ،‬وسميت‬
‫(‪)1‬‬
‫هذه املكتبة بمكتبة «طوب قايب» التي احتفظت هبذه التسمية حتى اليوم‪.‬‬
‫وكانت مكتبة «كوبرليل» التي أقيمت سنة (‪1071‬هـ= ‪1661‬م) أول مكتبة ذات‬
‫بناية مستقلة‪ ،‬ثم توالت إقامة املكتبات من ِق َب ِل السالطني وكبار رجال الدولة والعلامء‬
‫واألعيان‪ ،‬ويف سنة (‪1131‬هـ= ‪1719‬م ) أنشئت يف قرص طوب قايب مكتبة السلطان‬
‫(‪)2‬‬
‫أمحد الثالث التي تعد أحد املعامل الفنية للطراز الرتكي يف املعامر يف جمال بناء املكتبات‪.‬‬
‫ويؤكد الكثري من الباحثني والرحالة يف العرص العثامين أن إستانبول أصبحت بعد‬
‫نقل املخطوطات العربية إليها‪ ،‬وخصوصا منذ القرن العارش اهلجري‪ ،‬السادس عرش‬
‫مصدرا مهماًّ لنوادر املخطوطات اليونانية والعربية والفارسية والرتكية‪ ،‬وأنه‬ ‫ً‬ ‫امليالدي‪،‬‬
‫قد َك ُث َر هبا عدد الكتَّاب والنساخ‪ ،‬كام َك ُثرت أعداد دكاكني الكتب‪ ،‬واملكتبات التي‬
‫هتتم بجمع الكتب واملخطوطات ونسخها وتوزيعها عىل خمتلف املكتبات‪ ،‬كام َك ُثر عدد‬
‫(‪)3‬‬
‫املجلدين واملذهبني وصنَّاع األحبار وبري األقالم‪.‬‬
‫وكثرت املكتبات التي أقامها كبار رجال الدولة‪ ،‬يف العديد من املدن العثامنية‪،‬‬
‫ومن أهم هذه املكتبات‪ :‬مكتبة كوبرليل التي أنشئت سنة (‪ 1089‬هـ = ‪1678‬م )‪،‬‬
‫التي أنشأها الصدر األعظم «حممد باشا كوبرييل»‪ ،‬ومكتبة «فيض اهلل أفندي» سنة‬
‫(‪1111‬هـ= ‪1700‬م )‪ ،‬ومكتبة «شهيد عيل باشا» سنة (‪1126‬هـ= ‪1715‬م) ومكتبة‬
‫« داماد إبراهيم باشا » سنة (‪1131‬هـ= ‪1719‬م )‪ ،‬ومكتبة «حكيم أوغلو عيل باشا »‬
‫سنة (‪1146‬هـ= ‪1734‬م ) ومكتبتي شيخ اإلسالم « عارش أفندي » ورئيس الكتَّاب‬
‫« راغب باشا » سنة ( ‪1195‬هـ= ‪1781‬م ) ومكتبة « أسعد أفندي » سنة (‪1260‬هـ=‬
‫(‪)4‬‬
‫‪1845‬م )‪ ،‬ومكتبة «خرسو باشا» سنة (‪1275‬هـ= ‪1859‬م ) وغريها كثري‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬مكتبة املخطوطات يف إستانبول‪ ،‬للدكتور فاضل مهدي بيات‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية‪ ،‬جملد ‪ ،40‬اجلزء‬
‫الثاين‪ ،‬رجب ‪ 1417‬هـ = ‪1996‬م‪ ،‬ص ‪8‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬مكتبة املخطوطات يف إستانبول‪ ،‬للدكتور فاضل مهدي بيات‪ ،‬ص ‪8‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬دور تركيا العثامنية يف حفظ الرتاث العريب للدكتور أيمن فؤاد سيد‪ ،‬ص ‪144‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬السابق نفسه – ص ‪145‬‬

‫‪-106-‬‬
‫وبلغ من حرص سالطني العثامنيني عىل الكتب العربية وخمطوطاهتا أن أصدر‬
‫السلطان العثامين فرمانًا سنة (‪ 1128‬هـ= ‪1715‬م ) يقيض بمنع بيع الكتب النفيسة‬
‫للتجار األجانب‪ ،‬ومنع تصديرها خارج األقاليم العثامنية بوصفها كت ًبا نادرة؛ مما جعل‬
‫هذه الكتب واملخطوطات العربية بعيدً ا عن التخريب والتشتيت والضياع والرسقة‬
‫وخصوصا أثناء االستعامر األوريب لبلدان العامل العريب‪ ،‬حتى أصبحت إستانبول املركز‬
‫(‪)1‬‬
‫األول للمخطوطات العربية والفارسية والرتكية يف العامل‪.‬‬
‫وكان لصوص الكتب أحد األسباب التي دفعت السلطان سليم األول‪ ،‬وغريه من‬
‫سالطني آل عثامن يف مجع الكتب‪ ،‬وجعلها يف مكتبات إستانبول‪ ،‬حيث كان هؤالء‬
‫اللصوص قد سلبوا الكثري من الكتب والتحف‪ ،‬ومألوا الصناديق الكبرية بالكتب‪،‬‬
‫وكذلك كان يفعل سياح الغرب وسامرسة املسترشقني الذين كانوا خيتطفون الكتب‬
‫(‪)2‬‬
‫املخطوطة من أيدي الفقراء والبسطاء ويشرتوهنا بأبخس األثامن‪.‬‬
‫وعىل الرغم من أن املؤسسات العلمية العثامنية قد تعرضت لإلمهال نتيجة احلروب‬
‫التي خاضتها الدولة العثامنية بعد القرن السابع عرش امليالدي‪ ،‬فإهنا انتعشت يف عهد‬
‫السلطان عبد احلميد الثاين (‪ 1326 -1292‬هـ= ‪1909 – 1876‬م) الذي يعود إليه‬
‫الفضل يف تطوير املؤسسات العلمية العثامنية لتواكب املؤسسات العلمية األوربية‪ ،‬وقد‬
‫كبريا من املدارس واملعاهد عىل غرار ما كان موجو ًدا يف أوربا يف زمنه‪ ،‬وقد‬ ‫أسس عد ًدا ً‬
‫رافق هذا‪ ،‬االهتامم باملخطوطات العربية ومجعها جتمعت يف البالد العربية – كام يقول‬
‫الدكتور صالح الدين املنجد ‪ :-‬ما مل جيتمع يف غريها من الرتاث اإلسالمي فأصبحت‬
‫(‪)3‬‬
‫املركز األول للمخطوطات العربية يف العامل بال استثناء‪.‬‬
‫وبالرغم مما سبق ذكره فلم تكد ختلو مؤسسة علمية يف مرص وبالد الشام وخمتلف‬
‫بلدان العامل اإلسالمي‪ ،‬سواء أكانت مسجدً ا أم مدرسة أم زاوية أم تكية أم تربة‪ ،‬من‬
‫خزانة كتب صغرية أو كبرية؛ وذلك ألن املسلمني أولعوا باقتناء الكتب والتربك هبا‪،‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬السابق نفسه – ص ‪150 ،146‬‬


‫‪ -2‬انظر‪ :‬املخطوطات العربية وخزائنها يف حلب للدكتور حممد أسعد طلس‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد‬
‫‪ –1‬اجلزء األول – رمضان ‪ 1374‬هـ = مايو ‪1955‬م – القاهرة – ص ‪11‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬مكتبة املخطوطات يف إستانبول‪ ،‬للدكتور فاضل مهدي بيات‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية‪ ،‬جملد ‪ ،40‬اجلزء‬
‫الثاين‪ ،‬رجب ‪ 1417‬هـ = ‪1996‬م‪ ،‬ص ‪9‬‬

‫‪-107-‬‬
‫واإلنفاق عىل استنساخها‪ ،‬وتشجيع صناعتي النسخ والتجليد‪ ،‬وما يتبعها من صناعات‬
‫(‪)1‬‬
‫حسن اخلط والتذهيب والزخرفة والتصوير‪.‬‬
‫كام كان بدمشق وما زالت الكثري من املكتبات التي بنيت يف العرص العثامين‪ ،‬وضمت‬
‫العديد من الكتب واملخطوطات العربية‪ ،‬وحفظتها من عوادي األيام‪ ،‬ومن أهم هذه‬
‫املكتبات‪ :‬مكتبة العمرية وكان مقرها باملدرسة العمرية بصاحلية دمشق‪ ،‬وكان قد وقفها‬
‫بعض أهل العلم باملدينة‪ ،‬ومكتبة عبد اهلل باشا التي وقفها والده « حممد باشا العظم سنة‬
‫(‪ 1190‬هـ = ‪1766‬م) وكان مقرها يف مدرسته بباب الربيد‪ ،‬ومدرسة وقفها سليامن‬
‫باشا العظم سنة (‪1196‬هـ = ‪1782‬م) وكان مقرها بباب الربيد‪ ،‬ومكتبة املال عثامن‬
‫الكردي‪ ،‬ومكتبة اخلياطني وقد وقفها الوزير احلاج أسعد باشا العظم سنة (‪1165‬‬
‫هـ = ‪1752‬م)‪ ،‬ومكتبة املرادية السميساطية‪ ،‬ومكتبة الياغوشية‪ ،‬ومكتبة األوقاف‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ومكتبة بيت اخلطابة‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫وكذلك كان هناك العديد من املكتبات يف حلب‪ ،‬منها‪ :‬خزانة اجلامع األموي‬
‫الكبري‪ ،‬ومكتبة وخزانة جامع الكواكبي ومدرسته‪ ،‬وخزانة املدرسة اخلرسوية للوزير‬
‫خرسو باشا‪ ،‬وزير السلطان العثامين‪ ،‬وخزانة الرتبة الوفائية‪ ،‬وخزانة الزاوية الوفائية‪،‬‬
‫نسبة أليب بكر الوفائي بن حممد بن إبراهيم بن عيل أيب الوفاء الكريدي الصويف الزاهد‬
‫املعروف بالكربيت األمحر املتوىف سنة ( ‪991‬هـ = ‪1583‬م )‪ ،‬وخزانة التكية اإلخالصية‬
‫البخشية التي بنيت سنة ( ‪ 1074‬هـ = ‪1663‬م ) نسبة للشيخ الصويف إخالص اخللويت‬
‫احلنفي املتوىف يف السنة نفسها‪ ،‬وخزانة املدرسة الشعبانية التي بناها « شعبان بن أغا بن‬
‫أمحد أغا الرتكي األصل‪ ،‬عامل حتصيل األموال األمريية للدولة العثامنية سنة (‪1085‬‬
‫هـ = ‪1674‬م)‪ ،‬وخزانة التكية املولوية التي أسست سنة (‪ 1092‬هـ = ‪1681‬م) نسبة‬
‫إىل جالل الدين الرومي صاحب الطريقة املولوية التي كانت ترعاها الدولة العثامنية‪،‬‬
‫وتقيم هلا الكثري من اخلانات والتكايا‪ ،‬كالقاهرة والقدس وحلب وأنطاكيا وغريها من‬
‫البلدان العربية واإلسالمية‪ ،‬حتى ال تكاد ختلو منها مدينة يف البالد العربية يف ظل الدولة‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬املخطوطات العربية وخزائنها يف حلب للدكتور حممد أسعد طلس‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد‬
‫‪ –1‬اجلزء األول – رمضان ‪ 1374‬هـ = مايو ‪1955‬م – القاهرة – ص ‪8‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬خمطوطات دار الكتب الظاهرية بدمشق‪ ،‬لألستاذ عمر رضا كحالة‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد‬
‫‪ –1‬اجلزء األول – رمضان ‪ 1374‬هـ = مايو ‪1955‬م – القاهرة – ص ‪6 – 5‬‬

‫‪-108-‬‬
‫العثامنية‪ )1(.‬وهناك العديد من هذه املكتبات التي هتتم بجمع الكتب واملخطوطات‬
‫ال إىل عدم االسرتسال‪.‬‬ ‫العربية أعرضنا عن ذكرها مي ً‬
‫أما يف مرص فقد كان لألزهر الرشيف مكتبه اخلاصة التي بدأت منذ بنائه‪ ،‬وأصاهبا‬
‫الكثري من التجديد عىل خمتلف العصور‪ ،‬حتى أصبح لكل رواق من أروقة األزهر‬
‫مكتبته اخلاصة به‪ ،‬كرواق األتراك‪ ،‬ورواق الشام‪ ،‬ورواق األحناف‪ ،‬ورواق املغاربة‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وكلها كانت حتتوي عىل خمطوطات نادرة جيدة التجليد واخلط‪.‬‬
‫ويف شهر (ذي احلجة سنة ‪ 1296‬هـ = مارس سنة ‪ 1870‬م) قام «عيل مبارك باشا»‬
‫وزير املعارف بمرص بإنشاء دار الكتب املرصية‪ ،‬ومجع الكثري من املخطوطات مما مجعه‬
‫ومما أوقفه السالطني واألمراء والعلامء واملؤلفون عىل املساجد واألرضحة ومعاهد‬
‫(‪)3‬‬
‫التعليم‪ ،‬حتى إنه مجع حوايل ثالثني أل ًفا من املجلدات‪.‬‬
‫كام أقيمت جمموعة مكتبات يف العديد من املدن املرصية‪ ،‬كاإلسكندرية وطنطا‬
‫ودمياط‪ ،‬وكانت مكتبة دمياط قد أقيمت حوايل سنة ( ‪ 880‬هـ = ‪1475‬م) يف أيام‬
‫األرشف قايتباي وكان مقرها بمسجد املدرسة املتبولية بدمياط حتى سنة (‪ 1330‬هـ =‬
‫(‪)4‬‬
‫‪1911‬م) حيث نقلت إىل مقر املعهد اجلديد بجوار مسجد إبراهيم املتبويل‪.‬‬
‫لقد اهتم األتراك بالعلم اهتام ًما عظيماً طوال تارخيهم‪ ،‬وأسسوا الكثري من املؤسسات‬
‫العلمية يف كل مكان كانوا به والة أو سالطني‪ ،‬وقد استمروا عىل تلك احلالة من االهتامم‬
‫بالعلم طوال وجودهم‪ ،‬حتى يمكن القول إنه ما من سلطان أو صدر أعظم أو قائد كبري‬
‫إال وبنى يف استانبول ويف غريها من املدن الرتكية أو البلدان التابعة للسلطنة العثامنية‬
‫(‪)5‬‬
‫مسجدً ا أو مدرسة أو كتا ًبا أو زاوية للصوفية‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬املخطوطات العربية وخزائنها يف حلب للدكتور حممد أسعد طلس – ص ‪23 – 12‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬املخطوطات يف املكتبة األزهرية لألستاذ أبو الوفاء املراغي‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد ‪ –1‬اجلزء‬
‫األول – رمضان ‪ 1374‬هـ = مايو ‪1955‬م – القاهرة – ص ‪59‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬خمطوطات دار الكتب املرصية‪ ،‬لألستاذ فؤاد سيد جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد ‪ –1‬اجلزء األول –‬
‫رمضان ‪ 1374‬هـ = مايو ‪1955‬م – القاهرة – ص ‪62‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬املخطوطات يف معهد دمياط الديني ‪ ،‬لألستاذ عبد الرمحن جالل‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد‬
‫‪ –1‬اجلزء األول – رمضان ‪ 1374‬هـ = مايو ‪1955‬م – القاهرة – ص ‪71‬‬
‫‪ -5‬انظر‪ :‬املخطوطات العربية يف مكتبات األناضول‪ ،‬لألستاذ أمحد آتش‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد ‪–4‬‬
‫اجلزء األول – شوال ‪ 1377‬هـ = مايو ‪1958‬م – القاهرة – ص ‪3‬‬

‫‪-109-‬‬
‫وظهرت جهود السلطان عبد احلميد واضحة يف إحياء هذه املؤسسات‪ ،‬التي بلغت‬
‫العرشات يف العامل اإلسالمي والعريب‪ ،‬منها‪ :‬أدرنة ‪ ،1‬أرطغرل ‪ ،5‬أزمري ‪ ،12‬أسكوب‬
‫يوغوسالفيا السابقة ‪ ،4‬أماسية ‪ ،10‬أنقرة ‪ ،4‬بروسه ‪ ،9‬بغداد ‪ ،11‬ترابزون ‪ ،8‬توقات‬
‫‪ ،3‬جوروم ‪ ،9‬حلب السورية ‪ ،12‬درامة يف اليونان حال ًّيا ‪ ،5‬دمشق الشام ‪ ،1‬ديار بكر‬
‫‪ ،4‬سالنيك اليونان حال ًّيا ‪ ،1‬السليامنية بالعراق ‪ ،2‬سريوز يف اليونان حال ًّيا ‪ ،5‬سيواس‬
‫‪ ،2‬صاروخان ‪ ،9‬قسطموين ‪ ،14‬قونيه ‪ ،10‬قيرصيه ‪ ،3‬كركوك بالعراق ‪ ،13‬كوتاهيه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،7‬ماردين ‪ ،1‬املوصل بالعراق ‪.21‬‬
‫اخلامس‪ :‬فهرسة الرتاث العريب وتصنيفه‪:‬‬
‫أدى بناء الكثري من املكتبات يف العرص العثامين والتي كانت ملحقة أو تابعة إىل‬
‫املساجد واملدارس إىل احلاجة إىل نسخ جمموعة نسخ من الكتب املوجودة هبا؛ ألهنا كتب‬
‫اعتمدت يف التدريس يف هذه املدارس‪ ،‬كام أهنا كانت قد ُو ِض َعت يف متناول الطالب‪،‬‬
‫مما أدى إىل نشاط حركة نسخ املخطوطات‪ ،‬ونسخت الكتب املتعلقة بالتفسري واحلديث‬
‫والفقه والرصف والنحو وسائر العلوم‪ ،‬وهذا التوسع يف عملية النسخ أدى إىل توسع‬
‫(‪)2‬‬
‫املكتبات وزيادة عددها زيادة عظيمة‪.‬‬
‫وقد أدى هذا إىل ظهور احلاجة إىل فهرسة هذه املكتبات بام يتامشى مع زيادة احلاجة‬
‫إىل هذه الكتب واملؤلفات وتيسري فرص احلصول عليها والوصول إليها يف أقرص وقت‪،‬‬
‫وأقل جهد‪.‬‬
‫ومن املعروف أن فهرسة املخطوطات العربية‪ ،‬قد سارت بخطى رسيعة واسعة‬
‫كثريا من العلامء والباحثني‪ ،‬رشقيني ومسترشقني‪ ،‬قد أولوا‬‫يف سائر أنحاء العامل‪ ،‬فإن ً‬
‫هذا األمر بالغ عنايتهم‪ ،‬حتى وضعوا مجهرة كبرية من املخطوطات التي ترى اليوم يف‬
‫القاهرة وإستانبول ودمشق وبغداد واملوصل وحلب واإلسكندرية ودمياط والنجف‬
‫وتطوان والرباط وفاس وتونس واجلزائر وبريوت والقدس وطور سيناء وصنعاء‬
‫(‪)3‬‬
‫ومشهد وطشقند وبانكيبور وغريها من بلدان الرشق العريب واإلسالمي‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬السابق نفسه ص‪6 – 5‬‬


‫‪ -2‬انظر‪ :‬مكتبة املخطوطات يف إستانبول‪ ،‬للدكتور فاضل مهدي بيات‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية‪ ،‬جملد ‪ ،40‬اجلزء‬
‫الثاين‪ ،‬رجب ‪ 1417‬هـ = ‪1996‬م‪ ،‬ص‪10‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬املخطوطات العربية يف العامل‪ ،‬لألستاذ كوركيس عواد‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد ‪ –26‬اجلزء‬

‫‪-110-‬‬
‫وعىل الرغم من احتضان املكتبات الرتكية عامة ومكتبات إستانبول خاصة أعدا ًدا‬
‫ضخمة من املخطوطات فإن املعلومات عن هذه املخطوطات ظلت حمدودة حتى‬
‫السنوات األخرية؛ وذلك ألن الفهارس التي صدرت عن هذه املكتبات قليلة‪ ،‬وال‬
‫تشتمل كل املخطوطات فظل عدد كبري من هذه املخطوطات جمهوالً‪ ،‬وهلذا انرصف‬
‫الكثري من املهتمني بالرتاث إىل معرفة املخطوطات والتنويه هبا‪ ،‬وكان للمسترشقني‬
‫دورهم الواضح يف كشف الغبار عن هذه املخطوطات والتعريف هبا‪ ،‬وذلك منذ‬
‫(‪)1‬‬
‫أواسط القرن التاسع عرش امليالدي تقري ًبا‪.‬‬
‫أما يف أواخر العهد العثامين فقد قامت وزارة املعارف العثامنية بإعداد فهارس خاصة‬
‫ملعظم مكتبات إستانبول‪ ،‬بسيطة من حيث اإلعداد‪ ،‬اتُّبع فيها مجيعا منهج واحد‪ ،‬وقد‬
‫جاءت عىل شكل جداول تشتمل عىل تسلسل الكتاب يف املكتبة‪ ،‬وعدد جملداته‪ ،‬ولغته‪،‬‬
‫واخلط الذي نسخ به‪ ،‬وعدد األسطر يف الصفحة الواحدة‪ ،‬وعدد أوراقه‪ ،‬واسم مؤلفه‪،‬‬
‫وسنة وفاته‪ ،‬ومالحظات متعلقة بالكتاب‪ ،‬كأن يذكر فيها وصف شامل للمخطوطة‬
‫واسم ناسخها وسنة نسخها‪ ،‬وعىل غالف الفهرست وحتت اسم املكتبة يدرج مكان‬
‫املكتبة وتاريخ إنشائها‪ ،‬وأطلق عىل كل فهرست منها اسم دفرت‪ ،‬فيقولون‪ :‬دفرت كتبخانة‬
‫(‪)2‬‬
‫آيا صوفية‪ ،‬ودفرت كتبخانة أسعد أفندي‪.‬‬
‫والشك أن هذه املجموعات الضخمة من املؤلفات العربية التي مجعت يف استانبول‬
‫واألناضول وغريها من املدن الرتكية قد ساعدت «مصطفى بن عبد اهلل كاتب جلبي»‬
‫املعروف بـ‪« :‬حاجي خليفة» أحد علامء أواخر القرن احلادي عرش اهلجري‪ ،‬السابع‬
‫عرش امليالدي يف الدولة العثامنية‪ ،‬عىل وضع أكرب معجم ببليوجرايف(‪ )3‬أطلق عليه‬
‫«كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون»‪ ،‬وهو كتاب ببليوجرايف مهم‪ ،‬وله مكانته‬
‫يف الدراسات العربية اإلسالمية‪ ،‬مجع فيه أسامء (‪ )14500‬كتا ًبا لتسعة آالف ومخسامئة‬

‫األول – مجادى اآلخرة ‪ 1400‬هـ = مايو ‪1980‬م – القاهرة – ص‪5‬‬


‫‪ -1‬انظر‪ :‬مكتبة املخطوطات يف إستانبول‪ ،‬للدكتور فاضل مهدي بيات‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية‪ ،‬جملد ‪ ،40‬اجلزء‬
‫الثاين‪ ،‬رجب ‪ 1417‬هـ = ‪1996‬م‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬السابق ص‪13‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬دور تركيا العثامنية يف حفظ الرتاث العريب للدكتور أيمن فؤاد سيد – جملة معهد املخطوطات العربية – املجلد‬
‫‪ – 44‬اجلزء الثاين – شعبان ‪ 1421‬هـ = نوفمرب ‪2000‬م – القاهرة – ص ‪151‬‬

‫‪-111-‬‬
‫مؤلف‪ ،‬وتناول فيه نحو (‪ )300‬فن أو علم‪ ،‬وقد احتوى هذا الكتاب أمهات املصادر‬
‫يف الفكر اإلسالمي مما صنف باللغة العربية أو الفارسية أو الرتكية‪.‬‬
‫السادس‪ :‬أثر اللغة العربية يف اللغة الرتكية‪:‬‬
‫ال شك أن للغة العربية أثرها الواضح يف معظم لغات العامل‪ ،‬ومنها‪ :‬اللغة الرتكية‪،‬‬
‫والفارسية‪ ،‬والرومانية‪ ،‬واملرصية القديمة‪ ،‬واهلندية‪ ،‬واألفغانية‪ ،‬والباكستانية‪ ،‬وغريها‪،‬‬
‫وسوف نتحدث هنا عن أثر اللغة العربية يف اللغة الرتكية فقط‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬تأثري اللغة العربية يف اللغة الرتكية‪:‬‬
‫ال يستطيع أحد أن ينكر مدى تأثري اللغة العربية يف اللغة الرتكية القديمة – زمن‬
‫الدولة العثامنية‪ -‬واللغة الرتكية احلالية‪ ،‬وهذا يتضح من خالل كثري من األلفاظ العربية‬
‫التي دخلت اللغة الرتكية حتى إهنا متثل معظم اللغة الرتكية القديمة واحلديثة عىل حدٍّ‬
‫سواء‪ ،‬ومن املعروف أن معظم هذه الكلامت – وإن مل يكن كلها – قد استخدم يف‬
‫اللغة الرتكية «يف كل ميادين التفكري والتعبري‪ ،‬بحيث لو أهنا انحرست عن تلك اللغة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ألصبحت غري صاحلة للتعبري‪ ،‬وال قدرة هلا عىل ربط صلة التفاهم بني الناس»‪.‬‬
‫وبالرغم من أن معظم األلفاظ العربية التي دخلت اللغة الرتكية قد ظلت حتمل‬
‫إيضا‪ ،‬فإن هناك بعض‬ ‫املعنى نفسه الذي حتمله يف اللغة العربية‪ ،‬ويف املجال نفسه ً‬
‫األلفاظ قد اختلطت داللتها بعد دخوهلا اللغة الرتكية‪ ،‬مثل كلمة «ناموس» فإهنا يف‬
‫(‪)2‬‬
‫الرتكية تأيت بمعنى « الرشف »‪ ،‬وكلمة‪«:‬ورم» فإهنا تأيت بمعنى « ذات الرئة »‪.‬‬
‫وقد قام كثري من الباحثني وعلامء اللغة بعمل معاجم مجعوا فيها الكلامت العربية‬
‫الرصحية التي دخلت اللغة الرتكية‪ ،‬ولكنهم مل يلتفتوا إىل تلك الكلامت التي دخلت من‬
‫العربية إىل الرتكية بعد أن تغريت معاملها وتشوهت صورهتا حتى أصبحت وكأهنا كلمة‬
‫أخرى ال صلة هلا بالكلمة العربية‪ ،‬وذلك بحذف حرف أو حرفني من أول الكلمة أو‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬الوجود العريب يف اللغة الرتكية‪ ،‬لألستاذ أمحد توفيق املدين‪ ،‬جملة جممع اللغة العربية‪ ،‬مرص‪ ،‬اجلزء السادس‬
‫أيضا‪ :‬االجتاهات الشعرية يف‬
‫والثالثون‪ ،‬ذو القعدة ‪ 1395‬هـ = نوفمرب ‪1975‬م‪ ،‬عدد ‪ ،36‬ص ‪ ،127 - 126‬وانظر ً‬
‫أيضا‪ :‬بالد الشام إبان العهد العثامين للدكتور حممد‬
‫بالد الشام يف العهد العثامين للدكتور حممد التونجي‪ ،‬ص ‪ ،69‬وانظر ً‬
‫التونجي‪ 1425 ،‬هـ = ‪2004‬م‪ ،‬ص ‪105‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬بني العربية والفارسية والرتكية‪ ،‬للدكتور حسني جميب املرصي‪ ،‬جملة جممع اللغة العربية‪ ،‬مرص‪ ،‬اجلزء ‪ ،40‬ذو‬
‫القعدة ‪ 1397‬هـ = نوفمرب ‪1977‬م‪ ،‬ص ‪60 - 59‬‬

‫‪-112-‬‬
‫من هنايتها‪ ،‬أو إضافة حرف جديد عىل الكلمة األصلية‪ ،‬أو من خالل نحت وتركيب‬
‫من كلمتني عربيتني وهكذا‪.‬‬
‫ومن هذه الكتب التي مجعت الكلامت العربية يف اللغة الرتكية‪:‬‬
‫‪-‬معجم صفصايف تركي عريب‪ ،‬للدكتور الصفصايف أمحد القطوري‪ ،‬وقد طبع بمرص‬
‫سنة (‪1399‬هـ= ‪1979‬م )‪.‬‬
‫‪-‬و«الوجود العريب يف اللغة الرتكية»‪ ،‬وهو مقال لألستاذ أمحد توفيق املدين‪ ،‬بمجلة‬
‫جممع اللغة العربية‪ ،‬بالقاهرة‪ ،‬بمرص‪ ،‬اجلزء السادس والثالثون‪ ،‬ذو القعدة سنة (‪1395‬‬
‫هـ = نوفمرب ‪1975‬م )‪ ،‬وقد مجع املؤلف يف هذا املقال الكثري من الكلامت العربية التي‬
‫دخلت اللغة الرتكية‪ ،‬ورتبها ترتي ًّبا ألفبائ ًّيا‪.‬‬
‫‪-‬و«معجم الكلامت العربية الدخيلة يف اللغة الرتكية » للدكتورة رابحة شلبي‪ ،‬وقد‬
‫طبع بمدينة إزمري الرتكية سنة (‪1319‬هـ= ‪1999‬م )‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬تأثري اللغة العربية يف اللغات املختلفة عن طريق الرتكية‪:‬‬
‫وذهب كثري من الباحثني إىل أن اللغة العربية ترسبت إىل اللغة األسبانية والفرنسية‬
‫واإليطالية عن طريق مبارش‪ ،‬وطرق غري مبارشة‪ ،‬وكانت اللغة الرومانية من هذه‬
‫واضحا وجل ًّيا فيها عن طريق اللغة الرتكية‪ ،‬إذ‬
‫ً‬ ‫اللغات التي ظهر تأثري اللغة العربية‬
‫وصل إليها عدد كبري من األلفاظ الرتكية ذات األصول العربية‪ ،‬ويف ذلك يقول أحد‬
‫علامء اللغة الرومان‪« :‬ومن املعروف وهو جدير بالذكر هنا أن اللغة الرتكية بدورها‬
‫تأثرا مهماًّ باللغة العربية‪ ،‬إذ كانت هذه األخرية حاملة ثقافة وحضارة متطورة‬‫تأثرت ً‬
‫غنية‪ ،‬بينام لغة العثامنيني لغة فقرية غري قادرة عىل التعبري عن منجزات احلياة املتحرضة‬
‫(‪)1‬‬
‫لذلك العرص»‪.‬‬
‫وقد أصبحت األلفاظ ذات األصل العريب موضع البحث من جانب الباحثني‬
‫الرومانيني يف هناية القرن التاسع عرش وبداية القرن العرشين‪ ،‬ولكنهم كانوا يعتربون‬
‫مجيع الكلامت التي هلا أصل رشقي ( ومنها ألفاظ أصلها فاريس أو تركي أو ترتي ) كلامت‬
‫(‪)2‬‬
‫تركية‪ ،‬أو بمصطلح أوسع وغري واضح كلامت رشقية أو عنارص لفظية رشقية»‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬األلفاظ ذات األصل العريب الدخيلة يف اللغة الرومانية بواسطة اللغة الرتكية لألستاذ نيقوال دوبريشان‪ ،‬جملة‬
‫جممع اللغة العربية‪ ،‬مرص‪ ،‬اجلزء ‪ ( 29‬صفر ‪ = 1392‬مارس ‪1972‬م ) ص ‪147‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬السابق ص ‪148‬‬

‫‪-113-‬‬
‫أما األلفاظ التي دخلت هذه اللغات بواسطة اللغة الرتكية‪ ،‬فقد كان بعد أن أثرت‬
‫اللغة الرتكية يف هذه األلفاظ وغريت من خصائصها الصوتية‪ ،‬حيث فقدت بعض‬
‫الكلامت التشديد الذي متيزت به العربية عن غريها‪ ،‬وكذلك فقدت هذه الكلامت‬
‫التنوين الذي يمثل سمة لألغلبية الساحقة من األسامء والصفات يف اللغة العربية‬
‫(‪)1‬‬
‫الفصحى‪ ،‬وال يكون يف اللغة العامية الدارجة إال يف حاالت نادرة‪.‬‬
‫وقدم أحد الباحثني قائمة كاملة تضم األلفاظ العربية األصل الدخيلة يف اللغة‬
‫الرومانية بواسطة اللغة الرتكية‪ ،‬ومن هذه األلفاظ‪ :‬أتباع – أصناف – إمام ‪ -‬أمان –‬
‫أمانة – بدوي ‪ -‬بركة ‪ -‬ب َّطال ‪ -‬ب َّقال – بالء – بناء – تبديل – تذكرة ‪ -‬ترتيب ‪ -‬ترمجان‬
‫‪ -‬تعليم – تقرير – تقسيم ‪ -‬ج َّبة ‪ -‬جبل ‪ -‬جامع – جراح – جريمة ‪ -‬مجال ‪ -‬حاج‬
‫– حال –حرام – حريم ‪ -‬حق – حكم – حالل –حلوى ‪ -‬حوادث –خادم –خرب‬
‫–خرطوم – خزينة – خرضوات ‪ -‬خطأ ‪ -‬خفيف – خلعة –دائرة – دعوى –رئيس‬
‫‪ -‬راحة –رتبة ‪ -‬رجاء ‪ -‬رسوم ‪ -‬رشوة ‪ -‬رعايا –رقعة – رقم ‪ -‬رمضان ‪ -‬زعفران‬
‫– زعيم ‪ -‬زقاق – زنبق ‪ -‬سائس – سجادة – سحلب ‪ -‬رسوجي – سقاء ‪ -‬سالح‬
‫– سلطنة ‪ -‬شبكة ‪ -‬رشبة – رشوط – شيخ ‪ -‬صرب –صلوات ‪ -‬صورة ‪ -‬ضابط –‬
‫ضعيف ‪ -‬ضيافة ‪ -‬طائفة – طابية – طاقم ‪ -‬طالع – طبيعة ‪ -‬طحني ‪ -‬عادة – عباء‬
‫–عرض – عرض حال – عقارات ‪ -‬عقيدة – علم – علامء ‪ -‬عوائد ‪ -‬عيار – غاشية‬
‫قصاب – قصور – قطنية‬ ‫‪ -‬غشاء ‪ -‬غالف ‪ -‬قايض ‪ -‬قبول ‪ -‬قائمة – قرار – قسط ‪َّ -‬‬
‫قواس ‪ -‬قيد – كاتب – كباب –‬ ‫‪ -‬قطيفة – قطران – قفص ‪ -‬قلب – قلعة –قنطار ‪َّ -‬‬
‫كربيت ‪ -‬كافر ‪ -‬كباب – كبري ‪ -‬كساد ‪ -‬كلمة – كوب ‪ -‬كيفية ‪ -‬لقمة – مادة – ما‬
‫شاء اهلل – مبارش ‪ -‬متاع – حمارصة ‪ -‬حمافظ ‪ -‬حملة – خمزن –مدير ‪ -‬مرتبة – مرض‬
‫‪ -‬مركز – مسجد ‪ -‬معاملة – معدن ‪ -‬معرفة – مفتي ‪ -‬مقص – مكاملة ‪ -‬مكتوب ‪-‬‬
‫منارة ‪ -‬منـزل – ميدان ‪ -‬مرياث – نائب –ناظر – نتيجة ‪ -‬نقد – نفقة ‪ -‬نقش – نوبة‬
‫(‪)2‬‬
‫– وايل – وزير ‪ -‬والية‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬السابق ص ‪151‬‬


‫‪ -2‬انظر‪ :‬األلفاظ ذات األصل العريب الدخيلة يف اللغة الرومانية بواسطة اللغة الرتكية لألستاذ نيقوال دوبريشان‪ ،‬جملة‬
‫جممع اللغة العربية‪ ،‬مرص‪ ،‬اجلزء ‪ ( 29‬صفر ‪ = 1392‬مارس ‪1972‬م ) ص ‪172 – 164‬‬

‫‪-114-‬‬
‫أهم نتائج البحث‪:‬‬
‫يتضح لنا مما سبق بيانه يف هذا البحث النتائج اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬إن سالطني الدولة العثامنية منذ حلظات نشأهتا األوىل قد وضعوا اللغة العربية‬
‫(لغة القرآن الكريم ) نصب أعينهم‪ ،‬ومبتغاهم‪ ،‬ووسيلتهم إىل حفظ القرآن الكريم‪،‬‬
‫وفهم معانيه‪ ،‬وتفسريه‪ ،‬وفقه ما فيه من أحكام‪ ،‬كام أهنم عدّ وا ذلك طري ًقا وسبي ً‬
‫ال هلم‬
‫إىل رضوان اهلل – سبحانه وتعاىل – عليهم‪ ،‬ورضوان نبيهم ‪ ،‬وبذلك يصلون إىل جنة‬
‫رهبم سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫‪-2‬ظهر بوضوح وجالء ما ال يقبل الشك والتأويل مدى اهتامم سالطني العثامنيني‬
‫باللغة العربية من خالل حفظهم للقرآن الكريم‪ ،‬وتفقههم يف الدين‪ ،‬وتعلمهم الكتابة‬
‫والقراءة باللغة العربية‪ ،‬ومن خالل نظمهم الشعر العريب بكل صفاته وخصائصه التي‬
‫ال يستطيعها إنسان إال إذا كان قد مترس اللغة العربية وتعلم أرسارها‪.‬‬
‫‪-3‬قام سالطني العثامنيني بالعناية بالرتاث العريب اإلسالمي من خالل مجع‬
‫املخطوطات واملؤلفات والرسائل التي كتبت باللغة العربية يف خمتلف جماالت املعرفة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ووفروا هلا املكتبات الكبرية الالزمة الحتواء هذه الكتب الضخمة والكثرية‪،‬‬
‫وشجعوا القواد والوزراء واألغنياء عىل االهتامم بام لدهيم من مؤلفات وكتب عربية‬
‫بوقف العديد من املكتبات التي وقفوا هلا ما حتتاجه من موارد مالية متجددة‪.‬‬
‫‪-4‬كام قام سالطني العثامنيني باالهتامم باخلط العريب والتشجيع عىل التجديد فيه‪،‬‬
‫فظهر يف العرص العثامين الكثري من اخلطاطني الذين جددوا يف هذا املضامر‪ ،‬كام قام هؤالء‬
‫السالطني بتعلم اخلط العريب‪ ،‬عىل علامء وخطاطني‪ ،‬أظهروا هلم االحرتام والتقدير‪.‬‬
‫‪-5‬حفل احلكم العثامين عىل امتداد عصوره واتساع أراضيه بالعديد من املؤلفني‬
‫والعلامء الذين يرجع أصلهم إىل اجلنس الرتكي‪ ،‬والذين كانت هلم مؤلفات مهمة كتبت‬
‫باللغة العربية‪ ،‬يف خمتلف جماالت العلوم اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-6‬كثر العلامء األتراك الذين انتقلوا إىل مرص والشام من أجل تلقي العلوم اإلسالمية‬
‫باللغة العربية‪ ،‬فبلغ منهم كثريون منزلة كبرية يف البلدان العربية‪ ،‬حتى إن بعضهم توىل‬
‫مهمة القضاء يف مرص والشام‪.‬‬
‫‪-7‬ظهر بوضوح وجالء مدى تأثري اللغة العربية يف اللغة الرتكية التي تشبعت‬

‫‪-115-‬‬
‫بالكلامت العربية‪ ،‬ومن ثم نقلت هذا التأثري إىل اللغات األخرى التي وقعت حتت‬
‫سلطان الدولة العثامنية‪ ،‬وخصوصا يف أوربا‪ ،‬وهبذا نستدل عىل أن الدولة العثامنية مل‬
‫تكن يف يوم من األيام أحد معاول اهلدم أو احلرب عىل اللغة العربية‪ ،‬بل كان األوربيون‬
‫ومن لف ل ّفهم هم الذين حاولوا تلفيق هذه التهمة الواضحة التزوير إىل الدولة العثامنية‬
‫وإىل سالطني العثامنيني الذين ما ادخروا جهدً ا يف احلفاظ عىل اللغة العربية‪ ،‬ومساعدة‬
‫كل من يسعى لتعلمها والتأليف هبا وامتد هذا األمر إىل يومنا هذا‪.‬‬

‫أهم املصادر واملراجع‪:‬‬

‫أمحد آتش‪ :‬املخطوطات العربية يف مكتبات األناضول‪ ،‬جملة معهد املخطوطات‬


‫العربية – املجلد ‪ –4‬اجلزء األول – شوال ‪ 1377‬هـ = مايو ‪1958‬م – القاهرة‪.‬‬
‫أمحد توفيق املدين‪ :‬الوجود العريب يف اللغة الرتكية‪ ،‬جملة جممع اللغة العربية‪ ،‬مرص‪،‬‬
‫اجلزء السادس والثالثون‪ ،‬ذو القعدة ‪ 1395‬هـ = نوفمرب ‪1975‬م‪ ،‬عدد ‪36‬‬
‫أكمل الدين إحسان أوغيل‪ ،‬وصالح سعداوي صالح‪ ،‬الثقافة الرتكية يف مرص‬
‫جوانب من التفاعل احلضاري بني املرصيني واألتراك مع معجم لأللفاظ الرتكية يف العامية‬
‫املرصية‪ ،‬مركز األبحاث للتاريخ والفنون والثقافة اإلسالمية باستانبول‪ 2003 ،‬م‪.‬‬
‫أيمن فؤاد سيد‪ :‬دور تركيا العثامنية يف حفظ الرتاث العريب – جملة معهد املخطوطات‬
‫العربية – املجلد ‪ – 44‬اجلزء الثاين –شعبان ‪ 1421‬هـ = نوفمرب ‪2000‬م – القاهرة‪.‬‬
‫حسني جميب املرصي‪ :‬بني العربية والفارسية والرتكية‪ ،‬جملة جممع اللغة العربية‪،‬‬
‫مرص‪ ،‬اجلزء ‪ ،40‬ذو القعدة ‪ 1397‬هـ = نوفمرب ‪1977‬م‬
‫عبد العزيز حممد الشناوي‪ :‬دور األزهر يف احلفاظ عىل الطابع العريب ملرص‪ ،‬بحث‬
‫ضمن أبحاث الندوة الدولية لتاريخ القاهرة ( مارس ‪ ،)1969‬وزارة الثقافة‪1971 ،‬م‪.‬‬
‫عمر رضا كحالة‪ ،‬خمطوطات دار الكتب الظاهرية بدمشق‪ ،‬جملة معهد املخطوطات‬
‫العربية – املجلد ‪ –1‬اجلزء األول – رمضان ‪ 1374‬هـ = مايو ‪1955‬م – القاهرة‪.‬‬
‫فؤاد سيد‪ :‬خمطوطات دار الكتب املرصية‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية –‬
‫املجلد ‪ –1‬اجلزء األول – رمضان ‪ 1374‬هـ = مايو ‪1955‬م – القاهرة‪.‬‬

‫‪-116-‬‬
‫فاضل مهدي بيات‪ ،‬مكتبة املخطوطات يف إستانبول‪ ،‬جملة معهد املخطوطات‬
‫العربية‪ ،‬جملد ‪ ،40‬اجلزء الثاين‪ ،‬رجب ‪ 1417‬هـ = ‪1996‬م‪.‬‬
‫كارل بروكلامن‪ :‬تاريخ األدب العريب ( العرص العثامين )‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممود فهمي‬
‫حجازي‪ ،‬وعمر صابر عبد اجلليل‪ ،‬اهليئة املرصية العامة للكتاب‪1995 ،‬م‪.‬‬
‫كوركيس عواد‪ :‬املخطوطات العربية يف العامل‪ ،‬جملة معهد املخطوطات العربية –‬
‫املجلد ‪ –26‬اجلزء األول – مجادى اآلخرة ‪1400‬هـ= مايو ‪1980‬م – القاهرة‪.‬‬
‫جمموعة من العلامء‪ :‬موسوعة سفري للتاريخ اإلسالمي‪ ،‬اجلزء الثامن‪ ،‬الدولة‬
‫العثامنية‪ ،‬رشكة سفري‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫حممد أسعد طلس‪ ،‬املخطوطات العربية وخزائنها يف حلب‪ ،‬جملة معهد املخطوطات‬
‫العربية – املجلد ‪ –1‬اجلزء األول – رمضان ‪ 1374‬هـ = مايو ‪1955‬م – القاهرة‪.‬‬
‫حممد التونجي ‪ -‬بالد الشام إبان العهد العثامين‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪ 1425 ،‬هـ = ‪2004‬م‪.‬‬
‫حممد التونجي‪ :‬اإلجتاهات الشعرية يف بالد الشام يف العهد العثامين‪ ،‬منشورات‬
‫إحتاد الكتاب العرب‪1993 ،‬م‪.‬‬
‫نيقوال دوبريشان‪ :‬األلفاظ ذات األصل العريب الدخيلة يف اللغة الرومانية‬
‫بواسطة اللغة الرتكية‪ ،‬جملة جممع اللغة العربية‪ ،‬مرص‪ ،‬اجلزء ‪( 29‬صفر ‪= 1392‬‬
‫مارس ‪1972‬م )‪.‬‬
‫يلامز أوزتونا‪ :‬تاريخ الدولة العثامنية ‪ -‬منشورات مؤسسة فيصل للتمويل ‪-‬‬
‫إستانبول ‪ -‬الطبعة األوىل ‪1408 -‬هـ = ‪1988‬م‪.‬‬

‫‪-117-‬‬
‫مواقف �أ�ساتذة اللغة العربية وطالبها من تدري�س‬
‫اللهجات العربية على امل�ستوى اجلامعي فـي تركيا‬
‫د‪ .‬حممد حقي صوتشني‬
‫جامعة غازي‪ ،‬أنقرة‪-‬تركيا‬

‫مدخل‬
‫إن البحث عن دراسة اللهجات اللغة العربية موضوع جديد إىل حد كبري يف تركيا‪.‬‬
‫إذ إن تدريس اللغة العربية يف املؤسسات الرتكية الرسمية منها وغري الرسمية‪ ،‬جرى‬
‫بصورة عامة باللغة العربية الفصحى (صوتشني‪ .)2013 ،‬ونظر ًا ألن تدريسها جرى‬
‫متشي ًا وطرق غري تواصلية أقرب إىل القواعد والرتمجة (‪ ،)2015 ،Suçin‬فإن احلاجة‬
‫إىل «االعرتاف» باللهحات العربية فرضت نفسها يف السنوات األخرية وخصوصا بعد‬
‫تطوير العالقات الرتكية‪-‬العربية يف شتى املجاالت‪ ،‬و»اكتشاف» الدارسني واملدرسني‬
‫عىل حد سواء أن ثمة ازدواجية لغوية يف اللغة العربية تشكل صعوبات مهمة أمام‬
‫تدريس اللغة العربية للناطقني بغريها‪.‬‬
‫أدرجت مادة «اللهجات العربية» أول مرة يف كل أنحاء تركيا ضمن مقرر قسم‬
‫تدريس اللغة العربية بجامعة غازي الواقعة يف أنقرة وذلك عام ‪ 1996‬بوصفها مادة‬
‫اختيارية‪ .‬أدرج بعد ذلك قسم اللغة العربية وآداهبا بجامعة أنقرة هذه املادة ضمن‬
‫مقرراته عام ‪ ،2005‬تابعتهام جامعة اسطنبول عام ‪ 2010‬وعدد من اجلامعات يف‬
‫السنوات القليلة املاضية (اجلدول ‪.)1‬‬

‫‪-119-‬‬
‫إن تدريس اللهجات العربية كان وما زال موضوع نقاش لدى املهتمني بتدريس‬
‫اللغة العربية باعتبارها لغة أجنبية يف اجلامعات الرتكية‪ .‬هناك من يؤيدون إدراج‬
‫اللهجات ضمن املقررات‪ ،‬ومن يعارضون ذلك‪ .‬ومع ذلك مل يتم حلد اآلن دراس ٌة تقوم‬
‫بسرب مواقف الطالب واألساتذة من تدريس اللهجات العربية يف اجلامعات الرتكية‬
‫بصورة تمُ كّننا من تقييم يعتمد عىل مقاربات علمية‪ ،‬عىل غرار ما قام به عدد من الباحثني‬
‫بدراسات يف جامعات خمتلفة‪ ،‬عىل سبيل املثال ال احلرص (‪،Al-Mamari ;2013 ،Shiri‬‬
‫‪.)2011 ،Hashem-Aramouni ;2011‬‬
‫تستهدف هذه الدراسة إىل النظر يف موقف طالب اللغة العربية وأساتذهتا من‬
‫تدريس اللهجات العربية يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬وذلك من خالل استبيان ُط ِر َح عليهم‬
‫لسرب مواقفهم وآراءهم‪ .‬وقد شارك يف االستبيان طالب السنة األخرية لفروع اللغة‬
‫بكل أنواعها من «لغة وأدب» و«تدريس اللغة العربية» و«ترمجة»‪ .‬وهذه الفروع‬ ‫العربية ّ‬
‫لس ْب ِع جامعات تركية تقع يف كل أنحاء تركيا كام هو وارد يف اجلدول ‪.1‬‬
‫تابعة َ‬
‫عدد أعضاء‬
‫عدد الطالب‬
‫التدريس بكل‬ ‫اسم الربنامج‬ ‫املدينة‬ ‫اسم اجلامعة‬
‫(الليسانس)‬
‫الدرجات العلمية‬

‫‪8‬‬ ‫‪600‬‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫اسطنبول‬ ‫جامعة اسطنبول‬

‫‪5‬‬ ‫‪150‬‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫أنقرة‬ ‫جامعة أنقرة‬

‫‪8‬‬ ‫‪350‬‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫أررضوم‬ ‫جامعة أتاتورك‬

‫‪9‬‬ ‫‪210‬‬ ‫تدريس اللغة العربية‬ ‫أنقرة‬ ‫جامعة غازي‬

‫‪6‬‬ ‫‪400‬‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫قونية‬ ‫جامعة سلجوق‬

‫‪4‬‬ ‫‪240‬‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫دياربكر‬ ‫جامعة دجلة‬

‫قسم الرتمجة الشفوية‬


‫‪7‬‬ ‫‪250‬‬ ‫كرييك كالة‬ ‫جامعة كرييك كالة‬
‫والتحريرية‬

‫‪47‬‬ ‫‪2200‬‬ ‫املجموع‬

‫اجلدول ‪ :1‬بيانات عامة عن اجلامعات الرتكية التي أجريت فيها الدراسة‬

‫‪-120-‬‬
‫أما توزيع اجلامعات حسب نوع اللهجات والسنوات الدراسية واحلصص عىل‬
‫النحو التايل (اجلدول ‪.)2‬‬

‫جمموع عدد‬ ‫اللهجة‪/‬ـات‬


‫عدد الساعات‬ ‫السنة‬
‫الساعات يف‬ ‫العربية التي‬ ‫القسم‬ ‫اجلامعة‬
‫يف األسبوع‬ ‫الدراسية‬
‫السنة‬ ‫يتم تدريسها‬

‫جامعة‬
‫‪28‬‬ ‫‪2‬‬ ‫السنة الثالثة‬ ‫القاهرة‬ ‫اسطنبول‬
‫اسطنبول‬

‫‪28‬‬ ‫‪2‬‬ ‫السنة الرابعة‬ ‫دمشق‬

‫‪28‬‬ ‫‪2‬‬ ‫السنة الرابعة‬ ‫القاهرة‬ ‫أنقرة‬ ‫جامعة أنقرة‬

‫جامعة‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫أررضوم‬
‫أتاتورك‬

‫‪42‬‬ ‫‪3‬‬ ‫السنة الرابعة‬ ‫القاهرة‬ ‫أنقرة‬ ‫جامعة غازي‬

‫جامعة‬
‫‪28‬‬ ‫‪2‬‬ ‫السنة الثالثة‬ ‫دمشق‪/‬بغداد‬ ‫قونية‬
‫سلجوق‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫دياربكر‬ ‫جامعة دجلة‬

‫جامعة كرييك‬
‫‪28‬‬ ‫‪2‬‬ ‫السنة الثالثة‬ ‫دمشق‬ ‫كرييك قلعة‬
‫قلعة‬

‫‪28‬‬ ‫‪2‬‬ ‫السنة الرابعة‬ ‫القاهرة‬

‫اجلدول ‪ :2‬تدريس اللهجات العربية يف اجلامعات الرتكية موضوع الدراسة‬

‫وقد تم إجراء استبيا َنينْ لكل من أساتذة وطلبة هذه األقسام؛ للتوصل إىل معلومات‬
‫ديمغرافية عن جمموعة البحث‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن مواقفهم من اللهجات العربية وما يمت إليها‬
‫بصلة‪ .‬سأقوم أدناه بتناول كل واحد من االستبيانني املذكورين؛ من حيث املعلومات‬
‫الديمغرافية والبنود الواردة فيهام‪.‬‬

‫‪-121-‬‬
‫التحليل اخلاص باستبيان الطالب‬
‫لقد تبني من خالل استبيان الطالب (امللحق ‪ )1‬أن ما يقارب أربعة وسبعون‬
‫باملائة من الطالب هم ذكور وخاصة يف اجلامعات الواقعة يف رشق وجنوب رشق‬
‫األناضول (اجلدول ‪.)3‬‬
‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪73،9‬‬ ‫‪210‬‬ ‫ذكر‬

‫‪26،1‬‬ ‫‪74‬‬ ‫أنثى‬

‫‪%100‬‬ ‫‪284‬‬ ‫املجموع‬


‫اجلدول ‪ :3‬توزيع الطالب موضوع البحث حسب اجلنس‬
‫أما من ناحية اللغة األم للطالب أي اللغة أو اللهجة التي يتكلمون فيها داخل‬
‫األرسة‪ ،‬نالحظ أن أبناء املواطنني العرب ليس هلم إقبال كبري ألقسام اللغة العربية يف‬
‫اجلامعات الرتكية (اجلدول ‪.)4‬‬

‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪83،5‬‬ ‫‪238‬‬ ‫اللغة الرتكية‬


‫‪13،3‬‬ ‫‪38‬‬ ‫اللغة الكردية‬
‫‪3،2‬‬ ‫‪9‬‬ ‫اللغة العربية‬
‫اجلدول ‪ :4‬اللغة األم للطالب‬
‫لقد أجاب معظم الطالب أهنم تلقوا مادة فيام يتعلق بإحدى هلجات اللغة العربية‬
‫(اجلدول ‪.)5‬‬
‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪76،6‬‬ ‫‪216‬‬ ‫نعم‬

‫‪23،4‬‬ ‫‪66‬‬ ‫ال‬

‫اجلدول ‪ :5‬نسبة تلقي الطالب مادة تتعلق بإحدى اللهجات العربية‬

‫‪-122-‬‬
‫كام أفاد ‪ %82‬تقريب ًا من ا ُمل ْستَطلعني بأهنم يتلقون درس ًا يف تعليم اللهجة ملدة ساعتني‬
‫مهم من الطالب املستطلعني الباقني بأهنم يتلقون درس ًا يف‬‫يف األسبوع‪ .‬كام أفاد جزء ّ‬
‫اللهجة ملدة ثالث ساعات يف األسبوع (اجلدول ‪.)6‬‬

‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪82،1‬‬ ‫‪179‬‬ ‫ساعتان‬

‫‪15،1‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪ 3‬ساعات‬

‫‪2،3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫أخرى‬

‫‪5،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ساعة واحدة‬

‫اجلدول ‪ :6‬عدد احلصص‬


‫أما بالنسبة للهجات العربية املدرجة ضمن املقررات يف اجلامعات الرتكية فهي عىل‬
‫النحو التايل (اجلدول ‪:)7‬‬

‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪53،5‬‬ ‫‪153‬‬ ‫القاهرة‬

‫‪28،7‬‬ ‫‪82‬‬ ‫دمشق‪/‬بريوت‬

‫‪22،4‬‬ ‫‪64‬‬ ‫بغداد‬

‫‪6،6‬‬ ‫‪19‬‬ ‫أخرى‬

‫اجلدول ‪ :7‬اللهجات العربية التي تلقاها الطالب‬


‫نرى يف اجلدول ‪ 7‬أن هلجة القاهرة هي أكثر اللهجات تعلي ًام يف برامج تعليم اللغة‬
‫العربية يف تركيا‪ .‬ويأيت بعد تعليم هذه اللهجة عىل التوايل تعليم هلجة دمشق أو بريوت‬
‫وهلجة بغداد‪ .‬ويف خانة «أخرى» ذكر املستطلعون اللهجة «الفلسطينية»‪ .‬و ُيلفت النظر‬
‫بأن أي برنامج تعليم للغة العربية ال ُيع ّلم اللهجات العربية املستخدمة يف األناضول‬
‫(ماردين‪ ،‬أنطاكية‪ ،‬سعرد‪ ...‬إلخ‪).‬‬

‫‪-123-‬‬
‫‪ 2.1‬وضع موافقة الطالب عىل البنود‬
‫يف استبيان الطالب سئل ا ُمل ْستَطلعون عن املستوى الذي هم فيه عرب األسئلة هبذا الشأن‪،‬‬
‫وقد شارك الطالب عىل األغلب عىل البنود التالية (البنود التي حتظى بأكرب موافقة)‪:‬‬
‫أثناء احلديث مع عريب أستطيع أن أميز ما إذا كان احلديث بالفصحى أو اللهجة‪.‬‬
‫جيب أن تُعلم الفصحى بداية ثم هلجة عربية يف اجلامعات‪.‬‬
‫سهل تعلم اللهجات العربية األخرى‪.‬‬ ‫تَع ُّلم إحدى اللهجات العربية ُي ّ‬
‫جيب تعليم اللهجات العربية بشكل متكامل‪ ،‬أي بالتوازي مع العربية الفصحى‪.‬‬
‫وكام نرى فإن الغالبية الساحقة من طالب اللغة العربية يف تركيا واعون للفرق بني‬
‫العربية الفصحى واللهجة‪ .‬وهم مع تعليم اللهجات بشكل متكامل‪ ،‬أي بالتوازي‬
‫مع تعليم العربية الفصحى‪ .‬من جهة أخرى ثمة اعتقاد بأن تع ُّل َم هلجة عربية سيسهل‬
‫تع ّلم اللهجات األخرى‪ .‬عىل الرغم من هذا‪ ،‬هناك من أفاد بأنه يؤيد تعليم اللهجة بعد‬
‫تكوين أساس للعربية الفصحى‪.‬‬
‫من ناحية أخرى فإن نسبة كبرية من الطالب أفادت بأهنا مل تصل إىل املستوى الذي‬
‫ُيمكنها من عدم االنقطاع بالتواصل عندما تتكلم مع عريب يستخدم هلجته‪ .‬وهذا يعني‬
‫أن تعليم اللهجة ليس باملستوى الذي يمكن الطالب من إجراء تواصل مستمر‪.‬‬
‫كام أن موقف الطالب من تعليم اللهجة إجيايب‪ ،‬وهم عىل قناعة بأن تعليم الفصحى‬
‫فقط ليس كافي ًا من أجل التواصل‪ .‬وهذا الوضع يشري إىل وعي الطالب األتراك بأمهية‬
‫اللهجة يف التواصل‪ .‬وباملقابل ثمة نسبة ساحقة من الطالب األتراك يؤمنون بأن العربية‬
‫الفصحى ليست لغة ميتة كالالتينية‪ ،‬ويعتقدون بأن للفصحى دورا يف التواصل‪.‬‬
‫أما البنود التي حتظى بأقل موافقة من الطالب فهي عىل النحو اآليت‪:‬‬
‫أتواص َل دون انقطاع مع َمن لغته األم اللغة العربية عندما يتك ّلم باللهجة‪.‬‬
‫َ‬ ‫يمكنني أن‬
‫ال رضورة لتعليم اللهجة ألن العربية الفصحى كافية‪.‬‬
‫جيب تعليم هلجة عربية بداية ثم الفصحى يف اجلامعات‪.‬‬
‫تعليم اللهجات العربية يف جامعتنا ٍ‬
‫كاف‪.‬‬
‫أعتقد بأن العربية الفصحى لغة ميتة مثلها مثل الالتينية‪.‬‬
‫وإذا أخذنا بعني االعتبار متغريات تتعلق باجلنس واللغة األم وتلقي أو عدم تلقي‬
‫مادة اللهجات وساعات احلصص‪ ،‬فقد تم التوصل إىل املعطيات أدناه‪.‬‬

‫‪-124-‬‬
‫‪ 2.2‬موافقة الطالب عىل البنود بحسب اجلنس‬
‫تشري إجابات الطالب ا ُملستَطلعني إىل َف ْرق بحسب اجلنس‪ .‬يف مهارة التمييز بني‬
‫العربية الفصحى واللهجة‪ ،‬وبني اللهجات فيام بينهام هناك موافقة أوسع للذكور من‬
‫اإلناث‪ .‬أما بالنسبة إىل القلق من االنقطاع بالتواصل يف اللهجة فقد وافقت اإلناث‬
‫بنسبة أكرب من الذكور‪.‬‬
‫‪ 2.3‬موافقة الطالب عىل البنود بحسب اللغة األم‬
‫عندما نستعرض وضع إجابات الطالب الذين ختتلف لغتهم األم يف االستبيان نجد‬
‫اآليت‪ :‬لدى الطالب الذين لغتهم األم هي العربية مهارة متييز العربية الفصحى عن‬
‫اللهجات‪ ،‬ومتييز اللهجات العربية فيام بينها أكثر من الطالب الذين لغتهم األم هي‬
‫غري العربية (الرتكية أو الكردية)‪ .‬كام أن هؤالء الطالب لدهيم قلق أقل بعملية التواصل‬
‫باللهجات مقارنة بالطالب الذين لغتهم األم غري العربية‪ .‬وهذا يبني أن الطالب‬
‫الذين لغتهم األم هي العربية واعون أكثر لواقعية اللهجات العربية ودور اللهجات يف‬
‫التواصل اليومي مقارنة بالطالب الذين لغتهم األم غري العربية‪.‬‬
‫‪ 2.4‬موافقة الطالب عىل البنود بحسب تلقي درس اللهجة‬
‫تشري أجوبة الطالب املشاركني باالستبيان إىل وجود فرق بحسب تلقي درس‬
‫هلجة ما‪ .‬وعىل هذا األساس فإن الذين يتلقون درس ًا باللهجة العربية لدهيم مهارة أكرب‬
‫بتمييز العربية الفصحى عن اللهجة‪ ،‬واستنتاج اللهجة التي يتكلم فيها العريب‪ .‬غري هذا‬
‫فإن إجابة هؤالء الطالب بنعم عىل بند‪« :‬أشعر بالقلق من عدم فهمي عندما يتحدث‬
‫أحدهم ولغتُه األم هي العربية»‪ ،‬أكرب من الرد اإلجيايب ملن مل يتعلم اللهجة‪ .‬الوضع نفسه‬
‫ينسحب عىل مهارة إمكانية التواصل بواسطة العربية الفصحى‪.‬‬
‫من جهة أخرى فإن املجيبني بنعم عىل عبارة «ال رضورة لتعليم اللهجة ألن العربية‬
‫الفصحى كافية»‪ .‬هم طالب اجلامعة الذين مل يتلقوا أي تعليم للهجة‪ .‬وهذا يشري‬
‫«تعرض أو مواجهة الطالب لِ َّل ْهجة» وانتباهه إىل حقائق‬ ‫إىل عالقة توازي بني درجة ُّ‬
‫االزدواجية اللغوية (‪ )diglossia‬للغة العربية‪ .‬يعتقد الطالب الذين «تعرضوا» لِ َله ٍ‬
‫جة‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ما بأن عدم معرفة هذه اللهجة يؤثر سلب ًا‪ ،‬كام يالحظ بأن الذين مل يتل َّق ْوا درس ًا باللهجة‬
‫يتخذون موقفهم انطالق ًا من موقف «أيديولوجي»‪ .‬وقد عدّ الطالب الذين اختذوا هذا‬
‫املوقف أن اللهجات هي لغات مصطنعة هبدف ختريب الوحدة اللغوية بني العرب‪.‬‬

‫‪-125-‬‬
‫‪ 2.5‬موافقة الطالب عىل البنود بحسب ال َف ْرق بساعات درس اللهجة األسبوعية‬
‫ثمة َف ْرق بني إجابات الطالب عىل عبارة «يمكنني أن أتواصل دون أي انقطاع‬
‫مع من لغته األم اللغة العربية عندما يتكلم بالفصحى»‪ .‬بحسب عدد ساعات دراسة‬
‫اللهجة األسبوعية‪ .‬املوافقون عىل هذه العبارة هم الذين يتلقون درس هلجة ملدة ثالث‬
‫ساعات أو أكثر أسبوعي ًا‪ .‬وبالطريقة نفسها‪ ،‬فإن املوافقني عىل عبارة «أعتقد بأن العربية‬
‫الفصحى لغة ميتة مثلها مثل الالتينية»‪ .‬أكرب لدى الذين يدرسون ثالث ساعات هلجة‬
‫أو أكثر أسبوعي ًا‪.‬‬
‫حتليل بيانات أعضاء اهليئة التدريسية‬
‫سأقدم أدناه بعض املعلومات الديمغرافية والشخصية عن أعضاء هيئة التدريس الذين‬
‫شاركوا يف االستبيان (امللحق ‪ )2‬والذين يواصلون أنشطتهم األكاديمية يف أقسام اللغة‬
‫العربية لدى سبع جامعات تركية‪ .‬ونسبة هؤالء حسب اجلامعات مذكورة يف اجلدول ‪.8‬‬

‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪21،1‬‬ ‫‪12‬‬ ‫جامعة أنقرة (أنقرة)‬

‫‪17،5‬‬ ‫‪10‬‬ ‫جامعة غازي (أنقرة)‬

‫‪15،8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫جامعة اسطنبول (اسطنبول)‬

‫‪14،0‬‬ ‫‪8‬‬ ‫جامعة سلجوق (قونية)‬

‫‪12،3‬‬ ‫‪7‬‬ ‫جامعة كرييك قلعة (كرييك قلعة)‬

‫‪10،5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫جامعة أتاتورك (أررضوم)‬

‫‪8،8‬‬ ‫‪5‬‬ ‫جامعة دجلة (دياربكر)‬

‫اجلدول ‪ :8‬اجلامعات التي ينتسب إليها أعضاء هيئة التدريس‬


‫أما بالنسبة للغة التي يتحدث هبا األكاديميون داخل أرسهتم فهي عىل النحو التايل‬
‫(اجلدول ‪:)9‬‬

‫‪-126-‬‬
‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪77،2‬‬ ‫‪44‬‬ ‫اللغة الرتكية‬

‫‪17،5‬‬ ‫‪10‬‬ ‫اللغة العربية‬

‫‪5،3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اللغة الكردية‬

‫اجلدول ‪ :9‬اللغة األم ألعضاء هئية التدريس‬


‫كام نالحظ يف اجلدول أن معظم األساتذة أو األكاديميني أفادوا أن لغتهم األم هي‬
‫اللغة الرتكية‪ ،‬يليها اللغة العربية‪ ،‬فاللغة الكردية‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلملامهم بإحدى هلجات اللغة العربية فقد أجاب املستطلعون كام يـأيت‬
‫(اجلدول ‪:)10‬‬
‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪50،9‬‬ ‫‪29‬‬ ‫دمشق ‪ /‬بريوت‬

‫‪29،8‬‬ ‫‪17‬‬ ‫القاهرة‬

‫‪29،8‬‬ ‫‪17‬‬ ‫وال واحدة‬

‫‪10،5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫بغداد‬

‫‪5،3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫أخرى‬

‫اجلدول ‪ :10‬نسبة إملام األساتذة باللهجات العربية‬


‫كام نالحظ أن أكثر من نصف ا ُملستطلعني يتحدثون هلجة «دمشق أو بريوت»‪،‬‬
‫وبالدرجة الثانية يتحدثون هلجة القاهرة بنسبة ‪ %30‬تقريب ًا‪ .‬ومتثل هلجة بغداد بنسبة‬
‫‪ %10‬تقريب ًا‪ .‬وباملقابل فإن ‪ %30‬من أعضاء اهليئة التدريسية أفادوا بأهنم ال يتحدثون أو‬
‫يفهمون أي هلجة عربية‪ ،‬وتساوي نسبة أعضاء اهليئة التدريسية الذين ال يتحدثون أو‬
‫يفهمون أي جلهة عربية نسبة الذين يتحدثون هلجة القاهرة‪.‬‬
‫إذا نظرنا إىل معطيات مستوى اللهجة العربية التي يتحدث هبا أعضاء اهليئة التدريسية‬

‫‪-127-‬‬
‫ويفهموهنا‪ ،‬فإن هذه النسب عىل النحو التايل (اجلدول ‪:)11‬‬
‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪59،0‬‬ ‫‪23‬‬ ‫متوسط‬

‫‪38،5‬‬ ‫‪15‬‬ ‫متقدم‬

‫‪2،6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫أسايس‬

‫اجلدول ‪ :11‬املستوى الذي يراه األساتذة إملامهم باللهجات‬

‫ستدرسون هلجة عربية‪،‬‬


‫ّ‬ ‫وقد وجهنا يف االستبيان سؤاالً إىل األساتذة مفاده «لو كنتم‬
‫فام هي اللهجة العربية األكثر رضورة لتعليمها برأيكم؟»‪ ،‬فكانت إجاباهتم عىل النحو‬
‫التايل (اجلدول ‪:)12‬‬
‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪57،9‬‬ ‫‪33‬‬ ‫دمشق‪/‬بريوت‬

‫‪36،8‬‬ ‫‪21‬‬ ‫القاهرة‬

‫‪3،5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫أخرى‬

‫‪1،8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫بغداد‬

‫اجلدول ‪ :12‬اللهجة األكثر رضورية للتدريس يف رأي األساتذة‬

‫نرى أكثر ا ُملستطلعني يفيدون أن اللهجة األكثر رضورة لتعلمها هي «دمشق أو‬
‫بريوت»‪ .‬وتأيت هلجة القاهرة بالدرجة الثانية‪ .‬وقد أشار بعض أعضاء اهليئة التدريسية‬
‫إىل أن الطلب الناجم من جلوء السوريني إىل تركيا نتيجة احلرب األهلية هو السبب‬
‫الكامن وراء ارتفاع هذه النسبة‪.‬‬
‫بالنسبة آلراء األساتذة فيام يتعلق بالسنوات الدراسية املالئمة لتدريس إحدى‬
‫اللهجات العربية‪ ،‬فأجابوا كام هو مبني يف اجلدول ‪.13‬‬

‫‪-128-‬‬
‫النسبة املئوية‬ ‫العدد‬

‫‪50،9‬‬ ‫‪29‬‬ ‫السنة الثالثة‬

‫‪15،8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫السنة الثانية‬

‫‪12،3‬‬ ‫‪7‬‬ ‫السنة الرابعة‬

‫‪7،0‬‬ ‫‪4‬‬ ‫السنة األوىل‬

‫‪7،0‬‬ ‫‪4‬‬ ‫كل السنوات الدراسية‬

‫‪3،5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫السنة التمهيدية‬

‫‪3،5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫وال واحدة‬

‫اجلدول ‪ :13‬يف أي صف يمكن تفاعل الطالب مع إحدى اللهجات العربية؟‬


‫كام نالحظ فإن أكثر من نصف املستطلعني (حوايل ‪ )%51‬يتبنون فكرة رضورة‬
‫تكثيف تدريس اللهجة يف الصف الثالث‪ .‬وتنخفض نسبة املستطلعني حول رضورة‬
‫تعليم اللهجة يف الصف الثاين والرابع واألول عىل التسلسل‪ ،‬وتبلغ نسبة املدافعني عن‬
‫تعليم اللهجة يف الصفوف كلها‪ %7 ،‬فقط‪.‬‬
‫‪ 3.1‬وضع موافقة أعضاء اهليئة التدريسية عىل البنود‬
‫عندما نتناول وضع موافقة أعضاء اهليئة التدريسية عىل البنود‪ ،‬فإن البنود التي‬
‫حظيت بأكرب موافقة لدى هؤالء األعضاء هي اآلتية‪:‬‬
‫جيب تعليم اللغة العربية الفصحى بداية ثم اللهجة يف اجلامعات‪.‬‬
‫جيب إدخال اللهجات إىل برامج فروع اللغة العربية‪.‬‬
‫تعلم هلجة عربية ُيسهل تعلم اللهجات العربية األخرى‪.‬‬
‫وبحسب هذه املعطيات فإن الغالبية العظمى من أعضاء اهليئة التدريسية يؤمنون‬
‫بإدخال اللهجات العربية إىل برامج اللغة العربية‪ .‬إىل جانب هذا يعد تدريس اللغة‬
‫العربية الفصحى أساس ًا‪ ،‬ويسود االعتقاد برضورة تدريس اللهجات العربية بعد‬
‫تشكيل هذا األساس‪.‬‬

‫‪-129-‬‬
‫أما البنود التي حظيت بأقل موافقة بني أعضاء اهليئة التدريسية هي اآلتية‪:‬‬
‫كاف‪ ،‬وال رضورة لتعلم اللهجة‪.‬‬ ‫تعليم اللغة العربية الفصحى ٍ‬
‫أعتقد بأن اللغة العربية الفصحى لغة ميتة مثلها مثل الالتينية‪.‬‬
‫جيب تعليم اللغة العربية الفصحى بداية ثم اللهجات يف اجلامعة‪.‬‬
‫اللهجات العربية لغات مصطنعة لفقت من أجل ختريب وحدة العرب اللغوية‪.‬‬
‫تعليم اللهجات العربية يف اجلامعات ٍ‬
‫كاف‪.‬‬
‫اجلانب الالفت لالنتباه أن الطالب وأعضاء اهليئة التدريسية يتفقون عىل قضية عدم‬
‫كفاية تدريس اللهجة يف اجلامعات‪.‬‬
‫‪ 3.2‬مقارنة بني موافقة الطالب وموافقة أعضاء اهليئة التدريسية عىل البنود‬
‫يف حال املقارنة بني املوافقة املشرتكة عىل البنود بني الطالب واألساتذة‪ ،‬نجد ما يأيت‬
‫(اجلدول ‪.)14‬‬
‫عبارات‬ ‫أعضاء هيئة‬
‫الطالب‬
‫مشرتكة‬ ‫التدريس‬
‫االنحراف‬ ‫االنحراف‬
‫املعدل‬ ‫املعدل‬
‫املعياري‬ ‫املعياري‬
‫تكفي معرفة العربية‬
‫الفصحى‪ ،‬وال رضورة لتعلم‬ ‫‪2،19‬‬ ‫‪1،23‬‬ ‫‪2،26‬‬ ‫‪1،23‬‬
‫اللهجة‪.‬‬

‫أعتقد أن العربية الفصحى‬


‫لغة ميتة مثلها مثل اللغة‬ ‫‪2،98‬‬ ‫‪1،38‬‬ ‫‪3،05‬‬ ‫‪1،33‬‬
‫الالتينية‪.‬‬
‫اللهجات العربية هي‬
‫لغات مصطنعة لفقت من‬
‫‪1،25‬‬ ‫‪0،74‬‬ ‫‪1،64‬‬ ‫‪1،04‬‬
‫أجل ختريب وحدة العرب‬
‫اللغوية‪.‬‬
‫جيب تعليم هلجة عربية ثم‬
‫اللغة العربية الفصحى يف‬ ‫‪2،28‬‬ ‫‪1،29‬‬ ‫‪2،41‬‬ ‫‪1،27‬‬
‫اجلامعات‪.‬‬

‫‪-130-‬‬
‫عبارات‬ ‫أعضاء هيئة‬
‫الطالب‬
‫مشرتكة‬ ‫التدريس‬
‫االنحراف‬ ‫االنحراف‬
‫املعدل‬ ‫املعدل‬
‫املعياري‬ ‫املعياري‬
‫جيب تعليم اللغة العربية‬
‫الفصحى ثم اللهجة العربية‬ ‫‪1،48‬‬ ‫‪0،79‬‬ ‫‪2،25‬‬ ‫‪1،21‬‬
‫يف اجلامعات‪.‬‬

‫جيب تعليم اللغة العربية‬


‫الفصحى بالتكامل أي‬ ‫‪4،39‬‬ ‫‪0،92‬‬ ‫‪3،96‬‬ ‫‪1،12‬‬
‫بالتوازي مع تعليم اللهجة‪.‬‬

‫تعليم اللهجة العربية يسهل‬


‫تعليم اللهجات العربية‬ ‫‪3،72‬‬ ‫‪1،22‬‬ ‫‪3،86‬‬ ‫‪0،91‬‬
‫األخرى‪.‬‬

‫تعليم اللهجات العربية يف‬


‫جامعتنا ٍ‬ ‫‪2،23‬‬ ‫‪1،02‬‬ ‫‪2،17‬‬ ‫‪1،22‬‬
‫كاف‪.‬‬

‫اجلدول ‪ :14‬مقارنة بني موافقة الطالب وموافقة األساتذة عىل بنود االستبيان‬

‫عندما نبحث يف وضع املوافقة املشرتكة عىل البنود بني الطالب وأعضاء اهليئة‬
‫التدريسية‪ ،‬نجد أن بندي «جيب تعليم الفصحى ثم العامية يف اجلامعات»‪ ،‬و«تعليم‬
‫اللهجات يف اجلامعات ٍ‬
‫كاف» قد حظيا بموافقة أكرب من أعضاء اهليئة التدريسية منها‬
‫لدى الطالب‪ ،‬أما بالنسبة للبنود األخرى‪ ،‬فقد حظيت بموافقة الطالب أكثر‪.‬‬

‫‪-131-‬‬
‫اخلامتة‬
‫لقد أظهرت الدراسة أن ثمة نسبة ال بأس هبا من الطالب (‪ %24‬تقريب ًا) مل يتلقوا‬
‫سيتخرجون يف جامعاهتم دون‬ ‫ّ‬ ‫أي درس حول اللهجات العربية‪ ،‬وهذا يعني أهنم‬
‫«التعرض» ألي هلجة عربية‪.‬‬‫ُّ‬
‫وتبني من خالل الدراسة أنه ال يتم تدريس اللهجات العربية يف اجلامعات الرتكية‬
‫بطريقة متكاملة مع العربية الفصحى‪ ،‬كام هو احلال يف بعض برامج تدريس اللغة‬
‫العربية للناطقني بغريها عىل صعيد العالمَ وخصوصا يف بعض اجلامعات بالواليات‬
‫املتحدة األمريكية‪.‬‬
‫وقد الحظنا أن تدريس اللهجات يف اجلامعات الرتكية مقترص باللهجة القاهرية‬
‫واملالحظ أن اللهجات العربية املحكية يف األناضول ُم ْه َملة‬
‫َ‬ ‫وهلجة دمشق وهلجة بغداد‪.‬‬
‫يف أقسام اللغة العربية التابعة للجامعات الرتكية‪.‬‬
‫كام أظهرت الدراسة أن أبناء املواطنني األتراك من العرب ليس لدهيم إقبال عىل‬
‫أقسام اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬وهذا أمر جتب دراسته‪.‬‬
‫وثمة وعي ال ُيستَهان به لدى الطالب واألساتذة برضورة دمج اللهجات العربية‬
‫ضمن برامج فروع اللغة العربية؛ وذلك مع حت ّفظ لدهيم حول تدريس الفصحى بداية‬
‫ثم االنتقال إىل تدريس اللهجات يف مراحل متأخرة من الدراسة‪.‬‬
‫وأظهرت الدراسة أن معظم الطالب واألساتذة يعتقدون أن تدريس اللهجات يف‬
‫اجلامعات الرتكية غري ٍ‬
‫كاف‪.‬‬
‫بالنسبة لألساتذة فقد تبينّ أن ‪ %30‬تقري ًبا منهم ال يستطيعون التعامل مع أي هلجة‬
‫نظرا للدور اخلطري الذي تؤديه اللهجات‬ ‫عربية عىل اإلطالق‪ .‬وتعد هذه النسبة عالية ً‬
‫املحكية يف التواصل‪.‬‬
‫يرى السواد األعظم من األساتذة أن اللهجات العربية جيب تدريسها يف صفوف‬
‫متقدمة أي يف السنوات األخرية من الدراسة‪.‬‬
‫ثمة توافق كبري بني مواقف الطالب واألساتذة من تدريس اللهجات العربية ضمن‬
‫اجلامعات الرتكية‪ ،‬سواء كانت تلك املواقف إجيابية أم سلبية‪.‬‬

‫‪-132-‬‬
‫املراجع‬

Hashem-Aramouni، Eva. 2011. The Impact of Diglossia On Arabic


Language Instruction in Higher Education: Attitudes and Experiences of
Students and Instructors in the U.S. Unpublished doctoral dissertation.
California State University، Sacramento.

Al-Mamari، Hilal. 2011. “Arabic Diglossia And Arabic As A Foregn


Language: The Perception of Students in World Learning Oman Center”،
Capstone Collection. Paper 2437.

Shiri، Sonia. 2013. “Learners’ Attitudes Toward Regional Dialects and


Destination Preferences in Study Abroad”، Foreign Language Annals، 46، pp.
565-587.

Suçin، Mehmet Hakkı. 2015. Türkiye’de Yabancı Dil Politikaları،


Türkiye’de Eğitim Politikaları içinde (Ed. Arife Gümüş)، pp. 403-428.
Ankara: PEGEM Akademi.

..‫ تدريس اللغة العربية يف تركيا‬:‫ «اللغة ثقافة‬.2013 .‫ حممد حقي‬،‫صوتشني‬


‫ الثقافة العربية يف املهجر – اجلزء الثاين (حترير سليامن‬:‫ ضمن كتاب‬،»‫باألمس واليوم‬
.‫ كتاب العريب‬:‫ الكويت‬.81-72 ،)‫إبراهيم العسكري‬

-133-
‫امللحق‬
‫‪ - 1‬استبيان الطالب‬

‫أعزائي املشاركني‪ ،‬ثمة أسئلة أدناه أنتظر منكم بيان رأيكم يف بعض املواضيع‬
‫املتعلقة بكم‪ .‬يرجى أن تشريوا إىل اخلانة املجاورة للخيار األقرب إليكم من كل مادة‪.‬‬
‫ستستخدم األجوبة التي تقدموهنا يف دراسة أكاديمية‪ ،‬ولن تُقدم لطرف ثالث هنائي ًا‪.‬‬
‫أمتنى أن تكونوا صادقني باإلجابات عن األسئلة‪ ،‬ولكم مني جزيل الشكر منذ اآلن‬
‫عىل مساعدتكم‪.‬‬
‫مع احرتامي‬
‫د‪ .‬حممد حقي صوتشني‬

‫اجلنس‪ :‬أنثى ‪ /‬ذكر ‪ ‬‬


‫لغتكم األم (اللغة‪ /‬اللهجة التي تتكلمون فيها داخل األرسة)‪:‬‬
‫الرتكية ‪ ،‬العربية ‪ ،‬الكردية ‪ ،‬أخرى (حددوها)‬
‫هل تلقيتم أي درس إلحدى اللهجات العربية؟‬
‫نعم‪ ،‬تلقيت ‪ ‬ال‪ ،‬مل أتلق ‪ ‬‬
‫إذا أخذتم درس هلجة‪ ،‬فأي اللهجات أخذتم؟‬
‫القاهرة ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬أخرى (حددوها)‬

‫‪-134-‬‬
‫أرش بإشارة (×) عىل اخليار األقرب إليك من اخليارات اآلتية‪:‬‬

‫أعارض أعارض بالتأكيد‬ ‫أنا حمايد‬ ‫أوافق بالتأكيد‬ ‫أوافق‬

‫أثناء احلديث مع عريب‬


‫أستطيع أن أم ّيز ما إذا‬
‫كان احلديث بالفصحى‬
‫أم اللهجة‪.‬‬

‫أثناء احلديث مع عريب‪،‬‬


‫أستطيع التمييز بأي‬
‫هلجة يتكلم‪.‬‬

‫أقلق عند احلديث مع‬


‫من لغته األم العربية‬
‫عندما يتكلم باللهجة‬
‫خشية عدم الفهم‪.‬‬

‫يمكنني أن أتواصل دون‬


‫أي انقطاع مع من لغته‬
‫األم اللغة العربية عندما‬
‫يتكلم باللهجة‪.‬‬

‫يمكنني أن أتواصل دون‬


‫أي انقطاع مع من لغته‬
‫األم اللغة العربية عندما‬
‫يتكلم بالفصحى‪.‬‬

‫ال رضورة لتعليم‬


‫اللهجة ألن العربية‬
‫الفصحى كافية‪.‬‬
‫عدم معرفة إحدى‬
‫اللهجات العربية عىل‬
‫األقل يعيق التفاهم مع‬
‫الناس‪.‬‬

‫‪-135-‬‬
‫أعارض أعارض بالتأكيد‬ ‫أنا حمايد‬ ‫أوافق بالتأكيد‬ ‫أوافق‬

‫أعتقد بأن العربية‬


‫الفصحى لغة ميتة مثلها‬
‫مثل الالتينية‪.‬‬

‫اللهجات العربية جلهات‬


‫مصطنعة وجدت من‬
‫أجل ختريب وحدة‬
‫العرب اللغوية‪.‬‬
‫جيب تعلم هلجة‬
‫عربية بداية ثم العربية‬
‫الفصحى يف اجلامعات‪.‬‬

‫جيب تعلم العربية‬


‫الفصحى بداية ثم هلجة‬
‫عربية يف اجلامعات‪.‬‬

‫جيب تعلم اللهجات‬


‫العربية بشكل متكامل‪،‬‬
‫أي بالتوازي مع العربية‬
‫الفصحى‪.‬‬
‫تعلم إحدى اللهجات‬
‫العربية ُيسهل تعلم‬
‫اللهجات العربية‬
‫األخرى‪.‬‬

‫تعلم اللهجات العربية‬


‫يف جامعتنا ٍ‬
‫كاف‪.‬‬

‫‪-136-‬‬
‫امللحق‬
‫‪ - 2‬استبيان عضو اهليئة التدريسية‬
‫األستاذ العزيز‪ ،‬ثمة أسئلة أدناه أنا بحاجة إىل رأيكم فيها‪ .‬أرجو أن جتيبوا عن هذه‬
‫األسئلة‪ .‬وستستخدم األجوبة التي تقدموهنا يف دراسة أكاديمية‪ ،‬ولن تقدم لطرف‬
‫ثالث هنائي ًا‪ .‬لكم مني جزيل الشكر عىل مساعدتكم‪ ،‬مع احرتامي‪.‬‬
‫د‪ .‬حممد حقي صوتشني‬
‫لغتكم األم (اللغة‪ /‬اللهجة التي تتحدثون هبا داخل العائلة)‪:‬‬
‫الرتكية ‪ ،‬العربية ‪ ،‬الكردية ‪ ،‬أخرى (حددوها)‬
‫أي هلجة عربية تتحدثون هبا‪ ،‬وبأي مستوى؟‬
‫القاهرة ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬أخرى (حددوها) ‪ ..‬وال واحدة‬
‫إذا كنتم تتحدثون أي هلجة عربية‪ ،‬فام درجة إتقانكم هلذه اللهجة؟‬
‫أسايس ‪ ،‬وسط ‪ ،‬متقدم ‪ ،‬أخرى (حددوها)‬
‫لو كنتم ستدرسون هلجة عربية‪ ،‬فام اللهجة العربية األكثر رضورة لتعليمها برأيكم؟‬
‫القاهرة ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬األردن ‪ ،‬أخرى (حددوها)‬
‫برأيكم يف أي صف عىل األقل يمكن أن حيقق التأثر يف الطالب؟‬
‫التحضريي‪ :‬الصف ‪ ، 1‬الصف ‪ ، 2‬الصف ‪ ، 3‬الصف ‪ ، 4‬كلها ‪ ،‬وال أي منها ‪ ‬‬
‫أشريوا بإشارة (×) عىل اخليار األقرب إليكم من اخليارات اآلتية‪.‬‬

‫أعارض بالتأكيد‬ ‫أعارض‬ ‫أنا حمايد‬ ‫أوافق بالتأكيد‬ ‫أوافق‬

‫تكفي معرفة‬
‫العربية الفصحى‪،‬‬
‫وال رضورة لتعلم‬
‫اللهجة‪.‬‬
‫تعلم الطالب العربية‬
‫الفصحى واللهجة‬
‫مع ًا يمكن أن يشوش‬
‫عقله‪.‬‬

‫‪-137-‬‬
‫أعارض بالتأكيد‬ ‫أعارض‬ ‫أنا حمايد‬ ‫أوافق بالتأكيد‬ ‫أوافق‬

‫أعتقد أن العربية‬
‫الفصحى لغة ميتة‬
‫مثلها مثل اللغة‬
‫الالتينية‪.‬‬

‫اللهجات العربية‬
‫هي لغات مصطنعة‬
‫لفقت من أجل‬
‫ختريب وحدة العرب‬
‫اللغوية‪.‬‬

‫جيب تعليم هلجة‬


‫عربية ثم اللغة‬
‫العربية الفصحى يف‬
‫اجلامعات‪.‬‬

‫جيب تعليم اللغة‬


‫العربية الفصحى ثم‬
‫اللهجة العربية يف‬
‫اجلامعات‪.‬‬
‫جيب تعليم اللغة‬
‫العربية الفصحى‬
‫بالتكامل أي‬
‫بالتوازي مع تعليم‬
‫اللهجة‪.‬‬
‫تعليم اللهجة‬
‫العربية يسهل تعليم‬
‫اللهجات العربية‬
‫األخرى‪.‬‬

‫تعليم اللهجات‬
‫العربية يف جامعتنا‬
‫ٍ‬
‫كاف‪.‬‬

‫‪-138-‬‬
‫م�ستقبل تعليم اللغة العربية يف تركيا من خالل ما�ضيها‬
‫وحا�ضرها‬
‫د‪ .‬ابراهيم شعبان‬
‫قسم اللغة العريب وآداهبا ‪ -‬جامعة إسطنبول ‪ -‬تركيا‬

‫مايض تعليم اللغة العربية يف تركيا‬


‫بادئ ذي بدء‪ ،‬يمكننا القول إن األتراك يمموا وجهة اهتاممهم صوب اللغة العربية‬
‫بعد اعتناقهم الدين اإلسالمي يف القرن التاسع امليالدي‪ ،‬شأهنم يف ذلك شأن بقية األمم‬
‫غري العربية‪ .‬ولقد بلغ هذا االهتامم ذروة سنامه يف عهد كل من السالجقة والعثامنيني‪،‬‬
‫األمر الذي دفع العثامنيني إىل تدريس اللغة العربية وتعليمها بدال من اللغة الرتكية يف‬
‫املدارس التي افتتحوها‪ .‬كام ظهر عدد هائل من العلامء األتراك الذين أتقنوا العربية‪،‬‬
‫وكتبوا وألفوا هبا عددا كبريا من املؤلفات‪ .‬واستمر هذا الوضع حتى صدر يف العام‬
‫‪1924‬م قانون توحيد املدارس التي كانت منترشة يف تركيا‪ .‬مما نتج عنه إغالق عدد‬
‫كبري من املدارس التقليدية التي كانت تُدَ ِّرس العلوم الدينية والعربية‪ .‬وبعد فرتة من‬
‫الوقت تم إخراج مادة القرآن الكريم أيضا من برامج املرحلة االبتدائية كام تم إخراج‬
‫ماديت الدين واللغة العربية من املرحلة املتوسطة والثانوية بنا ًء عىل أن ال يعيش يف‬
‫ُدرس‬‫تركيا املواطنون املسلمون فحسب‪ .‬بدالً من هذه املدارس التقليدية التي كانت ت َّ‬
‫فيها اللغة العربية والعلوم الدينية يف عام ‪ 1924‬افتتحت كلية اإلهل ّيات ضمن جامعة‬
‫تدرس فيها‬‫اسطنبول و ‪ 29‬مدرسة أئمة وخطباء لتكون خلفية لكليات اإلهل ّيات التي ّ‬
‫العلوم اإلسالمية‪ ،‬إضافة إىل تدريب أئمة وخطباء أي شيوخ مساجد‪ .‬ونتيجة عدم‬

‫‪-139-‬‬
‫وجود إقبال كاف‪ ،‬أغلقت مدارس األئمة واخلطباء يف سنة ‪ 1931‬وكلية اإلهليات يف‬
‫سنة ‪ 1934‬وبدال منها افتتح معهد باسم «معهد الدراسات اإلسالمية»‪ .‬مع ذلك بقيت‬
‫تدرس يف جامعة اسطنبول حتى سنة ‪ 1938‬بوصفها مادة وما بني ‪1938‬‬ ‫اللغة العربية ّ‬
‫درست ضمن برامج قسم اللغتي العربية والفارسية وبداية من سنة ‪1963‬‬ ‫و‪ّ 1963‬‬
‫تدرس اللغة العربية ضمن برنامج قسم اللغة العربية واداهبا‪ .‬بيد أنّه من املمكن القول‬ ‫ّ‬
‫إن تعليم اللغة العربية بداية من سنة ‪ 1924‬دخل فرتة من الركود يف تركيا‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يف العام ‪ُ 1951‬أعيد افتتاح مدارس األئمة واخلطباء التابعة لوزارة الرتبية والتعليم‪.‬‬
‫وكانت مدة الدراسة يف هذه املدارس ‪ 7‬سنوات‪ 3 ،‬منها يف املرحلة املتوسطة و ‪ 4‬يف‬
‫الثانوية‪ .‬لكن يف العام ‪ 1997‬تم إلغاء املراحل املتوسطة من هذه املدارس التي كانت‬
‫تدرس فيها اللغة العربية ‪ 4‬ساعات يف األسبوع‪ ،‬لتصبح مدة الدراسة هبا ‪ 4‬سنوات‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫فقط‪ .‬ومع ذلك أعيد افتتاح املراحل املتوسطة من تلك املدارس بعد أن جعلت احلكومة‬
‫مدة التعليم اإلجباري ‪ 4+4‬أي ‪ 8‬سنوات بينام كانت ‪ 5‬سنوات فقط‪.‬‬
‫حارض تعليم اللغة العربية يف تركيا‬
‫تدرس فيها اللغة العربية إىل قسمني‪ :‬مؤسسات‬ ‫من املمكن تقسيم املؤسسات التي ّ‬
‫حكومية وأخرى خاصة‪.‬‬
‫تدرس اللغة العربية يف تركيا‬
‫املؤسسات احلكومية التي ّ‬
‫كليات اإلهليات‪ ،‬كليات العلوم اإلسالمية‪ ،‬أقسام اللغة العربية داخل كليات‬
‫تدرس اللغة العربية بشكل مكثف‬‫اآلداب والرتبية ومدارس األئمة واخلطباء‪ ،‬ومجيعها ّ‬
‫وإجباري‪.‬‬
‫تدرس مواد اللغة العربية والقرآن الكريم والسرية النبوية بوصفها‬
‫فضال عن ذلك ّ‬
‫تدرس اللغة العربية‬
‫مواد اختيارية بداية من الصف الرابع يف املراحل االبتدائية‪ .‬كام ّ‬
‫يف أغلبية برامج كليات اجلامعات الرتكية يف مراحل الليسانس واملاجستري والدكتوراة‬
‫كامدة اختيارية‪.‬‬
‫فأ ّما عدد كليات اإلهليات فقد وصل إىل ‪ 100‬يف العام ‪ 2013‬عىل حني كان هذا‬
‫العدد ‪ 25‬يف ‪ .2009‬كام وصل عدد الطلبة املسجلني يف الفرقة األوىل من كليات‬
‫اإلهليات والعلوم اإلسالمية ‪ 18000‬يف عام ‪ 2013‬عىل حني كان هذا العدد ‪6730‬‬
‫طالبا يف ‪.2009‬‬

‫‪-140-‬‬
‫وبالنسبة ألقسام اللغة العربية يف كليات اآلداب والرتبية فعددها ‪ 10‬وعدد الطلبة‬
‫املسجلني يف الفرقة األوىل منها ‪ 750‬طالبا‪ ،‬عىل حني كان عدد هذه األقسام ‪ 4‬فقط يف‬
‫عام ‪ ،2002‬ومل يتعدَ عدد الطلبة الذين ُسجلوا يف فرقتها األوىل يف ذلك احلني ‪130‬‬
‫طالبا ال غري‪.‬‬
‫أ ّما عدد مدارس األئمة واخلطباء فوصل إىل ‪ 800‬مدرسة يف عام ‪ 2013‬عىل حني‬
‫وتدرس اللغة العربية يف هذه املدارس بمعدل ‪4‬‬
‫ّ‬ ‫كان عددها ‪ 101‬يف العام ‪.1974‬‬
‫ساعات إجبارية بداية من الفرقة اخلامسة‪.‬‬
‫تدرس فيها اللغة العربية يف تركيا‬
‫املؤسسات اخلاصة التي ّ‬
‫تدرس اللغة العربية يف املراكز الثقافية التابعة إىل‬
‫إضافة إىل املؤسسات احلكومية ّ‬
‫بلديات املدن‪ ،‬ومراكز التعليم الشعبية‪ ،‬واألوقاف‪ ،‬واجلمع ّيات واملعاهد أو مراكز‬
‫وتدرس اللغة العربية يف املراكز الثقافية التابعة للدول العربية املوجودة‬
‫ّ‬ ‫اللغة اخلاصة‪.‬‬
‫يف تركيا‪ .‬ويف السنوات األخرية ُافتتحت مواقع إلكرتونية لتعليم اللغة العربية‪ .‬وأدى‬
‫اإلقبال الكبري عىل تعلم الغة العربية إىل تضاعف أعداد املراكز اخلاصة بتعلم العربية مع‬
‫مرور الزمان‪.‬‬
‫فعىل سبيل املثال وصل عدد مراكز إيسامك ‪( İSMEK‬دورات بلدية مدينة اسطنبول‬
‫الكربى لتعليم احلرف والفنون) التي أسسها رئيس وزراء تركيا احلايل رجب طيب‬
‫أردغان حينام كان رئيس بلدية اسطنبول يف العام ‪ 1996‬يف ثالثة فروع‪ ،‬فقد وصل‬
‫إىل ‪ 233‬مركزا يف العام ‪ .2013‬ويف كثري من هذه املراكز املوجودة ‪ 38‬بلدية صغرية‬
‫تدرس اللغة العربية جمانا‪ .‬وبلغ عدد‬ ‫باملدينة الرتكية‪ ،‬يوجد ما بني ‪ 2‬إىل ‪ 10‬مراكز ّ‬
‫الطالب هبذه املراكز عامة يف العام ‪ 2013‬يف خمتلف املراحل حوايل ‪ 14000‬طالبا‪.‬‬
‫وعدد الطالب الذين يتعلمون اللغة العربية يف دورات مجعية الدراسات العلمية‬
‫تدرس اللغة العربية فيها قبل ‪ 7‬سنوات‪ ،‬وصل يف‬ ‫والليسانية األكاديمية التي بدأت ّ‬
‫‪ 2013‬إىل حوايل ‪ 1000‬طالب‪.‬‬
‫وبالنسبة للتعليم اإللكرتوين فقد أسس طالب متخرج يف جامعة اسطنبول‪ ،‬يف العام‬
‫‪ ،2003‬موقعا إلكرتونيا يمكن مشاهدته عىل الرابط (‪ ،)www.onlinearabic.net‬وبدأ‬
‫تدريس اللغة العربية يف العام ‪ ،2007‬ووضع عىل هذا املوقع برنامج قاموس عريب‬

‫‪-141-‬‬
‫تركي إلكرتوين كان وما يزال األول بني القواميس اإللكرتونية عامة‪ .‬وبلغ عدد الطلبة‬
‫الذين يتع ّلمون اللغة العربية من خالل هذا املوقع يف العام ‪ 2013‬حوايل ‪ 3000‬طالب‪،‬‬
‫عىل حني كان ‪ 500‬يف العام ‪ 2008‬و ‪ 50‬يف العام ‪ .2007‬ويبلغ عدد أعضاء املوقع‬
‫حاليا ما يقرب من ‪ 1.5‬مليون‪.‬‬
‫مسابقات اللغة العربية‬
‫منذ العام ‪ 2009‬ووزارة الرتبية والتعليم الرتكية باالشرتاك مع مجعية الدراسات‬
‫العلمية واللسانية األكاديمية‪ ،‬تنسق مسابقات يف اللغة العربية لتطوير تعليمها يف‬
‫تركيا‪ .‬ولقد بلغ عدد املدارس املشاركة يف تلك املسابقات ‪ 571‬مدرسة من مدارس‬
‫األئمة واخلطباء يف العام ‪ ،2013‬جاءت من ‪ 80‬مدينة تركية خمتلفة‪ ،‬عىل حني كان‬
‫عدد هذه املدارس ‪ 25‬فقط يف العام ‪ .2009‬ومنذ عام ‪ 2011‬بدأ طالب من مدارس‬
‫األئمة واخلطباء من بالد البلقان مثل اليونان‪ ،‬وكوسوفا‪ ،‬والنمسا‪ ،‬ومقدونيا‪ ،‬والبوسنة‬
‫واهلرسك‪ ،‬ورومانيا‪ ،‬وبالد الرصب‪ ،‬وكرواتيا وكراباغ‪ .‬املشاركة يف هذه املسابقات‪.‬‬
‫االتفاقيات الثنائية التي عقدت مع الدول العربية‬
‫ولقد شهدت األعوام األخرية إبرام اتفاقيات ثنائية بني جامعات تركية ودول‬
‫عربية؛ هبدف تبادل الطالب وأعضاء هيئة التدريس؛ فعىل جرى توقيع اتفاقية بني‬
‫جامعة اسطنبول ومركز امللك عبداهلل بن عبدالعزيز خلدمة اللغة العربية التابع إىل‬
‫وزارة التعليم العايل السعودي‪ .‬ووفقا هلذه االتفاقية تم تأسيس معمل لغة عربية يف كلية‬
‫اآلداب يف جامعة اسطنبول‪.‬‬
‫مستقبل تعليم اللغة العربية يف تركيا‬
‫من خالل املعلومات التي قدمناها عن مايض تعليم اللغة العربية يف تركيا وحارضها‬
‫التي ذكرناها سابقا‪ ،‬يمكننا أن نالحظ أن اهتامم االتراك باللغة العربية بدأ مع اعتناقهم‬
‫اإلسالم‪ ،‬شأهنم يف ذلك شأن الشعوب املسلمة غري الناطقة بالعربية‪ .‬ووصل هذا االهتامم‬
‫إىل ذروته يف عهد السالجقة والعثامنيني‪ .‬ومن أهم أسباب هذا االهتامم‪ ،‬أن اللغة العربية‬
‫هى لغة القرآن الكريم كتاب الدين الذي اعتنقوه‪ ،‬فضال عن تقدم اإلسالم يف العلوم‬
‫حلث املسلمني عىل العلم والفن والتقنية‪ ،‬هذا إىل جانب تعايش األتراك مع‬ ‫واملعرفة ّ‬
‫العرب لدرجة أهنم كانوا يملكون معا دينا وتارخيا وثقافة مشرتكة حتى القرن العرشين‪.‬‬

‫‪-142-‬‬
‫تفوق اللغة‬
‫لكن بعد ما تقدّ م الغرب يف العلوم والتقنية يف القرن الـ‪ 18‬بدأ يرتاجع ّ‬
‫العربية يف التعليم‪ .‬وكاد يدخل تعليم اللغة العربية إىل فرتة الركود يف البلدان اإلسالمية‬
‫غري العربية‪ ،‬منذ بداية القرن ‪20‬؛ وذلك بسبب انقسام الدول املسلمة إىل دول مستقلة‬
‫تدرس يف تركيا‬‫عن بعضها‪ .‬ومنذ الربع األول من القرن العرشين بدأت اللغة العربية ّ‬
‫من أجل فهم القرآن الكريم وتع ّلم أحكام اإلسالم فحسب؛ وذلك راجع ألن العربية‬
‫يف ذلك الوقت مل تكن لغة من أجل حتصيل العلوم‪ ،‬فضال عن عدم وجود عالقات‬
‫سياسية وجتارية ثنائية جيدة بني تركيا والدول العربية‪.‬‬
‫ومع كل ما سبق‪ ،‬بدأ عدد الطالب الراغبني يف تعلم اللغة العربية باملؤسسات‬
‫احلكومية واخلاصة‪ ،‬يزداد يف السنوات األخرية‪ ،‬كام رشعت اجلهات املعنية يف تنظيم‬
‫حلث املواطنني عىل تعلمها‪ .‬وحرص أغلبية املتع ّلمني اللغة العربية‬
‫مسابقات اللغة العربية ّ‬
‫يف السنوات األخرية‪ ،‬عىل تعلمها للتواصل مع العرب وإقامة عالقات معهم‪ ،‬أي أن‬
‫تعلمهم هلا مل يعد مقترصا عىل فهم القرآن الكريم وأحكام اإلسالم فقط‪ .‬ولعل السبب‬
‫الرئيس يف ذلك هو ازدياد العالقات السياسية والتجارية التي مل تكن موجودة منذ بداية‬
‫القرن العرشين‪ ،‬فضال عن رفع التأشريات بني تركيا وبعض الدول العربية‪ .‬وهذا يوضح‬
‫تدرس اللغة العربية وعدد الطالب الذين‬ ‫لنا أن عدد املؤسسات احلكومية واخلاصة التي ّ‬
‫يتع ّلموهنا‪ ،‬يزداد بالدعم الذي تقدمه احلكومة من أجل تعلم اللغة العربية‪.‬‬
‫ومن ذلك يمكنا أن ندرك أنه ما دامت العالقات السياسية والتجارية قائمة بني‬
‫تركيا والدول العربية‪ ،‬وتزداد من وقت آلخر‪ ،‬فإن ذلك يؤدي بدوره إىل ازدياد عدد‬
‫املؤسسات التي تع ّلم اللغة العربية‪ ،‬وازداد الطالب الراغبني يف تع ّلمها‪.‬‬
‫وال غرو أننا نواجه يف يومنا هذا صعوبات ومشاكل يف تعلم اللغة العربية وتعليمها‪،‬‬
‫تدرس اللغة‬‫بشكل ملموس‪ ،‬ومن تلك املشاكل أن اللغة املستهدفة يف املؤسسات التي ّ‬
‫أن العرب يفضلون التحدث باللهجات‬ ‫العربية‪ ،‬هي اللغة العربية الفصحى‪ ،‬عىل حني ّ‬
‫املحلية أو العامية بدالً من العربية الفصحى؛ لذلك فإن الطالب الذين يتعلمون‬
‫الفصحى ال جيدون جماال للتكلم بالفصحى كام تعلموا‪ ،‬ومن ثم خييب أملهم ويظنون‬
‫أن تعلم الفصحى لن جيدي‪ ،‬األمر الذي يضطرهم إىل تع ّلم اللهجات العربية املحلية‬ ‫ّ‬
‫لكي يتواصلوا مع من فقدوا معهم التواصل بالفصحى‪ ،‬وهذا أمر مؤسف للغاية‪.‬‬
‫وال يسعني إال أن أقول‪ ،‬إنه إذا ترك شعوب ‪ 22‬دولة عربية هلجاهتم املحلية‪،‬‬

‫‪-143-‬‬
‫ومتسكوا بالعربية الفصحى‪ ،‬لغة القرآن الكريم‪ ،‬وتكلموا هبا‪ ،‬فإن ذلك سيعيل من شأن‬ ‫ّ‬
‫العربية‪ ،‬وحيافظ عليها من االنقراض‪ ،‬كام سيجعل الطالب الذين يتع ّلموهنا يعدلون‬
‫عن فكرة هجرها‪ ،‬واللجوء عىل العامية واللهجات املحلية للتواصل مع العرب‪ .‬ألنه‬
‫لو مل حيدث هذا فإن ذلك سينعكس بالسلب واإلحباط عىل من يتعلمون الفصحى‬
‫هنا؛ إذ سيسأل الطالب نفسه قائال‪ :‬أي دولة أتع ّلم لغتها أنا اآلن ؟‪ ،‬ظنّا منه أنّه يتعلم‬
‫لغة ال تستخدم أبد ًا إالّ يف القرآن الكريم‪ .‬كام أن حتدّ ث العرب بلهجاهتم املحلية بدالً‬
‫الفصحى‪ ،‬يف أي مكان بالعامل وليس فقط يف تركيا‪ ،‬سيؤ ّثر بالسلب عىل مستقبل اللغة‬
‫العربية الذي يترضر بشدة جراء ذلك؛ ألن العرب حينام يسافرون إىل البلدان األجنبية‬
‫لن يستطيعوا التواصل مع من يتحدثون العربية يف تلك البلدان‪ ،‬الذين لن جيدوا كام‬
‫ذكرت فائدة من تعلم الفصحى‪.‬‬

‫‪-144-‬‬
‫املصادر واملراجع‬

Abdullah Atıf، Tanzimattan Cumhuriyet’e Arapça Öğretimi (kaynaklar


ve yöntemler)، Marmar Üniversitesi Sosyal Bilimler Enstitüsü Basılmamış
Doktora Tezi، İstanbul 2002.

Hasan Soyupek، İkinci Meşrutiyetten Günümüze Türkiye’de Arapça


Öğretimi،(Basılmamış Doktora Tezi)، Süleyman Demirel Üniversitesi Sosyal
Bilimler Enstitüsü، İsparta 2004.

Mahmud Karaca، Türkiye`de Yükseköğretim Kurumlarında Arapça


Öğretimi (İlahiyat Fakülteleri Örneği)، Dnş: Erol Ayyıldız، Uludağ Üniversitesi
2000.

Halis Ayhan، Türkiye’de Din Eğitimi، Dem Yayınları، İstanbul 2004.


http://ismek.ibb.gov.tr/default.aspx
http://www.arapcayarismalari.org.tr
http://www.imamhatipokullari.org
http://www.istanbul.edu.tr/
http://www.onlinearabic.net/
http://www.osym.gov.tr

-145-
‫املحور الثاين‬

‫اللغة العربية يف التعليم العام يف تركيا‬

‫تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‬


‫عمر إسحاق أوغلو‬
‫نظرة إمجالية عن تعليم اللغة العربية يف مدارس تركيا‬
‫يونس إينانج‬
‫أثر «املسابقة الدولية يف اللغة العربية» عىل تعليم اللغة العربية يف تركيا‬
‫إبراهيم شعبان‬

‫‪-147-‬‬
‫تعليم اللغة العربية يف املدار�س الرتكية‬

‫د‪ .‬عمر إسحاق أوغلو‬


‫أستاذ مشارك يف قسم اللغة العربية بجامعة إسطنبول‬

‫بني األتراك والعرب روابط تارخيية وثقافية عميقة قائمة عىل الثقافة اإلسالمية‬
‫املشرتكة‪ .‬لقد نشأت الثقافة الرتكية اإلسالمية بعد اعتناق األتراك لإلسالم يف عهد‬
‫القراخانيني الذين اختذوا احلروف العربية يف كتابة لغتهم الرتكية‪ ،‬وبذلك احتلت‬
‫لغة القرآن مكانة مرموقة يف حياة األتراك؛ إذ كانت اللغة الرسمية للدولة الرتكية يف‬
‫األناضول هي اللغة العربية وذلك حتى القرن الثاين عرش‪ ،‬وقد احتفظت اللغة العربية‬
‫هبذه املكانة حتى القرن الثالث عرش قبل أن حتل حملها اللغة الفارسية تدرجييا‪ ،‬وكانت‬
‫املدارس التقليدية هي املؤسسات التعليمية الوحيدة يف الدولة السلجوقية‪ ،‬وكانت لغة‬
‫التعليم فيها هي اللغة الفارسية‪ ،‬أما تعليم النحو والرصف العربيني يف تلك املدارس‬
‫فكان جاريا لغرض استيعاب الكتب الدينية واملراجع اإلسالمية الرئيسة‪ .‬لذلك فإن‬
‫اهلدف املنشود من تعليم اللغة العربية مل يكن لتعليم اللغة نفسها بل لرتسيخ التعليم‬
‫الديني بوساطة لغة القرآن‪.‬‬
‫تعليم اللغة العربية من تأسيس اجلمهورية الرتكية إىل يومنا‬
‫تركزت اجلهود يف عهد مصطفى كامل أتاتورك عىل تطوير التعليم عىل املستوى‬
‫االبتدائي‪ ،‬األمر الذي أدى إىل تكثيف اجلهود عىل تعليم اللغة الرتكية التي أصبحت‬

‫‪-149-‬‬
‫عنرصا أساسيا من عنارص القومية الرتكية‪ .‬وقد صدر يف ضمن هذه اجلهود قانون‬
‫توحيد التعليم الذي تم بموجبه توحيد مجيع املؤسسات التعليمية والرتبوية حتت رعاية‬
‫وزارة الرتبية الوطنية والقايض بإلغاء املدارس التقليدية التي سبق ذكرها‪ .‬وكانت هذه‬
‫الفرتة بمثابة فرتة ركود بالنسبة لتعليم اللغة العربية يف مجهورية تركيا‪ .‬إال أنه يف أعقاب‬
‫اخلمسينيات حيث انترشت مدارس األئمة واخلطباء يف أنحاء البالد‪ ،‬أصبحت اللغة‬
‫العربية تدرس يف هذه املدارس كامدة دراسية مساندة ملواد أخرى من تفسري وحديث‬
‫وفقه وغريها من املواد املهنية‪.‬‬
‫نبذة من تاريخ ثانويات األئمة واخلطباء‪:‬‬
‫افتتحت ثانويات األئمة واخلطباء باسم مدارس األئمة واخلطباء بقرار جلنة املديرين‬
‫برقم ‪ 601‬يف تاريخ ‪ 1951/10/13‬تابعة لوزارة الرتبية والتعليم‪ ،‬عىل أن تكون‬
‫مدة الدراسة فيها سبع سنوات بام فيها املرحلة املتوسطة (أربع سنوات) واملرحلة‬
‫الثانوية (ثالث سنوات) يف عدة مدن برتكيا‪ ،‬ووصل عدد هذه املدارس يف تاريخ‬
‫‪ 1958/8/14‬إىل تسع عرشة مدرسة ‪.‬‬
‫وقد استمرت الدراسة يف هذه املدارس عىل هذا النظام إىل أن تدخل اجليش يف‬
‫السياسية بتاريخ ‪ ،1971/3/12‬وألغيت املرحلة املتوسطة بقرار احلكومة اجلديدة‪،‬‬
‫فأصبحت مدة الدراسة فيها أربع سنوات بدء من العام الدرايس ‪ ،1972 -1971‬ومل‬
‫يستمر هذا الوضع إال سنتني حينام جاءت احلكومة االئتالفية اجلديدة يف سنة ‪1973‬‬
‫أعادت املرحلة املتوسطة من جديد‪ ،‬فأصبحت مدة الدراسة فيها سبع سنوات بد ًءا‬
‫من العام الدرايس ‪ ،1975-1974‬رشط أن تكون املرحلة املتوسطة ثالث سنوات‬
‫واملرحلة الثانوية أربع سنوات ‪.‬‬
‫وقبل جميء هذه احلكومة االئتالفية حول اسم مدارس األئمة واخلطباء إىل ثانويات‬
‫األئمة واخلطباء يف تاريخ ‪ 1973/6/24‬بقرار وزارة الرتبية والتعليم برقم ‪14574‬‬
‫بموجب رقم ‪ 32‬من القانون األسايس التعليمي القومي الوطني‪ .‬استمرت مدة‬
‫الدراسة يف هذه الثانويات سبع سنوات عىل النظام املذكور إىل سنة ‪ 1997‬م ‪.‬‬
‫ملا رجع اجليش الرتكي إىل ميدان السياسة من جديد‪ ،‬وتدخل يف النظام السيايس‪،‬‬
‫ألغت احلكومة اجلديدة املدعومة من قبل اجليش املرحلة املتوسطة من ثانويات األئمة‬
‫واخلطباء بتاريخ ‪ 1997/8/15‬بقرار جملس النواب‪ ،‬فأصبحت مدة الدراسة فيها‬

‫‪-150-‬‬
‫أربع سنوات عىل أن تكون السنة األوىل حتضريية‪ .‬ولكن احلكومة املوجودة اآلن أعادت‬
‫املرحلة املتوسطة من جديد‪ ،‬وبدأ التدريس فيها العام الدرايس ‪.2013-2012‬‬
‫النظام الدرايس بثانويات األئمة واخلطباء‪:‬‬
‫تستقبل ثانويات األئمة واخلطباء طالهبا من مواطني اجلمهورية الرتكية ذكورا أو‬
‫إناثا‪ ،‬احلاصلني عىل شهادة الدراسة األساسية اإلجبارية ملدة ثامين سنوات‪ ،‬وتستقبل‬
‫طالهبا من أبناء وبنات العامل اإلسالمي احلاصلني عىل الدراسة املتوسطة (الكفاءة)‬
‫أو ما يعادهلا‪ .‬وتسهر عىل إعدادهم علميا وتربويا ليكونوا مؤهلني لإللتحاق بكليات‬
‫جامعات تركيا وجامعات دول أخرى‪ ،‬ومدة الدراسة فيها أربع سنوات تتضمن السنة‬
‫التحضريية لتعليم اللغة العربية خالل السنة األوىل‪ ،‬أما يف السنوات الثالث التالية فيتم‬
‫تدريس اللغة العربية من خالل أربع حصص أسبوعيا كل سنة‪.‬‬
‫إن تعليم اللغة العربية يف هذه الثانويات مل حيقق النجاح املطلوب وذلك ألسباب‬
‫متعددة؛ من أبرزها عدم توافر املؤهالت الدراسية عموما لدى معلمي مادة اللغة‬
‫العربية؛ لكون معظمهم متخرجني يف كليات اإلهليات التي ليست من ختصصها تدريس‬
‫اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ .‬وال يزيد عدد معلمي مادة اللغة العربية املتخرجني يف‬
‫أحد أقسام اللغة العربية وآداهبا باجلامعات عىل معلم فقط‪ .‬كام أن عدم توافر مواد‬
‫دراسية مناسبة لتدريس اللغة العربية لغري الناطقني هبا وباألحرى لتدريسها لألتراك‪،‬‬
‫يؤدي دورا سلبيا يف تسجيل خطوات يف تعليم اللغة العربية‪.‬‬
‫وهناك مخسة آالف مدرسة قرآنية لتعليم القرآن الكريم وحتفيظه مع تعليم الطالب‬
‫دروسا يف اللغة العربية والعلوم الرشعية‪ ،‬وأكثر املدارس القرآنية هذه رسمية؛ ألهنا تابعة‬
‫لرئاسة الشؤون الدينية الرتكية‪ ،‬غري أن عددا قليال منها غري رسمي يتبع للمؤسسات‬
‫األهلية اخلاصة‪ ،‬مثل بعض األوقاف اإلسالمية‪ .‬ويتخرج يف املدارس القرآنية كل سنة‬
‫ما يقارب مخسة آالف حافظ لكتاب اهلل عز وجل حفظا جيدا متقنا‪ ،‬غري الباقني الذين‬
‫حيفظون حفظا عاديا ‪.‬‬
‫سياسة االنفتاح عىل العامل العريب‪ ،‬التي تبنتها احلكومة الرتكية برئاسة رجب طيب‬
‫أردوغان‪ ،‬وإقبال املواطنني العرب من مجيع الدول العربية عىل زيارة تركيا زادت من‬
‫اهتامم األتراك باللغة العربية‪ ،‬وأصبحت احلاجة ماسة إىل من جييد اللغة العربية يف مجيع‬
‫املجاالت الدبلوماسية واالقتصادية واإلعالمية والسياحية وغريها‪ .‬وما زال البحث‬

‫‪-151-‬‬
‫مستمرا‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫عن حلول لسد هذه احلاجة يف أقرب وقت ممكن‬
‫ومن تلك احللول‪ ،‬تدريس اللغة العربية يف املراحل املبكرة باملدارس الرتكية‪ .‬ويف‬
‫قرارا يقيض بتدريس اللغة العربية‬ ‫هذا اإلطار‪ ،‬اختذت وزارة الرتبية الرتكية العام املايض ً‬
‫يف املرحلتني االبتدائية واملتوسطة كلغة اختيارية عىل غرار اللغات األجنبية األخرى مثل‬
‫اإلنجليزية والفرنسية واإلسبانية واإليطالية والصينية واليابانية والروسية‪ .‬وبدأ تطبيق‬
‫املرحلة األوىل هلذا القرار بد ًءا من بداية العام الدرايس ‪ 2016‬بتدريس اللغة العربية يف‬
‫الصفني الرابع واخلامس االبتدائيني‪ ،‬عىل أن تتم املرحلة الثانية يف عام ‪2014 -2013‬‬
‫الدرايس بتدريسها يف مجيع صفوف املتوسطة‪.‬‬
‫ويعد قرار وزارة الرتبية الرتكية بتعليم اللغة العربية يف املدارس االبتدائية واملتوسطة‬
‫قرارا حكيام وخطوة إسرتاتيجية يف االجتاه الصحيح‪ ،‬ستسهم يف جهود التقارب العريب‬
‫الرتكي‪ ،‬وتزيد التبادل الثقايف واملعريف وتعزيز العالقات الرتكية العربية‪ ،‬وتعود عىل‬
‫البالد يف املجاالت كافة بالنفع الكبري‪.‬‬
‫مل يكن الدافع الوحيد يف اختاذ القرار بتدريس اللغة العربية يف املرحلتني االبتدائية‬
‫واملتوسطة اإلسهام يف سد حاجة القطاعات احلكومية وغري احلكومية إىل من جييد اللغة‬
‫العربية‪ ،‬بل من أهداف هذا القرار أن يتمكن التالميذ من تعلم قراءة القرآن الكريم‬
‫جيدون‬ ‫من خالل مادة اللغة العربية قبل التخرج من املرحلة االبتدائية؛ ألهنم مل يكونوا ِ‬
‫وقتًا كاف ًيا لتعلم قراءة القرآن الكريم إال يف العطل الصيفية التي هم بأ َم ِّس احلاجة إليها‬
‫للراحة واللعب واالستجامم‪.‬‬
‫وثمة مشاريع أخرى هتدف إىل تطوير تعليم اللغة العربية ونرشها‪ ،‬ومن هذه املشاريع‬
‫إقامة مسابقات اللغة العربية بني طالب مدارس األئمة واخلطباء‪ ،‬لتشجيعهم عىل إتقان‬
‫اللغة العربية‪ .‬وأقيمت السنة املاضية يف مدينة إسطنبول املسابقة العاملية الثالثة للغة‬
‫العربية‪ ،‬برعاية مديرية الرتبية الدينية التابعة لوزارة الرتبية الرتكية‪ ،‬وبمشاركة طالب‬
‫وطالبات من تركيا ودول البلقان مثل اليونان وبلغاريا ومقدونيا واجلبل األسود وألبانيا‬
‫والبوسنة واهلرسك ورصبيا وكوسوفو ورومانيا وكرواتيا‪ ،‬كام أقيم حفل توزيع اجلوائز‬
‫للفائزين يف مسابقات املعلومات اللغوية وإلقاء الشعر واخلطابة والنشيد واملرسح‪.‬‬
‫تدرس اللغة العربية منذ سنني يف مدارس األئمة واخلطباء‪ ،‬إال أن طريقة تعليم‬
‫اللغات األجنبية عمو ًما واللغة العربية عىل وجه اخلصوص ضعيفة‪ ،‬وبحاجة إىل‬

‫‪-152-‬‬
‫التطوير حتى يتمكن الطالب من القراءة والكتابة واملحادثة باللغة العربية‪ ،‬بدالً من‬
‫حفظ القواعد وبعض الكلامت فقط لينساها فيام بعد‪ .‬وإذا كان مدرس مادة اللغة‬
‫العربية نفسه ال يستطيع أن يتحدثها فكيف ُينتظر منه أن يعلمها طالبه؟ لذلك قامت‬
‫وزارة الرتبية الرتكية بوضع منهج جديد لتعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬ولكن‬
‫كاف من املدرسني املتمكنني لتدريس املنهج اجلديد كام ينبغي‪ ،‬ما زال‬‫عدم وجود عدد ٍ‬
‫يشكل معضلة حتول دون الوصول إىل اهلدف املنشود‪.‬‬
‫إن من أبرز املشكالت والصعوبات التي تعانيها املدارس يف تركيا بالنسبة لتعليم‬
‫اللغة العربية‪ :‬ال يوجد خمترب لغوي ألي من هذه األقسام‪ ،‬وال مكتبة تشمل كتبا باللغة‬
‫العربية يستفيد منها الطالب لتطوير مهاراته اللغوية‪ .‬فإن إمكانات الطالب لقراءة رواية‬
‫أو قصة عربية مقترصة عىل ما يوفره له املحارض أو عضو التدريس بإمكاناته املحدودة؛‬
‫لذلك فإن مسؤوليات كبرية تقع عىل عاتق سفارات الدول العربية وخصوصا امللحقيات‬
‫الثقافية املعتمدة لدى تركيا إلقامة حوار ‪-‬عىل أقل تقدير ‪ -‬مع تلك األقسام للبحث عن‬
‫السبل الكفيلة بتزويد الطالب وأعضاء التدريس عىل حد سواء بكتب ومواد دراسية‬
‫باللغة العربية‪ ،‬وتنسيق ندوات أكاديمية مشرتكة بني الكوادر العلمية‪ ،‬وتنظيم أسابيع‬
‫ثقافية متبادلة‪ ،‬وتنسيق مشاريع تعليمية مشرتكة وغريها من النشاطات التي من شأهنا‬
‫دفع عجلة تعليم اللغة العربية متشيا مع املناهج والطرق احلديثة‪.‬‬
‫تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا يف الوقت احلارض أسهل بكثري مما كان يف‬
‫السابق‪ ،‬لتوافر وسائل االتصال والتواصل املرئية والسمعية وكثرهتا‪ ،‬ما يعطي الطالب‬
‫والطالبات فرصة املامرسة يف الكتابة واملحادثة والتعبري من خالل مواقع التواصل‬
‫االجتامعي‪ ،‬باإلضافة إىل مشاهدة الربامج املختلفة عرب القنوات الفضائية العربية‪ .‬أما‬
‫مشكلة ضعف مستوى املدرسني ملادة اللغة العربية فيمكن حلها بطرق متعددة‪ ،‬ومن‬
‫احللول املقرتحة عىل املدى القريب إقامة دورات التأهيل املكثفة بالتعاون مع املعاهد‬
‫العربية‪ ،‬يقوم فيها األساتذة العرب برفع مستوى املدرسني األتراك وتدريبهم عىل‬
‫تدريس اللغة العربية‪ ،‬أو إرسال أكرب عدد منهم إىل اجلامعات العربية للدراسة يف معاهد‬
‫تعليم اللغة العربية ملدة سنة أو سنتني‪ ،‬أو استقدام املدرسني العرب لتدريس مادة اللغة‬
‫العربية إىل أن يتأهل املدرسون األتراك للقيام هبذه املهمة‪.‬‬

‫‪-153-‬‬
‫املصادر واملراجع‬
‫األخطاء اللغوية التحريرية لداريس اللغة العربية من الطلبة األتراك (رسالة‬
‫املاجستري) نجمي حسني صاري‪ ،‬جامعة امللك سعود‪ ،‬معهد اللغة العربية‪ ،‬قسم إعداد‬
‫املعلمني‪.‬‬
‫التعليم الديني يف تركيا‪،‬خالص آهيان‪ ،‬منشورات وقف اإلهليات جلامعة مرمرة‪،‬‬
‫اسطنبول‪.1999 ،‬‬
‫املشاكل املنهجية يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات حللوهلا‪ ،‬جان دمري دوغان‪،‬‬
‫جملة النسخة‪ ،‬العدد ‪ ،21‬أنقرة‪.2006 ،‬‬
‫اللسان العريب‪ :‬اهلوية واألزمة واملخرج‪ ،‬عبد الوارث مربوك سعيد‪ ،‬مكتبة الوفاء‪،‬‬
‫مرص‪.‬‬
‫تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ :‬باألمس واليوم‪ ،‬حممد حقي صوتشني‬
‫‪http://www.bab.com/node/8596‬‬
‫برنامج تعليم اللغة العربية يف املدارس االبتدائية والثانوية‪ ،‬وزارة الرتبية‪ ،‬أنقرة‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫حمارضات الندوة حول تعليم اللغة العربية يف ثانويات األئمة واخلطباء‪ ،‬اسطنبول‪،‬‬
‫‪ 25-24‬كانون الثاين ‪.2011‬‬

‫‪-154-‬‬
‫نظرة �إجمالية عن تعليم اللغة العربية يف مدار�س تركيا‬

‫د‪ .‬يونس إينانج‬


‫جامعة قرامان أوغلو حممد بك‬

‫نظرة موجزة عن التعليم املدريس واجلامعي يف تركيا‪:‬‬


‫تم ترشي ُعه يف سنة ‪2012‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫حسب قانون ّ‬ ‫مخس مراحل من التدريس عىل‬ ‫يف تركيا ُ‬
‫روضة األطفال واملرحل ُة االبتدائية واملرحل ُة‬ ‫ِ‬ ‫(ألفني واثنتي عرشة) وهي كام يأيت‪ :‬مرحل ُة‬
‫املراحل تستمر بدُ ِ‬
‫ون انقطاعٍ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلامعية وهذه‬ ‫اإلعدادية واملرحل ُة الثانوية واملرحل ُة‬
‫ُ‬
‫الطالب يتع ّل ُمون بعضا من‬ ‫ضانة‪ ،‬ويف هذه املرحلة‬ ‫الدراس ُة تبدأ يف مدرسة احل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الطالب من النواحي املختلفةِ‬ ‫ِ‬ ‫تطوير‬ ‫وأهم يشء يف هذه املرحلة‬‫ٍ‬ ‫املعلومات األكاديمية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫فاهلدف‬
‫ُ‬ ‫والتعاون مع اآلخرين وما إىل ذلك؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واأللعاب‬ ‫ِ‬
‫واألنشطة اليدوية‬ ‫مثل الرس ِم‬
‫اليدوية مثل قط ِع األوراق باملقص وتلوين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املهارات‬ ‫اكتساب‬ ‫األصيل من هذه املرحلة‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املختلفة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واللوحات‬ ‫ِ‬
‫األقنعة‬ ‫امللونة؛ من أجل ُصنْ ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األوراق‬ ‫الرسوم وصم ِغ مقاط ِع‬
‫ليبني معهم مستقبال يف غاية السعادة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إضاف ًة إىل ذلك اكتساب‬
‫املشاعر األخالقية َ‬
‫املدرسة االبتدائية يبدأها األطفال بعد وصوهلم إىل ستة وستني شهرا من أعامرهم –‬
‫أربع سنوات مهمة‬ ‫تقريبا يف السادسة والنصف من أعامرهم‪ .-‬االبتدائية التي تستغرق َ‬
‫يف احلياة الدراسية لألطفال‪ .‬واملدرسة اإلعدادية تبدأ بعد املدرسة االبتدائية‪ ،‬وتستغرق‬
‫أيضا أربع سنوات‪ .‬الطالب الذين خترجوا يف االبتدائية أمامهم خياران؛ اخليار األول‬

‫‪-155-‬‬
‫الذهاب إىل املدرسة اإلعدادية‬ ‫واخليار الثاين‬ ‫ِ‬
‫العامة‪،‬‬ ‫الذهاب إىل املدرسة اإلعدادية‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اخلاصة بطالب األئمة واخلطباء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعد اإلعدادية تبدأ املرحل ُة الثانوي ُة‪ .‬الطالب الذين خترجوا يف اإلعدادية العامة‬
‫خيارات كثرية‪ .‬فبعضهم يذهبون‬ ‫ٌ‬ ‫واإلعدادية اخلاصة بطالب الألئمة واخلطباء أمامهم‬
‫إىل املدارس الثانوية العامة‪ ،‬وبعضهم يذهبون إىل املدارس الثانوية اخلاصة بالعلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬وبعضهم يذهبون إىل املدارس الثانوية اخلاصة بعلوم الصحة‪ ،‬وبعضهم‬
‫يذهبون إىل املدارس الثانوية اخلاصة بالعلوم اإلسالمية كثانوية األئمة واخلطباء‪.‬‬
‫واملرحلة الثانوية أيضا تستمر أربع سنوات‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فاالبتدائية واإلعدادية والثانوية ك ُّلها بأربع سنوات وهذا يعني أن الدراس َة قبل‬
‫الدراسة اجلامعية ت َِص ُل إىل اثنتي عرشة سن ًة‪ .‬وهذه الدراسة دراس ٌة إلزامي ٌة عىل حسب‬
‫القوانني التي تم ترشي ُعها يف سنة ألفني واثنتي عرشة‪ .‬فيجب عىل كل مواطن أن ُي ْر ِس َل‬
‫أوال َده إىل املدرسة يف املرحلة االبتدائية مبارش ًة فالدراسة املباشرِ ُة إلزامي ٌة يف هذه‬
‫املرحلة‪ .‬لكن بعد هذه املرحلة الدول ُة ال تجُبرِ املواطنني عىل الذهاب إىل املدرسة مباشرَ ًة‬
‫الطالب الدراس َة يف املدارس‬ ‫ِ‬
‫الدراسة يف البيت‪ .‬إذا مل ُي ِر ْد‬ ‫دائ َل أخرى مثل‬ ‫بل متنَحهم ب ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫فهم يستمرون بالدراسة من البيت‪ .‬يأخذون كتبهم ويدرسون دروسهم ويستعدون‬
‫َسم ُح للطالب‬ ‫لالمتحانات التي تجُ رى يف هناية كل فصل درايس‪ .‬بجانب ذلك الدول ُة ت َ‬
‫الذين يريدون أن حيفظوا القرآن بعد االبتدائية بانفصاهلم عن املدرسة‪ ،‬وهم ليسوا‬
‫مضطرين إىل الدوام يف املدرسة ويف هناية كل عام درايس يدخلون االمتحانات العامة‬
‫من دروس املدارس اإلعدادية‪ .‬يف حال نجاحهم يستمرون حيثام توقفوا يف دراستهم‪.‬‬
‫فال يتأخرون عن أقراهنم ألهنم تركوا املدرسة من أجل حفظ القرآن بل إن احلكومة‬
‫أمورهم يف تلك املرحلة‪ .‬فهذا معناه أن الدراس َة إلزامي ٌة يف االبتدائية مبارشة وبعد‬ ‫ت َُس ِّه ُل َ‬
‫االبتدائية غري مبارشة حتى املرحلة اجلامعية؛ فالدراسة اجلامعية ليست إلزامي ًة‪.‬‬
‫والوزار ُة مسؤول ٌة عن كل‬ ‫الدراسة يف تركيا ترشف عليها َوزارة الرتبية والتعليم‪َ .‬‬
‫ومشاكل التدريس والتعليم وهي صاحبة القرار والتنفيذ‪ .‬فالوزارة‬ ‫ِ‬ ‫أنواع التدريس‬
‫القرارات بشكل حاز ٍم و ُت ْع ِلنُها بداي َة العا ِم‬ ‫ِ‬ ‫والتدابري وتجُ ِري هذه‬ ‫ِ‬
‫القرارات‬ ‫تأخذ‬
‫َ‬
‫العطلة بني الفصلني يف العام الدرايس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُقر ُر أوقات‬‫الدرايس وهنايتَه‪ ،‬وت ِّ‬
‫والكتب التي‬ ‫َ‬ ‫وتعليمها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تدريسها‬
‫ُ‬ ‫والدروس التي سيتم‬
‫َ‬ ‫الوزارة أيضا حتدِّ د املوا َّد‬

‫‪-156-‬‬
‫تعليامت حول هذه‬ ‫ٍ‬ ‫ُرس ُل يف كل بداية العام الدرايس‬ ‫ستتم دراستُها يف املدارس وت ِ‬
‫تنقطع عن‬ ‫َ‬ ‫مؤس َس ٍة ُتنَ ِّف ُذ هذه التعليامت كيال‬
‫وكل َّ‬ ‫كلها‪ُّ .‬‬ ‫اإلجراءات إىل املدارس ِ‬
‫مرجع‬
‫ُ‬ ‫واملؤسسات التعليمية‬
‫ُ‬ ‫مرجع القرار‬‫ُ‬ ‫تتأخر‪ .‬وهذا يعني أن الوزارة‬ ‫َ‬ ‫الدراسة وال‬
‫تنفيذ هذه القرارات‪ .‬والكل مسؤول عن وظيفته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعد هذه املراحل الثالثة تبدأ املرحلة اجلامعية‪ .‬والطالب الذين خترجوا يف الثانوية‬
‫يدخلون االمتحانات العامة يف العام األخري من الثانوية‪ ،‬وهم خيتارون القسم الذين‬
‫يريدون أن يدرسوا فيه‪ ،‬ويذهبوا إىل األقسام يف اجلامعات عىل حسب درجتهم التي‬
‫حصلوا عليها يف االمتحانات العامة املذكورة‪ .‬مدة الدراسة اجلامعية تتغري من قسم‬
‫فبعض األقسام الدراس ُة فيها سنتان‬ ‫سنوات‪ُ .‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ومخس‬ ‫اوح بني سنتني‬ ‫إىل قسم آخر وتَترَ ُ‬
‫ٍ‬
‫مخس سنوات‪ .‬وهذه املد ُة مد ٌة‬ ‫ٍ‬
‫وبعض األقسام فيها ُ‬ ‫ُ‬ ‫أربع سنوات‬ ‫وبعض األقسام فيها ُ‬ ‫ُ‬
‫نجاح الطالب يف وقته املعني‪ .‬يف كل قسم من الكليات يف اجلامعات‬ ‫ِ‬ ‫قر َر ٌة وتستندُ إىل‬
‫ُم َّ‬
‫دروس إلزامي ٌة مثل اللغة اإلنجليزية واللغة الرتكية بأدهبا وبالغتها ومبادئ‬ ‫ٌ‬ ‫توجد‬
‫مصطفى كامل أتاتورك وانقالباته‪ .‬وغري ذلك من الدروس واملواد ختتلف عىل حسب‬
‫األقسام‪.‬‬
‫عىل العموم العام الدرايس األول يبدأ يف منتصف أيلول وينتهي يف منتصف كانون‬
‫الثاين‪ ،‬ويبدأ العام الدرايس الثاين يف بداية شباط وينتهي يف منتصف حزيران يف كل‬
‫مراحل املدارس اال املرحل َة اجلامعية‪ ،‬فتتغري يف اجلامعات بداي ُة العام الدرايس وهنايتُه‪.‬‬
‫اجلامعات عىل وقت معني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وال توجد قاعدة تجُ رب‬
‫املدارس االبتدائية واإلعدادية والثانوية تابع ٌة لوزارة التعليم‬ ‫ُ‬ ‫كام ذكرت سابقا‬
‫والتدريس يف كل أمور هلا عالقة بالتدريس والتعليم مثل الكتب واملواد‪ .‬فالوزارة‬
‫خمتلف يف‬
‫ٌ‬ ‫األمر‬
‫َ‬ ‫ُنصب األساتذ َة واملسؤولني يف مؤسسات التعليم والتدريس لكن‬ ‫ت ّ‬
‫اجلامعات تابع ٌة ملؤسسة التعليم العايل يف األمور العامة‪ ،‬ومؤسسة‬ ‫ِ‬ ‫اجلامعات ألن‬
‫التعليم العايل شبه قائمة بذاهتا ومستقلة يف ترصفاهتا‪.‬‬
‫وزارة الرتبية والتعليم اإلدارة فيها مركزي ٌة عىل حني يف مؤسسة التعليم العايل‬
‫اجلامعات يف املدن املختلفة مستقل ٌة يف قراراهتا مثل تعيني بداية‬ ‫ُ‬ ‫اإلدارة المركزية‪ .‬لذلك‬
‫العام الدرايس وهنايته‪ ،‬والعطلة بني الفصلني يف العام الدرايس‪ ،‬وأوقات االمتحانات‬
‫وشكلها ودرجة النجاح يف األقسام‪.‬‬

‫‪-157-‬‬
‫تعليم اللغة العربية يف املدارس‪:‬‬
‫اللغة العربية لغة من اللغات األجنبية إضافة إىل اللغة اإلنجيلزية والفرنسية يف‬
‫املؤسسات التعليمة برتكيا‪ .‬لكن العربي َة ليست لغ ًة إلزامي ًة يف كل مراحل الدراسة مثل‬
‫اإلنجليزية بل العربي ُة لغ ٌة إلزامي ٌة يف بعض املدارس قبل الدارسة اجلامعية ويف بعض‬
‫الكليات يف مرحلة الدراسة اجلامعية‪.‬‬
‫وتعليم اللغة العربية يف املؤسسات التعليمية والتدريسية كام يأيت‪:‬‬
‫تعليم اللغة العربية يف املدراس االبتدائية‪:‬‬
‫يف احلقيقة ما كان بإمكاننا أن نتحدث عن تعليم اللغة العربية يف املدارس االبتدائية‬
‫األمر يتغري يف العام الداريس القادم؛ ألن املديرية العامة للتعليم‬ ‫َ‬ ‫حتى هذه السنة‪ .‬لكن‬
‫الديني التابع َة ملجلس التعليم والرتبية يف وزارة الرتبية والتعليم أعلنت أن اللغة العربية‬
‫ستكون ماد ًة من مواد املدارس االبتدائية‪ .‬لكن نود أن نشري إىل أن العربية ستكون درسا‬
‫اختياري ًا ال إجباري ًا‪ .‬فهذا يعني أن الطالب أو و َّيل أمره سيختار العربية من بني املواد‬
‫إن أراد‪ .‬القرار سين َّفذ يف العام الدرايس ‪.2017_2016‬‬ ‫األخرى لغة أجنبية ْ‬
‫كام ذكرت آنفا مد ُة الدراسة يف االبتدائية تصل إىل أربع سنوات بينام تبدأ مادة‬
‫العربية يف السنة الثانية من االبتدائية وتستمر يف الثالثة والرابعة منها‪ .‬حدّ َد ْت املديري ُة‬
‫جمال التدريس للعربية وغاياتهِ ا وأهدا َفها بام أن الغاية من تعليم‬ ‫العام ُة للتعليم الديني َ‬
‫املهارات األربع ُة‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اللغة العربية هي تنمي ُة أرب ِع مهارات رئيسة لدى الطالب‪ ،‬وهذه‬
‫وحتدث وقراء ٌة وكتاب ٌة‪ )1( .‬وأكدت املديري ُة أن الدراس َة سترُ ِ ك ُِّز عىل تنمية‬ ‫ٌ‬ ‫استامع‬
‫ٌ‬ ‫هي‪:‬‬
‫مهاراة االستامع والفهم والتحدث يف الصفني الثاين والثالث من االبتدائية‪ ،‬والقراءة‬
‫والكتابة يف الفصل الثاين للصف الرابع منها‪ .‬األساتذ ُة لن يدخلوا يف تفاصيل النحو‬
‫ِ‬
‫اجلديدة‬ ‫يتجاوز عد ُد الكلامت‬ ‫املقر ُر استعاملهُ ا يف الدروس فلن‬
‫َ‬ ‫الكتب َّ‬ ‫ُ‬ ‫يف الدروس‪ .‬أما‬
‫والكلامت اجلديد ُة ستكون من أسامء األشياء املعهودة لدى‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫وحدة عن ثامنية‪،‬‬ ‫يف كل‬
‫َ‬
‫واألمثال السهل َة‬ ‫الطالب‪ .‬وسيستخدم االساتذ ُة أمثل َة اآليات واألحاديث القصرية‬
‫فهمها‪ .‬وعدد الدروس لن يتجاوز عن ساعتني يف األسبوع‪.‬‬
‫راض عن هذا القرار وهم مرسورون ألن أوال َدهم سيتعلمون‬ ‫ٍ‬ ‫معظمه‬
‫ُ‬ ‫والشعب‬
‫ُ‬
‫احلروف العربية أي حروف القرآن الكريم يف السنوات األوىل من أعامرهم‪ .‬يف احلقيقة‬

‫‪-158-‬‬
‫الناس يف الشارع ال هيتمون بأن الطالب سيتعلمون اللغة العربية بل هيتمون أكثر بأهنم‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األوساط وجيع ُلهم َيرون الكوابيس يف‬ ‫بعض ْ‬ ‫ف َ‬ ‫سيتعلمون قراءة القرآن‪ ،‬فهذا يخُ ِّو ُ‬
‫منامهم حول مستقبل تركيا أي ًا ما كان؛ ففي وقتنا هذا ال يمكن لنا أن نتحدث عن تنفيذ‬ ‫ِ‬
‫القرار س ُينَ َّف ُذ يف العام الدرايس (‪ )2017-2016‬كام‬
‫َ‬ ‫القرار ونجاحه يف املدارس‪ .‬ألن‬
‫ذكرت سالفا لذلك ال نعرف هل جتيب هذه اإلجراءات عن مطالب الناس يف الشارع‬
‫مع النهاية املنشودة‪ ،‬أم تريح أوساط اخلائفني من العربية وحروفِها مع هناية املرشوع‬
‫ننتظر‬
‫َ‬ ‫ُخ ِّم َن نتيجة املرشوع نجاحا أو فشال لكن علينا أن‬ ‫بالفشل‪ ،‬فمن الصعب أن ن َ‬
‫نتائج تنفيذ القرار يف املدارس بجد وإخالص‪.‬‬
‫تعليم اللغة العربية يف املدراس اإلعدادية‪:‬‬
‫بعد املدرسة االبتدائية تبدأ املدرس ُة اإلعدادي ُة واملدارس اإلعدادية تنقسم إىل قسمني‪:‬‬
‫القسم األول املدارس اإلعدادية العامة‪ ،‬والقسم الثاين املدارس اإلعدادية لألئمة‬
‫واخلطباء‪ .‬يف املدارس اإلعدادية العامة ال توجد مادة العربية يف منهاج دراستها لذلك‬
‫نحن سنركز عىل املدارس اإلعدادية األئمة واخلطباء‪ .‬عىل حسب إحصائيات وزارة‬
‫كلها نحو ‪( 16.000‬ستة عرش‬ ‫الرتبية والتعليم عدد املدارس اإلعدادية احلكومية ِ‬
‫ٍ‬
‫ومخسمئة‬ ‫ٍ‬
‫(ألف‬ ‫ألف ًا) بينام وصل عدد املدارس اإلعدادية األئمة واخلطباء إىل ‪1597‬‬
‫معدل هذه املدارس يف املدارس ِ‬
‫كلها يبقى عرشة باملئة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وسبعة وتسعني) وهذا يعني أن‬ ‫ٍ‬
‫وعدد طالب وطالبات اإلعدادية األئمة واخلطباء يف طالب وطالبات اإلعدادية العامة‬
‫بمعدل مخسة باملئة تقريبا‪ .‬وهذه األرقام تشري إىل أرقام سنتي ‪( .2015_2014‬ألفني‬
‫(‪)2‬‬
‫وأربعة عرش و ألفني ومخسة عرش)‪.‬‬
‫دروس‬ ‫ٍ‬
‫سنوات‪ .‬ويف كل سنة للمدرسة‬ ‫أربع‬
‫ٌ‬ ‫كام ذكرت سابقا أن مد َة اإلعدادية ُ‬
‫وبعضها اختياري ٌة وبعضها يف كل سنة لإلعدادية‪ .‬فتبدأ‬ ‫ُ‬ ‫خمتلفة‪ .‬واملوا ُد بعضها إلزامي ٌة‬
‫ِ‬
‫والثانية فقط‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخرية وبعضها يف السنة األوىل‬ ‫ِ‬
‫السنة‬ ‫يف السنة األوىل وتستمر حتى‬
‫ست‬ ‫وعدد الدروس خيتلف من مادة إىل مادة وبعضها ساع ٌة وبعضها ساعتان وبعضها ُ‬
‫ساعات يف األسبوع‪ .‬فأكثر املواد دروسا اللغة الرتكية وتأيت بعدها الرياضيات‪ .‬أما‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫اإللزامية يف‬ ‫اللغ ُة العربية فعد ُد دروس العربية ساعتان يف األسبوع‪ .‬وهي من الدروس‬
‫املدارس اإلعدادية لألئمة واخلطباء والطالب يأخذون هذا الدرس يف كل سنة ابتدا ًء‬
‫(‪)3‬‬
‫من السنة األوىل ووصوال إىل السنة األخرية‪.‬‬

‫‪-159-‬‬
‫تعليم اللغة العربية يف املدراس الثانوية‪:‬‬
‫ِ‬
‫الثانوية بكل أنواعها يصل إىل ‪ 9061‬وعد ُد الطالب مجي ُعهم يصل إىل‬ ‫عد ُد املدارس‬
‫‪ ،5.691.071‬ومن بني هذه املدارس يصل عد ُد مدارس ثانوية األئمة واخلطباء إىل‬
‫‪ 1017‬وعدد الطالب يف ثانوية األئمة واخلطباء ‪ 668.000‬تقريبا‪ )4(.‬فهذا يعني أن‬
‫معدل عدد مدارس ثانوية األئمة واخلطباء وعدد الطالب الذين يدرسون فيها عشرَ َ ة‬
‫باملئة‪.‬‬
‫فمدارس ثانوية‬ ‫ُ‬ ‫أما املوا ُد التي تُدّ َّر ُس فيها فمختلف ٌة عن مواد املدارس األخرى‪.‬‬
‫األئمة واخلطباء هتتم بالعلوم اإلسالمية إضافة إىل العلوم الطبيعية مثل الرياضيات‬ ‫ِ‬
‫والفيزياء والكيمياء بجانبها العلوم اإلجتامعية مثل الفلسفة وعلم النفس وما إىل ذلك‪.‬‬
‫ِ‬
‫السنة األخرية‪ .‬يف السنة‬ ‫أما اللغ ُة العربي ُة يف هذه الثانويات فهي تبدأ يف السنة األوىل حتى‬
‫أربع ساعات يف األسبوع ويف‬ ‫مخس ساعات يف األسبوع ويف السنة الثانية والثالثة ُ‬ ‫األوىل ُ‬
‫ثالث ساعات يف األسبوع‪ )5(.‬وكتاب الدروس يف السنة األوىل توجد‬ ‫ُ‬ ‫السنة الرابعة‬
‫فيه اثنتا عرشة وحدةً‪ .‬الكتاب يبدأ أوال من احلروف العربية واألصوات الطويلة‬
‫والقصرية‪ .‬ثم الضامئر املذكرة واملؤنثة مع متصلها ومنفصلها واملعرفة والنكرة واملفرد‬
‫واملثنى واجلمع مع أنواعه وما إىل ذلك من املوضوعات األساسية‪ .‬وكتاب الدروس يف‬
‫يتكو ُن من عرشين وحدةً‪ .‬وتتغري املوضوعات يف السنتني الثالثة والرابعة‬ ‫السنة الثانية َّ‬
‫َ ِ (‪)6‬‬
‫األول َيينْ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أكثر من تناوهلا يف السنتني ُ‬
‫فيتناول الكتابان موضوعات النحو والرصف َ‬
‫تعليم اللغة العربية يف املؤسسات اخلاصة‪:‬‬
‫فيستمر يف املدارس‬ ‫ِ‬
‫احلديثة‬ ‫خارج املدارس‬ ‫تعليم اللغة العربية يف املؤسسات‬ ‫أما‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫التابعة للجامعات الدينية‪ ،‬وهي بمنزلة امتداد املدارس العثامنية القديمة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التقليدية‬
‫تقع يف إسطنبول واملدن يف رشق تركيا‪ .‬وهي تستند يف تعليمها‬ ‫فمعظم هذه املدارس ُ‬‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العربي َة عىل تطبيق املناه ِج القديمة وقراءة املصادر القديمة‪ .‬فاألستا ُذ أهم حلقة يف‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫سلسلة التعليم يف هذا املن َْه ِج فالطالب يأيت بعده‪ .‬يتَّبِ ُع األساتذ ُة يف هذه املدارس ا َملن َ‬
‫ْاهج‬
‫والطالب يعرفان املراحل‬‫ُ‬ ‫الطريق واضح ٌة حتى هنايتها‪ ،‬األستا ُذ‬ ‫ُ‬ ‫الكالسيكية لذلك‬
‫التغيري‬ ‫قبل وال يمكن‬ ‫مقر ٌر من ُ‬ ‫ٍ‬ ‫التي سيقطعاهنا يف أثناء التعليم والتدريس‪ُ .‬‬
‫ُ‬ ‫كل يشء َّ‬
‫يستمر يف‬ ‫أن ال‬ ‫الطالب عندما قرر ْ‬ ‫واألصول املقر ِ‬
‫رة بال ُيسرْ ِ ‪ .‬كام ذكرت آنفا‬ ‫ِ‬ ‫يف ا َملن َْه ِج‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫يدخل‬ ‫يستطيع أن‬ ‫ٍ‬
‫مستمر فهو‬ ‫ِ‬
‫واخلاصة بدوا ٍم‬ ‫الدراسة املبارشة يف املدارس احلكومية‬
‫ُ‬

‫‪-160-‬‬
‫الدروس يف املدارس‬ ‫يتابع‬ ‫ِ‬
‫الوقت نفسه‬ ‫ِ‬
‫هناية العا ِم الدرايس ويف‬ ‫ِ‬
‫االمتحانات يف‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫متخر َجا يف املدرسة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االمتحانات ُي ْعد‬ ‫ِ‬
‫نجاحه يف‬ ‫التقليدية‪ .‬ويف ِ‬
‫حال‬
‫ّ‬
‫وعلم النحو‬
‫َ‬ ‫علم الرصف‬ ‫درس األساتذ ُة يف املدارس التقليدية يف جمال العربية َ‬ ‫ُي ِّ‬
‫وكتاب املقصود (ال‬
‫ُ‬ ‫وكتاب البناء‬
‫ُ‬ ‫كتاب األمثلة‬
‫ُ‬ ‫وعلم البالغة‪ .‬ففي علم الرصف‬ ‫َ‬
‫لعز الدين عبد الوهاب بن إبراهيم الزنجاين (‪1257‬م)‬ ‫وكتاب العزي ّ‬
‫ُ‬ ‫عرف كاتبوها)‬ ‫ُي َ‬
‫واإلظهار لربكوي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العوامل‬ ‫وكتاب املراح ألمحد بن عيل بن مسعود‪ .‬ويف علم النحو‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫حممد (‪1573‬م) والكافي ُة البن احلاجب عثامن بن ُعمر (‪1174‬م) و ُم ْغني اللبيب البن‬
‫عبد اهلل (‪1273‬م)‬ ‫بن ِ‬ ‫ِ‬
‫حممد ِ‬ ‫يوسف (‪1360‬م) وألفي ُة البن مالك‬
‫َ‬ ‫هشام ِ‬
‫عبد اهلل ِ‬
‫بن‬
‫واملخترص‬
‫ُ‬ ‫واملطو ُل‬
‫َّ‬ ‫مفتاح العلوم لرساج الدين السكاكي (‪1228‬م)‬ ‫ُ‬ ‫ويف عل ِم البالغة‬
‫(‪)7‬‬
‫والتلخيص لسعد الدين مسعود بن ُعمر التفتازاين (‪1390‬م)‪.‬‬
‫ُ‬

‫النتيجة‪:‬‬
‫تركيا بلد هيتم بتعليم اللغة العربية يف املؤسسات التعليمة ابتدائيا وجامعيا ويبذل‬
‫ِ‬
‫العمل‬ ‫وورشات‬
‫ُ‬ ‫املؤمترات‬
‫ُ‬ ‫جهود ًا متواصلة يف تطوير اللغة العربية ويف كل عا ٍم تُع َقد‬
‫ُ‬
‫ويبحث‬ ‫ِ‬
‫واجلامعية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املؤسسات احلكومية‬ ‫مناهج تعلي ِم العربية بإرشاف‬
‫ِ‬ ‫لبحث تطوير‬
‫ِ‬
‫األسالب واملناهج فائد ًة‬ ‫وورشات العمل عن ِ‬
‫أكثر‬ ‫ِ‬ ‫املشاركون يف هذه ا ُملؤمت ِ‬
‫رات‬ ‫َ‬
‫وأيرسها سبيال للوصول إىل األهداف‪ .‬وكل النشاطات التعليمية والثقافية‬ ‫ِ‬ ‫للطالب‬
‫التي سبق أن ذكرت من بداية البحث إىل آخره تُشري إىل أن العربي َة ظلت لغ ًة مفضل ًة‬
‫ِ‬
‫الشعب الرتكي‪.‬‬ ‫ومرجح ًة لدى‬
‫َّ‬

‫‪-161-‬‬
:‫هوامش البحث‬

1 - T.C. Milli Eğitim Bakanlığı Din Öğretimi Genel Müdürlüğü، İlkokul


Arapça Dersi (2، 3 ve 4. Sınıflar) Öğretim Programı، Ankara، 2015، s. 9-11.
2 - T.C. Milli Eğitim Bakanlığı، Milli Eğitim İstatistikleri-Örgün Eğitim،
s. 67.
:‫راجع‬
http://sgb.meb.gov.tr/istatistik/meb_istatistikleri_orgun_
egitim_2014_2015.pdf.
http://ttkb.meb.gov.tr/meb_iys_dosyalar/2014_10/10091351_imam_
hatip_ortaokulu_hdc.pdf
3 - T.C. Milli Eğitim Bakanlığı، Milli Eğitim İstatistikleri-Örgün Eğitim،
s. 127.

:‫ راجع‬-4
http://sgb.meb.gov.tr/istatistik/meb_istatistikleri_orgun_
egitim_2014_2015.pdf
:‫ راجع‬- 5
http://dogm.meb.gov.tr/meb_iys_dosyalar/2014_01/31041352_imam_
hatip_liseleri_haftalik_ders_cizelgeleri_20142015.pdf.
:.‫ راجع إىل الكتب املذكورة‬- 6
:‫الكتاب لسنة األوىل‬
http://dogm.meb.gov.tr/pdf/kitaplar/9%20dk%20arapca.pdf.
:‫الكتاب لسنة الثانية‬
http://dogm.meb.gov.tr/pdf/kitaplar/10%20dk%20arapca.pdf.
:‫الكتاب لسنة الثالثة‬
http://dogm.meb.gov.tr/pdf/kitaplar/11%20dk%20arapca.pdf.

-162-
:‫الكتاب لسنة الرابعة‬
http://www.meb.gov.tr/Ders_Kitaplari/2012/OrtaOgretim/Devlet/IHL/
ArapcaDK_12.pdf.
7 - Hızlı، Mefâil، “Osmanlı Medreselerinde Okutulan Dersler ve Eserler”،
Uludağ Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، c. 17، sy. 1، 2008، s. 43.
:‫راجع‬
http://dergipark.ulakbim.gov.tr/uluifd/article/
viewFile/5000017844/5000018134.

-163-
‫�أثر «امل�سابقة الدولية فـي اللغة العربية» على تعليم اللغة‬
‫العربية فـي تركيا‬
‫د‪ .‬إبراهيم شعبان‬
‫جامعة إسطنبول‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬قسم اللغة العربية‬

‫مما ال شك فيه أن اللغة العربية كانت ُمهملة يف تركيا طوال القرن املايض‪ ،‬وقد‬
‫بدأت تلقى اهتامم ًا متزايدأ يف السنوات العرشة األخرية؛ وذلك نتيجة لتطور العالقات‬
‫السياسية واالقتصادية والثقافية بني تركيا والدول العربية‪ ،‬وزادت التطورات السياسية‬
‫التي حدثت يف الرشق األوسط يف السنوات األخرية من هذا االهتامم‪ .‬ونتج عن هذا‬
‫االهتامم ازدياد عدد املؤسسات احلكومية واخلاصة التي تقوم بتدريس اللغة العربية‪،‬‬
‫وازدياد عدد الطالب فيها بنسبة كبرية‪ .‬فاألتراك الذين كانوا يتعلمون اللغة العربية إىل‬
‫ما قبل العقد املايض من أجل تعلم قراءة القرآن الكريم وفهمه‪ ،‬أصبحوا اآلن يتعلموهنا‬
‫من أجل التحدث مع العرب وفهمهم‪ .‬ويف هذا اإلطار بدأت مديرية التعليم الديني‬
‫العامة التابعة لوزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬و«مجعية األكاديمية لألبحاث اللغوية والعلمية»‬
‫بسلسلة مشاريع سمتها «مشاريع تطوير تعليم اللغة العربية» من أجل تطوير تعليم اللغة‬
‫ب الطالب بتعلم اللغة العربية‬ ‫العريبة يف تركيا‪ ،‬واستعامل األساليب احلديثة التي تحُ َ ِّب ُ‬
‫وجتعلهم ُيدركون أمهيتها‪ .‬ويف إطار هذه املشاريع بدأت مسابقات اللغة العربية منذ‬
‫ُدر ُس اللغة العربية منذ ‪ 60‬عاما‪ .‬وقد‬ ‫العام ‪ 2010‬بني ثانويات األئمة واخلطباء التي ت ِّ‬
‫الحظنا أن عدد املدارس املشاركة والطالب املشاركني يف هذه املسابقة الدولية يزداد كل‬
‫سنة‪ .‬ومن هنا أردنا أن نبحث يف هذه األوراق ما إذا كان ثمة تأثري إجيايب هلذه املسابقات‬

‫‪-165-‬‬
‫يف تعليم اللغة العربية يف تركيا أم ال‪ .‬وسنتناول هذا املوضوع من خالل إجراء استبيان‬
‫بني الطالب املشاركني يف هذه املسابقة ومدرسيهم‪ .‬ولكن يف البداية أريد أن أعطي نبذة‬
‫عن نشأة فكرة هذه املسابقة الدولية التي تنظم للمرة السادسة عام ‪ ،2015‬وطريقة‬
‫إجرائها‪ ،‬ثم سأنتقل إىل منهج البحث واالستبيان والنتائج‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نشأة فكرة املسابقة الدولية يف اللغة العربية‬
‫نشأت هذه الفكرة يف عام ‪ ،2009‬وذلك بعد مالحظة االهتامم الكبري باللغة العربية‪،‬‬
‫وازدياد عدد مدارس األئمة واخلطباء‪ ،‬والطالب الذين يدرسون فيها؛ ففي شهر‬
‫أكتوبر‪ /‬ترشين األول من سنة ‪ 2009‬عزم أعضاء مجعية األكاديمية لألبحاث اللغوية‬
‫والعلمية عىل أن يعقدوا مسابقة اللغة العربية بني ثانويات األئمة واخلطباء املوجودة يف‬
‫إسطنبول؛ وذلك من أجل تطوير تعليم اللغة العربية‪ ،‬فدعوا مديري ثانويات األئمة‬
‫أن كل‬‫واخلطباء املوجودة يف إسطنبول‪ ،‬وطرحوا عليهم هذه الفكرة‪ ،‬وكان نتيجة ذلك ّ‬
‫مديري املدارس استجابوا هلذه الدعوة‪ ،‬وكان عددهم آنذاك ‪ 25‬مديرا‪ .‬وبعد موافقة‬
‫املديرين ُأجريت أول مسابقة يف اللغة العربية عام ‪ 2010‬بني طالب ثانويات األئمة‬
‫واخلطباء املوجودة يف إسطنبول فقط‪ .‬وبعد نجاح املسابقة يف ‪ 2010‬قدمت اجلمعية‬
‫هذا املرشوع إىل وزارة الرتبية الوطنية لتعميم هذه املسابقة يف كل أنحاء تركيا‪ ،‬وتبنت‬
‫الوزارة هذه الفكرة‪ ،‬وأصبحت منذ ‪ 2010‬هي اجلهة الرسمية املسؤولة عن مرشوع‬
‫املسابقة الدولية يف اللغة العربية‪ ،‬وأما اجلمعية فقد تولت تنسيق املسابقة باسم الوزارة‪.‬‬
‫ومنذ تلك السنة اي سنة ‪ 2010‬واملسابقة جتري بني ثانويات تركيا لألئمة واخلطباء‬
‫مجعاء‪ .‬ويف السنة الثالثة من عمر املسابقة ُسمح للدول األخرى االلتحاق هبذه املسابقة‪،‬‬
‫دول من دول البلقان العرشة‪ ،‬أي ما عدا اليونان والنمسا‪ ،‬ولكن‬ ‫فشارك فيها ثامين ٍ‬
‫يف السنتني الرابعة واخلامسة حرصت املسابقة بني مدارس تركيا فقط‪ .‬والتغيري الذي‬
‫حدث يف هذه السنة أن املدارس اإلعدادية (املتوسطة) بدأت تشارك يف هذه املسابقة‬
‫أيضا‪ ،‬كام بدأت تشارك فيها ثانويات األئمة واخلطباء العاملية املوجودة يف تركيا‪ ،‬إحداها‬
‫يف إسطنبول والثانية يف مدينة قونية والثالثة يف مدينة قيرسي‪ ،‬حيث يدرس يف هذه‬
‫ٍ‬
‫ثالث وسبعني دولة‪.‬‬ ‫املدارس طالب من‬
‫أما عن عدد املدارس التي شاركت يف هذه املسابقة وجماالت املسابقة فهي كام يأيت‪:‬‬
‫يف السنة األوىل بلغ عدد املدارس التي شاركت يف هذه املسابقة ‪ .25‬وقد تسابقت‬

‫‪-166-‬‬
‫يف جمايل املعلومات اللغوية وإلقاء اخلطابة مجيع املدارس‪ ،‬أي ‪ 25‬مدرسة‪ ،‬و‪ 24‬مدرسة‬
‫تسابقت يف جمايل إلقاء شعر وأناشيد األطفال‪ ،‬و‪ 22‬مدرسة تسابقت يف جمال التمثيل‬
‫املرسحي‪.‬‬
‫يف السنة الثانية بلغ عدد املدارس التي شاركت يف هذه املسابقة ‪ 409‬مدارس من‬
‫املدارس الثانوية‪ 382 .‬مدرسة تسابقت يف جمال املعلومات اللغوية‪ ،‬و‪ 280‬مدرسة‬
‫تسابقت يف جمال إلقاء الشعر‪ ،‬و‪ 273‬مدرسة يف اخلطابة‪ ،‬و‪ 247‬مدرسة يف جمال أناشيد‬
‫األطفال‪ ،‬و‪ 142‬مدرسة يف جمال التمثيل املرسحي‪.‬‬
‫ويف السنة الثالثة بلغ العدد ‪ 462‬مدرسة‪ 402 ،‬منها تسابقت يف جمال املعلومات‬
‫اللغوية‪ ،‬و‪ 250‬مدرسة يف جمال إلقاء الشعر‪ ،‬و‪ 160‬مدرسة يف جمال اخلطابة‪.‬‬
‫ويف السنة الرابعة بلغ عدد املدارس ‪ 571‬مدرسة‪ ،‬تسابق منها ‪ 478‬يف جمال‬
‫املعلومات اللغوية‪ ،‬و‪ 287‬يف جمال إلقاء الشعر‪ ،‬و ‪ 84‬يف اخلطابة‪ ،‬و‪ 141‬مدرسة يف‬
‫جمال أناشيد األطفال‪.‬‬
‫ويف السنة اخلامسة بلغ العدد ‪ 642‬مدرسة‪ 559 ،‬منها تسابقت يف جمال املعلومات‬
‫اللغوية‪ ،‬و‪ 437‬مدرسة يف إلقاء الشعر‪ ،‬و‪ 111‬مدرسة يف اخلطابة‪ ،‬و‪ 160‬مدرسة يف‬
‫جمال اخلط العريب‪.‬‬
‫ويف السنة السادسة شاركت ‪ 1010‬مدارس ثانوية لألئمة واخلطباء يف املسابقة‬
‫الدولية‪ ،‬وتسابقت يف جماالت املعلومات اللغوية والتمثيل املرسحي واخلط العريب‬
‫وإلقاء الشعر‪ ،‬كام شاركت أيضا ‪ 1630‬مدرسة متوسطة لألئمة واخلطباء‪ ،‬وتنافست‬
‫فيام بينها يف جماالت إلقاء الشعر وأناشيد األطفال والتمثيل املرسحي‪.‬‬
‫وباإلضافة إىل ذلك شاركت ‪ 3‬مدارس عاملية لألئمة واخلطباء يف إلقاء الشعر‬
‫والتمثيل املرسحي‪ ،‬وتنافست مع أوائل املتسابقني من مدارس األئمة واخلطباء‬
‫األخرى‪ .‬وهذه املدارس العاملية إحداها موجودة يف إسطنبول‪ ،‬والثانية يف مدينة قونية‪،‬‬
‫والثالثة يف مدينة قيرسي‪.‬‬

‫‪-167-‬‬
‫اجلدول ‪ :1‬عدد املدارس الثانوية املشاركة والطالب واملدرسني املشاركني يف املسابقة الدولية يف‬
‫اللغة العربية بني األعوام ‪2015-2010‬‬

‫عدد‬
‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬
‫الثانويات‬
‫الثانويات يف‬ ‫الثانويات يف‬ ‫الثانويات يف‬ ‫الثانويات يف‬
‫يف جمال‬
‫جمال أناشيد‬ ‫جمال اخلط‬ ‫جمال إلقاء‬ ‫جمال إلقاء‬
‫املعلومات‬
‫األطفال‬ ‫العريب‬ ‫اخلطابة‬ ‫الشعر‬
‫اللغوية‬

‫املسابقة األوىل‬
‫‪24‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪25‬‬
‫‪2‬سنة ‪2010‬‬

‫املسابقة الثانية‬
‫‪247‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪273‬‬ ‫‪280‬‬ ‫‪382‬‬
‫سنة ‪2011‬‬

‫املسابقة الثالثة‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪250‬‬ ‫‪402‬‬
‫سنة ‪2012‬‬

‫املسابقة‬
‫‪141‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪287‬‬ ‫‪478‬‬ ‫الرابعة سنة‬
‫‪2013‬‬

‫املسابقة‬
‫‪-‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪437‬‬ ‫‪559‬‬ ‫اخلامسة سنة‬
‫‪2014‬‬
‫املسابقة‬
‫‪-‬‬ ‫؟‬ ‫‪-‬‬ ‫؟‬ ‫؟‬ ‫السادسة سنة‬
‫‪2015‬‬

‫‪-168-‬‬
‫عدد ثانويات‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬
‫عدد الطالب عدد املدرسني‬ ‫األئمة‬ ‫الثانويات‬ ‫الثانويات يف‬
‫اإلمجايل‬ ‫اإلمجايل‬ ‫واخلطباء يف‬ ‫املشاركة يف‬ ‫جمال التمثيل‬
‫(‪)1‬‬
‫تركيا‬ ‫املسابقة إمجاال‬ ‫املرسحي‬

‫املسابقة األوىل‬
‫‪125‬‬ ‫‪431‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪22‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫سنة‪2010‬‬

‫املسابقة الثانية‬
‫‪1324‬‬ ‫‪3989‬‬ ‫‪496‬‬ ‫‪409‬‬ ‫‪142‬‬
‫سنة ‪2011‬‬

‫املسابقة الثالثة‬
‫‪812‬‬ ‫‪2710‬‬ ‫‪542‬‬ ‫‪461‬‬ ‫‪-‬‬
‫سنة ‪2012‬‬

‫املسابقة‬
‫‪990‬‬ ‫‪2712‬‬ ‫‪711‬‬ ‫‪571‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الرابعة سنة‬
‫‪2013‬‬
‫املسابقة‬
‫‪1267‬‬ ‫‪11852‬‬ ‫‪846‬‬ ‫‪642‬‬ ‫‪-‬‬ ‫اخلامسة سنة‬
‫‪2014‬‬
‫املسابقة‬
‫‪1010‬‬ ‫‪1010‬‬ ‫؟‬ ‫السادسة سنة‬
‫‪2015‬‬

‫اجلدول ‪ 1‬يبني لنا مدى تزايد أعداد املدارس املشاركة والطالب واملدرسني املشاركني يف املسابقة‬
‫الدولية‪ ،‬كام يبني تزايد االهتامم باللغة العربية سنويا‪.‬‬

‫‪ -1‬عدد ثانويات األئمة واخلطباء يف السنة األوىل فقط يف إسطنبول‪ ،‬ولكن بعد السنة االوىل العدد املذكور هو عدد‬
‫ثانويات األئمة اخلطباء يف مجيع أنحاء تركيا‪.‬‬
‫‪ -2‬بدأت املسابقة األوىل يف بداية العام الدرايس ‪ 2010-2009‬وتم االحتفال اخلتامي يف هناية آخر أسبوع من شهر مايو‬
‫سنة ‪ .2010‬ونحن أخذنا هنا تاريخ االحتفال اخلتامي األول بعني االعتبار‪.‬‬

‫‪-169-‬‬
‫اجلدول ‪ :2‬عدد املدارس املتوسطة املشاركة والطالب واملدرسني املشاركني‬
‫يف املسابقة الدولية يف اللغة العربية هذا العام ‪2015‬‬
‫عدد‬
‫عدد‬
‫املدارس‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬
‫املدارس‬
‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫املتوسطة‬ ‫املدارس‬ ‫املدارس‬ ‫املدارس‬
‫املتوسطة‬
‫املدرسني‬ ‫الطالب‬ ‫لألئمة‬ ‫يف جمال‬ ‫يف جمال‬ ‫يف جمال‬
‫املشاركة‬
‫اإلمجايل‬ ‫اإلمجايل‬ ‫واخلطباء‬ ‫أناشيد‬ ‫التمثيل‬ ‫إلقاء‬
‫يف املسابقة‬
‫يف‬ ‫األطفال‬ ‫املرسحي‬ ‫الشعر‬
‫إمجاال‬
‫(‪)1‬‬
‫تركيا‬
‫املسابقة‬
‫؟‬ ‫؟‬ ‫‪1630‬‬ ‫‪1630‬‬ ‫؟‬ ‫؟‬ ‫؟‬ ‫األوىل سنة‬
‫‪2015‬‬
‫اجلدول ‪ 2‬يبني لنا كثرة املدارس والطالب واملدرسني املشاركني يف املسابقة رغم مشاركتهم ألول‬
‫مرة يف هذه املسابقة الدولية‬

‫مراحل املسابقة الدولية يف اللغة العربية بني املدارس الثانوية لألئمة‬


‫واخلطباء‪:‬‬
‫يف املرحلة األوىل يتم إعالن املسابقة الدولية يف اللغة العربية يف تركيا رسميا من قبل‬
‫وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬وذلك بإرسال خطابات رسمية إىل مديريات الرتبية الوطنية يف‬
‫املدن الرتكية التي عددها ‪ 81‬مدينة بداية كل عام درايس جديد‪ .‬وهذه املديريات ترسل‬
‫خطابات رسمية إىل مدارس األئمة واخلطباء املوجودة يف مدينتها‪.‬‬
‫ويف املرحلة الثانية بعد ما يستلم مدير املدرسة اخلطاب جيتمع مع مدريس اللغة العربية‬
‫ليقرروا املجاالت التي سيتسابق طالهبم فيها إضافة إىل املدرسني الذين سيدربوهنم‪.‬‬
‫ويف املرحلة الثالثة يقوم مدرسو اللغة العربية يف املدرسة بإجراء أول تصفيات‬
‫املسابقة بني طالب املدرسة بداية كل شهر يناير يف مجيع املجاالت‪ ،‬بعد أن يعلنوا‬
‫النصوص التي سيتسابقون هبا؛ وذلك لكي يقرروا املجاالت التي سيتسابقون هبا‬
‫والطالب الذين سيتنافسون يف املسابقة‪ .‬ويتم اختيار النصوص التي يتسابق الطالب هبا‬

‫‪ -1‬السنة االوىل عدد ثانويات األئمة واخلطباء تشري فقطإىل عددها يف إسطنبول ولكن بعد السنة االوىل تشريإىل عدد‬
‫ثانويات األئمة اخلطباء يف تركيا مجيعا‪.‬‬

‫‪-170-‬‬
‫كل سنة‪ ‬من شهر أكتوبر إىل ديسمرب من قبل اللجنة العلمية‪ ،‬وتعلن يف أول أسبوع من‬
‫شهر يناير بعد أن تكون اللجنة قد درستها مدة ثالثة أشهر‪ .‬وبالنسبة ألسئلة االستامع‬
‫يف جمال املعلومات اللغوية للمسابقة يوزع ‪ 30‬مقطع فيلم فيديو بداية كل شهر يناير‪،‬‬
‫وترتاوح مدة كل من هذه املقاطع بني ‪ 5-4‬دقائق‪ .‬ويقوم الطالب بالتدرب عىل هذه‬
‫املقاطع‪ ،‬باإلضافة إىل األسئلة التي سئلت يف جمال امللعومات اللغوية خالل السنوات‬
‫اخلمسة املاضية‪ ،‬والتي تنرش يف كتاب باسم «األسئلة املطروحة يف جمال املعلومات‬
‫اللغوية للمسابقة الدولية يف اللغة العربية»‪ .‬وجيري ختصيص ‪ 45‬يوما للتصفيات داخل‬
‫املدرسة‪ .‬ومن خالل هذه التصفيات ختتار كل مدرسة جماالت املسابقة التي ستشارك‬
‫هبا‪ ،‬واختيار مدربيها من مدريس اللغة العربية يف املدرسة الذين نجحوا يف تدريبهم‪.‬‬
‫وبعد ذلك تدخل كل مدرسة عىل موقع (‪ )www.arapcayarismalari.org.tr‬وتسجل‬
‫يف املجاالت التي ستتسابق فيها‪ ،‬وتسجل الطالب واملدرسني الذين سيشاركون يف‬
‫املسابقة عرب اإلنرتنت‪ .‬وجيب عىل كل مدرسة أن ترشح طالبا واحد ًا فقط لكل جمال‬
‫ليمثل مدرسته ما عدا جمايل املعلومات اللغوية والتمثيل املرسحي‪ ،‬ففي جمال املعلومات‬
‫اللغوية جيب أن ترشح كل مدرسة ‪ 4‬طالب وعىل رأسهم مدرس اللغة العربية‪ ،‬وأما‬
‫يف جمال التمثيل املرسحي فيجب اختيار فريق واحد وعىل رأسهم مدرس اللغة العربية‬
‫لتمثيل املدرسة‪ ،‬ويرتاوح عدد أفراد هذا الفريق بني ‪ 4-1‬طالب حسب قرار إدارة‬
‫املدرسة ونوع النص الذي سيمثلونه‪.‬‬
‫ويف املرحلة اخلامسة تبدأ التصفيات يف كل يوم سبت من شهر نيسان يف املدن بني‬
‫أوائل مدارسها‪ ،‬حيث ختتار كل مدينة ممثليها يف املجاالت املناسبة هلم ليمثلوا مدرستهم‬
‫ومدينتهم ضمن منطقتهم‪ ،‬وقد تم تقسيم تركيا إىل عرش مناطق من قبل وزارة الرتبية‬
‫الوطنية‪ ،‬وذلك لتتم املسابقات حسب املنطقة بعد تصفيات املدن‪.‬‬
‫ويف آخر يوم سبت من شهر (مايو) تبدأ التصفيات النهائية يف كل جماالت املسابقة‪،‬‬
‫وجتري املسابقة ضمن حفل ختامي يف مدينة من مدن تركيا حتددها وزارة الرتبية الوطنية‬
‫من بني املناطق العرشة‪ .‬ويف هذه التصفيات ينتخب الثالثة األوائل من تركيا لكل جمال‪،‬‬
‫ثم يتسابقون يف التصفيات الدولية التي جترى بعد يوم من التصفيات النهائية لرتكيا‬
‫يف املدينة نفسها مع أوائل الدول األخرى الذين يدرسون يف ثانويات األئمة واخلطباء‬
‫العاملية الثالثة املوجودة يف تركيا يف جماالت املسابقة‪ .‬وأخريا يتم اختيار أوائل هذه‬
‫املسابقة يف ذلك اليوم‪.‬‬

‫‪-171-‬‬
‫هذه هي املراحل ملجايل إلقاء الشعر والتمثيل املرسحي من املسابقة‪ .‬أما بالنسبة‬
‫ملجال املعلومات اللغوية ومراحله فهي املراحل السابقة نفسها لكال املجالني ما عدا‬
‫مرحلة املسابقة الدولية‪ ،‬فال جيري التسابق عليها دوليا‪ .‬وأما جمال اخلط من املسابقة‬
‫فيختلف قليال عن هذه املجاالت الثالثة‪ ،‬حيث تحُ دد عرش مجل‪ ،‬واملتسابقون من‬
‫الطالب خيطوهنا‪ ،‬ثم يرسلوهنا إىل مركز تنسيق املسابقة بشكل مستقل‪ .‬يف البداية يتم‬
‫اختيار األفضل من اخلطوط من حيث التقنيات‪ ،‬ثم يدعى املحكمون وخيتارون الثالثة‬
‫األوائل من هذه اخلطوط عىل مستوى تركيا‪.‬‬
‫مراحل املسابقة الدولية يف اللغة العربية بني املدارس املتوسطة لألئمة‬
‫واخلطباء‬
‫مراحل هذه املسابقة مطابقة مراحل مسابقة الثانويات ما عدا اختالفات قليلة‪.‬‬
‫وهي أنه بعد انتخاب ممثيل املدارس ومدرسيهم ال يذهب املمثلون إىل تصفيات املنطقة‪،‬‬
‫وإنام يسجلون مقاطع فيديو يف املجاالت الثالثة ويرسلوهنا إىل مركز تنسيق املسابقات؛‬
‫وذلك ألن عدد املدارس املتوسطة لألئمة واخلطباء كبري جدا‪ ،‬وهو ‪1630‬مدرسة‪.‬‬
‫فيقوم مركز تنسيق املسابقة باختيار أوائل هذه املدارس حسب مدهنم‪ ،‬ثم يقوم أوائل‬
‫املدن بإرسال مقاطع فيديو جديدة إىل املركز مرة أخرى‪ ،‬ويقوم املركز باختيار أوائل‬
‫املناطق العرشة من بني هذه املدن‪ .‬وأوائل املناطق العرشة يف املجاالت الثالثة حيرضون‬
‫إىل تصفيات تركيا التي ستنعقد عام ‪ 2016‬يف مدينة قيرسي‪ .‬ومن بني مدارس هذه‬
‫املناطق العرشة خيتار الثالثة األوائل يف املجاالت الثالثة‪.‬‬
‫منهج البحث‬
‫هذا البحث الذي أسعى أن نحدد فيه أثر املسابقة الدولية يف اللغة العربية يف تعليم‬
‫اللغة العربية يف تركيا هو بحث نوعي حيتوي عىل أرقام وإحصائيات‪ .‬وزع استبيان هلذا‬
‫البحث بني جمموعة من الطالب الذين يتعلمون اللغة العربية واملدرسني عرب اإلنرتنت‪،‬‬
‫وأغلب الطالب واملدرسني من ثانويات األئمة واخلطباء‪ .‬وقد اشرتك يف هذا االستبيان‬
‫الذي حيتوي عىل ‪ 20‬سؤاال ‪ 84‬مشاركا‪ ،‬وطلب اإلجابة عن األسئلة حسب الصيغ‬
‫اآلتية‪ :‬أوافق‪ ،‬أو أوافق بشدة‪ ،‬أو ال أوافق‪ ،‬أو ال أوافق بشدة‪.‬‬

‫‪-172-‬‬
‫نتائج االستبيان‬
‫إذا الحظنا معلومات التوزيع الديموغرايف ملشاركي هذا االستبيان سنرى أن ‪ 42‬يف‬
‫املئة منهم إناث‪ ،‬و‪ 58‬يف املئة منهم ذكور‪ .‬و‪ 35‬يف املئة منهم طالب و‪ 65‬يف املئة منهم‬
‫مدرسون‪ .‬و‪ 14‬يف املئة منهم حتت عمر ‪ 20‬سنة‪ ،‬و‪ 29‬يف املئة منهم ما بني أعامر ‪-20‬‬
‫‪ 30‬سنة‪ ،‬و‪ 18‬يف املئة منهم ما بني أعامر ‪ 40-30‬سنة‪ ،‬و‪ 39‬يف املئة منهم أعامرهم فوق‬
‫‪ 40‬سنة‪ .‬و‪ 18‬يف املئة من املدرسني هلم خربة يف التعليم بني ‪ 5-0‬سنوات‪ ،‬و‪ 14‬يف املئة‬
‫منهم هلم خربة بني ‪ 10-5‬سنوات؛ و‪ 11‬يف املئة هلم خربة بني ‪ 15-10‬سنة و‪ 29‬يف املئة‬
‫منهم هلم خربة فوق ‪ 15‬سنة‪ .‬وإذا الحظنا أعامر املشاركني ومدة خربة املدرسني وجدنا‬
‫أن ‪ 61‬يف املئة من املشاركني حتت عمر ‪ 40‬سنة‪ ،‬ولذلك نستطيع أن نقول إن املشاركني‬
‫يف هذا االستبيان هم من الشباب‪.‬‬
‫األسئلة التي طرحت يف االستبيان‬
‫للمسابقة الدولية يف اللغة العربية تأثري إجيايب يف تعلم األتراك اللغة العربية‬
‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪47‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪30‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫‪ 36‬يف املئة من املشاركني أجابوا عن السؤال األول بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 56‬يف املئة منهم‬
‫بأوافق‪ ،‬و‪ 7‬يف املئة منهم بال أوافق‪ ،‬و‪ 1‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‪ .‬ومن أجاب عن‬
‫هذا السؤال بال أوافق بشدة هي ُمدرسة وعمرها فوق ‪ 40‬سنة وهلا خربة تدريس بني‬
‫‪ 15-10‬سنة‪ .‬ومن هنا نسنتتج أن للمسابقة تأثريا إجيابيا يف تعلم األتراك اللغة العربية‪.‬‬

‫‪-173-‬‬
‫املسابقة الدولية يف اللغة العربية زادت من اهتامم األتراك باللغة العربية‬
‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪45‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪30‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫‪ 36‬يف املئة من املشاركني أجابوا عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 54‬يف املئة منهم‬
‫بأوافق‪ ،‬و‪ 1‬يف املئة منهم بال أوافق‪ ،‬و‪ 10‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‪ .‬وإذا نظرنا إىل‬
‫من أجاب عن هذا السؤال بال أوافق نرى أن ‪ 2‬منهم طالب و‪ 6‬منهم مدرسون‪ .‬أعامر‬
‫الطالب بني ‪ 30-20‬وأعامر اثنني من املدرسني بني ‪ 30-20‬و‪ 1‬منهم عمره بني ‪-30‬‬
‫‪ 40‬و‪ 3‬منهم أعامرهم فوق ‪ 40‬سنة‪ 3 .‬من هؤالء املدرسني هلم خربة بني ‪ 5-0‬سنوات‬
‫يف التدريس و‪ 3‬منهم هلم خربة فوق ‪ 15‬سنة يف التدريس‪ .‬ومن أجاب عن هذا السؤال‬
‫بال أوافق بشدة هي مدرسة عمرها فوق ‪ 40‬سنة‪ ،‬وهلا خربة تدريس بني ‪ 15-10‬سنة‪.‬‬
‫ومن هنا نستطيع أن نقول إن أغلبية من ال يوافق هذا الرأي أعامرهم فوق ‪ 30‬سنة‪.‬‬
‫ونستطيع أن نقول إن املسابقة الدولية يف اللغة العربية زادت من اهتامم األتراك باللغة‬
‫العربية‪ .‬وجتعل املشاركني فيها يتحمسون وهيتمون باللغة العربية‪.‬‬
‫املسابقة الدولية يف اللغة العربية جتعل الطالب يشاركون يف نشاطات خارج‬
‫املحارضة أكثر‬

‫‪-174-‬‬
‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪49‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪29‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫‪ 35‬يف املئة من املشاركني أجابوا عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 58‬يف املئة منهم‬
‫بأوافق‪ ،‬و‪ 7‬يف املئة منهم بال أوافق‪ ،‬ومل جيب أحد منهم أنه ال يوافق بشدة‪ .‬ومن هنا‬
‫نستنتج أن املسابقة جتعل الطالب يشاركون يف نشاطات خارج املحارضات أكثر‪،‬‬
‫وجيدون فرصا أكثر الستخدام اللغة العربية خارج الدرس‪ .‬وذلك مع القول بأن‬
‫النشاطات داخل الصف هلا دور كبري جدا يف تطوير لغة الطالب العربية‪.‬‬
‫اجلوائز التي تقدم يف املسابقة الدولية يف اللغة العربية تزيد من اهتامم الطالب باللغة العربية‬

‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪39‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪30‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫‪-175-‬‬
‫اجلوائز تؤدي دورا مهام جدا يف جذب املتاسبقني وحتفيزهم‪ .‬ومن إجابات هذا‬
‫السؤال نرى أن اجلوائز تزيد اهتامم الطالب باللغة العربية‪ ،‬حيث أجاب ‪ 36‬يف املئة من‬
‫املشاركني عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 46‬يف املئة منهم بأوافق‪ ،‬و‪ 14‬يف املئة منهم‬
‫بال أوافق‪ ،‬و‪ 4‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‪.‬‬
‫للمسابقة الدولية يف اللغة العربية دور‪/‬تأثري كبري يف أن يتعرف الطالب عىل الثقافة العربية‬

‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪46‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪19‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪16‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫اللغة هي نتاج ثقايف‪ ،‬وتؤثر فيها خصائص ثقافة كل جمتمع‪ ،‬وال تفهم اللغة اال‬
‫بمعرفة ثقافة أهل اللغة‪ ،‬وهذه املسابقات دعاية لثقافة اللغة‪ .‬وقد أشارت إجابات هذا‬
‫السؤال إىل ذلك أيضا؛ إذ أجاب ‪ 23‬يف املئة من املشاركني عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪،‬‬
‫و‪ 55‬يف املئة منهم بأوافق‪ ،‬و‪ 19‬يف املئة منهم بال أوافق‪ ،‬و‪ 4‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‪.‬‬
‫املسابقة الدولية يف اللغة العربية هلا آثار ثقافية بجمع طالب من دول خمتلفة‬

‫‪-176-‬‬
‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪40‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪34‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫أجاب ‪ 40‬يف املئة من املشاركني عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 48‬يف املئة منهم‬
‫بأوافق‪ ،‬و‪ 10‬يف املئة منهم بال أوافق‪ ،‬و‪ 2‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‬
‫جمال إلقاء الشعر من املسابقة الدولية يف اللغة العربية يزيد اهتامم الطالب بالشعر العريب‬

‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪51‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪18‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ال أوافق‬


‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬
‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫الشعر من فنون العرب األوىل‪ ،‬وقيل هو ديوان العرب‪ ،‬فقبل ظهور اإلسالم كان الشعر‬
‫هو املعرب األول عن أفراح العرب وهزائمهم وانتصاراهتم‪ ،‬ولذلك يعد الشعر العريب‬
‫سجال مهام يمكن ُيعتمد عىل وثائقه يف معرفة خمتلف جوانب حياة العرب‪ .‬وتعلم‬
‫اجلديد منه يزيد االهتامم به‪ .‬واإلجابة عن هذا السؤال تؤيد هذا الكالم؛ إذ أجاب ‪21‬‬
‫يف املئة من املشاركني عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 61‬يف املئة منهم بأوافق‪ ،‬و‪ 14‬يف‬

‫‪-177-‬‬
‫املئة منهم بال أوافق‪ ،‬و‪ 4‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‬
‫جمال إلقاء الشعر من املسابقة الدولية يف اللغة العربية يزيد مهارات الطالب اللغوية‬

‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪47‬‬ ‫أوافق‬


‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪32‬‬ ‫‪27‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬
‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫يستطيع الطالب نطق اللغة بصورة قريبة جدا من نطق أهلها‪ ،‬من خالل تطوير قدرهتم عىل‬
‫إلقاء الشعر العريب‪ .‬وقد أجاب ‪ 32‬يف املئة من املشاركني عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪،‬‬
‫و‪ 56‬يف املئة منهم بأوافق‪ ،‬و‪ 10‬يف املئة منهم بال أوافق‪ ،‬و‪ 2‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‪.‬‬
‫املسابقة الدولية يف اللغة العربية تزيد اإلقبال عىل الدورات التي تعلم اللغة العربية‬

‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪46‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪19‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪18‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫‪-178-‬‬
‫أجاب ‪ 23‬يف املئة من املشاركني عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 55‬يف املئة منهم‬
‫بأوافق‪ ،‬و‪ 21‬يف املئة منهم بال أوافق‪ ،‬و‪ 1‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‪ .‬وهذا يظهر لنا‬
‫أن املسابقة تزيد اإلقبال عىل تعلم اللغة العربية وعىل االلتحاق بدوراهتا‪.‬‬
‫املسابقة الدولية يف اللغة العربية تزيد من اهتامم الطالب العرب أيضا باللغة العربية‬
‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪45‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪14‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪22‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم ولغة األمة اإلسالمية كام هي لغة العرب مجيعا‪.‬‬
‫وعندما يشاهد العرب اهتامم األجانب باللغة العربية يدركون أمهية لغتهم‪ ،‬ويبدؤون‬
‫بالتكلم بلغتهم العربية بدال من اللغات األجنبية األخرى‪ .‬وقد أجاب ‪ 17‬يف املئة من‬
‫املشاركني عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 54‬يف املئة منهم بأوافقـ و‪ 26‬يف املئة منهم‬
‫بال أوافق‪ ،‬و‪ 4‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‬

‫عالمات الطالب الذين شاركوا يف املسابقة الدولية يف اللغة العربية ختتلف عن‬
‫حصلوها قبل مشاركتهم يف املسابقة‬
‫عالمتهم التي ّ‬

‫‪-179-‬‬
‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪43‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪29‬‬ ‫‪24‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫املسابقة تطور مهارات الطالب اللغوية‪ .‬وهذا يفيدهم يف امتحانات مادة اللغة العربية‪،‬‬
‫ويزيد من معدل عالماهتم فيها عماّ كانت عليه قبل مشاركتهم يف املسابقة‪ .‬وقد أجاب‬
‫‪ 29‬يف املئة من املشاركني عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 51‬يف املئة منهم بأوافق‪ ،‬و‪15‬‬
‫يف املئة منهم بال أوافق‪ ،‬و‪ 5‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‪.‬‬
‫الطالب الذين يشاركون يف املسابقة الدولية يف اللغة العربية يكونون متفوقني أكثر‬
‫يف مادة‪/‬درس اللغة العربية‬

‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪48‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪30‬‬ ‫‪25‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫أجاب ‪ 30‬يف املئة من املشاركني عن هذا السؤال بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 57‬يف املئة منهم‬

‫‪-180-‬‬
‫بأوافق‪ ،‬و‪ 12‬يف املئة منهم بال أوافق‪ ،‬و‪ 1‬يف املئة منهم بال أوافق بشدة‪.‬‬
‫كم هي النسبة املئوية التي تزداد هبا عالمات الطالب الذين يشاركون يف املسابقة الدولية‬
‫يف اللغة العربية من مادة‪/‬درس اللغة العربية مقارنة بعالمتهم قبل املشاركة يف املسابقة‬
‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪0%‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪0%‬‬

‫‪20-10 %‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪20-10 %‬‬

‫‪30-20 %‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30-20 %‬‬

‫‪ve üzeri 30 %‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪25‬‬ ‫أكثر من‪30%‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬


‫أجاب ‪ 10‬يف املئة من املشاركني عن هذا السؤال بـ ‪ ،%0‬أي إن عالمات الطالب ال‬
‫ختتلف‪ ،‬و‪ 25‬يف املئة منهم بـ ‪ ،%20-10‬و‪ 36‬يف املئة منهم بـ‪ ،%30-20‬و‪ 30‬يف املئة‬
‫منهم بأكثر من ‪.%30‬‬
‫جيب أن جترى املسابقة الدولية يف اللغة العربية ليس فقط بني مدارس األئمة واخلطباء‬
‫بل بني كل املدارس‬
‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪29‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪17‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪27‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫اللغة العربية لغاية سنة ‪ 2011‬كانت تدرس فقط يف مدارس األئمة واخلطباء‪،‬‬
‫ولكن منذ بداية العام الدرايس ‪ 2012-2011‬بدأت تدرس بوصفها مادة اختيارية‬

‫‪-181-‬‬
‫يف كل مدارس تركيا ابتدا ًء من الصف الرابع يف االبتدائية وحتى هناية الثانوية‪ .‬ولذلك‬
‫طرحنا هذا السؤال عىل املشاركني‪ .‬وقد أجاب عن هذا السؤال ‪ 35‬يف املئة بأوافق‪،‬‬
‫و‪ 20‬يف املئة بأوافق بشدة‪ ،‬و ‪ 32‬يف املئة بال أوافق‪ ،‬و‪ 13‬يف املئة بال أوافق بشدة‪.‬‬
‫جيب أن تدعم املسابقة الدولية يف اللغة العربية‬

‫‪%‬‬ ‫العدد‬

‫‪Katılıyorum‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪29‬‬ ‫أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪53‬‬ ‫أوافق بشدة‬
‫‪Katılıyorum‬‬

‫‪Katılmıyorum‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫ال أوافق‬

‫‪Kesinlikle‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ال أوافق بشدة‬
‫‪Katılmıyorum‬‬

‫‪Toplam‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪84‬‬ ‫املجموع‬

‫نرى من خالل اجلدول أعاله أن ‪ 35‬يف املئة من املشاركني أجاب عن هذا السؤال‬
‫بأوافق‪ ،‬و‪ 63‬يف املئة بأوافق بشدة‪ ،‬و‪ 2‬يف املئة بال أوافق بشدة‪ .‬وهذا يبني لنا أن ‪98‬‬
‫يف املئة من املشاركني يوافقون عىل دعم املسابقة الدولية يف اللغة العربية‪ 2 .‬يف املئة‬
‫فقط ال يوافقون بشدة‪ ،‬واحد من هذين االثنني ُمدرس عمره فوق ‪ 40‬سنة‪ ،‬وخربته‬
‫يف التدريس فوق ‪ 15‬سنة‪ ،‬وما عدا إجابته عن السؤال الرابع بأوافق فقد أجاب عن‬
‫كل األسئلة إما بال أوافق أو ال أوافق بشدة‪ .‬مع ذلك أجاب عن السؤال الثالث عرش‬
‫بأنه تزداد عالمة الطالب يف درس اللغة العربية بنسبة ‪ % 20-10‬مقارنة بعالمته قبل‬
‫مشاركته يف املسابقة‪ .‬ومن أجاب عن هذا السؤال بال أوافق بشدة هي ُمدرسة عمرها‬
‫أيضا فوق ‪ 40‬سنة‪ ،‬هلا خربة يف التدريس بني ‪ 15-10‬سنة‪ ،‬وما عدا إجابتها عن‬
‫األسئلة الثالث والسادس والعارش بأوافق فقد أجابت عن كل األسئلة بال أوافق بشدة‪.‬‬
‫يف النهاية نستطيع أن نقول إن املسابقة الدولية أصبحت مهرجانا ثقافيا أكثر من‬
‫كوهنا مسابقة‪ ،‬وبدأت تسهم يف انتشار اللغة العربية وحتبيبها وتشجيعها‪ .‬كام أصبحت‬
‫تسهم أيضا يف حتسني لغة الطالب الذين يشاركون فيها‪ .‬ومن أجل ذلك فيجب أن‬
‫تدعم مثل هذه النشاطات التي تسهم يف انتشار اللغة العربية وحتبيبها للطلبة‪.‬‬

‫‪-182-‬‬
‫املحور الثالث‬

‫اللغة العربية يف التعليم العايل يف تركيا‬

‫تاريخ كليات اإلهليات برتكيا‪ ،‬وتطور مناهج تعليم اللغة العربية هبا‬
‫رمضان دمري‬
‫تعليم اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‬
‫إبراهيم شعبان‬
‫تعليم العرب ّية الفصحى للطلبة األتراك‬
‫يعقوب جيولك حممود قدوم‬
‫اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية بني الواقع واملأمول‬
‫أمحد حسن حممد عيل‬
‫وح ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لول ُمقرتح ٌة هلا‬ ‫شكالت تَع ُّل ِم اللغة العربية يف تركيا ُ‬
‫ُ‬ ‫ُم‬
‫حسني األسود‬
‫مشكالت تعليم العربية لغري الناطقني هبا يف تركيا وطرق حلها‬
‫كريم فاروق اخلويل‬
‫أهم مشكالت برامج تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها يف تركيا‪ :‬مالحظات‬
‫ميدانية‬
‫أمحد صنوبر‬

‫‪-183-‬‬
‫جتربة مؤسسة إسطنبول للتعليم واألبحاث (‪ )ISAR‬يف العربية‬
‫أمحد صنوبر‬
‫أنموذجا‬
‫ً‬ ‫مشكالت تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪:‬كليات اإلهليات يف تركيا‬
‫عيل عبد الواحد عبد احلميد‬

‫‪-184-‬‬
‫تاريخ كليات الإلهيات برتكيا‪ ،‬وتطور مناهج تعليم اللغة‬
‫العربية بها‬
‫د‪ .‬رمضان دمري‬
‫أستاذ مشارك يف قسم اللغة العربية‬
‫بجامعة جنق قلعة الثامن عرش من آذار‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني عىل ما أنعم‪ ،‬والصالة والسالم عىل نبيه العريب الكريم وعىل‬
‫آله وأصحابه أمجعني‪.‬‬
‫فإن اللغة العربية هي اللغة التي نزل بـها القرآن الكريم‪ ،‬قال تعاىل يف‬ ‫أما بعد‪ّ ،‬‬
‫وسف‪ ]2 :‬وقال تعاىل‪ :‬ﱯ ﮅ ﮆ‬ ‫وسف‪ :‬ﱯ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﱮ [ ُي ُ‬ ‫ُم ِ‬
‫فتتح سورة ُي ُ‬
‫[الز ْخ ُرف‪ ]3 :‬وقال تعاىل‪ :‬ﱯ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫ﮇ ﮈ ﱮ ُّ‬
‫أن‬ ‫[الش َعراء] وهذه اآليات الكريمة تدل عىل ّ‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﱮ ُّ‬
‫العربية هي اللغة املختارة للقرآن الكريم‪ ،‬كام تدل أيض ًا عىل ّ‬
‫أن االختيار من عند اهلل‪،‬‬
‫ونخلص من ذلك إىل أنـها لغة اإلسالم ولسانه املبني‪ ،‬الذي ينبغي أن يكون لسان ًا‬
‫عام ًا جلميع املسلمني‪.‬‬
‫ومن الثوابت التارخيية أن اللغة العربية قد وجدت قبوالً حسن ًا عند األتراك منذ‬
‫إن‬‫اعتناقهم لإلسالم وحتى اليوم‪ ،‬ووقفت وراء ذلك عوامل أمهها العامل الديني؛ إذ ّ‬
‫تلك اللغة هي لغة القرآن واإلسالم‪.‬‬
‫ويعو ُد تاريخ تدريس اللغة العربية لدى األتراك إىل املدارس القديمة التي أنشئت يف‬

‫‪-185-‬‬
‫عهد القراخايني والسالجقة‪ ،‬وأمهها تلك املدارس التي أسسها الوزير نظام امللك أبو‬
‫عيل حسن الطويس‪ ،‬و ُاشتهرت يف التاريخ باسم املدارس النظامية(‪ ،)1‬و ُد ّر َست العلوم‬
‫اإلسالمية كالتفسري واحلديث والفقه يف تلك املدارس‪ ،‬وملا كان فهم العلوم اإلسالمية‬
‫فه ًام صحيح ًا يتوقف عىل مدى إتقان اللغة العربية‪ ،‬فقد أولت تلك املدارس تعليم اللغة‬
‫العربية اهتامم ًا كبري ًا‪ .‬وما أشبه الليلة بالبارحة‪ ،‬إذ تلقى اللغة العربية االهتامم نفسه من‬
‫األتراك‪ ،‬شعب ًا وحكوم ًة‪.‬‬
‫ويتكون هذا البحث من مقدمة وحمورين باإلضافة إىل اخلامتة‪ ،‬يتناول املحور األول‬
‫دراسة تاريخ كليات اإلهليات برتكيا‪ .‬ويتناول املحور الثاين تعليم اللغة العربية يف كليات‬
‫اإلهليات‪ ،‬ومناهج التعليم املطبقة يف تعليم العربية من الناحية العملية البحتة‪ ،‬مستبعد ًا‬
‫األُطر النظرية‪ .‬وتأيت اخلامتة حاملة ما توصل إليه البحث من نتائج واستنتاجات‪.‬‬
‫التاريخ‬
‫بدأت دراسة العلوم اإلسالمية عىل املستوى اجلامعي بوضعها احلالـي اليوم يف دار‬
‫الفنون(‪ )2‬التي ُأسست عام ‪1900‬م‪ .‬يف عهد السلطان عبد احلميد الثاين‪ ،‬حيث افتُتح‬
‫قسم لدراسة العلوم اإلسالمية يف دار الفنون‪ ،‬لكنه رسعان ما ُأغلق بعد قرار اختذ يف‬
‫جملس النواب العثامين عام ‪1919‬م(‪ .)3‬ويف عام ‪1924‬م‪ُ .‬فتحت كلية جديدة حتت‬
‫مسمى «كلية اإلهليات» يف دار الفنون أيض ًا‪ ،‬ولكنها مل تلق قبوالً حسن ًا لذلك رسعان‬
‫ما أغلقت عام ‪1933‬م‪ .‬والحق ًا ُأسس معهدٌ للعلوم اإلسالمية وأحلق بكلية اآلداب‬
‫عوض ًا عن كلية اإلهليات بيد أنه مل جيد اجلو املناسب لالستمرار لعدم توافر املدرسني‬
‫(‪)4‬‬
‫األكفاء فأوصد أبوابه يف وجه الدارسني عام ‪1936‬م‪.‬‬

‫‪1- Ersoy Taşdemirci، “Medreselerin Doğuş Kaynakları ve İlk Zamanları” Erciyes Üniversitesi‬‬
‫‪Sosyal Bilimler Enstitüsü Dergisi، Sayı: 2، 1988، s. 273.‬‬
‫‪ -2‬دار الفنون‪ :‬هذا التعبري استخدم بمعنى اجلامعة يف ذلك العهد‪.‬‬
‫‪3- Ahmet Bostancı، “İlahiyat Fakültelerinde Arapça Öğretiminde Kullanılan Ders Kitapları‬‬
‫‪ve Diğer Araç-Gereçlerin Tespit ve Analizi”، Sakarya Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi،‬‬
‫‪Sayı: 11، 2005، s. 6.‬‬
‫‪4- Suat Cebeci، “Cumhuriyet Döneminde Yüksek Din Öğretimi”، Ankara Üniversitesi İlahiyat‬‬
‫‪Fakültesi Dergisi، (Özel Sayı)، 1999، s. 228; Bostancı، “İlahiyat Fakültelerinde Arapça‬‬
‫‪Öğretiminde Kullanılan Ders Kitapları ve Diğer Araç-Gereçlerin Tespit ve Analizi”، s. 7.‬‬

‫‪-186-‬‬
‫ويف اليوم احلادي والعرشين من ترشين الثاين من عام ‪1949‬م فتحت كلية اإلهليات‬
‫بجامعة أنقرة‪ ،‬و ُد ّرست اللغة العربية بـها جن ًبا إىل جنب مع اللغة الفارسية واللغات‬
‫(‪)1‬‬
‫الغربية األخرى‪.‬‬
‫وبعد إنشاء كلية اإلهليات بجامعة أنقرة التي استمرت الدراسة بـها إىل يومنا هذا‬
‫أنشئ معهد عال يف إسطنبول عىل غرار كلية اإلهليات محل اسم «املعهد العايل للعلوم‬
‫اإلسالمية» خضع إلرشاف وزارة الرتبية والتعليم وفتح أبوابه أمام الدارسني يف العام‬
‫الدرايس ‪1960-1959‬م‪ .‬وكانت مدة الدراسة به أربع سنوات وبعد إنشاء هذا املعهد‬
‫يف إسطنبول ُأنشئت سبعة معاهد عليا أخرى عىل النحو اآليت(‪:)2‬‬
‫‪ -1‬املعهد العايل للعلوم اإلسالمية بقونيا (‪ )Konya‬عام ‪1962‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬املعهد العايل للعلوم اإلسالمية بقيرصية (‪ )Kayseri‬عام ‪1965‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬املعهد العايل للعلوم اإلسالمية بإزمري (‪ )İzmir‬عام ‪1966‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬املعهد العايل للعلوم اإلسالمية بأررضوم (‪ )Erzurum‬عام ‪1969‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬املعهد العايل للعلوم اإلسالمية ببرُ صا (‪ )Bursa‬عام ‪1975‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬املعهد العايل للعلوم اإلسالمية بصمصون (‪ )Samsun‬عام ‪1976‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬املعهد العايل للعلوم اإلسالمية بيوزغات (‪ )Yozgat‬عام ‪1979‬م‪.‬‬
‫وكان اجلدول الدرايس األسبوعي يف املعهد العايل للعلوم اإلسالمية مكثف ًا‪ ،‬يتكون‬
‫من ست وثالثني حصة‪ ،‬وكان ملادة اللغة العربية مكانة مهمة بني املواد الدراسية‬
‫األخرى‪ .‬وإضافة إىل ذلك فتحت كلية العلوم اإلسالمية بـجامعة أررضوم يف العام‬
‫(‪)3‬‬
‫الدرايس ‪1972-1971‬م‪ .‬وكانت مدة الدراسة بـها مخس سنوات‪.‬‬
‫وبحلول عام ‪1980‬م‪ .‬أصبح التعليم الديني ينحرص يف عرش مؤسسات للتعليم‬

‫‪1- Münir Koştaş، “Ankara Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dünü Bugünü”، Ankara Üniversitesi‬‬
‫‪İlahiyat Fakültesi Dergisi، (Özel Sayı)، 1999، s. 149-151; Bostancı، “İlahiyat Fakültelerinde‬‬
‫‪Arapça Öğretiminde Kullanılan Ders Kitapları ve Diğer Araç-Gereçlerin Tespit ve Analizi”، s.‬‬
‫‪7; Mehmet Soysaldı، “Türkiye’deki İlahiyat Fakülteleri’nde Arapça Öğretiminde Karşılaşılan‬‬
‫‪Problemler ve Çözüm Yolları”، Ekev Akademi Dergisi، Sayı: 45، 2010، s. 248.‬‬
‫‪2- Suat Cebeci، “Cumhuriyet Döneminde Yüksek Din Öğretimi”، s. 230.‬‬
‫‪3- Bostancı، “İlahiyat Fakültelerinde Arapça Öğretiminde Kullanılan Ders Kitapları ve Diğer‬‬
‫‪Araç-Gereçlerin Tespit ve Analizi”، s. 7.‬‬

‫‪-187-‬‬
‫العايل‪ ،‬وعىل وجه التحديد يف كليتني وثامنية معاهد‪.‬‬
‫وح ّولت املعاهد العالية للعلوم اإلسالمية ‪-‬التي مر ذكرها سابق ًا‪ -‬إىل كليات‬ ‫ُ‬
‫باستثناء املعهد العايل للعلوم اإلسالمية بيوزغات (‪ )Yozgat‬حيث أغلق ذلك املعهد‬
‫أبوابه أمام الدارسني بقانون التعليم العايل الصادر برقم ‪ 2547‬يف اليوم السادس‬
‫من ترشين الثاين من عام ‪1982‬م‪ .‬وأحلق املعهد العايل للعلوم اإلسالمية بأررضوم‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪ )Erzurum‬بكلية العلوم اإلسالمية بـجامعة أررضوم بموجب القانون نفسه‪.‬‬
‫و ُطبق برنامج موحد يف تلك الكليات الثامنية التي نشأت بالقانون الذي مر ذكره‬
‫آنف ًا‪ ،‬وكانت مدة الربنامج مخس سنوات‪ ،‬وخصصت السنة األوىل بأكملها لدراسة‬
‫اللغة العربية فقط‪ ،‬متهيد ًا لتلقي طالب كلية اإلهليات العلوم اإلسالمية يف السنوات‬
‫قناعة مؤداها أنه ال يمكن فهم العلوم اإلسالمية فه ًام‬ ‫ٍ‬ ‫األربع اآلتية‪ ،‬ونشأ هذا من‬
‫صحيح ًا إال بإتقان اللغة العربية‪.‬‬
‫وبعد ذلك التاريخ فتحت كليات جديدة يف اجلامعات األخرى تطبق الربنامج‬
‫الدرايس نفسه‪ ،‬وناهز عدد كليات اإلهليات العرشين كلية‪.‬‬
‫وبقرار اختذه جملس التعليم العايل يف اليوم احلادي عرش من متوز من عام ‪1997‬م‪،‬‬
‫تم ُغيرّ الربنامج املطبق يف كليات اإلهليات ونُظم تنظي ًام جديد ًا‪ ،‬وبحسب هذا القرار فقد‬
‫ألغيت السنة التمهيدية لدراسة اللغة العربية ومن ثم أصبحت اللغة العربية مادة تُدرس‬
‫كسائر املواد األخرى بالكلية‪ .‬وبعد اثنتي عرشة سنة من هذا القرار‪ ،‬وحتديدً ا بداية من‬
‫العام الدرايس ‪2010-2009‬م‪ُ .‬أعيدت السنة التمهيدية عىل نحو إجباري لدراسة‬
‫اللغة العربية يف كلية اإلهليات(‪ ،)2‬و ُط ّبق هذا القرار عىل ثامين كليات عىل النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬كلية اإلهليات بجامعة مرمرة بإسطنبول (‪،)İstanbul‬‬
‫‪ -2‬كلية اإلهليات بجامعة ألوداغ بربصا (‪،)Bursa‬‬
‫‪ -3‬كلية اإلهليات بجامعة صقريا بصقريا (‪،)Sakarya‬‬
‫‪ -4‬كلية اإلهليات بجامعة الثامن عرش من آذار بجنق قلعة (‪،)Çanakkale‬‬
‫‪ -5‬كلية اإلهليات بجامعة أرجياس بقيرصية (‪،)Kayseri‬‬

‫‪1- Suat Cebeci، “Cumhuriyet Döneminde Yüksek Din Öğretimi”، s. 231.‬‬


‫‪2- Mehmet Soysaldı، “Türkiye’deki İlahiyat Fakülteleri’nde Arapça Öğretiminde Karşılaşılan‬‬
‫‪Problemler ve Çözüm Yolları”، s. 249.‬‬

‫‪-188-‬‬
‫‪ -6‬كلية اإلهليات بجامعة أسكشهر عثامن غازي بأسكشهر (‪،)Eskişehir‬‬
‫‪ -7‬كلية اإلهليات بجامعة أتاتورك بأررضوم (‪،)Erzurum‬‬
‫‪ -8‬كلية اإلهليات بجامعة رجب طيب أردغان بِ ِرزا (‪.)Rize‬‬
‫وشهد عام ‪2010‬م واألعوام اآلتية التوسع يف افتتاح كليات اإلهليات يف جامعات‬
‫ُأخر يف مدن خمتلفة يف ربوع تركيا‪ ،‬وبذلك جتاوز عدد كليات اإلهليات اليوم ثامنني كلية‪.‬‬
‫ويف الصف التحضريي الذي فتح يف تلك الكليات اختذ قرار مبدئي حول منهج‬
‫تدريس اللغة العربية‪ ،‬وبحسب هذا القرار تكون الدراسة باللغة العربية بدون لغة‬
‫واسطة‪ .‬كام ّ‬
‫أن الدراسة يف سائر السنوات الدراسية بالكلية جيب أن تكون باللغة العربية‬
‫أيض ًا بنسبة ثالثني باملائة‪ ،‬وأرسل من أعضاء هيئة التدريس يف تلك الكليات الثامنية‬
‫نحو أربعني أستاذ ًا متخصصني يف أقسام التفسري واحلديث والفقه واألقسام األخرى‬
‫لتأهيلهم إللقاء املحارضات باللغة العربية إىل سوريا يف عطلة الصيف عام ‪2010‬م‪.‬‬
‫وبدأت كليات اإلهليات يف استقدام عدد من األساتذة العرب املتخصصني يف تدريس‬
‫اللغة العربية ليدرسوا اللغة العربية بداية من العام الدرايس ‪2010-2009‬م‪.‬‬
‫التعليم‬
‫سندرس حتت هذا العنوان مناهج تعليم اللغة العربية املطبقة يف كليات اإلهليات من‬
‫الناحية العملية دون اخلوض يف طرق التدريس من الناحية النظرية‪ ،‬و ُيقسم تعليم اللغة‬
‫العربية من خالل املناهج املطبقة يف كليات اإلهليات من الناحية العملية إىل فرتتني عىل‬
‫النحو اآليت‪:‬‬
‫الفرتة األوىل‪ :‬وهي الفرتة التي مل يدرس فيها طالب كلية اإلهليات السنة التحضريية‪،‬‬
‫وهذه الفرتة تنقسم إىل قسمني‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬ويشمل من الناحية الزمنية الفرتة الواقعة بني عام ‪1949‬م ‪ -‬والذي‬
‫شهد إنشاء كلية اإلهليات بجامعة أنقرة‪ ،‬والدراسة هبا مستمرة إىل يومنا هذا – وعام‬
‫‪1982‬م وهو العام الذي شهد حتويل املعاهد العليا للعلوم اإلسالمية ‪ -‬التي فتحت‬
‫أبواهبا للدارسني عام ‪1959‬م ‪ -‬إىل كليات حتت مسمى كليات اإلهليات‪.‬‬
‫وكانت الدراسة متتد هبذه املؤسسات إىل أربع سنوات ابتدا ًء من عام ‪1949‬م وحتى‬
‫عام ‪1982‬م‪ .‬و ُدرست اللغة العربية خالل هذه الفرتة مادة كسائر املواد‪ ،‬وكان الطالب‬

‫‪-189-‬‬
‫يدرس العربية حصتني يف األسبوع يف الفرتة املمتدة بني عامي ‪1949‬م ‪1953 -‬م‪.‬‬
‫وبداية من العام الدرايس ‪1954-1953‬م‪ .‬بدأ الطالب يدرسون العربية ‪ 8‬حصص يف‬
‫الصف األول و ‪ 6‬حصص يف الصف الثاين و ‪ 4‬حصص يف الصف الثالث و ‪ 6‬حصص‬
‫يف الصف الرابع أسبوعي ًا‪ .‬وكان برنامج املعاهد العليا للعلوم اإلسالمية األسبوعي‬
‫يتكون من ‪ 36‬حصة‪ ،‬وكانت مادة اللغة العربية تدرس كسائر املواد األخرى من دون‬
‫ختصيص سنة مستقلة هلا‪.‬‬
‫أما القسم الثاين فيمتد من عام ‪1997‬م ‪ -‬الذي ألغيت فيه السنة التحضريية إىل‬
‫ٍ‬
‫كسنة استهاللية‬ ‫عام ‪2009‬م‪ .‬وهو العام الذي أعيدت فيه السنة التحضريية جمددا‬
‫إجبارية عىل طالب كلية اإلهليات‪ ،‬وبحسب القرار الذي اختذه جملس التعليم العايل‬
‫عام ‪1997‬م تم تقسيم كلية اإلهليات إىل فرعني‪:‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫ويقوم بتأهيل طالبه للعمل يف رئاسة الشؤون الدينية الرتكية واملدارس الثانوية‬
‫املعروفة بثانويات األئمة واخلطباء‪ ،‬حيث يعمل طالب هذا الفرع بعد التخرج مدرسني‬
‫ملواد العلوم اإلسالمية كالتفسري واحلديث والفقه والعقيدة واملواد األخرى يف ثانوية‬
‫األئمة واخلطباء‪ ،‬وبإمكاهنم العمل يف رئاسة الشؤون الدينية الرتكية‪ .‬ويدرس الطالب‬
‫يف هذا الفرع العربية ‪ 12‬حصة يف الصف األول و ‪ 6‬حصص يف الصف الثاين‪ ،‬وحصتني‬
‫يف الصف الثالث أسبوعي ًا‪ ،‬ويف الصف الرابع ال يدرسون العربية‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫ويقوم بتأهيل طالبه لتدريس مادة الدين واألخالق يف املدارس االبتدائية واملتوسطة‪،‬‬
‫وطالب هذا الفرع يدرسون العربية ‪ 3‬حصص يف الصف األول وحصتني يف الصف‬
‫الثاين أسبوعي ًا‪ ،‬وال يدرسون العربية يف الصفني الثالث والرابع‪ ،‬ويعملون بعد التخرج‬
‫مدرسني للامدة املذكورة آنف ًا‪.‬‬
‫والفرتة الثانية‪ :‬وهي الفرتة التي كان يدرس فيها طالب كلية اإلهليات السنة‬
‫التحضريية‪ ،‬وهذه الفرتة تنقسم إىل قسمني أيض ًا‪:‬‬
‫القسم األول يبدأ يف تاريخ ‪1982‬م ‪ -‬الذي ُوضعت فيه السنة التحضريية ألول‬
‫مرة‪ -‬وينتهي يف تاريخ ‪1997‬م ‪ -‬والذي ألغيت فيه السنة التحضريية بالكلية‪ .‬أما‬

‫‪-190-‬‬
‫القسم الثاين فبدأ يف تاريخ ‪2009‬م الذي أعيدت فيه السنة التحضريية ويستمر إىل‬
‫يومنا هذا‪.‬‬
‫وبعد هذا التأريخ املخترص لكليات اإلهليات باجلامعات الرتكية يمكن أن نقسم‬
‫منهج تدريس اللغة العربية يف تلك الكليات إىل قسمني‪ ،‬ومها املنهج القديم واملنهج‬
‫احلديث‪.‬‬
‫املنهج القديم‬
‫طبق هذا املنهج من بداية تاريح تأسيس كلية اإلهليات بجامعة أنقرة عام ‪1949‬م‬
‫وحتى عام ‪2009‬م‪ .‬وهذه احلقبة الزمنية تشمل الفرتة األوىل والقسم األول من الفرتة‬
‫الثانية‪ ،‬ويمكن ذكر أبرز سامت املنهج القديم يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬الرتكيز عىل تعليم القواعد الرصفية والنحوية‪ :‬كان تعليم اللغة العربية يعتمد‬
‫عىل حفظ القواعد الرصفية والنحوية وبعض املفردات فحسب‪ ،‬حيث كان الطالب‬
‫حيفظ ما يقرر عليه‪ ،‬ثم ينسى ما حفظ فيام بعد‪.‬‬
‫‪ -2‬قراءة النص وفهمه‪ :‬كان املدرس يركز عىل قراءة النص املقرر وفهمه فحسب‪.‬‬
‫‪ -3‬الرتمجة‪ :‬بعد قراءة النص وفهم الطالب له كان املدرس يركز عىل ترمجة النص‬
‫من العربية إىل الرتكية‪.‬‬
‫‪ -4‬استخدام اللغة الوسيطة‪ :‬كان املدرس يركز عىل التدريس باللغة األم وليس‬
‫باللغة العربية‪ ،‬وبتعبري آخر كانت اللغة العربية تدرس بلغة أخرى!‬
‫‪ -5‬عدم االهتامم بمهاريت الكالم واالستامع‪ :‬كان املدرس ال هيتم بمهاريت الكالم‬
‫واالستامع‪ ،‬وليس من قبيل املبالغة القول بأن معظم مدريس مادة اللغة العربية أنفسهم‬
‫كانوا ال يستطيعون أن يقوموا بإجراء أسهل حوار ثنائي مع أهل اللغة العربية‪ ،‬كام أهنم‬
‫مل يستطيعوا أن يعربوا عن أنفسهم عن طريق الكتابة ولو بسطرين‪ ،‬كام كانوا ال يفهمون‬
‫إال القليل مما يسمعون‪ ،‬حيث انحرصت قدرات املدرس بقراءة نص مكتوب‪ ،‬وترمجته‬
‫إىل اللغة الرتكية فحسب‪.‬‬
‫‪ -6‬هدف تعليم اللغة العربية‪ :‬كان اهلدف من تعليم اللغة يف تلك الفرتة استخدامها‬
‫بوصفها وسيلة مساعدة لفهم املصادر اإلسالمية الرئيسة‪ ،‬وليس تعليم اللغة نفسها‬
‫بمهاراهتا األساسية‪.‬‬

‫‪-191-‬‬
‫املنهج احلديث‬
‫ُطبق هذا املنهج بداية من العام الدرايس ‪2010-2009‬م‪ .‬ومازال مطبق ًا حتى‬
‫اليوم‪ ،‬ويمكن ذكر أبرز سامت املنهج احلديث يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬اهلدف‪ :‬هيدف هذا املنهج إىل متكني الطالب من املهارات اللغوية األساسية‬
‫األربعة وهي االستامع والكالم والقراءة والكتابة بدون متييز بينها‪.‬‬
‫‪ -2‬االستامع‪ :‬يقوم املدرس بتسميع النص للطالب إما بنفسه أو عن طريق األجهزة‬
‫الوسيطة يف معامل اللغات مرة أو مرتني بحسب احلاجة‪ ،‬مراعيا استيعاب الطالب‬
‫للنص املسموع‪ ،‬وقياس فهمهم له عن طريق حتليله إلجاباهتم عن األسئلة امللحقة‬
‫بالنص‪.‬‬
‫‪ -3‬القراءة‪ :‬يقوم املدرس بتسميع النص املقروء للطالب إما بنفسه أو عن طريق‬
‫األجهزة الوسيطة مرة أو مرتني‪ ،‬ثم يطلب املدرس من الطالب القراءة بعد سامع النص؛‬
‫وذلك لتعويد الطالب تدرجيي ًا عىل القراءة برسعة مناسبة دون تلعثم‪ ،‬وتقويم النطق‪.‬‬
‫‪ -4‬رشح املفردات‪ :‬يقوم املدرس برشح معاين املفردات اجلديدة التي وردت يف‬
‫النص املقروء واملسموع‪ ،‬مراعي ًا أن يكون ذلك الرشح باللغة العربية مبسطا‪ ،‬ويقوم‬
‫ضمن ًا بتفصيل املفرد واجلمع واملرادف واملضاد هبدف تطعيم الطالب بمفردات جديدة‬
‫جيري التطرق إليها يف سياق الرشح‪ ،‬ثم يطلب املدرس بعد ذلك من الطالب أن يدخلوا‬
‫تلك املفردات اجلديدة يف مجل من إنشائهم‪.‬‬
‫‪ -5‬الكتابة‪ :‬يبدأ املدرس بتدريب الطالب عىل كتابة األحرف العربية يف خمتلف‬
‫حاالهتا وما يتصل بغريه منها وما ال يتصل‪ ،‬ثم يتدرج يف تدريب الطالب عىل رسم‬
‫الكلامت البسيطة متدرجا إىل كتابة اجلمل‪ ،‬مراعي ًا رشح القواعد التي حتكم وضع‬
‫عالمات الرتقيم عند الكتابة بالعربية‪ .‬وبعد هذه املرحلة ينتقل املدرس إىل تدريب‬
‫الطالب عىل قواعد اإلمالء والتعبري اإلنشائي متدرج ًا يف صعوبة املوضوعات بحسب‬
‫التقدم الذي حيرزه الطالب خالل العام الدرايس‪.‬‬
‫‪ -6‬الكالم‪ :‬يقوم املدرس بتدريب الطالب عىل الكالم‪ ،‬طالب ًا منهم بادئ ذي بدء‬
‫أن يقوموا بتكوين بعض اجلمل البسيطة‪ ،‬والسيام تلك التي يتكرر استخدامها يف احلياة‬
‫اليومية‪ ،‬وصوالً إىل التعبري الشفاهي عن مواقف بعينها يفرتض أن الطالب يمر هبا‬

‫‪-192-‬‬
‫كقيامه برحلة أو احلديث عن ُأرسته ‪ ...‬إلخ‪ ،‬مراعي ًا أن ينتقل الطالب تدرجيي ًا وعىل نحو‬
‫ال شعوري إىل مرحلة التفكري باللغة العربية‪ ،‬واالبتعاد التام عن عملية الرتمجة العقلية‬
‫باستخدام اللغة األم‪.‬‬
‫‪ -7‬التوسع يف استقدام األساتذة العرب املتخصصني يف اللغة العربية‪ :‬بدأت كليات‬
‫اإلهليات يف اجلامعات الرتكية يف السنوات األخرية بالتوسع باستقدام األساتذة العرب‬
‫املتخصصني يف اللغة العربية‪ ،‬وذلك وفق رؤية مؤداها أن تَـمكن الطالب من االتصال‬
‫املبارش بأهل اللغة هو أحد السبل الرئيسة إلتقان اللغة‪ ،‬وأن تدريس اللغة العربية‬
‫بواسطة أهلها يعمل عىل إكساب الطالب مزيدً ا من املهارة يف تقويم خمارج احلروف‪،‬‬
‫والتفكري باللغة‪ ،‬كام أن ذلك يعمل عىل احلد كثري ًا من تدخل اللغة الوسيطة يف عملية‬
‫تعلم اللغة‪.‬‬

‫اخلامتة‬
‫تناول هذا البحث تاريخ كليات اإلهليات برتكيا وتعليم اللغة العربية فيها‪ ،‬وتطور‬
‫املناهج املطبقة يف تدريس اللغة العربية يف تلك الكليات من الناحية العملية‪ ،‬وتوصل‬
‫البحث إىل النتائج اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬يمكن القول إن كلية اإلهليات بجامعة أنقرة التي أنشئت عام ‪1949‬م‪ .‬هي‬
‫الكلية األوىل بني كليات اإلهليات برتكيا؛ إذ استمر التدريس فيها منذ تأسيسها وحتى‬
‫اليوم ‪ -‬دون انقطاع ‪ -‬إذ إن الكليات التي فتحت هبذا االسم أو بأسامء أخرى قبل‬
‫كلية اإلهليات بجامعة أنقرة أوصدت أبواهبا يف وجه الدارسني ومل تستمر الدراسة فيها‬
‫ألسباب خمتلفة‪.‬‬
‫‪ُ -2‬أنشئت معاهد عىل غرار كلية اإلهليات يف مدن خمتلفة محلت اسم «املعهد العايل‬
‫للعلوم اإلسالمية» بداية من العام الدرايس ‪ 1960 -1959‬م‪.‬‬
‫‪ُ -3‬ح ّولت املعاهد العالية للعلوم اإلسالمية إىل كليات بقانون التعليم العايل‬
‫الصادر برقم ‪ 2547‬يف اليوم السادس من ترشين الثاين من عام ‪1982‬م‪ .‬ثم فتحت‬
‫كليات جديدة يف اجلامعات األخرى تطبق الربنامج نفسه وزاد عدد كليات اإلهليات‬
‫عىل عرشين كلية‪ .‬وبعد عام ‪2010‬م‪ .‬فتحت كليات أخرى يف مدن خمتلفة وجتاوز عدد‬
‫كليات اإلهليات يف ربوع تركيا اليوم ثامنني كلية‪.‬‬

‫‪-193-‬‬
‫‪ -4‬إن طريقة تعليم اللغات األجنبية يف تركيا ضعيفة بشكل عام‪ ،‬ومن بينها اللغة‬
‫العربية‪ ،‬ومن ثم فهي بحاجة ماسة إىل التطوير حتى يتأهل الطالب باملهارات اللغوية‬
‫األساسية وهي االستامع واملحادثة والقراءة والكتابة‪.‬‬
‫‪ -5‬يمكن أن تقسم مناهج تعليم اللغة العربية املطبقة يف كليات اإلهليات من الناحية‬
‫العملية إىل قسمني‪ ،‬ومها املنهج القديم واملنهج احلديث‪ ،‬كان املنهج القديم يعتمد عىل حفظ‬
‫القواعد الرصفية والنحوية وبعض الكلامت فقط‪ ،‬وال هيتم بمهاريت الكالم واالستامع‪،‬‬
‫وطبق هذا املنهج بداي ًة من تاريح تأسيس كلية اإلهليات بجامعة أنقرة عام ‪1949‬م إىل‬
‫عام ‪2009‬م‪ .‬وعىل النقيض يسعى املنهج احلديث إىل متكني الطالب من املهارات اللغوية‬
‫األساسية األربع وهي‪ :‬االستامع والكالم والقراءة والكتابة دون متييز بينها‪ ،‬وقد طبق هذا‬
‫املنهج بداية من العام الدرايس ‪2010-2009‬م‪ .‬ومازال مطبق ًا حتى اليوم‪.‬‬

‫املراجع‬
‫‪Ahmet Bostancı، “İlahiyat Fakültelerinde Arapça Öğretiminde Kullanılan‬‬
‫‪Ders Kitapları ve Diğer Araç-Gereçlerin Tespit ve Analizi”، Sakarya‬‬
‫‪Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، Sayı: 11، 2005، s. 6.‬‬

‫”‪Ersoy Taşdemirci، “Medreselerin Doğuş Kaynakları ve İlk Zamanları‬‬


‫‪Erciyes Üniversitesi Sosyal Bilimler Enstitüsü Dergisi، Sayı: 2، 1988، s. 273.‬‬

‫‪Mehmet Soysaldı، “Türkiye’deki İlahiyat Fakülteleri’nde Arapça‬‬


‫‪Öğretiminde Karşılaşılan Problemler ve Çözüm Yolları”، Ekev Akademi‬‬
‫‪Dergisi، Sayı: 45، 2010، s. 248.‬‬

‫‪Münir Koştaş، “Ankara Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dünü Bugünü”،‬‬


‫‪Ankara Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، (Özel Sayı)، 1999، s. 149-151.‬‬

‫‪Suat Cebeci، “Cumhuriyet Döneminde Yüksek Din Öğretimi”، Ankara‬‬


‫‪Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، (Özel Sayı)، 1999، s. 228.‬‬

‫‪-194-‬‬
‫تعليم اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‬

‫د‪ .‬ابراهيم شعبان‬


‫أستاذ مشارك يف قسم اللغة العربية بجامعة إسطنبول‬

‫من اجلدير بالذكر أن تعليم اللغة العربية يف تركيا له تاريخ طويل قديم موغل يف‬
‫القدم‪ .‬وقد َي َّم َم األتراك وجهتهم صوب اللغة العربية‪ ،‬واهتموا بتعلمها‪ ،‬بعد أن‬
‫اعتنقوا الدين اإلسالمي‪ ،‬وقد زاد هذا االهتامم يف عهد كل من السالجقة والعثامنيني‪.‬‬
‫ونتيجة هلذا بدأ العثامنيون تعليم اللغة العربية بدال من الرتكية يف املدارس التي افتتحوها‪.‬‬
‫ونشأ وظهر عدد من العلامء األتراك كتبوا وألفوا عددا كبريا من املؤلفات املكتوبة باللغة‬
‫العربية‪ ،‬نتيجة االهتامم بتعليم العربية بشكل كبري حتى فرتة ركود وانحطاط الدولة‬
‫العثامنية‪ .‬لكن كان لركود الدولة العثامنية أثره الكبري عىل تعليم العربية‪ ،‬إذ تأثرت بذلك‬
‫بشكل واضح‪ .‬وبعد تأسيس اجلمهورية الرتكية يف العام ‪ ،1923‬انحرص تعليم اللغة‬
‫العربية عىل الكليات واملدارس الدينية مثل كليات اإلهليات‪ ،‬واملدارس التقليدية التي‬
‫كانت موجودة يف العرص العثامين وتدرس القرآن والعلوم اإلسالمية والعربية‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك بدأ تدريس اللغة العربية وآداهبا يف مؤسسات التعليم العايل غري الدينية ككليات‬
‫األداب وغريها‪ ،‬والزالت موجودة حتى اآلن فيها‪.‬‬

‫‪-195-‬‬
‫ويمكننا أن نعرض فيام ييل أهم مؤسسات التعليم العايل التي تدرس فيها‬
‫اللغة العربية‪:‬‬
‫الكليات التي تدرس العلوم اإلسالمية‪:‬‬
‫وتسمى هذه الكليات بكليات اإلهليات أو كليات العلوم اإلسالمية يف اجلامعات‬
‫الرتكية‪ ،‬وهى تضم عددا من األقسام حتت مسميات خمتلفة مثل قسم اإلهليات‪ ،‬وقسم‬
‫األديان املنترشة وتعاليمها‪ ،‬وقسم األديان يف العامل‪ ،‬وقسم إعداد مدريس الثقافة الدينية‬
‫واملعلومات األخالقية‪ .‬وتقوم تلك الكليات بتدريس العلوم اإلسالمية يف أربع‬
‫سنوات‪ ،‬وذلك بعد سنة متهيدية تبلغ عدد الساعات فيها ‪ 25‬ساعة دراسية‪.‬‬
‫وبلغ عدد تلك الكليات يف العام ‪ 44 ،2012‬كلية‪ ،‬بينام كان عددها ‪ 25‬فقط‬
‫يف العام ‪ .2009‬كام بلغ عدد الطالب املسجلني يف الفرقة األوىل من تلك الكليات‬
‫‪ 12796‬طالبا يف العام ‪ ،2012‬يف حني كان ذلك العدد ‪ 6730‬طالبا يف العام ‪.2009‬‬
‫وفضال عن تلك الكليات توجد معاهد قبل الليسانس مدهتا عامان تدرس فيها‬
‫العلوم اإلسالمية والعربية يف كليات التعليم املفتوح يف جامعتي «األناضول» بوالية‬
‫«أسكي شهر» وسط تركيا‪ ،‬وجامعة «أتاتورك» بوالية «أررضوم» رشقي تركيا‪.‬‬
‫ويسجل يف تلك املعاهد خرجيو مدارس اآلئمة واخلطباء بدون أي رشوط‪ ،‬ومن ثم‬
‫يدرس أالف من الطالب يف تلك املعاهد التي تتسع لـ‪ 15000‬طالب‪ .‬وبعد خترج‬
‫الطالب من تلك املعاهد‪ ،‬يدخلون امتحانا‪ ،‬وبناء عىل نتائجه يلتحقون بالصف الثالث‬
‫من كليات اإلهليات مبارشة إن اجتازوه‪ .‬وكان عدد الطالب الذين التحقوا من تلك‬
‫املعاهد بالفرقة الثالثة من كليات اإلهلايات املختلفة ‪ 144‬طالبا فقط يف العام ‪،2009‬‬
‫لكن يف العام ‪ 2012‬وصل ذلك العدد إىل ‪ 4462‬طالبا‪ .‬وفيام ييل عرض لبعض‬
‫اجلداول املتعلقة ببعض البيانات عن كليات اإلهليات الرتكية التي يدرس فيها حاليا‬
‫‪ 50000‬ألف تقريبا ‪:‬‬

‫السنة‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬

‫عدد الكليات‬ ‫‪25‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪-196-‬‬
‫عدد كليات اإلهليات حسب السنوات‪:‬‬

‫السنة‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫اإلمجايل‬

‫عدد الطالب‬ ‫‪6730‬‬ ‫‪9155‬‬ ‫‪10450‬‬ ‫‪12796‬‬ ‫‪39131‬‬

‫عدد الطالب املقيدين بالفرقة األوىل من كليات اإلهليات حسب السنوات‪:‬‬

‫السنة‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬

‫عدد الطالب‬ ‫‪144‬‬ ‫‪527‬‬ ‫‪4685‬‬ ‫‪4462‬‬

‫عدد الطالب امللتحقني بالفرقة الثالثة من كليات اإلهليات بعد خترجهم من املعاهد‬
‫التابعة لكليات التعليم املفتوح‪ ،‬وذلك حسب السنوات ‪.‬‬
‫أقسام اللغة العربية يف الكليات العادية غري الدينية يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬وذلك مثل‬
‫كليات «األداب»‪ ،‬وكليات «اآلداب والعلوم»‪ ،‬وكلية «اللغة والتاريخ واجلغرافيا»‪،‬‬
‫وكلية «الرتبية» بجامعة «غازي»‪ .‬وفيام ييل عرض للكليات واجلامعات التي توجد هبا‬
‫تلك األقسام‪:‬‬
‫شعبة اللغة العربية وآداهبا‪ ،‬قسم اللغات الرشقية وآداهبا بكلية اآلداب ‪-‬‬
‫جامعة اسطنبول‪:‬‬
‫قبل احلديث عن قسم اللغة العربية بكلية اآلداب جامعة اسطنبول‪ ،‬رأينا أنه ستكون‬
‫هناك فائدة لتقديم بعض املعلومات البسيطة عن اجلامعة‪ ،‬فجامعة اسطنبول أول جامعة‬
‫تركية‪ ،‬بل إهنا من أول عرش جامعات أوروبية ُأسست بمعنى اجلامعة املتعارف عليه‬
‫يف الوقت احلارض‪ ،‬ويعود تاريخ إنشاء تلك اجلامعة إىل العام ‪ 1453‬الذي فتح فيه‬
‫السلطان حممد الفاتح اسطنبول‪ ،‬وأسس حينها ما يسمى بمدارس «آيا صوفيا» و»زيرك»‬
‫التي تعد نواة تأسيس تلك اجلامعة العريقة‪ .‬ومرت تلك اجلامعة بعدة مسميات خمتلفة‬
‫حتى وصلت لألسم املتعارف عليه اآلن‪ ،‬ففي العام ‪ 1470‬كانت تسمى «كلية الفاتح»‬
‫والتي أنشأها حممد الفاتح بجوار مسجده بمدينة اسطنبول‪ ،‬وتضم عددا من املدارس‬
‫املختلفة بمرفقاهتا‪ ،‬ويف عام ‪ 1846‬أصبح اسم تلك اجلامعة «دار الفنون»‪ ،‬ثم أصبح‬
‫يف العام ‪« 1870‬دار الفنون العثامنية»‪ ،‬ثم دار الفنون السلطانية» يف العام ‪ ،1874‬ثم‬

‫‪-197-‬‬
‫«دار الفنون الشاهانية» يف العام‪ ،1900‬ثم «دار فنون اسطنبول» يف العام ‪ ،1911‬ويف‬
‫األول من شهر أب‪/‬أغسطس من العام ‪ 1933‬أصبح اسمها «جامعة اسطنبول» الذي‬
‫مازالت عليها منذ ذلك احلني وحتى اآلن‪ .‬وهى حتتل مكانا يف قائمة أفضل ‪500‬‬
‫جامعة عىل مستوى العامل‪.‬‬
‫وكانت اللغة العربية تدرس يف تلك اجلامعة منذ بدايتها وحتى العام ‪ 1938‬كامدة‬
‫ضمن مناهج العلوم اإلسالمية واالجتامعية واألدبية‪ ،‬وبعد ذلك التاريخ استقلت‬
‫وأصبحت شعبة قائمة بذاهتا مندجمة مع اللغة الفارسية‪ ،‬تسمى شعبة «اللغة العربية‬
‫والفارسية»‪ ،‬وكانت تدرس يف تلك الشعبة اللغتني العربية والفارسية وآداهبام‪ .‬وبعد‬
‫العام ‪ 1963‬انفصلت اللغة العربية عن الفارسية‪ ،‬وأصبحت شعبة مستقلة بذاهتا حتت‬
‫اسم شعبة «اللغة العربية»‪ ،‬وبد ًء من العام ‪ 1981‬أصبح اسمها شعبة «اللغة العربية‬
‫وآداهبا» وهو اسمها املتعارف عليه حاليا‪.‬‬
‫ومدة الدراسة يف هذا القسم أربع سنوات‪ ،‬تسبقها سنة متهيدية يشرتط اجتيازها‬
‫بنجاح حتى يتسنى دخول الفرقة األوىل من القسم الذي يدرس فيه الطالب عىل فرتتني‬
‫هنارية وليلية‪ ،‬طالب الفرتة األوىل يكون التدريس هلم بالنهار من الثامنة صباحا حتى‬
‫اخلامسة مساء‪ ،‬أما طالب الفرتة الثانية يأتون بالليل وذلك من الساعة اخلامسة مساء‬
‫حتى احلادية عرش ليال‪،‬ومن يتخرجون من القسم بعد األربع سنوات يمكنهم العمل‬
‫كمدرسني للغة العربية يف املدارس‪ ،‬أو مرتمجني يف العديد من الرشكات اخلاصة‪ ،‬أو يف‬
‫السياحة أو يف اخلارجية وغريها‪.‬‬
‫ويبلغ عدد الطالب يف مرحلة الليسانس بفرتتيها الليلية والنهارية ‪ 600‬طالب تقريبا‬
‫يف العام الدرايس احلايل ‪ ،2013-2012‬منهم ‪ 366‬طالبا بالفرتة النهارية‪ ،‬و‪ 234‬طالبا‬
‫بالفرتة الليلية‪ .‬أما عدد الطالب يف مرحلة الدراسات العليا يف العام احلايل ايضا‪ ،‬فيبلغ‬
‫‪ 26‬طالبا‪ ،‬منهم ‪ 23‬طالبا يف مرحلة املاجستري‪ ،‬و‪ 3‬طالب يف مرحلة الدكتوراة‪.‬‬
‫ويبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس ومعاونيه بالقسم ‪ 8‬منهم ثالثة أساتذة‪ ،‬وأستاذ‬
‫مشارك‪ ،‬و‪ 2‬أستاذ مساعد‪ ،‬ومعيدان‪.‬‬

‫‪-198-‬‬
‫شعبة اللغة العربية وآداهبا – قسم اللغات الرشقية وآداهبا – كلية اللغة‬
‫والتاريخ واجلغرافيا – جامعة أنقرة‬
‫تأسست شعبة اللغة العربية وآداهبا كوحدة مستقلة عىل اعتبار أهنا من «اللغات‬
‫احلية»‪ ،‬بكلية اللغة والتاريخ واجلغرافيا يف العام الدرايس ‪ 1941-1940‬بدأت تلك‬
‫الشعبة استقبال الطالب حتت اسم «زمرة اللغة العربية وآداهبا»‪ ،‬لكن بني عامي ‪1943‬‬
‫‪ 1970 -‬أصبح اسمها «قسم لغات الرشق الكالسيكية»‪ ،‬واعتبارا من العام ‪،1970‬‬
‫اصبح اسمها «كريس اللغة العربية وآداهبا»‪ ،‬وظلت عىل ذلك االسم يف العام ‪،1980‬‬
‫لكن بعد ذلك أصبحت شعبة حتمل االسم احلايل «اللغة العربية وآداهبا»‪.‬‬
‫والدراسة هبذه الشعبة يف مرحلة الليسانس أربع سنوات‪ ،‬وليست هناك سنة متهيدية‪،‬‬
‫وبلغ عدد الطالب هبا يف العام احلايل ‪ 242‬طالبا يف مرحلة الليسانس‪ ،‬و‪ 10‬طالب يف‬
‫مرحلة املاجستري‪ ،‬و‪ 5‬يف مرحلة الدكتوراة‪.‬‬
‫وبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم هبذه الشعبة يف العام ‪ 8 ،2013‬من‬
‫األعضاء‪ ،‬من بينهم ‪ 3‬اساتذة‪ ،‬وواحد أستاذ مشارك‪ ،‬وواحد مدرس لغة‪ ،‬و‪ 3‬معيدين‪.‬‬
‫شعبة اللغة العربية وآداهبا – قسم اللغات الرشقية وآداهبا‪ -‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة أتاتورك بمحافظة أررضوم‬
‫أسست شعبة اللغة العربية وآداهبا بكلية اآلداب بجامعة أتاتورك يف العام ‪،1968‬‬
‫وبدأ التدريس فيها عىل مستوى الليسانس يف العام الدرايس ‪ .1975-1974‬ويف العام‬
‫‪ 1983‬استقلت اللغة العربية وآداهبا بذاهتا‪ ،‬وكذلك اللغة الفارسية‪ ،‬وبدأ يدرسان‬
‫برامج خمتلفة عن بعضهام البعض‪ ،‬وذلك داخل قسم اللغات الرشقية وآداهيا‪.‬‬
‫والدراسة هبذه الشعبة يف مرحلة الليسانس أربع سنوات‪ ،‬وليست هناك سنة متهيدية‪،‬‬
‫وبلغ عدد الطالب هبا يف العام احلايل ‪ 319‬طالبا يف مرحلة الليسانس‪ ،‬و‪ 44‬طالبا يف‬
‫مرحلة املاجستري‪ ،‬و‪ 27‬يف مرحلة الدكتوراة‪.‬‬
‫وبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم هبذه الشعبة يف العام ‪12 ،2013‬‬
‫من األعضاء‪ ،‬من بينهم ‪ 5‬أساتذة‪ ،‬وواحد أستاذ مشارك‪ ،‬وواحد أستاذ مساعد‪ ،‬و‪5‬‬
‫معيدين‪.‬‬

‫‪-199-‬‬
‫شعبة اللغة العربية وآداهبا – قسم اللغات األجنبية بكلية الرتبية – جامعة‬
‫غازي – أنقرة‪:‬‬
‫لقد تأسست هذه الشعبة يف العام ‪ ،1948‬من أجل تلبية احتياجات التعليم املتوسط‬
‫الرتكي من تعلم اللغة العربية‪ ،‬وبدأت الشعبة يف نفس العام الذي ُأسست فيه قيد‬
‫الطالب الراغبني يف تعلم العربية‪ .‬ومدة الدراسة أربع سنوات تسبقها سنة متهيدية‪،‬‬
‫البد أن جيتازها كل من يريد االلتحاق بالفرقة األوىل من مرحلة الليسانس‪ ،‬أو أن جيتاز‬
‫امتحان الكفاءة يف اللغة العربية الذي يعادل هذه السنة التمهيدية‪ .‬واملتخرجون من هذه‬
‫الشعبة يعملون كمدرسني للغة العربية يف املدارس الرتكية‪.‬‬
‫ويبلغ عدد الطالب هبا يف العام احلايل ‪ 232‬طالبا يف مرحلة الليسانس‪ ،‬و‪ 87‬طالبا‬
‫يف مرحلة املاجستري‪ ،‬و‪ 14‬يف مرحلة الدكتوراة‪.‬‬
‫ويبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم هبذه الشعبة يف العام ‪ 9 ،2013‬من‬
‫األعضاء‪ ،‬من بينهم أستاذ واحد‪ ،‬وأستاذ مشارك‪ ،‬وأستاذ مساعد‪ ،‬و‪ 3‬معيدين‪ ،‬و‪3‬‬
‫مدريس لغة‪.‬‬
‫شعبة اللغة العربية وآداهبا – قسم اللغات الرشقية وآداهبا – كلية اآلداب –‬
‫جامعة سلجوق – قونيا‬
‫تأسست هذه الشعبة يف العام ‪ ،1987-1986‬وبدأت يف نفس العام قيد الطالب‬
‫الراغبني يف الدراسة هبا‪ ،‬ومدة مرحلة الليسانس هبا أربع سنوات‪ ،‬وال توجد هبا سنة‬
‫متهيدية‪.‬‬
‫ويبلغ عدد الطالب هبا يف العام احلايل ‪ 298‬طالبا يف مرحلة الليسانس‪ ،‬و‪ 24‬طالبا‬
‫يف مرحلة املاجستري‪ ،‬و‪ 9‬يف مرحلة الدكتوراة‪.‬‬
‫ويبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم هبذه الشعبة يف العام ‪ 10 ،2013‬من‬
‫األعضاء‪ ،‬من بينهم أستاذان‪ ،‬وأستاذ مشارك‪ ،‬وأستاذان مساعدان‪ ،‬و‪ 5‬معيدين‪.‬‬
‫شعبة اللغة العربية وآداهبا – قسم اللغات الرشقية وآداهبا – كلية العلوم‬
‫واآلداب – جامعة دجلة – ديار بكر‬
‫تأسست هذه الشعبة يف العام ‪ ،1997-1996‬وبدأت يف نفس العام قيد الطالب‬

‫‪-200-‬‬
‫الراغبني يف الدراسة هبا‪ ،‬وتوقفت الدراسة بتلك الشعبة من العام ‪ ،2001‬وحتى العام‬
‫‪ ،2008‬لكنها عاودت للدراسة مرة ثانية يف العام الدرايس ‪ ،2009-2008‬وبلغت‬
‫عدد طالهبا حينها ‪ 31‬طالبا‪ .‬ومدة مرحلة الليسانس هبا أربع سنوات‪ ،‬وال توجد هبا‬
‫سنة متهيدية‪.‬‬
‫ويبلغ عدد الطالب هبا يف العام احلايل ‪ 200‬طالبا يف مرحلة الليسانس‪ ،‬وطالب‬
‫واحد يف مرحلة املاجستري‪ ،‬وال يوجد طالب مقيدون حاليا يف مرحلة الدكتوراة‪.‬‬
‫ويبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم هبذه الشعبة يف العام ‪ 3 ،2013‬من‬
‫األعضاء‪ ،‬من بينهم أستاذ مشارك‪ ،‬وأستاذان مساعد‪ ،‬ومعيد واحد فقط‪.‬‬
‫شعبة اللغة العربية وآداهبا – قسم اللغات الرشقية وآداهبا – كلية العلوم‬
‫واآلداب – جامعة ‪ 7‬ديسمرب – كِلِس‬
‫تأسست يف العام ‪ ،2010‬وبدأت العملية التعليمية هبا بـ‪ 19‬طالبا يف العام الدرايس‬
‫‪ ،2011 – 2010‬وجترى الدراسة هبا حاليا يف الفرق األوىل‪ ،‬والثانية‪ ،‬والثالثة‪ ،‬ومدة‬
‫الليسانس هبا أربع سنوات بدون سنة متهيدية‪.‬‬
‫ويبلغ عدد الطالب هبا يف العام احلايل ‪ 105‬طالبا يف مرحلة الليسانس‪ ،‬منهم ‪8‬‬
‫سوروين‪ ،‬وال يوجد طالب مقيدون حاليا يف مرحلتي املاجستري والدكتوراة‪.‬‬
‫ويبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم هبذه الشعبة يف العام ‪ 4 ،2013‬من‬
‫األعضاء‪ ،‬من بينهم أستاذ مساعد‪ ،‬ومعيدان‪ ،‬ومدرس لغة سوري اجلنسية‪.‬‬
‫شعبة الرتمجة العربية – قسم اللغات الرشقية وآداهبا – كلية العلوم واآلداب‬
‫– جامعة ‪ 7‬ديسمرب – قرييق قلعه‬
‫تأسست يف العام الدرايس ‪ ،2012-2011‬وبدأت العملية التعليمية هبا يف نفس‬
‫العام الذي تأسست فيه وذلك بـ‪ 140‬طالبا يف مرحلة الليسانس‪ ،‬و‪ 10‬طالب يف‬
‫مرحلة املاجستري‪ ،‬يف حني ال يوجد طالب مقيدون حاليا يف مرحلة الدكتوراة‪.‬‬
‫ويبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم هبذه الشعبة يف العام ‪ 3 ،2013‬من‬
‫األعضاء‪ ،‬من بينهم أستاذ مشارك‪ ،‬وأستاذ مساعد‪ ،‬ومعيد‪.‬‬
‫يشار أن نفس االمعة أسس هبا برنامج «اللغة العربية وآداهبا‪ ،‬والذي اسس يف العام‬
‫‪ ،1993‬لكنه حتى اآلن مل يتم قيد أي طالب به حتى اآلن‪.‬‬

‫‪-201-‬‬
‫شعبة الرتمجة العربية – قسم علم الرتمجة – كلية العلوم واآلداب – جامعة‬
‫أوقان – اسطنبول‬
‫تعد جامعة أوقان أول جامعة خاصة تركية‪ ،‬تفتح برناجما للرتمجة العربية‪ ،‬ويعد هذا‬
‫الربنامج أول برنامج يفتح يف هذا املجال يف تركيا بصفة عامة‪ ،‬وكان ذلك يف العام‬
‫الدرايس ‪ .2010-2009‬وجترى الدراسة هبا حاليا يف الفرق األوىل‪ ،‬والثانية‪ ،‬والثالثة‪،‬‬
‫وهبا ‪ 90‬طالبا تقريبا بمرحلة الليسانس‪.‬‬
‫عدد أعضاء‬
‫تاريخ تأسيس‬ ‫عدد طالب‬ ‫عدد طالب عدد طالب‬
‫اسم اجلامعة‬ ‫هيئة التدريس‬
‫القسم‬ ‫الليسانس‬ ‫الدكتوراة املاجستري‬
‫ومعاونيهم‬
‫اللغة العربية‬
‫وآداهبا‪/‬جامعة‬ ‫‪1938‬‬ ‫‪600‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪8‬‬
‫اسطنبول‬
‫اللغة العربية‬
‫وآداهبا‪/‬جامعة‬ ‫‪1940‬‬ ‫‪242‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪8‬‬
‫أنقرة‬
‫اللغة العربية‬
‫وآداهبا‪/‬جامعة‬ ‫‪1974‬‬ ‫‪319‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪12‬‬
‫أتاتور‪ /‬أررضوم‬

‫قسم تدريس اللغة‬


‫العربية ‪/‬جامعة‬ ‫‪1984‬‬ ‫‪232‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪9‬‬
‫غازي‪/‬أنقرة‬

‫اللغة العربية‬
‫وآداهبا‪/‬جامعة‬ ‫‪1986‬‬ ‫‪298‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪10‬‬
‫سلجوق‪/‬قونيا‬

‫اللغة العربية‬
‫وآداهبا‪/‬جامعة‬ ‫‪1996‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬
‫دجلة‪ /‬ديار بكر‬

‫‪-202-‬‬
‫اللغة العربية‬
‫وآداهبا‪/‬جامعة ‪7‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪4‬‬
‫ِ‬
‫ديسمرب‪/‬ك ِلس‬

‫قسم الرتمجة‬
‫العربية‪ /‬جامعة‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬
‫قرييق قلعه‬

‫قسم الرتمجة‬
‫العربية‪ /‬جامعة‬
‫‪2009‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫أوقان اخلاصة‪/‬‬
‫اسطنبول‬

‫اإلمجايل‬ ‫‪2226‬‬ ‫‪199‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪56‬‬

‫أعداد الطالب الذين يدرسون اللغة العربية يف تركيا بجميع مراحلها الليسانس‪،‬‬
‫واملاجستري والدكتوراة يف تركيا‪ ،‬يف العام الدرايس ‪ ،2013-2012‬وذلك غىل جانب‬
‫أعداد أعضاء هيئة الرتديس ومعاونيهم يف الفرتة ذاهتا‬
‫لقد حظيت اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬باهتامم بالغ يف السنوات األخرية‪ ،‬السيام بعد رفع‬
‫التأشريات بني تركيا ومعظم دول الرشق األوسط‪ ،‬وزيادة العالقات بينهم يف املجاالت‬
‫االقتصادية والتجارية والثقافية والسياحية‪ .‬ومن ثم ظهرت حاجة كبرية إىل من يعرفون‬
‫اللغة العربية ليكونوا بمثابة حلقة وصل تربط بني املجتمعات بعضها ببعض‪ .‬األمر‬
‫الذي وجه العديد من اجلامعات الرتكية إىل فتح أقسام للغة العربية وآداهبا‪ ،‬وأقسام‬
‫أخرى للرتمجة العربية يف كلياهتا املختلفة سواء أكانت كليات لآلداب فقط‪ ،‬أو أخرى‬
‫للعلوم واآلداب كام بينا عاليه‪ .‬وفضال عن هذا وضعت اللغة العربية كامدة اختيارية‬
‫ضمن مفردات مناهج بعض الكليات األخرى‪ ،‬لكنا ال تقبل طالبا لدراستها‪ ،‬وذلك‬
‫لعدم كفاية أعضاء هيئة التدريس هبا‪ .‬ومع هذا‪ ،‬فإن هناك بعض األساتذة الذين تركوا‬
‫أماكنهم التي كانوا يعملون هبا يف اجلامعات السابق ذكرها‪ ،‬وذهبوا للعمل يف األقسام‬
‫املفتوحة جديدا لتعليم اللغة العربية‪ .‬األمر الذي سيساعد إىل زيادة أعداد الطالب‬
‫الراغبة يف تعلم اللغة العربية إىل أعداد أكرب‪.‬‬

‫‪-203-‬‬
‫وحسبام سيوضح اجلدول اآليت عرضه واملتعلق بعملية قيد الطالب الراغبني يف تعلم‬
‫اللغة العربية‪ ،‬وذلك حسب السنوات‪ ،‬فإننا سنرى كيف زاد االهتامم باللغة العربية‬
‫عاما تلو العام‪ .‬فبينام كانت سعة األماكن املخصصة لدراسة اللغة العربية يف اجلامعات‬
‫الرتكية يف الفرقة األوىل يف العام ‪ ،2002‬حوايل ‪ 130‬طالبا فقط‪ ،‬نراها قد وصلت يف‬
‫العام ‪ 2012‬إىل ‪ 677‬طالبا‪ .‬وهذا األمر يوضج بشكل جىل مدى زيادة االهتامم الكبري‬
‫باللغة العربية‪ .‬وال جرم أن هناك مؤرشات توضح أن اإلهتامم باللغة العربية سيزيد‬
‫بشكل أكرب‪ ،‬وذلك مثل إدراج مادة اللغة العربية ضمن املواد االختيارية التي تدرس يف‬
‫العديد من الكليات األخرى مثل كليات االقتصاد واالتصاالت واهلندسة‪ ،‬وغريها من‬
‫الكليات األخرى‪ ،‬وفتح أقسام للغة العربية يف جامعات أخرى غري اجلامعات التسعة‬
‫التي عرضناها سابقا‪ ،‬وانتقال أساتذة من أقسام اللغة العربية املعروفة إليها‪.‬‬
‫جدول توضيحي لسعة األقسام العربية من حيث عدد الطالب يف السنوات املختلفة‬

‫اجلامعة‬ ‫الكلية‬ ‫القسم‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬

‫اللغة العربية‬
‫اسطنبول‬ ‫اآلداب‬
‫وآداهبا‬ ‫‪45‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪50‬‬
‫(هناري)‬

‫اللغة العربية‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫وآداهبا (لييل)‬

‫اللغة العربية اللغة والتاريخ‬


‫أنقرة‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬
‫واجلغرافيا‬ ‫وآداهبا‬

‫أتاتورك‬ ‫العلوم‬ ‫اللغة العربية‬


‫‪30‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬
‫واآلداب‬ ‫وآداهبا‬

‫اللغة العربية‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫وآداهبا (لييل)‬

‫تدريس اللغة‬
‫غازي‬ ‫الرتبية‬ ‫‪25‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬
‫العربية‬

‫‪-204-‬‬
‫اجلامعة‬ ‫الكلية‬ ‫القسم‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬

‫اللغة العربية‬
‫سلجوق‬ ‫اآلداب‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪40‬‬
‫وآداهبا‬

‫اللغة العربية‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫وآداهبا (لييل)‬

‫دجلة‬ ‫اللغة العربية‬


‫اآلداب‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫وآداهبا‬

‫اللغة العربية‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫وآداهبا (لييل)‬

‫‪ 7‬ديسمرب‬ ‫العلوم‬ ‫اللغة العربية‬


‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫كلس‬ ‫واآلداب‬ ‫وآداهبا‬

‫الرتمجة‬
‫قريق قلعه‬ ‫العلوم‬
‫بالعربية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫واآلداب‬
‫(هناري)‬

‫الرتمجة‬
‫بالعربية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫(لييل)‬

‫العلوم‬ ‫الرتمجة باللغة‬


‫أوقان اخلاصة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫واآلداب‬ ‫العربية‬

‫اإلمجايل‬ ‫‪130‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪190‬‬

‫‪-205-‬‬
‫اجلامعة‬ ‫الكلية‬ ‫القسم‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬

‫اللغة العربية‬
‫اسطنبول‬ ‫اآلداب‬
‫وآداهبا‬ ‫‪60‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪60‬‬
‫(هناري)‬

‫اللغة العربية‬
‫‪-‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪60‬‬
‫وآداهبا (لييل)‬

‫اللغة العربية اللغة والتاريخ‬


‫أنقرة‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬
‫واجلغرافيا‬ ‫وآداهبا‬

‫اجلامعة‬ ‫الكلية‬ ‫القسم‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬

‫أتاتورك‬ ‫العلوم‬ ‫اللغة العربية‬


‫‪50‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪55‬‬
‫واآلداب‬ ‫وآداهبا‬

‫اللغة العربية‬
‫‪-‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪-‬‬
‫وآداهبا (لييل)‬

‫تدريس اللغة‬
‫غازي‬ ‫الرتبية‬ ‫‪50‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬
‫العربية‬

‫اللغة العربية‬
‫سلجوق‬ ‫اآلداب‬ ‫‪45‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪50‬‬
‫وآداهبا‬

‫اللغة العربية‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪50‬‬
‫وآداهبا (لييل)‬

‫دجلة‬ ‫اللغة العربية‬


‫اآلداب‬ ‫‪30‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪55‬‬
‫وآداهبا‬

‫اللغة العربية‬
‫‪-‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪-‬‬
‫وآداهبا (لييل)‬

‫‪-206-‬‬
‫اجلامعة‬ ‫الكلية‬ ‫القسم‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬

‫‪ 7‬ديسمرب‬ ‫العلوم‬ ‫اللغة العربية‬


‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪19‬‬
‫كلس‬ ‫واآلداب‬ ‫وآداهبا‬

‫الرتمجة‬
‫قريق قلعه‬ ‫العلوم‬
‫بالعربية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫واآلداب‬
‫(هناري)‬

‫الرتمجة‬
‫بالعربية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫(لييل)‬

‫العلوم‬ ‫الرتمجة باللغة‬


‫أوقان اخلاصة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪30‬‬
‫واآلداب‬ ‫العربية‬

‫اإلمجايل‬ ‫‪275‬‬ ‫‪245‬‬ ‫‪440‬‬

‫اجلامعة‬ ‫الكلية‬ ‫القسم‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬

‫اسطنبول‬ ‫اآلداب‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬


‫‪60‬‬ ‫‪67‬‬
‫(هناري)‬

‫اللغة العربية وآداهبا (لييل)‬ ‫‪60‬‬ ‫‪67‬‬

‫اللغة والتاريخ‬
‫أنقرة‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫‪30‬‬ ‫‪47‬‬
‫واجلغرافيا‬

‫أتاتورك‬
‫العلوم واآلداب‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫‪55‬‬ ‫‪62‬‬

‫اللغة العربية وآداهبا (لييل)‬ ‫‪-‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪-207-‬‬
‫اجلامعة‬ ‫الكلية‬ ‫القسم‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬

‫غازي‬ ‫الرتبية‬ ‫تدريس اللغة العربية‬ ‫‪40‬‬ ‫‪47‬‬

‫سلجوق‬ ‫اآلداب‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫‪50‬‬ ‫‪57‬‬

‫اللغة العربية وآداهبا (لييل)‬ ‫‪50‬‬ ‫‪57‬‬

‫اجلامعة‬ ‫الكلية‬ ‫القسم‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬

‫دجلة‬
‫اآلداب‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫‪55‬‬ ‫‪62‬‬

‫اللغة العربية وآداهبا (لييل)‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 7‬ديسمرب‬
‫العلوم واآلداب‬ ‫اللغة العربية وآداهبا‬ ‫‪47‬‬ ‫‪30‬‬
‫كلس‬

‫قريق قلعه‬
‫العلوم واآلداب‬ ‫الرتمجة بالعربية (هناري)‬ ‫‪30‬‬ ‫‪36‬‬

‫الرتمجة بالعربية (لييل)‬ ‫‪30‬‬ ‫‪36‬‬

‫العلوم واآلداب أوقان اخلاصة‬ ‫الرتمجة باللغة العربية‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬

‫اإلمجايل‬ ‫‪520‬‬ ‫‪677‬‬

‫‪-208-‬‬
‫أن العديد من التطورات حدثت يف جمال تعليم اللغة العربية يف‬ ‫وأشري هنا إىل ّ‬
‫اجلامعات الرتكية بعد كتابتنا هلذه الدراسة يف عام ‪ .2013‬فعىل سبيل املثال يف تركيا‬
‫اليوم ‪ 28‬قسماً للغة العربية‪ ،‬وما يقارب ‪ 100‬كلية إهليات(علوم إسالمية)‪ ،‬لكن هذه‬
‫الكليات كلها ال‪ ‬تقبل الطالب بسبب عدم كفاية اهليئة التدريسية يف‪ ‬بعضها‪ .‬ومع هذا‬
‫فإن عدد األقسام والكليات التي قبلت طال ًبا ليس بقليل‪ .‬فقي العام الدرايس ‪-2014‬‬
‫‪ُ 2015‬قبل الطلبة يف ‪ 12‬قسام للغة العربية و‪ 67‬كلية إهليات‪ ،‬أما يف العام الدرايس‬
‫‪  2016 -2015‬فقد‪ ‬تم قبل الطلبة يف ‪ 16‬قسماً للغة العربية و‪ 78‬كلية لإلهليات‪  .‬‬
‫لقد كان عدد املقاعد يف أقسام اللغة العربية يف العام الدرايس‪-2014 ‬‬
‫‪ 830  2015‬مقعدا‪ ،‬أما يف العام الدرايس ‪  2017 -2016‬فقد وصل عدد املقاعد‬
‫فيها إىل ما يقارب ‪ 1200‬مقعد‪.‬‬
‫كذلك احلال يف كليات اإلهليات فقد كان عدد املقاعد فيها يف العام الدرايس ‪-2014‬‬
‫‪ 2015‬ما يقارب ‪ 15500‬مقعد‪ .‬أما يف العام الدرايس ‪ 2017-2016‬فقد وصل عدد‬
‫املقاعد إىل ما يقارب ‪ 16150‬مقعدً ا‪.‬‬
‫يف األعوام املقبلة‪ ،‬ومع ازدياد عدد أعضاء اهليئة التدريسية‪ ،‬ستبدأ األقسام التي مل‬
‫تقبل طالبا سابقا بالقبول‪ ،‬وستؤسس أقسام جديدة‪ ،‬وستعلم اللغة العربية يف العديد‬
‫من اجلامعات‪.‬‬
‫املجالت والدوريات املحكمة‪:‬‬
‫تنرش املقاالت اخلاصة باللغة العربية وآداهبا يف جمالت املعاهد والكليات التي توجد‬
‫هبا أقسام اللغة العربية بصفة عامة‪ ،‬لكن مع هذا هناك ثالث جمالت حمكمة تقوم بنرش‬
‫املقاالت العلمية اخلاصة باللغات الرشقية وآداهبا‪ ،‬وعىل رأسها مقاالت عن اللغة‬
‫العربية وآداهبا‪ .‬وهذه املجالت الثالثة‪ :‬رشقيات‪ ،‬ونسخة‪ ،‬والرشق‪.‬‬

‫جملة «رشقيات جمموعايس» ‪Istanbul Journal Of Oriental Studies /‬‬


‫هي جملة دولية حمكمة يصدرها مركز الدراسات الرشقية بكلية اآلداب جامعة‬
‫اسطنبول منذ عام ‪ ،1956‬تصدر مرتان يف العام‪ ،‬وتنرش فيها األبحاث والدراسات‬
‫املتعلقة بالعلوم الرشقية وتأيت يف مقدمتها اللغات واآلداب العربية والفارسية واألردية‬
‫والصينية‪ .‬وثلث العدد تنرش فيه مقاالت باللغة العربية واالنغليزية والفارسية واألوردية‪.‬‬

‫‪-209-‬‬
‫وآخر عدد صدر من تلك املجلة التي يرشف عليها ويديرها الدكتور إبراهيم شعبان‪،‬‬
‫هو العدد احلادي والعرشين‪ .‬ويمكن الوصول إىل األبحاث والدراسات املنشورة بتلك‬
‫املجلة عىل شبكة املعلومات الدولية عن طريق الرابط اآليت‪:‬‬
‫‪www.iudergi.com/tr/index.php/edebiyatsarkiyat/‬‬

‫جملة «نسخة»‪ :‬جملة الدراسات الرشقية ‪A journal of Oriental Studies /‬‬


‫جملة حمكمة بدأ إصدارها يف العام ‪ 2002‬بقرار من أساتذة كل من قسم اللغة العربية‬
‫وآداهبا بجامعة أنقرة‪ ،‬وقسم تدريس اللغة العربية بجامعة غازي‪ .‬وهي تصدر مرتان‬
‫يف العام‪ .‬وتنرش فيها األبحاث والدراسات املتعلقة بالعلوم الرشقية وتأيت يف مقدمتها‬
‫اللغات واآلداب العربية والفارسية واألردية والصينية‪ .‬ويمكن الوصول إىل األبحاث‬
‫والدراسات املنشورة بتلك املجلة عىل شبكة املعلومات الدولية عن طريق الرابط اآليت‪:‬‬
‫‪http://www.doguedebiyati.com/nusha.htm‬‬

‫جملة «الدراسات الرشقية»‪A Journal of Oriental Studies /‬‬


‫جملة دولية حمكمة‪ ،‬بدأ إصدارها يف العام ‪ ،2008‬تصدر مرتان يف العام‪ ،‬ويصدرها‬
‫الربوفيسور دكتور‪ /‬عيل غوزال يوز أحد أعضاء هيئة التدريس بقسم اللغة العربية‬
‫وآداهبا بكلية اآلداب جامعة اسطنبول‪ .‬وبدأت منذ تاريخ إصارها بشكليها املطبوع‬
‫واإللكرتوين‪ ،‬وآخر عدد صدر منها‪ ،‬كان العدد العارش الذي ظهر يف العام ‪.2012‬‬
‫ويمكن الوصول إىل األبحاث والدراسات املنشورة بتلك املجلة عىل شبكة املعلومات‬
‫الدولية عن طريق الرابط اآليت‪:‬‬
‫‪http://www.doguedebiyati.com/doguarastirmalari.htm‬‬

‫أطروحات املاجستري والدكتوراة‬


‫تسجل أطروحات املاجستري والدكتوراة املتعلقة باللغة العربية وآداهبا‪ ،‬يف كليات‬
‫اإلهليات‪ ،‬واقسام اللغة العربية وآداهبا بكلية اآلداب يف اجلامعات الرتكية‪ .‬وقدمت‬
‫حوايل ‪ 198‬أطروحة ماجستري‪ ،‬و‪ 122‬أطروحة دكتوراة يف الفرتة املمتدة من العام‬
‫‪ ،1956‬وحتى العام ‪ ،2002‬ومن العام ‪ 2003‬وحتى العام ‪ 2012‬قدمت حوايل‬
‫‪ 184‬أطروحة ماجستري‪ ،‬و‪ 50‬أطروحة دكتوراة‪ .‬وجتدر اإلشارة إىل أن أكثر من ثلثي‬
‫تلك األطروحات نوقشت وأعدت يف أقسام اللغة العربة وآداهبا بالكليات املختلفة‪،‬‬
‫والبقية يف كليات اإلهليات‪.‬‬

‫‪-210-‬‬
‫والسواد األعظم من تلك األطروحات تناولت موضوعات عن قواعد اللغة‬
‫العربية وبالغتها‪ ،‬فضال عن القيام بدراسات أدبية عىل بواكري أعامل األدب العريب‪ ،‬من‬
‫حيث األراء واجلوانب الفنية املختلفة التي اشتملت عليها تلك األثار‪ ،‬هذا باإلضافة‬
‫إىل حتقيق عدة خمطوطات متعلقة باللغة العربية وآداهبا‪.‬‬
‫الكتب التي تدرس يف تعليم اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‪:‬‬
‫استمرت كليات اإلهليات وأقسام اللغة العربية وآداهبا يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬يف‬
‫تدريس العديد من الكتب العربية التعليمية املختلفة يف السنوات التمهيدية‪ ،‬وذلك‬
‫مثل «العربية للحياة»‪ ،‬و«العربية للناشئني»‪ ،‬و«دروس اللغة العربية»‪ ،‬و«دروس‬
‫اللغة العربية لغري الناطقني هبا»‪ ،‬و«الكتاب األسايس»‪ .‬واستمرت يف تدريس تلك‬
‫الكتب حتى إىل ما قبل عدة سنوات‪ ،‬لكن مع هذا أصبح كتاب «العربية بني يديك»‬
‫األكثر تدريسا من بني تلك الكتب‪ .‬وبعد املرحلة التمهيدية تدرس العديد من الكتب‬
‫واملؤلفات األخرى سواء التي ألفها أساتذة أتراك يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬أو تلك التي‬
‫ألفها كتاب عرب وأجانب‪ .‬وجدير بالذكر أن هناك العديد من الكتب املعدة لتدريس‬
‫اللغة العربية وتعليمها‪ .‬إال أن معظم هذه الكتب مازالت بعيدة جدا عن مستوى الكتب‬
‫التعليمية األخرى التي تستخدم يف تعليم لغات أخرى‪ .‬ناهيك عن أن هذه الكتب يف‬
‫معظمها ال حتتوي عىل األسس العلمية الالزمة يف تعليم العربية لألتراك بصفة خاصة‪.‬‬
‫ومن ثم كانت ثمة حاجة ماسة إىل برامج مناسبة للطالب األتراك‪ ،‬وإىل معامل متطورة‬
‫خاصة بتطوير املهارات اللغوية لدهيم‪ .‬‬
‫أساليب تعليم اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‬
‫تطبق أساليب متعددة يف تعليم اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬من أكثرها الرشح‬
‫والسؤال واجلواب وحل املشاكل ومعامل اللغة وتطبيقاهتا‪ ،‬فضال عن إعطاء واجبات‬
‫للطالب؛ وذلك من أجل الوصول إىل اهلدف املراد من الدروس واملوضوعات التي يتم‬
‫تدريسها‪ .‬وأغلب املواد الدراسية يف مناهج تعليم اللغة العربية يف تركيا تتعلق بالقواعد‬
‫النحوية والرتمجة والنصوص وتاريخ األدب وذلك مثل‪ :‬النحو والرصف والرتمجة من‬
‫العربية للرتكية وتاريخ األدب العريب والقواعد والنصوص‪ .‬ويطبق أسلوب أو منهج‬
‫الرشح يف تلك الدروس واملواد‪ ،‬وأحيانا يلجأ عضو هيئة التدريس إىل تطبيق أساليب‬

‫‪-211-‬‬
‫أخرى حسبام يرتأى له‪ .‬ويتم الرتكيز عامة عىل القواعد اللغوية من تلك األساليب‪.‬‬
‫وتشغل الدروس املتعلقة بمحادثة اللغة العربية مدة زمنية تقدر بساعتني أو أربعة يف‬
‫االسبوع‪ ،‬من إمجايل ‪ 18‬ساعة القيمة اإلمجالية يف االسبوع لبقية الدروس‪ .‬لكن لألسف‬
‫فإن املعامل وتطبيقاهتا التي تساعد بشكل كبري عىل تطوير مهارات التلفظ والتواصل‪،‬‬
‫يتم استخدامها بشكل قليل للغاية‪.‬‬
‫املعوقات واملشاكل يف تعليم اللغة العربية يف تركيا‪:‬‬
‫عدم وجود املعامل اللغوية أو ورشات العمل اخلاصة بتعليم اللغة العربية‬
‫قلة املعدات التي تساعد عىل تعلم العربية‪ ،‬بشكل كاف وذلك مثل الكتب وأقراص‬
‫الصوت والفيديو لتعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‬
‫قلة أعضاء هيئة التدريس يف أقسام اللغة العربية‬
‫عدم وجود الكوادر العلمية املتخصصة باللغة العربية من الدول العربية‬
‫قلة الساعات املخصصة للمحادثة باللغة العربية‬
‫قلة العالقات بني اقسام اللغة العربية وآداهبا يف تركيا‪ ،‬مع مثيالهتا باجلامعات‬
‫املوجودة يف البلدان العربية وغريها من البلدان األخرى‬
‫املقرتحات‪:‬‬
‫توفري إمكانية دعوة األساتذة وأعضاء هيئة التدريس األتراك‪ ،‬للمشاركة يف الندوات‬
‫واملؤمترات العلمية التي تنظم سنويا يف البلدان العربية‪ ،‬مما سيتيح هلم ذلك التعرف‬
‫بزمالئهم من تلك البلدان‪ ،‬وتبادل األفكار والرؤى معهم حول العديد من القضايا‪.‬‬
‫عقد دورات تدريبية للطالب الدارسني للغة العربية وثقافتها يف تركيا ويف آي مكان‬
‫آخر خارج البلدان العربية‬
‫إرسال أساتذة وأعضاء هيئة تدريس اللغة العربية إىل أقسام اللغة العربية وآداهبا‬
‫املوجودة خارج البلدان العربية‪ ،‬وذلك لإلستفادة منهم يف هذا املجال‪.‬‬
‫رضورة تأسيس معامل لغوية او ورشات العمل خاصة بتعليم اللغة العربية و فق‬
‫آخر التقنيات احلديثة‬
‫رضورة تزويد أقسام اللغة العربية وآداهبا املوجودة خارج البلدان العربية باملصادر‬
‫العربية والصحف واملجالت والدوريات العربية الالزمة‪ ،‬وذلك بصفة دورية‬
‫رضورة إقامة معارض خارج البلدان العربية لعرض الكتب والوسائل التعليمية‬
‫التي تفيد يف تعليم اللغة العربية لألجانب ‪.‬‬

‫‪-212-‬‬
‫املصادر واملراجع‬
Abdullah Atıf، Tanzimattan Cumhuriyet’e Arapça Öğretimi (kaynaklar
ve yöntemler)، Marmar Üniversitesi Sosyal Bilimler Enstitüsü Basılmamış
Doktora Tezi، İstanbul 2002.

Derya Adalar، “Son On Yılda Arap Dili Ve Edebiyatı Anabilim Dalı


(1998–2008)”، Cumhuriyet Ve Dil Ve Tarih Coğrafya Fakültesi Uluslararası
Sempozyumu، Ankara Üniversitesi، Ankara، 14-16 Mayıs 2008، s. 215-227.

Hasan Soyupek، İkinci Meşrutiyetten Günümüze Türkiye’de Arapça


Öğretimi،(Basılmamış Doktora Tezi)، Süleyman Demirel Üniversitesi Sosyal
Bilimler Enstitüsü، İsparta 2004.

İnci Koçak “Kuruluşundan 1970 Yılına Kadar DTCF Arap Dili ve


Edebiyatı Anabilim Dalı”، Türkiye’de Sosyal Bilimlerin Gelişmesi ve Dil ve
Tarih-Coğrafya Fakültesi Sempozyumu، Bildiriler، 1998، 249-254.

M. Vecih Uzunoğlu، Türkiye’de Arap Dili Alanında Yapılan Yüksek


Lisans ve Doktora Tezleri (1956-2002)، NÜSHA، YIL: III، SAYI: 8، KIŞ
2003، s. 7-32.

Mahmud Karaca، Türkiye`de Yükseköğretim Kurumlarında Arapça


Öğretimi (İlahiyat Fakülteleri Örneği)، Dnş: Erol Ayyıldız، Uludağ Üniversitesi
2000.

Rahmi Er، “Arap Dili Ve Edebiyatının 1970 yılından Günümüze Dek


Olan Bilimsel Etkinlikleri” Ankara، 24-26 Nisan 1996، S. 249-266.
http://edebiyat.istanbul.edu.tr/?p=53
http://edebiyat.selcuk.edu.tr/web/dogu-dil/ana%20bilim%20dallari/
Arap%20Dili/index.htm

-213-
http://fakulteler.atauni.edu.tr/edebiyat/anabilim_detay.php?x=Doğu%20
Dilleri%20ve%20Edebiyatı&srn=1

http://fef.kilis.edu.tr/bolum/797911/Genel%20Bilgiler/sayfa/2866/tarihce

http://gef.gazi.edu.tr/posts/download?id=29308

http://gef-yabancidiller-arapdili.gazi.edu.tr/posts/view/title/ogretim-
personel-30141

http://www.dicle.edu.tr/fakulte/fen/dda/bolum.htm

http://www.dtcf.ankara.edu.tr/arapdili.html

http://www.istanbul.edu.tr/

http://www.kku.edu.tr/fened.htm

http://www.osym.gov.tr

-214-
‫تعليم العرب ّية الف�صحى للطلبة الأتراك‪:‬‬
‫جامعة بارطن منوذجا‬
‫أ‪.‬د يعقوب جيولك د‪ .‬حممود قدوم‬
‫جامعة بارطن ‪ -‬تركيا‬

‫مقدّ مة‪:‬‬
‫حتظى اللغة العربية بمكانة سن َّي ٍة يف قلوب املسلمني سواء أكانوا من الناطقني هبا أم‬
‫رشف به‬ ‫ولعل أهم أسباب بلوغ هذه املكانة ذلك الترشيف الذي ّ‬ ‫من الناطقني بغريها‪ّ ،‬‬
‫رسل للناس كافة يف القرآن الكريم‬ ‫وجل هذه اللغة؛ حيث جعلها لغة وحيه ا ُمل َ‬ ‫عز ّ‬ ‫اهلل ّ‬
‫واحلديث النبوي الرشيف‪ ،‬كام تك ّفل اهلل تعاىل بحفظ هذه اللغة املقرتنة بكتابه الكريم‬
‫يف قوله تعاىل‪:‬ﱯ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﱮ‪.‬‬
‫وانترش تعليم اللغة العرب ّية يف ترك ّيا خالل العرشين سنة أخرية؛ نتيجة ملركز ترك ّيا يف‬
‫تطور العالقات بني ترك ّيا والبالد‬ ‫الرشق األوسط وقرهبا من البالد العرب ّية‪ ،‬إضافة إىل ّ‬
‫العرب ّية يف املجاالت السياس ّية واالقتصاد ّية والثقاف ّية والتجار ّية‪ ،...‬ممّا أ ّثر يف ازدياد عدد‬
‫(‪)1‬‬
‫اخلاصة التي تع ّلم العرب ّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أقسام اللغة العرب ّية يف اجلامعات الرتك ّية وظهور املعاهد‬
‫أن اللغة العربية يف اجلمهورية الرتكية حتظى بقدر عظيم من االهتامم‬ ‫يظهر من ذلك ّ‬
‫والعناية هبا‪ ،‬سواء عىل املستوى الرسمي أم املجتمعي‪ ،‬وال عجب يف ذلك فالعربية‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬أمحد الدياب‪ ،‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العرب ّية واملقرتحات‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬إرشاف موسى‬
‫يلدز‪ ،‬جامعة أنقرة‪ ،2012 ،‬ص‪.30-29‬‬

‫‪-215-‬‬
‫لغة القرآن الكريم والسنة النبوية‪ ،‬فال يمكن دراسة العلوم اإلسالمية دراسة صحيحة‬
‫إال بتعلم اللغة العربية‪ ،‬فآالف الطالب يقبلون عىل دراستها كل عام‪ ،‬كام هو احلال‬
‫يف كليات الرشيعة وأصول الدين املعروفة بكليات اإلهليات‪ ،‬باإلضافة إىل العديد من‬
‫الدوافع األخرى لدراسة العربية يف تركيا‪ ،‬سواء كانت اقتصادية أم سياسية أم ثقافية‪.‬‬
‫ويتوزع تعليم العربية يف تركيا يف مراكز تعليمية متعدّ دة عىل رأسها اجلامعات‬
‫الرسمية‪ ،‬تليها مدارس األئمة واخلطباء ثم املراكز الرسمية التابعة للجامعات ثم املراكز‬
‫اخلريية التابعة إما ملؤسسات الديانة‪ ،‬أو املستقلة كوقف خاص يتبع إلحدى اجلامعات‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وأخريا املعاهد اخلاصة‪.‬‬
‫وتتوزع اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية يف ثالثة مستويات‪:‬‬
‫املستوى األول‪:‬‬
‫كل ّيات خاصة لتدريس اللغة العربية من أدب وتعليم وترمجة‪.‬‬
‫املستوى الثاين‪:‬‬
‫ُدرس اللغة العربية يف السنة التحضري ّية لفهم مواد الرشيعة‪.‬‬
‫كل ّيات الرشيعة التي ت ّ‬
‫املستوى الثالث‪:‬‬
‫كل ّيات تضع اللغة العربية كامدة اختيار ّية أو إجبار ّية‪ ،‬وتكون مساعدة يف دراساهتم‬
‫األساسية‪ ،‬نحو كليات التاريخ والعالقات الدولية وغريها‪.‬‬
‫ولعل من مظاهر االهتامم باللغة العربية يف تركيا أيضا تدشني حمطات التلفزة الناطقة‬
‫باللغة العربية‪ ،‬وإقامة املسابقات الرسمية وغري الرسمية عىل مدار العام ليتبارى طالب‬
‫املدارس يف آداب العربية وفنوهنا‪ ،‬وتوجيه فئة من الطالب الدارسني يف كلية اإلهليات‬
‫يف الصفوف التحضريية لدراسة اللغة العربية يف األردن أو السعود ّية أو مرص أو غريها‬
‫من الدول العربية املناسبة لذلك‪.‬‬
‫ويناقش هذا البحث عددا من التجارب والتطبيقات التي اتّبعها الباحثان يف تعليم‬
‫العرب ّية للناطقني بغريها يف اجلامعات الرتك ّية «جامعة بارطِن أنموذجا»‪ ،‬وفق املباحث‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.112‬‬

‫‪-216-‬‬
‫املبحث األول‪:‬‬
‫تعليم العربية الفصحى‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫تعليم العربية الفصحى يف جامعة بارطِن‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪:‬‬
‫جتربة الباح َثينْ يف تعليم العربية الفصحى يف جامعة بارطِن‪.‬‬

‫املبحث األول‪:‬‬
‫تعليم العرب ّية الفصحى‪:‬‬
‫يتضح اختيار اللغة العربية الفصحى لغ ًة للتعليم يف األمور اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬العرب ّية الفصحى هي املفتاح للثقافة اإلسالمية والعربية؛ كوهنا تتيح ملتعلمها‬
‫االطالع عىل كم حضاري هائل‪ ،‬هذا باإلضافة إىل أهنا من أقوى الروابط والصالت‬
‫(‪)1‬‬
‫بني املسلمني؛ وذلك ألهنا من أهم مقومات الوحدة بني املجتمعات‪.‬‬
‫‪-2‬تتميز اللغة العربية الفصحى بالثراء اللغوي فهي متتلك وسائل كثرية تزيد‬
‫من قدرهتا يف التواصل والتعبري وتعمل عىل حتقيق وظائفها التي أشار إليها اجلاحظ‬
‫بقوله ‪ «:‬للعرب أمثال واشتقاقات وأبنية وموضع كالم يدل عندهم عىل معانيها‬
‫وإراداهتم فإذا نظر يف الكالم ويف رضوب من العلم وليس هو من أهل هذا الشأن‬
‫(‪)2‬‬
‫هلك وأهلك»‪.‬‬
‫‪-3‬ترتبط اللغة العربية الفصحى بالعقيدة اإلسالمية ارتباطا وثيقا مما يوجب العلم‬
‫بأحواهلا ومعرفة أرسارها وقوانينها‪ ،‬ويف ذلك يقول فخرالدين الرازي‪«:‬ملا كان املرجع‬
‫إىل معرفة رشعنا إىل القرآن واألخبار ومها واردان بلغة العرب ونحوهم وترصيفهم‬
‫(‪)3‬‬
‫كان العلم برشعنا عىل العلم هبذه األمور»‪.‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬عبد اهلل التطاوي‪ ،‬حول اللغة العربية والسياق الثقايف‪ ،‬دار الثقافة‪2002 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.41‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬اجلاحظ‪ ،‬أبو عمرو عثامن بن بحر‪ ،‬احليوان‪ ،‬دار اهلالل‪ ،‬بريوت‪ ،1997 ،‬ج‪ ،1‬ص‪.154‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬فخر الدين الرازي‪ ،‬املحصول يف علم أصول الفقه‪ ،‬حتقيق طه جابر فياض العلواين‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.275‬‬

‫‪-217-‬‬
‫‪-4‬تتميز اللغة العربية الفصحى بامتالكها ملؤهالت وطاقات هائلة بالغية‬
‫ال عن اعتامدها عىل جذور متناسقة يف االشتقاق‬‫ونحوية وداللية وصوتية ورصفية فض ً‬
‫والترصيف‪.‬‬
‫‪-5‬للغة العربية الفصحى خصائص تركيبية دقيقة وصفها متام حسان بقوله‪ «:‬فهذه‬
‫اخلصائص مبان للمعاين‪ ،‬وللمعاين غايات هلا فتغرس يف نفس العريب إيامنا بعظمة لغته‬
‫وإدراكا لطاقاهتا التعبريية وإمكاناهتا التصويرية وتعرفه بأرسار خلودها وأسباب بقائها‬
‫(‪)1‬‬
‫ومتيزها»‪.‬‬
‫ولذلك يرى الباحثان أمهية اخـتيار اللغة العربية الفصحى منطلقا لتعليم العربية‬
‫للناطقني هبا وللناطقني بغريها‪ ،‬واالبتعاد عن استخدام العام ّية وفقا لألسباب العلمية‬
‫والعملية واملنهجية اآلتية(‪:)2‬‬
‫‪-1‬ختتلف العام ّية من بلد إىل بلد بل ومن منطقة إىل منطقة يف كل قطر عريب‪ ،‬وإنام‬
‫هي صورة أو صور من الكالم حتمل يف ثناياها فوارق عديدة واختالفات شتى‪ ،‬سواء‬
‫يف احلروف أو النطق أو الرتاكيب الكالمية بحيث ختلو من خاصة الوحدة اللغوية التي‬
‫متثل العرب من حيث املجموع كأمة واحدة‪ ،‬ومن هنا تعجز هذه العاميات عن سدّ‬
‫حاجات املتعلمني األجانب يف اإلطار العريب العام‪ ،‬وتظهر هذه النتيجة واضحة حينام‬
‫ينتقل املتعلم األجنبي من بلد عريب إىل آخر بل ومن منطقة إىل أخرى يف دولة عربية‬
‫واحدة‪.‬‬
‫‪-2‬إن الفصحى هي التي تلبي أغراض املتعلمني األجانب وتويف بحاجاهتم عىل‬ ‫ّ‬
‫املدى البعيد والنطاق الواسع بحيث ال يصعب عليهم االستامع إىل أي عريب ويف أي بلد‬
‫والتفاهم معه يف صورة موحدة أو شبه موحدة‪ ،‬وال يتعبون يف فهم العاميات املختلفة‬
‫ذات السامت املحلية اخلاصة ببلد عريب دون آخر‪ ،‬وأما الفروق الصوتية واالختالفات‬
‫يف نطق بعض احلروف فيستطيع املتعلم األجنبي املتمكن يف اللغة العربية الفصحى‬
‫العامة أن يدرك تلك الفروق بمجرد أن يستمع إىل الكلمة أو اجلملة منطوقة يف إطار‬

‫حسان‪ ،‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.29‬‬


‫‪ -1‬ينظر‪ :‬متام ّ‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬حمي الدين األلوائي‪ ،‬الطريقة املثىل لتعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬موقع جامعة أم القرى ‪https://uqu.‬‬
‫‪ ،edu.sa/maszahrani/ar/25115‬ونقصد بالفصحى التي نرومها يف تعليم العربية للناطقني بغريها «فصحى العرص»؛‬
‫إذ هي الصيغة األسهل تناوال واألقرب مناال بحكم قرهبا الزمني ومعايشتها ملجاالت احلياة اليومية‪.‬‬

‫‪-218-‬‬
‫القواعد العامة‪ ،‬وأما العاميات فيحتاج الدارسون األجانب لفهمها إىل أن يتعرفوا عىل‬
‫املفردات والرتاكيب املختلفة مع حتديد بيئة وبلد كل منها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-3‬إن اختيار العامية أو اللهجات املختلفة لتعليم العربية لغري الناطقني هبا يضعنا‬
‫أمام مشكلة كربى عملية؛ إذ إن العاميات واللهجات ذات صور متعددة يف الوطن‬
‫العريب كإطار عام‪ ،‬فأي عامية أو هلجة نختارها للتعليم العام؟ فمثال‪ :‬هل العامية‬
‫املرصية؟ أم اجلزائرية؟ أم العراقية؟ وما إىل ذلك‪ ،‬وهذه التساؤالت تدل عىل صعوبة‬
‫أو استحالة هذه املهمة‪ ،‬ولو اخرتنا نظام تقديم بعض اللهجات العامية إىل جانب‬
‫الفصحى أو الفصحى ملجموعة والعامية ألخرى فإن املنهج يؤدي إىل اضطراب يف‬
‫العملية التعليمية‪ ،‬وعرقلة الستمرار الوحدة املنهجية للتعليم يف مراحله املختلفة‪ ،‬ولو‬
‫اخرتنا عامية لسبب من األسباب أو نظرا لظروف خاصة ملجموعة من املتعلمني فتكون‬
‫فائدهتا مقترصة عىل فرتات زمنية حمدودة يف بيئات عربية ضيقة ضمن حاالت معينة‪،‬‬
‫وال حيقق هدفهم العام بعيد املدى من تعلم اللغة العربية‪.‬‬
‫‪-4‬اللغة العربية الفصحى هي الوعاء احلقيقي للقرآن والسنة والعلوم اإلسالمية‪،‬‬
‫فإن الدارسني للغة العربية من أجل فهم القرآن والعلوم اإلسالمية سيواجهون‬
‫مشكالت أساسية كربى ومتعددة لو قدمنا إليهم اللهجات العامية أو اخلليط منها ومن‬
‫الفصحى‪.‬‬
‫‪-5‬يعدّ اختيار الفصحى منطلقا لتعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا خدمة‬
‫عظيمة لإلسالم واملسلمني فإن الفصحى هي دعامة كربى لوحدة الكيان العامل العريب‬
‫واإلسالمي وفيه أيضا خدمة ملقوماته الدينية والثقافية واالجتامعية والسياسية‪ ،‬وإن‬
‫اختيار الفصحى يف مجيع مراحل التعليم فيه إنصاف لواقـع العامل العريب الذي ينتظـم‬
‫حتت إطـار واحد من العقيدة والدين واللغة والثقافة والتاريخ واملوقـع اجلغرايف‬
‫واملصري بصفة عامة‪ ،‬وإن يف تقديم العامية يف التعليم أو العمل لنرشها جمـانبة للصواب‬
‫وخمالفة للواقـع املحسوس‪ ،‬وأضف إىل ذلك أن اللغة العربية الفصحى إنام هي مهزة‬
‫الوصل ونقطـة االلتقاء بني أبناء العامل العريب ومئات املاليني من املسلمني يف البلدان‬
‫غري العربية بصفة كوهنا لغة القرآن ولغة العبادات ولغة العلوم اإلسالمية‪.‬‬

‫‪-219-‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫تعليم العربية الفصحى يف جامعة بارطِن‪:‬‬
‫يتمثل تعليم اللغة العربية يف جامعة بارطِن يف كل ّية العلوم اإلسالم ّية‪ ،‬وهي إحدى‬
‫الكليات احلكومية يف تركيا تعرف أيضا باسم كلية أصول الدين أو كلية اإلهليات مدة‬
‫ُدرس فيها اللغة العربية ماد ًة أساسية يف‪ ‬السنة األوىل‬
‫الدراسة فيها مخس سنوات‪ ،‬ت َّ‬
‫التحضريية‪.‬‬
‫وقد افتتحت أوىل كليات العلوم اإلسالم ّية يف تركيا يف أنقرة عام ‪1949‬م‪ .‬وبدء ًا‬
‫من العام الدرايس ‪1960-1959‬م افتُتِ َحت جمموعة من املعاهد العالية اإلسالمية‪،‬‬
‫التي كانت تستقبل الطلبة املتخرجني يف ثانويات األئمة واخلطباء (الثانويات الرشعية)‪،‬‬
‫وكانت الدراسة فيها تستمر ألربع سنوات حولت إىل مخس بعد انقالب ‪1981‬م‪،‬‬
‫عىل أن تكون السنة األوىل حتضريية‪ .‬وكانت سنة ‪1983‬م مفصلية يف تاريخ كليات‬
‫العلوم اإلسالم ّية؛ إذ صدر فيها قرار بتحويل هذه املعاهد إىل كليات تلحق باجلامعات‬
‫املوجودة يف مدهنا‪ ،‬وقد كانت السنة التحضريية خمصصة لتعلم اللغة العربية‪ ،‬ثم ما لبث‬
‫هذا النظام أن تغري‪ ،‬فألغيت السنة التحضريية وتوزعت مواد اللغة العربية عىل السنوات‬
‫الدراسية األربع‪ .‬ثم استقر النظام التعليمي عىل أن يكون اعتامد السنة التحضريية وفق ًا‬
‫لرغبة للكلية‪ ،‬وشهد عدد هذه الكليات زيادة مطردة يف السنوات األخرية؛ فبعدما كان‬
‫عددها ال يتجاوز كل َّي َتينْ حتى أواخر السبعينيات فقد بلغ ‪ 12‬حتى هناية الثامنين ّيات‪،‬‬
‫ويف عام ‪ 2009‬بلغ عددها ‪ 25‬كل ّية‪ ،‬أما يف مطلع العام الدرايس ‪ 2014-2013‬فقد‬
‫ناهز عددها املئة‪ .‬ورافق ذلك بالطبع زيادة مشاهبة يف عدد الطلبة؛ فبعد أن كان عدد‬
‫الطالب امللتحقني هبا سنة ‪ 2009‬يبلغ ‪ ،6730‬فقد ناهز عددهم يف العام الدرايس‬
‫‪ 2014-2013‬قرابة ‪ 15100‬طالب وطالبة‪ .‬وتتألف سنوات الدراسة يف أغلب هذه‬
‫الكليات من مخس سنوات؛ ختصص األوىل لدراسة اللغة العربية فقط‪ ،‬ويف األربع‬
‫الباقيات يكون للغة العربية وجودها أيض ًا بجانب مواد التخصص‪ .‬وثمة جمموعة من‬
‫الكليات تدرس مناهجها كاملة باللغة العربية‪ ،‬وثمة كليات تقيم امتحانات‪ ،‬يسافر‬
‫الناجحون فيها إىل العامل العريب لقضاء فصل درايس واحد‪ ،‬أو دراسة العربية يف فصل‬
‫(‪)1‬‬
‫الصيف‪ ،‬يف بلدان عربية خمتلفة‪.‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬موقع اخلليج أون الين ‪/http://alkhaleejonline.net/articles/1430115589761840900‬‬

‫‪-220-‬‬
‫افتُتِ َحت جامعة بارطِن بمدينة بارطن يف ترك ّيا عام ‪ ،2008‬أ ّما كل ّية العلوم اإلسالم ّية‬
‫فافتُتِحت عام‪ ،2012‬هبدف تعليم اللغة العربية للطلبة الناطقني بغريها حتى يتمكنوا‬
‫من الدراسة والتخاطب هبا ويتعرفوا عىل العلوم اإلسالم ّية‪ ،‬وذلك وفق البنود اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬تعليم الطلبة اللغة العربية واملواد اإلسالمية معا؛ ألن اهلدف إعداد الطلبة ملتابعة‬
‫دراساهتم اإلسالمية باللغة العربية التي هي وعاء هذه الدراسات ومنبعها األصيل‪.‬‬
‫‪-2‬تعليم اللغة العربية من خالل املواد اإلسالمية‪ ،‬وكذلك تزويد الطالب‬
‫باملصطلحات اإلسالمية الرضورية يف الدراسات املتقدمة‪ ،‬نحو التفسري واحلديث‬
‫والفقه وتاريخ اإلسالم‪.‬‬
‫‪-3‬اتباع الطريقة املبارشة يف التدريس أي جيري تعليم مجيع املواد باللغة العربية‬
‫جو‬
‫الفصحى دون اعتامد عىل الرتمجة أو البيان باللغة الرتكية إال فيام يندر حتى يكون ّ‬
‫الدروس عربيا حمضا‪.‬‬
‫مهام معلم اللغة العرب ّية وواجبات الطالب(‪:)1‬‬
‫إن بناء احلضارة وحتقيق التقدّ م يف أي‬‫يعد املع ِّلم ركيزة احلارض واملستقبل مع ًا‪ ،‬بل ّ‬
‫جمال يقوم أساس ًا عىل أكتاف املع ِّلمني الشجعان الذي يعملون بال لني أو هوادة من أجل‬
‫تتحمل مسؤولية تقدّ م املجتمع نحو األفضل(‪)2‬؛ ذلك أنهّ م‬ ‫ّ‬ ‫جتهيز الكوادر البرشية التي‬
‫حيملون أنبل رسالة وهي «صناعة العقول وتكوين الضامئر احل ّية‪ ،‬وغرس القيم الوطن ّية‬
‫والقوم ّية واإلنسان ّية يف نفوس اجليل‪ ،‬وهم الذين يبنون الفكر املبدع الذي ال يتو ّقف‬
‫حيصنون الناشئة من اآلثار‬ ‫عند حد‪ ،‬وال حيرص نفسه يف قالب واحد جامد‪ ،‬وهم الذي ّ‬
‫وقوة‪ ،‬و َي ْس ُمون هبم إىل مستوى‬
‫السلب ّية للعوملة‪ ،‬ويعدّ ون الناشئة ملواجهة احلياة بكل ثقة ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫التحد ّيات التي تواجه الوطن واألمة»‪.‬‬
‫واملع ِّلمون ق ّيمون عىل تراث األمة الثقايف وتنميته وتطويره‪ ،‬واحلفاظ عىل هو ّية األ ّمة‬

‫بعنوان‪(:‬املقومات املهن ّية والثقاف ّية والشخص ّية ملع ّلم اللغة العرب ّية يف‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬ناقش الباحثان هذه املفردة يف بحث مستقل‬
‫اجلامعات الرتك ّية)‪ ،‬وقد ُقدّ م هذا البحث للمؤمتر السنوي التاسع ملعهد ابن سينا للعلوم الفرنس ّية‪ ،‬الذي عُقد يف مدينة‬
‫ليل الفرنسية يف تاريخ ‪ 26-25‬يوليو‪ ،2015-‬وقد قام مركز امللك عبداهلل بن عبدالعزيز يف الرياض بنرش أعامل املؤمتر‪.‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬جمدي عزيز إبراهيم‪ ،‬رؤية إلعداد املع ِّلم يف عرص املعلوماتية‪ ،‬وقائع املؤمتر العلمي الثاين «الدور املتغري للمع ِّلم‬
‫العريب يف جمتمع الغد‪ :‬رؤية عربية»‪ ،‬جامعة أسيوط (‪،)20 -18‬إبريل‪ ،2000 ،‬ص‪.258 -257‬‬
‫‪ -3‬حممود السيد‪ ،‬إعداد مع ِّلم ال ّلغة العرب ّية‪ ،‬بحث مقدم إىل املؤمتر اخلمسني ملجمع ال ّلغة العرب ّية يف القاهرة‪ ،2009 ،‬ص‪.3‬‬

‫‪-221-‬‬
‫احلضار ّية والثقاف ّية‪ ،‬ومهنة التعليم من أخطر املهن ألنهّ ا «ت ُِعدُّ قادة املستقبل بام يتناسب‬
‫(‪)1‬‬
‫التطورات املتسارعة يف شتّى جماالت احلياة»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مع‬
‫أن دور املعلم يفوق دور املنهج؛ فاملعلم هو من يدرس املنهج‪ ،‬ولو كان هناك‬ ‫كام ّ‬
‫قصور يف املنهج فاملعلم الناجح يعوض ذلك القصور‪ ،‬لذلك كان ال بد من االهتامم‬
‫باملعلم وإعداده مهنيا وتربويا‪ ،‬واملعلم هو حجر الزاوية يف العملية التعليمية لذا يقع‬
‫عىل عاتقه النصيب األكرب يف حتقيق أهداف تعليم العربية سواء للناطقني هبا أن للناطقني‬
‫والقسم والبحث‬ ‫بغريها‪ ،‬فبداية عىل املعلم فهم تلك األهداف التي رسمتها إدارة الكلية ِ‬
‫عن طرق حتقيقها‪ ،‬ويعد اهلدف األسمى هو فهم الطالب القرآن الكريم بلغته عالوة‬
‫عىل فهم العلوم اإلسالم ّية من حديث وتفسري وفقه وسري وغريها‪.‬‬
‫وألمه ّية املعلم يف حتقيق أهداف تعليم العربية لغري الناطقني هبا فمن الواجب عليه أن‬
‫يتسلح بأدوات تفوق يف فاعليتها تلك التي يتسلح هبا معلم العربية للناطقني هبا‪ ،‬فتكوين‬
‫معلم العربية عموما يتميز بخصائص متكنه من حتقيق أهداف تدريس اللغة يف بيئتها‪ ،‬وملا‬
‫وقع عىل عاتقه تدريسها يف غري بيئتها ولغري أبنائها فمن الالزم أن « يتميز تكوين أستاذ‬
‫اللغة العربية لغة ثانية بخصائص تضاف إىل التكوين العام ألستاذ اللغة األم‪ ،‬وذلك‬
‫بالرتكيز عىل كسب معرفة لغوية ومهارات عملية وقدرات تقنية معينة»‪ )2(.‬إذ يمثل معلم‬
‫اللغة «املشكلة احلقيقية يف تعليم اللغة لغري أهلها‪ .‬وال خري يف مادة أو منهج أو أي يشء‬
‫(‪)3‬‬
‫آخر ما مل يكن املعلم عىل درجة عالية من الكفاية التي ترشحه للقيام هبذا الدور اخلطري»‪.‬‬
‫ّأما أهم املهام التي ال بد ملعلم العرب ّية للناطقني بغريها يف اجلامعات الرتك ّية‬
‫القيام هبا‪ ،‬فهي‪:‬‬
‫‪-1‬فهم الدور املنوط به يف تعليم العربية وأمهية هذا الدور وأن يكون عىل قدر‬
‫املسؤولية يف القيام باملهام امللقاة عىل عاتقه‪ ،‬وال بد من اإلشارة هنا إىل ّ‬
‫أن بعض املعلمني‬
‫يعتقد أن دوره يقترص عىل تلقني الطالب داخل الصف الدرايس وحسب‪ ،‬واحلقيقة أن‬
‫دور املعلم يتعدى كونه ملقنا إىل كونه موجها ومرشدا ومصححا‪ ،‬حيرتم خصوصيات‬

‫‪ -1‬فايز مراد دنش‪ ،‬دليل الرتبية العملية‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ط‪ ،2002 ،1‬ص‪.70‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬رضا السوييس‪ ،‬التكوين الرتبوي ألساتذة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬منشورات املنظمة العربية للرتبية والثقافة‬
‫والعلوم‪ ،‬تونس‪ ،1992 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬كامل برش‪ ،‬اللغة العربية بني الوهم وسوء الفهم‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص‪.315‬‬

‫‪-222-‬‬
‫متعلميه الثقافية والدينية والسياسية وغريها وإال فإنّه لن ينجح أبدا يف تعليم العربية‬
‫بالشكل املطلوب‪ ،‬بل قد يكون سببا يف إفساد العمل ّية التعليمية املنشودة‪.‬‬
‫ومن ذلك أن يكون سهل اجلانب حمتكا بالدارسني‪ ،‬ومبديا لالهتامم يظهر احلامس‬
‫لعمله باالهتامم بالدرس والنشاط الصفي وغري الصفي‪ ،‬وأن تكون عالقته بطلبته‬
‫عالقة تسودها السامحة والود‪ ،‬وأن يكون هادئا يف عرضه ملحارضته‪ ،‬وأن يكون عىل‬
‫درجة كبرية من املرونة يف التعامل مع طلبته‪ ،‬يتحىل باحللم والصرب عند توصيل املعلومة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويرتك االنفعاالت الزائدة أثناء املحارضة‪.‬‬
‫‪-2‬اإلجادة التامة للعربية وقواعدها وأساليبها التي متيزها عن غريها من اللغات‪ ،‬هذا‬
‫فضال عن رضورة «االستناد إىل اللسانيات التطبيقية بغرض حماولة إجياد التفسري العلمي‬
‫لبعض العوائق التي تعرتض سبيل املتعلم األجنبي للغة العربية وتذليلها»‪ )2(.‬وليس كل‬
‫ناطق بلغة ما قادر ًا عىل أن يعلمها لآلخرين من الناطقني بغريها؛ ذلك أن تعليم اللغات‬
‫اختصاص يف حد ذاته‪ ،‬بعضه يتصل باللغة ذاهتا‪ ،‬ويتعلق بأن يكون معلم اللغة متخصص ًا‬
‫صادر ًا عن معرفة متكاملة بالعلوم اللغوية‪ ،‬ويتصل بعضها اآلخر بالثقافة واالنفتاح‬
‫عىل اآلخر؛ و«ليس كل مدرس قوي يف مادته صاحل ًا لتدريس األجانب بل ال بد ملدرس‬
‫(‪)3‬‬
‫األجانب إىل جانب قوته يف مادته من نطق سليم وخمارج صوتية واضحة وجتربة كافية»‪.‬‬
‫فمعلم العربية ناطق فصيح يبني لسامعه أصوات العربية‪ ،‬وال ختالط لغته ُعجمة أو ُحبسة‬
‫قادرا عىل تعليمها للطالب بل ليس كل‬ ‫أو أي عيب نطقي فليس كل من يعرف العربية ً‬
‫(‪)4‬‬
‫عريب مؤهلاً لتعليم العربية وهذه مشكلة كبرية ال بد من مراعاهتا‪.‬‬
‫‪-3‬اخلضوع للدورات اخلاصة بتأهيل معلمي العربية لتعليم اللغة العربية لغري‬
‫الناطقني هبا‪ ،‬أو االطالع عىل الكتب اخلاصة بذلك إن مل تتوافر تلك الدورات؛ إذ‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬نادية عبد العظيم‪ ،‬االحتياجات الفردية للتالميذ وإلتقان التعلم‪ ،‬دار املريخ‪  ،‬الرياض‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،1991 ،‬ص‪.122‬‬
‫‪ -2‬خالد أبو عمشة‪ ،‬تعليم العربية للناطقني بغريها يف ضوء اللسانيات التطبيقية‪ .‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار كنوز املعرفة‪،2015 ،‬‬
‫ص‪.48‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬مازن املبارك‪ ،‬نحو وعي لغوي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫‪ -4‬ينظر‪ :‬عيل عبد الواحد عبد احلميد‪ ،‬نظرة عىل تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة لورشة عمل نظمتها كلية‬
‫اإلهليات جامعة نجم الدين أربكان لبحث مشكالت تعليم اللغة العربية يف كليات اإلهليات وثانويات األئمة واخلطباء يف‬
‫تركيا‪ ،2013 ،‬ص‪.5‬‬

‫‪-223-‬‬
‫إن عدم إملام املعلمني بعلم اللغة التطبيقي ومتابعة آخر مستجداته وتطبيقاته يف تعليم‬ ‫ّ‬
‫ولعل السبب يف ذلك كام‬‫اللغات يؤثر سلبا يف عطاء املع ّلمني مقارنة بزمالئهم اجلا ّدين‪ّ ،‬‬
‫يذكر عبد الرمحن الفوزان(‪:)1‬‬
‫أ‪-‬جهل بعضهم هبذا العلم احلديث مما أدى إىل عدم االرتياح إليه‪ ،‬والناس أعداء ما‬
‫جهلوا‪ ،‬والعلم باليشء فرع عن تصوره‪.‬‬
‫ب‪-‬نفور بعضهم من كل جديد‪ ،‬والوقوف يف وجهه دون متييز بني ما هو نافع وما‬
‫هو ضار‪.‬‬
‫ِ‬
‫ج‪-‬نفور بعضهم من كل ما يأيت من قبل الغرب‪ ،‬أو له عالقة به‪ ،‬وعلم اللغة التطبيقي‬
‫‪-‬بصورته احلالية‪ -‬هو إىل الصناعة الغربية أقرب‪« .‬وميدان تعليم اللغة العربية لغري‬
‫الناطقني بهِ ا ال يزال مرتب ًطا بعلم اللغة التطبيقي‪ ،‬وبخاصة ميدان تعليم اللغات األجنبية‬
‫يف الغرب‪ .‬وهذا أمر طبعي‪ ،‬وال يعد مشكلة بذاته‪.‬‬
‫‪-4‬االستفادة من اخلربات التي حققت تقدما ملموسا يف تعليم العربية لغري الناطقني‬
‫هبا‪ ،‬وذلك عن طريق عقد املؤمترات والندوات والدورات التدريبية أو املقابالت الفردية‬
‫إن أمكن‪ ،‬وإذا حتقق للمعلم ذلك فسوف تكون لديه القدرة عىل توصيل الدالالت‬
‫الرصفية والنحوية واملجازية والرتكيبية والسياقية للطالب دون احلاجة إىل اللغة الوسيطة‪.‬‬
‫‪-5‬االستفادة من اخلربات الرتبوية وطرق التدريس احلديثة عموما‪ ،‬مثل طرق‬
‫التدريس التي تعتمد عىل الطالب‪ ،‬وتلك التي تراعي الفروق الفردية بني الطالب؛‬
‫فأحيانا يتبع بعض املعلمني أسلو ًبا واحدً ا يف التدريس دون تغيري أو جتديد‪ ،‬ممّا يدخل‬
‫امللل إىل نفوس الطلبة واملعلم عىل حد سواء‪ )2(.‬وتقتيض العلمية التعليمية أن ينوع‬
‫املدرس يف أساليب التدريس بشكل مستمر تفاديا للملل‪ ،‬وحرصا عىل جتديد نشاط‬
‫متعلميه لتحقيق تعلم أفضل وإقبال أكرب عىل تعلم العربية؛ فال بد من املراوحة يف‬
‫األساليب؛ إذ ُيت ََو َّق ُع من املعلم أن يبتدع ويستحدث الطريقة املالئمة للمتعلم التي‬
‫كل متعلم شخص‬ ‫تتناسب مع طبيعته وإمكانياته املعرفية‪ ،‬وعىل املعلم أن يدرك أن ّ‬
‫فريد‪ ،‬وكل عالقة بني معلم ومتعلم عالقة فريدة‪ ،‬ومهمة املعلم أن يفهم خصائص هذه‬
‫العالقات ويتمثلها فيصدر عنها بوعي‪ ،‬وهذا قد جيعل العمل ّية التعليمية صعبة‪ ،‬ويف‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬عبدالرمحن الفوزان‪ ،‬إضاءات ملع ّلمي العربية لغري الناطقني‪ ،‬منشورات العربية للجميع‪1431 ،‬ﻫ‪ ،‬ص‪.277‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬عبدالرمحن الفوزان‪ ،‬إضاءات ملع ّلمي العربية لغري الناطقني‪ ،‬منشورات العربية للجميع‪1431 ،‬ﻫ‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪-224-‬‬
‫اآلن عينه ممتعة ومتجددة‪ ،‬فال توجد «طريقة واحدة مثىل تصلح جلميع الطالب يف مجيع‬
‫املراحل وحتت نفس الظروف»‪ )1(.‬وهو ما يفرض «تعدد املواد التعليمية املطروحة حتى‬
‫(‪)2‬‬
‫يتناسب كل منها مع مجهور معني ذي خصائص معينة»‪.‬‬
‫‪-6‬االنتقال من املحسوس إىل املجرد وتقديم البسيط عىل املركب واملعقد‪ :‬وهو ما‬
‫يسمى يف اللسانيات احلديثة بـ «االتصال اللساين»‪ ،‬فإرشاك احلواس يف عملية التعليم‬
‫أمر الزم‪ ،‬يساعد املتعلم عىل إدراك املواضيع التي هيدف تعليمها له بصورة أكثر وضوحا‬
‫ألن ما يقع حتت حواسه يكون أكثر قابلية لإلدراك‪ ‬فيسهل تعلمه ومعرفته‪.‬‬
‫تقرب من لغة احلياة‬ ‫‪-7‬مراعاة التدرج يف التعليم‪ ،‬بدء ًا بالعبارات واألساليب التي ّ‬
‫اليومية‪ ،‬والتي يشيع استعامهلا يف شتى جماالت االجتامعية‪ ،‬ونتيجة يف اختيار املواد املقررة‬
‫والنصوص املطلوبة نحو لغة األدب احلديث اجليد‪ ،‬ولغة وسائل اإلعالم املعروفة مثل‬
‫مفردات وأساليب نرشات األخبار واألحاديث يف اإلذاعة والتلفزيون والصحف املعتد‬
‫هبا‪ ،‬وإن اللغة الفصحى اليوم لغة مكتوبة يف أغلب أحواهلا‪ ،‬ويمكن أن تتخذ هذه اللغة‬
‫املكتوبة ذاهتا أساسا عند اختيار املواد املقررة يف خمتلف املراحل التعليمية‪ ،‬وال ينبغي‬
‫أن هنمل فصحى العصور القديمة‪ ،‬وخاصة الزاهرة منها يف العصور الذهبية للحضارة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وهكذا يستطيع الدارسون اإلملام بصورة متكاملة للغة العربية يف عصورها‬
‫املختلفة وفقا ملنهج درايس متطور حسب األهداف والفرات املحددة لكل دورة تدريبية‬
‫أن تلقني‬‫أو مرحلة تعليمية‪ .‬وقد عبرّ ابن خلدون عن هذا يف مقدمته بقوله‪«:‬اعلم ّ‬
‫العلوم للمتعلمني إنام يكون مفيد ًا إذا كان عىل التدريج شيئ ًا فشيئ ًا‪ ،‬وقلي ً‬
‫ال قليالً‪ ،‬يلقى‬
‫عليه أوالً مسائل من كل باب من الفن هي أصول ذلك الباب ويقرب له يف رشحها عىل‬
‫سبيل اإلمجال‪ ،‬ويراعى يف ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حتى ينتهي إىل‬
‫(‪)3‬‬
‫آخر الفن»‪.‬‬
‫أهم ما حيقق أهداف تعليم العربية لغري أبنائها العمل بروح الفريق للوقوف‬ ‫‪-8‬ومن ّ‬
‫عىل درجة استيعاب الطالب لعلوم العربية واألنشطة التي يامرسوهنا عموما لزيادة تلك‬

‫‪ -1‬رشدي أمحد طعيمة‪ ،‬وحممود كامل الناقة‪ ،‬تعليم اللغة اتصاليا بني املناهج واالسرتاتيجيات‪ ،‬منشورات املنظمة‬
‫اإلسالمية للرتبية والعلوم والثقافة (إيسسكو)‪ ،2006 ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬املقدمة‪ ،‬حتقيق‪ :‬درويش اجلويدي‪ ،‬املكتبة العرصية‪ ،‬بريوت‪.2002 ،‬‬

‫‪-225-‬‬
‫الدرجة أو مواجهة القصور يف استيعاب علم من علوم العربية‪ ،‬وهذا يلقي عىل عاتق‬
‫املعلمني التعاون عىل املستوى العلمي واالجتامعي بعضهم مع بعض من ناحية‪ ،‬ومع‬
‫الطلبة من ناحية أخرى‪.‬‬
‫وذكر أمحد الدياب جمموعة من املقرتحات النفسية واالجتامع ّية التي تساعد‬
‫املعلم يف ذلك(‪:)1‬‬
‫‪-‬أن ينخرط الطلبة يف العمل اجلامعي من أجل اكتساب اللغة العربية بأرسع وقت‬
‫وأقل جهد‪ ،‬فالعمل اجلامعي ينمي عند الطالب حب االجتهاد واملنافسة بني الطالب‪.‬‬
‫‪-‬أن يعطي الطالب واجبات يف البيت تنمي البحث الذايت برشط أن ال يكون هدف‬
‫هذه الواجبات فقط ألهنا مرفقة خلف الدرس‪.‬‬
‫‪-‬التواصل مع أرسة الطالب من قبل املدرسني ورئيس القسم أو العميد وإبالغهم‬
‫عن أحوال أبنائهم ووضعهم الدرايس منذ البداية حتى تستطيع األرسة أن تستدرك‬
‫األمر وحتث ابنها عىل االجتهاد واملثابرة‪.‬‬
‫‪-‬عقد لقاءات بني املدرسني وبعض الطالب الذين ال جيتهدون أو مقدراهتم العقلية‬
‫واملهارية ضعيفة‪.‬‬
‫‪-‬تشجيع الطلبة عن طريق فتح باب الدراسات العليا لطلبة أقسام اللغة العربية‬
‫فقط‪ ،‬فلو نظرنا إىل الدراسة العليا يف قسم اللغة العربية فإنه يستقبل طالبا من مجيع‬
‫االختصاصات‪ ،‬فنجد طالبا درس يف كلية التاريخ يستطيع أن يسجل يف قسم الدراسات‬
‫العليا للغة العربية‪ ،‬أو طالبا خترج يف كلية الرشيعة يسجل يف الدراسات العليا لقسم‬
‫اللغة العربية‪ .‬ويف احلقيقة هذا يسبب ظلام وإحبا ًطا للطلبة قسم اللغة العربية فهم أحق‬
‫بدراسة املاجستري أو الدكتوراة من غريهم‪ .‬وهذا يعزز من فرصة عمل هؤالء الطلبة‬
‫ومن ثم حيفزهم عىل االجتهاد واملثابرة يف الوصول إىل الدراسات العليا‪.‬‬
‫‪-‬قيام القسم أو الكلية برحالت فصلية أو شهرية إلحدى املدن أو البالد العربية ملا‬
‫يف ذلك من تشجيع للطلبة وتقوية العالقة فيام بينهم‪.‬‬
‫‪-‬تشجيع الطلبة عن طريق توزيع مكافآت فصلية عىل الطلبة األوائل‪.‬‬
‫‪-‬إعطاء الثقة للطالب بأنه سيكون معل ًام‪ ،‬ونبدأ بتدريبه عىل هذا األمر منذ املراحل‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬أمحد الدياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.127-125‬‬

‫‪-226-‬‬
‫األوىل يف عملية التعليم‪ ،‬فالطالب عندما يأخذ الثقة من معلمه سيبدأ بتطور نفسه وحيث‬
‫نفسه عىل االجتهاد أكثر فأكثر‪ ،‬وإعطاء الثقة للطالب تتم بطرق كثرية نتيجة خربة املعلم‬
‫ال يمكن أن نجعل الطالب يلقي الدرس بدالً من املدرس‪.‬‬ ‫مع طالبه‪ ،‬فمث ً‬
‫‪-‬احرتام الطالب وقبول رأيه أيا كان خالل املناقشة واحلوار‪ ،‬وعدم تسفيه رأيه‬
‫والسخرية منه ألنه قد يؤدي إىل إحباط الطالب نفسي ًا ومعنويا‪.‬‬
‫‪-‬تكليف الطلبة أصحاب القدرات العقلية واملثابرين عىل االجتهاد مع الطلبة قلييل‬
‫االجتهاد بواجبات مشرتكة من أجل أن يكون الطالب عون ًا لبعضهم‪.‬‬
‫‪-‬ختصيص نشاطات للطلبة قلييل االجتهاد يف العطلة الصيفية تنمي عندهم حب‬
‫البحث واالطالع عىل سبيل املثال تلخيص جمموعة من املواضيع الشيقة‪.‬‬
‫مرب للصف تكون مهمته االطالع عىل أهم مشاكل الطالب األرسية‬ ‫ٍ‬ ‫‪-‬تعيني‬
‫والنفسية واالجتامعية التي تؤدي به إىل عدم االجتهاد‪.‬‬
‫‪-‬تزويد املكتبة بكتب شيقة وقصص جذابة تشد الطالب للقراءة وتلفت انتباهه‬
‫إىل اللغة وما حتويه من مجالية واستئناس وهذا ما ال نشاهده يف املكتبات وخصوص ًا‬
‫مكتبات اجلامعات‪.‬‬
‫‪-9‬االبتعاد عن استخدام اللغة الرتكية لغ ًة وسيطة بينه وبني الطالب مما يفقده‬
‫القدوة والقدرة عىل التأثري يف طالبه ويؤكد لدهيم الشعور بأن اللغة صعبة‪ ،‬وال يمكن‬
‫املحرض فإن مل يأت من املعلم‬ ‫ِّ‬ ‫تعلمها فيهدم بنفسه ما قام ببنائه‪« ،‬فاملعلم يقوم مقام‬
‫الفعل فال يمكن أن يستجيب الطالب برد فعل مماثل‪ .‬فمبادرة التكلم بالعربية أثناء‬
‫(‪)1‬‬
‫الدرس جيب أن يقوم هبا املعلم حتى جيرب الطالب عىل التكلم معه بالعربية»‪.‬‬
‫واألصل يف تعليم اللغة العربية هو أن يتعلم الدارس مهارة الكالم‪ ،‬هذا ما ينشده‬
‫إن استعامل اللغة الوسيطة يف التدريس تعني إفشال الطالب يف‬ ‫الرتبويون ويقولون ّ‬
‫مهارة الكالم‪ ،‬وإدخال الصعوبات يف إكسابه املفردات اجلديدة‪ .‬ويقصد علامء الرتبية‬
‫باللغة الوسيطة أهنا استعامل لغة أخرى كوسيلة لتدريس اللغة العربية‪ ،‬سواء أكانت هذه‬
‫اللغـة من اللغات األم عند الدارسني‪ ،‬أم كانت لغـة مشرتكة يفهمونـها مع اختالف‬
‫لغاهتم األم‪ .‬وقد وسمت باللغة الوسيطة ألهنا تتوسط بني املعلم والدارس من أجل أن‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬أمحد الدياب‪ ،‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعيلم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬ص‪.102‬‬

‫‪-227-‬‬
‫يفهم الدارس ما يقوله املعلم‪ ،‬ومن أجل أن يتعرف املعلم عىل ما تعلمه الدارس‪.‬‬
‫ونويص هنا بتوظيف التكنولوجيا احلديثة بكل إمكانياهتا وبشكل جتديدي‬
‫ومتواصل‪ .‬وتطوير جمال استخدام التقنيات احلديثة والتعليم اإللكرتوين يف الصف‬
‫الدرايس‪.‬‬
‫واجبات الطالب‪:‬‬
‫بقدر ما يكون الطالب واعيا ومدركا للعملية التعليمية بقدر ما تسري هذه العملية‬
‫عىل نحو سهل صحيح‪ ،‬وعىل هذا األساس جيب عىل الطالب أن‪:‬‬
‫‪-1‬جيتهد يف دراسة العربية ألهنا لغة الدين‪ ،‬ويفهم املسؤولية امللقاة عىل عاتقه يف‬
‫نرش الدين اإلسالمي‪ ،‬وعىل املعلم أن يغتنم ارتباط العربية بالدين يف خلق الدافع لدى‬
‫الطالب لالجتهاد يف إتقاهنا فمن املسلم به عند علامء الرتبية أننا« نتعلم بشكل أحسن‬
‫(‪)1‬‬
‫إذا كان الدافع أقوى»‪.‬‬
‫‪-2‬يداوم عىل القراءة احلرة للكتب املدونة باللغة العربية يف خمتلف املجاالت‬
‫وال يكتفي بام يدرسه داخل الصف‪ ،‬ويمكن ذلك بالتدرج بقراءة الكتب السهلة ثم‬
‫الصعبة‪ ،‬باالعتامد عىل املعاجم العربية واملعلم‪.‬‬
‫‪-3‬يعرف الدالالت الكلية للقوالب الرتكيبية العربية مثل‪ :‬اجلملة الفعلية واجلملة‬
‫االسمية وقوالب الرشط والوصف واإلضافة واحلال وغريها‪ ،‬واستخدام تلك‬
‫القوالب يف التحدث‪ ،‬وذلك بالرجوع إىل املعلم ليدربه عىل استخدام تلك القوالب‬
‫ومن ثم استخدامها يف التحدث مع معلمه وزمالء الصف أو غريهم إن أمكن‪.‬‬
‫‪-4‬يداوم عىل التحدث بالعربية داخل الصف مع معلمه وزمالئه‪ ،‬وخارج الصف‬
‫قدر املستطاع‪ ،‬لتطبيق القواعد التي درسها يف الصف‪ ،‬فإن التطبيق عن طريق التحدث‬
‫يرسخ فهم الطالب لتلك القواعد فال يكون يف حاجة إىل مراجعتها باستمرار‪ ،‬كام‬
‫يكسبه التطبيق بالتحدث فهم كلامت وتراكيب جديدة مل يدرسها يف الصف‪ ،‬وربام‬
‫يؤدي التحدث إىل فهم بعض القواعد التي مل يفهمها الطالب داخل الصف‪ ،‬كام أن‬
‫التحدث يف بعض األحيان يكرس هتيب الطالب من العربية‪ ،‬ويعده نفسيا إىل مزيد‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬سارنوف أ‪.‬مدنيك‪ ،‬هوارد ر‪.‬بوليو‪ ،‬أليزابيث ف‪.‬لوفتس‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد إسامعيل‪ ،‬حممد نجايت‪ ،‬التع ّلم‪ ،‬دار‬
‫الرشوق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1989 ،3‬ص‪.119‬‬

‫‪-228-‬‬
‫من الفهم والتحصيل واالطالع فاحلديث الشفهي مهم للغاية‪ ،‬ولن يتم التعليم بدونه‬
‫والتشجيع عليه واجب‪ ،‬والصرب إزاءه أشدّ وجوبا‪«،‬فال جيوز للمدرس أن يطارد أخطاء‬
‫التلميذ يف احلديث الشفهي فعليه هنا أن يكتفي بتصحيح الفاحش منها الذي قد ييسء‬
‫(‪)1‬‬
‫عن غري قصد أو يقلب املعنى»‪.‬‬
‫وال يعني عدم مطاردة املعلم جلميع أخطاء الطالب خالل عملية املحادثة أن يدوم‬
‫ذلك يف كل مراحل تعليم العربية‪ ،‬بل من األفضل أن يقترص ذلك عىل املرحلة األوىل‪.‬‬
‫‪-5‬يستمع إىل العربية عن طريق وسائل اإلعالم الناطقة بالعربية الفصحى للتعود‬
‫عىل العربية والشعور باأللفة جتاهها‪ ،‬كام أن السامع من التطبيقات املهمة التي تساعد‬
‫الطالب عىل فهم العربية بصورة أشمل‪.‬‬
‫ِ‬
‫املبحث الثالث‪ :‬جتربة الباح َثينْ يف تعليم العربية الفصحى يف جامعة بارطن‪:‬‬
‫يصف الباحثان يف هذا املبحث جتربتهام يف تعليم اللغة العربية يف كل ّية العلوم‬
‫اإلسالمية بجامعة بارطِن يف العام الدرايس ‪ 2016-2015‬بناء عىل املهارات اللغوية‬
‫اآلتية‪ :‬االستامع‪ ،‬والقراءة‪ ،‬واملحادثة‪ ،‬والكتابة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولعل أهم األهداف التي سعينا لتحقيقها الوصول بالطلبة إىل الكفايات‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬الكفاية اللغوية‪ :‬واملقصود هبا سيطرة الطالب عىل النظام الصويت للغة العربية‪،‬‬
‫متييز ًا وإنتاج ًا‪ ،‬ومعرفته برتاكيب اللغة‪ ،‬وقواعدها األساسية‪ :‬نظري ًا ووظيفي ًا‪ ،‬واإلملام‬
‫بقدر مالئم من مفردات اللغة‪ ،‬للفهم واالستعامل‪.‬‬
‫‪-2‬الكفاية االتصالية‪ :‬ونعني هبا قدرة الطالب عىل استخدام اللغة العربية بصورة‬
‫تلقائية‪ ،‬والتعبري بطالقة عن أفكاره وخرباته‪ ،‬مع متكنه من استيعاب ما يتل َّقى من اللغة‬
‫يف يرس وسهولة‪.‬‬
‫‪-3‬الكفاية الثقافية‪ :‬ويقصد هبا فهم ما حتمله اللغة العربية من ثقافة‪ ،‬تعبرِّ عن أفكار‬
‫أصحاهبا وجتارهبم وقيمهم وعاداهتم وآداهبم وفنوهنم‪.‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬عيل أمحد اخلطيب‪ ،‬جتربة األزهر الرشيف يف جمال تعليم العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬منشورات املنظمة العربية‬
‫للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪ ،1992 ،‬ص‪.67‬‬

‫‪-229-‬‬
‫تعليم ّية العرب ّية الفصحى للناطقني بغريها‬
‫وقد اعتمد الباحثان يف تعليم اللغة العربية للعام ‪ 2016-2015‬عىل التجربة‬
‫اآلتية(‪:)1‬‬

‫أن الباح َثينْ ا ّطلعا عىل توصيفات اإلطار املرجعي األورويب املشرتك لتعليم اللغات األجنبية ومعايري‬ ‫‪ -1‬نشري هنا إىل ّ‬
‫املجلس األمريكي لتعليم اللغات األجنبية (‪)ACTFL‬أثناء قيامها بتجربتهام هذه‪ ،‬حيث يعدّ اإلطار املرجعي األورويب‬
‫املشرتك لتعليم اللغات األجنبية مرج ًعا مهماًّ يف التخطيط اللغوي بشكل عام وتع ّلم اللغات األجنبية بشكل خاص‬
‫واضحا جل ًّيا لتطوير خطط اللغة ووضع س ّل ٍم للمستويات‪ ،‬فضلاً عن تقديمه رؤية عامة‬ ‫ً‬ ‫تصورا‬
‫ً‬ ‫وتعليمها‪ ،‬كام يو ّفر‬
‫شاملة يف إدارة الربامج التعليمية للغات األجنبية‪ ،‬كام يوفر مبادئ توجيهية لوضع املناهج الدراسية‪ ،‬ويتعرض لوسائل‬
‫القياس والتقويم احلديثة املختلفة‪ ،‬ويتعرض إلسرتاتيجيات تع ّلم اللغة وتعليمها الفعالة‪ ،‬ويناقش أهم النشاطات اللغوية‬
‫والتدريبات االتصالية التي حتقق الكفاءة اللغوية يف أرسع الطرق‪ ،‬وأقل وقت‪ ،‬وهو يف الوقت ذاته مرجع إلداريي مدارس‬
‫اللغات واألكاديميني واملدرسني والدّ ارسني عىل حدٍّ سواء‪ ،‬ويصف الكفايات الالزمة لالتصال وأنواعها‪ ،‬ويوفر‪  ‬رؤية‬
‫للمهارات واملعارف ذات العالقة بعملية التع ّلم والتعليم‪ ،‬ويساوي بني اللغات والثقافات‪ ،‬وهو جمال خصب للبحث‬
‫والدراسة‪ ،‬ومرجع لتأهيل معلمي اللغة البارعني وتطوير مهاراهتم‪.‬‬
‫لاً‬ ‫ً‬
‫أما معايري املجلس األمريكي لتعليم اللغات األجنبية (‪)ACTFL‬فتتم ّيز بأهنا توفر وصفا مفص ألنواع وظائف التواصل‪،‬‬
‫وجمموعة املفردات املطلوبة‪ ،‬ودرجة اإلتقان واملرونة التي يستطيع متعلمو اللغة السيطرة عليها يف مستويات اللغة املختلفة‬
‫ويف كل مهارة من مهارات اللغة األربع (القراءة‪ ،‬والكتابة‪ ،‬واملحادثة واالستامع)‪ .‬وجتدر اإلشارة إىل أن س ّلم آكتفل‬
‫يتضمن أربعة مستويات رئيسية‪ ،‬هي‪ :‬املبتدئ‪ ،‬ويتكون من (أدنى ‪ -‬أوسط ‪ -‬أعىل)‪ ،‬واملتوسط ويتكون من (أدنى ‪-‬‬
‫وأخريا املستوى املتميز‪ .‬وآكتفل اآلن بصدد مراجعة‬ ‫ً‬ ‫أوسط ‪ -‬أعىل)‪ ،‬واملتقدم‪ ،‬ويتكون من (أدنى ‪ -‬أوسط – أعىل) ‪،‬‬
‫املستويات‪ ،‬وهم بصدد إضافة املستوى املتفوق‪ ،‬وبالتايل‪ :‬ف ّإن املستوى املتميز سيتكون من (أدنى ‪ -‬أوسط – أعىل)‪.‬‬
‫وتتمثل توصيفات املستويات الرئيسية هلذه املعايري فيام يأيت‪ :‬املستوى املبتدئ‪ ‬يم ّثل أدنى حدود التواصل باستخدام‬
‫عبارات حمفوظة وقوائم من العبارات‪ ،‬أ ّما عن وظائفه فهي‪ :‬التعداد واستذكار املواد‪ ،‬وأداء العبارات املحفوظة‪ ،‬وذكر‬
‫بعض قوائم املفردات يف جماالت داللية مع ّينة‪ ،‬يف أدنى مراحل التواصل‪ ،‬عرب املواقف العادية ووجوه احلياة اليومية املألوفة‬
‫(الذات)‪ ،‬كالتعبري عن الشكر والثناء‪ ،‬والرفض والقبول‪ ،‬وال ّطلب‪ ،‬واالعتذار‪ ،‬والتعارف وتقديم النفس واآلخرين‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والتعبري عماّ حيب وما ال حيب‪ ،‬وما يستطيع وما ال يستطيع‪ ،‬والوصف باجلملة العربية البسيطة‪ ،‬والتعبري عن احلاجات‬
‫باجلملة الفعلية يف حدودها الدّ نيا‪ .‬واملستوى املتوسط والدارس فيه يمكنه أن يركب مجال مل يسمعها من قبل ويسأل وجييب‬
‫حول مواضيع يومية مألوفة ويتعامل مع مواقف بسيطة‪ .‬وأبرز وظائف املستوى املتوسط تتمثل يف اخللق اللغوي‪ ،‬ولعب‬
‫األدوار البسيطة‪ ،‬وطرح األسئلة واإلجابة عنها‪ ،‬والتعامل مع احلاجات اليومية‪ ،‬ووصف الربنامج اليومي‪ ،‬ووصف‬
‫املحيط‪ ،‬من خالل‪  ‬بعض املواقف غري الرسمية‪ ،‬وعدد حمدود من املواقف التفاعلية‪ ،‬وذلك عرب مواضيع مألوفة متوقعة‬
‫تتعلق باحلياة اليومية متكن الطالب من احلديث باللغة العربية والتواصل يف جماالت‪ :‬التحايا‪ ،‬والشكر‪ ،‬وتقديم النفس‬
‫واألشخاص إىل اآلخرين‪ ،‬واالعتذار‪ ،‬والوصف البسيط‪ ،‬وطلب املعلومات‪ ،‬والتعبري عماّ حيب وما يكره‪ ،‬واهلوايات‪،‬‬
‫والسكن‪ ،‬واملستشفى وزيارة الطبيب‪ ،‬واألرسة‪ ،‬والعمل‪ ،‬والروتني الشخيص‪ ،‬والسفر‪ ،‬والطعام واملالبس إلخ‪ .‬واملستوى‬
‫املتقدم فاملتع ّلم فيه يرسد ويصف يف كل األزمنة ويتعامل مع مواقف معقدة‪ .‬وأهم الوظائف يف املستوى املتقدم تتمثل يف‬
‫وظائف الرسد والوصف يف املايض واحلارض واملستقبل‪ ،‬وإجراء املقارنات واملقابالت‪ ،‬والرشح والتفسري‪ ،‬ناهيك عن‬
‫إعطاء تعليامت وتنفيذها‪ ،‬ولعب األدوار املعقدة‪ .‬واملستوى املتميز فالدارس فيه يؤيد الرأي ويتعامل مع موقف افرتايض‬
‫ويناقش املواضيع باملحسوس واملجرد يف مواقف غري مألوفة لغويا‪ .‬ووظائفه هي‪ :‬االفرتاض واإلدالء باحلجج‪ ،‬والتجريد‪،‬‬
‫ودعم اآلراء‪ ،‬واملناقشة املستفيضة‪ ،‬واحلديث يف موضوعات ومواقف غري مألوفة وغريها‪ .‬وتتمحور معظم هذه املهام يف‬
‫مهاريت املحادثة والقراءة‪ ،‬من غري إغفال ملهاريت الكتابة واالستامع‪ ،‬والثقافة والقواعد العربية‪ .‬وأخريا املستوى املتفوق‬
‫فاملتعلم فيه يستخدم لغة راقية بليغة ويعدّ ل كالمه وفق مجهوره ويستطيع اإلقناع ومتثيل وجهة نظر اآلخرين‪.‬‬

‫‪-230-‬‬
‫أوال‪ :‬املهارات اللغوية‪:‬‬
‫إن تع ُّلم اللغة ال تُكتمل إالبإتقان املهارات اللغوية األربع (االستامع والقراءة‬
‫والتعبري الشفهي والكتايب) وهذه املهارات يف تعليم اللغات متثل األهداف األساسية‬
‫التي يسعى كل معلم لتحقيقها عند املتعلمني‪ ،‬فتع ُّلم أي لغة من اللغات سواء كانت‬
‫اللغة األم أم لغة أجنبية‪ ،‬إنام هدفه أن يكتسب املتعلم القدرة عىل سامع اللغة‪ ،‬والتعرف‬
‫عىل إطارها الصويت اخلاص هبا‪ ،‬وهيدف كذلك إىل احلديث هبا بطريقة سليمة حتقق له‬
‫القدرة عىل التعبري عن مقاصده والتواصل مع اآلخرين أبناء اللغة خاصة‪ ،‬وكذلك‬
‫يسعى إىل أن يكون قادرا عىل قراءهتا وكتابتها‪.‬‬
‫والوسيلة التي تنقل مهارة الكالم هي الصوت عرب االتصال املبارش بني املتكلم‬
‫واملستمع‪.‬أما مهارتا القراءة والكتابة‪ ،‬فوسيلتهام احلرف املكتوب ‪ .‬ويتحقق االتصال‬
‫هباتني املهارتني‪ ،‬دون قيود الزمان واملكان ‪.‬ومن ناحية أخرى يتل ّقى اإلنسان املعلومات‬
‫واخلربات‪ ،‬عرب مهاريت االستامع والكالم‪ ،‬ومن هنا تعدان مهاريت استقبال‪ ،‬ويقوم‬
‫اإلنسان عرب مهاريت الكالم والكتابة ببث رسالته‪ ،‬بام حتويه من معلومات وخربات‪،‬‬
‫سم َيتا مهاريت إنتاج‪.‬‬ ‫وهلذا السبب‪ِّ ،‬‬
‫أوالً‪َ :‬م َه َار ُة ا ُمل َحا َد َث ِة‪:‬‬
‫تؤدي مهارة املحادثة دورا مهام يف املجتمع‪ .‬وال شك أن التحدث من أهم ألوان‬
‫النشاط اللغوي للصغري والكبري‪ .‬فالناس يستخدمون الكالم أكثر من الكتابة‪ ،‬أي إهنم‬
‫(‪)1‬‬
‫يتكلمون أكثر مما يكتبون‪.‬‬
‫وافرا يف برامج تعليم اللغة للناطقني‬
‫وألن اللغة هي الكالم‪ ،‬فإنه يأخذ نصي ًبا ً‬
‫بغريها‪ ،‬وال سيام أن اهلدف االتصايل هو اهلدف األقوى عند أغلب متعلمي اللغات‪.‬‬
‫قادرا عىل الكالم‪ ،‬وتوظيف ما تعلمه يف بقية املهارات يف حديثه‪ ،‬فال‬ ‫وإذا مل يكن املتعلم ً‬
‫تثبت معلوماته ومهاراته التي تعلمها من جهة‪ ،‬وال يشعر بثمن ما تعلمه يف املجتمع من‬
‫جهة أخرى‪ .‬والتحدث هو الوسيلة املقابلة لالجتامع‪ ،‬فاإلنسان يميض نصف الوقت يف‬
‫االستامع‪ ،‬وأقل من ذلك يف الكالم(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬عبد السيد‪ ،‬تعليم اللغة العربية الرسالة العلمية‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار الفكر‪ ،2003 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -2‬عبد الرمحن بن إبراهيم الفوزان‪ ،‬إضاءات ملعلمي اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬الرياض‪ :‬مكتبة امللك فهد الوطنية‬
‫‪1432‬ه ‪2011‬م‪.‬ص ‪.186‬‬

‫‪-231-‬‬
‫ولذلك كان بذلنا جهدنا إلثارة رغبة الطالب يف الكالم واملناقشة‪ ،‬وزيادة ميلهم‬
‫بأنواع االتصال الشفهي املختلفة‪ .‬وبالرغم من عدم توفر البيئة العربية لطالبنا إال أنّتا‬
‫سعينا لتجاوز هذا التحدي بالبدائل اآلتية‪:‬‬
‫أ‪-‬جعل املحادثة مهارة أساسية داخل الصف باستخدام احلوار واملناقشة والتخيل‬
‫عن أسلوب املحارضة؛ فاحلوار واملناقشة يعززان ثقة الطالب بنفسه‪.‬‬
‫ب‪-‬تكثيف فرص اللقاء مع املعلمني والزمالء الذين يتقنون العربية‪.‬‬
‫ج‪-‬إقامة العروض األدبية واملرسحية واملسابقات الثقافية باللغة العربية عىل مدار‬
‫العام‪ ،‬وقد طبقنا ذلك خالل العام املنرصم يف كلية اإلسالم ّية بجامعة بارطن‪ ،‬حتت‬
‫رعاية السيد الفاضل عميد الكلية‪ ،‬والقت نجاحا طيبا واستجابة الفتة من الطلبة‬
‫واحلضور‪.‬‬
‫د‪-‬إحالة احلصيلة اللغوية املشرتكة بني اللغتني العرب ّية والرتك ّية؛ حيث حيظى تأثري‬
‫اللغة العرب ّية يف اللغة الرتك ّية بمكانة متم ّيزة يف التداخالت اللغو ّية(‪ ،)1‬ويرى الدارسون‬
‫وفرة األلفاظ العرب ّية التي دخلت اللغة الرتك ّية‪ ،‬ويقدّ رون نسبة هذه األلفاظ وفق‬
‫مقاييس خمتلفة لترتاوح نسبة تأثري اللغة العربية يف الرتك ّية عندهم بني ‪ %40‬و‪.)2(%60‬‬
‫وسنقوم يف العام املقبل بإذن اهلل تعاىل‪:‬‬
‫أ‪-‬حتديد يوم أو يومني من أيام األسبوع‪ −‬إن أمكن‪ −‬للتحدث بالعربية خارج‬

‫خواصها جتاور‬‫ّ‬ ‫أن اللغات الرشق ّية الثالث‪ :‬العرب ّية والفارس ّية والرتك ّية قد مزج بينها يف كثري من‬‫‪ -1‬من اجلدير بالذكر ّ‬
‫ثم اختالطها التارخيي عن طريق التجارة والفتوح العرب ّية وخضوع الفرس ثم األتراك للحكم العريب طويلاً ‪،‬‬ ‫شعوهبا‪ّ ،‬‬
‫ترسم األفكار العرب ّية والثقافة اإلسالم ّية‪ ...‬ثم ما نشأ عن‬ ‫وكان النتشار اإلسالم بينهم أثر روحي وثقايف اضطرهم إىل ّ‬
‫ذلك من تراوح ثقافاهتا وتواصل حضاراهتا طوال أعصرُ مديدة‪ ،‬ذلك رغم تباين فصائل هذه اللغات؛ إذ إنهّ ا تنتمي إىل‬
‫أن اشرتاك هاتيك اللغات الثالث يف كتابة حروفها بخط واحد وهو‬ ‫السام ّية واهلند ّية واألورال التائية عىل التوايل‪ .‬وال جرم ّ‬
‫اخلط العريب بصوره املختلفة‪ ،‬كان له فضل تيسري السبيل إىل تزاوجها وتفاعلها‪.‬ينظر‪ :‬أمحد فؤاد متوليّ ‪ ،‬تأثري اللغة العرب ّية‬
‫يف اللغة الرتك ّية‪ ،‬جم ّلة الفيصل‪ ،‬عدد ‪ ،140‬ص‪.11-10‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬حممد مصطفى بن احلاج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .147‬وينظر يعقوب جيولك‪ ،‬حممود قدوم «احلصيلة اللغو ّية‬
‫املشرتكة بني العرب ّية والرتك ّية وتأثريها يف تعليم العرب ّية للطلبة األتراك» أعامل مؤمتر النقد الدويل اخلامس عرش «الرتاث‬
‫اللغوي واألديب والنقدي العريب يف اآلداب العامل ّية» الذي نظمته جامعة الريموك األردنية يف تاريخ ‪ 30-28‬يوليو ‪،2015‬‬
‫ونرشت دار جرير األردن ّية أعامل املؤمتر يف جم ّلد ْين َ‬
‫كبريين‪.‬‬

‫‪-232-‬‬
‫الصفوف وداخل أروقة الكلية‪.‬‬
‫ب‪-‬إدخال حمطات التلفاز الناطقة بالعربية الفصحى إىل حجرة اسرتاحة الطلبة‬
‫املركزية أو املكتبة لتتعود آذاهنم عىل سامع العربية والشعور باأللفة جتاهها‪.‬‬
‫ج‪-‬تسيري رحالت صيفية للطلبة حتت إرشاف الكلية إىل اجلامعات العربية املم ّيزة‪.‬‬
‫وقد سعينا يف هذه املهارة لتحقيق األهداف اآلتية(‪:)1‬‬
‫‪-1‬أن ينطق الطالب أصوات اللغة العربية‪ ،‬وأن يؤدي أنواع النرب والتنغيم املختلفة‪،‬‬
‫وذلك بطريقة مقبولة من أبناء العربية‪.‬‬
‫‪-2‬يم ّيز نطق األصوات املتجاورة واملتشاهبة‪.‬‬
‫‪-3‬يم ّيز الفرق يف النطق بني احلركات القصرية واحلركات الطويلة‪.‬‬
‫بجمل بسيطة‪ .‬مستخدم ًا النظام الصحيح لرتكيب الكلمـة يف‬ ‫‪-4‬يعرب عن عن نفسه ُ‬
‫العربية خاصة يف لغة الكالم الفصحى‪ .‬نحو‪ :‬اسمي زينب‪ ،‬أنا مغربية‪ ،‬أنا من الرباط‪،‬‬
‫أنا طالبة يف جامعة‪. ...‬‬
‫‪-5‬يستخدم بعض اخلصائص اللغو ّية يف التعبري الشفهي مثل التذكري والتأنيث‪،‬‬
‫ومتييز العدد‪ ،‬واحلال‪ ،‬ونظام الفعل‪ ،‬وأزمنته‪ ،‬وغري ذلك ممّا يلزم املتكلم بالعرب ّية‪.‬‬
‫‪-6‬يكتسب ثروة لفظ ّية كالم ّية مناسبة لعمره‪ ،‬وملستوى نضجه‪ ،‬وقدراته‪ ،‬وأن‬
‫يستخدم هذه الثروة يف إمتام عملية اتصال عرص ّية‪.‬‬
‫واضحا ومفهو ًما يف مواقف احلديث البسيطة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تعبريا‬
‫‪-7‬يعبرّ عن نفسه ً‬
‫‪-8‬يستخدم األعداد يف أثناء املحادثة‪ .‬نحو األعداد من ‪ 0‬إىل ‪ 30‬يف سياقات تتعلق‬
‫بالعمر واملقدار وأرقام اهلاتف وغريها من السياقات املناسبة‪.‬‬
‫‪-9‬يستخدم العبارات التي تدل عىل الوقت نحو الساعات التامة (الساعة الواحدة‪،‬‬
‫الساعة الثانية‪« ،)...‬والنصف»‪« ،‬والربع»‪« ،‬والثلث»‪« ،‬إال ربع»‪« ،‬إال ثلث»‬
‫‪-10‬يستخدم عبارات خاصة بأيام األسبوع واألشهر‪.‬‬
‫‪-11‬يطلب ما يريده أو ما حيتاج إليه ويفهم ما ُيطلب منه‪ .‬نحو‪ :‬أريد ‪ /‬ال أريد (أنا‪،‬‬
‫أنت‪ ،‬هو‪ ،‬هي‪ ،‬نحن)‪.‬‬ ‫أنت‪ِ ،‬‬‫َ‬
‫‪-12‬يسأل أسئلة بسيطة فيام يتعلق بمواضيع معروفة نحو‪ :‬االستفسار عن ثمن‬

‫‪ -1‬حممود كامل الناقة‪ ،‬تعليم اللغة العربية للناطقني بلغات أخرى‪ ،‬مكة‪ :‬حقوق الطبع وإعادته حمفوظة جلامعة أم القرى‪،‬‬
‫ص‪ .130‬وأمحد عليان‪ ،‬املهارات اللغوية ماهيتها وطرائق تدريسها‪ ،‬الرياض‪ :‬دار املسلم‪ 1992 ،‬ص‪.95-94‬‬

‫‪-233-‬‬
‫اليشء وعن الوقت واملسافة من نقطة معينة إىل نقطة أخرى‪.‬‬
‫‪-13‬جييب عن أسئلة بسيطة موجهة إليه‪ .‬ومن ذلك‪ :‬أسئلة عن نفسه وأرسته‬
‫والبيئة املحيطة به‪.‬‬
‫‪-14‬يسأل أسئل ًة بسيطة للحصول عىل معلومات عن أشخاص آخرين‪ .‬ومن ذلك‪:‬‬
‫أين تسكن؟ مع من تسكن؟ ماذا متلك؟ هل لك سيارة؟ ‪...‬‬
‫‪-15‬يتحدّ ث بشكل يتناسب مع األوضاع التي تتطلبها العالقات اليومية‪ .‬ومن‬
‫ذلك‪ :‬تبادل التحيات‪ ،‬اخلطاب‪ ،‬الرجاء‪ ،‬تقديم الشكر‪ ،‬قبول املعذرة‪ ،‬السؤال عن‬
‫احلال والصحة‪...‬‬
‫‪-16‬يستخدم عبارات اللباقة يف أثناء التواصل‪ .‬ومن ذلك‪ :‬طلب املعذرة‪ ،‬قبول‬
‫طلب املعذرة‪ ،‬اقرتاح أمر ما بلباقة‪ ،‬رفض طلب بلباقة‪...‬‬
‫‪-17‬يستخدم عبارات تدل عىل الزمن يف أثناء التواصل‪ .‬ومن ذلك‪ :‬الظروف‬
‫ظهرا‪ ،‬مسا ًء‪ ،‬ليالً‪ ،‬بعد الظهر‪...‬‬
‫صباحا‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫الزمانية‬
‫ر‪/‬كرري‬
‫كر ّ‬ ‫‪-18‬يستفرس عام يريد معرفته‪ .‬نحو‪ :‬كيف أذهب إىل مكتب الربيد؟‪ّ ،‬‬
‫‪/‬فضلك‪ ،‬ما معنى هذه الكلمة؟‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فضلك‬ ‫من‬
‫‪-19‬يجُ ري اتصاالً هاتف ًيا عىل مستوى بسيط‪.‬‬
‫‪-20‬يستخدم األلفاظ اليومية للباقة والنداء يف أثناء التواصل‪.‬‬
‫الق ِ‬
‫راءة‪:‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬مهارة ِ‬
‫ََ‬
‫تعد القراءة من املصادر األساسية لتعلم اللغة العربية للطالب داخل الصف‬
‫وخارجه‪ ،‬ويذهب كثري من الباحثني إىل أن أول ما يواجه املتعلم للغة العربية هو تشابه‬
‫احلروف‪ :‬حيث جيد املتعلم حروف ًا متشاهبة يف الكتابة‪ ،‬ومعيار الفرق بينها هو النطق‪،‬‬
‫واختالف النقط‪ .‬ومثال ذلك‪ :‬ب ت ث‪ ،‬ج خ ح‪ ،‬غ ع‪....‬‬
‫أن احلرف يتغري شكله يف أول الكلمة عنه يف آخرها؛ فاحلرف الواحد قد يأخذ‬ ‫كام ّ‬
‫ال يأخذ أكثر من شكل ومن ذلك‪ :‬عند‪،‬‬ ‫عند الكتابة أشكاالً خمتلفة‪ ،‬فحرف العني مث ً‬
‫معه‪ ،‬باع‪ ،‬إصبع‪.‬‬
‫ذلك أن طبيعة الوصل املوجودة بني األحرف يف الكتابة العربية جتعل احلرف الواحد‬
‫يأخذ أشكاال خمتلفة يتيه فيها املتعلم املبتدئ فتؤخره أحيان ًا‪ .‬زد عىل ذلك أن غياب رسم‬
‫احلركات جيعل الدارس يتلكأ كثري ًا يف ضبط القراءة‪.‬‬

‫‪-234-‬‬
‫وبالرغم من هذه املعوقات إال أنّتا سعينا لتجاوزها بالبدائل اآلتية‪:‬‬
‫أ‪-‬االنتقال بالطالب من األصوات الشائعة يف كل اللغات إىل األصوات اخلاصة‬
‫باللغة العربية‪.‬‬
‫ب‪-‬التدريب املستمر عىل التمييز بني أشكال احلروف وأصواهتا‪.‬‬
‫ج‪-‬االستعانة بالرسوم التخطيطية ملخارج األصوات‪.‬‬
‫د‪-‬التمييز بني األصوات بربهان الثنائيات الصغرى‪ ،‬مثل‪ :‬أعضاء ـ أعداء‪.‬‬
‫ﻫ‪-‬مقارنة أصوات العربية بأصوات لغات الطالب إلدراك الفروق اجلوهرية بينها‪.‬‬
‫وقد سعينا يف هذه املهارة لتحقيق األهداف اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬أن يم ّيز الطالب أصوات اللغة العربية كتاب ًة ال س ّيام األصوات اآلتية‪/ :‬ث س‬
‫ص‪/ ،/‬ح خ هـ‪/ ،/‬د ض ط‪/ ،/‬ذ ز ظ‪/ ،/‬ع أ‪/ ،/‬ق ك‪./‬‬
‫‪-2‬يم ّيز نظام التشكيل يف اللغة العربية‪ .‬حيث يتم تشكيل الكلامت يف البداية بنسبة‬
‫تعو ِد الدارس عىل الكلامت ت َُنزع احلركات تدرجي ًّيا‪.‬‬‫معقولة‪ ،‬لكن مع ُّ‬
‫‪-3‬يقرأ بمساعدة التشكيل‪.‬‬
‫‪-4‬يتابع نصا مقروء ًا جهر ًا‪.‬‬
‫‪-5‬حيدّ د عبارات بسيطة لتبادل التحية‪ .‬ومن ذلك‪ :‬تبادل التحية يف احلياة اليومية‪،‬‬
‫السؤال عن احلال والصحة‪ ،‬التوديع‪ ،‬طلب املعذرة‪ ،‬قبول املعذرة وغريها من العبارات‬
‫املألوفة‪.‬‬
‫‪-6‬حيدّ د الكلامت وجمموعات الكلامت البسيطة املستخدمة يف احلياة اليومية بصورة‬
‫ال وسهالً‪ ،‬صباح‬ ‫متكررة‪ .‬ومن ذلك‪ :‬السالم عليكم‪ /‬وعليكم السالم‪ ،‬مرح ًبا‪ /‬أه ً‬
‫اخلري‪ /‬صباح النور‪ ،‬مساء اخلري‪ /‬مساء النور‪ ،‬إىل اللقاء ‪ /‬مع السالمة ‪ /‬يف أمان اهلل ‪.‬‬
‫‪-7‬يم ّيز العبارات اخلاصة باألعداد فيام يقرؤه‪ .‬ومن ذلك‪ :‬استخدام األعداد من ‪0‬‬
‫إىل ‪ 30‬يف سياقات تتعلق بالعمر واملقدار وأرقام اهلاتف وغريها من السياقات املناسبة‪.‬‬
‫‪-8‬يم ّيز العبارات التي تدل عىل الزمن الواردة يف نص أو حوار يقرؤه مع الرتكيز‬
‫ظهرا‪ ،‬ليالً‪ ،‬صباح‬
‫صباحا‪ ،‬مسا ًء‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫عىل أيام األسبوع واألشهر والظروف الزمانية مثل‪:‬‬
‫صباحا‪. ...‬‬
‫ً‬ ‫الغد‪ ،‬الشهر القادم‪ ،‬السبت املايض‪ ،‬الشتاء القادم‪ ،‬يف الساعة السابعة‬
‫ثالث ًا‪َ :‬مهارة الكتابة‪:‬‬

‫‪-235-‬‬
‫لكل لغة ظواهر متيز كتابتـها‪ .‬ومن أهم ظواهر اللغة العربية‪ :‬الضبط بالشكل( أي‬
‫وضع احلركات القصرية عىل احلروف) والتنوين‪ ،‬والشدة‪ ،‬و(ال) الشمسية‪ ،‬و(ال)‬
‫القمرية‪ ،‬والتاء املفتوحة واملربوطة‪ ،‬واحلروف التي تكتب وال تنطق‪ ،‬واحلروف التي‬
‫تنطق وال تكتب‪ ،‬واهلمزات‪.‬‬
‫ويف عملية النسخ قام الطلبة حتت إرشاف الباح َثينْ املبارش بتقليد نموذج أمامهم‬
‫يعتمد عىل املواد اللغوية‪ ،‬التي سبق للطالب أن استمع إليها‪ ،‬أو قرأها؛ فعندما يشعر‬
‫الطالب أن ما سمعه‪ ،‬أو قرأه‪ ،‬أو قاله‪ ،‬يستطيع كتابته‪ ،‬فإن ذلك يعطيه دافع ًا أكرب للتعلم‬
‫والتقدم‪ .‬والتدرج أمر مهم يف تقديم املادة الكتابية للطالب؛ لذلك بدأ الطلبة بنسخ‬
‫بعض احلروف‪ ،‬ثم بعض الكلامت‪ ،‬ثم كتابة مجل قصرية‪.‬‬
‫ويمكن أن نجمل مشكالت الكتابة التي الحظناها فيام يأيت‪:‬‬
‫‪-1‬كتابة اهلمزة املتوسطة يف غري موقعها‪.‬‬
‫‪-2‬إبدال حرف بآخر‪.‬‬
‫‪-3‬عدم التمييز بني مهزيت الوصل والقطع‪.‬‬
‫‪-4‬فصل ما حقه الوصل‪.‬‬
‫‪-5‬حذف حرف أو أكثر من الكلمة‪.‬‬
‫‪-6‬إضافة حرف أو أكثر إىل الكلمة‪.‬‬
‫‪-7‬اخللط بني األلف املمدودة واملقصورة‪.‬‬
‫‪-8‬كتابة التاء املفتوحة تاء مربوطة‪.‬‬
‫‪-9‬كتابة التاء املربوطة تاء مفتوحة‬
‫‪-10‬اخللط بني اهلاء والتاء املربوطة‬
‫‪-11‬عدم كتابة األلف الفارقة بني واو اجلامعة واو الفعل‬
‫‪-12‬كتابة التنوين نون ًا‪.‬‬
‫‪-13‬كتابة مهزة املد مهزة عادية‪.‬‬
‫وقد سعينا يف هذه املهارة لتحقيق األهداف اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬ينسخ الطالب أصوات اللغة العربية كتاب ًة‪ .‬مع الرتكيز عىل األشكال التي تتخذها‬
‫حروف اللغة العربية يف بداية الكلمة ووسطها وهنايتها‪ ،‬وكذلك احلروف املتشاهبة كتابة‬

‫‪-236-‬‬
‫وهي‪/ :‬ب ت ث‪/ ،/‬ج ح خ‪/ ،/‬د ذ‪/ ،/‬ر ز‪/ ،/‬س ش‪/ ،/‬ص ض‪/ ،/‬ط ظ‪،/‬‬
‫‪/‬ع غ‪/ /‬ف ق‪./‬‬
‫‪-2‬يكتب الكلامت العربية بحـروف منفصـلة وحروف متصلة مع متييز احلرف يف‬
‫أول الكلمة ووسطها وآخرها‪.‬‬
‫‪-3‬يكتب األصوات العربية التي سمعها‪.‬‬
‫‪-4‬يمأل نامذج شخصية‪ .‬ومن ذلك‪ :‬نامذج تُطلب فيها معلومات شخصية مثل‪:‬‬
‫االسم واللقب‪ ،‬اسم الوالد‪ ،‬اسم الوالدة‪ّ ،‬‬
‫حمل امليالد‪ ،‬العمر‪ ،‬املهنة‪ ،‬البلد‪ ،‬العنوان‬
‫الربيدي‪ ،‬الربيد اإللكرتوين‪ ،‬املوقع عىل الشبكة‪. ...‬‬
‫‪-5‬يكتب رسائل قصرية مثل‪ :‬رسائل إلكرتونية أو بطاقات بريدية أو رسائل‬
‫نصية قصرية عرب اهلاتف بمناسبات خمتلفة مثل‪ :‬عيد امليالد‪ ،‬عيد األم‪ ،‬األعياد الدينية‬
‫أو الوطنية‪ ،‬ذكرى االحتفال بالزواج وغريها من املناسبات‪ ،‬وكذلك توجيه دعوة‬
‫ال عن كتابة رسائل شخصية‬ ‫للمشاركة باالحتفال بمناسبات أو حفالت خاصة‪ ،‬فض ً‬
‫تقليدية‪.‬‬
‫عرف بنفسه كتاب ًة باستخدام جمُ ل بسيطة عن البيت والدراسة والعمل‬ ‫‪ُ -6‬ي ّ‬
‫واإلقامة‪. ...‬‬
‫‪-7‬يعبرّ عن أوضاع احلياة اليومية كتاب ًة‪ .‬عن نفسه وأصدقائه وأرسته‪...‬‬
‫‪-8‬يصف املكان الذي يعيش فيه وبيئته بعبارات بسيطة كتاب ًة‪ .‬من املتوقع استخدام‬
‫حار‪ ،‬بارد‪ ...‬إلخ‪ ،‬باإلضافة إىل األلوان‬ ‫صفات مثل‪ :‬قريب من‪ ،‬بعيد عن‪ ،‬مجيل‪ّ ،‬‬
‫األساسية وظروف املكان مثل‪ :‬حتت‪ ،‬فوق‪ ،‬أمام‪ ،‬خلف‪. ...‬‬
‫تدل عىل الزمن يف التعبري التحريري‪ .‬يركَّز عىل أيام األسبوع‬ ‫‪-9‬يستخدم عبارات ّ‬
‫واألشهر‪ ،‬باإلضافة إىل كلامت وتراكيب عن الزمن مثل‪ :‬اليوم‪ ،‬اآلن‪ ،‬هذا األسبوع‪،‬‬
‫هذا الشهر‪ ،‬يف الصيف‪ ،‬يف الشتاء‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫االستِماَ ع‪:‬‬
‫رابع ًا‪َ :‬م َه َار ُة ْ‬
‫وقد سعينا يف هذه املهارة لتحقيق األهداف اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬نقل املتعلم من املحيط الصويت القديم إىل املحيط الصويت اجلديد‪ ،‬فيم ّيز أصوات‬

‫‪-237-‬‬
‫اللغة العربية عن أصوات اللغات األجنبية التي يستمع إليها‪.‬‬
‫‪-2‬التعرف عىل األصوات والتمييز بينها‪ ،‬مع الرتكيز عىل األصوات املتشاهبة نطقا‬
‫وخاصة جمموعات األصوات اآلتية‪/ :‬ث س ص‪/ ،/‬ح خ هـ‪/ ،/‬د ض ط‪/ ،/‬ذ ز‬
‫ظ‪/ ،/‬ع أ‪/ ،/‬ق ك‪.‬‬
‫‪-3‬التعرف عىل التشديد والتنوين ومتييزمها صوتي ًا‪.‬‬
‫‪-4‬إدراك املعنى العام للكالم‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق تقديم جمموعة من الكلامت أو‬
‫العبارات البسيطة يستطيع املتكلم نطقها بسهولة‪.‬‬
‫‪-5‬إدراك بعض التغريات يف املعنى الناجتة عن تغري يف بنية الكلمة (كتغري الصوت‪،‬‬
‫أو إضافة حرف) وذلك للفت األنظار إىل وظيفة األصوات‪ ،‬وأثرها يف املعنى‪ ،‬والتعرف‬
‫شيئا فشيئا عىل بنية اللغة‪.‬‬
‫‪-6‬فهم العبارات األساسية املتعلقة بتبادل التحية نحو‪ :‬السالم عليكم‪ /‬وعليكم‬
‫ال وسهالً‪ ،‬صباح اخلري‪ /‬صباح النور‪ ،‬مساء اخلري‪ /‬مساء النور‪ ،‬إىل‬ ‫السالم‪ ،‬مرح ًبا‪ /‬أه ً‬
‫اللقاء ‪ /‬مع السالمة ‪ /‬يف أمان اهلل‪.‬‬
‫عفوا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫شكرا‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫فضلك‪ /‬من فضلك‪،‬‬ ‫‪-7‬فهم عبارات اللباقة األساسية نحو‪ :‬من‬
‫آسف‪/‬آسفة‪.‬‬
‫‪-8‬يم ّيز بني العبارات األساسية التي تدل عىل الزمن نحو‪ :‬أمس‪ ،‬اليوم‪ ،‬اآلن‪ ،‬غدً ا‪،‬‬
‫هنارا ‪.‬‬
‫ظهرا‪ ،‬مسا ًء‪ ،‬ليالً‪ً ،‬‬
‫صباحا‪ً ،‬‬
‫ً‬
‫‪-9‬يم ّيز أدوات االستفهام عن غريها‪.‬‬
‫‪-10‬يم ّيز الكلامت واألسامء واألماكن «الدولية» التي ترد يف حديث بطيء الرسعة‬
‫نحو‪ :‬أنا من فرنسا‪ ،‬هو من برلني‪ ،‬حممد من تونس‪ ،‬جورج من نيويورك‪ ،‬إزابيال من إيطاليا‪.‬‬
‫‪-11‬يم ّيز بني األعداد‪ .‬ومن ذلك األعداد من ‪ 0‬إىل ‪ 30‬يف سياقات تتعلق بالعمر‬
‫واملقدار وأرقام اهلاتف وغريها من السياقات املناسبة‪.‬‬
‫‪-12‬يفهم العبارات اخلاصة بالوقت نحو‪( :‬الساعة الواحدة‪ ،‬الساعة الثانية‪،)...‬‬
‫«والنصف»‪« ،‬والربع»‪« ،‬والثلث»‪« ،‬إال ربع»‪« ،‬إال ثلث»‪.‬‬
‫‪-13‬يفهم العبارات اخلاصة بأيام األسبوع واألشهر‪.‬‬
‫‪-14‬يفهم املحادثات اليومية البسيطة التي يسمعها‪ .‬نحو‪ :‬تبادل التحية‪ ،‬والوداع‪،‬‬
‫والتعارف‪ ،‬والتعبري عن الشكر‪ ،‬والتهنئة‪ ،‬واالستئذان‪ ،‬واستخدام وسائل النقل العامة‪،‬‬

‫‪-238-‬‬
‫والتسوق‪ ،‬وحياة الطالب الدراسية‪ ،‬واملكان الذي يعيش فيه‪ ،‬وغريها من املواضيع اليومية‪.‬‬
‫النتائج‪:‬‬
‫تناول البحث جتربة الباح َثينْ يف تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها يف كل ّية العلوم‬
‫اإلسالم ّية يف جامعة بارطِن الرتكية عام ‪ ،2016-2015‬وبينّ معامل هذه التجربة من‬
‫حيث التحدّ يات التي واجهت الباح َثينْ واألهداف التي سعيا لتحقيقها‪.‬‬
‫أن اللغة العربية التي نرومها يف تعليم العربية للناطقني بغريها هي‬ ‫كام بني البحث ّ‬
‫«فصحى العرص»؛ إذ هي الصيغة األسهل تناوال واألقرب مناال بحكم قرهبا الزمني‬
‫ومعايشتها ملجاالت احلياة اليومية‪.‬‬
‫وناقش أهم املهام التي ينبغي ملعلم اللغة العربية للناطقني بغريها يف اجلامعات‬
‫الرتك ّية أن يقوم هبا‪ ،‬ولفت إىل واجبات طالب اللغة العربية يف تلك اجلامعات‪.‬‬
‫وحتدث البحث عن مواصفات معلم اللغة العربية للناطقني بغريها مبين ًا أنه‬
‫متخصص مثقف يعتمد عىل معرفة حقة بعلوم العربية ونظامها اللغوي‪ ،‬وأنه ناطق‬
‫فصيح يبني لسامعه أصوات العربية بصفائها فال تخُ الط لسانه عجمة وال حتول بينه وبني‬
‫اللغة حبسة أو عيب نطقي‪.‬‬
‫أن اللغة العربية مل لغة خاصة بالعرب وحدهم‪ ،‬بل أضحت لغة عاملية‬ ‫وبني البحث ّ‬
‫يطلبها غري املختص هبا؛ وذلك ألغراض خمتلفة متعلقة به‪.‬‬
‫وأوضح أن املقصود باللغة العربية يف تعليم أبناء العربية الناطقني هبا أم غري الناطقني‬
‫هبا هي العربية الفصحى وليست العام ّية‪.‬‬
‫وقد خ ُلص الباحثان بعد إجراء جتربتهام إىل النتائج اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬كرس احلاجز اللغوي عند الطالب يف قراءة نصوص العربية وفهمها‪.‬‬
‫‪-2‬الشعور بالثقة نتيجة التواصل اللغوي مع أبناء العربية أو مشاهدة وسائل‬
‫اإلعالم‪.‬‬
‫‪-3‬قلة األخطاء الرتكيبية يف أثناء تواصلهم حديثا أو كتابة‪.‬‬
‫‪-4‬تقدم مستوى الطالب عىل املستوى العام يف مهارات اللغة األربعة‪.‬‬
‫‪-5‬الرغبة يف تعلم املزيد من مهارات اللغة األربعة‪.‬‬
‫‪-6‬التخلص من الصعوبات التشاهبية يف القواعد؛ فمث ً‬
‫ال يف اللغة الرتكية تسبق‬

‫‪-239-‬‬
‫الصفة املوصوف‪ ،‬واملضاف إليه يأيت قبل املضاف‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬كبرية جامعة‪ .‬صالح‬
‫رجل‪ .‬جمتهدة طالبة‪ .‬وما إلی ذلك‪ .‬وكذلك قد يقدم املضاف إليه علی املضاف‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬زيد كتاب‪ .‬احلكومة مدرسة‪ .‬الرجل بيت‪.‬‬
‫‪-7‬معرفة العربية يعني معرفة الترصف بالعربية وليس معرفة معلومات عنها فقط‪ ،‬لذا‬
‫جيب الرتكيز عىل الفعل واملامرسة أكثر من التعليم التجريدي‪ ،‬وذلك باحلث عىل ممارستها‬
‫يف املحيط الشخيص واالجتامعي ومن ثم يف املحيط املهني األكاديمي واملتخصص‪.‬‬
‫‪-8‬توظيف التكنولوجيا احلديثة بكل إمكانياهتا وبشكل جتديدي ومتواصل‪.‬‬
‫وتطوير جمال استخدام التقنيات احلديثة والتعليم اإللكرتوين يف الصف الدرايس‪.‬‬
‫‪-9‬عدم التشدد يف املحاسبة عىل األخطاء؛ ألن اخلطأ عند الطالب هو جزء من‬
‫عملية التكوين‪ ،‬لذا فعىل املدرس أن يأخذ بالسياق العام للتعبري وأن يكون مرن ًا كي‬
‫ال يسبب اخلوف واإلحباط‪ ،‬لذا البد من التعامل مع األخطاء بإجيابية ألهنا جزء من‬
‫عملية التعلم‪.‬‬
‫‪-10‬تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا واجب قومي عىل كل متخصص؛ ملا له‬
‫من تأثري عميق يف نرش الثقافة العربية بصورة صحيحة تتناسب وعراقتها‪ ،‬وملا له من‬
‫قدرة عىل فتح أبواب احلوار مع اآلخر‪ ،‬بل وتفهم تفكريه؛ مما يدفع حركة التواصل معه‬
‫يف شتى مناحي احلياة‪ .‬فاللغة العربية لغة املستقبل‪.‬‬
‫‪-11‬أكرب صعوبة تواجه الطلبة هي القدرة عىل استخدام العربية يف التعبري الشفهي‬
‫والكتايب‪ .‬والسبب الرئييس وراء ذلك أن اللغة العربية ليست لغة املجتمع يف تركيا‪،‬‬
‫فخارج قاعة الدرس ال يكاد جيد الطالب من حيادثه بالعربية‪.‬‬

‫‪-240-‬‬
‫مراجع البحث‪:‬‬

‫القرآن الكريم‬

‫أمحد فؤاد متوليّ ‪ ،‬تأثري اللغة العرب ّية يف اللغة الرتك ّية‪ ،‬جم ّلة الفيصل‪ ،‬عدد ‪.140‬‬
‫أمحد الدياب‪ ،‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العرب ّية واملقرتحات‪،‬‬
‫رسالة ماجستري‪ ،‬إرشاف موسى يلدز‪ ،‬جامعة أنقرة‪.2012 ،‬‬
‫أمحد عليان‪ ،‬املهارات اللغوية ماهيتها وطرائق تدريسها‪ ،‬الرياض‪ :‬دار املسلم‪.‬‬
‫حسني حمفوظ‪ ،‬أثر اللغة العربية يف الشعوب الرشقية‪ :‬اإلعالم‪ -‬اللهجات يف‬
‫إيران وتركية واهلند‪ ،‬جملة املورد العراقية‪ ،‬عدد‪ ،4‬جملد‪.9‬‬
‫اجلاحظ‪ ،‬أبو عمرو عثامن بن بحر‪ ،‬احليوان‪ ،‬دار اهلالل‪ ،‬بريوت‪.1997 ،‬‬
‫ابن خلدون‪ ،‬املقدمة‪ ،‬حتقيق‪ :‬درويش اجلويدي‪ ،‬املكتبة العرصية‪ ،‬بريوت‪.2002 ،‬‬
‫حسان‪ ،‬اللغة العرب ّية معناها ومبناها‪ ،‬اهليئة املرص ّية العا ّمة للكتاب‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫متام ّ‬
‫‪.1979‬‬
‫رشدي أمحد طعيمة‪ ،‬وحممود كامل الناقة‪ ،‬تعليم اللغة اتصاليا بني املناهج‬
‫واالسرتاتيجيات‪ ،‬منشورات املنظمة اإلسالمية للرتبية والعلوم والثقافة (إيسسكو)‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫رضا السوييس‪ ،‬التكوين الرتبوي ألساتذة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬منشورات‬
‫املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪.1992 ،‬‬
‫سارنوف أ‪.‬مدنيك‪ ،‬هوارد ر‪.‬بوليو‪ ،‬أليزابيث ف‪.‬لوفتس‪ ،‬التع ّلم‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد‬
‫إسامعيل‪ ،‬حممد نجايت‪ ،‬دار الرشوق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1989 ،3‬‬
‫عبد الرمحن بن إبراهيم الفوزان‪ ،‬إضاءات ملعلمي اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪،‬‬
‫الرياض‪ :‬مكتبة امللك فهد الوطنية ‪1432‬ه ‪2011‬م‪.‬‬
‫عبد السيد‪ ،‬تعليم اللغة العربية الرسالة العلمية‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار الفكر‪.2003 ،‬‬
‫عبد اهلل التطاوي‪ ،‬حول اللغة العربية والسياق الثقايف‪ ،‬دار الثقافة‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫عيل أمحد اخلطيب‪ ،‬جتربة األزهر الرشيف يف جمال تعليم العربية لغري الناطقني هبا‪،‬‬
‫منشورات املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪.1992 ،‬‬

‫‪-241-‬‬
‫عيل عبد الواحد عبد احلميد‪ ،‬نظرة عىل تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬ورقة بحثية‬
‫مقدمة لورشة عمل نظمتها كلية اإلهليات جامعة نجم الدين أربكان لبحث مشكالت‬
‫تعليم اللغة العربية يف كليات اإلهليات وثانويات األئمة واخلطباء يف تركيا‪.2013 ،‬‬
‫فايز مراد دنش‪ ،‬دليل الرتبية العملية‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ط‪.2002 ،1‬‬
‫فخر الدين الرازي‪ ،‬املحصول يف علم أصول الفقه‪ ،‬حتقيق طه جابر فياض‬
‫العلواين‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫كامل برش‪ ،‬اللغة العربية بني الوهم وسوء الفهم‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪.1999 ،‬‬
‫مازن املبارك‪ ،‬نحو وعي لغوي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪.1985 ،2‬‬
‫حممود السيد‪ ،‬إعداد مع ِّلم ال ّلغة العرب ّية‪ ،‬بحث مقدم إىل املؤمتر اخلمسني ملجمع‬
‫ال ّلغة العرب ّية يف القاهرة‪.2009 ،‬‬
‫حممود كامل الناقة‪ ،‬تعليم اللغة العربية للناطقني بلغات أخرى‪ ،‬مكة‪ :‬حقوق‬
‫الطبع وإعادته حمفوظة جلامعة أم القرى‪.‬‬
‫حمي الدين األلوائي‪ ،‬الطريقة املثىل لتعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬موقع‬
‫جامعة أم القرى ‪.https://uqu.edu.sa/maszahrani/ar/25115‬‬
‫جمدي عزيز إبراهيم‪ ،‬رؤية إلعداد املع ِّلم يف عرص املعلوماتية‪ ،‬وقائع املؤمتر العلمي‬
‫الثاين «الدور املتغري للمع ِّلم العريب يف جمتمع الغد‪ :‬رؤية عربية»‪ ،‬جامعة أسيوط (‪-18‬‬
‫‪،)20‬إبريل‪.2000 ،‬‬
‫نادية عبد العظيم‪ ،‬االحتياجات الفردية للتالميذ وإلتقان التعلم‪ ،‬دار‬
‫املريخ‪  ،‬الرياض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪.1991 ،‬‬
‫يعقوب جيولك‪ ،‬حممود قدوم «احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العرب ّية والرتك ّية‬
‫وتأثريها يف تعليم العرب ّية للطلبة األتراك» أعامل مؤمتر النقد الدويل اخلامس عرش‬
‫«الرتاث اللغوي واألديب والنقدي العريب يف اآلداب العامل ّية» الذي نظمته جامعة‬
‫الريموك األردنية يف تاريخ ‪ 30-28‬يوليو ‪ ،2015‬دار جرير‪ ،‬عماّ ن‪.2015 ،‬‬
‫«املقومات املهن ّية والثقاف ّية والشخص ّية ملع ّلم اللغة‬
‫ّ‬ ‫يعقوب جيولك‪ ،‬حممود قدوم‬
‫العرب ّية يف اجلامعات الرتك ّية»‪ ،‬أعامل املؤمتر السنوي التاسع ملعهد ابن سينا للعلوم‬
‫الفرنس ّية‪ ،‬مدينة ليل الفرنسية يف تاريخ ‪ 26-25‬يوليو‪ ،2015-‬مركز امللك عبداهلل بن‬
‫عبدالعزيز يف الرياض‪.2016-2015 ،‬‬

‫‪-242-‬‬
‫اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‬
‫بني الواقع وامل�أمول‬
‫د‪ .‬أمحد حسن حممد عيل‬
‫أستاذ مساعد يف تعليم اللغة العربية‬
‫كلية العلوم اإلسالمية ‪ -‬جامعة ألوداغ‪ -‬تركيا‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫عرفت اللغة بأهنا جمموعة من الرموز الصوتية التي حيكمها نظام معني‪ ،‬ويتعارف‬
‫أفراد جمتمع ذي ثقافة معينة عىل دالالهتا؛ من أجل حتقيق االتصال بينهم(‪ ،)1‬فهي‬
‫أسلوب تعايش بني الناس‪ ،‬ووسيلة تفاعل وتواصل بني الشعوب‪ ،‬وهي الوسيلة‬
‫األوىل التي تعمل عىل بناء األمة وحضارهتا ومحاية كياهنا(‪ ،)2‬كام أهنا املستودع لرتاث‬
‫املجتمع‪ ،‬والرباط الذي يوحد كلمتهم‪ ،‬وجيمع بينهم فكريا‪ ،‬وهي اجلرس الذي تعرب‬
‫عليه األجيال من املايض إىل احلارض واملستقبل‪.‬‬
‫وإذا صدق هذا عىل اللغات عامة‪ ،‬فإنه يصدق عىل لغتنا العربية خاصة‪ ،‬التي‬
‫استوعبت الرتاثني العريب واإلسالمي‪ ،‬كام استوعبت ما نقل إليها من تراث األمم‬
‫والشعوب ذات احلضارة القديمة؛ كالفارسية واليونانية والرومانية واملرصية‪ ،‬ونقلته‬
‫إىل البرشية يف فرتة ما أسس احلضارة وعوامل التقدم يف العلوم والطبيعة والرياضيات‬
‫والطب والفلك واملوسيقى‪ )3(.‬وتتمثل أمهية اللغة العربية يف كوهنا لغة القرآن حيث‬
‫ارتبطت باإلسالم ارتباطا كبريا؛ فهي اللغة الدينية جلميع املسلمني يف مجيع أنحاء العامل‬
‫سواء أكانوا يتكلمون العربية أم ال يتكلموهنا‪ ،‬وهم يتلون القرآن الكريم يف أصله‬

‫‪-243-‬‬
‫العريب‪ ،‬وليست هناك ترمجة يف أي لغة يمكن أن تستخدم بديال عن األصل العريب‪،‬‬
‫كذلك فالصلوات اخلمسة ينبغي عىل كل مسلم أن يؤدهيا بالعربية‪ ،‬ومثل هذا يقال‬
‫عن بقية شعائر اإليامن والعبادات(‪ ،)4‬كام اعتربهتا األمم املتحدة‪ -‬يف الدورة الثامنة‬
‫والعرشين‪-‬إحدى لغات ستة تستخدم بوصفها لغات رسمية ولغات عمل؛ إذ ينص‬
‫القرار رقم ‪ 28‬عىل إدخال اللغة العربية بني اللغات الرسمية‪ ،‬ولغات العمل التي‬
‫تستخدم يف اجلمعية العامة وفروعها الرئيسة (‪.)Decision 28 the session: 1973، 149‬‬
‫ولألسباب التي ذكرت آنفا‪ ،‬أصبحت اللغة العربية اليوم لغة تع َّلم وتُدَ َّرس وتلقى‬
‫اهتامما كبريا يف كل بالد العامل السيام تركيا‪ ،‬التي ارتبطت ثقافتها باإلسالم بعد اعتناقهم‬
‫له يف عهد القراخانيني (‪932‬م ـ‪1212‬م)؛ إذ اختذ األتراك احلروف العربية يف كتابة‬
‫اللغة الرتكية‪ ،‬وبذلك احتلت لغة القرآن مكانة مرموقة يف حياة األتراك‪ ،‬كام كانت اللغة‬
‫الرسمية للدولة الرتكية يف األناضول وذلك حتى القرن الثاين عرش‪ .‬وقد احتفظت اللغة‬
‫العربية هبذه املكانة حتى القرن الثالث عرش قبل أن حتل حملها اللغة الفارسية تدرجييا‪،‬‬
‫ومل يكن اهلدف املنشود من املدارس –آنذاك‪-‬هو تعليم اللغة نفسها‪ ،‬بل كان اهلدف‬
‫(‪)5‬‬
‫ترسيخ التعليم الديني بوساطة لغة القرآن‪.‬‬
‫وقد قاست اللغة العربية‪-‬يف تركيا‪ -‬من محالت الترتيك الرشسة التي بدأت يف‬
‫أواخر عهد اخلالفة العثامنية‪ ،‬ثم تواصلت بعد اهنيار اخلالفة وقيام مجهورية تركيا بيد‬
‫مصطفى كامل أتاتورك‪1923‬م‪ ،‬وبدت حماوالته يف حمو الكلامت العربية من القاموس‬
‫واستبدال احلرف الالتيني بالعريب‪ ،‬إىل درجة حظر تعليم القرآن الكريم وحتويل األذان‬
‫من العربية إىل الرتكية‪ ،‬وبعد وفاة أتاتورك تابع خلفاؤه‪ -‬وعىل رأسهم رئيس اجلمهورية‬
‫عصمت إين أونه ‪-‬الطريق نفسه أكثر من مخس عرشة سنة‪ ،‬ولكن بشكل أكثر حزما‪،‬‬
‫تأثرا باللغة العربية؛ ألن فيها كماً‬
‫ورغم كل ذلك فإن اللغة الرتكية من أكثراللغات ً‬
‫ال من املفردات العربية يقارب (أربعني يف املائة) عىل أقل تقدير من جمموع املفردات‬ ‫هائ ً‬
‫(‪)6‬‬
‫الرتكية‪.‬‬
‫أما يف العرص احلارض فقد اهتمت العديد من املؤسسات الرتكية بتعليم اللغة‬
‫العربية‪ ،‬مثل‪ :‬مدارس األئمة واخلطباء(ثانويات األئمة واخلطباء)‪ ،‬وكليات العلوم‬
‫اإلسالمية(اإلهليات)‪ ،‬وأقسام اللغة العربية يف كليات اآلداب والرتبية‪ ،‬فضال عن‬
‫كليات الرتمجة‪ ،‬ويضاف إىل ذلك تدريسها يف مراكز التعليم املحلية‪ ،‬والدورات‬

‫‪-244-‬‬
‫املتخصصة‪ ،‬واملدارس اخلاصة‪ .‬ومع اختالف عدد دروس اللغة العربية ومستوياهتا‬
‫يف املايض واحلارض اتفقت كل املؤسسات أن التعليم الديني يف تركيا هو السبب‬
‫الرئيس الداعي إىل تدريس الللغة العربية(‪ ،)7‬وقد شهدت تركيا يف السنوات العرش‬
‫األخرية اهتامما متزايدا باللغة العربية السيام يف اخلمس األخرية منها؛ فعىل مستوى‬
‫املدارس أعلنت وزارة التعليم الرتكية عن إضافة اللغة العربية إىل املناهج التعليمية‬
‫لطالب املرحلة االبتدائية‪ ،‬ابتداء من العام الدرايس (‪ ،)2017-2016‬موضحة أن‬
‫اللغة العربية ستدرس بوصفها إحدى اللغات األجنبية االختيارية لكل من الصفوف‬
‫االبتدائية‪( :‬الثاين‪ ،‬الثالث‪ ،‬الرابع)‪ -‬فضال عن تدريسها مسبقا يف صفوف املرحلة‬
‫املتوسطة‪(:‬اخلامس‪ ،‬السادس‪ ،‬السابع‪ ،‬الثامن)‪ ،‬واملدارس الثانوية املعروفة باسم‬
‫«مدارس األئمة واخلطباء»‪ .‬وعزت احلكومة قرارها إىل أمهية اللغة العربية التي ينطق‬
‫هبا نحو (‪ )350‬مليون شخص يف (‪ )22‬دولة يف العامل‪ ،‬إضافة إىل ما وصفتها بالدواعي‬
‫(‪)8‬‬
‫التارخيية والثقافية التي تستدعي تعلمها يف أية دولة مسلمة‪.‬‬
‫وعىل مستوى اجلامعات فإن اللغة العربية تعد مادة أساسية يف كليات العلوم‬
‫اإلسالمية(اإلهليات)‪ ،‬حيث تدرس‪ -‬يف معظمها‪ -‬ملدة سنة كاملة تعرف بـ(السنة‬
‫التحضريية)‪ ،‬يشرتط النجاح فيها كي ينتقل الطالب إىل دراسة السنة األوىل‪ .‬وقد كان‬
‫عدد هذه الكليات قبل مخس سنوات (‪ )21‬كلية يف عموم تركيا‪ ،‬أما اليوم فقد جتاوز‬
‫(‪)9‬‬
‫(‪ )95‬كلية‪.‬‬
‫وعىل الرغم من تلك اجلهود الكبرية التي تبذهلا احلكومة الرتكية ومؤسساهتا‬
‫التعليمية إال أهنا مل حتقق النتائج املرجوة يف تعليم اللغة العربية بسبب جمموعة من‬
‫املشكالت والتحديات‪ ،‬التي يتعلق بعضها باملناهج التعليمية‪ ،‬ويتعلق بعضها بمعلمي‬
‫اللغة العربية‪ ،‬ويتعلق البعض اآلخر بالطالب أنفسهم‪.‬‬
‫فمن ناحية مناهج تعليم العربية أكدت دراسة يوسف دوغان(‪ )10‬أن بعض الكتب‬
‫واملناهج أعدت يف تركيا‪ ،‬وبعضها اآلخر ُألف خارج البالد‪ ،‬لكن أمورا كثرية ُأغفلت يف‬
‫آتيفها‪،‬ألنه من بدهيات طرائق تدريس اللغات األجنبية إجراء مقارنات بني اخلصائص‬
‫املتشاهبة وغري املتشاهبة للغة األم واللغة املستهدفة؛ إذ يسهل ذلك تعلمها‪ ،‬وجيعلها‬
‫أكثر خصوبة‪ ،‬وهو ما خلت منه كتب تدريس اللغة العربية يف تركيا‪ .‬كام أشارإبراهيم‬
‫شعبان(‪)11‬إىل أهنا خلت يف بنائها من األسس العلمية الالزمة لكتب تعليم اللغات بصفة‬

‫‪-245-‬‬
‫عامة‪ ،‬والالزمة لتعليم األتراك بصفة خاصة؛ ومن ثم كانت ثمة حاجة ماسة إىل برامج‬
‫(‪)12‬‬
‫مناسبة للطالب األتراك‪.‬‬
‫ومن ناحية املعلمني فقد توصلت دراسة عمر أغلو(‪)13‬إىل عدم توافر املؤهالت‬
‫الدراسية عموما لدى معلم مادة اللغة العربية‪ ،‬لكون معظمهم متخرجني يف كليات‬
‫اإلهليات التي ليس من ختصصها تدريس اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ .‬أما‬
‫دراسةطاهر أيدين(‪)14‬فأكدت أن معظم طرائق املعلمني يف التدريس تعتمد عىل طريقة‬
‫النحو والرتمجة؛ مما أدى إىل ضعف قدرة الطالب عىل الكالم والكتابة‪ ،‬حيث تتلخص‬
‫مهمتهم‪ -‬معظم األحيان‪ -‬يف تعليم النحو والرصف والقواعد األساسية عن طريق‬
‫احلفظ؛ فاملعلم ال هيمه أن يتعلم الطالب اللغة عىل حقيقتها‪ ،‬ولكن ما هيمه هو تعليم‬
‫القواعد النحوية والرصفية؛ ويعللون ذلك أنه يساعد يف فهم القرآن والسنة‪ .‬ويضاف‬
‫إىل ما سبق أنه ال يزال بعض املعلمني يستخدمون أساليب التقويم البسيطة التي ال‬
‫(‪)15‬‬
‫تساعد كثريا يف عملية إكساب اللغة‪.‬‬
‫ومن ناحية الدارسني فقد أشارت دراسة يوسف دوغان‪ ،‬وآخر(‪)16‬إىل أن الطالب‬
‫يستطيع أن يفهم مواده الدراسية األخرى بقدر معرفته للغته األم‪ ،‬وإن أحد أهداف‬
‫تدريس الطالب القواعد يف إطار اللغة األم هو متكينه من استيعاب قواعد اللغات‬
‫األخرى؛ ليتسنى له املقارنة بينها وبني لغته األم‪ ،‬ونفهم مما سبق أن أحد أسباب الفشل‬
‫يف تدريس اللغة العربية يف تركيا هو عدم إملام الطالب الرتكي بقواعد اللغة الرتكية‬
‫كاف‪ ،‬كام كشفت دراسة (أمحد الدياب)(‪)17‬أن كثريا من املعلمني يشكون من‬ ‫بشكل ٍ‬
‫ضعف اجتهاد طالهبم يف البيت‪ ،‬األمر الذي يرجع إما ألسباب ذاتية مثل‪ :‬املرحلة‬
‫العمرية‪ ،‬ووسائل الرتفيه احلديثة‪ ،‬وإما ألسباب موضوعية غالبا ما تتعلق بالبيئة‬
‫األرسية واالجتامعية‪ ،‬وأرجعت دراسة كريم اخلويل(‪)18‬مشكالت الدارسني إىل ضعف‬
‫دافعية الطالب نحو تعلم اللغة العربية‪ ،‬ونتيجة لذلك فهم ال يبدون اهتامما أو اجتهادا‬
‫نحو التعلم‪.‬‬
‫ويضاف إىل ما سبق ما الحظه الباحث من انخفاض مستوى داريس اللغة العربية‬
‫يف كليات العلوم اإلسالمية «اإلهليات» بصفة عامة‪ ،‬باستثناء بعض التجارب يف بعض‬
‫الكليات‪ ،‬األمر الذي دفع الباحث إىل البحث عن األسباب الرئيسة هلذه املشكالت‪،‬‬
‫ومدى شيوعها بني كليات «اإلهليات» يف تركيا‪ ،‬من أجل اقرتاح حلول هلا‪.‬‬

‫‪-246-‬‬
‫اإلحساس باملشكلة‪:‬‬
‫شهد تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها اهتامما كبريا عىل املستويني املحيل والعاملي‬
‫انطالقا من مكانتها التي حتظى هبا؛ إذ يتحدثها أكثر من (‪ )422‬مليون نسمة‪ ،‬فضال‬
‫عن مكانتها اخلاصة لدى املسلمني يف أنحاء العامل الذين بلغ تعدادهم (‪ )1.62‬مليار‬
‫نسمة‪ ،‬بنسبة تفوق (‪ )%23‬من سكان العامل‪ ،‬كام أهنا تعد يف املرتبة اخلامسة عاملي ًا من بني‬
‫(‪)19‬‬
‫اللغات العرش األكثر استعامالً يف العامل بحسب ويكيبيديا املوسوعة احلرة‪.‬‬
‫ونظرا هلذه األمهية فقد سعت دول العامل إىل تعليم اللغة العربية يف بالدها‪ ،‬وعىل‬
‫رأسها تركيا التي ارتبطت باللغة العربية ارتباطا دينيا وثقافيا وتارخييا عرب العصور‪،‬‬
‫ويضاف إىل ذلك سياسات االنفتاح التي تبنتها احلكومة الرتكية عىل العامل العريب‪،‬‬
‫وإقبال املواطنني العرب من مجيع الدول العربية عىل زيارة تركيا‪ ،‬مما دفع املؤسسات‬
‫التعليمية يف تركيا إىل االهتامم باللغة العربية‪ ،‬فأنشئت املدارس التي تدرس اللغة العربية‬
‫فبلغ عددها (‪ 854‬مدرسة)عام ‪ 2014‬بعد أن كان (‪ 453‬مدرسة) ‪.2005‬‬
‫ورغم اهتامم املؤسسات التعليمية بتعليم اللغة العربية إال أن العديد من الدراسات‬
‫قد توصلت إىل عدد من املشكالت التي تعوق تعليم اللغة العربية برتكيا؛ منها ما يتعلق‬
‫بالقصور يف الكتب واملناهج املقدمة للدارسني(‪ ،)20‬ومنها ما يتعلق باملعلمني وطرائق‬
‫(‪)22‬‬
‫تدريسهم(‪ ،)21‬ومنها ما يتعلق بالطالب أنفسهم وضعف دافعيتهم نحو التعلم‪.‬‬
‫وبناء عىل ما سبق تربز أمهية البحث احلايل يف رضورة حتديد مشكالت تعليم اللغة‬
‫العربية يف كليات العلوم اإلسالمية«اإلهليات»؛ هبدف اقرتاح حلول مناسبة وواقعية‬
‫تناسب املجتمع الرتكي‪.‬‬
‫حتديد املشكلة‪:‬‬
‫عىل الرغم من اجلهود التي تبذهلا احلكومة الرتكية ومؤسساهتا يف تعليم اللغة العربية‪،‬‬
‫وخصوصا يف كليات العلوم اإلسالمية «اإلهليات» إال أن نتائج تلك اجلهود مل تؤت‬
‫ثامرها املرجوة؛ ألهنا تواجه العديد من املشكالت؛ منها ما يتعلق باملناهج الدراسية‪،‬‬
‫ومنها ما يتعلق باملعلمني‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالطالب أنفسهم‪.‬‬
‫وبناء عىل ذلك فقد حتددت مشكلة هذه الدراسة يف اإلجابة عن األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬ما مناهج تعليم اللغة العربية يف تلك الكليات؟‬

‫‪-247-‬‬
‫‪ -2‬ما أسس اختيار املعلمني الذين يقومون بالتدريس يف هذه الكليات؟‬
‫‪ -3‬ما املشكالت اخلاصة بالطالب؟‬
‫‪ -4‬ما احللول املقرتحة؟‬
‫إجراءات الدراسة‪:‬‬
‫تسري هذا الدراسة وفق اخلطوات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬حتديد املشكالت املتعلقة بتعليم اللغة العربية يف كليات العلوم اإلسالمية‬
‫«اإلهليات» باجلامعات الرتكية‪ ،‬من خالل بناء استبانة؛ وجيري ذلك تبعا للخطوات‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬إجراء مسح للدراسات العربية واألجنبية التي اهتمت بتقويم برامج تعليم اللغة‬
‫العربية السيام يف تركيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬مقابلة عدد من املتخصصني يف جمال تعليم العربية للناطقني بغريها؛ لالستفادة‬
‫من آرائهم يف بناء االستبانة‪.‬‬
‫توصل إليه يف اخلطوتني السابقتني يف استبانة مبدئية‪ ،‬يتم عرضها‬ ‫ج‪ -‬تصنيف ما ّ‬
‫عىل بعض اخلرباء هبدف الوصول إىل شكلها النهائي‪.‬‬
‫د‪ -‬عرض االستبانة عىل جمموعة من املحكمني يف جمال تعليم العربية للناطقني‬
‫بغريها‪.‬‬
‫هـ‪ -‬تعديل االستبانة يف ضوء نصائح املحكمني‪.‬‬
‫و‪ -‬الوصول إىل الشكل النهائي لالستبانة‪.‬‬
‫‪ -2‬حتديد الفروق يف نتائج تطبيق حماور االستبانة تبعا الختالف اجلامعات‪ ،‬ويتم‬
‫ذلك من خالل‪:‬‬
‫أ‪ -‬اختيار اجلامعات التي سيتم تقويم براجمها‪.‬‬
‫ب‪ -‬طبقت االستبانة عىل كل جامعة عىل حدة‪.‬‬
‫‪ -3‬رصد النتائج وحتليلها وتفسريها‪.‬‬

‫‪-248-‬‬
‫حدود الدراسة‪:‬‬
‫تتحدد هذه الدراسة باحلدود اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬حدود مكانية‪:‬‬
‫طبقت الدراسة احلالية عىل عرش كليات من كليات العلوم اإلسالمية «اإلهليات»‬
‫برتكيا‪ ،‬تسعة منها تابعة لوزارة التعليم العايل«‪ (:»YÖK‬ألوداغ‪ -‬مرمرة‪-‬جومشهانة‪-‬‬
‫يوزنجي يل‪ -‬تراكيا‪ -‬ماردين آرتوقلو‪ -‬باموق قلعة‪ -‬غريسون‪ -‬دبلمنار)‪ ،‬إضافة إىل‬
‫جامعة (السلطان حممد الفاتح الوقفية اخلاصة) التي تدرس املواد العربية والرشعية‬
‫باللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -2‬حدود زمانية‪:‬‬
‫طبقت الدراسة يف الفصل الدرايس من العام الدرايس(‪.)2016-2015‬‬
‫‪ -3‬حدود موضوعية‪ :‬يقترص البحث احلايل عىل‪:‬‬
‫أ ‪ -‬املناهج التعليمية بكليات العلوم اإلسالمية«اإلهليات»‪ :‬من حيث التعرف عىل‬
‫الكتب والسالسل التعليمية املستخدمة يف اجلامعات‪ ،‬والتعرف عىل عدد ساعاهتا‬
‫التدريسية‪ ،‬ومدى كفاياهتا لتحقيق أهداف التعلم‪ ،‬وكذلك مدى كفايات هذه الكتب‬
‫من املهارات اللغوية ووفائها بحاجات الدارسني‪ ،‬وأيضا طرائق التقويم‪.‬‬
‫ب‪ -‬معلمي كليات العلوم اإلسالمية«اإلهليات»‪ :‬من حيث عدد املعلمني األتراك‬
‫والعرب‪ ،‬ورشوط التحاقهم بمهنة التدريس‪ ،‬وطرائق تدريسهم‪ ،‬والدورات التدريبية‬
‫التي حيصلون عليها‪.‬‬
‫ج‪ -‬داريس كليات العلوم اإلسالمية«اإلهليات»‪ :‬من حيث مشكالهتم املتعلقة‬
‫بدافعيتهم نحو دراسة اللغة العربية‪ ،‬واملتعلقة بالكتب الدراسية‪ ،‬وأيضا بالوسائل‬
‫التعليمية‪ ،‬وكذلك بالبيئة املحيطة‪.‬‬
‫منهج الدراسة‪:‬‬
‫‪ -‬استخدمت الدراسة املنهج الوصفي التحلييل يف حتديد مشكالت تعليم اللغة‬
‫العربية بكليات العلوم اإلسالمية «اإلهليات» برتكيا‪ ،‬من خالل إعداد استبانة مبدئية‬
‫يتم حتكيمها؛ هبدف الوصول إىل شكلها النهائي‪ ،‬من أجل تطبيقها‪ ،‬وحتليل بياناهتا‬
‫إحصائيا‪ ،‬واستخراج النتائج وتفسريها‪.‬‬

‫‪-249-‬‬
‫مصطلحات الدراسة‪:‬‬
‫كليات العلوم اإلسالمية‪ :‬هي الكليات التي تدرس العلوم الدينية واللغة العربية‬
‫يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬وتعرف بأسامء متعددة مثل‪« :‬اإلهليات» و«الرشيعة» و«أصول‬
‫الدين»‪ ،‬مدة الدراسة هبا مخس سنوات‪ ،‬يدرس الطالب يف السنة األوىل منها ‪-‬معظم‬
‫األحيان‪ -‬اللغة العربية فقط‪ ،‬وتعرف بالسنة «التحضريية» أو«التمهيدية»‪ ،‬ويدرسون‬
‫يف السنوات األربع اآلتية املواد الدينية‪ ،‬وبعضا من فروع اللغة العربية‪.‬‬
‫أمهية الدراسة‪:‬‬
‫تربز أمهية الدراسة يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬إبراز املشكالت املتعلقة بتعليم اللغة العربية باجلامعات الرتكية؛ من أجل اقرتاح‬
‫حلول علمية وعملية هلا‪.‬‬
‫‪ -2‬تقديم بعض األدوات التي تساعد الباحثني واملسؤولني يف تقويم برامج تعليم‬
‫العربية للناطقني بغريها‪.‬‬
‫‪ -3‬إثراء املجال بدراسة تقويمية يمكن االسرتشاد هبا يف بناء دراسات أخرى تلبي‬
‫حاجات اجلامعات املعنية بتدريس اللغة العربية للناطقني بغريها‪.‬‬
‫اإلطار النظري‬
‫املحور األول‪:‬‬
‫أهداف تعليم اللغة العربية يف تركيا‪:‬‬
‫تعددت أهداف تعلم اللغة العربية يف املجتمع الرتكي بني أهداف دينية‪ ،‬وثقافية‪،‬‬
‫وسياسية اقتصادية‪ ،‬كاآليت‪:‬‬
‫أ‪ -‬األهداف الدينية‪:‬‬
‫يشكل املسلمون (‪ )%96‬من سكان تركيا‪ ،‬أما اجلزء الباقي فيتكون من اليهود‬
‫واملسيحيني بمختلف مذاهبهم‪ ،‬بحسب ويكيبيديا املوسوعة احلرة‪)23(.‬ولذا فالدين‬
‫اإلسالمي هو ّأول العوامل التي ّحتض األترك عىل تع ّلم اللغة العربية وأمهها؛ ألن كتاب‬
‫عز ّ‬
‫وجل باللغة العربية‪َ ،‬ف ُه ْم يريدون قراءة القرآن‬ ‫هذا الدين‪ -‬القرآن الكريم‪ -‬أنزله اهلل ّ‬

‫‪-250-‬‬
‫وفهمه بلغته التي نزل هبا‪ ،‬وإدراك معجزاته ببالغته وإجيازه(‪ ،)24‬وال متارس أغلب‬
‫الشعائر الدينية كاألذان واإلقامة وشعائر احلج إال بالعربية‪ ،‬وكذلك تعلم الدين يكون‬
‫من مصادره األصلية‪ ،‬ولذلك فاألتراك يدرجون تعليم اللغة العربية ضمن التعليم‬
‫الديني وليس تعليم اللغات‪ ،‬مما يفرس مكانة اللغة العربية التي حتظى هبا يف جمتمعهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬األهداف الثقافية‪:‬‬
‫الشك أن من أهم أسباب وصف الشخص باملثقف هو تعلمه لغة أخرى‪ ،‬ومن‬
‫ثم تدعو احلاجة إىل تعلم اللغة العربية؛ إذ اهلدف هنا مشاركة الناس ومشاطرهتم‬
‫يف األنشطة الثقافية مثل ‪:‬املؤمترات والندوات واألنشطة الرياضية‪...‬إلخ(‪ ،)25‬ومن‬
‫جهة أخرى يعتمد التاريخ الثقايف للشعب الرتكي عىل وثائق وكتب حتوي الكثري من‬
‫التطورات التارخيية والسياسية واالجتامعية واالقتصادية املوروثة منذ زمن الدولة‬
‫العثامنية حتى اليوم‪ ،‬وهذه الوثائق والكتب مكتوبة باحلروف العربية أو باللغة العربية‪،‬‬
‫ولذا بذل األتراك كل اجلهود لتعلم العربية؛ لينقلوا هذه الكتب التي هي بمنزلة جرس‬
‫(‪)26‬‬
‫بني املايض واحلارض‪.‬‬
‫ج‪ -‬األهداف االقتصادية والسياسية‪:‬‬
‫ومنها سياسة االنفتاح عىل العامل العريب التي تبنتها احلكومة الرتكية يف السنوات‬
‫األخرية‪ ،‬وإقبال املواطنني العرب عىل زيارة تركيا زاد من اهتامم األتراك باللغة العربية‪،‬‬
‫وأصبحت احلاجة ماسة إىل من جييد اللغة العربية يف مجيع املجاالت الدبلوماسية‬
‫(‪)27‬‬
‫واالقتصادية واإلعالمية وغريها‪.‬‬
‫كام فرضت املتغريات الدولية والعاملية واقعا جديدا يف حياة اللغة العربية‪ ،‬متثل‬
‫ذلك يف ثورات الربيع العريب التي ألقت بظالهلا عىل املجتمع العاملي‪ ،‬ونزوح ماليني‬
‫املهاجرين العرب إىل الدول الغربية عموما‪ ،‬وإىل تركيا خصوصا التي تستضيف‬
‫وحدها ( ‪ )2،138،999‬الجئا سوريا بحسب إحصاء ويكيبيديا املوسوعة احلرة(‪،)28‬‬
‫األمر الذي ترتب عليه رغبة الشعب الرتكي يف التواصل مع هؤالء املهاجرين باللغة‬
‫العربية السيام يف اجلانب الشفهي (االستامع والتحدث)‪ ،‬إذ إن أغلب مواقف احلياة‬
‫اليومية كالبيع والرشاء واملعامالت الرسمية تتطلب مهارات االتصال باللغة العربية‪.‬‬

‫‪-251-‬‬
‫د‪ -‬األهداف االجتامعية‪:‬‬
‫يف يومنا احلارض أتاحت اللغة العربية للناطقني هبا من األتراك داخل تركيا عددا‬
‫غري قليل من الوظائف‪ ،‬فعىل سبيل املثال جيد خرجيو أقسام اللغة العربية يف اجلامعات‬
‫الرتكية جماال رحبا للعمل يف ثانويات األئمة واخلطباء ويف كليات علوم الدين ويف‬
‫مكاتب الرتمجة والسياحة ودار الوثائق لرئاسة الوزارة إلخ‪ .‬والشباب الرتكي يدرك‬
‫ذلك فيسعى للحصول عىل شهادة وقدرات يف هذا املجال حتى يتسنى له احلصول‬
‫عىل الوظيفة املرادة‪ .‬وعىل صعيد التجارة الرتكية العربية أصبحت احلاجة إىل املرتمجني‬
‫للغة العربية أساسا مهام يف نجاح التبادل التجاري مع العرب‪ ،‬وهبذا تقدم اللغة العربية‬
‫لألتراك إمكانيات هائلة عىل الصعيد املادي؛ لذلك نجد اإلقبال يزداد عليها يف هذه‬
‫(‪)29‬‬
‫األيام‪.‬‬
‫املحور الثاين‪:‬‬
‫كليات العلوم اإلسالمية«اإلهليات»‪:‬‬
‫هي كليات تدرس العلوم الدينية واللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬وتعرف بأسامء‬
‫عدة مثل‪« :‬اإلهليات» و«الرشيعة» و«أصول الدين»‪ ،‬مدة الدراسة هبا مخس سنوات‪،‬‬
‫يدرس الطالب يف السنة األوىل «التحضريية أو التمهيدية» ‪-‬يف معظم األحيان‪ -‬فروع‬
‫اللغة العربية من قراءة وقواعد وحمادثة‪ .‬ويتباين عدد حصص بالسنة التحضريية بني‬
‫كليات اإلهليات‪ ،‬حيث يرتاوح بني(‪ )30-24‬حصة يف األسبوع‪ .‬وبعد اجتياز السنة‬
‫التحضريية يدرس الطالب يف السنوات األربع اآلتية املواد الدينية‪ ،‬وبعضا من فروع‬
‫اللغة العربية‪.‬‬
‫افتتحت أوىل كليات اإلهليات يف أنقرة ‪1949‬م‪ ،‬وبدء ًا من العام الدرايس ‪-1959‬‬
‫‪1960‬م افتتحت جمموعة من املعاهد العالية اإلسالمية‪ ،‬التي كانت تستقبل الطالب‬
‫املتخرجني يف ثانويات األئمة واخلطباء (الثانويات الرشعية)‪ ،‬وكانت الدراسة فيها‬
‫تستمر ألربع سنوات حولت إىل مخس بعد انقالب ‪1981‬م‪ ،‬عىل أن ختصص السنة‬
‫األوىل لتعلم اللغة العربية‪ ،‬ثم ما لبث هذا النظام أن تغري فألغيت السنة التحضريية‬
‫وتوزعت مواد اللغة العربية عىل السنوات الدراسية األربع‪ ،‬ثم استقر النظام التعليمي‬
‫عىل أن يكون اعتامد السنة التحضريية وفق ًا لرغبة للكلية‪ .‬وكانت سنة ‪1983‬م مفصلية‬

‫‪-252-‬‬
‫يف تاريخ كليات اإلهليات؛ إذ صدر فيها قرار بتحويل هذه املعاهد العالية إىل كليات‬
‫(‪)30‬‬
‫تلحق باجلامعات املوجودة يف مدهنا‪.‬‬
‫وقد أكدت دراسات إبراهيم شعبان وإبراهيم احلاللشة(‪ )31‬أن ثمة تزايدا ملحوظا‬
‫يف عدد كليات العلوم اإلسالمية يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬واجلدول اآليت يوضح أعدادها‪،‬‬
‫وأعداد طالهبا يف السنوات اخلمس األخرية‪:‬‬
‫جدول«‪ »1‬أعداد كليات العلوم اإلسالمية وأعداد طالب الفرق األوىل يف السنوات‬
‫اخلمس األخرية‬

‫عدد الطالب‬ ‫عدد الكليات‬ ‫السنة‬

‫‪6730‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪2009‬‬

‫‪9155‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪2010‬‬

‫‪10450‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪12796‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪2012‬‬

‫‪15100‬‬ ‫‪ 95‬تقريبا‬ ‫‪2014-2013‬‬

‫نالحظ من اجلدول السابق ازدياد أعداد الكليات والطالب امللتحقني هبا بشكل‬
‫ملحوظ‪ ،‬فهناك عىل األقل كليتان للعلوم اإلسالمية تدرسان مناهجها كاملة العربية‬
‫والرشعية يف كل سنوات الدراسة باللغة العربية(جامعة السلطان حممد الفاتح الوقفية)‬
‫و(جامعة ماردين آرتوقلو)‪ ،‬وثمة كليات تقيم امتحانات يسافر الناجحون فيها إىل‬
‫العامل العريب لقضاء فصل درايس كامل‪.‬‬
‫وأشارت دراسة وليد سالمة(‪ )32‬إىل أن كليات العلوم اإلسالمية تتخذ نظام الفصول‬
‫أساسا للدراسة‪ ،‬وتنقسم السنة إىل فصلني دراسيني‪ ،‬وحتتوي كليات اإلهليات يف وضعها‬
‫احلايل عىل أربعة أقسام علمية يف مستوى الدراسات العليا كاآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬قسم العلوم أو (الدراسات األساسية اإلسالمية)‪ :‬يشتمل عىل‪(:‬التفسري‪،‬‬
‫احلديث‪ ،‬الرشيعة «الفقه اإلسالمي»‪ ،‬الكالم «العقيدة»‪ ،‬التصوف‪ ،‬اللغة العربية‬
‫وآداهبا‪ ،‬املذاهب والفرق اإلسالمية وتارخيها)‪.‬‬

‫‪-253-‬‬
‫‪ -2‬قسم الفلسفة والعلوم الدينية‪ :‬ويشتمل عىل‪( :‬الفلسفة والعلوم الدينية‪ ،‬الفلسفة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬الرتبية الدينية اإلسالمية‪ ،‬علم االجتامع الديني‪ ،‬علم النفس الديني‪ ،‬تاريخ‬
‫الفلسفة‪ ،‬تاريخ األديان)‪.‬‬
‫‪ -3‬قسم التاريخ اإلسالمي وفنونه‪ :‬يشتمل عىل‪( :‬التاريخ اإلسالمي‪ ،‬تاريخ األدب‬
‫الرتكي اإلسالمي‪ ،‬تاريخ الفنون الرتكية اإلسالمية)‪.‬‬
‫‪ -4‬قسم تربية الثقافة الدينية واملعرفة األخالقية‪.‬‬
‫املحور الثالث‪:‬‬
‫مشكالت تدريس العربية باجلامعات الرتكية‪:‬‬
‫يواجه تعليم اللغة العربية مشكالت متعددة يف اجلامعات الرتكية؛ يمكن تقسيمها‬
‫إىل أربعة أقسام؛ األول‪ :‬يتعلق باملناهج والكتب الدراسية والوسائل التعليمية‪ .‬الثاين‪:‬‬
‫يتصل بمعلمي اللغة العربية وأساليب تدريسهم‪ .‬الثالث‪ :‬يتعلق بالطالب من حيث‬
‫نظرهتم جتاه اللغة العربية ودوافعهم نحو تعلمها‪ ،‬وانعكاس عدم درايتهم بقواعد اللغة‬
‫األم بشكل جيد‪ .‬الرابع‪ :‬املشكالت النامجة عن التقابل بني اللغتني العربية والرتكية وما‬
‫تولده الكلامت املقتبسة من اللغة العربية إىل اللغة الرتكية من أخطاء‪ .‬وتفصيل ذلك فيام‬
‫يأيت‪:‬‬
‫أ‪ -‬املشكالت اخلاصة باملناهج الدراسية‪:‬‬
‫أشارت دراسة أمحد الدياب(‪ )33‬إىل قلة الكتب املؤلفة بالعربية للطالب األتراك‪،‬‬
‫وأن معظم الكتب ألفها العرب‪ ،‬يف حني أنه جيب أن يؤلفها أساتذة أتراك ألهنم أعلم‬
‫بخصائص طالهبم‪ .‬أما دراسة(طاهر خان أيدين(‪ )34‬فأكدت أن كتب تعليم اللغة‬
‫العربية يف تركيا‪-‬عىل قلتها‪ -‬حتتاج إىل مراجعات متعددة‪ ،‬حيث أعد بعضها يف تركيا‪،‬‬
‫وبعضها اآلخر ُألف خارجها‪ ،‬لكن أمورا كثرية ُأغفلت يف آتيفها‪ ،‬فمن بدهيات طرائق‬
‫تدريس اللغة األجنبية احلديثة إجراء مقارنات بني اخلصائص املتشاهبة وغري املتشاهبة‬
‫للغة األم واللغة املستهدفة؛ إذ يسهل ذلك تعلمها‪ ،‬السيام يف املوضوعات املتشاهبة بني‬
‫العربية والرتكية‪ .‬وهو ما خلت منه كتب تدريس اللغة العربية يف تركيا‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى أشار عيل عبد الواحد(‪ )35‬إىل أن عدم تكامل املناهج املقررة عىل‬
‫الطالب يشكل صعوبة جديدة يف تعلمهم العربية؛ فبعض الكليات تدرس سلسلة‬

‫‪-254-‬‬
‫خاصة بالقواعد النحوية والرصفية‪ ،‬وسلسلة ثانية للقراءة والكتابة‪ ،‬وثالثة لالستامع‬
‫واملحادثة؛ األمر الذي من شأنه إرباك الدارسني‪ ،‬مما ينعكس سلبا عىل تعلمهم‪ ،‬خاصة‬
‫عندما يشعرون أن اللغة العربية علوم منفصلة غري متكاملة‪ ،‬وأنه ال يمكن اإلحاطة هبا‪.‬‬
‫وأضافت دراسة إبراهيم شعبان(‪ )36‬أن هذه الكتب يف معظمها ال حتتوي عىل األسس‬
‫العلمية الالزمة يف تعليم العربية لألتراك بصفة خاصة‪ ،‬ولذلك ثمة حاجة ماسة إىل‬
‫برامج مناسبة للطالب األتراك‪.‬‬
‫أما الوسائط التعليمية واإلمكانات التقنية فإن تدريس العربية يعاين من عدم كفاية‬
‫األدوات الدراسية والبرصية يف تعلم اللغة العربية مثل الكتب واملجالت واحلكايات‪،‬‬
‫ٍ (‪)37‬‬
‫وعدم هتيئة خمتربات تعليم اللغة بشكل كاف‪.‬‬
‫ب‪ -‬املشكالت اخلاصة بمعلمي العربية‪:‬‬

‫أكدت دراسة أمحد الدياب(‪ )38‬أن معلمي العربية يف كليات الرشيعة ما زالوا‬
‫حيتفظون ببعض اآلثار املتبقية منذ القديم يف تعليم العربية‪ ،‬فهم يعتمدون عىل النحو‬
‫والرصف والقواعد األساسية يف عملية احلفظ‪ ،‬واملعلم ال هيمه أن يتعلم الطالب اللغة‬
‫عىل حقيقتها‪ ،‬وما هيمه هو تعليم القواعد النحوية والرصفية‪ ،‬ويعللون ذلك بأنه يساعد‬
‫يف فهم القرآن والسنة‪ .‬إن املسائل النحوية والرصفية التي تعطى لطالب كلية الرشيعة‬
‫تكاد تكون ثقيلة حتى عىل طالب األدب العريب من العرب‪ .‬ومن النتائج التي توصلت‬
‫إليها الدراسة نفسها أن بعض املدرسني ال يعرفون طرق تدريس العربية ومل يسمعوا‬
‫هبا من قبل‪ ،‬والبعض اآلخر ال يزال يستخدم الطرق القديمة كاإللقاء والرتمجة‪ ،‬األمر‬
‫الذي من شأنه جعل العربية جامدة غري قابلة للحركة والتقدم‪ ،‬وجتعل من املعلم مركز‬
‫العملية التعليمية‪.‬‬
‫كذلك أكدت دراسة حممد أمحد ضوينا عىل أن الطريقة الشائعة يف التدريس هي‬
‫(‪)39‬‬

‫طريقة النحو والرتمجة‪ ،‬وأ َّدى هذا إىل عدم قدرة الطالب عىل الكالم والكتابة‪ ،‬مما جعل‬
‫تعليم اللغة العربية يف تركيا يتعرض ملشكالت متعددة‪ .‬وال يزال إلقاء الدروس يتم أغلبه‬
‫باللغة الرتكية وهذا مما يعمق االنفصال بني اإلكساب الصحيح والتعلم األكاديمي‪.‬‬
‫األمر ذاته أشارت إليه دراسة كل من‪ :‬كريم اخلويل‪ ،‬وعمر أغلو(‪ ،)40‬بل وأضافتا أنه إذا‬
‫كان مدرس مادة اللغة العربية نفسه ال يفهم العربية بالقدر املطلوب‪ ،‬وال يستطيع أن‬

‫‪-255-‬‬
‫يتحدث بشكل جيد‪ ،‬ويستخدم لغة وسيطة لرشح العربية‪ ،‬فكيف ُينتظر منه أن يعلم‬
‫كاف من املدرسني املتمكنني لتدريس مناهج‬‫طالبه العربية‪ .‬فضال عن عدم وجود عدد ٍ‬
‫العربية(‪ ،)41‬وأضاف طاهر خان أيدين(‪ )42‬أن مدريس اللغة العربية مل يمكثوا يف أي بلد‬
‫عريب لتطبيق ما تعلموه من العربية مع الناطقني هبا‪ ،‬وهو جانب يلقى إمهاال شديدا عند‬
‫كثري منهم بوصفه وسيلة مهمة لتعلم أية لغة أجنبية‪ ،‬كام أن الكثريين يقومون بالتدريس‬
‫عن طريق االعتامد الكامل عىل الكتاب‪ ،‬ومن غري أدنى إرشاك للطالب‪.‬‬
‫ج‪ -‬املشكالت املتعلقة بالطالب‪:‬‬
‫قبل تناول املشكالت املتعلقة بالطالب تذكر لنا دراسة يوسف دوغان‪ ،‬وآخر(‪ )43‬أن‬
‫ما يقرب من ‪ 60 %‬من الطالب ال يفهمون احلديث باللغة العربية عندما يستمعون إليها‪،‬‬
‫وتدل هذه النتيجة عىل أن تدريس اللغة العربية ال حيظى باهتامم بالغ من ناحية االستامع‬
‫والفهم‪ .‬والنتائج األخرى للبحث ذاته تؤكد أن ما يقرب من ‪ 80 %‬من الطالب ال‬
‫يستطيعون ممارسة املحادثة باللغة العربية‪ ،‬مما يدل عىل عدم االهتامم باملحادثة العملية‪،‬‬
‫فضال عن أن ما يقرب من ‪70%‬من الطالب أكدوا عدم استطاعتهم كتابة آرائهم باللغة‬
‫العربية‪ .‬وﻬﺑذه احلقائق نستدل عىل أن أساليب تعليم اللغة العربية ما زالت غري حمققة‬
‫للغايات التي تضمن الوصول إىل احلد األدنى من هذا التعليم‪.‬‬
‫وإذا كنا قد أسلفنا احلديث عن املشكالت اخلاصة بطرائق تدريس املعلمني فال بد‬
‫من حتديد املشكالت اخلاصة بالطالب؛ إذ حددت دراسة كريم اخلويل(‪ ،)44‬مشكالت‬
‫الطالب يف أهنم الجيتهدون يف فهم القواعد وحتصيلها‪ ،‬وليس لديه الدافع لتعلم‬
‫العربية‪ ،‬ويكتفون بام يدرسونه يف الصف‪ .‬أما طاهر خان أيدين(‪ )45‬فقد أرجع املشكلة‬
‫إىل عدم إتقان الطالب األتراك لقواعد لغتهم األم‪ ،‬مما يتسبب يف عدم قدرهتم عىل تعلم‬
‫العربية وقواعدها‪ .‬ولكن عيل عبد الواحد(‪ )46‬أرجع مشكالت الطالب إىل كسلهم أو‬
‫شعورهم بامللل نتيجة اعتامد املعلمني عىل التلقني‪ ،‬أو نتيجة املرحلة العمرية التي يمرون‬
‫هبا‪ .‬كام أشارت دراسة طاهر خان أيدين(‪ )47‬إىل أن كثريا من الطلبة يرون اللغة أهنا لغة‬
‫صعبة التعلم‪ ،‬فضال عن نقص الوعي لدهيم بأمهية اللغة العربية‪.‬‬
‫د‪ -‬املشكالت النامجة عن التقابل بني اللغتني العربية والرتكية‪:‬‬
‫اللغة العربية والرتكية خمتلفتان يف جذرهيام؛ فاللغة العربية من شعبة اللغات السامية‬

‫‪-256-‬‬
‫الشاملية الغربية‪ ،‬يف حني تنتمي اللغة الرتكية إىل شعبة لغات األورال األلطائية‪ .‬فال‬
‫عجب عند وجود فروق بنيوية بينهام الختالف اجلذرين‪ ،‬ومن هذه الفروق عىل سبيل‬
‫املثال ال احلرص ما يأيت‪:‬‬
‫أ‪ -‬من الفروق الصوتية‪:‬‬
‫اللغة الرتكية هلا أبجدية تتكون من تسعة وعرشين حرفا؛ منها ثامنية حروف صائتة‪،‬‬
‫وواحد وعرشون حرفا صامتا‪ ،‬وعىل النقيض من ذلك متتلك اللغة العربية نظاما‬
‫صوتيا خمتلفا‪ ،‬يتكون من ثامنية وعرشين حرفا صامتا وثالث حركات أساسية‪ .‬وتصدر‬
‫احلروف الثامنية الصائتة يف اللغة الرتكية من غري رضب أي مانع يف جوف الفم‪ ،‬حيث‬
‫تؤثر يف احلروف الصامتة‪ ،‬وحتقق نطقها وقراءﻬﺗا‪ ،‬ويف مقابل ذلك فإن حركات اللغة‬
‫العربية التي توضع فوق الكلامت أو حتتها توفر نطق الكلامت بشكل صحيح‪ .‬وأصوات‬
‫اللغة العربية التي ال يوجد ما يقابلها يف اللغة الرتكية هي‪(:‬ء‪ ،‬ث‪ ،‬ح‪ ،‬خ‪ ،‬ذ‪ ،‬ص‪ ،‬ض‪،‬‬
‫(‪)48‬‬
‫ط‪ ،‬ظ‪ ،‬ع‪ ،‬غ‪ ،‬ق‪ ،‬و)‪.‬‬
‫ب‪ -‬من الفروق الكتابية‪:‬‬
‫إن الكلامت يف اللغة العربية تكتب وتقرأ من اليمني إىل اليسار‪ ،‬أما يف اللغة الرتكية‬
‫فمن اليسار إىل اليمني‪ ،‬وأيض ًا تكتب احلروف العربية متصلة يف كثري من األحيان‪،‬‬
‫وتكتب خمتلفة‪-‬غالبا‪ -‬يف بداية الكلمة ووسطها وهنايتها‪ ،‬فضال عن عدم التفريق يف‬
‫(‪)49‬‬
‫كتابة اللغة العربية بني حرف كبري وصغري‪ ،‬أما يف اللغة الرتكية فاألمر خالف ذلك‪.‬‬
‫ج‪ -‬من الفروق البنيوية‪:‬‬
‫ال ختتلف بنية الكلمة يف اللغة الرتكية عند الترصيف أو االشتقاق منها‪ ،‬حيث تضاف‬
‫إليها لواحق يف آخر الكلامت يف االشتقاق ألهنا لغة إلصاقية‪ ،‬أما يف العربية فحروف بنية‬
‫(‪)50‬‬
‫الكلمة تستبدل تارة‪ ،‬ويف أخرى تتغري مواضعها‪ ،‬فالعربية لغة ترصيفية‪.‬‬
‫ومن أشهر الفروق األخرى عدم وجود عالمة تأنيث أو عالمة تثنية يف اللغة الرتكية‪.‬‬
‫كام تنفرد العربية بظاهرة اإلعراب‪ .‬وأيضا ال يوجد يف اللغة الرتكية مثيل حلروف اجلر‬
‫التي تُستخدم يف العربية بمعان خمتلفة؛ فعدم وجودها يف الرتكية واختالف معانيها‬
‫جيعل اإلحاطة باستخدامها صعبا عىل الطالب الرتكي الذي مل يألفها لعدم وجودها‬
‫(‪)51‬‬
‫يف لغته‪.‬‬

‫‪-257-‬‬
‫اإلطار التطبيقي‬
‫يتضمن هذا اإلطار عرضا إلجراءات الدراسة امليدانية؛ هبدف اإلجابة عن أسئلة‬
‫الدراسة‪ ،‬وكانت األداة املستخدمة هي االستبانة؛ من أجل حتديد مشكالت تعليم اللغة‬
‫العربية يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬وقد قام الباحث بإعدادها من خالل إجراءات متعددة‬
‫يمكن عرضها تفصيال فيام يأيت‪:‬‬
‫أ‪ -‬اهلدف من بناء االستبانة‪:‬‬
‫هدفت هذه االستبانة إىل «حتديد مشكالت تعليم اللغة العربية يف كليات العلوم‬
‫اإلسالمية «اإلهليات» يف اجلامعات الرتكية»؛ من أجل الوصول إىل مقرتحات تسهم‬
‫يف حلها‪.‬‬
‫ب‪ -‬مصادر بناء االستبانة‪:‬‬
‫تم الرجوع إىل املصادر اآلتية عند بناء االستبانة يف صورهتا املبدئية‪ ،‬وتشمل‪:‬‬
‫‪ -‬الدراسات العربية واألجنبية التي اهتمت بتقويم برامج تعليم اللغات بصفة‬
‫عامة‪ ،‬واللغة العربية للناطقني بغريها بصفة خاصة‪.‬‬
‫‪ -‬اإلطار النظري هلذه الدراسة وما تضمنه من دراسات سابقة‪.‬‬
‫‪ -‬آراء املتخصصني يف تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها‪.‬‬
‫ج‪ -‬الصورة املبدئية لالستبانة‪:‬‬
‫دونت املحاور الرئيسة لالستبانة وما تتضمنه من عنارص فرعية تم احلصول عليها‬
‫من املصادر السابقة بعد دمج املتشابه منها وحذف املكرر‪ ،‬ووضعت يف استبانة تتضمن‬
‫يف صورهتا املبدئية (مخسني سؤاال)‪ ،‬تندرج يف أربعة حماور هي‪(:‬املناهج الدراسية يف‬
‫السنة التحضريية‪ ،‬املناهج الدراسية يف السنوات اآلتية‪ ،‬معلمو العربية‪ ،‬مشكالت‬
‫الدارسني)‪ .‬وقد وضع أمام هذه املحاور ثالثة اختيارات للسادة املحكمني( مناسبة‪-‬‬
‫غري مناسبة‪ -‬تعديل الصياغة)‪ ،‬كام ترك يف هناية كل حمور من املحاور السابقة مكان‬
‫لكتابة ما يود املحكمون كتابته من تعليقات‪ .‬وفيام يأيت تفصيل ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬املحور األول‪(:‬املناهج الدراسية يف السنة التحضريية)‪ :‬ودارت أسئلته‬
‫حول‪(:‬أسامء املناهج الدراسية‪ ،‬عدد الساعات املخصصة لتدريس املهارات اللغوية‪،‬‬
‫رأي املعلمني يف تلك املناهج‪ ،‬نوع االختبارات وعددها)‪ ،‬وكان عدد األسئلة اإلمجالية‬

‫‪-258-‬‬
‫هلذا املحور (‪ )15‬سؤاال‪ ،‬كلها من النوع املقايل‪.‬‬
‫‪ -‬املحور الثاين‪ (:‬السنوات اآلتية للسنة التحضريية)‪ :‬ودارت أسئلته حول‪(:‬أسامء‬
‫املناهج الدراسية‪ ،‬عدد الساعات املخصصة‪ ،‬كوهنا إجبارية أو اختيارية)‪ ،‬وكان عدد‬
‫األسئلة اإلمجالية هلذا املحور (‪ )15‬سؤاال‪ ،‬كلها من النوع املقايل‪.‬‬
‫‪ -‬املحور الثالث‪ (:‬معلمو العربية)‪ :‬واحتوى هذا املحور عىل (‪ )10‬أسئلة‪ ،‬كلها من‬
‫النوع املقايل‪.‬‬
‫‪ -‬املحور الرابع‪ (:‬مشكالت الدارسني الشائعة)‪ :‬ودارت أسئلته حول نوع‬
‫املشكالت التي يعاين منها طالب كليات العلوم اإلسالمية «اإلهليات»‪ ،‬وكان عدد‬
‫األسئلة اإلمجالية هلذا املحور(‪ )10‬أسئلة‪ ،‬كلها من النوع املوضوعي«االختيار من‬
‫متعدد»‪.‬‬
‫د‪ -‬صدق االستبانة‪:‬‬
‫للتأكد من صدق االستبانة وأهنا تقيس ما وضعت لقياسه عرضت عىل ثالثة من‬
‫املحكمني املتخصصني يف جمال اللغة العربية للناطقني بغريها؛ لتحديد آرائهم يف مدى‬
‫مناسبة هذه املحاور واألسئلة ملوضوع الدراسة‪ ،‬وإضافة ما يرونه مناسبا مما مل يذكر يف‬
‫االستبانة‪ .‬وأشار املحكمون إىل أن االستبانة حتقق اهلدف من إعدادها‪ ،‬إال أهنم رأوا‬
‫تعديل بعض الصياغات اللغوية‪ ،‬وحذف بعض األسئلة التي ال تناسب الدارسني‪،‬‬
‫وإضافة بعض األسئلة الرضورية وفيام يأيت تفصيل ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬املحور األول والثاين‪(:‬املناهج الدراسية يف السنة التحضريية‪ ،‬السنوات‬
‫اآلتية للسنة التحضريية)‪ :‬اقرتح املحكمون دمج املحورين األول والثاين يف حمور‬
‫واحد بعنوان‪(:‬توصيف املناهج يف سنوات الدراسة)؛ وينقسم إىل‪ :‬أ‪( -‬منهج السنة‬
‫التحضريية)‪ ،‬ويتضمن(‪ )12‬سؤاال‪.‬‬
‫‪( -‬مناهج السنوات اآلتية)‪ ،‬ويتضمن(‪ )10‬أسئلة‪.‬‬
‫ليصبح جمموع أسئلة هذا املحور (‪ )22‬سؤاال من نوع األسئلة املقالية‪ .‬وقد أخذت‬
‫بتعديالهتم‪.‬‬
‫‪ -‬املحور الثالث(معلمو العربية)‪ :‬اقرتح بعض املحكمني تغيري اسمه ليصري «معلمو‬
‫اللغة العربية يف كليات اإلهليات»‪ ،‬كام اقرتح بعضهم تعديل صياغة بعض األسئلة‪،‬‬
‫وحذف البعض اآلخر‪ ،‬ليصل عدد أسئلة هذا املحور ‪ 6‬أسئلة‪ .‬وقد أخذ بتعديالهتم‪.‬‬

‫‪-259-‬‬
‫‪ -‬املحور الرابع(مشكالت الدارسني الشائعة)‪ :‬اقرتح بعض املحكمني تغيري اسمه‬
‫ليصري «مشكالت الدارسني»‪ ،‬كام اقرتح بعضهم تعديل صياغة بعض األسئلة‪ ،‬وإضافة‬
‫بعض األسئلة‪ ،‬ليصل عدد أسئلة هذا املحور( ‪ )12‬سؤاال‪ .‬وقد أخذ بتعديالهتم‪.‬‬
‫هـ‪ -‬ثبات االستبانة‪:‬‬
‫استخدم الباحث يف حساب ثبات االستبانة طريقة إعادة التطبيق وحساب نسبة‬
‫االتفاق بني نتائج التطبيق األول والثاين‪ ،‬وحساب نسبة االختالف‪ .‬حيث قام بتطبيق‬
‫االستبانة عىل ثالثة من املتخصصني يف فرتتني خمتلفتني بفارق زمني قدره شهر تقريبا‪.‬‬
‫وتم تفريغ البيانات بحيث كتب أمام كل حمور عدد مرات االتفاق التي تشكل الوزن‬
‫النسبي لكل سؤال يف عمود‪ ،‬وعدد مرات االختالف يف عمود آخر‪ ،‬ومجعت عدد‬
‫(‪)52‬‬
‫مرات االتفاق وكذلك عدد مرات االختالف وطبقت املعادلة اآلتية‪:‬‬
‫نسبة االتفاق=عدد مرات االتفاق×‪١٠٠‬‬
‫عدد مرات االتفاق ‪ +‬عدد مرات االختالف‬
‫وحيث إن نسبة االتفاق التي تم احلصول عليها وصلت إىل ‪ ٠.٨٩‬فإهنا تعني أن هذه‬
‫االستبانة هلا ثبات مرتفع‪.‬‬
‫و‪ -‬االستبانة يف صورهتا النهائية‪:‬‬
‫أصبحت االستبانة يف صورهتا النهائية مكونة من ثالثة حماور‪ ،‬جمموع عدد األسئلة‬
‫يف املحور األول(‪ 22‬سؤاال مقاليا)‪ ،‬وجمموع عدد األسئلة يف املحور الثاين(‪ 6‬أسئلة‬
‫مقالية)‪ ،‬وجمموع عدد األسئلة يف املحور الثالث(‪ 12‬سؤاال موضوعيا)‪ ،‬ليصبح عدد‬
‫كل األسئلة (‪ 40‬سؤاال)‪ .‬وهكذا تم إعداد االستبانة يف شكلها النهائي‪.‬‬
‫نتائج الدراسة وتفسريها‪:‬‬
‫من أجل اإلجابة عن أسئلة الدراسة قام الباحث بتطبيق االستبانة من خالل‬
‫إجراءات متعددة يمكن عرضها تفصيال فيام يأيت‪:‬‬
‫أوال‪ -‬اختيار عينة الدراسة‪:‬‬
‫انتقى الباحث(‪ )10‬كليات من كليات العلوم اإلسالمية باجلامعات الرتكية لتمثل‬
‫نسبة ‪ %10‬من جمموع كليات العلوم اإلسالمية يف تركيا‪ ،‬وقد تفاوتت الكليات بني‬

‫‪-260-‬‬
‫القدم واحلداثة‪ ،‬فمن أقدم اجلامعات يف عينة الدراسة جامعة«مرمرة» التي يرجع تاريخ‬
‫تأسيسها إىل عام ‪1883‬م‪ ،‬وأحدثها جامعة«السلطان حممد الفاتح الوقفية التي أسست‬
‫عام ‪2010‬م‪ ،‬التي تدرس اللغة العربية واملواد الرشعية يف كل سنوات الدراسة باللغة‬
‫العربية‪ ،‬وكذلك جامعة (ماردين آرتوقلو) تدرس كل موادها بالعربية‪ ،‬كام أن تلك‬
‫العينة تعرب عن بيئات جغرافية متنوعة للمجتمع الرتكي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ملحوظات عىل تطبيق االستبانة‪:‬‬
‫قام الباحث بتوزيع االستبانات عىل املسؤولني ومعلمي اللغة العربية يف كليات‬
‫العلوم اإلسالمية العرشة باجلامعات الرتكية‪ ،‬حيث وضح هلم الباحث اهلدف من‬
‫االستبانة والتعليامت اخلاصة هبا‪ ،‬وبعد مجع االستبانات وجد أن هناك بعض البيانات مل‬
‫تكتمل‪ ،‬فأعاد التواصل مع السادة األساتذة واملسؤولني حتى استوىف البيانات املطلوبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬األساليب اإلحصائية املستخدمة‪:‬‬
‫استخدم الباحث الربنامج اإلحصائي «‪ »spss‬يف إدخال بيانات االستبانة التي‬
‫تضمنت(‪ )40‬سؤاال‪ ،‬مقسمة عىل ثالثة حماور؛ من أجل مجع التكرارات واملتوسطات‬
‫والنسب املئوية يف اإلجابة عن كل سؤال من أسئلة االستبانة عىل حدة‪ .‬كام قام الباحث‬
‫باستخدام(مقياس ليكرت الثالثي) يف حتليل استجابات املحور الثالث من حماور‬
‫االستبانة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬عرض النتائج وحتليلها وتفسريها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬النتائج اخلاصة بالسؤال األول من أسئلة الدراسة‪(:‬ما مناهج تعليم اللغة‬
‫العربية يف كليات العلوم اإلسالمية باجلامعات الرتكية؟)‬
‫من أجل اإلجابة عن السؤال السابق قام الباحث بحساب التكرارات واملتوسطات‬
‫والنسب املئوية لكل سؤال من أسئلة املحور األول من االستبانة الذي انقسم إىل‬
‫قسمني‪ ،‬القسم األول‪ :‬يتعلق بتدريس اللغة العربية يف السنة التحضريية‪ ،‬والقسم‬
‫الثاين يتعلق بتدريس اللغة العربية يف السنوات اآلتية للسنة التحضريية‪ ،‬ثم يقارن تلك‬
‫النسب بني اجلامعات من أجل الوصول إىل نتائج موضوعية‪ .‬وتفصيل ذلك يف اآليت‪:‬‬
‫أ‪ -‬النتائج املتعلقة بتطبيق املحور األول من حماور االستبانة «مناهج اللغة العربية يف‬
‫السنة التحضريية‪:‬‬

‫‪-261-‬‬
‫‪ -1‬عدد الساعات الدراسية‪ :‬بلغ متوسط عدد ساعات تدريس اللغة العربية يف‬
‫كليات العلوم اإلسالمية (‪ )28‬ساعة أسبوعيا‪ ،‬وهي نسبة مرتفعة نسبيا؛ إذ يرتاوح‬
‫متوسط عدد ساعات اليوم الدرايس(‪ )5.62‬ساعات يوميا‪.‬‬
‫‪ -2‬مهارتا االستامع والتحدث‪ :‬بلغ متوسط عدد ساعات تدريس مهاريت االستامع‬
‫والتحدث(‪ )6.6‬ساعات أسبوعيا‪ ،‬بنسبة(‪ )%23.57‬من املجموع الكيل لعدد‬
‫ساعات تدريس اللغة العربية‪ ،‬وهي نسبة قليلة للغاية؛ إذ متثل مهاراتا االستامع والتحدث‬
‫نصف مهارات اللغة العربية‪ ،‬األمر الذي يؤكد أن مهاريت االستامع والتحدث ال تلقيان‬
‫االهتامم املناسب يف برامج تعليم اللغة العربية بالسنة التحضريية‪ .‬وهذه النتيجة تتفق‬
‫(‪)53‬‬
‫مع ما توصلت إليه دراسة يوسف دوغان‪ ،‬وآخر‪.‬‬
‫‪ -3‬مناهج تدريس االستامع والتحدث‪ :‬تنوعت مناهج تدريس االستامع والتحدث‬
‫يف كليات العلوم اإلسالمية بني التوظيف واآلتيف ؛ حيث قام ‪ %50‬من كليات العينة‬
‫بتوظيف سالسل «اللسان» و «العربية بني يديك»‬
‫و«التعبري البن سعود» يف تدريس مهارات االستامع والتحدث‪ ،‬عىل حني قام ‪%50‬‬
‫من أساتذة كليات العينة بإعداد حمتوى خاص بطالهبم‪ ،‬مما يعني ضعف كفايات تلك‬
‫املناهج يف معاجلة مهارات االتصال الشفهي (االستامع والتحدث)‪ ،‬األمر الذي دفعهم‬
‫إىل إعداد مواد إضافية للمنهج املقرر‪ .‬وهو ما أشارت إليه دراسة كل من‪ :‬طاهر أيدين‪،‬‬
‫(‪)54‬‬
‫وإبراهيم شعبان‪.‬‬
‫‪ -4‬مهارتا القراءة والكتابة‪ :‬بلغ متوسط عدد ساعات تدريس مهاريت القراءة‬
‫والكتابة معا( ‪ )10.8‬ساعات أسبوعيا‪ ،‬بنسبة (‪ )%38.57‬من املجموع الكيل‬
‫لعدد ساعات تدريس اللغة العربية‪ ،‬وهي نسبة ضعيفة أيضا بالنسبة ملجموع ساعات‬
‫الربنامج التدرييس‪.‬‬
‫‪ -5‬مناهج تدريس القراءة والكتابة‪ :‬تنوعت مناهج تدريس القراءة والكتابة يف‬
‫كليات العلوم اإلسالمية؛ حيث تدرس مهارة القراءة من سلسلة «اللسان» ‪ 5‬جامعات‬
‫بنسبة ‪ %50‬من العينة‪ ،‬ومن سلسلة«بني يديك» جامعتان بنسبة ‪ ،%20‬ومن سلسلة‬
‫«القراءة العربية للمسلمني» ‪ ،%10‬ومن مناهج خاصة من إعداد أساتذة املادة جامعتان‬
‫بنسبة ‪.%20‬‬
‫أما مهارة الكتابة فقد تنوعت املناهج املستخدمة يف تدريسها؛ حيث اجته فريق إىل‬

‫‪-262-‬‬
‫تدريسها من السالسل املستخدمة يف تدريس مهارة القراءة مثل‪ :‬سلسلة «اللسان» ‪4‬‬
‫جامعات بنسبة ‪ %40‬من العينة‪ ،‬وسلسلة«بني يديك» جامعتان بنسبة‪ %20‬عىل حني‬
‫أعد أساتذة ‪ 4‬جامعات منهجا خاصا يف تدريس مهارة الكتابة فيام يمثل نسبة ‪ %40‬من‬
‫العينة‪ .‬مما يعني قصورا يف تلك املناهج فيام يتعلق بمهارات الكتابة‪ ،‬األمر الذي دفع‬
‫(‪)55‬‬
‫األساتذة بإعداد مواد إضافية للمنهج‪ .‬وهو ما أشارت إليه دراسة إبراهيم شعبان‬
‫من أن هناك قصورا يف األسس العلمية لبناء مناهج تعليم العربية للناطقني بغريها‪.‬‬
‫‪ -6‬قواعد النحو والرصف‪ :‬بلغ متوسط عدد ساعات تدريس القواعد(‪)9.1‬‬
‫ساعات أسبوعيا‪ ،‬بنسبة (‪ )%32.5‬من املجموع الكيل لعدد ساعات تدريس اللغة‬
‫العربية‪ ،‬وهي نسبة كبرية بالنسبة ملجموع ساعات الربنامج التدرييس‪ .‬فنحن نعلم القواعد‬
‫لضبط مهارات اللغة وليست لذاهتا‪ .‬مما يعني أن االهتامم األكرب يف تدريس العربية ينصب‬
‫(‪)56‬‬
‫عىل القواعد‪ ،‬وهو ما أكدته دراسة كل من‪ :‬أمحد الدياب‪ ،‬وحممد ضوينا‪.‬‬
‫‪ -7‬مناهج تدريس قواعد النحو والرصف‪ :‬تنوعت مناهج تدريس القراءة والكتابة‬
‫يف كليات العلوم اإلسالمية‪ ،‬حيث تدرس سلسلة (القواعد املشجعة) يف ‪ 5‬جامعات‬
‫بنسبة ‪ %50‬من العينة‪ ،‬عىل حني تدرس سلسلة (تعليم اللغة العربية يف النحو والرصف‪-‬‬
‫جامعة بن سعود) يف جامعتني بنسبة ‪ %20‬من العينة‪ ،‬وسلسلة (اللسان) يف جامعة‬
‫واحدة بنسبة‪ ،%10‬وسلسلة (القواعد العربية امليرسة) يف جامعة واحدة بنسبة‪،%10‬‬
‫ومنهج من إعداد األساتذة يف جامعة واحدة بنسبة ‪ .%10‬وبالنظر إىل النتائج السابقة‬
‫يتضح أن هناك وفرة يف مناهج النحو والرصف يف اجلامعات‪ ،‬وأهنا كافية حتى إن ‪%10‬‬
‫فقط من اجلامعات أعدوا منهجا خاصا هبم‪ .‬ومن جهة أخرى نالحظ أن سلسلة‬
‫(القواعد املشجعة) هي أكثر السالسل استخداما حتى إن مستخدميها ‪ %50‬من عينة‬
‫الدراسة‪ ،‬مما يعني أهنا تلقى قبوال بني الدارسني وحتقق أهداف التعلم‪ .‬كام نالحظ أن‬
‫كثرة املناهج املعدة لتدريس القواعد ساعدت يف زيادة ساعاهتا التدريسية‪ ،‬ويف املقابل‬
‫ندرة وجود مناهج لتدريس مهاريت االستامع والتحدث من العوامل التي أسهمت يف‬
‫انخفاض ساعاهتا التدريسية‪.‬‬
‫‪ -8‬البالغة العربية أو مواد أخرى‪ :‬مل تدرس البالغة العربية يف أية جامعة من‬
‫جامعات العينة يف السنة التحضريية‪ ،‬ولكن اجتهت ست كليات إىل تدريس مادة إضافية‬
‫حتت مسمى (صوتيات‪ ،‬أو جتويد وتالوة)‪ ،‬وجامعة واحدة مجعت بني ماديت(القرآن‬

‫‪-263-‬‬
‫والرتمجة)‪ .‬وهتدف هذه املادة إىل تدريب الطالب عىل قراءة القرآن من ناحية‪ ،‬وعىل‬
‫متييز األصوات العربية استامعا وتلفظا من ناحية أخرى‪ .‬مما يعني افتقار مناهج االستامع‬
‫والتحدث إىل معاجلة مهارات متييز األصوات‪ ،‬مما أجلأ ‪ %60‬من عينة الدراسة إىل‬
‫تدريس هذه املادة‪ ،‬السيام وأهنا تتصل بالنصوص القرآنية التي تناسب كليات العلوم‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫أما الساعات التدريسية هلذه املادة فقد بلغ متوسط عددها يف اجلامعات الستة(‪3‬‬
‫ساعات) تدريسية أسبوعيا‪ ،‬بنسبة(‪ )%10.22‬من املجموع الكيل لعدد ساعات‬
‫تدريس اللغة العربية يف هذه اجلامعات الستة‪.‬‬
‫‪ -9‬عدد االختبارات‪ :‬بلغ متوسط عدد االختبارات يف كليات العينة (‪)7.4‬‬
‫اختبارات يف العام الدرايس‪ ،‬وهي نسبة جيدة بمعدل(‪)3.7‬اختبارات يف الفصل‬
‫الدرايس الواحد‪ .‬مما يدفع الطالب إىل االهتامم بالدراسة بشكل مستمر طوال العام‬
‫الدرايس‪.‬‬
‫‪ -10‬نوع االختبارات‪ :‬كام هو معلوم تنقسم االختبارات التحريرية من حيث‬
‫طريقة اإلجابة إىل (اختبارات موضوعية‪ ،‬واختبارات مقالية)‪ ،‬وقد لوحظ من نتائج‬
‫االستبانة أن ‪ %40‬من عدد كليات العينة يستخدم االختبارات املوضوعية فقط‪ ،‬عىل‬
‫حني يستخدم الطريقتني (املوضوعية واملقالية) ‪ %60‬من العينة‪ .‬ومن املعروف أن لكل‬
‫طريقية من الطريقتني مميزات وعيوبا‪ ،‬لكن ثمة مهارات اللغوية حتتاج إىل إجابات‬
‫مقالية السيام يف مهارة الكتابة‪ ،‬ولذا فاالختبارات التي تعتمد عىل األسئلة املوضوعية‬
‫(‪)57‬‬
‫فقط تفتقر إىل الدقة يف التقييم‪ ،‬وهو ما أشارت إليه دراسة أمحد الدياب‪.‬‬
‫‪ -11‬رأي املعلمني يف املناهج الدراسية‪:‬‬
‫‪ -‬أظهرت النتائج أن (‪ )%30‬من عينة الدراسة أبدوا قبوهلم للمناهج الدراسية‬
‫املذكورة‪ ،‬مع تعليقهم بأهنا حتتاج بعض التصحيحات الطباعية‪ ،‬إضافة إىل رضورة عقد‬
‫ورش تدريب للمعلمني عىل توظيف تلك املناهج‪.‬‬
‫‪ -‬كام أكدت النتائج أن (‪ )%30‬من عينة الدراسة أبدوا استياءهم من تلك املناهج‪،‬‬
‫مؤكدين أهنا ال تفي بحاجات الدارسني السيام يف مهارات االستامع والتحدث‪ ،‬كام‬
‫أضاف بعضهم أن تلك الكتب –خاصة‪ -‬التي ألفها أساتذة األقسام ال ختضع لألسس‬
‫العلمية يف بنائها‪ ،‬مما ينعكس سلبا عىل إقبال الطالب نحو تعلم العربية‪.‬‬

‫‪-264-‬‬
‫‪ -‬أظهرت النتائج أن (‪ )%40‬من عينة الدراسة مرتددون يف قبول تلك املناهج‬
‫أو رفضها؛ إذ أشار بعضهم إىل أن تلك املناهج مناسبة خلرجيي مدارس األئمة‬
‫واخلطباء(الطالب الذين سبق هلم دراسة العربية من املناهج الرتكية) ولكنها غري‬
‫مناسبة لطالب الثانوية العامة(الذين مل يسبق هلم دراسة العربية يف الثانويات)‪ ،‬وأشار‬
‫البعض اآلخر إىل أهنا مقبولة برشط أن يقوم املعلمون بإضافة بعض املواد التعليمية‬
‫املسموعة واملرئية‪.‬‬
‫‪ -12‬تفاعل الطالب‪:‬‬
‫‪ -‬أظهرت النتائج أن (‪ )%50‬من عينة الدراسة أبدوا توصيفا إجيابيا نحو تفاعل‬
‫الطالب مع املادة‪ ،‬مربرين ذلك بأن تفاعل الطالب يعتمد عىل إدارة املعلم الناجح‪ ،‬عىل‬
‫حني أبدى(‪ )%40‬من العينة حتفظه عىل تفاعل الطالب‪ ،‬مربرين ذلك بانخفاض دافعية‬
‫الطالب نحو تعلم العربية‪ ،‬وأن أكثر الطالب جمبورون عىل الدراسة لدوافع خمتلفة‪ ،‬أما‬
‫باقي العينة(‪ )%10‬فقد أبدوا رفضهم التام من قدرة هذه املناهج عىل إثارة الطالب‪،‬‬
‫مربرين ذلك بأهنا مناهج ليس فيها أدنى متعة للمتعلم‪ ،‬وال تسمح بتفاعلهم معها‪.‬‬
‫‪ -13‬تورزيع عدد احلصص‪:‬‬
‫‪ -‬أظهرت النتائج أن (‪ )%70‬من عينة الدراسة راض عن توزيع عدد احلصص عىل‬
‫مهارات اللغة العربية‪ ،‬عىل حني اعرتض(‪)%30‬من العينة عىل تلك النسب‪ ،‬مربرين‬
‫ذلك بأن مهارت االستامع والتحدث والكتابة ال حتظى بالقدر املناسب من ساعات‬
‫التدريس‪ ،‬فضال عن استئثار القواعد النحوية والرصفية بالنصيب األكرب من احلصص‬
‫الدراسية‪ .‬ويرى الباحث أن املعلمني الذين يوافقون عىل نسبة توزيع ساعات العربية‬
‫بالطريقة السابقة هم ممن يتبعون طريقة النحو والرتمجة يف التدريس‪ ،‬فهم ال يدركون‬
‫رضورة توظيف مهارات اللغة األربع السيام اجلانب الشفهي منها‪ ،‬فضال عن ضعف‬
‫كفايات املناهج يف املهارات الشفهية للغة‪ ،‬مما أسهم يف إمهال املعلمني هلا‪.‬‬
‫ب‪ -‬النتائج املتعلقة بمناهج اللغة العربية يف السنوات اآلتية للسنة التحضريية‪:‬‬
‫تتلخص نتائج تطبيق االستبانة عىل عينة الدراسة يف السنوات غري التحضريية يف‬
‫اآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬السنة األوىل‪ :‬بلغ عدد اجلامعات التي تدرس اللغة العربية يف السنة األوىل ‪9‬‬
‫جامعات بنسبة ‪ %90‬من عينة الدراسة‪ ،‬ووصل متوسط عدد الساعات التدريسية إىل‬

‫‪-265-‬‬
‫(‪ 2.89‬ساعة) أسبوعيا‪ .‬وهي نسبة قليلة للغاية مقارنة بام كان يدرسه الطالب يف‬
‫السنة التحضريية‪ ،‬مما يعني أن ما درسه الطالب لن يتمكنوا من تطبيقه الحقا‪( .‬وهنا‬
‫جيب اإلشارة إىل أن الباحث مل يتمكن من رصد عدد الساعات التدريسية لربامج‬
‫السنوات اآلتية للسنة التحضريية نظرا لتغري عدد الساعات من كلية إىل أخرى‪ ،‬بل‬
‫ويف الكلية الواحدة بسبب وجود مواد اختيارية وأخرى إجبارية‪ ،‬لكن القانون العام‬
‫لوزارة التعليم العايل«‪ »YÖK‬ينص عىل وجوب تدريس اللغة العربية بنسبة ‪ %30‬من‬
‫عدد ساعات التدريس يف خمتلف سنوات الدراسة بكليات العلوم اإلسالمية‪ .‬كام أنه‬
‫مل يتمكن من رصد عدد االمتحانات أو طريقتها؛ نظرا الختالف املواد بني الكليات‪.‬‬
‫‪ -‬تنوعت املواد الدراسية يف السنة األوىل بني الكليات التسعة‪ ،‬حيث درست مادة‬
‫البالغة ثالث جامعات بنسبة (‪ )%33.33‬من عدد كليات العينة‪ ،‬ودرست مادة‬
‫األدب جامعتان بنسبة (‪ )%22.22‬من العينة‪ ،‬ودرست مادة النحو جامعتان بنسبة‬
‫(‪ )%22.22‬من العينة‪ ،‬ودرست مادة املحادثة جامعة واحدة بنسبة(‪ )%11.11‬من‬
‫العينة‪ ،‬ومادة الكتابة جامعة واحدة بنسبة(‪ )%11.11‬من العينة‪.‬‬
‫‪ -‬تفاوت عدد ساعات تدريس املواد العربية بني كليات العينة‪ ،‬حيث وصل عدد‬
‫ساعات التدريس يف (‪ )4‬جامعات (‪ )4‬ساعات تدريسية أسبوعيا بنسبة (‪)%44.44‬‬
‫من عدد كليات العينة‪ ،‬عىل حني وصل عدد ساعات التدريس يف (‪ )5‬جامعات‬
‫(ساعتني) أسبوعيا بنسبة (‪ )%55.56‬من العينة‪.‬‬
‫‪ -‬كل املواد الدراسية يف السنة األوىل تدرس إجباريا للطالب يف اجلامعات التسعة‪،‬‬
‫كام أن معظم هذه املواد عن اللغة وعلومها وليست عن مهارات اللغة‪ ،‬باستثناء مهاريت‬
‫املحادثة والكتابة اللتني مثلتا (‪ )%15.62‬من جمموع عدد ساعات اللغة العربية للعينة‪،‬‬
‫عىل حني حصلت علوم اللغة كالنحو واألدب والبالغة عىل نسبة(‪ )%84.37‬من‬
‫جمموع عدد ساعات اللغة العربية‪ .‬مما يعني أن اهتامم برامج تعليم العربية يف السنوات‬
‫اآلتية للسنة التحضريية قد انصب عىل علوم اللغة‪ ،‬وليس عىل مهاراهتا‪.‬‬
‫‪ -2‬السنة الثانية‪ :‬بلغ عدد اجلامعات التي تدرس اللغة العربية يف السنة الثانية ‪6‬‬
‫جامعات بنسبة ‪ %60‬من عينة الدراسة‪ ،‬ووصل متوسط عدد الساعات التدريسية‬
‫إىل (‪ 3‬ساعات) أسبوعيا بالنسبة للجامعات الستة‪ .‬وهي نسبة أعىل من متوسط عدد‬
‫ساعات السنة األوىل‪ ،‬ولكنها أقل من حيث عدد الكليات‪.‬‬

‫‪-266-‬‬
‫‪ -‬تنوعت املواد الدراسية يف السنة الثانية بني الكليات الستة‪ ،‬حيث درست مادة‬
‫األدب والبالغة ثالث جامعات بنسبة (‪ )%50‬من عدد كليات العينة‪ ،‬ودرست مهارة‬
‫الكتابة جامعة واحدة بنسبة (‪ )%16.66‬من العينة‪ ،‬ودرست مادة النحو واملحادثة‬
‫جامعة واحدة بنسبة (‪ )%16.66‬من العينة‪ ،‬ومل تذكر واحدة من كليات العينة موضوع‬
‫املادة الدراسية‪ ،‬ولكنها ذكرت عدد ساعاهتا‪.‬‬
‫‪ -‬تفاوت عدد ساعات تدريس املواد العربية بني كليات العينة‪ ،‬حيث بلغ عدد‬
‫ساعات التدريس يف(‪3‬جامعات) (ساعتني) أسبوعيا بنسبة (‪ )%50‬من عدد كليات‬
‫العينة‪ ،‬عىل حني بلغ عدد ساعات التدريس يف(‪ 3‬جامعات) (‪ 4‬ساعات) أسبوعيا‬
‫بنسبة (‪ )%50‬من العينة‪.‬‬
‫‪ -‬كل املواد الدراسية يف السنة الثانية تدرس إجباريا للطالب يف اجلامعات الستة‪،‬‬
‫كام أن معظم هذه املواد عن اللغة وعلومها وليست عن مهارات اللغة‪ ،‬باستثناء مهارة‬
‫املحادثة التي حصلت عىل نسبة(‪ ،)%5.5‬عىل حني حصلت الكتابة عىل (‪)%22.22‬‬
‫من جمموع عدد ساعات اللغة العربية للعينة‪ ،‬أما علوم اللغة كالنحو واألدب والبالغة‬
‫فحصلت عىل نسبة(‪ )%72.27‬تقريبا من جمموع عدد ساعات اللغة العربية‪ .‬مما يعني‬
‫أن اهتامم برامج تعليم العربية يف السنوات اآلتية للسنة التحضريية‪-‬أيضا‪ -‬قد انصب‬
‫عىل علوم اللغة‪ ،‬وليس عىل مهاراهتا‪ .‬كام يف السنة األوىل‪.‬‬
‫‪ -3‬السنة الثالثة‪ :‬بلغ عدد اجلامعات التي تدرس اللغة العربية يف السنة الثالثة (‪3‬‬
‫جامعات) بنسبة ‪ %30‬من عينة الدراسة‪ ،‬ووصل متوسط عدد الساعات التدريسية إىل‬
‫(‪ )5.33‬ساعات أسبوعيا بالنسبة للجامعات الثالثة‪ .‬وهي نسبة أعىل من متوسط‬
‫عدد ساعات السنة األوىل والثانية من حيث عدد الساعات‪ ،‬ولكنها أقل من حيث عدد‬
‫الكليات‪.‬‬
‫‪ -‬تنوعت املواد الدراسية يف السنة الثالثة بني املحادثة والنحو واألدب ولغة الصحافة‪،‬‬
‫لكن الباحث مل يستطع رصد املتوسطات والنسب املئوية لعدد املواد والساعات بدقة؛‬
‫نظرا ألن معظم هذه املواد اختيارية‪.‬‬
‫‪ -4‬السنة الرابعة‪ :‬بلغ عدد اجلامعات التي تدرس اللغة العربية يف السنة الرابعة(‪3‬‬
‫جامعات) بنسبة ‪ %30‬من عينة الدراسة‪ ،‬ووصل متوسط عدد الساعات التدريسية إىل‬
‫(‪ )3.33‬ساعات أسبوعيا بالنسبة للجامعات الثالثة‪ .‬وهي نسبة أعىل من متوسط عدد‬

‫‪-267-‬‬
‫الساعات التدريسية للسنة األوىل والثانية ولكنها أقل من السنة الثالثة‪ ،‬كام أهنا متساوية‬
‫من حيث عدد الكليات مع السنة الثالثة‪.‬‬
‫‪ -‬تنوعت املواد الدراسية يف السنة الثالثة بني املحادثة والنحو واألدب ولغة الصحافة‪،‬‬
‫لكن الباحث مل يستطع رصد املتوسطات والنسب املئوية لعدد املواد والساعات بدقة؛‬
‫نظرا ألن معظم هذه املواد اختيارية‪.‬‬
‫ولإلجابة عن السؤال الثاين من أسئلة الدراسة‪( :‬ما أسس اختيار املعلمني الذين‬
‫يقومون بالتدريس يف هذه الكليات؟) قام الباحث بحساب التكرارات واملتوسطات‬
‫والنسب املئوية لكل سؤال من أسئلة املحور الثاين من االستبانة‪ ،‬ثم حتليل تلك النسب‬
‫بني اجلامعات من أجل الوصول إىل نتائج موضوعية‪ .‬وتفصيل ذلك يف اآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬عدد املعلمني‪ :‬بلغ متوسط عدد مدريس اللغة العربية العرب يف كليات العلوم‬
‫اإلسالمية(‪ )8.9‬معلمني تقريبا‪ ،‬عىل حني بلغ متوسط عدد املعلمني األتراك(‪)8.2‬‬
‫معلمني‪ ،‬مما يعني زيادة متوسط عدد املعلمني العرب عىل عدد املعلمني األتراك‪ ،‬وهي‬
‫نتيجة مبرشة؛ ألن تعليم العربية حيتاج إىل املعلمني العرب السيام يف تدريس مهارات‬
‫االتصال الشفهي‪.‬‬
‫‪ -2‬رشوط االلتحاق بالتدريس‪:‬‬
‫‪ -‬املعلمون العرب‪ :‬حصل رشط احلصول عىل مؤهل جامعي يف اللغة العربية‬
‫عىل نسبة (‪ )%70‬من جمموع عينة الدراسة‪ ،‬عىل حني حصل رشط احلصول عىل‬
‫الدكتوراة(‪ )%20‬من العينة‪ ،‬يف حني حصلت إمكانية العمل يف تدريس العربية بدون‬
‫مؤهل متخصص يف اللغة العربية عىل (‪)%10‬من العينة‪.‬‬
‫‪ -‬املعلمون األتراك‪ :‬حصلت الرشوط اآلتية عىل (‪ )%80‬من عينة البحث‪( :‬أن‬
‫يكون من خرجيي العلوم اإلسالمية أو ما يعادهلا‪ ،‬وأن جيتاز اختبار الكفاءة(‪ )YDS‬الذي‬
‫يعده مركز القياس والتقويم الوطني الرتكي بنسبة( ‪ ،)%70‬وأن جيتاز اختبار الثقافة‬
‫(‪)ALES‬بنسبة( ‪ .)% 80‬عىل حني حصل رشط احلصول عىل املاجستري والدكتوراة عىل‬
‫(‪ )%20‬من عينة الدراسة‪.‬‬
‫‪ -3‬املواد الدراسية‪ :‬بلغت نسبة الكليات التي يدرس فيها املعلمون العرب كل‬
‫املواد الدراسية (‪ )%40‬من جمموع العينة‪ ،‬عىل حني بلغت نسبة الكليات التي يدرس‬
‫فيها العرب كل املواد عدا النحو والرصف(‪ )%40‬من العينة‪ ،‬عىل حني اقترصت‬

‫‪-268-‬‬
‫بعض الكليات عىل تدريس املحادثة والكتابة فقط من قبل املعلمني العرب وكانت‬
‫نسبتهم(‪ )%20‬من العينة‪.‬‬
‫‪ -4‬الدورات التدريبية‪ :‬أظهرت نتائج االستبانة أن (‪ )%90‬من معلمي كليات‬
‫العلوم اإلسالمية ال يتلقون أي برامج تدريبية‪ ،‬أو ورش عمل حول طرائق تدريس‬
‫اللغة العربية للناطقني بغريها‪ ،‬عىل حني أظهرت االستبانة أن هناك جامعة واحدة تقوم‬
‫بإعداد برامج تدريبية للمعلمني أثناء اخلدمة‪ ،‬فيام يمثل(‪)%10‬من جمموع العينة‪ .‬وهو‬
‫(‪)58‬‬
‫األمر الذي أوصت به دراسات متعددة مثل‪ :‬يوسف دوغان وآخر‪ ،‬أمحد الدياب‪.‬‬
‫‪ -5‬طرائق التدريس‪:‬‬
‫‪ -‬املعلمون العرب‪ :‬أظهرت نتائج االستبانة أن املعلمني العرب يستخدمون اللغة‬
‫العربية الفصحى يف رشح املواد الدراسية معتمدين عىل الطرائق املبارشة يف تدريس‬
‫اللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬املعلمون األتراك‪ :‬أظهرت نتائج االستبانة أن(‪ )%70‬من املعلمني األتراك‬
‫يستخدمون الرتمجة يف رشح العربية‪ ،‬عىل حني يعتمد عىل الفصحى فقط يف‬
‫التدريس(‪ )%30‬من عينة اجلامعات‪ .‬وهو ما أشارت إليه دراسة كل من‪ :‬كريم اخلويل‪.‬‬
‫(‪)59‬‬
‫وعمر أغلو‪ .‬وطاهر خان أيدين‪ .‬وأمحد الدياب‪.‬‬
‫يرى الباحث أن استخدام الرتمجة يعد السبب الرئيس وراء ضعف داريس اللغة‬
‫العربية من األتراك‪ ،‬وهو السبب وراء انخفاض دافعيتهم نحو التعلم‪ ،‬فإذا كان‬
‫املعلمون يعتمدون عىل الرتمجة طوال الوقت‪ ،‬وإذا كان الطالب يستمعون إىل اللغة‬
‫الرتكية معظم الوقت‪ ،‬فكيف ننتظر منهم أن يتعلموا اللغة العربية‪ ،‬أو أن يبذلوا اجلهد‬
‫يف سبيل إتقاهنا‪،‬أو أن يتحدثوا هبا مع أصدقائهم أو حتى مع أساتذهتم‪ .‬ويضاف إىل ما‬
‫سبق أن املعلمني العرب أنفسهم يستخدمون طرائق التدريس عينها التي يستخدموهنا‬
‫مع الطالب العرب؛ فالعديد من املعلمني سواء العرب أم األتراك ال يفرقون بني تعليم‬
‫اللغة والتعليم عن اللغة‪ ،‬أو بني تعليم املعلومات وتنمية املهارات؛ األمر الذي يؤثر‬
‫سلبا يف إقبال الدارسني نحو تعلم العربية‪ ،‬والنفور من دراستها‪.‬‬
‫ولإلجابة عن السؤال الثالث من أسئلة الدراسة‪( :‬ما املشكالت اخلاصة بالطالب؟)‬
‫استخدم الباحث مقياس( ليكرت الثالثي) لقياس استجابات عينة الدراسة عن‬
‫كل سؤال من أسئلة املحور الثالث التي تضمنت (‪) 12‬سؤاال؛ وذلك بإدخال بيانات‬

‫‪-269-‬‬
‫االستبانة عىل الربنامج اإلحصائي «‪»spss‬؛ هبدف حساب التكرارات واملتوسطات‬
‫واالنحرافات املعيارية‪ ،‬وتفصيل ذلك يف اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬أعطى الباحث التكرار املوجود يف اختيار (أوافق) قيمة عددية (‪ ،)3‬والتكرار‬
‫املوجود يف اختيار(أحيانا) قيمة عددية(‪ ،)2‬والتكرار املوجود يف خانة(ال أوافق) قيمة‬
‫عددية(‪ .)1‬ثم مجعت هذه القيم العددية لكل عبارة‪ ،‬ثم حسبت التكرارات من أجل‬
‫ترتيب العبارات(املشكالت) التي تعوق تعلم الطالب العربية بحسب أمهيتها‪ ،‬فكانت‬
‫العبارة التي تدل عىل املوافقة هي التي حتصل عىل قيم عددية (‪ ،)30-21‬وكانت العبارة‬
‫التي تدل عىل(أحيانا) هي التي حتصل عىل قيم عددية(‪ ،)20-11‬وكانت العبارة التي‬
‫تدل عىل (ال أوافق) هي التي حتصل عىل قيم عددية(‪)10-0‬درجة‪.‬‬
‫وبالنظر إىل اجلدول السابق يتضح لنا أن ترتيب املشكالت اخلاصة بطالب اللغة‬
‫العربية يف كليات العلوم اإلسالمية هي بالرتتيب اآليت‪:‬‬
‫أ‪ -‬املشكالت التي حصلت عىل موافقة العينة‪:‬‬
‫‪ -‬عدم ممارسة اللغة خارج الصف‪.‬‬
‫‪ -‬الفكرة الشائعة بصعوبة اللغة العربية‪ .‬وعدم مواصلة دراسة اللغة العربية يف‬
‫الصفوف اآلتية للسنة التحضريية‪ .‬وعدم وجود دورات تدريبية للمعلمني‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام الرتمجة يف التدريس‪ .‬واختالف اللغتني العربية والرتكية يف األصوات‬
‫واملفردات والبنية‪.‬‬
‫‪ -‬املشكلة نامجة عن سوء الكتب واملناهج التعليمية‪ .‬وعدم رغبة الطالب يف تعلم‬
‫العربية‪.‬‬
‫بمراجعة النتائج التي حصلت عىل موافقة العينة يتضح أن عدم ممارسة اللغة خارج‬
‫الصف‪ ،‬أو يف السنوات اآلتية للسنة التحضريية‪ ،‬والفكرة الشائعة بصعوبة اللغة‪ ،‬وعدم‬
‫تدريب املعلمني تعد من أكثر املشكالت التي حصلت عىل نسبة موافقة بني أفراد العينة‪.‬‬
‫ويرجع الباحث هذه النتائج إىل ذلك املوروث القديم يف تدريس العربية الذي هيدف إىل‬
‫فهم املتون العربية اعتامدا عىل قراءهتا واستظهارها‪ ،‬ومن ثم فال داعي ملامرسة العربية‬
‫خارج الصف‪ ،‬أو االعتامد عليها يف الرشح‪ ،‬مما يؤدي إىل إمهال مهارات التواصل‬
‫الشفهي(االستامع والتحدث)‪ .‬ألهنا ال حتقق غايتهم من فهم املتون‪ .‬والنتائج السابقة‬
‫(‪)60‬‬
‫تتفق مع دراسات كل من‪ :‬عمر أغلو‪ .‬وطاهر أيدين‪.‬‬

‫‪-270-‬‬
‫تليها املشكالت النامجة عن استخدام الرتمجة يف رشح الدروس‪ ،‬واختالف نظام‬
‫اللغتني العربية والرتكية‪ ،‬وقصور املناهج التعليمية‪ ،‬وعدم رغبة الطالب يف التعلم‪.‬‬
‫ويرجع الباحث تلك النتائج إىل عدم وجود رؤية واضحة حول أهداف تعلم‬
‫العربية‪ ،‬ومن ثم التخبط يف نوع املناهج املستخدمة‪ ،‬حيث يستخدم البعض مناهج‬
‫خاصة ذات أغراض دينية‪ ،‬ويستخدم البعض اآلخر مناهج هتدف إىل تنمية مهارات‬
‫االتصال احليايتة‪ .‬والنتائج السابقة تتفق مع دراسات كل من‪:‬إبراهيم شعبان‪.‬ويوسف‬
‫(‪)61‬‬
‫دوغان‪،‬وآخر‪.‬وأمحد الدياب‪ .‬وكريم فاروق اخلويل‪.‬‬
‫ب‪ -‬املشكالت التي حصلت عىل درجة حيادية(أحيانا)‪:‬‬
‫‪ -‬عدم وجود معامل لالستامع‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وجود وسائل تعليمية مسموعة أو مشاهدة‪ ،‬وعدم صعوبة النحو والرصف‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وجود كتب باللغة العربية يف مكتبة الكلية‪.‬‬
‫بمراجعة النتائج التي مل حتصل عىل موافقة العينة يتضح لنا أن انعدام وجود املعامل‬
‫الصوتية‪ ،‬أو الوسائل التعليمية‪ ،‬أو الكتب يف املكتبات مل يشكل مشكلة تعوق تعلم‬
‫اللغة العربية‪ ،‬وكذلك رفضت الفكرة القائلة بصعوبة النحو والرصف‪ .‬ويرجع‬
‫الباحث النتائج السابقة إىل وفرة اإلمكانات املادية لدى اجلامعات من مكتبات حتتوي‬
‫مئات الكتب العربية‪ ،‬أو اشتامل الصفوف عىل شاشات عرض تسمح بعرض املواد‬
‫املسموعة أو املشاهدة‪ .‬أما ما يتعلق برفض الفكرة القائلة بصعوبة القواعد فمرجعها إىل‬
‫وفرة املناهج‪ ،‬وكثرة احلصص املخصصة هلا‪.‬‬
‫‪ -‬ولإلجابة عن السؤال الرابع من أسئلة الدراسة‪( :‬ما احللول املقرتحة ملشكالت‬
‫تعليم اللغة العربية باجلامعات الرتكية ؟) يقدم الباحث احللول اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬رضورة تبني رؤية واضحة حول حتديد أهداف تعليم اللغة العربية باجلامعات‬
‫الرتكية‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد برامج تدريبية للمعلمني العرب واألتراك يف طرائق تدريس اللغة العربية‬
‫للناطقني بغريها‪.‬‬
‫‪ -‬استقطاب املعلمني العرب املامرسني لتدريس العربية للناطقني بغريها يف اجلامعات‬
‫الرتكية‪ ،‬السيام يف تدريس مهارات التواصل الشفهي‪.‬‬
‫‪ -‬االهتامم بأسس اختيار معلمي اللغة العربية من األتراك والعرب‪ ،‬فليس كل من‬

‫‪-271-‬‬
‫كان عربيا يصلح أن يكون معلام للعربية‪ ،‬وكذلك ليس كل من اجتاز أحد االختبارات‬
‫اللغوية من األتراك يصلح أن يكون معلام‪.‬‬
‫‪ -‬رضورة تطوير اختبارات تعيني املعلمني‪ ،‬وخاصة االختبارات القومية مثل‬
‫اختبار(‪ )YDS‬الذي هيتم بلغة اإلعالم أكثر من لغة احلياة اليومية‪،‬‬
‫‪ -‬تطبيق املعايري العاملية يف بناء األهداف واختيار املعلمني‪ ،‬وذلك مثل معايري‬
‫«اإلطار األوريب املرجعي لتعلم اللغات» أو «معايري املجلس األمريكي لتعليم اللغات‬
‫األجنبية»‪.‬‬
‫‪ -‬بناء مناهج تعليمية عىل أسس علمية تراعي خصائص الطالب األتراك‪ ،‬وتعتمد‬
‫عىل التقابل اللغوي بني اللغتني العربية والرتكية‪.‬‬
‫‪ -‬بناء مناهج عىل أسس علمية حول علوم اللغة العربية‪ ،‬كالبالغة واألدب‬
‫والنصوص الرتاثية‪ ،‬ولغة اإلعالم‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -‬رضورة التوازن بني ساعات التدريس ومهارات اللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬رضورة االهتامم بمهارات التواصل الشفهي‪ ،‬من خالل زيادة عدد الساعات‬
‫املخصصة هلا‪ ،‬وكذلك إعداد املناهج العلمية يف مهاريت االستامع والتحدث‪.‬‬
‫‪ -‬تدريس القواعد النحوية والرصفية من خالل االهتامم باجلانب التطبيقي‪.‬‬
‫‪ -‬مواصلة تدريس اللغة العربية يف السنوات اآلتية للسنة التحضريية‪ ،‬بحيث ال‬
‫تنقطع صلة الطالب باللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬االهتامم بتقويم الدارسني من خالل إعداد اختبارات اجتياز املستويات‪ ،‬وكذلك‬
‫اختبارات الكفاءة‪.‬‬
‫‪ -‬نرش الوعي بني الدارسني حول أمهية تدريس اللغة العربية‪ ،‬هبدف تنمية دوافع‬
‫التعلم لدهيم‪.‬‬

‫‪-272-‬‬
‫التوصيات واملقرتحات‪:‬‬
‫‪ -‬يمكن تقديم بعض التوصيات لتوظيف نتائج الدراسة كاآليت‪:‬‬
‫رضورة تبني رؤية واضحة تتضمن حتديد أهداف تعليم العربية‪ ،‬وحتديد طرائق‬
‫حتقيقها‪ ،‬السيام بعد أن توصلت الدراسة إىل أن أبرز املشكالت يكمن يف اختالف‬
‫الرؤى واالجتاهات حول أهداف تعليم اللغة العربية‪.‬‬
‫رضورة حتديد رشوط قبول معلمي اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية وتوحيدها‪،‬‬
‫خصوصا أن بعض اجلامعات ال تشرتط التخصص األكاديمي يف تعيني املعلمني العرب‪.‬‬
‫رضورة إعداد برامج تدريب مستمر بني معلمي اللغة العربية العرب واألتراك قبل‬
‫اخلدمة وأثناءها‪ ،‬من أجل حتقيق نتائج إجيابية ملموسة‪ ،‬السيام وأن الدراسة قد أشارت‬
‫إىل عدم وجود برامج تدريبية للمعلمني باجلامعات الرتكية‪.‬‬
‫رضورة بناء مناهج تعليمية تقوم عىل معايري عاملية تراعي خصائص الطالب‬
‫األتراك‪ ،‬معتمدة عىل التقابل اللغوي بني اللغتني العربية والرتكية‪ .‬وذلك بعد أن‬
‫توصلت الدراسة إىل قصور املناهج املستخدمة يف حتقيق الكفايات الالزمة لتعلم اللغة‬
‫العربية‪.‬‬
‫رضورة تنمية دوافع الدارسني نحو التعلم؛ من أجل جتنب ما توصلت إليه الدراسة‬
‫من عدم رغبة كثري من الطالب دراسة العربية‪.‬‬
‫رضورة مواصلة تعليم اللغة العربية يف السنوات اآلتية للسنة التحضريية‪ ،‬ال سيام‬
‫وقد توصلت الدراسة إىل أن بعض اجلامعات تكثف دراسة اللغة العربية يف السنة‬
‫التحضريية‪ ،‬يف حني ختلو برامج السنوات اآلتية هلا من دراسة اللغة العربية؛ مما يضعف‬
‫اتصال الطالب بالعربية‪.‬‬
‫‪ -‬ىف ضوء ما توصلت إليه الدراسة من نتائج يمكن تقديم املقرتحات اآلتية‪:‬‬
‫تطبيق استبانة الدراسة عىل عدد أكرب من اجلامعات الرتكية‪ ،‬هبدف احلصول عىل‬
‫نتائج أكثر تفصيال عن مشكالت اجلامعات الرتكية‪.‬‬
‫عقد املسابقات العلمية يف اللغة العربية بني طالب اجلامعات هبدف تنمية دوافع‬
‫التعلم لدهيم‪.‬‬

‫‪-273-‬‬
‫إعداد برامج لدراسة اللغة العربية يف املعاهد واجلامعات العربية‪ ،‬من أجل إتاحة‬
‫الفرصة ملعايشة الثقافة العربية‪ .‬وذلك يف إطار التعاون املشرتك بني اجلامعات‪.‬‬
‫رضورة عقد ملتقيات علمية بني اجلامعات لتدارس مشكالت تعليم اللغة العربية‬
‫بينها‪.‬‬
‫رضورة إصدار جمالت ودوريات باللغة العربية داخل اجلامعات الرتكية‪ ،‬وكذلك‬
‫إتاحة الفرص للطالب لنرش كتاباهتم املتميزة هبا‪.‬‬
‫متابعة برامج تدريس اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية وتقويمها‪.‬‬

‫‪-274-‬‬
‫اهلوامش‪:‬‬
‫‪ -1‬املرجع يف تعليم اللغة العربية للناطقني بلغات أخرى‪ -‬اجلزء األول املناهج‬
‫وطرق التدريس‪ ،‬رشدي أمحد طعيمة‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬معهد اللغة العربية‪ ،‬وحدة‬
‫البحوث واملناهج‪ ،‬سلسلة دراسات يف تعليم العربية‪،1986 ،،‬ج ‪ ،18‬ص‪.135‬‬
‫‪ -2‬عاملية اللغة العربية وتعليمها للناطقني بلغات أخرى‪ ،‬هاديا عادل خزنة كاتبي‪،‬‬
‫بحث منشور ضمن وقائع املؤمتر الدويل الثاين للغة العربية‪،‬ديب ‪ 10-7‬مايو‪ ،2013،‬ص‪.2‬‬
‫‪ -3‬تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪-‬النظرية والتطبيق‪ ،‬عيل أمحد مدكور‪ ،‬إيامن‬
‫أمحد هريدي‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،،2006،‬ط‪ ،1‬ص‪.14‬‬
‫‪-4‬تصميم منهج لتعليم اللغة العربية لألجانب‪ ،‬فتحي عيل يونس‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪،‬القاهرة‪ ،1978،‬ص‪.24‬‬
‫‪ -5‬تعليم اللغة العربية يف تركيا باألمس واليوم‪ ،‬حممد حقي صوتشني‪ :‬مقال‬
‫منشور عىل الشبكة الدولية‪ ،‬موقع العربية مبارش‪ ،‬تاريخ النرش‪ ،2009/06/17‬تاريخ‬
‫الدخول‪.2016/03/7‬‬
‫‪ -6‬تدريس اللغة العربية ىف تركيا بني الواقع واملستقبل‪ ،‬وليد سالمة‪ ،‬بحث منشور‬
‫عىل املوقع الرسمي للمؤمتر الدويل للغة العربية‪ ،‬ضمن وقائع املؤمتر الدويل الثاين للغة‬
‫العربية‪ ،‬ديب ‪ 10-7‬مايو‪.2013 ،‬‬
‫‪ -7‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪ ،‬بحث‬
‫منشور عىل املوقع الرسمي للمؤمتر الدويل للغة العربية‪ ،‬ضمن وقائع املؤمتر الدويل‬
‫الرابع للغة العربية‪ ،‬ديب‪ 10-6 ،‬مايو‪ .2015،‬ص‪.195‬‬
‫‪ -8‬اجلريدة الرسمية الرتكية عىل الشبكة الدولية‪ :‬القرار منشور يف اجلرائد الرتكية‪،‬‬
‫نقال عن أحد املواقع يف الشبكة الدولية‪ ،‬تاريخ الدخول‪ 25 :‬أكتوبر ‪.)11:45 - 2015‬‬
‫‪ -9‬مشاريع تطبيقية تنموية ملركز العربية الدويل يف خدمة العربية‪ ،‬إبراهيم احلاللشة‪،‬‬
‫بحث منشور ضمن وقائع أعامل املؤمتر الدويل األول‪ ،‬تعليم اللغة العربية للناطقني‬
‫بغريها الرؤى والتجارب‪ ،‬إسطنبول‪ ،،‬دار كنوز املعرفة‪،‬عامن‪ ،2015 ،‬ط‪ ،1‬ص‪.127‬‬
‫‪10- Yusuf Doğav-Tahirhan Aydın : Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan‬‬
‫‪Sorunlar’ Cumhuriyet Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، 2013، Cilt: XVII،‬‬
‫‪Sayı:1. 2013.S 47.‬‬

‫‪-275-‬‬
‫‪ -11‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬إبراهيم شعبان‪ ،‬بحث منشور عىل‬
‫املوقع الرسمي للمؤمتر الدويل للغة العربية‪ ،‬ضمن وقائع املؤمتر الدويل الثاين للغة‬
‫العربية‪ ،‬ديب‪ 10-7 ،‬مايو‪.2013 ،‬‬
‫‪ -12‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪،‬‬
‫ص‪.198‬‬
‫‪ -13‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬عمر إسحق أغلو‪ ،‬بحث منشور‬
‫عىل املوقع الرسمي للمؤمتر الدويل للغة العربية‪ ،‬ضمن وقائع املؤمتر الدويل الثاين للغة‬
‫العربية‪ ،‬ديب‪ 10-7 ،‬مايو‪.2013،‬‬
‫‪ -14‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪ :‬بحث‬
‫منشور عىل املوقع الرسمي للمؤمتر الدويل للغة العربية‪ ،‬ضمن وقائع املؤمتر الدويل‬
‫الرابع للغة العربية‪ ،‬ديب‪ 10-6 ،‬مايو‪ .2015،‬ص‪.198‬‬
‫‪ -15‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬أمحد الدياب‪،‬‬
‫أطروحة ماجستري‪،‬قسم اللغة العربية‪،‬معهد العلوم الرتبوية‪،‬جامعة غازي‪،‬أنقرة‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص‪.104‬‬
‫‪16-Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan Sorunlar’ Yusuf Doğav-‬‬
‫‪Tahirhan Aydın: Cumhuriyet Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، 2013،‬‬
‫‪Cilt: XVII،. 2013.S44‬‬
‫‪ -17‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬أمحد الدياب‪،‬‬
‫ص‪.123‬‬
‫‪18-Arap Dili ve Belağatı Anabilim Dalı Öğretim Üyesi، Karim Farouk el-‬‬
‫‪KHOLİ، Selçuk Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، 32. 2011.S187‬‬
‫‪ -19‬ويكيبيديا املوسوعة احلرة (تاريخ الدخول‪.)2016/03/10‬‬
‫‪-20‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬إبراهيم شعبان‪ .‬واملشكالت التي‬
‫تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪.‬‬
‫‪ -21‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬عمر إسحق أغلو‪ .‬واملشكالت التي‬
‫تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪ ،‬املشاكل التي تواجه األتراك يف‬
‫تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬أمحد الدياب‪.‬‬

‫‪-276-‬‬
‫‪22-Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan Sorunlar’ Yusuf Doğav-‬‬
‫‪Tahirhan Aydın،‬‬
‫‪ -23‬واملشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬أمحد‬
‫الدياب‪.‬‬
‫‪( -24‬ويكيبيديا املوسوعة احلرة‪،‬تاريخ الدخول‪.)2016/03/12‬‬
‫‪ -25‬ملاذا يتعلم األتراك اللغة العربية‪ ،‬حممد سليم بك‪ ،‬بحث منشور‪ ،‬ضمن وقائع‬
‫املؤمتر الدويل الرابع للغة العربية‪ ،‬ديب ‪ 10-6‬مايو‪ .2015،‬ص‪.193‬‬
‫‪ -26‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪.‬‬
‫ص‪.193‬‬
‫‪ -27‬ملاذا يتعلم األتراك اللغة العربية‪ ،‬حممد سليم بك‪ .‬ص‪194‬‬
‫‪ -28‬تدريس اللغة العربية ىف تركيا بني الواقع واملستقبل‪ ،‬وليد سالمة‪.‬‬
‫‪( -29‬ويكيبيديا املوسوعة احلرة‪ ،‬تاريخ الدخول‪.)2016/02/13‬‬
‫‪ -30‬ملاذا يتعلم األتراك اللغة العربية‪ ،‬حممد سليم بك‪ .‬ص‪.193‬‬
‫‪ -31‬كليات اإلهليات الرتكية جتربة واعدة إلحياء تعليم العربية‪ ،‬حممد يالر‪ ،‬مقال‬
‫منشورعىل الشبكة الدولية‪ ،‬شبكة اخلليج أونالين‪ ،‬تاريخ النرش‪،2015/04/27‬‬
‫تاريخ الدخول‪.2016/03/7‬‬
‫‪ -32‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬إبراهيم شعبان‪ .‬ومشاريع تطبيقية‬
‫تنموية ملركز العربية الدويل يف خدمة العربية‪،‬إبراهيم احلاللشة‪ .‬كليات اإلهليات الرتكية‬
‫جتربة واعدة إلحياء تعليم العربية‪ ،‬حممد يالر ‪.2016‬‬
‫‪ -33‬تدريس اللغة العربية ىف تركيا بني الواقع واملستقبل‪ ،‬وليد سالمة‪.‬‬
‫‪ -34‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬أمحد‬
‫الدياب‪،‬ص‪.88‬‬
‫‪ -35‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪.‬ص‪198‬‬
‫‪ -36‬مشكالت تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬كليات اإلهليات يف‬
‫تركيا أنموذجا«قلب الصف هو احلل»‪ ،‬عيل عبد الواحد عبد احلميد‪ ،‬بحث منشور‬
‫ضمن وقائع أعامل املؤمتر الدويل األول‪ ،‬تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها الرؤى‬
‫والتجارب‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬دار كنوز املعرفة‪،‬عامن‪،2015،‬ط‪،1‬ص‪.253‬‬

‫‪-277-‬‬
‫‪ -37‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬إبراهيم شعبان‪.‬‬
‫‪ -38‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪،‬ص‪.198‬‬
‫وتعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬عمر إسحق أغلو‪.‬‬
‫‪ -39‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬أمحد الدياب‪.‬‬
‫ص‪.)116...104‬‬
‫‪40-Arap Dili ve Belağatı Anabilim Dalı Öğretim Üyesi، Karim Farouk el-‬‬
‫وتعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬عمر إسحق أغلو‪KHOLİ،.S187،‬‬
‫‪ -41‬تعليم اللغة العربية يف تركيا باألمس واليوم‪ ،‬حممد حقي صوتشني‪.‬‬
‫‪ -42‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪ ،‬ص‬
‫‪.198‬‬
‫‪43-Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan Sorunlar، Yusuf Doğav-‬‬
‫‪Tahirhan Aydın،S39.‬‬
‫‪44-Arap Dili ve Belağatı Anabilim Dalı Öğretim Üyesi، Karim Farouk el-‬‬
‫‪KHOLİ، S187.‬‬
‫‪ -45‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪ ،‬ص‪.198‬‬
‫‪ -46‬مشكالت تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬عيل عبد احلميد‪،‬ص‪252‬‬
‫‪ -47‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪،‬‬
‫ص‪.198‬‬
‫‪48-Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan Sorunlar، Yusuf Doğav-‬‬
‫‪Tahirhan Aydın، S42.‬‬
‫‪ -49‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪،‬‬
‫ص‪.196‬‬
‫‪50-Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan Sorunlar، Yusuf Doğav-‬‬
‫‪Tahirhan Aydın، S42.‬‬
‫‪ -51‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪،‬‬
‫ص‪.198‬‬
‫‪ -52‬علم النفس اإلحصائي وقياس العقل البرشى‪ ،‬فؤاد البهى السيد‪ ،‬دار الفكر‬
‫العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،1979،‬ص‪.539‬‬

‫‪-278-‬‬
‫‪53-Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan Sorunlar، Yusuf Doğav-‬‬
‫‪Tahirhan Aydın، S42.‬‬
‫‪ -54‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪ ،‬وتعليم‬
‫اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬إبراهيم شعبان‪.‬‬
‫‪ -55‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬إبراهيم شعبان‪.‬‬
‫‪ -56‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬أمحد الدياب‪،‬‬
‫والتجربة الرتكية يف تعليم اللغة العربية للواعظني واألئمة واملفتيني‪ ،‬حممد أمحد ضوينا‪،‬‬
‫بحث منشور ضمن وقائع املؤمتر الدويل الرابع للغة العربية‪ ،‬ديب ‪ 10-6‬مايو‪.2015،‬‬
‫‪ -57‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬أمحد الدياب‪.‬‬
‫‪Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan Sorunlar، Yusuf Doğav-‬‬
‫‪ ،Tahirhan Aydın‬واملشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪،‬‬
‫أمحد الدياب‪.‬‬
‫‪58-Arap Dili ve Belağatı Anabilim Dalı Öğretim Üyesi، Karim Farouk el-‬‬
‫‪KHOLİ.‬‬
‫وتعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬عمرأوغلو ‪ .‬واملشكالت التي تواجه تعليم‬
‫اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪.‬‬
‫‪-59‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬عمر أغلو‪ .‬واملشكالت التي تواجه‬
‫تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬طاهر خان أيدين‪ ،‬ص‪.198‬‬
‫‪-60‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬إبراهيم شعبان‪ . .‬واملشاكل التي تواجه‬
‫األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪ ،‬أمحد الدياب‪ .‬و‬
‫‪61-Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan Sorunlar’ Yusuf Doğav-‬‬
‫‪Tahirhan.‬‬

‫‪-279-‬‬
‫قائمة املراجع العربية واألجنبية‪:‬‬

‫إبراهيم احلاللشة‪ :‬مشاريع تطبيقية تنموية ملركز العربية الدويل يف خدمة العربية‪-‬‬
‫بحث منشور ضمن وقائع أعامل املؤمتر الدويل األول‪ ،‬تعليم اللغة العربية للناطقني‬
‫بغريها الرؤى والتجارب‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار كنوز املعرفة‪،‬عامن‪.2015 ،‬‬
‫إبراهيم شعبان‪ :‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬بحث منشور عىل املوقع‬
‫الرسمي للمؤمتر الدويل للغة العربية‪ ،‬ضمن وقائع املؤمتر الدويل الثاين للغة العربية‪،‬‬
‫ديب‪ 10-7 ،‬مايو‪.2013 ،‬‬
‫أمحد الدياب‪:‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪،‬‬
‫أطروحة ماجستري‪،‬قسم اللغة العربية‪،‬معهد العلوم الرتبوية‪،‬جامعة غازي‪،‬أنقرة‪.2002 ،‬‬
‫أمحد مجي‪ :‬تعليم اللغة العربية يف تركيا )نظام الكتاتيب(‪ ،‬بحث منشور ضمن‬
‫وقائع املؤمتر الدويل الرابع للغة العربية‪ ،‬ديب ‪ 10-6‬مايو‪.2015،‬‬
‫رشدي أمحد طعيمة‪ :‬املرجع يف تعليم اللغة العربية للناطقني بلغات أخرى‪ -‬اجلزء‬
‫األول املناهج وطرق التدريس‪ -‬جامعة أم القرى‪ -‬معهد اللغة العربية‪-‬وحدة البحوث‬
‫واملناهج‪ -‬سلسلة دراسات يف تعليم العربية‪.1986 ،18،‬‬
‫شامل الشاهني‪ :‬مناهج التعليم العايل يف تركيا ‪-‬نظرة إصالحية‪ -‬مقال‬
‫منشور عىل الشبكة الدولية‪،‬جملة دعوة احلق الصادرة عن وزارة األوقاف باململكة‬
‫املغربية‪،‬العدد(‪1422 ،)363‬هـ‪2001/‬م‪.‬‬
‫طاهر خان أيدين‪ :‬املشكالت التي تواجه تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬بحث‬
‫منشور عىل املوقع الرسمي للمؤمتر الدويل للغة العربية‪ ،‬ضمن وقائع املؤمتر الدويل‬
‫الرابع للغة العربية‪ ،‬ديب‪ 10-6 ،‬مايو‪.2015،‬‬
‫عيل أمحد مدكور‪ ،‬إيامن أمحد هريدي‪ :‬تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪-‬النظرية‬
‫والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر العريب‪.2006،‬‬
‫عيل عبد الواحد عبد احلميد‪:‬مشكالت تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪،‬‬
‫كليات اإلهليات يف تركيا أنموذجا« قلب الصف هو احلل»‪ ،‬بحث منشور ضمن وقائع‬
‫أعامل املؤمتر الدويل األول‪ ،‬تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها الرؤى والتجارب‪،‬‬
‫إسطنبول‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار كنوز املعرفة‪،‬عامن‪.2015،‬‬

‫‪-280-‬‬
‫عمر إسحق أغلو‪ :‬تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‪ ،‬بحث منشور عىل املوقع‬
‫الرسمي للمؤمتر الدويل للغة العربية‪ ،‬ضمن وقائع املؤمتر الدويل الثاين للغة العربية‪،‬‬
‫ديب‪ 10-7 ،‬مايو‪.2013،‬‬
‫فتحي عيل يونس‪ :‬تصميم منهج لتعليم اللغة العربية لألجانب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪.1978،‬‬
‫فؤاد البهى السيد‪ :‬علم النفس اإلحصائي وقياس العقل البرشى‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫الفكر العريب‪.1979،‬‬
‫حممد أمحد ضوينا‪ :‬التجربة الرتكية يف تعليم اللغة العربية للواعظني واألئمة‬
‫واملفتيني‪ ،‬بحث منشور ضمن وقائع املؤمتر الدويل الرابع للغة العربية‪ ،‬ديب ‪10-6‬‬
‫مايو‪.2015،‬‬
‫حممد سليم بك‪ :‬ملاذا يتعلم األتراك اللغة العربية‪ ،‬بحث منشور‪ ،‬ضمن وقائع‬
‫املؤمتر الدويل الرابع للغة العربية‪ ،‬ديب ‪ 10-6‬مايو‪.2015،‬‬
‫هاديا عادل خزنة كاتبي‪:‬عاملية اللغة العربية وتعليمها للناطقني بلغات أخرى‪-‬‬
‫بحث منشور ضمن وقائع املؤمتر الدويل الثاين للغة العربية‪،‬ديب ‪ 10-7‬مايو‪.2013،‬‬
‫وليد سالمة‪ :‬تدريس اللغة العربية ىف تركيا بني الواقع واملستقبل‪ ،‬بحث منشور‬
‫عىل املوقع الرسمي للمؤمتر الدويل للغة العربية‪ ،‬ضمن وقائع املؤمتر الدويل الثاين للغة‬
‫العربية‪ ،‬ديب ‪ 10-7‬مايو‪.2013 ،‬‬
‫‪Karim Farouk el-KHOLİ: Arap Dili ve Belağatı Anabilim Dalı Öğretim‬‬
‫‪Üyesi،Selçuk Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، 32. 2011.‬‬

‫‪Yusuf Doğav-Tahirhan Aydın : Türkie’de Arabça öğretiminde Karşılaşılan‬‬


‫‪Sorunlar’ Cumhuriyet Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، 2013، Cilt:‬‬
‫‪XVII، Sayı:1. 2013.‬‬

‫حممد حقي صوتشني‪ :‬تعليم اللغة العربية يف تركيا باألمس واليوم‪ ،‬مقال منشور‬
‫عىل الشبكة الدولية‪ ،‬موقع العربية مبارش‪ ،‬تاريخ النرش‪ ،2009/06/17‬تاريخ‬
‫الدخول‪.2016/03/7‬‬
‫‪http://www.onlinearabic.net/forum/forum_posts.asp?TID=6186‬‬

‫‪-281-‬‬
‫حممد يالر‪ :‬كليات اإلهليات الرتكية جتربة واعدة إلحياء تعليم العربية‪ ،‬مقال‬
‫منشورعىل الشبكة الدولية‪ ،‬شبكة اخلليج أونالين‪ ،‬تاريخ النرش‪،2015/04/27‬‬
‫تاريخ الدخول‪.2016/03/7‬‬
‫ويكيبيديا املوسوعة احلرة (تاريخ الدخول‪:)2016/03/10‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%B9%‬‬
‫‪D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9‬‬
‫اجلريدة الرسمية الرتكية عىل الشبكة الدولية‪ :‬القرار منشور يف اجلرائد الرتكية‪،‬‬
‫نقال عن أحد املواقع يف الشبكة الدولية‪ ،‬تاريخ الدخول‪ 25 :‬أكتوبر ‪:)11:45 - 2015‬‬
‫‪http://www.hespress.com/international/281768.html‬‬

‫‪-282-‬‬
‫�شكالت َتع ُّل ِم اللغ ِة العربي ِة يف تركيا‬
‫ُ‬ ‫ُم‬
‫لول ُمقرتح ٌة لها‬ ‫وح ٌ‬ ‫ُ‬
‫د‪ .‬حسني األسود‬
‫أستاذ مساعد يف قسم اللغة العربية بجامعة بينغل‬

‫اللغ ُة العربي ُة يف تركيا يف العرص احلايل‬


‫العربية يف تركيا ُينظر إليه تِبع ًا للمنطقة اجلغرافية‪ ،‬إذ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫تعليم‬
‫َ‬ ‫ُيمكن أن ُيقال َّ‬
‫إن‬
‫أن اللغ َة العربي َة يف الرشق‬ ‫ورشقي‪ ،‬ونستطيع أن نجز َم َّ‬ ‫يب‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫تُقسم تركيا إىل قسمني؛ غر ّ‬
‫السبب الرئيس يف ذلك هو الدي ُن اإلسالمي‬ ‫َ‬ ‫أفضل حاالً منها يف َغ ْربه‪َّ ،‬‬
‫ولعل‬ ‫ُ‬ ‫الرتكي‬
‫واضح للمدارس التقليدية‬ ‫انتشار‬ ‫انترش عىل نطاق واسع يف الرشق‪ ،‬حيث رافق ُه‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الذي َ‬
‫املدارس الرسمية‪ِ.‬‬ ‫ِ‬ ‫قل نظريها يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدينية التي تُعنى باللغة العربية عناي ًة َّ‬
‫ِ‬
‫الدينية بِ ُحكْم املوقع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫املالمح‬ ‫فتغلب عليه املالم ِح العلامني ُة ُ‬
‫أكثر من‬ ‫ُ‬ ‫أ َّما الغرب‬
‫ماليني البرش سنوي ًا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ال سياحي ًا يقصد ُه‬ ‫احلضاري والتارخيي الذي يشغ ُله مما جعله موئ ً‬ ‫ّ‬
‫أقل منها‬ ‫ِ‬
‫ينفي هذا الكال ُم وجو َد اإلسال ِم يف الغرب‪ ،‬ولك َّن نسب َة انتشاره كانت ّ‬ ‫دون أن َ‬
‫يف الرشق‪.‬‬
‫العقود األخرية مت َّثل بكثرةِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ظيت باهتام ٍم ملحوظ يف‬ ‫واللغ ُة العربية يف تركيا عا ّم ًة َح ْ‬
‫ال عن‬ ‫افتتاح أقسا ِم اللغة العربية يف عدد ٍكبري من اجلامعات احلكومية واخلاصة‪ ،‬فض ً‬
‫واضح يف تركيا‪ .‬واليش ُء‬ ‫ٍ‬ ‫أخذت تنترش عىل ٍ‬
‫نحو‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫اخلاصة التي‬ ‫ِ‬
‫مراكز تعلي ِم العربية‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مركز لتعلي ِم‬ ‫أهم‬
‫َفرض وجو َدها عىل ِّ‬ ‫استطاعت اللغ ُة العربية أن ت َ‬ ‫ْ‬ ‫ذكر فقد‬‫باليشء ُي ُ‬
‫اللغة اإلنجليزية يف تركيا وهو معهد ( ‪ ) INGLISH TIME‬إذ شرَ َ ع هذا املعهدُ بتدريس‬

‫‪-283-‬‬
‫تفو ٍق‬ ‫شيِ‬ ‫ٍ‬
‫اللغة العربية عام ‪ 2003‬ضمن جمموعة من اللغات األجنبية‪ .‬وهو ما َي بِ ُّ‬
‫واضح للغة العربية عىل اللغة اإلنجليزية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ازدهار اللغة العربية وزيادة العناية هبا يف تركيا‪،‬‬ ‫السبب الرئيس الذي أسهم يف‬ ‫َّ‬
‫ولعل‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫تطو ُر العالقات العربية الرتكية سواء أكانت السياسية منها أم‬ ‫وال سيام يف الغرب‪ ،‬هو ُّ‬
‫ِ‬
‫التبادل‬ ‫أثمرت العالقات الرتكية العربية زيادة ملحوظة يف‬ ‫ْ‬ ‫التجارية أم االقتصادية‪ .‬فقد‬
‫ِ‬
‫تطور احلركة السياحية بني‬ ‫انعكس إجياب ًا عىل االقتصاد الرتكي‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن ُّ‬ ‫َ‬ ‫التجاري‬
‫ِ‬
‫العرب واألتراك‪ ،‬مما زاد عدَ َد األتراك الراغبني بتعلم اللغة العربية‪.‬‬
‫ِ‬
‫الناس عىل‬ ‫وهو ما َحدا باحلكومة الرتكية إىل االهتام ِم باللغة العربية وتَشجي ِع‬
‫الرتبية الرتكية عام ‪2011‬م قرار ًا يقيض بتعلي ِم اللغة‬ ‫ِ‬ ‫أصدرت وزار ُة‬
‫ْ‬ ‫تَع ُّل ِمها‪ ،‬إىل أن‬
‫عدد من اللغات‬ ‫املدارس االبتدائية والثانوية لغ ًة أجنبي ًة اختياري ًة من بني ٍ‬
‫ِ‬ ‫العربية يف‬
‫أن اللغ َة العربية ُ‬
‫أكثر‬ ‫األجنبية األخرى كاإلسبانية والصينية واإليطالية‪ .‬وقد ُلوحظ َّ‬
‫ومتثلت بالدافع الديني‬
‫ْ‬ ‫إقباالً من اللغات األجنبية األخرى لألسباب التي ُذ ْ‬
‫كرت‪،‬‬
‫ِ‬
‫العالقات الثنائية الرتكية العربية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وبتطوير‬
‫ِ‬
‫اللغة العربية يف تركيا‪:‬‬ ‫شكالت تَع ُّل ِم‬
‫ُ‬ ‫ُم‬
‫ِ‬
‫الوقت الذي تَشهدُ فيه اللغ ُة العربي ُة يف تركيا اهتامم ًا ملحوظ ًا وتَقدُّ م ًا ُمتسارع ًا‪،‬‬ ‫يف‬
‫عملية تعلي ِم العربية وتع ّلمها‪ ،‬ويمك ُن أن‬ ‫ِ‬ ‫بعض املشكالت التي قد تؤثر سلب ًا يف‬ ‫ُ‬
‫نلحظ َ‬
‫أهم هذه املشكالت بام يأيت‪:‬‬
‫نوجز َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫العربية‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اللغة‬ ‫ناهج تعلي ِم‬
‫‪َ -1‬م ُ‬
‫مناهج تعلي ِم اللغة العربية يف تركيا بني ُأسلوبني مخُ تلفني عريب وتركي‪ ،‬إذ إن‬
‫ُ‬ ‫تتباي ُن‬
‫وبعضها اآلخر َيعو ُد ملؤلفني أتراك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ملؤلفني ٍ‬
‫عرب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الكتب َيعو ُد‬ ‫بعض‬ ‫َ‬
‫إن نظر ًة َعجىل عىل ُأسلوب َ‬
‫املنه َجني العريب والرتكي تُظهر ُجهد ًا واضح ًا يف كتابة‬
‫ِ‬
‫اجلانب‬ ‫ِ‬
‫مراعاة‬ ‫ِ‪،‬وتنو ِع التدريبات‪ ،‬والتَّفن ُِّن يف عرضها‪ ،‬مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واختيار املواضيع ُّ‬ ‫النصوص‪،‬‬
‫اللغوي والرتبوي‪.‬‬
‫ُالحظ عىل األُسلوبني ت ُ‬
‫َتمثل بام يأيت‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫ملحوظات طفيف ًة يمكن أن ت‬ ‫أن ثم َة‬
‫إال َّ‬
‫بعض الكتّاب‬‫يب‪ ،‬فرتى َ‬ ‫التفكري العر ُّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العرب‬ ‫املؤلفني‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫أساليب‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫أ‪-‬يغلب عىل‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أحيان ًا َي ِ‬
‫يتضم ُن‬
‫َّ‬ ‫َص َط ٍ‬
‫ويل‬ ‫در َس ُه بِن ٍّ‬ ‫تقليدي‪ْ ،‬‬
‫كأن يبدأ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بأسلوب‬ ‫عر ُض ما َّدتَه العلمية‬

‫‪-284-‬‬
‫خياطب َط َلب ًة َعرب ًا هبذا‬ ‫موجزة‪ ،‬ظنّ ًا منه أنه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قليلة‬ ‫ٍ‬
‫بتدريبات‬ ‫كلامت غريب ًة‪ ،‬ثم ُيتْبِ ُعه‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫نصوص قصري ٌة أو متوسط ُة احلجم‬ ‫ٌ‬ ‫األجنبي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫للطالب‬ ‫ُ‬
‫النموذج‪،‬واألفضل أن ُيقدَّ َم‬
‫تش َم ُل املاد َة اللغوي َة أو النحوي َة املقررة ‪.‬‬ ‫تدريبات مطول ٌة ومتنوع ٌة ْ‬ ‫ٌ‬ ‫تر ُد ُفها‬
‫ِ‬
‫التفكري التي‬ ‫ِ‬
‫ختتلف عن نمطية‬ ‫ُ‬ ‫العرب‬ ‫َ‬
‫املؤلفون‬ ‫يكتب هبا‬ ‫ِ‬
‫التفكري التي‬ ‫إن ن ََمط َّي َة‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األتراك؛ ألَ َّن‬
‫ُ‬
‫األساليب‬
‫ُ‬ ‫كبري بني العربية والرتكية‪ ،‬لذلك كثري ًا ما َّ‬
‫تترس ُب‬ ‫الفرق ٌ‬ ‫َ‬ ‫يفكِّر هبا‬
‫ِ‬
‫األجانب‪.‬‬ ‫تعليم‬ ‫قصدون هبا‬ ‫العربي ُة إىل مؤ َّلفاهتم التي ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ضعف ا ُملتُون وافت َق ُارها إىل الفائدة؛‬ ‫ِ‬
‫املؤلفني األتراك‬ ‫ِ‬
‫غلب عىل بعض أساليب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ب‪َ -‬ي ُ‬
‫فهي عموم ًا نُصوص غري مشو َق ٍة‪ ،‬وجمُ َ ُلها غري محُ ْكَمة‪ ،‬وكثري ًا ما يرسد املؤ ِّلف مفرداتِ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ِّ‬ ‫ٌ‬
‫عرض مفرداتِ‬ ‫ألن هدَ َفه ُ‬ ‫اللغوية رسد ًا ال ت ََرا ُبط بني جمُ َ ِله وال إحكَا َم يف عباراته؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوحدة‬
‫املفردات ِضم َن‬ ‫ُعرض هذه‬ ‫واألصل أن ت َ‬ ‫ُ‬ ‫أسلوب تأتَّى له‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بأي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الوحدة اللغوية اجلديدة ِّ‬
‫دون َض َج ٍر أو َم َل ٍل‪.‬‬ ‫الطالب ُ‬
‫ُ‬ ‫بعبارات محُ ك ََمة‪ ،‬لِ ُي ْقبِل عليها‬ ‫ٍ‬ ‫ُكتب‬ ‫شوقة‪ ،‬وأن ت َ‬
‫ٍ‬
‫نصوص ُم ِّ‬ ‫ٍ‬
‫مصادرها القديمة مثل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ُدرس العربي َة من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن كثري ًا من‬ ‫كام َّ‬
‫املدارس التقليدية الرتكية ت ِّ‬
‫ألفية ابن مالك ورشوحها املختلفة‪ ،‬والفوائد الضيائية (رشح ملاّ جامي عىل الكافية)‬
‫كتب‬ ‫‪898‬هـ)وخمترص املعاين للتفتازاين تـ(‪722‬هـ)‪ ،‬وهي ٌ‬ ‫ُ‬ ‫مللاّ عبد الرمحن جامي تـ(‬
‫صيبون خيرَ ها ويتبحرون بعلومها‬ ‫َ‬ ‫ضعت للعلامء‪ ،‬وعندما تُقرأ للطالب فإهنم س ُي‬ ‫ْ‬ ‫ُو‬
‫ِ‬
‫خترج من هذه املدارس إال ُيتْق ُن العربية بِن َْح ِوها ورصفها‬ ‫ٍ‬
‫طالب َّ‬ ‫ويكربون هبا‪ .‬وما من‬
‫كثري من العرب‪.‬‬ ‫أفضل من ٍ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اللغة العربية‪:‬‬ ‫طرائق تعلي ِم‬
‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫عهد طويل سائد ًا حتى‬ ‫منذ ٍ‬
‫ّبع يف تعلي ِم اللغة العربية ُ‬ ‫ما َ‬
‫األسلوب التقليدي املت ُ‬
‫ُ‬ ‫زال‬
‫ٌ‬
‫بسيط‬ ‫أسلوب‬
‫ٌ‬ ‫ومدارسها الرسمية والتقليدية‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬ ‫اآلن يف معظ ِم جامعات تركيا‬
‫الفعال‬‫َ‬ ‫العنرص‬ ‫املدر ُس‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫يعتمدُ فيه املع ِّلم عىل السبورة واألقال ِم لرشح دروسه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ويكون ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطالب عىل االستامع وحماولة الفهم‪.‬‬ ‫دور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف العملية التعليمية‪ ،‬يف حني يقترص ُ‬
‫ِ‬
‫التحصيل العلمي‪ ،‬وعد ِم ُقدرة ال ُّطالب عىل‬ ‫ِ‬
‫بضعف‬ ‫األسلوب عموم ًا‬ ‫يمتاز هذا‬‫ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الرشح‬ ‫فضال عن التَّعب واإلعياء اللذين َيلح َقان با ُملدرس نتيج َة‬ ‫ِ‬
‫التفاعل مع ا ُملدرس‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫والتفصل والتكرار واإلعادة‪.‬‬
‫ِ‬
‫قواعد‬ ‫إن الطريق َة التقليدية يف تدريس العربية قد تكون ناجع ًة إىل َحدٍّ ما يف تعلي ِم‬ ‫ّ‬

‫‪-285-‬‬
‫مرات‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الرشح‬ ‫ِ‬
‫تكرير‬ ‫النحو والرصف‪ ،‬إال أهنا متعب ٌة جدّ ًا للمعلم الذي سيض ّط ُر إىل‬ ‫ِ‬
‫النحوية أو الرصفية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهم القاعدة ْ‬ ‫للطالب ُ‬ ‫عديد ًة ليتسنى‬
‫ِ‬
‫تطورت كثري ًا يف ُمعظم دول العامل‪ ،‬وال بدَّ من االستفادة منها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إن تقانات التعلي ِم قد ّ‬
‫يف تعليم اللغة العربية وتع ُّلمها‪ .‬وال بدَّ من استخدا ِم احلاسوب وبراجمه املتنوعة يف‬
‫النحو العريب بالطريقة التقليدية‬ ‫ِ‬ ‫تدريس‬
‫َ‬ ‫العملية التعليمية‪ .‬ومن األمثلة عىل ذلك‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫وأعظم فائدة ورغب ًة هلم يف التعلي ِم لو اعتمدَ املدرس يف‬ ‫َ‬ ‫أكثر جدوى للطالب‬ ‫سيكون َ‬ ‫ُ‬
‫املانع من أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض تقانات احلاسوب‪ ،‬كجهاز اإلسقاط الضوئي مثالً‪ .‬إذ ما ُ‬ ‫تدريسه عىل‬
‫ليعر َضها عىل الطالب واحد ًة‬ ‫ٍ‬
‫رشائح إلكرتونية ِ‬ ‫دروسه النحوية عىل شكل‬ ‫املعلم‬ ‫ُي ِعدّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫رشحها مع أمثلتها‪ ،‬وهي‬ ‫ٍ‬ ‫تِ ْلو األخرى‪ .‬يكتب يف ِّ‬
‫كل رشحية القاعدة النحوية التي يريد َ‬
‫أي‬ ‫ِ‬ ‫طريقة حت َف ُظ له ُجهده‬
‫وتسمح له بحرية احلركة والوقوف عند ِّ‬ ‫ُ‬ ‫وتوفر عليه وقته‬
‫ُ‬
‫يفهمها الطالب ليعيدَ رشحها‪.‬‬ ‫قاعدة مل ْ‬
‫أكثر املشكالت التي ُيعاين منها‬ ‫ِ‬
‫وتعد مهارة املحادثة أو التكلم باللغة العربية من ِ‬ ‫ِ‬
‫الطالب النطق بجملة عربية كاملة‬ ‫ُ‬ ‫الطالب األتراك واملدرسون عىل السواء‪ .‬إذ قلام يجُ يد‬ ‫ُ‬
‫أو مستقيمة‪ ،‬إال من اجتهد عىل نفسه أو سافر إىل بلد عريب‪.‬‬
‫ِ‬
‫أن مدريس هذه املادة ال يجُ يدون العربي َة عىل‬ ‫واملشكل ُة الكربى يف هذا امليدان هي ّ‬
‫الطالب باللغة الرتكية ويتكلمون هبا يف دروس‬ ‫َ‬ ‫النحو املطلوب‪ ،‬وكثريا ما تراهم خياطبون‬
‫املكاملة العربية‪ .‬وهو أمر ينعكس سلب ًا يف عد ِم ُقدرة الطالب عىل التك ُّلم باللغة العربية‪.‬‬
‫الفصيحة‪ ،‬وأن‬ ‫ِ‬ ‫دروس املكاملة ُأ ُك َلها ال بدّ من أن تكون باللغة العربية‬ ‫يت‬
‫ُ‬ ‫ولكي تؤ َ‬
‫مانع من استعامل‬ ‫ُدار حواراهتا باللغة العربية‪ .‬وال َ‬ ‫تُصاغ جمُ َ ُلها باللغة العربية‪ ،‬وأن ت َ‬
‫ٍ‬
‫بعض الرتكية عند احلاجة إىل ترمجة ِكلمة غريبة أو مجلة غري مفهومة‪.‬‬
‫احلوارات املفيدة التفاعلية بني املدِّ رس و‬ ‫ِ‬ ‫واألصل يف دروس املكاملة أن تركِّز عىل‬ ‫ُ‬
‫أطول وأصعب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫مجل سهلة قصرية إىل مجل‬ ‫ٍ‬ ‫الطالب‪ ،‬وأن تتدرج هذه احلوارات من ٍ‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض تقانات‬ ‫تدريس املحادثة سيكون مجُ ْدي ًا َ‬
‫أكثر لو اعتمد عىل‬ ‫َ‬ ‫شك أن‬‫وال َّ‬
‫غرار برنامج (‪ )ROSETTA STONE‬الذي ُيع ِّلم اللغة‬ ‫احلاسوب وبراجمه املتطورة‪ ،‬عىل ِ‬
‫العربية بطريقة سهلة وممتعة‪ ،‬ويعد هذا الربنامج من ِ‬
‫أكثر برامج تعليم اللغات األجنبية‬
‫ِ‬
‫وكثرة صوره ِوتنوع أساليبه ‪.‬‬ ‫انتشار ًا يف العامل‪ ،‬ومنها اللغة العربية‪ ،‬إذ يمتاز بسهولته‬

‫‪-286-‬‬
‫اجلمل ثم القواعد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكلامت ثم‬ ‫الربنامج بتعليم املحادثة باللغة العربية من‬ ‫يبدأ هذا‬
‫ُ‬
‫يتابع‬
‫ُ‬ ‫الطالب بامللل وهو‬ ‫ُ‬ ‫بحيث ال يشعر‬ ‫ُ‬ ‫نحو تفاعيل بني الطالب والربنامج‬ ‫عىل ٍ‬
‫الربنامج من‬ ‫ُ‬ ‫الطالب فقط؛ إذ ي ْط ُلب‬ ‫ِ‬ ‫الربنامج ويتقدم فيه ُخطو ًة خطوة‪ .‬ويعتمدُ عىل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اختيار الكلمة املناسبة أو الصورة املناسبة وهكذا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطالب ُن ْط َق الكلامت بعدَ ه‪ ،‬أو‬
‫َ‬
‫بتزويد قاعاتِ‬ ‫ِ‬ ‫عمل مناسبة تتمثل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الربنامج ال بد من تو ُّفر بيئة‬ ‫ولكي ُيط ّب َق هذا‬
‫ُ‬
‫املدرس‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫حاسوب مع توابعها من سامعات وميكروفونات؛ إذ يقو ُم ِّ‬ ‫بأجهزة‬ ‫الدراسة‬
‫يرشع بتشغيل‬ ‫ِ‬ ‫برشح الكلامت اجلديدة َ‬
‫قبل البدء بالربنامج وإعطاء أمثلة عليها‪ ،‬ثم َ‬
‫يعرف اإلجابة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الطالب الذي‬
‫َ‬ ‫املدرس‬
‫ُ‬ ‫الربنامج ‪.‬و بعد أن يعمل الربنامج يمكن أن خيتار‬
‫جييب كل طالب بدوره من امليكروفون الذي أمامه‪.‬‬ ‫أو أن َ‬
‫قاعات دروس اللغة العربية بشبكة إنرتنت(الشابكة)‬ ‫ُ‬ ‫تزود‬
‫فضل أن َّ‬ ‫إضافة إىل ذلك ُي َّ‬
‫موضوع املكاملة عن الوطن العريب‬ ‫ُ‬ ‫ملدرس مادة املكاملة‪ ،‬فحني يكون‬ ‫لتكون رادف ًا معين ًا ِّ‬ ‫َ‬
‫مصور الوطن العريب والصور‬ ‫َّ‬ ‫مثال فإنه ينتقل مع الطالب مبارشة إىل الشابكة لرييهَ م‬
‫اخلاصة ببالده‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫الطالب األتراك‪ِ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وثمة طريق ٌة عملي ٌة أخرى لزيادة فعالية املكاملة باللغة العربية عند‬
‫اجلمل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حيفظ‬ ‫والعبارات ذات الصلة باملكاملة؛ فعىل الطالب مث ً‬
‫ال أن‬ ‫ِ‬ ‫فظ اجلمل‬ ‫وهي ِح ُ‬
‫واجلمل التي تتصل بموضوع السفر إىل بلد عريب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫التي تتصل بموضوع التعارف‪،‬‬
‫يكون احلفظ مرتافق ًا مع معرفة املعنى‪ ،‬وإال لن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ومجل احلياة اليومية والدراسة‪ .‬عىل أن‬ ‫ِ‬
‫إن مل يعرف معناها‪ .‬وإين أ ْذكُر جيد ًا تلك الفتاة‬ ‫التكلم بجملة واحدة ْ‬ ‫َ‬ ‫يستطيع الطالب‬
‫َ‬
‫التي جاءت لزياريت يف مكتبي مع أحد األساتذة األتراك‪ ،‬وقد كان إعجايب هبا شديد ًا‬
‫أكثر‬ ‫حتفظ القرآن عن َظ ْهر ِغيب‪ ،‬إال أن دهشتي كانت َ‬ ‫ُ‬ ‫سمعت من األستاذ أهنا‬ ‫ُ‬ ‫عندما‬
‫تستطيع النطق بجملة عربية واحدة‪ .‬فقلت هلا ‪:‬سبحان‬ ‫ُ‬ ‫اكتشفت أن هذه الفتاة ال‬ ‫ُ‬ ‫عندما‬
‫أي كالم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حفظ القرآن وحدَ ه للتكلم باللغة العربية‪ ،‬ولست بحاجة حلفظ ِّ‬ ‫اهلل‪،‬يكفيك‬
‫معرفة ملعناه أو َتبينُّ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫رسماَ ً دون‬ ‫حفظت القرآن الكريم ْ‬ ‫ْ‬ ‫عريب بعده ‪.‬ولكنها لألسف‬
‫عجزت عن التكلم به‪.‬‬ ‫أن َ‬ ‫لِ َفحوا ُه فكانت ْ‬
‫وهذا األمر نفس ُه الحظتُه عند طالبنا يف جامعة بينكول (‪)BİNGÖL ÜNİVERSİTESİ‬‬
‫ٍ‬
‫أسئلة‬ ‫ْل‬‫بعض املتون التي كانت عىل شك ِ‬ ‫أطلب منهم ِحفظ َ‬ ‫كنت‬
‫يف السنة األوىل‪ ،‬عندما ُ‬
‫ُ‬
‫صلة بموضوع املكاملة‪ ،‬وهي أسئل ٌة مرتَّبة ومتسلسلة‪ ،‬إذ كثري ًا ما كان‬ ‫ٍ‬ ‫وأجوبة ِ‬
‫ذات‬ ‫ٍ‬

‫‪-287-‬‬
‫بدأت بالسؤال‬ ‫ُ‬ ‫كنت ُأ َغيرِّ ُ يف ترتيب السؤال‪ ،‬فإذا‬ ‫الطالب خيطئون يف اإلجابة عندما ُ‬
‫مضمون املتن شكال‬ ‫َ‬ ‫ال من املتن كانوا جييبون باجلواب األول‪ ،‬ذلك أهنم حفظوا‬ ‫الرابع مث ً‬
‫ال معنى‪.‬‬
‫الضعف؛ ألن اهتام َم‬ ‫َ‬ ‫الطالب‬
‫ُ‬ ‫أكثر املواد التي يعاين منها‬ ‫كذلك اإلمال ُء‪ ،‬فإنه من ِ‬
‫تقترص‬ ‫أي‬ ‫ورض ِ‬ ‫ِ‬ ‫املدرسني فيها يكون منصب ًا عىل ِ‬
‫ُ‬ ‫ب أمثلة عليها‪ْ ،‬‬ ‫رشح القاعدة اإلمالئية ْ‬
‫بتدريب الطالب‬ ‫ِ‬ ‫هيتم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناحية النظرية‪ ،‬وتُغف ُل‬
‫اجلانب العميل الذي ُّ‬ ‫َ‬ ‫دروس اإلمالء عىل‬
‫ِ‬
‫عىل الكتابة العربية بدء ًا من احلروف وطريقة َرسمها‪ ،‬مرور ًا باهلمزة وأنواعها وهكذا‪.‬‬
‫درس ما يريدُ إعطاءه‬ ‫رشح فيه ا ُمل ِّ‬ ‫نظري َي ُ‬
‫ٍّ‬ ‫أن ُت ْقسم ُدروس اإلمالء إىل قسمني‪:‬‬ ‫ُ‬
‫واألصل ْ‬
‫مبارش منه‪،‬مع‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أمور نظرية‪ ،‬بإرشاف‬ ‫للتالميذ‪،‬وعميل ُيط ِّبق فيه ما أعطى للتالميذ من ٍ‬
‫ٍّ‬
‫إن أمك َن بالتدريب العميل‪.‬‬ ‫إرشاك مجي ِع الطالب ْ‬ ‫ِ‬
‫شاشة اإلسقاط(اللوحة‬ ‫ِ‬ ‫التدريب العميل عىل السبورة‪ ،‬أو عىل‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫ِ‬
‫األفضل أن‬ ‫ومن‬
‫ُ‬
‫غريهم‬ ‫الطالب أخطاءهم وأخطا َء ِ‬ ‫ُ‬ ‫اإللكرتونية) إذا كانت الكتاب ُة عىل احلاسوب‪ ،‬لريى‬
‫تتطور ُقدُ رات التالميذ اإلمالئية‬ ‫َ‬ ‫يف الكتابة فيستفيدوا منها‪ ،‬وال يعودون إليها ‪ .‬ولكي‬
‫قليل‪ ،‬مخسة أسطر ‪.‬‬ ‫بمقدار ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َكتابية يومية باللغة العربية‪ ،‬ولو‬ ‫ٍ‬ ‫ال بدَّ من تكليفهم بوظائف‬
‫ِ‬
‫الطالب األتراك أيض ًا‪ ،‬اللهم إال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نصيب من الضعف امللحوظ عن‬ ‫أ ّما القراء ُة فلها‬
‫ٌ‬
‫أفضل حاالً من‬ ‫ُ‬ ‫املدارس التقليدية‪ ،‬فهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مدارس األئمة واخلطباء‪ ،‬أو من‬ ‫ِ‬ ‫خترج من‬ ‫من َّ‬
‫ِ‬
‫لتطوير مهارة القراءة عند الطالب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطريق األفضل‬ ‫َ‬ ‫غريهم قراء ًة وكتاب ًة وفه ًام‪َّ .‬‬
‫ولعل‬
‫يرتفع مستواها اللغوي‬ ‫لنصوص عربية فصيحة مضبوطة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جل ْهرية‬
‫ُ‬ ‫األتراك هي القراء ُة ا َ‬
‫بتقدُّ ِم مستوى الطالب‪ .‬دون أن ننسى القراء َة اليومي َة املستمر َة يف البيت أو يف العمل؛ إذ‬
‫كتاب‬ ‫ٍ‬ ‫كل يوم صحيف ًة عىل األقل‪ ،‬مكتوب ًة باللغة العربية‪ ،‬سواء من‬ ‫أن يقرأ َّ‬ ‫عىل الطالب ْ‬
‫ويفض ُل أن تكون القراء ُة‬ ‫َّ‬ ‫أم من جملة أم من صحيفة(وهي كثرية عىل مواقع الشابكة)‪.‬‬
‫وتستأنس أذنه هبا‪،‬‬ ‫ليتمرن السان عىل قوهلا‪ ،‬ويعتا َد عىل قراءهتا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫هري مسموع‬ ‫ٍ‬
‫بصوت َج ٍ‬
‫َ‬
‫فال جيدُ كزاز ًة يف نطقها أو صعوب ًة يف لفظها‪.‬‬
‫املصطلحات العربي ُة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫األجانب هي قضية املصطلحات‬ ‫الطالب‬ ‫تصادف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املشكالت التي‬ ‫َّ‬
‫إن من أه ِم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫أوساط اللغة العربية وانترشت فيها‪ .‬وكام هو معلو ٌم فإن‬ ‫اللغوية اجلديدة التي سادت‬

‫‪-288-‬‬
‫ِ‬
‫اختالف عباراته أو‬ ‫متثلت بتعدُّ ِد ِدالالته‪ ،‬أو‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫اجلديد التي‬ ‫ِ‬
‫املصطلح اللغوي‬ ‫إشكالية‬
‫حلول ناجعةٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املجامع اللغوي َة واملؤسسات الثقافي َة ملحاولة إجياد‬ ‫شغلت‬
‫ْ‬ ‫نسبة شيوعه‪،‬‬‫ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫وآلية معينة لتطبيقها ونرشها بني الناس‪.‬‬ ‫ناظمة لوضعها‪،‬‬‫ٍ‬ ‫وقوانني‬
‫َ‬ ‫هلا‪،‬‬
‫نوجز إشكالي َة املصطلحات بام يأيت‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ويف تركيا يمكن أن‬
‫ِ‬
‫بعض الكلامت العامية يف كتب تعليم اللغة العربية‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫انتشار‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وال سيام يف الكتب املدرسية‪ ،‬وهذا يرتك أثر ًا سلبي ًا يتجىل يف ح ْفظ الطالب هذه‬
‫ِ‬
‫البعيد ظنَّ ًا منه أهنا فصيح ٌة‪ .‬ومن هذه الكلامت‬ ‫ِ‬
‫املنظور القريب أو‬ ‫الكلامت واستعامهلا يف‬
‫الذكْر ال احلرص ‪:‬‬‫عىل سبيل ِّ‬
‫ِ‬
‫بوفيه‪ -‬سوبرماركت ‪-‬بوظة ‪ -‬مقورة‪ -‬طشت‪-‬كراج‪ -‬كومبيوتر‪ -‬كنبة ‪ -‬حنفية‬
‫‪ُ -‬دش‪-‬شامبو‪َ -‬ح َل ٌق(قرط)‪....‬‬
‫غري املستعملة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫العربية ِ‬ ‫ِ‬
‫املصطلحات‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫انتشار‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املخزون اللغوي‬ ‫األمر يرتك أيض ًا أثر ًا سلبي ًا عىل‬ ‫وال سيام يف املعاجم‪ ،‬وهذا‬
‫ُ‬
‫الكلامت ظنّ ًا منه أهنا مستعمل ٌة عند العرب أو أهنم سيفهمون‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حيفظ هذه‬ ‫ِ‬
‫للطالب الذي‬
‫إن تك ّلم هبا‪.‬‬
‫مصطلحاته ْ‬
‫ِ‬
‫بمالحظة‬ ‫إن نظر ًة َعجىل يف املعاجم ثنائية اللغة‪ :‬عريب ‪ -‬تركي أو تركي‪ -‬عريب كفيل ٌة‬ ‫َّ‬
‫غري واضحة الداللة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الكلامت العربية املهملة أو غري املستعملة‪ ،‬أو ِ‬ ‫بأس به من‬
‫كم ال َ‬‫ٍّ‬
‫ال يف املعجم الشامل تركي عريب‪ ،‬الذي وضعه الدكتور أمر اهلل‬ ‫ولو نظرنا مث ً‬
‫إشلر‪،‬والدكتور إبراهيم أوزاي (عل ًام أنه من أشهر املعاجم املنترشة يف تركيا)لوجدنا يف‬
‫الصحيفة األوىل من حرف األلف ما ييل(‪:)1‬‬
‫سهارة‪abajur :‬‬ ‫ك ُّمة‪ -‬شمسية مصباح‪ّ -‬‬
‫السهارة‪abajurcu :‬‬
‫صانع‪ /‬بائع ّ‬
‫صنْع‪/‬ب ْيع السهارة‪abajurjuluk :‬‬
‫ذو سهارة‪abajurlu :‬‬
‫فهم داللتها عىل العريب فكيف باألجنبي‪،‬‬ ‫ب ُ‬
‫مصطلحات يص ُع ُ‬
‫ٌ‬ ‫وكام هو مالحظ فهي‬
‫لأِ‬ ‫ٍ‬
‫ولو أن تركي ًا حفظ هذه املصطلحات وسافر إىل بلد عريب‪ ،‬وقال َحدهم ‪ :‬أريد ّ‬
‫كم ًة أو‬

‫‪.Amrullah İşler، İbrahim Özay ،türkçe – arapça Kapsamlı sözlük،s 1 -1‬‬

‫‪-289-‬‬
‫مثل هذه‬ ‫مصباح‪ ،‬ملا َفهم عليه ‪.‬كذا لو قال‪ :‬أريد ِمعداد ًا‪َّ .‬‬
‫إن َ‬ ‫ٍ‬ ‫سهارة‪ ،‬أو‪ :‬أريد شمسي َة‬ ‫ّ‬
‫بقيت غامض ًة غري‬ ‫ِ‬
‫ويبي داللتها‪ ،‬وإال ْ‬ ‫يوضح معناها‪ ،‬نِّ‬ ‫املصطلحات جيب أن تُتبع برشح ِّ‬
‫واضحة املعنى‪.‬‬
‫ِ‬
‫وجدَ طري َق ُه إىل املعاجم الرتكية العتامد أصحاهبا عىل‬ ‫ِ‬
‫إن كثري ًا من هذه املصطلحات َ‬ ‫َّ‬
‫معاجم عربية حديثة‪ ،‬مثل ‪:‬معجم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬ألمحد خمتار عمر‪ ،‬وال َّ‬
‫شك‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫تأخذ حظ ًا من‬
‫ْ‬ ‫أن كثري ًا من مصطلحاته مل‬‫أنه معجم جديد فريدٌ يف اللغة العربية إال ّ‬
‫فبقيت رهينة املعجم‪.‬‬‫ْ‬ ‫وسط الناس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واالنتشار ْ‬ ‫املعرفة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املصطلح نفسه إنام يف طريقة عرضه عىل الناس‪ ،‬وإعالمهم به‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وليست املشكلة يف‬
‫وهي املشكل ُة األساسية التي يعاين منها واضعو املصطلح العريب‪.‬‬
‫معجم تركي عريب من هذه املشكلة‪ ،‬ذلك أن أصحاهبا يقتبسون من‬ ‫ٌ‬ ‫وال يكا ُد خيلو‬
‫بعضهم بعض ًا‪ ،‬فام ورد يف هذا املعجم ُيكرر يف معجم آخر‪.‬‬
‫ِ‬
‫العربية‪:‬‬ ‫ِ‬
‫املقابالت‬ ‫‪ِ -4‬ق َّل ُة‬
‫ُعيق عملي َة تع ُّل ِم اللغة العربية وتعليمها يف تركيا‬ ‫ِ‬
‫األساسية التي ت ُ‬ ‫ِ‬
‫املشكالت‬ ‫من‬
‫ذات الصلة باملجاالت‬ ‫املصطلحات احلديث ُة ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ق َّل ُة املقابالت باللغة العربية‪ ،‬وال سيام‬
‫اإللكرتونية أو الكهربائية أو الطبية‪.‬‬
‫ِ‬
‫املقابالت يف اللغة العربية نامج ًة عن َض َحالة اللغة العربية أو افتقارها إىل‬‫ِ‬ ‫وليست ق َّل ُة‬
‫ِ‬
‫خصائص االشتقاق أو عد ِم ُقدرهتا عىل توليد املصطلحات اجلديدة أو وض ِع املرادفات‬
‫ِ‬
‫تعريب‬ ‫ِ‬
‫املسؤولة عن‬ ‫املناسبة‪ ،‬مطلق ًا‪ ،‬إنام املشكل ُة يف املؤسسات الثقافية واملجام ِع اللغوية‬
‫تفتقر هذه املؤسسات إىل‬ ‫املصطلحات األجنبية ووضع األلفاظ املقابلة املناسبة هلا؛ إذ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫تضع مصطلحاهتا اخلاصة هبا إال أهنا‬ ‫ُ‬ ‫فكل مؤسسة‬ ‫الرؤية املوحدة لصناعة املصطلح؛ ُّ‬
‫ِ‬
‫االتفاق فيام بينها عىل توحيد هذه املصطلحات‪ ،‬أو تَعميها عىل الناس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تنجح يف‬ ‫قلام‬
‫ُ‬
‫وض ِع املصطلحات اجلديدة هلا‪ ،‬و َيزيدُ‬ ‫ؤخر عملية ْ‬ ‫كل ذلك َيضرُ ّ باللغة العربية و ُي ِّ‬ ‫ّ‬
‫من تراكم املصطلحات األجنبية التي تنهال عىل اللغة العربية من كل حدب وصوب‪،‬‬
‫ِ‬
‫انتظار البديل‪،‬‬ ‫األمر الذي يفرض عىل الناس التك ُّل ُم باملصطلح األجنبي (‪)1‬نفسه دون‬
‫ُ‬

‫‪ -1‬كام يفعل الناس بمصطلحات احلاسوب مثالً‪ ،‬إذ إن أغلب مصطلحاته املستعملة اآلن هي باللغة اإلنجليزية‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ماوس‪ ،‬كيبورد‪ ،‬ويندوز‪ ،‬مودم ‪ ،‬إنرتنت‪.‬‬

‫‪-290-‬‬
‫ور َموا به عرض احلائط؛ ألن املصطلح األول وجد‬
‫الناس َ‬
‫أعرض عنه ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫البديل‬ ‫وإذا جاء‬
‫ِ‬
‫طريقه إىل أذهاهنم وألفوا التعامل به يف حياهتم وأعامهلم‪.‬‬
‫العريب‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫احلكومي‬
‫ُّ‬ ‫عم‬
‫‪ -5‬الدّ ُ‬
‫بنفوذ واسع عرب العامل عىل دع ِم هذه اللغات و َمدِّ ها‬‫ٍ‬ ‫ول التي تتمتع ل َغاتهُ ا‬ ‫أبت الدُّ ُ‬ ‫َد ْ‬
‫ِ‬
‫مثال عىل ذلك اللغتان اإلنجليزي ُة‬ ‫بِ َي ِد ال َعون‪ ،‬وتقدي ِم كل املوارد الالزمة هلا‪ ،‬وخري ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫تنترش اللغ ُة اإلنجليزية يف العامل أمجع‪ ،‬بقوة التأثريات االقتصادية والثقافية‬ ‫ُ‬ ‫واألملاني ُة‪ .‬إذ‬
‫والعلمية والسياسية لإلمرباطورية الربيطانية‪ ‬والواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬
‫لكل‬‫تعزيز مكانة اللغة اإلنكليزية يف العامل بِدعمها ِّ‬ ‫ِ‬ ‫حرصت بريطانيا عىل‬ ‫ْ‬ ‫وقد‬
‫املجلس‬ ‫استطاع‬ ‫ٍ‬
‫مدارس ومعاهدَ وجامعات‪ .‬مثالً‪،‬‬ ‫أشكال الثقافة اإلنجليزية من‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أكثر‬ ‫ِ‬ ‫الثقايف الربيطاين(‪)British Council ‬‬
‫نفسه عىل َ‬ ‫يفرض َ‬ ‫وملدة مخسة وسبعني عاما ًأن َ‬ ‫ُّ‬
‫سفري لبالده ين ُق ُل علومها ومعار َفها‬ ‫ٍ‬ ‫خري‬ ‫ِ‬
‫من مئة دولة‪ ،‬يف قارات العامل الست‪ ،‬وكان َ‬
‫وحضارهتا‪ ،‬وقد خترج منه ماليني الطالب الذين ُيتقنون اللغة اإلنجليزية‪.‬‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫تفرض نفسها بِقوة يف العامل أمجع‪ ،‬وال سيام يف‬ ‫َ‬ ‫استطاعت اللغة األملانية أن‬
‫ْ‬ ‫كذلك‬
‫أوساط االحتاد األوريب‪ .‬ووجدت اللغة األملانية طريقها إىل الوطن العريب أيض ًا؛ إذ‬
‫َح َرص األملان عىل َت ْقوية عالقاهتم مع العرب ونشرْ ِ لغتهم يف البالد العربية‪ ،‬من خالل‬
‫ِ‬
‫املدارس األملانية‬ ‫التعاون األكاديمي بني اجلامعات العربية واجلامعات األملانية‪ ،‬وفتح‬
‫ومراكز تعليم اللغة األملانية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أهم هذه املراكز معهد غوته الذي ُيعدُّ منار ًة حقيقية لِنرش اللغة والثقافة‬ ‫ولعل َّ‬ ‫َّ‬
‫األملانية‪ .‬يقول السيد مانفريد إيفيل من فرع معهد غوته بالعاصمة املغربية الرباط‪ُ »:‬يعدّ‬
‫املركز الثقايف الوحيدَ الذي ُيم ِّثل مجهورية أملانيا االحتادية يف اخلارج‪ .‬ومن‬
‫َ‬ ‫معهد غوته‬
‫أي ُجهد ممكن يف سبيل نرش ُلغتها بني أوساط املتحدثني‬ ‫ِ‬
‫املعروف عن أملانيا أهنا ال تَدَّ خر ّ‬
‫بلغات أخرى‪ .‬لذلك تنترش فروع معهد غوته يف قارات العامل كافة ويف ٍ‬
‫عدد ال بأس به‬
‫(‪)1‬‬
‫من الدول العربية»‪.‬‬
‫حرصت ِوزار ُة اخلارجية األملانية عىل دعم تعليم اللغة األملانية يف اخلارج بكل‬‫ْ‬ ‫وقد‬
‫املادي األهم؛ إذ تخُ صص وزارة اخلارجية اﻷملانية‬
‫ِّ‬ ‫الوسائل املمكنة‪ ،‬فضال عن الدعم‬

‫‪ )3( -1‬من حوار أجراه مركز ‪ DW‬اإلعالمي اإللكرتوين‪.‬‬

‫‪-291-‬‬
‫نحو الربعِ‪ 714( ‬مليون يورو)‪ ‬من ميزانيتها البالغة‪ 3،1 ‬مليار يورو للسياسة الثقافية‬
‫حيص ُل كل من معهد غوته والتبادل العلمي واملدارس اﻷملانية يف اخلارج‬ ‫والتعليمية‪ُ ،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫عىل نسبة الثلث‪.‬‬
‫تلق الدعم الذي يليق هبا من البالد العربية‪ ،‬ومل تسهم‬ ‫أما اللغ ُة العربية فلم َ‬
‫نسب ضئيلة ومتفاوتة من دولة إىل دولة‪ ،‬فكان انتشار‬ ‫احلكومات العربية بذلك إال بِ ٍ‬
‫املدارس العربية قليال يف اخلارج‪ ،‬فضال عن اصطباغ هذه املدارس بألوان أقطارها‬
‫العربية التي تنتمي إليها‪.‬‬
‫ففي تركيا نجدُ املدرسة السعودية والليبية والسودانية‪ ،‬ولكل مدرسة ثقاف ٌة خاصة‬
‫وأهم من ذلك كله أن هذه املدارس مخُ صص ٌة‬ ‫ُّ‬ ‫هلجات خاصة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ومناهج خاصة‪ ،‬وربام‬
‫بالدرجة األوىل للطالب العرب من أبناء الدبلوماسيني واملهاجرين والعاملني يف تركيا‪.‬‬
‫وهي وليست خمصصة لتعليم العربية لألتراك‪.‬‬
‫مراكز تعليم اللغة العربية يف البالد األجنبية املدعومة من البالد العربية فهي‬ ‫ُ‬ ‫أما‬
‫ِ‬
‫إن مل تكن غائب ًة عن الساحة العاملية‪ ،‬لت َُح َّل حملها آالف املعاهد اخلاصة التي‬ ‫قليلة جدا ْ‬
‫تستعني بخربات أجنبية ومدرسني أجانب لتعليم اللغة العربية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحوج العامل َ يف هذه األيام ‪-‬مع تنامي أمهية اللغة العربية وازدياد عدد املسلمني‬ ‫وما‬
‫َ‬
‫موحدة لتعليم اللغة العربية‪ ،‬عىل غرار معهد غوته‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عىل ٍ‬
‫مراكز عاملية َّ‬ ‫َ‬ ‫نحو كبري‪ -‬إىل‬
‫األملاين واملجلس الربيطاين‪ ،‬تكون مدعومة من البالد العربية أو من جامعة الدول‬
‫ٍ‬
‫ومرجعية واحدة‪ ،‬تمُ ِّثل ُهوية‬ ‫ٍ‬
‫وثقافة واحدة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫واحدة‬ ‫مناهج‬ ‫ذات‬‫وتكون َ‬‫ُ‬ ‫العربية‪،‬‬
‫َ‬
‫العرب وتُراثهم وحضارهتم ودينهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫ضعف الدّ عم احلكومي العريب للغة العربية عد ُم االجتهاد يف توزي ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مظاه ِر‬ ‫ومن‬
‫يعمل‬ ‫ِ‬
‫املفرتض باحتاد املجامع اللغوية أن َ‬
‫ُ‬ ‫املصطلحات اجلديدة عىل البالد األجنبية‪ .‬إذ‬
‫املصطلحات التي اتُّفق عليها بني املجامع العربية عىل وزارات اخلارجية‬ ‫ِ‬ ‫عىل نَشرْ ِ‬
‫العاملية‪ ،‬لتقو َم هذه الوزارات بدورها بتعمي ِم هذه املصطلحات عىل وزرات الثقافة‬
‫لع طلب ُة العلم واملدرسون واملثقفون عىل مصطلحات‬ ‫أو التعليم يف بالدها‪ ،‬وبذلك َي َّط ُ‬
‫ٍ‬
‫مصطلحات أجنبية‬ ‫اللغة العربية اجلديدة أوالً بأول‪ ،‬وال يضطرون إىل احلصول عىل‬

‫‪ -1‬مصدر املعلومات وزارة اخلارجية األملانية ‪news.de/dpa‬‬

‫‪-292-‬‬
‫ٍ‬
‫عامية لبعض املفردات التي عجزوا عن معرفة املصطلح املقابل هلا باللغة العربية‬ ‫أو‬
‫الفصحى‪.‬‬
‫ففي تركيا تَسللت كثري من املصطلحات العربية العامية إىل َمناهج تعليم اللغة‬
‫العربية يف املدارس الرسمية للسبب نفسه‪ ،‬وهو عدم معرفة املختصني باملقابالت‬
‫العربية الفصيحة‪ ،‬مما اضطرهم إىل استعامل الشائع بني الناس من املصطلحات‪.‬‬
‫العرب‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -6‬ا ُمل ِّ‬
‫درسون‬
‫املشكالت التي تُؤ ِّثر يف تع ُّلم اللغة العربية وتعليمها يف تركيا ِق َّل ُة املدرسني‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫التواصل بني العرب‬ ‫ِ‬ ‫ضعف‬
‫ُ‬ ‫العرب‪ ،‬األمر الذي ُيعزى إىل سببني أساسيني َّأوهلُام‬
‫ال دون التواصل بني الطرفني‪ ،‬وثانيهام‬ ‫واألتراك بسبب اللغة األجنبية التي تقف َحائ ً‬
‫دريس اللغة‬ ‫معظم ُم ِّ‬
‫َ‬ ‫رغب ُة األتراك يف االعتامد عىل الكادر التدرييس الرتكي‪ .‬لذلك فإن‬
‫ذكرت سابق ًا أن قس ًام كبريا‬
‫ُ‬ ‫العربية يف املدارس و اجلامعات الرتكية هم من األتراك‪ ،‬وقد‬
‫فإن تعليم اللغة العربية يكون باللغة‬ ‫من هؤالء املدرسني ال ُيتقن اللغ َة العربية‪ ،‬لذلك َّ‬
‫الرتكية!‬

‫اخلامت ُة‬
‫أهم املشكالت التي‬ ‫ِ‬
‫املطولة عن حال اللغة العربية يف تركيا وعن ِّ‬ ‫وبعدَ هذه اجلولة َّ‬
‫ِ‬
‫باختالف مناهج تعليم اللغة العربية يف‬ ‫متثلت‬
‫ْ‬ ‫قد تؤثر سلب ًا يف تعليمها أو تعلمها والتي‬
‫ِ‬
‫وإشكالية املصطلحات العربية‪،‬‬ ‫وضعف طرائق تعليمها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫تركيا بني العرب واألتراك‪،‬‬
‫ِ‬
‫واالفتقار إىل وجود عدد‬ ‫وق َّل ِة الدعم احلكومي العريب للغة العربية يف بالد املهجر‪،‬‬
‫نستطيع أن نقول‪ :‬إن اللغ َة العربية يف تركيا ‪-‬عىل الرغم من‬ ‫كاف من املدرسني العرب‪،‬‬‫ٍ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وئيدة ترعاها املؤسسات الرتكية وال سيام‬ ‫تسري ُقدُ م ًا بخطى‬
‫وجود هذه اإلشكاليات‪ُ -‬‬
‫اجلامعات الرتكية التي ال تكاد ختلو جامعة منها من قسم لتعليم‬‫ُ‬ ‫الدينية منها‪ ،‬وترعاها‬
‫ال عن التشجيع احلكومي للغة العربية الذي يعود ألسباب اقتصادية‬ ‫اللغة العربية‪ ،‬فض ً‬
‫وجتارية‪.‬‬

‫‪-293-‬‬
‫املصادر واملراجع‬
Nusrettin Bolelli، Nedim Yılmaz، Arapça 10. Sınıf ders kitabı، Damla
yayınevi، İstanbul 2010.

Nusrettin Bolelli، Nedim Yılmaz، Arapça hazırlık 2. Sınıf، Damla yayınevi،


İstanbul 2005.

Nusrettin Bolelli، Nedim Yılmaz، Lise 1. Sınıf، Damla yayınevi، İstanbul


2003.

Nusrettin Bolelli، Nedim Yılmaz، Arapça Lisözlüke 3. Sınıf، Damla


yayınevi، İstanbul 2001.

Kadir Güneş، arapça – türkçe sözlük،Mektep Yayınları، İstanbul 2011.

Serdar Mutçalı، türkçe – arapça sözlük،Dağarcık، İstanbul 2004.

Amrullah İşler، İbrahim Özay ،türkçe – arapça Kapsamlı sözlük،Fecr،ankara


2008.

-294-
‫م�شكالت تعليم العربية لغري الناطقني بها يف تركيا‬
‫وطرق حلها‬
‫د‪.‬كريم فاروق اخلويل‬
‫أستاذ مساعد يف قسم اللغة العربية بجامعة بوزوك‬

‫للغة العربية منزلة خاصة يف قلوب املسلمني سواء أكانوا من الناطقني هبا أم من غري‬
‫الناطقني هبا‪ ،‬وتلك املنزلة هي نتاج ترشيف اهلل‪ -‬عز وجل‪ -‬هلذه اللغة بأن جعلها لغة‬
‫للناس كافة‪ ،‬وحفظها بحفظه‬ ‫كتابه خاتم الكتب الساموية الذي أرسل به حممدا‬
‫لكتابه الكريم‪ ،‬وجعلها باقية ببقائه‪.‬‬
‫فاملسلم يف مشارق األرض ومغارهبا ينطق هبا مخس مرات يوميا عىل أقل تقدير يف‬
‫صالته‪ ،‬ومن يتفقه يف دينه منهم بالسامع أو الدراسة أو الرجوع إىل املسائل الدينية تكن‬
‫العربية وسيلته لتلقي القرآن الكريم وتفاسريه وعلومه واحلديث الرشيف ورشوحه‬
‫وعلومه‪.‬‬
‫فإن اختلفت لغات املسلمني وأعراقهم فقد وحدت اللغة العربية كل من قال‪ :‬أشهد‬
‫أن ال إله إال اهلل وأشهد أن حممدا رسول اهلل‪ ،‬وهلذا رشع املسلمون منذ بعثة الرسول‬
‫وانتشار اإلسالم يف أرجاء األرض حتى وقتنا احلارض يف تعلم العربية لغة دينهم وكتاهبم‬
‫وأصحابه‪ -‬رضوان اهلل عليهم‪ ،-‬حتى إن السواد األعظم من املسلمني‬ ‫ورسوهلم‬
‫الذين مل تكن العربية لساهنم األ ّم قد وصل إىل درجة التأصيل لعلوم العربية عالوة عىل‬
‫التأليف يف العلوم املختلفة هبا‪ ،‬والالفت للنظر أن اهتامم هؤالء بالعربية مل يمنعهم من‬
‫احلفاظ عىل لغاهتم األصلية‪ ،‬بل أسهم ذلك احلفاظ يف إثراء املكتبة العربية باملؤلفات‬

‫‪-295-‬‬
‫واملرتمجات يف علوم خمتلفة مل يكن أهل العربية عىل متام الدراية هبا‪.‬‬
‫ويف هذا العرص أقبل املسلمون من غري الناطقني بالعربية عىل تعليم أبنائهم اللغة‬
‫العربية يف املراكز واجلامعات واملدارس الرسمية وغري الرسمية للحفاظ عىل دينهم‬
‫وتراثهم اإلسالمي‪ ،‬وكان يف مقدمتهم الدولة الرتكية التي اهتمت بتعليم العربية‬
‫ألبنائها أيام اهتامم‪ ،‬فاهتمت بتعليمهم العربية وعلومها من نحو ورصف وبالغة لتكون‬
‫معربا لتعليمهم القرآن واحلديث وعلومهام‪.‬‬
‫ولعل من مظاهر هذا االهتامم ما ألفناه‪ -‬قبل أن نحل ضيوفا دائمني عىل الدولة‬
‫الرتكية‪ -‬من التوسع يف تدشني حمطات التلفزة الناطقة باللغة العربية‪ ،‬وإقامة املسابقات‬
‫الرسمية وغري الرسمية عىل مدار العام ليتبارى طالب املدارس يف آداب العربية وفنوهنا‪.‬‬
‫ومن أبرز مظاهر اهتامم الطالب بالعربية وعلومها توجيه فئة من الطالب الدارسني‬
‫يف كلية اإلهليات يف الصفوف ما بعد العام التحضريي العديد من األسئلة التي تعرب عن‬
‫هنمهم ورغبتهم يف إتقان العربية يف أرسع وقت‪ ،‬وكان أبرز تلك األسئلة التي وجهت‬
‫إلينا‪ :‬بالرغم من معرفتنا اجليدة لقواعد النحو العريب والرصف العريب إال أن البعض منا‪:‬‬
‫ليست لديه القدرة عىل فهم اجلملة العربية‪.‬‬
‫ليست لديه القدرة عىل التحدث بالعربية‪.‬‬
‫ليست لديه القدرة عىل مواصلة التحدث بالعربية‪.‬‬
‫ليست لديه القدرة عىل فهم القرآن وكتب الرتاث‪.‬‬
‫وهذا ما حدا بنا بالبحث يف أسباب تلك املشكالت ودراستها حتى يتسنّى لنا وضع‬
‫احللول املمكنة إلزالة تلك املشكالت أو احلد منها عىل أقل تقدير؛ للوصول بالطالب‬
‫ألعىل درجة من درجات االستيعاب للنصوص العربية وفهم مقاصدها من ناحية‪،‬‬
‫والتمكن من التحدّ ث باللغة العربية بالدرجة املطلوبة من ناحية أخرى‪.‬‬

‫‪-296-‬‬
‫أسباب تلك املشكالت‬
‫أسباب ترجع إىل املعلم‪:‬‬
‫املعلم ليس خبريا بطرق تعليم العربية لغري الناطقني هبا‪.‬‬
‫املعلم ال يفهم العربية بالقدر املطلوب‪.‬‬
‫املعلم يستخدم لغة وسيطة لرشح العربية‪.‬‬
‫أسباب ترجع إىل الطالب‪:‬‬
‫الطالب ال جيتهد يف فهم القواعد وحتصيلها‪.‬‬
‫ليس لدى الطالب الدافع إىل تعلم العربية‪.‬‬
‫اكتفاء الطالب بام يدرسه يف الصف‪.‬‬
‫أسباب ترجع إىل طرق التعليم‪:‬‬
‫االعتامد عىل الرتمجة‪.‬‬
‫االعتامد عىل التلقني وذاكرة الطالب‪.‬‬
‫االعتامد عىل األخذ من املعلم‪ ،‬وعدم مشاركة الطالب للمعلم يف الصف‪.‬‬
‫عدم مراعاة الفروق الفردية بني الطالب‪.‬‬
‫أسباب ترجع إىل املنهج املدروس‪:‬‬
‫اعتامد الكتب اخلاصة بتعليم العربية عىل لغة اخلطاب املتداولة بني الناطقني بالعربية‬
‫اآلن‪.‬‬
‫عدم احرتام عقلية الطالب العمرية‪.‬‬
‫عدم وضع القواعد املوضحة لكيفية فهم الطالب للرتاكيب املجازية‪.‬‬
‫االعتامد عىل املوضوعات املنفصلة دون املتصلة‪.‬‬
‫عدم تنويع الرتاكيب املستخدمة يف النصوص املدروسة‪.‬‬
‫عدم توظيف القواعد النحوية والرصفية يف الفهم والتحدث‪.‬‬
‫عدم توظيف الفروق اللغوية يف سياقات خمتلفة‪.‬‬
‫االعتامد عىل بعض أنواع الداللة‪.‬‬

‫‪-297-‬‬
‫أسباب ترجع إىل املكان والزمان‪:‬‬
‫عدم وجود التناسب بني الدرس واملدة املخصصة له‪.‬‬
‫عدم وجود البيئة املناسبة للطالب‪.‬‬
‫احللول‬
‫ما يرجع إىل املعلم‪:‬‬
‫إن املعلم هو حجر الزاوية يف العملية التعليمية لذا يقع عىل عاتقه النصيب األكرب‬
‫يف حتقيق أهداف تعليم العربية لغري الناطقني هبا؛ فبداية عىل املعلم فهم تلك األهداف‬
‫والبحث عن طرق حتقيقها‪ ،‬ويعد اهلدف األسمى هو فهم الطالب القرآن الكريم بلغته‬
‫عالوة عىل فهم كتب الرتاث من تفسري وفقه وسري وغريها‪.‬‬
‫وألمهية املعلم يف حتقيق أهداف تعليم العربية لغري الناطقني هبا فمن الواجب عليه‬
‫أن يتسلح بأدوات تفوق يف فاعليتها تلك التي يتسلح هبا معلم العربية للناطقني هبا؛‬
‫فتكوين معلم العربية عموما يتميز بخصائص متكنه من حتقيق أهداف تدريس اللغة يف‬
‫بيئتها‪ ،‬وملا وقع عىل عاتقه تدريسها يف غري بيئتها ولغري أبنائها فمن الالزم أن « يتميز‬
‫تكوين أستاذ اللغة العربية لغة ثانية بخصائص تضاف إىل التكوين العام ألستاذ اللغة‬
‫(‪)1‬‬
‫األم‪ ،‬وذلك بالرتكيز عىل كسب معرفة لغوية ومهارات عملية وقدرات تقنية معينة»‬
‫(التكوين الرتبوي‪.)13:‬‬
‫وتتمثل طرق حتقيق تلك األهداف فيام خيص املعلم يف‪:‬‬
‫فهم معلم العربية لغري أبنائها للدور املنوط به يف تعليم العربية وأمهية هذا الدور‪،‬‬
‫وأن يكون عىل قدر املسؤولية يف القيام باملهام امللقاة عىل عاتقه‪.‬‬
‫اإلجادة التامة للعربية وقواعدها وأساليبها التي متيزها عن غريها من اللغات‪.‬‬
‫اخلضوع للدورات اخلاصة بتأهيل معلمي العربية لتعليم اللغة العربية لغري الناطقني‬
‫هبا‪ ،‬أو االطالع عىل الكتب اخلاصة بذلك إن مل تتو ّفر تلك الدورات‪.‬‬
‫االستفادة من اخلربات التي حققت تقدما ملموسا يف تعليم العربية لغري الناطقني‬

‫‪1- Dr.Reda El-swaisy، El-takwin El-tarbwy lasatezt El-arabia legh El-nateqen bha،men mn-‬‬
‫‪shorat El-monzzma el-arabia lltrbia wa Wl-thqafa we El-olom،tonos،1992،page nu:13‬‬

‫‪-298-‬‬
‫هبا‪ ،‬وذلك عن طريق عقد املؤمترات والندوات والدورات التدريبية أو املقابالت‬
‫الفردية إن أمكن‪ ،‬وإذا حتقق للمعلم ذلك فسوف تكون لديه القدرة عىل توصيل‬
‫الدالالت الرصفية والنحوية واملجازية والرتكيبية والسياقية للطالب دون احلاجة إىل‬
‫اللغة الوسيطة‪.‬‬
‫االستفادة من اخلربات الرتبوية وطرق التدريس احلديثة عموما‪ ،‬مثل طرق التدريس‬
‫التي تعتمد عىل الطالب‪ ،‬وتلك التي تراعي الفروق الفردية بني الطالب‪.‬‬
‫ومن أهم ما حيقق أهداف تعليم العربية لغري أبنائها العمل بروح الفريق للوقوف‬
‫عىل درجة استيعاب الطالب لعلوم العربية واألنشطة التي يامرسوهنا عموما لزيادة تلك‬
‫الدرجة أو مواجهة القصور يف استيعاب علم من علوم العربية‪ ،‬وهذا يلقي عىل عاتق‬
‫املعلمني التعاون عىل املستوي العلمي واالجتامعي مع بعضهم بعضا من ناحية‪ ،‬ومع‬
‫الطالب من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ما يرجع إىل الطالب‪:‬‬
‫إن الطالب هو أساس العملية التعليمية‪ ،‬وهو املستهدف الذي وضعت من أجله كل‬
‫اإلمكانات املتاحة ليفهم اللغة العربية بوصفها األداة التي تعرب به الطريق إىل فهم كتاب‬
‫اهلل وسنة رسوله الكريم وعقيدته اإلسالمية لينقلها إىل طالبه يف املستقبل إذا أصبح‬
‫معلام‪ ،‬أو إىل عامة املسلمني إذا أصبح إماما أو مفتيا‪ ،‬وهذا جزء من الرسالة التي حيملها‬
‫الطالب عىل عاتقه لنرش دين اهلل يف أرضه‪ ،‬وتصحيح املفاهيم اخلاطئة جتاه ديننا احلنيف‪.‬‬
‫وعىل هذا األساس جيب عىل الطالب أن‪:‬‬
‫جيتهد يف دراسة العربية ألهنا لغة الدين‪ ،‬ويفهم املسئولية امللقاة عىل عاتقه يف نرش‬
‫الدين اإلسالمي‪ ،‬وعىل املعلم أن يستثمر ارتباط العربية بالدين يف خلق الدافع لدى‬
‫الطالب لالجتهاد يف إتقاهنا فمن املسلم به عند علامء الرتبية أننا « نتعلم بشكل أحسن‬
‫إذا كان الدافع أقوى» (التعلم‪.)119:‬‬
‫يداوم عىل القراءة احلرة للكتب املدونة باللغة العربية يف خمتلف املجاالت وال يكتفي‬
‫بام يدرسه داخل الصف‪ ،‬ويمكن ذلك بالتدرج بقراءة الكتب السهلة ثم الصعبة‪،‬‬
‫باالعتامد عىل املعاجم العربية واملعلم‪.‬‬
‫يعرف الدالالت الكلية للقوالب الرتكيبية العربية مثل‪ :‬اجلملة الفعلية واجلملة‬

‫‪-299-‬‬
‫االسمية وقوالب الرشط والوصف واإلضافة واحلال وغريها‪ ،‬واستخدام تلك‬
‫القوالب يف التحدث‪ ،‬وذلك بالرجوع إىل املعلم ليدربه عىل استخدام تلك القوالب‬
‫ثم استخدامها يف التحدّ ث مع معلمه وزمالء الصف أو غريهم إن أمكن‪.‬‬
‫ومن ّ‬
‫يداوم عىل التحدث بالعربية داخل الصف مع معلمه وزمالئه‪ ،‬وخارج الصف‬
‫قدر املستطاع‪ ،‬لتطبيق القواعد التي درسها يف الصف؛ فإن التطبيق عن طريق التحدث‬
‫يرسخ فهم الطالب لتلك القواعد فال يكون يف حاجة إىل مراجعتها باستمرار‪ ،‬كام‬
‫يكسبه التطبيق بالتحدث فهم كلامت وتراكيب جديدة مل يدرسها يف الصف‪ ،‬وربام‬
‫يؤدي التحدث إىل فهم بعض القواعد التي مل يفهمها الطالب داخل الصف‪ ،‬كام أن‬
‫التحدث يف بعض األحيان يكرس هتيب الطالب من العربية‪ ،‬ويعده نفسيا إىل مزيد من‬
‫الفهم والتحصيل واالطالع فــ « احلديث الشفهي مهم للغاية‪ ،‬ولن يتم التعليم بدونه‬
‫والتشجيع عليه واجب‪ ،‬والصرب إزاءه أشدّ وجوبا‪ ،‬إذ عىل املدرس أن يقدر ظروف‬
‫تعلم العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬إهنا ليست الظروف الطبيعية املتسعة امليدان التي تلقى‬
‫فيها اللغة األم‪ ،‬وال جيوز للمدرس أن يطارد أخطاء التلميذ يف احلديث الشفهي فعليه‬
‫هنا أن يكتفي بتصحيح الفاحش منها الذي قد ييسء عن غري قصد أو يقلب املعنى»‬
‫(جتربة األزهر‪.)67:‬‬
‫وال يعني عدم مطاردة املعلم جلميع أخطاء الطالب خالل عملية املحادثة أن يدوم‬
‫ذلك يف كل مراحل تعليم العربية‪ ،‬بل من األفضل أن يقترص ذلك عىل املرحلة األوىل‪.‬‬
‫يستخدم الكلامت املشرتكة بني لغته واللغة العربية يف التحدث‪-‬باعتبار ذلك بداية‬
‫ونقطة انطالق‪ -‬وذلك بعد إخضاعها لقواعد الرصف والنحو العربيني‪ ،‬وأغلب هذه‬
‫الكلامت تندرج حتت املشتقات املبدوءة بامليم واملصادر‪.‬‬
‫يستمع إىل العربية عن طريق وسائل اإلعالم الناطقة بالعربية الفصحى للتعود عىل‬
‫العربية والشعور باأللفة جتاهها‪ ،‬كام أن السامع من التطبيقات املهمة التي تساعد الطالب‬
‫عىل فهم العربية بصورة أشمل‪.‬‬

‫‪-300-‬‬
‫ما يرجع إىل طرق التعليم‪:‬‬
‫تعد طرق التعليم الوسيط بني املعلم والطالب داخل الصف‪ ،‬ينقل من خالهلا املعلم‬
‫املعلومات للطالب بغرض فهمها‪ ،‬ومن املالحظ أن املعلم يعتمد يف ذلك عىل الرتمجة‪،‬‬
‫وقد أثبت حديثا عدم نفعها يف حتقيق الفهم الشامل للنصوص والقواعد املدروسة « ويف‬
‫احلقيقة ليس إجياد الطريقة املناسبة باألمر السهل‪ ،‬ونظرة إىل الطرق املتبعة يف التدريس‬
‫نجدها تقليدية تعتمد عىل التلقني النظري كام يعتمد تدريسها يف البالد األجنبية عىل‬
‫الرتمجة‪ ،‬فينال هذا اجلانب االهتامم أكثر من التطبيق لفهم اللغة واستعامهلا‪ ،‬فاالبتعاد عن‬
‫الرتمجة هو خري طريقة لتعليم اللغة العربية لألجانب؛ إذ إن االقتصار عىل اللغة العربية‬
‫جيرب الطالب عىل استعامهلا ويعود حسن استعامهلا والتعرف عىل ألفاظها وأصواهتا»‬
‫(اللغة العربية وتدريسها‪.)42:‬‬
‫ومن املعلمني من يعتمد عىل التلقني ‪ -‬املعتمد عىل ذاكرة الطالب‪ -‬لتوصيل معلومات‬
‫الدرس إىل الطالب‪ ،‬وبالرغم من نفع التلقني يف العملية التعليمية إال أن هذا النفع يتسم‬
‫باآلنية‪ ،‬أما عىل املدى الطويل فال يبقى من تلك املعلومات إال القليل الذي ربام ال يسمن‬
‫وال يغني لتحقيق االتصال ولو شبه الكامل باللغة‪ ،‬كام أنه أقل فاعلية يف عرصنا احلارض‬
‫للطفرة التقنية وتعدد االهتاممات احلياتية التي ختزن يف ذاكرة الطالب فتضعف تلقيه‬
‫الصف النشغال الذاكرة بأمور يومية وحياتية تفرض نفسها عليها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للعلوم داخل‬
‫وعىل هذا األساس فإن اعتامد العملية التعليمية عىل التلقني جيعل قياس استيعاب‬
‫الطالب للمواد املدروسة مبنيا عىل قوة ذاكرته دون مهارته يف ممارسة اللغة‪.‬‬
‫الصف عىل املعلم مما يستدعي‬
‫ّ‬ ‫وتستتبع طريقة التلقني قيام العملية التعليمية داخل‬
‫الصف‪ ،‬وهذا عىل أقل تقدير‬ ‫ّ‬ ‫انعدام مشاركة الطالب للمعلم بالصورة املطلوبة يف‬
‫يصيب الطالب بامللل‪ ،‬وال يضمن بقاء أذهاهنم مع املعلم طول مدّ ة تلقي الدرس من‬
‫ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى فإن فرصة التطبيق وممارسة ما درسه الطالب من القواعد قد‬
‫الصف‪ ،‬فيكون حال الطالب كحال من يقرأ عن كيفية قيادة السيارة‬ ‫ّ‬ ‫انعدمت متاما داخل‬
‫استمرت املعلومات النظرية‬
‫ّ‬ ‫فيجمع املعلومات الكافية دون أن يتدرب عىل القيادة‪ ،‬وإذا‬
‫لفرتة طويلة يف ذهنه دون التطبيق بمامرسة القيادة فسوف تتالشى تلك املعلومات شيئا‬
‫فشيئا من ذهنه‪.‬‬
‫«وبرصف النظر عن اختالف العلامء يف منطلقاهتم الفكرية فإهنم جيمعون عىل‬

‫‪-301-‬‬
‫وجود فروق فردية بني الناس من حيث قدراهتم وطبائعهم ودوافعهم وأمزجتهم‬
‫واستعداداهتم وانفعاالهتم» (علم النفس يف القرن العرشين‪.)432:‬‬
‫ولعل عدم مراعاة املعلم الفروق الفردية بني الطالب‪ -‬ويعد التلقني من أحد‬
‫املسببات هلا‪ -‬ال حيقق األهداف املرجوة من تعليم اللغة العربية لغري أبنائها؛ إذ تستفيد‬
‫الفئة األقوى ذاكرة أو األقوى دافعا أو األكثر اجتهادا مما يلقيه عليهم املعلم يف مقابل‬
‫تذبذب الفائدة عند الفئة التي ال تتميز بتلك السامت‪.‬‬
‫وعىل هذا األساس جيب عىل املعلم أن‪:‬‬
‫يعتمد عىل رشح القوالب النحوية قالبا قالبا‪ ،‬ورشح الدالالت املختلفة لتلك‬
‫القوالب مع التطبيق عىل عدد كبري من اجلمل املختصة بكل قالب‪ ،‬ورشح الصيغ‬
‫الرصفية والفروق الداللية بينها؛ وذلك لتفادي االعتامد عىل الرتمجة قدر اإلمكان‪.‬‬
‫يعتمد عىل وسائل أخرى مستمدة من طرق تعليم العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬ومن‬
‫ذلك استخدام حركات الوجه واجلسد ومتثيل املعنى بالصوت املوحي‪ ،‬وتوزيع األدوار‬
‫عىل الطالب وإقامة احلوار أو املناقشة بينهم‪ ،‬مع إقامة املناظرات احلرة داخل الصف‪.‬‬
‫حيث الطالب عىل استخدام القوالب النحوية التي فهموها‪ ،‬بكلامت جديدة متعلقة‬
‫بالدرس أو غري متعلقة به؛ لتفادي االعتامد عىل ذاكرة الطالب وحدها‪.‬‬
‫يوزع الدرس عىل فئة من الطالب قبل الدرس بمدة كافية وتكليفهم برشحه بأي‬
‫وسيلة وقت الدرس؛ لضامن اعتامد الطالب عىل نفسه يف فهم الدرس فيستطيع املواصلة‬
‫يف القراءة والفهم دون احلاجة إىل وجود املعلم؛ وذلك مفيد للطالب بعد التخرج يف‬
‫اجلامعة‪.‬‬
‫يرشح املعلم الدرس بطرق خمتلفة ملراعاة الفروق الفردية يف الفهم بني الطالب‪،‬‬
‫ومن ذلك التكرار والتبسيط‪ ،‬والسامح للطالب املتفوقني واحدا تلو اآلخر بإعادة رشح‬
‫الدرس لزمالئهم يف الصف‪ ،‬ويقترص دور املعلم عىل السامع والتصحيح‪.‬‬
‫يقسم املعلم الدرس بمشاركة الطالب إىل فقرات متصلة والقيام بوضع العناوين‬
‫الفرعية املتصلة بعنوان الدرس‪ ،‬والربط بني الدالالت الرتكيبية للجمل ودالالت‬
‫العناوين الفرعية ثم العنوان الرئيس للدرس؛ ليفهم الطالب ما يستغلق عىل فهمه عن‬
‫طريق الداللة السياقية‪.‬‬

‫‪-302-‬‬
‫ما يرجع إىل الكتاب املدروس‪:‬‬
‫إن عملية اختيار الكتاب الرسمي الذي يدرس للطالب داخل الصف من أصعب‬
‫اخلطوات يف تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا؛ إذ يمثل الكتاب صلة تربط الطالب‬
‫باللغة العربية‪ .‬وتعد مشكلة إعداد الكتاب من املشاكل التي تداوهلا املختصون هبذا‬
‫العلم للوصول إىل وضع كتاب يعمل عىل رفع مستوى الطالب إىل درجة الكفاءة يف‬
‫إتقان اللغة‪ ،‬وهو ما حدا بأحد املختصني هبذا العلم إىل االعرتاف بالقصور يف وضع‬
‫الكتاب الذي يصل بالطالب إىل تلك الدرجة من الكفاءة؛ فـــ «قضية الكفاءة بمعنى‬
‫املستوى النهائي يف إتقان اللغة العربية بمهاراهتا املختلفة من‪ :‬حديث واستامع وقراءة‬
‫وكتابة‪ ،‬والذي نسعى باملتعلم األجنبي اجلاد الذي يسلم نفسه كلية لنا إىل الوصول إليه‪،‬‬
‫هذه القضية مل نتناوهلا بالفحص ال عند كتابة الكتب التي ألفناها وال عند إقامة املناهج‬
‫التي وضعناها لتعليم هذا الطالب» (الكفاءة يف تعلم اللغة العربية‪.)48:‬‬
‫وال يعني وجود القصور يف الكتاب أن تتوقف عملية التأليف‪ ،‬بل يلزم أن يعالج‬
‫القصور قدر اإلمكان‪ ،‬ويمكن أن تغني خربة املعلم عن الكتاب أحيانا؛ وذلك بتعيني‬
‫نصوص منفصلة أو متصلة تساعد املعلم يف إقامة احلوار بينه وبني الطالب‪ ،‬وتساعد‬
‫الطالب عىل فهم الرتاكيب والقوالب املختلفة واستخدامها يف التحدث‪ ،‬ولكن ذلك ال‬
‫يصل بالطالب إىل درجة الكفاءة بالرضورة‪.‬‬
‫وبإنعام النظر يف الكتب املختصة بتدريس العربية لغري أبنائها قد خرجنا بامللحوظات‬
‫األولية التي سبق ذكرها يف املشكالت املتعلقة بالكتاب املدروس‪ ،‬ومل يكن اهلدف من‬
‫ذلك نقد تلك الكتب بطريقة سلبية‪ ،‬وإنام حماولة لعالج القصور فيها‪.‬‬
‫يلزم أن تتحقق يف الكتاب الرسمي الرشوط اآلتية‪:‬‬
‫االعتامد عىل اللغة املتداولة بني الناطقني بالعربية يف املايض واحلارض عىل السواء‪،‬‬
‫وذلك عن طريق توزيع النصوص املدروسة بني القديم واحلديث وليس احلديث‬
‫وحده‪ ،‬مع مراعاة أن تكون املفردات والرتاكيب موزعة بني القديم واحلديث أيضا؛‬
‫وذلك لسد الفجوة بني ما يدرسه الطالب يف العام التحضريي وبقية األعوام التالية‪،‬‬
‫وقد ملسنا تلك الفجوة من خالل صدمة طالب الصف األول عند قراءة متون التفسري‬
‫واحلديث وغريها ‪ -‬التي تتميز بمتانة األسلوب وتضمنها ملفردات وتراكيب ربام ليس‬

‫‪-303-‬‬
‫البعض منها متداوال عىل ألسنة الناطقني بالعربية اآلن‪ -‬التي قد تتفق يف أسلوهبا أحيانا‬
‫مع ما درسه الطالب يف الصف التحضريي أو تفرتق عنها أحيانا أخرى‪.‬‬
‫احرتام عقلية الطالب العمرية؛ فالكتب تعتمد عىل الصور بطريقة مفرطة حتى إن‬
‫الكثري من الدروس حتتوي عىل عدد من الصور أكثر من اجلمل‪ ،‬وذلك إنام يؤثر يف‬
‫عقلية الطالب فتصبح معادلة ملن هم دون العارشة‪-‬أو أقل‪ -‬من الناطقني بالعربية‪،‬‬
‫ويف بعض األحيان يفهم الطالب الصورة بطريقة غري صحيحة‪ ،‬وهلذا جيب أن تستخدم‬
‫الصور بقدر احلاجة إليها‪ ،‬ويفسح الدرس ملزيد من الرتاكيب التي تفيد الطالب‪.‬‬
‫وضع القواعد املوضحة لكيفية فهم الطالب للرتاكيب املجازية‪ ،‬ويمكن ذلك من‬
‫خالل توزيع الرتاكيب املجازية عىل الدروس ووضع الرتاكيب احلقيقية املقابلة هلا‪ ،‬مع‬
‫تكرارها يف سياقات خمتلفة‪ ،‬فيعلم الطالب املقابل احلقيقي للرتاكيب املجازية عندما‬
‫يتلقاها‪ ،‬كام يمكن اختيار منهج منفصل لبعض دروس البالغة املبسطة للمرحلة‬
‫التمهيدية‪.‬‬
‫االعتامد عىل املوضوعات املنفصلة واملتصلة معا؛ فأمهية النص املتصل قد تفوق‬
‫تلك النصوص املنفصلة يف تعليم العربية؛ إذ يتميز النص املتصل ببقاء مفرداته‬
‫وتراكيبه احلقيقية واملجازية ودالالهتا يف ذهن الطالب يسرتجعها خالل دراسته ألجزاء‬
‫النص املتصل‪ ،‬ويسرتجعها عند احلاجة لبقائها يف ذهنه لفرتات طويلة‪ ،‬كام يمكّنه من‬
‫تلخيص أجزاء النص ووضع العناوين الفرعية‪ ،‬وربط الدالالت الفرعية بالدالالت‬
‫الكلية للنص املتصل‪ ،‬مع مراعاة أن تشمل النصوص املنفصلة موضوعات خاصة‬
‫بالتفسري واحلديث والفقه والسري والتصوف وغريها عىل أن تنقل تلك املوضوعات‬
‫من مصادرها مع إمكانية التعديل بالتبسيط أو الرشح‪ ،‬وأن تتضمن فنونا من األدب‬
‫العريب من نثر ورسائل ومرسح وخطابة وغريها؛ وذلك لتحقيق املعادلة بني األساليب‬
‫والرتاكيب العربية القديمة واحلديثة يف عملية تعلم اللغة العربية ليقرتب الطالب من‬
‫فهم القرآن وعلومه يف السنوات التالية للصف التحضريي من ناحية‪ ،‬والتواصل مع‬
‫الناطقني بالعربية اآلن يف سهولة سواء عن طريق املشافهة أم االطالع عىل كتبهم من‬
‫ناحية أخرى‪.‬‬
‫تنويع الرتاكيب املستخدمة يف النصوص املدروسة مع تسليط الضوء عىل الرتاكيب‬
‫بتكرارها وتوضيح دالالهتا يف سياقات خمتلفة‪ ،‬ووضع ما حيدو بالطالب إىل استخدامها‬

‫‪-304-‬‬
‫داخل الصف وخارجه‪ ،‬وذلك عن طريق األنشطة والتدريبات‪.‬‬
‫توظيف القواعد النحوية والرصفية يف الفهم والتحدث‪ ،‬وذلك عن طريق توضيح‬
‫الدالالت الرصفية للصيغ والفروق الداللية بينها‪ ،‬ومثل ذلك مع القواعد النحوية؛‬
‫لتحد من اعتامد الطالب عىل الرتمجة أو النظر يف املعجم‪.‬‬
‫توظيف الفروق اللغوية بني الكلامت يف سياقات خمتلفة يفهمها الطالب من خالل‬
‫الداللة الكلية للرتكيب أو السياق‪.‬‬
‫االعتامد عىل أنواع الدالالت من داللة نحوية ورصفية وتركيبية وجمازية وسياقية‬
‫وعرفية ورشعية وغريها من الدالالت‪.‬‬
‫االعتامد عىل معجم عريب عريب لزيادة احلصيلة اللغوية عند الطالب‪.‬‬
‫ومن الالزم أال تنقطع صلة الطالب بدروس العربية وعلومها وآداهبا يف الصفوف‬
‫التالية للصف التحضريي‪ ،‬بل من األفضل إفساح املجال هلا يف تلك الصفوف لتحقيق‬
‫الكفاءة املطلوبة يف إتقان اللغة‪.‬‬
‫ما يرجع إىل املكان والزمان‪:‬‬
‫إن عاميل الزمان واملكان يف غاية األمهية يف تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪،‬‬
‫أما املكان فالغالب أن الراغبني يف تعلم اللغة العربية من غري الناطقني هبا يتوجهون‬
‫لدراستها يف أحد املراكز احلكومية أو اخلاصة يف إحدى الدول الناطقة بالعربية مثل‪:‬‬
‫سورية‪ ،‬ومرص‪ ،‬والسعودية‪ ،‬واألردن‪ ،‬وغريها‪ ،‬وعىل هذا فإن الدارس تتوفر له البيئة‬
‫العربية يف اجلامعات واألسواق وغريها ملامرسة اللغة التي يدرس قواعدها مع الناطقني‬
‫هبا‪ ،‬وتلك املامرسة متكنه من إتقان اللغة حتى دون دراستها يف بعض األحيان‪.‬‬
‫وبالرغم من عدم توفر البيئة العربية لطالبنا فمن املمكن وضع البدائل لتلك البيئة‬
‫قدر اإلمكان‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫حث الطالب عىل التحدث بالعربية داخل الصف مع املعلمني والزمالء قدر‬
‫اإلمكان‪ ،‬ويساعد يف ذلك تطبيق طرق التعليم التي تعتمد عىل الطالب يف األساس وقد‬
‫سبقت اإلشارة إليها‪.‬‬
‫حتديد يوم أو يومني من أيام األسبوع‪ -‬إن أمكن‪ -‬للتحدث بالعربية خارج الصفوف‬
‫وداخل أروقة الكلية‪ ،‬وقد طبق ذلك يف كلية اإلهليات بجامعة يوزينجي ييل بطريقة ما‬

‫‪-305-‬‬
‫حتت رعاية السيد الفاضل عميد الكلية‪ ،‬والقت نجاحا باهرا‪.‬‬
‫إدخال حمطات التلفاز الناطقة بالعربية الفصحى إىل حجرة اسرتاحة الطالب‬
‫املركزية أو املكتبة لتتعود آذاهنم عىل سامع العربية والشعور باأللفة جتاهها‪.‬‬
‫إقامة العروض األدبية واملرسحية باللغة العربية عىل مدار العام‪ ،‬وقد طبق ذلك‬
‫خالل العامني السابقني يف كلية اإلهليات بجامعة أتاتورك‪ -‬خالل فرتة عميل هبا وقد‬
‫ترشفت بتصميم تلك العروض وتأليف املرسحيات وتدريب الطالب‪ -‬حتت رعاية‬
‫السيد الفاضل عميد الكلية‪ ،‬والقت نجاحا طيبا واستجابة من الطالب‪ ،‬كام طبق ذلك‬
‫يف العام املنرصم يف كلية اإلهليات بجامعة يوزينجي ييل حتت رعاية السيد الفاضل‬
‫عميد الكلية‪ ،‬والقت نجاحا طيبا واستجابة من الطالب أيضا‪ ،‬واملطلوب زيادة تلك‬
‫العروض وتوسيع الدائرة بمشاركة قدر كبري من الطالب‪.‬‬
‫تسيري رحالت صيفية للطالب حتت إرشاف الكليات إىل الدول الناطقة بالعربية إن‬
‫أمكن‪ ،‬وقد تم ذلك يف العديد من الكليات‪.‬‬
‫أما الزمان املحدد لتعليم العربية لغري الناطقني هبا يف املراكز املضطلعة بذلك يف الدول‬
‫الناطقة بالعربية فال يقل عن عرشين ساعة أسبوعيا أكثرها خمصص للمحادثة‪ ،‬كام ال‬
‫يقل عن أربعامئة ساعة باعتبار تلك املدة مرحلة متهيدية متصلة يف طريق إتقان العربية يف‬
‫سنوات قادمة حتدد بني سنتني وثالث سنوات‪ ،‬والفارق أن املدة املخصصة للدرس يف‬
‫تلك املراكز ال تتضمن الرتمجة وإنام تلقى الدروس باللغة العربية فقط ويركز فيها عىل‬
‫املحادثة وتوظيف القواعد‪ ،‬وعىل هذا فيمكن وضع البدائل قدر اإلمكان‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫إدخال منهج للقراءة واملحادثة والقواعد العربية جلميع الصفوف حتى التخرج يف‬
‫الكلية حتى ال تنقطع صلة الطالب هبا‪ ،‬وأال تقترص دراستهم للقرآن وعلومه عىل الرتمجة‪.‬‬
‫إقامة األنشطة ودورات تعليم العربية يف العطالت القصرية والطويلة حتى تكون‬
‫مدة دراسة العربية متصلة غري منقطعة‪ ،‬وال يضطر املعلمون إىل مراجعة الدروس‬
‫للطالب بعد كل عطلة‪.‬‬
‫احلد من الرتمجة قدر اإلمكان حتى تزيد ساعات التلقي بالعربية‪.‬‬
‫زيادة الساعات املخصصة للمحادثة العربية؛ فإتقان التحدث يساعد الطالب عىل‬
‫مواصلة االطالع عىل العربية وعلومها وآداهبا‪ ،‬ويسهل عليه مواصلة الدرس‪.‬‬
‫واهلل املستعان‬

‫‪-306-‬‬
‫املصادر واملراجع‪:‬‬
‫التع ّلم‪ ،‬تأليف‪ :‬سارنوف‪.‬أ‪.‬مدنيك‪ ،‬هوارد‪.‬ر‪.‬بوليو‪ ،‬أليزابيث‪ .‬ف‪.‬لوفتس‪،‬‬
‫ترمجة‪ :‬د‪.‬حممد عامد الدين إسامعيل‪ ،‬د‪.‬حممد عثامن نجايت‪ ،‬دار الرشوق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪.1989 ،‬‬
‫التكوين الرتبوي ألساتذة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬د‪ .‬رضا السوييس‪ ،‬من‬
‫منشورات املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪.1992 ،‬‬
‫اللغة العربية وتدريسها لغري الناطقني هبا‪ -‬نحو منهج إلعداد مدرس اللغة العربية‬
‫لغري الناطقني هبا‪ ،‬حممد ممدوح بدران‪ ،‬من منشورات املنظمة العربية للرتبية والثقافة‬
‫والعلوم‪ ،‬تونس‪.1992 ،‬‬
‫جتربة األزهر الرشيف يف جمال تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬د‪ .‬عيل أمحد‬
‫عيل اخلطيب‪ ،‬من منشورات املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪.1992 ،‬‬
‫علم النفس يف القرن العرشين‪ ،‬د‪.‬بدر الدين عامود‪ ،‬من منشورات احتاد الكتاب‬
‫العرب‪ .‬دمشق‪.2001 ،‬‬
‫مقتضيات الكفاءة يف تعلم اللغة العربية كلغة إضافية‪ ،‬د‪ .‬السعيد حممد بدوي‪ ،‬من‬
‫منشورات املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪.1992 ،‬‬

‫‪-307-‬‬
‫�أهم م�شكالت برامج تعليم اللغة العربية للناطقني‬
‫بغريها يف تركيا‪ :‬مالحظات ميدانية‬
‫د‪ .‬أمحد صنوبر‬
‫أستاذ مساعد يف قسم اللغة العربية‬
‫بجامعة التاسع والعرشين من أيار‬

‫مقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم عىل سيدنا حممد وعىل آله وصحبه‬
‫الطاهرين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فهذه ورقة بحثية تدرس مشكالت برامج تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها يف‬
‫اجلامعات الرتكية‪ ،‬وتتخصص يف برامج السنة التحضريية من كليات اإلهليات والعلوم‬
‫اإلسالمية يف جامعات إسطنبول‪.‬‬
‫وتأيت أمهية هذه الورقة يف ذكرها للمشكالت التي تعانيها تلك الربامج بعد اإلقبال‬
‫الكبري يف السنوات األخرية يف تركيا عىل تعليم اللغة العربية يف كليات اإلهليات والعلوم‬
‫اإلسالمية ويف ثانويات األئمة واخلطباء ويف أقسام اللغة العربية يف كليات اآلداب‬
‫والرتبية‪ ،‬وهذا اإلقبال سالح ذو حدين فيام أرى‪ :‬فهو نرش للعربية واهتامم هبا وتقوية‬
‫للعالقات مع العامل العريب وزيادة معرفة بالقضايا الدينية التفصيلية من جهة‪ ،‬لكنه‬
‫خطري إن مل يبن عىل أسس قوية راسخة يف أساليب التعليم وبناء الربامج؛ فإن تلك‬
‫الربامج إن فشلت يف تقديم العربية عىل أحسن وجه فإن ذلك سيعود بالنقد عىل اللغة‬
‫برمتها‪ ،‬وسيتهم أهلها بالتخلف وعدم القدرة عىل مواكبة املتغريات احلديثة يف أساليب‬

‫‪-309-‬‬
‫التعليم والتدريس‪ ،‬والتواصل مع اآلخر عموما‪.‬‬
‫وليس الفشل يف كثري من هذه الربامج أمرا مستبعدا‪ ،‬فإن حقل تعليم العربية ألهلها‬
‫يعاين من مشكالت كثرية فضال عن حقل تعليم العربية للناطقني بغريها‪ ،‬وال تكاد يد‬
‫الباحث يف هذا املجال تقع عىل مؤسسات متميزة فضال عن مناهج فضال عن أساتذة‬
‫متميزين‪.‬‬
‫إن مما يلحظ بقوة يف اجلامعات الرتكية كثرة شكوى األساتذة العرب واألتراك من‬
‫جهة‪ ،‬والطلبة من جهة أخرى من تعليم العربية وأساليبها ومناهجها‪ ،‬وهي شكوى‬
‫مربرة للضعف املوجود يف مؤسسات تعليم العربية‪ ،‬وأساس حل تلك املشكالت التنبه‬
‫إىل وجودها أوال ثم حماولة املعاجلة‪ ،‬ومن هنا فقد جاءت هذه الورقة البحثية خطو ًة من‬
‫خطوات التنبيه إىل تلك املشكالت وحماولة عالجها ثانيا‪ ،‬ولعل أبحاثا تلحقها وتكمل‬
‫رض للطالب واملدرسني‪.‬‬ ‫النقص فيها ليتم بناء تعليم العربية عىل وجه ُم ٍ‬
‫وقد جلأت يف هذا البحث إىل التجربة العملية أكثر من النظرية‪ ،‬معتمدا عىل املالحظة‬
‫الشخصية واخلربة العملية مدة تربو عىل عقد من الزمان‪ ،‬وعىل مقابالت علمية عديدة‬
‫استقرأت فيها آراء كثري من معلمي العربية يف تركيا عىل اختالف جنسياهتم‪ ،‬وآراء كثري‬
‫من رؤساء األقسام ومدراء الربامج‪ ،‬فضال عن آراء كثري من الطالب املهتمني بتعلم‬
‫العربية واملعتنني هبا‪ ،‬ومل أتعرض لكثري من النظريات واآلراء التي ال ختدم الربامج عىل‬
‫أرض الواقع‪ ،‬وحاولت أن يكون تطبيقيا ما استطعت‪ ،‬بحيث يمكن االستفادة منه‬
‫يف الربامج حقيقة‪ ،‬وحاولت أن أختصص يف مشكالت الربامج ومل أتعرض ملشكالت‬
‫الطالب وال مشكالت املدرسني التفصيلية‪ ،‬فاملرجو من هذه الورقة أن تعطي صور ًة‬
‫ٍ‬
‫برنامج يعلم العربية للناطقني بغريها ويستطيع جتاوز عقبات كثرية‬ ‫عامة لشكل‬
‫وحتديات تواجه كثريا من الربامج يف تركيا‪.‬‬
‫ولكون واقع تعليم العربية يف اجلامعات الرتكية يف العقود األخرية ال ينفك عن‬
‫الرتاث العثامين الطويل يف تعليم العربية فقد آثرت أن أفرد لتاريخ تعليم العربية يف‬
‫الرتاث العثامين جزءا بدأت به البحث ليتصور القارئ الكريم الواقع بطريقة أوضح‪.‬‬

‫‪-310-‬‬
‫وعليه فقد جاء البحث مرتبا عىل الوجه اآليت‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعليم العربية إبان الدولة العثامنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعليم العربية يف تركيا احلديثة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرة عامة عىل برامج تعليم العربية يف جامعات إسطنبول‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التحديات التي تواجه برامج تعليم العربية يف إسطنبول‪.‬‬
‫ثم أذكر يف اخلامتة أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫وإين ألرجو أن يكون يف هذا البحث خدمة للعربية لغة القرآن الكريم وأن ينتفع به‬
‫الباحثون‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعليم العربية إبان الدولة العثامنية‪:‬‬
‫إن فهم واقع تعليم العربية بوصفها لغة ثانية يف تركيا احلديثة ال ينفك عن فهم‬
‫اإلرث العثامين املشهور يف تعليم العربية؛ فإن أساليب التدريس مل ختتلف إىل وقت‬
‫قريب جدا‪ ،‬بل يمكن القول إن كثريا من أساليب التدريس العثامنية ما زالت حارضة‬
‫بقوة يف املدارس الرتاثية ويف بعض املعاهد واجلامعات احلديثة‪ ،‬وعىل ذلك فال بد لفهم‬
‫الواقع اآلن من فهم أساليب التدريس واملقررات يف الرتاث العثامين‪.‬‬
‫بدأ اهتامم العثامنيني ببناء املدارس والتعليم مبكرا‪ ،‬فأسست أول مدرسة عثامنية يف‬
‫مدينة إزنيك يف عهد السلطان أورخان غازي سنة ‪1330‬م‪ ،‬وتبعتها مدارس أخرى‬
‫كثرية‪ ،‬وانقسمت إىل املكاتب واملدارس‪ ،‬أما املكاتب فأشبه ما تكون اليوم باملدارس‬
‫االبتدائية‪ ،‬وكانت موجودة يف كل حي وقرية وكانت متصلة باملساجد غالبا‪ ،‬وقد‬
‫انترشت انتشارا واسعا يف القرنني اخلامس عرش والسادس عرش‪ ،‬وقدر بعض الباحثني‬
‫عدد املكاتب يف إسطنبول وحدها يف تلك احلقبة بألف مكتب‪ )1(.‬يدخلها الصبي‬
‫الذي بلغ أربع أو مخس سنوات‪ ،‬ويدرس فيها قراءة القرآن الكريم والتجويد واخلط‬
‫واألخالق احلسنة‪ ،‬ويتوقع منه أن يكتسب طريقة القراءة الصحيحة بالعربية؛ ألنه‬
‫يتعلم قراءة القرآن الكريم وجتويده‪.‬‬
‫وأما املدارس ‪-‬وأشبه ما تكون اليوم باملدارس املتوسطة‪ -‬فيلتحق هبا الطالب‬

‫‪ -1‬د‪ .‬أمحد عبد اهلل نجم‪ ،‬التعليم يف الدولة العثامنية‪ ،‬دراسة لدور املدرسة من ظهور الدول حتى وفاة السلطان سليامن‬
‫القانوين‪ ،‬يف ضوء املصادر الرتكية‪ ،‬دار اهلداية‪ ،‬مرص‪ ،‬ط ‪ ،2009 ،1‬ص ‪.80‬‬

‫‪-311-‬‬
‫بعد خترجه يف املكتب‪ ،‬وتنقسم إىل مخس مراحل‪ :‬مدارس حاشية التجريد‪ ،‬ومدارس‬
‫املفتاح‪ ،‬ومدارس التلويح‪ ،‬ومدارس اخلارج‪ ،‬ومدارس الداخل‪ ،‬وترتبط أسامء هذه‬
‫املراحل أيضا برواتب مدرسيها التي كانت تزيد بحسب الدرجة العلمية للمدرسة؛‬
‫فاملدرس يف حاشية التجريد كان يتقاىض عرشين أقجة يوميا ولذلك تسمى مدارس‬ ‫ّ‬
‫العرشين‪ ،‬ويف مدارس املفتاح يتقاىض ثالثني فتسمى مدارس الثالثني‪ ،‬ويف مدارس‬
‫التلويح أربعني‪ ،‬ويف مدارس اخلارج مخسة وأربعني‪ ،‬ويف مدارس الداخل مخسني أقجة‪.‬‬
‫وكانت تلك املدارس تشكل منظومة مرتابطة فال يمكَّن الطالب من الدخول إىل‬
‫(‪)1‬‬
‫املرحلة التالية إال إن أخذ اإلجازة من أستاذ املرحلة السابقة‪.‬‬
‫كان الطالب يقرأ يف مرحلة حاشية التجريد كتاب حاشية الرشيف اجلرجاين عىل‬
‫كتاب التجريد لنصري الدين الطويس يف علم الكالم‪ ،‬بالعربية‪ ،‬ويرتجم له األستاذ‬
‫بالرتكية‪ ،‬ويقرأ بجانب ذلك كتاب «األمثلة» و«بناء األفعال» و«املقصود» وكلها ملؤلف‬
‫جمهول‪ ،‬وكتاب «العزي يف الترصيف» للشيخ عز الدين إبراهيم الزنجاين (ت‪655‬هـ)‪،‬‬
‫وكتاب «الشافية» البن احلاجب (ت‪646‬هـ)‪ ،‬و«مراح األرواح» ألمحد بن عيل بن‬
‫مسعود وكلها يف الرصف‪ ،‬ويدرس كذلك «العوامل» لإلمام عبد القاهر اجلرجاين‬
‫(ت‪471‬هـ) للربكوي(ت‪981‬هـ) و«الكافية» البن احلاجب (ت‪646‬هـ) و«األلفية»‬
‫البن مالك (ت‪672‬هـ) يف النحو‪ ،‬ويقرأ كتبا يف املنطق والفقه(‪ ،)2‬وقد اختلفت مدة‬
‫الدراسة يف هذه املرحلة من عام (يف عهد السطان حممد الفاتح) إىل عامني (يف منتصف‬
‫(‪)3‬‬
‫القرن العارش اهلجري) وعادت إىل عام (يف هناية القرن العارش اهلجري)‪.‬‬
‫وتظهر األمهية البالغة للعربية يف املدارس العثامنية من خالل تدريس هذه الكتب؛‬
‫إذ بدون التمكن يف علمي النحو والرصف لن يستطيع الطالب فهم املفردة وال فهم‬
‫اجلملة يف الكتب الرتاثية العربية‪ ،‬فلذا أوىل العلامء العثامنيون هذه العلوم عناية فائقة يف‬
‫التدريس يف املرحلة األوىل للطالب‪.‬‬
‫وإذا أجيز الطالب يف هذه املرحلة وانتهى من قراءة الكتب فإنه ينتقل إىل املرحلة‬
‫التالية «مدارس املفتاح» وسميت بذلك نسبة إىل كتاب «مفتاح العلوم» للسكاكي‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬د‪ .‬أمحد نجم‪ ،‬التعليم يف الدولة العثامنية‪ ،‬ص‪.83‬‬


‫‪ -2‬انظر‪ :‬د‪ .‬أمحد نجم‪ ،‬التعليم يف الدولة العثامنية ص‪86-85‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬أمحد نجم‪ ،‬التعليم يف الدولة العثامنية ص‪.85‬‬

‫‪-312-‬‬
‫(ت‪626‬هـ) يف البالغة العربية‪ ،‬وهو أشهر كتاب كان يدرس يف هذه املرحلة‪ ،‬ويقرأ‬
‫معه كتبا يف الفقه واحلديث وعلم الكالم(‪ ،)1‬وال يقرأ يف هذه املرحلة شيئا من النحو‬
‫والرصف؛ إذ املفرتض أنه انتهى من ذلك العلم وأتقنه‪.‬‬
‫لكن الطالب يستمر يف دراسة البالغة يف املرحلة الثالثة «مدارس التلويح»‬
‫‪-‬وقد سميت بذلك نسبة إىل كتاب «التلويح عىل التوضيح» لسعد الدين التفتازاين‬
‫(ت‪792‬هـ) يف أصول الفقه‪ ،‬وقد كان أشهر كتاب يدرس يف هذه املرحلة‪ -‬فيدرس‬
‫كذلك «مفتاح العلوم» يف البالغة برشوحه‪ ،‬ويدرس غري ذلك من الفقه واحلديث (‪.)2‬‬
‫وتنتهي دراسة العربية (بالغة ونحوا ورصفا) يف هذه املرحلة لكن الكتب العربية‬
‫تستمر مع الطالب فيقرأ يف الفقه والكالم واحلديث وأصول الفقه والتفسري كتبا عالية‬
‫بالعربية‪.‬‬
‫وعىل هذا فقد احتلت دراسة العربية املكانة العالية والركن الرئيس يف نظام التعليم‬
‫الديني العثامين‪ ،‬وظاهر من أسامء الكتب يف العلوم مجيعها أهنا مصنفة بالعربية‪ ،‬فإتقان‬
‫العربية يف غاية األمهية لدراسة تلك العلوم‪ ،‬لكن هل كانت طريقة تعليم العربية‬
‫تتجاوز طريقة النحو والرتمجة املعروفة(‪)3‬؟ أي بمعنى آخر‪ :‬هل اهتم العثامنيون بالعربية‬
‫حمادثة واستامعا وكتابة أم ان اهلدف الرئيس من تعلم العربية كان القراءة وفهم املقروء‬
‫فاقترصوا عليه؟‬
‫الظاهر من تراث العثامنيني أن هدف تعليم العربية مل يكن للتواصل مع العرب‬
‫وإنام كان للتواصل مع الكتب؛ فاملقصود هو فهم النصوص الرتاثية‪ ،‬ومل يكن الرتاث‬
‫اإلسالمي إال بالعربية‪ ،‬فال بد منها‪ ،‬ولذلك مل يرتجم علامء العثامنيني تلك الكتب إىل‬
‫اللغة العثامنية؛ إذ تعلم العربية فرض كفاية(‪ ،)4‬وال فائدة كبرية ترجى من الرتمجة‪ ،‬فلن‬

‫‪ -1‬انظر‪ 4 .Ali BULUT، “Et-Tecribetü’t-Türkiyye p :‬و د‪ .‬أمحد نجم‪ ،‬التعليم يف الدول العثامنية ص ‪.88‬‬
‫‪ -2‬السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬انظر لرشح طريقة النحو والرتمجة وغريها من الطرق‪ :‬دوغالس براون‪ ،‬أسس تعلم اللغة وتعليمها‪ ،‬ترمجة د‪ .‬عبدة‬
‫الراجحي‪ ،‬ود‪ .‬عيل شعبان‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،1994 ،‬ص‪ ،101‬ود‪ .‬محادة إبراهيم‪ ،‬االجتاهات املعارصة يف‬
‫تدريس اللغة العربية واللغات احلية األخرى لغري الناطقني هبا‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،1987 ،‬ص ‪ 39‬وما بعدها‪ ،‬ود‪ .‬عمر‬
‫الصديق عبد اهلل‪ ،‬األسس النفسية واللغوية والرتبوية لتعليم وتعلم اللغات‪ ،‬جملة العربية للناطقني بغريها‪ ،‬العدد اخلامس‪،‬‬
‫يونيو ‪ ،2007‬جامعة إفريقيا العاملية‪ ،‬اخلرطوم‪ ،‬السودان ص‪ 27‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪4- Dursun HAZER، OSMANLI MEDRESELERİNDE ARAPÇA ÖĞRETİMİ VE OKUTU-‬‬

‫‪-313-‬‬
‫يتأهل طالب يف العلوم اإلسالمية إال إن أتقن العربية وفهم تراثه‪ ،‬فالرتمجة تضييع‬
‫للجهد‪ ،‬لكنه يتعلم الرتمجة يف الدرس‪ ،‬فلم يكن رشح الكتاب العريب إال بالعثامنية‪ ،‬مما‬
‫يعطي الطالب ملكة يف فهم النص بدقة‪ ،‬ويعطيه ملكة أخرى يف ترمجة النص تفيده ملا‬
‫يبدأ مرحلة تدريس الكتب‪ ،‬باإلضافة إىل اعتقاد العثامنيني أن تعلم العربية فرض كفاية‪.‬‬
‫فيمكن القول‪ :‬إن سيطرة طريقة النحو والرتمجة عىل تعليم العربية يف تلك احلقبة‬
‫أدى إىل إمهال مهاريت املحادثة واالستامع‪ ،‬بخالف القراءة والكتابة‪ ،‬ويدل عىل ذلك‬
‫أهنم ملا احتاجوا إىل إرسال أساتذة للتدريس يف الثانويات يف طرابلس والشام بعد عرص‬
‫التنظيامت (‪1839‬م) مل جيدوا من يتقن العربية حمادثة يف إسطنبول وغريها‪ ،‬فلجؤوا إىل‬
‫إرسال بعض األساتذة إىل مدينة حلب ملامرسة العربية مع أهلها‪ ،‬ومن ثم االنتقال إىل‬
‫تلك املدن للتدريس‪ ،‬مما يؤكد أن مهارة املحادثة كانت معدومة أو ضعيفة يف مدينة مثل‬
‫(‪)1‬‬
‫إسطنبول يف تلك احلقبة‪.‬‬
‫فهذه أول ملحوظة عىل طريقة تعليم العربية يف العهد العثامين‪ ،‬ويضاف إليها‪:‬‬
‫أن طريقة التعليم كانت تعتمد عىل حفظ الكتب‪ ،‬فكان جيب عىل الطالب أن حيفظ‬
‫كتاب «األمثلة» و«بناء األفعال» و«املقصود» وغريها من الكتب(‪ ،)2‬ويف طريقة احلفظ‬
‫ما يؤثر يف الفهم أحيانا‪ ،‬فيلقي بظالل سلبية عىل املتلقي عموما‪.‬‬
‫أن تعليم العربية اقترص عىل علوم اآللة (النحو والرصف والبالغة) وكان اهلدف‬
‫منها واضحا‪ ،‬وهو فهم الكتاب العالية يف التفسري واحلديث وأصول الفقه والكالم‪ ،‬ومل‬
‫تدرس كتب األدب العريب دراسة حتسن لغة الطالب العربية(‪ ،)3‬فبقي كثري من اإلنتاج‬
‫اللغوي الكتايب العثامين حمصورا يف قوالب معينة هي قوالب املتون واحلوايش‪ ،‬ولذا قلام‬
‫نجد عاملا عثامنيا تفنن يف التعبريات العربية وتنوع يف أساليب الكتابة بام خيرجه عن‬
‫األسلوب املتأخر املعروف‪.‬‬
‫لكن يقال هنا‪ :‬إن ذلك مل يكن هنج العثامنيني فحسب‪ ،‬بل إن هنج عدد من علامء‬

‫‪LAN DERS KİTAPLARI، Gazi Üniversitesi Çorum İlahiyat Fakültesi Dergisi. P. 277.،‬‬
‫‪1- Dursun HAZER، OSMANLI MEDRESELERİNDE. P. 278.‬‬
‫‪2- Dursun HAZER، OSMANLI MEDRESELERİNDE p. 275‬‬
‫‪3- Dursun HAZER، OSMANLI MEDRESELERİNDE p. 278‬‬

‫‪-314-‬‬
‫العرب يف البالد العربية مل يكن خمتلفا عن ذلك‪ ،‬ودونك الكتب يف علوم التفسري‬
‫واحلديث والفقه واألصول والكالم يف القرون املتأخرة لن جتدها خترج عن ذلك النهج‪.‬‬
‫وأرى أن السبب يف ذلك كان سيطرة املنهج املدريس عىل التعليم الديني؛ فقد كان‬
‫املنهج موحدا أو أشبه ما يكون باملوحد‪ ،‬مما أنتج ذلك األسلوب اجلاد يف اإلنتاج الكتايب‬
‫عند العلامء يف تلك احلقبة‪.‬‬
‫كانت النقطة األساسية يف املنهج الدرايس هي الكتاب‪ ،‬وعليه يدور الدرس‪ ،‬وعليه‬
‫تدور املرحلة وخترج الطالب‪ ،‬فإذا انتهى الطالب من حفظ الكتاب ودراسته‪ ،‬وسمع‬
‫رشحه ‪-‬أو ترمجته بالرتكية‪ -‬من األستاذ انتقل إىل املرحلة التالية‪ ،‬ولذا فإن العربة بعلم‬
‫(‪)1‬‬
‫حصل من دراسة يف الكتب‪.‬‬ ‫الطالب ما ّ‬
‫مل ختتلف الكتب املدرسية يف تاريخ املدرسة العثامنية‪ ،‬مما يشري إىل حالة من اجلمود‬
‫والتوقف وعدم اإلبداع‪.‬‬
‫كان يف تلك الكتب املدرسية كثري من التفاصيل التي يغرق فيها األستاذ والطالب‪،‬‬
‫مما يصعب عملية التعليم‪ ،‬وعادة ما ينشغل العلامء هبذه التفاصيل عن إبداع فكرة جديدة‬
‫يف العلم‪ ،‬ولذا فإننا نجد االنتقادات يف تلك احلقبة تنصب عىل التفاصيل يف احلوايش‬
‫(‪)2‬‬
‫والتعبريات فيها ال عىل الكليات‪.‬‬
‫إال أنه ال بد من بيان أن تلك الطريقة يف التعليم عموما كانت سائدة يف معظم البلدان‬
‫العربية واإلسالمية‪ ،‬ال تكاد خترج عنها يف العصور املتأخرة‪ ،‬وهلذا أسباب ودوافع كثرية‬
‫خيرج إيرادها عن مقصود البحث‪.‬‬
‫ويقال األمر نفسه يف طريقة النحو والرتمجة فإن الطريقة السائدة يف بقاع العامل يف‬
‫تلك العصور كانت تلك الطريقة‪ ،‬ومل تكن مقترصة عىل العثامنيني‪ ،‬فإن األوروبيني‬
‫يف عرص النهضة (يف القرنني اخلامس عرش والسادس عرش امليالديني) كانوا ملتزمني‬
‫هبذه الطريقة‪ ،‬فقد عكفوا عىل تعلم اللغتني الالتينية واإلغريقية ونقل األعامل الفلسفية‬
‫واألدبية والفنية إىل لغاهتم اجلديدة وذلك برتمجتها ونرشها(‪)3‬؛ «فلم يكن من املستغرب‬

‫‪1- Dursun HAZER، OSMANLI MEDRESELERİNDE p.281‬‬


‫‪2- Dursun HAZER، OSMANLI MEDRESELERİNDE p292-293‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬دوغالس براون‪ ،‬أسس تعلم اللغة وتعليمها‪ ،‬ترمجة د‪ .‬عبده الراجحي‪ ،‬د‪ .‬عيل شعبان‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪ ،1994‬ص‪.101‬‬

‫‪-315-‬‬
‫أن ترى العامل اللغوي الكبري يرتجم روائع األدب وأمهات الكتب الفلسفية من اللغة‬
‫األجنبية إىل لغته األم‪ ،‬ومع ذلك جتده عاجزا عن االستمرار يف حمادثة باللغة األجنبية‬
‫تستغرق دقائق معدودات؛ وذلك لسبب بسيط‪ ،‬هو أنه مل يتعود سامع هذه اللغة وال‬
‫(‪)1‬‬
‫النطق هبا‪ ،‬وإنام كان تعامله معها حمصورا يف دائرة النص املكتوب»‪.‬‬
‫ويقتيض اإلنصاف أن نقول‪ :‬إن هذه الطريقة كانت مالئمة لطبيعة ذلك العرص‬
‫ووسائل االتصال فيه(‪)2‬؛ فكيف نطلب من عامل عثامين يعيش يف قونيا أو يف بورصة‬
‫أن هيتم باملحادثة والتواصل مع أبناء اللغة العربية ويرصف لذلك أوقاتا كثرية وجهدا‬
‫ومعاناة عىل حساب تعمقه وختصصه يف علم يراه نافعا ألهل بلده‪ ،‬مع أنه قد ال يرى‬
‫عربيا يف حياته وال حيتاج إىل التواصل معه‪ ،‬وإن احتاج ففي لقاء عابر أو زيارة قصرية ال‬
‫تستحق كل ذلك العناء وتلك املشقة‪.‬‬
‫بل إننا نجد اآلن من بعض أهل العلم األتراك من ُيعرض عن التواصل ومهارة املحادثة‬
‫النشغاله باألهم ‪-‬يف رأيه‪ -‬وهو فهم املقروء وحتليله والتعمق فيه‪ ،‬ويرى أن مهارة املحادثة‬
‫تتطلب أوقاتا كثرية قد تنفق فيام هو أهم وأوىل‪ ،‬والتواصل مع الكتب أهم من التواصل مع‬
‫العرب! هذا ووسائل التواصل واالتصال متأل العامل‪ ،‬فكيف بنا قبل عقود وقرون؟‬
‫ثانيا‪ :‬تعليم العربية يف تركيا احلديثة‪:‬‬
‫مل ينقطع األتراك عن تعلم العربية مع تأسيس اجلمهورية يف عرشينيات القرن املايض‬
‫عىل يد كامل أتاتورك واالنقالب عىل احلروف العربية‪ ،‬وإدخال احلروف الالتينية‪ ،‬فهي‬
‫لغة دينهم وجزء من ثقافتهم وهويتهم‪ ،‬بل إهنم بقوا حمافظني عىل تراثهم التعليمي‬
‫العثامين بقوة‪ ،‬فبقيت الكتب التي اعتمدها العثامنيون تدرس يف املدارس التقليدية‪،‬‬
‫وبقيت طريقة التدريس كام كانت‪ ،‬طريقة النحو والرتمجة‪ ،‬ومل تدخل عليهم الطريقة‬
‫التواصلية يف تعليم اللغة إال حديثا يف السنوات األخرية يف بعض اجلامعات مع رجوع‬
‫كثري من األساتذة األتراك الذين درسوا العلوم اإلسالمية يف العامل العريب إىل بلدهم‪،‬‬
‫ومع استقدام بعض األساتذة العرب من بلداهنم‪ ،‬ومع االنفتاح الثقايف والسيايس‬
‫واالقتصادي عىل العامل العريب مؤخرا‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬محادة إبراهيم‪ ،‬االجتاهات املعارصة يف تدريس اللغة العربية واللغات احلية األخرى لغري الناطقني هبا‪ ،‬دار الفكر‬
‫العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1987 1‬ص‪.41‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬محادة إبراهيم‪ ،‬االجتاهات املعارصة ص‪.49‬‬

‫‪-316-‬‬
‫ولقد شهد تعليم العربية ازدهارا يف الكم يف السنوات األخرية فتضاعف عدد‬
‫الطالب الراغبني يف دراسة العربية‪ ،‬وكثرت البعثات الطالبية الرتكية لدراسة العربية يف‬
‫وخصصت سنة‬ ‫البلدان العربية‪ ،‬وكثر اإلقبال عىل العربية ألغراض جتارية واقتصادية‪ُ ،‬‬
‫حتضريية كاملة يف كليات اإلهليات والعلوم اإلسالمية لدراسة العربية‪ ،‬وقد بلغ عدد هذه‬
‫الكليات عام ‪ 2012‬أربعة وأربعني كلية‪ ،‬عىل حني كان عددها ‪ 25‬كلية عام ‪،2009‬‬
‫وبلغ عدد الطالب املسجلني يف الفرقة األوىل من تلك الكليات ‪ 12792‬عام ‪ ،2012‬يف‬
‫حني كان عددهم ‪ 6730‬عام ‪ ،)1( 2009‬فضال عن آالف من الطالب يلتحقون بمعاهد‬
‫مدهتا عامان‪ ،‬قبل دراسة البكالوريوس‪ ،‬ومن ثم يلتحقون بكلية اإلهليات‪.‬‬
‫وكذلك ازداد اإلقبال عىل تعلم العربية يف أقسام اللغة العربية يف كليات اآلداب‬
‫والرتبية يف اجلامعات املختلفة يف أنحاء تركيا‪ ،‬فقد بلغ عدد امللتحقني بتلك الكليات‬
‫عام ‪2002‬م ما يقرب من ‪ 130‬طالبا وطالبة‪ ،‬لكن العدد تضاعف مرات يف عام ‪2012‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فوصل إىل ‪.677‬‬
‫هذا كله غري اإلقبال عىل العربية واالهتامم هبا يف ثانويات األئمة واخلطباء املنترشة‬
‫يف أنحاء تركيا‪ ،‬وفيها آالف من الطلبة‪ ،‬وغري املعاهد واملراكز اخلاصة التي تعلم العربية‬
‫ألغراض خاصة‪.‬‬
‫إال أن هذا االزدهار يف «الكم» مل يصاحبه ازدهار يف «الكيف»؛ فلم تتطور وسائل‬
‫تعليم اللغة إال يف بعض اجلامعات احلديثة‪ ،‬وبقي تعليم اللغة عىل حاله يف كثري من‬
‫األقسام واملراكز واجلامعات‪ ،‬يعاين من مشكالت وحتديات كثرية‪ ،‬بحيث يتخرج كثري‬
‫من الطالب بعد سنة حتضريية كاملة وال يزال إنتاجهم اللغوي ضعيفا‪ ،‬وإن حتسنت‬
‫مهاراهتم يف القراءة والرتمجة‪.‬‬
‫وختتلف تلك املشكالت والتحديات من جامعة ألخرى‪ ،‬لكن ثمة حتديات عامة‬
‫تواجه جل الربامج يف اجلامعات‪ ،‬فال بد من ذكرها وبيان طرق حلها وجتاوزها‪ ،‬وقبل‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬د‪ .‬إبراهيم شعبان‪ ،‬تعليم اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬بحث مقدم للمؤمتر الدويل الثاين للمجلس‬
‫الدويل للغة العربية ‪ ،2013/5/10-7 ،‬وهو موجود يف موقع املجلس‪http://www.alarabiah.org/up� .‬‬
‫‪loads/pdf-1348-%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85%20‬‬
‫‪%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%86.pdf‬‬
‫‪ -2‬انظر دراسة تفصيلية يف بحث د‪ .‬إبراهيم شعبان‪ ،‬تعليم اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‪.‬‬

‫‪-317-‬‬
‫ذلك ال بد من وصف عام لبعض أهم برامج تعليم العربية يف اجلامعات الرتكية وهي‬
‫‪-‬فيام أرى‪ -‬يف كليات اإلهليات يف جامعات إسطنبول‪:‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرة عامة عىل برامج تعليم العربية يف اجلامعات يف إسطنبول‪:‬‬
‫هتدف مجيع برامج تعليم اللغة العربية يف السنة التحضريية يف كليات اإلهليات‬
‫والعلوم اإلسالمية إىل هدف رئيس عام‪ ،‬وهو تأهيل الطالب للسنوات األربعة التالية‬
‫التي يدرس فيها العلوم اإلسالمية‪ ،‬سواء باللغة العربية أم باللغة الرتكية‪ ،‬لكنها ختتلف‬
‫بعد ذلك يف األهداف التفصيلية‪ ،‬ويف الوسائل واملناهج‪ ،‬ويف طريقة توزيع املواد‬
‫الدراسية‪ ،‬ويف طريقة تصنيف مستويات الطالب‪.‬‬
‫‪ .1‬األهداف التفصيلية للربنامج‪:‬‬
‫ختتلف أهداف برامج تعليم العربية يف جامعات إسطنبول باختالف أهداف القائمني‬
‫عليها‪ ،‬فنجد أن أكثر اجلامعات احلكومية تنحو إىل أن يكون اهلدف هو النص املقروء‬
‫ال التواصل‪ ،‬فيكتفي الطالب بفهم املقروء وترمجته‪ ،‬وإن مل يكن قادرا عىل التواصل‬
‫باللغة العربية‪ ،‬بخالف أكثر اجلامعات اخلاصة احلديثة التي هتدف إىل التواصل يف تعليم‬
‫العربية‪.‬‬
‫ويمكن عزو ذلك االختالف إىل أن كثريا من اجلامعات اخلاصة تقصد من السنة‬
‫التحضريية جتهيز الطالب لالنخراط يف حمارضات ألساتذة عرب يف كلية اإلهليات‬
‫والعلوم اإلسالمية‪ ،‬وإذا مل يتحقق التواصل لن تتحقق الفائدة يف الدروس‪ ،‬فإن حمارضة‬
‫األستاذ بالعربية واملناقشة بالعربية والكتابة بالعربية والقراءة ‪-‬يف كل األحوال‪ -‬كذلك‪،‬‬
‫يدرسون‬‫بخالف أكثر اجلامعات احلكومية التي استقر فيها أساتذة أتراك منذ مدة مديدة ّ‬
‫العلوم اإلسالمية باللغة الرتكية وال يتقن أكثرهم املحادثة بالعربية ‪-‬وإن أتقنوا قراءة‬
‫النصوص العربية وفهمها‪ -‬وال يعطون لفكرة تعليم اللغة ألهداف تواصلية أي أمهية‪،‬‬
‫فتكون دروسهم بالرتكية‪ ،‬ويلجؤون إىل الرتمجة إن قرؤوا مع الطالب نصوصا بالعربية‪،‬‬
‫فال يضطر الطالب وال الربنامج وال القائمون عليه إىل الرتكيز عىل مهارات التواصل يف‬
‫السنة التحضريية‪.‬‬

‫‪-318-‬‬
‫‪ .2‬الوسائل واملناهج‪:‬‬
‫أعني بالوسائل‪ :‬أي وسائل أو أنشطة تعليمية حتقق اهلدف املنشود للربنامج‪ .‬وباملناهج‪:‬‬
‫الكتب والسالسل التي تعتمد يف تعليم العربية للناطقني بغريها يف جامعات إسطنبول‪.‬‬
‫أما الوسائل‪ :‬فإن من الواضح أن برامج اجلامعات اخلاصة التي تنهج املدخل‬
‫التواصيل يف تعليم العربية حتاول خلق بيئة عربية يف الربنامج لتتحقق االستفادة العالية‬
‫للطالب ويتمكن من اللغة أكثر‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫أ‪-‬تعيني كثري من األساتذة العرب يف برامج السنة التحضريية‪ ،‬بل إن مجيع أساتذة‬
‫القسم التحضريي يف بعض اجلامعات اخلاصة من العرب‪ ،‬ليس فيهم من تعلم العربية‬
‫بوصفها لغة ثانية‪ ،‬مما خلق بيئة فاعلة نشيطة دافعة للطالب عىل التواصل منذ األسابيع‬
‫األوىل‪ ،‬ومما أنتج برناجما قويا‪ ،‬بخالف بعض اجلامعات احلكومية التي يقل فيها‬
‫األساتذة العرب‪ ،‬ويقل فيها األساتذة األتراك الذين يتبنون التواصل بالعربية‪ ،‬فتضعف‬
‫فكرة التواصل عند الطالب أو تنعدم أحيانا‪ ،‬وال يرى الطالب أي رضورة وال أمهية‬
‫لالنخراط يف تعلم املهارات‪ ،‬ال سيام املحادثة‪.‬‬
‫ب‪-‬االهتامم بكثري من األنشطة التفاعلية بني الطالب واألساتذة أو بني الطالب‬
‫أنفسهم‪ ،‬مثل ختصيص «محى العربية» ويتكون من مرافق متعددة يف اجلامعة ختصص‬
‫يغرم املتحدث‬ ‫للحديث بالعربية بني الطالب ويمنع التحدث فيها بغري العربية أو ّ‬
‫بغريها‪ ،‬ومثل املحارضات األسبوعية التي يلقيها الطلبة عىل مسامع زمالئهم يتحدثون‬
‫فيها عن فكرة معينة أو عن وصف لبلدهم أو مدينتهم وغري ذلك‪ ،‬أو يلقيها األساتذة‬
‫عىل مسامع الطالب بالعربية ليبدأ نقاش مستفيض حول تلك األفكار‪ ،‬ومثل املناظرات‬
‫التي تعقدها بعض الربامج بني الطالب أمام مجهور عريض من حمبي العربية وعادة ما‬
‫خيتار لتلك املناظرة موضوعا ساخنا جيذهبم للحديث وجيلب املحبني للمشاهدة‪ ،‬ومثل‬
‫األفالم األسبوعية التي تعرضها بعض الربامج بالعربية‪ ،‬فضال عن مرشوعات التخرج‬
‫التي جيب عىل الطالب كتابتها بالعربية‪ ،‬أو مرشوعات الفصل التي تلزم الطالب بأن‬
‫يتحدث العربية يف أيام معينة وشبه ذلك‪.‬‬
‫وكل هذه األنشطة الالمنهجية التفاعلية – التي هتتم هبا بعض اجلامعات اخلاصة‪-‬‬
‫ختلق بيئة دافعة للطالب إىل التواصل‪ ،‬بخالف أكثر الربامج يف اجلامعات احلكومية التي‬
‫ال هتتم بيشء من تلك النشاطات‪.‬‬

‫‪-319-‬‬
‫ت‪-‬إرسال مجيع الطالب أو أكثرهم إىل بلد عريب لغايات زيادة املهارات التواصلية‬
‫واالندماج يف املجتمعات العربية‪ ،‬وعادة ما يكون هذا يف هناية الربنامج يف تركيا‪،‬‬
‫لتتحقق استفادة الطالب من البلد العريب االستفادة العالية‪ ،‬فإن إرسال الطالب الذي‬
‫بلغ املستوى املتقدم عادة ما يعطي نتيجة أفضل بكثري ‪-‬من حيث االندماج وتطوير‬
‫املهارات‪ -‬من إرسال الطالب املبتدئ أو املتوسط‪ ،‬حيث إن اندماجه واستفادته من‬
‫البيئة العربية تكون أقل من الطالب يف املستوى املتقدم‪.‬‬
‫وأما املناهج‪ :‬فقد تباينت اختيارات الربامج للمناهج املدرسة والسالسل التعليمية؛‬
‫ففي حني اختارت بعض اجلامعات سلسلة تعليم العربية التابع جلامعة اإلمام حممد‬
‫بن سعود‪ ،‬اختارت جامعات أخرى سلسلة «العربية بني يديك»‪ ،‬واعتمدت جامعات‬
‫وغربت بعض اجلامعات فاختارت سلسلة «الكتاب يف‬ ‫كثرية سلسلة «اللسان األم»‪ّ ،‬‬
‫تعلم العربية» املطبوع يف جامعة جورج تاون األمريكية‪ ،‬ولعلها أول مرة يدرس فيها‬
‫هذا الكتاب يف تركيا يف كليات اإلهليات‪.‬‬
‫‪ .3‬طريقة توزيع املواد‪:‬‬
‫ختتلف اجلامعات يف إسطنبول يف طريقة توزيع املواد الدراسية يف السنة التحضريية‪،‬‬
‫فتذهب بعض اجلامعات إىل ختصيص كثري من الساعات الدراسية للنحو والرصف‪ ،‬يف‬
‫حني تذهب بعض اجلامعات اخلاصة إىل ختصيص أكثر الساعات التدريسية ألغراض‬
‫املهارات والتواصل‪.‬‬
‫‪ .4‬طريقة تصنيف مستويات الطالب‪:‬‬
‫ختتلف اجلامعات يف إسطنبول يف طريقة تصنيف مستويات الطالب‪ ،‬فتلجأ بعض‬
‫اجلامعات إىل التصنيف بحسب درجاهتم يف امتحان قبول اجلامعة! أو بحسب درجاهتم‬
‫يف امتحان العربية العام الذي يعقد يف تركيا! وال تفرض اختبارا خاصا هلم‪ ،‬يتعرف عىل‬
‫مستوياهتم بحسب أهداف الربنامج‪ ،‬لكن جامعات أخرى تعقد امتحانا تصنيفيا خيدم‬
‫أهداف الربنامج‪ ،‬وقد يشمل املهارات مجيعها (القراءة والكتابة واالستامع‪ ،‬ومقابلة‬
‫شفوية) وقد ال يشمل بعضها‪ ،‬خاصة املقابلة الشفوية‪ ،‬فإن أكثر اجلامعات يف إسطنبول‬
‫‪-‬فيام رأيت‪ -‬ال ختترب املحادثة قبل التصنيف‪.‬‬

‫‪-320-‬‬
‫رابعا‪ :‬التحديات التي تواجه برامج تعليم العربية يف إسطنبول‪:‬‬
‫ال يمكن القول إن جتربة تعليم العربية صارت ناضجة يف تركيا‪ ،‬بل وال قريبة من‬
‫ذلك‪ ،‬فام زالت كثري من اجلامعات تعاين من حتديات متعددة أمامها ال بد هلا من جتاوزها‬
‫ليصبح تعليم العربية يف تركيا ذا وزن مؤثر يف ختريج الطالب القادرين عىل التواصل مع‬
‫العرب ومع الكتب‪.‬‬
‫واملعضلة هنا أن االنفتاح الثقايف العلمي عىل العربية يف السنوات املتأخرة مل يشهد‬
‫تطورا تعليميا يتناسب معه كام وكيفا‪ ،‬فام زالت املؤمترات والندوات وورشات العمل‬
‫التي تعقد لتحسني تعليم العربية يف تركيا قليلة مقارنة باحلاجة هلا‪ ،‬بل إن اجلامعات‬
‫الرتكية مل تشهد حتى اآلن جتربة ناجحة قوية لصناعة منهج تدرييس يتناسب مع األتراك‬
‫لغة وثقافة وفكرا واهتامما!‬
‫وتكمن اخلطورة يف هذا أن فشال ما قد حييق هبذه التجربة الفتية فيعوقها عن التقدم‬
‫وحيكم عليها بالعدم لسنوات قادمة؛ ذلك أن تدريس العربية يف اجلامعات هبذا الكم‬
‫اهلائل مع ضعف اخلربة والتدريب والتأهيل واملناهج والتصور العام للربنامج وطرق‬
‫جذب اهتامم الطالب وغري ذلك‪ ،‬قد يؤدي إىل ردة فعل سلبية جتاه العربية نفسها من‬
‫الطالب ومن املدرسني ومن اإلدارات‪ ،‬بحيث حيكم عليها بأهنا لغة ال تصلح للتدريس‪،‬‬
‫أو أهنا صعبة جدا‪ ،‬وامتالكها حيتاج إىل عرشات السنوات‪ ،‬مما يؤدي إىل هجر تدريسها‬
‫أو االقتصار عىل النحو والرصف منها وطريقة الرتمجة‪.‬‬
‫ولذلك فإن ذكر التحديات التي تواجهها الربامج‪ ،‬وحماولة وضع حلول هلا عملية‬
‫يف غاية األمهية للتنبيه إىل تلك التحديات وملحاولة جتاوزها عاجال أو آجال‪ ،‬فمن تلك‬
‫التحديات يف رأيي‪:‬‬
‫اختيار املدرسني والدورات التدريبية هلم‪:‬‬
‫املدرس الركن األسايس يف نجاح العملية الرتبوية‪ ،‬ولقد بات من األمور‬ ‫يشكل ّ‬
‫املتفق عليها بني مجيع املهتمني بالشأن الرتبوي عىل اختالف توجهاهتم الفكرية‪ ،‬أن ثمة‬
‫ارتباطا قويا بني نوعية األداء يف أي نظام تعليمي ونوعية أداء العاملني فيه؛ إذ يمكننا‬
‫التسليم بالقول‪ :‬إنه ال يمكن ألي نظام تعليمي أن يرتقي أعىل من مستوى معلميه(‪)1‬؛‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬رشدي طعيمة وآخرون‪ ،‬اجلودة الشاملة يف التعليم‪ ،‬بني مؤرشات التميز ومعايري االعتامد‪ ،‬دار املسرية‪ ،‬األردن‪،‬‬

‫‪-321-‬‬
‫فاملدرس هو الركيزة األساسية لتحقيق جودة نظام التعليم واالرتقاء بمستوى أداء‬
‫املتعلمني‪ ،‬وإذا فقدنا املعلم الناجح فلن تنفعنا املناهج الدراسية املتميزة‪ ،‬وال حالة‬
‫اجلامعة‪ ،‬أو املعهد اجليدة‪ ،‬وال قلة الطالب يف الغرفة الصفية‪ ،‬وال نوعية التكنولوجيا‬
‫ومصادر التعلم التي يعتمد عليها الطالب(‪ ،)1‬فلو كان بني يدي املدرس غري الناجح‬
‫أفضل املناهج التعليمية يف قاعة تدريسية متميزة فيها أرقى الوسائل التعليمية‪ ،‬فإن‬
‫النتيجة املتوقعة من نجاح العملية التعليمية ليست كبرية بخالف ما لو كان بني يدي‬
‫املدرس املتميز أسوأ املناهج يف قاعة تدريسية بسيطة ليس فيها إال قلم ولوح‪ ،‬فإن‬
‫النتيجة املتوقعة تكون أعىل بكثري‪.‬‬
‫وتشكل قضية اختيار املدرس الناجح وتدريبه مشكلة كبرية يف اجلامعات يف تركيا‪،‬‬
‫وعادة ما يكون السؤال والبحث فيها عن أفضل املناهج التدريسية وتعقد لذلك‬
‫الندوات واللقاءات واالجتامعات‪ ،‬وال يكون –يف أكثر اجلامعات‪ -‬يشء من هذا وال‬
‫قريب منه الختيار املدرس الناجح أو تدريبه وتطويره‪ ،‬ولعل هذا راجع إىل تأثري الثقافة‬
‫العلمية العثامنية التي كانت هتتم بالكتاب املدروس‪ ،‬فكان يفتخر بأن فالنا قرأ كذا وكذا‬
‫من الكتب وحفظها‪ ،‬وال يزال تأثري هذا عىل طلبة العلم األتراك حتى اآلن‪ ،‬فمن مل‬
‫يقرأ املنهج العثامين يف النحو (أمثلة‪ ،‬بناء‪ ،‬مقصود‪ ،‬عوامل‪ )... ،‬ال يعتد بعلمه يف اللغة‬
‫والنحو والرصف يف كثري من األوساط العلمية ولو بلغ ما بلغ يف تلك العلوم‪.‬‬
‫والذي أراه أنه ال بد من قلب القضية واالهتامم باختيار األستاذ وتدريبه وتطويره‬
‫وتقديم ذلك عىل اختيار املنهاج‪ ،‬والنقص يف ذلك شديد يف اجلامعات الرتكية‪ ،‬وال‬
‫أعلم جامعة تعقد ورشات عمل تدريبية الختيار األساتذة وال ورشات عمل لتطوير‬
‫أدائهم يف إسطنبول‪ ،‬إال ما كان مؤخرا من ورشة عمل عقدهتا إحدى اجلامعات‪.‬‬
‫وال يقترص األمر عىل تركيا ‪-‬كام هو معلوم‪ -‬فالعامل العريب يعاين بقوة من نقص‬
‫األساتذة املؤهلني لتدريس العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬وال زالت األبحاث التي تعنى‬
‫هبذا املوضوع ضعيفة‪ ،‬تغلب عليها النظرية دون التطبيق‪.‬‬
‫إال أن املشكلة تظهر بوضوح يف اجلامعات يف تركيا لشدة احلاجة إىل األساتذة‬
‫املؤهلني‪ ،‬فتضطر بعض الربامج إىل تعيني من ال خربة هلم يف هذا املجال وال اختصاص‪،‬‬

‫ط‪ ،2008 ،2‬ص‪ ،120‬نقال عن الكندري وفرج‪ ،‬و‪.Hingginson‬‬


‫‪ -1‬انظر‪ :‬رشدي طعيمة وآخرون‪ ،‬اجلودة الشاملة يف التعليم ص‪.119‬‬

‫‪-322-‬‬
‫فيبدأ األستاذ اجلديد باالجتهاد الذايت وتطوير نفسه بنفسه دون تدريب وال إرشاد‪ ،‬ومن‬
‫ثم فقد ينجح وقد يفشل‪ ،‬ويعود فشله بصورة سلبية عىل الربنامج وعىل تعليم العربية‪.‬‬
‫واملشكلة أن قبول األستاذ للتعيني عادة ما يقترص عىل مقابلة شخصية‪ ،‬يعني بعدها‬
‫مدرسا للعربية يف اجلامعة أو املعهد‪ ،‬وتطلب بعض اجلامعات واملؤسسات درسا جتريبيا‬
‫واحدا‪ ،‬يقرر بعده املرشف قبول األستاذ من عدمه‪.‬‬
‫وقد رأيت هذا املنهج متبعا يف كثري من املؤسسات واملعاهد‪ ،‬فبعض اجلامعات ال‬
‫تشرتط إال مقابلة شخصية‪ ،‬وبعضها يشرتط مقابلة ودرسا جتريبيا فحسب‪ ،‬ومل أر جامعة‬
‫تشرتط أكثر من ذلك‪ ،‬هذا كله إن كان األستاذ عربيا‪ ،‬لكنه إن كان تركيا يتقن العربية‬
‫فاألمر أسهل إذ يعتمد عىل مؤهالته وشهاداته ومقابلة شخصية فقط‪ ،‬وتربز مشكلة‬
‫األستاذ الرتكي هنا‪ ،‬إذ إن إتقانه للعربية ال يعني إتقانه ملهاراهتا‪ ،‬فكثري من «متقني»‬
‫العربية وأساتذهتا يف برامج اللغة العربية يتقنون علوم العربية‪ ،‬فرتى كثريا منهم متفننني‬
‫يف النحو والرصف وغريها من العلوم‪ ،‬متقنني ملهارة قراءة النصوص وفهمها‪ ،‬لكنهم ال‬
‫يستطيعون إنشاء فقرة واحدة مرتابطة حمادث ًة‪ ،‬وال يفهمون كثريا مما يستمعون من اللغة‬
‫العربية‪ ،‬وال يستطيعون تركيب فقرة واحدة كتابة‪ ،‬فهم ماهرون يف فهم املقروء غري‬
‫ماهرين يف املحادثة واالستامع والكتابة‪ ،‬ومثل هذا األستاذ إن طلب منه تدريس العربية‬
‫فإنه سيدرس ما أتقن ال غري ذلك‪ ،‬وبذلك تتجه كثري من دراسات العربية يف اجلامعات‬
‫احلكومية إىل قراءة النصوص وترمجتها ال أكثر‪ ،‬وهي مشكلة قوية يف اجلامعات الرتكية‪،‬‬
‫ال سيام إن أرص األستاذ املتقن للنحو والرصف عىل أمهية تلك العلوم وترك ما سواها‪،‬‬
‫مما يسهل العملية عىل الطالب الذي لن جيد دافعا قويا ملامرسة املحادثة داخل القاعة‬
‫التدريسية وال خارجها‪ ،‬وجيد سهولة يف حفظ القواعد واستظهارها وترمجة النصوص‪.‬‬
‫فصارت مشكلة األستاذ متشعبة يف اجلامعات يف تركيا‪:‬‬
‫مشكلة األستاذ العريب غري املؤهل‪.‬‬
‫ومشكلة األستاذ الرتكي املتقن لعلوم اللغة دون مهاراهتا‪.‬‬
‫ويف طريق احلل هلذه املشكلة ال بد من خطوتني يف رأيي‪:‬‬
‫اخلطوة األوىل‪ :‬تصحيح النظرة إىل وظيفة املدرس‪:‬‬
‫إن مما يلحظ يف أكثر اجلامعات الرتكية أن النظرة إىل وظيفة مدرس اللغة هي عينها‬

‫‪-323-‬‬
‫النظرة إىل وظيفة املحارض اجلامعي؛ فاألستاذ يدخل القاعة التدريسية ليحارض يف‬
‫الطالب عن اللغة وعلمها‪ ،‬وإن ترك وقتا للطالب فإنام يرتك للمناقشة وبعض األسئلة‪،‬‬
‫وهذا خيالف هدف تعليم اللغة لغري أبنائها؛ ذلك أن وظيفة األستاذ يف تعليم اللغة هي‬
‫وظيفة املدرب‪ ،‬ال املحارض‪ ،‬فهو يدرب الطالب شيئا فشيئا عىل فهم اللغة والتحدث‬
‫هبا واالستامع إليها والكتابة هبا‪ ،‬حتى يصلوا إىل املستوى املنشود‪ ،‬ومن حيارض يف طالبه‬
‫عن رياضة السباحة مثال لساعات وأيام‪ ،‬لن ينجز شيئا إال إضافة معلومات عن تلك‬
‫الرياضة‪ ،‬بخالف من درب طالبه عىل السباحة شيئا فشيئا حتى بلغ هبم املهارة املنشودة‪.‬‬
‫وتصحيح هذه النظرة يتطلب من القائمني عىل الربامج أمرين‪:‬‬
‫فتح املجال لغري املتخصصني بالعربية للتدريس‪ :‬فليس رشطا أن يكون أستاذ‬
‫العربية لغري أبنائها عاملا متعمقا فيها بقدر ما هو ماهر يف التدريب عىل الوصول إىل‬
‫التمكن منها‪ ،‬فلو خيرّ الربنامج بني أستاذ عميق يف علم العربية نحوا ورصفا وبالغة‬
‫وأدبا لكنه ال يمتلك مهارة التدريب‪ ،‬وبني أستاذ امتلك تلك املهارة وحصل شيئا من‬
‫علوم العربية‪ ،‬لكان األوىل بالربنامج أن يفضل األستاذ الثاين‪.‬‬
‫بل لن أكون مبالغا إن قلت‪ :‬إن الثاين أوىل من األول ولو كانت معرفته بالعربية‬
‫ليست قوية؛ ألن تلك املعرفة تكتسب مع الوقت واالجتهاد‪ ،‬بخالف املهارة التدريبية‪،‬‬
‫ففيها الكثري من العوامل الشخصية والتكوينية واالجتامعية والنفسية والتواصلية‬
‫وأنواع الذكاء املتعددة‪ ،‬التي يصعب اكتساهبا غالبا‪.‬‬
‫وقد أثبتت دراستي املبدئية عىل أساتذة بعض املعاهد املتميزة املشهود هلا بالنجاح من‬
‫اخلرباء ومن تقييامت الطالب أن جل أساتذهتا من غري املتخصصني بالعربية‪ ،‬وغالبا ما‬
‫كان األساتذة غري املتخصصني أنفع يف تدريب الطالب من األساتذة املتخصصني؛ ذلك‬
‫أنني حلظت كثريا من األساتذة املتخصصني ُيغرقون الطالب يف تفصيالت لغوية ونحوية‬
‫ورصفية لن حيتاج إليها يف تواصله مع الناس ومع الكتب إال مرة واحدة كل عقد من‬
‫الزمان‪ ،‬ويغفلون ما حيتاجه الطالب يوميا وشبه ذلك من املهارات‪ ،‬فال حيسن أن يقيض‬
‫األستاذ املتخصص بالعربية نصف ساعة من وقت احلصة التدريسية ليرشح للطالب‬
‫صحة استخدام مجع ناد عىل «نواد» وخطأ استخدام «أندية»‪ ،‬وهؤالء الطالب ‪-‬مع كل‬
‫هذا‪ -‬ال يستطيعون فهم فقرة وال إنشاء مجلة تتعلق بحياهتم اليومية بشكل صحيح‪.‬‬

‫‪-324-‬‬
‫إن املطلوب من أستاذ العربية لغري الناطقني هبا أن يدرهبم عليها ليصل هبم إىل‬
‫املستوى املتميز يف اللغة إن استطاع‪ ،‬وهذا املستوى هو مستوى املثقف العريب عموما‪،‬‬
‫ال املتخصص يف علوم العربية‪ ،‬لكن األستاذ املتخصص غالبا ما ال يستطيع االنفكاك‬
‫عام تعلمه ودرج عليه‪ ،‬بخالف غري املتخصص الذي يمتك مهارة التدريب‪.‬‬
‫ويمكنني القول من خالل مالحظايت الشخصية‪ :‬إن كثريا من األساتذة الناجحني‬
‫يف تعليم العربية للناطقني بغريها ‪-‬ممن عملت معهم وأرشفت عليهم‪ -‬هم املتخرجون‬
‫من كليات اللغات األجنبية إذا كانوا ذوي اطالع جيد عىل العربية‪ ،‬فقد حلظت إبداعا‬
‫جيدا عند أساتذة متخصصني باإلنكليزية أو الفرنسية أو اإلسبانية أو غريها من اللغات‬
‫يف تدريسهم للعربية‪ ،‬ولعل ذلك يعود إىل أهنم جربوا دراسة لغة أخرى وعرفوا املناهج‬
‫املتعددة التي كان يامرسها األساتذة‪ ،‬ومن كان حيسن منهم يف ذلك فيتبعونه‪ ،‬ومن كان‬
‫ييسء يف تعليم اللغة فيتجنبون ذلك‪ ،‬مع اطالعهم عىل أنواع كثرية من التدريبات يف‬
‫املناهج التي قدمت هلم‪ ،‬وذكاء لغوي نوعي مكّنهم من امتالك تلك اللغة الثانية‪.‬‬
‫الرتكيز يف مقابالت املتقدمني للعمل عىل جوانب املهارة يف األستاذ املنشود أكثر‬
‫من جوانب العلم فيه‪ ،‬فتقل األسئلة الكاشفة لعلمه ومعرفته بالعربية وقواعدها‬
‫لصالح األسئلة التي تظهر شخصيته وحسن ترصفه وتواصله مع الطالب‪ ،‬وقدراته يف‬
‫املهارات املختلفة‪ ،‬مع ذكائه اللغوي العام‪ ،‬فال يطلب من األستاذ ‪-‬عىل سبيل املثال‪-‬‬
‫خالل املقابلة ذكر قواعد تتعلق باألعداد وتفصيالهتا وال بأوجه اإلعراب يف «حتى»‪،‬‬
‫لكن يطلب منه رشح مجلة معينة لطالب غري عرب دون استخدام لغة وسيطة وينظر‬
‫حينها يف قدرته عىل التدريس وإيصال املعلومة وتبسيطها للطالب غري العريب‪ ،‬مع حسن‬
‫ختلصه يف املواقف ومهاراته عموما‪ ،‬ويطلب منه كذلك التعرف عىل أنواع اخلرب يف مجل‬
‫خمتارة مع سؤاله عن كيفية تدريسها للطالب‪ ،‬لنتحقق من علمه العام بالعربية‪.‬‬
‫اخلطوة الثانية‪ :‬وضع مراحل الختيار املدرس وتعيينه يف الربنامج‪ ،‬تتجاوز مرحلة‬
‫املقابلة الشخصية‪ ،‬وقد عملت عىل هذا وقتا طويال يف هذا املجال يف املعاهد التي أرشف‬
‫عىل تعليم العربية فيها‪ ،‬وكان أفضل ما توصلت إليه الطريقة اآلتية‪:‬‬
‫إجراء مقابالت شخصية تشمل أكثر املتقدمني للوظيفة من قبل خبري أو خرباء‬
‫يعرفون أهداف الربنامج وخططه وأساليبه ومناهجه‪ُ ،‬يفحص فيها علم املتقدم للوظيفة‬

‫‪-325-‬‬
‫من حيث اللغة العربية عموما ومن حيث الثقافة العامة‪ ،‬ثم تفحص مهاراته التدريسية‬
‫ونشاطه يف الغرفة الصفية بإلقاء بعض األسئلة الذكية عليه‪ ،‬والنظر يف حسن ترصفه يف‬
‫قدمت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫املوقف‪ ،‬كام‬
‫اختيار عدد من املؤهلني من املقابالت األوىل للدخول يف دورة تدريبية مع خرباء‬
‫متخصصني يف تعليم العربية‪ ،‬يتعرف هبا املتدرب عىل طرق التدريس للمستويات‬
‫املختلفة وكيفية تدريس املهارات األربعة‪ :‬القراءة والكتابة واالستامع واملحادثة‪ ،‬وطرق‬
‫تدريس املفردات‪ ،‬وأساليب تدريس النحو والرصف الوظيفيني‪ ،‬مع االهتامم بعرض‬
‫املناهج املستعملة يف تدريس العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬ونقدها‪ ،‬مع حمارضات عامة‬
‫يف أمهية فهم الثقافات األخرى واالطالع عىل فكر اآلخر‪ ،‬مع إلزام املتدرب بحضور‬
‫بعض الدروس املسجلة أو احلقيقية للخرباء‪.‬‬
‫عقد مقابلة ثانية طويلة هلؤالء املتدربني جيرى هلم فيها اختبار يمثل درسا جتريبيا‪،‬‬
‫بحيث يكون املتدرب قد حضرّ درسا جتريبيا بناء عىل ما استفاده من الدورة ويعرضه‬
‫أمام جلنة من اخلرباء الذين يمثلون دور الطالب فيسألونه أسئلة تظهر حسن ترصفه‬
‫ومعرفته بالعربية وطرق تدريسه وحضوره يف الصف‪ ،‬ليقرروا بعد ذلك درجة إتقانه‬
‫لدرسه وحسن استفادته وتطوره من خالل الدورة‪.‬‬
‫اختيار أفضل املتدربني مهارة ال علام؛ إذ يمكن تعليم املاهر أرسع مما يمكن صناعة‬
‫مهارة للعامل! ويمكن قياس تلك األفضلية بالدرس التجريبي ومالحظة تطوره‬
‫واستفادته من الدورة التدريبية‪ ،‬فإن استفادته من الدورة التدريبية دليل عىل قبوله‬
‫للتطور والتحسن‪ ،‬وهو أفضل ما يوجد يف املدرس‪ ،‬إذا كان الربنامج يعتني بالتطوير‬
‫وحتسني أداء املدرسني‪.‬‬
‫تعيني املقبول يف الربنامج أستاذا مساعدا ألستاذ خبري‪ ،‬يالزمه ويستفيد من خربته‬
‫ويدرس مكانه أحيانا ليتقوى فإن نجح يعني أستاذا رسميا‪.‬‬
‫يبقى األستاذ خاضعا لعملية التقويم يف الربنامج‪ ،‬ويكون التقويم من ثالثة حماور‪:‬‬
‫تقويم الطالب لألستاذ‪ ،‬بعرض استبانة فصلية عليهم‪ ،‬تذكر نتائجها لألستاذ ليطور‬
‫نفسه بناء عىل اجليد منها‪.‬‬
‫تقويم اخلرباء له‪ ،‬بعد حضور جزء من دروسه ومالحظة مهاراته وحسن تدريسه‬
‫وتدريبه‪.‬‬

‫‪-326-‬‬
‫تقويم اإلدارة له‪ ،‬بحسن تعامله وتطوره واجتهاده يف الربنامج لتحقيق أفضل‬
‫األهداف‪.‬‬
‫عقد دورات مكثفة وورشات عمل لتطوير األساتذة من حيث علمهم بالعربية‬
‫نحوا ورصفا وبالغة وأدبا‪ ،‬ومن حيث مهاراهتم التدريسية بدعوة اخلرباء يف هذا املجال‬
‫وتبادل اخلربات والتجارب‪.‬‬
‫اتبعت هذه الطريقة يف التعيني يف بعض الربامج التي أرشف عليها لسنوات‬ ‫ُ‬ ‫وقد‬
‫طويلة وكانت نتائجها متميزة ممتازة‪ ،‬وفيها اطمئنان عن اختيار األستاذ‪ ،‬وتشعر األستاذ‬
‫املقبول للعمل بأمهية الربنامج ومهنيته مما يدفعه للعمل قدما‪.‬‬
‫وإنام تُقرتح هذه املراحل يف ظل ضعف واضح يف برامج تأهيل معلمي العربية‬
‫للناطقني بغريها وأساليب تطويرهم وتقويمهم‪ ،‬وقد خلص األستاذ الدكتور عمر‬
‫الصديق عبد اهلل من دراسته املوسومة بـ«دراسة ملحاوالت تطوير برامج إعداد معلمي‬
‫اللغة العربية للناطقني باللغات األخرى» بعد أن درس سبع حماوالت إىل أن هذه‬
‫املحاوالت ال زالت ضعيفة‪ ،‬ينقصها وجود أهداف حمددة واضحة‪ ،‬وينقصها التخطيط‬
‫والتقويم والتطوير‪ ،‬فضال عن عدم التوزان بني جوانب اإلعداد‪ ،‬فغالبا ما نجد طغيان‬
‫اجلانبني اللغوي واملهني عىل اجلانب الثقايف‪ ،‬وطغيان اجلانب النظري عىل اجلانب‬
‫(‪)1‬‬
‫العميل الذي هو اهلدف األصيل يف تدريب املعلم عىل تعليم اللغة العربية‪.‬‬
‫ونعى الدكتور خمتار الطاهر حسني عىل كثري من الربامج ضعف عملية تقويم املدرس‬
‫واالهتامم بأدائه بعد التعيني‪ ،‬ذاكرا مجلة من املعايري املهمة التي يمكن لألساتذة وإدارات‬
‫(‪)2‬‬
‫الربامج األخذ هبا يف عملية تقويم األستاذ وتطويره‪.‬‬
‫فلعل يف هذه املراحل وتلك الطريقة ما يفيد إىل حني إنشاء معهد قوي خيرج أساتذة‬
‫متميزين يسدون حاجة العامل اإلسالمي يف تعليم العربية لغري الناطقني هبا‪.‬‬

‫‪ -1‬عمر الصديق عبد اهلل‪ ،‬دراسة ملحاوالت تطوير برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقني باللغات األخرى‪ ،‬جملة‬
‫العربية للناطقني بغريها‪ ،‬جامعة إفريقيا العاملية‪ ،‬اخلرطوم‪ ،‬السودان‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬يناير ‪ ،2006‬ص‪.195-194‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬خمتار الطاهر حسني‪ ،‬دليل تقويم مدرس العربية لنفسه‪ ،‬جملة العربية للناطقني بغريها‪ ،‬العدد اخلامس‪ ،‬يونيو‬
‫‪ ،2007‬معهد اللغة العربية‪ ،‬اخلرطوم السودان‪ ،‬ص‪.150-81‬‬

‫‪-327-‬‬
‫تصنيف الطالب يف مستويات‪:‬‬
‫من املشكالت الواضحة يف برامج تعليم العربية يف أكثر اجلامعات الرتكية غياب مفهوم‬
‫تصنيف الطالب بحسب مستوياهتم أو ضعف ذلك‪ ،‬بل إن بعض اجلامعات ال هتتم وال‬
‫تكرتث لالمتحان التصنيفي الدقيق الذي ينبغي أن يعقد للطالب قبل بداية التحاقه‬
‫بالدروس‪ ،‬فتعتمد عىل نتائجه يف الثانوية أو يف االمتحان العام الذي يعقد للعربية‪ ،‬دون‬
‫امتحان خاص باجلامعة يقيس مهارات الطالب ومستواه‪ ،‬وإن عقدت بعض اجلامعات‬
‫امتحانا فالعادة أهنا تقيس علمه بالعربية ال مهارته فيها؛ فتكثر األسئلة عن النحو والرصف‬
‫واملعرفة بمفردات العربية وعلومها‪ ،‬وال هتتم بمهاراته‪ ،‬ويظهر هذا يف أن الكثرة الكاثرة‬
‫من اجلامعات ال تعقد امتحانا شفويا للطالب لتحديد مستواه يف املحادثة‪.‬‬
‫وتكمن أمهية االمتحان التصنيفي يف حسن توزيع الطالب عىل املستويات مما‬
‫يسهل العملية التدريسية ال سيام يف اجلامعات التي حيتوي فيها الفصل عىل أكثر من‬
‫‪ 15‬طالبا‪ ،‬فإن وجود أكثر من مستوى داخل الفصل نفسه يبطئ العملية التدريسية وقد‬
‫يفشلها أحيانا‪ ،‬إذا مل يستطع األستاذ تلبية تعطش الطالب املتقدم للغة‪ ،‬ومل يستطع جماراة‬
‫الطالب املبتدئ يف الوقت نفسه ألن األستاذ قد أمسك العصا من املنتصف‪ ،‬وبذلك‬
‫تضيع الفائدة عىل اجلميع‪ ،‬وقد يضطر بعض املدرسني ‪-‬واحلالة هذه‪ -‬إىل قلب درس‬
‫املهارات إىل حمارضة يلقيها عىل مسامع الطالب وينتهي الدرس‪ ،‬ويرى أنه بذلك حقق‬
‫الفائدة جلميع الطالب‪ ،‬ومل حياب جمموعة عىل أخرى!‬
‫ويندر أن نجد أستاذا يستطيع التعامل بحكمة يف صف درايس فيه أكثر من مستوى‬
‫وأعداد كبرية‪ ،‬فال بد حينها من التقسيم الدقيق للمستويات‪ ،‬وصناعة االمتحان‬
‫التصنيفي صناعة دقيقة ليشمل مجيع املهارات‪ ،‬وال بد أن يشمل مقابلة شفوية كاملة‬
‫مع الطالب يتأكد هبا األستاذ من مهارته يف املحادثة‪ ،‬وقد تشمل هذه املقابلة أيضا بعض‬
‫املفردات وشيئا من قراءة النصوص ومدى فهم الطالب للمقروء‪.‬‬
‫ويف جتربتي أن املقابلة الشفوية ‪-‬مع إدخال أسئلة عن بعض املفردات ونصوص‬
‫قرائية‪ -‬تعطي حكام دقيقا واضحا إذا شفعت بامتحان خيترب القواعد والكتابة واملفردات‬
‫اختبارا حقيقيا‪.‬‬
‫ولعل من أقوى الربامج يف تصنيف مستويات الطالب الذين يتعلمون لغة ثانية ما‬
‫عملت عليه املؤسسة األمريكية الشهرية «املجلس األمريكي لتعليم اللغات األجنبية» (‪The‬‬
‫‪ ،)American Council on the Teaching of Foreign Languages ACTFL‬وهو برنامج‬

‫‪-328-‬‬
‫متميز مدروس بدقة وعناية يشمل لغات متعددة منها العربية‪ ،‬ويقوم اخلرباء فيه بعقد بعض‬
‫(‪)1‬‬
‫الدورات التدريبية عىل تصنيف املستويات يف خمتلف اجلامعات الغربية والرشقية‪.‬‬
‫وقد جاء تقسيم املستويات فيه عىل النحو اآليت‪:‬املستوى املبتدئ‪ ،‬املستوى املتوسط‪،‬‬
‫املستوى املتقدم‪ ،‬املستوى املتميز‪.‬‬
‫وانقسم كل مستوى إىل أقسام ثالثة‪:‬‬
‫املستوى املبتدئ ينقسم إىل مبتدئ أدنى ثم أوسط فأعىل‪ ،‬وكذلك املتوسط املتقدم‪،‬‬
‫لكنهم مل يقسموا املستوى املتميز‪ ،‬ألنه املستوى األخري الذي قد يصله الطالب‪ ،‬ويف‬
‫رأهيم فإنه مستوى املثقف العريب عموما‪.‬‬
‫وقد جاء هذا التقسيم بناء عىل معاييري عاملية ثابتة طبقت عىل اللغات مجيعها التي‬
‫هتتم هبا هذه املؤسسة‪.‬‬
‫فالوظيفة اللغوية للطالب املبتدئ هي أن يتواصل يف أدنى مراحل التواصل‬
‫باستخدام عبارات ثابتة أو حمفوظة ويكون يف خمزونه اللغوي قوائم من املفردات‪ ،‬فهو‬
‫يف مستوى املفردة والعبارة‪ ،‬مل يتمكن من اجلملة بعد‪ ،‬واملحتوى الذي يستطيع التحدث‬
‫فيه هو معظم املواقف العادية واملألوفة يف احلياة اليومية‪ ،‬ومن حيث سالمة اللغة‪ :‬فعادة‬
‫ما يصعب فهمه حتى ممن اعتاد التعامل مع غري الناطقني بالعربية‪.‬‬
‫ويمثل اخلرباء يف هذا الربنامج عىل املبتدئ بالببغاء إذ هو حيفظ ويردد ما يعرفه من‬
‫اللغة‪ ،‬ولكنه ليس متمكنا يف اخللق اللغوي‪.‬‬
‫أما املتوسط فوظيفته اللغوية أن يستطيع بدء حوار بسيط ويتابعه وينهيه باستخدام‬
‫أسئلة وإجابات بسيطة‪ ،‬وأن يبدأ مرحلة اخللق اللغوي‪ ،‬وأن ينتقل من مستوى املفردة‬
‫والتعبري إىل مستوى اجلملة‪ ،‬واملحتوى الذي يستطيع التعامل معه هو املواضيع املألوفة‬
‫املتعلقة باحلياة اليومية‪ ،‬وبعض املواقف غريالرسمية‪ ،‬ومن حيث سالمة اللغة فيمكن‬
‫ملن يتعامل من غري الناطقني أن يفهمه مع طلب اإلعادة أحيانا‪.‬‬
‫ويمثل اخلرباء عىل املتوسط بالسائح الذي يستطيع التحدث عن حياته اليومية يف‬
‫البلد اجلديد وماذا أنجز فيه‪ ،‬ويستطيع تركيب مجلة كاملة من مفردات مل يسبق أن رآها‬
‫جمتمعة يف مجلة‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر موقعهم عىل الشبكة‪http://www.actfl.org/ :‬‬

‫‪-329-‬‬
‫أما املتقدم‪ :‬فوظيفته اللغوية أن يرسد ويصف يف املايض واحلارض واملستقبل‪،‬‬
‫ويتغلب عىل تعقيدات غري متوقعة بشكل فعال‪ ،‬وأن ينتقل من مستوى اجلملة إىل‬
‫مستوى الفقرة‪ ،‬واملحتوى الذي يستطيع التعامل معه هو معظم املواقف الرسمية وغري‬
‫الرسمية‪ ،‬واملواضيع التي تتعلق باملجتمع وهلا أمهية عالية‪ ،‬ومن حيث سالمة اللغة‬
‫فيستطيع فهمه الناس العاديون الذين ال احتكاك هلم بداريس العربية من األجانب‪.‬‬
‫ويمثل اخلرباء عىل املتقدم باملراسل التلفزيوين‪ ،‬إذ هو يصف ويرسد ما يشاهد‬
‫يف احلارض ويتعرض للاميض واملستقبل يف البلد الذي هو فيه ويتحدث عن املجتمع‬
‫وأحواله ومشكالته‪.‬‬
‫أما املتميز فوظيفته اللغوية أن يناقش مناقشة مستفيضة للمواضيع‪ ،‬ويدعم رأيه‬
‫باحلجج واألدلة‪ ،‬وينتقل من املستوى الشخيص إىل مستوى االفرتاض والتجرد‪ ،‬وأن‬
‫ينتقل من مستوى الفقرة إىل مستوى اخلطاب املستفيض‪ ،‬واملحتوى الذي يستطيع‬
‫التعامل معه هو املواضيع الفكرية املتنوعة العامة واخلاصة‪ ،‬ومن حيث سالمة اللغة‬
‫فال وجود ألنامط من األخطاء‪ ،‬وال تؤثر أخطاؤه عىل التواصل أو حتول اهتامم السامع‬
‫عام يقال‪.‬‬
‫ويمثل اخلرباء عىل املتقدم باملفكر والباحث؛ إذ ينتقل املفكر من مستوى جتربته‬
‫(‪)1‬‬
‫الشخصية إىل املستوى املجرد‪.‬‬
‫إن غياب أكثر هذه املفاهيم عن برامج تعليم العربية يف تركيا وعن األساتذة‪ ،‬أو‬
‫ضعف ذلك أدى بعملية تعليم العربية إىل نتائج سلبية‪ ،‬جتعل كثريا من الطالب يأتون‬
‫إىل دروسهم مرغمني؛ إذ هم يشعرون بعدم الفائدة إذا كانوا يف مستوى متقدم ومعهم‬
‫طالب يف املستوى املبتدئ‪ ،‬أو العكس‪ ،‬وتصنيف املستويات بحسب هذه املعايري قضية‬
‫يف غاية األمهية لسري الدرس‪ ،‬وبدوهنا قد يسقط كثري من األساتذة اخلرباء‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.actfl.org/publications/guidelines-and-manuals/actfl-proficiency-guidelines-2012‬‬
‫وللدكتور حممد أبو نجمة تلخيص جيد ملستويات تقييم الكفاءة يف هذا الربنامج يف مقاله « تقييم الكفاءة اللغوية الشفوية‬
‫للناطقني باللغات األخرى من خالل منهج ‪ ACTFL‬نامذج تطبيقية» املطبوع ضمن أعامل املؤمتر العاملي لتعليم اللغة‬
‫العربية‪ ،‬جامعة امللك سعود الرياض ص‪.230- 177‬‬

‫‪-330-‬‬
‫أهداف الربنامج‪ :‬هل هدف الربنامج فهم املقروء أم التواصل؟‬
‫كنت أظن فيام سبق أن العامل خطا خطوات بعيدة يف طرق تعليم اللغات‪ ،‬مستعيضا‬
‫عن طرق قديمة بطرق أخرى حديثة فيها توفري لوقت الطالب واألستاذ وتقوية ملهاراته‬
‫اللغوية وتنويع ملواهبه التواصلية‪ ،‬لكن رأيت احلال يف بعض اجلامعات يف تركيا خمتلفا‬
‫قليال‪ :‬فقد قابلت بعض مديري الربامج وبعض املدرسني الذين يرصون عىل نبذ فكرة‬
‫تعليم العربية ألغراض تواصلية‪ ،‬واالهتامم بتعليم العربية ألغراض القراءة يف الكتب‬
‫الرتاثية‪ ،‬وهذا اإلرصار وإن كان يضعف شيئا فشيئا يف السنوات األخرية إال أن رواجه‬
‫العميل أكثر من رواجه الفكري؛ ذلك أن كثريا من املدرسني وإن مل يرصحوا بتغليب‬
‫االهتامم بتعليم العربية ألغراض القراءة يف الكتب الرتاثية إال أهنم يطبقون ذلك عىل‬
‫أرض الواقع باهتاممهم املبالغ فيه يف النحو والرصف والبالغة والرتمجة‪ ،‬مما ُيرجع تعليم‬
‫العربية إىل العصور العثامنية وإىل طريقة النحو والرتمجة التي ُذكرت‪ ،‬وال يزال بعضهم‬
‫يرص عىل رضورة تعليم الكتب القديمة التي كانت يف املدرسة العثامنية دون حميد عنها‪،‬‬
‫ويرون أن الطالب الرتكي إنام يتعلم العربية ليمتلك القدرة عىل قراءة كتب الرتاث‬
‫الكثرية املهمة له يف دراسته للعلوم اإلسالمية‪ ،‬وإذا مل يمتلك تلك القدرة فإنه لن حيصل‬
‫عىل العلم الرشعي املطلوب‪ ،‬ومهارات التواصل األخرى غري مهمة له يف هذه املرحلة‬
‫ال سيام أهنا تستهلك قدرا كبريا من وقته فيام ال يستفيد منه بعد ذلك‪ ،‬فمن السهل أن‬
‫ينساها؛ فلامذا نضيع وقته يف غري األهم؟‬
‫ويلقى مثل هذا الطرح آذانا صاغية من بعض املدرسني األتراك وكثري من الطالب‪،‬‬
‫أما املدرسون الذين ال يتقنون املحادثة والتواصل بالعربية فلن يكون الدرس إال جمرد‬
‫إلقاء حمارضة‪ ،‬ليس فيه ما يدفع األستاذ إىل اخرتاع أفكار وإبداع نشاطات ليحفز‬
‫الطالب عىل التحدث واملناقشة واملطارحة‪ ،‬وعملية تقويم الطالب تكون عادة أسهل‬
‫ممن خيوض معارك املهارات ومشكالهتا‪ ،‬وأما الطالب فإن كثريا منهم يستهوهيم هذا‬
‫التسهيل وجيعل مهمة اللغة مقترصة عىل حفظ القواعد واستظهارها والقدرة عىل‬
‫الرتمجة دون تكبد معاناة املامرسة والتكرار يف املحادثة والكتابة واالستامع‪ ،‬وبذلك‬
‫خيرج طالبا قد يمتلكون شيئا من القواعد والرتمجة إال أهنم ال يمتلكون اللغة نفسها‬ ‫ّ‬
‫وال القدرة عىل التواصل هبا‪.‬‬
‫ومن الغريب أن جيد هذا الطرح قبوال يف عامل قفز قفزات طويلة يف طرق تعليم‬

‫‪-331-‬‬
‫اللغات متجاوزا تلك الطريقة بمراحل‪ ،‬مثبتا ضعف تلك الطريقة‪ ،‬وفعالية طرق كثرية‬
‫جاءت بعدها‪ ،‬كالطريقة املبارشة والطريقة السمعية الشفهية‪ ،‬والطريقة التواصلية‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والطريقة التوليفية‪ ،‬وإن مل تنته الدراسات يف ذلك عند حد‪.‬‬
‫ولعل أوضح ما يرد هذا الرأي أن تعليم املهارات بطريقة تكاملية يقوي بعضها‬
‫بعضا؛ فتقوية مهارة االستامع تقوية ملهارة املحادثة‪ ،‬واحلال نفسه يف القراءة والكتابة‪،‬‬
‫وقد نبذت برامج تعليم اللغات احلية فكرة الفصل بني املهارات‪ ،‬وجعلتها كال متكامال‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مما يسهل تعليم اللغة واختصار الوقت‪ ،‬وتعدد الفوائد منها‪.‬‬
‫هذا فضال عن أن ضعف التواصل مؤد إىل ضعف يف العلم كذلك‪ ،‬فإذا كان هدف‬
‫تعلم اللغة هو قراءة كتب الرتاث وفهمها‪ ،‬فإن يف القدرة عىل التواصل ما يفيد يف ذلك‬
‫أيضا من حيث التواصل مع العلامء يف العلوم اإلسالمية املتمكنني الناطقني بالعربية‬
‫وأخذ العلوم عنهم‪ ،‬وفهم أبعاد كالمهم ومراميه‪ ،‬ومناقشتهم وحسن التلقي عنهم‪،‬‬
‫فضال عن املناقشات مع األكاديميني واالشرتاك يف املؤمترات والندوات ومطارحة‬
‫األفكار‪ ،‬وهذا هو التواصل بعينه‪.‬‬
‫وضعف التواصل مؤد إىل استخفاف اآلخرين بعلم الرجل وإن كان بارعا‪ ،‬وقد‬
‫تكررت قصص كثرية عن بعض أهل العلم من غري العرب الذين يتقنون القواعد‬
‫والقراءة والفهم لكنهم مل يامرسوا املحادثة واالستامع‪ ،‬وشعورهم باحلرج الشديد يف‬
‫زياراهتم لبلدان عربية أو زيارة بعض العلامء واألكاديميني إليهم‪ ،‬ولو درسوا العربية‬
‫عىل الطريقة التي تعنى بالتواصل ملا وقعوا يف ذلك احلرج‪.‬‬
‫إن تأكيد أمهية التواصل والطريقة التكاملية يف تعليم اللغات من أهم واجبات‬
‫برامج تعليم العربية اتساقا مع تعليم اللغات احلية يف العامل وتوفريا جلهد الطالب‬
‫واألستاذ‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر مثال‪ :‬د‪ .‬عمر الصديق عبد اهلل‪« ،‬األسس النفسية واللغوية والرتبوية لتعليم وتعلم اللغات»‪ ،‬جملة العربية للناطقني‬
‫بغريها‪ ،‬العدد اخلامس‪ ،‬يونيو ‪ ،2007‬جامعة إفريقيا العاملية‪ ،‬السودان‪ ،‬ص ‪ 28‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬د‪ .‬حممود كامل الناقة‪« ،‬املدخل يف التدريس واملنظور العلمي لتعليم وتعلم اللغة العربية»‪ ،‬املطبوع ضمن أعامل‬
‫املؤمتر العاملي لتعليم العربية يف جامعة امللك سعود‪ ،‬الرياض‪ ،‬ص‪.278‬‬

‫‪-332-‬‬
‫ضعف التنسيق بني املدرسني‪:‬‬
‫ظهر من خالل الدراسة امليدانية ضعف التنسيق بني األساتذة يف أكثر برامج العربية‬
‫ُقسم فيها املواد إىل (قراءة‪ ،‬كتابة‪ ،‬حمادثة‪ ،‬استامع‪ ،‬نحو‪ ،‬رصف‪،‬‬
‫ال سيام يف الكليات التي ت ّ‬
‫بالغة ‪ ،)...‬ويرجع هذا الضعف إىل‪:‬‬
‫ضعف حتديد أهداف الربنامج؛ فنجد يف بعض اجلامعات رصاعا واضحا بني‬
‫األساتذة يف أهداف الربنامج‪ ،‬فنجد أستاذا يرى أن مهارة فهم املقروء هي املهارة‬
‫األساسية وغريها نافلة‪ ،‬ونجد يف القسم نفسه أساتذة آخرون يرون وجوب تكامل‬
‫املهارات وأن ال تطغى مهارة عىل مهارة‪ ،‬فيضيع الطالب بني هذين املنهجني‪ ،‬ويتجه‬
‫أكثرهم ‪-‬فيام حلظت‪ -‬إىل األسهل وهي مهارة فهم املقروء والرتمجة‪.‬‬
‫عدم وجود منسق أو مرشف ينسق بني املدرسني‪ ،‬إذ تتجه جل اجلامعات إىل ربط‬
‫قسم السنة التحضريية بعميد كلية اإلهليات‪ ،‬وقد ال يكون ‪-‬وهذا يف أكثر األحوال‪-‬‬
‫خبريا يف طرق تعليم العربية للناطقني بغريها‪ ،‬فيضعف الربنامج ويضعف التنسيق بني‬
‫املدرسني‪.‬‬
‫وقد وجدت من خالل الدراسة امليدانية أن اجلامعات واملعاهد التي اعتمدت عىل‬
‫منسق خبري‪ ،‬حدد أهداف الربنامج وسار وفق خطة واضحة لتحقيق تلك األهداف‪:‬‬
‫كانت خمرجاهتا أفضل وأقوى من خمرجات الربامج األخرى‪ ،‬دون الغفلة عن العوامل‬
‫األخرى التي تؤدي دورا يف ذلك‪.‬‬
‫وتظهر مشكلة عدم وجود منسق خبري يف ضعف البنائية اللغوية عند الطالب‪ ،‬فقد‬
‫يتعرض الطالب للمبحث ذاته مرات عديدة يف الفصل الدرايس الواحد‪ ،‬إذ ال يعلم‬
‫األستاذ عن درس زميله شيئا عادة‪ ،‬فيضيع الطالب ويفقد البنائية‪.‬‬
‫اختيار املنهج‪:‬‬
‫هتتم كثري من املؤسسات التعليمية يف تركيا باختيار املنهج أكثر من اهتاممها باألستاذ‪،‬‬
‫وقد حلظت نشاطا واجتامعات ومقابالت طويلة ألجل اختيار املنهج‪ ،‬لكن اختيار‬
‫األستاذ يف كثري من األحيان عشوائي‪ ،‬وأرى أن األمر جيب أن يكون معكوسا؛ فاألستاذ‬
‫املؤهل املدرب يتقن تدريس منهج غري ناجح‪ ،‬لكن األستاذ غري املؤهل وال املدرب لن‬
‫يتقن تدريس أفضل املناهج‪.‬‬

‫‪-333-‬‬
‫ومن أكثر األسئلة التي تواجهني يف إسطنبول يف أثناء الدورات وورشات العمل‬
‫سؤال املنهج‪ ،‬وعادة ما أجيب بسؤال األستاذ‪ ،‬تصحيحا للمشكلة يف رأيي‪.‬‬
‫إال أن هذا ال يعفي املؤسسات التعليمية العربية من التقصري الواضح يف إنجاز‬
‫منهج عرصي متميز حياكي مناهج تعليم اللغات العاملية يف عرصنا؛ فقد تعب املدرسون‬
‫املؤهلون من املناهج املتوفرة‪ ،‬والعيوب املوجودة يف كثري من املناهج دافعة للطالب‬
‫غري العريب إىل نظرة دونية حلال التعليم والتعلم يف العامل العريب ال سيام إن قارهنا بام هو‬
‫موجود يف اللغات العاملية األخرى‪.‬‬
‫ولعل أشهر املناهج املدرسة يف اجلامعات يف تركيا كتاب (العربية بني يديك) وكتاب‬
‫(العربية للناشئني) ودخل منهج (اللسان األم) هذه السنة عىل بعض اجلامعات‪.‬‬
‫واملشكلة يف كثري من هذه املناهج أهنا ال ختدم طبيعية اللغة‪ ،‬إذ تعليم العربية يف تركيا‬
‫هو تعليم هلا يف غري بلدها فالطالب إنام يتعلمها يف داخل الغرفة الصفية‪ ،‬ويتعرض‬
‫هلا أحيانا خارج الغرفة الصفية يف بعض النشاطات الالمنهجية‪ ،‬فهو يكتسب اللغة‬
‫من املدرس واملواد الدراسية واملتعلمني اآلخرين (‪ ،)1‬فإن مل تصنع املناهج واملواد‬
‫الدراسية جوا طبيعيا يف الغرفة الصفية حياكي حياة الطالب احلقيقية فإن ذلك يصعب‬
‫مهمة األستاذ يف خلق أفكار وإبداع نشاطات ليجعل الغرفة الصفية أقرب ما يكون‬
‫إىل الطبيعية‪ ،‬بتحفيز الطالب عىل التفاعل واملشاركة يف مواقف حقيقية‪« ،‬وهنا جيب‬
‫أن نعرتض بأن النامذج اللغوية التي تعرضها معظم الكتب الدراسية التقليدية‪ ،‬إن مل‬
‫تكن تبعث عىل امللل والضيق‪ ،‬فإن أقل ما توصف به أهنا خالية من احلوافز‪ ،‬فمن منا‬
‫مر بموقف أو شعر برغبة يف أن يوجه سؤاال مثل‪ :‬ما هذا؟ ليتلقى إجابة تقول‪ :‬هذا‬
‫قلم!! أو شعر برغبة يف أن يقول‪ :‬إن كتاب مصطفى أكرب من كراسة حممد‪ ،‬أو أن يسأل‪:‬‬
‫كم عينا ألمحد؟ وكم أنفا له؟ أو كم رأسا؟ إن مثل هذه اللغة اخلاوية أو (البلهاء) هي‬
‫السبب يف الرفض اللغوي أو الصمت الذي خييم عىل الدراسني‪ ،‬هي السبب يف ضعف‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلقبال عىل الدراسة بعد األسابيع األوىل‪ ،‬وانرصاف الطالب عن اللغة اجلديدة»‪.‬‬
‫ومن الغريب هنا أن اجلامعات الرتكية واملؤسسات التعليمية الكبرية مل تنتج حتى‬

‫‪ -1‬انظر أبحاثا جيدة يف ذلك عند‪ :‬سوزان جاس‪ ،‬الري سلينكر‪ ،‬اكتساب اللغة الثانية‪ ،‬مقدم عامة‪ ،‬ترمجة د‪ .‬ماجد‬
‫احلمد‪ ،‬ط النرش العلمي‪ ،‬جامعة امللك سعود‪ ،‬الرياض ‪.483 /2‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬محادة إبراهيم‪ ،‬االجتاهات املعارصة يف تدريس اللغة العرية‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪-334-‬‬
‫املدرسة يف‬
‫اآلن منهاجا دراسيا قويا يسد حاجة املتعلمني األتراك‪ ،‬ومجيع املناهج ّ‬
‫جامعات إسطنبول ألفها أساتذة وخرباء من خارج تركيا‪ ،‬يف بيئة وثقافة وتصورات‬
‫مغايرة بعض اليشء لطبيعة املتعلم الرتكي‪ ،‬والفهم اجليد لطبيعة املتعلم يساعد دون‬
‫شك عىل الفهم اجليد لطبيعة التعلم والتعليم؛ فال بد من تأليف منهاج خياطب الطالب‬
‫الرتكي ‪-‬وأعداد الطالب يف هذه السنوات هائلة تستحق أن تفرد بمنهاج أو مناهج‪،-‬‬
‫فريى ما حيفزه عىل التعلم فيهتم به وما ال حيفزه أو ما ينفر منه فيتجنبه‪« ،‬إن التحفيز‬
‫هو نقطة االنطالق يف كل تعلم وبدونه يتعاظم خطر الفشل»(‪)1‬؛ ففرق كبري بني طالب‬
‫أمريكي يدرس يف جامعة شيكاغو فيطرب لقصة مها وخالد يف كتاب «الكتاب يف‬
‫تعلم العربية» وهيتم هبا ألهنا ختاطب ثقافته وما يعرف‪ ،‬وبني طالب يف كلية اإلهليات يف‬
‫جامعة يف إسطنبول‪ ،‬إنام جاء ليدرس العربية ألغراض دينية أوال‪ ،‬ومن ثم للتواصل مع‬
‫املثقفني من أهل العلم العرب‪ ،‬فلن جيد يف تلك القصة ذلك الطرب وال تلك املتعة‪ ،‬بل‬
‫قد ينفر منها ويستاء من ذلك املنهاج‪.‬‬
‫وفرق كبري أيضا بني االحتياجات اللغوية لطالب غري عريب يدرس العربية يف‬
‫بلد عريب‪ ،‬وطالب يدرسها يف بلده األم‪ ،‬فقد أثبتت دراسة د‪ .‬هداية هداية إبراهيم‬
‫أمهية جماالت مثل املكتبة واملناسبات والسكن اخلارجي بالنسبة للدارسني املتعرضني‬
‫للدراسة‪ ،‬وفرست ذلك بأن هؤالء الدارسني إنام أتوا من بالدهم لتعلم اللغة من منبعها‬
‫األصيل‪ ،‬وهم متفرغون فقد حصل أكثرهم عىل منحة دراسية؛ فاملكتبة من أحب‬
‫األماكن هلؤالء الدارسني يشغلون هبا أوقات فراغهم‪ ،‬وكان جمال السياسة والعالقات‬
‫الدولية من أقل املجاالت أمهية بالنسبة هلم‪ ،‬وفرست ذلك بخوفهم من رد الفعل‬
‫من النظام احلاكم جتاه حديثهم يف السياسة وبأهنم إنام جاؤوا للتعلم ال للحديث يف‬
‫السياسة(‪ ،)2‬إال أن احلال يف بلد الطالب خمتلف؛ فقضية مثل املكتبة ال يكاد حيتاج إىل‬
‫التواصل بالعربية فيها‪ ،‬وقضية مثل السياسة قد تشغل باله وهتمه ال سيام إن بلغ مستوى‬
‫متقدما يف اللغة يمكنه من احلديث يف بعض القضايا املتعلقة بذلك‪.‬‬
‫ومن هنا فإن كثريا من املوضوعات واملجاالت يف مناهج تعليم العربية التي تستعمل يف‬

‫‪ -1‬د‪ .‬حممد صاري‪ ،‬األسس العلمية واللغوية لبناء مناهج النحو لغري الناطقني بالعربية‪ ،‬مطبوع ضمن أعامل املؤمتر العاملي‬
‫لتعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬الرياض‪ ،2009 ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -2‬هداية هداية إبراهيم‪ ،‬حتليل احلاجات اللغوية يف مواقف االتصال اللغوي لدى داريس اللغة العربية الناطقني بغريها‪،‬‬
‫املطبوع ضمن أعامل املؤمتر الدويل لتعليم العربية‪ ،‬جامعة امللك سعود ص‪.125-123‬‬

‫‪-335-‬‬
‫اجلامعات الرتكية ال يمكن القول إهنا صممت لتتفق مع االحتياجات التعليمية والنفسية‬
‫للطالب الرتكي الذي يعيش يف بلده األم‪ ،‬فلم تتحقق يف أكثرها اإلجابة املوضوعية عن‬
‫األسئلة اآلتية‪ :‬من يتعلم؟ وما الذي ينبغي أن يتعلمه؟ وما الذي يستطيع تعلمه فعال؟‬
‫وكيف يمكن أن يتعلمه؟ ومتى جيب أن يتعلمه؟ وأين يتعلمه؟ يف بيئة لغوية عفوية أم‬
‫مصطنعة؟ وبدهي أننا ال نستطيع اإلجابة عن هذه التساؤالت إجابة علمية إال يف ضوء‬
‫نظريات علوم اللغة والرتبية وعلم النفس وعلم االجتامع‪ ،‬بام يف ذلك نظريات التعلم‬
‫(‪)1‬‬
‫والتعليم والدافعية والنمو واإلدراك املعريف والتخزين وغريها‪.‬‬
‫وعملية تقدير احلاجات اللغوية تعد أساسا فعاال لنجاح أو تطوير أي برنامج‬
‫درايس؛ إذ يشعر الدارسون بتلبية احتياجاهتم اللغوية وعدم ابتعاد ما يدرسونه عام‬
‫حيتاجون إليه‪ ،‬ومن ثم تتوفر هلم فرص إجيابية للمامرسة الفعالة ملا تعلموه(‪ ،)2‬وقد أثبتت‬
‫بعض الدراسات أن قصور مستوى الدارسني يف مهارات اللغة يرجع إىل عدم رباط‬
‫املحتوى الدرايس باحتياجات هؤالء الدارسني‪ ،‬ومن ثم عدم رضاهم هبذا املحتوى‬
‫املقدم هلم؛ ألنه ال يلبي احتياجاهتم اللغوية‪ ،‬وغري مؤثر يف تنمية مهاراهتم اللغوية التي‬
‫تشبع تلك احلاجات‪ ،‬وكثري من املواقف التي تدور حوهلا الدروس تم اختيارها عىل‬
‫أساس عشوائي دون وجود دراسات علمية حتليلية حلاجات الدارسني يف املواقف‬
‫(‪)3‬‬
‫التواصلية املختلفة‪.‬‬
‫طريقة توزيع املواد‪:‬‬
‫تذهب أكثر اجلامعات واملؤسسات يف إسطنبول إىل الفصل بني املهارات والنحو‬
‫والرصف‪ ،‬فهناك مادة نحو‪ ،‬وهناك مادة استامع‪ ،‬ومادة رصف‪ ،‬ومادة قراءة‪ ،‬ومادة‬
‫حمادثة‪ ،‬ومادة كتابة‪ ،‬وتذهب بعض اجلامعات ‪-‬وهي قليلة للغاية‪ -‬إىل الدمج بني املواد‬
‫مع رضورة التنسيق بني املدرسني للشعبة الواحدة؛ فاألساس أن يتتابع مدرسان أو‬
‫ثالثة عىل صف درايس واحد‪ ،‬دون فصل بني املهارات والنحو والرصف‪ ،‬بحيث يكمل‬
‫الثاين من حيث انتهى األول من املنهج الدرايس أو النشاط اللغوي‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد صاري‪ ،‬األسس العلمية واللغوية لبناء مناهج النحو‪ ...‬ص‪ ،21‬نقال عن أمحد حسن اللقاين‪ ،‬املناهج بني النظرية‬
‫والتطبيق ص‪176-139‬‬
‫‪ -2‬هداية هداية إبراهيم‪ ،‬حتليل احلاجات اللغوية يف مواقف االتصال اللغوي لدى داريس اللغة العربية الناطقني بغريها‪،‬‬
‫املطبوع ضمن أعامل املؤمتر الدويل لتعليم العربية‪ ،‬جامعة امللك سعود ص‪.53‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬هداية إبراهيم‪ ،‬حتليل احلاجات اللغوية ص‪ ،55-54‬نقال عن دراسات يف جامعة صنعاء وجامعة دمشق‪.‬‬

‫‪-336-‬‬
‫ولكل اجتاه إجيابيات ومشكالت‪:‬‬
‫فاجتاه الفصل بني املواد يؤثر سلبيا يف البناء اللغوي للطالب‪ ،‬ويكون التنسيق عادة‬
‫يف غاية الضعف بني املدرسني‪ ،‬ويتشتت الطالب بني األساتذة واملواد‪ ،‬وال يظهر نجاح‬
‫األستاذ من عدمه يف ذلك الفصل الدرايس؛ إذ ال يمكن نسبة الفضل يف تقدم الطالب‬
‫اللغوي إىل أحد من األساتذة‪ ،‬وال يمكن نسبة الرتاجع إليهم كذلك‪ ،‬ال سيام أنه عادة‬
‫ما يدخل عىل الفصل الدرايس الواحد مرتني أو ثالثا يف األسبوع‪ ،‬بحسب تقسيم‬
‫اجلدول؛ فالعالقة بينه وبني الطالب ليست متينة جتعل من األستاذ يف غاية االهتامم‬
‫لنجاحه وتطوره وتقدمه‪.‬‬
‫وقد انتقد حممود كامل الناقة هذا االجتاه لكونه ال يتوافق مع التكامل يف تعليم‬
‫مهارات اللغة‪ ،‬ويرى أن املداخل احلديثة يف تعليم اللغة من الصعب أن تتحقق هبذا‬
‫(‪)1‬‬
‫الفصل‪ ،‬وهبذا التصور الساذج عن عملية التدريس‪.‬‬
‫لكنه مع ذلك مفيد من جهة الرتكيز عىل املهارات كلها؛ فالطالب واألستاذ مضطران‬
‫للجوء إىل مهارة الكتابة يف درس الكتابة كامال وإىل مهارة االستامع يف درس االستامع‪،‬‬
‫ويستطيع األستاذ مالحظة تطوره يف هذا املجال شيئا فشيئا‪.‬‬
‫ومفيد كذلك من جهة خاصة يف البالد غري الناطقة بالعربية؛ ذلك أن بعض األساتذة‬
‫األتراك ال يتقنون املحادثة أو الكتابة بالعربية‪ ،‬وال بد يف اجتاه الدمج بني املهارات أن يتعرض‬
‫األستاذ هلذه املهارة أمام الطالب فيقع يف حرج شديد‪ ،‬بخالف اجتاه الفصل بني املهارات‬
‫فإن الربنامج يستطيع ترتيب املواد التي حيسن تدريسها له دون أن يقع يف أي حرج‪.‬‬
‫ومن هنا فإن أكثر اجلامعات التي يكثر فيها األساتذة األتراك الذين ال يتقنون مجيع‬
‫املهارات تتجه إىل الفصل بني املواد‪ ،‬بخالف اجلامعات التي عينت مجيع كادرها من‬
‫األساتذة العرب أو أكثرهم فيمكنها أن تتجه إىل الدمج‪.‬‬
‫ويمكن القول إن أهم إجيابية يف اجتاه الدمج هي مالحظة البناء اللغوي عند الطالب؛‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬د‪ .‬حممود كامل الناقة‪« ،‬املدخل يف التدريس واملنظور العلمي لتعليم وتعلم اللغة العربية»‪ ،‬املطبوع ضمن أعامل‬
‫املؤمتر العاملي لتعليم العربية يف جامعة امللك سعود‪ ،‬الرياض‪ ،‬ص‪.278‬‬

‫‪-337-‬‬
‫درسه أستاذ سابق لوجود منهج متفق عليه يتتابعون عىل‬
‫فعادة ال يدرس األستاذ درسا قد ّ‬
‫التدريس فيه‪ ،‬ولوجود تنسيق واضح قوي بني األساتذة وإال لفشل الدرس كامال بدونه‪.‬‬
‫ومن إجيابياته وضع جزء أسايس من مسؤولية نجاح الطالب من عدمه عىل األستاذ؛‬
‫إذ ّ‬
‫إن دخوله عىل فصله الدرايس يومي عادة ولعدد من الساعات جيعل األستاذ مالحظا‬
‫بوضوح وقوة لتقدم الطالب وتطوره أو تراجعه وبطئه‪.‬‬
‫ومن اإلجيابيات كذلك أن هذا االجتاه عادة ما يصنع عالقة قوية متينة بني الطالب‬
‫واألستاذ‪ ،‬وهي مفيدة يف حب الطالب للعربية ‪-‬إذا أحب أستاذه‪ -‬ومفيدة يف خلق‬
‫البيئة العربية التي حيتاجها الطالب يف البالد غري العربية؛ ذلك أهنم قد جيلسون مع‬
‫أستاذهم يف مكتبه‪ ،‬وقد يزورونه يف بيته‪ ،‬وقد خيرجون معه إىل رحلة وما إىل ذلك‪ ،‬وقد‬
‫تكون تلك النشاطات العفوية أهم من بعض الدروس يف اجلامعة أحيانا!‬
‫إال أنني عىل كل حال أرى أن الوضع املثايل أن يتناوب عىل الفصل الدرايس مدرسان‬
‫اثنان‪ ،‬ال أكثر وال أقل‪ ،‬إذا كان عدد الساعات بني ‪ 10‬و‪ 20‬ساعة تدريسية أسبوعيا؛‬
‫ذلك أن أستاذا واحدا لعرشين ساعة مثال قد يسبب ملال قويا عند الطالب ال سيام أن‬
‫تدريس اللغة حيتاج إىل إبداع دائم يف الغرفة الصفية‪ ،‬إبداع يف النشاطات الصفية ويف‬
‫طريقة الواجبات البيتية‪ ،‬وطريقة مناقشتها‪ ،‬وإبداع يف إبعاد امللل عن الطالب‪ ،‬وإبداع‬
‫يف خلق جو حمبة دافئ بني الطالب أنفسهم وبني األستاذ‪ ،‬ودخول أستاذ واحد عىل‬
‫غرفة صفية لساعات كثرية يقتل كل هذا عادة‪.‬‬
‫وإذا تناوب عىل جمموعة الطالب أكثر من أستاذين‪ ،‬فإن مشكالت التنسيق وتشتت‬
‫الطالب وقلة حتمل املسؤولية عادة ما تظهر يف هذا اجلانب؛ فاألفضل عندي أن يكون‬
‫للشعبة أستاذان اثنان فقط‪.‬‬

‫‪-338-‬‬
‫عدد الطالب يف القاعة التدريسية‪:‬‬
‫مل يزل عدد الطالب املوجودين يف القاعة التدريسية عائقا قويا أمام تقدم التعليم‬
‫ولكنه يظهر أكثر ما يظهر يف درس تعليم اللغة؛ إذ هو تدريب عىل اللغة ال إلقاء‬
‫ملعلومات يمكن لكل أحد احلصول عليها‪ ،‬والتدريب هذا حيتاج إىل ممارسة‪ ،‬وال يمكن‬
‫أن يأخذ كل طالب حقه من املامرسة بوجود عدد كبري من الطالب‪ ،‬والنموذج املثايل يف‬
‫رأيي هو عرشة طالب يف القاعة التدريسية ال يزيد عىل ذلك‪ ،‬وقد كان هذا من أسباب‬
‫نجاح التجربة الشهرية للجيش األمريكي يف تعلم اللغات إبان احلرب العاملية الثانية(‪،)1‬‬
‫وإن اضطرت املؤسسة اضطرارا شديدا فقد تلجأ إىل مخسة عرش طالبا‪ ،‬أما إن كان أكثر‬
‫أن الطالب سيحصل عىل إنتاج مجلة واحدة‬ ‫من ذلك أمام األستاذ يف القاعة فال أظن ّ‬
‫كاملة أمام أستاذه‪.‬‬
‫وأكثر اجلامعات يف تركيا ال تراعي هذا‪ ،‬فتتكدس أعداد الطالب أحيانا أمام األستاذ‬
‫مما ينبئ بنتيجة غري ناجحة منذ البداية‪.‬‬
‫هذه أهم املشكالت يف رأيي‪ ،‬وهنا مشكالت أخرى ليست عىل الدرجة نفسها من‬
‫األمهية‪ ،‬مثل غياب منهج التدريس املبني عىل املحتوى‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬د‪ .‬محادة إبراهيم‪ ،‬االجتاهات املعارصة يف تدريس اللغة العربية واللغات احلية األخرى لغري الناطقني هبا‪ ،‬ص‪.72‬‬

‫‪-339-‬‬
‫النتائج والتوصيات‪:‬‬
‫وإذا انتهى البحث هنا فإن أبرز ما يمكن اخلروج به من نتائج‪:‬‬

‫أن تعليم العربية قد ازدهر يف السنوات األخرية يف تركيا لكنه ال يزال يعاين من‬
‫بعض املشكالت التي ال بد من املسارعة إىل إجياد حلول هلا‪ ،‬وإال فإن فشل برامج تعليم‬
‫العربية يف تركيا قد يعود بنتائج سلبية عىل صورة العربية وعىل جودة التعليم الديني‪.‬‬
‫أن من مشكالت تعليم العربية الرئيسة قضية اختيار األستاذ وتأهيله‪ ،‬وقد ظهر‬
‫من الدراسة ضعف طرق اختيار األساتذة يف اجلامعات الرتكية مع كونه الركن األسايس‬
‫يف عملية التعليم‪ ،‬واقرتح الباحث مجلة من احللول لتلك املشكلة‪.‬‬
‫أن من مشكالت تعليم العربية عدم وضوح تصنيف املستويات إىل مبتدئ‬
‫ومتوسط ومتقدم يف كثري من برامج اجلامعات يف تركيا‪ ،‬مما يؤدي إىل غياب االمتحان‬
‫التصنيفي أو ضعفه‪ ،‬وإىل تعقيد مهمة األستاذ الذي يدرس يف قاعة تدريسية فيها‬
‫مستويات متعددة‪.‬‬
‫أن بعض األساتذة يف تركيا ما زالوا يرصون عىل رضورة العودة إىل طريقة النحو‬
‫والرتمجة ونبذ الطريقة التواصلية؛ بحجة الرتكيز عىل فهم النصوص الرتاثية‪ ،‬وعدم‬
‫تضييع الوقت يف املحادثة واالستامع مما ال فائدة فيه يف اهلدف الرئيس‪ ،‬وأنه ال بد من‬
‫التصدي هلذه النظرية حلجج ذكرها الباحث‪.‬‬
‫أن ضعف التنسيق ببني املدرسني لغياب منسق خبري مرض يف سري الربامج وقوهتا‪.‬‬
‫أن ضعف مناهج تعليم العربية للناطقني بغريها املوجودة يف تركيا مؤثر عىل تعليم‬
‫العربية‪ ،‬وعىل صورة العامل العريب احلضارية عند األتراك‪.‬‬
‫أنه ال بد من قيام مؤسسة علمية يف تركيا بصناعة منهج يتناسب مع االحتياجات‬
‫اللغوية والنفسية والثقافية للطالب األتراك‪.‬‬
‫أن يف فصل املواد واملهارات وتقسيمها عىل األساتذة مشكالت يمكن جتاوزها إذا‬
‫تعاقب عىل الصف الواحد أستاذان بينهام تنسيق قوي‪.‬‬

‫‪-340-‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫يويص الباحث برضورة اهتامم املؤسسات العلمية العربية بتعليم العربية يف تركيا‬
‫ورفد جامعاهتا بام حتتاجه من كتب وخربات عربية‪.‬‬
‫إنشاء مؤسسة علمية بحثية تعنى بقضايا البحث العلمي املتعلق بالعربية للناطقني‬
‫بغريها يف تركيا ويف العامل اإلسالمي كله‪.‬‬
‫يويص الباحث برضورة املسارعة إىل إنشاء معهد قوي لتدريب مدريس العربية‬
‫للناطقني بغريها يف تركيا‪ ،‬ليسد احلاجات امللحة يف طلب األساتذة‪.‬‬
‫يويص الباحث برضورة صناعة مناهج متميز حياكي أفضل املناهج يف تعليم‬
‫اللغات احلية‪ ،‬ويتناسب مع الطلبة األتراك من حيث احتياجاهتم اللغوية والنفسية‬
‫والثقافية واالجتامعية‪.‬‬
‫يويص الباحث برضورة إنشاء رابطة ملعلمي العربية للناطقني بغريها‪ ،‬تساعدهم‬
‫عىل التواصل فيام بينهم‪ ،‬وعىل تبادل األبحاث واألفكار‪.‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫‪-341-‬‬
‫جتربة م�ؤ�س�سة �إ�سطنبول للتعليم والأبحاث (‪ )ISAR‬يف‬
‫تعليم مهارات العربية‬
‫د‪ .‬أمحد صنوبر‬
‫أستاذ مساعد يف قسم اللغة العربية‬
‫بجامعة التاسع والعرشين من أيار‬

‫احلمد هلل والصالة والسالم عىل سيدنا رسول اهلل وعىل آله وصحبه ومن وااله‪،‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فهذا عرض لتجربة برنامج مهارات العربية يف مؤسسة إسطنبول للتعليم واألبحاث‬
‫‪ ،ISAR‬أبني فيه أهم االسرتاتيجيات التي اتبعناها يف املؤسسة والرؤية خلف تلك‬
‫االسرتاتيجيات‪ ،‬مركزا عىل اجلوانب التي قد يكون فيها فائدة ومناقشة دون التعرض‬
‫لتفاصيل دقيقة ال هتم الباحثني واملتخصصني‪.‬‬
‫وهذه التجربة كغريها من التجارب ال تدعي الكامل وال تراه يف برناجمها‪ ،‬وإنام تُذكر‬
‫هنا ملشاركة األفكار وملناقشتها واألخذ فيها والرد‪ ،‬فلعل فيها ما يفيد فيؤخذ‪ ،‬أو لعل‬
‫فيها ما يناقش وينتقد فريد‪ ،‬فيفيد أيضا!‬
‫ولعل أهم فائدة لذكر التجارب هو تبادل اخلربات‪ ،‬ومناقشة وجهات النظر‪ ،‬وقلة‬
‫االطالع عىل جتارب اآلخرين تؤدي يف كثري من األحيان إىل االنتقاص واالنتقاد‪ ،‬وكلام‬
‫كان االطالع عىل اآلخر أوسع‪ ،‬كان الفهم والتقدير والتواضع أكثر‪ ،‬وقد قيل قديام‪ :‬من‬
‫جهل شيئا عاداه‪.‬‬
‫فهذه التجربة بني أيدي الباحثني واملختصني واخلرباء‪ ،‬حتتاج إىل نظرهم ونقدهم‬
‫وخربهتم‪ ،‬وهو ما يغني األبحاث العلمية والتجارب العملية‪ ،‬وقد عرفت فيها باملؤسسة‬

‫‪-343-‬‬
‫األم باختصار ثم ذكرت أهم ما أراه مستحقا للذكر يف برنامج تعليم العربية‪ ،‬وأرجو أن‬
‫يكون يف ذلك فائدة ونفع‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف عام بمؤسسة إسطنبول للتعليم واألبحاث‪:‬‬
‫أنشئت مؤسسة إسطنبول للتعليم واألبحاث عام ‪ 2009‬يف مركزها الرئييس يف‬
‫أسكودار يف إسطنبول‪ ،‬والتحق هبا عدد من الطالب الراغبني يف تعلم العلوم اإلسالمية‬
‫واللغة والعربية والعلوم االجتامعية الغربية‪ ،‬بحيث يكون هذا التعليم رافدا هلم وموازيا‬
‫لدراستهم األكاديمية اجلامعية‪ ،‬فاملقبولون من الطالب يف املؤسسة هم من الطالب الذين‬
‫يدرسون يف جامعات إسطنبول صباحا‪ ،‬ليلتحقوا بنا بمعدل ‪ 15‬ساعة أسبوعيا يتلقون‬
‫فيها العلوم واملعرفة‪ ،‬وهتتم املؤسسة بالطالب املتميزين من التخصصات املختلفة‪ :‬مثل‬
‫اهلندسة والطب والسياسة واالقتصاد والعلوم االجتامعية فضال عن اإلهليات والعلوم‬
‫اإلسالمية‪ ،‬من خمتلف املراحل‪ :‬البكالوريوس‪ ،‬واملاجستري‪ ،‬والدكتوراة‪.‬‬
‫ويتوزع برنامج املؤسسة عىل أربعة أعوام متتالية‪ ،‬بحيث يتنقل الطالب من دراسة‬
‫اللغة العربية املعارصة والكالسيكية يف السنة األوىل‪ ،‬إىل دراسة العلوم اإلسالمية‬
‫والعلوم االجتامعية بشكل مكثف يف السنوات الالحقة‪.‬‬
‫وتتميز املؤسسة بحسن اختيارها للطالب وللمدرسني‪ ،‬فتعمد إىل عقد مقابالت‬
‫مطولة مع الطالب املتقدمني إىل االلتحاق هبا‪ ،‬لتنتقي منهم األنسب ملنهجها وأهدافها‪،‬‬
‫وتعمد كذلك إىل البحث عن أفضل املدرسني يف املجاالت املختلفة لتتعاقد معهم وتبني‬
‫جسورا بينهم وبني الطالب‪.‬‬
‫األهداف‪:‬‬
‫إن اهلدف الرئيس ملؤسسة اسطنبول للتعليم واألبحاث هو تقديم املستوى األعىل‬
‫من التعليم ملجموعات متعددة من الطالب‪ .‬فتعنى املؤسسة بتخريج طالب متمكنني‬
‫من العلوم التقليدية اإلسالمية‪ ،‬مع االطالع القوي عىل النتاج الفكري الغريب‪ ،‬بحيث‬
‫يتمكنون من فهم اإلرث العلمي والفكري بأفق عاملي‪ ،‬مما يؤهلهم يف النهاية إلجياد‬
‫حلول لقضايا عاملنا املعارص‪.‬‬

‫‪-344-‬‬
‫معلومات أكاديمية عامة‪:‬‬
‫تقوم املؤسسة عىل املرشوعات اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬العلم والتعليم‪ ،‬وهو اجلزء الرئيس يف املؤسسة‪ ،‬بحيث ختتار املؤسسة أكثر‬
‫الطالب املتقدمني متيزا لاللتحاق هبا مدة أربع سنوات‪ ،‬يدرس يف كل سنة حوايل ‪500‬‬
‫ساعة دراسية علوما خمتلفة ولغات متعددة‪.‬‬
‫‪-2‬إيفاد الطالب إىل اخلارج لتلقي اللغات والعلوم‪ :‬تتعاقد املؤسسة سنويا مع‬
‫املؤسسات املتخصصة يف تدريس اللغات والعلوم‪ ،‬وتوفد جمموعة كبرية من الطالب‬
‫إليها يف الصيف‪ ،‬وخيتص هذا بالطالب الذين حيققون مرتبة معينة من اإلتقان يف العربية‬
‫واإلنجليزية‪ ،‬حتى تتفتح قرائحهم اللغوية يف بيئة طبيعية‪ ،‬وليتمكنوا من إنجاز بحوث‬
‫أكاديمية يف لغتهم األم واللغة املكتسبة‪.‬‬
‫‪-3‬تسهيل مهمة الطالب بتعيني مستشارين علميني وأكاديميني‪ ،‬يرجع إليهم‬
‫الطالب يف حل مشكالته العلمية واجلامعية واملعرفية‪ ،‬وأحيانا احلياتية‪.‬‬
‫‪-4‬عقد املؤمترات الطالبية‪ :‬تعمد املؤسسة إىل تدريب الطالب عىل الكتابة‬
‫األكاديمية بلغتهم األم وبلغات أخرى‪ ،‬فتشجع الطالب عىل املشاركة يف املؤمترات‬
‫التي تعقدها املؤسسة واملؤمترات العاملية األخرى‪ ،‬وهتتم باشرتاكهم يف املؤمتر السنوي‬
‫الذي تعقده املؤسسة باللغة العربية‪ ،‬حيث يقدم فيه الطالب أبحاثا علمية عن املجتمع‬
‫أو الثقافة أو السياسة أو االقتصاد يف بلد عريب معني‪.‬‬
‫‪-5‬جمموعات البحث‪ :‬حيث أسست املؤسسة روابط بني العلامء والباحثني املختصني‬
‫بموضوع معني‪ ،‬ووفرت هلم أرضية خصبة للمناقشة واالجتامعات وتبادل األفكار‬
‫واآلراء واألبحاث‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬جمموعة البحث يف الفكر السيايس العثامين (دائرة‬
‫عدل)‪ ،‬وجمموعة البحث يف القانون املقارن‪ ،‬وجمموعة البحث يف الطب واألخالق‪،‬‬
‫وجمموعة البحث اخللدونية وعلم االجتامع‪ ،‬وجمموعة البحث يف الفكر اإلسالمي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬برنامج تعليم العربية يف مؤسسة إسطنبول للتعليم واألبحاث‪،‬‬
‫«الواقع والتحديات»‪:‬‬
‫جيدر يب يف بداية التعريف بالربنامج أن أذكر أن برناجمنا أقرب إىل «النموذج‬
‫العضوي» ‪ Organic Model‬منه إىل «النموذج امليكانيكي»‪ Mechanstis Model‬يف‬

‫‪-345-‬‬
‫البناء التنظيمي لربامج تعليم اللغات الثانية؛ فمن سياسة النموذج العضوي أن يسمح‬
‫بدرجة عالية من املرونة والتكيف يف التعامل مع املدرسني وتطوير مهاراهتم‪ ،‬فيتوقع فيه‬
‫يدرسوا مجيع املهارات يف أكثر املستويات أو مجيعها‪ ،‬ال‬
‫من مدريس الربنامج اللغوي أن ّ‬
‫أن يتخصص األستاذ يف مستوى معني ومهارة معينة أو حمتوى معني؛ إذ يرى أن ذلك‬
‫عائق لألستاذ نفسه‪ ،‬وملن حوله من املدرسني الذين يرغبون يف تدريس فصول أخرى‬
‫غري الفصول التي يدرسوهنا عادة‪ ،‬وتقدم الربنامج وفق هذا النموذج فرصا كثرية‬
‫للتدريب والتطوير املهني لألستاذ‪ ،‬مع السامح بالتواصل الرأيس واألفقي بني األساتذة‬
‫يف العملية التعليمية‪ ،‬فيشجع فيه عىل التدريس التعاوين وتدريب األقران والتجريب‬
‫املشرتك للمواد التعليمية‪ ،‬والعمل اجلامعي فيه من أهم ما يطور العملية التعليمية يف‬
‫املؤسسة‪.‬‬
‫وقد اتبع برناجمنا هذه السياسة واستقر عليها منذ وقت‪ ،‬مبتعدا نوعا ما عن سياسة‬
‫النموذج املكانيكي الذي يفضل ختصص املدرس يف مستويات معينة‪ ،‬ويف مهارات‬
‫حمددة من تلك املستويات‪ ،‬مع إلزامه بمقرر درايس حمدد الصفحات والتامرين جيب‬
‫تدريسها كل يوم‪ ،‬مع اختاذ الشكل الرأيس يف التواصل بني املدرسني دون التواصل‬
‫اجلانبي وتدريب األقران (‪.)1‬‬
‫ويرى الربنامج أن تطبيق النموذج العضوي كان له أثر قوي يف تطوره واستمراريته‪،‬‬
‫مع وجود بعض العقبات والتحديات‪ ،‬وهذا ما سيفصل فيه‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬واقع الربنامج‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الرؤية واهلدف‪:‬‬
‫يرى القائمون عىل املؤسسة أن من أهم أهداف نجاح أي برنامج وجود رؤية‬
‫واضحة وأهداف مبينة حمددة للربنامج‪ ،‬ونعتقد أن غياب هذا التحديد لألهداف أو‬
‫ضعفه يؤدي إىل مشكالت كبرية‪ ،‬ذلك أن حتديد اهلدف يضطر القائمني عىل الربنامج‬
‫‪-‬وال بد‪ -‬إىل اختاذ أساليب ومناهج ورؤى تدريسية تناسب ذلك اهلدف وتوائمه وتتجه‬
‫يف سبيل حتقيقه عىل أتم وجه‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪Davidson and tesh 1997، Theory and practice in language organization design. P. 177 :‬‬
‫وجاك ريتشارد‪ ،‬تطوير مناهج تعليم اللغة ص‪.248‬‬

‫‪-346-‬‬
‫ولذا فإن اهلدف الرئيس لربناجمنا هو‪ :‬اهلدف االتصايل يف برنامج املهارات‪ ،‬واهلدف‬
‫العلمي املعريف يف برنامج العربية الكالسيكية (أي برنامج تدريس النحو والرصف‬
‫والبالغة وعلم الوضع)‪.‬‬
‫إن حتديد هذا اهلدف يلزمنا أن نسلك الطريق املؤدي إليه‪ ،‬ولذلك كان املدخل‬
‫التواصيل يف تعليم اللغات هو أقرب الطرق إىل هذا اهلدف‪ ،‬وكانت طريقة النحو‬
‫والرتمجة أقرب الطرق إىل اهلدف اآلخر‪.‬‬
‫إن عدم حتديد األهداف والرؤى يف كثري من الربامج أدى إىل وجود تناقض شديد‬
‫بني القائمني عىل الربنامج نفسه‪ ،‬فتجد يف كثري من األحيان ثالث رؤى أو أكثر يف‬
‫التدريس‪ :‬جتد طريقة النحو والرتمجة واملدخل التواصيل والطريقة السمعية الشفوية‬
‫وغريها أحيانا‪ ،‬يف برنامج واحد ولطالب معينني‪.‬‬
‫إننا نرى أن االختالف يف شخصيات املدرسني داخل القاعة التدريسية أمر رضوري‬
‫يف الربنامج الواحد‪ ،‬لكن االختالف يف فلسفاهتم ورؤاهم يف أساليب تدريس العربية‬
‫يؤثر سلبا يف الربنامج برمته‪ ،‬وقد حلظنا بعض الطالب يف بعض املؤسسات يشعر بأنه‬
‫انتقل من برنامج إىل برنامج إذا تغري عليه األستاذ‪ ،‬واحلال أنه يف املبنى ذاته والكتاب‬
‫ذاته واإلدارة ذاهتا والربنامج ذاته‪ ،‬لكن الرؤى التدريسية خمتلفة‪ ،‬وهذا االنتقال جيعل‬
‫الطالب حياول استدراك طريقة التدريس والتفاعل مع األسلوب اجلديد‪ ،‬فيضيع عليه‬
‫عددا من الساعات الدراسية كان يمكن أن يستثمرها لو بقي الربنامج واحدا‪.‬‬
‫إننا عىل طريقة «رؤية واحدة وشخصيات خمتلفة» يف برامج تعليم العربية‪ ،‬فلن يقبل‬
‫برناجمنا أستاذا يغرق يف تعليم تفاصيل النحو والعبارات العالية‪ ،‬واحلال أن الطالب ال‬
‫يستطيع إنتاج مجلة واحدة صحيحة‪ ،‬ولن ُيقبل يف الربنامج أستاذ يبحث لطالبه املبتدئني‬
‫عن مفردات يف جسم اإلنسان يف القاموس‪ ،‬وجيتهد يف ذلك؛ ألنه مل يكن يعرفها من‬
‫قبل! فإذا كان هو ‪-‬األستاذ‪ -‬ال يعرفها فام فائدة تعليمها للطالب يف هذه املرحلة من‬
‫دراسته؟!‬
‫إن السبب الرئيس يف رأيي يف نجاح كثري من املؤسسات القوية يف هذا املجال هو‬
‫هذه القاعدة «رؤية واحدة وشخصيات خمتلفة»‪ ،‬رؤية واضحة يف املطلوب من الطالب‬
‫لكن لكل أستاذ شخصيته التدريسية التي يتميز هبا عن كل أحد‪.‬‬
‫والسؤال هنا‪ :‬كيف يمكن أن يتحقق ذلك؟ أي أن يكون مجيع املدرسني يف رؤية‬

‫‪-347-‬‬
‫وفلسفة واحدة؟ ثمة أكثر من اسرتاتيجية لتحقيق ذلك‪ ،‬أتركها إىل موضوع اختيار‬
‫األستاذ وتدريبه‪.‬‬
‫وعىل هذا كله فقد اعتنى برنامج مهارات العربية يف مؤسسة إسطنبول للتعليم‬
‫واألبحاث كثريا بتحديد اهلدف العام من الربنامج‪ ،‬ثم اهلدف من السنة الدراسية ثم‬
‫اهلدف من الفصل الواحد‪.‬‬
‫ولذلك كان من أسلوبنا أن نعقد للطالب ثالث مقابالت‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مقابلة أوىل بعد دراسة ‪ 120‬ساعة كاملة‪ ،‬أي يف هناية الفصل األول‪ ،‬بحيث‬
‫تعقد للطالب مقابلة شفوية بحسب معايري (آكتفل)‪ ،‬وجيب عىل الطالب حينها أن يصل‬
‫إىل املستوى املتوسط األدنى‪ ،‬أي أن ينتهي من املبتدئ األعىل كامال‪.‬‬
‫وعليه ّ‬
‫فإن تَدَ ُّر َب الطالب عىل املحادثة ليصل إىل هذا املستوى يقع عىل كاهله‪ ،‬وعىل‬
‫كاهل أستاذه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬امتحان كفاءة ومقابلة شفوية يف هناية العام الدرايس األول أي بعد دراسة‬
‫حوايل ‪ 400‬ساعة‪ ،‬وال بد أن يكون حينها قد اجتاز مرحلة املتوسط األعىل أو يكفي أن‬
‫يثبت قدمه فيه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬امتحان جلنة خارجية‪ :‬وهو عبارة عن االمتحان النهائي الذي يتخرج به‬
‫الطالب يف برنامج العربية يف إيثار‪ ،‬أي بعد دراسة ما جمموعه‪ 500 :‬ساعة‪ ،‬بحيث‬
‫نستضيف جلنة من خرباء األساتذة وعادة من املؤسسات التي هلا اتفاقيات تعاون معنا‬
‫‪-‬منذ ثالث سنوات نستضيف أساتذة خرباء من مؤسسة قاصد يف األردن لوجود‬
‫اتفاقية تعاون قوية‪ ،-‬ويعقدون مقابلة شفوية عىل معايري آكتفل‪ ،‬ويكون املطلوب من‬
‫الطالب حينها أن يصل إىل املستوى املتقدم األدنى‪ ،‬وإذا وصل إىل ذلك املستوى فإن‬
‫إدارة الربنامج ترسله عىل نفقتها إىل األردن للدراسة يف (قاصد) لفصل الصيف كامال‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬البحث االجتامعي العلمي املطلوب من الطالب يف برنامج الصيف‪:‬‬
‫ال يقترص أمر الدراسة يف األردن لطالبنا عىل حضور الدروس يف معهد قاصد‪،‬‬
‫فإن االستفادة من هذا حاصلة هنا يف إسطنبول إن اقترص عىل ذلك‪ ،‬ولذا فإن من أهم‬
‫املهامت عندنا يف هذا الربنامج أن ينغمس الطالب يف بحث اجتامعي علمي يف املجتمع‬
‫األردين‪ ،‬فنحدد للطالب مدة معينة ليقرر عنوان بحثه االجتامعي العلمي‪ ،‬ثم يبدأ‬

‫‪-348-‬‬
‫املبارشة فيه بلقاء اخلرباء والعلامء واملختصني والباحثني واملثقفني وعموم الناس‪ ،‬وينتج‬
‫بحثه كتابيا ويلقيه عىل مسامع بعض األساتذة شفويا‪ ،‬وعليه يقيم أداؤه ونشاطه‪ ،‬ثم‬
‫يلقيه يف إسطنبول أمام مجع من األساتذة والطالب‪.‬‬
‫وقد تنوعت اهتاممات الطالب يف تلك املوضوعات؛ فكتب بعضهم يف االقتصاد‪،‬‬
‫وبعضهم يف مشكالت املجتمع‪ ،‬وبعضهم يف دراسات مقارنة بني املجتمع الرتكي‬
‫واملجتمع األردين‪ ،‬لكن موضوع احلركات اإلسالمية وتنوعها يف األردن كان من أكثر‬
‫املوضوعات جذبا ألنظارهم؛ فأكثروا من البحث فيه والتعمق‪ :‬فكتب بعض الطالب‬
‫عن احلركة السلفية العلمية‪ ،‬وبعضهم عن احلركة السلفية اجلهادية‪ ،‬وبعضهم عن‬
‫اإلخوان‪ ،‬وبعضهم عن مجاعة التبليغ‪ ،‬وبعضهم عن الصوفية‪ ،‬بعد أن قابل كثري منهم‬
‫أقطاب تلك احلركات وأعياهنم‪ ،‬فضال عن مقابالت متعددة ملختصني يف احلركات‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ما الرؤية وراء ذلك؟‬
‫إن الطالب الذي يقال له يف اليوم األول يف التوجيه‪ ،‬إن هدفنا معك أن حتقق كذا‬
‫وكذا من املستويات‪ ،‬وإن عليك أن ختضع المتحان كذا وكذا‪ ،‬فإن احرتامه للربنامج‬
‫والتعلم فيه سيكون واضحا ويسعى ألجل ذلك اهلدف قدما‪ ،‬ال سيام أن من عادتنا أننا‬
‫نعرض هلم جتربة سابقة رائدة ‪-‬يف يوم التوجيه‪ -‬من الطالب الذين خترجوا بتفوق من‬
‫برناجمنا وقد بدؤوا فيه من (ألف باء) لنشجع الطالب عىل امليض قدما‪ ،‬ونقول له‪ :‬قد‬
‫اجتاز مجيع تلك املراحل زميلك‪ ،‬وهو ال يقل شأنا عنك! فتفضل! واملثال والنموذج‬
‫له يف غاية األمهية‪.‬‬
‫إن وضوح اهلدف وإظهاره للطالب وإظهار نامذج سابقة له قطعوا ذلك الطريق‬
‫ووصلوا إىل اهلدف املنشود يف الربنامج‪ ،‬من أقوى األسباب الدافعة للطالب إىل حتقيق‬
‫النجاح والوصول إىل الغاية‪.‬‬
‫ويف كل هذه األهداف أيضا وضع للمسؤولية عىل كاهل األستاذ بأن يسلك أقرب‬
‫الطرق إليصال أولئك الطالب إىل هذا اهلدف‪ ،‬وإذا قصرّ بعض األساتذة يف ذلك أو‬
‫خفتت هبم اهلمة فإن ذلك سيظهر واضحا يف الطالب وال بد‪.‬‬

‫‪-349-‬‬
‫ثانيا‪ :‬اختيار األستاذ‪:‬‬
‫إن نجاح أية مؤسسة يف الدولة‪ ،‬سواء كانت عامة أم خاصة‪ ،‬ومهام كان اختصاصها‬ ‫ّ‬
‫وجمال عملها‪ ،‬مرتبط ارتبا ًطا وثي ًقا بنجاح العاملني فيها؛ فالنجاح فيها أو اإلخفاق‬
‫متع ّلق بأداء اإلداريني والعاملني فيها‪.‬‬
‫وللمدرسني أمهية كبرية يف نجاح الطالب أو إخفاقه‪ ،‬ويف ترغيبه يف العلم أو ترهيبه‬
‫منه وتنفريه‪ ،‬لذلك كان حرصنا عىل نجاح الطالب من الدوافع التي جتعلنا نفكر طويلاً‬
‫قبل اختيار املدرسني‪ ،‬وبعد اختيارهم نحرص أشد احلرص عىل أن تكون عالقة املدرس‬
‫بالطالب عالقة حمبة واحرتام متبادل‪ ،‬فنجاح االثنني يعني نجاح املؤسسة وإخفاق واحد‬
‫منهام يؤدي إىل إخفاق اآلخر‪ ،‬ومن ثم يؤدي بالرضورة إىل إخفاق املؤسسة بأرسها‪.‬‬
‫وملا كانت «‪ »ISAR‬مؤسسة تعليم ّية فإهنا كغريها من املؤسسات التعليمية قائمة عىل‬
‫املعادلة نفسها فقد أولينا الختيار املدرسني أمهية خاصة‪ ،‬ال ترىض غري الكفاءة شي ًئا يف‬
‫دخول املدرسني إىل هذه املؤسسة‪.‬‬
‫وعملية االختيار هي جمموعة اخلطوات والوسائل التي يتم بمقتضاها فحص‬
‫(‪)1‬‬
‫مؤهالت األفراد املرشحني وحتليلها هبدف انتقاء األجدر منهم ‪.‬‬
‫وجتري عملية االختيار وفق املراحل اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬إعالن يف مواقع التواصل االجتامعي وبني األصدقاء عن حاجتنا ملساعد مدرس‪،‬‬
‫وفق رشوط معينة‪.‬‬
‫‪ .2‬عدد املتقدمني جاوز ‪ 500‬طلب‪.‬‬
‫‪ .3‬اخرتنا منهم ‪ 100‬تقريبا وعقدنا مقابالت شخصية تستمر لكل متقدم حوايل‬
‫‪ 20‬دقيقة‪ ،‬نخترب فيها مهاراهتم اللغوية والتدريسية‪ ،‬وحتاول األسئلة أن ختترب قدراهتم‬
‫التدريسية ومهاراهتم يف ذلك أكثر من اختبارها لعلمهم بالنحو والرصف وعلوم اللغة‬
‫األخرى وإن مل ختل املقابلة من ذلك‪.‬‬
‫‪ .4‬اخرتنا من ال ‪ 100‬مقابلة‪ 13 ،‬أستاذا‪ ،‬رأينا أن دخوهلم ورشات عمل تدريبية‬
‫قد يفيدهم ويفيدنا‪.‬‬

‫‪ -1‬توصلنا إىل هذه الطريقة منذ حوايل سبع سنوات يف مركز قاصد لتعليم اللغات ‪-‬أيام كنت أشغل فيه مرشف برنامج‬
‫العربية الرتاثية‪ -‬بعد اجتامعات وعصف ذهني مطول مع زمييل الدكتور خالد أبو عمشة والدكتور حممد أبو شعلة‪ ،‬وقد‬
‫آتت هذه الطريقة أكلها يف كل مؤسسة طبقت فيها‪.‬‬

‫‪-350-‬‬
‫‪ .5‬عقدنا دورة تدريبية ملدة ‪ 12‬ساعة تدريبية جمانية يف (إيثار)‪ ،‬تدرب فيها األستاذ‬
‫عىل مهارات التدريس للعربية للناطقني بغريها‪ ،‬وكان أساتذة إيثار اخلرباء هم املدرسون‪،‬‬
‫فتعرض املتدربون لورشات عمل يف مداخل تعليم اللغة الثانية وطرق تدريس املستوى‬
‫املبتدئ وطرق تدريس املهارات األربعة‪ :‬القراءة والكتابة واملحادثة واالستامع‪ .‬ومعايري‬
‫األستاذ الناجح‪ ،‬وقد نتعرض يف بعض الورشات إىل املناهج املوجودة واملقارنة بينها‪،‬‬
‫وقد نتعرض إىل العربية ألغراض خاصة أو إىل طرق التقييم للطالب‪.‬‬
‫‪ .6‬عقدنا مقابالت مطولة بعد الدورة لكل أستاذ ‪ 45‬دقيقة يرشح فيها درسا أمام‬
‫جلنة التقييم‪.‬‬
‫‪ .7‬عقدت جلنة التقييم اجتامعا مطوال الختيار األسامء املرشحة بناء عىل مجلة أمور‪:‬‬
‫‪ -‬املهارة التدريسية‪.‬‬
‫‪ -‬العلم اللغوي‪.‬‬
‫‪ -‬اندماج الشخصية يف املؤسسة‪.‬‬
‫‪-‬قابلية التطور‪ ،‬وهذا يعرف بمدى استفادته من الدورة‪.‬‬
‫وبعد هذا كله فقد وقع االختيار عىل أستاذين كريمني فقط من مجيع من تقدم‪،‬‬
‫وأظهرت النتائج أهنام أظهرا متيزا واندفاعا قويا وتطورا ملحوظا يف السنة املاضية‪،‬‬
‫بل إهنام خالل أشهر قليلة أنجزا وعلام وبدآ املشاركة يف بعض الكتب النافعة يف تعليم‬
‫العربية وأظهرا متيزا يف ذلك‪.‬‬
‫والرؤية خلف ذلك هي‪:‬‬
‫هذه الطريقة أقرب طريقة احرتافية يف تعيني املدرسني يف هذا املجال؛ فهي ختتار‬
‫األفضل من بني املئات‪ ،‬العتبارات علمية أكاديمية رصفة‪ ،‬ليس فيها جمال للعالقات‬
‫الشخصية وال للمحسوبيات التي يعج هبا العامل اإلسالمي‪ ،‬وقد أثبتت هذه الطريقة‬
‫نجاعتها يف املؤسسات التي اعتمدهتا وأخذت هبا‪.‬‬
‫هذه الطريقة جتعل األستاذ املختار يمتلئ نشاطا وحيوية ومهة يف التعمق يف هذا‬
‫املجال‪ ،‬ال سيام وأنه يشعر باختياره من بني املئات‪ ،‬فواجبه كبري ومهمته عظيمة‪ ،‬وهو‬
‫شعور نفيس يف غاية األمهية لنجاح املؤسسة والعملية التعليمية‪.‬‬
‫هذه الطريقة توحد الفلسفة التدريسية‪ ،‬وتقرتب كثريا من «رؤية واحدة وشخصيات‬

‫‪-351-‬‬
‫خمتلفة»‪ ،‬بحيث إن األستاذ املختار يكون قد اقتبس كثريا من األفكار العامة األساسية‬
‫التي قيلت يف الدورة التدريبية‪ ،‬واقتبس كثريا من امللحوظات عىل درسه التجريبي‬
‫النهائي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التدريب والتطوير املستمران‪:‬‬
‫مع اعتقاد القائمني عىل الربنامج بأن الدورة التدريبية وطريقة اختيار املدرسني أثبتتا‬
‫نجاحا منقطع النظري إال أن هذه الدورة غري كافية لتأهيل األستاذ التأهيل التام املتميز‪،‬‬
‫فلجأت املؤسسة إىل مرشوع التدريب والتطوير الذي يشمل الربامج اآلتية‪:‬‬
‫برنامج الدورات التدريبية املتنوعة‪ :‬وهو عبارة عن ورشات عمل لتطوير التعليم‬
‫يقوم هبا أحد األساتذة اخلرباء من املؤسسة‪ ،‬أو يستدعى أستاذ خبري من خارج املؤسسة‬
‫لتبادل اخلربات وتطوير األساليب والتعرف عىل األفكار اجلديدة‪.‬‬
‫برنامج اإلرشاف‪ :‬حيث يرشف األستاذ اخلبري عىل األساتذة اجلدد من حيثيات‬
‫كثرية‪ :‬استشارات تدريسية‪ ،‬مشاكل إدارة الصف‪ ،‬مشاكل تقويم الطالب‪ ،‬وهبا يستفيد‬
‫اجلدد من اخلرباء استفادة واضحة‪.‬‬
‫االنغامس التدرييس يف اللقاء األسبوعي‪ :‬وهو اجتامع دوري أسبوعي يناقش فيه‬
‫األساتذة مشكالت الطالب والربنامج واحتياجاهتم‪ ،‬أو يناقشون بحثا علميا حمكام‬
‫يعرضه أحدهم ويناقشون أفكاره بغرض االستفادة والنقد‪ ،‬أو يعرض أحد األساتذة‬
‫جتربته يف تدريس موضوع أو نص معني ويطرح األفكار للمناقشة‪ ،‬أو يعرض أحد‬
‫األساتذة فكرة جديدة يراها صاحلة للخروج من نمطية التدريس فيتفاعل معها الباقون‪.‬‬
‫شعبة «دراسات العربية»‪ :‬وهي شعبة تابعة للربنامج هدفها اإلنتاج العلمي والبحثي‬
‫فيام يتعلق بتعليم العربية من كتب وأبحاث ومناهج‪ ،‬وقد أنجزت حتى اآلن‪:‬‬
‫مشكالت برامج تعليم العربية يف تركيا‪ ،‬د‪ .‬أمحد صنوبر‪.‬‬
‫سلسلة تقريب الكتب الرتاثية للناطقني بغري العربية (‪ :)1‬خمتارات من كليلة ودمنة‪،‬‬
‫مرتبة حسب املستويات‪ ،‬جمموعة من الباحثني‪.‬‬
‫املتالزمات اللفظية الشائعة‪ ،‬مرتبة حسب املستويات‪ ،‬عبد القادر خلف‪ ،‬وآخرون‪.‬‬
‫خمتارات من نصوص األدب العريب احلديث‪ ،‬للناطقني بغري العربية‪ ،‬معاجلة وفق‬
‫مداخل ثالثة‪ :‬النص‪ ،‬واملهمة‪ ،‬واملضمون‪.‬‬
‫األنشطة الالمنهجية التعاونية‪ :‬عبارة عن رحالت ولقاءات خارج املؤسسة يدعى‬

‫‪-352-‬‬
‫إليها األساتذة؛ تعميقا ألوارص التعاون والعمل بروح الفريق‪ ،‬وقد أثمرت هذه‬
‫الرحالت إثامرا كبريا يف روح الفريق العامل يف الربنامج‪ ،‬ويف دعم العملية التعليمية‬
‫يف املؤسسة‪.‬‬
‫والرؤية خلف ذلك كله‪ :‬انغامس األستاذ يف تعليم العربية بحيث يشغل وقته وجهده‬
‫هبذا املوضوع فرياه جزءا مهام من حياته ال عمال يكسب منه معاشه‪ ،‬هذا من جهة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن األستاذ اجلديد املتدرب ال يلبث أن يصري أستاذا خبريا يف مدة‬
‫ليست بالطويلة‪ ،‬فإن كل هذا االنغامس ال بد أن ينجز يف األساتذة املتميزين القابلني‬
‫للتطور مثل ذلك‪ ،‬وقد حدث هذا فعال‪ ،‬ففي ثالث سنوات انتقل أساتذة ثالثة من‬
‫مرحلة األستاذ اجلديد املتدرب إىل مرحلة املدرب املرشف‪ ،‬وكان هلم تدريب متميز يف‬
‫الدورة التدريبية األخرية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الطالب حمور العملية التعليمية‪:‬‬
‫أوىل الربنامج عناية كبرية بالطالب؛ فهو حمور العملية التعليمية عىل ما هو مستقر يف‬
‫النظريات احلديثة يف التعليم عموما‪ ،‬فمن تلك العناية‪:‬‬
‫العناية بتحديد مستوى الطالب الدقيق يف امتحان تصنيفي يشمل املهارات األربعة‪،‬‬
‫ليكون بعدها يف مكانه املناسب ومنهاجه املالئم‪.‬‬
‫والرؤية خلف ذلك‪ :‬أن حتديد مستوى الطالب ووضعه يف جمموعته املناسبة من أهم‬
‫ما يؤثر يف تقدمه يف اللغة؛ ذلك أن وجود طالب يف املستوى املتقدم األدنى مع طالب يف‬
‫املتوسط األدنى يف الفصل ذاته يضيع الوقت عىل اجلهتني وعىل األستاذ وجيعل التقدم‬
‫بطيئا‪ ،‬فإن من الرضوري عىل األستاذ حينها أن يقارب بينهام فيقف يف الوسط مما يؤدي‬
‫إىل عدم استفادة املتقدم؛ ألن عنرص التحدي مفقود‪ ،‬وعدم استفادة املتوسط الفائدة‬
‫املرجوة ألن بعض الدرس فوق مستواه!‬
‫العناية بتعريفه بالربنامج وبيان األهداف بوضوح وطريقة التدريس والنامذج‬
‫السابقة من الطالب املتميزين الذين خترجوا يف الربنامج‪ ،‬ممّا يغرس أثرا كبريا يف نفسه‪،‬‬
‫وقد مر تفصيل هذا املوضوع‪.‬‬
‫الرتكيز عىل تطوير مهارات الطالب يف املحادثة والقراءة واالستامع والكتابة فقط‬
‫يف املستوى املبتدئ دون التعرض لقواعد النحو والرصف بالطريقة الكالسيكية‪ ،‬بل‬
‫تدرس القواعد كرتاكيب وظيفية دون تفاصيل وإغراق‪.‬‬

‫‪-353-‬‬
‫والرؤية خلف ذلك‪ :‬أن التعرض األويل للغة ال بد أن تتجنب فيه القواعد النظرية‬
‫ويصار فيه إىل تدريب الطالب عىل اإلنتاج والتعامل يف املواقف السهلة القريبة‪،‬‬
‫فيستطيع التعريف بنفسه وإجابة أهم األسئلة عنه والسؤال عن األمور املختلفة‪ ،‬وفائدة‬
‫ذلك الرئيسية هي‪ :‬ثقة الطالب بنفسه وبدراسته‪ ،‬وأنه حقق يف عدد معني من الساعات‬
‫واألسابيع نقلة نوعية يف حياته‪ ،‬فيستمر يف االجتهاد بعد ذلك والتقدم‪.‬‬
‫أما إن أغرقنا عقل الطالب بالقواعد وتفصيالهتا بداية فإنه يستأنس لذلك ويبدأ‬
‫بالبحث عن تلك التفصيالت يف كل مجلة‪ ،‬والفهم أسهل عليه من اإلنتاج يف تعلم‬
‫اللغة‪ ،‬فسيبقى اإلنتاج عنده ضعيفا‪ ،‬ويسيل نفسه بفهمه للنصوص دون قدرته عىل‬
‫اإلنتاج ملثلها‪.‬‬
‫إعطاء الفصل األول أكرب عدد ساعات من الربنامج كله‪ ،‬فعادة ما يدرس الطالب‬
‫يف الفصل األول ما جمموعه ‪ 120‬ساعة‪ ،‬لتنخفض يف الفصل الثاين إىل ‪ 100‬ساعة‬
‫دراسية‪.‬‬
‫والرؤية خلف ذلك‪ :‬أن نجاح التجربة األوىل للطالب يف تعلم اللغة والتعرض‬
‫األويل هلا من أهم أسباب تقدمه واستمراره يف التعلم هلا‪ ،‬وإذا كانت مدة التعرض‬
‫األويل له طويلة (ثالث ساعات يف األسبوع مثال) فإن انتقاله للمستوى املتوسط‬
‫سيتأخر كثريا‪ ،‬فيشعر الطالب باإلحباط وعدم التقدم‪ ،‬مما يؤثر يف تعلمه برمته‪ ،‬لكنه إن‬
‫انغمس يف التجربة األوىل مع أساتذة متقنني للتدريس وعدد ساعات جيد أسبوعيا فإن‬
‫ذلك يؤهله للتقدم والثقة بنفسه وبالربنامج‪.‬‬
‫يفصل الربنامج بعد املستوى املبتدئ بني برنامج املهارات وبرنامج العلوم‪ :‬النحو‬
‫والرصف والوضع والبالغة‪ ،‬حيث تدرس تلك العلوم بلغة الطالب األم وبكتب تراثية‬
‫شهرية‪ ،‬متوارثة من التقليد العثامين‪ ،‬ويبقى تدريس املهارات األربعة عند األساتذة‬
‫العرب عىل طريقة املدخل التواصيل‪.‬‬
‫والرؤية خلف ذلك‪ :‬أن تدريس النحو والرصف بلغة الطالب األم يف املستوى‬
‫املتوسط يساعد الطالب كثريا يف فهم املادة العلمية امللقاة عليه ويف تطبيقها ‪-‬إذا كان‬
‫الدرس تطبيقيا ال نظريا فحسب‪ ،-‬ويسهل عىل األستاذ رشح املصطلحات واملفاهيم‬
‫والرتاكيب وحاالهتا املختلفة املتنوعة‪ ،‬هذا من جهة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن هدف برنامج املهارات هو املدخل التواصيل‪ ،‬وهدف برنامج‬

‫‪-354-‬‬
‫العلوم هو القراءة العميقة للنصوص الدينية الرتاثية الكالسيكية‪ ،‬فخلطهام يف برنامج‬
‫واحد قد يضعف الرؤية واملدخل اهلدف‪.‬‬
‫يركز الربنامج عىل وظيفة اخللق اللغوي دون احلفظ للنصوص العربية للطالب يف‬
‫هناية املستوى املبتدئ وبداية املستوى املتوسط وما بعد ذلك‪ ،‬ومشكلة حتفيظ النصوص‬
‫من أكرب العوائق يف تعلم العربية التي نراها يف تركيا؛ إذ يعمد كثري من األساتذة إىل‬
‫حتفيظ الطالب للنصوص ظانا بذلك أنه سيملك زمام العربية ويتمكن منها‪ ،‬واحلال‬
‫أن حيفظ دون قدرته عىل الترصف باجلمل وال بالفقرات وال بكثري من املفردات التي‬
‫درسها‪ ،‬فتجده عىل أتم االستعداد أن يتحدث هبذا النص حفظا يف ذلك املوقف فقط‪،‬‬
‫دون أن يصنع الفقرة املناسبة يف املوقف املناسب‪ ،‬وذلك ألن األستاذ كان قد دربه عىل‬
‫أسلوب احلفظ ال اخللق‪ ،‬ومن هنا فإن الربنامج ال يكاد يكثر عىل الطالب يف املستوى‬
‫املتوسط املفردات اللغوية العالية؛ ألن وظيفته األساسية هي اخللق اللغوي ملا تعلمه‬
‫وعرفه ودرسه‪ ،‬وإذا استمر يف هذه الوظيفة فإن العربية تتطور عنده لتصبح صناعة‬
‫العربية عنده أسهل بكثري مما لو بدأها بطريق احلفظ‪.‬‬
‫متابعة تطوره وحتقيقه ألهداف الربنامج شيئا فشيئا‪ ،‬ومن ثم تغيري املستوى بحسب‬
‫ذلك التطور حتى ال نقع يف مشكلة الفرق الكبري بني املستويات‪ ،‬وهنا دراسة هامة‬
‫بحثها األساتذة كثريا يف املؤسسة وهي‪ :‬هل من األفضل إبقاء الطالب يف صفه ولو كان‬
‫تطور زمالئه أفضل من تطوره وبدأ تراجعه يظهر وتقدم زمالئه يفوقه‪ ،‬أم ان األنسب‬
‫أن ينقل إىل صف يدرس فيه مع زمالء آخرين يف مستواه الذي تراجع إليه؟‬
‫أما اخليار األول ففائدته الواضحة هي يف عدم شعور الطالب بالفشل‪ ،‬وأنه مل حيقق‬
‫املطلوب منه فيعود ذلك بالضعف عليه يف العملية الدراسية برمتها‪.‬‬
‫لكننا نفضل اخليار الثاين من جهة الرؤية القائلة‪« :‬ال بد يف درس اللغة من السري عىل‬
‫سري األقوى من الطالب» ليبقى التفاعل والنشاط سيد املوقف يف القاعة التدريسية‪،‬‬
‫وبذلك يتقدم جمموعة من الطالب يف وقت قيايس تقدما هائال‪.‬‬
‫وعىل أي حال فثمة فرق بني فارق بسيط يف املستوى ال بد لألستاذ أن يتعامل معه يف‬
‫القاعة التدريسية‪ ،‬وفارق كبري ال يمكن لألستاذ حينها أن يعطي الدرس حقه‪ ،‬إن أعطى‬
‫هذا شيئا ظلم اآلخر‪.‬‬
‫تنويع أساليب التدريس عليه بحسب أحدث االجتاهات يف التدريس‪ :‬فقد اتبع‬

‫‪-355-‬‬
‫الربنامج طريقة التدريس املبني عىل املضمون مع جمموعات من الطالب يف املستوى‬
‫املتقدم‪ ،‬وطريقة التدريس املبني عىل املهمة يف املستويات املتوسطة‪ ،‬ومل تطبق حتى اآلن‬
‫طريقة الصف املقلوب لبعض التحديات التي ستذكر الحقا‪.‬‬
‫االنغامس اللغوي الثقايف يف بلد عريب عند وصول الطالب إىل املستوى املتقدم أو‬
‫مشارفه‪ ،‬وبذلك حيصل الطالب عىل اللغة من أهلها ويعيش بينهم ويشعر بثقته بنفسه‪،‬‬
‫وأنه كان قبل سنة ونصف تقريبا ال يستطيع أن يتحدث بجملة واحدة‪ ،‬واآلن يستطيع‬
‫أن يسمع حمارضة لذلك املثقف ويسأله أسئلة ويناقشه يف بعض املباحث‪.‬‬
‫والرؤية خلف ذلك‪ :‬أن انغامس الطالب اللغوي والثقايف خالل مرحلة املستوى‬
‫املبتدئ واملستوى املتوسط ال يعطي النتاج املرجو منه‪ ،‬بخالف ما إذا وصل الطالب‬
‫إىل املستوى املتقدم أو شارف عىل ذلك‪ ،‬فإن اندماجه يف املجتمع واللغة يكون أسهل‬
‫وتطوره بذلك يكون أرسع‪.‬‬
‫وأرضب عىل ذلك مثاال بسيطا‪ :‬لو سافر طالب تركي إىل األردن وال يزال يف املستوى‬
‫املبتدئ أي إن إنتاجه عادة عىل مستوى املفردة والتعبري وقد يصل أحيانا إىل مستوى‬
‫اجلملة فإن استفادته ممن حوله من الناس‪« :‬سائق سيارة األجرة وبائع البقالة ومالك‬
‫البيت» تكون أقل بكثري من الطالب الذي شارف عىل الوصول إىل املستوى املتقدم‬
‫مثال‪ ،‬فكل حمادثة يف سيارة األجرة هي ممارسة للعربية‪ ،‬وكل لقاء مع مالك البيت الذي‬
‫استأجره فرصة ذهبية إلنتاج ما تعلم من اللغة‪ ،‬وتطبيق ذلك يف هذا املوقف‪ ،‬وهلم جرا‪.‬‬
‫كتابة بحث علمي اجتامعي‪ :‬ويمكن أن يعرب عنه بـ«مرشوع التخرج» من برنامج‬
‫العربية يف املؤسسة‪ ،‬بحيث يكتب هذا البحث يف البلد العريب الذي يقيم فيه‪ ،‬ويكون‬
‫بحثا ذا إشكالية واضحة ملزما للطالب بالرجوع إىل املثقفني والباحثني وعموم الناس‪،‬‬
‫سواء عن طريق استبيان أم مقابالت شخصية وما إىل ذلك‪.‬‬
‫ويعرض هذا البحث يف ندوة علمية سنوية تقام يف إسطنبول حيرضها األساتذة‬
‫والباحثون واملهتمون‪.‬‬
‫والرؤية خلف ذلك‪ :‬أن عدم اختالط الطالب املقيم يف بلد عريب بأهله وعدم‬
‫التعرف عىل مشكالته وقضاياه‪ ،‬أشبه ما يكون بإقامته يف بلده األصيل ودراسته للعربية‬
‫هناك‪ ،‬ولذلك فإن الربنامج حريص كل احلرص عىل إنجاز الطالب هذا البحث العلمي‬
‫واختالطه بالباحثني واملتخصصني وعموم الناس وإلقاء بحثه يف إسطنبول‪.‬‬

‫‪-356-‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬العقبات التي تواجه الربنامج‪:‬‬
‫أعرض هنا لبعض العقبات التي تواجه الربنامج عموما‪ ،‬ولعل أمهها قضية املنهاج‪،‬‬
‫وقضية الدراسة يف بلد الطالب األصيل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬املنهاج املالئم‪:‬‬
‫لعل التحدي األبرز يف مجيع املؤسسات الرتكية ‪-‬بعد اختيار األستاذ‪ -‬هو عدم‬
‫وجود منهاج مالئم يتوافق مع الطالب األتراك‪ ،‬ثقافة ولغة واحتياجات؛ ذلك أن أكثر‬
‫املناهج املدرسة يف املؤسسات الرتكية واجلامعات مستوردة من اخلارج‪ ،‬وليس فيها ما‬
‫كتب لألتراك بخصوصهم‪ ،‬بل لن جتد دراسة بحثية واحدة تتعلق باحتياجات الطالب‬
‫الرتكي التي يمكن بناء املناهج وفقها‪ ،‬ولن جتد مناهج تستثمر الكم اهلائل من املفردات‬
‫العربية يف اللغة العثامنية أو الرتكية فضال عن استثامر الثقافة املشرتكة والعادات والتقاليد‬
‫املألوفة بني الشعبني يف صناعة املناهج‪.‬‬
‫وحل هذه العقبة الكؤود ليس باهلني‪ ،‬بل حيتاج إىل مؤسسة قوية راعية ملثل هذا‬
‫املنهاج تقوم عليه وتعطيه حقه من التأليف والصناعة بحيث يكون مرجعا أساسا يف‬
‫هذا املوضوع‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬دراسة الطالب يف بلده األصيل‪:‬‬
‫ذلك أن فرقا واضحا كبريا بني أن يدرس الطالب اللغة الثانية يف بلده الذي ال خيتلط‬
‫فيه مع أبناء اللغة‪ ،‬وتكثر فيه انشغاالته وعالقاته ومهامه‪ ،‬وبني أن يدرس هذه اللغة يف‬
‫بلدها األصيل؛ إذ يتفرغ لذلك ويكون مهه ومقصده واضحا ومجيع الوسائل تتجه إىل‬
‫حتقيق ذلك املقصد‪.‬‬
‫ومن هنا فإن بعض األساليب التدريسية التي قد تنتهج يف املؤسسات العربية من‬
‫الصعب إعامهلا يف مؤسسات يف البلد األصيل للطالب‪.‬‬
‫ومن املشكالت يف مؤسسة إسطنبول للتعليم واألبحاث أن الطالب غري متفرغ‬
‫أساسا للربنامج‪ ،‬فهو طالب يف اجلامعة صباحا‪ ،‬ويأيت إىل املؤسسة مساء مثقال بأعباء‬
‫الدراسة يف اجلامعة ووظائفها فضال عن عالقاته ومهامته‪ ،‬مما يصعب عليه وعىل أساتذته‬
‫تكليفه بواجبات طالب ليس له شغل إال دراسة العربية ولو يف غري بالدها‪.‬‬

‫‪-357-‬‬
‫اخلامتة‬
‫يمكن أن يقال‪ :‬إن ما مر هو جمرد جتربة حاولت أن تستبني طريقها من خربة عملية‬
‫ونظرية سابقة‪ ،‬وال تدعي هذه التجربة الكامل لكنها اجتهدت يف جماهلا وحاولت‪ ،‬وما‬
‫زالت حتتاج إىل أسس نظرية وعملية‪ ،‬وهدف ذكرها هنا هو مشاركتها مع اآلخرين‪،‬‬
‫لعلها تفيد وتستفيد من النقد والبحث واملناقشة‪.‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‬

‫‪-358-‬‬
‫م�شكالت تعليم اللغة العربية لغري الناطقني بها‪:‬كليات‬
‫أمنوذجا «قلب ال�صف هو احلل»‬
‫ً‬ ‫الإلهيات يف تركيا �‬
‫أ‪.‬عيل عبد الواحد عبد احلميد‬
‫حمارض يف قسم اللغة العربية بجامعة جوموشهانة‬

‫يواجه تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا عديدً ا من املشكالت والصعوبات التي‬
‫قد تؤثر يف نجاح العملية التعليمية ولذلك ال بد من رصد تلك املشكالت‪ ،‬ثم البحث‬
‫عن طرق غري تقليدية تناسب روح العرص‪ ،‬ولقد «أسهمت‪ ‬تكنولوجيا املعلومات‬
‫واالتصاالت احلديثة بتطوير وتغيري التعليم احلديث وظهور أساليب وطرق تعليمية‬
‫مؤخرا يف التعليم وهو‬
‫ً‬ ‫مبتكرة قائمة عىل أدوات التقنية املتنوعة‪ ،‬من أبرزها مفهوم انترش‬
‫الصف املقلوب أو املنعكس (‪ )Flipped Classroom‬وهو شكل من أشكال التعليم‬
‫املدمج الذي يوظف التقنية احلديثة بذكاء لتقديم تعليم يتناسب مع متطلبات الطالب‬
‫(‪)1‬‬
‫يف عرصنا احلايل‪.‬‬
‫وتتمحور مشكلة البحث يف اإلجابة عن سؤالني رئيسني مها‪:‬‬
‫ما املشكالت والصعوبات التي تواجه تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا خاص ًة‬
‫يف كليات اإلهليات يف تركيا؟‬
‫كيف يمكن توظيف إسرتاتيجية «الصف املقلوب» أو ما يعرف باسم (‪flipped‬‬
‫‪ )classroom‬يف حل أغلب هذه املشكالت؟‬

‫‪( -1‬الصف املقلوب)‪ ،‬نورة صالح الذويخ‪ ،‬جملة املعرفة‪ ،‬بتاريخ ‪. 2014/10/30‬‬

‫‪-359-‬‬
‫أمهية البحث‪:‬‬
‫تنبع أمهية هذا البحث يف الناحيتني النظرية والتطبيقية من كونه‪:‬‬
‫إضافة جديدة للمعرفة اإلنسانية حيث ستُعرف به طريقة استخدام إسرتاتيجية‬
‫الصف املقلوب يف حل مشكالت تعليم اللغة العربية عام ًة ويف كليات اإلهليات خاص ًة‪.‬‬
‫يفيد املسؤولني يف كليات اإلهليات وغريها من مؤسسات تعليم اللغة العربية لغ ًة‬
‫أجنبية بأحدث طرائق تدريس اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪.‬‬
‫يفيد هذا البحث املعلمني بطريقة تطبيق إسرتاتيجية حديثة يف جمال تعلم اللغة‬
‫العربية للناطقني بغريها‪.‬‬
‫كام يفتح الباب أمام الباحثني إلجراء أبحاث جتريبية حول أثر هذه اإلسرتاتيجية يف‬
‫حل مشكالت تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪.‬‬
‫مصطلحات البحث‪:‬‬
‫كليات اإلهليات‪ :‬إحدى الكليات احلكومية يف تركيا تعرف أيضا باسم كلية أصول‬
‫ُدرس فيها اللغة‬
‫الدين أو كلية العلوم اإلسالمية مدة الدراسة فيها مخس سنوات ‪ ،‬ت َّ‬
‫العربية ماد ٌة أساسية يف السنة األوىل التحضريية‪.‬‬
‫الصف املقلوب‪ :‬إسرتاتيجية تعليمية جديدة تقوم عىل قلب مهام التعلم بني الفصل‬
‫والبيت‪ ،‬بحيث يقوم املعلم باستثامر التقنيات احلديثة واإلنرتنت يف تسجيل رشح‬
‫الدرس عىل رشيط مرئي (فيديو)‪ ،‬ي ّط ِلع عليه الطالب يف املنزل(‪ ،)1‬ومن ثم استثامر وقت‬
‫الدرس يف تطبيق ما تعلمه عمليا وحل واجباته أمام معلمه التي كانت من مهام البيت‪.‬‬
‫منهج البحث‪ :‬يعتمد هذا البحث عىل املنهج الوصفي ملناسبته ملوضوع البحث‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬املشكالت والصعوبات التي تواجه تعليم اللغة العربية يف‬
‫تركيا خاص ًة يف كليات اإلهليات كام ذكرنا آن ًفا عىل مستوى عنارص العملية‬
‫التعليمية األربعة‪:‬‬
‫تواجه عملية تعلم اللغات األجنبية عام ًة عديدً ا من املشكالت والصعوبات‪،‬‬
‫وبالنظر إىل واقع تعليم اللغة العربية لغ ًة أجنبية يف تركيا خاصة يف كليات اإلهليات نجد‬

‫‪1- (The Flipped Classroom)، Bill Tucker، education next، winter 2012، p82.‬‬

‫‪-360-‬‬
‫عديدً ا من املشكالت والصعوبات سواء كانت نامجة عن أسباب متعلقة بطبيعة اللغة‬
‫العربية أم املعلم أم املتعلم أم املنهج أم البيئة التعليمية ذاهتا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬املشكالت والصعوبات املتعلقة بطبيعة اللغة‪:‬‬
‫ختتلف صعوبة تعلم اللغات األجنبية حسب طبيعة اللغة املتعلمة من حيث مشاهبتها‬
‫أو اختالفها للغة الدارس األصلية يف الصوت و طريقة الكتابة وبناء اجلملة‪ ،‬فتتنوع‬
‫املشكالت ما بني مشكالت صوتية ونحوية وكتابية وغريها‪.‬‬
‫املشكالت الصوتية‪:‬‬
‫حتتوي اللغة العربية عىل عدد من األصوات اللغوية اخلاصة املختلفة يف املخرج والصفة‬
‫غري املوجودة يف اللغة الرتكية والعكس صحيح «وقد يؤدي نقل األنظمة الصوتية من‬
‫اللغة األصلية أثناء تعلم لغة أجنبية دورا سلب ًّيا يف الوقوع فـي أخطـاء صوتية»‪ )1(.‬وقد‬
‫أشار روبرت الدو إىل سبب ذلك بقوله‪« :‬إننا عندما نتعلم لغة أجنبية نميل إىل نقل نظام‬
‫لغتنا بكامله إىل اللغة األجنبية‪ ،‬فننقل إليها فونيامت لغتنا وبدائلها الصوتية‪ ،‬وننقل النرب‬
‫(‪)2‬‬
‫وأنامط اإليقاع والوقف وأنامط التنغيم وتفاعلها مع الفونيامت األخرى»‪.‬‬
‫وال شك أن للعربية نظاما صوتيا خاصا خيتلف عن النظام الصويت يف الرتكية فنجد‬
‫مثال أن الطالب األتراك من متعلمي اللغة العربية خيطئون يف نطق صوت الواو والضمة‬
‫يف العربية متأثرين باألصوات الرتكية (‪.) u-ü-o-ö‬‬
‫يواجه األتراك صعوبة يف نطق أصوات اإلطباق يف اللغة العربية (ص‪ ،‬ض‪ ،‬ط‪ ،‬ظ)‬
‫فكثريا ما يقلبون الصاد إىل سني والضاد إىل دال والطاء إىل تاء والظاء إىل زاي‬
‫ً‬
‫وهناك مشكالت أخرى يف نطق األصوات احللقية والتمييز بينها كاخللط بني اهلمزة‬
‫واهلاء والعني واحلاء والغني واخلاء‪.‬‬
‫وبالنظر إىل مجيع األحرف التي خيطئ فيها األتراك فإننا نالحظ أهنا أحرف غري‬
‫(‪)3‬‬
‫موجودة يف اللغة الرتكية‪ ،‬هذا أوالً‪ ،‬وثاني ًا فإن هذه احلروف يف األساس خمرجها صعب‬

‫‪« -1‬األصوات اللغوية يف الرتكية والعربية‪ :‬دراسة تقابلية» أمر اهلل إيشلر‪ ،‬جملة جامعة امللك سعود‪ ،2004 ،‬جملد ‪.16‬‬
‫‪« -2‬التقابل اللغوي وحتليل األخطاء» تعريب‪ ‬د حممود إسامعيل صيني‪ ،‬إسحاق حممد األمني‪ ،‬جامعة امللك سعود‪،‬‬
‫‪ ،1979‬صـ ‪.16‬‬
‫‪« -3‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات»‪ ،‬أمحد دياب‪ ،‬جامعة غازي الرتكية‪ ،2012 ،‬صـ‪.21‬‬

‫‪-361-‬‬
‫املشكالت النحوية‪:‬‬
‫خيتلف بناء اجلملة يف اللغة العربية عنه يف اللغة الرتكية اختال ًفا ملحو ًظا فاجلملة يف‬
‫اللغة الرتكية هلا نظام ثابت إىل حد كبري؛ فالفاعل يأيت يف بداية اجلملة ويتأخر الفعل إىل‬
‫كثريا يف اللغة العربية فكل من اجلملة االسمية والفعلية‬ ‫أن احلال خيتلف ً‬ ‫هنايتها عىل حني ّ‬
‫خيتلف ترتيب مكوناهتا باختالف األغراض البالغية يف اللغة العربية من تقديم وتأخري‬
‫وذكر وحذف؛ فاخلرب قد يتقدم عىل املبتدأ والفعل قد يسبق الفاعل أو يأيت بعده‪ ،‬وهذا‬
‫االختالف جيعل الطالب يف حرية من أمرهم مما يتسبب يف وقوعهم يف أخطاء كثرية يف‬
‫بناء اجلملة‪ ،‬مما يشكل صعوبة كبرية ملتعلمي العربية عام ًة واألتراك خاص ًة؛ بسبب تعدد‬
‫القواعد املنظمة لتلك التغريات‪ ،‬وعدم وجود مثيالت هلا يف لغتهم األم‪.‬‬
‫ومن تلك الظواهر النحوية التي ختتلف يف اللغة العربية عن اللغة الرتكية ُم َش ِّك َل ًة‬
‫صعوبة يف تعلمها نذكر منها عىل سبيل املثال‪:‬‬
‫التعريف والتنكري‪:‬‬
‫تبدأ صعوبات التعريف والتنكري مع الطالب األتراك من كون وجود أداة للتعريف‬
‫يف اللغة العربية (الـ) عىل حني عدم وجود مقابل هلا يف الرتكية؛ فالكلمة املجردة يف‬
‫الرتكية يف ذاهتا معرفة فمثال (البيت) فيقابلها يف الرتكية (‪ )ev‬و(الكتاب) يقابلها‬
‫(‪ ،)kitab‬ويف حني عدم وجود أداة للتنكري يف العربية نجد هلا أداة يف الرتكية (‪ )bir‬فمثال‬
‫(كتاب) يقابلها (‪ ،)bir kitab‬مما يسبب خلطا يف االستخدام عند الطالب‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫مشكلة أخرى صوتية يف نطق أداة التعريف (الـ) يف العربية‪ ،‬وهي املتعلقة بكون الالم‬
‫شمسية (فال تنطق مع تشديد احلرف الذي يليها) أم قمرية (فتنطق)‪ ،‬ناهيك عن تنوع‬
‫طرق التعريف يف العربية فهي ال تقترص عىل استعامل (الـ) فهناك التعريف باإلضافة‬
‫واملعرف بالعلمية‪.‬‬
‫تغيرُّ أواخر الكلامت‪:‬‬
‫وجرا‬
‫فأواخر الكلامت يف العربية ختتلف باختالف موقعها اإلعرايب رف ًعا ونص ًبا ًّ‬
‫وجز ًما‪ ،‬وهذا التغري أحيانا يكون باحلركات‪ ،‬وأحيانا أخرى يكون باحلروف‪ ،‬كام يف‬
‫األسامء الستة أو بالذكر واحلذف كام يف األفعال اخلمسة إىل غري ذلك‪.‬‬

‫‪-362-‬‬
‫التذكري والتأنيث‪:‬‬
‫تتميز اللغة العربية عن كثري من اللغات األخرى بالتفريق بني املذكر واملؤنث إال أن‬
‫التفريق بني املذكر واملؤنث ال خيضع لقاعدة ثابتة بل قواعد متعددة يتخللها جمموعة‬
‫من احلاالت الشاذة‪ ،‬وتتنوع أنواع املؤنث؛ فمنها‪ :‬مؤنث حقيقي وآخر جمازي ومؤنث‬
‫لفظي وآخر معنوي‪ ،‬ويؤدي هذا االختالف والتنوع إىل صعوبات كثرية تواجه الطالب‬
‫األتراك؛ إذ إهنم مل يعهدوا هذا التفريق بني املذكر واملؤنث يف لغتهم الرتكية أصلاً ‪ ،‬ويظهر‬
‫هذا جل ًّيا يف اجلملة فأكثرهم ال يطابق بني الفعل والفاعل‪ ،‬والصفة واملوصوف‪ ،‬واملبتدأ‬
‫واخلرب‪ ،‬إىل غري ذلك من أحوال يلزم فيها املطابقة يف التذكري والتأنيث بني اجلزأين يف‬
‫اجلملة العربية‪.‬‬
‫التثنية‪:‬‬
‫التثنية يف اللغة العربية هلا قاعدة واضحة بإضافة (ان ‪ /‬ين) إال أن املشكلة تكمن يف‬
‫عدم وجود نظام مماثل للتثنية يف اللغة الرتكية التي ال تعرف إال اإلفراد واجلمع فقط‪،‬‬
‫بينام يعرب عن املثنى بإضافة كلمة (‪ )iki‬قبل االسم املراد تثنيته ومعناه (اثنان) فمثال‬
‫إذا أردت أن تقول كتابني تقول‪ )iki kitab ( :‬وترمجتها احلرفية (اثنان كتاب)‪ ،‬وهذا‬
‫االختالف بني النظامني اللغويني يف العربية والرتكية جيعل الطالب يقعون يف أخطاء‬
‫كثرية هبذا الشكل‪ ،‬والسبب يف ذلك كام ذكر روبرت الدو أن «الدارس يميل إىل نقل‬
‫(‪)1‬‬
‫عادات البنية اللغوية من لغته األصلية إىل اللغة األجنبية»‬
‫اجلمع‪:‬‬
‫اجلمع يف اللغة الرتكية يكون بإضافة (‪ )lar / ler‬ذلك وفق قاعدة صوتية واضحة‬
‫باستثناء بعض الكلامت الدخيلة عىل اللغة الرتكية‪ ،‬أما اجلمع يف اللغة العربية فيندرج‬
‫حتته ثالثة أنواع أساسية هي مجع املذكر السامل ومجع املؤنث السامل خيضعان لقواعد ثابتة‬
‫إال أن هلا بعض االستثناءات‪ ،‬ومجع التكسري ال حتكمه قواعد ثابتة مما جيعل الطالب‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫عاجزا عن استخدام اجلمع استخدا ًما‬
‫ً‬

‫‪ -1‬التقابل اللغوي وحتليل األخطاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صـ ‪.40‬‬

‫‪-363-‬‬
‫املضاف واملضاف إليه‪:‬‬
‫املضاف واملضاف إليه شأهنام شأن الصفة واملوصوف فاملضاف إليه يأيت بعد املضاف‬
‫فمثال (كتاب الطالب) يقابلها يف الرتكية (‪ )Öğrenci Kitabı‬وهذا الرتتيب عكس‬
‫العربية متاما فإذا أراد الطالب أن يقول (كتاب الطالب) فيقول ( الطالب الكتاب)‬
‫ويتعلق باملضاف واملضاف إليه مشكلة أخرى ترتبط بالتعريف والتنكري فنجد الطالب‬
‫يعرف املضاف باأللف والالم فيقول ( الكتاب الطالب) أو ( الكتايب)‪.‬‬
‫نظام األعداد‪:‬‬
‫نظام األعداد يف اللغة العربية معقد إىل درجة كبرية مقارنة باللغة الرتكية وغريها‬
‫من اللغات؛ فليس هناك قاعدة واحدة مطردة لألعداد فنجد أن األعداد (‪ )1،2‬هلام‬
‫قاعدة واألعداد (‪ )10-3‬وهلا قاعدة ثانية واألعداد املركبة هلا قاعدة‪ ،‬وألفاظ العقود هلا‬
‫قاعدة وهكذا كل هذه االختالفات باإلضافة إىل املعدود وما حيدث بسببه من تغريات‬
‫يف التذكري والتأنيث واإلفراد واجلمع مما يشكل عقبة أمام الطالب‪.‬‬
‫حروف املعاين‪:‬‬
‫تبلغ حروف املعاين يف العربية نحو مخسني حر ًفا وظيفتها ربط األسامء باألفعال‬
‫واألسامء باألسامء‪ ،‬وتكمن صعوبتها يف أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬اختالف معنى اجلملة الواحدة باختالف احلرف الرابط فيها مثال ذلك‬
‫خرجت إىل زيد‪ ،‬وخرجت عىل زيد‪ ،‬ونحو ذلك‪ .‬فالفعل (خرج) واالسم (زيد) يف‬
‫اجلملتني‪ ،‬لكن اختلف املعنى باختالف احلروف الرابطة يف اجلملة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معان خمتلفة؛ فمثال تأيت (عىل) لالستعالء‬ ‫الثاين‪ :‬أن احلرف الواحد قد يكون له‬
‫واملصاحبة‪ ،‬و(قد) للتحقيق وللتقليل وللتوقع‪ ،‬و(حتى) تقع حرف جر لالنتهاء‪،‬‬
‫وحرف عطف للغاية‪ ،‬وحرف ابتداء‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬وبعض احلروف تستعمل أسام ًء‬
‫بالرسم نفسه فمثال (ما) تستعمل حرف نفي‪ ،‬وزائدة‪ ،‬وكافة عن العمل‪ ،‬ومصدرية‪،‬‬
‫بينام تستعمل اسم استفهام‪ ،‬وموصول‪ ،‬وهذا كله حيتاج من الطالب إىل كثرة ٍ‬
‫مران حتى‬
‫يألف هذه االستخدامات‪.‬‬

‫‪-364-‬‬
‫تغري الداللة يف الكلامت الرتكية العربية األصل‪:‬‬
‫ثمة عدد كبري من املفردات العربية ال تزال مستخدمة يف اللغة الرتكية حتى اليوم‪،‬‬
‫كبريا من‬‫واملتأمل يف تلك الكلامت املقرتضة وداللتها يف اللغة العربية يالحظ أن عد ًدا ً‬
‫املفردات قد احتفظ بمعناه العريب متا ًما باستثناء صياغته يف القالب الرتكي لبناء اجلملة‬
‫فمثال (كتاب) يف العربية تقابل (‪.)Bir Kitab‬‬
‫كام أن عديدً ا من املصادر العربية تستعمل أفعالاً يف اللغة الرتكية باستعامهلا مع أفعال‬
‫مساعدة فمثال (‪ )Tahammül Etmek‬بمعنى حتمل يتحمل و(‪ )Tahammül‬أي تحَ َ ُّمل‬
‫بنفس املعنى العريب‪.‬‬
‫لبسا يف استخدام‬ ‫إال أن بعض الكلامت قد تغريت داللتها إما جزئ ًّيا أو كليا مما يسبب ً‬
‫الطالب هلا يف العربية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫بعض الكلامت موجودة بصيغة اجلمع العربية يف الرتكية إال أهنا تدل عىل املفرد مثل‬
‫( تجُ َّ ار ‪ )Tüccar‬بمعنى تاجر يف الرتكية‪.‬‬
‫بعض الكلامت العربية األصل احتفظت بجزء فقط من أصل معناها العريب فمثال‬
‫كلمة (جزاء) يف العربية قد تكون بمعنى الثواب أو العقاب‪ ،‬أما يف الرتكية فالكلمة‬
‫نفسها موجودة (‪ )Ceza‬إال أهنا تدل عىل اجلزاء فقط‪.‬‬
‫بعض الكلامت العربية األصل تغريت داللتها متا ًما يف الرتكية عن املعنى العريب‬
‫فمثال كلمة (قفا) يف العربية تعني‪ :‬مؤخرة العنق يف حني أهنا يف الرتكية بنفس اللفظ‬
‫العريب (‪ )Kafa‬لكنها تعني‪ :‬الرأس‪ ،‬مثال آخر كلمة ( ُمساعدة) يف العربية تعني تقديم‬
‫املعونة أما يف الرتكية (‪ )Müsaade‬فتعني اإل ْذن‪.‬‬
‫مشكالت الكتابة‪:‬‬
‫تواجه الطالب األتراك مشاكل متعددة يف تعلم النظام الكتايب للغة العربية بداية من‬
‫احلروف األبجدية ورسمها؛ فمعلوم أن الرتكية احلديثة تكتب بحروف التينية لذلك‬
‫فالرسم العريب غريب عىل كثري من الطالب هناك نقاط أخرى تسبب مشكالت يف‬
‫الكتابة نرصد أمهها فيام يأيت‪:‬‬
‫اجتاه الكتابة من اليمني إىل الشامل يف العربية بعكس اجتاه الكتابة الرتكية مما يسبب‬
‫بط ًئا وصعوب ًة خاصة يف للمبتدئني حتى خيرجوا من قيد عادهتم يف الكتابة يف لغتهم من‬

‫‪-365-‬‬
‫كثريا من الطالب يف مستويات متقدمة يبدأ الكتابة‬‫الشامل إىل اليمني‪ ،‬وإن كنا نالحظ ً‬
‫يف دفرته من الشامل إىل اليمني بسبب تأثره بلغته األم‪.‬‬
‫اخللط بني احلركات القصرية والطويلة يف الكتابة فنجد كثريا من الطالب يكتب َق َلم‬
‫(كتَب) وهكذا‪.‬‬ ‫(قامل) أو يكتب ِكتَاب ِ‬
‫اخللط يف رسم احلروف املتشاهبة يف الرسم مثل (ج‪،‬ح‪،‬خ)‪.‬‬
‫صعوبة التأقلم مع التغريات الكثرية لرسم احلرف حسب موضعه يف الكلمة (جـ‪،‬‬
‫ـجـ‪ ،‬ـج‪ ،‬ج)‪.‬‬
‫رسم اهلمزة وتنوعه بحسب موضعها يف الكلمة وحركتها وحركة ما قبلها (أ‪ ،‬إ‪ ،‬ا‪،‬‬
‫ؤ‪ ،‬ئـ‪ ،‬ئ‪ ،،‬ء)‪.‬‬
‫اخللط بني التاء املفتوحة والتاء املربوطة واهلاء‪.‬‬
‫اخللط بني األلف املقصورة والياء‪.‬‬
‫اخللط بني النون والتنوين يف آخر الكلامت‪.‬‬
‫إبدال بعض احلروف املتشابه يف الصوت يف الكتابة مثل (ت‪،‬ط ‪ -‬ك‪،‬ق‪ -‬س‪،‬ص)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املشكالت والصعوبات املتعلقة باملعلم‪:‬‬
‫للمعلم دور عظيم يف العملية التعليمية ودوره يفوق دور املنهج فاملعلم هو من‬
‫يدرس املنهج‪ ،‬ولو كان هناك قصور يف املنهج فاملعلم الناجح يعوض ذلك القصور‪،‬‬
‫لذلك كان ال بد من االهتامم باملعلم وإعداده مهنيا وتربويا‪.‬‬
‫ورغم ما يبذل من جهود لالرتقاء بمعلمي العربية يف تركيا لغويا ومهنيا وتربويا إال‬
‫أن عد ًدا من املشكالت تقف حجر عثرة يف طريق تعليم اللغة العربية يف تركيا وخاصة‬
‫يف كليات اإلهليات من أبرزها‪:‬‬
‫اعتقاد عدد من املعلمني أن دورهم يقترص عىل تلقني الطالب داخل الصف الدرايس‬
‫وحسب‪ ،‬واحلقيقة أن دور املعلم يتعدى كونه ملقنا إىل كونه موجها ومرشدا ومصححا‪.‬‬
‫اتباع بعض املعلمني أسلو ًبا واحدً ا يف التدريس دون تغيري أو جتديد‪ :‬هذا الوضع‬
‫(‪)1‬‬
‫يدخل امللل إىل نفوس التالميذ ونفس املعلم عىل حد سواء‪.‬‬
‫من أخطر املشكالت املتعلقة هبذا األمر هو غياب التخصص فليس كل من يعرف‬

‫‪» -1‬إضاءات ملعلمي العربية لغري الناطقني»‪ ،‬د‪ .‬عبد الرمحن بن إبراهيم الفوزان‪ ،‬العربية للجميع‪1431،‬هـ‪ ،‬صـ ‪.25‬‬

‫‪-366-‬‬
‫قادرا عىل تعليمها للطالب بل ليس كل عريب مؤهلاً لتعليم العربية وهذه‬ ‫العربية ً‬
‫مشكلة كبرية ال بد من مراعاهتا(‪ ،)1‬فإذا كان هذا حال العريب فام بالك بغري العريب فال‬
‫بد من البحث عن معلمني َأكْفاء متخصصني يف تعليم العربية لغري الناطقني هبا أو عىل‬
‫األقل عندهم القدرة عىل تعليمها لغريهم‪.‬‬
‫استخدام املعلم اللغة الرتكية لغ ًة وسيطة بينه وبني الطالب مما يفقده القدوة والقدرة‬
‫عىل التأثري يف طالبه ويؤكد لدهيم الشعور بأن اللغة صعبة‪ ،‬وال يمكن تعلمها فيهدم‬
‫املحرض فإن مل يأت من املعلم الفعل‬‫بنفسه ما يبنيه يف الوقت نفسه؛ «فاملعلم يقوم مقام ِّ‬
‫فال يمكن أن يستجيب الطالب برد فعل مماثل‪ .‬فمبادرة التكلم بالعربية أثناء الدرس‬
‫(‪)2‬‬
‫جيب أن يقوم هبا املعلم حتى جيرب الطالب عىل التكلم معه بالعربية»‪.‬‬
‫اعتامد املعلم عىل الطرق التقليدية القديمة «إن معلمي العربية يف كليات الرشيعة ما‬
‫زالوا حيتفظون ببعض اآلثار املتبقية منذ القدم يف تعليم العربية‪ ،‬فهو يعتمد عىل النحو‬
‫والرصف والقواعد األساسية يف عملية احلفظ؛ فاملعلم ال هيمه أن يتعلم الطالب اللغة‬
‫عىل حقيقتها‪ ،‬وما هيمه هو تعليم القواعد النحوية والرصفية‪ .‬ويعللون ذلك أنه يساعد‬
‫(‪)3‬‬
‫يف فهم القرآن والسنة‪».‬‬
‫عدم إملام املعلمني بعلم اللغة التطبيقي ومتابعة آخر مستجداته وتطبيقاته يف‬
‫تعليم اللغات فأغلب معلمي العربية لغري الناطقني هبا يف اخلارج ليس عندهم علم‬
‫كاف بأصول تعليم اللغات األجنبية‪ ،‬والسبب يف ذلك كام يذكر الدكتور عبد الرمحن‬ ‫ٍ‬
‫الفوزان(‪:)4‬‬
‫أ ‪ -‬جهل بعضهم هبذا العلم احلديث مما أدى إىل عدم االرتياح إليه‪ ،‬والناس أعداء‬
‫ما جهلوا‪ ،‬والعلم باليشء فرع عن تصوره‪.‬‬
‫ب ‪ -‬نفور بعضهم من كل جديد‪ ،‬والوقوف يف وجهه دون متييز بني ما هو نافع وما‬
‫هو ضار‪.‬‬

‫‪« -1‬نظرة عىل تعليم اللغة العربية يف تركيا»‪ ،‬عيل عبد الواحد عبد احلميد‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة لورشة عمل نظمتها كلية‬
‫اإلهليات جامعة نجم الدين أربكان لبحث مشكالت تعليم اللغة العربية يف كليات اإلهليات وثانويات األئمة واخلطباء يف‬
‫تركيا‪ ،2013 ،‬صـ‪.5‬‬
‫‪« -2‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعيلم اللغة العربية واملقرتحات»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صـ ‪.102‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬صـ‪.104‬‬
‫‪« -4‬إضاءات ملعلمي العربية لغري الناطقني»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صـ‪.277‬‬

‫‪-367-‬‬
‫ج ‪ -‬نفور بعضهم من كل ما يأيت من ِقبل الغرب‪ ،‬أو له عالقة به‪ ،‬وعلم اللغة‬
‫التطبيقي ‪-‬بصورته احلالية‪ -‬هو إىل الصناعة الغربية أقرب‪ .‬وميدان تعليم اللغة العربية‬
‫لغري الناطقني بهِ ا ال يزال مرتب ًطا بعلم اللغة التطبيقي‪ ،‬وخصوصا ميدان تعليم اللغات‬
‫األجنبية يف الغرب‪ .‬وهذا أمر طبعي‪ ،‬وال يعد مشكلة بذاته‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬املشكالت والصعوبات املتعلقة باملتعلم‪:‬‬
‫فالطالب ‪-‬بال شك‪ -‬مركز العملية التعليمية وبقدر ما يكون الطالب واعيا ومدركًا‬
‫للعملية التعليمية بقدر ما تسري هذه العملية عىل نحو سهل صحيح‪ ،‬والطالب يتأثر‬
‫بكل ما حوله من عنارص العملية التعليمية وما يواجهها من مشكالت؛ فمشكالت‬
‫ٍ‬
‫مبارش يف الطالب باإلضافة‬ ‫مبارشا وغري‬
‫ً‬ ‫تأثريا‬
‫املعلم واملنهج والبيئة التعليمية كلها تؤثر ً‬
‫إىل أمور أخرى أمهها‪:‬‬
‫الفروق الفردية بني الطالب‪:‬‬
‫فوجود فروق فردية بني الطالب أمر ال يمكن إنكاره إذ «أمجع علامء النفس عىل‬
‫وجود الفروق الفردية بني الناس من حيث قدراهتم وطبائعهم ودوافعهم وأمزجتهم‬
‫واستعداداهتم وانفعاالهتم»‪ )1(.‬ووف ًقا هلذه الفروق فهناك متعلم رسيع التعلم‪ ،‬وآخر‬
‫بطيء‪ ،‬ومتعلم يعتمد عىل التعلم البرصي‪ ،‬وآخر عىل التعلم السمعي‪ ،‬وهكذا‪ ،‬مما‬
‫يسبب مشكلة يف عملية تعليم اللغة العربية من كون طريقة تدريس املعلم واملنهج‬
‫والوسائل التعليمية ال بد أن تتنوع لرتاعي تلك الفروق‪.‬‬
‫ضعف جتاوب الطالب مع املدرس‪:‬‬
‫وقد يكون ذلك بسبب كسل الطالب أو شعوره بامللل نتيجة اعتامد املعلم عىل طريقة‬
‫التلقني أو ضعف دافعيته نحو تعلم اللغة العربية‪.‬‬
‫خلفيات املتعلم اللغوية‪:‬‬
‫ونقصد بذلك خلفيات الطالب اللغوية التي اكتسبها من لغته األم إذ إهنا تشكِّل‬
‫عامل سهولة أو صعوبة‪ ،‬فنقاط التشابه واالتفاق بني نظام اللغة األم ونظام اللغة‬
‫املتعلمة تشكِّل عامل سهولة عىل عكس نقاط االختالف التي متثل صعوبة للمتعلم‬

‫‪« -1‬علم النفس يف القرن العرشين»‪ ،‬د‪ .‬بدر الدين عامود‪ ،‬من منشورات احتاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪،2001 ،‬صـ ‪.432‬‬

‫‪-368-‬‬
‫ملخالفتها لعاداته اللغوية‪ ،‬وقد أرشنا من قبل إىل قول روبرت الدو« أننا عندما نتعلم لغة‬
‫أجنبية نميل إىل نقل نظام لغتنا بكامله إىل اللغة األجنبية»‪ ،‬وهذا النقل حيدث يف مجيع‬
‫أنظمة اللغة املختلفة الصوتية والنحوية والرصفية والداللية «حيدث هذا النقل بطريقة‬
‫ال شعورية بحيث إن الدارس نفسه ال ينتبه إليه ما مل ُيلفت نظره إىل حاالت حمددة بل‬
‫(‪)1‬‬
‫نعلم أن قوة العادة املنقولة تظل خافية عليه حتى بعد أن ينبه إىل ما أحدثه من نقل»‪.‬‬
‫املرحلة العمرية للمتعلم‪:‬‬
‫يغيب عن كثري من الباحثني يف تعليم العربية لغري الناطقني هبا وخاصة يف كليات‬
‫اإلهليات خطورة املرحلة العمرية التي يعيشها الطالب؛ فأغلب الطالب يف سن املراهقة‬
‫وتكثر التغريات التي تؤثر يف أدائهم الدرايس ويميلون يف هذه املرحلة إىل جتربة كل ما‬
‫هو جديد‪ ،‬ويتعلقون بوسائل االتصال احلديثة مما يدعو إىل التفكري يف كيفية توظيف‬
‫هذه املرحلة ملصلحة الطالب وليس ضدها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬املشكالت والصعوبات املتعلقة باملنهج وطرق التدريس‪:‬‬
‫عدم وجود كتب ومواد تعليمية مناسبة‪:‬‬
‫ماسة إىل إعداد مواد لتعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا عام ًة ولطالب‬
‫هناك حاجة َّ‬
‫إن املوجود يف الساحة من هذا النوع من املواد قليل جدًّ ا‪ ،‬مقارنة‬‫اإلهليات خاص ًة حيث َّ‬
‫بام هو موجود يف اللغات األخرى كام أن بعض ما هو موجود فعال يعد قديماً وبحاجة‬
‫موجها إىل فئة معينة أو بيئة معينة‪ .‬وال بد عند تصميم هذه‬
‫ً‬ ‫إىل التطوير‪ ،‬كام أنه قد يكون‬
‫املواد مراعاة األهداف احلقيقية لتعليم اللغة العربية يف كليات اإلهليات‪.‬‬
‫عدم تكامل املنهج املقرر والفصل التام بني مكوناته‪:‬‬
‫فبعض الكليات تدرس الرصف من سلسلة والنحو من سلسلة أخرى واملحادثة من‬
‫سلسلة ثالثة وهكذا‪ ،‬وهذا يفقد كل كتاب قيمته عند إخراجه من سلسلته؛ ألن األصل‬
‫يف كل سلسلة تعليمية التكامل بني أجزائها فكل جزء مبني عىل اآلخر وهذا يؤدي إىل‬
‫مشكلة أخرى‪ ،‬أال وهي فصل علوم اللغة عن بعضها فالطالب يدرس الرصف وكأنه ال‬

‫‪ -1‬التقابل اللغوي وحتليل األخطاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صـ ‪.40‬‬

‫‪-369-‬‬
‫عالقة بينه وبني النحو واإلمالء وغريها من علوم العربية‪ ،‬وهذا الفصل حيرم الطالب من‬
‫(‪)1‬‬
‫فهم نظام اللغة فهماً مرتاب ًطا إذا تعلم كل مكون من مكونات اللغة بمعزل عن اآلخر‪.‬‬
‫ضيق الوقت املتاح لتعليم املقرر‪:‬‬
‫مع كرب حجم املقرر املطلوب تدريسه يف السنة التمهيدية يف كلية اإلهليات فال تكفي‬
‫الساعات املقررة لتدريسه عىل الوجه األكمل؛ خصوصا إذا وضعنا يف االعتبار ارتفاع‬
‫عدد الطالب داخل الصف مما يدفع املعلم إىل تلقني الدرس للطالب ليتمكن من إهناء‬
‫املقرر يف الوقت املحدد برصف النظر عن مدى استيعاب الطالب للمقرر ناهيك عن‬
‫ممارستهم ملا تعلموه‪.‬‬
‫الطريقة األنسب للتدريس‪:‬‬
‫يف واقع األمر ال نستطيع أن نصف طريقة من طرق التدريس بأهنا األنسب مطل ًقا‬
‫بل كل طريقة هي األنسب يف موقف تعليمي معني‪ ،‬وثمة عدد كبري من طرق التدريس‬
‫املعروفة يف تعليم اللغات احلية حرصها «مكاي» يف مخس عرشة طريقة كام ذكر أبو‬
‫عمشة(‪ ،)2‬ويفضل االبتعاد عن طريقة النحو والرتمجة قدر املستطاع «فاالبتعاد عن‬
‫الرتمجة هو خري طريقة لتعليم اللغة العربية لألجانب حيث إن االقتصار عىل اللغة العربية‬
‫(‪)3‬‬
‫ويعوده حسن استعامهلا والتعرف عىل ألفاظها وأصواهتا»‬
‫جيرب الطالب عىل استعامهلا ِّ‬
‫خامسا‪ :‬املشكالت والصعوبات املتعلقة بالبيئة التعليمية‪:‬‬
‫ازدحام الفصول بالطالب‪:‬‬
‫يتزايد عدد امللتحقني بكليات اإلهليات يو ًما بعد يوم‪ ،‬مما يؤدي إىل تكدس الطالب‬
‫داخل الصف الدرايس ففي كثري من الصفوف يزيد عدد الطالب عىل ثالثني طالبا مما‬
‫يقف حجر عثرة أمام تعليم اللغة فال يمكن للمعلم متابعة كل الطالب متابع ًة دقيق ًة‪،‬‬

‫‪« -1‬نظرة عىل تعليم اللغة العربية يف تركيا»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صـ‪.6‬‬
‫‪« -2‬تعليم العرب ّية للناطقني بغريها ُمشكالت وحلول اجلامعة األردنية نموذجا»‪ ،‬د‪ .‬خالد أبو عمشة‪ ،‬د‪ .‬عوين الفاعوري‪،‬‬
‫جملة دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتامعية‪ ،2005 ،‬املج ّلد ‪ ،32‬العدد‪ .3‬‬
‫‪« -3‬اللغة العربية وتدريسها لغري الناطقني هبا ‪ -‬نحو منهج إلعداد مدرس اللغة العربية لغري الناطقني هبا»‪ ،‬حممد ممدوح‬
‫بدران‪ ،‬منشورات املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪،1992 ،‬صـ ‪.42‬‬

‫‪-370-‬‬
‫ومعلوم أن تعلم اللغة حيتاج إىل تصحيح وتقويم مستمر مبارش من املعلم‪ ،‬ووقت‬
‫الدرس مع هذا العدد ال يكفي‪.‬‬
‫اختالف مستويات املتعلمني اللغوية يف الصف الواحد‪:‬‬
‫تتفاوت مستويات الطالب يف الصف الواحد ويرجع ذلك إىل الفروق الفردية‬
‫بينهم باإلضافة إىل كون بعض طالب اإلهليات خترجوا من ثانوية األئمة واخلطباء‪ ،‬وقد‬
‫سبق هلم وأن درسوا العربية ألربع سنوات وهناك طالب من الثانوية العادية مل يدرسوا‬
‫العربية من قبل‪.‬‬
‫تدريس العربية خارج بيئتها الطبيعية‪:‬‬
‫أفضل طريقة لتعليم أي لغة أن يعيش الطالب يف البيئة الطبيعية للغة حتى يتعلمها‬
‫ويامرسها ممارس ًة صحيح ًة‪ ،‬وتعليم العربية يف كليات اإلهليات يكون يف بيئة تركية مما‬
‫حيرم الطالب من ممارسة اللغة ممارس ًة طبيعي ًة لذلك يلزم تعويض ذلك ببيئة لغوية‬
‫مصطنعة داخل الصف‪.‬‬
‫خمتربات اللغة‪:‬‬
‫رغم أمهية خمتربات اللغة يف تعليم اللغات األجنبية خاصة خارج بيئتها الطبيعية إال‬
‫أهنا ال تتوفر يف أغلب الكليات‪ ،‬وتساعد خمتربات اللغة يف تصحيح األداء اللغوي من‬
‫خالل «تسجيل أداء الدارس والربنامج املذاع ثم يعيد الدارس االستامع إىل التسجيلني‬
‫(‪)1‬‬
‫مقارنا بني أدائه واألداء السليم املسجل عىل الرشيط»‪.‬‬
‫توظيف التقنيات احلديثة‪:‬‬
‫رغم أننا نعيش يف عرص التكنولوجيا الرقمية وما قدمته من أدوات ووسائل متعددة‬
‫كثريا من املعلمني حتى اآلن يعتمد اعتام ًدا‬
‫يمكن توظيفها يف تعليم اللغات‪ ،‬إال أن ً‬
‫كل ًّيا عىل استخدام السبورة والكتاب الورقي يف تعليم العربية‪ ،‬فام يمنعنا من توظيف‬
‫اهلواتف املحمولة واألجهزة اللوحية يف العملية التعليمية خصوصا أهنا أصبحت جز ًءا‬
‫من حياة الطالب‪.‬‬

‫‪ -1‬التقنيات الرتبوية يف تدريس اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬حممد عىل السيد‪ ،‬اإليسيسكو‪ ،1991 ،‬صـ ‪.176‬‬

‫‪-371-‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬إسرتاتيجية الصف املقلوب (‪:)flipped classroom‬‬
‫ويف هذا املبحث سيستعرض الباحث النقاط اآلتية‪:‬‬
‫نحيا اآلن يف عرص التكنولوجيا وال خيفى علينا تسارع وترية إنتاج التقنية احلديثة‬
‫يوما بعد يوم ومسارعة األجيال احلديثة إىل امتالك تلك األدوات كاهلواتف الذكية‬
‫واألجهزة اللوحية‪ ،‬حتى إهنم أصبحوا ال يتخيلون احلياة بدوهنا‪ ،‬لذلك أصبح تطويع‬
‫تلك التقنيات ودجمها يف العملية التعليمية رضورة عرصية مما يعني عىل زيادة الدافعية‬
‫نحو عملية التعلم كوهنا حتاكي واقعه وتنسجم مع متطلباته‪ ،‬لذلك سارعت الدول‬
‫املتقدمة وكربى الرشكات لتسخري التكنولوجيا إلضافة اإلثارة والتشويق والفضول‬
‫لعنارص البيئة التعليمية املتعددة من مواد املنهاج الدرايس‪ ،‬والفصول الدراسية‪ ،‬ووسائل‬
‫واخلاصة لكل طالب‬
‫َّ‬ ‫التواصل الفعالة بني املعلم واملتعلم‪ ،‬تلبي ًة لالحتياجات الفرد َّية‬
‫ومن هنا ولدت فكرة الصف املقلوب ‪.‬‬
‫ماهية الصف املقلوب‪.‬‬
‫للتعرف عىل ماهية الصف املقلوب سنعقد مقارنة رسيعة بني إسرتاتيجية الصف‬
‫التقليدي ‪ ،‬وإسرتاتيجية الصف املقلوب يف العملية التعليمية ببيان دور كل من املعلم‬
‫والطالب يف كل منهام ‪:‬‬
‫يف الصفوف التقليدية املعلم هو قائد العملية التعليمية واملحرك األسايس هلا فيقوم‬
‫بتلقني الطالب املعارف املختلفة وتكليف الطالب ببعض الواجبات يف املنزل بينام وظيفة‬
‫الطالب هي تلقي هذه املعارف من املعلم وحل الواجبات املكلف هبا يف البيت‪.‬‬
‫أما الصفوف املقلوبة فتقوم عىل قلب نظام التعلم التقليدي فبعد أن كان الطالب‬
‫يستمع إىل الدرس يف الصف وجييب عن األسئلة يف البيت سيستمع إىل الدرس يف‬
‫البيت من خالل فيديو مرئي «يسجله املعلم ويرشح فيه الدرس املقرر ويستعني فيه‬
‫بكل الوسائل التقنية السمعية والبرصية املتاحة لتوضيح الدرس للطالب وجذهبم إليه‬
‫أما يف الصف الدرايس فسيقوم الطالب بتطبيق كل ما تعلمه يف البيت عمليا أمام معلمه‬
‫من خالل عدد من األنشطة والفعاليات املختلفة»(‪ ،)1‬فتحول دور املعلم يف الصف‬

‫‪1- «The effects of the classroom flip on the learning environment»، Jeremy F، School of The‬‬
‫‪Ohio State University، 2007، p1.‬‬

‫‪-372-‬‬
‫من ملقن إىل موجه ومساعد وحمفز للطالب يرشف عىل سري األنشطة ويقدم الدعم‬
‫ملن حيتاج إليه‪ ،‬و«يتمكن املعلم من قضاء مزيد من الوقت يف التفاعل مع طالبه داخل‬
‫الصف بدالً من إلقاء املحارضات»(‪ ،)1‬أما الطالب فأصبح املحور الرئيس يف عملية‬
‫التعلم وحتول إىل باحث ومستخدم للتقنية بفاعلية من خالل التعلم خارج الفصول‬
‫معززا التفكري الناقد والتعلم الذايت وبناء اخلربة ومهارات التواصل والتعاون‬
‫ً‬ ‫الدراسية‬
‫بينه وبني بقية الطالب‪.‬‬
‫وبذلك يمكننا تعريف الصف املقلوب أو كام يسمى (‪ )Flipped Classroom‬بأنه‬
‫إسرتاتيجية تعليمية تقوم عىل توظيف املعلم للتقنيات احلديثة يف تطوير طرق التدريس‬
‫والتحفيز والتواصل مع الطالب يف صورة درس مسجل يستمع إليه الطالب يف أي‬
‫مكان خارج الصف ثم يطبقون ما تعلموه من التسجيل عمليا داخل الصف وبذلك‬
‫تكون مهام الصف والبيت قد انقلبت وتبدلت‪.‬‬
‫مميزات تطبيق إسرتاتيجية الصف املقلوب يف تعليم العربية لغري الناطقني هبا‪:‬‬
‫تشجع كال من املعلم والطالب عىل االستخدام األفضل للتقنية احلديثة يف جمال‬
‫التعليم عام ًة ويف تعليم اللغات خصوصا ومن ذلك تعليم العربية لغري الناطقني هبا‪.‬‬
‫تساعد عىل االستثامر األمثل لوقت الدرس من قبل املعلم يف تصويب أخطاء‬
‫الطالب واإلجابة عن استفساراهتم وتطبيق ما تعلموه عمليا بدال من إلقاء املحارضات‬
‫يف الصف التقليدي‪.‬‬
‫حتقيق أكرب استفادة للطالب من معلمي العربية يف الكلية إذ يمكن لكل معلم أن‬
‫درسا بأسلوبه وطريقته ومتكني الطالب من االستامع إىل هذه الدروس املتنوعة‬ ‫يسجل ً‬
‫يف املوضوع نفسه مما يسهم يف حتقيق أكرب استفادة للطالب‪.‬‬
‫تساعد املعلم عىل تقييم مستوى الطالب رسي ًعا ومبارش ًة بتقييمه ألداء الطالب‬
‫اللغوي أثناء األنشطة التي حتدث يف الصف أو باألسئلة التفاعلية التي يمكن تصميمها‬
‫باستخدام تطبيقات اإلنرتنت‪.‬‬
‫تطوير دور املعلم من كونه ملقنًا إىل موجه ومرشد فبدلاً من تركز دور املعلم يف إلقاء‬
‫املحارضات النظرية وتلقني الطالب حتول دوره إىل موجه ومرشد‪.‬‬

‫‪1- «Flipped classrooms take advantage of technology»، Greg Toppo، USA TODAY، 2011‬‬

‫‪-373-‬‬
‫توفري وقت املعلم فبدلاً من اضطرار املعلم إىل تكرار نفس املحارضة لصفوف‬
‫متعددة فبتسجيله للمحارضة يمكنه استخدامها لسنوات متعددة ما دامت حتقق‬
‫األهداف املطلوبة منها بدقة‪.‬‬
‫جذب الطالب وتشويقهم للامدة التعليمية من خالل توظيف األشكال واأللوان‬
‫املختلفة والصور الثابتة واملتحركة يف تسجيل الدرس بام خيدم املادة املتعلمة‪ ،‬وهذا‬
‫يساعد املعلم يف توضيح معاين الكلامت واجلمل بربطها بالصور ولقطات الفيديو‬
‫املعربة عنها لتثبت يف ذهن الطالب‪.‬‬
‫توظيف البيئة املحببة إىل الطالب من األجهزة التقنية ووسائل التواصل االجتامعي‬
‫يف العملية التعليمية فكام أوضحنا آنفا فإن الطالب صاروا ال يتخيلون احلياة بدون‬
‫اهلواتف املحمولة واألجهزة اللوحية واحلواسيب النقالة ووسائل التواصل االجتامعي‬
‫مثل اليوتيوب والفيس بوك ومتكننا هذه اإلسرتاتيجية من توظيف كل ذلك يف العملية‬
‫التعليمية‪.‬‬
‫استثامر التكنولوجيا يف إزالة الفجوة املوجودة بني اجلانب النظري والتطبيقي‬
‫للعلوم املختلفة من خالل توظيف وقت الدرس للجانب التطبيقي بإرشاف املعلم‬
‫فكثريا ما يشتكي الطالب من فقداهنم للبيئة التطبيقية ملا يتعلمونه من مسائل نظرية‬
‫ً‬
‫داخل الصفوف‪ .‬أما اآلن فيمكن للطالب تعلم القواعد النحوية والرصفية يف البيت‬
‫عرب تسجيالت املعلم‬
‫سهولة الوصول إىل الدروس املقررة عىل الطالب يف أي وقت ويف أي مكان من‬
‫خالل رفعها عىل أحد مواقع التواصل االجتامعي مثل اليوتيوب أو الفيسبوك‪.‬‬
‫يتيح للطالب إعادة الدرس أكثر من مرة لتأكيد الفهم أو تدوين املالحظات فالطالب‬
‫حرا يف االستامع إىل الدرس املسجل؛ فيستطيع أن يكرره كام يشاء أو يتوقف يف‬ ‫أصبح ًّ‬
‫أي جزء إذا شعر باإلرهاق‪ ،‬ويكمل يف وقت آخر بعد أن كان مقيدً ا بوقت الدرس‬
‫املحدد‪ ،‬ويتحرج من طلب تكرار جزئية من الدرس لسبب من األسباب كانشغاله‬
‫بتدوين جزئية سابقة أو رشود ذهنه يف حلظة من اللحظات‪.‬‬
‫يساعد يف مراعاة الفروق الفردية بني الطالب سواء رسعة التعلم أو طريقة التعلم أو‬
‫غري ذلك فطالب الصف الواحد بينهم عدد من الفروق الفردية؛ فمنهم املتيقظ رسيع‬
‫التعلم تكفيه مرة واحدة ليفهم كالم األستاذ‪ ،‬وآخر حيتاج إىل تكرار حتى يستوعب‬

‫‪-374-‬‬
‫الدرس‪ ،‬وثالث برصي التعلم حيتاج الصور والتمثيل ليفهم املراد‪ ،‬ورابع سمعي‬
‫وهكذا ويمكن للمعلم أن ينوع يف استخدام املؤثرات املختلفة يف تقديم درسه لتناسب‬
‫طباع الطالب املختلفة ‪.‬‬
‫يساعد عىل تقوية العالقات بني الطالب واملعلم داخل الصف من خالل مشاركة‬
‫املعلم للطالب يف األنشطة اللغوية املختلفة وبإرشافه املبارش‪.‬‬
‫تساعد عىل زيادة التعلم التعاوين من خالل تقسيم الطالب يف الصف إىل جمموعات‬
‫وتكليفهم بأنشطة وتطبيقات تنافسية تشجع الطالب وتدرهبم عىل العمل اجلامعي‪.‬‬
‫يتحول الطالب إىل باحث عن مصادر معلوماته فيمكنه البحث والرجوع إىل‬
‫معلومات سبق أن درسها يف دروس سابقة ومراجعتها إذا نسيها وكأنه يسمعها مبارشة‬
‫من املعلم ‪.‬‬
‫يعزز التفكري الناقد و التعلم الذايت وبناء اخلربات ومهارات التواصل والتعاون بني‬
‫الطالب باألنشطة اجلامعية داخل الصف‪.‬‬
‫معيقات تطبيق إسرتاتيجية الصف املقلوب يف تعليم العربية لغري الناطقني‬
‫هبا‪:‬‬
‫عدم توافر األجهزة والربجميات الالزمة لتسجيل وإعداد الدرس عند املعلم‪:‬‬
‫قد يعرتض بعض املعلمني عىل تطبيق هذه اإلسرتاتيجية بحجة عدم توافر األجهزة‬
‫والربجميات الالزمة لتسجيل الدرس وإعداده إال أن األمر أيرس مما ُيتصور؛ إذ إن كل‬
‫ما حيتاجه املعلم هو جهاز حاسوب واحد أو جهاز لوحي أو حتى هاتف من اهلواتف‬
‫الذكية ويثبت عليه برناجما من برامج تسجيل الشاشة وكثري منها توجد له إصدارات‬
‫جمانية باإلضافة إىل كامريا وأغلب األجهزة التي أرشنا إليها حتتوي عىل كامريات‪.‬‬
‫عجز بعض املعلمني عن توظيف التقنية بمهارة لتطوير طرق التدريس والتحفيز‬
‫والتواصل مع الطلبة‪:‬ويمكن جتنب ذلك بإقامة عدد من الدورات التدريبية وورش‬
‫العمل لتدريب املعلمني عىل طرق تطبيق إسرتاتيجية الصف املقلوب يف تعليم العربية‬
‫لغري الناطقني هبا وعرض مهارات إدارة الصف يف ظل هذه اإلسرتاتيجية‪.‬‬
‫متسك بعض املعلمني بالطريقة التقليدية وعدم رغبتهم يف التخيل عنها‪:‬‬
‫وهؤالء يمكن حماولة إقناعهم بذلك من خالل عرض التجارب احلية أمامهم‪،‬‬

‫‪-375-‬‬
‫وبيان الفرق بني هذه االسرتاتيجية والطريقة التقليدية وإجراء البحوث التجريبية لبيان‬
‫مدى فاعلية هذا اإلسرتاتيجية وعرض النتائج عليهم بغية إقناعهم وحثهم عىل تطبيق‬
‫هذه اإلسرتاتيجية‪.‬‬
‫عدم توافر اإلنرتنت عند مجيع الطالب‪:‬‬
‫ال يلزم توافر اإلنرتنت عند كل الطالب إذ يمكن حصول الطالب عىل الدروس‬
‫املسجلة مبارش ًة من حاسوب املعلم أو شبكات االتصال غري السلكي‬
‫(‪ )Wireless / Bluetooth‬املتاحة يف اجلامعة أو من أي جهاز آخر‪.‬‬
‫عدم توافر األجهزة الالزمة عند مجيع الطالب‪:‬‬
‫فكام أرشنا من قبل فطالب هذا العرص أصبح لدهيم هوس باقتناء وسائل االتصال‬
‫احلديثة من هواتف ذكية وأجهزة لوحية فيكاد يكون كل طالب لديه أحد هذه األجهزة‬
‫وساعد عىل ذلك التنافس بني الرشكات املصنعة لتلك األجهزة مما أسهم يف رخص‬
‫أسعارها وإن عجز بعض الطالب الفقراء عن امتالكها فيمكن إجياد طريقة لتوفريها‬
‫هلم كمساعدة هلم من إدارة اجلامعة أو املؤسسات اخلريية املهتمة بالتعليم‪.‬‬
‫تكاسل الطالب أو انشغاهلم عن استامع الدرس خارج الصف‪:‬‬
‫قد حيدث أن يتكاسل بعض الطالب عن استامع الدرس املقرر عليهم خارج الصف‬
‫مما يسبب مشكلة داخل الصف؛ إذ إن الطالب لن يتمكن من املشاركة يف األنشطة‬
‫والتطبيقات داخل الصف وعالج هذا األمر قد يكون سهال إذ أمكننا ختصيص بعض‬
‫الدرجات لنشاط الطالب يف داخل الصف؛ إذ إن هذا النشاط يعكس مدى اجتهاد‬
‫الطالب يف الدراسة ومدى تقدمه‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬دور إسرتاتيجية الصف املقلوب يف حل مشكالت تعليم اللغة العربية‬
‫لغري الناطقني هبا يف كليات اإلهليات ‪:‬‬
‫دور الصف املقلوب يف حل املشكالت والصعوبات املتعلقة بطبيعة اللغة‪:‬‬
‫لو تأملنا النظر يف املشكالت والصعوبات املتعلقة بطبيعة اللغة العربية التي يواجهها‬
‫الطالب يف تعلمه‪ ،‬لوجدنا أهنا ترجع يف أغلبها لالختالفات املوجودة بني اللغة العربية‬
‫ولغة الطالب األم ( اللغة الرتكية)؛ فالطالب بتعلمه للغة العربية حياول اكتساب ملكة‬

‫‪-376-‬‬
‫لسانية جديدة وذلك ال حيصل كام ذكر ابن خلدون إال «بمامرسة كالم العرب وتكرره‬
‫عىل السمع والتفطن خلواص تراكيبه»(‪ ،)1‬وتقوم هذه اإلسرتاتيجية ‪-‬الصف املقلوب‪-‬‬
‫عىل هذا األساس إذ تمُ كن الطالب من االستامع إىل الدرس مرات متعددة خارج الصف‬
‫وعندما يعود إىل الصف يعمل عىل ممارسة ما تعلمه من التسجيل‪ ،‬وترجع أمهية املامرسة‬
‫واملران إىل أهنا تسهل عملية حصول هذه امللكة اللسانية ويؤكد ابن خلدون عىل ذلك‬
‫بقوله «وأيرس طرق هذه امللكة فتق اللسان باملحاورة واملناظرة فهو الذي يقرب شأهنا‬
‫وحيصل مراميها»(‪ ،)2‬وبذلك نعطي الطالب الفرصة الستعامل اللغة أطول وقت ممكن‬
‫حتت إرشاف املعلم‪ ،‬بذلك تحُ ل أغلب املشكالت الصوتية والنحوية والكتابية؛ فام هي‬
‫إال أنامط لغوية جديدة مل يألفها الطالب يف لغته األم مما يوقعه يف اخلطأ عند استعامهلا ومع‬
‫كثرة استعامهلا سيألفها وتضاف تلقائيا إىل قاموسه اللغوي‪.‬‬
‫دور الصف املقلوب يف حل املشكالت والصعوبات املتعلقة باملعلم‪:‬‬
‫اتباع بعض املعلمني ألسلوب واحد يف التدريس دون تغيري أو جتديد يؤدي إىل ملل‬
‫الطالب أثناء الدرس‪ ،‬ولكن مع تطبيق إسرتاتيجية الصف املقلوب سيتوفر لدينا أكثر‬
‫من تسجيل لعدد من األساتذة يف موضوع الدرس الواحد‪ ،‬مما يعطي الطالب الفرصة‬
‫لالستفادة من أكثر من أسلوب والتعرف عىل األسلوب األكثر مناسبة مع طبيعة كل‬
‫طالب‪.‬كام تساعد هذه اإلسرتاتيجية عىل إهناء بعض املشكالت األخرى مثل غياب‬
‫دور املعلم التفاعيل مع الطالب نتيجة اهنامكه يف إلقاء املحارضة واستبدال هذا الغياب‬
‫بدور نشط وفعال للمعلم وسط الطالب‪.‬كذلك تنمي هذه اإلسرتاتيجية روح العمل‬
‫اجلامعي بني املعلمني؛ إذ يمكن أن جيتمع أكثر من أستاذ ويتعاونوا معا إلنتاج الدرس‬
‫املسجل مما يساعد عىل تبادل اخلربات بينهم‪.‬‬
‫دور الصف املقلوب يف حل املشكالت والصعوبات املتعلقة باملتعلم‪:‬‬
‫‪ -‬الفروق الفردية بني الطالب‪:‬‬
‫تطبيق إسرتاتيجية الصف املقلوب يقيض عىل املشكالت الناجتة عن الفروق الفردية‬

‫‪ -1‬املقدمة‪ ،‬عبد الرمحن بن حممد بن خلدون‪،‬حتقيق عيل عبد الواحد وايف‪ ،‬هنضة مرص للطباعة والنرش‪ ،2004 ،‬جـ‪،4‬‬
‫صـ‪.1149‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬جـ‪ ،3‬صـ ‪.927‬‬

‫‪-377-‬‬
‫بني الطالب إذ أحسن استخدامها وخاصة يف تسجيل الدرس؛ إذ يمكن التنويع يف‬
‫طريقة عرض الدرس واالستعانة بعديد من األدوات جلعل الدرس مناسبا ألكرب عدد‬
‫من الطالب‪ ،‬باإلضافة إىل توفريها الوقت للمعلم ليتمكن من التعامل مع كل الطالب‬
‫يف الصف كل حسب احتياجاته‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف جتاوب الطالب مع املدرس‪:‬‬
‫يشتكي كثري من املعلمني من ضعف جتاوب الطالب ونشاطهم داخل الدرس‪،‬‬
‫وهذا أمر منطقي يف أغلب األحول فكيف للطالب أن يتفاعلوا يف موضوع الدرس‬
‫وهم درسوه للتو فلم يتمكنوا من استذكار ما درسوه‪ ،‬أما عندما نعطيهم الدرس‬
‫مسجال قبل موعد الدرس الصفي بوقت ٍ‬
‫كاف فلن يكون هلم عذر يف عدم التفاعل‬
‫وتطبيق ما تعلموه باإلضافة إىل زيادة تركيز الطالب مع املعلم وعدم انشغاهلم بتدوين‬
‫امللحوظات فكل يشء مسجل عنده يستطيعون الرجوع إليه يف أي وقت‪.‬‬
‫دور الصف املقلوب يف حل املشكالت والصعوبات املتعلقة باملنهج وطرق‬
‫التدريس‪:‬‬
‫‪ -‬عدم وجود كتب ومواد تعليمية مناسبة‪:‬‬
‫يشتكي كثري من املعلمني من قلة املناهج املتاحة لتعليم العربية لغري الناطقني هبا‬
‫واحتواء املتاح منها عىل عديد من املآخذ أما يف ظل التعليم املقلوب فبإمكان كل معلم‬
‫أن يصيغ درسه الصياغة التي يراها مناسبة رشيطة أن تتفق مع املوضوعات املقررة‪،‬‬
‫ويفضل تعاون معلمي القسم يف إنتاج املادة املسجلة لالستفادة من كل اخلربات واآلراء‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل التام بني مكونات املنهج‪:‬‬
‫حتتوي مناهج تعليم العربية عىل فروع خمتلفة مثل النحو والرصف والقراءة واإلمالء‬
‫وغريها‪ ،‬ونتيجة ضيق الوقت يضطر كل معلم لالكتفاء بالرتكيز عىل مادته دون الربط‬
‫بينها وبني فروع اللغة األخرى مما جيعل التصور الكامل للغة مشوها يف ذهن الطالب‬
‫ولكن يف حالة الصف املقلوب يستطيع املعلم بالتطبيق واألنشطة داخل الصف إظهار‬
‫الرتابط واالنسجام بني فروع اللغة فمثال يف مجلة واحدة يمكنه أن يبني كيف أثرت القاعدة‬
‫الرصفية يف تركيب اجلملة النحوي‪ ،‬وكيف أثر املعنى البالغي يف الرتكيب النحوي وهكذا‪.‬‬

‫‪-378-‬‬
‫‪ -‬ضيق الوقت املتاح لتعليم املقرر‪:‬‬
‫يساعد نظام قلب الصف يف توفري وقت كثري بال شك؛ فالوقت الذي كان يقضيه‬
‫املعلم يف عرض درسه سيستغني عنه بتسجيله للدرس ومتكني الطالب من استامعه‬
‫خارج الصف‬
‫دور الصف املقلوب يف حل املشكالت والصعوبات املتعلقة بالبيئة التعليمية‪:‬‬
‫‪ -‬ازدحام الفصول بالطالب‪:‬‬
‫مل يعد ازدحام الفصول بالطالب مشكلة كبرية يف ظل تطبيق إسرتاتيجية الصف‬
‫املقلوب؛ فكل طالب أصبح يف استطاعته االستامع إىل املعلم وكأنه يف درس خصويص‬
‫بعيدا عن تشويش زمالئه‪ ،‬وبإمكانه إيقاف الدرس وتكراره وقتام شاء‪.‬‬
‫‪ -‬اختالف مستويات املتعلمني اللغوية يف الصف الواحد‪:‬‬
‫فكل طالب مهام كان مستواه يمكنه االستامع إىل الدروس املناسبة ملستواه‬
‫واالجتهاد الذايت لريتفع بمستواه إىل مستوى أقرانه يف الصف‪ ،‬واملعلم‬
‫يستطيع من خالل الصف املقلوب أن يقسم الطالب يف األنشطة الصفية‬
‫إىل جمموعات بحسب املستوى ويشجعهم عىل االجتهاد للحاق بزمالئهم‪.‬‬
‫‪ -‬تدريس العربية خارج بيئتها الطبيعية‪:‬‬
‫متكننا الصفوف املقلوبة من تعريض الطالب لبيئة اللغة الطبيعية من خالل‬
‫االستعانة بنامذج حقيقية ملواقف لغوية مسجلة باللغة اهلدف داخل الدرس املسجل‪،‬‬
‫مع مراعاة مناسبتها ملستوى الطالب اللغوي وحث الطالب عىل إعادة متثيلها داخل‬
‫الصف تطبي ًقا عمل ًّيا‪.‬‬
‫‪ -‬خمتربات اللغة‪:‬‬
‫فاألجهزة احلديثة حتتوي عىل برجميات متكن الطالب من تكرار كلمة معينة أو‬
‫مجلة معينة حتى يتعلم نطقها الصحيح‪ ،‬ويمكنه كذلك تسجيل نطقه هو أيضا ومن‬
‫ثم يتمكن من املقارنة بني نطقه والنطق الصحيح يف الدرس املسجل‪ ،‬مع رضورة تنبيه‬
‫املعلم لطالبه عىل كيفية االستفادة من هذه التقنيات يف تعلم اللغة العربية‪.‬‬

‫‪-379-‬‬
‫اخلامتة والتوصيات‪:‬‬
‫يف ثنايا هذا البحث استعرضنا أهم مشكالت وصعوبات تعليم العربية لغري‬
‫الناطقني هبا عام ًة‪ ،‬ويف كليات اإلهليات يف تركيا خاص ًة‪ ،‬ووجدنا أن تلك املشكالت‬
‫منها ما يتعلق بطبيعة اللغة العربية أو املعلم أو املتعلم أو املنهج أو البيئة التعليمية ذاهتا‪.‬‬
‫وتبني لنا من البحث أن أنسب الطرق حلل تلك املشكالت تطبيق إسرتاتيجية الصف‬
‫املقلوب‪ ،‬وتعرفنا عىل مميزات تطبيق هذه اإلسرتاتيجية‪ ،‬وكذلك أهم املعوقات التي‬
‫يمكن أن حتول دون تطبيق هذه اإلسرتاتيجية وكيف يمكننا أن نتغلب عليها ثم فصلنا‬
‫القول يف دور هذه اإلسرتاتيجية يف حل أغلب املشكالت التي تواجه تعليم العربية لغري‬
‫الناطقني هبا‪.‬‬
‫وبناء عىل ما تقدم ُيويص الباحث بالتوصيات اآلتية‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬رضورة عقد عدد من الدورات التدريبية للمعلمني لبيان أمهية هذه اإلسرتاتيجية‬
‫ودورها الفاعل يف حل مشكالت تعليم العربية لغري الناطقني هبا‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع املعلمني عىل تطبيق هذه اإلسرتاتيجية والتعاون فيام بينهم إلنتاج الدرس‬
‫مسجال بأفضل صورة ممكنة‪.‬‬
‫‪ -‬عقد عدد من ورش العمل إلطالع املعلمني عىل كيفية تسجيل الدروس وإخراجها‬
‫وتعريفهم عىل أحدث الربامج املستعملة يف ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء مزيد من البحوث خاص ًة التجريبية لبيان أثر هذه اإلسرتاتيجية يف حل‬
‫مشكالت تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء مزيد من البحوث حول طريقة إدارة الصف يف ظل تطبيق هذه اإلسرتاتيجية‪.‬‬

‫‪-380-‬‬
‫املراجع العربية‪:‬‬
‫أمحد الدياب‪ ،‬املشاكل التي تواجه األتراك يف تعليم اللغة العربية واملقرتحات‪،‬‬
‫رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة غازي الرتكية‪.2012 ،‬‬
‫أمر اهلل إيشلر‪ ،‬األصوات اللغوية يف الرتكية والعربية‪ :‬دراسة تقابلية‪ ،‬جملة جامعة‬
‫امللك سعود‪.2004 ،‬‬
‫بدر الدين عامود‪ ،‬علم النفس يف القرن العرشين‪ ،‬من منشورات احتاد الكتاب‬
‫العرب‪ ،‬دمشق‪.2001 ،‬‬
‫خالد أبو عمشة‪ ،‬وعوين الفاعوري‪ ،‬تعليم العرب ّية للناطقني بغريها ُمشكالت‬
‫وحلول اجلامعة األردنية نموذجا‪ ،‬جملة دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتامعية‪،‬‬
‫‪ ،2005‬املج ّلد ‪ ،32‬العدد‪ .3‬‬
‫عبد الرمحن بن إبراهيم الفوزان‪ ،‬إضاءات ملعلمي العربية لغري الناطقني‪ ،‬منشورات‬
‫العربية للجميع‪1431،‬هـ‪.‬‬
‫عبد الرمحن بن حممد بن خلدون‪ ،‬املقدمة‪ ،‬حتقيق عيل عبد الواحد وايف‪ ،‬هنضة مرص‬
‫للطباعة والنرش‪.2004 ،‬‬
‫عيل عبد الواحد عبد احلميد‪ ،‬نظرة عىل تعليم اللغة العربية يف تركيا‪ ،‬ورقة بحثية‬
‫مقدمة لورشة عمل نظمتها كلية اإلهليات جامعة نجم الدين أربكان لبحث مشكالت‬
‫تعليم اللغة العربية يف كليات اإلهليات وثانويات األئمة واخلطباء يف تركيا‪.2013 ،‬‬
‫حممد عىل السيد‪ ،‬التقنيات الرتبوية يف تدريس اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪،‬‬
‫منظمة اإليسيسكو‪.1991 ،‬‬
‫حممد ممدوح بدران‪ ،‬اللغة العربية وتدريسها لغري الناطقني هبا ‪ -‬نحو منهج إلعداد‬
‫مدرس اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪ ،‬منشورات املنظمة العربية للرتبية والثقافة‬
‫والعلوم‪.1992 ،‬‬
‫حممود إسامعيل صيني‪ ،‬وإسحاق حممد األمني‪ ،‬التقابل اللغوي وحتليل‬
‫األخطاء‪ ،‬مرتجم‪ ،‬جامعة امللك سعود‪.1979 ،‬‬
‫نورة صالح الذويخ‪ ،‬الصف املقلوب‪ ،‬جملة املعرفة‪ ،‬بتاريخ ‪. 2014/10/30‬‬

‫‪-381-‬‬
:‫املراجع األجنبية‬

Bill Tucker، The Flipped Classroom، education next، winter 2012.

Greg Toppo، Flipped classrooms take advantage of technology ، «USA


TODAY، 2011»

Jeremy F، The effects of the classroom flip on the learning environment»،


School of The Ohio State University، 2007.

-382-
‫املحور الرابع‬

‫الرتمجة من اللغة العربية إىل اللغة الرتك ّية‬

‫إجادة الرتمجة بني العربية والرتكية انبثا ًقا من اإلشكاالت الثقافية‬


‫قدرية هوكلكيل‬
‫األدب العريب يف اللغة الرتكية‬
‫حممد حقي صوتشني‬
‫جتربتي الشخصية يف الرتمجة األدبية‪ :‬ترمجة قنديل أم هاشم ليحيى حقي وقصائد‬
‫نموذجا‬
‫ً‬ ‫الشاعر الرتكي حلمي ياووز‬
‫حممد حقي صوتشني‬

‫‪-383-‬‬
‫�إجادة الرتجمة بني العربية والرتكية انبثاقا من‬
‫الإ�شكاالت الثقافية‬
‫أ‪ .‬قدرية هوكلكيل‬
‫جامعة يلدرم بايزيد‪ ،‬أنقرة‪ -‬تركيا‬

‫التمهيد‬
‫ال جرم أن اللغة انعكاس مبارش للفكر واجلوهر اللذين يكشفان عن عقلية األمة؛ فكل‬
‫أمة تفصح عن روحها من خالل منظومة الكلامت والقوالب التي تستعملها‪ ،‬وكل لغة‬
‫جتسد رؤية كونية متميزة‪ .‬وتؤدي الرتمجة دورا حيويا يف التواصل اإلنساين يتمثل يف نقل‬
‫توشج أوارص العالقات فيام بينها عرب‬‫املعارف وتبادل املعلومات والثقافات بني األمم كام ّ‬
‫تعميق اتصاهلا ببعضها‪ .‬وألن اإلنسان ُجبل عىل حب االستطالع والرغبة يف استجالء ما‬
‫يتباين مع ذاته‪ ،‬فقد غدت الرتمجة الثنائية االجتاه إحدى وسائل الرقي احلضاري؛ إذ عدّ ها‬
‫(‪)1‬‬
‫بعض الباحثني وسيلة مثىل للكشف عن مكنونات جتارب األمم وإبداعاهتا‪.‬‬
‫إن اللغة ليست جمرد رصيد من األلفاظ‪ ،‬وإنام هي مزيج من الفكر والتاريخ واحلضارة‬
‫والوجدان‪ ،‬ينصهر يف بوتقة واحدة‪ ،‬وعليه فإن التحدث عن اللغات يستجلب بمع ّيته‬
‫كل ما حي ّفز إىل انبثاقها وأساسياهتا ومؤثرات نشأهتا‪ ،‬وهذا ما يمكننا أن نطلق عليه‬ ‫ّ‬
‫الثقافة؛ ففهم املقصود من أي كالم منعزال عن سياقه يغدو مستحيال‪ ،‬والثقافة هي‬
‫سبك اللغة وصياغتها يف إطار عام‪ ،‬أما الرتمجة فهي نشاط إفهام اللغة مرفقة بثقافتها‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عىل يد لغة أخرى لبلوغ املرمى بصورة ناجحة‪.‬‬

‫‪-385-‬‬
‫وينطلق البحث من فكرة املبادرة لتلمس منهج يقود إىل إجادة الرتمجة من العربية إىل‬
‫الرتكية والعكس‪ ،‬حماوال اجتياز العقبات التي حتول دون التواصل املثمر بني الشعبني‬
‫الصديقني وتعزيزه‪ .‬ويرغب يف الكشف عن األخطاء التي يتكرر وقوع املرتمجني فيها‬
‫يف سبيل ضبط القضية ومعاجلتها‪ ،‬ويكتدح يف بادئ األمر ساعيا إىل استجالء العالقة ما‬
‫ٍ‬
‫ترمجة‪ ،‬وهي تلك املرتبطة باملعرفة الثقافية‬ ‫بني اللغة والثقافة ومدى صلتهام‪ ،‬لنيل أفصح‬
‫فضال عن املعلومات اللغوية‪ ،‬ويؤكد البحث أن هذه املعضلة ‪-‬أي فقدان االطالع عىل‬
‫الثقافة‪ -‬سبب تزايد عثرات املرتمجني‪ ،‬وجتاذب أطراف احلديث بني املتخصصني يف‬
‫هذا احلقل ليست ممتنعة عن احلل‪ .‬كام يرنو إىل تسليط الضوء عىل مشكلة الثقافة يف‬
‫الرتمجة‪ ،‬وذلك باالنكباب عىل مربراهتا سعيا إىل تذليل الصعوبات وتسوية الوضع قدر‬
‫املستطاع‪ .‬ويركّز هذا البحث عىل وجوب التقدم الفكري لدى املرتجم‪ ،‬ليتحرر من‬
‫السالسل التي تقيد حركته جتاه الرتمجة احلرة‪ ،‬حيث يبني ماهية الرتمجة ومواصفاهتا‬
‫وأنواعها‪ .‬لذلك يربز مكانة ظاهرة الثقافة يف عملية الرتمجة ويركز عليها بوصفها مص ّبا‬
‫للمشكلة‪ ،‬ويالمس قرابة الثقافتني العربية والرتكية يف ضوء ماضيهام املشرتك فرتة ال‬
‫بأس هبا‪ .‬وبعد ما تقدّ م يورد البحث بعض النامذج التي تعرض ترمجات غري صائبة‬
‫ملعاجلة املسألة بشكل ملموس‪ ،‬ومل يأت هبا انتقادا للمرتمجني‪ .‬ويعلل البحث مشكالت‬
‫الرتمجة يف ضوء األخطاء املتكررة لألسباب نفسها تقريبا‪ ،‬كام يرسد أهم مبادئ الرتمجة‬
‫تدفق األخطاء نظرا لعدم مراعاهتا‪ .‬وخيتتم البحث بمقرتحات لعلها‬ ‫التي تؤدي إىل ّ‬
‫تسهم وتساند يف قطاع الرتمجة من اللغة الرتكية إىل اللغة العربية والعكس‪ .‬وليس‬
‫احلث عىل التعامل املخصب بني‬ ‫ثمة شك أن الغرض املطلوب يف هذا البحث إنام هو ّ‬
‫املجتمعني والنهوض بالرتمجة السديدة واإلعالء من شأن اللغتني اجلليلتني‪.‬‬
‫تعريف الرتمجة وتوصيفها‬
‫«إن الرتمجة تتمثل يف استبدال رسالة ملفوظة يف لغة ما برسالة مكافئة ملفوظة يف‬
‫لغة أخرى»‪ .‬وحيسن إطالقها عىل تفسري لغة بلغة أخرى‪ ،‬كام ّ‬
‫يعرفها ابن منظور بأهنا‬ ‫(‪)3‬‬

‫تفسري بلسان آخر‪ .‬بل إن الرتمجة عمل تسوده السياقات وتتحكم يف كل تفاصيله‪ ،‬وهي‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫مد اجلسور لتواصل مع اآلخر لكوهنا نقطة تالق وتعارف معه‪ .‬والتعارف ال خيلو من‬
‫(‪)4‬‬
‫بعض العقبات التي ختتبئ وراء أغطية اخلصائص الثقافية واخلصوصيات املحلية‪.‬‬

‫‪-386-‬‬
‫كل‬‫والرتمجة تنتمي إىل حقل السيميائية عىل الرغم من وجود نواة أساسية هلا يف ّ‬
‫نشاط اللغوي‪ .‬والسيميائية هي العلم الذي يدرس نُظم أو ُبنى اإلشارات وعمليات‬
‫الرتميز ووظائف اإلشارات‪ .‬كام أن عملية الرتمجة تتطلب جمموعة معايري ما وراء لغوية؛‬
‫إذ ال يمكن للغة أن جتسد نفسها ما مل تنخرط يف سياق الثقافة‪ ،‬أما اتساع دائرة التحويل‬
‫السيميائي بحسب دراية املرتجم فقد يزيد طينها بلة؛ ألن الرتمجة بوصفها منظومة‬
‫سيميائية تنطوي عليها جهود استخالص ما خيفيه النص من إحاالت ثقافية قد ال يعرب‬
‫عنها النص املصدر أو اهلدف بشكل رصيح‪ .‬وإن القيمة اإلحيائية للكلامت أو التعابري‬
‫ترتبط أساسا بمجمل منظومة السياق بام يف ذلك خماطر التلقي وتضليل األلفاظ‪ ،‬لذلك‬
‫يدأب املرتجم عىل حتري املقوالت التي تتعدى املعايري اللغوية املحضة‪ ،‬ويقوم بفك‬
‫(‪)5‬‬
‫رموز اللغة املصدر وإعادة ترميزها يف اللغة اهلدف‪.‬‬
‫لب الرتمجة هو نقل معنى اللغة املصدر إىل اللغة اهلدف‪ ،‬وذلك بنقلها من شكل‬ ‫إن ّ‬
‫اللغة األوىل إىل شكل اللغة الثانية عرب البنية الداللية‪ .‬فاملعنى هو الذي يتم نقله‪،‬‬
‫واملتغري الوحيد هو الشكل‪ .‬والشكل الذي تنبثق منه الرتمجة هو الذي يقابل مصطلح‬
‫«لغة املصدر»‪ ،‬وأما الشكل الذي ستتحول إليه فيفيد مصطلح «اللغة اهلدف أو اللغة‬
‫املستقبلة»؛ فالرتمجة تتضمن دراسة الوحدات املعجمية والبنية النحوية واملقام االتصايل‬
‫والسياق الثقايف لنص اللغة املصدر مع حتليله من أجل حتديد معناه‪ ،‬ومن ثم إعادة‬
‫تركيب املعنى نفسه باستخدام الوحدات املعجمية والبنية النحوية املناسبة باللغة اهلدف‬
‫(‪)6‬‬
‫يف إطار سياقها الثقايف‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫«تتطلب الرتمجة شيئا أكثر من استبدال مفردات وعنارص قواعدية بني اللغات»‪.‬‬
‫كام تستدعي الرباعة اللغوية سواء يف اللغة األم أم يف اللغة اهلدف‪ ،‬وهذا يستوجب‬
‫اإلملام بالعادات االجتامعية واالستخدامات الرائجة عند أهل اللغة اهلدف خاصة؛ إذ‬
‫يفرتض باملرتجم بدهيا أن يتقن استعامالت لغته األم اللغوية واستيعابه للنص املرتجم‬
‫منه‪ .‬إ ًذا فالقضية يف الرتمجة متوقفة عىل معرفة ثرية حتوم حول ثقافة اللغة اهلدف كي‬
‫يلغي الغموض واللبس‪ ،‬ويفلح يف إيصال املقصود‪.‬‬
‫ومن أجل إنجاز ترمجة معتبرَ ة البد للمرتجم من اكتشاف معنى اللغة املصدر‬
‫واستخدام شكل من اللغة املستقبلة يعبرّ بطريقة طبيعية بالنسبة للغة اهلدف وليس للغة‬
‫املصدر؛ ألن مكونات املعنى تحُ شد يف الوحدات املعجمية والنحوية يف كل لغة بطريقة‬

‫‪-387-‬‬
‫ختتلف عن األخرى‪ ،‬ولكي تكون الرتمجة حيوية األصل البد من أن تكون طبيعية‬
‫هتون عىل املتلقي التقاط الرسالة بام تتضمنه من معلومات‪ ،‬واألثر‬
‫وسهلة الفهم بحيث ّ‬
‫االنفعايل الذي يقصده كاتب اللغة األصيلة‪ .‬ألن النصوص كافة يف أصلها تتم كتابتها‬
‫يف أجواء معينة ويف حميط ثقايف مؤ ّطر وهبدف مقرر قاصدا التعبري عن ٍ‬
‫فكر أو إثارة‬
‫ٍ (‪)8‬‬
‫إحساس‪.‬‬
‫كام أن الرتمجة تواصل بني طرفني من جمتمعني خمتلفني‪ ،‬وهي اجلرس الذي متر فوقه‬
‫املعارف‪ ،‬ومن خالهلا تنتقل من ثقافة ألخرى‪ ،‬فتدوم أشكال التبادل بفضلها‪ .‬وإهنا‬
‫ليست عملية ميكانيكية ملضمون يستفاد منه آنيا ثم يرمى جانبا بعد عرصه‪ ،‬بل إهنا فعل‬
‫إبداعي شبيه بعملية اهلضم‪ ،‬ومتثل وإعادة الصياغة‪ .‬وللقيام بتأويل أي نص ينبغي أوال‬
‫اإلحاطة بكلتا اللغتني؛ اللغة املصدر واللغة اهلدف برمتهام‪ .‬وهذا يقتيض اللجوء إىل‬
‫فك شيفرات العنارص املوجودة يف اللغتني وهو ما يدخل يف إطار السريورة اللغوية‪،‬‬
‫ذلك أن اللغة ليست مفردات وتراكيب أو نحو ذلك‪ ،‬بل معرفة تتجاوز حدود اللغة‬
‫(‪)9‬‬ ‫باملعنى احلريف للكلمة كام نشاهد يف موضوع ِ‬
‫احلكم واألمثال‪.‬‬
‫دور املعرفة الثقافية يف الرتمجة‬
‫«إن الثقافة بوصفها نظاما كامال من العادات والسلوك‪ ،‬ترتبط ارتباطا وثيقا‬
‫باللغة‪ ،‬واملعنى عبارة عن صلة رئيسية بني الثقافة واللغة»‪ )10(.‬والرتمجة الرديئة تتأتى‬
‫نقص يف املعرفة الثقافية لدى املرتجم‪ ،‬وترصح قلة االطالع عىل ثقافة جمتمع‬ ‫ٍ‬ ‫عادة من‬
‫تعوقه من‬‫اللغة اهلدف وطريقة تفكري شعبها بعدم كفاية املرتجم الثقافية واملعرفية التي ّ‬
‫استخدام املرادف أو املصطلح املناسب وجتعله غري قادر عىل إحاطة مدلول الرتاكيب‬
‫بكل حذافريها؛ إذ إن لكل لغة طريقة فريدة يف باهبا تنبع من ثقافتها املتأصلة وعقلية‬
‫أبنائها املو ّطدة للتعبري عن املواقف واألحاسيس‪ .‬لذلك جيب أال تغيب عن املرتجم أي‬
‫شاردة أو واردة من حضارة اآلخر وثقافته اللغوية ما بني السطور‪ ،‬وإن املعيار األول‬
‫واألخري للرتمجة املوفقة إنام يكمن يف ثقافة املرتجم التي تصل به إىل خلفية الكالم املنبثق‬
‫(‪)11‬‬
‫عن عقلية معينة نظرا للعادات والتقاليد التي تسود جمتمعا معينا‪.‬‬
‫إن اللغة جزء من الثقافة ولذلك فالرتمجة ال يمكن إجادهتا دون معرفة الثقافتني‬
‫وكذلك بنية اللغتني؛ ألن املعنى مقرتن بالثقافة حيث إن كل جمتمع يعرب عن آرآئه من‬

‫‪-388-‬‬
‫منظار ثقافته حتام‪ ،‬ومت ّثل الثقافة مظهرا تتجىل فيه خمتلف األنساق العقائدية الدينية‬
‫واالجتامعية والفكرية‪ ،‬أي كل النسيج املتشابك الذي يشكل هويات األمم‪ .‬واللغة‬
‫نفسها تعكس مظاهر الثقافة التي تتمتع بمستويات اجتامعية بوصفها من املعتقدات‬
‫والقيم والقوانني التي تتقاسمها مجاعة من الناس‪ ،‬واألفكار والنظريات التي تدور يف‬
‫يدونون فيها‪ ،‬وإنام حتمل دالالت التهذيب‬ ‫عقول أبنائها‪ ،‬والكتب والدراسات التي ّ‬
‫والتقويم ضبطا لتحديد األسلوب الذي حيكم حياة تلك األمة ومسارها يف املستويني‬
‫النفيس واالجتامعي؛ إذ البد للمرتجم من أن ُيعري اهتامما شديدا بالفروق يف اخللفية‬
‫واملرتجم؛ كي يشكّل الرتمجة حسب استعامالت اللغة‬ ‫َ‬ ‫الثقافية بني قراء النص األصيل‬
‫(‪)12‬‬
‫املستقبلة املعتادة‪.‬‬
‫وإن مكونات املنظومة الثقافية ترتبط بعالقات متواشجة وخمتلفة؛ إذ يمكن اعتبار‬
‫الثقافة جمموعة من املنظومات الرمزية التي حتتل اللغة املرتبة األوىل فيها‪ ،‬ويليها قواعد‬
‫الزواج والعالقات االقتصادية والفن والعلم والدين وما شابه‪ .‬وهذه املنظومات كلها‬
‫هتدف إىل التعبري عن بعض أوجه الواقع املادي واالجتامعي‪ ،‬والثقافة يف مفهومها الواسع‬
‫تعني أساليب احلياة والفكر‪ ،‬كام تنعكس يف سلوكيات اإلنسان وثقافته العالمات‬
‫الطبيعية كلها وما وراء الطبيعية‪ ،‬كام تتكون يف فكره عالمات تقوم بصناعتها قصد‬
‫الفهم واإلفهام‪ .‬لذلك فإن احلديث عن الثقافة يدخلنا طرديا يف دائرة من املنظومات‬
‫الرمزية وخصوصا قضية املعنى والداللة‪ .‬إذ إن الفرد يعبرّ من خالل مجله عام يفكر به‪،‬‬
‫لكنها تبقى حمصورة يف إطار حمدد يعرب عن ثقافة معينة ونمط موروث من أنامط احلياة‬
‫وأسلوب من أساليب متنوعة للتعبري عن األفكار واألحاسيس‪ .‬يف هناية املطاف نرى‬
‫أن العالمات اللغوية حمبوكة يف قالب الثقافة الذي يشيد مبنى اجلمل ودالالهتا؛ فاحلبكة‬
‫احلي وتعمل كمصفاة تتيح له التوافق مع‬ ‫الثقافية يف النصوص متثل نموذجا للواقع ّ‬
‫(‪)13‬‬
‫حمرضات البيئة املحيطة به‪ .‬وعندئذ يمكن أن هتيمن الثقافة عىل اللغة‪.‬‬
‫أنواع الرتمجة واملشكالت النابعة منها‬
‫إن فقدان عالقة التطابق بني الشكل واملعنى‪ ،‬هي السبب الرئيس يف تعقيد عملية‬
‫الرتمجة‪ ،‬ولوال خاصية االنحراف هذه لكان لكل الوحدات املعجمية واألشكال‬
‫النحوية ترمجة واحدة‪- ،‬لكن تنوعت الرتمجات يف النص الواحد بحسب الزاوية التي‬

‫‪-389-‬‬
‫النصية‬
‫تنبع منها وجهة نظر عملية الرتمجة عند املرتجم‪ -‬ولكانت الرتمجة احلرفية أو ّ‬
‫أي كلمة بكلمة وبنية نحوية ببنية نحوية أمرا ممكنا ومقبوال‪ .‬فالرتمجة احلرفية ينتج فيها‬
‫املرتجم نصا يف اللغة املستقبلة حمتفظا باملظاهر الشكلية للنص األصيل متّبعا نحو اللغة‬
‫املستقبلة ومعانيها املعجمية‪ ،‬وليست الداللية وصيغتها وليست موافقة باستعامل اللغة‬
‫اهلدف‪ .‬لكن املسألة تكمن يف أن اللغة يف حقيقتها جمموعة معقدة من عالقات االنزياح‬
‫بني املعنى (الداللة) والشكل (املفردات والنحو)‪ .‬فكل لغة هلا أشكاهلا املميزة لتمثيل‬
‫املعنى‪ .‬إذ قد يتم التعبري عن معنى ما يف لغة ما إىل لغة ثانية بشكل خمتلف متاما عام ينجم‬
‫عن ترمجته احلرفية بشكل غري مألوف يف اللغة املستقبلة‪ ،‬وكام ال يستخدم بعض اللغات‬
‫الكلامت نفسها لتعبري عن موقف أو إحساس ما وتستعيض عن ذلك بمرتادفات أو‬
‫مفردات بديلة‪ .‬لذا فمن املفرتض إيثار املعنى عىل الشكل أثناء الرتمجة إلفالحها؛‬
‫فاملعنى هو الذي جيب أن ُينقل من اللغة املصدر إىل اللغة اهلدف‪ ،‬ال األشكال اللغوية‬
‫تبعا لنص اهلدف‪ )14(.‬فمثال عند ترمجة العبارة الرتكية ‪ iyi günde kötü günde‬بمعنى‬
‫«يف املر واحللو» لو نقلت حرفيا إىل اللغة العربية «يف يوم الطيب والسيئ»‪ ،‬وهذه الرتمجة‬
‫لن تتطابق مع استعامل أبناء العربية وستبقى عندهم إفادة وحشية وخمتفية داللة‪ .‬إ ًذا‬
‫جيب عىل الرتمجة السليمة أن متيل إىل اختيار وحدات معجمية وصيغ نحوية حسب لغة‬
‫اهلدف‪ ،‬وليس بعقلية لغة املصدر كي ال يكون نتاج الرتمجة شكال غريبا وقالبا خارج‬
‫نطاق االستخدام ألبناء اللغة‪.‬‬
‫ويمكن أن ننظر إىل السابق من زاوية أخرى إذ لو جرى تقسيم الرتمجة إىل قسمني‬
‫بوجه عام‪ ،‬أوهلام‪ :‬الرتمجة احلرة التي تطلق عىل الرتمجة املعنوية‪ ،‬وهي ترمجة ترتكز‬
‫معمقة لنوع النص وأسلوب املؤلف‪ ،‬وختري األلفاظ املعربة عن‬ ‫عىل أسس منها معرفة ّ‬
‫املقاصد‪ ،‬واالهتامم بخصوصية اللغة املستقبلة‪ ،‬وعدم االلتفات إىل املكونات اللفظية‬
‫املرتجم؛ إذ إهنا تدعو إىل االكرتاث بصياغة الفكرة والرتكيب للغة‬ ‫َ‬ ‫للنص األصيل أو‬
‫اهلدف‪ ،‬وجتنب إبدال الكلامت بموازهيا املحض‪ ،‬والتغافل عن عدد كلامت النص أو‬
‫النصية فهي ال تقابل املعنى املنشود‬
‫مسائل كالتقديم أو التأخري‪ .‬أما الرتمجة التقليدية أي ّ‬
‫من كل حدب وصوب‪ .‬وباسمها اآلخر الرتمجة احلرفية تعني االلتزام بالصورة اللفظية‬
‫وترتيب الرتاكيب يف النص األصيل ووضع مقابالت املفردات‪ ،‬وهذا قد يكون بدرجة‬
‫تتسق مع عدد الكلامت يف النص األصل واهلدف‪ .‬وتكون التكأة عىل املعاجم الثنائية‬

‫‪-390-‬‬
‫اللغة‪ ،‬وتنايف مجال األسلوب ومنطق اللغة املرتجم إليها‪ .‬وهذا النوع من الرتمجة من أسوأ‬
‫ما يلجأ إليه من فقدوا الرباعة يف اللغتني يف الوقت ذاته‪ ،‬وال يمكن هلذه النظرية أن تقدم‬
‫(‪)15‬‬
‫براهني عىل صحة سالمتها؛ إذ إهنا مازالت بحاجة إىل مزيد من النقد والتمحيص‪.‬‬
‫وعليه فنحن نسبح ضد هذا التيار لكي نحقق أوفر قسط من الفائدة؛ ذلك أن املرتجم‬
‫ليس جمرد ناقل حريف للمنقول‪ ،‬بل هو مترصف فيه‪.‬‬
‫وتتبنى الرتمجة احلرة فكرة التخلص من الرتمجة االستنساخية واألخذ بالرتمجة‬
‫االستكشافية‪ ،‬كام تستقي الفكرة من منهل التكييف بحيث تدفع املرتجم إىل التجنب من‬
‫نسخ الكلامت والصيغ تبعا للغة املصدر واستمداد من الكشف عن العبارات املعادلة‬
‫وفقا الستخدامات أبناء اللغة اهلدف(‪)16‬؛ إذ إن التحليل الداليل كفيل بالتخلص من‬
‫الكثري من االنحراف املعنوي‪.‬‬
‫وأما املرتجم الرتكي يف خصوص الرتمجة املعنوية‪ ،‬فعليه إيثار التعريب عىل الرتمجة‪،‬‬
‫بام يفيد التعريب هنا إلباس النص املرتجم من الرتكية إىل العربية الثوب املناسب له وفق‬
‫مقاييس العربية‪ ،‬وهذا يفرض عىل املرتجم اإلملام بأركان اجتامعية وثقافية إضافة إىل‬
‫املبادئ النحوية والرصفية للغة املنقول إليها من أجل السالمة األسلوبية‪ ،‬وهذا الذي‬
‫(‪)17‬‬
‫جيعل الرتمجة أكثر إيفاء بالغرض واملرتجم مضطلعا يف مهمته‪.‬‬
‫إطاللة موجزة عىل اللغتني العربية والرتكية‬
‫تنتمي اللغة العربية واللغة الرتكية إىل ثقافات متغايرة عىل الرغم من مشاركتهام‬
‫حضارة واحدة يف جذورمها‪ ،‬وعىل السابق فال يمكن أن تتطابق اللغتان متاما‪ ،‬كام‬
‫اليمكن أن ترتجم إحدامها األخرى بصورهتا الكلية والدقيقة؛ ألهنام حتتويان عوامل‬
‫ثقافية متيزمها عن بعضهام بعضا‪ .‬ومع هذا‪ ،‬فال يمكن إنكار تقارهبام إىل حد ما‪ ،‬فهام‬
‫تنتسبان إىل الثقافة اإلسالمية‪ ،‬وتتسم كل لغة منهام بخواص متعلقة بوجهة النظر اخلاصة‬
‫هبا وطريقة التفكري املتأثرة باجلغرافيا التي يعيش أهل اللغة فيها‪ ،‬والبيئة املادية أو املعنوية‬
‫التي تشكل قوالب وتعابري لدى أبناء اللغة هذه أو تلك؛ إذ إن نصا ما بإحدامها غالبا‬
‫مواز‪ .‬وتكمن الصعوبة يف املقوالت املنبثقة‬ ‫صالح للرتمجة بمعناه كامال وليس بشكل ٍ‬
‫من ثقافة اللغة وعاداهتا التقليدية أو املجازات أو املصطلحات‪ .‬وكلها موقوفة عىل معرفة‬
‫االستعامالت الشائعة والتعبريات املتداولة يف تلك اللغة‪ ،‬يف احلقيقة ليس األمر معقدّ ا‬
‫بني هاتني اللغتني كام هو احلال بني اللغة العربية واللغات األجنبية األخرى‪.‬‬

‫‪-391-‬‬
‫أما اللغة الرتكية فتنتمي إىل عائلة اللغات األلطية التي تعود يف منشئها إىل آسيا‬
‫الوسطى‪ .‬وهي من اللغات اإللصاقية اإلحلاقية غري املترصفة‪ ،‬أي أن الكلامت فيها‬
‫تتألف بإضافة اللواحق إىل اجلذور‪ .‬ويمكن أن يضاف عدد كبري من اللواحق إىل اجلذر‬
‫الواحد وثمة قواعد صارمة تضبط ترتيب اللواحق التي هلا وظائف نحوية متنوعة‪.‬‬
‫والرتكية لغة فصيحة حمكية يف اجلمهورية الرتكية وبعض البلدان الرتكية األصل إذ‬
‫تعدّ ها هذه البلدان إحدى هلجاهتا كأذربيجان وتركامنستان وأوزبكستان‪ ..‬إلخ‪ .‬ولغة‬
‫الكتابة مطابقة متاما للغة احلديث إذا مل خيطئ متحدثوها؛ إذ إهنا ختلت عن التعقيد‬
‫اللغوي بدءأ من إعالن اجلمهورية يف القرن األخري ومالت نحو البساطة والسهولة‪،‬‬
‫تكتظ بالعربية عىل األكثر‪ ،‬ومع هذا فال‬ ‫ّ‬ ‫وبدأت تتنازل عن الكلامت الدخيلة التي‬
‫يزال فيها سيل فياض من املفردات العربية سارية املفعول‪ .‬كام ختتلف الرتكية احلديثة‬
‫عن سابقتها حيث تغريت حروف الكتابة يف رسمها من العربية إىل الالتينية يف عام‬
‫‪ .١٩٢٨‬وكان األتراك قد تبنوا احلروف العربية لكتابة لغتهم – بعدما اعتنقوا الدين‬
‫اإلسالمي ومتركزت عندهم الثقافة اإلسالمية – حتى تأسيس اجلمهورية الرتكية نيابة‬
‫عن اإلمرباطورية العثامنية‪ .‬وهنا جيدر بنا أن نقول إن اللغة الرتكية ظلت عىل ارتباط‬
‫(‪)18‬‬
‫وثيق باللغة العربية طوال قرون‪.‬‬
‫وال غرو يف أن ثقافتي العرب والرتك تتشاهبان استنادا إىل تارخيهام املتقاطع وجتربتهام‬
‫يف العيش يف إطار احلضارة نفسها طوال سنوات من االستظالل بالقاسم املشرتك املتمثل‬
‫يف الثقافة اإلسالمية؛ فمن املعروف أن البالد العربية بقيت جزءا من الدولة اإلسالمية‬
‫العثامنية التي دام فيها احلكم الرتكي زهاء مخسة قرون‪ ،‬وخالهلا قربت بني طباع الشعبني‬
‫وعاداهتام وتقاليدمها وطبعت احلياة العربية ببعض سامت احلياة الرتكية‪ .‬وانتقلت ألفاظ‬
‫عديدة من أوهلام إىل أخرامها نتيجة جتربة احلياة املشرتكة سواء أكان ذلك يف لغة اإلدارة‬
‫أم املصطلحات العسكرية أم أسامء األطعمة؛ إذ استفادت كل منهام من األخرى‪ .‬فلقد‬
‫شغف األتراك بتعلم اللغة العربية وافتخروا بامتالك ناصيتها لكوهنا لغة القرآن املجيد‬
‫(‪)19‬‬
‫واألحاديث النبوية وبرعوا فيها حتى إهنم أ ّلفوا كتبا لتعليم أبنائهم‪.‬‬
‫ووحدة الدين والشعائر بني اللغتني الرتكية والعربية جتعلهام متقاربتني يف طريقة‬
‫التفكري واأللفاظ املتواجدة إىل حد ما‪ .‬وحتتاج هذه القرابة يف السلوك إىل مزيد من‬
‫التقوية كي تفرض نوعا من التقارب بينهام لتحريض املتلقي عىل الوقوف عىل عنارص‬

‫‪-392-‬‬
‫أصلتها الثقافة اإلسالمية؛ قصد حماولة تقليص املسافة بينهام‪ ،‬وأداء وظيفة‬‫األخوة التي ّ‬
‫إنفعالية بني املتلقي والنص املرتجم بإثارة انتباهه وإغرائه بعبارات مسبوكة توحي‬
‫(‪)20‬‬
‫بالتبسط يف االطالع عىل الثقافة الصاحبة‪.‬‬
‫أخطاء يرتكبها املرتمجون العرب واألتراك‬
‫إن من أبرز أنواع األخطاء اللغوية التي يرتكبها دوما متحدثو اللغة من غري أبنائها‬
‫عكس األشكال املعجمية والنحوية يف اللغة األم؛ إذ يرتمجون الشكل حرفيا من لغة املصدر‬
‫وبذلك يبدو كالمهم يف لغة اهلدف غري طبيعي‪ ،‬ألهنم ال يكرتثون لوجود البنية املغايرة ملا‬
‫اعتادوا عليه يف لغتهم األم‪ ،‬كام يرتمجون من خالل نقل الكلامت‪ ،‬فيهملون احلقيقة القائلة‬
‫بأن الرتمجة ليست نقال بل تفسريا مضبوطا بضوابط اللغة املستقبلة‪ .‬فعىل سبيل املثال ثمة‬
‫تركيب مستخدم يف الرتكية «‪ »pireyi deve yapmak‬ويقوم املرتجم برتمجتها حرفيا كاآليت‪:‬‬
‫«جعل الربغوث مجال»‪ ،‬بينام تكون الرتمجة الصحيحة هلا «جعل من احلبة قبة»‪ .‬وعند إلقاء‬
‫العيص عىل الفهم أو املوحي باملعنى اخلاطئ‬
‫ّ‬ ‫نظرة عىل هذه الرتمجة بشكلها غري املألوف أو‬
‫يف اللغة اهلدف‪ ،‬يتضح لنا أن هذا النقل غري جدير بأن يسمى ترمجة‪ ،‬فهنا جيب عىل املرتجم‬
‫أن يتن ّبه إىل نقل املعنى بصورة صحيحة‪ ،‬أما شكل اللغة اهلدف فيبنغي تغيريه كلام اقتضت‬
‫(‪)21‬‬
‫الرضورة حتى َيس َلم معنى اللغة املصدر من التحريف‪.‬‬
‫وخيطئ املرتجم يف تركيب اجلمل وهندستها بسبب اخللط بني بنيتي اللغتني‪.‬‬
‫وتندمج الطبيعة الرتكيبية للغة املصدر (السيام اللغة األم) يف نمط اللغة اهلدف وحتام ال‬
‫تتفق كلتامها متاما‪ ،‬فيجد املرتجم نفسه أمام ترمجة غريبة غري معتربة كام يف املثال السابق‬
‫ذكره‪ .‬مع أنه ينقل النصوص من سياق ثقايف معني إىل سياق ثقايف مغاير له‪ ،‬ويتغافل‬
‫(‪)22‬‬
‫عن هذه الواقعة املرة‪.‬‬
‫جيسد روح النص‪ ،‬ومدار التنافس بني‬ ‫وعنرص األسلوب يف الرتمجة هو الذي ّ‬
‫رغم سهولة معانيه‪ .‬وسلوك‬ ‫الرتمجات بأنه يربر وجود عدة ترمجات للكتاب الواحد َ‬
‫اللغات يف حاالت التفاعل مع ظواهر التداخل وآثارها عىل معايري كل من اللغتني‬
‫املعرضتني لالحتكاك‪ ،‬يقدم منهجا خاصا بذاته موجها لطريقة الرتمجة استنادا عىل‬
‫صلة اللغة بالثقافة متالمحة‪ .‬وال خالف يف تأثري اللغة املنقول منها يف اللغة املنقول إليها‬
‫ينوه إىل النص أنه قد تُرجم من لغة أخرى‪ .‬إذ‬ ‫والعكس من خالل تداخالت خاصة‪ ،‬بام ّ‬

‫‪-393-‬‬
‫يالحظ وجود أخطاء يف الرتمجة ناجتة عن سلوك لغوي لدى املرتمجني كامليل إىل األلفاظ‬ ‫َ‬
‫املولدة األجنبية‪ ،‬أو النزوع إىل العبارات والشواهد األجنبية غري املرتمجة‪ ،‬أو اإلبقاء عىل‬
‫كلامت وتراكيب غري مرتمجة يف النص بعد ترمجته وهلم جرا‪)23(.‬وكل السابق قد يع َّلل‬
‫باحتكاك اللغات وتفاعلها بدرجة عالية تسبب ثنائية اللغة يف الرتمجة‪.‬‬
‫أما األخطاء املرتكبة بتأثري اللغة األم فتُظهر نفوذ اللغة املكتسبة املامرس عىل اللغة‬
‫املتعلمة سواء يف البنية النحوية أم الرتكيبات املعجمية‪ .‬فمن البدهي تدخل اللغة األم يف‬
‫متييز دالالت املفردات وأنواع الرتاكيب التي خيتزهنا عقل املرتجم مستسلام هلا‪ ،‬ولنرضب‬
‫مثاال يف اللغة العربية تعبري «تقديم االمتحان» إذ يقابلها يف الرتكية «دخول االمتحان»‪،‬‬
‫فإذا رغب املرتجم الرتكي يف نقل هذا العمل إىل العربية‪ ،‬ال يصح ترمجته حسب ما ورد‬
‫استعامله يف لغته املصدر‪ ،‬ذلك أنه ليس مقبوال يف االستعامل عند أهل اللغة اهلدف‪.‬‬
‫ومع هذا يقع غالبية املرتمجني يف هذا الفخ بخسوف بصريهتم املسحورة بسلطة لغتهم‬
‫األم‪ ،‬وسطوة طريقة تفكريهم وهنج تشكليهم اجلملة والتعبري‪ .‬ومثال عكسه نرضبه‬
‫لنمثل عىل ترمجة املرتجم العريب لعبارة‪« :‬اقرتب منا» إىل الرتكية «‪»bizden yaklaştı‬؛ إذ‬
‫يقع يف خطأ نحوي يف استعامل حرف اجلر‪ ،‬فيبدو أنه ظن أن فعل «اقرتب» حيتاج إىل‬
‫حرف اجلر نفسه يف الرتكية‪ ،‬بل احلقيقة هو حيتاج إىل حرف اجلر «إىل» وتصبح الرتمجة‬
‫(‪)24‬‬
‫الصحيحة‪.bize yaklaştı :‬‬
‫إمهال الرتمجة هو من األخطاء املرتكبة بصورة منترشة؛ إذ يظهر جهارا هنارا واقع‬
‫االستغناء عن الرتمجة السيام يف النصوص الدينية‪ ،‬حيث انرصف املرتمجون عن‬
‫ترمجتها حلرصهم عىل حفظ بركة الدين واحلذر من تضليل املفهوم؛ خشية الوقوع يف‬
‫تشويه املصطلح وانتهاك قدسيتها‪ .‬لكن هذا جيعل املتلقي من أهل اللغة املنقول إليها‬
‫ال يفهم مضمون املصطلح كام يفهمه املتحدث األصيل‪ .‬هنا املرتجم الناطق باللغة‬
‫الرتكية بحاجة إىل العثور عىل ترمجة دقيقة ومعبرّ ة توصل رسالة سليمة وقويمة عن‬
‫تزود املرتجم بخربات متعلقة باحلقل الذي يرتجم منه وحتفيز‬ ‫اإلسالم‪ .‬ويظهر وجوب ّ‬
‫قدراته عىل استثامر متكّنه اللغوي والثقايف واملعريف والتخصيص‪ .‬وال غرو يف العجز‬
‫عن ترمجة املصطلحات الدينية يف حال عدم التمكن من إجادة علوم الرشيعة وأصوهلا‬
‫ومقاصدها‪ .‬فلن يفلح املرتجم إن مل يس ّلح نفسه بخلفية دينية عميقة باإلضافة إىل اكتامل‬
‫مؤهالته الرشعية‪ )25(.‬عىل سبيل املثال‪:‬‬

‫‪-394-‬‬
‫املصطلح العريب ترمجته الرتكية املهملة ترمجته الرتكية املتوقعة‬
‫صلة الرحم ‪sılai rahim ziyareti akraba‬‬
‫عمل صالح ‪salih amel şfaydalı i‬‬
‫عرشة مبرشون ‪mübeşşere aşerei şimüjdelenen on ki‬‬
‫مسألة مهمة ‪mesele mühim önemli sorun‬‬
‫إخالص ‪ihlas samimiyet‬‬
‫احتامل ‪ihtimal olasılık‬‬
‫تأسيس ‪tesiskuruluş‬‬
‫ال بد لنا من التنويه إىل أن اهلدف من هذه النامذج هو تقديم صورة نمطية عن‬
‫واقع عملية الرتمجة‪ .‬ولقد ارتأينا يف هذا الصدد أن نصل إىل الرتمجة الوافية لكل من‬
‫اللغتني املتناغمتني‪ .‬وليس خطأ مقتصورا عىل إمهال ترمجة املصطلحات الدينية‪،‬‬
‫وإنام يشتمل عىل الكلامت اليومية أيضا‪ ،‬فقد هيجر بعض املرتمجني األتراك ترمجات‬
‫صحيحة ويستعيضون عنها بالكلمة كام هي‪ .‬وحيسب املرتجم الرتكي فإن املصطلحات‬
‫أو الكلامت التي تستعار من العربية مفهومة لدى الناطقني بالرتكية ويرتكها مهملة‪،‬‬
‫ربره بعض الباحثني أن األتراك قد عاشوا برفقة العرب طوال قرون‬ ‫وهذا العمل قد ي َّ‬
‫والتقطوا منهم العديد من الكلامت‪ ،‬ومن ثم فإن الشعب الرتكي يدرك معاين الكلامت‬
‫ترمجة‪ ،‬لكن املقصود ال يصل إىل‬ ‫ٍ‬ ‫أو املصطلحات عربية األصل واملطروحة دون‬
‫األذهان كام لو أنه سمع مرتمجا إىل الرتكية وال يرتك يف النفوس االنفعال نفسه‪ .‬فال يحُ َّبذ‬
‫هذا الوضع عند اللغويني األتراك و ُيعد مشيبا لصفاوة اللغة يف أصلها املحض‪ ،‬كام أنه‬
‫نقص من ناحية إسرتاتيجية الرتمجة‪ .‬يف احلقيقة ليس هناك ما يدعو إىل القول باستحالة‬
‫الرتمجة‪ ،‬بل ثمة قلة احرتافية يف فن الرتمجة‪ .‬وكام تقدَّ ر بعض املفردات العربية ضمن‬
‫وهتمل ترمجتها بوصفها كلمة تركية واضحة مستعملة باملدلول نفسه‪،‬‬ ‫سياسة الترتيك َ‬
‫تيمم‪ ،‬مسلم‪ ،‬مهر‪ ،‬رشيعة وهكذا‬ ‫منها كلامت كتاب‪ ،‬دفرت‪ ،‬جهاد‪ ،‬زكاة‪ ،‬عمرة‪ ،‬فتح‪ّ ،‬‬
‫دواليك‪ ..‬ويلجأ املرتجم إىل عملية نسخ الرسم اللفظي باملدلول عينه‪ ،‬وبغض النظر‬
‫عن قابلية اإللغاء أو اإلبدال كي حيافظ عىل نسيج الكلمة املتداولة يف اللغة الرتكية‪.‬‬
‫ومن األخطاء املتعلقة باملرتجم الرتكي أو العريب اخللط بني داللة املفردات املستعملة‬
‫ٍ‬
‫بمعان خمتلفة‪ ،‬ف ُيغفل املرتجم أثناء‬ ‫يف كلتا اللغتني لكوهنا تلفظ بالطريقة عينها لكن‬

‫‪-395-‬‬
‫الرتمجة وينظم النسق يف اجلملة كأهنا جارية يف اللغة املصدر‪ ،‬فيؤدي ذلك إىل خطأ داليل‪.‬‬
‫فمثال كلمة «التفات» بالعربية تعني امليل إىل اجتاه ما‪ ،‬يف حني تُستخدم يف الرتكية باللفظة‬
‫نفسها (‪ )iltifat‬حيث تدل عىل «املجاملة»‪ ،‬ومن املمكن إغناء النامذج يف هذا الصدد‪.‬‬
‫كام يتعثر املرتجم هبذه املعضلة بسبب اقرتان لغته األم باللغة املقابلة يف سطح اللفظات‪.‬‬
‫ومن األخطاء التي جيب التفادي عنها وقوع املرتجم يف فخ الكلامت املزخرفة بحيث‬
‫خيتار املرادفات املزيفة بدال من األلفاظ املتواترة الرصحية‪ .‬ويرصف نظره عن حقيقة أن كل‬
‫مفردة من املفردات تفيد داللة ال تفيدها لفظة أخرى‪ ،‬وجيعل سبك املصطلح غامضا من‬
‫باب التظاهر بامتالك علم عميق مرصع بألفاظ القدامى بحيث يسبغ ذلك عليه هالة من‬
‫ويفضل املرادفات‬
‫القداسة لكونه يمتلك حكمتهم يف الكالم وينأى به عن موجة احلداثة‪ّ ،‬‬
‫التي مل تكتسب حظا وافرا من الشيوع‪ ،‬فال بد من أن يبقى باب االجتهاد مفتوحا ملن يقرتح‬
‫ترمجات أفضل تبعا لتطور اللغة‪ .‬ومع هذا فعىل املرتجم أن يعي مسألة املرادفات‪ ،‬وخيتار‬
‫املفردة املالئمة لنوع النص وسياقه وعرصه كي يقدم الرتمجة الصائبة؛ ألن املرتادفات تفيد‬
‫إحياءات مغايرة‪ .‬إذ تعج اللغة بإحياءات جمازية يزخر هبا النص األديب خاصة‪ .‬ففي هناية‬
‫املطاف يثري تعدد املرادفات هذه مشكلة شائكة يف الرتمجة تفيض إىل فوىض فهم الداللة‬
‫وضبابية املعنى بسبب انعدام اإلملام بالفروقات الدقيقة‪ )26(.‬كام أن نقل البعدين الزماين‬
‫واملكاين من خالل استخدام لغة قديمة عتيقة زائفة عائدة إىل استخدام النمط الضارب يف‬
‫القدم‪ ،‬يف عرص جيري فيه قفزات التطور التقني والتحول االجتامعي عىل نطاق شاسع يعدّ‬
‫خطأ شائعا يف الرتمجة‪ ،‬ذلك املرتجم يتجاهل العوامل االقتصادية واالجتامعية التي حتدد‬
‫معامل العرص الراهن وينعزل عن روحه‪ ،‬ويتحاشى العبارات احلديثة بسبب نزعته القومية‬
‫التي تتخ ّلف عن ركب احلضارة‪ ،‬ويلجأ إىل شعوذة لسانية حتت تأثري نكوص فكري أو رغبة‬
‫يف إظهار نفسه بمظهر املتبحر يف العلوم‪ ،‬لكن هذا الترصف يقوده إىل خمالفة إيديولوجية‬
‫الثقافة احلية ولذلك جيعل الرتمجة شاقة وغامضة بالنسبة للمتلقي‪ ،‬يف حني جيب االعتامد‬
‫عىل املنظور املعارص وجتنب كل منحى جامد وضيق‪ .‬إ ًذا فالبد من مواكبة للعرص الراهن‬
‫يف عملية اختيار املفردة املالئمة لروح اجليل احلارض وخما َطبي الرتمجة حسب نوعه بأخذ‬
‫نظر االعتبار دينامية اللغة بوصفها عنرصا حيا‪ )27(.‬فعىل سبيل املثال‪ ،‬أي مرتجم تركي يف‬
‫يومنا إذا رجع إىل القاموس الرتكي الذي ألفه أبو حيان األندليس‪ ،‬سيضطر إىل البحث عن‬
‫معاين الكلامت ألهنا قديمة ومنسية وغري مستعملة يف يومنا املعارص‪ ،‬ولن تفهم األغلبية‬

‫‪-396-‬‬
‫الساحقة من األتراك القصد بله اإلفهام والرتمجة‪ .‬ونشاهد ترمجته مناوئة للرتمجة احلديثة‬
‫سواء من ناحية النسق أم الكلامت املختارة لدرجة جتعلها عصية عىل اإلدراك‪ ،‬مع أهنا قد‬
‫تكون مفهومة‪ ،‬لكنها ال تحُ ّبذ لغة للعرص وللرتمجة األنيقة؛ واألمثلة اآلتية توضح السابق‪:‬‬
‫صار قلبه طيبا ‪ ،ubuld işhgönlü ya‬غرست األرض شجرا ‪ ،yirde diktim ağaç‬جاء ثالثة‬
‫رجال ‪ ،)28(üç er geldi‬حذاء ‪ ،kundura‬اللفافة(‪... ğıboyun ba)29‬إلخ‪.‬‬
‫وأخريا ثمة أخطاء نامجة عن سوء الفهم وتقصري الرباعة املعرفية وعدم إحكام املعرفة‬
‫بالثقافة وعدم االطالع عىل االستعامالت الشائعة يف اللغة اهلدف‪ .‬وهذه كلها بمنزلة‬
‫عقد بسيط عزهلا‪ ،‬ومشقات يسري ترقيعها‪ ،‬وثغرة سهل سدها بمنح املرتجم مؤهالت‬
‫تسمح له باإلملام باللغة اهلدف‪ ،‬ويمكن أن نمثل عىل هذه األخطاء بذكر بعضها؛‬
‫عبارة أصيلة ترمجتها اخلاطئة (‪ )30‬ترمجتها املقبولة‬
‫يقول إنه يعرفنا‬
‫‪diyorki bizi tanıyormuş bizi tanıdığını söylüyor‬‬
‫جيب أن تدرس لكي تنجح‬
‫‪okumalısın ki kazanırsın başarmak için ders çalışmalısın‬‬
‫لدي أخوان اثنان‬
‫‪iki kardeşim var bende iki kardeş vardır‬‬
‫بضاعة عادية‬
‫‪normal bir ürün aşağı mal‬‬
‫مرق‬
‫‪et suyutürlü‬‬
‫اجعلني يف حل ساحمني‬
‫‪hakkını helal et‬‬
‫الربوز عىل الساحة حدث – وقع – تشكل‬
‫‪meydana gelmek‬‬

‫وال غبار عىل أن عدم وجود يشء بني هاتني اللغتني غري قابل للرتمجة‪ ،‬وإنام تكمن‬
‫املشكلة يف الطريقة املتبعة يف الرتمجة التي تعتمد مكتسبات املرتجم اللغوية والثقافية‬

‫‪-397-‬‬
‫والتخصصية يف احلقل املتناول موقوفة عىل وجهة نظره ملاهية الرتمجة وهنج تعامله معها‪.‬‬
‫تفضل املضمون عىل الشكل‪- ،‬عىل‬
‫ونشدد عىل رضورة التشبث بالرتمجة احلرة التي ّ‬
‫نقيض الرتمجة احلرفية التي ال ختدم املعنى املتوخى ‪ -‬بوصفها اإلسرتاتيجية املثىل يف حل‬
‫إشكالية ترمجة الرتاكيب اللغوية والعبارات االصطالحية واملقوالت الثقافية‪.‬‬
‫مشكالت الرتمجة وتعليلها‬
‫تتعدد أسباب اإلخفاق يف عملية الرتمجة متنوعة ومنها‪ :‬املستوى اللغوي عند املرتجم‬
‫أي بعد إجادته لكلتا اللغتني معجميا ونحويا وغري ذلك‪ ،‬واملستوى املعريف بالثقافة‬
‫اخلاصة بكل لغة‪ ،‬فمن املس ّلم به أن وراء كل لغة ثقافة متميزة تتأثر فيها‪ .‬كام يعدّ مدى‬
‫معرفة املرتجم بموضوع النص الذي يرتمجه عامال مهام يف نجاح أو فشل عملية الرتمجة؛‬
‫فمثال املرتجم املتخصص يف فرع األدب‪ ،‬قد ال حيسن ترمجة النص الديني بسبب ما‬
‫ينقصه من معلومات متعلقة بذلك احلقل‪ ،‬وقد يعجز عن فهم املصطلحات؛ ألن مهمة‬
‫(‪)31‬‬
‫الرتمجة تعتمد عىل الفهم أوال واإلفهام ثانيا‪.‬‬
‫إن اللغات قاطبة تفرض عىل املتكلمني هبا طريقة معينة يف النظر إىل العامل وحتليل‬
‫جتارهبم هبا‪ .‬كام تكمن قيمة الرتمجة يف نقل املعاين املقصودة دون اإلرضار بمنطق اللغة‬
‫املنقول إليها وخمالفة أحكامها ورشوطها؛ ففيها أيضا تربز أمهية املهارات والكفاءة يف‬
‫الرتاكيب املنافية للمنطق والعقل والذوق السليم‬
‫َ‬ ‫اللغة بكل معنى الكلمة كي ال تنتج‬
‫بتفضيل الساقط من الكالم والضعيف من التعبري والغث من املصطلحات واملفردات‪.‬‬
‫وعليه فإن محل اللفظ عىل املعنى واملجاورة وهو من سنن العرب يف الكالم‪ ،‬قاعدة‬
‫أساسية يف استيفاء املعنى املنشود‪ ،‬إذ يقال‪« :‬وللجوار حق يف كالم العرب»‪ .‬ويف ضوء‬
‫هذا أيضا ال بد لنا من مراعاة مبدأ االقتصاد واإلجياز يف اللغة‪ .‬ذلك أن اللغة ليست‬
‫جمموعة من األلفاظ يضم بعضها إىل بعض عشوائيا واعتباطيا‪ ،‬بل هي عبارة عن نظام‬
‫(‪)32‬‬
‫خيرج الكالم صحيحا واضحا ال لبس فيه وال غموض وال قبح وال شذوذ‪.‬‬

‫‪-398-‬‬
‫‪ -١‬أسلوب اللغة – املوقف االتصايل للغة‪:‬‬
‫هذا األمر يفرض عىل املرتجم االنتباه إليه ٍ‬
‫بتلق وا ٍع قبل مبادرة الرتمجة كام حي ّثه عىل‬
‫التفكري باجلمهور الذي ُيرتجم من أجله‪ ،‬وثمة بالطبع بعض الفروق يف املوقف االتصايل‬
‫ختتلف يف كل من النص املصدر والنص املرتجم‪ .‬وعىل املرتجم أن يكون مدركا هلذه‬
‫الفروق وأن جيد طرقا للتعويض عنها حتى يتسنى له إيصال الرسالة األصلية يف السياق‬
‫اجلديد(‪ .)33‬فمثال يف الرتكية‪ ،‬تعبريات مثل «أعطيني» أو «صبية»‪ ،‬قد تستعملها الفتيات‬
‫يف حديثهن الو ّدي لكن صدور مثلها منهن يف موقف رسمي قد يكون فيه نوع من غري‬
‫اللياقة اللفظية وهو ما يسمى باملحظور الداليل (التابو)‪ .‬ولعل اللغة توفر صيغا مهذبة‬
‫تُستعمل عند املخاطبة‪ ،‬كام جيب تفضيلها أثناء الرتمجة كأسلوب تبجييل‪ ،‬وحت ّبذ ترمجة‬
‫تلك التعابري إىل الرتكية بدال منها‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪« :‬هل تستطيعون إعطاء ‪.‬؟» و«سيدة‬
‫أو آنسة»‪ .‬وهذه الفروقات قد تقرتن بأمور مثل املنزلة االجتامعية أو األفكار الثقافية‬
‫عن التفوق والتدين‪ .‬وعىل املرتجم أن يبذل قصارى جهده لسد الثغرة بني االستعامالت‬
‫املعتاد عليها واالستعامالت غري مألوفة لدى أبناء اللغة املستقبلة؛ ألن غياب الضوابط‬
‫الصارمة املوجهة لألسلوب بأي موقف يك ّبل حركته ويق ّلص فعالياته يف بادئ األمر‪،‬‬
‫لكن ختطي هذه املشكلة أيضا خاضع ملعرفة معمقة يف اللغة احلديثة والثقافة احلية‪.‬‬
‫‪ -٢‬الرتادف‬
‫يعد تواجد الفيض اهلائل من الرتادف الذي يتدفق عىل املرتجم من املشكالت التي‬
‫تواجهه‪ ،‬ويعني الرتادف استعامل مثيل للكلمة بدال من أخرى‪ .‬واملعاجم الثنائية اللغة‬
‫التي تكابد ختمة يف املرتادفات تثري بلبلة يف ذهن املرتجم‪ .‬ومع هذا‪ ،‬فعىل املرتجم أن يطوع‬
‫أسلوبه لطبيعة النص املطلوب ترمجته‪ ،‬بحيث يتخري املناسب من بني املرتادفات‪ .‬ومن‬
‫الطبيعي أن ختتلف صياغة الكلامت باختالف النص األديب أو الديني أو العلمي وخيتار‬
‫من املرادفات حسب نوع النص املرتجم إليه‪ .‬واختالف االختيارات بني املرادفات يعكس‬
‫اختالف الذوق اللغوي وتعدد املشارب لدى املرتمجني وهو أمر طبيعي ال مناص منه‪.‬‬
‫لكن املقصود هنا كسبيل معقول يف حرية االختيار من املرادفات أن يتامشى االستعامل‬
‫املختار واملبادئ املنطقية حسب انتامء النص إىل أي فئة من فئات‪ .‬إذ إن غزارة مفردات‬
‫اللغة العربية التي صقلتها آالف السنني وقدرة العربية عىل ختصيص مقال لكل مقام‬
‫سمتها ليست موجودة يف اللغات األخرى إىل هذه الدرجة‪ .‬واأللفاظ املتشاهبة يف املعنى‬

‫‪-399-‬‬
‫التي تسبب احلرية لغري أبناء اللغة حتوي بني طياهتا تفاوتات لطيفة دقيقة يتجىل كل منها‬
‫يف سياق آخر‪ .‬إ ًذا جيب عىل املرتجم أن يتيقظ حلاالت عدم التساوق املنطقي معنيا بني‬
‫النص املرتجم منه وإليه‪ ،‬وأن حيرص عىل سالسة الرتمجة كي جيعلها ترمجة براغامتية أي‬
‫يستفاد منها بوجه يسري‪ ،‬وأن حيقق اندماج النص املرتجم من أصله‪ ،‬ومن ثم يسهل إدراك‬
‫املتلقي إىل أقىص حد ممكن‪ )34(.‬فمثال املفردة الواحدة الرتكية «‪ »karışık‬تقابلها مفردات‬
‫مشوش ‪ -‬متهاوش‪ -‬ملتبس‪-‬‬ ‫عربية متعددة ودالالهتا خمتلفة ‪« :‬ممزوج ‪ -‬ممشوج ‪ّ -‬‬
‫مع ّقد ‪ -‬مبعثر‪ -‬خمتلط»‪ .‬واملرتجم الرتكي يرتبك يف انتقاء أنسبها وفقا لسياق النص‬
‫بالعربية‪ ،‬ملا يواجهه من سعة وغزارة يف التعبري لكوهنا لغة بليغة وغنية باأللفاظ الدالة عىل‬
‫املعاين العامة واخلاصة‪ ،‬فيحتار يف أمر اختيار املناسب من بني املرادفات‪ ،‬وألجل حتديد‬
‫املرتادف األمثل يف اللغة اهلدف‪ ،‬عليه إتقان الفروق الداللية الدقيقة بني املرتادفات كي‬
‫ال يقع يف فجوة داللية فيستعمل لفظة يف غري حملها‪ .‬لذا فعليه تفادي الفراغات اللفظية‬
‫واالنزياحات الداللية باالعتامد يف االختيار عىل حيز التالزم اللفظي لكل مرتادف‪ ،‬وعىل‬
‫الرغم من أن ثمة تداخال يف معنى املرتادفات فثمة قيود للمتالزمات التي ينبغي أخذها‬
‫(‪)35‬‬
‫بعني االعتبار عند تفضيل املرادف عىل آخر حسب النسبية الثقافية‪.‬‬
‫‪ -٣‬التالزم اللفظي‪:‬‬
‫هو ارتباط رضوري بني الكلامت يف اللغة ويتعامل معها بوصفها وحدة داللية ال‬
‫تتجزأ‪ .‬ومعرفة الكلامت التي ترتافق تعد جزءا مهام من الرتمجة الصحيحة؛ ألن اجتامع‬
‫بعض الكلامت سيكون هراء خارج نطاق الواقع‪ .‬وغالبا ما يرتكب متعلمو اللغة الثانية‬
‫أخطاء من هذا القبيل إما نحوية أو معجمية ألهنم جيمعون كلامت تتالزم يف لغتهم‬
‫األم‪ ،‬لكنها ال تتالزم يف اللغة التي يتعلموهنا‪ ،‬إذ التآلف الذي يشكل معنى صحيحا‬
‫دالليا يف لغة ما‪ ،‬قد ال يكون صحيحا يف لغة أخرى‪ ،‬وال شك يف صعوبة تنبؤ غري أبناء‬
‫اللغة باملتالزمات‪ .‬فقد تنشأ هذه األخطاء من تصادم ثقايف بني حمتوى النص املصدر‬
‫وأنامط الثقافة املستقبلة‪ .‬ومع هذا من رضوب الدقة ما يظهر يف اقرتان األلفاظ بعضها‬
‫ببعض‪ ،‬فقد خصص العرب ألفاظا أللفاظ وقرنوا كلامت بأخرى ومل يقرنوها بغريها‬
‫ولو كان املعنى واحدا‪ )36(.‬لذلك ينبغي أن نأخذ حذرنا عند الرتمجة بإنعام النظر يف‬
‫االستخدامات الشائعة للغة اهلدف وإجياد التعبري املكافئ‪ ،‬وعندما تنسجم الكلمة‬
‫البديلة مع نمط الرسالة من الناحية األسلوبية تنترص الرتمجة بشكل ٍ‬
‫واف‪.‬‬

‫‪-400-‬‬
‫وتعد األمثال والتعابري التقليدية واألقوال السائرة كاملجازات أو الكنايات اللغوية‬
‫واملركبات الشائعة والعبارات االصطالحية من أنامط املتالزمات‪ ،‬وهذه القوالب‬
‫اللفظية هي قوالب ثقافية خالصة‪ ،‬فكثري منها يدل عىل أن العنارص اإلسالمية قد‬
‫(‪)37‬‬
‫انصهرت يف ثنايا اللغة العربية وامتزجت هبا‪.‬‬
‫وجيب االطالع عىل املتالزمات بوصفها العنارص املعجمية‪ .‬إذ تظهر املشكلة عندما‬
‫الرتسخ وممتنعة عن التحويل‪ .‬فال بد من‬
‫ّ‬ ‫تُستبدل مكونات العبارة بأخرى ألهنا شديدة‬
‫تضمن املعاجم استعامالت املفردات املركبة والعبارات املتداولة برفقة ما جياورها من‬ ‫ّ‬
‫املفردة بسبب عالقة داللية واقتضاء التعارف وافرتاضات التداول بحيث تتطابق مع‬
‫االستعامل اجلاري‪ .‬ألن تنبؤ متعلم اللغة الثانية بافرتاضات معاين اجلملة املركبة انطالقا‬
‫من خلفيته املعرفية لالستخدامات السائدة صعب املنال ألهنا منوطة بالقيم املوروثة‬
‫(‪)38‬‬
‫وتستوجب كسبها بأي شكل من األشكال‪.‬‬
‫‪ -٤‬التكافؤ‪:‬‬
‫يفيد التكافؤ إجياد معادل تعبريي ملفردة أو مصطلح يف اللغة اهلدف تكون له القيمة‬
‫أو الوظيفة نفسها يف اللغة املصدر‪ ،‬وتتأزم املعضلة عندما يتعلق األمر برتمجة التعابري‬
‫واألمثال‪ ،‬وكل هذه هي التي تقتيض معرفة االستخدامات السائدة والتالزم اللفظي‪.‬‬
‫وتتجسد بوصفها مشكلة عند استحالة إجياد املرادف املضبوط لكلمة ما يف اللغة‬
‫(‪)39‬‬
‫املستقبلة‪.‬‬
‫ال بد من االنتباه يف الرتمجة إىل حسن الصياغة والسالمة اللغوية حسب مقتضيات‬
‫اللغة املستقبلة‪ .‬ومن األخطاء التي يقع هبا املرتمجون البحث عن التكافؤ احلريف للوحدات‬
‫املعجمية يف أثناء الرتمجة‪ .‬ألن التكافؤ التام كلمة بكلمة أمر بعيد التحقيق بسبب اختالف‬
‫طبيعة اللغات ومنطقها‪ .‬لكن ال بد من توفري التكافؤ األسلويب والسياقي؛ إذ ثمة مقابل‬
‫وظيفي يف النص اهلدف يشري إىل هوية معربة وحيسن اختياره يف الرتمجة لكونه يتضمن‬
‫معنى مطابقا ألصله‪ .‬فعىل سبيل املثال؛ املثل العريب القائل «كثرة الطهاة تفسد احلساء»‪،‬‬
‫يقابله يف الرتكية «‪ »iki kaptanlı gemi batar‬الذي يعني حرفيا «تغرق السفينة ذات‬
‫القبطانني»‪ .‬هنا لن يفيد نقل املعنى حرفيا حيث سيؤدي ذلك إىل الوقوع يف خطأ داليل‬
‫وأسلويب‪ .‬لذلك وجب اللجوء إىل العثور عىل معنى معادل يطابق داللة رسالة النص‬
‫(‪)40‬‬
‫األصيل‪ ،‬ومن السابق يبدو ب ّينا أن الرتمجة ليست النقل بل التفسري‪.‬‬

‫‪-401-‬‬
‫‪ -٥‬التطابق‪:‬‬
‫ويعني التناسب والتناسق املطرد بني الوحدات املعجمية‪ ،‬وبام أن األبنية اللغوية غري‬
‫متزاوجة‪ ،‬وليس من املتو َّقع أن تتطابق كلامت نص اللغة املصدر تطابقا سابغا مع كلامت‬
‫اللغة اهلدف بسبب اختالف بنية اللغات وعدم متاثلها يف التعابري وتعذر احلفاظ عىل‬
‫التوافق دوما‪ .‬لذلك يفضل املرتجم مجلة يف اللغة اهلدف يكون هلا معنى مشابه تقريبا‪،‬‬
‫وذلك بمراعاته سياق العبارات املتوافرة يف اللغة اهلدف واضعا يف حسبانه بنية النص‬
‫(‪)41‬‬
‫الختيار املفردات وفقا له‪.‬‬
‫ولن حيدث التطابق بني الشكل واملعنى إال حني يستخدم الشكل بمعناه األويل‬
‫ووظيفته األولية‪ .‬أما استخدام املعاين املكنية أو املجازية فسيظهر احلاجة إىل تطابق‬
‫يالحظ‬
‫معنوي؛ ألن الكلمة التي تقابلها يف اللغة األخرى ليست ترمجتها معجميا وال َ‬
‫وجود تطابق حريف‪ ،‬بل ُيطلب حتقيق تطابق أي توافق الفكر ال غري‪ .‬وجيدر باملرتجم‬
‫الرتكيز عىل التباين بني الفروقات الثقافية بغية سبك العالقة املنطقية بني النص األصيل‬
‫ومطابقه بوصفه النص املرتجم املوفق‪.‬‬
‫ويف حال عدم وجود التكافؤ أو التطابق أو التامثل وما شابه الذي حيول دون‬
‫دوامة من التعقيد الداليل‬ ‫رجوع من عملية الرتمجة خايل الوفاض‪ ،‬ويمنع الدخول يف ّ‬
‫فإن التعقيب يف احلاشية يغدو حال حصيفا حيث يلجأ املرتجم إليها من أجل توضيح‬
‫مبسطا يف أسفل‬‫معنى املصطلح‪ ،‬وينسخ الكلمة األصيلة يف الرتمجة ويتبع النسخ رشحا ّ‬
‫الصفحة‪ ،‬وحتوي هذه احلوايش الكثري من املعلومات امليسرّ ة‪ ،‬بحيث تتيح للمتلقي‬
‫قدرا يسريا يمكّنه من إدراك املقصود من ذاك املصطلح أو الرتكيب‪ ،‬ومثل ذلك‪ :‬أهل‬
‫الكوفة‪ ،‬باب الريان‪ ،‬اعتكاف‪ ..‬إلخ‪ .‬وهذا املنحى شائع عند األتراك السيام يف ترمجة‬
‫(‪)42‬‬
‫النصوص الدينية أو التارخيية وتأويالت القرآن املجيد‪.‬‬

‫‪-402-‬‬
‫احللول املقرتحة‬
‫عىل املرتجم الناطق باللغة العربية أو الرتكية أن يسلك طرائق متعددة ليتعامل مع‬
‫املشكالت التي تواجهه يف ترمجة الرتاكيب واملصطلحات‪ ،‬وهنا يطرح البحث فذلكة‬
‫الكالم يف صميم الرتمجة‪ ،‬آمال أن تكون عامال مساعدا للمرتجم ومعينا له يف عملية‬
‫الرتمجة‪.‬‬
‫تصب كلها يف حل وحيد وهو «تضمني املعنى‬ ‫ّ‬ ‫االقرتاحات التي تُعرض هنا‬
‫وتعويضه» بدور ريادي‪ ،‬و ُيقصد بتضمني املعنى‪ ،‬أي منحه املعنى الذي يقابله يف اللغة‬
‫األخرى باالستدراك‪ ،‬ذاك الذي ُيستخدم كلمة عوضا عن أخرى بسبب االمتناع عن‬
‫الكلمة املقابلة حرفية‪.‬‬
‫كام تتجىل قيمة الرتمجة يف كون اللغة ليست قائمة عىل كلامت بحتة تستبدل بأخرى‬
‫للحصول عىل املقابل املطلوب يف اللغة الثانية‪ ،‬وإنام هي خمزون ثقايف كبري يعطي هلذه‬
‫الكلامت معاين ضمنية ليس هلا عالقة بمعانيها يف املعاجم‪ .‬وال تعود نظرية الرتمجة صفر‬
‫اليدين من هذه الرحلة حول مفهوم التضمني‪ ،‬فقد تتيح للباحث معرفة أدق باملفاهيم‬
‫التي تغطيها الكلامت من وراء احلجاب كام تعينه عىل التأكد من القصد القائم يف النص‪.‬‬
‫وقد نحكم عىل طريقة التضمني بأهنا براغامتية أو أسلوبية أو حتى مندرجة حتت علم‬
‫الداللة‪ .‬وقد تعطى قيمة ذات قابلية انفعالية‪ ،‬استذكارية‪ ،‬إحيائية‪ .‬ففي ضوء احتكاك‬
‫اللغات‪ ،‬نرى أننا لسنا إزاء مفهوم مطلق‪ ،‬ما ورائي‪ ،‬أبدي‪ ،‬بل نسبي متاما‪ ،‬وتبدو قوة‬
‫االحتكاك واالتصال بوساطة مواقف وميادين التجربة االنفعالية والذاتية جل ّية مما‬
‫يوفر لنا التضمينات‪ ،‬فبقدر العجز عن االلتزام بالتضمينات‪ ،‬ستمأل التناقضات الرتمجة‬
‫(‪)43‬‬
‫وجتعلها متعذرة‪.‬‬
‫ويكون نص ما غري مفهوم لشخص ال يعرف الثقافة التي حتيا فيها اللغة‪ ،‬ولذلك‬
‫يسخر له التضمينات املالئمة يف اللغة‪ .‬أي‬‫يفتقر املرتجم إىل إدراك املعنى املقامي كي َّ‬
‫يضمن املعنى حسب استخدام اللغة اهلدف (سياق احلال) ويرتك بعض‬ ‫ّ‬ ‫إن املرتجم‬
‫املعلومات الضمنية يف الرتاكيب التي تفيض إىل اللبس يف تلك اللغة‪ .‬وعند ترمجة أشكال‬
‫ملبسة‪ ،‬فإن وعي عقلية اللغة املستقبلة ستجعل املعلومات الضمنية رصحية‪ ،‬فالشخص‬
‫املنتمي إىل خلفية ثقافة ما عند قراءته قصة تدور أحداثها يف بيئة ثقافة أخرى‪ ،‬لن يفهمها‬

‫‪-403-‬‬
‫وسيعجز عن استيعاهبا‪ ،‬وذلك بسبب املعلومات الكثرية التي تبقى ضمنية‪ )44(.‬وهنا‬
‫تربز وظيفة املرتجم؛ إذ عليه أن يضمن املغزى املطلوب حسب معطيات اللغة اهلدف‪.‬‬
‫وجيب أثناء عملية تضمني املعنى أخذ املعنى اإلحيائي بعني االعتبار‪ ،‬ألن املفردة التي هلا‬
‫إحياء إجيايب يف ثقافة ما‪ ،‬قد يكون هلا إحياء سلبي يف ثقافة أخرى‪ ،‬وختتلف الكلامت يف‬
‫معانيها اإلحيائية من لغة ألخرى بسبب تل ّقي أهلها هلا بوصفها حمظورات أو مباحات‬
‫يف كل الثقافات‪ .‬وتفرتق اهتاممات كل ثقافة عن األخرى‪ ،‬حيث يقوم بعضها بالرتكيز‬
‫عىل مالمح متعلقة بجغرافيته وتقاليده املتجذرة بينام هتملها ثقافات األخرى‪ .‬فمثال يف‬
‫املجتمع العريب اجلمل والصحراء والليل كل عنرص من هذه العنارص له مكانة مقدرة‪،‬‬
‫بينام ال حتمل هذه املفردات القيمة نفسها يف املجتمع الرتكي‪ ،‬وهذا الفرق تعكسه حصيلة‬
‫املفردات التي تسمح للخوض يف موضوع معني أو متنعه‪ ،‬ويف هذا الصدد قد تعرتض‬
‫طريق املرتجم صعوبات مجة حتول بينه وبني توفري الكلامت املتكافئة التي ترتجم من لغة‬
‫يالحظ وجود اختالفات ممتنعة عن التجاوز بني الثقافتني الرتكية‬ ‫إىل أخرى‪ ،‬لكن ال َ‬
‫والعربية بسبب ارتدادمها إىل جذور واحدة يف تارخيهام واعتامدمها اإلسالم ركيزة‪.‬‬
‫يسهل الرتمجة عرب تقمص النص يف لباسه املستجدّ ‪،‬‬ ‫وتشابه الثقافات هذا ‪-‬إىل حد ما‪ّ -‬‬
‫ويسخر عنارصها بصورة ملحوظة‪ ،‬لذا فالبد للمرتمجني العرب واألتراك أن يقوموا‬ ‫ّ‬
‫يوجهوا بوصلة الرتمجة نحو آفاق التواصل بني تراث‬ ‫بنفض الغبار عن تارخيهام‪ ،‬وأن ّ‬
‫(‪)45‬‬
‫الشعبني الصديقني‪.‬‬
‫– تم بحمد اهلل –‬

‫‪-404-‬‬
‫اإلحاالت واهلوامش‪:‬‬
‫‪ -1‬عبد اهلل الشناق‪ ،‬الرتمجة يف خدمة احلضارة‪ ،‬ص‪.٧٦-١٨٠-٧١‬‬
‫‪ -2‬إبراهيم السيد يوسف‪ ،‬أساسيات علم الرتمجة مدخل إىل الرتمجة للمحرتفني‪،‬‬
‫ص‪٨٧‬؛ اللغة العربية أصلها وأثرها عىل احلضارات‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪،١٢‬‬
‫ص‪.٤‬‬
‫‪ -3‬قطاف متام عبد الكريم‪ ،‬أمانة املرتجم بني النظرية والتطبيق آراء ومفاهيم‪،‬‬
‫بحث انرتنتي‪ ،‬ص‪.٣‬‬
‫‪ -4‬الرتمجة املشوهة وفوىض املصطلح اللساين‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد‪٧‬و‪،٨‬‬
‫ص‪١٩‬؛ ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ص ‪١٦٠٣‬؛ لعريبي ريمة‪ ،‬ترمجة التعابري املجازية‬
‫يف النصوص العامية‪ ،‬ص‪.١٩٨،١ ،‬‬
‫‪ -5‬سوزان باسنت‪ ،‬دراسات الرتمجة‪ ،‬ص‪٣٧ ،١٤٠‬؛ د‪ .‬قاسم املقداد‪ ،‬تفكرات‬
‫سيميائية‪ ،‬ص‪.٧٧،٧٨‬‬
‫‪ -6‬ملدريد الرسون‪ ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ص‪.١٤‬‬
‫‪ -7‬سوزان باسنت‪ ،‬دراسات الرتمجة‪ ،‬ص‪.٥١‬‬
‫‪ -8‬ملدريد الرسون‪ ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ص‪.٦٠،١٨‬‬
‫‪ -9‬د‪ .‬قاسم املقداد‪ ،‬تفكرات سيميائية‪ ،‬ص‪.٨٩-٨٥ ،‬‬
‫‪ -10‬بعض مشاكل الرتمجة األدبية وصعوباهتا قصة املانيكان للكاتب الفرنيس األن‬
‫روب غرييه مثاال‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد‪ ،١٦‬ص ‪.١٤٨‬‬
‫‪ -11‬واقع الرتمجة العربية وأداؤها‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪٧‬و‪ ،٨‬ص‪١٧٤‬؛‬
‫مشكلة ترمجة املصطلح الديني اإلسالمي‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪ ،١٦‬ص‪.٢٠٩‬‬
‫‪ -12‬املتخيل الرسدي والتمثيل الثقايف يف خطاب عبد اهلل إبراهيم النقدي‪ ،‬جملة‬
‫العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪ ،١٦‬ص‪١٨٥‬؛ ملدريد الرسون‪ ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ‬
‫عرب اللغات‪ ،‬ص‪٧١٨-٧٢١‬؛ التداخل اللغوي وأثره يف تعلم اللغة األجنبية لغري‬
‫الناطقني هبا‪ ،‬أعامل املؤمتر اللغوي األول لتعليم العربية‪ ،‬م‪ ،١‬ص‪.٣٩٥‬‬
‫‪ -13‬د‪ .‬قاسم املقداد‪ ،‬تفكرات سيميائية‪ ،‬ص‪.١٦٣-١٥٤‬‬
‫‪ -14‬ملدريد الرسون‪ ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ص‪.٢٥‬‬

‫‪-405-‬‬
‫‪ -15‬الرتمجة املشوهة وفوىض املصطلح اللساين‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد‪٧‬و‪،٨‬‬
‫ص‪.٢٣‬‬
‫‪ -16‬اسرتاتيجيات الرتمجة يف الوطن العريب من تبعية النسخ إىل استقالل النسق‪،‬‬
‫جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪ ،١٩‬ص‪.٢٧٣‬‬
‫‪ -17‬الرتمجة املشوهة وفوىض املصطلح اللساين‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد‪٧‬و‪،٨‬‬
‫ص‪.٢٥،٣٢‬‬
‫‪ -18‬عيسى اجلندي‪ ،‬رشح قواعد اللغة الرتكية‪ ،‬ص‪١‬؛ د‪ .‬فايزة فؤاد الشافعي‪،‬‬
‫قواعد اللغة الرتكية‪ ،‬ص‪٨‬؛ فاضل بيات‪ ،‬اللغة الرتكية‪ ،‬ص‪٣-١‬؛ حسني شمس‪،‬‬
‫الرتكية من غري معلم‪ ،‬ص‪.٤‬‬
‫‪ -19‬د‪ .‬فايزة فؤاد الشافعي‪ ،‬قواعد اللغة الرتكية‪ ،‬ص‪.١‬‬
‫‪ -20‬حافظ إسامعييل علوي‪ ،‬اللسانيات يف الثقافة العربية املعارصة‪ ،‬ص‪.١٠٤‬‬
‫‪ -21‬ملدريد الرسون‪ ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ص‪.١٧،٢٧‬‬
‫‪ -22‬نرسين عبد اهلل عيل أمحد الذبحاين‪ ،‬أثر السياق الثقايف يف الرتمجة‪ ،‬ص‪.٣٣‬‬
‫‪ -23‬جورج مونان‪ ،‬املسائل النظرية يف الرتمجة‪ ،‬ص‪.٦٤‬‬
‫‪ -24‬د‪ .‬فايزة فؤاد الشافعي‪ ،‬قواعد اللغة الرتكية‪ ،‬ص‪١٠٤‬‬
‫‪ -25‬مشكلة ترمجة املصطلح الديني اإلسالمي‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪،١٦‬‬
‫ص‪.٢٠٢،٢٠٨‬‬
‫‪ -26‬الرتمجة املشوهة وفوىض املصطلح اللساين‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد‪٧‬و‪،٨‬‬
‫ص‪٤٦‬؛ نرسين عبد اهلل عيل أمحد الذبحاين‪ ،‬أثر السياق الثقايف يف الرتمجة‪ ،‬ص‪.٣٠-٢٦‬‬
‫‪ -27‬سوزان باسنت‪ ،‬دراسات الرتمجة‪ ،‬ص‪.١٠٦،١٠٥ ،‬‬
‫‪ -28‬أيب حيان األندليس‪ ،‬كتاب اإلدراك للسان األتراك‪ ،‬ص‪.١٤٣‬‬
‫‪ -29‬د‪ .‬إبراهيم الداقوقي‪ ،‬القواعد األساسية للغة الرتكية‪ ،‬ص‪.١٩٢‬‬
‫‪ -30‬عيسى اجلندي‪ ،‬رشح قواعد اللغة الرتكية‪ ،‬ص‪.٢٠٩-١٢٦‬‬
‫‪ -31‬الرتمجة وسياقاهتا اللغوية‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪ ،١٢‬ص ‪.١٩٩‬‬
‫‪ -32‬د‪ .‬عيل حممد الدرويش‪ ،‬أزمة اللغة والرتمجة واهلوية يف عرص االنرتنت‬
‫والفضائيات واإلعالم املوجه‪ ،‬ص‪١٠،٢٠‬؛ جورج مونان‪ ،‬املسائل النظرية يف الرتمجة‪،‬‬
‫ص‪٣٥٦‬؛ د‪ .‬عيل حممد الدرويش‪ ،‬أزمة اللغة والرتمجة واهلوية يف عرص االنرتنت‬

‫‪-406-‬‬
‫والفضائيات واإلعالم املوجه‪ ،‬ص‪.١٠‬‬
‫‪ -33‬ملدريد الرسون‪ ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ص‪.٧١١‬‬
‫‪ -34‬إبراهيم السيد يوسف‪ ،‬أساسيات علم الرتمجة مدخل إىل الرتمجة للمحرتفني‪،‬‬
‫ص ‪.٥١-٥٥ ،٢٩٦،٨٦‬‬
‫‪ -35‬ملدريد الرسون‪ ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ص‪.٢٥٩‬‬
‫‪ -36‬حممد املبارك‪ ،‬فقه اللغة وخصائص العربية‪ ،‬ص‪.٣١٤‬‬
‫‪ -37‬نرسين عبد اهلل عيل أمحد الذبحاين‪ ،‬أثر السياق الثقايف يف الرتمجة‪ ،‬ص ‪.١٠٧‬‬
‫‪ -38‬عبد الرزاق بن عمر‪ ،‬املتالزمات اللفظية يف اللغة والقواميس العربية‪ ،‬ص‪٣٦‬؛‬
‫د‪ .‬عادل فاخوري‪ ،‬حمارضات يف فلسفة اللغة‪ ،‬ص‪.٨٢،٤٥،‬‬
‫‪ -39‬نظرية اهلدف ل هانس فريمري وكاترينا رايس‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،١٦‬ص‪.١١٠‬‬
‫‪ -40‬بعض مشاكل الرتمجة األدبية وصعوباهتا قصة املانيكان للكاتب الفرنيس‬
‫األن روب غرييه مثاال‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪ ،١٦‬ص‪١٤٩‬؛ ملدريد الرسون‪،‬‬
‫الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ص‪.٢٥٣‬‬
‫‪ -41‬سوزان باسنت‪ ،‬دراسات الرتمجة‪ ،‬ص‪.٤٨‬‬
‫‪ -42‬مشكلة ترمجة املصطلح الديني اإلسالمي‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪،١٦‬‬
‫ص‪.٢١٤‬‬
‫‪ -43‬مشكلة ترمجة املصطلح الديني اإلسالمي‪ ،‬جملة العربية والرتمجة‪ ،‬العدد ‪،١٦‬‬
‫ص‪٢١٠‬؛ جورج مونان‪ ،‬املسائل النظرية يف الرتمجة‪ ،‬ص‪.٢٤٣،٣٦١‬‬
‫‪ -44‬ملدريد الرسون‪ ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ص‪.٦٧،٧١‬‬
‫‪ -45‬ملدريد الرسون‪ ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ص‪٢٢٨‬؛ د‪.‬‬
‫إبراهيم الداقوقي‪ ،‬القواعد األساسية للغة الرتكية‪ ،‬ص ‪.٤‬‬

‫‪-407-‬‬
‫املصادر واملراجع‬
‫أعامل املؤمتر الدويل األول لتعليم العربية‪ )٢٠١٤( ،‬األنساق اللغوية والسياقات‬
‫الثقافية يف تعليم اللغة العربية‪ ،‬األردن‪ :‬دار كنوز املعرفة‪ ،‬م‪.١‬‬
‫األندليس‪ ،‬أثري الدين أيب حيان‪ )١٩٣٠( ،‬كتاب اإلدراك للسان األتراك‪،‬‬
‫إسالمبول‪ :‬مطبعة األوقاف‬
‫باسنت‪ ،‬سوزان‪ )٢٠١٢( ،‬دراسات الرتمجة‪ ،‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬فؤاد عبد املطلب‪ ،‬دمشق‪:‬‬
‫وزارة الثقافة‪.‬‬
‫بيات‪ ،‬فاضل‪ )١٩٩٩( ،‬اللغة الرتكية‪ ،‬األردن‪ :‬جامعة آل بيت‪.‬‬
‫اجلندي‪ ،‬عيسى‪ )٢٠١٣( ،‬رشح قواعد اللغة الرتكية‪ ،‬األردن‪ :‬دار أمواج‪ ،‬ط‪.١‬‬
‫الداقوقي‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم‪ )١٩٨٤( ،‬القواعد األساسية للغة الرتكية‪ ،‬بغداد‪ :‬رشكة‬
‫التايمس‪.‬‬
‫الدرويش‪ ،‬د‪ .‬عيل حممد‪ )٢٠٠٥( ،‬أزمة اللغة والرتمجة واهلوية يف عرص اإلنرتنت‬
‫والفضائيات واإلعالم املوجه‪ ،‬ملبورن‪ :‬رايتسكوب‪.‬‬
‫الذبحاين‪ ،‬نرسين عبد اهلل عيل أمحد‪ )٢٠٠٧( ،‬أثر السياق الثقايف يف الرتمجة‪ ،‬رسالة‬
‫جامعية للامجستري‪ ،‬صنعاء‪.‬‬
‫ريمة‪ ،‬لعريبي‪ )٢٠٠٨( ،‬ترمجة التعابري املجازية يف النصوص العامية‪ ،‬رسالة‬
‫جامعية للامجستري‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬
‫السيد يوسف‪ ،‬إبراهيم‪ )٢٠١٥( ،‬أساسيات علم الرتمجة مدخل إىل الرتمجة‬
‫للمحرتفني‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الكتاب احلديث‪ ،‬ط‪.١‬‬
‫شمس‪ ،‬حسني‪ )٢٠٠٤( ،‬الرتكية من غري معلم‪ ،‬بريوت‪ :‬دار العلم للماليني‪،‬‬
‫ط‪.٧‬‬
‫الشافعي‪ ،‬د‪ .‬فايزة فؤاد و د‪ .‬أمحد فؤاد متويل‪ )١٩٧٣( ،‬قواعد اللغة الرتكية‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫الشناق‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل‪ )٢٠٠٢( ،‬الرتمجة يف خدمة احلضارة‪ ،‬األردن‪ :‬مجعية املرتمجني‬
‫األردنيني‪ ،‬ط‪.١‬‬
‫علوي‪ ،‬د‪ .‬حافظ اسامعيليي‪ )٢٠٠٩( ،‬اللسانيات يف الثقافة العربية املعارصة‪،‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتاب اجلديد املتحدة‪ ،‬ط‪.١‬‬

‫‪-408-‬‬
‫ابن عمر‪ ،‬عبد الرزاق‪ )٢٠٠٧( ،‬املتالزمات اللفظية يف اللغة والقواميس العربية‪،‬‬
‫تونس‪ :‬جممع األطرش‪.‬‬
‫فاخوري‪ ،‬د‪ .‬عادل‪ )٢٠١٣( ،‬حمارضات يف فلسفة اللغة‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب‬
‫اجلديد املتحدة‪ ،‬ط‪.١‬‬
‫الرسون‪ ،‬ملدريد‪ )٢٠٠٧( ،‬الرتمجة واملعنى دليل التكافؤ عرب اللغات‪ ،‬ترمجة‪ :‬د‪.‬‬
‫حممد حممد حلمي هليل‪ ،‬كويت‪ :‬جملس النرش العلمي‪ ،‬ط‪.١‬‬
‫املبارك‪ ،‬حممد‪ )١٩٦٨( ،‬فقه اللغة وخصائص العربية‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫جملة اجلوبة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ :‬مؤسسة عبد الرمحن السديري اخلريية‪،‬‬
‫العدد ‪.٢٠١١ ،٣٣‬‬
‫جملة العربية والرتمجة‪ ،‬بريوت‪ :‬املنظمة العربية للرتمجة‪ ،‬العدد ‪٧ ،١٢ ،١٩ ،١٦‬و‪.٨‬‬
‫املعايطة‪ ،‬د‪ .‬ريم فرحان‪ )٢٠٠٨( ،‬برامجاتية اللغة ودورها يف تشكيل بنية الكلمة‪،‬‬
‫األردن‪ :‬دار اليازوري‪.‬‬
‫املقداد‪ ،‬د‪ .‬قاسم‪ )٢٠١٤( ،‬تفكرات سيميائية آليات إنتاج الداللة واملعنى‪،‬‬
‫دمشق‪ :‬دار نور الصباح‪ ،‬ط‪.١‬‬
‫ابن منظور‪( ،‬بدون تاريخ) لسان العرب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد اهلل عيل الكبري وآخرون‪،‬‬
‫القاهرة‪ :‬دار املعارف‪.‬‬
‫مونان‪ ،‬جورج‪ )١٩٩٢( ،‬املسائل النظرية يف الرتمجة‪ ،‬ترمجة‪ :‬لطيف زيتونة‪ ،‬بغداد‪:‬‬
‫دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬ط‪.١‬‬
‫يازجيي‪ ،‬د‪ .‬حسني‪ )٢٠١٣( ،‬أدوات ربط اجلمل يف اللغة العربية‪ ،‬إسطنبول‪ :‬دار‬
‫داغرجق‬

‫‪-409-‬‬
‫الأدب العربي يف اللغة الرتكية‬

‫د‪ .‬حممد حقي صوتشني‬


‫جامعة غازي‪ ،‬أنقرة ‪ -‬تركيا‬

‫‪ .1‬مدخل‬
‫تستهدف هذه الدراسة البحث يف الرتمجات املنجزة من العربية إىل الرتكية بحسب‬
‫اجلنس األديب ا ُملرتجم وكتّابه ومرتمجيه ودور نرشه وغريها من املتغريات‪ .‬وقد ُحدِّ َد‬
‫جمال البحث يف األعامل األدبية الكالسيكية والرواية والقصة القصرية والشعر‬
‫والنصوص املرسحية واملذكرات وأدب الرحالت‪ .‬وكام س ُيالحظ فإن املواضيع خارج‬
‫األدب ال تدخل هذا البحث الذي سيسعى لإلجابة عن هذه األسئلة‪ :‬إىل أي مراحل‬
‫تارخيية تعود عملية الرتمجة من األدب العريب إىل اللغة الرتكية؟‪ ،‬أي األجناس األدبية‬
‫تُرمجت من األدب العريب؟‪ ،‬ما البعد التمثييل هلذه الرتمجات؟‪ ،‬من هم الكتاب العرب‬
‫الذين تُرمجوا‪ ،‬وما مستوى الرتمجة؟‪ ،‬ما توزيع األعامل املرتمجة حسب املرتجم ودار‬
‫النرش وتاريخ اإلصدار؟ ما آليات الختيار العمل للرتمجة؟ ما وضع تدريب املرتمجني‬
‫األدبيني؟‬
‫وقد استفدت يف مرحلة مجع معلومات هذا البحث من املطبوعات واملواقع‬
‫اإللكرتونية واملقابالت الشخصية مع بعض املرتمجني والنارشين‪ .‬وأخلص ذلك يف‬
‫أربعة مصادر‪ ،‬األول‪ :‬التقرير الذي أعدَّ ه أوزكان (‪ )2010 ،Özkan‬لصالح منظمة‬

‫‪-411-‬‬
‫ترانس أوروبيان عام ‪ .2010‬والثاين‪ :‬أطروحة ماجستري غري منشورة لـغوكطاش‬
‫(‪ ،)2011 ،Göktaş‬والثالث‪ :‬ببليوغرافيا أعدها بوالط (‪ )2013 ،Polat‬مل تنرش بعدُ ‪،‬‬
‫والرابع‪ :‬هوامش وضعها ليفيند (‪ )1998 ،Levend‬يف كتابه عن تاريخ األدب الرتكي‪،‬‬
‫استفدت إىل حد كبري من مواقع بيع الكتب اإللكرتونية وأدلة املكتبات‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كام‬
‫سألقي يف الدراسة نظرة عامة عىل الرتمجة األدبية بصورة عامة وترمجة األدب العريب‬
‫املدونة التي مجعتها لالعتامد عليها يف هذا‬
‫بصورة خاصة يف تركيا‪ ،‬كام سأقوم بتقييم ّ‬
‫البحث الذي سيختتم بنتيجة ومقرتحات مرتبطة هبا‪.‬‬
‫‪ .2‬نظرة عامة عىل الرتمجة األدبية يف تركيا‬
‫عند البحث يف الرتمجة بوصفها إحدى أدوات التواصل بني الثقافات عىل صعيد‬
‫السريورة التارخيية‪ ،‬نجد أهنا تساهم مسامهة فعالة يف تطوير املجتمعات‪ ،‬ونصل إىل‬
‫النتيجة نفسها يف تركيا عندما نبحث يف فعاليات الرتمجة املنجزة فيها‪.‬‬
‫من الناحية التارخيية‪ ،‬ثمة معطيات تدل عىل أن الرتمجة بدأت لدى األتراك أول مرة‬
‫يف عهد األويغور‪ .‬فقد تم التوصل إىل أن غالبية النصوص املكتوبة باللغة األويغورية‬
‫املكتشفة يف احلفريات األثرية يعتقد بأهنا تعود إىل ما بني القرنني الثامن والثالث عرش‬
‫وهي مرتمجة (‪.)218 :1999 ،Özkırımlı‬‬
‫وعندما نستعرض املرحلة العثامنية نجد أن احلاجة إىل الرتمجة جتلت يف املجاالت‬
‫التجارية والسياسية والدبلوماسية والقانونية‪ .‬وألن للبندقيني أوسع عالقات مع‬
‫العثامنيني كوهنم يعملون بالتجارة عملوا عىل سد حاجتهم من املرتمجني بواسطة خرجيي‬
‫املدرسة التي أسسوها عام ‪ 1551‬وأسموها ‪ Giovanni della Lingua‬أي صبيان اللغة‪.‬‬
‫وللهدف نفسه أسست غرفة التجارة يف مرسيليا مدرسة ترمجة عام ‪،Kara( 1669‬‬
‫‪.)96-95 :2010‬‬
‫عدّ مثقفو التنظيامت أن «أدب الديوان» ال يتوافق مع اهلوية القومية‪ ،‬وهذا ما دفعهم‬
‫إىل البحث عن هذه اهلوية يف األدب املرتجم (‪ .)219 :1999 ،Özkırımlı‬والعتبار‬
‫فرنسا طليعية يف الثقافة فقد أوليت الرتمجة من األدب الفرنيس اهتامم ًا خاص ًا‪ .‬وفتحت‬
‫الرتمجة باب التعرف عىل أجناس أدبية جديدة كالرواية واملرسح والنصوص اإلبداعية‬
‫التي مل يكن هلا وجود يف األدب العثامين حتى القرن التاسع عرش‪ ،‬وأسهمت بتطوير النثر‬
‫الرتكي املعارص‪.‬‬

‫‪-412-‬‬
‫اجتمع أبرز ُكتّاب املرحلة لتبادل املعلومات حتت سقف «غرفة الرتمجة» املؤسسة‬
‫عام ‪ ،1832‬وجملس العلوم (‪ )Encümen-i Daniş‬الذي بدأ حياته اعتبار ًا من عام‬
‫‪ .)297 :1999 ،Dino( 1839‬وقد أنارت الرتمجات املنجزة يف غرفة الرتمجة الطريق‬
‫ملدونات ثقافية وسياسية‪.‬‬
‫يمكن وصف أسلوب الرتمجة يف تلك املرحلة بأنه تقليد وتكييف؛ إذ يستخدم‬
‫النص املصدر بوصفه مصدر إهلام فقط‪ ،‬وعىل األغلب يبتعد‬ ‫املرتجم يف هذا األسلوب َّ‬
‫عن النص األصيل ذاك‪ .‬عىل سبيل املثال‪ ،‬كان أمحد مدحت أفندي الذي ترجم نصوص ًا‬
‫أدبية يف النصف األول من القرن التاسع عرش يقرأ صفحة من رواية‪ ،‬ثم يكتب بالرتكية‬
‫ما علق منها يف ذهنه‪ .‬واختار أمحد وفيق باشا األسلوب نفسه يف ترمجته ملوليري يف الفرتة‬
‫نفسها (‪.)140 :1999 ،Karantay ve Salman‬‬
‫ويف هذه الفرتة نقل مرتمجو األدب األوائل ثالثة أجناس أدبية إىل اللغة الرتكية وهي‬
‫الشعر الغريب واحلوار الفلسفي والرواية‪ .‬من أبرز مرتمجي هذه الفرتة يوسف كامل باشا‬
‫وأمحد وفيق باشا وشمس الدين سامي وعبد اهلل جودت وحسني جاهد وحيدر رفعت‬
‫(صوتشني‪.)2012 ،‬‬
‫ت ََر َك أسلوب الرتمجة هذا الذي ساد حتى النصف األول من القرن العرشين مكانه‬
‫لنشاط ترمجي أكثر وعي ًا يف السنوات األوىل من «عرص اجلمهورية»‪ ،‬وبدأت يف هذه‬
‫املرحلة توجهات جديدة عىل صعيدي املجتمع والرتمجة؛ إذ َن َّف َذ مكتب الرتمجة ا ُملؤسس‬
‫نشاط ترمجي كيف ًا وك ًام يف تركيا‪ .‬وشارك‬‫ٍ‬ ‫عام ‪ 1940‬يف بنية وزارة الرتبية الوطنية أكرب‬
‫عدد من الكتاب واملرتمجني يف محلة الرتمجة التي كُلف هبا وزير الرتبية يف تلك املرحلة‬
‫وكل من صباح الدين أيوب أوغلو ونور اهلل آتاج‪ .‬وقد تُرجم‬ ‫املثقف حسن عيل ُيوجيل ّ‬
‫من األعامل الغربية التي ُو ِصفت بأهنا أسهمت بالتنوير األوريب ما جمموعه ‪ 604‬أعامل‬
‫ال من األدب األملاين‪ ،‬و‪65‬‬ ‫منها ‪ 210‬أعامل من األدب الكالسيكي الفرنيس‪ ،‬و‪ 90‬عم ً‬
‫ال من األدب اإلنجليزي (‪ .)348 :1999 ،Aytaç‬وبشكل عام نُرشت ترمجة أكثر‬ ‫عم ً‬
‫من ألف عمل حتى عام ‪ 1967‬بينها أعامل من الكالسيكيات الرشقية واإلسالمية‪.‬‬
‫أنجزت ترمجات «مكتب الرتمجة» يف إطار أسلويب وا ٍع خمتلف عام كانت عليه احلال‬
‫يف املرحلة العثامنية‪ .‬مل تكن تُقبل هنا ترمجات تقوم عىل التقليد والتكييف‪ .‬من جهة‬
‫أخرى بات ُيعتمد عىل الرتمجة من اللغة املصدر (‪ .)340 :1999 ،Karantay‬مل ُيسمح‬

‫‪-413-‬‬
‫بالرتمجة من لغة وسيطة إال يف ِ‬
‫حالة ندْ رة املرتمجني عن اللغة املصدر‪ .‬وقد ُأعدِّ ت قوائم‬
‫تضمنت األعامل الكالسيكية لكي ال ترتبط خيارات الرتمجة باملزاج الشخيص عىل‬
‫صعيدي الكاتب ِ‬
‫والكتاب‪.‬‬
‫تباطأت حركة الرتمجة يف تركيا بعد عرش سنوات نتيجة تغيرّ التوجهات السياسية‪.‬‬
‫وقد أصدرت «جملة الرتمجة» التي كانت تسلط الضوء عىل النشاط العظيم ملكتب الرتمجة‬
‫اثنني وأربعني عدد ًا وسبعة جملدات حتى عام ‪.1947‬‬
‫تأثريا إجياب ًيا يف املراحل الالحقة من الناحيتني النظرية‬
‫وقد أثرت هذه التجربة ً‬
‫والعملية‪.‬‬
‫‪ .3‬ترمجة األدب العريب يف تركيا‬
‫يعود تاريخ الرتمجة من العربية إىل الرتكية إىل ماض سحيق‪ .‬والعتناق األتراك الدين‬
‫اإلسالمي دور كبري يف هذا األمر‪ .‬دخلت إىل املجتمع الرتكي بعد أسلمته جمموعة مهمة‬
‫من الرتمجات الدينية مثل ترمجة القرآن الكريم واحلديث الرشيف والفقه إضافة إىل‬
‫أعامل يف الفلسفة والتاريخ واجلغرافيا والطب‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬مع حتول اإلسالم إىل‬
‫مرشوع سيايس ترمجت أعامل كثرية يف هذا املجال‪ ،‬ولكن هذا البحث ال يتطرق إىل‬
‫هذا النوع من الرتمجات‪ ،‬وهو حمدد بالرتمجات «األدبية» الكالسيكية واحلديثة إىل اللغة‬
‫الرتكية فقط‪.‬‬
‫إن االهتامم باألدب العريب يف تركيا حمدود جد ًا مقارنة باآلداب األخرى‪ .‬وقد‬
‫اهتمت دور النرش ذات التوجه اإلسالمي برتمجة األدب العريب أكثر من اهتامم دور النرش‬
‫الكبرية التي لدهيا شبكة توزيع عىل املستوى الوطني‪ .‬وخيضع اختيار األعامل للرتمجة‬
‫للتوجه األيديولوجي لدار النرش‪ .‬وقد يكون عدم االهتامم باألدب العريب‬‫ّ‬ ‫عىل األكثر‬
‫هذا نامج ًا عن نظرة استرشاقية استعالئية‪ .‬ومن الالفت للنظر هبذا اخلصوص عبارات‬
‫توركيش (‪ )2011 ،Türkeş‬اآلتية‪« :‬ال هنتم بنامذج األدب الرشقي وخاصة الرواية‪ .‬ال‬
‫نذكر من دول مثل إيران والعراق ومرص وفلسطني ثراءها الثقايف بل مشاكلها السياسية‬
‫وتصورنا أن الرشق الذي ننأى بأنفسنا عنه دون فن وأدب وفلسفة ناجم‬ ‫ُ‬ ‫واالجتامعية‪.‬‬
‫عن رؤية استرشاقية خاصة برتكيا من أجل تأكيد إيامننا بأننا نعيش يف البلد اإلسالمي‬
‫الوحيد املواكب للحداثة»‪.‬‬

‫‪-414-‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬وجود أعامل أدبية إيرانية وأفغانية وكردية يف تصنيف دور النرش‬
‫عىل مواقعها اإللكرتونية باسم «األدب العريب»‪ ،‬نابع من اعتياد قديم حيافظ عىل طريقة‬
‫تفكري تتناول الرشق بوصفه قطعة واحدة مازالت حتافظ عىل حيويتها‪.‬‬
‫لقد تناولنا يف هذا البحث ترمجة األدب العريب يف تركيا يف تصنيفني؛ األول‪ :‬األدب‬
‫العريب الكالسيكي‪ ،‬وتدخل هذا التصنيف أعامل كالسيكية لعدد من األجناس األدبية‬
‫حتت اسم «أدب»‪ .‬وتم بحث الشعر الكالسيكي منذ العرص اجلاهيل حتى ظهور األدب‬
‫احلديث ضمن هذا التصنيف‪ .‬أما الثاين فهو األدب احلديث‪ ،‬ودخلت هذا التصنيف‬
‫أجناس أدبية كالرواية والقصة والشعر واملرسح والنصوص اإلبداعية‪.‬‬
‫‪ .1 .3‬ترمجة األدب العريب الكالسيكي‬
‫عىل الرغم من اختالف تقسيامت األدب العريب باختالف الباحثني‪ ،‬فإن التصنيف‬
‫العام عىل النحو اآليت‪ :‬العرص اجلاهيل (يغطي فرتة زمنية متتد إىل ‪ 120‬سنة قبل‬
‫اإلسالم)‪ ،‬مرحلة صدر اإلسالم (من عام ‪ 622‬إىل عام ‪ 661‬تاريخ تأسيس الدولة‬
‫األموية)‪ ،‬العرص األموي (من عام ‪ 661‬تاريخ تأسيس الدولة األموية إىل عام ‪750‬‬
‫تاريخ إسقاط هذه الدولة)‪ ،‬العرص العبايس (من عام ‪ 750‬تاريخ إسقاط الدولة األموية‬
‫إىل عام ‪ 1258‬تاريخ احتالل املغول بغداد)‪ ،‬عرص االنحطاط (من عام ‪ 1258‬تاريخ‬
‫احتالل املغول بغداد إىل عام ‪ 1797‬تاريخ احتالل نابليون مرص)‪ ،‬العرص احلديث (من‬
‫عام ‪ 1797‬تاريخ احتالل نابليون مرص إىل يومنا هذا)‪ .‬نستخدم يف بحثنا اصطالح‬
‫«األدب العريب الكالسيكي» بحيث يشمل كل هذه العصور ما عدا العرص احلديث‪.‬‬
‫«ه َرقل العرب» من أقدم‬ ‫لعل سرية بطوالت الشاعر اجلاهيل عنرتة الذي يعد ِ‬
‫ُ‬
‫ترمجات الرسد‪ ،‬وقد تُرمجت سرية عنرت بن شدّ اد إىل الرتكية بعنوان «عنرتنامة» سنة‬
‫‪.)200 :1998 ،Levend( 1477‬‬
‫ِ‬
‫معلقات األدب اجلاهيل إىل الرتكية مخس ُة مرتمجني يف تواريخ خمتلفة نظ ًام‬ ‫ترجم‬
‫َ‬
‫ونثر ًا‪ .‬وتناولت إحدى هذه الرتمجات معلقتي امرئ القيس وطرفة فقط‪ .‬وكانت «المية‬
‫العرب» للشنفرى من األعامل املرتمجة إىل الرتكية‪ .‬هذه الرتمجات مجيعها ُأنجزت بعد‬
‫تأسيس اجلمهورية‪.‬‬
‫يف عام ‪ 1993‬تُرمجت «قصيدة الربدة» للشاعر كعب بن زهري املصنف خمرضم ًا ألنه‬
‫عاش يف عرصي اجلاهلية واإلسالم‪.‬‬

‫‪-415-‬‬
‫تنوعت ترمجات أدب العرص العبايس‪ ،‬فقد ترجم حممد سعيد بن قرة خليل إىل‬
‫كتاب املفكر العريب حممد بن عبد اهلل بن ظفر الصقيل الذي عاش يف القرن الثاين‬
‫الرتكية َ‬
‫عرش «سلوان املطاع يف عدوان األتباع» الذي يعد من أمهات الكتب‪ ،‬يف وقت مبكر‬
‫عام ‪ .1868‬ويعد ابن ظفر النموذج الذي احتذى به مكيافيليّ الشهري يف كتابه «األمري»‪.‬‬
‫حظي كتاب كليلة ودمنة الذي ترمجه ابن املقفع (‪ )759-724‬إىل العربية من‬
‫البهلوية بأكرب عدد من الرتمجات إىل الرتكية عن العربية‪ .‬وعدد الرتمجات التي أحصيناها‬
‫من أجل هذه املقالة ‪ 28‬ترمجة‪ .‬والبد من التنويه إىل أن بعض هذه الرتمجات هي عملية‬
‫إعداد من ترمجات سابقة‪ ،‬أو إعداد لألطفال‪.‬‬
‫ُول مسعود» عام ‪1360‬‬ ‫ترجم كليلة ودمنة إىل تركية األناضول أول مرة املرتجم «ك ْ‬
‫َ‬
‫ترجم هذا الكتاب عيل صالح أوغلو إىل‬ ‫يف عهد عمر بيك آيدين أوغلو‪ .‬وفيام بعد َ‬
‫تركية مفعمة باملحسنات البديعية بعنوان «همُ ايون نامة» (سرية سلطانية) وأهدى ترمجته‬
‫للسلطان سليامن القانوين (‪ .)2003 ،Beydebâ ve İbnü’l-Mukaffa‬وبناء عىل طلب‬
‫السلطان عبد احلميد خلّص أمحد مدحت أفندي «مهايون نامة»‪ ،‬وأسهب فيها أحيان ًا‬
‫بإضافة بعض املواعظ‪ .‬وقد تُرجم الكتاب يف تركيا بعد تأسيس اجلمهورية‪ .‬وثمة‬
‫ترمجتان تلفتان االنتباه أكثر من غريمها؛ األوىل ترمجة عمر رضا دوغرول املنشورة عام‬
‫‪ ،1945‬والثانية ترمجة سعيد آيكوت التي تضمنت قصصها كلها تقريب ًا إضافة إىل بحث‬
‫شامل حوهلا‪ ،‬وقد نرشت عام ‪.1999‬‬
‫نقل مرتجم آخر كتاب «البخالء» للجاحظ (‪ )868-781‬إىل الرتكية‪ ،‬أما الكتاب‬
‫املوسوم بـ«مناقب جند اخلالفة وفضائل األتراك» فقد تُرجم يف وقت أبكر‪ ،‬وصدر عام‬
‫‪ .1967‬وقد ترمجت خمتارات للجاحظ بعنوان «األلبسة والكتب واملعلمون والق ّينات»‬
‫التي صدرت عام ‪.2006‬‬
‫ترجم أركان آ ْفشار خمتارات من كتاب «العقد الفريد» البن عبد ربه (‪)940-860‬‬
‫أحد أبرز املوسوعيني يف ذلك العرص‪ ،‬وصدر يف أربعة جملدات عامي ‪ 2003‬و‪،2004‬‬
‫وأعيد طبعه عام ‪.2013‬‬
‫أما كتاب «املقامات» لبديع الزمان اهلمذاين (‪ )1007-969‬أحد أبرز ُكتّاب ذلك‬
‫العرص‪ ،‬فقد ترمجه األكاديمي رمحي آر ترمجة دقيقة وقدم هلا بتقديم رصني‪.‬‬
‫ترجم أمحد محدي شريواين املقامات الشهرية لكاتبها اآلخر احلريري (‪-1054‬‬

‫‪-416-‬‬
‫‪ )1122‬إىل الرتكية أول مرة عام ‪ .1873‬صدرت فيام بعد برتمجة صربي سيفسيفيل‬
‫عام ‪ .1952‬وطبعت الرتمجة مرات متعددة الحق ًا‪.‬‬
‫كتاب ألف ليلة وليلة الذي يتناول زمن ًا ممتد ًا من العرص األموي األول إىل العرص‬
‫العبايس املتأخر (العرص الذهبي) ترمجه إىل الرتكية أمحد نظيف يف ستة جملدات عام‬
‫‪ .1850‬خضع هذا الكتاب لعرش ترمجات تقريب ًا بشكل جزئي أو كامل بعد ذلك‬
‫التاريخ‪ .‬والبد من التنويه إىل أن الرتمجة الكاملة مل تُنجز عن اللغة العربية مبارشة‪.‬‬
‫وهناك مخس ترمجات أنجزت يف تواريخ خمتلفة لكتاب «حي ابن يقظان» للكاتب‬
‫األندليس ابن طفيل (‪ )1185-1105‬أحصيت يف ثبت هذا البحث‪.‬‬
‫تُرجم كتاب «الروض العاطر يف نزهة اخلاطر» ملحمد النفزاوي أحد كتّاب‬
‫اإليروتيكيزم يف القرن اخلامس عرش إىل الرتكية من اإلنكليزية‪.‬‬
‫ترجم حجي ذهني أفندي وسعيد أفندي كتاب الزخمرشي (‪)1143-1074‬‬
‫«أطواق الذهب يف املواعظ واخلطب» عام ‪ .1290‬وطبع الكتاب ثانية يف مطلع األلفية‬
‫الثالثة‪.‬‬
‫كتاب ابن حزم (‪ )1064-994‬الشهري «طوق احلاممة» إىل الرتكية مرتمجان مها‬ ‫ن َقل َ‬
‫حممود كانيك وصالح الدين حجي أوغلو‪.‬‬
‫ونرى أن ثالثة كتب البن اجلوزي (‪ )1201-1116‬نقلت إىل الرتكية هي‪ :‬كتاب‬
‫األذكياء‪ ،‬تلبيس إبليس وأخبار احلمقى واملغفلني‪.‬‬
‫ومن بني كتب ذلك العرص التي ترمجت إىل الرتكية «التوابع والزوابع» البن شهيد‪،‬‬
‫و«آداب العرش» ملحمد ابن احلارث الثعلبي‪ ،‬و«كتاب االعتبار» ألسامة بن مرشد بن‬
‫منقذ‪ ،‬و«القول الطويل بذكر التطويل» لشهاب الدين األقفهيس‪.‬‬
‫من بني أعامل عرص االنحطاط املرتمجة إىل الرتكية «سرية سيف بن ذي يزن» الذي‬
‫يروي بطوالته‪ ،‬وقد ترمجه أمحد نظيف‪ .‬العمل الثاين هو «الفرج بعد الشدة» وقد تُرجم‬
‫هذا الكتاب من العربية إىل الفارسية‪ ،‬ثم من الفارسية إىل الرتكية يف القرن اخلامس‬
‫عرش‪.‬‬
‫كتاب «وفيات األعيان» للقايض ابن خلكان (‪-1211‬‬ ‫َ‬ ‫ترجم حممد ُرودويس زادة‬ ‫َ‬
‫‪ )1282‬يف جملدين عام ‪ .1863‬وخمطوط املختارات املرتمجة هلذا الكتاب حمفوظ يف‬
‫مكتبتي بيازيد وسليامنية يف اسطنبول‪ .‬ومن بني كتب هذه املرحلة املرتمجة إىل اللغة‬

‫‪-417-‬‬
‫الرتكية «روضة املحبني ونزهة املشتاقني» البن اجلوزي (‪ ،)1349-1292‬والمية ابن‬
‫الوردي (‪ ،)1349-1292‬ورحلة ابن بطوطة (‪.)1368-1304‬‬
‫‪ .2 .3‬ترمجة األدب العريب احلديث‬
‫لقد كان حصول نجيب حمفوظ عىل جائزة نوبل لألدب عام ‪ 1988‬نقطة حتول يف‬
‫ترمجة األدب العريب إىل الرتكية‪ .‬إذا أردنا تقسيم مرحلة ترمجة األدب العريب احلديث‬
‫إىل الرتكية يمكننا تقسيمها إىل مرحلة ما قبل فوز نجيب حمفوظ بنوبل‪ ،‬ومرحلة ما بعد‬
‫فوزه‪.‬‬
‫أوىل الرتمجات إىل الرتكية يف مرحلة ما قبل حصول نجيب حمفوظ عىل نوبل كانت‬
‫لكتاب «ختليص اإلبريز يف تلخيص باريز» لرفاعة رافع الطهطاوي‪ .‬صدرت ترمجة‬
‫رستم بسيم هلذا الكتاب يف القاهرة عام ‪ .1830‬أكثر الكتّاب الذين تُرمجت أعامهلم‬
‫يف هذه املرحلة هم جرجي زيدان‪ ،‬وجربان خليل جربان‪ ،‬ونجيب حمفوظ‪ ،‬ونجيب‬
‫الكيالين‪ ،‬وتوفيق احلكيم‪ ،‬ونوال السعداوي‪ ،‬والطيب الصالح‪ ،‬وغسان كنفاين‪.‬‬
‫كانت دور النرش ذات التوجهات اإلسالمية هلا إقبال كبري عىل روايات جرجي‬
‫زيدان ونجيب الكيالين ذات املضمون التارخيي والديني‪ .‬ترجم عدد من املرتمجني‬
‫بعض أعامل هذين الكاتبني إىل الرتكية‪ ،‬وطبعت مرات عديدة‪ .‬عىل سبيل املثال‪،‬‬
‫ترمجت من أعامل جرجي زيدان رواية «العباسة أخت الرشيد» مخس ترمجات بدء ًا من‬
‫عام ‪ ،1923‬وروايتي «عروس فرغانة» و«‪ 17‬رمضان» ثالث مرات‪ ،‬وروايات «أبو‬
‫مسلم اخلراساين»‪ ،‬و«عذراء قريش»‪ ،‬و«صالح الدين األيويب» مرتني‪ ،‬وصدرت هذه‬
‫الرتمجات يف طبعات عديدة‪ .‬ويعترب نجيب الكيالين من أكثر الكتاب الذين تُرمجوا إىل‬
‫الرتكية‪ ،‬حيث خضعت بعض كتبه ألكثر من ترمجة‪.‬‬
‫يأيت جربان خليل جربان عىل رأس ال ُكتّاب الذين تُرمجوا إىل الرتكية‪ .‬والغالبية‬
‫الساحقة من أعامله تُرمجت من اإلنكليزية إىل الرتكية‪ .‬أما نجيب حمفوظ فقد كان بني‬
‫الكتاب الذين تُرمجت أعامهلم من اإلنكليزية إىل الرتكية قبل فوزه بجائزة نوبل بأحد‬
‫عرش عام ًا‪ ،‬حيث ت َْرمجت غولري ديكامن روايته «زقاق املدق» عن اإلنكليزية حتت عنوان‬
‫«شارع فرعي»‪ ،‬وصدرت عام ‪ .1977‬وتُرجم لكل من ال ُكتّاب املذكورين أعاله ٌ‬
‫عمل‬
‫واحد قبل عام ‪.1988‬‬
‫ازداد االهتامم باألدب العريب بعد فوز نجيب حمفوظ بجائزة نوبل‪ ،‬ولكن هذه‬

‫‪-418-‬‬
‫الرتمجات عىل األغلب مل تتم من العربية مبارشة‪ ،‬بل من إحدى اللغات األوروبية إىل‬
‫كثري من األعامل األدبية العربية من لغات أوربية وسيطة بسبب‬ ‫اللغة الرتكية‪ .‬تُرمجت ٌ‬
‫قلة عدد املرتمجني الذين يرتمجون األدب من العربية مبارشة‪ .‬لذلك تُرمجت أعامل نجيب‬
‫حمفوظ‪ ،‬وطه حسني‪ ،‬والطيب الصالح‪ ،‬وتوفيق احلكيم‪ ،‬وحممد ديب و ُكتّاب آخرين إىل‬
‫الرتكية من لغة أوروبية وسيطة‪.‬‬
‫مع هذا فقد طرأت زيادة عىل ترمجة األدب العريب إىل الرتكية من اللغة العربية مبارشة‬
‫يف الفرتة األخرية‪ .‬أكثر هذه الرتمجات أنجزها مرتمجون يعملون يف القطاع اخلاص‪ .‬من‬
‫هؤالء متني فندقجي‪ ،‬وعيل نار‪ ،‬وعيل أورال‪ ،‬وسعيد آيكوت‪ ،‬وأركان آفشار‪ ،‬ولطف‬
‫اهلل غوكطاش‪ ،‬وإسامعيل بوزطاش‪ ،‬وإبراهيم دمريجي‪ ،‬وهوليا أفاجان‪ .‬ومن املرتمجني‬
‫األكاديميني كنعان دمري آياك‪ ،‬وحسني يازجيي‪ ،‬ورمحي آر‪ ،‬وبدر الدين آيطاتش‪ ،‬ومعمر‬
‫صاريكايا‪ ،‬وآدم يريندا‪ ،‬ونَوزات يانيق‪ ،‬وآيسيل ْأر ُغول‪ ،‬وأيوب طانريفريدي‪ ،‬وهاكان‬
‫أوزكان‪ ،‬وموسى يلديز ونور الدين جيفيز‪ ،‬وأردينتش دوغرو‪ ،‬وحممد حقي صوتشني‪.‬‬
‫من املمكن إطالة القائمة‪ ،‬ولكن البد من القول إن الرتمجات املنجزة ليست منهجية‪ ،‬ما‬
‫عدا بعض االستثناءات‪.‬‬

‫مدونة الرتمجة‬
‫‪ .4‬تقييم ّ‬
‫تضم مدونة األعامل املرتمجة من األدب العريب إىل الرتكية أربعامئة وسبعة بنود‪ .‬وتعد‬
‫الرتمجات التي خضعت لرتمجة أكثر من مرتجم بندً ا واحدً ا‪ .‬وقد اعتمد تقييم املدونة‬
‫أدناه متغريات اجلنس األديب‪ ،‬والكاتب‪ ،‬واملرتجم‪ ،‬ودار النرش‪ ،‬ومكان النرش‪ ،‬وتاريخ‬
‫النرش‪.‬‬
‫‪ .1 .4‬التوزيع بحسب اجلنس األديب‬
‫عندما نستعرض توزيع األجناس األدبية عىل الرتمجات نجد أن الرواية هي أكثر‬
‫األجناس ترمجة‪ ،‬ثم يأيت الشعر والنثر العريب الكالسيكي يف الدرجة الثانية بعد الرواية‪،‬‬
‫كام يأيت الشعر والقصة والنصوص اإلبداعية‪ ،‬واملذكرات‪ ،‬واملرسح عىل التوايل بعد‬
‫الرواية (اجلدول ‪.)1‬‬

‫‪-419-‬‬
‫اجلنس األديب‬ ‫العدد‬

‫الرواية‬ ‫‪155‬‬

‫األعامل الكالسيكية‬ ‫‪92‬‬

‫الشعر‬ ‫‪56‬‬

‫القصة‬ ‫‪39‬‬

‫النصوص اإلبداعية‬ ‫‪31‬‬

‫املذكرات‬ ‫‪11‬‬

‫خمتارات الشعر‬ ‫‪10‬‬

‫خمتارات القصة القصرية‬ ‫‪7‬‬

‫املرسح‬ ‫‪5‬‬

‫املجموع‬ ‫‪407‬‬

‫اجلدول ‪ :1‬التوزيع بحسب اجلنس األديب‬

‫‪ .2 .4‬التوزيع بحسب ال ُكتّاب‬


‫أكثر الكتب ترمجة إىل الرتكية يف املدونة هي كتب جربان خليل جربان بعدد يصل إىل‬
‫ستني‪ ،‬مع الرتمجات املتكررة للعمل نفسه‪ .‬ويأيت بالتدريج بعد جربان خليل جربان ّ‬
‫كل‬
‫من نجيب حمفوظ بخمس وثالثني ترمجة‪ ،‬وكليلة ودمنة ٍ‬
‫بثامن وعرشين ترمجة‪ ،‬ونجيب‬
‫الكيالين بثامين عرشة ترمجة‪ ،‬وجرجي زيدان بسبع عرشة ترمجة‪ .‬ومتثل ألف ليلة وليلة‬
‫يف املدونة بأربع عرشة ترمجة‪ .‬ويأيت حممود درويش وأدونيس باثنتي عرشة ترمجة لكل‬
‫منهام‪ ،‬يليهام عبد احلميد جودة السحار ونزار قباين بإحدى عرشة ترمجة لكل منهام‪ .‬ثم‬
‫يأيت عىل الرتتيب توفيق احلكيم بثامين ترمجات‪ ،‬وميخائيل نعيمة بسبع ترمجات‪ ،‬ونوال‬
‫السعداوي بست ترمجات‪ .‬وقد صنف أدناه ال ُكتّاب الذين تُرجم لكل منهم عمالن عىل‬
‫األقل (اجلدول ‪.)2‬‬

‫‪-420-‬‬
‫الكاتب‬ ‫العدد‬ ‫الكاتب‬ ‫العدد‬

‫جربان خليل جربان‬ ‫‪59‬‬ ‫عالء األسواين‬ ‫‪2‬‬

‫نجيب حمفوظ‬ ‫‪35‬‬ ‫عائشة برصي‬ ‫‪2‬‬

‫بيدبا‪ ،‬ابن املقفع‬ ‫‪28‬‬ ‫هباء طاهر‬ ‫‪2‬‬

‫نجيب الكيالين‬ ‫‪18‬‬ ‫احلريري‬ ‫‪2‬‬

‫جرجي زيدان‬ ‫‪17‬‬ ‫أمني الرحياين‬ ‫‪2‬‬

‫أدب شعبي‬ ‫‪14‬‬ ‫مجال الغيطاين‬ ‫‪2‬‬

‫أدونيس‬ ‫‪12‬‬ ‫غسان كنفاين‬ ‫‪2‬‬

‫جربان خليل جربان‪،‬‬


‫حممود درويش‬ ‫‪12‬‬ ‫‪2‬‬
‫ميخائيل نعيمة‬

‫عبداحلميد جودة السحار‬ ‫‪11‬‬ ‫ابن اجلوزي‬ ‫‪2‬‬

‫نزار قباين‬ ‫‪10‬‬ ‫ابن حزم‬ ‫‪2‬‬

‫توفيق احلكيم‬ ‫‪8‬‬ ‫ابن القيم اجلوزي‬ ‫‪2‬‬

‫ميخائيل نُعيمة‬ ‫‪7‬‬ ‫مليكة مقدم‬ ‫‪2‬‬

‫نوال السعداوي‬ ‫‪6‬‬ ‫حممد بنيس‬ ‫‪2‬‬

‫اجلاحظ‬ ‫‪4‬‬ ‫حممد ديب‬ ‫‪2‬‬

‫ابن عبد ربه‬ ‫‪4‬‬ ‫مصطفى لطفي املنفلوطي‬ ‫‪2‬‬

‫ابن خلكان‬ ‫‪4‬‬ ‫نوال السعداوي‬ ‫‪2‬‬

‫ابن طفيل‬ ‫‪4‬‬ ‫رفاعة رافع الطهطاوي‬ ‫‪2‬‬

‫‪-421-‬‬
‫الكاتب‬ ‫العدد‬ ‫الكاتب‬ ‫العدد‬

‫الشيخ حممد النفزاوي‬ ‫‪4‬‬ ‫سليم بركات‬ ‫‪2‬‬

‫أمحد عيل باكثري‬ ‫‪3‬‬ ‫شكري غانم‬ ‫‪2‬‬

‫أمحد الشهاوي‬ ‫‪3‬‬ ‫طه حسني‬ ‫‪2‬‬

‫الطيب الصالح‬ ‫‪3‬‬

‫اجلدول ‪ :2‬التوزيع حسب الكتاب‬

‫‪ .3 .4‬التوزيع وفق املرتمجني‬


‫كام هو مالحظ من اجلدول ‪ ،3‬يبدو أن املرتمجني الذين حيتلون املراكز العرشة األوىل‬
‫باملدونة‪ ،‬األمر الذي يشري إىل أن ترمجة األدب العريب إىل‬
‫ّ‬ ‫هم ُربع مرتمجي األعامل كافة‬
‫الرتكية حتتكره جمموعة صغرية من املتجمني‪ .‬كام نعلم أن املرتمجني الذي حيتلون املراتب‬
‫األوىل يف القائمة مثل أ‪ .‬أركني كوبلوغيل‪ ،‬وجاهد كويتاك‪ ،‬وفيضاء كراغوز‪ ،‬وإيشيك‬
‫آالتيل يرتمجون األدب العريب من لغة وسيطة بدال من اللغة العربية مبارشة‪ .‬وقد صنف‬
‫أدناه املرتمجون الذين ترمجوا عملني عىل األقل من األدب العريب (اجلدول ‪.)3‬‬
‫املرتمجون‬ ‫عدد الرتمجات‬ ‫املرتمجون‬ ‫عدد الرتمجات‬

‫متني فندقجي‬ ‫‪35‬‬ ‫ليىل تونغوتش باصامجي‬ ‫‪3‬‬

‫عيل نار‬ ‫‪11‬‬ ‫هوليا أفاجان‬ ‫‪3‬‬

‫أ‪ .‬أركني كوكلوغيل‬ ‫‪11‬‬ ‫حسن آكاي‬ ‫‪3‬‬

‫إيشيك آالتيل‬ ‫‪9‬‬ ‫أيوب طانريفريدي‬ ‫‪3‬‬

‫فيضاء كراغوز‬ ‫‪9‬‬ ‫أتكو أومود بولصون‬ ‫‪2‬‬

‫جاهد كويتاك‬ ‫‪9‬‬ ‫رشاف الدين يالتكايا‬ ‫‪2‬‬

‫كنعان دمري آياك‬ ‫‪7‬‬ ‫سيبيل أوزبودون‬ ‫‪2‬‬

‫‪-422-‬‬
‫الكاتب‬ ‫العدد‬ ‫الكاتب‬ ‫العدد‬

‫صالح الدين حجي أوغلو‬ ‫‪6‬‬ ‫أوزدمري إينحة‬ ‫‪2‬‬

‫حسني يازجيي‬ ‫‪6‬‬ ‫عمر رضا دوغرول‬ ‫‪2‬‬

‫سالمي منري يورداتاب‬ ‫‪5‬‬ ‫عثامن كوجا‬ ‫‪2‬‬

‫معمر صاريكايا‬ ‫‪5‬‬ ‫نورية يغيتالر‬ ‫‪2‬‬

‫أركان أفشار‬ ‫‪5‬‬ ‫نوزاد حافظ يانيك‬ ‫‪2‬‬

‫زكي مغاميز‬ ‫‪4‬‬ ‫حمرم حلمي أوزيف‬ ‫‪2‬‬

‫صواش كوجاباش‬ ‫‪4‬‬ ‫مسعود كوجوك أوغلو‬ ‫‪2‬‬

‫رمحي آر‬ ‫‪4‬‬ ‫حممد حقي صوتشني‬ ‫‪2‬‬

‫لطف اهلل غوكطاش‬ ‫‪4‬‬ ‫كامل يوكسل‬ ‫‪2‬‬

‫قهرمان توريل‬ ‫‪4‬‬ ‫إسامعيل أوزدمري‬ ‫‪2‬‬

‫إبراهيم دمريجي‬ ‫‪4‬‬ ‫إلياس أصالن‬ ‫‪2‬‬

‫آيف باردو‬ ‫‪4‬‬ ‫فيليز ناير دنيزتكني‬ ‫‪2‬‬

‫آدم يريندا‬ ‫‪4‬‬ ‫أرسان ديفريم‬ ‫‪2‬‬

‫سعيد آيكوت‬ ‫‪3‬‬ ‫بدر الدين آيطاج‬ ‫‪2‬‬

‫ص ّفت غونريسال‬ ‫‪3‬‬ ‫آيتونج آلتيندال‬ ‫‪2‬‬

‫صادق يالسوز أوتشانالر‬ ‫‪3‬‬ ‫أمحد آملاز‬ ‫‪2‬‬

‫ن‪ .‬أمحد أوزالب‬ ‫‪3‬‬ ‫أمحد نظيف‬ ‫‪2‬‬

‫اجلدول ‪ :3‬التوزيع حسب املرتمجني‬

‫‪-423-‬‬
‫‪ .4 .4‬التوزيع وفق دور النرش‬
‫املالحظ أن دور النرش الرتكية عموم ًا‪ ،‬ودور النرش الكربى خصوص ًا تشيح بنظرها‬
‫عن األدب العريب‪ .‬لعل كثري ًا من النارشين ليس لدهيم معلومات حول األدب العريب‬
‫ما عدا بعض األسامء املعروفة‪ .‬حماولة بعض النارشين تعريف قرائهم باألدب العريب‬
‫عن طريق الغرب ال يعني أهنم يتابعون دور النرش الغربية‪ ،‬ألن أوزكان (‪،Özkan‬‬
‫‪ )2010‬يلفت النظر إىل أن «النارشين األملان والسويرسيني يباهون برتمجتهم أعامالً‬
‫رفيعة املستوى من األدب العريب»‪ .‬واملعروف أن األمر نفسه ينسحب عىل النارشين‬
‫األوروبيني مثل الفرنسيني واألسبان واإليطاليني‪.‬‬
‫عندما ننظر إىل توزيع دور النرش يف املدونة نجد ترتيب العرشة األوىل عىل النحو‬
‫اآليت‪ :‬دار آناهتار كيتابالر‪ ،‬ودار كاكنوس‪ ،‬ودار أوروبا ياكايس‪ ،‬ودار بوردو سياه‪ ،‬ودار‬
‫يت كتاب‪ ،‬ودار ألِف‪ ،‬دار آرتشوب‪ ،‬ودار انقالب‪ ،‬ودار كايب‪ ،‬ودار إنسان‪ .‬مل هتتم دور‬ ‫ِه ْ‬
‫النرش األوىل (آناهتار كيتابالري) والثالثة (أوروبا ياكايس) والتاسعة (كايب) سوى بكتب‬
‫جربان خليل جربان‪ ،‬ومل ترتجم هذه األعامل من العربية مبارشة‪ ،‬بل من اإلنكليزية‪.‬‬
‫أما دور نرش «كاكنوس»‪ ،‬و«بوردو سياه»‪ ،‬و«ألِف»‪ ،‬و«إنسان»‪ ،‬و«شعلة»‪ ،‬و«بقاء»‪،‬‬
‫أضافت إىل رصيد منشوراهتا ترمجات من العربية مبارشة‪ .‬واشتهرت «بوردو سياه»‬
‫التي دخلت عامل النرش عام ‪ 1990‬برتمجتها لألعامل الكالسيكية العربية‪ .‬وعنت كل‬
‫من «كاكنوس» و«ألِف» و«شعلة» برتمجة األدب العريب من اللغة املصدر مبارشة‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬عىل الرغم من أن دار آرتشوب أكسبت الرتكية كثري ًا من األعامل‬
‫الشعرية العربية املعارصة فقد واجهت نقد ًا حاد ًا حول مستوى الرتمجة التي تصدرها‪.‬‬
‫يف احلقيقة أن الرتمجات عن العربية مبارشة طاملا جلبت معها نقاشات وصلت إىل درجة‬
‫الفضيحة ما عدا بعض االستثناءات‪.‬‬
‫عضوا للجنة حتكيم اجلائزة العربية للرواية املعروفة‬
‫ً‬ ‫إن اختيار كاتب هذا البحث‬
‫باسم «البوكر العربية» لعام ‪ ،2014‬ومن ثم نرش اخلرب يف اإلعالم الوطني الرتكي شد‬
‫انتباها إىل األدب العريب‪ .‬بعد نرش اخلرب يف اإلعالم الوطني تلقى كاتب هذه السطور‬‫ً‬
‫كثري ًا من اهلواتف والرسائل اإللكرتونية من نارشين وحمررين يستفرسون عن األدب‬
‫العريب‪ .‬وبعض النارشين سألوا ما إذا كان بإمكاهنم احلصول عىل دعم من الدول‬
‫العربية يف حال نرشهم ترمجات من األدب العريب‪.‬‬

‫‪-424-‬‬
‫يف اجلدول ‪ 4‬قائمة بدور النرش التي أصدرت كتابني أو أكثر من األدب العريب‪.‬‬

‫دار النرش‬ ‫العدد‬ ‫دار النرش‬ ‫العدد‬

‫أناهتار كتابالر‬ ‫‪18‬‬ ‫غينداش‬ ‫‪3‬‬

‫كاكنوس‬ ‫‪16‬‬ ‫خيال‬ ‫‪3‬‬

‫أوروبا يكايس‬ ‫‪12‬‬ ‫حكمت‬ ‫‪3‬‬

‫بوردو سياه‬ ‫‪12‬‬ ‫إيي شيالر‬ ‫‪3‬‬

‫ِه ْ‬
‫يت كتاب‬ ‫‪12‬‬ ‫معنى‬ ‫‪3‬‬

‫ألِف‬ ‫‪9‬‬ ‫مينيفيش‬ ‫‪3‬‬

‫آرتشوب‬ ‫‪9‬‬ ‫بوبا‬ ‫‪3‬‬

‫انقالب‬ ‫‪9‬‬ ‫تيامش‬ ‫‪3‬‬

‫كايب‬ ‫‪9‬‬ ‫فارليك‬ ‫‪3‬‬

‫إنسان‬ ‫‪8‬‬ ‫أمحد سعيد‬ ‫‪2‬‬

‫شعلة‬ ‫‪8‬‬ ‫آكتيف‬ ‫‪2‬‬

‫قرمزي كيدي‬ ‫‪8‬‬ ‫أركاداش‬ ‫‪2‬‬

‫إيفرييست‬ ‫‪6‬‬ ‫بيان‬ ‫‪2‬‬

‫نسيل‬ ‫‪6‬‬ ‫ديستيك‬ ‫‪2‬‬

‫تركواز‬ ‫‪6‬‬ ‫دوغان‬ ‫‪2‬‬

‫بقاء‬ ‫‪6‬‬ ‫دنيا آكتوال‬ ‫‪2‬‬

‫‪-425-‬‬
‫دار النرش‬ ‫العدد‬ ‫دار النرش‬ ‫العدد‬

‫كاباجلي‬ ‫‪5‬‬ ‫إي يايينالري‬ ‫‪2‬‬

‫عنقاء‬ ‫‪5‬‬ ‫إبسيلون‬ ‫‪2‬‬

‫بارشومان‬ ‫‪5‬‬ ‫إيز‬ ‫‪2‬‬

‫آدم‬ ‫‪4‬‬ ‫كاناط‬ ‫‪2‬‬

‫أغاتش‬ ‫‪4‬‬ ‫كاره‬ ‫‪2‬‬

‫آفيستا‬ ‫‪4‬‬ ‫كتاب أيف‬ ‫‪2‬‬

‫بابل‬ ‫‪4‬‬ ‫كالسيك‬ ‫‪2‬‬

‫بيلغه‬ ‫‪7‬‬ ‫منشورات وزارة الثقافة‬ ‫‪2‬‬

‫جان‬ ‫‪4‬‬ ‫كريوس كتاب‬ ‫‪2‬‬

‫إيليبس‬ ‫‪4‬‬ ‫مطبعة عامرة‬ ‫‪2‬‬

‫قرمزي‬ ‫‪4‬‬ ‫أوغالك‬ ‫‪2‬‬

‫وزارة الرتبية الوطنية‬ ‫‪4‬‬ ‫رغبة‬ ‫‪2‬‬

‫يايب كريدي‬ ‫‪4‬‬ ‫روضة‬ ‫‪2‬‬

‫آلكيم‬ ‫‪3‬‬ ‫شعردان‬ ‫‪2‬‬

‫برياي‬ ‫‪3‬‬ ‫يابا‬ ‫‪2‬‬

‫كالليستو‬ ‫‪3‬‬

‫اجلدول ‪ :4‬التوزيع وفق دار النرش‬

‫‪-426-‬‬
‫‪ .5 .4‬التوزيع وفق مكان النرش‬

‫يظهر يف اجلدول ‪ 5‬بوضوح أن ‪ %90‬من الرتمجات صدرت يف اسطنبول‪ .‬وسبب‬


‫هذا األمر هو أن مكانة اسطنبول ال تناقش يف قضية النرش والتوزيع‪.‬‬

‫مكان النرش‬ ‫العدد‬

‫اسطنبول‬ ‫‪359‬‬

‫أنقرة‬ ‫‪34‬‬

‫أررضوم‬ ‫‪4‬‬

‫إزمري‬ ‫‪1‬‬

‫القاهرة‬ ‫‪1‬‬

‫قيرصي‬ ‫‪1‬‬

‫قونية‬ ‫‪1‬‬

‫غري حمدد‬ ‫‪1‬‬

‫املجموع العام‬ ‫‪402‬‬

‫اجلدول ‪ :5‬التوزيع وفق مكان النرش‬

‫‪ .6 .4‬التوزيع وفق تاريخ النرش‬

‫عند استعراض تاريخ نرش األعامل األدبية املرتمجة من األدب العريب‪ ،‬تلفت األنظار‬
‫الزيادة امللحوظة يف نرش األعامل األدبية العربية يف عام ‪ .1998‬والسبب يف ذلك يعود‬
‫إىل حصول نجيب حمفوظ عىل جائزة نوبل لألدب‪ .‬واعتبار ًا من ذلك العام يالحظ‬
‫الباحثون ارتفاع ًا مطرد ًا يف عدد الرتمجات باستثناء عامي ‪ 2001‬و‪( 2007‬اجلدول ‪.)6‬‬

‫‪-427-‬‬
‫تاريخ النرش‬ ‫العدد‬ ‫تاريخ النرش‬ ‫العدد‬

‫‪2009‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪1993‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪2013‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪1996‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪2005‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪1995‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪2002‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪1992‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪2010‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪1982‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪2004‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪1994‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2003‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪1991‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2012‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2006‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪1989‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2011‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪1985‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2008‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪1999‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪1977‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2000‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪1946‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪1998‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1945‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2001‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1927‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪1997‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1868‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2007‬‬ ‫‪8‬‬

‫اجلدول ‪ :6‬التوزيع وفق تاريخ النرش‬

‫‪-428-‬‬
‫‪ .7 .4‬مرحلة اختيار العمل للرتمجة ونرشه‬
‫يبدو أنه ليس ثمة آلية اختيار منهجية لألعامل املرتمجة من األدب العريب‪ ،‬إال أنه من‬
‫املمكن إجياد بعض التعميامت حول مرحلة االختيار‪ .‬ثمة نوعان من املبادرة يف مرحلة‬
‫الرتمجة‪ :‬مبادرة املرتجم ومبادرة دار النرش‪.‬‬
‫يف احلاالت التي تكون فيها مبادرة املرتجم مقبولة‪ ،‬خيتار املرتجم العمل وفق ذائقته‬
‫عمل الشاعر‬‫األدبية وتوجهه األيديولوجي دون مراجعة أي دار نرش‪ .‬يرتجم املرتجم َ‬
‫أو الكاتب الذي حيبه‪ ،‬ثم يبحث عن نارش ينرشه‪ .‬كانت أكثر الرتمجات عن األدب‬
‫العريب تتم وفق هذه الطريقة قدي ًام‪ .‬من جهة أخرى يمكن تصنيف ترمجات األكاديميني‬
‫املهتمني بااألدب العريب وفق بحثهم اخلاص ضمن هذا النوع من اخليار‪ .‬عىل سبيل‬
‫املثال‪ ،‬ترمجة كنعان دمري آياك وحسني يازجيي ألدب املهجر وعىل رأسه أعامل ميخائيل‬
‫نعيمة‪ ،‬وترمجة رمحي آر وبدر الدين آيطاج لنجيب حمفوظ‪ ،‬وترمجة كاتب هذه السطور‬
‫ليحيى حقي‪ ،‬وترمجة آيسيل َأرغول لنزار قباين وكثري من الرتمجات األخرى تندرج‬
‫ضمن تصنيف الرتمجة بمبادرة املرتجم‪.‬‬
‫يف احلالة الثانية حيدد النارش العمل الذي سيرتمجه بشكل مسبق ويطلب من املرتجم‬
‫ترمجته‪ .‬وأهم العوامل املؤثرة يف عملية اختيار النارش أن يكون الكاتب معروف ًا يف‬
‫الغرب‪ ،‬ويمكن أن حيقق من ورائه الربح‪ .‬وتبدو ترمجة أعامل عالء األسواين ورجاء‬
‫الصانع أهنا خضعت هلذا النوع من اخليار‪.‬‬
‫تبدو آلية االختيار املعتمدة يف الغرب غري موجودة يف تركيا عند اختيار أعامل من‬
‫األدب العريب عىل صعيدي املرتجم والنارش‪ .‬فاملجالت التي تنرش مقاالت أكاديمية‬
‫حول األدب العريب تركز عىل البحث‪ ،‬وال تنرش الرتمجة عموم ًا‪ .‬وليس لدى هذا النوع‬
‫من املجالت تقليد التعريف بكاتب أو عمل مهم أو نقد متعمق‪ .‬ومن النادر مصادفة‬
‫مقالة نقدية أو تعريف برتمجة صادرة من األدب العريب يف املجالت الثقافية املوجودة يف‬
‫السوق‪ .‬أحيان ًا تنرش املجالت األدبية ملفات حول األدب العريب‪ ،‬ولكن مضمون تلك‬
‫امللفات عادة ضعيف جد ًا‪ .‬يبدو أنه ليس لدهيا تقاليد استشارة األكاديميني املشتغلني‬
‫باألدب العريب‪ .‬عىل سبيل املثال‪ ،‬نرشت جملة تُوزع عىل مستوى تركيا كلها يف عدد‬
‫نيسان ‪ 2011‬عدد ًا خاص ًا باألدب العريب‪ُ .‬ملئت املجلة بعروض كتب مرتمجة من‬
‫اإلنكليزية والفرنسية‪ ،‬ومل يكن من بني معدّ ي امللف مهتم باألدب العريب عىل الصعيد‬

‫‪-429-‬‬
‫أرسلت لرئيس حترير املجلة رسالة إلكرتونية حول املوضوع‬
‫ُ‬ ‫األكاديمي أو االحرتايف‪.‬‬
‫ومل يعطني اجلواب حتى اآلن‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬افتقار األعامل املرتمجة من العربية مبارشة من عمل التحرير‪ ،‬أو‬
‫ضعف التحرير جعلها ثقيلة صعبة القراءة‪ .‬البد من استبعاد دار «بوردو سياه» للنرش‬
‫عن هذا األسلوب من العمل‪ .‬فقد أخضعت األعامل العربية الكالسيكية التي طبعتها‬
‫لعمل حتريري رصني‪ ،‬ولكن دار النرش هذه أوقفت إصداراهتا مؤقت ًا بسبب أزمتها‬
‫املالية‪.‬‬
‫‪ .8 .4‬تدريب املرتمجني‬
‫بدأت برامج الرتمجة املختصة عن العربية تدخل إىل بنى اجلامعات الرتكية حديث ًا‪.‬‬
‫علام أنه ال توجد كوادر أكاديمية خبرية بالبحث يف برامج الرتمجة من هذا النوع بعدُ ‪.‬‬
‫وحيتاج إعداد الكوادر املسلحة باملعرفة النظرية والتطبيقية زمن ًا طويالً؛ إذ جتري عمليات‬
‫الرتمجة األدبية بمبادرات فردية من أعضاء هيئة التدريس وطالب أقسام اللغة العربية‬
‫وآداهبا التابعة للجامعات‪ .‬وهلذا السبب من الصعب احلديث عن نشاط منهجي؛‬
‫فالساعات املخصصة لتدريس الرتمجة (ثالث ساعات أسبوعي ًا) ال تساعد عىل إعطاء‬
‫تدريب عىل الرتمجة يتجاوز مهارات الرتمجة العامة‪.‬‬
‫والربنامج املؤسسايت الوحيد املطبق يف موضوع تدريب املرتمجني يف تركيا يتم سنوي ًا‬
‫يف إطار «مرشوع دعم املنشورات الثقافية الرتكية وفنها وأدهبا باللغات غري الرتكية»‬
‫املعروف باسم «تيدا» (‪ )TEDA‬يف ورشة «الرتمجة األدبية بني اللغتني الرتكية والعربية»‪.‬‬
‫من املقرر تنظيم الورشة الثالثة عام ‪ .2014‬ويشارك يف ورشات العمل عرشة مرتمجني‪،‬‬
‫مخسة يرتمجون من الرتكية إىل العربية‪ ،‬ومخسة يرتمجون من العربية إىل الرتكية‪ .‬ويقوم‬
‫باإلرشاف عىل ورشات الرتمجة أكاديميان أحدمها تركي واآلخر عريب‪.‬‬
‫يمكن تلخيص هدف ورشات العمل بنقل جتربة املرتمجني الذين لدهيم خربة طويلة‬
‫يف الرتمجة بني اللغتني إىل اجليل الشاب‪ ،‬واكتشاف املواهب الشابة وتشجيعها من خالل‬
‫العمل التطبيقي عىل نصوص أدبية‪ ،‬وإبراز النامذج الناجحة ومناقشة القضايا النظرية‬
‫يف الرتمجة‪.‬‬
‫وتلعب ورشات العمل هذه دور ًا بتدريب املرتمجني من جهة‪ ،‬وتلفت نظرهم إىل‬
‫األدب العريب من جهة أخرى‪ .‬وبصفتي مرشف ًا عىل هذه الورشات‪ ،‬فقد ناقشنا يف‬

‫‪-430-‬‬
‫السنتني املاضيتني نامذج من األدب العريب احلديث لكل من هباء طاهر‪ ،‬وألفة اإلدلبي‪،‬‬
‫ونزار قباين‪ ،‬وحممود درويش‪ ،‬ونجوان درويش‪ ،‬ووليد إخاليص‪ ،‬وزكريا تامر‪،‬‬
‫وغسان زقطان‪ ،‬وق ّيمت هذه الرتمجات ضمن ورشات العمل‪ .‬أما من األدب العريب‬
‫الكالسيكي فقد تُرمجت نامذج خلطيب البغدادي ونامذج من شعر موالنا جالل الدين‬
‫الرومي املكتوب بالعربية‪.‬‬
‫وبفضل هذه الورشات تتوسع حافظة املرتمجني الذين سيرتمجون من األدب العريب‪،‬‬
‫ويتشكل «خزان ترمجة» من خالل النامذج املنجزة يف الورشات‪.‬‬
‫‪ .5‬النتيجة واملقرتحات‬
‫عىل الرغم من أن جذور الرتمجة من األدب العريب إىل اللغة الرتكية متتد إىل تاريخ‬
‫ضارب يف القدم‪ ،‬إال أن نتاجها يعاين من مشكالت يف كثري من األصعدة‪ .‬من العوامل‬
‫املهمة التي تكمن وراء هذا النقص واملشاكل َض ْعف التنسيق بني القائمني عىل الرتمجة‬
‫واملشتغلني فيها‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬يبدو أن التواصل بني النارش واملرتجم واملحرر والقارئ‬
‫شبه مفقود‪ .‬حتى إنه ليس ثمة تواصل مبارش بني التحرير الذي يعد حلقة مهمة من‬
‫هذه السلسلة والرتمجات املنجزة من العربية مبارشة‪ .‬ونتيجة هذا األمر تصدر ترمجات‬
‫ال ترقى إىل مستوى جيد‪.‬‬
‫إن األدب العريب أدب يتسم بتعدد الثقافات وينتمي إىل جغرافيا تعاين من مشاكل‬
‫عديدة‪ ،‬هلذا السبب فهو أدب تُرجح فيه كفة عدم التجانس عىل كفة التجانس مما ُيص ّعب‬
‫ال بوصفه موزعا عىل جغرافيا واسعة‪.‬‬ ‫رؤية املشهد كام ً‬
‫وقد أدت اجلوائز األدبية التي يمنحها الرأسامل اخلليجي دور ًا بتشجيع األدب يف‬
‫العامل العريب‪ .‬ومن هذه اجلوائز‪ :‬اجلائزة العاملية للرواية العربية (جائزة البوكر العربية)‪،‬‬
‫وجائزة امللك فيصل العاملية‪ ،‬وجائزة الشيخ زايد للكتاب‪ ،‬وجائزة ساويرويس الثقافية‪،‬‬
‫وجائزة العويس‪ ،‬وجائزة بانيبال للرتمجة األدبية‪ ،‬وجائزة نجيب حمفوظ لألدب‪ ،‬وجائزة‬
‫كل من اجلائزة العاملية للرواية‬‫امللك عبد اهلل بن عبد العزيز العاملية للرتمجة‪ .‬وأ ّثرت ٌّ‬
‫العربية التي تعد النسخة العربية جلائزة «مان بوكر» للرواية‪ ،‬وجائزة بانيبال للرتمجة‬
‫األدبية التي متنحها جملة «بانيبال» الصادرة باللغة اإلنجليزية بزيادة معرفة األدب العريب‬
‫يف العامل الغريب‪ ،‬ولكن هذه املعرفة مل َّ‬
‫تتجل بعدُ يف تركيا‪.‬‬

‫‪-431-‬‬
‫يمكن تقديم املقرتحات اآلتية من أجل حتقيق هذا التجيل وتلك املعرفة‬
‫لألدب العريب يف تركيا‪:‬‬
‫تأسيس مرشوع يشبه مرشوع وزارة الثقافة يف اجلمهورية الرتكية «تيدا» (‪)TEDA‬‬
‫الذي يقدم دع ًام مادي ًا للمرتمجني يف أجور الرتمجة وللنارشين يف حقوق التأليف هبدف‬
‫نرش األدب الرتكي يف العامل‪ ،‬وذلك بتقديم دعم مادي مشابه للمرتجم والنارش يف ترمجة‬
‫األدب العريب إىل اللغة الرتكية ونرشه‪ ،‬وحرص دعم الرتمجة يف األعامل املرتمجة من‬
‫العربية مبارشة إىل الرتكية فقط‪.‬‬
‫تأسيس قاعدة بيانات تتعلق باألدب العريب تحُ دَّ ث باستمرار‪ ،‬وتتضمن قاعدة‬
‫البيانات هذه معلومات حول ما ترجم من األدب العريب‪ ،‬وأبحاثا تتعلق باملوضوع‬
‫وتطبيقات يف الرتمجة التفاعلية‪.‬‬
‫تنظيم ورشات عمل للرتمجة لفرتات قصرية ونرش هذه الورشات‪ ،‬وتقديم دعم‬
‫مادي للمرتمجني املحرتفني واملبتدئني املشاركني فيها من أجل تشجيعهم؛ وعدم حرص‬
‫هذه الورشات يف تركيا فقط‪ ،‬بل نرشها يف خمتلف الدول العربية‪ ،‬مما يسهل تواصل‬
‫ال مبارش ًا‪.‬‬
‫املرتمجني الذين يرتمجون من األدب العريب بجغرافيا اللغة املصدر تواص ً‬
‫دعوة ال ُكتّاب املرتمجة أعامهلم إىل معارض الكتب‪ ،‬وتنظيم حفالت توقيع لكتبهم‬
‫وندوات هلم‪ ،‬وهذا ما يساهم يف تعرف القارئ الرتكي عىل األدب العريب بشكل مبارش‪.‬‬
‫إدخال عملية التحرير يف املرحلة التي تيل الرتمجة وتفعيل آلية تقييم مستوى‬
‫الرتمجة‪.‬‬
‫تأسيس مجعيات ترعى حقوق مرتمجي األدب وتف ّعل التعاون فيام بينهم وحتسن‬
‫رشوط عقود املرتمجني‪.‬‬
‫عىل الرغم من أن هذا العمل هو دراسة ركزت عىل نتاج الرتمجة من األدب العريب‬
‫يف تركيا‪ ،‬ثمة حاجة لتناول نتاج الرتمجة من األدب الرتكي إىل العربية‪ ،‬إضافة إىل دراسة‬
‫مقارنة بني ما ُيرتجم يف تركيا بوصفها يف مرحلة التحضري لعضوية االحتاد األوريب وما‬
‫ُيرتجم يف الدول الغربية من األدب العريب من أجل تقديم رؤية أوسع‪ .‬وهبذه الطريقة‬
‫يمكن رؤية املشهد العام بوضوح أكرب‪.‬‬

‫‪-432-‬‬
‫املصادر‬
‫ «تركيا ودورها يف تفعيل الرتمجة» نرش يف جملة‬.)2012( ‫ حممد حقي‬،‫صوتشني‬
‫ املنظمة‬:‫ بريوت‬،11 ‫ العدد‬،‫ السنة الرابعة‬،‫ جملة العربية والرتمجة‬،‫العربية والرتمجة‬
.153-147 .‫ ص‬،‫العربة للرتمجة‬

Aytaç، G. (1999). Türkiye’de edebi çeviri etkinliği، Yağcı، Ö. (Ed.)


(1999)، Cumhuriyet dönemi edebiyat çevirileri seçkisi içinde، (ss. 347-349).
Ankara: Kültür Bakanlığı.

Dino، Güzin (1999). Sebahattin Eyuboğlu ve Türkiye’de çeviri


hareketleri. Yağcı، Ö. (Ed.)، Cumhuriyet dönemi edebiyat çevirileri seçkisi
içinde، (ss. 294-301). Ankara: Kültür Bakanlığı.

Göktaş، Büşra (2011). 1990-2008 yılları arası Arapçadan Türkçeye


yapılan edebî eser çevirileri üzerine bir inceleme. Yayınlanmamış Yüksek
Lisans Tezi. İstanbul: İstanbul Üniversitesi Sosoyal Bilimler Enstitüsü.

Kara، S. V. (2010). Tarihsel değerlendirmeler ışığında Türkiye’de çeviri


etkinliği، Mersin Üniversitesi Eğitim Fakültesi Dergisi، 6 (1)، ss. 94-101.

Karantay، S. (1999). Tercüme bürosu. normlar ve işlevler. Yağcı، Ö.


(Ed.)، Cumhuriyet dönemi edebiyat çevirileri seçkisi içinde، (ss. 338-344).
Ankara: Kültür Bakanlığı.

Karantay، S. ve Salman،Y. (1999). Vedat Günyol’la Söyleşi. Yağcı، Ö.


(Ed.)، Cumhuriyet dönemi edebiyat çevirileri seçkisi içinde، (ss. 134-142).
Ankara: Kültür Bakanlığı.

Levend، Agâh Sırrı (1998). Türk edebiyatı tarihi I، (3. Baskı)، Ankara:
Türk Tarih Kurumu Basımevi.

-433-
Özkan، Hakan (2011). Literary translation from Arabic into Turkish
(1990-2010). Transeuropéennes، Paris & Anna Lindh Foundation، Alexandria.

Özkırımlı، A. (1999). Çeviri. Yağcı، Ö. (Ed.)، Cumhuriyet dönemi


edebiyat çevirileri seçkisi içinde، (ss. 217-222). Ankara: Kültür Bakanlığı.

Polat، İbrahim Ethem (2013). Türkiye’de Arap dili ve edebiyatı yayınlar


bibliyografyası. Yayınlanmamış araştırma.

Türkeş، A. Ömer (2011). Mısır’da modern anlatı geleneği. Radikal


Gazetesi، 11.11.2011. Erişim tarihi: 15.3.2014، http://www.radikal.com.tr/
kitap/misirda_modern_anlati_gelenegi-1069033

Yazıcı، M. (2001). Çeviribilimine giriş. İstanbul: Emek Matbaacılık.

-434-
‫جتربتي ال�شخ�صية يف الرتجمة الأدبية‬

‫د‪ .‬حممد حقي صوتشني‬


‫جامعة غازي‪ ،‬أنقرة ‪ -‬تركيا‬

‫نموذجا‬
‫ً‬ ‫ترمجة قنديل أم هاشم ليحيى حقي وقصائد الشاعر الرتكي حلمي ياووز‬

‫مدخل‬
‫من املعلوم‪ ،‬لدى العموم‪ ،‬العمق التارخيي ‪ ‬والثقايف املشرتك بني العرب والرتك‪ ،‬ويف‬
‫جزء من حقب التاريخ امتزجت ثقافة الشعبني‪ ،‬ومع التطورات السياسية التي شهدها‬
‫العامل بعد احلرب العاملية األوىل‪ ،‬وأفول اإلمرباطورية العثامنية‪ ،‬انبثقت اهلويات الثقافية‬
‫اجلديدة لألمتني الرتكية والعربية‪ ،‬وأصبح من الالزم تأسيس عالقة ثقافية بني الطرفني‪،‬‬
‫وال سبيل‪ ،‬غري الرتمجة البينية‪ ،‬وسيلة لتحقيق ذلك‪ ،‬ولطاملا أدى املرتجم دور الوسيط‬
‫بني الثقافات القومية‪ ،‬وعىل هدي هذه الفكرة اخرتت الرتمجة بني العربية والرتكية‪ ،‬مرة‬
‫من هذه إىل تلك‪ ،‬ومرة من تلك إىل هذه‪.‬‬
‫أتطلع يف بحثي إىل أن أقدم رس ًدا لتجربتي‪ ‬الشخصية يف ترمجة نموذجني أدبيني من‬
‫العربية إىل الرتكية وبالعكس‪ .‬النموذج األول هو ترمجتي لـ«قنديل أم هاشم» للكاتب‬
‫املرصي حييى حقي إىل الرتكية التي نرشت عام ‪ ،1998‬أما النموذج الثاين فهو ترمجة‬
‫قصيدتني للشاعر الرتكي حلمي ياووز إىل العربية ونرشتا يف العدد ‪ 74‬من جملة الدوحة‬
‫عام ‪.2013‬‬

‫‪-435-‬‬
‫كام سعيت يف هذه الورقة اإلجابة عن األسئلة اآلتية‪ :‬كيف بدأت الرتمجة؟ كيف‬
‫تطور مهارايت يف تع ّلم اللغة العربية وثقافتها؟ ما النصوص التي‬
‫ساعدت الرتمجة يف ّ‬
‫قمت برتمجتها بوصفها نقطة انطالق يل؟ ما العوامل التي تكمن وراء اختيار هذه‬
‫النصوص؟‬
‫وعليه‪ ،‬سأقوم برسد خطوط عريضة عن مسار جتربتي ألجيب عن األسئلة اآلنفة‬
‫الذكر‪ ،‬ثم سأنتقل إىل احلديث عن جتربتي يف ترمجة «قنديل أ ّم هاشم» إىل الرتكية وترمجة‬
‫قصيدة «مدينة من الرشق» وقصيدة «ناظم حكمت» للشاعر الرتكي املعارص حلمي‬
‫ياووز؛ وذلك ألتطرق إىل ما واجهته من حتديات يف الرتمجة فيام بني اللغتني العربية‬
‫والرتكية‪.‬‬
‫خطوط عريضة عن مسار التجربة‬
‫مل جير تع ّلمي للغة العربية من خالل أساليب تواصلية كام هو احلال اآلن‪ ،‬بل من‬
‫خالل ترمجة حرفية للنصوص‪ .‬وكانت هذه النصوص غري أدبية يف بداية املشوار‪ ،‬ولكن‬
‫نصوصا ذات طابع أديب من قصة قصرية وشعر ومرسحية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مع مرور الزمن بدأنا نرتجم‬
‫يف البداية وجدت اللغة صعبة للغاية‪ ،‬لكن بمرور الزمن وبعد إملامي باألدب العريب‬
‫شيئا فشي ًئا أصبحت عاش ًقا لألدب العريب‪ .‬وزاد عشقي له بعد قراءة جربان خليل‬
‫جربان وأدونيس‪ .‬لن أبالغ إذا قلت إنني تتلمذت عىل جربان خليل جربان وأدونيس يف‬
‫بداية املشوار‪ .‬وال أنسى حماواليت األوىل لرتمجة «رصاخ القبور»‪ ،‬ومقتطفات من «دمعة‬
‫وابتسامة» و«األرواح املتمردة» وكأنني أفك الرموز ألعود بعد ذلك ألترمجها ليس‬
‫لغرض النرش بل للمتعة والتذوق‪ .‬حدث اليشء عينه معي بالنسبة إىل أدونيس‪ .‬عرفته‬
‫ألول مرة من خالل جملة «فكر وفن» األملانية التي وجدهتا يف مكتبة اجلامعة‪ .‬عندما‬
‫قرأت قصيدته «شهوة تتقدم يف خريطة املادة» صدمت؛ فاللغة واألسلوب واإليقاع‬
‫الشعري هبرتني عىل الرغم من أنني مل أفهم الكلامت كلها‪ .‬قلت يف نفيس «هذا هو‬
‫شاعري»‪ ،‬كنت آنذاك أسكن يف سكن الطالب‪ ،‬ومعي بعض الطالب العرب‪ ،‬كنت‬
‫أسأهلم عن بعض الكلامت الواردة يف قصيدة أدونيس‪ ،‬فكانوا يستغربون ألنني أهتم‬
‫هبذا الشعر «غري املفهوم»‪ ،‬و«غري املوزون»‪ ،‬و«الشاذ»‪.‬‬
‫يف البداية كنت أترجم لنفيس ألحتدّ اها يف إبداع نص مماثل يف اللغة الرتكية‪ ،‬عندي‬

‫‪-436-‬‬
‫تراجم غري منشورة قمت هبا وأنا طالب جامعي‪ ،‬وال أزال أحتفظ هبا مثل «األرواح‬
‫املتمردة» و«دمعة وابتسامة» و«العواصف» جلربان خليل جربان‪ ،‬و«يوميات نائب يف‬
‫األرياف» لتوفيق احلكيم‪ ،‬و«البوسطجي» ليحيى حقي‪ ،‬ومعلقة امرئ القيس وقصص‬
‫قصرية لكتّاب غري معروفني‪ .‬هذه الرتاجم من نتاج التحدي الذي ذكرته‪ .‬وال أزال‬
‫أمحل هذه الروح اهلاوية عند الرتمجة مما جيعلني أشعر باملتعة عند ترمجة نصوص أدبية‪.‬‬
‫ال ال خياطب ذوقي (عبديل‪.)2014 ،‬‬ ‫وعادة ال أترجم عم ً‬
‫أما العوامل التي تكمن وراء اختيار النصوص فهي ختتلف من عمل إىل آخر‪ .‬هناك‬
‫ما قمت برتمجته لنفيس لغرض املتعة أو اهلواية‪ ،‬وهناك ما ترمجته باقرتاح من دور نرش‬
‫أو كتّاب‪.‬‬
‫قمت برتمجتها بقرار اختذته بنفيس ثم عرضتها للنرش‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سأقدم أدناه ثالثة أعامل‬
‫توصيل إىل خلق نص «مواز»‬‫وذلك من خالل حتليلها بخطوط عريضة ألُظهر مدى ّ‬
‫بقدر اإلمكان يف اللغة اهلدف‪ .‬وهذه األفكار هي بمنزلة «نقد ذايت» يقدم خطو ًطا‬
‫عريضة عن جتربتي العملية يف ترمجة عمل رسدي وعملني شعريني‪.‬‬
‫نموذجا‬
‫ً‬ ‫الرتمجة من العربية إىل الرتكية‪« :‬قنديل أم هاشم» ليحيى حقي‬
‫تعد «قنديل أم هاشم» ليحيى حقي من األعامل الكالسيكية يف األدب العريب‬
‫املعارص‪ .‬وقد جرى خالف بني النقاد حول الشكل الفني لـ«قنديل أم هاشم»‪ ،‬أهي‬
‫رواية أم أقصوصة أم قصة قصرية؟ يف حني يعد بعض النقاد أن «قنديل أ ّم هاشم»‬
‫رواية‪ ،‬ويعدّ ها آخرون – وهذا هو الرأي الشائع ‪ -‬بأهنا من الشكل الفني املعروف بـ‬
‫‪ novella‬أو األقصوصة كام هي التسمية غال ًبا باللغة العربية (الشاروين‪71 :1975 ،‬؛‬
‫‪ .)131-1983:128 ،Jad‬وهي تقع يف موقف وسط بني القصة والرواية‪ ،‬وتتناول‬
‫مواضيع أكثر تعقيدً ا بالنسبة إىل القصة وأقل تعقيدً ا بالنسبة إىل الرواية‪ .‬وهي قابلة‬
‫للشخصيات املتعددة وإن مل تبلغ كثرهتا شخصيات الرواية‪ .‬والبد هلا من حادثة ذات‬
‫بداية وهناية‪ ،‬مع االهتامم بالتعقيد والرتكيز نسب ًيا (‪.)265-212 :1994 ،Özdemir‬‬
‫إن أحداث «قنديل أ ّم هاشم» التي أ ّلفها الكاتب حييى حقي عام ‪ 1939‬ونرشها عام‬
‫‪ 1944‬جتري يف حي «السيدة زينب» من األحياء القاهرية القديمة‪ .‬وتنشأ الشخصية‬
‫الرئيسة لألقصوصة إسامعيل يف «السيدة زينب»؛ حيث يعيش سكاهنا بـ»بركة أ ّم‬

‫‪-437-‬‬
‫هاشم»‪ .‬ويسافر إسامعيل إىل «بالد ّبره» لدراسة الطب ويتعرف هناك عىل زميلته يف‬
‫اجلامعة «ماري» التي تفيض له بأرسار الثفاقة الغربية‪ ،‬فتغري نظرته للحياة ويعد مجيع‬
‫التجارب التي تلقاها يف املايض بأهنا جهل ووهم ومعتقدات باطلة وتافهة‪ .‬ثم يعود بعد‬
‫كبريا يف أعامقه ويشعر بالقلق وعدم االرتياح‬
‫سبعة أعوام إىل مرص حيث يعيش رصا ًعا ً‬
‫تعود احلياة النشطة يف أوروبا‪ .‬ويف الليلة األوىل من عودته‬
‫جتاه حياته اجلديدة بعد أن ّ‬
‫إىل مرص يرى أمه تقطر شي ًئا من زيت القنديل املعلق عىل رضيح أم هاشم يف عيون بنت‬
‫عمه فاطمة النبوية التي كانت تعاين من مرض العيون قبل سفره إىل إنجلرتا‪ .‬فيقفز‬
‫صارخا يف وجه أمه أهنا «مؤمنة تصيل فكيف تقبل أمثال هذه‬ ‫ً‬ ‫من مكانه «كامللسوع»‬
‫اخلرافات واألوهام»‪ .‬ثم يتناول القارورة ويرميها إىل األرض‪ .‬ويقرر إسامعيل بعدها‬
‫أن يطعن اجلهل واخلرافة يف الصميم طعنة نجالء ولو فقد روحه‪ .‬فيتوجه من فوره إىل‬
‫مقام السيدة زينب ويرمي بعصاه القنديل فينكرس‪ .‬وتكاد اجلموع التي وفدت لزيارة‬
‫املقام تفتك بإسامعيل لوال أن أنقذه خادم املقام الشيخ درديري بحجة أنه من معارفه‪.‬‬
‫ومتر األيام وال يغادر إسامعيل الفراش‪ .‬وملا أفاق بدأ يفكر هل يعود إىل أوروبا ليعيش‬
‫ّ‬
‫وسط أناس يفهمون احلياة؛ فقد عرضت عليه اجلامعة منصب مساعد أستاذ فرفضه‬
‫ولعلهم يقبلونه اآلن إذا طلب‪ .‬ويظل إسامعيل يعالج فاطمة النبوية بجميع خرباته التي‬
‫تلقاها يف أوروبا‪ ،‬ولكن العالج ال جيدي‪ .‬فيرتك املنزل ويلجأ إىل بنسيون امرأة يونانية‬
‫اسمها مدام أفتاليا‪ .‬وعندما حيل شهر رمضان ال خيطر عىل باله أن يصوم‪ .‬إال أنه جيد‬
‫نفسه يف ليلة القدر مسوقا بقوة خفية إىل مسجد «السيدة زينب»‪ ،‬وهناك تستيقظ يف‬
‫أعامقه أرسار مفاجئة يفهم من خالهلا أنه ال فائدة يف علم جمرد عن اإليامن‪ ،‬وجيب عدم‬
‫االستهانة بقيم املجتمع لكسب ثقة الناس عىل األقل‪ .‬ويدخل إسامعيل يف املقام ويأخذ‬
‫شي ًئا من زيت القنديل من الشيخ درديري‪ .‬ثم يعود إىل البيت ليبدأ من جديد معاجلة‬
‫عيون فاطمة‪ ،‬ويرهيا الزيت لرد الثقة إىل قلب مريضته؛ حيث تتقدم فاطمة للشفاء عىل‬
‫يديه يو ًما بعد يوم‪ ،‬وإذ هبا تكسب يف آخر العالج ما تأخر يف بدايته‪ .‬وبعد فرتة يتزوج‬
‫إسامعيل من فاطمة ويفتح عيادة يف حي يقطنه الكادحون والفقراء يف القاهرة وينال‬
‫تقدير الشعب وترحيبه (حقي‪1995 ،‬؛ صوتشني‪.)1998 ،‬‬
‫ال كل منها له وحدة نسبية تشكل البنية‬ ‫تتكون األقصوصة من ثالثة عرش فص ً‬
‫التحتية للقسم الذي يليه‪ .‬وال يلبث القارئ أن يتصفح بداية األقصوصة حتى يشعر‬

‫‪-438-‬‬
‫وكأنه يعيش أحداثها‪ ،‬حيث جرى رسد حبكة احلدث واألشخاص بأسلوب واقعي‪،‬‬
‫لدرجة أننا نحس بأن األشخاص منقولون عن الواقع مما يفرض نفسه عىل املرتجم كي‬
‫نصا مكاف ًئا يف اللغة اهلدف‪.‬‬
‫يبدع ً‬
‫إن الرمزية هي الطابع الغالب يف «قنديل أ ّم هاشم»‪ .‬يمكن وصف األقصوصة‬
‫بأهنا نوع من «الشعر الواقعي» بتعبري الناقد حممد مصطفى بدوي (‪:1993 ،Badawi‬‬
‫‪ ،)132‬فهي حتتل مكانة مهمة يف القصة العربية املعارصة من ناحية غناها بالرموز احلية‬
‫واملفصلة واحلركية‪ ،‬مع االهتامم الكبري بالعامل الروحاين والصويف مما جعل الكتاب من‬
‫بني الكتب الكالسيكية يف األدب العريب املعارص‪ .‬الحظوا األسلوب الشعري‪/‬الرمزي‬
‫يف القطعة اآلتية من «قنديل أم هاشم» ومدى انعكاس هذا األسلوب عىل النص اهلدف‪:‬‬

‫‪Gel، İsmail. Hasret kaldık‬‬


‫‪sana. Asırlar kadar uzun yedi‬‬
‫‪yıldan beri görmedik seni. Önce‬‬ ‫أقبل يا إسامعيل فإنّا إليك مشتاقون‪ .‬مل نرك منذ‬
‫‪peşpeşe gönderdiğin، sonra git-‬‬ ‫مرت كأهنا دهور‪ .‬كانت رسائلك‬ ‫سبع سنوات ّ‬
‫‪tikçe seyrekleşen mektupların‬‬
‫املتوالية‪ ،‬ثم املرتاخية‪ ،‬ال تنفع يف إرواء غلتنا‪.‬‬
‫‪susuzluğumuzu gidermeye yet-‬‬
‫أقبل إلينا قدوم العافية والغيث‪ .‬وخذ مكانك‬
‫‪medi. Afiyet gibi، yağmur gibi gel‬‬
‫يف األرسة‪ ،‬فسرتاها كاآللة وقفت بل صدئت‬
‫‪bize. Gel de ailedeki yerini doldur.‬‬
‫‪Ailenin، motoru sökülen makine‬‬ ‫ألن حمركها قد انتزع منها‪ .‬آه! كم بذلت هذه‬
‫‪gibi durduğunu، hatta paslandığını‬‬ ‫األرسة لك‪ .‬فهل تدري؟‬
‫‪göreceksin. Ah، bu aile sana ne çok‬‬ ‫(حقي‪.)21 :1995 ،‬‬
‫?‪şey verdi، biliyor musun‬‬
‫)‪(Hakkı، 1998: 35-36‬‬

‫ومن الواضح أن أسلوب حييى حقي حتت تأثري ما أطلق عليه اسم «اللوحات»‬
‫بشكل عام واالنطباعية بشكل خاص‪ .‬ويمكن أن نلمس ذلك من خالل مقتطفات من‬
‫حوار أجري معه‪:‬‬
‫«عىل كثرة زيارايت للمتاحف وقراءايت عن التصوير واملصورين أصبحت أعرف‬
‫مشاهريهم معرفة وثيقة ‪ -‬مل أستطع أن أنفذ إىل أرسار فن التصوير‪ .‬وقنعت آخر األمر‬
‫باملدرسة التأثرية إذ وجدهتا أكثر قربا لنفيس‪ ،‬وعشت زمنا وأنا عاشق للمصور دجيا‬
‫وصوره» (الشاروين‪.)26 :1975 ،‬‬

‫‪-439-‬‬
‫إن أسلوب الرسام الفرنيس دجيا (‪ )Degas‬الفني يعطي صورة تتكامل يف فروعها‬
‫املنبثقة من اجلوهر نفسه‪ .‬وكل صورة تتغري قليال عن سابقتها‪ ،‬بحيث إذا وضعت هذه‬
‫الصور املشتقة جن ًبا إىل جنب‪ ،‬أعطى الشكل العام هلذه الصور فكرة عامة عن رسمه‬
‫(الشاروين‪ .)60 :1975 ،‬ويمكن ملس أسلوب حييى حقي هذا يف عمله «قنديل أ ّم‬
‫هاشم»‪ .‬يرسم حقي هنا صور متعددة خمتلفة بحد ذاهتا إال أهنا جتتمع يف كوهنا مشتقة‬
‫من «السيدة زينب» مما يؤدي إىل تنوع القصة من حني آلخر ليستنبط القارئ الصورة‬
‫العامة للقصة‪.‬‬
‫ومن ظواهر أدب حييى حقي كثرة استخدام اجلمل االعرتاضية؛ فاجلمل االعرتاضية‬
‫التي نراها يف قصصه هتدف إىل إيضاح اجلملة األصلية‪ ،‬أو حتديد إطالقها‪ ،‬أو إضافة‬
‫معنى جديد أو لفت االنتباه لفكرة جانبية أو لتأكيد الكالم أو إبراز إحساسه نحو يشء‬
‫دورا أهم من اجلملة األصلية‬
‫معني‪ .‬ومع ذلك فإن اجلمل االعرتاضية تؤدي أحيانًا ً‬
‫وتتداخل بصورة حتجب املعنى وتشتت فكر القارئ وتصعب فهم اجلملة فهماً تا ًما‪.‬‬
‫نرى معظم هذه اخلصائص يف القطعة التالية من «قنديل أم هاشم» وتليها ترمجتها‬
‫الرتكية لتكون لدينا فكرة عن طريقة «نقل» هذه اخلصائص‪:‬‬
‫كان جدي الشيخ رجب عبد اهلل إذا قدم القاهرة وهو صبي مع رجال األرسة‬
‫ونسائها للتربك بزيارة أهل البيت‪ ،‬دفعه أبوه إذا أرشفوا عىل مدخل مسجد السيدة‬
‫زينب ‪ -‬وغريزة التقليد تغني عن الدفع ‪ -‬فيهوي معهم عىل عتبته الرخامية يرشقها‬
‫بقبالته‪ ،‬وأقدام الداخلني واخلارجني تكاد تصدم رأسه‪ .‬وإذا شاهد فعلتهم أحد‬
‫ً‬
‫مستعيذا باهلل من البدع والرشك‬ ‫رجال الدين املتعاملني أشاح بوجهه ناقماً عىل الزمن‪،‬‬
‫واجلهالة‪ .‬أما أغلبية الشعب فتبسم لسذاجة هؤالء القرويني ‪ -‬ورائحة اللبن والطني‬
‫واحللبة تفوح من ثياهبم ‪ -‬وتفهم ما يف قلوهبم من حرارة الشوق والتبجيل‪ ،‬ال جيدون‬
‫وسيلة للتعبري عن عواطفهم إالّ ما يفعلونه‪ :‬واألعامل بالنيات‪ .‬هاجر جدّ ي ‪ -‬وهو‬

‫‪-440-‬‬
‫ فال عجب أن اختار إلقامته أقرب املساكن جلامعه‬،‫ إىل القاهرة سع ًيا للرزق‬- ‫شاب‬
‫ يف احلارة‬،‫ يواجه ميضأة املسجد اخللفية‬،‫ وهكذا استقر بمنزل لألوقاف قديم‬.‫املحبب‬
‫ «كانت» ألن معول مصلحة التنظيم اهلدام أتى عليها‬.)‫التي كانت تسمى (حارة امليضة‬
‫ إنام يوفق يف‬،‫ طاش املعول وسلمت للميدان روحه‬.‫فيام أتى عليه من معامل القاهرة‬
‫متجرا للغالل يف‬
ً ‫املحو واإلفناء حني تكون ضحاياه من حجارة وطوب! ثم فتح جدّ ي‬
،‫ أعياد الست أعيادنا‬:‫ وهكذا عاشت األرسة يف ركاب الست ويف محاها‬.‫أيضا‬
ً ‫امليدان‬
.)4-3 :1995 ،‫ (حقي‬.‫ ومؤذن املسجد ساعتنا‬،‫ومواسمها مواسمنا‬
Dedem Şeyh Recep Abdullah çocukluğunda ailenin erkekleri ve kadınlarıyla

birlikte Ehl-i Beyt’i ziyaret etmek için Kahire’ye her gelişinde، Seyyide

Zeyneb Camisi’ne girerken، -geleneksel bir içgüdüyle- babası onu itermiş.

Dedem de onlarla birlikte caminin mermer eşiğine çullanır، girip çıkanların

neredeyse kafasına çarpan ayakları arasında ona öpücükler kondururmuş. Bu

hareketlerini bilgiç bir din adamı gördüğünde zamana kin kusarak، bid’at،

şirk ve cehaletten Allah’a sığınarak yüzünü çevirirmiş. Fakat halkın büyük

bir kısmı، giysilerinden süt، toprak ve çemen kokusu yayılan bu köylülerin

saflığına tebessüm eder، onların iç dünyalarına sığmak bilmeyen coşku ve

kutsamanın sıcaklığını anlarmış. Ameller niyetleri yansıttığından، bu insanlar

da duygularını ancak hareketleriyle ifade edebiliyorlarmış.

Dedem، gençliğinin baharında ekmeğini kazanmak için Kahire’ye göç

etmiş. Doğal olarak sevdiği camiye en yakın olan bir evde oturmayı tercih

etmiş ve caminin arka tarafına bakan köhne bir vakıf evine yerleşmiş. Buraya

“Mida Mahallesi” denilirdi. Böyle denilirdi، çünkü Planlama İdaresi’nin yıkıcı

-441-
‫‪kazması، Kahire’nin diğer belli başlı yerlerine uğradığı gibi buraya da uğramıştı.‬‬

‫‪Bir çılgın gibi savrulan kazma Meydan’ın canına okumuştu. Kurbanları taş‬‬

‫‪ve tuğladan olunca bunları silip süpürmeyi başarmıştı. Sonraları dedem، aynı‬‬

‫‪Meydan’da bir tahıl dükkânı açmıştı. Böylece aile Seyyide Zeyneb’in izinde‬‬

‫‪ve gözetiminde yaşadı. Artık bayramlarımız onun bayramları، seyranlarımız‬‬

‫‪onun seyranlarıydı ve saatimiz caminin müezziniydi. (Hakkı، 1998:9-10).‬‬

‫يشد انتباهنا يف القطعة أعاله أن النص املصدر يتّسم بام يسمى بأسلوب «اللوحة»‬
‫بتعبري حييى حقي‪ ،‬واستخدام جمُ ل اعرتاضية فض ً‬
‫ال عن أسلوب «شعري» يف هناية‬
‫القطعة‪ .‬بالنسبة إىل أسلوب اللوحة نرى أن املرتجم قام إىل حد كبري بإبداع هذا األسلوب‬
‫يف النص اهلدف‪ .‬ونالحظ أن اجلمل االعرتاضية الثالث يف النص املصدر انخفضت إىل‬
‫مجلة اعرتاضية واحدة فقط يف النص اهلدف؛ حيث ترمجت اجلملة االعرتاضية الثانية‬
‫كجملة نعتية إىل اللغة الرتكية‪ .‬أما اجلملة االعرتاضية الثالثة فقد ترمجت دون األخذ‬
‫بعني االعتبار أهنا مجلة اعرتاضية‪ .‬كام نالحظ أن ثمة «تكافؤا» بني النصني من ناحية‬
‫األسلوب الشعري‪ .‬والنقطة السلبية بالنسبة إىل النص اهلدف هي حذف كلمة «ميضأة»‬
‫يف عبارة «ميضأة املسجد اخللفي» عند الرتمجة حيث قام املرتجم بتعميم مفرط هلذه‬
‫العبارة وذلك برتمجتها عىل النحو اآليت‪« :‬اجلانب اخللفي من املسجد»‪.‬‬
‫ِ‬
‫وص َفة أخرى متيز هبا أسلوب حييى حقي هي نربة الفكاهية يف كتابته؛ إذ إن الفكاهة‬
‫عند الكاتب ليست غاية بل وسيلة‪ ،‬لذا فإن أسلوب الفكاهة يف أعامله «حمزن مضحك»؛‬
‫وجره إىل احلزن يف نفس الوقت الذي‬
‫إذ إن لديه القدرة عىل دفع القارئ عىل التفكري ّ‬
‫استطاع أن يضحكه فيه‪.‬‬
‫سنة بعد سنة وإسامعيل يفوز باألولية‪ ،‬فإذا أعلنت النتيجة دارت أكواب الرشبات‬
‫أيضا‪ ،‬وزغردت (ماشاهلل) بائعة الطعمية والبصارة‪،‬‬
‫عىل اجلريان‪ ،‬بل ربام شاركتهم املارة ً‬
‫بحلوانه املعلوم‪ ،‬وأطلقت الست عديلة‬
‫وفاز األسطى حسن ‪ -‬احلالق ودكتور احلي ‪ُ -‬‬

‫‪-442-‬‬
‫ فهذه األرغفة ُت َعدُّ ومتأل بالفول النابت وخترج‬.‫بخورها وقامت بوفاء نذرها ألم هاشم‬
‫ وخيتفي‬،‫ ما هتل يف امليدان حتى ختتطف األرغفة‬:‫هبا أم حممد حتملها يف َم ْق َطف عىل رأسها‬
‫ وترجع خجلة تتعثر يف أذياهلا غاضبة ضاحكة من جشع شحاذي‬،‫ وتطري ُمالءهتا‬،‫املقطف‬
.)7 :1995 ،‫ (حقي‬.‫ وتصري حادثتها فكاهة األرسة بضعة أيام يتندرون هبا‬،‫السيدة‬
Yıllar akıp giderken İsmail hep birinci olur، sonuçlar açıklandığında tüm

komşulara sırayla şerbet dağıtılır، hatta gelip geçenler bile nasibini alırdı.

Ta’miyye* ve bisâra** satıcısı Mâşallah Hanım zılgıt çeker، mahallenin berberi

ve doktoru Hasan Usta malum bahşişlerini alır، Adîle Hanım tütsülerini çıkarıp

adağını yerine getirmek için Umm Hâşim’e gitmeye hazırlanırdı. Çörekler

hazırlanır، içine yeşil bakla doldurulur ve bir sepete konan bu çörekler sepetle

birlikte bir anda yok olurdu. Umm Muhammed’in mulâası*** uçuşur، ayakları

eteklerine dolaşır، Seyyide’nin dilencilerinin aç gözlülüğüne kâh kızarak، kâh

gülerek utana sıkıla eve döner، başına gelenler birkaç gün ailenin aly konusu

olurdu. (*Ta’miyye: Mısır’da yaygın soğan، sarımsak ve maydanoz katılmış

bezelye köftesi. **Bisâra: Sıcak iklimlerde yetişen saplı ve yapraklı bir bitki

olan “mulûhiyye” ile mercimek karışımından yapılan bir yemek. ***Mulâa:

Kadınların örtündüğü bir çeşit şal.) (Hakkı، 1998: 15).

»‫نالحظ أن كلامت ثقافية يتضمنها النص املصدر مثل «الطعمية» و«البصارة‬


‫ والتعريف‬،‫و«املالءة» تم احلفاظ عليها يف النص اهلدف؛ وذلك احرتا ًما للثقافة املصدر‬
‫ باإلضافة إىل ذلك ثمة‬.‫هبذه الثقافة لقراء النص اهلدف من خالل هوامش توضيحية‬
.‫«موازاة» بني األسلوب الفكاهي للنصني املصدر واهلدف‬
‫مر تاريخ‬
ّ ‫وثمة موضوع آخر من املواضيع التي كان وما زال موضع نقاش عىل‬

-443-
‫القصة والرواية العربية وهو الرصاع بني اللغة العامية أو الدارجة واللغة الفصحى؛‬
‫حيث عالج حييى حقي هذا الرصاع يف بعض مقاالته وسعى يف مقدمة جمموعة «عنرت‬
‫وجولييت قصص ولوحات» إىل رسم إطار نظري حول املوضوع‪ ،‬إال أنه عند إحالة‬
‫النظر إىل أعامله كليا‪ ،‬يالحظ أنه عىل الرغم من كثرة استخدامه للغة العامية فإن خط‬
‫سري كتاباته كان يسري نحو الفصحى‪ ،‬حيث يعرتف بذلك يف حوار أجري معه يف إذاعة‬
‫القاهرة‪:‬‬
‫«فمن الدراسة املوضوعية تتجىل حقيقة ال أدري كيف يمكن إنكارها ‪ -‬وهي أنه‬
‫ال بقاء ألدب عريب يكتب بالعامية؛ ألن الفصحى هي القالب الفني الوحيد للعمل‬
‫الكبري‪ ،‬فالفصحى ال العامية هي التي ضمت جوانحها لكل األفكار والتعبريات التي‬
‫بفضلها انحدرت إلينا ثقافتنا وتركيب خمنا ونسيج روحنا‪ ...‬واستعامل اللغة العامية‬
‫عندي نوع من الرتف‪ ...‬إال أن هناك عامية مبتذلة وعامية راقية‪ ...‬إنني ضد العامية‪.‬‬
‫وأظن أن تاريخ االستعامر يبني لنا أن مهه كان هو القضاء عىل الفصحى والرتويج‬
‫للعامية واللهجات الدارجة» (الشاروين‪.)30-29 :1975 ،‬‬
‫لقد استخدم الكاتب اللهجة العامية يف بعض حوارات «قنديل أم هاشم»‪ .‬وتبنى‬
‫املرتجم اسرتاتيجية «التدجني» (‪ )domestication‬يف ترمجة هذه احلوارات‪ ،‬أي إخضاعها‬
‫للقيم الثقافية السائدة يف اللغة اهلدف من أجل التخفيف من غرابة النص اهلدف‪:‬‬

‫‪-444-‬‬
‫“‪”!Sarıklı maymun، sarıklı maymun‬‬ ‫‪ -‬شد العمة شد‪ ،‬حتت العمة قرد‪( ...‬حقي‪،‬‬
‫(‪)11 :1998 ،Hakkı‬‬ ‫‪)4 :1995‬‬

‫‪!Yerli baklaaa -‬‬


‫‪ -‬حرايت‪  ‬يا فول‪.‬‬
‫‪!Tadına bakmadan alma -‬‬ ‫‪ -‬حليّ‪  ‬وع النبي صليّ ‪.‬‬
‫‪!Turp gibi fasulye -‬‬ ‫‪ -‬لوبيه يا فجل لوبيه‪.‬‬
‫‪!Misvak! Resulullah’ın sünneti -‬‬ ‫‪ -‬املسواك سنة عن رسول اهلل‪.‬‬
‫(‪)17 :1998 ،Hakkı‬‬ ‫(حقي‪)8 :1995 ،‬‬

‫‪En kabadayı delikanlıyı gösterin -‬‬


‫‪!bana‬‬
‫‪!Çattık belaya -‬‬ ‫‪ -‬وروين أجعص فتوة‪.‬‬
‫‪Onu kendi haline bırakın، bu adam -‬‬ ‫‪ -‬جتك هلوه يا بعيد‪.‬‬
‫‪.rezilin biri‬‬ ‫‪ -‬سيبوه يف حاله داغلبان‪.‬‬
‫‪.Allah ıslah etsin -‬‬ ‫‪ -‬ربنا يتوب عليه‪( .‬حقي‪)10 :1995 ،‬‬
‫‪.Âmin -‬‬
‫(‪)19 :1998 ،Hakkı‬‬

‫‪Yeter bu kadar kafayı oynattığın be -‬‬


‫خوته يا وليه اعقيل‪.‬‬
‫‪ -‬بس بالش ْ‬
‫‪!kadın، aklını başına topla‬‬
‫(حقي‪)31 :1995 ،‬‬
‫(‪)50 :1998 ،Hakkı‬‬

‫نموذجا‬
‫ً‬ ‫الرتمجة من الرتكية إىل العربية‪ :‬قصيدتان للشاعر الرتكي حلمي ياووز‬
‫تأثريا يف الشعر الرتكي املعارص وذلك من خالل‬
‫يعدّ حلمي ياووز من أكثر الشعراء ً‬
‫(‪)1‬‬

‫أربعة عرش ديوانًا شعر ًيا ألفها انطال ًقا من ديوانه األول الذي حيمل عنوان «عصفور‬
‫النظرة» عام ‪ 1969‬إىل آخر ديوان نرشه يف ‪ 2012‬حتت عنوان «قصائد اجلرح»‪ ،‬فض ً‬
‫ال‬

‫‪ -1‬ولد الشاعر حلمي ياووز يف إسطنبول عام ‪ .1936‬درس الفلسفة يف جامعة لندن الربيطانية يف أثناء عمله يف القسم‬
‫درس مادة تاريخ احلضارات يف عدد من اجلامعات الرتكية وكتب عن الفلسفة‬ ‫الرتكي بإذاعة يب يب يس‪ .‬بعد عودته إىل تركيا ّ‬
‫واألدب‪ .‬من كتبه الشعرية‪ :‬عصفور النظرة (‪ ،)1969‬قصائد حول بدر الدين (‪ ،)1975‬قصائد رشقية (‪ ،)1977‬قصائد‬
‫صيفية (‪ ،)1981‬قصائد مرايا (‪ ،)1992‬احلزن هو الذي يليق بنا أكثر (‪ ،)1989‬قصائد الصحراء (‪ ،)1996‬قصائد‬
‫حروفية (‪ ،)2004‬قصائد ضياع (‪ ،)2007‬قصائد جرح (‪.)2012‬‬

‫‪-445-‬‬
‫عن عرشات الكتب واملقاالت التي تتناول آراءه ومقارباته حول الشعر والفن والفلسفة‪.‬‬
‫يتسم شعر حلمي ياووز بخصائص تأثر هبا العديد من الشعراء الشباب أبرزها‪:‬‬
‫االستفادة من الشعر الرتكي القديم وإعادة خلقه للتوصل إىل شعر متميز خمتلف‬
‫عن «القديم»‪.‬‬
‫إنتاج الصور الشعرية هو عمل البد منه لتكوين مضمون الشعر لتتحول هذه‬
‫الصور إىل املجاز عن طريق تداعيات يبدعها الشاعر ليشكل تعدد املعنى يف الشعر‪،‬‬
‫نثرا»‬
‫شعرا بل ً‬
‫فهم عند القراءة األوىل ملا كان ً‬ ‫حيث يقول الشاعر «لو كان الشعر ُي َ‬
‫(‪.)37 :2012 ،Yavuz‬‬
‫ورواد‬
‫يشدد الشاعر عىل املوسيقا الشعرية‪ ،‬وبذلك يقف بجانب الرمزية الفرنسية ّ‬
‫الشعر الرتكي املعارص الرمزيني مثل أمحد هاشم وحييى كامل‪ ،‬فالرمزية سمة بارزة يف‬
‫شعر حلمي ياووز‪.‬‬
‫ويش ّبه الشاعر إنتاج الشعر بحفريات أثرية حيث يقول يف قصيدته حتت عنوان‬
‫«حفر» ما يأيت (‪:)129 :2010 ،Yavuz‬‬

‫أنا األمل‬ ‫أنا الشاعر‪ :‬خملوق جويف‬

‫كلام أتعمق‬ ‫كلام أحفر‬

‫تلك الغربة الرقيقة‬ ‫جيب أن تحُ َفر القصائد‪ ،‬التي دفنتها‬


‫وعليه فإن ترمجة حلمي ياووز تضع أمام املرتجم حتديات متعددة جيب عليه أن‬
‫يتجاوزها خللقه من جديد يف لغة أخرى‪.‬‬
‫قصيدة «مدينة من الرشق» للشاعر الرتكي حلمي ياووز‬
‫تندرج هذه القصيدة ضمن ديوان «قصائد رشقية» التي نرشت للمرة األوىل عام‬
‫‪ 1977‬الذي يضم ثامين عرشة قصيدة‪ .‬كام هو مفهوم من العنوان‪ ،‬تصف القصيدة مدينة‬
‫«س ِع ْرد» حيث مسقط رأس الشاعر‪ .‬وهي ترمز إىل احلزن‬ ‫يف رشق األناضول وهي ِ‬
‫واألسف وإىل مايض الرشق وحارضه‪ .‬ويتخذ الشاعر هذه املدينة ليعرب عن معاناة‬
‫الرشق كاملة من خالل القيام برحلة ذاكرة إليها‪ ،‬حيث يقول الشاعر هبذا اخلصوص‪:‬‬
‫«ما هو الرشق هل املقصود منه مصطلح جغرايف أم أحد املفاهيم الرئيسة لتاريخ ثقايف؟‬

‫‪-446-‬‬
‫أردت أن حييط املصطلح باملعنيني كي نفهم املوضوع كامال لنصوغ الرشق قصائد عىل‬
‫املستويني اجلغرايف والثقايف» (‪.)62 :1999a ،Yavuz‬‬
‫إذا نظرنا إىل القصيدة (‪ )105 :2010 ،Yavuz‬غرافولوج ًيا (خط ًيا) يشد انتباهنا‬
‫سطرا شعر ًيا عىل حني النص اهلدف‬ ‫ً‬ ‫أن النص املصدر يتكون من واحد وعرشين‬
‫سطرا واحدً ا («من األمل») للنص‬‫سطرا حيث أضاف املرتجم ً‬ ‫يتكون من اثنني وعرشين ً‬
‫اهلدف؛ وذلك للتأكيد عىل هذه العبارة من خالل تركها مستقلة (نرشت الرتمجة العربية‬
‫للقصيدة يف جملة الدوحة‪.)101-100 :2013 ،‬‬
‫«س ِع ْرد» يف كل من السطر األول والثامن واخلامس عرش تلحقها‬ ‫كام يالحظ أن كلمة ِ‬
‫فواصل يف النص املصدر‪ ،‬يف الوقت الذي قام املرتجم بإبقاء الفاصلة يف السطر اخلامس‬
‫دورا وظيف ًيا يف النص املصدر‬‫عرش من النص اهلدف فقط‪ .‬إذ إن الفواصل التي تؤدي ً‬
‫يبدو أهنا مل تؤد الدور نفسها يف الرتمجة إال يف السطر اخلامس عرش حيث استخدم‬
‫«س ِع ْرد» وفصلها عن كلمة «مدينة» التي يف حمل‬ ‫املرتجم هذه العالمة للتأكيد عىل كلمة ِ‬
‫«املوصوف» ملا بعده‪.‬‬
‫ونرى عدم وجود أي عالمات ترقيم يف هناية أسطر القصيدة يف النص املصدر عىل‬
‫حني وضع املرتجم نقطة يف هناية السطر األخري يف الرتمجة‪ .‬وقد يعود هذا القرار إىل تقاليد‬
‫شبه سائدة يف وضع «النقطة» يف هناية السطر األخري من القصائد يف الشعر العريب املعارص‪.‬‬
‫يف األسطر السبعة األوىل نالحظ أن الشاعر استخدم سبع كلامت تتضمن حرف‬
‫“‪ ”k‬وهي‪ .kireç، kent، kuyu، kil، kum، kent، zakkum :‬إال أن هذه اخلاصية مل‬
‫تؤخذ بعني االعتبار يف األسطر السبعة األوىل يف النص اهلدف‪ ،‬وإنام تم تعويضها يف‬
‫األسطر السبعة الثانية من النص اهلدف وذلك من خالل حرف «الراء» يف اللغة العربية‬
‫وهي الكلامت اآلتية‪ :‬رياحها‪ ،‬رصعى‪ ،‬يفرز‪ ،‬أرز‪ ،‬نرجس‪.‬‬
‫أما عىل املستوى الصويت فنالحظ أن القصيدة يف النص املصدر‪ ،‬عىل الرغم من أهنا‬
‫ال حتظى بمخطط معني فيام يتعلق بالقوايف‪ ،‬إال أهنا تتمتع باإليقاع الداخيل من خالل‬
‫قواف داخلية يف النص املصدر وعىل النحو اآليت‪:‬‬
‫‪boydan boya / arıya‬‬
‫‪ayna / orda / acıyla‬‬
‫‪kuyu / duyguyu‬‬

‫‪-447-‬‬
‫‪kum / zakkum‬‬
‫‪saralı / balı / yaşlılığı‬‬
‫‪hanı / zamanı‬‬
‫‪gençliği / pirinci / gibi / dilencisi / gibi‬‬
‫‪bile / aile‬‬
‫‪birlikte / yürürlükte‬‬
‫أما القوايف الداخلية يف ثنايا النص اهلدف فهي عىل النحو اآليت‪:‬‬
‫طني (النون و‪/‬أو التنوين)‬ ‫مدف ٌن ‪ٌ /‬‬
‫نرجس (التنوين)‬
‫ٌ‬ ‫مدين ٌة ‪/‬‬
‫شجر ‪ /‬بئر‬
‫طبيعي ‪ /‬و ّيل‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫رياحها ‪ /‬شباهبا ‪ /‬عنَبها ‪ /‬شيخوختها ‪ /‬مساكنها‬
‫رصعى ‪ /‬أعمى ‪ُ /‬خزامى‬
‫يفرز ‪ /‬أرز‬
‫املوت‬
‫ُ‬ ‫الغرب ُة ‪/‬‬
‫أرسة ‪ /‬كبرية‬
‫من املالحظ أن الكلامت ذات القوايف الداخلية يف النص املصدر جمموعها ‪ 23‬كلمة‪،‬‬
‫عىل حني أن هذا العدد يف الرتمجة يبلغ ‪ 24‬كلمة مما يعني أن القوايف الداخلية بني النصني‬
‫موازيان تقري ًبا‪.‬‬
‫ومن ناحية املستوى الرتكيبي‪/‬النحوي‪ ،‬فمن الطبيعي أن يتغري موقع الكلامت‬
‫واألسطر عند الرتمجة بشكل يتعذر اجتنابه كي تبدو القصيدة يف حلة شعرية إيقاعية‪.‬‬
‫بعضا من جمموعات املعاين بني سطرين متتاليني يف القصيدة من‬ ‫لقد وزع الشاعر ً‬
‫خالل «تفكيك» بنية اجلملة إلضفاء احلركية واالستمرارية للقصيدة‪ ،‬كام هو احلال ملا‬
‫حتته خط يف األسطر اآلتية‪:‬‬
‫‪gibi ayıklar zamanı‬‬
‫‪dilencisi، kör nergis‬‬
‫‪bir kent، ölü bir balı‬‬
‫‪gömer arıya، peteksiz‬‬

‫‪-448-‬‬
‫إال أن املرتجم قام بـ«تعويض» تفكيك مماثل بطريقة ال ّ‬
‫ختل بأساليب اجلملة العربية‬
‫حيث غيرّ مواقع الكلامت واألسطر دون فصل «املضاف» عن «املضاف إليه» أو‬
‫«النعت» عن «املنعوت» كام جرى يف النص األصيل‪:‬‬
‫حلمي ياووز‬
‫‪HİLMİ YAVUZ‬‬
‫مدينة من الرشق‬
‫‪doğudan‬‬
‫ترمجه من الرتكية‪ :‬حممد حقي صوتشني‬
‫‪bir kent‬‬
‫ِس ِع ْرد مدف ٌن بدون شجر‬
‫"‪siirt، ağaçsız gömütlük‬‬
‫مدين ٌة طفولتها جبصني طبيعي‬
‫"‪çocukluğu doğal kireç‬‬
‫كل بئر‬ ‫هناك ُّ‬
‫‪bir kent، orda her kuyu‬‬ ‫"‬
‫تعرف املاء مثل و ّيل‬
‫"‪bir ermiş kadar su bilir‬‬
‫ورمل للغضب‬ ‫ٌ‬ ‫طني للحزن‬ ‫مدين ٌة ٌ‬
‫‪hüzne kil، öfkeye kum‬‬ ‫"‬
‫هناك يمأل العاطفةَ‬
‫‪bir kent، orda duyguyu‬‬ ‫"‬
‫وعرضا‬
‫ً‬ ‫ِد ْفىل طوالً‬
‫‪doldurur boydan boya zakkum‬‬
‫ِس ِع ْرد رياحها رصعى‬
‫"‪siirt، rüzgârı saralı‬‬
‫يعج بالناس‬ ‫مدينة شباهبا خان ّ‬
‫"‪gençliği yolgeçen hanı‬‬
‫يفرز متسوِّلهُ ا الزمانَ‬
‫"‪bir kent، korkunun pirinci‬‬
‫مثل أرز اخلوف‬
‫"‪gibi ayıklar zamanı‬‬
‫نرجس أعمى‬ ‫ٌ‬ ‫مدين ٌة‬
‫"‪dilencisi، kör nergis‬‬
‫تَدْ فن عس ً‬
‫ال م ِّيتًا‬
‫"‪bir kent، ölü bir balı‬‬
‫يف النحلة‪ ،‬بدون خل ّية‬
‫‪gömer arıya، peteksiz‬‬
‫ِس ِع ْرد‪ ،‬مدين ٌة‬
‫"‪siirt، üzümü ayna‬‬
‫ِعنَ ُبها مرآة‬
‫‪yaşlılığı beton lâleden‬‬ ‫"‬
‫شيخوختُها من ُخزامى من اإلسمنت املس ّلح‬
‫"‪bir kent، orda güz bile‬‬
‫جيف حتى اخلريف‬ ‫هناك ّ‬
‫"‪kurur acıyla birlikte‬‬
‫من األمل‬
‫"‪çürür gurbetler yüklükte‬‬
‫تبيل الغرب ُة يف اخلزانة‬
‫"‪ve ölüm، bir büyük aile‬‬
‫مثل ُأرسة كبرية‬ ‫واملوت‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫‪gibi dağılır konaklarından‬‬
‫يتناثر من مساكنها‪.‬‬
‫(‪)105 :2010 ،Yavuz‬‬
‫(جملة الدوحة‪)101-100 :2014 ،‬‬
‫ترمجة قصيدة «ناظم حكمت» للشاعر الرتكي حلمي ياووز‬

‫نرشت القصيدة ضمن ديوان «قصائد عىل بدر الدين» الذي نرش يف إسطنبول للمرة‬
‫األوىل عام ‪ .1975‬يتناول ثلث قصائد الديوان أحدا ًثا تارخيية تتعلق بالشيخ بدر الدين‬

‫‪-449-‬‬
‫الذي عاش يف القرن اخلامس عرش الذي سبق للشاعر الرتكي ناظم حكمت أن كتب‬
‫قصيدة حوله حتت عنوان «أسطورة الشيخ بدر الدين ابن قايض سيامونة»‪ .‬ويعالج‬
‫حلمي ياووز يف ديوانه قضايا تارخيية اجتامعية منطل ًقا من مآس فردية ل ُيظهر أنه من‬
‫املمكن إبداع شعر إيدولوجي بدون االبتعاد عن الشعرية والغنائية‪.‬‬
‫إن قصيدة «ناظم حكمت» هي القصيدة العارشة من الديوان (‪.)65 :2010 ،Yavuz‬‬
‫واملوضوع الرئيس للقصيدة هو احلزن الذي نجده بكثرة يف شعر حلمي ياووز بالترصيح‬
‫تارة وبالتلميح تارة أخرى‪ .‬يقول الشاعر يف أحد حواراته‪« :‬إذا لديك سؤال عن احلزن‬
‫عيل» (‪ .)305 :2012 ،Yavuz‬فاحلزن هو املوضوع الرئيس يف إبداعه الستعارات‬ ‫فاطرحه ّ‬
‫خمتلفة مثل العشق والوحدة والوردة والسفر واملساء والصيف‪ .‬ويعتقد الشاعر أن احلالة‬
‫النفسية للمجتمع الرتكي هي التي أسهمت يف شعوره الدائم باحلزن حيث يقول‪« :‬نحن‬
‫نعيش يف جمتمع حزين‪ .‬نحب احلزن والشعور باحلزن‪ .‬ربام نجد طعم احلياة يف الشعور‬
‫باحلزن‪ .‬وهو نوع من السادية‪ .‬نعم‪ ،‬ال مفر من ذلك فهذه هي طبيعتنا‪ ...‬قلت يف إحدى‬
‫عيل شاعر احلزن‪ ...‬إن ثقافتنا هي ثقافة‬ ‫قصائدي «احلزن يليق بنا أكثر» وبعده أطلقوا ّ‬
‫احلزن‪ ،‬وكأنه جزء ال يتجزأ من هويتنا» (‪.)131 :1999b ،Yavuz‬‬
‫أيضا وفق ثالثة مستويات وهي املستوى‬ ‫من املفيد أن نتناول هذه القصيدة ً‬
‫الغرافولوجي‪/‬اخلطي واملستوى الصويت واملستوى الرتكيبي‪/‬النحوي معيارا ملقارنة‬
‫النصني املصدر واهلدف دون أن ننسى كون هذه املقاربة «مقاربة ذاتية»‪.‬‬
‫عىل املستوى اخلطي ليس ثمة ميزة وظيفية جيب نقلها إىل اللغة الرتكية‪ .‬أما من ناحية‬
‫املستوى الصويت‪ ،‬فنرى أن القصيدة غنية جدً ا بكلامت مقفاة ذات إيقاع داخيل يف النص‬
‫املصدر‪ ،‬وهي عىل النحو اآليت‪:‬‬
‫‪anladığımız / yollandığımız / halkımız / sevdamız / anladığımız‬‬
‫‪yalnız / yağız / sessiz / mahmuz‬‬
‫‪çözerek / kepenek / çarkıfelek / örerek / gerek … gerek‬‬
‫‪köpürte köpürte‬‬
‫‪döndüre döndüre‬‬
‫‪küheylan / mapustan‬‬
‫‪sürgünlerin / gecelerin‬‬
‫‪derken / tüterken‬‬

‫‪-450-‬‬
‫نرى أن املرتجم قام بإبداع موسيقا داخلية يف النص اهلدف‪ ،‬بالكلامت املقفاة أدناه‪،‬‬
‫إال أن حدة املوسيقا يف النص اهلدف أقل مما كان عليه النص املصدر‪ ،‬األمر الذي أدى‬
‫إىل «ضياع» صويت يف الرتمجة‪:‬‬

‫الصامتون ‪ /‬ينادون‬
‫من سجن إىل سجن‬
‫ٍ‬
‫حصان (تنوين)‬ ‫را ٍع ‪/‬‬
‫متحمسني ‪ /‬متو ّددين ‪ /‬وحيدين‬
‫ّ‬ ‫مدورين ‪/‬‬‫ّ‬
‫عريب املنايف ‪ /‬كحيل ‪ /‬لليايل‬
‫شعبنا ‪ /‬عشقنا‬
‫الوردة ‪ /‬أغنية ‪ /‬شعبية‬

‫وعىل املستوى الرتكيبي‪ ،‬تتسم القصيدة بخصائص مماثلة اتسمت هبا قصيدة «مدينة‬
‫من الرشق»؛ حيث نالحظ أن الشاعر أبدع «طبقات» متعددة من املعاين‪ ،‬من خالل‬
‫توزيعها يف أسطر متعددة من القصيدة‪ ،‬بحيث جيعل املعنى صعب املنال‪ ،‬ويضع عقبات‬
‫أمام املرتجم يصعب جتاوزها بسهولة؛ فاملقارنة بني األرقام اخلاصة بالنص املصدر‬
‫والنص اهلدف يف النصني أدناه‪ ،‬تعطينا فكرة جيدة عن مدى تباين توزيع الوحدات‬
‫الداللية بني النصني‪ .‬فاملقطع الثاين من القصيدة األصلية يتوزع يف الرتمجة كام ييل‪:‬‬
‫‪ .6-5-4-7-3-2-8-1‬كام أن املقطع الثالث يتوزع يف الرتمجة عىل النحو اآليت‪:‬‬
‫‪.8-7-6-4-3-5-2-1‬‬

‫‪-451-‬‬
HİLMİ YAVUZ
nâzım hikmet
1hüzün ki en çok yakışandır bize ‫حلمي ياووز‬
2belki de en çok anladığımız ‫ناظم حكمت‬
‫ حممد حقي صوتشني‬:‫ترمجه من الرتكية‬
1biz ki sessiz ve yağız
‫ احلزن يليق بنا أكثر‬1
2bir yazın yumağını çözerek
‫ وربام نحن أكثر فهماً له‬2
3ve ölümü bir kepenek gibi örtüp
‫ نحن أولئك الصامتون الشجعان‬1
üstümüze
‫ الذين ُأرسلوا من سجن إىل سجن‬8
4ovayı köpürte köpürte akan küh- ٍ
‫صيف‬ ّ ‫ ونحن‬2
‫نحل ُك ّب َة‬
eylan ‫املوت علينا مثل فروة را ٍع‬ َ ‫ ونغ ّطي‬3
5ve günleri hoyrat bir mahmuz ‫مدورين بال تو ّقف‬ َّ ،‫ والوادي‬7
6ya da atlastan bir çarkıfelek ّ
‫ كحصان عريب يسيل ممخ ًضا‬4
7gibi döndüre döndüre ‫ واأل ّيام التي هي مهامز حا ّد‬5
8bir mapustan bir mapusa ‫حظ من نسيج أطلس‬ ّ ‫ أو عجلة‬6
yollandığımız !‫ يا «ناظم» املنايف‬:‫ نحن الذين ينادون‬1
1biz، ey sürgünlerin nâzım›ı derken ‫متحمسني ومتو ّددين ووحيدين‬ ّ 2
2tutkulu، sevecen ve yalnız ‫عر مثل العصفور‬ َ ِّ
‫الش‬ ‫ننسج‬ 5
3gerek acının teleğinden ve gerek ‫ من ريش احلزن‬3
4lâcivert gergefinde gecelerin ‫ ويف املنسج الكحيل لليايل‬4
‫ وهو ينثر صوت الوردة‬،‫ ويقول شعبنا‬6
5şiiri bir kuş gibi örerek
:‫ ليفوح منه زعرت أغنية شعبية‬7
6halkımız، gülün sesini savurup
‫ هكذا ُيكتَب عشقنا‬8
7bir türkünün kekiğinden tüterken
‫ احلزن يليق بنا أكثر‬1
8der ki، böyle yazılır sevdamız
‫ ربام نحن أكثر فهماً له‬2
1hüzün ki en çok yakışandır bize )100 :2013 ،‫(جملة الدوحة‬
2belki de en çok anladığımız
)65 :2010 ،Yavuz(

-452-
‫خامتة‬
‫ختتلف النصوص األدبية عن غريها بوصفها مساحة يستخدم فيها الكاتب كلامت‬
‫وعبارات إبداعية؛ هبدف إثارة التأثري لدى القارئ أو املتلقي؛ وذلك من خالل مضمون‬
‫وشكل حمدّ دين من قبل الكاتب لتحقيق أهداف وظيفية‪.‬‬
‫أما الرتمجة فهي عبارة عن استبدال النص املصدر بالنص اهلدف بعنارصه الداللية‬
‫والسيميوطيقية‪ ،‬مع نقل األشكال واألصوات التي يتسم هبا النص املصدر بقدر‬
‫اإلمكان إىل النص اهلدف‪ .‬ويف أثناء هذه العملية يتعني عىل املرتجم أن يراعي التامسك‬
‫والرتابط؛ إلعادة إبداع النص املصدر يف إطار اللغة والثقافة واملضمون وغريها من‬
‫والصور واملجازات واالستعارات والقوايف‬ ‫ُ‬ ‫العنارص مثل نقل القيم اجلاملية للنص‬
‫واألسلوب اإلبداعي للكاتب إلخ‪ .‬إال أن إبداع املرتجم ليس إبدا ًعا غري مقيد بل يتعني‬
‫عىل املرتجم أن يكون مبد ًعا يف احلدود التي يسمح هبا النص املصدر‪.‬‬
‫وغال ًبا ما يستخدم املرتمجون اسرتاتيجيتني يف نقل النص األديب‪ .‬فإما يقومون بـ‬
‫«التدجني» (‪ ،)domestication‬فتبدو الرتمجة وكأهنا نص أصيل‪ ،‬وإما يقومون بـ «التغريب»‬
‫(‪ )foreignization‬حيث تبدو الرتمجة «ترمجة» يف النص اهلدف من خالل تسليط الضوء‬
‫عىل اهلوية األجنبية للنص املصدر ومحايتها من اهليمنة اإليدولوجية للثقافة اهلدف‪ ،‬وهي‬
‫مسألة تتعلق بـ«مرئية» املرتجم أو «ال مرئيته» يف النص اهلدف (انظر‪:2012 ،Munday :‬‬
‫‪ .)215-202 :2013 ،Suçin ;220-217‬ويتجاذب النص اهلدف بني هذا وذاك‬
‫حسب «قرارات» املرتجم الذي يتأثر باعتبارات لغوية ثقافية خطابية إيدولوجية‪.‬‬
‫ثمة مشاكل متعددة يواجهها املرتجم يف الرتمجة األدبية‪ ،‬منها ما يتعلق باللغة الفنية‬
‫واجلاملية للنص املصدر ومدى إمكانية إعادة إبداعها يف النص اهلدف‪ ،‬ومنها ما يتعلق‬
‫بمشاكل بنيوية مثل مدى التكافؤ بني األزمنة املوجودة يف اللغتني‪ ،‬عىل سبيل املثال كون‬
‫الزمن املايض «شهود ًيا» أو «نقل ًيا» يف اللغة الرتكية‪ ،‬وعدم وجود مثل هذا التمييز يف‬
‫ال من ناحية اجلنس والعدد‬ ‫اللغة العربية‪ ،‬أو كون الضامئر يف اللغة العربية أكثر تفصي ً‬
‫مقارنة بضامئر اللغة الرتكية‪ .‬ومن هذه املشاكل ما يتعلق بخصائص ثقافية اجتامعية من‬
‫عادات وتقاليد وقيم وتابوهات‪ ،‬حيث تفرض االسرتاتيجيتان «التدجني» و«التغريب»‬
‫نفسهام مرة أخرى عىل املرتجم لنقل الثقافة إىل اللغة اهلدف‪ .‬كام أن ثمة مشاكل تنجم‬

‫‪-453-‬‬
‫ال عن مشاكل أخرى ترتبط بنوع النص وشكله‪.‬‬ ‫عن البعد التارخيي للنص املصدر‪ ،‬فض ً‬
‫ال يظهر النص األديب يف الفضاء بل ُيبدَ ع ضمن ثقافة معينة‪ ،‬فهو نتاج بيئة ثقافية‬
‫واجتامعية‪ ،‬لذلك ال يويل املرتجم اهتاممه يف املقام األول بإجياد «تكافؤ» معجمي ملادة‬
‫لغوية وداللية بل يعمل قبل كل يشء عىل إعادة إبداع النص املصدر يف إطار النظام‬
‫الثقايف واالجتامعي السائد‪ ،‬األمر الذي جيعله ينحرف عن النص األصيل أحيانًا عند‬
‫الرضورة القصوى‪.‬‬

‫املصادر‬
‫حقي‪ ،‬حييى (‪ ،)1995‬قنديل أم هاشم‪ ،‬بريوت‪/‬القاهرة‪ :‬دار اجليل‪.‬‬
‫الشاروين‪ ،‬يوسف (‪ ،)1994‬أدباء ومفكرون‪ ،‬القاهرة‪ :‬اهليئة املرصية العامة‬
‫للكتاب‪.‬‬
‫الشاروين‪ ،‬يوسف (‪ ،)1975‬سبعون شمعة يف حياة حييى حقي‪ ،‬القاهرة‪ :‬اهليئة‬
‫املرصية العامة للكتاب‪.‬‬
‫صوتشني‪ ،‬حممد حقي (‪ ،)1998‬األدب القصيص عند حييى حقي‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستري غري منشورة‪ ،‬أنقرة‪ :‬جامعة غازي‪ ،‬معهد الدراسات االجتامعية‪.‬‬
‫عبديل‪ ،‬سجا (‪« ،)2014‬صوتشني‪ :‬العامل العريب واإلسالمي هو العمق‬
‫االسرتاتيجي لرتكيا – صداقة لغتني»‪ ،‬جملة املجلة‪ 17 ،‬فرباير ‪.2014‬‬
‫جملة الدوحة‪« ،‬أجنحة املجاز – شعراء من تركيا»‪ ،‬العدد‪ ،74 :‬ديسمرب ‪.2013‬‬

‫‪Badawi،M.M. (1993). A Short History of Modern Arabic Literature،‬‬


‫‪Oxford: Oxford University Press.‬‬

‫‪Hakkı، Yahya (1998). Umm Haşim’in Lambası (Çev. Mehmet Hakkı‬‬


‫‪Suçin)، Ankara: Ta-Ha Yayınları.‬‬

‫‪Jad، Ali (1983). Form and Technique in the Egyptian Novel: 1912- 1971،‬‬
‫‪London: Ithaca Press.‬‬

‫‪-454-‬‬
Munday، Jeremy (2012). Introducing Translation Studies Theories and
Applications (3rd edition)، London and New York: Routledge.

Suçin، Mehmet Hakkı (2013). Öteki Dilde Var Olmak: Arapça Çeviride
Eşdeğerlik. İstanbul: Say Yayınları.

Özdemir، Emin (2007). Yazınsal Türler، Ankara: Bilgi Yayınevi.

Yavuz، Hilmi (1999a). Şiir Henüz. İstanbul: Est-Non Yayınları.

Yavuz، Hilmi (1999b). Denemeler. İstanbul: Boyut Yayın Grubu.

Yavuz، Hilmi (2010). Büyü’sün، Yaz! (Toplu Şiirler 1969-2005). İstanbul:


YKY Yayınları.

Yavuz، Hilmi (2012). Şairin Zihin Tarihi (Şiir Söyleşileri). İstanbul:


Granada Yayınları.

-455-
‫فهر�س الكتاب‬

‫‪5‬‬ ‫كلمة املركز‬

‫‪9‬‬ ‫مقدمة الكتاب‬

‫‪13‬‬ ‫األول‪ :‬عالقة اللغة العربية باللغة الرتك ّية‬


‫املحور ّ‬

‫‪15‬‬ ‫تدريس اللغة العربية يف تركيا‪ :‬باألمس واليوم‬

‫‪25‬‬ ‫التأثري والتأ ّثر بني اللغة العربية واللغة الرتكية‬

‫‪29‬‬ ‫تأثري اللغة العربية يف اللغة الرتكية‬


‫احلصيلة اللغو ّية املشرتكة بني العربية‬
‫‪47‬‬
‫والرتكية وأثرها يف تعليم العربية للطلبة األتراك‬
‫‪69‬‬ ‫التبادل الثقايف بني األتراك والعرب‬

‫‪95‬‬ ‫اللغة العربية يف ظل الدولة العثامن ّية‬

‫‪-456-‬‬
‫مواقف أساتذة اللغة العربية وطالهبا من تدريس اللهجات العربية‪ ‬عىل‬
‫‪117‬‬
‫املستوى اجلامعي يف تركيا‬

‫‪137‬‬ ‫مستقبل اللغة العربية يف تركيا من خالل ماضيها وحارضها‬

‫‪145‬‬ ‫املحور الثاين‪ :‬اللغة العربية يف التعليم العام يف تركيا‬

‫‪147‬‬ ‫تعليم اللغة العربية يف املدارس الرتكية‬

‫‪153‬‬ ‫نظرة إمجالية عن تعليم اللغة العربية يف مدارس تركيا‬

‫‪163‬‬ ‫أثر «املسابقة الدولية يف اللغة العربية» عىل تعليم اللغة العربية يف تركيا‬

‫‪181‬‬ ‫املحور الثالث‪ :‬اللغة العربية يف التعليم العايل يف تركيا‬

‫‪183‬‬ ‫تاريخ كليات اإلهليات برتكيا‪ ،‬وتطور مناهج تعليم اللغة العربية هبا‬

‫‪193‬‬ ‫تعليم اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية‬

‫‪213‬‬ ‫تعليم العرب ّية الفصحى للطلبة األتراك‬

‫‪241‬‬ ‫اللغة العربية يف اجلامعات الرتكية بني الواقع واملأمول‬

‫وح ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫‪281‬‬ ‫لول ُمقرتح ٌة هلا‬ ‫شكالت تَع ُّل ِم اللغة العربية يف تركيا ُ‬
‫ُ‬ ‫ُم‬

‫‪293‬‬ ‫مشكالت تعليم العربية لغري الناطقني هبا يف تركيا وطرق حلها‬
‫أهم مشكالت برامج تعليم اللغة العربية للناطقني بغريها يف تركيا‪:‬‬
‫‪307‬‬
‫مالحظات ميدانية‬
‫‪341‬‬ ‫جتربة مؤسسة إسطنبول للتعليم واألبحاث (‪ )ISAR‬يف العربية‬

‫‪-457-‬‬
‫مشكالت تعليم اللغة العربية لغري الناطقني هبا‪:‬كليات اإلهليات يف تركيا‬
‫‪357‬‬
‫أنموذجا‬
‫ً‬
‫‪381‬‬ ‫املحور الرابع‪ :‬الرتمجة من اللغة العربية إىل اللغة الرتك ّية‬

‫‪383‬‬ ‫إجادة الرتمجة بني العربية والرتكية انبثا ًقا من اإلشكاالت الثقافية‬

‫‪409‬‬ ‫األدب العريب يف اللغة الرتكية‬

‫جتربتي الشخصية يف الرتمجة األدبية‪ :‬ترمجة قنديل أم هاشم ليحيى حقي‬


‫‪433‬‬
‫نموذجا‬
‫ً‬ ‫وقصائد الشاعر الرتكي حلمي ياووز‬

‫‪-458-‬‬
‫ص‪.‬ب ‪ 12500‬الرياض ‪11473‬‬
‫هاتف‪00966112581082 - 00966112587268:‬‬
‫الربيد اإلليكرتوين‪nashr@kaica.org.sa :‬‬

You might also like