You are on page 1of 29

‫االتجاه الماركسي المعاصر في حوار مفتوح مع القارءات والقراء حول‪ :‬نقد التاريخ‪ ،‬لبناء تأريخ جديد‪ ،‬خطوة‬

‫نحو بناء حزب ماركسي في العراق‬

‫من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية واالجتماعية‬
‫والثقافية األخرى من جهة‪ ,‬وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على االنترنت من جهة أخرى‪ ,‬ومن أجل‬
‫تعزيز التفاعل االيجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء‪ ,‬تقوم مؤسسة‬
‫الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها‬
‫وترسيخ ثقافة حقوق اإلنسان وحقوق المرأة والعدالة االجتماعية والتقدم والسالم‪.‬‬
‫حوارنا ‪ -233-‬سيكون مع االتجاه الماركسي المعاصر حول‪ :‬نقد التاريخ‪ ،‬لبناء تأريخ جديد‪ ،‬خطوة نحو بناء‬
‫العراق‪.‬‬ ‫في‬ ‫ماركسي‬ ‫حزب‬

‫(‪)١‬‬‫نقد التأريخ‪ ،‬لبناء تأريخ جديد‬

‫خطوة نحو بناء حزب ماركسي‬

‫في هذا البحث نقدم وثيقتنا األولى‪ .‬الوثيقة التي ستفتح امامنا آفاق جديدة و آماالً كبيرة‪ ،‬للمضي قدما ً نحو نمط جديد من‬
‫العمل السياسي و الحزبي‪ ،‬نهج حديث واسلوب عمل جديد‪ .‬نوعية جديدة‪ ،‬تتبدى على كافة المستويات السياسية و الفكرية‬
‫و العملية و التنظيمية و الدعائية‪ ،‬مبنية على اساس الصراع الطبقي‪ ،‬لصالح البروليتاريا كطبقة‪ ،‬و حزبها كطليع لها‪ .‬نحن‬
‫تأخرنا كثيراً‪ ،‬مع علمنا المسبق بإننا جزء من التأريخ‪ .‬التأريخ الذي يحدد نشاطنا‪ ،‬و يعين مدى تطورنا‪ ،‬على اساس المعطيات‬
‫العلمية و الفكرية التي افرزه‪ ،‬الصراع الطبقي و التطورات العلمية على مختلف عناوينها‪ .‬مع ذلك نقول تأخرنا‪ ،‬لكن عقدنا‬
‫العزم و الجزم في سبيل عبور هذا الطريق الشاق والصعب‪ ،‬عبر نضال طبقي بكل تجلياته‪ .‬مع الطبقة العاملة و قادتها‪،‬‬
‫مطالبها و اهدافها‪ ،‬حركتها الجارية و السياسية‪ .‬معها في صوالتها و هزائمها ‪ ،‬في تقدمها وتراجعها‪ ،‬في ثورتها ونهوضها‪.‬‬
‫نحن مع الطبقة العاملة و نهضتها‪ ،‬نحاول و نناضل بكل جهدنا أن نكون جزءاً من مسعاها‪ -‬الغاء الهيمنة البرجوازية الطبقية‪-‬‬
‫عبر ثورتها‪ ،‬وثورتها فقط‪ .‬هذا هو عنوان هذه الوثيقة‪.‬‬

‫مع ذلك كنا و بالضرورة مجبرين‪ ،‬ان ننتقد تأريخنا‪ ،‬ذلك التأريخ الذي أخذ منا أكثر من نصف عمرنا‪ .‬تأريخنا النضالي‪،‬‬
‫التأريخ الذي نفتخر به‪ ،‬بكل سلبياته و إيجابياته ‪ ،‬و نقر ب َمسؤوليتنا خالل الفترة الماضية‪ ،‬و نتحملها برحابة الصدر‪ .‬مع ذلك‬
‫انتقادنا لتأريخنا‪ ،‬ضرورة مفروضة ال بد منها بالنسبة لنا‪ ،‬ليتسنى لنا ان نتجاوزه‪ ،‬و نشق طريقنا نحو االنخراط الفعلي و‬
‫العملي في الحركة العمالية‪ ،‬و نكون معها في حل مشاكلها و إزالة عوائقها‪ .‬سبب نقدنا لتأريخنا الماضي‪ ،‬هو فقط لتجاوزه‪،‬‬
‫و نقر بإن التأريخ الماضي ليس تأريخا ً ألشخاص أو حتى لمؤسسة معينة في الحزب‪ ،‬بل هي قضية أعمق من ذلك‪ ،‬كما‬
‫سترون و تقرؤون في شروحاتنا‪ .‬أخيرا ً نرجو اننا قد لبينا طلب الرفاق الذين كانت لديهم مالحظات او اسئلة أو إستفسارات‬
‫عدين‪ ،‬إلجابة على اية أسئلة أخرى حول هذه الشروحات‪ ،‬في الفترة القادمة‪.‬‬ ‫حول أطروحاتنا‪ .‬و سنكون مست َ ْ‬

‫اإلتجاه الماركسي المعاصر‬

‫‪20.5.2020‬‬

‫األطروحة االولى‬
‫الثورة‪ ،‬ال تتحقق الثورة االجتماعية للعمال فحسب‪ ،‬بل و حتى الثورة السياسية ذات طابع التغيير االصالحي‬
‫على صعيد السلطة السياسية للبرجوازية و نظامها‪ ،‬بدون تنظيم و قيادة الطبقة العاملة‪ ،‬فبدونه ستفشل‬
‫حتما‪ .‬ان القضية التي تنجز فيها الطبقة العاملة ثورتها بصورة مباشرة و تحرر المجتمع بأكمله أو ان تكون‬
‫مضطرة للجوء الى أشكال سياسية تكتيكية‪ ،‬تعتمد على توازن القوى الطبقية فقط‪ .‬الحزب الشيوعي‬
‫يخطو خطوة واحدة الى األمام‪ ،‬بدون اقتدار و تنظيم الطبقة العاملة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫الماركسي ليس بإمكانه ان‬

‫األطروحة االولى؛ لها أهمية خاصة في هذه الحقبة ِمنَ التأريخ الذي تمر بها الطبقة العاملة و البشرية جمعاء‪ .‬الحقبة التي‬
‫تناضل الطبقة العاملة‪ ،‬ضد البرجوازية و سلطتها" دولتها و حكوماتها اداراتها و شركاتها اعالمها و مفكريها‪ ،‬و دور عدلها‬
‫و دساتيرها" في ظل ظروف سياسية‪ ،‬اقتصادية و إجتماعية و فكرية صعبة للغاية‪ .‬حيث تعاني الفقر و المجاعة و مستوى‬
‫عالي من البطالة‪ ،‬و الحروب المتناوبة بالوكالة و الصراع المرير بين القوى العالمية الكبرى لحسم الصراع على تقسيم العالم‬
‫مجدداً‪ ،‬و من الجانب االخر و هي قضية عالمنا المعاصر و الذي برأينا هو ضعف البيئة او المناخ االجتماعي إلحتضان رآية‬
‫ماركس من الزاوية الفكرية و النظرية و طريقة التحليل وفق المنظور الطبقي اي المادية الديالكتيكية‪ .‬هذه النوعية من‬
‫التحليالت للظواهر اإلجتماعية و التأريخية و األحداث اليومية غائبة الى حد كبير على صعيد اإلعالم و الثقافة السائدة‪ ،‬و‬
‫تعتبر من التحليالت المنسية على صعيد العالمي‪ .‬إن تحليل الظواهر االجتماعية و السياسية و اإلقتصادية وفق النهج الطبقي‬
‫غائب الى حد كبير‪ ،‬و لحد اآلن ليس لدينا المناخ لتوسيع و إنتشار الرؤية و النهج و رآية ماركس‪.‬‬

‫ان الغياب هذا؛ قضية تأريخية‪ -‬إجتماعية بإمتياز‪ .‬نرى انعكاساته على كل مجريات الحياة االجتماعية و الصراع بين‬
‫ال بروليتاريا و البرجوازية‪ .‬هذه األطروحة بالنسبة لنا مسألة في غاية من األهمية‪ .‬نحن كتيار ماركسي ليس بإمكاننا ان‬
‫نركض وراء إعادة التاريخ بصورته الهزلية‪ ،‬ونكرر أقواالً بدون سند واقعي و اجتماعي‪ .‬في هذه الحقبة نحن نتحدث عن‬
‫الثورة االجتماعية للعمال عن الثورة البروليتارية‪ .‬الثورة التي في حال حدوثها ستدك اسس النظام الرأسمالي في بلد ما او‬
‫عدة بلدان معاً‪ .‬و هذه قضية عامة‪ ،‬بمعنى تشمل كافة البلدان كقضية منهجية ثابتة في الماركسية بصورة عامة‪ .‬ربما الثورة‬
‫العمالية تحدث في الفترة المقبلة نتيجة تراكم األزمات االقتصادية على صعيد العالمي و السياسية في عدد كبير من‬
‫البلدان‪ ،‬و لكن هذه الثورات بدون راية ماركس‪ ،‬ال تصل الى مبتغاها‪ .‬هذه هي قضيتنا في الصميم‪ .‬نحن نمر عبر تخاصمات‬
‫و صراعات و حروب ال تحصى على صعيد العالمي‪ ،‬و في خضم اعادة رسم الخريطة السياسية و بالتالي إعادة بناء نظام‬
‫عالمي جديد‪ ،‬سيتالشى فيه الغرب‪ ،‬الغرب الذي عرفناه أو وفق تصورنا السابق للغرب‪ .‬الغرب يتالشى‪ ،‬ككيان لحلف واسع‬
‫"عسكري‪ ،‬سياسي‪ ،‬اقتصادي‪ ،‬اجتماعي أبان الحرب الباردة "بين جانبي األطلسي بين أمريكا و أوربا الغربية‪ .‬الغرب الذي‬
‫كان يقود العالم بقيادة أمريكا‪ ،‬سيتالشى‪ .‬بمعنى إن أمريكا ليست بإمكانها ان تقود الغرب و العالم بعد اآلن‪ ،‬و ظهرت بوادرها‬
‫االقتصادية و السياسية و االجتماعية و الثقافية أيضا‪ ,‬بل سيتحول النظام العالمي الى نظام ذو أقطاب عديدة؛ أمريكا ستكون‬
‫جزء من هذا النظام العالمي الجديد‪ ،‬جزء و ليس قائده األوحد‪ .‬معها على األقل الصين و روسيا و الهند و ألمانيا في كابينة‬
‫القيادة الرأسمالية العالمية‪ .‬تضاف الى ذلك تمدد و تفشي فايروس كورونا‪ ،‬الذي بال شك أسقط كل الحجج لبقاء النظام‬
‫الرأسمالي‪ .‬حيث أصبح الوباء حمالة لحمل ازمة الرأسمالية الى عمق أعمق‪.‬‬

‫وفق هذه اللوحة المعقدة‪ ،‬نحن نعود الى األساسيات أو األسس التي تجمعنا مع الطبقة العاملة عبر جزءها الطليعي‪ .‬هذه‬
‫األسس هي تأريخية و متواصلة و ثابتة لغاية وصول الطبقة العاملة الى بر االمان و الى إنجاح ثورتها‪ ،‬و بناء نظامها الجديد‬
‫اإلشتراكي ثم الشيوعي‪ .‬اذن نرجع الى األساس و الذي رسم فيه ماركس تصوره المادي للتاريخ‪ ،‬و بالتحديد حول الثورة‬
‫حيث يقول‪:‬‬

‫"إن الناس أثناء اإلنتاج االجتماعي لحياتهم يقيمون فيما بينهم عالقات معينة ضرورية مستقلة عن إرادتهم‪ .‬و تطابق عالقات‬
‫اإلنتاج هذه درجة معينة من تطور قواهم المنتجة المادية‪ .‬و مجموع عالقات اإلنتاج هذه يؤلف البناء االقتصادي للمجتمع أي‬
‫األساس الواقعي الذي يقوم عليه بناء فوقي حقوقي و سياسي و تطابقه أشكال معينة من الوعي االجتماعي‪ .‬إن أسلوب إنتاج‬
‫الحياة المادية يشترط تفاعل الحياة االجتماعي و السياسي و الفكري بصورة عامة‪ .‬فليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم‬
‫بل على العكس من ذلك‪ ،‬وجودهم االجتماعي هو الذي يحدد وعيهم‪ .‬و عندما تبلغ قوى المجتمع المنتجة المادية درجة معينة‬
‫من تطورها تدخل في تناقض مع عالقات اإلنتاج الموجودة أو مع عالقات الملكية‪ -‬و ليست هذه سوى التعبير الحقوقي لتلك‬
‫‪ -‬التي كانت إلى ذلك الحين تتطور ضمنها‪ .‬فبعد ما كانت هذه العالقات أشكاالً لتطور القوى المنتجة تصبح قيودا لهذه القوى‪.‬‬
‫و عندئذ ينفتح عهد الثورة االجتماعية‪ .‬و مع تغير األساس االقتصادي يحدث انقالب في كل البناء الفوقي الهائل بهذا الحد أو‬
‫ذاك من السرعة‪ .‬وعند دراسة هذه االنقالبات ينبغي دائما التمييز بين االنقالب المادي لشروط اإلنتاج االقتصادية – هذا‬
‫االنقالب الذي يحدد بدقة العلوم الطبيعية – و بين األشكال الحقوقية و السياسية و الدينية و الفنية و الفلسفية أو بكلمة‬
‫مختصرة األشكال الفكرية التي يتصور فيها الناس هذا النزاع و يكافحونه‪( .‬ماركس‪ /‬مساهمة في نقد االقتصاد السياسي‪/‬‬
‫اقتباس من مقال لنين حول‪ :‬سيرة مختصرة و عرض للماركسية‪ /‬صفحة أرشيف لينين‪ /‬خط التأكيد عندنا مع تغيرات طفيفة‬
‫في الترجمة مقارنة بالنص االنكليزي و ترجمة الدكتور راشد البراوي لكتاب ماركس)‪.‬‬

‫ان الثابت تأريخيا ً و خالل بقاء النظام الرأسمالي و النضال في سبيل اسقاطه و بناء النظام العمالي البديل‪ ،‬هو الثورة؛ الثورة‬
‫البروليتارية‪ ،‬تلك الثورة التي تقودها هذه الطبقة ال غيرها‪ ،‬تنظمها هذه الطبقة ال غيرها‪ ،‬تقود معها و تؤيدها أكثرية الطبقة‬
‫و الناس المحرومين‪ ،‬تقود و معها الفقراء و الجائعين‪ .‬بهذا المعنى تقود الثورة و أكثرية الجماهير معها خصوصا في ظرف‬
‫الذي وصلت به الرأسمالية على صعيد العالمي الى مرحلة اإلحتضار‪ .‬الطبقة العاملة ليست لديها طريق آخر أو ثورة أخرى‪،‬‬
‫ليست لديها حالة وسطية‪ ،‬ليس لديها سوى ثورتها‪ .‬ت ُنظمها و تقودها عبر حزبها الطبقي الماركسي‪ ،‬إذا كانت تقصد النجاح‪،‬‬
‫فبدو نه ستفشل في تحقيق أهدافها الثورية‪ .‬ربما يسقط النظام الرأسمالي‪ ،‬ربما يسيطر العمال لمدة محددة على مقاليد الحكم‬
‫مثل ما جرى في كومونة باريس على رغم من اختالف االوضاع في هذه المرحلة مع المرحلة التي وقعت فيها كومونة باريس‪.‬‬
‫و لو ان الظروف مختلفة و األساليب مختلفة‪ ،‬لكن ربما يحدث مرة اخرى‪...‬‬

‫ان في غياب قيادة ماركسية حقة‪ ،‬و في غياب رآية ماركس لدى األكثرية الثورية التي تقود الثورة نحو الظفر بالسلطة‬
‫السياسية‪ ،‬حينذاك‪ ،‬و مرة اخرى سيطرح علينا التاريخ مشكلة كبيرة‪ ،‬و هي غياب رآية ماركس‪ .‬و عليه و في سبيل عدم و‬
‫قوعنا في هذه المشكلة اإلجتماعية الكبيرة‪ ،‬يقع على عاتق الماركسيين أن يعدوا عدتهم‪ ،‬و يشدوا أحزمتهم‪ ،‬لتهيئة األرضية‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬إلحتضان الطبقة العاملة لرآية ماركس مرة اخرى‪ ،‬و لكي تمارسها بشكل يومي في نضاالتها‪ ،‬هذه هي مهمتنا‪،‬‬
‫و هي مهمة ثورية حقا لكل مثق في البروليتاريا أينما كانوا‪ ،‬هذا ما تنقصها الثورة العمالية‪ ،‬و ليس اي شيء اخر‪.‬‬

‫هذا هو شكل ثورتنا الوحيدة‪ .‬الذي هو وفق إدراك ماركس لهذه الثورة و ليس لروايات و سيناريوهات االخرى المختلفة‬
‫للثورة‪ .‬عليه ان ندقق في هذا االمر‪ ،‬ان الثورة عند ماركس وفق ادراكه في مقطع آنفة الذكر‪ .‬حيث يقول‪ -١ ":‬في سياق‬
‫تطور القوى اإلنتاجية تأتي مرحلة تنشأ فيها قوة إنتاجية و وسائل تداول ال يمكن إال ان تكون ضارة في إطار العالقات‬
‫القائمة‪ ،‬فهي ليست بعد اآلن قوى منتجة‪ ،‬بل قوى هدامة(اآلالت والمال)‪ ،‬كما تنشأ‪ -‬وهذه واقعة ترتبط بالواقعة السابقة‪-‬‬
‫طبقة تتحمل جميع أعباء المجتمع‪ ،‬دون االستمتاع بميزاته‪ ،‬و هي مطرودة من المجتمع بحيث البد لها ان تتخذ مكانها في‬
‫المعارضة األشد صراحة ضد جميع الطبقات االخرى‪ ،‬طبقة يشكلها غالبية أعضاء المجتمع و ينبثق منها وعي ضرورة قيام‬
‫ثورة جذرية‪ ،‬و وعي هو الوعي الشيوعي‪ ،‬ومن المفروغ منه انه يمكن ان يتشكل أيضا عند الطبقات االخرى عندما تتبين‬
‫وضع هذه الطبقة‪(".‬اآليديولوجية األلمانية‪ /‬ماركس‪-‬أنجلز‪ /‬ص‪ /48‬ت‪ .‬الدكتور فؤاد أيوب ‪ /‬خط التأكيد عندنا)‬

‫هنا يشرح ‪-‬ماركس و أنجلز‪ -‬تصوراتهما عن التأريخ و عن مجريات االمور التي تجري في التاريخ عبر الصراع بين الطبقات‪.‬‬
‫بمعنى ان الثورة هي ضرورية و ليست مسألة اختيار شخص أو حزب أو تيار ما‪ ،‬بل بفعل نشاط الحي في إطار المجتمع‪.‬‬
‫نشاط الحي يجري بين الطبقتين األساسيتين؛ البرجوازية و البروليتاريا‪ .‬ولكن وفق البنية المادية و ليس وفق اإلرادة النخبوية‪،‬‬
‫أو إرادة حزب ما او تيار ما‪ .‬الثورة االجتماعية البروليتارية تنبثق اساسا من التضاد بين عالقات االنتاج المطروحة امامنا‪،‬‬
‫اي عالقات انتاج رأسمالية‪ ،‬و القوى المنتجة التي تطورت و اتسعت و اصبحت معولمه في احشائها‪ .‬القوى االنتاجية و‬
‫خصوصا في هذه المرحلة المعاصرة و في العقد الثالث‪ ،‬للقرن االول من االلفية الثالثة‪ ،‬تطورت الى مديات غير مسبوقة‪،‬‬
‫حيث أصبح العالم قرية صغيرة تجري فيها التبادل و االنتاج و العالقات االجتماعية بصورة متواصلة و مستمرة عبر االرض‬
‫و السماء و البحر و الفضاء االلكتروني و عبر القنوات الفضائية و االذاعات و التلفزة‪ .‬كما يطلق عليه ماركس " التأريخ‬
‫العالمي" و فعال نحن نعيش في هذه المرحلة‪.‬‬

‫الطبقة العاملة اتخذت مكانها منذ البداية‪ ،‬في المعارضة كقوة يسارية اجتماعية‪ ،‬بوجه الطبقة البرجوازية الحاكمة و هي على‬
‫اليمين المجتمع‪ ،‬و تنوعت اشكال و اساليب نضالها في سبيل الخالص من البربرية الرأسمالية المعاصرة‪ .‬سواء عبر الثورات‬
‫العمالية؛ كومونة باريس و الثورة العمالية في روسيا بقيادة لينين‪ ،‬الثورة األلمانية و نضاالت و انتفاضات مستمرة و متواصلة‬
‫في كل البلدان‪ .‬اليوم تصاعدت حدة النضال اليومي لطبقة العاملة العالمية‪ .‬حدة النضال في سبيل تخفيف القيود المعيشية و‬
‫النضالية‪ ،‬في سبيل رفع االجور و الدفاع عن ضمان العمل و توفير ضمان البطالة‪ ،‬و تقليل سنوات من عمر احالة الى التقاعد‪،‬‬
‫و تقليل ساعات العمل اليومي‪ ،‬و ضمانات صحية و تعليمية و ضد سياسات التقشف و مسائل اجتماعية اخرى‪ .‬مع اقتدارها‬
‫في نضاالت جارية ي ومية‪ ،‬هي غائبة كقوة مقتدرة سياسية‪ .‬اليوم حالة الطبقة العاملة في ظل الرأسمالية المعولمة تغيرت‬
‫بشكل كامل‪ ،‬تغيرت ظروف معيشتها‪ ،‬و أماكن عملها‪ ،‬و تنظيمها ضمن تقسيم العمل العالمي على أساس الشركات العالمية‬
‫الكبرى‪ ،‬حيث تابعية العامل أصبحت عالمية ليس وفق الشعار " يا عمال العالم اتحدوا"فحسب‪ ,‬بل قبل ذلك بصورة فيزيقية‬
‫و موضوعية عبر تقسيم العمل‪ .‬بمعنى إن العمال اتحدوا فعال عبر عالقات انتاجية عالمية متشابكة‪ ،‬على اساس قطاعات عمل‬
‫مختلفة‪ ،‬صناعات كالسيكية‪ ،‬خدمية‪ ،‬تجارية‪ ،‬لوجستية و التكنولوجيا الذكية‪ .....‬و فعال متجاوزين حدود األوطان و القوميات‬
‫و االديان‪ ،‬و هم يعملون تحت سقف شركة عالمية تجمع مئات االالف من العمال و موزعة اعمالها في عشرات البلدان‬
‫المختلفة‪ .‬هذا هو التأريخ العالمي المشترك موضوعياً‪ ،‬يبقى تجاوز الحالة الذاتية‪ ،‬أي اضفاء الوعي الطبقي – السياسي على‬
‫هذه الحالة الموضوعي ة‪ .‬هذه الحالة خلقها التأريخ‪ .‬خلقتها صيرورة و التطور المستمر لقانون حركة التأريخ لرأسمال و‬
‫عالقات انتاجه االقتصادي‪ .‬الذي خلقت بدورها االتجاه العام للرأسمال خالل العقود السبعة الماضية‪ .‬حيث أصبح العالم منذ‬
‫انتهاء الحرب العالمية الثانية يوما بعد يوم مسرحا عالميا لإلنتاج و العالقات اإلنتاجية و بالتالي القوة المنتجة العالمية "العمال‬
‫و اآلالت او التكنولوجيا اآلالت و البنية التكنولوجية الذكية اإلتصاالتية و المعلوماتية و الذكاء االصطناعي في قطاعات‬
‫صناعية و تجارية و خدمية و فضائية مختلفة" ناهيك عن الصراع الطبقي عبر اشكال مختلفة و متنوعة ومتشابكة للغاية‪.‬‬
‫حيث ان العالم يدار عبر الشركات المتعددة و المتعدي الجنسيات‪ ،‬الشركات العالمية بكل معنى الكلمة‪.‬‬

‫الصورة تبدوا هكذا؛ تاريخ عالمي‪ ،‬شركات و طبقة برجوازية عالمية‪ ،‬و طبقة عمال عالمية‪ ،‬مع سلطات برجوازية محلية او‬
‫"على اساس الدولة القومية"‪ ،‬مؤسسات برجوازية عالمية ؛ من البنوك "بنك و صندوق النقد الدوليين‪ ،‬بنك البريكس و البنك‬
‫اآلسيوي لالستثمار في البنية التحتية في شنغهاي"‪....‬و االمم المتحدة والمنظمات العالمية التابعة لها؛ وجيوش منتشرة في‬
‫العالم خصوصا الجيش االمريكي و الروسي و الفرنسي و البريطاني و التركي و االيراني و ايضا هناك اتحادات عمالية‬
‫عالمية بغض النظر عن اسلوبها و رؤيتها الليبرالية و االصالحية بصورة عامة و لكنها موجودة ‪ .....‬هذه هي لوحة مبسطة‬
‫عن عالمنا المعاصر الذي يدار من قبل رأسماليات الكبرى عالميا‪ .‬عمال من مختلف القوميات يعملون في الشركات المحلية‬
‫و العالمية‪ .‬انظروا الى شركات عالمية كبرى مثل شركة أبل لإللكترونيات و البرمجيات‪ ،‬او شركة جوجل‪ ،‬او مايكروسوفت‬
‫او تويوتا او سامسونغ‪ ،‬بي ايم دبليو او فوكس واغن او ارامكو او ايكيا‪ ....‬بطبيعة الحال و في ظل هكذا تطورات؛ تركيز و‬
‫تمركز الر أسمال على صعيد العالمي‪ ،‬اننا نشاهد ضخامة مذهلة حقا‪ ،‬حيث نرى (ضخامة شركة السيارات فوكس واغن‬
‫العالمية‪ ،‬التي اصبحت الرقم االول عالميا في صناعة السيارات‪ ،‬بعد استحواذها او شراءها‪ ،‬شركة بورشة للسيارات‪،‬‬
‫لديها ‪ 600‬ألف عامل و ‪ ١00‬مصنع موزعة في بقاع العالم‪ .‬اما شركة هواوي واعتبارا من ‪ 20١١‬كانت تقدم خدماتها‬
‫إلى ‪ 45‬مشغل اتصاالت من أكبر ‪ 50‬مشغل من مشغلي االتصاالت في العالم‪ .‬أما شبكاتها‪ ،‬يتجاوز عددها ‪ ١500‬شركة حول‬
‫العالم‪ ،‬فتخدم ثلث سكان العالم و هناك شركة إيكيا ‪ IKEA‬هي شركة عالمية من أكبر الشركات السويدية في العالم متخصصة‬
‫في صناعة األثاث‪ ،‬عدد فروعها تجاوز الـ ‪ 433‬فرعا ً في ‪ 48‬دولة في العالم‪ ،‬و هي أكبر شركة منتجة لألثاث في العالم‪ ،‬و‬
‫لديها ‪2١١000‬عامل وفق ارقام ‪( ،)20١8‬من بحث منظمات عمالية و تغيرات بنيوية‪ ،‬رؤية جديدة‪ /‬سامان كريم‪ /‬مجلة‬
‫المد العدد الثامن‪ /‬تشرين األول ‪ /20١9‬يصدرها الحزب الشيوعي العمالي العراقي)‪ .‬هذه لوحة مبسطة‪ ،‬لموضوعية التأريخ‬
‫العالمي الذي تحدث عنه ماركس قبل أكثر من ‪ ١70‬سنة‪ .‬هذا التأريخ و هذا الواقع الجديد‪ ،‬يفرض تغير في بينة عالقات‬
‫االنتاج الرأسمالي و تركيب الطبقة العاملة‪ ،‬سبل و اساليب تنظيمها على صعيدين العالمي و المحلي‪ .‬يقول ماركس في هذا‬
‫الصدد ما يلي‪" :‬و مع اكتساب قدرات انتاجية جديدة‪ ،‬يغير الناس اسلوب انتاجهم‪ ،‬و مع اسلوب االنتاج كل العالقات الضرورية‬
‫التي التعدوا ان تكون العالقات الضرورية لهذا االسلوب الخاص لإلنتاج‪( ".‬بؤس الفلسفة ص ‪ /259‬التأكيد من عندنا)‪.‬‬

‫الحقبة التي نعيشها‪ ،‬هي حقبة احتضار الرأسمال و الرأسمالية على كافة األصعدة‪ ،‬و خصوصا حين يواجه هذا النظام وباء‬
‫بسيط مثل وباء كورونا‪ .‬حيث ظهرت عورة هذا النظام الهش‪ ،‬ليس على صعيد النظام الصحي و البنية الصحية بل في تناقضه‬
‫التام مع تطلعات و آمال المليارات من البروليتاري في العالم‪ .‬في هذه الحقبة‪ ،‬و في ظل ازمة اقتصادية عميقة متواصلة و‬
‫غير قابل تجاوزها من قبل البرجوازية‪ ،‬إال ّ تجاوز ترقيعي‪ ،‬أو تجاوزا ً انتقائيا ً هشاً‪ ،‬على شاكلة مناورات سياسية تصبغ‬
‫برتوشات اقتصادية‪ ،‬و هكذا نرى اتفاق البلدان اوبك مع امريكا و روسيا حول تخفيض االنتاج النفط في ‪١2‬نيسان ‪2020‬مثال‪.‬‬
‫او طبع النقد بدون اي سند موضوعي‪ ،‬و توزيعه و التصرف به كأنها اوراق نقدية مدعومة باالقتصاد الواقعي او بالذهب‪،‬‬
‫حيث بدأت بها الواليات المتحدة و االتحاد االوروبي بدا يفكر بهذا االمر ايضا بصورة علنية و هناك ربما بلدان اخرى بصورة‬
‫سرية مثل روسيا‪ .‬أو معالجة موضوعية برجوازية‪ ،‬عبر اسقاط نتائجها على كاهل الطبقة العاملة بصورة رئيسية‪ ،‬حيث‬
‫التقشف و البطالة ‪...‬الخ‪ .‬لكن المعالجة االخيرة لم تعد إجراءا ناجحا‪ ،‬بسبب احتمال تحولها الى اإلحتجاجات ال تحمد عقباها‬
‫بالنسبة لهم‪ ،‬و خصوصا ستصل البطالة جراء هذه االزمة الى أكثر من مليار شخص وفق بيانات الصادرة من االمم المتحدة‪،‬‬
‫هذا جانب من القضية‪ ،‬اما الجانب اآلخر‪ ،‬هو إسقاط االزمة على كاهل البروليتاريا في هذه المرحلة و بصورة ملخصة يعني‪،‬‬
‫إنتاج من دون بي ع‪ ،‬يعني وقف العملية االنتاجية و بالتالي يعني ارباح تهوي‪ ،‬و هذا متناقض مع الهدف االنتاج الرأسمالي‪،‬‬
‫و لكن جزء طبيعي من كيانه‪ .‬هناك وفرة من االنتاج‪ ،‬وفرة من األشياء و السلع للبيع دون ان يكون هناك مشتري!! تضاف‬
‫الى ذلك‪ ،‬االزمة االقتصادية و المالية المستمرة منذ ‪ 2008‬و لحد االن‪ ,‬و ان ازمة تفشي وباء كورونا تعمق هذه االزمة‬
‫المتواصلة نحو أكثر عمقا‪ .‬حيث تم استغالل هذا الوباء لستر االزمة االقتصادية‪ ،‬و إخفاء حقيقة وجود ازمة اقتصادية عميقة‪،‬‬
‫قبل تفشي الوباء‪ ،‬ال بل حولوا هذا الوباء "الوباء هو أساسا ً نتيجة لجشع الرأسمال بصورة عامة" الى سبب إلحداث ازمة‬
‫اقتصادية‪ ،‬و هذا هراء محض‪ .‬الوباء أصبح شماعة و حجة لبرجوازية العالمية الكبرى‪ ،‬إلخفاء أزمتها الكريهة‪ ،‬و تعفن‬
‫جسد نظامها المهترئ‪ .‬خصوصا ان استراتيجيي النظام و خصوصا اإلستراتيجيين في قطاعات البنوك العالمية‪ ،‬يعرفون ان‬
‫الرأسمالية بصورة عامة ليس لديها جوابا او على االقل جوابا ً مقنعا ً حتى بالنسبة لطبقتهم ناهيك عن الجماهير المحرومة و‬
‫الطبقة العاملة‪ .‬عالوة على ذلك إن مرحلتنا‪ ،‬و بالتحديد في نهايات هذه السنة و بدايات السنة القادمة‪ ،‬العالم يواجه طفرة‬
‫ثورية نوعية من ناحية تطبيقات الذكاء االصط ناعي و بالتحديد في قطاع االتصاالت و المعلومات‪ ،‬و بإمكان استخدامها في‬
‫كافة مجاالت الحياة‪ .‬حيث تظهر استخدام الجيل الخامس من شبكات انترنيت المعروفة علميا بـ ‪ G5‬و بمعنى المبسط المعروف‬
‫تعني "انترنيت االشياء‪ "IOT -‬و استخدمت هذه الجيل في الصين ابان ازمة وباء كورونا‪ ،‬حيث بدأت عمليا بالفعل لكشف‬
‫حاالت الوباء على الشوارع و االمكان العامة بوساطة روبوتات و الطائرات المسيرة "درون"‪ .‬هذه الثورة التي بدأت بالفعل‪،‬‬
‫حيث توقع المحللين ان تبدأ بعد سنوات‪ ،‬لكن بدأت بالفعل‪ .‬التقنية الجديدة تخلق عالما جديدا‪ ،‬من كل نواحي الحياة االقتصادية‬
‫و السياسية‪ .‬حيث تؤدي الى إحالل الذكاء االصطناعي"‪ " AI‬محل التكنولوجيا القديمة‪ -‬القديم هنا يعني سنوات العشرة‬
‫الماضية‪ . -‬و الذكاء االصطناعي هذا سيؤدي الى طرد مئات اآلالف‪ ،‬بل أكثر من مليار شخص من وظائفهم خالل خمسة‬
‫سنوات القادمة‪ ،‬حيث تحل الروبوتات وإستخدام تقنية ‪ G5‬في كافة قطاعات الحياتية من تأسيس شبكات النقل في المدينة‬
‫الى تصميم البيوت و كافة قطاعات الصناعية و الخدمية و التجارية و الزراعية و اللوجستية و االدارية و االمنية و‬
‫العسكرية‪ ....‬محل العمال و الموظفين‪ ،‬للمثال فقط؛ تعمل المطارات بدون عمال األمن او عمال تدقيق الجوازات‪ ،‬و تعمل‬
‫المختبرات بدون عمال المختبر حيث يفحصك و يأخذ الدم من االنسان بواسطة روبوت مخصص و أسرع من العمال السابقين‬
‫بمئات المرات‪ ،‬و هكذا في قطاعات صناعية ضخمة و في مراقبة االجتماعية‪ .‬و يحول المدارس الى جهاز حاسوب او هاتفي‬
‫بسيط‪ ،‬حيث ال لزوم لالبنية و ال لمدرسين و ال لمدراء و ال لعمال النظافة‪ ،‬و هكذا في ميادين خدمية اخرى‪.‬‬

‫بالحقيقة ان الخوف و الذعر الذي رافق انتشار كورونا‪ ،‬و الذي دفعت به البرجوازية العالمية من خالل اعالمها و مفكريها‬
‫من الوباء المالزم للرأسمالية اي " وباء البطالة وبالنسبة تقريبا ‪ %45‬تقريبا على صعيد العالمي!!!" و ما يفرزه من نتائج‬
‫اجتماعية‪ ،‬ليس من فيروس كورونا‪ .‬ولكن هذه المرة ليست كالمرات السابقة‪ ،‬ليس مثل الكساد الكبير التي وقع قبل تسعون‬
‫سنة تقريبا‪ ،‬بل بطالة دائمة متواصلة و مستمرة ألكثرية الساحقة من البروليتاريا على صعيد العالمي‪ .‬خوف البرجوازية‬
‫العالمية ليس من البطالة بصورة مباشرة بل من ما سيؤدي اليه هذا الوباء‪ .‬وخوفها ليس من امرار معيشة هذه الكتلة‬
‫الضخمة من البطالة‪ ،‬بل من و فرة منتجاتها و تراكمها‪ ،‬من دون ان يكون هناك من الموارد الالزمة عند اكثرية الساحقة‬
‫من المجتمع البشري لشرائها‪ .‬السؤال األهم هو؛ من يشتري هذه المنتجات؟! من يشتري؟! سؤال‪ ،‬حيرت المحللين‬
‫البرجوازيين االستراتيجيين كافة‪ .‬إذا االكثرية الساحقة من البشرية – باإلضافة الى ما تسمى بالطبقة الوسطي ايضا‪ -‬ليس‬
‫لديها عمل بالتالي ليس لديها امكانية مالية لشراء منتجات الذكاء االصطناعي‪ ،‬من الهاتف الجوال الى الحاسوب الىعائق‬
‫الساعات و مكنسة النظافة و ‪ ....‬كيف بإمكانهم الشراء؟! ‪ ....‬آهات و آهات وصيحات ال حصر لها من قبل جوقة الرأسمال‪،‬‬
‫تناقض بنيوي ال حل لها في اطار نظامهم و في إطار افكارهم و حلولهم!!! هنا تقع المشكلة الرئيسة‪ .‬عمال عالميين متعدي‬
‫القوميات و االديان و الذكاء االصطناعي و هذه بمجملها تشكل القوى المنتجة" الطبقة العاملة جزئها الناطق"‪ ،‬ترى ان‬
‫االنتاج االجتماعي القائم على الفائض القيمة‪ ،‬عائق امام تقدمها و تطورها‪ .‬و هنا تحدث الثورة‪ .‬نحن نعيش في هكذا حقبة‪،‬‬
‫نرغب في ذلك ام ال‪ .‬هذا هو االساس الموضوعي لثورتنا‪ .‬ربما تبدأ في بلد ما او بلدان ما او منطقة ما‪ .‬هذا جانب مهم من‬
‫القضية؛ جانب الطبقة العاملة و افالسها و إفقارها و تجويعها‪ ،‬و المحصلة االخيرة من يشتري؟ يعني هناك بائع في السوق‪،‬‬
‫اي الرأسمال‪ ،‬لكن يختفي المشتري‪ ،‬أي العمال واكثرية محرومة‪ .‬أما بخصوص الجانب االخر ذو أهمية خاصة ايضا‪ ،‬إن‬
‫الربح الرأسمال الذي ينتج من فائض القيمة لعمل الزائد لطبقة العاملة‪ ،‬يميل نحو هبوط‪ .‬ان الفائض القيمة و مشتقاتها تنتج‬
‫من عمل عامل غير مدفوع األجر‪ .‬حين الذكاء االصطناعي يحل محل العامل‪ ،‬حينذاك يعني ان الجزء المنتج لفائض القيمة‪-‬‬
‫عمل عامل غير مدفوع االجر‪ -‬تختفي او يهبط حجمها‪ .‬هذا يعني‪ ،‬هبوط أرباح رأسمال على صعيد العالمي و الوطني و‬
‫الخاص‪ .‬بدوره سيؤدي الى تراكم صعوبات و عوائق امام تراكم فائض القيمة‪ .‬هذان المحوران جزءان ال يجتزئان من تناقضات‬
‫عالقات االنتاج الرأسمالي‪ ،‬و ليس لها حلول في إطار هذه العالقات‪.‬‬
‫نحن كتيار ماركسي نهدف الى تقوية هذا المسار‪"-‬تحرر العمال يجب ان يكون من صنع العمال أنفسهم"‪ -‬عبر بوابة تنظيم‬
‫الطبقة العاملة‪ ،‬عبر عملية رفع استعدادات التنظيمية والفكرية و السياسية لطبقة العاملة‪ ،‬و هنا يتجسد موقع و دور‬
‫الماركسيين بالتحديد في هذه المرحلة‪ .‬دورنا يتلخص في تقديم إجابات فكرية و سياسية و تنظيمية و دعائية واضحة المعالم‬
‫وفق ما يتطلبه النضال العمالي‪ ،‬إينما كنا و اينما نعمل و في اي بلد نتواجد‪ ،‬على رغم ان منطقة حضورنا و تواجدنا هو‬
‫العراق‪ .‬دورنا يتخلص في تهيئة مناخ اجتماعي مناسب إلعادة راية ماركس الى الطبقة العاملة و حركتها المناضلة‪ .‬دورنا‬
‫يتلخص في تنظيم الطبقة العاملة عبر جزئها الطليعي‪ ،‬و رفع استعداداتهم الفكرية و السياسية عبر اجابات فكرية و سياسية‬
‫ماركسية للعوائق التي وضعت امامهم في هذه المرحلة‪ ،‬للعوائق التي حالت دون تنظيم أنفسهم سواء كان تنظيما جماهيريا‬
‫او تنظيما حزبيا‪ .‬إجابات ماركسية حول قضايا معاصرة‪ ،‬بوجه كبار مفكري الطبقة البرجوازية على صعيدين المحلي و‬
‫العالمي‪ .‬من هنا و في سبيل الوصول الى هذا الهدف‪ ،‬يكون النقد الصارم و الواضح هو وسليتنا على رغم معرفتنا الدقيقة‬
‫"ان العالم ال يتغير بالنقد بل بالثورة"‪ .‬هذه المسالة اي النضال النظري بوجه مفكري صف االول من الطبقة البرجوازية‪،‬‬
‫مسألة جدية بالنسبة لنا وتفصلنا عن باقي التيارات الغير عمالية‪ .‬حيث إن هذه المهمة ليس أمر او وظيفة الشيوعية‬
‫البرجوازية بمختلف مشاربها‪ ،‬بل هي تقف ضدها‪ .‬اما اليسار او الشيوعية الغير عمالية بصورة عامة وحسب قراءتنا لحد‬
‫االن لم نرى منها‪ ،‬هذا النوع من النضال شيئاً‪ .‬الشيوعية العمالية التي كنا نناضل في اطارها‪ ،‬و منذ نشوئها في ثمانيات‬
‫القرن الماضي على يد منصور حكمت‪ ،‬لم نرى منه‪ ،‬و من هذا التيار "الذي كان تيارنا"‪ ،‬هذا النوع من النضال النظري بوجه‬
‫مفكري البرجوازية ذائعي الصيت‪ .‬لكن نرى مئات المقاالت و الحوارات حول اليسار و النقد ضد اليسار و المنظمات اليسارية‪،‬‬
‫التي ليس لها مكانة مؤثرة في الصراع الطبقي‪.‬‬

‫ربما من يتساءل و يقول هناك ثورات اخرى و خصوصا في بلدن العالم الثالثية‪ ،‬في العالم العربي أو في العراق مثال؟! نحن؛‬
‫منذ البيان الشيوعي لماركس أمام ثورة واحدة‪ ،‬و خصوصا بعد لينين‪ ،‬هي ثورة عمالية واشتراكية‪ .‬بالنسبة للماركسي و‬
‫خصوصا في هذه المرحلة‪ ،‬يجب ان يكون واضحا‪ ،‬او هكذا يبدوا لنا‪ ،‬ان عملنا يتلخص في تهيئة المناخ االجتماعي للثورة‬
‫االشتراكية‪ ،‬عبر قيادة الطبقة العاملة‪ ،‬عبر حزبها‪ .‬في مجرى هذا النضال‪ ،‬الطبقة العاملة تواجه معوقات اجتماعية كبيرة و‬
‫صغيرة‪ ،‬تواجهها بقوتها و مقدرتها عبر نضالها اليومي و السياسي‪ ،‬عبر هذا المجرى ربما نواجه‪ ،‬مسألة توازن القوى بين‬
‫الطبقتين في مرحلة ما او في بلد ما‪ ،‬و نراه ليس لصالح الظفر بالسلطة‪ ،‬ليس لصالح حركتنا بهذا المعنى‪ .‬عليه و وفق ميزان‬
‫القوى في هذا الحرب "الحرب الطبقية"‪ ،‬حينذاك و فقط حينذاك نصل الى اصطفاف طبقي متوسط‪ .‬الطبقة العاملة ليس بإمكانها‬
‫حسم المعركة‪ ،‬و البرجوازية ليس بإمكانها افشال الثورة بالكامل‪ ،‬عليه نصل الى نقطة توازن محددة وفق توازن القوى ايضا‬
‫في تلك االيام و ليس "المرحلة و الحقبة"‪ ،‬من هنا و في تلك االوقات الدقيقة و الحرجة‪ ،‬تبرز قضايا التي نسميها "تكتيك"‬
‫او التغير في شكل نظام الدولة مع بقاء البنية االقتصادية لرأسمالية‪ ،‬و هذا ما نسميه الثورة السياسية‪ .‬الثورة التي هدفها‬
‫تغير في نظام الحكم او تغير في البنية الفوقية و إصالحات ما في البنية االقتصادية‪ .‬هذه هي الثورة السياسية‪ .‬و لكن التكتيك‬
‫أو الثورة السياسية ليست قضية إرادية تعتمد على االحزاب‪ ،‬حتى إذا لدينا حزب طبقي بامتياز‪ ،‬بل تعتمد على حالة محددة‬
‫تواجهها الطبقة العاملة في خضم نضالها‪ ،‬بل في خضم المرحلة الثورية الدقيقة‪ ،‬التي وصلت اليها‪ ،‬عبر نضاالتها المتواصلة‪.‬‬
‫في تلك الحالة يستوجب على الطبقة العاملة و حزبها ان ترفع شعارا تكتيكا واضحا‪ ،‬ليس لوقف الثورة بل لديمومتها بطريقة‬
‫سياسية‪ ،‬كأنّ يكون لدينا "استراحة المقاتل"‪ .‬هدنة غير معلنة بين الطبقتين عبر ممثليها" قيادات الطبقة و ليس فقط الحزب‪،‬‬
‫بل الحزب جزء طليعي من الطبقة"‪.‬‬

‫و هنا نريد ان نركز على‪ ،‬ان شعار التكتيك بالنسبة لنا غير قابل لطرحه منذ االن‪ ،‬أو بعد غد او فترة مقبلة‪ ،‬بل رفع التكتيك‬
‫مرهونة بتلك الحالة المحددة التي ذكرناه اعاله‪ .‬مرهونة بقوة الطبقة العاملة و اقتدارها في تلك االوقات الدقيقة‪ ،‬مرهونة‬
‫بحضور الثوري لطبقة العا ملة‪ ،‬و إرادتها الثورية‪ ،‬عبر مجالسها‪ ،‬و لجانها و تعاونياتها المختلفة مع حزبها الطبقي بطبيعة‬
‫الحال‪ .‬هذه القضية بالنسبة لنا على رغم إنها تفصلنا عن اليسار و الشيوعية الغير عمالية‪ ،‬و لكن بحث قديم‪ ،‬و وفق هذا‬
‫التصور كتب عدد ال بأس به من القرارات و المقررات في الحزب الشيوعي العمالي العراقي‪ ،‬و هناك مقاالت عديدة حول هذا‬
‫االمر ايضا‪ .‬الذي نقصده هنا بالتكتيك السياسي يعبر عن مرحلة بكاملها‪ .‬للمثال و ليس حصراً رفع تكتيك " حكومة علمانية‬
‫و غير قومية" أو " انفصال كردستان" أو "حكومة ثورية مؤقتة" أو " حكومة إنقاذ وطنية و ثورية" منذ اآلن‪ ..‬كل هذه‬
‫تكتيكات ليس لها ربط و ال عالقة لها بشيوعية الطبقة العاملة و بطبيعة الحال بماركس‪ .‬هنا و في هذا البحث‪ ،‬ال نقصد‬
‫التكتيك الذي يرفعها الحركة العمالية‪ ،‬في نضالها اليومي‪ ،‬ألنها قضية مختلفة تماماً‪.‬‬

‫القضية األخرى في هذه الفقرة هي؛ ان حزب الطبقة العاملة‪ ،‬الحزب الماركسي‪ ،‬ليس بإمكانه ان يتحرك بدون الحركة‬
‫النضالية لطبقة العاملة‪ .‬هذه هي نقطة جوهرية بالنسبة لنا‪ .‬وتفصلنا بالكامل عن اليسار و الشيوعية الغير عمالية‪" .‬كانت‬
‫االشتراكية في ‪ ١847‬مرادفة لحركة بورجوازية‪ ،‬و كانت الشيوعية مرادفة لحركة عمالية" (أنجلز مقدمة الطبعة االلمانية‬
‫لبيان الشيوعي ‪/‬لندن ‪ .)١890‬الشيوعية تساوي الحركة العمالية‪ .‬هكذا يقول لنا ماركس و انجلز في البيان الشيوعي‬
‫ومقدماته و قبله في كتابات اخرى‪ .‬بدون حركة العمال الطبقي ليس بإمكان الشيوعية ان تتحرك‪ ،‬عدم تحرك الطبقة العاملة‬
‫سياسياً‪ ،‬تعني عدم تحرك الشيوعية سياسياً‪ .‬انظروا أيضا " أطروحات حول فويرباخ" من زاوية المادية الجدلية‪ ،‬اي عالقة‪،‬‬
‫الفكر بالواقع و كيفية التحقيق من صحة افكارنا‪ .‬هذا ال جدال فيه عند ماركس و انجلز و لينين‪ .‬إذن؛ السؤال المطروح بالنسبة‬
‫لنا هو لماذا ال تتحرك الطبقة العاملة كقوة سياسية؟! و برأينا هذا هو سؤال العصر بمعنى الكلمة‪ .‬فال بد من وقفة و تريث‪،‬‬
‫حول لماذا؟! و االجابة على هذه القضية االجتماعية هي مهمتنا االولى‪ .‬على هذه االرضية و وفق هذه المرحلة نبدأ بمشروعنا‪.‬‬
‫ليس بإمكان التحرك و الطبقة العاملة في سباتها‪ ،‬او في نومها العميق من ناحية السياسية‪ .‬البد هنالك مشكلة و حينذاك البد‬
‫هنالك إجابة‪ .‬نحن لدينا إجابتنا‪ .‬ليس بإمكاننا ان نطرح تكتيكا و مهمات و وظائف‪ ،‬دون هناك حركة ما‪ -‬العمالية‪ -‬يحولها الى‬
‫الفعل االجتماعي او على االقل الى نشاط تنظيمي أولي‪ .‬البد من تهيئة هذه االجواء و هذا المناخ االجتماعي‪ .‬نرى ان التوضيح‬
‫التفصيلي االكثر حول هذه الفقرة‪ ،‬سنناقشه في األطروحة الرابعة‪.‬‬

‫األطروحة الثانية‬

‫الخط العام للشيوعية الرسمية و البرجوازية يمارس في وقتنا الراهن عمل شعوبي و قومي أو ليبرالي و‬
‫يُنظر اليه كتأمالت شيوعية و يعلنه ليس على صعيد العالم الواقعي والصراع الطبقي ومستوى التنظيم‬
‫والوعي والمستوى النضالي لطبقة العاملة بل كتأمالت مادية ذهنية ال أكثر‪ .‬يضاف الى ذلك ينظر الى‬
‫الشيوعية ليس كنشاط لعنصر فعال للعمال‪ ،‬بل تقف ضدها كقوة برجوازية‪ .‬الشيوعية البرجوازية في عصر‬
‫الرأسمالية المعاصرة‪ ،‬تقودها الدولة الصينية وحزبها الشيوعي الصيني‪ ،‬وهي تمارس تلك السياسة ضد‬
‫البروليتاريا بصورة مباشره‪ .‬وإدراج "ماركس والشيوعية" في أبياتها‪ ،‬ممارسة بضد من النضال الطبقي‬
‫للعمال‪.‬‬

‫في االطروحة الثانية‪ ،‬نحن أمام قضية اجتماعية كبيرة‪ ،‬على صعيد العالمي‪ .‬القضية ليست "انحرافاً" عن الشيوعية‪ ،‬و حتى‬
‫ليس استغالل اسم الشيوعية في سبيل مصالح طبقية اخرى بمعنى القديم‪ ،‬مثل ما رأيناه في حقبة الحرب الباردة من قبل عديد‬
‫من أطراف برجوازية مختلفة‪ .‬الطبقة البرجوازية العالمية في هذه المرحلة‪ ،‬ال تحتاج الى هكذا نوع من االستغالل‪ ،‬و ال‬
‫تحتاجها البرجوازية الصينية ايضا‪ ،‬بهذا المعنى الكالسيكي‪ .‬حيث انتشر اسم الشيوعية و ماركس في ارجاء معمورة من قبل‬
‫الحركات البرجوازية المختلفة‪ .‬منها الحركات القومية و الوطنية التي ناضلت ضد االستعمار في امريكا الالتينية و بلدان‬
‫مختلفة في اسيا‪ ،‬ناهيك عن الشيوعية البرلمانية االوربية" اوروشيوعية" والماوية الصينية حينذاك‪ ،‬و التيتويية‪ ،‬و‬
‫الجيفاراية‪ ،‬ناهيك عن الخط الرسمي و السائد للشيوعية البرجوازية القومية الروسية‪ .‬تقريبا اكثرية الحركات البرجوازية‬
‫المعارضة و خصوصا منها القومية استفادت من مكانة اسم ماركس و الشيوعية بصورة عامة‪ ،‬بسبب اثار الثورة العمالية‬
‫في روسيا و انتشار الفكر و الوعي الطبقي الماركسي في ارجاء معمورة لصالح المحرومين و المض َطهدين‪.‬‬

‫اليوم تغيرت األحوال بسبب موقع الطبقة العاملة على صعيد العالمي و الصيني بطبيعة الحال‪ .‬الطبقة العاملة موقعها ضعيف‪،‬‬
‫ال تشكل قوة سياسية مقتدرة في اي بلد كان‪ .‬عليه إن البرجوازية الصينية ليس مرغمة لتنازل عن جزء من ربحها لطبقة‬
‫العاملة‪ ،‬مثل ما رأيناه ابان الحرب الباردة في البلدان "الشيوعية البرجوازية" و االشتراكية الديمقراطية التي انبثقت في‬
‫خضم تلك االوضاع و في تلك الفترة وفق اتجاه كينزي‪ ،‬و ما تمخض عنه من دولة الرفاه‪ .‬في مرحلتنا البرجوازيات المختلفة‬
‫ال ترى ضغطا ً سياسيا من الطبقة العاملة عالميا ً و محلياً‪ ،‬عليه ال تتنازل عن جزء من ارباحها لصالح العمال والمحرومين‪.‬‬
‫لهذا السبب ان البرجوازية االصالحية‪ ،‬او اصالحات البرجوازية القديمة ادخلت الى غرفة الموت السريري‪ ،‬لغاية صعود‬
‫الطبقة العاملة مرة اخرى‪ ،‬و تبوئها مسرح االحداث‪ .‬هذه هي القضية‪.‬‬
‫دولة الصين و الحزب الشيوعي الصيني يستغالن اسم ماركس و الشيوعية في سبيل قبر ماركس و الشيوعية معاً‪ .‬استغالل‬
‫اسمائهم تحت حكم برجوازي قومي صيني تهدف الى الربح ثم الربح و الربح في سبيل تبؤها موقع قيادة العالم الرأسمالي‪،‬‬
‫حكم تعيش تحت اقدامه مئات الماليين من العمال ذو أجرة زهيدة‪ ،‬ال يتعدى ‪ 300-200‬دوالرا ً في الشهر‪ ،‬حكم برجوازي و‬
‫حزب شيوعي قومي ينضم في صفوفها المليارديرات امثال جاك ماي "صاحب شركة العالمية على بابا التجارية" و حكم‬
‫برجوازي رجعي و مستبد‪ ،‬تراكم الربح عبر العمل الرخيص‪ .‬هذا الحكم و االدارة الطبقية للبرجوازية يستغالن اسم ماركس‬
‫و الشيوعية و يساويها مع ماو من جانب و من جانب اخر‪ ،‬لجعل أسمي الشيوعية و الماركسية‪ ،‬اسماء منبوذة و في سبيل‬
‫شيطنتهم في صفوف الطبقة العاملة الكبيرة في الصين و البلدان االخرى‪ .‬حيث تنظر الطبقة العاملة الى ماركسية و شيوعية‬
‫في الصين على شاكلة الحزب الشيوعي الصيني‪ ،‬و الدولة الصينية‪ ،‬ممارساتها و قوانينها و دستورها‪ ،‬و بيروقراطيتها و‬
‫إستبداها‪ .‬و بهذا المعنى يصبح ماركس و الشيوعية اسماء مكروه و منبوذة في صفوف الطبقة العاملة‪ .‬هذه النوعية من‬
‫استغالل الشيوعية و الماركسية‪ ،‬يدل على خوف الطبقة البرجوازية الصينية المجربة و المستفيدة من تجارب الثورات‬
‫األوروبية و الروسية‪ ،‬من عظمة الطبقة العاملة و ثورتها او حتى احتجاجاتها السياسية‪ ،‬تحت رآية ماركس‪ .‬عليه تعد العدة‬
‫منذ البداية إلعاقة نهوض الطبقة العاملة‪ ،‬و تضع امامها عراقيل فكرية و ثقافية و سياسية عدة‪ .‬و ذلك عبر إبعادهم عن رآية‬
‫ماركس و شيوعية ماركس‪ ،‬خالل تصرفاتها و ممارساتها السياسية ضد العمال و باسم الشيوعية و الماركسية‪ .‬ينسجم هذه‬
‫السياسية و الممارسة مع التضليل و إيهام الجماهير‪ ،‬مع سبق التصميم و التفكير‪.‬‬

‫نرى ان البرنامج الحزب الشيوعي و النظام الداخلي لحزب الشيوعي الصيني و كتاب الرئيس الصيني الحالي شي جي بينغ‬
‫"حول الحكم و اإلدارة" مليئة بمفاهيم الشيوعية و الماركسية و االشتراكية على طريقة صينية و هكذا دواليك‪ .‬يطرحونها‬
‫كتأمالت مفعم بالكذب و بالنفاق و التضليل‪ ،‬مثل ما يجري في االعالم الرسمي على صعيد العالمي‪ .‬تأمالت‪ ،‬ليس الن افكارهم‬
‫غير طبقية او بعيدة عن الواقع الطبقي بل العكس هو الصحيح‪ .‬ألن السياسة و الممارسة و االدارة الدولة الصينية و حزب‬
‫الشيوعي الصيني مخططة مع سبق االصرار و التدقيق لصالح البرجوازية الحاكمة‪ .‬عليه يطرح الماركسية و شيوعية ماركس‬
‫كتأمالت إلفراغ محتواها الطبقي على صعيد الواقع المادي‪ .‬انه تأمالت حديثة مقارنة بتأمالت فيورباخ حول المادة‪ .‬بإمكاننا‬
‫نسميها تأمالت ما بعد الحداثة‪ ،‬حيث ينقلب الواقع على الفكر و هذا بعكس ما يتصوره فيورباخ‪ .‬حيث المادة لديه ثابتة و يراه‬
‫بصورة ثابتة ميكانيكية‪ ،‬و ال يرى المادة إال في صورتها الحسية و ليس في نشاطها الواقعي‪ .‬هنا حدث العكس تماماً‪ ،‬حيث‬
‫إن الدولة و الحزب الشيوعي الصيني‪ ،‬يرون المادة بصورتها الواقعية و نشاطها الواقعي‪ ،‬يعدلونها و يعكسونها كتأمالت‬
‫حسية بعيدة عن الواقع‪ ،‬واقعهم الوسخ مثل و ساخة التجارة العالمية و ارباح الشركات العالمية الكبرى في شنغهاي و وهان‪،‬‬
‫واقع مأساوي الذي تعيش في ظلها الطبقة العاملة‪ .‬هذا النوع الجديد من التأمالت‪ ،‬تأمالت ما بعد الحداثة‪ ،‬او تأمالت العولمة‬
‫البرجوازية‪ ،‬بحيث تحول الحركة و النشاط الحي لعنصر الفعال المعاصر" الحركة العمالية" الى اشياء منبوذة او الى "قبعات"‪.‬‬
‫كيف تتم هذه العملية الصعبة؟! يمارسون أبشع انواع الحكم االستبدادي‪ ،‬و يدفعون أرخص األسعار ازاء القوة العمل الرخيصة‪،‬‬
‫و يقمعون كل نشاط تنظيمي لطبقة عاملة و معارضة سياسية‪ ،‬تحت ستائر ماركسية و ماركس و شيوعية‪ ،‬من جانب‪ ،‬و من‬
‫الجانب األخر حين يصدر منهم من الطبقة العاملة‪ ،‬احتجاجا ً او تنظيما ً او حركة مناهضة لتلك السياسات‪ ،‬يتهمونهم‪ ،‬بمعاداة‬
‫الشيوعية و الماركسية‪ .‬المشكلة هنا بقدر هذه الترميمية العكسية‪ ،‬و بقدر هذا النوع من االيهام و التضليل‪ ،‬إن تأمالتهم‬
‫الحديثة تتحول الى تجربة واقعية حسية كناتج لعملية تأريخية‪ .‬هنا الحركة العمالية في الصين نشطة بدرجة كبيرة على الرغم‬
‫تأمالتهم و القمع و االستبداد و المتالزمتين للعمالة الرخيصة‪.‬‬

‫على رغم من ذلك ان الحزب الشيوعي الصيني‪ ،‬يطرح ماركسية و اشتراكية صينية في العصر الجديد‪ ،‬يطرحها كما قلنا انفة‬
‫الذكر كتأمالت ما بعد الحداثوية إليهام العمال و الطبقة العاملة و تضليل طريق نضالهم‪ .‬تطرحها الدولة‪ ،‬في سبيل إبعاد العمال‬
‫عن شيوعية ماركس و رايتها‪ .‬لكن هناك قضية جوهرية‪ ،‬لهذه الخطوة التأملية الحديثة‪ ،‬و هي وجود تيار ليبرالي أوجدته‬
‫السوق الحر و العولمة‪ .‬هذا التيار نشأ و تطور اقتداره منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي‪ ،‬تطور و توسع في البلدان‬
‫الغربية و امريكا و توسع اقتداره في الصين بالتحديد‪ ،‬حيث استفاد من العولمة على كافة المستويات‪ .‬التيار بفعل موقعه في‬
‫صفوف الطبقة العاملة في الصين يمثل تيارا ً ناشئاً‪ .‬لكن تيارا ً يعتمد عليه االتجاه العام لرأسمال على صعيد العالمي‪ ،‬حيث‬
‫أسواق الصين مكانه المفضل لحد اآلن‪ .‬هذا التيار ترعرع في احضان العولمة و تطوراتها الالحقة و لحد االن‪ .‬خصوصا ان‬
‫الصين اليوم مدافع مؤثر لعولمة‪ ،‬و فتح الحدود و التجارة ال حرة و ما الى ذلك‪ .‬هذا التيار بفعل موقعه المؤثر‪ ،‬حيث التيار‬
‫تيارا ً عالمياً‪ ،‬من جانب و من جانب اخر و هو مهم جداً؛ ان تركيب هذا التيار او جل عدده و هو يزداد يوما ً بعد يوم‪ ،‬من‬
‫مهن و خبرة في التكنولوجيا الحديثة و الذكاء االصطناعي‪ ،‬الذي يستفيد من هذه الميزة بطبيعة الحال‪ .‬و المنافسة‬ ‫ٍ‬ ‫العمال ذو‬
‫على شراء قوة عملهم تجري على قدم وساق‪ ،‬خصوصا بين الواليات المتحدة و الصين‪ .‬الصين كدولة و الحزب الشيوعي‬
‫الصيني يهدفان إليهام هذا التيار الصاعد و تضليل حركته‪ .‬و صامت في هذه المرحلة النه يحصل على كثير من االجور‪،‬‬
‫مقارنة بأقرانها في قطاعات عمالية أخرى‪ ،‬في الوقت نفسه لديه أرضية نضالية‪ ،‬بسبب مكانته المتقدمة في اإلنتاج المعاصر‪،‬‬
‫المعتمدة على ذكاء االصطناعي‪ ،‬بالتالي و على هذا االساس‪ ،‬العصب االقتصادي العالمي يعتمد بصورة أكثر و أكثر على هذا‬
‫الفئة من العمال‪ .‬من هذا المنطلق سيكون لها دور محوري في النضال الطبقي و بجانب التيار الشيوعي عاجالً او آجالً‪ ،‬على‬
‫الرغم الصعوبات التي يخلقها هذا التيار امام النضال العمالي في هذه المرحلة‪ .‬ان التأمالت الصينية تعتمد على هذا التيار‪،‬‬
‫لكن هذا التيار بفعل موقعه و تأثيره على مجمل التطور االقتصادي ليس بإمكانه ان يبقى راكعا و خانعا الى أبد األبدين‪.‬‬
‫خصوصا نحن نعيش في ظل ازمة اقتصادية عالمية خانقة‪ .‬بقدر نهوض التيار الشيوعي في صفوف الطبقة العاملة‪ ،‬نرى هذا‬
‫التيار ينهض تحت وطأة ليبرالية كاذبة‪ ،‬و عولمة برجوازية جائحة لربح‪ ،‬على اساس مؤهالتهم العلمية و التقنية‪ .‬و بصفتهم‬
‫هذا‪ ،‬ينظرون الى انفسهم‪ ،‬على إنهم فعال باني عصر جديد‪ ،‬عصر التقنيات الجديدة التي يعتمد بصورة كاملة على السرعة‬
‫الخارقة في كل ميادين الحياة االجتماعية‪.‬‬

‫الشيوعية البرجوازية الرسمية‪ ،‬بطبيعة الحال تتعدى الشيوعية الصينية‪ ،‬تشمل ايضا بقايا الشيوعية الروسية و احزابها‬
‫المختلفة‪ ،‬حيث له وجود في عدد من البلدان لحد االن‪ ،‬مثل الحزب الشيوعي العراقي و السوري‪ ،‬و عدد قليل من بقايا‬
‫االوروشيوعية‪ ،‬و لحد االن بقايا الجيفاراية و النضال الفدائي المسلح باقية في جزء صغير من امريكا الالتينية‪ ،‬خصوصا‬
‫على صعيد الفكري و البنية التقليدية‪ .‬لكن بمجلهما "إذا نغض نظرنا عن الشيوعية الستالينية" ال يشكلون ثقال كبيرا في هذه‬
‫المرحلة‪ ،‬حيث بدأت الشيوعية الصينية بحركتها لتتبوأ المكانة االولى كشيوعية برجوازية على صعيد العالمي و تحل محل‬
‫الشيوعية الروسية القومية‪ ،‬بسبب موقع الصين االقتصادي و ليس الي سبب اخر‪ .‬نرى تأثيرها على بعض االحزاب في العالم‬
‫العربي و حتى على الحزب الشيوعي الكردستاني‪ .‬على رغم من ذلك ان التيار القومي االصالحي القديم‪ ،‬في صفوف الطبقة‬
‫العاملة و الذين يديرون النقابات العربية و القطرية في العالم العربي‪ ،‬لحد االن يمثلون التيار الشيوعي القديم الروسي‪،‬‬
‫خصوصا من جيل الشيوخ الذين لديهم عقود من التجربة في النضاالت العمالية‪ .‬نحن نؤكد هنا‪ ،‬ان تأثير الشيوعية الستالينية‬
‫على الفكر العمومي و على الطبقة العاملة‪ ،‬كإرث تأريخي‪ ،‬لحد اآلن أكبر و أكثر توسعاً‪ ،‬و يشكل عائقا ً كبيرا ً امام الحركة‬
‫العمالية و اهدافها و نضاالتها الجارية و تحزبها واقتدارها‪ .‬لكن هنا نتحدث عن حالة االنتقالية التي تحل فيها شيوعية الصين‬
‫محل شيوعية روسيا‪ ،‬حيث بدأت هذه العملية‪.‬‬

‫الشيوعية البرجوازية في الصين‪ ،‬هي قومية اساسا‪ ،‬قومية مقيتة من الجانب السياسي‪ ،‬يصارع على مكان االول لقيادة‬
‫الرأسمال العالمي‪ ،‬و تهدف الى ان تحل محل امريكا او تكون ندا ً لها‪ ،‬هذه هي قصة الشيوعية الصينية‪ ،‬لكن ليبرالي في‬
‫السوق‪ .‬يمارس سياسة السوق على الصعيد االقتصادي‪ ،‬الن هذه السياسة االقتصادية هي التي تخدم مآربها في هذه المرحلة‬
‫مثل الديمقراطية مع االسالميين في العراق‪ ،‬من جانب و من الجانب االخر و هو األهم؛ ان االتجاه العام للرأسمال و عالقات‬
‫انتاجه يتجه صوب السوق العالمي المفتوح‪ ،‬إن لم يكن حراً‪ ،‬بغض النظر عن العوائق التي تضعها برجوازيات المختلفة‬
‫امامه‪ .‬مثل ما يضعه ترامب و اتجاه التقوقع القومي و الوطني و ما يترتب عنه من "التعرفة الجمركية" و القيود على‬
‫التصدير و االستيراد و ضرب مؤسسات الدولية‪ ،‬وفق اتجاه القومي "امريكا أوال"‪ .‬تضاف الى ذلك إن االتجاه العام لرأسمال‬
‫العالمي و هوس الشركات العالمية الكبرى للربح‪ ،‬تتجه صوب االستثمار في الصين‪ ،‬نظرا لمستوى النمو الكبير مقارنة ببلدان‬
‫اخرى‪ ،‬و بسبب عمالة الرخيصة و وجود عمال من درجة عالية من تخصصات العلمية و التقنية بما فيها الذكاء االصطناعي‬
‫الذي يطلبه السوق‪.‬‬

‫األطروحات الثالثة؛ ‪6,8 ,3‬‬

‫الشيوعية الراديكالية و الخط السياسي العام للشيوعية العمالية في العراق‪ ،‬اساسه المجتمع برمته و ليست‬
‫الطبقة العاملة‪ .‬و هي بذلك تشوه و تضيع مصالح الطبقة العاملة في قالب المجتمع‪ ،‬و في ممارسة تشوهها"‬
‫داخل المجتمع" و"الجماهير" بصورة عامة‪ .‬الخط العام للشيوعية العمالية و التيارات المتفرعة عنها في‬
‫العراق‪ ،‬تمثل تيار" بطبيعة الحال ليس لدينا حركة" اليسار المعاصر تيار ضد االسالم السياسي و االحزاب‬
‫القومية الكُردية حتى ليست بضد من الحركة القومية الكردية‪ .‬على هذه االرضية تنطلق مسألة السلطة‬
‫السياسية‪ ،‬ليس وفق مصالح الطبقة العاملة و الثورة العمالية‪ .‬انما االبتعاد الواسع لهذه التيارات عن الحزب‬
‫الماركسي و الثوري للطبقة العاملة‪ ،‬بعد ‪ 30‬عاما من حضور تلك التيارات "والتي كنا جزء منها" تثبت‬
‫لنا هذه الحقيقة‪ .‬ترى هذه التيارات من العامل و الحركة الطبقية للعامل عبر نمط" أكسيوني" حركات‬
‫استعراضية في الشوارع‪ ،‬و خارج هذا النطاق‪ ،‬الحركة العمالية غير موجودة‪ .‬تسير هذه التيارات و االجنحة‬
‫المنشقة عنها على منهج واحد من الجانب السياسي‪ ،‬و لديهم الرؤية السياسية نفسها ازاء القضايا السياسية‬
‫المهمة‪ .‬انفصال تلك االجنحة و الخالفات السياسية الحاصلة بينهم‪ ،‬ليست لها أي ابعاد اجتماعية واقعية‪.‬‬

‫حول االطروحة الثالثة‪ ،‬السادسة و الثامنة‪ :‬االطروحات الثالثة‪ ،‬بمجملها تمثل‪ ،‬الشيوعية العمالية‪ ،‬كتيار فكري‪ ،‬لم يتحول‬
‫حتى الى حركة فكرية اجتماعية‪ .‬في هذه األطروحات الثالث نحن نتحدث عن انفصالنا التام عن التيار الشيوعية العمالية‪،‬‬
‫حول؛ بناء األحزاب و من ضمنها الحزب الشيوعي العمالي العراقي و أسس السياسات و القرارات و إصدارها‪ ،‬و جوانب من‬
‫اسلوب نضالي محدد "الن الشيوعية العمالية في العراق‪ ،‬في تجربتنا ليس لديها أساليب نضالية مختلفة‪ ،‬فقط لديها آكسيونية‪،‬‬
‫كهوية للنشاط العملي و تقليد سياسي متجذر‪ .‬آكسيون التنظيم و مشاركة التنظيم في آكسيونات االخرين‪ .‬و حول التنظيم‪،‬‬
‫حيث التنظيم في تجربة الحزب الشيوعي العمالي العراقي‪ ،‬ليس له وجود واقعي وفق اسس واضحة للتنظيم‪ ،‬إلن اهداف‬
‫الحزب الواقعية ال يتطلب تنظيما شيوعياً‪ ،‬بل تنظيما يتوافق مع أكسيونات و حمالت فحسب‪ .‬على هذه األسس ان هذه‬
‫األطروحات الثالثة‪ ،‬جزء ال ينفصل من وجهة نظرنا أزاء تيار الشيوعي العمالي في العراق‪ ،‬إال لغرض التجريد و التحليل‪.‬‬
‫إذن نشرح االمر‪ ،‬بتفاصيلها الممكنة‪ ،‬و الشرح هنا يتضمن اإلجابة على األسئلة المطروحة علينا كمنظمة تيار الماركسي‬
‫المعاصر‪ ،‬التي تخص هذه االطروحات الثالثة‪.‬‬

‫في البداية نشير الى بداية تأسيس حزبنا‪ ،‬الحزب الشيوعي العمالي العراقي (‪ .)2‬الحزب تأسس في التحليل األخير‪ ،‬بإرادة‬
‫سياسية خارج عن اطر الصراع الطبقي و الطبقة العاملة‪ .‬كنا و كل المنظمات الشيوعية التي شكل الحزب‪ ،‬حينذاك‪ -‬التيار‬
‫الشيوعي‪ ،‬نظرة العامل‪ ،‬اتحاد النضال الشيوعي وعصبة تحرير الطبقة العاملة‪ -‬اي قبل تأسيس الحزب لدينا مشاكلنا و لدينا‬
‫نشاطنا‪ ،‬و لدينا أعضاء وكوادر و لجان مختلفة‪ .‬وحتى عدد من هذه المنظمات لديها عالقات عمالية مناسبة "و لكن فقط‬
‫عالقات مناسبة" وفق إطار تنظيماتها المحدودة‪ .‬كانت الحركة المجالسية في كردستان التي انبثقت في ظل ظروف محلي و‬
‫عالمي عصيب‪ ،‬انبثقت و انطلقت بقوة الصاروخ‪ ،‬ليس نتيجة لعوامل الصراع الطبقي‪ ،‬بل النفتاح أرضية مناسبة ألسقاط‬
‫حكومة البعث‪ ،‬نتيجة الضربة األمريكية و اخراج القوات العراقية من الكويت تحت ضرباتها‪ ،‬بالتالي فرض سياسة االنسحاب‬
‫على الحكومة المركزية من كردستان العراق‪ ،‬من قبل امريكا حينذاك‪ .‬في ظل هكذا الظروف انطلق الحركة المجالسية و بقوة‬
‫جبارة‪ ،‬انطلقت مثل الفطر في الربيع حيث انتشر كالنار في الهشيم في أربيل و كركوك وخصوصا في مدينة السليمانية‪ .‬و‬
‫لكن انب ثقت في هذا اإلطار السياسي و الرؤية السياسية القديمة ليسار القومي" اسقاط النظام"‪ ،‬و الوقوف بوجه "االحزاب‬
‫القومية الكردية ‪ -‬وليس الحركة القومية الكردية كممثل لطبقة البرجوازية في كردستان‪ -‬نحن هنا نتحدث عن الواقع الفعلي‬
‫عن العمل و ليس عن المقاالت و الشعارات‪ .‬إن قوتها اي قوة انبثاق الحركة المجالسية‪ ،‬هي قوة اليسار في كردستان العراق‬
‫بصورة عامة‪ -‬اليسار الالعمالي و المنتقد اساسا ً لحزب العصبة الكوملة‪ ،‬كجزء رئيسي من االتحاد الوطني الكردستاني‪ -‬حيث‬
‫إن اليسار في كردستان العراق‪ ،‬يشكل تيارا ً واسعا و متشعبا ومتنوع االطياف و المنظمات اليسارية و الشيوعية حينذاك و‬
‫بغض النظر عن التسميات‪ .‬بمعنى اخر ان الوعي المجالسي‪ ،‬وهو " جزء من وعي طبقي" يمثل رؤية و حالة تنظيمية عمالية‬
‫ازاء أشكال و اساليب اخرى من الرؤية و اساليب تنظيمية مختلفة‪ .‬المشكلة هي ان هذه الرؤية و هذا النوع من التنظيم‬
‫الجماهيري و العمالي‪ ،‬لم تمخضت عبر نضاالت عمالية في كردستان العراق أبان فترة االنتفاضة اذار‪ ١99١‬بل انتقلت اليها‬
‫عبر هذا اليسار المتنوع‪ .‬عليه جزء يسر من الطبقة أخذتها‪ ،‬جزء بإمكاننا ان نقول جزء طليعي و لكن قلة قليلة منهم‪ ،‬اي‬
‫من هذا الجزء الطليعي الذي لديه عالقا ت تنظيمية مباشرة او غير مباشرة مع تنظيمات يسارية او مع بقايا عصبة‬
‫"العصبة= كومەله "المنتقد لسياسات كوملة في صفوف االتحاد الوطني الكردستاني‪ ...‬ان الحركة المجالسية بطبيعة الحال‬
‫لم تتجذر في صفوف الطبقة العاملة‪ .‬و هذا أمر طبيعي جداً‪ ،‬الن الظروف المواتية‪ ،‬ليست حصيلة لنضاالتها الطبقية‪ ،‬بل بفعل‬
‫مرحلة هجوم اليمين البرجوازي العالمي و بداية لمرحلة الهجوم العسكري لرجعية عالمية بقيادة أمريكا‪ ،‬التي رأيناه خالل‬
‫ثالثون سنة مضت‪.‬‬

‫في ظل االجواء العالمية هذه‪ ،‬اي الرجعية‪ ،‬انبثقت حركتنا المجالسية‪ .‬و ان األوضاع التي كانت فيها الشيوعية و ماركس و‬
‫لينين‪ ،‬رايَتهم و افكارهم و برامجهم و حتى مجسماتهم تحت رحمة القنابل البرجوازية المختلفة‪ ،‬من االعالم و الفكر‪ ،‬الى‬
‫فرض الفشل و السقوط عليها ناهيك عن انتشال مجسماتهم في عدد من البلدان االوربية‪ .‬كنا في هذه االوضاع‪ ،‬و في تلك‬
‫االوضاع انبثقت حركتنا المجالسية‪ ،‬التي فعال و لحد االن نعتبرها حدثا ً و ظاهرةً فريدة في كردستان و نفتخر بها‪ ،‬و كانت‬
‫فعال فترة مفعمة باالمل على رغم من تلك االرضية التي ذكرناه اعاله‪ .‬كانت هذه ارضيتنا‪ ،‬ما عداها‪ ،‬كان وجود عدد من‬
‫منظمات يسارية و شيوعية‪ ،‬ال عالقة لها بالواقع و ال بنضال الطبقي‪ ،‬و ال و ال‪...‬حيث شكلت الحركة المجالسية‪ ،‬فرصة لهذه‬
‫المنظمات لدمج نفسها معها‪ ،‬و هي جزء منها في الوقت نفسه‪ .‬و تشكل هذه الحالة الفريدة بمجملها بانخراط تلك المنظمات‬
‫في العمل الجماهيري‪ ،‬وتجاوزت مشاكلها و عوائقها و لفترة قصيرة‪ .‬و لكنها لم تكن ارضية مباشرة لبناء الحزب الشيوعي‬
‫العمالي‪ ،‬بل كانت غير مباشرة‪ .‬حيث تشكل الحزب بعد سنتين و اربعة أشهر‪ ،‬خالل تلك الفترة‪ ،‬تراجعت كل تلك المنظمات‪،‬‬
‫عن انخراط االجتماعي بصورة عامة‪ ،‬ناهيك عن الحركة العمالية و الطبقة العاملة و مشاكلها اليومية‪ .‬تضاف الى ذلك‪ ،‬سجلت‬
‫تلك فترة حالة من إعادة التقييم و انتقاد الذات‪ ،‬بالتالي أدت إلى انكماش و انطواء المنظمات و تقوقع في المجهول الى حد‬
‫كبير‪ .‬في ظل تلك االوضاع وبين الفترتين‪ ،‬اي الحركة المجالسية و بناء الحزب‪ ،‬كانت عالقة المنظمات مع فراكسيون‬
‫الشيوعية العمالية(‪ )3‬و كوادرها بقيادة منصور حكمت في صفوف الحزب الشيوعي االيراني(‪ )4‬يتسع و يتطور‪ ،‬و كانت عالقة‬
‫جدية مقارنة بتيارات اخرى داخل الحزب الشيوعي االيراني‪ .‬و بعد خروج منصور حكمت هو و رفاقه من الحزب و تشكيل‬
‫الحزب الشيوعي العمالي االيراني‪ ،‬تطورت العالقة الى مديات اوسع و ارحب‪ ،‬و كانت هذه العالقة و طرح منصور حكمت‬
‫لبناء الحزب كانت رآية النجاة من المجهول بالنسبة لنا في تلك الفترة‪ .‬خصوصا ان اعتبار الشيوعية العمالية و شخص‬
‫منصور حكمت في تلك المرحلة كانت ليس سائدة فحسب بل طاغياً‪ .‬بمعنى لهما اعتبار سياسي و فكري كبيرين‪ ،‬في صفوف‬
‫كل اليسار في كردستان العراق‪ .‬حيث فعال تشكل في تلك الفترة شيوعية مخالفا لشيوعية البرجوازية و اليسار السائد‪ .‬وكانت‬
‫بالنسبة لكلنا اتجاها ً ماركسيا ً حديثاً‪ .‬و كنا فعال مدينين له حول اطروحاته الجديدة‪ ،‬و استلمنا الشيوعية بهذا المعنى الجديد‬
‫منه‪ ،‬من منصور حكمت‪ ،‬هذه هي الحالة قبل بناء الحزب‪.‬‬

‫تم بناء الحزب وفق سياسات و توجيهات و خطة عمل منصور حكمت و أرسل رسائل و ممثلين عن قيادة الحزب الشيوعي‬
‫العمالي اإليراني الى قيادة منظماتنا في تلك الفترة‪ .‬و كتب مقاالت حول هذا االمر؛ كالتالي‪" :‬وظائفنا تجاه اليسار في‬
‫العراق‪/‬تموز‪ ،١992‬الشيوعية العمالية بحاجة لحزب في العراق‪ /‬شباط ‪ ،١993‬حول تشكيل الحزب الشيوعي العمالي‬
‫العراقي" رسالة الى الرفاق في العراق‪ /‬نيسان ‪ ،١993‬و خطة عملية لتشكيل الحزب الشيوعي العمالي العراقي‪/‬‬
‫نيسان‪ (" .١993‬المصدر؛ ارشيف موقع منصور حكمت)‪ .‬في تلك االوقات كلنا نؤيدها بالطبع‪ ،‬و كنا من االوائل الذين وقعنا‬
‫على بناء الحزب بهذا الشكل الذي طرحه منصور حكمت‪ .‬االسس الذي بنى عليه منصو حكمت لتشكيل الحزب كأمر فوري‬
‫و مستعجل في البداية كانت نقطتان أو محوران‪ ،‬حيث جاء في وظائفنا تجاه اليسار في العراق قبل سنة من تشكيل الحزب‬
‫ويقول‪ -١ :‬انخراط نشط لمنظمات الشيوعية المخلتفة في كردستان العراق في الحركة المجالسية‪ .‬او بعبارة اخرى تجسيد‬
‫التصور و الوعي االشتراكي في صفوف الحركة العمالية في كردستان العراق‪ -2 .‬الشيوعية العمالية في إيران لها تأثير‬
‫واسع‪ ،‬على هذه الحركة‪ ،‬حيث اعلنت اكثرية هذه المنظمات "و ربما كلها" قربها االيديولوجي و السياسي و حتى التنظيمي‬
‫من تيارنا‪ ( .‬الترجمة من الفارسية‪ ،‬والخط التأكيد لنا)‪ .‬و في مقال أو رسالة "الشيوعية العمالية بحاجة لحزب في العراق"‬
‫حول ايجاد قيادة لحزب الذي ينبغي بنائه يقول‪ " :‬وإذا أحيل كسب هذه الشرعية لمسار النضال السياسي واأليديولوجي داخل‬
‫اليسار العراقي‪ -‬وهذا هوالتصور الذي يبدو موجودا ً لدى التنظيمات الشيوعية العراقية الحالية حول المسألة‪ -‬فإن قضية‬
‫القيادة لن يتم حلها بسهولة و بسرعة‪ .‬إالّ أن هذا السيناريو ليس فقط غير ضروري ‪ ،‬بل هو مغلوط أيضاً‪ .‬ففي هذه السيناريو‬
‫يت م تناسي خصائص الشيوعية العمالية و طابعها الذي يتجاوز القوميات‪ ،‬و النفوذ الذي تتمتع به في المنطقة و مصيرها في‬
‫هذه المنطقة‪ .‬من الضروري إضافة الحزب الشيوعي العمالي االيراني الى مسألة تكوين الحركة الشيوعية في العراق و من‬
‫ثم التفكير في المسألة من جديد‪ .....‬و يستطرد و يقول‪ ...‬و على الرغم من الفواصل التي ترسمها التنظيمات العراقية بين‬
‫بعضها البعض‪ ،‬فمن حسن الحظ‪ ،‬وألسباب يمكن فهمها‪ ،‬ثمة تيار ثالث يتمتع بالـتأييد و القبول من قبل الجميع‪( .‬الترجمة من‬
‫المصدر والخط التاكيد لنا) وفي مقال "حول تشكيل الحزب الشيوعي العمالي العراقي‪ /‬رسالة الى الرفاق في العراق" يقول‪:‬‬
‫" حساسية العامل العراقي تجاه السياسة و بالتحديد حساسيته تجاه ضرورة بناء الحزب الشيوعي العمالي في ظل االجواء‬
‫المنفتح السياسي الموجود‪ ،‬يضاف الى ذلك استعداد أولي لمنظمات و محافل عمالية و اشتراكية لبناء الحزب‪ ،‬و وجود شعور‬
‫بعالقتهم بتقاليد الشيوعية العمالية‪ ،‬و عدم وضوح موقع النظام العراقي و غيرها تشكل عوامال مختلفاً‪ ،‬ربما يتغير بسرعة‪.‬‬
‫براي ان الخطوة األصلية‪ ،‬لبحث بناء الحزب‪ ،‬هي ادراك هذه الواقعية‪ .‬و وظيفتنا هي ان نستفيد من هذه الفرصة‪ .‬كثير من‬
‫العوامل األخرى‪ ،‬ربما هو تابع إلرادتنا‪ ،‬لكن نحن لسنا من خالقي الواقع الموضوعي‪ .‬عليه و ظيفتنا هي ان نستفيد و باقصى‬
‫ما يمكن من تلك المقاطع المعدودة من التاريخ‪ ،‬التي تهيئ االرضية لنهوض بحركتنا‪ (".‬الترجمة و الخط التأكيد لنا)‪ .‬و في‬
‫رسالته األخيرة التي تم تعديل خطته لبناء الحزب "خطة عملية لتشكيل الحزب الشيوعي العمالي العراقي"‪ ،‬يقول " ‪ -2‬اليمكن‬
‫و ال يجوز بناء الحزب الشيوعي العمالي العراقي‪ ،‬كجبهة إئتالفية أو إتحاد عمل او دمج لمنظمات شيوعية عراقية موجودة‪ .‬إن‬
‫أساس إقتراح بناء الحزب يجب ان يرتكز على إعالن تشكيل الحزب من قبل عدد من الكوادر ذوي االعتبار في الحركة‬
‫الشيوعية و العمالية العراقية‪ ،‬وفق هوياتهم الفردية و مستقلة عن إنتمائهم التنظيمي‪ .‬إن تشكيل الحزب يجب ان يمر عبر‬
‫تجاوز كوادر الحركة‪ ،‬عن الهوية المنظمات الموجودة‪ -3.‬إن إعالن بناء الحزب‪ ،‬يعتمد على كونها حزب سياسي جديد‪ ،‬و‬
‫يرتكز على اسسه المستقلة‪ .‬يجب ان ال يعرف باي وجه كان‪ ،‬كانه نتيجة لتطور تنظيمات المحافل الموجودة أو تأخذ معه‬
‫نقاشات و صراعات منظمات موجودة كوريث لها‪ ( .‬الترجمة والخط التاكيد لنا)‬

‫محور بحث منصور حكمت في كل هذه الرسائل‪ ،‬لبناء الحزب ليس الصراع الطبقي و ال حالة محددة من الحركة العمالية‬
‫التي ربما يتوصل اليها الحركة لبناء حزبها‪ .‬بطبيعة الحال‪ ،‬هناك اسم العامل والحركة العمالية والطبقة العاملة في هذه الرسائل‬
‫و المقاالت‪ ،‬ولكن جل ما يؤسس عليه الحزب‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬االستفادة القصوى من الفرصة التي اتاحها لنا التاريخ وفق ما جاء في بحثه‪ ،‬وهي؛ "التي تهيئ االرضية لنهوض‬
‫بحركتنا"‪ ،‬و هو عدم وضوح أو إبهام مكانة النظام البعثي!!‪ ،‬حساسية العامل العراقي تجاه السياسة؟!! حساسية العامل تجاه‬
‫بناء الحزب؟!!!أجواء منفتح سياسي!!!‪ .‬شرحنا أعاله‪ ،‬ان الحركة المجالسية انبثقت ليس وفق سياقات النضال الطبقي في‬
‫العراق و كردستان‪ ،‬بل جاء عبر فراغ سياسي كبير نتيجة لهجمة العسكرية األمريكية على العراق‪ .‬يضاف الى ذلك‪ ،‬إن العامل‬
‫وحساسيته تجاه السياسة و االوضاع السياسية حينذاك و في تلك الفترة ليست موجودة مطلقا‪ ،‬خصوصا ً على صعيد العراق‬
‫و في كردستان ايضاً‪ .‬و هذا شئ طبيعي في تلك االوضاع العالمية و المحلية التي سادت حينذاك ابان سقوط الشيوعية الرسمية‬
‫كدولة و كإمبراطور‪ ،‬و سقوط الشيوعية كفكر و تصور و رؤية على صعيد االعالم العالمي و على صعيد الواقع الحي تراجعت‬
‫الطبقة العاملة الى الوراء بأٍشواط كبيرة و ليس بخطوات‪ ،‬ناهيك عن الفكر و الراية و التقليد الماركسي و شيوعي‪ .‬ذكر‬
‫العامل و الحركة العمالية في هذه الرسائل ليس أساسية بل عرضية‪ ،‬ليس مؤسس بل ثانوي‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬إن موقع‬
‫النظام و عدم وضوح مستقبله ليس له عالقة ببناء صرح طبقي لعمال‪ ،‬خصوصا ان موقع النظام و ضعفه في تلك الفترة‪،‬‬
‫كانت نتيجة لضربة امريكية و نظام عالمي أمريكي جديد‪ ،‬و ليس بفعل نضاالت عمالية و جماهيرية‪ .‬إذن ان وجود هذه‬
‫الفرصة "و هي ليست فرصة كما ظهر بعد ذلك او على االقل بعد سقوط النظام‪ ،‬او لحد االن" ليس اقحاما لغويا بقدر تصور‬
‫و رؤية السائدة لليسار بصورة عامة و هي رؤية "ضد النظام" أو " إسقاط النظام"‪ ،‬و االعتماد على تلك المفاهيم لبناء‬
‫الحزب الطبقي‪ .‬و هذا ليس له عالقة ببناء حزب الطبقة العاملة‪ ،‬و بنظرية ماركس الثورية‪ .‬هذا شئ مغاير تماما‪ ،‬ربما‬
‫يصلح لبناء حزب ضد النظام القائم‪ ،‬ضد االسالم السياسي‪ ،‬في سبيل احالل نظام علماني و متمدن و اكثر امانا ً للبشر و لكن‬
‫ال عالقة له ببناء الحزب الطبقي للعمال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬قضية بناء الحزب في دولة او بلد ما تعتمد في هذه المرحلة و بالطبع في تلك المرحلة ايضا التي تم بناء حزبنا‪ ،‬بصورة‬
‫محددة نتحدث عن تلك المرحلة‪ ،‬تعتمد على الصراع الطبقي و حالة الطبقة العاملة و درجة او مستوى و استعداد الصف‬
‫الطليعي من التيار الشيوعي في صفوف الطبقة العاملة لبناء حزبها‪ ،‬في البلد المعني‪ ،‬و هنا العراق او كردستان العراق‪ .‬لكن‬
‫منصور حكمت يقول " إن أساس إقتراح بناء الحزب يجب ان يرتكز على إعالن تشكيل الحزب من قبل عدد من الكوادر ذوي‬
‫االعتبار في الحركة الشيوعية و العمالية العراقية‪ ،‬وفق هوياتهم الفردية المستقلة عن إنتمائهم التنظيمي‪ .‬وهو اقتراحه‬
‫األخير او خطة عمله االخيرة بعد عوائق التي حالت دون تمرير الخطة االولية‪ .‬بمعنى عدد من قادة منظمات‪ ،‬يعلنون الحزب‬
‫بدون هوياتهم التنظيمية!!‪ .‬ما مدى قوة و تأثير تلك القادة على الحركة العمالية؟! ليست بقضية في هذا الطرح‪ ،‬هذا بغض‬
‫النظر عن إن قضية تأثير قادة تلك المنظمات على الطبقة من عدمه‪ ،‬ال يشكل بحد ذاته أسسا ً موضوعية و طبقية لبناء الحزب‬
‫العمالي الماركسي!!!‪ .‬حتى إذا افترضنا انه لدى قادة المنظمات تأثير على الحركة العمالية‪ ،‬وهذا شيء جيد ومهم‪ ،‬لكن ان‬
‫الحزب من حيث البنية هي حزب للعمال‪ ،‬عليه يجب ان يقترن هذا المسعى مع قادة الحركة العمالية الفعليين الذين يقودون‬
‫الحركة في تلك الفترة‪ ،‬بدون هذه الخطوة ليس بإمكان بناء حزب عمالي ماركسي‪ .‬هذا جانب من الطرح‪ ،‬و الجانب االخر؛‬
‫قضية عدد من الكوادر القيادية لبناء الحزب‪ ،‬بدون او تجاوز هوية منظماتهم‪ ،‬ليس قضية ارادية‪ ،‬بل كانت و ال تزال و لحد‬
‫االن مرهونة بالعمل الطبقي في صفوف الطبقة العاملة و النضال اليومي للعامل بوجه الرأسمال‪ .‬فبدونه ال يمكن تجاوز حالة‬
‫السكتارستية التنظيمية‪ ،‬و محسوبية الرفاقية و المحفلية‪ ،‬و هذا ما عملنا به و لغاية االن و لغاية و جودنا في الحزب‪ .‬ابدا ً لم‬
‫يتم تجاوز المحفلية‪ ،‬ألنه أبدأ ً لم يتم بناء الحزب الطبقي‪ .‬و ابدأ لم يتم بناء الحزب‪ .‬و لم يتحول ابداً الى الحزب العمالي و لن‬
‫يتحول بعد و ال يمكنه ان يتحول ‪ .‬البلنوم األول للجنة المركزية‪ ،‬تحول الى ميدان المعركة تقريبا‪ .‬حيث أشار اليه الرفيق‬
‫ريبوار أحمد في كتابه (السباحة ضد التيار‪ /‬المجلد‪/2‬ص‪ / 75‬الكتاب باللغة الكردية)‪ .‬و بعدها البلنيوم الثاني على اساس‬
‫نتجاوز المحفلية التنظيمية‪ ،‬و لكن لم يتم و لم يتم و لحد االن‪ ،‬على رغم توجيهات و انتقادات التي انهالت علينا من قبل‬
‫الحزب الشيوعي العمالي االيراني و الرفيق منصور حكمت و الرفاق االخرون‪ ،‬بقيت المحفلية‪ .‬الن القضية ليست توجيهات‬
‫و إرادة األفراد‪ ،‬بل قبل ذلك قضية الحزب العمالي‪ ،‬قضية عملية و نضال عملي يجري بصورة يومية‪ ،‬بدون وجود و حضور‬
‫الفعلي في اتون هذا الصراع ال يمكن تجاوز المحفلية و سكتارستية التنظمية‪ ،‬و المحسوبية الشخصية و ما الى ذلك‪ .‬الحزب‬
‫الطبقي‪ ،‬حالة تنظيمية أرقى لتنظيم النضال العمالي و ليس شيئا مختلفا أو منقطعا عنه‪ ،‬ليُ َمكّنه بعد بناءه بتحويل ذاته الى‬
‫الحزب المنشود‪ .‬هذا من ناحية النظرية خطأ جسيم و من زاوية التجربة الفعلية فشلت فشال ذريعاً‪ .‬بعد ثالثون سنة نتحدث‬
‫عن تغير مسار الحزب او تحويله الى العمالي‪ ...‬الحزب ال يتحول ابدا ً النه سكته غير سكة القطار‪ ،‬القطار ليس بإمكانه ان‬
‫يمر على الشارع األسفلت‪ .‬الحزب الطبقي و ارتقاء به "و معهم أكثرية قادة الحركة" نحو الثورة العمالية‪ ،‬يمر عبر مسار‬
‫و ديمومة النضال العمالي الهادف و المنظم على االقل بدرجة محسوسة‪ .‬إن تقليد بناء الحزب‪ ،‬قضية في غاية أهمية‪ .‬على‬
‫أساس اي تقليد طبقي او على اساس تقاليد اية حركة اجتماعية تم بناء الحزب‪ .‬الن‪ ،‬التقاليد الحركات االجتماعية ال يتغير و‬
‫ال يتحول إالّ تحت ضغط و عنف و قوة‪ .‬لكن هذه المسالة ليس لها عالقة ببناء االحزاب الشيوعية‪ .‬تفرض على حركة ما تغير‬
‫تقاليدها و سلوكها‪ ،‬بقوة السالح او تحت عنف و التهديد‪ ،‬و لكن في هذه الحالة يتم ترويض الحركة لفترة معينة‪ ،‬و بعد ذلك‬
‫ترجع الى أصلها‪ ،‬ربما مع تغيرات طفيفة‪ .‬نرى اآلن التغيرات التي طرأت على الحركة القومية العربية‪ ،‬بعد سقوط بغداد و‬
‫احتاللها و بالتحديد بعد "الثورات الربيع العربي"‪ ،‬حيث اصبحت أكثر قربا ً الى اإلسالم مقارنة بأربعة عقود مضت‪ ،‬و اصبحت‬
‫اكثر ليبرالية عل االقل في إدارة االقتصاد‪ .‬كل هذه المسائل و غيرها تمت بفعل الضغط السوق و التهديدات األمريكية‪ ،‬و تراجع‬
‫نفوذها‪ ،‬و سقوط انظمتها واحدة تلو االخرى الخ‪ .‬عليه المعيار و التحقق من هذا االمر ليس توجيهات و ال قرارات مهما تكن‬
‫و مهما تكن قوة و تأثير واعتبار الشخص‪ ،‬بل قضية عملية و ضرورية ليس لفكر و االيديولوجية بل لضرورة الحياة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ليس لسياسة فحسب بل قبل ذلك ألمرار المعاش‪ ،‬و لمصلحة الطبقة العاملة‪ ،‬مصلحة مباشرة‪ ،‬مصلحة تحسين‬
‫امور المعاشية‪ ،‬و بعد ذلك لديها مصل حة لتقوية الحركة نحو ثورتها‪ .‬ال منظماتنا و ال قادة منظماتنا و نحن جزءا منها‪ ،‬لم‬
‫يكن لدينا تأثير على الحركة العمالية و الطبقة العاملة‪ ،‬لقد كان على صعيد العراقي تأثيرنا صفرا‪ ،‬و على صعيد كردستان‬
‫كان تأثيرنا قليلة جدا ً ليس على الحركة العمالية بل على عدد قليل من طليعي هذه الطبقة‪ ،‬التي خرجت لتوها من قمقتها‪،‬‬
‫دونما لديهم تراكم نضالي و تجارب عمالية متراكمة‪.‬‬

‫لغرض ايفاء هذا العدد من قادة المنظمات بدورهم‪ ،‬ومن باب االحتياط هناك شئ اخر‪ -‬في الطرح‪ -‬في حال عدم توافقهم‪ ،‬و‬
‫هو "‪ ...‬وعلى الرغم من الفواصل التي ترسمها التنظيمات العراقية بين بعضها البعض‪ ،‬فمن حسن الحظ ‪ ،‬وألسباب يمكن‬
‫فهمها‪ ،‬ثمة تيار ثالث يتمتع بالـتأييد والقبول من قبل الجميع"‪ .‬اي طرف ثالث خارج عن اطر الصراع الطبقي في العراق‪،‬‬
‫على االقل ليس هناك صالت مباشرة بين الطرفين‪ ،‬و ليس هنالك اصال‪ ،‬خصوصا في تلك الفترة اي نضال مشترك بين الطبقة‬
‫العاملة في ايران و العراق‪ .‬القضية هنا هو إعتماد على مرجعية اخرى‪ ،‬اعتماد على طرف ثالث‪ .‬و الطرف الثالث ليس‬
‫الحزب الشيوعي العمالي االيراني بصورة عامة بل شخص منصور حكمت‪ ،‬فبدونه لم يبقى لحزب الشيوعي العمالي االيراني‬
‫أثر ما حينذاك‪ .‬عليه اذا نلخص قضية التحزب و بناء الحزب في هذا المقطع‪ ،‬سنصل الى الهدف و هو وجود المرجع و‬
‫المرجع هنا منصور حكمت‪ .‬و لكن ماركس ليس مرجعا ً لبناء اي حزب في كامل مراحل حياته و ال لينين و ال انجلز بعد رحيل‬
‫ماركس‪ ،‬و حتى حزب اخر في بلد أخرى ليس مرجعا أو طرفا ثالثا يعتمد عليه لبناء الحزب!!! هذه هي المصيبة التي وقعنا‬
‫فيها و لحد االن‪ .‬قضية بناء الحزب و التحزب الطبقي شئ مختلف تماماً‪ ،‬مثلما جاء في هذه األطروحات الثالثة‪ .‬لماذا‬
‫المصيبة الن اوال‪ :‬مررنا سياساتنا وفق التصورات الموجودة في الحزب الشيوعي العمالي االيراني‪ ،‬و قررنا على برنامجنا‬
‫و نظامنا الداخلي و تعديالته المتتالية‪ ،‬وفق سياسة االستنساخ و ليس له اي ربط بواقعنا و بواقع النضال الطبقي في العراق‪-‬‬
‫ال نقصد الهدف النهائي‪ -‬و اساسا ً ان الحزب الشيوعي العمالي االيراني ليس له اي سند او اي مقومات داخل نضال الطبقة‬
‫العاملة في إيران خصوصا في تلك الفترة‪ .‬تضاف الى كل ذلك‪ ،‬و بعكس تصورات " التقاط الفرصة" كانت االرضية غير‬
‫مناسبة‪ ،‬و كانت االجواء غير مهيئة نظراً‪ ،‬لفرض تراجع كبير على الطبقة العاملة على صعيد العالمي‪ ،‬وبالطبع على شيوعية‬
‫ماركس‪ -‬وكان الرفيق منصور يدرك ذلك تماما ً‪ .-‬بالطبع على رغم كل تلك االطروحات و الرسائل‪ ،‬نحن المسؤول االول في‬
‫تحليل األخير‪ ،‬الننا قادة و كوادر هذه الحركة التي أسسنا الحزب‪.‬‬

‫القضية هنا عملية بحتة ليس قضية النظريات و ال ادعاءات و ال انتظار لتحويل شئ ما الى شيء اخر وفق مشيئة اإلرادية‬
‫المحضة‪ ،‬هذا مخالف لتأريخ و نضال الطبقات‪ .‬نحن مع الرفاق االخرين المتواجدون في الحزب لحد استقالتنا‪ ،‬و عدد البأس‬
‫به خارج الحزب ايضا‪ ،‬صرفنا كل عمرنا وضحينا بكل قوتنا و حتى بقوتنا و عوائلنا في سبيل تحويل هذا الحزب الى الحزب‬
‫المنشود‪ ،‬الطبقي العمالي‪ ،‬و لكن لم يتم ذلك‪ .‬و قلنا و كتبنا و حاولنا منذ عشرة سنوات مضت و تصارعنا بصورة علنية منذ‬
‫ستة سنوات مضت‪ ،‬و داخل االجتماعات المكتب السياسي و االجتماعات العامة للجنة المركزية و اخرها االجتماع الـ ‪35‬‬
‫للجنة المركزية للحزب في نهايات السنة الماضية‪ .‬حيث تم اعالن عن دفن الحركة العمالية على االقل في هذه المرحلة نظرا ً‬
‫لعدم تواجدها في الشوارع و الميادين ( االجتماع مسجل‪ ،‬بإمكان نشر هذا الفقرة و ليس فيه اي شيء سري او تنظيمي‪ ،‬بعد‬
‫ذلك القارئ و المطلع يقرر‪ ،‬ما يتطلب من شرح او إجابة حول هذا الموضوع ‪ -‬اي حزب ننشده‪ -‬الذي قدمه سامان كريم)‪.‬‬
‫لكن على رغم من كل ذلك‪ ،‬نحن ال نرى إن القضية قضية اشخاص بعينها‪ ،‬بل قضية اجتماعية و قضية التاريخ‪ ،‬و بالفعل‬
‫قضية الصراع الطبقي التي فرضت علينا‪ ،‬على رغم اخطائنا‪ ،‬نحن ايضا مسؤولون اتجاه كل تلك الفترة بعينها‪ .‬لكن كما اكدنا‬
‫القضية قضية اجتماعية‪ .‬بمعنى ان الحركة البرجوازية العالمية فرضت علينا هذه الحالة‪ ،‬فرضت علينا مرحلة عصيبة من‬
‫التحوالت و الفترة االنتقالية الطويلة و لحد االن‪ ،‬الفترة التي تم الهجوم المعاكس من قبلها‪ ،‬و في البداية الهجوم على مكتسبات‬
‫الطبقة العاملة عبر اتجاه النيو ليبرالية بقيادة ريغان و تاتشر‪ ،‬عبر سياسات التقشف و افقار الطبقة العاملة‪ ،‬و من خالل‬
‫سياسات الخصخصة المستمرة و لحد االن‪ ،‬و سلب المكتسبات من االجور و العمر التقاعدي و ساعات العمل المناسبة‪ ،‬و‬
‫الزحف نحو العمل الرخيص‪ ،‬و بموازاتها محاوالت جدية لقبر ماركس و الشيوعية التي بدات منذ نهايات السبعينيات في‬
‫القرن الماضي‪ .‬ليتسنى لهم قبرها‪ ،‬بدأت تلك الهجمات فكريا و سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا ناهيك عن الحروب و القوانين‬
‫و سياسات البنك و النقد الدوليين‪ ....‬حتى قبل سقوط االتحاد السوفيتي ‪ ...‬هذه الهجمة أدت الى تراجعات كبيرة على الطبقة‬
‫العاملة على كافة األصعدة‪ .‬نحن نرى ضعف الحركة العمالية و عدم اقتدارها و سلب مكتسباتها و سلب رآية ماركس من‬
‫التيار الشيوعي في صفوفها‪ ،‬نتيجة سياسة و ممارسة برجوازية عالمية واضحة‪ .‬هذه هي نقصنا االصلي و االجابة الرئيسة‬
‫و الطبقية هي مواجهة هذه القوة‪ ،‬و ليس اية قوة اخرى‪ .‬لكن و مع ذلك ان نقد تجربة معينة و هي تجربتنا التي َمثلنا فيها‬
‫أدوارا ً كثيرا‪ ،‬لها منافعها و خصوصا بالنسبة لجيلنا‪ ،‬حتى ال يتكرر هذه التجربة غير ناجحة‪ ،‬على االقل لجيل القادم‪،‬‬
‫للماركسيين الذين يهدفون الى بناء شئ جديد او حزب جديد مبني على اسس طبقية واضحة‪.‬‬

‫بالنسبة لنا كحزب و خالل ثالثون سنة مضت‪ ،‬ليس لدينا قاعدة اجتماعية‪ ،‬قاعدة طبقية‪ ،‬فبدون األساس‪ ،‬يتحرك البناء‬
‫الفوقي اي‪ -‬برنامجه‪ ،‬سياساته‪ ،‬قراراته‪ -‬و يشمل ايضا قيادته و تنظيماته‪ ،‬وفق اتجاه الرياح‪ ،‬أو ما تشتهي الرياح‪ ،‬وفق‬
‫اتجاهات الحركات االخرى و هي البرجوزاية في المجتمع‪ .‬ركض وراء االحداث واحدة تلو االخرى‪ ،‬هذ هو تقليد‪ ،‬و اصبح‬
‫تقليدا ً متجذرا ً لدينا‪ ،‬لتنظيماتنا‪ .‬و بدوره اي بدون اسس طبقية‪ ،‬أدى وحو َل الوظيفة الشيوعية الرئيسة الثالثة "التحريض و‬
‫الدعاية و التنظيم" الى النسيان و تحل محلها الحمالت و جمع التواقيع‪ ،‬و اكسيونات ال حصر لها‪ ،‬و منضدة الكتاب و مشابه‬
‫ذلك من نشاطات الشوارع و اآلكسيونية‪ .‬خصوصا حول المرأة و حقوقهن‪ ،‬و ضد االسالم السياسي و دعواته‪ ،‬االحداث التي‬
‫وقعت في العراق و كردستان العراق و سورية و ايران وتركيا‪ ،‬عبر الهجمات العسكرية على القوى القومية الكردية او على‬
‫مدينة ما‪ ،‬الدفاع عن بعض من الحقوق و ادانات مستمرة ‪ ...‬كل هذه المسائل على رغم من ضرورة عدد قليل منها‪ ،‬اعمال‬
‫و وظائف تمارسها منظمات المجتمع المدني‪ ،‬سواء كان في العراق او كردستان‪ .‬خصوصا في كردستان انتهى امر التمدن و‬
‫العلمانية‪ ،‬حيث اخذتها البرجوازية الكردية الى حد كبير و اطار نشاطاتها ضمن المجتمع المدني‪ .‬القضية الرئيسة هنا‪ ،‬ليس‬
‫حتى تلك المسائل التي تؤديها منظمات مجتمع مدني‪ ،‬بل نسيان االصل و محتوى و ماهية الوظائف الشيوعية الثالثة‪ ،‬و لكن‬
‫النسيان ليس نسيانا ً إراديا‪ ،‬ليس نسيانا ً بفعل خطأ احد الرفاق او لجنه ما‪ .‬حيث النسيان هنا يساوي التقليد الالعمالي و الال‬
‫ماركسي‪ .‬نسيان اعمال و وظا ئف تجاه طبقة عاملة‪ ،‬و ممارساتها و نضاالتها‪ ،‬ليس صدفة بل جاءت عبر نوع من تقليد‬
‫نضالي يساري ال عمالي "ضد النظام" و ليس ضد "النظام الرأسمال"‪ ،‬و هذا هو جوهر القضية‪ .‬ألن الماركسيين الذين‬
‫يناضلون ضد الرأسمالية كنظام اجتماعي‪ ،‬ليس بإمكانهم ان ال يرتكزوا على الطبقة العاملة‪ .‬ليس مهما ان طبقتنا في العراق‬
‫خاملة و ال تخرج الى الشوارع و ال تقود اضرابات كبيرة" و لو كان لديها اضرابات بأحجام مختلفة خالل عشرة سنوات‬
‫السابقة" و ال تؤيد االنتفاضة االخيرة‪ ،‬كحركة سياسية ألنها ليست حركتها و تعرفها و تدركها‪ ،‬و ليس مقتدراً ‪ ،‬كل هذه‬
‫القضايا معروفة‪ ،‬و لكن على رغم ذلك ان شغلنا الشاغل يحب ان نعرف السبب‪ .‬لماذا الطبقة العاملة ليست لديها االقتدار‬
‫السياسي؟! و كانت هذه هي مشكلتنا خالل االعوام الماضية و مكتوبة بصورة علنية‪ ،‬و تم انعكاس هذه الرؤية في كل المسائل‬
‫تقريبا و في اجتماعات المكتب السياسي و اللجنة المركزية‪ ،‬في التنظيم‪ ،‬في بناء التنظيمات الجماهيرية‪ ،‬في استراتيجية و‬
‫في قرارات و مقررات الحزب حول امور تكتيكية و حول انتفاضة االخيرة‪ ،‬حول كل مسائل تقريبا‪ .‬المشكلة هي شيوعية‬
‫ماركس و الطبقة العاملة هي هذه القضية‪ ،‬و هذه القضية فقط في هذه المرحلة المحددة من التأريخ‪ ،‬ليس لنا في العراق فقط‪،‬‬
‫بل في كافة البلدان‪ .‬ليس بإمكان القفز على هذه الحالة‪ ،‬من يقفز عليها ليس بإمكانه ان يكون ماركسيا ً متحزباً‪ ،‬و ليس‬
‫بإمكانه ان يكون مناضال متحزبا ً في صفوف الطبقة العاملة‪ .‬و شيوعية ماركس ليس بإمكانها ان تتحرك الى االمام و الى‬
‫الوراء بدون حركة الطبقة العاملة و نضاالتها‪ .‬من ينتمي الى شيوعية ماركس‪ ،‬يجب ان يقر بإن شيوعيته مرهونة بدرجة‬
‫حضورها في اتون و خضم النضاالت العمالية الجارية‪ ،‬فبدونه ال حزبا ماركسيا و ال عمالياً‪ .‬و هذه هي الف باء شيوعية‬
‫ماركس‪.‬‬

‫الحزب ليس لديه البنية الطبقية الواقعية و هذا ما اعترف به الجميع‪ .‬فبدون هذه البنية كيف كنا نقرر السياسات و المقررات‬
‫و القرارات؟! حين كنا لسنا المسؤولين عن واقع حال الطبقة أو حتى حركة اجتماعية معينة‪ ،‬و حينما لم يكن هناك ضغط من‬
‫تحت‪ ،‬من قاعدة عمالية" ربما صغيرة جدا او كبيرة" التخاذ سياسة ما‪ .‬حينذاك تأخذك اجتهادات فردية‪ ،‬وجمع تلك االجتهادات‬
‫في مؤسسة المكتب السياسي او اللجنة المركزية‪ ،‬و بالتالي حركة االكثرية و االقلية‪ ،‬التي ليس لها معني واقعي في داخل‬
‫حزبنا السابق‪ .‬المسؤولية ليس قضية ذهنية أو إرادية‪ .‬المسؤولية بمعنى الموضوعي لديها بنية اجتماعية‪ ،‬لديها بنية طبقية‪،‬‬
‫و في اطار تفاعل مع هذه البنية يمكن التحقق من المسؤولية‪ ،‬فبدونها ليس هناك مسؤولية موضوعية او مرتبطة بموضوع‬
‫واقعي‪ .‬كيف بإمكان الحزب‪ ،‬او لجنة ما او المكتب السياسي‪ ،‬التحقق من ممارسة أو مسؤولية لجانه او رفاقه‪ ،‬حين ليس‬
‫لدى الحزب بنية طبقية واضحة؟! اين المكان الموضوعي لتحقق؟! ال وجود له‪ .‬عليه إن كافة قراراتنا السياسية بدون استثناء‪،‬‬
‫بقيت حبر على الورق‪ ،‬هذا جانب من القضية‪ .‬اما بخصوص الجانب األخر‪ ،‬نأخذ مثاال فحسب و ليس حصراً؛ حين هاجمت‬
‫أمريكا مدينة الموصول ابان احتاللها من قبل الداعش في سنة ‪ 20١4‬كانت سياسة الحزب"بمعنى العملي و الواقعي" عدم‬
‫إدانة الهجمة االمريكية‪ .‬السبب هو وجود الداعش كقوة في الحركة االسالمية‪ ،‬بمعنى ان تحرير المدينة و لو على ايادي‬
‫امريكية ليست فيها ضرر‪ ،‬مادام هناك قوة اسالمية سياسية موجودة و مادام النتيجة هي تطهير المدينة من هذه القوة الرجعية‬
‫و اإلرهابية‪ .‬نقارن بين امريكا كقوة رأسمالية عالمية و تمارس إرهاب الدولة في أرجاء معمورة‪ ،‬و تأثيراتها على مجمل‬
‫احداث العالمية‪ ،‬و نقارن بين سيطرة قوة إسالمية على مدينة ما سواء كان موصل او دير الزور او فلوجة أو حتى بلد‬
‫كأفغانستان‪ .‬ماهي وجهة النظر وفق تصور العامل الشيوعي‪ ،‬التصور الذي يجب ان يفكر به؛ في تلك المرحلة المحددة‪.‬‬
‫مرحلة التي كانت فيها و لحد االن‪ ،‬الطبقة العاملة غير مستعدة‪ ،‬و ليس هناك قوى مقاومة أخرى مستعدة لتطهير المدينة من‬
‫اإلرهابيين‪ .‬في هذه الحالة البائسة‪ ،‬يفكر العامل الشيوعي‪ ،‬بـــــاوالً‪ :‬إممياً‪ ،‬بمعنى مصلحة الطبقة العاملة على صعيد العالمي‬
‫تتقدم على مصلحة طبقته في بلده‪ ،‬ثانيا‪ :‬المدى االوسع و تأثيرات المستقبلية ناهيك عن اآلنية‪ ،‬بين بقاء هذه القوة او القوى‬
‫الرجعية في هذه المدينة او هذا البلد كأفغانستان‪ ،‬و بين هجوم و احتالل امريكي و نتائجها المضرة على صعيد العالمي‪ .‬حيث‬
‫رأينا مصائر وجودها في افغانستان‪ ،‬وايضا رأينا مصائر االسالم السياسي فيها‪ ،‬وعلى العالم كله بعد هذه الهجمة‪ .‬هذه القوة‬
‫"الطالبان"‪ ،‬اليوم لديها القوة التي اجبرت امريكا لتفاوض معها مجددا وبعد ‪ ١8‬سنة من احتالل أفغانستان‪ ..‬بمعنى‪ ،‬القوة‬
‫االسالمية التي ضربتها امريكا‪ ،‬اليوم هي القوة المنظمة الوحيدة التي بإمكانها ان تسيطر على الوضع و يعطي كأسا ً من الماء‬
‫الوجه ألمريكا و فشلها‪ ،‬حتى تخرج من أفغانستان و تقول ان افغانستان فيها سالم و دولة‪ ،‬هذه هراء و لغو ‪ .‬و ينطبق هذا‬
‫على الموصل‪ ،‬حيث لم تبقى كمدينة اصال ناهيك عن التمدن و التحرير!!‪ ،‬هذه سياسة خاطئة تماما ً و اليوم نرى نتائجها‬
‫بصورة واضحة‪ .‬سياسة ليس شان الطبقة العاملة بها و ال تصورها و ال عالقة لها بماركسية بل تصور لمواجه االسالم‬
‫السياسي‪ ،‬ليس كقوة طبقية بل كنظام حكم في موصل او أفغانستان او إيران‪ .‬وفق هذا التصور؛ المهم هو سقوط االسالم‬
‫السياسي‪ ،‬اما نتائج التي يترتب على هذه السياسة ليست قضية هذا النوع من التقليد‪ ،‬حتى إذا وسيلة االسقاط هي‪-‬أمريكا‪.‬‬
‫الهدف هنا بررت الوسيلة بصورة ساطعة‪.‬‬

‫لكن هذه التصور ‪ ،‬حول بناء الحزب و حول تحويل الحزب الى العمالي‪ ،‬فقد بريقه عندنا رويدا رويداً‪ ،‬بإمكاننا ان نحدد‬
‫سنة ‪ ،20١0‬بداية لهاجس اخر ‪ ،‬بداية لنوع من التفكير في الحزب‪ ،‬وكتابات سامان كريم حول "التنظيم في اب ‪ 20١١‬حول‬
‫التحزب في شباط ‪ ،...20١2‬وحوار في كتاب الذي الفه الرفيق ساالر رشيد تحت عنوان" التاريخ في الذكريات‪ -‬مقابلة حول‬
‫تاريخ اليسار و الشيوعية الجديدة في كردستان ‪ /-‬حوار مع سامان كريم‪ /‬الحوار تم في ايلول ‪ 20١0‬نشر الكتاب في‬
‫سنة ‪/20١5‬ص ‪ ،" 283‬كتابات و مقابالت اخرى كثيرة و لكن نكتفي بذكر هذا القدر فقط‪ ،‬التي فيها تلك الهواجس بصورة‬
‫مشهودة و واضحة‪ .‬نحن قضيتنا الرئيسية ليس اختالفات سياسية‪ ،‬بل اعمق من ذلك نرى ان اإلختالفات السياسية في حزب‬
‫طبقي عمالي شيء في غاية طبيعية‪ .‬و وفق منظورنا ان االختالفات السياسية داخل االحزاب الطبقية "حتى برجوازية" جزء‬
‫طبيعي إلنعاكس واقع الصراع الطبقي‪ ،‬و هذا ال يتطلب وفق تصورنا اي قرار او نظام داخلي او حتى سؤال ما حول هذا‬
‫الموضوع‪ .‬هذه م سالة منتهية من عندنا‪ ،‬القضية هي قناعة و رؤية طبقية لبناء الحزب‪ ،‬وفشل تحول الحزب الى حزب‬
‫عمالي‪ ،‬وهذه قناعة صرحنا به مرات و مرات عديدة‪ ،‬و بصورة علنية ايضا‪ .‬في التحليل األخير‪ ،‬لم نتمكن من تحقيق هذا‬
‫الهدف‪ ،‬و بعد محاوالتنا العديدة و المستمرة وصلنا الى قناعة‪ ،‬بإن الحزب لن يتحول أبدا ً الى الحزب العمالي‪ ،‬و وفق ما‬
‫شرحنا اعاله و نشرحه ادناه‪ .‬عليه و من وجهة نظرنا‪ ،‬إن إستقالتنا من الحزب‪ ،‬كانت محاولتنا االخيرة‪ ،‬لتحقيق اهداف‬
‫و طموحات الحركة العمالية‪.‬‬
‫نرى في مسائل العملية‪ ،‬و هي عصب الحزب و حياته‪ ،‬الن العمل‪ ،‬هي بوصلة التغير و ماكنته‪ ،‬ولكن لحزب شيوعي‬
‫ماركسي‪ ،‬عمل "براتيك" من نوع خاص‪ ،‬عمل طبقي عمالي‪ .‬بمعنى إن كل أعمال و وظائف‪ ،‬اساليب العمل‪ ،‬اليات العملية‪،‬‬
‫تقاليد النضالي‪ ،‬ينبثق او انبثقت من الحركة العمالية ونضاالتها‪ .‬اساس العمل الشيوعي‪" ،‬المادية العملية" هي نضال الطبقة‬
‫العامل ة‪ ،‬و ليس اية حركة االخرى‪ .‬من هنا علينا ان ندقق في عمل قادة العماليين‪ ،‬او حلقة عمالية شيوعية منخرطة في‬
‫العمل القيادي‪ ،‬او قادة طليعين في مجلس او نقابة ما‪ ،‬كيف يتفقون على إضراب او عمل ما‪ !.‬هنا ال تأخذ بنظر االعتبار‬
‫ايديولوجيات‪ ،‬و افكار و تصورات مختلفة مطلقا‪ ،‬يتفقون حول كيف ندير االضراب او تظاهرة او اعتصام عمالي؟‪ .‬يتفقون‬
‫كيف و أين و في اي وقت يبدأون بنضالهم؟! يتفقون على مطالب العمال‪ ،‬يتفقون على من يمثلهم‪ ،‬و من هو خطيبهم و من‬
‫هو يدير االضراب "مشرف التنظيمي" ؟‪ ...‬يعني يتفقون على أشياء عملية و في سبيل شيء عملي و ملموس‪ ،‬مثال في سبيل‬
‫زيادة االجرة‪ ،‬او تقليل ساعات العمل‪ ،‬او‪...‬الخ‪ .‬هي القاعدة الطبقية لتقليد النضالي ألحزاب الشيوعية ذو تقليد شيوعية‬
‫ماركس‪.‬‬

‫هذا التقليد هو اساس لبناء تقليد احزاب شيوعية ماركسية‪ ،‬و العمل على ارتقاء بها نحو تحسين امور النضالية لطبقة عاملة‬
‫و بال تالي لحزبه‪ .‬بطبيعة الحال لهذا التقليد‪ ،‬ماضيه و حاضره و مستقبله‪ .‬حيث لدينا قبل االضراب و في حاضر االضراب و‬
‫مستقبل او ما بعد االضراب‪ .‬يعني قبل االضراب لدينا الدعاية و التحريض و التنظيم‪ .‬التحريض ضد إدارة الشركة أو رئيس‬
‫المؤسسة أو المصنع‪ ،‬لرفع الهمم و التصميم‪ ،‬و لدينا دعاية لجذب و إلقناع اكثرية العمال بمسعى االضراب و نجاحته‪ .‬و‬
‫لدينا التنظيم‪ ،‬كيف ننظم االضراب؟ يعني كيف ننظم العمال لحضورهم في ساعة االضراب؟ و كيف نقنعهم بإن تنظيم نفسهم‬
‫هو لمصلحتهم و يؤدي الى اتحادهم و مضاعفة قوتهم و اقتدارهم وبالتالي فرض مطالبهم على البرجوازية‪ .‬و بعد ذلك كيفية‬
‫ادارة اإلضراب و هي جزء من التنظيم و له بعض الخصوصية مثال هل ننظم اضرابنا في ساحة الشركة‪ ،‬او خارج الشركة‬
‫وعلى ابوابها الرئيسة و هكذا دواليك‪ .‬هذه هي ثالثية و روح العمل الشيوعي و التحزب الشيوعي " التحريض‪ ،‬الدعاية‪،‬‬
‫التنظيم" ‪ .‬نجزم في حياة الحزب كلها‪ ،‬ليس لدينا تقريرا واحداً‪ ،‬كتبت على االساس هذا‪ ،‬ناهيك عن العمل الفعلي بها‪.‬‬

‫بالطبع كان لدينا قرارات و مقررات جيدة حول الحركة العمالية و االوضاع السياسية‪ ،‬و مسائل أخرى كثيرة‪ .‬لدينا‪ ،‬لكن لم‬
‫يطبق منها نقطة واحدة او فقرة واحدة و لحد االن‪ ،‬لماذا؟! كان إجاباتنا‪ ،‬في اطار التصور اليسار الالعمالي‪ ،‬نحن هامشيين‪،‬‬
‫او الحزب و اليسار الهامشي‪ ،‬بمعنى غير اجتماعيين!!‪ .‬و لكن كيف نعالجه؟ نرجع مرة اخرى‪ ,‬الى نقد اليسار الهامشي و‬
‫االجتماعي و هناك تقارير كثيرة كتبت للمؤتمرات و واجهت بالتصفيق الحار ومنها تقارير"سامان كريم"‪ ،‬لكن كانت حلقة‬
‫دائرية مفرغة‪ ،‬و من ناحية الواقعية اصبح انتقاداتنا مثل قرص ارقام اجهزة التلفونات القديمة‪ ،‬بعد فك االصبع ترجع الحالة‬
‫الى الصفر‪ .‬هذه هي حالنا في كل حياة حزبنا‪ .‬لماذا لم نتمكن من تطبيق فقرة واحدة من قراراتنا؟! و نحن نعلم مسبقاً‪ ،‬إن‬
‫الشيوعية ضعيفة و الحركة العمالية "ليس في الشارع و ال في الميدان"‪ .‬ليس بإمكاننا ان نطبق ألنه ليس لدينا الحضور‬
‫داخل صفوف الطبقة العاملة‪ ،‬ليس لدينا الحضور داخل نضاالتها‪ ،‬الحضور السياسي و التنظيمي و التقليد بمعنى التقاليد‬
‫الحزبية المتجذرة‪ .‬ربما لدينا عمال و لكن هذا العامل او ذاك حين يكون معنا في الحزب يقدم تقريره و يسمع ويرجع الى‬
‫مكان عمله كأنه شيئا لم يكن‪ .‬الحضور الفعلي‪ ،‬يعني اجابة يومية على مشاكل هذه الطبقة و نضاالتها و معوقات عملها و‬
‫كل شيء الذي يقف امامه دون تحقيق مطالبه و طموحاته‪ .‬يعني اجابة على صعوبة التنظيم‪ ،‬يعني اجابة على؛ لماذا العمال ال‬
‫يرحبون بالشيوعية؟ لماذا ال يستقبلونها؟ لماذا ال يحبونها و لماذا ال ينتمون الى حزبهم الطبقي"إذا كان الحزب فعالً عماليا"؟‪.‬‬
‫هذه المسائل و إجاباتها هي محتوى اي حزب ماركسي‪ ،‬فبدونه ليس بإمكانه ان يتحرك‪ ،‬الن اساسه و محركه‪ .‬بهذا االهمية‬
‫و بهذا العزم و المسؤولية‪ ،‬لم يتم بحثها في الحزب و لم يشغل باله به أبداً بهذه األهمية‪ .‬هذه هي القضية‪ ،‬و حين نطرحه‬
‫في سياق جدلنا و مناقشاتنا‪ ،‬الجواب في صفوف قيادة حزبنا السابق‪ ،‬هو الطبقة العاملة "ليس في الشوارع وال في‬
‫الميدان!!" او انها "ضعيف ة‪ ،‬و هل علينا نحن االنتظار؟ بالتأكد نحن ال يجب أن ننتظر!!"‪ .‬تحقيق خطوات عملية‪،‬‬
‫لتقوية العمال و الحركة العمالية‪ ،‬يتطلب الحضور الفعلي و اليومي في صفوف الطبقة العاملة‪ ،‬فبدونه لن يتحقق‪ ،‬و ال يمكنه‬
‫ان يتحقق‪ ،‬كما رأيناه‪ .‬و لن يتحقق اذا لم يكن لديك عمالً روتينيا "التحريض و الدعاية والتنظيم"‪ .‬حيث كانت هذه االعمال‬
‫مثارا للسخرية داخل صفوف الحزب‪ ،‬الن الحزب يطلب عمال بهلوانيا ً !!! بهلوانية على أساس اية قوة؟ ليس هناك قوة‪ ،‬بل‬
‫لجلب االنتباه و هناك امثلة كثيرة ال داعي لذكرها‪ .‬الحزب و قادته ال يدركون االعمال الروتينية هذه‪ ،‬و هي روح الثورة‬
‫العمالية‪ .‬ال نقصد نظريات بل بصورة فعلية و يومية‪ .‬بدون هذا العمل الروتيني و اليومي و تراكمه بصورة تدريجية و وفق‬
‫اوضاع سياسية مختلفة‪ ،‬ليس بإمكانك ان ترفع التكتيك‪ .‬حول هذا الموضوع عالقة العمل الروتيني مع التكتيك لدى منصور‬
‫حكمت مباحثات دقيقة‪ ،‬قبل تأسيس الحزب الشيوعي اإليراني‪ ،‬اي قبل سنة ‪.١983‬‬
‫أما بخصوص التنظيم‪ ،‬ليس لدينا التنظيم‪ ،‬وليس بإمكانك ان تنظم بطبية الحال‪ .‬المشكلة هنا ليس عدم وجود كوادر ذو خبرة‬
‫تنظيمية‪ ،‬و هي ليست موجودة فعال و هذا امر طبيعي في حالة حزبنا‪ ،‬بل المشكلة تكمن في؛ أين تنظم و في أي مكان؟ و‬
‫في صفوف اية طبقة؟ و لماذا التنظيم؟‪ .‬القاعدة الطبقية غير موجودة‪ ،‬بالتالي ليس لدينا الحضور في صفوف حركتها‪ ،‬وليس‬
‫لدينا محاولة جادة في سبيل تجاوز هذه الحالة‪ ،‬عليه‪ ،‬يتحول التنظيم الى حالة ال تنظيم‪ .‬القضية هنا ليس انتماء اعضاء جدد‪،‬‬
‫ربما لديك اآلف من االعضاء الجدد‪ ،‬و لكن السؤال المطروح هو نفسه؟! لماذا تنظمهم؟! وكيف؟ إذا ال تفكر و ال تتريث بتنظيم‬
‫الطبقة التي تقود الثورة العمالية‪ ،‬التي تحقق برنامجك!! فماهي فلسفة و جود الحزب؟! فلسفة و ماهية الحزب هو تحقيق‬
‫اهداف الطبقة العاملة‪ ،‬أهداف التيار الشيوعي‪ - ،‬إلغاء الملكية الخاصة‪ .-‬و هذا يتطلب قبل كل شئ تنظيم الطبقة العاملة‪ .‬و‬
‫يستوجب ذلك بالضرورة و جودك و حضورك داخل صفوف هذه الطبقة‪ ،‬بدونها‪ ،‬ليست شيوعية ماركس و راية‬
‫بيانه الشيوعی‪ .‬هنا و وفق هذا التقليد الالعمالي‪ ،‬الحزب يتحول الى حالة او مؤسسة في سبيل المجتمع و في سبيل كل شئ‬
‫و كل حركة مدنية او متمدنة او علمانية او حقوق المرأة او حقوق كل اطياف المجتمع‪ ،‬لكن بصورة فعلية بعيدة عن الطبقة‬
‫العاملة‪ .‬هذا كان سياقنا العملي‪ ،‬و بالنتيجة ان الال تنظيم يأخذ مكانه الطبيعي في الحزب‪ .‬و وفق هذا التقليد‪ ،‬لم نرى خالل‬
‫‪27‬سنة الماضي ة‪ ،‬خلية واحدة في الحزب شكلت على اساس مكان العمل و المعيشة‪ ،‬ناهيك عن عمالية و غير عمالية‪ .‬هذا‬
‫هو حال تنظيماتنا‪ .‬هنا أيضا المشكلة ال تكمن في االشخاص بقدر انها‪ ،‬موضوعية خارج عن اطار فكر و التحليل‪ .‬انها مشكلة‬
‫موضوعية‪ ،‬في إطار هذا التقليد ال يمكن تحقيق االجابة العملية‪.‬‬

‫ال نمتلك الحضور في اتون النضال العمالي‪ ،‬ال تدقيق في االمر و النظر اليه بدقة و مراجعة التجربة‪ ،‬و النظرة الثاقبة الى‬
‫الوراء و تجربتنا السابقة‪ ،‬ال تنظيمات في مكان العمل و المعيشة‪ ،‬ال تنظيمات عمالية‪ ،‬و العمل على تمديد عمر المريض و‬
‫هو في عناية مركزة‪ ،‬اي الحزب‪ ،‬حينذاك ليس لديك العالج غير التواصل و إبقاء االعضاء و الكوادر بقوة العمل االكسيوني‪،‬‬
‫ليس هناك شئ اخر في سبيل بقاء االطار‪ ،‬اي الحزب‪ .‬لكل شيء و في سبيل كل شيء حتى بدون تمعن‪ ،‬اكسيون وراء‬
‫اكسيون‪ ،‬و حولنا مناسبات طبقية مثل اول من أيار الى مناسبات تنظيمية اكسيونية‪ ،‬ال ربط لها بالعمال و ال بنضالهم‪ .‬نكتب‬
‫البيان و نصدر التوجيهات‪ ،‬و نذهب الى الشارع بعدد من االعضاء و المؤيدين و الفتات حمراء‪ ،‬هذه الحالة اصبحت تقليدا‬
‫راسخا‪ ،‬حتى بدون توجيهات حزبية‪ ،‬رفاقنا في الحزب يطبقونها بدقة‪ ،‬خصوصا في الشق الكردستاني‪ ،‬او احتفاالت في‬
‫الصاالت التي ال تحضرها العمال‪ .‬خمسة اعضاء مع الفتة و نذهب الى السفارة الفالنية لالحتجاج‪ ،‬و ثالثة من الرفاق نشارك‬
‫مع االخرين في اكسيون فالني تحت صورة عبدهللا اوجالن‪ .‬األهم في تقليد االكسيونية‪ ،‬هو الحضور‪ ،‬ولكن لماذا الحضور؟‬
‫وماهي نتيجة حضورك؟! ليس مهما ً بالمطلق‪ ،‬ألننا كررناها مئات المرات بل ربما تصل الى األالف من المرات خالل ثالثون‬
‫سنة من حياة الحزب‪ .‬مع اكسيون لدينا اكسيون مصغر و هو منضدة الكتاب‪ ،‬و لدينا يوم محدد له في االسبوع‪ ،‬بدون مراجعة‬
‫هذا االمر‪ .‬مثال هل نستفيد منه‪ ،‬و من يستفيد منها؟! هل وصل نشراتنا او كراساتنا الى ايادي المطلوبة؟ هل الناس تقرأها‬
‫اصال؟! ليس لدينا مشكلة‪ ،‬و ال تفكير في هذا األمر‪ .‬المهم هو نوع من اكسيون و رفاقنا مشغولون بها‪ .‬هذه هي كل "عملنا"‬
‫و حين اخذنا الضربة على يد االتحاد الوطني‪ ،‬قلنا ربما نستفيد من هذه التجربة‪ .‬لكن الذي يحصل كان االسوء من قبل‪ .‬هذا‬
‫ليس ذنب شيوعية ماركس‪ ،‬ليس ذنب شيوعية طبقة عاملة‪ ،‬بل ذنب شيوعية ال عمالية‪ ،‬ال يدرك يساره من يمينه‪ ،‬وهي في‬
‫حالة قلقة دائما‪ ،‬ألنها ال تأخذها البرجوازية‪ ،‬ألنها "شيوعية!!!" ال تأخذها العمال ألنها" ال عمالية" هذه هي مصيبة حزبنا‬
‫و مرضها‪.‬‬

‫األطروحات؛ ‪4,5,7‬‬

‫"ان تاريخ أي مجتمع حتى اآلن‪ ،‬ليس سوى تاريخ صراعات طبقية" و كذلك عالمنا الواقعي المعاصر‪ ،‬عالم‬
‫صراع و نضال طبقي بين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية‪ .‬جميع التحديات االخرى تأخذ معناها من خالل‬
‫هذا الصراع و النضال‪ .‬خارج هذا الصراع‪ ،‬نترك االرض و نحلق في السماء‪ .‬ولهذا السبب ان معضلة‬
‫الصراع الطبقي في هذه المرحلة‪ ،‬ليس عدم حضور الطبقة العاملة و نضالها في الساحات و الشوارع‪ ،‬و‬
‫إنما تكمن المعضلة بعدم حضورها و تمثيلها سياسياً‪ ،‬بالتالي لذلك هي غائبة كقوة طبقية مقتدرة!!‪ .‬على‬
‫شيوعية ماركس‪ ،‬و الشيوعية المعاصرة ان تجيب على هذه التساؤالت الكبيرة بصورة عملية كعنصر فعال‬
‫معاصر‪ ،‬و فك رموزها عبر اجابة ماركسية على هذه التحديات و المعضالت التي تواجه الطبقة العاملة و‬
‫حركتها‪ .‬و تهيئ ارضية اجتماعية و مناخ فكري و سياسي ماركسي‪ ،‬ليتمكن الجزء الطليعي من الطبقة‬
‫العاملة مرة اخرى لرفع هذه الراية و االفق السياسي‪.‬‬

‫سوف نشرح األطروحات‪ ،‬الرابعة و الخامسة و السابعة؛ و نجيب على االسئلة المطروحة على هذه الفقرات برزمة واحدة‪.‬‬
‫االطروحات الثالثة هي وحدة متماسكة‪ ،‬نحن فصلناها لغرض التوضيح فحسب‪ .‬هذه الفرضيات الثالثة‪ ،‬أساس حركتنا و‬
‫اتجاهن ا‪ ،‬و في الوقت نفسه تفصلنا عن باقي التيارات اليسارية‪ ،‬و منها الشيوعية العمالية‪ .‬القضية المحورية في مرحلتنا‪،‬‬
‫بالنسبة لنا هي؛ ان كافة التيارات اليسارية و الشيوعية البرجوازية الرسمية‪ ،‬كلها متفقة على؛ أوال‪ :‬إن تيار الشيوعية‬
‫العمالية في صفوف الطبقة العاملة‪ ،‬يرفع راية ماركس‪ ،‬مثال الشيوعية العمالية و على يد الرفيق منصور حكمت و منذ بدايتها‬
‫و نشوئها و لحد االن تؤكد و بشكل قاطع هذه القضية‪ .‬اي ان التيار الشيوعية العمالية في صفوف الطبقة العاملة‪ ،‬حاملة‬
‫راية ماركس‪ ،‬و هنا يعني‪ ،‬الشيوعية تساوي تيار الطليعي في صفوف الطبقة العاملة‪ .‬التصور هذا يشترك بها كافة التيارات‬
‫اليسارية المعروفة عالميا و محليا في منطقتنا‪ .‬ثانيا‪ :‬بالنسبة لشيوعية برجوازية‪ ،‬ليس لديها مشكلة مع هذا التصور‪ ،‬ال بل‬
‫يدعي انها تمثل ماركس بعينه و الشيوعية بعينها‪ ،‬مثل الحزب الشيوعي الصيني في هذه المرحلة‪ .‬واالحزاب الشيوعية‬
‫القومية االخرى لديها التصور ذاته‪ .‬تضاف الى ذلك إن هذه القضية ليس موضع للبحث و التمعن من قبل مثقفين الماركسيين‬
‫بغض النظر عن توجهاتهم و رأيهم‪ .‬حيث إن المرحلة الثمانينيات من القرن الماضي‪ ،‬كانت مرحلة صعبة لغاية‪ .‬المرحلة التي‬
‫هاجمت البرجوازية األمريكية و معها البرجوازية على صعيد العالمي‪ ،‬كل مكتسبات الطبقة العاملة‪ ،‬التي اكتسبتها عبر‬
‫نضاالتها و ثوراتها العديدة في اوروبا و العالم اجمع‪ ،‬من الدولة الرفاه في الغرب عموما‪ ،‬الى الحريات السياسية و االجتماعية‬
‫و المدنية و الفردية‪ ،‬و حقوق واسعة لطبقة العاملة و اتحاداتها في اكثرية البلدان العالم‪ .‬عليه و ربما لهذا السبب الموضوعي‪،‬‬
‫التمعن و الدراسة حول هذا الموضوع‪ ،‬كان صعبا ً للغاية‪ .‬البرجوازية هاجمتها و هي مسلحة بجبروت الفكر و القوة األمريكية‬
‫و السياسة االقتصادية لنيو ليبرالية تحت أجنحة الليبرالية الجديدة التي قادها ريغان و تاتشر على اساس نظريات اإلقتصادي‬
‫االمريكي األشهر ميلتون فريدمان‪ ،‬الذي أصبح منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي و مجيء بينوشيتة الى سدة الحكم‬
‫في تشيلي‪ ،‬أشهر شخصية اقتصادية برجوازية على صعيد العالمي‪ .‬تضاف الى ذلك في تلك المرحلة كانت الشيوعية‬
‫البرجوازية في االتحاد السوفيتي باقية على سدة الحكم‪ ،‬و كانت من الصعوبة بمكان‪ ،‬تحديد سقوطها و خصوصا في بداية‬
‫الثمانينيات من القرن الماضي‪ ،‬و هذا بدوره يؤثر على اي تحليل مهما كان شأن المحلل‪.‬‬

‫إن هذه الحقبة التي نعيشها‪ ،‬تشبه حقبة قبل كومونة باريس‪ ،‬تشبه وجود ماركس و كتاباته و البيان الشيوعي‪ ،‬و االممية‬
‫االولى‪ ،‬و لكن لحد كومونة لم تكن راية ماركس راية تيار الجزء الطليعي لطبقة العاملة‪ ،‬لم يكن التيار الماركسي تيارا سائداً‬
‫في صفوف الطبقة العاملة‪ .‬في المرحلة التي نعيشها االن‪ ،‬ماركس و كتاباته كلها موجودة‪ ،‬لكن البرجوازية سلبت هذه الرآية‪.‬‬
‫إن رآية ماركس اساسا ليس شيئا او فكرا ً طبيعيا في صفوف الطبقة العاملة‪ ،‬بل الطبقة العاملة في البلدان المتحضرة األوروبية‬
‫احتضنتها بعد صراع شاق و طويل بعد ما يقارب ثالثون سنة‪ ،‬يقول لينين بهذا الصدد؛" لقد اكتسبت الماركسية اليوم في‬
‫أوروبا الزعامة التامة بين مختلف المذاهب اإلشتراكية‪ ،‬و النضال في سبيل إقامة النظام االشتراكي يكاد يكون بكليته نضال‬
‫الطبقة العاملة بقيادة االحزاب االشتراكية‪-‬الديمقراطية‪ .‬غير ان هذه الزعامة التامة لإلشتراكية البروليتارية‪ ،‬القائمة على‬
‫المذهب الماركسي‪ ،‬لم تتوطد دفعة واحدة‪ ،‬بل توطدت اثر نضال طويل النفس ضد حميع انواع المذاهب المتأخرة‪ ،‬ضد‬
‫اإلشتراكية البرجوازية الصغيرة‪ ،‬ضد الفوضوية‪ ،‬الخ‪.....‬لثالثين سنة خلت ال أكثر‪ ،‬لم تكن الماركسية سائدة حتى في‬
‫ألمانيا¸حيث كانت تسود‪ ،‬باالجمال‪ ،‬نظريات إختيارية (النظريات االختيارية هي النظريات التي تمتاز بانعدام االنسجام والروح‬
‫المبدئي وتحاول الجمع بين أحكام مأخوذة من نظريات أخرى‪ ،‬مختلفة‪ ،‬متباينة‪-‬هامش من الناشر) مختلطة‪ ،‬انتقالية‪ ،‬تقع‬
‫بين االشتراكية البرجوازية الصغيرة و االشتراكية البروليتارية‪ ،‬و في البلدان الالتينية‪ ،‬في فرنسا‪ ،‬و إسبانيا‪ ،‬و بلجيكا‪ ،‬كانت‬
‫اوسع ا لمذاهب انتشارا بين العمال التقدمين‪ ،‬البرودونية و البالنكية و الفوضوية‪ ،‬التي كانت تعبر بال ريب عن وجهة نظر‬
‫البرجوازيين الصغار‪ ،‬ال عن وجهة نظر البروليتاريين‪ ( ".‬لينين‪ -‬اإلشتراكية البرجوازية الضغيرة و االشتراكية البروليتارية‪/‬‬
‫المختارات‪ -‬المجلد الثالث‪ ،‬ص‪ /١١‬إدخال الهامش و الخط التاكيد من عندنا )‪.‬‬

‫علينا ان نفعل مثل ما فعل ماركس و رفاقه‪ ،‬عندما شكلوا العصبة و االممية االولى‪ .‬بالنسبة لنا إن إجابة على المسائل‬
‫المطروحة امام الطبقة العاملة‪ ،‬هي قضية لها أولوية في هذه المرحلة‪ ،‬لذلك إن سهام رماحنا يتجه صوب الطبقة البورجوازية‪،‬‬
‫سلطتها‪ ،‬ادارتها‪ ،‬مفكريها و كتابها‪ ،‬واالجابة الماركسية على مسائل المعاصرة وفق اولويات التي نراها لصالح الطبقة‬
‫العاملة‪ .‬اليوم هنالك قضايا شائكة و مطروحة امام الطبقة العاملة و قادتها؛ اهمها‪ ،‬اوالً‪ :‬التشرذم و التفرقة على اساس‬
‫االوطان و العرق و االديان و الطوائف و القوميات و في بعض االحيان على اساس القارات و الشمال والجنوب‪ ،‬و هذا يعني‬
‫ان الطبقة العاملة منقسمة جدا و ليس متحدة‪ .‬هنا ينقصنا االتحاد و الرابطة االممية بين أقسام الطبقة العاملة التي انقسمت‬
‫على اساس الهويات الكاذبة‪ .‬في هذه حالة التنظيم و الدعاية الماركسية حول قضايا معاصرة ساخنة لها اهميتها الكبيرة‪ ،‬مع‬
‫تأمين وصولها الى ايدي العمال و بالتحديد الطليعيين منهم‪ .‬الثاني‪ :‬قضية معيشة الطبقة البروليتاريا العالمية‪ ،‬حيث ان مستوى‬
‫المعيشة على صعيد الطبقة يتجه نحو الهبوط‪ ،‬نظرا ً لتتطور القوى المنتجة الى مديات غير مسبوقة‪ ،‬بالتحديد بعد إدخال تقنية‬
‫الذكاء االصطناعي في كافة الميادين الحياتية‪ ،‬من الصناعة والزراعة و الخدمات و التجارة و اللوجستيات و االدارة و‬
‫الخدمات االمنية و العسكرية‪ ،‬سيؤدي قريبا الى حالة من البطالة الدائمة ألكثرية الطبقة العاملة‪ .‬و هنا الطبقة البروليتاريا‬
‫العالمية امام أمر واحد أما الثورة‪ ،‬أو الهالك‪ .‬الهالك هنا يعني مستوى المعيشة يصل الى القاع و دون المرحلة العبودية‪،‬‬
‫التي تجاوزها التأريخ‪ .‬هناك قضايا اخرى يجب ان نأخذها في خدمة الفقرتين أعاله‪ .‬مثال كيف ننظم الطبقة العاملة؟! هذه‬
‫ليست قضية التنظيم فحسب‪ ،‬بل قبل ذلك األفكار و السياسات و العوائق االجتماعية التي وضعت أو فرضت على البروليتاريا‪،‬‬
‫لشرذمتها و إنقسامها على اساس هويات اخرى غير طبقية‪ .‬و هكذا في قضايا اخرى‪ .‬نحن نؤمن و نؤكد‪ ،‬و نتحدث عن هذه‬
‫المرحلة‪ ،‬نقول ان التركيز و التمركز و اولويات الحركة العمالية‪ ،‬يتلخص في الفقرتين اعاله‪ .‬عليه نحدد اولوياتنا وفق‬
‫اولوياتها‪.‬‬

‫اكدنا ان حقبتنا تشبه حقبة قبل الثورة كومونة في باريس‪ ،‬تشبهها فقط‪ ،‬لكن من ناحية المحتوى و صعوبة المهمات و‬
‫الوظائف‪ ،‬نؤمن بأن هذه الحقبة هي األصعب بكل معنى الكلمة‪ .‬حينذاك و قبل الكومونة ليس هناك ماركسية‪ ،‬و ليس هناك‬
‫شيوعية برجوازية‪ ،‬بل هناك االشتراكية و الشيوعية‪ ،‬تضاف الى ذلك ان شيوعية ماركس حينذاك ‪ ،‬زالت االخرين أو تيارات‬
‫االشتراكية البرجوازية األخرى رويدا ً رويداً‪ .‬حيث انتصرت عليهما بعد تجربة كومونة‪ ،‬و بهذا المعنى كان اعتبارها االجتماعي‬
‫في صفوف الطبقة العاملة يميل نحو الصعود يوما بعد اليوم‪ ،‬هذا من جانب‪ ،‬و من جانب اخرى؛ هناك كتابات و اطروحات‬
‫ماركس و انجلز المتراكمة التي قضت على مفكري البرجوازية في تلك األزمنة‪ ،‬هيغل‪ ،‬فيورباخ‪ ،‬ادام سيمث و ريكارد و‬
‫آخرون و طرحهم جانباً‪ .‬اليوم نحن ليس لدينا هكذا النوع من األدبيات‪ .‬يضاف الى ذلك نرى اليوم ان هذه الميزة ليس غير‬
‫موجودة فحسب‪ ،‬بل ان رآية ماركس سلبت من الطبقة العاملة‪ ،‬و حلت محلها امام الراي العالمي و في صفوف الطبقة العاملة‪،‬‬
‫الشيوعية البرجوازية الستالينية‪-‬الروسية‪ ،‬و التي تطبل لهذا االمر االعالم العالمي‪ ،‬و مراكز التربية و التعليم هذا جانب من‬
‫القضية‪ ،‬اما الجانب االخر؛ إن البورجوازية العالمية حينذاك لم تكن لديها تلك القوة كما كان عليه اليوم‪ ،‬من كل نواحي‬
‫السياسية و االقتصادية و العسكرية و االمنية و التكنولوجية و العلمية‪ .‬تضاف الى ذلك تمسكها بالرأسمال على صعيد العالمي‬
‫كطبقة موحدة‪ .‬في حين ان الطبقة العاملة في حالة ضعف و تشتت‪.‬‬

‫حال الطبقة العاملة على صعيد االقتدار السياسي و على مستوى العالمي‪ ،‬ال يحسد عليه‪ .‬على رغم من إن الطبقة العاملة و‬
‫حركتها النضالية بوجه الرأسمال مستمرة و متواصلة بصورة يومية و ببسالة على مستوى العالمي‪ .‬حيث استعرضت الحركة‬
‫العمالية خالل ال ‪ ١2‬سنة األخيرة قوتها كحركة "اقتصادية" من أجل بعض اإلصالحات و الوقوف ضد السياسيات االقتصادية‬
‫الرأسمالية‪ ،‬و في كبريات الدول الرأسمالية من الصين الى فرنسا و اليونان و المانيا و ايطاليا‪ ،‬من تركيا الى مصر و إيران‬
‫و المغرب‪ ،‬و الهند و تونس و العراق و البرازيل ‪ ....‬الخ‪ .‬و ان العقبة الرئيسية امام الحركة العمالية هي غياب راية وافق‬
‫ماركسي على الصعيدين المحلي و العالمي‪ .‬و بسبب ذلك نرى بوضوح ضعف كبير في التنظيم و التضامن الطبقي و األممي‬
‫العالمي‪ .‬هذه الحركة و بسبب الغياب على مستوى االقتدار السياسي‪ ،‬لم تتمكن من تنظيم ذاتها على صعيد العالمي أو حتى‬
‫على صعيد القارات أو المناطق – ال نقصد االتحادات العالمية الموجودة‪ -‬لم تتمكن من تسجيل حاالت تضامنية و أممية االّ‬
‫قليالً‪ .‬التضامن الطبقي و االممي أصبح حالة نادرة و ليست ظاهرة دولية او عالمية‪ .‬تضاف الى ذلك و أضعف من هذه الحالة‪،‬‬
‫هي عدم التنظيم على مستوى بلد معين‪ ،‬كقوة طبقية حول مطالب آنية و يومية‪ ،‬بل اصبحت قطاعات مختلفة و حرف مختلف‪،‬‬
‫و شركات مختلفة‪ ،‬و في بعض البلدان قوميات و أديان و طوائف مختلفة‪ ،‬هذه هي حالة طبقة العاملة على صعيد "الوطني!"‪.‬‬
‫لتجاوز هذه الحالة الصعبة من الال تنظيم الطبقي‪ ،‬الطبقة العاملة تحتاج بالضرورة الى رآية ماركس‪ ،‬و إحتضانها اجتماعياً‪،‬‬
‫ليتسنى لها ان تتطلع الى مستقبلها كطبقة ثورية و قائدة لثورة االجتماعية التي تحرر ليس ذاتها فحسب بل البشرية جمعاء‪.‬‬
‫في هذه المرحلة ليس بإمكان تنظيم الحركة العمالية و فرض مطالبها اليومية علي البرجوازية‪ ،‬سلطاتها و ادارتها المختلفة‬
‫بدون رؤية ماركس و شيوعية ماركس‪ ،‬هذه هي تجربة هذا القرن او العقدين من الزمن على االقل‪ .‬هذا ما يؤكدها االضرابات‬
‫و االحتجاجات العمالية الكبيرة في فرنسا و اليونان و بلدان أخرى خالل ‪١2‬سنوات ماضية‪ .‬من هنا ان قضية الدعاية والتنظيم‬
‫لها اولويتها و يجب التركيز عليها مع طليعيي الطبقة العاملة أينما كانوا و في أي بلد كان‪.‬‬
‫المهمة في هذه الحالة‪ ،‬هي؛ تنظيم طليعي هذه الطبقة‪ ،‬على صعيدين الحزبي و العمالي الجماهيري‪ ،‬عبر أشكال و انواع‬
‫مختلفة و متنوعة من التنظيم‪ .‬سوى كان على صعيد بلد محدد بالنسبة لنا العراق‪ ،‬او على صعيد عالمي او منطقة معينة‪ .‬هذا‬
‫عمل‪ ،‬من أهم أعمال هذه المرحلة‪ ،‬يستوجب عالقة مباشرة مع طليعي هذه الطبقة‪ ،‬و قادة حركتها أينما وجدت‪ ،‬و أينما بدأت‬
‫به‪ .‬هذا هو أهم عمل شيوعي في هذه المرحلة‪ ،‬و فوري في الوقت ذاته‪ .‬عالقات مباشرة‪ ،‬لتقوية الوعي الطبقي و بطبيعة‬
‫الحال‪ ،‬وعي شيوعي ماركسي‪ ،‬من جانب و من جانب اخر‪ ،‬تنظيم العمال في اي شكل كان في سبيل تقوية اتحادهم الطبقي‪،‬‬
‫في سبيل فرض شروطهم على البرجوازية‪ .‬ربما تبدأ هذه الحركة من مصنع او معمل او مؤسسة‪ ،‬او حي سكني ما‪ ،‬عبر عدد‬
‫من طليعي هذه الحركة في تلك الجغرافيا‪ .‬هذا العمل ليس ممكنا او ال يحقق مبتغاه بدون دعاية شيوعية مؤثرة‪ ،‬هنا بصورة‬
‫مباشرة‪ ،‬اي عبر العالقات معهم‪ ،‬او بصورة غير مباشرة عبر الكتابات و الكراسات والفيديوهات المخصصة لهم‪ ،‬واالستفادة‬
‫القصوى من تكنولوجيا اإلتصاالت‪ .‬و هنا يتميز اإلجابات الماركسية المعاصرة على مشاكل الطبقة العاملة في هذه المرحلة‪،‬‬
‫اهميتها الكبيرة‪ .‬فبدونها ليس بإمكان التنظيم و ال الدعاية المؤثرة‪.‬‬

‫األطروحة التاسعة‬

‫التحزب‪ ،‬الحزب الشيوعي لماركس‪ ،‬هو حزب العمال‪ .‬طرح في البيان الشيوعي اختالفات هذا الحزب مع‬
‫األحزاب العمالية األخرى‪ .‬لكن األسس هي ذاتها‪ ،‬ال غيرها‪ .‬و هي بنيتها الطبقية‪ ،‬اي العمال أنفسهم‪ .‬وان‬
‫اختالف شيوعية ماركس و البيان الشيوعي‪ ،‬مع االحزاب العمالية في عالمنا المعاصر‪ ،‬هو االهداف و‬
‫السياسة و التقليد الشيوعي و التضامن االممي الطبقي و النضال ضد "القومية "و" الدين" و "الطائفية‬
‫الدينية" و"البرجوازية الوطنية "و" الشمال الجنوب "و" الشرق والغرب" و"االسود واالبيض"‪ .‬ماعدا‬
‫هذه االختالفات‪ ،‬كلتاهما يستندان على الطبقة العاملة‪ .‬الحزب الذي ليس لديها بنية في صفوف الطبقة‬
‫العاملة‪ ،‬و ال يشكل جزءا ً من نشاطها العملي‪ ،‬بدون شك ليس بإمكانه ان يكون حزب من االحزاب ذات تقليد‬
‫شيوعي ماركسي‪ .‬من الجانب الرؤية و التطبيق‪ ،‬ان الشيوعية العمالية والتيارات المنشقة منها‪ ،‬هي أكثر‬
‫قربا من الشيوعية التأملية‪ ،‬فلذلك خالل نشاطها العملي‪ ،‬تتحول الشيوعية الى منظمات "لمجتمع‬
‫مدني"‪ .!!.‬تمارس السياسة وفق منظمات و تقليد المجتمع المدني‪ ،‬بشكل متمدن و راديكالي ال أكثر‪ .‬العمال‬
‫في وادي‪ ،‬و هذه الشيوعية في وادي اخری‪ .‬تمارس سياسة ال يعرف بها العمال‪ ،‬تقود الثورة‪ ،‬ولكن العمال‬
‫في ميادين عملهم ليس لديهم اي مزاج ثوري‪ ،‬ناهيك عن التنظيم و القيادة‪ .‬العمال و الشيوعية العمالية في‬
‫العراق‪ ،‬يقيمون في ممرين مختلفين تماما‪ ،‬و ال يدركون بعضهم البعض‪ .‬انعدام خلية عمالية شيوعية واحدة‬
‫في صفوف احزاب الشيوعية العمالية على صعيد العراق كله‪ ،‬يثبت هذه الحقيقة‪.‬‬

‫كنا بإمكاننا ان ندمج الفقرة التاسعة مع الفقرات الثالثة السابقة‪ ،‬حول الحزب و بناء الحزب و ما الى ذلك‪ .‬لكننا اخترنا ان‬
‫نشرحها كما هي كفقرة خاصة‪ ،‬نظرا لمكانة منظمات المجتمع المدني في عصرنا الراهن‪ .‬حيث اصبح عالمنا‪ ،‬عالم‪ ،‬وصيحات‬
‫لمنظمات المجتمع المدني‪ .‬فعال القضية معقدة‪ ،‬ليس ألننا امام مسالة او سياسة غير واضحة‪ ،‬بل انها واضحة جدا‪ ،‬ألن‬
‫المجتمع المدني بالتحديد و هو مجتمع برجوازي و ليس بإمكانه أن يكون أكثر أو أقل من هذا‪ ،‬ويشمل العالقات االنتاجية و‬
‫ما يتمخض عنها‪ ،‬و الدولة و مؤسساتها و االحزاب و النقابات و البرلمان و كافة الفعاليات و النشاطات في المجتمع‪ .‬عليه‬
‫إن "منظمات المجتمع المدني" أصبح نجمته الساطعة او شعاره الذي يتألأل في كل االتجاهات‪ .‬إن منظمات المجتمع المدني‬
‫كافة و على تسميتها "المجتمع المدني" نابعة و خانعة لهذا المجتمع و سلطته‪ .‬الحكومة او السلطة البرجوازية أو ادارة‬
‫شركة كبيرة لها منظمات مختلفة‪ ،‬تفرض عليها ما يشاء او ما تشاء لمصلحتها و لمصلحته السياسية او االقتصادية او ربما‬
‫الثقافية" الدين‪ ،‬الطائفة الدينية‪ ،‬الليبرالية‪ ،‬القومية‪ "...‬و في تحليل االخير سياسية‪ ،‬او ربما إلعالن دعاية لمصلحة شركة‬
‫ما او حكومة ما‪.‬‬

‫نحن في هذه الفقرة‪ ،‬ندرس واقعا ُ مغايراً‪ ،‬للشيوعية‪ ،‬شيوعية ماركس‪ .‬ماركس يعتبر الحركة العمالية و نضاالتها كحزب‬
‫عمالي بغض النظر عن وجود الحزب من عدمه‪ ،‬هذا التصور جاء عبر تحليله لتثوير الوضع الراهن‪ ،‬عبر قوة طبقية‪ ،‬تلك‬
‫القوة التي هي جزء أهم من القوى المنتجة‪ ،‬جزء الحي‪ ،‬الجزء الذي ينتج فائض القيمة‪ ،‬و صانع لباقي أجزائها‪ .‬حين تواجه‬
‫القوة المنتجة هذه‪ ،‬العالقات اإلنتاجية القائمة‪ ،‬بقوة تصل الى درجة العنف‪ ،‬حينذاك تدق ساعة الثورة‪ .‬منذ ذلك الحين‪ ،‬ان‬
‫عالقات اإلنتاج القائم الرأسمالي لم يعد بإمكانها ان تحاصر القوة المنتجة‪ .‬حينذاك‪ ،‬المجتمع امام الثورة العمالية‪ ،‬الثورة التي‬
‫تشق طريقها نحو الشيوعية‪ ،‬عبر إسقاطها لصعوبات التي وضعت امام صوالتها الثورية‪ .‬ماركس ال ينظر الى هذا الموضوع‬
‫األهم‪ ،‬نظرة أحادية و من زاوية واحدة فحسب بل يرى كل تفاصيله عبر الصراع الطبقي و نظريته حول الثورة العمالية‪ ،‬في‬
‫خضم هذا الصراع بين البورجوازية و البروليتاريا‪ .‬يرى حالته الموضوعية‪ ،‬التي بدونها ليس بإمكان التحدث عن الثورة و‬
‫عن الحزب العمالي‪ ،‬كما جاء بوضوح في البيان الشيوعي‪ .‬ماركس ال ينتظر البنيان الموضوعي لثورة عمالية‪ ،‬لكي يتخمر‬
‫كل عناصرها‪ ،‬بل بالعكس تماما‪ ،‬يناضل و يحاول و ينظم و يلتقى قادة طليعيين من بلدان مختلفة‪ ،‬األممية االولى‪ ،‬العصبة‬
‫الشيوعية‪ ،‬و روابط عمالية‪ ،‬و دعم للحزب االشتراكي الديمقراطي في ألمانيا‪ .‬نحن امام منظم و قائد رحال عالمي لبروليتاريا‪.‬‬

‫الحزب الذي ينشده ماركس‪ ،‬ببساطة و بدون تفسيرات مختلفة‪ ،‬هو حزب عمالي مع رؤية شيوعية واضحة‪ .‬حزبه حزب‬
‫عمالي‪ ،‬و هذا ال جدال فيه‪ ،‬و بدونهم‪ ،‬اي العمال ليس هناك حزب ماركسي‪ .‬بعد ذلك اي بعد البنية الطبقية‪ ،‬حزبه اي حزب‬
‫طبقة عاملة‪ ،‬يختلف عن احزاب عمالية أخرى‪ ،‬في محورين‪ ،‬شرحه ببساطة في البيان الشيوعي‪ .‬نحن بدورنا أكدنا اعاله‬
‫هذه‪ ،‬االختالفات بين حزب العمال و الحزب الشيوعي الماركسي‪ ،‬وفق اختالفات بين الحزبين في المرحلة المعاصرة‪ .‬الحزب‬
‫العمالي ربما يبنى على أساس مصالح قومية لطبقة العاملة‪ .‬القومية هنا تعني "البلد المعني" او على صعيد "الوطني" او‬
‫ليس مهتما بما فيه الكفاية بقضايا الدين و تجلياته أو طوائف دينية‪ ،‬ربما يشكل حزبا على اساس ليبرالي‪ ،‬او حتى على‬
‫اساس العرق‪ ،‬مثال عمال ذو العرق االبيض‪ ،‬كل هذه المسائل ربما تحدث بصورة واقعية‪ ،‬او عمال المهاجرون يشكلون حزبا ً‬
‫مثل ما لديهم نقابات مثالً‪ .‬هذه فرضيات لعالم واقعي و لصعوبات التي تواجهها الطبقة العاملة و حركتها النضالية و خصوصا‬
‫يعترف‬
‫ْ‬ ‫تحزبها الطبقي‪ .‬الفرق او اختالفات الحزب الشيوعي الماركسي‪ ،‬هو ان الحزب ينظر الى طبقته كطبقة عالمية‪ ،‬ال‬
‫بالحدود المص َطنعة التي رسمتها البرجوازية لتقسيم العمال على أساس الهويات القومية و الوطنية‪ .‬و يقف بضد التوجهات‬
‫العمالية التي تنادي بالعرق او بناء منظمات و أحزاب على اساس العرق‪ ،‬الن العرق هي أسوء من القومية و اكثر رجعية‪،‬‬
‫و يسبب تقسيم العمال على أساس االبيض و االسود و العروق الجنية المختلفة حيث تشمل أيضا القوميات المختلفة الخ‪ .‬هذا‬
‫جانب من القضية أما بخصوص الجانب اآلخر‪ ،‬ان الحزب الشيوعي الماركسي‪ ،‬ينظر الى مصالح طبقته على مستوى العالمي‪،‬‬
‫االممي‪ ،‬و ليس على اساس الوطنية او القومية الضيقة‪ ،‬ليس على اساس بلد ما‪ ،‬بل يتعداه ليشمل مصالح الطبقة العاملة‬
‫على مستوى االممي‪ .‬القضية ليس تمنيات و ال تطلعات‪ ،‬و ال تأمالت بل ان الطبقة العاملة‪ ،‬بحد ذاتها هي طبقة اممية بفعل‬
‫واقع موضوعي و بفعل العالقات االقتصادية الرأسمالية القائمة و خصوصا في هذه المرحلة‪ ،‬رأسمالية معولمة من رأسها‬
‫حتى أخمص قدميها‪ ،‬و التي سادت فيها الشركات العالمية في ميادين مختلفة‪ .‬االممية تعني؛ سيادة او اولوية مصلحة‬
‫البرو ليتاريا العالمية على المحلية‪ ،‬ربما تضر بمصلحة الطبقة على صعيد القومي‪ ،‬لكن في مصلحة الطبقة العاملة العالمية‪.‬‬
‫مثال في هذه المرحلة‪ ،‬ان وقف الزحف االمريكي و فرض التراجع عليه على كافة االصعدة العسكرية و االقتصادية و التجارية‪،‬‬
‫ربما تضر بجزء او بأكثرية الطبقة العاملة فيها‪ ،‬من ناحية فقدان العمل و تراجع االقتصاد االمريكي‪ ،‬و إفالس الشركات و‬
‫ما الى ذلك‪ .‬لكن في مصلحة الطبقة العاملة العالمية‪ ،‬حيث تبعدها – اي الطبقة العاملة العالمية‪ -‬عن قبضة عسكرية مثلما هو‬
‫عليه االن‪ ،‬و يبعدها عن الحرب في هذه المرحلة‪ ،‬أو ربما يفرض عليها التفاوض و الجلوس على مائدة الدبلوماسية مع‬
‫القوى العالمية األخرى‪ ،‬لحل القضايا العالمية الشائكة‪ ،‬التي لحد اآلن ال تعير اهتماما مشهوداً بها ‪ ،‬بل تحاول أن تحقق‬
‫مصالحها بالتهديد االقتصادي و العسكري‪ .‬إن غلق الحدود االمريكية بوجه عمال المكسيك‪ ،‬ربما يساعد العمال االمريكيين‬
‫على إيجاد فرصة العمل‪ ،‬لكن من وجه النظر االممي العمالي‪ ،‬يستوجب على العمال في امريكا ان يقفوا بوجه سياسة ترامب‬
‫هذا‪ ،‬في سبيل ردع القومية و التشتت العمالي‪ ،‬في سبيل مصلحتهم باتحاد طبقتهم‪ .‬الحزب الذي ليس له موقع و مكانة واضحة‬
‫و مشهودة في صفوف الطبقة العاملة ليس من تقليد شيوعية ماركس‪ .‬هذا ليس ادعاء أو تقليل من شان أحزاب اخرى‪ ،‬أو‬
‫تدوير القضية وفق مصالح معينة بل نرى أسسه الموضوعية‪ .‬اسسه الموضوعية‪ ،‬هي اذا كان الحزب خارج هذا الصراع و‬
‫خارج صفوف الطبقة العاملة‪ ،‬ليس بإمكانه التأثير على الحركة العمالية و نضاالتها اليومية المستمرة‪ ،‬و هذا هو محتوى‬
‫الشيوعية وفق ماركس و ليس وفق اي شخص أخر‪ .‬إلن الشيوعية من حيث جذورها هي حركة عمالية تهدف الى قلب‬
‫العالقات االنتاجية القائمة‪ .‬عليه‪ ،‬من ليس له قدم في صفوف الطبقة العاملة يتحول بوعي منه او دون وعي‪ ،‬الى حزب نشط‬
‫في إطار تنظيمات المجتمع المدني‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬خصوصا من حيث النشاط العملي و النتيجة النهائية العماله‪-‬الحزب المعني‪-‬‬
‫‪.‬‬

‫كارل ماركس يقول‪" :‬إن أعضاء الدولة السياسية متدينون بسبب الثنائية القائمة بين حياتهم الفردي و حياتهم النوعي‪ ،‬و‬
‫الثنائية بين حياة المجتمع المدني والحياة السياسية‪ .‬إنهم متدينون‪ ،‬حيث يعتبرون إن الحياة السياسية للدولة‪ ،‬التي تقف وراء‬
‫فرديتهم الواقعية‪ ،‬حياتهم الحقيقية‪ .‬إنهم متدينون‪ ،‬ألن الدين فيما بينهم يشكل روح المجتمع المدني و تعبيراً عن الفصل‬
‫وإبتعاد االنسان عن اإلنسان"‪(.‬حول المسألة اليهودية‪-‬مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل‪ /‬النص الفارسي – ت‪ :‬د‪.‬‬
‫مرتضى محيط‪ -‬ص ‪ /30‬الترجمة من قبلنا ‪ /‬تم مقارنته مع الترجمة من قبل د‪ :‬نائلة الصالحي من منشورات الجمل)‪ .‬اذا‬
‫نشرح هذا األمر و نطبقه عل حزبنا السابق‪ ،‬نرى هذه األعمال المختلفة في أعمالها‪ ،‬و حتى مع من هو عامل‪" .‬مجتمع مدني‬
‫= مجتمع بورجوازي"؛ هذا التساوي يشرحه المقطع اعاله‪ .‬ان الحياة الفردية لكل عامل يختبئ وراء الدولة العراقية‪-‬للمثال‬
‫فقط‪ -‬بهذا القدر او ذاك‪ .‬الدولة العراقية" ليس الحكومات"‪( ،‬هنا نغض نظرنا عن كونها دولة اعتيادية او في طور التكوين)‬
‫تمثل حالة مغايرة و متناقضة مع مصالح أكثرية أفراد المجتمع في العراق‪ .‬مصلحة مختفية اليوم تحت حجاب إسالمي او‬
‫قومي خجول‪ ،‬لكن الحجاب اإلسالمي هنا حالة نوعية عامة‪ .‬تمثل عالقات انتاج و تبادل‪ ،‬تمثل طبقة برجوازية عراقية‪ .‬هنا‬
‫الحجاب ليس مجرد حجاب المرأة بل يتعداه بأشواط‪ ،‬عليه ان الحجاب تحجب العالقات االقتصادية السائدة‪ ،‬قبل ان تحجب‬
‫المرأة‪ .‬من هنا يغترب الفرد العامل حيث تحوله العالقات السائدة الى شئ بذاته‪ ،‬و اإلختباء تحت هذا الحجاب الذي نسميه‬
‫"الدولة العراقية"‪ ،‬بدون أن يلمسها او بإمكانه أن يصل إليها‪ ،‬يصورها كشيء فوق الكل او فوق العالقات‪ .‬هذا التصور‬
‫العمومي عن الدولة بغض النظر عن ثباتها أو مكانتها داخل مجتمعها المدني‪ .‬ألن المجتمع المدني تطور‪ ،‬في احشائها‪ ،‬وهو‬
‫جزء من هذا المجتمع في الوقت نفسه‪ .‬هذه الثنائية التي عقدت األمور عند أكثرية الجماهير‪ .‬هذا النوع من الديانة حتى إذا‬
‫كانت الدولة غير دينية‪ ،‬أو علمانية‪ ،‬األمر سيان‪ .‬هذا الوعي السائد يبعد االنسان عن االنسان‪ ،‬و هو في حالة االغتراب كأن‬
‫الدولة هي التي تحافظ على مصالح كل فرد بدون تمييز‪ .‬المشكلة هنا و هو اي الفرد‪ ،‬نحن نقصد فرد العامل‪ ،‬يرى الدولة كل‬
‫يوم و كل لحظة‪ ،‬يراه كمؤسسة متناقضة مع تطلعاته و حتى مع مطالبه في حده االدنى خصوصا في بلد مثل العراق‪ .‬على‬
‫رغم ذلك هناك ثنائية تختفي ورأها‪ ،‬مع عدائه الواقعي اليومي يتجدد و يعاد إنتاجه باستمرار‪.‬‬

‫أن النشاطات العملية لحزبنا السابق من حيث المحتوى يدل على هذه الثنائية‪ ،‬و هذا ليس خطأ شخصي بقدر ما هو يمثل‬
‫حالة موضوعية كما ذكرنا اعاله‪ .‬حالة موضوعية؛ تعني عدم حضوره و تواجده في صفوف الحركة العمالية‪ .‬الحضور هنا‪،‬‬
‫ايضا ليس قضية إرادية‪ ،‬بل تتعداه‪ ،‬الن التقليد الذي أصبح محتوى الحزب و تجذرت في عروقه هو العمل بدون اساس طبقي‪،‬‬
‫العمل على صعيد المجتمع بصورة عامة‪ ،‬و إدعاء بعمل البلهواني بدون وجود بهلوان حقيقي!!‪ .‬هنا "فرد الحزب" يختبئ‬
‫وراء الشيوعية‪ ،‬يختبئ وراء الثورة العمالية‪ ،‬حتى هذا االختباء ليس قضية هذا الفرد القيادي او ذاك بل عصب الحزب و‬
‫تقليده‪" .‬فرد الحزب" حجب نفسه وراء الشيوعية و رآية ماركس‪ ،‬و لكن حين ينشط كشيوعي و يتفاعل كماركسي‪ ،‬حينذاك‬
‫مادته او موضوعه يختفي‪ ،‬الطبقة العاملة مختفي ليس لها وجود فعلي وفق هذا التقليد‪ .‬لسبب بسيط‪ ،‬ألن الطبقة العاملة في‬
‫العراق‪ ،‬ليس بإمكانها تنسجم مع هذا التقليد‪ ،‬ليس بإمكان احتضان هذه الشيوعية‪ ،‬الن "فرد الحزب" هو في الشارع و‬
‫الميدان‪ ،‬يطلب و يريد أعمال بهلوانية "بدون بهلوان" يطلب الثورة و يدعي الثورة بدونها‪-‬اي الطبقة العاملة‪ -‬يطلب و يهدف‬
‫الى تأسيس الحكومة بدون سند واقعي‪ ،‬بدون طبقة عاملة‪ .‬و يطلب "الخيمات" في الساحات العامة‪ ،‬و الخيمة هنا يمثل‬
‫منظمة من المنظمات المجتمع المدني‪ ،‬و لكل خيمة ورائها حزب او تيار سياسي معين‪ ،‬و منظمة معينة ايضا‪ .‬ليس لديه قوة‬
‫و يبتعد عن " االعمال الروتينية" و هي روح الثورة و روح النضال الطبقة العاملة و انسجام تقليدها‪ .‬بهذه الثنائية الواقعية‪،‬‬
‫يصل "فرد الحزب" الى عمله الواقعي‪ ،‬عمل على اساس منفعة العامة‪ ،‬عمل على أساس مبدأ‪ -‬العمل احسن من البطالة‪-‬من‬
‫هنا يتحول الحزب الى منظمات مجتمع المدني و لكن بصورة اكثر راديكالية‪ ،‬بصورة اكثر سياسية و اكثر حركه على هذا‬
‫الصعيد‪.‬‬

‫الحزب ضد االسالم السياسي كحكومة و ليس كحركة برجوازية‪ -‬و هنا ضد الطائفية بطبيعة الحال‪ ،‬هذه هي هوية الحزب في‬
‫هذه المرحلة‪ .-‬من هنا مدافعا شرسا ً ‪-‬بدون قوة‪ -‬لحركة نسوية و حقوق المرأة و المساواة القانونية بين الرجل و المراة‪ ،‬و‬
‫فصل الدين عن الدولة‪ ،‬و مدافع لحريات العامة‪ ،‬من الحريات السياسية‪ -‬حرية التنظيم‪ ،‬حرية الصحافة‪ ،‬حرية التعبير عن‬
‫الراي‪ -‬و أخيرا ً الحريات الفردية و المدنية و االجتماعية‪ .‬ثالثية االعمال هذه من الممكن حلها داخل اطار المجتمع البرجوازي‬
‫اي المدني‪ .‬حيث نرى منظمات المجتمع المدني نشطة جدا ً في مجال حقوق المرأة‪ ،‬و نشطة جداً في مجال الحريات السياسية‬
‫و حرية الصحافة‪ ،‬وهناك من المنظمات نشطة في مجال إيجاد حكومة غير إسالمية‪ .‬هذه الحالة ليس حالة انتقائية او‬
‫عشوائية‪ ،‬بل ترعرعت عبر ثالثين سنة الماضية من تأريخ الحزب‪ ،‬و بطبيعة الحال عبر تجذير هذا التقليد‪ ،‬سنة تلو االخرى‪.‬‬
‫حيث أصبحت كيانا ً ليس بإمكانه ان يتحول الى حالة متناقضة مع ذاته‪ ،‬اي ليس بإمكانه ان يتحول الى شيء آخر‪ ،‬إلى حزب‬
‫عمالي‪ .‬هذا الكيان له كل اسسه و قواعده في هذا االطار‪ .‬هذه قضية موضوعية‪ ،‬بغض النظر عن النيات‪ .‬موضوعية و بسيطة‬
‫في حال معاً‪ .‬نضرب مثاالً لتوضيح هذا االمر‪ ،‬و نفرض هذه الفرضية؛ اذا حولنا الحزب بكامل كيانه ومؤسساته الى بلد من‬
‫البلدان اوروبا الغربية‪ ،‬حيث يوجد الحريات الفردية و المدنية و االجتماعية و السياسية كلها‪ ،‬و توجد حرية المرأة و المساواة‬
‫القانونية بين الرجل و المرأة‪ .‬حينذاك ال تقتل المرأة و ال يقتل الصحفي او الصحفية‪ ،‬و ال تسجن‪ ،‬و هنا حرية التعبير عن‬
‫الرأي حيث ال وجود "ولو ليس مطلقة" سجناء الرأي‪ ،‬و الدول فيها علمانية الى حد كبير‪ ،‬و ال وجود إلسالم السياسي كحركة‬
‫سياسية مقتدرة‪ ،‬و ليس هناك اختطاف‪ ،‬و ال وجود لهجمات داعش و ميليشيات الحشد‪ .‬حينذاك ماذا يفعل الحزب‪ ،‬او حزبنا‬
‫السابق؟! يتحول الحزب الى حزب عاطل عن العمل‪ .‬ألنه ليس لديه ما يقوله و ما يعمل عليه كنشاط اجتماعي‪ .‬المجتمع منقسم‬
‫الى طبقتين؛ البرجوازية – بكل أشكالها‪ ،‬االوربية واالسالمية والقومية – و البروليتاريا‪ ،‬كلتاهما عالميتان‪ .‬في التحليل‬
‫االخير ليس هناك حد وسطي‪ .‬اما مع البرجوازية او مع الطبقة العاملة‪ .‬على هذا االسس‪ ،‬ان تنظيمات الخارج في الحزبين‬
‫ليس لهما العمل سوى آكسيون‪ ،‬و االكسيون هنا ليس لمواجهة سياسات برجوازية في البلد المعني في الخارج‪ ،‬بل كرد فعل‬
‫تنظيمي‪ -‬حزبي ألحداث في العراق او كردستان‪ .‬امام السفارة العراقية‪ ،‬امام مكتب االقليم في لندن‪ ،‬امام السفارة االيرانية او‬
‫التركية او األمريكية‪ ،‬او في ساحات عامة في وسط مدينة ما‪ .‬بدون اكسيون ليس لدينا عمل و ال اي شئ اخر‪ .‬كنا قد حذرنا‬
‫من هكذا سياسة و هذا التوجه قبل عشرة سنوات و عبر اجتماع رسمي لكوادر في تنظيمات الخارج‪ ،‬و قلنا يجب ان يتغير‬
‫هذا االمر‪ .‬و بعد ذلك كتب سامان كريم في ايلول ‪ 20١0‬بحثه "بناء تنظيم شيوعي في ‪-‬الخارج‪ "-‬الذي تم تقديمه في‬
‫االجتماع انفة الذكر‪ .‬وبعد ذلك حوله الرفيق كامل احمد مسؤل تنظيمات الخارج حينذاك الى توجيهات عملية عامة للعمل على‬
‫اساسه‪ .‬لكن بعد ذلك ظهر لنا إننا مخطئين‪ ،‬هذا المسار متجذر ال يمكن تغيره‪ ،‬مع االسف وهذا ما حصل فعال بعد ‪١0‬سنوات‪.‬‬

‫عليه؛ إن الحزب أصبح يتفاعل و ينشط في داخل ممره الخاص به‪ ،‬داخل المجتمع بدون طبقة عاملة‪ ،‬بدون حركتها‪ ،‬بدون‬
‫معاناتها و عوائقها‪ ،‬بدون مشاكلها و احالمها و توقعاتها‪ .‬لماذا؟! ألنه لديه خطيئة كبرى و خطيئته – اي الطبقة العاملة‪ -‬ال‬
‫تحب مقدس الحزب‪ ،‬ومقدس الحزب هنا‪ ،‬عمل اآلكسيوني بدون قوة و بدون أساس‪ .‬هذا امر طبيعي الن العمال ليس بإمكانهم‬
‫ان يكونوا في الشوارع و الميادين ألشهر دون راتب و بدون معيشة‪ .‬هذا ليس شأن الطبقة العاملة و ال تقليدها و ليس بإمكانه‬
‫ان يكون‪ .‬هذا التقليد هو حلم البرجوازي الصغير و مقدسه‪ .‬داخل هذا الممر او في إطار هذا النشاط المجتمعي العمومي‪ ،‬و‬
‫على أرضية هذا التقليد‪ ،‬لن يجد العمال نشاطهم الواعي‪ ،‬و لم يجيدوه‪ ،‬حيث ليس لدينا خلية تنظيمية واحدة في صفوف الطبقة‬
‫العاملة لغاية رحيلنا من الحزب‪ .‬ربما نرى العمال و ربما نرى خاليا تنظيمية مختلفة في إطار هذا التقليد‪ ،‬و لكن نراهم في‬
‫تقمص هذه الثنائية انفة الذكر‪ .‬نراهم في ورشات العمل‪ ،‬نراهم في مؤتمرات نقابية او حتى دولية و لكن في هذا االطار و‬
‫ليس في اطار تثوير الطبقة العاملة‪ .‬القضية الرئيسية‪ ،‬ان منظمات المجتمع المدني انبثقت كحالة برجوازية‪ ،‬و في رحمها‬
‫انطلقت‪ ،‬من حيث الجوهر‪ ،‬هي متعلقة بعالقات االنتاج الرأسمالي‪ ،‬هذه العالقات يستوجب هذا النوع من المنظمات و هذا‬
‫االسلوب من النضال‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬و فقط على هذا االساس‪ ،‬تخلقها المزاحمة‪ ،‬تخلقها الصراع و االحتدام الضروري بين مختلف‬
‫قطاعات الرأسمال و مختلف الرأسماليين الكبار من اجل استحواذ على االخرين‪ .‬لكن ال تبدوا على هذا الشكل‪ ،‬بل تتمظهر‪،‬‬
‫على أشكال قانونية و سياسية متنوعة‪ ،‬تحت حجاب حريات مدنية و فردية و سياسية و اجتماعية و ثقافية‪.‬‬

‫وفق هذا التصور ان اسلوبها و اهدافها‪ -‬منظمات المجتمع المدني‪ -‬في االساس هي؛ إيهام الجماهير و إبعادهم عن النضال‬
‫الثوري و الطرق الثورية‪ .‬هذا هو عملها‪ .‬هنا نغض نظرنا عن مصالح اقتصادية وراء خلق هذه المنظمات الكثيرة‪ .‬مثالً‬
‫ورشات العمل‪ ،‬اساس ورشات العمل‪ ،‬هو خلق عالقة متوازنة بين العمال و االدارة‪ .‬عالقة يتم فيها تميع الصراع الطبقي‪،‬‬
‫و يحل محله الشراكة الطبقية من الجانب السياسي‪ .‬وفق هذا المنظور‪ ،‬إن الهدف البرجوازي من هذه الورشات التي تصرف‬
‫عليها عبر قنواتها المختلفة‪ ،‬خلق حالة لتواصل االنتاج و زيادة الربحية على اكتاف العمال عبر وسائل عدة و منها هذه‬
‫الورشات‪ .‬القضية ليس نحن كيف نمارس هذه الورشات‪ ،‬بل القضية هي كيف يشارك العمال فيها و وفق اية تصورات؟!‬
‫هذا مثال فحسب‪ .‬ناهيك عن ان منظمات المجتمع المدني تتبنى القوميات و االديان و الطوائف الن تركيبتها و اسسها‪ .‬بنيتها‬
‫القانونية و السياسية‪ ،‬هو "تعدد الثقافات" وهو قانون رجعي حتى النخاع في الديمقراطيات الغربية‪ ،‬لتفرقة البشر و خصوصا‬
‫الطبقة العاملة و المحرومة على اساس الهويات القومية والدينية‪ ،‬والطائفية‪ ،‬والعرق‪ ،‬والجنس‪ ،‬و هذه حركتها‪ ،‬الديمقراطية‪.‬‬
‫وهي اي الديمقراطية‪ ،‬كحركة برجوازية عامة روح المجتمع المدني‪ ،‬الذي يتأسس عليها منظمات المجتمع المدني‪ .‬إن عنوان‬
‫"تعدد الثقافات" عنوان لضرب اتحاد الطبقة العاملة‪ ،‬عنوان لوضع عراقيل امام تطور و نمو و نهوض الحركة العمالية‪.‬‬
‫قانون رجعي تمارسه البرجوازية‪ ،‬في سبيل تحقيق ما يطلبه من تراكم الراسمال‪ ،‬في سبيل خفض اجور الطبقة العاملة و‬
‫فرض التراجع عليها‪.‬‬
‫األطروحة العاشرة‪:‬‬

‫الحركات السياسية‪ ،‬هي بالضرورة حركات اجتماعية‪ .‬و لكل الحركات االجتماعية و الطبقية في كل الظروف‬
‫قادتها‪ .‬جميع الحركات التي تظهر خارج إطار الحركة العمالية‪ ،‬كحركات سياسية و يبرزون تأريخهم‪ ،‬هي‬
‫حركات برجوازية‪ ،‬تبرز و تنمو و بأشكال مختلفة و في ظل ظروف مختلفة‪ ،‬وفق مقتضيات الطبقة‬
‫البرجوازية‪ .‬ال توجد حركة سياسية "مستقلة"‪ .‬و من يفكر بوجود حركات مستقلة‪ ،‬يخالف واقع الصراع‬
‫الطبقي و تحليله‪ .‬كل الحركات "الربيع العربي" و"الثورة البرتقالية" و "الملونة "عبر ثالثين السنة‬
‫الماضية كانت حركات سياسية برجوازية‪ .‬ليست لديها اي عالقة ال من قريب و ال من بعيد‪ ،‬حتى ب"الثورة‬
‫السياسية" لصالح الجماهير‪ .‬تمتلك كل تلك الحركات و بأشكال مختلفة قيادة سياسية لها‪ ،‬بشكل حزب او‬
‫بدون حزب‪ ،‬قيادة معروفة و بارزة او قيادة عن البعد (بمعنى ال يظهر شخص ما او طرف ما‪ ،‬كقائد لهذه‬
‫الحركة او تلك‪ ،‬اال وكان أفقها السياسي و اساليبها النضالية تتحرك في فضاء الحركات والقوى البرجوازية‬
‫و في ذات دائرتها الحلزونية‪ ،‬بالتالي لديها صاحبها)‪ .‬كل الثورات الربيع العربي‪ ،‬و الحركات و االنتفاضات‬
‫التي حصلت اخيرا في السودان و الجزائر و العراق‪ ،‬كحركات سياسية‪" ،‬ليس كحركات مطلبية‪ ،‬و هذه‬
‫حركة مختلفة تماما" ال تتعدى هذا االطار‪.‬‬

‫" إن الثورة ال النقد هو القوة المحركة للتأريخ" هكذا قاال لنا ماركس و انجلز في االيديولوجية األلمانية‪/‬ص‪ .50‬لكن اي‬
‫ثورة؟! ثورتهما‪ ،‬اي ثورة الطبقة العاملة و هما يقصدان بلحمها و دمها‪ .‬و إن الكتلة الثورية او الحركة الثورية او المادة‬
‫الثورية هي بصورة عامة او "من الجهة االولى القوى المنتجة القائمة‪ ،‬و من الجهة الثانية تشكل كتلة ثورية تثور ال ضد‬
‫شروط خاصة للمجتمع المنصرم فحسب‪("....‬المصدر نفسه‪ /‬خط التاكيد عندنا)‪ .‬نحن امام حقبة جديدة من الثورات‬
‫و االنتفاضات‪ ،‬نقصد بالثورات‪ ،‬ثورات الطبقة العاملة‪ ،‬ألنه ليس امامها غير الثورة بدون حزب او مع حزبها‪ .‬هنا نحن‬
‫و البشرية جمعاء امام مشكلة و لكن لها حلها‪ ،‬مشكلة كبيرة و عائق كبير امام تطورها و امام تثويرها لألوضاع الراهنة‪،‬‬
‫مشكلة التحزب الطبقي و بناء و تنظيم و تحرر ذاتها‪ .‬كتلة الثورة الراهنة عالمية و تشكل التأريخ العالمي‪ .‬عليه "وألنه يولد‬
‫من جهة واحدة لدى جميع األمم بصورة متواقتة ظاهرة الكتلة‪-‬المحرومة من الملكية‪ (-‬المزاحمة العمومية)‪ ،‬و يجعل من بعد‬
‫كل أمة رهنا ً بثورات األمم االخرى‪ .‬و قد وضع أخيرا ً البشر العموميين تجريبياً‪ ،‬الذين يحيون التأريخ العالمي‪ ،‬مكان األفراد‬
‫الذين يحيون على صعيد المحلي‪ ( "...‬المصدر نفسه ص ‪ /43‬خطا التاكيد عندنا)‪.‬‬

‫نحن امام ظاهرة عالمية جديدة مقارنة بحقبة ماركس او لينين أو حتى نهاية قرن العشرين بصورة عامة‪ .‬نحن نعيش في‬
‫عالم معولم‪ ،‬في عالم مجتمعاتها ليست متشابكة و متداخلة و منخرطة مع بعضها البعض‪ ،‬و لقوى انتاجها سقف مشترك‬
‫واحد فحسب بل اصبحت ثوراتها و تحركاتها النضالية مرهونة ببعضها البعض‪ .‬في اي بلد كان الثورة تبدأ في عصبها او في‬
‫المكان الذي لقوى الثورية اقتدار‪ ،‬مثل موسكو و سان بترسبورك في روسيا‪ .‬اليوم اصبح العالم بأجمعه بلداً واحداً‪ ،‬نتيجة‬
‫لتطور القوى المنتجة الى تشكيل التاريخ العالمي الفعلي و ليس النظري‪ .‬شرحنا بعض التطورات في هذا المجال انفة الذكر‪،‬‬
‫و ال نريد تكرارها‪ .‬تطور القوى المنتجة عالميا‪ ،‬يعني تطور كتلة ثورية عالمية‪ ،‬و يعني تطور البروليتاريا بمثابة طبقة عالمية‬
‫فعلية‪ ،‬ينخرط في إنتاج و عالقات إنتاجية مباشرة و غير مباشرة‪ .‬هذه العالقات اصبحت عائق امام تطورها‪ .‬هذا من جهة‪،‬‬
‫و من جهة ثانية؛ ان الفعل الثوري في بلد ما و خصوصا تلك التي لديها مكانة اقتصادية مؤثرة في العالم‪ ،‬سيؤثر على تثوير‬
‫باقي البلدان الن البلد المعني اصبح مدينة ضمن عالم واحد و موحد‪ .‬هل هذا يعني ان الثورة العمالية في بلد ما سيؤثر على‬
‫العالم اجمع‪ ،‬اي كافة البلدان في العالم؟!‪ .‬القصد ليس كذلك‪ ،‬بل سيؤثر على البلدان التي تربطه به وشائج كبيرة ومؤثرة‪،‬‬
‫ولدى طبقة عاملة في تلك البلدان عالقات نضالية مشتركة‪ .‬المعيار هنا‪ ،‬هو موقع البلد الذي يثور فيه طبقة عاملة‪ ،‬من ناحية‬
‫اقتصادية و على صعيد العالمي‪ .‬أذا نأخذ امريكا او الصين في المرحلة الراهنة‪ ،‬فأن الثورة فيهما سيؤثر على العالم اجمع‬
‫بدرجات متفاوتة‪ .‬هذه العملية بإمكاننا ان نسميها "زحف الثورة"‪ .‬هذه المقدمة تساعدنا على شرح االطروحة العاشرة بصورة‬
‫ادق‪.‬‬

‫قبل التمعن في حالة الثورات‪ ،‬على مثقفي البروليتاريا وطليعي الطبقة العاملة ان يتمعنوا بدقة عن ماهية الحركات االجتماعية‪،‬‬
‫و هي كلها حركات سياسية‪ .‬و كل حركة سياسية هي حركة اجتماعية ال محالة‪ .‬الحركات االجتماعية‪ ،‬مبنية على اسس و‬
‫آفاق معينة و واضحة في كل مرحلة من مراحل تطورها‪ ،‬إنها حركة طبقية معينة و ألهداف معينة‪ .‬ربما شعاراتها‪ ،‬و قادتها‬
‫تتغير و لكن ماهية و محتوى الحركة ليس بإمكانها ان يتغير الى حركة أخرى مغايرة‪ .‬الحركات مبينة على تقاليد و اليات‬
‫نضالية لطبقة و حركة معينة‪ " .‬ثورات الربيع العربي و االنتفاضة االخيرة في العراق والسودان والجزائر لبنان" كلها حركات‬
‫بورجوازية لصالح حركة معينة في إطار طبقة بورجوازية‪ .‬حين نقول هذه الحركة بورجوازية‪ ،‬نقصدها كحركة سياسية‪.‬‬
‫بطبيعة الحال ليس بإمكان حركات بورجوازية ان تقود انتفاضات "وثورات" بدون التركيز و اإلسناد على مطالب شعبية‪ ،‬ألنه‬
‫ليس لديها ان تقدم غير اإليهام و التضليل‪ ،‬ليس بإمكانها ان تقدم اي إصالح واقعي في حياة الطبقة البروليتاريا‪ .‬عليه ترتكز‬
‫على مطالب المرفوعة من قبل العمال و الجماهير‪ ،‬في بداية تحركاتها لجلب ما يمكن جلبها من الجماهير المحرومة‪ .‬الجماهير‬
‫المحرومة‪ ،‬تشارك في هذا المسعى‪ ،‬اوالً؛ إلنه تم إيهامها و تضليلها عبر االعالم و المفكرون و المثقفون البرجوازيون‪ ،‬و‬
‫ثانيا؛ ألنها تعتقد إنها حركة لتحقيق المطالب التي تريدها‪ .‬العملية السياسية هذه تقترن المحورين في الواحدة‪ ،‬لغرض ستر‬
‫و إخفاء المطالب الواقعية لجماهير المشاركة‪ ،‬و هذا ما تم في كل "الثورات الربيع العربي‪ ،‬و االن في العراق"‪ .‬حيث ان‬
‫الجماهير شاركت الى حد ما بوفرة‪ ،‬في الميادين المختلفة‪ ،‬لمطالبة بتوفير العمل و الضمان البطالة و عدد من المطالب‬
‫االخرى في بداية حركة االحتجاجية المطلبية‪ .‬و كانت في البداية حركة مطلبية واضحة و مطالبها واضحة جداً‪ .‬كحركة مطلبية‪،‬‬
‫على الشيوعية أن تتدخل و أن تنخرط فيها بكل قوتها‪ .‬لكن حينما تتحول الى السياسية بساعات او بأيام قليلة و تطلب انتخابات‬
‫مبكرة و"الكل يعني الكل على قول اللبنانيين "و تغير" المفوضية العليا المستقلة لالنتخابات" و تغير "الحكومة"‪ ...‬ومنذ ايام‬
‫االولى اي منذ بدايات اكتوبر لسنة ‪ ،20١9‬حينذاك نحن امام مسائل و حركات اخرى و ليس حركة مطلبية جماهيرية‪ .‬بل‬
‫نحن امام حركة سياسية واعية لنشاطها و لديها اهدافها الخاصة بالتحديد‪ .‬و اليوم نحن نرى ان الجماهير في العراق‪ ،‬ربما‬
‫يحضر في الساحات و لكن بدون ان يدرك ماهية الحركة التي يشارك بها‪ .‬البرجوازية تسخر تلك الحركات المطلبية الى‬
‫حركاتها السياسية‪ ،‬اوال؛ لصالح حركة سياسية برجوازية بعينها و هنا في العراق لصالح القوى التي تدير المصالح االمريكية‪،‬‬
‫مقارنة بالمصالح اإليرانية‪ ،‬و الوقوف بوجه طموحات الصين العالمية‪ ،‬و ثانيا‪ :‬لصالح الطبقة البرجوازية بصورة عامة‪،‬‬
‫ألنها حركة أو انتفاضة‪ ،‬تفشّل مساعي الجماهير المحرومة من أجل تحسين امورها المعاشية او نضالية‪ .‬عليه بصورة عامة‬
‫هذه الحركات من الثورة المصرية الى "العراقية !!" ال تشكل عبئا ً ثقيالً على البرجوازية كطبقة‪.‬‬

‫ليس هناك حركة مغايرة للبورجوازية غير حركة البروليتاريا‪ .‬هناك حركات للبورجوازية الصغيرة بالتأكيد‪ ،‬و لكن ألنها حركة‬
‫قلقة بين الطبقتين‪ ،‬تأخذها البرجوازية‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬نظرا لغياب الحركة العمالية على صعيد السياسي في هذه المرحلة‪ .‬و‬
‫اآلن ندقق في التقاليد النضالية و القيادية لهذه الحركات‪ .‬في المصر كانت هناك شائعات إن السوشيال ميديا هي التي تقود‬
‫التظاهرات و بعد ذلك الثورة‪ .‬لكن من يدقق في حالة مصر يرى و بدقة ان التيار اإلسالمي هو الذي بدأ في السوشيال ميديا و‬
‫باقتدار عن طريق تحويل مسائل بسيطة و آنية الى تغير الحكم "والثورة !" بدعم أمريكي و شركة جوجل و كان الفيس بوك‬
‫نشرتها‪ ،‬اليوم نرى نتائجها‪ .‬حيث تراجعت مصر من كل النواحي‪ .‬الثورة ربما تفشل بسبب انعدام توازن القوى بين الطرفين‬
‫و لكن لديها إرث غني ألجيال و ليس لجيل الحالي فحسب‪ ،‬مثل ما نرى و لحد اآلن حول الثورة اإليرانية في سنة ‪.١979‬‬
‫حين نرى مصر و تونس نراهما بالعكس‪ ،‬الحالة لم تتطور الى االمام بل تراجعت الى مديات ابعد من ما قبل الثورة على كافة‬
‫األصعدة‪ .‬من حيث مكانة الطبقة العاملة و تنظيماتها الجماهيرية‪ ،‬نقاباتها و اتحاداتها‪ ،‬حجم تظاهراتها و إضراباتها‪ ،‬أجورها‬
‫و الخدمات االجتماعية‪ ،‬موقع المرأة في المجتمع الخ كلها تراجعت‪ ،‬في مصر و تونس‪ .‬و بدون اي أثر فعلي للثورة‪ .‬و‬
‫بدون تحقيق اي مطلب من مطاليب الجماهير التي رفعت عبر االحتجاجات الجماهيرية و الثورة الربيعية أكلتها؛ مطالب من‬
‫قبيل؛ ايجاد فرص العمل أو ضمان البطالة او حرية التنظيم‪.‬‬

‫اما بخصوص التقليد النضالي او االسلوب النضالي لهذه الحركات "الثورية"‪ ،‬التجمع في الميادين المعروفة‪ .‬ميدان التحرير‬
‫و ساحة التحرير والحبوبي ‪ ....‬الخ‪ .‬و االعتصام فيها ألسابيع او ألشهر‪ ،‬اي البقاء فيها عبر الخيم او من دونها‪ .‬هذا األسلوب‬
‫الذي أصبح تقليداً في عموم العالم العربي و لكردستان العراق ايضاً‪ ،‬حيث لدينا شباط ‪ .20١١‬هذا األسلوب النضالي‪ ،‬أسلوب‬
‫الذين ليس لديهم عوائل حتى تعيلهم‪ ،‬وليس لديهم اطفال ملزمين بهم (عيشهم و مصاريفهم)‪ ،‬او ربما من المتقاعدين أو‬
‫العاطلين عن العمل‪ .‬كل هذه الفئات المختلفة على رغم من اهميتها ال يعطلون العمل االنتاجي‪ ،‬و ليسوا جزءا من القوى‬
‫المنتجة الفعلية‪ .‬ربما يكونون جزء الذي يشمل العاطلين عن العمل و هم جزء من الطبقة البروليتاريا‪ .‬أن األسلوب النضالي‬
‫لطبقة العاملة هو االضراب على مر التأريخ‪ ،‬وهو سالحها االقوى‪ ،‬ليس الن االضراب سالح قوي بصورة عامة‪ ،‬بل الن‬
‫االضراب العمالي يوقف االنتاج و يوقف دوران التبادل و التجارة و ما الى ذلك‪ .‬و ألن االضراب في مكان العمل او خارجا ً في‬
‫الساحة كنوع من االعتصام العمالي او في شكل تظاهرات‪ ،‬يقلل من ربح الرأسمال و بالتالي يحسبه البرجوازية و حكامها‬
‫تهديدا كبيرا ً لها‪ .‬أن افراد الطبقة العاملة ليس بإمكانهم ان يبقوا في الشوارع والساحات لشهور عديدة‪ ،‬دون اين يكون لديهم‬
‫رؤية طبقية ماركسية او عمالية واضحة‪ ،‬و حينذاك يثور العمال في كل مكان‪ ،‬في مكان العمل و المحالت‪ ،‬في مؤسسات‬
‫الخدمية و االمنية و في المصانع و الساحات و الميادين‪ ،‬و ليس في الميادين فقط‪ .‬في حالة االنتفاضة في العراق‪ ،‬ليس‬
‫بإمكانها ان تبقى في الشوارع و لمدة اكثر من ستة أشهر – إذا كنا نحسب فترة حجر الصحي بسبب وباء كورونا‪ -‬ألنها‬
‫مغايرة مع طبيعة عملها‪ .‬و العمال يعملون‪ ،‬بدونه ال يستطيعون ان يعيشون هم و عوائلهم‪ .‬عليه ليس بإمكانهم ان يمارسون‬
‫هذا التقليد‪ .‬مثل أعمال فدائية جيفارائية‪ ،‬اي االسلوب الفدائي في القرى و الجبال‪ .‬الن هذا االسلوب ايضا منافي ألسلوب عمل‬
‫الطبقة العاملة و نضالها المتحد‪ .‬ليس بإمكان العامل أن يخرج من المدينة و يخرج من مؤسسته او مصنعه و يذهب الى‬
‫الجبال للنضال‪ ،‬النضال الشيوعي ال يبدأ من القرى أبداً‪ .‬على هذا االساس ان الشيوعية بصورة مباشرة و بدون مقدمات‬
‫نضالية و بدون مقدمات ثورية‪ ،‬ال تبدأ من الميادين‪ .‬بل قبل الميادين‪ ،‬تبدأ من مكان العمل و المعيشة‪ ،‬ويرى فوران الثورة من‬
‫هناك‪.‬‬

‫العمال بصورة غريزية يدركون إن هذه الحركات ليس حركتهم الطبقية و في حالة العراق صحيحة أيضا‪ .‬عليه ال يشكلون‬
‫جزء منها‪ ،‬على الرغم من مشاركات طفيفة و بصورة مؤقتة و كدعم لها‪ ،‬هنا وهناك من البصرة او الناصرية او في الميادين‬
‫والساحات بصورة فردية‪ .‬لكن كحركة عمالية ال يشاركون فيها‪ ،‬و هذا مثبت تاريخيا‪ .‬هذه الحركات ربما ليس لديها قيادة‬
‫واضحة‪ ،‬مثل بدايات الثورة التونسية و المصرية ولكن على رغم من ذلك ان االطار السياسي العام معروف جداً‪ .‬واضحة جدا ً‬
‫عبر قضيتين اساسيتين اوال‪ :‬مقدمات تلك الحركات‪ ،‬اي ماضي هذه الحركة كحركة سياسية "وليس مطلبية" و اساليب‬
‫نضالها‪ ،‬ثانيا‪ :‬المطالب و الشعارات التي ترفع في إطار هذه الحركة‪ .‬عبر هذين المحورين؛ اي عبر عملها‪ ،‬نعرف ماهية هذه‬
‫الحركة‪ ،‬وعبر ذلك ندرك قيادتها‪ .‬و نتعرف عليها عاجالً او آجالً‪ .‬حالة مصر واضحة جداً‪ ،‬كيف أُديرت هذه الحركة و عبر‬
‫اي منبر‪ ،‬منذ البداية‪ ،‬اما نتيجتها فهي واضحة كالشمس‪ .‬اما في العراق فلقد شرحنا في اعاله االطار العام للمطالبات‬
‫السياسية‪ ،‬و هي معروفة و معلومة لدى القاصي و الداني في العراق‪ ،‬ان تلك المطالبات لديها قادتها و احزابها وقواها الدولية‬
‫التي تقف ورائها منذ بداية اكتوبر سنة‪ .20١9‬هي سياسة تغير "الحكومة!"‪ .‬خصوصا ان منظمات المجتمع المدني نشطة‬
‫فيها جداً‪ ،‬تأخذها في إطارها و هي في إطارها أصالً‪ ،‬نقابة المحاميين في السودان و مصر‪ ،‬نقابة المعلمين في العراق للمثال‬
‫فحسب‪ .‬ان هذه الحركات تقودها حركة بورجوازية معينة‪ ،‬ليبرالية او إسالمية او اسالمية ليبرالية‪ ،‬او قومية ليبرالية او‬
‫قومية‪-‬إسالمية او مختلط بين الحالتين في العراق مثال‪.‬‬

‫االطروحة الحادي عشر‪:‬‬

‫شيوعية ماركس‪ ،‬شيوعية واضحة‪ ،‬تمتلك برنامج و إستراتيجية سياسية و عملية وكذلك برنامج عمل‬
‫يومي شيوعي واضح‪ .‬االستراتيجية الشيوعية مسألة فورية و ملحة للحزب الشيوعي الماركسي‪ ،‬و وفق‬
‫اسس و اوضاع النضال الطبقي و توازن القوى بين العامل و البرجوازي‪ ،‬سواء كان على الصعيد المحلي‬
‫او العالمي‪ .‬و في أية مرحلة ما‪ ،‬تشكل ترويكا "التحريض و الدعاية و التنظيم" المحتوى الرئيسي لنضال‬
‫العمالي و الشيوعي‪ .‬و وفق كل مرحلة من المراحل النشاط‪ ،‬تحدد وظائف و اليات عمل مختلفة‪ ،‬في اية‬
‫منطقة او بلد ما‪ .‬الشيوعية العمالية و تياراتها المختلفة في العراق يعملون و بصورة مستمرة‪ ،‬كراكبي‬
‫لألحداث التي تخلقها البرجوازية‪ .‬و إن كل تأريخ الشيوعية العمالية في العراق خالل ‪ 30‬سنة الماضية‪،‬‬
‫هو هكذا‪ .‬و إذا كانت مضطرة لكتابة إستراتيجيتها الشيوعية‪ ،‬تبقى بمثابة وثيقة غير مقروءة و غير قابلة‬
‫للتطبيق‪ .‬المسألة الرئيسية هي انها ال تمثل و ال تمتلك القوة الطبقية‪ ،‬و ليست بإمكانها ان تكون‪ .‬و لم‬
‫تتمكن ان تورث التقليد الطبقي‪ ،‬و ال تدرك وظائف اخرى غير"االكسيونية"‪ ،‬فبدونها عاطلة عن الوظائف‪.‬‬
‫األطروحة الحادي عشر‪ ،‬اطروحة معروفة او يجب ان تكون‪ .‬الطبقة العاملة و حركتها ال ينخرطان بصورة مستمرة و‬
‫متواصلة‪ ،‬بدون ان يدركوا إن رؤية هذه الحركة واضحة و لمصلحتها‪ ،‬من هنا ايضا‪ ،‬و من هذه الزاوية ايضا ان الشيوعية‬
‫هي حركتها‪ .‬ثبتت هذه االطروحة منذ ثورة كومونة‪ ،‬حيث بعدها تغلبت رآية ماركس على باقي الرآيات االخرى في صفوف‬
‫الطبقة العاملة‪ .‬وفق هذه النظرة‪ ،‬إن الطبقة العاملة و حركتها السياسية‪ ،‬ستتلقى التنظيم الحزبي في إطارها العملي و ليس‬
‫النظرية فحسب‪ ،‬بل يتعداها الى العمل اليومي‪ .‬من هنا الشيوعية تتطابق مع الحركة العمالية المنظمة‪ .‬شرحنا هذا االمر اعاله‬
‫بصورة مسهبة‪ .‬الحركة العمالية كطبقة أخذت راية ماركس و طبقتها في نشاطها اليومي و السياسي‪ ،‬و بعد ان جربتها‪ ،‬و‬
‫خصوصا بعد الثورة في كومونة‪ ،‬وصلت اليها و احتضنتها‪.‬‬

‫هذه الحركة اي شيوعية ماركس كانت جزء من حركة عمالية او تيار طليعيا ً فيها و قادت ثورة اكتوبر في روسيا‪ .‬اليوم و‬
‫في هذه المرحلة علينا‪ ،‬على مثقفي البروليتاريا‪ ،‬ان تعيد هذا البريق الى رآية ماركس‪ ،‬بشكل الذي تؤهلها الى احتضانها‬
‫اجتماعيا ً من قبل الحركة العمالية‪ ،‬شرحنا هذا األمر بإسهاب في فقرات أعاله‪ .‬نشرح و نقول وفق هذا التصور‪ ،‬الشيوعية‬
‫مطابقة لحركة العمالية المنظمة الواعية طبقياً‪ .‬هذا يعني ان اهداف الحركة واضحة‪ ،‬و استراتيجيتها العملية واضحة بشكلها‬
‫العمومي‪ ،‬و نشاطها و اساليبها‪ ،‬ضوابطها او نظام حركتها‪ ،‬عالقات الداخلية بين قادتها‪ ،‬كلها واضحة‪ ،‬واضحة الننا امام‬
‫شئ ملموس و واقعي وليس شيء نحس به أو نتأمله فقط‪ .‬بل نراه بصورة ملموسة ورمحسوسة‪ .‬ندرك اقتدارها في هذه‬
‫المرحلة‪ ،‬و نعرف توازن القوى االجتماعية في هذه المرحلة‪ ،‬و نعرف مستوى وعيها الطبقي‪ ،‬لقادتها و لدعاتها و خطباءها‪،‬‬
‫ندرك جيدا ً غيابها في ميدان السياسية و الصراع على السلطة السياسية‪ .‬و نعرف أيضا ً ضعفها في التنظيم ذاتها بمواجهة‬
‫البرجوازية في صراعها اليومي‪ ،‬ندرك عدم دقة في شعاراتها و مطالبها‪ ،‬و نعرف قلة التضامن الطبقي بين قطاعات مختلفة‬
‫منها‪ ،‬و اخيرا نعرف ضعفها األممي بدرجات غير مسبوقة‪ .‬كل هذه المسائل ندركها جيداً‪ .‬وفق هذا الواقع و على اساسه‬
‫نقول؛ إن حركتها تعني " إلغاء الملكية الخاصة" و هذه هي الشيوعية‪ ،‬و شيوعية ماركس بالتحديد‪ .‬تخطط عمليا ً و طبعا ً‬
‫وفق نظريتها الثورية؛ شيوعية ماركس‪ ،‬رآية ماركس‪.‬‬

‫الحركة العمالية الواعية لطبقتها‪ ،‬لذاتها‪ ،‬يخطط ان يناضل بصورة يومية و في خضمه تناضل في تنظيم ذاتها طبقيا ً و كقوة‬
‫طبقية لظفر بالسلطة السياسية‪ ،‬كمقدمة إللغاء الملكية الخاصة‪ .‬وفق هذا النهج تكون حركة‪ ,‬للحركة العمالية لها لذاتها ‪ ,‬و‬
‫لتحرير البشرية جمعاء‪ .‬عليه ال تركض وراء االحداث و ال تهزها االحداث التي تخلقها البرجوازية‪ ،‬و ال تزيح نفسها عن‬
‫سكتها‪ ،‬بل تواكب التطورات و تنتهز الفرص لصالح مشروعها و تطلعاتها و اهدافها‪ .‬في هذه المرحلة بالتحديد‪ ،‬تتمعن و‬
‫تتريث مثل ما نراها امام أعيوننا‪ ،‬ألنها ليس مستعدة لنهوض بحركتها السياسية و ينقصها راية ماركس على شكلها المعاصر‪.‬‬
‫كما اكدنا ان هذه الرؤية تتطبق في هذه المرحلة و وفق هذه االستراتيجية العامة‪ -‬يجب ان يكتب استراتيجية بدقة‪ .-‬بدقة تعني‬
‫ان ندرك الحالة الراهنة لطبقتنا‪ ،‬و هنا يطلب من مثقفي البروليتاريا التأكيد و التركيز و التمركز على ثالثية "النضال النظري‪،‬‬
‫و الدعائي و التنظيمي" ليس بإمكان فصل هذه الثالثية عن بعضهما البعض في هذه المرحلة‪ ،‬و الطبقة العاملة غير مستعدة‪،‬‬
‫من الناحية الفكرية و السياسية و التحزب‪ .‬تتفرع الثالثية هذه الى اقسام مختلفة‪ ،‬و بالتحديد من ناحية العملية التركيز على‬
‫ا لنضال اليومي لحركة العمالية و الحضور فيه‪ ،‬و رفع إستعداد النظري و السياسي و التنظيمي لجزء الطليعي من الطبقة‬
‫العاملة‪ .‬و هكذا تنقسم كل اقسام هذه المهمات الى تفرعات مختلفة‪ ،‬ال مجال لشرحها هنا‪.‬‬

‫على هذا األساس ان معركة و نضال الطبقة ضد الطبقة البرجوازية و الذي هو بصورة يومية و في كل لحظة‪ ،‬يكون الشغل‬
‫الشاغل لطبقة العاملة‪ .‬تلك الطبقة التي يستوجب إسقاطها سياسياً‪ .‬إذن كل تفكير و كل عمل و كل نشاط لصالح هذه المعركة‬
‫و لهذا اليوم‪ ،‬يوم النزول‪ ،‬يوم الثورة‪ .‬عليه لدى الطبقة العاملة و طليعتها و مثقفيها‪ ،‬جبل من االعمال و تراكم من االعمال‬
‫التي لم ينجزها التأريخ‪ .‬العمل اليومي التحريضي في صفوف طبقتنا للنضال اليومي و في سبيل اصالحات معيشية و سياسية‪،‬‬
‫و هذا مركز لتقوية الشيوعية و رفع استعدادات سياسية و نظرية و تنظيمية‪ .‬العمل من اجل توضيح امور يومية من الشعارات‬
‫و تنظيم اضرابات و تجم عات‪ ،‬و مطالب و مناورات تكتيكية يومية مع ادارة الشركة او مؤسسة او الدولة‪....‬هذا جزء من‬
‫النشاط و يبقى التنظيم؛ كيف تنظم ذاتها؟! تنظيم ذاتها على مستوى الشركات العالمية الكبرى او على صعيد الحرفي او على‬
‫صعيد قطاعات تكنولوجية محلية؟! طليعي الحركة العمالية يفكرون‪ ،‬كيف يديرون االضراب او االحتجاج وباي شكل؟! وكيف‬
‫تنظمون طليعي الطبقة في حلقات ماركسية او عمالية و على اية شكل‪ ،‬بصورة علنية او سرية او شبه علنية؟! كيف يشكلون‬
‫لجان عمالية في مكان عملهم؟! وكيف لنا ان نجيب على قضايا العصر التي خلقتها البرجوازية و أصبحت عائقا امام التطور‬
‫التنظيمي و السياسي لطبقتنا؟!‪ .‬كل هذه المسائل و اخرى كثيرة يفكر فيها طليعي الطبقة العاملة و مثقفيها‪ .‬عليه لديهم عمل‬
‫متواصل في كل لحظة و بصورة مستمرة و متواصلة و دائمة لغاية "الغاء الملكية الخاصة"‪ .‬وفق هذا المنهج‪ ،‬ليس امامها‬
‫وقت لصرفه للركض وراء ا الحداث‪ ،‬و ليس لديها وقت آلكسيونات التي ال مصلحة لها فيها‪ .‬بطبيعة الحال ان االضراب‪ ،‬و‬
‫التظاهرة العمالية‪ ،‬و التجمعات العمالية‪ ،‬اعتصامات و حتى ارسال وفود التضامنية‪ ،‬كلها تعتبر عمل اكسيوني‪ ،‬و لكن ليست‬
‫اكسونية‪ -‬اكسيونيزم‪ -‬ألنها كلها اعمال من اعمال الطبقة العاملة و من حركتها الشيوعية الرائدة‪ ،‬و وفق مصلحة طبقية‬
‫واضحة‪ ،‬و وفق خطة مدروسة واضحة‪ ،‬و كجزء من عمل متواصل في اطار تحقيق اهدافها ‪.‬عمل مدروس و ليس في‬
‫سبيل هللا!!‪ ،‬و ليس ألنها ال تعرف أعمال اخرى‪ ،‬و ليس ألنه عاطل عن النشاط بدونها‪ .‬بل بالعكس في سبيل تقوية و تنظيم‬
‫نضالها و تحسين امور معيشتها‪ ,‬بصورة مستمرة‪.‬‬

‫األطروحة الثاني عشر‪:‬‬

‫ان الطبقة العاملة في العراق و كردستان في المرحلة الراهنة‪ ،‬محرومة من حزبها الطبقي‪ ،‬حزب ماركسي‬
‫ثوري جسور‪ ،‬مثبتة اقدامه داخل صفوف الجزء الطليعي من الطبقة العاملة‪ .‬و الن الثورة البروليتارية لن‬
‫تتحقق بدون حزبها الطبقي‪ ،‬لذلك كان هدفنا كمنظمة" االتجاه الماركسي المعاصر" او اية خطوة تنظيمية‬
‫اخرى في المستقبل‪ ،‬هو إيجاد الحزب الطبقي للعمال‪ .‬نحن كاتجاه ماركسي معاصر‪ ،‬نكون جزءا ً نشطا ً من‬
‫اجل ايجاد هكذا حزب‪ ،‬الذي يعكس في بدايته تقاليد تقدمية للحركة العمالية‪ ،‬ليس على صعيد البيان الشيوعي‬
‫فحسب بل على صعيد النشاط العملي ايضا‪ .‬في الوقت ذاتها‪ ،‬مستعدين لعمل مشترك‪ ،‬مع أطراف و منظمات‬
‫و تيارات السياسية‪ ،‬التي لديها االتجاه ذاته‪ ،‬على رغم وجود اراء و تصورات سياسية مختلفة من عدمه‪.‬‬

‫وفق ما جاء من االطروحات و الشروحات اعاله‪ ،‬نصل الى االطروحة االخيرة‪ ،‬في بداية من عمل اتجاهنا" االتجاه الماركسي‬
‫المعاصر"‪ .‬الفقرة االخيرة‪ ،‬لكن مفروضة مهمة في هذا العصر‪ ،‬العصر الذي يتميز بالالحزبية‪ ،‬يتميز بتميع التحزب الطبقي‪،‬‬
‫يتميز بكراهية عميقة ضد االحزاب البرجوازية الحاكمة و غيرها في أرجاء معمورة‪ .‬نحن نؤكد‪ ،‬ان بنيان الحزب الشيوعي‬
‫الماركسي‪ ،‬و وفق ما جاء في اطروحاتنا‪ ،‬ينبثق من حالة الطبقة العاملة‪ ،‬و نضاالتها المستمرة‪ .‬ينبثق من تالحم بين مثقفي‬
‫بروليتاريا و طليعي الطبقة العاملة‪ .‬ان كل ما جاء في أطروحاتنا من االفكار و السياسات و التوجهات و اساليب عمل مختلفة‬
‫و مطروحة‪ ،‬بدون هذه الفقرة ال تساوي شيئا ً عمليا لخدمة الطبقة العاملة‪ .‬حيث الطبقة العاملة و حركتها ليس بإمكانهما ان‬
‫يتجاوز الرأسمالية و عالقات انتاجه و بناء مجتمع خال من الملكية الخاصة‪ ،‬بدون تنظيم‪ ،‬و بالتحديد بدون تحزبها الطبقي‪.‬‬
‫التحزب هذا و في هذه المرحلة و في بلد المعين‪ ،‬يستوجب التالحم بين مثقفي البروليتاريا و طليعي الطبقة العاملة‪ .‬على‬
‫مثقفي البروليتاريا‪ ،‬تثوير حال الطبقة بأفكار و سياسات و نظريات ثورية ماركسية معاصرة‪ ،‬وليس استنساخ او إعادة نشر‬
‫كتاباتهم‪ -‬وهذا أيضا ً – ضرورية و لكن ليست محورية‪ .‬معيارنا هنا عملي و ملموس في اطار الحركة العمالية‪ .‬حين نقول‬
‫تثوير السياسي و الفكري و التنظيمي في هذه المرحلة‪ ،‬نعني بها عمليا و نتحقق من مصداقيته بشكل موضوعي‪ ،‬ليتسنى‬
‫لنا‪ ،‬تحقيق تثوير الجزء الطليعي‪ ،‬بصورة ملموسة‪ ،‬و ليس وفق قياسات مختلفة‪ .‬ما هي عوائق امام التحزب الطبقي في‬
‫العراق؟! ماهي عوائق امام التنظيم الطبقي في كردستان؟!هل يستوجب بناء الحزبين في العراق و في كردستان‪ ،‬او بناء‬
‫حزب عراقي واحد و موحد؟! ماهي القضايا السياسية الساخنة التي يستوجب على مثقفي البروليتاريا‪ ،‬االجابة عليها‪ ،‬ليس‬
‫من ناحية السياسية بل قبل ذلك من ناحية النظرية و الفكرية‪ .‬ماهي اشكاليات التنظيم الطبقي في العراق‪ ،‬مثل النقابات او‬
‫االتحادات على صعيد العمل اليومي و عالقتها بالثورة العمالية؟! ما هو التنظيم االولي لطبقة العاملة في العراق أو في‬
‫كردستان؟! هل نبدأ بلجان الشيوعية مثالً؟! او هل نبدأ بخاليا عمالية‪ ،‬او لجان عمالية او معملية؟! هل هذه تفسيرات مختلفة‬
‫لتقليد واحد‪ ،‬او ال؟! ماهي الحركات السياسية التي تشكل عائقا إجتماعيا امام تطور و تنظيم الطبقة العاملة؟! من هم مفكريها‬
‫و من هم قادتها؟!‪ .‬و على صعيد العملي تنظيم طليعي العمال‪ ،‬وفق ما يناسبهم من أشكال مختلفة‪ ،‬في هذه المرحلة‪ .‬محاوالت‬
‫نضالية لتوثيق العالقة التضامنية و االممية بين عمال مختلف البلدان‪ ،‬و خصوصا في الشرق االوسط‪ ،‬أو في مكان نجد فيه‬
‫ارضية مناسبة‪....‬هذه المسائل و اخرى مهمة‪ ،‬تجري فيها نقاشات على قدم وساق‪ .‬لكن ليس نقاشات سرية‪ ،‬و ال مكتبية‪ ،‬و‬
‫ال حتى ضمن اطار التيار اليسار و الشيوعي الموجود‪ ،‬بل في خضم الصراع الطبقي‪ .‬نقاشاتنا و صراعنا النظري رماح‪ ،‬او‬
‫هكذا يجب ان يكون‪ ،‬بوجه البرجوازية كطبقة و كحركات سياسية مختلفة و كسلطة سياسية‪ .‬شغلنا و عملنا االصلي و‬
‫الرئيسي‪ ،‬بعد هذه االطروحات‪ ،‬و هي اطروحات في سبيل نقد التأريخ بطبيعة الحال هو تأريخنا و نعتز ونفتخر به على رغم‬
‫كل الصعوبات و المشاكل التي واجهناها في اطار هذه المسيرة الطويلة‪ ،‬بمعنى ان هذه االطروحات و تحليلها لنقد التأريخ و‬
‫لتجاوزها و الذهاب على السكة او الطريق الطبقي الصحيح‪ .‬و هذا يستوجب التحقق العملي الملموس و ليس اي معيار اخر‪.‬‬

‫و اخيرا ً " االتجاه الماركسي المعاصر" قلبه و عقله مفتوح الى أعلى درجات اإلنفتاح‪ ،‬لكل الذين يشتركون معنا في مسعى‬
‫بناء الحزب الشيوعي الماركسي‪ ،‬و على رغم اية خالفات سياسية و فكرية‪ ،‬ان نواجه هذه المهمة و هذا الهدف النبيل‪،‬‬
‫بصورة مشتركة‪ ،‬او وفق ما نتفق عليه في اطار جدل سياسي راقي و واضح‪.‬‬

‫االتجاه الماركسي المعاصر‬

‫‪2020.5.20‬‬

‫الهوامش‬

‫‪•‬رابط االطروحات ‪ :‬نقد التاريخ‪ ،‬لبناء تاريخ جديد خطوة نحو بناء حزب ماركسي‬
‫‪•‬الحزب الشيوعي العمالي العراقي؛‪ .‬تأسس الحزب الشيوعي العمالي العراقي في ‪ 2١.7.١993‬بعد‬
‫التدخل المباشر من قبل الحزب الشيوعي العمالي االيراني و الرفيق منصور حكمت بصورة فعلية بعد ان اقتنعت‬
‫قيادات المنظمات الشيوعية حينذاك‪ -‬التيار الشيوعي‪ ،‬نظرة العامل‪ ،‬اتحاد النضال الشيوعي وعصبة تحرير الطبقة‬
‫العاملة‪ -‬بدمج منظماتهم في الحزب‪ ،‬حيث أُعلن الحزب‪ ،‬بتوقيع عشرة من الرفاق القياديين في تلك الفترة‪ .‬على‬
‫اساس الرسالة التي بعثها الرفيق منصور حكمت‪ .‬اندمج مع الحزب عدد من الحلقات و المحافل التي كانت خارج‬
‫اطر تلك التنظيمات الثالثة‪.‬‬
‫‪•‬فراكسيون او كتلة الشيوعية العمالية‪ :‬كتلة شيوعية عمالية‪ ،‬تاسست في ‪ ١.8.١990‬داخل صفوف‬
‫الحزب الشيوعي"كمونيست" االيراني‪ .‬و كانت الكتلة بقيادة منصور حكمت‪ ،‬ايرج اذرين‪ ،‬رضا مقدم و كورش‬
‫مدرسي‪ .‬كانت الحرب على العراق و تعميق الصراعات الداخلية حول الحرب الخليج‪ ،‬دفع بكتلة الشيوعية العمالية‪،‬‬
‫الى اعالن انفصالهم عن الحزب‪ .‬حيث اعلنوا تاسيس الحزب الشيوعي العمالي االيراني في ‪30.١١.١99١‬بتوقيع‬
‫الرفاق االربعة‪ ،‬الذين شكلوا قيادة الكتلة‪.‬‬
‫‪•‬تأسس الحزب الشيوعي"كمونيست" االيراني‪ 2.9.١983 :‬المكون الرئيسي حزب" کۆمهله" عصبة‬
‫الثورية لكادحين في كردستان و إتحاد النضال الشيوعي بقيادة منصور حكمت و تيارات من منظمات مختلفة منها‬
‫منظمة" بيكار"‪ -‬النضال من اجل حرية الطبقة العاملة‪.‬‬

You might also like