You are on page 1of 8

‫إن اإلعجاز العلمي مصطلح حديث يقصد به ما تكشفه العلوم الحديثة من حقائق في هذا العصر بالذات لم يكن‬

‫في مقدور البشرية من قبل أن تصل إليها‪ ،‬وتأتي هذه الحقائق مطابقة لخبر وارد في القرآن الكريم أو السنة‬
‫‪.‬النبوية المطهرة‬
‫ومن المعلوم أن هذا الدين اإلسالمي الذي ختم هللا سبحانه وتعالى به الديانات‪ ‬واجه كثيراً من التحديات‪ ‬فتغلب‬
‫على صعابها وبين باطلها من صوابها‪ .‬واجه هذا الدين‪ ‬تحدي إبادة وهو ناشئ عن تحدي االستفزاز من‬
‫األرض قال تعالى‪( :‬وإن كادوا ليستفزونك من األرض ليخرجوك منها وإذا ال يلبثون خالفك إال قليالً‪ ) ‬اإلسراء‬
‫)‪76.‬‬
‫لكن محاولة محو هذا الدين من األرض كانت تراود نفوس أعدائه إال أن هللا سبحانه وتعالى ق ّيض لهذا الدين‬
‫أتباعا ً أمدّ هم بعونه وقوته حتى هيأوا في أقل من قرن حيزاً جغرافيا ً من المحيط الى الخليج يكفل وإلى األبد‬
‫‪ .‬بقاء هذا الدين‬
‫التحدي الثاني‪ :‬كان تحدي الديانات السماوية وغير السماوية‪ ‬فجادلها هذا الدين بالحسنى وبالحجة البالغة‬
‫‪.‬والبرهان الساطع توحيداً ال شرك فيه‪ ،‬وتشريعا ً ال حيف فيه ومساواة كاملة بين أبنائه‬
‫التحدي الثالث‪ :‬الفلسفات‪  ‬وبخاصة اليونانية فواجهها علماء هذا الدين بالعقل المؤيد بالوحي فكشفوا زيفها‬
‫كأبي حامد الغزالي وابن تيمية وابن رشد على اختالف فيما بينهم إال أنهم جميعا ً استضاءوا بنور الوحي‬
‫فوقفوا سداً منيعا ً دون األخطاء القاتلة للفلسفة وأدمجوا عناصرها اإليجابية وأخذوا وأعطوا‪ ،‬ولذا فإن‬
‫الفالسفة المتنورين في الغرب قد أفادوا من فالسفة اإلسالم وظهر دين الحق على كل من ناوأه بالحجة‬
‫‪.‬والبرهان‬
‫‪.‬وفي هذا القرن واجهت الديانات وبخاصة اإلسالم وما زالت‪ ‬تحدي العلم‬
‫لقد كانت آيات هللا تعالى بالمرصاد لكل تح ٍد بمختلف أوجهه ومجاالته في التشريع والتوجيه واألخالق وكذلك‬
‫‪.‬العلم‬
‫وهكذا تضاعف غم الذين كانوا يعولون على العلم كأداة هدم ال تقهر لقلعة الدين عندما شاهدوه يتحول إلى‬
‫‪.‬قلعة من قالع الدين ال تغلب حينما اكتشف العلم نفسه في نصوص الكتاب والسنة‬
‫وتتابعت اعترافات بعض قمم العلم في هذا العصر بأن النصوص الدينية اإلسالمية ليست كغيرها من النصوص‬
‫الدينية التي تدخل فيها يد اإلنسان بالتحريف والتبديل فعارضت العلم واعترض عليها لكنه لم يستطع أن يفند‬
‫أي حرف من القرآن الكريم كما يجزم به الطبيب الفرنسي موريس بوكاي بعبارة قريبة من هذا‪ ،‬بينما أظهر‬
‫في كتابه تعارض العلم والكتب السماوية األخرى‪ .‬ونعتقد أن ذلك نتيجة التحريف والتبديل ألن القرآن وحده‬
‫‪.‬وحي هللا المحفوظ الشاهد لنفسه والبرهان على صدق رسوله الخاتم سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫العلم يقوم اليوم شاهداً بالمعجزة وعالمة على صدق الرسول المصطفى صلى هللا عليه وسلم وسنحاول أن‬
‫نقول كلمة عن تأصيل اإلعجاز العلمي وقبل ذلك ينبغي أن نتحدث عن األلفاظ والمصطلحات ذات العالقة‬
‫‪. ‬باإلعجاز‪ :‬المعجزة‪ ،‬والعالمة‪ ،‬واآلية‬
‫‪.‬فالمعجزة‪ ‬مشتقة من العجز وهو عجز الخصم أمام البرهان ليقر بالقضية الدعوى‬
‫عرفها بعضهم بأنها‪ ( :‬أمر خارق للعادة‪ V‬مقرون بالتحدي سالم من المعارضة )‬
‫وقد ّ‬
‫أما‪  ‬الدليل‪ :‬فقد استعمل جمعه دالئل وهو جمع على غير قياس كرهين ورصيد‪ ،‬وقد استعمله البعض كأبي نعيم‬
‫‪.‬والبيهقي في دالئل النبوة‬
‫أما اآلية‪ :‬فهو اللفظ القرآني وهو يرادف العالمة لغة واستعماالً ألنه عالمة على صدق النبي صلى هللا عليه‬
‫ت إلى فرعون وقومه‪.) ‬‬ ‫وسلم في دعواه قال تعالى عن سيدنا موسى‪ .‬صلى هللا عليه وسلم‪ ( .‬في تسع ءايا ٍ‬
‫(‪ ‬فلما جاءتهم ءاياتنا مبصرة‪ )  ‬وقال تعالى عن البيت الحرام‪ ( :‬فيه ءايات بينات مقام إبراهيم‪ ) ‬وهي عالمات‬
‫تدل على اصطفاء هذا المكان للعبادة مقام إبراهيم وبئر زمزم الذي ال يزال ماؤه جارياً‪ .‬ووصف القرآن الكريم‬
‫بأنه آيات‪ ( :‬الر* تلك ءايات الكتاب وقرءان مبين‪) ‬‬
‫أما‪ ‬العالمة‪  ‬فقد أطلقها بعضهم كاإلمام البخاري في صحيحه‪ ( :‬باب عالمات النبوة في اإلسالم ) وعلق عليه‬
‫=‪ l. ;l ;.‬الحافظ ابن حجر بأن‬
‫والكرامة‪ .‬وقد بين فيما بعد العالمات‪ :‬منها ( ما وقع التحدي به ومنها ما وقع داال على صدقه من غير سبق‬
‫‪.‬تح ٍد ) فيفهم من هذا أن العالمة أعم إذ كل معجزة عالمة وليس كل عالمة معجزة‬
‫جعل ابن خلدون المعجزة مركبة من الخارق والتحدي إذ يقول في مقدمة تاريخ العبر‪ ( :‬ومن عالماتهم‬
‫( األنبياء ) أيضا ً وقوع الخوارق لهم شاهدة بصدقهم وهي أفعال‪ ‬يعجز البشر عن فعل مثلها فسميت بذلك‬
‫معجزة وليست من جنس مقدور العباد وإنما تقع في غير محل قدرتهم ‪...‬فالمعجزة دالة بمجموع الخارق‬
‫‪.‬والتحدي وبذلك كان التحدي جزءاً منها )‬
‫ووصف هللا تعالى إتيان النبي األمي – عليه صلوات هللا وسالمه – بالقرآن بأنه‪ ‬آية‪ ( ‬وما كنت تتلو من قبله‬
‫‪.‬من كتاب وال تخطه بيمينك إذاً الرتاب المبطلون * بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم‪) ‬‬
‫ووصف اعتراف أهل الكتاب بالقرآن الكريم بناء على م وجدوه في كتبهم من وصفه بكونه آية (‪ ‬أولم يكن لهم‬
‫ً‬
‫ءاية أن تعلمه علماؤا بني إسراءيل * ولو نزلناه على بعض األعجمين * فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنون‪) ‬‬
‫‪.‬الشعراء ‪199-197‬‬
‫وهكذا فإن القرآن آيات بينات والقرآن الكريم هو معجزة النبي –عليه الصالة والسالم – الكبرى الباقية ما‬
‫بقي الزمان شاهداً ألهل كل زمان يشهدون منها ما يدفعهم إلى اإليمان حسب ما سبق في علمه –جل وعلى‪-‬‬
‫من هدايتهم على حد قوله –صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :-‬ما من األنبياء نبي إال أعطي من اآليات ما مثله آمن‬
‫عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه هللا إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا ً يوم القيامة) رواه‬
‫‪ . ‬البخاري ومسلم‬
‫وكان الحديث يشير إلى الديمومة الزمنية للوحي التي تستقطب األتباع وهي التي تميز القرآن الكريم عن سائر‬
‫معجزات األنبياء‪ ،‬وكذلك عن معجزاته –صلى هللا عليه وسلم – الكثيرة األخرى‪ ،‬إذ إن تلك المعجزات ثابتة‬
‫بالمشاهدة لمن شهد وقوع الحدث في عصر النبوة وبالسماع فقط لمن سواهم‪ ،‬فطريق معرفتنا لشق الصدر‬
‫لسيدنا رسول هللا – صلى هللا عليه وسلم – وشق القمر له هو الخبر الوارد في الكتاب أو السنة فهي معجزات‬
‫انقضت مشاهدتها بلحظة وقوعها‪ ،‬قال البوصيري‪ ( :‬فشق من صدره وشق له البدر ومن شرط كل شرط‬
‫‪.‬جزء)‬
‫أما القرآن الكريم فإنه يحمل شهادة هللا – جل وعلى – التي ال تغيب‪ ،‬وبيانه الذي ال يصعب فهمه لكل األقوام‪،‬‬
‫فهو بالغ للناس (‪ ‬هذا بالغ للناس) أي كل الناس في كل زمان يبلغ إليه هذا الكتاب (‪ ‬وأوحي إلي هذا القرءان‬
‫ألنذركم به ومن بلغ‪ ) ‬فكان القرآن رسالة وشهيداً‪ ،‬مقدمة ونتيجة‪ ،‬ودعوى وبرهانا ً تكفل البارئ بحفظه‬
‫برهانا ً على صدقه‪ ،‬فالدالئل والعالمات واآليات والمعجزات ألفاظ متقاربة توصف بها الخصائص المميزة‬
‫‪ .‬لشجرة النبوة التي ال تشبهها شجرات البشرية‬
‫فالناظرون وهم يشاهدون تلك الدوحة الناضرة السامقة ‪ ،‬الجنية الثمار‪ ،‬الدانية القطوف‪ ،‬فطفقوا يصفون‬
‫نورها وإشعاعها كل على قدر علمه وجده وقدرته ؛ فآمن بعضهم بمجرد مشهد شخص صاحب النبوة فكفاه‬
‫المظهر عن المخبر‪ ،‬ففي حديث عبد هللا بن سالم‪( :‬لما رأيت وجه النبي – صلى هللا عليه وسلم – قلت‪ :‬ما‬
‫هذا بوجه كذاب‪ ،‬فأسلمت) وفي حديث الربيع بنت معوذ‪-‬رضي هللا عنهما‪( :‬إذا رأيته قلت الشمس طالعة)‬
‫ومنهم من جاوز المنظر إلى التأمل كحديث سلمان ‪-‬رضي هللا عنه – وبعضهم طالب صاحب النبوة –عليه‬
‫الصالة والسالم‪ -‬بالمعجزات المادية كطلب قريش بانشقاق القمر فانشق نصفين ظهر بينهما جبل حراء كما‬
‫ورد في الصحيح‪ ،‬ومنهم من طالب بإحياء حيوان ميت ليشهد له وهو ذلك األعرابي من بني سليم في حديث‬
‫‪ .‬الضب فأحياه هللا على يديه فشهد شهادة الحق‬
‫ومن هذا القبيل شهادة األشجار واألحجار وحنين الجذع بمحضر المأل من الصحابة‪ ،‬وتكثير القليل من الطعام‬
‫والماء كما ورد في أحاديث بلغت حد التواتر‪ ،‬ومنهم من رأى المعجزة في اإلخبار عن الغيوب في زمانه‬
‫‪ .‬وبعده‪ ،‬وهي أنباء تتابع ال تزيلها األيام وال يكذبها الزمان وال يأتيها الباطل من بين يديها وال من خلفها‬
‫ومن أهل الكتاب من آمن بسبب البشارات السابقة في الرساالت القديمة إذ لم يخل كتاب من وصفه باإلشارة‬
‫‪ .‬أو بصريح العبارة حتى إن كتب الهندوس والبوذيين تنص على اسمه الكريم‬
‫ومنهم من رأى المعجزة فيما أخبر عنه من تزكية النفوس التي يصل إليها المرء بالذوق عندما يستجيب هلل‬
‫والرسول – صلى هللا عليه وسلم – ومن هؤالء أبو حامد الغزالي بعد أن تحدث عن معرفة النبي – صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ .-‬بالمشاهدة والتواتر والتسامع‪ ،‬قائالً‪( :‬فإنك إذا عرفت الطلب والفقه يمكنك أن تعرف الفقهاء‬
‫واألطباء بمشاهدة أحوالهم وسماع أقوالهم وإن لم تشاهدهم ‪ ) ..‬فكذلك إذا فهمت معنى النبوة فأكثرت النظر‬
‫في القرآن واألخبار يحصل لك العلم الضروري بكونه – صلى هللا عليه وسلم – على أعلى درجات النبوة‪،‬‬
‫وأعضد ذلك بتجربة ما قاله في العبادات وتأثيرها في تصفية القلوب وكيف صدق رسول هللا – صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ ،-‬في قوله‪  ( :‬من عمل بما علم ورثه هللا علم ما لم يعلم) إلى غير ذلك من اآليات البينات والمعجزات‪.‬‬
‫إال أنه ال يختلف في أن معجزته الباقية وآيته الخالدة هي هذا الكتاب العزيز والذكر الحكيم والقرآن المجيد فهو‬
‫المعجزة التي تخاطب أجيال البشرية المتعاقبة لتهديها إلى البارئ – جل وعلى – وإلى سبيل النجاة والخلود‬
‫‪ .‬في الدار اآلخرة ولتعريف اإلنسان على حكمة خلقه‬
‫وانطالقا ً من ذلك فإن كل جيل سيجد في كتاب هللا من البينات ما يقيم عليه الحجة (ليهلك من هلك عن بينة‬
‫ويحيا من حي عن بينة) ومعنى ذلك أن باب التفسير سيظل مفتوحا ً أمام األجيال في نطاق احترام ثوابت‬
‫‪ :‬التفسير وهي‬
‫‪ ‬‬
‫‪.‬المأثور عن النبي –صلى هللا عليه وسلم ‪1-‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪.‬المأثور عن أصحابه – عليهم رضوان هللا‪2- ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪.‬مقتضيات اللغة العربية‪3- ‬‬
‫‪ ‬‬
‫فإذا احترمت هذه الثوابت فال حرج – إن شاء هللا – على المفسر‪ ،‬ولعله ال يدخل تحت طائلة الوعيد في‬
‫الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي والنسائي عنه – عليه الصالة والسالم‪ ( :‬من تكلم في القرآن برأيه‬
‫‪ .‬فأصاب فقد أخطأ‪) ‬‬
‫"و َفا ِك َه ٌة َوأَ ًّبا" فقال‪( :‬أي أرض تقلني وأي‬
‫وقول الصديق – رضي هللا عنه – وقد سئل عن قوله تعالى‪َ :‬‬
‫سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأي ؟)‬
‫فكل األدلة تشير إلى أن شخصا ً قد يفتح له بفهم في كتاب هللا لم يكن معروفا ً لغيره وهذا ما يشير إليه دعاء‬
‫النبي – صلى هللا عليه وسلم – البن عباس‪ ( :‬اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل‪ ،) ‬واتفق العلماء على أنه‬
‫تأويل القرآن‪ ،‬وقول أمير المؤمنين علي – رضي هللا عنه وأرضاه – لما قال له أبو جحيفة‪ :‬هل عندكم شيء‬
‫من الوحي ليس في كتاب هللا ؟ فقال‪ ( :‬ال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إال ما في القرآن إال فهما ً‬
‫‪.‬يعطيه هللا رجالً في القرآن )‬
‫فهذا الفهم هو الذي نعتمد عليه في تعاملنا مع القرآن بالعلوم‪ V،‬وقد قال الفخر الرازي‪ ( :‬إن المتقدمين إذا‬
‫ذكروا وجها ً في تفسير اآلية فذلك ال يمنع المتأخرين من استنباط وجه آخر في تفسيرها ) هذا في التفسير بما‬
‫لم ينقل عن السلف بصفة خاصة‪ ،‬أما فيما يتعلق بالتفسير العلمي فقد اختلفت أنظار العلماء‪ ،‬ولعل أقرب ذلك‬
‫إلى الصواب ما قاله ابن عاشور في التحرير والتنوير حيث يقول‪ .. ( :‬إن بعض مسائل العلوم قد تكون أشد‬
‫تعلقا ً بتفسير أي قرآن …‪ ..‬فقوله تعالى‪ ( :‬أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من‬
‫فروج‪ )  ‬فإن القصد منه االعتبار بالحالة المشاهدة فلو زاد المفسر ففصل تلك الحالة وبين أسرارها وعللها بما‬
‫‪.‬هو مبين في علم الفلك سيكون قد حقق إنجازا متميزا في تفسير اآلية‬
‫وذلك على سبيل التوفيق بين المعنى القرآني وبين المسائل الصحيحة من العلم حيث يمكن الجمع‪ ،‬كما يؤخذ‬
‫من قوله تعالى‪ ( :‬ويوم نسير الجبال‪ ) ‬أن فناء األرض بالزالزل‪ ،‬ومن قوله تعالى‪ ( :‬إذا الشمس كورت‪.. ) ‬‬
‫اآلية أن نظام الجاذبية يختل عند فناء العالم ) واستطرد ابن عاشور حيث نقل عن ابن رشد الحفيد قوله‪:‬‬
‫( أجمع المسلمون على أنه ال يجب أن تحمل ألفاظ الشارع كلها على ظاهرها وال أن تخرج كلها عن ظاهرها‬
‫‪.‬بالتأويل‪ ،‬والسبب في ورود الشرع بظاهر وباطن هو اختالف نظر الناس وتباين فهومهم‬
‫‪.‬فالتفسير العلمي هو التوفيق بين المعنى القرآني وبين المسائل الصحيحة من العلم‬
‫أما اإلعجاز العلمي‪ :‬فهو الذي تكون وسيلة كشفه العلوم المعاصرة‪ ،‬ومعنى ذلك أن مستقر النبأ يجئ عن‬
‫طريق العلوم العصرية (‪ ‬لكل نب ٍأ مستقر‪ ) ‬مستقره يوم اكتشافه وهو أمر ال ينافي نصوص الشريعة وال‬
‫‪.‬مقاصدها‬
‫واإلعجاز العلمي مركب من لفظين‪ ‬أولهما‪ :‬اإلعجاز وهو جعل اآلخر عاجزاً‪ ،‬وثانيهما‪ :‬العلم وهو كما يقول‬
‫‪.‬األصفهاني‪ ( :‬إدراك الشيء على حقيقته)‬
‫والعلم هنا المراد به ما كشفته العلوم التجريبية من حقائق كونية بحقائق مقررة في القرآن الكريم أو السنة‬
‫‪:‬النبوية‪ ،‬ووجه اإلعجاز يتركب من ثالثة عناصر‬
‫عنصر الزمان‪ ،‬والرسول األمي – صلى هللا عليه وسلم‪ – ‬والكشف العلمي‪ ‬المتأخر‪ ،‬وذلك أنه يستحيل عادة‬
‫في ذلك الزمان أي زمان الوحي إدراك هذه الحقيقة بالوسائل البشرية المتاحة‪ ،‬ويستحيل في كل زمان أن‬
‫يدركها رجل أمي – صلى هللا عليه وسلم – لم يتعاط وسائل العلوم ومقدماتها الضرورية في كل زمان‬
‫‪.  ‬للوصول إلى نتائج معينة‪ .‬أما العنصر الثالث فهو االكتشاف المتأخر لهذه الحقيقة‬
‫ولكن يجب أن يضبط ذلك بضوابط من شأنها أن تحدد اإلطار الشرعي للتعامل مع هذا الموضوع حتى ال‬
‫تتفرق السبل ويصبح موضوع اإلعجاز فوضى تشكل خطرا يصل إلى االفتراء والقول في كتاب هللا بال علم‬
‫والوقوع تحت طائلة الوعيد‪ ( :‬من قال في كتاب هللا بغير علم فهو مخطئ ولو كان مصيبا ً )‬
‫الضابط األول‪ :‬أن يكون معنى اللفظ الوارد في الكتاب والسنة والذي يقصد مطابقته للحقيقة العلمية مفسراً–‬
‫بتفسير نبوي عنه – عليه الصالة والسالم – أو مفسراً من قبل صحابي كتفسير ابن عباس – رضي هللا عنه‬
‫– ( للرتق ) في قوله تعالى‪ ( :‬أولم ير الذين كفروا أن السماوات واألرض كانتا رتقا ً‪ ) ‬بكونها ملتصقتين فقد‬
‫‪.‬قال ابن عباس والحسن وعطاء والضحاك وقتادة‪ :‬يعني أنها كانت شيئا ً واحداً ملتزقتين ) القرطبي‬
‫والكيفية التي كان عليها الجسم المرتوق قبل الفتق غير معروفة على سبيل التأكيد‪ ،‬إال أن بعض قصص‪-‬‬
‫التراث تروي شيئا ً قد ال يكون بعيدا ُ عما تصوره القائلون بنظرية االنفجار الكبير التي ترى أن جسيما متناهيا‬
‫في الصغر من الطاقة الخالصة ذا كثافة وحرارة هائلة انفجرت فتناثرت أجزاؤه في شتى االتجاهات في شكل‬
‫سحب ) وقد عاد العلماء إلى هذه النظرية استناداً إلى معلومات القمر الصناعي األمريكي في أبريل ‪ 1992‬م‪،‬‬
‫أما القصة التي ذكرها العالمة الشيخ سيدي المختار الكنتي الشنقيطي من علماء القرن ‪ 12‬الهجري في‬
‫شرحه لمقصود وممدود ابن مالك‪ ،‬قال‪ :‬إن أول شيء خلقه هللا تعالى الذرة فجعلت تسيح ألف ألف عام حيث‬
‫ال أرض وال سماء ‪ ..‬فلما أراد ظهور األكوان نظر إليها بعين الجالل فتصدعت فانبجست منها العناصر‬
‫‪ ). ‬الخمسة وهي الماء والريح والنور والظلمة والنار‬
‫الضابط الثاني‪ :‬في غياب تفسير نبوي أو تفسير صحابي ؛ فالضابط أن يكون التفسير بمقتضيات اللغة العربية‬
‫بأن يكون إطالق اللفظ على المعنى من قبيل الحقيقة ( وهي استعمال اللفظ فيما وضعت له العرب‬
‫‪:‬وضعا ً )‪ ‬ويتصور ذلك في مرتبتين‬
‫‪.‬مرتبة ( المفسر )‪ ‬وهو اللفظ الذي يدل على معنى واحد ال يقبل التأويل‬
‫‪.‬مرتبة الظاهر‪ :‬وهو لفظ احتمل أكثر من معنى إال أنه راجح في أحد معانيه‬
‫إذا لم يكن اللفظ مفسرا وال ظاهراً حقيقة بأي معنى من المعاني فإن عدل عن الحقيقة إلى المجاز وعن الظاهر‬
‫إلى المعنى المرجوح فإن األمر سيكون من قبيل التأويل الذي يجب أن ينضبط بضوابط التأويل التي تقتضي‬
‫وجود قرينة من نص آخر مع احتمال اللفظ للمعنى المرجوح احتماالً لغويا ً ال غبار عليه‪ ،‬فـ (خضراً ) في قوله‬
‫تعالى‪ ( :‬فأخرجنا منه خضراً‪ )  ‬هو الشيء األخضر هذا ظاهره إال أن حمله على اليخضور بالمصطلح العلمي‬
‫‪.‬أمر سهل الحتمال اللفظ ذلك احتماالً ال غبار عليه وتأكيد الحقيقة العلمية‬
‫إال أن الشيء الذي يجب االنتباه إليه أن التفسير العلمي قد يكون موافقا ً للحقيقة الوضعية لكنه يقابل مجازاً‬
‫درج المفسرون عليه مما يقتضي من الباحث التقصي عن عدم وجود تفسير نبوي وال صحابي‪ ،‬فإن اطمأن‬
‫إلى ذلك أمكن حمل اللفظ على حقيقته الوضعية وبالتالي االلتقاء بين الحقيقة العلمية والحقيقة القرآنية‪ ‬كما في‬
‫آية‪( :‬وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) إذا صحت الحقيقة التي وصل العالمان األمريكيان فولر‬
‫وزميله في الحديد‪ .‬فيكون اإلنزال على حقيقته يوضح ذلك حديث‪( :‬إن هللا أنزل أربع بركات من السماء إلى‬
‫‪ .‬األرض‪ :‬الحديد والنار والماء والملح) عن القرطبي في تفسيره‬
‫‪.‬وقد فسر أكثر المفسرين (اإلنزال) بأنه استعارة لخلق معدن الحديد كما هي عبارة صاحب التحرير والتنوير‬
‫هذه هي الضوابط التي يجب على كل باحث أن يضعها في حسابه وهو يحاول أن يتعامل مع اإلعجاز العلمي‬
‫‪.‬في القرآن‬
‫اإلعجاز العلمي هو ذلك العلم الذي يبحث في معجزات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والتي لم تظهر‪ ‬‬
‫إال حديثا ً في عصر العلم‪ .‬فاهلل تبارك وتعالى أنزل القرآن ليكون كتابا ً صالحا ً لكل زمان ومكان‪ ،‬وأودع فيه من‬
‫‪.‬الحقائق العلمية ما يعجز البشر عن اإلتيان بمثله‬
‫فالقرآن يتميز بأسلوبه الرائع والمختصر في عرض الحقيقة العلمية‪ ،‬وفي كلمات قليلة نجد حقائق علمية‬
‫غزيرة‪ ،‬وهنا يكمن اإلعجاز‪ .‬هذه الحقائق والتي تتجلى في عصرنا هذا لم تكن معروفة ألحد زمن نزول‬
‫القرآن‪ .‬ولكن اكتشافات العلماء أظهرت هذه المعجزات‪ .‬والبد أن يكون هناك ضوابط لهذا العلم لنبقى بعيدين‬
‫‪.‬عن األخطاء كما يحدث في بعض المقاالت التي نجد أصحابها يبالغون فيها ويبتعدون كثيراً عن معنى اآلية‬
‫‪:‬ومن أهم هذه الضوابط أو األسس‬
‫يجب أن نعلم ونستيقن لدى البحث في إعجاز القرآن من الناحية العلمية أن العلم تابع للقرآن‪ ،‬وليس ‪1-‬‬
‫العكس‪ .‬فالباحث في اإلعجاز العلمي ينبغي عليه أن يعطي ثقته لكتاب هللا أوالً‪ ،‬ثم يبحث في كتب ومؤلفات‬
‫‪.‬وتجارب البشر عن حقائق علمية تتوافق مع الحقائق القرآنية‬
‫ينبغي أن ندرك بأن تفسير ودالالت آيات اإلعجاز العلمي تتطور مع تقدم العلوم دون أن تتناقض مع ‪ 2-‬‬
‫العلم‪ ،‬وهذه معجزة بح ّد ذاتها أنك تجد الحقائق العلمية التي تحدث عنها القرآن مفهومة وواضحة لكل عصر‬
‫من العصور‪ .‬بينما مؤلفات البشر تصلح لعصرها فقط‪ .‬وهذا يدفعنا لمزيد من البحث عن دالالت جديدة آليات‬
‫‪.‬القرآن العظيم‬
‫بما أن هللا تعالى قد أنزل القرآن باللغة العربية فيجب علينا أال نخرج خارج معاني الكلمة في قواميس ‪ 3-‬‬
‫ّ‬
‫يسخر هللا‬ ‫اللغة‪ ،‬وإذا لم نستطع التوفيق بين اآلية القرآنية وبين الحقيقة العلمية‪ ،‬فنتوقف عن التدبر‪ ،‬حتى‬
‫‪.‬لهذه اآلية من يتدبرها ويقدم لنا التفسير الصحيح والمطابق للعلم اليقيني‬
‫وهذا يدعونا إلى الحذر وعدم التسرع وأال نقول في كتاب هللا برأينا‪ ،‬بل يجب أن نستند إلى التفسير واللغة‬
‫والدعاء بإخالص‪ ،‬ألن كشف معجزات القرآن هو عطاء من هللا تعالى‪ .‬ويجب أن يكون عملنا هذا خالصا ً لوجه‬
‫‪.‬هللا ال نبتغي به شيئا ً من عرض الدنيا‬
‫إذا توافقت نظرية ما مع القرآن فهذا يعني أن النظرية صحيحة‪ ،‬وإذا خالفت هذه النظرية نص القرآن الكريم‬
‫فهذا يعني أن النظرية خاطئة‪ ،‬أي أن القرآن هو الميزان‪ ،‬وليست النظريات العلمية‪ .‬ألننا نعلم في العلوم‬
‫التجريبية أنه ال توجد حقائق مطلقة أبداً‪ .‬بل إنك تظن أحيانا ً أن هذه النظرية صحيحة مئة بالمئة ولكن بعد‬
‫سنوات يأتي من يكتشف أن هنالك نقص في أو خلل في بناء هذه النظرية‪ .‬بينما في كتاب هللا عز وجل‪ ،‬مهما‬
‫‪.‬تقدم الزمن ومهما تطور العلم فإنك ال تجد أي تناقض أو خلل أو نقص في البناء القرآني العلمي‬
‫أن تكون الحقيقة العلمية غير معروفة زمن نزول القرآن من قبل البشر‪ .‬وأن القرآن قد سبق العلماء إلى ‪ 4-‬‬
‫الحديث عن هذه الحقيقة‪ .‬وهنا تكون المعجزة أقوى‪ ،‬ولكن ال يمنع أن نجد بعض الحقائق العلمية المذكورة‬
‫في القرآن والتي كان الناس يدركون شيئا ً منها قديماً‪ ،‬مثل فوائد العسل‪ ،‬فهذا األمر معروف منذ آالف السنين‪،‬‬
‫فجاء القرآن وأ َّك ده وهذا نوع من أنواع اإلعجاز‪ ،‬إذ أن البشر في ذلك الزمن لم يكونوا قادرين على تحديد‬
‫الصواب من الخطأ‪ ،‬والتمييز بين األسطورة والحقيقة‪ .‬ولكن القرآن تحدث فقط عن الحقائق الصحيحة‪ ،‬ولو‬
‫‪.‬كان القرآن كالم بشر المتزج فيه الحق بالباطل‪ ،‬واختلطت األساطير بالحقائق‬
‫بالنسبة لإلعجاز العلمي في السنة النبوية‪ ،‬فيجب أن يكون الحديث الشريف صحيحاً‪ ،‬أو بمرتبة الحسن‪5- ،‬‬
‫وال يمكن االعتماد على األحاديث الضعيفة‪ ،‬إال إذا توافقت مع العلم الحديث‪ .‬فالحديث الضعيف ال يعني أنه غير‬
‫‪.‬صحيح! إنما هنالك احتمال قليل لصحته‪ ،‬ولذلك يجب عدم إهماله في البحث العلمي‬
‫يجب أن يعلم من يبحث في إعجاز القرآن أن خير من يفسر القرآن هو القرآن نفسه‪ ،‬ثم يأتي بعد ذلك ‪6-‬‬
‫أحاديث الرسول األعظم عليه الصالة والسالم‪ ،‬ثم اجتهادات الصحابة والتابعين رضوان هللا عليهم‪ ،‬ثم من‬
‫‪.‬تبعهم من العلماء واألئمة الثقات رحمهم هللا ورضي عنهم جميعا ً‬

‫كما ينبغي اإلحاطة بدالالت اآلية ومعانيها المتعددة وأال نخرج خارج قواعد اللغة العربية وال نضع تأويالت ‪7-‬‬
‫غير منطقية بهدف التوفيق بين العلم والقرآن‪ ،‬بل يجب أن نعلم بأن المعجزة القرآنية تتميز بالوضوح‬
‫َ‬ ‫اب أ ُ ْح ِك َمتْ آَ َيا ُت ُه ُث َّم ُف ِّ‬
‫صلَتْ مِنْ لدُنْ‬ ‫والتفصيل التام‪ ،‬وال تحتاج اللتفافات من أجل كشفها‪ .‬يقول تعالى‪( :‬الر ِك َت ٌ‬
‫ير)‪[ ‬هود‪]1 :‬‬‫ِيم َخ ِب ٍ‬
‫‪َ .‬حك ٍ‬
‫ينبغي أن نعلم بأن المعجزة العلمية هي هدف وليست غاية لحد ذاتها‪ ،‬فهي هدف للتقرب من هللا تعالى ‪8-‬‬
‫(وإِ ْذ َقال َ إِ ْب َراهِي ُم َر ِّب أَ ِرنِي‬
‫وزيادة اليقين به وبلقائه‪ .‬ونتذكر قصة سيدنا إبراهيم عليه السالم‪ .‬يقول تعالى‪َ  :‬‬
‫اج َع ْل‬ ‫ف ُت ْح ِيي ا ْل َم ْو َتى َقال َ أَ َولَ ْم ُت ْؤمِنْ َقال َ َبلَى َولَكِنْ لِ َي ْط َمئِنَّ َق ْل ِبي َقال َ َف ُخ ْذ أَ ْر َب َع ًة مِنَ ال َّط ْي ِر َف ُ‬
‫ص ْرهُنَّ إِلَ ْي َك ُث َّم ْ‬ ‫َك ْي َ‬
‫ٌ‬
‫اعل ْم أنَّ َ َع ِزيز َحكِي ٌم)‪[ ‬البقرة‪]260 :‬‬ ‫هَّللا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س ْع ًيا َو ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫‪َ . ‬على كل ِّ َج َب ٍل ِمن ُهنَّ ُجز ًءا ث َّم ادْ ُع ُهنَّ َيأتِين َك َ‬ ‫َ‬

‫سؤال‪ :‬ما هو العمل إذا حدث تناقض بين القرآن والعلم؟‬


‫قبل كل شيء يجب أن نعلم بأن الذي أنزل القرآن هو نفسه الذي خلق الكون‪ ،‬فال يمكن أبداً أن يخلق هللا شيئا ً‬
‫ثم يتحدث عنه في القرآن بشكل يخالف حقيقة هذا المخلوق‪ V.‬إذن عندما نفهم الحقيقة الكونية ونفهم الحقيقة‬
‫‪.‬القرآنية فهما ً صحيحا ً فسوف نجد التطابق التام‬
‫بل إن وجود تناقض أو اختالف بين الحقيقة العلمية الثابتة والواضحة وبين آية من آيات القرآن يعني أن‬
‫الحقيقة العلمية فيها شك أو غير صحيحة ألن العلم يجب أن يطابق القرآن! وإذا رأينا اآلية تتطابق تماما ً مع‬
‫العلم فهذا يعني أن اآلية صحيحة ومنزلة من عند هللا تعالى‪ ،‬وهذا ما تحدث عنه هللا بوضوح عندما قال‪( :‬أَفَاَل‬
‫‪َ .‬ي َت َد َّب ُرونَ ا ْلقُ ْرآَنَ َولَ ْو َكانَ مِنْ عِ ْن ِد َغ ْي ِر هَّللا ِ لَ َو َجدُوا فِي ِه ْ‬
‫اختِاَل ًفا َكث ً‬
‫ِيرا)‪[ ‬النساء‪]82 :‬‬
‫ولكننا قد نجهل التفسير الدقيق لآلية القرآنية فال يجوز لنا أن نح ّمل اآلية غير ما تحتمله من الدالالت‬
‫والمعاني‪ ،‬وأن نبني عقيدتنا على لغة الحقائق العلمية‪  .‬ولكن إذا كانت النظرية العلمية تتفق مع القرآن تماما ً‬
‫‪. ‬فيمكن االستئناس بها‪ ،‬أما إذا خالفت القرآن بشكل صريح فال يجوز لنا أن نعتقد بصحتها‬
‫كما أن أبحاث اإلعجاز العلمي هي وجه من وجوه التفسير‪ ،‬قد تصيب وقد تخطئ‪ ،‬مثلها مثل أي تفسير‪ .‬ألن‬
‫اإلعجاز العلمي هو محاولة لفهم دالالت اآليات القرآنية‪ ،‬وليس أن نحمل النص القرآني ما ال يحتمل من‬
‫المعاني والدالالت‪ V.‬فإذا تبين أن أحد أبحاث اإلعجاز العلمي غير صحيح‪ ،‬فهذا يعني أن فهمنا لآلية الكريمة لم‬
‫يكن دقيقا ً‪ ،‬ويجب أن نبحث عن تفسير جديد‪ ،‬وهذا هو معنى (التدبر) الذي أمرنا هللا تعالى به‪ ،‬أن نبقى في‬
‫راض عنا إن شاء هللا‬
‫‪.‬محاولة مستمرة لفهم كتاب ربنا‪ ،‬عسى أن نلقاه وهو ٍ‬
‫ما هي فوائد اإلعجاز العلمي؟‬
‫‪.‬زيادة اإليمان لدى المؤمن ‪1-‬‬
‫إقناع الملحدين بصدق القرآن العظيم‪ ،‬وأن التوافق بين العلم والقرآن هو دليل وبرهان مادي ملموس في ‪2-‬‬
‫حرف وأن هللا قد حفظه كما نزل منذ ‪ 1400‬سنة‬ ‫‪.‬عصر العلم على أن القرآن لم ُي ّ‬
‫إن اإلعجاز العلمي وسيلة لتوسيع مدارك المؤمن وزيادة معرفته العلمية‪ ،‬ولكن على أساس إيماني‪ ،‬وليس ‪3-‬‬
‫كما يقدمها لنا الغرب على أساس من اإللحاد‪ .‬فهم يردون كل شيء للطبيعة‪ ،‬ونحن ينبغي أن نصحح هذه‬
‫‪.‬العقيدة فنرد كل شيء هلل القائل‪( :‬هَّللا ُ َخالِقُ ُكل ِّ َ‬
‫ش ْيءٍ َوه َُو َعلَى ُكل ِّ َ‬
‫ش ْيءٍ َوكِيلٌ)‪[ ‬الزمر‪]62 :‬‬
‫‪.‬اإلعجاز العلمي وسيلة للدعوة إلى هللا تعالى وتعريف غير المسلمين بهذا الدين الحنيف ‪4-‬‬
‫‪.‬إظهار عظمة القرآن وعظمة األحاديث الشريفة‪ ،‬وأن القرآن يحوي جميع العلوم ‪5-‬‬
‫سؤال‪ :‬لماذا ال نكتشف هذه الحقائق قبل الغرب؟‬
‫هذا السؤال يتكرر كثيراً‪ ،‬فالقرآن مادام يحوي كل هذه الحقائق العلمية فلماذا ال نكتشفها نحن المسلمون‬
‫ونسبق الغرب إليها‪ ،‬وأقول‪ :‬إن السبب هو تقصيرنا وإهمالنا لكتاب هللا وللبحث العلمي‪ .‬والدليل على ذلك أن‬
‫أجدادنا رحمهم هللا عندما تدبروا القرآن وعملوا بما فيه واستجابوا للتعاليم اإللهية التي تأمرهم أن يسيروا في‬
‫‪.‬األرض ويفتشوا عن أسرار الخلق‪ ،‬صنعوا أعظم حضارة علمية في التاريخ‪ ،‬وهذا باعتراف الغرب نفسه‬
‫وإنني أرى بأن أفضل طريقة للنهوض بأمتنا أن نلجأ إلى كتاب هللا وسنة نبيه‪ ،‬وأن نبني علومنا على أساس‬
‫شا ُء َوهَّللا ُ َواسِ ٌع‬
‫ضل َ ِب َي ِد هَّللا ِ ُي ْؤتِي ِه َمنْ َي َ‬
‫إيماني‪ ،‬وهللا تعالى يعطي من يشاء من فضله فهو القائل‪( :‬قُلْ إِنَّ ا ْل َف ْ‬
‫يم) [آل عمران‪]74-73 :‬‬ ‫شا ُء َوهَّللا ُ ُذو ا ْل َف ْ‬
‫ض ِل ا ْل َعظِ ِ‬ ‫ص ِب َر ْح َمتِ ِه َمنْ َي َ‬
‫‪َ .‬علِي ٌم * َي ْخ َت ُّ‬

You might also like