Professional Documents
Culture Documents
دروس الفلسفة لتلامذة الباكالوريا جميع الشعب من إنجاز الأستاذ الزاهيد مصطفى PDF
دروس الفلسفة لتلامذة الباكالوريا جميع الشعب من إنجاز الأستاذ الزاهيد مصطفى PDF
ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻟﯿﺲ ﻟﻠﻤﺘﺎﺟﺮة أو اﻻﺳﺘﺮزاق ﺑﻞ ھﻮ ﻣﺘﻮﻓﺮ ﻟﻠﻨﺴﺦ واﻟﺘﺤﻤﯿﻞ ﻣﺠﺎﻧﺎ واﻹﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﮫ ﻟﺠﻤﯿﻊ:ﻣﻠﺤﻮظﺔ
اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ واﻟﻤﺪرﺳﯿﻦ واﻟﻤﮭﺘﻤﯿﻦ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم
1
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﯾﺤﻜﻤﮫ ﺗﺼﻮر ﺧﺎص ﺣﻮل اﻟﺘﺄﻟﯿﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ ،ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أﻋﺘﺒﺮ أن ھﺬا اﻟﻨﻮع
ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري أن ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻠﻄﺒﻊ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺒﯿﻊ واﻟﺸﺮاء ،ﺑﻞ أﻋﺘﺒﺮھﺎ وﺛﺎﺋﻖ
ﺗﺮﺑﻮﯾﺔ ﻋﺎدﯾﺔ ﯾﺠﺐ أن ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ إطﺎر ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺪرﺳﯿﻦ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ وﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻮﻓﺮة
ﻟﻠﻌﻤﻮم ﻛﺘﺠﺎرب ﻓﺼﻠﯿﺔ ﻧﺘﺒﺎدﻟﮭﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﻨﺎ وھﻮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي اﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﮫ ﻣﻊ ﺗﻼﻣﺬﺗﻲ
وﺳﺄﻋﻤﻞ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﯿﻨﮫ وﺗﻘﻮﯾﻤﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﺠﯿﺐ ﻟﺤﺎﺟﯿﺎﺗﮭﻢ وﻷﻏﺮاض اﻟﺪرس
اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ،ﻛﻤﺎ أﺷﯿﺮ إﻟﻰ اﻧﮫ ﻻﯾﺘﻀﻤﻦ ﺗﺤﻠﯿﻞ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ ﻟﻜﻨﮫ ﯾﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﮭﺎ
ﻓﻲ ﺻﯿﺎﻏﺔ ﺗﺼﻮر اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف ﺣﻮل اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺎت اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ .ﺗﺠﺎوزا ﻟﻠﺮﺗﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺴﻘﻄﻨﺎ
ﻓﯿﮭﺎ اﻹﻧﮭﻤﺎم اﻟﺪاﺋﻢ ﺑﺎﻟﻨﺺ .وإن وﺟﺪ زﻣﯿﻼﺗﻲ وزﻣﻼﺋﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺎت واﻟﻤﺪرﺳﯿﻦ
وﺗﻼﻣﺬﺗﻨﺎ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻹھﺘﻤﺎم أو اﻟﻨﻘﺪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻓﺴﯿﻜﻮن ھﺪﻓﻨﺎ ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻖ وھﻮ
اﻟﻤﺴﺎھﻤﺔ اﻟﺒﺴﯿﻄﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺑﺸﻲء ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ وﺗﺪرﯾﺴﮭﺎ.
2
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻋﺰﯾﺰﺗﻲ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬة ،ﻋﺰﯾﺰي اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ
ھﺬه اﻟﺪروس ھﻲ ﺛﻤﺮة ﻟﺘﻌﺎﻗﺪ ﺑﯿﺪاﻏﻮﺟﻲ ﺑﯿﻨﻨﺎ ،ﺑﻌﺪ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺘﺎم ﺑﺄن اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﻲ
اﻟﻤﺨﺼﺺ ﻟﻤﺎدة اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻗﺪ ﻻ ﯾﻜﻮن أﺣﯿﺎﻧﺎ ﻛﺎﻓﯿﺎ ﻟﻺﺷﺘﻐﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻤﻨﮭﺠﻲ واﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻓﻲ آن
واﺣﺪ ﺑﻐﯿﺔ ﺗﻘﻮﯾﺔ ﻗﺪراﺗﻜﻢ اﻟﻤﻨﮭﺠﯿﺔ واﻟﻤﻌﺮﻓﯿﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺠﯿﺪ ﻣﻊ اﻻﻣﺘﺤﺎن اﻟﻮطﻨﻲ ،ﻟﺬا ارﺗﺄﯾﻨﺎ ﻣﻌﺎ وذﻟﻚ
ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎﻗﺪ أﺧﻼﻗﻲ وﺗﺮﺑﻮي ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ،ﻣﻀﻤﻮﻧﮫ أن ﻧﺨﺼﺺ ﺣﺼﺺ اﻟﻘﺴﻢ ﻟﻠﺸﺮح
ﺑﺈﺳﮭﺎب ﻟﻜﻞ اﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ اﻟﻤﻘﺮرة ﻟﺪﯾﻚ ﻣﻊ اﻻﺷﺘﻐﺎل ﻋﻠﻰ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ اﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎت اﻟﻮطﻨﯿﺔ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ
ﻧﺘﺮك اﻹﻟﻘﺎء ﻟﻠﺒﯿﺖ ،وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺘﻤﺎﺷﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ ﻣﻊ اﻟﻤﻘﺎرﺑﺎت اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺤﻮا ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ واﻟﺘﻌﻠﻢ
اﻟﺬاﺗﻲ واﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻲ -أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻠﻘﯿﻦ واﻹﻟﻘﺎء واﻟﺤﻔﻆ ،-وھﻲ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﯾﮭﺎ
ﻧﺘﺎﺋﺠﮭﺎ اﻻﯾﺠﺎﺑﯿﺔ اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﺮدودﯾﺔ وﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻻﻣﺘﺤﺎن
اﻹﺷﮭﺎدي ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ.
ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ھﺬه اﻟﺪروس ھﻲ ﻣﺸﺮوع ﻣﺆﻟﻒ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﺠﻤﯿﻊ دروس اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺳﻮاء ﻓﻲ
اﻟﺠﺪع اﻟﻤﺸﺘﺮك أو ﻣﺴﺘﻮى اﻷوﻟﻰ أو اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺑﺎﻛﺎﻟﻮرﯾﺎ ،رﻗﻨﺖ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻘﻂ ھﺬا اﻟﺠﺰء وھﻮ ﻣﻮﺟﮫ
ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬات واﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺑﺎﻛﺎﻟﻮرﯾﺎ وﻟﻜﻞ اﻟﻤﮭﺘﻤﯿﻦ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻛﻤﺎدة
ﻣﺪرﺳﯿﺔ ،وھﻮ ﺣﺼﯿﻠﺔ ﻋﻤﻞ ﻛﻠﻔﻨﻲ ﺳﻨﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﻹﺷﺘﻐﺎل ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮات اﻟﻤﺮاﺟﻊ واﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻜﺘﺐ
واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﻤﻘﺎﻻت اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ ،ﺑﺎﺣﺜﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻦ ﺗﻌﻤﯿﻖ ﻟﻺﺷﻜﺎﻻت اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ وﺗﺪﻗﯿﻖ ﻟﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﻜﻮن
اﻟﺪرس اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻋﺰﯾﺰﺗﻲ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬة ﻋﺰﯾﺰي اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﻣﻦ داﺧﻞ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺴﻮخ وﺗﺒﺴﯿﻄﺎت
ﺳﺎذﺟﺔ ﺗﺼﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن إﻟﻰ درﺟﺔ اﻹﺧﻼل اﻟﻌﻠﻤﻲ ﺑﺮوح اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻟﻠﻔﯿﻠﺴﻮف ،ﻛﻤﺎ
ﯾﻤﻜﻨﻜﻢ أن ﺗﺠﺪوا ﻓﻲ ﻣﻌﯿﻨﻜﻢ ھﺬا ﻣﻮاﻗﻒ وﺗﺼﻮرات ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة ﺣﻮل ﻗﻀﺎﯾﺎ ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ ﻟﻢ ﯾﻮﻓﺮ ﻟﮭﺎ
اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺪرﺳﻲ ﻧﺼﻮﺻﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أﺣﯿﺎﻧﺎ ،وھﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ أﻗﺘﺮح ﻋﻠﯿﻜﻢ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺘﺼﻮرات ﻣﻦ
أﺟﻞ إﻏﻨﺎء رﺻﯿﺪﻛﻢ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ وﺗﻘﻮﯾﺔ ﺛﻘﺎﻓﺘﻜﻢ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ وذﻟﻚ ﺑﺠﻌﻠﻜﻢ ﺗﻮاﺟﮭﻮن أﺣﯿﺎﻧﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ
اﺳﺘﺌﻨﺎﺳﺎ ﺑﮭﺎ ﻷﻧﻨﻲ ﻻ أرى ﻓﯿﻜﻢ ﺗﻠﻤﯿﺬا/ﺗﻠﻤﯿﺬة ﺑﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ طﺎﻟﺐ/ة ﺟﺎﻣﻌﻲ/ة وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻔﺮض ﻋﻠﯿﻜﻢ ﺑﺪل
اﻟﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺪ.
وﻻﯾﻔﻮﺗﻨﻲ أن أﺷﻜﺮ ﺟﻤﯿﻊ ﺗﻠﻤﯿﺬاﺗﻲ وﺗﻼﻣﺬﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻧﺪرس ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻣﻌﺎ
ﺑﺴﻌﺎدة ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻓﺈﻟﯿﻜﻢ/ﻛﻦ ﺟﻤﯿﻌﺎ أھﺪي ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ .وإن ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻹھﺪاء ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ
ﻓﯿﻤﻜﻨﻨﻲ إھﺪاﺋﮫ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻟﻠﺼﺪﯾﻖ وﻗﯿﺪوم اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺑﺎﻟﺠﮭﺔ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻤﺎل ﺻﺪﻗﻲ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﻘﺎﻋﺪه
اﻋﺘﺮاﻓﺎ واﻣﺘﻨﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرﺷﯿﻒ اﻟﺬي وﻓﺮه ﻟﻨﺎ ﻛﻤﺪرﺳﯿﻦ وﻋﻠﻰ ﺗﺠﺮﺑﺘﮫ اﻟﻤﺘﻤﯿﺰة ﻛﻨﻤﻮذج ﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ
اﻟﺬي ﺟﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻻﻟﺘﺰام اﻷﺧﻼﻗﻲ واﻟﻌﻤﻠﻲ .وﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﮭﺎوي ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﯾﺴﺘﺤﻖ ﻛﻞ اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ
واﻻﺣﺘﺮام ﻟﺠﺪﺗﮫ وﻋﻤﻘﮫ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﯿﻦ.
ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻜﺘﺎب
ﺗﻘﺪﯾﻢ ﻋﺎم
.IIﻣﺠﺰوءة اﻟﻤﻌــﺮﻓﺔ
اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ
اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ
.IIIﻣﺠﺰوءة اﻟﺴﯿــﺎﺳﯿﺔ
ﻣﻔﮭﻮم اﻟﺪوﻟﺔ
ﻣﻔﮭﻮم اﻟﻌﻨﻒ
ﻣﻔﮭﻮﻣﻲ اﻟﺤﻖ واﻟﻌﺪاﻟﺔ
.IVﻣﺠﺰوءة اﻷﺧـــﻼق
ﻣﻔﮭﻮم اﻟﻮاﺟﺐ
ﻣﻔﮭﻮم اﻟﺴﻌﺎدة
ﻣﻔﮭﻮم اﻟﺤﺮﯾﺔ
4
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺟزوءة
اﻟوﺿﻊ اﻟﺑﺷري
5
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
"إﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﻧﺎﻗش ﻣوﺿوﻋﺎ ھﯾّﻧﺎ ،إﻧﻧﺎ ﻧﻧﺎﻗش :ﻛﯾف ﯾﻌﯾش اﻹﻧﺳﺎن "! ...أﻓﻼطون"ﻛﺗﺎب اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ" ص 353
ﯾرادف اﺻطﻼح اﻟوﺿﻊ اﻟﺑﺷري ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻣﻔﮭوم اﻟوﺟود اﻟﺑﺷري ،اﻟذي ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠف
اﻟﻣﺣددات اﻟﻛﺑرى ﻟﻠوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ واﻟﺗﻲ ﺗﺣدده وﺗﺣدد أﻓﻌﺎﻟﮫ وﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ ﺳواء ﻣن ﺣﯾث ﻋﻼﻗﺗﮫ ﺑﺈﻧﯾﺗﮫ أو ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮫ
ﺑﻣﺧﺗﻠف اﻷﻏﯾﺎر اﻟذﯾن ﯾﺗﻘﺎﺳم ﻣﻌﮭم اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ أو ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮫ ﺑﺎﻟﺗﺎرﯾﺦ ،إن اﻟوﺿﻊ اﻟﺑﺷري ھو اﻟﺣﺎﻟﺔ
اﻟﺗﻲ ﻗذف ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم ،ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر ،ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﺗﻌرض ﺑﺎﻟدرس ﻟﻠوﺿﻊ اﻟﺑﺷري ﻓﻧﺣن ﺑﺻدد دراﺳﺔ
ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺷروط واﻷﺑﻌﺎد اﻟﺗﻲ ﯾوﺟد ﻓﯾﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻲ ﻧﻛﺷف ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﮭذا
اﻟوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،وﯾﻣﻛن ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻣﺳﺗوﯾﺎت ھذا اﻟوﺟود اﻟﺑﺷري ﻣن ﺧﻼل:
ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺷﺧص ﺑذاﺗﮫ ﻛﺄﻧﺎ ﻣﺗﻔردة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻟﮭﺎ ھوﯾﺗﮭﺎ وﺣرﯾﺗﮭﺎ واﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﮭﺎ وﻛراﻣﺗﮭﺎ ،وھو ﻣﺎ
ﺗﺗﺳﺎوى ﻓﯾﮫ ﻣﻊ ﺑﺎﻗﻲ اﻟذوات.وھو ﻣﺎ ﯾﻔرض اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺎھﯾﺔ ھذا اﻟوﺟود اﻟذي ﯾوﺿﻊ ﻓﯾﮫ ﺷﺧص ﻣﺎ )ﻛﺎﺋن
ﺣﻲ (ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم.
ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺷﺧص ﺑﺑﺎﻗﻲ اﻷﻏﯾﺎر اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ﻋﻧﮫ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﯾﺔ واﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ...واﻟﺗﻲ
ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﮫ طﺑﯾﻌﺔ اﻟوﺿﻊ اﻟﺑﺷري أن ﯾﺗﻌﺎﯾش ﻣﻌﮭم وھو ﻣﺎ ﯾؤدي ﺑﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ﺑﯾن
ھذا اﻟﺷﺧص وﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﺧﺎص ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھم أﻏﯾﺎر ﯾﺷﺑﮭوﻧﮫ وﯾﺧﺗﻠﻔون ﻋﻧﮫ.
ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑوﺻﻔﮫ ﻛﺎﺋن ﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟدﯾﮫ طوق داﺋم إﻟﻰ إﺿﻔﺎء ﻟﻣﺳﺗﮫ ﻋﻠﻰ أﺣداث وﻣﺳﺎر
اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،وﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻛﺎﺋن ﺣر ﻧﺗﺳﺎﺋل ﻋن ﻣﻣﻛﻧﺎت وﺣدود ﻓﻌﻠﮫ ﻓﻲ ھذا اﻟﺗﺎرﯾﺦ .وھو ﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ
ﻗﯾﻣﺔ وﻣﺣدودﯾﺔ اﻟﻔﻌل اﻟذي ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺷﺧص أن ﯾﺳﺎھم ﺑﮫ ﻓﻲ ﺣرﻛﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻟزﻣن.وﻛذﻟك ﻣدى
ﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣﻘﻘﮭﺎ ﺣول ھذا اﻟﺗﺎرﯾﺦ.
6
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻔـــــــــﮭـــوم اﻟﺷﺧـــــص
.1ﻣﻔﮭوم اﻟﺷﺧص /اﻟﮭوﯾﺔ /اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ :ﻣن اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﻔﮭوﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ:
اﻟﺷﺧص:
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﻣﺣﯾط ﺗﺣﯾل دﻻﻟﺔ اﻟﺷﺧص ﻋﻠﻰ اﻟظﮭور واﻻرﺗﻔﺎع وﯾطﻠق ﻋﻠﻰ ﻛل ﺟﺳم/إﻧﺳﺎﻧﻲ ﯾرى ﻣن
ﺑﻌﯾد.
أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻟﺻﻠﯾﺑﺎ ﻧﺟد أن اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﻋرف اﻟﻘدﻣﺎء ھو اﻟﻔرد ،وﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﻧﺟﺎة ﻻﺑن ﺳﯾﻧﺎء
ﯾطﻠق ﻟﻔظ اﻟﺷﺧص ﻋﻠﻰ اﻟﺻورة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﻣﺎھﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﺑرھﺎ طﺑﯾﻌﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ أﺷﺧﺎص
اﻟﻧوع" واﻟﺷﺧص ﻋﻧد اﻟﻣﻧطﻘﯾﯾن ھو اﻟﻣﺎھﯾﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻟﺗﺷﺧﺻﻧﺎت وﻗد ﻏﻠب إطﻼﻗﮭﺎ ﺑﻌد ذﻟك ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن ،أي
ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﺟود اﻟذي ﯾﺷﻌر ﺑذاﺗﮫ ،وﯾدرك أﻓﻌﺎﻟﮫ ،وﯾﺳﺄل ﻋﻧﮭﺎ ،وھو ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣﻘﺎﺑل ﻟﻠﺷﻲء اﻟﻌﯾﻧﻲ اﻟﺧﺎﻟﻲ ﻣن
اﻟﻔﻌل واﻹﺧﺗﯾﺎر وﻗد ﻓرق اﻟﻌﻠﻣﺎء ﺑﯾن اﻟﺷﺧص اﻟطﺑﯾﻌﻲ واﻟﺷﺧص اﻟﻣﻌﻧوي:
اﻟﺷﺧص اﻟطﺑﯾﻌﻲ Personne Physique :ھو ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺣﯾث ھو ﻣظﮭر ﻟذاﺗﮫ اﻟواﻋﯾﺔ،
وﻣن ﺣﯾث ھو ﺗﻌﺑﯾر ﻋن ھذه اﻟذات.
7
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻌﻧوي Personne Morale:ھو اﻟﻔرد ﻣن ﺣﯾث اﺗﺻﺎﻓﮫ ﺑﺻﻔﺎت ﺗﻣﻛﻧﮫ ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ
اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟوﺟداﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،وﻣن ﺷرط اﻟﺷﺧص اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺣق واﻟﺑﺎطل وﺑن
اﻟﺧﯾر واﻟﺷر ،وأن ﯾﻛون ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل ﻓﻌﻠﮫ ﻣﻌﻘوﻻ ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻧﺎس.
ﻓﻲ ﻣوﺳوﻋﺔ ﻻﻻﻧد اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻧﺟد ﻋودة إﻟﻰ ﺟﻧﯾﺎﻟوﺟﯾﺔ ﻟﻠﻣﻔﮭوم اﻟذي ﺗﺷﻛل ﻣﻧذ اﻟﯾوﻧﺎن اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟﻣﺳرح،
ﻓﺎﻟﺷﺧص Personaاﺳم ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻧﺎع اﻟﻣﺳرﺣﻲ اﻟذي ﯾرﺗدﯾﮫ اﻟﻣﻣﺛل ﻷداء دور ﻣﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺷﺑﺔ ،ﻧﺟد
ﻟدى ﻻﻻﻧد أﯾﺿﺎ ﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻌﻧوي واﻟﺷﺧص اﻟطﺑﯾﻌﻲ ،ﻓﺎﻷول ﯾﺗﺣدد ﺑﺎﻟوﻋﻲ واﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﺣر
واﻟﻣﺳؤول واﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺳد اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻟﻛن اﻷھم ﻋﻧد ﻻﻻﻧد أن ھذا اﻟﺟﺳد اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﯾﻛون ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺗﺟﺳﯾد
ﻣﻌﻧوي ﻟﮭذا اﻟﺷﺧص وھو اﻟﻣﻌﺑر ﻋن ﺳﻣﺗﮫ ،ﻓﻛﻠﻣﺔ ﺷﺧص ﺣﺗﻰ ﺣﯾن ﻧطﻠﻘﮭﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﯾﺷﯾر ﻟﻠﺟﺳد ﻻ ﯾﻣﻛن ﻗوﻟﮭﺎ
ﻋﻠﻰ ﺟﺳم اﻟﺣﯾوان ﻓﮭﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﻧﺳﺎن ،إن ﻛﻠﻣﺔ ﺷﺧص ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺗداول ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟوﺳﯾط ھﻲ
ﻟﻔظ ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺎﺋن اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺳﺗوﻓﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻟدﻧﯾﺎ ﻣن اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺻﺎدرة ﻋن وﻋﯾﮫ
وردود أﻓﻌﺎﻟﮫ اﻟﻐرﯾزﯾﺔ ،إن ﻣﻔﮭوم اﻟﺷﺧص ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﯾﺳﺗﻌﻣل ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷﺟل ﻋن اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻣﺎ ﯾﺗﺻف ﺑﮫ ﻣن ﺑﻌد
أﺧﻼﻗﻲ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮫ ﺑذاﺗﮫ وﺑﺎﻵﺧرﯾن.
اﻟﮭوﯾﺔ:
ﯾﻌﻧﻲ ﻣﻔﮭوم اﻟﮭوﯾﺔ ﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﯾﮫ اﻟﺿرورة اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻟﻛﻲ ﺗﻛون ھﻧﺎك ﻗﺿﯾﺔ ﻣﺎ ﺻﺎدﻗﺔ أو ﻛﺎذﺑﺔ ،وﯾﻘﺗﺿﻲ
ﻣﺑدأ اﻟﮭوﯾﺔ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻧﺎﻗض وﻣﺑدأ اﻟﺛﺎﻟث اﻟﻣرﻓوع ،ﻓﻣﺑدأ اﻟﺗﻧﺎﻗض ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﺷﻲء ﻻﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻛون ﻣوﺟودا وﻏﯾر
ﻣوﺟود ﻓﻲ ﻧﻔس اﻵن ،وأﻣﺎ ﻣﺑدأ اﻟﺛﺎﻟث اﻟﻣرﻓوع ﻓﯾﻌﻧﻲ اﻟﻘول أن اﻟﻘﺿﯾﺗﯾن اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺗﯾن ﻻﯾﻣﻛن أن ﺗﻛوﻧﺎ ﺻﺎدﻗﺗﯾن
ﻣﻌﺎ أو ﻛﺎذﺑﺗﯾن ﻣﻌﺎ ،وﻣن ﺷروط اﻟﺿرورة اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺑر ﻋﻧﮭﺎ ﻣﺑدأ اﻟﮭوﯾﺔ-1:أن ﯾﻛون اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺗﺻور
ﻣﺣددا وﺛﺎﺑﺛﺎ ،ﻓﻼ ﯾﺗﻐﯾر ﺑﺣﺎل-2/أن ﯾﻛون اﻟﺣق ﺣﻘﺎ واﻟﺑﺎطل ﺑﺎطﻼ داﺋﻣﺎ واﻷﺑﯾض أﺑﯾﺿﺎ واﻷﺧﺿر أﺧﺿرا ...وﻓﻲ
ﻣﺧﺗﻠف اﻷﺣوال ،ﻓﻼ ﯾﺗﻐﯾران ﺑﺗﻐﯾر اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن-3/أن ﯾﻛون اﻟوﺟود ﺑﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھو ﻋﯾن ذاﺗﮫ ﻓﻼ ﯾﺗﻐﯾر ،وﻻ
ﯾﺧﺗﻠط ﺑﮫ ﻏﯾره .وھذا ﻻ ﯾﺻدق إﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﺟود اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ اﻟذي ﯾﺗﺟﮫ إﻟﯾﮫ اﻟﻌﻘل )ﯾﻘﺻد اﻟﻣﻔﺎھﯾم واﻟﺗﺻورات وﻟﯾس
اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ( .إن ھوﯾﺔ اﻟﺷﻲء ھﻲ ﺧﺻﺎﺋﺻﮫ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﻐﯾر ﻣﮭﻣﺎ ﺗﻐﯾرت أﻋراض وﺻور ھذا
اﻟﺷﻲء ،ﻓﮭوﯾﺔ اﻟﺷﻲء ھﻲ ﻣﺎھﯾﺗﮫ وﺟوھره وﺣﻘﯾﻘﺗﮫ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ.
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ:
ﯾﺷﯾر ﻟﻔظ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗق ﻣن اﻟﻣﺻدر "ﺷﺧص" ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﺗداول اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم ﻗﯾﻣﺔ ﻧﺣدد ﻣن ﺧﻼﻟﮫ
ﻣﻛﺎﻧﺔ وﻗﯾﻣﺔ ﺷﺧص ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻶﺧرﯾن ،وﯾﻛون أﺳﺎس ھذا اﻟﺣﻛم ھو اﻹﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻣﺎدﯾﺔ ﺗﺟد أﺳﺎﺳﮭﺎ إﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺟﺳدي أو اﻟﻠﺑﺎس أو اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺷﻐﻠﮭﺎ ﻓرد ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ) ﻣﺣﺎم/وﻛﯾل ﻣﻠك/ﻗﺎض /أﺳﺗﺎذ/ﺷرطﻲ(...
ﻛﻣﺎ ﻗد ﻧﻘول ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﺗداول " ھذا ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣرﻣوﻗﺔ /ﻣﺷﮭورة (...وﯾﻛون ھذا اﻟﺣﻛم ﻣؤﺳس ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌد اﻟرﻣزي
ﻟﻠﻔرد وﻋﻠﻰ إﺷﻌﺎﻋﮫ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ أو اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ أو اﻟرﯾﺎﺿﻲ...أﻣﺎ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ ﻓﻧﺟد ﻓﻲ روﺑﯾر Robertوﻻﻻﻧد
lalandeوﻣﻌﺟم larousseأن ھﻧﺎك اﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ أن ﻟﻠﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﻌﻧﯾﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن" :ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺟردا وﻋﺎﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﮭﺎ
ﺧﺎﺻﯾﺔ ﻛﺎﺋن ﯾﻛون ﺷﺧﺻﺎ أﺧﻼﻗﯾﺎ أو ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻣﺳؤوﻻ" وﻣﻌﻧﻰ ﻣﺣﺳوﺳﺎ ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻣﺛﻠﮫ اﻟﺷﺧص ﻣن ﺧﺎﺻﯾﺎت
أﺧﻼﻗﯾﺔ ﺳﺎﻣﯾﺔ ،ﯾﺗﻣﯾز ﺑﮭﺎ ﻋن ﻣﺟرد اﻟﻔرد اﻟﺑﯾوﻟوﺟﻲ وﺗﺷﻛل اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣﻧظم واﻟﺛﺎﺑت ﻓﻲ ﺳﯾرﺗﮫ وﻣﺎ ھو ﻋﻠﯾﮫ ﻋﺎدة
ﻣﻣﺎ ﯾﻣﯾزه ﻋن ﻏﯾره ﻟﯾﺷﻛل اﻟﺟﺎﻧب اﻷﺻﯾل ﻣن أﻧﺎه" ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷول ،اﻟﻣﺟرد ،ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أن اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
ھﻲ ﺧﺎﺻﯾﺔ ﻛل ﻛﺎﺋن ﺑﺷري ﻣن ﺣﯾث ھو ﺷﺧص ﻣﺳؤول أﺧﻼﻗﯾﺎ وﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ،ﺑﻘطﻊ اﻟﻧظر ﻋن ﻣﻛﺎﻧﺗﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ،
ﻓﺈن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ،اﻟﻣﺣﺳوس ،ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ طﺎﺑﻊ اﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟذي ﯾﻣﯾز ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻛل ﻓرد ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﯾﻧﻔرد ﺑﮫ
ﻛﺷﺧص إزاء اﻟﻐﯾر.
8
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻔﺎرﻗﺎت :
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﺧﻠوص إﻟﯾﮫ ﻣن ھذه اﻟﺗﺣدﯾدات ھو أﻧﮫ إذا ﻛﺎن ﻣﻔﮭوم اﻟﺷﺧص ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟذات اﻟواﻋﯾﺔ واﻟﺣرة
واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﻣﺳؤوﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ھذه اﻷﺑﻌﺎد ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺣدد ھوﯾﺔ وﻣﺎھﯾﺔ وﺟوھر اﻟﺷﺧص ﻓﺈن اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺗﻐدوا آﻧﺋذ
ھﻲ اﻟﻣظﮭر اﻟﺧﺎرﺟﻲ اﻟذي ﯾﻌﺑر ﻋن ﻛﯾﺎن اﻟﺷﺧص ،ﺑﺈﯾﺟﺎز إن اﻟﺷﺧص ھو ﺟوھر داﺧﻠﻲ ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
ھﻲ ﻧﺎﻓدة ھذا اﻟﺟوھر ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم واﻵﺧرﯾن.
ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣدﯾدﻧﺎ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟدﻻﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾل ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺷﺧص ﯾﻣﻛن أن ﻧﻼﺣظ :
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻟﻠﺷﺧص ﺗﻌطﯾﮫ ﺑﻌدا ﻣﺎدﯾﺎ ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟظﮭور واﻟﺑروز ﻟﻠﻌﯾﺎن ،وھﻧﺎ ﻧﻛون أﻣﺎم ﺗﺻور
ﻟﻠﺷﺧص ﯾﺣﺻره ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى اﻟﺟﺳم اﻟﺷﺎﺧص)اﻟظﺎھر واﻟﺑﺎرز( أﻣﺎم اﻟﻌﯾن اﻟﻣﺟردة.
ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ﯾﻧظر ﻟﻠﺷﺧص ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﯾوﻟوﺟﻲ)دﯾﻧﻲ( ﻓﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺷﺧص
أﻛﺛر اﻣﺗﺛﺎﻻ ﻟﺗﻌﺎﻟﯾم اﻟدﯾن اﻹﺳﻼﻣﻲ أو ﻓﻲ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ )اﻟدﯾن اﻟﻣﺳﯾﺣﻲ( ﻛﻠﻣﺎ ﻧظر إﻟﯾﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻧﻣوذﺟﺎ
ﻟﻠﺷﺧص اﻟذي ﯾﺣﺗدى.
ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ ﻧﻼﺣظ ﺗﺣوﻻ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﯾﺷﯾر إﻟﯾﮫ ﻣﻔﮭوم اﻟﺷﺧص ﻓﻠم ﯾﻌد ﻣرﺗﺑطﺎ
ﺑﺎﻟﺟﺳم ﺑل ﺑﺎﻟدور )اﻟوظﯾﻔﺔ ( اﻟذي ﯾؤدﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﺧﺷﺑﺔ اﻟﻣﺳرح وﻋﻠﻰ ﻣﺳرح اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ.
ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﯾﺻﺑﺢ ﺷرط اﻟوﻋﻲ واﻟﺣرﯾﺔ واﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑﯾن اﻟﺧﯾر واﺣﺗرام اﻟﻘﺎﻧون
واﻟﺑﯾﺋﺔ )اﻟﺷﺧص اﻻﯾﻛوﻟوﺟﻲ( ھو ﻣﺎ ﯾﻌطﻲ ﻟﻠﺷﺧص ھوﯾﺗﮫ وﻗﯾﻣﺗﮫ.
ﻧﻼﺣظ أن ﻣﻔﮭوم اﻟﺷﺧص ﯾﺗداﺧل ﻣﻊ ﻣﻔﮭوم آﺧر أﺳﺎﺳﻲ ھو اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺷﺧص ھو
ﺟوھر ﻣﻔﻛر وذات واﻋﯾﺔ وﺣرة وﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وأﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﺈن اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ھﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻋن ھذا اﻟﻣﺿﻣون
"اﻟﮭووي/اﻟﺟوھري" ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺟﻣوع اﻟﻣﻣﯾزات واﻟﺻﻔﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز ھذا اﻟﺷﺧص ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره "أﻧﺎ" واﻋﯾﺔ
وﻣﻔﻛرة وﺣرة وﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وأﺧﻼﻗﯾﺔ و ﺣﻘوﻗﯾﺔ وإﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ ،وﻣن ھﻧﺎ ﺗطرح ﺻﻌوﺑﺔ ﺗﺣدﯾد ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص :ھل
ھﻲ ﻣﺟﻣوع اﻟﺻﻔﺎت واﻟﻣﻣﯾزات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺟدھﺎ ﻣﺗﻐﯾرة ﻣن ﺷﺧص ﻵﺧر أم ھﻲ اﻟﺟوھر اﻟداﺧﻠﻲ
اﻟواﻋﻲ اﻟذي ﯾﺻﻌب ﻋﻠﯾﻧﺎ إدراﻛﮫ أو ﻣﻌرﻓﺗﮫ ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﺣﺟوﺑﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻣن طرف اﻟﻘﻧﺎع)اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ( اﻟذي ﯾﻘدم
ﺑﮫ اﻟﺷﺧص ذاﺗﮫ ﻟﻠﻌﺎﻟم واﻵﺧرﯾن؟
ﻧﻼﺣظ ﻛذﻟك أن ﻣﻔﮭوم اﻟﮭوﯾﺔ اﻟذي ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﺗطﺎﺑق :ﯾﺿﻌﻧﺎ أﻣﺎم ﻣﻔﺎرﻗﺎت ﻋدﯾدة ﻓﻣن ﺟﮭﺔ
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺷﺧص وﺣدة ﺻورﯾﺔ ﻣﯾزﺗﮭﺎ اﻟﻔﻛر واﻟوﻋﻲ واﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﺣر واﻟﻣﺳﺗﻘل ﻋن أي إرادة ﺧﺎرﺟﯾﺔ
وﻣن ﺟﮭﺔ ﻧﺟد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺑر ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺷﺧص أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺑﺟﺳده وأﻓﻌﺎﻟﮫ وﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ ھﻲ ﻣﺎ
ﯾﺣدد ﻣﻛﺎﻧﺗﮫ وﻗﯾﻣﺗﮫ داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻓﻣن ﺟﮭﺔ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻔﻛر واﻟوﻋﻲ واﻟﺣرﯾﺔ ﻣﻔﺎھﯾم ﺻورﯾﺔ ﻣﺟردة ﻓﻲ
ﺣﯾن ﺗﻌﺗﺑر اﻷﻓﻌﺎل واﻟﺳﻠوﻛﺎت وﻗﺎﺋﻊ ﻣﺎدﯾﺔ ﻣﻠﻣوﺳﺔ ،ﻓﺄﯾن ﺗوﺟد ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ھل ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻣﮫ اﻟﺻوري
اﻟﺧﺎﻟص اﻟﺑﻌﯾد ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟذوات وھو ﻋﺎﻟﻣﮫ اﻟداﺧﻠﻲ اﻟذي ﯾﻔﻛر ﻓﯾﮫ ﺑﻣﻌزل ﻋن اﻵﺧرﯾن أم أن ھوﯾﺗﮫ
ﺗﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣومﻣﺳﺗﻣدة ﻣن ﺟﻣﻠﺔ اﻷﻓﻌﺎل واﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺑر ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻣﻌﯾش واﻟﺗﻲ ّ
ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ؟.
ﯾﺗﺑﯾن ﻣن ﺧﻼل ذﻟك أﯾﺿﺎ أن وﺣدة اﻟﺷﺧص ﺗﻔرض ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﻌزﻟﺔ اﻷﻧطوﻟوﺟﯾﺔ)اﻟوﺟودﯾﺔ( ﻟﻛﻲ
ﯾﻣﺎرس اﻟﺷﺧص ﻗﻧﺎﻋﺎﺗﮫ ،ﻟﻛن ﺿرورة "اﻟﻌﯾش ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺔ"ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺷﺧص أن ﯾﻐﯾر
وﯾﻛﯾف ﻣن ﺗﺻوراﺗﮫ وﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﻘﺑل ﺑﮫ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﮫ اﻟﻘﺎﻧون ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﺗﺻﺑﺢ ﺣرﯾﺔ
اﻟﺷﺧص واﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﮫ ﻣﺣط ﻣﻧﺎزﻋﺔ ﺑﯾن ﻣﺎ ﯾرﻏب ﻓﯾﮫ وﯾرﯾده اﻟﺷﺧص وﺑﯾن ﻣﺎ ﯾﺗﯾﺣﮫ وﯾﺳﻣﺢ ﺑﮫ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ،
ﻓﻔﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾﺻﺑﺢ ﺳؤال اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﺿرورة ﻣطﻠﺑﺎ ﻟﻠﻔﺣص اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻟﻛﻲ ﻧرى إﻟﻰ أي ﺣد ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻔرد
9
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
أن ﯾﺣﻘق ﺣرﯾﺗﮫ ﻓﻲ ظل ﻧﺳق ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرس ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻹﻛراه ﻋﻠﯾﮫ؟ ﻓﺈذا ﻟم ﯾﻛن ھذا
اﻟﺷﺧص ﺣرا وﻣﺳﺗﻘﻼ ﺑذاﺗﮫ ﻓﻌﻠﯾﮫ اﻻﺳﺗﻘﺎﻟﺔ ﻣن أي ﻓﻌل أو اﻟﺗزام أﺧﻼﻗﻲ ﺗﺟﺎه اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﺗﺎرﯾﺦ أﻣﺎ إذا
ﻛﺎن ﺣرا ﻓﮭذا ﯾﻌﻧﻲ أن إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻔﻌل واﻹﻟﺗزام ﻣﺗﺎﺣﺔ وﻣﻣﻛﻧﺔ؟
إﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ھذه اﻟﻣﻔﺎرﻗﺎت اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻌﻧﺎ أﻣﺎﻣﮭﺎ اﻟدﻻﻻت اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ واﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻟﻛل ﻣن ﻣﻔﮭوم
اﻟﺷﺧص /اﻟﮭوﯾﺔ/اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺎت اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻣﻔﮭوم اﻟﺷﺧص:
ﻣﺎ اﻟﺷﺧص؟ وﻣﺎ ھوﯾﺗﮫ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ؟ ھل ﯾﺳﺗﻣدھﺎ ﻣن ﻛوﻧﮫ ﺟﺳم وﺳﻠوك وﻓﻌل ودور ﯾﻘوم ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة؟
أم ھوﯾﺗﮫ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ھﻲ ﺟوھر و وﻋﻲ وﺗﻔﻛﯾر وﺣرﯾﺔ واﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻋن اﻵﺧرﯾن؟ﺑﻌﺑﺎرة أدق ﻣﺎ اﻟواﻗﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ
ﻟﻠﺷﺧص أن ﯾظل ھو ﻧﻔﺳﮫ رﻏم اﻟﺗﻐﯾﯾرات اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗطﺎﻟﮫ ﺧﻼل ﻣﺳﯾرﺗﮫ اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ؟ وﻣن أﯾن ﯾﺳﺗﻣد اﻟﺷﺧص ﻗﯾﻣﺗﮫ؟
ھل ﻣن ﻣطﺎﺑﻘﺗﮫ واﻧﻐﻼﻗﮫ واﺳﺗﻘﻼﻟﮫ ﻋن اﻟﻌﺎﻟم؟ أم ﻣن ﺧﻼل اﻧﻔﺗﺎﺣﮫ واﻟﺗزاﻣﮫ اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟداﺋم ﺗﺟﺎه اﻟﻌﺎﻟم
واﻵﺧرﯾن؟وھل اﻟﺷﺧص ﺣر ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ وأﻓﻌﺎﻟﮫ وأﻓﻛﺎره أم ﻣﺟﺑر ﺑﺣﺗﻣﯾﺎت )ﻧﻔﺳﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺛﻘﺎﻓﯾﺔ (ﺗﺣدد وﺗﻘﯾد
ﻓﻌﻠﮫ واﻟﺗزاﻣﮫ ﺗﺟﺎه اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺣرﻛﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ؟.
اﻟﻣﺣور اﻷول :ﻣﺎ اﻟﺷﺧص؟
ﻣﻼﺣظﺔ ﻣﮭﻣﺔ:
ﻟﻛﻲ ﻧﺟﯾب ﻋﻠﻰ اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ طرﺣﻧﺎھﺎ ،وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻣﺣور اﻷول اﻟذي ﯾﺟب أن ﻧﻛون دﻗﯾﻘﯾن ﻓﻲ ﺗﺟﺎوز
اﻟﺧﻠط اﻟذي ﯾطﺎل ﺗﻧﺎول ھذا اﻟﻣﺣور ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﺣﺳب اﻟﺗﺻﻧﯾف اﻟذي ﻗدم ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣدرﺳﻲ ،ﯾﺟب
اﻻﻧﺗﺑﺎه أن اﻟﺗﺳﺎؤل ﺣول ﻣﻔﮭوم اﻟﺷﺧص ﺗﺎرﺧﯾﺎ ﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد ھوﯾﺗﮫ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻟذﻟك ﺳﻧﺟﻌل ﺗﺻور ﺑﻠﯾز
ﺑﺎﺳﻛﺎل ھو ﻧﻘطﺔ اﻻﻧطﻼق ﻟﻛﻲ ﻧؤﺳس ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺗﺻورات:
ﺗﻣﻛﻧﻧﻲ ﻣن إدراك "أﻧﺎ" اﻟﺷﺧص وﻣﻌرﻓﺗﮭﺎ ﺑل ﺗﺿﻌﻧﻲ ﻓﻘط أﻣﺎم ﻣﺎ ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻣﻧﮫ وھو ﺟﺳﻣﮫ وﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻋطﻰ ﻣﺛﺎﻟﯾن ﻟﻠﺣب اﻟذي ﯾﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﺎل ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻋرﺿﺎ أو ﻋﻠﻰ ﻗوة اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗظل
ﻓﻘط ﺻﻔﺎت ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻠف واﻟﺗﻼﺷﻲ .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻣﺎ ﻧدرﻛﮫ وﻧﻌرﻓﮫ ﻋن ﺑﻌﺿﻧﺎ اﻟﺑﻌض وﻓﻲ ﺑﻌﺿﻧﺎ ھو ﺻﻔﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ
وﻟﯾس اﻷﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﺗﺻورھﺎ دﯾﻛﺎرت ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺟوھرا ﻣﺗﻣﺎﯾزا ﻋن اﻟﺟﺳم اﻟذي ﺳﯾظل ﻋﺑﺎرة ﻋن آﻟﺔ ﻣﺗﻐﯾرة ﻻ
ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ اﻟﺗﻌﺎﻟﻲ ﻋن اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن.
ﯾﻧطﻠق إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ"اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﺎ" ﻣن ﻧﻔﻲ أي وﺟود ﻟﻠﺷﺧص اﻟذي ﺣددﺗﮫ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ
اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻛﺟوھر ﻣﺗﻔرد وﻣﺗﻌﺎل وﻣﻧﻌزل ﻋن اﻟواﻗﻊ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻹﻧﺳﺎن ﻛﻛﺎﺋن ﺣﻲ ﯾوﺟد
ﻛﺎﺋﻧﯾن"اﻷول ﯾﺗﻛون ﻣن ﻣﺟﻣوع اﻟﺗﺟﺎرب اﻟذاﺗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ وﯾﺳﻣﻰ اﻟﻔرد واﻟﺛﺎﻧﻲ ھو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻧﺳق ﻣن اﻷﻓﻛﺎر
واﻟﻣﻌﺗﻘدات اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﻌﺎدات اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﻣﮭﻧﯾﺔ واﻵراء اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ وﯾﺳﻣﻰ اﻟﻛﺎﺋن اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
اﻟذي ﯾﺗﺷﻛل وﯾﻧﺷﺊ ﻋن طرﯾق اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺷﺧص ﻟﯾس ﻣﻌطﻰ ﺟﺎھز ﯾﺑﻧﻰ ﻓﻲ ﻧوع ﻣن اﻟﻌزﻟﺔ اﻷﻧطوﻟوﺟﯾﺔ ،ﺑل ھو
ﻧﺗﺎج وﺗﺟل ﻟﻧظﺎم اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟﺗﺄھﯾل واﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،إن اﻟﺷﺧص ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻊ دورﻛﺎﯾم ھو ﺗﺟل
اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ﻓﺣﺳب دورﻛﺎﯾم ﻻ ﻧوﻟد أﺷﺧﺎﺻﺎ وﻻ وﺟود ﻟﻠﺷﺧص ﻛﺟوھر ﻣﻔﻛر وﻣﺗﻌﺎل وﻣﺳﺗﻘل ﻛﻣﺎ
ﺗﺻورﺗﮫ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟدﯾﻛﺎرﺗﯾﺔ ﻷﻧﻧﺎ ﺣﺳب دورﻛﺎﯾم ﻧوﻟد ﻓﻘط ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻛﺎﺋﻧﺎت ﺣﯾﺔ)ﺻﻔﺣﺎت ﺑﯾﺿﺎء ﺑﺗﻌﺑﯾر ﺟون
ﻟوك( وﻋن طرﯾق اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟﺗﻧﺷﺋﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗدﺧل ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣن ﻗﺑﯾل -
اﻷﺳرة واﻟﻣدرﺳﺔ واﻹﻋﻼم واﻟﺷﺎرع -واﻟﺗﻲ ﺗزودﻧﺎ ﺑﻘواﻋد اﻟﺳﻠوك واﻟﻠﻐﺔ واﻷﺧﻼق واﻟﻌﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد ﻟﻛﻲ ﻧﺻﯾر
أﺷﺧﺎﺻﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،إﻧﻧﺎ ﻻﻧوﻟد أﺷﺧﺎﺻﺎ ﺑل ﻛﺎﺋﻧﺎت ﺣﯾﺔ)ﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ( وﻋن طرﯾق اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻧﺻﯾر أﺷﺧﺎﺻﺎ ﺣﺳب
دورﻛﺎﯾم.
11
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
إذا ﻛﺎن اﻟﺷﺧص ﻧﺗﺎج ﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﯾﺧﺗرق ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻣوﻣﺎ وﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص ،وﻷﻧﮫ ﻛذﻟك
ﻓﻘد اﻋﺗﺑرت اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻌدة اﻟﺗﻲ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﯾﺗﺟذر وﯾﺗطور ﻣﻔﮭوم اﻟﺷﺧص .ﻋﻠﻣﺎ أن اﻟﺷﺧص ھو ﺗﻌﺑﯾر ﻟﯾس ﻓﻘط ﻋن
اﻧﺗﻣﺎء ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ ،وﻟﻛن ﻋن ﺗﻔرد ﺧﺎص ،ﻟﯾس ﻷﻧﮫ ﺿد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﺑل ﻷﻧﮫ ﯾرﯾد أن ﯾﻛون ﻣﺗﻣﯾزا داﺧﻠﮭﺎ ،ﻓﺑﻘدر ﻣﺎ أن
اﻟﺷﺧص ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺗﻧﺷﺋﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾرﺳم ﻣﺳﺎره اﻟﻔردي واﻟﻧﻔﺳﻲ اﻟﺧﺎص .إﻧﮫ ﯾﺻﺎرع ﻻ ﻣن أﺟل أن ﯾوﺟد
ﻓﻘط ،ﺑل ﻣن أﺟل أن ﯾﻔرض ذاﺗﮫ وﺳط ﻋﺎﻟم اﻵﺧرﯾن ،وﻣن أﺟل أن ﯾﺗﺣرر ﻣن ﻛل اﻟﺳﻠط ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﺳﻠطﺔ ﻓﻛره ،ﻓﺈذا
ﻛﺎن ﻣﺑدأ اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻹﺻطﻼﺣﯾﺔ ﯾﻘﺗﺿﻲ أن ﯾﺣﻘق اﻟﺷﺧص ﻧوع ﻣن اﻟﺗطﺎﺑق اﻟذي ﻗد ﯾﻔﺿﻲ ﺑﮫ
إﻟﻰ اﻹﻧﻐﻼق ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﻟﻛﻲ ﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ھوﯾﺗﮫ ﻟﻛن ﺿرورة "اﻟﻌﯾش ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺔ" ﺗﻔرض ﻧوع ﻣن اﻟﺧروج ﻣن
اﻟﺗﻣرﻛز ﺣول اﻟذات ﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻵﺧرﯾن ﺗﺟﺎرﺑﮭم واﻻﻧﺧراط ﻣﻌﮭم ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻌﺎﻟم ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺑﻧﺎء ﯾﺑﻧﻲ اﻟﺷﺧص
ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ وﯾﻛﺗﺳب ھوﯾﺗﮫ ﻣن ﺗﻔرده ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﺧﺎص وﺷﺧﺻﯾﺎﺗﮭم ،ﻓﻼ أﺣد ﯾﻧﻛر أن اﻟﺷﺧص ﯾﺗﻌرض ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ
ﻟﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﺣوﻻت ،ﺗﺳﮭم ﻓﻲ إﺣداث ﺗﻐﯾرات ﺟذرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺟﺳﻣﮫ ،وﻓﻛره ،ﻟﻛن ﺧﻠف ﻣﺎ ﯾﺗﻌرض ﻟﺗﺑدل
وﺗﺣول ھﻧﺎك ﻋﻧﺻر ﻣﺎ ﯾﺑﻘﻰ داﺋﻣﺎ ھو ھو ،أطﻠق ﻋﻠﯾﮫ اﺳم" اﻟﮭوﯾﺔ" ذﻟك أن ﺛﻣﺔ ﻋﻧﺎﺻر ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾطﺎﻟﮭﺎ
اﻟﺗﻌدﯾل وھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻌطﻲ ﻟﻠﺷﺧص ذاﺗﯾﮫ وﺧﺻوﺻﯾﺗﮫ.
ﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﻧطرح اﻹﺷﻛﺎل اﻵﺗﻲ :ﻣﺎ ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص؟ وﻣن أﯾن ﯾﺳﺗﻣد اﻟﺷﺧص ھوﯾﺗﮫ ھل ﻣن ﻛوﻧﮫ
ﺟوھرا ﻋﺎﻗﻼ وﻣﻔﻛرا وواﻋﯾﺎ وﻣﺳﺗﻘﻼ وأﺧﻼﻗﯾﺎ وﺣﻘوﻗﯾﺎ أم ﯾﺳﺗﻣدھﺎ ﻣن اﻧﺗﻣﺎﺋﮫ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و اﻹﺛﻧﻲ وﻣن
ﻣﻛﺎﻧﺗﮫ ووظﯾﻔﺗﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ؟ ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ﻣﺎ ھو ھذا اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾظل ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻓﻲ اﻟﺷﺧص واﻟذي ﯾﺳﺗﻣد ﻣﻧﮫ ھوﯾﺗﮫ
ﻣﮭﻣﺎ ﺗﻐﯾر دوره واﻧﺗﻣﺎﺋﮫ ووظﯾﻔﺗﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ؟ھل ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ واﻟﺗﻣرﻛز ﺣول اﻟذات أم
ھوﯾﺗﮫ ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻧﻔﺗﺎﺣﮫ اﻟداﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم واﻵﺧرﯾن؟.ھل ﯾﻛﻔﻲ اﻟﻘول ﺑﻣﻌﯾﺎر اﻟﻔﻛر واﻟوﻋﻲ واﻟﺷﻌور واﻟﻘدرة
ﻋﻠﻰ اﻟﺗذﻛر ﻛﺄﺳﺎس ﻟﻠﮭوﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ أم أن ﻟﻺرادة دور ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ھذه اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ؟
اﻟﺗﺻور اﻟدﯾﻛﺎرﺗﻲ :ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻛﺎﻣﻧﺔ ﻓﻲ ﻛوﻧﮫ ﺟوھر ﻣﻔﻛر
ﻧظرا ﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟذي ﻣﺎرﺳﺗﮫ اﻟﺛورة اﻟﻛوﺑرﯾﻧﯾﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻛر روﻧﯾﮫ دﯾﻛﺎرت ﻓﮭذا اﻷﺧﯾر وﺟد ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن
ﻋدم اﻟﯾﻘﯾن واﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر ﻣن اﻟﺗﺻورات اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻷرﺳطﯾﺔ ،ﻟﻛﻧﮫ رﻏم ﻣﺣﺎوﻻﺗﮫ ﻟﻘﻠب ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ وإﯾﺟﺎد
أﺳﺎس ﻣﺗﯾن ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﯾطﺎﻟﮫ اﻟﺷك ﻓﺈن ھذا اﻟﻣﺳﻌﻰ ﻗﺎده ﻟﻼرﺗﻣﺎء ﻓﻲ أﺣﺿﺎن اﻹرث اﻷرﺳطﻲ ﺣﯾﻧﻣﺎ رﺑط دﯾﻛﺎرت
ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﺑﻣدى ﻣطﺎﺑﻘﺗﮫ ﻟذاﺗﮫ وﺑﻘدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر واﻟوﻋﻲ ﻓﻲ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻋن اﻟﻌﺎﻟم وﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟذوات،
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﺷﺧ ص ﻻ ﯾﺻﯾر ﺷﺧﺻﺎ وﻻ ﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﺛﺑﺎﺛﮫ وھوﯾﺗﮫ ﻓﻲ اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن إﻻ إذا ﻛﺎن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ
اﺳﺗﺧدام ﻓﻛره وﻋﻘﻠﮫ اﺳﺗﺧداﻣﺎ ﻣﻧﮭﺟﯾﺎ وﻓﻲ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻋن اﻟﻌﺎﻟم وﺑﺎﻗﻲ اﻷﻏﯾﺎر ،ﻓﻣﺎدام اﻟﺟﺳم ﻟﯾس ﺳوى أﻟﺔ ﺣﺳب
دﯾﻛﺎرت ﻓﻠﯾس ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾﻛون أﺳﺎﺳﺎ ﻟﮭوﯾﺔ اﻟﺷﺧص رﻏم ﻛون ھذا اﻟﺟﺳم ﻣرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻧﻔس ﻋﻧد دﯾﻛﺎرت واﻟﺗﻲ
ﯾﻌﺗﺑرھﺎ دﯾﻛﺎرت إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺟﺳم ﺟوھرﯾن ﻣﺗﻣﺎﯾزﯾن ﻋن ﺑﻌﺿﮭﻣﺎ ،ﻟﻛن اﻟﺟﺳم ﯾظل ﻋﺑﺎرة ﺷﻲء ﻛﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﯾﺎء
اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ ﺣﯾن ھوﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن وﺟوھره ھو ﻛوﻧﮫ "أﻧﺎ ﻣﻔﻛرة" وﺟوھرا ھو اﻟﻧﻔس ﻣﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﺗﻔﻛﯾر
واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺷك واﻹﺛﺑﺎت واﻟﻧﻔﻲ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول دﯾﻛﺎرت"أﻧﺎ أﻓﻛر،أﻧﺎ ﻣوﺟود".
اﻟﻣوﻗف اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ:ﺗﺣﻠﯾل ﻧص ﺟون ﻟوك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣدرﺳﻲ ﻓﻲ رﺣﺎب اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ص 15
12
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺟﻮن ﻟﻮك John Lockeوﻟﺪ ﺳﻨﺔ 1704-1632وھﻮ ﻓﯿﻠﺴﻮف ﺗﺠﺮﯾﺒﻲ وﻣﻔﻜﺮ ﺳﯿﺎﺳﻲ إﻧﺠﻠﯿﺰي.
أھﻢ أﻋﻤﺎﻟﮫ:
اﻟﺷﺧص :ﻛﺎﺋن ﻣﻔﻛر،ﻋﺎﻗل ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﻘل واﻟﺗﺄﻣل ،وﻋﻠﻰ اﻟرﺟوع إﻟﻰ ذاﺗﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﮭﺎ
ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ.
اﻟﺷﻌور :ھو اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺳﺎس و ﺗﻌﻘل اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ
اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ :وﺗﺣﯾل ﺣﺳب ﻟوك ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻛﺎﺋن ھوھو ﻋﺑر اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن
ﻋﺑر اﻟﺣﺎﺿر واﻟﻣﺎﺿﻲ.
ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﻔﺎھﯾﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧص أن ﺟون ﻟوك ﯾرﺑط ﺑﺷﻛل وﺛﯾق ﺑﯾن ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ
اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ.
إﺷﻛﺎل اﻟﻧص:
ﻣن أﯾن ﯾﺳﺗﻣد اﻟﺷﺧص ھوﯾﺗﮫ ھل ﻣن ﻛوﻧﮫ ذاﺗﺎ واﻋﯾﺔ وﻣﻔﻛرة وﻣﺗﺄﻣﻠﺔ أم ﻣن ﻛوﻧﮭﺎ ذات ﻟدﯾﮭﺎ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ
اﻹﺣﺳﺎس واﻟﺷﻌور ﺑذاﺗﮭﺎ وﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺣﯾط ﺑﮭﺎ؟
اﻷﻓﻛﺎر اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻧص:
ﯾﻧطﻠق ﺟون ﻟوك ﻣن ﺗﻌرﯾف ﻣﻔﮭوم اﻟﺷﺧص ﺑﻛوﻧﮫ ذاﺗﺎ ﻣﻔﻛرة وﻋﺎﻗﻠﺔ وﻣﺗﺄﻣﻠﺔ وﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻘل
اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺎﺳﺗﻘﻼل ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟذوات ،ﻟﻛن ھذا اﻟﻔﻛر اﻟﻣﻣﯾز ﻟﻠﺷﺧص ﯾظل ﻣﻘﺗرﻧﺎ وﻣﻣﺗﻠﺋﺎ ﺑﻣﻌطﯾﺎت
اﻟﺷﻌور)اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺳﺎس(.
ﯾﻧﺗﻘل ﺟون ﻟوك ﻟﯾﻌطﻲ ﻣﺛﺎﻻ ﯾﺑﯾن ﻣن ﺧﻼﻟﮫ اﻹرﺗﺑﺎط اﻟوﺛﯾق ﺑﯾن أﺣﺎﺳﯾس اﻟﺷﺧص وﺑﯾن ﻣﻌﺎرﻓﮫ،
ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺷﺧص أن ﯾﻌرف ﺣﺳب ﺟون ﻟوك إﻻ ﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﺣس ﺑﮫ.
ﯾﻧﺗﮭﻲ ﺟون ﻟوك إﻟﻰ اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻟﻠﺷﺧص ھو ﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺳﺎس
واﻟﺷﻌور واﻟﺗذﻛر ﻟﺗﺟﺎرﺑﮫ وإﺣﺳﺎﺳﺎﺗﮫ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ﺟوھر ﻣﻣﯾز ﻟﮭذه اﻟذات ﻛل ﻣﺎ ھﻧﺎك ھو ﻗدرة
اﻟذات ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺳﺎس وﺗذﻛر ﺗﺟﺎرﺑﮭﺎ ﻋﺑر اﻟزﻣﻛﺎن.
اﻷطروﺣﺔ:
ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﮭم اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ" ﺗﻌرض ﺟون ﻟوك ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺣﯾث أﻛد ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ
ﯾﺣدد ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ھو ﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻌور واﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،ﻓﻠﯾس ھﻧﺎك ھوﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻟدى اﻟﺷﺧص
وﻣﻌطﺎة ﺑﺷﻛل ﻗﺑﻠﻲ ﺑل اﻟﮭوﯾﺔ ھﻲ ﺛﻣرة ﻟﻼﻧطﺑﺎﻋﺎت وأﺣﺎﺳﯾس وﺗﺟﺎرب اﻟذات اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﻌرف أي ﺷﻲء
ﻋن ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺑﻣﻌزل ﻋن ﻗدرﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺳﺎس ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻣﺎ ھو ﺛﺎﺑث ﻓﻲ اﻟﺷﺧص ھو ﺗﻣﯾزه ﺑﻛوﻧﮫ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗذﻛر
ﻣﺎ ﻛﺎ ن ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻟﺣﺎﺿر ،إذ ھذه اﻟذات ﺗوﻟد ﺻﻔﺣﺔ ﺑﯾﺿﺎء وﻛل ﻣﺎ ﺗﻌرﻓﮫ ﻻﺣﻘﺎ ھو ﻣﺎ ﺧطﺗﮫ اﻟﺗﺟرﺑﺔ
13
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
واﻟﺷﻌور.وﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﻓﺎﻟذاﻛرة ﻟﯾﺳت ﻣﻌطﻰ ﻓطرﯾﺎ ﺑل ھﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ وﻋﺎء ﯾﻣﻠﺊ وﯾﺷﻛّل ﺑﺗﺟﺎرب اﻟﺷﺧص
وأﺣﺎﺳﯾﺳﮫ وأﻓﻛﺎره وﺗﻣﺗﻼﺛﮫ وﺗﺻوراﺗﮫ ،وﻛل ﻣﺎ ظل ھذا اﻟﺷﺧص ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗذﻛر ھذه اﻟﺗﺟﺎرب واﻷﺣﺎﺳﯾس ﻛﻠﻣﺎ
ﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ھوﯾﺗﮫ وﺛﺑﺎﺛﮫ ووﺣدﺗﮫ ﻓﻲ اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن.
ﯾﻧطﻠق ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻧص ﻣن ﻧﻔﻲ أن ﯾﻛون اﻟﺟﺳم ھو ﻣﺎ ﯾﺣدد ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻷﻧﮫ ﻣﺟرد
ﻋرض زاﺋل وﻣﺗﻐﯾر ﻓﻲ ﺣﯾن أن ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻋﻧد ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻣﺎ ھو ﺛﺎﺑث ﻓﻲ ھذا اﻟﺷﺧص
ﻣﮭﻣﺎ ﺗﻐﯾرت أﻋراﺿﮫ)اﻟﺟﺳم/اﻟﺳن/اﻟﺷﻛل/اﻟﻠون.(...
ﯾﻧﺗﻘل ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻟﯾﺣدد ﻣﻣﯾزات اﻟﮭوﯾﺔ وﯾﺣددھﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺣﺎﻓظ ﻟﻠﺷﺧص ﻋﻠﻰ ﺛﺑﺎﺗﮫ ﻛﻣﺎ ﯾوﺟﮫ ﻧﻘدا
ﺟذرﯾﺎ ﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟوﻋﻲ اﻟﺗﻲ أﻛدت ﻋﻠﻰ أن ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻘدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر )اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟدﯾﻛﺎرﺗﯾﺔ(أو ﺑﻘدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺗذﻛر واﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ )اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﻣﻊ ﻟوك(وﻛﻠﮭﺎ ﻣﺣددات
ﻣﻌرﺿﺔ ﻟﻠﺗﻠف واﻟﺗﺣول وﯾطرح ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻋوض ذﻟك ﻣﻔﮭوم اﻹرادة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ھو ﻣﺎ ﯾﺣدد ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص
واﻟوﺟود.
ﯾﻧﺗﮭﻲ ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻟﯾوﺿﺢ أن ﻓﻌل اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ھو أﺳﺎس ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻷﻧﮫ ﻣﺟرد
وظﯾﻔﯾﺔ ﻣن وظﺎﺋف اﻟدﻣﺎغ اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺻﺎب ﺑﺎﻟﺗﻠف ﻓﮭوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻟﯾﺳت ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ أو اﻟﺷﻌور
واﻟﺗذﻛر ﺑل ھﻲ إﺣﺳﺎس ﺗراﻧﺳﻧدﻧﺗﺎﻟﻲ ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ واﻟزﻣﺎن اﻟﻣﻛﺎن ﯾدﻓﻊ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ أن ﯾرﻏب
وﯾرﯾد أو ﻻ ﯾرﯾد.
اﻷطروﺣﺔ:
ﯾداﻓﻊ ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻓﻲ ﻧﺻﮫ ﻋﻠﻰ أن أﺳﺎس ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ھو اﻟﺟﺳم أو اﻟﺟﺳد ﻷﻧﮫ ﻋرض
ﻣﺗﻐﯾر ،ﻛﻣﺎ ﯾﻧﻔﻲ أن ﺗﻛون اﻟذاﻛرة أو اﻟﺷﻌور ﻷﻧﮭﺎ ﻗدرات ﻣﻌرﺿﺔ ﻟﻠﺗﻠف ،ﻛﻣﺎ ﯾﻧﻔﻲ أن ﺗﻛون اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎج
اﻟﻣﻌرﻓﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺣدد ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﺑل ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻋﻧد ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻹرادة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣﺎ ﯾﺣدد ھوﯾﺔ
اﻟﺷﺧص ،واﻹرادة ﻋﻧد ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻻ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﻔﻌل اﻟواﻋﻲ اﻟﻣﺳﺗرﺷد ﺑﺎﻟﻌﻘل ،ﺑل ھﻲ إرادة اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر ﻋن
ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻛﺎﻧدﻓﺎع أﻋﻣﻰ ﻻ ﻋﺎﻗل ﻧﺣو اﻟﺣﯾﺎة ،ﻓﺎﻹرادة ﻋﻧد ﺷوﺑﻧﮭﺎور ھﻲ أن ﻧرﯾد وأن ﻧرﻏب وﻣن ﺛم ﻓﺎﻹرادة ھﻲ
اﻟرﻏﺑﺎت واﻻﻧدﻓﺎﻋﺎت واﻟﻣﯾوﻻت ﻣن ﻛل ﻧوع ،وھﻲ ﺗﻣﺗد ﻓﯾﻣﺎ وراء اﻟﺣﯾﺎة اﻟواﻋﯾﺔ ﻟﺗﺷﻣل أﯾﺿﺎ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻼواﻋﯾﺔ
واﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻼﻋﺿوﯾﺔ ﻛذﻟك ،واﻹرادة ﻋﻧد ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻟﯾﺳت ﻓردﯾﺔ ﺑل ھﻲ ﺗﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘل اﻟﻔردي ﻟﺗﺷﻣل اﻟﺳواد
اﻷﻋظم ﻷﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺿرورة ﺑذات ﻋﺎﻗﻠﺔ وواﻋﯾﺔ ،ﺑل ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟوﻋﻲ وﻓﻲ ھذا
اﻟﺻدد ﯾﻘول ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﻌﺎﻟم إرادة وﺗﻣﺛل" :ﻓﺎﻹرادة ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ ﻗوى اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻼﻋﺿوﯾﺔ ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﺎل -
ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل -ﻓﻲ ﻗوة اﻟﺟﺎذﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟذب اﻟﺣدﯾد إﻟﻰ اﻟﻣﻐﻧﺎطﯾس واﻷرض إﻟﻰ اﻟﺷﻣس وﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ
اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ درﺟﺎﺗﮭﺎ ﺑدءا ﻣن اﻟﻧﺑﺎت ﺣﺗﻰ اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي ﺗﻘﺗرن ﻓﯾﮫ اﻹرادة ﺑﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟوﻋﻲ ،ﻏﯾر أن ھذا
ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻹرادة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺗﺻﺑﺢ ﻋﺎﻗﻠﺔ ،ﻷن ﻋﻘل اﻟﺳواد اﻷﻋظم ﻣن اﻟﻧﺎس ﯾﻛون ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻹرادﺗﮫ وﻓﻲ
ﺧدﻣﺗﮭﺎ ،ﻓﻧﺣن ﻻ ﻧرﯾد ﺷﯾﺋﺎ ﻷﻧﻧﺎ وﺟدﻧﺎ أﺳﺑﺎﺑﺎ ﻟﮫ ،وإﻧﻣﺎ ﻧﺟد أﺳﺑﺎﺑﺎ ﻟﮫ ﻷﻧﻧﺎ ﻧرﯾده ،وﺑوﺟﮫ ﻋﺎم ﻟم ﯾﺗﻣﻛن أﺣد أن
ﯾﻘﻧﻊ أﺣدا ﺑﺎﻟﻣﻧطق ،أو ﺑﺎﻟﻌﻘل أو ﺑﺎﻟﺗﺻورات اﻟﻣﺟردة ،ﻓﻠﻛﻲ ﯾﻘﻧﻌﮫ ﯾﺟب أن ﯾﺧﺎطب إرادﺗﮫ" .وﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ
اﻟﺗﺧﻠص ﻣن ﻗﮭرﯾﺔ اﻹرادة ﺣﺳب ﺷوﺑﻧﮭﺎور إﻻ اﻟﻔﻧﺎن اﻟﻣﺑدع اﻟذي ﯾﺗﺣرر ﻣن اﻹرادة وﻗﺗﯾﺎ أﺛﻧﺎء رؤﯾﺗﮫ اﻹﺑداﻋﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﺻﺑﺢ ﻣﻌرﻓﺔ ﺧﺎﻟﺻﺔ ﻧزﯾﮭﺔ وﻣﺗﺣررة ﻣن ﻋﺑودﯾﺔ اﻹرادة ،واﻟزاھد اﻟﻘدﯾس اﻟذي ﯾﺗﺣرر ﻣن ﻋﺑودﯾﺔ اﻹرادة
ﺑﺷﻛل داﺋم ﻣن ﺧﻼل وأد رﻏﺑﺎﺗﮫ ،إن اﻹرادة ﻋﻧد ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﺗﻌﺑر ﻋن ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺑوﺻﻔﮭﺎ اﻧدﻓﺎع أﻋﻣﻰ ﻻ ﻋﺎﻗل ﻧﺣو
14
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﺣﯾﺎة ،ﻣن ﺧﻼل ﻛﻔﺎح أﺑدي وﺻراع ﻻ ﯾﮭدأ ﻣن أﺟل ﺣﻔظ ﺣﯾﺎة اﻟﻔرد وﺑﻘﺎء اﻟﻧوع ،وھو ﻛﻔﺎح وﺻراع ﻻ ﯾﺗوﻗف
إﻻ ﺑﺎﻟﻣوت وﻟﻛن اﻟﻣوت ﻻ ﯾﻧﮭﻲ ﻣﻌﺎﻧﺎة وﺷﻘﺎء اﻹﻧﺳﺎن)أو اﻟﺑﺷر( ﻷﻧﮫ ﯾﻧﮭﻲ ﻓﺣﺳب اﻹرادة ﻛﻣﺎ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻔرد
وﻟﻛن اﻹرادة ﺗواﺻل وﺟودھﺎ ﻓﻲ اﻟﻧوع اﻟﺑﺷري وﻣن ھﻧﺎ ﻓوﺣدھﺎ اﻹرادة ﻣﺎ ﯾﺷﻛل ھوﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﺳواء ﻛﺎن ﻓردا
أو ﺟﻣﺎﻋﺔ.
15
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺷﺧص؟
ﺗﻘدﯾم ﻋﺎم ﻟﻠﻣﺣور:
إن اﻟﻣﺗﺄﻣل ﻟﮭذا اﻟﻌﺎﻟم ﯾﻼﺣظ ﺑﺄﻧﮫ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺳﺗﺧدم ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم ،اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن
اﻟﻧﺑﺎت إﻟﻰ اﻟﺣﯾوان دون أن ﯾﺻدر ﻋن ھذه اﻷﺧﯾرة أي رد ﻓﻌل ﺧﺎص ﺑﮭﺎ ﻣﺎداﻣت ﻋﺑﺎرة ﻋن أﺷﯾﺎء
أو ﻣوﺟودات ﺗﺗﻘﺑل طﺑﯾﻌﺗﮭﺎ ﺑﺷﻛل ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ،ﻟﻛن ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك ﻓﺎﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ ﯾﻧﻔﻲ وﯾرﻓض أن
ﯾوظف ﻣﺛل ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ،ﻟذﻟك ﻧﺟده ﯾطﺎﻟب ﺑﺿرورة اﺣﺗراﻣﮫ وﺗﻘدﯾره.
إن ھذا اﻟﻣطﻠب اﻟذي ﯾرﻓﻌﮫ اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ ﺿد ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻏﯾﺎر واﻟذي ﯾوﺣﻲ ﺑﺄن ھذا اﻟﻛﺎﺋن ﺣﺎﻣل
ﻟﻘﯾﻣﺔ ﻣﺎ ﺗﺟﻌﻠﮫ ﯾرﻓض أن ﯾﻌﺎﻣل ﻣﺛل ﻣوﺟودات اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻘول ھﯾﻐل ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ"اﻹﺳﺗطﯾﻘﺎ" ھو ﻣﺎ
أﻋطﻰ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻟﻠﻔﻼﺳﻔﺔ ﻟﻛﻲ ﯾﺳﺎﺋﻠوا اﻷﺳﺎس اﻟذي ﯾﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ ھذا اﻟﻣطﻠب اﻟذي
ﯾﻠﺧص ﻓﻲ ﻧداﺋﮫ اﻟداﺋم"اﺣﺗرﻣوﻧﻲ ﻓﻠﺳت ﺷﻲء أو ﺑﺿﺎﻋﺔ" .ﻓﻣن أﯾن ﯾﺳﺗﻣد اﻟﺷﺧص ﻗﯾﻣﺗﮫ؟ ھل
اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻛوﻧﮫ ﺷﺧﺻﺎ ﻣﺎﻟﻛﺎ ﻟﻠوﻋﻲ واﻟﻔﻛر واﻟﺣرﯾﺔ واﻷﺧﻼق واﻟﺣﻘوق أي ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ
ذاﺗﮫ أم ﻣن ﻛوﻧﮫ وﺳﯾﻠﺔ ﯾﻣﻛن ﺗوظﯾﻔﮭﺎ ﻷﺟل ﻏﺎﯾﺎت أﺳﻣﻰ ﻣﻧﮫ؟)ﻣﺛﻼ ﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﯾﮫ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ
ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﺟﻧدي(.
اﻹﺷﺗﻐﺎل ﻋﻠﻰ ﻧص ﺑدﯾل داﺧل اﻟﻔﺻل ﻹﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط /ﻣﻘﺗطف ﻣن ﻛﺗﺎﺑﮫ ﺗﺄﺳﯾس ﻣﯾﺗﺎﻓزﯾﻘﺎ
اﻷﺧﻼق
اﻷﻓﻛﺎر اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻧص:
ﯾرﻓض إﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط اﻟﻧظر ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻣن اﻟزاوﯾﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺻرﻓﺔ ﻷﻧﻧﺎ ﺑﮭذه اﻟﻧظرة
ﻧﻛون ﻗد ﺣططﻧﺎ ﻣن ﻗﯾﻣﺗﮫ وﺟﻌﻠﻧﺎه ﺷﺑﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﺣﯾوان.
ﯾﻧﺗﻘل إﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻟﯾﺑﯾن ﻟﻧﺎ ﺟواﻧب اﻟﻘﺻور ﻓﻲ اﻟﺗﺻور اﻟذي ﯾﻘﯾم اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺧﻼل
اﻣﺗﻼﻛﮫ ﻟﻣﻠﻛﺔ اﻟﻔﮭم)اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌرﻓﺔ وﺗﻧظﯾم ﻣﻌطﯾﺎت اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ/اﻟﺗﺟرﺑﺔ( وﯾرﻓض
ﻛﺎﻧط أن ﻧﻧظر ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ذاﺗﺎ ﻋﺎرﻓﺔ ﻷن ھذا اﻟﺗﺻور ﺳﯾﺟﻌل ﻣن اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺿﺎﻋﺔ
وﯾﺿرب ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﻧﺎس.
ﯾﺑﯾن ﻛﺎﻧط أن ﻣﺎ ﯾﺳﻣو ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻋن اﻷﺷﯾﺎء ھو اﻟﻧظر إﻟﯾﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺷﺧﺻﺎ أي
ذاﺗﺎ أﺧﻼﻗﯾﺔ ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻟﻌﻘل ﻋﻣﻠﻲ/أﺧﻼﻗﻲ ،وﻣﺎﻟﻛﺎ ﻟﻛراﻣﺔ ﺗﺟﻌل ﻣﻧﮫ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮫ وﻟﯾس وﺳﯾﻠﺔ
ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ ﻣن طرف أي ذات ﺣﺳب رﻏﺑﺎﺗﮭﺎ و ﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ.
وﯾﺟﻌﻠﮫ ﺷﺑﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﺣﯾوان ﻛﻣﺎ ﯾوﺟﮫ ﻧﻘدا ﻟﻠﺗﺻورات اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر ﻟﻘﯾﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻛوﻧﮫ
ﻣﺎﻟﻛﺎ ﻟﻣﻠﻛﺔ اﻟﻔﮭم ،أي ذاﺗﺎ ﻋﺎرﻓﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌرﻓﺔ وﺗﻧظﯾم ﻣﻌطﯾﺎت اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻷن ﺗﻘدﯾر
اﻹﻧﺳﺎن واﺣﺗراﻣﮫ ﻓﻘط ﻟﻛوﻧﮫ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺳﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﺧل ﺑﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟﻧظر ﻟﻺﻧﺳﺎن
وھو ﻣﺎ ﺳﯾﺟﻌل ﻣﻧﮫ ﺳﻠﻌﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻘوﯾم ﺑﺳﻌر ﻣن اﻷﺳﻌﺎ ،وﻟم ﯾﻘف إﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻋﻧد ھذا اﻟﺣد ،ﺑل
وﺟﮫ ﻧﻘدا ﻻذﻋﺎ ﻟﻠﺗﺻورات اﻟﻧﻔﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻣن زاوﯾﺔ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن
ﯾﻘدﻣﮭﺎ ﻟﻠذات ،وﯾطرح ﻟﻧﺎ ﻛﺎﻧط ﺗﺻورا ﺑدﯾﻼ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﺳﻣوا ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء واﻟﺣﯾواﻧﺎت،
ﻓﺣﯾن ﻧﻧظر ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺷﺧﺻﺎ أي ﺣﺎﻣﻼ ﻟﻌﻘل أﺧﻼﻗﻲ/ﻋﻣﻠﻲ ﯾﻣﻛﻧﮫ ﺣﯾﻧﮭﺎ وﻓﻘط أن ﯾﺳﺗﻣد ﻗﯾﻣﺗﮫ
اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻛوﻧﮫ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮫ وﻟﯾس وﺳﯾﻠﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺗﺧدام ﻣن طرف أي ذات ﺣﺳب ﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ
ورﻏﺑﺎﺗﮭﺎ ،ﻓﺎﻟﻧظرة ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺷﺧﺻﺎ ،ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﻘدره وﻧﺣﺗرﻣﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺣﺎﻣﻼ ﻟﻛراﻣﺔ ﻏﯾر
ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻘﯾﯾم ﺑﺳﻌر ،وأي ﺣط أو اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﻛراﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن ھو اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﻣﻌﺎء وھو ﻣﺎ
ﯾؤﻛده ﻛﺎﻧط ﺑﻘوﻟﮫ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﺗﺄﺳﯾس ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ اﻷﺧﻼق"":ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﻌﺗﺑره ﺷﺧﺻﺎ ،أي ﻛذات ﻟﻌﻘل
أﺧﻼﻗﻲ ﻋﻣﻠﻲ ،ﺳﻧﺟده ﯾﺗﺟﺎوز ﻛل ﺳﻌر.وﺑﺎﻟﻔﻌل ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﻘدره ﺑوﺻﻔﮫ ﻛذﻟك أي ﺑوﺻﻔﮫ ﺷﯾﺋﺎ
ﻓﻲ ذاﺗﮫ-ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺎت اﻵﺧرﯾن أو وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺎﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،-ﺑل ﯾﻣﻛن ﺗﻘدﯾره ﻛﻐﺎﯾﺔ
ﻓﻲ ذاﺗﮫ .وھذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧﮫ ﯾﻣﺗﻠك ﻛراﻣﺔ،وﺑﺎﻣﺗﻼﻛﮫ ﻟﮭذه اﻟﻘﯾﻣﺔ ﯾرﻏم ﻛل اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ اﻷﺧرى ﻋﻠﻰ
اﺣﺗرام ذاﺗﮫ".
اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺣﺟﺎﺟﯾﺔ ﻟﻠﻧص:
اﻧﺳﺟﺎﻣﺎ ﻣﻊ روح اﻟﺧطﺎب اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺧطﺎﺑﺎ ﺣﺟﺎﺟﯾﺎ أﺳس إﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻷطروﺣﺗﮫ
ﺑﺎﻹﻧطﻼق ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻧص ﻣن ﻋرﺿﮫ ﻟﻠﺗﺻور اﻟﻌرﻓﻲ اﻟذي ﯾﻧظر ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻣن اﻟزاوﯾﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ
اﻟﺻرﻓﺔ وﯾﺗﻣﺛل ذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ"ﯾﻌﺗﺑر اﻹﻧﺳﺎن داﺧل ﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﺔ-ﻛظﺎھرة ﻣن ظواھر اﻟطﺑﯾﻌﺔ
وﻛﺣﯾوان ﻋﺎﻗل-ﻛﺎﺋﻧﺎ ﻏﯾر ذي أھﻣﯾﺔ ﻗﺻوى"ﻓﺈﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻣن ﺧﻼل ﺗوظﯾﻔﮫ ﻷﺳﻠوب اﻟﻌرض ﻓﻲ
ﺑداﯾﺔ اﻟﻧص ﯾﮭدف إﻟﻰ ﺗوﺿﯾﺢ ﺣدود اﻟﺗﺻور اﻟﻌرﻓﻲ اﻟذي ﯾﺣﺻر اﻹﻧﺳﺎن داﺧل اﻟزاوﯾﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ
وھو ﻣﺎ ﯾﺣط ﻣن ﻗﯾﻣﺗﮫ ،ﻟﻛن إﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻻﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺎﻟﻌرض ﺑل ﯾوظف اﻻﺳﺗدراك اﻟذي ﯾﺗﻐﯾﻰ ﻣن
ﺧﻼﻟﮫ ﻋرض وﺟﮭﺔ اﻟﻧظر اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﯾّم اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ذاﺗﺎ ﻋﺎرﻓﺔ وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﮫ ﺷﺑﯾﮭﺎ
ﺑﺎﻟﺳﻠﻌﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﺳوق وﯾﺑدوا ذﻟك واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﻗول ﻛﺎﻧط" ﻟﻛن إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻣﺗﻼﻛﮫ ﻣﻠﻛﺔ
اﻟﻔﮭم-اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺟﻌﻠﮫ ﯾﺳﻣو ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻷﺧرى ،وﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد ﻏﺎﯾﺎت ﻟﻧﻔﺳﮫ-ﻻﯾﻛﺳب
ﺑذﻟك إﻻ ﻗﯾﻣﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻧﻔﻌﯾﺔ" ،وﺑﻌد ﻋرﺿﮫ ﻟﻛل ھذه اﻟﺗﺻورات ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ ﻛﺎﻧط أن اﻟﺳﻣو ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮫ وﻟﯾس وﺳﯾﻠﺔ رھﯾن ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﯾﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺷﺧﺻﺎ ،ﺣﺎﻣﻼ ﻟﻺﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﺧﺻﮫ
وھو ﻣﺎ ﯾﺑدوا واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ"وھﻛذا ﺗﻛون اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﺷﺧﺻﮫ ﻣوﺿوع اﺣﺗرام ﯾﻣﻛﻧﮫ
أن ﯾﻠزم ﺑﮫ ﻛل اﻵﺧرﯾن .
ﺗﺻور ﺟورج ﻏوﺳدروف:اﻟﺷﺧص ﯾﺳﺗﻣد ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ واﻟﺗﺿﺎﻣن
17
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾﻧطﻠق ﻏوﺳدروف ﻓﻲ ﺗﺻوره ﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺷﺧص ﻣن إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗﺻورات اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ
واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﺻورات اﻟﻠﺑراﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ رﻛزت ﻋﻠﻰ إﻋطﺎء ﻗﯾﻣﺔ ﻟﻠﻔرد ﻋﻠﻰ
ﺣﺳﺎب اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،ھذه اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﻔردﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﺗﻘدﯾﺳﮭﺎ ﯾﺧﻔﻲ أﺑﻌﺎدا اﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ اﻟدﻓﻊ ﺑﺎﻟﻔرد
ﻟﻛﻲ ﯾﺗﺣرر ﻣن ﻛل اﻟﺗزام أﺧﻼﻗﻲ ﺗﺟﺎه اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻣﻔﻛرا ﻓﻘط ﻓﻲ ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ وأھداﻓﮫ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ،
وﻋوض ذﻟك ﯾؤﻛد ﻏوﺳدروف ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟﺷﺧص اﻷﺧﻼﻗﻲ ھو اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟوﻋﻲ ﺑوھم
اﻟﻔرداﻧﯾﺔ اﻟذي ﺗﺳﻌﻰ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ ﺗﻛرﯾﺳﮭﺎ واﻹﺗﺟﺎه ﻧﺣو اﻹﻧدﻣﺎج واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ﻓﻲ
ﺑﻧﺎء ﻋﺎﻟم ﯾﺳوده اﻟﺗﺿﺎﻣن ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ أﻓراده ،وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﺗﺻﺑﺢ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺷﺧص ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻘدرﺗﮫ
ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻔﻌﻠﻲ واﻟﻌﻣﻠﻲ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻋن ﺗﺿﺎﻣﻧﮫ وﻣﺂزرﺗﮫ واﻟﺗزاﻣﮫ ﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن أﺧﻼﻗﯾﺎ وﺳﯾﺎﺳﯾﺎ
ﻣن أﺟل ﺗﺣرﯾر اﻟﻌﺎﻟم ﻣن اﻷوھﺎم اﻟﺗﻲ ﺗرﻏب اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻛرﯾﺳﮭﺎ ﻋن طرﯾق ﻣﺧﺗﻠف وﺳﺎﺋﻠﮭﺎ
اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘﺎرن ﺑﯾن اﻟﻔرد اﻟذي ﯾﻌﯾش أوھﺎﻣﺎ ﺑﺎﻋﺗﻘﺎده "أﻧﮫ اﻣﺑراطور داﺧل
إﻣﺑراطورﯾﺔ ،ﻓﯾﺿﻊ ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻟﻌﺎﻟم وﻓﻲ ﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ،ﺑﺣﯾث ﯾﺗﺻور ﻧﻔﺳﮫ ﻛﺑداﯾﺔ
ﻣطﻠﻘﺔ .وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﯾدرك اﻟﺷﺧص اﻷﺧﻼﻗﻲ أﻧﮫ ﻻ ﯾوﺟد إﻻ ﺑﺎﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ" .إن اﻟﺷﻌور
اﻷﺧﻼﻗﻲ ﯾﻔرض ﺣﺳب ﻏوﺳدروف،اﻹﯾﻣﺎن ﺑﺄن اﻟﻌﺎﻟم ﻟﯾس ﻓﺿﺎء ﻟﻠذات وﺣدھﺎ ،وإﻧﻣﺎ ھو ﻓﺿﺎء
ﻟﺗﻼﻗﻲ ذوات ﻛﺛﯾرة ،ﺗﺗﻌﺎون ﺟﻣﯾﻌﮭﺎ ﻣن أﺟل اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ واﺣدة ،وھﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻘﯾم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ واﻟﻌف ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﻋن ﻛل ﻓﻛر أﻧﺎﻧﻲ وﻣﺗوﺣش".
ﯾورﻏن ھﺎﺑرﻣﺎس:اﻟﺷﺧص ﯾﺳﺗﻣد ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻣن ﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺑرﯾر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻷﻓﻌﺎﻟﮫ
ﯾداﻓﻊ اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﯾورﻏن ھﺎﺑرﻣﺎس ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ" ﻋﻠﻰ أن ﻗﯾﻣﺔ
اﻟﺷﺧص/اﻟﻔﺎﻋل ﻻﯾﺳﺗﻣدھﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﻣﺎﺑﻌد اﻟدوﻟﺔ-اﻷﻣﺔ ﻣن اﻧﺗﻣﺎﺋﮫ اﻟﺟﻐراﻓﻲ أو اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ أو اﻟدﯾﻧﻲ أو
اﻟﻌرﻗﻲ أو ﻣن ﻣﻛﺎﻧﺗﮫ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺑل ﻣن ﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﺑرﯾر أﻓﻌﺎﻟﮫ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
ﺗﺑرﯾرا ﻋﻘﻼﻧﯾﺎ ﻟﺑﺎﻗﻲ اﻟذوات اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻘﺎﺳم ﻣﻌﮭﺎ اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻌﻣوﻣﻲ ،إن ھﺎﺑرﻣﺎس ﯾﻧطﻠق ﻣن ﻧﻘده اﻟﺷدﯾد
ﻟﻠﺷﺧص اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘل اﻟذي ﯾﺷرع ﻷﻓﻌﺎﻟﮫ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﺑﻣﻌزل ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟذوات ﻛﻣﺎ ھو اﻷﻣر ﻓﻲ
اﻟﺗﺻور اﻟﻛﺎﻧطﻲ ،ﻓﺎﻷﺧﻼق ﻏﯾر ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﻧظر إﻟﻰ اﻟﺷﺧص ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻗﯾﻣﺔ ﺑل ﻻﺑد أن ﯾﺳﺗﻣد اﻟﺷﺧص
ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ دوﻟﺔ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون ھو اﻟوﺳﯾط اﻟوﺣﯾد
اﻟذي ﯾﺟب أن ﯾﺳﺗﻣد اﻟﺷﺧص ﻣﻧﮫ ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻣﻧﺎ اﻟﯾوم .وﻣن ﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام ﻋﻘﻠﮫ اﺳﺗﺧداﻣﺎ
ﻧﻘدﯾﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ دون أي ﺗﺄﺛﯾر ﻣن طرف اﻟﺳﻠطﺔ.
ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس:اﻟﺷﺧص ﻣﺟرد وھم ﺑرﺟوازي وﻻ ﻗﯾﻣﺔ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ
ﯾﻧظر ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺷﺧص ﻣن ﻣﻧظور طﺑﻘﻲ ﻣﺣض ،ﻓﺎﻟﺷﺧص ﻋﻧد ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ھو
ﻋﺑﺎرة ﻋن وھم ﺑرﺟوازي وﻻ ﯾﺣﻣل أﯾﺔ ﻗﯾﻣﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻛﻣﺎ ﺗﺻوره اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑل ﯾﺳﺗﻣد ﻗﯾﻣﺗﮫ ﻓﻲ ھذا
اﻟﻧظﺎم اﻧطﻼﻗﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﻧﺗﺟﮫ ،ﻟﻛن رﻏم ذﻟك ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن أﺑﺷﻊ أﺳﺎﻟﯾب اﻻﺳﺗﻐﻼل ﻣﺎداﻣت وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج
ﻓﻲ ﯾد اﻟطﺑﻘﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ،وﻟﻛﻲ ﺗﻛون ﻟﻸﻓراد ﻗﯾﻣﺔ ﻻﺑد ﻣن ﺗﺣررھم ﻋن طرﯾق اﻟوﻋﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ
18
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﺑروﻟﯾﺗﺎرﯾﯾن ﺑﻣوﻗﻌﮭم اﻟطﺑﻘﻲ ﻣن وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﺛورة ھﻲ اﻟطرﯾق اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﻘﺿﺎء
ﻋن ﻣﺎ ﯾﻌوق ﺗﺣرر اﻷﻓراد وﺑروز ﺷﺧﺻﯾﺎﺗﮭم ،وﺑﺎﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ وﺑﻧﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻟﺷﯾوﻋﻲ ﺳﯾﺻﺑﺢ ﻟﻠﻔرد ﻗﯾﻣﺔ ﯾﺳﺗﻣدھﺎ ﻣن وﺟوده اﻟواﻗﻌﻲ ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ ﯾﺟﻌل ﻣﻧﮫ ﻣﺎﻟﻛﺎ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج.
19
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾﻣر ﺳﺎرﺗر إﻟﻰ اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن اﻹﻧﺳﺎن ﺣر ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ،ﻓﺎﻟﺣرﯾﺔ ھﻲ ﻣﺎھﯾﺔ اﻟﻔﻌل
اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ.
ﯾﻧﺗﮭﻲ ﺳﺎرﺗر إﻟﻰ اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن ﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺗﺟﻌﻠﮫ ﻣﺳؤوﻻ ﻋن أﻓﻌﺎﻟﮫ
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺎﻣﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻼ ﻣﺟﺎل ﻟﻸﻋذار أو اﻟﺗﺑرﯾر أو اﻹﻧﻔﻌﺎﻻت ﻷن اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺳؤول ﻋن
أﻓﻌﺎﻟﮫ وإﻧﻔﻌﺎﻻﺗﮫ وﻟدﯾﮫ ﺳﻠطﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ.
ﺗﺻور ﺟون ﺑول ﺳﺎرﺗر:اﻟﺷﺧص ﺣر ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ وﻣﺳؤول ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻋن أﻓﻌﺎﻟﮫ
واﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ
ﯾﻧظر ﺳﺎرﺗر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻷﺳﺎس "اﻟوﺟود واﻟﻌدم" وﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟوﺟودﯾﺔ ﻧزﻋﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ" ﻟﻠوﺟود
اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻓﻌﻼ acteوﻟﯾس ﺣﺎﻟﺔ étatﻷن اﻟوﺟود ﻓﻲ ﺻﻣﯾﻣﮫ ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ھو اﻧﺗﻘﺎل ﻣن
اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟواﻗﻌﯾﺔ وھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺣرﯾﺔ اﻹرادة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ،ﻓﺎﻟوﺟود اﻟطﺑﯾﻌﻲDasien
اﻟﻣﻣﻧوح ﻟﻧﺎ ﻗﺑل أي ﻣﺟﮭود ﺷﺧﺻﻲ ﻻ ﯾﺣﯾل إﻟﻰ واﻗﻌﺔ ﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﺑل ھو وﺟود ﻻ ﯾﻧﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺎھﯾﺗﮫ
ﻋن ﻓﻌل اﻟﺣرﯾﺔ اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻹﻧﺳﺎن وﯾﻌﺑر ﻋﻧﮫ ﻣن ﺧﻼل ﻓﻌل اﻹﺧﺗﯾﺎر ،ﻓﺄﻧﺎ ﻣن أﺧﺗﺎر ﻧﻔﺳﻲ
وأﺣدد ﻣﺻﯾري و أﺧﻠق ذاﺗﻲ ،ﻷن اﻟوﺟود ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﻣﺗﻣﺎه ﻣﻊ اﻹﺧﺗﯾﺎر ،ﻓﺎﻟوﺟود ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ﻟﯾس
إﻻ ﻓﻌل اﺧﺗﯾﺎر ﯾﻘدم ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺷﺧص ،ﻓﺈذا ﻛﺎن دﯾﻛﺎرت ﯾﻘول "ﺑﺄﻧﺎ أﻓﻛر ،ﻓﺄﻧﺎ إذن ﻣوﺟود" ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟوﺟودﯾﺔ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻛوﺟﯾطو اﻟوﺟودي ھو "أﻧﺎ أﺧﺗﺎر ،أﻧﺎ ﻣوﺟود"اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﺣر ﺣرﯾﺔ
ﻣطﻠﻘﺔ ﻣﺎدام ﯾرﻓض ﺗﻘﺑل ﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺗﻘﺑﻼ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﺑل ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑواﺳطﺔ ﻓﻌل
اﻟﺣرﯾﺔ اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣن اﺧﺗﯾﺎر ﻣﺎ ﯾرﯾد أن ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ ،ﻓﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﻟﯾﺳت ﻣﻌطﺎة ﺑﺷﻛل ﻗﺑﻠﻲ
وﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﺑل اﻹﻧﺳﺎن ھو ﻣن ﯾﺳﺎھم ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ وﺧﻠﻘﮭﺎ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾوﺟد ﺣﺳب ﺳﺎرﺗر إﻻ إذا اﺧﺗﺎر
ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺣرﯾﺔ ﻋﺎﻣﻼ ﻋﻠﻰ ﺧﻠق ذاﺗﮫ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ھو ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل ،ﻟﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد
ﺳﺎرﺗر ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻘﯾم ﻓﻲ ﺻورة واﺣدة ﻣن ﺻور اﻟوﺟود اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗﺎرھﺎ وھذا ﻣﺎ ﯾرﻓﺿﮫ ﺳﺎرﺗر
ﺑﻘوﻟﮫ "ﻣن اﻟﺧطﺄ أن ﯾﻌﺗﻘد اﻹﻧﺳﺎن أﻧﮫ ﻟﻛﻲ ﯾوﺟد ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﺧﺗﺎر ﻣﺎ ﯾرﯾد ﻣرة واﺣدة ،ﻣﻌﺗﻘدا أﻧﮫ
ﺳﯾﺧﺗﺎر ﺻورة ﻧﮭﺎﺋﯾﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﺑل ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻧﺗذﻛر ﻋﻠﻰ أن اﻹﻧﺳﺎن ﯾواﺻل ﺳﻠﺳﻠﺔ اﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ
دون أن ﯾﺗﺣﺟر ﻓﻲ ﺻورة ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ،وﻣﻌﻧﻰ ھذا أﻧﮫ ﻟﻛﻲ ﯾوﺟد اﻟﻣرء ﺣﻘﺎ ﻓﻼ ﺑد ﻟﮫ ﻣن أن ﯾﻌﻣل
ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻋﻠﻰ ﺗﻣﯾﯾز اﻟﻣﻣﻛﻧﺎت اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧطوي ﻋﻠﯾﮭﺎ وﺟوده ،وذﻟك ﺑﻣﻼﺣظﺔ "اﻟﻣوﺟود اﻟﺟدﯾد
اﻟذي ﯾﻧﺑﺛق ﻣن ﺳﻠﺳﻠﺔ أﻓﻌﺎﻟﮫ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺟﺑرﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،إﻧﮫ ﺧﺎﺿﻊ
ﻓﻘط ﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻌﻠﮫ واﺧﺗﯾﺎره ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ وﻣﺎھﯾﺗﮫ ﻷﻧﮫ اﻟﻛﺎﺋن
اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﻧﺣﺻر وﺟوده ﻓﻲ ﺣرﯾﺗﮫ أﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣوﺟودات ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺟﺑرﯾﺔ ﺻﺎرﻣﺔ
ﺑﻣﻘﺗﺿﺎھﺎ ﺗﺳﯾر أﻓﻌﺎﻟﮭﺎ ،وﯾؤﻛد ﺳﺎرﺗر ذﻟك ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟوﺟود واﻟﻌدم" ﺑﻘوﻟﮫ"إﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ
ﻋوارض أو ظروف ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺄي ﺣدث ﺟﻣﻌﻲ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎره ﺣدﺛﺎ ﻣﻔﺎﺟﺋﺎ ﻗد ﺻدر
ﻣن اﻟﺧﺎرج ،ﺛم ﺗﻠﺑس ﺑﻧﺎ ﻣﺟرد ﺗﻠﺑس":إن اﻟﺣرب اﻟﺗﻲ ﺟﻧدت ﻟﮭﺎ ھﻲ ﺣرﺑﻲ أﻧﺎ ﻓﮭﻲ ﺻورﺗﻲ
وﻣﺛﺎﻟﻲ ،وھﻲ اﻟﺣرب اﻟﺗﻲ أﺳﺗﺣﻘﮭﺎ ،وھذا ﻣﺎ ﻋﺑر ﻋﻧﮫ ﺟﯾل روﻣﺎن JULES ROMAINEﺑﻘوﻟﮫ"
21
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟﺣرب ﺿﺣﺎﯾﺎ ﺑرﯾﺋﺔ" ﻓﺄﻧﺎ إذن ﻣﺳؤول ﻋن ﺗﻠك اﻟﺣرب ،ﻷﻧﻧﻲ ﻣﺎ دﻣت ﻟم أﺗﺧﻠف ﻋﻧﮭﺎ
ﻓﻛﺄﻧﻧﻲ أردﺗﮭﺎ ،وﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﻋﻠﻲ ﺗﺣﻣل ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻲ ﺗﺟﺎه اﻟﺧﯾﺎرات اﻟﺗﻲ أﻗدم ﻋﻠﯾﮭﺎ وھو ﻣﺎ ﯾؤﻛده
ﺳﺎرﺗر ﺑﻘوﻟﮫ "إﻧﻧﻲ ﻣﺳؤول ﻋن ﻛل ﺷﯾﺊ ،وﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻲ ﺗﻣﺗد ﺣﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺣرب اﻟﺗﻲ اﺷﺗرﻛت
ﻓﯾﮭﺎ،ﻛﺄﻧﻧﻲ أﻧﺎ اﻟذي أﻋﻠﻧﺗﮭﺎ" ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﺧﻠوص إﻟﯾﮫ ﺑوﺿوح ﻣﻊ ﺳﺎرﺗر ھو ﻛون اﻟﺷﺧص ﺣر
ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻛﻧﮫ ﻣﺳؤول ﻓﻲ ﻧﻔس اﻵن ﻋن أﻓﻌﺎﻟﮫ واﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ ﻷﻧﮫ ھو اﻟوﺣﯾد اﻟذي اﺧﺗﺎرھﺎ ﺑﻣﺣض
إرادﺗﮫ وھو ﻣﺎ ﯾوﺿﺣﮫ ﺳﺎرﺗر ﻓﻲ "اﻟوﺟودﯾﺔ ﻧزﻋﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ" ﺑﺻرﯾﺢ اﻟﻘول ":وھﻛذا ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺟد
ﺧﻠﻔﻧﺎ وﻻ أﻣﺎﻣﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻗﯾﻣﺎ وﻻ ﺗﺑرﯾرات أو أﻋذارا .ﻧوﺟد وﺣدﻧﺎ ﻣن دون أﻋذار.
وھذا ﻣﺎ أﻋﺑر ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟﻘول"اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺣﻛوم ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ" ﻣﺣﻛوم ﻋﻠﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ھو ﻣن ﺧﻠق
ﻧﻔﺳﮫ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أﻧﮫ ﻣﻊ ذﻟك ﯾﻛون ﺣرا ،ﻷﻧﮫ ﺑﻣﺟرد ﻣﺎ ﯾﻠﻘﻰ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻ ﻋن ﻛل ﻣﺎ
ﯾﻔﻌل .وﻻ ﯾﻘر اﻟوﺟودي ﺑﺳﻠطﺎن اﻹﻧﻔﻌﺎل .إﻧﮫ ﻟن ﯾﺗﺻور أﺑدا اﻧﻔﻌﺎﻻ ﺟﻣﯾﻼ ﻗد أﺻﺑﺢ ﺳﯾﻼ ﺟﺎرﻓﺎ
ﯾؤدي ﺣﺗﻣﺎ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ أﻓﻌﺎل ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﯾﻛون ذﻟك ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻌذر .إﻧﮫ ﯾﻌﺗﺑر اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺳؤوﻻ ﻋن
اﻧﻔﻌﺎﻟﮫ".
اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺣﺟﺎﺟﯾﺔ ﻟﻠﻧص:
ﻟﻛﻲ ﯾﻘﻧﻌﻧﺎ ﺳﺎرﺗر ﺑﺄطروﺣﺗﮫ ﻓﻘد اﻧطﻠق ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻧص ﻣن ﺗوظﯾﻔﮫ ﻟﺣﺟﺔ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ ﺣﯾث ﻧﺟده
ﯾﺳﺗﺷﮭد ﺑﺎﻟﻛﺎﺗب اﻟروﺳﻲ اﻟﻌظﯾم دوﺳﺗوﻓﺳﻛﻲ ﻟﻛﻲ ﯾﺑﯾن اﻷﺳﺎس اﻟذي ﺗﻧطﻠق ﻣﻧﮫ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟوﺟودﯾﺔ
وﯾﺗﺟﻠﻰ ذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ "وﻗد ﻛﺗب دوﺳﺗوﻓﺳﻛﻲ":إذا ﻛﺎن ﷲ ﻏﯾر ﻣوﺟود ﯾﺻﺑﺢ ﻛل ﺷﻲء ﻣﺑﺎح وھﻧﺎ
ﺗﻛﻣن ﻧﻘطﺔ ﺑدء اﻟوﺟودﯾﺔ"ﻛﻣﺎ وظف ﺳﺎرﺗر أﺳﻠوب اﻟﻧﻔﻲ اﻟذي ھدف ﻣن ﺧﻼﻟﮫ إﻟﻰ ﻧﻔﻲ أي وﺟود
ﻟﺣﺗﻣﯾﺔ أو ﻗﮭرﯾﺔ ﺧﺎرج اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ"ﻟﯾﺳت ھﻧﺎك ﺣﺗﻣﯾﺔ" ،ﻛﻣﺎ وظف ﺳﺎرﺗر أﺳﻠوب
اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ "ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﺣر ،ﺑل إﻧﮫ ﺣرﯾﺔ" ﻟﯾﺑﯾن ﻣﻧﮫ أن ﻣﺎھﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺗﺗﺷﻛل ﻓﻲ ﻛوﻧﮫ ﺣرا ﻗﺎدر
ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر ﻣﺎ ﯾرﯾد أن ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ.
ﻣوﻗف ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس:اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﻣوﻗﻊ اﻟطﺑﻘﻲ وﻟﯾس ﻋن اﻟﺟﺎﻧب اﻹرادي ﻓﻲ
اﻻﻧﺳﺎن.
إذا ﻛﺎن ﺳﺎرﺗر ﯾرى أن اﻟﺷﺧص ﺣر ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ وﺑﻛوﻧﮫ ﻣﺳؤوﻻ ﻋن اﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ وأﻓﻌﺎﻟﮫ ﻓﺈن
ﻣﺎرﻛس ﯾﻧظر ﻟﻠﺷﺧص ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻣﻘﯾد ﺑﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺣﺗﻣﯾﺎت وأﺑرزھﺎ اﻟﺣﺗﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم
اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟﺗﻲ ﺗطرح ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت ﺑﯾن ﻣن ﯾﻣﻠﻛون وﻣن ﻻ ﯾﻣﻠﻛون ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻔﻌل
اﻹﻧﺳﺎن وﺳﻠوﻛﮫ ﻣﻘﯾد ﺑﻣوﻗﻌﮫ اﻟطﺑﻘﻲ ﻣن وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج ﻷن اﻟﻧﺎس ﺣﯾن ﯾﻌﺑرون أو ﯾﺳﻠﻛون ﺣﺳب
ﻣﺎرﻛس ﻓﺈﻧﮭم ﯾﺳﻠﻛون وﯾﺗﺻرﻓون اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﺗﻣﺛﻠﮭم ﻟوﺟودھم اﻟﻣﺎدي ،وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﻓﺎﻟﻣﺣرك
ﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺑرﺟوازي ﻟﯾس ھو ﻣﺎ ﯾﺣرك ﻓﻌل اﻟﺑروﻟﯾﺗﺎري ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ
ﯾﻌﯾش وھم اﻟﺣرﯾﺔ ،وھو ﻣﺎ ﯾﻌززه اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﺗﯾدور أدورﻧو ﺑﻘوﻟﮫ "ﻟﯾﺳت اﻟﺣرﯾﺔ ھﻲ أن
ﺗﺧﺗﺎر ﺑﯾن اﻷﺑﯾض واﻷﺳود ﺑل اﻟﺣرﯾﺔ ھﻲ أن ﺗﺗﻔﺎدى اﻟﺧﯾﺎرات اﻟﻣﺣددة ﺑﺷﻛل ﻣﺳﺑق ﻣن طرف
22
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻧﺳق" ﻟﻛن رﻏم اﻟﺣﺗﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﯾد ﻓﻌل اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ إﻻ أن ﻣﺎرﻛس
ﯾرى ﺑﺄن اﻟﺷﺧص ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻛون ﺣرا وﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺷﯾوﻋﻲ اﻟذي ﯾﺗم ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗواه اﻟﻘطﻊ ﻣﻊ
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
ﺗﺻور اﻻن ﺗورﯾن :اﻟذات اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺗﻛون ﺣرة ﻓﻲ ﺻراﻋﮭﺎ ﻣﻊ أﺷﻛﺎل اﻟﺗﺣﻛم اﻟﺳﻠطوﯾﺔ ﻣن أﺟل
اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﯾﺔ
ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﻣوﺳوم "ﺑرادﯾﻐﻣﺎ ﺟدﯾدة ﻟﻔﮭم ﻋﺎﻟم اﻟﯾوم" ﯾﻧﺎﻗش آﻻن ﺗورﯾن اﻟذات اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ وﻋﻼﻗﺗﮭﺎ
ﺑﺎﻟﺣﺗﻣﯾﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣوﺟﮭﺎ ﻧﻘدا ﻟﻛل اﻟﺗﺻورات اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧظرت ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻣن ﺧﻼل دوره
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ)ھرﺑرت ﻣﯾد ﻣﺛﻼ( أو ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗزاﻣﮫ ﺑﻘﺿﺎﯾﺎ ﻋﻣوﻣﯾﺔ)ﻣوﻧﯾﻲ( أو ﻣن ﺧﻼل ﻓرداﻧﯾﺗﮫ
)اﯾرﻛﺳون( ﺑل ﯾداﻓﻊ اﻻن ﺗورﯾن ﻋﻠﻰ ﻛون اﻟﺷﺧص ﻛﺟوھر أو ﻛوﺟود ﻓردي ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﺻوري
ﺧﺎﻟص ﻟم ﯾﻌد ﻣﻘوﻟﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻻﺑﺗذال اﻟﯾوم اﻟذي ﯾﻌرﻓﮫ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﯾوم ،وﻛذﻟك اﻻﻧﺣراﻓﺎت
اﻟﺗﻲ أدى إﻟﯾﮭﺎ ﺗطور اﻟﺣداﺛﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ وﺟﮫ اﻻن ﺗورﯾن ﻧﻘدا ﻻذﻋﺎ ﻟﻠﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟدﯾﻛﺎرﺗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر
ﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺧﻼل ﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻌزال واﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟرﻏﺑﺎت واﻷھواء ﺑل ﺗﻛﻣن ﺣرﯾﺔ
اﻟﺷﺧصPERSONNEاﻟذي ﻋوﺿﮫ اﻻن ﺗورﯾن ﺑﺎﻟﻔﺎﻋل l’acteurأي ﺑﺎﻟذات اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛﻣن
ﺣرﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻓﻌﻠﮭﺎ اﻟﻣﻘﺎوم ﻟﻛل أﺷﻛﺎل اﻻﺑﺗذال واﻟﺗﺣﻛم اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﮭﺎ وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ
اﻟﺟﻣﺎھﯾرﯾﺔ وأﻧظﻣﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ،ﻓﺎﻟﻔﺎﻋل l’acteurﻻ ﯾﺳﺗﻣد ﺣرﯾﺗﮫ ﻣن ﺧﻼل وﻋﯾﮫ ﺑﻔرداﻧﯾﺗﮫ ﻷن
اﻟﻔرداﻧﯾﺔ ھﻲ ﻣﻘوﻟﺔ إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﻋزل اﻷﻓراد ﻣن أﺟل اﻟﺗﺣﻛم ﺑﮭم.
ﻓﺣرﯾﺔ اﻟذات اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻋﻧد اﻻن ﺗورﯾن ﺗﺳﺗﻣدھﺎ ﻣن ﺧﻼل "اﻟﺻراع ﺿد ﻧﻘﯾض اﻟذات وأﺷﻛﺎل
ﻣﻧطق اﻟﺳﻠطﺔ"ﻋﻠﻰ ﺣد ﻗوﻟﮫ ،إن ﻣﺎ ﯾؤﻛد ﻋﻠﯾﮫ اﻻن ﺗورﯾن ھو أن اﻟذات ﻻ ﺗﻛون ﺣرة إﻻ إذا
ﻗﺎوﻣت ﻋﺎﻟم اﻻﺳﺗﮭﻼك وﻛل وﺳﺎﺋﻠﮫ اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول اﻻن ﺗورﯾن ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ
"ﺑرادﯾﻐﻣﺎ ﺟدﯾدة ﻟﻔﮭم ﻋﺎﻟم اﻟﯾوم"":إﻧﻧﻲ أﺣدد اﻟذات اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺑﻣﻘﺎوﻣﺗﮭﺎ ﻋﺎﻟم اﻻﺳﺗﮭﻼك اﻟﻼﺷﺧﺻﻲ
أو ﻋﺎﻟم اﻟﻌﻧف واﻟﺣرب ،إن اﻟذات اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ھﻲ اﺳﺗﺣﺿﺎر ﻟﻠذات ،ھﻲ إرادة اﻟﻌودة ﻟﻠذات ﺑﻌﻛس ﺗﯾﺎر
اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،إن ﻓﻛرة اﻟذات اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺗﺳﺗدﻋﻲ إﻟﻰ ﺧﺎطري ﻓﻛرة اﻟﻧﺿﺎل اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
ﻓﻛرة اﻟوﻋﻲ اﻟطﺑﻘﻲ واﻟﺷﻌور اﻟﻘوﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﺳﺎﻟﻔﺔ ،ﻟﻛن ﺑﻣﺿﻣون ﻣﺧﺗﻠف ﯾﻧﺄى ﻋﻠﻰ ﻛل
ﺗﻣظﮭر ﺧﺎرﺟﻲ ،وﯾﺗﺟﮫ ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﮫ ﺻراﻋﯾﺎ ﻧﺣو اﻟذات ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ،ﻟذا ﻛﺎن أول ﻣﺎ ﺧطر ﺑﺑﺎﻟﻲ ﻣن أﺟل
ﺗوﺿﯾﺢ ﻓﻛرة اﻟذات اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺻور اﻟﻣﻘﺎوﻣﯾن ،ﺻور اﻟﻣﻘﺎﺗﻠﯾن ﻣن أﺟل اﻟﺣرﯾﺔ".
ﻓﺣرﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻟﯾﺳت ﻣﻌطﺎة ﺳﻠﻔﺎ وﻻ ﯾﻣﻛن اﻟوﻋﻲ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻌزل ﻋن ﺣرﻛﯾﺔ اﻟواﻗﻊ ﺑل اﻟذات
اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻻ ﺗﻛون ﺣرة إﻻ ﻣن ﺧﻼل ﻧﺿﺎﻟﮭﺎ اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣن
أﺟل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺗﮭﺎ.
23
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻔﮭوم اﻟﻐﯾر
ﺗﻘـدﯾم ﻋﺎم ﻟﻠﻣﻔﮭوم:
ﻟﻘد أﺳﺳت اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻣﻧظوﻣﺔ ﻣﻔﺎھﯾﻣﯾﺔ ﺟدﯾدة ،اﻟوﺟود ﻣﻊ ،اﻟوﺟود ﻣن أﺟل اﻟﻐﯾر ،اﻟﻐﯾرﯾﺔ ،إﻟﺦ..
ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﺑﯾﮫ ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺟوھرﯾﺔ :إن ﺻﻌوﺑﺔ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻐﯾر ﻻ ﺗﻧﻔﻲ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺟﻌﻠﮫ ﻣوﺿوﻋﺎ ﻟﻠﺗﺄﻣل واﻟﺗﻔﻛﯾر ،ﺑل
إن ﻛل ﻏﯾﺎب ﻟﻠﻣﺳﺎﺋﻠﺔ ﺑﮭذا اﻟﺻدد ،ﯾﻌﻧﻲ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﺑﺷﻛل ﻋﻔوي واﻻﺧﺗﺑﺎء وراء ﺗﺻورات ﻣﺑطﻧﺔ ،ﺗﻔﺳﺢ اﻟﻣﺟﺎل أﻣﺎم
اﻷوھﺎم واﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ ،أﻓﻼ ﯾؤدي وھم ﻣﻌرﻓﺗﻧﺎ ﺑﺎﻟﻐﯾر ﻓﻲ أﺣﯾﺎن ﻛﺛﯾرة إﻟﻰ ﺧﻠق ﺣواﺟز ﺗﺷوش ﻋﻼﻗﺗﻧﺎ ﻣﻌﮫ؟
ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﻐﯾر واﻹﻋﺗراف ﺑﮫ وﺗﻔﮭﻣﮫ ﻣﻔﮭوﻣﺎ ﻣرﻛزﯾﺎ وھو اﻹﺧﺗﻼف ،ﻣﺎدام اﻟﻐﯾر ھو ﻛل ﻣﺎ ﻟﯾس
أﻧﺎ ،وﻣﺎ ﻟﺳت إﯾﺎه ،ﺣﺳب ﺟون ﺑول ﺳﺎرﺗر ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﻐﯾر ﻟﯾس ﻓﻘط أﻧﺎ ﻏﯾري ﺑل أﻧﺎ آﺧر ﯾﺧﺗرﻗﻧﻲ وﯾﺳﻠﺑﻧﻲ
ذاﺗﯾﺗﻲ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ ،ﻟﮭذا وظﻔت اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻣﻔﮭوﻣﺎ أﺧر ﺟدﯾد ھو ﻣﻔﮭوم اﻟﺑﯾﻧذاﺗﯾﺔ /اﻟﺗذاوت ،ﺑﺣﯾث ﯾﺑدوا
اﻟﻐﯾر وﺟودا ﺑﯾن-ذاﺗﯾﺎ ،ﻟﻛن ﺻﻌوﺑﺔ اﻹﻋﺗراف ﺑﺎﻟﻐﯾر أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﺿﻣﻧﯾﺎ ﻧدرك أﻧﮭﺎ ﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ اﻹﻋﺗراف ﺑﺣرﯾﺗﮫ
وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻐﯾر ﻗﺿﯾﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﺳﻧﻘﺎرﺑﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣواﻗف اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ.
.1دﻻﻻت ﻣﻔﮭوم اﻟﻐﯾر:
(1ﻣن اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ:
ﯾﺣﯾل ﻣﻔﮭوم "اﻟﻐﯾر" ﻓﻲ اﻟﺗﻣﺛل اﻟﻣﺷﺗرك ﻋﻠﻰ اﻵﺧرﯾن ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ،وھو ﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑل اﻷﻧﺎ أي ﻣﺎ ﯾﻛون ﺧﺎرﺟﺎ
ﻋﻧﮭﺎ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺷﯾر إﻟﻰ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ﻋن اﻟذات اﻟﻔردﯾﺔ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻔزﯾﺎﺋﯾﺔ ،وﻗد ﯾﻛوﻧون أﻗﺎرب أو أﺻدﻗﺎء أو ﺧﺻوم،
أو ﻏرﺑﺎء وأﺟﺎﻧب ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ ﻧﺟد أن ﻣﻔﮭوم اﻟﻐﯾرAUTRUIﻣﺷﺗق ﻣن اﻟﺟدر اﻟﻼﺗﯾﻧﻲ ALTER
اﻟذي ﯾﻌﻧﻲ اﻵﺧر L’AUTREوﯾﺗﺣدد ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻐﯾر ﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ب":اﻟﻐﯾر ھم اﻵﺧرون ﻣن اﻟﻧﺎس ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم"
واﻵﺧر ھو "ﻣن ﻟﯾس ﻧﻔس اﻟﺷﺧص ،ﻣﺎ ﻟﯾس ﻧﻔس اﻟﺷﻲء واﻟﻣﺗﻣﯾز واﻟﻣﺧﺗﻠف".
ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻧﺟد ﺗدﻗﯾﻘﺎ ﻟﻣﻔﮭوم اﻟﻐﯾر ﯾﻔﺻﻠﮫ ﺑﺷﻛل ﺗﺎم ﻋن اﻷﺷﯾﺎء "ﻓﺎﻟﻐﯾر ھو آﺧر اﻷﻧﺎ،
واﻟذي ﯾﻧظر إﻟﯾﮫ ﻟﯾس ﺑوﺻﻔﮫ ﻣوﺿوﻋﺎ ﺑل ﺑوﺻﻔﮫ أﻧﺎ آﺧر ،أو ﻛﻣﺎ ﯾﻌرﻓﮫ ﺳﺎرﺗر" اﻟﻐﯾر ھو اﻵﺧر اﻷﻧﺎ اﻟذي
ﻟﯾس أﻧﺎ"ﯾﺷﺑﮭﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺻورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣدد ﺑﮭﺎ اﻷﻧﺎ)اﻟوﻋﻲ/اﻟﺣرﯾﺔ/اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ/اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ/اﻟﺑﻌد اﻻﺧﻼﻗﻲ
واﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ(.
ﻣﺎ ﻧﺳﺗﻧﺗﺟﮫ ﻣن ھذه اﻟدﻻﻻت ھو أن اﻟﻐﯾر ھو ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت آﺧر وﻟﯾس آﺧر ،اﻷﻧﺎ اﻟذي ﻟﯾس أﻧﺎ ،أو أﻧﺎ آﺧر
ﻣﺛﻠﻲ ،وﻣﺎدام ھذا اﻟﻐﯾر ھو أﻧﺎ آﺧر ﻣﺛﻠﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺳﺗﺣق اﻟﺗﻘدﯾر واﻻﺣﺗرام ﻣﻧﻲ ﻟﺷﺧﺻﮫ ﻣﺎدام ﻏﺎﯾﺔ وﻟﯾس وﺳﯾﻠﺔ ،ﻟﻛن
اﻷﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﺗم ﺗﺣدﯾدھﺎ ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻣﻊ اﻟﻣوﻗف اﻟﻣﺎھوي ھﻲ ذات ﻋﺎرﻓﺔ ﺗﺗﻣﺛل اﻟﻌﺎﻟم وﺗؤﺳس ﺣوﻟﮫ ﻣﻌرﻓﺔ ووﻋﯾﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ
ﻣﺑﺎﺷرة دون وﺳﺎطﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻷﻧﺎ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ اﻟوﻋﻲ ﺑذاﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻌزل ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻏﯾﺎر ﻟﻛن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻣﻌﺎﺻرة أﻛدت وﻣﻧذ ھﯾﺟل ﻋﻠﻰ أن اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻷﻧﺎ وﺑﺎﻟذات ﻻ ﯾﺗم إﻻ ﺑﺎﻟﻣرور ﻋﺑر وﺳﯾط اﻟﻐﯾر ،وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل
وﺟود اﻟﻐﯾر ﺿرورﯾﺎ ﺣﺳب ھذا اﻟﺗﺻور ﻟﻛن اﻟﺗﺻور اﻟﻣﺎھوي ﯾرى أن اﻟﻐﯾر ﻟﯾس ﺿرورﯾﺎ وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل
ﺿرورة ﻓﺣص ﻣﺧﺗﻠف اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﻧﻛون إزاﺋﮭﺎ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ھذه اﻟﻣﻔﺎرﻗﺎت:
.2اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻟﻣﻔﮭوم اﻟﻐﯾر:
...ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟوﺟود اﻟﺑﺷري ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﺗواﺻل ﺑﯾن اﻟذوات ،ﻓﻛﯾف ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﺣﻘق ھذا اﻟﺗواﺻل إن ﻛﺎﻧت
ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻐﯾر ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ ﻛﺟوھر ﺻوري ﻣﺗﻌﺎل ﻋﻠﻰ اﻹدراك اﻟﺣﺳﻲ؟ وھل اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻲ أﻛوﻧﮭﺎ ﺣول ھذا اﻟﻐﯾر ھﻲ
ﻣﻌرﻓﺔ ﻣطﻠﻘﺔ وﺗﺎﻣﺔ وﻣﺣﯾطﺔ ﺑﮭذا اﻟﻐﯾر أم أﻧﮭﺎ ﻣﺟرد ظﻧون وأوھﺎم ﻗد ﯾﺳﺎھم ھذا اﻟﻐﯾر ﻓﻲ ﺧﻠﻘﮭﺎ ﻟدي ﺣﺗﻣﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ
ﯾﻘدم ﻧﻔﺳﮫ أﻣﺎﻣﻲ وﻓق ﻣﺎ ﯾرﯾده ھو؟وﻋﻠﻰ أي أﺳﺎس ﯾﺟب أن ﺗﻘوم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر؟ ھل ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻻﺣﺗرام
24
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
واﻟﺗواﺻل واﻟﺻداﻗﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺄﺳﯾس ﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﺳوده اﻟﺳﻠم واﻟﺗﺳﺎﻣﺢ أم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻌداء اﻟﻣؤدي اﻟﻰ اﻟﺣرب
واﻟﻌﻧف؟
ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻺﻧﺳﺎن أن ﯾﺣﺑس ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ﻗﻣﻘم ،ﻓﺈن ﻗطب 'اﻷﻧﺎ' ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻌﯾش إﻻ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ "ﺑﻘطب اﻟﻐﯾر" ،ﺣﻘﺎ
إن اﻟﻣرء ﯾوﻟد ﺑﻣﻔرده وﯾﻣوت ﺑﻣﻔرده ،وﻟﻛﻧﮫ ﻻ ﯾﺣﯾﺎ إﻻ ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن وﺑﺎﻵﺧرﯾن وﻟﻶﺧرﯾن ،وإذا ﻛﺎن ﻗد وﻗﻊ ﻓﻲ
ظن اﻟﺑﻌض أن اﻟﺷﻌور اﻟﻔردي إﻧﻣﺎ ھو ذﻟك اﻟوﻋﻲ اﻟﺧﺎص اﻟذي ﻧﺳﺗﺷﻌر ﻣﻌﮫ أﻧﻧﺎ ﻣوﺟودون وﺣدﻧﺎ دون
اﻵﺧرﯾن ،ﻓﺈن ھﯾدﻏر ﯾﻘرر أن اﻟوﺟود دون اﻻﺧرﯾن ھو ﻧﻔﺳﮫ ﺻورة ﻣن ﺻور اﻟوﺟود ﻣﻊ "اﻷﺧرﯾن" ﺑﻣﻌﻧﻰ أن
اﻟﺷﻌور اﻟﻔردي ﻻ ﯾﻧطوي ﻋﻠﻰ اﻧﻔﺻﺎل ﻣطﻠق ﻋن ﻋﺎﻟم اﻟﻐﯾر اﻟذي ھو ﻣن ﻣﻘوﻣﺎت اﻟوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ،
وﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﻟﯾس ﺛﻣﺔ ذات ﺑدون اﻟﻌﺎﻟم ،ﻓﺈﻧﮫ ﻟﯾس ﺛﻣﺔ ذات ﺑدون اﻟﻐﯾر ،وﺳواء ﻛﺎن اﻟﻐﯾر اﻟذي أﺗﺻﺎرع ﻣﻌﮫ وأﺗﻣرد
ﻋﻠﯾﮫ وأﺳﺧر ﻣﻧﮫ أم ﻛﺎن ھو اﻟﺻدﯾق اﻟذي أﺗﻌﺎطف ﻣﻌﮫ وأﻧﺟذب إﻟﯾﮫ ﻓﺈﻧﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﻠﺗﺎ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ﻻ أﺳﺗطﯾﻊ أن أﻋﯾش
ﺑدوﻧﮫ ،وﻻ أﻣﻠك ﺳوى أن أﺣدد وﺟودي ﺑﺈزاﺋﮫ ،وﺳواء ﻗﻠﻧﺎ ﻣﻊ ﺳﺎرﺗر اﻟﺟﺣﯾم ھو اﻟﻐﯾر أم ﻗﻠﻧﺎ ﻣﻊ ﻣﺎﻟﺑراﻧش أﻧﮫ
ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻣن ﻋﻘﺎب أﻗﺻﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣرء ﻣن أن ﯾﻌﯾش ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺔ ﺑﻣﻔرده ،ﻓﺈن ﻣن اﻟﻣؤﻛد أن وﺟود اﻟﻐﯾر ﻗﺿﯾﺔ
أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﺗطﻠب ﻣﻧﺎ ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮭﺎ ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ إﺳﺗﺣﺿﺎر اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:ھﻞ وﺟﻮد اﻟﻐﯿﺮ ﺿﺮوري ﻟﻜﻲ أﺣﻘﻖ وﻋﯿﻲ ﺑﺬاﺗﻲ؟
ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ھﻞ وﻋﯿﻲ ﺑﺬاﺗﻲ ھﻮ وﻋﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮ وﻣﺴﺘﻘﻞ أم أن وﻋﯿﻲ ﺑﺬاﺗﻲ ﻻ ﺑﺪ أن ﯾﻤﺮ ﻋﻦ طﺮﯾﻖ اﻟﻐﯿﺮ؟ وﻛﯿﻒ
ﯾﻤﻜﻨﻨﻲ إدراك وﺟﻮد ھﺬا اﻟﻐﯿﺮ؟ ھﻞ ﺑﻮﺻﻔﮫ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ أم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﻧﺎ آﺧﺮ ﻏﯿﺮي
ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ واﻻﺣﺘﺮام؟وﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻌﺘﺮف ﺑﻲ ﻣﻦ طﺮف ھﺬا اﻟﻐﯿﺮ؟ ھﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺼﺮاع ﻣﻦ أﺟﻞ
اﻻﻋﺘﺮاف أم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺘﺒﺎدل؟.
ﯾﻧطﻠق ھﯾدﻏر ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﮫ ﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ وﺟود اﻟﻐﯾر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﻛﯾﻧوﻧﺔ واﻟزﻣن" ﻣن ﺗﺄﻛﯾده ﻋﻠﻰ أن اﻹﻧﺳﺎن
ﻣوﺟود ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎﻟم ،ھذا اﻟوﺟود ﻋﻧد ھﯾدﻏر ﻟﯾس ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻛﺎﻧﻲ اﻟﻔزﯾﺎﺋﻲ ،ﺑل ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷوﻧطوﻟوﺟﻲ إﻟﻰ
ﺟﺎﻧب ﻣوﺟودات ﺑﺷرﯾﺔ أﺧرى ،ﻓﺎﻟﻣوﺟود ھﻧﺎ)اﻷﻧﺎ( ﺗﺟد ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻵﺧرﯾن اﻟذي ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ
وﺗﻌﯾش ﻣﻌﮫ ،ﻓﮭﯾدﻏر ،ﻻ ﯾﻘﺻﻲ اﻟﻐﯾر وﻻ ﯾدﻋو ﻟﻠﻌزﻟﺔ واﻟﻔرداﻧﯾﺔ ﻛﻣﺎ ذھﺑت إﻟﻰ ذﻟك اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟذاﺗﯾﺔ ﺑل إن
ھﯾدﻏر ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌزﻟﺔ ﻋن اﻵﺧرﯾن ﻏﯾر ﻣﻣﻛﻧﺔ وﯾﻠﺧص ذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ" :إن اﻟوﺟود ﺑدون اﻵﺧرﯾن ھو ﻧﻔﺳﮫ
ﺻورة ﻣن ﺻور اﻟوﺟود ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن" ﻟﻛن ﻣﺎ ﯾﻧﺗﻘده ھﯾدﻏر ھو إﻧﺳﺎن اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث اﻟذي ﻓ ُرض ﻋﻠﯾﮫ ﺑواﺳطﺔ
ﻣﺧﺗﻠف اﻟوﺳﺎﺋط اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ أن ﯾﻌﯾش ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺟﻣﺎﻋﯾﺔ زاﺋﻔﺔ ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن وﺟوده اﻟﺧﺎص واﻷﺻﯾل
ﻓﯾﺻﺑﺢ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ وﺟود اﻹﻧﺳﺎن ھو ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻧﻐﻣﺎس وذوﺑﺎن ﻓﻲ ﻋﺎﻟم "اﻟﺟﻣﮭور" اﻟزاﺋف.
ﻓﮭﯾدﻏر ﯾﻔرق ﺑﯾن وﺟود ﺣﻘﯾﻘﻲ وأﺻﯾل ،ووﺟود زاﺋف ﻏﯾر ﻣﺷروع ،ﻓﻠﻛﻲ ﺗﺣﺎﻓظ اﻟدزاﯾن/اﻟذات/اﻷﻧﺎ /ﻋﻠﻰ
وﺟودھﺎ اﻷﺻﯾل اﻟذي ﯾﺿﻣن ﻟﮭﺎ ﺣرﯾﺗﮭﺎ وﯾﺟﻌﻠﮭﺎ ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺗﮭﺎ اﻟﺗﺎﻣﺔ ﻋن أﻓﻌﺎﻟﮭﺎ واﺧﺗﯾﺎراﺗﮭﺎ ،أﻣﺎ اﻟوﺟود
اﻟزاﺋف ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟذات اﻟﻧزول إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣوﺿوع أو اﻷﺷﯾﺎء ،ﻓﺗﻣﯾل إﻟﻰ اﻻﻧﻐﻣﺎس ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﺟﻣﮭور
اﻟذي ھو ﻋﺎﻟم اﺳﺗﮭﻼﻛﻲ وھو ﻣﺎ ﯾ َﻣﻛن اﻵﺧرﯾن ﻣن ﺳﻠﺑﻧﺎ ذواﺗﻧﺎ وﺣرﯾﺗﻧﺎ وﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻧﺎ ،وھو ﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻓﻘدان
25
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟذات ﻷﺻﺎﻟﺗﮭﺎ وﺷﺧﺻﯾﺗﮭﺎ وھوﯾﺗﮭﺎ ،ﻓﺎﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟذات أي اﻟوﺟود اﻷﺻﯾل ﺣﺳب ھﯾدﻏر ھو اﻟطرﯾق ﻟﺗﺣرر اﻷﻧﺎ
ﻣن ﺳﻠطﺔ اﻟﻐﯾر وﻗﺑﺿﺗﮫ ،وھﯾدﻏر ﺑدﻋوﺗﮫ ھذه ﻻﯾﻘﺻﻲ اﻟﻐﯾر ﻟﻛﻧﮫ ﺣذر ﻣن ﻋﺎﻟﻣﮫ اﻟزاﺋف اﻟذي ﺗﻧﺎﻗش ﻓﯾﮫ ﻓﻘط
اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﻧﺣطﺔ واﻟﺗﺎﻓﮭﺔ)اﻷﯾﻘوﻧﺎت/اﻟﻧﺟوم/اﻟﻣﺎرﻛﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ/اﻷﺣداث اﻟﯾوﻣﯾﺔ.(..
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺧﻠص إ ﻟﯾﮫ ﻣن ﺗﺻور ھﯾدﻏر ھو أن ھﯾدﻏر ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أن اﻟﺗﺑﺎﻋد ھو اﻟﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﻣﻣﯾزة ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ
ﺑﯾن اﻷﻧﺎ واﻟﻐﯾر ،ﻓﺄﺧذ اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ﻣن ﻋﺎﻟم اﻟﻐﯾر ﺿروري ﻟﻛﻲ ﻻ ﺗﺳﻘط اﻷﻧﺎ ﻓﻲ ﻗﺑﺿﺔ اﻟﻐﯾر وﻟﻛﻲ ﻻﯾﺗم إﻓراﻏﮭﺎ ﻣن
ﻛﯾﻧوﻧﺗﮭﺎ ،وﻗد ﺣﺎﺟﺞ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺛﺎل اﻟذي أﻋطﺎه ﺑرﻛوب اﻟﺣﺎﻓﻼت وﻗراءة اﻟﺻﺣف واﻷﺧﺑﺎر وﻣﺷﺎھدة
اﻟﺗﻠﻔﺎز ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗؤدي ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف إﻟﻰ ﺗﻧﻣﯾط اﻷﻧﺎ وﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﻔرغ ﻣن ھوﯾﺗﮭﺎ وﺗﻔﻛر ﺑﺷﻛل ﻣﻧﻘﺎد وﺷﺑﯾﮫ ﻟﻣﺎ ﯾﻔﻛر ﻓﯾﮫ
ﻛل اﻷﻏﯾﺎر اﻟﻠذﯾن ﯾﻌﯾﺷون وﺟودا زاﺋﻔﺎ وﻣﺑﺗذﻻ.
ﺟدول ﻟﺗوﺿﯾﺢ اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟوﺟود اﻷﺻﯾل واﻟوﺟود اﻟزاﺋف ﻋﻧد ﻣﺎرﺗن ھﺎﯾدﻏر:
اﻟوﺟود ﻋﻧد ھﯾدﻏر ﯾﻧﻘﺳم إﻟﻰ:
اﻟوﺟود اﻟزاﺋف اﻟوﺟود اﻷﺻﯾل
ھو ﻋﺎﻟم اﻟﺟﻣﮭور اﻟذي ﺧﻠﻘﺗﮫ اﻷﺟﮭزة ھو وﺟود ﺗﻛون ﻓﯾﮫ اﻷﻧﺎ ﺣرة وواﻋﯾﺔ
اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻟﺳﻠطﺔ ،وھو ﻋﺎﻟم ﻣﺳﺗﻐرق ﻓﻲ وﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،وﻣرﯾدة وﻣﺳؤوﻟﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻋن
اﻟﯾوﻣﻲ وﯾﻛون ﻓﯾﮫ اﻷﻓراد ﻣﻧﻘﺎدﯾن وﺧﺎﺿﻌﯾن وﺟودھﺎ وﺗﻔﻛر ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﻣﻌزل ﻋن أي ﺳﻠطﺔ
ﻟﺑﻌﺿﮭم اﻟﺑﻌض وﻣﻧﻣطﯾن ﯾﻔﻛرون ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺧﺎرﺟﯾﺔ أو إﻛراه أو ﺗوﺟﯾﮫ ﺳواء ﻛﺎن ﻣﺎدﯾﺎ أو
ﻣﻧﺣطﺔ وﺷﺑﯾﮭﯾن ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء. إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎ.
ﻣوﻗف ﺟﺎن ﺑول ﺳﺎرﺗر:وﺟو اﻟﻐﯾر ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻛﻌﺎﺋق ﻣن ﺧﻼل ﻧظرﺗﮫ أﻣﺎم اﻷﻧﺎ ﻟﻛﻧﮫ ﻋﺎﺋق ﺿروري ﻟﺗﺣرر اﻷﻧﺎ
ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮫ ﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ وﺟود اﻟﻐﯾر ،ﯾؤﻛد ﺳﺎرﺗر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟوﺟود واﻟﻌدم" أن ﺳﻘوط اﻷﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم إﻟﻰ ﺟﺎﻧب
اﻷﺷﯾﺎء ﺣﯾث ﺗﺣﺗل اﻷﻧﺎ اﻟﻣرﻛز اﻟﻣﺳﺗﻘل اﻟذي ﺗﻠﺗف ﺣوﻟﮫ اﻷﺷﯾﺎء ،ﻟﻛن اﻧﺑﺛﺎق اﻟﻐﯾر اﻟذي ﯾوازي ﺳﻘوط اﻷﻧﺎ ﻓﻲ
اﻟﻌﺎﻟم ﯾﺟﻌل اﻷﻧﺎ ﺗﺣس أﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﻌد وﺣﯾدة ،ﻓﯾظﮭر اﻟﻐﯾر ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره آﺧر ﯾزﺣزح اﻷﻧﺎ ﻣن ﻣرﻛزھﺎ اﻟذي ﻛﺎﻧت ﺗﺣﺗﻠﮫ
ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺟﺎﻣدة اﻟﺗﻲ ﻻﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺳﻠب أﺣدا ﺣرﯾﺗﮫ ،وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻷﻧﺎ ﺗﻔﻛر ﻓﻲ وﺟود اﻟﻐﯾر اﻟذي
أﺻﺑﺢ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ ﻣن ﺧﻼل ﻧظرﺗﮫ ﺗﺟﻣﯾد ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ وﻋﻔوﯾﺔ وﺣرﯾﺔ اﻷﻧﺎ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﺳﺎرﺗر"ﻓﻠوﻻ أن اﻵﺧر
ﯾراﻧﻲ وﯾﻧظر إﻟﻲ ﻟظل ﺷﯾﺋﺎ ﺑﯾن اﻷﺷﯾﺎء ،وأظل ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻣﮫ ﻛﻣوﺿوع ﻟﻠﻧظر واﻟﺗﺄﻣل،ﻓﻣوﺿوﻋﯾﺗﻲ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ إﻟﻲ ﻣن
اﻟﻌﺎﻟم ،ﻣﺎدام اﻟﻌﺎﻟم ﯾﺳﺗﻣد ﻣوﺿوﻋﯾﺗﮫ ﻣن وﺟودي ،إذ أﻧﮫ ﻻﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻛون ﻣوﺿوﻋﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ"ﻓﺎﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﺳب
ﺳﺎرﺗر ھﻲ ﺻراع ﺑﯾن اﻷﻧﺎ واﻟﻐﯾر وﺑﺗﻌﺑﯾر أدق ﻣﺑﺎرزة"،ﻓﺎﻟﻐﯾر ھو اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟداﺋﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣوﻟﻧﻲ إﻟﻰ ﻣوﺿوع
ﻣرﺋﻲ ،واﻟﻐﯾر ھو اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ اﻟذي ﯾﺗﺣول ﺑواﺳطﺗﻲ إﻟﻰ ﻣوﺿوع ﻣرﺋﻲ" ،ﻓﺎﻟرﺟل "اﻟذي ﯾﻘرأ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ ﻣﺛﻼ
دون أن ﯾﺳﻣﻊ ﺷﯾﺋﺎ أو ﯾرى ﺷﯾﺋﺎ ﺳوى اﻟﻛﺗﺎب ﺑﯾن ﯾدﯾﮫ ﯾﻣﻛن أن أﻧظر إﻟﯾﮫ ﻣن ﻣﺳﺎﻓﺔ ﺑﻌﯾدة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره"رﺟل
ﻗﺎرئ" ﻛﻣﺎ أﻗول ﻋن ھذه اﻟﺻﺧرة ،ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﺻﺧرة ﺑﺎردة ،ﻓﮭﺎھﻧﺎ ﯾﺑدوا اﻟﻐﯾر ﺣﺳب ﺳﺎرﺗر ﻛوﺟود ﻣﻛﺎﻧﻲ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺷﻲء وﻟﻛن ﺑﻣﺟرد ﻣﺎ أن ﯾﻠﺗﻔت إﻟﻲ ھو اﻵﺧر ﺣﺗﻰ ﺗزول ﻋﻧﮫ ھذه اﻟﺷﯾﺋﯾﺔ ﻷﺗﺣول أﻧﺎ إﻟﯾﮭﺎ ،ﻓﺎﻟﻐﯾر
26
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣوﺿوع وذات ﻋﻧدﻣﺎ أﻛون ذاﺗﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾﮫ إذ ﻻ أﺳﺗطﯾﻊ أن أﻛون ﻣوﺿوﻋﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﻧﻔﺳﻲ ،ﻛﻣﺎ ﻻﯾﺳﺗطﯾﻊ
اﻟﻐﯾر أن ﯾﻛون ﻣوﺿوﻋﺎ إﻟﻰ ﻧﻔﺳﮫ"ﻓﻛل واﺣد ﻣﻧﺎ ﯾﺣﻘق ﺣرﯾﺗﮫ ووﻋﯾﮫ ﺑذاﺗﮫ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻌﺎﻟﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻧظرة اﻵﺧر
وھﻲ ﻧظرة ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻛل "أﻧﺎ" ﻓﻲ اﺗﺟﺎه اﻟﻐﯾر ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔﻌل واﻹﺧﺗﯾﺎر اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺣرﯾﺗﮫ ،وﻓﻲ
ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﺳﺎرﺗر"ﻓﻧظرة اﻵﺧر وﺳﯾط ﺑﯾﻧﻲ وﺑﯾن ﻧﻔﺳﻲ وأﻧﺎ أرى ﻧﻔﺳﻲ ﻷن اﻵﺧر ﯾراﻧﻲ وھو ﺷﻌور
أوﺿﺢ ﻣﺎ ﯾﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺧﺟل وھﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﯾﺗﻌرف ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣرء ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﻛﻣوﺿوع ﯾراه اﻷﺧر وﯾﺣﻛم ﻋﻠﯾﮫ ،أو
ﺑﺎﻷﺣرى ﻛﺣرﯾﺔ ﺗﻔﻠت ﻣﻧﮫ".
ﻣـــــوﻗف ھﯾﺟل :وﺟود اﻟﻐﯾر ﺿروري ﻟﺗﺣﻘق اﻷﻧﺎ وﻋﯾﮭﺎ ﺑذاﺗﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺻراﻋﮭﺎ ﺿد اﻟﻐﯾر ﻣن أﺟل ﻧزع
اﻹﻋﺗراف
ﻓﻲ ﻗراءﺗﮫ ﻟﮭﯾﺟل ﯾﻌﯾد ﺟﺎن ھﯾﺑوﻟﯾت ﺑﻧﺎء اﻟﺗﺻور اﻟﮭﯾﺟﯾﻠﻲ ﺣول ﺗطور اﻟوﻋﻲ وأﻗﺻﻰ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻓﯾﮫ
اﻟوﻋﻲ ﻛﻣﺎ ﻧﺎﻗش ذﻟك ھﯾﻐل ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﯾﮫ "اﻹﺳﺗطﯾﻘﺎ" و"ﻓﯾﻧوﻣﯾﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟروح" أن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻛون وﻻ ﯾوﺟد ﻣن
أﺟل ذاﺗﮫ ﺣﺳب ھﯾﺟل إﻻ إذا ﺗﺟﺎوز اﻟوﺟود اﻟطﺑﯾﻌﻲ )اﻟوﺟود ﻛﺄﺷﯾﺎء اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ( ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾوﺟد ﻣن أﺟل
ذاﺗﮫ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﯾﻧﻔﻲ ﻓﯾﮫ اﻟوﺟود اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻛﻲ ﯾﺳﻣو إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻛون ﻣوﺿوع رﻏﺑﺗﮫ ،إن ﺗدﺧل اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ
اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺣوﯾﻠﮭﺎ وإﺿﻔﺎء ﻟﻣﺳﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺣوﻟﮭﺎ ھو ﻣﺎ ﺗﺳﺗﮭدﻓﮫ اﻟرﻏﺑﺔ ،إن اﻟرﻏﺑﺔ ھﻲ وﻋﻲ اﻟذات ﺑذاﺗﮭﺎ
ﺣﺳب ھﯾﺟل وﻟن ﺗﻛون اﻟذات ﻋﻠﻰ وﻋﻲ ﺑذاﺗﮭﺎ إﻻ إذا ﻛﺎﻧت ﻟدﯾﮭﺎ رﻏﺑﺎت ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺻراع ﻣن
أﺟل ﻧزع اﻻﻋﺗراف اﻟذي ﺗﺣرﻛﮫ اﻟرﻏﺑﺔ ﻋﻧد ھﯾﻐل رﻏﺑﺔ اﻟﻌﺑد ﻓﻲ اﻟﺗﺣرر ،ﻓﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗﺳﻌﻰ اﻟذات إﻟﻰ ﺗﺟﺎوز
وﺟودھﺎ اﻟطﺑﯾﻌﻲ /اﻟﺣﺳﻲ ﻧﺣو ﺗﺣﻘﯾق رﻏﺑﺎﺗﮭﺎ ﻓﮭﻲ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾق وﻋﯾﮭﺎ ﺑذاﺗﮭﺎ ،ﻟﻛن ھذا
اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻟذات ﯾﺻطدم ﺑرﻏﺑﺎت ذات أﺧرى وھو ﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺻراع ﺑﯾن اﻟرﻏﺑﺎت،ﺗﺟد اﻷﻧﺎ ﻓﯾﮫ ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻣﺟﺑرة
ﻋﻠﻰ اﻟدﺧول ﻓﻲ ﺻراع ﻗﺎﺗل وﻣﻣﯾت ﻣن أﺟل ﻧزع اﻻﻋﺗراف ﺿد ﻧﻘﯾض اﻷﻧﺎ وھو اﻟﻐﯾر وﯾﻣﺛل ﻟﻧﺎ ذﻟك ھﯾﺟل ﻣن
ﺧﻼل ﺟدﯾﻠﺔ اﻟﻌﺑد واﻟﺳﯾد ﻓﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ ﯾرﻏب ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق وﻋﯾﮫ ﺑذاﺗﮫ ﻣن ﺧﻼل رﻏﺑﺎﺗﮫ وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﺻراع
ﻣﺳﺗﻣر ﻟﻛﻲ ﯾﻧﻔﻲ أﺣدھﻣﺎ اﻵﺧر وﯾﻧﺗﺻر ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻛﻲ ﯾﻧﺗزع ﻣﻧﮫ اﻋﺗراﻓﮫ ﺑذاﺗﮫ ﻛﺷﺧص ﺣر وواع وﻣﺳﺗﻘل ،ھذا
اﻟﺻراع ھو اﻟذي ﯾﻣﻧﺢ اﻟذات و اﻵﺧر ﯾﻘﯾﻧﺎ ﺑوﺟودھﻣﺎ .ﻓﯾرﺗﻘﻲ ﺑﺎﻟﻔرد ﻣن ﻣﺟرد أﻧﺎ ﻣﺑﺎﺷر إﻟﻰ وﻋﻲ ﺑذات ﻣﻌﺗرف
ﺑﮭﺎ.ھذا اﻹﻋﺗراف ﻻ ﯾﻣﻧﺢ ﺑﺷﻛل ﺳﻠﻣﻲ وإﻧﻣﺎ ﯾﻧﺗزع ﻋﺑر ﺻراع ﯾ ِؤدي إﻟﻰ اﺳﺗﺳﻼم أﺣد اﻟطرﻓﯾن ،وﺑذﻟك ﺗﻧﺷﺄ
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻷوﻟﻰ " :ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﯾد واﻟﻌﺑد ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ".
ﻣوﻗف دﯾﻛﺎرت ،اﻷﻧﺎ ﻣﻛﺗﻔﯾﺔ ﺑذاﺗﮭﺎ واﻟﻐﯾر ﻻ وﺟود ﻟﮫ إﻧﮫ ﻣﺟرد ﺟﺳم
إن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟدﯾﻛﺎرﺗﯾﺔ ﺗﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺎ اﻟﻣﻔﻛرة اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق وﻋﯾﮭﺎ ﺑذاﺗﮭﺎ اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ اﻟذات ﻧﻔﺳﮭﺎ و
دوﻧﻣﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻐﯾر ،ھذا ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻣﻧﺎ إﯾﺎه ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺷك اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻊ ﻓﯾﮭﺎ اﻷﻧﺎ ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻟﻐﯾر ﻣن ﺧﻼل
اﻟﺷك ﻓﻲ ھذا اﻷﺧﯾر ،و ﻣن ﺧﻼل اﻟﻌزﻟﺔ ﻋﻧﮫ .و ﻣن ھﻧﺎ ﯾﻛون وﺟوده ﻏﯾر ﺿروري ﺑل اﻓﺗراﺿﯾﺎ أو ﻣﺣﺗﻣﻼ ﻣﺎ
دام ﻣﺗوﻗﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﻌﻘل و اﺳﺗدﻻﻟﮫ.ورﻏم أن دﯾﻛﺎرت ﻟم ﯾﺗطرق ﻟﻠﻐﯾر ﻟﻔظﺎ ﻓﻲ ﻣﺗﻧﮫ ﻟﻛن اﻷﻧﺎ أﻓﻛر ﻋﻧد دﯾﻛﺎرت
ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﺄﻣل اﻟﻣﺳﺗﻘل ﻻ ﺗﻧظر ﻟﻶﺧرﯾن ﻛﺄﻧوات ﺑل ﻣﺟرد أﺟﺳﺎم ﻣﺗﺣرﻛﺔ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾطل دﯾﻛﺎرت ﻣن ﺷرﻓﺔ اﻟﻧﺎﻓدة
ﻋﻠﯾﮭم ﻟﯾراھم ﯾﺗﺣرﻛون.
27
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺎﻛس ﺷﯾﻠر :ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻐﯾر ﻣﻣﻛﻧﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧظر إﻟﯾﮫ ﻛﺑﻧﯾﺔ ﻛﻠﯾﺔ ﻻﺗﻘﺑل اﻟﺗﺟزﯾﺊ
28
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾرى ﻣﺎﻛس ﺷﯾﻠر أن ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻐﯾر ﻣﻣﻛﻧﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺑﻧﯾﺔ ﻛﻠﯾﺔ ﻣﺗراﺑطﺔ ،وﯾؤﺳس ﻷطروﺣﺗﮫ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
اﺳﺗﻧﺑﺎطﻲ ،ﻣؤﻛدا ﻋﻠﻰ أﻧﻧﺎ ﻧﺷﺎرك اﻟﻐﯾر ﻓﻲ إﺿﻔﺎء اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎﻟﮫ ﻓﯾﻛﻔﻲ أن ﻧرى اﺑﺗﺳﺎﻣﺗﮫ
ﻟﻧﻘول ﺑﺄﻧﮫ ﻓرﺣﺎ ،أو اﺣﻣرار وﺟﮭﮫ ﻟﻧﻘول أﻧﮫ ﺧﺟل ،أو دﻣوﻋﮫ ﻟﻧﻘول أﻧﮫ ﺣزﯾن ،وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﯾوﺟﮫ
ﺷﯾﻠر ﻧﻘدا ﻻذﻋﺎ ﻟﻠﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ اﻟذي ﯾرى ﺑﺄن ﺗﻌﺎﺑﯾر وﺳﻠوﻛﺎت اﻟﺷﺧص ﻻ ﺗﻌﺑر ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻣﮫ اﻟداﺧﻠﻲ
وﻛﺄن اﻟﻐﯾر ﯾﻌﯾش ﺣﯾﺎﺗﯾن ﻣﻧﻔﺻﻠﺗﯾن ،ﻋﺎﻟم داﺧﻠﻲ وﻋﺎﻟم ﺧﺎرﺟﻲ ،ﻟذﻟك ﯾؤﻛد ﺷﯾﻠر ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ
ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾﻘﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻷﻧﮫ ﻓﻌل ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺗﺟزﯾﺊ ﻣﺎدام ﯾﺗداﺧل ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ھو ﻧﻔﺳﻲ وروﺣﻲ ﻣﻊ
ﻣﺎ ھو ﻣﺎدي ﻋﺿوي ،وﯾﻘﺗرح ﺷﯾﻠر اﻹﻧطﻼق ﻣن اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻔﯾﻧﻣﯾﻧوﻟوﺟﻲ اﻟذي ﯾﻧظر ﻟﻠﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﻠﯾﺗﮫ
وﻗﺻدﯾﺗﮫ ،وﯾﻧﺗﮭﻲ ﺷﯾﻠر إﻟﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧطﺑق ﺧطوات اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﺑﯾر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻣوﺿوع اﻟﻔزﯾﺎﺋﻲ أو اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺗﻘﺳﯾم واﻟﺗﺟزﯾﺊ واﻟﻣوﺿﻌﺔ واﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ
اﻟﻣطﻠﻘﺔ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﺗﻌﻣﯾم ،ﻓﺈن اﻟﻔﻌل واﻟﺗﻌﺑﯾر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟذﻟك ،ﻓﺎﻹﺑﺗﺳﺎﻣﺔ ﻣﺛﻼ أو اﻟﺣزن أو اﻟﻔرح ﻻ
ﯾﻣﻛن ﺗﺟزﯾﺋﮫ وﺗﻘﺳﯾﻣﮫ وﻣوﺿﻌﺗﮫ أو ﻓﺻﻠﮫ ﻋن ﻣﺎ ھو داﺧﻠﻲ ،إن ﺗﻌﺎﺑﯾر اﻟﻐﯾر ھﻲ ﻣرآة ﻋﺎﻛﺳﺔ ﻟﻌﺎﻟﻣﮫ
اﻟداﺧﻠﻲ ﻟذﻟك ﻓﺎﻟﺗﻌﺎطف واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن إدراك اﻟﻐﯾر وﻣﻌرﻓﺗﮫ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﻣﺎﻛس
ﺷﯾﻠر"إن ﻣﺎ ﻧدرﻛﮫ ،ﻣﻧذ اﻟوھﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻟﯾس ﺟﺳد اﻟﻐﯾر وﻻ ﻧﻔﺳﯾﺗﮫ ،ﺑل ﻧدرك اﻟﻐﯾر ﺑوﺻﻔﮫ ﻛﻼ ﻻ ﯾﻘﺑل
اﻟﻘﺳﻣﺔ ،إذ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﻘﺳﻣﮫ إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن ،أوﻟﮭﻣﺎ ﯾدرك داﺧﻠﯾﺎ)ﻧﻔﺳﯾﺎ( ،وﺛﺎﻧﯾﮭﻣﺎ ﯾدرك ﺧﺎرﺟﯾﺎ)ﺟﺳدﯾﺎ( ،إن
اﻟﻣﺿﻣوﻧﯾن اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﺧﺎرﺟﻲ ،ﯾﺗراﺑطﺎن ﺗراﺑطﺎ وﺛﯾﻘﺎ ﺑﺧﯾط داﺋم وﻣﺳﺗﻘل ﻋن ﻛل ﻣﻼﺣظﺔ واﺳﺗﻘراء".
ﻣوﻗف ﺟﺎن ﺑول ﺳﺎرﺗر :ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻐﯾر ﻛﺄﻧﺎ ﻏﯾر ﻣﻣﻛﻧﺔ ،ﻓﺈﺧﺿﺎﻋﮫ ﻟﻔﻌل اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻣوﺿﻌﺗﮫ وﺗﺟﻣﯾد
إﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﮫ
ﯾﻘدم اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺟون ﺑول ﺳﺎرﺗر ﺗﺻوره ﺣول اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻷﻧﺎ و اﻵﺧر ﻛﻣﺎ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف
ﻣظﺎھر اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﻌﯾﺷﺔ ) اﻟﻧظرة،اﻟﺣب (...ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺻراع ﺗدور ﺣول اﻟﻣوﺿﻌﺔ ،و ﺗﺗﺟﻠﻰ ﺧﺎﺻﯾﺔ
اﻟﺻراع ﻓﻲ أﻧﻧﻲ أﺣﺎول أن أدرك اﻵﺧر ﻛﻣوﺿوع أﺷﯾﺋﮫ و أﻓﻘده ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إﻣﻛﺎﻧﺎﺗﮫ و ﺣرﯾﺎﺗﮫ .و ﺣﯾن أﻧظر إﻟﯾﮫ
ﯾﺷﯾﺋﻧﻲ و ﯾﻔﻘدﻧﻲ ﺣرﯾﺗﻲ .و ﯾظﮭر اﻟوﺻف اﻟذي ﻗﺎم ﺑﮫ ﺳﺎرﺗر ﻟﻣﺧﺗﻠف ﻣظﺎھر اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﻌﯾﺷﺔ ،أﻧﻧﻲ أﻋﺟز
ﻋن اﻟﻧظر إﻟﻰ اﻵﺧر ﻛذات و ﻛﻣوﺿوع ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت .و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾظﮭر أن اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﻋﺗرف ﻓﯾﮭﺎ
ﺑﺣرﯾﺔ اﻵﺧر ھﻲ وﺿﻌﯾﺔ ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن وﻋﻲ اﻵﺧر ﻛوﻋﻲ ﺣر ھو وﻋﻲ ﯾوﺟد ﺧﺎرج ﻗدراﺗﻲ
اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ و ﯾﺣﻣل ﺗﻧﺎﻗﺿﺎ و اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗﺟﻌﻠﮫ ﺑﻌﯾدا ﻋن اﻟﻣﻌرﻓﺔ.
ﻓﺎدﻋﺎﺋﻲ ورﻏﺑﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ اﻵﺧر ھﻲ ﻣﺟرد ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﻠﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮫ وﻣوﺿﻌﺗﮫ وﺗﺷﯾﯾﺋﮫ .ﻓﻛل واﺣد
ﻣﻧﺎ ﯾﺳﻌﻰ ﻣن ﺧﻼل ﻧظرﺗﮫ إﻟﻰ ﺗﺟﻣﯾد اﻵﺧر واﻟﺣد ﻣن ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺗﮫ وﻋﻔوﯾﺗﮫ ﻟﻛن ﻛل واﺣد ﻣﻧﺎ ﯾﻧﻔﻠت ﻣن اﻵﺧر
ﺑﻔﻌﻠﮫ واﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ وﺗﻌﺎﻟﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﻧظرة وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻐﯾر ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ ﻛذات ،إن ﺳﻘوط اﻷﻧﺎ ﻓﻲ
اﻟﻌﺎﻟم ﻣﻧذ اﻟﻠﺣظﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﺗﻘذف ﻓﯾﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﯾوازﯾﮭﺎ اﻧﺑﺛﺎق ﻟﻠﻐﯾر ﻣن ﺧﻼل ﻧظرﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﻣوﺿﻊ اﻷﻧﺎ
ﻟﻛن اﻷﻧﺎ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻐﯾر ﻷن ﺣرﯾﺗﮭﺎ ﺗوﺟد ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻟﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻧظرة اﻟﻐﯾر ،وﻛل ادﻋﺎء ﻟﮭذه اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ)أي
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻌرﻓﺗﮫ(ھﻲ ﻟﯾﺳت إﻻ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮫ وﺗﺷﯾﯾﺋﮫ.
ﻏﺎﺳﺗون ﺑﯾرﺟﻲ :ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻐﯾر ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ ،ﻓﻌﺎﻟﻣﮫ ﺣﺻن ﻣوﺻد ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻸﻧﺎ اﺧﺗراﻗﮫ أو ﺗﻣﺛﻠﮫ ﺑﺷﻛل
ﯾﺗطﺎﺑق ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﻔﻛر ﻓﯾﮫ اﻟﻐﯾر
29
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾرى اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻏﺎﺳﺗون ﺑﯾرﺟﻲ أن اﻟذات ﺗﺷﻛل ﻋﺎﻟﻣﺎ ﻓرﯾدا ﻣن ﻧوﻋﮫ ،ﻓﮭﻲ ﺗﻌﯾش ﻓﻲ
اﺳﺗﻘﻼل و اﻧﻔﺻﺎل ﻋن اﻟﻐﯾر ،إذ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺳﺑر أﺣدھﻣﺎ أﻏوار اﻵﺧر رﻏم ﺣﺿورھﻣﺎ ﻣﻌﺎ .و ھذا اﻟﺣﺿور
ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﻟﻠﺟﺳد أو ﻟﻠﺟﺳم .ﻟﻛن ،ﻋﻘل اﻷﻧﺎ و ﺗﻔﻛﯾرھﺎ ﻏﺎﺋب ﻋن ھذا اﻟﺣﺿور ،ﻓﮭو ﯾﺗوارى وراء ﺣﺟب
ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﻧﻛﺷف أو ﺗﺗﺟﻠﻰ أﻣﺎم اﻟﻐﯾر .ﻓﻛل ﻣﺎ ﺗﻣر ﺑﮫ اﻟذات ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻐﯾر أن ﯾﺷﺎرك اﻷﻧﺎ ﻓﯾﮫ ﺑﻧﻔس
اﻟدرﺟﺔ و اﻟﻣﻘدار ،رﻏم أﻧﮫ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺳﺎس و اﻟﺗﻌﺎطف ﻣﻌﮭﺎ ،ﯾﻌطﯾﻧﺎ ﺑﯾرﺟﻲ ﻣﺛﺎﻟﯾن أو ﺗﺟرﺑﺗﯾن ﯾﺑدوا
ﻓﯾﮭﻣﺎ ﻋﺎﻟم اﻟﻐﯾر ﻏرﯾب ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋن ﻋﺎﻟم اﻷﻧﺎ ،ﻓﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻔرح أو اﻷﻟم ھﻲ دﻟﯾل ﻗﺎطﻊ ﻋﻧد ﺑﯾرﺟﻲ ﻋﻠﻰ ﻋدم
ﻗدرة اﻟﻐﯾر ﻋﻠﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﻋﺎﻟم اﻷﻧﺎ ،ﻓﻣﺛﻼ ﺣﯾن أﻛون ﻓرﺣﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺧﺑر ﻣﺎ أو ﺳﻣﺎع ﺷﻲء ﻣﺎ ﻓرﻏم وﺟود
اﻵﺧرﯾن إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺑﻲ ﻓﻼ ﯾﻣﻛﻧﮭم ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ أن ﯾﺣﺳوا ﺑوﻗﻊ اﻟﻔرح ﻋﻠﻲ ﻛﻣﺎ أﺣس ﺑﮫ أﻧﺎ رﻏم أﻧﮭم ﯾﺷﺎرﻛوﻧﻧﻲ
ﻓرﺣﺗﻲ إﻻ أن ﻓرﺣﻲ ﯾظل ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻲ وﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻣﺷﺎرﻛﺗﮭم أو ﺗﻌﺎطﻔﮭم أن ﯾﻛون ﻣطﺎﺑﻘﺎ ﻟﻣﺎ أﺣس ﺑﮫ ،ﻓﻣﺛﻼ
اﻟﻌروس ﻟﯾﻠﺔ اﻟﻌرس ﻗد ﯾﺷﺎرﻛﮭﺎ ﻛل اﻷﻏﯾﺎر ﻓرﺣﺗﮭﺎ ﻟﻛن ﻻ أﺣد ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾﺣس ﺑﻣﺎ ﺗﺣس ﺑﮫ ھﻲ داﺧﻠﯾﺎ،
رﻏم أﻧﮭم ﯾﻌﺑرون ﻋن ﻓرﺣﮭم ﻟﻔرﺣﮭﺎ ،ﻛﻣﺎ أن ﺗﺟرﺑﺔ اﻷﻟم وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣوت ﻛﺄﻗﺻﻰ ﺗﺟرﺑﺔ وﺟودﯾﺔ ﻗد ﯾﺷﺎرﻛﻧﺎ
اﻟﻐﯾر ﻋن طرﯾق ﺗﻌﺎطﻔﮫ ﻓﯾﮭﺎ إﻻ أن ھذا اﻟﺗﻌﺎطف ﯾظل ﺑراﻧﯾﺎ ﻋﻧﻲ ﻷﻧﻧﻲ أﻧﺎ اﻟﻣﺗﺄﻟم اﻟوﺣﯾد وأﻧﺎ اﻟوﺣﯾد اﻟﻘﺎدر
ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺳﺎس ﺑذﻟك اﻷﻟم اﻟذي ﻗد ﯾﺣدﺛﮫ وﻗﻊ اﻟﻣوت ﻣن ﺧﻼل ﻓﻘدان ﻗرﯾب أو ﺣﺑﯾب ﻋﻠﻲ ،أﻣﺎ اﻟﻐﯾر ﻓﻼ
ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻣﮭﻣﺎ ﺣﺎول أن ﯾﺻل إﻻ ﻋﺎﻟﻣﻲ اﻟداﺧﻠﻲ ووﻗﻊ اﻷﻟم ﻋﻠﻲ.
30
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣوﻗف أﻓﻼطون :اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر أﺳﺎﺳﮭﺎ اﻟﺣب اﻟذي ﺗﺣس ﺑﮫ اﻷﻧﺎ ﺗﺟﺎه اﻟﻐﯾر ،ھذا اﻟﺣب اﻟﻣوﺟﮫ ﻧﺣو اﻟﻐﯾر
ﻏﺎﯾﺗﮫ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻛﻣﺎل وﺗﺟﺎوز ﻧﻘص اﻷﻧﺎ
ﯾداﻓﻊ أﻓﻼطون ﻓﻲ ﻣﺣﺎورة ﻟﯾﺳﯾس Lysisاﻟﺗﻲ ﺧﺻﮭﺎ ﻟﺑﺣث ﻣوﺿوع اﻟﺻداﻗﺔ ،ﻋﻠﻰ أن اﻟﺻداﻗﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺣﺑﺔ
ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﯾن اﻷﻧﺎ واﻟﻐﯾر ،أﺳﺎﺳﮭﺎ ﺣﺎﻟﺔ وﺟودﯾﺔ وﺳط ﺑﯾن اﻟﻛﻣﺎل اﻟﻣطﻠق واﻟﺗواﺻل اﻟﻣطﻠق ،ﺑﯾن اﻟﺧﯾر اﻷﻗﺻﻰ
واﻟﺷر اﻷﻗﺻﻰ ،ﻷن ﻣن ﯾﺗﺻف ﺑﺎﻟﻛﻣﺎل واﻟﺧﯾر اﻟﻣطﻠﻘﯾن ﯾﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻛﺗﻔﺎء ذاﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﻐﯾر وﻣن ﯾﺗﺻف ﺑﺎﻟﺷر
واﻟﻧﻘص اﻟﻣطﻠﻘﯾن ﺗﻧﺗﻔﻲ ﻓﯾﮫ اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ طﻠب اﻟﻛﻣﺎل وﻟﻠﺧﯾر ،ﻟذﻟك ﻓﺎﻟﺻدﯾق ھو ﻣن ﯾﺗﺻف ﺑﻘدر ﻛﺎف ﻣن اﻟﺧﯾر
واﻟطﯾﺑﺔ ﯾدﻓﻌﮫ إﻟﻰ طﻠب ﺧﯾر أو ﻛﻣﺎل أﺳﻣﻰ ،وﺑﻘدر ﻣن اﻟﻧﻘص ﻻ ﯾﻣﻧﻌﮫ ﻣن ذﻟك ،وﻛﺄﻧﮫ ﯾﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻐﯾر ﻋﻣﺎ
ﯾﻛﻣﻠﮫ.
ﻣوﻗف أرﺳطو:اﻟﺻداﻗﺔ ﻓﺿﯾﻠﺔ ،ﺗﻣﻧﻌﻧﺎ ﻣن اﻟﻧظر ﻟﻶﺧر ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻣﻔﯾدا أو ﻧﺎﻓﻌﺎ ﺑل ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺻدﯾﻘﺎ
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﯾﺿﯾف أرﺳطو أن اﻟﺻداﻗﺔ ،ﻓﺿﯾﻠﺔ ،ﻓﮭﻲ ﺗﻣﺛل ﻗﯾﻣﺔ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ وﺳﺎﻣﯾﺔ ،ﺿرورﯾﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة
اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،وھﻲ اﻟراﺑطﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،ﻓﺈذا ﻋﻣت ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺻداﻗﺔ ﺑﯾﻧﮭم داﺧل اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻓﻠن
ﯾﺣﺗﺎﺟوا إﻟﻰ اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻘواﻧﯾن.
ﯾﻣﯾز أرﺳطو ﺑﯾن ﺛﻼﺛﺔ أﺻﻧﺎف ﻣن اﻟﺻداﻗﺔ :ﺻداﻗﺔ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ وﺻداﻗﺔ اﻟﻣﺗﻌﺔ وﺻداﻗﺔ اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ.ﻓﺎﻟﺻﻧﻔﺎن
اﻷوﻻن ﻣﺗﻐﯾران ﯾﺗوﻗﻔﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو ﻧﺎﻓﻊ وﻣﻣﺗﻊ ،ﯾﻧﺗﻔﯾﺎن ﺑﺎﻧﺗﻔﺎء أﺳﺎﺳﮭﻣﺎ ،أﻣﺎ اﻟﺻﻧف اﻟﺛﺎﻟث ﻓﮭو اﻟذي ﯾﺳﺗﺣق
اﺳم اﻟﺻداﻗﺔ اﻟﺣﻘﺔ .ﻷﻧﮫ ﯾﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺑﺔ اﻟﺧﯾر واﻟﺟﻣﺎل ﻟذاﺗﮭﻣﺎ ،وھو ﻓﺿﻼ ﻋن ذﻟك ﯾوﻓر اﻟﻣﺗﻌﺔ واﻟﻣﻧﻔﻌﺔ،
وﻟﻛن ﻟﯾس ﻛﻐﺎﯾﺗﯾن ﻓﻲ ذاﺗﮭﻣﺎ ،ﺑل ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻓﻘط .ﯾﺗﻧﺎول أرﺳطو اﻟﺻداﻗﺔ ﻛﻘﯾﻣﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ وﻣدﻧﯾﺔ ،وﯾرﻛز ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﮫ ﻟﮭﺎ
ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻛﺎل اﻟواﻗﻌﯾﺔ .اﻟﺻداﻗﺔ ﻛﺗﺟرﺑﺔ ﻣﻌﯾﺷﺔ ،ﺑﺧﻼف اﻟﺗﺻور اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ ﻟﻠﺻداﻗﺔ ﻋﻧد أﻓﻼطون اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﺣب،
واﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل ﻋﻧده ﺣﺎﻟﺔ وﺟودﯾﺔ ﺗﺗوﺳط اﻟﺧﯾر اﻷﻗﺻﻰ واﻟﺷر اﻷﻗﺻﻰ ،وﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟﺻدﯾق ھو ﻣن ﯾﺗﺻف ﺑﻘدر
31
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻛﺎف ﻣن اﻟﺧﯾر ﯾدﻓﻌﮫ إﻟﻰ طﻠب اﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ .أﻣﺎ ﻣن ﯾﺗوﻓر ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻣﺎل واﻟﺧﯾر اﻟﻣطﻠﻘﯾن ﻓﮭو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻛﺗﻔﺎء
ذاﺗﻲ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻵﺧر ،وﻣن ﯾﺗوﻓر ﻋﻠﻰ اﻟﺷر واﻟﻧﻘص اﻟﻣطﻠﻘﯾن ﺗﻧﺗﻔﻲ ﻣﻌﮫ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ طﻠب اﻟﺧﯾر واﻟﻛﻣﺎل.
ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗرﺗﻘﻲ ﺑﺎﻟﻣدﯾﻧﺔ/اﻟدوﻟﺔ Polisﺑﯾن اﻟﻐﯾر واﻷﻧﺎ ھﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺻداﻗﺔ اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ،
ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺑﺔ اﻟﺧﯾر واﻟﺟﻣﺎل ﻟذاﺗﮫ أوﻻ ﺛم ﻟﻸﺻدﻗﺎء ﺛﺎﻧﯾﺎ ،ﻟذﻟك ﺗدوم وﺗﺑﻘﻰ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺻداﻗﺔ
ﺗﺗﺣﻘق اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ واﻟﻣﺗﻌﺔ أﯾﺿﺎ ،وﻟﻛن ﻟﯾس ﻛﻐﺎﯾﺗﯾن ﺑل ﻛﻧﺗﯾﺟﺗﯾن ﻟﻠﺻداﻗﺔ ،ﻟذﻟك ﻓﺈن ﺻداﻗﺔ اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ﻧﺎدرة ،ﻟﻛﻧﮭﺎ ﺗظل
ﺿرورﯾﺔ وﻣطﻠﺑﺎ ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،وﻟو أﻣﻛن ﻗﯾﺎم اﻟﺻداﻗﺔ اﻟﺣق ،ﺻداﻗﺔ اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﺟﻣﯾﻌﺎ ،ﻟﻣﺎ اﺣﺗﺎﺟوا
إﻟﻰ اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻘواﻧﯾن واﻟدوﻟﺔ.
ﻣوﻗف ﻛرﯾﺳﺗﯾﻔﺎ ) :(Julia Kristevaاﻟﻐراﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗرﻗﻧﺎ ﺑﮭﺎ اﻟﻐﯾر ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ
ﻣﻌﮫ ﺿرورﯾﺎ
ﯾﺗﺣدد اﻟﻐرﯾب ) (L’étrangerﺑﻛوﻧﮫ ﻛل ﻣن ﻻ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺷرﯾﺔ ﻣﻧظﻣﺔ ﺗﺟﻣﻌﮭﺎ رواﺑط ﻋدﯾدة )
ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،دﯾﻧﯾﺔ ،ﻋرﻗﯾﺔ (.....وﯾﺗﺧذ اﻟﻐرﯾب ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋدة ﺻور ،ﻓﮭو اﻟﻣﺟﮭول ،وﻏﯾر اﻟﻣﺄﻟوف ،واﻷﺟﻧﺑﻲ ،واﻟدﺧﯾل،
واﻟﮭﺎﻣﺷﻲ ...ھذه اﻟﺻور اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺧذھﺎ اﻟﻐرﯾب ﺗوﺣﻲ ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ﻛﺎﻟﺧوف ،واﻟﻛراھﯾﺔ ،واﻟﻧﻔور،
واﻟﺣﻘد ،واﻟﻌداء...
ﻗد ﯾﻧﺑﺛق اﻟﻐرﯾب أﯾﺿﺎ ﻣن داﺧل اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟواﺣدة ﻧﻔﺳﮭﺎ ،ﻣن " اﻟﻧﺣن " أو " اﻷﻧﺎ اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ" ﺑﺣﻛم اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت
واﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت داﺧل ھذه اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﻋﻧدﺋذ ﻟن ﯾﻛون اﻟﻐرﯾب ھو اﻟواﻓد ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ أو اﻟﻘﺎدم إﻟﯾﮭﺎ ،ﺑل ﻣن داﺧﻠﮭﺎ.
ﺗﻘول ﻛرﯾﺳﺗﯾﻔﺎ" :ﻟﯾس اﻟﻐرﯾب ھو اﺳم ﻣﺳﺗﻌﺎر ﻟﻠﺣﻘد وﻟﻶﺧر ...ھو ذﻟك اﻟدﺧﯾل اﻟﻣﺳؤول ﻋن ﺷرور اﻟﻣدﯾﻧﺔ
ﻛﻠﮭﺎ ...و ﻻ ذﻟك اﻟﻌدو اﻟذي ﯾﺗﻌﯾن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮫ ﻹﻋﺎدة اﻟﺳﻠم إﻟﻰ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ .إن اﻟﻐرﯾب ﯾﺳﻛﻧﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻏرﯾب
...ﺑوﺻﻔﮫ ﻋرﺿﺎ داﻻ ﯾﺟﻌل ال " ﻧﺣن" إﺷﻛﺎﻟﯾﺎ ورﺑﻣﺎ ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ".
ﻛﺎرل ﺷﻣﯾث :اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺻدﯾق واﻟﻌدو ھو اﻟﻣﻣﯾز ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻷﻧﺎ و اﻟﻐﯾر ،اﻷﻧﺎ ﻋﻧد ﺷﻣﯾث ﺟﻣﺎﻋﯾﺔ،
واﻟﻐﯾر ﻛذﻟك ذات ﺟﻣﺎﻋﻲ ،إﻧﮫ ﯾﺗﺣدث ﻋن دوﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑدوﻟﺔ أﺧرى ،ﻛﺄﻗﺻﻰ ﺗﻣﺛﯾل ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻷﻧﺎ واﻟﻐﯾر
اﻟذي ﺗظل اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻌﮫ ﻣﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌداء أو اﻟﺻداﻗﺔ .اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﻛون داﺋﻣﺔ وﻻ اﻟﻌداء داﺋم ،ﺑل اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ
ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ.
ﯾﻧﺎﻗش ﻛﺎرل ﺷﻣﯾث اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ،ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﻼھوت اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ" ﻛل اﻟﺗﺻورات اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧظرت
ﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻷﺧر ﻣن ﻣﻧظور اﻟﺻداﻗﺔ أو اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ،ﻣوﺟﮭﺎ ﻧﻘدا ﻻذﻋﺎ ﻟﻛل ھذه اﻟﺗﺻورات اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ أو
اﻟﺳﺎذﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﯾد أن ﺗﻘﺻﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﯾش ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت ﻓﻲ ﻣﺳﺗواھﺎ
اﻟﻛوﺳﻣوﺑوﻟﺗﯾﻛﻲ)اﻟﻛوﻧﻲ( ﻓﺎﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻓﻠﺳﻔﺔ ﺷﻣﯾث"ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻟﻧﺎ أﺻدﻗﺎء ﺣﻘﯾﻘﯾون ﺣﺗﻰ ﯾﻛون ﻟﻧﺎ أﻋداء
ﺣﻘﯾﻘﯾون ،وﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺣب أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻣﺎ ﻟم ﻧﻛره ﻏﯾرﻧﺎ ،ھذه ھﻲ اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﻌﯾد اﻛﺗﺷﺎﻓﮭﺎ اﻟﯾوم ﺑﺄﺳﻰ
ﻛﺑﯾر ﺑﻌد ﻗرن و ﯾزﯾد ﻣن اﻟرﯾﺎء اﻟﻌﺎطﻔﻲ" ،ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﻧظر ﻟﻠﻌدو ﻓﻲ ﺗﺻور ﻛﺎرل ﺷﻣﯾث ﻧﺟده ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﮫ اﻟﺧﺻم أو
اﻟﻣﻧﺎﻓس اﻹﻗﺗﺻﺎدي أو اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑل اﻟﻌدو ھو ذﻟك اﻟذي ﻏﺎﯾﺗﮫ إﺣداث ﻣوت ﻓزﯾﺎﺋﻲ ﻟﻸﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌرﻛﺔ أو اﻟﺣرب أي
اﻟوﺿﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻷﻛﺛر ﻣﺟﺎزﻓﺔ.وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر)اﻟذات اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ( ﻣﻊ اﻷﻧﺎ )اﻟذات اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ(
ﻣﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌداء أو اﻟﺻداﻗﺔ اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺣﻔظ اﻟذات وﺑﻘﺎﺋﮭﺎ ﺿد أي ﺗﮭدﯾد
ﺧﺎرﺟﻲ.
32
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﻧﺎ ﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻐﯾر ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻣﺳﺗوﯾﺎﺗﮭﺎ ،ﺗﺑﯾن ﻟﻧﺎ أن إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻐﯾر ھﻲ ﻗﺿﯾﺔ وﺟودﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ
ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟن ﯾﺳﺗﻘﯾم ﺗﻧظﯾﻣﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟدوﻟﺔ إﻻ ﺑﺗدﺑﯾر اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف
ﺗﺟﻠﯾﺎﺗﮭﺎ وﻓﺣص ھذه اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﻏﺎﯾﺗﮫ إﯾﺟﺎد اﻟوﺳﺎﺋل واﻵﻟﯾﺎت ﻟوﺿﻊ ﺗﺻورات ﺗرﺑوﯾﺔ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﺗﻧﺷﺋﺔ اﻷﻓراد
داﺧل اﻟﻣدﯾﻧﺔ/اﻟدوﻟﺔ Polisﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر ﻓﻲ ﻣﺳﺗواھﺎ اﻟﻣﯾﻛرواﺟﺗﻣﺎﻋﻲ)ﻋﻼﻗﺔ أﻧﺎ ﻓردﯾﺔ ﺑﺄﻧﺎ
ﻓردﯾﺔ أﺧرى ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ( إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺎﻛرواﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي ﺗﺑدوا ﻓﯾﮫ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر وﺗدﺑﯾرھﺎ ﺿرورﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ،
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺑﻌض ﯾﻧظر ﻟﻠﻐﯾر ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻋﺎﺋﻘﺎ أو ﻣﮭددا ﻟﻸﻧﺎ ،ﻓﺎﻟﺑﻌض ﻧظر إﻟﯾﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺿرورﯾﺎ ،ﻟﻛن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻌﮫ
ﻻ ﺗﺳﺗﻘﯾم ﺑدون ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺳﺑﻘﺔ ،ھذه اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطرح ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌواﺋق ،ﻓﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ
اﻟﻣوﺿﻌﺔ واﻟﺗﺷﯾﻲء وھﻲ ﻣﻔﯾدة ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ واﻟﻌﻠم ﻟﻛن ﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻷن ﻣﻌرﻓﺔ اﻹﻧﺳﺎن
ﺗظل ﻧﺳﺑﯾﺔ وﻣﺗﻐﯾرة ،ﻟذﻟك ﻧﺟد أن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﯾرﻛزون ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﻣﯾن وﺳوء اﻟﻧﯾﺔ واﻟﻘواﻟب
اﻟﺟﺎھزة اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺋﮭﺎ اﻷﻧﺎ وﺗطﺎﻟب اﻟﻐﯾر ﺑﺎﻟﺗطﺎﺑق ﻣﻌﮭﺎ ،ﻓﺎﻹﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺿروري ﻹﻏﻧﺎء اﻟوﺟود
اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ.
إن ﻣﺟزوءة اﻟوﺿﻊ اﻟﺑﺷري ﺟﻌﻠﺗﻧﺎ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﻧﻘف ﻋﻠﻰ اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾوﺟد ﻓﯾﮭﺎ ھذا اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ اﻟذي ﯾﻘذف
ﺑﮫ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم وﻣن ﺧﻼل ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﺗﻲ ﺗطرﻗﻧﺎ إﻟﯾﮭﺎ ﻣن اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﻲ إﻟﻰ اﻟﺷﺧص إﻟﻰ اﻟﻐﯾر
ﯾﺑدوا ﻟﻧﺎ أن اﻹﻧﺳﺎن ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻧظم ﻋﻼﻗﺗﮫ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر ﯾﻧﺧرط ﻣﻌﮭم ﻓﻲ أﻋﻣﺎل وإﻧﺗﺎﺟﺎت إﺑداﻋﯾﺔ ﺗﺟﻌﻠﮭم ﯾﺻﻧﻌون ﺑوﻋﻲ
أو ﺑدون وﻋﻲ ﺗﺎرﯾﺧﮭم اﻟﺧﺎص ،ھذا اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﯾﺗداﺧل ﻓﯾﮫ اﻹﺑداع اﻟﻔردي ﺑﺎﻹﺑداع اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﯾﺻﯾر اﻹﻧﺳﺎن
ﺑﮭذا ﻛﺎﺋﻧﺎ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ،ﯾﺗﺟﺎوز اﻟﺣﺳﻲ ﻟﯾﺳﺎھم ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر واﻟﺗﺄﺛر ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺣداث واﻟوﻗﺎﺋﻊ ،وﻟﯾﺳت اﻷﺳﺎطﯾر
واﻟﻘﺻص واﻟرواﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺻﻠﻧﺎ ﻋن اﻟﻣﺎﺿﻲ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ إﻻ دﻟﯾل واﺿﺢ ﻋﻠﻰ أن ھذا اﻹﻧﺳﺎن ﯾﺄﺑﻰ اﻹﺟﺗﺛﺎث وﯾﻘﺎوم
اﻟﻣوت ﻷﻧﮫ ﯾﺗرك داﺋﻣﺎ أﺛرا ،ﯾﺑﮭرﻧﺎ ﺑﮫ ،ﻓﻠﯾﺳت اﻟﻣﺎﯾﺎ أو اﻷﻧﻛﺎ أو اﻟﺑﺎﺑﻠﯾﯾن واﻷﺷورﯾﯾن واﻟﻔراﻋﻧﺔ ﺑﻘﺎﯾﺎ ﻣﯾﺗﺔ ﺑل ھﻲ
وﻗﺎﺋﻊ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟدﻧﯾﺎ ﺣوﻟﮭﺎ ﻣﻌرﻓﺔ ﻧﺗداوﻟﮭﺎ وﻧﺗﻧﺎﻗﻠﮭﺎ ﺑﯾﻧﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣدارس واﻟﺟﺎﻣﻌﺎت وﻛل اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،وھو ﻣﺎ
ﯾﺟﻌل إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺗطرح ﻧﻔﺳﮭﺎ أﻣﺎم اﻟﻔﺣص اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ إﻧطﻼﻗﺎ ﻣن :ﻣﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺦ؟ وﻣﺎ ﻗﯾﻣﺗﮫ وأھﻣﯾﺗﮫ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﺣﺎﺿر اﻹﻧﺳﺎن؟ وﻣﺎھﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ؟ وأي ﻣﻧطق ﯾﺣﻛم اﻟﺗﺎرﯾﺦ؟ وﻣﺎ ھو دور اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ھذه
اﻷﺣداث واﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ؟
33
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺟزوءة
اﻟﻣﻌرﻓﺔ
34
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺗﻘدﯾم ﻋﺎم
إن اﻟﻌﻠم ﻻ ﯾﻔﻛر ﻓﻲ ذاﺗﮫ ھﻛذا ﻗﺎل ھﯾدﻏر ﯾوﻣﺎ ،وھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﺗﻘوم ﺑذﻟك ،إن اﻟﻣﺑﺣث اﻟذي ﯾﻔﻛر ﻓﻲ
اﻟﻌﻠم ﺿﻣن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺎ ،l’épistémologieﻟﻘد ﺣﺎوﻟت اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺎ أن ﺗﻔﻛر ﻓﻲ
ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﻠم واﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،وﻛﺎﻧت اﻟﻐﺎﯾﺔ ھﻲ ﻧﻘد اﻷﺳس واﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﻠم ﺑل ﻧﻘد ﻛذﻟك إدﻋﺎءاﺗﮫ
)اﻟﯾﻘﯾن/اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ .(.../إن اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﻠم رﻏم ﻛوﻧﮫ ﺣدﯾث اﻟﻧﺷﺄة إﻻ أﻧﻧﺎ ﻧﺟد ﺗﻔﻛﯾرا ﻓﻲ ﺷروط
اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺣﺎﺿرة ﻟدى اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻋﺑر ﺗﺎرﯾﺧﮭﺎ ،ﻓﻘد ﻓﻛر أﻓﻼطون ﻓﻲ اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﻠم
اﻟرﯾﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﯾوﻧﺎن)اﻟدوﻛﺳﺎ أو اﻹﯾدوس( ﻛﻣﺎ ﻓﻛر ﻓﻲ ذﻟك أرﺳطو ،ﻟﻛن اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻘوم
ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﻠم واﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺗﺗﻐﯾر ﻣن ﻟﺣظﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟﻸﺧرى ﻓﺗﻔﻛﯾر اﻟﯾوﻧﺎن ﻣﺧﺗﻠف ﻋن ﺗﻔﻛﯾر ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻌﺻر
اﻟﺣدﯾث واﻟﻣﻌﺎﺻر.ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺑﻌض اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻗد أﻋﻠوا ﻣن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻘل)اﻟﻧظرﯾﺔ (ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟواﻗﻊ )اﻟﺗﺟرﺑﺔ( ﻓﺈن
اﻟﺑﻌض ﺟﻣﻊ ووﻓق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ورأى أﻧﮫ ﻻ ﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺑدون ﺗﺟرﺑﺔ ﺗﺣﺎور اﻟﻧظرﯾﺔ .ﻓﻣﺎ اﻟﻧظرﯾﺔ وﻣﺎ اﻟﺗﺟرﺑﺔ؟ وﻛﯾف
ﺗﻧﺗﺞ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ؟ وﻣﺎ ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ؟وﺑﺄي ﻣﻌﯾﺎر ﻧﻘﯾس ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎ؟وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻟﻣﺎذا ﻧطﻠب
ﺗﺣﺻﯾل اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ؟ إن ﻛﺎﻧت اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ؟ ﻓﻣﺎ ھﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وﻟﻣﺎذا ﯾطﻠﺑﮭﺎ اﻟﻧﺎس ھل ﻟﻧﻔﻌﯾﺗﮭﺎ أم ﻟﻘﯾﻣﺗﮭﺎ
..؟
اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ
ﻣن اﻟدﻻﻻت اﻟﻠﻐوﯾﺔ إﻟﻰ اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ
ﯾﺣﯾل ﻟﻔظ اﻟﻧظرﯾﺔ أو اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟرأي أو اﻟﺣﻛم واﻟﻘول ،ﻓﻣﺛﻼ ﻗد ﺗﻘول ﻟﺷﺧص ﻣﺎ :ﻣﺎ
رأﯾك؟ وﻣﺎ ﻧظرك؟ وھﻲ ﺻﯾﻎ ﻧﺳﺗﻌﻣﻠﮭﺎ ﻟﺗﻌﺑﯾر ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ اﻟﯾوﻣﯾﺔ واﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﻧﮭﺎ ﻣﻌرﻓﺔ رأي ﺷﺧص ﻣﺎ وﻧظرﺗﮫ ﻓﻲ
أﻣر ﻣﺎ ،ھﻧﺎ ﺗﻛون اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ ﻣرادﻓﺔ ﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﻣﺎ ھو ﻋﻣﻠﻲ ،ﻟﻛن ﻓﻲ ﻧﻔس اﻵن ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ وﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ
ﻣﻊ اﻟﻔﻌل واﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﻓﺎﻟﻧظر واﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻟدى اﻟﺣس اﻟﻌﺎم اﻟﻣﺷﺗرك إذا ﻟم ﺗﻘﺗرن ﺑﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ واﻟﻌﻣل ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺗﺧذ
ﻣﻌﻧﻰ ﻗدﺣﯾﺎ ،ﻓﺗﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﻏﯾﺎب اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﺣﻠم واﻟﺳذاﺟﺔ واﻹﻧﻔﺻﺎل ﻋن اﻟواﻗﻊ.ﻓﺎﻟﻣﻧظر ﻣﺟرد ﺣﺎﻟم.ﻋﻛس ھذا
اﻟﺗﺻور اﻟذي ﯾﻌطﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ ﻧﺟد اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ ظﮭورھﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ أرﺳطو وأﻓﻼطون ﻗد أوﻟت
اﻷھﻣﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﻟﻠﻧظرﯾﺔ ﻓﮭذا اﻟﻣﻌﻠم اﻷول أرﺳطو :ﯾﻘول ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ" اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي ﯾﮭﺗدي ﺑﻣﻌطﯾﺎت
ﻓن)ﻋﻠم( ﻣن اﻟﻔﻧون أﻋﻠﻰ ﻣﻣن ﯾﺗﺑﻌون اﻟﺗﺟرﺑﺔ وﺣدھﺎ ،ﻓﺎﻟﻣﮭﻧدﺳون ﻓوق اﻟﻌﻣﺎل اﻟﯾدوﯾﯾن ،واﻟﻌﻠوم اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓوق
اﻟﻌﻠوم اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ".
ﻣن ﺧﻼل ﺗﺄﻣﻠﻧﺎ ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﺗﺻورﯾن ﻧﻼﺣظ اﻟﺗﻌﺎرض اﻟﺑﯾّن ﻓﻲ اﻟﻣوﻗف ﻣن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ وھو ﻣﺎ ﯾﻔرض
ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﻌودة ﻟﻠﻣﻌﺟم ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻔﺎھﯾم ﻟﻐوﯾﺎ وﻓﻠﺳﻔﯾﺎ.
ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ :
ﻟﻔظ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﺷﺗق ﻣن "اﻟﻧظر" أي ﻣن ﻓﻌل اﻟرؤﯾﺔ واﻟﻣﻼﺣظﺔ ﺑﺎﻟﻌﯾن ،وﻛﻠﻣﺔ
théorieھﻲ ﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓرﻧﺳﯾﺔ ﻟﻛﻠﻣﺔ théoriaاﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن ﻓﻌل théorienﺑﻣﻌﻧﻰ ﻧظر وﻻﺣظ ﺛم ﺗﺄﻣل،
وﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻻﺻطﻼﺣﯾﺔ و اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ ﺗدل اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗرﺗﯾب أﻣور ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﯾؤدي إﻟﻰ
اﺳﺗﻌﻼم ﻣﺎ ﻟﯾس ﺑﻣﻌﻠوم ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ théorieﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷول "ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر
واﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﻣﺟردة واﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻗﻠﯾﻼ أو ﻛﺛﯾرا ،واﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﯾدان ﻣﺧﺻوص ،وﻓﻲ ﻣﻌﺟم روﺑﯾر ﺗﻌﻧﻲ ﺑﻧﺎءا ﻋﻘﻠﯾﺎ
ﻣﻧظﻣﺎ ذا طﺎﺑﻊ ﻓرﺿﻲ ...ﺗرﻛﯾﺑﻲ".
35
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾﺣدد ﻻﻻﻧد ﻓﻲ ﻣﻌﺟﻣﮫ اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ إﻧﺷﺎء ﺗﺄﻣﻠﻲ ﻟﻠﻔﻛر ﯾرﺑط ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺑﻣﺑﺎدئ وھﻲ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ
اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ أو اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑﻣﻌﻧﺎھﺎ اﻟﻧﻔﻌﻲ اﻟﻣﺻﻠﺣﻲ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻧظرﯾﺔ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟرأي واﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ واﻟﻌﻔوﯾﺔ،
ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻧﮭﺟﯾﺔ وﻣﻧظﻣﺔ ،ﺗﺗوﻗف ﻣن ﺣﯾث ﺷﻛﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘرارات واﻟﻣواﺿﻌﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻧﺗﻣﻲ ﻟﻠﺣس
اﻟﻣﺷﺗرك وﺗﺗﻘﺎﺑل اﻟﻧظرﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﯾﻘﯾﻧﯾﺔ ﻟﻛون اﻟﻧظرﯾﺔ ﺑﻧﺎء ﻓرﺿﻲ ،ﻛﻣﺎ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺟزﺋﯾﺎت واﻟﺗﻔﺎﺻﯾل
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗرﻛﯾب وﺑﻧﺎء ﻣﻧﮭﺟﻲ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺻراﻣﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ ،اﻟﻧظرﯾﺔ ﺑﺷﻛل دﻗﯾق ﻣﻊ ﻓوﻟﻛﯾﮫ وﺑﯾﯾر دوھﯾﯾم
ھﻲ"ﺑﻧﺎء ﻋﻘﻠﻲ ﯾﺗم ﺑواﺳطﺗﮫ رﺑط ﻋدد ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن ﺑﻣﺑدأ" ،ﯾﻣﻛن أن ﺗﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣﻧﮫ ﺑدﻗﺔ وﺻراﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﻧظرﯾﺔ ﻻ
ﺗﺗﺄﻟف ﻓﻘط ﻣن أﻓﻛﺎر وﻣﻔﺎھﯾم ﻣﺟردة ﺑل ﻣن ﻗواﻧﯾن وﻣﺑﺎدئ ﺗﻘوم ﺑرﺑطﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﻲ".
اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﺗﺟرﺑﺔ واﻟﺗﺟرﯾب ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ واﻟﻔﻠﺳﻔﻲ:
أﻣﺎ اﻟﺗﺟرﺑﺔ expérienceﻓﻲ ﺗﻌرﯾﻔﮭﺎ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟواﻗﻊ اﻟﻣﺑﺎﺷر اﻟﻣﺎﺛل أﻣﺎم اﻟﻌﯾن اﻟﻣﺟردة ،وﻋﻧد
ﻻﻻﻧد ھﻲ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة واﻟﻔورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺣرزھﺎ ﻋن اﻟوﻗﺎﺋﻊ واﻟظواھر ﻣن ﺧﻼل اﺣﺗﻛﺎﻛﻧﺎ اﻟﯾوﻣﻲ ﻣﻌﮭﺎ وھﻲ
ﻋﻛس اﻟﺗﺟرﯾب expérimentationﻓﮭو اﻹﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﻧﮭﺟﻲ ﻟﻠﻌﻘل ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ إﺟراء ﺳﻠﺳﻠﺔ أو ﺟﻣﻠﺔ ﻣن
اﻻﺧﺗﺑﺎرات أو اﻟﺗﺟﺎرب ﻣن أﺟل إﺣداث ﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ أو اﻟظﺎھرة اﻟﻣدرﺳﺔ وﻏﺎﯾﺗﮫ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﻘواﻧﯾن
واﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﺗﺣﻛﻣﺔ ﻓﯾﮭﺎ.
اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت :
ﻣﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ھو أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﮭﺗم ﻓﻲ اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻟﻧظرﯾﺔ ،أي اﻟرؤﯾﺔ اﻟﺳﺎذﺟﺔ واﻟﺑﺳﯾطﺔ واﻟﻌﻔوﯾﺔ ﺑل ﺑﺎﻟﻧظرﯾﺔ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺑﻧﺎء ﻋﻘﻠﻲ ﻣﻧﮭﺟﻲ وﻣﻧظم ﻟﻠواﻗﻊ و ﻟﻠظواھر اﻟﻣدروﺳﺔ وﻟﻠﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛﻣﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ ،وھﻧﺎ
ﻻ ﻧﺗﺣدث ﻋن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻌﻔوﯾﺔ واﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻠم ﻻ ﺗﺳﺎھم ﻓﻲ ﺗطور اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﻻ ﻓﻲ إﻧﺗﺎﺟﮭﺎ ﺑل
ﻧﺗﺣدث ﻋن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻣﺣدﺛﺔ وﻓق ﻣﻧﮭﺞ ﻋﻠﻣﻲ ﯾﺳﻣﻰ اﻟﺗﺟرﯾب . expérimentationﻓﺈذا ﻛﺎن ﻣﻔﮭوم اﻟﻧظرﯾﺔ
ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﻣل واﻟﺗﻔﻛﯾر واﻟﺗﻧظﯾم ﻟﺷﺗﺎت اﻟواﻗﻊ ﻓﻲ ﻣﺑﺎدئ وﻗواﻧﯾن ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﺗﻔﺳﯾر ﺣدوث ووﻗوع ظﺎھرة
ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻓﺈن اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺗﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ وھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻠﻔظﯾن ﻟﯾﺳﺎ ﻣﺗﻌﺎرﺿﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ﺑل
ھﻧﺎك ﺣوار وﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﻧطرح ﺟﻣﻠﺔ اﻹﺷﻛﺎﻻت :ﻣﺎ دﻻﻟﺔ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب
اﻟﻌﻠﻣﻲ؟ وﻣﺎ اﻟﻔرق ﺑﯾﻧﮭﺎ وﺑﯾن ﻣﻔﮭوم اﻟﺗﺟرﯾب؟وﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب اﻟﻌﻠﻣﻲ؟و ﻣﺎھﻲ
ﺧطوات وﻋﻧﺎﺻر ﺑﻧﺎﺋﮭﺎ؟وﻣﺎھﻲ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻲ ﻣن ﺧﻼل ﻧﺗﺄﻛد ﻣن ﺻدق وﺻﻼﺣﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﺎ؟ھل اﻟﻌﻘل
اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻣﺟرد ﻣرآة ﺗﻌﻛس ﻣﻌطﯾﺎت اﻟواﻗﻊ اﻟﺣﺳﻲ/اﻟﺗﺟرﺑﺔ أم أن ﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺗوﺟد ﺑﺷﻛل ﻗﺑﻠﻲ وﻓطري
ﻓﻲ اﻟﻌﻘل؟ وھل اﻟﻌﻘل ﻟوﺣده دون اﻹﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎج ﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ؟ﻣﺎھو دور اﻟذات ﻣﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ
اﻟﻌﻘل واﻟﻣوﺿوع ﻣﻣﺛﻼ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ؟ وھل ھذه اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻧﮭﺎﺋﯾﺔ وﯾﻘﯾﻧﯾﺔ أم أﻧﮭﺎ
ﻧﺳﺑﯾﺔ وﻣﺗﻐﯾرة؟
ﯾﺗﻔق اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻌﻠم واﻟﻌﻠﻣﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺻﺑﺢ ﻋﻠﻣﯾﺔ إﻻ إذا أﺛﺑﺗﺗﮭﺎ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﻓﺎﻻﺗﻔﺎق
ﻣﻊ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻘول ﺑﯾﯾر دوھﺎﯾم P’DUHEMﯾﺷﻛل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟوﺣﯾد ﻟﺣﻘﯾﻘﺗﮭﺎ ،ﻟﻛن ﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻود
ﺑﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ وﻓق ھذا اﻟﻘول؟ھل اﻟﻣﻘﺻود اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻌﻔوﯾﺔ واﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﻣﻼﺣظﺗﮭﺎ ﺑدﻗﺔ واﻹﺻﻐﺎء إﻟﯾﮭﺎ
ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ وﺑدون أﯾﺔ أطر ﻧظرﯾﺔ ،أم أن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﮭﺎ ھو اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻣﺻطﻧﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗم ﻓﻲ ظروف ووﻓق ﺧطوات
36
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺣددة ﻣﺳﺑﻘﺎ ﺑﺎﻟﻧظرﯾﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﻧﺳﻌﻰ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن ﺻدﻗﮭﺎ؟ھل اﻟﻌﺎﻟم ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ ﯾﻛون ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻵﻟﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺟل ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﻣﺎ ﺗراه و ﺗﺳﻣﻌﮫ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻓﻲ اﺳﺗﻘﻼل ﻋن اﻟذاﺗﯾﺔ أم ﻣﻌﻧﺎه أن اﻟﻌﺎﻟم ھو اﻟذي ﯾﺷﯾد وﯾﺑﻧﻲ
ﻧﻣوذﺟﺎ ﺗﺟرﯾﺑﯾﺎ وﻓق ﺧطوات ﯾﺣددھﺎ ھو ﺑﻧﻔﺳﮫ؟ﺑﻌﺑﺎرة أوﺟز ھل ﻣﺎ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎ ھو اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ
إﻧﺻﺎت وإﺻﻐﺎء وﻣﻼﺣظﺔ ﻟﻠواﻗﻊ أم ھو اﻟﺗﺟرﯾب ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻣﺳﺎءﻟﺔ واﺳﺗﻧطﺎق ﻣﻧﮭﺟﻲ ﻟﮭذا اﻟواﻗﻊ؟ )ارﺟﻊ
ﻟﻠدﻻﻻت ﺣﺗﻰ ﺗﻣﯾز ﺟﯾدا ﺑﯾن اﻟﺗﺟرﺑﺔ واﻟﺗﺟرﯾب واﻟﻧظرﯾﺔ(.
إن اﻟﻔﻛر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ واﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻘدﯾم ﻟم ﯾﻛن ﯾﻌرف إﻻ ﺷﻛﻼ واﺣدا ﻣن اﻟﺗﺟرﺑﺔ وھﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ اﻟﺧﺎم
اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﻣوع ﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺗﻲ ﺗﺻدم ﺣواس اﻹﻧﺳﺎن وﺗوﻟ ّد ﻟدﯾﮫ اﻧطﺑﺎﻋﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .وﻗد اﻧﻘﺳم ھؤﻻء
اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﺧﺻوص أھﻣﯾﺔ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻌرﻓﺔ وﻓﮭم ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻌﺎﻟم إﻟﻰ اﺗﺟﺎھﯾن أﺣدھﻣﺎ ﯾﻣﺛﻠﮫ أﻓﻼطون واﻵﺧر
ﯾﻣﺛﻠﮫ أرﺳطو.
ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﻓﻼطون ﻟﯾس ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ أي دور أو أھﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ واﻟﯾﻘﯾﻧﯾﺔ ﺣول
ﻣوﺟودات اﻟﻌﺎﻟم ،ﺑل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ ﺗﻣﺛل ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﯾﻠﺳوف-اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺗﺧﻠص ﻣﻧﮫ إن ھو
أراد ﺑﻠوغ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ واﻟﯾﻘﯾن وﺗﺟﺎوز اﻵراء واﻟظﻧون،DOXAﻓﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﺻورھﺎ أﻓﻼطون ﻓﻲ أﺳطورة
اﻟﻛﮭف ھﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﯾود وأﻏﻼل ﺗﻌﯾق وﺗﺣول دون إدراك اﻟﻣﻌﻘوﻻت اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ،واﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ ﻋﺎﻟم
اﻟﻣﺛل اﻟذي ﺗوﺟد ﻓﯾﮫ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﯾﻘﯾﻧﯾﺔ و اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ EIDOSﻓﻣﺎ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ واﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺣﺳوس ﻣﺟرد ﻧﺳﺦ
وظﻧون ﻣﺗﻐﯾرة ،ﻟذﻟك ﻓﺑﻠوغ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﯾﻘﯾﻧﯾﺔ وﺑﻠوغ ﻋﺎﻟم اﻟﻣﺛل ،ﻻ ﯾﺗطﻠب وﺳﺎطﺔ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ واﻟﺣواس ﺑل
ﯾﺗطﻠب اﻟﺗﺣرر ﻣﻧﮭﺎ.
ﻋﻛس ھذا اﻟﺗﺻور ﯾداﻓﻊ أرﺳطو ﻋﻠﻰ دور اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﺎﻟم وﯾﻌﺗﺑر أﻧﮭﺎ ﺗﻣﺛل ﻧﻘطﺔ اﻧطﻼق ﻻ ﯾﻣﻛن
ﻷي ﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ أن ﺗﺗﺟﺎوزھﺎ ،ﻓﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣوﺟودات اﻟﻣﺎدﯾﺔ وإن ﻛﺎﻧت ﻻ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﻣظﺎھر واﻷﻋراض اﻟﺗﻲ
ﻧدرﻛﮭﺎ ﺑواﺳطﺔ ﺣواﺳﻧﺎ ،ﻓﮭﻲ ﻻ ﺗوﺟد ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻋﻧﮭﺎ وﻣﻔﺎرﻗﺔ ﻟﮭﺎ ،وإﻧﻣﺎ ﻛﺎﻣﻧﺔ ﺧﻠﻔﮭﺎ وﻣﺣﺎﯾﺛﺔ ﻟﮭﺎ ،وﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﻓﺈن
اﺳﺗﻘراء وﻣﻼﺣظﺔ أﻋراض اﻟﻣوﺟودات ﯾﻣﺛل ﻓﻲ رأي أرﺳطو اﻟﺧطوة اﻷوﻟﻰ واﻟﺿرورﯾﺔ ﻣن أﺟل ﺑﻧﺎء أي ﻣﻌرﻓﺔ
ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺣول اﻟﻌﺎﻟم وﺣول اﻟﻣوﺟودات اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗوﯾﮭﺎ وﯾﺗﺄﻟف ﻣﻧﮭﺎ ،ﻓﻘﺑل اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻔﺳﯾر أي ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺑﺣث
ﻋن اﻟﻌﻠل اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣﺣددة ﻷي ظﺎھرة ،ﯾﺟب اﻟﻣرور ﺑﺎﻟﺿرورة ﺑﻣرﺣﻠﺔ اﻟوﺻف ،أي ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟدﻗﯾﻘﺔ
ﻟﻌﻧﺎﺻرھﺎ و أﺟزاﺋﮭﺎ وﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﺎ ،وھو ﻣﺎ طﺑﻘﮫ أرﺳطو ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ﻛل أﺑﺣﺎﺛﮫ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺑﺣﺛﮫ
ﺣول اﻟﺣرﻛﺔ وﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣؤﻟﻔﺔ ﻟﮭﺎ ،ﯾﺑﯾن أﻧﮭﺎ أي اﻟﺣرﻛﺔ ھﻲ ﻓﻌل ﻓﻲ طور اﻹﻧﺟﺎز ،وأﻧﮭﺎ ﺿد اﻟﺳﻛون،
وأﻧﮭﺎ ﺗﺣﺗﺎج ﻟﻣﺣرك وﻣﺗﺣرك وﻣﺳﺎﻓﺔ ،ﻓﺑﻌد ھذا ﻓﻘط ﯾﻧﺗﻘل أرﺳطو ﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻠﺣدﯾث" ﻋن اﻟﻌﻠل واﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣﺣرﻛﺔ
أي إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر ظﺎھرة اﻟﺣرﻛﺔ ﺑﺈرﺟﺎﻋﮭﺎ إﻟﻰ ﻋﻠل وأﺳﺑﺎب ،وھو دﻟﯾل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ ﻋﻧد أرﺳطو ھﻲ
ﻧﻘطﺔ اﻧطﻼق اﻟﻌﻠم اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﻲ ﻣﺎدام ﻣوﺿوع ھذا اﻟﻌﻠم ﻋﻧده ھو اﻟﺣرﻛﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ أو اﻟﻣوﺟودات ﻣن ﺣﯾث ھﻲ ﻣﺗﺣرﻛﺔ
ﻛﻣﺎ ﯾﻘول أرﺳطو.
ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ھذه اﻟﺗﺻورات اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻌطﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ ﺑﻣﻌﻧﺎھﺎ اﻟﺣﺳﻲ اﻟﺧﺎم واﻟﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﺳﯾﻌرف اﻟﻔﻛر
اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻣﻧد ﻣطﻠﻊ اﻟﻘرن 17ﺷﻛل آﺧر ﻣن اﻟﺗﺟرﺑﺔ ھو اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ واﻟﻣﺷﯾدة واﻟﻣوﺟﮭﺔ ﺑﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻧظرﯾﺔ ﻣﺣددة
ﺳﻠﻔﺎ ،واﻟﺗﻲ وﺣدھﺎ ﺳﺗﺻﺑﺢ ﺗﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﻓﺄﻣﺎم اﻻﻧﺗﻘﺎدات واﻟﻣراﺟﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌرض ﻟﮭﺎ اﻟﻌﻠم اﻷرﺳطﻲ
ﻣﻧد ﺑﯾﻛون وﺗﯾﻛوﺑراھﻲ وﻏﺎﻟﯾﻠﻲ وﻏﯾرھم ،ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﮭم ﻣن ﺑﻠوغ اﻟﻣﻌرﻓﺔ
واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وھو ﻣﺎ أﻓﺿﻰ إﻟﻰ ظﮭور ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﻣوﺟﮭﺔ واﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﺎﻟم ﺑدءا
37
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣن اﻟﻘرن 17ﻟم ﯾﻌد ﯾﻼﺣظ)اﻟﺗﺟرﺑﺔ/اﻟواﻗﻊ( أوﻻ ﺛم ﯾﻔﻛر ﺛﺎﻧﯾﺎ )اﻟﻧظرﯾﺔ/اﻟﻌﻘل( ﻛﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣر ﻣﻊ أرﺳطو ،وإﻧﻣﺎ
اﻟﻌﻛس أﺻﺑﺢ اﻟﻌﺎﻟم ﯾﺣدد ﻟﻧﻔﺳﮫ ﻣﺷﻛﻠﺔ وﻓﻲ ﺿوﺋﮭﺎ ﯾﺗﺟﮫ إﻟﻰ اﻟواﻗﻊ ﻟﻣﻼﺣظﺗﮫ ،ﺣﯾث ﻻ ﯾﻼﺣظ أي ﺷﻲء وﻛﯾﻔﻣﺎ
اﺗﻔق ،وإﻧﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻓﻘط ﻣﺎ ﯾﻔﯾده ﻓﻲ اﻟﺟواب ﻋن ذﻟك اﻟﻣﺷﻛل اﻟذي ﺑﻧﺎه ﺑﻔﻛره ،ﻓﻣﺛﻼ ظل اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟزﻣﺎن
ﯾراﻗﺑون اﻟﺳﻣﺎء وﯾﻼﺣظون ﻣﺎ ﯾﺟري ﻓﯾﮭﺎ ،ﻟﻛن وﺣده ﺗﻛوﺑراھﻲ ﻣن ﻻﺣظ ﺗﻛون ﻧﺟم ﺟدﯾد ﻓﻲ اﻟﺳﻣﺎء وﺑﺄن
ﺑﻌض اﻟﻣذﻧﺑﺎت ﺗﺻﻌد ﺣﺗﻰ ﺗﻘﺗرب ﻣن اﻟﺷﻣس ﺛم ﺗﻌود ﻟﺗﻘﺗرب ﻣن اﻷرض ،وﺳﺑب ذﻟك ﻟﯾس ﺗطور اﻷدوات اﻟﺗﻲ
ﻛﺎن ﯾﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ وإﻧﻣﺎ ﻛون ﻣﻼﺣظﺎﺗﮫ ﻛﺎﻧت ﻣوﺟﮭﺔ ﺑﻣﺷﻛﻼت ﻣﺣددة وھﻲ :ھل ﻋﺎﻟم ﻣﺎﻓوق اﻟﻘﻣر ﯾطﺎﻟﮫ اﻟﻛون
واﻟﻔﺳﺎد أم اﻧﮫ ﻛﻣﺎ اﻋﺗﻘد أرﺳطو ﺛﺎﺑت ﻻ ﺗﻐﯾر ﻓﯾﮫ؟وھل ھﻧﺎك ﻓﻌﻼ أﻓﻼك ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻛواﻛب ﻛﻣﺎ اﻋﺗﻘد أرﺳطو
وﺑطﻠﯾﻣوس؟ ﻓوﺟود ﻣﺛل ھذه اﻟﺗﺳﺎؤﻻت ﻓﻲ ذھن اﻟﻌﺎﻟم ھو اﻟذي ﺟﻌﻠﮫ ﯾدرك ﺑﻣﻼﺣظﺗﮫ ﻟﻠﺳﻣﺎء ﺑﺄن اﻟﻣذﻧﺑﺎت
ﺗﺧﺗرق ﻓﻲ ﻣﺳﺎرھﺎ اﻟﺳﻣﺎء ،وﺑﺄن ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﻣﺎ ﻓوق اﻟﻘﻣر ﻧﺟوم ﺟدﯾدة ﺗﺗﻛون وأﺧرى ﻗدﯾﻣﺔ ﺗﺧﺗﻔﻲ ،وﻣﺎ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ
ﻋﺎﻟم ﻣﺎﻓوق اﻟﻘﻣر ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ أي ﻋﺎﻟم آﺧر ،ﻓﺑدون ﺗﺳﺎؤﻻت ﯾﺣﻣﻠﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ ذھﻧﮫ وﺑدون ﺧطﺔ ﻣﺳﺑﻘﺔ ﺗوﺟﮫ
اﻟﻣﻼﺣظﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻷﯾﺔ ﻣﻼﺣظﺔ أن ﺗﻛون ﻣﻧﺗﺟﺔ وﻋﻠﻣﯾﺔ ،أﻣﺎ ﻋن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻋﻧد أرﺳطو وﻏﯾرھﺎ ﻣن
اﻟﻘدﻣﺎء ﻓﮭﻲ ﺗﺟرﺑﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ وﻋﻔوﯾﺔ وﺣﺳﯾﺔ .
ﻟﻛن ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن 17ﻛﺎن اﻟﺗﺟرﯾب ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﻣﺧﺗﺑرﯾﺔ اﻟﻣﺣددة ﻣﺳﺑﻘﺎ أدواﺗﮭﺎ
وﺧطواﺗﮭﺎ ،إﻧﮭﺎ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻋﻣﻠﯾﺎت ﻣﻘﺻودة ﯾﻧﺟزھﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﻧﻔﺳﮫ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾرﯾد ﻓﺣﺻﮭﺎ
واﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ وﺳﺎﺋل وﺗﻘﻧﯾﺎت ھﻲ ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻧﺗﺎج وﺣﺻﯾﻠﺔ ﻟﻧظرﯾﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ وﺗﺑﻌﺎ ﻟﮭذا ﻓﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑﻣﻔﮭوﻣﮭﺎ اﻟﻌﻠﻣﻲ
اﻟﺣدﯾث ھﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن اﺳﺗﻧطﺎق وﻣﺳﺎﺋﻠﺔ ﻟﻠواﻗﻊ وﻟﯾﺳت ﻣﺟرد إﻧﺻﺎت وﻣﻼﺣظﺔ ﻋﻣﯾﺎء ،إن اﻟﺗﺟرﯾب اﻟﻌﻠﻣﻲ ھو
إرﻏﺎم ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑوح ﺑﺄﺳرارھﺎ وﻋﻠﻰ اﻟﻛﺷف ﻋن ﻣﺎ ﺗﺧﻔﯾﮫ ﻣن ﻗواﻧﯾن و ﻋﻼﻗﺎت وﻟﯾﺳت ﻣﺟرد ﻣراﻗﺑﺔ
وﺗﺗﺑﻊ ﻟﻠظواھر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻓﻣﺛﻼ ﻛﻠود ﺑرﻧﺎر أﻛد ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻣدﺧل ﻟدراﺳﺔ اﻟطب اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ" ﻋﻠﻰ أن ﻣﻌرﻓﺔ ﻗواﻧﯾن
اﻟطﺑﯾﻌﺔ وﺑﻠوغ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻣن اﻟﺑﺎﺣث ﻣﻼﺣظﺔ اﻟظﺎھرة ﺑﺷﻛل ﻣﻧظم ودﻗﯾق ،واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻣﻼﺣظﺗﮭﺎ
ﯾﺻوغ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻔرﺿﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗظل ﻣﺟرد اﺣﺗﻣﺎﻻت ﻗد ﺗﻛون ﺻﺎدﻗﺔ أو ﻛﺎذﺑﺔ وﻣن أﺟل اﻟﺗﺄﻛد ﻣﻧﮭﺎ ﯾﻠﺟﺄ
ﻻﺧﺗﺑﺎرھﺎ ،وھو ﻣﺎ ﯾﺗﯾﺢ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ اﻟﻔرﺿﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾؤﺳس ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻣﻔﺳرا ﻟظﺎھرة
ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﻛﻣﺎ وﻗﻊ ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺔ اﻷراﻧب:
ﻻﺣظ ﻛﻠود ﺑرﻧﺎر ﺑول اﻷراﻧب اﻟذي ﻛﺎن ﺻﺎف اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﺧطوة
وﺣﻣﺿﻲ ﻣﻊ اﻟﻌﻠم أن اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﮫ ھو أن ﺑول اﻷوﻟﻰ
اﻷراﻧب ﯾﻛون ﻋﺎدة ﻣﻛدر اﻟﻠون وﻏﯾر ﺣﻣﺿﻲ ﻷﻧﮭﺎ
ﺣﯾواﻧﺎت ﻋﺎﺷﺑﺔ
اﻓﺗرض ﺑرﻧﺎر أن ھذه اﻷراﻧب أﺧﺿﻌت ﻟﻧظﺎم طرح اﻟﻔرﺿﯾﺔ اﻟﺧطوة
ﻏداﺋﻲ ﯾﻧﺎﺳب اﻟﺣﯾواﻧﺎت اﻟﻼﺣﻣﺔ ﻓﺎﻓﺗرض أﻧﮭﺎ رﺑﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ
أﺧﺿﻌت ﻟﻧظﺎم ﻏداﺋﻲ ﯾﻧﺎﺳب اﻟﺣﯾواﻧﺎت اﻟﻼﺣﻣﺔ
ﻓﺗﺣوﻟت ﺑﻔﻌل اﻹﻣﺳﺎك اﻟطوﯾل إﻟﻰ ﺣﯾواﻧﺎت ﺗﻘﺗﺎت ﻣن
دﻣﮭﺎ ﻟﺗﻌﯾش.
ﻗدم ﻟﻸراﻧب طﻌﺎﻣﺎ ﻋﺎﺷﺑﺎ وﺑﻌد ﺳﺎﻋﺎت ﻻﺣظ أن ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺟرﯾب اﻟﺧطوة
ﺑوﻟﮭﺎ أﺻﺑﺢ ﯾﺗﺧدر وأﺻﺑﺢ ﻏﯾر ﺣﻣﺿﻲ ،ﺛم أﺧﺿﻌﮭﺎ اﻟﻣوﺟﮫ اﻟﻣﻧﮭﺟﻲ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ
ﻟﻺﻣﺳﺎك ﻋن اﻟطﻌﺎم ﻓﻼﺣظ ﺑﻌد 36ﺳﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ أﺑﻌد ﺑﺄﺳﺋﻠﺔ ﻣن طرف اﻟﻌﺎﻟم
ﺗﻘدﯾر ﻗد أﺻﺑﺢ ﺑوﻟﮭﺎ ﺻﺎﻓﯾﺎ وﺣﻣﺿﯾﺎ وأﺧﺿﻊ اﻟﺧﯾول إﻟﻰ ﺑرﻧﺎر/اﻟﺗوﺟﮫ
ﻟﻧﻔس اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻓﺎﻛﺗﺷف أن إﻣﺳﺎﻛﮭﺎ ﻋن اﻟطﻌﺎم ﯾﺟﻌﻠﮭﺎ اﻟﺗﺟرﺑﺔ
38
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﺗــــــرﻛﯾب
ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﺑدوا ﻟﻧﺎ أن ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﻠوم ﻋﻠﻰ وﻋﻲ ﺗﺎم اﻟﯾوم ﺑﺎﻟﺗﺣوﻻت اﻟﻛﺑرى اﻟﺗﻲ ﯾﻌرﻓﮭﺎ اﻟﻌﻠم واﻟﺗﻲ ﺗطورت
ﻣﻌﮭﺎ آﻟﯾﺎت اﺷﺗﻐﺎﻟﮫ وإﻧﺗﺎﺟﮫ ﻟﻣﻌﺎرﻓﮫ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺣول اﻟظواھر اﻟﺗﻲ ﯾدرﺳﮭﺎ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم
ھﻲ ﻧﺗﺎج ﺣوار ﻣﺳﺗﻣر ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻓﺈن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدﺛﻧﺎ ﻋﻧﮭﺎ واﻟﺗﻲ ﺳﺎھﻣت ﻓﻲ ﺗطور اﻟﻌﻠم ﻟﯾس
اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺣﺳﯾﺔ ﺑل اﻟﺗﺟرﯾب اﻟﻌﻠﻣﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻣﺳﺎﺋﻠﺔ ﻣﻧﮭﺟﯾﺔ ﻟﻠواﻗﻊ ،ﻓﻠم ﯾﻌد اﻟﻌﺎﻟم ﯾﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ ﺑﻌﻔوﯾﺔ ﺑل
اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﺗﻔﻛﯾر ﻧظري ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﺗﺟرﺑﺔ ھﻲ ﻣﻌطﻰ ﺧﺎم ﻗﺎﺋم ﺑذاﺗﮫ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ وﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ ﻛل ﺗﻔﻛﯾر ﻧظري ﻓﺎن
اﻟﺗﺟرﯾب ھو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻓﻌل وإﻧﺟﺎز ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﻌﺎﻟم ﻧﻔﺳﮫ ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎرف ﯾﻣﺗﻠﻛﮭﺎ ﺳﻠﻔﺎ وﻗد ﯾﺗدﺧل ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺧﯾﺎل،
ﻷن اﻟﺗطور اﻟﻣﻌﺎﺻر واﻹﻛﺗﺷﺎﻓﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻟﻠﺟزﯾﺋﺎت اﻟذرﯾﺔ وﻟﻺﻟﻛﺗرون اﻟذي ﯾﺣوم ﺣول اﻟﻧواة وﻏﯾره
أﺛﺑت ﻣﺣدودﯾﺔ اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ وأﻋﺎد اﻹﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ اﻟذھﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺧﯾﺎل اﻟﺧﻼق واﻟﻣﺑدع ﻛﻣﺎ ﯾﻘول
اﻧﺷﺗﺎﯾن.
39
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾﻧﺗﺞ اﻟﻌﻠم وﯾﺻل إﻟﻰ اﻟﯾﻘﯾن اﻟﺧﺎﻟص ،ﻓﮭو ﻣزود ﺑﺷﻛل ﻗﺑﻠﻲ ﺑﻣﺑﺎدئ وﻣﻌﺎرف ﺳﻣﺎھﺎ اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻔطرﯾﺔ أو اﻟﻣﻘوﻻت
اﻟﻘﺑﻠﯾﺔ وھﻲ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻛل ﺷﻲء.
ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ھذه اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﻌﻘل اﻟﻣﺻدر اﻟوﺣﯾد واﻷوﺣد ﻟﻛل ﻣﻌرﻓﺔ ﯾﻘﯾﻧﯾﺔ ﻣﻣﻛﻧﺔ ،ﺗﺑﻠور
ﻓﻲ أوروﺑﺎ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ إﻧﺟﻠﺗرا ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ أﺧرى ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻣﺻدر اﻟوﺣﯾد واﻷوﺣد ﻟﻛل ﻣﻌرﻓﺔ ،وﻣن
أﺑرز ﻣﻣﺛﻠﯾﮭﺎ ﺟون ﻟوك وداﻓﯾد ھﯾوم ،ﻓﻌﻠﻰ ﻋﻛس دﯾﻛﺎرت وأﺗﺑﺎﻋﮫ ،اﻋﺗﺑر ﺟون ﻟوك اﻟﻌﻘل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺻﻔﺣﺔ
ﺑﯾﺿﺎء ،ﻻ ﺗوﺟد ﻓﯾﮫ أﯾﺔ أﻓﻛﺎر أو ﻣﻔﺎھﯾم ﻗﺑل اﺣﺗﻛﺎﻛﮫ ﺑﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﻓﺄﺻل اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وأداﺗﮭﺎ اﻟوﺣﯾدة ﻓﻲ رأي
ﺟون ﻟوك ھﻲ اﻟﺣواس وﻻﺷﻲء ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟﻌﻘل إﻻ وﺳﺑق وﺟوده ﻓﻲ اﻟﺣس ،وﻣن أﺟل ﺗوﺿﯾﺢ ھذا اﻷﻣر ﻗﺎم ﻟوك
ﺑﺗﺷرﯾﺢ اﻟﻌﻘل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ وﺑﻔﺣص دﻗﯾق ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻓﯾﮫ ،إن ﻛل ﻓﻛرة ﺗوﺟد ﻓﻲ اﻟﻌﻘل إﻻ وﻛﺎن ﻣﺻدرھﺎ اﻷول ﻓﻲ
اﻟﺣس ،وﻣن ھﻧﺎ ﻓﻼ وﺟود ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻟﻔطرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻋﻧﮭﺎ دﯾﻛﺎرت ،وأن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻔطرﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﺳوى أﺣﻛﺎم
ﻣﺳﺑﻘﺔ ﺗوﻟدت ﻟدﯾﻧﺎ ﻣن زﻣن ﻣﺎض ﺑﻔﻌل ﻣﺻدر ﻣﺎ ،ﻟﻛن ﻟطول أﻟﻔﺗﻧﺎ ﻟﮭﺎ ﻧﻧﺳﻰ ﻣﺻدرھﺎ ﻓﻧﻌﺗﻘد أﻧﮭﺎ ﻓطرﯾﺔ ،واﻟﻣﺛﺎل
اﻟذي ﯾﻘدﻣﮫ ﺟون ﻟوك ھو ﻓﻛرة ﷲ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﺑرھﺎ دﯾﻛﺎرت ﻓطرﯾﺔ ﻗﺑﻠﯾﺔ ،ﻟﻛن ﺟون ﻟوك ﺳﯾرد ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﻘول :ﻟو ﻛﺎﻧت
ﻓﻛرة ﷲ ﻓطرﯾﺔ ﻟﻛﺎﻧت ﻛوﻧﯾﺔ أي ﺗوﺟد ﻋﻧد ﺟﻣﯾﻊ أﻓراد اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ ھﻲ ﻟﯾﺳت ﻛذﻟك ،إذ ﺳﯾﻼﺣظ أن ھﻧﺎك
ﺷﻌوب ﻻ ﺗﺗوﻓر ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻔﻛرة)ﷲ( وﻣن ﺛم ﻓﮭذه اﻟﻔﻛرة ﻟﯾﺳت ﻗﺑﻠﯾﺔ وﻻ ﻓطرﯾﺔ ﺑل ھﻲ ﺣﻛم ﻣﺳﺑق ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﻓﻣﺻدر اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﯾﻘﯾﻧﯾﺔ ﻟﯾس اﻟﻌﻘل)اﻟﻧظرﯾﺔ( ﺑل اﻟﺣواس)اﻟﺗﺟرﺑﺔ(.
ﺗوﺳﯾﻊ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﺑﺎﻹﻧﻔﺗﺎح ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻرة
ﻟﻛن ﺗطور اﻟﻌﻠوم وﺗﻌرﺿﮭﺎ ﻷزﻣﺎت داﺧﻠﯾﺔ ﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر أدى إﻟﻰ ظﮭور ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺟدﯾدة
ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺟﺳدھﺎ دﯾﻛﺎرت وﻣﻧﺎﻗﺿﯾﮫ ﻣن اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﯾن)ﺟون ﻟوك/ھﯾوم( إذ ﻟم ﯾﻌد اﻟﻌﻘل
اﻟﻣﺻدر اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ أو اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ واﻟﻌﻔوﯾﺔ ،ﺑل ﺣﺗﻰ اﻟﺗﺟرﯾب ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻣﺳﺎﺋﻠﺔ ﻣﻧﮭﺟﯾﺔ ﻟﻠظواھر
اﻟﻣدروﺳﺔ ﻟم ﯾﻌد ﻛﺎﻓﯾﺎ ﻹﻧﺗﺎج ﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ وﯾﻘﯾﻧﯾﺔ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﻧﺟد ھﺎﻧز راﯾﺷﻧﺑﺎخ اﻟذي ﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ،ﻓرﻏم أﻧﮭﻣﺎ ﯾؤﻛدان ﻋﻠﻰ دور اﻟﻌﻘل ،ﻓﮭﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻔﻘﺎن ﺣول ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﻘل ذاﺗﮫ ،ﻓﺎﻟﻌﻘل
اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻋﻘل رﯾﺎﺿﻲ وﺣﺳﺎﺑﻲ ﯾﺳﺗﺧدم آﻟﯾﺎﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ اﻟﯾﻘﯾن ،ﻓﺎﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﻣﻼﺣظﺔ
وﻣﺟرﺑﺔ ،ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﻣﺗﻌﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻼﺣظﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﺣﯾث ﺗﺳﺗﺧدم آﻟﯾﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت
ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﺎ ،وھﻧﺎ ﺗﺻﺑﺢ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻌﻘل)اﻟﻧظرﯾﺔ( ،ﻓﻛﻠﻣﺎ وﻗﻊ ﺧﻠل ﻓﻲ ﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ إﻻ ووﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻣﺎء
اﻹﺗﺟﺎه ﻧﺣو ﺗﻌدﯾل اﻟﺗﺟرﺑﺔ وإﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻠﻣﻲ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ھﺎﻧز راﯾﺷﻧﺑﺎخ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻧﺷﺄة
اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ"ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﺧﻠﻰ اﻟﻔﯾﻠﺳوف ﻋن اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﺑوﺻﻔﮭﺎ ﻣﺻدرا ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻻ ﺗﻌود ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن
اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﺻوﻓﯾﺔ إﻻ ﺧطوة ﻗﺻﯾرة".إن اﻟﺗﺟرﺑﺔ ھﻲ اﻟﻣﻧطﻠق ﻷي ﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻟﻛن اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت وﺣدھﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ
إﻧﺗﺎج ﻧوع ﺧﺎص ﻣن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ دون اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟواﻗﻊ/اﻟﺗﺟرﺑﺔ.
إذا ﻛﺎن أﺣد أﻗطﺎب اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﺎوﻟت ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ وﺗﺧﻠﯾﺻﮭﺎ ﻣن اﻟﻣﯾﺗﺎﻓزﯾﻘﺎ ،ﻓﺈن أﻟﺑرت
اﯾﻧﺷﺗﺎﯾن ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻛﯾف أرى اﻟﻌﺎﻟم" ﯾﻌطﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻘﺻوى ﻟﻠﻌﻘل ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﻓﺎﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺟذرﯾﺔ اﻟﺗﻲ
طﺎﻟت اﻟﻔﯾزﯾﺎء ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن أدى إﻟﻰ ﻣﯾﻼد ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﺟدﯾدة ﺗؤﻣن أن ﺣل ﻣﺷﻛﻼت اﻟﻔﯾزﯾﺎء اﻟﻧظرﯾﺔ
ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘل اﻟرﯾﺎﺿﻲ اﻟﻣﺣض واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ إرﻏﺎم اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣواﻓﻘﺗﮫ ،ﻟذﻟك ﺗم اﺳﺗﺑدال اﻟﻣﻧﮭﺞ
اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﺑﺎﻟﻣﻧﮭﺞ اﻷﻛﺳﯾوﻣﻲ واﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺟﺎم اﻟﻣﻧطﻘﻲ اﻟداﺧﻠﻲ ﻟﻠﻧظرﯾﺔ ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺗطﺎﺑق ﻣﻊ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﻓﻼ
ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺣﺳب إﻧﺷﺗﺎﯾن أن اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم واﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﺧﺎص ﺗﻧﺗﺞ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺑﺎﻹﺳﺗﻧﺎد
41
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑﺷﻛل ﺻرف ،ﺑل ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺗﻛون ھذه اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺟﮭﺎ اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺻوري
اﻟﺧﺎﻟص ،ﻓﺎﻟﺗطور اﻟذي ﻋرﻓﺗﮫ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت أدى إﻟﻰ ﺗطور ﻓﻲ ﻣﻔﮭوم اﻟﻌﻘل ذاﺗﮫ ،ﻓﻠم ﺗﻌد ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻌﻠم ھﻲ ﺗﺟﻣﯾﻊ
اﻟظواھر اﻟﻣﺗﺟﺎﻧﺳﺔ وﺗﻔﺳﯾرھﺎ وإﻧﻣﺎ أﺻﺑﺢ ھدﻓﮫ ھو ﺗرﺟﻣﺔ ﻟﻐﺔ اﻟﺗﺟرﺑﺔ إﻟﻰ ﻟﻐﺔ رﯾﺎﺿﯾﺔ ،ﻓﺗﺗﺣول اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ
إﻟﻰ أرﻗﺎم ورﻣوز ﺑﺄﺑﺳط ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ،ﻟﻛن ھذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻌﻠم أﺻﺑﺢ ﻋﻘﻠﯾﺎ ﺗﺄﻣﻠﯾﺎ
ﺧﺎﻟﺻﺎ ،وﻻ اﻟﻧظرﯾﺔ أﺻﺑﺣت ﺻورة ﻣﺟردة ﻛﻠﯾﺔ وﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻋن اﻟواﻗﻊ ،ﺑل ھﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﺗﻌﻛس اﻟواﻗﻊ
اﻟذي ﺗدرﺳﮫ وﺗﺣدد اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن ظواھره وﺗﺻوﻏﮭﺎ ﺻﯾﺎﻏﺔ رﻣزﯾﺔ ﻣﺟردة ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول
إﻧﺷﺗﺎﯾن" إﻧﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﯾﻘﯾن أن اﻟﺑﻧﺎء اﻟرﯾﺎﺿﻲ اﻟﺧﺎﻟص،ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن اﻛﺗﺷﺎف اﻟﻣﻔﺎھﯾم واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﻔﮭم
ظواھر اﻟطﺑﯾﻌﺔ.وﯾﻣﻛن ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ،طﺑﻌﺎ أن ﺗوﺟﮭﻧﺎ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوظﻔﮭﺎ ،ﻟﻛن اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻟﯾﺳت
ھﻲ اﻟﻣﻧﺑﻊ اﻟذي ﺗﺻدر ﻋﻧﮫ ،إن اﻟﻣﺑدأ اﻟﺧﻼق ﻓﻲ اﻟﻌﻠم ﻻ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑل ﻓﻲ اﻟﻌﻘل اﻟرﯾﺎﺿﻲ".
اﻟﺗرﻛﯾب
إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻣﻧذ أرﺳطو إﻟﻰ دﯾﻛﺎرت ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ دور اﻟﻌﻘل ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻌﻠم ﻧظرا ﻟﻛوﻧﮫ
ﯾﺗﺻف ﺑﺎﻟﺷﻣوﻟﯾﺔ و اﻹطﻼﻗﯾﺔ وﯾﺣﻣل ﻣﺑﺎدئ ﺗﺄﺳﯾس ھذه اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻓﺈن اﻹﺗﺟﺎه اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ أﻧﻛر دور اﻟﻌﻘل ﻓﻲ
إﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وأﻋطﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ واﻟﺣواس ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ھذه اﻟﻣﻌرﻓﺔ وھو ﻣﺎ اﻧﺗﻘدﺗﮫ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﻠم اﻟﻣﻌﺎﺻرة
واﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ ﻣﻊ ﻛﺎﻧط ،ﻓراﯾﺷﻧﺑﺎخ ﻣﺛﻼ ﻣﺎﯾز ﺑﯾن اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ واﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر ﻟﻠﻌﻘل ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره
أداة ﻣرﻧﺔ وﻣﻧﻔﺗﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ اﯾﻧﺷﺗﺎﯾن ﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ دور اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻛﻧﮫ أﻋطﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ
اﻟﻘﺻوى ﻟﻺﺑداع واﻟﻌﻘل ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﯾﻘﯾﻧﯾﺔ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﺳﯾﻌﻣل اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر
ﻏﺎﺳﺗون ﺑﺎﺷﻼر ﻋﻠﻰ ﺗوﺟﯾﮫ ﻧﻘده ﻟﻛل ھذه اﻹﺗﺟﺎھﺎت ﻣؤﻛدا ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ھﻲ ﻧﺗﺎج ﻟﺣوار داﺋم وﻣﺳﺗﻣر
وﺟدﻟﻲ ﺑﯾن اﻟﻌﻘل واﻟﺗﺟرﺑﺔ /ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟواﻗﻊ ،ﻓﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ھﻲ إﻧﺗﺎج ﻟذات ﻋﺎرﻓﺔ SUJETﺗﺿﻊ ﺑﯾﻧﮭﺎ وﺑﯾن
ﻣوﺿوع اﻟﻣﻌرﻓﺔ L’objetﻣﺳﺎﻓﺔ ﺗﺗﺧﻠص ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﻛل اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺷﻛل ﻋﺎﺋﻘﺎ إﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺎ )ﻣﻌرﻓﯾﺎ(
un obstacle épistémologiqueﻓﺎﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ﺗﺄﻣﻠﯾﺔ ،ﺑل ھﻲ ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﻣرﻧﺔ ﺗﺷﺗﻐل
اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻧﻣﺎذج ﻧظرﯾﺔ ﺗﺑﻧﯾﮭﺎ ﺑﺷﻛل دﻗﯾق ﺟدا ﻣن أﺟل إﺧﺿﺎع ﻣوﺿوع ﻣﻌرﻓﺗﮭﺎ ﻟﺗﺟرﯾب اﻟﻌﻠﻣﻲ ،ﻓﺎﻟﺛورات
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻣﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﯾﺎم اﻟﮭﻧدﺳﺎت اﻟﻼأﻗﻠﯾدﯾﺔ وﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﺎ اﻟﻛواﻧﺗﺎ ﺟﻌﻠت اﻟﻌﻠم ﯾراﺟﻊ ﻣﺑﺎدﺋﮫ وھو ﻣﺎ ﻓرض
ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺣﺳب ﺑﺎﺷﻼر أن ﻧﻌﯾد ﻣراﺟﻌﺔ ﺗﺻورﻧﺎ ﻟﻠﻌﻘل وﻟﻠﻧظرﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ ،ﻓﻠم ﯾﻌد اﻟﻌﻘل ﻛﻣﺎ ﺗﺻورﺗﮫ اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ
ﺛﺎﺑﺗﺎ وﻣﻧﻐﻠﻘﺎ ﺑل أﺻﺑﺢ ﻋﻘﻼ ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ وﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ﯾﺗطور ﺑدوره ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﺟﮭﺎ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول
ﺑﺎﺷﻼر " :اﻟﻌﻘل ﻻ ﯾﻧﺗﺞ اﻟﻌﻠم ﻓﺣﺳب ﺑل ﯾﺗﻌﻠم ﻣن اﻟﻌﻠم أﯾﺿﺎ" ،ﻛﻣﺎ ﻏﯾرت ھذه اﻟﺗﺣوﻻت ﻣن ﺗﺻورﻧﺎ ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ
وﻟﻠواﻗﻊ ﻓﻠم ﺗﻌد اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻣﻌطﺎة ،ﺑل ﻣﺻطﻧﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﯾﻛروﻓزﯾﺎء ،ﻓﺎﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ أو اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻛﺎن ﯾﻘﺻد
اﻟواﻗﻊ اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﻲ واﻟﻣﻌطﻰ ﻟﻛن اﻟواﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﻠم اﻟﻣﻌﺎﺻر ھو واﻗﻊ ﯾﺗدﺧل ﻓﯾﮫ اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟذي ﯾﺿﻌﮫ اﻟﻌﺎﻟم ﻧﻔﺳﮫ ،إﻧﮫ واﻗﻊ
ﻣﺑﻧﻰ.
وھﻛذا ﯾﺑدوا ﺗﺣﻠﯾﻠﻧﺎ ﻟﻣﻔﮭوم اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣن أﺟل اﻟﻛﺷف ﻋن ﺑﻧﯾﺗﮭﺎ ﻗد وﺿﻌﻧﺎ أﻣﺎم ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﻘﺎﺑﻼت،
ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻗد ﺟﻌﻠت اﻟﻌﻘل ﻣﺻدرا ﻟﻠﻣﻌرﻓﺔ اﻟﯾﻘﯾﻧﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ أﻋطت اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ وﻟﻠﺣواس،
ﻟﻛن اﻟﻌﻠم اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻏﯾر ﻣن ﻧظرﺗﻧﺎ ﻟﻠﻌﻘل وﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ ﻓﻠم ﯾﻌد اﻟﻌﻘل ﻛﺎﻣﻼ وﻓطرﯾﺎ ﻣزودا ﺑﻣﺑﺎدئ ﺗوﺻﻠﻧﺎ ﻟﻠﯾﻘﯾن
وﻧﺗﺳﺎوى ﻓﻲ اﻣﺗﻼﻛﮫ ،ﻛﻣﺎ ﻟم ﺗﻌد اﻟﺗﺟرﺑﺔ ھﻲ اﻟﻣﺻدر اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻛﻣﺎ رأﯾﻧﺎ ﻣﻊ راﯾﺷﻧﺑﺎخ واﯾﻧﺷﺗﺎﯾن
ﻟﻛن ھذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ إﻗﺻﺎﺋﮭﺎ اﻟﺗﺎم ،ﻓﻘد أﻋطﯾت اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻟﻺﺑداع واﻟﺧﯾﺎل ﻓﻲ إﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟن ﺗﻛون ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ
اﻟﻣطﺎف ﻣﻊ ﺑﺎﺷﻼر ﺳوى ﺣﺻﯾﻠﺔ ﺣوار ﻣﺳﺗﻣر ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ /اﻟﻌﻘل واﻟواﻗﻊ .وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول "ﻻ
ﯾﻣﻛن ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻌﻠوم اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ دون اﻟدﺧول ﻓﻲ ﺣوار ﻓﻠﺳﻔﻲ ﺑﯾن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ واﻟﻌﺎﻟم اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ" ،ﻟﻛن اﻟﺳؤال
42
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻷھم ﻛﯾف ﻧﺗﺄﻛد ﻣن ﺻدق ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎ؟ وﻣﺎ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟذي ﻧﺗﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ﻣن اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ أن ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎ ﻧظرﯾﺔ
ﻋﻠﻣﯾﺔ وﺗﺳﺗﺣق ھذا اﻟﺗﺻﻧﯾف؟.
ﯾﺗم ﺗﺻﻧﯾف اﻟﻣﻌﺎرف إﻟﻰ ﻋﻠﻣﯾﺔ وﻋﺎدﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ھﻲ ﻧﺗﺎج ﻧظرﯾﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗﺗﺳم اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺟﮭﺎ
ﺑﺎﻹطﻼﻗﯾﺔ واﻟﺷﻣوﻟﯾﺔ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻌﺎدﯾﺔ واﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ ھﻲ ﻧﺗﺎج اﻟﺧﺑرة اﻟﻣﺑﺎﺷرة اﻟﻧﻲ ﻧﻛﺗﺳﺑﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل اﺣﺗﻛﺎﻛﻧﺎ
ﺑﺎﻟواﻗﻊ ،ﻟﻛن ﻣن ﺧﻼل ﺗﺄﻣﻠﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﮭﺎ اﻟﻌﻠوم و اﻟﺛورات اﻟﺗﻲ ﺣدﺛت ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗواھﺎ واﻟﺗﻲ ﻣﺳت
أﺳﺳﮭﺎ وﯾﻘﯾﻧﯾﺎﺗﮭﺎ ،ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﺗﺳﺎؤل ﺣول اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟذي ﯾﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﮫ أن ﻧﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ،ﻓﻣﺎھﻲ
اﻟﺧﺻﺎﺋص واﻟﺷروط اﻟواﺟب ﺗوﻓرھﺎ ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎ ﻟﺗﻛون ﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ؟ ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ،ﻣﺎھﻲ ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻋﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ؟ وﻣﺎ ھﻲ ﻣﻘﺎﯾﯾس ﺻدﻗﮭﺎ وﺻﻼﺣﯾﺗﮭﺎ؟ ھل اﻟﺗطﺎﺑق ﻣﻊ اﻟﺗﺟرﺑﺔ )اﻟواﻗﻊ( أم اﻻﺗﺳﺎق واﻹﻧﺳﺟﺎم
اﻟﻣﻧطﻘﻲ اﻟداﺧﻠﻲ ﺑﯾن ﻣﺑﺎدﺋﮭﺎ؟
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺣﻠﯾل
ﺑﺻدد ﻧﻔس اﻹﺷﻛﺎل ﻧﺟد اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﺻورات اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ واﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ)ﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ( ﺗﻧﺎﺻر
ﻣﺑدأ اﻟﺗﺣﻘق اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻣﻊ ﺣﻠﻘﺔ ﻓﯾﯾﻧﺎ ﻣﺛﻼ أو رواد اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ اﻟذﯾن ﺣﺎوﻟوا ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻌﺎﻟم ،ﻓرودوﻟف ﻛﺎرﻧﺎب
R.Carnapﯾرى أن اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﺳوى ﺗﻣﺛﯾل ﺻوري ﻟﻣﻌطﯾﺎت ﻣﺎدﯾﺔ ،أي أﻧﮭﺎ ﻧﺳق ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺎﺑل ﻛل ﻣﻧﮭﺎ واﻗﻌﺔ ﻣﺎدﯾﺔ أو ﺟزﺋﯾﺔ ،وﻛل ﻧظرﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﮭﺎ أي ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻓﮭﻲ ﻟﯾﺳت
ﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ وإﻧﻣﺎ ھﻲ ﻣﺟرد ﻗول ﻣﯾﺗﺎﻓزﯾﻘﻲ ﻻﻣﻌﻧﻰ ﻟﮫ ،ﻟذﻟك ﻛﺎﻧت أول ﺧطوة ﯾﻧﺑﻐﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮭﺎ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن ﺻﻼﺣﯾﺔ
ﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﺎ ﺣﺳب ﻛﺎرﻧﺎب ورواد اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ ھو ﻓﺣص ﻋﺑﺎراﺗﮭﺎ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن أن ﺟﻣﯾﻌﮭﺎ ﺗﺗوﻓر ﻋﻠﻰ
ﻣﻌﻧﻰ ،أي ﻟﻛل ﻣﻧﮭﺎ ﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎدي ﻣﺣﺳوس ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،وإذا ﻧﺟﺣت اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟﻔﺣص ،وﺛﺑت ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺗﺄﻟف إﻻ
ﻣن اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﺗﻲ ﻟﮭﺎ ﻣﻌﻧﻰ ،ﻧﻣر إﻟﻰ اﻟﺧطوة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺗﺣﻠﯾل ﻣﻧطﻘﻲ ﻟﺑﻧﺎﺋﮭﺎ وذﻟك ﻋﺑر إﻋﺎدة
ﺻﯾﺎﻏﺗﮭﺎ ﺻﯾﺎﻏﺔ رﻣزﯾﺔ ﺗﺗﺣول ﺑﻣوﺟﺑﮭﺎ إﻟﻰ رﻣوز ،وﻣن ھﻧﺎ ﻓوظﯾﻔﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﺣﺳب ﻛﺎرﻧﺎب ھﻲ ﺗﺣﻠﯾل وﺗرﺟﻣﺔ
اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ إﻟﻰ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻣن أﺟل وﺿﻊ ﻟﻐﺔ ﻣوﺣدة ﻟﻠﻌﻠم ﻣﻛﺎن اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣن اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت
واﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺎ...ﻟﻘد ﺟﻌل ﻛﺎرﻧﺎب ﻣن ﻣﺑدأ اﻟﻘﺎﺑﻠﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘق اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن ﺻدق اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﻣن ﻛل
اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ،وﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺣﻘق ﻣﻧﮭﺎ ﺗﺟرﯾﺑﯾﺎ أي ﻻ ﺗﺣﻣل ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺻدق اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻹﺛﺑﺎﺗﮭﺎ ﺣﺳﺑﮫ
ﻓﮭﻲ ﻣﺟرد ﻟﻐو أي ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن أي ﻣﻌﻧﻰ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛل ﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺣﻘق ﺗﺟرﯾﺑﯾﺎ ﻣﻧﮫ وﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﮫ ﯾﺟب إﺧراﺟﮫ ﻣن
داﺋرة اﻟﻌﻠم ﻛﻣﺎ ﺗﻘول إﻟﯾزاﺑﯾث ﻛﻠﯾﻣون وﺷﺎﻧﺗﺎل دوﻣوﻧك ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮭﻣﺎ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻣن اﻷﻟف إﻟﻰ اﻟﯾﺎء.
ﻋﻛس ھذا اﻟﺗﺻور اﻟذي ﯾرى ﻓﻲ ﻣﺑدأ اﻟﺗﺣﻘق اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎ ﺑﻛوﻧﮭﺎ
ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻧﺟد ﻛﺎرل ﺑوﺑر اﻟذي أﯾد ھذا اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ ﻣﺷواره اﻟﻌﻠﻣﻲ ﺳﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋﻧﮫ و ﻋن أﻓﻛﺎر اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻓﻲ
ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻋﻘم اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ "و"اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﻔﺗوح وأﻋداؤه" ﺣﯾث ﻋﺑر ﻛﺎرل ﺑوﺑر ﻋن ﻋدم اطﻣﺋﻧﺎﻧﮫ واﻗﺗﻧﺎﻋﮫ
ﺑﻣﻌﯾﺎر اﻟﺗﺣﻘق اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻛﻣﺑدأ ﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻌﻠم واﻟﻼﻋﻠم ﻟذﻟك ﻗﺎل"ﻛﻧت أﻋرف أﺷﮭر اﻷﺟوﺑﺔ اﻟﻣﻘﺑوﻟﺔ ﺣول
ﻣﺷﻛﻠﺗﻲ وھﻲ أن اﻟﻌﻠم ﯾﺗﻣﯾز ﻋن اﻟﻼﻋﻠم ،ﻋن اﻟﻣﯾﺗﺎﻓزﯾﻘﺎ ﺑﻣﻧﮭﺟﮫ اﻹﻣﺑرﯾﻘﻲ اﻹﺳﺗﻘراﺋﻲ أﺳﺎﺳﺎ ،ﻟﻛن ھذه اﻷﺟوﺑﺔ
ﻟم ﺗﻘﻧﻌﻧﻲ ﺑل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻟﻘد ﺻﻐت ﻣﺷﻛﻠﺗﻲ ﻛﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻹﻣﺑرﯾﻘﻲ اﻷﺻﯾل وﺑﯾن اﻟﻣﻧﮭﺞ
اﻹﻣﺑرﯾﻘﻲ اﻟﻣزﯾف" واﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﻣﻧﮭﺞ اﻹﻣﺑرﯾﻘﻲ اﻟﻣزﯾف ھو ﻣﻧﮭﺞ اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ داﻓﻌت ﻋن ﻣﺑدأ
اﻟﺗﺣﻘق اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ وﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﻣﻘوﻻت اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻟﻠواﻗﻊ اﻟﻣﺎدي ﻛﺄﺳﺎس ﻟﺻﺣﺔ اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﺻدﻗﮭﺎ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎرل
43
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺑوﺑر ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻘﺎﺑﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗﻛذﯾب وھو ﻣﺑدأ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﻧﮫ إﺧﺿﺎع اﻟﻧظرﯾﺔ ﻟﻠﺗﻛذﯾب أي اﻟﺑﺣث ﻋن أﺧطﺎﺋﮭﺎ ﺑل
اﻟدﻓﻊ ﺑﮭﺎ ﻧﺣو اﻟﺗﺧطﻲء ،ﻓﻣﻧﮭﺞ ﺑوﺑر ﻣﻧﮭﺞ ﻣزدوج ﻓﮭو ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗﻘﯾﯾم اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻹﻗرار ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ
ﻟﻠﺗﻛذﯾب ،ﺑل ﯾطﻠب ﻣن اﻟﺑﺎﺣث ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻣﻧطق اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ "إﺧﺿﺎﻋﮭﺎ ﻻﺧﺗﺑﺎرات ﻗﺎﺳﯾﺔ ،وﻏﺎﯾﺗﮫ ﻣن وراء
ذﻟك إﺑﻌﺎد ﺳﯾﺎق اﻟﻌﻠم ﻋن اﻟﺟﻣود وادﻋﺎء اﻟﯾﻘﯾن اﻟﺗﺎم ،ﻓﺎﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﺗﺎز اﻹﺧﺗﺑﺎر ﺗؤﻛد ﺻدﻗﮭﺎ وﺻﺣﺗﮭﺎ ﻓﻲ
اﻟوﻗت اﻟراھن ﻓﻘط-ﻛﻣﺎ ﯾرى ﺑوﺑر-ﻷن إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﻛذﯾﺑﮭﺎ ﻗﺎﺋﻣﺔ وﺗﺗﺣﻘق ھذه اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺟز ﻓﯾﮭﺎ
اﻟﻧظرﯾﺔ ﻋن ﺣل ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣن ﻣﺷﺎﻛل اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ ،ﻣﺛﻠﻣﺎ ﯾﺑذل اﻟطﺎﻟب ﺟﮭدا ﻛﺑﯾرا ﻟﺗﺟﺎوز اﺧﺗﺑﺎرات ﻣدرﺳﯾﺔ ﻓﻲ
ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ وﺳﺎم اﻟﺗﻔوق ﻋﻠﻰ زﻣﻼﺋﮫ ،ﻛذﻟك اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺗﺗﻌرض ﻻﺧﺗﺑﺎرات ﻗﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﻛرﯾس
ﻣﺑﺎدﺋﮭﺎ وﯾﻌطﯾﻧﺎ ﻛﺎرل ﺑوﺑر ﻣﺛﺎل ﺑﻧظرﯾﺔ اﻧﺷﺗﺎﯾن ﻓﻲ اﻟﺟﺎذﺑﯾﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺧﺗﺑﺎر إﻟﻰ أﻋﻠﻰ اﻟدرﺟﺎت ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺗﻧﺑﺄ
ﺑﺎﻧﺣراﻓﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻋن اﻟﻣدارات اﻟﻛوﻛﺑﯾﺔ ﻋﻧد ﻧﯾوﺗن وھذا اﻟﺗﻧﺑؤ ﯾﻣﻛن ﺗﻔﻧﯾده.
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗرﻛﯾب
ﯾﺗﺿﺢ ﻟﻧﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾﻠﻧﺎ ﻟﻣﺟﻣل اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ طرﺣﻧﺎھﺎ ﺑﻐﺎﯾﺔ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑدأ اﻟﺗﻲ ﻧﺗﺄﻛد ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ﻣن
ﺻﺣﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎ ،أن اﻹﺗﺟﺎھﺎت اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة اﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄت ﻣﻊ ﺣﻠﻘﺔ ﻓﯾﯾﻧﺎ ﺑزﻋﺎﻣﺔ رودوﻟف ﻛﺎرﻧﺎب
وﺑرﺗراﻧد راﺳل وﻓرﯾﺟﮫ ،أﻛدوا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺗﺣﻘق اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻟﻛن ﻓﺷل ﻣﺷروﻋﮭم ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻌﺎﻟم وﺧﻠق ﻟﻐﺔ
ﺻورﯾﺔ ﺗﻛون ﻣوﺣدة ﻟﻛل اﻟﻌﻠوم ﺟﻌل ﻛﺎرل ﺑوﺑر ﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋن ھذا اﻟﻣﺑدأ اﻟذي ﺳﯾﺗﺣول إﻟﻰ ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ ﺟدﯾدة ﺗﺳﻌﻰ
وراء اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ/ﺑﯾن اﻟﻌﻘل واﻟواﻗﻊ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﻔﺗوح ﻟم ﯾﻌد ﻓﯾﮫ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﻣطﺎﺑﻘﺔ أو اﻟﺗﺣﻘق
اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻷن ﻛل اﻷﺳس اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻟﻠﻌﻠم )اﻟﯾﻘﯾن /اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ/اﻟﺳطﺢ اﻟﻣﺳﺗوي،(...ﺗم ﻧﻘدھﺎ ﻟذﻟك اﻗﺗرح ﻛﺎرل
ﺑوﺑر ﻣﺑدأ اﻟﻘﺎﺑﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗﻛذﯾب ،ﻓﺎﻟﻧظرﯾﺎت ﺻﺣﯾﺣﺔ وﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﺎ ﻟم ﻧﻛن ﻗﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ إظﮭﺎر ﻋﯾوﺑﮭﺎ.
44
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ھو أن اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ اﺳﺗطﺎﻋت أن ﺗﺣﻘق ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺗﺟﻌل اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺟﮭﺎ ﺗﺗﺻف
ﺑﺎﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،وﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﻘول ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻓﮭذا ﯾﻌﻧﻲ ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ ﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ ﻟﻠﺗﻌﻣﯾم وﻛون اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﺗﻲ ﺗﺻل إﻟﯾﮭﺎ ﺗﺗﺻف ﺑﺎﻹطﻼﻗﯾﺔ
واﻟﺷﻣول ،وإذا ﻛﺎن اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ ھو اﻟطﺑﯾﻌﺔ أو اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺣﺎدﯾﺔ اﻟﺑﻌد واﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺗطورات
اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﮭﺎ ھذه اﻟﻌﻠوم ﺟﻌل ﺑﻌض اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﯾﻔﻛرون ﻓﻲ إﻧﺷﺎء ﻋﻠوم إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗدرس اﻹﻧﺳﺎن
واﻟظواھر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ ،ﻟﻛن اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﮭﻧﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق ھذا اﻟﮭدف ﺗظل
داﺋﻣﺔ ﻣﺧﺗزﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺷﻛﻠﺗﯾن أﺳﺎﺳﯾﺗﯾن :
.1ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻣﻧﮭﺞ :ﺑﺄي ﻣﻧﮭﺞ ﯾﻣﻛن أن ﻧدرس اﻟظواھر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ھل اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟوﺿﻌﻲ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ أم
اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﻔﺳﯾري اﻟﺗﻔﮭﻣﻲ.
.2ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻣوﺿوع :إذا ﻛﺎن اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ أﺣﺎدي اﻟﺑﻌد وﻗﺎﺑل ﻟﻠﻌزل واﻟﺗﺟزيء ﻓﺈن
اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ھو اﻟذات أو اﻹﻧﺳﺎن ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي ﯾﺗداﺧل ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ھو ﻧﻔﺳﻲ واﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
واﻗﺗﺻﺎدي وﺛﻘﺎﻓﻲ وﺳﯾﺎﺳﻲ ووﺟداﻧﻲ ﻣﻊ ﻣﺎ ھو ﻣﺎدي..
ﻣن ھﻧﺎ ﻧﻛون أﻣﺎم ﺷﺑﮫ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﻗﯾﺎم ﻋﻠوم إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺷﺑﯾﮭﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ ،ﻟﻛن رﻏم ذﻟك أﺻّل وﻧظر اﻟﻌدﯾد ﻣن
اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن و اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺄﺳﯾس ﻋﻠوم إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺗﻛون ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﻣﻧﮭﺞ واﻟﻧظرﯾﺔ ﻣﺣط ﻧﻘﺎش
وﺗﺣﻠﯾل ﺳﻧﻘﺎرﺑﮭﺎ وﻧﺗﻌرف ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻧﺣن أﯾﺿﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺣﺎور أﺳﺎﺳﯾﺔ:
ﻣوﺿﻌﺔ اﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
اﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﻔﮭم ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
ﻧﻣوذﺟﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ
45
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺣﻘﻘت اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ اﻧﺗﺻﺎرات ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠظﺎھرة اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ،
ھذه اﻻﻧﺗﺻﺎرات اﻟﺗﻲ ﺣﻘﻘﺗﮭﺎ اﻟﻌﻠوم اﻟﻔزﯾﺎﺋﯾﺔ واﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﺣﻘﺔ ﻋﻣوﻣﺎ ﻣﺎرﺳت إﻏراءا ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن
دﻓﻌﺗﮭم ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻗﯾﺎم ﻋﻠوم ﺗﺳﺗطﯾﻊ دراﺳﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻧﻔس اﻟﻣﻧﺎھﺞ اﻟﺗﻲ ﺗدرس ﺑﮭﺎ اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ،
وﻗد ﺗﺑﻠورت ھذه اﻟﻧزﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟوﺿﻌﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻣﺛﻠﮭﺎ روادھﺎ اﻟﻣؤﺳﺳون ﺳواء ھرﺑرت ﺳﺑﻧﺳر أو
أوﻏﺳت ﻛوﻧت وإﻣﯾل دورﻛﺎﯾم اﻟذﯾن داﻓﻌوا ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻗﯾﺎم ﻋﻠوم إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﺿﻌﯾﺔ ﺗدرس اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ
وﺗﻔﺳره وﺗﺣﻠﻠﮫ ﺗﺣﻠﯾﻼ وﺿﻌﯾﺎ ﺑﻌﯾدا ﻋن اﻟذاﺗﯾﺔ واﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﺧطوات ﻣﻧﮭﺟﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ
واﻟﺗﺟرﯾب اﻟدﻗﯾق ،ﻟﻛن اﻹﺷﻛﺎل اﻟﻣطروح ھو ھل ﯾﻣﻛن ﻣوﺿﻌﺔ اﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ؟ﺑﻣﻌﻧﻰ ھل ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻋزل اﻟظﺎھرة
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗداﺧل ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺎھو ﻧﻔﺳﻲ واﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺛﻘﺎﻓﻲ ودراﺳﺗﮭﺎ دراﺳﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻧدرس اﻟﻣوﺿوﻋﺎت
اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ؟ھل ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻹﻧﺳﺎن وﻣﺎ ﺻدر ﻋﻧﮫ ﻣن أﻓﻌﺎل وﺳﻠوﻛﺎت وﺗﺻرﻓﺎت ﻣوﺿوﻋﺎ
ﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﻠم أن ﻣﻧﺗﺞ ھذه اﻷﻓﻌﺎل اﻟذي ھو اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻛون دارﺳﺎ وﻣوﺿوﻋﺎ ﻟﻠدراﺳﺔ؟.
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺣﻠﯾل
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﺗﻛوﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﻧﻠﻣس اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟدﻋوات اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت
ﻣﻣﺗﻌﺿﺔ ﻣن اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ واﻻﺿطراﺑﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑدأت ﺗﻔﻛر ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس ﻋﻠوم ﺗﮭﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟظﺎھرة
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ دراﺳﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻗﺻد اﻟﺗﻧﺑؤ ﺑﮭﺎ وﺗوﺟﯾﮭﮭﺎ ،واﻟﺗﺣﻛم ﻓﯾﮭﺎ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﻧﺟد اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﺗﺑﻠورت
ﻣﻊ ﻣؤﺳﺳﮭﺎ أوﻏﺳت ﻛوﻧت اﻟذي أﻛد ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ"دروس ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟوﺿﻌﯾﺔ"ﻋﻠﻰ أن دراﺳﺔ اﻟظواھر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
دراﺳﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻣﻣﻛﻧﺔ ﺷرﯾطﺔ أن ﯾﺗﺣرر اﻟﺑﺎﺣث ﻣن ﻛل اﻟﺗﺻورات اﻟﻼھوﺗﯾﺔ واﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻧﺗﻣﻲ
ﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻟم ﺗﻌﻣل إﻻ ﻋﻠﻰ ﻋرﻗﻠﺔ اﻟﻌﻠم وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟوﺿﻌﯾﺔ ﺗﻣﻛن اﻟﺑﺎﺣث ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧﺎھﺟﮭﺎ وﺗﻘﻧﯾﺎﺗﮭﺎ ﻣن
ﺗﻔﺳﯾر وﺗﺣﻠﯾل اﻟظواھر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻣوﻣﺎ و اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺧﺻوﺻﺎ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد داﻓﻊ ﻛوﻧت ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺳﯾس ﻋﻠم
اﺟﺗﻣﺎع ﯾﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ واﻟﻣﻼﺣظﺔ وﻏﺎﯾﺗﮫ اﻟﻛﺷف ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟظواھر وﻗد ﺑﻠﻎ
اﻹﻏراء اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﻣﺎرﺳﺗﮫ اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ ﻋﻠﻰ رواد اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣرﺣﻠﺔ ﺟﻌﻠت أوﻏﺳت ﻛوﻧت ﯾﺳﻣﻲ اﻟﻌﻠم اﻟذي
ﺳﯾﮭﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟظواھر اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ)ﺛورات-اﻧﺣراﻓﺎت-ﺟراﺋم (...ﺑﺎﻟﻔﯾزﯾﺎء اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟذي اﺳﺗﺑدﻟﮫ ﻻﺣﻘﺎ
ﺑﺎﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﺎ.
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﺳﯾﻌﻣل إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ورﯾث اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟدﻓﺎع ﻋﻠﻰ
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣوﺿﻌﺔ اﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ،ﻟذﻟك داﻓﻊ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻗواﻋد اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ" ﻋﻠﻰ
أن اﻟﻈﻮاھﺮ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﯾﺠﺐ أن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ أﺷﯿﺎء ووﻗﺎﺋﻊ ﻣﺎدﯾﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﺳﺘﻘﻼل ﻋﻦ وﻋﻲ اﻷﻓﺮاد وﻋﻦ
وﺟﻮدھﻢ اﻟﻤﺴﺘﻘﻞ وﺗﻤﺎرس ﻗﮭﺮا ﻋﻠﯿﮭﻢ ،واﻷھﻤﯿﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻟﺪورﻛﺎﯾﮭﻢ ﻛﺄﺣﺪ ﻣﺆﺳﺴﻲ ﻋﻠﻢ اﻹﺟﺘﻤﺎع ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺘﮫ
ﺻﯿﺎﻏﺔ ﻗﻮاﻋﺪ ﻋﻠﻤﯿﺔ ﺗﻜﻮن ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻟﻌﻠﻢ ﺟﺪﯾﺪ اﺳﻤﮫ ﻋﻠﻢ اﻹﺟﺘﻤﺎع ،وھﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﺣﺴﺐ إﻣﯿﻞ دورﻛﺎﯾﻢ واﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻦ
اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻌﺔ اﻟﻈﺎھﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ،ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻈﺎھﺮة اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﺷﻲء ﻟﮫ وﺟﻮده
اﻟﻤﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻔﺮدي وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻼﺣﻈﺘﮭﺎ ودراﺳﺘﮭﺎ دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ وﻣﻮﺿﻮﻋﯿﺔ،ﺷﺮﯾﻄﺔ أن ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺒﺎﺣﺚ
ﻣﻊ ﺗﻤﺜﻼﺗﮫ وأﻓﻜﺎره اﻟﻤﺴﺒﻘﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﻤﺪروس ﺿﻤﺎﻧﺎ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﯿﺔ وھﻲ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ، ،ﻓﻤﺜﻼ إذا ﻛﻨﺎ ﻧﺮى
ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﯾﺴﺘﻌﯿﺾ ﻋﻦ اﻹﺣﺴﺎﺳﺎت اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺜﯿﺮھﺎ ﻟﺪﯾﮫ اﻟﻄﻘﺲ أو اﻟﻜﮭﺮﺑﺎء ﺑﻤﻼﺣﻈﺘﮫ ﻟﻠﺬﺑﺬﺑﺎت اﻟﺘﻲ
ﯾﺴﺠﻠﮭﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻣﻮﻣﺘﺮ/اﻹﻟﻜﺘﺮوﻣﺘﺮ/ﻣﻘﯿﺎس اﻟﻜﮭﺮﺑﺎء ،ﻓﻌﺎﻟﻢ اﻹﺟﺘﻤﺎع أﯾﻀﺎ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺤﺘﺮم ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة وأن ﯾﺘﺨﺬ
ھﺬه اﻟﺤﯿﻄﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ ،وﻣﺎ ﯾﻘﺼﺪه دورﻛﺎﯾﻢ ھﻨﺎ ھﻮ اﺳﺘﻌﺎﻧﺔ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﺑﺘﻘﻨﯿﺎت ﻣﻨﮭﺠﯿﺔ ﻛﺎﻹﺳﺘﻤﺎرات واﻟﻤﺴﺠﻞ اﻟﺼﻮﺗﻲ
وﻛﻞ اﻟﺘﻘﻨﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﯿﺢ ﻟﮫ ﺟﻤﻊ اﻟﻤﻌﻄﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﺤﺘﺎﺟﮭﺎ ﻓﻲ دراﺳﺘﮫ،أﻣﺎ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻓﮭﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺘﻔﺴﯿﺮ
46
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻈﻮاھﺮ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﯾﺤﺎول ﺗﻔﺴﯿﺮ إﺣﺪى اﻟﻈﻮاھﺮ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ أن ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻔﻌﺎل اﻟﺬي
ﯾﺪﻋﻮ إﻟﻰ وﺟﻮد ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة واﻟﻮظﯿﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدﯾﮭﺎ ،وأن طﺮﯾﻖ اﻟﺒﺮھﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ وﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﺧﺎﺻﺔ
ھﻮ طﺮﯾﻖ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ واﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻤﻮﺿﻌﺔ اﻟﻈﺎھﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ.
إذا ﻛﺎن ظﮭور اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻗد ﺟﻌل اﻟﻧزﻋﺔ اﻟوﺿﻌﯾﺔ Positivismesواﻻﺗﺟﺎھﺎت اﻟوظﯾﻔﯾﺔ
fonctionnalismesﺗﻌﺗﻘد ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣوﺿﻌﺔ اﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻓﺻﻠﮭﺎ ودراﺳﺗﮭﺎ دراﺳﺔ ﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ وﻓق ﻣﻧﺎھﺞ
اﻟﻌﻠوم اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ،ﻓﺈن ﻗﯾﺎم اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ )ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﻠوم( ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎرف اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و ﺗوﺳﯾﻌﮭﺎ
ﻟﻣﺟﺎﻟﮭﺎ ،ﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﮭﺗم ﻛذﻟك ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ دارﺳﺔ ﻧﺎﻗدة ﻟﻠﻣﻌﺎرف اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺟﮭﺎ واﻟﻣﻧﺎھﺞ اﻟﺗﻲ ﺗوظﻔﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء
ﻣﻌرﻓﺗﮭﺎ ،ﻓﻣﺛﻼ ﻧﺟد ﻣن ﺑﯾن اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﯾن داﺧل اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﺎن ﺑﯾﺎﺟﯾﮫ راﺋد اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻛوﯾﻧﯾﺔ اﻟذي
أﻛد أن ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ھﻲ اﻟذاﺗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺻﻌب اﻟﺗﺧﻠص ﻣﻧﮭﺎ ﻷن اﻟذات اﻟﻌﺎرﻓﺔ)اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ(
ھو ﻧﻔﺳﮫ ﻣوﺿوع ﻟﻠﻣﻌرﻓﺔ ،ﻛﻣﺎ أن اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻟدﯾﮭﺎ ﺗﺄﺛﯾرھﺎ وﺣﺿورھﺎ ﻓﻔﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻔﯾزﯾﺎء أو اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت ﯾظل
ﺣﺿور اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻏﯾر طﺎغ ﻷن اﻟﻌﺎﻟم ﯾﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ظواھر ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﻣﻌزوﻟﺔ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﯾﺗﻌﺎﻣل
اﻟﻌﺎﻟم ﻣﻊ ﻣواﺿﯾﻊ ﺣﯾﺔ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮫ ﻧﻔﺳﯾﺎ أو إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎ أو ﻋﻘدﯾﺎ ،ﻟذﻟك ﺗﺣﺿر اﻷﺣﺎﺳﯾس واﻹﻧطﺑﺎﻋﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
واﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ ﻟﺗوﺟﮫ اﻟﺑﺣث وﺗؤﺛر ﻓﯾﮫ وھو ﻣﺎ ﯾﺣول دون ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،ﻓﻣﺛﻼ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﻣوﺿوع
اﻟﺑﺣث ھو اﻟدﯾن أو اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ أو اﻹﻧﺗﺣﺎر ﻓﺈن اﻟﺑﺎﺣث ﻗد ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻔﺻل ﺑﯾن أﻓﻛﺎره اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻋن اﻟﻣوﺿوع وﺑﯾن
ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣوﺿوع اﻟﻣدروس ﻛﻣﺎ ھو ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻠﺧص ﺑﯾﺎﺟﯾﮫ ھذﯾن اﻟﻌﺎﺋﻘﯾن اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﯾن
اﻟﻠذان ﯾﺟﻌﻼن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺻﻌﺑﺎ ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ":إذا ﻛﺎن ھذا اﻟواﻗﻊ)واﻗﻊ اﻟﺗزام اﻟﺑﺎﺣث(أﻗل ﺗﺄﺛﯾرا ﻓﻲ اﻷﺑﺣﺎث
اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ واﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ وﺣﺗﻰ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻓﺈن ﺗﺄﺛﯾره ﯾﺑﻘﻰ ﻛﺑﯾرا ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟظواھر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣن طرف اﻟﻌﻠوم
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ".
وﻓق ھذا اﻟﺗﺻور ﻋﻣل ﻟوﺳﯾﺎن ﻏوﻟدﻣﺎن ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ" ﻋﻠﻰ ﺗوﺿﯾﺢ اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن
ﻋﻣل اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﯾن واﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﯾن ﻣﺛﻼ ،ﻓﮭو ﻟﯾس اﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟدرﺟﺔ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻣن ھو اﻷﻛﺛر ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣن
اﻵﺧر :اﻟﻌﻠوم اﻟﻔزﯾﺎﺋﯾﺔ أم اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﺔ؟ ﺑل ھو اﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ،ﻓطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﯾدان اﻟذي ﯾﺷﺗﻐل ﻓﯾﮫ اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﻲ
ﻟﯾس ھو اﻟﻣﯾدان اﻟذي ﯾﺷﺗﻐل ﻓﯾﮫ اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ ،ﻓﺎﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﺷﺗﻐﺎﻟﮫ ﯾﺻطدم ﻓﻘط ﺑﺎﻟﻣوﺿوع اﻟﻣدروس ،ﺑﯾﻧﻣﺎ
اﻟﺑﺎﺣث اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ ﯾﺻطدم ﺑﺄﺑﻌﺎد ﻣﺗﻌددة ،إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وطﺑﻘﯾﺔ وﻣﺻﺎﻟﺢ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
ﺣﻘﻼ ﻟﻠﺻراع اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﻲ ،وھو ﻣﺎ ﯾﻔرز ﺗﻌدد اﻟﻣﻘوﻻت واﻟﻣﻔﺎھﯾم ،وھﻲ ﻛﻠﮭﺎ ﻋواﺋق إﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ ﺗﺳد اﻟطرﯾق
أﻣﺎم اﻟﻔﮭم اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﻠﻣوﺿوع اﻟﻣدروس ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻔرق اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﺟﺎﻟﯾن ھو ﻛون اﻟﻌﻠوم اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ
واﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ أن ﺗﺻوغ ﻗواﻧﯾﻧﮭﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺗﻌﻣﯾم ﺗﻔﺳﯾرات ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟﺗﻧﺑؤ
و واﻟﺗوﻗﻊ ﻣﺗﻰ ﺗﺣدث اﻟظﺎھرة ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﯾظل اﻟﻣوﺿوع ﺻﻌﺑﺎ اﻟﺗﻧﺑؤ ﺑﮫ ،وھو ﻣﺎ ﺟﻌل ﻣﺷﯾل ﻓوﻛو
ﯾﻘول أن اﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﮭﻣﺎ أﻧﺗﺟﻧﺎ ﺣوﻟﮭﺎ ﻣن ﻣﻘوﻻت وﺗﻔﺳﯾرات ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗظل رھﯾﻧﺔ ﺑزﻣن إﻧﺗﺎﺟﮭﺎ ﻷن اﻹﻧﺳﺎن
ﻛﺎﺋن ﻣﻧﺗﺞ وﻣﺗﻐﯾر.
اﻟﺗرﻛﯾب
ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﻌﺎﺋق اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﻲ اﻟذي ﯾﺣول دون ﻣوﺿﻌﺔ اﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ھو اﻟﻌﺎﺋق اﻟذاﺗﻲ ،ﻷن ﻓﺻل اﻟذات اﻟﻌﺎرﻓﺔ ﻋن
ﻣوﺿوع اﻟﻣﻌرﻓﺔ ھو أﺳﺎس اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ ،ﻟﻛن أﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟرﻛون ﻟﮭذا اﻟﻣﻌﯾﺎر ﻗد ﯾﺳﻘطﻧﺎ ﻓﻲ وھم
اﻹﻧﻐﻼق واﻟﻣﺣﺎﻛﺎة ﻟﻠﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﻧﻌﯾد إﻧﺗﺎج أزﻣﺗﮭﺎ داﺧل اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻟﻘد ﻻﺣظﻧﺎ ﻛﯾف أن اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ إﺣدى ﻟﺣظﺎﺗﮭﺎ
ﻟم ﺗﻌد ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﻣﻧﻐﻠﻘﺔ ﺑل ﻣﻧﻔﺗﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟذات وﻋﻠﻰ اﻟواﻗﻊ ﻛﻣﺎ أن اﻟﺷروط اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﯾﺑﻧﯾﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟم وﻓق ﻧﻣوذج ﻣﻌﯾن ،ﻣﻣﺎ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أن
47
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟذاﺗﯾﺔ ھﻲ ﺻﻔﺔ ﻣﻼزﻣﺔ ﻟﻛل ﻧﺷﺎط ﻣﻌرﻓﻲ ،ﻟﻛن ﯾﺟب اﻟﺗﺳﻠﺢ ﺑﺎﻟﺣذر اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﻲ ﺣﺗﻰ ﻧﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﻘدﯾم ﺗﺣﻠﯾل ودراﺳﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ،
وھﻧﺎ ﻟن ﺗﻛون اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺟﮭﺎ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺷﺑﯾﮭﺔ ﺑﺎﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ ﺑل ﺳﺗﻧﺗﺞ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺗﺻورھﺎ
اﻟﺧﺎص ﻟﻠﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﯾﺗﻼﺋم وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺗﻲ ﺗدرﺳﮭﺎ .ﻟﻛن رﻏم ذﻟك ﯾظل اﻹﻧﺳﺎن ﻋﺻﻲ ﻋﻠﻰ اﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﺣﻛم واﻟﺗﻧﺑؤ
ﺑﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ ،ﻓﻣن ﺗوﻗﻊ أن إﺣراق ﺑﺎﺋﻊ ﻟﻠﺧﺿر ﻟذاﺗﮫ ﻓﻲ ﺗوﻧس ﺳﯾدك وﯾﺳﻘط ﻧظﺎﻣﺎ ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ ﺑرﻣﺗﮫ !! .
ﺧﺎﺿت اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻧﻘﺎﺷﺎت إﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ ﻣن أﺟل اﻧﺗزاع اﻻﻋﺗراف ﺑﻣﺷروﻋﯾﺔ ﺿرورﺗﮭﺎ ﻛﻌﻠوم ﻟدﯾﮭﺎ
ﻣواﺿﯾﻌﮭﺎ و ﻣﻧﺎھﺟﮭﺎ وﻣﻘﺎرﺑﺎﺗﮭﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﻣواﺿﯾﻌﮭﺎ ،ﻓﻧﺟد ﻣﺛﻼ إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم
ﯾﺣﺎور اﻹﺗﺟﺎھﺎت اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ واﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻣن أﺟل أن ﯾﺟد ﻟﻣوﺿوع ﻋﻠﻣﮫ اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ ﻣوﺿوﻋﺎ وﻣﻧﮭﺟﺎ ،ﻛﻣﺎ
ﻧﺟد ﻓروﯾد ﯾداﻓﻊ ﻋن ﻋﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﯾدرﺳﮭﺎ وﻋن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧﺎھﺞ اﻟﺗﻲ ﯾوظﻔﮭﺎ ،ﻟﻛن ﻣﺎدﻣﻧﺎ ﺧﻠﺻﻧﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﺣور اﻟﺧﺎص ﺑﻣوﺿﻌﺔ اﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﺻﻌوﺑﺔ ﺗﺣﻘﯾق ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺷﺑﯾﮭﺔ ﺑﺎﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ،
ﻓﺎﻹﺷﻛﺎل اﻟﻣطروح ھﻧﺎ ﯾﺗﻠﺧص ﻓﻲ :أي ﻣﻧﮭﺞ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ؟ ھل ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم
اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ أم أن ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗدرﺳﮭﺎ ﯾﺟﻌل ﻣﺎ ﺗﻘدﻣﮫ ﻟﯾس ﺳوى ﺗﺄوﯾﻼ وﻓﮭﻣﺎ ﻣن ﺑﯾن ﺗﺄوﯾﻼت
أﺧرى ﯾﻣﻛن أن ﺗﻌطﻰ ﻟﻠﻣوﺿوع اﻟﻣدروس؟وھل ﯾﻣﻛن إﺧﺿﺎع اﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻣﻘﺎرﺑﺗﮭﺎ ﺑﻧﻔس اﻟﻣﻧﺎھﺞ اﻟﺗﻲ
ﻧﻘﺎرب ﺑﮭﺎ اﻟﻣوﺿوع اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ؟.
اﻟﺗﺣﻠﯾل
ﻣﻊ اﻟﻌودة إﻟﻰ اﻻﺗﺟﺎه اﻟوﺿﻌﻲ اﻟذي ﺗﺄﺳس ﻣﻊ أوﻏﺳت ﻛوﻧت وﺗطور ﻣﻊ إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم ﻧﺟد إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم
ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻗد ﺣﻘق ﻧﺟﺎﺣﺎت
ﻣﻠﻣوﺳﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻓﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘول دورﻛﺎﯾم ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ
"ﻗواﻋد اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ"ﺑﺿرورة ﻓﮭم اﻟظواھر اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻛﺄﺷﯾﺎء"ﻓﮭو ھﻧﺎ ﯾدﻋوﻧﺎ ﻟﻣوﺿﻌﺗﮭﺎ وﻓﮭﻣﮭﺎ ﻣن
اﻟﺧﺎرج ﻻ ﻣن اﻟداﺧل ،أي ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﻼﺣظﺔ واﻹﺧﺗﺑﺎر أي ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻓﮭﻣﮭﺎ ﻣن اﻟﺧﺎرج وﻟﯾس ﻣن اﻟداﺧل،
ﻓﮭو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟم ﯾﻔﮭﻣﮭﺎ "ﻛﺄﺷﯾﺎء ﻣﺎدﯾﺔ" ﺑل ﻛﺄﺷﯾﺎء ﻣﺟردة ،ﻟذﻟك ﯾؤﻛد ﻓﻲ ﻗواﻋد اﻟﻣﻧﮭﺞ ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﺗﻔﺳﯾر
اﻟظواھر اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺎﻟظواھر اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وھو ھﻧﺎ ﻻ ﯾﺟﻌل اﻟظﺎھرة اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﻔرد ،ﺑل ﯾﺟﻌﻠﮭﺎ
ﻣﺗﻌﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﯾﮫ وﻟﮭﺎ وﺟود ﺧﺎرج وﺟود اﻷﻓراد ووﻋﯾﮭم ،وﻟدراﺳﺗﮭﺎ ﯾﺟب ﺗﻔﺳﯾرھﺎ ﺗﻔﺳﯾرا ﻣوﺿوﻋﯾﺎ ﺑﻌﯾدا ﻋن
اﻟﺗﺻورات اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ واﻟﺗﺄﻣﻼت اﻟﺟوھرﯾﺔ ،ﻟذﻟك داﻓﻊ إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗطﺑﯾق اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣوﺿوﻋﻲ
ﻓﻲ ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻓﻌل ھو ﻓﻲ دراﺳﺗﮫ اﻟﺷﮭﯾرة ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻻﻧﺗﺣﺎر" ﺣﯾث ﻋﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﯾرھﺎ ﺗﻔﺳﯾرا
ﻣوﺿوﻋﯾﺎ اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻣﻘﺎرن ﻣﺗﺣررا ﻣن ﺗﻣﺛﻼﺗﮫ وأﺣﺎﺳﯾﺳﮫ وﻣﻌﺎرﻓﮫ اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ واﻟﺟﺎھزة ﺣول
اﻟﻣوﺿوع،وھﻲ اﻟﺧطوات ﻧﻔﺳﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﯾطﺑﻘﮭﺎ اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻓﻔﺳر ظﮭور اﻻﻧﺗﺣﺎر ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻣﻧﮭﺞ
اﻹﺣﺻﺎﺋﻲ وأرﺟﻊ اﻟظﺎھرة إﻟﻰ اﻟﻔروق اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻓﻲ درﺟﺎت اﻟﺗﺿﺎﻣن اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﻛﻠﻣﺎ زاد اﻟﺗﺿﺎﻣن واﻟﺗﻣﺎﺳك
اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾن اﻷﻓراد ﻛﻠﻣﺎ ﻗﻠت ﻧﺳب اﻹﻧﺗﺣﺎر وﻛﻠﻣﺎ ﺗﻔﻛك اﻟراﺑط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾن اﻷﻓراد ﻛﻠﻣﺎ ﺗﻔﺷﻰ اﻹﻧﺗﺣﺎر،
وﻓﻲ ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎه ﺳﻌﻰ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﺳﻠوﻛﻲ ﻣﺛﻼ ﻣﻊ واطﺳون إﻟﻰ ﺗﺄﺳﯾس ﻋﻠم ﻧﻔس ﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﯾر
اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﺗﻧﺑؤ ﺑﮭﺎ وذﻟك ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺣل ﻣﺷﻛﻼت إدراﻛﯾﺔ أو ﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ أو اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
اﻹﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
إﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺷﻛﺎل اﻟﻣطروح ﯾوﺟﮫ ﻛﻠود ﻟﯾﻔﻲ ﺳﺗراوش ﻧﻘدا ﻟﻠﻧزﻋﺔ اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ،
ﻣوﺿﺣﺎ أﻧﮫ إذا ﻛﺎن ﻟﻠﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﻧﺑؤ أھﻣﯾﺔ ﻗﺻوى ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺟزم ﺑﺄھﻣﯾﺗﮫ وﻧﺟﺎﺣﮫ ﻓﻲ
48
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،وﯾرﺟﻊ ذﻟك ﺣﺳب ﻟﯾﻔﻲ ﺳﺗراوس إﻟﻰ ﻛون اﻟذﯾن ﺳﻌوا إﻟﻰ إﺧﺿﺎع اﻟظواھر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠﺗﻔﺳﯾر
واﻟﺗﻧﺑؤ ﻟم ﯾﺣﻘﻘﺎ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﮭﻣﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب،ﻟذﻟك ﻓﺎﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﺳﺗﻐرق ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻛﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ
اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾ ﺔ ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﺻل إﻟﻰ درﺟﺔ ﻣن اﻟﺗﻧﺑؤ ﻛﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﺑل ﺗﻛﻣن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻠوم
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣراوﺣﺔ ﺑﯾن اﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﻧﺑؤ ﻣن أﺟل ﺑﻧﺎء ﻣﻌرﻓﺔ ﺣول ﻣوﺿوع دراﺳﺗﮭﺎ ،ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻣﻌرﻓﺔ
اﻟذي ﺳﺗؤﺳﺳﮫ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﯾﺻﻔﮫ ﻟﯾﻔﻲ ﺷﺗراوس ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ" ﺑﺎﻟﺣﻛﻣﺔ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد
ﯾﻘول" إن اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻻ ﺗﻔﺳر اﻟظواھر ﺗﻔﺳﯾرا ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ،وﻻ ﺗﺗﻧﺑﺄ ﺑﯾﻘﯾن ﺗﺎم ،ﻏﯾر أﻧﮫ ﺑﺗﻔﺳﯾرھﺎ اﻟﻣﺣدود
ﻟﻠظواھر وﺑﺗﻧﺑﺋﮭﺎ ﻏﯾر اﻷﻛﯾد ،ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﻘدم ﻟﻠذﯾن ﯾﻣﺎرﺳون ،اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ،ﺷﯾﺋﺎ وﺳﯾطﺎ ﺑﯾن اﻟﻣﻌرﻓﺔ
اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ واﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻧﺎﻓﻌﺔ ،أي ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺗﺣﺳﯾن اﻷداء ،ﻟﻛن ﻣن ﻏﯾر اﻟﻔﺻل اﻟﻧﮭﺎﺋﻲ ﺑﯾن
اﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﻔﮭم".
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﺳﯾطرح اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﮭرﻣﯾﻧوطﯾﻘﻲ دﻟﺗﺎي ﺗﺻورا ﻣﺧﺗﻠﻔﺎ ﯾداﻓﻊ ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن
اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣوﺿوﻋﺎت ﻣﺟردة ﺗﺟرﯾدا ﺣﺳﯾﺎ وﺧﺎﻟﯾﺔ
ﻣن اﻟﻣﻌﻧﻰ أو اﻟﻘﯾﻣﺔ أو اﻟروح ﻓﺈن ھذه اﻟﺧﺻﺎﺋص ﺗﻌﺗﺑر ﻣن ﺑﯾن اﻟﻌواﺋق اﻟﺗﻲ ﺗﺣول دون ﻧﺟﺎح ﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﻔﺳﯾر
واﻟﺗﻧﺑؤ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻷن اﻟظﺎھرة ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﻣﻌطﺎة وھﻲ ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺎﻟدﻻﻟﺔ واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺳﺗﺑطﻧﺔ،
ﻟذﻟك إذا ﻛﺎن ﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﻔﺳﯾر ﺻﺎﻟﺣﺎ ﻓذﻟك ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،وﯾﻌطﻲ ﻣﺛﺎﻻ دﻟﺗﺎي ﺑﻌﻠوم اﻟروح أي ﻋﻠم
اﻟﻧﻔس ،وھﻧﺎ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﯾﺟب أن ﯾﺗم اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟوﺻف ﻟﺧﺑراﺗﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺷﺔ ،ﻓﺎﻟﺳﻣﺔ اﻟﻣﻣﯾزة
ﻟﮭذه اﻟﻌﻠوم ھﻲ اﻟﻔﮭم وﺗﺄوﯾل اﻟﺗﻌﺑﯾرات ،واﻟﻔرد ھو اﻟﻣوﺿوع اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻟﻠﺗﻔﮭم ،وﻣن ﺑﯾن اﻟﻔروﻗﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﺑﯾن
اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺣﺳب دﯾﻠﺗﺎي واﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل اﻟﺗﻔﺳﯾر ﯾﻔﻘد ﺻﻼﺣﯾﺗﮫ ﺣﯾن ﯾطﺑق ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
ھو ﻛون ﻋﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻘﯾﻣﺔ وﺗﺣررھﺎ ﻣن اﻟﻘﯾﻣﺔ ھو ﻣﺻدر ﻣوﺿوﻋﯾﺗﮭﺎ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛل ﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ھو ﺑﺣث أﻛﺳﯾوﻟوﺟﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣوﻗف ﻗﯾﻣﺔ ،ﻷن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﺗﺣرر ﻣن اﻟﻘﯾم ،ﻟذﻟك ﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ
وأﻓﻌﺎﻟﮫ وﺗﻌﺑﯾراﺗﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن إﺧﺿﺎﻋﮭﺎ ﻟﻠﺗﻛﻣﯾم واﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﻧﺑؤ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑل ﯾﻣﻛن ﻓﮭﻣﮭﺎ وﺗﺄوﯾﻠﮭﺎ
ﺗﺄوﯾﻼ ﻋﻘﻼﻧﯾﺎ ﯾﻌﯾد ﺑﻧﺎﺋﮭﺎ ﺑﺗﻔﻛﯾﻛﮭﺎ وإﻋطﺎﺋﮭﺎ دﻻﻻﺗﮭﺎ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول دﯾﻠﺗﺎي"ﺗﺗﻣﯾز اﻟﻌﻠوم اﻟروﺣﯾﺔ
ﻋن اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﻛون ﻣوﺿوع ھذه اﻷﺧﯾرة ﻋﺑﺎرة ﻋن ظواھر ﺗﺗﻘدم ﻟﻠوﻋﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ظواھر ﻣﻌزوﻟﺔ
وﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﺗﻣظﮭر ھذه اﻟظواھر ﻟﻠﻌﻠوم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺎ ﺣﯾﺎ".
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﺧﻠوص إﻟﯾﮫ ھو أن ﺷﺑﮭﺔ اﻟﺗﺄﺳﯾس اﻟﺗﻲ راﻓﻘت اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺳﻌت إﺑﺎن ظﮭورھﺎ ﻓﻲ أن
ﺗﻛون ﻓﯾزﯾﺎء اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻊ أوﻏﺳت ﻛوﻧت أو ﻓزﯾوﻟوﺟﯾﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻊ ﺳﺎن ﺳﯾﻣون ،ﺳﺎﻋﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺣﺎﻛﺎة اﻟﻌﻠوم
اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺗﮭﺎ ﻟﻌﻠم إﻧﺳﺎﻧﻲ ﯾدرس اﻟظواھر و اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﻣﻧﺎھﺞ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺳﺎﻋﯾن ﻟﺗﺣﻘﯾق
ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗﻣﻛﻧﮭم ﻣن اﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﻧﺑؤ ﺑﺎﻟﺳﻠوﻛﺎت واﻷﻓﻌﺎل اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،وھو ﻣﺎ واﺟﮭﺗﮫ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻌواﺋق ﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ
ﺻﻌوﺑﺔ ﻣوﺿﻌﺔ اﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻓﺻﻠﮭﺎ ﻋن ذاﺗﯾﮫ اﻟﺑﺎﺣث ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل ،ﻛﻣﺎ ﺗﺗﻣﺛل اﻟﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﻘﯾد
اﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺻﻌب ﺗﻛﻣﯾﻣﮭﺎ أو ﻋزﻟﮭﺎ أو ﺗﻘﺳﯾﻣﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻏرار ﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺗﺑر ،إذ اﻷﻓﻌﺎل
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ھﻲ ﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﺗﺗداﺧل ﻓﯾﮫ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷﺑﻌﺎد :اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟﻌﺎطﻔﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،ﺑل ﺣﺗﻰ
اﺣﺗﻛﺎك اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ واﺳﺗﺑطﺎﻧﮫ ﻟﮭذا اﻟﻌﺎﻟم ﯾؤﺛر ﻓﻲ ھذه اﻟظﺎھرة ﻟذﻟك ﻛﺎن ﻣﻧﮭﺞ اﻟﻔﮭم اﻟذي وﺿﻌﮫ
اﻟﮭرﻣﯾﻧوطﯾﻘﯾون)اﻟﺗﺄوﯾﻠﯾون( ھو اﻷﻧﺳب ﻟﮭذه اﻟظواھر إذ ﯾﺑﻘﻰ ھدف اﻟﮭرﻣﯾﻧوطﯾﻘﻲ ھو اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻻﻻت اﻟﺗﻲ
ﺗﻛﺗﺳﯾﮭﺎ اﻷﻓﻌﺎل ﻋﻧد اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﯾن ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻣﯾﮭم ﻣﺎﻛس ﻓﯾﺑر ،ﻓﻣﻌﻧﻰ اﻟﻔﻌل ﻻ ﯾوﺟد ﺧﺎرﺟﺎ ﺑل ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﻌطﯾﮭﺎ ﻟﮫ اﻟﻔرد.
49
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺳﻌت اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻧد ﻧﺷﺄﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎﻛﺎة اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺎھﺟﮭﺎ وﻋﻠﻣﯾﺗﮭﺎ،ھذا اﻹﻏراء اﻟذي ﻣﺎرﺳﺗﮫ
اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘول ﻣﻌرﻓﯾﺔ ﻣﺗﻌددة ،وﻣن ﺑﯾﻧﮭﺎ ﻋﻠوم اﻹﻧﺳﺎن ﺳﯾطرح اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ
واﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻠت ﻓﻲ ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻣوﺿوع وﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻣﻧﮭﺞ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟظﺎھرة اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻌزل ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم
اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺗﺷﻛﯾل ﻣﻌرﻓﺔ دﻗﯾﻘﺔ ﺣوﻟﮭﺎ ،ﻓﺈن اﻟظﺎھرة ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻌﻘدة وﻣﺗراﺑطﺔ ﺗﺗداﺧل ﻓﯾﮭﺎ أﺑﻌﺎد
ﻣﺗﻌددة ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﻛﻣﯾم واﻟﺗﻧﺑؤ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﯾﻛون
ﻗﺎﺻرا ﻣﺎدﻣﻧﺎ ﻧﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣوﺿوع ﺣﻲ وﻣﻧﺗﺞ ﻛﻣﺎ ﯾﻘول ﻣﺷﯾل ﻓوﻛو ودﯾﻧﺎﻣﯾﻛﻲ ﯾﺻﻌب ﺣﺻره وﺗﺣدﯾد ﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ
وﺗوﻗﻌﺎﺗﮭﺎ ﻋﺑر اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن وﻣن ھﻧﺎ ﺗطرح اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ :أي ﻧﻣوذج ﻟﻠﻌﻠﻣﯾﺔ ﯾﻣﻛن أن ﺗؤﺳس ﻟﮫ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
؟ ھل ﺳﺗﻛون ﻋﻠﻣﯾﺗﮭﺎ ﻧﻣوذﺟﺎ واﺳﺗﻧﺳﺎﺧﺎ ﻟﻠﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ أم أﻧﮭﺎ ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﻧظرا ﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻣوﺿوﻋﮭﺎ
أن ﺗﺑدع ﻧﻣوذﺟﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﻌﻠﻣﯾﺔ ﯾﺗﻼﺋم ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣوﺿوع اﻟذي ﺗدرﺳﮫ؟
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺣﻠﯾل
ﯾرى أوﻏﺳت ﻛوﻧت أن اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﺑﺎﻟﺿﺑط ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻛﻧﻣوذج ﺑﺄن ھﻧﺎك إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻟﺗﻘوم ﻋﻠوم إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
ﺷﺑﯾﮭﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ،ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﯾر وﺗﻛﻣﯾم وﺗوﻗﻊ ﺣدوث ھذه اﻟﺳﻠوﻛﺎت ،ﻛﻣﺎ طﺎﻟب ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻣﺣﺎﺿرات
ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟوﺿﻌﯾﺔ" ﺑﺿرورة اﻟرﺑط ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﻣﻧﮭﺞ ﺑﺷﻛل ﺗﺟرﯾﺑﻲ ورﻓض أي ﺣدﯾث ﻧظري أو ﻣﺟرد
ﻋن اﻟظواھر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ،ﻓﺎﻟﺗطﺑﯾق ھو اﻟذي ﯾﻛﺷف ﺻﺣﺔ وﺧطﺄ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻟذﻟك أﻛد ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ
ﺿرورة اﻟﺗراﺑط ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺣﯾث ﻗﺎل "إن ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ واﻟﻌﻠم ھو اﻟﺗطﺑﯾق" وﻓﻲ
ﻧﻔس اﻹﺗﺟﺎه ﺳﻌﻰ إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم إﻟﻰ اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎء ﻧﻣوذج ﻟﻠﻌﻠﻣﯾﺔ ﯾﺳﺗرﺷد
ﺑﺧطوات اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻌﻠﻣﻲ داﺧل اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟذات اﻟﻌﺎرﻓﺔ وﻣوﺿوع اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ﻣﻊ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺧطوات اﻟﻣﻧﮭﺟﯾﺔ ﻛﺎﻟﻣﻼﺣظﺔ
وﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻔرﺿﯾﺔ واﻟﺗﺟرﯾب ﺛم اﻟﺗﻧﺑؤ أي ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻗﺎﻧون ﻣﻔﺳر ﻟﻠظﺎھرة ﻓﺎﻧﮫ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻗواﻋد اﻟﻣﻧﮭﺞ
اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ" ﺳﻌﻰ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﻣؤﻛدا ﻋﻠﻰ اﻟﺧطوات اﻟدﻗﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم اﻹﻟﺗزام ﺑﮭﺎ ﻟﻛﻲ ﺗﻛون دراﺳﺗﮫ
ﻋﻠﻣﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺑﺎﺣث ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﯾﻌﺗﻣد اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﻣوﺟﮭﺔ وﻟﯾﺳت اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ دراﺳﺗﮫ ﻟﻠظﺎھرة اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وھو
ﻧﻔس ﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﻲ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﻲ ﯾطرح ﻓرﺿﯾﺔ ﻗﺑل اﻟﺗوﺟﮫ ﻟﻠﻣﯾدان ﻟﯾﺧﺗﺑرھﺎ ﻓﺈن اﻟﺑﺎﺣث ﻓﻲ
اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﯾﻘوم ﺑﻧﻔس اﻟﺧطوات ،ﻓﮭو ﯾﺑﻧﻲ ﻓرﺿﯾﺎﺗﮫ وﯾﺗﺟﮫ ﻹﺧﺿﺎﻋﮭﺎ ﻟﻠﺗﺟرﯾب ﺛم ﯾﺻل ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ إﻟﻰ
ﺗﻔﺳﯾر ﻟﻠظﺎھرة ﺷﺑﯾﮫ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون أو ﯾوازي اﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﯾﺻوﻏﮫ اﻟﻌﺎﻟم ،وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﻧظر دورﻛﺎﯾم ﻟﻠظواھر
اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ أﺷﯾﺎء ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗوﺟد ﺧﺎرج اﻷﻓراد وﺗﻣﺎرس ﻗﮭرا ﻋﻠﯾﮭم ﻟذﻟك ﻓﮭﻲ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻣﻼﺣظﺔ
واﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﻔﺳﯾر.
اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
إذا ﻛﺎن اﻹﺗﺟﺎه اﻟوﺿﻌﻲ داﺧل اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وداﺧل ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻣﻊ ﻛل ﻣن أوﻏﺳت ﻛوﻧت وإﻣﯾل
دورﻛﺎﯾم ﻗد رأى ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﻓﻲ ﻋﻠﻣﯾﺗﮭﺎ ﻧﻣوذﺟﺎ ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﻧﻘل واﻟﺗوظﯾف داﺧل اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣن أﺟل
ﺗﺣﻘﯾق درﺟﺔ ﻣن اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺗوازي اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﺈن ﺟﺎن ﻻدرﯾﯾر ﺳﯾوﺟﮫ ﻧﻘدا ﻻذﻋﺎ ﻟﻠﺗﺻور اﻟوﺿﻌﻲ اﻟذي ﯾرى
ﻓﻲ ﻣﻧﮭﺞ اﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﻧﺑؤ ﻧﻣوذﺟﺎ ﯾوﺻﻠﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻛﻣﺎ وﺟﮫ ﻧﻘدا ﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟﻔﮭم واﻟﺗﺄوﯾل
ﻣؤﻛدا ﻋﻠﻰ أن ھذه اﻟﻧﻣﺎذج ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗم ﻧﻘﻠﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺗﺳﻘطﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻌواﺋق اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ ،ﻓﻣﺛﻼ
اﻹﺗﺟﺎه اﻟوﺿﻌﻲ ﻣﻊ دورﻛﺎﯾم اﻟذي اﻋﺗﺑر اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ وﻗﺎﺋﻊ وأﺷﯾﺎء ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻗد أدى إﻟﻰ ﻗﺗﻠﮭﺎ
50
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
وﻓﻘداﻧﮭﺎ ﺣﯾوﯾﺗﮭﺎ ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻹﺗﺟﺎه اﻟﮭرﻣﯾﻧوطﯾﻘﻲ واﻟﺗﻔﮭﻣﻲ ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺿﺧم اﻷﻧﺎ وطﻐﯾﺎﻧﮭﺎ وإﺳﻘﺎطﻧﺎ ﻓﻲ اﻟذاﺗﯾﺔ أﺛﻧﺎء
دراﺳﺔ اﻟظواھر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻟذﻟك ﯾﻘﺗرح ﺟﺎن ﻻدرﯾﯾر أن ﺗظل اﻟذات ﻣﺟرد ﻣﺷﺎھد وﻣﻼﺣظ وﻣراﻗب ﯾﺳﺟل ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﻣﺎ
ﺗﻌﺑر وﺗﻔﺻﺢ ﻋﻧﮫ اﻟظﺎھرة ،وﺛﺎﻧﯾﺎ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﺧﻠق ﻣﻧﮭﺞ ﻧﺳﻘﻲ ﯾوظف ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻛل اﻟﻌﻠوم ﻣن أﺟل اﻹﻟﻣﺎم ﺑﺎﻟظﺎھرة
وﻓك رﻣوزھﺎ وﺗﻌﺑﯾراﺗﮭﺎ ودﻻﻻﺗﮭﺎ.
اﻟﺗرﻛﯾب
إن اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻛﺎن ﻗدرھﺎ وﻻ ﯾزال ھو ﺷﺑﮭﺔ اﻟﺗﺄﺳﯾس اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻛن ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ ﺑداﻓﻊ اﻹﺳﺗﻘﻼل ﻋن اﻟﻌﻠوم
اﻟﺣﻘﺔ ﺑل ﺳﻌت إﻟﻰ اﻟﻣﺣﺎﻛﺎة واﻟﺗطﺎﺑق ﻣﻊ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻣﺗﻧﺎﺳﯾﺔ أن ﻣوﺿوع اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺟﺎﻣد وﺛﺎﺑت وﻣﻌطﻰ ﺑﺷﻛل
ﻗﺑﻠﻲ أﻣﺎم اﻟذات اﻟﻌﺎرﻓﺔ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﻣوﺿوع اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﯾظل ﺷﺑﯾﮭﺎ ﺑﺻﻧدوق ﺑﺎﻧدورا اﻟﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﺣﻘﺎﺋق واﻟﻌﺟﺎﺋب ﻻ ﯾﻣﻛن
أن ﻧؤﺳس ﺣوﻟﮫ ﺗﻔﺳﯾرا واﺣدا ووﺣﯾدا ،وﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻋزﻟﮫ أو إدﺧﺎﻟﮫ ﻟﻠﻣﺧﺗﺑر وﺗﻛﻣﯾﻣﮫ ﻓﻲ رﻣوز وﻋﻼﻗﺎت ﻛﻣﺎ ﯾﻔﻌل
اﻟﻌﺎﻟم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ،ﻓﻣﺛﻼ ﺟﻣﯾﻌﻧﺎ ﻧﻌرف أن اﻟﻣﺎء ھو اﻟﮭﯾدروﺟﯾن واﻷﻛﺳﺟﯾن ﻟﻛن ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻌطﻲ ﺗﻔﺳﯾرا وﺣﯾدا
ﻟظﺎھرة اﻹﻧﺗﺣﺎر أو اﻟﺟرﯾﻣﺔ أو اﻟدﻋﺎرة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ظواھر اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وإﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻗﺎل اﻹﺗﺟﺎه اﻟوﺿﻌﻲ ﻣﺛﻼ ﻣﻊ
دورﻛﺎﯾم ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻻﻧﺗﺣﺎر أن ﺳﺑب اﻹﻧﺗﺣﺎر ھو ﻏﯾﺎب اﻟراﺑط اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺗﻔﻛﻛﮫ داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻧﺟد
ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﯾﻛون ﻓﯾﮭﺎ اﻟراﺑط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻗوﯾﺎ وﻣﻊ ذﻟك ﺗﻌرف ﺣﺎﻻت اﻧﺗﺣﺎر ﻋدﯾدة ،وﻗد ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺑﻌض أن اﻟوﺿﻊ
اﻻﻗﺗﺻﺎدي ھو ﺳﺑب ﻓﻲ ظﮭور ظﺎھرة اﻟدﻋﺎرة ﻟﻛن ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﺗﻌرف ﺗﻘﺳﯾﻣﺎ ﻋﺎدﻻ ﻟﻠﺛروة واﻟﻌداﻟﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻣﻊ
ذﻟك ﺗوﺟد ﻓﯾﮭﺎ اﻟظﺎھرة ،ﻣن ھﻧﺎ ﯾظل اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ واﻟظﺎھرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻧﺳﺑﯾﺔ و ﻋﺻﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻛﻣﯾم وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ
ﻟﻠﺗﺄوﯾل واﻟﻔﮭم اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻛل اﻟﻌﻠوم ﻛﻣﺎ ﯾرى ﻓوﻛو ﻓﻣﺎدام اﻹﻧﺳﺎن ﺣدﺛﺎ ﻣﻌﺎﺻرا ﻓﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧوظف ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﻠوم -
ﻟﺳﺎﻧﯾﺔ وﻣﻌرﻓﯾﺔ وﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻧﯾروﻟوﺟﯾﺔ -ﻓﻲ ﻓﮭم ﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ ،ﻟﻛن رﻏم ذﻟك ﯾظل اﻹﻧﺳﺎن ﺷﺑﯾﮭﺎ ﺑرأس
ﻣﯾدوزا ﻓﻲ اﻷﺳطورة اﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ ﻓﻛﻠﻣﺎ اﻗﺗرﺑت اﻟﻌﻠوم ﻣﻧﮫ وﺷﻛﻠت ﺣوﻟﮫ ﻓﮭﻣﺎ أو ﺗﻔﺳﯾرا أو ﺗﺄوﯾﻼ واﻋﺗﻘدت أﻧﮫ
ﻧﮭﺎﺋﻲ وﻣطﻠق إﻻ وﺗﺧﺷﺑت ﺗﻠك اﻟﺗﻔﺳﯾرات واﻟﺗﺄوﯾﻼت واﻧﮭﺎرت ﻓﺎﺳﺣﺔ اﻟﻣﺟﺎل أﻣﺎم ﺗﺄوﯾﻼت وﺗﻔﺳﯾرات ﺟدﯾدة.
ﻣﻔﮭوم اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
ﺗﻘدﯾم ﻋﺎم
إن اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺷدھﺎ ﻛل ﻓﻛر ﯾﺳﻌﻰ ﻟﺗﺄﺳﯾس ﻣﻌرﻓﺔ ﻛﯾﻔﻣﺎ ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺗﮭﺎ ،ﺳواء ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻠوم اﻟﺣﻘﺔ أو
اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻓﮭو اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻟﻛن اﻟذات اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻣﻌرﻓﺔ ﻋن ﻋﺎﻟﻣﮭﺎ وﺗﻌﺗﺑر ﺗﻠك اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﻛوﻧﺗﮭﺎ
ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺟد ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺿﺣﯾﺔ ﻟﻸداة اﻟﺗﻲ ﻛوﻧت ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺗﻠك اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ﻓﻣﺛﻼ اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻛوّ ن ﻣﻌﺎرﻓﮫ
وﯾﺷﻛﻠﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل "اﻟﻠﻐﺔ" أو "اﻟﻣﻧﮭﺞ" ،ﻓﮭﻲ أدواﺗﮫ ﻟﺑﻠوغ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ووﺳﯾﻠﺗﮫ ﻟﻠوﺻول إﻟﯾﮭﺎ ،ﻟﻛن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻧﺎس ﻟﯾﺳوا
ﻣﺗﺳﺎوﯾن ﻓﻲ اﻣﺗﻼك ھذه اﻷدوات "اﻟﻠﻐﺔ" و "اﻟﻣﻧﮭﺞ" ،وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺗﻲ ﯾﻛوﻧوﻧﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل ھذه
اﻷدوات وﻋن طرﯾق ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﻧﺎھﺞ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺗظل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن إﻧﺳﺎن ﻷﺧر وھو اﺧﺗﻼف ﻻ ﯾﻌود إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ
اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺗﻲ ﯾﻛوﻧون ﻣﻌرﻓﺗﮭم ﺣوﻟﮭﺎ ﺑل إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ اﻷدوات اﻟﺗﻲ ﯾدرﻛون ﺑﮭﺎ ھذه اﻟﻣواﺿﯾﻊ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺗطﺎﺑق
وﻣﺑدأ اﻟﮭوﯾﺔ واﻹﻧﺳﺟﺎم ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ ھو ﻣﺎ ﻗﺎم ﻋﻠﯾﮫ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﺻوره ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻓﺈن اﻹﺧﺗﻼف واﻟﺗﻘوﯾض
ﻟﮭذه اﻷﺳس اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ ھو ﻣﺎ ﺷﻛل ﻣوﺿوع اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻷن اﻟﺗطﺎﺑق ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ ﻻ ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﺻدق داﺋﻣﺎ
ﻓﻘد ﺗﺧﺗرق ھذا اﻟواﻗﻊ اﻟذي ﻧﻌﺗﺑر اﻟﺗطﺎﺑق ﻣﻌﮫ ﻣﻌﯾﺎرا ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ واﻟﺻدق اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷوھﺎم واﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﯾﺔ
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻣﻌﯾﺎر اﻟﺗطﺎﺑق أو اﻻﺗﻔﺎق ﻟﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة ﻣﻌﯾﺎرا ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﺎﻟﺟﻣﯾﻊ آﻣن ﻟﺳﻧوات أن اﻷرض ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻧظرا
51
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻷﻧﮭم طﺎﺑﻘوا ﺣﻛﻣﮭم وﻣﻌرﻓﺗﮭم ﻣﻊ ﺣواﺳﮭم ﻟﻛن اﻟﻌﻠم أﺛﺑت ﻋﻛس ذﻟك وﺑﺄﻧﮭﺎ ﺗدور ﻟذﻟك وﺟب إﺧﺿﺎع اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ إﻟﻰ
اﻟﺗﺄﻣل اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻣن أﺟل ﺗﻛوﯾن ﺗﺻور ﺣول ھذا اﻟﻣﻔﮭوم اﺳﺗرﺷﺎدا ﺑﺎﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :ﻣﺎ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ؟ وﻣﺎ ھﻲ
اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﮭﺎ وﺑﯾن اﻟرأي وﺑﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ؟ھل ھﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﺗﺻﺎل واﺳﺗﻣرار أم ﻋﻼﻗﺔ اﻧﻔﺻﺎل وﻗطﯾﻌﺔ؟ وﻣﺎ
ﻣﻌﯾﺎر ﺻدق اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ؟ وأﯾن ﺗﻛﻣن ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ؟.
ﻣن اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ ﻟﻣﻔﮭوم اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ:
ﻣن ﻣﻧﺎ ﻻ ﯾﮭﺗم ﻷﻣر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ھذه اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾطﺎﻟب ﺑﮭﺎ اﻟﺟﻣﯾﻊ ،ﻓﻲ اﻹﻋﻼم واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻟﺷﺎرع ،ﺑل ﺣﺗﻰ ﻓﻲ
ﻋﻼﻗﺗﻧﺎ اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻧﺟد أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻧطﺎﻟب ﺑﻌﺿﻧﺎ اﻟﺑﻌض" ،أﺗﻘول اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ" ؟ أﺧﺑرﻧﻲ ﺑﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ؟ ﻻ ﺗﻛذب ﻋﻠﻲ ،وﻗل اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ؟
وھﻧﺎ ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ ﺗﺗﻣظﮭر اﺳﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻧﻘﯾﺿﺎ ﻟﻠﻛذب واﻟﺻدق ،ﻓﺎﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ھو اﻟﺷﻲء اﻟواﻗﻌﻲ
واﻟﺻﺎدق ،واﻟذي ﻟﮫ وﺟود ﻣﺎدي ﻗﺎﺑل ﻟﻺدراك اﻟﺣﺳﻲ ﺑﺎﻟﻌﯾن اﻟﻣﺟردة أو ﺑﺎﻟﺣواس .أﻣﺎ ﻓﻲ ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻻﺑن
ﻣﻧظور ﻓﻧﺟد اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻠﻐوي ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﺗﻔق اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﺎطب ﺑﮫ ،وھﻲ ﻛل ﻟﻔظ ﯾﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ارﺗﺑﺎط
ﻣﻊ ﻣوﺿوﻋﮫ.
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ :la Vérité
أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻓﻧﺟد ﻓﻲ ﻣﻌﺟم ﻻﻻﻧد أن ﻣﻔﮭوم اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻣﺗطﺎﺑق ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ،
وﺗﺄﺧذ اﺳم اﻟﺻدق ﺣﯾن ﯾﻛون اﻟﺣﻛم ھو اﻟذي ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟواﻗﻊ واﺳم اﻟﺣق ﺣﯾن ﯾﻛون اﻟواﻗﻊ ھو اﻟذي ﯾطﺎﺑق
اﻟﺣﻛم ،واﻟﺣﻘﯾﻘﻲ أو اﻟﺻﺎدق ﻋﻧد ﻻﻻﻧد ھو ﻣﺎ ﺗﻣت اﻟﺑرھﻧﺔ ﻋﻠﯾﮫ ،واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻋم ھﻲ ﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﺟﺎزم
اﻟذي ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﻣواﻓﻘﺔ اﻟﺗﺎﻣﺔ ﻋﻠﯾﮫ ،واﻟﺷﻲء اﻷﺻﯾل ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣزﯾف.ﻟﻛن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ
واﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻟم ﺗﻌد ﺗﻌﻧﻲ ﻣﺎ ﯾطﺎﺑق اﻟواﻗﻊ ﺑل ﺻﺎر ھذا اﻟﺗﻌرﯾف ﻏﺎﻣﺿﺎ وﺑدأ اﻟﺗرﻛﯾز ﻓﻲ ﺗﻌرﯾف اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﮫ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺣﻛم)اﻟﻔﻛر( واﻟﻠﻐﺔ)اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ (ﻓﺣﯾث ﻻ ﺗوﺟد ﻟﻐﺔ ﻻ ﺗوﺟد ﺣﻘﺎﺋق.
دﻻﻟﺔ ﻣﻔﮭوم اﻟرأي :L’opinion
ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﯾدل ﻟﻔظ اﻟرأي ﻋﻠﻰ اﻧطﺑﺎع ﺷﺧﺻﻲ ﯾﻛوﻧﮫ اﻟﻔرد ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إدراﻛﮫ اﻟﺣﺳﻲ اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟم،
وﻣن ﺗم ﻓﮭو ﯾﻌﻛس اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ واﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس .وﻗد أﺷﺎر أﺑو اﻟوﻟﯾد اﺑن رﺷد إﻟﻰ ﻟﻔظ "اﻟرأي" وﻋرﻓﮫ
ﺑﻛوﻧﮫ ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﻘﯾﺎس ﻋﻧد اﻟﺟﻣﮭور )ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻧﺎس( ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻋﻧد ﻻﻻﻧد ﻓﺎﻟرأي ﺣﺎﻟﺔ ذھﻧﯾﺔ
ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺻﺣﺔ ﻗول ﻣﺎ ،ﻟﻛن ﻣﻊ اﻟﻘﺑول ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺧطﺄ أﺛﻧﺎء ﺣﻛﻣﻧﺎ ھذا.
52
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺑﺧﻼف ھذا اﻟﺗﺻور اﻟذي ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أھﻣﯾﺔ اﻟرأي ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻧﺟد اﻟﻣوﻗف اﻷﻓﻼطوﻧﻲ اﻟذي اﺣﺗﻘر
اﻟرأي وﺟﻌﻠﮫ ﻧﻘﯾﺿﺎ ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ وﻣﻧﻔﺻﻼ ﻋﻧﮭﺎ ،إن اﻟرأي ﺣﺳب أﻓﻼطون ھو ﻣﺟرد ﻣﻌرﻓﺔ ظﻧﯾﺔ وﻣﺗﻐﯾرة وﯾرادف
اﻟوھم ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ اﻟﻣﺛﺎل اﻟذي ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻌوام ﻣن اﻟﻧﺎس ﺑﻠوﻏﮫ ﺑل اﻟﻔﯾﻠﺳوف ھو اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ذﻟك ،وﯾﺑدوا
ذﻟك واﺿﺣﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻣﯾﯾزه ﺑﯾن ﻋﺎﻟم اﻟﻣﺛل وﻋﺎﻟم اﻟﺣس ﻓﻲ أﺳطورة اﻟﻛﮭف ،ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺣﺳﻲ ﻻ ﺗوﺟد ﺣﻘﺎﺋق
ﺑل ﻛل ﻣﺎ ﯾراه اﻟﺳﺟﻧﺎء /اﻷﻓراد اﻟﻣﻘﯾدﯾن ﺑﺎﻟﻌﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد واﻟﺗﻣﺛﻼت اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ھو ﻣﺟرد وھم وظﻧون وظﻼل
ﻟﻠﺣﻘﺎﺋق اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ واﻟﺧﺎﻟدة ھذه اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻣﺗﻐﯾرة واﻟظﻧون ﺳﻣﺎھﺎ أﻓﻼطون DOXAأﻣﺎ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺧﺎﻟدة واﻟﺛﺎﺑﺗﺔ واﻟﯾﻘﯾﻧﯾﺔ
ﻓﺳﻣﺎھﺎ ﺑﺎل EIDOSﻟذﻟك ﻓﺎﻟرأي ھو ﻧﻘﯾض ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ وﻻ ﯾﻣﻛّﻧﻧﺎ ﻣن ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻌﻠم اﻟرﯾﺎﺿﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﯾﻘﯾن
واﻟﻣطﻠق.ﻟذﻟك ﯾﺟب اﻟﺗﺧﻠﻲ اﻟﻣطﻠق ﻋن اﻟﻌﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد واﻵراء اﻟﺷﺎﺋﻌﺔ .
اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
ﻟﻘد أدى ﺗطور ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻟﻌﻠم إﻟﻰ ﺗطور ﺗﺻورﻧﺎ ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻓﻣﻊ اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻔرﻧﺳﻲ روﻧﯾﮫ دﯾﻛﺎرت ﻟم
ﺗﻌد اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺿد اﻟرأي أو ﻧﻘﯾﺿﺎ ﻟﮫ ﻓﻘط ،ﺑل ھﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻗطﯾﻌﺔ إﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ la rupture
épistémologiqueﻣﻊ اﻟرأي ،ﻟذﻟك ﻧﺟده ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﺗﺄﻣﻼت ﻣﯾﺗﺎﻓزﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻷوﻟﻰ" ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة
اﻻﺣﺗراز ﻣن اﻟﻣﻌﺎرف واﻵراء اﻟﺧﺎطﺋﺔ ،ﺑل ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﺳﻠﺢ ﺑﺎﻟﺷك اﻟﻣﻧﮭﺟﻲ اﻟذي ﯾﻛون ﻣؤﻗﺗﺎ وﻣوﺟﮭﺎ ﺿد ﻛل
اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺛﺑت ﯾﻘﯾﻧﯾﺗﮭﺎ وﺻﺣﺗﮭﺎ ،ﻟذﻟك ﯾﺣذرﻧﺎ دﯾﻛﺎرت ﻣن اﻹﺳﺗﻛﺎﻧﺔ إﻟﻰ اﻟﺣوا س واﻵراء واﻟﺗﺧﯾﻼت ﻷﻧﮭﺎ
ﻋﺎﺋق أﻣﺎم اﻟذات ﻓﻲ ﺑﻠوغ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،وھو ﻣﺎ ﺳﺎھم ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺳﺳت ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺗﻌﺎرض ﻣطﻠق
53
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻊ اﻟرأي ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻟﻌﻠم اﻟﺣدﯾث ،ﻓﺎﻟرأي ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ أﺣﻛﺎم ﻣﺳﺑﻘﺔ Préjugéوﻗﺑﻠﯾﺔ وﺟب اﻟﻘطﻊ ﻣﻌﮭﺎ ﻟﻛﻲ ﻻ ﻧﺳﻘط
ﻓﻲ اﻟذاﺗﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾرى ﻏﺎﺳﺗون ﺑﺎﺷﻼر ،ﻓﺑﺎدئ اﻟرأي أو اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻣﯾﮭﺎ ﺗﺷﻛل ﻋﺎﺋﻘﺎ أﻣﺎم اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ،
ﻓﺑﺎدئ اﻟرأي ﯾﻔﻛر ﺗﻔﻛﯾرا ﺳﯾﺋﺎ ﺣﺳب ﺑﺎﺷﻼر ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻧظر ﻟﻸﻣور إﻻ ﻣن ﺟﺎﻧﺑﮭﺎ اﻟﻧﻔﻌﻲ اﻟﺧﺎﻟص ،ﻟذﻟك ﺗﻛون
ﻣﻌﺎرﻓﮫ ﻓﻲ أﻏﻠﺑﮭﺎ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗراﻛم ﻣن اﻷﺧطﺎء وﻣن اﻷوھﺎم واﻟﻧﻘﺎﺋص ﻟذﻟك وﺟب اﻟﺗﺧﻠص ﻣن اﻟرأي ،ﻓﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ھﻲ ﺑﻧﺎء ﻣﻧﮭﺟﻲ ﯾﺗم ﻓﻲ ﺣوار ﻣﺳﺗﻣر وﺟدﻟﻲ ﺑﯾن اﻟﻔﻛر واﻟواﻗﻊ أﻣﺎ اﻟرأي ﻓﮭو ﻣﺟرد ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻌطﺎة ﺑﺷﻛل
ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ وﻓﻲ ﻧﻘده ﻟﮭذا اﻟﻧﻣط ﻣن اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟرأي ﯾﻘول ﻏﺎﺳﺗون ﺑﺎﺷﻼر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﺗﻛون اﻟﻔﻛر
اﻟﻌﻠﻣﻲ"":وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻔﻛر اﻟﻌﻠﻣﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻛل ﻣﻌرﻓﺔ ﺟواﺑﺎ ﻋن ﺳؤال .وإن ﻟم ﯾﻛن ﺛﻣﺔ ﺳؤال ،ﻓﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻣﻛن ﻗﯾﺎم
أﯾﺔ ﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ.ﻻﺷﻲء ﯾﺣدث ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ،ﻻﺷﻲء ﯾﻌطﻰ ،ﻛل ﺷﻲء ﯾﺑﻧﻰ" ،وھﻛذا أﺻﺑﺣت اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﻌﻠﻣﻲ
ﻣﺧﺗﻠف ﺗﻣﺎم اﻹﺧﺗﻼف ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺻوﻓﯾﺔ أو اﻟدﯾﻧﯾﺔ أو اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ ﺑل ھﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﺑﻧﻰ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘطﯾﻌﺔ ﻣﻊ اﻟﺧطﺄ
واﻟرأي واﻟوھم.
54
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
ﯾﺣﯾل ﻣﻔﮭوم اﻟﻣﻌﯾﺎر ﻋﻠﻰ اﻷداة اﻟﺗﻲ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻧﻘﯾم اﻟﺷﻲء وﻧﻘﯾس وزﻧﮫ وﻛﻣﯾﺗﮫ وﺣﺟﻣﮫ وﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻓﺎﻟﻣﻌﯾﺎر ھو اﻟﻣﻘﯾﺎس اﻟذي ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ﻧﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﺎ ،وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﻓﺈن اﻹﺷﻛﺎل ھﻧﺎ ھو اﻟﻣﻘﯾﺎس اﻟذي ﻣن
ﺧﻼﻟﮫ ﻧﺗﻣﻛن ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ ھو ﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻟﻛن إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟرأي وﻟﯾﺳت ﻓﻲ ﻣﺗﻧﺎول ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻧﺎس ﻛﻣﺎ
ذھب إﻟﻰ ذﻟك أﻓﻼطون ﻓﻲ أﺳطورة اﻟﻛﮭف اﻟذي ﺟﻌﻠﮭﺎ ﺣﻛرا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم واﻟﻔﯾﻠﺳوف ،ﻓﻛﯾف ﻧﺳﺗطﯾﻊ ﺑﻠوغ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
وﺗﺄﺳﯾﺳﮭﺎ؟ وﻣﺎ ھو اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟذي ﻧﺳﺗطﯾﻊ ﻣن ﺧﻼﻟﮫ اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ أن ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ ھﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ؟ھل ﻣﻌﯾﺎر
اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ أم ﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﻘل أم ﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟذاﺗﮭﺎ؟
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺣﻠﯾل
ﻟﻘد اﺧﺗﻠف اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وﻣﺻدرھﺎ ،وذﻟك راﺟﻊ إﻟﻰ اﺧﺗﻼف ﻣﺟﺎﻻﺗﮭﺎ وﻣوﺿوﻋﺎﺗﮭﺎ،
ﻓدﯾﻛﺎرت ﻣﺛﻼ ﯾﻌﺗﺑر أن ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھو"اﻟﺣدس "Intuitionو"اﻻﺳﺗﻧﺑﺎط " Déductionوﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺣدس
اﻹدراك اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟﺑﺳﯾط واﻟﻣﺑﺎﺷر ﻟﻸﺷﯾﺎء ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺗﺻورا ﺑﺳﯾطﺎ وﻣﺗﻣﯾزا ﻻ ﯾﺑﻘﻰ ﻣﻌﮫ أي أدﻧﻰ ﺷك ﻓﯾﻣﺎ ﻧدرﻛﮫ ﻣن
ﺣﻘﺎﺋق ،وھذا اﻟﺗﺻور اﻟﺑﺳﯾط ﺻﺎدر ﻋن ذھن ﺧﺎﻟص وﯾﻘض ،أي ﻋن ﻧور اﻟﻌﻘل وﺣده ،ﻟﻛن اﻟﺣدس ﺣﺳب دﯾﻛﺎرت
وﺣده ﻏﯾر ﻛﺎف ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻣﺻﺣوﺑﺎ ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻻﺳﺗﻧﺑﺎط اﻟذي ﯾﻘﺻد ﺑﮫ ﻣﺻدر ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر
ﻹدراك اﻟﺣﻘﺎﺋق ،ﻟﻛﻧﮫ ﻟﯾس أﻗل أھﻣﯾﺔ ﻣن اﻟﺣدس ،ﻷﻧﮫ ﯾﻘود ﺑدوره إﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋق أوﻟﻰ أو ﺑدﯾﮭﯾﺎت ،أي ﻛل ﻣﺎ ﯾﻣﻛن
اﺳﺗﻧﺑﺎطﮫ ﻣن أﺷﯾﺎء أﺧرى ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻣن ﻗﺑل ﺑﻧوع ﻣن اﻟﯾﻘﯾن ،ﻓﺎﻟﺣدس ﻧﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺑﺳﯾطﺔ أﻣﺎ
اﻻﺳﺗﻧﺑﺎط ﻓﯾﻔﯾدﻧﺎ ﺣﺳب دﯾﻛﺎرت ﻓﻲ اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣرﻛﺑﺔ واﻻﺳﺗدﻻﻟﯾﺔ ،أﻣﺎ ﻣﻌﯾﺎر ﺻدق ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
ﻓﯾﻛﻣن ﻓﻲ وﺿوح وﺑداھﺔ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺑﺳﯾطﺔ وﻓﻲ اﻧﺳﺟﺎم وﺗﻣﺎﺳك اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣرﻛﺑﺔ .ﻟﻛن ﺑﺣﻛم اﻟﻌﺎﻟم ﺗﺗﻌدد ﻓﯾﮫ
اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺻطدم ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻌﻘل ﻓﺈﻧﮫ وﺟب اﺳﺗﺧدام ﻣﻧﮭﺞ ﺻﺎرم ﻣن أﺟل ﺑﻠوغ ﺣﻘﯾﻘﺔ ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ،ﻓﻌﻧدﻣﺎ
ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﻣﻌﺎرف وﻗﺿﺎﯾﺎ ﺳﮭﻠﺔ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﺧﺿﻌﮭﺎ اﻟﻌﻘل ﻟﻠﻔﺣص ﺑواﺳطﺔ آﻟﯾﺎﺗﮫ ﻟﯾﺗﻌرف ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﺣﻘﯾﻘﺔ أم
ﺧﺎطﺋﺔ ،أﻣﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻣرﻛﺑﺔ ﻓﻼﺑد ﻣن ﺗﻔﻛﯾﻛﮭﺎ أوﻻ إﻟﻰ أﺟزاﺋﮭﺎ اﻟﺑﺳﯾطﺔ ،ﺛم ﺗﺟﻣﯾﻌﮭﺎ ﺛم ﺑﻧﺎﺋﮭﺎ
ﻓﻲ ﻧﺳق واﺣد ﺛم اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻣراﺟﻌﺗﮭﺎ ﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻟﻠﻧﺳﯾﺎن أو اﻟﺧطﺄ دون إﻏﻔﺎل أﺣد ﻋﻧﺎﺻرھﺎ ﻟذﻟك ﻧﺟد دﯾﻛﺎرت ﻣﮭﺗم
ﺑﺗﺄﺳﯾس اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻧﮭﺟﯾﺔ ﻟﻘﯾﺎدة اﻟﻌﻘل ﻧﺣو اﻛﺗﺷﺎف اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،وﯾﻌﻧﻲ دﯾﻛﺎرت ﺑﺎﻟﻣﻧﮭﺞ ":ﻗواﻋد ،وﺛﯾﻘﺔ ﺳﮭﻠﺔ ﺗﻣﻧﻊ ﻣراﻋﺎﺗﮭﺎ اﻟدﻗﯾﻘﺔ ﻣن
أﺟل أن ﯾؤﺧذ اﻟﺑﺎطل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺣق ،وﺗﺑﻠﻎ ﺑﺎﻟﻧﻔس إﻟﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ﺑﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ إدراﻛﮭﺎ" وھذه اﻟﻘواﻋد ھﻲ:
ﻗﺎﻋدة اﻟﺑداھﺔ :وﺗﺗطﻠب أﻻ أﻗﺑل إﻻ ﻣﺎ ھو ﺑدﯾﮭﻲ .وﻣﺎ ھو ﺑدﯾﮭﻲ ھو اﻟﺣدس اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻔﻛرة واﺿﺣﺔ .1
وﻣﺗﻣﯾزة .وھﻲ ﺗﻛون واﺿﺣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ أدرك ﺟﻣﯾﻊ ﻋﻧﺎﺻرھﺎ ،وﻣﺗﻣﯾزة ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ أﺧﻠطﮭﺎ ﻣﻊ أي ﻓﻛرة أﺧرى ﻏﯾرھﺎ،
وﯾﻧﺗﺞ ﻋن ھذه اﻟﻘﺎﻋدة أن اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺑدﯾﮭﯾﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﺷك .وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾﻘول دﯾﻛﺎرت" ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛل إﻧﺳﺎن أن ﯾرى
ﺑﺎﻟﺑداھﺔ أﻧﮫ ﻣوﺟود وأﻧﮫ ﯾﻔﻛر ،وأن اﻟﻣﺛﻠث ﻣﺣدود ﺑﺛﻼث ﺧطوط ،وأﻧﮫ ﻟﯾس ﻟﻠﻛرة إﻻ ﺳطﺣﺎ واﺣدا ،وﻏﯾر ذﻟك ﻣن
اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﮭﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ أﻛﺛر ﻋددا ﻣﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘد ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة" "وﺗﺧﺗص اﻟﺑداھﺔ ﺑﺎدراك اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺑﺳﯾطﺔ ،واﻟﺑﺳﯾط
ﻋﻧد دﯾﻛﺎرت ﻣﺎ ﻟﯾس ﻟﮫ أﺟزاء ﻓﺈﻣﺎ أن ﯾﻌرف ﻛﻠﮫ أو ﯾﺟﮭل ﻛﻠﮫ ،وﻋﻠﻰ ذﻟك ﺗﻛون اﻟﺑداھﺔ ھﻲ اﻟﻌﻣل اﻟذي ﺑﮫ ﻧﻌرف
اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷوﻟﻰ" وﯾﻌرﻓﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎم آﺧر ﺑﻘﺎﻋدة اﻟﯾﻘﯾن وﯾﻘول ﻓﯾﮭﺎ" أﻻ أﻗﺑل ﺷﯾﺋﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺣق ،ﻣﺎ ﻟم أﻋرف ﯾﻘﯾﻧﺎ أﻧﮫ
ﻛذﻟك :ﺑﻣﻌﻧﻰ أن أﺗﺟﻧب ﺑﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﺗﮭور ،واﻟﺳﺑق إﻟﻰ اﻟﺣﻛم ﻗﺑل اﻟﻧظر ،وأﻻ أدﺧل ﻓﻲ أﺣﻛﺎﻣﻲ إﻻ ﻣﺎ ﯾﺗﻣﺛل أﻣﺎم ﻋﻘﻠﻲ
ﻓﻲ ﺟﻼء وﺗﻣﯾز ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻛون ﻟدي أي ﻣﺟﺎل ﻟوﺿﻌﮫ ﻣوﺿﻊ ﺷك".
.1ﻗﺎﻋدة اﻟﺗﺣﻠﯾل :وﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﺻﻌوﺑﺎت وإرﺟﺎع ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣﻌﻘدة إﻟﻰ ﻋﻧﺎﺻرھﺎ اﻟﺑﺳﯾطﺔ اﻟﻣرﻛﺑﺔ ﻟﮭﺎ .وﻓﻲ ھذه
اﻟﻘﺎﻋدة ﯾﻘول دﯾﻛﺎرت"ﯾﻧﺣﺻر اﻟﻣﻧﮭﺞ ﺑﺄﺟﻣﻌﮫ ﻓﻲ أن ﻧرﺗب وﻧﻧظم اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺗوﺟﯾﮫ اﻟﻌﻘل إﻟﯾﮭﺎ ﻻﺳﺗﻛﺷﺎف ﺑﻌض
اﻟﺣﻘﺎﺋق .وﻧﺣن ﻧﺗﺑﻊ ھذا اﻟﻣﻧﮭﺞ ﺧطوة ﺧطوة ،إذا ﺣوّ ﻟﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗدرﯾﺞ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻐﺎﻣﺿﺔ اﻟﻣﺑﮭﻣﺔ إﻟﻰ ﻗﺿﺎﯾﺎ أﺑﺳط ،وإذا ﺑدأﻧﺎ
ﻣن اﻹدراك اﻟﺑدﯾﮭﻲ ﻷﺑﺳط اﻷﺷﯾﺎء ex ominum simplicissima rum intuituﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺟﺗﮭد أن ﻧرﻗﻰ ﺑﻧﻔس
اﻟدرﺟﺎت إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﺳﺎﺋر اﻷﺷﯾﺎء".
55
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
.2ﻗﺎﻋدة اﻟﺗرﻛﯾب :وھﻲ أن أﻗود أﻓﻛﺎري اﺑﺗداء ﻣن اﻷﺳﮭل واﻷﺑﺳط ﻣرﺗﻔﻌﺎ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻷﻓﻛﺎر اﻷﻛﺛر ﺗﻌﻘﯾدا وﺻﻌوﺑﺔ
وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول دﯾﻛﺎرت" أن أﺳﯾر أﻓﻛﺎري ﺑﻧظﺎم ،ﺑﺎدﺋﺎ ﺑﺄﺑﺳط اﻷﻣور وأﺳﮭﻠﮭﺎ ﻣﻌرﻓﺔ ﻛﻲ أﺗدرج ﻗﻠﯾﻼ ﺣﺗﻰ أﺻل إﻟﻰ
ﻣﻌرﻓﺔ أﻛﺛرھﺎ ﺗرﻛﯾﺑﺎ ،ﺑل وأن أﻓرض ﺗرﺗﯾﺑﺎ ﺑﯾن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺳﺑق ﺑﻌﺿﮭﺎ اﻵﺧر ﺑﺎﻟطﺑﻊ" وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﺷﺑﮫ دﯾﻛﺎرت
ﻣن ﻻ ﯾﺗﺑﻊ ھذه اﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻲ اﻟﻌﻠم وﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة "ﺑﺎﻟرﺟل اﻟذي ﯾرﯾد أن ﯾرﻗﻰ ﻣﻧزﻻ ﻣن أﺳﻔﻠﮫ إﻟﻰ أﻋﻼه ﻓﯾﺣﺎول أن ﯾﺛب وﺛﺑﺔ
واﺣدة ،ﺿﺎرﺑﺎ اﻟﺻﻔﺢ ﻋن اﻟﺳﻠ ّ م اﻟﻣﺟﻌول ﻟﮭذه اﻟﻐﺎﯾﺔ ،أو ﻏﯾر ﻣﺑﺻر إﯾﺎه".
.3ﻗﺎﻋدة اﻟﻣراﺟﻌﺔ :وﺗﻘوم ﻋﻠﻰ إﺣﺻﺎء ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ ﻗﻣت ﺑﮫ ،ﻓﺄراﺟﻌﮫ ﺣﺗﻰ أوﻗن أﻧﻲ ﻟم أﺗرك ﺷﯾﺋﺎ إﻻ وأﺧﺿﻌﺗﮫ
ﻟﻠﺗﻣﺣﯾص .وﺗﺳﻣﻰ أﯾﺿﺎ ﺑﻘﺎﻋدة )اﻻﺳﺗﻘراء اﻟﺗﺎم أو اﻹﺣﺻﺎء أو اﻟﺗﺣﻘﯾق( ،وھو ﯾﻌرﺿﮭﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﻣوﺟزة":أن أﻋﻣل
ﻓﻲ ﻛل اﻷﺣوال ﻣن اﻹﺣﺻﺎءات اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ واﻟﻣراﺟﻌﺎت اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺔ ﻣن أﻧﻲ ﻟم أﻏﻔل ﺷﯾﺋﺎ".
إن إﺗﺑﺎع ھذه اﻟﻘواﻋد ،ﻗﺎد دﯾﻛﺎرت إﻟﻰ اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﺣرص ﻋﻠﻰ اﻟﯾﻘﯾن ،وإﻟﻰ اﻟوﻋﻲ ﺑﺿرورة اﻟﺷك وﻟو ﻣرة ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ ﻓﻲ
ﻣﺟﻣوع ﻣﻌﺎرﻓﮫ ،وﻗد ﻛﺎﻧت ﺗﺄﻣﻼﺗﮫ اﻟﺗﻲ وﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﺗﺄﻣﻼت اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ" ﺗﻣﺛل ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺟذرﯾﺔ ﻟﻣراﺟﻌﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻌﺎرف ،ﻟﻘد
ﻛﺎن اﻟﺷك اﻟﻣﻧﮭﺟﻲ اﻟﺟدري ،ھو وﺳﯾﻠﺔ دﯾﻛﺎرت ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ اﻟﺑداھﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺑداھﺎت اﻷﺧرى:ﺑداھﺔ
اﻟﻛوﺟﯾطو ،إن ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻛوﺟﯾطو"أﻧﺎ أﻓﻛر إذن أﻧﺎ ﻣوﺟود" اﻟﺗﻲ ﺗﻔﯾد أن ﺣﻘﯾﻘﺔ ھذه اﻟﻌﺑﺎرة ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺷك ﻓﯾﮭﺎ .ﻓﺎﻟﺗﻔﻛﯾر ،أي اﻟﺷك
واﻟﺗﺧﯾل وﻏﯾرھﻣﺎ ﻣن اﻷﻧﺷطﺔ اﻟذھﻧﯾﺔ ،ﺗؤﻛد أن ﻣن ﯾﻔﻛر ﯾوﺟد وﺟودا ﻻﺷك ﻓﯾﮫ .وھذا اﻟﯾﻘﯾن ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋن اﺳﺗدﻻل ﺑل ﻋن ﺣدس
ﻋﻘﻠﻲ ﻻ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺳم وﺣواﺳﮫ وﻻ ﻋن اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟدى اﻟذات .وھﻛذا ﻓﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﻌﯾﺎرھﺎ ھو اﻟوﺿوح واﻟﺑداھﺔ.
إذا ﻛﺎن دﯾﻛﺎرت أن ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھو اﻟﺑداھﺔ واﻟوﺿوح اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻠزم وﺟود ﻗواﻋد وﻣﻧﮭﺞ ﺻﺎرم ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺟد
داﻓﯾد ھﯾوم ﯾرى ﺑﺄن ھﻧﺎك اﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻣﻌﺎﯾﯾر وﺻدق أو ﻛذب اﻟﻣﻌرﻓﺗﯾن اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ،ﺣﯾث ﯾﻘوم ﺻدق
اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗواﻓق اﻟﻔﻛر ﻣﻊ ﻣوﺿوﻋﮫ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾﺗوﻗف ﺻدق اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗطﺎﺑﻘﮭﺎ ﻣﻊ
اﻟواﻗﻊ اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،وﯾﻣﻛن إرﺟﺎع ھذا اﻟﺗﻣﺎﯾز إﻟﻰ أن اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺟﺎم اﻟذي ﯾﻛوﻧﮫ اﻟﻌﻘل ﺑﯾن
ﺷﻛل اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟﺗﺻور اﻟﻘﺑﻠﻲ ﻟدﯾﮫ ﻋﻧﮭﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﺗﺳﺗدﻋﻲ اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﺿرورة اﻟﺑﺣث ﻋن
ﻣﺎ ﯾطﺎﺑﻘﮭﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻣن أﺟل اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺻدﻗﮭﺎ وﺧطﺋﮭﺎ ،وھﻛذا ﺣﺳب ھﯾوم ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﺣدث ﻋن ﻣﻌﯾﺎر واﺣد
ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻓﺗﻌﺎﻣل اﻟﻌﻘل ﻣﻊ ﻣﻌﺎرف ﻣﺗﻌددة وﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﺑﺣث ﻋن ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗؤﻛد ﺻدﻗﮭﺎ ،وھو ﻣﺎ
أﻛد ﻋﻠﯾﮫ ھﯾوم ﺣﯾن أﻗر أن اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﯾﻛون ﻣﻌﯾﺎرھﺎ ﺗطﺎﺑﻘﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﺗﺻورات اﻟذھﻧﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻟدﯾﻧﺎ ﻋﻧﮭﺎ ،أﻣﺎ
اﻟﻣﻌﺎرف اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﻓﻣﻌﯾﺎر ﺻدﻗﮭﺎ ﻣﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﺗطﺎﺑﻘﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺣﺳﻲ وإذا ﻟم ﺗﺗطﺎﺑق ﻣﻌﮫ اﻋﺗﺑرت ﺧﺎطﺋﺔ.
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻣﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾﻠﻧﺎ ﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ھو أن اﻹﻧﺗﻘﺎل ﻣن ﺑرادﯾﻐم ﻓﻠﺳﻔﻲ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ إﻟﻰ
ﺑرادﯾﻐم ﻓﻠﺳﻔﻲ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻹﺧﺗﻼف واﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ،ﺟﻌل ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﯾس واﺣدا وﻣطﻠﻘﺎ ،ﺑل ﺗﺗﻌدد اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر ﺑﺗﻌدد
اﻟﺣﻘﺎﺋق ،ﻓﻣﺛﻼ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺻوﻓﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﻘد ﺑﮭﺎ اﻟﺻوﻓﻲ أو اﻟﻌﺎرف أو اﻟﻣﺗﺷوق
ھو اﻟﺗطﺎﺑق اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻷن ﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘد ﺑﮫ ﯾﺧﺻﮫ ھو وﻣن ﯾﺷﺎرﻛوﻧﮫ ذات اﻹﻋﺗﻘﺎد ،وﺳواء رأﯾﻧﺎ ﻓﯾﮫ ﻧﺣن وھﻣﺎ أو
ﻣﺟرد اﺳﺗﯾﮭﺎﻣﺎت ﻓﺈﻧﮫ ﯾظل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺻﺎﺣﺑﮫ ﺣﻘﯾﻘﻲ أﻣﺎ اﻹﺗﺟﺎه اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ واﻟوﺿﻌﻲ اﻟﻣﻧطﻘﻲ ﻓﺈن ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺗﺣﻘق
اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ واﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ ھو اﻟدﻟﯾل واﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟذي ﯾﻘﯾﺳون ﺑﮫ ﺻدق وﺣﻘﯾﻘﺔ أي ﻣﻌرﻓﺔ ،واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن
اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﻧوﺟد أﻣﺎھﺎ وﻧﺣن ﻧﺗﺣدث ﻋن ﺗﻌدد ﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﯾﺑﻘﻰ اﻹﺷﻛﺎل اﻟﻣطروح ھو ﻟﻣﺎذا ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻧﺎس
ﯾطﺎﻟﺑون وﯾﺳﻌون وراء اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ھل ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻔﯾدة وﻧﺎﻓﻌﺔ أم ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺣﻣل ﻗﯾﻣﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ ﻣﺎ؟.
56
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻧﻌﺛر ﻓﻲ ﻗﻠب ﻛل اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﺳواء اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ أو اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﺻرة
ﺣﺿورا واﺿﺣﺎ ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ وﻟﻠﺑﺣث ﻋﻧﮭﺎ ،وﻛﺄن ﻟﮭذه اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﮭﺎ،ﻓﺎﻟﻣواطن ﯾطﺎﻟب اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ،
ورﺟل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﯾؤﻛد ﻟﻠﻣواطن أﻧﮫ ﯾﻘول اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﺧﻼف ﻏﯾره ،ﻓﻼﺷﻲء ﻧﺗداوﻟﮫ أو ﻧﺗﺣدث ﻓﯾﮫ أو ﻧؤﺳﺳﮫ ﺳواء ﻛﺎن
ﻋﻠﻣﺎ أو ﻓﻠﺳﻔﺔ وإﻻ و ﻛﺎن ادﻋﺎﺋﻧﺎ ھو اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻧظرا ﻟﻛوﻧﮭﺎ ﺗﻣﺛل ﻣﺎ ﯾرﯾده اﻟﻧﺎس ،وﯾﺗﺧذوﻧﮭﺎ ﻣﺛﻼ أﻋﻠﻰ
وﻧﻣوذﺟﺎ ﯾﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﺻﯾﻠﮫ ﻛل ﻓﻛر ﺳواء ﻛﺎن ﻧظرﯾﺎ أو ﻋﻣﻠﯾﺎ ،ﻓﮭل اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ أم ﻣﺟرد وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق
اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ؟ وھل ﺗﺗﺣدد ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﻣﺎ ھو أﺧﻼﻗﻲ أم ﺑﻣﺎ ھو ﻋﻣﻠﻲ وﻧﻔﻌﻲ؟.
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺣﻠﯾل
ﺑﺻدد اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن ذات اﻹﺷﻛﺎل اﻟﻣطروح ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﺗﺻور اﻟﺑرﻏﻣﺎﺗﻲ اﻟذي ﺗﺄﺳس ﻣﻊ وﻟﯾﺎم
ﺟﯾﻣس واﻟذي ﻧظر ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣن ﺣﯾث ﻣﻧﻔﻌﺗﮭﺎ ،وھﻛذا ﻧرى وﻟﯾﺎم ﺟﯾﻣس أن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﯾﺳت ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ﺑل
ھﻲ ﻣﺟرد وﺳﯾﻠﺔ ﯾﺗم ﺗﺳﺧﯾرھﺎ ﻷﺟل ﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺎت وﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣﺎدﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﺣﺳب ﺟﯾﻣس ھو اﻟواﻗﻌﻲ
واﻟﻣﻔﯾد ،ﻓﺎﻟﺷﻲء ﯾﻛون ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ،إذا وﻓﻘط إذا ﻛﺎن ﻣطﺎﺑﻘﺎ ﻟﻠواﻗﻊ وﻣﻔﯾدا ،ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻻﻧﺳﺟﺎم اﻟداﺧﻠﻲ ﻟﯾس
ﺿرورﯾﺎ وﻛﺎﻓﯾﺎ ﻟﻛﻲ ﯾﻛون اﻟﺷﻲء ﺣﻘﯾﻘﻲ ﺑل إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ذﻟك ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﻣﺣﻘﻘﺎ ﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﺎدﯾﺔ ،ﻷن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
ﺣﺳب ﺟﯾﻣس ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﻣردودﯾﺔ واﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ وھذا دﻟﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺻور اﻟوظﯾﻔﻲ ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﻊ وﻟﯾﺎم ﺟﯾﻣس وﻓﻲ
ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول"إن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻧﻌﺗﺑرھﺎ ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻟﮭﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻘول ﻟﻧﺎ أي ﻧوع ﻣن اﻟوﻗﺎﺋﻊ
ﻧﺎﻓﻊ ﻟﻧﺎ وأﯾﺿﺎ ﺿﺎر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾﻧﺎ ...ھﻧﺎ ﯾظﮭر أن اﻣﺗﻼك اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻋوض أن ﯾﻛون ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮫ ،ﯾﺻﺑﺢ
وﺳﯾﻠﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﯾﺗوﺻل ﺑﮭﺎ إﻟﻰ إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎت ﺣﯾوﯾﺔ".
إذا ﻛﺎن وﻟﯾﺎم ﺟﯾﻣس ﯾرى أن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗطﻠب ﻣن طرف اﻟﻧﺎس ﻧظرا ﻟﻛوﻧﮭﺎ ﻣﻔﯾدة وﻧﺎﻓﻌﺔ ﻓﺈن ﺳورﯾن
ﻛﯾرﻛﻐﺎر ﯾرى أن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ،وﯾﻌطﻲ ﻣﺛﺎل ﺑﺎﻟﻔﯾﻠﺳوف ﺳﻘراط اﻟذي ﻛﺎن ﻣداﻓﻌﺎ ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
ﺑوﺻﻔﮭﺎ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ،وﻣﺎت ﺷﮭﯾدا ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺻراع اﻟذي ﺧﺎﺿﮫ ﺿد اﻟﺳﻔﺳطﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺣرﻛﺔ
ﺗﺗﻼﻋب ﺑﺎﻷﻟﻔﺎظ وﺗﻌﻠم ﻣﻘﺎﺑل أﺟر ،ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إﺛﺑﺎت اﻟﻘﺿﯾﺔ وإﺛﺑﺎت ﻧﻘﯾﺿﮭﺎ ﻣﺎداﻣت ﺗﺗﻘن اﻟﺟدل،
ﻓﺣﻣل ﺳﻘراط ﻟواء اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣن أﺟل اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻛﻣن ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﮭﺎ اﻷﺧﻼﻗﻲ ،ﻟذﻟك ﻛﻧﺎ ﻧﺟده ﻣﻧﺷﻐﻼ
ﺑﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻔﺎھﯾم ﻷن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺣﺳب ﺳﻘراط ھﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ﻓﺿﯾﻠﺔ ﯾﻧﺷدھﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻟذاﺗﮭﺎ وﻟﯾس ﻟﻠذة أو اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻘﻘﮭﺎ وﻣن أﺟل ﺑﻠوﻏﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣرء أن ﯾﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺟﮭل وأن ﯾﺗﺳﻠﺢ ﺑﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ.
ﺿدا ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﺗﺻورات اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ أو اﻟﻧﻔﻌﯾﺔ ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ﯾرﺑط ﻓرﯾدﯾرﯾك ﻧﺗﺷﮫ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﺎﻟﻘوة واﻟﺳﻠطﺔ وﻗد
ﻋﺎﻟﺞ ﻧﺗﺷﮫ ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ أﻓول اﻷﺻﻧﺎم ﺣﯾث أﻋﻠن ﻋن ﻣوت اﻹﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،واﻟذي
ﺟﺎء ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﻧﻘد اﻟﻘﯾم واﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت ذات طﺎﺑﻊ ﻓﻠﺳﻔﻲ أو ﻻھوﺗﻲ .وﻟذﻟك ﻓﺎﻹﻋﻼن ﻋن ﻣوت
اﻹﻟﮫ ﯾدل ﻋﻠﯾﮫ ﻛﺗﺎب ﻟﻧﯾﺗﺷﮫ ﯾﻌﻠن ﻓﯾﮫ ﻋن ”أﻓول اﻷﺻﻧﺎم“ ،واﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻷﺻﻧﺎم واﻵﻟﮭﺔ ھﻧﺎ ھو اﻧﺗﻘﺎد اﻷﻓﻛﺎر
و اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدﻋﻲ أﻧﮭﺎ ﺻﺣﯾﺣﺔ وﻣطﻠﻘﺔ وﺧﺎﻟدة ،ﺣﯾث أﻋﻠن ﻧﯾﺗﺷﮫ أﻧﮭﺎ ﻣﺟرد أوھﺎم اﻋﺗﻘد اﻟﻧﺎس
ﻟزﻣن طوﯾل أﻧﮭﺎ ﺣﻘﺎﺋق.وﻟذﻟك ﻓﻧﯾﺗﺷﮫ ﯾﻣﺎرس ھﻧﺎ ﻣﻧﮭﺟﮫ اﻟﺟﯾﻧﯾﺎﻟوﺟﻲ ﻟﯾﻌود إﻟﻰ أﺻل اﻷﻓﻛﺎر وﯾﺑﯾن ﻣﻧﺷﺄھﺎ
57
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ،واﻟدواﻓﻊ اﻟﺗﻲ وﻗﻔت وراء إﻧﺗﺎﺟﮭﺎ وﺗﺷﺑث اﻟﻧﺎس ﺑﮭﺎ .وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق وﺿﺢ ﻧﯾﺗﺷﮫ ﻛﯾف أن اﻟﻧﺎس ﻻ
ﯾﺑﺗﻐون اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣن أﺟل ذاﺗﮭﺎ ﺑل ﯾطﻣﻌون ﻓﻲ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﻔﯾدة واﻟﻌواﻗب اﻟﺣﻣﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺞ ﻋﻧﮭﺎ .أﻓول اﻷﺻﻧﺎم
ﻋﻧد ﻧﺗﺷﮫ ھو أﻓول ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟواﺣدة وﻣﯾﻼد ﻟﻠﺗﺄوﯾل وﻛﺷف ﻋن اﻟرﻏﺑﺔ اﻟدﻓﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾطرة وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول
ﻧﺗﺷﮫ".إن أﻓول اﻷوﺛﺎن ﺑﺎﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻔﺻﯾﺢ ھو اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺑﺎﻟﯾﺔ وھﻲ ﺗﻘﺗرب ﻣن ﻧﮭﺎﯾﺗﮭﺎ''.
اﻟﺘﺮﻛﯿﺐ
إن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھﻲ ﻏﺎﯾﺔ ﻛل ﺧطﺎب ﻓﻠﺳﻔﻲ ﻟﻛن طﻠب اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ واﻟﺳﻌﻲ وراﺋﮭﺎ ﻻ ﯾﺗﺣدد داﺋﻣﺎ ﺑﺎﻟﻘﯾﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ
ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑل ﻗد ﯾﺣدد وﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻘوة واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدﻋﻣﮭﺎ ﺗﻠك اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻛﻣﺎ رأﯾﻧﺎ ﻣﻊ ﻧﺗﺷﮫ ،وﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻏﺎﯾﺔ
أﺧﻼﻗﯾﺔ أو ذات ﻗﯾﻣﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ﻟﻣﺎ ﻗﺗل ﻓﯾﺗﺎﻏورس ﺗﻠﻣﯾذه اﻟذي اﻛﺗﺷف اﻷﻋداد اﻟﺻﻣﺎء/اﻟﺟذرﯾﺔ ،ﻟﻘد ﻛﺎن ﺗﺎرﯾﺦ
اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺻراع ﺣول اﻟﺣﻘﺎﺋق ،واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺻر ﻟﯾس ﻟﻛوﻧﮭﺎ ﻋﻠﻣﯾﺔ وﻓﻘط ،ﺑل ﻟﻛوﻧﮭﺎ ﻣﻔﯾدة أﺣﯾﺎﻧﺎ ،ﻟﻘد
اﻛﺗﺷف أرﺳطﺎرﺧوس اﻟﯾوﻧﺎﻧﻲ ﻛروﯾﺔ اﻷرض وأﺛﺑﺗت اﻟﻔﯾﻠﺳوﻓﺔ ھﯾﺑﺎﺗﯾﺎ ذﻟك ﻓﻲ ﻣدرﺳﺔ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،ورﻏم ذﻟك ﺗم
ﻗﺗﻠﮭﺎ وﺳﺣﻠﮭﺎ ﺣﯾﺔ ﻷن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻛﺎﻧت ﺗﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻟﯾم أرﺳطو وﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﮫ اﻹﻧﺟﯾل وﻣﺎ ﯾﺧدم
ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ ،ﻟﻛن اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻌﺻر اﻟﻧﮭﺿﺔ ﺟﻌﻠت اﻟﻌﺎﻟم ﻣﻔﺗوﺣﺎ أﻣﺎم اﻟﻌﻘل واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
ﻛذﻟك ،ﻟﻛن رﻏم اﻟﺗﺣول اﻟذي ﻋرﻓﮫ ﻣﻔﮭوم اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻزال طﻠﺑﮭﺎ ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ وﺑﺈرادة اﻟﻘوة وﺑﺎﻟﺧطﺎب وﺑﻣﻧﺗﺟﻲ
ذات اﻟﺧطﺎﺑﺎت)ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻛﺎﻧت أو ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ أو دﯾﻧﯾﺔ ،(....وﯾﻛﻔﻲ أن ﻧﺗﺄﻣل ﻋﺎﻟﻣﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻟﻛﻲ ﻧﻛﺗﺷف أن ﻣن ﯾﻣﻠك
اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﯾﻣﻠك اﻟﺳﻠطﺔ ،واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﯾﺳت ﻏﺎﯾﺔ داﺋﻣﺎ أو ﺷﻲء ﻣﻌطﻰ ﺑل ﯾﻣﻛن ﺻﻧﺎﻋﺗﮭﺎ وﺧﻠﻘﮭﺎ ﻋﺑر وﺳﺎﺋل اﻟﻣﯾدﯾﺎ اﻟﺗﻲ
ﻗد ﺗﺟﻌل ﺑﻌض اﻷوھﺎم أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺗﻘﺑل وﻛﺄﻧﮭﺎ ﺣﻘﺎﺋق ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﻧﺗﺷﮫ إن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وھم ﻧﺳﯾﻧﺎ ﻣن ﻛﺛرة
اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﮫ وﺗداوﻟﮫ أﻧﮫ ﻛذﻟك.
إن اﻟوﺟود اﻟﺑﺷري ﻻ ﯾﻣﻛن ﺣﺻره ﻓﻲ داﺋرة اﻷﺧﻼق أو اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎﻵﺧرﯾن ﺑل ھو وﺟود ﯾﺗﺷﻛل ﻓﻲ ﺻﻣﯾﻣﮫ
ﻣن رﻏﺑﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺗﺣﺻﯾل اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ﻟﻛن اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻧد اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺣﺻﯾﻠﮭﺎ إﻻ ﻓﻲ ظل ﺷروط ﻣواﺗﯾﺔ
ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر واﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟرأي وﻗول اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﻧﺎﻗﺿﺔ ﻟﻣﺎ ﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻧﺎس وﻣﺎ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﮫ
ﻣﻌﺗﻘداﺗﮭم ،ھذا اﻟﺷرط اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻧﺟده ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﺗﺣﻘﯾق اﻷﻣن واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟذات ﺿد ﻛل اﻟﻧزوﻋﺎت
اﻟﻔرداﻧﯾﺔ ،وھﻲ اﻟﺷروط ﻟم ﺗﺗوﻓر ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ إﻻ داﺧل أرﻗﻰ أﺷﻛﺎل اﻟﺗﻧظﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وھﻲ اﻟدوﻟﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ اﻟﺗﻌﺑﯾر
اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻗدرة اﻷﻓراد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن ﺟزء ﻣن ﺣرﯾﺎﺗﮭم ﻟﻔﺎﺋدة ﺗﻧظﯾم ﯾﺳﮭر ﻋﻠﻰ ﺗدﺑﯾر ﺷؤوﻧﮭم ،ھذا اﻟﺗﻧظﯾم
اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻛﯾﺎﺳﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﯾﻛﺷف ﻟﻧﺎ ﻋن أﺣد اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺟوھرﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﺎﺋن اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،وھو
اﻟﺑﻌد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ)أرﺳطو اﻹﻧﺳﺎن ﺣﯾوان ﺳﯾﺎﺳﻲ( ،واﻟﻣﺗﺄﻣل ﻟﻠﺗﺎرﯾﺦ ﯾﺟد أن ﻣراﺣل ﺗطور اﻟﻔﻛر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ أو اﻟﻌﻠﻣﻲ
ھﻲ اﻟﻣراﺣل اﻟﺗﻲ ﻋرﻓت ﺗطورا ﻓﻲ ﺗﺻورﻧﺎ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺗدﺑﯾر ﻟﻠﻌﯾش ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺔ ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ،وﻟﯾس
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ أداة ﻟﻠﮭﯾﻣﻧﺔ ﻣن طرف ﺟﻣﺎﻋﺔ دﯾﻧﯾﺔ أو ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو أﻗﻠﯾﺔ ﻣﺎ !! ﻓﻣﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ؟وإن ﻛﺎﻧت ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺗدﺑﯾر واﻟﻘﯾﺎدة
ﻓﮭل اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ذاﺗﺎ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮭﺎ رﻏم اﻣﺗﻼﻛﮫ ﻟﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌﻘل اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻘد اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ أﻧﮭﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ
إﺧراﺟﮫ ﻣن اﻟوﺻﺎﯾﺔ واﻟﻘﺻور؟ وﻣﺎ اﻟدوﻟﺔ؟ إن ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺿﺎء اﻟذي ﺗﻣﺎرس ﻓﯾﮫ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ :ﻓﻣﺎ ھﻲ أﺳس
اﻟدوﻟﺔ و ﻣﺎ ھﻲ ﻣﻘوﻣﺎﺗﮭﺎ؟ وﻣﺎ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن وﺟودھﺎ ﻛﺗﻧظﯾم اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ؟.
58
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺠﺰوءة
اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ
59
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
"إﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﻧﺎﻗش ﻣوﺿوﻋﺎ ھﯾّﻧﺎ ،إﻧﻧﺎ ﻧﻧﺎﻗش :ﻛﯾف ﯾﻌﯾش اﻹﻧﺳﺎن "! ...أﻓﻼطون"ﻛﺗﺎب اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ" ص 353
ﻣﻧظم ﻟﮫ ﺣﻛوﻣﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﻌﻧوﯾﺔ ﺗﻣﯾزه ﻋن ﻏﯾره ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﻟﮫ،ﻓﺎﻟدوﻟﺔ إذن ھﻲ
اﻟﺟﺳم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﺣﻘوﻗﻲ اﻟذي ﯾﻧظم ﺣﯾﺎة ﻣﺟﻣوع ﻣن اﻷﻓراد ،وﯾطﻠق ﻟﻔظ اﻟدوﻟﺔ أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوع
اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ واﻹدارات اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وھو ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣﻘﺎﺑل ﻟﻠﻣدﯾرﯾﺔ واﻟوﻻﯾﺔ واﻟﻌﻣﺎﻟﺔ وﻣﺟﻣوع اﻟﻣؤﺳﺳﺎت
اﻟرﺳﻣﯾﺔ داﺧل اﻟدوﻟﺔ.
اﻟﺳﻠطﺔ Pouvoir:ﻣرادﻓﺔ ﻟﻛﻠﻣﺔ ﻗدرة وﯾﻌرﻓﮭﺎ ﻻﻻﻧد ﺑﺎﻟﻘدرة أي اﻟﻣﻠﻛﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻠﻔﻌل ،وﺗﻌرف
ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﻛﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أو اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌطﻲ ﻟﺷﺧص ﻣﺎ وﺗﺧوﻟﮫ اﻟﺣق ﻓﻲ أﺧد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق ﻛل ﻣﺎ ھو ﺧﯾر وﻋﺎدل".
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣدﯾدﻧﺎ ﻷھم اﻟﻣﻔﺎھﯾم ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺣور اﻷول وھو أن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن
ﺗﻣﺎرس إﻻ ﻣن ﺧﻼل أداة وھﻲ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺟﮭﺎز ﯾﻣﺗﻠك اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻧظﯾم اﻟﻧﺎس ﻣن ﺧﻼل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﺳﺗﻣدھﺎ ﻣﻧﮭم ،ھذه اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻣﺷروﻋﺔ وأﺣﯾﺎﻧﺎ ﻏﯾر ﻣﺷروﻋﺔ ،وﻣﺎ ﯾﮭﻣﻧﺎ اﻵن ھو أن ﻧﻔﺣص اﻹطﺎر
اﻟذي ﺗﻣﺎرس ﻓﯾﮫ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وھو اﻟدوﻟﺔ ﻟﻧﻌرف اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن وﺟود ھذا اﻟﺗﻧظﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﻣدى ﻣﺷروﻋﯾﺗﮫ .وھﻛذا
ﻓﺎﻟﻣﻘﺻود ﻣن اﻟﻣﺣور اﻷول ھو ﻓﺣص ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺻورات اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﺎوﻟت ﺗﺑرﯾر اﻟﮭدف ﻣن وﺟود اﻟدوﻟﺔ
وھو ﻣﺎ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻘف ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﺧﻼل أھم اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺿﻣﻧﮭﺎ ﻋﻧوان اﻟﻣﺣور "ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ وﻏﺎﯾﺗﮭﺎ"
واﻟﻣﻘﺻود ھو ھل ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣداﻓﻌﯾن ﻋن أھﻣﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻛﺗﻧظﯾم ﺳﯾﺎﺳﻲ واﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أن ﯾﺑرروا ﻟﻧﺎ ﻋﻘﻼﻧﯾﺎ اﻟﮭدف اﻟذي
ﻣن أﺟﻠﮫ وﺟدت اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن ﻛل ﻣن ﻣﻔﮭوﻣﻲ:
اﻟﻐﺎﯾﺔ :ﺗﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﮭدف
اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ :ﺗﺣﯾل ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻗدرة ﻧظﺎم ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺑرﯾر ذاﺗﮫ أﻣﺎم اﻟرأي
اﻟﻌﺎم )اﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ(
61
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﺗﺣﻠﯾل /أﻓﻼطون وﺟود اﻟدوﻟﺔ وﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﯾﺳﺗﺟﯾب ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻻﻧﺳﺟﺎم
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﻧﺟد اﻟﺗﻔﻛﯾر و اﻹھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ﺣﺎﺿرا ﻟدى اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﯾوﻧﺎن ،ﻓﻘد ﺣﺎول ﻛل
ﻣن أﻓﻼطون وأرﺳطو اﻟﺗﻧظﯾر ﻟدوﻟﺔ ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺳﯾد اﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﻧﺟد أﻓﻼطون اﻟذي
داﻓﻊ ﻋﻠﻰ أن أﺳﺎس اﻟدوﻟﺔ طﺑﯾﻌﻲ ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ وﺟود ﻻﻣﺳﺎواة طﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،ﻓﻛﻣﺎ ﺗﻧﻘﺳم اﻟﻧﻔس إﻟﻰ ﺛﻼث:ﻧﻔس
ﺷﮭواﻧﯾﺔ وﻧﻔس ﻏﺿﺑﯾﺔ وﻧﻔس ﻋﺎﻗﻠﺔ ،ﯾﻧﻘﺳم ﻛذﻟك أﻓراد اﻟﻧوع اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ إﻟﻰ ﻓﺋﺎت ﺛﻼﺛﺔ ،ﺣرﻓﯾون وﺟﻧود وﺣﻛﺎم،
وﻣﺎداﻣت وظﯾﻔﺔ اﻟﻧﻔس اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ھﻲ ﺗوﺟﯾﮫ ﻋﻣل اﻟﻧﻔس اﻟﺷﮭواﻧﯾﺔ واﻟﻧﻔس اﻟﻐﺿﺑﯾﺔ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﺿﻣن اﻹﻧﺳﺟﺎم
واﻟﺗﻧﺎﻏم ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟﻔرد ،ﻓﺈن وظﯾﻔﺔ اﻟﺣﻛﺎم ھﻲ ﺗدﺑﯾر ﺷؤون اﻟﺣرﻓﯾﯾن واﻟﺟﻧود ،وﺗوﺟﯾﮫ ﻋﻣﻠﮭم ﻧﺣو ﺗﺣﻘﯾق
اﻻﻧﺳﺟﺎم واﻟﺗﻧﺎﻏم ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻣون إﻟﯾﮭﺎ .ﻓﺎﻟﻌداﻟﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻘول أﻓﻼطون ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ" "ھﻲ
أن ﯾؤدي ﻛل ﻓرد وظﯾﻔﺔ واﺣدة ھﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ وھﺑﺗﮫ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺧﯾر ﻗدرة ﻋﻠﻰ أداﺋﮭﺎ" ،إن ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻧد أﻓﻼطون
ھﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻹﻧﺳﺟﺎم واﻟﺗﻧﺎﻏم ﺑﯾن ﻣﻛوﻧﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وھو ﺗﻧﺎﻏم ﻻ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﺑﺎﻧﺻراف ﻛل ﻓﺋﺔ إﻟﻰ أداء اﻟﻣﮭﻣﺔ اﻟﺗﻲ
ھﯾﺄﺗﮭم اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﮭﺎ دون اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﻣﮭﺎم اﻟﻔﺋﺎت اﻷﺧرى ،ﻓﻣن ھﯾﺄﺗﮫ اﻟطﺑﯾﻌﺔ أن ﯾﻛون ﺣرﻓﯾﺎ ،وزودﺗﮫ ﺑﻣﺎ
ﯾﻠزم ذﻟك ﻣن ﻣﮭﺎرات وﻗدرات ،ﻓﻼ ﻣﻔر ﻟﮫ ﻣن أن ﯾﻛون ﻛذﻟك ،وﯾﻧﺟز ﻣﺎ ﯾﻠزم ﻣن اﻟﻣﮭن واﻟﺻﻧﺎﺋﻊ ،وﻣن ھﯾﺄﺗﮫ أن
ﯾﻛون ﻣﺣﺎرﺑﺎ ﻓﻌﻠﯾﮫ أن ﯾﺣﻣل اﻟﺳﻼح وﯾﻘف ﺑﺷﺟﺎﻋﺔ ﺿد ﻛل ﺧطر ﯾﻣﻛن أن ﯾﮭدد اﻟﻣدﻧﯾﺔ/اﻟدوﻟﺔ ،polisوﻣن ھﯾﺄﺗﮫ
أن ﯾﻛون ﺣﺎﻛﻣﺎ ﻓﻌﻠﯾﮫ أن ﯾﺗﺟﮫ ﻟﺗدﺑﯾر ﺷؤون اﻟﻧﺎس ﺑﻔﺿﯾﻠﺔ وﺣﻛﻣﺔ وﻋدل ،وھﻛذا ﻧرى أن ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ وﻣﺷروﻋﯾﺔ
وﺟودھﺎ ﺗﺳﺗﻣدھﺎ ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻓﮭﻲ ﻣن اﻷﻣور اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ راﻓﻘت وﺟود اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون داﺋﻣﺎ ﻓﻲ
ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣن ﯾﻧظﻣﮭﺎ ﻧظرا.
ﺗﻌﻣﯾق اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻣﻊ أرﺳطو/اﻟدوﻟﺔ وﺟدت ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻲ وھو ﺳﻌﺎدة اﻟﻧﺎس وﺗﺣﻘﯾق ﺣﺎﺟﺎﺗﮭم
اﻟﺿرورﯾﺔ
62
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﻧﺟد اﻟﻔﯾﻠﺳوف أرﺳطو اﻟذي ظل وﻓﯾﺎ ﻷﻓﻛﺎر أﻓﻼطون رﻏم ﺑﻌض اﻹﻧﺗﻘﺎدات اﻟﺗﻲ وﺟﮭﮭﺎ إﻟﻰ
ﻓﻛره اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،وھﻛذا ﻧﺟد أرﺳطو أﯾﺿﺎ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﺗراﺗﺑﯾﺔ واﻟﻼﻣﺳﺎواة اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،ﺑل ﯾذھب
أرﺳطو إﻟﻰ أن ھذا اﻟﺗراﺗب ﻣﻘﺻود ﻣن طرف اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ واﻟﺗﻲ "ﻻ ﺗﻔﻌل ﺑﺎطﻼ أﺑدا" ،ﻓﻛون اﻟﻧﺎس ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن
وﻣﺗﻣﺎﯾزﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﮭﺎرات واﻟﻘدرات ﯾﺟﻌﻠﮭم ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺑﻌﺿﮭم اﻟﺑﻌض ،وﺑﺎﻟﺿرورة ﻣﯾﺎﻟﯾن
إﻟﻰ اﻷﻟﻔﺔ و اﻹﺟﺗﻣﺎع ،ﻷن ﻻ أﺣد ﻣﻧﮭم ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾوﻓر ﺑﻧﻔﺳﮫ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﯾﮫ ،ﻟذﻟك ﻛﺎن اﻹﻧﺳﺎن ﺣﺳب أرﺳطو
ﻛﺎﺋﻧﺎ ﻣدﻧﯾﺎ ﺑطﺑﻌﮫ ،أي ﻛﺎﺋﻧﺎ ﻻ ﯾﺳﺗﻘﯾم وﺟوده إﻻ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﺗﻘﺎﺳم أﻓراده اﻟﻣﮭﺎم واﻟوظﺎﺋف ،وﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ أﯾﺿﺎ
ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ ﻣن اﻷﻣور اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،أي ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺗﺿﯾﮭﺎ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن واﻟﺗﻲ ﺑدوﻧﮭﺎ ﻻ
ﯾﻣﻛن أﺑدا أن ﯾﺗﺣﻘق ،إن ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻧد أرﺳطو ھﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ وھو ﺳﻌﺎدة اﻷﻓراد اﻟﻣﻛوﻧﯾن ﻟﮭﺎ ﻋﺑر
ﺗﺣﻘﯾق ﺣﺎﺟﺎﺗﮭم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣن ﻏذاء وﺳﻛن وأﻣن ،ﻟذﻟك ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ وﻟﯾﺳت وﺳﯾﻠﺔ ،ﺑل ھﻲ ﻏﺎﯾﺔ
ﺗﺗﺣﻘق ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻛل اﻟﻐﺎﯾﺎت وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول أرﺳطو" ﻟﻘد وﺟد اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻛﻲ ﯾﻌﯾش ﻓﻲ دوﻟﺔ وﻟﻘد وﺟدت
اﻟدوﻟﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق ﺧﯾرھم اﻷﺳﻣﻰ" اﻟذي ھو ﺳﻌﺎدﺗﮭم ،وﺑذﻟك ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ ﻋﻧده ﻣن اﻷﻣور اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺳواء ﻣن
ﺣﯾث أﺻﻠﮭﺎ أو ﻣن ﺣﯾث أھداﻓﮭﺎ وﻏﺎﯾﺗﮭﺎ.
اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ/ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻛﻧﻘﯾض ﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺣق اﻹﻟﮭﻲ droit devin
ﺑﻌد اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﮭﺎ أوروﺑﺎ وﻣﻊ ﻣطﻠﻊ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث وﺑﺗﺄﺛﯾر ﻣن اﻟﺣرﻛﺔ اﻹﻧﺳﯾﺔ واﻟﺗطورات اﻟﮭﺎﺋﻠﺔ
ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻔن واﻟﻌﻠوم واﻟﻌﻣﺎرة واﻛﺗﺷﺎف ﻛروﯾﺔ اﻷرض وﻋﻘم اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻷرﺳطﻲ اﻟذي ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻵﻣرة
واﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ وھﻲ اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ ﺳﯾﺳﺗﻌﯾد اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﻣﻔﮭوم اﻟدوﻟﺔ أھﻣﯾﺗﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻣوﺿوﻋﺎ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ
واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،ﺣﯾث ﺧﺎض رواد اﻟﻧﮭﺿﺔ واﻟﺗﻧوﯾر ﺻراﻋﺎ ﺿد اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﯾوﻗراطﯾﺔ أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﺣق اﻹﻟﮭﻲ
Droit devinاﻟﺗﻲ ﺗﻔﺳر ﻧﺷوء اﻟدوﻟﺔ ﺑﻔﻛرة دﯾﻧﯾﺔ أو ﻣﺎ ﺳﻣﻲ ب"ﺣق اﻟﻣﻠوك اﻟﻣﻘدس" ،وﺗﻘوم ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ ﻋﻠﻰ
ﺿرورة ﺗﺄﻟﯾﮫ اﻟﺣﺎﻛم وﻋﺑﺎدﺗﮫ وﺗﻘدﯾﺳﮫ وﻟﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺻر اﻟﻘدﯾﻣﺔ وروﻣﺎ ﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟك ،وﺳﺗﻌرف ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ ﺗطورا
ﻋﻠﻰ ﯾد ﻣﻠوك أوروﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻹﻗطﺎﻋﯾﺔ ،إذ ﻟم ﯾﻌد ﯾﻧظر ﻟﻠﻣﻠك ﻋﻠﻰ أﻧﮫ إﻟﮫ ﺑل إﻧﮫ ﺧﻠﯾﻔﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻷرض،
وھﻛذا رﻓض رواد اﻟﻧﮭﺿﺔ اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن واﻋﺗﺑﺎره ﻗﺎﺻرا ﯾﺣﺗﺎج ﻟﻣن ﯾﻘوده وﯾﻣﻠﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﻛﯾف ﯾﺳﻠك
وﯾﺗﺻرف ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻛر أﺻﺣﺎب ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻟﻣﺻﻧﻔﯾن ﺿﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻔﮭوم اﻟدوﻟﺔ
)ھوﺑز/ﻟوك/روﺳو( ﺣﯾث ﯾرى أﺻﺣﺎب ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﯾﻔﺗرﺿون أن ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ وﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﺗﺳﺗﻣدھﺎ
ﻣن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن اﻷﻓراد ﻓﯾﮭﺎ ﯾﻌﯾﺷون ﻋﻠﻰ اﻟﻔطرة ،أﺣرارا ﺑدون أن ﯾوﺟد ﻣﺎ ﯾﺣد ﻣن ﺣرﯾﺗﮭم ،ﻟﻛن ھذا
اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺣرﯾﺔ أدى ﻟﻠﻔوﺿﻰ واﻹﺿطراب وھو ﻣﺎ ﺟﻌﻠﮭم ﯾﻔﻛرون ﻓﻲ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﺧروج ﻣن ﺣﯾﺎة اﻹﺿطراب
واﻟﺗطﺎﺣن ،ﯾﻌﻧﻲ أﻧﮭم ﻓﻛروا ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس ﺣﯾﺎة ﯾﺳودھﺎ اﻟﺗﻧظﯾم واﻟﺗواﻓق ،ﻓﻛﺎﻧت اﻟوﺳﯾﻠﺔ ھﻲ اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
ﻛﺄﺳﺎس ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻧﺎزﻟون ﻟﮭﺎ ﻋن ﺟزء ﻣن ﺣرﯾﺗﮭم وﺣﻘوﻗﮭم ،ورﻏم أن رواد اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻗد اﺗﻔﻘوا ﻋﻠﻰ
ﺗﻌرﯾف اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﻓرﺿﯾﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ إﻻ أﻧﮭم ﯾﺧﺗﻠﻔون ﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻘد وﻣﺑرراﺗﮫ وﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ
وﻛذﻟك ﺣول ﺗﺻورھم ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻓﻣﺛﻼ طوﻣﺎس ھوﺑز ﯾرى أن ظﮭور اﻟدوﻟﺔ ﻟم ﯾﻛن طﺑﯾﻌﯾﺎ ﺑل ھو "اﻟﺛﻣرة
اﻹﺻطﻧﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﯾﺛﺎق إرادي،وﻟﺣﺳﺎب ﻣﺻﻠﺣﻲ" ﻷن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ھﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻧف وﺟور وﺗدﻣﯾر
وﻣﯾل ﻧﺣو اﻟﺷر اﻟذي اﻋﺗﺑره ھوﺑز ﻣﯾل طﺑﯾﻌﻲ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻟدﯾﮫ ﻣﯾل طﺑﯾﻌﻲ ﻧﺣو اﻟﻌدوان واﻟﻘوة وھو ﻣﺎ
ﯾﺟﻌل اﻟﺿﻌﻔﺎء ﺿﺣﯾﺔ ﻟﮭذا اﻟﻣﻧطق ،ﻓﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺗطﺑﻌﮭﺎ اﻟﻔوﺿﻰ واﻟﻌﻧف "ﺣرب اﻟﻛل ﺿد اﻟﻛل" ﻣﻣﺎ ﯾﺣول دون
ﻗﯾﺎم ﺣﯾﺎة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ آﻣﻧﺔ وﻣﺳﺗﻘرة ﻓﯾﺟد اﻹﻧﺳﺎن ﻧﻔﺳﮫ أﻣﺎم ﻓﻘدان أھم ﻣﺎ ﻟدﯾﮫ وھو "اﻟﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﯾد اﻟﺣﯾﺎة" ﻟذﻟك ﻓﻛر
اﻟﻧﺎس ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺳﯾﺎﺳﻲ ﯾﺿﻊ ﺣدا ﻟﻠﺣروب واﻟﻌدوان واﻟﺟور واﻟظﻠم واﻟﺗﺳﻠط ،ﻧظﺎم ﯾﺳﺗﺑدل اﻟﻌﻧف ﺑﺎﻟﺗﻛﺎﻣل
واﻟﺗﻌﺎون ﻟذﻟك ﻓﻛر اﻷطراف اﻟﻣﻛوﻧﯾن ﻟﻠﻌﻘد ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزل ﻋن ﻛل ﺳﻠطﺗﮭم وﺣﻘوﻗﮭم ﻟﺻﺎﻟﺢ رﺋﯾﺳﮭم /راﻋﯾﮭم/ﻣﻠﻛﮭم اﻟذي
ﺳﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻷﻧﮫ ﻟم ﯾﻛن طرﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد وﻟﯾس ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻷﺣد ،وھﻛذا ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ ھﻲ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺟدﯾد
63
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟذي ﻗﺎم ﻣن أﺟل ﺿﻣﺎن أﻣﻧﮭم وﺗﺄﻣﯾن ﺳﻼﻣﺗﮭم وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ھوﺑز ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﻠﻔﯾﺗﺎن" ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ،إن
اﻟداﻓﻊ واﻟﮭدف ﻋﻧد اﻟذي ﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋن ﺣﻘﮫ أو ﯾﺣوﻟﮫ .ﻟﯾس إﻻ أﻣﻧﮫ اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ وﻓﻲ وﺳﺎﺋل ﺣﻔظ ھذا
اﻷﻣن".
ﺗﻌﻣﯾق اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ /ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳو اﻟدوﻟﺔ ﻗﺎﻣت ﻟﺗﻛرﯾس ﺳﻠطﺔ اﻟﻘواﻧﯾن وﺗﻧظﯾم ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺳﯾﺎﺳﻲ ﯾﺳوده
اﻟﺗﻌﺎون
إذا ﻛﺎﻧت ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ وﻣﺷروﻋﯾﺗﮭﺎ ﺗﺳﺗﻣدھﺎ ﻣن ﺿﻣﺎﻧﮭﺎ ﻷﻣن اﻟﻧﺎس وﺳﻼﻣﺗﮭم ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻌﻘد اﻟذي أﻗﺎﻣوه وﺳﻠﻣوا
ﻓﯾﮫ ﻛل ﺣﻘوﻗﮭم ﻟﻠﻣﻠك اﻟذي ﯾﺟب طﺎﻋﺗﮫ ﻓﺈن ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳو ﻟم ﯾرى ﻓﯾﮭﺎ ﻓﻘط ﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ أﻣن اﻟﻧﺎس وﺳﻼﻣﺗﮭم
ﺑل إن اﻟدوﻟﺔ ﻟﯾﺳت ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻷﻣن ﺑل ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﺑﻧﺎء ﺣﯾﺎة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺗﻛوﯾن ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺳﯾﺎﺳﻲ ﺗﻘوم ﻓﯾﮫ اﻟدوﻟﺔ
ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق اﻷﻓراد ،ﻓﺎﻟدوﻟﺔ ﻻ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﻛرھﺎ اﻟﻣﻠك ﺑل ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎون
واﻟﺗﺷﺎرك واﻟﺳﯾﺎدة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠﺷﻌب ﻋن طرﯾق اﻹرادة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺑر ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻛون وظﯾﻔﺗﮭﺎ
ھﻲ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق اﻟﻣواطﻧﯾن اﻟذﯾن ﻻ ﯾﺧﺿﻌون ﻟﻠﺣﺎﻛم داﺧل اﻟدوﻟﺔ ﺑل ﯾﺧﺿﻌون ﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺳﺎھﻣوا
ﻓﻲ وﺿﻌﮭﺎ ،ﻓﺎﻟﺳﯾﺎدة داﺋﻣﺔ ﻟﻠﺷﻌب وھو ﻣﺎ ﯾﻘﺻده روﺳو ﺑﻘوﻟﮫ"إن ﻣن ﯾﮭب ﻧﻔﺳﮫ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ ﻻ ﯾﮭب ﻧﻔﺳﮫ ﻷﺣد"،
ﻓﺎﻟدوﻟﺔ ﻟﯾﺳت ﻛﻣﺎ ﺗﺻور أﺻﺣﺎب اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﯾوﻗراطﯾﺔ أو ھوﺑز ﻣﺗﻌﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﺑل ھﻲ وﺳﯾﻠﺔ ﺿرورﯾﺔ
ﻟﺗﺣﻘﯾق أﻣﺎﻧﻲ اﻹﻧﺳﺎن وﻣطﺎﻣﺣﮫ ،ﻓﮭﻲ ﺗوﻓر اﻟﻧظﺎم واﻟﻧﻔوذ اﻟذي ﯾﺣﻣﻲ ﻛل ﻓرد ﻣن ظﻠم ﻓرد آﺧر ،إن ﻣﺷروﻋﯾﺔ
اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﺗﺳﺗﻣدھﺎ ﻋﻧد روﺳو ﻓﻘط ﻣن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺑل ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺣﺳب روﺳو ھﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﯾّرة ،ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻠم ووﺋﺎم
ﻟﻛن ظﮭور اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ھو اﻟذي أﻓﺳد اﻹﻧﺳﺎن وﺟﻌﻠﮫ ﻣﺎﻛرا وﻣﺧﺎدﻋﺎ ﯾﻣﯾل ﻟﻠﻌﻧف ﻣﻣﺎ أوﺟب ﻗﯾﺎم اﻟدوﻟﺔ
ﻟﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺳﻠم واﻟوﺋﺎم واﻷﻣن .
ﺗوﺳﯾﻊ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ /اﻟﺗﺻور اﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻣﻊ ﺑﺎروخ اﺳﺑﯾﻧوزا /اﻟدوﻟﺔ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﻻ ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ اﻷﻣن واﻟﺳﯾﺎدة
ﺑل ﻓﻲ ﺗﻛرﯾس اﻻﺧﺗﻼف واﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﻋﺗﻘﺎد واﻟﺗﻔﻛﯾر
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﺳﺑﯾﻧوزا ﻓﻘد ﻓﻛر ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﻣﻧظور ﻋﻠﻣﺎﻧﻲ ﻣﺳﺗﻔﯾدا ﻣن اﻟﺻراع اﻟدﯾﻧﻲ اﻟطﺎﺣن ﺑﯾن
اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾك واﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧت ،ﻓداﻓﻊ اﺳﺑﯾﻧوزا ﻋﻠﻰ دوﻟﺔ ﻻ ﺗﻧﺣﺻر وظﯾﻔﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﺗﻧظﯾم واﻟﺗﺣﻛم ﻛﻣﺎ دھب إﻟﻰ
ذﻟك ھوﺑز ﺑل ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻧد اﺳﺑﯾﻧوزا ﺗﺳﺗﻣدھﺎ ﻣن ﻗدرﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾر اﻟﻧﺎس ﻣن اﻟﺧوف واﻟﻌﻧف واﻹرھﺎب اﻟذي
ﻗد ﯾﻣﺎرﺳﮫ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﺻورات واﻵراء واﻟﻣﻌﺗﻘدات ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺿﮭم اﻟﺑﻌض ﺑﺎﻟﻘوة واﻟﻌﻧف واﻹﻛراه ،ﻓﺎﻟدوﻟﺔ
ﺣﺳب اﺳﺑﯾﻧوزا ﻻ ﯾﺟب أن ﺗﻧﺣﺻر وظﺎﺋﻔﮭﺎ ﻓﻲ ﺗطوﯾﻊ اﻟﻧﺎس واﻟﺗﺣﻛم ﺑﮭم ﺑل ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ أﺳﻣﻰ ﻣن ذﻟك وھﻲ ﺗﺣرﯾر
أﺟﺳﺎدھم وﻋﻘوﻟﮭم ﻟﻛﻲ ﯾﻔﻛروا ﺑﺷﻛل ﺣر ﻓﻲ ﻛل اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﺳﺗﻧﺎدا إل اﻟﺣﺟﺞ اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ وﻟﯾس ﺑﺎﻷﺳﻠﺣﺔ واﻹرھﺎب
واﻟﺧوف ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾؤﻛد اﺳﺑﯾﻧوزا ﺑﻌد أن ﺣدد ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ إﻟﻰ أن ﻣﺷروﻋﯾﺗﮭﺎ ﯾﺟب أن ﺗﻧﺑﻊ ﻣن ﻣﺟﻣوع
اﻷﻓراد اﻟﻣﻛوﻧﯾن ﻟﮭﺎ واﻟذﯾن ﯾﻛوﻧون ﻏﯾر ﻗﺎدرﯾن إن ﺗرﻛوا ﻟذواﺗﮭم ﻋﻠﻰ ﺗدﺑﯾر اﺧﺗﻼﻓﺎﺗﮭم ﺑﺎﻟﻌﻘل واﻟﻧﻘﺎش ﺑﻌﯾدا ﻋن
اﻹﻛراه واﻟﻘوة ،ﻟذﻟك ﻓﺈن ﻗﯾﺎم اﻟدوﻟﺔ ﻧﺎﺑﻊ ﻣن ﻋدم ﻗدرة اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ﻋﻠﻰ ﺗدﺑﯾر اﺧﺗﻼﻓﺎﺗﮭم ودورھﺎ ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ
اﻹﺧﺗﻼف واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻛرﯾﺳﮫ ،إن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟﺗﺻور اﺳﺑﯾﻧوزا ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﻛوﻧﮫ ﻏﯾّر ﻣن ﺗﺻورﻧﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ دوﻟﺔ ﺳﯾﺎدة وﻋﻧف ﻣﺷروع إﻟﻰ دوﻟﺔ راﻋﯾﺔ ﻟﻺﺧﺗﻼف واﻟﺣرﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ طﺎﻟب اﺳﺑﯾﻧوزا ﺑﺿرورة ﻓﺻل
ﻣﺟﺎل اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎل اﻟدﯾن ،ﻓﺎﻟدوﻟﺔ ﻻ ﺗداﻓﻊ ﻋﻠﻰ ﻣذھب دﯾﻧﻲ ﺿد آﺧر ،إن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻘف ﻣوﻗﻔﺎ واﺣدا ﻣن ﺟﻣﯾﻊ
اﻷدﯾﺎن واﻟﻣﻌﺗﻘدات وﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟﻣﯾﻊ ورﻓض اﻟﻌﻧف وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول اﺳﺑﯾﻧوزا":إن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن
ﺗﺄﺳﯾس اﻟدوﻟﺔ ﻟﯾس ﺗﺣوﯾل اﻟﻣوﺟودات اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ إﻟﻰ ﺣﯾواﻧﺎت وآﻻت ﺻﻣﺎء ،ﺑل اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻧﮭﺎ ھو إﺗﺎﺣﺔ اﻟﻔرﺻﺔ
ﻷﺑداﻧﮭم وأذھﺎﻧﮭم ﻛﻲ ﺗﻘوم ﺑوظﺎﺋﻔﮭﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ أﻣﺎن ﺗﺎم ،ﺑﺣﯾث ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﮭم أن ﯾﺳﺗﺧدﻣوا ﻋﻘوﻟﮭم اﺳﺗﺧداﻣﺎ ﺣرا
64
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
دون إﺷﮭﺎر ﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﺣﻘد واﻟﻐﺿب أو اﻟﺧداع ،وﺑﺣﯾث ﯾﺗﻌﺎﻣﻠون ﻣﻌﺎ دون ظﻠم أو إﺟﺣﺎف ،ﻓﺎﻟﺣرﯾﺔ إذن ھﻲ
اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻣن ﻗﯾﺎم اﻟدوﻟﺔ".
ﻣﺳﺗوى اﻟﻧﻘد اﻟﺟذري ﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﻟﻠﺗﺻور اﻟﻌﻠﻣﺎﻧﻲ /ھﯾﻐل إن اﻟدوﻟﺔ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ
إذا ﻛﺎن رواد اﻟﻌﻘد اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻟﺗﺻور اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ ﯾﻌﺗﺑر اﻟدوﻟﺔ اﻣﺗدادا ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﺎج
إﻟﯾﮭﺎ أو ﺛﻣرة ﻟﻠﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣن أﺟل ﺗﺟﺎوز ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻧف ﻓﺈن اﻟﺗﺻور اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟﮭﯾﺟﻠﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ﯾﻧظر إﻟﯾﮭﺎ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ وﻟﯾﺳت وﺳﯾﻠﺔ ،إن اﻟدوﻟﺔ ھﻲ ﻏﺎﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻣﺛل اﻟﺗﺟﺳﯾد اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﻠﻔﻛرة اﻟﻣطﻠﻘﺔ أو اﻟﻌﻘل
اﻟﻣطﻠق/اﻟﻌﻘل اﻟﻛﻠﻲ ﻋﻧد ھﯾﺟل)ﺗﺟﺳﯾد اﻹرادة اﻟﻌﺎﻣﺔ( وﻟﯾﺳت اﻟدوﻟﺔ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﺧدﻣﺔ اﻷﻓراد وﺣﻔظ أﻣﻧﮭم ﻓﮭذه
ﻟﯾﺳت إﻻ وظﯾﻔﺔ ﻣن وظﺎﺋف اﻟدوﻟﺔ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻣﺟﺗﻣﻌﺎ ﻟﻠﺣﺎﺟﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻟﻣدﻧﻲ ﺗﺗﺣﻘق اﻟﺣﺎﺟﺎت و اﻟﻣﯾوﻻت واﻟرﻏﺑﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ وھو ﻓﺿﺎء ﻣﻧﻔﺻل ﻋن ﻣﺟﺎل اﻟدوﻟﺔ ،ﻟﻛن ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل
اﻟذي ھو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ ﺗﺗﻛون ﺧﻠﺳﺔ وﻓﻲ ﺧﻔﯾﺔ ﻣن اﻷﻓراد وﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻋﻧﮭم ﻣن داﺧﻠﮫ وھم ﯾﺳﻌون إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق
ﻣﺻﺎﻟﺣﮭم اﻟﺧﺎﺻﺔ ،اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وھﻛذا ﻓﺎﻟﻔرد ﻋﺿو ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ﻟﯾس ﻷﻧﮫ اﺧﺗﺎر ذﻟك ﻓﻲ رأي ھﯾﺟل وإﻧﻣﺎ ﻷن
اﻟواﺟب اﻷﺳﻣﻰ ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﮫ ذﻟك ،ﻓﻣﺎداﻣت اﻟدوﻟﺔ ھﻲ اﻟروح وﻗد ﺗﻣوﺿﻌت ﻓﺈن اﻟﻔرد ﻟن ﺗﻛون ﻟﮫ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ وﻻ
ﻓردﯾﺔ أﺻﯾﻠﺔ وﻻ ﺣﯾﺎة أﺧﻼﻗﯾﺔ ،إﻻ ﺑوﺻﻔﮫ ﻋﺿوا داﺧل اﻟدوﻟﺔ ،ﻟﯾﺳت ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ھﻲ اﻟﻔرد"أﻣﻧﮫ وﺣرﯾﺗﮫ" ﻛﻣﺎ
اﻋﺗﻘد ذﻟك أﺻﺣﺎب ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وإﻧﻣﺎ اﻷﻣر ﻋﻛس ذﻟك ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﮭﯾﺟل ،أي ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻔرد ھﻲ اﻟدوﻟﺔ،
ﻗوﺗﮭﺎ وﺷﻣوﺧﮭﺎ ،إن اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ رأﯾﮫ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ،إﻧﮭﺎ اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﯾﺳت ﺑﻌدھﺎ ﻏﺎﯾﺔ.
اﻟﺗرﻛﯾب
إن اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﮭﺎ ﻋﺎﻟﻣﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻣﻧذ ﻣطﻠﻊ اﻟﺣرﺑﯾن اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺗﯾن ﯾﺑﯾن ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾدع ﻣﺟﺎﻻ ﻟﻠﺷك أن ﻏﺎﯾﺔ
اﻟدوﻟﺔ ﻟﯾﺳت ﻛﻣﺎ آﻣل ھﯾﺟل ورواد اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو أرﺳطو ﻧﻔﺳﮫ ھو اﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ أو أﻣن اﻟﻔرد أو ﺗﺣﻘﯾق
اﻹرادة اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻟﻔﻛرة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺑل ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎت واﺿﺣﺎ ھو ﺧدﻣﺔ أﺻﺣﺎب اﻟرأﺳﻣﺎل واﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻌﺎﺑرة
ﻟﻠﻘﺎرا ت واﻟﻣﺗﻌددة اﻟﺟﻧﺳﯾﺎت ،وھو ﻣﺎ ﯾدﻋﻣﮫ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس اﻟذي رأى ﻓﯾﮭﺎ أداة ﻟﻠﮭﯾﻣﻧﺔ وﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻧف ﻓﻲ ﯾد
اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ ،ﻓﯾﻛﻔﻲ أن ﻧراﻗب اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ وﺷرﻛﺎت اﻟﻣﺎل اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻛﯾف ﺗﺗدﺧل ﻟﺗﻣﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌدﯾد ﻣن
اﻟدول إﺻﻼﺣﺎﺗﮭﺎ ،ﻛﻣﺎ أن اﻧﺳﺣﺎب اﻟدوﻟﺔ ﻣن اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ واﻟﺗﺧﻠﻲ اﻟﻣطﻠق أو اﻟﺗدرﯾﺟﻲ ﻋن اﻟﺧدﻣﺔ
اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﺟﻌل اﻟﻣواطن أﺳﯾرا ﻓﻲ ﯾد اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗوﺣﺷﺔ ،وھﻛذا ﺳﺎرت آﻣﺎل اﻟﻧﮭﺿﺔ واﻟﺗﻧوﯾر واﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
ﻣﺟرد أﻓﻛﺎر ﯾﻌﯾد اﺳﺗﮭﻼﻛﮭﺎ اﻹﻋﻼم ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟواﻗﻊ ﯾﺷﮭد ﺑﺷﻛل ﯾوﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﺣﺗﻛﺎر اﻟدوﻟﺔ اﻟﯾوم ﻣن طرف طﺑﻘﺔ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ
وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﻌﯾد اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺳﻠطﺔ داﺧل اﻟدوﻟﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ﻛﻣﺎ ﻧظر إﻟﯾﮭﺎ رواد اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻋﻠﻰ
ﺿوء واﻗﻌﻧﺎ اﻟﯾوم ﻣﺗﺳﺎﺋﻠﯾن ھل ﺗﻘوم ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘوة اﻟﻣﺎدﯾﺔ أم أﻧﮭﺎ ﺗﺣﻛم اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ أﺟﮭزة إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ
ﻛذﻟك ﻣن إﻋﻼم وﻣدرﺳﺔ ...؟
65
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺟد إﺣدى اﻷطروﺣﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺎﻗﺷت طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻟواﻗﻊ اﻹﯾطﺎﻟﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻣﻔﻛﻛﺎ ،ﻓﻔﻲ ﻛﺗﺎب "اﻷﻣﯾر" ﻟﻧﯾﻘوﻻ ﻣﯾﻛﯾﺎﻓﯾﻠﻲ ﻧﺟده ﯾداﻓﻊ
ﻋن ﻣرﻛزة اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﯾد اﻟﺣﺎﻛم اﻟواﺣد اﻟذي ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ أن ﻻ ﯾﺣﻛم ﻓﻘط اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟﻘواﻧﯾن ﺑل ﻋﻠﯾﮫ أﺣﯾﺎﻧﺎ أن
ﯾﻔﻌل ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣﺎﻓظ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ھﺑﺗﮫ وﻣﺻﺎﻟﺣﮫ ،ﻟذﻟك ﻓﺎﻟﺣﺎﻛم ﻟﯾس ﻣﻠزم ﺑﺈﺗﺑﺎع اﻟﻘﺎﻧون واﻷﺧﻼق ،إن ﻛﺎﻧت ﻻ ﺗﺧدم
ﻣﺻﻠﺣﺗﮫ وﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدوﻟﺔ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق طﻠب ﻣﯾﻛﺎﻓﯾﻠﻲ أن ﯾﻛون اﻟﺣﺎﻛم ﺟﺎﻣﻌﺎ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻘوة ،ﻓﻲ أﺳﻠوب
واﺣد ،وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣﻧﮫ ﻣﺎﻛرا ﻛﺎﻟﺛﻌﻠب وﻗوﯾﺎ ﻛﺎﻷﺳد ،ﻷن اﻟﻘواﻧﯾن ﻻ ﺗﺿﻣن ﻟﻠﺣﺎﻛم اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ داﺋﻣﺎ،
ﻟذﻟك وﺟب ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﺧدﻋﺔ وﻋدم اﻹﻟﺗزام ﺑﺎﻟوﻋود واﻟﺗظﺎھر ﺑﺎﻟﺷﻔﻘﺔ واﻟرﺣﻣﺔ و اﺣﺗرام طﻘوس اﻟﻌﺑﺎدة
واﻟﺗدﯾن ﻓﻛﻠﮭﺎ أﺳﺎﻟﯾب ﺗﻘوي ﺣﻛﻣﮫ وﺳﻠطﺗﮫ،وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﺗﻛون ﺳﻠطﺔ اﻟﺣﺎﻛم ﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺻدرﯾن ،اﻷول
ﻣﺎدي واﻵﺧر رﻣزي،ﻓﺎﻟﻣﺻدر اﻟﻣﺎدي ﯾﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﻛم أن ﯾﻘوي وﯾوﺳﻊ ﻣن آﻟﯾﺎﺗﮭﺎ وﯾﻛون ﺑﻧﻔﺳﮫ اﻟﻣﺷرف ﻋﻠﯾﮭﺎ
)اﻟﺟﯾش ﻣﺛﻼ( واﻟﻣﺻدر اﻟرﻣزي ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﺳﺗﻐﻼل ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺟﮭزة اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻔﻛر واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﺗدﯾن
واﻟﺗظﺎھر أﻣﺎم ﺷﻌﺑﮫ ﺑﻛوﻧﮫ اﻟرﺟل اﻟورع واﻟﻣﺳﺗﻘﯾم واﻟﻌﺎدل واﻟﻣﺗواﺿﻊ و اﻟرﺣﯾم ،وھﻛذا ﺗﻛون طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﻛﯾﺎﻓﯾﻠﻲ ﻣﺎدﯾﺔ ورﻣزﯾﺔ وﻟﯾس ﻣﺻدرھﺎ داﺋﻣﺎ اﻟﻘﺎﻧون وﻣﺎ ھو ﻣﺷروع ﺑل اﻟﺣﺎﻛم ھو ﻣن ﯾﺳﺗﻣد
ﺳﻠطﺗﮫ ﻣن ﺷرﻋﯾﺎت ﻣﺗﻌددة ﺗﺟﻌل رﻋﺎﯾﺎه ﯾﺗﺑﻌوﻧﮫ وﯾﺛﻘون ﻓﯾﮫ ﺛﻘﺔ ﻋﻣﯾﺎء إﻟﻰ درﺟﺔ ﯾﺑﻛون ﻋﻠﻰ ﻣوﺗﮫ وﻻ ﯾﺗﺻورون
اﻟﻌﯾش ﺑدوﻧﮫ أو ﻓﻲ رﺣﯾﻠﮫ.وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﻧﯾﻘوﻻ ﻣﯾﻛﯾﺎﻓﯾﻠﻲ":ﯾﺟب أن ﺗﻌﻠم أﯾﮭﺎ اﻷﻣﯾر إذن :ھﻧﺎك طرﯾﻘﺗﯾن
ﻟﻠﻘﺗﺎل ،اﻟطرﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﻌﺗﻣد اﻟﻘواﻧﯾن ،واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺗﻌﺗﻣد اﻟﻘوة".
اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ/ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو اﻟﺳﻠطﺔ ذات طﺑﯾﻌﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺗﻘﺗﺿﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ ﻓﺻﻼ واﺿﺣﺎ ﺑﯾن اﻟﺳﻠط
إذا ﻛﺎن اﻟﺗﺻور اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻧﯾﻘوﻻ ﻣﯾﻛﯾﺎﻓﯾﻠﻲ ﯾﻣرﻛز ﻛل اﻟﺳﻠط ﻓﻲ ﯾد اﻟﺣﺎﻛم وﺗﺑﻘﻰ اﻟﻘواﻧﯾن ﻓﻘط ﺻورﯾﺔ ﯾﻣﻛن
اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﮭﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون ﻣﺿرة ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺣﺎﻛم وﻧﻔوذه ﻓﺈن ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو ﻣﺗﺄﺛرا ﺑروح ﻋﺻره وﺑﺎﻟﺗراﻛﻣﺎت
66
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻔﮭﺎ ﻋﺻر اﻟﻧﮭﺿﺔ ﻓﻛر ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن ﻣﻧطﻠق ﺣﻘوﻗﻲ وﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺗﻛون اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﯾﮫ ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻣواطن
ﻻ ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﺣﺎﻛم ،وھﻛذا ﻧﺟد ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو ﯾداﻓﻊ ﻋﻠﻰ أن اﻟدوﻟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺗواﺟد ﺛﻼﺛﺔ ﺳﻠط ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋن ﺑﻌﺿﮭﺎ
اﻟﺑﻌض وھﻲ :اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗﺗوﻟﻰ ﻛل ﺳﻠطﺔ ﻣﮭﻣﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻣﺣددة ،دون أن
ﺗﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ اﻷﺧرى ،ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺔ واﺣدة وھﻲ أﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺳﻌﺎدة أﻓراده ،ﻟذﻟك داﻓﻊ ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو
ﻋﻠﻰ ﻋدم ﺟﻣﻊ اﻟﺣﺎﻛم أو اﻟﻣﻠك ﻟﻛل اﻟﺳﻠط ﺑﯾن ﯾدﯾﮫ ﺣﺗﻰ ﻻ ﻧﺳﻘط ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺑداد واﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻔﺻل ﺑﯾن
اﻟﺳﻠطﺎت ﺿروري ﻟﺗﺿﻣن ﻛل ﺳﻠطﺔ ﺣق ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﮭﺎﻣﮭﺎ ﺑﻌﯾدة ﻋن اﻟﺗﺄﺛﯾر أو اﻟﺗﺄﺛر ﺑﺳﻠطﺔ أﺧرى ،وﻓﻲ ھذا
اﻟﺻدد ﯾﻘول ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو"ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺟﺗﻣﻊ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﺑﯾن ﯾدي ﺷﺧص واﺣد أو ﻓﻲ ھﯾﺋﺔ
ﻗﺿﺎء واﺣدة ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻌود ﺛﻣﺔ ﻣﻛﺎن ﻟﻠﺣرﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻧﺎ أن ﻧﺗﺧوف ﻣن ﻗﯾﺎم اﻟﻣﻠك أو ﻣﺟﻠس اﻟﻧواب ﺑﺻﯾﺎﻏﺔ
ﻗواﻧﯾن اﺳﺗﺑدادﯾﺔ ،وﻟن ﺗﻛون ھﻧﺎك أﯾﺔ ﺣرﯾﺔ إطﻼﻗﺎ إذا ﻟم ﺗﻛن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺻدار اﻷﺣﻛﺎم ﻏﯾر ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻋن
اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ".
ﻣﺎدام اﻟﻔﻛر اﻟﻣﻌﺎﺻر ھو إﻋﺎدة ﻟﻠﻧّظر واﻟﺗﻔﻛﯾر واﻟﺣوار ﻓﻲ اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﺣداﺛﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻘد ﺳﻌﻰ
اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣﺷﯾل ﻓوﻛو إﻟﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ ﻣوﺟﮭﺎ ﻧﻘدا ﻻذﻋﺎ ﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذﯾن ﺣﺻروا
اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﻣؤﺳﺳﺎت ﺷرﻋﯾﺔ ﺗﻧﺑﺛق ﻣن اﻟﺟﺳم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي ﯾﺗﻧﺎزل ﻋﻧﮭﺎ ﻟﻔﺎﺋدة اﻟﺣﺎﻛم ،ﻛﻣﺎ ارﺗﺑطت ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﺑﻛوﻧﮭﺎ أداة ﻟﻠﮭﯾﻣﻧﺔ ﻓﻲ ﯾد اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﺗﻌﻣل ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺑرﯾر وﺗﻛرﯾس ھﯾﻣﻧﺗﮭﺎ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،وﻣﺎ ﯾﻧﺗﻘده ﻓوﻛو ھو ﺗﺻورھم ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻟﻠﺳﻠطﺔ ﻛﺂﻟﯾﺔ أو ﺟﮭﺎز ﻗﺎﺑل ﻟﻠﻧﻘل واﻟﺗﻣرﻛز ﻓﻲ ﯾد ﺟﮭﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ،
ﻟﻛن ﻓوﻛو ﻣﺗﺄﺛرا ﺑﻧﺗﺷﮫ ﻧظر ﻟﻠﺳﻠطﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣﺟرد ﺻراع إرادات وﻗوى ،وھﻲ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋﻼﻗﺎت ﻗوى
داﺧل اﻟﺟﺳم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،واﻟﺳﻠطﺔ ﺣﺳب ﻣﺷﯾل ﻓوﻛو ﻟﯾﺳت ﻣﺎدﯾﺔ أو رﻣزﯾﺔ ﺑل ھﻲ ﻣﺷﺗﺗﺔ ﻓﻲ ﺛﻧﺎﯾﺎ اﻟﺟﺳم
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﻣﺎرﺳﮭﺎ اﻟﺟﻣﯾﻊ وﯾﺳﺎھم ﻓﯾﮭﺎ ،أﻣﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﺳد ﻓﻲ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت أو ﻓﻲ ﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ
)اﻟﺟﯾش/اﻟﺷرطﺔ/اﻟﻘﺿﺎء (..ھﻲ ﻣﺟرد ﺗﻌﺑﯾرات ﻋن ﻋﻼﻗﺎت ﻗوة ﻣﮭﯾﻣﻧﺔ وﻟﯾﺳت ھﻲ ﻛل اﻟﺳﻠطﺔ ،ﯾﻘﺗرح ﻣﺷﯾل
ﻓوﻛو ﻧﻣوذﺟﺎ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎ ﻟﻠﺳﻠطﺔ ،ﻓﻼ ﯾﻧﺑﻐﻲ اﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ ﻛﻣﻠﻛﯾﺔ ﻗﺎرة وﻣﺳﺗﻘرة ﻓﻲ ﯾد ذات ﻓردﯾﺔ أو ﺟﻣﺎﻋﯾﺔ،
وإﻧﻣﺎ ﯾﺟب اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ ﻛﺈﻧﺗﺎج ﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟﺻراع ﺑﯾن اﻟﻘوى .ﺣﺳب ﻓوﻛو"ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ ھﻲ دوﻣﺎ ﺷﻛل
ﺧﺎص وﻣؤﻗت ﻟﺻراع ﻣﺎ ﯾﻔﺗﺄ ﯾﺗﻛرر ،واﻟﺻراع اﻟﻣﺗﻛرر ﺑﻛﯾﻔﯾﺔ داﺋﻣﺔ ﻻ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺎﺳﺗﻘرار اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﮭﻧﺎك ﺣرب ﻻ
ھوادة ﻓﯾﮭﺎ ،داﺋﻣﺔ وﻣﺳﺗﻣرة ﻣن أﺟل اﻟﺳﻠطﺔ ،ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻼﻗﺔ ،واﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗﺗﻐﯾر ﺑﺎﺳﺗﻣرار ،ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺣدﯾث ﻋن
ﻣرﻛز اﻟﺳﻠطﺔ أو ﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛز ،ﻓﮭﻲ ﻣﻧﺑﺛﺔ وﻣﻧﺗﺷرة ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ،وﻓﻲ داﺧل اﻟﺟﺳم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑرﻣﺗﮫ .وﺑﮭذا
اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ ﻏﯾر ﻣﻧﺿﺑطﺔ ﻟﺣدود "اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ" ،إﻧﮭﺎ ﺗﺗﺟﺎوز ﺗﺧوﻣﮫ .وﯾﺿﯾف ﻓوﻛو "ﺗوﺟد ﻋﻼﻗﺎت ﻗوة ﺑﯾن
ﻛل ﻧﻘطﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﺳم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ :ﺑﯾن اﻟرﺟل واﻟﻣرأة ﺑﯾن أﻓراد اﻷﺳرة ) (...ﺑﯾن ﻛل ﻣن ﯾﻌرف وﻛل ﻣن ﻻ ﯾﻌرف "
.وﻻ ﯾﺟب أن ﻧﻔﮭم ﻣن ذﻟك أن ﻓوﻛو ﺿد اﻟدوﻟﺔ أو ﻣن دﻋﺎة اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻓﮭو ﯾﻘول ":ﻻ أزﻋم أن
اﻟدوﻟﺔ ﻻ أھﻣﯾﺔ ﻟﮭﺎ ،ﻣﺎ أرﯾد ﻗوﻟﮫ ،ھو أن ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻘوة ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ أن اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟذي ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﺧﺿﻊ ﻟﮫ ،ﯾﺗﺟﺎوز
ﺑﺎﻟﺿرورة ﺣدود اﻟدوﻟﺔ .وذﻟك ﺑﻣﻌﻧﯾﯾن :أوﻻ وﻗﺑل ﻛل ﺷﻲء ﻷن اﻟدوﻟﺔ ،وﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ ﺣﺿور ﻛل أﺟﮭزﺗﮭﺎ ،ﺑﻌﯾدة
ﻛل اﻟﺑﻌد ﻋن أن ﺗﻛون ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻸ ﻣﺟﻣل ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ،و ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻷن اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗؤدي وظﯾﻔﺗﮭﺎ
ﺳوى ﺑﺎﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﻏﯾرھﺎ ،أي ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻘوة اﻟﻣوﺟودة .إن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻣﺎرس ﺳﻠطﺗﮭﺎ ﻋن طرﯾق ﺟﻣﯾﻊ
اﻟﺧطﺎﺑﺎت ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﯾﻛروﻓزﯾﺎﺋﯾﺔ ﻓﮭﻲ ﺣﺎﺿرة وﺛﺎوﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﺧطﺎب )أﺧﻼﻗﻲ أو اﻗﺗﺻﺎدي أو ﻋﻠﻣﻲ أو دﯾﻧﻲ( ...
ﻟذﻟك ﻧﺟد ﻓوﻛو ﯾﻘول "إن ﻛل ﺧطﺎب ھو ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﮫ ﺳﻠطﺔ" وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾذھب ﻓوﻛو ﻣذھب ﻧﯾﺗﺷﮫ ﻓﻲ
ﺗﺻوره ﻟﻠﺳﻠطﺔ ،ﻓﮭﻲ ﺗﺎرة ﺗﺳﺗﻌﻣل اﻟوھم أو اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎ واﻟﺧداع ،وﺗﺎرة ﺗﺗوﺳل ﺑﺎﻟﻌﻧف ،ﻣرة ﺗﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻘوة
67
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻔزﯾﺎﺋﯾﺔ وﻣرة أﺧرى ﺗﺳﺗﻌﻣل اﻟﺧداع اﻟﻣﺣوﺳب ﻣن أﺟل إﺧﺿﺎع اﻹرادات اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻟﻐﺎﯾﺎﺗﮭﺎ" وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻠﯾس
ﻟﺳﻠطﺔ طﺑﯾﻌﺔ ﻣﺣددة إﻧﮭﺎ ﻗوة ﻗﻣﻌﯾﺔ ﺗﺷﺗﻐل ﺑﺎﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠظروف واﻷﺣداث واﻷزﻣﻧﺔ.
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻣﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ھو أﻧﮫ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ واﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻗد ﻧظرت ﻟﻠﺳﻠطﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻗدرة ﻣﺎدﯾﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ
اﻹﻛراه واﻟﺿﺑط واﺣﺗﻛﺎر اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺷروع ﻣن أﺟل ﺳﻌﺎدة وأﻣن ﻋﻣوم اﻟﻧﺎس ﻓﺈن اﻟﻔﻛر اﻟﻣﻌﺎﺻر واﻟﻣﺎﺑﻌد ﺣداﺛﻲ ﻗد ﻏ ّﯾر
ﻣن ﻧظرﺗﻧﺎ ﻟﻠﺳﻠطﺔ ،إذ ﻟم ﺗﻌد اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﻣرﻛزة ﻓﻲ ﯾد ﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ ﺑل أﺻﺑﺣت ﻋﺑﺎرة ﻋﻼﻗﺎت واﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت ﺗﻧﮭﺟﮭﺎ
وﺗﻣﺎرﺳﮭﺎ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘوى اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ داﺧل اﻟﺟﺳم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ ﺗﻣﺎرس ﺑﺗﻛﺗﯾﻛﺎت ﻣﺗﻌدد ﺗﺎرة ﻋن طرﯾق أﺟﮭزة
ﻣﻣﺄﺳﺳﺔ ﻟﻠﺳﻠطﺔ وﺗﺎرة ﻋن طرﯾق آﻟﯾﺎت اﻟﺗﺣﻛم واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺧﻔﯾﺔ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﻧﺟد اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﻊ ﻓوﻛو ﻟم ﺗﻌد ﺣﻛرا ﻋﻠﻰ
اﻟدوﻟﺔ أو أﺟﮭزﺗﮭﺎ اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﺑل إﻧﮭﺎ ﻣوﺟودة وﺳﺎﻛﻧﺔ ﻓﻲ ﺛﻧﺎﯾﺎ ﻛل اﻟﺧطﺎﺑﺎت اﻟﻣﺗداوﻟﺔ داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻓﻔﻲ اﻟﺧطﺎب
اﻷﺧﻼﻗﻲ داﺧل اﻷﺳرة ﺗوﺟد وﺗﺧﺗﻔﻲ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ اﻟﮭﯾﻣﻧﺔ ﻣن طرف اﻷب ،وﻓﻲ اﻟﺧطﺎب اﻹﻋﻼﻣﻲ واﻹﺷﮭﺎري ﺗﺧﺗﻔﻲ ﺳﻠطﺔ
اﻟﺟﮭﺎت اﻟراﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟرﺑﺢ ،ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ ﺗوﺟد ﻓﻲ اﻟﺷﺎرع واﻟﺣداﺋق اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻣﻛﻧﺔ وھو ﻣﺎ ﺟﻌل ﻣﺷﯾل ﻓوﻛو ﯾﺗﺣدث
ﻋن ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر ﻻ ﺳﺑﯾل إﻟﻰ اﺣﺗﻛﺎر اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن طرف اﻟدوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﺗرى اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ،وﯾرﻓض ﻓوﻛو ﻣﻧظور
أﻟﺗوﺳﯾر اﻟذي ﯾﺧﺗزل اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ اﻷﺟﮭزة اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ واﻷﺟﮭزة اﻟﻘﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ،ﻓﮭﻲ ﺗﻧﻔذ إﻟﻰ ﻛل أﻧﺣﺎء وﺛﻧﺎﯾﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ،
وﺗﺗواﺟد ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘد أﻧﮫ ﺣﻛرا ﻋﻠﻰ ﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ.ﻓﮭﻲ ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن وﻓﻲ ﻻ ﻣﻛﺎن ) Partout et nulle
،(partﻻ ﻣرﻛز ﻟﮭﺎ وﻻ أطراف ،وﺗﺣﻛم ﻗﺑﺿﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء ،وھﻧﺎ ﺗﺻﺑﺢ اﻷﺣﺟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ إن ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ھﻲ اﻟﺣرﯾﺔ
وﺿﻣﺎن اﻟﺣق واﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﻣﺟرد ادﻋﺎء ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻓﺣﺻﮫ ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ.
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺣﻠﯾل/ﻓرﯾدرﯾك إﻧﺟﻠز اﻟدوﻟﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻷﺻل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺣق ﺑل ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻧف
ﻓﻲ دراﺳﺔ ﺣول اﻷﺳس اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ ﻓردرﯾك اﻧﺟﻠز ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﺳم"أﺻل اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ
واﻟﻣﻠﻛﯾﺔ واﻟدوﻟﺔ" وﺟﮫ إﻧﺟﻠز ﻧﻘدا ﻟﻛل اﻟﺗﺻورات اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧظرت ﻟﻠدوﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻷﻣن
68
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
واﻹﺳﺗﻘرار وﺿﻣﺎن اﻟﺣق وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ،إن اﻟدوﻟﺔ ﺣﺳب ﻓرﯾدرﯾك إﻧﺟﻠز ﺗﻘوم ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف وﻋﻠﻰ
اﺣﺗﻛﺎره ،وھو ﻋﻧف ﯾﺗم ﺗوﺟﯾﮭﮫ ﺗﺟﺎه طﺑﻘﺔ اﻟﺑروﻟﯾﺗﺎرﯾﺔ وھﻛذا ،ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ ﻣﺟرد أداة ﻟﻠﮭﯾﻣﻧﺔ وﻟﻠﺳﯾطرة اﻟطﺑﻘﯾﺔ
ﻣن طرف اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ ،ﻓﺎﻟدوﻟﺔ ﺣﺳب إﻧﺟﻠز ﺗﺄﺳﺳت ﺑﻌد ﺗﻔﻛﯾك ﻧظﺎم اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﻌﺷﯾرة اﻟذي ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﯾوﻧﺎن
اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣﻊ ظﮭور اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ وﺗطور اﻟﻧﻘد ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﻣﺑﺎدﻻت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻋوض اﻟﻣﻘﺎﯾﺿﺔ وھو ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺛروة ﺗﺗرﻛز ﻓﻲ
ﯾد طﺑﻘﺎت اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺟدﯾدة ﻛﺎﻧت ﻓﻲ اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣن ﯾﺣﻣﯾﮭﺎ وھﻛذا ﺟﺎءت اﻟدوﻟﺔ ﻟﻛﻲ ﺗﺣﻣﻲ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ ﻣن ﻋﻧف
اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺑروﻟﯾﺗﺎرﯾﺔ وﺿﻣﺎن اﻟﺳﯾطرة ﻟﻠطﺑﻘﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ،وھﻛذا ﻓﺎﻟدوﻟﺔ ذات وظﯾﻔﺔ ﻗﻣﻌﯾﺔ أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ھﻲ أداة ﻟﺗﻠطﯾف
اﻟﺻراع واﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣﻧﮫ ،ﻓﮭﻲ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﺿﻣﻧت ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ ﺣق ﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻻ أﻧﮭﺎ ﺳﻌت ﻟﻠﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮫ ﻟﺣﺳﺎب طﺑﻘﺔ
أﺧرى وھﻛذا ﯾرى ﻣﺎرﻛس وإﻧﺟﻠز أن ﻣﺎ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣواﺟﮭﺗﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﻌﻧف اﻟﺛوري اﻟذي ﺳﯾؤدي إﻟﻰ
زوال اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮭﺎ وﺗﻔﻛﯾك ﺑﻧﯾﺔ اﻟﮭﯾﻣﻧﺔ واﻟﺗﻣﺎﯾز اﻟطﺑﻘﻲ اﻟذي ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﮫ اﻟدوﻟﺔ ﻟﺻﺎﻟﺢ
ﺗﻧظﯾم ﺟدﯾد وﻣرﺣﻠﺔ ﺟدﯾدة ﺗﺻﺑﺢ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﻣﺎل.
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ /ﻣﺎﻛس ﻓﯾﺑر اﻟﻌﻧف اﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﮫ اﻟدوﻟﺔ ﻣﺷروع وﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧون وﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻋﻧف اﻷﻓراد
ﻣﺎرس اﻟﺗﺻور اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻣﻊ اﻧﺟﻠز وﻣﺎرﻛس إﻏراءا ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺻورات اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﮭﺎ
ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﮫ اﻟﻣﺎدي اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟوظﯾﻔﺔ اﻟدوﻟﺔ وﺑﻧﯾﺗﮭﺎ ،ﻟﻛن اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﮭﺎ أوروﺑﺎ واﻧﮭﯾﺎر اﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﻲ
ﺟﻌل اﻟﺟﻣﯾﻊ ﯾﻧظر ﻟﻠﺗﺻور اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﺑﺄﻧﮫ ﺗﺻور وﺛوﻗﻲ ﺣﯾﻧﻣﺎ آﻣن ﺑﺗﺟﺎوز اﻟدوﻟﺔ ﻧﺣو اﻟﺷﯾوﻋﯾﺔ ،ﻛﻣرﺣﻠﺔ ﯾﺻﺑﺢ
ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻣﺗﺳﺎوون ،وھو ﻣﺎ ﺳﯾﻌرف ﻧﻘﺎﺷﺎ داﺧل اﻟﻔﻛر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﺑﯾن ﻣن ﯾﻧﺑذ اﻟﻌﻧف وﻣن ﯾﺑرر اﺣﺗﻛﺎر
اﻟدوﻟﺔ ووظﯾﻔﺗﮭﺎ اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻧف واﺣﺗﻛﺎره اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﮭﺎ ذﻟك ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد
ﻧﺟد أطروﺣﺔ ﻣﺎﻛس ﻓﺑﯾر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﻌﺎﻟم واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ" اﻟﺗﻲ داﻓﻊ ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺻور ﻗﯾﺎم دوﻟﺔ دون ﻋﻧف،
إن اﻟدوﻟﺔ ﺗﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره آﻟﯾﺗﮭﺎ وﻣﺎھﯾﺗﮭﺎ ﻟﺑﺳط ﻧﻔوذھﺎ وﺳﯾﺎدﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎﻟﮭﺎ اﻟﺗراﺑﻲ ،ﻟذﻟك ﻛﺎﻧت
ﻛل اﻟدول ﺗﻣﯾل ﻣﻧد ﺗﺄﺳﯾﺳﮭﺎ إﻟﻰ اﺣﺗﻛﺎر اﻟﻌﻧف وﺷرﻋﻧﺗﮫ ﻋﺑر اﻟﻘواﻧﯾن ﺳﺎﺣﺑﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ ﻣن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻔﺋﺎت
اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓردﯾﺔ ﻛﺎﻧت أو ﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻧف ﻟﯾس ﻓﻌﻼ ﻏرﯾﺑﺎ داﺧل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺑل إﻧﮫ اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﺿرورﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﺗﻘوﯾﺗﮭﺎ وﺗﺟدﯾدھﺎ ﺑﺎﺳﺗﻣرار ،ﻷن اﻟﻘواﻧﯾن وﺣدھﺎ ﻻ ﺗﺿﻣن اﻷﻣن واﻟﺣق وﺳﯾﺎدة اﻟﻌداﻟﺔ ﺑل اﻟﻘوة ،ﺑل إن
ﻏﯾﺎب اﺣﺗﻛﺎر اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻌﻧف وﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ ﺳﯾﻠﻐﯾﮭﺎ وﯾﻌﯾدﻧﺎ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ واﻟﻔوﺿﻰ ،ﻟذﻟك ﻧﺟد اﻟدوﻟﺔ ﺗﻌﻣل
ﺑﻣﺧﺗﻠف اﻟوﺳﺎﺋل اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠﻛﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻘوﯾﺔ اﺣﺗﻛﺎرھﺎ ﻟﻠﻌﻧف وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﺗﻧﻔق اﻟدوﻟﺔ ﻣن اﻷﻣوال
أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﺗﻧﻔﻘﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎﻻت ﺣﯾوﯾﺔ أﺧرى ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟرﻋﺎﯾﺎ اﻟﺻﺣﯾﺔ واﻹﻋﻼم و اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ...واﻟﻌﻧف اﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﮫ اﻟدوﻟﺔ ﯾﺟﻌﻠﮭﺎ اﻟﺟﮭﺔ اﻟوﺣﯾدة اﻟﻣﺧوﻟﺔ ﺑذﻟك )اﻟﺳﺟن/اﻻﻋﺗﻘﺎل/اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ /ﻋﻘﺎب اﻟﻣﺟرﻣﯾن واﻟﻣﻧﺣرﻓﯾن(...وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾؤﻛد ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﻌﺎﻟم واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ" ":ﺗﻌﺗﺑر اﻟدوﻟﺔ إذن
ھﻲ اﻟﻣﺻدر اﻟوﺣﯾد 'ﻟﻠﺣق ' ﻓﻲ اﻟﻌﻧف".
ﻣﺳﺗوى اﻟﻧﻘد اﻟﺟذري /ﺟﺎﻛﻠﯾن روس اﻟﻌﻧف ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣﺷروﻋﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون
إن اﻟﺗطور اﻟذي ﻋرﻓﺗﮫ ﻣﻧظوﻣﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻔﻛر اﻟﺣﻘوﻗﻲ ﻋﻣوﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻔﻛرﯾن ﯾداﻓﻌون ﻋن
ﺿرورة ﺗﺟﺎوز اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻌﻧف ،ﻷن اﻟﻌﻧف ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺑرﯾره أو ﻗﺑوﻟﮫ ﺗﺣت أي دﻋوى ﻛﺎﻧت ﺳواء ﻣن طرف اﻟدوﻟﺔ
أو ﻣن طرف اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ )ﺣرﻛﺎت اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو ﻣدﻧﯾﺔ( إن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺣﺳب ھؤﻻء ﻻ
ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﺑل ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون ،ﻟذﻟك ﻓﮭﻲ دوﻟﺔ ﺣق وﻗﺎﻧون ﻛﻣﺎ ﺗﺳﻣﯾﮭﺎ ﺟﺎﻛﻠﯾن روس ،ﻓﺎﻟدوﻟﺔ
اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺗﺣﺗرم اﻟﻣواطﻧﯾن ﻷﻧﮭم أﺷﺧﺎص وﻟﯾﺳوا رﻋﺎﯾﺎ،ﻟذﻟك ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺧوﯾﻔﮭم أو ﺗرھﯾﺑﮭم ،وھﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺎت
ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ دوﻟﺔ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون ،ﻟذﻟك داﻓﻌت ﺟﺎﻛﻠﯾن روس ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﻋﻘﻠﻧﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ وﺿرورة
اﺣﺗراﻣﮭﺎ ﻟﻠﻘواﻧﯾن وﻟﺣرﯾﺔ اﻷﻓراد ،ودوﻟﺔ اﻟﺣق ﺗﻘوم ﺣﺳب ﺟﺎﻛﻠﯾن روس ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻘوﻣﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ:
69
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
وھﻛذا ﻓﺈن اﻟﻌﻧف ﻋﻧد ﺟﺎﻛﻠﯾن روس ﻻ ﯾﺻﺑﺢ ﻟﮫ أي ﻣﺑرر داﺧل دوﻟﺔ اﻟﺣق ﺑل ﺗﺻﺑﺢ دوﻟﺔ اﻟﺣق ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﻘواﻧﯾن وﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻷﻓراد واﻟﻧظر إﻟﯾﮭم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھم أﺷﺧﺎص أﺣرار ﯾﺳﺗﺣﻘون اﻟﻌﯾش ﺑﻛراﻣﺔ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد
ﺗﻘول ﺟﺎﻛﻠﯾن روس":ﺗﺗوﻓر دوﻟﺔ اﻟﺣق -ﺑﻔﺿل ھذه اﻟﻘوى اﻟﺛﻼث -ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻲ
ﯾرى ﺑﻔﺿﻠﮭﺎ ﻛل اﻷﻓراد أﻧﮭم ﻣﺣﺗرﻣون و ﻣﺣﻣﯾون".
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ،ھو أﻧﮫ ﺻﺣﯾﺢ ﻣﺎ دھب إﻟﯾﮫ اﻧﺟﻠز ﻣن ﻛون اﻟدوﻟﺔ ﺗﻣﺎرس اﻟﻌﻧف وﺗﻠﺟﺄ إﻟﯾﮫ ،ﻏﯾر أن
ﻋﻧف اﻟدوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ذھب إﻟﻰ ذﻟك ﻣﺎﻛس ﻓﯾﺑر ﯾﻛون ﻋﻧﻔﺎ ﻣﺑررا وﻟﯾس ﻋﻧﻔﺎ ﺷﺑﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌﻧف اﻟذي ﯾﻣﺎرﺳﮫ اﻷﻓراد أو
اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت-اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻧﻔﺎ ﺗدﺧﻠﮫ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗوﺟب ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ وﺗطﺑﯾق اﻟﻌﻘﺎب ﻋن طرﯾق
اﻟﻘﺎﻧون -ﻟﻛن اﻟدوﻟﺔ ﺣﺗﻰ إن ﻛﺎﻧت ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف وﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺑرﯾره ﻋن طرﯾق اﻟﻘواﻧﯾن ﻓﮭﻲ ﻻ ﺗﻘوم داﺋﻣﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﻧف ﻓﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ھﻲ دوﻟﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻧﮭﺎر ،ﺑل ﺗﺣﺗﺎج اﻟدوﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ وھﻲ ﺗﻌﻣل
ﻋﻠﻰ ﺗﺛﺑﯾﺗﮭﺎ وﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ ﻟﯾس اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟﻌﻧف داﺋﻣﺎ ﺑل إﻟﻰ اﻟﻘوة اﻟﻧﺎﻋﻣﺔ Soft powerﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ،ھﻧﺎ
ﺗﺣﺿر اﻷﺟﮭزة اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف أدواﺗﮭﺎ إﻋﻼﻣﺎ ﻛﺎﻧت أو ﻣدرﺳﺔ أو ﺛﻘﺎﻓﺔ ،...وواﺿﺢ ﻣن ﻛل ﻣﺎ ﺳﺑق أن
اﻟدوﻟﺔ ﻛﺈطﺎر ﯾﻧﺗظم اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮫ ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼﻓﺎﺗﮭم ﯾطرح أﻣﺎﻣﻧﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﻧطوي ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻠﺔ
ﻣن اﻟﻣﻔﺎرﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﮭﺎ إﻻ ﺑﺎﻻﻧﻔﺗﺎح ﻋﻠﻰ ﻣﻔﮭوﻣﻲ اﻟﻌﻧف واﻟﺣق واﻟﻌداﻟﺔ ،وإذا ﺗﺄﻣﻠﻧﺎ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ
اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺳواء ﻛﺎﻧت دوﻟﺔ ﺣق وﻗﺎﻧون ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﺳﺗطﻊ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻣطﺎﻟﺑﯾن ﺑﻔﺣص ھذا
اﻟﻣﻔﮭوم ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻟﻛﻲ ﻧﻘف ﻋﻠﻰ أﺻل اﻟﻌﻧف وأﺷﻛﺎﻟﮫ وﻣﺑررات اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﮫ.
70
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
71
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
-1ﻣﺎ اﻟﻌﻧف وھل ھو ﻓطري ﻣﺗﺄﺻل ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ،أم أﻧﮫ ﺳﻠوك ﻣﻛﺗﺳب ﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻣد ﻣﻧﮭﺎ اﻟﻔرد اﻷﺳس اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧظر ﺑﮭﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟم؟وﻣﺎ ھﻲ أﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرس ﻓﻲ
اﻟواﻗﻊ ﻣن طرف اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن وﻣن دوﻟﺔ ﺗﺟﺎه دوﻟﺔ أﺧرى؟ھل ﯾﻣﻛن ﺣﺻر اﻟﻌﻧف ﻓﯾﻣﺎ ھو
ﻣﺎدي أم أن ﻟﻠﻌﻧف أﺷﻛﺎل ﻻ ﻣرﺋﯾﺔ ﺗﺷﻣل ﻣﺎ ھو رﻣزي وﺛﻘﺎﻓﻲ ؟
-2ﻛﯾف ظﮭر اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ؟ وھل ﻟﻠﻌﻧف أي دور ﺗﺄﺳﯾﺳﻲ ﻋﺑر اﻟﺗﺎرﯾﺦ؟ھل ﯾﻌود
ﺣﺿوره ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ إﻟﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ أم إﻟﻰ اﻷﻧﺳﺎق اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻐذﯾﮫ وﺗدﻓﻊ إﻟﯾﮫ؟
-3ھل ﯾﻣﻛن ﺗﺑرﯾر ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻧف؟ ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ھل اﻟﻌﻧف ﻣﺷروع أم ﻏﯾر ﻣﺷروع؟ وھل
ﯾﻣﻛن إﺿﻔﺎء طﺎﺑﻊ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺎ ﯾؤذي اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺎدﯾﺎ أو رﻣزﯾﺎ؟ وﻣﺎ ﻗﯾﻣﺔ اﻟدوﻟﺔ إن ﻛﺎﻧت
ﻏﯾر ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺣد ﻣن اﻟﻌﻧف ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﺗﺗطور وﺳﺎﺋل ﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ واﻧﺗﺷﺎره؟
72
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻧﺟد أن اﻟﻌﻧف ﺿد اﻟرﻓق ،أﻣﺎ اﺻطﻼﺣﺎ ﻓﻘد ﺗﻌددت ﺗﻌرﯾﻔﺎﺗﮫ ﺑﺗﻌدد اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت وﻣﻧﺎھﺞ اﻟﻣﻌرﻓﺔ
اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻰ ﺗﻌرﯾﻔﮫ ،وﺗﻌدد زواﯾﺎ اﻟﻧظر إﻟﯾﮫ ،وﻣن ھذه اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت :أوﻻ :ﻓﻌل ﻣﺿﺎد ﻟﻠرﻓق،وﻣرادف ﻟﻠﺷدة
واﻟﻘﺳوة )اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ /ﺟﻣﯾل ﺻﻠﯾﺑﺎ ( ،ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﺧطﺎب أو ﻓﻌل ﻣؤذ أو ﻣدﻣر ﯾﻘوم ﺑﮫ ﻓرد أو ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺿد أﺧرى)
ﺑﺎرﺑرا وﯾﺗﻣر( ،وﻋرﻓﮫ ﺑول ﻓوﻟﻛﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﺗرﺑوي :ﺑﺎﻟﻠﺟوء ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع إﻟﻰ اﻟﻘوة ،ﺳواء ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن
ﺣﻘوق اﻟﻔرد أو ﺣﻘوق اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾدل اﻟﻌﻧف ﻓﻲ ﺗﻌرﯾﻔﮫ اﻷﻛﺛر ﺗداوﻻ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺳﻠوك ﯾﻠﺣق أذى ﺑﺎﻟﻐﯾر ،ﺳواء
ﻛﺎن ذﻟك اﻷذى ﻣﺎدﯾﺎ أو ﻣﻌﻧوﯾﺎ ،وﯾﻌرﻓﮫ ﻻﻻﻧد ﻓﻲ ﻣﻌﺟﻣﮫ اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﺑﺄﻧﮫ اﻹﺳﺗﺧدام ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع ﻟﻠﻘوة ،وﺗرى
ﺣﻧﺔ أرﻧدت ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮭﺎ "ﻣن اﻟﻛذب إﻟﻰ اﻟﻌﻧف" أن اﻟﻘوة ﻻ ﺗﺗﺣول إﻟﻰ ﻋﻧف إﻻ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﺗﺧدم ﻛﺄداة ﻟﻠﺳﯾطرة
واﻟﮭﯾﻣﻧﺔ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻد ﺗﻘول"اﻟﺳﻠطﺎن واﻟﻘوة واﻟﺳﻠطﺔ واﻟﻌﻧف ،ﻛﻠﮭﺎ ﻛﻠﻣﺎت ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﮭﺎ
اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﺟل اﻟﮭﯾﻣﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن وھﻲ ﻛﻠﮭﺎ ﻣﺗرادﻓﺎت ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻘوم ﺑﻧﻔس اﻟوظﯾﻔﺔ" ،ﻷن اﻟﻌﻧف اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ
ﺣﺳب ﺣﻧﺔ ارﻧدت ﯾﺗﻣﯾز ﺑطﺎﺑﻌﮫ اﻟﻐﺎﺋﻲ ﻷﻧﮫ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺻد واﻟﺗﻧظﯾم واﻹرادة وھذا ﻣﺎ ﯾﻣﯾزه ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف
اﻟﺣﯾواﻧﻲ.
إن اﻟﻌﻧف إذن واﻗﻌﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻧﺗﺷرت ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﻟراھﻧﺔ ،ﺑل أﻛﺛر ﻣن
ذﻟك ،إن ﺗطور اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﺗطوﯾر ﺗﻘﻧﯾﺎت ووﺳﺎﺋل ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻧف وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﺗﺳﺎءل :ﻣﺎ اﻟﻌﻧف وھل ھو
ﻓطري ﻣﺗﺄﺻل ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ،أم أﻧﮫ ﺳﻠوك ﻣﻛﺗﺳب ﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻣد ﻣﻧﮭﺎ اﻟﻔرد اﻷﺳس اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﻧظر ﺑﮭﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟم؟وﻣﺎ ھﻲ أﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرس ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻣن طرف اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن وﻣن دوﻟﺔ ﺗﺟﺎه
دوﻟﺔ أﺧرى،ھل ﯾﻣﻛن ﺣﺻر اﻟﻌﻧف ﻓﯾﻣﺎ ھو ﻣﺎدي)اﻟﺣرب ﻣﺛﻼ( أم أن ﻟﻠﻌﻧف أﺷﻛﺎل ﻻ ﻣرﺋﯾﺔ وﻟطﯾﻔﺔ وﻧﺎﻋﻣﺔ ﯾﺗم
ﺗﻘﺑﻠﮭﺎ وﻛﺄﻧﮭﺎ أﻓﻌﺎل ﻣﺷروﻋﺔ؟
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻧﺟد اﺧﺗﻼﻓﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر أﺳﺑﺎب اﻟﻌﻧف وﺑواﻋﺛﮫ ﻟدى اﻟﻌدﯾد ﻣن
اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﻌﻠﻣﺎء وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد واﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ دراﺳﺎﺗﮫ اﻹﻛﻠﯾﻧﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧﻔﺳﻲ ﺧﻠص ﺳﯾﺟﻣوﻧد
ﻓروﯾد وداﻓﻊ ﻋﻠﻰ أن ھﻧﺎ ك ﻧزوع ﻋدواﻧﻲ ﻓطري ﻣﺗﺄﺻل ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ،ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻌﻧف ﻟﯾس ﺳﻠوﻛﺎ ﻣﻛﺗﺳﺑﺎ ﺑل
ھو ﻣﯾل طﺑﯾﻌﻲ ﯾﺗﺟﺳد ﻟدى اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧد اﻟﻠﺣظﺔ اﻷوﻟﻰ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟرﺿﯾﻊ ﺑﺄﻣﮫ ،ﻓﺎﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﺛدي اﻷم ﺣﺳب
ﻓروﯾد ﻻ ﺗﻌﺑر ﻋن ﺣﺎﺟﺔ ﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ إﻟﻰ اﻷﻛل ﻓﺣﺳب ﺑل ﺗﻌﺑر ﻋن اﻟرﻏﺑﺔ ﻛذﻟك ﻓﻲ إﺷﺑﺎع ﻟذاﺗﮫ اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ وإﻟﻰ
ﺗﺻرﯾف رﻏﺑﺎﺗﮫ وھو ﻣﺎ ﯾﻌﺑر ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟﺑﻛﺎء ،ﻟذﻟك ﺳﻌﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻛل أﻧﺳﺎﻗﮫ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺣد ﻣن
ﻋدواﻧﯾﺔ اﻷﻓراد وﻛﺑﺢ رﻏﺑﺎﺗﮭم ودﻓﻌﮭم ﻟﻠﺗﺳﺎﻣﻲ ﺑﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾرﺿﻲ اﻷﻧﺎ اﻷﻋﻠﻰ أو ﻛﺑﺗﮭﺎ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻟﻼﺷﻌور ،وھﻛذا ﻓﻔﻲ ﻏﯾﺎب اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﺣﺳب ﻓروﯾد ﻻ ﯾوﺟد ﻣﺎ ﯾﻛﺑﺢ ﻣﯾل اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ اﻟﻌﻧف واﻟﺗدﻣﯾر ﺗﺟﺎه اﻹﻧﺳﺎن،
وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﺻﻧف ﻓروﯾد اﻟﻐراﺋز اﻟﺑﺷرﯾﺔ إﻟﻰ ﻧوﻋﯾن :ﻏراﺋز اﻟﺣﯾﺎة Erosوﻏراﺋز اﻟﻣوت Thanatosوھذا
اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻐراﺋز ھو ﻣﺎ ﯾدﻓﻊ اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ اﻟﺗﺻرف ﺑﻌﻧف وﻗﺳوة ﺗﺟﺎه ذاﺗﮫ "اﻟﻣﺎزوﺷﯾﺔ" وﺗﺟﺎه ﻏﯾره
"اﻟﺳﺎدﯾﺔ" sadismeوﯾﻔﺳر ﻓروﯾد اﻟﻣﯾل ﻟﻠﻌﻧف ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﺑﺎﻟرﻏﺑﺎت اﻟدﻓﯾﻧﺔ و
ﺑﺎﻟﻌﻘد اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﺷﻌورﯾﺔ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﻧﺗﺷﮫ ":ﻧﺷﻌر ﺑﺎرﺗﯾﺎح ﺣﯾن ﻧرى اﻵﺧرﯾن ﯾﺗﺄﻟﻣون ،وﻧﺷﻌر
ﺑﺎرﺗﯾﺎح أﻛﺑر ﺣﯾن ﻧؤﻟﻣﮭم.إﻧﮭﺎ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻗﺎﺳﯾﺔ ،وﻟﻛﻧﮭﺎ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻗدﯾﻣﺔ وﻗوﯾﺔ".
ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ داﺧﻠﯾﺔ ﻟﻣوﻗف ﺳﯾﺟﻣوﻧد ﻓروﯾد/ﻛوﻧراد ﻟورﯾﻧﺗز ﻻﯾﻣﻛن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﺑﺎﻟﺧطﺎﺑﺎت اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ
73
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﯾداﻓﻊ ﻛوﻧراد ﻟورﯾﻧﺗز ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﻧف ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻓﻌﻼ ﻋدواﻧﯾﺎ ھو ﻓطري ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ،ﻛﻣﺎ ھو
اﻷﻣر ﻟدى ﺳﺎﺋر اﻟﺣﯾواﻧﺎت ،ﻏﯾر أن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮫ ﯾﺳﺗوﺟب آﻟﯾﺎت ﻛﺎﺑﺣﺔ ﻟﮫ ،ﺗﺳﺗﻣد ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﺻدر اﻟﻣوﻟد ﻟﻠﻌﻧف،
اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻐرﯾزة واﻹﻧﻔﻌﺎل ،واﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻐراﺋز واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﻣوﻟدة ﻟﮫ ،وھﻛذا
اﻋﺗﺑر ﻛوﻧراد ﻟورﯾﻧﺗز أن اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻷﺧﻼق واﻟﻌﻘل واﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻷﻧﺳﺎق اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣﻘق
ذﻟك ﻣﺎدام أن اﻟﻌﻧف واﻟﻌﻘل ﻣن طﺑﯾﻌﺗﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔﺗﯾن ،وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﮫ ﻣﺧﺗﻠﻔﺎ ﻣﻊ ﻓروﯾد وﻣﻊ طوﻣﺎس ھوﺑز إذ ﺗﺑدوا
اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ھﻧﺎ ﻋدﯾﻣﺔ اﻟﺟدوى ﻓﻲ إﻣداد اﻷﻓراد ﺑﻣﺎ ﯾﻛﺑﺢ ﻋدواﻧﯾﺗﮭم.
ﺗﺻورات ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ وﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ ﺗرى أن اﻟﻌﻧف ﻣﻛﺗﺳب وﯾﻌود إﻟﻰ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وھو رﻣزي وﻣﺎدي/
إﯾرﯾك ﻓروم
ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘﯾض ﻣن ﻓروﯾد ﯾرﻓض إرﯾك ﻓروم أن ﯾﻛون أﺻل اﻟﻌﻧف ﻓطري وﻣﺗﺄﺻل ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ﺑل ﯾﻌود إﻟﻰ
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻌﻧف ﻣن أﺟل اﻟﺗﺧرﯾب واﻟﺗدﻣﯾر ،وﯾﺳﺗدل ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﻣﻣﺎﺛﻠﺔ
ﺑﯾن دﻻﻟﺔ اﻟدم ﻓﻲ ﺣﺿﺎرﺗﻧﺎ اﻟذي ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ورﻣزﯾﺗﮫ ﻟدى اﻟﺣﺿﺎرات واﻟﺷﻌوب اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،ﻓﺎﻟدم ﻛﺎن ﯾرﻣز
إﻟﻰ اﻟطﻘوس واﻟﺷﻌﺎﺋر اﻟدﯾﻧﯾﺔ وإﻟﻰ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﮭذه اﻟطﻘوس ﺑدﻣﮫ ﻛدﻟﯾل ﻋﻠﻰ إﺧﻼﺻﮫ ﻟﮭﺎ ،أﻣﺎ اﻟﺣروب ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻣﻧﺎ
ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﻧﺗﯾﺟﺔ ظروف ﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻗﺗﺿت ﻣن اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻌﻧف ﻷﺟل ﺗﺣﻘﯾق رﻏﺑﺎﺗﮫ وأھداﻓﮫ وﻓﻲ ھذا
اﻟﺻدد ﯾﻘول إرﯾك ﻓروم "ﻟﯾﺳت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ ﻓﺟﺄة إﻟﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮭذه اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت ،ﺑل
ھﻧﺎﻟك طﺎﻗﺔ ﺗدﻣﯾرﯾﺔ ﻛﺎﻣﻧﺔ ﺗﻐذﯾﮭﺎ ﺑﻌض اﻟظروف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ واﻷﺣداث اﻟﻣﻔﺎﺟﺋﺔ ﻓﺗدﻓﻊ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻟظﮭور".
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ /أﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف )ھﻧﺎك اﻟﻌﻧف اﻟرﻣزي ﻣﻊ ﺑﯾﯾر ﺑوردﯾو( و)اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺎدي ﻣﻊ ﻛﻠوزﻓﯾﺗش وﻣﯾﺧﺎﺋﯾل
واﻟزار(
وھﻛذا ﯾﺑدوا اﻟﻌﻧف ﺛﺎرة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻣﯾل طﺑﯾﻌﻲ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن وﺛﺎرة أﺧرى ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟظروف
ﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﺳوءا ﻛﺎن اﻟﻌﻧف ﻓطرﯾﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن أم ﺗﻌﺑﯾر ﻋن ظروف ﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ھو ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ﺟﺳد ﻋﺟز اﻹﻧﺳﺎن
رﻏم ادﻋﺎﺋﮫ ﻟﻠﻌﻘﻼﻧﯾﺔ واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻘل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﻠص ﻣﻧﮫ ﺑل إن اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ واﻧﺗﺻﺎر اﻟﻌﻠم أدى إﻟﻰ ﺗطوﯾر
آﻟﯾﺎت ﻟﻠﺗطوﯾﻊ واﻟﮭﯾﻣﻧﺔ ﺗﺣول ﻣﻌﮭﺎ اﻟﻌﻘل ﻣن أداة ﻟﻠﺗﺣرر إﻟﻰ ﻋﻘل أداﺗﻲ ﻟﻠﺳﯾطرة واﻟﺳﻠب واﻟﻧﻔﻲ واﻟﺗﺷﯾﻲء وھﻛذا
أﺻﺑﻊ اﻟﻌﻧف ﯾﺷﺗﻐل ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت وﺗﻛﺗﯾﻛﺎت دﻗﯾﻘﺔ ﺟدا وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﻧﺟد ﻋﺎﻟم اﻻﺟﺗﻣﺎع اﻟﻣﻌﺎﺻر ﺑﯾﯾر
ﺑوردﯾو ﯾﺗﺣدث ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﯾﮫ "اﻟﮭﯾﻣﻧﺔ اﻟدﻛورﯾﺔ" و "إﻋﺎدة اﻹﻧﺗﺎج" ﻋن اﻟﻌﻧف اﻟرﻣزي اﻟذي ھو ﻋﻧف ﻏﯾر ﻓﯾزﯾﺎﺋﻲ،
ﯾﺗم أﺳﺎﺳﺎ ﻋﺑر وﺳﺎﺋل اﻟﺗرﺑﯾﺔ وﺗﻠﻘﯾن اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎ ،وھو ﺷﻛل ﻟطﯾف وﻏﯾر ﻣﺣﺳوس ﻣن اﻟﻌﻧف ،وھو
ﻏﯾر ﻣرﺋﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺿﺣﺎﯾﺎه أﻧﻔﺳﮭم .وﯾﻧﺗﻘد ﺑوردﯾو اﻟﻔﻛر اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ اﻟذي ﻟم ﯾوﻟﻲ اھﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﺑﯾرا ﻟﻸﺷﻛﺎل اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ
ﻟﻠﻌﻧف اﻟرﻣزي ،ﻣﮭﺗﻣﺎ أﻛﺛر ﺑﺄﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺎدي واﻻﻗﺗﺻﺎدي .ﻛﻣﺎ أﺷﺎر ﺑوردﯾو إﻟﻰ أن اﻟﻌﻧف اﻟرﻣزي ﯾﻣﺎرس
ﺗﺄﺛﯾره ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻧﻔﺳﮫ ،ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﻓﻌﺎل وﯾﺣﻘق ﻧﺗﺎﺋﺞ أﻛﺛر ﻣن ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣﻘﻘﮭﺎ اﻟﻌﻧف
وﻣﻌﺎن ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑوﺻﻔﮭﺎ دﻻﻻت
ِ اﻟﻣﺎدي أو اﻟﺑوﻟﯾﺳﻲ .ﯾﻌرﱢ ف ﺑوردﯾو اﻟﻌﻧف اﻟرﻣزي ﺑﺄﻧﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻓرض دﻻﻻت
وﻣﻌﺎن ﺷرﻋﯾﺔ ،وإﺧﻔﺎء ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل اﻷﺳﺎس اﻟذي ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﯾﮫ ھذه اﻟﻘدرة ،وﯾﻧطﺑق اﻟﻣﻔﮭوم ﻋﻠﻰ أي ِ
ﺗﻛوﯾن اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺗم إدراﻛﮫ ﻛﻧﺳق ﻟﻠﻘوة .وﺗﻌد اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﺑﻛل ﺗﺟﻠﯾﺎﺗﮭﺎ :ﻓﻲ اﻟﻣﻧزل ،ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ،ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ ،ﻓﻲ
اﻹﻋﻼم ﻣﺻدرا ً ﻟﻠﻌﻧف اﻟرﻣزي ﻓﺎﻟﻧﺷﺎط اﻟﺗرﺑوي ﻣﺛﻼ :ﺣﺳب ﻣﺎ ﯾرى ﺑوردﯾو ﯾﻣﺛل ﻣوﺿوﻋﯾﺎ ً ﻧوﻋﺎ ً ﻣن اﻟﻌﻧف
اﻟرﻣزي ،وذﻟك ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻓرض ﻣن ﻗﺑل ﺟﮭﺔ ﻋﻠﯾﺎ"ﻣﺗﻌﺳﻔﺔ" ،ﺣﯾث ﺗﺳﮭم ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ﻓﻲ ﺗوطﯾد ھﯾﻣﻧﺔ
اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﺳﯾطرة ،وﺗﻌﻣل ﻓﻲ ذات اﻟوﻗت ﻋﻠﻰ ﺗرﺳﯾﺦ اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻟﻣﻌﺎرﻓﮭﺎ وﺧﺑراﺗﮭﺎ ﺣﯾث ﯾﺣدد
اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺗرﺑوي اﻟﻐﺎﻟب ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺳوق اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ أو اﻟرﻣزﯾﺔ وﻗد أﻓﺎض ﺑوردﯾو ﻓﻲ ﺷرح ﺗﻠك اﻟﻔﻛرة ﻋﻧد ﺣدﯾﺛﮫ
ﻋن اﻟﺗﻘﺎﺑل ﺑﯾن اﻟذﻛورة واﻷﻧوﺛﺔ ،ﻓﮭو ﯾرى أن اﻟوﺳﯾﻠﺔ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻊ Naturalisationاﻟﺗﻘﺎﺑل ﺑﯾن اﻟذﻛورة واﻷﻧوﺛﺔ
74
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ھﻲ إدﺧﺎل ﺗﻠك اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﻘﺎﺑﻼت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺣﺻر اﻟﻣرأة ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ ﻣﺣددة :ﻣﻧزﻟﯾﺔ ورﻋوﯾﺔ ﻓﻲ
ﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣواﻗﻊ اﻟذﻛورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺷر ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻌﺎم ،وھﻛذا إن اﻟﺗﻘﺎﺑل ﺑﯾن اﻟذﻛورة واﻷﻧوﺛﺔ ﯾﺗﺟﺳد أو ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ
ﺷﻛل اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺟﺳد أو اﺗﺧﺎذ أوﺿﺎع ﻓﻲ أﺷﻛﺎل ﻣن اﻟﺗﺻرﻓﺎت واﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت ،وﻓﻲ أﺷﻛﺎل ﻣن اﻟﺗﻘﺎﺑﻼت وﺑﺷﻛل
ﺧﺎص طرﯾﻘﺔ اﺳﺗﺧدام اﻟﻔم ،اﻟرﺟل ﯾﺄﻛل ﺑﻣلء ﻓﻣﮫ وﯾﻔﺗﺣﮫ ﺑﺷﻛل واﺳﻊ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﺄﻛل اﻟﻣرأة ﺑﺷﻛل ﻣﺧﺎﻟف ﺑﻧﮭﺎﯾﺔ
اﻟﻔم وﻛﺄﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺄﻛل ،ﻛﻣﺎ ﺗﺗﺟﻠﻰ اﻟﺗﻘﺎﺑﻼت ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ اﺳﺗﻘﺑﺎل اﻟﻧﺎس:اﻟرﺟل ﯾﻧظر ﻣﺑﺎﺷرة وﺟﮭﺎ ً ﻟوﺟﮫ ﻟﻣن ﯾﺳﺗﻘﺑﻠﮫ،
ﻓﻲ ﺣﯾن ﻻ ﺗﺳﺗﺧدم اﻟﻣرأة ﻧﻔس اﻟﺣرﻛﺎت ،ﺑل ﺗﻧظر ﺑﻣوارﺑﺔ ﺑﻧوع ﻣن اﻟﺧﺟل واﻻﻧﺣﻧﺎء .إﻧﮭﺎ ﺧﺻﺎﺋص ﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ
ﺗرﺗﺑط ﺑﮭﺎ ﺻﻔﺎت أﺧﻼﻗﯾﺔ ﻣﺗﻘﺎﺑﻠﺔ :اﻟﺻراﻣﺔ واﻻﺳﺗﻘﺎﻣﺔ واﻟﺻراﺣﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠرﺟل ،واﻻﺣﺗﺷﺎم واﻟرﻗﺔ واﻻﻧﻌزال
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣرأة .إن اﺧطر أﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف ھو اﻟﻌﻧف اﻟرﻣزي اﻟذي ﯾﻘﺑﻠﮫ اﻟﺿﺣﺎﯾﺎ وﯾﺷرﻋﻧوﻧﮫ.
)اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺎدي ﻣﻊ ﻛﻠوزﻓﯾﺗش وﻣﯾﺧﺎﺋﯾل واﻟزار(
ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ھذا اﻟﺷﻛل ﻣن اﻟﻌﻧف ،ھﻧﺎك اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺎدي اﻟذي ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ أﻛﺛر أﺷﻛﺎل اﻟﺳﻠوك ﺗدﻣﯾرا وھﻲ اﻟﺣرب
اﻟﺗﻲ ﯾرى ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺑﻌض وﻣن ﺑﯾﻧﮭم ﻓﺎن ﻛﻠوزﻓﯾﺗش ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺿرورﯾﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻣن واﻻﺳﺗﻘرار واﻟﻐﻠﺑﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﺧﺻم وﺗﺧوﯾﻔﮫ ،وھﻛذا ﻋرف ﻛﻠوزﻓﯾﺗش اﻟﺣرب ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﻋﻼﻗﺔ ﻋداﺋﯾﺔ ﺑﯾن ﺷﺧﺻﯾن ،وإﻧﻣﺎ ھﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻋداﺋﯾﺔ
ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﮭﻲ "ﻓﻌل ﻋﻧﯾف ﻣوﺟﮫ ﻧﺣو إﻛراه اﻟﻌدو ﻋﻠﻰ اﻻﻣﺗﺛﺎل ﻹرادﺗﻧﺎ" وھﻛذا ﯾﻛون اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺗﻣﺛل
ﻓﻲ أﻗﺻﻰ أﺷﻛﺎﻟﮫ ﺗطرﻓﺎ وھﻲ اﻟﺣرب ﻟﯾس إﻻ اﺳﺗﻣرار ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑطرق ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ" إﻧﮭﺎ ﻧزاع ﻋﻧﯾف وواﺳﻊ إﻟﻰ ﺣد
ﻣﺎ وﺿروري وﺗﻧﺷب ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت وداﺧل اﻟدول وﺧﺎرﺟﮭﺎ ،وﺗﻣﺛل ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﺣرب
ﻛﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺗدﻣﯾر واﻟﻌﻧف ﻟﯾﺳت ھدﻓﺎ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﮭﺎ وﻟﯾﺳت ظﺎھرة ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺑﺣﺎﻟﮭﺎ ،وإﻧﻣﺎ ھﻲ داﺋﻣﺎ وﺳﯾﻠﺔ
ﻟﺧدﻣﺔ أھداف ﻣﻌﯾﻧﺔ،ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ أو دﯾﻧﯾﺔ ..وھﻛذا ﻣﻊ ﻛﻠوزﻓﯾﺗش وﻣﯾﺧﺎﺋﯾل واﻟزار أﺻﺑﺢ اﻟﻌﻧف ﯾﻧظر إﻟﯾﮫ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻓﻌﻼ أﺧﻼﻗﯾﺎ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌﻧف اﻟذي ﯾﻛون ﻣوﺟﮭﺎ ﻣن طرف دوﻟﺔ ﺗﺟﺎه دوﻟﺔ أﺧرى ،وھﻛذا ﺑدأﻧﺎ ﻧﺳﻣﻊ ﻣﻊ
ﻣﯾﺧﺎﺋﯾل واﻟزار وﻛﻠوزﻓﯾﺗش ﻣﻔﮭوم"اﻟﺣرب اﻟﻌﺎدﻟﺔ" !!!.
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﺧﻠوص إﻟﯾﮫ ھو أﻧﮫ إذا ﻛﺎن اﻟﻌﻧف ﺣﺳب اﻟﺑﻌض ﻣﯾل ﻋدواﻧﻲ ﻣﺗﺄﺻل ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﺈن
ھذا اﻟﻌﻧف ﻟم ﺗﺳﺗطﻊ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣﮭﻣﺎ ﺗﻘدﻣت ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﺻﻧﺎف اﻟﻌﻠوم واﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮫ ،ﺑل ﻓﻘط أﻋﺎدت
ھﯾﻛﻠﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ وﻏﯾرت ﻣن أﺷﻛﺎﻟﮫ ﻟﯾﺻﺑﺢ ﻋﻧﻔﺎ ﯾﻣﺎرس ﺑﺄﺧطر اﻷﺷﻛﺎل وأﻛﺛرھﺎ ﺗرﺳﯾﺧﺎ وھﻛذا ﺑدأت ﺟﻣﯾﻊ اﻟدول
ﺗﺑدع ﺧطﺎﺑﺎت وأﻧظﻣﺔ إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﺗﻌﻣل ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗرﺳﯾﺦ وﺗﺟذﯾر ﻋﻧﻔﮭﺎ ﻟﯾﻛون ﻣﻘﺑوﻻ ﻋن طرﯾق اﻹﻋﻼم
واﻟﺗرﺑﯾﺔ وھو ﻣﺎ ﺳﻣﺎه ﺑوردﯾو ﺑﺎﻟﻌﻧف اﻟرﻣزي ﺑﯾﻧﻣﺎ داﻓﻊ وﻻزال اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻣﻧظري اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة واﻟﺣدﯾﺛﺔ
ﻋل ﺿرورة اﻟﻌﻧف وأھﻣﯾﺗﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺳﻠوﻛﺎ ﺣﯾوﯾﺎ ﯾﻌﯾد ﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑل ذھب ﻛﻠوزﻓﯾﺗش وﻣﯾﺧﺎﺋﯾل واﻟزار إﻟﻰ
ﺣد اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻌﻧف ﻓﻲ أﻗﺻﻰ أﺷﻛﺎﻟﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﺳدھﺎ اﻟﺣرب ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺷﯾﺋﺎ أﺧﻼﻗﯾﺎ وﻋﺎدﻻ وﺿرورﯾﺎ ،وﺑدورﻧﺎ
ﻧﺗﺳﺎءل :ﻣﺗﻰ ﻛﺎن اﻟﻌﻧف أﺧﻼﻗﯾﺎ أو ﺿرورﯾﺎ؟ ! ،ﺻﺣﯾﺢ أن ﺿرورﺗﮫ ﯾﺳﺗﻣدھﺎ داﺋﻣﺎ ﻣن اﻧﺣراﻓﺎت وﺳﯾﺎﻗﺎت
ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺗﻐذﯾﮫ وﺗﺷﺟﻊ ﻋﻠﯾﮫ،ﻟﻛن اﻟﻘول ﺑﺿرورﺗﮫ ھو ﺗﻛرﯾس ﻟﻠﺗﻔﺎوﺗﺎت وﺗﺟذﯾر ﻟﻠﮭﯾﻣﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﯾﮭﺎ ﺑﻌض
اﻟدول ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب دول أﺧرى أو ﺑﻌض اﻷﺷﺧﺎص ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب آﺧرﯾن.إن ﻋدم ﻗﺿﺎﺋﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ داﺋﻣﺎ ﻓﻲ
ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ طرح ﺳؤال ﻋﻣﯾق ﯾﻌﯾد ﻣﺳﺎءﻟﺔ ﻛل اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺑدﻋﮭﺎ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث واﻟﻣﻌﺎﺻر واﻟﺗﻲ
رأت ﻓﻲ اﻟﻌﻘل ﻣﺧﻠﺻﺎ ﻣن اﻟﻌﻧف،وھو ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﺣﻘق اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻣﺳﺎرات ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ -اﻟﻧﺎزﯾﺔ واﻟﻔﺎﺷﯾﺔ
واﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ -ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺄﺣداث داﻣﯾﺔ وﻋﻧﯾﻔﺔ ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﻣطﺎﻟﺑﯾن ﺑﻔﺣص اﻟﺣﺿور اﻟداﺋم ﻟﻠﻌﻧف ﻋﺑر اﻟﺗﺎرﯾﺦ.
75
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ
ﻣن ﺑﯾن اﻟﺗﺻورات اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﻋﺎدت ﻗراءة ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻧﺟد اﻟﺗﺻور اﻟذي ﺟﺎءت ﺑﮫ ﻣدرﺳﺔ
ﻓراﻧﻛﻔورت ﻣﻊ ﻛل ﻣن اﻟﻔﯾﻠﺳوف ﺗﯾدور أدورﻧو وﻣﺎﻛس ھورﻛﮭﺎﯾﻣر اﻟﻠذان ﺗﺄﺛرا ﺷدﯾد اﻟﺗﺄﺛر ﺑﺎﻟﺻﻌود اﻟﻣدوي
ﻷﺷﻛﺎل ﺧطﯾرة ﻣن اﻟﻌﻧف ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻣﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻر وﻟﻸﻧظﻣﺔ اﻟﻛﻠﯾﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﺳدت ﻓﻲ اﻟﻧﺎزﯾﺔ واﻟﻔﺎﺷﯾﺔ واﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ
وھو ﻣﺎ ﺟﻌﻠﮭم ﯾﻛﺗﺑون ﻛﺗﺎﺑﺎ ﻣﮭﻣﺎ ﺑﻌﻧوان "ﺟدﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘل اﻷﻧواري" طرﺣوا ﻓﯾﮫ ﺳؤاﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻛل اﻵﺗﻲ :ﻟﻣﺎذا
ﺳﻘطت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺑرﺑرﯾﺔ ﺟدﯾدة ﻋوض أن ﺗرﺗﻘﻲ ﻟوﺿﻊ إﻧﺳﺎﻧﻲ أﺻﯾل ﺗﻘﺿﻲ ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ أﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف؟ ﻟﻘد
ﻛﺎﻧت اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻟﺣظﺔ ﻗﺎﺗﻣﺔ ﺟﻌﻠت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﯾﺗﺳﺎءﻟون ﻣن ﺟدﯾد وﻣن ﺑﯾﻧﮭم رواد
ﻓراﻧﻛﻔورت ﻋن اﻟﺳﺑب اﻟذي ﺟﻌل اﻟﻌﻧف ﺣﺎﺿرا ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،ﺑﺎﺣﺛﯾن ﻋن اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ إﻟﯾﮫ وﻋن اﻟﻣﺻﺎدر
اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻊ ﻣﻧﮭﺎ وھو ﻣﺎ ﺳﻧﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻠﯾﻠﮫ وﻣﻧﺎﻗﺷﺗﮫ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :ﻓﻣﺎ اﻟذي ﯾﻔﺳر ظﺎھرة اﻟﻌﻧف ﻓﻲ
اﻟﺗﺎرﯾﺦ؟ أو ﺑﺗﻌﺑﯾر آﺧر ،ﻛﯾف ﯾﺗوﻟد اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺑﺷري؟ وﻣﺎ اﻟذي دﻓﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ؟
ھﻛذا ﻓﺎﻹﺷﻛﺎل ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺄﺳﺑﺎب ﺗواﺟد اﻟﻌﻧف ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ .وھو إﺷﻛﺎل ﯾﻣﻛن ﻣﻘﺎرﺑﺗﮫ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟﺗﺻور
اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻟطوﻣﺎس ھوﺑز اﻟذي أﻗر ﺑوﺟود اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣﺎول ﻛل واﺣد ﻓرض وﺟوده
وﺳﯾﺎدﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ وﻋﻠﻰ ﻏﯾره ﻣن اﻟﻧﺎس ﺑواﺳطﺔ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘوة واﻟﻣﻛر واﻟﺣﯾﻠﺔ،وﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻛون
اﻹﻧﺳﺎن ﻣﮭﯾﺄ ﻟﺧوص اﻟﺣرب وﻣواﺟﮭﺔ اﻟﻐﯾر واﺳﺗﺧدام أﻛﺑر وأﺧطر اﻟوﺳﺎﺋل ﻟﯾﻧﺎل ﻣﺎ ﯾﻛﻔﻲ ﻣن اﻷﻣن وﯾﻔرض
اﻋﺗراف اﻵﺧرﯾن ﺑﻘوﺗﮫ وﻣﻧﺎﻋﺗﮫ ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﻓﺈن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن ﺳﯾطرة اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ ﻧظراﺋﮫ ﺣﺳب ھوﺑز ھو اﻟﻌﺛور
ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎة ﻣﺳﺗﻘرة وآﻣﻧﺔ ،وھﻛذا ﻓﺈن اﻟﻌﻧف ﺣﺳب ھوﺑز ﻛﺎﻣن ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﯾﻌود اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﮫ ﺣﺳب ھوﺑز
إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺑﺎب رﺋﯾﺳﯾﺔ:
أوﻟﮭﺎ اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ واﻟﻌداوة
ﺛﺎﻧﯾﮭﺎ اﻟﺣذر
ﺛﺎﻟﺛﮭﺎ اﻷﻧﻔﺔ واﻻﺳﺗﻛﺑﺎر
وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول طوﻣﺎس ھوﺑز ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ':اﻟﻠﻔﯾﺗﺎن'":ﻓﺄول ھذه اﻷﺷﯾﺎء ﯾﺿﻣن ﻟﻠﻧﺎس اﻟﻣﮭﺎﺟﻣﺔ ﺑﻘﺻد
ﻣﻧﻔﻌﺗﮭم ،وﺛﺎﻧﯾﮭﺎ ﻣن أﺟل أﻣﻧﮭم ،وﺛﺎﻟﺛﮭﻣﺎ ﺑﻘﺻد ﺳﻣﻌﺗﮭم ،ﻓﮭم ﯾﺳﺗﺧدﻣون اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﯾﺻﺑﺣوا
أﺳﯾﺎدا ﻋﻠﻰ أﺷﺧﺎص آﺧرﯾن وﻋﻠﻰ زوﺟﺎﺗﮭم وأﺑﻧﺎﺋﮭم وﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﮭم ،وﯾﺳﺗﺧدﻣوﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ھذه
اﻷﺷﯾﺎء ،وﯾﺳﺗﻌﻣﻠوﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن أﺟل ﺗرھﺎت ،إذ ﯾﺣﺻل اﻟﻌﻧف ﻣﺛﻼ ﺑﻔﻌل ﻛﻠﻣﺔ أو اﺑﺗﺳﺎﻣﺔ أو رأي
ﯾﺧﺎﻟﻔﮭم أو ﺑﻔﻌل أﯾﺔ إﺷﺎرة اﺳﺗﺧﻔﺎف ﻗد ﺗﺻﯾﺑﮭم ﻣﺑﺎﺷرة وﺗﻧﻌﻛس ﻋﻠﯾﮭم وھﻲ ﻓﻲ اﻷﺻل ﻣوﺟﮭﺔ إﻟﻰ ذوﯾﮭم
وأﺻدﻗﺎﺋﮭم ووطﻧﮭم" .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﻌﻧف ﻣﯾل ﻣﺗﺄﺻل ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﺣﺗﻰ اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن
اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮫ ﺑل ﯾﺻﺑﺢ ھو وﺳﯾﻠﺔ اﻟﺣﺎﻛم اﻟذي ﯾﺿﻣن اﻷﻣن واﻻﺳﺗﻘرار واﻟﺳﯾﺎدة ﻓﻲ ﺿﺑط اﻟرﻋﺎﯾﺎ وﺣﻔظ اﻟﻧظﺎم.
ﻣوﻗف ﻓروﯾد :اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌدواﻧﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗوﻟد اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ.
ﯾﻣﻛن ﻛذﻟك ﺗﻘدﯾم ﺗﺣﻠﯾل آﺧر ﻟظﺎھرة اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،ھو ذﻟك اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ ﻓروﯾد ﺣﯾث ﯾرﺑط اﻟﻌﻧف
ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺟﮭﺎز اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،ﺣﯾث ﻧﺟد "اﻟﮭو" ﻛﻧﺳق أﺻﻠﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﺟﮭﺎز ﯾﻣﯾل إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق دواﻓﻌﮫ اﻟﻐرﯾزﯾﺔ،
واﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﮭدف ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻠذة واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ ﺑﺷﺗﻰ اﻟوﺳﺎﺋل ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف .ھﻛذا ﯾﻌﺗﺑر ﻓروﯾد
أن اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﺋن ﻋدواﻧﻲ وﺷرس ﺑطﺑﻌﮫ؛ ﻓﮭو ﻛﺎﺋن ﺗﻧدرج اﻟﻌدواﻧﯾﺔ ﻟدﯾﮫ ﺑﺎﻟﺿرورة ﺿﻣن ﻣﻌطﯾﺎﺗﮫ اﻟﻐرﯾزﯾﺔ.
76
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
وﻟذﻟك ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﯾﻧزع إﻟﻰ ﺗﻠﺑﯾﺔ ﺣﺎﺟﺎﺗﮫ اﻟﻌدواﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻵﺧر،وإﻟﻰ اﺳﺗﻐﻼﻟﮫ وإھﺎﻧﺗﮫ وإﻧزال اﻵﻻم ﺑﮫ
واﺿطﮭﺎده وﻗﺗﻠﮫ.وﻟذﻟك ﻻ ﯾﻣﻛن ﺳوى ﻗﻣﻊ اﻟﻌﻧف وﻛﺑﺢ ﺟﻣﺎﺣﮫ دون اﻟﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮫ ،ﻣﺎ دام ﯾﻌﺎود اﻟظﮭور
ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗم إﻟﻐﺎء اﻟزﺟر ﻓﻲ ﻓﺗرات اﻟﺣرب،اﻟﺗﻲ ﺗﻧزع ﻋن اﻹﻧﺳﺎن ﻗﻧﺎع اﻟوﺣش اﻟﻣﻔﺗرس اﻟذي ﻻ ﯾﻘﯾم أي اﻋﺗﺑﺎر ﻟﺑﻧﻲ
ﺟﻧﺳﮫ.ھﻛذا ﯾرى ﻓروﯾد أن ھذه اﻟﻌدواﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﺟذرة ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ھﻲ اﻟذي ﺗوﻟد أﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ،
وﺗﮭدد اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .ﻓﺎﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم ﻋﻧد ﻓروﯾد ھو أن اﻟﺻراع ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﺗﺗم ﺗﺳوﯾﺗﮫ
ﺑواﺳطﺔ اﻟﻌﻧف..وﻗد ﻋرف ﻣﺳﺎر اﻟﻌﻧف ﺗطورا ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺑﺷرﯾﺔ؛ ﺣﯾث ﺗم اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻟﻌﻧف اﻟﻌﺿﻠﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﻧف
اﻟذي ﯾﺳﺗﺧدم اﻷدوات ،ﺛم إﻟﻰ ﻋﻧف ﻋﻘﻠﻲ ﺳﯾﺷﻛل ﻗوى ﻣوﺣدة ﺿد ﻋﻧف اﻷﻗوى .ﻣن ھﻧﺎ ﻓﻘد ﺗم ﻛﺳر ﺷوﻛﺔ ﻋﻧف
اﻷﻗوى ﻋن طرﯾق اﺗﺣﺎد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘوى اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺗﺧذ اﻟﻘﺎﻧون واﻟﺣق ﻛﻘوة ﺗﺳﺗﺧدﻣﮭﺎ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق
أﻏراﺿﮭﺎ .ﻓﺎﻟﻌﻧف إذن ﻟم ﯾﺧﺗﻔﻲ ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ ،وإﻧﻣﺎ ﺗم ﺗﻌزﯾزه ﺑواﺳطﺔ اﻟﻌﻘل وأﺻﺑﺢ ﯾﻣﺎرس ﺑﺎﺳم اﻟﻘﺎﻧون.
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ /ﻣوﻗف ﻣﺎرﻛس :اﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ ﻛﻣوﻟد ﻟظﺎھرة اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ.
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻧﺟد ﻣﺎرﻛس ﯾداﻓﻊ ﻋﻠﻰ أن ظﺎھرة اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻟﺻراع
اﻟطﺑﻘﻲ اﻟذي ھو اﻟﻣﺣرك اﻷول ﻟﻌﺟﻠﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ؛ واﻟذي ﻋرف دوﻣﺎ ﺣروﺑﺎ ﻻ ﺗﺗوﻗف ﺑﯾن ﻓﺋﺔ ﻣﺳﺗﻐﻠﺔ وﻣﺿطﮭدة ﻣن
ﺟﮭﺔ ،وﻓﺋﺔ ﻣﺳﺗﻐﻠﺔ وﻣﺿطﮭدة ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى .وھذه اﻟﺣروب واﻟﺻراﻋﺎت ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗوﻟد أﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ،
واﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻟﮭﺎ أﺛر ﻓﻌﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗﻐﯾﯾر أﺷﻛﺎل اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.وﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻘراﺋﮫ ﻟﻠﺗﺎرﯾﺦ ،ﺑﯾن ﻣﺎرﻛس أن
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﺎن ﻣﻘﺳﻣﺎ إﻟﻰ طﺑﻘﺎت ﺗﻌﯾش أوﺿﺎﻋﺎ وﺷروطﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ؛ ﺑﺣﯾث ﻧﺟد ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟروﻣﺎﻧﻲ اﻟﻘدﯾم
طﺑﻘﺗﯾن ﻣﺗﻣﺎﯾزﺗﯾن؛ ھﻣﺎ اﻟﺳﺎدة واﻟﻔرﺳﺎن ﻣن ﺟﮭﺔ و اﻷﻗﻧﺎن واﻟﻌﺑﯾد ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى .ﻛﻣﺎ ﻧﺟد ﻓﻲ اﻟﻘرون اﻟوﺳطﻰ
اﻟﺳﺎدة واﻟﺷرﻓﺎء ﻣن ﺟﮭﺔ ،واﻷﻗﻧﺎن واﻟﺣرﻓﯾون اﻟﻌﺎدﯾون ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى .وإذا اﻧﺗﻘﻠﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث ،ﻋﺻر
ﺳﯾﺎدة اﻟﺑورﺟوازﯾﺔ )اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﺎﻟﻛﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج( ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺟد أن اﻟﺻراع ﻟم ﯾﻧﺗﮫ ﺑﻌد؛ إذ أﺻﺑﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﻧﻘﺳﻣﺎ
إﻟﻰ ﻣﻌﺳﻛرﯾن ﻣﺗﻌﺎدﯾﯾن ،أي إﻟﻰ طﺑﻘﺗﯾن ﻣﺗﻌﺎرﺿﺗﯾن ﺗﻌﺎرﺿﺎ ﻛﻠﯾﺎ ھﻣﺎ اﻟﺑورﺟوازﯾﺔ واﻟﺑروﻟﯾﺗﺎرﯾﺎ .وھذا اﻟﺻراع
اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺟوھره ھو اﻟذي ﯾوﻟد أﺷﻛﺎﻻ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﻌﻧف واﻻﺳﺗﻼب واﻻﺳﺗﻐﻼل اﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﮫ
اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﺎﻟﻛﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻣﺎدي ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ .وﻗد ﯾﺗﺧذ ھذا اﻟﺻراع طﺎﺑﻌﺎ ﻓردﯾﺎ ﻻ ﯾﻌﯾﮫ اﻟﻔرد ذاﺗﮫ،
ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﺗﺧذ طﺎﺑﻊ ﺻراع ﻧﻘﺎﺑﻲ أو ﺳﯾﺎﺳﻲ أو إﯾدﯾوﻟوﺟﻲ واﺿﺢ.
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ھو أن اﻟﻌﻧف ﺳواء ﻛﺎن ﺗﻌﺑﯾرا ﻋن رﻏﺑﺔ ذاﺗﯾﺔ وطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن أو اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ
ﻟﺷروط ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﯾﻣﻠﯾﮭﺎ اﻟﺗﻧﺎﻓس ﺣول اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻓﺈن ﺣﺿوره ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺳﯾظل ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻣﺳﻣﺎر اﻟﻣﺛﺑت ﻓﻲ ﺧﺎﺻرة
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،وھﻛذا ﻧﺟد أن ﺑﻌض اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻟم ﯾﺧطﺋوا ﺣﯾﻧﻣﺎ طﺎﻟﺑوا أو داﻓﻌوا ﻋن ﺗﻌرﯾف ﻟﻠﻔﻠﺳﻔﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺧطﺎب
ﺿد اﻟﻌﻧف ﻣﻊ إرﯾك ﻓﺎﯾل ﻣﺛﻼ ،وﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﺗﻔﻛﯾرا ﻧﻘدﯾﺎ ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﻘﺑل ﺑﻛون اﻟﻌﻧف ھو ﻣﺟرد
اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟرﻏﺑﺎت ﻟم ﯾﺗم ﺗﺻرﯾﻔﮭﺎ أو إﺷﺑﺎﻋﮭﺎ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟطﻔوﻟﺔ ﻷن اﻟﻘﺑول ﺑﮭذا ﺳﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﻧظر ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره
أﺣد ﻗردة ﺑﺎﻓﻠوف اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺟﯾب ﺑﺷﻛل ﺷرطﻲ ﻟﻣﺛﯾرات ﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻛس ﻛل ھذا ،ﻛﺎﺋن ﻋﺎﻗل وﺑرھن ﻓﻲ
ﻟﺣظﺎت ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺣﺎﺳﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻣﺗﻼﻛﮫ ﻟﮭذه اﻟﻣﻠﻛﺔ ﻟﻛن اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ھو ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻏﯾﺎب اﻟﻌداﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وھﯾﻣﻧﺔ
اﻷﻧﺎﻧﯾﺔ اﻟﻔردﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدﻛﯾﮭﺎ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ واﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﮭﻣﮭﺎ ﻏﯾر اﻟرﺑﺢ وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﯾن
وأﺻﺣﺎب اﻟﺷرﻛﺎت ﯾرون ﻓﻲ اﻟﺣروب واﻷوﺑﺋﺔ واﻟﻣﺟﺎﻋﺎت واﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﻣﯾﺗﺔ وﻓﻲ اﻟﻌﻧف ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﺷروطﺎ
ﺣﯾوﯾﺔ وﺿرورﯾﺔ ﻻﺳﺗﻣرارھم.
77
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻌﻧف واﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺣﻠﯾل/ﻓرﯾدرﯾك إﻧﺟﻠز اﻟدوﻟﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻷﺻل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺣق ﺑل ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻧف
ﻓﻲ دراﺳﺔ ﺣول اﻷﺳس اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ ﻓردرﯾك اﻧﺟﻠز ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﺳم"أﺻل اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ
واﻟﻣﻠﻛﯾﺔ واﻟدوﻟﺔ" وﺟﮫ إﻧﺟﻠز ﻧﻘدا ﻟﻛل اﻟﺗﺻورات اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧظرت ﻟﻠدوﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻷﻣن
واﻹﺳﺗﻘرار وﺿﻣﺎن اﻟﺣق وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ،إن اﻟدوﻟﺔ ﺣﺳب ﻓرﯾدرﯾك إﻧﺟﻠز ﺗﻘوم ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف وﻋﻠﻰ
اﺣﺗﻛﺎره ،وھو ﻋﻧف ﯾﺗم ﺗوﺟﯾﮭﮫ ﺗﺟﺎه طﺑﻘﺔ اﻟﺑروﻟﯾﺗﺎرﯾﺔ وھﻛذا ،ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ ﻣﺟرد أداة ﻟﻠﮭﯾﻣﻧﺔ وﻟﻠﺳﯾطرة اﻟطﺑﻘﯾﺔ
ﻣن طرف اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ ،ﻓﺎﻟدوﻟﺔ ﺣﺳب إﻧﺟﻠز ﺗﺄﺳﺳت ﺑﻌد ﺗﻔﻛﯾك ﻧظﺎم اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﻌﺷﯾرة اﻟذي ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﯾوﻧﺎن
اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣﻊ ظﮭور اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ وﺗطور اﻟﻧﻘد ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﻣﺑﺎدﻻت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻋوض اﻟﻣﻘﺎﯾﺿﺔ وھو ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺛروة ﺗﺗرﻛز ﻓﻲ
ﯾد طﺑﻘﺎت اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺟدﯾدة ﻛﺎﻧت ﻓﻲ اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣن ﯾﺣﻣﯾﮭﺎ وھﻛذا ﺟﺎءت اﻟدوﻟﺔ ﻟﻛﻲ ﺗﺣﻣﻲ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ ﻣن ﻋﻧف
اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺑروﻟﯾﺗﺎرﯾﺔ وﺿﻣﺎن اﻟﺳﯾطرة ﻟﻠطﺑﻘﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ،وھﻛذا ﻓﺎﻟدوﻟﺔ ذات وظﯾﻔﺔ ﻗﻣﻌﯾﺔ أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ھﻲ أداة ﻟﺗﻠطﯾف
اﻟﺻراع واﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣﻧﮫ ،ﻓﮭﻲ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﺿﻣﻧت ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ ﺣق ﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻻ أﻧﮭﺎ ﺳﻌت ﻟﻠﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮫ ﻟﺣﺳﺎب طﺑﻘﺔ
أﺧرى وھﻛذا ﯾرى ﻣﺎرﻛس وإﻧﺟﻠز أن ﻣﺎ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣواﺟﮭﺗﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﻌﻧف اﻟﺛوري اﻟذي ﺳﯾؤدي إﻟﻰ
زوال اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮭﺎ وﺗﻔﻛﯾك ﺑﻧﯾﺔ اﻟﮭﯾﻣﻧﺔ واﻟﺗﻣﺎﯾز اﻟطﺑﻘﻲ اﻟذي ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﮫ اﻟدوﻟﺔ ﻟﺻﺎﻟﺢ
ﺗﻧظﯾم ﺟدﯾد وﻣرﺣﻠﺔ ﺟدﯾدة ﺗﺻﺑﺢ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﻣﺎل.
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ /ﻣﺎﻛس ﻓﯾﺑر اﻟﻌﻧف اﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﮫ اﻟدوﻟﺔ ﻣﺷروع وﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧون وﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻋﻧف اﻷﻓراد
ﻣﺎرس اﻟﺗﺻور اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻣﻊ اﻧﺟﻠز وﻣﺎرﻛس إﻏراءا ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺻورات اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﮭﺎ
ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﮫ اﻟﻣﺎدي اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟوظﯾﻔﺔ اﻟدوﻟﺔ وﺑﻧﯾﺗﮭﺎ ،ﻟﻛن اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﮭﺎ أوروﺑﺎ واﻧﮭﯾﺎر اﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﻲ
ﺟﻌل اﻟﺟﻣﯾﻊ ﯾﻧظر ﻟﻠﺗﺻور اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﺑﺄﻧﮫ ﺗﺻور وﺛوﻗﻲ ﺣﯾﻧﻣﺎ آﻣن ﺑﺗﺟﺎوز اﻟدوﻟﺔ ﻧﺣو اﻟﺷﯾوﻋﯾﺔ ،ﻛﻣرﺣﻠﺔ ﯾﺻﺑﺢ
ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻣﺗﺳﺎوون وھو ﻣﺎ ﺳﯾﻌرف ﻧﻘﺎﺷﺎ داﺧل اﻟﻔﻛر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﺑﯾن ﻣن ﯾﻧﺑذ اﻟﻌﻧف وﻣن ﯾﺑرر اﺣﺗﻛﺎر
اﻟدوﻟﺔ ووظﯾﻔﺗﮭﺎ اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻧف واﺣﺗﻛﺎره اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﮭﺎ ذﻟك ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد
78
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻧﺟد أطروﺣﺔ ﻣﺎﻛس ﻓﺑﯾر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﻌﺎﻟم واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ" اﻟﺗﻲ داﻓﻊ ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺻور ﻗﯾﺎم دوﻟﺔ دون ﻋﻧف،
إن اﻟدوﻟﺔ ﺗﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره آﻟﯾﺗﮭﺎ وﻣﺎھﯾﺗﮭﺎ ﻟﺑﺳط ﻧﻔوذھﺎ وﺳﯾﺎدﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎﻟﮭﺎ اﻟﺗراﺑﻲ ،ﻟذﻟك ﻛﺎﻧت
ﻛل اﻟدول ﺗﻣﯾل ﻣﻧد ﺗﺄﺳﯾﺳﮭﺎ إﻟﻰ اﺣﺗﻛﺎر اﻟﻌﻧف وﺷرﻋﻧﺗﮫ ﻋﺑر اﻟﻘواﻧﯾن ﺳﺎﺣﺑﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ ﻣن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻔﺋﺎت
اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓردﯾﺔ ﻛﺎﻧت أو ﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻧف ﻟﯾس ﻓﻌﻼ ﻏرﯾﺑﺎ داﺧل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺑل إﻧﮫ اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﺿرورﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﺗﻘوﯾﺗﮭﺎ وﺗﺟدﯾدھﺎ ﺑﺎﺳﺗﻣرار ،ﻷن اﻟﻘواﻧﯾن وﺣدھﺎ ﻻ ﺗﺿﻣن اﻷﻣن واﻟﺣق وﺳﯾﺎدة اﻟﻌداﻟﺔ ﺑل اﻟﻘوة ،ﺑل إن
ﻏﯾﺎب اﺣﺗﻛﺎر اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻌﻧف وﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ ﺳﯾﻠﻐﯾﮭﺎ وﯾﻌﯾدﻧﺎ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ واﻟﻔوﺿﻰ ،ﻟذﻟك ﻧﺟد اﻟدوﻟﺔ ﺗﻌﻣل
ﺑﻣﺧﺗﻠف اﻟوﺳﺎﺋل اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠﻛﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻘوﯾﺔ اﺣﺗﻛﺎرھﺎ ﻟﻠﻌﻧف وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﺗﻧﻔق اﻟدوﻟﺔ ﻣن اﻷﻣوال
أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﺗﻧﻔﻘﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎﻻت ﺣﯾوﯾﺔ أﺧرى ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟرﻋﺎﯾﺎ اﻟﺻﺣﯾﺔ واﻹﻋﻼم و اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ...واﻟﻌﻧف اﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﮫ اﻟدوﻟﺔ ﯾﺟﻌﻠﮭﺎ اﻟﺟﮭﺔ اﻟوﺣﯾدة اﻟﻣﺧوﻟﺔ ﺑذﻟك )اﻟﺳﺟن/اﻻﻋﺗﻘﺎل/اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ /ﻋﻘﺎب اﻟﻣﺟرﻣﯾن واﻟﻣﻧﺣرﻓﯾن(...وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾؤﻛد ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﻌﺎﻟم واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ" ":ﺗﻌﺗﺑر اﻟدوﻟﺔ إذن
ھﻲ اﻟﻣﺻدر اﻟوﺣﯾد 'ﻟﻠﺣق ' ﻓﻲ اﻟﻌﻧف".
ﻣﺳﺗوى اﻟﻧﻘد اﻟﺟذري /ﺟﺎﻛﻠﯾن روس اﻟﻌﻧف ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣﺷروﻋﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون
إن اﻟﺗطور اﻟذي ﻋرﻓﺗﮫ ﻣﻧظوﻣﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻔﻛر اﻟﺣﻘوﻗﻲ ﻋﻣوﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻔﻛرﯾن ﯾداﻓﻌون ﻋن
ﺿرورة ﺗﺟﺎوز اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻌﻧف ،ﻷن اﻟﻌﻧف ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺑرﯾره أو ﻗﺑوﻟﮫ ﺗﺣت أي دﻋوى ﻛﺎﻧت ﺳواء ﻣن طرف اﻟدوﻟﺔ
أو ﻣن طرف اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ )ﺣرﻛﺎت اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو ﻣدﻧﯾﺔ( إن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺣﺳب ھؤﻻء ﻻ
ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ﺑل ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون ،ﻟذﻟك ﻓﮭﻲ دوﻟﺔ ﺣق وﻗﺎﻧون ﻛﻣﺎ ﺗﺳﻣﯾﮭﺎ ﺟﺎﻛﻠﯾن روس ،ﻓﺎﻟدوﻟﺔ
اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺗﺣﺗرم اﻟﻣواطﻧﯾن ﻷﻧﮭم أﺷﺧﺎص وﻟﯾﺳوا رﻋﺎﯾﺎ،ﻟذﻟك ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺧوﯾﻔﮭم أو ﺗرھﯾﺑﮭم ،وھﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺎت
ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ دوﻟﺔ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون ،ﻟذﻟك داﻓﻌت ﺟﺎﻛﻠﯾن روس ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﻋﻘﻠﻧﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ وﺿرورة
اﺣﺗراﻣﮭﺎ ﻟﻠﻘواﻧﯾن وﻟﺣرﯾﺔ اﻷﻓراد ،ودوﻟﺔ اﻟﺣق ﺗﻘوم ﺣﺳب ﺟﺎﻛﻠﯾن روس ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻘوﻣﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ:
اﺣﺗرام ﺣرﯾﺔ اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﻔردﯾﺔ وﺣﻣﺎﯾﺔ ﻛراﻣﺗﮭم ﺿد ﻛل أﺷﻛﺎل اﻟﺗرھﯾب
واﻟﺗﺧوﯾف
ﺗطوﯾر ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺣﻘوق اﻟوﺿﻌﯾﺔ ﺑﺷﻛل داﺋم ﺣﺗﻰ ﺗﺳﺗﺟﯾب ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻷﺷﺧﺎص
وﺣﺎﺟﯾﺎﺗﮭم داﺧل دوﻟﺔ اﻟﺣق ،وھﻛذا ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻘﺎﻧون وﺳﯾﻠﺔ ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ ﻛراﻣﺔ اﻷﺷﺧﺎص
اﻟﻔﺻل اﻟواﺿﺢ ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت ﻣن أﺟل ﺿﻣﺎن اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺷﺧﺎص داﺧل
دوﻟﺔ اﻟﺣق.
وھﻛذا ﻓﺈن اﻟﻌﻧف ﻋﻧد ﺟﺎﻛﻠﯾن روس ﻻ ﯾﺻﺑﺢ ﻟﮫ أي ﻣﺑرر داﺧل دوﻟﺔ اﻟﺣق ﺑل ﺗﺻﺑﺢ دوﻟﺔ اﻟﺣق ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﻘواﻧﯾن وﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻷﻓراد واﻟﻧظر إﻟﯾﮭم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھم أﺷﺧﺎص أﺣرار ﯾﺳﺗﺣﻘون اﻟﻌﯾش ﺑﻛراﻣﺔ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد
ﺗﻘول ﺟﺎﻛﻠﯾن روس":ﺗﺗوﻓر دوﻟﺔ اﻟﺣق -ﺑﻔﺿل ھذه اﻟﻘوى اﻟﺛﻼث -ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻲ
ﯾرى ﺑﻔﺿﻠﮭﺎ ﻛل اﻷﻓراد أﻧﮭم ﻣﺣﺗرﻣون و ﻣﺣﻣﯾون".
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ،ھو أﻧﮫ ﺻﺣﯾﺢ ﻣﺎ دھب إﻟﯾﮫ اﻧﺟﻠز ﻣن ﻛون اﻟدوﻟﺔ ﺗﻣﺎرس اﻟﻌﻧف وﺗﻠﺟﺄ إﻟﯾﮫ ،ﻏﯾر أن
ﻋﻧف اﻟدوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ذھب إﻟﻰ ذﻟك ﻣﺎﻛس ﻓﯾﺑر ﯾﻛون ﻋﻧﻔﺎ ﻣﺑررا وﻟﯾس ﻋﻧﻔﺎ ﺷﺑﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌﻧف اﻟذي ﯾﻣﺎرﺳﮫ اﻷﻓراد أو
اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت-اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻧﻔﺎ ﺗدﺧﻠﮫ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗوﺟب ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ وﺗطﺑﯾق اﻟﻌﻘﺎب ﻋن طرﯾق
اﻟﻘﺎﻧون -ﻟﻛن اﻟدوﻟﺔ ﺣﺗﻰ إن ﻛﺎﻧت ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف وﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺑرﯾره ﻋن طرﯾق اﻟﻘواﻧﯾن ﻓﮭﻲ ﻻ ﺗﻘوم داﺋﻣﺎ ﻋﻠﻰ
79
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻌﻧف ﻓﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف ھﻲ دوﻟﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻧﮭﺎر ،ﺑل ﺗﺣﺗﺎج اﻟدوﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ وھﻲ ﺗﻌﻣل
ﻋﻠﻰ ﺗﺛﺑﯾﺗﮭﺎ وﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ ﻟﯾس اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟﻌﻧف داﺋﻣﺎ ﺑل إﻟﻰ اﻟﻘوة اﻟﻧﺎﻋﻣﺔ Soft powerﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ،ھﻧﺎ
ﺗﺣﺿر اﻷﺟﮭزة اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف أدواﺗﮭﺎ إﻋﻼﻣﺎ ﻛﺎﻧت أو ﻣدرﺳﺔ أو ﺛﻘﺎﻓﺔ ،...وواﺿﺢ ﻣن ﻛل ﻣﺎ ﺳﺑق أن
اﻟدوﻟﺔ ﻛﺈطﺎر ﯾﻧﺗظم اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮫ ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼﻓﺎﺗﮭم ﯾطرح أﻣﺎﻣﻧﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﻧطوي ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻠﺔ
ﻣن اﻟﻣﻔﺎرﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﮭﺎ إﻻ ﺑﺎﻻﻧﻔﺗﺎح ﻋﻠﻰ ﻣﻔﮭوﻣﻲ اﻟﻌﻧف واﻟﺣق واﻟﻌداﻟﺔ ،وإذا ﺗﺄﻣﻠﻧﺎ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ
اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺳواء ﻛﺎﻧت دوﻟﺔ ﺣق وﻗﺎﻧون ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﺳﺗطﻊ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻣطﺎﻟﺑﯾن ﺑﻔﺣص ھذا
اﻟﻣﻔﮭوم ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻟﻛﻲ ﻧﻘف ﻋﻠﻰ أﺻل اﻟﻌﻧف وأﺷﻛﺎﻟﮫ وﻣﺑررات اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﮫ.
80
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
إن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن ﺗﺄﺳﯾس اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠدوﻟﺔ ﻛﺎن ھو اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻌﯾش واﻷﻣن واﻻﺳﺗﻘرار واﻟﺣرﯾﺔ ﻟﻛل
اﻷﻓراد ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻟوﻧﮭم أو ﺟﻧﺳﮭم ،ﻷن اﻟﻧﺎس ﺟرﺑوا اﻟﺣﯾﺎة ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﺣق اﻟطﺑﯾﻌﺔ وﻟم ﯾﻛن أﺣد ﻣﻧﮭم ﻗﺎدرا
ﻋﻠﻰ أن ﯾﺿﻣن ﻟﻧﻔﺳﮫ اﻟﺑﻘﺎء ﻷن اﻟﻌﯾش ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﺣق اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﯾﺗﯾﺢ ﻟﻛل أﺣد ﻗوي أن ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻣن ھو أﺿﻌف
ﻣﻧﮫ ،وﻧظرا ﻟﻛون اﻹﻧﺳﺎن رﻏب ﻓﻲ ﺗﺣﺳﯾن ظروف ﺣﯾﺎﺗﮫ وﺣﻣﺎﯾﺗﮭﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻛﺎن ﻣطﺎﻟﺑﺎ ﺑل ﻣﻔروﺿﺎ ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﻠﺟﺄ
إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ،ﻓﺎﻟﻌﯾش ﺗﺣت رﺣﻣﺔ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﯾﺟﻌل اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻌرض\ ﻓﻲ أي ﻟﺣظﺔ
ﻟﻺﻏﺎرة ﻣن طرف اﻵﺧرﯾن وھﻛذا ﯾﺻﺑﺢ اﻹﻧﺳﺎن أﺳﯾرا ﻟﻠﺧوف وﻵﻧﻔﻌﺎﻻﺗﮫ ورﻏﺑﺎﺗﮫ أﻛﺛر ﻣن اﺣﺗﻛﺎﻣﮫ ﻟﻣﻠﻛﺔ
اﻟﻌﻘل ،إن اﻟﺧوف ﻣن ھﺟوم اﻟﻘوي ﻓﻲ أي ﻟﺣظﺔ ﺟﻌل اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻔﻛر ﻓﻲ اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ
اﻟﻌﯾش ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺔ رﻏم اﺧﺗﻼﻓﺎﺗﮭم ﺷرﯾطﺔ اﻹﻟﺗزام ﺑﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺿواﺑط اﻟﻛﺎﺑﺣﺔ ﻟﻠﻧزﻋﺎت واﻹﻧﻔﻌﺎﻻت ﺑﻐﯾﺔ ﺗﺄﺳﯾس
ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺗﻧﺗﻔﻲ ﻓﯾﮫ ﻛل اﻟﺗﻣﺎﯾزات وﯾﻛون ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺣق ﻣﻛﺳﺑﺎ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ وﺗﺗﺣﻘق اﻟﻌداﻟﺔ.
ﻣن اﻟدﻻﻻت اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ واﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ إﻟﻰ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ
ﯾﺣﯾل ﻣﻔﮭوم اﻟﺣق Droitاﺷﺗﻘﺎﻗﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو ﻣﺳﺗﻘﯾم Directumeأي ﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﯾل ﯾﻣﻧﺔ أو ﯾﺳرة وﻣﺎ ﻻ
ﯾﺣﯾد ﻋن وﺟﮭﺗﮫ .واﻟﺣق ﻋﻧد ﺟروﺗﯾوس Grotiusﯾﻛﺗﺳﻲ دﻻﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾواﻓق ﻣﺎ ﯾﺄﻣر ﺑﮫ اﻟﻌﻘل اﻟﺳﻠﯾم أو
اﻟﻣﺳﺗﻘﯾم Recta Ratioواﺻطﻼﺣﺎ ﯾﻔﯾد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎدﻟﺔ واﻟﻣﺷروﻋﺔ ،وﯾﺻطﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺣق ﻓﻲ
اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ ب Jusاﻟذي ﯾﻌﻧﻲ ﻣﺎ ﯾﻌود ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻣن ﺣﯾث ھو إﻧﺳﺎن .وﻣﻧﮫ ﯾﺷﺗق اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ Jus natureleاﻟذي
ﺑﻠوره ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻷﻧوار ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر وﯾﻌﻧﻲ اﻟﺣرﯾﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻛل إﻧﺳﺎن ﻻﺳﺗﺧدام ﻗواه اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ
ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎﺗﮫ وﺣرﯾﺔ أن ﯾﻔﻌل ﻣﺎ ﯾراه ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻌﻘل ،اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ إذن ﺗﻣﻧﺣﮫ اﻟطﺑﯾﻌﺔ أي طﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎن
ﺑﻣﺎ ھو إﻧﺳﺎن ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳﮫ ،واﻟﺣﻛم اﻟﻣدﻧﻲ ھو اﻟﻛﻔﯾل ﺑﺎﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺣﺿر وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻛﺗﺷﺎف اﻟﺣق
اﻟوﺿﻌﻲ اﻟذي ﯾﺿﻣن ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺑﻘﺎءه وﺣرﯾﺗﮫ وﻣﻠﻛﯾﺗﮫ دون اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻗوﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑل اﻟﻘوة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،ودون
اﺳﺗﺛﻣﺎر أھواﺋﮫ ﻛﺎﻟﻐﯾرة واﻻﻧﺗﻘﺎم واﻟﻛراھﯾﺔ ﻣﺛﻼ ﻟرد ﻣﺎ ﺿﺎع ﻣﻧﮫ ﺑل ﺑﺎﺳﺗردادھﺎ ﻋن طرﯾق اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻘﺿﺎء.
ھذا اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﻣﻠﻲ ﻟﻠﺣق ﻣﻊ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻻﻧوار ھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﮫ ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﻣﻔﮭوم آﺧر ھو اﻟﻌداﻟﺔ.
أﻣﺎ اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﺗﺣﯾل ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺿوع واﻹﻣﺗﺛﺎل ﻟﻠﻘواﻧﯾن واﻹﺧﻼص ﻟواﺟﺑﺎﺗﻧﺎ ﻧﺣو
اﻵﺧرﯾن أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ ﻓﯾﻘﺗرن ھذا اﻟﻠﻔظ ﺑﺎﻟﻣﯾزان ﻷﻧﮫ ﯾزن أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ دون زﯾﺎدة أو ﻧﻘﺻﺎن وﻻ ﯾﻐﻠب ﺣﻛﻣﺎ
ﻋﻠﻰ آﺧر ،وﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﺷﺗﻘت ﻛﻠﻣﺔ Justiceﻣن اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ Jusواﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺣق le Droitأو
Judexوھو ﻗول اﻟﺣق dire le droitواﻟﻌﺎدل le justeو ھو ﻗﺎﺋل اﻟﺣق.
أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺟم ﻻﻻﻧد A.Lalandeﻧﺟد ﺗﻣﯾﯾزا ﺑﯾن ﻋدة ﻣﻌﺎن ﺑﺻدد اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻌﺎدل ﻣﻧﮭﺎ أن اﻟﻌﺎدل :
ﻣﺎ ھو ﻣطﺎﺑق ﻟﻠﻘﺎﻧون ﺳواء ﻛﺎن طﺑﯾﻌﯾﺎ أو وﺿﻌﯾﺎ .1
ھو ﺻﻔﺔ ﻟﻠﺷﺧص اﻟذي ﯾﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻵﺧرﯾن دون ﺗوظﯾف أو ﺗﺑﻌﯾﺔ ﻟﻌواطﻔﮫ وﻣﯾوﻻﺗﮫ .2
وأھواﺋﮫ ،ﻓﺎﻟﻌﺎدل إﻧﺳﺎن ﺧﯾّر وإرادﺗﮫ ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻘواﻧﯾن اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ.
81
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
وھﻛذا ﯾﺻوغ ﻻﻻﻧد ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻟﻠﻌداﻟﺔ ﺗﻌﻧﻲ ﺣﺳﺑﮫ ﺻﻔﺔ ﻟﻣﺎ ھو ﻋﺎدل ،وﯾﺳﺗﻌﻣل ھذا اﻟﻠﻔظ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق
ﺧﺎص ﻋﻧد اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻹﻧﺻﺎف Equitéأو اﻟﺷرﻋﯾﺔ Légalitéﻛﻣﺎ ﯾدل ﻟﻔظ اﻟﻌداﻟﺔ ﺗﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ
اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،وﺗﺎرة ﻋﻠﻰ ﻓﻌل أو ﻗرار ﯾﮭدف إﻟﻰ ﺳﯾﺎدة اﻟﻌداﻟﺔ ،أو ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ.
إن ﻛل ھذه اﻟﺗﺣدﯾدات ﻟﻣﻔﮭوم اﻟﻌداﻟﺔ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ أن ﻟﻔظ اﻟﻌداﻟﺔ ﺳواء ﻓﻲ اﻟﺗداول اﻟﻌﺎم
أو ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣﻌﺎﺟم اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺗﺣﯾﻠﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ:
.1ﻣﺳﺗوى ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن اﻟﺳﯾر اﻟﻌﺎدي ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط
اﻟﻧﺎس ﺑﻌﺿﮭم ﺑﺎﻟﺑﻌض اﻵﺧر.
.2ﻣﺳﺗوى ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻌداﻟﺔ ﻛدﻻﻟﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن اﺧﺗﯾﺎرات اﻷﺷﺧﺎص أﻧﻔﺳﮭم ،اﺧﺗﯾﺎرات ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ
اﺧﺗﯾﺎر ﻣﺎ ھو أﺧﻼﻗﻲ.
.3ﻣﺳﺗوى ﺗرﺗﺑط ﻓﯾﮫ اﻟﻌداﻟﺔ ﺑﻣﻔﺎھﯾم أﺧرى ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻣﺳﺎواة واﻟﺣق واﻟﺣرﯾﺔ.
وھﻛذا ﯾظﮭر وﯾﺗﺟﻠﻰ ﻟﻧﺎ اﻟﺗﻘﺎطﻊ اﻟﺣﺎﺻل ﺑﯾن ﻣﻔﮭوﻣﻲ اﻟﺣق واﻟﻌداﻟﺔ ،ﻓﺎﻟﻌداﻟﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻌﯾﺎري ﻻ ﻗﯾﻣﺔ ﻟﮭﺎ إﻻ إذا
ﻛﺎﻧت ﺿﺎﻣﻧﺔ ﻟﻠﺣﻘوق وﺣﺎﻓظﺔ ﻟﮭﺎ ،واﻟﺣق ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣﺿﻣوﻧﺎ إﻻ ﻓﻲ ظل دوﻟﺔ ﻋﺎدﻟﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺣق وﺗﻣﻧﻊ اﻟﻘﺎﻧون
ﻣن اﻹﻧﺣراف ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺻده وﻏﺎﯾﺎﺗﮫ ،ﻓﺎﻟﺣق ھو اﻟﺳﻧد اﻟذي ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻘوي ﻹﺿﻔﺎء اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻗوﺗﮫ واﻟﺿﻌﯾف
ﻹﺿﻔﺎء اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣطﺎﻟﺑﮫ ﻓﯾﻣﺛل ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺛﻠﻰ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ وإن ﺗم ﺗﺄوﯾﻠﮫ ﺑﻛﯾﻔﯾﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
وﺑﻧﺎءا ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺈن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺣق واﻟﻌداﻟﺔ ﺗﺣﻣل اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻔﺎرﻗﺎت ،ﻓﺎﻟﺣق ﻣن ﺟﮭﺔ ذو أﺳﺎس وﺿﻌﻲ وﻣن ﺟﮭﺔ
أﺧرى ذو أﺳﺎس طﺑﯾﻌﻲ ،ﻛﻣﺎ أن ﯾزاوج ﺑﯾن اﻹﻟزام واﻹﻟﺗزام ،وإذا ﻛﺎن ﯾرﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻘد ﯾﻛون ﻓﻲ ﻧﻔس اﻵن ھو
وﺳﯾﻠﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل ﺗﺣﻘﯾق اﻟﮭﯾﻣﻧﺔ وﺗﻛرﯾس اﻟﺗﻔﺎوﺗﺎت واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراﺗب ،وإذا ﻛﺎﻧت ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون ھو ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ
ھل ﯾﺣﻘق اﻹﻧﺻﺎف أم اﻟﻣﺳﺎواة .وھو ﻣﺎ ﺳﻧﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮫ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺣﺎور اﻵﺗﯾﺔ:
.1اﻟﺣق ﺑﯾن اﻟطﺑﯾﻌﻲ واﻟوﺿﻌﻲ
82
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﺗﺣدث ﻋن اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺗﺣدث ﻋن ﻣﺟﻣوع اﻟﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺣﻛم
طﺑﯾﻌﺗﮫ ﻛﺈﻧﺳﺎن .وﻗد ﻛﺎن رﺟوع ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ ،ﻛﮭوﺑز واﺳﺑﯾﻧوزا وروﺳو ،إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺑﮭدف ﻣﻌرﻓﺔ
اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﺗﺄﺳﯾس اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣﻧﮭﺎ ،ﺣﺗﻰ ﺗﻛون اﻟﺣﻘوق واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﻋﺎدﻟﺔ وﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻷﺻل اﻟطﺑﯾﻌﺔ
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،وﻏﯾر ﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ ﻣﻌﮭﺎ.وﺻﺣﯾﺢ أن ھؤﻻء اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ ﺗﺻورھم ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ وﻷﺻل اﻹﻧﺳﺎن،
إﻻ أﻧﮭم ﯾﺷﺗرﻛون ﻓﻲ ﻣﺑدأ أﺳﺎﺳﻲ ھو ﺟﻌل اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻔﺗرﺿﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻛل ﺣﻘوﻗﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ أو ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎع ،ﻣن ھﻧﺎ ﻓﺈن ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺣﺳب ھذا اﻟﺗﺻور اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻠﺣق ،ﺣﻘوق ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻣﺳﺎس ﺑﮭﺎ ،وھﻲ ﺣﻘوق
ﻣطﻠﻘﺔ وﻛوﻧﯾﺔ.وإذا أﺧذﻧﺎ ﻧﻣوذج ﺗوﻣﺎس ھوﺑز ﻣﺛﻼ ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺟده ﯾﻌرف ﺣق اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺑﺄﻧﮫ اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧول ﻟﻛل
إﻧﺳﺎن ﻓﻲ أن ﯾﺳﻠك وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻣﻠﯾﮫ ﻋﻠﯾﮫ طﺑﯾﻌﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ وﻣﺎ ﯾراه ﻧﺎﻓﻌﺎ ﻟﮫ ،وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﯾﻘﯾم ھوﺑز ﺗﻣﯾﯾزا ﺣﺎدا
ﺑﯾن "اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ" و"اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ" ،ﻓﺎﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﯾﺗﺳم ﺑﺈﻋطﺎء اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻛﻲ ﯾﻔﻌل ﻛل ﻣﺎ
ﯾراه ﺿﺎﻣﻧﺎ ﻟﺣﻔظ ﺣﯾﺎﺗﮫ وﺑﻘﺎﺋﮫ ،وﻧظرا ﻟﻛون اﻟﺟﻣﯾﻊ ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﻧﻔس اﻟﻐﺎﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺑﺷر ﯾدﺧﻠون ﻓﻲ ﺣرب ﻣﻔﺗوﺣﺔ
ﺗﺻﺑﺢ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻘوة ھﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﯾﻧﮭم ،إذ وﺣدھم اﻷﻗوﯾﺎء ﻣن ﯾﺳﺗطﯾﻌون ﺣﻔظ ﺑﻘﺎﺋﮭم ووﺟودھم ،إن ﻣﺎ ﯾﻣﯾز وﺿﻌﯾﺔ
ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻋن ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﺣﯾوان ھو ﻛون اﻟﺣﯾواﻧﺎت ﺗﻌﯾش ﺣﺎﻟﺔ ﻣن ﻏﯾﺎب اﻟﺗﺳﺎوي ﻓﻲ اﻟﻘوة،
ﻓﺎﻟذﺋب ﻣﺛﻼ ﯾﻧﺳﺣب وﯾﺳﺗﺳﻠم ﺑﺳﮭوﻟﺔ أﻣﺎم ﻗوة اﻟﻧﺎب واﻟﻣﺧﻠب اﻟﺗﻲ ﻟﻸس .أﻣﺎ ﻋﻧد اﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﺎﻷﻣر ﻣﺧﺗﻠف ﺗﻣﺎﻣًﺎ،
ﻓﺈﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﻘوة ﻋﻧده أوﺳﻊ ﺑﻛﺛﯾر ﻣن إﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﺣﯾوان؛ ﻋﺿﻼت وﻣﺎل وﺣﺳب وﻣﻧﺻب وذﻛﺎء وﺟﻣﺎل وﺣﯾﻠﺔ
ودھﺎء...اﻟﺦ ،ﻓﮭﻧﺎك ﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺑﺷر ﻓﻲ اﻟﻘدرات ﻣﻣﺎ ﯾﮭدد ﺑﺎﺳﺗﻣرار اﻟﺻراع ،ﻓﻛل ﻋﻧف ﺳﯾوﻟد ﻋﻧﻔًﺎ ﻣﺿﺎدً ا
ﺑﺎﻟﺿرورة ،ﯾﻘول ﺗوﻣﺎس ھوﺑز ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﻠﻔﯾﺗﺎن ":إذا ﻣﺎ ﻧظرت إﻟﻰ اﻟﻘوة اﻟﺑدﻧﯾﺔ ﻟوﺟدت أن اﻷﺿﻌف ﺟﺳﻣﯾًﺎ ﻓﻲ
83
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻘدوره أن ﯾﻘﺗل اﻷﻗوى ،إﻣﺎ ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﺣﯾﻠﺔ أو ﺑﺎﻟﺗﺣﺎﻟف ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ﻣﮭددﯾن ﺑﻧﻔس اﻟﺧطر اﻟذي ﯾﮭدده" .أﻣﺎ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ ،ﻓﮭو ﻣن وﺿﻊ اﻟﻌﻘل ،وﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺗﺣوﯾل اﻟﺣرﯾﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻛل ﻓرد إﻟﻰ ﺣرﯾﺔ ﻣدﻧﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﻻ
ﯾﻌود ﻣن ﺣق اﻟﻔرد ﻓﻌل ﻛل ﻣﺎ ﯾرﯾد وﯾﺷﺗﮭﯾﮫ ،وإﻧﻣﺎ ﯾﺻﯾر ﻣﻠزﻣﺎ وﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ
اﻟﺑﻘﺎء واﻟﻌﯾش ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن إﻣﻛﺎﻧﺎﺗﮭم وﻣؤھﻼﺗﮭم ،وھﻛذا ﯾﺑدوا أن اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﺣق ﻻ ﯾﺗﯾﺢ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻌﯾش
ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﯾﺢ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ اﻟﺳﻌﻲ وراء إرﺿﺎء رﻏﺑﺎﺗﮭم ﻟذﻟك وﺟب اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋﻠﯾﮫ ﻟﺣﺳﺎب اﻟﺣق اﻟوﺿﻌﻲ أو
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﻣطﺑوع ﺑﺎﻷﻧﺎﻧﯾﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻓﻌل اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺻﺑﺢ ﺑﻣوﺟﺑﮫ ﻛل واﺣد
ﻋﻧﺻرا ﺿﻣن ﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﺳﻣﻰ "اﻟدوﻟﺔ"،إن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ،واﻟﺗﻲ ھﻲ ﺗﺟرﺑﺔ ذھﻧﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﺑرھﺎ ھوﺑز ھﻲ اﻟوﺿﻊ
اﻷﺻﻠﻲ اﻟﻣﻔروض ﻓﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎع اﻟﺑﺷري ،ﺗﺟﺳد ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾر ﻣرﯾﺣﺔ ﺗﮭدد اﻟﻣرء ﻓﻲ أﻗدس ﺣق ﻟدﯾﮫ وھو ﺣق اﻟﺑﻘﺎء،
وﻣﺎدام أن ﺣق اﻟﻔرد ،ﻟن ﯾﺗوﻗف إذا ﻏﺎﺑت اﻟﻛواﺑﺢ ،وﺳﯾﻧطﻠق دون ﺣدود ،ﻓﻼ ﺧﯾﺎر إﻻ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺻده ﻣن
اﻟﺧﺎرج ،وذﻟك ﺑﺄن ﻧرﻏﻣﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﯾش ﻣﻊ ﺣﻘوق أﺧرى ھﻲ أﯾﺿً ﺎ ﺗﺗﻣﻠك اﻟﻼﻣﺣدودﯾﺔ ﻓﻲ اﻟطﻠﺑﺎت واﻟرﻏﺑﺎت،
وھﻛذا ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻻﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ أي وازع أﺧﻼﻗﻲ ،إﻧﮫ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ رﻏﺑﺔ اﻟﻔرد
واﻧدﻓﺎﻋﺎﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺣرب داﺋﻣﺔ وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﺳﻌﺎدة ﻣﻧﻌدﻣﺔ وﻓﻲ ھذا
اﻟﺻدد ﯾﻘول ھوﺑز ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﻠﻔﯾﺛﺎن"إن ﻗﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﺔ lex naturalis ،ھو ﻣﺑدأ أو ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ ﯾﺟدھﺎ اﻟﻌﻘل،
وﺑﮭﺎ ﯾﻣﻧﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﻓﻌل ﻣﺎ ھو ﻣدﻣر ﻟﺣﯾﺎﺗﮫ أو ﻣﺎ ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ وﺳﺎﺋل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﯾﮭﺎ ،وﻣن إھﻣﺎل ﻣﺎ ﯾظن أﻧﮫ
ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣﻔظﮭﺎ .ﻓﻌﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟذﯾن ﯾﺗﻛﻠﻣون ﻋن ھذا اﻟﻣوﺿوع ﯾﺧﻠطون ﻋﺎدة ﺑﯾن jusو lexأي ﺑﯾن
اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون ،ﻏﯾر أﻧﮫ ﯾﺟب اﻟﺗﻣ ﯾﯾز ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ،ﻷن اﻟﺣق ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺔ اﻟﻔﻌل أو ﻋدﻣﮫ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺣدد
وﯾﻠزم ﺑﺄﺣد اﻷﻣرﯾن" وﯾﺿﯾف ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻛﺗﺎب" ﻓطﺎﻟﻣﺎ أن ﻛل إﻧﺳﺎن ﯾﺗﻣﺳك ﺑﮭذا اﻟﺣق ﻓﻲ أن ﯾﻔﻌل أي ﺷﻲء
ﯾود أن ﯾﻔﻌﻠﮫ ،ﯾﻛون اﻟﺑﺷر ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣرب" وھﻛذا ﻧﺟد أن أﺳﺎس اﻟﺣق ﻋﻧد ھوﺑز ھو اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟذي
ﯾدﻓﻊ اﻟﺟﻣﯾﻊ إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺳﻠم واﻹﺳﺗﻘرار ﻣن أﺟل ﺣﻔظ ﺑﻘﺎﺋﮭم وأﻣﻧﮭم.
ﺗﻌﻣﯾق اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻣﻊ ﺑﺎروخ اﺳﺑﯾﻧوزا ﻟﻠﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ
ﻓﻲ ذات اﻟﺳﯾﺎق ﺳﯾدﻓﻊ ﺑﺎروخ اﺳﺑﯾﻧوزا ﺑﮭذا اﻟﻣوﻗف إﻟﻰ ﻣداه ﺣﯾن اﻋﺗﺑر أن ﷲ ﻗد ﺟﻌل ﻟﻛل ﻛﺎﺋن ﺑﻧﯾﺔ ﺗﺣدد
ﻣﺎھﯾﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ وﯾﺳﻠك ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ طﺑﻘﺎ ﻟﻘواﻧﯾﻧﮭﺎ وﻟﻣﺎ ﺗوﻓره ﻟﮫ ﻣن ﻗدرة ،ﻓﯾﻛون اﻟﺣق ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠذات ﻣطﺎﺑﻘﺎ ﻟﻘوﺗﮭﺎ
وﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﮭﺎ ،وھﻛذا ﯾﺗﺻرف اﻹﻧﺳﺎن ﺣﺳب ﻗوﺗﮫ وﻗدرﺗﮫ ،وھﻛذا ﯾﻛون اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺗﺟﺎوز وﯾظل ھو
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﺣدد أﻓﻌﺎل اﻟﺑﺷر وﯾﺣﻛم ﺣﯾﺎﺗﮭم ،ﻓﻛل ﻣﺎ ﯾراه اﻹﻧﺳﺎن وﯾرﻏب ﻓﯾﮫ وﯾرﯾده وﺗﻛون ﻟﮫ اﻟﻘدرة
واﻟﻘوة ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﯾﮫ وﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻔﻌﻠﮫ وھذا ھو اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ وھو ﻓﻌل ﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﻲ اﻟﻘدرة ﻋﻠﯾﮫ
وﺗﻣﻛﻧﻧﻲ ﻗوﺗﻲ ﻣن اﻟﺣﺻول ﻋﻠﯾﮫ.وھﻛذا ﺗﻛون اﻟدواﻓﻊ اﻟﻣﺑررة ﻟﺿرورة ﺗﺟﺎوز اﻹﻧﺳﺎن ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺗﺗﻠﺧص ﻓﻲ
ﺛﻼﺛﺔ اﻋﺗﺑﺎرات ﺣﺳب اﺳﺑﯾﻧوزا:
أوﻟﮭﺎ اﻋﺗﺑﺎرات وﺟداﻧﯾﺔ وأﻣﻧﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻛون اﻹﻧﺳﺎن ﯾﺗوق ﻟﻠﻌﯾش ﻓﻲ أﻣن وأﻣﺎن ﻣﻣﺎ
ﯾﺿطره إﻟﻰ ﺗﺟﺎوز ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ وﻗﺑول ﻓﻛرة اﻟﺗﻌﺎﯾش واﻟﺗﻌﺎون.
وﺛﺎﻟﺛﮭﻣﺎ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻣؤﻛدة ،ﺑﺣﯾث إذا ﻛﺎن اﻻﻋﺗﺑﺎران اﻷوﻻن ﯾﻔرﺿﺎن وﺟودھﻣﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﺑﺷر ﻓﺈن اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن ﻗﺳط ﻣن ﺣﻘوق اﻟذات ﻟﺻﺎﻟﺢ ﺳﻠطﺔ ذات ﺳﯾﺎدة وﻣﺗﻌﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد وﺗﻣﺛل
اﻹرادة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﻛون رادﻋﺎ ﻟﻛل ﻣﻐﺎﻣرة وﻣﺎﻧﻌﺎ ﻟﻛل ﺗﮭور وأن ﯾدﻓﻊ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻟﻠﻌﯾش
84
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺑﺣﺳب ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻌﻘل ،ﻓﺗﻛون اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﯾش واﻹﺣﺗﻛﺎم إﻟﻰ ﺿرورات اﻟﻌﻘل ،ﻟﻛوﻧﯾﺗﮭﺎ
واﺣﺗرام اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻟﺣظﺎت ﻟﺗﺟﺎوز ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻓﻲ اﺗﺟﺎه ﺑﻧﺎء ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺳﯾﺎﺳﻲ
ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻗد.
ھﻛذا ﻧﻼﺣظ أن اﻟﺣل ﻟﺗﺟﺎوز اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻧظرا ﻟﻛوﻧﮫ ﯾﺑﯾﺢ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗﺻرف ﺣﺳب ﻗدرﺗﮭم وﻗوﺗﮭم
اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺳﺗطﯾﻌون اﻟﺣﺻول ﻋﻠﯾﮫ ﻣﻣﺎ ﯾﮭدد ﺣﯾﺎة اﻟﺿﻌﻔﺎء ﻣﻧﮭم ﻓﺈﻧﮫ ﺣﺳب ھوﺑز ﯾﻣﻛن اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟﺗﺧﻠﻲ
ﻟﻣﻠك ﻣﺳﺗﺑد ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﺣﻘوق اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣﻘﺎﺑل ﺣﻔظ اﻟﺑﻘﺎء واﻷﻣن واﻟﺳﯾﺎدة أو ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗﻌﺎﻗد اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﻠﻲ
ﻋن ﺟزء ﻣن اﻟﺣﻘوق ﻛﻣﺎ ذھب إﻟﻰ ذﻟك اﺳﺑﯾﻧوزا ﻟﻛن اﻷﺳﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛل ﻣن ھوﺑز واﺳﺑﯾﻧوزا ھو ﺿرورة
ﺗﺟﺎوز ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدوان وﻋﻧف وﺟور وظﻠك.
ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳو/اﻟﺗﻌﺎﻗد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻹرادة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻘواﻧﯾن ھو أﺳﺎس اﻟﺣق
ﯾﻧطﻠق ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳو ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﮫ ﻷﺳﺎس اﻟﺣق ،ﻣن اﻋﺗﺑﺎر ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻣﺟرد اﻓﺗراض وﻟﯾﺳت ﺣﺎﻟﺔ واﻗﻌﯾﺔ
وﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،وﺑﺄﻧﮭﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﺳﻠم واﻟﻣﺳﺎواة ﺑل إﻧﮭﺎ ﻋﻧد اﻟﺑﻌض وﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺳﺎطﯾر اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺗﻣﺛل اﻟﻔردوس
اﻟذھﺑﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،وﻛﻠﻣﺎ اﺑﺗﻌد ﻋﻧﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن اﺑﺗﻌد ﻋن اﻟﺳﻌﺎدة ،ﻛﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﺳﻠم واﻟﺧﯾر واﻟﻣﺳﺎواة ،ﻟﻛن اﻟﻌﺎﺋق
اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﻛﻣن ﻓﯾﮭﺎ ،ھو ﻋدم ﻗﯾﺎﻣﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم ﻣوﺣد وﻣﺷﺗرك ،ﻟذا ﻛﺎﻧت اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ اﻟﻣدﻧﯾﺔ أو اﻟﺗﻣدن.
وھﻛذا ﯾرﻓض اﻟﺗﺑرﯾر اﻟذي ﯾﻘدﻣﮫ ﺗوﻣﺎس ھوﺑز ﻛﺄﺳﺎس ﻟﻠﺗﻌﺎﻗد وھو اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘوة ،ﻗوة اﻷﻣﯾر اﻟذي ﺳﯾﺗﻧﺎزﻟون
ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺣﻘوﻗﮭم)ھوﺑز( أو ﺟزء ﻣﻧﮭﺎ )اﺳﺑﯾﻧوزا( ﺑل ﯾرى روﺳو أن اﻟﻘوة ﻻ ﺗؤﺳس اﻟﺣق ،ﻷن اﻟرﺑط اﻟﺳﺑﺑﻲ
ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻏﯾر ﺳﻠﯾم ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ ،ﻓﻠﯾﺳت داﺋﻣﺎ اﻟﻘوة ﺗوﺟد اﻟﺣق وﺗﺿﻣﻧﮫ ﺑﺎﻟﺿرورة،ﻛﻣﺎ أن اﻟﺣق ﻻ ﯾوﺟد
اﻟﻘوة ﻟذﻟك وﺟب ﺗﺣوﯾل اﻟﻘوة إﻟﻰ ﺣق واﻟطﺎﻋﺔ إﻟﻰ واﺟب ﻗﺎﻧوﻧﻲ )اﻻﻟﺗزام وﻟﯾس اﻹﻛراه( وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول
روﺳو":إن أﻗوى اﻟﻧﺎس ﻻ ﯾﻛون ﻗوﯾﺎ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣن أن ﯾﻛون داﺋﻣﺎ اﻟﺳﯾد ،ﻣﺎ ﻟم ﯾﺣول ﻗوﺗﮫ إﻟﻰ ﺣق
واﻟطﺎﻋﺔ إﻟﻰ واﺟب" وھﻛذا ﯾرﻓض روﺳو أن ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻣﺗﻠك اﻟﻘوة)اﻷﻣﯾر/اﻟﻣﻠك( ﺑﺄﻧﮫ ﺻﺎﺣب ﺣق ،ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ
إﻟﻰ أن ﯾﺟﻌل اﻵﺧرﯾن ﺧﺎﺿﻌﯾن ﻟﮫ ﻟﯾس ﻋن طرﯾق اﻹﻛراه واﻟﺟﺑر واﻟﻘوة ،ﺑل ﻋن طرﯾق اﻟواﺟب ،ﻷﻧﮭم ﯾﺣﺗرﻣون
اﻟﻘﺎﻧون وﻻ ﯾﺧﺎﻓوﻧﮫ ،وﻷﻧﮭم ﯾﺣﺗرﻣون اﻟﻣﻠك وﻻ ﯾﮭﺎﺑوﻧﮫ ﻟﻘوﺗﮫ ﺑل ﻷﻧﮫ ﯾﺟﺳد اﻹرادة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ اﺗﻔﻘوا ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ
أﺑرﻣوا اﻟﻌﻘد ﻟﻠﺧروج ﻣن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻲ أﻓﺳدﺗﮭﺎ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ،وھﻛذا ﯾﻛون اﻧﺗﻘﺎل اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻣدن ﺳﯾﻛﺳب
اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻌﮫ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﻣﺗﯾﺎزات ،ﻟن ﯾﻌود اﻟﺣق ﻣﻌﮭﺎ ھو ﻣﺎ ﺗﻣﻠﯾﮫ ﺣﯾواﻧﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن ،ﺑل ﻣﺎھﯾﺗﮫ اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻟن
ﺗﻌود اﻟﻘوة أﺳﺎس ﻟﻠﺣق ،ﻷن اﻟﺣق اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﻘوة ﯾﺧﻠوا ﻣن ﻛل أﺧﻼﻗﯾﺔ ،ﺑل ﺳﺗﺻﯾر اﻷﺧﻼق ﻗﺎﻋدة ﻛل
ﺣق ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻧﺗﻘﺎل اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺣق اﻟﻘوة اﻟطﺑﯾﻌﻲ إﻟﻰ ﻗوة اﻟﺣق اﻟﻣدﻧﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺳﺗﺗﺣﻘق ﻛراﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻛوﻧﮫ
ذاﺗﺎ ﻋﺎﻗﻠﺔ وﻣﻔﻛرة ﺗﺗﺻرف اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻛوﻧﮭﺎ ﻏﺎﯾﺔ وذات ﻛراﻣﺔ وﻟﯾﺳت وﺳﯾﻠﺔ.
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ /ﯾورﻏن ھﺎﺑرﻣﺎس /أﺳﺎس اﻟﺣق وﺿﻌﻲ وﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺷﺎور واﻟﻧﻘﺎش اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﻟداﺋم ﺑﯾن اﻟذوات
داﺧل اﻟﻔﺿﺎءات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ
ﻓﻲ أ ٌ ﻗوى اﻷطروﺣﺎت اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻧﺟد اﻟﻔﯾﻠﺳوف ﯾورﻏن ھﺎﺑرﻣﺎس - Jürgen Habermas
اﻟﻤﻮﻟﻮد ﺑﺘﺎرﯾﺦ -1929/06/18ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﺷﮭﯾر "اﻟﺣق واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ "Droit et démocratieﻣﻨﺘﻘﺪا اﻟﺘﺼﻮرات
اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﯿﺎر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻟﻸﻓﺮاد ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻗﮭﻢ وﻣﻨﮭﻢ ھﻮﺑﺰ ﻣﺜﻼ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺪوﻟﺔ ﻷن ھﺬه
اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﺗﻌﻄﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺮف ﻣﻊ إﻗﺼﺎء ﻛﻠﻲ ﻟﻠﻤﻮاطﻨﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺣﺴﺐ ھﺎﺑﺮﻣﺎس ،ﻛﻤﺎ اﻧﺘﻘﺪ
اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺘﻌﺎﻗﺪي ﻋﻨﺪ روﺳﻮ وﻏﯿﺮه ﻷﻧﮫ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻤﺪن ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ وﺷﺮﻋﻨﺔ اﻟﺤﻖ،
ﻓﺎﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺘﻌﺎﻗﺪي ﻋﻨﺪ ھﻮﺑﺰ أو روﺳﻮ ﺗﻈﻞ داﺋﻤﺎ دوﻟﺔ إﻛﺮاه وإﻟﺰام رﻏﻢ ﺗﻤﺘﻊ اﻷﻓﺮاد ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺤﻖ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ
85
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
واﻟﺘﺪاول ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،أﻣﺎ ھﺎﺑﺮﻣﺎس ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺪاﻓﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ اﻟﺘﺸﺎورﯾﺔ la démocratie délibérativeاﻟﺘﻲ
ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺤﻖ ﻣﺤﻂ ﻧﻘﺎش ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ أﺟﮭﺰة اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻠﯿﺔ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎءات
اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ،وھﻜﺬا ﯾﻜﻮن اﻟﺤﻖ ﺛﻤﺮة ﻟﻼﺗﻔﺎق واﻟﻨﻘﺎش اﻟﺬي ﯾﺨﻀﻊ ﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺒﺮﯾﺮ
اﻟﺤﺠﺎﺟﻲ ﻟﻠﻤﻌﺎﯾﯿﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ داﺧﻞ اﻟﻔﻀﺎءات اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﻣﺼﺪرا ﻟﺘﺸﻜﻞ اﻹرادة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻷن اﻟﺤﻖ ﻓﻲ
اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﯾﺘﺸﻜﻞ ﻋﺒﺮ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ اﻟﻤﻤﺄﺳﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﺸﻜﯿﻞ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم و اﻹرادة ﻋﻦ
طﺮﯾﻖ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ﺑﯿﻦ ذوات ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺪام ﻋﻘﻠﮭﺎ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎ ﻋﻤﻮﻣﯿﺎ وﻧﻘﺪﯾﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﺤﻖ
واﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺴﻠﻂ ﻣﺘﻤﺎﯾﺰة ،وﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻨﻔﺼﻼ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻷن ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
اﻟﻤﺪﻧﻲ ھﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺗﺸﻮﯾﮫ وﺗﺄﺛﯿﺮ ﺣﺴﺐ ھﺎﺑﺮﻣﺎس ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎدة اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ اﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎش ﺑﯿﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺬوات
اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ وھﻜﺬا ﻻ ﯾﻌﻮد اﻟﺤﻖ ﻣﺸﺘﻘﺎ ﻣﻦ اﻷﺧﻼق أو ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ طﺒﯿﻌﯿﺔ ﻣﻔﺘﺮﺿﺔ ﺑﻞ ھﻮ ﻣﺆﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ
اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻀﻲ أﻻ أﺧﻀﻊ ﻟﻠﺤﻖ إﻻ إن ﻛﺎن ﻣﺸﺮوﻋﺎ ،واﻟﻤﺸﺮوﻋﯿﺔ ﻋﻨﺪ ھﺎﺑﺮﻣﺎس ﻟﯿﺲ ﻣﺎ ﺗﻔﺮﺿﮫ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻞ
ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﯾﺮه ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ ﺗﺒﺮﯾﺮا ﻣﻨﻄﻘﯿﺎ وﻋﻘﻼﻧﯿﺎ وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺼﺪد ﯾﻘﻮل ھﺎﺑﺮﻣﺎس ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺤﻖ
واﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ" :إن اﻟﺤﻖ ﯾﺠﺪ أﺳﺎﺳﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﻮار اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﺣﻮل ﻣﻌﺎﯾﯿﺮ اﻟﻔﻌﻞ" وھﻜﺬا ﯾﻜﻮن اﻟﺤﻖ ﺛﻤﺮة ﻟﻠﺘﻮاﺿﻊ
ﺑﯿﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻔﺎﻋﻠﯿﻦ واﻟﺬوات اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ وﺗﻜﻮن وظﯿﻔﺘﮫ ھﻲ ﺗﻌﺰﯾﺰ اﻹﻧﺪﻣﺎج داﺧﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺘﻐﯿﺮ ،ﯾﻌﺮف ﺻﻌﻮدا
ﻣﺘﻨﺎﻣﯿﺎ ﻟﻠﺨﻄﺎﺑﺎت اﻟﮭﻮﯾﺎﺗﯿﺔ وﻟﺘﻌﺪدﯾﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ .وھﻜﺬا ﯾﻜﻮن اﻟﺤﻖ ﺛﻤﺮة ﻟﻠﻨﻘﺎش واﻟﺼﺮاع اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﯾﺘﺨﺬ ﻋﻨﺪ
ھﺎﺑﺮﻣﺎس طﺎﺑﻌﺎ ﺗﺸﺎورﯾﺎ ﺗﺆطﺮه أﺧﻼﻗﯿﺎت اﻟﻨﻘﺎش ،وﻣﺎ ھﻮ ﺣﻖ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﺜﺒﺎت ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘﻮم ﻋﻠﻰ أي
أﺳﺎس ﻣﯿﺘﺎﻓﺰﯾﻘﻲ ﺑﻞ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻐﯿﺮ ﻣﺎدام ﯾﻌﻜﺲ إرادة اﻟﺬوات اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ.
86
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻧﺟد اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﯾوﻧﺎﻧﻲ أرﺳطو ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻷﺧﻼق إﻟﻰ ﻧﯾﻘوﻣﺎﺧوس" ﯾداﻓﻊ ﻋﻠﻰ
أن اﻟﻌداﻟﺔ ﻟﯾﺳت ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ إﻻ ذﻟك اﻟﻔﻌل اﻟﻣطﺎﺑق ﻟﻠﻘواﻧﯾن واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟظﻠم ھو ﻛل ﺳﻠوك ﻣﻧﺎف ﻟﻠﻘواﻧﯾن،
ﻓﻣﺎ ﯾﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﻌداﻟﺔ واﻟظﻠم ﺣﺳب أرﺳطو ھو اﻟﻘﺎﻧون ،ﻷن اﻟﻘواﻧﯾن ﺣﺳب أرﺳطو ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺗم ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﮫ ﺗﻘﺳﯾم
اﻟﺧﯾرات واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﺗﺳﺎوي واﻟﻌدل ،واﻟﺷﺧص اﻟﻌﺎدل ﻋﻧد أرﺳطو ھو ﻣن ﯾﻠﺗزم ﺑﻣﺎ ﺗﺄﻣر ﺑﮫ اﻟﻘواﻧﯾن،
وﯾﻛون ظﺎﻟﻣﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﺻرف وﻓق إرادﺗﮫ ورﻏﺑﺗﮫ ،وھﻛذا ﯾﺗﺿﺢ أن ھﻧﺎك ﺗﻣﺎه ﺑﯾن اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻘﺎﻧون أي ﺑﯾن اﻟﻌداﻟﺔ
واﻟﺣق ،وھو ﻣﺎ ﺟﻌﻠﮫ ﯾﻧظر ﻟﮭذا اﻟﺗطﺎﺑق ﺑﯾن اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻘﺎﻧون )اﻟﺣق( ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻓﺿﯾﻠﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ ﻷن اﺣﺗرام
اﻟﻘﺎﻧون)اﻟﺣق( ھو أﺳﺎس ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺎدل ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول أرﺳطو ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻷﺧﻼق إﻟﻰ
ﻧﯾﻘوﻣﺎﺧوس"إن اﻟظﺎﻟم ھو ﻣن ﯾﺗﺻرف ﻣﺗﻌدﯾﺎ ﺣدود اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛذﻟك أن اﻟﻌﺎدل ھو ﻣن ﯾﺗﺻرف وﻓق اﻟﻘواﻧﯾن،
وھو ﻣن ﯾرﻋﻰ اﻟﻣﺳﺎواة ،وﺣﯾﻧﺋذ ﺳﯾﻛون اﻟﺳﻠوك اﻟﻌﺎدل ،ھو اﻟﺳﻠوك اﻟذي ﯾواﻓق اﻟﻘﺎﻧون".
ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﺑﺎروخ اﺳﺑﯾﻧوزا /اﻟﻌداﻟﺔ ﺗﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ اﻟﺣق اﻟﻣدﻧﻲ اﻟذي ﺗﻣﺛﻠﮫ ﻗواﻧﯾن اﻟدوﻟﺔ
أﻣﺎ ﺑﺎروخ اﺳﺑﯾﻧوزا ﻓﻘد ﺗﺻور أن ھﻧﺎك ﻣﺑدأ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﮫ اﻟدوﻟﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ،وھو ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻣن واﻟﺳﻼم ﻟﻸﻓراد
ﻋن طرﯾق وﺿﻊ ﻗواﻧﯾن ﻋﻘﻠﯾﺔ ﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﺟﺎوز ﻗواﻧﯾن اﻟﺷﮭوة اﻟﺗﻲ ھﻲ اﻟﻣﺻدر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻛل اﻟﻛراھﯾﺔ واﻟﻔوﺿﻰ.
ﻣن ھﻧﺎ ﯾﺗﺣدث اﺳﺑﯾﻧوزا ﻋن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟذي ﺗﺣدده اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ،واﻟذي ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد اﺣﺗراﻣﮫ ﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ
ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺎﺗﮭم وﻣﺻﺎﻟﺣﮭم اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ .وھذا اﻟﻘﺎﻧون ھو اﻟذي ﺗﺗﺟﺳد ﻣن ﺧﻼﻟﮫ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﻋطﺎء ﻛل ذي
ﺣق ﺣﻘﮫ .وﻟﮭذا ﯾدﻋو اﺳﺑﯾﻧوزا اﻟﻘﺿﺎة اﻟﻣﻛﻠﻔﯾن ﺑﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة واﻹﻧﺻﺎف ،ﻣن أﺟل
ﺿﻣﺎن ﺣﻘوق اﻟﺟﻣﯾﻊ ،وﻋدم اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾﻧﮭم ﻋﻠﻰ أي أﺳﺎس طﺑﻘﻲ أو ﻋرﻗﻲ أو ﻏﯾره.ھﻛذا ﯾﺑدوا أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺻور
ﻋداﻟﺔ ﺧﺎرج إطﺎر ﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﻘل اﻟﻣﺟﺳدة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟذي ﺗﺗﻛﻔل اﻟدوﻟﺔ ﺑﺗطﺑﯾﻘﮫ ،ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺻور ﺗﻣﺗﻊ
ﻟﻧﺎس ﺑﺣﻘوﻗﮭم ﺧﺎرج ﻗواﻧﯾن اﻟﻌداﻟﺔ .ﻓﺎﻟﻌداﻟﺔ واﻟﺣﺎﻟﺔ ھﺎﺗﮫ ،ھﻲ ﺗﺟﺳﯾد ﻟﻠﺣق وﺗﺣﻘﯾق ﻟﮫ؛ إذ ﻻ ﯾوﺟد ﺣق ﺧﺎرج
87
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻋداﻟﺔ ﻗواﻧﯾن اﻟدوﻟﺔ .أﻣﺎ ﺧﺎرج ھذه اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻌﮭﺎ اﻟﻌﻘل ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﻛون ﺑﺈزاء اﻟﻌودة إﻟﻰ ﻋداﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻲ
اﺳﺗﺣﺎل ﻓﯾﮭﺎ ﺗﻣﺗﻊ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺣﻘوﻗﮭم اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرﯾﺔ واﻷﻣن واﻻﺳﺗﻘرار.
ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ واﻟﻧﻘد اﻟﺟذري ﺷﯾﺷرون/ﻗواﻧﯾن اﻟدوﻟﺔ وﻋداﻟﺗﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﺿﺎﻣﻧﺔ ﻟﻠﺣق
ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘﯾض ﻣن أرﺳطو واﺳﺑﯾﻧوزا ﯾرى ﺷﯾﺷرون أن اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﻻ ﺗﺿﻣن ﺑﺄي ﺷﻛل ﻣن اﻷﺷﻛﺎل
ﻗﯾﺎم ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﺎدل ،وﯾﻌود ذﻟك إﻟﻰ أن اﻟﻣﺷرع ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﻓرض ﻗواﻧﯾﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻌب ،ﻟﯾس ﻷﻧﮫ ﯾﮭدف ﻣن وراﺋﮭﺎ
إﻟﻰ إﺷﺎﻋﺔ اﻟﻌدل واﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،وﻟﻛن ﻓﻘط ﻟﻐرض ﺗﺣﻘﯾق ﻣﻧﺎﻓﻊ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ،وھﻛذا ﻓﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ﻟن ﯾﺗم ﻣﺎﻟم
ﯾﺗم ﺗﺄﺳﯾﺳﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ اﻷﺳﺎس اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﺿﻣن ﻟﮭﺎ اﻟﺑﻘﺎء واﻟﺛﺑﺎت ،وأﻧﮫ ﻣﮭﻣﺎ ﺗﻛن درﺟﺔ ﻣﺗﺎﻧﺔ
اﻟﻘواﻧﯾن وﺻﻼﺑﺗﮭﺎ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟن ﺗﺣﻘق اﻟﻌداﻟﺔ ﻷن ﻣن ﯾﺿﻊ اﻟﻘﺎﻧون ﻻ ﯾﺿﻌﮫ ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣن أﺟل ﺧدﻣﺔ اﻟﺷﻌب ﺑل ﻟﺧدﻣﺔ
ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻘﺎﻧون أداة ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ طﺑﻘﺔ ﺗﺳﺗﺧدﻣﮫ ﻣن أﺟل إرﻏﺎم اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻟﻠﺧﺿوع إﻟﯾﮭﺎ ،وھﻛذا
ﻓﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ ھﻲ اﻷﺳﺎس اﻟذي ﯾﻣﻛّن اﻹﻧﺳﺎن ﻣن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻘﺑﯾﺢ واﻟﺟﻣﯾل دون اﻟﻌودة إﻟﻰ أي ﻋﻧﺻر آﺧر وﻓﻲ ھذا
اﻟﺻدد ﯾﻘول ﺷﯾﺷرون "ﻻ ﯾوﺟد ﻋﺑث أﻛﺛر ﻣن اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄن ﻣﺎ ھو ﻣﻧظم ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت أو ﻗواﻧﯾن اﻟﺷﻌوب
ﻋﺎدل".
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﺣق واﻟﻌداﻟﺔ ﺧﺎرج ﺳﻠطﺔ اﻟﻘواﻧﯾن وﺳﻠطﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺗﻲ
ﺗﻧﺗﺟﮫ ،ﻟﻛن إذا ﻛﺎن اﻟﺣق ﯾروم ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﻧون ﯾﻌﺑر ﻋﻣﺎ ھو ﺷرﻋﻲ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟﻣﺗواﺿﻊ
ﻋﻠﯾﮭﺎ ،ﻟﻛن ﻣﺎ ھو ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻟﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة ﺣﻘﺎ ،ﻗد ﯾﻛون ظﻠﻣﺎ ،ﯾؤﻛد ﻟﯾو ﺳﺗروس أﻧﮫ ﯾﺳﺗﺣﯾل اﻟﺣدﯾث ﻋن وﺟود
ﻣﻌﯾﺎر ﻣطﻠق وﺷﻣوﻟﻲ ﯾﻣﻛن اﻹﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻣﺎ ھو ﻋﺎدل وﻣﺎ ھو ظﺎﻟم ﻷن ﻟﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺛﻠﮫ وﻣﺑﺎدﺋﮫ،
ﻓﺿﻼ ﻋن ﺗﻐﯾر ھذه اﻟﻣﺛل أو اﻟﻣﺑﺎدئ ﺑﺗطور اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت وﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﮭﺎ ،إذن ﻓﺎﻟﺣق ﻧﺳﺑﻲ ﺑﻧﺳﺑﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم
ﻋﻠﯾﮭﺎ ،ﻣن ھﻧﺎ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﺣق واﻟﻌداﻟﺔ إﻟﻰ اﻷﺧﻼق ،ﻟﻛن اﻷﺧﻼق ﺑدورھﺎ ﻻ ﺗﺳﻠم أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻣن ﺳﯾطرة اﻟرﻏﺑﺎت و
اﻟﻣﯾوﻻت.
88
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾرﺗﺑط اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﺔ ﻛﻘﯾﻣﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ ﺑﺎﻟﯾوﻧﺎن ،ﻟذﻟك ﻧﺟد أﻓﻼطون ﻓﻲ ﻣﺣﺎورة "اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ"
ﯾﺧﺻص ﻛﺗﺎﺑﯾن ﻟدﺣض اﻟﻘﺎﺋل ﺑﻌدم وﺟودھﺎ ،وھو ﻣﺎ ﻟﺧﺻﮫ اﻟﺳﻔﺳطﺎﺋﯾون ﻓﻲ ﻗوﻟﮭم "ﻻ أﺣد ﻋﺎدل إرادﯾﺎ
"ﻓﺎﻟﺳﻔﺳطﺎﺋﯾون ﻣﻊ ﺗراﺳﯾﻣﺎﺧوس رأوا ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻘط" ﺣﯾﻠﺔ إﺻطﻧﻌﮭﺎ اﻟﺿﻌﯾف ﻟدﻓﻊ ﺧطر اﻟﻘوي" واﻟﺣق ﺣﺳب
اﻟﺗﺻور اﻟﺳﻔﺳطﺎﺋﻲ ھو ﺣق اﻷﻗوى ،وﻣن ﺛم ﻓﺎﻟﻌداﻟﺔ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻋداﻟﺔ اﻷﻗوى،ﻋداﻟﺔ ﺗﻧﺳﺟم ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﯾﺎة
اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،أي اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻌﺗرف ﺑﺎﻟﻘﯾم واﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻓﻣﺛﻼ اﻟﺣزب اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ
اﻟﻣﺗطرف ﻓﻲ اﻟﯾوﻧﺎن ﻣﻊ ﺗراﺳﯾﻣﺎﺧوس ﯾﻘدم ﻟﻧﺎ ﺻورة واﺿﺣﺔ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﺗطرﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻌداﻟﺔ
ﻣﺛﺎﻻ أﺧﻼﻗﯾﺎ ﯾﺣﻘق اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ وﯾﺟﺳدھﺎ ،ﺑل اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻲ اﻷﺻل ﻟﯾﺳت ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ أو ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺳﺎواة أو
اﻹﻧﺻﺎف ،وﻻ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺣق أو اﻟﻘواﻧﯾن ﺑل ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧف واﻟﻘوة وھﻛذا ﯾﻘول ﺗراﺳﯾﻣﺎﺧوس":إن اﻟﻌداﻟﺔ
ھﻲ اﻟﻌﻣل ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷﻗوى ،ﻓﺎﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﯾﺻﻧﻌﮭﺎ داﺋﻣﺎ اﻷﻗوى وﻟﻣﺻﻠﺣﺗﮫ ،ﻷن اﻟﺣﺎﻛم
وھو اﻷﻗوى ﯾﻔرض اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻘق ﻣﺻﻠﺣﺗﮫ ﻻ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺣﻛوم" ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻘواﻧﯾن ﻻ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺳﺎواة أو اﻹﻧﺻﺎف ﺑل ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ھﯾﻣﻧﺔ اﻷﻗوى وﺧدﻣﺗﮫ.
ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠﻣوﻗف اﻟﺳﻔﺳطﺎﺋﻲ /أﻓﻼطون اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﺿﯾﻠﺔ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﺗﺣﻘﯾق اﻻﻧﺳﺟﺎم وﻟﯾس
اﻟﻣﺳﺎواة أو اﻹﻧﺻﺎف
وھو ﻣﺎ رﻓﺿﮫ أﻓﻼطون ﺣﯾن رأى أن اﻟﻌداﻟﺔ ھﻲ أن ﯾﻘوم ﻛل ﺷﺧص ﻟﻣﺎ ﺧﻠق ﻟﮫ وأن ﻻ ﯾﺗدﺧل ﻓﻲ ﻋﻣل
اﻵﺧرﯾن ،ﻟذﻟك ﻓﺎﻟﻌداﻟﺔ ﻻ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ واﻟﻘوة ﺑل ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻛر أي ﺗﻧﺑﻊ ﻣن ﺻﻣﯾم ﺗﻔﻛﯾر اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟذي
ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺑﻠوغ اﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ ،وﯾرى أﻓﻼطون أن اﻟﻧﺎس ﺑطﺑﯾﻌﺗﮭم ﻏﯾر ﻣﺗﺳﺎوﯾن ﻣﻊ ﺑﻌﺿﮭم إﻟﻰ درﺟﺔ ﻛﺑﯾرة رﺑﻣﺎ
ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻘط ﺑل ھم ﻏﯾر ﻣﺗﺳﺎوﯾن ﺣﺗﻰ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛﻧﮭم ﻣن اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟذات واﻟﺗﺣﻛم
ﺑرﻏﺑﺎﺗﮭم وﺑرﻏﺑﺎت اﻷﺷﺧﺎص اﻵﺧرﯾن ،ﻟذا ﻣﺎداﻣت ﻓﻛرة اﻟﻌداﻟﺔ ﺗطﺑق ﻓﻲ ﻣدﻣﺎر اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟﺑﺷر ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗرﺗﺑط
ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﯾن أﺷﺧﺎص ﻏﯾر ﻣﺗﺳﺎوﯾن وھو ﻣﺎ ﯾﻔرض أن ﺗﻘوم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﻣﺗوازن اﻟذي
ﯾﻌود ﺑﺎﻟﻔﺿل ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ اﻷطراف ﺑﺎﻟﻔﺎﺋدة ﺣﯾن ﯾﺗﻣﻛﻧون ﻋن طرﯾق اﻟطﺎﻋﺔ واﻟﺧﺿوع ﻟﻣن ھم ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛم
ﺑرﻏﺑﺎﺗﮭم ﻟﻛﻲ ﯾﻌﻠﻣوھم اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺟﺎم ﻣﻊ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻟﻠدوﻟﺔ ،ﻓﺎﻟﻌداﻟﺔ ﻟﯾﺳت إﻻ ﻓﺿﯾﻠﺔ ﯾﺣﻘﻘﮭﺎ اﻟﻔرد وﯾﺑﻠﻐﮭﺎ
89
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺣﯾن ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣﻘﯾق اﻹﻧﺳﺟﺎم ﺑﯾن ﻋﻘﻠﮫ وﻋواطﻔﮫ وﺷﮭواﺗﮫ ،ﻓﻌداﻟﺔ اﻟﻣدﯾﻧﺔ أو اﻟدوﻟﺔ Polisھﻲ ﺻورة ﻋن ﻋداﻟﺔ
اﻟﻔرد ،اﻟذي ﻟن ﯾﻛون ﻋﺎدﻻ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻋﺎرﻓﺎ وﻓﯾﻠﺳوﻓﺎ ،واﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻟن ﺗﻛون ﻋﺎدﻟﺔ إﻻ إذا ﺣﻛﻣﮭﺎ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟذﯾن
ﯾﺗﺄﻣﻠون وﺿﻌﮭﺎ ،وﯾﺷرﻋون ﻟﮭﺎ ﻗواﻧﯾن ﺗﻧظم ﺷؤوﻧﮭﺎ وﺗرﺳﺦ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻧظﺎم واﻹﻧﺳﺟﺎم واﻟﺗوازن ﻓﯾﮭﺎ.ﻷن اﻟﻧﺎس
ﻋﺎﺟزون ﻋن ذﻟك ﻣﺎداﻣوا ﻣﺗﻔﺎوﺗون ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﺧﺎﺿﻌون ﻟرﻏﺑﺎﺗﮭم وﺷﮭواﺗﮭم ،وھﻛذا ﻓﺈن اﻟﻌداﻟﺔ ﻻ ﺗﺗﺣﻘق إﻻ إذا
ﻗﺑل ﻛل ﻓرد ﻣﺎ ھﯾﺄﺗﮫ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﮫ ﻣن أدوار ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﻣﺳﺎواة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﻓﻼطون ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﺗﺣﻘق ﻷن
اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻟم ﺗﻣﻧﺣﮭم ھذا اﻟﺣق ﻣﺎداﻣت ﻗد ﺧﻠﻘﺗﮭم طﺑﻘﺎت)ﺣﻛﺎم وﺣرﻓﯾﯾن وﻋﺑﯾد(.
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ /أرﺳطو اﻟﻌداﻟﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻣﻧﺻف ﻟﻠﺛروات واﻷدوار ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﺣﺳب ﻗدرھم
وﻣؤھﻼﺗﮭم
ﻟﻘد ﺗﻌرﺿت ﺗﺻورات أﻓﻼطون إﻟﻰ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎدات ﻷﻧﮭﺎ اﻋﺗﺑرت ﺗﺻورات ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﺗؤﺳس ﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻓﺎﺿﻠﺔ
وﻟﻧﻣوذج ﻟﻠﻌداﻟﺔ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻛون واﻗﻌﯾﺎ ﻷن اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟواﻗﻊ وﺑﺣﻘوق اﻟﻧﺎس وﺑﺎﻧﺗظﺎراﺗﮭم داﺧل
اﻟدوﻟﺔ وھو ﻣﺎ ﺳﯾﻧﺗﻘده أرﺳطو إذ ﺑدل اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻌداﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺗﻧظﯾم وﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ ﻗوى اﻟﻧﻔس)اﻟﺷﮭواﻧﯾﺔ
واﻟﻐﺿﺑﯾﺔ( ﯾﻠزم اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻌداﻟﺔ ﻣن زاوﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﺑطﮭﺎ ﺑﺎﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟﻧﺎس،
وھﻛذا ﯾﺗﻔق أرﺳطو ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌداﻟﺔ ﻗﯾﻣﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ "ﺗﺑﮭرﻧﺎ ﺑﻠﻣﻌﺎﻧﮭﺎ أﻛﺛر ﻣن اﻧﺑﮭﺎرﻧﺎ ﺑﻠﻣﻌﺎن ﻧﺟﻣﺔ ﻓﻲ ﻗﻠب اﻟﺳﻣﺎء"
ﯾؤﻛد أرﺳطو ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﺳﺗﯾﻌﺎب ﻣﻔﮭوم اﻟﻌداﻟﺔ إﻻ ﺑرﺑطﮫ ﺑﻣﻔﮭوم اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ وھو ھﻧﺎ ﯾﺗﻔق ﻣﻊ رأي أﻓﻼطون
وﺳﻘراط ،ﻟﻛن أرﺳطو ﯾرى أن اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻌﺎدة واﻟﻌﺎدة ﺗﻧﻣو وﺗﺗطور ﺑﻔﺿل وﺟود اﺳﺗﻌداد طﺑﯾﻌﻲ ﻟدى
اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻣﻧﺣﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻗﺑول اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ،واﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ﻟﮭﺎ ارﺗﺑﺎط ﺑﺎﻵﺧرﯾن ﻣن اﻟﻧﺎس ،ﻟذﻟك ﻓﺗﺑﺎدل اﻟﺧﯾرات
ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ طرح اﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ :ھو ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﻟﻺﻧﺳﺎن أن ﯾﺣﻘق اﻟﻌداﻟﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻷﺻل ﻏﯾر
ﻣﺗﺳﺎوﯾﯾن؟وﯾﺟب أرﺳطو ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﯾﺟب أن ﻧﻣﯾز ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﺔ ﺑﯾن ﻣﻔﮭوﻣﯾن ،اﻷول ﻋﺎم واﻟﺛﺎﻧﻲ ﺧﺎص،واﻟﻌداﻟﺔ
ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷول ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺧﺿوع ﻟﻠﻘواﻧﯾن وﻟﻠﺿﻣﯾر اﻷﺧﻼﻗﻲ ،ﺣﻔﺎظﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﺑذﻟك ﺗﻛون ﻣرادﻓﺔ
ﻟﻠﻔﺿﯾﻠﺔ .أﻣﺎ اﻟﻌداﻟﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﺗﻌﻧﻲ اﻟﻣﺳﺎواة ،وﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺗﺳﻣﻰ اﻟﻌداﻟﺔ إﻧﺻﺎﻓﺎ Equitéوﺣﯾﻧﻣﺎ
ﺗﺻﺑﺢ اﻟﻌداﻟﺔ إﻧﺻﺎﻓﺎ ﻧﻛون أﻣﺎم ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﻌداﻟﺔ ﺣﺳب أرﺳطو ﻋداﻟﺔ ﺗوزﯾﻌﯾﺔ Justice distributiveوﺗﻌﻧﻲ
ﺗوزﯾﻊ اﻟﺧﯾرات وﺛروات اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ أﻓراده ﺣﺳب طﺎﻗﺎﺗﮭم وأﻋﻣﺎﻟﮭم .وﻋداﻟﺔ ﺗﻌوﯾﺿﯾﺔ Justice corrective
وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت ﺑﯾن أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻘواﻧﯾن واﻷﻋراف .وھدﻓﮭﺎ ھو ﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﺳﻠوك
اﻟﺧﺎرج ﻋﻣﺎ ﺗﺣدده اﻟﻘواﻧﯾن ،ﻓﮭﻲ ﻋداﻟﺔ ﺗﻌﺎﻗب اﻟﻣﺟرم وﺗﻌوض أوﻟﺋك اﻟذﯾن ﯾذھﺑون ﺿﺣﺎﯾﺎ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘواﻧﯾن.
وھﻛذا ﻓﺈن ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻌداﻟﺔ ھو ﺗﺣﻘﯾق اﻹﻧﺻﺎف وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول أرﺳطو":ﻟﯾس ھﻧﺎك أﺷﺧﺎص ﻋﺎدﻟون ﻏﯾر
أوﻟﺋك اﻟذﯾن ﯾﺳﺗﻧﯾرون ﺑﻔﻛرة اﻟﻌداﻟﺔ ﻛﺈﻧﺻﺎف ،أي أوﻟﺋك اﻟذﯾن ﯾﻣﺛﻠون روح اﻟﻘواﻧﯾن" واﻟﻌداﻟﺔ ﻻ ﺗوﺟد ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﻣﻣﺎرﺳﺔ إﻻ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻛون أﻓراده ﻋﺎدﻟون أو ﯾطﺑﻘون اﻟﻌداﻟﺔ ،وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌداﻟﺔ ﻻ ﺗطرح أي ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺳﺗوى اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﻣﻠﻲ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻘواﻧﯾن ﺗﺛﯾر اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﺷﺎﻛل ،ﻓﻣﺎ ھو ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻗد ﻻ
ﯾﻧﺳﺟم داﺋﻣﺎ ﻣﻊ ﺣﻘوق اﻟﻔرد وﻗد ﻻ ﯾﺿﻣﻧﮭﺎ ،ﻓﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﺗوﺟد اﻟﻘواﻧﯾن ﻏﯾر ﻋﺎدﻟﺔ أو ﺗطﺑق ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻋﺎﻣﺔ أو
ﺧﺎﺻﺔ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻘﺎﻧون ﻟن ﯾﺗﺿﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺟزﺋﯾﺔ ،ﻓﻣﺎ ھو ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻗد ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ داﺋﻣﺎ ﻟذﻟك
ﯾرى أرﺳطو ﺑﺿرورة اﻟﻣروﻧﺔ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون وﺗﻛﯾﯾﻔﮫ ﻣﻊ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺟزﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻧﺎزع ﻋﻧﮭﺎ ﻷن اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺣرﻓﻲ
ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ اﻹﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﻌداﻟﺔ وﺑروﺣﮭﺎ اﻷﺳﻣﻰ وھﻲ اﻹﻧﺻﺎف.
ﺗﻌﻣﯾق اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﻊ اﻟﺗﺻور اﻟﻠﯾﺑراﻟﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر /ﺟﺎن راوﻟز اﻟﻌداﻟﺔ ﻻ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎواة ﺑل ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺻﺎف
واﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﻣراﻛز اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
90
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﻟﻛن ﻋﻠﻰ ﺿوء ﺗﺣوﻻت اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺟذرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻠﯾﺑراﻟﻲ ﺳﻌﻰ ﺟﺎن راوﻟز John
Rawlsﻣن ﺧﻼل ﻧظرﯾﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﻧوﻧﮭﺎ ب"ﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﺔ"Théorie sur la justice
وطورھﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻧﻘﺎﺷﮫ ﻣﻊ ھﺎﺑرﻣﺎس ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﻌداﻟﺔ ﻛﺈﻧﺻﺎف" أن ﯾﺻل إﻟﻰ ﺑﻧﺎء ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﺎدل وﻣﺗﻌﺎون ،وھو
ﻣﺎ ﺟﻌﻠﮫ ﯾﺑﺣث ﻋن اﻟﺷروط اﻟﻣﻧﺻﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن ھذا اﻟﺗﻌﺎون ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﺗﺳﺎءل ﺟﺎن راوﻟز "ھل اﻟﺗﻌﺎون
ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﺗﺣدده ﺳﻠطﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺗﻌﺎوﻧﯾن )ﻗﺎﻧون إﻟﮭﻲ ﻣﺛﻼ(أم ھذه اﻟﺷروط ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾم
اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ؟أم ﯾﻘوم اﻟﺗﻌﺎون ﺑﯾﻧﮭم ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎق ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھم أﺣرارا وﻣﺗﺳﺎوﯾن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ؟ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﺟﯾب راوﻟز ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﺗﻌددﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ...اﻟﺦ،
ﻟذﻟك ﻓﮭذا اﻻﺗﻔﺎق ﯾﻘوم ﻋﻧد روﻟز ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺎ ﺳﻣﺎه اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ أو ﺣﺟﺎب اﻟﺟﮭل وھو ﺣﺎﻟﺔ اﻓﺗراﺿﯾﺔ ﺷﺑﯾﮭﺔ
ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻋﻧد ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻌﻘد اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﻔﻲ ﺣﺟﺎب اﻟﺟﮭل ﯾﺟﮭل ﻛل ﻣواطن اﻟﻣرﻛز اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻟﻣﻛﺎﻧﺔ أو
اﻟﻣﻧﺻب اﻟذي ﺳﯾﺷﻐﻠﮫ أو اﻹﻋﺗﻘﺎد أو اﻹﺛﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻟﻛﻧﮭم ﯾﺗﻔﻘون ﺣﺳب
راوﻟز ﺣول ﻣﺑدأﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن ﻣن ﺷﺄﻧﮭﻣﺎ أن ﯾﺿﻣﻧﺎ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻌﺎون اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾﻧﮭم ﺑوﺻﻔﮭم أﺷﺧﺎﺻﺎ أﺣرارا
وﻣﺗﺳﺎوﯾﯾن ﻏﺎﯾﺗﮭم ﺗﻧظﯾم ﻣؤﺳﺳﺎﺗﮭم ،ﻓﺳﻣﺎ اﻟﻣﺑدأ اﻷول "ﻣﺑدأ اﻟﺣرﯾﺔ أو اﻟﻣﺑدأ اﻟﻠﯾﺑراﻟﻲ" وأطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑدأ
اﻟﺛﺎﻧﻲ "ﻣﺑدأ اﻟﻼﻣﺳﺎواة أو اﻟﺗﻔﺎوت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ" وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﯾﺿﻣن اﻟﻣﺑدأ اﻷول ﻟﻸﺷﺧﺎص اﻟﺣرﯾﺎت
اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ وﻣن أھﻣﮭﺎ ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر واﻟﺗﻌﺑﯾر واﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﺻوﯾت واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻛل اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﺗﻲ
ﯾﻣﻧﺣﮭﺎ اﻟﻘﺎﻧون ،أﻣﺎ اﻟﻣﺑدأ اﻟﺛﺎﻧﻲ)ﻣﺑدأ اﻟﺗﻔﺎوت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻟﻼﻣﺳﺎواة( ﻓﯾﺳﻣﺢ ﻟﻛل ﺷﺧص وﯾﺷرﻋن ﻟﮫ اﻟﺣق
ﻓﻲ أن ﯾﻛون أﻛﺛر ﻣرﺗﺑﺔ وﻣﻛﺎﻧﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ أو ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ أو اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ ﻟﻛن ﺑﺷرط أن ﺗﻛون اﻟﻔرص اﻟﺗﻲ ﺗﻘدم وﺗﻣﻧﺢ
وﺗﺗﺎح ﻟﺟﻣﯾﻊ أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ ﺗﻛﺎﻓؤ اﻟﻔرص ﻓﻲ وﻟوج اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت واﻟوظﺎﺋف واﻟﻣراﻛز ﺑﻐض اﻟﻧظر
ﻋن اﻧﺗﻣﺎءاﺗﮭم اﻟﻌرﻗﯾﺔ أو اﻟدﯾﻧﯾﺔ أو اﻟطﺑﻘﯾﺔ ،وھﻛذا ﺗﺗﺄﺳس اﻟﻌداﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ إﻧﺻﺎﻓﺎ ،وﻟﯾﺷرح ﻟﻧﺎ روﻟز ﻣﺎ ﯾﻘﺻده
ﺑﺎﻟﻔرص اﻟﻌﺎدﻟﺔ ھو ﻓﺗﺢ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣواﻗﻊ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أﻣﺎم اﻟﺟﻣﯾﻊ وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ ﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﺔ"
ﻓﻼﺑد أن ﯾﻛون ھذا اﻟﺗوزﯾﻊ )ﺗوزﯾﻊ اﻟﻣداﺧﯾل( ﻟﻔﺎﺋدة ﻛل ﺷﺧص ،وأن ﺗﻛون ﻣواﻗﻊ اﻟﺳﻠطﺔ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت
ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ﻣﺗﻧﺎول اﻟﺟﻣﯾﻊ .إﻧﻧﺎ ﻧطﺑق اﻟﻣﺑدأ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺟﺎﻋﻠﯾن اﻟﻣواﻗﻊ ﻣﻔﺗوﺣﺔ" ﻓﺎﻟﻌداﻟﺔ ﺑوﺻﻔﮭﺎ إﻧﺻﺎﻓﺎ ﻋﻧد ﺟﺎن
روﻟز ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﺿﻣﺎن اﻟﺧﯾر واﻟﺗﻌﺎون ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻓراد وذﻟك ﺑﺎﻟﺳﻣﺎح ﺑوﺟود ﺗﻔﺎوﺗﺎت ﺷرﯾطﺔ أن ﻻ ﯾﺧﻠق ھذا
اﻟوﺿﻊ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎ ﺗﻛون ﻓﯾﮫ ﻓﺋﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺣروﻣﺔ ﻣن ﺣﻘﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺣﻘوﻗﮭﺎ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ واﻟﻔرص اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ
ﻟﺣﺳﺎب ﻓﺋﺔ أﺧرى ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻣﺗﯾﺎزات .وﻣن أ ﺟل ﺗﺣﻘﯾق ھذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ دﻋﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺎواة اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ L'égalité
. démocratique
ﻣوﻗف أﻻن )إﻣﯾل ﺷﺎرﺗﯾﻲ( :اﻟﻌداﻟﺔ ھﻲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة.
ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺣدﯾث ﺣﺳب أﻻن ،ﻋن اﻟﺣق إﻻ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﻧﺎس .ﻓﺎﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺎدﻟﺔ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون
اﻟﺟﻣﯾﻊ أﻣﺎﻣﮭﺎ ﺳواﺳﯾﺔ .واﻟﺣق ﻻ ﯾﺗﺟﺳد إﻻ داﺧل اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ذﻟك اﻟﻔﻌل اﻟﻌﺎدل اﻟذي ﯾﻌﺎﻣل اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﺗﺳﺎوي
ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن اﻟﺗﻔﺎوﺗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾﻧﮭم .وھﻧﺎ ﯾﺗﺣدث أﻻن ﻋن اﻟﺳﻌر اﻟﻌﺎدل وﯾﻣﯾزه ﻋن ﺳﻌر اﻟﻔرﺻﺔ؛ ﺑﺣﯾث أن
اﻷول ھو اﻟﻣﻌﻠن داﺧل اﻟﺳوق واﻟذي ﯾﺧﺿﻊ ﻟﮫ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺎﻟﺗﺳﺎوي،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ ھو ﺳﻌر ﯾﻐﯾب ﻓﯾﮫ اﻟﺗﻛﺎﻓؤ ﺑﯾن
اﻟطرﻓﯾن؛ ﻛﺄن ﯾﻛون أﺣدھﻣﺎ ﻣﺧﻣورا واﻵﺧر واﻋﯾﺎ ،أو ﯾﻛون أﺣدھﻣﺎ ﻋﺎﻟﻣﺎ ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧﺗوج واﻵﺧر ﺟﺎھﻼ ﺑذﻟك
ھﻛذا ﻓﺎﻟﻣﺳﺎواة ﻟن ﺗﺗﺣﻘق ﺣﺳب أﻻن إﻻ إذا ﻋرض اﻟﺑﺎﻋﺔ ﻟﻛل اﻟﻧﺎس ﻧﻔس اﻟﺳﻠﻊ وﺑﺛﻣن ﻣوﺣد .وﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أن
اﻟﻌداﻟﺔ ﻟن ﺗﺗﺣﻘق إﻻ ﻛﺎﻧت اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺟﺎري ﺑﮭﺎ اﻟﻌﻣل ﺗﻌﺎﻣل اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة اﻟﺗﻲ ھﻲ أﺳﺎس إﺣﻘﺎق اﻟﺣق.وﻓﻲ ھذا
اﻹطﺎر ﯾﻘول أﻻن " :ﻟﻘد اﺑﺗﻛر اﻟﺣق ﺿد اﻟﻼﻣﺳﺎواة .واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺎدﻟﺔ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون اﻟﺟﻣﯾﻊ أﻣﺎﻣﮭﺎ ﺳواﺳﯾﺔ...
أﻣﺎ أوﻻﺋك اﻟذﯾن ﯾﻘوﻟون إن اﻟﻼﻣﺳﺎواة ھﻲ ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺷﯾﺎء ،ﻓﮭم ﯾﻘوﻟون ﻗوﻻ ﺑﺋﯾﺳﺎ".
91
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾذھب ﻣﺎﻛس ﺷﯾﻠر إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻌداﻟﺔ ﻻ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس؛ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺳﺎواة
ﺟﺎﺋرة ﻣﺎ داﻣت ﻻ ﺗراﻋﻲ اﻟﻔروق ﺑﯾن اﻷﻓراد ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟطﺑﺎﺋﻊ واﻟﻣؤھﻼت اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻓرون ﻋﻠﯾﮭﺎ .ﻓﺎﻟﻌداﻟﺔ
اﻟﻣﻧﺻﻔﺔ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗراﻋﻲ اﺧﺗﻼف اﻟﻧﺎس وﺗﻣﺎﯾز طﺑﺎﺋﻌﮭم وﻣؤھﻼﺗﮭم .وﻣن اﻟظﻠم أن ﻧطﺎﻟب ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺑﯾن
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻧﺎس؛ ذﻟك أن وراء ھذه اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة ﻛراھﯾﺔ وﺣﻘد ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾم اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ،ورﻏﺑﺔ دﻓﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﺧﻔض ﻣﺳﺗوى
اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺗﻣﯾزﯾن إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ھم ﻓﻲ أﺳﻔل اﻟﺳﻠم.ھﻛذا ﯾﻧﺗﻘد ﻣﺎﻛس ﺷﯾﻠر ﻣﺎ ﯾﺳﻣﯾﮫ ﺑﺎﻷﺧﻼﻗﯾﺔ
اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘول ﺑﺄن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻧﺎس ﻣﺗﺳﺎوون أﺧﻼﻗﯾﺎ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻧﻔﻲ اﻟﺗﻔﺎوﺗﺎت اﻟﻣوﺟودة ﺑﯾﻧﮭم ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻣﺎ
ﯾﺗوﻓرون ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﻣؤھﻼت .وﯾرى أن ھذه اﻟﻣﺳﺎواة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ھﻲ ﻓﻛرة ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣن ﺣﻘد وﻛراھﯾﺔ اﻟﺿﻌﻔﺎء
وﻣن ھم ﻓﻲ أﺳﻔل درﺟﺎت اﻟﺳﻠم ﺗﺟﺎه اﻷﻗوﯾﺎء اﻟذﯾن ﯾﻣﺗﻠﻛون ﻣؤھﻼت وﻗدرات أﻛﺛر ﻣن ﻏﯾرھم ﺗﺟﻌﻠﮭم ﯾﺗواﺟدون
ﻓﻲ أﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .وﺑدﻻ ﻣن ھذه اﻷﺧﻼق اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎدي ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة اﻟﺻورﯾﺔ واﻟﻧظرﯾﺔ ،ﯾﻘﺗرح ﺷﯾﻠر
ﻣﺎ أﺳﻣﺎه ﺑﺎﻷﺧﻼق اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻔوارق ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ أرض اﻟواﻗﻊ .وھﻧﺎ ﺗﻛﻣن اﻟﻌداﻟﺔ
اﻟﻣﻧﺻﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾم اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭﺎ اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺗﻔوﻗون.
ﺧﻼﺻﺔ ﻋﺎﻣﺔ
ﻻ ﻧﻧﻛر أن ﻗدرات اﻟﻧﺎس ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺎﺧﺗﻼف ﻣؤھﻼﺗﮭم ،ﻟﻛن ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺳﺗﻧد إﻟﻰ ھذا اﻟﺗﺑرﯾر ﻓﻲ ﺗﻛرﯾس
اﻟﺗﻔﺎوت اﻟطﺑﻘﻲ واﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻷن اﻟﻘﺑول ﺑﮭذا اﻟﺗﺳوﯾﻎ ﺳﯾﺟﻌل اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑررت ﺑﮭﺎ اﻟدوﻟﺔ
ﻣﺷروﻋﯾﺗﮭﺎ وھﻲ ﺿﻣﺎن اﻟﺣق وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ﻣﺣط ﻧﻘﺎش! إذ ﻋوض أن ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ آﻟﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ﺻﺎرت
أداﺗﺎ ﻟﺷرﻋﻧﺔ اﻟﺗﻔﺎوت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾن اﻷﻓراد ،ﻟﻛن ھذا ﻻ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﻧﻘﺑل ﺑﻐﯾﺎب ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺳﺎواة ﻷﻧﮫ ﻣﺎدام
اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺧﺎﺿﻊ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻟﻣﻧطق اﻟﺗطور واﻟﺗﻘدم ﻓﺈن اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إﺑداع أﺷﻛﺎل ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر واﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت
أﻛﺛر ﻋداﻟﺔ ﻣﻣﺎ ھو ﻣﺗوﻓر اﻵن وﻗد أﺛﺑت ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎن وﺗﺎرﯾﺦ ﺗﻧظﯾﻣﺎﺗﮫ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ھذا اﻟﻘول ،ﺣﯾن اﺳﺗطﺎع أن
ﯾﻧﺗﻘل ﻣن ﻋداﻟﺔ اﻷﻋراف واﻟﻘﺑﯾﻠﺔ إﻟﻰ ﻋداﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧؤﻛد ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻗﺎدر ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻋﻠﻰ إﺑداع
ﺗﻧظﯾﻣﺎت أﺧرى ﺗﺗﯾﺢ ﻟﮫ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ أو "ﻣﺛﺎل اﻟﻌداﻟﺔ" اﻟذي ﯾطﻣﺢ إﻟﯾﮫ ،ﻷن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻹﻧﺻﺎف ھو ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن
ﺗﺣﻘﻘﮫ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ ھو ﻗول ﺑﺎﻟﺟﻣود وﺑﺎﻟﺳﻛون وﺑﺎﻧﻐﻼق اﻟﺗﺎرﯾﺦ وھو ﻧوع ﻣن اﻹﺳﺗﺳﻼم ﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻣداﻓﻌﯾن
ﻋن ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ وﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺑداﺋل اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ)ﻓراﻧﺳﯾس ﻓوﻛوﯾﺎﻣﺎ ﻣﺛﻼ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ( ،إﻧﻧﺎ ﻣﻘﺗﻧﻌون أن اﻹﻧﺳﺎن
ﻣطﺎﻟب ﺑﻣواﺟﮭﺔ ذاﺗﮫ)ﻏراﺋزه ورﻏﺑﺎﺗﮫ( ﻟﯾس ﺑﻐﺎﯾﺔ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮭﺎ أو اﻟﺗﺣﻛم ﻓﯾﮭﺎ ﺑل ﺑﻐﺎﯾﺔ ﺗﻘﻧﯾﻧﮭﺎ وﺗوﺟﯾﮭﮭﺎ ﻟﺗﺿﻣن
ﻟﮫ اﻟﻌﯾش ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﯾن دون ﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ رﻏﺑﺎﺗﮭم أﯾﺿﺎ وھو ﻣﺎ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﺗﺣﻘﯾﻘﮫ ﻟﯾس ﻓﻘط ﻋن طرﯾق
اﻟﻘواﻧﯾن وﺻراﻣﺗﮭﺎ ﺑل ﻋن طرﯾق اﻷﺧﻼق اﻟﺗﻲ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﮫ اﻟﺗﺧﻠص ﻣن اﻟوﺻﺎﯾﺔ واﻟﺧﺿوع ﻓﻘط ﻟﻣﺑدأ اﻹرادة اﻟﺣرة
اﻟﺗﻲ ﯾﺷرّ ﻋﮭﺎ اﻟﻌﻘل واﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﻟﮫ ﻣﺎذا ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻔﻌل؟
وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌداﻟﺔ ﻣﺛﺎل ﻧﺳﻌﻰ إﻟﯾﮫ ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻧﻔﺳﮭﺎ دوﻟﺔ ﺣق وﻗﺎﻧون ﻻزاﻟت ﺑﻌﯾدا ﻋن
ھذا اﻟﮭدف ﻷن اﻷﺣداث اﻷﺧﯾرة اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن "ﺑورﺻﺔ ول ﺳﺗرﯾت" إﻟﻰ "ﺗوﻧس وﻣﺻر "...ﺟﻌﻠت
اﻟﻣﻔﻛرﯾن واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﯾﻌﯾدون اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ وظﯾﻔﺔ اﻟدوﻟﺔ وﻓﻲ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ وﻓﻲ ﻣﺷروﻋﯾﺗﮭﺎ وﻓﻲ ﻋداﻟﺗﮭﺎ وﻗواﻧﯾﻧﮭﺎ ﻓﺎﻷﺣداث
ﺑرھﻧت ﻋﻠﻰ أن اﻟﻧﺎس ﻻ ﯾﻌﺎﻣﻠون ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺳﺎواة ﻛﻣﺎ ﻛﺷﻔت ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﻧف ﻟم ﺗﺳﺗطﻊ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮫ
وھو ﻣﺎ ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﻌودة ﻟﻸﺧﻼق ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ داﻓﻊ ﻟﻺﻧﺳﺎن إﻟﻰ أن ﯾﺷرع ﻣﺎ ﯾﻛون ﺧﯾرا وأﺧﻼﻗﯾﺎ ﻟﻧﻔﺳﮫ وﯾﺗﺻرف
ﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﻷﻧﮫ ﯾؤﻣن ﺑﮫ وﻟﯾس ﻷﻧﮫ ﯾﺧﺎف ﻣن اﻟوﺻﺎﯾﺔ ،ﻓﻣﺎ ﻗﯾﻣﺔ اﻷﺧﻼق ﻓﻲ ھذا اﻹطﺎر ﻣﺎداﻣت اﻟﻘواﻧﯾن
ﻟوﺣدھﺎ ﻋﺎﺟزة ﻋن ﺿﻣﺎن اﻷﻣن واﻟﻌﯾش واﻟﺗﻘدﯾر ﻟﻶﺧرﯾن.
92
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
93
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺠﺰوءة اﻷﺧﻼق
94
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻷﺧـ ـ ـ ــﻼق
ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻋﺎم ﻟﻠﻤﺠﺰوءة:
ﺗﻌﺗﺑر اﻷﺧﻼق ﻣﺑﺣﺛﺎ ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺎ ،ﻓﺎﻟﻘدﻣﺎء ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻗﺳﻣوا ﻣﺑﺎﺣث اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻧﺟدھم ﺻﻧﻔوھﺎ إﻟﻰ ﻋﻠوم ﺛﻼﺛﺔ،
اﻟطﺑﯾﻌﺔ واﻷﺧﻼق واﻟﻣﻧطق ،وﯾﻌود اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻓﻲ اﻷﺧﻼق إﻟﻰ ﻋﺟز اﻟﻘواﻧﯾن ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻧظﯾم ﺷؤون اﻟﻧﺎس
وﺗﺄھﯾﻠﮭم ﻟﻛﻲ ﯾﻌﯾﺷوا ﻣﻊ ﺑﻌﺿﮭم اﻟﺑﻌض -وذﻟك ﻷن اﻟﻘواﻧﯾن ﻟﯾﺳت ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ -ﻓﺳﻘراط ﻓﻲ اﻟﻣدﯾﻧﺔ أﺛﯾﻧﺎ ﻟم ﯾرى ﻓﻲ
اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺿﺎﻣن اﻟوﺣﯾد ﻟوﺣدة أﺛﯾﻧﺎ ﺑل ﻻﺑد ﻣن ﺗﻌﻠﯾم اﻟﺷﺑﺎب اﻷﺛﯾﻧﻲ اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻟن ﺗﻛون ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف إﻻ
ﺧﺎدﻣﺔ ﻟﻠﻘواﻧﯾن اﻟﻣرادﻓﺔ إﻟﯾﮭﺎ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن أﺛﺑت ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻘط ذاﺗﺎ ﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻼﺷﺗراطﺎت اﻟﺣﺗﻣﯾﺔ
اﻟﻐرﯾزﯾﺔ ﺑل ھو ﻛﺎﺋن واع وﻣﻔﻛر ،ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إﺑداع أﻧﺳﺎق ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ وأﺧﻼﻗﯾﺔ ﺗﻣﻛﻧﮫ ﻣن اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن طﺑﯾﻌﺗﮫ ﺑﺷﻛل
ﻣﻘﺑول ﻣن طرف اﻟذوات اﻟذﯾن ﯾﺗﺷﺎرك ﻣﻌﮭم اﻟﻌﯾش اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﻌﯾش.
ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ھو اﻟﻛﺎﺋن اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾطرح ﻋﻠﻰ ذاﺗﮫ ﺳؤال ﻣﺎذا ﯾﻣﻛﻧﻧﻲ أن أﻓﻌل؟ وﻛﯾف ﯾﻣﻛﻧﻧﻲ أن
أﺗﺻرف؟ ﻓﯾﺟد ﻧﻔﺳﮫ ﻣطﺎﻟﺑﺎ ﺣﯾﻧﮭﺎ ﻣن اﻟﺗﺟرد ﻣن اﻷﻧﺎﻧﯾﺔ وﺣب اﻟذات واﻹﻧﻔﺗﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر؟،ﻛﯾﻔﻣﺎ ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺔ ھذا
اﻟﻐﯾر ،وھذا اﻷﻣر ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻟﯾس ﻓﻘط اﻟوﻋﻲ ﺑﻣﺎ ﻟدى اﻟﺷﺧص ﻣن ﺣﻘوق ،وإﻧﻣﺎ أﯾﺿﺎ ﺑﻣﺎ ﻟﮫ ﻣن واﺟﺑﺎت ﺗﺟﺎه ﻧﻔﺳﮫ
وﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن ،وﯾﻌﻠﻣﻧﺎ ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ أن اﻷﺧﻼق رﻛن أﺳﺎﺳﻲ ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺗﻘدم اﻟﺑﺷري ،وﻟﯾﺳت اﻷﺧﻼق
ﺿرورﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗوازن اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑل ھﻲ ﺿرورﯾﺔ ﻟﺗوازن اﻟﻔرد وﺗﺣﻘﯾق ﺳﻌﺎدﺗﮫ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﺑوﺻﻔﮫ ﻛﺎﺋﻧﺎ
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ﺑطﺑﻌﮫ ،ﻻﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺣﻘق ذاﺗﮫ وإﻧﺳﺎﻧﺗﯾﮫ إﻻ ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺗﺳوده اﻟﻣﺣﺑﺔ واﻟﺗﺿﺎﻣن واﻟﺗﻛﺎﻓل،وإذا
ﻛﺎﻧت اﻷﺧﻼق ﺿرورﯾﺔ ﻟﻠوﺋﺎم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﻋﺎﻣﻼ أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻣن ﻋواﻣل اﻟﺳﻌﺎدة اﻟﻔردﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ،ﻓﺈن اﻟدﻋﺎﻣﺔ
اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻛل أﺧﻼق وﻋﺻﺑﮭﺎ ھو اﻟواﺟب ،وإذا ﻛﺎﻧت أﺧﻼق اﻟواﺟب اﻟﺗﻲ طرﺣﮭﺎ ﻛﺎﻧط ھﻲ ﺑدﯾل ﻷﺧﻼق اﻟﺳﻌﺎدة
واﻟﻔﺿﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ طرﺣﮭﺎ ﺳﻘراط وأرﺳطو ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻷﺧﻼق إﻟﻰ ﻧﯾﻘوﻣﺎﺧوس" ﻓﺈن اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻗد ﯾﺻطدم
أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻣﻊ اﻹﻛراه اﻟﺧﺎرﺟﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون أو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أو ﺳﻠطﺔ اﻷﻋراف واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد ﻓﯾﺻﯾر ﻣﺎ ﯾﺟب أﺧﻼﻗﯾﺎ ﻓﻌﻠﮫ
ﻻﯾﻣﻛن اﻟﻘﺑول ﺑﮫ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ أو ﻋرﻓﯾﺎ ،وﻷن ﺷرط اﻟواﺟب ھو اﻟﺣرﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ ﻓﻲ ظل ﻋﺎﻟم
ﺗﺣﻛﻣﮫ اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻌﺎدات واﻷﻋراف وﻣن ھﻧﺎ ﺗﺻطدم اﻟﺣرﯾﺔ ﺑﺎﻹﻛراه اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻓﺗﺻﯾر ﻣﺣدودة ،ﻓﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن
ﺗﻧﺗﮭﻲ ﻋﻧد ﺣرﯾﺔ اﻷﺧر ،وﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺣﺗرم اﻹﻧﺳﺎن ﻋن واﺟب ﺣق اﻷﺧر وﺣرﯾﺗﮫ ﻓﺈن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﺣﯾﻧﺋذ ھﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﻠم
واﻻﺳﺗﻘرار وھو ﻣﺎ ﯾﺿﻣن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﻌﺎدة.
ﻣﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ھو أن:
اﻟواﺟب ﻣن ﺟﮭﺔ ﻗد ﯾﻛون ﻧداءا داﺧﻠﯾﺎ وﺗﻌﺑﯾرا ﻋن اﻹرادة اﻟﺣرة ﻟﻺﻧﺳﺎن وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل
ﻣﻧﮫ إﻟزاﻣﺎ ﻟﻠذات ﻟﻛن اﻟواﺟب ﻓﻲ ﻏﯾﺎب اﻟﻘﺎﻧون ﻗد ﯾﺻﯾر ﻓﻌﻼ أﻧﺎﻧﯾﺎ ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﻔوﺿﻰ.
اﻟﺣرﯾﺔ ﻗد ﺗﺑدوا ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﯾﺗﻣﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻣﻘﺗﺿﺎھﺎ ﻣن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻛل ﻣﺎ ﯾرﯾده
ﻟﻛن اﻟﺣرﯾﺔ ﻣﺎ ﻟم ﺗﻧﺻﻊ ﻟﻠﻘواﻧﯾن وﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺻﺎرت ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﻔوﺿﻰ.
إن اﻟﺳﻌﺎدة ﻗد ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻠذات اﻟﺣﺳﯾﺔ ﻟدى اﻟﻌوام وﻓﻲ اﻟوھﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻛن ﻻﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﺣﻘق
ﻣﺎ ﻟم ﻧﺗﺟرد ﻣن اﻟﻣﯾول واﻟرﻏﺑﺎت وﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺣﺳﯾﺔ إﻟﻰ إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎت اﻟروح واﻟﻌﻘل.
95
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾﺣﯾل اﻟواﺟب ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻋﻠﻰ راﺑط ﯾﻛون اﻟﺷﺧص ﺑﻣوﺟﺑﮫ ﻣﻠزﻣﺎ ﺗﺟﺎه ﺷﺧص آﺧر ﺑﺄن ﯾﻔﻌل أوﻻ ﯾﻔﻌل ﺷﯾﺋﺎ ﻣﺎ،
وھﻧﺎ ﯾﻛون اﻟواﺟب ذو ﻣﺿﻣون ﻗﺎﻧوﻧﻲ،أﻣﺎ اﻟواﺟب أﺧﻼﻗﯾﺎ ﻓﮭو ﻻ ﯾﻧﺟم ﻋن اﺗﻔﺎق ﺑل ﻋن اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑوﺻﻔﮫ
ﻛﺎﺋن ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻹﺧﺗﯾﺎر و اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺧﯾر واﻟﺷر ،واﻟواﺟب ھو ﻣﺎ ﯾﺟب ﻓﻌﻠﮫ وﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻧﺻل ﻣﻧﮫ ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ أي ﻣﺎ
ﯾﻠزم ﺑﮫ ﺷﺧص ذاﺗﮫ ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺗﮫ ﻛذات ﻋﺎﻗﻠﺔ وﺣرة ،ﻟﻛن اﻷﻓراد ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﺻرﻓون وﯾﺳﻠﻛون ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إﻟﺗزاﻣﮭم
اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑواﺟﺑﺎت ﯾﻛون ﻣﺻدرھﺎ ھو اﻟﻌﻘل ﯾﺻطدﻣون ﻣﻊ اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻹﺛﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺗﻲ
ﯾﻌﯾﺷون ﻓﯾﮭﺎ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟواﺟب اﻟﻌﻘﻠﻲ ﯾﺻدم ﺑﺎﻟواﺟب اﻟذي ﯾﻔرﺿﮫ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﻣﺎدام اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ھو ﻋﺑﺎرة ﻋن
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓراد ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾﻧﮭم ﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﻗﺎل ﺑذﻟك "ﻻﻻﻧد" ﻓﺈن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻻ ﺗﻘوم ﻟﮫ ﻗﺎﺋﻣﺔ إﻻ ﻣن ﺧﻼل
اﻟراﺑطﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺷﺋﮭﺎ ﺑﯾن أﻓراده واﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﻛل ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر واﻟﻘواﻋد واﻟﻌﺎدات اﻟﻣوﺟﮭﺔ
ﻟﻠﺳﻠوك ،وھﻛذا ﯾﺑدوا اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻣن ﺟﮭﺔ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻺرادة اﻟﺣرة ﻟﻠذات وﻣن ﺟﮭﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ذاﺗﺎ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻗﺎدرة
ﻋﻠﻰ اﻹﻟﺗزام ذاﺗﯾﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺻدر وﺗﺷرع إﻟﯾﮫ ﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌﻘل اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻌﻣﻠﻲ وﻗد ﯾﻛون أﺣﯾﺎﻧﺎ اﻟواﺟب ﻣﺟرد اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ
ﺷرطﯾﺔ ﻹﻟزاﻣﺎت)إﻛراھﺎت( اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وإﻛراھﺎﺗﮫ.
ﯾﺗﺣدد اﻟواﺟب le devoirﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻷﺧﻼق اﻟﺣداﺛﯾﺔ ،ﺑﻣﺎ ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺧص اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ،إﻣﺎ ﺑﺷﻛل إﻟزاﻣﻲ
إﻛراھﻲ ،ﻧظرا ﻟﻘﮭرﯾﺔ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟواﺟﺑﺎت ﺑﺣﯾث ﺗﺑدو ﺿرورة ﺗﺣﺗم اﻟﺧﺿوع ﻟﮭﺎ ،وإﻣﺎ ﺑﺷﻛل اﻟﺗزام ﺣر وواع،
ﻧظرا ﻻﻧﺳﺟﺎم اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟواﺟﺑﺎت ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌﻘل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ.
أﻣﺎ اﻹﻛراه ﻓﮭو اﺳم ﻟﻔﻌل أﻛرھﮫ ﯾﻛرھﮫ إﻛراھﺎ ،أي أﻟزﻣﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻔﻌل ،ﻓﺎﻹﻛراه ھو إذن
إﻟزام Obligationوھو اﻟطرف اﻟﻧﻘﯾض ﻟﻣﻔﮭوم اﻹﻟﺗزام ،واﻹﻟﺗزام Engagmentھو اﺳم ﻟﻔﻌل إﻟﺗزم ﯾﻠﺗزم ﺑﺎﻷﻣر
اﻟﺗزاﻣﺎ ،أي أوﺟﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ﺑطواﻋﯾﺔ ورﺿﺎ وﻗﻧﺎﻋﺔ ﻓﻛرﯾﺔ ،دون إﻛراه ﻣن أﺣد أو ﺿﻐط ،ﻓﺎﻹﻟﺗزام إذن ﯾﺣﻣل
ﺟﺎﻧﺑﺎ ﻣن ﺣرﯾﺔ اﻟﺷﺧص ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر أﻓﻌﺎﻟﮫ وﺗﺣﻣل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻹﻟزام ﯾﺣﯾل ﻋﻠﻰ اﻹﻛراه وﻏﯾﺎب
اﻟﺣرﯾﺔ.
وﻣن ھذه اﻟﻣﻔﺎرﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺑﺛق ﻣن ﺻﻣﯾم اﻟﺗﺣدﯾد اﻟدﻻﻟﻲ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﻣﻛوﻧﺔ أو اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻣﻔﮭوﻣﻲ
اﻟواﺟب واﻹﻛراه واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻟﻠﻣﺣور ﻓﻲ اﻟﺗﺳﺎؤﻻت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:إذا ﻛﺎن اﻟواﺟب ھو ﻣﺎ
ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻔﻌﻠﮫ ﻓﮭل ﯾﺻدر ﻋن اﻹرادة اﻟﺣرة واﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن أم أﻧﮫ ﻣﺟرد ﺧﺿوع ﻟﻺﻛراھﺎت
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون وﻓﻲ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ؟ ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ھل اﻟواﺟب ھو ﻣﺟرد اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻺﻛراھﺎت
واﻟﺿواﺑط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻓﯾﺔ أم أﻧﮫ ﻧداء اﻟﻌﻘل واﻟﺿﻣﯾر اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻧﺎﺑﻊ ﻣن اﻹرادة اﻟﺣرة
واﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ؟ ھل اﻟواﺟب إﻟزام ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﮭر واﻹﻛراه أم اﻟﺗزام ﺣر وﻣﺳﺗﻘل ﻟﻠذات؟
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺣﻠﯾل إﯾﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط /اﻟواﺟب إﻟزام ذاﺗﻲ ﺣر ﻧﺎﺑﻊ ﻣن اﻹرادة اﻟﺣرة واﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ واﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻟﻠﺷﺧص،
ﻓﮭو إﻛراه ذاﺗﻲ ﺧﺎﻟص ﺧﺎﺿﻊ ﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﻘل اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻌﻣﻠﻲ واﻹرادة اﻟطﯾﺑﺔ
ﯾرى ﻛﺎﻧط ﻣن ﺧﻼل وﺟﮭﺔ ﻧظر ﻧﻘدﯾﺔ ،أن اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺻدر ﻋن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ
اﻹﻛراه .إذ ﯾﻌﺗﺑر اﻟواﺟب ﻧﺎﺑﻌﺎ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻣن اﻹرادة اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻟﻠذات ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ذاﺗﺎ ﻋﺎﻗﻠﺔ و ﺣرة ﻻ ﺗﺧﺿﻊ إﻻ
ﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻌﻘل اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣن اﻟذات ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻻ ﻹﻛراھﺎت اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ و
96
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ.وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد داﻓﻊ ﻛﺎﻧط ﻋﻠﻰ أن ﺗﺄﺳﯾس "ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ اﻷﺧﻼق" ﻣﺳﺄﻟﺔ " ﺿرورﯾﺔ ﻻ ﻏﻧﻰ ﻋﻧﮭﺎ ،ﻻ ﻋن
داﻓﻊ ﻣن دواﻓﻊ اﻟﺗﺄﻣل اﻟﻣﺟرد ﻓﺣﺳب ﯾﺳﺗﮭدف اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺻدر اﻟﻘواﻋد اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻧﺎ وﺟودا
ﻗﺑﻠﯾﺎ .ﺑل ﻷن اﻷﺧﻼق ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻻ ﺗﻔﺗﺄ ﺗﺗﻌرض ﻷﻟوان ﻣن اﻟﻔﺳﺎد ﻻ ﺣﺻر ﻟﮭﺎ ﻣﺎ ﺑﻘﯾت ﻣﻔﺗﻘرة إﻟﻰ ذﻟك اﻟﻣﻘﯾﺎس و
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻷﻋﻠﻰ اﻟذي ﻻﺑد ﻣﻧﮫ ﻟﻠﺣﻛم ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺣﻛﻣﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ" ﻣن ﺧﻼل ھذا اﻟﻘول ﯾﺗﺑﯾن اﻟﻘﺻد ﻣن ﺗﺄﺳﯾس ﻛﺎﻧط
ل"ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ اﻷﺧﻼق" أﻻ وھو ﺗﻼﻓﻲ أي ﺗﻌدد ﻓﻲ اﻟﺗﺄوﯾﻼت اﻟﺗﻲ ﻣن اﻟﻣﻔﺗرض أن ﺗﺄﺧذ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻷﺧﻼق ﻓﻲ ﺑﻌدھﺎ
اﻟﻌﻣﻠﻲ واﻟﻣﻣﺎرﺳﺎﺗﻲ .ﻓﺎﻟﻌودة إﻟﻰ اﻷﺧﻼق ﻓﻲ ﺻﯾﻐﺗﮭﺎ اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ و اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﺗﺧذ أوﺟﮭﺎ ﻋدﯾدة ﻻ ﯾﻣﻛن
ﺣﺻرھﺎ ،ذﻟك أﻧﮭﺎ ﺗﺳﺗﻧد ﺑﺎﻟﺿرورة ھﻧﺎ إﻟﻰ ﺳﯾﺎﻗﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗﺟﻌل اﻟﺣﻛم اﻷﺧﻼﻗﻲ ﯾﺧﺗﻠف ﻣن ﺳﯾﺎق إﻟﻰ آﺧر .و إذا
ﻛﺎن اﻟﺗرﻓﻊ ﻋن ھذا اﻟﺑﻌد )اﻟﺗﺟرﺑﺔ( و ﻛذﻟك اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﯾب ﺳﯾﺣﯾﻠﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﯾم و اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻛﻠﯾﺔ ﻟﻸﺧﻼق ،اﻟﺗﻲ
ﻻ ﺗﺗﻌدد ﻓﯾﮭﺎ ،ﻓﮭو ﻣﺎ ﯾﺟب ﺣﺳب ﻛﺎﻧط أن ﯾؤﺳس ﻟﻛل ﻓﻌل أﺧﻼﻗﻲ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻛون اﻷﺧﻼق ﺣﺳب ﻛﺎﻧط ﻣﺑﺎدئ
ﺗﺣﻛم ﻓﻌل اﻹرادة ﻟدى اﻹﻧﺳﺎن ،ﺑﺷﻛل ﻗﺑﻠﻲ و ﺷﻣوﻟﻲ و ﻛوﻧﻲ ،دون اﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻟﺑﺷر ،ﻣﺎداﻣت ھذه اﻷﺧﻼق
أواﻣر ﻟﻠواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻌﻣﻠﻲ اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﻌﻘل ،أي أﻧﮭﺎ ﺻﺎدرة ﻋن اﻟذات ﻧﻔﺳﮭﺎ ،و ﻟﯾس ﻣن ﺧﺎرﺟﮭﺎ أي ﻣن
ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ أو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .ﻟﻘد رﻓض ﻛﺎﻧط أن ﯾﻛون اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺻﺎدرا ﻋن ﺳﻠطﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،أو
ﺣﺗﻰ ﺗﯾوﻟوﺟﯾﺔ )ﻻھوﺗﯾﺔ( ،ﻷﻧﮫ ﻋﻧد ذﻟك ﺳﺗﺗﺧذ اﻷﺧﻼق ﺻﻔﺔ اﻟﻘﮭرﯾﺔ واﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،و ﺳﯾﻛون ﻓﻲ ذﻟك
ﻧﻘض ﻟﺻﻔﺔ اﻟﺣرﯾﺔ ﻟدى اﻹﻧﺳﺎن ،و ﻣن ﺛم ﺗﻛون اﻷﺧﻼق ﺗؤدي دورا ﻣﻌﻛوﺳﺎ ﻟﯾس ھو اﻟدور اﻟذي ﯾﺟب أن
ﺗﺧدﻣﮫ .ھﻧﺎ ﯾرى ﻛﺎﻧط أن اﻵﻣر اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟذاﺗﻲ اﻟداﺧﻠﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﻧطﻠق اﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ﯾﻛون أﻣرا ﺻﺎدرا ﻋن
اﻟﺣرﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ أي أﻧﮫ واﺟب ﺣر و ھﻧﺎ ﯾﺗﺧذ اﻹﻧﺳﺎن ﺻﻔﺔ اﻟﻛﻣﺎل ﻛﻐﺎﯾﺔ و ﻟﯾس ﻛوﺳﯾﻠﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره اﻟﻛﺎﺋن اﻟوﺣﯾد
اﻟذي ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻣزج ﻓﻲ اﻵن ﺻﻔﺔ اﻟﺣرﯾﺔ و اﻟواﺟب ﻟﻛوﻧﮫ اﻟﻛﺎﺋن اﻟذي ﯾﺗﻣﯾز ﺑﺎﻹرادة و اﻟﻌﻘل .ﻓﺷﻌورﻧﺎ
ﺑﺎﻟواﺟب ﯾﻘول ﻛﺎﻧط ھو ﺷﻌور ﺑﺿرورة ﻋﻘﻠﯾﺔ ،ﻷن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘﻠﻲ ﯾﺗﺧذ ﺻﻔﺔ اﻵﻣر ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﺎﺗﻧﺎ وأﻓﻌﺎﻟﻧﺎ وﯾﺟﻌل
اﻹرادة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻘﻠﯾﺔ ،ﻓﻛل ﻣﺎ ﯾﺻدر ﻋن اﻟﻌﻘل وﺗﻧﻔذه اﻹرادة واﺟب ،وأﻣر ﻣطﻠق وﻏﯾر ﻣﺷروط ،ﯾﻠزﻣﻧﺎ ﺑﺈطﺎﻋﺔ
اﻟواﺟب ﻋﻠﻰ أﻧﮫ واﺟب ،دون أي اﻋﺗﺑﺎر أو اھﺗﻣﺎم ﺑﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻠذة ،أو اﻟرﻏﺑﺔ أو اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ أو اﻟﺳﻌﺎدة ،وھﻛذا ﻓﺈن
اﻟواﺟب ﻓﻲ ﻧظر ﻛﺎﻧط أﻣر ﻗطﻌﻲ ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻌﻘل اﻟﻌﻣﻠﻲ ﺑدون ﺷروط ،وﻻ ﯾﮭدف إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق رﻏﺑﺔ أو ﻣﯾل ﺣﺳﻲ
أو ﻣﻧﻔﻌﺔ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﺗﺄﺳﯾس ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ اﻷﺧﻼق" ":اﻷواﻣر اﻟﻘطﻌﯾﺔ أو اﻟﻣطﻠﻘﺔ ،ھﻲ
اﻷواﻣر اﻟﺗﻲ ﺗﻧظر إﻟﻰ اﻷﻓﻌﺎل ﻻ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﻧﺗظرة ﻣﻧﮭﺎ ،ﺑل ﺗﺄﺧذ اﻷﻓﻌﺎل ﻣن ﺣﯾث ھﻲ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ،إﻧﮭﺎ
أواﻣر ﻏﯾر ﻣﺷروطﺔ ﺑﺄﯾﺔ ﻧﺗﺎﺋﺞ أو ﻣﯾول ،ﺑل ﻟﮭﺎ ﺑداھﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ،ﻟدرﺟﺔ أن اﻹرادة ﺗﻌرف أن ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﺗﺧﺿﻊ
ﻟﮭذه اﻷواﻣر ،وھذه اﻷواﻣر ذات ﺻﺑﻐﺔ ﻛوﻧﯾﺔ ﺷﻣوﻟﯾﺔ" وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﯾﺷﺗق اﻟواﺟب ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻗﺎﻋدة ﻛﻠﯾﺔ
وﻛوﻧﯾﺔ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻠذة أو اﻟﻣﺗﻌﺔ أو اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ أو اﻟﺧﺿوع ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ ﺑل اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻟﻘﺎﻋدة ﺳﻠوك أﺧﻼﻗﯾﺔ ﺗﻌﺎﻣل
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﺧص اﻟﻔرد ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻏﺎﯾﺔ وﻟﯾﺳت وﺳﯾﻠﺔ وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾﻘول ﻛﺎﻧط"إﻋﻣل داﺋﻣﺎ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون
وﺣﻲ إرادﺗك ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻋﺎﻣﺎ" وﯾﻘول ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق" ﺗﺻرف ﺑطرﯾﻘﺔ ﺗﺟﻌﻠك ﺗﻌﺎﻣل اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﺧﺻك ﻣﻣﺎ ﻓﻲ
اﻷﺷﺧﺎص اﻵﺧرﯾن ،ﻛﻐﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ وﻟﯾس أﺑدا ﻛﻣﺟرد وﺳﯾﻠﺔ" وﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺗﻌزﯾز ھذا اﻟﻛﻼم ﺑﻣﺛﺎﻟﯾﯾن ﻣن اﻟواﻗﻊ ﻓﻣﺛﻼ
ﻻﯾﻣﻛﻧﻧﻲ اﻟﻣﺗﺎﺟرة ﻓﻲ اﻟﺑﺷر أو اﺳﺗﻌﺑﺎدھم ﻷﻧﮭم ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭم وﻟﯾﺳوا وﺳﺎﺋل ،ﻷﻧﮫ ﺣﯾﻧﻣﺎ أﺳﺗﻌﻣﻠﮭم ﻛوﺳﺎﺋل ﻗﺎﺑﻠﺔ
ﻟﻠﺑﯾﻊ واﻟﺷراء ﻻ أﻛون ﺣﯾﻧﺋذ ﻗد ﺣططت ﻣن ﻗﯾﻣﺗﮭم ﺑل ﺣططت ﻣن ﻗدري وﻣن ﻛراﻣﺗﻲ ﻷن ﺳﻠوﻛﻲ وﻓﻌﻠﻲ
ﺳﯾﺣﺗدى ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟواﺟب ﯾﻣﻧﻌﻧﻲ ﻣن ذﻟك ﻷﻧﻧﻲ ﻣﻠﺗزم أﺧﻼﻗﯾﺎ ﺗﺟﺎه اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﺄن أﻋﺎﻣل ﻛل
اﻟﻧﺎس ﻋن واﺟب ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھم أﺷﺧﺎص ﻟدﯾﮭم ﻛراﻣﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﻲ اﻟﻛذب ﻷن اﻟواﺟب ﯾﻣﻧﻌﻧﻲ ﻣن ذﻟك ﻣﺎدام اﻟﻛذب
ﻟدﯾﮫ أﺿرار ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﻣﻌﺎء.و ﻣﻧطﻠق اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻋﻧد ﻛﺎﻧط ھو اﻹرادة اﻟﺧﯾرة ،ﻓﻘد ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺑﻌض
اﻟﺷﺟﺎﻋﺔ واﻹﻗدام ورﺑﺎطﺔ اﻟﺟﺄش ﺧﯾرا،ﻟﻛن ﻣﺎذا ﻟو اﺟﺗﻣﻌت ﻛل ھذه اﻟﻔﺿﺎﺋل ﻓﻲ ﻣﺟرم ﻣﺎ؟ ﻻﻗﯾﻣﺔ إذن ﻟﻠﻔﺿﯾﻠﺔ
ﺑدون إرادة ﺧﯾرة؟ ،واﻟذي ﯾﺿﻔﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ طﺎﺑﻊ اﻟﺧﯾر،ھو ذاك اﻹﻛراه اﻟذي ﺳﺗﺳم ﺑﮫ ﻓﻌﻠﮭﺎ ،ﺣﯾن ﯾﺄﺗﻲ ﻣطﺎﺑﻘﺎ
ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟذي ﯾﺷرﻋﮫ اﻟﻌﻘل ﻟﯾﺗﺟﺳد ﻋﻠﻰ ﺷﻛل أواﻣر ﻗطﻌﯾﺔ .وﯾﻔرق ﻛﺎﻧط ﺑﯾن اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ morality
97
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أو اﻟﺷرﻋﯾﺔ legalityﻓﯾﻘول إن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ أن ﯾﺗﺻرف اﻟﻣرء وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺑﮫ اﻟﻘﺎﻧون أو
اﻟﺗﺷرﯾﻊ ،وﻟﻛن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﺟﻲء ﺗﺻرف اﻟﻔﺎﻋل ﻣطﺎﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون أو اﻟﺷرع ،دون أن ﯾﻛون ﻟﻠﻔﺎﻋل ﻧﻔﺳﮫ أي
ﻓﺿل ﺧﻠﻘﻲ أو أﯾﺔ ﺟدارة ﺧﻠﻘﯾﺔ ،وﯾﺿرب ﻛﺎﻧط ﻣﺛﻼ ﻟذﻟك ﺑﺎﻟﺳرﻗﺔ ﻓﯾﻘول إن اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺄﻣرﻧﺎ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻛﯾﺔ
اﻵﺧرﯾن ،وﻣﺎدام اﻟﻣرء ﻻﯾﺳرق أوﻻ ﯾﻌﺗدي ﻋﻠﻰ أﻣﻼك اﻟﻐﯾر ،ﻓﮭو ﯾﻌﻣل وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺑﮫ اﻟﻘﺎﻧون .وﻟﻛن اﻟذي
ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋن اﻟﺳرﻗﺔ ﻗد ﺻدر ﻓﻲ اﻣﺗﻧﺎﻋﮫ ﻋن ھذا ﻋن ﺑواﻋث" ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ :ﻛﺎﻟﺧوف ﻣن اﻟﻌﻘﺎب،أو ﺧﺷﯾﺔ ﷲ ،أو اﺣﺗرام
اﻟرأي اﻟﻌﺎم ،أو اﻟﺧوف ﻣن ﺗﺄﻧﯾب اﻟﺿﻣﯾر أو اﻟﺗﻌﺎطف ﻣﻊ اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﻌﺗدى ﻋﻠﻰ أﻣﻼﻛﮭم....اﻟﺦ .وﻓﻲ ﻛل ھذه
اﻟﺣﺎﻻت ﻻ ﯾﻌد اﻹﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﻟﺳرﻗﺔ ﻓﻌﻼ ﺧﻠﻘﯾﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻠﻣﺔ وأﻣﺎ ذﻟك اﻟذي ﯾﻘول إن واﺟﺑﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﻲ ﺑﺄﻻ أﺳرق
ﻓﺄﻧﺎ ﻟن أﺳرق اﺣﺗراﻣﺎ ﻟﻠواﺟب وﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻌﻘل اﻟﻌﻣﻠﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻓﮭذا اﻟذي ﯾﺗﺻرف ﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ھو ﻣن
ﯾﻌﺗﺑر ﻓﺎﻋﻼ أﺧﻼﻗﯾﺎ وﯾﺳﻣﻰ اﻟﻔﻌل اﻟذي ﺻدر ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻋن واﺟب.
ﻧﺳﺗﻔﯾد ﻣن ھذا أن ﻛﺎﻧط ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾﺳﮫ ﻟﻣﺑﺣث اﻷﺧﻼق اﻟدﯾوﻧطوﻟوﺟﯾﺔ )ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ اﻷﺧﻼق ( أراد أن ﯾﺳد اﻟطرﯾق
ﺑﺷﻛل ﻧﮭﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﺗﺟﺎھﺎت اﻟﻧﻔﻌﯾﺔ واﻟوظﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﻋﺻره ﺗﻌطﻲ ﻟﻸﺧﻼق وﻟﻠواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑﻌدا
ﻧﺳﺑﯾﺎ و ﺑراﻏﻣﺎﺗﯾﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗرﻛﯾز ھذه اﻹﺗﺟﺎھﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻌد اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ ﻟﻸﺧﻼق و ﺗﻐﺎﺿﯾﮭم ﻋن اﻷﺧﻼق ﻛﻣﺑﺎدئ
ﻗﺑﻠﯾﺔ ﺗؤطر ﻣﻠﻛﺔ اﻟﺣرﯾﺔ ﻟدى اﻹﻧﺳﺎن ،و ﻣﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺛﯾر ﺧطورة ھذا اﻟﺗﺻور ﺣﺳب ﻛﺎﻧط ،ھو ﻛوﻧﮫ ﯾؤدي إﻟﻰ إﻓﺳﺎد
ھذه اﻷﺧﻼق ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻋوض أن ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﺗوﺟﯾﮫ اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ ﻣﺎ ھو ﺧﯾر ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻻ إﻟﻰ إﻋﻼء اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ واﻟرﻏﺑﺎت
ﻋن اﻷﺧﻼق ذاﺗﮭﺎ ،ﻓﻣؤدى ھذا اﻟﺗﺻور ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻟن ﯾﻛون إﻻ اﻟﺗﻌﺎرض واﻟﺗﺻﺎدم ﺑﯾن اﻹرادات ﻟدى ﺑﻧﻲ اﻟﺑﺷر،
و ﻣن ﺗم اﻟﻌودة إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣرب اﻟﻛﻠﯾﺔ ،ﻻ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾطﻣﺢ إﻟﯾﮫ ﻛﺎﻧط ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺗﮫ ،أي اﻟﮭدف ﻣن ﻣﺷروع اﻟﺳﻠم
اﻟداﺋم و ﻧﺷر ﻗﯾم اﻷﻧوار .ﻟﻛن إذا ﻛﺎن ﻛﺎﻧط ﻗد أﺳس اﻟواﺟب ﻋﻠﻰ اﻹﻟزام واﻟﺧﺿوع ﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﻘل اﻟﻣﺗﻌﺎل ﻋﻠﻰ
اﻟرﻏﺑﺎت واﻟﻣﯾوﻻت و اﻷھواء واﻟﻐراﺋز وھو اﻟﻌﻘل اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻌﻣﻠﻲ اﻟﺻوري ﺧوﻓﺎ ﻣن أن ﺗﻔرغ اﻟﻣﯾوﻻت واﻟﻠذة
واﻷھواء اﻟواﺟب ﻣن دﻻﻟﺗﮫ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ ﻓﺄﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺟد ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻣن أﺳس اﻟواﺟب ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد
اﻷﺧرى ﺗﺗﻧﺎﻗض وﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻌﻘل اﻟﻌﻣﻠﻲ ﻋﻧد ﻛﺎﻧط؟ أﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﻧﻔﻌﺔ واﻟﻠذة واﻷھواء واﻟرﻏﺑﺎت أن ﺗﻛون ﻗﺎﻋدة
ﻟﻛل ﻓﻌل أﺧﻼﻗﻲ ﻓﻲ ﺗﺻورات ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ أﺧرى؟
ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﺗﺻور اﻟﻛﺎﻧطﻲ /ﺗﺻور إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم اﻟواﺟب ﻟﯾس ﻓﻘط ﻣﺟرد إﻟزام ﺑل ھو ﻣوﺿوع رﻏﺑﺔ وﻣﯾول
ﻣن طرف اﻷﻓراد ﺗﻧﺑﻧﻲ أﺳﺎس ﻋﻠﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻔﻌل
إن اﻹﻧﺳﺎن ھو ﻓرد ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﯾﺗﺄﺛر ﺑﮭﺎ وﯾؤﺛر ﻓﯾﮭﺎ ،ﯾﺄﺧذ ﻋﻧﮭﺎ ﻗﯾﻣﮭﺎ وﺗﺻوراﺗﮭﺎ
اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ.ﻟذﻟك ﻗد ﻧﻘول ،ﻣﻊ اﻟﺗﺻورات اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،إن اﻟﺿﻣﯾر اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻔردي ﻣﺎ ھو إﻻ ﺻدى ﻟﻠﺿﻣﯾر
اﻟﺟﻣﻌﻲ ،وأن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ھو اﻟﻣﺻدر اﻟوﺣﯾد اﻟﻣﺣدد ﻟﻠواﺟﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮭﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻟﺗﻐدوا ﺗﻠك اﻟواﺟﺑﺎت
ﻣﺟرد ﻋﺎدات ﺗﺟﺛم ﻋﻠﻰ إرادة اﻷﻓراد وﺗوﺟﮫ أﻓﻌﺎﻟﮭم .إن ﻛل ﺧروج ﻋن ھذه اﻟواﺟﺑﺎت ،ﯾواﺟﮫ ﺑﻌﻘوﺑﺎت ﺷدﯾدة ﻣن
طرف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،اﻟذي ﻋﻠﯾﮫ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻗﯾم اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ.ﻟذﻟك ﯾراھن ھذا اﻟﺗﺻور ﻋﻠﻰ أھﻣﯾﺔ اﻷﺳرة واﻟﻣدرﺳﺔ وﻏﯾرھﻣﺎ ﻣن
ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻟﺗرﺳﯾﺦ اﻟواﺟﺑﺎت ﺿﻣﺎﻧﺎ ﻻﺳﺗﻘرار أﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺳﻌﺎدة اﻷﻓراد .وﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣرء أن ﯾﻧﻔﻲ ﻣﺎ
ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن ﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟواﺟﺑﺎت وﺗرﺳﯾﺧﮭﺎ،ﻋﺑر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟواﺟب ﻣﻊ ﻛﺎﻧط أﻣر
ﻗطﻌﻲ ،ﻓﻔﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾﺗﻔق إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم ﻣﻊ ﻛﺎﻧط ﺑﺄن اﻟواﺟب إﻟزام/أي إﻛراه ،ﻟﻛن دورﻛﺎﯾم ﯾﻌﺎﻟﺞ اﻟواﺟب
اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻣن ﻣﻧظور ﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ ﯾرﺑط ﻓﯾﮫ اﻟواﺟب ﺑﻣﺎ ھو ﻣرﻏوب ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ،ﻓﺣﺳب دورﻛﺎﯾم ﻻ ﯾوﺟد ﻓﻌل
ﯾﻣﻛن ﻟﻺﻧﺳﺎن أن ﯾﻘوم ﺑﮫ ﻓﻘط ﻟﻛوﻧﮫ واﺟﺑﺎ دون اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻔﻌل وﻋن ﻣﺎ ﯾﺣﻔزه ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﮫ ،ﻛل واﺟب أﺧﻼﻗﻲ
ھو إﻟزام ﻋﻧد درﻛﺎﯾم ﻟﻛﻧﮫ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ ھو اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻣﺎ ھو ﻣرﻏوب ﻓﯾﮫ ،ﻓﻔﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﺎ واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ"
وﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ" أﻛد دورﻛﺎﯾم ﻋﻠﻰ أن اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ھﻲ اﻟﺷرط اﻟﺿروري ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ
98
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺟﻣﯾﻊ أﺷﻛﺎﻟﮭﺎ ،ﻓﺎﻟﻔرد اﻟﻣﻌزول ﻋن وﺳطﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻻﺑد أن ﯾﻠﺣﻘﮫ اﻟﻔﻧﺎء ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول دورﻛﺎﯾم":ﻟﯾس
اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﺋﻧﺎ أﺧﻼﻗﯾﺎ إﻻ ﻷﻧﮫ ﯾﻌﯾش ﻓﻲ ﺻﻠب ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻗﺎﺋﻣﺔ ،وﻟﯾس ﺛﻣﺔ أﺧﻼق ﺑدون اﻧﺿﺑﺎط و ﻻ ﻧﻔوذ،
واﻟﻧﻔوذ اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟوﺣﯾد ھو اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻘﻠدھﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮫ ﺑﺄﻋﺿﺎﺋﮫ ،إن اﻷﺧﻼق ﻻﺗﺑدوا ﻟﻧﺎ أﺧﻼﻗﺎ،
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟواﺟب ،إﻻ إذا وﺟدت ﺣوﻟﻧﺎ أو ﻓوﻗﻧﺎ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺟزاء ،وھذه اﻟﺳﻠطﺔ ھﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ" .ﻓﺎﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻓﻲ ﻧظر دورﻛﺎﯾم ھو إذن واﺟب ﺟﻣﻌﻲ ،ﻷﻧﮫ ﯾﻔرض ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ
أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وھو إﻛراھﻲ أو إﻟزاﻣﻲ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﺿﻣن ﺻﻔﺔ اﻷواﻣر اﻵﺗﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،أﻣﺎ ﺳﻠطﺗﮫ ﻓﮭﻲ ﻣﺗﻌﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﺿﻣﺎﺋر اﻟﻔردﯾﺔ ،وھﻲ ﺳﻠطﺔ اﻟﺿﻣﯾر اﻟﺟﻣﻌﻲ ،وﻟﻛن رﻏم ھذا اﻟطﺎﺑﻊ اﻹﻟزاﻣﻲ ﻟﻠواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻋﻧد دورﻛﺎﯾم،
واﻟذي ﻣﺻدره اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻓﺈن دورﻛﺎﯾم ﻻﯾﻧﻔﻲ دور اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ،ﻓﻛل واﺟب أﺧﻼﻗﻲ ھو إﻟزام
وﻟﻛﻧﮫ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻣﺎ ھو ﻣرﻏوب ﻓﯾﮫ ،وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول دورﻛﺎﯾم"إﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻘوم ﺑﻌﻣل
ﻣﺎ ﻓﻘط ﻷﻧﮫ ﻣطﻠوب ﻣﻧﺎ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ،أو ﻷﻧﻧﺎ ﻣﺄﻣورون ﺑﮫ ،ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺣﯾل ﻧﻔﺳﯾﺎ أن ﻧﺳﻌﻰ ﻧﺣو ﺗﺣﻘﯾق ھدف ﻧﻛون
ﻓﺎﺗرﯾن ﺗﺟﺎھﮫ وﻻ ﯾﺑدو ﻟﻧﺎ ﺧﯾرا وﺟﯾدا ،وﻻﯾﺣرك ﺣﺳﺎﺳﯾﺗﻧﺎ ،ھﻛذا ﯾﺗﻌﯾن أن ﺗﻛون اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺳﻌﻰ
إﻟﯾﮭﺎ ﻣرﻏوﺑﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺟﺎﻧب ﻛوﻧﮭﺎ إﻟزاﻣﺎ أﺧﻼﻗﯾﺎ ،ﻓﺎﻟﺻﻔﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ھﻲ اﻹﻟزام ﻟﻛن ﺻﻔﺗﮫ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ھﻲ
ﻛوﻧﮫ ﻣﺣط رﻏﺑﺔ" ،ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﯾﻛون دورﻛﺎﯾم ﻗد ﺗﺟﺎوز ﻛﺎﻧط ﺑﻧظرﯾﺗﮫ اﻟﺻﺎرﻣﺔ ﻟﻠواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻣﺗﻌﺎﻟﻲ ﻋن
اﻟﻣﯾوﻻت ورﻏﺑﺎت اﻷﻓراد ،وﻧﺑﮫ إﻟﻰ اﻟﺧﻠل ﻓﻲ ﻧظرة ﻛﺎﻧط ﻟﮭذا اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ،ﯾﻘول دورﻛﺎﯾم ﻓﻲ ھذا
اﻟﺻدد":إن اﻟواﺟب ،أي اﻷﻣر اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻛﺎﻧطﻲ اﻟﻘطﻌﻲ ،ﻟﯾس إذن إﻻ ﻣظﮭرا ﻣﺟردا ﻣن ﻣظﺎھر اﻟواﻗﻊ اﻷﺧﻼﻗﻲ،
وھذا اﻟواﻗﻊ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﯾﺑﯾن ﻟﻧﺎ أن ھﻧﺎك ﺗﺂﻧﯾﺎ ﻣﺳﺗﻣرا ﺑﯾن ﻣظﮭرﯾن ﻻﯾﻣﻛن ﻓﺻل أﺣدھﻣﺎ ﻋن اﻵﺧر ،إذن ﻟم ﯾﻛن
ھﻧﺎك أﺑدا ﻓﻌل أﺧﻼﻗﻲ ﺗم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ ﺑﺷﻛل ﺧﺎﻟص ﻋﻠﻰ أﻧﮫ واﺟب ،ﺑل ﯾﻛون ﻣن اﻟﺿروري دوﻣﺎ أن ﯾظﮭر ھذا
اﻟﻔﻌل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺟﯾد وﻣﺳﺗﺣﺳن ﺑﺷﻛل ﻣﺎ".
آرﺛر ﺷوﺑﻧﮭﺎور/اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﺗﻌﺎﻟﯾم ﻻھوﺗﯾﺔ وﻟﯾس إﻟﻰ اﻷﺧﻼق اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ واﻟﻌﻘل اﻟﻌﻣﻠﻲ ﻛﻣﺎ
دھب إﻟﻰ ذﻟك ﻛﺎﻧط
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻧﺟد اﻟﺗﺻور اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟذي أﺳﺳﮫ ﺷوﺑﻧﮭﺎور وھو ﻣن ﻛﺑﺎر اﻟﻘﺎرﺋﯾن ﻟﻠﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻛﺎﻧطﯾﺔ
ﯾوﺟﮫ ﻧﻘدا ﻻذﻋﺎ ﻟﻛﺎﻧط ﺣول ﻣﻔﮭوم اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ وﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﻘل اﻟﻌﻣﻠﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﺻدر ﻋﻧﮭﺎ وﻗد طرح ﺷوﺑﻧﮭﺎور
ﺳؤاﻻ ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻛﺎﻧط اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﺣﯾث اﻋﺗرض ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻗﺎﺋﻼ :ﻣن ﯾﺧﺑرﻧﺎ وﯾؤﻛد ﻟﻧﺎ أن ھﻧﺎك ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻗواﻧﯾن ﻻﺑد ﻟﻧﺎ
ﻣن أن ﻧﺧﺿﻊ ﻟﮭﺎ ﻛل أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ؟ﺑل ﻣن ﯾؤﻛد ﻟﻧﺎ أن ﻣﺎ ﻟم ﯾﺣدث ﻓﻲ ﯾوم ﻣن اﻷﯾﺎم ﻻﺑد ﻣن أن ﯾﺣدث ،أو ھو
ﺑﺎﻟﺿرورة ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺣﺗﻣﺎ أن ﯾﻛون؟أﻟﯾس ﻣن واﺟب ﻋﺎﻟم اﻷﺧﻼق أن ﯾﻔﺳر ﻣﻌطﯾﺎت اﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺗﻧﺎول ﻣﺎھو
ﻛﺎﺋن أو ﻣﺎ ﻗد ﻛﺎن ،ﻣﺣﺎوﻻ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻓﮭﻣﮫ ﺣق اﻟﻔﮭم ،ﺑدﻻ ﻣن اﻻﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺷرﯾﺢ ووﺿﻊ اﻷواﻣر
وﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻘواﻋد؟ ﺑل إن ﻛﺎﻧط ﺣﺳب ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﯾﻔﺗرض وﺟود ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻘواﻋد اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ
دون أن ﯾﺑرر ﻟﻧﺎ ذﻟك ﺑﻣﺎ ﯾﻛﻔﻲ ﺣﺳب ﺷوﺑﻧﮭﺎور ،واﺳﺗﺧدام ﻛﺎﻧط "ﻟﻣﻔﮭوم اﻟﻘﺎﻧون" ﺟﻌل ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أن
ﻓﺣص ھذا اﻟﻣﻔﮭوم ﻧﺟده ذو طﺎﺑﻊ ﻣدﻧﻲ ﯾﻧﺷﺄ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻻﺗﻔﺎق واﻟﺗراﺿﻲ واﻟﺗﻧﺎزل ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻓراد اﻟﻣﻛوﻧﯾن ﻟﺗﻧظﯾم
ﺑﺷري ﻣﻌﯾن؟ وﺣﺗﻰ إذا ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ اﻷﺻول اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟظﮭور ﻣﻔﮭوم "اﻟﻘﺎﻧون" و"اﻟواﺟب" و"اﻹﻟزام" ﺑﻐﯾﺔ اﻟوﺻول
إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﺣدرت ﻣﻧﮭﺎ ،ﯾؤﻛد ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﺳﻧﺟدھﺎ ذات أﺻول "ﺗﯾوﻟوﺟﯾﺔ /ﻻھوﺗﯾﺔ" ﻓﻲ
ﺗﺷرﯾﻊ ﻣوﺳﻰ اﻟوارد ﻓﻲ ﺳﻔر "اﻟﺗﺛﻧﯾﺔ" ،وﻣﻌﻧﺎه أﻧﮫ ﻟﯾس ھﻧﺎك واﺟب ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ واﻷﺧﻼﻗﻲ ،ﺑل ھﻧﺎك وﺻﺎﯾﺎ
ﻧزﻟت ﻷول ﻣرة ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﮭد اﻟﻘدﯾم ﻋﻠﻰ ﻣوﺳﻰ،وﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﻓﺈن ﻣﻔﮭوم اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﯾرﺗد ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ
اﻟﻣطﺎف إﻟﻰ اﻷﺧﻼق اﻟﻼھوﺗﯾﺔ ،ﻣﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻣﻔﮭوم ﻏرﯾب ﻋﻠﻰ اﻷﺧﻼق اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ،وﺣﺗﻰ ﻟو ﺳﻠﻣﻧﺎ ﻣﻊ ﻛﺎﻧط
ﺑﺄن اﻟواﺟب ﻣﻔﮭوم أﺧﻼﻗﻲ ﺻرف ،ﻷن اﻟﻘول ﺑوﺟوب اﻟﺧﺿوع ﻟﻠﻘﺎﻧون"اﺣﺗراﻣﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون" ھو ﻗول ﻏﯾر ﻣﻌﻘول،
ﻷن اﻟﻌﻘل ﯾﻠزﻣﻧﺎ داﺋﻣﺎ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﯾﺛﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺑرر اﻟﺧﺿوع ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟذي أﻣرﻧﺎ ﺑﻔﻌل ﻣﺎ.وﻣﺎ أﺳﻘط ﻛﺎﻧط ﺣﺳب
99
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺷوﺑﻧﮭﺎور ﻓﻲ ﺻورﯾﺔ اﻷواﻣر اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺣﺳﺑﮫ ھو إﯾﻣﺎﻧﮫ اﻟﻣطﻠق ﺑﻛون اﻟﻌﻘل
ھو اﻟﻣﺎھﯾﺔ اﻟﺟوھرﯾﺔ اﻟﺑﺎطﻧﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣددھﺎ ﻛﺎﻧط ﻓﻲ اﻟﻌﻘل ﻟﯾﺳت ﺳوى
ﻣﺟرد ﺷﻲء ﺛﺎﻧوي ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟظواھر وﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾرﻗﻰ ﺑﻧﺎ إﻟﻰ إدراك اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻧواة وﻣﺎھﯾﺔ اﻟﻛﺎﺋن
اﻟﺑﺷري ھﻲ اﻹرادة ﻻ اﻟﻌﻘل واﻹرادة ھﻲ ﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻧدﻓﺎع ﻣن اﻟﻣﯾول واﻟرﻏﺑﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻣﺎ ﯾﺣدد اﻟواﺟﺑﺎت
اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ھو ﻣﯾوﻻت اﻟﻧﺎس ورﻏﺑﺎﺗﮭم و ﻣﺎ ﯾرﯾدوﻧﮫ.
ﻧﯾﻘوﻻي ھﺎرﺗﻣﺎن/اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻛﺎﻧطﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎﻟطﺎت ﻣﻧطﻘﯾﺔ وﻣﺻدر اﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ھو اﻟوﺟدان
واﻟﻣﯾول
اﻧﺗﻘد ﻧﯾﻘوﻻي ھﺎرﺗﻣﺎن ﺗﺻور إﯾﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻟﻠواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻷﻧﮫ ﺟﻌل ﻣﺻدره ذاﺗﯾﺎ ﺻرﻓﺎ ،ﺑﺣﺟﺔ أﻧﮫ ﻻ
ﻣﻔر ﻟﻧﺎ ﻣن اﻻﺧﺗﯾﺎر ﺑﯾن أﻣرﯾن ،إﻣﺎ أن ﻧﻌﺗﺑر اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺻﺎدر ﻋن اﻟطﺑﯾﻌﺔ/اﻟﻐرﯾزة أو اﻷﺷﯾﺎء/اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ أو
اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ/اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﻘﺎﻧون واﻷﻋراف ،إﻣﺎ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻣﺻدره ھو اﻟﻌﻘل اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻌﻣﻠﻲ أو اﻟذات/اﻹرادة أو
اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺑﺎطﻧﻲ /اﻹرادة اﻟﺧﯾرة .وﯾرﻓض ﻛﺎﻧط ﺣﺳب ھﺎرﺗﻣﺎن اﻟﻘول ﺑﺎﻟﻣﺻدر اﻷول ﻟﻠﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻷن ذﻟك
ﺳﯾﺟﻌﻠﮫ ﺗﺟرﯾﺑﺎ ﻣﺣﺿﺎ ،وﺳﯾﺻﺑﺢ ﻣﺑدأه ﻧﺳﺑﻲ ﻣﻔﺗﻘر إﻟﻰ اﻟﻛﻠﯾﺔ واﻟﺿرورة واﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،وإذا ﻗﻠﻧﺎ ﺑﺎﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ
ﻟﻠﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ،أي ،ﻟو أرﺟﻌﻧﺎ ﻣﺻدر اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﻘل ﻓﺈﻧﻧﺎ ﺳﻧﻛون ﺣﯾﻧﺋذ أﻣﺎم ﻣﺑدأ ﻋﺎم وﻛﻠﻲ
وﺿروري ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋن ﻛل ﺗﺟرﺑﺔ وﻣن ھﻧﺎ ﯾطرح ﻧﯾﻘوﻻي ھﺎرﺗﻣﺎن اﻟﺳؤال اﻟﺗﺎﻟﻲ :أﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻟﻠﻘﺎﻧون
اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻣﺻدر آﺧر ﻏﯾر اﻟطﺑﯾﻌﺔ أو اﻟﻌﻘل؟وھﻛذا ﯾﺧﻠص ھﺎرﺗﻣﺎن إﻟﻰ أن أﺳﺎس اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ھو
اﻹﻋﺗﺑﺎرات اﻟوﺟداﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺻﺎرع ﻓﻲ داﺧل اﻟذات وﺗﺣدد ﺧﯾﺎراﺗﮭﺎ أﻣﺎ اﻟﺻورة اﻟﺗﻲ ﺗطﺑﻊ اﻟواﺟب اﻟﻛﺎﻧطﻲ ﻓﮭﻲ
ﺻورﯾﺔ ﻣﺟردة ﻛﻣﺎ وﺻف ھﺎرﺗﻣﺎن اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻛﺎﻧطﻲ ﺑﺄﻧﮫ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎﻟطﺎت ﻣﻧطﻘﯾﺔ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺧص
ﻛﺎﻧط اﻟﻌﻘل اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻌﻣﻠﻲ ﺑﺎﻟﺻورﯾﺔ واﻟﻌﻘل اﻟﻧظري ﺑﻛوﻧﮫ ﻣﺎدﯾﺎ ﺗﺟرﯾﺑﯾﺎ ،وھﻛذا ﻓﺄﻓﻌﺎل اﻹﻧﺳﺎن ﻟﯾﺳت أﻓﻌﺎل
ﻋرﻓﺎﻧﯾﺔ ﺻوﻓﯾﺔ وھو ﻣﺎ ﯾطﻐﻰ ﻋﻠﻰ اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑل ھﻲ أﻓﻌﺎل وﺟداﻧﯾﺔ.
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻣﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ھو أﻧﮫ ﻻ وﺟود ﻟﻠواﺟب ﻓﻲ ﻏﯾﺎب اﻹﻛراه ،ﻓﺎﻟواﺟب ﻓﻲ اﻷﺻل ھو إﻟزام وأﻣر ﯾﺟب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮫ،
وھذا اﻹﻟزام ﻻﯾﻧطﻠق ﻣن ﻓراغ ﺑل ﻻﺑد ﻣن ﻗواﻋد ﺗؤﺳﺳﮫ ،واﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ اﻗﺗرﺣﮭﺎ ﻛﺎﻧط ھﻲ اﻟﻌﻘل اﻟﻌﻣﻠﻲ اﻟﻣﺗﻌﺎﻟﻲ
ﻋن ﺳﻠطﺔ اﻷھواء واﻟرﻏﺑﺎت واﻟﻣﯾول ،ﻷن ھذه اﻟﻌﻧﺎﺻر إذا ارﺗﺑط اﻟواﺟب ﺑﮭﺎ ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ ﺣﺳب ﻛﻧط أن ﺗﻔرﻏﮫ ﻣن
ﻛل دﻻﻟﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ وﺗﺳﻘط اﻟذات ﻓﻲ أﻧﺎﻧﯾﺔ ﻗﺎﺗﻠﺔ ،ﻟﻛن ھل ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟواﺟﺑﺎت اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﺗﺄﺗﻰ ﻟﻐﺎﯾﺔ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ
دون اﺳﺗﺣﺿﺎر اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻣﺎدام ﯾﻧﻣو وﯾﻧﺷﺄ داﺧل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟدﯾﮫ ﺳﻠطﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﯾﻣﺎرﺳﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل
ﻣﻌﺎﯾﯾره اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ھو ﻣن ﯾﺣﺗﺿﻧﻧﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﺄت إﻟﻰ ھذا اﻟﻌﺎﻟم وھو ﻣن ﯾﺗﻛﻔل ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﺑﻧﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘذف
ﺑﻧﺎ إﻟﯾﮫ ﺑﺗﺣدﯾد اﻟﺧﯾر واﻟﺷر ،اﻟﻣﻣﻧوع واﻟﻣرﻏوب ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻻﻧﻘوم إﻻ ﺑﻣﺎ ﺗﻌﻠﻣﻧﺎ إﯾﺎه ﻣن طرف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻣﺎ
ﻛرﺳﮫ ﻓﯾﻧﺎ ،ﻟﻛن ھذا ﻻﯾﻌﻧﻲ أﻧﻧﺎ ﻻﻧﻣﻠك ﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ﻓﺄﺣﯾﺎﻧﺎ ﻧﻌﯾد اﻟﻧظر ﻓﯾﮭﺎ ﻟﻛن ﻣﺗﺄﺧرﯾن وﻓﻲ ﺳن
ﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﻛﺗﺳب وﻋﯾﺎ ﺑﺎﻷﺳس اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻷﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ﻓﻧﻌﯾد اﻟﻧظر ﻓﯾﮭﺎ وﯾﻛون ذﻟك إﯾذاﻧﺎ ﻣﻧﺎ ﺑﻣواﺟﮭﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ،
ﻓﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺛﻼ اﻟﻛوﻧﯾﺔ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺗﺟد ﻟﮭﺎ أو ﯾﺟد اﻟﻣﻌﺗﻘدﯾن ﺑﮭﺎ رﻓﺿﺎ أو ﺗﺿﺎرﺑﺎ ﯾﺟﻌﻠﮭم ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﯾن ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ
ﺑﮫ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﯾرﯾده ،ﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟدﯾﮫ ﻗﯾﻣﺗﮫ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺧﻠص اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﺧﻼق اﻟوﺻﺎﯾﺔ
واﻟرﻗﺎﺑﺔ واﻟﻣﻧﻔﻌﺔ واﻟﻣﯾول ،ﻟﻛن أن ﺗﻛون ﻛل أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ھﻲ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻧداء داﺧﻠﻲ ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ ﻧوع ﻣن اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ
اﻟﻼھوﺗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺟﻌﻠﻧﺎ ﻣﻼﺋﻛﺔ وﻟﯾس ﺑﺷرا ﻟدﯾﮭم رﻏﺑﺎت وﻏراﺋز واﻧدﻓﺎﻋﺎت وﻣﯾوﻻت وھو ﻣﺎ ﺟﻌل ﻧﺗﺷﮫ ﯾرى
أن اﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ﯾﺟب أن ﯾﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ إرادة اﻟﻘوة.
100
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳو /اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻣﺻدره اﻟﻐرﯾزة واﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺧﯾرة
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳو :ﻧﺟده ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "إﻣﯾل أو ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ " ﯾداﻓﻊ ﻋﻠﻰ أن أﺻل اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ،
ھو اﻟﻔطرة أو اﻟﻐرﯾزﯾﺔ ،ﻓﺑﻔﺿﻠﮭﻣﺎ ﯾﺗﻣﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺗﻛوﯾن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺣﺎﺳﯾس اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،ﺗﺟﻌﻠﮫ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺧﯾر واﻟﺷر ،وذﻟك ﺑ ّﯾن ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﯾز ﺣﺳب روﺳو ﺑﺎﻟﺧﯾر واﻟﺳﻼم ،أﻣﺎ اﻟﺷر ﻓﮭو
ﻣن اﻷﻣور اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ﻣن اﻵﺧرﯾن ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻟدﯾﮭﺎ دور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﯾﻣﮫ ﺳﺑﯾل اﻟﺧﯾر واﻷﺧﻼق ،وﻓﻲ ھذا
اﻟﺳﯾﺎق ﯾﻘول روﺳو ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ':إﻣﯾل أو ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ'":أﯾﮭﺎ اﻟوﻋﻲ ! أﻧت اﻟﻐرﯾزة اﻹﻟﮭﯾﺔ واﻟﺧﺎﻟدة ،وذات اﻟﺻوت
اﻟﺳﻣﺎوي،واﻟﻣرﺷدة اﻟﻣﺿﻣوﻧﺔ ،ﻹﻧﺳﺎن ﺟﺎھل وﻣﺣدود اﻟﻧظر ،ﻟﻛﻧﮫ إﻧﺳﺎن ذﻛﻲ وﺣر ،أﯾﮭﺎ اﻟوﻋﻲ ،أﻧت اﻟﻐرﯾزة
اﻟﻣﻌﺻوﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻣﯾﯾزھﺎ ﺑﯾن اﻟﺧﯾر واﻟﺷر ،واﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل اﻹﻧﺳﺎن ﺷﺑﯾﮭﺎ ﺑﺈﻟﮫ "...وھﻛذا ﻓﺈن اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺣﺳب
روﺳو ﻓطري ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﻛل واﺣد ﻣﻧﺎ ﯾﺣس ﻓﻲ أﻋﻣﺎق ﻧﻔﺳﮫ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،أن ھﻧﺎك ﻣﺑدأ ﻓطري ﻟﻠﻌداﻟﺔ واﻟﻔﺿﯾﻠﺔ،
ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺟﻣل اﻷﺣﺎﺳﯾس اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل اﻟوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،ھذه اﻷﺣﺎﺳﯾس ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻛذات ﻣن اﻟﺣﻛم
ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎﻟﮫ وأﻓﻌﺎل اﻵﺧرﯾن ،ووﺻﻔﮭﺎ ﺑﺎﻟﺧﯾرة أو اﻟﺷرﯾر ﯾﻠﺧﺻﮭﺎ روﺳو ﻓﻲ اﻟﻘول اﻟﺗﺎﻟﻲ":ﺣب اﻟذات ،واﻟﺧوف
ﻣن اﻷﻟم واﻟﻣوت واﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﯾش اﻟﺳﻌﯾد" ﻛل ھذه اﻷﺣﺎﺳﯾس أو اﻟرﻏﺑﺎت اﻟﻔطرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد
اﻟﻧوع اﻟﺑﺷري ﻓﻲ ﻧظر روﺳو وﺗﻣﯾزه ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻷﺧرى ،وھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل اﻹﻧﺳﺎن اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ﺑطﺑﻌﮫ ،داﺋم
اﻟﺗطﻠﻊ ﻟﻶﺧر ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق رﻏﺑﺎﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻷﻛﻣل ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺣﯾوان اﻟﻣﺷدود ﻟﻠﻐراﺋز اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،ﻟذا
ﯾﻘول روﺳو أن اﻹﻧﺳﺎن ﯾوﻟد وھو ﺟﺎھل ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧﯾر ،ﻓﻠﯾس ﻟدى اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻌرﻓﺔ ﻓطرﯾﺔ ﺑﺎﻟﺧﯾر ،ﻟﻛن ﺑﻣﺟرد إدراﻛﮫ
ﻟﮫ ﺑواﺳطﺔ اﻟﻌﻘل ،ﺣﺗﻰ ﯾﻠزﻣﮫ وﻋﯾﮫ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺑﺗﮫ" ،وﻣﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﯾﮫ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾﻠﻧﺎ ﻟﻣوﻗف روﺳو ھو أن
أﺳﺎس اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ،ھو اﻟﻔطرة ، L’innéوھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻣن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺧﯾر واﻟﺷر ،ﺑﻣﺟرد ﻣﺎ أن
ﺗﺗم ﻣﻌرﻓﺗﮫ ﺑﺎﻟﻌﻘل.ﻟﻛن ﻣﺎ ﻗﯾﻣﺔ ھذا اﻟﺗﺻور وﻣﺎ ھﻲ ﺣدوده ﻋﻠﻰ ﺿوء ﺗﺻورات ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ أﺧرى ﻣن داﺧل اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ؟ وھل ﯾﻣﻛن اﻟﻘﺑول ﺑﺎﻟﻔطرة واﻟﻐرﯾزة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ھﻲ اﻷﺳﺎس اﻟوﺣﯾد ﻟﻠوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ؟
ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻧﺟد ﻋﺎﻟم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻹﻧﺟﻠﯾزي آدم ﺳﻣﯾت ﻗد ﺣﺎول اﻟﻛﺷف ﻋن
طﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎن وﻣﯾوﻟﮫ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ،ﺧﺻﺻﺎ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺧﻼق ،ﻓوﺟد أن اﻟﺗﻌﺎطف La Sympathieھو
اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻧﮭﺎﺋﻲ اﻟذي ﺗﻌود إﻟﯾﮫ ﻛل اﻟﻌواطف اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،ﻟﻘد أﻗر ﺑﺄن اﻟطﺑﯾﻌﺔ رﺗﺑت ﻋواطف اﻹﺳﺗﺣﺳﺎن ﻋﻧدﻧﺎ
ﺑﺣﯾث ﺟﻌﻠﺗﮭﺎ ﺗﺷﻣل اﻟﻔرد واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﻌﺎ ،ﻟﻛن ھذه اﻟﻌواطف ﻻﺗﻧﺑﻊ أﺳﺎﺳﺎ ﻣن أي إدراك ﻟﻠﻣﻧﻔﻌﺔ ﺑل ﻣن ﺗﻌﺎطﻔﻧﺎ ﻣﻊ
101
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺷﺎﻋر اﻵﺧرﯾن ،ﺣﯾن ﻧﺗﺧﯾل أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس ﻣواﻗﻔﮭم ،وﺷﻌورﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗواﻓق ﻓﻲ اﻟﺷﻌور ﻣﻊ إﻧﺳﺎن آﺧر ھو اﻟﺑﺎﻋث
ﻋﻠﻰ اﻟﺳرور وھو أﺳﺎس اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ وأﺳﺎس اﻹﺳﺗﺣﺳﺎن ،ﻓﺎﻟﺗﻌﺎطف إذن ،ﻓﻲ ﻧظر ﺳﻣﯾت،ﻣﺻدر وﻋﯾﻧﺎ
اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑﺎﻹﺳﺗﺣﺳﺎن أو اﻹﺳﺗﮭﺟﺎن ،إذ ﺑﮫ ﻧﻔﮭم دواﻓﻊ اﻟﻔﻌل ﻓﻧﻘرھﺎ أو ﻧرﻓﺿﮭﺎ ،وھذا اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن أو اﻻﺳﺗﮭﺟﺎن
ﯾﺳﯾر أﺧﻼﻗﯾﺎ ،إذا ﺟﻌﻠﻧﺎ اﻟﺗﻌﺎطف ﻣﺣﺎﯾدا ﻧزﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ أﻓﻌﺎل اﻵﺧرﯾن وأﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ﻧﺣن.
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﺳﯾﻧﺎﻗش إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم أﺳﺎس اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ"وﺳﯾداﻓﻊ ﻋﻠﻰ أن
أﺳﺎس اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻔرد وﻣﺗﻌﺎل ﻋﻠﯾﮫ وھو أﺳﺎس ﻛل اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،ﻓﺎﻟوﻋﻲ
اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟذي ﯾﺳﻣﯾﮫ ﺑﺎﻟﺿﻣﯾر اﻷﺧﻼﻗﻲ ،ھو ﺣﺻﯾﻠﺔ اﻟﺿﻐوط اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔرد:اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺳرة ،وﻓﻲ
اﻟﻣدرﺳﺔ ،واﻟﺿﻐط اﻟرﺳﻣﻲ اﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﮫ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻟﻧظم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وأﯾﺿﺎ اﻟﺿﻐط اﻟذي ﯾﺻدر ﻋن اﻷﻋراف
واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد ،وﻛﻠﮭﺎ ﻗوى ﺗﺗﺿﺎﻓر ﻟﺗﺷﻛل ﺿﻣﯾر اﻟﻔرد ووﻋﯾﮫ ﺑﺎﻷﺧﻼق أي ﺑﺎﻟﻣﺳﻣوح ﺑﮫ ﻣن داﺧل اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻣﻲ
إﻟﯾﮭﺎ واﻟﻣﻣﻧوع ﻣن طرﻓﮭﺎ ،وﻣﺎ اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺣﺳب دورﻛﺎﯾم ﺳوى اﻧﻌﻛﺎس ﻟﻠﺿﻣﯾر اﻟﺟﻣﻌﻲ اﻟذي وﻟد ﻓﯾﮫ اﻟﻔرد
وﺑﮫ ﻧﺷﺄ وﺗﻛوّ ن ،ﯾﻘول دورﻛﺎﯾم ﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد":ﺣﯾن ﯾﺗﻛﻠم اﻟﺿﻣﯾر ،ﻓﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﻠﮫ ﯾﺗﻛﻠم ﻓﯾﻧﺎ...اﻟﺿﻣﯾر اﻟﺟﻣﻌﻲ
ھو اﻟذي ﯾﻔﻛر وﯾﺷﻌر وﯾرﯾد ،وإن ﻛﺎن ﻻﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾرﯾد أو ﯾﺷﻌر أو ﯾﻣﯾل إﻻ ﺑواﺳطﺔ اﻟﺿﻣﺎﺋر اﻟﻔردﯾﺔ"
ﻓﺎﻟﺿﻣﯾر اﻷﺧﻼﻗﻲ إذن ،أي اﻟﻘﯾم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ وﺟود اﻟﻔرد واﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ھﻲ أﺳﺎس اﻟوﻋﻲ
اﻷﺧﻼﻗﻲ وأﺳﺎس اﻷواﻣر واﻟﻧواھﻲ وﻋن طرﯾﻘﮭﺎ ﯾﺣﻛم اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺧﯾر واﻟﺷر.
اﻟﺗرﻛﯾب:
ﯾﺗﺑﯾن ﻣن ﺧﻼل ھذه اﻟﺗﺻورات اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ أﺳﺎﺳﮭﺎ اﻟﻧظري ﻟﻠوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻋﻠﻰ أن إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟوﻋﻲ
اﻷﺧﻼﻗﻲ ھﻲ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠدرس اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻟﻛن ﻣﻘﺎرﺑﺗﮭﺎ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺗﻛون إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،ﻓﻣﺛﻼ دﻓﺎع ﺟﺎن
ﺟﺎك روﺳو ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﯾرة ﻟﻺﻧﺳﺎن أي اﻟﻐرﯾزة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ أﺳﺎس اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ھﻲ ﻣﺳﻠﻣﺔ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻐﺎﯾﺔ
ﻣﻧﮭﺎ ھﻲ ﺗﺄﺳﯾس روﺳو ﻟﺗﺻوره ﺣول ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣﺻدر ﻟﻠﺷرور واﻵﻻم ،ﺑﯾﻧﻣﺎ دﻓﺎع ﺳﻣﯾث ﻋن
اﻟﺗﻌﺎطف ھو دﻓﺎع ﻓﻲ اﻷﺻل ﻋن ﺗﺻور ﻻھوﺗﻲ ﯾﻌود ﺑﺟذوره إﻟﻰ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺑﺔ
واﻟﺗﻌﺎطف ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﻣﺎ أﺳﺎس اﻟﺧﯾر واﻟﺗﺿﺎﻣن واﻟﺗﻌﺎون ﺑﯾن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ.
ﻓﻲ ذات اﻟﺳﯾﺎق ﯾوﺟﮫ اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﻲ إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم ﻧﻘدا ﺟذرﯾﺎ ﻟﻛل ھذه اﻟﺗﺻورات ﻣداﻓﻌﺎ ﻋن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻠﻘﯾم واﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ أي ﻣﻧﺑﻌﺎ ﻟﻠوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ،وﻓﻲ دﻓﺎﻋﮫ ھذا ﻛﺎن دورﻛﺎﯾم وظﯾﻔﯾﺎ وﻣن
اﻟﻣﻌروف أن إﻣﯾل دورﻛﺎﯾم ﻛﺎن ﯾرى ﺑﺄن وظﯾﻔﺔ ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع إﺻﻼﺣﯾﺔ ﻟذﻟك ﻛﺎن ﯾﺣﺎول ﺗﺑرﯾر ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
ﻋﻠﻰ أﻓراده ﻣﺧﺎﻓﺔ ﻣن اﻟﺛورة أو اﻟﺣرﻛﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﻠق أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺧﻠﻼ ﻓﻲ اﻟﻧﺳق اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،واﻟﻘول ﺑﺄن
أﺳﺎس اﻟوﻋﻲ اﻷﺧﻼﻗﻲ ھو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أو اﻟﻐرﯾزة ھو ﻧﻔﻲ ﻟﻠﺣرﯾﺔ وﻟﻺرادة اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن وﻛﺄن اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺟرد
آﻟﺔ ﻣﺑرﻣﺟﺔ ﺳﻠﻔﺎ ﻟﻛﻲ ﺗﺗﺻرف وﺗﺳﻠك ﻓﻲ أﻓﻌﺎﻟﮭﺎ وﻓق ﻣﺎ ﺗﻣﻠﯾﮫ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أو ﺳﻠطﺔ اﻟﻐرﯾزة ،ﺑل اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﺋن
ﺣر وﯾﻣﻛﻧﮫ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﺣرر ﻣن اﻟوﺻﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻔرﺿﮭﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﯾﮫ وﺗﺻﺑﺢ ﻟﮫ اﻟﺟرأة ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام ﻋﻘﻠﮫ اﻟﺧﺎص
ﻛﻣﺎ دﻋﺎ إﻟﻰ ذﻟك ﻛﺎﻧط أن ﯾﻌﯾد اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻣؤﺳﺳﺎ ﻟذاﺗﮫ أﻓﻌﺎﻻ أﺧﻼﻗﯾﺔ ﺗﻛون ﻛوﻧﯾﺔ. .
102
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺳﺗﺧﻠﺻﮫ ﻣن ﺧﻼل ھذا اﻟﺗﺣدﯾد اﻟدﻻﻟﻲ ﻟﻠﻣﻔﮭوم ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ھو أن اﻟﺣرﯾﺔ ﺗﺑدو ﺗﺎرة ﻣطﻠﻘﺔ
ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻵن ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻟﺣﺗﻣﯾﺎت واﻹﻛراھﺎت واﻟﺿرورة.
ﺗﺑدو اﻟﺣرﯾﺔ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺗﻌﺑﯾرا ﻋﻠﻰ إرادﺗﻧﺎ اﻟﺣرة واﻟﻌﺎﻗﻠﺔ،و ﺗﺎرة ﺗﻌﺑﯾرا ﻋن ﺧﺿوﻋﻧﺎ ﻹﻟزاﻣﺎت ﺧﺎرﺟﺔ
ﻋن إرادﺗﻧﺎ.
وﯾﻣﻛن ﻓﻲ اﻷﺧﯾر أن ﻧﺳﺗﺧﻠص أن اﻟﺣرﯾﺔ ھﻲ ﻓﻌل ﻣﺎ ﯾرﯾده اﻹﻧﺳﺎن وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻓﻌل ﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﮫ اﻟﻘﺎﻧون.
إذن ﻋﻠﻰ ﺿوء ھذه اﻹﺷﻛﺎﻻت ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺳﻧﻌﺎﻟﺟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎور اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺎرب
ﻣﻔﮭوم اﻟﺣرﯾﺔ.
ھل ﺗﺗﻌﺎرض اﻟﺣرﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﺣﺗﻣﯾﺔ؟ ﺑﻣﻌﻧﻰ ھل ھﻧﺎك ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﺷروطﺔ أم أن اﻟوﻋﻲ
ﺑﺎﻟﺣﺗﻣﯾﺔ ھو ﻣﺎ ﯾﻣﺛل أﺳﺎس اﻟﺣرﯾﺔ؟
ھل ﻛل أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ھﻲ ﻧﺗﺎج ﻹرادﺗﻧﺎ أم أﻧﻧﺎ ﻣﻠزﻣون ﺑﮭﺎ؟ ﺑﻣﻌﻧﻰ ھل ﻧﻛون أﺣرارا ﺑﻔﺿل إرادﺗﻧﺎ أم
ﺣﺳب ﻗواﻋد وﻗواﻧﯾن ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻧﺎ؟
اﻟﻣﺣﺎور اﻟﺗﻲ ﺳﻧﻌﺎﻟﺞ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ھذه اﻻﺷﻛﺎﻻت ھﻲ
103
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﺣﺗﻣﯾﺔ
ﺣرﯾﺔ اﻹرادة
اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧون
104
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﺣرﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﮭوﻟﻧدي ﺑﺎروخ اﺳﺑﯾﻧوزا ﻣﺟرد وھم ،ﻷن اﻹﻧﺳﺎن ﯾظل ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﺿرورات و
ﻣﺣﻛوﻣﺎ ﺑﻌواﻣل ﻻ ﻣﺗﻧﺎھﯾﺔ ﻓﻲ ﺟواﻧﺑﮭﺎ اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ ،اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ و اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺣرﯾﺔ أو ﻟﻧﻘل
اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻣﺟرد إﺣﺳﺎس ﺧﺎطﺊ ،ھذا اﻟﺧطﺄ ﯾﻧﺷﺄ أﺻﻼ ﺑﺳﺑب اﻟﺟﮭل ﻣﺎ دﻣﻧﺎ ﻧﺣن ﻧﺟﮭل اﻟﻌﻠل اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ و
ﺗوﺟﮫ أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ،ﯾظن اﻟطﻔل اﻟﺧﺎﺋف أﻧﮫ ﺣر ﻓﻲ أن ﯾﮭرب ،وﯾظن اﻟﺳﻛران اﻧﮫ ﯾﺻدر ﻋن ﺣرﯾﺔ ﺗﺎﻣﺔ ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺗﺎب إﻟﻰ
رﺷده ﻋرف ﺧطﺄه .ﻣﺿﯾﻔﺎ أﻧﮫ ﻟو ﻛﺎن اﻟﺣﺟر ﯾﻔﻛر ،ﻻﻋﺗﻘد ﺑدوره أﻧﮫ إﻧﻣﺎ ﯾﺳﻘط إﻟﻰ اﻷرض ﺑﺈرادة ﺣرة ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن
ﻛﺎﻟﺣﺟر ﯾﺳﻘط ،وﻟﻛﻧﮫ ﻻ ﯾدري اﻟﻌﻠﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ و راء ﺳﻘوطﮫ رﻏم أﻧﮫ ﯾﻌرف أﻧﮫ ﯾﺳﻘط ،وﺑذﻟك ﺗﻛون اﻟﺣرﯾﺔ
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻣﻧطق اﻷﺳﺑﺎب واﻟﻣﺳﺑﺑﺎت وھذا ھو ﻣﻧطق اﻟﺣﺗﻣﯾﺔ.ھﻛذا ﺗﻛون ﻛل أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ﻓﻲ ﻧظر اﺳﺑﯾﻧوزا
ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻣﻧطق اﻟﺣﺗﻣﯾﺔ ،أي ﻟﻧﻔس اﻟﻣﻧطق اﻟذي ﺗﺧﺿﻊ ﻟﮫ ﺳﺎﺋر اﻟﻣوﺟودات اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻷﺧرى ،إﻧﮫ ﻣﻧطق اﻷﺳﺑﺎب
و اﻟﻣﺳﺑﺑﺎت ،ﯾﻘول اﺳﺑﯾﻧوزا ":اﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻔﺎﺧر اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺎﻣﺗﻼﻛﮭﺎ ،و اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻠﺧص ﻓﻲ ﻛون اﻟﺑﺷر
ﻟدﯾﮭم و ﻋﻲ ﺑﺷﮭواﺗﮭم ،إﻻ أﻧﮭم ﯾﺟﮭﻠون اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﯾﮭم."...
ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ :ﻣوﻗف اﺑن رﺷد :اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ھو ﻧﺗﺎج اﻹرادة اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
أﻓﻌﺎﻟﮭﺎ
ﻋرف اﻟﻔﻛر اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺟدﻻ واﺳﻌﺎ ﺑﯾن أﻧﺻﺎر اﻻﺧﺗﯾﺎر و أﻧﺻﺎر اﻟﺟﺑر ،ﻓﺎﻟﺟﺑرﯾون و ﻋﻠﻰ رأﺳﮭم اﻟﻣرﺟﺋﺔ،
اﻋﺗﻘدوا أن اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺟﺑر ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎﻟﮫ ﻛﻠﮭﺎ ،ﻣﺎ دام أن ﷲ ﻗد ﻛﺗﺑﮭﺎ ﻋﻠﯾﮫ ،أﻣﺎ اﻟﻣﻌﺗزﻟﺔ ﻓﺎﻋﺗﺑروا اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺧﯾرا ﻓﻲ
أﻓﻌﺎﻟﮫ ،ﻣﺎدام أن ﷲ وھﺑﮫ ﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌﻘل اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺑﻔﺿﻠﮭﺎ أن ﯾﻘﻲ ﻧﻔﺳﮫ ﺷر ارﺗﻛﺎب ﺟراﺋم و أﺧطﺎء ﻗد ﻻ ﯾﺣﻣد
ﻋﻘﺑﮭﺎ ،ﺿدا ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻣﯾوﻻت اﻷﺣﺎدﯾﺔ ،اﻋﺗﺑر اﺑن رﺷد أن اﻹﻧﺳﺎن ﻟﯾس ﺣرا ﺑﺎﻹطﻼق و ﻻ ﻣﺧﯾرا ﺑﺎﻹطﻼق ،و
إﻧﻣﺎ ھو واﻗﻊ ﺑﯾن ﺣدي اﻟﺟﺑر و اﻟﺗﺧﯾﯾر ،و ﯾرﺟﻊ ذﻟك إﻟﻰ أن اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ھو ﻧﺗﺎج ﺗﺿﺎﻓر اﻹرادة اﻹﻟﮭﯾﺔ و
اﻹرادة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻌﺎ ،ﻋﻠﻰ أن ذﻟك ،ﻻ ﯾﻌﻧﻲ وﺟود ﺗﻌﺎرض و ﻻ ﺣﺗﻰ ﺗﻔﺎﺿل ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ،ﻷن ﺣﺻول اﻟﻔﻌل ،ﯾﺗم
ﺑﻣوﺟب ﺗوازن ﺗﺎم ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ .ﯾﻘول اﺑن رﺷد " :وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﺗم ﻣن ﺧﺎرج ،ﺗﺟري ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم ﻣﺣدود
وﺗرﺗﯾب ﻣﻧﺿود ،ﻻ ﯾﺧل ﻓﻲ ذﻟك ،ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﻗدرھﺎ ﺑﺎرﺋﮭﺎ ،ﻛﺎﻧت إرادﺗﻧﺎ وأﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ﻻ ﺗﺗﻣك و ﻻ ﺗوﺟد ﺑﺎﻟﺟﻣﻠﺔ ،إﻻ
105
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺑﻣواﻓﻘﺔ اﻷﺳﺑﺎب ﻣن ﺧﺎرج ،ﻓواﺟب أن ﺗﻛون أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ ﺗﺟري ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم ﻣﺣدود".ﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﻋﻣل اﺑن رﺷد
ﻋﻠﻰ إﻋطﺎء ﻗﯾﻣﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،ﻣن ﺧﻼل ﻋدم ﺟﻌل إرادﺗﮫ ﺳﻠﺑﯾﺔ أو ﻣﻧﻔﯾﺔ ،ذﻟك أن اﻣﺗﻼﻛﮫ ﻟﻘوى ،ﯾﻔﺿل ﺑﮭﺎ ﺳﺎﺋر
اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻷﺧرى ،ﻗد أﻛﺳﺑﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﮫ أو رﻓﺿﮭﺎ ،وذﻟك ﺑﺗﻘدﯾره ﻟﻠﻧﺗﺎﺋﺞ اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ أو اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﻣﺧض ﻋﻧﮭﺎ .و ھﻛذا ﯾﻛون اﺑن رﺷد ﻗد ﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﺗوازن اﻟﻘﺎﺋم ﺑﯾن اﻹﯾﻣﺎن و اﻟﻌﻘل اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر
أﺳﺎﺳﺎ ﻣن أﺳس ﻓﻠﺳﻔﺗﮫ.
ﻣوﻗف ﺟون ﺑول ﺳﺎرﺗر/اﻹﻧﺳﺎن ﺣر ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ وﻣﺳؤول ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎﻟﮫ ﻷن وﺟوده ﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ ﻣﺎھﯾﺗﮫ
ﯾﻧظر ﺳﺎرﺗر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻷﺳﺎس "اﻟوﺟود واﻟﻌدم" وﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟوﺟودﯾﺔ ﻧزﻋﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ" ﻟﻠوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره
ﻓﻌﻼ acteوﻟﯾس ﺣﺎﻟﺔ étatﻷن اﻟوﺟود ﻓﻲ ﺻﻣﯾﻣﮫ ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ھو اﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟواﻗﻌﯾﺔ وھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ
ﺑﺣرﯾﺔ اﻹرادة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ،ﻓﺎﻟوﺟود اﻟطﺑﯾﻌﻲ Dasienاﻟﻣﻣﻧوح ﻟﻧﺎ ﻗﺑل أي ﻣﺟﮭود ﺷﺧﺻﻲ ﻻ ﯾﺣﯾل إﻟﻰ
واﻗﻌﺔ ﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﺑل ھو وﺟود ﻻ ﯾﻧﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺎھﯾﺗﮫ ﻋن ﻓﻌل اﻟﺣرﯾﺔ اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻹﻧﺳﺎن وﯾﻌﺑر ﻋﻧﮫ ﻣن ﺧﻼل ﻓﻌل
اﻹﺧﺗﯾﺎر ،ﻓﺄﻧﺎ ﻣن أﺧﺗﺎر ﻧﻔﺳﻲ وأﺣدد ﻣﺻﯾري و أﺧﻠق ذاﺗﻲ ،ﻷن اﻟوﺟود ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﻣﺗﻣﺎه ﻣﻊ اﻹﺧﺗﯾﺎر ،ﻓﺎﻟوﺟود
ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ﻟﯾس إﻻ ﻓﻌل اﺧﺗﯾﺎر ﯾﻘدم ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺷﺧص ،ﻓﺈذا ﻛﺎن دﯾﻛﺎرت ﯾﻘول "ﺑﺄﻧﺎ أﻓﻛر ،ﻓﺄﻧﺎ إذن ﻣوﺟود" ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟوﺟودﯾﺔ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻛوﺟﯾطو اﻟوﺟودي ھو "أﻧﺎ أﺧﺗﺎر ،أﻧﺎ ﻣوﺟود"اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﺣر ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻣﺎدام
ﯾرﻓض ﺗﻘﺑل ﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺗﻘﺑﻼ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﺑل ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑواﺳطﺔ ﻓﻌل اﻟﺣرﯾﺔ اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣن اﺧﺗﯾﺎر ﻣﺎ
ﯾرﯾد أن ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ ،ﻓﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﻟﯾﺳت ﻣﻌطﺎة ﺑﺷﻛل ﻗﺑﻠﻲ وﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﺑل اﻹﻧﺳﺎن ھو ﻣن ﯾﺳﺎھم ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ
وﺧﻠﻘﮭﺎ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾوﺟد ﺣﺳب ﺳﺎرﺗر إﻻ إذا اﺧﺗﺎر ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺣرﯾﺔ ﻋﺎﻣﻼ ﻋﻠﻰ ﺧﻠق ذاﺗﮫ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ھو
ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل ،ﻟﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻘﯾم ﻓﻲ ﺻورة واﺣدة ﻣن ﺻور اﻟوﺟود اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗﺎرھﺎ وھذا
ﻣﺎ ﯾرﻓﺿﮫ ﺳﺎرﺗر ﺑﻘوﻟﮫ "ﻣن اﻟﺧطﺄ أن ﯾﻌﺗﻘد اﻹﻧﺳﺎن أﻧﮫ ﻟﻛﻲ ﯾوﺟد ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﺧﺗﺎر ﻣﺎ ﯾرﯾد ﻣرة واﺣدة ،ﻣﻌﺗﻘدا أﻧﮫ
ﺳﯾﺧﺗﺎر ﺻورة ﻧﮭﺎﺋﯾﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﺑل ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻧﺗذﻛر ﻋﻠﻰ أن اﻹﻧﺳﺎن ﯾواﺻل ﺳﻠﺳﻠﺔ اﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ دون أن
ﯾﺗﺣﺟر ﻓﻲ ﺻورة ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ،وﻣﻌﻧﻰ ھذا أﻧﮫ ﻟﻛﻲ ﯾوﺟد اﻟﻣرء ﺣﻘﺎ ﻓﻼ ﺑد ﻟﮫ ﻣن أن ﯾﻌﻣل ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻋﻠﻰ ﺗﻣﯾﯾز
اﻟﻣﻣﻛﻧﺎت اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧطوي ﻋﻠﯾﮭﺎ وﺟوده ،وذﻟك ﺑﻣﻼﺣظﺔ "اﻟﻣوﺟود اﻟﺟدﯾد اﻟذي ﯾﻧﺑﺛق ﻣن ﺳﻠﺳﻠﺔ أﻓﻌﺎﻟﮫ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ،
ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺟﺑرﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،إﻧﮫ ﺧﺎﺿﻊ ﻓﻘط ﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻌﻠﮫ واﺧﺗﯾﺎره ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر
ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ وﻣﺎھﯾﺗﮫ ﻷﻧﮫ اﻟﻛﺎﺋن اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﻧﺣﺻر وﺟوده ﻓﻲ ﺣرﯾﺗﮫ أﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣوﺟودات ﻓﺈﻧﮭﺎ
ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺟﺑرﯾﺔ ﺻﺎرﻣﺔ ﺑﻣﻘﺗﺿﺎھﺎ ﺗﺳﯾر أﻓﻌﺎﻟﮭﺎ ،وﯾؤﻛد ﺳﺎرﺗر ذﻟك ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟوﺟود واﻟﻌدم" ﺑﻘوﻟﮫ"إﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ
ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ ﻋوارض أو ظروف ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺄي ﺣدث ﺟﻣﻌﻲ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎره ﺣدﺛﺎ ﻣﻔﺎﺟﺋﺎ ﻗد ﺻدر ﻣن
اﻟﺧﺎرج ،ﺛم ﺗﻠﺑس ﺑﻧﺎ ﻣﺟرد ﺗﻠﺑس":إن اﻟﺣرب اﻟﺗﻲ ﺟﻧدت ﻟﮭﺎ ھﻲ ﺣرﺑﻲ أﻧﺎ ﻓﮭﻲ ﺻورﺗﻲ وﻣﺛﺎﻟﻲ ،وھﻲ اﻟﺣرب
اﻟﺗﻲ أﺳﺗﺣﻘﮭﺎ ،وھذا ﻣﺎ ﻋﺑر ﻋﻧﮫ ﺟﯾل روﻣﺎن JULES ROMAINEﺑﻘوﻟﮫ" ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟﺣرب ﺿﺣﺎﯾﺎ ﺑرﯾﺋﺔ" ﻓﺄﻧﺎ
إذن ﻣﺳؤول ﻋن ﺗﻠك اﻟﺣرب ،ﻷﻧﻧﻲ ﻣﺎ دﻣت ﻟم أﺗﺧﻠف ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻛﺄﻧﻧﻲ أردﺗﮭﺎ ،وﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﻋﻠﻲ ﺗﺣﻣل ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻲ
ﺗﺟﺎه اﻟﺧﯾﺎرات اﻟﺗﻲ أﻗدم ﻋﻠﯾﮭﺎ وھو ﻣﺎ ﯾؤﻛده ﺳﺎرﺗر ﺑﻘوﻟﮫ "إﻧﻧﻲ ﻣﺳؤول ﻋن ﻛل ﺷﻲء ،وﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻲ ﺗﻣﺗد ﺣﺗﻰ
ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺣرب اﻟﺗﻲ اﺷﺗرﻛت ﻓﯾﮭﺎ ،ﻛﺄﻧﻧﻲ أﻧﺎ اﻟذي أﻋﻠﻧﺗﮭﺎ" ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﺧﻠوص إﻟﯾﮫ ﺑوﺿوح ﻣﻊ ﺳﺎرﺗر ھو ﻛون
اﻟﺷﺧص ﺣر ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻛﻧﮫ ﻣﺳؤول ﻓﻲ ﻧﻔس اﻵن ﻋن أﻓﻌﺎﻟﮫ واﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ ﻷﻧﮫ ھو اﻟوﺣﯾد اﻟذي اﺧﺗﺎرھﺎ ﺑﻣﺣض
إرادﺗﮫ وھو ﻣﺎ ﯾوﺿﺣﮫ ﺳﺎرﺗر ﻓﻲ "اﻟوﺟودﯾﺔ ﻧزﻋﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ" ﺑﺻرﯾﺢ اﻟﻘول ":وھﻛذا ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺟد ﺧﻠﻔﻧﺎ وﻻ
أﻣﺎﻣﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻗﯾﻣﺎ وﻻ ﺗﺑرﯾرات أو أﻋذارا .ﻧوﺟد وﺣدﻧﺎ ﻣن دون أﻋذار .وھذا ﻣﺎ أﻋﺑر ﻋﻧﮫ
ﺑﺎﻟﻘول"اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺣﻛوم ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ" ﻣﺣﻛوم ﻋﻠﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ھو ﻣن ﺧﻠق ﻧﻔﺳﮫ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أﻧﮫ ﻣﻊ ذﻟك ﯾﻛون
ﺣرا ،ﻷﻧﮫ ﺑﻣﺟرد ﻣﺎ ﯾﻠﻘﻰ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻ ﻋن ﻛل ﻣﺎ ﯾﻔﻌل .وﻻ ﯾﻘر اﻟوﺟودي ﺑﺳﻠطﺎن اﻹﻧﻔﻌﺎل .إﻧﮫ ﻟن
106
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾﺗﺻور أﺑدا اﻧﻔﻌﺎﻻ ﺟﻣﯾﻼ ﻗد أﺻﺑﺢ ﺳﯾﻼ ﺟﺎرﻓﺎ ﯾؤدي ﺣﺗﻣﺎ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ أﻓﻌﺎل ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﯾﻛون ذﻟك ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻌذر .إﻧﮫ
ﯾﻌﺗﺑر اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺳؤوﻻ ﻋن اﻧﻔﻌﺎﻟﮫ".
ﻣورﯾس ﻣﯾرﻟوﺑوﻧﺗﻲ/اﻹﻧﺳﺎن ﻟﯾس ﺣرا وﻟﯾس ﻣﺟﺑرا إﻧﮫ ﻛﺎﺋن ﻣﻌﻘد ﻟدﯾﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟﺎوز اﻟﻣﺳﺗﻣر
ﻟﻠﻌواﺋق اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗرﺿﮫ
ﻣﻊ اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣورﯾس ﻣﯾرﻟوﺑوﻧﺗﻲ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﯾﺗﺄرﺟﺢ ﺑﯾن اﻟﺿرورة و اﻟﺣرﯾﺔ ،ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﻘول ﺑﺄﻧﮫ
ﺣر ﻛل اﻟﺣرﯾﺔ ،وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﻘول ﺑﺄﻧﮫ ﺧﺎﺿﻊ ﻛل اﻟﺧﺿوع ،و ھذا ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟﺿرورة إﻟﻰ ﻗدرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﯾﺔ و
ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯾﯾر و ﺟوده و رﺳم ﻣﻼﻣﺢ ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﮫ رﻏم أﻧﮫ ﯾوﻟد و ﯾﻌﯾش و ﯾﺟد ﻧﻔﺳﮫ داﺧل ظروف ﻟﯾﺳت ﻣن
اﺧﺗﯾﺎره ،و ھو ﻓﻲ ھذا اﻟﺗﺻور ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗوﺟﯾﮫ اﻟﻧﻘد ﻟﺗﺻورﯾن ﺳﺎدا ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺻرھﺎ،ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك
اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﺗﻲ ﺣﺎوﻟت ﺗﺟزيء اﻹﻧﺳﺎن و ﺗﺷﯾﯾﺋﮫ وﺑﺎﻟﺿﺑط ﻓﻠﺳﻔﺔ ﺟون ﺑول ﺳﺎرﺗر اﻟﺗﻲ ﻧظرت ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره
ﺣر ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ.
ﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق أﻛد اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻔرﻧﺳﻲ "ﻣﯾرﻟوﺑوﻧﺗﻲ" أن اﻟوﺿﻌﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣرك ﻓﯾﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن و اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻘﺎطﻊ
ﻓﯾﮭﺎ أز ﻣﻧﺔ ووﻗﺎﺋﻊ ﻋدة ،ﺗﺟﻌل ﺣرﯾﺗﮫ ﺣرﯾﺔ ﻣﻘﯾدة و ﻣﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺿرورات ﻗد ﯾﻌﯾﮭﺎ و ﻗد ﻻ ﯾﻌﯾﮭﺎ ،و ھﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
ﻻ ﺗﻧﻔﻲ ﺣرﯾﺗﮫ ،ﺑل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ،ﺗؤﻛد ﻣدى اﻟﺗزاﻣﮫ ﺑﺎﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم ﻣﻌﯾﺷﮫ ﻣﻊ اﻵﺧرﯾن ،ذﻟك أن ﺧﺿوع
اﻹﻧﺳﺎن ﻟﺿرورات اﻟﻣﺎﺿﻲ و اﻟﺗﺎرﯾﺦ و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و اﻟﻘﺎﻧون ،ﻻ ﯾﻠﻐﻲ إطﻼﻗﺎ ﻛوﻧﮫ ﺣرا ،ﻣﺎ دام أن اﻟﺣرﯾﺔ ،ﻟﯾﺳت
ﻛﻣﺎ ذھب إﻟﻰ ذﻟك ﺳﺎرﺗر ﻣرادﻓﺎ ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻹطﻼﻗﯾﺔ و اﻟﻛﻣﺎل ،و إﻧﻣﺎ ھﻲ واﺟب و ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ .ﯾﻘول ﻣﯾرﻟوﺑوﻧﺗﻲ ":إن
ﻛل ﺗﻔﺳﯾر ﻟﺗﺻرﻓﻲ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻋواﻣل ﻣﺛل ،ﻣﺎﺿﻲ و طﺑﺎﻋﻲ ووﺳطﻲ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،و ﯾﺑﻘﻰ ﺗﻔﺳﯾرا ﺻﺣﯾﺣﺎ
ﺷرط ﻋدم اﻋﺗﺑﺎر ھذه اﻟﻌواﻣل ﻣﺿﺎﻓﺔ ﺑﻌﺿﮭﺎ اﻟﺑﻌض ،ﺑل ﻻ ﺑد ﻣن اﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻟﺣظﺎت ﻣن وﺟودي اﻟﻛﻠﻲ اﻟذي
ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﺳﺎراﺗﮫ ﻓﻲ اﺗﺟﺎھﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ".
ﻣﺳﺗوى اﻟﺗرﻛـﯾب
إن اﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺗﻧطﻠق داﺋﻣﺎ ﻣن وﺿﻌﯾﺔ ﻣﺣددة ﻟﺗﻣﺎرس ﻓﺎﻋﻠﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻐﯾﯾر و اﻟﺗﻌدﯾل ،ﻓﮭﻲ ﺗظل
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺣﻠﻘﺔ وﺳطﻰ ﺑﯾن اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ و اﻟﺿرورة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ،ﻣﺎ داﻣت ﺗﻔﻌل و ﺗﺗﺣرك ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ
ﺗؤطر اﻟوﺿﻊ اﻟﺑﺷري و ﺗﺳﯾﺟﮫ و ﺗﻣﻧﺣﮫ اﻟﻘﯾﻣﺔ و اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﻟﻘد ﺗﻐﯾر ﻣﻔﮭوم اﻟﺣرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺣﯾث أﻧﮫ اﻛﺗﺳﻰ
ﻣﻌﺎن ﻣﺗﻌددة و ارﺗﺑط ﺑﻣﺣددات و ﻣﻘﺎﯾﯾس ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺣﯾث أﻧﮫ ﻗد ﻧظر إﻟﯾﮫ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ أو اﻹﻟﮫ أو
اﻟﻌﻠم ،و ﻟﻛن اﻟﺳؤال ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﮫ ﻋن اﻟﺣرﯾﺔ ﯾﺧﻔﻲ ﻓﻲ ﺛﻧﺎﯾﺎه رﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﯾﮭﺎ و ﺧوﻓﺎ ﻣن اﻟﻘﯾود اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن
أن ﺗﺣد ﻣن ﻗدرات اﻹﻧﺳﺎن ﺑدوﻧﮭﺎ .ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ھو اﻟﻛﺎﺋن اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻷﻧﮫ اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﻌﻲ ﺑوﺟود
اﻟﺣﺗﻣﯾﺎت أﻣﺎ اﻟﺣﯾوان ﻓﻼ ﯾطﺎﻟب ﺑذﻟك ﻷﻧﮫ ﻻﯾﻌﻲ ﻣﺎ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﮫ ﻣن ﺣﺗﻣﯾﺎت وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﮭو ﻓﻲ ﻏﻧﻰ ﺗﺎم ﻋن اﻟﺗﻔﻛﯾر
ﻓﻲ اﻟﺣرﯾﺔ.
107
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺗﺣﺎول اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﻛﺎﻧطﯾﺔ ﺗﻣﺛل اﻹرادة ﻓﻲ ﺑﻌدھﺎ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻹرادة ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ
اﻟذات و اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔس و اﻹﺳﺗﻘﻼل ﻋن ﻛل ﻗوة ﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﺈن ھذا ﯾﻌﻧﻲ ،أن اﻟﻛﺎﺋن اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺣر ﻓﻲ
اﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ ،ﻣﺎ داﻣت إرادﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺗﻣﻧﺣﮫ اﻟﻘوة اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻘﺑول أﻣر أو رﻓﺿﮫ ،ﻟﻛن ﺗﻣﺗﻌﮫ ﺑﮭذه اﻟﻣﯾزة ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أﻧﮫ
ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺳﺗﻐل إرادﺗﮫ ﻓﻲ رﻓض اﻟواﺟﺑﺎت اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ھﻣزة اﻟوﺻل ﺑﯾﻧﮫ و ﺑﯾن اﻵﺧرﯾن ﻣن ﺟﮭﺔ ،و
ﺑﯾﻧﮫ و ﺑﯾن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،ﺑﯾﻧﮫ و ﺑﯾن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻛوﻧﻲ ،ﻷن ﻣن ﺷﺄن ذﻟك أن ﯾﺧﻠق ﺷططﺎ و ﻓوﺿﻰ ﻋﻠﻰ
ﻣﺳﺗوى اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻷﻓراد و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻟذا ﻓﺈن اﻹرادة ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﺳﺧر ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﮫ ﻛل إﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ ﺣدا
ﻷﻓﻌﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟذي ﯾرﺿﻲ اﻟﺿﻣﯾر اﻟﺧﺎص و اﻟﺟﻣﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻹرادة ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون
ﺣﺎﻛﻣﺔ و ﻛﺎﺑﺣﺔ ﺗﻣﻧﻊ اﻟﻔﻌل أو اﻟﺳﻠوك اﻟﻣﺿر ﻣن اﻹﻧﺗﺷﺎر ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،ﯾﻧﺿﺎف إﻟﻰ ذﻟك ،أن ﺗﻣﺗﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﮭذه
اﻟﻣﻠﻛﺔ ﺳﯾوﻓر ﻟﮫ ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ ﺗوﺟﯾﮫ ﺳﻠوﻛﺎﺗﮫ و أﻓﻌﺎﻟﮫ ﻧﺣو اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ إرﺿﺎء اﻟﻘﺎﻧون و اﻷﺧﻼق ﻣﻌﺎ ،إﻟﻰ
ﺟﺎﻧب ذﻟك ﻓﺎﻣﺗﻼك اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻺرادة ﯾﺿﻊ ﺣدا ﻟﻛل إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻓرض اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﻋﻠﯾﮫ ،ﻷن ﻛوﻧﮫ ﻋﺎﻗﻼ ،ﯾؤھﻠﮫ ﻛﻲ ﯾﻛون
ﺳﯾد ﻧﻔﺳﮫ ،و ﻛذﻟك ﺳﺗﻛون ﻟﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺎوز اﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﻻ ﯾﺳﺗﻌﻣل إﻻ ﻛﺈﻛراه ﻣﺎ إن ﺗزول اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﮫ
ﺣﺗﻰ ﯾزول اﻟﻔﻌل ھﻛذا ﯾﻛون ﻛﺎﻧط " :و أﻧﺎ أؤﻛد أﻧﮫ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻧﺳب ﺑﺎﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻛل ﻛﺎﺋن ﻋﺎﻗل ﻟﮫ إرادة ،ﻓﻛرة
اﻟﺣرﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن ﻧﺧول ﻟﮫ اﻟﻌﻣل وﻓﻘﺎ ﻟﮭﺎ ".
إن اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺻﻔﮭﺎ ﻛﺎﻧط ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﮫ ،ﺗﻛﺎد ﺗﻛون ﻓﻛرة ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ،ﻣﺎ دام أن اﻟواﻗﻊ ﯾﺻرح ﻋﻛس ذﻟك ،و ﺑﺄن
اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻣﻧﺢ ﻟﮫ اﻟﺣق إطﻼﻗﺎ ﻓﻲ رﻓض ﺷﻲء ﻣﺎ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل اﻟطﻌن ﻓﯾﮫ ،ﻓﻣﺎ ﯾﺳود اﻟواﻗﻊ ﻟﯾس ھو"ﻓﻛر ﺗم ﻧﻔذ
"و إﻧﻣﺎ "ﻧﻔذ و ﻻ ﺗﻔﻛر" ﻣﻣﺎ ﯾﻛﺷف أن إرادة اﻹﻧﺳﺎن ﻏﺎﺋﺑﺔ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﻌﺎدﻟﺔ .ﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ،اﺗﺟﮫ ﻧﯾﺗﺷﮫ
ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﮫ ﻧﺣو إﺑراز اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﻲ و اﻟﺷﺧﺻﻲ اﻟذي ﯾﮭﯾﻣن ﻋﻠﻰ اﻷﺧﻼق ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ و اﻷﺧﻼق اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ
108
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺎﻷﺧﻼق ﻟﯾﺳت ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘد وﺣﯾﺎ ﻣﻧزﻻ ،و إﻧﻣﺎ ھﻲ إﻧﺗﺎﺟﺎت و ﺗﺄوﯾﻼت ﺑﺷرﯾﺔ ﺻرﻓﺔ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ھو
ﻣن ﯾﺻﻧﻊ اﻷﺧﻼق و ﯾؤوﻟﮭﺎ ﻟﻛﻲ ﺗﺣﻔظ ﻟﮫ ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ و رھﺎﻧﺎﺗﮫ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻟﮭذا اﻟﺳﺑب ،ﻟم ﯾﻛف ﻧﯾﺗﺷﮫ ﻋن اﻟدﻋوة
إﻟﻰ ﺗﻔﻛﯾك ﻛل ﻣﺎ ﺳﺎد ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره أﺧﻼﻗﯾﺎ ﻻ ﯾﺷﺑﻊ رﻏﺑﺎت اﻟﺣﯾﺎة ،و ﯾﻘف ﺿد اﻟﺣﯾﺎة و اﻟرﻏﺑﺔ و اﻟﺟﺳد ،ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ
اﻷﺧﯾر ﻋﻠﻰ ﺗﺷوﯾﮫ اﻟﺣﯾﺎة و اﻋﺗﺑﺎر ﻛل ﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﯾﮭﺎ رذﯾﻠﺔ ،و ھﻛذا ﻓﺎﻷﺧﻼق ﻗد ﺳﻠﺑت ﻣﻧﮫ اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ
و اﻟﻣﺗداوﻟﺔ ﻓﻲ ﻛل إرادة ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ،و ﻟﻛﻲ ﯾﺳﺗﻌﯾدھﺎ ﻓﻣﺎ ﻋﻠﯾﮫ إﻻ أن ﯾﺗﺟﺎوز ﻛل ﻣﺎ أرﺳﺗﮫ ھذه اﻷﺧﻼق اﻟﻣﺗﻌﺎﻟﯾﺔ ،و
اﻟﺗوﺟﮫ ﻧﺣو اﺳﺗرﺟﺎع اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ و اﻷﺻﯾل ﻟﻠﺣﯾﺎة ووﺿﻊ ﻗطﯾﻌﺔ ﻣﻊ ﻛل اﻟﻣﺟﮭودات اﻟﺗﻲ ﻗﺗﻠت اﻷﻣور
اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﺣددة ﻟﮭﺎ.
ﺟﺎن ﺑول ﺳﺎرﺗر/اﻹرادة ﺣرة ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻛﻧﮭﺎ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
ﯾﻧظر ﺳﺎرﺗر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻷﺳﺎس "اﻟوﺟود واﻟﻌدم" وﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟوﺟودﯾﺔ ﻧزﻋﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ" ﻟﻠوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره
ﻓﻌﻼ acteوﻟﯾس ﺣﺎﻟﺔ étatﻷن اﻟوﺟود ﻓﻲ ﺻﻣﯾﻣﮫ ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ھو اﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟواﻗﻌﯾﺔ وھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ
ﺑﺣرﯾﺔ اﻹرادة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ،ﻓﺎﻟوﺟود اﻟطﺑﯾﻌﻲ Dasienاﻟﻣﻣﻧوح ﻟﻧﺎ ﻗﺑل أي ﻣﺟﮭود ﺷﺧﺻﻲ ﻻ ﯾﺣﯾل إﻟﻰ
واﻗﻌﺔ ﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﺑل ھو وﺟود ﻻ ﯾﻧﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺎھﯾﺗﮫ ﻋن ﻓﻌل اﻟﺣرﯾﺔ اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻹﻧﺳﺎن وﯾﻌﺑر ﻋﻧﮫ ﻣن ﺧﻼل ﻓﻌل
اﻹﺧﺗﯾﺎر ،ﻓﺄﻧﺎ ﻣن أﺧﺗﺎر ﻧﻔﺳﻲ وأﺣدد ﻣﺻﯾري و أﺧﻠق ذاﺗﻲ ،ﻷن اﻟوﺟود ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﻣﺗﻣﺎه ﻣﻊ اﻹﺧﺗﯾﺎر ،ﻓﺎﻟوﺟود
ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ﻟﯾس إﻻ ﻓﻌل اﺧﺗﯾﺎر ﯾﻘدم ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺷﺧص ،ﻓﺈذا ﻛﺎن دﯾﻛﺎرت ﯾﻘول "ﺑﺄﻧﺎ أﻓﻛر ،ﻓﺄﻧﺎ إذن ﻣوﺟود" ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟوﺟودﯾﺔ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻛوﺟﯾطو اﻟوﺟودي ھو "أﻧﺎ أﺧﺗﺎر ،أﻧﺎ ﻣوﺟود"اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﺣر ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻣﺎدام
ﯾرﻓض ﺗﻘﺑل ﺗﺄﺛﯾرات اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺗﻘﺑﻼ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﺑل ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﺑواﺳطﺔ ﻓﻌل اﻟﺣرﯾﺔ اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣن اﺧﺗﯾﺎر ﻣﺎ
ﯾرﯾد أن ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮫ ،ﻓﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﻟﯾﺳت ﻣﻌطﺎة ﺑﺷﻛل ﻗﺑﻠﻲ وﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﺑل اﻹﻧﺳﺎن ھو ﻣن ﯾﺳﺎھم ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ
وﺧﻠﻘﮭﺎ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾوﺟد ﺣﺳب ﺳﺎرﺗر إﻻ إذا اﺧﺗﺎر ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺣرﯾﺔ ﻋﺎﻣﻼ ﻋﻠﻰ ﺧﻠق ذاﺗﮫ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ھو
ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل ،ﻟﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻘﯾم ﻓﻲ ﺻورة واﺣدة ﻣن ﺻور اﻟوﺟود اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗﺎرھﺎ وھذا
ﻣﺎ ﯾرﻓﺿﮫ ﺳﺎرﺗر ﺑﻘوﻟﮫ "ﻣن اﻟﺧطﺄ أن ﯾﻌﺗﻘد اﻹﻧﺳﺎن أﻧﮫ ﻟﻛﻲ ﯾوﺟد ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﺧﺗﺎر ﻣﺎ ﯾرﯾد ﻣرة واﺣدة ،ﻣﻌﺗﻘدا أﻧﮫ
ﺳﯾﺧﺗﺎر ﺻورة ﻧﮭﺎﺋﯾﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﺑل ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻧﺗذﻛر ﻋﻠﻰ أن اﻹﻧﺳﺎن ﯾواﺻل ﺳﻠﺳﻠﺔ اﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ دون أن
ﯾﺗﺣﺟر ﻓﻲ ﺻورة ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ،وﻣﻌﻧﻰ ھذا أﻧﮫ ﻟﻛﻲ ﯾوﺟد اﻟﻣرء ﺣﻘﺎ ﻓﻼ ﺑد ﻟﮫ ﻣن أن ﯾﻌﻣل ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻋﻠﻰ ﺗﻣﯾﯾز
اﻟﻣﻣﻛﻧﺎت اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧطوي ﻋﻠﯾﮭﺎ وﺟوده ،وذﻟك ﺑﻣﻼﺣظﺔ "اﻟﻣوﺟود اﻟﺟدﯾد اﻟذي ﯾﻧﺑﺛق ﻣن ﺳﻠﺳﻠﺔ أﻓﻌﺎﻟﮫ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ،
ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر ﯾﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺟﺑرﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،إﻧﮫ ﺧﺎﺿﻊ ﻓﻘط ﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻌﻠﮫ واﺧﺗﯾﺎره ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧد ﺳﺎرﺗر
ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ وﻣﺎھﯾﺗﮫ ﻷﻧﮫ اﻟﻛﺎﺋن اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﻧﺣﺻر وﺟوده ﻓﻲ ﺣرﯾﺗﮫ أﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣوﺟودات ﻓﺈﻧﮭﺎ
ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺟﺑرﯾﺔ ﺻﺎرﻣﺔ ﺑﻣﻘﺗﺿﺎھﺎ ﺗﺳﯾر أﻓﻌﺎﻟﮭﺎ ،وﯾؤﻛد ﺳﺎرﺗر ذﻟك ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟوﺟود واﻟﻌدم" ﺑﻘوﻟﮫ"إﻧﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ
ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ ﻋوارض أو ظروف ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺄي ﺣدث ﺟﻣﻌﻲ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎره ﺣدﺛﺎ ﻣﻔﺎﺟﺋﺎ ﻗد ﺻدر ﻣن
اﻟﺧﺎرج ،ﺛم ﺗﻠﺑس ﺑﻧﺎ ﻣﺟرد ﺗﻠﺑس":إن اﻟﺣرب اﻟﺗﻲ ﺟﻧدت ﻟﮭﺎ ھﻲ ﺣرﺑﻲ أﻧﺎ ﻓﮭﻲ ﺻورﺗﻲ وﻣﺛﺎﻟﻲ ،وھﻲ اﻟﺣرب
اﻟﺗﻲ أﺳﺗﺣﻘﮭﺎ ،وھذا ﻣﺎ ﻋﺑر ﻋﻧﮫ ﺟﯾل روﻣﺎن JULES ROMAINEﺑﻘوﻟﮫ" ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟﺣرب ﺿﺣﺎﯾﺎ ﺑرﯾﺋﺔ" ﻓﺄﻧﺎ
إذن ﻣﺳؤول ﻋن ﺗﻠك اﻟﺣرب ،ﻷﻧﻧﻲ ﻣﺎ دﻣت ﻟم أﺗﺧﻠف ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻛﺄﻧﻧﻲ أردﺗﮭﺎ ،وﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﻋﻠﻲ ﺗﺣﻣل ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻲ
ﺗﺟﺎه اﻟﺧﯾﺎرات اﻟﺗﻲ أﻗدم ﻋﻠﯾﮭﺎ وھو ﻣﺎ ﯾؤﻛده ﺳﺎرﺗر ﺑﻘوﻟﮫ "إﻧﻧﻲ ﻣﺳؤول ﻋن ﻛل ﺷﯾﺊ ،وﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻲ ﺗﻣﺗد ﺣﺗﻰ
ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺣرب اﻟﺗﻲ اﺷﺗرﻛت ﻓﯾﮭﺎ ،ﻛﺄﻧﻧﻲ أﻧﺎ اﻟذي أﻋﻠﻧﺗﮭﺎ" ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﺧﻠوص إﻟﯾﮫ ﺑوﺿوح ﻣﻊ ﺳﺎرﺗر ھو ﻛون
اﻟﺷﺧص ﺣر ﺣرﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻛﻧﮫ ﻣﺳؤول ﻓﻲ ﻧﻔس اﻵن ﻋن أﻓﻌﺎﻟﮫ واﺧﺗﯾﺎراﺗﮫ ﻷﻧﮫ ھو اﻟوﺣﯾد اﻟذي اﺧﺗﺎرھﺎ ﺑﻣﺣض
إرادﺗﮫ وھو ﻣﺎ ﯾوﺿﺣﮫ ﺳﺎرﺗر ﻓﻲ "اﻟوﺟودﯾﺔ ﻧزﻋﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ" ﺑﺻرﯾﺢ اﻟﻘول ":وھﻛذا ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺟد ﺧﻠﻔﻧﺎ وﻻ
أﻣﺎﻣﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻗﯾﻣﺎ وﻻ ﺗﺑرﯾرات أو أﻋذارا .ﻧوﺟد وﺣدﻧﺎ ﻣن دون أﻋذار .وھذا ﻣﺎ أﻋﺑر ﻋﻧﮫ
ﺑﺎﻟﻘول"اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺣﻛوم ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ" ﻣﺣﻛوم ﻋﻠﯾﮫ ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ھو ﻣن ﺧﻠق ﻧﻔﺳﮫ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أﻧﮫ ﻣﻊ ذﻟك ﯾﻛون
109
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺣرا ،ﻷﻧﮫ ﺑﻣﺟرد ﻣﺎ ﯾﻠﻘﻰ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻ ﻋن ﻛل ﻣﺎ ﯾﻔﻌل .وﻻ ﯾﻘر اﻟوﺟودي ﺑﺳﻠطﺎن اﻹﻧﻔﻌﺎل .إﻧﮫ ﻟن
ﯾﺗﺻور أﺑدا اﻧﻔﻌﺎﻻ ﺟﻣﯾﻼ ﻗد أﺻﺑﺢ ﺳﯾﻼ ﺟﺎرﻓﺎ ﯾؤدي ﺣﺗﻣﺎ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ أﻓﻌﺎل ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﯾﻛون ذﻟك ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻌذر .إﻧﮫ
ﯾﻌﺗﺑر اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺳؤوﻻ ﻋن اﻧﻔﻌﺎﻟﮫ".
اﻟﺗرﻛﯾب
ﯾﻌﺑر ھذا اﻹﺧﺗﻼف اﻟﺣﺎﺻل ﺑﯾن اﻟﻣواﻗف ﻋﻠﻰ وﺟود ﺗﺑﺎﯾن ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﻔﮭوﻣﻲ اﻟﺣرﯾﺔ و اﻹرادة،
ﻓﺎﻹرادة ﻟﯾس ﻣﺣﻛوﻣﺎ ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﺗظل ﻋﺑدا ﻟﻠﻌﻘل و اﻟﻘﺎﻧون ،و إﻧﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ أ ن ﺗﺗﺟﮫ ﻛذﻟك ﻧﺣو إﺛﺎرة اﻟﻣﻌطﯾﺎت
اﻷﺧرى اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠﻛﯾﺎن اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ و اﻟﺗﻲ أﺻﺑﻐت ،ﺑﻔﻌل اﻟﻘﯾم و اﻷﺧﻼق ،ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻣن ﻗﺑل :اﻟﻣﺣرم و اﻟﻣﻣﻧوع . . .
،ﻋﻣوﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﺣرﯾﺔ ﺗﺳﺗوﺟب ﻣن اﻟﻛﺎﺋن اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ أن ﯾﻌﻣل ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻣن أﺟل اﻟﻌﯾش ﻓﻲ ﻛﻧﻔﮭﺎ ،ﻓﻼ
ﺗوﺟد ﺣرﯾﺔ ﺑدون ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﺑﯾﻠﮭﺎ وﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺳﺗﺣﺿر اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻣﻌﺎﺻر اﻻن ﺗورﯾن اﻟذي أﻛد
ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﺑرادﯾﻐﻣﺎ ﺟدﯾدة ﻟﻔﮭم ﻋﺎﻟم اﻟﯾوم" ﻋﻠﻰ أن اﻟﺣرﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﻣﻌطﺎة ﺑﺷﻛل ﻗﺑﻠﻲ ﺑل ھﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺑﻧﺎء وﯾﺷﺑﮫ ذﻟك
ﺑﺎﻟﺟﻧود اﻟﻣﻧﺎﺿﻠﯾن ﻓﻲ ﺟﺑﮭﺎت اﻟﻘﺗﺎل وﻋﻠﻰ ﺧطوط اﻟﻧﺎر ﻓﮭم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﺗﺑﺎه داﺋﻣﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﺣرﯾﺗﮭم وﺣﯾﺎﺗﮭم ﻣن اﻟﻌدو
اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻛل اﻟﺣﺗﻣﯾﺎت واﻟﻌواﺋق.
110
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو:ﻻ وﺟود ﻟﻠﺣرﯾﺔ إﻻ ﻓﻲ وﺟود ﻗواﻧﯾن داﺧل اﻟدوﻟﺔ ﺗﺳﻣوا ﻓوق اﻟﺟﻣﯾﻊ وﺗﺣدد ﻟﮭم ﻣﺎ ﯾﺟب ﻓﻌﻠﮫ
وﻣﺎ ﻻ ﯾﺟب ﻓﻌﻠﮫ
ﻻ ﺗﻧﺣﺻر اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﻧظر ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو ﻓﻲ أن ﯾﻔﻌل و ﯾﺗﺻرف اﻟﻣرء ﻛﯾﻔﻣﺎ ﺷﺎء .و اﻟواﻗﻊ ،أن اﻟﺣرﯾﺔ
اﻟوﺣﯾدة اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻘوم ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ،أي ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺗﺳوده اﻟﻘواﻧﯾن و اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ،ھﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻔرد أن
ﯾﻔﻌل ﻣﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾرﯾده ،و اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻛون ﻣﺟﺑرا ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﻣﺎ ﻻ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾرﯾده .ﻓﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻻ ﺗﻌﻧﻲ
اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻔردي اﻟﻣطﻠق ﻣﻣﺎ ﺗﺟرﻣﮫ اﻟﻘواﻧﯾن ،ﻷن اﻵﺧرﯾن ﻋﻧدﺋذ ﻟن ﯾﺗرددوا ھم أﯾﺿﺎ ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ھذا اﻟﺣق ،إﻻ
أن اﻟﺷﻌب اﻟذي ﯾﻌطﯾﮫ اﻟدﺳﺗور اﻟﺣق ﻓﻲ ﻋﻣل ﻛل ﺷﻲء ،ﻟن ﯾﻛون أﻛﺛر ﺣرﯾﺔ ﻣن اﻟﻔرد اﻟذي ﯾﺗرك ﻟﮫ اﻟﺑﺎب
ﻣﻔﺗوﺣﺎ ﻹﺷﺑﺎع أھواﺋﮫ و ﺷﮭواﺗﮫ ،ﻷن ھذه ھﻲ اﻟﺣرﯾﺔ ،ﻏﯾر أن اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ھﻲ " ﺣق ﻋﻣل ﻛل ﻣﺎ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﮫ
اﻟﻘواﻧﯾن .و ﻣﺛل ﻣﺎ اﻋﺗﺑر ﻛﺎﻧط اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﺟوھرھﺎ ،ھﻲ ﺗﻠك اﻟﻘدرة اﻟﺗﻲ ﻟدى ﻛل واﺣد ﻋﻠﻰ أداء واﺟﺑﺎﺗﮫ .ﯾﻘول
ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو" :إن اﻟﺣرﯾﺔ ھﻲ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻛل ﻣﺎ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﮫ اﻟﻘواﻧﯾن ،ﻓﺈذا ﻛﻠم اﻟﻣواطن ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻔﻌل
ﺗﻣﻧﻌﮫ اﻟﻘواﻧﯾن ،ﻓﻠن ﺗﻛون ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﺣرﯾﺔ ،ﻣﺎدام اﻵﺧرون ﻟﮭم ﻧﻔس اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﻣﺎ ﯾﺷﺎؤون" وھﻛذا
ﯾظﮭر إذن أن رﺑط اﻟﺣرﯾﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون ﻋﻧد ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو ھﻲ ﺧطوة ﻻ ﺑد ﻣﻧﮭﺎ ﻣن أﺟل اﻟﺣد ﻣن اﻟﺗﺳﯾب و ﻗﻠﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟﺗﻲ
ﯾﻣﻛن أن ﺗﻣﯾز أﻓﻌﺎل و ﺳﻠوﻛﺎت اﻷﻓراد.
ﺣﻧﺔ ارﻧدت وﯾورﻏن ھﺎﺑرﻣﺎس /اﻟﺣرﯾﺔ ﻣﺟﺎﻟﮭﺎ ھو اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻌﻣوﻣﻲ اﻟﻣﻔﺗوح ﻟﻛل اﻟﻘﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام
ﻋﻘﻠﮭم اﺳﺗﺧداﻣﺎ ﺧﺎﺻﺎ
ﺣﺎوﻟت اﻟﻔﯾﻠﺳوﻓﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺣﻧﺔ أرﻧدت اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣرﯾﺎت ،ھو ﻣﺟﺎل
اﻟﻘواﻧﯾن ،ﻓﺎﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻻ ﯾﺗم إﻻ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻋﻣوﻣﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﺑوﺟود ﻋﻼﻗﺎت ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻔرد و أﻏﯾﺎره ،و ﯾﻣﻛن
إﯾﻌﺎز ذﻟك إﻟﻰ أن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﺷﻌر ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ إﻻ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﯾﺟد ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ إطﺎر ﺗﻔرض ﻓﯾﮫ ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
111
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻘواﻋد ،و ﺑذﻟك ﺗﻛون ﺣﻧﺔ أرﻧدت ﻗد زﻛت ﺗﺻور اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﯾورﻏن ھﺎﺑرﻣﺎس اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺄﻧﮫ ﻓﻲ ﺣﺿن
اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻌﻣوﻣﻲ ﺗﺗوطد اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻷﻓراد و ﯾﺳود اﻟﺗواﺻل اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،اﻟذي ﯾﻔﺿﻲ ﻓﻲ اﻷﺧﯾر إﻟﻰ اﻻﻋﺗراف
ﺑﺣرﯾﺔ اﻟﺟﻣﯾﻊ .ﺗﻘول ﺣﻧﺎ أرﻧدت"ﻓﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻗﺑل أن ﺗﺻﺑﺢ ﺻﻔﺔ ﻟﻠﻔﻛر أو ﺳﻣﺔ ﻣن ﺳﻣﺎت اﻹرادة،ﻗد ﺗم ﻓﮭﻣﮭﺎ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ وﺿﻌﺎ ﻟﻺﻧﺳﺎن اﻟﺣر اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺗﻧﻘل و اﻟﺧروج ﻣن ﻣﻧزﻟﮫ ،و ﺑﺎﻟﺗﺟوال ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم و اﻹﻟﺗﻘﺎء
ﺑﻐﯾره "ﻓﻔﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﺟﻣﯾﻊ اﻷطروﺣﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ،ﻗﺎﻣت ﺣﻧﺔ أرﻧدت ﺑﺈﻋطﺎء اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت و ﻟﻠﺗواﺻل و ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ،
اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ،ﻓﻲ ﻧظرھﺎ ،اﻟﻣﺻدر اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣرﯾﺎت ،ﻓﻠوﻻ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و اﻟدوﻟﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن
أن ﯾطرﺣوا ﺳؤال اﻟﺣرﯾﺔ ﻟﻠﻧﻘﺎش .
اﻟﺗرﻛﯾب
ﻗد ﯾرى اﻟﺑﻌض أن ﻣﺎ ﯾﻘف اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ وﺟﮭﮫ ﻣﺎﻧﻌﺎ ﻣن ﺗﺣﻘﯾﻘﮫ ،ھو ﺗﻠك اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻟﻛن اﻷﻣر ﯾﻛﺷف ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ،أن ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ و ﯾﺣرم اﻷﻓراد ﻣﻧﮫ ،ﻻ ﯾﻛون ﺑﺎﻟﺿرورة ﻣﺗﻌﺎرﺿﺎ ﻣﻊ
اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،و إﻧﻣﺎ ﻣﻊ ﻣﺻﺎﻟﺢ ﺑﻌض اﻷﻓراد ،اﻟذﯾن ﯾﮭﯾﻣﻧون و ﯾﺳﯾطرون ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻷن ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﺻﺎﻟﺣﮭم،
ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﮭم اﻟوﻗوف ﻓﻲ وﺟﮫ ﻛل اﻷطﻣﺎع اﻟﺗﻲ ﺗﮭددھﺎ .ﻻ ﯾﻛون اﻟﻘﺎﻧون إذن داﺋﻣﺎ ﺷﻔﺎﻓﺎ و ﻧزﯾﮭﺎ،ﻣﺎ دام أﻧﮫ
ﯾﺣﻣﻲ اﻟﺑﻌض و ﯾﺿر ﺑﺎﻟﺑﻌض اﻵﺧر ،و ﻟﻌل ذﻟك ،ﻣﺎ دﻓﻊ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﺣﻠﻠﯾن إﻟﻰ اﻟدﻋوة إﻟﻰ ﺿرورة ﺗطﺑﯾق ﻣﺑدأ
ﻓﺻل اﻟﺳﻠط ،ﻧظرا ﻷن ﺗﻛدﺳﮭﺎ ﻓﻲ ﯾد واﺣدة ﯾؤدي ﻓﻲ اﻷﺧﯾر إﻟﻰ ﺳﯾﺎدة أﻧظﻣﺔ دﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ و اﺳﺗﺑدادﯾﺔ .
112
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺟﺎء ﻓﻲ ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ،ﺳﻌد،اﻟﺳﻌد،ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﯾﻣن ،وﺳﻌد ﺳﻌدا وﺳﻌﺎدة ﻓﮭو ﺳﻌﯾد ،وﺳﻌد ﺑﺎﻟﺿم ﻓﮭو ﻣﺳﻌود وھو
ﻧﻘﯾض اﻟﻧﺣس واﻟﺷﻘﺎوة.
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﻟﻣﻔﮭوم اﻟﺳﻌﺎدة:
ﻣﻔﮭوم اﻟﺳﻌﺎدة :ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ Benheurوﻓﻲ اﻹﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ Happinessوﻓﻲ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ Felicitas
ﻓﺎﻟﺳﻌﺎدة ﺿد اﻟﺷﻘﺎوة ،وھﻲ اﻟرﺿﺎ اﻟﺗﺎم ﺑﻣﺎ ﺗﻧﺎﻟﮫ اﻟﻧﻔس ﻣن اﻟﺧﯾر .واﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﺳﻌﺎدة واﻟﻠذة أن اﻟﺳﻌﺎدة ﺣﺎﻟﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن ،وأن رﺿﺎ اﻟﻧﻔس ﺑﮭﺎ ﺗﺎم ،ﻋﻠﻰ ﺣﯾن أن اﻟﻠذة ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺣﯾوان،وأن رﺿﻰ
اﻟﻧﻔس ﺑﮭﺎ ﻣؤﻗت .وﻣن ﺷرط اﻟﺳﻌﺎدة أن ﺗﻛون ﻣﯾول اﻟﻧﻔس ﻛﻠﮭﺎ راﺿﯾﺔ ﺣﺳب ﻣﻌﺟم ﺻﻠﯾﺑﺎ أﻣﺎ ﻋﻧد ﻻﻻﻧد ﻓﺗﺣﯾل
اﻟﺳﻌﺎدة إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ رﺿﺎ ﺗﺎم ﺗﺳﺗﺄﺛر ﺑﻣﺟﺎﻣﻊ اﻟوﻋﻲ.
اﻟﻣﺣور اﻷول :ﺗﻣﺛﻼت اﻟﺳﻌﺎدة
ﺗﺼﻮر أرﺳﻄﻮ :اﻟﺴﻌﺎدة ھﻲ اﻟﺨﯿﺮ اﻷﺳﻤﻰ وﻻﯾﻤﻜﻦ ﺳﻮى ﻟﻠﻌﻘﻼء ﺗﺤﻘﯿﻘﮭﺎ وﺗﺤﺼﯿﻠﮭﺎ
113
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﯾﺣﺎول اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﯾوﻧﺎﻧﻲ أرﺳطو ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻷﺧﻼق إﻟﻰ ﻧﯾﻘوﻣﺎﺧوس" ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﮭوم اﻟﺳﻌﺎدة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ اﻟﻐﺎﯾﺔ
اﻟﻘﺻوى ﻟﻛل إﻧﺳﺎن و اﻟﺧﯾر اﻷﺳﻣﻰ اﻟذي ﯾطﻠﺑﮫ اﻟﻔﯾﻠﺳوف ،أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻧﺎس ﻓﮭم ﯾﺧﺗﻠﻔون ﻓﻲ ﻓﮭم اﻟﺳﻌﺎدة ﺣﯾث
ﯾﻘﺳﻣﮭم أرﺳطو إﻟﻰ ﻣراﺗب ﺛﻼث ﻣن ﺣﯾث اﻟﺳﻠوك اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﻌﺎة .ﻓﺎﻟطﺑﺎﺋﻊ اﻟﻌﺎﻣﯾﺔ اﻟﻐﻠﯾظﺔ ﺗرى اﻟﺳﻌﺎدة
ﻓﻲ اﻟﻠذة ،إذ ﯾﺧﺗﺎر أﻛﺛر اﻟﻧﺎس ﺑﻣﺣض ذوﻗﮭم ﻋﯾﺷﺔ اﻟﺑﮭﺎﺋم .وﺿد ھؤﻻء أﺻﺣﺎب اﻟﻌﻘول اﻟﻣﻣﺗﺎزة اﻟﻧﺷﯾطﺔ وﻏﺎﯾﺗﮭم
ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﻌﺎدة ﻓﻲ اﻟﻣﺟد -أو اﻟﻛراﻣﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ -وﺗﺑﻘﻰ اﻟﻣرﺗﺑﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن ﻣراﺗب اﻟﺳﻠوك اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ وھﻲ ﻣرﺗﺑﺔ
ﺣﯾﺎة اﻟﺣﻛﻣﺔ واﻟﺗﺄﻣل أو اﻟﻌﯾﺷﺔ اﻟﺗﺄﻣﻠﯾﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ وھﻲ اﻟﺳﻌﺎدة اﻟﺣﻘﺔ ﻋﻧد أرﺳطو ،ﻟﻛن ﻓوق ﻛل ھذه اﻟﺧﯾرات
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﯾوﺟد ﺧﯾر آﺧر ﻓﻲ ذاﺗﮫ ھو ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻐﺎﯾﺎت و أﺻل ﻛل اﻟﺧﯾرات ،إﻧﮭﺎ ﺗﻠك اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﺄﻣﻠﯾﺔ ﺣﯾث ﺗﺣﯾﺎ اﻟﻌﻘول
اﻟﻣﻣﺗﺎزة اﻟﻧﺷﯾطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻊ اﻟﺳﻌﺎدة ﻓﻲ اﻟﻣﺟد ﻛﻐﺎﯾﺔ اﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ ﻏﺎﯾﺔ ﺑﻌدھﺎ ،ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷرﺳطو ﻓﺎﻟﺳﻌﺎدة ﻏﯾر
ﻣﺗﺎﺣﺔ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ و ھﻲ ﻟﯾﺳت ﻣﺟرد ﻣﻠﻛﺔ ﻣﺗﺎﺣﺔ ﻟﻠﻛل ،ﺑل إﻧﮭﺎ ﻓﻌل ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌﻣل اﻟﺷﺎق واﻟﻣﺿﻧﻲ و
ﻓﻌل ﯾﺧﺗﺎر ﻣن أﺟل ذاﺗﮫ ،ﺣﯾث ﻧﺧﺗﺎر اﻟﺳﻌﺎدة ﻣن أﺟل ذاﺗﮭﺎ ﻻ ﻣن أﺟل ﺷﻲء آﺧر ﻋداھﺎ ،ﻓﮭﻲ ﻓﻌل ﻣطﺎﺑق ﻟﻠﻔﺿﯾﻠﺔ
ﺣﯾث ﺗﺻﺑﺢ اﻟﺣﯾﺎة ﻓﺎﺿﻠﺔ ،و ھﻲ ﺣﯾﺎة ﺟد و اﺟﺗﮭﺎد ﻻ ﺣﯾﺎة ﻟﮭو و ﻋﺑث .وﺑذﻟك ﻓﺎﻟﺳﻌﺎدة ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﻣﺎ ھو ﺣق
وﺧﯾر وﺟﻣﯾل ،أي ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎﺋل اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﻓﯾﻘول "ﻣﺎ دام أن اﻟﺳﻌﺎدة ﻋﻠﻰ ﺣﺳب ﺗﻌرﯾﻔﻧﺎ ھﻲ ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﻣﺎ
ﻟﻠﻧﻔس ﻣﺳﯾرة ﺑﺎﻟﻔﺿﯾﻠﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧدرس اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ،وﺳﯾﻛون ھذا وﺳﯾﻠﺔ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻟﺗﺟدﯾد ﻓﮭم اﻟﺳﻌﺎدة
ذاﺗﮭﺎ أﯾﺿًﺎ".
اﺑن ﻣﺳﻛوﯾﮫ :ﻻ ﺳﻌﺎدة إﻻ ﻷﺻﺣﺎب اﻟﻛﻣﺎل اﻟذي ﯾﺳﻧدون ﺗدﺑﯾر ﺣﯾﺎﺗﮭم ﻟﻠﻧﻔس اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ
ﯾﻘدم اﺑن ﻣﺳﻛوﯾﮫ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﺷﮭﯾر "ﺗﮭذﯾب اﻷﺧﻼق و ﺗطﮭﯾر اﻷﻋراق" ﺗﻘرﯾﻌﺎ ﺷدﯾدا ﻟﻛل اﻟﻣﻧﻐﻣﺳﯾن ﻓﻲ
اﻟﻠذات اﻟﺣﺳﯾﺔ و ﯾﻌﺗﺑرھﺎ ﺷرا ﻛﺑﯾرا ﯾﻧﺑﻐﻲ اﻟﺗﺣرر ﻣﻧﮫ ﺣﯾث أن ھؤﻻء ﯾﻧﺣدرون ﺑﮭذه اﻟﻣﻠذات ﻣن ﻣراﺗب اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
ﻟﯾﺻﺑﺣوا أﺳﯾري اﻟﺷﮭوات و أﺣط اﻟﺣﯾواﻧﺎت و أﻛﺛرھﺎ ﺑﺄﺳﺎ ،ﻟذﻟك ﯾرﺑط اﺑن ﻣﺳﻛوﯾﮫ ﺑﯾن اﻷﺧﻼق و اﻟﺗرﺑﯾﺔ
ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﻌﺎدة ،ﺣﯾث ﻧﺣﺻل ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ ﺧﻠﻘﺎ ﺗﺻدر ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ﻋﻧﺎ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ ﻛﻠﮭﺎ ،و ﻧﺣﻘق اﻟﺳﻠوك اﻷﺧﻼﻗﻲ
اﻟﻔﺎﺿل اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻟطرﯾق اﻷول و اﻷﺧﯾر ﻣن أﺟل ﺗﺣﺻﯾل اﻟﺳﻌﺎدة اﻟروﺣﯾﺔ و اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء ﺣﯾث
ﯾﻘول ":ﺻﺎر اﻹﻧﺳﺎن إﻧﺳﺎﻧﺎ ،ﺑﺄﻓﺿﻠﯾﺔ اﻟﻧﻔس اﻟﻧﺎطﻘﺔ وﻟﯾس اﻟﻧﻔس اﻟﺑﮭﯾﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ أﺧس اﻟﻧﻔوس ،وﻻ اﻟﻧﻔس
اﻟﻐﺿﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ أوﺳطﮭم ،ﻓﺑﺎﻟﻧﻔس اﻟﻧﺎطﻘﺔ ﺷﺎرك اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ ،وﺑﺎﯾن اﻟﺑﮭﺎﺋم ،ﻓﺄھل اﻟﻛﻣﺎﻻت ﯾﺗﻔﺎﺿﻠون ﺑﻌﻘوﻟﮭم
وﺳﻌﺔ ﻣﻌﺎرﻓﮭم".
إﯾﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط /اﻟﺳﻌﺎدة ﻣﻔﮭوم ﻏﺎﻣض ﻛل ﺗﺣدﯾد ﻟﮭﺎ ﺳﯾﻛون ﺑﺎﻟﺿرورة ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﺎﻟﻣﯾوﻻت واﻟرﻏﺑﺎت
وﺑﺎﻟﺗﺧﯾﻼت
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ إﯾﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻓﻣن اﻟﺻﻌب أن ﻧﻘدم ﺗﺻورا ﻛﻠﯾﺎ و ﻣوﺣدا ﻟﻠﺳﻌﺎدة ،ﻷن ﻛل ﺗﺻور
ﻛﯾﻔﻣﺎ ﻛﺎن إﻻ و ﯾﺣﻣل ﻓﻲ طﯾﺎﺗﮫ ﻋﻧﺎﺻر ﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﻛل ﺗﺣدﯾد ﻟﻠﺳﻌﺎدة ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣطﻠﻘﺎ ،ﯾﻘول
ﻛﺎﻧط ":إن اﻹﻧﺳﺎن ﻋﺎﺟز ﻋن أن ﯾﺣدد ﺑﺗﻣﺎم اﻟﯾﻘﯾن ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻣﺑدأ ﻣﺎ ،ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﮫ ﺳﻌﯾدا ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ"،ھﻛذا ﺗظل
اﻟﺳﻌﺎدة ﺣﺳب إﯾﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻣﻔﮭوﻣﺎ ﻏﺎﻣﺿﺎ ﯾﺣﻣل أﺑﻌﺎدا ﺧﯾﺎﻟﯾﺔ ،ﻻ أﺑﻌﺎدا ﻋﻘﻠﯾﺔ ،ﯾﻘول ﻛﺎﻧط" اﻟﺳﻌﺎدة ھﻲ ﻣﺛل
أﻋﻠﻰ ﻻ ﻟﻠﻌﻘل ﺑل ﻟﻠﺧﯾﺎل و رﻏم أن اﻟﻧﺎس ﯾﺳﻌون ﺑﻛل ﺟﮭدھم ﻟﻛﻲ ﯾﺣﺻّ ﻠوا اﻟﺳﻌﺎدة إﻻ أﻧﮭم رﻏم ﻛل ﺷﻲء ﻓﮭم ﻻ
ﯾﻌرﻓون أﯾن ﺗوﺟد ھذه اﻟﺳﻌﺎدة ھل ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟطوﯾﻠﺔ أم اﻟﺻﺣﺔ أم ﺗﺟﻧب اﻟﺷرور أم ﻓﻲ أﺷﯾﺎء أﺧرى ".
اﻟﺗرﻛﯾب
114
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣن ﻛل ﻣﺎﺳﺑق ﺑﺄن ﻣﻔﮭوم اﻟﺳﻌﺎدة ﯾظل إﺷﻛﺎﻻ ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻣﺗﻣﯾزا و ﻻ أدل ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺗﻧوع اﻟﻣواﻗف
اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﻣؤطرة ﻟﮭذا اﻟﻣﻔﮭوم ،ﻓﺈذا ﻛﺎن أرﺳطو ﯾﻌﺗﺑر ﺑﺄن اﻟﺳﻌﺎدة ﺗﺗرﻛز ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎﺋل اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ و اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ،و
اﺑن ﻣﺳﻛوﯾﮫ ﯾﺟﻌل اﻟﺳﻌﺎدة ﻓﻲ اﻟﻠذات اﻟﺑدﻧﯾﺔ و اﻟروﺣﯾﺔ ﻣﻌﺎ ﻓﺈن إﯾﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻗد ﻗدم ﺗﺣﻠﯾﻼ واﻓﯾﺎ ﻟﻠﺳﻌﺎدة و ﺧرج
ﺑﺗﺻور ﻧﮭﺎﺋﻲ ﻣﻔﺎده ﺑﺄن ﻛل ﺳﻌﺎدة ھﻲ ﺳﻌﺎدة ﺗرﺗﺑط ﺑﺗﺟرﺑﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ و أن اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺗﺻور ﻧﮭﺎﺋﻲ و ﻛﻠﻲ ﻟﻠﺳﻌﺎدة
ﯾظل ﺗﺻورا ﻣن اﻟﺻﻌب ﺗﺣﻘﯾﻘﮫ ،ﻟﺗظل ﻓﻘط ﻣﺛﻼ أﻋﻠﻰ ﻟﻠﺧﯾﺎل اﻟﻣرﺗﺑط ﺑﻣﺣددات ﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﻻﻣﺗﻧﺎھﯾﺔ .
115
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻘدﻣﺔ اﻟﻣﺣور:
ﻛل اﻟﻧﺎس ﯾﺗﺻرﻓون وﯾﺳﻠﻛون ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮭم راﻏﺑﯾن ﻓﻲ ﺗﺣﺻﯾل اﻟﺳﻌﺎدة واﺟﺗﻧﺎب اﻷﻟم ،إن اﻟﺳﻌﺎدة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ
ﺣﺎﻟﺔ ارﺗﯾﺎح وﺗﺣﻘﯾق ﻟﻠرﺿﻰ اﻟﺗﺎم ﻣن طرف اﻟذات ،ﺗﺗﺑﺎﯾن طرق ﺗﺣﺻﯾﻠﮭﺎ ﺑﺗﺑﺎﯾن ﻣﺳﺗوى اﻟﻧﺎس وﻣﯾوﻻﺗﮭم ﻓﮭﻧﺎك
ﻣن ﯾرﺑطﮭﺎ ﺑﺎﻟرﻏﺑﺔ واﻟﻣﯾول وھﻧﺎك ﻣن ﯾرﺑطﮭﺎ ﺑﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺎت وﻣﺛل ﻋﻠﯾﺎ ﺗرﺗﺑط أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺑﺎﻷﻓﻛﺎر واﻟﺗﺻورات اﻟﺗﻲ
ﯾؤﻣﻧون ﺑﮭﺎ أﻛﺛر ﻣن ارﺗﺑﺎطﮭﺎ ﺑﺣﺎﺟﺎت ﺣﺳﯾﺔ ،ﻟذﻟك ﻓﻛﺛﯾرا ﻣﺎ ﻧﺳﻣﻊ ﺷﺧﺻﺎ ﻣﺎ ﯾﻘول"أﻧﺎ ﺳﻌﯾد" وﯾرﺑط اﻟﻔرد ھذه
اﻟﺳﻌﺎدة ﺑﺎﻟﻔرح أو اﻟﻠذة اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻘﻘﮭﺎ ﺑﻌد ﺣﺻوﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺎرة ﻣﺛﻼ أو ھﺎﺗف ﻧﻘﺎل ذﻛﻲ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻧﺟد ﺷﺧﺻﺎ آﺧر ﺳﻌﯾدا
ﻷﻧﮫ ﯾﻘﺎوم ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﻗﯾم ﻛوﻧﯾﺔ ﯾﻧﺎﺿل ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺿد ﻋﻧف اﻟﺳﻠطﺔ وﺟورھﺎ وھﻛذا ﻓﺈن اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾظل ﻣطروﺣﺎ ھو:
ھل ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﻛون ﺳﻌدا إذا ﺣﻘﻘﻧﺎ وأﺷﺑﻌﻧﺎ ﺟﻣﯾﻊ اﻟرﻏﺑﺎت واﻟﻠذات اﻟﺣﺳﯾﺔ أم أن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﻌﺎدة وﺗﺣﺻﯾﻠﮭﺎ
ﯾرﺗﺑط ﺑﺈﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎت اﻟﻌﻘل واﻟروح؟و ھل ﺗﺣﺻﯾل اﻟﺳﻌﺎدة ﺑﺗﻌﺑﯾر أدق،ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﺳﻠوك طرﯾق اﻟﻠذة أم ﻓﻲ ﺳﻠوك
طرﯾق اﻟﻌﻘل؟
ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳو /اﻟﺳﻌﺎدة ﺻﻌﺑﺔ اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ وﻗد ﻛﺎﻧت ﻣﻣﻛﻧﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ
اﻟﺳﻌﺎدة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺟون ﺟﺎك روﺳو ﻣوﺟودة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻧﻌم ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺣﯾﺎة
ﺑﺳﯾطﺔ،ﺣﯾث ﻛﺎﻧت اﻟﺳﻌﺎدة أﻣرا ﻣﻣﻛﻧﺎ و ﻣﺗﺎﺣﺎ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ ،وﺣﯾث ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾﻠﺑﻲ ﺣﺎﺟﺎﺗﮫ ﺑﺷﻛل ﺳﮭل و ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ،
ﻟﻘد ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﻔرد أن ﯾﺣﻘق ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ﺑﯾن رﻏﺑﺎﺗﮫ و ﻗدراﺗﮫ ﻧظرا ﻷن اﻟرﻏﺑﺎت ﻗد ﻛﺎﻧت ﺑﺳﯾطﺔ و ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن
ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ ،ھذه اﻟﻣﻌدﻟﺔ ﻟم ﯾﻌد ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﺣﯾث أﺻﺑﺢ اﻟﺻراع ﻛﺑﯾرا ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ و إﻛراھﺎﺗﮫ و
إﺷراطﺎﺗﮫ ،ﻷﺟل ﺗﺄﻣﯾن و ﺟوده و ﺣﯾﺎﺗﮫ .ﯾﻘول روﺳو "ﻟﻘد ﻛﺎن اﻹﺣﺳﺎس اﻷول ﻟﻺﻧﺳﺎن ،ھو اﻹﺣﺳﺎس ﺑوﺟوده،
و ﻗد ﻛﺎن ھﻣﮫ اﻷول ،ھو ﺣﻔظ ذﻟك اﻟوﺟود ،وﻛﺎﻧت ﻣﻧﺗﺟﺎت اﻷرض ﺗوﻓر ﻟﮫ ﻛل أﺳﺑﺎب اﻟﺑﻘﺎء اﻟﺿرورﯾﺔ . . .أﻣﺎ
اﻟﯾوم ﻓﻘد ﺻﺎر ﯾﺷﻘﻰ ﺑﻔﻘداﻧﮭﺎ دون أن ﯾﻛون ﺳﻌﯾدا ﺑﺗﻣﻠﻛﮭﺎ "...و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺣﺳب روﺳو ﻓﻘد أﺧطﺄ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻧﺗﻘﺎﻟﮫ
ﻣن ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ .
أﺑﯾﻘور/إﺷﺑﺎع اﻟﻠذات واﺟﺗﻧﺎب اﻷﻟم أﺳﺎس اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﻌﯾدة
ﺳﻌﻰ اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﯾوﻧﺎﻧﻲ أﺑﯾﻘور ﻟﻠﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﻔﮭوم اﻟﺳﻌﺎدة ،وﻟﻣﻘﺎرﺑﺗﮭﺎ ﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﻓﮭم ﻧﻘﯾﺿﮭﺎ وھو
اﻟﺷﻘﺎء،ﻓﺗﺟﻧب أﺳﺑﺎب اﻟﺷﻘﺎء واﻷﻟم ھو اﻟذي ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾﻘودﻧﺎ ﻧﺣو اﻟﺳﻌﺎدة ،أن ﻧﺑﺗﻌد ﻋن اﻟﻘﻠق واﻷوھﺎم و
اﻟﺗﺣرر ﻣن اﻟﺧوف و اﻟﻣوت ﻷﻧﮫ ﻟﯾس ﻣﺑﻧﯾﺎ إﻻ ﻋﻠﻰ ﺧراﻓﺎت و أﺳﺎطﯾر.ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﺑﯾﻘور ﻓﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﻌﺎدة رھﯾن
ﺑﺈﺷﺑﺎع اﻟﻠذات و ﻣﺎدام اﻹﻧﺳﺎن ﻋﺑﺎرة ﻋن روح و ﺟﺳد ﻓﯾﻧﺑﻐﻲ إﺷﺑﺎع اﻟﻠذات اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﺣﯾث ﯾﻧﻌم اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ
و اﻟﻠذات اﻟﺑدﻧﯾﺔ و ﯾﺗﺟﻧب اﻷﻟم ،ﻟذا ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ طﺎﻟب اﻟﺳﻌﺎدة أن ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻠذة ﻏﺎﯾﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،و أن ﻻ ﯾوﻟﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺷﯾﺋﺎ
آﺧر ،ﻣﺎ دام أن ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ ﻛﻔﯾل ﺑﺗﺟﻧﯾب اﻟﺟﺳم اﻷﻟم و اﻟﻧﻔس اﻻﺿطراب ،ﻋﻠﻰ أن اﻟﻠذات اﻟﻣﻘﺻودة ﻻ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺟﺳم
ﻓﻘط ،ﺑل إﻧﮭﺎ ﺗﺷﻣل اﻟﺟﺳم و اﻟﻧﻔس ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء،ﺣﯾث أن اﻟﺳﻌﺎدة ھﻲ أﺳﺎس اﻟﺣﯾﺎة و ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ،ﯾﻘول أﺑﯾﻘور"إن
اﻟﻠ ٌذٌ ة ھﻲٌ ﺑداﯾﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳٌﻌﯾدة وﻏﺎﯾﺗﮭﺎ " إن اﻟﻠذات ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭﺎ إﺑﻌﺎد اﻷﻟم و اﻹﺿطراب ﻋن اﻟﺟﺳم و
اﻟﻧﻔس.
ﺳﯿﻨﻜﺎ/اﻟﺴﻌﺎدة ھﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻷﺗﺮاﻛﺴﯿﺎ
116
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
إن اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺳﻌﯾد ﻋﻧد اﻟرواﻗﯾﯾن ﻋﻛس اﻷﺑﯾﻘورﯾﺔ ھو اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣرر ﻣن ﺳﻠطﺔ اﻟرﻏﺑﺎت واﻷﺣﺎﺳﯾس
وﻣطﺎﻟب اﻟﻌﺿوﯾﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ)اﻟﻐرﯾزة ﻣﺛﻼ( ،وھو ﻣﺎ ﯾﺣﻘق ﻟﻠﻣرء اﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ )اﻷﺗراﻛﺳﯾﺎ( اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﻧﺗﮭﻰ اﻟﺣﻛﻣﺔ
واﻟﺳﻌﺎدة ﻋﻧد اﻟرواﻗﯾﯾن ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن اﻟﺳﻌﯾد ﺣﺳب ﺳﯾﻧﻛﺎ ھو اﻟﻌﺎرف ﺑﺣﻘﯾﻘﺔ ذاﺗﮫ واﻟذي ﯾﺟﯾد اﺳﺗﺧدام ﻋﻘﻠﮫ ،وﯾوﺟﮫ
ﺣﯾﺎﺗﮫ ﺗوﺟﯾﮭﺎ أﺧﻼﻗﯾﺎ ﻣﺳﺗﻘﯾﻣﺎ ﻣﺗﺣررا ﻣن اﻟﺟﺳد ،ﻓﺄﺳﺎس اﻟﺳﻌﺎدة ﻋﻧد ﺳﯾﻧﻛﺎ ھو اﻟﻌﻘل اﻟﺳﻠﯾم ،ﻓﺎﻟﻣرء ﯾﻛون ﺳﻌﯾدا
ﻛﻠﻣﺎ أﺳﻧد ﺗدﺑﯾر ﺣﯾﺎﺗﮫ ووﺟوده ﻟﻠﻌﻘل وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﺳﯾﻧﻛﺎ "ﻧﻛون ﺳﻌداء إذا ﻗﺑﻠﻧﺎ ﺑﺣﺎﺿرﻧﺎ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن وإذا
أﺣﺑﺑﻧﺎ ﻣﺎ ﻧﺣن ﻋﻠﯾﮫ ،وﻧﻛون ﺳﻌداء أﺧﯾرا ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﺗرك ﻟﻠﻌﻘل ﻣﮭﻣﺔ ﺗدﺑﯾر ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑوﺟودﻧﺎ" وﯾﺿﯾف
ﺳﯾﻧﻛﺎ"إﻧﻧﺎ ﻧﺳﻣﻲ اﻹﻧﺳﺎن ﺳﻌﯾدا إذا ﻛﺎن ﻣدرﻛﺎ ﻟﺣﻘﯾﻘﺗﮫ وﻣﺗﺣررا ﻣن ﺳﯾطرة اﻟرﻏﺑﺎت واﻷﺣﺎﺳﯾس" ﻓﺎﻟﻣرء
اﻟﺧﺎﺿﻊ ﻷﺣﺎﺳﯾﺳﮫ ورﻏﺑﺎﺗﮫ ﻋﻧد ﺳﯾﻧﻛﺎ ھو ﺷﺑﯾﮫ ﺑﺎﻟﺑﮭﯾﻣﺔ إﻻ أن ﻣﺎ ﯾﻣﯾزھﺎ ﻋﻧﮫ ھو اﻓﺗﻘﺎرھﺎ ﻟﻠﻌﻘل وھو ﯾﻣﻠﻛﮫ
وﯾﺳﻲء اﺳﺗﺧداﻣﮫ.
اﻟﺘﺮﻛﯿﺐ ﻣﻊ داﻓﯿﺪ ھﯿﻮم :اﻟﺴﻌﺎدة ﯾﺘﻢ ﺗﺤﺼﯿﻠﮭﺎ ﺑﺘﮭﺬﯾﺐ اﻟﺬوق واﻟﺘﺮﺑﯿﺔ اﻟﺠﻤﺎﻟﯿﺔ
ﯾﺣﺎول اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻹﻧﺟﻠﯾزي داﻓﯾد ھﯾوم رﺳم طرﯾق ﻟﻠﺳﻌﺎدة ،طرﯾق ﻣﺧﺗﻠف ﻋن ﻣﺎ ﻗدم ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑق ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ
اﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﻔن ﺑﻣﺧﺗﻠف أﺷﻛﺎﻟﮫ ،و اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠق أذواق ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮭﺎ اﻹﺣﺳﺎس ﺑﮭذه اﻟﻔﻧون و اﻹﺳﺗﻣﺗﺎع ﺑﮭﺎ ،ﻓﻔﻲ
ھذه اﻟﺣﯾﺎة ﻻ ﺗوﺟد ﻓﻘط أﺳﺑﺎب اﻟﺷﻘﺎء ،ﺑل ھﻧﺎك ﻛذﻟك أﺳﺑﺎب اﻟﺳﻌﺎدة اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس اﻛﺗﺷﺎﻓﮭﺎ و اﻟﺗﻲ ﻣن
ﺑﯾﻧﮭﺎ ﺗﮭذﯾب أذواﻗﻧﺎ و أﺣﺎﺳﯾﺳﻧﺎ ﺣﯾث ﻧﺷﻌر ﺑﺎﻟﺳﻌﺎدة ﻣن وراء ذﻟك و ﻧﺗﺟﻧب اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺷﻘﺎء و ﻧﺧرج ﻣن ﻋواﻟﻣﻧﺎ
اﻟﺿﯾﻘﺔ ﻟﻧﻧﻌم ﺑﺂﻓﺎق أﻛﺛر ﺟﻣﺎﻻ و رﺣﺎﺑﺔ ،إن اﻹﻋﻼء ﻣن أذواﻗﻧﺎ اﻟﻔﻧﯾﺔ و أﺣﺎﺳﯾﺳﻧﺎ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ و اﻟرواﻗﯾﺔ ھو ﻣﺎ ﻣن
ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﻌزز ﺷﻌورﻧﺎ ﺑﺎﻟﺳﻌﺎدة و ﺗﻣﺛل اﻹﺑداع ﺑﻣﺧﺗﻠف أﻟواﻧﮫ و أﺷﻛﺎﻟﮫ ﺣﯾث ﯾﻘول داﻓﯾد ھﯾوم":ﻻﺷﻲء ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ
ﺷﻔﺎﺋﻧﺎ ﻣن رﻗﺔ اﻹﺣﺳﺎس أﻛﺛر ﻣن ﺗﮭذﯾب ذوﻗﻧﺎ ﻟﯾﻛون راﻗﯾﺎ ،وﯾؤھﻠﻧﺎ ﻟﻠﺣﻛم ﻋﻠﻰ طﺑﺎع اﻟﻧﺎس و ﻋﺑﻘرﯾﺗﮭم و ﻓﮭم
اﻷﻋﻣﺎل اﻷﻛﺛر ﻧﺑﻼ ".
117
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﺎ دام أن اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺳﻌﺎدة ھو ﺗﻔﻛﯾر ﻓردي ،و ﻣﺎ دﻣﻧﺎ ﻻزﻟﻧﺎ ﻟم ﻧﺻل إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺻﺑﺢ ﻓﻲ
إﻣﻛﺎﻧﻧﺎ ﻓﯾﮭﺎ أن ﻧﻔﻛر ﻓﻲ اﻟﺳﻌﺎدة ﺑﻣﻌﻧﺎھﺎ اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ،ﻷﻧﻧﺎ ﻻزﻟﻧﺎ ﻣﺣﻛوﻣﯾن ﺑﻧزﻋﺎﺗﻧﺎ اﻷﻧﺎﻧﯾﺔ و اﻟﻔرداﻧﯾﺔ ﺣﯾث ﻻ ﺗﻔﻛر
اﻟذات إﻻ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ،ھذا اﻟﻧﻣط ﻣن اﻟوﻋﻲ و اﻟﺗﻔﻛﯾر ﯾﻌﻣﯾﻧﺎ ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﻌﺎدة ﻣن
دوﻧﮭﺎ ،و ھﻲ أن اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﺋن اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﯾﻧﺳﺞ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻊ ﺑﻧﻲ ﺟﻧﺳﮫ وھو ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣﯾﺎ اﻟﺳﻌﺎدة إﻻ ﻓﻲ وﺳط
اﻵﺧرﯾن وداﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و اﻟدوﻟﺔ و اﻷﺧﻼق اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎول ﺗﻘوﯾم اﻹﻋوﺟﺎج اﻟذي ﯾﺣف اﻟﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻟﯾﺄﺧذ ﻓﻲ
ﻋﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟذات و اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت و ھﻧﺎ ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋن اﻟﺳﻌﺎدة ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟواﺟب:ﻓﻣﺎ
اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﻌﺎدة و اﻟواﺟب؟ ھل ھﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﺗﺻﺎل أم اﻧﻔﺻﺎل؟ ھل اﻟﺳﻌﺎدة واﺟب ﻓردي أم ﺟﻣﺎﻋﻲ؟ ھل
اﻟﺳﻌﺎدة ھﻲ ﺑﺎﻷﺳﺎس واﺟب ﻋﻣﻠﻲ و أﺧﻼﻗﻲ؟ ھل ﯾﻣﻛن أن ﺗﺣظﻰ اﻟﺳﻌﺎدة ﺑﻘﯾﻣﺔ ﺟﯾدة ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﯾﺧل ﻓﯾﮫ
طﺎﻟﺑﮭﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون و اﻷﺧﻼق اﻟﻌﺎﻣﺔ ؟
إﯾﻤﺎﻧﻮﯾﻞ ﻛﺎﻧﻂ/اﻟﺴﻌﺎدة ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ اﻷﺧﻼﻗﻲ وﺑﺎﻻﻟﺘﺰام ﺑﻤﺎ ﯾﻤﻠﯿﮫ اﻟﻌﻘﻞ اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻌﻤﻠﻲ واﻹرادة اﻟﻄﯿﺒﺔ
واﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ
ﯾؤﻛد ﻛﺎﻧط أن اﻟﺳﻌﻲ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﻌﺎدة ،ﺑﻣﺎ ھو ﺳﻌﻲ ﻓردي ،ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﻣﺳﺗﻘﻼ و ﻣﺗﺟﺎھﻼ ﻟﻸﻣر
اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻣطﻠق ،ﻣﺎ دام أﻧﮫ أﻣر ﻋﺎم و ﻛوﻧﻲ ،ﯾﺳﺗوﺟب ﻣن أي ﻛﺎن اﻟﺧﺿوع و اﻻﻣﺗﺛﺎل ﻟﮫ ،اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻧداء اﻟﻌﻘل
اﻟﻌﻣﻠﻲ و اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻣﺣض ،ﯾﻘول ﻛﺎﻧط :ھﻧﺎك ﻗﺎﻧون ﻟﻠﻔﻌل ،و أن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟذاﺗﯾﺔ ﻟﻸﻓﻌﺎل ،أي اﻟﻣﺳﻠﻣﺎت ،ﯾﻧﺑﻐﻲ
داﺋﻣﺎ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ھذا اﻟﻘﺎﻧون أن ﺗؤﺧد ،ﺑﺣﯾث ﺗﻛون ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻛذﻟك ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،أي ﺗﺻﻠﺢ ﻷن ﺗﻛون
ﻣﺑﺎدئ ﻛﻠﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،و ﻣن ﺗﻣﺔ ﺗﺷرﯾﻌﺎ ﺷﺎﻣﻼ ﻣن أﻧﻔﺳﻧﺎ " .إن اﻟﺳﻌﺎدة ﻋﻧد إﯾﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ﻻﯾﻣﻛن ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ ﻓﻲ
ﻏﯾﺎب اﻹﻟزام اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺗﺟﺎه اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻔرد اﻟذي ﯾﺳﻌﻰ ﻷن ﯾﻛون ﺳﻌﯾدا ﻣﺗﻧﺻﻼ ﻣن اﻟواﺟﺑﺎت اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﺳﯾﻛون
ﻛﻣن ﯾﻌﺎﻣل اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﺧﺻﮫ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ ﻟذﻟك ﻓﺎﻷﻧﺎﻧﯾﺔ ﻻﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﺳﻌداء ﻷﻧﮭﺎ
ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﻣﺳﺗﻐرﻗﯾن ﻓﻲ ذواﺗﻧﺎ دون أن ﻧﻔﻛر ﻓﻲ واﺟﺑﺎﺗﻧﺎ ﺗﺟﺎه اﻵﺧرﯾن.
ﺑرﺗراﻧد راﺳل/اﻟﺳﻌﺎدة ھﻲ اھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻵﺧرﯾن وإﺣﺳﺎس ذاﺋم ﺑﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮭم
ﯾؤﻛد راﺳل ،أن ﻧﯾل اﻟﺳﻌﺎدة ﻻ ﯾﺗم ﻋن طرﯾق اﻟﺑﺣث ﻋن ﻓرص اﻟﻠذة أو اﻟﻣﺗﻊ ،و إﻧﻣﺎ ﻋﺑر اﻹھﺗﻣﺎم
ﺑﺎﻵﺧرﯾن ،و ذﻟك ﻋن طرﯾق اﻟﺳﻌﻲ ﻧﺣو ﻧﯾل رﺿﺎھم و ﺣﺑﮭم ،ﺑﺎﻟﺗﻘرب ﻣﻧﮭم و اﻟﺗﻌﺎطف ﻣﻌﮭم ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ
ﯾﻛوﻧون ﻓﯾﮭﺎ أﺣوج إﻟﻰ ذﻟك ،ﺷرﯾطﺔ أﻻ ﯾﻛون ذﻟك ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟذات أو ﻓوق طﺎﻗﺗﮭﺎ .ﯾﻘول راﺳل ":إن اﻟﺳﻌﺎدة
اﻷﺻﻠﯾﺔ ،أي اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ،ﺗﻌﺗﻣد أﻛﺛر ﻣن أي ﺷﻲء آﺧر ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻹھﺗﻣﺎم اﻟودي ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص و اﻷﺷﯾﺎء
".
اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻣﺣور
ﻻ ﯾﻌﯾش اﻹﻧﺳﺎن داﺧل ﻋﺎﻟم ﻣﻧﻌزل ،وﻻ ﯾﺣﯾﺎ و ﯾﺳﺗﻣر ﺑﻌﯾدا ﻋن اﻵﺧرﯾن ،ﺑل إن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﺑد ﯾﺟد ﻧﻔﺳﮫ
ﻣﻧﺧرطﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﻠزﻣﺎ ﺑواﺟﺑﺎﺗﮭﺎ ،ﻣﺿطرا ﻟﻛﻲ ﯾﺄﺧذھﺎ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻓﻲ ﺣرﻛﺎﺗﮫ و ﺳﻛﻧﺎﺗﮫ ،و اﻟﺳﻌﻲ ﻧﺣو
اﻟﺳﻌﺎدة ﻻ ﺑد أﻧﮫ ﯾﺟب أن ﯾوﺿﻊ ﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق ،ﻓﻼ ﺗوﺟد ﺳﻌﺎدة ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻔردي و إﻧﻣﺎ ھﻧﺎك ﺳﻌﺎدة ﺑﻣﻌﻧﻰ
اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﺋﻧﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ،إن اﻟﺳﻌﺎدة ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﺣﻘق و أﻧﺎ أﻧﻌم ﺑﻌﯾدا ﻋن اﻵﺧرﯾن و اﻷﻏﯾﺎر و
إﻧﻣﺎ اﻟﺳﻌﺎدة ھﻲ ﻓﻲ اﻹﻧﺧراط و اﻟﺗﻌﺎون و اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟواﺟب ،ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﮭذه ھﻲ اﻟﺳﻌﺎدة اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ،
وھو ﻣﺎ ﻋﺑر ﻋﻧﮫ واﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،ﻓﻛﺎﻧط ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﻔﻌل اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره واﺟﺑﺎ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﺎﻧون ﻛوﻧﻲ آﺧدا ﻓﯾﮫ
118
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﻣﻌﺎء ﻣﺎ داﻣت ﺻﻔﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻧﺷﺗرك ﻓﯾﮭﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ،و ھو ﻣﺎ ﻋﺑر ﻋﻧﮫ ﺑﺷﻛل أو ﺑﺂﺧر راﺳل
و ﻏﯾره.
119
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻤﻨﮭﺠﯿﺔ
اﻟﻨﺺ/اﻟﻘﻮﻟﺔ/اﻟﺴﺆال اﻹﺷﻜﺎﻟﻲ
120
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
وﻻ ﯾﻔﻮﺗﻨﻲ أن أﺧﺒﺮ زﻣﻼﺋﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﯿﻦ واﻟﺘﻼﻣﯿﺬ اﻟﺬﯾﻦ ﺳﯿﻄﻠﻌﻮن ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻤﻨﮭﺠﯿﺔ أﻧﻨﺎ
ﻧﻌﻲ وﻋﯿﺎ ﺗﺎﻣﺎ أن اﻟﻤﻨﮭﺠﯿﺎت اﻟﺠﺎھﺰة ﯾﻤﻜﻨﮭﺎ أن ﺗﺴﻘﻄﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻄﯿﺔ ﻟﻜﻦ وﻧﺤﻦ ﻧﻘﺮ أﻧﻨﺎ ﻧﻘﺪم ھﺬه اﻷطﺮ
ﻓﻘﻂ ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮن أن ﯾﻜﺘﺒﻮا إﻧﺸﺎءات ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ ﺟﯿﺪة ﻟﯿﺲ ﻟﻐﯿﺎب اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻟﺪﯾﮭﻢ ﺑﻞ ﻟﻐﯿﺎب
اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺑﻂ ﺑﯿﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ وﻟﺤﻈﺎﺗﮭﺎ اﻟﻜﺒﺮى -اﻟﻔﮭﻢ واﻟﺘﺤﻠﯿﻞ واﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ واﻟﺘﺮﻛﯿﺐ-
.وﻣﻦ ﺟﮭﺔ أﺧﺮى رﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﮭﺎم ﻓﻲ ﻗﻄﻊ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺎر اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺼﻮرن اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ
اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ ﻟﻠﺘﻠﻤﯿﺬ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺻﻨﺪوق ﺑﻨﺪورا وأﻧﮭﻢ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﻠﺠﺆون إﻟﯿﮭﻢ ﺳﯿﻘﺪﻣﻮن إﻟﯿﮭﻢ ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻨﮭﻢ ﻣﻦ اﺟﺘﯿﺎز
اﻻﻣﺘﺤﺎن ﻓﻲ ظﺮف وﺟﯿﺰ.
121
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
122
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
123
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
124
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻠﺤﻖ رﻗﻢ ) (1ﻟﻼﺷﺘﻐﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ )ﻋﺰﯾﺰي اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﯾﺴﺘﺤﺴﻦ أن ﺗﺒﺪع ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ وھﺬا اﻟﻤﻠﺤﻖ ﻓﻘﻂ ﻟﻤﻦ
ﺗﻌﻮزه اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ(
ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﯿﻠﻨﺎ ﻟﻠﻨﺺ ﻧﻼﺣﻆ أن ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺘﮫ ﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ )اﻟﺪوﻟﺔ أو اﻟﻌﺪاﻟﺔ أو اﻟﻌﻨﻒ (...ﻗﺪ ﻧﻈﺮ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﺗﻘﻮم
ﻋﻠﻰ )ﻣﻀﻤﻮن ﻣﺎ ﻗﻤﺖ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﺷﺪﯾﺪ( ،وﻣﺎدام ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ھﻮ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺎت اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ واﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ
اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ ﻓﺄﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻷﺟﺪى أن ﻧﺘﺴﺎءل ﺣﻮل ﻣﺎ ھﻲ ﺣﺪود ھﺬا اﻟﺘﺼﻮر وﻗﯿﻤﺘﮫ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﺗﺼﻮرات
ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ أﺧﺮى؟
.2ﻣﻄﻠﺐ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ
ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻧﻌﻮد إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻧﺠﺪ أن إﺷﻜﺎﻟﯿﺔ )اﻟﺪوﻟﺔ أم اﻟﻌﺪاﻟﺔ أم (...ﺳﺒﻖ وﻗﺎرﺑﮭﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮭﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف )اﺳﻢ
اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف( اﻟﺬي أﻛﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺳﯿﺎق ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮر ﻣﻔﺎده أن ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أو اﻟﺸﺨﺺ أو ،(...ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻣﻮﻗﻔﺎ أﺧﺮ
ﻟﻠﻔﯿﻠﺴﻮف )اﺳﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف ( ﯾﻄﺮح ﺗﺼﻮرا آﺧﺮ ﺣﻮل ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أم اﻟﻌﺪاﻟﺔ آم (...وﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره )ﻣﻀﻤﻮن اﻟﻤﻮﻗﻒ(.
ﻣﻄﻠﺐ اﻟﺘﺮﻛﯿﺐ )ھﺬه ﺻﯿﻐﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻮظﯿﻔﮭﺎ ﻓﻲ أي ﻣﻮﺿﻮع إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﯾﻚ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﺑﺪاع ﺗﺮﻛﯿﺐ ﺧﺎص( .III
ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﯿﻠﻨﺎ وﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻨﺎ ﻟﻸطﺮوﺣﺔ اﻟﺘﻲ داﻓﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﺺ ھﻮ أن إﺷﻜﺎﻟﯿﺔ )اﻟﺪوﻟﺔ أم اﻟﻌﺪاﻟﺔ
أم (...ﺗﻈﻞ ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻹﺷﻜﺎﻻت اﻟﺮاھﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﺗﻤﺴﮫ ﻓﻲ ﺻﻤﯿﻤﯿﺘﮫ وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻔﺮض ﻋﻠﯿﻨﺎ إﻋﺎدة
اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ واﻻﺧﺘﺰاﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻤﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أم اﻟﻌﺪاﻟﺔ (...ﻣﻦ زاوﯾﺔ واﺣﺪة ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن ﻣﺎ
ﯾﺆﺳﺲ اﻟﺤﯿﺎة واﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺒﺸﺮي ھﻮ اﻻﺧﺘﻼف واﻟﺘﻨﻮع ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮرات واﻷﺑﻌﺎد وﻟﯿﺲ اﻟﻮﺣﺪة واﻻﺧﺘﺰاﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺻﻤﯿﻢ اﻟﻔﻜﺮ
اﻟﻤﯿﺘﺎﻓﺰﯾﻘﻲ وھﻮ ﻣﺎ ﺗﺠﺎوزﺗﮫ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻣﺎﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ.
125
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻠﺤﻖ رﻗﻢ ) (2ﻟﻼﺷﺘﻐﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮﻟﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ )ﻋﺰﯾﺰي اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﯾﺴﺘﺤﺴﻦ أن ﺗﺒﺪع ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ وھﺬا اﻟﻤﻠﺤﻖ ﻓﻘﻂ ﻟﻤﻦ ﺗﻌﻮزه اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ(
ﻗﺎم ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺎت اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ وھﻮ ﻣﺎ أﺿﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﻌﺪا اﺳﺘﺸﻜﺎﻟﯿﺎ وﻧﺴﺒﯿﺎ،وﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﻔﮭﻮم )ھﻨﺎ
ﺗﻜﺘﺒﯿﻦ اﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻟﺠﮫ اﻟﻘﻮﻟﺔ( ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎول اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﻨﺎء ﺗﺼﻮرات ﺣﻮﻟﮭﺎ ،وﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل
أن ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﺸﺨﺺ او اﻟﻌﺪاﻟﺔ او اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ (....ﯾﻨﺪرج ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﺿﻤﻦ ﻣﺠﺰوءة)اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺒﺸﺮي/اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ/اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ/اﻷﺧﻼق(
واﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎرب)ﺷﺮح ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻤﺠﺰوءة( وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق ﺳﻨﻌﺎﻟﺞ اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ ﺿﻤﻦ اﻟﻤﺤﻮر اﻟﺬي ﯾﺘﻨﺎول ﻣﻔﮭﻮم )اﻛﺘﺐ اﻟﻤﻔﮭﻮم
ھﻨﺎ(؟ وﺑﻨﺎءا ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ ﺻﯿﺎﻏﺔ اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ ﻓﻲ اﻹﺷﻜﺎل اﻟﺘﺎﻟﻲ )أﻛﺘﺐ اﻹﺷﻜﺎل اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻟﻠﻨﺺ(؟ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ﻣﺎھﻲ
اﻷطﺮوﺣﺔ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺪاﻓﻊ ﻋﻨﮭﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﻮﻟﺔ؟ وﻣﺎھﻲ ﺣﺪودھﺎ وﻗﯿﻤﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﺗﺼﻮرات ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ؟
اﻟﻌﺮض: .II
.1ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ )ﺗﺤﺪﯾﺪ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ واﺳﺘﺨﺮاج اﻷطﺮوﺣﺔ واﻟﻤﺤﺎﺟﺠﺔ(
ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ ﺗﺤﻠﯿﻞ ھﺬه اﻟﻘﻮﻟﺔ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ أھﻢ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻨﮭﺎ ،ﺣﯿﺚ ﻧﺠﺪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﻮﻟﺔ ﻗﺪ أﺳﺲ أطﺮﺣﺘﮫ
ﻋﻠﻰ ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أو اﻟﺸﺨﺺ أو اﻟﻐﯿﺮ أو اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ( ...واﻟﺬي ﯾﺤﯿﻞ ﺣﺴﺐ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ) ﺗﻘﻮﻣﯿﻦ ﺑﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﻤﻔﮭﻮم ﺣﺴﺐ دﻻﻟﺘﮫ
اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻠﻐﻮﯾﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ( ﻛﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻣﻔﮭﻮﻣﺎ آﺧﺮ وھﻮ ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﻘﯿﻤﺔ/اﻟﺤﺮﯾﺔ/اﻟﻌﺪاﻟﺔ( واﻟﺬي ﯾﺤﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ ﻓﻲ ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب
ﻵﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻋﻠﻰ )ﺗﺤﺪﯾﺪ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ( ﺑﯿﻨﻤﺎ ﯾﻌﺮف ﻓﻠﺴﻔﯿﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﻌﺠﻢ ﻻﻻﻧﺪ ب)ﺗﻜﺘﺐ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻟﻠﻤﻔﮭﻮم( ،واﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﯿﺔ
اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﯿﺔ ﯾﺘﻀﺢ أن ﻣﻀﻤﻮن اﻟﻘﻮﻟﺔ ﯾﺤﯿﻞ ﻋﻠﻰ أطﺮوﺣﺔ ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻠﻰ أن)ﺗﻜﺘﺐ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺬي ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻨﮫ اﻟﻘﻮﻟﺔ( وھﻜﺬا ﯾﺘﻀﺢ أن ﻣﻨﻄﻮق
اﻟﻘﻮﻟﺔ ﯾﺬھﺐ ﺑﺼﺪد ﺗﺼﻮره ﻟﻤﻔﮭﻮم )ھﻨﺎ ﺗﻜﺘﺐ اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻟﺠﮭﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻐﯿﺮ أو اﻟﺤﺮﯾﺔ أو اﻟﻌﺪاﻟﺔ( إﻟﻰ أن )ھﻨﺎ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺗﻚ
اﻟﻤﻌﺮﻓﯿﺔ أو ﺗﺴﺘﺤﻀﺮ ﺗﺼﻮرا ﻓﻠﺴﻔﯿﺎ آﺧﺮ ﯾﻨﺤﻮ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻻﺗﺠﺎه دون أن ﺗﺬﻛﺮ ﺻﺎﺣﺒﮫ وﻛﺄﻧﮫ ﺗﺤﻠﯿﻠﻚ وﺗﻮﺿﯿﺤﻚ اﻟﺨﺎص ﻟﻤﻀﻤﻮن
اﻟﻘﻮﻟﺔ(.واﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ روح اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺧﻄﺎﺑﺎ ﺣﺠﺎﺟﯿﺎ ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺪﻋﯿﻢ ھﺬه اﻟﻘﻮﻟﺔ اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﻌﯿﺶ ﺣﯿﺚ
ﻧﺠﺪ أن ) ﺗﻜﺘﺐ ﻣﺜﺎﻻ ﯾﺪﻋﻢ أطﺮوﺣﺔ اﻟﻘﻮﻟﺔ ﻣﺜﻼ ﯾﺒﯿﻦ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﻐﯿﺮ او اﻟﺤﺮﯾﺔ او اﻟﻌﺪاﻟﺔ او اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ .....ﺣﺴﺐ
ﻣﻀﻤﻮن اﻟﻘﻮﻟﺔ( ،وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﯿﺎق ﻧﺴﺘﺤﻀﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف )ﺗﻜﺘﺐ اﺳﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف وﻗﻮﻟﺘﮫ ﺣﺮﻓﯿﺎ وھﺬه ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺣﺠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ وﺗﻀﻌﮭﺎ
ﺑﯿﻦ ﻣﺰدوﺟﺘﯿﻦ ،(...إن ﻣﺎ ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻨﮫ اﻟﻘﻮﻟﺔ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻤﺤﺎﺟﺠﺔ ﻋﻠﯿﮫ ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ اﺳﺘﻨﺎدا إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ أو ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﺑﮫ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف )اﺳﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف
اﻟﺬي ﻛﺘﺒﺖ ﻗﻮﻟﺘﮫ( ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرب )ﺗﺤﺪد ھﻨﺎ طﺒﯿﻌﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ھﻞ ھﻲ ﻋﻠﻤﯿﺔ أو ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ أو ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﺣﺴﺐ ﺳﯿﺎق
اﻟﻘﻮﻟﺔ (...ﻧﺠﺪ أن )أﻛﺘﺐ ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻀﺮھﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺟﺠﺘﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮﻟﺔ ووﺿﺤﮭﺎ(.
اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ /ﻣﻠﺤﻮظﺔ ﻣﮭﻤﺔ ﺟﺪا )ﻗﺒﻞ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﮭﺬا اﻟﺴﺆال اﻟﺠﺴﺮ اﻟﺬي ﯾﺮﺑﻂ ﺑﯿﻦ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ واﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ(
ﯾﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﯿﻠﻨﺎ ﻟﻤﻀﻤﻮن اﻟﻘﻮﻟﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ أن ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺘﮫ ﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ )اﻟﺪوﻟﺔ او اﻟﻌﺪاﻟﺔ او اﻟﻌﻨﻒ (...ﻗﺪ ﻧﻈﺮ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ
ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ )ﻣﻀﻤﻮن ﻣﺎ ﻗﻤﺖ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﺷﺪﯾﺪ ﻓﻲ اﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻄﺮ( ،وﻣﺎدام ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ھﻮ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺎت اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ واﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ
اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ ﻓﺄﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻷﺟﺪى أن ﻧﺘﺴﺎءل ﺣﻮل ﻣﺎ ھﻲ ﺣﺪود ھﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﺗﺼﻮرات ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ أﺧﺮى؟ وإﻟﻰ أي ﺣﺪ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﻔﺎق
ﻣﻊ أطﺮوﺣﺔ اﻟﻘﻮﻟﺔ أو اﻻﺧﺘﻼف ﻣﻌﮭﺎ إﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺗﺼﻮرات ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ أﺧﺮى؟
.2ﻣﻄﻠﺐ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ
ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻧﻌﻮد إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻧﺠﺪ أن إﺷﻜﺎﻟﯿﺔ )اﻟﺪوﻟﺔ ام اﻟﻌﺪاﻟﺔ أم (...ﺳﺒﻖ وﻗﺎرﺑﮭﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮭﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف )اﺳﻢ
اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف( اﻟﺬي أﻛﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺳﯿﺎق ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮر ﻣﻔﺎده أن ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أو اﻟﺸﺨﺺ أو (...ﯾﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس )ﺗﻜﺘﺐ ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺘﺼﻮر
اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ( ،ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻣﻮﻗﻔﺎ آﺧﺮ ﻟﻠﻔﯿﻠﺴﻮف)اﺳﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف( ﯾﻄﺮح ﺗﺼﻮرا آﺧﺮ ﺣﻮل ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أم اﻟﻌﺪاﻟﺔ آم اﻟﺸﺨﺺ( وﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره
)ﻣﻀﻤﻮن اﻟﻤﻮﻗﻒ(.
ﻣﻄﻠﺐ اﻟﺘﺮﻛﯿﺐ)ھﺬه ﺻﯿﻐﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻮظﯿﻔﮭﺎ ﻓﻲ أي ﻣﻮﺿﻮع إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﯾﻚ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﺑﺪاع ﺗﺮﻛﯿﺐ ﺧﺎص( .III
ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﯿﻠﻨﺎ وﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻨﺎ ﻟﻸطﺮوﺣﺔ اﻟﺘﻲ داﻓﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻮﻟﺔ ھﻮ أن إﺷﻜﺎﻟﯿﺔ )اﻟﺪوﻟﺔ أم (...ﺗﻈﻞ ﻣﻦ ﺑﯿﻦ
اﻹﺷﻜﺎﻻت اﻟﺮاھﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﺗﻤﺴﮫ ﻓﻲ ﺻﻤﯿﻤﯿﺘﮫ وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻔﺮض ﻋﻠﯿﻨﺎ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ
اﻻﺧﺘﺰاﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻤﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أم (...ﻣﻦ زاوﯾﺔ واﺣﺪة ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن ﻣﺎ ﯾﺆﺳﺲ اﻟﺤﯿﺎة واﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺒﺸﺮي ھﻮ اﻹﺧﺘﻼف واﻟﺘﻨﻮع ﻓﻲ
اﻟﺘﺼﻮرات واﻷﺑﻌﺎد وﻟﯿﺲ اﻟﻮﺣﺪة واﻻﺧﺘﺰاﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺻﻤﯿﻢ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﯿﺘﺎﻓﺰﯾﻘﻲ وھﻮ ﻣﺎ ﺗﺠﺎوزﺗﮫ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻣﺎﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ.
126
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
ﻣﻠﺤﻖ رﻗﻢ ) (3ﻟﻼﺷﺘﻐﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺆال اﻹﺷﻜﺎﻟﻲ )ﻋﺰﯾﺰي اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﯾﺴﺘﺤﺴﻦ أن ﺗﺒﺪع ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ وھﺬا اﻟﻤﻠﺤﻖ ﻓﻘﻂ ﻟﻤﻦ ﺗﻌﻮزه اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ
ذﻟﻚ(
ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻔﮭﻢ أو اﻟﺘﺄطﯿﺮ اﻹﺷﻜﺎﻟﻲ: .III
ﻗﺎم ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺎت اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ وھﻮ ﻣﺎ أﺿﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﻌﺪا اﺳﺘﺸﻜﺎﻟﯿﺎ وﻧﺴﺒﯿﺎ ،وﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﻔﮭﻮم )ھﻨﺎ ﺗﻜﺘﺒﯿﻦ
اﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻟﺠﮫ اﻟﻘﻮﻟﺔ( ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎول اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺑﻨﺎء ﺗﺼﻮرات ﺣﻮﻟﮭﺎ ،وﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل أن ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﺸﺨﺺ
أو اﻟﻌﺪاﻟﺔ أو اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ (....ﯾﻨﺪرج ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﺿﻤﻦ ﻣﺠﺰوءة)اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺒﺸﺮي/اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ/اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ/اﻷﺧﻼق(واﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎرب)ﺷﺮح ﻣﻮﺿﻮع
اﻟﻤﺠﺰوءة( وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق ﺳﻨﻌﺎﻟﺞ اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺆال اﻟﻤﻔﺘﻮح ﺿﻤﻦ اﻟﻤﺤﻮر اﻟﺬي ﯾﺘﻨﺎول ﻣﻔﮭﻮم )اﻛﺘﺐ اﻟﻤﻔﮭﻮم ھﻨﺎ(؟ وﺑﻨﺎءا ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ
ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ ﺻﯿﺎﻏﺔ اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ ﻓﻲ اﻹﺷﻜﺎل اﻟﺘﺎﻟﻲ) :أﻛﺘﺐ اﻹﺷﻜﺎل اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻟﻠﻨﺺ(؟ ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ﻣﺎھﻲ اﻷطﺮوﺣﺔ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺪاﻓﻊ
ﻋﻨﮭﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﻮﻟﺔ؟ وﻣﺎھﻲ ﺣﺪودھﺎ وﻗﯿﻤﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﺗﺼﻮرات ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ؟
اﻟﻌﺮض: .IV
.3ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ )ﺗﺤﺪﯾﺪ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ واﺳﺘﺨﺮاج اﻷطﺮوﺣﺔ واﻟﻤﺤﺎﺟﺠﺔ(
ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ ﺗﺤﻠﯿﻞ وﺗﻔﻜﯿﻚ ﺑﻨﯿﺔ ھﺬا اﻟﺴﺆال ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ أھﻢ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻨﮭﺎ ،ﺣﯿﺚ ﻧﺠﺪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﺆال ﻗﺪ أﺳﺲ أطﺮﺣﺘﮫ
ﻋﻠﻰ ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أو اﻟﺸﺨﺺ أو اﻟﻐﯿﺮ أو اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ( ...واﻟﺬي ﯾﺤﯿﻞ ﻋﻠﻰ ) ﺗﻘﻮﻣﯿﻦ ﺑﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﻤﻔﮭﻮم ﺣﺴﺐ دﻻﻟﺘﮫ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻠﻐﻮﯾﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ( ﻛﻤﺎ
ﻧﺠﺪ ﻣﻔﮭﻮﻣﺎ آﺧﺮ وھﻮ ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﻘﯿﻤﺔ/اﻟﺤﺮﯾﺔ/اﻟﻌﺪاﻟﺔ( واﻟﺬي ﯾﺤﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ ﻓﻲ ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ﻵﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻋﻠﻰ )ﺗﺤﺪﯾﺪ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ( ﺑﯿﻨﻤﺎ
ﯾﻌﺮف ﻓﻠﺴﻔﯿﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﻌﺠﻢ ﻻﻻﻧﺪ ب)ﺗﻜﺘﺐ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻟﻠﻤﻔﮭﻮم( ،واﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﯿﺔ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻤﯿﺔ ﯾﺘﻀﺢ أن ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺴﺆال ﯾﺤﯿﻞ ﻋﻠﻰ أطﺮوﺣﺔ
ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻠﻰ أن)ﺗﻜﺘﺐ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺬي ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻨﮫ اﻟﻘﻮﻟﺔ( وھﻜﺬا ﯾﺘﻀﺢ أن ﻣﻨﻄﻮق اﻟﺴﺆال ﯾﺬھﺐ ﺑﺼﺪد ﺗﺼﻮره ﻟﻤﻔﮭﻮم )ھﻨﺎ ﺗﻜﺘﺐ اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻟﺠﮭﺎ
ﻣﺜﻞ اﻟﻐﯿﺮ أو اﻟﺤﺮﯾﺔ أو اﻟﻌﺪاﻟﺔ( إﻟﻰ أن )ھﻨﺎ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺗﻚ اﻟﻤﻌﺮﻓﯿﺔ أو ﺗﺴﺘﺤﻀﺮ ﺗﺼﻮرا ﻓﻠﺴﻔﯿﺎ آﺧﺮ ﯾﻨﺤﻮ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻻﺗﺠﺎه دون أن ﺗﺬﻛﺮ
ﺻﺎﺣﺒﮫ أو أذﻛﺮه إن ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺄﻛﺪا ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻮر وﻛﺄﻧﮫ ﺗﺤﻠﯿﻠﻚ وﺗﻮﺿﯿﺤﻚ اﻟﺨﺎص ﻟﻤﻀﻤﻮن اﻟﺴﺆال(.واﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ روح اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره
ﺧﻄﺎﺑﺎ ﺣﺠﺎﺟﯿﺎ ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺪﻋﯿﻢ أطﺮوﺣﺔ ھﺬا اﻟﺴﺆال اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﻌﯿﺶ ﺣﯿﺚ ﻧﺠﺪ أن ) ﺗﻜﺘﺐ ﻣﺜﺎﻻ ﯾﺪﻋﻢ أطﺮوﺣﺔ اﻟﺴﺆال ﻣﺜﻼ ﯾﺒﯿﻦ
ﻗﯿﻤﺔ اﻟﻐﯿﺮ أو اﻟﺤﺮﯾﺔ أو اﻟﻌﺪاﻟﺔ أو اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ .....ﺣﺴﺐ ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺴﺆال( ،وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﯿﺎق ﻧﺴﺘﺤﻀﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف
)ﺗﻜﺘﺐ اﺳﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف وﻗﻮﻟﺘﮫ ﺣﺮﻓﯿﺎ وھﺬه ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺣﺠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ وﺗﻀﻌﮭﺎ ﺑﯿﻦ ﻣﺰدوﺟﺘﯿﻦ ،(...إن ﻣﺎ ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻨﮫ اﻷطﺮوﺣﺔ اﻟﻀﻤﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺆال ﯾﻤﻜﻦ
اﻟﻤﺤﺎﺟﺠﺔ ﻋﻠﯿﮫ ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ اﺳﺘﻨﺎدا إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ أو ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﺑﮫ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف )اﺳﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف اﻟﺬي ﻛﺘﺒﺖ ﻗﻮﻟﺘﮫ( ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرب )ﺗﺤﺪد
ھﻨﺎ طﺒﯿﻌﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ھﻞ ھﻲ ﻋﻠﻤﯿﺔ أو ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ أو ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ...ﺣﺴﺐ ﺳﯿﺎق اﻟﺴﺆال( ﻧﺠﺪ أن )أﻛﺘﺐ ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻀﺮھﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺟﺠﺘﻚ
ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺆال ووﺿﺤﮭﺎ(.
اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ /ﻣﻠﺤﻮظﺔ ﻣﮭﻤﺔ ﺟﺪا )ﻗﺒﻞ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﮭﺬا اﻟﺴﺆال اﻟﺠﺴﺮ اﻟﺬي ﯾﺮﺑﻂ ﺑﯿﻦ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ واﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ(
ﯾﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﯿﻠﻨﺎ ﻟﻤﻀﻤﻮن اﻟﺴﺆال اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ أن ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺘﮫ ﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ )اﻟﺪوﻟﺔ أو اﻟﻌﺪاﻟﺔ أو اﻟﻌﻨﻒ (...ﻗﺪ ﻧﻈﺮ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ
ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ )ﻣﻀﻤﻮن ﻣﺎ ﻗﻤﺖ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﺷﺪﯾﺪ ﻓﻲ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻄﺮ( ،وﻣﺎدام ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ھﻮ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺎت اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ واﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ
اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ ﻓﺄﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻷﺟﺪى أن ﻧﺘﺴﺎءل ﺣﻮل ﻣﺎ ھﻲ ﺣﺪود ھﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﺗﺼﻮرات ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ أﺧﺮى؟ وإﻟﻰ أي ﺣﺪ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﺗﻔﺎق
ﻣﻊ أطﺮوﺣﺔ اﻟﻘﻮﻟﺔ أو اﻻﺧﺘﻼف ﻣﻌﮭﺎ إﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺗﺼﻮرات ﻓﻠﺴﻔﯿﺔ أﺧﺮى؟
.4ﻣﻄﻠﺐ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ)ھﻨﺎك ﻧﻤﻮذج واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺆال اﻹﺷﻜﺎﻟﻲ وھﻮ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻧﺴﺘﺤﻀﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻘﻂ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻨﻘﯿﻀﺔ
واﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻊ اﻷطﺮوﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﻨﺎھﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ(
ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻧﻌﻮد إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻧﺠﺪ أن إﺷﻜﺎﻟﯿﺔ )اﻟﺪوﻟﺔ أم اﻟﻌﺪاﻟﺔ أم (...ﺳﺒﻖ وﻗﺎرﺑﮭﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮭﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف )اﺳﻢ
اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف( اﻟﺬي طﺮح ﺗﺼﻮرا ﯾﺨﺘﻠﻒ ﺟﺬرﯾﺎ ﻣﻊ اﻷطﺮوﺣﺔ اﻟﻤﺘﻀﻤﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺆال وﻣﻔﺎده أن ﻣﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أو اﻟﺸﺨﺺ أو (...ﯾﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
)ﺗﻜﺘﺐ ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺎﻟﻨﻘﯿﺾ( ،وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻌﺰزه اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف)اﺳﻢ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف(اﻟﺬي أﻛﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻻﺗﺠﺎه أن )اﻟﺪوﻟﺔ أم اﻟﻌﺪاﻟﺔ آم اﻟﺸﺨﺺ(ﺗﻘﻮم
ﻋﻠﻰ )ﻣﻀﻤﻮن اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻨﻘﯿﺾ اﻟﺜﺎﻧﻲ(.
ﻣﻄﻠﺐ اﻟﺘﺮﻛﯿﺐ)ھﺬه ﺻﯿﻐﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻮظﯿﻔﮭﺎ ﻓﻲ أي ﻣﻮﺿﻮع إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﯾﻚ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﺑﺪاع ﺗﺮﻛﯿﺐ ﺧﺎص( .IV
ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﯿﻠﻨﺎ وﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻨﺎ ﻟﻸطﺮوﺣﺔ اﻟﺘﻲ داﻓﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﻮﻟﺔ ھﻮ أن إﺷﻜﺎﻟﯿﺔ )اﻟﺪوﻟﺔ أم (...ﺗﻈﻞ ﻣﻦ ﺑﯿﻦ
اﻹﺷﻜﺎﻻت اﻟﺮاھﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﺗﻤﺴﮫ ﻓﻲ ﺻﻤﯿﻤﯿﺘﮫ وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻔﺮض ﻋﻠﯿﻨﺎ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ
اﻻﺧﺘﺰاﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻤﻔﮭﻮم )اﻟﺪوﻟﺔ أم (...ﻣﻦ زاوﯾﺔ واﺣﺪة ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن ﻣﺎ ﯾﺆﺳﺲ اﻟﺤﯿﺎة واﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺒﺸﺮي ھﻮ اﻹﺧﺘﻼف واﻟﺘﻨﻮع ﻓﻲ
اﻟﺘﺼﻮرات واﻷﺑﻌﺎد وﻟﯿﺲ اﻟﻮﺣﺪة واﻻﺧﺘﺰاﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺻﻤﯿﻢ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﯿﺘﺎﻓﺰﯾﻘﻲ وھﻮ ﻣﺎ ﺗﺠﺎوزﺗﮫ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻣﺎﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ.
127
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻛﺗب واﻟﻣﻘﺎﻻت واﻟﻣﻘررات واﻟوﺛﺎﺋق اﻟدﯾداﻛﺗﯾﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ إﻋداد ھذه اﻟدروس
.1ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﻠم ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ،ﯾﻣﻧﻰ طرﯾف اﻟﺧوﻟﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ
.2ﻋﺻر اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﺗرﺟﻣﺔ ﺟﺎﺑر ﻋﺻﻔور
.3أﺳطور اﻹطﺎر ،ﻛﺎرل ﺑوﺑر ،ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ
.4اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺻﻼح ﻗﻧﺻوة
.5ﺧﻣﺳون ﻣﻔﻛرا أﺳﺎﺳﯾﺎ ،اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ
.6دراﺳﺎت ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﻠوم وﻓﻠﺳﻔﺗﮭﺎ ،ﺟورج ﻛوﻧﻐﯾﻼم ،اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ
.7ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺛورات اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ
.8ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﻠم ،ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ
.9ھﯾدﻏر واﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ ،ﻣﺣﻣد طواع ،أﻓرﯾﻘﺎ اﻟﺷرق
.10ﻧﻘد اﻟﻌﻘل اﻟﻌﻣﻠﻲ ،إﯾﻣﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط ،ﺗرﺟﻣﺔ اﺣﻣد اﻟﺷﯾﺑﺎﻧﻲ ،دار اﻟﯾﻘظﺔ
.11اﻟﻌﻧف ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ،ﻣﺟﻠﺔ وﻟﯾﻠﻲ ،اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻸﺳﺎﺗذة ﻣﻛﻧﺎس
.12اﻷﺧﻼق واﻟﺣداﺛﺔ ،ﻧورة ﺑوﺣﻧﺎش ،إﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟﺷرق
.13اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،ﻧﺻوص ﻣﺧﺗﺎرة ،ﻣﺣﻣد ﺳﺑﯾﻼ وﻋﺑد اﻟﺳﻼم ﺑﻧﻌﺑد اﻟﻌﺎﻟﻲ إﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟﺷرق
.14ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،اﻟﺟزء اﻻول واﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﻣﻧﺷورات ﺿﻔﺎف واﻻﺧﺗﻼف ودار اﻷﻣﺎن
.15ﻣﺟﻠﺔ اﻷزﻣﻧﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،اﻟﻌدد اﻟﺧﺎﻣس
.16ﻣﺟﻠﺔ ﻋﺎﻟم اﻟﻔﻛر ،ﻋدد ﺧﺎص ﺣول اﻟﺣرب اﻟﻣﺟﻠد 38
.17اﻻن ﺗورﯾن ،ﺑرادﯾﻐﻣﺎ ﺟدﯾدة ﻟﻔﮭم ﻋﺎﻟم اﻟﯾوم ،اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ
.18اﻟﺳﺎرﺗرﯾﺔ :ﺗﮭﺎﻓت اﻷﺧﻼق واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ،اﺣﻣد ﺧﻠﯾل
.19اﻟﻔﻛر اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ﺟﺎﻛﻠﯾن روس ،ﻣﻧﺷورات ﻋوﯾدات
.20ﻋﻠم اﻷﺧﻼق ﻻﺳﺑﯾﻧوزا
.21اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﻐﺗرب ﻋﻧد ارﯾك ﻓروم ،ﺗرﺟﻣﺔ ﺣﺳن ﺣﻣﺎد
.22ﺳﯾﺟﻣوﻧد ﻓروﯾد ،اﻷﻧﺎ واﻟﮭو ،دار اﻟﺷروق
.23ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻟﯾو ﺷﺗراوس وﺟوزﯾف ﻛروﺑس
.24أﺻول اﻷﺧﻼق ،ي دﯾﻧﻲ ﺗرﺟﻣﺔ اﺑراھﯾم رﻣزي
.25ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻠذة واﻷﻟم ،اﺳﻣﺎﻋﯾل ﻣظﮭر
.26اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳو
.27ﻣﺟﻠﺔ ﯾﺗﻔﻛرون ،ﻋدد ﺧﺎص ﺣول اﻟﺗﺳﺎﻣﺢ واﻟﺣرﯾﺔ
.28اﻟذاﻛرة ﺟوﻧﺎﺛﺎن ﻛﯾﮫ ﻓوﺳﺗر ،ﻣؤﺳﺳﺔ ھﻧداوي
.29ﺟورج ﺑﺎﻻﻧدﯾﮫ اﻻﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
.30ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ،ﻣﺣﻣد ﺳﺑﯾﻼ ،إﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟﺷرق
.31أﺳس اﻟﻔﻛر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺣدﯾث ،ﻛوﯾﻧﺗﯾن ﺳﻛﻧر ،اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ
.32أطﻠس اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ،ﺑﯾﺗر ﻛوﻧرﻣﺎن،ﻓراﻧز ،ﺑﯾﺗر ﺑورﻛﺎرد ،وﻓراﻧز ﻓﺎﯾدﻣﺎن ،ﺗرﺟﻣﺔ ﺟورج ﻛﺗورة
.33أﻋﻼم اﻟﻔﻛر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ﻓؤاد ﻛﺎﻣل
.34ﺳﯾﺟﻣوﻧد ﻓروﯾد ،أﻓﻛﺎر ﻷزﻣﻧﺔ اﻟﺣرب واﻟﻣوت
.35اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺗﻛوﯾﻧﯾﺔ ،ﺟﺎن ﺑﯾﺎﺟﯾﮫ ،ﺗرﺟﻣﺔ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﺑوزﯾﺎن
128
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
129
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
.71اﻋﻣﺎل اﻟورﺷﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ،اﻣﯾﺎﻧوﯾل ﻛﺎﻧط وﻣﺟزوءة اﻻﺧﻼق ،اﻟﻣﻧﺳﻘﯾﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﻣﺎدة اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻟﺟﮭﺔ ﻣﻛﻧﺎس
ﺗﺎﻓﯾﻼﻟت
.72ﻣﺎﻛس ﻓﯾﺑر :اﻟدوﻟﺔ واﻟﻌﻧف واﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ،ﺣﺳن ازارو
.73اﻟﻣﻧﺳﻘﯾﺔ اﻟﺟﮭوﯾﺔ ﻟﻣﺎدة اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻟﺟﮭﺔ ﻣﻛﻧﺎس ﺗﺎﻓﯾﻼﻟت ،اﻋﻣﺎل اﻟورﺷﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ :ﻧﯾﻘوﻻ ﻣﯾﻛﯾﺎﻓﯾل وﻣﺟزوءة
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
.74ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻗراءة ﻓﻲ اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣداﺧﻠﺔ اﻻﺳﺗﻧﺎد ﻛﻣﺎل اﻟﻛوطﻲ أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻧﺳﻘﯾﺔ اﻟﺟﮭوﯾﺔ
ﻟﻣﺎدة اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻟﺟﮭﺔ ﻣﻛﻧﺎس ﺗﺎﻓﯾﻼﻟت
.75اﻟﻣﻧﺳﻘﯾﺔ اﻟﺟﮭوﯾﺔ ﻟﻣﺎدة اﻟﻔﻠﺳﻔﻠﺔ ﻟﺟﮭﺔ ﻣﻛﻧﺎس ﺗﺎﻓﯾﻼﻟت ﻣﺟزوءة اﻟﻣﻌرﻓﺔ
.76اﻟﻌداﻟﺔ ﻛﺈﻧﺻﺎف ﺟﺎن راوﻟز،اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ
.77ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳو إﻣﯾل أو ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ
.78ﺧطﺎب ﻓﻲ أﺻل اﻟﺗﻔﺎوت وﻓﻲ أﺳﺳﮫ ﺑﯾن اﻟﺑﺷر اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ
.79ﺗﻛوﯾن اﻟﻌﻘل اﻟﻌﻠﻣﻲ ،ﺧﻠﯾل اﺣﻣد ﺧﻠﯾل
.80اﻟﻐﯾر ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺔ ﺳﺎرﺗر ،ﻓؤاد ﻛﺎﻣل ،دار اﻟﻣﻌﺎرف
.81اﻟوﺟود واﻟﻌدم ،ﺟﺎن ﺑول ﺳﺎرﺗر ﺗرﺟﻣﺔ ﻧﯾﻘوﻻ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ
.82روﻧﯾﮫ دﯾﻛﺎرت ،ﻣﻘﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﮭﺞ ﺗرﺟﻣﺔ اﻟﺳﯾد اﻟﺧﺿﯾري
.83روﻧﯾﮫ دﯾﻛﺎرت ،ﺗﺄﻣﻼت ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ ﺳﻠﺳﻠﺔ زدﻧﻲ ﻋﻠﻣﺎ
.84ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ﺑﻧﻌﺑد اﻟﻌﺎﻟﻲ ،اﻟﻣﯾﺗﺎﻓزﯾﻘﺎ واﻟﻌﻠم واﻻﯾدوﻟوﺟﯾﺎ
.85ﺳﺎﻟم ﯾﻔوت اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺑﯾن اﻟﻧﻘد واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ ﺑﯾروت
.86اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،دﻓﺎﺗر ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ﺑﻧﻌﺑد اﻟﻌﺎﻟﻲ وﻣﺣﻣد ﺳﺑﯾﻼ
.87ھﺎﻧز راﯾﺷﻧﺑﺎخ ،ﻧﺷﺄة اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ ﻓؤاد زﻛرﯾﺎء
.88ﻋﺑد اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻣﻌزوز ،ﻓوﻛو وﻣﯾﻛروﻓزﯾﺎء اﻟﺳﻠطﺔ ،ﻣدارات ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ
.89اﻟدوﻟﺔ واﻟﺳﻠطﺔ ،ھﻧري ﻟوﻓﯾﻔر ﺗرﺟﻣﺔ ﺣﺳن اﺣﺟﯾﺞ ﻣﺟﻠﺔ ﻓﻛر وﻧﻘد
.90ﺟﯾﻧﯾﺎﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو ،إدرﯾس ھواري ﻣﺟﻠﺔ ﻓﻛر وﻧﻘد
.91زﻛرﯾﺎء اﺑراھﯾم ،ﻣﺷﻛﻼت ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ،ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺣرﯾﺔ
.92زﻛرﯾﺎء اﺑراھﯾم ،ﻣﺷﻛﻼت ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ،ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻧﺳﺎن
.93زﻛرﯾﺎء اﺑراھﯾم ،ﻣﺷﻛﻼت ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ،ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
.94زﻛرﯾﺎء اﺑراھﯾم ،ﻣﺷﻛﻼت ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ،اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺧﻠﻘﯾﺔ
.95ﻣﺎرﺗن ھﺎﯾدﻏر ،اﻟﻛﯾﻧوﻧﺔ واﻟزﻣن ،ﺗرﺟﻣﺔ ﻓﺗﺣﻲ اﻟﻣﺳﻛﯾﻧﻲ
.96ﻣﺎرﺗن ھﯾدﻏر ،اﻟﺗﻘﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟوﺟود ،ﺗرﺟﻣﺔ ﻣﺣﻣد ﺳﺑﯾﻼ وﻋﺑد اﻟﮭﺎدي ﻣﻔﺗﺎح
.97ﻣﺎرﺗن ھﺎﯾدﻏر ،ﻧداء اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﺑد اﻟﻐﻔﺎر ﻣﻛﺎوي
.98ﯾورﻏن ھﺎﺑرﻣﺎس ،أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟﻧﻘﺎش
.99ﻛﺗﺎب ﻣﻧﺎر اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻟﻠﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻛﺎﻟورﯾﺎ ،ﻣﻘرر وزارة اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ
.100ﻛﺗﺎب ﻣﺑﺎھﺞ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻛﺎﻟورﯾﺎ ،ﻣﻘرر وزارة اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ
.101ﻛﺗﺎب رﺣﺎب اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻛﺎﻟورﯾﺎ ،ﻣﻘرر وزارة اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ
.102ﻣﺣﻣد ﺑﮭﺎوي ،اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻟﺗﻼﻣذة اﻟﺑﺎﻛﺎﻟورﯾﺎ ،ﻣﻧﺷورات ﻋﺎﻟم اﻟﺗرﺑﯾﺔ
.103ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻧد ﻏﺎﺳﺗون ﺑﺎﺷﻼر ﻣﺣﻣد وﻗﯾدي
.104ﻧﺻوص ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوﺿﻊ اﻟﺑﺷري ،اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ،اﻷﺧﻼق ،اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ﻣﺣﻣد ﻣزوز وآﺧرون
130
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﻔﻛر اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻟﻠﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﺛﺎﻧوي اﻟﺷﻌﺑﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ 993 .105
اﻟﻔﻛر اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻟﻠﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﺛﺎﻧوي ،ﻣﻘرر وزارة اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﺳﻧﺔ 1989 .106
اﻟﺗﺳﺎﻣﺢ وﺣوار اﻟﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺟﻠﺔ وﻟﯾﻠﻲ ،اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻸﺳﺎﺗذة ﻣﻛﻧﺎس .107
اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،ﻣوﻧﻲ ﻛﺎﻧﺗو ﺳﯾرﺑﯾر ﺗرﺟﻣﺔ ﺟورج ﻛﺗورة .108
دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،زﻛرﯾﺎء اﺑراھﯾم .109
ﻣﺧﺗﺻر ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌداﻟﺔ دﯾﻔﯾد ﺟوﻧﺳون ،ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ .110
اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻟﺻﻠﯾﺑﺎ .111
اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻻﻻﻧد ﺗرﺟﻣﺔ ﺧﻠﯾل اﺣﻣد ﺧﻠﯾل .112
اﻷﺧﻼق واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ،دراﺳﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺣﻛم إﻣﺎم ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح إﻣﺎم .113
ﻣﺣﻣد اﻟﺷﺑﺔ ،دروس ﻟﺗﻼﻣذة اﻟﺑﺎﻛﺎﻟورﯾﺎ .114
اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻟﺗﻼﻣذة اﻟﺑﺎﻛﺎﻟورﯾﺎ ﻣﻘرر وزارة اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ 2007 .115
اﻟﻔﻛر اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺛﺎﻧوي اﻟﺷﻌﺑﺔ اﻷدﺑﯾﺔ 1995 .116
دروس اﻟﺑﺎﻛﺎﻟورﯾﺎ ﻟﻸﺳﺗﺎذ ﺧﺎﻟد اﻟﻌﺑوي .117
ﻣﺟزوءة اﻷﺧﻼق :اﻷﺳﺗﺎذ أﺣﻣد ﺑﻠﺣﺳﯾن ،ﺛﺎﻧوﯾﺔ ﻣوﻻي اﺳﻣﺎﻋﯾل ﻣﻛﻧﺎس .118
131
ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟدروس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ زر اﻟﻣوﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺎدة: اﻷﺳﺗﺎذ:اﻟزاھﯾد ﻣﺻطﻔﻰ
www.agoraphilo.blogspot.com ﺛﺎﻧوﯾﺔ اﻟﺧوارزﻣﻲ اﻟﺗﺄھﯾﻠﯾﺔ/ﺳوق اﻟﺳﺑت
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﻟك اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة :اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟﺰاھﯿﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ
ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﯿﺪ 1987ﺑﺴﻮق اﻟﺴﺒﺖ
أﺳﺘﺎذ ﻣﺎدة اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺜﺎﻧﻮي اﻟﺘﺄھﯿﻠﻲ
ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة اﻟﻤﺎﺳﺘﺮ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻛﻠﯿﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ
ﺑﺘﻄﻮان 2013
ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ اﻹﺟﺎزة ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﺑﻜﻠﯿﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﺑﻤﺮاﻛﺶ 2010
اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﻨﺸﻮرة:
اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺴﺘﻨﯿﺮة ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ،ﺗﺄﻣﻼت ﻛﺎﻧﻄﯿﺔ ،ﺟﺮﯾﺪة اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ،ﻋﺪد 13421ﺳﻨﺔ
2015
اﻟﻔﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻣﯿﺮ اﻟﺬي ﯾﺘﻌﺮض ﻟﮫ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺟﺮﯾﺪة اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ،اﻟﻌﺪد 13449ﺳﻨﺔ
2015
اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﺮﯾﺔ:ﺑﯿﻦ وﺟﻮدﯾﺔ ﺳﺎرﺗﺮ وﻓﺎﻋﻠﯿﺔ آﻻن ﺗﻮرﯾﻦ ،ﺟﺮﯾﺪة اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ اﻟﺪوﻟﯿﺔ اﻟﻌﺪد 13400
ﺳﻨﺔ 2015
اﻟﮭﻮﯾﺔ و اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺮب":ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻨﮭﺎﯾﺎت :ﻓﺘﻮﺣﺎت اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ وﻣﺂزق اﻟﮭﻮﯾﺔ" ،ﺟﺮﯾﺪة اﻟﺸﺮق
اﻷوﺳﻂ اﻟﺪوﻟﯿﺔ 2015
ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻔﻜﺮ اﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ اﻟﻌﺪد 153/152ﺳﻨﺔ 2010
اﻹﻋﻼم وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻻﺳﺘﮭﻼك دراﺳﺔ ﺳﯿﻜﻮﺳﻮﺳﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺎب اﻹﺷﮭﺎري ﻓﻲ اﻟﻘﻨﺎة اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ،ﺑﻜﻠﯿﺔ اﻵداب
ﻣﺮاﻛﺶ2010
ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ،ﻣﺠﻠﺔ ﻓﻲ رﺣﺎب اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﻜﻨﺎس 2010
ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺠﻤﻮع ،اﻟﻌﻘﻼﻧﯿﺔ اﻟﺘﻘﻨﯿﺔ ﻗﯿﻢ اﻟﺤﺪاﺛﺔ وﻣﺎﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ،ﻣﻨﺸﻮر ﺿﻤﻦ ﻣﻠﻒ ﺗﺸﺮف ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺆﺳﺴﺔ
اﻷوان.
ﺣﻮار ﻣﺸﺘﺮك ﻣﻊ اﻟﻤﻔﻜﺮ اﻟﺠﺰاﺋﺮي ﺷﻮﻗﻲ اﻟﺰﯾﻦ ﺣﻮل اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﺘﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻣﻨﺸﻮر ﻣﻦ
طﺮف ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻷوان
ﻗﯿﺪ اﻹﻋﺪاد:اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ واﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ اﻟﺘﺸﺎورﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة .ﻧﻤﻮذج ﯾﻮرﻏﻦ
ھﺎﺑﺮﻣﺎس.
132