You are on page 1of 13

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬


‫‪ -‬كلية المحروقات والطاقات المتجددة وعلوم األرض والكون ‪-‬‬

‫بحث حول‪:‬‬

‫التشريع البيئي والنفطي في الجزائر‬

‫أنجز من طرف‪:‬‬

‫بوشفة عبد الرؤوف‬

‫‪2020-2019‬‬
‫البيئة‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫أصبحت قضية البيئة من أهم القضايا التي نالت اهتمام العديد من العلماء والمتخصصين خالل القرن الواحد والعشرين‬
‫باعتبارها أحد األركان التي تعتمد عليها التنمية المستدامة في كافّة البلدان المتقدمة منها والنامية على حد سواء‪ .‬وتتعرض‬
‫البيئة في الوقت الحالي للعديد من المشكالت التي بدأت تظهر آثارها على جميع الكائنات الحية بصورة عامة والمجتمع‬
‫الحضري بصفة خاصة‪ .‬ومن أكثر هذه المشكالت إلحاحا التلوث الصناعي بكافّة أشكاله وصوره باعتباره يش ّكل تهديدا‬
‫واضحا لمختلف أوجه الحياة الصحية والبيئية‪ ،‬ويتطلّب مواجهته والحد من آثاره بتظافر كافّة قطاعات المجتمع وفئاته‪.‬‬
‫وتسعى الج ا زئر اليوم باعتبارها جزء ال يتج أ ز من النّظام العالمي‪ ،‬إلى وضع سياسات بيئية منسجمة بهدف التّقليص من‬
‫شي األم ا رض وتدهور البيئة بصفة عامة‪ .‬فبادرت إلى سن قوانين‬ ‫حدة التلوث البيئي الذي نتج عنه انتشار األوبئة وتف ّ‬
‫وتحديد الهيئات المختصة في حماية البيئة على ضوء‪ ،‬وكما جاء االهتمام إال في بداية الثمانينات من القرن الماضي بصدور‬
‫أول تشريع بتاريخ ‪ 1983/02/05‬ليلغى بعد ‪ 20‬سنة من تطبيقه بالقانون رقم ‪ 01-03‬الصادر في ‪2003/07/19‬‬
‫المتعلق بالحماية والتنمية المستدامة والتخطيط لألنشطة البيئية‪.‬‬
‫وأمام هذه الوضعية يثور التساؤل حول األليات التي استحدثها التشريع الجزائري في مجال البيئة ودورها في الحد من التلوث‬
‫البيئة؟ وكيفية تدخل األفراد والجمعيات والمؤسسات في حماية البيئة؟‬

‫المبحث األول‪ :‬حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‬


‫قد زاد االهتمام في السنوات األخيرة على الخطورة البيئية وعدم قابلية إصالح معظم حاالت التلوث والتدهور البيئي‪ ،‬وعليه‬
‫اتجهت سياسات الحكومة الحالية لحماية البيئة على نحو تركز فيه على منع وقوع الضرر وذلك من أجل الصحة العمومية‬
‫وضمان حقوق األجيال القادمة وذلك من أجل بيئة مستدامة‪ ،‬وعليه فإن دراستنا في هذا المبحث سوف تكون حول مفهوم‬
‫البيئة بصفة عامة (المطلب األول)‪ ،‬ومما نحمي البيئة بصفة خاصة (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المراد بالبيئة‬
‫إن البيئة الصناعية تشمل‪ :‬ما يحضره اإلنسان من أنهار‪ ،‬وما يغرسه من أشجار وما يعبده من طرق‪ ،‬وما ينشئه من أبنية أو‬
‫ما يصنعه من ادوات واآلن للسلم والحرب‪ ،‬بينما البيئة الحية تتمثل في ثالثة أطراف هي اإلنسان والحيوان والنبات‪.‬‬
‫وإذا كانت البيئة الثانية ال تتكامل عناصرها وظيفي ا ً بشكل مباشر فإن األولى أي البيئة الطبيعية‪ ،‬بيئة مهيئة بكل عناصرها‬
‫أو مركباتها لمصلحة اإلنسان وخدمته وتوفير حاجياته‪ ،‬كما أنها بيئة قائمة أساسا ً على تفاعل عناصرها مع بعضها البعض‬
‫بشكل متكامل‪ ،‬فالشمس مثالً ال تعطي األرض من ضوئها أو حرارتها بما ال تقوم الحياة بدونه‪ ،‬وهو عطاء مستمر ودائم‬
‫وفقا نظام ثابت غير متبدل‪ ،‬وهو ما ينطبق على القمر في وظيفته هو اآلخر الذي يعطي نوره لألرض بعد أن يستمد من‬
‫الشمس‪.‬‬
‫يبدو أن التعريف المقدم متقدم في مضمونه كونه يضفي على مفهوم البيئة طابع الشمولية والعمومية ليتجاوز بذلك نطاق‬
‫االستخدام التقليدي لدى الباحثين في علوم االجتماع والتربية والنبات والحيوان لشرح الدور الذي تقوم به البيئة في حياة‬
‫األفراد واألشكال النباتية والحيوانية في مناطقها‪ ،‬كأن يتم في مجال التربية مثالً الربط بين سلوك األفراد وبين الظروف‬
‫البيئة التي نشأوا وربوا فيها فساعدت على نجاحهم وعلى استواء سلوكهم أو على فشلهم وانحرافهم وأن الظروف البيئة‬
‫المؤثرة في هذا الظرف وذاك تشمل مجاالت ظروف األسرة في فقر وغنى وعلم وثقافة ‪ ،‬كما تشمل ظروف األحياء‬
‫والمساكن ‪ ،‬وكلها يدخل فيما يعرف عموما ً بالبيئة االجتماعية وذلك باإلضافة إلى البيئة الصحية وسلبياتها في المناطق‬
‫واألحياء المختلفة‪.‬‬
‫يقدر حداثة المفهوم الشاكل للبيئة بمضامينه المذكورة فإن مسألة حماية البيئة تعد مسألة حديثة هي األخرى ‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫طبيعة هذا المضمون هي التي أوجدت وحددت طبيعة حمايته بعد التقدم التقني وما أفرزه من ظهور أثار على الحياة الطبيعة‬
‫واطار الحياة اإلنسانية وما ألحقه ذلك من أضرار أبرزها مشكلة التلوث ‪ ،‬بل لعل الحديث عن البيئة في مفهومها الشامل لم‬
‫يكن إال نتيج ة التطور فلم يتولد هذا االهتمام بالبيئة ومشكلة التلوث إال منذ أن بدأت الثورة الصناعية في أوروبا وكثر استخدام‬
‫الفحم الحجري فيها كمادة رئيسية للوقود فمنذ ذلك التاريخ أخذا االهتمام يتزايد مع تزايد عوامل مصادرة هذا التلوث وأهمها‬
‫تزايد مظاهر النشاط البشري في جم يع مداوالت التنمية لمختلف أشكالها وبدأت الحكومات في مثير من لدول وخصوصا‬
‫الدول المصنعة تصدر القوانين التي تمنع أو تقليل من انتشار عوامل التلوث وخصوصا ً تلوث الهواء بواسطة دخان الفحم‬
‫الحجري المنبعث بكثرة من المصانع ومواقد المنازل والمنشآت التي تستخدم الوقود ا ألحفوري (البترول الفحم الحجري‬
‫والغاز الطبيعي)‪.‬‬
‫لقد توجه انشغال مختلف حكومات العالم بموضوع البيئة ومشكالتها بعقد مؤتمر دولي هو مؤتمر إستكهولم الذي أوجد ألول‬
‫مرة الحديث عن البيئة على المستوى الدولي من خالل إعالنه المسمى بإعالن إستكهولم الذي شكل اإلطار الرسمي إلعالن‬
‫ندوة األمم المتخذة حول البيئة‪ .‬على التوالي بعد ذلك ندوات وقمم دولية أخرى لذات الغرض أهمها ندوة ريو دي جانيرو‬
‫بالبرازيل من ‪ 03‬إلى ‪ 14‬جوان ‪ 1992‬التي تلتها قمة جوهانسبورغ من ‪ 26‬أوت إلى ‪ 04‬سبتمبر ‪ 2002‬حول التنمية‬
‫المستديمة‪.‬‬
‫بهذه المبادرات الدولية تبلورت السياسات الدولية لحماية البيئة عبر ثالث محطات رئيسية تركز العمل في أوالها على اخراج‬
‫موضوع حماية البيئة من محيطه الداخلي إلى محيطه الدولي‪ ،‬بينما تمثل العمل في المحطة الثانية على بلورة سياسة واضحة‬
‫للتدخل لحماية البيئة بواسطة اآل ليات االقتصادية في حين جاءت المحطة الثالثة واألخيرة لتبحث في تفعيل التدخل الدولي‬
‫من أجل حماية البيئة والتنمية المستديمة‪ ،‬وفي هذا اإلطار نتساءل عن مما تحمى البيئة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مما تحمي البيئة‬
‫لقد كانت األضرار الملحقة بالبيئة حاضرة في كل القمم والندوات ال مذكورة بل لعل أن تلك اللقاءات في نظرنا لم تكن لتتم‬
‫لوال ما عرفته البيئة من انتهاكات مما أستوجب الحديث عن ضرورة حمايتها من تلك األضرار أو االنتهاكات والتي يعد‬
‫التلوث أحد أبرز وجوهها‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم التلوث‪:‬‬
‫التلوث لغة‪ :‬هو التلطيخ أو الخلط‪ ،‬أما تحديده اصطالحا فإنه بثير الحديث عن نقطتين أوالهما وجود مادة أو طاقة ضارة‬
‫وثانيهما هو التلوث المادي والتلوث األدبي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬وجود أي مادة أو طاقة في البيئة الطبيعية يغير كيفيتها أو كميتها‪ ،‬أو في غير مكانها أو زمانها األمر الذي من شأنه‬
‫األضرار بالكائنات الحية أو اإلنسان في أمنه أو صحته أو راحته‪.‬‬
‫‪ -1‬التغيير في الكيف‪:‬‬
‫ضارا بالبيئة‪ ،‬فغازات الكربون التي ازدادت نسبتها في أجواء المدن‬ ‫َ‬ ‫قد يشكل التغيير في كيفية األشياء أو نوعيتها تلوثا‬
‫بصورة واضحة من جراء التقدم الصناعي ليست إال تغييرا ً طرأ على مادة الكربون فحولها إلى الحالة الغازية الضارة‬
‫‪ -2‬التغيير في الكم ‪:‬‬
‫ً‬
‫كزيادة كمية ثاني أكسيد الكربون أو نقص كمية األكسجين في الجو بمقدار معين يعتبر تلوث ا ضارا ً باإلنسان وكثير من‬
‫الكائنات الحية أو اجتثاث المزروعات وازالة الغابات وتقليص المساحات الخضراء يعد أهم أسباب التغيير الكمي في مكونات‬
‫الهواء نظرا لدورها المعروف في استبدال غاز األكسجين بغاز ثاني أكسيد الكربون في عملية التمثيل الضوئي‪.‬‬
‫‪ -3‬التغيير في المكان ‪:‬‬
‫كنقل النفط من أماكن وجوده في باطن أو تحت قاع البحر والقائه أو مخلفاته في مياه البحار أو األنهار يؤدي إلى تلوث هذه‬
‫المياه وجلب األذى بمختلف الكائنات الحية التي تعيش فيها أو عليها‪ ،‬وهو ما يسمى بالتلوث النفطي والذي يتم إما بشكل‬
‫متعمد أو غير متعمد‪.‬‬
‫‪ -4‬التغيير في الزمان‪:‬‬
‫يترتب التلوث أحيان ا ً على تغيير زمان تواجد بعض المواد أو الطاقات في البيئة فوجود المياه في األراضي الزراعية في‬
‫غير أوقات الري يعد تلوثا ً ضارا ً بمزروعاتها وبث الطاقة الحرارية في فصل الصيف‪ .‬حيث ترتفع درجة الحرارة طبيعي ا‬
‫وال تحتاج الكائنات الحية منها إلى المزيد يمثل تلوثا ضارا ًبها قد يكون مفيداً أو ضروريا ً إذا ما حدث في الشتاء البارد‬
‫والعوامل الملوثة هي أي مادة أو طاقة كانت صورتها تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى تلوث ويمكن تصنيف هذه‬
‫العوامل من حيث طبيعتها إلى‪:‬‬
‫‪-‬التلوث بعوامل كيميائية كالمبيدات الحشرية التي أنتشر استخدامها بكثرة في الوقت الحالي‪ ،‬وجنت على كثير من الحشرات‬
‫والطيور التي كانت تعتبر صديقه اإلنسان‪ ،‬ومبيدات األعشاب …إلخ‬
‫‪-‬عوامل فيزيائية كالضوضاء والحرارة واإلشعاعات واالهتزازات‪.‬‬
‫‪-‬عوامل بيولوجية أو حيوية كالفيرو سات والميكروبات والحشرات الضارة أو المسببة لألمراض‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التلوث المادي والتلوث المعنوي‪:‬‬
‫‪ -1‬التلوث المادي‬
‫يقصد بهذا النوع التلوث إفساد عناصر البيئة وجعلها مصدر ضرر لإلنسان وتتمثل عناصره حسب مؤتمر إستكهولم في‬
‫(ماء‪ +‬تربة ‪ +‬معادن‪ +‬مصادرة ‪ +‬النبتات ‪ +‬الحيوانات‪(.‬‬
‫‪ -2‬التلوث األدبي المعنوي‪:‬‬
‫كما نعلم أن حماية األخرى واآل داب تعد من المسائل التي حرصت عليها األديان وتحرص القوانين على رعايتها ووقاية‬
‫المجتمع مما يترتب عن األعمال المنافية لها من آثار سيئة على المجتمع‪ .‬وال شك أن األعمال المنافية لآلداب يمكن أن تلوث‬
‫البيئة بالمعنى المادي لهذا التغيير فتفشي ظاهرة الدعارة مثالً من شأنه المساعدة على انتشار األمراض واألضرار بالصحة‬
‫العامة‪ ،‬كما أنه من ناحية أخرى نجد أن أعمال التلوث المادي قد تنطوي على إحراف أخالقي‪ ،‬فربان السفينة الذي يحافظ‬
‫على نظافة دولته ويقدف بنفاياته الضارة على مقربة من شواطئ دولة أخرى فيلوث مياهها بعد مركبتها لعمل يتنافى وقواعد‬
‫مما يجعل العالقة قائمة بين اآلداب العامة وتلوث البيئة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬وسائل حماية البيئة في التشريع الجزائري والجزاءات المفروضة‬
‫لكي يكون هناك حماية حقيقية للبيئة البد من وجود جزاءات تترتب على المخالفين للقواعد القانونية لحماية البيئة‪ ،‬مما دعي‬
‫بالمشرع الجزائري إلى صياغة النصوص المكرسة لحماية البيئة على شكل قواعد آمرة ال يجوز مخالفتها‪ ،‬ووضع وسائل‬
‫عالجية تستعين بها اإلدارة كجزاء لمخالفة إجراءات حماية البيئة تختلف باختالف درجة المخالفة‪ ،‬وعليه ستكون دراستنا‬
‫في هذا المبحث عن الوسائل المتاحة قبل صدور القانون‪( 2003‬المطلب األول( ‪ ،‬وماهي األليات المستحدثة في القانون‬
‫حماية البيئة الصادر في‪( 2003‬المطلب الثاني( ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬قبل ‪2002‬‬
‫بعد تزايد ظاهرة اإلضر ار بالبيئة وتعدد أشكالها السيما منها التلوث بأشكاله المتعددة هو األخر كان طبيعيا أن تتوجه أنظار‬
‫الدول إلى البحث عن كيفية الحد منه والتصدي له من خالل إيجاد ترتيبات قانونية وتنظيمية تسمح بدورها بإيجاد هيئات‬
‫لحماية البيئة مستعملة في ذلك امتيازات السلطة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬ومن أمثلة الترتيبات أو الهيئات في الجزائر ما جاء به القانون رقم ‪ 10-03‬المتعلق بحماية البيئة على أنه قبل التعرض‬
‫عن هذه االليات يحسسن بنا التطرق باختصار الى مرحلة ما قبل صدور هذا القانون لمعرفة األليات الموجودة سابقا‪ ،‬في‬
‫حقيقة األمر بعد مرور سنتين على انعقاد مؤتمر إستكهولم بادرت الجزائر إلى إنشاء جهاز مركزي للبيئة سنة ‪ 1994‬تمثل‬
‫في اللجنة الوطنية للبيئة‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1981‬اعترفت السلطات المحلية في الجزائر المتمثلة في الوالية والبلدية بدور حماية البيئة من خالل تعديل مس‬
‫قانونيهما لتصدر بعد ذلك مراسيم تنفيذية تتعلق بالنقاوة والطمأنينة العمومية وقطاع الغابات واستصالح األراضي‪ ،‬وكذا‬
‫القطاع السياحي وقطاع المياه‪.‬‬
‫لقد تبلورت هذه النصوص القانونية اتجاها جديدا في تسيير البيئة تمثل في أخذ البعد الالمركزي بعين االعتبار في حماية‬
‫البيئة وهو اتجاه يمثل استدراكا لما فات الجزائر عند تبينها لنصوص الجماعات المحلية في منتصف التسعينيات وأواخرها‬
‫حيث لم يكن االنشغال بالبيئة قد ظهر بعد‪.‬‬
‫‪-‬وفي سنة ‪ 1983‬ظهر أول قانون جزائري خاص بالبيئة هو القانون ‪ 83-03‬المؤرخ في ‪ 1983/02/05‬الذي كرس‬
‫التسيير الالمركزي لحماية البيئة بنصه في المادة ‪ 08‬منه "" أن الجماعات المحلية تمثل في المؤسسات الرئيسية لتطبيق‬
‫تدابير الحماية البيئية "" ليبقى نفس التكريس قائما بعد اعادة النظر في اإلصالحات االقتصادية والسياسية وفي هذا اإلطار‬
‫نصت بالنسبة الى البلدية المادة ‪ 92‬من القانون البلدي على اشتراط الموافقة القبلية للمجلس الشعبي البلدي عند إنشاء أي‬
‫مشروع على مستوى تراب البلدية يتضمن مخاطر من شأنها اإلضرار بالبيئة حيث نصت المادة ‪ 107‬على تكفل البلدية‬
‫بمكافحة التلوث وحماية البيئة‪ .‬أما بالنسبة إلى الوالية فقد نصت المادة ‪ 58‬على ما يلي"" تشمل اختصاصات المجلس الشعبي‬
‫الوالئي للوالية بصفة عامة أعمال التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية وتهيئة اإلقليم"" ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بعد ‪2002‬‬
‫بعد مرور ‪ 20‬سنة من صدور وتطبيق القانون رقم ‪ 83-03‬ألغي هذا االخير بموجب القانون رقم ‪ 10-03‬المؤرخ في‬
‫‪ ،2003/07/19‬ومن خالل استقرائها لهذا القانون سنتعرف على المبادئ التي أقرها في هذا القانون‬
‫الفرع األول‪ :‬أهداف حماية البيئة‬
‫حسب المادة ‪ 89‬من القانون السالف الذكر فإن أهداف الحماية البيئية في إطار التنمية المستدامة تتمثل في‪:‬‬
‫‪-‬تحديد المبادئ األساسية وقواعد تسيير البيئة‬
‫‪-‬ترقية تنمية وطنية مستدامة بتحسين شروط العيشة والعمل‬
‫‪-‬ترقية تنمية وطنية مستدامة بتحسين شروط المعيشة والعمل على ضمان إطار معيشي سليم‬
‫‪-‬الوقاية من كل اشكال التلوث واألضر ار الملحقة بالبيئة وذلك لضمان الحفاظ على مكوناتها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المبادئ العامة لحماية البيئة في الجزائر‬
‫نصت المادة ‪ 03‬من القانون المذكور على‪ :‬يتأسس هذا القانون على المبادئ العامة التالية‪:‬‬
‫‪-‬مبدأ المحافظة على التنوع البيولوجي عدم تدهور المارد الطبيعية ‪ ،‬مبدأ االستبدال‪ ،‬مبدأ اإلدماج‪ ،‬مبدأ النشاط الوقائي‬
‫وتصحيح األضرار البيئية باألولوية عند المصدر‪ ،‬مبدا الحيطة‪ ،‬مبدا التلوث الدافع‪ ،‬مبدأ اإلعالم والمشاركة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أحكام خاصة وأحكام جزائية‬
‫الفرع األول‪ :‬األحكام الخاصة‪:‬‬
‫تتمثل األحكام الخاصة لقانون حماية البيئة في ترتيب‪ :‬إستفادات من حوافز مالية وجمركية تحدد بموجب قانون المالية لصالح‬
‫المؤسسات الصناعية التي تستورد التجهيزات التي تسمح في سياق صناعتها أو منتوجاتها‪ ،‬بإزالة أو تخفيف ظاهرة االحتباس‬
‫الحراري‪ ،‬والتقليص من الثلوث في كل أشكاله استفادة كل شخص طبيعي أو معنوي تقدم بأنشطة ترقية البيئة من تخفيض‬
‫في الريح للضريبة‪.‬‬
‫‪-‬إنشاء جائزة وطنية في مجال حماية البيئة‬
‫‪-‬إدراج التربية البيئة ضمن برامج التعليم‪ :‬تنمية المساحات الخضراء‪ ،‬في المراكز العمرانية الكبرى‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام جزائية‪:‬‬
‫تنوعت وتعددت هذه األحكام الجز ائية وتفاوتت في درجتها بحسب طبيعة االعتداء الواقع على ما اقتضت حمايته بيئي ا ً‬
‫وسنكتفي هنا بإعطاء بعض األمثلة عن هذه األحكام‪.‬‬
‫التنوع البيولوجي‪ :‬العقوبة بالحبس من (‪ )10‬أيام إلى (‪ )03‬أشهر وبغرامة من ‪ 5‬إلى ‪ 50‬ألف دج أو بإحدى العقوبتين كل‬
‫من تخلي دون ضرورة أو أساء معاملة حيوان داجن أو أليف أو محبوسين في العلن أو الخفاء أو عرضه لفعل قاس‪.‬‬
‫العقوبات المتعلقة بحماية الهواء والجو‪:‬‬
‫يعاقب بغرامة من خمسة آالف دينار (‪ 5000‬دج) إلى خمسة عشر ألف دينار (‪ 15000‬دج) كل شخص سبب في تلوث‬
‫جوى‪.‬‬
‫العقوبات المتعلقة بحماية الماء واألوساط المائية‪.‬‬
‫إمكانية إيقاف السفينة أو الطائرة أو اآللية أو القاعدة العامة التي تستخدم في ارتكاب المخالفات اآلتية‪:‬‬
‫اإلضر ار بالصحة العمومية وألنشطة البيئية البحرية‪:‬‬
‫عرقلة األنشطة البحرية بما في ذلك المالحة والتربية المائية والصيد البحري‪ .‬إفساد نوعية المياه البحرية من حيث استعمالها ‪.‬‬
‫التقليل من القيمة الترفيهية أو الجمالية للبحر والمناطق الساحلية‪ ،‬والمساس بقدراتها الساحلية على أنه يعاقب بالحبس من ‪6‬‬
‫أشهر إلى سنتين وبغرامة من مائة ألف دينار (‪ 100000‬دج) إلى مليون دينار (‪ 1000000‬دج) أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط‪ ،‬كل ربان سفينة جزائرية أو قائد طائرة جزائرية‪ ،‬أو كل شخص يشرف على عمليات الغمر أو الترميد في البحر على‬
‫متن آليات جزائرية أو قواعد عائمة ثابتة أو متحركة في المياه الخاضعة للقضاء الجزائري ‪.‬يعاقب بالحبس لمدة أشهر‬
‫وبغرامة قدرها خمسون (‪ )50‬ألف دينار كل من أعاق مجرى عمليات المراقبة التي يمارسها األعوان المكلفون بالبحث‬
‫ومعاينة أحكام هذا القانون‪.‬‬
‫العقوبات المتعلقة بحماية اإلطار المعيشي‪:‬‬
‫يقصد باإلطار المعيشي الغابات الصغيرة والحدائق العمومية والمساحات الترفيهية وكل مساحات ذات منفعة جامعية تساهم‬
‫إشهارا‬
‫ً‬ ‫في تحسين اإلطار المعيشي‪ ،‬ومن تم فإن كل ما يمس بهذا اإلطار من خالل وضع أو أمر بوضع أو أبقى بعد إعذار‪،‬‬
‫أو الفيه أو الفتة قبلية في األماكن أو أي إشهار في المساحات المحمية ومباني اإلدارات العمومية وعلى الشجار يعاقب‬
‫بغرامة قدرها مائة وخمسون ألف دينار وتحسب الغرامة بمثل عدد اإلشهارات والالفتات القبلية موضوع المخالفة‪ .‬وحتى‬
‫ال يقع أي تنازع بشأن مخالفات أحكام حماية البيئة طبقا لهذا القانون جاء في مادته األخيرة أن كل مخالفة ألحكام هذا القانون‬
‫والمنصوص المتخذة لتطبيقه تثبت بم وجب محاضر لها قوة اإلثبات ترسل المحاضر المذكورة تحت طائلة البطالن في خمسة‬
‫عشر (‪ )15‬يوما ً إلى وكيل الجمهورية وكذلك إلى المعنى باألمر‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫إن واقع البيئة يبقى غير مستقر في الجزائر رغم توفر اإلطار القانوني والنظري‪ ،‬فالحكم الراشد مازال غائبا في مجال‬
‫حماية البيئة‪ ،‬وبالرغم من الفلسفة التي تبنى عليها التشريعات البيئية‪ ،‬فيالحظ أنها أوكلت مهمة حماية البيئة إلى اإلدارة‬
‫بالدرجة الكبيرة لما لها من صالحيات الضبط اإلداري‪ ،‬ثم بدرجة ثانية إلى القضاء إال أن أحكام القرارات القضائية قليلة في‬
‫الجزائر رغم حرص المشرع الجزائ ري على الصرامة في األحكام الجزائية والعقوبات‪.‬‬
‫أما بالنسبة للحماية الجزائية‪ ،‬التي تهدف إلى الردع فقد وجدنا ان الجريمة كغيرها من الجرائم تحتاج إلى أركان كالركن‬
‫الشرعي كالركن المادي والمعنوي‪ ،‬وان كانت الجريمة البيئية تمتاز بضعف ركنها المعنوي‪ ،‬ذلك أن وقع السلوك اإلجرامي‬
‫وحدة يؤدي إلى المساس بالبيئة دون النظر إلى إرادة مرتكبها‪ ،‬وكما تطرقنا إلى كيفية المتابعة الجزائية التي أوالها المشرع‬
‫الجزائري في التشريعات البيئية‪ ،‬إال انه ونظرا إلى نقص القضاة وضعف اإلدارة في هذا المجال وتعدد القوانين الخاصة‬
‫المتعلقة بالبيئة تجعل من تطبيق هذه النصوص على مستوى القضاء في جرائم البيئة صعبة‪ .‬ومن بين المقترحات التي نود‬
‫تقديمها في هذه الدارسة أهمها‪ ،‬أن تهتم الدولة من خالل مؤسساتها التي تعمل على الحفاظ وحماية البيئة‪ ،‬ال في استصدار‬
‫الّتشريعات ووضع القوانين والّلوائح فحسب‪ ،‬بل تتعدى إلى ف عالية تطبيقها وتجسيدها على أرض الواقع بشكل صحيح ضمن‬
‫السياسة العالمية للبيئة‪ ،‬مع احترام األبعاد البيئية في المخططات الصناعية والعمرانية والعمل على تنمية الوعي البيئي لدى‬
‫المجتمع‪ ،‬إلى جانب االستفادة من خبرات وتجارب الدول في التصدي للمشاكل التي تلحق بالبيئة ومعالجتها بطريقة منظمة‪،‬‬
‫وذلك بإشراك جميع الشرائح االجتماعية لمختلف مستوياتها لتقييم الّنتائج المحرزة وانتشار األعمال المنجزة سواء على‬
‫المستوى الوطني أو المحلي‪.‬‬
‫قانون المحروقات في الجزائر‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫يعتبر قطاع المحروقات في الجزائر أهم القطاعات االقتصادية بحيث يمثل معدل ‪ ٪ 70‬من عائدات ميزانية الدولة‬
‫كما يساهم بنسبة ‪ ٪35‬من الناتج الداخلي الخام‪ ،‬وحوالي ‪ ٪98‬من العائدات الخارجية للجزائر‪ ،‬وفضال عن ذلك‪ ،‬فالجزائر‬
‫تعتبر المنتج رقم ‪ 12‬عالميا للنفط بمقدار ‪ 1.2‬مليون برميل يوميا‪ ،‬كما أنها المصدر الخامس للغاز عالميا بما يعادل ‪60‬‬
‫مليار متر مكعب‪ ،‬وتؤكد هذه المؤشرات على أهمية قطاع المحروقات في الجزائر بحيث دفع بالحكومات الجزائرية المتعاقبة‬
‫إلى وضع هذا القطاع في قمة األولويات‪ ،‬من خالل السعي الدؤوب نحو تطويره وتنظيمه وجعله قاطرة التنمية في الجزائر‪،‬‬
‫وقد انعكس بشكل مباشر على اإلطار القانوني والمؤسسي من تغيّرات وتحوالت أثارت وال تزال تثير جدال كبيرا‪.‬‬
‫لقد شهدت الجزائر منذ آخر تعديل قانوني في سنة ‪ 2006‬انخفاضا ً في حجم إنتاج المحروقات البالد‬
‫بنسبة ‪%20‬خالل السنوات الخمس الماضية‪ ،‬وفي المقابل فقد ارتفعت نسبة االستهالك المحلي للنفط من ‪% 26‬من اإلنتاج‬
‫الكلي سنة ‪2005‬إلى ‪ % 40‬سنة ‪ .2010‬ولكن بالنظر إلى هذه المؤشرات السلبية لقطاع المحروقات في الجزائر يبدو أن‬
‫األطر القانونية والتشريعية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية على هذه النتائج‪ .‬ولذلك سوف تحاول هذه الدراسة إعادة قراءة‬
‫مسار التحوالت والتغيرات في األطر القانونية والتشريعية المتعلقة بقانون المحروقات والرهانات المتضاربة المتعلقة بها‬
‫من خالل طرح األسئلة األساسية التالية‪ :‬كيف تطورت األطر القانونية المتعلقة بالمحروقات في الجزائر وما هي الظروف‬
‫التي نشأت فيها؟ هل كانت التعديالت الجديدة على قانون المحروقات لسنة ‪ 2013‬كافية لتصحيح مسار قطاع المحروقات‬
‫في الجزائر؟ أم ظلت هذه التعديالت دون المستوى المأمول منه إلنهاء فترة الكساد التي يعيشها القطاع الذي لم يعلن عن أية‬
‫مناقصة دولية لالستكشاف منذ سنة ‪2010‬؟ وحاولت الدراسة مقاربة هذه األسئلة من خالل الزوايا التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬قانون ‪ 1986‬للمحروقات وبداية التحول‬
‫ثانيا‪ :‬قانون ‪ 2005‬للمحروقات‪ :‬تغيير لإلطار القانوني أم استجابة للمتغيرات الدولية‬
‫ثالثا‪ :‬تعديالت ‪ 2013‬على قانون ‪ 2005‬للمحروقات‪ :‬عود على بدء‬
‫‪ -‬أوالً‪ :‬قانون ‪ 1986‬للمحروقات وبداية التحول‪:‬‬
‫لقد كان قطاع المحروقات أول قطاع مسته اإلصالحات االقتصادية في الجزائر من خالل قانون ‪ 1986‬بحيث‬
‫حاولت الحكومة الجزائرية إيجاد مقاربة تواءم بين سياق التحوالت العالمية في قطاع الطاقة‪ ،‬وبين ضرورة اإلصالحات‬
‫الهيكلية لقطاع الطاقة‪ ،‬وترتكز هذه المقاربة على االعتماد على شركة سوناطراك الجزائرية منذ إنشائها بعد االستقالل‬
‫سنة‪ ،1964‬ثم السعي إلى دعمها وتعزيزها بعد أزمة انهيار أسعار النفط سنة ‪.1987‬‬
‫إن القانون رقم ‪ 14-86‬المؤرخ في ‪ 19‬أوت ‪ 1986‬المتعلق بتحديد األشكال القانونية ألنشطة التنقيب واالستكشاف‬
‫أقر حقيقة هيمنة شركة سوناطراك على جميع‬ ‫والبحث ونقل المحروقات التي تسمح لسوناطراك باالنفتاح على الشراكة‪ّ ،‬‬
‫وأقر عدم ثقة الدولة الجزائرية في الشركات األجنبية للقيام بأي من هذه األنشطة إال من خالل الشراكة مع‬ ‫ّ‬ ‫أنشطة القطاع‪،‬‬
‫سوناطراك بحيث ال تقل نسبة سوناطراك عن ‪ ،٪51‬ووفقا لألشكال التالية‪:‬‬
‫شراكة عقد تقاسم االنتاج ‪:)PSC( ContractSharing Production‬‬ ‫‪-‬‬
‫شراكة «عقد الخدمة"‬ ‫‪-‬‬
‫الشراكة بالمشاركة دون شخصية قانونية حيث يؤسّس الشريك األجنبي شركة تجارية بموجب القانون الجزائري‬ ‫‪-‬‬
‫(القانون التجاري)‪ .‬أنظر الجداول (‪)4()3()2( )1‬‬
‫ويمكن أن نخلص إلى مجموعة من المالحظات حول القواعد التنظيمية األساسية التي رسّخها هذا القانون التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬تمنح رخص التنقيب واإلنتاج بشكل حصر ي لشركة سوناطراك‪.‬‬
‫‪ -2‬تسيطر سوناطراك على أنشطة نقل المحروقات باألنابيب‪ ،‬وعدم فتح مجال الشراكة في مجال نقل المحروقات‪ ،‬فيم‬
‫تستطيع الوحدات األجنبية االعتماد على سوناطراك عند الحاجة إلى خدمات أو منشئات النقل باعتبارها المالك الوحيد‬
‫لهذه المنشئات‪.‬‬
‫‪ -3‬يسمح قانون ‪1986‬بالشراكة في أنشطة البحث والتنقيب واإلنتاج من خالل صيغة عقد تقاسم‬
‫االنتاج ‪ )PSC( ContractSharing Production‬بحيث تستطيع شركات النفط والغاز االستفادة من األرباح‬
‫على النفط أو النفط الخام والمنتجات النفطية بما ال يتجاوز ‪ ٪49‬في السنة‪ ،‬وتخلو من أية ضرائب ‪Free from‬‬
‫‪.any tax‬‬
‫‪ -4‬تقوم سوناطراك بطرح المناقصات الختيار الشركاء من شركات النفط والغاز وفق آلية عقود تقاسم اإلنتاج‪ ،‬وغالبا‬
‫ما تطلب الشركات دخول سوناطراك معها في شراكات عقود تقاسم اإلنتاج ليس بوصفها مالكة الحقوق بل بوصفها‬
‫مستثمر خاص‪.‬‬
‫‪ -5‬استفادة سوناطراك من نمطين من الحصص‪ ،‬الحصة األولى تأتي من مداخيل النفط‪ ،‬والنفط الخام‪ ،‬أو من تصدير‬
‫الغاز الطبيعي‪ ،‬والحصة الثانية تأتي من اعتبار سوناطراك مالك للسند المنجمي »‪«Mining title holder‬‬
‫‪ -6‬يمنح القانون العقود في مجال المحروقات السائلة فقط‪.‬‬
‫‪ -7‬ال تمنح امتيازات في مجال الغاز‪.‬‬
‫‪ -8‬ال يشير القانون إلى وسائل التحكيم الدولي في المنازعات التي يمكن أن تحدث‪.‬‬
‫الجدول رقم (‪ )1‬مبادئ قانون ‪1986‬‬

‫ملكية احتياطي المحروقات‬ ‫الدولة الجزائرية (ممثلة في سوناطراك)‬


‫أنشطة االستكشاف واالستغالل‬ ‫سيطرة الدولة‬
‫الشراكة‪ :‬بين الشركات الوطنية وشريك أجنبي‬ ‫ممارسة أنشطة االستكشاف واالستغالل واالنتاج‬

‫الجدول رقم (‪ )2‬عقود الشراكة بالمشاركة بحسب قانون ‪:1986‬‬

‫تقاسم الحقوق والواجبات اعتماد على نسبة المشاركة‪.‬‬ ‫شروط الشراكة ‪-1‬‬
‫يجب أال تقل نسبة سوناطراك عن ‪%51‬‬ ‫‪-2 association‬‬

‫يتحمل الطرف األجنبي مخاطر االستكشاف ‪ Exploration‬بشكل كامل‪.‬‬ ‫خصائص الشراكة‪-1‬‬


‫يتشارك الطرفان في االنتاج في المكامن المكتشفة‪.‬‬ ‫‪-2 association‬‬
‫يدفع كل طرف حقوق اإلتاوة والضريبة على النفط بحسب نسبته في الشراكة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يمول الطرف األجنبي االستثمار في مرحلة عملية االستكشاف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫وفي حالة حصول االكتشاف التجاري تقوم سوناطراك بتعويض الطرف األجنبي‬ ‫‪-5‬‬
‫عن تكاليف االكتشاف بنسبة ‪.%51‬‬

‫الجدول رقم (‪ )3‬عقود تقاسم اإلنتاج (‪ )PSC‬بحسب قانون ‪:1986‬‬

‫يستفيد الشريك األجنبي كتعويض عن التكاليف‪ ،‬وبدل أتعاب بنقل جزء من‬ ‫مبادئ عقود تقاسم‬
‫إنتاجه عبر معابر الشحن خالية من الضرائب‪.‬‬ ‫اإلنتاج‬
‫ال تتجاوز حصة الشريك األجنبي نسبة ‪ %49‬لإلنتاج الكلي للحقول الجارية‪.‬‬ ‫تقاسم‪-‬‬
‫‪1‬‬ ‫خصائص عقود‬
‫يتحمل الشريك األجنبي مخاطر عملية االستكشاف‬ ‫‪-2‬‬ ‫اإلنتاج‬
‫تخلو أرباح الشريك األجنبي من أية ضرائب‪ ،‬بحيث تتحمل سوناطراك دفع‬ ‫‪-3‬‬
‫الضرائب على الدخل عن الشريك األجنبي والتي تعادل نسبة الضريبة العامة‪.‬‬

‫الجدول رقم (‪ )4‬شراكة عقد الخدمة )‪ Risk Service Contract (RSC‬بحسب قانون ‪:1986‬‬

‫يستفيد الشريك األجنبي كتعويض للتكاليف وبدل أتعاب على مدفوعات من النوع‬ ‫مبادئ عقد الخدمة‬
‫أو نقداً خالية من الرسوم‪.‬‬
‫‪ -1‬تسمح هذه العقود للشريك األجنبي باختيار نوعية المخاطر التي يتحملها‪.‬‬ ‫خصائص عقد الخدمة‬
‫‪ -2‬يعتمد الدفع على نوع المخاطر التي اختارها الشريك األجنبي‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يستفيد الشريك األجنبي من أية امتيازات في حقول اإلنتاج‪.‬‬

‫من المفيد التذكير أن قانون ‪ 86-14‬جاء في ظروف خاصة‪ ،‬وهي ظروف األزمة االقتصادية وتراجع مداخيل‬
‫المبادالت الخارجية بنسبة ‪ ،%34‬ولذلك جاء هذا القانون من أجل فتح مجال االستثمار الخارجي في قطاع المحروقات من‬
‫خالل الشراكة مع سوناطراك‪ ،‬وحتى التعديالت التي مسّت القانون سنة ‪ 1991‬جاءت من أجل تحسين وتعزيز هذا القانون‬
‫من خالل توسيعه ليشمل مجال الغاز الطبيعي‪ ،‬وكذا تحسين نظام الضرائب لجعله أكثر جاذبية لالستثمار الخارجي من خالل‬
‫التخفيف من الشرط المالية والضرائب على الدخل‪ ،‬والتخفيف من اإلتاوات ‪ ،Royalties‬وبالرغم من ذلك فقد القى هذا‬
‫القانون بعض المعارضة داخل البرلمان من أجل إدراج تعديالت تنص على عدم تجاوز نسبة الشركات األجنبية في الشراكة‬
‫‪ %49‬واألولوية كانت تعطى لالستكشاف الجديد وليس العمل في الحقول الموجودة‪ ،‬وقد أثّر ذلك سلبيا على مدى تجاوب‬
‫الشركات األجنبية مع قانون ‪ ،1986‬األمر الذي دفع الحكومة الجزائرية إلى إدخال تعديالت جديدة على القانون وشملت‬
‫‪ 14‬تعديال على قانون ثم المصادقة عليها سنة ‪ 1991‬وإلحاقها بقانون ‪ 1986‬وسمحت هذه التعديالت الجديدة للشركات‬
‫األجنبية حق الحصول على أرباح منصفة‪ ،‬ومنح حق اللجوء إلى التحكيم الدولي في حاالت الخالف والتنازع‪.‬‬
‫ساهمت تعديالت ‪ 1991‬في جلب العديد من الشركات األجنبية إلى إبرام عقود االستكشاف في الجزائر طوال عقد‬
‫التسعينيات بالرغم من األزمة السياسية واألمنية الخطيرة التي كانت تعيشها الجزائر‪ .‬ويمكن أن نلخص تعديالت سنة ‪1991‬‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬إدراج آلية للتحكيم الدولي‪.‬‬
‫‪-2‬إدراج الشراكة في الحقول المكتشفة سلفاً‪.‬‬
‫‪-3‬منح امتيازات في مجال الغاز‪.‬‬
‫‪-4‬فتح مجال االستثمار للشركات األجنبية في مجال نقل المحروقات باألنابيب‪.‬‬
‫‪-5‬تخفيض اإلتاوات إلى ‪.%10‬‬
‫‪-6‬تخفيض الضريبة على الدخل إلى ‪.%42‬‬
‫إن قانون ‪ 14-86‬أعطى الحق لشركة سوناطراك الحصول على نسبة ‪ %51‬من أية عقود تخصّ التنقيب والبحث‬
‫واالستكشاف أو االنتاج في مجال المحروقات في الجزائر ‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن هذا القانون جعل شركة سوناطراك في‬
‫وضع مؤسساتي معقد من خالل المسؤولية الملقاة على عاتقها في إدارة قطاع المحروقات‪ ،‬فقد أصبحت شركة سوناطراك‬
‫تحت طائلة قانون ‪ 14-86‬تضطلع بدورين متناقضين في فحواهما‪ ،‬األول تظهر فيه سوناطراك على أنها متعامل اقتصادي‬
‫يستثمر في قطاع النفط والغاز مثل أية شركة نفطية في العالم‪ ،‬الثاني‪ :‬تظهر فيه سوناطراك تلعب دور سلطة الضبط والتنظيم‬
‫لقطاع المحروقات‪(Regulatory authority‬وهو الدور الذي تلعبه الدولة عادة)‪ ،‬ومن خالل نسبة المشاركة في العقود‬
‫التي ال تقل عن ‪ %51‬أرادت الحكومة الجزائرية تحقيق هدفين أساسين هما‪ :‬جلب االستثمار األجنبي من جهة‪ ،‬والرقابة‬
‫على كل العقود التي تبرم في مجال المحروقات من جهة أخرى‪.‬‬
‫شرات مثل‬ ‫ومع ذلك بدا أن النتائج الفعلية لهذا القانون بدأت تظهر بعد سنة ‪1990‬على مستوى العديد من المؤ ّ‬
‫ارتفاع احتياطي العملة الصعبة الذي ظل ثابتا في الجزائر بين سنتي ‪ ،1997-1971‬وأصبحت الجزائر سنة ‪ 1998‬أول‬
‫دولة في العالم في االكتشافات النفطية‪ ،‬وقد ساهم ذلك كلّه بالموازاة مع برامج اإلصالح الهيكلي التي باشرتها الجزائر بين‬
‫‪ 1998 -1994‬إلى إعادة االستقرار إلى المؤشرات الكلية لالقتصاد الجزائري وأثبت نجاعة االستراتيجية الجزائرية في‬
‫مجال الطاقة‪ ،‬وأ ّكد أن إعادة النظر في المنظومة القانونية يمكن أن يعطي نتائج فعّالة على المديين القريب والمتوسط‪.‬‬
‫التحوالت الدولية في‬
‫ّ‬ ‫ويمكن القول إن قانون ‪ 1986‬خطى خطوات مه ّمة نحو تأهيل قطاع المحروقات مع ما تتطلبه‬
‫صناعة النفط‪ ،‬إال أنه كان يعاني من بعض نقاط الضعف‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بعدم فتح مجال االستثمار الخارجي في منشآت‬
‫نقل المحروقات‪ ،‬ألن غلق هذا المجال أمام الشركات األجنبية وضع ضغوطا كبيرة على ميزانية شركة سوناطراك وأضعف‬
‫من قدراتها التنافسية في مجاالت االستكشاف واالنتاج‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬قانون ‪ 2005‬للمحروقات‪ :‬تغيير لإلطار القانوني أم استجابة للمتغيرات الدولية‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫يعد قانون المحروقات لـ ‪ 2005‬القانون الذي أنهى الهيمنة األحادية لشركة سوناطراك على قطاع المحروقات في‬
‫الجزائر سواء في مجال االستكشاف أو اإلنتاج أو أنشطة النقل‪ ،‬وجعلها على قدم السواء مع الشركات الدولية للنفط والغاز‬
‫في مجال االستثمار ضمن بيئة تنافسية شفافة‪ ،‬وذلك من أجل تحرير قطاع المحروقات‪ ،‬وفضال عن ذلك فقد أحدث قانون‬
‫‪ 2005‬تغييرا مه ّما على األطر المؤسساتية ونظام العقود‪ ،‬وكذا نظام الجباية‪ ،‬باإلضافة إلى تعامله مع عقود تقاسم اإلنتاج‬
‫الموجودة سلفا (‪.)PSC‬‬
‫ومن أجل تعزيز قوة التنظيم في قطاع المحروقات أنشأ قانون ‪ 2005‬وكالتين وطنيتين تتمتعان بالشخصية القانونية‬
‫واالستقالل المالي تدعيان "وكالتي المحروقات"‪:‬‬
‫الوكالة الوطنية لمراقبة النشاطات وضبطها في مجال المحروقات وتدعى في نص القانون "بسلطة ضبط‬
‫‪L’agence Nationale de Contrôle et de Régulation des Activités dans le‬المحروقات"‬
‫‪domaine des Hydrocarbures (ARH):‬‬
‫وتتولى سلطة ضبط المحروقات التنظيم التقني المطبق على النشاطات التي يحكمها هذا القانون‪:‬‬
‫التنظيم المتعلق بتطبيق التعريفات ومبدأ االستعمال الحر من الغير لمنشآت النقل بواسطة القنوات والتخزين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التنظيم في مجال الصحة واألمن الصناعي‪ ،‬والبيئة والوقاية من المخاطر الكبرى وإدارتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دفتر الشروط الخاص بإنجاز منشآت النقل بواسطة األنابيب والتخزين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تطبيق المقاييس والمعايير المعدة على أساس أفضل تطبيق دولي‪ ،‬وتحدد هذه المقاييس والمعايير عن طريق التنظيم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تطبيق العقوبات والغرامات التي تسدد للخزينة العمومية في حالة مخالفة القوانين والتنظيمات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتكلف سلطة ضبط المحروقات بما يأتي‪:‬‬
‫دراسة طلبات منح امتياز النقل بواسطة األنابيب‪ ،‬وتقديم توصيات إلى الوزير المكلف بالمحروقات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تقديم توصية إلى الوزير المكلف بالمحروقات بسحب امتياز النقل بواسطة األنابيب في حالة تقصير خطير فيما يخص‬ ‫‪-‬‬
‫األحكام المنصوص عليها في عقد االمتياز حسب الشروط التي تحدد عن طريق التنظيم‪.‬‬
‫تسيير صندوق معادلة وتعويض تعريفات نقل المحروقات والمنتجات البترولية التي تحدد كيفيات سيره عن طرق‬ ‫‪-‬‬
‫التنظيم‬
‫التعاون مع الوزير المكلّف بالمحروق ات في مجال السياسة القطاعية وإعداد النصوص التنظيمية التي تحكم نشاطات‬ ‫‪-‬‬
‫المحروقات‪.‬‬
‫الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات وتدعى بـ "النفط"‬
‫)‪L’Agence Nationale pour la Valorisation des Ressources en Hydrocarbures (ANALFT‬‬
‫‪ :‬وتكلف هذه الوكالة بما يأتي ‪:‬‬
‫ترقية االستثمارات في مجال البحث واستغالل المحروقات‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫تسيير وتحسين بنوك المعطيات الخاصة بالبحث واستغالل المحروقات‬ ‫‪-‬‬
‫تسليم رخص التنقيب‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫القيام بعملية طرح المناقصات عبر المنافسة وتقييم العروض المتعلقة بنشاطات البحث واالستغالل‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫المتابعة والمراقبة‪ ،‬بصفتها طرفا متعاقدا‪ ،‬وتنفيذ عقود البحث و‪ /‬أو استغالل المحروقات‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫دراسة مخططات التنمية والموافقة عليها وتحيينها دوريا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫التأكد من استغالل موارد المحروقات ضمن احترام المحافظة المثلى عليها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ترقية تبادل المعلومات الخاصة بالسوق الغازية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫المساعدة على ترقية الصناعة الوطنية‬ ‫‪-‬‬
‫تشجيع نشاطات البحث والتنمية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ّ‬
‫التعاون مع الوزير المكلف بالمحروقات في مجال السياسة القطاعية‪ ،‬وإعداد النصوص التنظيمية التي تحكم نشاطات‬ ‫‪-‬‬
‫المحروقات‪.‬‬
‫القيام بإعداد مخطط على المديين المتوسط والبعيد لقطاع المحروقات بناء على مخططات متوسطة وبعيدة المدى‬ ‫‪-‬‬
‫للمتعاقدين وإرساله إلى الوزير المكلف بالمحروقات في شهر يناير من كل سنة‪.‬‬
‫تبادل المعلومات الجبائية فيما يخص عقود البحث و‪/‬أو استغالل المحروقات مع اإلدارة الجبائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تغيرا جذريا في اإلطار القانوني والطبيعة القانونية للعقود البترولية وخاصة أنّه‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يمكن القول أن قانون ‪ 2005‬مثل‬
‫ظم العقود البترولية من خالل‬ ‫أحدث قطيعة مع اإلطار القانوني لسنة ‪ 1986‬الذي ن ّ‬
‫الشراكة "‪ "association" "Partnership‬بين سوناطراك والشركات البترولية وضمن ميكانيزم عقود تقاسم‬
‫ليقر آلية جديدة في إبرام عقود‬ ‫ّ‬ ‫اإلنتاج‪،)PSC( Production Contract Sharing‬وبذلك جاء قانون ‪2005‬‬
‫المحروقات من خالل صيغة عقود البحث و‪ /‬أو االستغالل ‪ ،CRE‬ونتج عن هذه اآللية الجديدة مجموعة من التغيّرات‬
‫ظهرت في المعايير التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬يمكن للمتعاقدين (سواء كانوا شركات بترولية خارجية أو سوناطراك الجزائرية) إبرام عقود البحث و‪ /‬أو‬
‫االستغالل ‪ CRE‬مع الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" ‪ ALNAFT‬لكل أنشطة البحث أو التنقيب أو‬
‫االنتاج في الجزائر‪.‬‬
‫‪ -2‬أصبحت الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" مالكة السند المنجمي »‪( «Mining title‬وليس‬
‫سوناطراك كما كان الحال في إطار قانون ‪ ،)1986‬وهي التي لديها السلطة لمنح رخص التنقيب للشركات النفطية‬
‫المتعاقدة ضمن آلية ‪ CRE‬طوال فترة البحث أو االنتاج‪.‬‬
‫الحر والظروف الشفافة والعادلة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬تمنح "النفط" رخص التنقيب من خالل طرح مناقصات في ظل التنافس‬
‫‪ -4‬عند أي حدوث أي استكشاف جديد فإن الحقوق التجارية لإلنتاج تحترم على أساس االستكشاف التجاري‪ ،‬وذلك بعد‬
‫مصادقة "النفط" باعتباره يتالءم مع مخططات التطوير‪.‬‬
‫‪ -5‬يتم تقاسم كل المنتجات النفطية بين األطراف المتعاقدة بعد تسديد كل الضرائب وتسديد حقوق الملكية لـ "النفط" (التي‬
‫تمثل طرف الدولة في التعاقد)‬
‫‪ -5‬تمتلك سوناطراك نسبة ‪ %51‬عن أية عقود تتم وفقا آللية ‪ CRE‬عقود البحث و‪ /‬أو االستغالل‪ .‬أنظر الجدول‬
‫رقم (‪)5‬‬

‫الجدول رقم (‪ )5‬طبيعة عقود البحث و‪/‬أو االستغالل في قانون ‪ 2005‬قبل تعديل ‪2006‬‬
‫السند الدولة الجزائرية ممثلة في الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات‬ ‫مالك‬
‫المنجمي ‪" Mining title‬النفط" وليس سوناطراك كما كان في قانون ‪.1986‬‬
‫أو‪ -‬تمنح رخص التنقيب من خالل طرح مناقصات‪.‬‬ ‫مبادئ عقود البحث و‪1 /‬‬
‫‪ -2‬تمتلك سوناطراك ‪ %51‬من أية عقود بحث و‪ /‬أو استغالل‪ ،‬ولسوناطراك‬ ‫االستغالل‪CRE‬‬
‫خيار المشاركة بنسبة تصل إلى ‪ %30‬وال تقل عن ‪ %20‬عندما ال تكون‬
‫سوناطراك طرفا في العقد‪.‬‬
‫‪ -3‬تستفيد الشركات من امتيازات إلنجاز هياكل ومنشآت النقل باألنابيب‪.‬‬
‫‪ -4‬يتم تقاسم كل المنتجات النفطية بين األطراف المتعاقدة بعد تسديد كل‬
‫الضرائب وتسديد حقوق الملكية لـ "النفط" (التي تمثل طرف الدولة في‬
‫التعاقد)‬
‫وبالمقارنة مع قانون ‪ 1986‬نجد أن عقود االستكشاف واالنتاج في قانون ‪14-86‬عبر آلية عقود تقاسم االنتاج‬
‫(‪ )PSC‬كانت تتضمن خدمات المخاطر‪ Risk services and joint ventures‬وهو األمر الذي ال نجده في قانون‬
‫‪ 2005‬من خالل آلية ‪ CRE‬التي تنص على أن العقود تهدف إلى البحث و‪ /‬أو االستغالل فقط‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن العقود تبرم بين الشركات النفطية والوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" بصفتها‬
‫مالكة حقوق االستغالل وذلك من خالل طرح مناقصات في بيئة تنافسية وتتسم بالشفافية‪ ،‬ولكن االستثناء الذي يراه البعض‬
‫معاكسا للتوجه الليبرالي‪ /‬التحريري الذي يحمله قانون ‪ 2005‬هو مضمون المادة ‪ 48‬التي تقول‪" :‬يتضمن كل عقد بحث‬
‫واستغالل بندا يعطي سوناطراك شركة ذات أسهم‪ ،‬عندما ال تكون طرفا متعاقداً‪ ،‬خيار المشاركة في االستغالل يمكن أن‬
‫يصل إلى (‪ )%30‬في المائة وال يقل عن (‪ )%20‬في المائة‪".‬‬
‫لقد جاء قانون ‪ 2005‬بشكل عام من أجل تمكين وتعزيز القدرة التنافسية لشركة سوناطراك على مستوى الصناعة‬
‫النفطية في السوق الداخلية والدولية‪ ،‬وعكس رغبة الحكومة الجزائرية في تحويل سوناطراك إلى متعامل اقتصادي وليس‬
‫ممثال للقطاع العام في صورة سلطة ضبط وتنظيم لقطاع المحروقات مثلما كان الوضع في ظل قانون ‪.14-86‬‬
‫إ ّن التغير الذي حدث في اإلطار القانوني كان يهدف إلى دفع شركة سوناطراك إلى المنافسة من أجل الحصول على‬
‫عقود نفطية في الداخل والخارج‪ ،‬وبدا ذلك جليا ً من خالل تقليص نسبة ‪ %51‬من عقود تقاسم االنتاج ‪ PSC‬لسوناطراك‪،‬‬
‫إلى خيار المشاركة في االستغالل بنسبة تصل إلى ‪ %30‬عندما ال تكون سوناطراك طرفا متعاقداً‪ ،‬وال تستطيع سوناطراك‬
‫االستفادة من هذا الخيار إال بعد موافقة الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" وفي فترة زمنية محدودة " يجب‬
‫أن يمارس هذا الخيار أمام سوناطراك‪ ،‬شركة ذات أسهم خالل ثالثين (‪ )30‬يوما على األكثر بعد موافقة الوكالة الوطنية‬
‫لتثمين موارد المحروقات (النفط) على مخطط تطوير االكتشاف التجاري‪".‬‬
‫لقد فتح قانون ‪ 2005‬المجال أمام االستثمار الخارجي في مجال النقل بواسطة األنابيب الذي لم يكن مسموحا ً به ّإال‬
‫للشركات الوطنية في ظل قانون ‪ ،1986‬بحيث أصبح بإمكان الشركات األجنبية االستفادة من امتياز النقل بواسطة األنابيب‬
‫عن طريق تقديم طلب إلى سلطة ضبط المحروقات التي تطرح مناقصة بشأن منح أي امتيازات إلنجاز هياكل أو منشآت‬
‫النقل باألنابيب‪ ،‬ويعطي هذا القانون لسوناطراك خيار المشاركة في أي امتياز يُمنح لنقل المحروقات إذا لم تكن طرفا متعاقداً‪.‬‬
‫وساهم قانون ‪ 2005‬بشكل أساسي في دعم وتعزيز مطلب نقل التكنولوجيا واالستفادة من التطور التكنولوجي في‬
‫مجال المحروقات من خالل تحويل الملكية عند نهاية العقود أو نهاية فترات االمتياز‪ ،‬فعند انقضاء مدة عقد البحث و‪ /‬أو‬
‫االستغالل يتم هذا التحويل دون أية تكاليف تتحملها الدولة‪.‬‬
‫ولكن مع ذلك فإن قانون ‪ 2005‬واجه بعض المشكالت التقنية والتنظيمية كانت ربما تحتاج إلى نصوص قانونية‬
‫أخرى مثل التعامل مع مشكلة عدم توفر السند المنجمي‪ ،‬أو التوضيحات بشأن مدة عقود البحث و‪ /‬أو االستغالل ‪ ،CRE‬أو‬
‫امكانية منح فترة احتجاز ‪ Retention‬لعقود البحث و‪ /‬أو االستغالل وخاصة في حالة عدم القدرة على إعالن اكتشاف‬
‫تجاري بسبب عوائق ناجمة عن عجز في منشآت النقل باألنابيب‪ ،‬هذه بعض القضايا التي تهم المتعاقدين والشركات األجنبية‬
‫التي كانت بحاجة إلى توضيحات أكثر‪.‬‬
‫ولكن مع ذلك ساهمت هذه الحزمة القانونية الجديدة في نوع وك ّم العروض التي تم قبولها وهذا مؤشر على نجاعة‬
‫اإلطار الجديد‪ ،‬ومؤشر على الرضا الذي القاه في أوساط الشركات العالمية للنفط والغاز التي حصلت ‪ 73‬شركة من‬
‫الشركات الكبرى على عقود من بينها ‪.Total ،Chevron ،BP ،Shell ،Exxon‬‬
‫ولكن تعديل قانون ‪ 2005‬سنة ‪ 2006‬اعتبره العديد من الخبراء تراجعا ً عن خط تحرير قطاع المحروقات في‬
‫الجزائر من خالل العودة إلى إلزامية مشاركة سوناطراك بنسبة ال تقل عن ‪ %51‬في عقود االستكشاف‪ ،‬واإلنتاج‪ ،‬والنقل‪،‬‬
‫ومجمل أنشطة التنقيب‪ ،‬ولكن هذه ليست المشكلة الوحيدة التي طرحها هذا التعديل على قانون ‪ 2005‬من خالل فرضه رسم‬
‫على األرباح االستثنائية (» ‪ )Taxe sur les profits exceptionnelles/Windfall Profit Tax « WPT‬غير‬
‫قابل للحسم على الشركاء األجانب‪ ،‬وذلك ما طرح إشكالية للشركات األجنبية التي أبرمت عقود شراكة ‪( association‬في‬
‫ظل قانون ‪ )1986‬بحيث كان مفروضا عليها العمل بميكانيزم األرباح المنزلقة ‪Profit Skimming Mechanism‬الذي‬
‫يشبه من ناحية المبدأ الرسم على األرباح االستثنائية‪ ،‬وهذا ما يؤثر بشكل كبير على ربحية عمليات اإلنتاج‪ ،‬و ينعكس على‬
‫جاذبية االستثمار الخارجي بشكل سلبي‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن القانون لم يشر إلى الرسوم على األرباح االستثنائية فيما يخص إنتاج الغاز الطبيعي ألن‬
‫تعديل ‪ 2006‬أشار فقط إلى انتاج النفط وطريقة حساب الرسم من خالل سعر البرنت‪.‬‬
‫وهذا ليس المشكل الوحيد الذي قد تواجهه الشركات النفطية‪ ،‬ألنه إذا أضفنا إلى كل ذلك إلزامية مشاركة سوناطراك‬
‫بنسبة ال تقل عن ‪ %51‬في عقود االستكشاف واالنتاج والنقل إلى الرسوم على األرباح االستثنائية سوف يكون ذلك مجحفا‬
‫في حق الشركات األجنبية‪ ،‬ويخفض من ربحية هذه العقود بشكل كبير‪.‬‬
‫وفي األخير يمكن القول إن قانون ‪ ،2005‬وحتى تعديالت ‪ 2006‬على قانون المحروقات جاءت في الحقيقة لدعم‬
‫ثالث أولويات رئيسية للحكومة الجزائرية وهي‪:‬‬
‫استمرار سوناطراك الشركة الوطنية المتعامل الرئيسي في مجال المحروقات في الجزائر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تزايد المداخيل المحولة إلى الخزينة العمومية من قطاع المحروقات واستمرار تزايد االحتياطي الجزائري من العملة‬ ‫‪-‬‬
‫الصعبة‪.‬‬
‫استمرار قطاع المحروقات كقطاع قائد ومساهم أساسي في التنمية االقتصادية واالجتماعية في الجزائر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ولكن النجاح في تحقيق هذه األولويات االستراتيجية الثالث اليزال يواجه العديد من العقبات التنظيمية والقانونية التي‬
‫تبرز بشكل كبير من خالل تضارب الرهانات والتردد في اتخاذ القرارات االستراتيجية لتغيير األطر القانونية والتنظيمية‪،‬‬
‫ألن هذه األولويات تصطدم برهانات أخرى ال تقل أهمية من بينها ضرورة تحرير قطاع المحروقات بالشكل الذي ّ‬
‫يعزز من‬
‫قدرات سوناطراك التنافسية داخلي ا ً وخارجياً‪ ،‬ورهان ضرورة استقطاب االستثمار الخارجي ومنح امتيازات واسعة‬
‫للمستثمرين الراغبين في دخول السوق الوطنية‪ ،‬ورهان استرجاع مكانة الجزائر في مجال استخراج وإنتاج المواد الطاقوية‪،‬‬
‫في ظل المنافسة التي تفرضها الدول المنتجة للنفط والدول الصاعدة المنتجة للغاز مثل قطر وليبيا ومصر‪ ،‬والتي تعرض‬
‫حوافز كبيرة للمؤسسات والشركات الطاقوية الكبرى‪ ،‬وذلك من أجل االستفادة من االحتياطي الضخم الذي كشفت الدراسات‬
‫الجيوفيزيائية أن باطن األرض يزخر به في حقول ومناطق أخرى لم يتم االستخراج منها بعد ‪.‬‬
‫وبين االنغالق الشديد الذي ضيّق على الشركات األجنبية واالنفتاح غير المحسوب‪ ،‬أدّى ذلك إلى عدم استقرار في‬
‫األطر القانونية والتشريعية بحيث عرفت الجزائر تغييرين قانونيين في سنة واحدة (قانون ‪ 2005‬وتعديل ‪.)2006‬‬
‫الرهانات الخارجية في تبني قانون ‪:2005‬‬
‫يبقى التساؤل مشروعا عن األسباب الحقيقية وراء هذا القانون الذي سوف تكون له تأثيرات عميقة ومتعددة على‬
‫قطاع الطاقة في الجزائر‪ ،‬وخاصة إذا ما أخذنا يعين االعتبار التأثيرات التي يمكن أن تحدث لشركة سوناطراك التي تحتل‬
‫المرتبة ‪ 12‬في تصنيف العالمي للشركات البترولية‪ ،‬فضال عن أنها تعد ثالث شركة مصدرة للغاز في العالم‪ ،‬ولذلك يمكن‬
‫أن نشير إلى أهم المتغيرات الخارجية وخاصة تلك المتعلقة بنمو السوق العالمية للطاقة وعالقة ذلك مع اإلطار القانوني‬
‫أقره قانون ‪ 2005‬للمحروقات‪.‬‬ ‫والتنظيمي الذي ّ‬
‫أوال‪ :‬العامل األول يتعلق بالتغيّرات والتحوالت التي يمكن أن تؤثر على الجزائر باعتبارها دولة غازية ومستقبل‬ ‫‪-‬‬
‫العالقات الجزائرية األوروبية في مجال الغاز الذي تعتبر الجزائر أحد الممولين الرئيسيين للسوق األوروبية به‪ ،‬بحيث‬
‫يشهد هذا المجال منافسة شديدة من دول منتجة للغاز في المنطقة مثل (قطر‪ ،‬ومصر‪ ،‬إيران‪ ،‬ليبيا)‪ ،‬وفضال عن ذلك‬
‫فهناك توجه أوروبي إلى إعادة هيكلة السوق األوروبية للطاقة نحو االعتماد على الغاز الطبيعي منذ سنة ‪ 1998‬ومحاولة‬
‫تحرير سوق الطاقة بشكل عام‪ ،‬م ّما قد يؤدي إلى تراجع األسعار في السوق العالمية‪ ،‬ويؤدّي بالنتيجة إلى إضعاف موقف‬
‫الدول المصدرة للغاز من خالل خلق تنافس شديد بينها وهو ما قد يكون في مصلحة دول المجموعة األوروبية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العامل الثاني هو التأثير المفترض لدخول الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة على قطاع المحروقات في‬ ‫‪-‬‬
‫الجزائر‪ ،‬فالبعض يعتقد أن المنظمة العالمية للتجارة ال تهتم بالدول المصدرة للنفط‪ ،‬أو أن دخولها ليس في صالح المنظمة‪،‬‬
‫وخصوصا عند مواجهة ذلك التناقض بين مبدأ المنظمة العالمية للتجارة الذي يسعى إلى تحرير التجارة وإلغاء كل أنواع‬
‫القيود سواء الكمية أو التعريفية (حسب المادة ‪ )11‬على حركة التجارة الدولية‪ ،‬ومبدأ الدول المصدرة‬
‫للنفط ‪( OPEC‬التي تعتبر الجزائر عضوا فيها) الذي يعتمد على مبدأ الحصص الكمية في تصدير النفط‪ .‬ويبدو أن‬
‫مشكالت عديدة سوف تطرح في المستقبل ألن اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة سوف تؤثر بأي شكل من األشكال على‬
‫الصناعات االستخراجية والصناعات البتروكيماوية إن عاجالً أم آجالً‪ ،‬وسوف يستعر الجدل والنقاش حول قضايا من‬
‫قبيل التسعير المزدوج للسلع النفطية للدول المنتجة (التي تضع أسعارا منخفضة للسلع النفطية في الداخل)‪.‬‬
‫التأثيرات المتوقعة على شركة سوناطراك‪:‬‬
‫لقد كانت هناك مخاوف حقيقية حول الوضع المستقبلي لشركة سوناطراك في مواجهة شركات النفط العالمية‪ ،‬وذلك‬
‫بالرغم من القدرات المادية والبشرية التي تملكها فضال عن تمتعها بحقوق المالك الوحيد »‪«Sole-owner‬وصاحب السند‬
‫المنجمي‪ ،‬ولكن نشاط شركة سوناطراك بدأ يتجه نحو التراجع بعد قانون ‪ 1986‬بسبب االمتيازات الكبيرة التي منحها‬
‫القانون إلى شركة سوناطراك بشكل أثّر على قدرتها على إدارة استثماراتها واتخاذ القرارات االستراتيجية المناسبة‪.‬‬
‫أما قانون ‪ 2005‬فكانت له نتائج سلبية متعددة سواء على شركة سوناطراك أو على مستقبل قطاع المحروقات في‬
‫الجزائر بحيث صاحب هذا القانون انخفاض كبير في اإلنتاج وجمود في االستثمارات‪ ،‬أو توجه االستثمارات في غير الموطن‬
‫المالئم لها‪ ،‬والنتيجة كانت انكماش قياسي لصادرات الجزائر من الغاز الطبيعي‪ ،‬وأصبحت الجزائر مهدّدة بفقدان حصتها‬
‫من السوق األوروبية‪ ،‬بحيث بدأت بعض الدول األوروبية ومنها فرنسا‪ ،‬تطالب بإعادة النظر في أسعار الغاز‪ ،‬وستكون‬
‫المتضررين من ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الجزائر وشركة سوناطراك أكبر‬
‫ولذلك بدت الحاجة ماسة إلى إعادة هيكلة العالقة بين شركة سوناطراك والدولة الجزائرية‪ ،‬ووضع حدود واضحة‬
‫ظم‪ ،‬وتحتاج شركة سوناطراك إلى توضيح طبيعة العالقة بينها وبين‬ ‫بين الدولة كمتعامل اقتصادي أو الدولة كمراقب ومن ّ‬
‫الدولة الجزائرية التي تعتبر مالكها‪ ،‬وعلى األقل سوف يساعد هذا التحديد على تجنيب سوناطراك تبعات الهزات االقتصادية‬
‫والمالية التي يمكن أن تتعرض لها الدولة الجزائرية‪ ،‬ويجعلها في وضع أحسن في مجال رسم األهداف واالستراتيجيات التي‬
‫تراها مناسبة لها من وجهة نظر الجدوى االقتصادية مثلما تفعل الشركات النفطية العالمية مع ضرورة إعادة النظر في‬
‫المنظومة القانونية التي تشتغل ضمنها شركة سوناطراك والتي تضعها في موقف أضعف بالمقارنة مع األطر المؤسساتية‬
‫والقانونية التي تشتغل فيها الشركات النفطية العالمية‪ ،‬أصبح أمراً ال مناص منه‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬تعديالت ‪ 2013‬على قانون ‪ 2005‬للمحروقات‪ :‬عود على بدء‬ ‫‪-‬‬
‫لقد وجدت الحكومة الجزائرية نفسها مدفوعة إلى إعادة النظر في قانون ‪2005‬من أجل تجاوز النقائص والسلبيات‬
‫التي ميزته فاتجهت نحو مزيد من التعديالت والتصحيحات على هذا القانون‪ ،‬كان آخرها مصادقة المجلس الشعبي الوطني‬
‫الجزائري في ‪ 21‬يناير ‪ 2013‬على قانون المحروقات المت ّمم والمعدّل لقانون ‪.2005‬‬
‫لقد شهدت الجزائر تراجعا ً شديداً في االحتياطات النفطية والغازية وفي اإلنتاج نتيجة العتماد قانون ‪ ،2005‬وقد ت ّم‬
‫مالحظة ذلك منذ ‪ 2006‬بحيث تراجع إنتاج الجزائر من المحروقات بنسبة ‪ ،%25‬وكان يمكن اكتشاف ذلك حتى خارج‬
‫أثر األسعار وحصص التصدير في أوبك‪ .‬ويعود تراجع االنتاج في الجزائر إلى موقف الشركات األجنبية التي كانت بإمكانها‬
‫لوحدها االستكشاف في الطبقات الثانوية وفي حقول الغاز الصخري‪.‬‬
‫ولم توفق الجزائر في إعالن مناقصات دولية جديدة لالستكشاف منذ سنة ‪ ،2010‬ألن قطاع المحروقات في الجزائر‬
‫أعطى رسائل سلبية للشركاء األجانب عن جاهزيته لالستثمار وتضاعفت الشكوك حول ربحية االستثمار في الجزائر‪ ،‬م ّما‬
‫دفع بسوناطراك إلى اعتماد مخطط استثمار وطني بحجم ‪ 80‬مليار دوالر في للخمس سنوات المقبلة‪ ،‬والذي يعتبره البعض‬
‫مخططا ً محفوفا ً بالمخاطر فيما إذا تراجعت أسعار النفط في هذه الفترة‪ ،‬األمر الذي قد يقلّص بشكل حاد من مكرر الربحية‪،‬‬
‫وآجال استرداد رأس المال‪ .‬فضال عن ذلك‪ ،‬فإن زيادة قضايا التحكيم الدولي في المنازعات التجارية التي نشبت بين‬
‫شوهت من صورة بيئة االستثمار األجنبي في قطاع المحروقات‬ ‫سوناطراك وشركات الطاقة الكبرى مثل ريبسول وأناداركو ّ‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫وفي المقابل فإن القانون الجديد عليه أن يواجه الرهانات التي ترى أن سن قانون يساهم في التوسع في االستكشافات‬
‫قد يشكل خطرا على الجزائر في المدى البعيد‪ ،‬ألن فيه استهالك غير منتج لالحتياطي من النفط والغاز‪ ،‬وألنه قد يكون من‬
‫األجدى تمديد (تأجيل) فترة النضوب‪ .‬ولذلك يرى البعض أن الحكومة الجزائرية أمام خيارين ال ثالث لهما‪:‬‬
‫الخيار األول‪ :‬هو االستمرار في سياسة االستثمار في االستكشافات بالمعدل المقرر الذي هو ‪ 16‬مليار دوالر سنويا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫سوف يؤدّي إلى مضاعفة االحتياطي المؤ ّكد من النفط والغاز‪ ،‬وهو ما يتطلب دخول االستثمار األجنبي بشكل أوسع‪ ،‬ما‬
‫يستدعي تعديالت راديكالية في قانون المحروقات‪ ،‬وهذا الخيار محفوف بالمخاطر ألنّه مقيد بالعائد على االستثمار الذي‬
‫يرتبط باتجاهات أسواق الطاقة في العالم‪.‬‬
‫أ ّما الخيار الثاني‪ :‬فيفترض توسيع اإلطار القانوني والتشريعي الحالي ليشمل االستكشافات في الطاقات المتجددة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وبدائل الط اقة األحفورية‪.‬‬
‫ولذلك تض ّمن القانون الجديد على تعديالت وتكميليات على ‪ 58‬مادة من القانون ‪ 07-05‬لـ ‪ 28‬أفريل ‪ 2005‬المتعلق‬
‫بالمحروقات باإلضافة إلى إدراج ‪ 10‬مواد جديدة إليه‪ .‬وتنص التعديالت الجديدة على ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬احتكار المؤسسة الوطنية سوناطراك لنشاط النقل للمحروقات وكذا للمنتجات البترولية عبر األنابيب‪.‬‬
‫ب‪ -‬استثناء إنتاج الحقول المستغلة حاليا من اإلجراءات الجبائية الجديدة‪ - .‬توسيع المراقبة الجبائية إلى الشركات البترولية‬
‫األجنبية التي تشتغل بالجزائر وهو إجراء كان يطبق فقط على مجمع سوناطراك الذي كان يخضع إلجراءات مراقبة‬
‫الشركات التي تضمنها قانون الضرائب الجزائري‪.‬‬
‫ت‪ -‬تعطى األولوية لتلبية احتياجات السوق الوطنية من المحروقات السائلة والغازية السيما عن طريق نصوص تلزم‬
‫المتعاقدين بالتخلي ‪-‬بالسعر الدولي عن جزء من إنتاجهم‪-‬إمكانية دفع اإلتاوة عينا‪.‬‬
‫ث‪ -‬توضيح وتحديد بعض مهام وكاالت المحروقات‪ ،‬توضيح وتحديد بعض مهام سلطة ضبط المحروقات وكذا الوكالة‬
‫الوطنية لتثمين موارد المحروقات (النفط)‪.‬‬
‫ج‪ -‬تخفيف وتسهيل ظروف ممارسة نشاطات التنقيب والبحث و‪/‬أو استغالل المحروقات‪ ،‬مع إدراج أحكام خاصة بالتكفل‬
‫بالبحث واستغالل المحروقات غير التقليدية وتعزيز مشاركة سوناطراك في نشاطات البحث عن المحروقات‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى إدراج مادة تلزم أي شخص بإشراك سوناطراك لممارسة نشاطات تحويل المحروقات والتكرير‪.‬‬
‫ح‪ -‬إدراج مادة تلزم أي شخص يريد ممارسة نشاطات التكرير أن يكون لديه قدرات تخزين خاصة به‪.‬‬
‫خ‪ -‬إعادة النظر في منهجية تحديد نسبة الرسم على الدخل البترولي الذي يعتمد أساسا على مردودية المشروع بدل رقم‬
‫األعمال‪.‬‬
‫إدراج إجراءات جبائية تحفيزية لتشجيع النشاطات المتعلقة بالمحروقات غير التقليدية للمكامن الصغيرة وللمكامن‬ ‫د‪-‬‬
‫الواقعة في المناطق غير المكتشفة بما فيه الكفاية السيما تلك الواقعة في عرض البحر والمكامن ذات األرضية المعقدة‬
‫و‪/‬أو التي تفتقد للمنشئات‪.‬‬
‫إدخال نظام اصطفاء األرباح االستثنائية التي يمكن تطبيقه على المستفيدين من النسبة المخفضة للضريبة التكميلية‬ ‫ذ‪-‬‬
‫على اإلنتاج ألن هذا الرسم سيعوض الضريبة التكميلية على األرباح االستثنائية‪.WPT‬‬
‫ويمكن القول أن القانون الجديد المعتمد يشبه إلى ح ّد بعيد نظام عقود تقاسم اإلنتاج لقانون ‪ ،14 -86‬بحيث يحاول‬
‫تصحيح االختالالت في قانون ‪ 2005‬الذي اعتمد على نظام االمتياز‪ ،‬بينما اعتمد قانون ‪ 86‬عقودا وفقا للقانون التجاري‪،‬‬
‫فقد سمح القانون السابق للشركات بأن تمتلك كتال لالستكشاف وفرض على سوناطراك أن تساهم بنسبة ‪ %51‬بالمائة‪،‬‬
‫وبالتالي كانت التدابير مجحفة في حق شركة سوناطراك وغير مرضية للكثير من الشركات األجنبية‪ ،‬وهو السبب الذي كان‬
‫وراء فشل كل المناقصات‪ ،‬فضال عن ذلك‪ ،‬فقد ظل الرسم على األرباح االستثنائية يشكل مصدر نزاع ألنه فُرض بأثـر‬
‫رجعي‪.‬‬
‫وكان الهدف من تغيير اإلطار القانوني والتشريعي هو بعث االستكشاف في قطاع المحروقات من جديد‪ ،‬من أجل‬
‫طمأنة الشركات األجنبية‪ ،‬فتم تغيير النظام الجبائي الذي كان مثار العديد من االنتقادات فلم تعد الجباية في القانون الجديد‬
‫ترتكز على المردودية بل على رقم األعمال‪ ،‬وشروط استغالل وتطوير البترول والغاز غير التقليدي باإلضافة إلى ذلك‪،‬‬
‫فإن الرسم على األرباح االستثنائية لم يلغ بشكل نهائي‪ ،‬ولكنه لم يعد يطبق بأثر رجعي‪ ،‬وت ّم فرض اقتطاع على األرباح‬
‫الكبيرة وفقا لنسبة المردودية‪ ،‬وهذه اآللية الجديدة تشبه مبدأ عقود تقاسم اإلنتاج‪.‬‬
‫ولكن يرى الكثير من الخبراء أن التعديالت الجديدة على قانون المحروقات تبدو خجولة جدّا‪ ،‬وتخلو من أية تعديالت‬
‫جذرية إذا ما قارناها بالتعديل القانوني لسنة ‪ ،2006‬وخاصة من خالل فشله في تعديل البند المتعلق بنسبة مساهمة شركات‬
‫النفط العالمية بـ ‪ ،30%49‬فضال عن الضعف الشديد التي تعاني منه بيئة االستثمار في الجزائر‪ ،‬باإلضافة إلى صعوبات‬
‫أخرى يعاني منها قطاع المحروقات‪ ،‬مثل ارتفاع نسبة االستهالك المحلي للنفط من ‪ % 26‬سنة ‪ 2005‬إلى ‪ %40‬سنة‬
‫‪ ،2010‬وتراجع إنتاج المحروقات بشكل عام‪ ،‬م ّما أثر سلبا على حساب المبادالت الجارية للجزائرـ‬
‫ففيما عرفت أغلب الدول المصدرة للنفط زيادة في فائض المبادالت التجارية يصل إلى ‪ % 70‬فقد تراجع فائض‬
‫المبادالت التجارية في الجزائر بنسبة ‪ ،%50‬وهو يطرح تحفظات عديدة حول مدى فعالية التعديل القانوني الجديد في‬
‫مواجهة كل هذه اإلشكاليات‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫لقد مثّل قانون المحروقات ‪ 86-14‬نقطة تحول جوهرية في تنظيم قطاع المحروقات في الجزائر‪ ،‬وذلك لعدة أسباب‬
‫منها تزامنه مع أزمة اقتصادية خانقة عرفتها الجزائر سنة ‪ 1986‬مع انهيار أسعار النفط وانهيار العائدات الخارجية‬
‫للجزائر بنسبة ‪ ،٪ 43‬بحيث حاولت الجزائر من خالل هذا القانون إيجاد االستراتيجية المالئمة للخروج من هذه األزمة‪،‬‬
‫واعتبر التغيير في اإلطار القانوني كأحد الحلول لتجاوز األزمة‪ ،‬بحيث فتح هذا القانون الباب على مصراعيه لالستثمار‬
‫الخارجي في مجال المحروقات من خالل آلية الشراكة مع شركة سوناطراك الوطنية التي كانت تعاني حينها من ضعف في‬
‫القدرات المالية والتكنولوجية‪.‬‬

‫ولعب قانون ‪ 2005‬دوراً أساسيا في سبيل تحرير قطاع المحروقات في الجزائر وإعادة هيكلة اإلطار القانوني‬
‫والمؤسساتي إلدارة هذا القطاع من خالل اعفاء شركة سوناطراك من عبئ إدارة القطاع لصالح الوكالة الوطنية لتثمين‬
‫موارد المحروقات "النفط" والوكالة الوطنية لمراقبة النشاطات وضبطها في مجال المحروقات "سلطة الضبط" وهو ماساهم‬
‫في تحرير قطاع المحروقات ولو جزئيا وأسهم في انعاش االستثمارات األجنبية بشكل كبير‪ ،‬وال سيما دوره في إعادة هيكلة‬
‫نظام العقود بشكل جعلها أكثر فاعلية‪ ،‬ولكن تم التراجع عن أهم البنود بعد تعديل سنة ‪ ،2006‬ولذلك ظلت تعتريه العديد‬
‫من االختالالت التي كان لها كبير األثر على قطاع المحروقات في الجزائر من خاللتراجع إنتاج الجزائر من المحروقات‬
‫بنسبة ‪ ،%25‬وجمود كبير في االستثمارات‪ ،‬بحيث لم تعلن الجزائر عن أية مناقصات دولية لالستكشاف منذ سنة ‪،2010‬‬
‫باإلضافة إلى عدم نجاعة النظام الجبائي والذي كان يشكل نقطة الخالف األساسية بين إدارة قطاع المحروقات و الشركاء‬
‫األجانببحيث تعيق الرسوم على األرباح االستثنائية الشركات النفطية في حالة تجاوز السعر المعلن لبرميل النفط (البرنت)‬
‫الـ ‪ 30‬دوالرا عملية التراكم الرأسمالي لتلك الشركات‪.‬‬
‫كما ظلت قاعدة ‪ 49-51‬التي تحكم االستثمار األجنبي في قطاع المحروقات تؤثر بشكل سلبي على قدرة قطاع‬
‫المحروقات على استقطاب االستثمار الخارجي‪ .‬وحتى تعديل ‪ 2013‬جاء من أجل تجاوز حالة الركود التي ضربت القطاع‬
‫جراء قانون ‪ 2005‬بحيث تجمدت االكتشافات في آخر ثالث سنوات‪ ،‬وتزايدت قضايا التحكيم الدولي في المنازعات التجارية‬ ‫ّ‬
‫بين الشركات االجنبية و سوناطراك‪ ،‬ولذلك جاء القانون بإجراءات جديدة تساهم في المحافظة على جاذبية الجزائر في مجال‬
‫االستثمارات وفقا لتطور صناعة المحروقات‪ ،‬بحيث تم إعادة النظر في الترتيبات الجبائية‪ ،‬ودفع نحو االستفادة من نقل‬
‫التكنولوجيا والخبرة من خالل التسهيالت والحوافز وتشجيع االستكشاف في الطاقات المتجددة وبدائل الطاقات األحفورية‪.‬‬
‫إال أن القانون ال يزال يثير المخاوف نفسها من طرف الشركات األجنبية فيما يتعلق بقاعدة ‪ ،49-51‬وتأكيده على استمرار‬
‫احتكار شركة سوناطراك مجال نقل المحروقات بواسطة األنابيب‪ ،‬لذا يعتقد الكثيرون أن التغيير التشريعي والقانوني الجديد‬
‫مهم ولكنه يظل غير كاف‪ ،‬في ظل غياب مقاربة أشمل لسياسة طاقوية في الجزائر‪.‬‬

You might also like