Professional Documents
Culture Documents
التشريع النفطي و البيئي في الجزائر
التشريع النفطي و البيئي في الجزائر
بحث حول:
أنجز من طرف:
2020-2019
البيئة
مقدمة:
أصبحت قضية البيئة من أهم القضايا التي نالت اهتمام العديد من العلماء والمتخصصين خالل القرن الواحد والعشرين
باعتبارها أحد األركان التي تعتمد عليها التنمية المستدامة في كافّة البلدان المتقدمة منها والنامية على حد سواء .وتتعرض
البيئة في الوقت الحالي للعديد من المشكالت التي بدأت تظهر آثارها على جميع الكائنات الحية بصورة عامة والمجتمع
الحضري بصفة خاصة .ومن أكثر هذه المشكالت إلحاحا التلوث الصناعي بكافّة أشكاله وصوره باعتباره يش ّكل تهديدا
واضحا لمختلف أوجه الحياة الصحية والبيئية ،ويتطلّب مواجهته والحد من آثاره بتظافر كافّة قطاعات المجتمع وفئاته.
وتسعى الج ا زئر اليوم باعتبارها جزء ال يتج أ ز من النّظام العالمي ،إلى وضع سياسات بيئية منسجمة بهدف التّقليص من
شي األم ا رض وتدهور البيئة بصفة عامة .فبادرت إلى سن قوانين حدة التلوث البيئي الذي نتج عنه انتشار األوبئة وتف ّ
وتحديد الهيئات المختصة في حماية البيئة على ضوء ،وكما جاء االهتمام إال في بداية الثمانينات من القرن الماضي بصدور
أول تشريع بتاريخ 1983/02/05ليلغى بعد 20سنة من تطبيقه بالقانون رقم 01-03الصادر في 2003/07/19
المتعلق بالحماية والتنمية المستدامة والتخطيط لألنشطة البيئية.
وأمام هذه الوضعية يثور التساؤل حول األليات التي استحدثها التشريع الجزائري في مجال البيئة ودورها في الحد من التلوث
البيئة؟ وكيفية تدخل األفراد والجمعيات والمؤسسات في حماية البيئة؟
تقاسم الحقوق والواجبات اعتماد على نسبة المشاركة. شروط الشراكة -1
يجب أال تقل نسبة سوناطراك عن %51 -2 association
يستفيد الشريك األجنبي كتعويض عن التكاليف ،وبدل أتعاب بنقل جزء من مبادئ عقود تقاسم
إنتاجه عبر معابر الشحن خالية من الضرائب. اإلنتاج
ال تتجاوز حصة الشريك األجنبي نسبة %49لإلنتاج الكلي للحقول الجارية. تقاسم-
1 خصائص عقود
يتحمل الشريك األجنبي مخاطر عملية االستكشاف -2 اإلنتاج
تخلو أرباح الشريك األجنبي من أية ضرائب ،بحيث تتحمل سوناطراك دفع -3
الضرائب على الدخل عن الشريك األجنبي والتي تعادل نسبة الضريبة العامة.
الجدول رقم ( )4شراكة عقد الخدمة ) Risk Service Contract (RSCبحسب قانون :1986
يستفيد الشريك األجنبي كتعويض للتكاليف وبدل أتعاب على مدفوعات من النوع مبادئ عقد الخدمة
أو نقداً خالية من الرسوم.
-1تسمح هذه العقود للشريك األجنبي باختيار نوعية المخاطر التي يتحملها. خصائص عقد الخدمة
-2يعتمد الدفع على نوع المخاطر التي اختارها الشريك األجنبي.
-3ال يستفيد الشريك األجنبي من أية امتيازات في حقول اإلنتاج.
من المفيد التذكير أن قانون 86-14جاء في ظروف خاصة ،وهي ظروف األزمة االقتصادية وتراجع مداخيل
المبادالت الخارجية بنسبة ،%34ولذلك جاء هذا القانون من أجل فتح مجال االستثمار الخارجي في قطاع المحروقات من
خالل الشراكة مع سوناطراك ،وحتى التعديالت التي مسّت القانون سنة 1991جاءت من أجل تحسين وتعزيز هذا القانون
من خالل توسيعه ليشمل مجال الغاز الطبيعي ،وكذا تحسين نظام الضرائب لجعله أكثر جاذبية لالستثمار الخارجي من خالل
التخفيف من الشرط المالية والضرائب على الدخل ،والتخفيف من اإلتاوات ،Royaltiesوبالرغم من ذلك فقد القى هذا
القانون بعض المعارضة داخل البرلمان من أجل إدراج تعديالت تنص على عدم تجاوز نسبة الشركات األجنبية في الشراكة
%49واألولوية كانت تعطى لالستكشاف الجديد وليس العمل في الحقول الموجودة ،وقد أثّر ذلك سلبيا على مدى تجاوب
الشركات األجنبية مع قانون ،1986األمر الذي دفع الحكومة الجزائرية إلى إدخال تعديالت جديدة على القانون وشملت
14تعديال على قانون ثم المصادقة عليها سنة 1991وإلحاقها بقانون 1986وسمحت هذه التعديالت الجديدة للشركات
األجنبية حق الحصول على أرباح منصفة ،ومنح حق اللجوء إلى التحكيم الدولي في حاالت الخالف والتنازع.
ساهمت تعديالت 1991في جلب العديد من الشركات األجنبية إلى إبرام عقود االستكشاف في الجزائر طوال عقد
التسعينيات بالرغم من األزمة السياسية واألمنية الخطيرة التي كانت تعيشها الجزائر .ويمكن أن نلخص تعديالت سنة 1991
فيما يلي:
-1إدراج آلية للتحكيم الدولي.
-2إدراج الشراكة في الحقول المكتشفة سلفاً.
-3منح امتيازات في مجال الغاز.
-4فتح مجال االستثمار للشركات األجنبية في مجال نقل المحروقات باألنابيب.
-5تخفيض اإلتاوات إلى .%10
-6تخفيض الضريبة على الدخل إلى .%42
إن قانون 14-86أعطى الحق لشركة سوناطراك الحصول على نسبة %51من أية عقود تخصّ التنقيب والبحث
واالستكشاف أو االنتاج في مجال المحروقات في الجزائر ،ومن الجدير بالذكر أن هذا القانون جعل شركة سوناطراك في
وضع مؤسساتي معقد من خالل المسؤولية الملقاة على عاتقها في إدارة قطاع المحروقات ،فقد أصبحت شركة سوناطراك
تحت طائلة قانون 14-86تضطلع بدورين متناقضين في فحواهما ،األول تظهر فيه سوناطراك على أنها متعامل اقتصادي
يستثمر في قطاع النفط والغاز مثل أية شركة نفطية في العالم ،الثاني :تظهر فيه سوناطراك تلعب دور سلطة الضبط والتنظيم
لقطاع المحروقات(Regulatory authorityوهو الدور الذي تلعبه الدولة عادة) ،ومن خالل نسبة المشاركة في العقود
التي ال تقل عن %51أرادت الحكومة الجزائرية تحقيق هدفين أساسين هما :جلب االستثمار األجنبي من جهة ،والرقابة
على كل العقود التي تبرم في مجال المحروقات من جهة أخرى.
شرات مثل ومع ذلك بدا أن النتائج الفعلية لهذا القانون بدأت تظهر بعد سنة 1990على مستوى العديد من المؤ ّ
ارتفاع احتياطي العملة الصعبة الذي ظل ثابتا في الجزائر بين سنتي ،1997-1971وأصبحت الجزائر سنة 1998أول
دولة في العالم في االكتشافات النفطية ،وقد ساهم ذلك كلّه بالموازاة مع برامج اإلصالح الهيكلي التي باشرتها الجزائر بين
1998 -1994إلى إعادة االستقرار إلى المؤشرات الكلية لالقتصاد الجزائري وأثبت نجاعة االستراتيجية الجزائرية في
مجال الطاقة ،وأ ّكد أن إعادة النظر في المنظومة القانونية يمكن أن يعطي نتائج فعّالة على المديين القريب والمتوسط.
التحوالت الدولية في
ّ ويمكن القول إن قانون 1986خطى خطوات مه ّمة نحو تأهيل قطاع المحروقات مع ما تتطلبه
صناعة النفط ،إال أنه كان يعاني من بعض نقاط الضعف ،خاصة تلك المتعلقة بعدم فتح مجال االستثمار الخارجي في منشآت
نقل المحروقات ،ألن غلق هذا المجال أمام الشركات األجنبية وضع ضغوطا كبيرة على ميزانية شركة سوناطراك وأضعف
من قدراتها التنافسية في مجاالت االستكشاف واالنتاج.
ثانيا ً :قانون 2005للمحروقات :تغيير لإلطار القانوني أم استجابة للمتغيرات الدولية: -
يعد قانون المحروقات لـ 2005القانون الذي أنهى الهيمنة األحادية لشركة سوناطراك على قطاع المحروقات في
الجزائر سواء في مجال االستكشاف أو اإلنتاج أو أنشطة النقل ،وجعلها على قدم السواء مع الشركات الدولية للنفط والغاز
في مجال االستثمار ضمن بيئة تنافسية شفافة ،وذلك من أجل تحرير قطاع المحروقات ،وفضال عن ذلك فقد أحدث قانون
2005تغييرا مه ّما على األطر المؤسساتية ونظام العقود ،وكذا نظام الجباية ،باإلضافة إلى تعامله مع عقود تقاسم اإلنتاج
الموجودة سلفا (.)PSC
ومن أجل تعزيز قوة التنظيم في قطاع المحروقات أنشأ قانون 2005وكالتين وطنيتين تتمتعان بالشخصية القانونية
واالستقالل المالي تدعيان "وكالتي المحروقات":
الوكالة الوطنية لمراقبة النشاطات وضبطها في مجال المحروقات وتدعى في نص القانون "بسلطة ضبط
L’agence Nationale de Contrôle et de Régulation des Activités dans leالمحروقات"
domaine des Hydrocarbures (ARH):
وتتولى سلطة ضبط المحروقات التنظيم التقني المطبق على النشاطات التي يحكمها هذا القانون:
التنظيم المتعلق بتطبيق التعريفات ومبدأ االستعمال الحر من الغير لمنشآت النقل بواسطة القنوات والتخزين. -
التنظيم في مجال الصحة واألمن الصناعي ،والبيئة والوقاية من المخاطر الكبرى وإدارتها. -
دفتر الشروط الخاص بإنجاز منشآت النقل بواسطة األنابيب والتخزين. -
تطبيق المقاييس والمعايير المعدة على أساس أفضل تطبيق دولي ،وتحدد هذه المقاييس والمعايير عن طريق التنظيم. -
تطبيق العقوبات والغرامات التي تسدد للخزينة العمومية في حالة مخالفة القوانين والتنظيمات. -
وتكلف سلطة ضبط المحروقات بما يأتي:
دراسة طلبات منح امتياز النقل بواسطة األنابيب ،وتقديم توصيات إلى الوزير المكلف بالمحروقات. -
تقديم توصية إلى الوزير المكلف بالمحروقات بسحب امتياز النقل بواسطة األنابيب في حالة تقصير خطير فيما يخص -
األحكام المنصوص عليها في عقد االمتياز حسب الشروط التي تحدد عن طريق التنظيم.
تسيير صندوق معادلة وتعويض تعريفات نقل المحروقات والمنتجات البترولية التي تحدد كيفيات سيره عن طرق -
التنظيم
التعاون مع الوزير المكلّف بالمحروق ات في مجال السياسة القطاعية وإعداد النصوص التنظيمية التي تحكم نشاطات -
المحروقات.
الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات وتدعى بـ "النفط"
)L’Agence Nationale pour la Valorisation des Ressources en Hydrocarbures (ANALFT
:وتكلف هذه الوكالة بما يأتي :
ترقية االستثمارات في مجال البحث واستغالل المحروقات، -
تسيير وتحسين بنوك المعطيات الخاصة بالبحث واستغالل المحروقات -
تسليم رخص التنقيب، -
القيام بعملية طرح المناقصات عبر المنافسة وتقييم العروض المتعلقة بنشاطات البحث واالستغالل، -
المتابعة والمراقبة ،بصفتها طرفا متعاقدا ،وتنفيذ عقود البحث و /أو استغالل المحروقات، -
دراسة مخططات التنمية والموافقة عليها وتحيينها دوريا، -
التأكد من استغالل موارد المحروقات ضمن احترام المحافظة المثلى عليها. -
ترقية تبادل المعلومات الخاصة بالسوق الغازية، -
المساعدة على ترقية الصناعة الوطنية -
تشجيع نشاطات البحث والتنمية، -
ّ
التعاون مع الوزير المكلف بالمحروقات في مجال السياسة القطاعية ،وإعداد النصوص التنظيمية التي تحكم نشاطات -
المحروقات.
القيام بإعداد مخطط على المديين المتوسط والبعيد لقطاع المحروقات بناء على مخططات متوسطة وبعيدة المدى -
للمتعاقدين وإرساله إلى الوزير المكلف بالمحروقات في شهر يناير من كل سنة.
تبادل المعلومات الجبائية فيما يخص عقود البحث و/أو استغالل المحروقات مع اإلدارة الجبائية. -
تغيرا جذريا في اإلطار القانوني والطبيعة القانونية للعقود البترولية وخاصة أنّهّ ّ
يمكن القول أن قانون 2005مثل
ظم العقود البترولية من خالل أحدث قطيعة مع اإلطار القانوني لسنة 1986الذي ن ّ
الشراكة " "association" "Partnershipبين سوناطراك والشركات البترولية وضمن ميكانيزم عقود تقاسم
ليقر آلية جديدة في إبرام عقود ّ اإلنتاج،)PSC( Production Contract Sharingوبذلك جاء قانون 2005
المحروقات من خالل صيغة عقود البحث و /أو االستغالل ،CREونتج عن هذه اآللية الجديدة مجموعة من التغيّرات
ظهرت في المعايير التالية:
-1يمكن للمتعاقدين (سواء كانوا شركات بترولية خارجية أو سوناطراك الجزائرية) إبرام عقود البحث و /أو
االستغالل CREمع الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" ALNAFTلكل أنشطة البحث أو التنقيب أو
االنتاج في الجزائر.
-2أصبحت الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" مالكة السند المنجمي »( «Mining titleوليس
سوناطراك كما كان الحال في إطار قانون ،)1986وهي التي لديها السلطة لمنح رخص التنقيب للشركات النفطية
المتعاقدة ضمن آلية CREطوال فترة البحث أو االنتاج.
الحر والظروف الشفافة والعادلة.
ّ -3تمنح "النفط" رخص التنقيب من خالل طرح مناقصات في ظل التنافس
-4عند أي حدوث أي استكشاف جديد فإن الحقوق التجارية لإلنتاج تحترم على أساس االستكشاف التجاري ،وذلك بعد
مصادقة "النفط" باعتباره يتالءم مع مخططات التطوير.
-5يتم تقاسم كل المنتجات النفطية بين األطراف المتعاقدة بعد تسديد كل الضرائب وتسديد حقوق الملكية لـ "النفط" (التي
تمثل طرف الدولة في التعاقد)
-5تمتلك سوناطراك نسبة %51عن أية عقود تتم وفقا آللية CREعقود البحث و /أو االستغالل .أنظر الجدول
رقم ()5
الجدول رقم ( )5طبيعة عقود البحث و/أو االستغالل في قانون 2005قبل تعديل 2006
السند الدولة الجزائرية ممثلة في الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات مالك
المنجمي " Mining titleالنفط" وليس سوناطراك كما كان في قانون .1986
أو -تمنح رخص التنقيب من خالل طرح مناقصات. مبادئ عقود البحث و1 /
-2تمتلك سوناطراك %51من أية عقود بحث و /أو استغالل ،ولسوناطراك االستغاللCRE
خيار المشاركة بنسبة تصل إلى %30وال تقل عن %20عندما ال تكون
سوناطراك طرفا في العقد.
-3تستفيد الشركات من امتيازات إلنجاز هياكل ومنشآت النقل باألنابيب.
-4يتم تقاسم كل المنتجات النفطية بين األطراف المتعاقدة بعد تسديد كل
الضرائب وتسديد حقوق الملكية لـ "النفط" (التي تمثل طرف الدولة في
التعاقد)
وبالمقارنة مع قانون 1986نجد أن عقود االستكشاف واالنتاج في قانون 14-86عبر آلية عقود تقاسم االنتاج
( )PSCكانت تتضمن خدمات المخاطر Risk services and joint venturesوهو األمر الذي ال نجده في قانون
2005من خالل آلية CREالتي تنص على أن العقود تهدف إلى البحث و /أو االستغالل فقط.
باإلضافة إلى ذلك ،فإن العقود تبرم بين الشركات النفطية والوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" بصفتها
مالكة حقوق االستغالل وذلك من خالل طرح مناقصات في بيئة تنافسية وتتسم بالشفافية ،ولكن االستثناء الذي يراه البعض
معاكسا للتوجه الليبرالي /التحريري الذي يحمله قانون 2005هو مضمون المادة 48التي تقول" :يتضمن كل عقد بحث
واستغالل بندا يعطي سوناطراك شركة ذات أسهم ،عندما ال تكون طرفا متعاقداً ،خيار المشاركة في االستغالل يمكن أن
يصل إلى ( )%30في المائة وال يقل عن ( )%20في المائة".
لقد جاء قانون 2005بشكل عام من أجل تمكين وتعزيز القدرة التنافسية لشركة سوناطراك على مستوى الصناعة
النفطية في السوق الداخلية والدولية ،وعكس رغبة الحكومة الجزائرية في تحويل سوناطراك إلى متعامل اقتصادي وليس
ممثال للقطاع العام في صورة سلطة ضبط وتنظيم لقطاع المحروقات مثلما كان الوضع في ظل قانون .14-86
إ ّن التغير الذي حدث في اإلطار القانوني كان يهدف إلى دفع شركة سوناطراك إلى المنافسة من أجل الحصول على
عقود نفطية في الداخل والخارج ،وبدا ذلك جليا ً من خالل تقليص نسبة %51من عقود تقاسم االنتاج PSCلسوناطراك،
إلى خيار المشاركة في االستغالل بنسبة تصل إلى %30عندما ال تكون سوناطراك طرفا متعاقداً ،وال تستطيع سوناطراك
االستفادة من هذا الخيار إال بعد موافقة الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" وفي فترة زمنية محدودة " يجب
أن يمارس هذا الخيار أمام سوناطراك ،شركة ذات أسهم خالل ثالثين ( )30يوما على األكثر بعد موافقة الوكالة الوطنية
لتثمين موارد المحروقات (النفط) على مخطط تطوير االكتشاف التجاري".
لقد فتح قانون 2005المجال أمام االستثمار الخارجي في مجال النقل بواسطة األنابيب الذي لم يكن مسموحا ً به ّإال
للشركات الوطنية في ظل قانون ،1986بحيث أصبح بإمكان الشركات األجنبية االستفادة من امتياز النقل بواسطة األنابيب
عن طريق تقديم طلب إلى سلطة ضبط المحروقات التي تطرح مناقصة بشأن منح أي امتيازات إلنجاز هياكل أو منشآت
النقل باألنابيب ،ويعطي هذا القانون لسوناطراك خيار المشاركة في أي امتياز يُمنح لنقل المحروقات إذا لم تكن طرفا متعاقداً.
وساهم قانون 2005بشكل أساسي في دعم وتعزيز مطلب نقل التكنولوجيا واالستفادة من التطور التكنولوجي في
مجال المحروقات من خالل تحويل الملكية عند نهاية العقود أو نهاية فترات االمتياز ،فعند انقضاء مدة عقد البحث و /أو
االستغالل يتم هذا التحويل دون أية تكاليف تتحملها الدولة.
ولكن مع ذلك فإن قانون 2005واجه بعض المشكالت التقنية والتنظيمية كانت ربما تحتاج إلى نصوص قانونية
أخرى مثل التعامل مع مشكلة عدم توفر السند المنجمي ،أو التوضيحات بشأن مدة عقود البحث و /أو االستغالل ،CREأو
امكانية منح فترة احتجاز Retentionلعقود البحث و /أو االستغالل وخاصة في حالة عدم القدرة على إعالن اكتشاف
تجاري بسبب عوائق ناجمة عن عجز في منشآت النقل باألنابيب ،هذه بعض القضايا التي تهم المتعاقدين والشركات األجنبية
التي كانت بحاجة إلى توضيحات أكثر.
ولكن مع ذلك ساهمت هذه الحزمة القانونية الجديدة في نوع وك ّم العروض التي تم قبولها وهذا مؤشر على نجاعة
اإلطار الجديد ،ومؤشر على الرضا الذي القاه في أوساط الشركات العالمية للنفط والغاز التي حصلت 73شركة من
الشركات الكبرى على عقود من بينها .Total ،Chevron ،BP ،Shell ،Exxon
ولكن تعديل قانون 2005سنة 2006اعتبره العديد من الخبراء تراجعا ً عن خط تحرير قطاع المحروقات في
الجزائر من خالل العودة إلى إلزامية مشاركة سوناطراك بنسبة ال تقل عن %51في عقود االستكشاف ،واإلنتاج ،والنقل،
ومجمل أنشطة التنقيب ،ولكن هذه ليست المشكلة الوحيدة التي طرحها هذا التعديل على قانون 2005من خالل فرضه رسم
على األرباح االستثنائية (» )Taxe sur les profits exceptionnelles/Windfall Profit Tax « WPTغير
قابل للحسم على الشركاء األجانب ،وذلك ما طرح إشكالية للشركات األجنبية التي أبرمت عقود شراكة ( associationفي
ظل قانون )1986بحيث كان مفروضا عليها العمل بميكانيزم األرباح المنزلقة Profit Skimming Mechanismالذي
يشبه من ناحية المبدأ الرسم على األرباح االستثنائية ،وهذا ما يؤثر بشكل كبير على ربحية عمليات اإلنتاج ،و ينعكس على
جاذبية االستثمار الخارجي بشكل سلبي.
باإلضافة إلى ذلك ،فإن القانون لم يشر إلى الرسوم على األرباح االستثنائية فيما يخص إنتاج الغاز الطبيعي ألن
تعديل 2006أشار فقط إلى انتاج النفط وطريقة حساب الرسم من خالل سعر البرنت.
وهذا ليس المشكل الوحيد الذي قد تواجهه الشركات النفطية ،ألنه إذا أضفنا إلى كل ذلك إلزامية مشاركة سوناطراك
بنسبة ال تقل عن %51في عقود االستكشاف واالنتاج والنقل إلى الرسوم على األرباح االستثنائية سوف يكون ذلك مجحفا
في حق الشركات األجنبية ،ويخفض من ربحية هذه العقود بشكل كبير.
وفي األخير يمكن القول إن قانون ،2005وحتى تعديالت 2006على قانون المحروقات جاءت في الحقيقة لدعم
ثالث أولويات رئيسية للحكومة الجزائرية وهي:
استمرار سوناطراك الشركة الوطنية المتعامل الرئيسي في مجال المحروقات في الجزائر. -
تزايد المداخيل المحولة إلى الخزينة العمومية من قطاع المحروقات واستمرار تزايد االحتياطي الجزائري من العملة -
الصعبة.
استمرار قطاع المحروقات كقطاع قائد ومساهم أساسي في التنمية االقتصادية واالجتماعية في الجزائر. -
ولكن النجاح في تحقيق هذه األولويات االستراتيجية الثالث اليزال يواجه العديد من العقبات التنظيمية والقانونية التي
تبرز بشكل كبير من خالل تضارب الرهانات والتردد في اتخاذ القرارات االستراتيجية لتغيير األطر القانونية والتنظيمية،
ألن هذه األولويات تصطدم برهانات أخرى ال تقل أهمية من بينها ضرورة تحرير قطاع المحروقات بالشكل الذي ّ
يعزز من
قدرات سوناطراك التنافسية داخلي ا ً وخارجياً ،ورهان ضرورة استقطاب االستثمار الخارجي ومنح امتيازات واسعة
للمستثمرين الراغبين في دخول السوق الوطنية ،ورهان استرجاع مكانة الجزائر في مجال استخراج وإنتاج المواد الطاقوية،
في ظل المنافسة التي تفرضها الدول المنتجة للنفط والدول الصاعدة المنتجة للغاز مثل قطر وليبيا ومصر ،والتي تعرض
حوافز كبيرة للمؤسسات والشركات الطاقوية الكبرى ،وذلك من أجل االستفادة من االحتياطي الضخم الذي كشفت الدراسات
الجيوفيزيائية أن باطن األرض يزخر به في حقول ومناطق أخرى لم يتم االستخراج منها بعد .
وبين االنغالق الشديد الذي ضيّق على الشركات األجنبية واالنفتاح غير المحسوب ،أدّى ذلك إلى عدم استقرار في
األطر القانونية والتشريعية بحيث عرفت الجزائر تغييرين قانونيين في سنة واحدة (قانون 2005وتعديل .)2006
الرهانات الخارجية في تبني قانون :2005
يبقى التساؤل مشروعا عن األسباب الحقيقية وراء هذا القانون الذي سوف تكون له تأثيرات عميقة ومتعددة على
قطاع الطاقة في الجزائر ،وخاصة إذا ما أخذنا يعين االعتبار التأثيرات التي يمكن أن تحدث لشركة سوناطراك التي تحتل
المرتبة 12في تصنيف العالمي للشركات البترولية ،فضال عن أنها تعد ثالث شركة مصدرة للغاز في العالم ،ولذلك يمكن
أن نشير إلى أهم المتغيرات الخارجية وخاصة تلك المتعلقة بنمو السوق العالمية للطاقة وعالقة ذلك مع اإلطار القانوني
أقره قانون 2005للمحروقات. والتنظيمي الذي ّ
أوال :العامل األول يتعلق بالتغيّرات والتحوالت التي يمكن أن تؤثر على الجزائر باعتبارها دولة غازية ومستقبل -
العالقات الجزائرية األوروبية في مجال الغاز الذي تعتبر الجزائر أحد الممولين الرئيسيين للسوق األوروبية به ،بحيث
يشهد هذا المجال منافسة شديدة من دول منتجة للغاز في المنطقة مثل (قطر ،ومصر ،إيران ،ليبيا) ،وفضال عن ذلك
فهناك توجه أوروبي إلى إعادة هيكلة السوق األوروبية للطاقة نحو االعتماد على الغاز الطبيعي منذ سنة 1998ومحاولة
تحرير سوق الطاقة بشكل عام ،م ّما قد يؤدي إلى تراجع األسعار في السوق العالمية ،ويؤدّي بالنتيجة إلى إضعاف موقف
الدول المصدرة للغاز من خالل خلق تنافس شديد بينها وهو ما قد يكون في مصلحة دول المجموعة األوروبية.
ثانيا :العامل الثاني هو التأثير المفترض لدخول الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة على قطاع المحروقات في -
الجزائر ،فالبعض يعتقد أن المنظمة العالمية للتجارة ال تهتم بالدول المصدرة للنفط ،أو أن دخولها ليس في صالح المنظمة،
وخصوصا عند مواجهة ذلك التناقض بين مبدأ المنظمة العالمية للتجارة الذي يسعى إلى تحرير التجارة وإلغاء كل أنواع
القيود سواء الكمية أو التعريفية (حسب المادة )11على حركة التجارة الدولية ،ومبدأ الدول المصدرة
للنفط ( OPECالتي تعتبر الجزائر عضوا فيها) الذي يعتمد على مبدأ الحصص الكمية في تصدير النفط .ويبدو أن
مشكالت عديدة سوف تطرح في المستقبل ألن اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة سوف تؤثر بأي شكل من األشكال على
الصناعات االستخراجية والصناعات البتروكيماوية إن عاجالً أم آجالً ،وسوف يستعر الجدل والنقاش حول قضايا من
قبيل التسعير المزدوج للسلع النفطية للدول المنتجة (التي تضع أسعارا منخفضة للسلع النفطية في الداخل).
التأثيرات المتوقعة على شركة سوناطراك:
لقد كانت هناك مخاوف حقيقية حول الوضع المستقبلي لشركة سوناطراك في مواجهة شركات النفط العالمية ،وذلك
بالرغم من القدرات المادية والبشرية التي تملكها فضال عن تمتعها بحقوق المالك الوحيد »«Sole-ownerوصاحب السند
المنجمي ،ولكن نشاط شركة سوناطراك بدأ يتجه نحو التراجع بعد قانون 1986بسبب االمتيازات الكبيرة التي منحها
القانون إلى شركة سوناطراك بشكل أثّر على قدرتها على إدارة استثماراتها واتخاذ القرارات االستراتيجية المناسبة.
أما قانون 2005فكانت له نتائج سلبية متعددة سواء على شركة سوناطراك أو على مستقبل قطاع المحروقات في
الجزائر بحيث صاحب هذا القانون انخفاض كبير في اإلنتاج وجمود في االستثمارات ،أو توجه االستثمارات في غير الموطن
المالئم لها ،والنتيجة كانت انكماش قياسي لصادرات الجزائر من الغاز الطبيعي ،وأصبحت الجزائر مهدّدة بفقدان حصتها
من السوق األوروبية ،بحيث بدأت بعض الدول األوروبية ومنها فرنسا ،تطالب بإعادة النظر في أسعار الغاز ،وستكون
المتضررين من ذلك.
ّ الجزائر وشركة سوناطراك أكبر
ولذلك بدت الحاجة ماسة إلى إعادة هيكلة العالقة بين شركة سوناطراك والدولة الجزائرية ،ووضع حدود واضحة
ظم ،وتحتاج شركة سوناطراك إلى توضيح طبيعة العالقة بينها وبين بين الدولة كمتعامل اقتصادي أو الدولة كمراقب ومن ّ
الدولة الجزائرية التي تعتبر مالكها ،وعلى األقل سوف يساعد هذا التحديد على تجنيب سوناطراك تبعات الهزات االقتصادية
والمالية التي يمكن أن تتعرض لها الدولة الجزائرية ،ويجعلها في وضع أحسن في مجال رسم األهداف واالستراتيجيات التي
تراها مناسبة لها من وجهة نظر الجدوى االقتصادية مثلما تفعل الشركات النفطية العالمية مع ضرورة إعادة النظر في
المنظومة القانونية التي تشتغل ضمنها شركة سوناطراك والتي تضعها في موقف أضعف بالمقارنة مع األطر المؤسساتية
والقانونية التي تشتغل فيها الشركات النفطية العالمية ،أصبح أمراً ال مناص منه.
ثالثا ً :تعديالت 2013على قانون 2005للمحروقات :عود على بدء -
لقد وجدت الحكومة الجزائرية نفسها مدفوعة إلى إعادة النظر في قانون 2005من أجل تجاوز النقائص والسلبيات
التي ميزته فاتجهت نحو مزيد من التعديالت والتصحيحات على هذا القانون ،كان آخرها مصادقة المجلس الشعبي الوطني
الجزائري في 21يناير 2013على قانون المحروقات المت ّمم والمعدّل لقانون .2005
لقد شهدت الجزائر تراجعا ً شديداً في االحتياطات النفطية والغازية وفي اإلنتاج نتيجة العتماد قانون ،2005وقد ت ّم
مالحظة ذلك منذ 2006بحيث تراجع إنتاج الجزائر من المحروقات بنسبة ،%25وكان يمكن اكتشاف ذلك حتى خارج
أثر األسعار وحصص التصدير في أوبك .ويعود تراجع االنتاج في الجزائر إلى موقف الشركات األجنبية التي كانت بإمكانها
لوحدها االستكشاف في الطبقات الثانوية وفي حقول الغاز الصخري.
ولم توفق الجزائر في إعالن مناقصات دولية جديدة لالستكشاف منذ سنة ،2010ألن قطاع المحروقات في الجزائر
أعطى رسائل سلبية للشركاء األجانب عن جاهزيته لالستثمار وتضاعفت الشكوك حول ربحية االستثمار في الجزائر ،م ّما
دفع بسوناطراك إلى اعتماد مخطط استثمار وطني بحجم 80مليار دوالر في للخمس سنوات المقبلة ،والذي يعتبره البعض
مخططا ً محفوفا ً بالمخاطر فيما إذا تراجعت أسعار النفط في هذه الفترة ،األمر الذي قد يقلّص بشكل حاد من مكرر الربحية،
وآجال استرداد رأس المال .فضال عن ذلك ،فإن زيادة قضايا التحكيم الدولي في المنازعات التجارية التي نشبت بين
شوهت من صورة بيئة االستثمار األجنبي في قطاع المحروقات سوناطراك وشركات الطاقة الكبرى مثل ريبسول وأناداركو ّ
الجزائري.
وفي المقابل فإن القانون الجديد عليه أن يواجه الرهانات التي ترى أن سن قانون يساهم في التوسع في االستكشافات
قد يشكل خطرا على الجزائر في المدى البعيد ،ألن فيه استهالك غير منتج لالحتياطي من النفط والغاز ،وألنه قد يكون من
األجدى تمديد (تأجيل) فترة النضوب .ولذلك يرى البعض أن الحكومة الجزائرية أمام خيارين ال ثالث لهما:
الخيار األول :هو االستمرار في سياسة االستثمار في االستكشافات بالمعدل المقرر الذي هو 16مليار دوالر سنويا، -
سوف يؤدّي إلى مضاعفة االحتياطي المؤ ّكد من النفط والغاز ،وهو ما يتطلب دخول االستثمار األجنبي بشكل أوسع ،ما
يستدعي تعديالت راديكالية في قانون المحروقات ،وهذا الخيار محفوف بالمخاطر ألنّه مقيد بالعائد على االستثمار الذي
يرتبط باتجاهات أسواق الطاقة في العالم.
أ ّما الخيار الثاني :فيفترض توسيع اإلطار القانوني والتشريعي الحالي ليشمل االستكشافات في الطاقات المتجددة، -
وبدائل الط اقة األحفورية.
ولذلك تض ّمن القانون الجديد على تعديالت وتكميليات على 58مادة من القانون 07-05لـ 28أفريل 2005المتعلق
بالمحروقات باإلضافة إلى إدراج 10مواد جديدة إليه .وتنص التعديالت الجديدة على ما يلي:
أ -احتكار المؤسسة الوطنية سوناطراك لنشاط النقل للمحروقات وكذا للمنتجات البترولية عبر األنابيب.
ب -استثناء إنتاج الحقول المستغلة حاليا من اإلجراءات الجبائية الجديدة - .توسيع المراقبة الجبائية إلى الشركات البترولية
األجنبية التي تشتغل بالجزائر وهو إجراء كان يطبق فقط على مجمع سوناطراك الذي كان يخضع إلجراءات مراقبة
الشركات التي تضمنها قانون الضرائب الجزائري.
ت -تعطى األولوية لتلبية احتياجات السوق الوطنية من المحروقات السائلة والغازية السيما عن طريق نصوص تلزم
المتعاقدين بالتخلي -بالسعر الدولي عن جزء من إنتاجهم-إمكانية دفع اإلتاوة عينا.
ث -توضيح وتحديد بعض مهام وكاالت المحروقات ،توضيح وتحديد بعض مهام سلطة ضبط المحروقات وكذا الوكالة
الوطنية لتثمين موارد المحروقات (النفط).
ج -تخفيف وتسهيل ظروف ممارسة نشاطات التنقيب والبحث و/أو استغالل المحروقات ،مع إدراج أحكام خاصة بالتكفل
بالبحث واستغالل المحروقات غير التقليدية وتعزيز مشاركة سوناطراك في نشاطات البحث عن المحروقات ،باإلضافة
إلى إدراج مادة تلزم أي شخص بإشراك سوناطراك لممارسة نشاطات تحويل المحروقات والتكرير.
ح -إدراج مادة تلزم أي شخص يريد ممارسة نشاطات التكرير أن يكون لديه قدرات تخزين خاصة به.
خ -إعادة النظر في منهجية تحديد نسبة الرسم على الدخل البترولي الذي يعتمد أساسا على مردودية المشروع بدل رقم
األعمال.
إدراج إجراءات جبائية تحفيزية لتشجيع النشاطات المتعلقة بالمحروقات غير التقليدية للمكامن الصغيرة وللمكامن د-
الواقعة في المناطق غير المكتشفة بما فيه الكفاية السيما تلك الواقعة في عرض البحر والمكامن ذات األرضية المعقدة
و/أو التي تفتقد للمنشئات.
إدخال نظام اصطفاء األرباح االستثنائية التي يمكن تطبيقه على المستفيدين من النسبة المخفضة للضريبة التكميلية ذ-
على اإلنتاج ألن هذا الرسم سيعوض الضريبة التكميلية على األرباح االستثنائية.WPT
ويمكن القول أن القانون الجديد المعتمد يشبه إلى ح ّد بعيد نظام عقود تقاسم اإلنتاج لقانون ،14 -86بحيث يحاول
تصحيح االختالالت في قانون 2005الذي اعتمد على نظام االمتياز ،بينما اعتمد قانون 86عقودا وفقا للقانون التجاري،
فقد سمح القانون السابق للشركات بأن تمتلك كتال لالستكشاف وفرض على سوناطراك أن تساهم بنسبة %51بالمائة،
وبالتالي كانت التدابير مجحفة في حق شركة سوناطراك وغير مرضية للكثير من الشركات األجنبية ،وهو السبب الذي كان
وراء فشل كل المناقصات ،فضال عن ذلك ،فقد ظل الرسم على األرباح االستثنائية يشكل مصدر نزاع ألنه فُرض بأثـر
رجعي.
وكان الهدف من تغيير اإلطار القانوني والتشريعي هو بعث االستكشاف في قطاع المحروقات من جديد ،من أجل
طمأنة الشركات األجنبية ،فتم تغيير النظام الجبائي الذي كان مثار العديد من االنتقادات فلم تعد الجباية في القانون الجديد
ترتكز على المردودية بل على رقم األعمال ،وشروط استغالل وتطوير البترول والغاز غير التقليدي باإلضافة إلى ذلك،
فإن الرسم على األرباح االستثنائية لم يلغ بشكل نهائي ،ولكنه لم يعد يطبق بأثر رجعي ،وت ّم فرض اقتطاع على األرباح
الكبيرة وفقا لنسبة المردودية ،وهذه اآللية الجديدة تشبه مبدأ عقود تقاسم اإلنتاج.
ولكن يرى الكثير من الخبراء أن التعديالت الجديدة على قانون المحروقات تبدو خجولة جدّا ،وتخلو من أية تعديالت
جذرية إذا ما قارناها بالتعديل القانوني لسنة ،2006وخاصة من خالل فشله في تعديل البند المتعلق بنسبة مساهمة شركات
النفط العالمية بـ ،30%49فضال عن الضعف الشديد التي تعاني منه بيئة االستثمار في الجزائر ،باإلضافة إلى صعوبات
أخرى يعاني منها قطاع المحروقات ،مثل ارتفاع نسبة االستهالك المحلي للنفط من % 26سنة 2005إلى %40سنة
،2010وتراجع إنتاج المحروقات بشكل عام ،م ّما أثر سلبا على حساب المبادالت الجارية للجزائرـ
ففيما عرفت أغلب الدول المصدرة للنفط زيادة في فائض المبادالت التجارية يصل إلى % 70فقد تراجع فائض
المبادالت التجارية في الجزائر بنسبة ،%50وهو يطرح تحفظات عديدة حول مدى فعالية التعديل القانوني الجديد في
مواجهة كل هذه اإلشكاليات.
خاتمة:
لقد مثّل قانون المحروقات 86-14نقطة تحول جوهرية في تنظيم قطاع المحروقات في الجزائر ،وذلك لعدة أسباب
منها تزامنه مع أزمة اقتصادية خانقة عرفتها الجزائر سنة 1986مع انهيار أسعار النفط وانهيار العائدات الخارجية
للجزائر بنسبة ،٪ 43بحيث حاولت الجزائر من خالل هذا القانون إيجاد االستراتيجية المالئمة للخروج من هذه األزمة،
واعتبر التغيير في اإلطار القانوني كأحد الحلول لتجاوز األزمة ،بحيث فتح هذا القانون الباب على مصراعيه لالستثمار
الخارجي في مجال المحروقات من خالل آلية الشراكة مع شركة سوناطراك الوطنية التي كانت تعاني حينها من ضعف في
القدرات المالية والتكنولوجية.
ولعب قانون 2005دوراً أساسيا في سبيل تحرير قطاع المحروقات في الجزائر وإعادة هيكلة اإلطار القانوني
والمؤسساتي إلدارة هذا القطاع من خالل اعفاء شركة سوناطراك من عبئ إدارة القطاع لصالح الوكالة الوطنية لتثمين
موارد المحروقات "النفط" والوكالة الوطنية لمراقبة النشاطات وضبطها في مجال المحروقات "سلطة الضبط" وهو ماساهم
في تحرير قطاع المحروقات ولو جزئيا وأسهم في انعاش االستثمارات األجنبية بشكل كبير ،وال سيما دوره في إعادة هيكلة
نظام العقود بشكل جعلها أكثر فاعلية ،ولكن تم التراجع عن أهم البنود بعد تعديل سنة ،2006ولذلك ظلت تعتريه العديد
من االختالالت التي كان لها كبير األثر على قطاع المحروقات في الجزائر من خاللتراجع إنتاج الجزائر من المحروقات
بنسبة ،%25وجمود كبير في االستثمارات ،بحيث لم تعلن الجزائر عن أية مناقصات دولية لالستكشاف منذ سنة ،2010
باإلضافة إلى عدم نجاعة النظام الجبائي والذي كان يشكل نقطة الخالف األساسية بين إدارة قطاع المحروقات و الشركاء
األجانببحيث تعيق الرسوم على األرباح االستثنائية الشركات النفطية في حالة تجاوز السعر المعلن لبرميل النفط (البرنت)
الـ 30دوالرا عملية التراكم الرأسمالي لتلك الشركات.
كما ظلت قاعدة 49-51التي تحكم االستثمار األجنبي في قطاع المحروقات تؤثر بشكل سلبي على قدرة قطاع
المحروقات على استقطاب االستثمار الخارجي .وحتى تعديل 2013جاء من أجل تجاوز حالة الركود التي ضربت القطاع
جراء قانون 2005بحيث تجمدت االكتشافات في آخر ثالث سنوات ،وتزايدت قضايا التحكيم الدولي في المنازعات التجارية ّ
بين الشركات االجنبية و سوناطراك ،ولذلك جاء القانون بإجراءات جديدة تساهم في المحافظة على جاذبية الجزائر في مجال
االستثمارات وفقا لتطور صناعة المحروقات ،بحيث تم إعادة النظر في الترتيبات الجبائية ،ودفع نحو االستفادة من نقل
التكنولوجيا والخبرة من خالل التسهيالت والحوافز وتشجيع االستكشاف في الطاقات المتجددة وبدائل الطاقات األحفورية.
إال أن القانون ال يزال يثير المخاوف نفسها من طرف الشركات األجنبية فيما يتعلق بقاعدة ،49-51وتأكيده على استمرار
احتكار شركة سوناطراك مجال نقل المحروقات بواسطة األنابيب ،لذا يعتقد الكثيرون أن التغيير التشريعي والقانوني الجديد
مهم ولكنه يظل غير كاف ،في ظل غياب مقاربة أشمل لسياسة طاقوية في الجزائر.