You are on page 1of 313

‫جامعة الجزائر ‪1‬‬

‫كـــلـــيــة الــحــقـــوق‬

‫إدماج اتفاقية تغير المناخ في التشريع الجزائري‬

‫رسالة لنيل شهادة دكتوراه الطور الثالث ل م د‬

‫تخصص قانون البيئة‬

‫إشراف األستاذة الدكتورة ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬

‫عميمر نعيمة‬ ‫وافي مريم‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬

‫األستاذة الدكتورة بن حمودة ليلى‪...................................................‬رئيسا‬


‫األستاذة الدكتورة عميمر نعيمة‪ .....................................................‬مقررا‬
‫األستاذ الدكتور أورحمون محمد الطاهر ‪.........................................‬عضوا‬
‫األستاذ الدكتور مراح علي‪..........................................................‬عضوا‬
‫الدكتورة زيد المال صافية ‪...........................................................‬عضوا‬
‫الدكتورة حميدة جميلة‪................................................................‬عضوا‬

‫السنة الجامعية‪2018-2017 :‬‬


‫جامعة الجزائر ‪1‬‬

‫كـــلـــيــة الــحــقـــوق‬

‫إدماج اتفاقية تغير المناخ في التشريع الجزائري‬

‫رسالة لنيل شهادة دكتوراه الطور الثالث ل م د‬

‫تخصص قانون البيئة‬

‫إشراف األستاذة الدكتورة ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬

‫نعيمة عميمر‬ ‫وافي مريم‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬

‫األستاذة الدكتورة بلحمودة ليلى‪.......................................................‬رئيسا‬


‫األستاذة الدكتورة عميمر نعيمة‪ .....................................................‬مقررا‬
‫األستاذ الدكتور أورحمون محمد الطاهر ‪.........................................‬عضوا‬
‫األستاذ الدكتور مراح علي‪..........................................................‬عضوا‬
‫الدكتورة زيد المال صافية ‪...........................................................‬عضوا‬
‫الدكتورة حميدة جميلة‪................................................................‬عضوا‬

‫السنة الجامعية‪2018-2017:‬‬
‫اإلهـــداء‬

‫إىل من كاان عوين وراحيت يف حيايت والـدي الـكـرميني‬

‫إىل إخـويت‬

‫إىل أقربـائي وأصدقـائي وزمالئـي يف الـدراسة‬

‫أهــدي عمـلي املـتــواضع‬


‫شــكــر وتـقــديـر‬

‫يف البداية الشكر واحلمد كله هلل الذي وفقين وأعانين على اجناز هذا البحث‬

‫الشــكر لألستاذة املشرفة نعيمة عميمر‬

‫الشــكر للجنة املناقشة‬


Résumé

Le changement climatique est une question qui sollicite la plus grande


attention de la communauté internationale d’où la signature de la convention
des Nations Unies sur le changement climatique. L’objectif de cette
convention est de stabiliser le taux des concentrations des gazes à effet de
serre dans l’atmosphère à un niveau qui empêche l’intervention dangereuse
de l’homme dans le système climatique et cela pour une période de temps
suffisante pour que les eco-systèmes puissent s’adapter au changement
climatique.

La ratification de la convention par l’Algérie implique l’introduction de


ses dispositions dans la législation Algérienne et l’accomplissement d’une
pertinence législative et institutionnelle à travers l’établissement des
supports juridiques et institutionnels ainsi que des programmes pertinents
aux objectifs de cette convention.

Abstract

Climate change is considered currently as the most important issue for


the international community, thus, the signature of the United Nations
convention on climate change. The purpose of this convention is to stabilize
global warming gases concentrations in the atmosphere to a level that
prevents dangerous human intervention in the climate system for a sufficient
period of time to permit to the ecological systems to naturally adapt to
climate change.

The ratification of this convention by Algeria requires the integration of


its dispositions within the Algerian legislation and the achievement of the
legislative and institutional relevance through the legal and institutional
supports and programs that comply with the purposes of this convention.
‫قائمة المختصرات‬

.‫الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية‬.............: ‫م‬.‫ت‬.‫و‬.‫و‬


.‫االتفاقية االطار للتغيرات المناخية‬............: ‫م‬.‫ت‬.‫ا‬.‫ت‬
.‫الفريق الحكومي للتطور المناخي‬...........:‫م‬.‫ت‬.‫ح‬.‫ف‬
.‫المركز الوطني للتنمية المستدامة‬............: ‫م‬.‫ت‬.‫و‬.‫م‬
.‫دراسة المخاطر‬..................: ‫م‬.‫د‬
.‫المفتشية الجهوية للبيئة‬.............: ‫ب‬.‫ح‬.‫م‬

LISTE DES ABREVIATIONS

CCCC: convention cadre des changements climatiques.

ANCC:agence nationale des changements climatiques.

CNTPP: centre national des technologies de production plus propres.

OMC: organisation mondiale de la sante.

FNE: fonds national pour l’environnement.

GIEC: groupe intergouvernemental pour l’évolution climatique.

UICN: union internationale de la conservation de la nature.


‫مـقـدمــــــــة‬

‫خلق اإلنسان في بيئته‪ 1‬وقد كان في المراحل البدائية من وجوده يصارع الطبيعة‬
‫للبقاء وهو ما يعبر عنه بتأقلم اإلنسان مع بدائية البيئة إال أنه وباعتباره كائنا مثقفا‪ ،‬عمل‬
‫على تطوير ظروف حياته نحو األحسن وهو في سبيل تحقيق ذلك قام بتطوير التكنولوجيا‬
‫واستخدامها‪ ،‬لتحسين الوسط المعيشي‪ ،‬بعدما كان متأث ار بالبيئة‪ ،‬أصبح هو من يؤثر فيها‪،‬‬
‫لكنه يؤثر بطريقة سلبية أكثر منها إيجابية‪.‬‬

‫إن حصول اإلنسان على الحياة المريحة التي سعى لتحقيقها من خالل التطور‬
‫العلمي والتكنولوجي‪ ،‬كان على حساب البيئة التي خرجت من حالتها الطبيعية وتغيرت‬
‫نتيجة تدخل يد االنسان وهو ما يقصد بالتلوث‪.2‬‬

‫آثار سلبية على مختلف مجاالت البيئة وانعكست أثاره على البيئة‬
‫لقد كان للتلوث ا‬
‫التي احتضنته في البداية‪.‬‬

‫تعد التغيرات المناخية أكثر قضية بيئية تستأثر باهتمام المجتمع الدولي حاليا‪ ،‬وهي‬
‫كل تغير يحدث في المناخ ويرجع بشكل مباشر او غير مباشر لألنشطة البشرية وينتج‬
‫عنه تغير في تركيب الغالف الجوي‪ ،‬التي تحولت إلى قضية حياتية معاشة ومؤثرة في‬
‫كل مظهر من مظاهر الحياة‪ ،‬والتي يعتقد أنها من الخطورة بحيث أن نتائجها العميقة‬
‫تعادل خطر اندالع حرب نووية‪.‬‬

‫ترتبط االضطرابات المناخية الواسعة في العالم ارتباطا وثيقا باالرتفاع الملحوظ في درجة‬

‫‪1‬عرفت المادة الرابعة من القانون رقم ‪ 10-03‬يتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة تتكون البيئة من الموارد‬
‫الطبيعية الالحيوية والحيوية كالهواء والجو والماء واألرض وباطن األرض والنبات والحيوان بما في ذلك التراث الوراثي‬
‫وأشكال التفاعل بين هذه الموارد وكذا األماكن والمنظر والمعالم الطبيعية‪.‬‬

‫‪2‬عرفت المادة الرابعة من القانون ‪ 10-03‬التلوث بأنه‪ :‬كل تغيير مباشر أو غير مباشر للبيئة‪ ،‬يتسبب فيه كل فعل‬
‫يحدث وضعية مضرة بالصحة وسالمة اإلنسان والنبات والحيوان والهواء والجو والماء واألرض والممتلكات الجماعية‬
‫والفردية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫مـقـدمــــــــة‬

‫ح اررة الكرة األرضية‪ ،‬والناتجة أساسا عن انبعاثات غازات الدفيئة من المصانع‬


‫والناتجة أيضا عن استهالك الطاقة كما أن ظاهرة التغيرات المناخية متالزمة مع كثافة‬
‫الحضور البشري واسرافه في استهالك الوقود العضوي حيث تتراكم االنبعاثات الغازية‬
‫بطبقة الغالف الجوي المالمسة لليابسة‪.‬‬
‫فالحالة المناخية للكرة األرضية تتبع قانون النظام الشمسي‪ ،‬أما التغير المناخي فهو‬
‫نتيجة لتلوث الغالف الجوي الذي يؤثر بدوره على النظام المناخي‪.‬‬
‫غير أن المجتمع الدولي وقع في تعارض بين رأيين متضادين‪:‬‬
‫األول‪ :‬يدعم التخويف من اآلثار المدمرة لظاهرة االحتباس الحراري نتيجة طغيان‬
‫الحضور البشري واستهالكاته المتزايدة من الوقود العضوي‪.‬‬
‫أما الثاني فيسير باتجاه اعتبار الظاهرة طبيعية وليست من صنع البشر وأنها تمثل‬
‫بداية عصر جليدي لم تتضح معالمه بعد‪ ،‬رغم هذا الخالف تمت الدعوة إلى ابرام اتفاقية‬
‫تعالج هذا المشكل وهو ما تحقق‪ ،‬حيث في خضم انعقاد مؤتمر ريودي جانيرو لسنة‬
‫‪ 1992‬تم االتفاق على إبرام ثالث اتفاقيات‪ ،‬كانت إحداها اتفاقية االمم المتحدة اإلطار‬
‫بشأن تغير المناخ بفضل جهود العلماء الذين ابرزوا دالئل قوية على وجود هذا التغير‬
‫مما خلق حالة من القلق على المستوى العالمي‪.‬‬
‫وباعتبار االتفاقيات البيئية جاءت بصفة عامة إطار أي عبارة عن مبادئ وأسس‬
‫قانونية هدفها حث الدول على االنضمام إليها‪ ،‬جاءت اتفاقية األمم المتحدة وفقا لنفس‬
‫المنهج االطار‪ ،‬بعد ذلك وإليجاد صيغة ملزمة لالتفاقية تحقق ذلك في بروتوكول كيوتو‬
‫‪.31997‬‬
‫إن أهم ما تدعو اليه االتفاقية هو خفض الدول نسب انبعاثات الدول لغازات الدفيئة‪،‬‬
‫والسبب األكبر في هذه االنبعاثات هو حرق مادة الكربون‪ ،‬التي تعتبر عصب الحياة‬

‫‪3‬في نوفمبر ‪ 1997‬اجتمع ممثل ‪ 160‬دولة بكيوتو اليابانية خالل الدورة الثالثة لمؤتمر األطراف التفاقية األمم‬
‫المتحدة االطار بشأن تغير المناخ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مـقـدمــــــــة‬

‫االقتصادية الحديثة‪ ،‬إن هذا هو جوهر مشكل تنفيذ اتفاقية تغير المناخ حيث ال يجب‬
‫النظر الى مشكل تغير المناخ نظرة سطحية على أنه رهان بيئي مناخي فقط‪ ،‬إنما يتعدى‬
‫ذلك إلى كل من الجوانب االقتصادية‪ ،‬السياسة وحتى التجارية والتكنولوجية‪.‬‬

‫لم تستسغ الدول فكرة التخلي عن مادة الكربون باعتبارها معقولة التكلفة مقارنة‬
‫بتطوير تكنولوجيا الطاقة النظيفة عالية التكلفة‪ ،‬كما تعد عواقب تغيير قواعد االقتصاد‬
‫العالمي مجهولة‪.‬‬

‫رغم أن التخلي عن مادة الكربون سيتم لسبب أو آلخر‪،‬فإذا لم يكن ألجل تغير‬
‫المناخ سيكون بسبب نضوب هذه المادة‪ ،‬غير أن االختالف بين األمرين هو أنه في‬
‫الحالة األولى يفترض أن يتم في أقرب اآلجال أما في الحالة الثانية فسيكون على المدى‬
‫البعيد نسبيا‪ ،‬وفي هذه الحالة سترتفع درجة ح اررة الكون أكثر مما هي عليه وسيحدث ما‬
‫ال يحمد عقباه‪.‬‬

‫تتمثل أهمية موضوع إدماج االتفاقية الخاصة بتغير المناخ في التشريع الجزائري في‬
‫أن معظم الدراسات السابقة قد تناولت موضوع تغيير المناخ من منطلق أنه ظاهرة‬
‫طبيعية‪ ،‬أو تناولت تحليل النظام القانوني التفاقية تغير المناخ‪ ،‬غير أنه في هذا البحث‬
‫تمت محاولة شرح النظام القانوني التفاقية تغير المناخ مع ربطه بإدماج الج ازئر لالتفاقية‬
‫في تشريعها الداخلي‪ ،‬ألنه في النهاية‪ :‬نجاح تطبيق االتفاقية منوط بمدى ادماجها على‬
‫المستوى الوطني للدول وااليجاد المسبق للتوافق المحلي حول هذه القضية‪.‬‬

‫ويقصد بإدماج االتفاقية في التشريع الجزائري‪ ،‬تبني آلية تحويل القانون الدولي إلى‬
‫القانون الداخلي‪ ،‬بمعنى أن القاعدة الدولية تكتسب وصف القاعدة الملزمة بعد تحويلها‬
‫الى قاعدة داخلية‪ ،‬واال ظلت قاعدة دولية ال شأن لها بالقانون الداخلي‪ ،‬ويطرح االدماج‬

‫‪3‬‬
‫مـقـدمــــــــة‬

‫مستلزمات المالءمة مع مقتضيات دستور الدولة‪ ،4‬إضافة الى المالءمة التشريعية‬


‫والمؤسساتية من خالل إرساء الدعائم القانونية والمؤسساتية والبرامج‪.‬‬

‫والجزائر باعتبارها بلد معني بهذه الظاهرة فإنها معرضة بصفة خاصة ألثار تغير‬
‫المناخ‪ ،‬كما أنها من أوائل الدول التي صادقت على االتفاقية بموجب المرسوم الرئاسي‬
‫رقم ‪ 99-93‬المؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ ،1993‬غير أن المصادقة ماهي إال خطوة أولى يليها‬
‫تنفيذ ما التزمت به الجزائر من وضع قوائم وطنية لحصر االنبعاثات واعداد برامج وطنية‬
‫لتخفيف تغير المناخ‪ ،‬وغيرها من االلتزامات لذلك من الضروري القيام بدراسة قانونية‬
‫تقييميه لعملية التنفيذ‪ ،‬هل امتثلت الجزائر ألحكام االتفاقية ومبادئها وهل كان االمتثال‬
‫مطلقا أم نسبيا ‪ ،‬خاصة أن الجزائر بلد مصدر للنفط ‪ ،‬في حين أهم بنود االتفاقية هو‬
‫التخلي عن مادة النفط أكبر مصدر النبعاثات غازات الدفيئة ‪.‬‬

‫اإلشكالية المطروحة‪:‬‬
‫إن مصادقة الجزائر على اتفاقية تغير المناخ جاء بتبعة إدماج أحكامها في التشريع‬
‫الجزائري من حيث إصدار قوانين‪ ،‬إنشاء هيئات تسهر على تنفيذ أحكامها‪ ،‬ووضع‬
‫سياسات ومخططات لنفس الهدف‪.‬‬
‫اذن انطالقا من ذلك تتمثل إشكالية موضوع البحث في التساؤل االتي ماهي‬
‫اإلجراءات التي اتخذتها الجزائر في سبيل مالءمة تشريعاتها‪ ،‬مؤسساتها‪ ،‬وبرامجها مع‬
‫أهداف اتفاقية تغير المناخ‪.‬‬
‫يتفرع عن معالجة اإلشكالية مجموعة تساؤالت‪ :‬ماهي عناصر النظام القانوني‬
‫لحماية المناخ من التغير من حيث‪ :‬المبادئ‪ ،‬االلتزامات والتطور‪ ،‬وما مدى تأثر الجزائر‬
‫بهذه الظاهرة‪.‬‬

‫عبد الحق بلفقيه‪ ،‬مفهوم المالءمة مع االتفاقيات الدولية‪ ،‬مقال على الموقع‪www.ouazzanenyes.com :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪4‬‬
‫مـقـدمــــــــة‬

‫وما حجم الجهود المبذولة من طرف الدولة الجزائرية للتخفيف والتكيف مع اثار‬
‫التغيرات المناخية في سبيل ادماج االتفاقية في التشريع الجزائري ؟‬
‫المنهج المتبع‪:‬‬
‫إن المقصود بالمنهج المعتمد في البحث هو الطريقة العلمية المتبعة في معالجة‬
‫عنوان البحث من خالل اإلشكالية المطروحة والتي تؤدي بنا إلى تقديم اإلجابة العلمية‬
‫عنها وعن مختلف التساؤالت الموضحة لها‪.‬‬
‫إن اإلجابة عن التساؤالت المطروحة يتطلب منا اعتماد المنهج الوصفي بتحديد‬
‫النظام القانوني لحماية المناخ من التغير ومختلف اإلجراءات التي اتخذتها الجزائر إلدماج‬
‫االتفاقية في تشريعها‪ ،‬إضافة الى المنهج التحليلي من خالل تحليل‪:‬‬
‫‪ -‬أبعاد مشكل تغير المناخ‪،‬‬
‫‪ -‬مدى احتفاظ دول العالم الثالث بمكتسباتها خالل تطور هذا النظام القانوني‪،‬‬
‫‪-‬عملية االمتثال‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫وجدنا صعوبة في وضع خطة للبحث تتالءم مع طبيعة الموضوع التقني من ناحية‬
‫وتناسب المنهج (الوصفي – التحليلي ) إليجاد حلول للتساؤالت المطروحة في اإلشكالية‬
‫لتشعب عناصر الموضوع من حيث الجانب الدولي والجانب الوطني لقد تم تقسيم‬
‫الموضوع إلى بابين‪:‬‬
‫الباب األول بعنوان‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه‬
‫الظاهرة‪،‬‬
‫وهو مقسم إلى فصلين‪ :‬األول تحت عنوان تحليل مشكلة تغير المناخ وتأثر الجزائر‬
‫بها أما الفصل الثاني بعنوان تطور اتفاقية تغير المناخ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مـقـدمــــــــة‬

‫الباب الثاني تحت عنوان‪ :‬مقومات إدماج اتفاقية تغير المناخ في التشريع الجزائري‬
‫وينقسم بدوره إلى فصلين‪ ،‬الفصل األول بعنوان‪ :‬إدماج الجزائر التفاقية تغير المناخ‬
‫تحقيق لاللتزام دولي‪ ،‬أما الفصل الثاني فبعنوان استراتيجية الجزائر لمكافحة تغير المناخ‪.‬‬
‫وفي األخير نختم البحث بخاتمة نبلور فيها النتائج المتوصل إليها‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫لقد كان لنتائج الثورة الصناعية التي عرفتها أوروبا‪ ،‬تأثيرات سلبية على البيئة‬
‫تمحورت حول التلوث‪ ،‬البحث عن الموارد وندرتها‪ ،‬الفقر الذي عرفته البلدان النامية‪،‬‬
‫إضافة إلى تغير األنظمة الطبيعية نحو األسوأ‪.‬‬
‫حتى المناخ لم يسلم من هذه التحوالت‪ ،‬حيث عرفت الكرة األرضية في السنوات‬
‫الماضية ارتفاع في درجات الح اررة قادت إلى مجموعة من األثار السلبية‪ ،‬كتراجع الكثافة‬
‫الغابية‪ ،‬زيادة نسبة التصحر في البلدان التي تعاني أصال من التصحر‪ ،‬ارتفاع مستوى‬
‫البحار‪ ،‬األمر الذي هدد باختفاء الجزر واألراضي المنخفضة بما تحمله من تجمعات‬
‫سكانية‪ ،‬ونظ ار لدق العلماء ناقوس الخطر‪ ،‬ومناداتهم بإيقاف انبعاثات غازات الدفيئة‬
‫إضافة إلى مجهود المجتمع المدني وانتشار الوعي بهذه الظاهرة توصل العالم إلى ضرورة‬
‫وضع نظام قانوني لحماية المناخ من التغير والبحث عن سبل تجنب ذلك‪.‬‬
‫لقد انعقد مؤتمر البيئة والتنمية المستدامة في ريو سنة ‪ ،1992‬فكان من نتائجه‬
‫المصادقة على ثالث اتفاقيات إحداها االتفاقية اإلطار حول تغير المناخ‪ ،‬ثم جاء‬
‫بروتوكول كيوتو كصيغة تنفيذية لها‪ ،‬لتحقيق تعاون الدول حول مكافحة تغير المناخ‪.‬‬
‫لقد ظهر خالل عملية وضع النظام القانوني لحماية المناخ من التغير‪ ،‬نوع من‬
‫التفاوت في المستوى اإلقتصادي والتكنولوجي بين الدول الصناعية والدول النامية‪ ،‬بالتالي‬
‫كان هناك تعارض في المصالح فالدول الصناعية ضمنت حصتها من التنمية والتطور‬
‫وتسعى لحماية المناخ بأقل تكلفة ممكنة‪ ،‬بينما الدول النامية التي تعاني من التخلف‬
‫بمختلف أشكاله‪ ،‬ليست مهتمة كثي ار بمشكل تغير المناخ‪ ،‬وليست مستعدة للتخلي عن‬
‫حقها في التنمية‪ ،‬في حين ال تملك التكنولوجيا لتحقيق عملية تنمية صديقة للبيئة‪.‬‬
‫من هنا تعتبر اتفاقية تغير المناخ بروتوكول كيوتو‪ ،‬واجتماعات األطراف تجسيدا للصراع‬
‫بين الشمال والجنوب‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الفصل األول‪ :‬تحليل مشكلة تغير المناخ وتأثر الجزائر بها‬

‫يعتبر مشكل تغير المناخ متعدد الجوانب‪ ،‬ولوضع النظام القانوني لحماية المناخ‬
‫البد من إيضاح هذه الجوانب وفهمها‪.‬‬

‫إذ تعتبر ظاهرة تغير المناخ طبيعية المصدر في األصل‪ ،‬أصبح اإلنسان يتسبب‬
‫فيها بسبب انبعاثات غازات الدفيئة‪ ،‬وهي ظاهرة ذات أثار سلبية على األنظمة‬
‫اإليكولوجية‪ ،‬الصحة واإلنتاج الفالحي وغيرها‪.‬‬
‫غير أن االعتبارات السياسية التي يحكمها تغليب المصلحة الخاصة للدول‪ ،‬لعبت‬
‫دو ار جوهريا في عملية للتفاوض حول اتفاقية تغير المناخ‪.‬‬
‫لقد كان هناك انقسام في اآلراء فالجانب األوربي يرى ضرورة وضع ضريبة على‬
‫انبعاثات الكربون ووضع حد النبعاثاته‪ ،‬بينما الجانب األمريكي فيفضل تبادل رخص‬
‫االنبعاثات‪ ،‬أما الدول النامية ففضلت إعفاءها من هذه الضريبة‪.‬‬
‫ولمشكل تغير المناخ بعد اقتصادي يتجلى في االهتمام والبحث الجماعي عن‬
‫التحويل الجذري لالقتصاد العالمي‪ ،‬حيث أن المطالبة بعدم استعمال البترول‪ ،‬معناه‬
‫االستبدال التدريجي لمادة الكربون‪ ،‬مع البحث عن مصدر جديد للطاقة وهو أمر ليس من‬
‫الهين تحقيقه‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تغير المناخ مشكل بيئي مناخي‬

‫تعتبر ظاهرة تغير المناخ مشكال بيئيا يتطلب إيجاد حلول جذرية له‪ ،‬لكن قبل ذلك‬
‫يجدر بنا تحديد ماهية هذه الظاهرة (المطلب األول) وشرح كيفية حدوثها ومصدرها‪ ،‬مع‬
‫تحديد اآلثار المترتبة عنها (المطلب الثاني) من حيث هي ظاهرة تمس العالم بصفة عامة‬
‫والجزائر بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية ظاهرة تغير المناخ (من تغير بيئي إلى تغير مناخي)‬

‫لتحديد كيفية حدوث ظاهرة تغير المناخ (الفرع الثاني) يجب ضبط مفاهيم بعض‬
‫المصطلحات المرتبطة بهذه الظاهرة وهي الغالف الجوي والمناخ (الفرع األول)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ضبط مفاهيم مصطلحي الغالف الجوي والمناخ‬

‫سنتناول في هذا الفرع مفهوم الغالف الجوي (أوال) كمفهوم شامل ومرتبط بالمناخ‪،‬‬
‫ثم بعد ذلك سنتناول مفهوم المناخ (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬الغالف الجوي‬

‫من المهم معرفة طبقات الجو حتى يمكننا معرفة كيفية حدوث التغيرات التي تقع به‪.‬‬

‫يعد الغالف الجوي من أهم عوامل الحفاظ على الحياة على سطح األرض فهو‬
‫يساعد على تواجد الرياح والغيوم واألمطار‪ ،‬ويضمن بقاء حالة األرض الطبيعية‪ .‬في‬
‫النهار يمتص ذلك الغالف اإلشعاعات الضارة المختلفة وخاصة األشعة فوق البنفسجية‬
‫قصيرة الموجة‪ ،‬وفي الليل يعمل على احتباس ح اررة النهار ويمنعها من التسرب إلى‬
‫الفضاء الخارجي‪.‬‬

‫يعيش اإلنسان‪ ،‬وغيره من الكائنات الحية‪ ،‬في طبقة رقيقة من الكرة األرضية‬
‫تسمى بالمحيط الحيوي ‪ .Biosphere‬تتكون هذه الطبقة من جزء من الغالف الجوي أو‬
‫الهوائي ‪ ،Atmosphere‬ومن جزء من القشرة األرضية‪ ،‬وكامل الغالف المائي‪ .‬ويرتفع‬
‫هذا المحيط الحيوي إلى حوالي ستة وعشرين كيلو مت ار فوق سطح األرض‪.‬‬

‫يتكون الغالف الجوي من عدة طبقات‪ ،‬صارت معظمها مهددة بأخطار التلوث‪،‬‬
‫ونستوضح معالم تلك الطبقات‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ا‪ .‬طبقة التروبوسفير‪Troposphere‬‬


‫وهي الطبقة السفلى التي تالمس السطح الخارجي لألرض‪ ،‬يبلغ ارتفاعها حوالي‬
‫‪ 18‬كيلومت ار عند القطبين‪ ،‬و‪ 16‬كيلومت ار عند خط االستواء ويوجد بها ما يزيد على ثالثة‬
‫أرباع كتلة الهواء الجوي المحيط باألرض‪ ،‬في هيئة أبخرة مكثفة كالسحب‪ ،‬أو صلبة‬
‫كالثلج والجليد‪ .‬أهم الغازات فيها‪ :‬النتروجين‪ ،‬األكسجين‪ ،‬األرجون‪ ،‬ثاني أكسيد الكربون‪،‬‬
‫النيون‪ ،‬الهليوم‪ ،‬الكريبتون‪ ،‬واألوزون‪.‬‬
‫ويمارس اإلنسان نشاطه في هذه الطبقة‪ ،‬التي تؤثر في الظواهر الجوية التي تحكم‬
‫هذا النشاط‪ ،‬كما تؤثر في حياة اإلنسان والكائنات الحية األخرى‪ ،‬حيث يحدث تبادل‬
‫األكسجين وثاني أكسيد الكربون‪ ،‬من اجل إحداث اتزان بين الغازات الجوية‪ .‬ويتركز‬
‫التلوث‪ ،‬في معظمه‪ ،‬في هذه الطبقة‪ ،‬غير أنه بفعل حركة التيارات الهوائية إلى أعلى‪،‬‬
‫تشتت معظم الملوثات ويخف تركيزها‪ ،‬لتنتقل بعد ذلك إلى الطبقة الثانية‪ :‬االستراتوسفير‪.1‬‬
‫ب‪ .‬طبقة االستراتوسفير (األوزون) ‪Stratosphere‬‬
‫وهي تمتد على مستوى ارتفاع ما بين ‪ 12‬إلى ‪ 50‬كيلومت ار فوق سطح األرض‪،‬‬
‫وتحتوي على ما تبقى من هواء الغالف الجوي‪ ،‬وينعدم بها بخار الماء‪ ،‬ولذلك ال تتكون‬
‫بها السحب‪ ،‬وتشتمل على أحد أهم الغازات‪ ،‬وهو غاز األوزون ‪ ،Ozone‬الذي يتمركز‬
‫على ارتفاع ما بين ‪ 20‬إلى ‪ 25‬كيلومت ار من سطح األرض‪.‬‬
‫ومن الخواص الفيزيائية لغاز األوزون‪ ،‬أنه يتكون بتفاعل األوكسجين مع األشعة‬
‫الشمسية‪ ،‬التي تمر خالل الغالف الجوي والتي تحتوي على موجات األشعة البنفسجية‬
‫القصيرة‪ .‬هذه الخاصية وتحت تأثير التفاعالت الكيميائية الضوئية األخرى‪ ،‬تجعل طبقة‬
‫األوزون قادرة على امتصاص جزء كبير من موجات األشعة فوق البنفسجية قصيرة‬

‫عبد المنعم مصطفى المقمر‪ ،‬االنفجار السكاني واالحتباس الحراري‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الكويت‪ ،‬ص‪.74.‬‬

‫‪10‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الموجة‪ .‬وهي بذلك تقي األرض والغالف الجوي من تلك األشعة‪ ،‬وبالتالي من ارتفاع‬
‫درجة الح اررة‪ ،‬وتهديد الحياة على سطح األرض‪.‬‬
‫لقد بدأ التلوث يهاجم تلك الطبقة‪ ،‬بفعل حركة الطائرات األسرع من الصوت‬
‫والتفجيرات النووية‪ ،‬حيث تتفاعل أكاسيد النيتروجين الناتجة عن احتراق وقود الطائرات‬
‫وغيره مع األوزون وتحوله إلى أوكسجين جزئي‪ ،‬ويحدث تخلخل أو هشاشة وضعف‬
‫تركيز غاز األوزون‪.1‬‬

‫ج‪ .‬طبقة الميزوسفير‪Mesosphere‬‬


‫وهي تقع بعد طبقة االستراتوسفير‪ ،‬وعلى بعد من ‪ 50‬إلى ‪ 80‬كيلومت ار فوق سطح‬
‫األرض‪ .‬وهي تحتوي على نسبة من غاز األوزون‪ ،‬بفعل االتصال المباشر مع طبقة‬
‫االستراتوسفير‪ ،‬وال يوجد بها بخار الماء‪ ،‬وتنخفض فيها درجة الح اررة إلى حوالي ‪95‬‬
‫درجة تحت الصفر‪.‬‬

‫د‪ .‬طبقة الثيرموسفير‪Thermosphere‬‬


‫تلي طبقة الميزوسفير‪ ،‬وتبدأ عند ارتفاع ‪ 80‬كم ويصل ارتفاعها حتى ‪ 400‬كم‬
‫فوق سطح األرض‪ .‬وتسمى بالطبقة الح اررية‪ ،‬حيث ترتفع فيها درجة الح اررة إلى حوالي‬
‫‪ 650‬درجة مئوية‪ ،‬ويرجع ذلك إلى وجود كميات من الغازات التي على حالتها الذرية‪،‬‬
‫وكميات عالية من األوكسجين والنيتروجين‪ ،‬كما ينعدم بخار الماء واألوزون في تلك‬
‫الطبقة‪.‬‬
‫ه‪ .‬طبقة األكسوسفير‪Exosphere‬‬

‫تشكل اإلطار الخارجي للغالف الجوي‪ ،‬الذي يفصله عن الفضاء الخارجي‪ ،‬وتتمركز‬
‫على بعد ‪ 400‬كيلومتر من سطح األرض‪ ،‬وتمتد إلى أقصى الحدود الخارجية للغالف‬

‫‪1‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬قانون حماية البيئة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،2009 ،‬ص ‪.245،246‬‬

‫‪11‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الجوي‪ .‬وفي هذه الطبقة تكون حركة جزيئات الهواء سريعة للغاية ونظ ار النعدام الجاذبية‬
‫األرضية‪ ،‬فإن معظمها‪ ،‬على األخص غاز الهيدروجين‪ ،‬يخرج من الغالف الجوي نحو‬
‫(‪)1‬‬
‫الفضاء الخارجي‪.‬‬
‫و‪.‬الوضع القانوني للغالف الجوي‬

‫من الثابت في فقه القانون الدولي‪ ،‬أن الفضاء الجوي يعد عنص ار تابعا إلقليم‬
‫الدولة األرضي والمائي‪ ،‬ويخضع لسيادتها الكاملة (‪ .)2‬وهي قاعدة عرفية دولية أقرتها‬
‫المادة األولى من اتفاقية الطيران المدني الدولي‪ ،‬الموقعة في شيكاغو ‪ 7‬سبتمبر ‪1944‬‬
‫التي تنص‪ :‬تعترف الدول المتعاقدة أن لكل دولة على الفضاء الجوي الذي يعلو إقليمها‬
‫سيادة كاملة مقصورة عليها‪.‬‬
‫على أن هذا الحق السيادي يقابله واجب أو التزام الدولة ومسؤوليتها في الحفاظ‬
‫على بيئة الفضاء الجوي لدولة أخرى‪ .‬فقد استقر فقه وقضاء قانون حماية البيئة على انه‬
‫ال يسوغ لدولة أن تستعمل إقليمها بما فيه اإلقليم الجوي‪ ،‬بطريقة تسبب تلويثا لإلقليم‬
‫(‪)3‬‬
‫الجوي لدولة أخرى‪ ،‬بما يستتبع أض ار ار باألموال والممتلكات واألشخاص‬
‫ثانيا‪ :‬المناخ ‪Climat‬‬
‫أما من‬ ‫(‪)4‬‬
‫المناخ لغة هو مبرك اإلبل‪ -‬محل اإلقامة‪ -‬ومناخ البالد هو حالة جوها‬
‫‪5‬‬
‫الناحية العلمية‪ ،‬المناخ هو تتابع حاالت الطقس المعتادة وهو يعرف بـ‪" :‬معدل الطقس"‬

‫احمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.248-247.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Voir plus, Serge Pannatier, la protection de l’air, article dans un forum interdisciplinaire‬‬
‫‪2‬‬

‫‪indépendant, sous-titre le droit international face à l’éthique et la politique de‬‬


‫‪l’environnement, Genève, p 38-39.‬‬
‫‪3‬احمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.250‬‬
‫‪4‬علي بن هادية‪ ،‬القاموس الجديد للطالب‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.1146‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Ministère de l’Aménagement du territoire de l’environnement et du tourisme, Rapport‬‬
‫‪d’étude : Evaluation du risque climatique en Algérie, Juillet 2009, p 7.‬‬

‫‪12‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وقد جاء في التقرير الرابع‪ 1‬الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير‬
‫المناخ‪ . Giec2‬المناخ بالمعنى الضيق "متوسط الطقس"‪ ،‬أما بالمعنى الواسع فهو حالة‬
‫النظام المناخي بما في ذلك وصفه من الناحية اإلحصائية‪ ،‬وتبلغ الفترة الزمنية التقليدية‬
‫‪ 30‬سنة مثلما حددتها المنظمة العالمية لألرصاد الجوية‪.‬‬

‫ويعد النظام المناخي واحدا من أعقد النظم الطبيعية الموجودة على سطح األرض‬
‫وأكثرها فاعلية وديناميكية‪ ،‬تتمثل مكوناته أساسا من‪ :‬الغالف الجوي‪ ،‬الغالف المائي‪،‬‬
‫الغالف الجليدي‪ ،‬اليابسة والنظام الحيوي مع العلم أن هذه العناصر تتفاعل فيما بينها‬
‫(‪)3‬‬
‫لتشكل النظام المناخي‪.‬‬
‫ويعتبر خبراء اإلحصاء أن المناخ يتعلق بدراسة متوسط الكميات ذات الصلة‬
‫(‪)4‬‬
‫وتقلباتها خالل فترة زمنية تتراوح بين عدة شهور إلى آالف السنين‪.‬‬

‫أنشأت المنظمة العالمية لألرصاد الجوية وبرنامج األمم المتحدة للبيئة‪ ،‬الهيئة‬
‫الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ التي يطلق عليها اختصار‪ Giec‬بالفرنسية‬

‫‪1‬تتألف هذه التقارير من ثالث وثائق‪:‬‬


‫الوثيقة األولى‪ ،‬تقع في حوالي ألف صفحة تضم دراسات وأبحاث عن المناخ وانعكاساته على النبات والحيوان‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫والبحار والمحيطات واالقتصاد‪ .‬وتحررها المجموعة األولى التي تتألف من باحثين وخبراء ومهندسين‪ .‬تتمتع‬
‫أعمالهم عموما بدرجة عالية من الجدية والتوثيق السيما وأنهم ال يغفلون الشكوك في هذه التأويالت أو تلك من‬
‫النتائج التي يتوصلون إليها‪.‬‬
‫الوثيقة الثانية‪ ،‬تقع في حوالي مئة صفحة‪ ،‬يحاول أعضاؤها جمع الخالصات العلمية والتوفيق بين نتائجها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الوثيقة الثالثة‪ ،‬يحررها أعضاء لجنة وعنوانها " توصيات برسم أصحاب القرار"‪ ،‬تتالف من حوالي ثالثين‬ ‫‪-‬‬
‫صفحة وتختفي منها التباينات مع تمتعها بأسلوب يطغى عليه الحسن‪.‬‬
‫معين حداد‪ ،‬التغير المناخي‪ ،‬شركة المطبوعات للتوزيع والنشر‪ ،‬لبنان‪ ،2012 ،‬ص‪59.‬‬

‫‪ :LeGiec‬الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد الكريم ميهوبي‪ ،‬التغيرات المناخية‪ ،‬دار الخلدونية ‪ ،2011‬ص ‪.29-24‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪)4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪13‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫و‪ Ipcc‬باإلنجليزية في عام ‪ .1988‬حازت الهيئة جائزة نوبل للسالم في عام ‪2007‬‬
‫مناصفة مع آل غور‪ ،‬وتقع أمانة الهيئة في جينيف‪.‬‬
‫تضطلع الهيئة بمهمة إجراء عمليات التقييم‪ ،‬بدون انحياز‪ ،‬للمعلومات الضرورية‬
‫للفهم الجيد لألسس العلمية لألخطار المتعلقة بتغير المناخ بشري المصدر‪ ،‬فتعمد الهيئة‬
‫إلى الدراسة الدقيقة للتداعيات المحتملة لهذا التغير واقتراح استراتيجيات التكيف وتخفيف‬
‫انبعاثات غازات الدفيئة‪.‬‬
‫وتستند عمليات التقييم التي تجريها الهيئة إلى منشورات علمية تحظى باعتراف‬
‫واسع النطاق‪ ،‬إذ يشارك في تحرير التقارير علماء من جميع البلدان‪ .‬وتتيح طريقة العمل‬
‫الجماعية للهيئة التحقق بدقة متناهية من المعلومات التي بحوزتها‪ .‬وشارك أكثر من ‪500‬‬
‫مؤلف في كتابة التقرير الرابع عن عمليات التقييم الذي صدر في عام ‪ ،2007‬وشارك‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ 831‬عالما في كتابة التقرير الخامس‪.‬‬
‫أما من الناحية القانونية فإن المادة األولى من اتفاقية األمم المتحدة اإلطار بشأن‬
‫المناخ عرفت مصطلح النظام المناخي ويعني "كامل عمليات الغالف الجوي والغالف‬
‫المائي والمحيط الحيوي والمحيط األرضي وتفاعالتها"‪ .‬نالحظ من هذا التعريف أن النظام‬
‫المناخي يشمل كال من البيئة البرية‪ ،‬البحرية والجوية‪ .‬مع العلم أن البيئة حسب القانون‬
‫‪ 10-03‬المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة تتكون من الموارد الطبيعية‬
‫الالحيوية والحيوية كالهواء والجو والماء واألرض وباطن األرض والنبات والحيوان بما في‬
‫ذلك التراث الوراثي وأشكال التفاعل بين هذه الموارد‪ ،‬وكذا األماكن والمناظر والمعالم‬
‫الطبيعية (‪ ،)2‬نستنتج مما سبق أن المناخ جزء من مكونات البيئة وبالتالي يحظى بالحماية‬
‫المقررة لها قانونا‪.‬‬

‫الموقع ‪.www.diplomatie.gouv.Fr :‬‬ ‫‪1‬مقال بعنوان ‪ :‬الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ على‬
‫القانون رقم ‪ 10-03‬المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة مؤرخ في ‪ 19‬يوليو ‪ 2003‬ج ر ‪.43‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪14‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الفرع الثاني‪ :‬كيفية حدوث ظاهرة تغير المناخ‬

‫لقد كان هناك جدل حول كيفية وقوع ظاهرة تغير المناخ‪ ،‬فقد اكتشف العلماء أن‬
‫الغازات الدفيئة ظاهرة طبيعية (أوال)‪ ،‬بينما ظهرت أبحاث أخرى تبين أن الدفيئة ظاهرة‬
‫إنسانية المصدر (ثانيا) األمر الذي استدعى تقييم االتجاهين (ثالثا) رغم أنه في النهاية‬
‫حتى لو لم يكن هناك يقين علمي بشأن مصدر ظاهرة تغير المناخ فإنه من الممكن‬
‫اعتماد مبدأ الحيطة كأساس لحماية المناخ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الدفيئة ظاهرة طبيعية‬


‫تعتبر الدفيئة ظاهرة طبيعية تسمح بالحياة على كوكب األرض‪ ،‬حيث تشكل مجموعة‬
‫حاجز حول األرض يسمح بامتصاص الح اررة من الشمس يطلق عليها‬
‫ا‬ ‫غازات تشكل‬
‫مصطلح غازات الدفيئة ‪Greenhouse gases‬وهي غازات توجد في الغالف الجوي تتميز‬
‫بقدرتها على امتصاص األشعة التي تفقدها األرض (األشعة تحت الحمراء) فتقلل ضياع‬
‫الح اررة من األرض إلى الفضاء‪ ،‬مما يساعد على تسخين جو األرض‪ ،‬وبالتالي تساهم في‬
‫ظاهرة االحتباس الحراري واالحترار العالمي‪.1‬‬

‫ووفقا لعلماء المناخ فإن الغالف الجوي المحيط باألرض يلعب دو ار رئيسيا في‬
‫تنظيم معدالت الح اررة‪ ،‬حيث لحسن الحظ ال يسمح الغالف الجوي لكل أشعة الشمس‬
‫التي تسقط على الغالف الغازي الجوي بالوصول إلى سطح األرض‪ ،‬إذ ينعكس نحو‬
‫حوالي ‪ 30‬بالمائة من هذه األشعة إلى الفضاء‪ ،‬ويتم امتصاص نحو ‪ 20‬بالمائة من هذه‬
‫األشعة داخل الغالف الجوي نفسه‪ ،‬بالتالي ‪ 50‬بالمائة فقط من أشعة الشمس تخترق‬
‫الغالف الجوي ليصل إلى سطح األرض‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Réseau action climat France, changement climatiques, comprendre et réagir, www.rac-‬‬
‫‪f.org‬‬

‫‪15‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وال تعتبر جميع الغازات في الجو من غازات الدفيئة كاألكسجين والنتروجين (‪)1‬بل‬
‫أن مفعول الدفيئة يأتي من الغازات التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬بخار الماء ‪ :H2O‬وينتج عن عمليات تبخر الماء‪.‬‬

‫‪ )2‬ثاني أكسيد الكربون ‪:CO2‬وينتج عن احتراق الوقود وأي مصدر للدخان مثل‬
‫عوادم السيارات‪.‬‬
‫‪ )3‬أكسيد النيتروز‪ :N2O‬يستعمل كوسيلة لتفعيل فترات قصيرة من األداء الفائق في‬
‫محركات الحرق الداخلي للسيارات‪ ،‬تطلقه بكتيريا في التربة وفي المحيطات‪ ،‬إن‬
‫زرع التربة‪ ،‬استخدام األسمدة النيتروجينية‪ ،‬والتعامل مع مخلفات الحيوانات‪ ،‬كلهم‬
‫يمكن أن ينشطوا البكتيريا المتواجدة طبيعيا ألن تنتج المزيد من أكسيد النتروز‪.‬‬

‫‪ )4‬الميتان ‪:CH4‬هو مكون من مكونات الغاز الطبيعي‪ ،‬الذي يعد أحد مصادر‬
‫الطاقة‪ ،‬وله دور كبير في االحتباس الحراري‪ ،‬حيث له قدرة كبيرة على تسخين‬
‫الجو أكثر من ثاني أكسيد الكربون بـ ‪ 25‬مرة‪ .‬ويمكن استخراجه من الرواسب‬
‫الجيولوجية التي تحتوي على أنواع الوقود الهيدروكربوني المختلفة‪ ،‬وخصوصا‬
‫الرواسب البحرية‪.‬‬
‫‪ )5‬األوزون ‪ :O3‬تجد طبقة األوزون تسميتها في احتوائها على كميات هامة من‬
‫األوزون‪ ،‬ناتجة عن تفاعل األوكسيجين مع أشعة الشمس‪ ،‬وتشكل طبقة األوزون‬
‫درع األرض الواقي من ح اررة الشمس القاتلة للحياة‪ ،‬ومن االشعة فوق البنفسجية‬
‫التي تصدرها والتي لها تأثيرات مدمرة على الحياة على كوكب األرض إذا وصلتها‬
‫نقية ودون تصفية وال فرز‪ ،‬وهذا هو الدور الذي تقوم به طبقة األوزون‪ ،‬إذ‬
‫تعترض األشعة الشمسية طبقة الغالف الجوي المسماة ستراتوسفير فتعكس ‪%50‬‬

‫‪1‬عبد الكريم ميهوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬دار الخلدونية ‪ ،2011‬ص ‪.37-36‬‬

‫‪16‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫منها وتعمل على امتصاص جزء آخر لكي تصل في النهاية إلى األرض نسب‬
‫قليلة تناسب الحياة القائمة على الكوكب‪.‬‬
‫‪ )6‬الكلوروفلوكاربون (‪ )cFc5‬وكانت تستخدم في الماضي في تبريد الثالجات‪ ،‬أما‬
‫اآلن أصبح استخدام غازات ‪ cFc5‬في الثالجات ممنوعا في معظم دول أوروبا‬
‫طبقا القتراح البرلمان األوروبي‪ ،‬ذلك بسبب ثبوت أن تفاعالت تلك الغازات مع‬
‫األوزون في طبقات الجو العليا تؤدي إلى تحلل األوزون مما يعمل على اتساع‬
‫ثقب األوزون‪ ،‬ووجود غاز األوزون في طبقات الجو العليا ضروري لحماية‬
‫(‪)1‬‬
‫الكائنات الحية على األرض من التأثيرات الضارة لألشعة فوق البنفسجية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدفيئة ظاهرة إنسانية المصدر‬

‫يعتبر هذا االتجاه مناقضا لالتجاه األول حيث يرى أن زيادة نسبة انبعاث الغازات‬
‫المسببة لالحتباس الحراري‪ ،‬جاءت بفعل تزايد النشاط الصناعي‪.‬‬

‫إن المناخ العالمي يتأثر بكثير من العوامل البيئية التي يتسبب فيها اإلنسان ويؤثر‬
‫أيضا في البيئة ويكون تأثيره أشد على البشر‪ .‬أي أن األفعال البشرية تؤثر على البشرية‬
‫في المقام األول‪.‬‬
‫لقد أطلق العالم الكيماوي السويدي (سفانتي أرينيوس) عام ‪ 1896‬نظرية أن الوقود‬
‫الحفري المحترق سيزيد من كميات ثاني أكسيد الكربون في الغالف الجوي‪ ،‬وأنه سيؤدي‬
‫إلى زيادة درجات ح اررة األرض ولقد استنتج انه في حالة تضاعف تركزات ثاني أكسيد‬
‫الكربون في الغالف الجوي‪ ،‬فإننا سنشهد ارتفاعا بمعدل ‪ 4‬إلى ‪ 5‬درجة من درجة ح اررة‬
‫(‪)2‬‬
‫الكرة األرضية‪ ،‬ويقترب ذلك على نحو ملفت للنظر من توقعات اليوم‬

‫مقال بعنوان‪ :‬غازات الدفيئة على الموقع‪.www.marefa.org :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬نادية ضياء شكارة‪ ،‬علم البيئة والسياسة الدولية‪ ،‬دار مجدالوي للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2014 ،‬ص ‪.172‬‬

‫‪17‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫أما في عام ‪ 1938‬ظهر تقرير علمي عن العالم (جورج كالندز) جاء فيه أن‬
‫انبعاث غازثاني أكسيد الكربون بكثرة إلى الغالف الجوي قد يؤدي إلى تغيير في المناخ‬
‫العالمي‪ ،‬وتأكد ذلك من القياسات الدقيقة لدرجات ح اررة الجو وربطها بالزيادة في تركيزات‬
‫غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو والتي تم رصدها بواسطة العالم كلينج في جزر هاواي‬
‫في العام ‪.1958‬‬
‫ولعلنا الحظنا جميعا أن هناك العديد من المالمح والشواهد التي تؤكد على وجود‬
‫ارتفاع في معدل درجات الح اررة على المستوى العالمي‪ .‬وقد أيد ذلك كثير من األبحاث‬
‫والدراسات العلمية على مدار العقود األربعة األخيرة‪ ،‬التي أثبتت بما ال يدع مجاال للشك‬
‫أن التغيرات المناخية وما صاحبها من زيادة في معدالت درجات الح اررة قد نتج عنها‬
‫تأثيرات سلبية على األنظمة البيئية في جميع أنحاء العالم‪.‬‬
‫منذ ظهور عصر الصناعة سنة ‪ 1750‬وحتى يومنا هذا‪ ،‬نجد أن األنشطة‬
‫البشرية تسهم بدرجة كبيرة في مسؤوليتها عن هذه التغيرات‪ ،‬كما زادت كمية االنبعاثات‬
‫الغازية الملوثة للبيئة وللغالف الجوي وذلك بسبب ازدياد عمليات التصنيع وحركة‬
‫السيارات والطائرات والتقدم وأنانية اإلنسان في الحصول على ما يريد غير عابئ بالبيئة‬
‫(‪)1‬‬
‫من حوله وما يصيبها من أضرار‬
‫ثالثا‪ :‬تحليل االتجاهين‪:‬‬
‫من المتفق عليه أن المناخ ليس علما دقيقا بالتالي من الطبيعي عدم الوصول بدقة‬
‫إلى مصدر تغير المناخ‪.‬‬

‫حيث يمكن القول أن االحترار العالمي هو شكل من أشكال التلوث العابر للحدود‬
‫إن لم نقل الشامل للكرة األرضية باعتبار أن التلوث هو مجموعة التغييرات التي تحدث‬

‫عبد المنعم مصطفى المقمر‪ ،‬االنفجار ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35-34‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪18‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫في الوسط البيئي بسبب األنشطة اإلنسانية المضرة بحيث يتم اإلحساس بأثرها السلبي‬
‫(‪)1‬‬
‫على البيئة‬
‫ورغم أن االتجاه الرسمي يعزو سبب تغير المناخ إلى نشاط اإلنسان‪ ،‬إال انه يوجد‬
‫علماء شككوا في هذا السبب‪ ،‬فمثال الباحث ‪Phil Jones‬فيل جونس شكك في كون‬
‫نشاط اإلنسان هو سبب تغير المناخ وأن المتغيرات المناخية بما فيها ما يبدو لنا ارتفاعا‬
‫راهنا للح اررة ال يعدو كونه حالة طبيعية تشهدها األرض في سياق ما جرى بينها وبين‬
‫الشمس على مدى األزمنة‪ ،‬وعليه ليس من الضرورة العلمية ربط االحترار العالمي‬
‫باألنشطة البشرية (‪)2‬ويعتقد الفيزيائي الجيولوجي الجزائري لوط بوناطيرو بأنه ال وجود‬
‫لالحترار العالمي أو لوضعية كارثية بل ببساطة يعزو األمر إلى الدورات الشمسية كل‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ 11‬سنة‪ ،‬بالتالي ترتفع الح اررة وتنخفض تبعا لتوازن طبيعي‪.‬‬
‫غير انه في مجال القانون الدولي للبيئة‪ ،‬وفي حالة عدم وجود يقين علمي يوجد ما‬
‫يعرف بمبدأ الحيطة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬مبدأ الحيطة كأساس لحماية المناخ‬

‫يبدو أن مسألة تحديد مصدر ظاهرة الدفيئة ال تعتمد فقط على اإلثباتات العلمية‬
‫بل هي مسألة في صميمها سياسية وتؤثر على المجال االقتصادي كما سيوضح الحقا‪،‬‬
‫فالحل يكمن في امتالك الرغبة السياسية في إتباع مبدأ الحيطة‪ ،‬حيث أن الكرة األرضية‬
‫تستحق أن نحتاط لحمايتها‪.‬‬

‫وهو مبدأ يتعلق بالمسائل اآلتية‪:‬‬

‫الهادي مقداد‪ ،‬قانون البيئة‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،2012 ،‬ص ‪.34‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬معين حداد‪ ،‬التغير المناخي‪ ،‬شركة المطبوعات للتوزيع والنشر لبنان‪ ،2012 ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Article publié au journal « l’Actualité », 23 Décembre 2009.‬‬

‫‪19‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ا‪-‬مبدا الحيطة يقصد بمبدأ الحيطة ‪le principe de précaution‬اتخاذ التدابير‬


‫الالزمة لحماية البيئة من أضرار جسيمة يحتمل وقوعها نتيجة ممارسة أنشطة معينة‪ ،‬رغم‬
‫(‪)1‬‬
‫انتفاء علم اليقين بشأنها وهو األمر الذي يميزه عن مبدأ النشاط الوقائي‬
‫وهو فلسفيا يهتم بالمدى الطويل‪ ،‬حيث في حالة عدم وجود سياسة بعيدة المدى‪،‬‬
‫سنجد أنفسنا مرهقين بضرورة اتخاذ إجراءات بسرعة إذا ما وقع الضرر البيئي‪ ،‬ويسعى‬
‫المبدأ لفرض نوع من الرقابة على تطور العلوم والتكنولوجيا بعبارة أخرى هو يضع حدود‬
‫للمجتمع كما يقول ‪Jean Rostand «la science a fait de nous des dieux avant que‬‬

‫»‪ nous méritions d’être des hommes‬وتترجم بأن العلم جعل منا آلهة قبل أن نستحق‬
‫(‪)2‬‬
‫أن نكون رجاال‬
‫وهو نفس المف هوم الذي عبر عنه احمد أبو الوفا بمبدأ المنع أو الحظر الذي هو‬
‫تطبيق للقاعدة العامة التي تقرر أن "الوقاية خير من العالج" وذلك على أساس أن منع‬
‫(‪)3‬‬
‫الشيء قبل وقوعه أفضل من تركه يقع ثم يتم التعامل معه‬

‫ب‪-‬شروط تحقق مبدأ الحيطة عرف المشرع الجزائري مبدأ االحتياط طبقا لما جاء‬
‫في المبدأ ‪ 15‬من إعالن ريو دي جانيرو‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 03‬من قانون ‪10-03‬‬
‫المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة بأنه "المبدأ الذي يجب بمقتضاه أال‬
‫يكون عدم توفر التقنيات نظ ار للمعارف العلمية والتقنية الحالية سببا في تأخير اتخاذ‬

‫(‪ )1‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2015/2014 ،‬ص‬
‫‪.224‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪Jean-Marc la vieille, Droit international de l’environnement, Edition Marketing S.A,‬‬
‫‪2010, Paris, p 170.‬‬

‫احمد أبو الوفا‪ ،‬تأمالت حول الحماية الدولية للبيئة من التلوث‪ ،‬المجلة المصرية للقانون الدولي‪ ،‬العدد ‪ 49‬لعام‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪ ،1993‬ص ‪.56‬‬

‫‪20‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫التدابير الفعلية والمناسبة للوقاية من خطر األضرار الجسيمة المضرة بالبيئة‪ ،‬ويكون ذلك‬
‫بتكلفة اقتصادية مقبولة"‪.‬‬

‫نستنتج من هذا التعريف انه لتطبيق المبدأ ال بد من توفر شروط هي وجود خطر‬
‫(‪.)1‬‬
‫يهدد بضرر‪ ،‬وجسامة الضرر المحتمل‪ ،‬وعدم التيقن العلمي‬

‫بالرجوع إلى مسألة تغير المناخ نجد أن جميع هذه الشروط متوفرة فإن تغير المناخ‬
‫يهدد البيئة الطبيعية مؤث ار على إنتاجية النظم االيكولوجية الطبيعية والنظم االجتماعية‪-‬‬
‫االقتصادية أو على صحة اإلنسان ورفاهيته وهو أمر يتسم بالجسامة‪ ،‬أما عدم التيقن‬
‫العلمي فيتجسد في أنه رغم التأكد من مسألة ارتفاع درجات الح اررة إال أنه لم يحدد بعد‬
‫هل مصدر االرتفاع هو اإلنسان أم الطبيعة‪ ،‬وذلك راجع لصعوبة احتساب معدل الح اررة‬
‫على األرض على نحو دقيق‪ ،‬بحيث يقتضي شبكة كثيفة من المحطات تشمل الكرة‬
‫األرضية برمتها وأقيسة متواترة على مدى الليل والنهار‪ .‬بينما في الواقع ثلثي مساحة‬
‫األرض عبارة عن محيطات حيث تقل فيها مراكز الرصد في الوقت الراهن‪ ،‬يضاف إلى‬
‫ذلك أن أقيسة الح اررة على مساحات البحار والمحيطات فضال عن قلتها تعوزها عموما‬
‫الدقة المطلوبة‪.2‬‬

‫والحقيقة أن المادة ‪ 3/3‬من االتفاقية اإلطار لتغير المناخ قد نصت على أن تتخذ‬
‫األطراف تدابير وقائية الستباق أسباب تغير المناخ أو الوقاية منها أو تقليلها إلى الحد‬
‫األدنى وللتخفيف من آثاره الضارة‪ .‬وحيثما توجد تهديدات بحدوث ضرر جسيم أو غير‬
‫قابل لإلصالح‪ ،‬ال ينبغي التذرع باالفتقار إلى يقين علمي قاطع كسبب لتأجيل اتخاذ‬
‫التدابير‪ ،‬على أنه يؤخذ في االعتبار أن السياسات والتدابير المتعلقة بمعالجة تغير المناخ‬

‫ماجد راغب الحلو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.228‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫معين حداد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪57.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪21‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ينبغي أن تتم بفعالية الكلفة‪ ،‬بما يضمن تحقيق منافع عالمية بأقل كلفة ممكنة ولتحقيق‬
‫ذلك‪ ،‬ينبغي أن تأخذ هذه السياسات والتدابير في االعتبار مختلف السياقات االجتماعية‪،‬‬
‫االقتصادية‪ .‬ويمكن تنفيذ جهود تناول تغير المناخ بالتفاوت بين األطراف المهتمة ما يدل‬
‫على أن هذا المبدأ قد تم تكريسه صراحة في االتفاقية ولكن هل النص على المبدأ يجعله‬
‫ملزما‪.‬‬

‫ج‪ -‬االختالف الفقهي حول القيمة القانونية لمبدأ الحيطة حيث يرى البعض‪ ،‬أن‬
‫هذا المبدأ يتمتع بقيمة عرفية‪ ،‬زيادة عن قيمته القانونية‪ ،‬فهو مؤكد ضمن النصوص‬
‫الدولية‪ ،‬كما انه حظي بممارسة دولية ال بأس بها‪ ،‬في حين يرى البعض اآلخر‪ ،‬أنه‬
‫مجرد مبدأ توجيهي ذو طابع سياسي‪ ،‬مستبعدا تماما الطبيعة القانونية والعرفية للمبدأ وهو‬
‫(‪)1‬‬
‫الرأي الراجح‬
‫حيث أن االتفاقيات التي تضمنت المبدأ مثال اتفاقية باماكو لعام ‪ 1996‬استعملت‬
‫مصطلحات مرنة وفضفاضة من شأنها النيل من القيمة القانونية للمبدأ‪ ،‬وذلك لتخفيف‬
‫مضمون ومحتوى التعهدات التي يأخذونها على عاتقهم بمقتضى أحكام المعاهدة والتعامل‬
‫مع مبدأ االحتياط على كونه مجرد مرشد أو ملهم لسياستهم البيئية‪ ،‬وليس كونه قاعدة‬
‫(‪)2‬‬
‫قانونية يترتب عن الخروج عليها تحمل المسؤولية الدولية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة عن تغير المناخ‬


‫لقد توصلت األبحاث العلمية إلى تحديد آثار تغير المناخ بصفة عامة (الفرع‬
‫األول) والجزائر كجزء من المجتمع الدولي فهي معنية باالحتباس الحراري (الفرع الثاني)‬

‫بن قطاط خديجة‪ ،‬دور مبدأ الحيطة في تعزيز العالقة بين التجارة الدولية والبيئة‪ ،‬مقال منشور في الموقع الرسمي‬ ‫(‪)1‬‬

‫لمجلة القانون واألعمال ‪www.droitentreprise.org‬‬

‫محمد صافي يوسف‪ ،‬مبدأ االحتياط لوقوع األضرار البيئية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2008 ،‬ص ‪.126،127‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪22‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الفرع األول‪ :‬آثار تغير المناخ بصفة عامة‬


‫إن تأثيرات تغير المناخ متعددة (أوال) حددتها تقارير الفريق الحكومي المعني بتغير‬
‫المناخ وكذلك اتفاقية تغير المناخ‪ ،‬أما بالنسبة لتقييم هذه التأثيرات (ثانيا) فإنها تتأثر‬
‫بزيادة النمو الديمغرافي وتطرح تحديات من حيث نقص دقة المعطيات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تأثيرات تغير المناخ‬
‫لقد اختلف تحديد تأثيرات تغير المناخ بالنظر إلى مضمون تقارير الفريق الحكومي‬
‫المعني بتغير المناخ‪ ،‬ومضمون اتفاقية تغير المناخ‪ ،‬حيث أن األول جاء أكثر تفصيال‪.‬‬
‫ا‪-‬حسب تقارير الفريق الحكومي المعني بتغير المناخ ‪ Giec‬لقد توصل الفريق‬
‫الحكومي المعني بتغير المناخ إلى أن انبعاثات غازات الدفيئة سيتسبب في تضاعف نسبة‬
‫ثاني أكسيد الكربون وقد توقع التقرير األول لسنة ‪ 1990‬ارتفاع درجات الح اررة العامة من‬
‫‪ 1.5‬إلى ‪ 4.5‬درجات تبعا لذلك سترتفع درجة ح اررة الجو والمحيطات وسيذوب جزء من‬
‫جليد القطبين بالتالي ارتفاع مستوى سطح البحر ومن المرجح حسب توقعات علماء‬
‫(‪)1‬‬
‫المناخ‪ ،‬حدوث تغير في أنماط هطول األمطار وتناقصها خاصة في المناطق الجافة‬
‫‪2‬‬
‫‪-1‬في مجال الهيدرولوجيا‬
‫من المتوقع أن تزداد مستويات المياه في البحيرات الموجودة في مناطق خطوط‬
‫العرض العليا‪ .‬ومن المتوقع حدوث انقراض لبعض األنواع عندما تعمل درجات الح اررة‬
‫المرتفعة في الصيف ونقص األكسجين‪.‬‬
‫ويتوقع بوجه عام أن يتسبب االحترار المناخي بالجفاف في مناطق وفيضانات في‬
‫مناطق أخرى‪.‬‬

‫نادية الدكروري‪ ،‬تقارير دولية ترصد بدء ظاهرة االحترار العالمي‪ ،‬مجلة العربي‪ ،‬العدد ‪ ،657‬أوت ‪.2013‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪)2‬الهيدرولوجيا هي علم يتناول دراسة حركة المياه وتوزعها فوق سطح األرض وباطنها‪ ،‬يعمل هذا العلم على توفير‬
‫المعلومات الالزمة إليجاد موارد كافية من الماء العذب‪ ،‬كما يدرس الفيضانات وتلوث المياه‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪-2‬مجال االيكولوجية الجبلية‬

‫أظهرت الدراسات األخيرة المخاطر غير المتناسبة لعمليات االنقراض في النظم‬


‫االيكولوجية الجبلية‪ ،‬وبوجه خاص بين األنواع المتوطنة وكثير من أنواع الحيوانات‬
‫والنباتات البرمائية والثدييات واألسماك التي سوف يتغير مجالها الجبلي المتخصص‬
‫(‪)1‬‬
‫بدرجة عالية‪ ،‬إضافة إلى تقلص الغطاء الجليدي للجبل‬

‫‪-3‬اإلنتاج الزراعي وتهديد األمن الغذائي للدول الفقيرة‬

‫إن االحتباس الحراري يساهم في تفاقم أزمة سوء التغذية في الدول التي تعتمد على‬
‫القطاع الزراعي كمصدر أساسي للعيش‪ ،‬تبعا لتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن حوالي‬
‫‪ 53‬مليون شخص سيموت سنويا بسبب سوء التغذية‪ ،‬كما ستؤثر الظروف المناخية‬
‫المضطربة على إنتاج الحبوب وأهم المحاصيل الزراعية‪ ،‬وفي حالة استمرار ارتفاع‬
‫(‪)2‬‬
‫درجات الح اررة فالوضع سيزداد خطورة‬

‫‪-4‬الصحة اإلنسانية‬

‫إن الرتفاع درجة ح اررة األرض نتائج وخيمة على المقومات األساسية للصحة‪،‬‬
‫فاإلصابات والعلل التي تجري نتيجة للتغيرات المناخية تفاقمت نتيجة الرتفاع درجات‬
‫الح اررة وما يتبعه من نتائج خطيرة وبالتحديد على السكان األقل دخال في البلدان‬
‫(‪)3‬‬
‫االستوائية‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Groupe d’experts intergouvernemental sur l’évolution du climat, changement de climat,‬‬
‫‪1995, seconde évaluation, p 30-32.‬‬

‫عبد الحكيم ميهوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪Groupe d’experts intergouvernemental sur l’évolution du climat, changement‬‬


‫)‪(3‬‬

‫‪climatiques 2001 : Rapport de synthèse p8.‬‬

‫‪24‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ب‪-‬حسب اتفاقية تغير المناخ‬


‫لقد تضمنت ديباجة اتفاقية تغير المناخ التأثير السلبي لالحترار اإلضافي لسطح‬
‫األرض والغالف الجوي على األنظمة االيكولوجية الطبيعية وعلى البشرية‪ ،‬كما أن ارتفاع‬
‫منسوب مياه البحار سيؤثر على الجزر والمناطق الساحلية المنخفضة‪.‬‬

‫أما المناطق الجافة وشبه الجافة‪ ،‬المناطق المعرضة للفيضانات والجفاف والتصحر‪،‬‬
‫البلدان النامية ذات النظم االيكولوجية الجبلية الضعيفة‪ ،‬فهي معرضة بصفة خاصة‬
‫لآلثار الضارة لتغير المناخ‪ ،‬كذلك األمر بالنسبة للبلدان النامية التي تعتمد اقتصادياتها‬
‫على إنتاج الوقود األحفوري واستخدامه وتصديره‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقييم التأثيرات‬
‫يالحظ أن ارتفاع درجة ح اررة األرض من شأنه أن يؤدي إلى مجموعة نتائج سلبية‬
‫على بيئة اإلنسان‪ ،‬رغم أنه لم يتم بعد تحديد هذه النتائج بدقة‪ ،‬حيث توجد إمكانية‬
‫لتقليص هذه النتائج إذا ما اتخذت الدول اإلجراءات الالزمة هذا من ناحية‪ ،‬من ناحية‬
‫أخرى تتأثر النتائج بنسبة النمو االقتصادي المحققة ونسب تزايد الكثافة السكانية‪.‬‬
‫ال شك أن الزيادة السكانية غير الطبيعية (االنفجار السكاني) تعتبر من أهم مسببات‬
‫التدهور البيئي‪ ،‬إذ تؤدي إلى الصراع البشري على مستلزمات الحياة من الموارد الطبيعية‪،‬‬
‫سواء من المحاصيل الزراعية أو المياه أو الغذاء أو حتى من المحصول على األراضي‬
‫والمساكن‪.‬‬
‫إن زيادة الطلب على الموارد يؤدي إلى تدهور البيئة‪ :‬حيث تم تسجيل تراجع كبير‬
‫في خصوبة التربة مما أدى إلى تدميرها نتيجة التكالب على زراعة األراضي بشكل واسع‬
‫للحصول على اكبر كمية من المحاصيل الزراعية من اجل الحصول على غذاء يكفي‬
‫لتلك األعداد المتزايدة من البشر‪ ،‬كما ظهرت بعض المشكالت البيئية التي لم يعهدها‬
‫اإلنسان من قبل مثل انتشار التصحر والجفاف وزيادة الملوثات في الهواء والماء والتربة‬

‫‪25‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وانقراض الكثير من األنواع النباتية والحيوانية حيث يرى مصطفى المقمر أن مشكلة‬
‫الزيادة السكانية هي أساس كل المشاكل وأولها مشكلة الحصول على الغذاء ومشكلة تغير‬
‫المناخ وأن مالتوس كان على حق حين قال إن قدرة اإلنسان على التكاثر أعظم من قدرة‬
‫األرض على إنتاج محاصيل الغذاء‪ ،‬ولم يكن يدرك مالتوس أن مشكل النمو الديمغرافي‬
‫اليتعلق فقط بالتغذية‪ ،‬حيث لم يكن اإلنسان يدري أنه بإطالق ملوثات نشاطاته إلى البيئة‬
‫من شأنه أن يدمر غالف األوزون الحامي للحياة على سطح األرض‪ ،‬كما أن الملوثات‬
‫المنطلقة تحول دون تسرب الح اررة من جو األرض إلى الفضاء الخارجي‪ ،‬من ثم ترتفع‬
‫(‪)1‬‬
‫درجات الح اررة تدريجيا فيما نسميها ظاهرة الدفيئة‬
‫تطرح عملية التقييم عدة تحديات من حيث‪ :‬نقص المعطيات باألرقام كما أن علم‬
‫المناخ غامض نوعا ما‪ ،‬باإلضافة إلى الخصوصيات المحلية والدولية لألنظمة الطبيعية‬
‫واالقتصادية والتي ستؤثر فيها التغيرات المناخية‪ .‬وقد بين خبراء الفريق الحكومي المعني‬
‫بتغير المناخ في سنة ‪ : 1996‬واقع أن تغير المناخ الناتج عن اإلنسان يشكل ضغط‬
‫إضافي على األنظمة التي تعتبر مهددة بتغيرات أخرى‪ ،‬مثال‪ :‬تناقص التنوع البيولوجي‪،‬‬
‫االستهالك المفرط للموارد الطبيعية‪ ،‬تلوث الجو‪ ،‬األرض والماء وبالتالي من الصعب أن‬
‫(‪)2‬‬
‫تنسب هذه اآلثار على األنظمة الطبيعية واالقتصادية فقط إلى تغير المناخ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االحتباس الحراري في الجزائر‬


‫تتميز الوضعية البيئية في الجزائر (أوال) بالجفاف النسبي وقلة األمطار وأنظمة‬
‫إيكولوجية هشة‪ ،‬ويبدو أن درجة تأثر الجزائر باالحتباس الحراري (ثانيا) ستزيد من حدة‬
‫هذه الهشاشة وستخلق صعوبات معظمها متعلقة بوفرة المياه والجفاف‪.‬‬

‫عبد المنعم مصطفى المقمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130 ،80 ،9 ،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫)‪(2‬‬
‫‪Martin Beniston, changements climatiques et impacts, presses polytechnique et‬‬
‫‪universitaires, Romandes, 2012, p 118.‬‬

‫‪26‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫أوال‪ :‬الوضعية البيئية للجزائر‬


‫أشار التقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر لسنة ‪ 2005‬إلى أنه رغم‬
‫واجهتها المتوسطية بطول ‪ 1200‬كلم‪ ،‬الجزائر بلد يتميز بقساوة جفافه‪ ،‬حيث تشير‬
‫خارطة تساقط األمطار إلى العجز المسجل في هذا المجال‪ .‬وتشير نسبة األمطار المقدرة‬
‫بـ ‪ 400‬ملم إلى ضيق المنطقة الشمالية للبالد التي تستفيد من ظروف تساقط أمطار‬
‫مقبولة نسبيا‪ ،‬وهكذا فإن ‪ %95‬من التراب الجزائري يخضع لظروف غير مواتية لتساقط‬
‫األمطار عندما نضيف إلى هذه المناطق الجافة وشبه الجافة‪ ،‬المنطقة الصحراوية الشديدة‬
‫الجفاف‪ ،‬وبالنسبة لمنطقة الهضاب العليا‪ ،‬فهي تحتوي على سلسلة متصلة من األحواض‬
‫المغلقة‪ ،‬تتراوح كمية األمطار المتساقطة بين ‪ 400‬و‪ 200‬ملم‪ ،‬وتهب في الصيف رياح‬
‫حارة وجافة (سيروكو) قادمة من الصحراء تزيد من آثار الجفاف‪ ،‬وفي الشتاء تؤثر أدنى‬
‫درجات الح اررة اليومية والليلية المصحوبة بالجليد سلبا على المزروعات‪.‬‬
‫أما المنطقة الصحراوية فتتميز بقوة ح اررتها وقساوة جفاف مناخها إذ ال يتجاوز‬
‫(‪)1‬‬
‫معدل التساقط السنوي لإلحصاء ‪ 100‬ملم‪.‬‬
‫إن شكل التضاريس وموقعها بالنسبة لخطوط العرض تحدد بدقة الخصائص‬
‫المناخية التي تتشكل في منطقتنا‪ :‬مناخ متوسطي في الشمال‪ ،‬وصحراوي في الجنوب‪.‬‬
‫إن هذا التقلب الطبيعي للعوامل جعل من الصعب الوقوف على تغير المناخ‪ ،‬رغم‬
‫ذلك تم الوصول إلى‪:‬‬
‫‪ -‬أن نسبة تساقط األمطار محدودة في المناطق الساحلية‪ ،‬غير موجود في‬
‫الجنوب نتيجة تأثير تغير المناخ‪ ،‬بالتالي هناك توجه نحو انخفاض نسب‬
‫األمطار منذ سنوات السبعينات‪.‬‬
‫‪ -‬تتجه درجات الح اررة إلى االرتفاع منذ عشريتين في المنطقة الشمالية للجزائر‪.‬‬

‫(‪ )1‬و ازرة تهيئة اإلقليم والبيئة‪ ،‬تقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر ‪ ،2005‬ص ‪.37 ،35‬‬

‫‪27‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ -‬وقوع جفاف شديد‪ ،‬فيضانات‪ ،‬حرائق الغابات‪.‬‬


‫‪ -‬إن ظاهرة تغير المناخ تؤثر سلبا سواء على المناطق الصحراوية أو الشمال‪.‬‬

‫‪-1‬بالنسبة للمناطق الصحراوية‪:‬‬

‫تعرف منطقة الصحراء عدم تجديد للغطاء النباتي مما يدفع إلى هجرة إنسانية‬
‫وحيوانية للبحث عن حياة أكثر مالءمة‪ .‬إن هذه الحركة تسبب بطريقة غير مباشرة تدهور‬
‫الوسط الطبيعي وبالتالي زحف الصحراء‪.‬‬

‫‪-2‬بالنسبة لمناطق الشمال‪:‬‬

‫تعرف المناطق الشمالية نقصا في الموارد المائية مما يؤثر سلبا على الفالحة‬
‫وتدهور الغطاء النباتي دون أن ننسى األثر االجتماعي واالقتصادي لنقص المياه‪.‬‬

‫إضافة إلى تأثر السكان بهذه الظاهرة مع كل ما يشكله من تأثيرات معروفة على‬
‫الصحة‪ ،‬التغذية‪ ،‬ونمط الحياة بصفة عامة‪.‬‬

‫كما ت تأثر الوحدات االقتصادية المستعملة للماء (بطئ عملها أو توقفها) مما يؤثر‬
‫سلبا على التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬حيث بسبب نقص األمطار تتعرض عدة‬
‫(‪)1‬‬
‫قطاعات للضغوط‬

‫ثانيا‪ :‬درجة تأثر الجزائر باالحتباس الحراري‬

‫يقصد بدرجة التأثر حساسية اإلقليم لخطر ما‪ ،‬وتترجم على شكل أضرار تعود على‬
‫األشخاص واألموال واضطراب النشاطات االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫وتعتبر القطاعات الوطنية األكثر مساسا بالظاهرة‪ :‬المياه‪ ،‬الفالحة‪ ،‬الغابات‪،‬‬
‫الساحل والصحة‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Rapport d’étude : Evaluation du risque climatique en Algérie, op.cit, p 9-37.‬‬

‫‪28‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ .1‬المياه في الجزائر‪:‬‬
‫إن الماء هو مادة حيوية لالستهالك الوطني في مجاالت االستهالك البشري‪،‬‬
‫الفالحي‪ ،‬الصناعة‪ ،‬المواصالت والترفيه‪.‬‬
‫وتؤثر التقلبات المناخية من ارتفاع درجات الح اررة واألمطار‪ ،‬مما يؤثر على دورة‬
‫الماء في الطبيعة‪ ،‬وتغيرها من شأنه تعديل نظام تساقط وجريان المياه‪.‬‬
‫غير أن التغير المناخي ليس العامل الوحيد المؤثر في نسبة توفرها بل هناك‬
‫العوامل االقتصادية‪ ،‬الديمغرافية والبيئية التي تؤثر على مصادر المياه‪.‬‬
‫كما أن أنماط استهالك الماء وميكانيزمات تسييره تحدد درجة تأثر هذه المادة‬
‫(‪)1‬‬
‫بالتغيرات المناخية‬

‫و يرتبط تأثر المياه بالتغيرات المناخية بـ‪:‬‬


‫أ‪-‬مصدر نادر منذ البداية‪:‬‬

‫لقد جعلت حصة ‪ 600‬م‪3‬للفرد في السنة‪ ،‬الجزائر في مرتبة البلدان الواقعة تحت‬
‫سقف الندرة‪ ،‬وتسجل عج از مخيفا في المياه إضافة إلى ندرة المورد‪ ،‬فإن ما يزيد في تعقيد‬
‫(‪)2‬‬
‫هذه الوضعية وجود فوارق فضائية في ميدان توزيع المورد‪ ،‬وعجز في تسيير الماء‬
‫وقد رتب تقرير أمريكي أنجزه معهد الموارد العالمية بالواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫الجزائر ضمن ‪ 33‬دولة مهددة بزعزعة استقرارها السياسي واالجتماعي‪ ،‬بسبب شح المياه‬
‫بدءا من سنة ‪ ،2020‬وأنها حسب التقرير انطالقا من ‪ 2040‬ستكون محور حرب مياه‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Ministère de l’Aménagement du territoire de l’environnement et du tourisme, seconde‬‬
‫‪communication nationale de l’Algérie, Rapport d’étude : vulnérabilité aux changements‬‬
‫‪climatiques des secteurs nationaux prioritaires, p 18.‬‬

‫القانون رقم ‪ 02-10‬المتضمن المصادقة على المخطط الوطني لتهيئة اإلقليم ‪ ،SNAT‬الجريدة الرسمية عدد ‪61‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫لسنة ‪.2010‬‬

‫‪29‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ستندلع بين الدول الكبرى لالستحواذ على مواردها‪ .‬وسيزداد الطلب على المياه في الجزائر‬
‫بحكم أنها بلد مدرج ضمن الدول التي يتكاثر فيها عدد السكان بقوة حسب التقرير وبالتالي‬
‫سيرتفع االستهالك لهذه المادة الحيوية من طرف المواطنين‪ ،‬الفالحين والشركات‪ ،‬ما يدفع‬
‫إلى نزوح سكان األرياف نحو المدن‪ ،‬فتزيد معها معدالت التوتر االجتماعي وصعوبة‬
‫(‪)1‬‬
‫االستجابة لإلمدادات‬
‫ويجب التنبيه بأن الجزائر تفتقر إلى أنهار كبيرة على شاكلة النيل ودجلة وفرات‬
‫ونهر األردن‪ ،‬إذا ما قورنت بالدول العربية‪ ،‬ولهذا فإن الموارد المائية هي محصلة المياه‬
‫(‪)2‬‬
‫الجوفية نتيجة السيول واألمطار الموسمية والتي تتأثر بالتغيرات المناخية والبيئية‬
‫ب‪-‬احتمال نقص المياه الجارية‪:‬‬
‫فهي معرضة للتضرر بتغير المناخ مثل الجفاف‪ ،‬وقد تم مالحظة جفاف عدة‬
‫مسطحات مائية مثل ما حدث للسدود سنة ‪.2003 ،2002 ،2001‬‬

‫ج‪-‬المياه السطحية المعروضة‪:‬‬

‫تعتبر المياه السطحية عرضة للتبخر‪ ،‬األمر الذي يعرضها لنقص في الكميات وفي‬
‫(‪)3‬‬
‫المقابل يزيد الطلب على المياه الجوفية‬

‫كما أن ارتفاع درجة ح اررة الكون سيجعل المياه ساخنة ويؤثر سلبا على نوعيتها‬
‫(‪)4‬‬
‫حيث تتراكم بها الجراثيم‬

‫خالد بودية‪ ،‬مقال بعنوان الجزائر تحضر خطة للتكيف مع تغيرات المناخ بدءا من ‪ ،2020‬جريدة الخبر‪ ،‬السبت ‪5‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سبتمبر ‪.2015‬‬
‫(‪ )2‬نور الدين حاروش‪ ،‬إستراتيجية إدارة المياه في الجزائر‪ ،‬مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬العدد السابع جوان ‪،2012‬‬
‫ص ‪.62‬‬
‫تبعا لذلك تهدد المياه الجوفية باالستهالك المفرط فضال عن تعرضها للتلوث بالملوثات المتسربة عن السطح مثل‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫تسرب المياه المالحة في المناطق الساحلية‪.‬‬


‫)‪(4‬‬
‫‪Seconde communication nationale de l’Algérie, op.cit, p 19‬‬

‫‪30‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫د‪-‬عدم التحضر للفيضانات‪:‬‬

‫إن ارتفاع درجة الح اررة يتسبب في مضاعفة كمية الرطوبة وتغير دورة المياه في‬
‫الطبيعة‪ ،‬األمر الذي يسبب عواصف وأمطار بأكثر حدة وسرعة‪ ،‬مع العلم أن هذا‬
‫(‪)1‬‬
‫المشكل محاط بسوء التسيير من جهة وعشوائية العمران من ناحية أخرى‬

‫هـ‪-‬مناطق رطبة مهددة‪:‬‬


‫إن المناطق الرطبة عبارة عن مياه ذات طبيعة خاصة لها حساسية شديدة تجاه‬
‫التغيرات المناخية‪.‬‬

‫تعتبر الجزائر غنية بهذه المناطق‪ ،‬وتلعب هذه األخيرة دو ار هاما في مسار حياة عدة‬
‫أصناف من الحيوانات والنباتات‪ ،‬فالمياه التي تجري في المناطق الرطبة تحرر معادن‬
‫مثل‪ :‬النيترات والسولفات‪ .‬وانخفاض مستوى المياه يسبب ارتفاع الح اررة يؤدي إلى تركيز‬
‫(‪)2‬‬
‫هذه المعادن وقد يقتل الكائنات التي تعيش في هذه المياه‬

‫غير أن مورد المياه يعاني من انخفاض الكفاءة في إدارة الموارد المائية‪ ،‬كغيرها من‬
‫دول العالم‪ ،‬ال تتعامل مع المياه على أنها مورد نادر‪ ،‬بل يحصل مستهلكو المياه‬
‫الحضريون والريفيون على إعانات كبيرة لدى استعمالهم للمياه فمياه الري غالبا مسعرة‪،‬‬
‫غير أن سعرها في المناطق الحضرية ال يغطي تكاليف تسويقها في الجزائر بقدر‬
‫التعريفات الحالية بحوالي ‪ 1‬إلى ‪ %7‬فقط من تكلفة توفير المياه وبمثل سياسات التسعير‬
‫(‪)3‬‬
‫هذه تعد حاف از عكسيا يشجع على مزيد من اإلفراط والهدر في استخدام المياه‬

‫‪Seconde communication nationale de l’Algérie, op.cit, p 20.‬‬


‫)‪(1‬‬

‫‪IBID, p 20.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫فراح رشيد‪ ،‬سياسة إدارة الموارد المائية في الجزائر ومدى تطبيق الخصخصة في قطاع المياه في المناطق‬ ‫(‪)3‬‬

‫الحضرية‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية وعلوم التسيير فرع التخطيط‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،2010 ،3‬ص ‪.123‬‬

‫‪31‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ .2‬الفالحة‪:‬‬
‫تقدر اإلمكانات الفالحية للجزائر ‪ 33‬مليون هكتار‪ ،‬ويتأثر قطاع الفالحة بتغير‬
‫المناخ على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪-‬الفالحة ضحية للمناخ‬
‫تشير المعطيات الرسمية إلى أن األراضي الفالحية محدودة حيث تتركز ثالثة أرباع‬
‫هذه األرضي في المناطق الجافة وشبه الجافة التي ال تتمتع بجودة األراضي التي تتركز‬
‫في الشمال والغرب‪.‬‬
‫إضافة إلى أن نسبة تساقط األمطار تتراوح بين ‪ 350‬و‪ 1100‬ملم من المياه في‬
‫الشمال‪ ،‬وتقدر بين ‪ 350‬و‪ 150‬ملم في الهضاب العليا وأقل من ‪ 100‬ملم في‬
‫الصحراء‪.‬‬

‫غير أن هذه الكميات اقل بكثير مما تحتاجه الفالحة التي تعتبر أكبر مستهلك للمياه‬
‫(‪)1‬‬
‫بـ ‪ %60‬للمصادر المائية‬
‫وقد سجلت المساحة الفالحية الصالحة للزراعة ما بين سنة ‪ 1960‬و‪2006‬‬
‫انخفاضا شديدا إذ نزلت من ‪ 1‬هكتار للفرد في ‪ 1960‬إلى ‪ 0.52‬هكتار سنة ‪1970‬‬
‫و‪ 0.34‬هكتار في ‪ ،1985‬و‪ 0.25‬هكتار سنة ‪ ،2008‬في حين فقد القطاع الزراعي‬
‫‪ 250.000‬هكتار من األراضي الفالحية لفائدة البناء‪ ،‬ولكونها هشة ومحدودة تعرف‬
‫مواردنا من التربة وتلك المغطاة بالنبات حالة تدهور مستمرة‪ ،‬بسبب الممارسات الزراعية‪،‬‬
‫فاالنجراف المائي يمس الشمال الغربي ويهدد ‪ 12‬مليون هكتار في المنطقة الجبلية‪،‬‬
‫االنجراف الريحي الذي يشمل المناطق القاحلة وشبه القاحلة أي ‪ 32‬مليون هكتار‪ ،‬أما‬
‫األراضي الحساسة للتصحر تقدر بـ ‪ 11‬مليون هكتار‪.2‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Seconde communication nationale de l’Algérie, op.cit. p 29.‬‬

‫(‪)2‬القانون رقم ‪ ،SNAT 02-10‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ويشكل االحتباس الحراري عامل إضافي هام للمخاطر‪ ،‬جراء الهشاشة الحالية للبالد‬
‫ولخصوصية مناخها الجاف‪ ،‬إن ارتفاع درجة الح اررة يسبب تدهور نوعية األراضي مما‬
‫ينتج عنه تناقص عدد األراضي الفالحية أكثر مما هو موجود‪ ،‬كما أن تزايد األمطار من‬
‫شأنه أن يزيد خطر االنجراف‪.‬‬
‫ب‪-‬الموارد البشرية‪:‬‬
‫تميل الموارد البشرية إلى مغادرة قطاع الفالحة بسبب ضعف إنتاجيته‪ ،‬قلة البنى‬
‫التحت ية القاعدية‪ ،‬إن هذه العوامل تساهم في صعوبة التأقلم مع تغير المناخ‪ .‬إضافة إلى‬
‫(‪)1‬‬
‫عامل تخلي الدولة شيئا فشيئا عن االستثمار فيه والمحافظة على الموارد الطبيعية‬
‫‪ .3‬الغابات‪:‬‬
‫ترتبط الغابات بتغير المناخ ارتباطا وثيقا‪ ،‬فمن جهة يجهد تغير المناخ الغابات‬
‫وبيئتها من خالل ارتفاع متوسط درجات الح اررة السنوية وتبدل أنماط تهاطل األمطار‬
‫وتكرر أحداث الطقس األشد تطرفا‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬للغابات وظيفة أساسية تتمثل في‬
‫ابتالع وتخزين ثاني أكسيد الكربون‪ ،‬مما ينهض بدور أساسي في التخفيف من ظاهرة‬
‫تغير المناخ حيث أن تدمير الغابات يمكن أن يجعل منها مصد ار متواصال إلطالق غاز‬
‫(‪)2‬‬
‫الدفيئة‬
‫كما أن ارتفاع درجات الح اررة من شأنه أن يغير األنظمة البيئية للغابات المعروفة‬
‫حاليا‪ ،‬حيث تتضاعف المخاطر اآلتية من‪ :‬الحرائق‪ ،‬الفيضانات‪...‬‬
‫كما أن خطر الحرائق يؤدي إلى تآكل الغابات‪ ،‬ومع تغير المناخ تصبح الكوارث‬
‫أكبر‪ ،‬وتتطلب عملية إعادة تشكيل الغابات وقتا أطول بسبب تغير الغطاء النباتي األمر‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Seconde communication nationale de l’Algérie, opcit, p 30.‬‬

‫على موقع األمم المتحدة (منظمة األغذية والزراعة) ‪.www.fao.org‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪33‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الذي يؤثر على خصوبة األرض ويؤدي إلى تصحرها‪ .‬وقد تم تشخيص التصحر في‬
‫المواثيق الدولية بأنه انخفاض درجة خصوبة األرض‪ ،‬دون أن ننسى مخاطر الجفاف‬
‫حيث وجدت ‪ 20‬إلى ‪ %40‬من األشجار في المناطق الحساسة في حالة سيئة نتيجة‬
‫الجفاف باعتبار أن تغير المناخ يضعف األشجار ويجعلها عرضة للهجمات البكتيرية‪.‬‬

‫وأخي ار يمكن القول أن هذه المخاطر متداخلة وتساهم في إضعاف الغابة الجزائرية‬
‫(‪)1‬‬
‫وتؤدي إلى فقدان األنواع‬

‫‪ .4‬الساحل‪:‬‬

‫تعرف الجزائر قلة من الدراسات المعالجة إلشكالية اآلثار البيئية لتغير المناخ على‬
‫الساحل‪ ،‬وهذا األمر راجع إلى غياب نظام مراقبة هذه التأثيرات‪ ،‬وربط عالقتها بمختلف‬
‫التعديالت التي تمس المنطقة الساحلية إضافة إلى مختلف التغيرات الفيزيولوجية و انعدام‬
‫التوازنات البيولوجية وااليكولوجية‪ ،‬غير أنه على العموم تتأثر السواحل بتغير المناخ من‬
‫خالل اختفاء الرمال وتغير تركيبة الشواطئ‪ ،‬اختفاء األنواع األكثر حساسية‪ ،‬وتنتشر‬
‫البكتيريا المضرة بالصحة‪ ،‬تبعا لذلك ينخفض الصيد والتربية المائية وتندر بعض أنواع‬
‫(‪)2‬‬
‫األسماك‪ ،‬كما ينخفض اإلنتاج والقدرة على اإلنتاج‬
‫‪ .5‬قطاع الصحة‬
‫يتجلى تأثير التغيرات المناخية على الصحة‪ ،‬من خالل تفاقم األمراض المرتبطة‬
‫بالتغيرات المناخية‪ ،‬حيث أن ارتفاع درجات الح اررة وتلوث الهواء أو المياه‪ ،‬عوامل تساهم‬
‫في تفاقم أمراض الحساسية وااللتهابات الرئوية‪ ،‬واألمراض الوبائية إضافة إلى تزايد تأثر‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Ministère de l’Aménagement du territoire de l’environnement et du tourisme, seconde‬‬
‫‪communication nationale de l’Algérie, Rapport d’étude : vulnérabilité des forêts aux‬‬
‫‪changements climatiques en Algérie, Juillet 2009, p 34-21.‬‬

‫(‪)2‬عبد الحكيم ميهوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.207-206‬‬

‫‪34‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫نواقل العدوى حيث أن ارتفاع درجات الح اررة يؤدي إلى الجفاف وما ينتج عنه من ندرة‬
‫المياه وانعدام النظافة‪ ،‬عادة ما يتسبب في انتشار األمراض الوبائية وظهور أمراض‬
‫تعفنية جديدة‪ ،‬مثل حمى ‪hanta virus‬التي تسببت في صيف ‪ 2007‬في انتشار الوباء‬
‫(‪)1‬‬
‫في منطقة سيدي بلعباس‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ابعاد مشكلة تغير المناخ‬

‫إن معالجة وفهم مشكلة تغير المناخ تتطلب اإلحاطة بها من جميع الجوانب التي‬
‫تؤثر فيها وتتأثر بها‪ ،‬ألن فهم الموضوع يمكننا من وضع أفضل الحلول له‪ ،‬وأن جوانب‬
‫مشكلة تغير المناخ متعددة فالسياسة جزء من عملية إبرام االتفاقية (المطلب األول)‬
‫وكذلك هناك جانب اقتصادي لمشكل تغير المناخ(المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬السياسة جزء من عملية إبرام االتفاقية‬
‫تستمد الدواعي السياسة إلبرام اتفاقية تغير المناخ من نفس األسباب التي تحتم‬
‫التعاون الدولي لحماية البيئة‪ ،‬وألن التكتل لمواجهة أخطار الظاهرة أحسن من مواجهتها‬
‫بشكل منفرد هناك دواعي استدعت إبرام اتفاقية تغير المناخ (الفرع االول)‪ ،‬غير أنه‬
‫سرعان ما ظهرت عقبات هامة للتعاون الدولي في عملية إبرام اتفاقية تغير المناخ (الفرع‬
‫الثاني)‪ ،‬نتيجة اختالف المصالح بين الدول وتعارض في وجهات النظر بين االقتصاديين‬
‫والسياسيين ومناصري البيئة أثناء عملية التفاوض (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دواعي ابرام اتفاقية تغير المناخ‪:‬‬
‫إن التعاون الدولي بين الدول سواء كان داخل أو خارج المنظمات الدولية ليس غاية‬
‫في حد ذاته ‪ ،‬لكن الغاية هي الحفاظ على البيئة الدولية بأي طريق سواء كانت عن طريق‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Ministère de l’Aménagement du territoire de l’environnement et du tourisme, seconde‬‬
‫‪communication nationale de l’Algérie, Rapport d’étude : vulnérabilité du littoral face aux‬‬
‫‪changements climatiques en Algérie, p 7-24.‬‬

‫‪35‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الدول أم المنظمات الدولية‪ ،‬فهناك أمور ومشاكل ذات طبيعة دولية تتطلب التعاون‬
‫الدولي بين الدول للسيطرة عليها وايجاد الحلول المناسبة لها‪ .‬وأيضا هناك بعض المشاكل‬
‫الوطنية التي قد تعجز الدولة بمفردها من الناحية المادية أو الفنية عن إيجاد حلول مالئمة‬
‫لها‪ ،‬ومن هنا تأتي أهمية التعاون الدولي من خالل الهيئات والمنظمات الدولية أو خارج‬
‫هذه الهيئات‪ .‬حيث أن البيئة اإلنسانية بيئة واحدة وكل ال يتج أز وأن بعض المشاكل‬
‫المتعلقة بها واألضرار التي تلحق بها‪ ،‬تتجاوز حدود إمكانات الدول وال يمكن إيجاد‬
‫الحلول المناسبة لها إال من خالل التعاون الدولي وبواسطة الوسائل الدولية القانونية‬
‫(‪)1‬‬
‫والتنظيمية‬

‫إن لمشكل تغير المناخ جانب سياسي يتمثل في إدراك المجتمع الدولي آلثاره‬
‫وأخطاره المتعددة والتي سبق توضيحها‪ .‬فإذا اعتبر ابن خلدون في مقدمته "اإلنسان" مدني‬
‫بالطبع أي انه ميال إلى االتصال بغيره إلشباع حاجاته‪ ،‬كما الدول بحكم مقتضيات الحياة‬
‫الدولية وجدت نفسها في حاجة إلى االتصال وتبادل المعلومات والعالقات مع الوحدات‬
‫(‪)2‬‬
‫القانونية الدولية لحماية المصالح السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬الثقافية واالجتماعية‬

‫كان على المجتمع الدولي أن يتكتل ويتحد لمواجهة أخطار تغير المناخ ألن البيئة‬
‫كل ال يتجزأ‪ ،‬وظاهرة تغير المناخ تمس جميع اإلنسانية سواء بطريقة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة‪ ،‬لقد شهد عام ‪ 1992‬تحوال كبي ار في االهتمام العالمي بظاهرة تغير المناخ‪ ،‬بفضل‬
‫انعقاد مؤتمر األمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية في ريو دي جانيرو في الفترة الممتدة‬
‫من ‪ 3‬إلى ‪ 14‬حزيران‪ /‬يونيه ‪ ،1992‬المعروف أيضا باسم "مؤتمر قمة األرض" إذ شكل‬
‫هذا المؤتمر خطوة هامة إلى األمام ألنه أوصلنا إلى مرحلة قطعت فيها الدول تعهدات‬

‫خالد العراقي‪ ،‬البيئة تلوثها وحمايتها‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،2011 ،‬ص ‪.135‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عبد السالم صالح عرفة‪ ،‬التنظيم الدولي‪ ،‬منشورات الجامعة المفتوحة‪ ،1997 ،‬ص ‪.23‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪36‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫جدية بشأن التصدي لتغير المناخ‪ ،‬من خالل إبرام معاهدة متعددة األطراف تعرف بـ‬
‫(‪)1‬‬
‫"اتفاقية األمم المتحدة اإلطار بشأن تغير المناخ"‬

‫وقد اعترفت ديباجة االتفاقية بأن الطابع العالمي لتغير المناخ يتطلب أقصى ما‬
‫يمكن من التعاون من جانب جميع البلدان ومشاركتها في استجابة دولية فعالة ومالئمة‪،‬‬
‫وفقا لمسؤولياتها المشتركة‪ ،‬وان كانت متباينة‪ ،‬ووفقا لقدرات كل منها وظروفها االجتماعية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬وتؤكد مبدأ سيادة الدول في التعاون الدولي لتناول تغير المناخ‪ ،‬لكن يقيد‬
‫ب أال تسبب األنشطة التي تقع داخل واليتها أو تحت سيطرتها ضر ار لبيئة دول أو مناطق‬
‫(‪)2‬‬
‫أخرى تقع خارج حدود واليتها الوطنية‬

‫وألن االعتبارات السياسية تطغى على عملية إبرام االتفاقيات البيئية فإنه في اغلب‬
‫األحيان يتم األخذ بحلول وسط ال تتالءم مع المشاكل البيئية التي تحتاج إلى حلول جذرية‬
‫(‪)3‬‬
‫مما يقلل من فعاليتها على المستوى الدولي وعدم مراقبة تنفيذها على المستوى الوطني‬

‫تعتبر اتفاقية تغير المناخ إطار بمعنى أنها وثيقة لها هدف وال تضع قواعد تفصيلية‪،‬‬
‫والهدف من هذه المرونة هو‬ ‫(‪)4‬‬
‫ولكنها تقيم إطار دستوري أو تأسيسي في شكل قواعد‬
‫جذب أكبر عدد ممكن من الدول للمصادقة عليها واالمتثال ألحكامها‪.‬‬

‫خالد السيد المتولي محمد‪ ،‬الديمقراطية وتغير المناخ‪ ،‬شركة ناس للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،2013 ،‬ص ‪.23‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫المبدأ ‪ 21‬من إعالن استوكهولم‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫معمر رتيب عبد الحافظ‪ ،‬القانون الدولي للبيئة‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2008 ،‬ص ‪.191‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫محمد عبد الرحمن الدسوقي‪ ،‬االلتزام بحماية طبقة األوزون في القانون الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪ ،2005‬ص ‪.94‬‬

‫‪37‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عقبات هامة للتعاون الدولي في عملية إبرام اتفاقية تغير المناخ‬

‫إن عجز الدول عن إيجاد حلول منفردة لظاهرة تغير المناخ تطلب من الدول أن‬
‫تتكاثف وتتعاون لوضع نظام قانوني لحماية المناخ‪ ،‬غير أن عملية التعاون الدولي قد‬
‫واجهت عقبات أهمها‪ :‬الصراع بين الشمال والجنوب (أوال)‪،‬اإلحتكار التكنولوجي (ثانيا)‬
‫السيادة (ثالثا) ونقص الحوافز لالمتثال (رابعا)‪.‬‬

‫أوال‪-‬الصراع بين الشمال والجنوب‬

‫يشبه بعض المراقبين‬


‫هناك صراع بين الشمال والجنوب حول المال والتقنية‪ ،‬حيث ّ‬
‫دول الجنوب بمن يستجدي معونة إضافية بينما يصور الشمال كمحسن غني ولكنه أناني‬
‫غير مستعد للمشاركة في أس ارره التقنية‪...‬‬

‫لقد احتد الجدل بين الشمال والجنوب وعادة ما يدور الخالف حول ما إذا كانت‬
‫اعتمادات تنفيذ اتفاقيات حماية البيئة ستضاف إلى "المساعدة للتنمية" التي تقدم للجنوب‬
‫وما هي القيود التي يضعها الشمال على هذه االعتمادات‪ ،‬وقد كان التركيز شديدا في قمة‬
‫األرض على موضوع نقل التقنية والمشاركة في التقنية‪ ،‬والواضح أن عدم العدالة الناجم‬
‫عن السيطرة الثقافية أي التأثير الكاسح للثقافة الغربية وقوى التحديث على الدول التابعة‬
‫(‪)1‬‬
‫اقتصاديا يقيد مناقشات معونة التنمية ونقل التقنية‬

‫ثانيا‪-‬االحتكار التكنولوجي‬

‫توجد إغراءات واضحة لالحتفاظ بأي انجازات تكنولوجية تحدث‪ ،‬باعتبارها ملكية‬
‫فكرية قيمة ينبغي بيعها بسعر باهظ‪ ،‬فبدال من معاملة االنجازات التكنولوجية كمنفعة‬
‫عامة ال بد من مشاركتها‪ ،‬ربما يسعى مبتكرها إلى اكتناز المعرفة والحصول على دخل‬

‫لورنس اسكندر ترجمة أحمد أمين الجمل‪ ،‬دبلوماسية البيئة‪ ،‬الجمعية المصرية لنشر المعرفة‪ ،1996 ،‬ص ‪.32‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪38‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫من االحتكار الذي قد يصبح متاحا‪ .‬هذا السلوك يذكرنا بما يطلق عليه سياسات "إفقار‬
‫الجار" التي سادت في ثالثينات القرن العشرين‪ ،‬والتي سعت إلى تصدير المشاكل بدال‬
‫من حلها على نحو تعاوني‪ ،‬وعزز من ذلك حينها وفي الفترة الراهنة‪ ،‬غياب مؤسسة دولية‬
‫(‪)1‬‬
‫تعمل على تسهيل هذا التعاون وكذلك غياب قيادة قوية من جانب الدول الغنية والقوية‬
‫ثالثا‪-‬السيادة‬
‫تلتزم اغلب الدول بأغلب االتفاقيات الدولية القائمة ولكن هناك حاالت عديدة من‬
‫التجاهل الصارخ للقواعد والمواعيد المحددة‪ ،‬ويتم عادة اللجوء إلى السيادة كمبرر لذلك‬
‫وتؤكد الدول أن الموضوع األكثر أهمية هو النيل من سيادتها من جانب دول أخرى‪ .‬وقد‬
‫تقبلت كثير من الدول الحد العلمي من سيادتها حتى يمكنها االستفادة من مزايا‬
‫‪2‬‬
‫االتصاالت والتجارة ولذلك تعبر السيادة عقبة في طريق صنع المعاهدات البيئية الفعالة‬
‫رابعا‪ -‬نقص الحوافز لالمتثال‬
‫الحقيقة أن كثي ار من الشعوب سوف ترفض المشاركة في المفاوضات البيئية العالمية‬
‫ال ألنها تخشى على سيادتها من الضياع ولكن ألنها تفشل في رؤية ما سوف تجنيه‪،‬‬
‫وهذه الدول يمكن أن تكون كمن "يركب بدون أجرة" أي أنها تستفيد من أعمال اآلخرين‬
‫دون حمل أي مسؤولية أو تكلفة‪ ،‬وهي تفترض أن اآلخرين سيبذلون ما يكفي من جهد‬
‫(‪)3‬‬
‫بحيث تستفيد من عالم أكثر أمنا بيئيا دون تحمل أي تكلفة‬
‫لكن الحقيقة أنه ال ينبغي فقط التركيز على الحلول العالمية حيث انه ليست جميع‬
‫المشاكل البيئية عالمية في األصل أو المضمون‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ال تحتاج بالضرورة إلى حلول‬

‫دانيال دي بيرلمتر وروبرت روثستاين ترجمة أحمد شكل‪ ،‬تحدي تغير المناخ‪ ،‬أي طريق نسلك؟ مؤسسة هنداوي‬ ‫(‪)1‬‬

‫للتعليم والثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،2015 ،‬ص ‪.23‬‬

‫لورنس اسكندر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪)3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.37‬‬

‫‪39‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫عالمية‪ ،‬إذ أن المخاطر الصحية مثل تلوث جدول ماء‪ ،‬أو انبعاثات سامة من مصنع‬
‫معين هي محلية في نطاقها وبالتالي يمكن إزالتها بواسطة تشريع محلي‪ .‬أما المشكالت‬
‫األخرى مثل اإلفراط في الصيد وازالة الغابات‪ ،‬فلها مضمون قومي‪ ،‬والحكومات الوطنية‬
‫يمكنها المساعدة في تحسين البيئة‪ ،‬إذا ما توسع اهتمامها األساسي وهو األمن ليشمل‬
‫بعدا بيئيا‪ ،‬وهذا ما يبدو انه يحدث بالفعل في بريطانيا وكندا والدول االسكندنافية‪ ،‬ولكن‬
‫ليس من الضروري التطلع فقط إلى الحكومات‪ ،‬إلجراء تعديالت‪ ،‬حيث أن المساهمات‬
‫االيجابية للبيئة يمكن أن تتم من قبل الشركات التجارية‪ ،‬ومن قبل هيئات تضم مواطنين‬
‫مهتمين بسالمة البيئة‪ ،‬ومن قبل منظمات إقليمية‪ ،‬فاإلتحاد األوروبي‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يعتبر رفيقا بالبيئة بوجه عام‪ ،‬وذلك بوضعه المعايير البيئية ومساهمته في التكاليف‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اإلستراتيجية العامة للتفاوض‬


‫ال بد أن تتخذ عملية التفاوض حول مشكلة تغير المناخ (أوال) مسا ار يحدده الفاعلون‬
‫في مجال اتخاذ الق اررات‪ ،‬وفقا الستراتيجة معينة (ثانيا) سواء كانت تركز على عملية‬
‫التأقلم أو على عملية إنقاص انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون‪ ،‬لتجنب عرقلة مسار‬
‫التفاوض نتيجة ضعف البناء القانوني لالتفاقية(ثالثا) مثلما حدث في بروتوكول كيوتو‬
‫الذي عرف عملية عرقلة مارستها الواليات المتحدة األمريكية (رابعا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬عملية التفاوض‬
‫قد يكون التحليل شيئا والممارسة السياسية ربما تكون شيئا مختلفا تماما‪ ،‬وربما تتوفر‬
‫أفضل الظروف لكن تفشل في تحقيق النتائج المرجوة‪ ،‬إذا غلبت الخالفات والشكوك‪.‬‬
‫يتمثل جزء من المشكلة في أن الطاقة والبيئة ال يمكن عزلهما عن أي شيء آخر‬
‫يحدث في األنظمة المحلية والدولية‪ ،‬ففي كل األوقات ترتبط هاتان المسألتان بكل شيء‬

‫(‪ )1‬جيفري ستيرن‪ ،‬ترجمة مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬تركيبة المجتمع الدولي‪ ،‬اإلمارات العربية‪ ،‬ص ‪.432‬‬

‫‪40‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫آخر تقريبا‪ ،‬السيما اإليديولوجيات‪ ،‬توزيع التكاليف والفوائد‪ ،‬والسلطة السياسية‬


‫واالقتصادية‪ ،‬وتوقعات التنمية والجشع التجاري‪.‬‬

‫يبدو انه خالل عملية التفاوض قد تعارضت وجهات النظر المختلفة لالقتصاديين‬
‫ومناصري حماية البيئة ومتخصصي العلوم السياسية‪:‬حيث يصر مناصرو حماية البيئة‬
‫على المبدأ الوقائي الذي بموجبه على الدول أن تتخذ إجراءات الوقاية من تغير المناخ‬
‫حتى لو لم تتوفر لديها المعطيات العلمية الدقيقة حول هذه الظاهرة‪ ،‬وهو موقف غير‬
‫منطقي بالنسبة لالقتصاديين الذين يصرون على أننا ال يمكن أو ال ينبغي تجاهل تكاليف‬
‫(‪)1‬‬
‫الوقاية والتأقلم مع تغير المناخ‬

‫تعتبر وجهة نظر االقتصاديين والسياسيين غير متماشية مع حماية المناخ والبيئة‬
‫بصفة عامة‪ ،‬غير أن هذا الموقف منطقي ومبرر‪ ،‬على ضوء ما تم شرحه سابقا بأن‬
‫العالقات الدولية مبنية على استغالل الدول المتقدمة للدول النامية‪ ،‬من الطبيعي أن الدول‬
‫المتقدمة ال تلتزم إال بما تجني من خالله مصلحة أو منفعة‪ ،‬لذلك من شروط نجاح‬
‫المفاوضات أن تقتنع الحكومات أن لديها مصلحة قوية في التفاوض وفي دفع تكاليف‬
‫بلوغ اتفاق دولي‪ ،‬إن أصعب نقاط النقاش قد تمحورت حول المسائل المالية وهي جوهر‬
‫المشكل والخالف حول معاملة البلدان حسب درجة تطورها‪ ،‬وصعوبة تحديد األهداف‬
‫(‪)2‬‬
‫بعيدة المدى ومراجعة االلتزامات الوطنية حيث أن االتفاقية ذاتية التنفيذ‬

‫في األخير يمكن وصف عملية المفاوضات بما عبر عنه مايكل جراب –أستاذ تغير‬
‫المناخ في إمبريال كوليدج لندن‪ -‬عن أسفه إزاء فشل احد مؤتمرات المناخ‪ ،‬قائال‪" :‬عندما‬

‫دانيال دي بيرلمتر وروبرت إل روثساين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.167 ،152‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫)‪(2‬‬
‫‪Article sous titre : « un accord universel et historique à l’arraché », journal El Watan,‬‬
‫‪lundi 14 Décembre 2015.‬‬

‫‪41‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫يفشل شيء من هذا القبيل‪ ،‬فإنه يفشل بسبب تحالف أولئك الذين يطمعون فيما هو أكثر‬
‫من الالزم مع أولئك الذين ال يريدون شيئا"‪.‬‬

‫وتحقيق نجاح المفاوضات ربما يكون وفق ما يراه مصطفى كمال طلبة من خالل‬
‫عقد اجتماعات غير رسمية بين وفود العالم المقدم والعالم النامي‪ ،‬فيجب أن يجلس رؤساء‬
‫الوفود معا في حجرات مغلقة للتعبير عن آرائهم‪ ،‬وسماع آراء اآلخرين في جو ليس فيه‬
‫(‪)1‬‬
‫التزام رسمي وعن طريق النقاش‪ ،‬يمكن التوصل إلى نصوص توافقية ‪.‬‬
‫إن اغراء االنتفاع المجاني يعيق عملية إقناع الدول بالتوقيع على االتفاقية‪ ،‬وقد توقع‬
‫دول ولكنها في المقابل تتخذ إجراءات اقل فعالية مما التزمت به‪ ،‬ألن أسوأ نتيجة من‬
‫وجهة نظر أي دولة هي أن تتحمل تكاليف ثم تجد أن أقلية من الدول التي فعلت المثل‪،‬‬
‫وبهذا ال تجد منافع تجنيها في المقابل‪ .‬ومما يجعل أيضا التوصل إلى اتفاق عالمي شامل‬
‫أم ار معقدا عدم تجانس الدول‪ ،‬فبعض الدول عرضة لتغير المناخ أكثر من غيرها من‬
‫الدول‪ ،‬ال سيما الدول المنخفضة التي تكون عرضة لخطر ارتفاع مستوى سطح البحر‬
‫والدول التي يثمر مناخها الحالي عن محاصيل زراعية كثيرة‪ ،‬والتي قد تكون عرضة‬
‫(‪)2‬‬
‫للخطر إذا زاد عدم استقرار المناخ‬
‫ثانيا‪ :‬تحديد إستراتيجية التفاوض حول مشكلة تغير المناخ‪:‬‬
‫تتمحور إستراتيجية التفاوض حول التحاور إليجاد حلول ممكنة ومالئمة لجميع‬
‫البلدان‪ ،‬عدا عن الخيار العلمي إليجاد الحلول وهو ابتكار تقنيات علمية مناخية لجعل‬
‫بعض التدابير قابلة للتحقيق مثال ذلك‪ :‬زرع نوع من البكتيريا في المحيطات لزيادة قدرتها‬
‫على امتصاص ديوكسيد الكربون‪ ،‬فإن االستراتيجية العامة للتفاوض تتراوح بين‪:‬‬

‫مصطفى كمال طلبة‪ ،‬تغير المناخ سيؤثر على أمن وسالمة العالم كله‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ 17‬أكتوبر ‪،2007‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ص ‪.111‬‬
‫ستيفن سميث‪ ،‬االقتصاد البيئي‪ ،‬ترجمة إنجي بنداري‪ ،‬مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،2014 ،‬ص ‪.124‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪42‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ -‬إستراتيجية التأقلم‪ :‬التي تسمح كما يدل اسمها على التأقلم مع ارتفاع درجات الح اررة‬
‫والحد من األضرار المرتبطة بذلك كارتفاع مستوى سطح البحر‪.‬‬
‫‪ -‬إستراتيجية اإلنقاص‪ :‬التي تهدف إلى كبح ارتفاع درجات الح اررة بمساعدة‬
‫استراتيجيات وضعت إلنقاص انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون ومضاعفة قدرة‬
‫األرض على امتصاص غازات الدفيئة‪ ،‬وتعتبر إستراتيجية اإلنقاص على عالقة وثيقة‬
‫بمجال الطاقة كمصدر هام النبعاثات غاز أكسيد الكربون‪ ،‬بحيث يمكن إنقاص هذه‬
‫االنبعاثات بإحدى طريقتين إما استبدالها بالطاقة النظيفة التي ال يصدر عنها‬
‫غاز‪CO2‬أو تغيير أنماط استهالك الطاقة أي االقتصاد في استهالكها‪ ،‬غير أن هذا‬
‫‪1‬‬
‫النوع من الحلول غير المرن يجد معارضة في مجال السياسة العامة‬
‫أما من حيث األبعاد السياسية للمفاوضات فإن األولوية لالستراتيجيات ذات‬
‫المردودية وهي‪ :‬الضريبة على انبعاثات الكربون‪ ،‬أو برنامج التسقيف (بالنسبة لالنبعاثات)‬
‫وتبادل رخص االنبعاثات‪ .‬تفضل أوروبا الحل األول بينما الواليات المتحدة األمريكية‬
‫فتفضل الحل الثاني‪ ،‬يرى‪ Tom Tietenberg‬أن الضريبة على انبعاثات الكربون كجزاء‬
‫يدفعه الملوث‪ ،‬أمر يسهل فرضه‪ ،‬وهو ذو مردودية جيدة من حيث توفير التكنولوجيا‬
‫النظيفة لتشجيعها‪ ،‬كما أن هذا الحل يسمح ببقاء أسعار النفط مستقرة‪.‬‬
‫غير انه سرعان ما تم التخلي عن هذا الحل ألنه يتطلب وضع سلطة دولية ستتحكم‬
‫في العائد من هذه الضريبة‪ ،‬لكن بالموازاة العمل على تكريس هذه الضريبة على المستوى‬
‫الداخلي للدول‪،‬غير أن ما سبق شرحه هو حلول نظرية محضة لكن الواقع هو أن‬
‫الواليات المتحدة األمريكية قد رفضت الخضوع للضريبة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Tom Tietenberg et Lynne Lewis, Economie de l’environnement et développement‬‬
‫‪durable, Nouveaux Horisons, Paris, 2013, p 279.‬‬

‫‪43‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫أما البلدان النامية ففضلت إعفاءها من هذه الضريبة على األقل خالل السنوات‬
‫األولى من فرضها‪ ،‬والنظام الجزئي للضريبة (أي ال تلتزم به جميع البلدان) سيتسبب في‬
‫تسرب مالي ومشاكل المنافسة بين الدول‪.‬‬
‫لذلك تم التوجه كحل أخير نحو تبادل رخص االنبعاثات وهو ما نص عليه‬
‫بروتوكول كيوتو‪ ،‬غير أن سخرية السياسة هو أن الواليات المتحدة األمريكية المدافع عن‬
‫(‪)1‬‬
‫هذا التوجه لم توقع في النهاية على بروتوكول كيوتو‬

‫وكنموذج عن عدم التوافق السياسي قررت ‪ 133‬دولة نامية والصين االنسحاب من‬
‫مفاوضات المناخ في وارسو‪ ،‬احتجاجا على عزوف الدول المتقدمة عن االلتزام بالخسائر‪.‬‬
‫ويبدو أن خوان هوفمبستر–المفاوض البوليفي الذي يمثل كامل المجموعة ‪77‬‬
‫باإلضافة للصين‪ -‬قرر االنسحاب من المفاوضات باسم جميع البلدان النامية‪ ،‬هذا‬
‫االنسحاب كانت له قوة رمزية وهو حدث غير مسبوق في العقد األخير من محادثات‬
‫المناخ‪ ،‬وأوضح المفاوض أن االنسحاب جاء نتيجة لموقف البلدان المتقدمة‪ ،‬من بينها‬
‫النرويج‪ ،‬التي اقترحت مناقشة الخسائر واألضرار‪ ،‬ال في إطار اتفاقية األمم المتحدة‬
‫اإلطار بشأن التغير المناخي بناء على طلب البلدان النامية‪ ،‬ولكن في إطار التنمية‬
‫المستدامة ريو ‪ ،20+‬الذي يعتبر أكثر مرونة‪ ،‬فهو اقتراح يرفض كل شيء‪ ،‬بل ويرفض‬
‫مناقشة الخسائر غير االقتصادية‪ ،‬واعادة التأهيل والتعويض‪...‬وهي العناصر الحاسمة‬
‫للخسائر واألضرار‪ ...‬فإذا لم تناقش كيف يمكن مناقشة الخسارة والضرر؟‬
‫يبدو أن البلدان المتقدمة لم تكن راغبة في إعطاء هذا الدور البارز للخسائر‬
‫واألضرار تحت غطاء اتفاقية األمم المتحدة اإلطارية‪ ،‬ألن التركيز على "المسؤولية" يعني‬
‫انه على هذه األخيرة قبول المسؤولية التاريخية عن االنبعاثات التي تسبب تغير المناخ‪،‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Tom Tietenberg et Lynne Lewis, op cit, p 283.‬‬

‫‪44‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫بالتالي االلتزام بدفع الثمن‪ ،‬وأكد المفاوض عن المملكة المتحدة إد ديفي دعم بالده‬
‫لمقاومة البلدان المتقدمة‪ ،‬وقال نحن ال نقبل حجة التعويض‪ ،‬لكن هذا ال يعني أننا غير‬
‫(‪)1‬‬
‫ملتزمون بمساعدة أفقر البلدان على التكيف مع تغير المناخ‬
‫ثالثا‪ :‬اتفاقية تغير المناخ مثال على ضعف البناء القانوني للمعاهدات‬
‫لقد تضمن تقرير لجنة برونتالند توصية تبني إعالن عالمي لحماية البيئة والتنمية‬
‫المتواصلة على غرار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وكان هذا بهدف التغلب على‬
‫واحد من أهم أسباب القصور في النظام القانوني الدولي للبيئة‪ ،‬وهو نقص االلتزام القومي‬
‫الخاص بحماية البيئة‪ .‬وال شك أن هذا الكيان القانوني فيه نقاط ضعف واضحة‪ ،‬فالقواعد‬
‫سطحية جدا وال يوجد من يتولى القيادة فعال‪ :‬وجزء كبير من عملية المفاوضات غير‬
‫منظم‪ ،‬وال توجد سلطة مركزية إلدارة العملية وفرض االلتزام‪ ،‬وآليات حل المنازعات‬
‫المتاحة من خالل محكمة العدل الدولية غير قاطعة (‪.)2‬‬

‫رابعا‪-‬مسار التفاوض حول بروتوكول كيوتو‬


‫في عام ‪ 1997‬اجتمعت وفود ‪ 160‬دولة وممثلو المنظمات والهيئات الدولية‬
‫العلمية وتحت إشراف األمم المتحدة في مدينة كيوتو باليابان‪ ،‬وذلك لبحث اإلجراءات‬
‫الحاسمة لحماية البيئة والكرة األرضية من الغازات الضارة‪.‬‬
‫وبعد خالفات متوقعة توصل المجتمعون إلى بروتوكول كيوتو لخفض الغازات‬
‫الملوثة للبيئة لمعدل ‪ %6‬لليابان‪ %8 ،‬لدول االتحاد األوروبي‪ %7 ،‬للواليات المتحدة‪،‬‬
‫على أن يكون متوسط معدل خفض الغازات في الدول الصناعية ‪.%6‬‬

‫(‪)1‬كالود تشيوباتو‪ ،‬لماذا انسحبت ‪ 133‬دولة نامية والصين من مفاوضات المناخ؟‪ ،‬موجود في الموقع الرسمي لوكالة‬
‫األنباء‪//IPS international.org ،‬‬

‫نادية حمدي صالح‪ ،‬اإلدارة البيئية‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬ص ‪.261‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪45‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫أصر نائب الرئيس األمريكي في ذلك الوقت على ضرورة الضغط على الدول‬
‫النامية المشاركة لتنفيذ هذا البروتوكول‪ ،‬باتخاذ إجراءات موازية اللتزامات الدول‬
‫الصناعية‪.‬‬
‫‪ -‬بدأ الخالف بين الواليات المتحدة األمريكية واالتحاد األوروبي خالل مؤتمر‬
‫المناخ العالمي في هولندا نوفمبر ‪ 2000‬وقد دار الخالف حول مشروع أمريكي يسمح‬
‫للدول الصناعية الكبرى أن تخصم كميات ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها الغابات من‬
‫أصل الكميات المستهدفة لتخفيض االنبعاثات‪ ،‬غير أن االتحاد األوروبي اعترض على‬
‫هذا التوجه لصعوبة القياس الدقيق لذلك‪.‬‬

‫‪ -‬تم عقد في مارس ‪ 2001‬في ايطاليا اجتماع ضم الدول الكبرى (و‪.‬م‪.‬ا‪ ،‬فرنسا‪،‬‬
‫بريطانيا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬كندا‪ ،‬روسيا‪ ،‬واليابان) وافق فيه الخبراء على حل وسيط بخصوص‬
‫السياسة الجماعية التي يتعين اتخاذها لمواجهة التغيرات المناخية في العالم هذا على‬
‫الرغم من أن مندوبة الو‪.‬م‪.‬أ أشارت إلى أن اإلدارة األمريكية في حاجة إلى وقت لدراسة‬
‫سياستها المتعلقة باالحتباس الحراري وأنها لن ترفض بالضرورة بروتوكول كيوتو‪.‬‬

‫‪ -‬في أواخر مارس ‪ 2001‬فوجئ العالم بقرار اإلدارة األمريكية الجديد بعدم التزامها‬
‫ببروتوكول كيوتو بحجة أنها تشكل أعباء ثقيلة على االقتصاد األمريكي الذي يدخل مرحلة‬
‫التباطؤ في النمو‪ ،‬باإلضافة إلى حماية الصناعات األمريكية وحماية المستثمرين‬
‫(‪)1‬‬
‫األمريكيين في صناعة البترول والغاز والمناجم‬

‫نادية حمدي صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.265‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪46‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الجانب االقتصادي لمشكل تغير المناخ‬

‫تشكل االعتبارات االقتصادية جزءا هاما ومؤث ار في حياة المجتمع الدولي إن لم تكن‬
‫هي المحرك الرئيسي ألحداثه‪ ،‬لذا نادى االقتصاديون واعتبروا أن التنمية المستدامة هي‬
‫حل لتغير المناخ (الفرع األول) وفي المقابل يؤثر االقتصاد على تغير المناخ (الفرع‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التنمية المستدامة كحل لتغير المناخ‬

‫لقد تطور مفهوم التنمية (أوال) عبر عدة مراحل‪ ،‬بداية بفكرة التقسيم الدولي للعمل‬
‫(ثانيا) وصوال الى ضرورة وضع نموذج جديد للنمو (ثالثا) وبلورة مفهوم للتنمية المستدامة‬
‫(رابعا) بعد احتجاج الدول النامية بحصرها في دور مصدر المواد األولية‪ ،‬بعدما بدأت‬
‫تظهر عيوب النموذج الغربي للتنمية‪ ،‬وللجزائر بدورها جهود في مجال التنمية المستدامة‬
‫(خامسا)‬

‫أوال‪:‬تطور فكرة التنمية‪:‬‬

‫هناك عالقة مترابطة ومعقدة بين النظام االقتصادي العالمي والبيئة على وجه‬
‫العموم وبمسألة تغير المناخ‪.‬‬

‫لقد كان انطالق أوروبا الغربية عبر البحر خارج حدودها الطبيعية ألنها شعرت‬
‫بأنها فقيرة لنقص التوابل‪ ،‬الحجارة الكريمة‪ ،‬األصبغة‪ ،‬األقمشة النادرة‪ ،‬وأخي ار الذهب‬
‫(‪)1‬‬
‫والفضة وهي احتياجات النفوذ والترف في الحقيقة‬
‫إن اكتشافات ما وراء البحار في القرنين ‪ 15‬و‪ 16‬أنشأت قانونا دوليا طابعه‬
‫االستيالء والتملك‪ ،‬فإن اختراع اآللة البخارية قد أفرز مع اندالع الثورة الصناعية في نهاية‬

‫(‪ )1‬إيف بينوت‪ ،‬ماهية التنمية‪ ،‬دار الحقيقة‪،‬السنة غير موجودة ‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪47‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫القرن ‪ 18‬نظاما للعالقات االقتصادية والسياسية الدولية تجلى في قانون استعماري يقوم‬
‫على سلب خيرات الشعوب مرتك از على مبدأ سيادة أوروبا وتبعية شعوب ما وراء البحار‪،‬‬
‫حيث تعتبر المستعمرات خزينة للمواد األولية وسوقا للمنتجات تامة الصنع‪ .‬وحتى تصفية‬
‫االستعمار لم تنتج بعد كافة آثارها بل ال زالت الشعوب ما وراء البحار تعاني تبعية‬
‫(‪)1‬‬
‫اقتصادية للدول المستعمرة‬
‫ثانيا‪ :‬فكرة التقسيم الدولي للعمل‬
‫ال توجد أي قاعدة في القانون الدولي اتفاقية أو عرفية تنص على التقسيم الدولي‬

‫وتنظمه ما يجعلها‬ ‫اختصاصها‪-‬‬ ‫للعمل‪ -‬تقسيم للنشاطات االقتصادية بين الدول حسب‬

‫ظاهرة غريبة عن مجال القانون حيث يبدو أنها ظاهرة مفروضة على الدول النامية وهي‬
‫موجودة رغم إنكار القانون لها‪ ،‬باعتبار أن الدول النامية بقيت لمدة طويلة محصورة في‬
‫‪2‬‬
‫عملية تصدير المواد األولية التي تحولها الدول المتقدمة باختراع أكثر التقنيات تعقيدا‬
‫رغم أن االقتصاديين يرون أن التخصص الدولي هو أن تتخصص كل دولة في‬
‫إنتاج السلعة التي تتمتع فيها بميزة نسبية‪ ،‬ولما كان مدى التخصص إنما يتوقف على‬
‫نطاق السوق الذي يتم فيه التبادل‪ ،‬فإن اتساع نطاق التجارة الدولية شرط الزم التساع‬
‫مدى التخصص الدولي وتقسيم العمل‪ ،‬وفي هذا التخصص ما يزيد من الحجم الكلي‬
‫(‪)3‬‬
‫للسلع المنتجة في العالم مما يؤدي بدوره إلى حسن استغالل موارد الدولة‬
‫ويعود سبب حصر الدول النامية في دور مصدر المواد األولية حسب اعتقادي إلى‬
‫العامل التكنولوجي‪ ،‬فهو عامل مهم في اكتساب مزايا التصدير للدول‪ ،‬وهذا ما أكدته‬

‫محمد بجاوي‪ ،‬من أجل نظام اقتصادي دولي جديد‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.9‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫)‪(2‬‬
‫‪Majid Benchikh, Droit international du sous-développement, publication universitaire,‬‬
‫‪Alger, 1983, p.185.‬‬

‫زينب حسين عوض هللا‪ ،‬االقتصاد الدولي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪ ،1999 ،‬ص ‪.291‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪48‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫نظرية الفجوة التكنولوجية حيث يعتبر "بوسنر" "‪ "J. Posner‬أن ابتكار طرق جديدة في‬
‫إنتاج سلع جديدة يخولها احتكار التصدير في سلع قطاع معين‪ ،‬فالدولة المتفوقة‬
‫تكنولوجيا تطرح في السوق منتجات جديدة أو منتجات ذات جودة أفضل أو ذات تكلفة‬
‫(‪)1‬‬
‫اقل‪ ،‬تسمح لها باكتساب مزايا احتكارية مقارنة بغيرها من الدول‬

‫ثالثا‪:‬ضرورة وضع نموذج جديد للنمو‪:‬‬

‫لقد أسهم كتاب "حدود النمو" لمجموعة باحثين تحت اسم نادي روما في التحذير‬
‫من اآلثار المترتبة عن النموذج السائد للنمو االقتصادي الحالي‪ ،‬من حيث أن استمرار‬
‫االتجاهات المتزامنة في النمو السكاني والتصنيع واالستهالك الغذائي واستخدام الموارد‬
‫والتلوث‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إلى انهيار حتمي لالقتصاد العالمي والمجتمع العالمي في‬
‫وقت ما في السنوات المائة المقبلة‪ ،‬غير أن العالم الثالث اعتقد أن الجدل كله مؤامرة من‬
‫جانب الدول المتقدمة الغنية للحفاظ على قوتها وازدهارها‪ ،‬عن طريق إخبار البلدان‬
‫النامية أن عليهم التخلي عن نموذج النمو الذي نجح جيدا في الماضي‪ ،‬وبدا انه النموذج‬
‫الوحيد الذي من شأنه أن يضع البلدان النامية على نفس الطريق نحو تحقيق الثروة‬
‫وارتفاع مستويات الدخل‪ ،‬فإذا تخلت البلدان النامية عن هذا النموذج الذي يمثل التصنيع‬
‫السريع أحد مكوناته‪ ،‬فماذا يمكن أن يحل مكانه؟ واذا استخدموا الموارد على نحو أكثر‬
‫(‪)2‬‬
‫اعتداال‪ ،‬فكيف سيتغلبون على الفقر؟‬

‫بالرجوع إلى مفهوم التنمية‪ ،‬يرى رمزي إبراهيم سالمة أن التنمية االقتصادية هي‬
‫عملية متعددة األبعاد‪ :‬تتضمن إجراء تغييرات جذرية في الهياكل االجتماعية والسلوكية‬

‫عائشة خلوفي‪ ،‬تأثير التكتالت االقتصادية اإلقليمية على حركة التجارة الدولية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫جامعة فرحات عباس سطيف‪ ،2012 ،‬ص ‪.15‬‬

‫دانيال دي بيرلمتر وروبرت روثساين ترجمة أحمد شكل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪49‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫والثقافية‪ ،‬والنظم السياسية واإلدارية‪ ،‬جنبا إلى جنب‪ ،‬مع زيادة معدالت النمو االقتصادي‬
‫وتحقيق العدالة في توزيع الدخل الوطني‪ ،‬واستئصال جذور الفقر المطلق في مجتمع ما‪.‬‬

‫وقد أكدت األمم المتحدة على الحق في التنمية في قرارها ‪ 41/128‬المؤرخ في‬
‫‪ ،1986/12/04‬والذي نصت المادة األولى منه على أن الحق في التنمية‪ ،‬حق من‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬غير قابل للتصرف‪ ،‬يحق له المشاركة فيه والتمتع به‪ ،‬بينما أكدت المادة‬
‫(‪)1‬‬
‫الرابعة منه على مسؤولية الدولة في تهيئة األوضاع المواتية إلعمال الحق في التنمية‬

‫ومنه نالحظ أن التنمية هي مفهوم شامل للنمو وهي عبارة عن تقدم ليس فقط في‬
‫المجال االقتصادي بل بالموازاة مع الجوانب االجتماعية والثقافية للمجتمع‪.‬‬

‫غير أن هذا التعريف للتنمية ينطبق على عملية النهضة التي عرفتها أوروبا وال‬
‫ينطبق بالضرورة على الدول النامية‪ ،‬حيث يعتبر محمد بجاوي أن إيديولوجية التنمية في‬
‫الدول الصناعية تقوم على تخلف الدول النامية‪ ،‬فهو حتمية لتطور نظام العالقات‬
‫االقتصادية‪ ،‬كما يقول احد المؤلفين‪ " :‬التخلف ليس فقط نتاجا للتنمية بل هو أيضا‬
‫عالمة إخفاقها"‪ ،‬إن النظام االقتصادي الحالي يجعل ثلثي البشرية بعيدين عن اإلنتاج‬
‫الصناعي‪ ،‬ألن حاجات الثلث في العالم مرتبطة بحرمان الثلثين الباقيين فهو نظام يقوم‬
‫على توسيع الهوة بين األغنياء والفقراء‪ ،‬ما دفع جورج كاستينادا إلى القول‪ " :‬إن النظام‬
‫الدولي الحالي‪ ،‬إذا أمكن أن نسميه نظاما ساهم قبل كل شيء في تعزيز وتركيز السلطة‬
‫االقتصادية‪ ،‬في عدد قليل من الدول التي سبقت إلى الظهور على المسرح الدولي وقضت‬
‫على أكثر من ثلثي سكان العالم بالبؤس والتبعية بل وضعتهم في وضعية المعارضة‪،..‬‬

‫محي الدين حمداني‪ ،‬حدود التنمية المستدامة في االستجابة لتحديات الحاضر والمستقبل دراسة حالة الجزائر‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪،2009 ،‬‬
‫ص ‪.14‬‬

‫‪50‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫إن المجتمعات الغنية تنظر بعدم اكتراث إلى تعاسة الشعوب التي تعيش وضعية بائسة‬
‫بل إنها نظرة عدوانية‪.‬‬

‫ويحق لنا مقارنة قصر النظر هذا من جانب الدول الغنية بما كان يبدو من جانب‬
‫(‪)1‬‬
‫نظم الحكم المطلق‪ ،‬من المباالة قبيل الثورات االجتماعية في القرنين األخيرين‬

‫غير أن هذا النموذج للتنمية الذي عرفته الدول الغربية رغم ما حقق لها من ازدهار‬
‫وتقدم بدأت تظهر عيوبه‪ ،‬لذلك ظهر مفهوم استبدلت به التنمية‪.‬‬

‫رابعا‪:‬مفهوم التنمية المستدامة‪:‬‬


‫لتحديد مفهوم التنمية المستدامة وجب تحديد العالقة بين التنمية والبيئة(‪ )1‬وذلك قبل‬
‫وضع تعريف للتنمية المستدامة(‪)2‬‬

‫‪ 1‬العالقة بين التنمية والبيئة‪:‬‬

‫تظهر العالقة بين التنمية والبيئة من خالل كيفية استعمال الموارد الطبيعية والمقادير‬
‫المناسبة في المشاريع التنموية‪ ،‬فإذا تمت بطرق جائرة ستؤدي إلى تدهور البيئة مستقبال‪،‬‬
‫والمتمثل في فقدان بعض الموارد أو قلتها‪ ،‬وعدم خصوبة األراضي وزيادة التصحر وتلوث‬
‫(‪)2‬‬
‫المياه والهواء وغيرها من المشاكل‬

‫والعالقة بين البيئة والتنمية عكسية حيث كلما ازدادت معدالت التنمية‪ ،‬ازدادت‬
‫المشاكل البيئية‪ ،‬لكن تبدأ هذه العالقة عند الحد الذي ال تستطيع البيئة امتصاص التلوث‬
‫‪3‬‬
‫فيه‪ ،‬وكلما ازدادت المشاكل البيئية انخفضت معدالت التنمية أو ازدادت تكاليف التنمية‬

‫محمد بجاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19 ،86‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫منور أوسرير‪ ،‬محمد حمو‪ ،‬االقتصاد البيئي‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.51‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪)3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪51‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وقد كان لالقتصاد الدولي دور في سوء استخدام الموارد البيئية خاصة في البلدان‬
‫النامية حيث ظل تصدير المواد الخام العامل الكبير في اقتصادياتها‪ ،‬ونتيجة لتراكم‬
‫(‪)1‬‬
‫الديون على هذه البلدان تكون مضطرة إلى استنزاف البيئة لتأمين بقائها‬

‫‪ 2‬تعريف التنمية المستدامة‬


‫التنمية المستدامة هي التنمية التي تستجيب الحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة‬
‫األجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم حسب تقرير لجنة البيئة والتنمية لسنة ‪ ،1987‬غير‬
‫أنه ال يعني انه التعريف الوحيد لهذا المفهوم غير المحدد والذي يحتاج إلى توضيح أكثر‬
‫من حيث نوع الحاجات التي يتم تلبيتها وما هي حدودها وكيف تكون‪.‬‬

‫إن هذا التعريف يشبه كثي ار التعريف الوارد في تقرير ‪" :Bruntland‬وهو ضمان‬
‫حق التنمية لألجيال الحاضرة دون المساس بحق األجيال المقبلة"‪.‬‬

‫وهو تعريف يركز على حق التنمية من جهة وضمنيا مسألة عدم استم اررية الموارد‬
‫أي نفاذها‪ ،‬لذا فان المحافظة على الموارد تعد ضرورة‪ ،‬ال تكون إال على امتداد زمني‬
‫تضمن حق األجيال الالحقة في االستفادة منها‪ ،‬وهو ما عبر عنه ‪Brown Weiss‬‬
‫بواجب كل جيل في المحافظة على األرض ومنتوجها (‪.)2‬‬

‫لذلك تعتبر التنمية المستدامة أسلوب جديد للتغيير حيث أن استغالل الموارد‬
‫الطبيعية واختيار االستثمارات وتوجيه التطور التقني وتغيير المؤسسات يحدد بمقتضى‬
‫احتياجات األجيال الحالية والمقبلة‪ ،‬وتمثل التنمية المستدامة نوعا جديدا من التنمية غير‬
‫تلك المعروفة لحد اآلن‪ ،‬لذا تدعو في الحقيقة إلى التضامن على مستويين‪:‬‬

‫يونس إبراهيم أحمد يونس‪ ،‬البيئة والتشريعات البيئية‪ ،‬دار الحامد للنشر‪ ،2008 ،‬ص ‪.59‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عالل عبد اللطيف‪ ،‬تأثر الحماية القانونية للبيئة في الجزائر بالتنمية المستدامة‪ ،‬مذكرة من اجل الحصول على‬ ‫(‪)2‬‬

‫شهادة الماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،2012 ،1‬ص ‪.19‬‬

‫‪52‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫المستوى األفقي‪ :‬التضامن في اتجاه الدول النامية والمتخلفة‪.‬‬


‫(‪)1‬‬
‫المستوى العمودي‪ :‬التضامن فيما بين األجيال الحاضرة واألجيال المقبلة‬

‫إن ما يعاب على مفهوم التنمية المستدامة انه رغم تكريسها في مختلف النصوص‬
‫إال أنها تفتقد إلى غطاء نظري علمي‪ ،‬أي أنه ما دام أن علماء االقتصاد لم‬ ‫(‪)2‬‬
‫الدولية‬
‫ينظروا بعد للتنمية المستدامة‪ ،‬يبقى تعريف هذا المفهوم مجرد محاوالت‪.‬‬

‫في هذا الصدد‪ ،‬هناك من يرى أن التنمية المستدامة ما هي إال إيديولوجية سياسية‬
‫تمت صياغتها من طرف األمم المتحدة والهدف من ورائها حث دول العالم الثالث على‬
‫االنخراط في البرنامج البيئي لدول الشمال(‪.)3‬‬

‫وأكثر من يعبر عن نقد مفهوم التنمية المستدامة التيار البيئي النقدي الذي على‬
‫رأسه مايكل ريدكليفت الذي أصدر كتاب بعنوان التنمية المستدامة‪ :‬الكشف عن‬
‫التناقضات‪ ،‬حيث يوظف ريدكليفت تحليل االقتصاد السياسي البنيوي لدراسة العالقة بين‬
‫بروز وتطور النظام الرأسمالي العالمي والتدهور البيئي العالمي المستمر‪ ،‬ويستعرض‬
‫ريدكليفت بيانات تاريخية وحديثة حول النشاط اإلنتاجي واالستهالكي العالمي واألزمات‬
‫البيئية العالمية‪ ،‬كما ي ستعرض حاالت تنموية محددة ومشاريع اقتصادية على الصعيدين‬
‫المحلي والعالمي ليتوصل إلى نتيجة أن النظام الرأسمالي العالمي‪ ،‬بالرغم من كل ما جلبه‬
‫من تحوالت عميقة في السلوك اإلنساني‪ ،‬هو نظام غير مستديم ويوضح ريدكليفت عمق‬

‫زيد المال صافية‪ ،‬حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على ضوء أحكام القانون الدولي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬ ‫(‪)1‬‬

‫الدكتوراه قانون دولي‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،2013 ،‬ص ‪.25‬‬

‫وثيقة اإلستراتيجية الدولية لصيانة الطبيعة ‪ ،1980‬وثيقة مستقبلنا المشترك (تقرير لجنة برنت الند ‪ ،)1987‬مؤتمر‬ ‫(‪)2‬‬

‫األمم المتحدة للبيئة والتنمية ‪1992‬‬

‫العايب عبد الرحمن‪ ،‬التحكم في األداء الشامل للمؤسسة االقتصادية في الجزائر في ظل تحديات التنمية المستدامة‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة فرحات عباس‪ ،‬سطيف‪ ،2011 ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪53‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫التناقض القائم بين النشاط االقتصادي الرأسمالي وقوى السوق واالقتصاد الحر من ناحية‪،‬‬
‫والبيئة ومواردها وحدودها من ناحية أخرى‪ ،‬ويضيف ريدكليفت أن مصالح الشركات‬
‫الرأسمالية االحتكارية متعارضة ومتناقضة مع المصالح اإلنسانية في اإلبقاء على بيئة‬
‫صحية ونظام متوازن وقادر على التجدد‪ ،‬ويؤكد أن النظام الرأسمالي العالمي هو قيد يحد‬
‫من السعي إلى تحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬ألنه يقوم أساسا على مبدأ استنزاف الموارد‬
‫الطبيعية وعلى مبدأ تطويع البيئة وتوظيفها من اجل تعظيم األرباح والعوائد المالية‪ .‬إن‬
‫التنمية المستدامة الوحيدة بالنسبة إلى ريدكليفت هي التنمية الزراعية‪ ،‬هذه التنمية هي‬
‫الوحيدة التي ال تلوث البيئة وال تستنزفها وال تجهدها‪ ،‬بل هي الوحيدة التي تغني الطبيعة‬
‫(‪)1‬‬
‫وتبقي على خصوبتها المتواصلة والمتجددة‬
‫يعتبر هذا الرأي غير واقعي نوعا ما‪ ،‬حيث ال يمكن أن يقوم االقتصاد العالمي على‬
‫الزراعة فقط‪ ،‬الن التنمية تحتاج إلى الصناعة موازاة مع الفالحة‪ ،‬دون أن ننسى دور‬
‫التجارة في ترويج السلع وتوفيرها للشعوب وحتى الزراعة المفرطة من شأنها استنزاف‬
‫األراضي الفالحية‪ ،‬يبقى أن التنمية المستدامة هي مبدأ بيئي تطبيقه منوط بمدى نية‬
‫وجدية الدول في تطبيق هذا المبدأ‪.‬‬
‫خامسا‪:‬جهود الجزائر في مجال التنمية المستدامة‬
‫تعتبر التنمية المستدامة احد أهداف اتفاقية تغير المناخ‪ ،‬حيث تطرقت في ديباجتها‬
‫إلى الحث على تحقيق التنمية االجتماعية واالقتصادية المستدامة‪،‬كي تحقق البلدان النامية‬
‫تقدما صوب هذا الهدف‪ ،‬يتطلب األمر زيادة استهالكها من الطاقة‪،‬مع مراعاة إمكانات‬
‫تحقيق المزيد من كفاءة الطاقة والتحكم في انبعاثات غازات الدفيئة بوجه عام‪ ،‬وذلك بعدة‬
‫طرق من بينها استخدام تكنولوجيات جديدة بشروط تجعل هذا االستخدام ذا نفع من‬

‫عبد الخ الق عبد هللا‪ ،‬التنمية المستديمة والعالقة بين البيئة والتنمية‪ ،‬المستقبل العربي العدد ‪ 167‬لسنة ‪ ،1993‬ص‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪.99 ،98‬‬

‫‪54‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الناحيتين االقتصادية واالجتماعية وتوافقا مع ذلك سعت الحكومة الجزائرية للبحث عن‬
‫الطرق والوسائل لتفعيل عدة برامج كبرنامج الطاقات المتجددة تحضي ار لمرحلة ما بعد عهد‬
‫النفط‪ ،‬وقد كشفت عن خطة طموحة إلنتاج ‪ 10‬في المائة من الكهرباء من موارد متجددة‬
‫كالماء‪ ،‬الشمس والرياح بحلول ‪.2020‬‬
‫كما بادرت الجزائر إلى تخصيص مبالغ معتبرة لدعم وتجسيد التنمية المستدامة في‬
‫معظم المجاالت الحيوية من خالل إعداد إطار قانوني صارم ومتخصص من شأنه مراقبة‬
‫النشاطات المسببة للتلوث والمجال البيئي معتمدة على وسائل كوضع رسوم خاصة‬
‫بحماية البيئة تدفع المؤسسات لمراقبة نشاطها وكذا فرض رسوم دولية واالعتماد على‬
‫إستراتيجية محكمة من شأنها ترشيد االستهالك الحالي للموارد البيئية‪ ،‬ودفع عجلة التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬ومن جملة هذه القوانين‪ :‬القانون المتعلق بالتهيئة والتنمية المستدامة ‪،2001‬‬
‫القانون المتعلق بتسيير ومراقبة التخلص من النفايات ‪ ،2001‬القانون المتعلق بحماية‬
‫البيئة في طل التنمية المستدامة ‪ ،2003‬القانون المتعلق بالطاقات المتجددة في إطار‬
‫التنمية المستدامة ‪ ،2001‬القانون المتعلق بتسيير وحماية البيئة والمساحات الخضراء‪.‬‬
‫كما قامت بتشكيل مجالس وهيئات وطنية تعنى باالهتمام بالبيئة من بينها‪ :‬الوكالة‬
‫(‪)1‬‬
‫الوطنية للتغيرات المناخية‪ ،‬المجلس الوطني للتنمية المستدامة وغيرها‪...‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تأثر االقتصاد بتغير المناخ‬

‫لقد قام االقتصاديون بإجراء أبحاث حول ظاهرة تغير المناخ وتم التوصل إلى أن‬
‫االقتصاد العالمي سيتأثر بهذه الظاهرة‪ ،‬حيث يقوم اقتصاد تغير المناخ (أوال) على عملية‬
‫التخلي عن مادة الكربون‪ ،‬وأثبتت نفس هذه الدراسات أن النتائج االقتصادية لعدم التكفل‬

‫(‪)1‬بوسبعين تسعديت‪ ،‬مداخلة بعنوان أثر التغيرات المناخية على االقتصاد والتنمية المستدامة مع اإلشارة إلى حالة‬
‫الجزائر‪ ،‬الملتقى الوطني األول حول‪ :‬البيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬جامعة البويرة‪ ،‬ص ‪.6 ،5‬‬

‫‪55‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫بتغير المناخ (ثانيا) ستسبب تكاليف أكبر من عملية التكفل به‪ ،‬األمر الذي يقودنا إلى‬
‫االقتصاد األخضر (ثالثا) كبديل لالقتصاد الحالي‪.‬‬

‫اوال‪ :‬اقتصاد تغير المناخ‪:1‬‬

‫تعتبر تجربة تغير المناخ األولى من نوعها في مجال البحث الجماعي عن التحويل‬
‫الجذري لالقتصاد العالمي‪ ،‬غير أن المشكل يتمحور حول عملية التخلي عن مادة الكربون‬
‫‪la decarbonisation‬واالبتعاد عن نموذج التنمية الصناعية القائمة على استخدام‬
‫الكربون –وهنا يكمن مربط الفرس في صعوبة وضع النظام القانوني وضمان تنفيذه من‬
‫طرف الدول‪ -‬حيث يمكننا منع استعمال مواد معينة تدخل في تركيب أجهزة المكيفات‬
‫لحماية طبقة األوزون وهو سبب نجاح اتفاقية حماية طبقة االوزون‪ 1985‬مقارنة باتفاقية‬
‫تغير المناخ‪ .‬كما يمكننا محاربة مختلف أشكال التلوث‪ :‬من تنظيم مختلف النفايات‬
‫اإلنسانية والحيوانية‪ ،‬والتحكم في ما يمكن أن تبثه الصناعات الكيماوية في الوديان‬
‫والبحيرات‪ .‬إن منع هذه التطبيقات من شانه خلق صعوبات في مجال الصناعات غير‬
‫أنها ال تشكل تحدي للرأسمالية العالمية‪ ،‬لذلك تعتبر المطالبة بعدم استعمال البترول‬
‫مطلب غير واقعي ومملوء باإلشكاالت حيث إما أن تنتهي الرأسمالية‪ ،‬أو االستبدال‬
‫التدريجي لمادة الكربون‪ ،‬والسؤال المطروح‪ :‬على أي مصدر للطاقة سيقوم النمو في هذه‬
‫الحالة؟ ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫لكن رغم ذلك ال بد أن نتذكر أن ثمن عدم التخلي عن الكربون اكبر من استخدامه‬
‫حيث ستصبح حياة العديد من األشخاص على كوكب األرض على المحك (خياران‬

‫‪1‬عنوان مستوحى من تقرير سير نيكوالس استيرن‪.‬‬


‫)‪(2‬‬
‫‪Peter Newell, Matthew Paterson, climat et capitalisme, group de Boeck,‬‬
‫‪Belgique, 2011, p 13, 21.‬‬

‫‪56‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫أحالهما مر)‪ ،‬لقد أوضح تقرير سير نيكوالس استرن الذي نشر في ‪ 30‬أكتوبر ‪2006‬‬
‫بعنوان "استعراض القتصاد تغير المناخ" الحاجة الملحة التخاذ الخطوات الالزمة على‬
‫مستوى العالم‪ ،‬لتفادي تضاعف هذه األخطار في حالة المماطلة‪.‬‬
‫وتتوقع تقديرات منظمة الطاقة العالمية أن تكون الدول النامية هي المسئولة عن‬
‫ثالث أرباع االنبعاثات ما بين عامي ‪ 2004‬و‪ 2030‬ويبرر ذلك بأن الصين حاليا هي‬
‫المسؤولة عن حوالي ثلث االنبعاثات‪ .‬لذلك يستخلص "نيكوالس استرن" من ذلك أن توزيع‬
‫أعباء مواجهة ظاهرة تغير المناخ بين جميع دول العالم سوف يكون عمال عادال‪ ،‬ألنه إذا‬
‫ما كانت الدول الصنا عية المتقدمة هي المسؤولة عن تراكم االنبعاثات في الماضي‪ ،‬فإن‬
‫(‪)1‬‬
‫الدول النامية هي المسؤولية حاليا ومستقبال‪.‬‬
‫غير انه رغم القيمة االقتصادية التي حظي بها هذا التقرير واعتباره مرجعية في‬
‫مجال تغير المناخ‪ ،‬إال أنه في النهاية يعبر عن وجهة نظر العالم المتقدم المصنع‪ ،‬الذي‬
‫يسعى إلى التملص من مسؤولية تغير المناخ‪ ،‬عدا عن ذلك ال يتمحور المشكل فقط حول‬
‫من سيتحمل المسؤولية‪ ،‬بل حول عدم مقدرة الدول النامية أصال على تحمل المسؤولية‪،‬‬
‫فرغم تزايد استهالكها للطاقة إال أنها لم تحقق التقدم التكنولوجي المنشود لتغير أنماط‬
‫التنمية فيها إلى االستدامة‪ ،‬والمطالبة بالمساواة في تحمل المسؤولية معناه وقف عملية‬
‫التنمية بحد ذاتها في البلدان النامية وبالتالي اإلجحاف في حقها‪ ،‬يبقى أن المرور من‬
‫الرأسمالية المعتادة إلى التخلي عن الكربون هو عملية معقدة على عدة مستويات عامة‬
‫وخاصة فاألمر ال يتعلق بمجرد إ قناع الحكومات بتوقيع اتفاق جديد أو وضع نظام قانوني‬
‫تصور سابقا أنها من الممكن أن تعمل معا‪ :‬ناشطين‬
‫جديد‪ ،‬بل يتعلق بجمع أشخاص لم ُي ّ‬
‫بيئيين مع رأسماليين‪ ،‬نقابيين مع رؤساء المؤسسات‪.‬‬

‫محمد نعمان نوفل‪ ،‬اقتصاديات تغير المناخ‪ :‬اآلثار والسياسات‪ ،‬سلسلة اجتماعات الخبراء بالمعهد العربي للتخطيط‬ ‫(‪)1‬‬

‫بالكويت‪ ،‬العدد ‪ ،2007 ،24‬ص ‪.19 ،3‬‬

‫‪57‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وتخضع العملية بأكملها لعنصر المفاجأة‪ ،‬سواء بالنسبة لظاهرة تغير المناخ في حد‬
‫(‪)1‬‬
‫ذاتها‪ ،‬أو بالنسبة للسياسات المناخية المتبعة‬

‫ثانيا‪ :‬النتائج االقتصادية لعدم التكفل بتغير المناخ‪:‬‬

‫تتمثل الخسائر االقتصادية الناشئة عن تغير المناخ في زيادة حدة الظواهر المناخية‬
‫المتطرفة السيما في مجال الزراعة وصيد األسماك والسياحة‪ ،‬دون أن ننسى التكاليف‬
‫الناشئة عن ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة اإلنفاق الموجه لتخفيف تغير المناخ‬
‫(‪)2‬‬
‫وارتفاع أسعار الطاقة‬
‫أما تقرير موارد العالم(‪)3‬لسنة ‪ 1996‬فقد بين أن التحليل االقتصادي لتكاليف ومنافع‬
‫إنقاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يمكن أن تساعد صانعي السياسة في اتخاذ القرار‬
‫بشأن الحد من االنبعاثات وتختلف النتائج من دراسة إلى أخرى بسبب االختالف في‬
‫الفرضيات مثل مدى توافر وتكاليف التكنولوجيات الجديدة المحققة لكفاءة الطاقة‪.‬‬
‫وعلى وجه العموم‪ ،‬فإن تقديرات التكاليف السنوية إلبقاء انبعاثات ثاني أكسيد‬
‫الكربون الوطنية عند مستوياتها في ‪ ،1990‬تبلغ حوالي ‪ 1‬إلى ‪ 2‬في المائة من الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان االقتصادي على المدى‬
‫الطويل‪ .‬أما خفض االنبعاثات إلى اقل من مستويات ‪ 1990‬بدرجة كبيرة فسوف يكلف ‪3‬‬
‫في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬االقتصاد األخضر البديل‪:‬‬
‫على الرغم من اعتبار البعض أن السياسات البيئية قاتلة محتملة للوظائف لكن عدم‬
‫التصدي ومجابهة التحديات والمخاطر البيئية كاستنزاف الموارد وخسارة النوع البيولوجي‪،‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Peter Newell, Matthew Paterson, op.cit, p 195.‬‬
‫‪.www.quafila.com‬‬ ‫‪2‬مقال بعنوان‪:‬اثار تغير المناخ على الموقع‪:‬‬
‫منشور مشترك ينشره‪ :‬معهد الموارد العالمية‪ ،‬برنامج األمم المتحدة للبيئة‪ ،‬البنك الدولي‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪58‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وازدياد وشدة وتكرار العواصف والفيضانات وموجات الجفاف نتيجة تغير المناخ‪ ،‬قد‬
‫يفرض آثا ار عكسية وخسائر اكبر في مجالي الصحة وفرص العمل‪ .‬إن إستراتيجية‬
‫الشركات غير الوطنية في األساس قائمة على الربحية‪ ،‬وكل نشاط استثماري يحقق عائدا‬
‫ويمثل سوقا واعدا في المستقبل سوف نجد أن الشركات من أوائل من يتهافتون عليه‪ ،‬وهذا‬
‫(‪)1‬‬
‫هو حال السوق الواعدة لألغذية العضوية‬

‫خالصة الفصل االول‪:‬‬

‫وعليه فان الفصل االول قد ركز على تحليل مشكلة تغير المناخ باعتبارها متشعبة‬
‫ومتعددة الجوانب‪ ،‬فهو من الناحية البيئية يهدد بارتفاع درجة ح اررة الكرة االرضية مع ما‬
‫يؤدي اليه من اثار سلبية‪ ،‬اما من الناحية السياسية فقد طرح تحدي الوصول الى حل‬
‫للمشكل مع ترفع الدول عن المصالح الشخصية في ظل عدم انسجامها‪.‬‬
‫وهو مشكل ذو ابعاد اقتصادية اذ ان مكافحة تغير المناخ يتطلب التخلي عن‬
‫استخدام مادة الكربون‪.‬‬

‫سالم الربضي‪ ،‬المقاربات والمتغيرات العالمية‪ ،‬دار المنهل اللبناني‪ ،2009 ،‬ص ‪.164 ،163‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪59‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تطور اتفاقية تغير المناخ‪( :‬في طور االنجاز ولم تصل بعد إلى‬
‫مرحلة التنفيذ)‬
‫يعود تاريخ االهتمام الدولي بالبيئة إلى مؤتمر استوكهولم ‪ ،1972‬بوصفه أول خطوة‬
‫للعمل على بناء الوعي والشعور بالمسؤولية تجاه البيئة‪ ،‬وبعد إبرام العديد من االتفاقيات‬
‫البيئية‪ ،‬تم التوصل إلى ضرورة وضع نظام قانوني لحماية المناخ من التغير‪.‬‬
‫تحقق ذلك على أرض الواقع من خالل عقد اتفاقية تغير المناخ‪ ،‬والتي جاءت في‬
‫شكل إطار أي على شكل مجموعة مبادئ وأهداف‪.‬‬
‫واستكملت بجهاز مؤسساتي يسمح بتطورها خطوة بخطوة وهو مؤتمر األطراف‪،‬‬
‫الذي ينعقد سنويا بغية تقييم تطبيق االتفاقية والتشاور بشأن قطع التزامات جديدة‪ ،‬ويمكن‬
‫القول أن طبيعة االلتزامات قد اختلفت في بروتوكول كيوتو عنها في االتفاقية اإلطار‪،‬‬
‫وأصبحت أكثر تحديدا ودقة‪ ،‬غير أن مدة االلتزام األولى انتهت سنة ‪ ،2012‬لذلك تم‬
‫البحث عن فترة التزام أخرى ‪ ،‬تم التوصل إليها من خالل اتفاق باريس‪.‬‬
‫لقد تأثرت عملية تطور اتفاقية تغير المناخ بمجموعة من العوامل والمعطيات أهمها‬
‫التعاون في درجة التطور بين البلدان‪ ،‬وما ترتب عنه من التزامات إضافية ملغاة على‬
‫عاتق الدول المتقدمة‪ ،‬ومدى استعداد الدول لالمتثال على المستوى الوطني‪ ،‬ألن تحقق‬
‫أهداف االتفاقية مرتبط بسن تشريعات وطنية في هذا المجال‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬البناء القانوني التفاقية تغير المناخ ‪1992‬‬

‫ككل االتفاقيات التفاقية تغير المناخ بناء قانوني تنظيمي ألحكامها‪ ،‬لها سياق‬
‫ومبادئ (المطلب األول) متعلقة بضرورة إيجاد حل لمشكل تغير المناخ مع العلم أن‬
‫االتفاقية اإلطار ليست ملزمة (المطلب الثاني) جاءت فيها االلتزامات بشكل عام إضافة‬
‫إلى ما تضمنه من جانب تنظيمي‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫المطلب األول‪ :‬السياق والمبادئ‬

‫يقوم سياق إبرام اتفاقية تغير المناخ وأهدافها (الفرع األول) على الدواعي التي دفعت‬
‫الدول إلى إبرام هذه االتفاقية خصوصا في ظل التوجه السائد بإبرام االتفاقيات لحماية‬
‫مختلف أجزاء البيئة‪ ،‬أما بالنسبة للمبادئ (الفرع الثاني) فإن أي نظام قانوني ال بد أن‬
‫يقوم على مجموعة من القيم األخالقية واالقتصادية والسياسية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬سياق إبرام اتفاقية تغير المناخ وأهدافها‬

‫لقد جاء سياق إبرام اتفاقية تغير المناخ في إطار االهتمام العام بحماية البيئة ونتيجة‬
‫إدراك األضرار الناتجة عن تغير المناخ‪ ،‬فقد كانت هناك اتفاقيات بيئية مهدت لحماية‬
‫المناخ (أوال) كاتفاقية فيينا لحماية طبقة األوزون ‪ ،‬وقد مرت عملية إعداد االتفاقية (ثانيا )‬
‫بعدة مراحل مرو ار بالرأي الفني للعلماء ومساهمة المنظمات الدولية غير الحكومية أما‬
‫أهداف االتفاقية (ثالثا) فقد جاءت لحماية المناخ من التغير‪.‬‬

‫أوال‪ .‬اتفاقات بيئية مهدت لحماية المناخ‪:‬‬

‫من بينها اتفاقية تلوث الهواء بعيد المدى عبر الحدود‪ ،‬اتفاقية فيينا لحماية طبقة‬
‫األوزون‪ ،‬مؤتمر المناخ العالمي الثاني المنعقد بجنيف‪،‬االتفاقية الكندية‪-‬االمريكية بشان‬
‫تغيير الطقس‪.‬‬

‫‪ -1‬اتفاقية تلوث الهواء بعيد المدى عبر الحدود سنة ‪:1979‬‬


‫لقد بينت المادة األولى من االتفاقية أن مفهوم تلوث الهواء العابر للحدود ينصرف‬
‫إلى التلوث الذي ينت ج في حدود دولة ثم يجتاز تلك الحدود مسببا الضرر داخل أقاليم‬
‫دول أخرى‪ ،‬أو ألقاليم ال تخضع لسيادة الدول‪ .‬وتعد هذه االتفاقية األولى من نوعها في‬
‫شأن تحسين نوعية الهواء وتقليل التلوث الهوائي‪ ،‬تلتزم بموجبها الدول األطراف فيها‬
‫بالتشاور وتبادل المعلومات حول طرق الحد من التلوث الهوائي العابر للحدود وتخفيض‬

‫‪61‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫االنبعاثات الكبريتية بنسبة ‪ ،%30‬وقد أنشأت المادة (‪ )9‬من االتفاقية مراكز لمراقبة‬
‫(‪)1‬‬
‫ورصد تلوث الهواء بمساهمة ‪ 24‬دولة من أطراف االتفاقية‬
‫‪ -2‬اتفاقية فيينا لحماية طبقة األوزون‪:‬‬
‫تعد كل من اتفاقية فيينا ‪ 1985‬وبروتوكول منريال ‪ 1987‬لحماية طبقة األوزون‬
‫من أوائل االتفاقيات الدولية العالمية التي منعت إنتاج واستهالك المواد المستنفذة لطبقة‬
‫األوزون حتى يمكن تالفي حدوث التأثيرات الضارة الناجمة عن استنفاذ هذه الطبقة‪.‬‬
‫وجعلت تدابير الرقابة تتماشى مع نتائج البحوث العلمية في هذا المجال‪ ،‬وتقييمات‬
‫الجدوى التكنولوجية واالقتصادية على نحو مستمر‪.2‬‬
‫‪ -3‬مؤتمر المناخ العالمي الثاني المنعقد بجنيف ‪:1990‬‬
‫دق ناقوس الخطر منذ ار بالعواقب الجسيمة للتغير المناخي المتوقع‪.‬‬
‫وقد عقد ذلك المؤتمر برعاية المنظمة العالمية لألرصاد الجوية وبرنامج األمم‬
‫المتحدة للبيئة‪ ،‬ومنظمة اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية‪ ،‬وشارك فيه أكثر من‬
‫‪ 700‬عالم من ‪ 100‬بلد‪ ،‬وقد جاء البيان العلمي والفني الصادر عن ذلك المؤتمر أن‬
‫معدل الزيادة المتوسطة لدرجة الح اررة خالل القرن القادم سترتفع إذا لم يتم الحد من الزيادة‬
‫المطردة لغازات الدفيئة وستكون زيادة غير مسبوقة‪ ،‬لم يحدث لها نظير خالل العشرة‬
‫آالف سنة السابقة‪ ،‬كما أنها ستؤدي إلى تغيرات في المناخ مما يشكل تهديدا بيئيا خطي ار‪،‬‬
‫يمكن أن يعرض التنمية االجتماعية واالقتصادية في كثير من مناطق العالم للخطر بل‬
‫يمكن أن يهدد البقاء في بعض الجزر الصغيرة‪ :‬كجزر المالديف وغيرها‪ ،‬وفي المناطق‬
‫(‪)3‬‬
‫الساحلية المنخفضة‪ ،‬والمناطق القاحلة وشبه القاحلة‬

‫محمد عادل عسكر‪ ،‬القانون الدولي البيئي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،2013 ،‬ص ‪.128‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫محمد عبد الرحمن الدسوقي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫نادية ضياء شكارة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪. 242‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪62‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ -4‬االتفاقية الكندية‪-‬األمريكية لعام ‪ 1975‬بشأن تغيير الطقس‪:‬‬


‫أبرمت االتفاقية بتاريخ ‪ 26‬مارس عام ‪ 1975‬بين كل من كندا وأمريكا‪ ،‬حيث من‬
‫المعروف أن كندا والواليات المتحدة األمريكية من الدول الصناعية الكبرى فكالهما من‬
‫مسببات التلوث المتزايدة بفعل األدخنة‪ ،‬تنفثه المصانع ومحطات الطاقة من آالف‬
‫األطنان من المواد السامة في الهواء وتتعلق هذه االتفاقية بتبادل المعلومات حول أنشطة‬
‫تغيير الطقس‪ ،‬وقد وضعت االتفاقية عدة التزامات على كل طرف‪ .‬كما نذكر هنا أنه‬
‫توجد بعض القواعد والمبادئ القانونية التي وضعتها الهيئات العلمية حيث اضطلعت‬
‫بعض الجمعيات والهيئات العلمية القانونية بمشكلة تلوث الهواء‪ ،‬وقدمت مقترحات‬
‫(‪)1‬‬
‫وتوصيات تنطوي على قواعد ومبادئ مهمة للحفاظ على البيئة الجوية من التلوث‬

‫ثانيا‪ .‬إعداد االتفاقية‪:‬‬


‫بعد مرور عشرين عاما على مؤتمر األمم المتحدة األول للبيئة اإلنسانية الذي عقد‬
‫في استوكهولم بالسويد ‪ 1972‬والذي كانت له مكانته وأهميته حيث تبنى أول خطة عمل‬
‫عالمية للبيئة وأدى أيضا إلى إنشاء برنامج األمم المتحدة للبيئة بوصفه األداة الدولية لبناء‬
‫الوعي والشعور بالمسؤولية تجاه البيئة‪ .‬ومع ذلك فإنه خالل العقدين الماضيين استمر‬
‫تدهور بيئتنا العالمية وظروف معيشة سكان الكرة األرضية على الرغم من إدراك الدول‬
‫المشاركة في المؤتمر السابق للروابط بين البيئة والتنمية‪ ،‬وفي عام ‪ 1987‬قدمت اللجنة‬
‫العالمية المعنية بالبيئة والتنمية إلى الجمعية العامة تقري ار بعنوان‪" :‬مستقبلنا المشترك"‬
‫والذي يدعو إلى دمج مفهوم العالقة بين البيئة والتنمية في إجراءات تنفيذية عملية‪ .‬وفي‬
‫‪ 22‬ديسمبر ‪ 1989‬اعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة –استجابة منها للتقرير المشار‬
‫إليه‪ -‬القرار رقم ‪ 228-44‬الذي ينادي بعقد قمة عالمية حول البيئة والتنمية‪.‬‬

‫خالد العراقي‪ ،‬البيئة تلوثها‪...‬وحمايتها‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2011 ،‬ص ‪.167 ،166‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪63‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وفي الفترة من ‪ 14-3‬يونيو عام ‪ 1992‬انعقد في مدينة ريو دي جانيرو بالب ارزيل‬
‫وتحت رعاية هيئة األمم المتحدة المؤتمر العالمي حول البيئة والتنمية والمعروف باسم قمة‬
‫األرض ‪ EarthSummit‬الذي حضره وفود وزعماء أكثر من مائة دولة‪ ،‬بجانب العديد من‬
‫المنظمات الدولية واإلقليمية وغير الحكومية وقد اختتم المؤتمر أعماله بالتصديق على‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫اتفاقية تغير المناخ ‪.‬‬
‫إن معاهدات حماية البيئة من التلوث تستلزم دائما الرأي الفني للعلماء‪ ،‬تماما كما‬
‫حدث عند إعداد اتفاقية التغير المناخي‪ ،‬كما يقول األستاذ ‪ Jean Ripert‬الذي كان‬
‫يرأس اللجنة الحكومية للمفاوضات حول إعداد االتفاقية الخاصة بالتغير المناخي‪ ،‬قامت‬
‫اللجنة عدة اجتماعات‪ ،‬حضر االجتماع األول ممثلين لعدد ‪ 102‬دولة‪ ،‬وفي االجتماع‬
‫األخير عدد ‪ 156‬ممثال في االجتماع األخير للجنة‪ ،‬كما كان للمنظمة العالمية لألرصاد‬
‫الجوية دو ار مهما في إعداد نصوص المعاهدة‪ ،‬وحدث نوع من التعاون بين سكرتارية‬
‫األمم المتحدة‪ ،‬والمنظمات الدولية غير الحكومية التي قدمت نصائح في المجاالت العلمية‬
‫والتكنولوجية في مجال تغير المناخ وقد أنهت اللجنة المشار إليها أعمالها واعتمدت‬
‫(‪)2‬‬
‫باإلجماع نص اتفاقية تغير المناخ في التاسع من ماي سنة ‪1992‬‬

‫وفتح باب التوقيع عليها خالل انعقاد مؤتمر األمم المتحدة للتنمية والبيئة في جويلية‬
‫‪ 1992‬في العاصمة الب ارزيلية ريو دي جانيرو‪ ،‬لذلك يمكن القول أن هذا المؤتمر قد‬
‫نجح في التحسيس بمخاطر المشاكل البيئية‪ ،‬وضرورة إدماج االعتبارات البيئية‪،‬‬
‫واالجتماعية في مسار التنمية المستديمة‪.‬ومن أهم النتائج التي انتهت إليها هذه القمة‪،‬‬
‫طرح اتفاقيتين للتوقيع‪ ،‬تعرفان باسم اتفاقيات ريو‪ ،‬وهي‪ :‬اتفاقية األمم المتحدة اإلطار‬

‫(‪)1‬خالد العراقي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.165 ،164‬‬


‫أحمد جالل عبد الحليم حلمي شوشة‪ ،‬نظم القانون الدولي العام في شأن حماية بيئة الهواء الجوي‪ ،‬رسالة دكتوراه في‬ ‫(‪)2‬‬

‫الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،2009 ،‬ص ‪.332 ،331‬‬

‫‪64‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫بشأن تغير المناخ‪ ،‬اتفاقية األمم المتحدة للتنوع الحيوي‪ ،‬ونظ ار لضغوط الدول النامية تعهد‬
‫الدول المتقدمة بالتوقيع الحقا على اتفاقية ثالثة في مجال مكافحة التصحر‪.‬‬
‫ففي حين يشير هدف اتفاقية تغير المناخ إلى تثبيت تركيزات غازات الدفيئة في‬
‫الغالف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من جانب اإلنسان في النظام‬
‫المناخي‪ ،‬ويشير كذلك إلى انه ينبغي بلوغ هذا المستوى في إطار فترة زمنية كافية تتيح‬
‫(‪)1‬‬
‫للنظم االيكولوجية أن تتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ‬
‫كما يتمثل احد األهداف المعتمد بموجب اتفاقية التنوع البيولوجي في معالجة‬
‫التحديات التي تواجه التنوع البيولوجي والناشئة عن تغير المناخ‪ ،‬على انه يشكل تهديدا‬
‫للتنوع البيولوجي ينبغي معالجته‪ ،‬ما يدل على أن تغير المناخ هو عامل سلبي على التنوع‬
‫البيولوجي‪.‬‬

‫أما بالنسبة التفاقية مكافحة التصحر‪ ،‬فقد أثبتت مخلف الدراسات واألبحاث العلمية‬
‫أن هناك تأثي ار متبادال بين التغييرات المناخية وظاهرة التصحر‪ ،‬فالتغييرات المناخية‬
‫وارتفاع درجة ح اررة األرض يزيد من ظاهرة التصحر‪ ،‬وحالة التصحر في حد ذاتها تساهم‬
‫(‪)2‬‬
‫في زيادة غازات الدفيئة المسببة لالحتباس الحراري‬
‫لقد تم التوقيع على اتفاقية األمم المتحدة االطارية بشأن تغير المناخ خالل قمة‬
‫األرض‪ ،‬ثم دخلت حيز التنفيذ يوم ‪ 21‬مارس ‪ 1994‬بعد مصادقة ‪ 50‬دولة‪ ،‬واعتبر هذا‬
‫العدد غير مسبوق بالنسبة لالتفاقيات األخرى‪ ،‬وتعتبر الجزائر من بين أوائل الدول التي‬
‫صادقت على االتفاقية اإلطار بشأن تغير المناخ‪ ،‬حيث تم ذلك بموجب المرسوم الرئاسي‬
‫(‪)3‬‬
‫رقم ‪ 99-93‬لـ ‪ 10‬أفريل ‪ ،1993‬والى حد اآلن انضم لهذه االتفاقية ‪ 194‬دولة‬

‫المادة ‪ 2‬من اتفاقية تغير المناخ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫للمزيد من التفاصيل أنظر‪ ،‬عبد الحكيم ميهوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.263‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫عبد الحكيم ميهوبي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.98 ،97‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪65‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ثالثا‪ .‬أهداف االتفاقية‪:‬‬

‫حددتها المادة الثانية من االتفاقية‪ ،‬هو تثبيت تركيزات غازات الدفيئة في الغالف‬
‫الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من جانب اإلنسان في النظام المناخي في‬
‫مدة زمنية كافية تتيح للنظم االيكولوجية أن تتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ‪.‬‬
‫إذا يتعلق األمر بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة التي لم ينص عليها بروتوكول‬
‫مونريال‪ ،‬وتتعلق تدابير تحقيق ذلك بـ‪ :‬وضع قوائم جرد وطنية‪ ،‬استحداث برامج للشراكة‬
‫والتعاون الدولي‪ ،‬التسيير العقالني لخزانات ‪Puits et réservoirs‬غازات الدفيئة‪ ،‬وباقي‬
‫األنظمة االيكولوجية األرضية‪ ،‬الساحلية والبحرية‪.‬‬
‫وقد التزمت الدول األطراف في االتفاقية بالوصول إلى نفس مستوى االنبعاثات‬
‫(‪)1‬‬
‫الح اررية لسنة ‪1990‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المبادئ‬

‫تقوم اتفاقية تغير المناخ على مجموعة من المبادئ القانونية وهي حماية حقوق‬
‫األجيال الحاضرة والمقبلة (أوال)‪ ،‬مبدأ المسؤولية المشتركة لكن متباينة (ثانيا)‪ ،‬اتخاذ‬
‫التدابير الوقائية (ثالثا)‪ ،‬تحقيق التنمية المستدامة (رابعا) ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حماية حقوق األجيال الحاضرة والمقبلة‪:‬‬


‫يقوم هذا المبدأ على مفهوم "التراث المشترك لإلنسانية"‪ ،‬تم النص على هذا المفهوم‬
‫بصفة رسمية في القانون الدولي خالل ندوة األمم المتحدة لقانون البحار في بداية سنة‬
‫‪ 1970‬يشمل هذا المفهوم‪ :‬القمر‪ ،‬المعادن الموجودة في منطقة أعالي البحار (حسب‬
‫اتفاقية قانون البحار)‪ ،‬ثم جاء هذا المفهوم في اتفاقية ‪ Unesco‬المؤرخة ‪ 16‬نوفمبر‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Patrick Thieffry, Droit de l’environnement de l’union européenne, Edition‬‬
‫‪Bruylant, Belgique, 2011, p 221.‬‬

‫‪66‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ 1972‬المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي‪ ،‬تؤكد االتفاقية أنه من المصلحة‬
‫(‪)1‬‬
‫العامة المحافظة على األنواع المهددة باالنقراض‬
‫لقد تطور هذا المفهوم ولم يعد مقتص ار على المناطق التي تعتبر ماال شائعا أو على‬
‫استثمار الموارد والثروات الطبيعية وبذلك يحقق مصلحة للدول فقط‪ ،‬بل انتقل من مصلحة‬
‫الدول إلى حق األجيال الحالية والتالية‪ ،‬حيث برز أخي ار مبدأ مراعاة حقوق األجيال‬
‫‪GenerationalRights‬في استخدام موارد الثروات ومضمون ذلك المبدأ الذي نادى به‬
‫كريستوفر ستون "أن األشخاص يجب أن يكونوا محل اعتبار من الناحية األخالقية"‪،‬‬
‫ويحصل ذلك في التزام المعقولية في االستعمال واالنتفاع بالموارد المشتركة لصالح الجيل‬
‫الحاضر واألجيال المستقبلة‪ ،‬فال يسوغ للجيل الحاضر أن يطغى ويتعسف في استعمال‬
‫(‪)2‬‬
‫الموارد المشتركة لتحقيق منافعه وتقدمه على نحو يهدد بنضوب تلك الموارد‬
‫ثانيا‪ .‬مبدأ المسؤولية المشتركة لكن المتباينة‪:‬‬
‫نص على هذا المبدأ‪ ،‬المبدأ ‪ 7‬من إعالن ريو‪ ،‬لقد ساهم اختالف أدوار البلدان‬
‫المتقدمة عن البلدان المتخلفة في تدهور البيئة العالمية‪ ،‬لقد كان هناك اعتراف من البلدان‬
‫المتقدمة حول مسؤوليتها عن تلويث البيئة‪ ،‬وكأنه اعتراف من البلدان المتقدمة بدين‬
‫ايكولوجي تجاه البلدان النامية‪ ،‬ويكتسب هذا المبدأ شيئا فشيئا شرعية خاصة في‬
‫(‪)3‬‬
‫مفاوضات تغير المناخ‬
‫كما يهدف إلى تعزيز الموضوعية واإلنصاف من خالل تحميل الدول التي تساهم‬
‫بقدر كبير في إحداث أي مشكلة بيئية‪ ،‬بقدر كبير أيضا من المسؤولية وااللتزام بحلها‪،‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Alexandre Kiss, Jean-Pierre Beurier, Droit international de l’environnement, Edition‬‬
‫‪Pedone, Paris, 2000, p 131.‬‬

‫معمر رتيب محمد عبد الحافظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Jean-Marc lavieille, op.cit , p 159.‬‬

‫‪67‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وتتجسد آثاره عمليا من خالل أشكال متعددة كتقديم المساعدات الدولية‪ ،‬بما يشمل الموارد‬
‫(‪)1‬‬
‫المالية ونقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة إلى الدول النامية‬

‫إنه مبدأ يعرف أيضا بمبدأ تنوع المسؤوليات‪،‬األمر راجع إلى اختالف قابلية كل دولة‬
‫ومدى نموها وتطورها االجتماعي واالقتصادي ومدى مساهمتها في حصول ظاهرة التغير‬
‫المناخي‪ ،‬بهذا تلقي االتفاقية بالعبء األكبر في حصول التغير المناخي على الدول‬
‫المتقدمة وتحملها مسؤولية قيادة الجهود الرامية إلى التصدي لتغير المناخ وهذا ما يبرر‬
‫تقسيم الدول األطراف فيها إلى مجموعتين األولى تعرف بدول الملحق األول ودول الملحق‬
‫(‪)2‬‬
‫الثاني‬

‫ثالثا‪ -‬اتخاذ التدابير الوقائية‪:‬‬

‫إن مبدأ الوقاية هو نتيجة قانونية لعدم وجود يقين علمي‪ ،‬حيث نتيجة لوجود شكوك‬
‫حول بعض المواضيع العلمية المركبة‪ :‬أحدها ظاهرة تغير المناخ‪ ،‬تشكل نوع جديد من‬
‫(‪)3‬‬
‫الوقاية لحماية المجتمعات من مخاطر لم يتم التعرف عليها بعد أو لم يتم التأكد منها‬

‫وقد نص المبدأ ‪ 15‬من إعالن ريو للبيئة والتنمية لسنة ‪" :1992‬من اجل حماية‬
‫البيئة تأخذ الدول على نطاق واسع بالنهج الوقائي‪ ،‬حسب قدرتها‪ ،‬وفي حالة ظهور‬
‫أخطار ضرر جسيم ال سبيل إلى عكس اتجاهه‪ ،‬ال يستخدم االفتقار إلى اليقين العلمي‬
‫الكامل سببا لتأجيل اتخاذ تدابير بفعالية التكاليف لمنع تدهور البيئة"‬

‫‪1‬محمد عادل عسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.180‬‬

‫سالفة طارق عبد الكريم الشعالن‪ ،‬الحماية الدولية للبيئة من ظاهرة االحتباس الحراري‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫لبنان‪ ،2010 ،‬ص ‪.114 ،113‬‬


‫)‪(3‬‬
‫‪Michel Prieur, Droit de l’environnement, Edition Delta, Beyrouth, 2001, p 145.‬‬

‫‪68‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫رابعا‪ -‬تحقيق التنمية المستدامة‪:‬‬

‫التنمية المستدامة حسب المادة الرابعة من قانون ‪ 10-03‬تعني التوفيق بين تنمية‬
‫اجتماعية واقتصادية قابلة لالستمرار وحماية البيئة‪ ،‬أي إدراج البعد البيئي في إطار تنمية‬
‫تضمن تلبية حاجات األجيال الحاضرة واألجيال المستقبلية‪.‬‬

‫في غضون سنة ‪ 1987‬أصدرت اللجنة الدولية للبيئة والتنمية‪ ،‬المحدثة من طرف‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة سنة ‪ ،1983‬تقرير برانت الند (‪ )Bruntland‬تحت عنوان‬
‫"مستقبلنا جميعا"‪ ،‬يشير هذا التقرير باألساس إلى العالقة الجدلية بين متطلبات التنمية‬
‫والمحافظة على البيئة ويبين أن مشاكل التنمية ال تهم الدول المصنعة فقط‪ ،‬بل تهم الدول‬
‫النامية كذلك‪ .‬فإذا كانت األولى تهددها أخطار تتعلق بالمواد السامة والمشعة والغازات‬
‫التي تلوث البيئة وتؤثر بشكل خطير على التوازن البيئي‪ ،‬فإن الثانية تعاني في المقابل‬
‫من مخاطر الفقر والتصحر واستنزاف الموارد الطبيعية والتلوث‪ ،‬ولذلك وجب على‬
‫الجميع‪ ،‬كل من موقعه‪ ،‬التفكير في تنمية تأخذ بعين االعتبار حاجيات األجيال الحاضرة‬
‫والمقبلة‪ ،‬وتتفادى القضاء على األنظمة البيئية الالزمة لحياة اإلنسان من هواء‪ ،‬ماء‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫تربة‪ ،‬موارد طبيعية وكائنات حية‬

‫غير أن التنمية على أية حال ال يمكن أن تتوقف نتيجة لما قد تسببه من أضرار‬
‫للبيئة‪ ،‬إال أنها في الوقت نفسه يجب أن تنفذ بالتنسيق مع المتطلبات المناسبة للبيئة‪،‬‬
‫حيث أن حق الدولة في التنمية ليس مطلقا وانما مقيد بما يمكن أن تتحمله البيئة‪ ،‬لذلك‬
‫شدد إعالن استوكهولم للبيئة البشرية ‪ 1972‬في المبدأ الحادي عشر منه على التنمية‬
‫وبصورة أساسية على ما يمكن للبيئة أن تتحمله‪ ،‬فنص على أن أساسات كل دولة يجب‬
‫أن تعزز التنمية في الدول النامية‪ ،‬ويجب أن ال يكون لها تأثيرات سلبية على حاضر أو‬

‫الهادي مقداد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪69‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫مستقبل البيئة‪ ،‬إن األخذ بالمبدأ في العديد من الصكوك الدولية يعد دليال على االعتراف‬
‫واإلقرار بهذا المبدأ وأصبح بذلك جزءا من القانون الدولي البيئي‪.‬‬

‫كما أكد هذا المبدأ على حقيقة مفادها‪ ،‬أن القانون الدولي بدأ يسير بطريقين‬
‫متوازنين ال ي مكن ألحدهما أن يقطع اآلخر وهما الحق في التنمية والذي هو حق مشروع‬
‫(‪)1‬‬
‫لجميع الدول والحق في البيئة‪ ،‬حيث أن أيا من هذه الحقوق ال يمكن تجاهلها‬
‫لقد نصت الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ 3‬من اتفاقية تغير المناخ على هذا المبدأ "للدول‬
‫األطراف الحق في التنمية المستدامة‪ ،‬وعليهم إتباع السياسات واإلجراءات التي تكفل‬
‫حماية نظام المناخ من تأثير النشاطات اإلنسانية‪ ،‬وعليها اتخاذ ما يناسبها من اإلجراءات‬
‫وفقا للظروف الخاصة لكل منها والتي يجب أن تتكامل مع برامج التنمية الوطنية فيها مع‬
‫األخذ بعين االعتبار بأن التنمية االقتصادية تعتبر ركنا أساسيا في تبني تدابير للحد من‬
‫تغير المناخ"‪ ،‬تراعي اتفاقية تغير المناخ الظروف والقابليات بين كل دولة من الدول‬
‫األطراف لهذا توفر لهم بعض المرونة من خالل منح الدولة الحق في اختيار التدابير‬
‫واالجراءات المناسبة للتعامل مع تغير المناخ بالشكل الذي ال يؤثر على برامج التنمية‬
‫(‪)2‬‬
‫الوطنية لكل دولة‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الزاميةاالتفاقية اإلطار‬

‫لقد جاءت اتفاقية تغير المناخ وفق المنهج اإلطاري الذي اتبع بهدف تطوير قواعد‬
‫القانون الدولي للبيئة‪ ،‬سيتمحور هذا المطلب حول مضمون االتفاقية (الفرع األول) من‬
‫حيث الشكل وااللتزامات والجانب التنظيمي‪ ،‬بعد ذلك سيتم تقييم االتفاقية (الفرع الثاني)‬
‫من حيث اإليجابيات والسلبيات‪.‬‬

‫بشير جمعة عبد الجبار الكبيسي‪،‬الحماية الدولية للغالف الجوي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،2013 ،‬ص‪.62 ،61‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سالفة طارق عبد الكريم الشعالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪70‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الفرع األول‪ :‬مضمون االتفاقية‬

‫تعتبر االتفاقيات الدولية أداة متميزة لعالقات التعاون الدولي (أوال)‪ ،‬أما بالنسبة لمدى‬
‫نفاذ اتفاقية تغير المناخ (ثانيا) فإن االتفاقية اإلطار أقرب إلى األهداف منها إلى‬
‫االلتزامات‪ ،‬وقد تضمن هذا الفرع كذلك التعليق على االتفاقية (ثالثا) من حيث الشكل‪،‬‬
‫االلتزامات والجانب التنظيمي(رابعا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االتفاقيات الدولية أداة متميزة لعالقات التعاون الدولي‬

‫االتفاقية‪convention‬هي تعبير عن إرادات متطابقة‪ ،‬صادرة عن أشخاص القانون‬


‫المتمتعين باألهلية المطلوبة‪ ،‬من أجل انتاج آثار قانونية محكومة بواسطة القانون الدولي‪.‬‬
‫تشكل أكثر من أي وقت مضى األداة المتميزة لعالقات التعاون‪ ،‬تلجأ إليها الدول في‬
‫المجاالت األكثر تنوعا مثل المجاالت السياسية واالقتصادية والتجارية والثقافية‬
‫واالستراتيجية والبيئية‪.1‬‬

‫لقد ترتب عن التغيرات التكنولوجية آثار بعيدة المدى في العالقات الدولية‪ ،‬فبدأت‬
‫فكرة "المجتمع الدولي" تفرض نفسها وتبينت الدول أنه ال يكفي أن توجد قواعد قانونية‬
‫تحكم عالقاتها وتحدد ما لها من حقوق وما عليها من واجبات وتبين ما يجوز وما ال‬
‫يجوز لها من تصرفات‪ ،‬وانما يجب على الدول أن تخطو خطوة أخرى فتنظم المرافق‬
‫الدولية‪ ،‬كاألنهار الدولية‪ ،‬البريد‪ ،‬المواصالت‪ ،‬الصحة‪ ،‬البيئة وغيرها‪ ،‬ويعتبر الشعور‬
‫بضرورة وجود "مجتمع دولي" المظهر الرئيسي لتغلب النزعة الجماعية في العالقات‬
‫الدولية على النزعة الفردية التي ظلت سائدة لفترة طويلة‪ ،‬فبعدما كان محور االرتكاز في‬

‫بيار ماري دوبوي‪ ،‬ترجمة محمد عرب صاصيال وسليم حداد‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬مجد المؤسسة الجامعية للدراسات‬ ‫‪1‬‬

‫والنشر‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.290-288.‬‬

‫‪71‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫العالقات الدولية في الماضي هو الدولة ومصالحها الفردية أصبح في الوقت الحاضر‬


‫المجتمع الدولي ومصالحها المشتركة‪.‬‬

‫وقد اقتضى تنظيم التعاون الدولي عقد الدول سلسلة من المؤتمرات الدولية التي‬
‫أسفرت عن عدة اتفاقيات دولية تحدد المبادئ التي يسير عليها هذا التعاون‪ ،‬وتقييم‬
‫منظمات وأجهزة تشرف عليه‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى نفاذ اتفاقية تغيير المناخ‬

‫يالحظ أن المنهج الذي تم إعداد االتفاقية وفقه هو"المنهج اإلطار"‪ ،‬أو نموذج‬
‫االتفاقية اإلطارية ‪ .fromework convention‬يتبع هذا المنهج بصفة عامة في مجال‬
‫قانون البيئة‪.2‬‬

‫يعتبر هذا المنهج تقنية تسمح بتطور القانون الدولي للبيئة‪ ،‬حيث تسعى الدول التي‬
‫تهدف الى تحسين البيئة الى انشاء اتفاقية هي عبارة عن أهداف عامة‪ ،‬ثم تأتي‬
‫االلتزامات محددة من خالل بروتكول إضافي‪ ،‬هذا البرتوكول له وجود قانوني مستقل عن‬
‫االتفاقية من حيث شروط دخوله حيز النفاذ وتنفيذه‪ .‬مع إمكانية انضمام دول الى‬
‫البروتوكول لم تكن في األصل طرفا في االتفاقية اإلطار‪.3‬‬

‫يرجع السبب في اتباع هذا النهج هو خشية عدم انضمام الدول لالتفاقية لترددها في‬
‫أن تلتزم التزاما كامال‪ ،‬ألسباب قد تكون سياسية (استجابة للرأي العام لديها) أو لرغبتها‬
‫في أن تعبر عن موقف إيجابي لها في مجال البيئة بصفة عامة‪.‬‬

‫‪1‬جوزيف تشمبرلين‪ ،‬ترجمة عبد هللا العريان‪ ،‬التعاون الدولي وتنظيمه‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬القاهرة‪ ،1961،‬ص ‪.6-5‬‬

‫الشيئ نفسه بالنسبة لـ‪ :‬اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث ‪ ،1976‬اتفاقية التلوث الجوي العابر للحدود‬ ‫‪2‬‬

‫لمسافات طويلة عام ‪ ،1979‬اتفاقية حماية طبقة األوزون عام ‪.1985‬‬


‫‪3‬‬
‫‪Alexendre Kiss , Jean-Pierre Beurier , op cit, p.53.‬‬

‫‪72‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وتتميز اتفاقية تغير المناخ عن غيرها من اتفاقيات البيئة بأنه تم وصفها باإلطار‬
‫لبيان أنها تعد الخطوة األولى في هذا المجال‪ ،‬وأنها لن تلزم األطراف فيها بصورة محددة‬
‫من أجل التغلب على اعتراض العديد من الدول‪ ،‬عالوة على أنه قد روعي فيها أن تكون‬
‫المسؤوليات التي تتحملها الدول األطراف متنوعة‪ ،‬تبعا لدرجة تقدم الدولة‪.1‬‬
‫ورغم أن جزء من الفقه يعتبر المنهج اإلطار أداة لتطوير القانون الدولي للبيئة إال‬
‫أن رأي الفقيه ‪ Pierre-Marie Dupuy‬جاء منافيا لذلك‪ ،‬حيث يرى أن تقنية االتفاقية‬
‫اإلطار مذمومة بسبب عدم دقة نصوصها المعيارية والتي استكملت بجهاز مؤسساتي‬
‫يسمح بتطورها خطوة خطوة (مؤتمر األطراف)‪ ،‬إن االتفاقية في هذه الحالة هي نظام‬
‫مختلف من الموجبات التي ال يمكن الحكم على فعاليتها حقا إال على المدى الطويل‪،‬‬
‫ألنها مشروطة إلى حد كبير بالتحويالت المالية المقدمة من البلدان الغنية‪.2‬‬
‫في األخير يمكن القول أن االتفاقية في حد ذاتها ليست ملزمة ما لم تقترن‬
‫ببروتوكول كيوتو‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعليق على االتفاقية‬

‫سيتم التعليق على االتفاقية من حيث الشكل ومن حيث المضمون المتمثل في‬
‫االلتزامات‪.‬‬
‫‪ )1‬من حيث الشكل‪:‬‬

‫تضمنت االتفاقية ديباجة و‪ 26‬مادة ومرفقين خاصين بقائمة الدول المعنية بااللتزامات‬
‫الواردة في االتفاقية‪ .‬تمثل المواد من ‪ 01‬الى ‪ 06‬صلب االتفاقية‪ ،‬بينما المواد من ‪07‬‬
‫الى ‪ 26‬فهي تتعلق باألمور التنظيمية واإلدارية‪.‬‬

‫سعيد سالم جويلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬بيار ماري دوبوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.841 .‬‬

‫‪73‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫لقد تضمنت الديباجة أسباب إبرام االتفاقية وهي القلق المتزايد بشأن تغيير المناخ‬
‫باإلضافة إلى ضرورة التعاون من جانب جميع البلدان ومشاركتها في استجابة دولية‬
‫فعالة‪ ،‬مؤكدة مبدأ سيادة الدول في التعاون الدولي‪ ،‬وتسلم بضرورة أن تسن الدول‬
‫تشريعات بيئية فعالة تعكس المعايير البيئية‪.‬‬
‫كما أقرت االتفاقية أن هناك بلدان معرضة بصفة خاصة لآلثار الضارة لتغيير المناخ‬
‫وهي‪ :‬البلدان المنخفضة والجزرية‪ ،‬الساحلية‪ ،‬المناطق الجافة وشبه الجافة‪ ،‬المناطق‬
‫المعرضة للفيضانات والجفاف والتصحر‪ ،‬البلدان النامية ذات االيكولوجيات الجبلية‬
‫الضعيفة‪ ،‬تكتسي اتفاقية األمم المتحدة اإلطار لتغيير المناخ أهمية تجعلها بمثابة وضع‬
‫للقطار على السكة‪ ،‬ورغم أنها غير ملزمة من الناحية القانونية إال أن المصادقة عليها‬
‫تفرض التزام أدبي باالمتثال لها في ظل انتظار وضع قواعد قانونية ملزمة في المستقبل‪.‬‬

‫‪ )2‬من حيث االلتزامات‪:‬‬

‫تعتبر المادة الرابعة مهمة من حيث احتوائها على اإللتزامات التي جاءت في‬
‫االتفاقية‪ ،‬ويالحظ أن االلتزامات قد فرضت على أساس مبدأ المسؤولية المشتركة لكن‬
‫متفاوتة من حيث تفاوت القدرات االقتصادية للبلدان‪ ،‬لقد قسمت االتفاقية البلدان الى ثالث‬
‫مجموعات‪:‬‬
‫‪ ‬تتكون المجموعة األولى من ‪ 35‬دولة صناعية (المرفق األول) بما فيها الدول‬
‫التي تمر بعملية التحول الى اقتصاد السوق‪ ،‬حيث تلتزم هذه المجموعة باتخاذ‬
‫تدابير بشأن التخفيف من تغير المناخ والقيام بإبالغ معلومات مفصلة بشأن‬
‫سياساتها وتدابيرها بما يتضمنه ذلك من تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة دون تحديد‬
‫مستوى معين للتخفيض‪،‬كما تلتزم بتطوير التكنولوجيا السليمة بيئيا باعتبارها تمتلك‬
‫اإلمكانات المادية والمتطورة علميا‪ ،‬وال تكتفي بذلك بل عليها تقديم المساعدات‬

‫‪74‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الفنية والمالية للدول النامية ونقل التكنولوجيا لها‪ .1‬ان االلتزام بهذه اإلجراءات كفيل‬
‫بحل مشكلة تغيير المناخ غير أن المشكلة تكمن في مدى القدرة على امتالك‬
‫التكنولوجيا باعتبارها غير متاحة لكل الدول‪.‬‬

‫وقد تضمنت الفقرة السادسة من المادة الرابعة أحكام خاصة بعملية التحول‬
‫الى اقتصاد السوق‪ ،‬حيث يسمح لهم مؤتمر األطراف بقدر من المرونة في تنفيذ‬
‫التزاماتهم‪ ،‬ألجل تعزيز قدرة هؤالء األطراف على معالجة تغيير المناخ‪ ،‬يفهم من‬
‫كلمة المرونة التساهل معها وعدم التشدد في مراقبة مدى امتثالها‪.‬‬
‫‪ ‬تتكون المجموعة الثانية من البلدان المعتبرة األكثر تطو ار واألكثر غنى (دول‬
‫المرفق الثاني)‪ ،‬لذلك تلتزم بتقديم المساعدات المالية لتغطية التكاليف المتفق عليها‬
‫والتي تتكبدها البلدان النامية في عملية التأقلم مع التغيرات المناخية‪ .‬إضافة الى‬
‫تقديم المعلومات للدول المهددة‪ ،‬سواء بارتفاع منسوب مياه المحيطات والدول‬
‫المصدرة أو المستوردة للبترول نتيجة الحد من استخدامه‪.2‬‬
‫كما تلتزم بالبحث والرصد المنتظم والتعليم والتدريب والتوعية العامة‪.3‬‬

‫نستنتج من هذه االلتزامات تأكيد تحميل المسؤولية للدول الصناعية األكثر‬


‫غنى‪ ،‬بحيث يتوقف مدى امتثال البلدان النامية بفعالية اللتزاماتها بموجب االتفاقية‬
‫على فعالية امتثال البلدان المتقدمة اللتزاماتها بموجب االتفاقية‪.‬‬

‫‪ ‬جميع الدول األطراف تلتزم بالتزامات عامة‪ ،‬وهي مشتركة ال تختلف من دولة‬
‫إلى أخرى من حيث‪:‬‬

‫‪1‬المادة ‪ 04‬فقرة ‪02‬‬

‫‪2‬المادة ‪ 04‬فقرة ‪4-3‬‬

‫‪3‬المادة ‪ 04‬فقرة ‪05‬‬

‫‪75‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫تلتزم جميع الدول األعضاء بوضع قوائم وطنية لحصر االنبعاثات بشرية‬
‫المصدر ونشرها واتاحتها لمؤتمر األطراف ويعتبر هذا االجراء مهما لتحديد‬
‫الكميات التي يجب تخفيضها‪.‬‬
‫وتسعى الدول الى اعداد برامج وطنية للتخفيف من تغيير المناخ‪ ،‬واتخاذ‬
‫تدابير لتسيير التكيف بشكل مالئم باعتبار أهمية التنفيذ على المستوى الوطني لكل‬
‫دولة‪ ،‬كما على الدول تعزيز اإلدارة المستدامة والعمل على حفظ وتعزيز مصارف‬
‫وخزانات‪ 1‬جميع غازات الدفيئة‪.‬‬
‫وتم إلزام الدول بالتعاون على التكيف مع آثار تغير المناخ‪ ،‬واعتماد أساليب‬
‫مثل ‪-‬تقييم األثر‪-‬للتقليل إلى أدنى حد من اآلثار الضارة التي تلحق باالقتصاد‬
‫والصحة العامة ونوعية البيئة‪ .‬وتتعاون الدول في مجال البحث العلمي‬
‫والتكنولوجي والفني واالجتماعي بهدف إزالة الشكوك المتبقية فيما يتعلق بأسباب‬
‫وآثار ومدى وتوقيت تغير المناخ‪ ،‬كما تتعاون على التعليم والتدريب والتوعية‬
‫العامة فيما يتصل بتغير المناخ‪.‬‬
‫يمكن القول أن جميع االلتزامات تصب في هدف واحد و هو حماية المناخ من‬
‫التغير سواء في اطار البحث والتعمق أكثر في هذه الظاهرة التي الزالت تثور حولها‬
‫الشكوك أو في اطار اتخاذ إجراءات دولية و وطنية للتأقلم معها ومكافحتها‪،‬وذلك في‬
‫خضم نوع من الصراع بين الشمال و الجنوب ظهرت آثاره في تقسيم االلتزامات‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الجانب التنظيمي لالتفاقية‬
‫لضمان تطبيق االتفاقية‪ ،‬تم انشاء هيكال تنظيميا‪ ،‬يسهر على تحقيق أهدافها‬
‫وأحكامها‪ ،‬وهو ما تضمنته المواد من ‪ 06‬الى ‪ .10‬تتمثل أجهزة االتفاقية فيما يلي‪:‬‬

‫‪1‬المصرف حسب االتفاقية هو أي عملية أو نشاط أو آلية تزيل الغازات الدفيئة أو الهباء الجوي أو سالئف غازات‬
‫الدفيئة من الغالف الجوي‪ .‬أما الخزان فيعني عنص ار أو عناصر من مكونات نظام المناخ تختزن فيه غازات الدفيئة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ )1‬مؤتمر األطراف‪:1‬و الهيئة العليا لالتفاقية أنشئت عندما اعتمدت اتفاقية األمم المتحدة‬
‫االطار بشأن تغيير المناخ عام ‪ .1992‬يضم جميع األطراف في االتفاقية‪ ،‬أي البلدان‬
‫المئة وخمسة وتسعون التي صادقت على االتفاقية باإلضافة الى االتحاد‬
‫األوروبي‪،‬ويعقد مؤتمر األطراف سنويا بالتناوب في احدى بلدان المجموعات اإلقليمية‬
‫الخمس في منظمة األمم المتحدة‪ ،‬بغية تقييم تطبيق االتفاقية والتشاور بشأن قطع‬
‫التزامات جديدة‪ .‬وقد تم ضم مؤتمر األطراف الى مؤتمر األطراف السنوي لبروتوكول‬
‫كيوتو في عام ‪ ،2005‬أي منذ دخول البروتكول حيز النفاذ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمن يشارك في مؤتمر األطراف‪ ،‬فيشارك ممثلون عن كل بلد وقع‬
‫على اتفاقية األمم المتحدة االطارية بشأن تغير المناخ لعام ‪ 1992‬أي ‪ 195‬دولة‬
‫واالتحاد األوروبي‪ ،‬ويشارك أيضا في هذه المؤتمرات ممثلون عن جميع الجهات‬
‫الفاعلة غير الحكومية‪ ،‬والمجالس المحلية واإلقليمية والنقابات والمنشآت والعلماء‬
‫والشباب‪ ،2‬ويمكن القول أن اجتماعات األطراف وسيلة لمراقبة مدى التزام البلدان‬
‫بتنفيذ االتفاقية ‪ ،‬باعتبار أنه على هذه األخيرة تقديم معلومات حول ما اتخذته من‬
‫تدابير خالل انعقاد االجتماع‪.‬‬

‫‪ )2‬األمانة‪:‬‬
‫هي الجهاز اإلداري لالتفاقية كان مقرها في جنيف عام ‪ 1995‬ثم أصبح مقرها‬
‫الدائم في مدينة بون بألمانيا منذ عام ‪ 1996‬ويقوم األمين العام لألمم المتحدة بتعيين‬
‫السكرتير التنفيذي لالتفاقية بعد التشاور مع مؤتمر األطراف‪ ،‬وهو يقوم بدوره باختيار‬
‫سكرتير مساعد له‪ .‬وتضم السكريتارية حاليا ‪ 100‬موظف من جميع أنحاء العالم‪.‬‬

‫نصت عليه الماة ‪ 07‬من االتفاقية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬الموقع اإللكتروني لو ازرة الشؤون الخارجية الفرنسية ‪.www.diplomatie.gouv.fr :2016‬‬

‫‪77‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫تقوم األمانة بإعداد مشروع الميزانية الذي يتكون من اشتراكات األطراف‪ ،‬كما‬
‫تقوم باإلعداد لالجتماعات وتجهيز الوثائق والتقارير‪ ،1‬كما تضطلع باتخاذ الترتيبات‬
‫المتعلقة بدورات مؤتمر األطراف ودورات هيئاته الفرعية المنشأة بموجب االتفاقية‬
‫وتقديم الخدمات الالزمة إليها وتيسر تقديم المساعدة الى األطراف‪ ،‬السيما الى البلدان‬
‫النامية األطراف بناءا على طلبها‪ ،‬في تجميع وابالغ المعلومات المطلوبة وفقا ألحكام‬
‫االتفاقية‪ ،‬وفي خضم ذلك تعد التقارير عن أنشطتها وتقدمها لمؤتمر األطراف‪ ،‬إضافة‬
‫الى ضمان التنسيق الالزم مع أمانات الهيئات الدولية األخرى ذات الصلة‪.‬‬
‫وهي تخضع للتوجيه العام لمؤتمر األطراف‪ ،‬فيما يلزم من ترتيبات إدارية‬
‫وتعاقدية من أجل األداء الفعال لمهامها‪ ،‬وتؤدى جميع المهام األخرى لألمانة المحددة‬
‫في االتفاقية وفي أي من بروتوكوالتها وأي مهام أخرى يحددها مؤتمر األطراف‪.2‬‬
‫‪ )3‬الهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية‪:‬‬
‫تزود هذه الهيئة مؤتمر األطراف بالمعلومات والمشورة في الوقت المناسب بشأن‬
‫المسائل العلمية والتكنولوجية المتصلة باالتفاقية‪ ،‬ويكون باب االشتراك في الهيئة‬
‫مفتوحا أمام جميع األطراف‪ ،‬وتكون متعددة التخصصات‪ ،‬وتضم ممثلين للحكومات‬
‫ذوي الكفاءة في مجال الخبرة ذي الصلة‪.‬‬
‫تعد الهيئة تقارير دورية عن حالة المعارف العلمية فيما يتصل بتغير المناخ‪،‬‬
‫وتقييم علمي عن آثار التدابير المتخذة تنفيذا لالتفاقية‪ .‬كما تلعب دو ار مهما بشأن نقل‬
‫وتطوير التكنولوجيا‪ ،‬واسداء المشورة بشأن التعاون الدولي في البحث والتطوير‬
‫‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المتصلين بتغير المناخ وبشأن سبل ووسائل دعم بناء القدرة الذاتية في البلدان النامية‬

‫‪1‬سعيد سالم جويلي‪ ،‬التنظيم الدولي لتغيير المناخ وارتفاع درجة الح اررة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2002،‬ص‪.26.‬‬
‫‪2‬المادة ‪ 08‬من االتفاقية‪.‬‬

‫‪3‬المادة ‪ 09‬من اتفاقية تغير المناخ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ )4‬الهيئة الفرعية للتنفيذ‬


‫تتمثل مهمتها في تقييم واستعراض التنفيذ الفعال لالتفاقية‪ ،‬ويكون باب االشتراك‬
‫في هذه الهيئة مفتوحا أمام جميع األطراف وتضم ممثلين للحكومات خبراء في‬
‫المسائل المتصلة بتغيير المناخ‪ .‬وتقدم الهيئة تقارير بانتظام الى مؤتمر األطراف‬
‫بشأن جميع جوانب أعمالها‪ ،‬وعلى العموم تقوم بمساعدة مؤتمر األطراف‪ ،‬حسبما‬
‫يكون مالئما في اعداد ق ارراته وتنفيذها‪.1‬‬

‫‪ )5‬اآللية المالية‬
‫يعتبر عنصر التمويل مهم جدا لنجاح تطبيق االتفاقية وفعاليتها‪ ،‬حيث تعتمد‬
‫الدول النامية على اإلعانات التي تقدمها الدول المصنعة حتى تتمكن من التأقلم مع‬
‫آثار تغير المناخ‪ ،‬كمبدأ عام تأخذ اآللية المالية شكل منح‪ :‬حيث تقدم البلدان المتقدمة‬
‫الموارد المالية المتعلقة بتنفيذ االتفاقية والبلدان النامية األطراف تستفيد من هذه‬
‫الموارد‪ .‬وتعمل اآللية المالية تحت إشراف مؤتمر األطراف وتكون مسؤولة أمام هذا‬
‫المؤتمر الذي يقرر سياساتها وأولوياتها البرامجية ومعايير األهلية المتعلقة بهذه‬
‫االتفاقية‪ ،2‬هذا بالنسبة لآللية التي تضمنتها االتفاقية‪ ،‬إال أن االمر يبدو غير كاف‬
‫حيث اعتمد مؤتمر األطراف في دورته السادسة عشر المنعقدة في كنكون ‪،2010‬‬
‫قرار إنشاء صندوق أخضر للمناخ يكون بمثابة كيان تشغيلي لآللية المالية لالتفاقية‬
‫بموجب المادة ‪ 11‬منها‪ ،‬مع وضع ترتيبات بين مؤتمر األطراف والصندوق األخضر‬
‫لكفالة أن يكون الصندوق مسؤوال أمام مؤتمر األطراف ويعمل تحت توجيهاته‪ ،‬لدعم‬
‫المشاريع والبرامج والسياسات واألنشطة األخرى في البلدان النامية األطراف باستخدام‬

‫‪1‬المادة ‪ 10‬من اتفاقية تغير المناخ‪.‬‬

‫‪2‬المادة ‪ 11‬من اتفاقية تغير المناخ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫نوافذ التمويل‪ ،‬كما يتولى إدارة الصندوق مجلس يتكون من ‪ 24‬عضو يضم عددا‬
‫متساويا من األعضاء من البلدان األطراف النامية والمتقدمة‪ ،‬حيث يشمل تمثيل‬
‫البلدان النامية األطراف ممثلين عن المجموعات اإلقليمية لألمم المتحدة وممثلين عن‬
‫الدول الجزرية الصغيرة النامية وأقل البلدان نموا‪.‬‬

‫وتم تعيين قيم على الصندوق األخضر للمناخ تكون لديه الكفاءة اإلدارية‬
‫لإلشراف على األصول المالية للصندوق وحفظ السجالت المالية واعداد البيانات‬
‫المالية وغيرها من التقارير التي يطلبها مجلس الصندوق‪ ،‬وفقا للمعايير االستئمانية‬
‫المقبولة دوليا‪ ،‬وقد دعا البنك الدولي الى أن يكون قيما مؤقتا على الصندوق األخضر‬
‫على أن يجري استعراض لتشغيل الصندوق بعد مضي ثالث سنوات‪.1‬‬

‫غير أنه من الناحية الواقعية‪ ،‬يواجه الصندوق األخضر عاصفة من االنتقادات‪،‬‬


‫ففي حين يفترض أن يكرس الصندوق مليارات الدوالرات لمساعدة الدول النامية على‬
‫التكيف مع تغير المناخ‪ ،‬غير أن وتيرته بطيئة‪ ،‬ويواجه صعوبة في استقطاب األموال‬
‫من الدول الغنية‪ .‬حيث كان الهدف الرئيسي للصندوق هو جمع ‪ 10‬مليارات دوالر‬
‫قبل أن يشرع في توزيع الدفعات المالية‪ ،‬التي يهدف الى تقسيمها بصورة متكافئة بين‬
‫مشروعات تخفيف وطأة التغير المناخي‪ ،‬والمشروعات األخرى التي تستهدف التكيف‬
‫مع آثار هذا التغير‪ .‬وبحلول شهر أكتوبر‪ 2015‬تسلم هذا الصندوق وعودا بتمويالت‬
‫قيمتها ‪ 10.2‬مليار دوالر إال انه لم يتم االتفاق بصورة رسمية إال على مبلغ ‪5.83‬‬
‫مليار دوالر‪ .‬لم يتسلم منها الصندوق فعليا إال ‪ 852‬مليون دوالر وتعد الواليات‬
‫المتحدة االمريكية الغائب األكبر في قائمة الدول المانحة‪ ،‬إذ وعدت بتقديم ‪ 3‬مليارات‬
‫دوالر‪ ،‬إال أنها لم توقع بعد على االتفاقية التي ستودع بموجبها هذا المبلغ‪.‬‬

‫الموقع الرسمي إلتفاقية تغير المناخ‪.UNFcc.int/rosource :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪80‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وعلى الرغم من قيامه بالمصادقة على الدفعة األولى من المساعدات في ‪6‬‬


‫نوفمبر ‪ 2015‬في االجتماع الذي انعقد بزامبيا‪ ،‬اال أن المراقبين ساورهم القلق بشأن‬
‫كونها خطوة متعجلة‪ ،‬استبقت محادثات المناخ العالمية التي أقيمت في باريس‬
‫‪ ،2015‬كما تم نقده من حيث غياب الشفافية في تعامالته اذ ليس لهذه المؤسسة‬
‫سياسة لإلفصاح عن المعلومات‪ ،‬كما أنها تخلوا من آليات المحاسبة‪ .‬ورغم كل‬
‫هذا‪ ...‬يقوم مجلس الصندوق بالمصادقة على تمويل المشروعات‪.1‬‬
‫يمكن القول انه رغم األهداف اإليجابية للصندوق األخضر للبيئة إال أنه ال‬
‫يعمل بفعالية بسبب ادارته بطريقة سلبية تخلوا من أي ضمانات اجتماعية أو بيئية‪،‬‬
‫وآليات المحاسبة والشفافية‪ ،‬فضال عن عدم تحديد تفاصيل العمليات االستشارية التي‬
‫بناءا عليها تتقرر المشاريع التي تحظى بالدعم المالي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تقييم االتفاقية‬
‫إن أي نظام قانوني له إيجابياته وسلبياته‪ ،‬واتفاقية تغير المناخ كغيرها من األنظمة‬
‫القانونية‪ ،‬لها تقييم بوجه عام (أوال) فهي نظام قانوني يشتمل على أهداف‪ ،‬مبادئ‬
‫والتزامات‪ ،‬وهي حتما لها إيجابيات (ثانيا) باعتبارها خطوة أولى لحماية المناخ‪ ،‬ولكنها ال‬
‫تخلو من السلبيات (ثالثا) باعتبارها نظام قانوني يسعى لتوفيق وجهات النظر بين عالمي‬
‫الشمال والجنوب‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التقييم بوجه عام‬
‫يرى الفقيه األمريكي (‪Richardson )E.L‬أن أي اتفاقية إطارية بشأن التغيرات‬
‫المناخية‪ ،‬يجب أن تشتمل على ثالثة عناصر‪:‬‬
‫أ) بيان األهداف والمبادئ وااللتزامات ذات الطابع العام؛‬
‫ب) يجب أن يحدد نص االتفاقية إجراءات التفاوض والموافقة على ابرام بروتوكوالت‬
‫ملحقة بها؛‬

‫مقال بعنوان الصندوق األخضر للبيئة على الموقع االلكتروني‪.arabicedition.nature.com :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪81‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ج) أن يكون هناك مجموعة من التدابير الرامية الى تشجيع القبول االرادي للتعهدات‬
‫الوطنية من أجل الرقابة على تنفيذ التعهدات‪.‬‬
‫لذلك يرى سعيد سالم جويلي‪ ،‬انه بالنظر الى مضمون االتفاقية‪ ،‬فهي تشتمل على‬
‫كل العناصر السابقة‪ ،‬عالوة على أنها من الوثائق التي تعكس الحقائق السياسية‬
‫والضغوط االقتصادية‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإليجابيات‪ :‬تتمتع اتفاقية تغير المناخ بمجموعة من اإليجابيات‪:‬‬

‫‪ ‬لضمان فعالية االتفاقية طالبت بضرورة سن تشريعات وطنية بيئية موازاة مع‬
‫الحماية القانونية للمناخ‪2‬؛‬
‫‪ ‬أن االتفاقية رغم كونها قانون مرن باعتبارها اتفاقية إطار فتحت باب اعتماد أي‬
‫بروتوكول تنفيذا لألهداف التي جاءت في االتفاقية‪3‬؛‬
‫‪ ‬رغم عدم وجود يقين علمي بأن ظاهرة تغير المناخ إنسانية المصدر حيث يمكن‬
‫أن يكون االنسان سبب إلى جانب أسباب أخرى طبيعية في ظاهرة تغير المناخ‪،‬‬
‫إال ان هذا لم يمنع صياغة االتفاقية على أساس مبدأ النشاط الوقائي‪ ،‬الذي هو‬
‫أحد أهم المبادئ التي تقوم عليها‪ ،‬وهذا دليل على تطور تطبيق المبدأ الذي يعتبر‬
‫غير ملزم في األصل؛‬
‫‪ ‬لقد راعت االتفاقية التفاوت في درجة التقدم والغنى بين الدول لذلك اعتمدت مبدأ‬
‫المسؤوليات المشتركة لكن المتباينة‪،‬‬
‫‪ ‬كما أنها تعمل على أسس التعاون بين الدول‪ ،‬حيث تقوم البلدان المتقدمة بتحويل‬
‫التكنولوجيا واألموال الى البلدان النامية لمساعدتها على التأقلم مع تغير المناخ‪.‬‬

‫سعيد سالم جويلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬الفقرة العاشرة من ديباجة االتفاقية‪.‬‬


‫‪3‬نصت على البروتوكوالت المادة ‪ 17‬من االتفاقية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ثالثا‪ :‬السلبيات‪ :‬تعاني اتفاقية تغير المناخ في المقابل من مجموعة سلبيات‪:‬‬


‫لم تفلح مجهودات الدول النامية في تضمين اتفاقية األمم المتحدة اإلطار للتغيرات‬
‫المناخية أهدافا محددة لتخفيض انبعاث غازات االحتباس الحراري‪ ،‬ومن ثم جاءت هذه‬
‫االتفاقية خالية من أي جداول زمنية للتطبيق العملي‪ ،‬ولخلوها من االلتزامات المحددة سلفا‬
‫ومن ثم كانت االتفاقية أقرب إلى المبادئ منها الى التعاقد على انجاز مجهودات محددة‪.‬‬
‫فمن بين عشر فقرات تضمنتها المادة الرابعة من االتفاقية فيما يخص االلتزامات‪،‬‬
‫بدأت سبع فقرات منها بأفعال المضارع (يولي‪ ،‬يراعي‪ ،‬يتوقف‪ ،‬تلتزم) في حين بدأت‬
‫ثالث فقرات منها بفعل (تقوم) التي توحي بااللتزام‪ ،‬في حين تم اللجوء الى المصطلحات‬
‫المرنة التي ال تولد التزامات معينة‪.1‬‬
‫اما نرمين السعدني فتالحظ أن المادة الرابعة من االتفاقية ذات تضارب وانعدام‬
‫التوفيق بين مصالح الدول المتقدمة المصنعة‪ ،‬والدول النامية الفقيرة خاصة الدول الجزرية‬
‫المهددة باالختفاء كالدول المنخفضة السواحل المهددة بالغرق ومناطق منزوعة الغابات‬
‫المعرضة للتدهور والكوارث الطبيعية والجفاف والتصحر‪.2‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ما بعد االتفاقية االطارية لتغير المناخ‪ :‬بروتوكول كيوتو‬
‫واجتماعات األطراف‬
‫بما أن اتفاقية تغير المناخ إطار‪ ،‬جاءت في شكل إلتزامات غير دقيقة‪ ،‬كان ال بد‬
‫من استكمالها بنسخة تنفيذية تمثلت في بروتوكول كيوتو‪ ،‬لذلك سيتم توضيح الجديد الذي‬
‫أتى به بروتوكول كيوتو (المطلب األول) من حيث اإللتزامات التي رتبها واآلليات التي‬
‫استحدثها وبيان عالقته باتفاقية تغير المناخ‪ ،‬وكذلك ما بعد بروتوكول كيوتو (المطلب‬
‫الثاني) من اجتماعات األطراف التي تنعقد كل سنة‪.‬‬

‫‪1‬صباح العشاوي‪ ،‬المسؤولية الدولية عن حماية البيئة‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص‪.108.‬‬
‫‪2‬نرمين السعدني‪ ،‬بروتكول كيوتو وأزمة تغيير المناخ‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬عدد ‪ ،2001 ،145‬ص‪.204.‬‬

‫‪83‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫المطلب األول‪ :‬الجديد الذي أتى به بروتوكول كيوتو‪( .‬بروتوكول كيوتو ذو صبغة‬
‫تنفيذية لالتفاقية)‬
‫مما ال شك فيه أن بروتوكول كيوتو هو نسخة تنفيذية التفاقية تغير المناخ‪ ،‬لذلك‬
‫مقارنة بها لقد أتى بالجديد‪ ،‬بالنسبة لمضمون بروتوكول كيوتو (الفرع األول) لقد جاء‬
‫بالتزامات أكثر دقة وتحديدا كما استحدث آليات المرونة‪ ،‬ما يقودنا إلى التفكير في مدى‬
‫فاعلية بروتوكول كيوتو (الفرع الثاني) من حيث تقييم إيجابياته وسلبياته‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مضمون بروتوكول كيوتو‬

‫بعد صدور قرار تشكيل لجنة صياغة بروتوكول كيوتو (أوال) ‪ ،‬تم العمل على‬
‫مضمون البروتوكول من خالل االلتزامات التي يرتبها (ثانيا) سواء كانت التزامات مشتركة‬
‫أو التزامات متعلقة بالدول المتقدمة‪ ،‬كما تم وضع آليات المرونة كوسيلة لتنفيذ االلتزامات‬
‫(ثالثا) وهي آلية التنمية النظيفة‪ ،‬آلية المتاجرة باالنبعاثات وآلية التنفيذ المشترك‪.‬‬

‫أوال‪ :‬صدور قرار تشكيل لجنة صياغة بروتوكول كيوتو‬


‫بدعوة من جمهورية ألمانيا االتحادية عقد المؤتمر األول لألطراف في برلين خالل‬
‫الفترة من ‪ 28‬مارس الى ‪ 07‬أفريل ‪ ،1995‬وقد بلغ عدد الدول ومنظمات التكامل‬
‫االقتصادي التي صادقت على االتفاقية حتى موعد انعقاد المؤتمر ‪ 126‬دولة‪.‬‬
‫وقد أثيرت مالحظات حول المؤتمر حيث حاولت الدول الصناعية وتحت ستار‬
‫التنفيذ المشترك ‪ ،joint implimentation‬الواردة في اتفاقية تغير المناخي‪ ،‬تحويل عبء‬
‫خفض انبعاثات غازات الدفيئة الى الدول النامية عن طريق المساهمة في مشاريع اقل‬
‫تلويثا للبيئة أو زراعة األشجار في دول أخرى‪ ،‬منها الدول النامية‪.‬‬
‫كما قد تبين من البالغات الوطنية التي تم تقديمها آنذاك أن عددا قليال من الدول‬
‫في المرفق األول من اإلتفاقية وهي الدول الصناعية ودول وسط وشرق أوروبا قد يستطيع‬
‫الوفاء بالتزاماته بالعودة بمستوى انبعاثات غازات الدفيئة عام ‪ 2000‬الى مستوى عام‬

‫‪84‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ ،1990‬على ضوء قناعة معظم الدول الصناعية بأن األهداف الواردة في االتفاقية غير‬
‫كافية‪ ،‬لذا فقد تقدمت هذه األخيرة الى المؤتمر باقتراح حول تشكيل لجنة يعهد اليها‬
‫‪1‬‬
‫بصياغة بروتوكول يحدد االلتزامات لما بعد سنة ‪2000‬‬
‫ثانيا‪ :‬االلتزامات التي يرتبها بروتوكول كيوتو‬
‫لقد تم تدارك الوضعية البيئية العالمية المتدهورة باعتماد مبادئ وأحكام بروتوكول‬
‫كيوتو الذي جاء لتفعيل اتفاقية األمم المتحدة اإلطار المتعلقة بتغير المناخ المعتمدة في‬
‫نيويورك ‪.1992‬‬
‫وقد دخل بروتوكول كيوتو حيز النفاذ في فيفري ‪ ،2005‬بمجرد المصادقة عليه من‬
‫طرف الحد األدنى من البلدان‪ ،‬التي تصدر على األقل خمسة وخمسون بالمئة من‬
‫االنبعاثات العامة من أكسيد الكربون‪ ،‬وتمتد فترة االلتزام وفق بروتوكول كيوتو خمس‬
‫سنوات من ‪ 2008‬الى ‪ 2012‬والتي على البلدان أن تلتزم خاللها باألهداف المحددة أي‬
‫االلتزامات في شكل أرقام »‪ «engagements chiffrés‬التي جاءت في الملحق ‪.2B‬‬

‫ال تقدر أهمية البروتوكول فقط باعتباره مكمال وملحقا باالتفاقية اإلطار‪ ،‬وانما‬
‫يتضمن أيضا صيغة تنفيذية لها تماشيا مع المستجدات التي أثبتها التطور العلمي‬
‫بخصوص انبعاثات الغازات الملوثة للهواء الناتجة عن األنشطة اإلنسانية خاصة ارتفاع‬
‫معدالت الغازات الدفيئة وما تسببه من احتباس حراري لكوكبنا وما سينجر عنه من كوارث‬
‫بيئية مختلفة ولهذا كانت المساعي الجديدة التي تضمنها بروتوكول كيوتو كمطلب انساني‬
‫عالمي ضرورة للمحافظة على البيئة‪ ،‬وعاء الحياة الذي يعيش في كنفه االنسان‪.3‬‬

‫‪ 1‬التقرير الصادر عن المؤتمر األول ألطراف االتفاقية االطارية لألمم المتحدة حول التغير المناخي‪ ،‬ألمانيا برلين‪st 1،‬‬
‫‪ ،1995 04/07-03/28copUNFCC‬ص‪.188.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Tom Tietenberg et lynne lewis, op.cit, p.284.‬‬

‫على مراح‪ ،‬مساعي بروتوكول كيوتو مطلب ضروري لكل العالم‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية‬ ‫‪3‬‬

‫والسياسية‪ ،‬عدد ‪ ،2010 ،01‬ص‪.417.‬‬

‫‪85‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫نتيجة لمبدأ المسؤولية المشتركة لكن المتباينة الذي تقوم عليه االتفاقية ميز‬
‫البروتوكول بين االلتزامات التي رتبها على الدول‪ ،‬تبعا لذلك تنقسم االلتزامات الى نوعين‪:‬‬
‫‪ )1‬االلتزامات التي تقع على جميع الدول األطراف‪:‬‬
‫نص البروتوكول على التزامات مشتركة على أساس مسؤولية الدول المشتركة‬
‫التي نصت عليها االتفاقية االطار تمحورت فكرتها العامة حول تجسيد النظام للتقليل‬
‫والتأقلم مع تغير المناخ على الصعيد الوطني‪ ،‬من خالل اعتماد برامج وطنية واقليمية‬
‫لتخفيض االنبعاثات المحلية‪ ،‬وتضمن تدابير لتخفيض آثار تغير المناخ وأخرى‬
‫لتسهيل التكيف مع تغير المناخ‪ ،‬إضافة الى اعداد قوائم الجرد الوطنية النبعاث‬
‫الغازات بشرية المصدر‪ ،‬كما تم التركيز على ضرورة التعاون الدولي في مجال البحث‬
‫العلمي والتقني من أجل نشر التكنولوجيا السلمية بيئيا‪ .‬وتطوير نظم الرصد دون‬
‫اغفال دور البرامج التعليمية والتربية لدعم بناء القدرات البشرية والمؤسساتية السيما في‬
‫البلدان النامية‪.1‬‬
‫‪ )2‬التزامات الدول المتقدمة األطراف في البروتوكول‪:‬‬
‫إن أهم التزام يقع على الدول المتقدمة المندرجة في الملحق األول لالتفاقية االطار‬
‫هو خفض انبعاثاتها االجمالية بخمسة بالمئة على األقل دون مستويات ‪ 1990‬في فترة‬
‫االلتزام الممتدة من ‪ 2008‬الى ‪ ،2012‬في سبيل ذلك تقوم الدول المدرجة في المرفق‬
‫األول بتقديم بيانات تحدد مستواها من أرصدة الكربون لعام ‪.21990‬‬
‫لتسمح بتقدير ما أحدثته من ثغرات في أرصدة الكربون في السنوات التالية‪.‬‬
‫إن ما يميز بروتوكول كيوتو أنه نص على سبيل التحديد الغازات المستهدف تخفيض‬
‫انبعاثاتها وهي ستة‪:‬‬

‫المادة العاشرة من برتوكول كيوتو‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬المادة الثالثة من بروتوكول كيوتو‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫‪ ‬ثاني أكسيد الكربون ‪CO2‬؛‬


‫‪ ‬الميثان ‪CH4‬؛‬
‫‪ ‬أكسيد النيتروز‪N20‬؛‬
‫‪ ‬المركبات الكربونية الفلورية المشبعة‪ PFC‬؛‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬سادس فلوريد الكبريت‪. SF6‬‬
‫أما بالنسبة‪ ،‬لكمية خفض هذه الغازات‪ ،‬فهي متنوعة وتختلف من دولة ألخرى‪ ،‬تبعا‬
‫لمدى تلوث الجو عندها بهذه الغازات ومدى مساهمة انبعاثاتها في إطالق هذه الغازات‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ ‬تقوم دول االتحاد األوروبي ودول وسط أوروبا‪ ،‬وسويس ار بخفض هذه الغازات بنسبة‬
‫‪% 8‬؛‬
‫‪ ‬تقوم الواليات المتحدة االمريكية‪ ،‬بتخفيض هذه الغازات بنسبة ‪%7‬؛‬
‫‪ ‬تقوم كندا‪ ،‬المجر‪ ،‬اليابان‪ ،‬بولندا‪ ،‬بتخفيض هذه الغازات بنسبة ‪%6‬؛‬
‫‪ ‬تقوم النرويج بخفض هذه الغازات بنسبة ‪% 1‬؛‬
‫‪ ‬وتحافظ كل من روسيا‪ ،‬نيوزيالندا‪ ،‬أكرانيا على مستوى الغازات المنبعثة عندها‬
‫‪ ‬أما استراليا وايسلندا‪ ،‬فيقع عليها العبء األكبر حيث تلتزم األولى بخفض هذه‬
‫الغازات بنسبة ‪ %8‬والثانية بنسبة ‪.%10‬‬
‫ويلزم البروتوكول الدول المتقدمة بضرورة تحقيق انجاز في عام ‪ 2005‬بالنسبة‬
‫للغازات الثالثة األولى‪ ،‬وأن يتم وفقا للمستويات التي كانت سائدة في عام ‪.21990‬‬
‫ثالثا‪ :‬آليات المرونة وسيلة لتنفيذ االلتزامات‬
‫تسمح هذه االليات بخفض االنبعاثات مع مراعاة التكلفة االقتصادية أي انها وسيلة‬
‫لتحقيق الهدف المنشود من االتفاقية والبروتوكول بأقل الخسائر وأحيانا دون خسائر على‬
‫االطالق بل وحتى يمكن عن طريق هذه اآلليات تحقيق مكاسب اقتصادية‪.3‬‬

‫‪1‬نص عليها المرفق ‪ 01‬من بروتوكول كيوتو‪.‬‬


‫‪2‬سعيد سالم جويلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34-33.‬‬
‫‪3‬بشير جمعة عبد الجبار الكبيسي‪ ،‬مرجع سابق ص‪.157.‬‬

‫‪87‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وتسعى آليات المرونة الى تحقيق أهداف االتفاقية بطريقة اقتصادية وهو ما يتماشى‬
‫مع ما تضمنته المادة الثالثة أنه‪" :‬يؤخذ في االعتبار أن السياسات والتدابير المتعلقة‬
‫بمعالجة تغير المناخ ينبغي أن تتم بفعالية الكلفة‪ ،‬بما يضمن تحقق منافع عالمية بأقل‬
‫كلفة ممكنة"‪ .‬ألنه ال أحد يريد تحمل كلفة باهضة لتجنب تغير المناخ‪ ،‬تتمثل آليات‬
‫المرونة فيما يلي‪ :‬آلية التنمية النظيفة‪ ،‬آلية المتاجرة باالنبعاثات وآلية التنفيذ المشترك‪.‬‬

‫‪ )1‬آلية التنمية النظيفة‪:‬‬

‫خصصت المادة ‪12‬من البروتوكول آللية التنمية النظيفة‪ ،‬ويقصد بآلية التنمية‬
‫النظيفة‪ ،‬ان تقيم الدول المتقدمة مشاريع تخدم االقتصاد النظيف في الدول النامية بعرض‬
‫مساعدة هذه الدول على تحقيق التنمية المستدامة مع المساهمة في تحقيق الهدف‬
‫األساسي من اتفاقية تغيير المناخ وفي نفس الوقت مساعدة الدول المتقدمة على االلتزام‬
‫بتخفيض االنبعاثات الى الحد المقرر لها فهذه االلية مفيدة لكل من الدول المتقدمة والدول‬
‫النامية على حد سواء باعتبار الدول النامية ستستفيد من االستثمارات األجنبية‪ ،‬و‬
‫الشركات في الدول المتقدمة ستتمكن من استخدام االنبعاثات المتتالية من أنشطة هذه‬
‫المشاريع في االسهام في االمتثال لجزء من التزاماتها بخفض االنبعاثات‪.1‬‬

‫ان أول من اقترح آلية التنمية النظيفة هو‪ Luiz GylvanMeira Filho‬وهو عضو‬
‫فريق المفاوضات الب ارزيلي‪ ،‬حيث وضعت الب ارزيل اقتراحها قبل شهر من انعقاد مؤتمر‬
‫كيوتو ‪ ،‬وبعد تعديل بسيط أصبحت آلية التنمية النظيفة ‪ MDP‬آلية جديدة من آليات تنفيذ‬
‫االلتزامات في بروتوكول كيوتو‪ ،‬في نفس الوقت أحد وسائل التنمية‪.‬‬

‫غير أنه يبدو أن هذه اآللية كانت في مصلحة الواليات المتحدة االمريكية‪ ،‬حيث أن‬
‫‪ Dan Reifsnyder‬رئيس بعثة المفاوضات األمريكية اغتنم فرصة االستفادة من مزايا‬

‫‪1‬سعيد سالم جويلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34.‬‬

‫‪88‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫مرونة آلية التنمية النظيفة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بإدخال دول الجنوب بطريقة غير مباشرة‬
‫في عملية االلتزام‪ .‬لذلك من اقتراح ب ارزيلي ودعم أمريكي أصبحت آلية التنمية النظيفة‬
‫عنصر مهم في إعداد بروتوكول كيوتو‪ ،1‬تسمح هذه اآللية لبلدان الملحق ‪ B‬بتمويل‬
‫مشاريع خفض االنبعاثات في البلدان غير الواردة في الملحق ‪ B‬أي البلدان النامية في‬
‫»‪«crédits d’émission‬ويكون مسموحا بإدماج‬ ‫المقابل تتلقى رخصة االنبعاثات‬
‫رخص االنبعاثات في االلتزامات الخاصة بالبلد الممول‪ ،2‬وتقوم هذه اآللية على أساس‬
‫فكرة الصندوق األخضر التي اقترحتها الب ارزيل في االجتماع السابع لمجموعة العمل في‬
‫دورة برلين ‪ ، 1997‬على أنه يجب تمويله من مساهمات الدول الصناعية األعضاء التي‬
‫تزيد انبعاثاتها عن الحصص المحددة لها وذلك وفقا لمبدأ الملوث الدافع ‪«pollueur‬‬
‫»‪ payeur‬على أن توجه أموال الصندوق لتمويل مشاريع التنمية النظيفة في الدول‬
‫النامية‪.3‬‬
‫أما الشروط الالزمة للمشاركة في مشاريع آلية التنمية النظيفة تتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬موافقة الدول األطراف على هذه المشاريع التي يمكن الحصول عليها من التراخيص‬
‫الوطنية‪ ،‬حيث يجب ان تكون هذه المشاريع ذات فائدة وبعيدة المدى في الحد من‬
‫ظاهرة االحتباس الحراري‪ ،‬وأن تكون محددة‪ ،‬شفافة وواضحة‪.‬‬
‫‪ ‬أن تقوم هذه المشاريع على نظام للمراقبة دقيق لجمع البيانات عن االنبعاثات‬
‫الحقيقية‪ ،‬ووضع خطة للمراقبة وتحديد التأثيرات البيئية ووصف الفائدة المرجوة من‬
‫هذا المشروع‪.4‬‬

‫‪Peter Newell, Matthew Paterson, op cit, p.92.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪Tom Tietenberg et lynne lewis, op cit, p.285.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪3‬عبد الحكيم ميهوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.164.‬‬


‫‪4‬بشير جمعة عبد الجبار الكبيسي‪،‬الحد من تغيير المناخ باستخدام اآلليات المرنة التي نص عليها بروتوكول‬
‫كيوتو‪ ،1997‬مجلة جامعة األنبار للعلوم القانونية و السياسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬ص‪. 16.‬‬

‫‪89‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ويمكن نقد هذه االلية حيث يرى العديد من الدول أو الهدف من آلية التنمية النظيفة‬
‫هو تقليل كلفة امتثال الدول المتقدمة اللتزاماتها‪ .‬أن االنبعاثات التي تصدر عن الدول‬
‫المتقدمة ستتسم باالرتفاع وال يتم تخفيضها طالما تقوم هذه الدول بتنفيذ التزاماتها وخفض‬
‫انبعاثاتها بإنشائها مشاريع آلية التنمية النظيفة في الدول النامية‪.‬‬

‫حيث أن هذه النتيجة تؤدي الى جعل الية التنمية النظيفة عديمة الجدوى وغير قادرة‬
‫على المساهمة في خفض االنبعاثات الملوثة وبالتالي ال تحقق الهدف الذي تم وضعه‬
‫لتحقيقها ألن الدول المتقدمة المسببة للتغير المناخي‪ ،‬ستنفذ التزاماتها خارج اقاليمها ودون‬
‫بذلها ألي مجهود وطني في خفض االنبعاثات الناتجة عن الصناعات الضخمة المنفذة‬
‫فيها‪ 1‬في حين أن صناعات هذه البلدان أصل المشكل‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أنه قد سجل حتى حزيران ‪ 2007‬ما يقارب ‪ 645‬مشروع آللية‬
‫التنمية النظيفة في ‪ 44‬بلدا‪.2‬‬

‫‪ )2‬آلية المتاجرة باالنبعاثات ‪:Les permis d’émissions négociables‬‬

‫لقد قامت أنماط اإلنتاج واالستهالك منذ الثورة الصناعية على مجانية انبعاثات غاز‬
‫ثاني أكسيد الكربون ‪ co2‬والغازات األخرى التي تمت تغطيتها من طرف بروتوكول‬
‫كيوتو‪ ،‬لذلك أتت آلية المتاجرة باإلنبعاثات بمفهوم جديد‪ ،‬حيث تقوم تجارة رخص‬
‫االنبعاثات على فكرة بسيطة مفادها أنه بدال من فرض ضريبة على التلوث‪ ،‬يتم إعطاء‬
‫ثمن لهذا التلوث‪ ،‬ولتحقيق ذلك تحدد القيمة القصوى الشاملة للتلوث المراد تخفيضها‬
‫وتقسم هذه القيمة القصوى فيما بعد بين الملوثين (مصدر االنبعاث كل حسب انبعاثاته)‪.‬‬
‫إذ على كل ملوث أن يحترم التزاماته سواء بتقليص انبعاثاته أو شراء رخصة من فاعلين‬

‫‪1‬سالفة طارق كريم عبد الشعالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.163.‬‬


‫‪2‬بشير جمعة عبد الجبار الكبيسي‪ ،‬مرجع سابق ص‪.16.‬‬

‫‪90‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫أي دول أكثر التزاما بخفض االنبعاثات منه‪ .‬بالتالي تم إعطاء قيمة اقتصادية لما كان في‬
‫األصل مجاني‪ ،‬وظهرت الندرة نتيجة إنقاص االنبعاثات‪ .‬فإذا استطاع أحد األعضاء‬
‫إنزال االنبعاثات أدنى من مستوى الكوطة المسموح بها يمكنه أن يبيع الباقي‪ ،‬فالتبادل‬
‫الذي يتم في سوق الرخص ال يتم حول حقوق التلويث ولكن حول أطنان االنبعاثات التي‬
‫تم تفاديها‪ ،1‬لذلك يمكن القول أن هذه اآللية جاءت نتيجة لوضع سقف أو حد النبعاثات‬
‫غازات الدفيئة وفقا للكوطة المخصصة لكل بلد وارد في الملحق باء‪.2‬‬

‫نتيجة لهذه اآللية يكون للدول ثالثة خيارات‪:‬‬

‫إما أن تقوم بخفض انبعاثاتها بما يساوي النسبة التي حددها لها البروتوكول‪ ،‬وهي‬
‫بهذا تقوم بتنفيذ التزاماتها بجهدها الفردي دون التعاون مع دول أخرى‪.‬‬

‫أما الخيار الثاني هو أن تقوم الدولة بخفض انبعاثاتها لكن دون النسبة التي حددها‬
‫لها البروتوكول‪ ،‬لهذا تبدأ هذه الدولة بالبحث عن وسائل أخرى تساعدها على تنفيذ‬
‫التزاماتها‪ ،‬أو أن تقوم هذه الدولة بتخفيض انبعاثاتها‪ ،‬بما يزيد عن الكمية التي ألزمها‬
‫البروتوكول بالتوصل اليها‪ ،‬وبهذا تتوفر لديها كميات فائضة من تخفيضات االنبعاثات‪،‬‬
‫تستطيع المتاجرة بها لتحقيق منافع اقتصادية‪.3‬‬

‫‪ )3‬آلية التنفيذ المشترك ‪:la mise en œuvre conjointe‬‬


‫يمكن القول أن هذه اآللية لها عامل مشترك مع آلية التنمية النظيفة و آلية اإلتجار‬
‫باالنبعاثات باعتبارهما تقومان أيضا على تعاون الدول‪.‬‬

‫‪Cristien de Perthuis, Armand Colin, Protocol de kyoto enjeu post 2012, revue‬‬
‫‪1‬‬

‫‪internationale et staratégique, sur le site : www.cairn.info/revue.‬‬

‫‪Tom Tietenberg et lynne lewis, op.cit, p.285.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪3‬سالفة طارق عبد الكريم الشعالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.174.‬‬

‫‪91‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫لقد نصت المادة السادسة من بروتوكول كيوتو‪ :‬أنه يجوز ألي طرف مدرج في‬
‫المرفق األول أن ينقل أو يأخذ من طرف آخر وحدات خفض االنبعاثات بشرية المصدر‬
‫من غازات الدفيئة أو تعزيز إزالتها بواسطة البواليع في أي قطاع يتم اختياره‪ ،‬غير أن‬
‫تنفيذ هذه اآللية يتطلب توفر شروط حسب نفس المادة وهي أن يحظى المشروع بموافقة‬
‫األطراف المعنية‪ ،‬ويوفر في نفس الوقت خفضا في االنبعاثات أو تعزيز إزالتها بالبواليع‬
‫حيث ال يحصل الطرف على أي وحدات خفض االنبعاثات ما لم ينفذ التزاماته‪ ،‬كما يجب‬
‫أن يكون الحصول على وحدات خفض االنبعاثات مكمال لإلجراءات الوطنية‪.‬‬

‫وتسمح هذه اآللية لدول الملحق ‪ B‬بالحصول على وحدات خفض االنبعاثات عندما‬
‫يتعلق األمر بالمشاركة في تمويل مشاريع خاصة هادفة الى خفض انبعاثات بلد آخر‬
‫ينتمي أيضا للملحق ‪ ،B‬أبرز مثال على ذلك قيام دول أوروبا الغربية بمشاريع توليد‬
‫الطاقة أكثر كفاءة في دول أوروبا الشرقية‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مدى فعالية بروتوكول كيوتو‬

‫إن عملية تقييم بروتوكول كيوتو (أوال) من حيث إيجابياته وسلبياته تسمح لنا بتحديد‬
‫مدى فاعليته كنظام قانوني يحقق األهداف المنوطة به من عدمها‪ ،‬كما أن فعالية‬
‫بروتوكول كيوتو من حيث العالقة الوظيفية والبنيوية بينه وبين االتفاقية اإلطار (ثانيا)‬
‫كونه يكمل ما تم بدؤه في االتفاقية اإلطار‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تقييم بروتوكول كيوتو‬


‫يعتبر بروتوكول كيوتو على العموم خطوة هامة نحو حماية المناخ باعتبار أن‬
‫االتفاقية اإلطارية جاءت عل شكل مبادئ وأهداف‪ ،‬جاء على عكسها بروتوكول كيوتو‬
‫بالتزامات محددة كما وكذلك تم تحديد المدة الزمنية للتنفيذ أي أننا بدأنا نخرج قليال من‬

‫‪Tom Tietenberg et lynne lewis, op.cit, p.285.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪92‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الغموض‪ ،‬كما تم إيجاد حلول اقتصادية للمساعدة على خفض نسب االنبعاثات أو كما‬
‫يقول "قريد سمير" تم اعتماد الحل الليبرالي كنموذج لتسيير ممتلك بيئي‪ 1‬وهو أمر طبيعي‬
‫من ناحية ألن لمشكل تغير المناخ جانب اقتصادي‪ ،‬وهو كذلك أمر إيجابي حتى ال‬
‫يقتصر األمر على اتخاذ إجراءات قانونية محضة‪.‬‬

‫غير أنه ما يؤخذ على بروتوكول كيوتو‪:‬‬

‫أن الواليات المتحدة األمريكية أكبر ملوث في العالم‪ ،‬والتي تطالب العالم كله‬
‫بالوقوف الى جانبها في محاربة اإلرهاب‪ ،‬ترفض الوقوف الى جانب العالم لحماية كوكب‬
‫األرض من الفناء‪ ،2‬من جهة أخرى يرى ‪ Dieter Helm‬أن بروتوكول كيوتو لم يخلق‬
‫أي فارق لمشكلة تغير المناخ‪ ،‬وأن الفشل األكبر هو أنه اختفى قبل أن يظهر أساسا‪ ،‬أهم‬
‫عامل مسبب لذلك هو أن الواليات المتحدة األمريكية لم تكن متحضرة لقبول التزام قانوني‬
‫بخفض انبعاثاتها وكذلك األمر بالنسبة للبلدان النامية التي ليست معنية بااللتزامات‪.3‬‬
‫خصوصا وأن البروتوكول نص على حق األطراف في االنسحاب بعد ثالث سنوات من‬
‫تاريخ بدء نفاذ البروتوكول‪ 4‬األمر الذي يسهل تملص البلدان من التزاماتها رغم أنها في‬
‫البداية التزمت ببروتوكول كيوتو‪ ،‬كما يفتقر بروتوكول كيوتو إلى آليات تفعيله‪ ،‬حيث لم‬
‫تحدد كيفية إلزام الدول األطراف باالمتثال ألحكام البروتوكول خاصة بالنسبة آلليات‬

‫‪1‬قريد سمير‪ ،‬حماية البيئة ومكافحة التلوث ونشر الثقافة البيئية‪ ،‬دار الحامد‪ ،2013 ،‬األردن‪ ،‬ص‪.111.‬‬

‫‪2‬سعيد سالم الجويلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39.‬‬

‫‪ShirlyV.Scott, Does the UNFCC fulfil the functions required of a framework convention?.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪Downloaded from: jel.oxfordjournals.org‬‬

‫‪4‬المادة ‪ 27‬من بروتوكول كيوتو‬

‫‪93‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫المرونة‪ ،1‬كما لم يحدد بروتوكول كيوتو المبالغ الالزمة لحماية المناخ ولو بشكل تقريبي‪،‬‬
‫بل تم فقط تحديد بالنسبة لصندوق بروتوكول كيوتو المساهمة بـ ‪ %2‬من عائدات بيع‬
‫شهادات تخفيض الغازات الدفيئة‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬فعالية بروتوكول كيوتو من حيث العالقة الوظيفية والبنيوية بينه وبين‬
‫االتفاقية اإلطار‬

‫ان بروتوكول كيوتو هو ملحق مكمل التفاقية األمم المتحدة االطارية لتغيير المناخ‪،‬‬
‫بهدف تفعيل ما تم التوصل اليه في االتفاقية من مبادئ‪ ،‬لذلك فهو عملي وأكثر تحديدا‪.‬‬
‫وقد جاء بروتوكول كيوتو ترجمة لموافقة الدول األطراف على تبني مبدأ مسؤوليات‬
‫مشتركة ولكن متباينة‪ ،‬وليمثل تعهدات األطراف القائمة على أسس طوعية‪ ،‬وقد جاء في‬
‫اعالن قمة األرض ‪ 1992‬على أن‪" :‬تتعاون الدول بروح من المشاركة العالمية في حفظ‬
‫وحماية واسترداد صحة وسالمة النظام االيكولوجي لألرض‪ ،‬وبالنظر الى المساحات‬
‫المختلفة في التدهور العالمي للبيئة تقع على عاتق الدول مسؤوليات على الموارد البيئية‬
‫لتحقيق التنمية المستدامة والتطور التكنولوجي واالقتصادي"‪.‬‬

‫كما أشارت المادة الثالثة في فقرتها األولى من البروتوكول إلى التزام الدول‬
‫المتقدمة األطراف في البروتوكول‪ ،‬بأن تضمن بشكل فردي أو جماعي عدم تجاوز‬

‫‪1‬لقد تم التعليق على اآلليات التي جاء بها بروتوكول كيوتو بالمرونة‪ ،‬لكنها مرونة سلبية‪ ،‬حيث من الضروري أن تكون‬
‫قابلة للتقدير والمتابعة إذ رغم أن تزويد البروتوكول بهذه اإلجراءات يسمح بالحفاظ على مبدأ المسؤوليات المشتركة لكن‬
‫المتباينة إال أنه البد من تقوية فعالية هذا النظام القانوني في المستقبل ‪.‬‬

‫‪Cristoph colette, l’action internationale contre les changements climatiques. Perspectives‬‬


‫‪de l’après-Kyoto, revue d’études internationales, n°2, 2008 sur le site internet :‬‬
‫‪.www.erudit.org‬‬

‫‪2‬محمد عادل عسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.341.‬‬

‫‪94‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫االنبعاثات الناتجة عن كميات االنبعاثات التي حددها البرتوكول لكل منها في المرفق‬
‫الثاني منه‪ ،‬كما أضاف البروتوكول في المادة العاشرة منه وجوب اعتماد مبدأ مسؤوليات‬
‫عامة لكن متباينة فجاء فيها " على جميع الدول األطراف االخذ بعين االعتبار‬
‫مسؤولياتهم العامة لكن المتباينة وأسبقية التطور اإلقليمي والوطني في الملحق األول بأية‬
‫تعهدات إضافية" وعليه تم تقسيم الدول األطراف في االتفاقية الى مجموعتين وفقا‬
‫الختالف مسؤولياتها في البروتوكول‪ ،‬وفي مؤتمر األطراف األول لالتفاقية ‪،1995‬‬
‫توصلت الدول الى التعهدات التي تم وضعها وفقا لالتفاقية بأنها لن تؤدي الى تحقيق‬
‫الهدف منها بحلول عام ‪ ،2000‬وهي غير قادرة وحدها على إعادة التوازن الى التركيب‬
‫الكيميائي للغالف الجوي‪ ،‬خصوصا أن الدول المتقدمة غير ملتزمة بنسبة معينة في‬
‫تخفيضات االنبعاثات من غازات االحتباس الحراري‪ ،‬في حين أن انبعاثات الدول النامية‬
‫ستتجاوز انبعاثات الدول المتقدمة بحلول سنة ‪.2020‬‬
‫وتجدر اإلشارة الى أن للدول الحق القانوني بتعديل االتفاقية أو تصدر بروتوكول‬
‫ملحق بها‪ ،‬كما ورد في نص المادة السابعة من االتفاقية‪ ،‬باإلضافة الى هذا الحق هناك‬
‫التزامات قانونية مشتركة بين االتفاقية والبروتوكول‪ ،‬كاالشتراك بتشكيل الهيئات اإلدارية‬
‫والم الية‪ ،‬حيث أن جميع هذه الهيئات العاملة في االتفاقية تهتم بتنظيم الشؤون اإلدارية‬
‫والمالية في بروتوكول كيوتو في آن واحد‪.1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ما بعد بروتوكول كيوتو‬
‫رغم النجاح في وضع صيغة تنفيذية التفاقية تغير المناخ‪ ،‬بقي ذلك غير كاف حيث‬
‫بقيت بعض المسائل عالقة كنشر الوعي بمشكل تغير المناخ وتبادل الخبرات‪ ،‬لقد تناول‬
‫هذا المطلب أهم المؤتمرات التي تلت بروتوكول كيوتو (الفرع األول) والتي سهلت هذه‬

‫‪1‬الدكتور رودريك اليا أبي خليل‪ ،‬موسوعة العولمة والقانون الدولي الحديث بين الواقعية السياسية والحاكمية العالمية‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.260-259.‬‬

‫‪95‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫العملية كمؤتمر بالي‪ ،‬مؤتمر كوبنهاجن ومؤتمر كانكون‪ .‬أما (الفرع الثاني) فخصص‬
‫التفاق باريس وموقف الدول من إلتزام ما بعد كيوتو‪ ،‬حيث ظهر من خالل اتفاق باريس‬
‫الخالف بين الدول المتقدمة والدول النامية بشكل أكبر‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أهم المؤتمرات التي تلت بروتوكول كيوتو‬
‫سيتم التطرق في هذا الفرع إلى المؤتمرات اآلتية‪ :‬برنامج عمل نيروبي بشأن التكيف‬
‫(أوال) مؤتمر بالي (ثانيا)‪ ،‬إعالن بانكوك (ثالثا)‪ ،‬مؤتمر كوبنهاجن (رابعا) مؤتمر كانكون‬
‫(خامسا)‪ ،‬مؤتمر ديربان (سادسا)‪ ،‬مؤتمر ليما (سابعا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬برنامج عمل نيروبي بشأن التكيف ‪:2005‬‬
‫هو آلية لتسهيل وتحفيز تطوير ونشر المعلومات والمعرفة التي من انها توعية ودعم‬
‫سياسات التكيف‪،‬كما يوفر فرص فريدة لربط المؤسسات والعمليات والموارد والخبرات ذات‬
‫الصلة خارج إطار االتفاقية‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬مؤتمر بالي ‪:Cop 13‬‬
‫وهو المؤتمر الثالث للموقعين على بروتوكول كيوتو عقد في بالي عام ‪،2008‬‬
‫تح ت شعار "يجب أن نستمع لصوت مجموعتين من األفراد ال يسمع صوتهم على‬
‫الصعيد السياسي وهم فقراء العالم الثالث وأجيال الغد"‪.‬‬
‫لقد تم االتفاق على العمل وفق خطة عمل بالي التي تقوم على النقاط التالية‪:‬‬
‫ضرورة العمل التعاوني على المدى الطويل والعمل على تحقيق الهدف النهائي لالتفاقية‬
‫وفقا ألحكامها ومبادئها‪ ،‬مع التأكيد على مدى فعالية أساليب الرصد واإلبالغ في الدول‬
‫المتقدمة ومساعدة الدول النامية على اتخاذ إجراءات التخفيف المالئمة‪ ،‬بتوفير لها الدعم‬
‫المالي والتقني والتكنولوجي إضافة الى التعاون بشأن دعم التكيف‪.2‬‬

‫‪1‬الموقع الرسمي التفاقية تغير المناخ‪.www.unfcc.int :‬‬


‫‪2‬محمد عادل عسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.596-595.‬‬

‫‪96‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫تبنى خطة عمل بالي التي تدوم سنتين للتفاوض حول إطار عمل لمواجهة تغير‬
‫المناخ بعد عام ‪ ،2012‬لقد وافق جميع أطراف اتفاقية األمم المتحدة إلطار العمل بشأن‬
‫تغير المناخ‪ ،‬البالغ عددهم ‪ 192‬دولة‪ ،‬من ضمنهم الواليات المتحدة االمريكية‪ .‬على‬
‫خطة عمل بالي مما جعل مؤتمر األطراف الخامس عشر ‪ cop15‬في كوبنهاغن هو‬
‫المؤتمر الهادف الى التوصل الى اتفاقية دائمة تخلف بروتوكول كيوتو‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬إعالن بانكوك‬

‫ألزم الواليات المتحدة األمريكية القيام بخفض انبعاث غازات الدفيئة التي تصدر‬
‫عنها بنسبة ‪ %7‬واليابان بنسبة ‪ %6‬ودول االتحاد األوروبي بنسبة ‪ .%8‬كما تم االتفاق‬
‫على عدد من اإلجراءات التنفيذية الخاصة بخفض انبعاث الغازات في العالم بنسبة‬
‫متوسطها ‪ % 5‬وذلك مقارنة بنسبة انبعاث تلك الغازات عام ‪ 1990‬على أن يتم الخفض‬
‫خالل الفترة ‪.22012-2008‬‬

‫رابعا‪ :‬مؤتمر كوبنهاغن‬


‫انعقدت في مدينة كوبنهاغن الدانماركية خالل الفترة من ‪ 07‬الى ‪ 18‬كانون األول‬
‫ديسمبر ‪.2009‬‬

‫لم تتم الموافقة على صدور قرار بتبني االتفاقية‪ ،‬وانما صدرت النتائج بأن المؤتمر‬
‫قد أخذ علما باتفاق كوبنهاغن‪ ،‬رغم أنه من خالله حاولت الهيئة األممية دفع ‪ 192‬دولة‬
‫للتوقيع على اتفاقية جديدة ستعوض اتفاقية كيوتو التي ينتهي أجلها نهاية سنة ‪.2012‬‬

‫أما أهم ما جاء في االتفاقية أن التكيف مع آثار تغير المناخ هو التحدي الذي‬
‫تواجهه جميع الدول‪ ،‬واتفق الرؤساء على أن تقدم الدول المتقدمة موارد مالية كافية‬

‫‪1‬موقع سفارة الواليات المتحدة األمريكية‪.iiiPdigital.USembasy.gov :‬‬


‫‪2‬الموقع الرسمي إلتفاقية تغير المناخ‪./UNFcc.int/resource/docs/2008 :‬‬

‫‪97‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫ومستدامة ويمكن التنبؤ بها‪ ،‬وكذلك تقديم التكنولوجيا اضافة الى قرار انشاء صندوق‬
‫كوبنهاغن األخضر للمناخ ككيان لتشغيل االلية المالية لالتفاقية‪.‬‬

‫لقد ترك هذا االتفاق للدول الصناعية نفسها تحديد أهدافها وقدرتها على التخفيف‪،‬‬
‫وتقديمها الى أمانة االتفاقية في نهاية شهر يناير ‪ ،2010‬كما لم يتم وضع أي أهداف‬
‫ملزمة لتخفيض االنبعاثات أو تحديد المستوى أو التواريخ أو كيفية مراقبة مدى االلتزام‬
‫بالتخفيض قياسا الى أية معايير‪.1‬‬

‫وهي ق ار ارت تندمج في المحاور التي وضعت لقمة المناخ كوبنهاغن والمتمثلة في‪:‬‬
‫تحديد أهداف جديدة لكبح انبعاث الغازات الدفيئة للدول الصناعية ومساهمة هذه الدول في‬
‫التمويل الالزم‪ ،‬إضافة الى الموافقة على خطة عمل في مجال تبادل الكربون‪.2‬‬

‫غير أن االتفاقية تفتقد الى الفعالية باعتبارها غير ملزمة‪،‬وتحتاج إلى آليات وارادة‬
‫سياسية لتنفيذها‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬مؤتمر كانكون ‪2010‬‬

‫يكتسي هذا المؤتمر أهميته باعتباره استكماال للجهود التي بذلتها األمم المتحدة من‬
‫خالل العديد من المؤتمرات لمواجهة قضية التغيرات المناخية التي يشهدها الكون‪.‬‬

‫ففي الجلسة االفتتاحية للمؤتمر حث األمين العام لألمم المتحدة "بان كي مون"‬
‫ممثلي الدول المجتمعين على االتفاق على خطوات لمكافحة االحتباس الحراري وعدم‬
‫االنتظار الى أن يتم التوصل التفاق كامل‪ ،‬قائال ال نستطيع ندع الكمال عدوا للخير ألن‬

‫‪1‬روال نصر الدين‪ ،‬قمة كوبنهاغن حول تغيير المناخ‪ ،‬مجلة النفط والتعاون العربي‪ ،‬المجلد ‪ ،36‬العدد ‪،2010 ،132‬‬
‫ص‪.171.‬‬

‫منور أوسرير‪ ،‬محمد حمو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.219.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪98‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫صحة الكوكب في خطر‪ ،1‬ونتج عنه اتفاق تضمن تعهدات بالتحفيف وزيادة المسائلة‬
‫بشأنه ‪ ،‬مع اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية الغابات وضمان عدم وجود فجوة بين فترتي‬
‫االلتزام األولى والثانية من بروتوكول كيوتو‪ ،‬ولتحقيق ذلك البد من اإلبقاء على ارتفاع‬
‫درجات ح اررة األرض عند درجتين مئويتين‪.‬‬

‫ولضمان دعم البلدان النامية يتم انشاء الصندوق األخضر لتمويل عملية حماية‬
‫المناخ‪ ،‬إضافة الى مساعدتها على التكيف مع تغير المناخ وادخال مشاريع تجميع‬
‫الكربون وتخزينه ضمن آلية التنمية النظيفة‪.2‬‬

‫غير أن هذا المؤتمر ال يتضمن أي جديد بشأن طموح تخفيض انبعاثات غازات‬
‫الدفيئة التي يرى الخبراء أنها متواضعة الى درجة ال تسمح بتحقيق هدف الحد من اإلبقاء‬
‫على ارتفاع الح اررة بمقدار درجتين‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬مؤتمر ديربان‬


‫عقد مؤتمر ديربان جنوب افريقيا في ديسمبر ‪،2011‬وقد كان التركيز فيه منصبا‬
‫على تعبئة األموال من جميع المصادر المتاحة لتمويل مشاريع التنمية التي تساعد الفقراء‬
‫على الخروج من دائرة الفقر وزيادة مرونتهم وقدرتهم على مواجهة تغير المناخ‪ ،‬والحد من‬
‫انبعاثات غازات الدفيئة حسب قول راشيل كايت نائبة رئيس البنك الدولي للتنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬التي ترى أن االتفاق الذي تم التوصل اليه في ديربان شكل خطوة أخرى‬
‫لألمام‪ ،‬لكنها افتقرت الى الطموح الالزم لدعم التنمية ألجل الفقراء في عالم يحدد فيه تغير‬
‫المناخ الخيارات المتاحة أمامهم‪ ،‬لقد اتفق المؤتمر الذي شارك فيه ‪ 194‬دولة على بدأ‬

‫‪1‬نادية ضياء شكارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.233.‬‬

‫‪2‬هشام بشير‪ ،‬مؤتمر كانكون للتغير المناخي حدود النجاح واالحقاق‪ ،‬الموقع االلكتروني لمجلة السياسة الدولية‪:‬‬
‫‪.www.siyassa.org.eg‬‬

‫‪99‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫المفاوضات حول اتفاق جديد يفرض السيطرة على االنبعاثات الح اررية‪ ،‬ومن المقرر أن‬
‫يتم العمل بهذا االتفاق سنة ‪ 2020‬كحد أقصى‪ ،‬أما التزامات الدول الصناعية بخفض‬
‫انبعاثاتها وفقا لبروتوكول كيوتو فستمدد خمس سنوات إضافية‪.1‬‬

‫سابعا‪ :‬مؤتمر ليما‬

‫لقد انعقد مؤتمر ليما لتغير المناخ في الفترة من ‪ 1‬الى ‪ 14‬ديسمبر‪ 2014‬في ليما‬
‫بيرو‪ ،‬متضمنا الدورة العشرون لمؤتمر أط ارف اتفاقية األمم المتحدة االطار بشأن تغير‬
‫المناخ‪ ،‬كان الهدف من هذا المؤتمر هو وضع لبنات أساسية لالتفاقية الجديدة‪ ،‬ونصت‬
‫مسودة القرار بشأن المساهمات المحددة على المستوى الوطني وتعزيز العمل المناخي‬
‫لفترة ما قبل عام ‪.22020‬‬

‫يمكن القول أن جميع البلدان قد اتفقت على قبول مبدأ تنفيذ االتفاق المستقبلي‪ ،‬لكن‬
‫بقيت مسألة التمويل محل شك‪ ،‬فمشروع القرار يعكس تباعد وجهات النظر بين البلدان‬
‫المتقدمة والبلدان النامية‪ ،‬باهتمامه فقط بتدابير إنقاص انبعاثات غازات الدفيئة المفروضة‬
‫على البلدان دون ارفاقها باعتبارات العدالة والتمييز بين البلدان‪ ،‬لذلك نجد أن المشروع‬
‫يستجيب لمتطلبات الدول المتقدمة دون مراعاة الدول النامية‪.‬‬

‫لقد أدت هذه المعطيات إلى حركة احتجاج البلدان النامية‪ :‬مجموعة ‪+ 77‬الصين‪،‬‬
‫مجموعة افريقيا والبلدان العربية التي تنتمي لها الجزائر‪ .‬التي أصرت على األخذ بمبدأ‬
‫المسؤولية المشتركة لكن المختلفة‪ ،‬إضافة الى المعالجة المتوازنة لمواضيع التأقلم مع آثار‬
‫تغير المناخ‪ ،‬تدابير إنقاص االنبعاثات‪ ،‬مسالة التمويل وتحويل التكنولوجيا‪.‬‬

‫‪1‬نادية ضياء شكارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.240-239.‬‬

‫‪Earth negotiation Bulletin enb @ussd.org.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪100‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وبناءا على المعطيات السابقة يمكن القول أن مشروع القرار يعتبر ضعيف الطموح‪،‬‬
‫جاء بعد مفاوضات شاقة وصعبة ولم تعرف أي حيوية إال بفضل مجموعة ‪+77‬الصين‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اتفاق باريس وموقف الدول من التزام ما بعد كيوتو‬

‫نظ ار ألن االلتزام وفقا لبروتوكول كيوتو محدد بفترة زمنية محددة االنتهاء بسنة‬
‫‪ ،2012‬كان من الضروري البحث عن مأل الفراغ القانوني ابتداءا من هذه المرحلة‪ ،‬لذلك‬
‫جاء في هذا الفرع موقف الدول من إلتزام ما بعد كيوتو (أوال) أين ظهرت اختالفات في‬
‫وجهات النظر بين الدول النامية والدول المتقدمة‪ ،‬وفي ‪ 2015‬انعقد اجتماع لألطراف في‬
‫باريس نتج عن ه اتفاق ملزم (ثانيا) هذا األخير اعتمد طرحا مختلفا عن اتفاقية تغير المناخ‬
‫وبروتوكول كيوتو‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موقف الدول من التزام ما بعد كيوتو‬

‫لقد عرف موقف الدول من التزام ما بعد كيوتو اختالفا وتناقضا في وجهات النظر‬
‫من خالل ما سيتم شرحه‪.‬‬

‫‪ )1‬شرح الوضعية‪:‬‬

‫تتمسك البلدان النامية بالتزام الدول الغنية بتخفيض نسب انبعاث الغازات بكميات‬
‫متناسبة مع حجم التلوث الذي تنتجه وتصر على أن تلتزم الدول الغنية بتخفيض نسب‬
‫انبعاث الغازات المضرة بالبيئة‪ ،‬وذلك حتى ما بعد ‪.2012‬‬

‫غير أن إصرار البلدان النامية على بروتوكول كيوتو يقابله اقتراح االتحاد األوروبي‬
‫والدول الغنية بإبرام معاهدة جديدة لتحل مكان بروتكول كيوتو‪ ،‬بينما تخشى الدول النامية‬

‫‪Ministère de l’énergie, conférence de lima sur le climat des négociations laborieuses et‬‬
‫‪1‬‬

‫‪difficiles, revue algérienne de l’énergie, janvier 2015, n°1, p.23‬‬

‫‪101‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫فقدان المكتسبات التي كانت قد حققتها بموجب تلك الوثيقة التي جرى توقيعها في عام‬
‫‪ ،11997‬ويعود سبب تمسك البلدان النامية ببروتوكول كيوتو ما تم شرحه سابقا حول‬
‫تباين االلتزامات‪ ،‬فالدول المتقدمة هي التي تأخذ بزمام المبادرة في تمويل وتحويل‬
‫التكنولوجيا للدول النامية‪ ،‬لقد كان تطبيق مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة محل‬
‫اختالف فمسائل مثل توفير الموارد المالية ونقل التكنولوجيا للدول النامية وكيفية التعامل‬
‫مع الغابات هي أمور لم ينجح حتى بروتوكول كيوتو في حسمها‪.‬‬

‫وهكذا نرى أن أصل المشكل هو الصراع بين الدول المتقدمة من جهة والدول النامية‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ )2‬موقف الدول النامية‪:‬‬

‫بعدما كان ينتظر العالم بديال لبروتوكول كيوتو من خالل قمة كوبنهاغن ‪ ،‬استقبل‬
‫اتفاق كوبنهاغن بحالة من اإلحباط والفتور الشديدين‪ ،‬فقد رفض رئيس مجموعة ال‪77‬‬
‫التي تضم الدول النامية السوداني لومومباديا بينغ االتفاق ووصفه بأنه يشكل تهديدا‬
‫لمواثيق و أعراف األمم المتحدة ويضع الفقراء في حل أسوأ‪ ،‬كما جاءت اقسى العبارات‬
‫المناهضة لالتفاق على لسان مندوبة فنزويال كلوديا ساليرنو التي خاطبت رئيس الوزراء‬
‫الدانماركي لوكي راسموسن‪ ،‬رئيس المؤتمر بقولها أن االتفاق يشكل مصادقة على انقالب‬
‫ضد األمم المتحدة‪ ،‬وانضم اليها اين فراي مندوب جزيرة توفالو الواقعة في المحيط الهادي‬
‫والمهددة بالغرق بسبب ذوبان المناطق القطبية المتجمدة بفعل ارتفاع درجة الح اررة مؤكدا‬
‫أن مستقبل بالده ليس معروضا للبيع‪.2‬‬

‫‪1‬مصطفى كامل الشريف‪ ،‬تغطية خاصة مؤتمر المناخ العالمي في كوبنهاغن‪ ،‬في الموقع‪.www.startimes.com :‬‬

‫‪2‬نادية ضياء شكارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.232.‬‬

‫‪102‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وقد حاولت بعض الدول المتقدمة أثناء مؤتمر كوبنهاغن أن تفصل بين موقف‬
‫الصين ومجموعة دول الـ ‪ 77‬إال انها فشلت نظ ار لقوة االرتباط بين الموقفين‪ ،‬فالصين‬
‫تجد في انتمائها لهذه المجموعة مظلة تمكنها من االنتفاع بمزايا كيوتو‪ ،‬الذي ال يرتب أي‬
‫التزام بخفض االنبعاثات على كافة الدول النامية‪ ،‬وهي ترحب بهذا المنهج الحتياجها الى‬
‫التنمية‪ .‬أما مجموعة الـ ‪ 77‬فترى ان ابتعادها عن الصين يضعف من امكان حصولها‬
‫على حقوقها المشروعة‪ ،‬وخاصة في التنمية أمام الدول المتقدمة التي تستخدم سالح‬
‫المعونات المالية للضغط على الدول النامية من أجل التحمل بالتزامات تخفيض الغازات‬
‫الدفيئة‪ ،1‬أما بالنسبة للتحرك العربي في مفاوضات المناخ باريس ‪ 2015‬ترى الدول‬
‫العربية بضرورة االلتزام باستمرار التفرقة الواضحة بين التزامات التخفيف للدول المتقدمة‬
‫وبين أنشطة ا لتخفيف الطوعية للدول النامية التي يجب أن تتفق مع مصالحها الوطنية‬
‫وأولوياتها التنموية‪ ،‬مع ربط الجهد الطوعي للدول النامية بالدعم المالي والتقني‪ .‬وفي نفس‬
‫السياق يتم الفصل بين الدول النامية والدول المتقدمة في طرق القياس واإلبالغ والتحقق‪.‬‬

‫على أن تكون مشاركات الدول العربية طوعية بما يعود عليها بالنفع وجذب‬
‫االستثمارات‪ .‬كما تعد التنمية االقتصادية واالجتماعية والقضاء على الفقر من األولويات‬
‫الرئيسية والملحة‪ .‬أما من ناحية التمويل فتطالب الدول العربية بإلزام الدول المتقدمة بضخ‬
‫‪ 100‬مليار دوالر سنويا كميزانية للصندوق بحلول عام ‪ 2020‬في إطار دعم إجراءات‬
‫التخفيف والتكيف واهمية توضيح مستوى الدعم المالي المقدم‪.‬‬

‫‪ )3‬موقف الدول المتقدمة‪:‬‬

‫لقد بينت اليابان كما جاء على لسان أحد مفاوضيها في مؤتمر كانكون أنه ال معنى‬
‫لالنطالق في مرحلة ثانية‪ ،‬كما أن بروتوكول كيوتو ال يغطي سوى ‪ %27‬من االنبعاثات‬

‫‪1‬محمد عادل عسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.306 .‬‬

‫‪103‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫الشاملة من أكسيد الكربون حيث ترى طوكيو أن المعاهدة الصحيحة يجب أن تشمل كل‬
‫المتسببين حيث ان كال من الواليات المتحدة األمريكية والصين ليستا ملتزمتين بها‪ ،‬كما‬
‫أنها ال تمثل سوى ‪ %3‬من اجمالي انبعاثات غازات االحتباس الحراري في العالم‪.‬‬
‫ويمكن تفهم خوف اليابان وروسيا من إعطاء الصين فترة سماح جديدة بعد عام‬
‫‪ 2012‬من دون التقيد بتخفيضات ملزمة في االنبعاث‪ ،‬الن ذلك يؤدي إلى تقدم ضخم‬
‫في االقتصاد الصيني على حساب اليابان وروسيا خاصة‪ ،‬ويحتج البعض بان الصين‬
‫تستخدم تقنيات ملوثة في تطوير منتجات قليلة االنبعاثات تبيعها إلى الدول األخرى‪،‬‬
‫خصوصا أنها تستغل االستثناء من التزامات بروتوكول كيوتو لتسريع انتاجها‪ ،‬استعدادا‬
‫لسوق عالمية تضع قيودا على الكربون‪.1‬‬
‫ربما ما يمنح الدول المتقدمة حجة في موقفها هو عدم تجانس البلدان غير المعنية‬
‫بااللتزامات حيث نجد أن الصين‪ ،‬الهند واألرجنتين هي دول مصنعة تختلف عن باقي‬
‫البلدان النامية في درجة التقدم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اتفاق باريس حول التغيرات المناخية‬
‫يبدو أن اتفاق باريس قد تأثر بالطرح األمريكي‪/‬الصيني الذي كان نتيجة إلبرام اتفاق‬
‫مناخي صيني وقع في ‪ 12‬نوفمبر ‪ 2014‬تعترف بموجبه الصين بمسؤوليتها وتقبل‬
‫بااللتزامات التي جاءت في االتفاقية لكن على أساس وضعيتها الوطنية أي مراعاة‬
‫الوضعية االقتصادية‪ ،‬الديموغرافية‪ ،‬االجتماعية والطاقوية للصين‪ ،‬كما قد تم اعتماد‬
‫اقتراح الواليات المتحدة االمريكية في ندوة باريس على أن جوهر االتفاق يقوم على‬
‫السياسات الوطنية‪ 2‬في شكل مساهمات ‪ Des contributions‬وليس التزامات دولية كما‬

‫‪1‬هشام بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1.‬‬

‫‪2‬وهو انتهاج النهج الالمركزي أي من "أسفل الى اعلى" أي أن تتفق الدول على هدف عام وفق اتفاق دولي ثم يكون‬
‫لتلك الدول الحرية في تحديد أهداف وطنية خاصة بها وفقا لظروفها الوطنية‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫جاء في بروتوكول كيوتو‪ ،‬وهذا يعني أنه ال يوجد فصل بين السياسة المناخية والسياسات‬
‫الوطنية‪.‬يعتبر إعطاء هذا التوجه التفاق باريس بناءا على دعم من الواليات المتحدة‬
‫والصين ودعم من مجموعة الب ارزيل‪ ،‬افريقيا الجنوبية والهند‪.1‬‬

‫أما بالرجوع الى نص اتفاق باريس فانه يهدف الى تحسين تنفيذ االتفاقية االطار‬
‫وأهم من ذلك اإلبقاء على ارتفاع متوسط درجة الح اررة العالمية في حدود أقل بكثير من‬
‫درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية‪ ،‬وتعزيز القدرة على التكيف مع‬
‫االثار الضارة لتغير المناخ حسب المادة ‪ 02‬من اتفاق باريس‪.2‬‬

‫لقد نصت المادة ‪ 13‬من االتفاق على أهم المبادئ التي جاءت فيه‪ ،‬فقد أشارت إلى‬
‫أن "اإلجراءات تتسم بمرونة ذاتية تأخذ في االعتبار اختالف قدرات األطراف خاصة‬
‫البلدان االقل نموا والدول الجزرية الصغيرة‪ ،‬وينفذ على نحو تيسيري غير تدخلي وغير‬
‫عقابي‪ ،‬يحترم السيادة الوطنية‪ ،‬ويتجنب القاء عبء ال لزوم له على األطراف"‪ .‬ما يالحظ‬
‫أنه تم التركيز على الطابع الرضائي أو االرادي لهذه المساهمات التي تعتمد على‬
‫اإلمكانات الخاصة بكل دولة ومدى اإلرادة السياسية لها في التخلي عن أساليب التصنيع‬
‫المعتمدة على استعمال الكربون‪ ،‬وانطالقا من هذه المادة جاءت المواد التالية بنفس‬
‫السياق حيث نصت المادة ‪ 03‬على أنه ينبغي للبلدان النامية أن تواصل تحسين جهودها‬
‫المتعلقة بالتخفيف‪ ،‬وتشجع على التحول مع مرور الزمن صوب أهداف خفض االنبعاثات‬
‫أو تحديدها‪ ،‬أما المادة ‪ 19/4‬فأوردت أنه ينبغي أن تسعى جميع األطراف الى وضع‬
‫استراتيجيات إنمائية خفيضة االنبعاثات طويلة األجل واإلبالغ عنها‪.‬‬

‫‪Michel Damian, Mehdi Abas, Pierre Berthrand, Les grandes orientations de l’accord‬‬
‫‪1‬‬

‫‪climatique de paris 2015, article publié par EDP science, disponible en ligne sur :‬‬
‫‪www.nss-journal.org .‬‬

‫‪2‬االتفاق موجود في الموقع‪.ccc/cp/2015/l9/rev.1 :‬‬

‫‪105‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫وتتخذ األطراف حسب االقتضاء إجراءات تهدف إلى صون وتعزيز بواليع وخزانات‬
‫غازات الدفيئة بما يشمل الغابات‪.‬غير أن ما يعاب على هذه المرونة صعوبة مقارنة‬
‫مساهمات الدول وصعوبة تحديد كميات تقليل االنبعاثات وفهم نوايا الدول األمر الذي‬
‫سيزيد من حجم عدم اليقين العلمي حول التقديرات المستقبلية لنسبة تركيز غازات الدفيئة‪.‬‬

‫أما فيما يخص التعاون لدعم إجراءات التكيف فقد جاء في المادة ‪ 7/7‬أنه يشمل‪:‬‬
‫تبادل المعلومات‪ ،‬تعزيز الترتيبات المؤسسية والمعارف العلمية المتعلقة بالمناخ هذا من‬
‫جهة‪ ،‬أما من جهة أخرى نصت المادة ‪ 1/10‬على أن تطوير التكنولوجيا يتم وفق رؤية‬
‫طويلة األجل‪ ،‬األمر الذي يفتح باب المماطلة في عملية التعاون بين دول الشمال‬
‫والجنوب‪ ،‬وهذا األمر ينطبق أيضا على عملية تقديم البلدان المتقدمة األموال للبلدان‬
‫النامية حيث لم يتم تحديد أية آلية لوصول المساعدة المالية للبلدان النامية‪.‬‬

‫لقد قدم رئيس الدورة الحادية والعشرون لمؤتمر األطراف السيد لوران فابيوس نص‬
‫االتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه‪ ،‬وهو حسبه مشروع اتفاق طموح ومتوازن يعبر عن‬
‫موقف األطراف‪ ،‬وعلى حد تعبيره يعترف القرار بالمسؤولية المشتركة لكن المتباينة‬
‫للبلدان‪ ،‬انما بمفهوم آخر يختلف عن تحمل الدول المتقدمة اللتزامات أكثر‪ ،‬نظ ار‬
‫لمسؤوليتها التاريخية‪ ،‬بل بمعنى ان تبذل كل دولة ما استطاعت حسب قدراتها وسياقها‬
‫الوطني‪ ،‬ودرجة التقدم التي وصلت لها‪.‬‬
‫وقد بين السيد لوران فابيوس أن كل بلد دافع عن مقترحاته وخطوطه الحم ارء خالل‬
‫المحادثات‪ ،‬وأن البلدان لم تحصل على ما كانت ترغب به تماما‪ ،‬مع العلم أنه بوجود‬
‫‪ 196‬طرفا إذا طالب كل طرف بتلبية ‪ %100‬من طلباته لبلغ التحصيل المشترك صفر‬
‫بالمائة‪ ،1‬أما بالنسبة آلراء الدول في القرار فقد عبرت الواليات المتحدة األمريكية أو الصين‬

‫‪1‬مقال بعنوان‪ :‬اتفاق باريس نجاح دبلوماسي اقل خدمة للبيئة العالمية على الموقع‪.www.diplomatie.gov.fr :‬‬

‫‪106‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫(أكبر ملوثين) عن رضاهما عن مضمون النص‪ .‬أما ممثل الهند فقد عبر عن خيبته‪ ،‬لقد‬
‫تمنى اتفاقا أكثر طموحا‪ ،‬باعتباره لن يضمن الحد من الح اررة إلى ‪،°2‬كما أن التزامات‬
‫البلدان المتقدمة ليست متالئمة مع مسؤولياتها التاريخية عن انبعاثات غازات الدفيئة‪.1‬‬
‫إضافة إلى أنه ال توجد أي عقوبة على البلدان غير المنفذة‪ ،‬ويمكن للبلد الملتزم أن‬
‫ينسحب في أي وقت بعد اإلخطار بذلك قبل ثالث سنوات‪.2‬‬

‫يتضح مما سبق عرضه وشرحه أن في اتفاق باريس تغيير جذري لبروتوكول كيوتو‪،‬‬
‫فقدت بموجبه الدول النامية مكاسبها التي حققتها في بروتوكول كيوتو‪ ،‬وهو األمر الذي لم‬
‫يتغير في مؤتمر مراكش‪ 3‬المنعقد في ديسمبر ‪ 2016‬بالمغرب‪.‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Samir ghezlaoui, accord adopté…et tout reste à faire, journal el WATAN, lundi14‬‬
‫‪décembre 2015, p.9.‬‬

‫المادة ‪ 28‬من اتفاق باريس‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬استعرض خالل هذا المؤتمر التقدم المحرز بخصوص خارطة طريق التمويالت‪،‬كما اكدت الحكومات التزامها بتحقيق‬
‫تقدم سريع نحو التنفيذ الكامل التفاق باريس‪.‬‬
‫لقد نتج عن هذا المؤتمر اعالن مراكش للعمل من اجل المناخ والتنمية المستدامة‪ ،‬لقد أكد على المضي قدما بشكل‬
‫جماعي نحو خفض انبعاثات الغازات المسببة لالحتباس الحراري وتعزيز جهود التكيف‪ ،‬لذلك ينبغي االستفادة ودعم‬
‫خطة التنمية المستدامة لعام ‪.2030‬‬
‫لذلك البد من تضامن أكبر مع الدول االكثر عرضة آلثار تغير المناخ‪ ،‬والتشديد على ضرورة دعم الجهود الرامية الى‬
‫تعزيز قدراتها على التكيف وتعزيز قدراتها على الصمود وخفض هشاشتها‪.‬‬
‫لتحقيق ذلك البد من العمل المستعجل ورفع الطموحات وتعزيز التعاون بين الدول ألجل ردم الهوة بين مسارات‬
‫االنبعاثات الحالية وتحقيق االهداف المناخية طويلة االمد التفاق باريس‪.‬‬
‫لقد طالبت الدول النامية برفع حجم التمويل الخاص بالمشاريع المناخية باإلضافة الى تعزيز القدرات والتكنولوجيا بما في‬
‫ذلك نقلها من الدول المتقدمة الى الدول النامية‪( .‬أنظر مقال على الموقع‪)//cop22. ma :‬‬

‫‪107‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫باعتبار ان اتفاقية تغير المناخ جاءت إطار‪ ،‬من الطبيعي ان يتم وضع إطار‬
‫قانوني لتنفيذها‪ ،‬فجاء بروتوكول كيوتو كصيغة تنفيذية لالتفاقية اإلطار‪ ،‬غير ان سريان‬
‫مفعوله ينتهي بسنة ‪ ،2012‬لذلك كان من الضروري وضع اتفاق يحل محله‪ ،‬حيث انعقد‬
‫سنة ‪ 2015‬مؤتمر باريس الذي تمخض عنه اتفاق باريس‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‬

‫خالصة الباب األول‬

‫لقد تم استعراض في هذا الباب النظام القانوني لحماية المناخ من التغير‪ ،‬حيث تعتبر‬
‫اتفاقية تغير المناخ إطار عام لهذا النظام القانوني‪ ،‬جاءت االتفاقية في شكل اطار أي‬
‫أنها ليست ملزمة في حد ذاتها ما لم تقترن ببروتوكول كيوتو‪.‬‬

‫أهم مبدأ تقوم عليه االتفاقية هو مبدأ المسؤولية المشتركة لكن المتباينة‪ ،‬وعلى أساسه تم‬
‫فرض االلتزامات حيث أخذت البلدان الصناعية حصة األسد منها‪.‬‬

‫لقد تطورت االتفاقية من خالل صدور بروتوكول كيوتو كصيغة تنفيذية لها‪ ،‬الذي حدد‬
‫على سبيل الحصر الغازات المستهدف تخفيضها‪ ،‬كما حدد كميات خفض الغازات‪،‬‬
‫واستحدث آليات المرونة لتسهيل تنفيذ الدول اللتزاماتها بخفض الغازات الدفيئة‪ ،‬بعد ذلك‬
‫توالت مؤتمرات األطراف التي من خاللها تم وضع خطط عمل لتنفيذ بروتوكول كيوتو‪.‬‬

‫في ‪ 2015‬تم ابرام اتفاق باريس‪ ،‬الذي يقوم جوهره على حرية الدول في تحديد أهداف‬
‫وطنية خاصة بها‪ ،‬وفقا لظروفها الوطنية‪ ،‬وهذا يعني أنه ال يوجد فصل بين السياسة‬
‫المناخية والسياسات الوطنية‪.‬‬

‫الجزائر بلد يعاني مجموعة من األثار التي يسببها تغير المناخ‪ ،‬كنقص المياه‪،‬‬
‫تراجع المنتوج الفالحي‪ ،‬انحسار الغابات‪ ،‬تعرية الشواطئ وتفاقم األمراض المرتبط‬
‫بالتغيرات المناخية‪ ،‬األمر الذي جعل من الضروري مصادقتها على اتفاقية تغير المناخ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫يعتبر قانون البيئة ذو بعد وطني ودولي في آن واحد باعتبار وجود تداخل قائم بين‬
‫الجانب المحلي والجانب الكوني في مجال المحافظة على البيئة‪.‬‬

‫فإذا كانت بعض المجاالت والقضايا البيئية تكتسي طابعا وطنيا‪ ،‬يمكن للدولة‬
‫تنظيمها انطالقا من قدراتها الذاتية وبناءا على تشريعها الداخلي فإن هناك مجاالت‬
‫وقضايا بيئية تتجاوز القدرات الوطنية المحلية وال يمكن أن تتحكم فيها دولة بمفردها مثل‬
‫ثقب األوزون والتغيرات المناخية وتلوث الهواء والمحيطات وغيرها‪.‬‬

‫وبما أن قضايا ومشاكل البيئة أصبحت تتجاوز حدود وقدرات الدول‪ ،‬فإن التعاطي‬
‫مع مسـ ألة حماية البيئة أصبح يتطلب تجاوز الفصل التقليدي بين ما هو وطني وماهو‬
‫دولي‪ ،‬وغدا يحتاج إلى نوع من التكامل بين المجهود الجماعي الدولي والمجهود الفردي‬
‫الوطني من خالل مد الجسور بين التشريع الدولي والتشريع الداخلي‪.‬‬

‫إن أهم ما تركز عليه الوثائق والمعاهدات الدولية في مجال الحماية البيئية هو‬
‫تطوير الدول لتشريعاتها الوطنية في هذا المجال‪ ،‬وذلك بغية إضفاء طابع االلزامية الذي‬
‫ال زالت تعوزه قواعد القانون الدولي من جهة‪ ،‬وخلق نوع من التكامل والتعاون بين التشريع‬
‫الدولي والتشريع الوطني في مجال المحافظة على البيئة من جهة أخرى‪.‬‬

‫حتى تحدث االتفاقية الدولية أثارها في الدولة التي التزمت بأحكامها‪ ،‬ال يكفي أن‬
‫تدمجها في نظامها القانوني عن طريق مصادقة رئيس الجمهورية بل هناك أيضا ما‬
‫يسمى بااللتزام باتخاذ اإلجراءات‪ ،‬وفي هذا اإلطار يقول ‪ :Quoc Dinh‬حتى يمكن‬
‫تطبيق معاهدة ما يجب أن تحتوي هذه األخيرة على أحكام دقيقة‪ ،‬تجد لها هيئات استقبال‬
‫سواء كانت قانونية أم مالية في القانون الداخلي‪ :‬فتنفيذ المعاهدة يشترط عادة اتخاذ ق اررات‬
‫معينة على المستوى الوطني مثل‪ ،‬التصويت على منح قروض خاصة أو تعديل التشريع‬
‫أو التنظيم الموجود أصال‪.1‬‬

‫زيتوني زهور‪ ،‬الجزائر ومدى إدماج االتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة البحرية في قانونها الداخلي‪ ،‬بحث لنيل شهادة‬ ‫‪1‬‬

‫الماجستير في القانون الدولي والعالقات الدولية‪ ،‬بن عكنون‪ ،2003 ،‬ص ‪. 23‬‬

‫‪110‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفصل األول‪ :‬إدماج الجزائر لالتفاقية تحقيق اللتزام دولي‬

‫ال يكفي فقط إنشاء قواعد قانونية محدودة التطبيق إن كنا نبحث عن نتائج حقيقية‬
‫وفعالة في مجال مكافحة التلوث في جميع أشكاله وبالخصوص في مجال مكافحة تغير‬
‫المناخ من هنا تظهر الحاجة إلى التحسين المستمر لآلليات القانونية في حدود‬
‫االختصاصات الوطنية‪ ،‬بل إلى البحث عن التوفيق في التشريعات الوطنية لجعلها في‬
‫مستوى اإلجراءات الدولية‪.‬‬

‫إن االمتثال التفاقية تغير المناخ هو نظام قانوني يعبر عن تآزر جهود الدول‬
‫لتنفيذ االتفاقية لتعزيز الثقة واالطمئنان إلى أن كل طرف يقوم بما هو مطلوب منه لتحقيق‬
‫أهداف االتفاق‪ ،‬ذلك ألن عدم االمتثال حتى لو كان من بعض الدول من شأنه أن يؤثر‬
‫سلبا على فعالية االتفاقية ومدى تحقيقها لألهداف المنوطة بها‪.‬‬

‫ولتحقيق أفضل النتائج فإن تنفيذ االتفاقية يتم بالشراكة مع المجتمع الدولي ‪ ،‬ذلك‬
‫ألن عملية االمتثال لالتفاقيات البيئية يحتاج إلمكانات تكنولوجية ومادية تفوق قدرة الدولة‬
‫بمفردها خصوصا إذا كانت بلدا متخلفا‪ ،‬وفي إطار االمتثال التفاقية تغير المناخ تسعى‬
‫الجزائر للتعاون الدولي من خالل االنضمام إلى التكتالت اإلقليمية في هذا المجال‪،‬‬
‫إضافة إلى المشاركة في مؤتمر األطراف‪.‬‬

‫ولتوضيح ذلك تم تقسيم هذا الفصل الى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث االول ‪:‬االمتثال التفاقية تغير المناخ والمبحث الثاني بعنوان تنفيذ االتفاقية‬
‫وعالقته بالشراكة مع المجتمع الدولي‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المبحث األول‪ :‬االمتثال التفاقية تغير المناخ‬

‫يظهر االمتثال لالتفاقيات البيئية من خالل تبني الدول للتشريعات الوطنية‪،‬‬


‫والضوابط التنظيمية والقانونية الداخلية‪ .‬من أهم خطوات تنفيذ هذه االتفاقيات‪.‬‬

‫حتى إذا تم تبني عدة قوانين وطنية لتطبيق معظم االتفاقيات البيئية في العديد من‬
‫الدول المتقدمة كالدول األوروبية‪ ،‬حيث تبذل جهود كبيرة إلعادة صياغة القوانين البيئية‬
‫بما ينسجم وأهداف هذه االتفاقيات‪ .‬لكن اليوجد ما يلزم الدول األطراف في االتفاقيات‬
‫البيئية على توضيح خططها أو برامجها البيئية‪ ،‬كما أنه ال يوجد ما يجبر هذه الدول على‬
‫الخضوع للمراقبة الدولية في تنفيذها اللتزاماتها وفقا لهذه االتفاقيات‪.1‬‬

‫من خالل هذا المبحث سيتم معالجة النظام القانوني لالمتثال (المطلب األول)‪ ،‬أما‬
‫في المطلب الثاني فسيتم تحليل السياسة الطاقوية في الجزائر كمثال على عدم االمتثال‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬النظام القانوني لالمتثال‬

‫غالبا ما تكون االتفاقات البيئية العالمية متعددة األطراف الحديثة‪ ،‬صكوكا معقدة‬
‫تتعامل مع التحديات البيئة أو الصحية أو التحديات المتصلة بالموارد الطبيعية‪ ،‬التي ال‬
‫يمكن التصدي لها بدرجة كافية من جانب البلدان منفردة‪ ،‬أو حتى على أساس إقليمي‬
‫ويكون االتفاق البيئي متعدد األطراف فعاال عندما يؤدي إلى اتخاذ األطراف إلجراءات‬
‫جماعية للتخلص من تهديد بيئي أو الحد منه بدرجة معقولة‪ .‬تضطلع مختلف األطراف‬
‫بمسؤوليات مختلفة بموجب اتفاقية تغير المناخ‪ ،‬و يعتمد ذلك على مستوى التنمية‬
‫االقتصادية لكل طرف و مساهمته في التحدي البيئي الذي تناولته المعاهدة‪ ،‬و مهما‬
‫كانت المسؤوليات المنوطة بكل طرف بموجب االتفاق‪ ،‬تحتاج جميع األطراف إلى ما‬

‫سالفة طارق عبد الكريم الشعالن‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.252‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪112‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫يؤكد أن جهودها سوف تؤازرها جهود مناسبة و متواصلة من جانب جميع األطراف‬
‫األخرى‪ ،‬إن وجود نظام لالمتثال مصاغ بعناية ودقة‪ ،‬جدير بتوفير هذه الضمانة عن‬
‫طريق تعزيز الثقة و االطمئنان إلى أن كل طرف يقوم بكل ما هو مطلوب منه لتحقيق‬
‫أهداف هذا االتفاق‪.‬‬

‫سيتم التطرق في هذا المطلب إلى مفهوم االمتثال في الفرع األول‪ ،‬خصائص نظام‬
‫االمتثال في الفرع الثاني‪ ،‬أنظمة االمتثال في االتفاقيات البيئية في الفرع الثالث‪ ،‬تغير‬
‫المناخ في الفرع الرابع‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم االمتثال‬

‫بحسب تقرير لجنة التفاوض الحكومية إلعداد صك عالمي ملزم قانونا بشأن الزئبق‬
‫فإن نظام االمتثال ليس إال مجموعة من القواعد‪ ،‬واإلجراءات واآلليات المقصود منها‬
‫تشجيع االمتثال التفاق بيئي متعدد األطراف‪.‬‬

‫وفي هذا السياق حاولت المدارس الفكرية تفسير االمتثال فقها (أوال) وكذلك القانون‬
‫الدولي(ثانيا)‪ ،‬وباعتبار أن مصطلح االمتثال مصطلح يقترب في داللته من مفاهيم أخرى‬
‫وجب تمييزه عن باقي المصطلحات القريبة في المعنى (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االمتثال فقها‬


‫لقد تمت محاولة تفسير االمتثال من جانب الفقه باعتبار أن فرض االمتثال على‬
‫الدول ذات السيادة هو أحد التحديات التي يواجهها‪.‬‬

‫لقد ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر أربعة مدارس فكرية تفسر كل منها أسباب‬
‫خضوع الدول للقانون الدولي‪:‬‬

‫‪113‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المدرسة األولى‪ :‬ترى أن خضوع الدول للقانون الدولي مرهون بالمصالح‪ ،‬أي أن‬
‫الدولة تمتثل فقط لما يراعي مصالحها وتتجاهل ما يضر مصالحها‪ ،‬كان من أنصار هذه‬
‫المدرسة الفقيه توماس هوبز‪.‬‬

‫المدرسة الثانية‪ :‬ترى أن الخضوع للقانون الدولي يقوم على أساس أخالقي يمكن‬
‫اشتقاقه من مبادئ العدالة والقانون الطبيعي‪ ،‬والتي نادى بها الفقيه ايمانويل كانط‪.‬‬

‫المدرسة الثالثة‪ :‬ترى أن الخضوع للقانون الدولي يرجع باألساس إلى أن تركيبة‬
‫العالقات بين الدول هي التي تشجع على هذا الخضوع‪ ،‬والتي نادى بها جيرمي بنتام‪،‬‬
‫حيث أن الدول ال تعيش بمعزل عن بعضها وانما في ترابط وثيق‪ ،‬لذلك ال يمكن ألية‬
‫دولة االعتماد على سيادتها االقليمية دون أي اعتبار للدول األخرى‪.‬‬

‫المدرسة الرابعة‪ :‬أنكرت صفة القانون على القانون الدولي‪ ،‬وبررت ذلك على أساس‬
‫أن في القانون الدولي ال توجد سلطة عليا تفرضه‪ ،‬كان من أبرز المنادين بهذه المدرسة‬
‫جون أوستن‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف االمتثال‪:‬‬
‫من المبادئ الراسخة في المعاهدات الدولية أن "العقد شريعة المتعاقدين" حيث تنص‬
‫عليه المادة ‪ 26‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات‪ ،‬وهو يمثل األساس بالنسبة لمفاهيم‬
‫االمتثال في االتفاقيات البيئة متعددة األطراف‪،2‬اي انه على الدول الملتزمة باتفاق دولي‬
‫ان تمتثل طوعا بتنفيذه‪.‬‬

‫‪ .1‬بشير جمعة عبد الجبار الكبيسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.180‬‬

‫‪ . 2‬برنامج األمم المتحدة للبيئة‪ ،‬لجنة التفاوض الحكومية الدولية إلعداد صك عالمي ملزم قانونا بشأن الزئبق‪ ،‬ص‪6‬‬
‫على الموقع‪. UNEP(EDTIE)/HG/INC1‬‬

‫‪114‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وفي تعريف آخر لالمتثال يربطه بقواعد القانون الدولي "هو تنفيذ الدولة اللتزاماتها‬
‫الدولية‪ ،‬القائم ابتداءا على االمتثال لقواعد القانون الدولي‪ ،‬وليس اإلكراه على تنفيذها‪ ،‬أي‬
‫أنه تنفيذ الدولة اللتزاماتها طوعا‪ 1‬حيث ركز على تنفيذ الدولة اللتزاماتها بدون إلزام خارج‬
‫عن ارادتها أي من تلقاء نفسها‪.‬‬

‫أما امتثال الدولة فيشير بشكل عام إلى رغبة الدول و تمسكها بتنفيذ التزاماتها‬
‫الدولية و يؤدي فشل الدولة في تنفيذها اللتزاماتها التعرض إلى النتائج القانونية المترتبة‬
‫عن عدم االمتثال‪ ،2‬و يتم التركيز على فكرة تنفيذ الدولة طوعا لما تتمتع به من سيادة‬
‫على إقليمها‪ ،‬غير أنه من ناحية أخرى يمر مفهوم سيادة الدولة في جوهره و معناه‬
‫العميق‪ ،‬بعملية تحول كبرى‪ ،‬ال تعود فقط إلى وقوعه تحت ضغط قوى العولمة بل كذلك‬
‫التعاون الدولي‪ ،‬فالدول يجب أن ينظر إليها اآلن باعتبارها أدوات في خدمة شعوبها و‬
‫ليس العكس‪ .‬و هكذا فإن " المسؤولية في الحماية" باتت المضمون األدنى في المواطنة‬
‫العالمية الجيدة‪.3good international citizenship‬‬

‫ويستعمل مصطلح االمتثال لمتطلبات االتفاقية متعددة األطراف كمؤشر للتنفيذ‪ ،‬رغم‬
‫أن االلتزام بمتطلبات االتفاقية يمكن أن يتم بدون التنفيذ‪ ،‬بسبب التوقف‪ ،‬أو تقليل نشاط‬
‫معين ألسباب أخرى‪ ،‬مثل األزمات االقتصادية‪ ،‬أو نتيجة لبعض التشريعات الوطنية‬
‫القائمة‪ ،‬مثل منع استعمال بروميد الميثيل في بعض مناطق الخليج العربي ألسباب‬
‫صحية‪.4‬‬

‫‪ .1‬سالفة طارق عبد الكريم الشعالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.255‬‬

‫نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.256 ،255‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬رودريك ايليا أبي خليل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.321‬‬

‫سهير ابراهيم حاتم الهيتي‪ ،‬اآلليات القانونية الدولية لحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬منشورات الجاني‬ ‫‪4‬‬

‫الحقوقية‪ ،‬سنة ‪ 2014‬ص‪.399‬‬

‫‪115‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثالثا‪ :‬تمييز االمتثال عن مصطلحات قريبة في المعنى‬

‫إن االمتثال مفهوم يقترب في داللته من مفاهيم أخرى لذلك البد من تمييزه عن‬
‫الفعالية‪ ،‬التنفيذ واالنفاذ‪ .‬ان الفعالية هي مدى تلبية اتفاق بيئي متعدد األطراف‬
‫ألهدافه‪،‬حيث من المالحظ أن أي اتفاق بيئي متعدد األطراف يقوم على أهداف غير‬
‫طموحة قد يحقق مستوى مرتفعا من االمتثال من جانب األطراف ولكنه قد ال يكون فعاال‬
‫في حل المشكلة التي كانت وراء اعتماد االتفاق‪.‬‬

‫بينما التنفيذ هو اإلجراءات التي يتخذها طرف في اتفاق بيئي متعدد االطراف‬
‫لتحقيق االمتثال مع التزاماته بموجب المعاهدة‪ ،‬وهو حسب المبادئ التوجيهية التي‬
‫وضعها برنامج األمم المتحدة للبيئة بشأن االمتثال للتنفيذ بأنه كل القوانين واألنظمة‬
‫والسياسات والتدابير والمبادرات ذات الصلة التي تعتمدها أو تتخذها األطراف المتعاقدة‬
‫للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق بيئي متعدد األطراف‪.‬‬

‫وقد يكون بوسع الطرف االمتثال اللتزاماته بموجب االتفاق دون اتخاذ إجراءات‬
‫مهمة لتنفيذ االتفاق إذا كان االتفاق غير طموح‪ ،‬أو إذا كان الطرف قد اتخذ إجراءات‬
‫كافية قبل ان يصبح طرفا في االتفاق‪.‬‬

‫أما اإلنفاذ فهو مرتبط بحالة عدم امتثال طرف اللتزاماته بموجب المعاهدة‪ ،‬و قد‬
‫تشمل إجراءات االنفاذ عقوبات في بعض االتفاقات و لما كانت معظم أنظمة االمتثال في‬
‫االتفاقات البيئية متعددة األطراف تيسيريه و ليست عقابية تكون أحكام اإلنفاذ غير شائعة‬
‫‪1‬‬
‫نسبيا‪ ،‬و توجد في المقام األول في االتفاقات التي تتضمن أحكاما تتصل بالتجارة‬

‫لجنة التفاوض الحكومية الدولية إلعداد صك عالمي ملزم قانونا بشأن الزئبق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪116‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص نظام االمتثال‪:‬‬

‫االمتثال أي " التركيب المتكامل للتنفيذ" والذي يشير إلى أن سلوك الدولة وتصرفاتها‬
‫يجب أن تتطابق مع التزاماتها إذ أن التنفيذ بحسن نية يلزم األطراف باالمتثال عن كل ما‬
‫قد يحول دون تحقيق الغرض من االتفاقية‪ ،‬وعليه فإن األطراف ملزمة باتخاذ كافة‬
‫اإلجراءات الكفيلة بتنفيذ االتفاقية‪ ،‬وعليه فإنه لتحقيق االمتثال البد من تحقق شرطين‬
‫هما‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬قصد الدولة الذي يعبر عنه بتنفيذ المعاهدة بحسن نية‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪:‬قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها قانونيا‪ ،‬إداريا‪ ،‬ماليا وفنيا‪.1‬‬

‫ولعل الشرط الثاني ما جعل أنظمة االمتثال عموما غير تخاصمية وغير عقابية‪،‬‬
‫فالمقصود منها تعزيز العمل الجماعي بما يعود بالمصلحة على جميع األطراف في اتفاق‬
‫بيئي متعدد األطراف‪ ،‬كما تعد أنظمة االمتثال ضرورية الن مبدأ المعاملة بالمثل القانوني‬
‫التقليدي‪ ،‬الذي يقضي بأن أي خرق مادي لمعاهدة من جانب أحد األطراف يخول ألي‬
‫طرف آخر انهاء أو تعليق العمل بالمعاهدة مما يقضي على األهداف التي كانت حاف از‬
‫لألطراف على اعتماد االتفاق البيئي متعدد األطراف من أساسه‪.2‬‬

‫كما أن أنظمة االمتثال في أغلب اإلتفاقيات البيئية غير قضائية‪ ،‬المقصود منها هو‬
‫تعزيز العمل الجماعي بما يعود بالمصلحة على جميع األطراف عندما يستعصي األمر‬
‫على أي طرف منفرد الوفاء بالتزاماته‪ ،‬مما يؤدي إلى إضعاف فعالية االتفاقية‪.3‬‬

‫سهير ابراهيم حاجم الهيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.408 ،407‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬لجنة التفاوض الحكومية الدولية إلعداد صك عالمي ملزم قانونا بشان الزئبق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫تقرير لجنة التفاوض الحكومية إلعداد صك عالمي ملزم قانونا بشأن الزئبق‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.7‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪117‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أنظمة االمتثال في االتفاقيات البيئية‬


‫يقوم نظام االمتثال على ثالثة مكونات رئيسية‪ ،‬وان لم تعتمدها جميع االتفاقات‬
‫البيئية متعددة األطراف تتمثل في‪ :‬النص على تقديم معلومات عن أداء كل طرف‪،‬‬
‫اإلجراءات واآلليات الالزمة لتقييم مدى االمتثال‪ ،‬تدابير االستجابة أي التدابير التي يمكن‬
‫أن تطبق عندما ال يلبي أي طرف التزاماته‪.‬‬

‫سيتناول هذا الفرع كتابة التقارير (أوال)‪ ،‬عملية المراجعة (ثانيا) وتقويم االمتثال‬
‫واالستجابة لحاالت عدم االمتثال (ثالثا)‬
‫أوال‪ :‬كتابة التقارير‬
‫تتضمن هذه التقارير معلومات حول مدى االمتثال لالتفاقية‪ ،‬إذ تقوم مثل هذه‬
‫التقارير إلى هيات منشأة بموجب االتفاقية مثل أمانة االتفاقية أو مؤتمر األطراف فيها‪،‬‬
‫وتشترط معظم االتفاقات البيئية متعددة األطراف على أطرافها تقديم تقارير دورية عن‬
‫امتثالها اللتزاماتها بموجب المعاهدة‪.‬‬
‫وتشمل المعلومات المطلوبة ملخصا للقوانين والسياسات وغيرها من التدابير التي‬
‫‪1‬‬
‫تدخل في إطار تنفيذ االتفاق البيئي باإلضافة إلى البيانات اإلحصائية المتصلة باألداء‬
‫كالبيانات عن مستويات الموارد المستنفذة لطبقة األوزون الخاصة للرقابة‪ ،‬وبروتوكول‬
‫مونريال لعام ‪ 1987‬بشأن إنتاجها واستيرادها وتصديرها‪.‬‬
‫كما يبدو أن لهذه التقارير أهمية بحيث أن الدول حتى لو لم تكن مستعدة لحماية‬
‫البيئة كإحدى أولوياتها‪ ،‬إال انها ونتيجة البحث للمحافظة على سمعتها الجيدة في هذا‬
‫النطاق‪ ،‬خاصة عندما يكون الرأي العام حساسا بهذا الخصوص‪ ،‬فإنها تعمل على تجنب‬
‫ما يمكن ان يسببه لها التقرير من لوم أو انتقاد عند مراجعته‪.‬‬

‫تقرير لجنة التفاوض الحكومية إلعداد صك عالمي ملزم قانونا بشأن الزئبق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪118‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ومن جهة اخرى فان التقارير تبين فيما إذا كان يحتاج التنفيذ إلى تطوير سياسات‬
‫جديدة‪ ،‬أو تعديل السياسات الموجودة بما يتناسب مع التنفيذ المنجز‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجعة‬
‫تقع عملية مراجعة التقارير التي يقدمها األطراف‪ ،‬على عاتق أمانة االتفاقية أو أية‬
‫هيئة أخرى تعهد لها االتفاقية بهذه المهمة‪ ،‬والمتمثلة في التحقيق من صحة المعلومات‬
‫الواردة في التقرير وبيان مدى دقتها‪.‬‬

‫والهدف أساسا من المراجعة هو الكشف عن المشاكل التي تواجه الطرف لكي‬


‫تتمكن من مساعدته حتى ال يقع في حالة عدم االمتثال‪ ،‬وتمر عملية المراجعة بخطوتين‬
‫األولى هي الفحص الفني للتقرير فيما يتعلق بجمع المعلومات أما الخطوة الثانية فهي‬
‫مراجعة ما تم تنفيذه من االتفاقية والتي يقوم بها مجموعة من الخبراء‪،‬يتمثل الغرض من‬
‫المراجعة في تقديم التقويم الفني الشامل لجميع نواحي التنفيذ‪ ،‬لتحديد المشاكل المحتملة‬
‫‪2‬‬
‫والعوامل التي من الممكن أن تؤثر على الوفاء بااللتزامات‬
‫ثالثا‪ :‬تقويم االمتثال واالستجابة لحاالت عدم االمتثال‬
‫تتعلق اإلجراءات عموما بأنه بدال من السعي إلى معاقبة األطراف التي تواجه‬
‫تحديات في مجال االمتثال‪ ،‬تركز على مساعدتها في تجنب عدم االمتثال والعودة إلى‬
‫االمتثال بأسرع ما يمكن‪.‬‬
‫وتجدر المالحظة إلى أن امتثال الدول اللتزاماتها الدولية يعتمد على عدة عوامل‪،‬‬
‫منها ما هو على المستوى الداخلي للدولة‪ :‬مثل درجة التنمية االقتصادية لها والتي تنعكس‬
‫على مدى امتالكها المعارف العلمية‪ ،‬التكنولوجية والقانونية‪ ،‬تم يأتي في الدرجة الثانية‬

‫‪1‬سهير ابراهيم حاجم الهيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.419‬‬

‫بشير جمعة عبد الجبار الكبيسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.196 ،195‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪119‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫النظام االجتماعي والسياسي‪ ،‬حيث تلعب كل من مدى توفر استقاللية القانونيين‪ ،‬تيقظ‬
‫الرأي العام والقطاع الخاص وبصفة عامة مدى احترام الدولة للقانون في مدى امتثالها‪.‬‬
‫ان أسباب عدم االمتثال متعددة ترجع أحيانا إلى أن االلتزامات تفوق القدرة التقنية‬
‫والمالية للدولة‪ ،‬وفي هذه الحالة يتم اللجوء إلى مساعدة الدولة‪ ،‬أما في حالة العكس فيتم‬
‫إيقاع العقوبات‪ 1‬عادة ما تكون لجنة االمتثال (او لجنة التنفيذ) هي الجهاز األول عن‬
‫إدارة إجراءات االمتثال في االتفاقيات البيئية متعددة األطراف وتضم معظم لجان االمتثال‬
‫ما بين ‪ 10‬أعضاء و‪ 15‬عضو‪.‬‬
‫وتستدعي حاالت عدم االمتثال فرض عقوبات في شكل تدابير بحيث تندرج هذه‬
‫التدابير عموما ضمن فئتين‪ ،‬اما لنشر حاالت عدم االمتثال أو تعليق االمتيازات التي‬
‫تنص عليها المعاهدة‪.‬‬
‫وقد يستدعي النشر قيام الجهاز الرئاسي بإجراء تحقيق رسمي إلعالن حالة عدم‬
‫االمتثال‪ ،‬واصدار تحذير رسمي للطرف المعني ونشر حالة عدم االمتثال من جانب‬
‫الطرف في قائمة خاصة أو تقرير خاص‪.‬‬

‫وقد لجأت العديد من المنظمات مثل صندوق النقد الدولي‪ ،‬ومنظمة العمل الدولية‬
‫إلى تعليق االمتيازات التي تنص عليها المعاهدات كرد فعل على عدم االمتثال‪ :‬مثال‬
‫على ذلك إجراءات عدم االمتثال في بروتوكول مونريال‪ ،‬بوقف حقوق وامتيازات معينة‬
‫ينص عليها البروتوكول بما في ذلك الحقوق المتصلة بالترشيد الصناعي‪ ،‬اإلنتاج‪،‬‬
‫االستهالك والتجارة‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ministère de l’environnement français, conférence international sur l’application‬‬
‫‪renforcée du droit international de l’environnement, édition frison-roche, paris 1999, p34.‬‬

‫‪2‬لجنة التفاوض الحكومية الدولية إلعداد صك عالمي ملزم قانونا بشأن الزئبق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪120‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫من هنا نالحظ الفرق بين نظام العقاب عند عدم االمتثال ونظام المسؤولية الدولية‪:‬‬

‫حيث أن إقرار فكرة المسؤولية يعتبر شيئا جوهريا في العالقات القانونية‪ ،‬إذ انه‬
‫يفترض في كل نظام قانوني أن تتحمل أشخاصه القانونية مسؤولياتها عندما تمس بحقوق‬
‫ومصالح أشخاص قانونية أخرى‪ ،‬لذلك يقصد بالمسؤولية الدولية‪ ،‬التزام يفرضه القانون‬
‫على الدول المنسوب إليها ارتكاب فعل أو امتناع مخالف اللتزاماتها الدولية‪ ،‬مع تقديم‬
‫تعويض إلى الدولة المتضررة في شخصها أوفي شخص رعاياها‪ 1‬ووفقا للقانون الدولي ‪،‬‬
‫كل اتفاقية يلزم األطراف بتنفيذها ‪ ،‬كما تعد االلتزامات الخاصة بتنفيذ االتفاقيات البيئية‬
‫واالمتثال اللتزاماتها من االلتزامات الواجبة تجاه المجتمع الدولي‪ 2‬غير أن الطبيعة‬
‫الخاصة لالتفاقيات البيئية والتي تتصف بالمرونة لتسمح بمواكبة التطورات السريعة‪ ،‬جعل‬
‫نظام المسؤولية الدولية غير مالئم له باعتباره يقوم على القواعد القانونية الصارمة لنظام‬
‫المسؤولية‪ ،‬من أجل افساح المجال للتعاون الوقائي‪ ،‬لذلك يتم خالل اجتماعات األطراف‬
‫في االتفاقية ‪ ،‬في مواجهة الطرف غير الممثل اللتزاماته اتخاذ التدابير المقررة في‬
‫االتفاقية كوقف المساعدات واالمتيازات التي يمكن الحصول عليها من خالل تنفيذ الطرف‬
‫‪3‬‬
‫اللتزاماته‬
‫لذلك نجد أن معظم االتفاقيات البيئية خاصة تلك المتعلقة بحماية الغالف الجوي‬
‫تخلو تماما من أية نصوص أو اجراءات يتم تطبيقها على الطرف الذي ال يفي بالتزاماته‬
‫وفقا لالتفاقية‪ ،‬إال إذا تم اعمال المبدأ ‪ 21‬من اعالن استوكهولم بشأن البيئة البشرية‬
‫‪ 1972‬الذي أكد على مسؤولية الدولة بضمان أن األنشطة التي تتم في اقليمها أو تحت‬
‫واليتها‪ ،‬ال تسبب أض ار ار في بيئة دول أخرى او في المناطق التي تقع خارج حدود الوالية‬

‫‪1‬عنان عمار‪ ،‬محمد محي الدين‪ ،‬محاضرات في المسؤولية الدولية‪ ،‬من منشورات كلية الحقوق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪2‬سالفة طارق عبد الكريم الشعالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.258‬‬
‫‪3‬بشير جمعة عبد الجبار الكبيسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.258‬‬

‫‪121‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الوطنية ألية دولة‪ ،‬وحتى في هذه الحالة فإن األمر يتعارض مع كون أن الغالف الجوي‬
‫يشترك الجميع في األضرار الذي تصيبه وعلى الجميع تقع مسؤولية جماعية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫لذلك نستنتج أن نظام االمتثال هو نظام مساعدة وج ازء في نفس الوقت‬

‫الفرع الرابع‪ :‬االمتثال وفقا التفاقية تغير المناخ‬


‫يبدو أن نظام االمتثال وفقا لنظام بروتوكول كيوتو قد عرف حالة جدل وعدم توافق‬
‫حيث ترك المجال مفتوحا خالل بروتوكول كيوتو لمواصلة العمل خالل المؤتمرات‬
‫الالحقة‪ ،‬ورغم أن خطة عمل بوينس ايرس (‪ )1998‬قد طرحت عدة خيارات منها‪:‬‬

‫‪ -‬انشاء لجنة لمراقبة االمتثال‪ ،‬مع عدم وضع جزاءات في حالة خرق االمتثال‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ مؤتمر األطراف لقرار ملزم قانونا ينظم االمتثال دون الحاجة لق اررات‬
‫أخرى‪ ،‬وقد القى هذا الخيار نقدا شديدا‪.‬‬

‫كما تم اقتراح اعتماد صك قانوني منفصل عن البروتوكول‪ ،‬يصادق عليه األطراف‬


‫عند المصادقة على البروتوكول‪ ،‬وهذا ما بدى انه اجراء غير عملي‪ 2‬لذلك لم يتم النجاح‬
‫في اعتماد أي من الخيارات السابق ذكرها‪.‬‬

‫سيتم التوسع في هذا الفرع من خالل العناوين اآلتية‪( :‬أوال) األساس القانوني لنظام‬
‫االمتثال وفقا التفاقية تغير المناخ (ثانيا) معالجة حالة عدم االمتثال وفقا التفاقية تغير‬
‫المناخ‪( ،‬ثالثا) امتثال الجزائر التفاقية تغير المناخ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األساس القانوني لنظام االمتثال وفقا التفاقية تغير المناخ‬


‫لقد نصت المادة ‪ 13‬من االتفاقية اإلطار بشأن تغير المناخ "ينظر مؤتمر األطراف‬
‫في دورته األولى‪ ،‬في انشاء عملية استشارية متعددة األطراف‪ ،‬تتاح لألطراف بناء على‬

‫‪1‬بشير جمعة عبد الجبار الكبيسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.259 ،257‬‬
‫‪2‬محمد عادل عسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.420‬‬

‫‪122‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫طلبها‪ ،‬وذلك لحل المسائل المتعلقة بتنفيذ االتفاقية" لذا عمال بهذه المادة تم تطوير عملية‬
‫استشارية متعددة األطراف اعتمدها مؤتمر األطراف في دورته الرابعة نوفمبر ‪."1998‬‬

‫ثم نصت المادة ‪ 18‬من بروتوكول كيوتو‪ :‬يعتمد مؤتمر األطراف العامل بوصفه‬
‫اجتماع األطراف في هذا البروتوكول‪ ،‬في دورته األولى‪ ،‬إلى اقرار االجراءات واآلليات‬
‫المناسبة والفعالة لتحديد ومعالجة حاالت عدم االمتثال ألحكام هذا البروتوكول‪ ،‬الصادر‬
‫عن طرف من األطراف المدرجة في المرفق األول‪ ،‬بوسائل تشمل وضع قائمة ارشادية‬
‫باآلثار المترتبة عن ذلك‪ ،‬مع مراعاة سبب عدم االمتثال ونوعه ودرجته وتواتره‪.‬‬

‫بعد ذلك طورت اجراءات وآليات االمتثال أثناء الدورة السادسة لمؤتمر األطراف في‬
‫تموز ‪ ،2001‬وأثناء الدورة السابعة في نوفمبر ‪ 2001‬التي تم خاللها وضع اجراءات‬
‫وآليات االمتثال‪ ،‬واتخاذ مقرر إلحالتها لإلجتماع األول لألطراف في بروتوكول‬
‫مونريال‪1‬بحيث يتألف مشروع هيكل االمتثال لبروتوكول كيوتو من لجنة امتثال مكونة من‬
‫شعبة تيسير وشعبة انفاذ لكل منها عشرة أعضاء مع تناوب لألعضاء والمراعاة الواجبة‬
‫لمبدأ التوزيع الجغرافي العادل‪.2‬‬

‫بالنسبة لفرع االنفاذ فإنه يطبق االجراءات المتعلقة بحالة عدم االمتثال‪.‬‬

‫أما الشعبة التيسيرية لبروتوكول كيوتو‪ ،‬فتشمل تيسير المساعدة الفنية والمالية‬
‫المقدمة إلى أي طرف معني‪ ،‬بما في ذلك نقل التكنولوجيا وبناء القدرات من الموارد‬
‫‪3‬‬
‫األخرى غير تلك المحددة بموجب االتفاقية والبروتوكول بالنسبة للبلدان النامية‬

‫‪1‬الوثيقة متوفرة على الموقع ‪.fcc/cp/2001/13/add3‬‬

‫‪2‬برنامج االمم المتحدة‪ ،‬لجنة التفاوض الحكومية الدولية لوضع صك دولي ملزم قانونا لتطبيق التدابير الدولية على‬
‫ملوثات عضوية ثابتة معينة‪.unep/pops/inc7/22 ،‬‬

‫‪Unep/cbd/IcNP/1/6/Rev.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪123‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثانيا‪:‬معالجة حالة عدم االمتثال وفقا التفاقية تغير المناخ‬

‫جاء نص القرار رقم ‪ 1cop 7/24‬الذي نص‪ :‬قرر مؤتمر األطراف بعد االشارة إلى‬
‫اختصاصاته ‪ ....‬اعتماد النص الذي يتضمن االجراءات واآلليات المتعلقة باالمتثال‪،‬‬
‫وتشتمل الجزاءات المتمثلة في زيادة النسبة التي يلتزم الطرف بتخفيضها من غازات‬
‫الدفيئة بمقدار ‪ %30‬عن التزامه األصلي‪ ،‬ويتم إلزام الطرف غير الممثل بتطوير خطة‬
‫العمل الخاصة باالمتثال‪ ،‬تعليق حصة ذلك الطرف الخاصة باالشتراك في آلية االتجار‬
‫‪2‬‬
‫في االنبعاثات أو حرمانه من المشاركة في كل اآلليات المرنة للبروتوكول‬

‫ما يمكن مالحظته هو ان الجزاءات تتعلق بالحرمان من امتيازات اقتصادية بالنسبة‬


‫لما يستفاد من اآلليات المرنة للبروتوكول أي يمكن اعتبارها عقوبة اقتصادية‪ ،‬وحتى‬
‫بالنسبة لزيادة النسبة التي يلتزم الطرف بتخفيضها هو أمر يؤثر سلبا على اقتصاديات‬
‫الدول‪ ،‬غير أنه ما يقود إلى التساؤل‪ :‬ما هي اآلليات المستعملة إللزام الطرف غير‬
‫الممتثل بتطوير عمل خاصة باالمتثال‪ ،‬حيث عدم وجودها يجعل هذا التدبير غير عملي‪.‬‬

‫كما يشتمل القرار السابق على إعداد قائمة إرشادية باآلثار المترتبة عن عدم‬
‫االمتثال مع مراعاة سبب عدم االمتثال ونوعه ودرجته‪.‬‬

‫لذلك يمكن القول أن توافر التدابير الصارمة ذات اآلثار االقتصادية أو التجارية‬
‫وتطبيقها على حاالت عدم االمتثال هي مواقف محدودة بدرجة كبيرة على االتفاقيات‬
‫البيئية متعددة األطراف إضافة إلى أنه ناد ار ما نفذت التدابير الصارمة في معظم نظم‬
‫االمتثال‪.‬‬

‫‪1‬الدورة السابعة لمؤتمر األطراف سنة ‪.2001‬‬

‫‪2‬ألكثر تفاصيل انظر‪ ،‬محمد عادل عسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.425 ،418‬‬

‫‪124‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثالثا‪:‬امتثال الجزائر التفاقية تغير المناخ‬

‫انضمت الجزائر بمصادقتها على االتفاقية في أفريل ‪ 1993‬إلى االلتزامات التي‬


‫نصت عليها هذه األخيرة بالنسبة لجميع البلدان وخاصة االنجاز الدوري لجرد وطني للغاز‬
‫المسبب لالحتباس الحراري‪ ،‬وتحقيق استقرار انبعاث الغاز المسبب لالحتباس الحراري كما‬
‫يوصي كل بلد بإعداد برامج التكيف مع تغير المناخ لمختلف القطاعات المتعلقة‬
‫بالمجاالت االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫وقد سمح مشروع الجزائر ‪/98‬ج ‪ 31‬في إطار ترتيبات الصندوق العالمي للبيئة‬
‫بتقديم المساعدة الضرورية للبلد من اجل تدعيم الطاقات الوطنية في ميدان التغيرات‬
‫المناخية عبر تنظيم مختلف الملتقيات للتحسيس والتكوين‪ ،‬ومن بين ما ساهم فيه انه قد‬
‫مكن من انجاز الجرد الوطني األول للغازات المسبب لالحتباس الحراري‪ ،‬وقد تم إدماج‬
‫نتائج هذا الجرد في المداخلة الوطنية األولى المقدمة للندوة السادسة لألطراف التي عقدت‬
‫في مراكش ‪ . 2001‬وهكذا وعلى سبيل االتفاقية اإلطار حول التغيرات المناخية قامت‬
‫الجزائر بالت ازماتها مثلما تنص عليه المواد ‪ 4‬و‪ 12‬من االتفاقية والقرار ‪ /10‬س ب ‪2‬‬
‫لندوة جنيف سنة ‪ 1996‬أي انجاز جرد وطني النبعاث الغاز المسبب لالحتباس الحراري‬
‫والتكيف مع التغيرات المناخية قصد الحد من اآلثار التي يمكن أن تسببها هذه التغيرات‬
‫الطبيعية للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وقد تم إشراك مجمل القطاعات المعنية‬
‫بالتغيرات المناخية في إعداد الجرد الوطني النبعاث الغاز المسبب لالحتباس الحراري‬
‫واعداد المداخلة الوطنية األولى‪.1‬‬

‫‪1‬و ازرة تهيئة االقليم والبيئة‪ ،‬تقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.243 ،242‬‬

‫‪125‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المطلب الثاني‪:‬السياسة الطاقوية في الجزائر مثال على عدم االمتثال‬


‫لقد تعددت واختلفت تجارب البلدان في امتثالها التفاقية تغير المناخ (الفرع األول)‪،‬‬
‫اما بالنسبة للجزائر فلمواكبة التغيرات الحاصلة في أسواق الطاقة الدولية شرعت في‬
‫السنوات األخيرة في تبني إستراتيجية طاقوية جديدة‪ ،‬تثمن من خاللها إمكانياتها لتوفير‬
‫المتطلبات الداخلية من جهة وتعزيز التزاماتها الخارجية من جهة أخرى‪.‬‬

‫تعتبر الطاقة جزء مهم من مسألة تغير المناخ (الفرع الثاني) باعتبارها من أكبر‬
‫مصادر غازات الدفيئة‪ ،‬وخيار الجزائر المتمثل في غاز الشيست بدال من الطاقة الشمسية‬
‫يحدد مدى حسن اختيار الجزائر الطاقة المستقبلية (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تجارب بعض الدول في امتثالها التفاقية تغير المناخ‬

‫تعتبر مسألة امتثال البلدان التفاقية تغير المناخ نسبية‪ ،‬تختلف حسب درجة تقدم‬
‫البلد وامتالكه اإلمكانات التكنولوجية واالهم من ذلك اإلرادة السياسية لمكافحة ومقاومة‬
‫هذه الظاهرة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تجربة الواليات المتحدة األمريكية‬


‫رغم اعتبار الواليات المتحدة األمريكية من أكثر الدول تأثي ار في تفاقم ظاهرة‬
‫االحتباس الحراري‪ ،‬غير أنها لم تتخذ اإلجراءات الالزمة لمواجهتها‪ ،‬لذلك سيتم التعرف‬
‫على ما اتخذته من إجراءات داخلية للتصدي للظاهرة‪.‬‬
‫‪-1‬أثر التغيرات المناخية وسبل مواجهتها في الواليات المتحدة األمريكية‬
‫أدى التغير المناخي في الواليات المتحدة االمريكية‪ .‬مثل موجة الثلج التي اجتاحت‬
‫البالد وقطعت كل سبل الحياة لمدة أسبوع في أواخر سنة ‪ ،2013‬وتعد درجة الح اررة‬
‫مرشحة لالرتفاع وبشدة في الواليات المتحدة األمريكية باإلضافة الى االرتفاع في مستوى‬
‫سطح البحر والذي سيؤدي إلى اغراق العديد من المساحات الزراعية‪ ،‬ما يجعل قطاع‬

‫‪126‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفالحة وقطاعات اقتصادية أخرى خاصة الطاقة والنقل تتحمل تكاليف باهظة‪ .‬ففي‬
‫السنوات األخيرة تحمل قطاع الغابات في أمريكا ما قيمته ‪ 3.1‬بليون دوالر كتكاليف‬
‫إلطفاء الحرائق التي تنشب في الغابات‪ ،‬ولمواجهة اثار التغيرات المناخية انتهجت عدة‬
‫سياسات ترمي الى التكيف والتخفيف من حدة الظاهرة‪ ،‬ولم يكن ذلك إال بعد األبحاث‬
‫العلمية األ مريكية والتي أظهرت أن على الدولة أن تغير من نهجها في التعامل مع قضية‬
‫التغيرات المناخية‪.1‬‬
‫‪-2‬مدى االلتزام باالتفاقية الدولية‬
‫تعد الواليات المتحدة االمريكية أكبر دولة تنتج االنبعاثات المسببة لظاهرة االحتباس‬
‫الحراري‪ ،‬حيث تنتج بمفردها ‪ 25‬بالمائة من اجمالي االنبعاثات الغازية العالمية‪ ،‬إذ يعتبر‬
‫قطاع الطاقة أكثر القطاعات تلويثا للجو بسبب الفحم الحجري الذي أصبح يولد أكثر من‬
‫نصف الطاقة الكهربائية في الدولة‪.‬‬
‫على الرغم من ذلك عارضت التصديق على بروتوكول كيوتو‪ ،‬ألنها ترى أن‬
‫االتفاقية تتعارض مع مصالحها الصناعية‪ ،‬نظ ار لكون الواليات المتحدة أكبر قوة صناعية‬
‫وسياسية وعسكرية في العالم فهي تسيطر على مجريات األمور وتشارك بدرجة كبيرة في‬
‫عرقلة الخطوات الدولية الهادفة إلى مواجهة تغير المناخ‪ ،‬فهي قائدة المعسكر المعارض‬
‫لالتفاقات الدولية كالصين‪ ،‬الهند‪ ،‬كندا‪...‬‬
‫وعبرت الواليات المتحدة عن معارضتها للتغيرات المقترحة من الدول النامية‬
‫باالعتراف بحاجتها إلى مساعدات تقنية ومادية من الدول المتقدمة‪ ،‬لكنها عدلت عن‬
‫موقفها حيث بدأ يتضح من تقارير العلماء أنه يتعين على أمريكا تغيير مسارها واال اصبح‬
‫تصحيح الوضع المتدهور أم ار متأخرا‪ ،‬وقد بدأ تيار صناعي في الواليات المتحدة بتقدير‬

‫‪1‬بوسبعين تسعديت‪ ،‬آثار التغيرات المناخية على التنمية المستدامة في الجزائر‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في علوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد بوقرة بومرداس‪ ،2015 ،‬ص‪.133-132.‬‬

‫‪127‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫مدى خطورة الوضع الحالي‪ ،‬األمر الذي انعكس إيجابا بانضمامها إلى اتفاق باريس‪ ،‬غير‬
‫أنه سرعان ما أعلن الرئيس األمريكي الحالي دونالد ترامب انسحاب الواليات المتحدة من‬
‫اتفاق باريس حول المناخ‪ ،‬األمر الذي وعد به خالل حملته االنتخابية تحت شعار الدفاع‬
‫عن الوظائف االمريكية‪ ،‬وعبر ترامب "اعتبا ار من اليوم ستكف الواليات المتحدة عن تنفيذ‬
‫مضمون اتفاق باريس و لن تلتزم بالقيود المالية واالقتصادية الشديدة التي يفرضها االتفاق‬
‫على بالدنا" وأضاف ترامب في كلمة ألقاها في حديقة البيت األبيض أن اتفاق باريس‬
‫ليس في صالح الواليات المتحدة الفتا النظر أن االتفاق الراهن ليس حازما بما يكفي مع‬
‫الصين والهند‪.1‬‬
‫‪-3‬سياسات التكيف والتخفيف في الواليات المتحدة االمريكية‬
‫أصدر البيت األبيض في نوفمبر ‪ 2013‬قرار تحت عنوان تحضير أمريكا لمواجهة‬
‫آثار التغيرات المناخية والذي يتكون من ‪ 8‬فقرات‪ ،‬تقضي في مجملها بضرورة وضع‬
‫السياسات المناخية المناسبة لتسيير مخاطر الظاهرة‪ ،‬ما يوحي بتغيير نهج السياسة‬
‫األمريكية في التعامل مع تداعيات الظاهرة‪ ،‬كما يعتبر مشروع القرار المتضمن استخدام‬
‫مصادر أنظف للطاقة الذي قدمته لجنة البيئة األمريكية عام ‪ 2007‬لمجلس الشيوخ‬
‫مؤش ار على التوجه نحو بيئة عالمية أنظف في الواليات المتحدة للتحكم في حرق الفحم‬
‫وضبط غاز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن االحتراق ومن ثم دفنه في األرض عميقا‪،‬‬
‫حيث توجد مياه جوفية مالحة‪ ،‬على عمق ‪ 2000‬قدم أو أكثر‪.‬‬
‫وفي مجال التكنولوجيات النظيفة واستجابة لرغبة واليات كاليفورنيا في انتاج سيارات‬
‫ال تطلق كربونا في الجو‪ ،‬قامت شركة جنرال موتورز بإنتاج مركبة تسير على الكهرباء‬
‫ويتم شحنها بوصلها بالتيار الكهربائي مباشرة‪ ،‬ولكن النموذج المصمم فشل وتم الغاؤه‪ ،‬إال‬

‫مقال بعنوان‪ :‬ترامب يعلن انسحاب بالده من اتفاقية باريس للمناخ‪ ،‬على الموقع االلكتروني‪// :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.edition.cnn.com‬‬

‫‪128‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أن االستثمارات الخاصة في الواليات المتحدة شرعت مؤخ ار في انطالقة جديدة لالستثمار‬
‫في هذا المجال‪ ،‬وهذا يستدعي من الحكومة تأسيس بنية تحتية لنقل الكهرباء من مزارع‬
‫الرياح والطاقة الشمسية الى المستهلكين أو إلى محطات التوزيع الرئيسية‪.‬‬
‫وفي مجال الطاقات النظيفة التزال أمريكا متأخرة نوعا ما عن الدول المتقدمة‬
‫األخرى‪ ،‬فألمانيا مثال تنتج من حاجاتها من الكهرباء من الشمس ستة أضعاف ما تنتجه‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬ومن طاقة الرياح عشرة أضعاف ما تنتجه الواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫با لرغم من أن قدرات الرياح هائلة هناك مقارنة بألمانيا‪ ،‬وتعمل أمريكا حاليا على انتاج‬
‫الطاقة والتي تمثل نحو ‪ %20‬من حاجتها إلى الكهرباء‪ ،‬أما في المجال الفالحي فتسعى‬
‫أمريكا إلى نهج استراتيجية تهدف إلى نقل اإلنتاج الفالحي خارج المناطق التي تشهد‬
‫انخفاضا في اإلنتاج حاليا‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى التزام إيطاليا بتفعيل نظام حماية المناخ وطنيا‬


‫وقعت إيطاليا على االتفاقية اإلطار‪ ،‬ثم على بروتوكول كيوتو في ‪،1998/04/29‬‬
‫وصادقت عليه بالقانون رقم ‪ 2002-123‬في ‪ ،2002/05/31‬ودخل حيز النفاذ بالنسبة‬
‫لها في ‪.2005/02/16‬‬

‫‪ -1‬التشريعات الوطنية لحماية المناخ بإيطاليا‬

‫تعد إيطاليا واحدة من أكثر دول العالم تحقيقا لكفاءة استخدام الطاقة‪ ،‬ربما يرجع‬
‫ذلك إلى سياستها الوطنية للطاقة‪ ،‬والتي تم العمل بها بعد أزمة النفط العالمية عام ‪1973‬‬
‫وعام ‪ ،1987‬حيث اتخذت الحكومة اإليطالية ق اررات بالتخلي التدريجي عن استخدام‬
‫الطاقة النووية وتفكيك جميع محطاتها القائمة‪ ،‬والتشجيع على زيادة كفاءة استخدام الطاقة‬

‫‪1‬بوسبعين تسعديت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.134.‬‬

‫‪129‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المتجددة وتطوير انتاجها‪ ،‬وبخالف التوجهات األوروبية التي تنظم صيانة البيئة والحفاظ‬
‫عليها‪ ،‬أو التعويض عن االضرار التي تصيبها‪ ،‬فال توجد لدى إيطاليا تشريعات خاصة‬
‫بحماية المناخ‪ ،‬بل تعتمد في ذلك على سياساتها في مجال الطاقة‪.‬‬
‫‪-2‬السياسات الوطنية لحماية المناخ بإيطاليا‬
‫وفقا للقرار الذي اتخذه مجلس االتحاد األوروبي في عامي ‪ 1991‬وأكد عليه عام‬
‫‪ ،1993‬والخاص بتنظيم قطاع الطاقة في دول االتحاد األوروبي وأيضا بعد تصديق‬
‫إيطاليا على االتفاقية اإلطار‪ ،‬وافقت لجنة التخطيط االقتصادي إليطاليا في عام ‪1994‬‬
‫على تنظيم خطة وطنية الحتواء انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون‪ ،‬مركزة في تنفيذ هذه‬
‫الخطة على التعزيز التدريجي لكفاءة محطات توليد الطاقة القائمة‪ ،‬والعمل على زيادة‬
‫كفاءة المحطات التي تنشأ حديثا‪.‬‬

‫ولكن لم يتم بذل جهد حقيقي لتنفيذ هذه الخطة‪ ،‬عالوة على عدم تخصيص أي‬
‫اعتمادات مالية أو حوافز اقتصادية تمكنها من بلوغ أهدافها‪ ،‬ولذلك اعتبر أنها كانت بداية‬
‫خاطئة للسياسة اإليطالية في مجال حماية المناخ‪.‬‬
‫بعد ذلك أبرمت و ازرة البيئة اإليطالية في ديسمبر ‪ 1998‬اتفاقا "تطوعيا" مع كيانات‬
‫القطاع الصناعي‪ ،‬والمنظمات البيئية غير الحكومية بهدف العمل على الحد من انبعاثات‬
‫غاز ثاني أكسيد الكربون‪ ،‬وتحسين كفاءة استخدام الطاقة‪ ،‬مع تشجيع استخدام الطاقة‬
‫المتجددة في قطاعات الصناعة‪ ،‬الطاقة والنقل‪ ،‬مع بدأ تنفيذ االتفاق في عام ‪.11999‬‬

‫واتخذت اإلجراءات المتعلقة بحماية المناخ تطو ار ملحوظا حيث نظمت لجنة البيئة‬
‫بالبرلمان اإليطالي في يونيو خطة عمل شاملة تهدف لتحقيق امتثال إيطاليا لهدف‬
‫تخفيض غازات االحتباس الحراري بموجب بروتوكول كيوتو‪ ،‬وكذلك لتنفيذ توجيهات‬

‫محمد عادل عسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.582-581.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪130‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫االتحاد األوروبي‪ ،‬وتعهدت اللجنة بالعمل من خالل الكفاءة العالية لمحطات الطاقة‬
‫الح اررية المولدة للكهرباء‪ ،‬بما يحقق توفير استهالك الطاقة بنسبة ‪ 9.6‬بالمئة بحلول عام‬
‫‪ ،2016‬وتشمل آلية عمل الخطة تنظيم قطاعات السكن‪ ،‬التعليم‪ ،‬الصناعة والنقل من‬
‫خالل التدابير التالية‪:‬‬

‫أ) بالنسبة لقطاع السكن‪:‬‬

‫من المعروف ان قطاع السكن من شانه ان يؤثر ويتاثر بالمقابل بظاهرة تغير‬
‫المناخ‪،‬فالعمران بطبيعته كبيئة مشيدة من طرف االنسان يسبب في تغيير طبيعة االراضي‬
‫التي من الممكن ان تكون في االصل ارض فالحية او حتى عبارة عن غابات‪ ،‬لذلك يتم‬
‫عمل عزل حراري في ايطاليا لجميع أسطح المساكن التي تم بناؤها قبل عام ‪ 1980‬بما‬
‫يمنع التسرب الحراري المستعمل في التدفئة‪ ،‬فتنخفض نسبة استخدام الطاقة‪ ،‬كما يتم‬
‫استبدال استعمال الزجاج العادي في المباني بغيرها من الزجاج المقوي‪ ،‬لتحقيق نفس‬
‫الغرض السابق‪.‬‬

‫‪ -‬استبدال المصابيح الكهربائية المتوهجة بأخرى من النوع الفلوري‪ ،‬الذي يستهلك ‪20‬‬
‫بالمائة فقط من الطاقة التي يستهلكها النوع األول‪ ،‬وبما يعمل على توفير ‪ 20‬مليون‬
‫طن من انبعاثات غاز‪ CO2‬وهو ما يعادل اغالق ‪ 25‬محطة كهربائية تعمل بالفحم‪.‬‬
‫‪ -‬استبدال األجهزة المنزلية القديمة كأجهزة التبريد بأجهزة جديدة تعمل بالطاقة النظيفة‪،‬‬
‫واالستعاضة عن سخانات المياه الكهربائية‪ ،‬والمداخن الخشبية‪.‬‬
‫‪ -‬فرض حظر على بيع األجهزة الكهربائية ذات المرتبة األقل كفاءة في استخدام الطاقة‬
‫النظيفة‪ ،‬حسب المواصفات السائدة في دول االتحاد األوروبي وذلك بحلول عام‬
‫‪.2010‬‬

‫‪131‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ب) بالنسبة لقطاع التعليم‪:‬‬


‫تحقيق كفاءة استخدام الطاقة في تدفئة تلك المنشآت واستحداث نظام للحوافز في‬
‫حالة الوصول لكفاءة استخدام مكيفات الهواء والمصابيح‪ ،‬وكفاءة التحكم في تنظيم أنظمة‬
‫اإلنارة بها‪.‬‬
‫ج) بالنسبة للقطاع الصناعي‪:‬‬
‫‪ -‬يتم فرض رسوم على زيادة معدل استهالك الطاقة‪ ،‬مع زيادة الرسوم الجمركية على‬
‫واردات إيطاليا من الوقود األحفوري الذي يتم استعماله لتوليدها‪.‬‬
‫‪ -‬فرض زيادة على رسوم إعادة تدوير النفايات بمقدار ‪ %10‬باعتبار هذه الزيادة تؤدي‬
‫إلى منع ما يعادل ‪ 4‬ميجا طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا‪.‬‬
‫د) بالنسبة لقطاع النقل‪:‬‬
‫تشجع الخطة على نقل البضائع بالسكك الحديدية‪ ،‬وتهدف للوصول إلى تنفيذ هذا‬
‫البند بنسبة ‪ % 85‬من حركة نقل البضائع بإيطاليا‪ ،‬كما تم تنظيم بعض التدابير التي‬
‫تهدف إلى تخفيض ما يعادل ‪ 140‬طن من غاز ثاني أكسيد الكربون‪ ،‬في هذا القطاع‬
‫عن طريق منح مكافآت مالية أو فرض عقوبات مالية أيضا على بعض أنواع السيارات‬
‫كالتالي‪ :‬بالنسبة للمكافآت المالية‪ ،‬فإنه يتم تشجيع المواطنين والهيئات على شراء‬
‫السيارات ذات المواصفات قليلة التلويث‪ ،‬وذلك ابتداءا من ديسمبر ‪ ، 2007‬من خالل‬
‫منح مكافأة على كل سيارة مشت ارت من هذه النوعية كالتالي‪:‬‬

‫‪.CO2‬‬ ‫‪ 5000 -‬يورو للسيارات التي ينبعث منها أقل من ‪ 60‬كيلو من‬

‫‪.CO2‬‬ ‫‪ 1000 -‬يورو للسيارات التي ينبعث منها أقل من ‪ 100‬كيلو من‬

‫‪.CO2‬‬ ‫‪ 700 -‬يورو للسيارات التي ينبعث منها ما بين ‪ 101‬و‪ 120‬كيلو من‬

‫‪.CO2‬‬ ‫‪ 200 -‬يورو للسيارات التي ينبعث منها ما بين ‪ 121‬و‪ 130‬كيلو من‬

‫‪132‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ويحصل المشتري على هذه المكافأة بطريقتين‪ ،‬إما أن يخصمها البائع مباشرة من‬
‫سعر الشراء عند التعاقد‪ ،‬ثم يستردها بعد ذلك من الحكومة‪ ،‬أو بطلب المشتري استردادها‬
‫من الحكومة مباشرة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لنظام العقوبات المالية‪ ،‬ينطبق هذا النظام على السيارات المشت ارت‬
‫اعتبا ار من ‪ 01‬يناير ‪ 2008‬وينبعث منها أكثر من ‪160‬كيلو من ثاني أكسيد الكربون‬
‫حيث يدفع المشتري المبالغ التالية‪:‬‬

‫‪.CO2‬‬ ‫‪ 200 -‬يورو للسيارات التي ينبعث منها ما بين ‪161‬و ‪ 165‬كيلو من‬

‫‪.CO2‬‬ ‫‪ 750 -‬يورو للسيارات التي ينبعث منها ما بين ‪ 166‬و‪ 200‬كيلو من‬

‫‪.CO2‬‬ ‫‪ 600 -‬يورو للسيارات التي ينبعث منها أكثر من ‪ 250‬كيلو من‬

‫وتحصل العقوبة مباشرة بأن تضاف على سعر الشراء من قبل البائع‪ ،‬ثم تقدم إلى‬
‫الحكومة في وقت تسجيل السيارة‪ ،‬أو يدفعها المشتري عند التسجيل‪ ،‬وقد أقرت هذه الخطة‬
‫في وقت الحق من مجلس النواب ولكنها لم تنفذ بشكل جدي‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬تجربة المغرب‬

‫يعاني المغرب كجميع بلدان العالم من آثار تغير المناخ بما يفرضه موقعه الجغرافي‬
‫وخصائص أنظمته اإليكولوجية‪ .‬فالمغرب يقع في شمال غرب افريقيا بين منطقتين‬
‫مناخيتين (منطقة رطبة في الشمال األوروبي ومنطقة صحراوية في الجنوب) مما يجعله‬
‫تحت تأثير مناخ متوسطي متنوع بين شديد الرطوبة‪ ،‬رطب‪ ،‬شبه رطب‪ ،‬شبه قاحل‪ ،‬قاحل‬
‫وصحراوي‪.‬‬

‫‪1‬محمد عادل عسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.586-583.‬‬

‫‪133‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-1‬تغير المناخ وآثاره في المغرب‬

‫يؤكد التقرير الوطني الثاني بشأن تغير المناخ الذي قدمه المغرب سنة ‪ ،2010‬أن‬
‫البالد شهدت في العقود األخيرة ارتفاعا كبي ار في درجة الح اررة وزيادة في وتيرة وشدة‬
‫الظواهر المناخية الحادة‪ ،‬وقد عرف معدل ارتفاع الح اررة من سنة ‪ 1960‬إلى سنة‬
‫‪ ،2000‬حوالي ‪ 1‬درجة مئوية في جميع أنحاء البالد وبلغ ذروته في الجنوب الشرقي‬
‫للمغرب بـ ‪ 1.4‬درجة مئوية‪ ،‬كما تكاثرت موجات الح اررة بشكل ملحوظ على حساب‬
‫موجات البرد‪ ،‬فمن عام ‪ 1976‬إلى ‪ 2006‬سجل انخفاض في كمية األمطار من ‪ 3‬إلى‬
‫‪ %30‬حسب المناطق‪ ،‬مع انخفاض حاد خاصة في فصل الشتاء في مرتفعات المنطقة‬
‫الشرقية للمغرب‪ ،‬وخالل نفس الحقبة عرفت تساقطات شهور فبراير ومارس وأبريل‬
‫انخفاضا بنسبة ‪ 23‬ملم في معدلها‪ ،‬مع بلوغ معدل االنخفاض ‪ 38‬ملم أي ما يعادل ثلث‬
‫الكمية العادية لنفس الفترة في شمال غرب البالد‪ ،‬ومن عام ‪ 1995‬إلى سنة ‪2010‬‬
‫تزايدت وتيرة الفيضانات وتفاقم حجمها لتجتاح عدة مناطق من البالد وخلفت خسائر في‬
‫األرواح وأض ار ار كبيرة باالقتصاد‪.‬‬

‫لقد أدت حاالت الجفاف الشديد والمتكرر التي مرت بها البالد في العقود األخيرة‬
‫إلى انخفاض الموارد المائية بنسبة ‪%20‬خالل القترة الممتدة بين سنة ‪ 1940‬وسنة‬
‫‪ 2005‬ما ارتفع معدل درجة الح اررة بأكثر من ‪ 1‬درجة مئوية بين عامي ‪1960‬‬
‫و‪.2000‬‬
‫وقد يؤد ي تعاقب فترات الجفاف وقلة التساقطات إلى انخفاض في المياه السطحية‬
‫يرتقب أن يتراوح بين ‪ 10‬و‪ %15‬بحلول سنة ‪ ،2020‬من جهة أخرى تفاقمت ظاهرة‬
‫الفيضانات في العقدين األخيرين وعمت عدة مناطق (أوريكا في عام ‪ ،1995‬تطوان سنة‬

‫‪134‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ ،2000‬المحمدية في عام ‪ ،2002‬مرزوكة في عام ‪ ،2006‬طنجة والناظور والحسيمة‬


‫سنة ‪ ،2008‬الراشدية والرباط سنة ‪.)2009‬‬

‫إن العجز المائي المقدر بحوالي ‪ 5‬مليارات متر مكعب في افق ‪ 2030‬سيؤثر سلبا‬
‫على جميع القطاعات االقتصادية‪ ،‬فآثار التغير المناخي الغذائية منها والصحية والبيئية‬
‫أصبحت جلية في جميع المناطق‪ .‬فقد يؤدي تدهور المزارع والمراعي وتدهور التربة إلى‬
‫زيادة كبيرة في معدل ترسب الطمي وتوحل السدود بنسبة ستتجاوز ‪ ،%1‬وستتأثر‬
‫الزراعات غير المسقية بشكل خاص من انخفاض التساقطات كما ستترسب عن البرد‬
‫والصقيع أيضا آثار اقتصادية كبيرة‪ ،‬وقد تسبب خسائر محصول الحبوب مستقبال في‬
‫نزوح ما يقارب ‪ 6‬ماليين شخص‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك سيكون لتدهور الغابات آثار خطيرة‬
‫على سكان الجبل حيث أن المساحات الغابية تشهد انخفاضا يفوق ‪ 31000‬هكتار في‬
‫السنة‪ ،‬وهذه الخسارة مرجحة لالرتفاع نظ ار لتفاقم األوبئة الطفيلية وانتشار الحرائق وكثرة‬
‫الضغط على المراعي والتزود بحطب الطبخ و التدفئة‪.‬‬

‫عالوة على ذلك من المرجح أو يقوض تغير المناخ التقدم المحرز في مجال‬
‫مكافحة األمراض المعدية مثل المالريا والكوليرا‪ ،‬كما سيكون للتقلبات العنيفة للمناخ‬
‫كموجات الحر وموجات الصقيع آثا ار بليغة على الفئات الضعيفة من السكان وخاصة‬
‫األكثر فق ار واألطفال الرضع والمسنين‪ ،‬ومن المرجح كذلك أن تتفاقم األمراض التنفسية‬
‫واألمراض المنقولة عن طريق الحشرات والمياه‪.1‬‬

‫‪1‬محمد جبران ولحسن التايقي‪ ،‬التأقلم مع التغير المناخي من المقاربة إلى الممارسة‪ ،‬اإلتحاد العالمي لصون الطبيعة‪،‬‬
‫مركز البحر المتوسط للتعاون‪ ،‬مالقا‪ ،2014 ،‬ص‪.8-7.‬‬

‫‪135‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-2‬تمويل المغرب مشاريع التخفيف والتكيف مع آثار التغير المناخي‪:‬‬

‫يحتل المغرب مكانة متميزة ضمن الخريطة العالمية إلنتاج الطاقات المتجددة‪،‬‬
‫بفضل إعداد أول مخطط لالستثمارات الخضراء سنة ‪ ،2014‬واالستراتيجية الوطنية‬
‫للطاقات المتجددة التي تم إطالقها سنة ‪ ،2009‬وأيضا بفضل منجزاته الملموسة في‬
‫مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح‪ ،‬كما بادر إلى رفع الدعم عن الطاقات األحفورية‪،‬‬
‫وأصبح المغرب أحد أكبر المستفيدين من الصناديق العالمية المستحدثة في إطار التمويل‬
‫الموجه للمناخ‪ ،‬خاصة المشاريع المنجزة في إطار مخطط الطاقة الشمسية للمغرب‪ ،‬الذي‬
‫تشرف عليه الوكالة المغربية للطاقة الشمسية والطاقة الريحية بإشراف المكتب الوطني‬
‫للماء والكهرباء واستراتيجية المجموعة العالمية للفوسفاط‪.‬‬

‫ويرجع الفضل في هذه المنجزات إلى الجودة العالية للهندسة المالية المناخية التي‬
‫طورتها المؤسسات الوطنية‪ ،‬والى التوقيت المناسب الذي اختاره المغرب للمبادرة مبك ار إلى‬
‫إنتاج الطاقات المتجددة وجودة ملفات المشاريع المقدمة إلى الجهات الممولة الدولية‬
‫(مؤسسة القروض إلعادة البناء‪ ،‬البنك اإلفريقي للتنمية‪ ،‬البنك األوروبي إلعادة البناء‬
‫والتنمية‪ ،‬الوكالة الفرنسية للتنمية والبنك العالمي)‪.‬‬

‫من الناحية المالية والتقنية وهذه المزايا مكنت المؤسسات المذكورة أعاله من التحكم‬
‫أكثر في سير أعمال المشاريع والرفع من درجة االندماج الصناعي والمساهمة بذلك في‬
‫انطالق مسالك صناعية خضراء‪ ،‬وأخي ار انتاج كهرباء من مصدر متجدد ذو سعر‬
‫تنافسي‪ ،‬وفي سنة ‪ 2010‬أنشأ المغرب شركة االستثمار الطاقوي التي تساهم في تمويل‬
‫مشاريع التخفيف من التغيرات المناخية من خالل عدة إجراءات وهي‪:‬‬

‫‪136‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ -‬الدعم المالي للبرامج الوطنية الكبرى‪ :‬البرنامج المغربي للطاقة الشمسية‪ ،‬البرنامج‬
‫الوطني للطاقة الريحية المندمجة وبرامج الطاقة الريحية للقطاع الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬تمويل مباشر أو غير مباشر للمشاريع المربحة في مجال الطاقة الشمسية ذات‬
‫الجهد المتوسط والضعيف وفي قطاع التثمين الطاقي للنفايات‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع االستثمار في النجاعة الطاقوية( المباني العمومية واالنارة العمومية ومناطق‬
‫األنشطة االقتصادية )‬
‫فضال عن ذلك فإن الوضعية المتقدمة التي يحظى بها المغرب لدى االتحاد‬
‫األوروبي والتوجيهات األوروبية حول الطاقة والمناخ ( ‪ ،)CE/2009/2‬تعبدان أمامه‬
‫الطريق من أجل إدماج السوق المغربية للطاقة في السوق األوروبية للكهرباء الخضراء في‬
‫افق خلق سوق إقليمية أورو‪-‬متوسطية‪.‬‬
‫إضافة الى الجهود التي يبذلها المغرب للتخفيف من آثار التغيرات المناخية‪ ،‬فانه‬
‫معني أكثر باعتباره ال يساهم سوى بحصة ضعيفة من انبعاثات الغازات الدفيئة على‬
‫المستوى العالمي (‪ ،)% 0.2‬بأعمال مستعجلة في مجال التكيف نظ ار كونه معرضا‬
‫بدرجة كبيرة للهشاشة المناخية‪ ،‬خاصة في قطاعات الماء والفالحة والمجاالت الحساسة‬
‫(الساحل‪ ،‬الواحات والجبال)‪.‬‬
‫ومن أجل احترام المساهمات المحددة على المستوى الوطني التي التزم بها المغرب‬
‫من انبعاثات الغازات الدفيئة‪ ،‬بكلفة تبلغ ‪ 35‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫وتحديدا خفض نسبة ‪%19‬‬
‫واتخاذ إجراءات للتخفيف من التغيرات المناخية تقدر كلفتها بما يناهز ‪ 2.5‬مليار دوالر‬
‫بحلول سنة‪ ،2030‬فان عليه أن يستغل كل رافعات التمويل المتوفرة‪ ،‬كالصندوق األخضر‬
‫للمناخ‪ ،‬والجهات الممولة متعددة األطراف‪ ،‬والشراكة بين القطاعين العام والخاص‪،‬‬
‫ومبادرات القطاع الخاص الوطني والدولي‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫عالوة على ذلك يتعين على الدول المتقدمة أن تحدد مقدار الدعم المالي التي‬
‫وجهته لفائدة الصندوق األخضر للمناخ‪ ،‬وذلك الذي تعتزم تقديمه في السنوات القادمة‪،‬‬
‫من اجل تحقيق هدف رصد ‪ 100‬مليار دوالر سنويا ابتداءا من سنة ‪ ،2020‬من مصادر‬
‫عمومية وخاصة لصالح المبادرات الهادفة إلى محاربة التغيرات المناخية في البلدان‬
‫النامية‪ ،‬وخاصة البلدان االفريقية‪.1‬‬

‫رابعا‪ :‬تجربة مصر‬

‫يشير التقرير الوطني األولي‪ ،‬المقدم إلى لجنة اتفاقية األمم المتحدة اإلطار بشأن‬
‫تغير المناخ إلى أن أكثر القطاعات المصرية عرضة لتغير المناخ هي‪ :‬الساحل‪ ،‬موارد‬
‫المياه والزراعة وسيتسبب تغير المناخ في حدوث أضرار بالغة الخطورة للتغيرات البشرية‬
‫والمناطق الزراعية والصناعية خاصة في الساحل الشمالي‪ ،‬حيث أظهرت التقديرات أن‬
‫ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر سوف يؤدي إلى غرق مساحة ‪1.800‬‬
‫كم‪ 2‬من األراضي المنتجة للمحاصيل الزراعية مما يؤدي إلى زيادة سرعة التصحر‪،‬‬
‫وارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد سيؤدي إلى تشريد ‪ 6‬مليون نسمة وغرق‬
‫‪ 4500‬كم‪ 2‬من األراضي الزراعية مما يسبب تهديدا خطي ار لسالمة المعيشة وتدهور‬
‫التنمية البشرية‪ ،‬وقد يسبب تغير المناخ أيضا اختالفا شديدا في معدل الفيضان السنوي‬
‫للنيل‪ ،‬الذي يمد مصر بأكثر من ‪ % 97‬من الموارد المائية‪.2‬‬

‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬ادماج مقتضيات التغيرات المناخية في السياسات العمومية‪ ،‬المغرب‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2015‬ص‪.68-67.‬‬

‫‪2‬ماجدة شلبي‪ ،‬مقال بعنوان‪ :‬تغير المناخ ومشكلة ندرة ومحدودية المياه‪ ،‬مؤتمر تغير المناخ وآثاره في مصر‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص‪.12.‬‬

‫‪138‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-1‬مالمح التغيرات المناخية في مصر‬

‫تتميز مصر بمناخ شبه صحراوي‪ ،‬كما تتميز بموقعها على البحر المتوسط شماال‬
‫والبحر األحمر شرقا وتمتد الشواطئ المصرية نحو ‪ 3500‬كلم‪ ،‬وتشمل مالمح التغيرات‬
‫المناخية في مصر‪ ،‬التغير في معدالت كل من درجة الح اررة والتهاطل‪.‬‬

‫فبالنسبة لمعدل التغير في درجات الح اررة‪ ،‬فقد اشارت بعض الدراسات إلى أن معدل‬
‫التغير في درجات الح اررة في مصر سنويا بلغ ‪ 0.11‬درجة مئوية حيث تتناقص الح اررة‬
‫بمعدل ‪ 0.1‬درجة مئوية لكل عقد على منطقة الدلتا والقاهرة‪ .‬وتتناقص ما بين ‪0.05‬‬
‫و‪ 0.07‬درجة مئوية لكل عقد على شواطئ البحر المتوسط والبحر األحمر وعلى مصر‬
‫الوسطى‪ ،‬أما مصر العليا والصحراء الغربية فيتراوح معدل ارتفاع درجات الح اررة ما بين‬
‫‪ 0.22‬إلى ‪ 0.32‬درجة مئوية لكل عقد‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمعدل التغير السنوي للتهاطل فيبلغ معدل التغير السنوي لألمطار على‬
‫مصر نحو ‪ % 11.4‬لكل عقد‪ ،‬ويتراوح هذا المعدل ما بين ‪ %49 ،%0.86‬لكل عقد‬
‫للمناطق المختلفة‪ ،‬وبالنسبة لفصلي الشتاء والربيع فإن معدل هطول األمطار يتزايد لكل‬
‫المناطق ماعدا منطقة مصر العليا في الشتاء‪ ،‬وشواطئ البحر المتوسط واألحمر في‬
‫الربيع‪ ،‬وبالنسبة لفصل الخريف فإن معدل هطول األمطار يتناقص في كل المناطق عدا‬
‫مصر الوسطى والعليا حيث يتزايد معدل الهطول‪ ،‬في حين ينعدم المطر تقريبا في فصل‬
‫الصيف‪.1‬‬

‫ندى عشور عبد الظاهر‪ ،‬التغيرات المناخية وآثارها على مصر‪ ،‬مجلة أسيوط للدراسات البيئية‪ ،‬عدد ‪ ،41‬مصر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2015‬ص‪07.‬‬

‫‪139‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-2‬أثر التغيرات المناخية على مصر‬


‫سيؤدي استمرار التغيرات المناخية إلى مجموعة من المخاطر في شتى بلدان العالم‪،‬‬
‫حيث أشار تقرير سري لو ازرة الدفاع األمريكية يقول مضمونه بأن ظاهرة تغير المناخ‬
‫واف ارزاتها الجانبية سوف تفرض أوضاعا خطيرة على االستقرار السياسي واالقتصادي‬
‫واالجتماعي بعد وقوع أكثر من ‪ 400‬مليون نسمة تحت ظروف معيشة متدهورة بسبب‬
‫الجفاف‪ ،‬ارتفاع درجات الح اررة‪ ،‬زيادة عدد السكان وتردي النشاط االقتصادي‪ ،‬ويؤكد‬
‫التقرير ذاته أن ذلك سيؤدي الى تحويل ‪ 56‬مليون شخص على األقل في ‪ 84‬دولة نامية‬
‫من البنية الساحلية في إفريقيا‪ ،‬وهو ما سيؤثر‬ ‫إلى الجئين‪ ،‬بجانب تضرر نحو ‪%30‬‬
‫مباشرة على صناعة السياحة‪ ،‬باإلضافة إلى تأثر الناتج المحلي اإلجمالي للقارة االفريقية‬
‫بنسبة ‪ ، % 2.38‬وسيرتفع عدد األشخاص الذين يعانون من نقص مياه الشرب من‬
‫خمسة مليارات نسمة إلى ثمان مليارات شخص‪.‬‬
‫أ) ارتفاع مستوى سطح البحر‬
‫تؤكد الدراسات أن ارتفاع مستوى سطح البحر من ‪ 18‬إلى ‪ 59‬سم سوف يؤدي إلى‬
‫غرق المناطق الساحلية المنخفضة ودلتا نهر النيل‪ ،‬وتأثر مخزون المياه الجوفية القريبة‬
‫من السواحل‪ ،‬وتأثر جودة األراضي الزراعية والمستصلحة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تأثر‬
‫السياحة والتجارة والموانئ بالمناطق الساحلية‪ ،‬كما سيؤدي الى انخفاض في إنتاجية بعض‬
‫المحاصيل الغذائية كاألرز والقمح وصعوبة زراعة بعضها والى خسائر في األراضي‬
‫وتغيير في التركيب المحصولي السائد في مصر‪.‬‬
‫ب) ارتفاع درجات الحرارة‬
‫من المنتظر أن تؤدي زيادة المعدالت وشدة الموجات شديدة الوطأة كالح اررة والبرودة‬
‫إلى تذبذب معدل سقوط األمطار كميا ومكانيا وزيادة معدالت التصحر والجفاف‪ ،‬مما‬
‫سيؤدي إلى انخفاض إنتاجية بعض المحاصيل الغذائية كاالرز والقمح وصعوبة زراعة‬

‫‪140‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫بعضها‪ ،‬وزيادة االحتياج إلى الماء نتيجة ارتفاع درجات الح اررة واختفاء بعض األنواع من‬
‫الكائنات الحية‪ ،‬وانتشار سوء التغذية وبعض األمراض كالمالريا‪.‬‬
‫وسيؤثر ارتفاع درجات الح اررة أيضا على منسوب مياه نهر النيل حيث من المتوقع‬
‫أن يشهد تراجعا في تدفقات المياه حتى عام ‪ ،2040‬مما يجعل من الضروري تطوير‬
‫وتطبيق أساليب فعالة للتعامل مع هذا الوضع سواء في الزراعة أو في الطاقة ذلك ألن‬
‫مصر تعتمد بنسبة ‪ %12‬على الطاقة الكهرومائية‪.‬‬

‫ج) التأثير على الموارد المائية والري‬

‫الماء هو أساس الحياة وهو المورد الذي يجب أن تعمل البشرية من أجل الحفاظ‬
‫عليه وتنميته‪ ،‬وقد أثبت ت الدراسات أن الزيادة السكانية وزيادة معدالت االستهالك خاصة‬
‫في قطاعي الزراعة والصناعة تتسبب في زيادة الضغط على مصادر المياه كما تشير‬
‫بعض الدراسات إلى حدوث تباعد في فترات سقوط األمطار مع زيادة معدل الهطول مما‬
‫يؤدي إلى زيادة احتماالت حدوث الفيضانات أو فترات أطول من الجفاف‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تملح الخزانات الجوفية الساحلية نتيجة لزيادة تداخل مياه البحر‪.‬‬
‫د) التأثير على الزراعة والثروة الحيوانية ومصادر الغذاء‬
‫تلعب الزراعة دو ار هاما في االقتصاد القومي المصري وتساهم بحوالي ‪ %20‬من‬
‫اجمالي الناتج المحلي كما أن أكثر من ‪ %70‬من األراضي الزراعية تعتمد على نظم ري‬
‫متدنية الكفاءة والتي تسببت في فقد كبير لكميات المياه وتدهور إنتاجية األراضي‪،‬‬
‫ومشاكل التملح‪ ،‬وتتلخص التأثيرات المتوقعة على هذا القطاع في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬نقص في إنتاجية المحاصيل الزراعية‪ ،‬وتأثيرات سلبية على الزراعة نتيجة تغير‬
‫معدالت وأوقات موجات الح اررة‪.‬‬
‫‪ -‬تأثيرات اجتماعية واقتصادية مصاحبة‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ -‬زيادة االحتياج إلى الماء وتزايد معدالت تآكل التربة نتيجة ارتفاع درجات الح اررة‬
‫وارتفاع معدالت التبخر‪ ،‬حيث تستهلك الزراعة حوالي ‪ %85‬من اجمالي الموارد‬
‫السنوية للمياه‪ ،‬عالوة على ذلك فان ممارسة سبل الزراعة غير المستدامة وادارة الري‬
‫غير المالئمة سوف تؤثر على مصادر المياه في مصر‪ ،‬هذا باإلضافة الى تغير‬
‫خريطة التوزيع الجغرافي للمحاصيل الزراعية‪ ،‬وتأثر الزراعات الهامشية وزيادة‬
‫معدالت التصحر‪.1‬‬
‫‪-3‬الجهود لمواجهة تحديات التغيرات المناخية في مصر‬
‫لقد كانت مصر من أوائل الدول العربية التي وقعت على اتفاقية األمم المتحدة‬
‫اإلطار للتغيرات المناخية سنة ‪ ،1992‬والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ مارس‪ ،‬من هنا‬
‫بدأت مصر في تحمل مسؤولياتها العالمية نحو الحد من ظاهرة التغيرات المناخية‪ ،‬من‬
‫خالل المشاركة في اجتماعات أطراف االتفاقية وحلقات العمل الخاصة بموضوعات‬
‫التغيرات المناخية‪ ،‬مما أتاح لمصر فرصة كبيرة لالستفادة من تمويل عدد كبير من‬
‫المشاريع‪ ،‬كما تم اعداد تقرير عن انبعاثات غازات االحتباس الحراري الناتجة عن مختلف‬
‫القطاعات في مصر‪ ،‬والتي تم حسابها طبقا للمنهجية الخاصة بالهيئة الحكومية الدولية‬
‫المعنية بالتغيرات المناخية‪ ،‬وقد كان ذلك مصحوبا بوضع سياسات واجراءات الحد من‬
‫انبعاثات غازات االحتباس الحراري كجزء من البرنامج القومي للحد من تلك االنبعاثات‪.‬‬

‫لقد قامت مصر بإعداد الخطة الوطنية للتغيرات المناخية‪ ،‬والتي اشتملت على‬
‫حصر غازات االحتباس الحراري في مصر‪ ،‬والسياسات واإلجراءات المقترحة للحد من‬
‫االنبعاثات والتكيف مع اآلثار السلبية للظاهرة‪ ،‬وتقييم اآلثار االقتصادية والبيئية‪ ،‬كما‬
‫اشتملت تلك الخطة على استراتيجية التنفيذ بالتنسيق مع مخطط الدولة للتنمية‪.‬‬

‫‪1‬مقال بعنوان‪ :‬التغيرات المناخية‪ ،‬وسبل مواجهة آثارها‪ ،‬على الموقع‪.www.eeaa.gov :‬‬

‫‪142‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وفي عام ‪ 1996‬تم التعاقد مع مرفق البيئة العالمي لتنفيذ مشروع تأهيل القدرات‬
‫الوطنية في مجال التغيرات المناخية‪ ،‬بهدف دعم القدرات لتصبح قادرة على الوفاء‬
‫بااللتزامات الناشئة عن توقيع مصر على االتفاقية‪ ،‬واصدار تقرير اإلبالغ الوطني‪ ،‬وفي‬
‫إطار هذا المشروع تم انجاز ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬عقد مجموعة من حلقات العمل للتعريف بقضية التغيرات المناخية لمختلف‬


‫القطاعات‪.‬‬
‫‪ -‬تدريب المتخصصين في قطاعات الدولة مثل قطاعات الصحة‪ ،‬الزراعة‪ ،‬توليد‬
‫الطاقة‪ ،‬الصناعة ومعالجة المخلفات مع التركيز على ما يخص كل قطاع وعالقته‬
‫بتغير المناخ‪.‬‬
‫‪ -‬رفع الوعي بين أطفال من خالل تنظيم مسابقات للرسم في مجال التغيرات البيئية‪.‬‬
‫‪ -‬اصدار نشرة التغيرات المناخية‪ ،‬وهي نشرة دورية ربع سنوية تغطي األحداث العالمية‬
‫والمحلية المتعلقة بقضية التغيرات المناخية‪ ،‬ويتم توزيعها على المتخصصين‬
‫والمهتمين‪.1‬‬

‫خامسا‪ :‬تجربة ألمانيا‬

‫تقع ألمانيا في وسط أوروبا‪ ،‬وتعتبر من الدول الصناعية العامة في العالم‪ ،‬مما أدى‬
‫إلى نشأة وتعقد المشكالت البيئية والمناخية بها‪ .‬وأخذت تجربة ألمانيا كنموذج للعالم‬
‫المتقدم الذي عليه تحمل مسؤولياته اتجاه مخاطر هذه الظاهرة الذي يعتبر المتسبب‬
‫الرئيسي فيها‪ ،‬باعتبارها تجربة رائدة في مجال مواجهة التغيرات المناخية بالمقارنة مع‬
‫الدول األوروبية‪.‬‬

‫‪1‬سمير حامد جمال‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،2008 ،‬ص‪.95-92.‬‬

‫‪143‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-1‬االقتصاد األخضر في ألمانيا‬

‫تلقى التقارير التي تتحدث عن تغيرات المناخ في ألمانيا آذانا صاغية منذ زمن‬
‫طويل‪ ،‬ومن هنا تنشأ فرصة حقيقية لالقتصاد وليس من المصادفة أن تولي ألمانيا اهتماما‬
‫خاصا للعلوم الهندسية كما أنها تولي اهتماما خاصا بالطبيعة والبيئة‪ ،‬مع كونها في ذات‬
‫الوقت المتفوقة في تسجيل براءات االختراع واألكثر تقدما في مجال إعادة االستخدام‬
‫وفصل األنواع المختلفة من القمامة والنفايات‪ ،‬ويتطور قطاع البيئة كقطاع كبير في‬
‫االقتصاد األلماني‪ ،‬هو اليوم المحرك األساسي في سوق العمل‪.‬‬

‫يعيش االقتصاد األلماني "معجزته الخضراء" من خالل االتجار بأشعة الشمس و‬


‫الرياح و الماء الذي يذر أرباح خيالية و يحقق أرقام صادرات قياسية‪ ،‬لذلك تحتل ألمانيا‬
‫مركز الريادة في العالم في هذا المجال‪ ،‬ويتوقع ان يصل حجم مبيعات القطاع األخضر‬
‫إلى بليون يورو في عام ‪ ،2003‬و تتعدد المجاالت التي تعتبر فيها الشركات األلمانية‬
‫هي الرائدة على المستوى العالمي‪ ،‬من خالل توفرها على أكبر طاقة إنتاجية في العالم‬
‫لتجمعات تعمل بطاقة الرياح‪ ،‬أحدث تقنيات محطات توليد الطاقة‪ ،‬كما أن القيام‬
‫باستطالع يشمل ما يقرب ‪ 1500‬شركة تعمل جميعها في مجال تقنيات البيئة‪ ،‬وقامت‬
‫بتحليل الدراسات المختلفة‪ ،‬قد بين أن الجهود التقنية الخضراء المصنعة بألمانيا تسهم في‬
‫خلق فرص عمل جديدة‪ ،‬وفي العام ‪ 2020‬سيكون عدد العاملين في هذا القطاع أكبر من‬
‫العاملين في قطاع بناء اآلالت أو صناعة السيارات‪.‬‬
‫‪-2‬سياسة ألمانيا في مواجهة التغيرات المناخية‬
‫وضعت المانيا استراتيجيات هامة خاصة في القطاع الطاقوي‪ ،‬لتخفيض انبعاثات‬
‫الغازات الدفيئة‪ ،‬أين تسعى إلى خفض مستوى انبعاثاتها إلى نسبة أقل بـ ‪ %80‬إلى‬

‫‪144‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ %95‬من مستواها في ‪ 1990‬بحلول سنة ‪ ،2050‬ما يتطلب وضع استثمارات هامة‬


‫وتوفير التمويل الالزم‪.‬‬
‫لقد قامت ألمانيا حاليا برصد استثمارات ضخمة من أجل التوجه إلى اقتصاد أقل‬
‫كربونيا‪ ،‬حيث تم تخصيص ‪ 37‬بليون دوالر أي حوالي ‪ % 1.5‬من الناتج المحلي‬
‫اإلجمالي‪ ،‬وفي سنة ‪ 2012‬تم رصد ما قيمته ‪ 359‬بليون دوالر لسياسات التخفيف‬
‫الرامية إلى تحسين كثافة استعمال الطاقة‪ ،‬وتطوير التكنولوجيا المساعدة على استخدام‬
‫الطاقة النظيفة أين وجهت قيمة ‪ 135‬بليون دوالر لقطاع الطاقة الشمسية و‪ 85‬بليون‬
‫دوالر لقطاع الرياح‪ ،‬أما الباقي أي ما قيمته ‪ 22‬بليون دوالر فهي موجهة لسياسة التكيف‬
‫مع آثار تغير المناخ‪ ،‬ويمثل القطاع الخاص الشريك األكبر في تدعيم هذه السياسات‬
‫حيث ساهم بـ ‪ 224‬بليون دوالر من حجم االستثمارات لسنة ‪.2012‬‬

‫وقد تمكنت ألمانيا من تحقيق هذا الحجم من التمويل الضخم لدعم سياسات مواجهة‬
‫التغيرات المناخية ‪ ،‬من خالل االطار القانوني الصارم الموضوع مثل قانون مصادر‬
‫الطاقة المتجددة الصادر سنة ‪ 2000‬الذي يهدف الى التصدي للتغيرات المناخية والحد‬
‫من االعتماد على الوقود االحفوري ‪ ،‬ورفع نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة حتى‬
‫عام ‪ 2010‬الى ‪ %12.5‬إلى حد أدنى والى ‪ %20‬في عام ‪ ،2020‬ولكن التوسع في‬
‫استخدام مصادر الطاقة المتجددة في ألمانيا يحقق نموا أكبر من المتوقع‪ ،‬كما عملت‬
‫ألمانيا على تشجيع مراكز البحث العلمي المتخصصة في المجال‪ ،‬حيث تحتوي مؤسسات‬
‫التعليم العالي األلمانية حاليا ‪ 144‬تخصصا حول طاقة الرياح وتقنيات الطاقة الشمسية‬
‫والطاقة الجوفية‪.1‬‬

‫‪1‬بوسبعين تسعديت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪130.‬‬

‫‪145‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهمية الطاقة في مجال تغير المناخ‬


‫سيتم من خالل هذا الفرع تحديد عالقة قطاع الطاقة بمسألة تغير المناخ (أوال)‬
‫باعتبار المحروقات من أهم مصادر وأسباب ظاهرة االحتباس الحراري بما يقودنا إلى‬
‫التفكير بأن التكنولوجيا النظيفة هي الحل األمثل‪ ،‬أما (ثانيا) فسيتم تحديد اعتماد االقتصاد‬
‫الجزائري على موارد الطاقة من خالل عدة مشاريع‪ :‬مشروع غاز عين صالح‪ ،‬مشروع‬
‫الغاز الشمسي تيلقمت حاسي الرمل‪ ،‬مشروع توليد غاز الميتان وغيرها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬عالقة قطاع الطاقة بمسالة تغير المناخ‬
‫يعتبر انتاج واستهالك الطاقة جزء ال يتج أز عن مسالة تغير المناخ‪.‬‬
‫‪-1‬المحروقات واالحتباس الحراري‬
‫يستدعي استخدام المحروقات اهتماما خاصا ألنه مثال واضح على التلويث الشديد‬
‫للعمليات الصناعية‪ ،‬فالمحروقات يجري استخراجها واحراقها وطرح نفاياتها داخل البيئة‬
‫وتصبح بسبب ذلك مصد ار رئيسيا لتلوث الهواء في المناطق العمرانية ولألمطار الحمضية‬
‫التي تصيب مناطق كبيرة‪ ،‬واالحتباس الحراري الذي يسبب تغير المناخ‪.‬‬
‫لقد أصبحت المستويات الحالية النبعاث الغازات الح اررية من أنشطة البشر تتجاوز‬
‫قدرة األرض على امتصاصها‪ ،‬و قد اتفق معظم العلماء على أن مثل هذه االنبعاثات ال‬
‫يمكن لها أن تستمر إلى ما ال نهاية سواءا بالمستويات الحالية أو بمستويات متزايدة‪ ،‬دون‬
‫أن تتسبب في احترار عالمي للمناخ‪ ،‬وسيكون للتغيرات التي تترتب عن ذلك في درجات‬
‫الح اررة وأنماط سقوط األمطار ومستويات سطح األرض فيما بعد –السيما اذا جرت‬
‫التغيرات سريعا‪ -‬آثار مدمرة على النظم االيكولوجية وعلى رفاه الناس ومعاشهم‪ ،‬السيما‬
‫بالنسبة لمن يعتمدون اعتمادا مباش ار على النظم الطبيعية‪.1‬‬

‫عامر طراف‪ ،‬حياة حسنين‪ ،‬المسؤولية الدولية والمدنية في قضايا البيئة والتنمية المستديمة‪،‬مجد المؤسسة الجامعية‬ ‫‪1‬‬

‫للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،2012 ،‬ص‪.112.‬‬

‫‪146‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وللتوسع أكثر حول الثلوث الناتج عن تكرير النفط‪،‬فانه تتحول بعض المكونات‬
‫أثناء عملية تكرير النفط الخام الى منتجات لتصبح ملوثات تأتي أغلبها من النفط الخام‬
‫وهي ناتجة عن مركباته‪،‬إلى جانب أن مرافق التكرير تستهلك كميات كبيرة من الطاقة‬
‫وتستخدم ما يساوي ‪%11‬من الطاقة في النفط الخام لتحويله إلى مختلف المنتجات‪.‬‬

‫وينتج تلوث المياه عن مرافق التكرير عندما تالمس النفط الخام ومنتجاته‪ ،‬وتستخدم‬
‫المياه لتبريد المنتجات السائلة الساخنة‪،‬حيث يعتبر تغير درجة ح اررة المياه الى السخونة‬
‫ثم رميها في البحار والمحيطات نوعا من أنواع التلوث‪.‬‬

‫كما ينشأ تلوث الهواء وارتفاع درجات الح اررة عن حرق الوقود لتوفير الطاقة لمرفق‬
‫التكرير‪ ،‬ومن تسرب الغازات من صهاريج التخزين أثناء عمليات المعالجة‪.1‬‬

‫نستنتج مما سبق ذكره أن مادة النفط هي ملوثة لجميع عناصر البيئة بما فيها الهواء‬
‫سواء في عملية استخراجه أو استهالكه وهي المادة التي تسببت في ارتفاع درجة ح اررة‬
‫األرض ‪ ،‬رغم أنه مادة حيوية تشكل عماد الصناعة الحديثة‪ ،‬لذلك توصل العالم الى نتيجة‬
‫مفادها أنه البد من إيجاد بديل لهذه المادة ال تكون له نفس آثارها السلبية‪.‬‬

‫‪-2‬التكنولوجيا النظيفة هي الحل األمثل‬

‫قال االمين العام لألمم المتحدة السيد بان كيمون " أنه يمكن توجيه النمو‬
‫االقتصادي المطلوب في اتجاه يتسم بانخفاض استهالك الكربون‪ ،‬وأشار الى الزيادة‬
‫الكبيرة في االستثمارات في ميدان الطاقة المتجددة وتكنولوجيات كفاءة الوقود‪.2‬‬

‫‪1‬تراقس واجنار‪ ،‬ترجمة محمد صابر‪ ،‬البيئة من حولنا دليل لفهم التلوث وآثاره‪ ،‬الجمعية المصرية للنشر المعرفة و‬
‫الثقافة العالمية‪ ،‬مصر‪ ،1997 ،‬ص‪.257 -256.‬‬

‫‪2‬من منشورات ادارة شؤون االعالم باألمم المتحدة‪ ،‬على الموقع االلكتروني‪.WWW.UN.org :‬‬

‫‪147‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وهو بذلك قد أعطى الحل أوليا بخفض استهالك الوقود لكن ال يمكن تجنب‬
‫عملية التحول الطاقوي‪ ،‬باعتباره مسألة وقت فقط ألنه إذا لم يحدث بسبب تغير المناخ‬
‫فهو سيكون بسبب آخر‪ ،‬وهو نفاذ هذه المادة لكن في الحالة الثانية ستتخذ عملية‬
‫التحول وقتا أطول وسيتأثر المناخ سلبا بها‪.‬‬
‫ونجد التوجه نحو الطاقة النظيفة بار از في المؤتمر السنوي لقادة مجموعة الدول‬
‫الثمانية‪ ،‬الذي استمر لمدة ثالثة أيام في مدينة ‪ Evion‬بفرنسا‪ ،‬والذي نادت فيه‬
‫مجموعة الدول الثمانية بأهمية عودة أبحاث التنمية والترويج للتكنولوجيا النظيفة‬
‫والطاقة المتجددة ‪ .‬وقد ناقش المؤتمر كل ما يخص بعض التكنولوجيات الجديدة مثل‬
‫استخدام طاقة الرياح في عملية توليد الكهرباء‪ ،‬في المقابل االستغناء عن الطرق‬
‫التقليدية الحالية الملوثة باستخدام الوقود التقليدي والتي يتولد عنها غاز ثاني أكسيد‬
‫الكربون الملوث الرئيسي والمسبب لظاهرة ارتفاع درجة ح اررة األرض من خالل‬
‫االحتباس الحراري‪ .‬كذلك تمت مناقشة تكنولوجيات إعادة التدوير وتوليد الطاقة من‬
‫المصادر الطبيعية‪ ،‬وقد كان قادة مجموعة الدول الثمانية وهم‪ :‬بريطانيا‪ ،‬كندا‪ ،‬فرنسا‪،‬‬
‫ألمانيا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬اليابان والواليات المتحدة األمريكية وروسيا‪ ،‬قد اتفقوا على أن‬
‫التكنولوجيا النظيفة وخاصة في انتاج الطاقة‪ ،‬أساس مهم من أسس تحقيق كل من‬
‫النمو االقتصادي والوقاية والحفاظ على البيئة‪ ،‬حيث أن مستقبل األرض واألجيال‬
‫القادمة مطلب من المطالب الهامة‪ ،‬وقد وعد القادة بنقل التكنولوجيا النظيفة للدول‬
‫التي ال تمتلكها‪.1‬‬
‫غير أن التحول الطاقوي يواجه عقبات‪ ،‬أضخم العقبات التي تواجه التحول‬
‫الطاقوي هي السياسة والمؤسسات حيث يقول كارل فاينبرغ (مدير البحوث والتطوير‬

‫نادية رفعت عبد الرحمن‪ ،‬سالم حسن الديب‪ ،‬البيئة‪ ،‬دار النشر غير موجودة‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص‪.100 .‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪148‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫في شركة باسيفيك جاس ‪ Pacific Gaz‬وهي أضخم شركات التوليد الكهربائي في‬
‫الواليات المتحدة األمريكية) " ان القواعد التي تحكم االقتصاديات الحالية للطاقة قد‬
‫وضعت لتتماشى مع األنظمة السارية‪ ،‬غير أن هذه القواعد تتصف بالتحيز ضد‬
‫الطاقة الشمسية" فمثل هذا التغير قد تجده الصناعات والمؤسسات خط ار يهددها ويهدد‬
‫مصالحها‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬اعتماد االقتصاد الجزائري على موارد الطاقة‬

‫يتمحور االقتصاد الجزائري أساسا حول استغالل المحروقات حيث يشكل مردوده‬
‫‪ 98‬في المائة من العملة الصعبة‪ ،‬لذلك يعتبر اعتماد سياسات متطرفة إلنقاص‬
‫انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ذو تأثير سلبي على عائدات الجزائر‪.‬‬

‫ورغم أن مصادفة الجزائر على االتفاقية لم يلق عليها أي التزام في الفترة من‬
‫‪ 2008‬الى ‪ ،2012‬باستثناء إعداد البالغ الوطني حول التغيرات المناخية‪ ،‬والقيام‬
‫بجرد انبعاثات غازات الدفيئة‪ ،‬اال أن هناك التزام آخر ألقي على عاتق الدول النامية‬
‫وهو ما جعل انبعاثات غازات الدفيئة مستقرة‪.2‬‬

‫غير أن نتائج ترشيد استهالك الطاقة في الجزائر ال تكاد تذكر بسبب نقص‬
‫المعلومات وعمليات التحسيس في هذا المجال‪ ،‬اضافة الى غياب إطار مؤسساتي‬

‫كريستوفر فالفين‪،‬نيكوالس لينسن‪ ،‬ترجمة محمد الحديدي‪ ،‬ما بعد عصر النفط تصميم اقتصاد قائم على الطاقة‬ ‫‪1‬‬

‫الشمسية‪ ،‬الدار الدولية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،1992 ،‬ص‪.39.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Seconde communication national de L’ALGERIE, ministère de l’aménagement du‬‬
‫‪territoire l’environnement et du tourisme, rapport d’étude sur les changements‬‬
‫‪climatiques et l’énergie en Algérie, juillet 2009,p. 07.‬‬

‫‪149‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وتنظيمي يعمل على نشر طرق ووسائل ترشيد استهالك الطاقة‪ ،‬كما أن انخفاض‬
‫األسعار بسبب الدعم والنظام الجبائي ال يشجع على ترشيد استهالك الطاقة‪.1‬‬

‫رغم ذلك قامت الجزائر باعتماد عدة مشاريع هادفة الى تطوير الطاقات‬
‫المتجددة‪ ،‬حيث أكد السيد أحمد جغالف (رئيس مجموعة العمل الدولية المكلفة‬
‫بتحضير المشروع التمهيدي التفاق باريس) على طموح الجزائر في تطوير الطاقات‬
‫المتجددة‪ ،‬مذك ار بقدراتها الكبيرة ومواردها الطبيعية إلنتاج هذه الطاقة النظيفة‪.2‬‬

‫وتتمثل أهم المشاريع في‪:‬‬

‫‪ )1‬مشروع تخزين ثاني أكسيد الكربون ‪( CO2‬مشروع غاز عين صالح)‪ :‬الهدف‬
‫منه تطوير استغالل ثمانية حقول بترول في حوض ‪ ،Ahnet-timimoun‬يمنح‬
‫المشروع فرصة استعمال التخزين الجيولوجي لغاز ثاني أكسيد الكربون‪،‬إلنقاص‬
‫اآلثار السلبية الناتجة عن انبعاثه في الهواء بما يشكل ‪ 60‬بالمائة من‬
‫االنبعاثات دون هذه التقنية‪ .‬غير أن هذه التقنية تنتظر اختبار مدى فعالياتها‪.‬‬
‫‪ )2‬مشروع الغاز الشمسي تيلقمت حاسي الرمل ‪ :tilghmet‬منشأة ذات طاقة‬
‫كبيرة بقدرة كبيرة على انتاج ‪ 180‬ميغا وات من الطاقة الكهربائية‪ ،‬انطلق‬
‫المشروع بحاسي الرمل في نوفمبر‪ 2007‬والية األغواط‪ ،‬هو المشروع األول من‬
‫نوعه على المستوى العالمي يقوم على مزج الغاز بالطاقة الشمسية للحصول‬
‫على انتاج الكهرباء حتى في أوقات الليل والجو المغيم‪ ،‬يمتد المشروع على‬
‫مساحة ‪ 152‬هكتار كما يسمح بدراسة الطرق المحتملة إلنقاص تكلفة انتاج‬
‫الطاقة الشمسية‪.‬‬

‫‪ 1‬تكواشت عماد‪ ،‬واقع وآفاق الطاقة المتجددة ودورها في التنمية المستدامة في الجزائر‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،2012 /2011 ،‬ص‪.116-115 .‬‬

‫مقال بجريدة الشعب‪ ،‬بتاريخ ‪ 07‬ديسمبر‪.2015‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪150‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫يتم انجاز المشروع من طرف الشركة االسبانية ‪A bengeo business‬‬


‫‪ group‬المتخصصة في مجال الطاقات المتجددة‪ ،‬كما من شأن المشروع إنقاص‬
‫انبعاثات غازات الدفيئة ويحضر الجزائر لمرحلة التحول الطاقوي‪.‬‬
‫‪ )3‬مشروع جزائري اوروبي ‪ :Aachen-adrar‬يتمحور مفهومه حول ‪clean‬‬
‫‪ power desrts‬أي الطاقة النظيفة من الصحراء‪.‬‬
‫يهدف المشروع الى اعطاء أجوبة لمشاكل تغير المناخ والتنمية المستدامة‬
‫وربط البلدان االورو متوسطية‪ ،‬ورسم طريق مواصالت كهربائية من الجزائر الى‬
‫ألمانيا (ثالث آالف كيلومتر من الكابالت) مع العلم أن ألمانيا عرضت قدراتها‬
‫التكنولوجية والمالية لدعم المشروع كما أن شركة ‪ Neal‬هي العضو الفاعل في‬
‫هذا المشروع‪.1‬‬
‫‪ )4‬مشروع توليد غاز الميثان انطالقا من النفايات الصلبة بمفرغة واد السمار‬
‫النتاج الماء الساخن والكهرباء‪ :‬يتطلب المشروع ما يقدر بـ ‪ 20‬ميغاواط النتاج‬
‫الماء الساخن و‪ 6‬ميغاواط لتوليد الكهرباء‪ ،‬يتوقع أن يقلل هذا المشروع من‬
‫انبعاثات غازات الدفيئة ب ‪ 15‬مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون‪.‬‬
‫‪ )5‬مزرعة لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح‪ :‬قدرتها تعادل ‪ 2.25‬ميغاواط للساعة‬
‫بأدرار‪ .‬ان تحقق هذا المشروع من شأنه أن يسمح بإنتاج ‪ 8‬ميغاواط في الساعة‬
‫والتخلص من انبعاث‪ 6.6‬ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في السنة‪.‬‬
‫‪ )6‬استعمال الطاقة الشمسية والرياح لضخ المياه في المناطق الريفية‪ :‬يتطلب‬
‫انجاز هذا المشروع ‪ 700‬مضخة تعمل بطاقة الرياح‪ ،‬و‪ 500‬مضخة تعمل‬

‫‪Seconde communication national de L’ALGERIE, ministère de l’aménagement du‬‬


‫‪1‬‬

‫‪territoire l’environnement et du tourisme, rapport d’étude sur les changements‬‬


‫‪climatiques et l’énergie,op.cit, p. 12, 22, 23.‬‬

‫‪151‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫بالطاقة الشمسية‪ ،‬كما يسمح بالتخلص من ‪ 204‬ألف طن من غاز ثاني أكسيد‬


‫الكربون خالل فترة حياة المشروع‪.1‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مدى حسن اختيار الجزائر للطاقة المستقبلية غاز الشيست بدال من‬
‫الطاقة الشمسية‬

‫ان واقع الجزائر بأنها بلد منتج ومصدر للنفط جعلها تعرف وضعية متناقضة من‬
‫حيث أنها من ناحية بلد نفطي‪ ،‬ومن ناحية أخرى تحارب انبعاثات غازات الدفيئة وفقا‬
‫التفاقية تغير المناخ‪ .‬ورغم أنها تحقق تقدما في مجال معالجة الغاز الطبيعي بإزالة غاز‬
‫ثاني أكسيد الكربون من سلسلة االنتاج والمعالجة‪ ،‬اال أنها تعرف تأخي ار على مستوى‬
‫االستهالك الطاقوي المبذر‪ ،‬خاصة بالنسبة لألسعار غير المتالئمة مع كلفة االنتاج‪،‬‬
‫اضافة الى االعتقاد السائد بان المخزون من الطاقة لن ينتهي‪.‬‬
‫سيتم الحديث في هذا الفرع عن فشل مشروع ‪ Desertec‬وتأخر الطاقات المتجددة‬
‫في الجزائر (أوال) باعتباره يقوم على استغالل الطاقة الشمسية في منطقة الصحراء‬
‫الجزائرية ومن شأنه تأمين الكهرباء النظيفة ألوروبا ولدول منطقة شمال افريقيا‪ .‬أما‬
‫بالنسبة لتقييم خيارات توجهات الجزائر في مجال الطاقة (ثانيا) فإن السلطات الجزائرية‬
‫تسعى إلى استغالل الغاز الصخري بدال من تشجيع الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬فشل مشروع ‪ Desertec‬وتأخر الطاقات المتجددة في الجزائر‬
‫لقد عرفت الجزائر تأخ ار في عملية االعتماد على الطاقات المتجددة تجسد من خالل‬
‫مشروع ‪.Desertec‬‬
‫‪ )1‬تقديم مشروع ‪ Desertec‬تكنولوجيا الصحراء‬
‫تعود فكرة مشروع ‪ Desertec‬الى مبادرة من نادي روما أطلقها علماء وسياسيون‬
‫سنة ‪ 2003‬بمشاركة المركز الجوي الفضائي في ألمانيا‪.‬‬

‫‪1‬تكواشت عماد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.141 .‬‬

‫‪152‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫تتضمن المبادرة عدة أهداف أهمها تأمين الكهرباء النظيفة ألوروبا ولدول منطقة‬
‫شمال افريقيا‪ ،‬وكذا توفير ما يكفي من الطاقة لتشغيل مصانع تحلية مياه البحر في تلك‬
‫البلدان التي تسعى الى تجاوز أزمة مياه الشرب التي يتوقع أن تواجهها في المستقبل‪ ،‬مع‬
‫ازدياد شح مصادر المياه العذبة فيها‪.1‬‬

‫ان هذا المشروع من شأنه اعطاء قوة دفع لالقتصاد الوطني‪ ،‬لو أن السلطات‬
‫الوطنية الجزائرية أعطت أهمية للموضوع‪ ،‬حيث سيوفر البنى التحتية الالزمة والتكنولوجية‬
‫اضافة الى تحقيق التوازن بين العرض و الطلب على الطاقة‪ ،‬باختصار من شأن هذا‬
‫المشروع أن يدخل الجزائر في مجال الطاقة المتجددة من الباب الواسع‪ ،‬وهو أمر يتوافق‬
‫مع ما صرح به الوزير األول عبد المالك سالل خالل افتتاح الندوة ‪ 21‬ألطراف االتفاقية‬
‫اإلطار حول المناخ المنعقدة بباريس " تعزم السلطات العليا لبالدي في الشروع دون آجال‬
‫في انتقال طاقوي يقوم على الطاقات النظيفة السيما الطاقات المتجددة‪.2‬‬

‫‪ )2‬تمويل المشروع‬
‫ترعى مشروع تكنولوجيا الصحراءالخارجية االلمانية‪ ،‬وتشارك في التخطيط له‬
‫عشرون شركة مختصة في توليد الطاقة و عدد من البنوك ‪ ،‬حيث يضم المشروع عشرون‬
‫مساهما من بينهم البنك االلماني‪،‬حيث وقعت في جويلية ‪ 2009‬حوالي ‪ 12‬مؤسسة‬
‫واغلبيتها المانية على بروتوكول اتفاق إلنجاز مشروع دزرتاك المكون من شبكة محطات‬
‫شمسية بقيمة ‪ 400‬مليار اورو‪ ،‬وتتمثل الشركات الموقعة في كل من العمالق االلماني‬

‫العربي العربي‪ ،‬الطاقات المتجددة و موقعها في العالقات الجزائرية األوروبية‪ ،‬مشروع تكنولوجيا الصحراء نموذجا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المجلة االفريقية للعلوم‪ 30 ،‬أكتوبر ‪ ،2015‬الموقع اإللكتروني‪WWW .maspolitiques .com :‬‬

‫‪2‬براهمية أميرة‪ ،‬الجزائر تراهن على االنتقال الطاقوي لمكافحة التغيرات المناخية‪ ،‬جريدة األحرار‪2 ،‬ديسمبر‪ ،2015‬ص‪.‬‬
‫‪.04‬‬

‫‪153‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫للطاقة ايون واروي ‪،‬معيد التامين ميونخ ريدويتش بنك والمجمع الجزائري سيفيتال اضافة‬
‫الى منتجين اسبانيين للطاقة الشمسية‪،‬غير أنه اصطدم بالتشريع ساري المفعول الذي‬
‫يفرض أن يمتلك الشريك الجزائري أكثر من ‪ 50‬بالمائة من رأس مال المشروع‪.1‬‬

‫‪ )3‬موقف السلطات الج ازئرية من المشروع والعراقيل‬


‫بعد االعالن عن المشروع تحفظت الجزائر على لسان وزير الطاقة السابق السيد‬
‫شكيب خليل قائال " ان البلد تفضل اكتساب التكنولوجيا بدل تحويل صحرائها الى ساحة‬
‫لالستغالل الطاقوي" حيث قابلت السلطات الجزائرية المشروع ببرودة‪ ،‬وضيعت أموال‬
‫المساهمين بحجة أن استخدام تقنية مختلفة لم تجربها الجزائر من قبل تخلق تبعية‬
‫تكنولوجية واحتكار فني من الشركات األوروبية للمشروع‪ ،‬كما أنه هناك العديد من‬
‫العراقيل التي تصعب تجسيد هذا المشروع‪ ،‬كبعد الصحراء عن المناطق الحضرية وشدة‬
‫الزوابع الرملية وتأثيراتها على األجهزة المخصصة لتوليد الطاقة‪ ،‬غالء سعر المعدات‬
‫حيث يفوق سعرها تلك المستخدمة لتوليد الطاقة من المياه أو الطاقة النووية‪.2‬‬
‫غير أن األمر يبدو مجرد أعذار حيث يعتبر المشروع فرصة االكتساب التكنولوجيا‬
‫المتطورة والنظيفة وهو أمر لطالما أكدت عليه اتفاقية تغير المناخ‪ ،‬كما أن االمكانات قد‬
‫توفرت بفضل المساهمين‪.‬‬
‫حيث يعود األمر إلى أسباب سياسية بحتة‪ ،‬وهي التأثير السلبي لفرنسا التي ليس‬
‫لها أي نفوذ على المشروع بعكس ألمانيا‪ ،‬لكن بدون وجود أدلة على ذلك‪.3‬‬
‫غير أن المهم في األمر هو أن الجزائر أضاعت فرصة ثمينة‪ ،‬ورغم أنها راهنت على‬

‫‪Nordin grim, pourquoi n’a-t- on pas voulu du projet desertec, journal ELWATAN, 14‬‬
‫‪1‬‬

‫‪décembre 2015,p15.‬‬
‫العربي العربي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Nordin grim , op cit, p.15.‬‬


‫‪3‬‬

‫‪154‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أموال عائدات البترول لتمويل الطاقة المتجددة اال أنها تتأثر سلبا بانخفاض اسعار‬
‫البترول على غرار األزمة البترولية وانخفاض أسعار البترول‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقييم خيارات توجهات الجزائر في مجال الطاقة‬

‫تعتبر الجزائر بلدا يزخر بمختلف انواع الطاقة اهمها الوقود والطاقة الشمسية‪.‬‬
‫‪ )1‬تجربة بريطانيا في تشجيع الطاقة المتجددة كتجربة رائدة‬
‫لقد جرت زيادة كلفة الطاقة في بريطانيا‪ ،‬على المستعملين وذلك من أجل الحد‬
‫وترشيد استعمالها‪ ،‬وكذلك لغايات األمن الوطني للطاقة‪ ،‬وقد فرضت الحكومة ضريبة‬
‫خاصة على القطاع العام والشركات كثيفة االستعمال للطاقة وأعفي منها قطاع الطاقة‬
‫المتجددة‪ ،‬وسميت هذه الضريبة بضريبة التغير المناخي ‪.climate change levy‬‬
‫وقد أعلن رسميا عن هذه الخطة في أفريل ‪ ،2002‬إال أن الترتيبات األولية لتطبيقها‬
‫بدأت من سبتمبر ‪ 2001‬بأسعار متاجرة تقدر بين ‪ 4‬الى ‪ 6‬دوالر للطن الواحد من غاز‬
‫ثاني أكسيد الكربون‪.‬‬
‫وفي الوثيقة البريطانية البيضاء للطاقة ‪ White energypaper‬التزمت الحكومة‬
‫البريطانية بتخفيض غازات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة منها في عام ‪ 2050‬بحوالي ‪60‬‬
‫‪%‬من مستواها في عام ‪ 1990،‬و محاولة تخفيض ‪ % 20‬من هذه االنبعاثات في عام‬
‫‪EU renvewles‬‬ ‫‪ ،2020‬وبحسب توجيهات االتحاد األوروبي للطاقة المتجددة‬
‫‪ ، direction‬فانه تلتزم الحكومة البريطانية بإتباع أساليب تؤدي إلى أن تساهم الطاقة‬
‫المتجددة بما ال يقل عن ‪ %10‬من انتاج الكهرباء في عام ‪ 2010‬و بـ ‪ % 20‬عام‬
‫‪ ،2020‬هذا الى جانب ضريبة التغير المناخي التي بلغت ‪4.30‬جنيه إسترليني عام‬
‫‪.12003‬‬

‫‪1‬تكواشت عماد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.143-142.‬‬

‫‪155‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ )2‬اختيار غاز الشيست بدال من الطاقة الشمسية‬


‫القت الجزائر رفضا شعبيا حول استغالل غاز الشيست فما كان موقف السلطات من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫أ) مفهوم الغاز الصخري‬

‫حسب وكالة إدارة معلومات الطاقة األمريكية‪ ،‬الغاز الصخري هو عبارة عن غاز‬
‫طبيعي‪ ،‬يتم إنتاجه من تشكيالت الصخور العضوية‪ ،‬إن استغالله يتطلب تقنيات‬
‫استخراج أكثر تطو ار مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية‪ ،‬إضافة إلى أنه يحتاج إلى ظروف‬
‫اقتصادية مالئمة نظ ار الرتفاع تكلفة استخراجه مقارنة بالغاز التقليدي‪.‬‬
‫ب) الغاز الصخري في الجزائر‬
‫تمتلك الجزائر عاشر أكبر احتياطي عالمي من الغاز الطبيعي التقليدي‪ ،‬في حين‬
‫أن االحتياطي من الغاز الصخري يجعل من الجزائر ثالث أكبر احتياطي من الغاز‬
‫الطبيعي‪ ،‬وهذا المتالكها سبعة أحواض ضخمة‪ ،‬والتي من المتوقع أن تحتوي على‬
‫احتياطي يقدر بـ ‪ 707‬ترليون قدم مكعب‪.‬‬
‫تكمن المشكلة في أنه بعدما أصبحت الطاقة النووية تمثل خطر حقيقي على صحة‬
‫السكان والبيئة‪ ،‬خاصة بعد حادثة المفاعل النووي فوكوشيما في اليابان‪ ،‬مما جعل العديد‬
‫من األصوات باألخص في الدول األوروبية تنادي بوقف استخدام المفاعالت النووية‬
‫إلنتاج الطاقة الكهربائية كما أن مصادر الطاقة األخرى كالطاقة شمسية‪ ،‬الح اررية والرياح‬
‫تبقى مرتفعة التكلفة مقارنة بالغاز الطبيعي لهذا تم اللجوء الى خيار غاز الشيست‪.1‬‬

‫‪1‬معيزة مسعود أمير‪ ،‬هباش فارس‪ ،‬مداخلة بعنوان‪ :‬واقع وآفاق استغالل الغاز الصخري في الجزائر وبعض دول العالم‬
‫بين الرهان الطاقوي والهاجس البيئي‪ ،‬مؤتمر بعنوان السياسات االستخدامية للموارد الطاقوية بين متطلبات التنمية‬
‫القطرية وتأمين االحتياجات الدولية‪ ،‬جامعة سطيف‪.‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،2015 ،‬ص‪.‬‬
‫‪ .17-16-12‬على الموقع االلكتروني‪.ecouniv-setif.dz :‬‬

‫‪156‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وبالرغم من توافر الجزائر على احتياطات جد معتبرة من الغاز الصخري إال أن فكرة‬
‫التنقيب واستغالل الغاز الصخري في الجزائر وجدت لغطا وجدال واسعا وسط الخبراء‬
‫االقتصاديين وحتى السياسيين‪.‬‬

‫وبهذا الصدد نجد رأيين‪:‬‬


‫الرأي األول‪ :‬يرى أن العملية غير مجدية اآلن لنقص التكنولوجيا المتطورة في هذا‬
‫المجال والتي ستؤثر بدورها على البيئة بشكل كارثي‪.‬‬
‫أما الرأي الثاني‪ :‬فيدعو إلى الشروع في استغالله باعتبار أن عائداته ستشكل‬
‫إمكانات ضخمة على االقتصاد الوطني بعيدا عن الغاز التقليدي‪.1‬‬

‫ج) اختالف تجربة استغالل غاز الشيست حسب البلدان‬


‫لقد اختلفت تجربة استغالل غاز الشيست حسب البلدان‪ ،‬ففي الواليات المتحدة‬
‫األمريكية نجحت التجربة المتالكها المقومات من تكنولوجيا متقدمة والبنى التحتية‪ ،‬إضافة‬
‫الى وجود شركات ذات خبرة وتجربة عالمية مكنتها من استغالل الغاز الصخري بفعالية‪،‬‬
‫على عكس أوروبا التي ال تملك بنى تحتية متطورة الستغالل الغاز الطبيعي‪ ،‬وكذا وجود‬
‫أغلبية األحواض التي تحتوي على الغاز الصخري في مناطق سكنية األمر الذي يزيد من‬
‫المخاطر على البيئة وصحة االنسان بسبب استخدام آلية التكسير المائي‪.‬‬
‫أما بالنسبة لحالة الجزائر يتمثل اإلشكال في مدى جدوى استغالل الغاز الصخري‬
‫في الجزائر والذي يتعلق بالعوامل التالية‪:‬‬

‫‪ ‬التقدير الدقيق للحجم الفعلي لالحتياطي والقدرة اإلنتاجية من الغاز الطبيعي غير‬
‫التقليدي لألحواض التي تمتلكها الجزائر‪ ،‬وفي هذا الصدد تشير دراسات شركة‬

‫‪1‬معيزة مسعود امير‪ ،‬هباش فارس‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪.02.‬‬

‫‪157‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫سونطراك الى نتائج جد إيجابية بالنسبة لحوض آهانت حيث أشارت االحصائيات‬
‫األولية على أن قدراته اإلنتاجية جيدة وواعدة‪.‬‬
‫‪ ‬االمتالك والتحكم في التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في استغالل الغاز الصخري‬
‫المتمثلة في آلية الحفر األفقي والتكسير المائي‪ ،‬وبحكم حداثة التجربة بالنسبة‬
‫لشركة سونطراك فمن المتوقع على أن تعمل على اللجوء الى الخبرات األجنبية‪.‬‬
‫‪ ‬مدى قدرة شركة سونطراك على الوصول الى مصادر الغاز الصخري مع ضمان‬
‫المحافظة على سالمة صحة السكان والبيئة‪.‬‬
‫‪ ‬مدى توفير اإلطار القانوني لشركة سونطراك وشركائها من الشركات الغازية‬
‫األجنبية الستغالل االحتياطي من الغاز الصخري‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان امكانات تسويق الغاز الطبيعي غير التقليدي بالحجم والسعر المالئمين في‬
‫األسواق العالمية وباألخص في السوق األوروبية التي تعتبر الشريك االقتصادي‬
‫األول للجزائر واألكثر استيرادا للنفط الجزائري‪.1‬‬
‫نالحظ انه تم التوصل الى نتيجة أن استغالل الغاز الصخري في الجزائر غير‬
‫مجدي على األقل على المدى القصير‪.‬‬

‫د) االحتجاجات التي عرفتها الجزائر حول مخاطر استغالل غاز الشيست‬

‫لقد تم عقد ندوة بفرنسا حول مخاطر استغالل احتياطات الغاز الصخري في‬
‫الصحراء الجزائرية في ‪ 04‬مارس ‪ 2016‬من تنظيم المدرسة العليا لألساتذة بمدينة ليون‬
‫الفرنسية‪ ،‬مختصر المداخلة أنه ال يمكن وصفه اال بالمشروع القاتل المفروض فرضا من‬
‫طرف الشركات متعددة الجنسيات وكبريات الشركات الفرنسية واألمريكية‪ ،‬وقد ساهمت‬

‫‪1‬معيزة مسعود‪ ،‬أمير وهباش فارس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17.‬‬

‫‪158‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المقاومة الواعية للجماهير من جعل الحكومة تتراجع عن المشروع‪ ،‬الذي تحالفت من أجله‬
‫مصالح دول كبرى مع مصالح فئة النظام الجزائري‪ .‬وما يثير القلق أن الحكومة الجزائرية‬
‫لم تتراجع عن المشروع اال بسبب انهيار أسعار البترول‪ ،‬الذي جعله غير مجد من الناحية‬
‫االقتصادية‪ ،‬وأن من األسباب المباشرة أيضا للتنازل عن المشروع تخلي الشركات المعنية‬
‫بالمشروع لدواع مالية والتي عولت عليهم الحكومة إلنجاح مسعاها‪ ،‬باعتبار أن تكلفة‬
‫استخراج واستغالل الغاز الصخري أكبر بكثير مما يرتجى منه كعائد بعد تسويقه حسبما‬
‫صرح به حسين مالطي نائب الرئيس السابق لشركة سونطراك‪.1‬‬
‫وما يالحظ أنه رغم عدم جدوى مشروع استغالل غاز الشيست اال أن الحكومة‬
‫متمسكة به‪ ،‬حيث تنوي المؤسسة الوطنية لسونطراك استثمار ‪70‬مليون دوالر على مدار‬
‫‪20‬سنة النتاج ‪ 20‬مليار متر مكعب من غاز الشيست في السنة ‪-‬حسب سعيد سحنون‪-‬‬
‫المدير العام لشركة سونطراك‪ ،‬برر هذه الطريقة أنه سوف يتم إدارة المياه المستعملة‬
‫بط ريقة سليمة إضافة المواد المستعملة في العملية هي مواد تستخدم في الفالحة بالتالي‬
‫ليست خطيرة‪.2‬‬
‫وقد أفادت مؤسسة سفير االليزيه حول المناخ نيكوال هيلو بان االتفاق العالمي‬
‫باريس لن يمنع الجزائر بأي شكل من األشكال من استغالل طاقاتها التقليدية السيما‬
‫مشروعها المعلق والمتعلق باستكشاف الغاز الصخري‪.3‬‬

‫ان ماسبق شرحه حول ملف الطاقة في الجزائر وعالقته بتغير المناخ يقودنا الى‬
‫التساؤل حول المعايير التي تعتمدها الحكومة في اختيار التوجهات الطاقوية‪ ،‬ألنه من‬
‫غير المنطقي أن يتم تضييع مشروع بضخامة ‪ Desertec‬حتى يتم التمسك بتكنولوجية‬
‫غاز الشيست التي منع استعمالها في أوروبا ألسباب وجيهة‪.‬‬

‫‪1‬جالل بوعاتي‪ ،‬طيف احتجاجات عين صالح في سماء باريس‪ ،‬جريدة الخبر‪04 ،‬مارس ‪ ،2016‬ص‪.03.‬‬
‫‪ALI Boukhlef,sonatrach maintien ses options,journal el watan, 21 janvier 2015.‬‬
‫‪2‬‬

‫نوال ثابت‪ ،‬قمة المناخ باريس هل يلتزم الكبار بوعد حماية الصغار‪ ،‬جريدة الخبر ‪01‬دديسمبر ‪.2015‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪159‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التنفيذ وعالقته بالشراكة مع المجتمع الدولي‬


‫يعتبر التنفيذ حسب المبادئ التوجيهية التي وضعها برنامج األمم المتحدة للبيئة بأنه‬
‫كل القوانين واألنظمة والسياسات والتدابير والمبادرات ذات الصلة التي تعتمدها أو تتخذها‬
‫األطراف المتعاقدة للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق بيئي متعدد األطراف‪.‬‬
‫تنطلق عملية التنفيذ من خالل اإلدماج الداخلي لالتفاقيات الدولية في القانون‬
‫الوضعي الجزائري (المطلب األول)‪.‬‬
‫وال يتعلق التنفيذ فقط باتخاذ إجراءات على المستوى الوطني‪ ،‬بل يتعلق كذلك‬
‫بالشراكة مع المجتمع الدولي لذلك يتم تنفيذ اتفاقية تغير المناخ في إطار المنظمات‬
‫الدولية (المطلب الثاني)‪ ،‬كما أن الجزائر تقوم بتنفيذ االتفاقيات باعتبارها جزء من‬
‫التكتالت الدولية (المطلب الثالث)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التنفيذ من خالل اإلدماج الداخلي لالتفاقيات الدولية في القانون‬
‫الوضعي الجزائري‬

‫لقد عرفت مسألة العالقة بين االتفاقيات والقوانين الداخلية عدة نظريات وتوجهات‪،‬‬
‫والحقيقة أن هذه المسألة تعرف طرحا على مستوى القانون الدولي وآخر على مستوى‬
‫القانون الدستوري‪.‬‬
‫سيتم التطرق في هذا المطلب إلى العالقة بين االتفاقية والقانون الوطني وفقا للقانون‬
‫الدولي (الفرع األول)‪ ،‬إضافة إلى قواعد اإلدماج الداخلي لالتفاقيات الدولية في القانون‬
‫الوضعي الجزائري (الفرع الثاني)‬
‫الفرع األول‪ :‬العالقة بين االتفاقية والقانون الوطني وفقا للقانون الدولي‬
‫لقد تبنى الفقهاء في تحديد العالقة بين االتفاقية كأحد مصادر القانون الدولي‬
‫والقانون الوطني‪ ،‬نظريتين‪ :‬نظرية تقول بوحدة القانونين ونظرية أخرى تنادي بازدواجهما‬
‫وانفصالهما وتعرف بنظرية ثنائية القانونين‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أوال‪ :‬نظريات وحدة القانون‪:‬يجتمع أصحاب هذا االتجاه حول أن القانون واحد وله‬
‫فروع حسب المجاالت التي ينظمها (مدني‪ ،‬جنائي‪ ،‬دولي‪ ،‬دستوري) تخضع هذه الفروع‬
‫لنفس المبادئ العامة في القانون ولكن سرعان ما يختلف هؤالء عند تطبيق نظرياتهم على‬
‫الواقع‪ ،‬حيث يأتون بأجوبة مختلفة على السؤال التالي‪ :‬في حالة التعارض بين القانون‬
‫الوطني والقانون الدولي أيهما أسمي في الترتيب الهرمي؟‬

‫ولإلجابة عن هذا التساؤل ظهرت ثالثة اتجاهات وهي‪ :‬اما وحدة القانون مع‬
‫األولوية للقانون الوطني حيث يرون ان القانون الوطني اسبق في الظهور تاريخيا وعليه‬
‫ال يمكن اال ان يكون األسمى وله االولوية في إطار التسلسل الهرمي‪ ،‬أو وحدة القانون‬
‫مع األولوية للقانون الدولي حيث هناك عالقة خضوع بين القانون الدولي والقانون الوطني‬
‫ويقع القانون الدولي في اعلى مرتبة على اساس ان كل نظام يسمو على االنظمة المكونة‬
‫‪1‬‬
‫له اما االتجاه الثالث فيرى بوحدة القانون دون تحديد األولويات‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية الثنائية القانونية‪ :‬ظهرت النظرية الثنائية أو نظرية االزدواج في كل‬
‫من المانيا وايطاليا وكان األلماني تريبل‪ Tripel‬وااليطالي أنزيليوتي‪ Anzilotti‬من أبرز‬
‫دعاتها‪ ،‬وهذا يعني أن أي نظام قانوني ال يتمتع بأي تفوق على اآلخر فهما متوازيان ال‬
‫يتداخالن ولعل االختالفات الملحوظة بينهما تعود الى تنوع مصادرهما فالقانون الوطني‬
‫تضعه سلطة واحدة وهو يسري على المواطنين‪.‬‬

‫ان موضوع القوانين الداخلية يتعلق بتحديد الروابط القانونية بين المواطنين والدولة‪،‬‬
‫في حين أن القانون الدولي يتعلق أساسا بتنظيم العالقات بين الدول‪.‬‬

‫تؤدي الثنائية الى استخالص األفكار اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد بوسلطان ‪ ،‬مبادئ القانون الدولي العام ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر‪ ، 2008،‬ص ‪. 37-36‬‬

‫‪161‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫عندما تصدر الدولة قانونا داخليا فإنها تقوم بذلك بوصفها السلطة التي تختص‬
‫بممارسة السيادة‪ ،‬والدولة في كل ما يتعلق باألعمال المادية والقانونية التي تجريها‬
‫التوازيها سلطة أخرى‪ ،‬ان ارادة الدولة تكون مطلقة في هذا المجال ولكن عندما تضع‬
‫قوانينها عليها ان توفق بينها وبين التزامات الدولية التي تبرمها‪.‬‬

‫عندما تقر الثنائية بوجود نظامين قانونيين‪ ،‬فإنها تحاول أن يعمال بانسجام دون أن‬
‫يكون هناك تعارض بينهما‪ ،‬فالدولة تتحمل المسؤولية الناشئة عن التعارض الواقع بين‬
‫التشريعات الداخلية وااللتزامات الدولية‪.‬‬

‫حيث ال يعترف مذهب الثنائية بالتداخل بين النظامين فالنزاع ال ينشأ بسبب‬
‫انفصالهما‪ .‬ان طبيعة كل منهما مختلفة عن األخرى من حيث النشأة والموضوعات‬
‫واألشخاص وانفصال القانونين يشمل النظام القضائي‪ ،‬فالمحاكم الوطنية تطبق القوانين‬
‫الداخلية‪،‬والمحاكم الدولية تنظرفي االتفاقات التي يعقدها أشخاص القانون الدولي‪.‬‬

‫لقد تعرض مذهب الثنائية القانونية الى مالحظات جمة‪ ،‬فاالختالف ال يبرر وجود‬
‫نظامين مستقلين للقانون‪ ،‬القانون هو نتيجة للحياة االجتماعية والتعبير عنها في النظام‬
‫الداخلي يتمثل في التشريعات الوضعية واألعراف‪ ،‬وفي النظام الدولي يكون من خالل‬
‫‪1‬‬
‫المعاهدات واألعراف ايضا فاختالف المصدر يكون بالنسبة الى كل نظام قانوني‪.‬‬

‫‪ -1‬وليد بيطار‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،2008 ،‬ص ‪.103،104‬‬

‫‪162‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفرع الثاني‪ :‬قواعد االدماج الداخلي لالتفاقيات الدولية في القانون الوضعي‬


‫الجزائري‬

‫تطرح عملية المصادقة على االتفاقيات الدولية عدة مسائل قانونية متعلقة باألساليب‬
‫المعتمدة لدمج القواعد الدولية داخل النظم القانونية الداخلية‪ ،‬ومستلزمات المالئمة مع‬
‫مقتضيات دستور كل دولة‪.‬‬
‫ستتم خالل هذا الفرع معالجة‪ :‬أساليب تطبيق قواعد القانون الدولي داخل النظم القانونية‬
‫الداخلية (أوال)‪ ،‬إضافة إلى العالقة بين االتفاقية والقانون في القانون الجزائري (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أساليب تطبيق قواعد القانون الدولي داخل النظم الداخلية‬
‫كقاعدة عامة ال تبين قواعد القانون الدولي الوسائل أو الطرق أو األساليب التي يتم‬
‫بها دمج قواعده داخل النظم القانونية الداخلية للدول‪ ،‬ومن هنا تركت تحديد هذه الطرق‬
‫واألساليب الشكلية إلرادة وحرية كل دولة‪ ،‬بحيث تختار األسلوب المناسب لها إلدخال‬
‫قواعد القانون الدولي في بنائها القانوني الداخلي وحسب أحكام الدستور الخاص بها‪.‬‬
‫وبما أن القانون الدولي قد نفض يده من هذه المشكلة وترك أمر عالجها للقوانين‬
‫الوطنية فال توجد قاعدة دولية موحدة تقضي بكيفية ادماج الدول لقواعد القانون الدولي في‬
‫نظامها الوطني‪.‬‬
‫فكل دولة وكل مشرع داخلي له نظرة خاصة وطريقة خاصة في التقاط قواعد‬
‫القانون الدولي وادخالها في قانونه‪.‬‬
‫ومن هنا فان الدول تختلف اختالفا كبي ار فيما بينها من حيث التصريح للمحاكم أو‬
‫القاضي الوطني بتطبيق أحكام القانون الدولي على القضايا المعروضة عليه‪.‬‬

‫انها مسألة داخلية يتركها القانون الدولي لظروف كل دولة وتراثها القانوني‪ ،‬وعليه‬
‫فكل دولة لها نظام خاص في كيفية ادماج قواعد المعاهدات الدولية والعرف الدولي داخل‬

‫‪163‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫نظامها الداخلي‪ ،‬وال يمكن صياغة قاعدة عامة وموحدة في هذا الشأن وانما علينا الرجوع‬
‫الى دستور كل دولة على حدى لمعرفة ما هي الشروط التي وضعها الدستور لكي تطلق‬
‫المعاهدة على المستوى الداخلي‪.‬‬

‫والوضع التقليدي الذي كان سائدا منذ ظهور القانون الدولي في ترك الحرية للدول‪،‬‬
‫أخدت به اتفاقيتا فيينا لقانون المعاهدات لعام ‪ 1969‬وعام ‪ 1986‬فالمادة ‪ 26‬من كل‬
‫منهما وضعت مبدأ احترام المعاهدات الدولية وبشكل اجباري عندما أشارت الى مبدأ العقد‬
‫شريعة المتعاقدين والمادة ‪ 27‬وضعت مبدأ سمو المعاهدات الدولية على القوانين الوطنية‪،‬‬
‫وفي غير ذلك ال يوجد أي أثر أو اشارة في أي نص آخر لتوضيح طرق وأساليب تطبيق‬
‫المعاهدات الدولية في النظم الداخلية‪.‬‬

‫والعقاب المتوقع عند خرق مبدأ السمو أو عدم تطبيق المعاهدة في الداخل‪ ،‬هو‬
‫المسؤولية الدولية التي تقع في هذه الحالة على عاتق الدول األطراف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العالقة بين االتفاقية والقانون في القانون الجزائري‬

‫من خالل الدساتير المتعاقبة التي تلت استقالل الجزائر‪ ،‬نجد أن موقف المشرع‬
‫الدستوري الجزائري يختلف من فترة الى أخرى بالنسبة الى مسألة عالقة االتفاقية بالقانون‬
‫الداخلي‪ ،‬ففي دستور ‪ 1963‬نجده قد أغفل تماما التعرض الى مشكلة العالقة بين القانون‬
‫الجزائري والقانون الدولي ما عدا من خالل المادة ‪ 42‬منه‪ ،‬والخاصة بإدماج المعاهدات‬
‫الدولية في النظام القانوني الداخلي عن طريق مصادقة رئيس الدولة عليها‪.‬‬
‫وكنتيجة حتمية لذلك لم يكن بإمكان القاضي الجزائري تطبيق القواعد الدولية‬
‫االتفاقية ما لم يتبناها النظام الداخلي‪.‬‬

‫أما في دستور ‪ ،1976‬فان موقف المشرع الجزائري قد تغير اذ أنه منح كال من‬
‫المعاهدة والقانون نفس المرتبة‪ ،‬حيث نجد مادته ‪ 159‬التي تنص على أن‪ ":‬المعاهدات‬

‫‪164‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الدولية التي صادق عليها رئيس الجمهورية طبقا لألحكام المنصوص عليها في الدستور‬
‫تكسب قوة القانون "‬

‫وبذلك تكون امكانية الغاء او تعديل معاهدة دولية مصادق عليها‪ ،‬بواسطة قانون‬
‫الحق معترف بها قانونا‪ ،‬لكن العكس ليس صحيح ما لم تكن المعاهدة مدمجة مسبقا في‬
‫النظام القانوني الداخلي‪.‬‬

‫اال أن آثار إلغاء قاعدة قانونية دولية في دولة ما سبق لها تبنيها ال تنحصر في‬
‫نطاق تلك الدولة‪ ،‬بل تتعداه لقيام مسؤولياتها الدولية نتيجة النتهاكها اللتزاماتها الدولية‬
‫المنبثقة عن تلك االتفاقية وبصدور دستور ‪ ،1989‬غير المشرع موقفه اذ أنه تخلى عن‬
‫مبدأ المساواة بين المعاهدات والقانون الداخلي واستبدله بمبدأ سمو القاعدة االتفاقية الدولية‬
‫على القانون الداخلي‪ ،‬حيث نجد المادة ‪ 123‬تنص على‪:‬‬
‫" المعاهدات التي صادق عليها رئيس الدولة حسب الشروط المنصوص عليها في‬
‫الدستور تسمو على القانون "‬
‫وتكون الجزائر بذلك قد تخلت عن اعتقادها السابق بأن قواعد القانون الدولي قواعد‬
‫التتالءم مع مصالح الدول النامية‪ ،‬باعتبارها قواعد تخدم مصالح الدول العظمى والدول‬
‫االستعمارية‪ ،‬اضافة الى ذلك فهي لم تشارك في وضعها‪ ،‬فكيف تكون ملزمة بها؟‬

‫ان الجزائر قبل أن تنتهج هذا النهج الجديد فيها يخص مسألة سمو االتفاقية أو‬
‫القانون‪ ،‬قد انظمت الى اتفاقية فيينا للمعاهدات في ‪ 1987-11-08‬والمكرسة لمبدأ سمو‬
‫القانون الدولي على القانون الداخلي‪.‬‬

‫وتكون الجزائر بذلك قد سارت على درب محكمة العدل الدولية التي أكدت في‬
‫العديد من المناسبات على مبدأ سمو القانون الدولي العام على القانون الداخلي‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وفي دستور ‪ ،1996‬نجد أن الموقف الجزائري من مسالة ادماج القواعد القانونية‬


‫الدولية في القانون الداخلي لم يتغير بالنسبة الى النقطة التي تهمنا‪ :‬ذلك أننا نجد أن‬
‫‪1‬‬
‫مادته ‪ 132‬مطابقة للمادة ‪ 123‬من دستور ‪ 1989‬والمذكورة أعاله‪.‬‬

‫وفي آخر تعديل للدستور الجزائري عام ‪ 1996‬والمؤرخ في ‪ 6‬مارس سنة ‪،2016‬‬
‫بقي المشرع على موقفه األخير حيث تنص المادة ‪:150‬‬
‫" المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها‬
‫في الدستور‪ ،‬تسمو على القانون "‪.‬‬

‫لذلك فان االتفاقيات الدولية بعد المصادقة عليها من رئيس الجمهورية تسمو على‬
‫القانونالداخلي‪ ،‬ووسيلة المصادقة هي المرسوم الرئاسي وعليه عند ترتيب األسانيد القانونية‬
‫فان المرسوم الرئاسي المتضمن المصادقة على االتفاقيات الدولية يرتب قبل القانون‬
‫‪2‬‬
‫الداخلي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تنفيذ اتفاقية تغير المناخ في إطار المنظمات الدولية‬

‫تقوم المنظمات الدولية العالمية بدور هام ال يمكن التغافل عنه في مجال حماية‬
‫البيئة‪ ،‬حيث أن معظم االتفاقيات الدولية أبرمت في مؤتمرات دعت إليها إحدى المنظمات‬
‫الدولية العالمية واإلقليمية ومن هذا المنطلق سيتم التطرق إلى دور المنظمات الدولية في‬
‫حماية البيئة بصفة عامة (الفرع االول) إضافة إلى دور المنظمات الدولية العالمية في‬
‫مكافحة تغير المناخ (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪ -1‬زيتوني زهور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 14،16‬‬

‫‪ -2‬بوحميدة عطاء هللا ‪ ،‬النصوص القانونية من االعداد الى التنفيذ ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر‪، 2008،‬‬
‫ص ‪. 26‬‬

‫‪166‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفرع األول‪ :‬دور المنظمات الدولية في حماية البيئة بصفة عامة‬

‫يتخذ التعاون بين الدول عدة أشكال لتحقيق صالح مشترك‪ ،‬غير أن شكل التعاون‬
‫الذي يهمنا في الدراسة هو المنظمة‪.‬‬

‫يمكن للمنظمات أن تحل المشكالت البيئية على المستوى العالمي‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫وضع مفاهيم و آليات فعالة للسيطرة على هذه المشاكل‪ ،‬األمر الذي يتطلب تعاون واسع‬
‫النطاق بين الدول واتخاذ المنظمات إجراءات كفيلة بتحقيق الصالح العام‪ ،‬هذا ما أكدته‬
‫كل من ديباجة اعالن ستوكهولم للبيئة البشرية عام ‪ ،1972‬كما أكد المبدأ ‪ 11‬لنفس‬
‫اإلعالن على أهمية التعاون بين الدول و المنظمات الدولية لغرض االتفاق بشأن مجابهة‬
‫اآلثار المالية المترتبة على تطبيق التدابير البيئية على الصعيدين الوطني والدولي‪ ،‬كما‬
‫جاء في المادة ‪ 25‬من نفس اإلعالن‪ ":‬على الدول أن تكفل قيام المنظمات الدولية بدور‬
‫منسق وفعال ونشيط من أجل حماية البيئة و تحسينها" وقد فرض المبدأ ‪ 21‬من الميثاق‬
‫العالمي للطبيعة التزامات بيئية على المنظمات الدولية و الدول واالفراد والمؤسسات‬
‫للتعاون من أجل الحفاظ على الطبيعة"‪.‬‬
‫أوال‪ :‬سعي المنظمات الدولية لحماية البيئة‬
‫تعتبر غاية المحافظة على البيئة من بين ما تسعى المنظمات الدولية لتحقيقه‪ ،‬لذا‬
‫البد من إيضاح مفهوم كل من المنظمة الدولية والمنظمة الدولية غير الحكومية‪.‬‬
‫‪ )1‬ضبط مفاهيم المصطلحات‪:‬‬
‫يمكن تعريف المنظمة الدولية بأنها تجمع ارادي لعدد من أشخاص القانون الدولي‬
‫متجسد في شكل هيئة دائمة يتم انشاؤها بموجب اتفاق دولي ويتمتع بإرادة ذاتية ومزود‬
‫بنظام قانوني متميز‪ ،‬وبأجهزة مستقلة تمارس المنظمة نشاطها من خاللها لتحقيق الهدف‬
‫المشترك الذي أنشئت من أجله‪.1‬‬

‫محمد سعيد الدقاق‪ ،‬التنظيم الدولي‪،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪،1982،‬ص‪.35.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪167‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وهي وفقا لالتجاه السائد حاليا فيفقه القانون الدولي كل هيئة دائمة تتمتع باإلرادة‬
‫الذاتية وبالشخصية القانونية الدولية‪ ،‬تتفق مجموعة من الدول على إنشائها‪ ،‬كوسيلة من‬
‫وسائل التعاون االختياري بينها في المجاالت معينة يحددها االتفاق المنشئ للمنظمة‪.1‬‬
‫لذلك يمكن القول أنه في مجال حماية البيئة‪ ،‬تتفق مجموعة دول على انشاء هيئة‬
‫تساعد على التعاون في مجال حماية البيئة ومواجهة التغيرات التي تعرفها خصوصا وأن‬
‫األمر يتجاوز القدرات المالية والتكنولوجية لدولة واحدة‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمنظمات الدولية غير الحكومية‪ ،‬فهناك من يرى أن هذه التسمية ليست‬
‫دقيقة واألجدر أن يطلق عليها تسمية" منظمات عبر دولية ال ربحية" مثل الشركات عبر‬
‫الوطنية‪ ،‬حيث ال يميزها عنها اال طابعها المجاني حيث أنها ال تهدف الى تحقيق الربح‪.2‬‬
‫وعلى أي حال فان فكرة أن الدولة هي الفاعل القانوني الدولي الوحيد بدأت تتالشى‬
‫في القرن العشرين‪ .‬في المقام األول بدأت المنظمات الدولية الحكومية مثل عصبة األمم‪.‬‬
‫وبعدها منظمة األمم المتحدة تتمتع بشخصية قانونية دولية اعتبارية لها حقوق وواجبات‪،‬‬
‫حتى ان لم يكن ذلك على قدم المساواة مع الحقوق والواجبات المتاحة للدول ذات السيادة‪.‬‬
‫وينطبق األمر نفسه على المنظمات الدولية غير الحكومية مثل جماعة السالم‬
‫األخضر أو صندوق انقاذ الطفولة أو منظمة العفو الدولية وغيرها‪ ،‬والتي ازداد عددها‬
‫وتأثيرها على نحو ملموس منذ الستينات لدرجة أن حوالي ‪ 15‬ألف مندوب من المنظمات‬
‫غير الحكومية حضروا قمة األرض في ريو عام ‪ ،1995‬حيث سعت الحكومات الى‬
‫التقليل من أهمية المشاكل المتعلقة بالتحديات البيئية التي تواجهها‪.3‬‬

‫محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬العالقات الدولية‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪،‬ص‪.118.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬شعشوع قويدر‪ ،‬دور المنظمات غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫ابي بكر بلقايد تلمسان‪،2014 ،‬ص‪.22‬‬

‫جيفري ستيرن‪ ،‬تركيبة المجتمع الدولي‪ ،‬مركز الخليج لألبحاث‪،2000 ،‬ص‪.347.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪168‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ )2‬دور الحركات االيكولوجية‪:‬‬

‫شهدت أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي بروز حركات‬


‫ايكولوجية سميت بحركات الخضر أو أنصار البيئة للدفاع عن مجموعة من القيم‬
‫والمبادئ المرتبطة بحماية البيئة ومحاربة التلوث بكافة أشكاله‪ ،‬وناضلت هذه الحركات‬
‫من أجل ترسيخ الوعي البيئي لدى الرأي العام الوطني والدولي والضغط على الحكومات‬
‫والمجتمع الدولي بهدف التأسيس لتشريع بيئي مناسب فاستطاعت هذه الحركات أن تتكتل‬
‫فيما بينها‪ .‬وأن تشكل جماعات ضاغطة من خالل خلق شبكات دولية ومنظمات غير‬
‫حكومية تنتقد السياسات المتبعة‪ ،‬وتطالب باتخاذ اإلجراءات المناسبة للوقاية البيئية‬
‫وحماية بعض المجاالت الطبيعية أو بعض األصناف الحيوانية والنباتية المهددة‬
‫باالنقراض من أشهر هذه التنظيمات منظمة السالم األخضر‪.greenpeace‬‬

‫من أهم المحطات في تاريخ نضال حركات الخضر من أجل التوعية البيئية‪:‬‬
‫الحملة اإلعالمية الواسعة حول الخسائر البيئية الناتجة عن كارثة غرق سفينة توري‬
‫كانيون ‪ torry canyon‬قبالة السواحل الفرنسية المطلة على المحيط األطلسي سنة‪.1967‬‬

‫لقد ساهمت الحركات اإليكولوجية بالفعل في حث المجتمع الدولي على وضع‬


‫مجموعة من االتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية المناسبة في مجال المحافظة على‬
‫البيئة‪ .‬ولعل هذا ما دفع بعض الباحثين الى اإلشارة الى أن قانون البيئة نشأ بفعل‬
‫الضغط المتواصل للحركات االيكولوجية‪ ،‬وأن الكوارث البيئية عجلت بظهور العديد من‬
‫القواعد القانونية في مجال المحافظة على البيئة‪.1‬‬

‫‪1‬الهادي مقداد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55-54.‬‬

‫‪169‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثانيا‪ :‬منظمة األمم المتحدة والمنظمات المتخصصة التابعة لها‬


‫لقد تم التركيز في الدراسة على منظمة األمم المتحدة باعتبارها أهم منظمة دولية من‬
‫حيث اهتمامها بشؤون البيئة‪.‬‬

‫‪ )1‬منظمة األمم المتحدة‪:‬‬


‫تلعب األمم المتحدة منذ نشأتها على حماية البيئة اإلنسانية من كافة اشكال‬
‫االضرار بحقوق االنسان‪ ،‬ويعتبر حق االنسان في بيئة نظيفة خالية من التلوث من أهم‬
‫تلك الحقوق‪ ،‬وقد ساهمت المنظمة في اعداد الكثير من االتفاقيات الدولية الخاصة بحماية‬
‫البيئة من التلوث‪ ،‬ومن أهمها مؤتمر ستوكهولم لسنة ‪ ،1972‬من أهم توصياته حق‬
‫االنسان في بيئة نظيفة وقد أشار الى ضرورة التعاون بين الدول بروح المشاركة في‬
‫عمليات حماية البيئة والمحافظة على سالمة النظام االيكولوجي لألرض‪.‬‬
‫كما أسهمت المنظمة في اصدار الميثاق العالمي للطبيعة‪ ،‬والذي وافقت عليه‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 28‬أكتوبر ‪ 1982‬والذي ينص على ضرورة أن تتعاون‬
‫الدول والمنظمات واألفراد والهيئات غيرالحكومية من أجل المحافظة على الطبيعة من‬
‫خالل أنشطة مشتركة‪ ،‬وحث الدول على عقد معاهدات دولية تستهدف حماية البيئة وقد‬
‫أكدت الجمعية العامة لألمم المتحدة في قرارها رقم ‪ 94/45‬لسنة ‪ 1990‬على أن لكل فرد‬
‫الحق في أن يعيش في بيئة تفي بمتطلبات صحته ورفاهيته‪.‬‬
‫ويعتبر من أهم إنجازات المنظمة انشاء برنامج األمم المتحدة للبيئة‪ 1‬كهيئة دولية‬
‫مختصة بشؤون البيئة‪ ،‬وقد تضمنت مجموعة المبادئ التوجيهية التي أعدها برنامج األمم‬

‫‪1‬يعد برنامج األمم المتحدة الذي تم إنشاؤه في عام ‪ 1972‬بمثابة الصوت المعبر عن حالة البيئة داخل منظومة األمم‬
‫المتحدة ويعمل كبرنامج محفز وداعي وميسر لتشجيع االستخدام الرشيد والتنمية المستدامة للبيئة العالمية‪ ،‬كما يشتمل‬
‫على تقييم الظروف واالتجاهات البيئية والعالمية واإلقليمية الوطنية‪ ،‬إضافة الى تطوير الصكوك البيئية الدولية والوطنية‬
‫‪.www.unep.org‬‬ ‫وتعزيز المؤسسات من أجل إدارة حكيمة للبيئة‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المتحدة للبيئة على ضرورة تبادل المعلومات والدخول في المفاوضات بشأن األنشطة التي‬
‫تتم داخل إقليم الدولة وتؤثر في بيئات أخرى‪.1‬‬
‫‪ )2‬المنظمات المتخصصة التابع لألمم المتحدة‪:‬‬
‫يبلغ عدد المنظمات المتخصصة التابعة لألمم المتحدة أكثر من ‪ 22‬منظمة‪ ،‬اال أنه‬
‫سيتم التركيز على بعض أهم المنظمات التي لها عالقة بالبيئة بصفة عامة‪.‬‬
‫أ) أعمال الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخاصة بالبيئة‬
‫تعتبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية من المنظمات الدولية التي تعنى بالحفاظ على‬
‫البيئة من التلوث الناجم عن استخدام الطاقة الذرية‪ ،‬بالتعاون مع الدول والمنظمات‬
‫المتخصصة للحد من اآلثار الضارة على حياة االنسان‪ .‬تنصب أهداف المنظمة على‬
‫اإلسراع في زيادة مساهمة الطاقة الذرية في السالم والصحة والرفاه عبر العالم برمته‪،‬‬
‫وتعمل أيضا على تقييد الدول بمعايير السالمة وتطبقها على األنشطة التي تطبقها‬
‫بواسطة اتفاقيات ثنائية أو جماعية‪ .‬وبموجب المادة ‪ 03‬من دستور الوكالة يحق لها‬
‫مراقبة ومتابعة مدى تقيد الدول بمعايير السالمة الواجب اتباعها للوقاية من االشعاع عند‬
‫استخدامها لألغراض السلمية‪.2‬‬
‫ب) منظمة الصحة العالمية‪:‬‬
‫تأسست منظمة الصحة العالمية عام ‪ ،1948‬بعد أن تم التصديق على دستورها من‬
‫قبل ‪ 26‬دولة من الدول التي حضرت المؤتمر العالمي للصحة الذي عقد بنيويورك آنذاك‪.‬‬

‫وتنص الفقرة "أ" من المادة ‪ 2‬من دستور منظمة الصحة العالمية على أن‪ :‬تسعى‬
‫المنظمة كلما اقتضى األمر بتطوير وتحسين التغذية واإلسكان والصحة وظروف العمل‪.‬‬

‫‪1‬خالد مصطفى فهمي‪ ،‬الجوانب القانونية لحماية البيئة من التلوث‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،2011،‬ص‪.262،263.‬‬
‫‪2‬صالح عبد الرحمان عبد الحديثي‪ ،‬النظام القانوني الدولي لحماية البيئة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬لبنان‪،‬‬
‫‪،2010‬ص‪.117،118.‬‬

‫‪171‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وال يمكن تحقيق الهدف المذكور اال في ظل بيئة صحية ومناسبة‪ ،‬وعليه فان حماية‬
‫البيئة من التلوث تدخل ضمن صميم اختصاص منظمة الصحة العالمية‪ ،‬ذلك ألن مشكلة‬
‫التلوث البيئي تسبب آثار ضارة على صحة االنسان‪ .‬وبما أن حماية البيئة من التلوث يعد‬
‫من اختصاص منظمة الصحة العالمية فإنها تملك من الوسائل ما يمكنها من تأمين هذه‬
‫الحماية‪ ،‬وهو ما أكدته المادة ‪ 19‬من دستور المنظمة‪ ،‬عندما أعطت الجمعية العامة‬
‫للمنظمة سلطة تبني االتفاقيات أو معاهدات بشأن المسائل التي تدخل ضمن اهتمام‬
‫المنظمة‪ ،‬كذلك أعطت المادة ‪ 23‬من الدستور نفسه الجمعية العامة صالحية اصدار‬
‫توصيات تتعلق بالقانون البيئي‪ ،‬حيث قامت الجمعية العامة بموجبها بإصدار توصيات‬
‫عديدة بهذا الخصوص منها التوصية المتعلقة بوضع معايير البيئة الصحية‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دور المنظمات الدولية العالمية في مكافحة تغير المناخ‬

‫في سبيل التعاون الدولي تسعى المنظمات الدولية العالمية إلى مكافحة تغير المناخ‬
‫باعتبارها تملك إمكانات إعداد الدراسات والتقارير‪ ،‬وتنادي بخطط عمل عاجلة‪ ،‬وتتمثل‬
‫هذه المنظمات في منظمة األمم المتحدة (أوال)‪ ،‬والمنظمات المتخصصة التابعة لها (ثانيا)‬
‫كالمنظمة العالمية لألرصاد الجوية ومنظمة الصحة العالمية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دور منظمة األمم المتحدة في مكافحة تغير المناخ‬


‫بدأت جهود هذه المنظمة المتعلقة بالتغير المناخي منذ نهاية السبعينات‪ ،‬وقد أشار‬
‫مؤتمر المناخ العالمي المنعقد سنة ‪ 1979‬الى أن آثار تغير المناخ على المستويين‬
‫العالمي واإلقليمي ستبدأ بالظهور في نهايات القرن العشرين‪ ،‬وأن تأثيرها سيزداد قبل‬
‫انتصاف القرن المقبل‪ .‬لذلك تركزت الجهود الدولية للمنظمة من خالل عقد بعض‬

‫‪1‬سنه نكه ر داود محمد‪ ،‬التنظيم القانوني الدولي لحماية البيئة من التلوث‪ ،‬دار الكتب القانونية مصر‪،2012 ،‬‬
‫ص‪.167،168.‬‬

‫‪172‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫االتفاقيات اإلقليمية‪ .‬ثم ازداد اهتمام العلماء بالبيئة لتحديد العالقة التي تربط بين الماء‬
‫والهواء واستخدام التربة‪ ،‬وبين المشاكل البيئية فقامت الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫بمناقشة موضوع تغير المناخ في الجمعية العامة سنة ‪ ،1988‬وأصدرت قرارها بتشكيل‬
‫الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ ‪.1Ipcc‬‬
‫ويمكن القول أن كل الفضل يرجع الى منظمة األمم المتحدة في وضع نظام قانوني‬
‫للوقاية من تغير المناخ سواء بالنسبة لالتفاقية االطار‪ ،‬وبروتوكول كيوتو‪ ،‬اجتماعات‬
‫األطراف‪،‬اضافة الى اتفاق باريس وهو ما سبق شرحه في الباب األول لذا سيتم االنتقال‬
‫الى دور المنظمات المتخصصة التابعة لها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور المنظمات المتخصصة التابعة لألمم المتحدة في مكافحة تغير المناخ‬

‫تعمل المنظمات المتخصصة التابعة لألمم المتحدة على المحافظة على البيئة بصفة‬
‫عامة‪ ،‬اضافة الى مكافحة تغير المناخ‪.‬‬
‫‪ )1‬المنظمة العالمية لألرصاد الجوية‪:WMO‬‬
‫هي وكالة متخصصة من وكاالت األمم المتحدة تضم ‪ 191‬دولة‪ ،‬انبثقت عن‬
‫المنظمة الدولية لألرصاد الجوية ‪ ،IMO‬التي تأسست في عام ‪ 1873‬لتيسير تبادل‬
‫معلومات الطقس عبر الحدود الوطنية‪ ،‬وهي منظمة معنية بمجاالت األرصاد الجوية‬
‫للطقس والمناخ و الهيدرولوجيا التطبيقية‪ ،‬والعلوم الجيوفزيائية المتصلة بها‪ .‬تواصل‬
‫ا لمنظمة تيسير التبادل المجاني وغير المقيد للبيانات والمعلومات والخدمات بشأن المسائل‬
‫المتعلقة بسالمة المجتمع وأمنه والرفاه االقتصادي وحماية البيئة‪ ،‬وهي تساهم في صياغة‬
‫السياسات في هذه المجاالت على الصعيدين الوطني والدولي‪.2‬‬

‫‪1‬سالفة طارق عبد الكريم الشعالن ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.54.‬‬


‫‪2‬الموقع االرسمي االلكتروني للمنظمة‪( .public.wmo.int :‬موقع جديد للمنظمة)‬

‫‪173‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫كما تضطلع المنظمة منذ نشأتها بدور فريد وقوي في المساهمة في سالمة البشرية‬
‫ورفاهيتها من خالل حماية األرواح والممتلكات من التعرض للكوارث الطبيعية‪ ،‬والحرص‬
‫على سالمة البيئة‪.‬‬
‫برز دور المنظمة حيث اضطلعت بدور مهم في رصد ومراقبة الطقس والمناخ وفهم‬
‫التغيرات المناخية بشكل يلبي احتياجات استراتيجيات التكيف وصنع الق اررات‪ ،‬كما قامت‬
‫بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬لقد شاركت المنظمة في عام ‪ 1988‬مع برنامج األمم المتحدة للبيئة ‪ UNEP‬في‬
‫انشاء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ‪ IPCC‬والتي كان لها الفضل‬
‫األكبر في دراسة مشكلة تغير المناخ وتقديم تقارير توضح كافة جوانبها وتوثق‬
‫حقيقة حدوثها على المستوى الدولي‪ ،‬وقد شاركت في تقديم كافة أنواع الدعم التقني‬
‫والفني للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ‪ IPCC‬للقيام بهذا الدور‬
‫السيما ما يتعلق بإعدادها بيانا سنويا شامال عن حالة المناخ في العالم‪.‬‬
‫‪ -‬وعلى العموم تتعاون مع المرافق الوطنية للدول في مجاالت تقديم الدعم التقني‬
‫الالزم إلقامة أنظمة رصد جوي ومناخي وتبادل البيانات والمعلومات ذات الصلة‪،‬‬
‫وتحليل ما يردها من معلومات وانشاء قواعد بيانات خاصة بها بغية تحقيق استفادة‬
‫كل دول ا لعالم منها‪ ،‬كما تسهم في وضع السياسات الخاصة بهذا المجال في‬
‫الدول الراغبة وعلى الصعيدين الوطني والدولي‪.1‬‬
‫كما أصبحت المنظمة في ‪03‬جوان‪ ،2016‬أول وكالة متخصصة تابعة‬
‫لألمم المتحدة تضع اطا ار رسميا لعالقاتها مع الصندوق األخضر للمناخ ‪.GCF‬‬
‫وقد أصبح اآلن من الممكن للمنظمة ‪ WMO‬بعد التوقيع على االتفاق الرئيسي‬
‫لالعتماد‪ ،‬أن تتلقى موارد مالية لبرامج العمل والمشاريع في مجال المناخ‪.‬‬

‫‪1‬محمد عادل عسكر‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.675،676.‬‬

‫‪174‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ويمثل هذا التطور حدثا بار از هاما لكل من الصندوق األخضر للمناخ‬
‫ومنظومة األمم المتحدة‪ ،‬حيث يبرز دور الصندوق في دعم المنظمات الدولية وفي‬
‫تعزيز برامج ومشاريع خفض االنبعاثات ومقاومة الكربون والتكيف بالبلدان‬
‫النامية‪.1‬‬
‫‪ )2‬دور منظمة الصحة العالمية ضمن استجابة األمم المتحد لمقتضيات تغير‬
‫المناخ‪:‬‬
‫من الواضح أن لتغير المناخ آثار خطيرة على صحة اإلنسان لذلك لمنظمة الصحة‬
‫العالمية عالقة مباشرة بموضوع تغير المناخ‪ .‬حيث هناك دور واضح منوط بالدوائر‬
‫الصحية وينبغي لها تأديته في حماية صحة الناس وعافيتهم من آثار تغير المناخ‪.‬‬
‫وتمثل منظمة الصحة العالمية تلك الدوائر على الصعيد الدولي‪ ،‬وتسهم في أنشطة‬
‫االستجابة الشاملة الجارية على مستوى منظومة األمم المتحدة‪ ،‬وذلك بإتاحة خبراتها في‬
‫الميدان الصحي لمؤتمر األطراف في اتفاقية األمم المتحدة اإلطار المتعلقة بتغير المناخ‪،‬‬
‫والمشاركة في برنامج عمل نيروبي المتعلق بآثار تغير المناخ وقابلية التأثر به والتكيف‬
‫معه‪ ،‬والتعاون مع الوكاالت والبرامج المتخصصة األخرى‪ ،‬مثل المنظمة العالمية لألرصاد‬
‫الجوية وبرنامج األمم المتحدة للبيئة‪.‬‬
‫أما بشأن استراتيجية منظمة الصحة العالمية بشأن الحماية من تغير المناخ‪ ،‬فتقوم‬
‫منظمة الصحة العالمية حاليا بإعداد استراتيجية عالمية تبرز اإلطار الرئيسي لألنشطة‬
‫الدولية الرامية الى حماية الصحة من تغير المناخ‪ ،‬وتتولى المنظمة وهيئاتها الشريكة‬
‫توجيه تلك األنشطة في القطاع الصحي وتنسيقها‪.2‬‬

‫‪1‬الموقع االلكتروني للمنظمة‪.public.wmo.int :‬‬


‫الموقع االلكتروني للمنظمة‪.public.wmo.int :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪175‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ )3‬منظمة األمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ‪:UNESCO‬‬

‫تعتبر منظمة اليونسكو التعليم عنص ار رئيسيا في عملية االستجابة العالمية لتغير‬
‫المناخ‪،‬وال يقتصر دور التعليم الجيد في مجال تغير المناخ على مساعدة الناس في فهم‬
‫هذه القضية ومعالجتها فقط‪ ،‬بل يقضي أيضا بتشجيع األفراد على تغيير سلوكهم ومواقفهم‬
‫بما يتيح مواجهة هذا التحدي في المستقبل‪ ،‬وتنص المادة السادسة من اتفاقية األمم‬
‫المتحدة اإلطار بشأن تغير المناخ على أنه ينبغي للدول أن تعمل على تشجيع وتيسير‬
‫برامج التعليم والتوعية العامة بشأن تغير المناخ‪.‬‬

‫بالتعاون مع اتفاقية األمم المتحدة اإلطار بشأن تغير المناخ وبرنامج األمم المتحدة‬
‫للبيئة وغير ذلك من وكاالت األمم المتحدة تضطلع اليونسكو بدور ريادي في مساعدة‬
‫الدول األعضاء على االمتثال ألحكام المادة السادسة‪ ،‬ومن خالل برنامج التعليم في‬
‫مجال تغير المناخ من أجل التنمية المستدامة تهدف اليونسكو الى تعزيز مساهمة هذا‬
‫التعليم في االستجابة الدولية لتغير المناخ وجعلها أكثر وضوحا‪ .‬ويرمي هذا البرنامج الى‬
‫مساعدة األفراد على فهم التأثير الراهن لالحترار العالمي وتعزيز التثقيف المناخي بين‬
‫الشباب عن طريق تعزيز قدرات الدول األعضاء على توفير التعليم الجيد في مجال تغير‬
‫المناخ من أجل تنمية مستدامة‪ .‬مع التركيز على التعليم االبتدائي والثانوي والتشجيع على‬
‫اعتماد مناهج تربوية ابتكارية لدمج التعليم الجيد في مجال تغير المناخ في المناهج‬
‫الدراسية‪ ،‬وتعمل على زيادة الوعي بقضية تغير المناخ من خالل تعزيز برامج التعليم غير‬
‫النظامي من خالل وسائل االعالم‪.1‬‬

‫‪1‬الموقع االلكتروني للمنظمة‪.www.unesco.org :‬‬

‫‪176‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ )4‬دور منظمة األغذية والزراعة ‪:FAO‬‬

‫يشكل تغير المناخ تهديدا لألمن الغذائي العالمي والتنمية المستدامة‪ ،‬وللقضاء على‬
‫الفقر يجب أن تتكيف الزراعة متضمنة قطاع الغابات ومصائد األسماك مع آثار تغير‬
‫المناخ‪ ،‬وتحسن مرونة نظم إنتاج الغذاء من أجل إطعام العدد المتزايد من البشر‪ .‬وهذا‬
‫هو السبب في أنه يجب معالجتها باعتبارها جزء ال يتج أز من جدول أعمال التنمية‬
‫المستدامة الشاملة‪.‬‬

‫تمتلك منظمة األغذية ولزراعة خبرة واسعة في تطوير‪ ،‬جمع وتشجيع الممارسات‬
‫الجيدة في مجاالت الزراعة‪ ،‬الغابات ومصائد األسماك‪ ،‬حيث تعد هذه الممارسات حاسمة‬
‫للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره كما تقدم المنظمة بيانات مساحية‪-‬جغرافية‬
‫شاملة‪ ،‬إضافة الى وسائل ونماذج التحليل‪ ،‬وتوقعات مردود المحاصيل ورصد آثار‬
‫األخطار المتصلة بتذبذب المناخ وتغيره واالعالن عنها‪ ،‬وكذلك فيم يتعلق بالطاقة‬
‫الحيوية ‪.‬‬

‫كما يوجد لدى المنظمة تكليف قديم العهد من جانب البلدان األعضاء فيها لتشجيع‬
‫توليد الطاقة من األخشاب والكتلة الحيوية الزراعية وذلك في إطار تكليفها الواسع بتشجيع‬
‫األمن الغذائي‪ ،‬وتعمل المنظمة بصورة وثيقة مع الحكومات والمجتمعات المحلية الريفية‬
‫ومؤسسات البحوث والوكاالت الدولية والهيئات األخرى‪ ،‬كما أنها تقدم منب ار محايدا‬
‫للمفاوضات والمباحثات الفنية الدولية بشأن تغير المناخ والطاقة الحيوية من حيث عالقتها‬
‫بالزراعة والغابات ومصائد األسماك واألمن الغذائي الشامل‪.1‬‬

‫‪1‬الموقع االلكتروني للمنظمة‪.www.fao.org :‬‬

‫‪177‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تنفيذ الجزائر لالتفاقية باعتبارها جزء من التكتالت الدولية‬

‫تعترف اتفاقية تغير المناخ بأن التغير في مناخ األرض وأثاره الضارة يمثل شاغال‬
‫مشتركا للبشرية‪ ،‬وتؤكد مبدأ سيادة الدول في التعاون الدولي لتناول تغير المناخ‪ ،‬كما‬
‫نصت المادة الرابعة المتعلقة بااللتزامات على ضرورة العمل والتعاون على التبادل الكامل‬
‫والمفتوح والعاجل للمعلومات العلمية والتكنولوجية والفنية واالجتماعية – االقتصادية‬
‫والقانونية ذات الصلة المتعلقة بالنظام المناخي وتغير المناخ‪ ،‬والنتائج االقتصادية‬
‫واالجتماعية الستراتيجيات االستجابة المختلفة‪.‬‬

‫سيتم التطرق في هذا المطلب إلى التعاون على المستوى اإلقليمي (الفرع األول)‪،‬‬
‫إضافة إلى مشاركة الجزائر في مؤتمر األطراف (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التعاون على المستوى اإلقليمي‬

‫تقع الجزائر في شمال افريقيا وهي جزء من االتحاد المغاربي والتكتل العربي‪ ،‬فقد‬
‫وقعت على الميثاق المغاربي للبيئة‪ ،‬وهي أحد مؤسسي المركز االفريقي للتطبيقات‬
‫المناخية من أجل التنمية ‪ ACMAD‬كما تشارك في نشاطات مرصد الصحراء‬
‫والساحل ‪ OSS‬وفي شبكة مكافحة التصحر ‪.RIOD‬‬

‫كما شاركت في المشروع اإلقليمي ‪ Rab/94/G31‬بعنوان تقوية القدرات في‬


‫المغرب العربي لمواجهة تغير المناخ‪.‬‬

‫سيعالج هذا الفرع العناوين اآلتية‪ :‬الجزائر بلد مغاربي (أوال)‪ ،‬الجزائر بلد إفريقي‬
‫(ثانيا)‪ ،‬كما أن الجزائر بلد عربي (ثالثا)‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أوال‪ :‬الجزائر بلد مغاربي‬

‫لقد شاركت الجزائر بصفتها بلد مغاربي في المشروع االقليمي ‪Rab/94/G31.‬‬

‫‪ )1‬مصادقة الجزائر على الميثاق المغاربي للبيئة‪:‬‬

‫لقد أدركت البلدان المغاربية أن التنمية الجادة ال يمكن أن تقتصر على النطاق‬
‫الوطني الضيق‪ ،‬مما يعرضها للتبعية واالنزواء‪ ،‬وتكييف خططها وبرامجها طبقا لخطط‬
‫وبرامج القوى المهيمنة‪ ،‬فالمخاطر السياسية واالقتصادية واالجتماعية أكبر من أن تواجهها‬
‫دولة بمفردها‪ ،‬بل حتى الدول الكبرى أصبحت تلوذ بفضاءاتها اإلقليمية‪.1‬‬

‫إن الهدف من إقامة اتحاد مغاربي هو تجنب تشتيت الموارد التي تزخر بها هذه‬
‫المنطقة‪ ،‬وسوء استخدامها وتناقص سياسات االستفادة منها بحيث تتحقق التنمية‬
‫المستدامة والتوزيع العادل للثروة‪.‬‬
‫ونظ ار للترابط الوثيق بين سياسات الدول وتشابه القضايا البيئية في دول اتحاد‬
‫المغرب العربي‪ ،‬كمشاكل التصحر‪،‬تدهور الموارد المائية‪ ،‬الغابات‪ ،‬المراعي‪ ،‬الوسط‬
‫البحري والتلوث بإشكاله وتدني ظروف العيش وغيرها‪ ،‬وجب التوجه الى وضع ميثاق‬
‫مغاربي للبيئة‪ ،‬لرسم السياسات المشتركة في هذا المجال‪.‬‬
‫ان ماتعهدت به الدول هو ادراج البعد البيئي في سياساتها التنموية وذلك من خالل‬
‫الوسائل اآلتية‪ :‬تعزيز الهياكل اإلدارية‪ ،‬إقرار تشريعات وتنظيمات قانونية متجانسة‬
‫ومتكاملة‪ ،‬تبادل المعلومات والتقنيات والتجارب المتعلقة بحماية البيئة‪ ،‬إضافة الى‬
‫اخضاع المشاريع والمنشآت لدراسة التأثير على البيئة‪ ،‬كما أن توجهاتها القطاعية شملت‬
‫خاصة المجاالت التي تعاني من مشاكل وهي‪:‬‬

‫‪1‬محمد الشكري‪ ،‬تجربة التكامل االقتصادي لدول اتحاد المغرب العربي‪ ،‬المؤتمر المصرفي السنوي رؤية عربية للقمة‪،‬‬
‫قطر‪،‬نوفمبر‪ ،2007‬ص‪.02.‬‬

‫‪179‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ -‬المحافظة على التربة والغطاء النباتي ومقاومة التصحر؛‬


‫‪ -‬المحافظة على الثروات الحيوانية والنباتية؛‬
‫‪ -‬مقاومة التلوث وتحسين ظروف العيش‪.‬‬

‫كما تتعهد بلدان المغرب العربي بااللتزام بالتعاون مع المجموعة الدولية في مجال‬
‫حماية البيئة خاصة في المسائل اآلتية‪:‬الموارد المائية‪ ،‬التصحر‪ ،‬الوسط البحري‪ ،‬طبقة‬
‫األوزون والتغيرات المناخية‪ 1‬وما سيتم توضيحه الحقا هو هذا التعاون بالتحديد في مجال‬
‫حماية المناخ‪.‬‬

‫‪ )2‬المشروع اإلقليمي ‪Rab/94/G31‬‬

‫جاء المشروع تطبيقا لنص المادة السادسة من اتفاقية تغير المناخ‪ .‬لقد تم وضع هذا‬
‫المشروع سنة ‪ 1995‬بهدف توفير المساعدة التقنية وتقوية قدرات بلدان منطقة المغرب‬
‫العربي لمواجهة مشكلة تغير المناخ ونتائجها‪ ،‬وقد عرف هذا المشروع توجهات جديدة سنة‬
‫‪ 2001‬تقوم على هدف اشراك القطاع االقتصادي الخاص في هذه المسالة للحد من‬
‫انبعاثات غازات الدفيئة وكذلك التحضير لعملية التأقلم مع اآلثار المحتملة لتغير المناخ‪.‬‬

‫أ) أهم النتائج المحققة من خالل المشروع‪:‬‬

‫لقد تم تطوير القدرات اإلقليمية في مجال تغيير المناخ‪ ،‬من خالل انجاز دراسات تقييمية‬
‫لحساسية ودرجة تأثر المنطقة بتغير المناخ‪ ،‬ووضع وحدات ولجان وطنية متخصصة في‬
‫تغيير المناخ في كل بلد على حدى‪ ،‬ولتحقيق ذلك تم خلق مراكز اعالم حول الطاقة‬
‫المستدامة والبيئة‪.‬‬

‫‪1‬لموقع الرسمي لالتحاد المغاربي ‪. www.magrebarabe.org :‬‬

‫‪180‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ب) أهم النتائج المتوقعة‪:‬‬

‫ان ما يتم توقعه هو التحسيس واالشراك الواسع لمختلف عناصر المجتمع‪ ،‬إضافة‬
‫الى تحريك عناصر القطاع الخاص المعنية باالتفاقية بهدف تقليل انبعاثات غازات الدفيئة‬
‫واالستفادة من ميكانزيم التنمية النظيفة‪ ،‬واالهم من ذلك خلق روابط مؤسساتية بين بلدان‬
‫المنطقة والمنظمات الدولية‪.1‬‬

‫‪ )3‬مشروع تعزيز البنية التحتية لجودة الطاقة الشمسية في المغرب العربي‬

‫لقد شاركت الجزائر ايضا في مشروع تعزيز البنية التحتية لجودة الطاقة الشمسية في‬
‫المغرب العربي‪.‬‬
‫أ) سياق المشروع‬
‫تعتبر البلدان المغاربية في حالة تنافسية طبيعية من حيث انتاج الطاقة من مصادر‬
‫متجددة‪ .‬حيث يعتبر استخدام الطاقة الشمسية فرصة لهذه الدول لتلبية احتياجاتهم‬
‫الخاصة‪ ،‬فتزايد الطاقة يولد اإليرادات من الصادرات وكذا يشجع التصنيع واالبتكار‪.‬‬
‫ويعتبر انشاء صناعة محلية إلنتاج الطاقة من المصادر المتجددة وزيادة في القيمة‬
‫المضافة لهذه العملية‪ ،‬كما يمكن أن يخلق فرص عمل للسكان المحليين‪.‬‬
‫ب) مضمون المشروع‬
‫يضمن المشروع تطوير فعالية واستدامة الطاقة الشمسية حيث ينبغي لبلدان المغرب‬
‫العربي تعزيز البنية التحتية وجودتها‪ .‬فهذا يتطلب تعزيز قدرات الفاعلين في قطاع‬
‫المعايير‪ ،‬والتقييم‪.‬‬

‫‪Ministère de l’environnement st de l’aménagement et du territoire, agence national‬‬


‫‪1‬‬

‫‪des énergies renouvelable, bulletin d’information sur les changements climatiques, juillet‬‬
‫‪2001, p.08 .‬‬

‫‪181‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ )4‬مشروع كفاءات المشاريع األوروبية‪-‬شبكة أفروي‪Compere averoés‬‬


‫هو مشروع إقليمي هيكلي يمس األولويات الوطنية والتنمية ذات األولوية اإلقليمية‬
‫لتطوير العالقات الدولية لثالث بلدان في المغرب العربي وهي الجزائر‪ ،‬المغرب وتونس‪.‬‬
‫حيث يشرك كل بلد مستهدف أربعة جامعات ومؤسسات بحث و ازرة التعليم العالي إضافة‬
‫ستة شركاء أوروبيين ألربع بلدان مختلفة (اسبانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬إيطاليا وايرلندا)‪.‬‬

‫أ) األهداف‪:‬‬
‫الهدف العام للمشروع هو نقل الخبرات الالزمة للجامعات ومؤسسات البحث للمنطقة‬
‫التي تمكنهم من أن يكونوا أكثر حضو ار كمنسقين أو شركاء‪ ،‬في المشاريع األوروبية‬
‫للتعاون و البحث في الفترة المبرمجة ما بين ‪.2020-2014‬‬
‫ويهدف الى تطوير ‪ 12‬موقع تجريبي في البلدان المستهدفة‪ ،‬من حيث المهارات‬
‫الالزمة لضمان تركيب‪ ،‬إدارة‪ ،‬ومتابعة المشاريع عبر تطبيق معايير الجودة‪.‬‬
‫يبدو أن أوروبا تسعى لدمج تجربة أقوى الدول في التعليم العالي والبحث العلمي‬
‫بحلول سنة ‪ ،2020‬وتتجسد هذه الشراكة في البداية من خالل تحويل للمهارات شمال‬
‫جنوب اعتمادا على الخبرة األوروبية بهدف تحويل هذه الخبرة جنوب جنوب‪ ،‬من خالل‬
‫جعل الجامعات قادرة على تحويل مهاراتها المكتسبة لمؤسسات أخرى في منطقتهم لتوفير‬
‫تكوينات مجانية في كل جامعات المنطقة‪.‬‬
‫وتشارك الجزائر في المشروع من خالل خمس مواقع وهي‪ :‬جامعة االخوة منتوري‬
‫بقسنطينة‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح بورقلة‪ ،‬المدرسة الوطنية‬
‫متعددة التقنيات بالجزائر ومركز تنمية الطاقات المتجددة‪.‬‬
‫ب) النتائج المتوقعة‪:‬‬
‫يسعى المشروع الى تشكيل العنصر البشري من حيث تكوين خبراء معتمدين‪،‬‬
‫كفوئين‪ ،‬لديهم مكانة وقيمة في تطبيقاتهم على مستوى جامعاتهم وبلدانهم‪ ،‬إضافة الى‬

‫‪182‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫انشاء مراكز تجريبية قادرة على تركيب وادارة مشاريع أوروبية للتعاون والبحث‪ ،‬وتلعب‬
‫هذه المراكز دور "خبراء" وقادرة على نقل مهاراتهم ووضع خبرتهم في خدمة مؤسسات‬
‫البحث‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجزائر بلد افريقي‬
‫انضمت الجزائر باعتبارها بلدا افريقيا وشاركت في مختلف المراكز والشبكات‬
‫االفريقية‪.‬‬
‫‪ )1‬المشاركة في المركز االفريقي للتطبيقات المناخية من أجل التنمية ‪ACMAD‬‬
‫أنشئ المركز االفريقي للتطبيقات المناخية من اجل التنمية سنة ‪ 1987‬في اجتماع‬
‫لوزراء اللجنة االقتصادية االفريقية والمنظمة العالمية للمناخ الذي اجتمعت فيه ‪ 53‬دولة‪.‬‬
‫يهدف المركز الى المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬كما تجعل من الوقت‪ ،‬المناخ والبيئة مصادر للتنمية المستدامة‪.‬‬
‫من نشاطاته تطوير وتحويل التكنولوجيا نحو البلدان األعضاء باإلضافة الى نقل‬
‫المعلومات الطقسية والمناخية‪.‬‬

‫كما يسعى المركز الى الحصول على معلومات حول الطقس والمناخ لتحقيق التنمية‬
‫المستدامة وتساهم في تقوية القدرات الجامعية ومراكز البحث للدول األعضاء في مجال‬
‫التنبؤ بالمناخ والتكنولوجيا‪.2‬‬
‫‪ )2‬المشاركة في مرصد الصحراء والساحل ‪oss‬‬
‫مرصد الصحراء والساحل منظمة دولية ذات توجه افريقي أنشئت سنة ‪،1992‬‬
‫مقرها بتونس منذ سنة ‪ ،2000‬وهي تعمل في مجال المناطق القاحلة‪ ،‬شبه القاحلة‪ ،‬شبه‬
‫الرطبة والجافة في المنطقة‪.‬‬

‫‪1‬الموقع االلكتروني‪.www.cder.dz :‬‬


‫‪www.ambafrance.ne.org.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪183‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫تتكون من ‪ 22‬بلد افريقي وخمسة بلدان غير افريقية‪ ،‬وعشر منظمات دولية‪ ،‬تعمل‬
‫المنظمة مع هذه الدول والمنظمات بطريقة تكاملية كمبادر ومسهل للشراكة حول التحديات‬
‫المشتركة المرتبطة بإدارة موارد المياه وتنفيذ االتفاقيات المشتركة حول البيئة‪ ،‬التصحر‪،‬‬
‫التنوع البيولوجي والتغيرات المناخية‪،‬وهي مجاالت مرتبطة ببعضها‪ ،‬ويتم تمويل مشاريع‬
‫وبرامج المنظمة بالمساهمات التطوعية للبلدان والمنظمات األطراف‪.‬‬

‫أما بالنسبة الهتمامها بموضوع تغير المناخ فقد أكدت في مداخلتها التي تمت في‬
‫اجتماع األطراف ‪ cop 21‬حول اتفاقية تغير المناخ على ضرورة تحريك التمويل الالزم‬
‫للتأقلم مع آثار عدم انتظام المناخ‪.‬‬

‫إضافة الى ضرورة التحول نحو االقتصاد األخضر وتبني نماذج جديدة لتسيير‬
‫الموارد الطبيعية بطريقة مستدامة‪.1‬‬

‫‪ )3‬المشاركة في شبكة ‪ Riod‬لمكافحة التصحر‪:‬‬

‫أنشئت بموجب اتفاقية مكافحة التصحر حيث تم إعطاء مكانة مهمة لحركة الفاعلين‬
‫غير الحكوميين‪ ،‬لذلك تسهر ‪ Riod‬على بعث االتفاقية من خالل تحسيس المنظمات‬
‫غير الحكومية وخلق شبكة اتصاالت لتسهيل تبادل المعلومات‪.‬‬

‫تهدف االتفاقية لتحقيق نوع من االتصال والعالقة بين الفاعلين غير الحكوميين من‬
‫منظمات غير حكومية‪ ،‬جمعيات والمجتمع المدني بصفة عامة‪ ،‬غير أن األمر ال يقتصر‬
‫على المعلومات بل كذلك لتبادل الخبرات وتحسيس شعوب الجنوب بالمشاكل البيئية مثل‬
‫مسالة تدهور األراضي بالجنوب‪.2‬‬

‫‪www.oss.online.org/fr.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪www.secheresse.info.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪184‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثالثا‪ :‬الجزائر بلد عربي‬

‫با عتبار الجزائر بلد عربي من الطبيعي ان تسعى لمكافحة تغير المناخ في إطار هذا‬
‫التكتل‪.‬‬
‫‪ )1‬االحتباس الحراري في الدول العربية‬

‫ان مناخ الدول العربية أغلبه جاف أو شبه جاف‪ ،‬وقد لوحظ خالل السنوات األخيرة‬
‫(‪ )2010-1998‬ارتفاع في معدل درجات الح اررة‪ ،‬حيث يتوقع العلماء أنه بحلول عام‬
‫‪ ، 2050‬سوف يزداد المعدل بمقدار درجة أو درجتين‪ ،‬األمر الذي سيؤثر سلبا على‬
‫الموارد المائية في المنطقة حيث سيؤدي الى نقص في توفير مصادر بديلة للمياه العذبة‬
‫عالوة على الزيادة السكانية وتدهور التربة‪.‬‬

‫كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر سيكون السبب الرئيسي في غرق بعض المناطق‬
‫الساحلية المنخفضة في منطقة الخليج وشمال الدلتا في مصر بشكل خاص‪ ،‬األمر الذي‬
‫سيؤدي الى فقدان مساحات كبيرة من األراضي الزراعية وخسارة في الثروة السمكية‬
‫وتهجير حوالي ‪ 15‬مليون من بالدهم‪ ،‬مع ضرورة بذل مزيد من المجهودات إليضاح‬
‫تأثيرات التغيرات المناخية على الوطن العربي‪.1‬‬

‫أما التقرير السنوي ‪ AFED‬الصادر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية لسنة‬


‫‪ 22009‬فقد أشار الى أن البلدان العربية في حاالت كثيرة تعتبر من البلدان األكثر‬
‫تعرضا في العالم للتأثيرات المحتملة لتغيير المناخ أهمها‪ :‬ارتفاع معدل درجات الح اررة‬
‫وانخفاض كمية األمطار مع اضطراب وتيرتها وارتفاع مستويات البحار‪ ،‬وبصرف النظر‬

‫‪1‬عبد المنعم مصطفى المقمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.159-158 .‬‬

‫‪2‬متوفر على الموقع االلكتروني‪.www.afedonline.org :‬‬

‫‪185‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫عن تغير المناخ فان الوضع الحرج أصال لشح المياه في العالم العربي سوف يصل الى‬
‫مستويات خطيرة بحلول سنة ‪.2025‬‬
‫وقد حذر تقرير نشر حديثا في اليابان من أن ما يعرف بالهالل الخصيب الممتد من‬
‫العراق وسوريا الى لبنان واألردن وفلسطين‪ ،‬سوف يفقد جميع سمات الخصوبة وقد‬
‫يتالشى قبل نهاية هذا القرن بسبب تدهور االمدادات المائية من األنهار الرئيسية‬
‫باإلضافة الى المشاكل التي هي من صنع االنسان خصوصا انشاء السدود على نطاق‬
‫واسع وممارسات الري غير المستدامة التي تهدر نصف الموارد المائية‪ ،‬ومعدالت‬
‫االستهالك البشري للمياه التي تفوق كثي ار المقاييس الدولية في بعض البلدان العربية‪.‬‬
‫وتجد البلدان العربية صعوبة في التأقلم مع تغيرات المناخ بسبب عدة عوامل أهمها‬
‫تبعيتها للموارد الطبيعية‪ ،‬في حين تخضع هذه األخيرة للمناخ‪ ،‬إضافة الى نقص الوسائل‬
‫وضعف المستوى التعليمي األمر الذي يعيقها عن تطوير حلول لهذه المشاكل‪.1‬‬
‫‪ (2‬التعاون العربي في مجال تغير المناخ‪:‬‬
‫لقد أظهر تقرير "االقتصاد األخضر في عالم عربي متغير" الذي أطلقه المؤتمر‬
‫السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية لسنة‪،2001‬أن التغيير األخضر سينتشل االقتصاد‬
‫العربي‪ ،‬حيث أن خفض دعم أسعار الطاقة في المنطقة العربية بنسبة ‪ 25‬بالمائة سوف‬
‫يحرر أكثر من ‪ 100‬بليون دوالر‪ ،‬هذا المبلغ يمكن تحويله لتمويل االنتقال الى مصادر‬
‫الطاقة الخضراء‪ ،‬ومن شأن ذلك تخفيض كلفة التدهور البيئي في المنطقة العربية‪.‬‬
‫أما خالل المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) لسنة ‪ 2016‬أفاد األستاذ نجيب‬
‫صعب أمين عام "أفد"‪ ،‬أن المؤتمر سيحاول رسم خريطة طريق لتنفيذ أهداف التنمية‬
‫المستدامة في البلدان العربية على ضوء اتفاقية باريس المناخية‪ ،‬مع األخذ باالعتبار‬
‫التحديات األمنية واالقتصادية واالجتماعية الراهنة في المنطقة‪.‬‬

‫‪Adaptation to a changing climate in the arab countries, world bank. DORT Verner‬‬
‫‪1‬‬

‫‪Editor, Washington.2012,p.14.‬‬

‫‪186‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ويدعو "أفد' الى دمج مبادئ االستدامة في خطط التنمية عموما‪ ،‬وفي جهود إعادة‬
‫االعمار في بلدان تمزقها الحروب والصراعات يضيف نجيب صعب‪.1‬‬
‫ويبدو أن الجهود العربية في التعاون يقتصر على مجرد مؤتمرات لتجديد سياسات‬
‫عامة مشتركة غير أن هذه الجهود لم تترجم الى مشاريع مشتركة بهدف تبادل الكفاءات‬
‫وتطويرها‪ ،‬في حين نجد أن التعاون العربي يعرف توجها عالميا أي عربي‪-‬غربي‪ ،‬ولعل‬
‫األمر يفسر بأن البلدان العربية تسعى للشراكة مع أوروبا وأمريكا ألن هذه األخيرة تملك‬
‫من رؤوس األموال والمهارات التي تحتاج اليها‪ ،‬وربما ألنه في إطار مبدأ المسؤولية‬
‫المشتركة لكن متباينة‪ ،‬تسعى للحصول على أقصى ما يمكن الحصول عليه من تمويل‬
‫وتكنولوجيا‪ .‬لكن األمر ال يخلو من تقصير البلدان العربية في التعاون فيما بينها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬مشاركة الجزائر في مؤتمر األطراف‬
‫لقد انتهزت الجزائر فرصة مشاركتها في مختلف اجتماعات األطراف (مؤتمر‬
‫كوبنهاغن ‪- 2009‬أوال‪-‬ومؤتمر باريس ‪– 2015‬ثانيا‪ )-‬لتعبر عن موقفها حول تنفيذ‬
‫اتفاقية تغير المناخ‬
‫اوال‪:‬مؤتمر كوبنهاغن ديسمبر ‪2009‬‬
‫لقد دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء القمة المنعقدة في كوبنهاغن‬
‫بالدانمارك حول التغيرات المناخية الى النظر لموقف افريقيا حول هذه القضية من أجل‬
‫الحفاظ على حقها في التنمية المستدامة‪ ،‬وينص مقطع من الخطاب أن "تدهور ظاهرة‬
‫تغير المناخ‪ ،‬قد قاد البلدان الى وضع صف من األولويات المتعلقة بهذه الظاهرة‪.‬‬
‫وقد حظيت الجزائر بشرف استقبال في نوفمبر ‪ ،2008‬اجتماع وزراء افريقيا للبيئة‬
‫الذي سمح بتكوين موقف افريقي مشترك حول التغيرات المناخية‪.‬‬

‫‪1‬على الموقع االلكتروني‪//marocenv.com:‬‬

‫‪187‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أما فيما يخص الجزائر فإنها كغيرها من البلدان تواجه نتائج تغير المناخ‪ ،‬المتسببة‬
‫في تفاقم ظاهرة التصحر التي تعاني منها أصال‪ ،‬لذلك قامت بإدماج بعد التنمية‬
‫المستدامة في مخططاتها التنموية وأخذت على عاتقها هم إنقاص انبعاثات غازات الدفيئة‪.‬‬

‫وأيضا قامت بتبني تدابير الفعالية الطاقوية وسياسة ترقية الطاقات المتجددة‪ .‬وأخي ار‬
‫جعلت من تكنولوجيا استقطاب وتخزين ديوكسيد الكربون هو عامل مفتاح للسياسة‬
‫الوطنية في مجال تغير المناخ‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬المشاركة بمؤتمر باريس‪2015‬‬

‫لقد أفاد بيان مصالح الوزير األول أن رئيس الجمهورية قد كلف الوزير األول عبد‬
‫المالك سالل بتمثيله في أشغال الندوة ‪ 21‬لألطراف المنعقدة بباريس‪ ،‬وقد كان الوزير‬
‫األول مرفوقا بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة‪ ،‬ووزير الموارد‬
‫المائية عبد الوهاب نوري‪.2‬‬

‫وقد أشار الوزير األول سالل في كلمته خالل الندوة العالمية الى أن الجزائر تطمح‬
‫للعمل من أجل انشاء "منتدى افريقي للطاقات المتجددة "والذي سيمثل قاعدة سنوية للحوار‬
‫والتوافق بين أصحاب القرار ورؤساء المؤسسات والنخبة العلمية‪ ،‬مضيفا أنه بالنسبة‬
‫للجزائر التي تتوفر على موارد هامة للطاقات المتجددة فان تطوير هذه األخيرة ال يتلخص‬
‫فقط في قرار بيئي وانما يعتبر كذلك تحد مستقبلي وخيار اقتصادي وبالتالي طموح‬
‫صناعي مدروس‪.‬‬

‫‪1‬الموقع الرسمي التفاقية تغير المناخ‪.www.unfcc.int :‬‬

‫‪2‬مقال بعنوان سالل يشارك في الندوة ‪ 21‬للتغيرات المناخية بباريس‪ ،‬جريدة الشعب ‪ 3‬نوفمبر ‪.2015‬‬

‫‪188‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫من جهة ثانية شدد سالل أنه على غرار اإلرهاب ال تعرف التغيرات المناخية حدودا‬
‫اذ ال تستثني آثارها متعددة األشكال أي بلد وأن البلدان األكثر هشاشة خاصة البلدان‬
‫النامية هي األكثر عرضة‪.1‬‬
‫كما قام السيد سالل بعرض وضعية الجزائر إزاء موضوع االحترار المناخي وعرض‬
‫اقتراحات بالدنا في مجال التخفيف من االنبعاثات‪ ،‬حيث تم إيداع مشاركة الجزائر حسب‬
‫ما هو منصوص عليه في التنظيم المتعلق باالتفاقية لدى سكرتارية األمم المتحدة في ‪3‬‬
‫ديسمبر ‪.2015‬‬
‫حيث تلتزم الجزائر بموجبه في الفترة بين ‪ ،2030-2021‬ويشمل أساسا مجاالت‪:‬‬
‫الطاقة‪ ،‬الصناعة‪ ،‬الفالحة‪ ،‬الغابات‪ ،‬البناء والبيئة إضافة الى قطاعات أخرى ليست أقل‬
‫أهمية‪.‬ويشجع هذا البرنامج الوطني على إنقاص انبعاثات غازات الدفيئة من ‪ %7‬الى ‪22‬‬
‫‪ %‬في آفاق ‪ ، 2030‬متبوعة بدعم التمويل الخارجي‪ ،‬التنمية‪ ،‬تحويل التكنولوجيا وتقوية‬
‫القدرات‪ ،‬بينما ‪ %7‬تحقق باإلمكانات الوطنية‪.‬‬
‫كما تعتمد الجزائر على الخليط الطاقوي وتشجيع الطاقات المتجددة في إطار‬
‫تحديث " المخطط الوطني للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية" المعتمد من طرف مجلس‬
‫الوزراء في ‪ 24‬ماي ‪.2015‬‬
‫وتهدف الحكومة الجزائرية إلى تخفيض االستهالك العام للطاقة الى ‪ %9‬في آفاق‬
‫‪ 2030‬وتسعى على المدى البعيد الوصول الى ‪%27‬من الصناعة الوطنية للكهرباء‬
‫بفضل الطاقات المتجددة‪.‬‬
‫تعتبر هذه األهداف قابلة للتحقيق‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن الجزائر تتحول الى بلد‬
‫غازي بدال من بلد بترولي‪ ،‬وتتعهد بتقوية برنامجها الوطني بهدف تشجير ‪1.245.000‬‬
‫هكتار لتحسين امتصاص الكربون‪.2‬‬

‫‪1‬ليندة سليماني‪ ،‬سالل يؤكد رغبة الجزائر في عقد منتدى افريقي للطاقات المتجددة‪ ،‬جريدة األحداث ‪ 2‬ديسمبر‪.2015‬‬

‫‪2‬الموقع الرسمي التفاقية تغير المناخ‪.www.unfcc.int:‬‬

‫‪189‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وباعتبار الجزائر جزء من افريقيا‪ ،‬أشار وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الى‬
‫أن طموح افريقيا يتعلق بالتمويل‪ ،‬التكوين‪ ،‬وتحويل التكنولوجيا في إطار تنظيم يوم افريقيا‬
‫‪ Africa day‬على هامش مؤتمر باريس‪.1‬‬

‫خالصة الفصل االول‪:‬‬

‫لقد امتثلت الجزائر التفاقية تغير المناخ بالشراكة مع المجتمع الدولي من خالل‬
‫تكتلها على المستوى االقليمي في مشروع تعزيز البنية التحتية لجودة الطاقة‬
‫الشمسية‪ Rab_94_G‬في المغرب العربي وتعاونت كبلد افريقي من خالل المشاركة في‬
‫المركز االفريقي للتطبيقات المناخية‪ ،‬مرصد الصحراء والساحل‪ ،‬شبكة مكافحة التصحر‪،‬‬
‫اما على المستوى العربي تعتبر الجهود العربية مجرد مؤتمرات لوضع سياسات عامة لم‬
‫تترجم الى مشاريع ملموسة‪.‬‬

‫‪Article sous-titre : l’Afrique est devenue acteur et artisan, journal Horizons, 9décembre‬‬
‫‪1‬‬

‫‪2015.‬‬

‫‪190‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفصل الثاني‪ :‬استراتيجية الجزائر لمكافحة تغير المناخ (تغيير السياسة بدال من‬
‫تغيير المناخ)‬
‫االستراتيجية هي تلك المجموعة من الخطوط العريضة التي تعكس القواعد‬
‫واإلجراءات التي تحدد أسلوب تنفيذ السياسة المتبعة في مواجهة تغير المناخ‪ ،‬مع تحديد‬
‫مهام المؤسسات والجهات والوحدات المختلفة المشاركة والمسؤولة عن نتائج هذه السياسة‪.‬‬

‫وبموجب القرار رقم ‪ SS3 /4‬الصادر عن مجلس إدارة برنامج األمم المتحدة للبيئة‪،‬‬
‫فإنه بالنسبة لالستراتيجية الوطنية البد من التنسيق‪ ،‬على المستوى الوطني بين القطاعات‬
‫المعنية والجهات التي تتخذ الق اررات‪ ،‬لتحديد الموقف الوطني من مسألة تغير المناخ‪.‬‬
‫تنتمي الجزائر الى فئة الدول النامية غير المعنية بتخفيض الغازات المسببة‬
‫لالحتباس الحراري‪ ،‬اال أنها معينة بجملة من الواجبات العامة التي فرضت على كل الدول‬
‫األطراف أهمها وضع قوائم خاصة بجرد غازات الدفيئة بشرية المصدر‪ ،‬ونشرها ووضعها‬
‫تحت تصرف مؤتمر األطرف‪ ،‬كميكانيزم النقاص انبعاثات غازات الدفيئة وهذا يدخل في‬
‫إطار تدابير التخفيف‪ ،‬اضافة الى ضرورة التأقلم مع ظاهرة التغير المناخي‪.‬‬
‫يتمحور هذا الفصل حول تحديد مخطط العمل الوطني لمكافحة تغير المناخ‬
‫( المبحث األول)‪ ،‬وتحديد أدوات تنفيذ المخطط الوطني لمكافحة تغير المناخ (المبحث‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مخطط العمل الوطني لمكافحة تغير المناخ‬
‫قوم خطط التنمية وفقا لالعتبارات البيئية‪ ،‬أو‬‫تعتبر المخططات البيئية منهج جديد ُي ٌ‬
‫بعبارة أخرى هو التخطيط الذي يحكمه البعد البيئي ويؤخذ فيه بعين االعتبار اآلثار البيئية‬
‫المتوقعة لخطط التنمية‪ .‬بالنسبة لمقومات السياسة الوطنية لمكافحة تغير المناخ (المطلب‬
‫األول) فهو يقوم على مشروع دعم تنفيذ االتفاقية اإلطار والتأقلم مع تغيرات المناخ‬

‫‪191‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المطبق في الجزائر‪ ،‬ودعما لتنفيذ االتفاقية خاصة الجزء المتعلق بالتخلي عن مادة‬
‫الكربون فإنه تم وضع المخطط الوطني للطاقات المتجددة‪ ،‬أما بالنسبة ألهداف مخطط‬
‫العمل الوطني (المطلب الثاني) فهي تتمحور حول تدابير التخفيف والتكيف‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مقومات مخطط العمل الوطني لمكافحة تغير المناخ‬

‫تعد السياسة الوطنية لمكافحة تغير المناخ مجموعة توجهات والق اررات التي تنتهجها‬
‫الدولة بموجب القوانين والتشريعات والبرامج الهادفة إلى مكافحة تغير المناخ‪.‬‬

‫وفي هذا ا لسياق تسلم اتفاقية تغير المناخ بضرورة أن تسن الدول تشريعات بيئية‬
‫فعالة‪ ،‬وأن تعكس المعايير البيئية واألهداف اإلدارية وأولويات اإلطار البيئي واإلنمائي‬
‫الذي تنطبق عليه‪ ،‬كما تحث االتفاقية الدول عند إعداد سياستها واجراءاتها االجتماعية‬
‫واالقتصادية والبيئية ذات ا لصلة‪ ،‬بأن تأخذ اعتبارات تغير المناخ في الحسبان‪ ،‬إلى الحد‬
‫الممكن عمليا‪ ،‬واستخدام أساليب مالئمة‪ ،‬مثل تقييمات األثر التي تصاغ وتحدد على‬
‫الصعيد الوطني‪ ،‬بغية التقليل إلى أدنى حد من اآلثار الضارة التي تلحق باالقتصاد‬
‫والصحة العامة ونوعية البيئة من جراء المشاريع أو التدابير التي يضطلعون بها من أجل‬
‫التخفيف من تغير المناخ أو التكيف معه‪.‬‬

‫يعالج هذا المطلب مشروع دعم تنفيذ االتفاقية اإلطار حول تغير المناخ والتأقلم مع‬
‫تغيرات المناخ في الجزائر (الفرع األول)‪ ،‬والمخطط الوطني للطاقات المتجددة (الفرع‬
‫الثاني)‪ ،‬وكذا ادماج مشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط (الفرع الثالث)‪،‬‬
‫وأيضا التدابير المتخذة من قبل الجزائر والمتعلقة بتغير المناخ (الفرع الرابع)‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفرع األول‪ :‬مشروع دعم تنفيذ االتفاقية اإلطار حول تغير المناخ والتأقلم مع‬
‫تغيرات المناخ في الجزائر‬
‫تدور فكرة المشروع حول أنه رغم دعم إلزام الجزائر بأي تخفيض لغازات الدفيئة التي‬
‫جاء بها بروتوكول كيوتو‪ ،‬لكن يمكنها االستفادة في إطار آليات التنمية النظيفة‪ ،‬لذلك‬
‫تنوي الجزائر ان تحصل على مصدر تمويل اضافي من أجل مشاريع إنقاص االنبعاثات‪،‬‬
‫من جهة أخرى تقر الجزائر بتأثرها بتغير المناخ من حيث المساس بالمواد الطبيعية‪،‬‬
‫المياه‪ ،‬التنوع البيولوجي‪ ،‬اضافة الى أن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد المدن الساحلية‪،‬‬
‫ولمواجهة ذلك البد من وضع استراتيجية وطنية للتأقلم مع تغير المناخ‪ ،‬حيث من‬
‫الضروري خلق سياق سياسي‪ ،‬تنظيمي وعلمي مناسب‪.1‬‬
‫يتمحور هذا الفرع حول اإلستراتيجية الوطنية للتأقلم مع تغير المناخ (أوال)‪ ،‬إضافة‬
‫إلى استراتيجية تنفيذ المشروع (ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬ماهية مشروع دعم تنفيذ اتفاقية تغير المناخ‬
‫تقوم على وضع تنظيم مستدام وتقوية‪ ،‬واتخاذ الق اررات في إطار تنفيذ االتفاقية‬
‫اإلطار حول تغير المناخ بطريقة شفافية ومتنافسة‪ ،‬وضمان وفرة المعلومات الضرورية‬
‫في الوقت المناسب وحسب احتياجات الفاعلين‪.‬‬

‫وفي نفس السياق البد من وضع ميكانيزم انذار في القطاعات األكثر مساسا بتغير‬
‫المناخ‪ ،‬هذه القطاعات ستخطط لها مشاريع ويتم انجازها ـ األمر الذي سيشجع التنمية‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادية‬

‫‪- Agence Allemande pour la coopération technique ( Ftz) , projet d’appui à la mise en‬‬
‫‪1‬‬

‫‪œuvre de la convention cadre des Notions Unies sur les changements climatiques et a‬‬
‫‪l’adaptation aux changements climatiques en Algérie ,2007, p4 .‬‬

‫‪-Agence Allemande pour la coopération technique ,op . cit ,p5‬‬


‫‪2‬‬

‫‪193‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثانيا‪ :‬استراتيجية تنفيذ المشروع‬

‫ان الهدف العام لهذا المشروع هو االستفادة من فوائد ميكانيزم التنمية النظيفة‬
‫وترقية آليات التنمية النظيفة في المجالين الخاص والعام‪ ،‬ويتضمن من ناحية أخرى وضع‬
‫التدابير الضرورية لوضع استراتيجية التأقلم مع تغير المناخ التي تسمح للبلد بأن يكون‬
‫أقل عرضة لمخاطر تغير المناخ وفقا لالتفاقية و في سبيل تنفيذ المشروع تخلق هيئات‬
‫وطنية مالئمة‪ ،‬قامت الحكومة الجزائرية بتحسين الظروف السياسية‪ ،‬المؤسساتية والتقنية‬
‫المتعلقة بتنفيذ التدابير المرتبطة بتغير المناخ‪.‬‬

‫لقد تم وضع تنظيم يربط بين الو از ارت وبين القطاع الخاص حول تغير المناخ في‬
‫القطاعات ذات األولوية‪ ،‬وتبدأ تدابير التأقليم على مستوى انبعاثات الغازات الدفيئة على‬
‫‪1‬‬
‫مستوى كل قطاع‬

‫‪-1‬التدخل على المستوى السياسي‪:‬‬

‫يتمحور حول وضع و تنفيذ سياسة وطنية لتسهيل تطبيق تدابير ميكانيزم‬
‫التنمية النظيفة ‪ ،‬و لتحقيق ذلك البد من اجراء حوار في قلب و ازرة البيئة و بين جميع‬
‫الو ازرات المعنية بالمشروع ‪ ،‬القطاع الخاص والنظام البنكي‪ ،‬أما النتيجة فيجب أن‬
‫تكون استحداث مخطط عمل وطني حول التغيرات المناخية متوافق مع استراتيجية‬
‫التنمية المطبقة في القطاعات ذات األولوية‪ ،‬حيث تعتمد فاعلية هذه االستراتيجية على‬
‫توعية السكان و القطاعات االقتصادية و السياسية تجاه تحديات تغير المناخ ‪،‬‬
‫وكتقييم يمكن اعتبار االستراتيجية ومخطط العمل اللذان وضعا خالل البالغ الوطني‬
‫لسنة ‪ 2001‬نقطة االنطالق للعمل على مكافحة تغير المناخ‪.‬‬

‫‪- Agence Allemande pour la coopération technique, op .cit ,p6.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪194‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-2‬التدخل على المستوى المؤسساتي‬


‫يتمثل التدخل مؤسساتيا في انشاء الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية‪ANCC‬‬
‫وترقيتها‪ ،‬حيث تعتبر التنظيم المسؤول حول التنسيق في العمل بين مختلف‬
‫المؤسسات الحكومية والخاصة‪ ،‬اضافة الى تحقيق مشاريع التأقلم ومشاريع خفض‬
‫‪1‬‬
‫انبعاثات غازات الدفيئة‬
‫يمكن القول أن برمجة هذا المشروع قد تمت سنة ‪ ،2007‬أي قبل حوالي عشر سنين‬
‫حيث كان تصور إستراتيجية وطنية لمكافحة تغير المناخ مازال غامضا لذلك جاء على‬
‫شكل مجرد خطوط عريضة و أهداف عامة ال ترقى لمرتبة التطبيق‪.‬‬
‫كما أن عملية التنفيذ تتطلب مساهمة جميع أفراد المجتمع بالوعي في هذا المجال‪،‬‬
‫القطاع الخاص والحكومات والو ازرات‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المخطط الوطني للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية‪:‬‬
‫يقوم المخطط الوطني للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية على تغيير أنماط اإلنتاج‬
‫واالستهالك غير المستدامة في القطاعات الرئيسية المستهلكة للطاقة‪ ،‬إضافة إلى توفير‬
‫بيئة مواتية لتطوير تكنولوجيا طاقة مستدامة وتطبيقها عمليا‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بكفاءة‬
‫الطاقة والوقود األكثر نظافة‪ ،‬والطاقة المتجددة‪.‬‬
‫وسوف يتطلب ذلك جهودا مركزة‪ ،‬وشراكة طويلة األمد بين الحكومات والقطاع‬
‫الخاص ومراكز البحث من أجل تحقيق أفضل النتائج‪.‬‬
‫يتمحور هذا الفرع حول ماهية االقتصاد األخضر (أوال) باعتباره عمود المخطط‬
‫الوطني للطاقات المتجددة‪ ،‬كما سيتم التطرق إلى مقومات برنامج الجزائر للطاقات‬
‫المتجددة والفعالية الطاقوية (ثانيا) والذي يقوم مجموعة برامج تقوم أساسا على أطر‬
‫قانونية‪.‬‬

‫‪- Agence Allemande pour la coopération technique, op . cit ,p8.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪195‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أوال االقتصاد األخضر‬

‫يعرف برنامج األمم المتحدة للبيئة االقتصاد األخضر على أنه االقتصاد الذي ينتج‬
‫عنه تحسن في رفاهية اإلنسان والمساواة االجتماعية‪ ،‬في حين يقلل بصورة ملحوظة من‬
‫المخاطر البيئية وندرة الموارد اإليكولوجية‪ ،‬ويمكن أن ننظر لالقتصاد األخضر في أبسط‬
‫صورة كاقتصاد يقل فيه انبعاث الكربون وتزداد كفاءة الموارد كما يستوعب جميع الفئات‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫وفي االقتصاد األخضر ‪ ،‬يجب أن يكون النمو في الدخل وفرص العمل مدفوعا من‬
‫جانب اإلستثمارات العامة و الخاصة التي تقلل من انبعاث الكربون والتلوث وتزيد من‬
‫كفاءة استهالك الموارد والطاقة ‪ ،‬وتمنع خسارة خدمات التنوع البيولوجي والنظام‬
‫االيكولوجي‪،‬غير ان هذه اإلستثمارات تحتاج الى عملية التحفيز والدعم عن طريق اإلنفاق‬
‫العام الموجه‪ ،‬واصالحات السياسات وتغيير اللوائح‪ ،‬بل اعادة بناءه عند الحاجة باعتباره‬
‫مصد ار للمنفعة العامة‪ ،‬خاصة الفقراء الذين يعتمد أمنهم ونمط حياتهم على الموارد‬
‫الطبيعية‪1‬لكن الواقع يبين أن هنالك إساءة شديدة لتخصيص الموارد‪.‬‬

‫وقد تم إغداق الكثير من رؤوس األموال على العقارات ‪ ،‬والوقود األحفوري ‪ ،‬بينما‬
‫تم استثمار القليل بالمقارنة في الطاقة المتجددة ‪ ،‬وكفاءة الطاقة ‪ ،‬والمواصالت العامة ‪،‬‬
‫والزراعة المستدامة ‪ ،‬وحماية النظام االيكولوجي والتنوع البيولوجي ‪ ،‬والمحافظة على‬
‫األرض والمياه ‪ ،‬وقد شجعت معظم إستراتيجيات التنمية اإلقتصادية بحق على التكديس‬
‫السريع لرؤوس األموال المادية ‪ ،‬المالية والبشرية ‪ ،‬ولكن على حساب تناقص رأس المال‬
‫الطبيعي وتدهوره ‪ ،‬بما فيه من الموارد الطبيعية والنظم االيكولوجية ‪ ،‬وقد كان لهذا النمط‬

‫‪ -‬برنامج األمم المتحدة للبيئة‪ ،‬نحو اقتصاد أخضر‪ ،‬مسارات إلى التنمية المستدامة والقضاء على الفقر‪،2011 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.2‬‬

‫‪196‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫السلبي من التنمية والنمو تأثيرات قاتلة على رفاهية األجيال الحالية ومازال يفرض‬
‫تحديات ومخاطر هائلة أمام األجيال التالية ‪ ،‬وذلك عن طريق إهداره لمخزون العالم من‬
‫الثروة الطبيعية‪.1‬‬

‫ومما سبق يمكن القول أن االقتصاد األخضر كمفهوم يشبه مفهوم التنمية المستدامة‬
‫من حيث أن كالهما يسعى إلى تحقيق تنمية اقتصادية بمعايير مراعاة مقومات البيئة‪ ،‬مما‬
‫يدعو إلى القول أن النموذج االقتصادي الصناعي الرأسمالي الذي عرفه العالم يسعى‬
‫لتحقيق الربح على حساب الطبيعة‪ ،‬لذلك يحقق االقتصاد األخضر حياة حضرية أكثر‬
‫استدامة و هو ضروري إلزالة الفقر‪ ،‬وندرك أن االقتصاد األخضر يستمد قيمته من رأس‬
‫المال الطبيعي ويستثمر فيه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مقومات برنامج الجزائر للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية‪:‬‬


‫تعمل الجزائر حاليا على تأسيس برنامج وطني من مقوماته االعتماد على الطاقات‬
‫المتجددة والفعالية الطاقوية‪.‬‬

‫‪ .1‬برنامج الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية‪:‬‬

‫لقد قامت الجزائر بإطالق برنامج لتطوير الطاقات المتجددة والفعالية‬


‫الطاقوية‪ ،2011‬مستندة على استراتيجية تتمحور حول تثمين الموارد التي ال تنضب مثل‬
‫الموارد الشمسية واستعمالها لتنويع مصادر الطاقة‪.‬‬

‫يتمحور البرنامج على تأسيس قدرة ذات أصول متجددة بحوالي ‪ 22.000‬ميغا واط‬
‫وهذا خالل الفترة الممتدة ما بين ‪ 2011‬و‪ ،2030‬منها ‪ 12.000‬ميغا واط موجه لتغطية‬
‫الطلب الوطني من الكهرباء و‪ 10.000‬ميغا واط للتصدير‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد خضر الشربيني‪ ،‬مقال بعنوان‪ :‬كيف نحضر اقتصاداتنا قبل نفاذ النفظ‪ ،‬مجلة العربي‪ ،‬العدد‬ ‫‪1‬‬

‫‪،641‬أفريل‪، 2012‬ص‪.174‬‬

‫‪197‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫يشتمل البرنامج من اآلن والى غاية ‪ 2020‬على إنجاز ‪ 60‬محطة شمسية‬


‫كهروضوئية وشمسية ح اررية وحقول لطاقة الرياح ومحطات مختلفة‪.‬‬

‫ويكون إنجاز البرنامج على ثالث مراحل‪:‬‬

‫‪ -‬المرحلة األولى‪ :‬ما بين ‪ 2011‬و‪ ،2013‬تخصص إلنجاز المشاريع‬


‫الريادية (النموذجية( الختبار مختلف التكنولوجيات المتوفرة‪.‬‬
‫‪ -‬المرحلة الثانية‪ :‬ما بين ‪ 2014‬و‪ ،2015‬تتميز بالمباشرة في نشر البرنامج‪.‬‬
‫‪ -‬أما المرحلة األخيرة‪ :‬ما بين ‪ 2016‬و‪ 2030‬وسوف تكون خاصة بالنشر‬
‫على المستوى الواسع‪.1‬‬

‫‪ .2‬اإلطار القانوني للبرنامج‪:‬‬

‫لقد صادقت الجزائر على إطار قانوني يحفز على ترقية وانجاز هياكل لهذا المجال‪،‬‬
‫إن تطوير الطاقات المتجددة‪ ،‬يعتمد على مجموعة قوانين رقم ‪ 01-02‬المؤرخ في ‪5‬‬
‫فبراير ‪ 2002‬المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات ‪ ،‬و القانون رقم ‪04-09‬‬
‫المؤرخ في ‪ 14‬أوت ‪ 2004‬المتعلق بترقية الطاقات المتجددة في إطار التنمية المستدامة‬
‫ولالستجابة الناجعة لألولويات المنصوص عليها في برنامج الطاقات المتجددة وتشجيع‬
‫مبادرات الخواص والمؤسسات ‪ ،‬وسوف تجري تعديالت تشريعية و تنظيمية الهدف منها‬
‫ضمان إطار قانوني وتنظيمي للمستعملين و المتدخلين و مختلف المستثمرين مما يسمح‬
‫باالستجابة للتحديات الواجب رفعها في ميدان الطاقات المتجددة‪.‬‬

‫‪ -1‬و ازرة الطاقة و المناجم‪ ،‬برنامج الطاقات المتجددة و الفعالة الطاقوية‪ ،‬طباعة صات أنفو‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪. 5-4‬‬

‫‪198‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫إضافة إلى اإلطار العام الذي ينظم تطوير االستثمار‪ ،‬فإن إجراءات تحفيزية و‬
‫تشجيعية مقررة في القانون المتعلق بالتحكم في الطاقة ) مزايا مالية ‪ ،‬جنائية و حقوق‬
‫جمركية ( وهذا لتفعيل المشاريع التي تنافس في تحسين الفعالية الطاقوية وترقية الطاقات‬
‫المتجددة ‪ ،‬وقد تم إنشاء الصندوق الوطني للتحكم في الطاقة من أجل تمويل هذه‬
‫المشاريع ومنح قروض بدون فوائد وضمانات للبنوك والمؤسسات المالية ‪ ،‬حتى تقوم هذه‬
‫األخيرة بتمويل االستثمارات التي تساهم في الرفع من الكفاءة الطاقوية ولتشجيع ودعم‬
‫الصناعات في إنجاز هذا البرنامج‪ ،‬يتوقع تخفيض الحقوق الجمركية والرسم على القيمة‬
‫المضافة عند االستيراد بالنسبة والمواد األولية والمنتجات النصف المصنعة المستعملة في‬
‫صناعة األجهزة في الجزائر في مجال الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية‪.1‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬إدماج مشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط (باتنة‪،‬‬
‫بومرداس‪ ،‬سيدي بلعباس)‬
‫يتم من خالل مشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط‪ ،‬يعد ربط العالقة بين‬
‫الطاقة والمدن المفتاح لحل مشاكل الطاقة‪ ،‬باعتبارها تستهلك جزء كبير من الطاقة‪ ،‬كما‬
‫تتوفر في المدن اإلمكانات القادرة على حل مشاكل الطاقة‪ ،‬يقوم المشروع على تشجيع‬
‫البلدان الواقعة جنوب البحر المتوسط بما فيها الجزائر على االستجابة بفعالية لتحديات‬
‫سياسات التنمية المستدامة والتقليل من استهالك مادة الكربون‪ ،‬يتمحور هذا الفرع حول‬
‫شرح ماهية المشروع (أوال) بصفة عامة‪ ،‬والتطرق إلى سياقه في الجزائر (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ماهية المشروع‬
‫يتم تمويل مشروع توفير الطاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط )‪ (CES-MED‬في‬
‫إطار سياسة الجوار األوروبية )‪ (EMP‬ويتماشى مع الرغبة في إقامة عالقات ثنائية وثيقة‬

‫‪ -‬و ازرة الطاقة والمناجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪199‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫مع دول الجنوب‪ .‬وباإلضافة إلى الفوائد اإلقتصادية للعالقات الوثيقة هناك أيضا حقيقة‬
‫أن اإلتحاد األوروبي والدول األعضاء بهال يمكنهم على سبيل المثال تحقيق اهدافهم في‬
‫مجاالت الطاقة والهجرة والبيئة بدون العمل المشترك مع الدول األخرى‪.‬‬
‫‪ CES-MED‬هو مبادرة‬ ‫إن مشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط‬
‫ممولة من اإلتحاد األوروبي لتوفير التدريب والمساعدة التقنية لمساندة السلطات المحلية‬
‫والوطنية في الدول المستفيدة من اآللية األوروبية للجوار والشراكة –جنوب‪ ،‬وذلك في‬
‫إطار رؤية شاملة لمساعدة هذه الدول على التجاوب بشكل أكثر فعالية لتحديات السياسة‬
‫المستدامة وتبادل المعرفة والخبرات وكذلك بناء شراكة دائمة ما بين السلطات المحلية في‬
‫االتحاد األوروبي ونظيرتها في دول جنوب المتوسط‪.‬‬
‫وتتمحور أهداف المشروع أساسا حول دعم السلطات المحلية والوطنية‪ ،‬من حيث‬
‫تزويدها بالمساعدة التقنية و التدريب على صياغة و تنفيذ السياسات المستدامة من خالل‬
‫إعداد خطط العمل‪ ،‬و مساندتها على االستجابة بشكل أكثر فعالية لتحديات السياسة‬
‫المستدامة ‪ ،‬و أهم ما يسعى له المشروع هو تطوير استخدام الطاقة من أجل تخفيض‬
‫انبعاثات ثاني أكسيد الكربون‪.1‬‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أن مشروع ‪ CES-MED‬ينظم حدثا موازيا الجتماع األطراف‬
‫‪2‬‬
‫‪ Cop 22‬بمراكش تحت عنوان ‪ :‬تقوية القدرات‪.‬‬
‫ثانيا – مشروع ‪ CES-MED‬في الجزائر ‪:‬‬
‫تواجه الجزائر تحديات متزايدة مع تزايد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لذلك تم اعطاء‬
‫األولوية لتبني تدابير فعالة في مجال فعالية الطاقة والطاقات المتجددة‪.‬‬

‫‪1‬نشرة حول النشاطات واالنجازات التي قام بها مشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط‪،‬ص‪،2‬متوفر على‬
‫الموقع‪.www.ces-med.eu/:‬‬
‫‪www.cop22.ma/-2‬‬

‫‪200‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫في نهاية سنة ‪ ،2015‬تم االنتهاء من إعداد خطط عمل للطاقة المستدامة للمجالس‬
‫الشعبية البلدية الجزائرية المشاركة )باتنة‪ ،‬بومرداس‪ ،‬وسيدي بلعباس (‪ ،‬كما يتم تقديم‬
‫المساعدة للمجالس الشعبية البلدية األخرى التي ترغب في إعداد هذه الخطط و تنفيذ‬
‫‪1‬‬
‫التدابير و الخطوات المفصلة فيها‪.‬‬
‫إن أهم ما قام به المشروع هو إنجاز قائمة جرد لإلنبعاثات الخاصة بغازات الدفيئة‬
‫كخطوة أولى في مسيرة إنجاز خطة عمل الطاقة المستدامة‪ ،‬يهدف الى تحديد التحديات‬
‫التي تواجه اإلقليم‪ ،‬باعتبار انه من المفيد جدا إعداد قائمة جرد اإلنبعاثات على مستوى‬
‫المدينة وحدودها‪.‬‬
‫وقد تمت مالحظة أن مساهمة القطاعات تختلف بحسب كل مدينة ‪ ،‬بالنسبة لمدينة‬
‫باتنة – تبين أن القطاع الذي يستهلك النسبة األكبر من الطاقة هو السكن ‪ 47%‬يليه‬
‫النقل ‪ % 30‬و الصناعة ‪.% 11‬‬
‫أما في مدينة بومرداس‪ ،‬فإن القطاعات التي تصدر أكبر كمية من االنبعاثات فهي‬
‫المساكن ‪ %39‬النقل ‪ %17‬والنفايات ‪ ،%16‬وأخي ار مدينة سيدس بلعباس‪ ،‬القطاعات‬
‫التي تسبب أكبر نسبة من االنبعاثات فهي قطاع النقل ‪ %38‬والسكن ‪%27‬‬
‫‪2‬‬
‫والنفايات‪.%13‬‬

‫تشكل هذه القطاعات النطاق الذي يجب التركيز عليه لوضع مشاريع تقليص‬
‫االنبعاثات‪.‬حيث من المالحظ أن ترتيب القطاعات التي تصدر أكبر كمية انبعاثات‬
‫للغازات الدفيئة تختلف حسب كل مدينة‪ ،‬علما أن قطاع السكن هو أكبر مساهم نظ ار‬
‫للنمو السكاني المتزايد في بلديات الجزائر خاصة بالنسبة لمدينة بومرداس باعتبارها وجهة‬
‫سياحية في الجزائر في فصل الصيف ‪ ،‬لذلك يعتبر السياح نوعا من السكان المؤقتين‬

‫‪ -1‬نشرة دورية لمشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.3‬‬

‫‪ -‬النشرة الدورية لمشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.9 ، 7‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪201‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الذين يستهلكون الطاقة ‪ ،‬كما تعتبر هذه المدينة مرك از جامعيا و حرم جامعي ‪ ،‬لذلك‬
‫يشكل الطالب و موظفو الجامعة أيضا شريحة سكانية مؤقتة يجب أخذها بعين االعتبار‪،‬‬
‫أما بالنسبة لمدينة باتنة فهي تتمتع بديناميكية خاصة بفضل وجود ‪ 50000‬طالب‬
‫يرتادون جامعة الحاج لخضر و قد أتاح التطور الصناعي في المدينة المجال لبناء ثالث‬
‫مناطق صناعية ‪ ،‬لذلك نجد قطاع الصناعة أحد أهم المساهمين في انبعاثات غازات‬
‫الدفيئة‪.‬‬

‫وأخي ار بالنسبة لمدينة سيدي بلعباس‪ ،‬فهي تشكل ملتقى طرق فعلي بين المدن‬
‫الساحلية الكبيرة في هذه المنطقة من البالد وتحتل المدينة موقعا إستراتيجيا إذ تعتبر‬
‫الطريق الرئيسية للعديد من الوجهات‪ ،‬وبالتالي يصبح ارتفاع حركة النقل العام ‪ ،‬وهو‬
‫قطاع يستهلك الطاقة بشكل كبير ‪ ،‬أحد المصادر الرئيسية للتلوث الجوي وانبعاث غازات‬
‫‪1‬‬
‫الدفيئة في نطاق المجلس الشعبي البلدي بلعباس‪.‬‬

‫غير أن المشروع ال يقتصر على الجانب اإلقليمي فقط‪ ،‬بل للمشروع إطار وطني‬
‫للعمل‪ ،‬ففي إطار التعاون نحو الالمركزية‪ ،‬عينت و ازرة الخارجية الجزائرية في أوائل‬
‫مراحل المشروع و ازرة الطاقة لتعيين كجهة تنسيق المشروع‪ ،‬وقامت و ازرة الطاقة بدورها‬
‫بتعيين الوكالة الوطنية لتطوير وترشيد استخدام الطاقة كشريك علمي وتقني للمشروع‪.‬‬

‫و رغم أن مجال عمل المشروع هو االلتزام بتحقيق أهداف مستدامة ووضع خطط‬
‫عمل للطاقة المستدامة ‪ ،‬إال أن الجزائر لم تشهد أي قفزة نوعية في مجال فعالية الطاقة‬
‫و التقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حتى اآلن ‪ ،‬و قد أصدر المشروع تقري ار حول‬
‫الجزائر بعنوان ‪ " :‬التدابير الوطنية الموصى بها في مجال الفعالية الحضرية و فعالية‬

‫‪ -1‬النشرة الدورية لمشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪202‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الطاقة المستدامة " ‪ ،‬يقيم هذا التقرير الوضع القائم على أرض الواقع و الحاجات إلى‬
‫الطاقة المستدامة و يشمل أيضا توصيات لدعم منهجية تؤدي إلى وضع خطط عمل‬
‫للطاقة المستدامة على المستوى الوطني ‪ ،‬كما يوضح التقرير أيضا إمكانيات التمويل‬
‫لتنفيذ المشروعات المقترحة في خطط عمل الطاقة المستدامة أما أهم التحديات فهي ‪:‬‬
‫الضعف النسبي للوعي في مجال الطاقة المستدامة و الحاجة إلى دعم القدرات و توفير‬
‫‪1‬‬
‫التمويل على كل من المستوى الوطني و المستوى المحلي‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬تدابير اتخذتها الجزائر لها عالقة بتغير المناخ‬

‫ان االمتثال ال يقتصر فقط على اتخاذ تدابير مباشرة متعلقة بقطاع الطاقة وبالتحديد‬
‫الطاقات المتجددة واالقتصاد األخضر‪ ،‬انما هناك تدابير اتخذتها الجزائر لها عالقة بتغير‬
‫المناخ‪ ،‬تتعلق أساسا بـ‪ :‬أوال‪ :‬قطاع النقل‪ ،‬ثانيا‪ :‬قطاع الفالحة‪ ،‬ثالثا‪ :‬الغابات‪ ،‬رابعا‪:‬‬
‫محاربة التصحر‪ ،‬خامسا‪ :‬تحويل التكنولوجيا‪ ،‬سادسا‪ :‬اإلعالم والتحسيس‪.‬‬

‫أوال‪ :‬قطاع النقل‬


‫باعتبار أن ظاهرة تغير المناخ تؤثر سلبا على قطاع النقل فان الجزائر قد اتخذت‬
‫إجراءات في هذا المجال‪.‬‬
‫‪-1‬عالقة قطاع النقل بتغير المناخ‬
‫يتسم السياق العام لخدمات النقل وبنيته التحتية بوجود تحديات كبرى‪ ،‬فمن المتوقع‬
‫أن يصل تعداد سكان العالم إلى اكثر من ‪ 9‬مليارات نسمة بحلول عام ‪ ،2050‬وسيكون‬
‫الجزء األكبر من هذا النمو السكاني بالبلدان النامية‪ ،‬مع العلم أن أكثر من نصف سكان‬
‫العالم يعيش في المناطق الحضرية‪ ،‬و من المتوقع أن تزيد هذه النسبة الى ‪ % 69‬بحلول‬

‫‪ -‬النشرة الدورية لمشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪203‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫عام ‪ ،2050‬و ربما تشهد السنوات العشرين المقبلة تصنيع أعداد من السيارات تفوق ما‬
‫تم تصنيعه منها طوال تاريخ هذه الصناعة الممتدة ألكثر من ‪ 110‬سنة كما أن تلوث‬
‫الهواء يكون بشدة في المناطق الحضرية‪ ،‬إذ ينجم ‪ %90‬من تلوث الهواء بالمناطق‬
‫الحضرية عن عادم السيارات‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى وفاة ما يقدر بنحو ‪ 800‬ألف شخص‬
‫سنويا‪.‬‬
‫كما يساهم النقل في تفشي ظاهرة تغير المناخ‪ ،‬فهو يساهم بما يصل الى ‪ %14‬من‬
‫انبعاثات الغازات المسببة لالحتباس الحراري بالكرة األرضية‪ ،‬وال تسبقه في ذلك سوى‬
‫ا النبعاثات الناجمة عن توليد الكهرباء‪ ،‬ويعد التخفيف من حدة آثار تغير المناخ والتكيف‬
‫معها احدى األولويات التي تزداد أهميتها بسبب تزايد انبعاثات النقل لتصبح على األرجح‬
‫السبب األول لالنبعاثات خالل العقود المقبلة‪ ،‬وكذلك احتياج البنية التحتية إلى التحول‬
‫لتصبح قادرة على الصمود في وجه التغير‪.‬‬

‫لقد تمثلت أهم التوجهات االستراتيجية للبنك الدولي‪:‬‬


‫‪ -‬خلق األوضاع المواتية لزيادة المساندة لالستثمار في مجال النقل والحوكمة‪.‬‬
‫‪ -‬تعميق المشاركة في القطاع الفرعي للطرق والمحاور الرئيسية‪.‬‬
‫زيادة المشاركة في القطاع الفرعي للنقل الحضري‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تنويع المشاركة في مجال النقل من أجل تعزيز التجارة‬
‫‪ -‬الحد من انبعاثات الغازات المسببة لالحتباس الحراري والتخفيف من حدة آثارها‪.1‬‬
‫أما بالنسبة للنقل البحري‪ ،‬فيواجه تحديا مزدوجا فيما يتعلق بتغير المناخ‪ .‬والبد لهذا‬
‫قدرته على التأقلم في مواجهة‬
‫القطاع من خفض انبعاثاته من غازات الدفيئة وبناء ا‬
‫التأثيرات السلبية لتغير المناخ‪ .‬واذا كانت إجراءات التخفيف من آثار تغير المناخ بالغة‬

‫‪1‬مقال بعنوان‪ :‬النقل‪ ،‬على الوقع اإللكتروني‪.www.worldbank.org :‬‬

‫‪204‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫األهمية‪ ،‬فإنها غير كافية لمعالجة آثار تغير المناخ المتوقعة على الهياكل األساسية للنقل‬
‫البحري وخدماته معالجة فعالة‪ ،‬وقد تكون القابلية للتأثر والتكاليف كبيرة‪ ،‬السيما بالنسبة‬
‫للموانئ الموجودة في األقاليم النامية حيث تكون القدرة على التكيف ضعيفة‪ ،‬وقد تزداد‬
‫هذه الصعوبات حدة بسبب الترابط االقتصادي العالمي واالندماج في سالسل اإلمداد‬
‫العالمية التي تعمل كقنوات انتقال‪ ،‬وبالنظر الى األهمية االستراتيجية التي تكتسيها‬
‫الموانئ بالنسبة للتدفقات التجارية العالمية‪ ،‬والترابط القوي بين سالسل اإلمداد العالمية‪،‬‬
‫فإن ضمان قدرة الموانئ على التأقلم مع تغير المناخ‪ ،‬في البلدان النامية والمتقدمة على‬
‫السواء‪ ،‬هو أمر بالغ األهمية ‪.1‬‬

‫‪-2‬التدابير التي اتخذتها الجزائر في قطاع النقل‪:‬‬


‫يلعب تعزيز النقل الجوي دو ار مهما في ربط المدن الكبرى ببعضها‪ ،‬إضافة الى مدن‬
‫الجنوب خاصة بالنظر إلى المساحة الجغرافية الواسعة للجزائر‪ ،‬وهذا ما يسمح بتقلص‬
‫نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون مقارنة باالنبعاثات الصادرة عن النقل البري‪.‬‬
‫لقد تم تنظيم انبعاثات الغا ازت من خالل المرسوم المؤرخ في ‪20‬جوان ‪1983‬‬
‫المتعلق بشروط انبعاثات األدخنة الناتجة عن السيارات‪ ،‬مع مالحظة البدء في تصنيع‬
‫البنزين السائل خاليا من مادتي الكبريت والرصاص‪.‬‬
‫كما سيتم تقليل انبعاثات غاز ‪ co2‬بتعزيز التدابير المتخذة والمتمثلة في‪:‬‬
‫‪ -‬االنتهاء من انجاز مترو الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة تأهيل وسيلة النقل تليفريك ‪ télépherique‬خاصة في المدن الكبرى‪.‬‬
‫‪ -‬رفع الضريبة المفروضة على استيراد السيارات لتقليل استهالك الطاقة‪.‬‬
‫‪ -‬الزيادة في أسعار البنزين‪.‬‬

‫مجلس التجارة والتنمية‪ ،‬التطورات واالتجاهات األخيرة في النقل البحري الدولي التي تؤثر في تجارة البلدان النامية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫بلجيكا‪ ،2013،‬ص‪.18.‬‬

‫‪205‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ -‬منع استيراد السيارات التي يزيد عمرها عن ثالث سنوات بمقتضى قانون المالية لسنة‬
‫‪.11997‬‬

‫كما قامت الجزائر بفرض الرسم التكميلي على التلوث الجوي ذي المصدر الصناعي‬
‫والذي يشمل المواصالت‪ ،‬على الكميات المنبعثة التي تتجاوز حدود القيم‪ ،‬حيث يخضع‬
‫هذا الرسم ألحكام المادة ‪ 205‬من قانون المالية لسنة ‪ ،2002‬ومرجعيا لألحكام الخاصة‬
‫بالرسم على األنشطة الملوثة والخطرة على البيئة‪.‬‬

‫يحدد مبلغ الرسم تبعا لتعريفة الرسم على األنشطة الملوثة أو الخطيرة على البيئة‪،‬‬
‫كما تتضاعف هذه التعريفة بمعامل مضاعف مشمول بين ‪1‬و‪ 5‬تبعا لمعدل تجاوز القيم‪.‬‬
‫ويخصص حاصل هذا الرسم كما يلي‪:‬‬
‫‪ %75 ‬لفائدة الصندوق الوطني للبيئة وازالة التلوث (‪.(FEDEP‬‬
‫‪ %15 ‬لفائدة الخزينة العمومية‪.‬‬
‫‪ %10 ‬لفائدة البلديات‪.2‬‬

‫كما فرض رسم على العجالت يقدر بـ ‪ 10‬دج بالنسبة للعجالت الموجهة للشاحنات‬
‫الثقيلة و‪ 5‬دج على العجالت الموجهة للسيارات الخفيفة‪ ،‬أسست هذه النسبة من طرف‬
‫قانون المالية ‪ 2006‬وتشمل الواردات من العجالت الجديدة أو العجالت محلية الصنع‪.‬‬

‫كما فرض نفس القانون رسما عند استيراد أو تصنيع زيوت التشحيم على التراب‬
‫الوطني‪ ،‬وحددت قيمة هذا الرسم بـ ‪ 12500‬دج للطن‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Communication nationale initiale, op.cit, p.53.‬‬

‫موساوي عمر‪ ،‬بالي مصعب‪ ،‬ادماج البعد البيئي في المؤسسات الصناعية الجزائرية‪ ،‬مقال منشور على الموقع‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.manifest.univ-ourgla‬‬

‫تقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.338.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪206‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثانيا‪ :‬في قطاع الفالحة‬

‫تعتبر الفالحة أحد القطاعات المتأثرة بمسالة تغير المناخ لذلك كان على الجزائر أن‬
‫تتخذ إجراءات بهذا الشأن‪.‬‬

‫‪-1‬عالقة قطاع الفالحة بتغير المناخ‬

‫تمثل األراضي أقل من ثلث مساحة سطح الكرة األرضية‪ ،‬فتبلغ مساحة اليابسة أكثر‬
‫من ‪ 140‬مليون كيلومتر مربع‪ ،‬حيث تمثل التربة الزراعية منها أهم أجزاء اليابسة لإلنسان‬
‫وذلك إلنتاج المحاصيل والغذاء‪ ،‬وأهم المستلزمات للكائنات الحية‪ .‬كما تعتبر اليابسة‬
‫مخزنا للمعادن والمواد األولية ومصادر الطاقة المهمة للبشرية جمعاء‪.‬‬

‫حيث تعتبر الظروف المناخية أكثر األسباب الطبيعية التي تؤدي إلى الجفاف‬
‫والمجاعة‪ ،‬وفي مقدمتها قلة األمطار‪ ،‬ما يؤدي إلى أزمة المياه في كثير من دول العالم‪،‬‬
‫خاصة في منطقة الشرق األوسط وافريقيا‪ ،‬فقلة األمطار أو تذبذبها في بعض المناطق من‬
‫العالم يجعلها تتعرض لنوبات من الجفاف تؤدي بالتالي الى تدمير القدرة البيولوجية‬
‫لألراضي مما يساعد على حدوث الجفاف‪ ،‬وبالتالي المجاعات وهجرة السكان إلى أماكن‬
‫أخرى‪.1‬‬
‫تعتبر الزراعة العماد األساسي للعديد من الدول‪ ،‬وتمثل ما نسبته ‪ %40‬من مجموع‬
‫إيرادات التصدير‪ ،‬وتشغل ‪ %60‬إلى ‪ % 90‬من مجموع القوة العاملة في افريقيا‪.‬‬
‫ما يالحظ أن معظم النظم الزراعية في إفريقيا تعتمد على المناخ‪ ،‬لذلك فإن‬
‫التهديدات البيئية وعلى رأسها تغير المناخ‪ ،‬تزيد من تهديد األمن الغذائي اذ تتناقص‬
‫اإلنتاجية وترتفع األسعار في البلدان التي تعاني من انعدام أمن غذائي مزمن‪ .‬تؤكد‬

‫عبد المنعم مصطفى المقمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.193 .‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪207‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫بيانات المنظمات الدولية الحالية‪ ،‬أن ما يزيد على ‪ 14‬ألف نسمة يموتون يوميا بسبب‬
‫الجوع وأغلبهم في إفريقيا‪.‬‬

‫أضف إلى ذلك أن قارة افريقيا أكثر القارات تأث ار بحدوث المجاعات البيئية‪ ،‬لفقرها‬
‫االقتصادي واستنزاف ثرواتها الطبيعية لصالح تحالف الدول العظمى‪ ،‬حيث يؤكد‬
‫السيناريو المناخي‪ ،‬بقاء احتالل الواليات المتحدة المرتبة األولى عالميا في انتاج الحبوب‬
‫الزراعية‪ ،‬ويظل تفوقها الزراعي وراء كونها سلة خبز العالم‪ ،‬وهو ما يقود دول افريقيا الى‬
‫تبعية غذائية مستمرة‪.1‬‬

‫‪-2‬التدابير التي اتخذتها الجزائر في قطاع الفالحة‬

‫لقد بذلت الجزائر مجهودات لعصرنة قطاع الفالحة‪ ،‬حيث استحدثت صناعة‬
‫األسمدة اآلزوتية لدعم اإلنتاج الفالحي‪ ،‬كما عرفت السنوات األخيرة تنظيم مختلف برامج‬
‫التنمية الفالحية‪ ،‬وقد سمحت هذه األخيرة بنمو اإلنتاج الفالحي من متوسط ‪% 2.18‬‬
‫خالل سنة ‪ 1980‬إلى متوسط ‪ %5‬خالل سنوات التسعينات‪.‬‬

‫غير أن العديد من المناطق لم تستفد من هذا النمو‪ ،‬بل عانت من مشاكل‬


‫كالتصحر‪ ،‬البطالة والنزوح الريفي‪.‬‬

‫لقد شكل المناخ عامل عائق للفالحة‪ ،‬خاصة خالل العشرية األخيرة التي عرفت‬
‫الجفاف بصفة دورية‪ ،‬لذلك تم اإلعداد في هذا اإلطار دراسات متعلقة بالتحسيس حول‬
‫تصحر المناطق السهبية‪ ،‬تم اعدادها من طرف المركز الوطني لتقنيات الفضاء‪.2‬‬

‫أمينة دير‪ ،‬أثر التهديدات البيئية على واقع األمن اإلنساني في افريقيا‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬جامعة محمد‬ ‫‪1‬‬

‫خيضر بسكرة‪ ،2014 ،‬ص‪.71 .‬‬

‫‪Communication nationale initiale, op.cit, p.53.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪208‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وقد شهدت سنة ‪ 2000‬وضع سياسة منسجمة ترمي إلى تزامن ضمني لتحسين‬
‫أهداف إنتاجية الموارد الطبيعية مع استعمالها المستدام‪ ،‬كما سمح المخطط الوطني‬
‫للتنمية الفالحية الذي أطلق في السنة نفسها باعتماد مقاربة شاملة متجددة للتنمية‬
‫الفالحية‪ ،‬وتهدف هذه المقاربة إلى تحقيق هدفين متضمنين للمخطط الوطني للتنمية‬
‫الفالحية‪ ،‬وتكثيف اإلنتاج وتوسيع المساحات الصالحة للزراعة وتنمية مستدامة تقوم على‬
‫استغالل عقالني للموارد الطبيعية وتهيئ بالتالي تحديد طاقات اإلنتاج‪ ،‬قصد تمكين‬
‫الفالحة الجزائرية من مواجهة حاجيات من مواجهة حاجيات األجيال الصاعدة‪.‬‬
‫ولدعم ذلك تم وضع آليات تحفيزية لتشجيع تنفيذ هذه السياسات الجديدة وهي‬
‫االنفتاح على التنازل واالمتياز من أجل االستصالح‪ ،‬وتقديم مساعدات موجهة للمناطق‬
‫المالئمة من خالل الصندوق الوطني للضبط والتنمية الفالحية‪ ،‬وتوسيع نفس هذا النظام‬
‫التنازلي إلنجاز جزء من البرنامج الوطني إلعادة التشجير من خالل زراعة األشجار‬
‫المثمرة لفائدة السكان‪ ،‬التسيير العقالني لألنظمة البيئية للمناطق السهبية عبر برامج دعم‬
‫التربية التوسعية لألبقار واالستغالل الموحد للطبقات المائية الجوفية‪ ،‬تحقيق برامج طموحة‬
‫للتشغيل الريفي‪ ،‬وضع سياسات تقوم على التشاور و المشاركة للمجموعات المحلية‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬قطاع الغابات‬


‫يؤثر تغير المناخ سلبا على الغابات‪ ،‬لذلك اتخذت الجزائر إجراءات في هذا المجال‪.‬‬
‫‪-1‬عالقة قطاع الغابات بتغير المناخ‬
‫للغابات دور رئيسي في المناخ نتيجة تأثيرها وتأثرها بالتغيرات المناخية في العالم‪،‬‬
‫فهي عامل مهم في دورة الكربون المخزن على المستوى العالمي سواء في أشجارها أو في‬
‫النباتات الموجودة بها‪ ،‬وكما نعلم أن لها تأثي ار كبي ار على تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون‬

‫‪1‬تقرير حول حالة ومستقبل البيئة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.422.‬‬

‫‪209‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫في الجو أثناء نموها‪ ،‬حيث ينطلق غاز األكسجين إلى الجو ويستهلك غاز ثاني أكسيد‬
‫الكربون أثناء البناء الضوئي‪ ،‬ويالحظ أن ما يدمر من األشجار يفوق ما يزرع على‬
‫النطاق العالمي‪ ،‬ولذلك فنسبة غاز ثاني أكسيد الكربون تزيد في الجو وبالتالي تقل نسبة‬
‫غاز األكسجين‪.‬‬
‫وقد تم تقدير كمية االنبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو في عام‬
‫‪ 1990‬بـ‪ 1.67‬ألف مليون طن على المستوى العالمي نتيجة تدمير الغابات‪ ،‬وهذه النسبة‬
‫تعادل ‪ % 20‬تقريبا من نسبة ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم‪.‬‬

‫وللغابات دور مهم في اتزان دورة الماء في الطبيعة‪ ،‬والذي تدفع به ثانية إلى الجو‬
‫على هيئة بخار ماء عن طريق التبخر ‪ ،‬وبالتالي تتكون السحب وتنزل األمطار‪ ،‬وتقدر‬
‫كمية الماء التي تنتجها النباتات عالية جدا‪ ،‬فقد قدر العلماء أن شجرة واحدة من أشجار‬
‫الغابات االستوائية إذا عاشت مائة عام فإنها تدفع للهواء بكمية من الماء قدرها ‪ 25‬مليون‬
‫غالون خالل عملياتها الحيوية التي تقوم بها‪ ،‬وبذلك تضاف هذه الكمية الى السحب‬
‫لتسقط مط ار وبالطبع فإن إزالة الغابات تضعف من إعادة دورة الماء وتؤدي إلى قلة تكون‬
‫السحب وبالتالي تقل كمية األمطار فتصاب هذه المناطق بالجفاف ثم التصحر‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك تلعب الغابات دو ار مهما للغاية في تحسين درجات الح اررة في‬
‫الغالف الجوي لألرض‪ ،‬فالغطاء النباتي للغابات يمتص الطاقة التي تنعكس ثانية إلى‬
‫الجو لو كانت األرض جرداء‪ ،‬إذ تؤدي قلة الغطاء النباتي وتعرية التربة إلى زيادة‬
‫انعكاس األشعة الح اررية من سطح األرض إلى الغالف الجوي‪ ،‬وبالتالي رفع درجة‬
‫ح اررته‪ ،‬ولذلك يعد تدمير الغابات مؤث ار في معدل درجات الح اررة في العالم فيعمل على‬
‫زيادته وبالتالي احترار الجو العالمي‪.1‬‬

‫عبد المنعم مصطفى المقمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 87.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪210‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-2‬التدابير التي اتخذتها الجزائر في قطاع الغابات‬


‫لقد اتخذت الجزائر مجموعة إجراءات في سبيل تثمين غابات الجزائر‪ ،‬وحمايتها من‬
‫الحرائق تمثلت أساسا في‪:‬‬
‫‪ -‬غرس األشجار التي تتميز بسرعة النمو كشجر الصنوبر وأشجار الفواكه‪.‬‬
‫‪ -‬تهيئة الحضائر الوطنية والمحميات الطبيعية‪.‬‬
‫‪ -‬وضع برنامج للمعلومات والتحسيس متعلق بالغابات‪.1‬‬
‫كما تم وضع مخطط إلعادة التشجير‪ ،‬يدرج هذا المخطط إعادة التشجير كوسيلة‬
‫لمحاربة تدهور التربة وضد التصحر وكذا كوسيلة لضمان تجنيد إضافي للموارد وتحسين‬
‫لعائدات السكان المجاورين‪.‬‬
‫وتسمح التوجيهات المعتمدة بمتابعة انجاز "السد األخضر" واعطاء أهمية خاصة‬
‫إلعادة تشجير الحوض الدافق للسدود قصد تقليص توحل هذه األخيرة‪ ،‬مع إعطاء‬
‫األولوية لألصناف ذات الفائدة االقتصادية ولألصناف ذات الفائدة المباشرة لجميع السكان‬
‫المجاورين (الكروم‪ ،‬الخروب‪ ،‬اللوز‪ ،‬الفستق‪ ،‬التين)‪.‬‬
‫كما يضمن تنفيذ برنامج إعادة التشجير‪ ،‬توسع الغطاء الغابي والمحافظة على التربة‬
‫وتحسينها‪ ،‬وهكذا يساهم في خلق الوظائف مع تحسين ظروف الحفاظ على الموارد‬
‫الطبيعية والوراثية والنباتية‪.‬‬
‫ويعود تدهور وضعية الغابات لسنة ‪ ،2000‬كون أن المساحات التي أعيد تشجيرها‬
‫قدرت بأقل من المساحات التي دمرت بفعل الحرائق‪ ،‬لذلك يتمحور عمل إدارة الغابات‬
‫اآلن أكثر من ذي قبل على زراعة األشجار‪ ،‬ويتدعم عمل اإلدارة في هذا الميدان من‬
‫خالل برنامج االستصالح بامتياز‪ ،‬وقد سمح هذا األخير بغرس قرابة ‪ 110000‬هكتار‬
‫خالل سنتي ‪.2000-1999‬‬

‫‪Communication nationale initiale, op.cit, p.54.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪211‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وفي ‪ 2001‬عرفت قروض التجهيز إلدارة الغابات ارتفاعا بأكثر من ‪ %44‬مقارنة‬


‫بسنة ‪ ،2000‬وبالتالي ارتفعت نسبة إنجازاتها‪ ،‬زيادة ملموسة خاصة في ميدان االشغال‬
‫الغابية‪ ،‬تحسين الرعي‪ ،‬ومنذ الشروع في تطبيق المخطط الوطني للتنمية الفالحية‪ ،‬بدأت‬
‫إعادة التشجير باألصناف الغابية في التراجع لفائدة زراعة األشجار المثمرة‪.‬‬
‫لقد عرفت سنة ‪ 2002‬تقلصا في ظاهرة حرائق الغابات والجبال بقوة مقارنة بنسبة‬
‫‪ ،2001‬ويعتبر ذلك ثمرة سياسة إدارة الغابات‪.1‬‬
‫رابعا‪ :‬محاربة التصحر‬
‫تعد التدابير المتخذة لمكافحة التصحر هادفة بطريقة غير مباشرة لمكافحة تغير المناخ‪.‬‬
‫‪-1‬عالقة التصحر بتغير المناخ‬
‫التصحر هو التدهور بفعل اإلنسان في األرض لدرجة فقدانها لخصوبتها ومقدرتها‬
‫على أن تعطي عائدا اقتصاديا في ظل الزراعة أو الرعي‪.‬‬
‫والتصحر يعد كارثة طبيعية تمتد آثارها لتصبح كارثة اجتماعية تهدد المجتمعات‬
‫البشرية‪ ،‬كما يعبر عن درجة معينة من الخلل في التوازن بين العناصر المختلفة المكونة‬
‫للنظم االيكولوجية‪ ،‬وتدهور خصائصها الحيوية وانخفاض اإلنتاجية لهذه النظم بحيث‬
‫تصبح غير قادرة على توفير متطلبات الحياة الضرورية للكائنات الحية ومنها اإلنسان‬
‫والحيوان‪.‬‬
‫وتغطي الصحاري ما يقرب من خمس المساحة الكلية للكرة األرضية‪ ،‬وهي من‬
‫حيث طبيعتها ال تشكل مصدر تهديد للبيئة البرية‪ ،‬بل إن اتساع مساحتها وزحفها‬
‫والتهامها مساحات واسعة من األراضي الزراعية وهو األمر الذي يشكل هذا التهديد‪.2‬‬

‫‪1‬تقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.425.‬‬

‫‪2‬خالد العراقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.104.‬‬

‫‪212‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وتعتبر العوامل التي تسهم في خلق مشكلة التصحر طبيعية وأخرى بشرية‪ ،‬تتداخل‬
‫و تتشابك في صنع ظاهرة التصحر داخل المناطق الجافة وشبه الجافة‪ ،‬مما يجعل‬
‫التصحر مشكلة بيئية معقدة ومتداخلة الجوانب‪ ،‬وقد أثبتت الدراسات العديدة التي حاولت‬
‫أن تستقصي أسباب التصحر عن وجود عالقة بين الظروف المناخية المتذبذبة وغير‬
‫المنتظمة التي يصعب التحكم بها و بين النمو السكاني السريع والذي يعرض نوعا من‬
‫االستخدام الجائر وغير العقالني للموارد البيئية‪ ،‬مما يجعل استنزافها واشاعة التصحر‬
‫فيها وبالتالي بروز مشكلة بيئية‪ ،‬اقتصادية واجتماعية معقدة‪.1‬‬

‫إن أهم األسباب مشكلة التصحر حسب العلماء هي تأثيرات النشاطات البشرية‬
‫والمناخ وان كانت الكثرة من العلماء يرون أن عامل المناخ في حدوث مشكلة التصحر‬
‫هو عامل مساعد فبدونه تحدث المشكلة ولكن ببطء‪ ،‬أما في وجوده فستحدث المشكلة‬
‫بسرعة أكبر‪.‬‬

‫فعندما يحدث الجفاف بسبب التغيرات المناخية يسرع اإلنسان من حدوث المشكلة‪،‬‬
‫ألن المحاصيل الزراعية ستنمو بمعدالت أقل نظ ار إلى الجفاف مما ال يفي بحاجة السكان‬
‫منها‪ ،‬لذلك يجبر اإلنسان على تكثيف االستغالل الزراعي لسد العجز الحادث في‬
‫المحاصيل‪ ،‬وهذا بدوره يؤدي إلى استنزاف خصوبة التربة وموادها العضوية‪ ،‬ويقلل من‬
‫حماية النبات للتربة المتأثرة أصال بالجفاف الذي يحرم التربة من رطوبتها ‪ ،‬وبذلك يزداد‬
‫تدهور التربة والنبات‪ ،‬لذا فإن المناخ يدخل هنا كسبب غير مباشر في صنع مشكلة‬
‫التصحر‪ ،‬فالزيادة السكانية تمارس دو ار في التغيرات المناخية وهي من أسباب التصحر‪،‬‬
‫كما تؤدي دو ار آخر مشابها في استنزاف األراضي الزراعية نتيجة التكثيف الزراعي إلنتاج‬

‫‪1‬محمد جاسم محمد شعبان العاني‪ ،‬التخطيط البيئي‪ ،‬دار الرضوان للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2014 ،‬ص‪.53.‬‬

‫‪213‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫زيادة من المحاصيل الزراعية لالزمة لتوفير الغذاء للسكان المتنامية أعدادهم بشكل كبير‬
‫وفي ذلك تدمير لألراضي الزراعية وتصحرها‪.1‬‬

‫‪-2‬التدابير التي اتخذتها الجزائر لمكافحة التصحر‬

‫صادقت الجزائر على االتفاقية حول محاربة التصحر في ‪ 22‬جانفي ‪ ،1996‬ولقد‬


‫استدعى مسار اعداد استراتيجية محاربة التصحر تدعيم الجهاز الوطني للتنسيق‪ ،‬ووضع‬
‫نظام للتحسيس واالتصال وتنظيم االستشارات المحلية والجهوية مع مجموع الهيئات‬
‫والشركاء المعنيين (القطاع الخاص‪ ،‬المنظمات غير الحكومية)‪.‬‬

‫ويمثل مخطط العمل الوطني لمحاربة التصحر اإلطار المرجعي لمحاربة التصحر‬
‫وتقليص آثار الجفاف بمفهوم اتفاقية محاربة التصحر‪ ،‬ويسمح باقتراح مسعى لتكامل‬
‫األن شطة التي يتعين القيام بها مع سياسة التنمية المستدامة‪ ،‬ويرتكز هذا البرنامج على‬
‫مكافحة الفقر ذو العالقة بالتصحر‪ ،‬ويتعلق األمر بدعم التسيير المستدام للموارد‬
‫الطبيعية‪ ،‬وتقليص‪ ،‬آثار الجفاف والحث على اقتصاد الماء‪.‬‬

‫وقد عمل البحث العلمي في هذا المجال على البحث واقتراح األعمال اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬تدعيم المعرف القاعدية‪ ،‬وتطوير أنظمة اإلعالم والمراقبة في المناطق الخاضعة‬
‫للجفاف والتصحر‪.‬‬
‫‪ -‬محاربة تدهور التربة‪ ،‬خاصة بتكثيف أنشطة حماية التربة‪ ،‬التشجير واعادة التشجير‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير وتدعيم برامج تنمية متكاملة للقضاء على الفقر وترقية أنظمة ح اررة متنوعة في‬
‫المناطق الخاضعة للتصحر‪.‬‬
‫‪ -‬اعداد برامج متكاملة لمحاربة التصحر‪ ،‬وادماجها في المخططات الوطنية للتنمية وفي‬
‫التخطيط البيئي الوطني‪.‬‬

‫أحمد عبد المنعم مصطفى المقمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.207.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪214‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪ -‬وضع مخططات شاملة للتحضير للجفاف‪ ،‬وللنجدة في حالة الجفاف‪ ،‬بما فيها‬
‫ترتيبات المساعدة الذاتية في المناطق األكثر عرضة للمخاطر‪ ،‬واعداد برامج استقبال‬
‫الجئي البيئة‪.1‬‬

‫ولتمويل عملية مكافحة التصحر تم انشاء صندوق محاربة التصحر وتنمية الرعي‬
‫في السهوب‪ ،‬والصندوق الوطني للتنمية الفالحية الذي يدعم االستثمارات الهادفة إلى‬
‫عصرنة اإلنتاج الفالحي‪.2‬‬

‫خامسا‪ :‬تحويل التكنولوجيا‬

‫تعتبر مسألة نقل التكنولوجيا للدول النامية أحد العناصر الهامة في العالقات الدولية‬
‫وخصوصا بالنسبة لمسألة تغير المناخ‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلطار القانوني لنقل التكنولوجيا‬

‫تعد التكنولوجيا " بيان كيفية التطبيق العملي لما جاءت به قريحة العلماء‪ ،‬وابتكار‬
‫أفضل الوسائل وأنسبها لهذا التطبيق"‪ ،‬فالتكنولوجيا إذن هي مجموعة معلومات تتعلق‬
‫بكيفية تطبيق نظرية علمية أو اختراع‪ ،‬فال تعتبر مرادفة للعلم‪ ،‬كما أنها ليست هي‬
‫التطبيق الفعلي للعلم‪ ،‬وانما هي معرفة كيفية تطبيق العلم‪.‬‬

‫إن المدونة الدولية لقواعد السلوك بشأن نقل التكنولوجيا تعد محاولة لتسهيل وتأمين‬
‫نقل التكنول وجيا المشمولة بالحماية‪ ،‬بغرض تعزيز مصالح الدول النامية التي هي في‬
‫حاجة إلى المساعدة‪ ،‬والتي تعتبر تسوية مشاكلها االقتصادية واالجتماعية هدف النظام‬

‫‪1‬تقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪430.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Ministère de l’aménagement du territoire de l’environnement et du tourisme, seconde‬‬
‫‪communication national de l’Algérie, rapport s’étude : vulnérabilité des écosystèmes a la‬‬
‫‪sècheresse et à la désertification. Principe d’adaptation, 2009, p.31‬‬

‫‪215‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫االقتصادي الدولي ككل‪ ،‬إذ أن حل مشاكل التنمية في الدول النامية ال ينعكس عليها‬
‫وحدها بل ينعكس على االقتصاد العالمي في مجموعه‪.‬‬
‫غير أن الدول المتقدمة تصر على موقف أن الطبيعة القانونية لتقنين السلوك لنقل‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬يعتبر مجرد قواعد أخالقية ال ترقى إلى اإللزام القانوني‪ ،‬والدول ال يمكن أن‬
‫تلتزم بدون رضاها‪ ،‬ورضاها مرهون بنظمها الدستورية التي تكفل الحماية لحقوق الملكية‬
‫الصناعية الخاصة‪ ،‬حتى أنه بالنسبة للملكية الصناعية العامة ال يمكن ارغام دولة بدون‬
‫رضاها على نقل التكنولوجيا الى دولة أخرى‪.‬‬
‫ومن ثم فإن استراتيجية التنفيذ الفعال للنظام االقتصادي الدولي الجديد‪ ،‬يجب أن‬
‫ترتكز على جهود الدول النامية لحل مشاكلها‪ ،‬ويعني هذا في المقام األول أن الدول‬
‫النامية ينبغي أال ترتكز جهودها على تعزيز القدرة التكنولوجية المستمدة من الدول‬
‫الصناعية التي تختلف عنها من حيث الحاجات االجتماعية والنظم اإلنتاجية‪ ،‬إذ أن ذلك‬
‫لن يزيدها إال تبعية‪ ،‬وال يمكن للدول النامية تحقيق استقالل تكنولوجي ناجح بدون تعاون‬
‫مقيد وفعال بين الدول النامية نفسها‪ ،‬وعلى األخص فإن القدرة التكنولوجية لبعض الدول‬
‫النامية تجعل االعتماد الجماعي على النفس أم ار ممكنا‪ .‬وهنا ال مفر أمام الدول النامية‬
‫من التعاون اإلقليمي في مجال التكنولوجيا‪ ،‬إذ أن ذلك يحقق أمرين‪ ،‬أولهما تكامل‬
‫األسواق الوطنية‪ ،‬وثانيهما تعزيز قدرتها التفاوضية‪ .‬فمن خالل تكامل األسواق الوطنية‬
‫يمكن للدول النامية تحقيق مستويات عالية من اإلنتاج والنمو المتبادل وذلك عن طريق‬
‫التكامل في نواحي العجز الناجم عن االختالف في الموارد المالية والبشرية والطبيعية‪،‬‬
‫وعلى عكس التكامل مع أسواق الدول المتقدمة الذي يخلق عالقات تبعية وعدم التناسق‪،‬‬
‫فإن تكامل أسواق الدول النامية يتضمن تكامال مخططا وموجها‪.1‬‬

‫عبد الغني محمود‪ ،‬اإلطار القانوني لنقل التكنولوجيا في القانون الدولي العام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،1991 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.75 ،5.‬‬

‫‪216‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-2‬دور التكنولوجيا في حل معضلة المناخ‬


‫إذا كان على العالم أن يتفادى التأثيرات المناخية الحادة‪ ،‬فالبد من تقليص انبعاثات‬
‫الكربون في أسرع وقت‪ ،‬ويعتمد تحقيق مثل هذه التخفيضات بشكل جزئي وفقا للهيئة‬
‫الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ‪ ،‬على توفر تقنيات أساسية لكن توجد حجج كثيرة‬
‫تدحض تلك الثقة الكبيرة في فعالية الحلول التكنولوجية بالنسبة لمعضلة المناخ‪ ،‬فقد تكون‬
‫الشبكات الكهربائية سيئة التجهيز بشكل يجعلها غير قادرة على استيعاب الطاقة المتجددة‬
‫المنتجة على نطاق هائل‪ ،‬كما أن كثي ار من االبتكارات التكنولوجية التي روج لها في‬
‫الماضي فشلت في تحقيق نجاح عملي‪ ،‬بل إن التقنيات الناجحة ستكون فائدتها محدودة‬
‫في المساعدة على تحاشي كارثة مناخية إذا تأخر نضجها واكتمالها‪.1‬‬

‫الوقت الحالي نقص نقل التقدم العلمي في نقل التكنولوجيا من البلدان المتقدمة إلى‬
‫البلدان النامية‪ ،‬على الرغم من عدد الدراسات التي أنجزت لتحديد معوقات هذا النقل‪،‬‬
‫وتشمل هذه المعوقات الحصول على تمويل للتكنولوجيا الذي يعرف محدودية حاليا‪،‬‬
‫إضافة إلى قضية بناء القدرات ونقل المعارف والخبرة والتجهيزات‪ ،‬فضال عن خلق‬
‫الظروف الممكنة‪ .‬وبالتأكيد هناك عوائق مثل حقوق الملكية الفكرية‪.‬‬

‫كما توجد الحاجة إلى هيئة مؤسساتية جديدة بموجب مؤتمر األطراف في اتفاقية‬
‫األمم المتحدة اإلطار بشأن تغير المناخ‪ ،‬لمعالجة جميع القضايا المتعلقة بأبحاث‬
‫التكنولوجيا وتنميتها ونقلها وتعميمها وبناء القدرات حيالها‪.2‬‬

‫وقد شجع نص مبادرة جامعة الدول العربية الموجهة إلى مؤتمر التنمية المستدامة‬
‫المنعقد بجوهانسبورغ ‪ ،2002‬على نقل وتوطين التكنولوجيا المالئمة إلى وداخل المنطقة‬

‫‪1‬مقال بعنوان دور التكنولوجيا في حل معضلة المناخ‪ ،‬على الموقع‪//thebulletin.org :‬‬

‫مقال بعنوان‪ :‬دور التكنولوجيا في تحقيق تغير المناخ على الموقع‪www.afedmag.com :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪217‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫العربية‪ ،‬وتطوير القدرات العربية ومؤسسات البحث العلمي والتكنولوجي لمواجهة التحديات‬
‫التي تواجهها المنطقة العربية واالستفادة من الدعم الفني المتاح من المؤسسات والمنظمات‬
‫الدولية في هذا الخصوص ودعوة الدول الصناعية لتنفيذ التزاماتها الواردة بهذا الخصوص‬
‫في االتفاقيات الدولية‪.1‬‬

‫‪-3‬تحويل التكنولوجيا للجزائر‬


‫يتمحور تحويل التكنولوجيا في الجزائر حول ابرام عدة اتفاقيات مشتركة بين‬
‫جامعات جزائرية وأخرى أجنبية‪ ،‬تنصب هذه االتفاقيات حول مجال التكنولوجيات الحديثة‪،‬‬
‫وفي هذا المجال يحظى موضوع الطاقات المتجددة باألولوية‪ ،‬كما يمكن تعداد برامج‬
‫الشراكة‪:‬‬
‫‪ -‬تغطية عشرين موقعا معزوال في الصحراء بالكهرباء‪ ،‬بفضل الطاقات الضوئية ذات‬
‫المصدر الشمسي‪ ،‬ويدخل هذا المشروع في إطار الشراكة المتوسطية المتعلقة بالطاقة‪.‬‬
‫‪ -‬صناعة الطاقة الكهربائية من خالل توربينات الرياح‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال الطاقة الشمسية لتبريد الجو‬
‫‪ -‬صناعة الطاقة الشمسية الهيدروجينية‬
‫‪ -‬تطوير محركات تعمل بالغاز الطبيعي‬
‫‪ -‬ترقية التكنولوجيات األساسية في الصناعات اآلتية‪ :‬اإلسمنت‪ ،‬الفوالذ‪ ،‬صناعة‬
‫األدوية‪ ... ،‬بالشراكة مع شركات أجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال التوليد المشترك للطاقة إلنتاج الكهرباء الموجهة في عملية تحلية المياه‬
‫كمثال‪ :‬مشروع أرزيو بطاقة تقدر بـ ‪ 180‬ميغاواط وانتاج يومي يقدر بـ ‪ 40.000‬متر‬
‫مكعب من الماء‪.‬‬
‫‪ -‬رسكلة وتثمين النفايات‪.2‬‬

‫‪1‬نادية حمدي صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪62.‬‬


‫‪Communication nationale initiale, op.cit, p.60‬‬
‫‪2‬‬

‫‪218‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫سادسا‪ :‬اإلعالم والتحسيس‬


‫إن الواقع البيئي المتدهور وتغير المناخ هي مشاكل ليس بمقدور الدول وحدها‬
‫مواجهتها‪ ،‬بل على كل فرد معني بمصير الكرة األرضية أن يساهم ولو قليال في الوقاية‬
‫من هذه المشاكل‪.‬‬
‫‪-1‬اسهام اإلعالم في المحافظة على البيئة‬

‫يلعب الدور اإلعالمي في التعريف بقضايا البيئة لكل مجتمع من المجتمعات العربية‬
‫والعالمية خاصة مع بداية القرن الحالي‪ ،‬دو ار كبي ار في التوعية واإلرشاد لقضايا البيئة ذات‬
‫األهمية الكبرى في حياة الشعوب والتي بدأت تبرز بعد العديد من المشكالت الحياتية‬
‫لعدد من الشعوب والتي تعد من أهم أسبابها عدم المحافظة على البيئة وصون مواردها‬
‫واالهتمام بالتنوع األحيائي‪.‬‬

‫حيث أظهرت الدراسات أن وسائل اإلعالم تؤدي دو ار مهما في عقلنة القضايا بسبب‬
‫الطريقة التي تقدمها وتشرحها وتسهم في تحديد المخاطر وتقييمها‪ ،‬كما تعد استجابة الرأي‬
‫العام لهذه المخاطر ناجمة عن تأثيرات اقتصادية واجتماعية أيضا‪ ،‬لذلك البد أن تتضمن‬
‫الكتابة الصحفية شيئا أساسيا جدي ار بالعناية‪ ،‬فتلوث الهواء مثال لم يحظ باالهتمام الالزم‬
‫نتيجة عدم معرفة الناس باألخطار المحيطة بهم فالنشاط اإلشعاعي والمواد الكيماوية‬
‫السامة والتلوث الصناعي والطعام الصناعي‪ ،‬هذه األنواع من األخطار مخيفة في أغلب‬
‫األحيان وتأثيراتها قد تكون ضارة عدة عقود من الزمن‪ ،‬والتغيرات واألمراض الجينية‬
‫بسبب هذه التفاعالت قد تستمر ألجيال ولكنها لم تحظى باالهتمام الكافي إعالميا‪.‬‬

‫كما تعد مص ادر الطاقة البديلة أهم المجاالت لألنشطة اإلعالمية‪ ،‬باعتبار أن بعض‬
‫مناطق الوطن العربي غنية بمصادر الطاقة التقليدية‪ ،‬غير أن هناك مصادر طاقة بديلة‬
‫ممكنة منها الشمس والرياح والغاز الحيوي‪ ،‬فأي من هذه يمكن استخدامها على نحو‬

‫‪219‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أساسي في البلدان العربية‪ ،‬وهنا يكمن دور اإلعالم البيئي في توجيه الرأي العام نحو‬
‫الطرق والوسائل المناسبة‪.1‬‬

‫‪-2‬اإلعالم بقضية تغير المناخ‪:‬‬


‫لقد ارتبط مفهوم اإلعالم في قضية تغير المناخ بالتعليم الذي يشكل عنص ار رئيسيا‬
‫في االستجابة العالمية لتغير المناخ بالنسبة إلى اليونسكو وشركائها في األمم المتحدة‪،‬‬
‫حيث ال يقتصر دور التعليم الجيد في مجال تغير المناخ على مساعدة الناس في فهم هذه‬
‫القضية ومعالجتها‪ ،‬بل يقضي أيضا بتشجيع األفراد على تغيير سلوكهم ومواقفهم بما يتيح‬
‫مواجهة هذا التحدي في المستقبل‪.‬‬
‫وتنص المادة السادسة من اتفاقية األمم المتحدة اإلطار بشأن تغير المناخ على أنه‬
‫ينبغي للدول أن تعمل على تشجيع وتسيير برامج التعليم والتوعية العامة بشأن تغير‬
‫المناخ‪ .‬وبرنامج األمم المتحدة للبيئة‪ ،‬وغير ذلك من وكاالت األمم المتحدة‪ ،‬وفي نفس‬
‫السياق تضطلع اليونسكو بدور ريادي في مساعدة الدول األعضاء على االمتثال ألحكام‬
‫المادة الس ادسة‪ .‬ومن خالل برنامج التعليم في مجال تغير المناخ من أجل التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬تهدف اليونسكو إلى تعزيز مساهمة هذا التعليم في االستجابة الدولية لتغير‬
‫المناخ وجعلها أكثر وضوحا‪ ،‬ويرمي هذا البرنامج إلى مساعدة األفراد على فهم التأثير‬
‫الراهن لإلحترار العالمي وتعزيز التثقيف المناخي بين الشباب عن طريق تعزيز قدرات‬
‫الدول األعضاء على توفير التعليم الجيد في مجال تغير المناخ من أجل التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬مع التركيز على التعليم االبتدائي والثانوي‪ ،‬إضافة إلى زيادة الوعي بقضية‬
‫تغير المناخ وتعزيز برامج التعليم غير النظامي من خالل وسائل اإلعالم والربط الشبكي‬
‫والشراكات‪.‬‬

‫محمد جاسم محمد شعبان العاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.252-251.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪220‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ويهدف التعليم في مجال تغير المناخ من أجل التنمية المستدامة الى تحسين فهم‬
‫المفاهيم الرئيسية المتعلقة باالستدامة ودعم التوجهات الرئيسية للتعليم من أجل التنمية‬
‫المستدامة‪.1‬‬

‫‪-3‬اإلعالم في الجزائر بمسألة تغير المناخ‬

‫لقد كانت هناك إجراءات متخذة إلعالم وتحسيس القطاعات حول رأي الجمهور عن‬
‫أصل مشكلة تغير المناخ وتأثيراتها على اإلنسان‪ ،‬الحيوان والنبات‪.‬‬

‫كما تمت إقامة بمناسبة اليوم العالمي للبيئة‪ ،‬الماء‪ ،‬الشجرة والمناخ‪ ،‬معارض‬
‫وندوات يدور موضوعها حول تغير المناخ وآثاره في سياق الجزائر‪ ،‬وقد تم عرض خالل‬
‫هذه األيام أفالم للتوعية والتحسيس حول تغيرات المناخ‪.‬‬

‫كما يمكن االطالع من خالل شبكة األنترنيت لمعرفة النشاطات المرتبطة بالمشروع‬
‫الوطني ‪ALG/98/G31‬والمشروع اإلقليمي ‪ Rab/94/G31‬والحصول على المعلومات‬
‫بشأن المخطط الوطني اإلقليمي والدولي‪.‬‬

‫إضافة إلى إعداد نشرة األخبار حول التغيرات المناخية وبثها على المستوى الوطني‪،‬‬
‫اإلقليمي والدولي‪ ،‬إضافة إلى تنظيم ورشات حول اإلعالم والتحاور في القطاعات المتأثرة‬
‫بتغير المناخ‪ ،‬تهدف إلى اعالم المشاركين بطرق الحوار الحديثة بما فيها اإللكترونية‪،‬‬
‫وسبل الحصول على المعلومة‪.‬‬

‫‪.orgwww.unesco‬‬ ‫‪1‬مقال بعنوان اليونسكو والتعليم في مجال تغير المناخ من أجل التنمية المستدامة على الموقع‬

‫‪221‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف مخطط العمل الوطني‬

‫نصت اتفاقية تغير المناخ على أنه تتخذ الدول األطراف سياسات وطنية بشأن‬
‫التخفيف من تغير المناخ‪ ،‬والتكيف معه‪ ،‬عن طريق الحد من انبعاثات غازات الدفيئة‬
‫بشرية المصدر‪ ،‬وحماية وتعزيز مصارف وخزانات غازات الدفيئة‪ ،‬مع مراعاة االختالفات‬
‫في نقاط البدء بالنسبة لهذه األطراف ونهجها وهياكلها االقتصادية ومواردها وضرورة‬
‫الحفاظ على نمو اقتصادي قوي ومستدام‪.‬‬
‫انطالقا من االتفاقية‪ ،‬اتبعت الجزائر هدفين لمعالجة تغير المناخ‪ ،‬وهما تخفيف‬
‫انبعاثات الغازات التي تسبب المشكلة‪ ،‬والثاني اتخاذ الخطوات التي من شأنها أن تمكن‬
‫السكان والمجتمعات من التكيف مع تغير المناخ‪.‬‬
‫يوجد أساسا نهجان لتناول معالجة تغير المناخ‪ ،‬وهما تقليل انبعاثات الغازات التي‬
‫تسبب المشكلة (الفرع األول) والثانية اتخاذ الخطوات التي من شأنها أن تمكن السكان‬
‫والمجتمعات من مواجهة آثار تغير المناخ (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تدابير التخفيف‬
‫وفقا للمادة الرابعة ‪/1‬ب من االتفاقيةا إلطار فإنه من بين االلتزامات المشتركة‪،‬‬
‫إعداد برنامج وطنية تتضمن تدابير للتخفيف من تغير المناخ‪.‬‬
‫يتمحور مفهوم التخفيف حول استقرار تركيز غازات الدفيئة في الجو إلى مستوى‬
‫يمنع أي اضطراب يهدد النظام المناخي‪.‬‬
‫لذلك فرض على الدول األطراف إعداد قائمة جرد وطني النبعاث غازات الدفيئة‬
‫حسب المادة الثانية من االتفاقية‪.‬‬
‫تدابير التخفيف (أوال) من جانب مفهومه‪ ،‬والقطاعات المعنية بالتحقيق في الجزائر‬
‫مع تحديد قائمة الجرد الوطني النبعاث غازات الدفيئة‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أوال –التخفيف‪:‬‬
‫تعتبر عملية التخفيف اجراءا ضروريا لمكافحة تغير المناخ‪.‬‬
‫‪– 1‬ماهية التخفيف‪:‬‬
‫يقصد بالتخفيف تلك السياسات التي تستهدف تقليل انبعاثات غازات الدفيئة‪ ،‬وتشمل‬
‫تدابير الحد من الطلب على السلع والخدمات ذات االنبعاثات المكثفة‪ ،‬وزيادة استخدام‬
‫التكنولوجيات منخفضة الكربون‪ ،‬وثمة طريقة أخرى لتخفيض آثار تغير المناخ تتضمن‬
‫تشجيع "بالوعات الكربون"‪ ،‬أي مواطن التخزين التي تمتص ثاني أكسيد الكربون‪،‬من قبيل‬
‫‪1‬‬
‫الغابات أو المستنقعات‪.‬‬
‫ووفقا آلخر تقرير صادر عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ‪ ،‬يالحظ‬
‫أن العالم إذا أراد أن يبقي الزيادات في درجات الح اررة بين ‪ 2‬و‪ 2.4‬درجة مئوية‪ ،‬أي في‬
‫النطاق الذي سيؤدي تجاوزه إلى تحمل كوكب األرض‪ ،‬ألضرار يتعذر إصالحها وفقا‬
‫لقول العلماء‪ ،‬فإن هذا يعني وجوب تقليل االنبعاثات بنسبة ‪ % 50‬بحلول عام ‪.2015‬‬
‫وفي سياق اتفاقية األمم المتحدة اإلطار المتعلقة بتغير المناخ ومبدئها المتصل‬
‫بوجود مسؤوليات مشتركة وان كانت متباينة‪ ،‬يراعي أن الدول متقدمة النمو‪ ،‬تتحمل عبء‬
‫تقليل غازات الدفيئة‪ ،‬بسبب تاريخها في ميدان النشاط الصناعي‪ ،‬لكن هذا ال يعفي البلدان‬
‫النامية من أن تتخذ إجراءات تناسبها‪ ،‬مثل إجراءات التخفيف في سياق التنمية المستدامة‪،‬‬
‫ألنه بالرغم من أن معدالت االنبعاثات الفردية في الدول النامية تتسم بانخفاض نسبي إال‬
‫أنه من المتوقع لها أن ترتفع‪.‬‬
‫وفي حالة عدم اتخاذ إجراء ما وتمادي الجميع في التصرف على النحو المعتاد‪،‬‬
‫ستستمر انبعاثات غازات العالمية بمستوى يصل إلى ‪ 6.4‬درجة مئوية في هذا القرن‪.2‬‬

‫‪ -1‬الموقع الرسمي لمنظمة االمم المتحدة‪.www.un.org :‬‬


‫‪.www.UN.org-2‬‬

‫‪223‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أما بالنسبة لتدابير التخفيف في المناطق الحضرية للحد من الحاجة للسفر والتنقل‬
‫بالتالي التقليل من استهالك الطاقة والموارد بصفة عامة‪،‬إضافة إلى تحديد استخدام‬
‫األراضي وزيادة كفاءة مصادر الطاقة‪.1‬‬
‫وفي محاضرة أمام طالب جامعة جورج تاون في واشنطن طرح رئيس مجموعة‬
‫البنك الدولي "جيم يونغ كيم" مجاالت رئيسية أشار إلى أنه يجب أن يواصل االقتصاد‬
‫عملية النمو‪ ،‬فال مناص عن النمو‪ ...‬لكن ما يجب علينا فعله هو فصل النمو عن‬
‫االنبعاثات الكربونية‪ ،‬كما اعتبر أن هناك خمس وسائل للحد من أسباب تغير المناخ هي‪:‬‬

‫‪-‬إنهاء دعم الوقود األحفوري ‪ :‬فدعم الوقود األحفوري إشارة تشجع على التبذير‬
‫وتثبيط للنمو المنخفض لالنبعاثات الكربونية‪.‬‬
‫‪-‬تسعير الكربون‪:‬إن فرض ضرائب على الكربون من شانه خلق للحد من السلوكيات‬
‫المتسببة في التلوث ولالستثمار في خيارات الطاقة النظيفة‪.‬‬
‫‪-‬زيادة كفاءة استخدام الطاقة المتجددة‪ :‬حيث يمثل تحسين كفاءة استخدام الطاقة‬
‫أم ار حاسما وعلى مستوى العالم يقل اليوم استخدام الطاقة حوالي الثلث عما كان يجب‬
‫عليه الحال بدون التحسينات التي أدخلت على كفاءة استخدام الطاقة خالل السنوات‬
‫العشرين الماضية‪.‬‬
‫‪-‬تطبيق ممارسات الزراعة المراعية للمناخ والتوسع في الغابات‪:‬تساعد الممارسات‬
‫الزراعية المراعية للمناخ على زيادة إنتاجية المزرعة وقدرتها على الصمود في مواجهة‬
‫أثار تغير المناخ مثل الجفاف‪ ،‬وفي نفس الوقت تصبح بمثابة خزانات المتصاص‬
‫الكربون تساعد على الحد من اإلنبعاثات كما تعد الغابات أيضا خزانات المتصاص‬
‫الكربون وتخزينه في التربة و األشجار و األوراق‪.‬‬

‫‪-1‬برنامج األمم المتحدة للمستوطنات البشرية‪ ،‬المدن وظاهرة تغير المناخ‪ :‬توجهات السياسية العامة‪ ،2011 ،‬على‬
‫الموقع االلكتروني‪www.UNhabitat.org :‬‬

‫‪224‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وأضاف قائال انه‪" :‬حتى لو نجحنا في ذلك كله فإننا سنشهد مع ذلك تغيرات مناخية‬
‫‪1‬‬
‫لذا على العالم أن يتكيف مع هذا الوضع مع مواصلة العمل على خفض االنبعاثات"‬
‫‪ 2‬القطاعات المعنية بالتخفيف في الجزائر‬

‫حسب البالغ الوطني األول لسنة ‪ 2001‬فان أكثر المجاالت المعنية بالتخفيف‬
‫هي‪ :‬الطاقة‪،‬الصناعة والنقل‪.‬‬
‫أ ‪-‬قطاع الطاقة‪:‬‬

‫يسعى مخطط العمل في قطاع الطاقة إلى عدة أهداف أهمها المحافظة على‬
‫مصادر الطاقة للبالد من جهة‪ ،‬لكن من جهة أخرى يسعى إلى تحسين نوعية البيئة‪،‬من‬
‫خالل تقليل آثار التلوث على الصحة إضافة إلى خلق فرص العمل‪.‬‬
‫وقد تأثر قطاع الطاقة باتفاقية تغير المناخ من حيث أن توجيهاته تصب حول‬
‫تطوير الطاقات المتجددة‪ ،‬استعمال مصادر الطاقة األقل تلويثا‪ ،‬أي تحقيق اقتصاد‬
‫الطاقة والفعالية الطاقوية‪.‬‬
‫على ضوء ذلك يجب اتخاذ تدابير حكومية سواء على المستوى التشريعي والتنظيمي‬
‫من خالل فرض الضريبة الطاقوية إضافة إلى فرض معايير بيئية وتقنية على عملية‬
‫استخراج ونقل المحروقات بالموازاة مع ترقية الطاقات المتجددة واالستثمار فيها‪.‬‬
‫إن الجزائر بحكم اتساع مساحتها (الصحراء) تمتلك إمكانات كبرى في مجال الطاقة‬
‫الشمسية‪ ،‬كما يهدف مخطط تنمية الطاقات المتجددة تلبية ‪ % 10‬بالمئة على الطاقة في‬
‫البالد في أفق ‪.2020‬‬
‫كما أنه من بين أهداف المخطط تشجيع البحث في مجال الطاقة خصوصا في مجال‬
‫الطاقات المتجددة واعالم وتحسيس العامة حول اقتصاد الطاقة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Direction générale de l’environnement ،Elaboration de la stratégie initiale ،mars,2001‬‬

‫‪225‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫لقد تم اتخاذ تدابير تشريعية بهدف تنفيذ هذا المخطط‪ ،‬وتهدف التشريعات في هذا‬
‫المجال إلى تنويع عائدات الطاقة وجعلها في الحدود القصوى‪ ،‬و في نفس الوقت تطوير‬
‫المنافسة لتحسين نوعية الخدمة‪ ،‬مع تشجيع االستمارات الوطنية و األجنبية‪.‬‬
‫ب–قطاع الصناعة‪:‬‬
‫مخطط العمل في مجال الصناعة إلى تجديد المنشآت الصناعية للبالد باإلضافة إلى‬
‫وسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫يرتكز هذا المخطط على الشراكة مع المؤسسات الخاصة والوطنية والدولية‪ ،‬واستخدام‬
‫تقنيات اإلنتاج األكثر نظافة من خالل تحويل التكنولوجيا‪ ،‬إعادة رسكلة النفايات الصناعية‪،‬‬
‫كما يفرض المخطط استعمال الغاز الطبيعي‪ ،‬أما اإلجراءات المرافقة لذلك فهي تتمثل في‬
‫وضع أنظمة إدارة بيئية في المؤسسات‪ ،‬مع البدء بوضع نظام لقياس ورقابة انبعاثات غازات‬
‫الدفيئة‪ ،‬ووضع التنظيم القانوني المناسب لذلك‪ ،‬وبهدف تسهيل األمر يتم وضع بنك‬
‫معلومات بيئية على مستوى قطاع الصناعة‪.‬‬
‫ج –قطاع المواصالت‪:‬‬
‫يهدف المخطط الوطني إلى تشجيع التجديد التدريجي لحظيرة السيارات‪ ،‬لتقليل التلوث‬
‫من خالل إنقاص استهالك الكربون وحماية أفضل للبيئة‪ ،‬وسيتم اتخاذ تدابير تنظيمية‬
‫لتشجيع اقتناء سيارات جديدة‪.‬‬
‫د – قطاع النفايات‪:‬‬
‫إن لقطاع النفايات تأثيرات مباشرة على الصحة اإلنسانية والموارد الطبيعية مثل‪،‬المياه‬
‫السطحية والجوفية والنوعية البيئية‪ ،‬لذلك تتعلق تدابير التخفيف في هذا المجال بعملية تسيير‬
‫تصريف النفايات‪ ،‬يتعلق األمر باتخاذ تدابير قانونية تشريعية لتنظيم عملية جمع‪ ،‬فرز‪،‬‬
‫التفريغ العمومي‪ ،‬إضافة إلى محطات معالجة المياه الملوثة‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫يهدف المخطط إلى اتخاذ تدابير تتعلق بخلق مفارغ خاصة بالنفايات الصناعية وحدها‬
‫ومفارغ خاصة بالنفايات الصناعية إضافية إلى معالجة خاصة بنوع معين من النفايات وهي‬
‫نفايات المستشفيات لتجنب التلوث وانتقال العدوى‪ ،‬كما يتم وضع على مستوى الوحدات‬
‫الصناعية‪ ،‬إجراءات معالجة خاصة واعادة رسكلة المياه الملوثة‪.‬‬
‫ثانيا –الجرد الوطني إلنبعاثات الغازات الدفيئة‪.‬‬
‫لقد تم إعداده في إطار المشروع ‪ ALG/98/G31‬الذي يعتبر موضوعه وضع‬
‫استراتيجية ومخطط عمل وطني لمواجهة التغيرات المناخية‪.‬‬
‫‪ -1‬قائمة الجرد الوطني إلنبعاثات غازات الدفيئة‪:‬‬
‫تقدر اإلنبعاثات حسب أنواع الغازات بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬غاز ثاني أكسيد الكربون ‪Gg75870.09:Co2‬‬
‫‪ -‬الميثان ‪.Gg913.97‬‬
‫‪ -‬أكسيد النيتروز‪Gg31.39:N20.‬‬
‫‪ -‬ديوكسيد الكربون ‪.–Gg104794.36:E_CO2‬‬
‫‪ -‬أكسيداآلزوت‪.Gg246.86: NOX‬‬
‫‪ -‬مونوكسيد الكربون‪Gg1123.21: CO.‬‬
‫‪ -‬المركبات العضوية المتطايرة ‪.– Gg277.37: COVNM‬‬
‫‪ -‬ديوكسيدالسوفر‪.Gg39.58: SO 2‬‬

‫أما امتصاص ‪ CO2‬من طرف الغابات فيقدر بـ‪.Gg4331:‬‬


‫‪– 2‬التعليق على انبعاثات الجزائر من غازات الدفيئة‪:‬‬
‫يبلغ اجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة بالطن المتري المكافىء لثاني اكسيد الكربون‬
‫لسنة ‪ 2000‬المقدر بـ ‪117310‬جيغاغرام اي ‪ 310.117‬مليون طن مكافىءلـ‪ ،co2‬كما‬
‫امتصت الغابات ما يعادل ‪ 14،167‬مليون طن مكافىء لـ‪ ،co2‬اي صافي انبعاثات الجزائر‬

‫‪227‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫من الغازات الدفيئة ‪ 103،143‬مكافىء لـ‪ .co2‬ويعتبر هذا الحجم من االنبعاثات ضعيفا‬
‫نسبيا خاصة بالنسبة لنصيب الفرد من هذه االنبعاثات بالمقارنة مع العديد من الدول المتقدمة‬
‫‪1‬‬
‫والمجاورة‬

‫يعتبر قطاع الطاقة أكبر مصدر إلنبعاثات غازات الدفيئة بنسبة ‪ 66.92‬بالمئة‪،2‬‬
‫ويعود سبب ذلك إلى أن الجزائر مصدر كبير للمحروقات‪ ،‬لقد اتخذت منذ الثمانينات‬
‫إستراتيجية تطوير تعتمد على مصادر الطاقة‪.‬‬

‫يأتي في المرتبة الثانية تغيير شغل األراضي كتحويل االراضي الفالحية الى اراضي‬
‫بناء بنسبة ‪،%12.4‬أما الفالحة فهي في المرتبة الثالثة من حيث اإلنبعاثات الناتجة عن‬
‫استخدام االسمدة االزوتية لتخصيب التربة بنسبة ‪% 11.49‬بالمئة‪ ،‬ثم تأتي النفايات في‬
‫الدرجة الرابعة ممثلة نسبة ‪ 4.59‬بالمئة‪ ،‬مع العلم انه يوجد في الجزائر نقص في معالجة‬
‫النفايات الصلبة كما يصب جزء كبير من مياه الصرف الصحي مباشرة في البحر أو‬
‫الوديان‪.‬‬
‫في هذا المجال الجزائر معنية بتنفيذ اتفاقية حماية البحر األبيض المتوسط من التلوث‪،‬‬
‫المبرمة في برشلونة في ‪ 16‬فبراير ‪ ،1976‬حيث صادقت عليها بموجب المرسوم رقم ‪–80‬‬
‫‪ 14‬لسنة ‪ ،1980‬لقد حثت االتفاقية على اتخاذ التدابير المناسبة للمنع والحد من تلوث‬
‫البحر المتوسط ألي سبب وكذلك وضع البرامج لرصد التلوث في منطقة البحر األبيض‬
‫المتوسط‪.3‬‬

‫‪1‬بوسبعين تسعديت‪،‬اثار التغيرات المناخية على التنمية المستدامة في الجزائر ‪،‬اطروحة مقدمة لنيل الدكتوراه في علوم‬
‫التسيير‪ ،‬جامعة امحمد بوقرة بومرداس‪، 2015،‬ص‪. 200‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Communication National initiale، op.cit.p30.‬‬

‫‪ -‬السيد مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة البحرية في القانون الدولي للبحار‪ ،‬ايتراك للطباعة‬ ‫‪3‬‬

‫والنشر‪ ،2012،‬ص‪.316‬‬

‫‪228‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫على العموم يساهم الجرد الوطني في فهم الواقع الطاقوي للجزائر بصفة خاصة‪،‬والواقع‬
‫البيئي بصفة عامة من حيث اإلنتاج واالستهالك واالنبعاثات‪ ،‬ويبين األهمية التي توليها‬
‫الج ازئر لمكافحة اإلحترار المناخي‪ 1‬كما يساعد على عملية التخطيط إلنقاص اإلنبعاثات‬
‫والمجاالت التي ينبغي التركيز عليها في هذه العملية‪.‬‬
‫ونالحظ أن البالغ الوطني األول قد عالج اختالف األمر بين احتمالين هما‪ :‬األول في‬
‫حالة اتخاذ تدابير التخفيف والثاني هو حالة عدم اتخاذ تدابير التخفيف‪.‬‬

‫ففي حالة عدم اتخاذ تدابير التخفيف ستتضاعف انبعاثات غازات الدفيئة ابتداءا من‬
‫سنة ‪ 1994‬إلى سنة ‪ 2020‬إلى غاية ضعفين ونصفين‪.‬‬

‫بينما في حالة اتخاذ تدابير التخفيف فإن انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون‬
‫ستنخفض بنسب‪ 7 :‬بالمئة في أفق سنة ‪ 9 ،2005‬بالمئة في أفق سنة ‪ ،2010‬و‪11.5‬‬
‫بالمئة في أفق ‪ ،2020‬مع مالحظة أن هذه النسب تتعلق فقط بقطاع الطاقة حسب المناقشة‬
‫الوطنية األولى‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تدابير التكيف‬


‫تتعاون الدول على اإلعداد للتكيف مع آثار تغير المناخ‪ ،‬وتطوير واعداد خطط مالئمة‬
‫ومتكاملة إلدارة المناطق الساحلية‪ ،‬والموارد المائية والزراعة‪ ،‬ولحماية وانعاش المناطق‪،‬‬
‫السيما في إفريقيا‪ ،‬المتضررة بالجفاف والتصحر وبالفيضانات‪ ،‬لذلك سيعالج هذا الفرع‬
‫التكيف مع تغير المناخ (أوال) كاستجابة مالئمة في حالة عدم النجاح في خفض غازات‬
‫الدفيئة في الجو‪ ،‬كما تتمحور نظرة البالغ الوطني األول للتكيف في الجزائر (ثانيا) حول‬
‫أهم القطاعات المعنية بالتكيف والعوامل المساعدة على ذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- samira hasseni, Developpement durable et énergie,Revue idara ,2011,n41,p65.‬‬

‫‪229‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أوال‪ :‬التكيف مع تغير المناخ‪:‬‬

‫تعد عملية التكيف ام ار ضروريا لمكافحة تغير المناخ‪.‬‬

‫–‪ 1‬ماهية التكيف‪:‬‬

‫ينطوي التكيف على عملية تعديل مستدامة ودائمة للظروف المناخية استجابة للواقع‬
‫البيئي المتغير والجديد‪ ،‬على الرغم من أنه لطالما تكيفت البشرية مع محيطها‪ ،‬إال أن‬
‫التكيف اإلستباقي المخطط لم يظهر سوى مؤخ ار استجابة لتأثيرات تغير المناخ بشري المنشأ‬
‫في العالم‪ ،‬لقد اعترف صانعوا السياسات بأن العالم يواجه خطر فوري وحقيقي‪ ،‬وأن التكيف‬
‫مع التغير أمر ضروري‪ ،‬لقد تم تحديد التكيف كاستجابة مالئمة‪ ،‬إذ أنه يرتبط بدعم عمليات‬
‫اإلنماء ومن شأنه تسهيل استم اررية وتحسين سبل العيش القائمة‪.‬‬

‫إن تأثير تغير المناخ سيشمل كافة أوجه المجتمع والبيئة واالقتصاد مما يعني أنه‬
‫يتعين تكييف السلوكات وسبل العيش والبنى التحتية والقوانين والسياسات والمؤسسات‪،‬‬
‫استجابة للظواهر المناخية السابقة أو المرتقبة‪.1‬‬

‫وفي هذا السياق صدر تقرير بعنوان‪ ":‬كيف يمكن للبلدان النامية دمج أدوات تكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصاالت بشكل فعال في استراتيجيات التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من‬
‫حدته"‪2‬؟‬

‫‪ -‬لي از شيير ‪ ،‬ماريا سيقاران ‪ ،‬التكيف مع المناخ ‪ :‬التحدي الجديد للتنمية في العالم العالمي ‪ ،‬تقرير صادر عن‬ ‫‪1‬‬

‫برنامج األمم المتحدة للبيئة ‪ ،‬النسخة النهائية ‪،2008 ،‬ص‪.8‬‬

‫‪-2‬التقرير متوفر على الموقع االلكتروني ‪.Itunews.Ltu.mht:‬‬

‫‪230‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫يشير التقرير إلى تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت تضطلع بدور متزايد في التنبؤبآثار‬
‫تغير المناخ وتحديدها وقياسها‪.‬والتي يجب دمجها مع االستراتيجيات الوطنية للتكيف مع‬
‫‪1‬‬
‫تغيرالمناخ‪.‬‬

‫‪ –2‬التكيف في بروتوكول كيوتو‪:‬‬


‫لقد تم إصدار توصيات أولية لتشغيل صندوق التكيف ‪ ،‬وتم البث في تفاصيل و‬
‫توصيات حول تصميم صندوق التكيف أما في االستعراض الثاني لبروتوكول كيوتو فإنه‬
‫‪2‬‬
‫تمت مراجعة تحسين تنفيذ البروتوكول و تطوير التكيف ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرة البالغ الوطني األول للتكيف في الجزائر‬


‫تنص المادة الثانية عشر من اتفاقية تغير المناخ بان يقوم كل طرف بإعداد بالغ‬
‫وطني يتضمن عرض مفصل للسياسات المعتمدة لتنفيذ التزاماته‪ ،‬إضافة إلى تقدير محدد‬
‫لآلثار التي ستنجم عن هذه السياسات‪.‬‬

‫‪ –1‬القطاعات المعنية بالتكيف في الجزائر‬


‫تعد أهم القطاعات المعنية بالتكيف في الجزائر قطاع المياه‪ ،‬الفالحة‪،‬الساحل‪،‬‬
‫والغابات‪.‬‬

‫‪-1‬هذا التقرير هو متابعة للندوة السادسة لإلتحاد الدولي لإلتصاالت بشأن تكنولوجيا المعلومات و االتصاالت ‪ ،‬و‬
‫البيئة و تغير المناخ في الفترة ‪7‬و‪ 8‬يوليو ‪ 2011‬في غانا ‪ ،‬و قد أعد هذا التقرير بتكليف من االتحاد الدولي‬
‫لالتصاالت وعدد من الجهات الرئيسة صاحبة المصلحة في غانا و من بينها و ازرة االتصاالت‪ ،‬و ازرة البيئية و هيئة‬
‫العلوم و التكنولوجيا و حماية البيئة ‪ ،‬بالتعاون مع اتفاقية األمم المتحدة االطار لتغير المناخ ‪ ، UNFCCC‬و هو جزء‬
‫من سلسلة من االنشطة التي يضطلع بها قطاع تقييس االتصاالت في االتحاد في مجال تكنولوجيا المعلومات و‬
‫االتصاالت و تغير المناخ التي انطلقت بعد أن نشر قطاع تقييس االتصاالت تقرير رصد التكنولوجيا في ‪ 2007‬تحت‬
‫عنوان‪ :‬تكنولوجيا المعلومات و االتصاالت و تغير المناخ‪.‬‬

‫‪ -‬لي از شيبر‪ ،‬ماريا باز سيقاران‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪231‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أ– قطاع المياه‪:‬‬


‫يرى البالغ الوطني األول‪ ،‬أنه من الضروري القيام بدراسات لتحديد الطلب والمصادر‬
‫على المستوى اإلقليمي‪ ،‬تسمح هذه الدراسات بتحديد التحوالت بين األقاليم مثال‪ :‬تحويل‬
‫المياه من األقاليم المكتفية إلى األقاليم المحتاجة‪.‬‬
‫وينبغي أن يأخذ برنامج العمل في مجال المياه بعين االعتبار‪ :‬الحفاظ على األرض‪،‬‬
‫حماية الغابات وتهيئة المسطحات المائية‪.‬‬
‫و تتمثل تدابير التكيف على العموم فيما يلي‪:‬‬
‫– التحكم في عملية استغالل السدود بحيث يجب أن تتالءم كمية المياه مع‬
‫االحتياجات بصفة عامة‪ ،‬واحتياجات الفالحة بصفة خاصة وأخذ االعتبارات البيئية بعين‬
‫االعتبار عند اختيار مواقع بناء السدود‪.‬‬
‫على أنه ال يتم االكتفاء بمياه السدود بل اللجوء إلى مصادر أخرى‪ ،‬كتحلية مياه البحر‬
‫على مستوى كبرى المناطق الصناعية المستهلكة للمياه‪ ،‬وتعزيز التنقيب عن الموارد المائية‬
‫للبالد إضافة إلى المياه الجوفية‪ ،‬دون أن ننسى ضرورة متابعة تطور نوعية المياه وتحسين‬
‫ظروف جمع والحفاظ على مياه األمطار باستعمال تقنيات خاصة‪.‬‬
‫هذا فيما يخص عملية جمع و معالجة المياه‪ ،‬أما بالنسبة لعملية التوزيع‪ ،‬فإنه من‬
‫الضروري عصرنة شبكات توزيع المياه في المراكز الحضرية الكبرى الساحلية لتقليل تسربات‬
‫المياه المقدرة بأكثر من ‪ 4‬أربعين بالمئة‪ ،‬كما على السلطات ان تقوم بتعميم العداد على‬
‫مستوى كل مستعمل‪ ،‬وتوعية المستهلك حول الدور الحيوي للماء مع التركيز على وسائل‬
‫التوعية مثل اإلعالم‪ ،‬المدرسة‪...‬الخ‪.‬‬
‫ب – قطاع الفالحة‪:‬‬
‫لقد اهتم البالغ الوطني األول‪ ،‬بالمناطق الجافة وشبه الجافة المخصصة لزراعة‬
‫الحبوب أو تركت للرعي‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ويهدف مخطط العمل في مجال الفالحة إلى تحسين عائداتها وتحقيق التنمية‬
‫المستدامة من خالل استعمال الموارد الطبيعية إلى أقصى حد‪ ،‬ويقوم المخطط أساسا على‬
‫تقسيم مجاالت الفالحة حسب المناطق‪:‬‬

‫‪ -‬الزراعة العشبية في مناطق الهضاب العليا‪ ،‬باعتبارها ال تحتاج كمية كبيرة من المياه‪.‬‬

‫‪ -‬الحبوب الجافة في مناطق‪ :‬تيارت‪ ،‬تيسمسيلت‪ ،‬عين تيموشنت‪ ،‬تلمسان‪ ،‬غليزان‪ ،‬ميلة‪،‬‬
‫سكيكدة‪ ،‬بويرة ‪ ....‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -‬الزيوت في المناطق اآلتية‪ :‬على مستوى الهضاب العليا) أم البواقي‪ ،‬تيارت‪،‬‬
‫سطيف(والساحل) الطارف ‪ ،‬قالمة ‪ ،‬عين الدفلى ‪ ،‬الشلف ( ‪.‬‬
‫‪ -‬زراعة الكروم في غرب الجزائر) عين تيموشنت‪ ،‬مستغانم‪ ،‬تلمسان‪ ،‬معسكر‪ ،‬سيدي‬
‫بلعباس (‪.‬‬
‫‪ -‬زراعة أشجار الزيتون والفاكهة المقاومة للتغيرات المناخية) اللوز‪ ،‬الفستق الحلبي على‬
‫مستوى المناطق الجافة‪ ،‬السهول والجبال( ‪.‬‬
‫‪ -‬الحمضيات‪ :‬في المناطق الوسطى والشرقية أين تسمح اإلمكانات المائية بذلك‪.‬‬

‫أما على مستوى المناطق السهبية‪ ،‬يهدف المخطط إلى إلغاء زراعة الحبوب واستبدالها‬
‫بزراعة النباتات الرعوية إلعادتها لتوجهها األول وهو تربية الماشية بهدف ضمان تغذية‬
‫طبيعية للماشية‪.‬‬

‫ج – المناطق الساحلية‪:‬‬
‫يهدف مخطط العمل إلى تنمية الموارد البحرية وتهيئة الساحل‪ ،‬لتخفيف الضغط عن‬
‫الساحل من جهة وتثمين اإلمكانات السياحية‪ ،‬فإنه يجب اتخاذ تدابير تشريعية لحماية‬
‫المناطق الساحلية ‪ ،‬حيث تشمل هذه الحماية معالجة مياه الصرف قبل رميها في البحر‪،‬‬
‫والقيام باألشغال الالزمة للمحافظة على الشريط الرملي‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫د– قطاع الغابات‪:‬‬

‫إن حماية وتمديد مجال الغابات عامل مهم لمحاربة التصحر ‪ ،‬انجراف التربة ‪ ،‬حماية‬
‫األراضي الفالحية المحادية للغابات ‪ ،‬وتطوير أنواع الحيوان والنبات ‪ ،‬لذلك يهدف مخطط‬
‫العمل إلى ‪ :‬تكثيف التشجير لمضاعفة المساحة الحالية من ‪ 20000‬هكتار إلى ‪40000‬‬
‫هكتار في السنة ‪ ،‬و تحديث الجرد الوطني للغابات الذي تم وضعه سنة ‪ ، 1985‬مع وضع‬
‫حزام غابي في المناطق العمرانية كالمساحات الخضراء ‪ ،‬و دعم و حماية المحميات‬
‫الطبيعية ) الحضائر الوطنية ( مع مرافقة هذه التدابير بالقيام بمسح غابي السترجاع‬
‫األراضي ذات التوجه الغابي و تقوية التشريع في هذا المجال ‪.‬‬

‫‪- 2‬العوامل المساعدة على التكيف ‪:‬‬

‫تتمثل العوامل المساعدة على التكيف في محاربة الفقر‪ ،‬الحفاظ على الصحة‪ ،‬تطوير‬
‫ادوات المساعدة على اتخاذ الق اررات‪ ،‬تحويل التكنولوجيا‪ ،‬تطوير البحث العلمي اضافة الى‬
‫االعالم والتحسيس‪.‬‬

‫أ – محاربة الفقر‪:‬من المعروف ان التغير المناخي يساهم في حدة المشاكل التي‬


‫تعاني منها البلدان الفقيرة‪ ،‬كما انه يصعب عملية التكيف مع هذه الظاهرة‪ ،‬لذلك تقوم‬
‫اإلستراتيجية الوطنية الخاصة بمكافحة الفقر‪ ،‬بشأن الفترة بين ‪ 2001‬و‪ 2005‬خصوصا‬
‫إلى تطوير المجاالت اآلتية‪:‬‬
‫– توفير السكن‪.‬‬
‫– الصحة العمومية للوقاية والحماية من األمراض المعدية‪.‬‬
‫– خلق فرص العمل‪.‬‬
‫– تطوير الفالحة والتنمية الريفية لخلق ‪ 585000‬منصب عمل‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ب – الصحة اإلنسانية‪:‬‬
‫يؤثر التغير المناخي سلبا على الصحة االنسانية‪ ،‬لذلك تهدف السياسية الوطنية‬
‫للصحة للوقاية من االمراض‪ ،‬حيث ستكون هنالك محاربة مستمرة ضد تكاثر مصادر‬
‫العدوى والتلوث التي تقلل من مجهودات الوقاية‪ ،‬سيتم االهتمام بنوعية الهواء‪ ،‬الماء‪ ،‬سالمة‬
‫األغذية‪ ،‬معايير السكن وأماكن العمل التي تعكس حالة الصحة العامة‪.‬‬
‫ج – تطوير األدوات المساعدة على اتخاذ الق اررات‪:‬‬
‫يتعلق األمر من الناحية النظرية بتطوير وسائل المراقبة‪ ،‬ووسائل التسيير‪ ،‬لذلك البد‬
‫من ضمان مراقبة المناخ‪ ،‬من خالل تقوية وتحديث شبكات الحصول على المعطيات‬
‫المناخية‪ ،‬البيئية‪ ،‬المياه‪ ،‬الفالحة‪ ،‬إضافة إلى المعطيات اإلقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫إن الهدف من جمع المعطيات هو معالجتها واستعمالها حسب الحاجة ومن المهم‬
‫تطوير العالقات مع المراكز الدولية‪ ،‬اإلقليمية والوطنية التي تملك معطيات حول تغير‬
‫المناخ‪ ،‬كما تلعب شبكة االنترنت دور ضروري لجمع وتبادل المعلومات في هذا المجال‪.‬‬
‫د – تحويل التكنولوجيا‪:‬‬
‫يعتبر تحويل التكنولوجيا أم ار ضروريا للحد من انبعاثات غازات الدفيئة‪ ،‬وتهدف عملية‬
‫التحويل إلى رقابة‪ ،‬تحديد والسماح بتأقلم المالئم لتغير المناخ دون رهن التنمية‪.‬‬
‫ويتعلق بتحقيق ذلك بإبرام اتفاقيات بين جامعات وطنية وجامعات أجنبية في مجال‬
‫التكنولوجيا الحديثة وبالتحديد بالطاقة المتجددة‪ ،‬كما أن لتحويل التكنولوجيا أهمية على‬
‫مستوى المنشآت الصناعية‪.‬‬
‫ه – البحث العلمي‪:‬‬
‫تشكل المخاطر المرتبطة بتغير المناخ اهتمام وطنيا ودوليا في آن واحد‪.‬‬
‫فعلى المستوى الوطني‪ :‬تؤخذ بعين االعتبار درجة مساس البالد بآثار تغير المناخ‪،‬‬
‫بحيث يتم إعداد بحوث في إطار أقلمة الموارد الطبيعية مع تغير المناخ بالتحديد مجاالت‬
‫موارد المياه‪ ،‬الفالحة‪ ،‬الساحل‪ ،‬الغابات‪ ،‬واألنظمة البيئية األخرى‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ولالستجابة لالهتمامات الدولية‪ ،‬سيتم تنفيذ برامج بحث تنموية لتقليل انبعاثات غازات‬
‫الدفيئة وزيادة كمية امتصاصها بواسطة الغابات‪ ،‬النبات واألرض‪.‬‬
‫كما تعتبر المشاركة في برامج البحث العالمية حول التغيرات المناخية‪ ،‬ضرورة‬
‫للمؤسسة العلمية الوطنية‪.‬‬

‫و –اإلعالم والتحسيس‪:‬‬
‫لقد تم اتخاذ إجراءات إلعالم وتحسيس كل الفاعلين االجتماعيين حول مصدر تغيرات‬
‫المناخ وتأثيرها على اإلنسان‪ ،‬الحيوان والنبات خاصة في المحيط الجامعي‪.‬‬
‫كما تم خلق الموقع اإللكتروني " ‪ " changementclimatiques _ Algerie‬والذي سيتم‬
‫تطويره‪ ،‬بحيث يشكل إطار تبادل معلومات على المستوى الوطني‪ ،‬اإلقليمي والدولي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أدوات تنفيذ المخطط الوطني لمكافحة تغير المناخ‬

‫باعتبار المخطط نظرة استشرافية لكيفية تنظيم مجال معين فمن المؤكد انه يعد خطوة أولى‪،‬‬
‫تحتاج الى اعمال ميكانيزمات تحقيقه وادماجه في المنظومة التشريعية والمؤسساتية‬
‫للدولة‪،‬يحتاج تنفيذ المخطط الوطني لمكافحة تغير المناخ وضع األطر القانونية(المطلب‬
‫األول) من خالل سن القوانين الكفيلة بتحقيق أهدافه‪ ،‬ويحتاج كذلك الى اطر‬
‫مؤسساتية(المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األطر القانونية‬

‫لقد شكل تدعيم الترتيبات القانونية والتنظيمية في ميدان البيئة إحدى األولويات بالنسبة‬
‫للجزائر خاصة في الفترة ‪ ،2005-2000‬صبت جميعها في هدف حماية البيئة في إطار‬
‫التنمية المستدامة وفقا لتقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر لسنة ‪( 2005‬الفرع‬
‫األول)‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫لقد صدر في إطار تنفيذ المخطط الوطني لمكافحة تغير المناخ مجموعة قوانين ذات‬
‫عالقة مباشرة بتنفيذ المخطط(الفرع الثاني)‪ ،‬إضافة إلى قوانين أخرى ليست لها عالقة مباشرة‬
‫بتنفيذه وانما تعتبر مساعدة على تحقيق أهداف المخطط (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االهتمام القانوني بالبيئة في التشريع الجزائري‬

‫خضعت الجزائر لفترة طويلة لالستعمار طبقت خاللها القوانين واألنظمة الفرنسية‪،‬‬
‫فكلما تعلق األمر بقواعد حماية البيئة فإن المستعمر يأبى احترامها في األراضي‬
‫الجزائرية‪ ،‬أما بعد االستقالل مباشرة انصب اهتمام الجزائر على إعادة البناء والتعمير‬
‫مهملة إلى حد ما الجانب البيئي‪ ،‬كما لم تكن لديها قاعدة صناعية من شأنها أن تؤدي‬
‫إلى تلويث البيئة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مرحلة عدم الوعي البيئي في الجزائر‬
‫تعتبر فكرة االهتمام بحماية البيئة وليدة ندوة ستوكهولم لسنة ‪ ،1972‬لكن نظ ار‬
‫لألوضاع االقتصادية واالجتماعية المزرية لدول العالم الثالث عامة والجزائر خاصة‪،‬‬
‫نتيجة خروجها حديثا من االستعمار أدى بالدول إلى الرفض التام لهذا الطرح‪.‬‬
‫وهو الموقف الذي عبرت عنه الجزائر خالل مداخالتها من خالل لجنة و ازرية‬
‫مشتركة‪ ،‬وأرجع ممثل الجزائر هذا الموقف إلى السياسة االستعمارية التي دمرت‬
‫اقتصاديات الدول النامية‪.1‬‬
‫نفس الموقف الذي جاء في القانون األساسي الذي صدر خالل هذه المرحلة وهو‬
‫الميثاق الوطني لسنة ‪ ،1976‬أعطى األولوية للتنمية واعتبرها قاعدة ومطلب لالستقالل‬
‫االقتصادي‪ ،‬وأن مدى التنمية يجب أن يتناسب مع حجم التأخر المتراكم في جميع‬

‫بن سعدة حدة‪ ،‬حماية البيئة كقيد على حق الملكية العقارية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر كلية الحقوق‪ ،2007 ،‬ص‪.76.‬‬

‫‪237‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الميادين لدى الشعوب التي تعرضت للسيطرة االستعمارية‪ ،‬فالتنمية بالنسبة لهذه الشعوب‬
‫تعبر عن الجهود الواجب بذلها لتدارك تخلفها‪.‬‬
‫صحيح أن الميثاق الوطني اعتبر التنمية كال متكامال‪ ،‬أي مجموعة أنشطة تتناول‬
‫كل الجوانب السياسي ة‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية والثقافية‪ ،‬إال أنه استبعد الجانب البيئي‪،‬‬
‫واكتفى باإلشارة فقط إلى أن بروز المراكز العمرانية الناتجة عن تنمية سريعة يطرح مشكلة‬
‫حماية البيئة‪ ،‬مما يستوجب على الدولة اتخاذ التدابير الضرورية‪ ،‬وتنظيم كل ما يلزم‬
‫لصيانة محيط البالد والوقاية من كل ظاهرة مضرة بصحة وحياة السكان‪.1‬‬
‫في هذا اإلطار طرح األستاذ محمد مهدي شريان تساؤال‪ ،‬كيف للسكان الذين يعانون‬
‫من الفقر ومشكالت البطالة وتدني مستوى المرافق والخدمات الصحية‪ ،‬أن يوجهوا اهتماما‬
‫له قيمة لسالمة مبانيهم ومدينتهم من الناحية البيئية‪ ،‬وقد أصبح شاغلهم الرئيسي هو‬
‫قدرتهم على البقاء من يوم آلخر‪ ،‬وليس قدرة مدينتهم على البقاء من قرن آلخر‪ ،‬ولقد‬
‫لخص رئيس وزراء أحد الدول النامية ذلك بقوله "من غير المحتمل أن يهتم سكان االحياء‬
‫الفقيرة بالثقوب الموجودة في طبقة األوزون بقدر اهتمامهم بالثقوب الموجودة على أسقف‬
‫بيوتهم"‪.2‬‬
‫غير أنه ال يمكن القول ان االهتمام بحماية البيئة قد غاب تماما حيث صدرت عدة‬
‫تشريعات تتعلق ببعض جوانب حماية البيئة‪ ،‬ففي سنة ‪ 1967‬صدر قانون البلدية‪ 3‬الذي‬
‫لم يتبنى صراحة الحماية القانونية للبيئة‪ ،‬واكتفى فقط باإلشارة إلى صالحيات رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي باعتباره يسعى إلى حماية النظام العام‪ ،‬أما قانون الوالية الصادر‬

‫‪1‬الميثاق الوطني لسنة ‪ ،1976‬المنشور بموجب األمر‪ 57-76 :‬المؤرخ في ‪ 05‬جويلية ‪ ،1976‬المتضمن نشر‬
‫الميثاق الوطني لسنة ‪ ،1976‬ج‪.‬ر‪.‬عدد ‪ ،61‬الباب اسادس والسابع‪.‬‬

‫محمد مهدي شريان‪ ،‬العمارة والبيئة‪ ،‬دار الكتاب الحديثة‪ ،‬مصر‪ ،2008 ،‬ص‪.07.‬‬ ‫‪2‬‬

‫األمر رقم ‪ 38-67‬المؤرخ في ‪ 18‬يناير‪ 1967‬المتعلق بالقانون البلدي‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪.06‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪238‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫سنة ‪ 1969‬فقد تضمن اإلشارة إلى حماية البيئة بشكل غير مباشر وهذا من خالل النص‬
‫على التزام السلطات العمومية بالتدخل وأخذ الق اررات الالزمة لمكافحة األمراض المعدية‬
‫والوبائية‪.‬‬
‫أما في مرحلة السبعينات فقد بدأت تظهر بعض البوادر التشريعية التي تجسد اهتمام‬
‫الدولة بحماية البيئة كإنشاء اللجنة الوطنية للبيئة كهيئة استشارية‪ ،‬تساهم باقتراحاتها في‬
‫مجال حماية البيئة‪.‬‬
‫إن غياب سياسة واضحة لحماية البيئة وعدم صدور قانون خاص بحماية البيئة‬
‫خالل هذه المرحلة ال يعود فقط لحداثة استقالل الجزائر‪ ،‬وانما يعود كذلك إلى حداثة‬
‫تبلور مسألة حماية البيئة كمفهوم جديد حتى على المستوى الدولي‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬بداية االهتمام بالبيئة في الجزائر‬

‫نتيجة لظهور مشاكل بيئية عديدة في دول العالم الثالث وتفاقم خطرها‪ ،‬أدركت هذه‬
‫األخيرة أن سبب ذلك يعود إلى تسيير الموارد الطبيعية‪ ،‬االنفجار السكاني‪ ،‬قلة الرقابة‬
‫الجادة القانونية منها والمؤسساتية‪ ،‬وظهر ذلك بشكل جدي خاصة بعد انعقاد قمة األرض‬
‫باألمم المتحدة سنة ‪1992‬ما بين ‪ 3‬إلى ‪ 14‬جوان‪.‬‬

‫لقد تبنت دول العالم الثالث األفكار التي جاءت بها هذه الندوة على غرار الجزائر‬
‫التي أكدت مشاركتها وصادقت على اتفاقية تغير المناخ‪.2‬‬

‫إضافة إلى ذلك شاركت الجزائر في مختلف البرامج‪ ،‬منها الدورة ‪ 18‬لبرنامج األمم‬
‫المتحدة للبيئة المنعقد في نيروبي ‪ 1995‬بصفتها عضوا في منظمة األمم المتحدة‪ ،‬أما‬
‫على المستوى الداخلي لقد ترجم هذا االهتمام إلى شكل اصدار عدة قوانين‪.‬‬

‫كمال معيفي‪ ،‬الضبط اإلداري وحماية البيئة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪54.‬‬ ‫‪1‬‬

‫بن سعدة حدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪77.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪239‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-1‬المرحلة من ‪ 1983‬إلى ‪:2003‬‬


‫تأتي سنة ‪ 1983‬كنقطة تحول هامة وذلك بصدور قانون حماية البيئة‪ ،‬والذي‬
‫تعامل بصورة شمولية مع البيئة‪ ،‬حيث يعد هذا القانون نهضة قانونية في سبيل حماية‬
‫البيئة والطبيعة من جميع أشكال االستنزاف‪ ،‬إلى أن جاء دستور ‪ 1989‬الذي تبنى‬
‫توجهات جديدة في مختلف المجاالت‪ ،‬وفي نفس الوقت كرس الحماية القانونية للبيئة‬
‫معتب ار إياها مصلحة عامة تحت حمايتها‪ ،‬وكذا ضرورة االعتناء بصحة المواطن ووقايته‬
‫من األمراض المعدية‪ ،‬وذلك من خالل التزام الدولة بالتكفل بهذا المجال‪.‬‬
‫لقد صدرت خالل هذه المرحلة عدة قوانين‪:‬‬

‫كقانون التوجيه العقاري رقم ‪ 25-90‬الذي وضع حدا الحتكار البلديات للصفقات‬
‫العقارية‪ ،‬القانون رقم ‪ 29-90‬المتضمن التهيئة والتعمير والذي خص األراضي الفالحية‪،‬‬
‫الساحل‪ ،‬الفضاءات ذات الخاصية الطبيعية أو الثقافية بنظام قانوني خاص لحمايتها‪.‬‬

‫القانون رقم ‪ 20-01‬ا لمتعلق بتهيئة اإلقليم وتنميته المستدامة الذي يهدف إلى‬
‫تخفيف الضغط عن الساحل والمراكز الكبرى‪ ،‬ترقية المناطق الجبلية والهضاب العليا‬
‫والجنوب‪ ،‬باإلضافة إلى دعم الوسط الريفي الذي يعاني من الصعوبات‪.‬‬

‫المرسوم التنفيذي المتعلق بدراسة مدى التأثير على البيئة‪ 1‬باعتبارها أداة جديدة جاء‬
‫بها قانون حماية البيئة لسنة ‪.1983‬‬

‫ويمكن القول أن فترة التسعينات جاءت بكثير من التشريعات في مجال حماية البيئة‬
‫والمجاالت ذات العالقة‪ ،‬كما استحدث العديد من الهياكل المكلفة بحماية البيئة‪.‬‬

‫المرسوم ‪ 78-90‬مؤرخ في فبراير ‪ 1990‬متعلق بدراسة التأثير على البيئة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‪.10.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪240‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-2‬المرحلة من سنة ‪ 2003‬إلى يومنا هذا‪:‬‬


‫مع استمرار االهتم ام الدولي بحماية البيئة وبداية ترسخ مفهوم التنمية المستدامة‪،‬‬
‫والذي تأكد في قمة جوهانسبورغ بجنوب افريقيا عم ‪ .2002‬للتنمية المستدامة صدر في‬
‫الجزائر القانون رقم ‪ 10-03‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬الذي جاء‬
‫كثمرة لمشاركة الدولة الجزائرية في عدة محافل دولية وكذا مصادقتها على العديد من‬
‫اإلتفاقات في هذا الموضوع‪ .‬كما يعتبر هذا القانون نقطة تحول إيجابية في إطار التكفل‬
‫بحماية البيئة من خالل ما تضمنه من مبادئ وأهداف تجسد حماية أفضل للبيئة‪ ،‬بما‬
‫يتناسب ومتطلبات التنمية المستدامة ومبادئها‪ ،‬إال أن الم ارسيم التنفيذية لهذا القانون طال‬
‫أمد صدورها‪.‬‬
‫وقد حدد التشريع البيئي الجزائري األهداف الرئيسية التي يرمي إليها وهي على‬
‫الخصوص ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد المبادئ األساسية وقواعد تسيير البيئة‪.‬‬
‫‪ -‬الوقاية من كل أشكال التلوث واألضرار الملحقة بالبيئة‪.‬‬
‫‪ -‬ترقية االستعمال االيكولوجي العقالني للموارد الطبيعية المتوفرة‪ ،‬وكذا استعمال‬
‫التكنولوجيات األكثر نقاء‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك نجد أنه في كل سنة مالية يصدر قانون المالية‪ ،‬يتضمن بنودا‬
‫تتعلق بحماية البيئة عن طريق الرسوم البيئية المختلفة‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القوانين ذات العالقة المباشرة بتنفيذ المخطط‬
‫تتمثل هذه القوانين في القانون ‪ 09-04‬المتعلق بترقية الطاقات المتجددة في إطار‬
‫التنمية المستدامة (أوال)‪ ،‬القانون رقم ‪ 09-99‬المتعلق بالتحكم في الطاقة (ثانيا)‪ ،‬القانون‬
‫رقم ‪ 07-05‬المتعلق بالمحروقات (ثالثا)‪.‬‬

‫‪1‬كمال معيفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58-57.‬‬

‫‪241‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أوال‪ :‬القانون رقم ‪ 09-04‬لــ ‪ ،2004‬المتعلق بترقية الطاقات المتجددة في إطار‬


‫التنمية المستدامة‪.‬‬

‫يهدف هذا القانون الى تحديد كيفيات ترقية الطاقات المتجددة في إطار التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬والمتمثلة أساسا في حماية البيئة بتشجيع اللجوء الى مصادر الطاقة غير الملوثة‬
‫من ناحية‪ ،‬والمساهمة في التنمية المستدامة بالمحافظة على الطاقات التقليدية من ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬ان أهم هدف لهذا القانون هو المساهمة في مكافحة التغيرات المناخية بالحد من‬
‫اف ارزات الغاز المتسبب في االحتباس الحراري‪.1‬‬
‫وقد عرف هذا القانون الطاقات المتجددة باعتبارها مفهوما جديدا‪ ،‬بما يلي "هي أشكال‬
‫الطاقات الكهربائية أو الحركية أو الح اررية أو الغازية المحصل عليها انطالقا من تحويل‬
‫االشعاعات الشمسية وقوة الرياح والح اررة الجوفية والنفايات العضوية والطاقة المائية وتقنيات‬
‫استعمال الكتلة الحيوية"‪ ،‬كما أنها بمفهوم آخر "مجموع الطرق التي تسمح باقتصاد معتبر‬
‫‪2‬‬
‫في الطاقة باللجوء الى تقنيات هندسة المناخ الحيوي في عملية البناء"‬

‫لكن السؤال المطروح هو كيف تتم عملية ترقية الطاقات المتجددة؟‬


‫واالجابة هي من خالل البرنامج الوطني لترقية الطاقات المتجددة في اطار التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬وهو مجموع أعمال االعالم والتكوين والتعميم وكذا تحفيز البحث واإلنتاج‬
‫والتنمية‪ ،‬واستعمال الطاقات المتجددة بصفة مكملة أو بديل عن الطاقات التقليدية‪ ،3‬يعتبر‬
‫برنامجا خماسيا يندرج ضمن مخططات مستقبلية خاصة بتهيئة اإلقليم والتنمية المستدامة مع‬
‫آفاق سنة ‪ ، 2020‬و من ضمن ما يشتمل عناصر وآليات تحديد التكلفة البيئية للطاقات مع‬

‫المواد ‪ 01‬و‪ 02‬من القانون رقم ‪ 09-04‬المتعلق بترقية الطاقات المتجددة في إطار التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 03‬من القانون رقم ‪.09-04‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 07‬من القانون ‪.09-04‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪242‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫األخذ بعين االعتبار ومع تقييم مختلف التأثيرات البيئية وتحسين االطار المعيشي المترتب‬
‫عن استعمال الطاقات المتجددة‪.1‬‬
‫وقد حدد القانون المرصد الوطني لترقية الطاقات المتجددة كهيئة وطنية تتولى ترقية‬
‫وتطوير استعمال الطاقات المتجددة ‪.2‬‬
‫ثانيا – القانون رقم ‪ 09-99‬لــ ‪ 28‬يوليو يتعلق بالتحكم في الطاقة‪:‬‬
‫يحدد القانون شروط السياسة الوطنية للتحكم في الطاقة ووسائل تأطيرها وتنفيذها‪،‬‬
‫والهدف األساسي لهذه السياسة هو الحد من تأثير النظام الطاقوي على البيئة من خالل‬
‫االستعمال الرشيد والعقالني للطاقة عبر تقليص انبعاثات غازات الدفيئة وغازات السيارات‪.1‬‬
‫لقد تم إصدار هذا القانون في سياق التنبؤات الطاقوية آلفاق ‪ 2020‬التي أقرت بأن‬
‫اإلنتاج من الطاقة سيغطي بصعوبة الطلب الوطني ومتطلبات التصدير‪ ،‬لذلك أصبح من‬
‫الضروري إعادة النظر في النظام الطاقوي الجزائري‪ ،‬من خالل دراسة كيفية إنتاج الطاقة‬
‫واستهالكها حيث تكون أولويةاالستعمال للغاز الطبيعي إضافة إلى ترقية الطاقات المتجددة‬
‫والتخفيض التدريجي لنسبة االستهالك الوطني للمنتوجات البترولية‪.2‬‬
‫وقد أكدت المادة ‪ 24‬على ضرورة أن يتم اتخاذ إجراءات خاصة بالتكوين واعادة‬
‫التأهيل التقني لصالح اإلدارات والجماعات اإلقليمية والمؤسسات العمومية والخاصة قصد‬
‫ترقية الفعالية الطاقوية واقتصاديات الطاقة‪.‬‬
‫وتعليقا على القانون فهو يركز على عقالنية استعمال الطاقة وعدم اإلفراط في‬
‫استعمالها وهي خطوة تتفق مع هدف اتفاقية تغير المناخ للحد من انبعاثات غازات الدفيئة‪.‬‬

‫المواد ‪ 09‬و‪ 10‬من القانون ‪.09-04‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 17‬من القانون ‪.09-04‬‬ ‫‪2‬‬

‫المواد‪ 1،2،3،4 :‬من القانون ‪.09-99‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 6‬نفس القانون‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪243‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫وكخطوة ثانية يتم تطوير الطاقة المتجددة التي تعتبر نظيفة على البيئة‪ ،‬لذلك يمكن‬
‫القول أن القانون المتعلق بالتحكم في الطاقة جاء متالئما مع توجهات اتفاقية تغير المناخ‪.‬‬

‫ومن أجل تطبيق هذا القانون تم إنشاء وحدة التحليل الطاقوي‪ ،‬على مستوى وكالة ترقية‬
‫وترشيد استخدام الطاقة ‪ ، APRUE‬أيضا تم عقد شراكة بين هذه الوكالة و الوكالة التونسية‬
‫لوضع برنامج وطني للتحكم في الطاقة ‪ PNME‬في عام ‪ ، 2002‬أهم ما جاء به هو تحديد‬
‫الطلب على الطاقة حسب شكلها والقطاعات المستعملة فيها ‪ ،‬يمول هذا البرنامج عن طريق‬
‫الصندوق الوطني للتحكم في الطاقة وتشرف عليه الوكالة الوطنية لترقية و ترشيد استخدام‬
‫‪1‬‬
‫الطاقة‬

‫ثالثا – القانون ‪ 07-05‬مؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ 2005‬المتعلق بالمحروقات‪:‬‬


‫يعتبر قطاع المحروقات أهم قطاع يعنى بمسألة تغير المناخ‪،‬إن لم نقل أنه المتسبب‬
‫الرئيسي لمشكلة اإلحترار العالمي‪.‬‬

‫رغم ذلك جاء هذا القانون بأحكام يمكن القول عنها أنها وقائية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪18‬‬
‫على انه قبل القيام باي نشاط على مادة النفط‪ ،‬البد من العرض على موافقة سلطة ضبط‬
‫المحروقات كل من دراسة التأثير البيئي ومخطط تسيير المخاطر البيئية المرتبطة بهذه‬
‫األنشطة‪ ،‬ويعود األصل القانوني لدراسة التأثير للمادة ‪ 15‬من القانون ‪ 10-03‬من قانون‬
‫حماية البيئة في اطار التنمية المستدامة التي نصت على انه "تخضع مسبقا وحسب الحالة ‪،‬‬
‫لدراسة التأثير او لموجز التأثير على البيئة ‪،‬مشاريع التنمية والهياكل والمنشات الثابتة‬
‫والمصانع واالعمال الفنية األخرى وكل االعمال وبرامج البناء والتهيئة التي تؤثر بصفة‬
‫مباشرة او غير مباشرة فو ار او الحقا على البيئة‪ ،‬السيما على األنواع والموارد واالوساط‬

‫‪1Nassima‬‬ ‫‪Hamidouche ,les modèles de demande d’énergie ,application à la demande des‬‬


‫‪carburants routiers en Algérie ,les cahiers de cread revue publiée par le centre de‬‬
‫‪recherche en économie appliquée pour le developpement,N65,2003,P34 .‬‬

‫‪244‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫والفضاءات الطبيعية والتوازنات االيكولوجية وكذلك على اطار ونوعية المعيشة "‪،‬لذلك يمكن‬
‫تعريف دراسة التاثير بانها دراسة تقييمية للمشاريع والنشاطات التي تسبب او يحتمل ان‬
‫تسبب ضر ار للبيئة ومختلف عناصرها بهدف الحد منها او التكفل بها او تقليلها اما اهداف‬
‫دراسة التاثير على البيئة فتكمن فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد مدى مالءمة ادخال المشروع في بيئته‪.‬‬
‫‪ -‬تقييم االثار المباشرة او غير المباشرة للمشروع‪.‬‬
‫‪ -‬التحقق من التكفل بالتعليمات المتعلقة بحماية البيئة في إطار المشروع‬
‫‪1‬‬
‫المعني‪.‬‬
‫وبالرجوع الى المرسوم التنفيذي رقم ‪ 145-07‬لسنة‪ 2007‬المحدد لمجال تطبيق‬
‫ومحتوى وكيفيات المصادقة على دراسة وموجز التأثير على البيئة‪ ،‬يحتوي الملحق األول‬
‫منه على قائمة المشاريع التي تخضع لدراسة التأثير‪ ،‬وبعد االطالع عليها نجد انها تضم‪:‬‬
‫‪ -‬مشاريع بناء انابيب نقل المحروقات السائلة او الغازية‪.‬‬
‫‪ -‬مشاريع تنقيب او استخراج البترول والغاز الطبيعي او المعادن من األرض‬
‫اوالبحر‪.‬‬
‫وعليه فان المشرع الجزائري قد اعتبر النشاطات المتعلقة بالمحروقات مضرة بالبيئة‬
‫واخضعها لدراسة التأثير‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬القوانين المساعدة على تحقيق أهداف المخطط‬
‫تتمثل هذه القوانين في القانون ‪ 10-03‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية‬
‫المستدامة(أوال)‪ ،‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 138-06‬ينظم انبعاث الغاز والدخان والبخار‬
‫والجزيئات السائلة أو الصلبة في الجو‪ ،‬وكذا الشروط التي تتم فيها مراقبتها (ثانيا)‪ ،‬القانون‬
‫رقم ‪ 12-84‬يتضمن النظام العام للغابات (ثالثا)‪ ،‬والقانون رقم ‪ 12-05‬المتعلق‬
‫بالمياه(رابعا)‪.‬‬

‫كمال معيفي‪ ،‬الضبط اإلداري وحماية البيئة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪،2016 ،‬ص‪.129‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪245‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أوال‪ :‬القانون رقم ‪ 10-03‬المؤرخ في ‪ 19‬يوليو سنة ‪ 2003‬المتعلق بحماية‬


‫البيئة في إطار التنمية المستدامة‬
‫هو القانون الذي يتضمن القواعد العامة لحماية البيئة في الجزائر والمرجعية األساسية‬
‫في هذا المجال‪ ،‬فهل جاء في أحكامه ما يتعلق بمسألة محاربة تغير المناخ؟‬
‫لقد جاء هذا القانون ضمن هدف عام يتمثل في حماية البيئة في اطار التنمية‬
‫المستدامة األمر الذي يتحقق من خالل تحديد مبادئ وتسيير البيئة‪ ،‬والتركيز على تحسين‬
‫مجاالت ال بيئة من خالل ترقية شروط المعيشة‪ ،‬وضمان اطار معيشي سليم‪ ،‬مع تركيزه على‬
‫هدف هام وهو الوقاية من كل أشكال التلوث واألضرار التي يلحقها بالبيئة‪ ،‬مع التركيز على‬
‫نقطة مهمة وهي ترقية اإلستعمال االيكولوجي العقالني للموارد الطبيعية المتوفرة‪ ،‬حيث ان‬
‫اإلستغالل المفرط لهذه الموارد يتم بطرق خاطئة‪ ،‬كمثال على ذلك نجد العديد من الدول التي‬
‫تعتمد على الزراعة كمصدر للدخل من خالل التركيز على زراعة األرض أكثر من مرة في‬
‫السنة الواحدة‪ ،‬مما أدى إلى إجهاد تربتها‪ ،‬إضافة إلى إزالة أجزاء كبيرة من لغابات التي‬
‫تعتبر مأوى الحياة البرية‪.1‬‬

‫لقد اهتم القانون ‪ 10_03‬بالهواء والتلوث الجوي الجوي بصفة عامة‪ ،‬حيث عرفه في‬
‫المادة الرابعة‪ ،‬بأنه ادخال أية مادة في الهواء أو الجو بسبب انبعاث غازات أو أبخرة أو‬
‫أدخنة أو جزيئات سائلة أو صلبة‪ ،‬من شأنها التسبب في أضرار وأخطار على اإلطار‬
‫المعيشي‪ ،‬يعتبر من مساعي هذا القانون تحديد المقاييس البيئية فحسب المادة العاشرة‪ ،‬تعتبر‬
‫الدولة حارسة لمختلف مكونات البيئة ولتحقق أهداف النوعية السيما فيما يتعلق بالهواء‬
‫والماء واألرض وفي سبيل ذلك تقوم بضبط القيم القصوى ومستويات اإلنذار‪.‬‬

‫‪1‬مقال بعنوان الموارد الطبيعية على الموقع‪ar.wikipedia.org :‬‬

‫‪246‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أما المادة ‪ 44‬منه فتضمنت إشارة إلى كيفية حدوث التلوث الجوي وربطته بالتغير‬
‫المناخي بنصها "بإدخال بصفة مباشرة أو غير مباشرة في الجو وفي الفضاءات المغلقة مواد‬
‫من طبيعتها تشكيل خطر على الصحة البشرية‪ ،‬والتأثير على التغيرات المناخية أو افقار‬
‫طبقة األوزون"‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 45‬فأوجبت أن تخضع عمليات بناء واستغالل واستعمال البنايات‬
‫والمؤسسات الصناعية والتجارية والحرفية والزراعية وكذلك المركبات والمنقوالت األخرى‪ ،‬الى‬
‫مقتضيات حماية البيئة وتفادي إحداث تلوث جوى والحد منه‪ ،‬وعندما تشكل االنبعاثات‬
‫الملوثة للجو تهديدا لألشخاص والبيئة واألمالك يتعين على المتسببين فيها خاصة الوحدات‬
‫الصناعية‪ ،‬اتخاذ التدابير الضرورية إلزالتها أو تقليصها‪.‬‬
‫أما في المادة ‪ 47‬من القانون ترك المشرع للتنظيم المقتضيات المتعلقة على‬
‫الخصوص بالحاالت والشروط التي يمنع فيها أو ينظم انبعاث الغاز والدخان‪ ،‬والبخار‬
‫والجزيئات السائلة أو الصلبة في الجو‪ ،‬وكذلك الشروط التي تتم فيها المراقبة‪ ،‬واآلجال التي‬
‫يستجاب خاللها لهذه األحكام‪.‬‬
‫ثانيا – المرسوم التنفيذي رقم ‪ 138-06‬مؤرخ فيأفريل ‪ 2006‬ينظم انبعاث الغاز‬
‫والدخان والبحار والجزيئات السائلة أو الصلبة في الجو وكذا الشروط التي تتم فيها‬
‫ومراقبتها‪:‬‬
‫جاء هذا المرسوم تنفيذا ألحكام المادة‪ 47‬من القانون رقم ‪ ،10-03‬حيث عين هذا‬
‫المرسوم القيم القصوى لمعايير اإلنبعاثات الجوية بتحديد المواد و الكميات المسموح بانبعاثها‬
‫على سبيل الحصر‪ ،‬و لتحقيق هذه القيم القصوى البد من المراعاة عند انجاز المنشآت أن‬
‫تكون مطابقة للمواصفات المطلوبة‪ ،‬مثال‪ :‬انجاز منشآت المعالجة‪.‬‬
‫ويقصد حسب مفهوم هذا المرسوم باإلنبعاثات الجوية‪ ،‬كل انبعث للغاز والدخان‬
‫والبخار والجزيئات السائلة أو الصلبة في الجو‪ ،‬من مصادر ثابتة السيما عن المنشآت‬

‫‪247‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الصناعية‪ 1‬ما يعني أن الغازات الدفيئة تشكل جزئا من مفهوم اإلنبعاثات الجوية‪ ،‬باعتبار أن‬
‫معظمها ناتج عن مصادر صناعية‪.‬‬
‫يهدف هذا المرسوم أساسا إلى إلزام مالك المصانع بأحكامه‪ ،‬من حيث ضرورة تشييد‬
‫واستغالل المنشآت التي تنتج عنها انبعاثات جوية‪ ،‬بطريقة تجنب أو تقي أو تقلل من‬
‫انبعاثاتها الجوية عند المصدر‪ ،‬والتي يجب أال تتجاوز حدود اإلنبعاثات المحددة في هذا‬
‫المرسوم‪ ،‬وقد تطرق المرسوم الى تفاصيل التدابير التي يجب أن تتخذ لتحقيق هذا الهدف‪،‬‬
‫بدءا بتزويد المصانع بمداخن أو قناة للتفريغ منجزة بطريقة تسمح بنشر جيد لإلنبعاثات‪ ،‬أما‬
‫في حالة ما إذا كانت منشآت معالجة اإلنبعاثات الجوية معطلة‪ ،‬يمكن للمستغل أن يستعمل‬
‫قناة للتفريغ‪ ،‬لكن عليه في هذه الحالة أن يعلم فو ار السلطات المختصة‪.2‬‬
‫وقد أكد هذا المرسوم على فرض عملية مراقبة على االنبعاثات الجوية‪ ،‬وهي رقابة‬
‫ذاتية يمارسها مستغل المنشأة التي تصدر انبعاثات جوية‪ ،‬من خالل إمساك سجل يدون فيه‬
‫تاريخ ونتائج التحاليل التي يقوم بها وفقا للكيفيات التي يحددها الوزير المكلف بالبيئة بقرار‬
‫منه‪ ،‬مع وضع نتائج التحاليل تحت تصرف مصالح المراقبة المؤهلة‪.3‬‬
‫وبالموازاة مع ذلك هناك رقابة غير ذاتية تمارسها المصالح المؤهلة في هذا المجال‪،‬‬
‫تكون بصفة دورية أو مفاجئة لإلنبعاثات الجوية‪ ،‬بهدف ضمان مطابقتها بالقيم القصوى‬
‫المحددة وفق المرسوم‪ ،‬مع تضمن مراقبة اإلنبعاثات الجوية معاينة للمواقع والقياسات‬
‫والتحاليل التي تجرى في عين المكان‪ ،‬وأخذ عينات بغرض تحليلها‪.‬‬
‫غير أنه يتعين على مستغل المنشأة المعنية أن يوضح أو يعلل أو يبرر كل تجاوز‬
‫محتمل مالحظته وتقديم التصحيحات التي تم تنفيذها أو المزمع القيام بها‪.4‬‬

‫المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪138-06‬‬ ‫‪1‬‬

‫المواد‪ 09 ،07،08 :‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ، 138-06‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 11‬من المرسوم التنفيذي ‪ ،138 -06‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المواد‪ 15 ،13،14 :‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ، 138-06‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪248‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫إنما يؤخذ على هذا المرسوم عدم تضمنه أحكام عقابية في حالة عدم احترام معايير‬
‫االنبعاثات الجوية‪ ،‬والمادة التي تضعف من مدى فعاليته هي المادة العاشرة‪ ،‬التي نصت‬
‫على أنه " كل من يستغل أو ينوي انجاز منشأة تصدر انبعاثات جوية ال تخضع للتنظيم‬
‫المتعلق بالمنشأت المصنفة‪ ،‬يجب أن يزود السلطة المختصة بكل المعلومات‪ "...‬باعتبارها‬
‫أعطت أو سمحت بإمكانية تجاوز وعدم احترام التنظيم المتعلق بانبعاث الغاز والدخان‬
‫والبخار والجزيئات السائلة أو الصلبة في الجو وكذا الشروط التي تتم فيها ومراقبتها‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬القانون رقم ‪ 12-84‬لسنة ‪ 1984‬يتضمن النظام العام للغابات‬

‫تعتبر الغابات رئة الكرة األرضية من حيث مقدرتها على امتصاص غاز ثاني أكسيد‬
‫الكربون‪ ،‬ولذلك فهي تلعب دو ار هاما في المحافظة على مناخ الكرة األرضية مستق ار‪ ،‬إال أنها‬
‫مهددة بفعل عوامل منها ما هو طبيعي كالحرائق ومنها ما هو بشري كقطع األشجار‬
‫ألغراض اقتصادية‪.‬‬

‫لقد اعتبر المشرع الجزائري الغابة في المادة الثانية من قانون رقم ‪ 12-84‬ثروة وطنية‬
‫وحماية الغابات وتنميتها شرط أساسي لتحقيق السياسة الوطنية للتنمية اإلقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،1‬وتم إعطاء أهمية كبيرة للثروة الغابية حيث اعتبرت عملية حماية الغابات‬
‫والوقاية من الحرائق ومن كل ما يتسبب في حال تدهور الوسط الغابي بما فيه خطراالنجراف‬
‫والتصحر‪ ،2‬وركز المشرع الجزائري على عملية التشجير في إطار عملية تنمية األراضي‬
‫‪3‬‬
‫ذات الطابع الغابي وفي إطار المخطط الوطني للتشجير‪.‬‬

‫‪ –1‬المادة ‪ 3‬من القانون ‪ 12-84‬يتضمن النظام للغابات‪.‬‬


‫‪ –2‬المادة ‪ 6‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ –3‬المادة ‪ 49-48‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫رابعا – القانون رقم ‪ 12-05‬لسنة ‪،2005‬المتعلق بالمياه‬


‫تعتبر ظاهرة تغير المناخ مشكال متعدد الجوانب‪ ،‬فهو بحكم تسببه في ارتفاع درجة‬
‫ح اررة الكرة األرضية‪ ،‬يساهم أساسا في تفشي ظاهرة الجفاف وشح المياه‪ ،‬رغم ان قطاع‬
‫المياه ال يعاني فقط من هذا المشكل بل هو معرض الى محدودية مصادر المياه العذبة‪،‬‬
‫حتى هذه المصادر المحدودة أصبحت ملوثة بشكل أكبر‪ ،‬مما يجعلها غير صالحة‬
‫لالستهالك البشري‪ ،‬وغير صالحة إلدارة النظام البيئي‪ ،‬دون ان ننسى ان بعض المدن لم‬
‫‪1‬‬
‫تصل لمصادر مياه عذبة كافية وامنة‬
‫تعتبر الجزائر من البلدان األكثر تهديدا بمشكل الجفاف وعدم وفرة المياه‪ ،‬بحكم موقعها‬
‫الجغرافي وهو شمال افريقيا‪ ،‬المنطقة األكثر تضر ار بآثار ارتفاع درجة ح اررة الكرة األرضية‬
‫نتيجة زيادة نسبة غازات الدفيئة في الجو‪.‬‬

‫حيث نصت المادة األولى من القانون ‪ 12-05‬المتعلق بالمياه على أنه يهدف إلى‬
‫تحديد المبادئ والقواعد المطبقة الستعمال الموارد المائية وتسييرها وتنميتها المستدامة‪ ،‬كونها‬
‫ملكا للمجموعة الوطنية مع مالحظة دخول مفهوم التنمية المستدامة في مجال تسيير المياه‬
‫لندرة هذه المادة‪ ،‬حيث ظهرت ضرورة التعامل مع الماء على انه سلعة اقتصادية واجتماعية‬
‫وبيئية‪ ،‬فمن الناحية االقتصادية ونظ ار لزيادة ندرة الموارد المائية يفرض ضرورة زيادة كفاءة‬
‫استخدام المياه إلى أقصى مدى ممكن‪ ،‬مع تغطية تكاليف التشغيل والصيانة للبنية التحتية‬
‫المائية والحوافز المستحقة على التنفيذ وكذلك قيمة المياه عند استخدامها في األغراض‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫أما االستدامة االجتماعية فهي حق كل انسان في الوصول للمياه بالكمية والنوعية‬


‫المناسبة للحفاظ على حياة سليمة‪ ،‬واالستدامة البيئية هي ضرورة إدارة استخدامات الموارد‬

‫بيان محمد الكايد‪ ،‬إدارة مصادر المياه‪ ،‬دار الراية للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪، 2011 ،‬ص‪. 105‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪250‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫المائية بشكل ال يخل بالنظام الداعم للحياة‪ ،‬وبالتالي ال يهدد احتياجات األجيال المستقبلية‬
‫من هذه الموارد‪.1‬‬
‫وبتحليل المادة الثالثة من القانون المتعلق بالمياه نجدها تصب في نفس المعنى‪ ،‬فقد‬
‫اعتبر الحق في الحصول على الماء والتطهير من الحاجيات األساسية للسكان في ظل‬
‫احترام التوازن االجتماعي‪ ،‬غير أن هذا الحق يمارس في حدود المنفعة العامة واحترام‬
‫الواجبات التي يحددها هذا القانون‪ ،‬كما يتم االسترجاع الكافي لتكاليف التدخل العمومي‬
‫المرتبطة بالحماية الكمية والنوعية للموارد المائية واألوساط المائية من خالل أنظمة األتاوى‬
‫القتصاد الماء وحماية نوعيته‪ ،‬كما يسعى القانون الى تنظيم ممارسات اقتصاد الماء وتثمينه‬
‫باستعمال مناهج وتجهيزات مقتصدة للمياه وكذا تعميم أجهزة عد المياه المنتجة والمستهلكة‬
‫لمكافحة تسربات المياه وتبذيرها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األطر المؤسساتية لتنفيذ المخطط الوطني‬
‫لقد أولت الجزائر اهتماما بالبيئة فأنشأت خصيصا لذلك عدة مؤسسات تهدف الى‬
‫حماية البيئة سواء كان و ازرة البيئة أو المصالح الالمركزية للدولة من مديريات‬
‫ومتفشيات(الفرع األول)‪ ،‬يتجسد إطار العمل المؤسساتي (الفرع الثاني) لتنفيذ المخطط‬
‫الوطني لمكافحة تغير المناخ في مجموعة من الهيئات التي أنشئت أساسا بهدف تنفيذه كما‬
‫توجد مؤسسات لم تنشأ أساسا لتنفيذ المخطط وانما هي مساعدة على تنفيذه (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مؤسسات حماية البيئة في الجزائر‬
‫تتوفر الجزائر على مؤسسات مركزية ومحلية‪ ،‬ومؤسسات ذات طابع إداري وتقني‬
‫وعلمي‪ ،‬تهدف للحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث‪ ،‬وتعبر اإلدارة البيئية عن ذلك‪،‬‬
‫حيث يالحظ أنها عرفت عدم استقرار‪ ،‬من التردد في النشأة إلى مرحلة اإللحاق بالو ازرات‪.‬‬

‫بيان محمد الكايد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪115.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪251‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أوال‪ :‬اإلدارة المركزية‬


‫عرف قطاع البيئة في الجزائر تشكيالت متعددة أخذت تارة هيكال ملحقا بدوائر‬
‫و ازرية‪ ،‬وتارة أخرى هيكال تقنيا وعمليا‪ ،‬لذلك يمكن القول أن هذا القطاع لم يعرف‬
‫االستقرار‪ ،‬وذلك منذ نشأة أول هيئة تتكفل بالبيئة سنة ‪ 1974‬وهي المجلس الوطني‬
‫للبيئة‪ ،‬إلى أن تم إحداث أول هيكل حكومي في عام ‪ ،1996‬ويتمثل في كتابة الدولة‬
‫للبيئة‪.‬‬

‫لقد أدى عدم االستقرار الهيكلي لقطاع البيئة إلى التأثير سلبا على تطبيق سياسة‬
‫بيئية واضحة المعالم‪ ،‬بسبب تأرجح البيئة عبر مختلف القطاعات‪ :‬الري‪ ،‬الغابات‪،‬‬
‫الفالحة‪ ،‬الداخلية‪ ،‬البحث العلمي‪ ،‬التربية‪ ،‬ثم الداخلية مرة ثانية‪ ،...‬األمر الذي أضفى‬
‫نوعا من عدم وضوح الرؤية في انطالق سياسة فعالة في مجال البيئة من جهة‪ ،‬وعدم‬
‫بلوغ األهداف البيئية التي كانت مسطرة من جهة ثانية‪.1‬‬
‫غير أنه في سنة ‪ 2001‬تم إنشاء و ازرة مكلفة بتهيئة اإلقليم والبيئة‪ ،‬زودت بمهام‬
‫وصالحيات أكثر تطابقا مع أهداف اإلصالحات الهيكلية التي تعتزم الدولة القيام بها‪.‬‬
‫لقد ترتب عن تنظيم مصالح الدولة واعادة نشر عملها‪ ،‬تنظيما هيكليا ومؤسساتيا‬
‫جديدا لإلدارة المركزية‪ ،‬وقد تمت هيكلة هذه الو ازرة في مديريات مركزية مكلفة بإعداد‬
‫ومتابعة وتطبيق السياسات واالستراتيجيات الوطنية حسب الميادين الكبرى‪ ،‬واالهتمامات‬
‫البيئية المتمثلة في البيئة الحضرية‪ ،‬البيئة الصناعية‪ ،‬التراث الطبيعي والتنوع البيولوجي‪،‬‬
‫التحسيس والتربية‪ ،‬البيئة العالمية والتعاون‪.2‬‬

‫‪1‬علي سعيدان‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة من التلوث بالمواد الخطرة في التشريع الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه في الحقوق‬
‫قسم القانون العام‪ ،2007 ،‬ص‪.223.‬‬

‫أنظر حول اإلدارة البيئية المركزية‪ ،‬علي سعيدان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.228.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪252‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثانيا‪ :‬مصالح المركزية للدولة‬


‫لقد أصبح االمتداد العملي على المستوى المحلي والجهوي لو ازرة البيئة‪ ،‬مطلبا مؤكدا‬
‫للتكفل الفعلي والفعال بمهام حماية البيئة وتهيئة اإلقليم‪.‬‬
‫ويندرج هذا االمتداد الضروري في إطار انجاز السياسة الوطنية لتهيئة اإلقليم‬
‫وحماية البيئة‪ ،‬في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬وتحقيق مقاربة منسجمة للتسيير‪ ،‬حسب‬
‫اختالف األنظمة البيئية‪.‬‬
‫يتعلق األمر بالتمييز بين مهام التسيير البيئي‪ ،‬والمهام المتعلقة بالتفتيش والمراقبة‪،‬‬
‫وأيضا التالؤم والتطابق مع الرهانات والتحديات الحالية والمستقبلية للسياسة الوطنية‬
‫لحماية البيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬وفق مقاربة تكاملية وتشاركية‪ ،‬تأخذ بعين االعتبار‬
‫الخاصيات البيئية‪ ،‬االقتصادية واإلقليمية على المستوى المحلي والجهوي‪.‬‬

‫‪-1‬مديريات البيئة للوالية‬


‫يسمح إنشاء مديريات البيئة للوالية بتحقيق فعالية أكبر والتواجد المطلوب من أجل‬
‫عمل جواري ناجح على المستوى المحلي للسياسات والمخططات الوطنية لحماية البيئة‬
‫والتنمية المستدامة والمخططات المحلية المتعلقة بها‪ ،‬وتسمح أيضا بتنفيذ إستراتيجية‬
‫عملية ومنسجمة وبتدعيم الشراكة مع الجماعات المحلية وحركة المواطنة الجمعوية‬
‫والمتعاملين الصناعيين والفالحيين‪.‬‬

‫إن المهام الرئيسية لهذه الهياكل هي وضع ومتابعة على المستوى المحلي للسياسة‬
‫الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬متابعة وتقييم حالة البيئة على مستوى الواليات‪ ،‬ترقية‬
‫إطار ونوعية حياة المواطنين‪ ،‬إضافة إلى ترقية مخططات وبرامج ازالة التلوث واعادة‬
‫التأهيل البيئي في الوسط الصناعي‪ ،‬حماية الموارد الطبيعية‪ ،‬األنظمة البيئية والتنوع‬
‫البيولوجي المحلي‪ ،‬ترقية الشراكة وبرامج التربية والتحسيس البيئي‪ ،‬وتطبيق التشريع في‬
‫هذا المجال‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫‪-2‬المفتشيات الجهوية للبيئة‬


‫المفتشيات الجهوية للبيئة جهاز مكلف بشكل خاص بانجاز أعمال التفتيش والمراقبة‬
‫المنوطة بالمفتشية العامة للبيئة الملحقة بها وظيفيا وذلك في الواليات التابعة الختصاصها‬
‫اإلقليمي‪ ،‬وتدور مهامها الرئيسية حول كتابعة‪ ،‬مراقبة وتقييم على المستوى الجهوي‪،‬‬
‫انجاز السياسة الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬إضافة إلى متابعة ومراقبة مدى تطبيق‬
‫التجهيزات واألنشطة مع تطور تنفيذ التشريع والتنظيم الساري المفعول‪ .‬كما تهتم بمتابعة‬
‫وتقييم أنظمة الوقاية والتدخل في وضعيات التلوث والكوارث الطبيعية والتكنولوجية في‬
‫المناطق والمواقع الحساسة‪ ،‬إضافة إلى إقامة الدعاوى لدى المحاكم المختصة عند‬
‫الحاجة‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إطار العمل المؤسساتي‬


‫لقد تم خلق هيئات وطنية مالئمة‪ ،‬قامت الحكومة الجزائرية من خاللها بتحسين‬
‫الظروف السياسية‪ ،‬المؤسساتية والتقنية المتعلقة بتنفيذ التدابير المرتبطة بتغير المناخ‪.‬‬
‫استحدثت الجزائر في إطار الالمركزية المرفقية هياكل و هيئات عمومية تابعة لو ازرة‬
‫التهيئة العمرانية و البيئية وفق مسميات مختلفة )مرصد‪ ،‬مركز‪،‬وكالة ‪،‬محافظة‪ ،‬حظيرة‬
‫‪،‬معهد ‪،‬السلطة الوطنية( تسهر على تسيير و تنظيم مجاالت بيئية معينة‪.‬‬
‫تعد هذه الهيئات األداة التنفيذية التي تكلف بإنجاز ما تقتضيه الق اررات الصادرة عن‬
‫‪2‬‬
‫سلطات الدولة‪ ،‬حيث تشكل هذه الهيئات الوسيطة امتدادا علميا وتقنيا لإلدارة المركزية‪.‬‬
‫لقد تجسد إطار العمل المؤسساتي بهدف تنفيذ المخطط الوطني لمكافحة تغير المناخ‬
‫في كل من الوكالة الوطنية المعنية بتغير المناخ (أوال)‪ ،‬المرصد الوطني للبيئة والتنمية‬
‫المستدامة (ثانيا) والسلطة الوطنية المعينة (ثالثا)‪.‬‬

‫تقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.324-322.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ –2‬الموقع اإللكتروني ‪www.climasouth.eu/:‬‬

‫‪254‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫أوال – الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية (األداة المركزية لتنفيذ سياسة تغير المناخ‬
‫الوطنية( ‪:‬‬
‫تعد الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية أداة للتصور وانجاز السياسة الوطنية في ميدان‬
‫التغيرات المناخية وأثرها على التنمية اإلقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويندرج مجال عملها ضمن‬
‫مسار عالمي لمراقبة تطور المناخ‪ ،‬ويرمي إلى تدعيم طاقات القطاعات المعينة بهدف‬
‫ضمان أمن السكان‪.‬‬
‫هي من حيث طبيعتها القانونية مؤسسة عمومية ذات طابع إداري‪ ،‬تتمتع بالشخصية‬
‫‪1‬‬
‫المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وضعت تحت وصاية الوزير المكلف بالبيئة‪.‬‬

‫تعتبر مكلفة بإعداد وانجاز ومتابعة البرامج واألنشطة والمشاريع والتوصيات المحددة‬
‫في إطار اإلستراتيجية ومخطط العمل الوطني في مجال التغيرات المناخية‪ ،‬كما أنها تلعب‬
‫دو ار مهما في عملية إعداد وتحليل الموقف الجزائري أثناء المفاوضات الدولية حول التغيرات‬
‫المناخية‪ ،‬والتخضير بمعية القطاعات المعنية للملفات المتعلقة بالمشاركة الوطنية في أشغال‬
‫ندوة األطراف‪ ،‬هيئاتها العلمية والتقنية للمساعدة ومجموعة الخبراء الحكوميين المكلفين‬
‫بدراسة تطور المناخ‪.‬‬
‫أما على المستوى الوطني‪ ،‬تحدد األدوات العملياتية آلليات التنمية النظيفة‪ ،‬وتساهم في‬
‫دعم الطاقات الوطنية في ميدان التغيرات المناخية من خالل‪ :‬اإلعالم‪ ،‬التحسيس‪،‬التربية‬
‫واالتصال‪ ،‬الطاقة والموارد المائية‪ ،‬الفالحة‪ ،‬الغابات‪ ،‬األنظمة البيئية الصحراوية‪،‬‬
‫التربة‪،‬الساحل والصحة‪.‬‬
‫كما تضطلع بتنسيق األشغال المتعلقة بإعداد الجرد الوطني النبعاث الغاز المتسبب‬
‫لالحتباس الحراري‪ ،‬وتشارك في إعداد إجراءات التأقلم لمواجهة التغيرات المناخية‪.2‬‬

‫‪1‬المادة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 375-05‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 2005‬جريدة رسمية عدد ‪.67‬‬

‫‪2‬تقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.322‬‬

‫‪255‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثانيا‪-‬المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة‬


‫يضطلع المرصد بمسؤولية تجميع البيانات المناخية‪ ،‬ومعالجتها‪ ،‬وانتاجها‪ ،‬ونشرها على‬
‫المستويات العلمية‪ ،‬الفنية واإلحصائية‪ ،‬وذلك بالتعاون مع المؤسسات والمنظمات الوطنية‬
‫المعنية‪ ،1‬من مهامه وضع وتسيير شبكات الرصد وقياس التلوث ومتابعة األوساط الطبيعية‪.‬‬
‫كما يقوم بجمع المعطيات والمعلومات البيئية لدى الهيئات الوطنية واألجهزة المختصة‪،‬‬
‫في سياق ذلك ينجز الد ارسات الرامية إلى معرفة األوساط والضغوط الممارسة على البيئة‬
‫ونشر وتوزيع المعلومات البيئية‪.‬‬

‫يتوفر المرصد على ثالث مخابر جهوية للتحاليل في كل من الجزائر‪ ،‬وهران‪ ،‬قسنطينة‬
‫وعلى سبعة مخططات لمراقبة البيئية في عنابة‪ ،‬سكيكدة‪ ،‬برج بوعريريج‪ ،‬عين الدفلى‪،‬‬
‫مستغانم‪ ،‬غرداية‪ ،‬وسعيدة‪.‬‬

‫و على أربعة مخابر‪ ،‬و أربعة شبكات لمراقبة نوعية الهواء " سماء صافية" بالجزائر‪،‬‬
‫عنابة‪ ،‬سكيكدة ووهران إضافة إلى هذه الشبكات‪ ،‬يتولى المرصد مهمة " الدراسات و‬
‫االستشراف" الموجهة إلعداد المؤشرات البيئية واالقتصادية المتعلقة ببعض القطاعات‬
‫الحساسة ) الري‪ ،‬الفالحة ‪ ،‬الطاقة ‪ ،‬النقل(‪ ،‬حيث يسمح تكفل المرصد بهذه المهمة بإدماج‬
‫‪2‬‬
‫أفضل للجوانب االقتصادية والبيئية و بتقييم أحسن لسياسات التنمية المستدامة‬

‫وهو من حيث طبيعته القانونية طبقا للمادة الثانية من المرسوم التنفيذي ‪115/02‬‬
‫يعتبر مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري يتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية‬
‫المستقلة‪ ،‬وضع تحت سلطة وزير البيئة طبقا للمادة الثالثة من المرسوم التنفيذي ‪،115-02‬‬
‫يشرف هذا المرصد على مراقبة تلوث االوساط الطبيعية وتساعده في ذلك مراصد جهوية‪.‬‬

‫‪1‬مقال بعنوان المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬على الموقع االلكتروني‪.WWW.Climasouth.eu:‬‬

‫‪2‬تقرير حول حالة ومستقبل البيئة في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.332‬‬

‫‪256‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثالثا‪-‬السلطة الوطنية المعينة ‪:Autorité Nationale désignée‬‬


‫أنشئت بموجب المادة ‪ 12‬من بروتوكول كيوتو بقرار وزاري مشترك بين و ازرة الخارجية‬
‫وو ازرة تهيئة اإلقليم والبيئة‪ ،‬بموجب القرار الوزاري الصادر بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪ 2006‬في إطار‬
‫آلية التنمية النظيفة يتعلق بالسلطة الوطنية المعنية في إطار ميكانيزمات التنمية النظيفة‪.‬‬
‫حيث تعكف هذه السلطة على وضع معايير الختبار المشاريع و البرامج التي تساهم‬
‫في تخفيض االحتباس الحراري للحصول على رخص خفض اإلنبعاثات‪ ،‬وقد أكد وزير تهيئة‬
‫اإلقليم و البيئة و السياحة )سابقا( خالل إشرافه على تنصيب هذه السلطة‪ ،‬على الدور الهام‬
‫المنوط بهذه الهيئة التي تتشكل من أعضاء يمثلون مختلف القطاعات و المؤسسات المعنية‪،‬‬
‫من بين مهام هذه السلطة وضع مقاييس ترشيح المشاريع و البرامج حول التغيرات المناخية‬
‫في السوق العالمية بعد بلورتها ودراستها ومناقشتها لجلب العملة الصعبة والتخفيف من‬
‫مصاريف تجسيد المشاريع‪.‬‬
‫ويمكن القول أن الدول النامية رغم أنها غير ملزمة بخفض اإلنبعاثات‪ ،‬إال أنها مدعوة‬
‫من جهتها الختيار مشاريع تساهم في التخفيض من االحتباس الحراري‪ ،‬و تحديد منهجية‬
‫تطبيقها و المصادقة عليها كما نص عليه بروتوكول كيوتو و نظ ار لضعف الطاقات البشرية‬
‫و التقنية لتحضير هذه المشاريع للدخول في السوق العالمية‪ ،‬لم تقم هذه الدول على حد‬
‫تعبير الوزير بتسطير لحد اآلن مشاريع في هذا المجال باستثناء كل من الهند و الصين و‬
‫الب ارزيل‪ .1‬حيث في الجزائر‪ ،‬تعتبر مفرغة السمار في طريق بيع الرخصة المرتبطة بها في‬
‫السوق العالمية‪ ،‬غير أنه رغم القيام بتنصيب السلطة الوطنية المعينة لكنها لم تحقق النتائج‬
‫المرجوة خالل السنوات الماضية ألن مجلسها عمل بصفة محتشمة لذا تمت إعادة تفعيلها من‬
‫خالل تعيين ممثلين يضمون كافة القطاعات الهامة‪ ،‬وقد أفاد أن إفريقيا تمثل فقط ‪ 3‬بالمئة‬
‫من سوق الكربون‪.2‬‬

‫‪1‬مقال بعنوان‪ :‬السلطة الوطنية المعينة‪ ،‬نشر على الموقع االلكتروني‪.www.anaharonline.com :‬‬
‫‪2‬مقال بعنوان‪ :‬رحماني يتصدر رسميا السلطة الوطنية المعنية‪ ،‬على موقع يومية الفجر‪www.al-fajr.com:‬‬

‫‪257‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مؤسسات ذات عالقة غير مباشرة بتنفيذ االتفاقية‬


‫هناك مؤسسات لم تنشأ أساسا لمكافحة تغير المناخ‪ ،‬ولكنها تساهم بطريقة غير مباشرة‬
‫في تنفيذ أهداف اتفاقية تغير المناخ والمخطط معا‪ ،‬منها ماهو تابع لو ازرة التعليم العالي‬
‫والبحث العلمي (أوال) ومنها ما هو تابع لو ازرة الطاقة والمناجم(ثانيا)‪ ،‬إضافة إلى المركز‬
‫الوطني للتكنولوجيات أكثر نقاء (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪-‬مساهمة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪:‬‬
‫تساهم و ازرة التعليم العالي والعلمي من خالل إنشاء هيئات تتكفل بالبحث في مجال‬
‫التكنولوجيا النظيفة حيث أن الطاقات المتجددة من شأنها أن تقوم بالحد من انبعاثات الغازات‬
‫الدفيئة في الغالف الجوي مما يسهم في تثبيت النظام المناخي ويمكن من تحقيق اقتصاد‬
‫منخفض الكربون‪.‬‬
‫‪-1‬مركز تنمية الطاقات المتجددة ‪:CDER‬‬
‫هو مركز بحث أنشئ يوم ‪ 22‬مارس ‪ ، 1988‬مؤسسة عمومية ذات طابع علمي و‬
‫تكنولوجي مكلفة بوضع و تنفيذ البرامج البحثية و كذا التطوير العلمي و التكنولوجيين‬
‫ألنظمة الطاقة من خالل استخدام الطاقة الشمسية ‪ ،‬الضوئية ‪ ،‬طاقة الرياح ‪ ،‬و الطاقة‬
‫الح اررية ‪ ،‬يستجيب المركز الحتياجات اإلستراتيجية الرئيسية للتنمية اإلقتصادية ‪ ،‬حيث‬
‫ينشط في تنفيذ هذه اإلستراتيجية عبر دمج العديد من اإلنجازات و المشاريع على المستوى‬
‫الوطني من خالل وحداته البحثية الثالث ‪ :‬وحدة تطوير المعدات الشمسية ‪ ،‬وحدة البحث‬
‫التطبيقي في الطاقات المتجددة ووحدة بحث الطاقات المتجددة في الوسط الصحراوي‪.‬‬
‫للمركز صلة مهمة بمسألة تغير المناخ‪ ،‬فهو نقطة اتصال لفريق الخبراء الدولي المعني‬
‫بتغير المناخ بالجزائر‪.‬‬
‫ففي ‪ 11‬أوت ‪ 2015‬قام البروفيسور"هوي سينغ لي "‪ ،‬نائب رئيس فريق الخبراء الدولي‬
‫المعني بتغير المناخ‪ ،‬بزيارة عمل لمركز تنمية الطاقات المتجددة‪ ،‬و قد تمت إثارة بعض‬

‫‪258‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫النقاط التي يجب تغطيتها‪ :‬كمسألة انتساب علماءالبلدان النامية لتطوير مختلف تقارير فريق‬
‫الخبراء‪ ،‬بحيث يقتصر دورهم الحالي على تلخيص المقاالت العلمية المحررة باللغة‬
‫اإلنجليزية فقط‪ ،‬و كذلك معالجة مشكلة عدم وجود بيانات في البلدان النامية‪ ،‬بسبب عدم و‬
‫جود الوسائل والبنى التحتية إضافة إلى وضع تقارير خاصة عن استفحال مشكلة التصحر‬
‫‪1‬‬
‫بسبب تغير المناخ‬

‫‪-2‬وحدة تطوير التجهيزات الشمسية ‪: UDES‬‬

‫لقد تم إنشاء الوحدة بموجب المرسوم رقم ‪ 06‬المؤرخ في ‪ 10‬فيفري ‪ ،1988‬غير أنه‬
‫منذ ‪ 7‬ديسمبر ‪ 2007‬تاريخ صدور المرسوم الوزاري المتعلق بإنشاء المؤسسات العمومية‬
‫ذات الطابع العلمي والتقني‪ ،‬تم إدماج وحدة تنمية األجهزة الشمسية في مركز تطوير‬
‫الطاقات المتجددة‪.‬‬

‫تكلف هذه الوحدة بتطوير التجهيزات الشمسية وانجاز نماذج تجريبية تتعلق بالتجهيزات‬
‫الشمسية ذات المفعول الحراري وذات االستعمال المنزلي أو الصناعي والفالحي‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى التجهيزات واألنظمة الكهربائية‪،‬الح اررية‪ ،‬الميكانيكية والتي تدخل في تطوير التجهيزات‬
‫الشمسية الستعمال الطاقة الشمسية‪.‬‬

‫ان المهام الرئيسية لوحدة تنمية األجهزة الشمسية تتمثل في القيام بأعمال‬
‫التصميم‪،‬القياس‪ ،‬و تحسين األجهزة التي تعمل بالطاقات المتجددة من أجل الحصول على‬
‫الح اررة ‪ ،‬الكهرباء ‪ ،‬التبريد و معالجة المياه ‪ ،‬إضافة إلى القيام بدراسات و بحوث تهدف‬
‫لتطوير العمليات التكنولوجية لصنع النماذج و المعدات و القيام بدراسات تقنية اقتصادية‬
‫‪2‬‬
‫أحرى هندسية لضمان التمكن من التكنولوجيات الجديدة‬

‫‪1‬الموقع االلكتروني لمركز الطاقات المتجددة‪.www.cder.dz :‬‬


‫‪2‬الموقع االلكتروني لوحدة تطوير التجهيزات الشمسية‪.UDES.CDER .DZ:‬‬

‫‪259‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ثانيا – مساهمة وزارة الطاقة والمناجم‪:‬‬


‫تقوم و ازرة الطاقة والمناجم باعتبارها في صميم مجال الطاقة المتجددة بإنشاء الوكالة‬
‫الوطنية لترقية وترشيد استعمال الطاقة‪،‬كما انها قامت من خالل احد فروعها وهي شركة‬
‫سونطراك‪،‬بانشاء كال من مركز البحث البحث والتطوير للكهرباء والغاز ومؤسسة‪NEAL‬‬
‫‪-1‬الوكالة الوطنية لترقية وترشيد استعمال الطاقة ‪ APRUE‬هي مؤسسة عمومية‬
‫ذات طابع صناعي وتجاري أنشأت بموجب المرسوم الرئاسي ‪ 235-85‬المؤرخ في ‪25‬‬
‫أوت لسنة ‪ 1985‬وقد وضعت تحت وصاية و ازرة الطاقة والمناجم‪ ،‬تتمثل مهمتها الرئيسية‬
‫في تنفيذ السياسة الوطنية للتحكم في الطاقة في إطار ترقية الفعالية الطاقوية‪.‬‬

‫و قد جاء في القانون ‪ 09-99‬المؤرخ في ‪ 28‬جويلية ‪ 1999‬المتعلق بالتحكم في‬


‫الطاقة أن مهمة الوكالة هي إحياء و تنسيق السياسة الوطنية للتحكم بالطاقة باإلضافة إلى‬
‫متابعة تنفيذها‪ ،‬و لتحقيق ذلك‪ ،‬تلعب دو ار رئيسيا بالتحسيس و اإلعالم في هذا المجال‬
‫الموجه إلى الجمهور العام‪ ،‬الوسط الدراسي‪ ،‬المحترفين‪ ....‬كما أنها تقوم بمهمتها بالتنسيق‬
‫مع القطاعات األخرى المعنية مثل قطاع الصناعة‪ ،‬البناء والمواصالت‪.1‬‬

‫‪-2‬شركة سونطراك‪ : Sonatrach‬أحد فروع وزارة الطاقة ‪.‬‬

‫تعتبر سونطراك من أهم الشركات البترولية في الجزائر وافريقيا‪ ،‬حيث تشارك في‬
‫التنقيب‪ ،‬اإلنتاج والنقل عبر األنابيب‪ ،‬تحويل وتسويق المحروقات ومشتقاتها‪ ،‬كما تطور‬
‫نشاطات توليد الكهرباء‪ ،‬تحلية مياه البحر‪ ،‬البحث واستغالل الطاقة المنجمية واألهم من ذلك‬
‫العمل على توفير الطاقات المتجددة‪.‬‬
‫لقد أصبحت المؤسسات العاملة في قطاعات صناعة البترول و الغاز من أكثر‬
‫المؤسسات الملتزمة بمسؤوليتها البيئية و االجتماعية إزاء البيئة و المجتمع ‪ ،‬إنه لمن الواضح‬

‫‪1‬الموقع االلكتروني للوكالة الوطنية لترقية وترشيد استخدام الطاقة‪.www.aprue.org.dz :‬‬

‫‪260‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫و الجلي أن صناعة البترول و الغاز تقدم العديد من اإلسهامات اإليجابية للمجتمعات التي‬
‫تعمل في محيطها‪ ،‬ولعل التوظيف يعد أحد األمثلة على ذلك ‪ ،‬حيث يعتمد الماليين من‬
‫الناس على صناعة البترول و الغاز لكسب عيشهم ‪ ،‬ومن المالحظ أن الدول العربية‬
‫المنتجة للبترول ‪ ،‬تستخدم العوائد النفطية بشكل كبير في تحسين نوعية الحياة و رفع‬
‫مستويات المعيشة لماليين من البشر‪.‬‬

‫في الجزائر‪ ،‬تلتزم أكبر الشركات الصناعية سونطراك بمجموعة ضوابط تقضي بترقية‬
‫النشاط الفعلي االجتماعي وحماية البيئة في إطار مسؤولياتها البيئية واالجتماعية‪ ،‬حيث‬
‫تنص مواثيق الشركة الوطنية للمحروقات سونطراك على االلتزام بالحفاظ على صحة وسالمة‬
‫موظفيها‪ ،‬والحفاظ على سالمة السكان المقيمين قرب المنشآت النفطية‪ ،‬والحرص على‬
‫المحافظة على البيئة والنظم االيكولوجية‪ ،‬واإلسهام في حماية التراث الطبيعي والثقافي‪.1‬‬
‫وتساهم شركة سونطراك في ترقية الطاقة المتجددة من خالل‪:‬‬

‫أ‪-‬مركز البحث والتطوير للكهرباء والغاز‪:‬‬


‫هو فرع من مجمع الشركة الوطنية سونلغاز‪ ،‬يعمل على صيانة التجهيزات الشمسية‬
‫والتي تم انجازها في إطار البرنامج الوطني لإلنارة الريفية‪ ،‬أهم أهدافه ضمان سالمة‬
‫األشخاص والتجهيزات وحماية البيئة‪ ،‬كما شارك مؤخ ار في الصالون الدولي للطاقات‬
‫المتجددة‪ ،‬الطاقات النظيفة والتنمية المستدامة"‪ "ERA2016‬حيث عرض تجربته في مجال‬
‫الطاقات المتجددة‪ ،‬وعرض المشاريع التي قام بإنجازها موضحا أهمية إنتاج هذه الطاقة‪.2‬‬

‫‪1‬قــوي بوحنية‪،‬عبــد المجيــد رمضــاني‪ ،‬االدارة البيئيــة والتنميــة الخض ـراء مــع االشــارة لحالــة الج ازئــر‪ ،‬مداخلــة فــي الملتقــى‬
‫الدولي الثاني بعنوان االداء المتميز للمنظمات والحكومات‪، 2011 ،‬ص‪. 348‬‬

‫‪2‬الموقع االلكتروني لمركز البحث والتطوير للكهرباء والغاز‪.www.credeg.dz :‬‬

‫‪261‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫ب‪-‬مؤسسة‪: “New energy Algeria” Neal‬‬


‫هي شركة مختلطة بين الشركة الوطنية سونطراك والشركة الوطنية سونلغاز ومجمع‬
‫‪SIM‬للمواد الغذائية تم إنشاؤها سنة‪ ،2002‬تتمثل أهم مهامها في ترقية الطاقات المتجددة‬
‫وتطويرها من خالل إنجاز المشاريع المرتبطة بالطاقات الجديدة‪ ،‬والتي تعود بفائدة تعم على‬
‫الشركاء داخل الجزائر وخارجها‪ ،‬ومن أهم مشاريعها التي شرعت في تنفيذها خالل سنة‬
‫‪:2005‬‬
‫‪ -‬مشروع ‪ 150‬ميغاواط للتهجين الشمسي في حاسي الرمل‪.‬‬
‫‪ -‬مشروع إنجاز حظيرة هوائية بطاقة ‪ 10‬ميغاواط في منطقة تندوف‪.‬‬
‫‪ -‬مشروع استعمال الطاقة الشمسية في اإلنارة الريفية بتمنراست ومنطقة الجنوب‬
‫الغربي‪.1‬‬

‫إن أهداف المؤسسة هو تقديم الخدمات الطاقوية للمناطق المعزولة والبعيدة عن شبكات‬
‫التوزيع التقليدية عن الكهرباء والمنتجات البترولية‪ ،‬كما تهدف الجزائر من خالل إنشاء هذه‬
‫الشركة ألجل المساهمة في الحفاظ على احتياطات المحروقات أكبر فترة استغالل ممكنة‪،‬‬
‫في نفس الوقت تطوير حقول الموارد الطاقوية المتجددة وخاصة الشمسية منها‪.2‬‬

‫ثالثا – المركز الوطني لتكنولوجيات إنتاج أكثر نقاء‬


‫هو مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري أنشئ بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪-02‬‬
‫‪ 262‬المؤرخ في ‪ 17‬أوت ‪،32002‬يعمل المركز تحت وصاية الوزير المكلف بالبيئة‪.4‬‬

‫‪1‬فروحات حدة‪،‬الطاقات المتجددة كمدخل لتحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬مقال بمجلة الباحث‪ ،‬عدد‪،2012 ،11‬ص‪.152‬‬

‫‪2‬تكواشت عماد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.178‬‬

‫‪3‬لجريدة الرسمية عدد‪ 56‬لسنة‪.2002‬‬

‫‪4‬المادة‪3‬من المرسوم التنفيذي ‪.262-02‬‬

‫‪262‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫يكلف المركز بتنفيذ السياسة الوطنية في مجال حماية البيئة السيما فيما يخص تخفيف‬
‫أشكال التلوث واألضرار الصناعية في مصدرها‪،‬السيما في مجال ترقية مفهوم تكنولوجيات‬
‫انتاج أكثر نقاء ومساندتها‪ ،‬كما يزود الصناعات بكل المعلومات المتصلة بصالحياته في‬
‫مسعاها من اجل تحسين طرق االنتاج عبر الوصول الى تكنولوجيات اكثر نقاء وبالحصول‬
‫على الشهادات المرتبطة بذلك‪.1‬‬
‫لذلك يمكن القول ان المركز يعمل على ترقية مفهوم تكنولوجيات انتاج اكثر نقاء‬
‫وتعميمه والتوعية به‪ ،‬ومساعدة مشاريع االستثمار في تكنولوجيات نظيفة والعمل على تطوير‬
‫التعاون الدولي في ميدان التكنولوجيات النظيفة والعمل على تطوير التعاون الدولي في هذا‬
‫المجال‪.‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‪:‬‬

‫قامت الجزائر بوضع قوائم خاصة بالجرد للغازات الدفيئة‪ ،‬كما قامت بوضع إستراتيجية‬
‫لمكافحة تغير المناخ تركز على فوائد ميكانيزمات التنمية النظيفة‪ ،‬وتم التدخل مؤسساتيا من‬
‫خالل إنشاء الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية كأهم مؤسسة إضافة إلى مؤسسات أخرى‪،‬‬
‫ولدعم هذه السياسة تم استحداث المخطط الوطني للطاقات المتجددة واصدار القانون رقم‬
‫‪ 09-04‬المتعلق بترقية الطاقات المتجددة في إطار التنمية المستدامة وغيرها‪.‬‬

‫‪1‬المادة ‪ 5‬من نفس المرسوم‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬مقومات ادماج اتفاقية تغري املناخ يف التشريع اجلزائري‬

‫خالصة الباب الثاني‬

‫لقد تم استعراض في الباب الثاني مقومات ادماج اتفاقية تغير المناخ في التشريع‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫حيث تعتبر السياسة الطاقوية في الجزائر مثال على عدم امتثالها على ضوء ما سبق‬
‫شرحه‪ ،‬بان االمتثال هو االمتناع عن كل ما قد يحول دون تحقيق الغرض من االتفاقية‪.‬‬
‫باعتبار ان توجهاتها الطاقوية كبلد منتج ومصدر للنفط يبحث عن بديل لمصدر الطاقة‪،‬‬
‫تتجه نحو استغالل غاز الشيست بدال من االستثمار في مجال الطاقة الشمسية من خالل‬
‫المشروع الضخم "تكنولوجيا الصحراء" ‪ DESERTEC‬الذي أضاعه‪ ،‬وبدال من ذلك تسعى‬
‫الجزائر الى استغالل اإلحتياطي من الغاز الصخري رغم عدم جدواه كمشروع‪.‬‬

‫ان امتثال الجزائر لإلتفاقية قد تم في إطار تكتلها على المستوى اإلقليمي باعتبارها بلد‬
‫مغاربي‪ ،‬افريقي وعربي‪ ،‬أما على المستوى الداخلي فقامت بتسطير استراتيجية لمكافحة تغير‬
‫المناخ قوامها مخطط العمل الوطني لمكافحة تغير المناخ‪ ،‬والمخطط الوطني للطاقات‬
‫المتجددة‪ ،‬وبهدف تنفيذ هذه المخططات اعتمدت الجزائر مجموعة أدوات قانونية كالقانون‬
‫‪ 09-04‬المتعلق بترقية الطاقات المتجددة في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬والقانون ‪09-99‬‬
‫المتعلق بالتحكم في الطاقة وغيرها‪...‬‬

‫أما مؤسساتيا فقامت الجزائر بإنشاء الوكالة الوطنية المعنية بتغير المناخ‪ ،‬السلطة‬
‫الوطنية المعينة‪...‬‬

‫‪264‬‬
‫الخـــــــاتـــمــة‬

‫من خالل البحث المعنون بـ‪" :‬إدماج االتفاقية الخاصة بتغير المناخ في التشريع‬
‫الجزائري" تم استعراض النظام القانوني التفاقية تغير المناخ‪ ،‬وكيف أدمجتها الجزائر على‬
‫المستوى الداخلي‪ ،‬حيث تم التوصل إلى ما يلي‪:‬‬

‫أوال – تحليل مشكل تغير المناخ‪:‬‬

‫ي عتبر تغير المناخ مشكال متعدد األبعاد‪ ،‬فهو من الناحية البيئية يهدد بارتفاع درجة‬
‫ح اررة الكرة األرضية مع ما ينجر عن ذلك من آثار سلبية كتناقص المياه‪ ،‬تراجع المنتوج‬
‫الفالحي‪ ،‬انحسار الغابات‪ ،‬تعرية الشواطئ وتفاقم األمراض المرتبطة بالتغيرات المناخية‪،‬‬
‫والجزائر واحد ة من البلدان المعنية بهذه اآلثار‪ ،‬نظ ار لنوعية مناخها المتميز بقلة تساقط‬
‫األمطار في الشمال ومناخ صحراوي جاف في الجنوب‪.‬‬

‫أما من الناحية السياسية تعرف عملية التفاوض صعوبات نتيجة اختالف مصالح‬
‫الدول وعدم انسجامها فمن جهة هناك دول من مصلحتها خفض انبعاثات الكربون ألنها‬
‫المتضرر الرئيسي من ظاهرة تغير المناخ‪ ،‬بينما دول أخرى ليس من مصلحتها أن‬
‫تخفض من انبعاثات غاز الكربون لتضرر اقتصاداتها‪ ،‬في حين انه لديها من اإلمكانات‬
‫ما يمكنها من مواجهة آثار تغير المناخ‪ ،‬األمر الذي صعب الوصول إلى حل مشكل‬
‫تغير المناخ مع الترفع عن المصالح الشخصية‪.‬‬

‫وهو مشكل ذو أبعاد اقتصادية ألن أهم ما تمت الدعوة له لحل مشكلة تغير المناخ هو‬
‫خفض الدول – خاصة الصناعية منها‪-‬انبعاثاتها من غازات ثاني أكسيد الكربون‪ ،‬وتعتبر‬
‫عملية التخلي عن مادة الكربون‪ ،‬واالبتعاد عن نموذج التنمية الصناعية القائمة على‬
‫استخدام الكربون عملية معقدة على عدة مستويات‪ ،‬تتطلب تحوالت جذرية على مستوى‬
‫االقتصاد العالمي‪ ،‬مع العلم أن االتجاه الغالب يسير في ظل االعتقاد السائد بعدم واقعية‬
‫مطلب عدم استهالك البترول‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫الخـــــــاتـــمــة‬

‫ثانيا – بالنسبة للبناء القانوني التفاقية تغير المناخ ‪:1992‬‬

‫تهدف االتفاقية أساسا إلى تثبيت تركيزات غازات الدفيئة في الغالف الجوي عند‬
‫مستوى يحول دون تدخل خطير من جانب اإلنسان في النظام المناخي لمدة زمنية كافية‬
‫تتيح للنظم االيكولوجية بان تتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ‪ ،‬حيث تقوم هذه‬
‫االتفاقية على مجموعة مبادئ أهمها ‪ :‬مبدأ المسؤولية المشتركة للدول لكن متباينة‪ ،‬مبدأ‬
‫حماية حقوق األجيال الحاضرة والمقبلة وهي مبادئ جاءت على العموم في مصلحة الدول‬
‫النامية ومراعية لحقوق األجيال القادمة إذا ما تم فعال تطبيقها‪.‬‬

‫ما يالحظ أن االلتزامات التي جاءت بها االتفاقية كانت على أساس مبدأ المسؤولية‬
‫المشتركة للدول لكن المتباينة‪ ،‬حيث أخذت البلدان الصناعية حصة األسد من هذه‬
‫االلتزامات‪ ،‬باعتبار أن تنفيذ البلدان النامية اللتزاماتها متوقف على فعالية تنفيذ البلدان‬
‫المتقدمة اللتزاماتها‪ ،‬إال أن أهم ما يؤخذ عليها أنها اتفاقية إطار فهي أقرب للمبادئ منها‬
‫إلى التعاقد النجاز مجهودات محددة‪ ،‬لذلك كان من الضروري وضع إطار قانوني‬
‫لتنفيذها‪ ،‬فجاء بروتوكول كيوتو كصيغة تنفيذية لالتفاقية اإلطار بتحديده على سبيل‬
‫الحصر الغازات المستهدف تخفيضها ‪ ،‬كما حدد كميات االنبعاثات المسموح بها‪ ،‬الذي‬
‫تلته اجتماعات األطراف الهادفة إلى وضع خطط عمل لتنفيذ بروتوكول كيوتو والعمل‬
‫على تحقيق الهدف النهائي لالتفاقية‪.‬‬

‫غير أن سريان مفعول البروتوكول انتهى سنة ‪ ،2012‬لذلك كان من الضروري وضع‬
‫اتفاق يحل محله‪ ،‬حيث انعقد سنة ‪ 2015‬مؤتمر باريس الذي تمخض عنه اتفاق باريس‪،‬‬
‫الذي يقوم جوهره على فعالية السياسات الوطنية‪ ،‬أي أنه للدول الحق في تحديد أهداف‬
‫وطنية خاصة بها وفقا لظروفها الوطنية وهذا معناه أنه ال يوجد فصل بين السياسة‬
‫المناخية والسياسات الوطنية‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫الخـــــــاتـــمــة‬

‫ثالثا – بالنسبة المتثال الجزائر التفاقية تغير المناخ‪:‬‬


‫باعتبار االمتثال هو تنفيذ الدول لالتفاقية مع العلم أن سلوكاتها يجب أن تتطابق مع‬
‫التزاماتها‪ ،‬مع االمتناع عن كل ما قد يحول دون تحقيق الغرض من االتفاقية‪.‬‬

‫نجد أن الجزائر نفذت االتفاقية بالشراكة مع المجتمع الدولي من خالل تكتلها على‬
‫المستوى اإلقليمي في مشروع ‪ Rab /94/G‬وهو مشروع تعزيز البنية التحتية لجودة‬
‫الطاقة الشمسية في المغرب العربي‪..... ،‬وتعاونت كبلد إفريقي من خالل المشاركة في‬
‫‪ ACMA‬المركز اإلفريقي للتطبيقات المناخية ‪ ،‬مرصد الصحراء والساحل ‪ ،OSS‬شبكة‬
‫مكافحة التصحر‪ ،‬أما على مستوى العربي فتعتبر الجهود العربية مجرد مؤتمرات لوضع‬
‫سياسات عامة لم تترجم إلى مشاريع ملموسة‪.‬‬

‫كما قامت الجزائر بتنفيذ الواجبات العامة التي فرضت على جميع الدول‪ ،‬من خالل‬
‫وضع قوائم جرد الغازات الدفيئة‪ ،‬حيث يساهم الجرد الوطني في فهم الواقع الطاقوي‬
‫للجزائر والواقع البيئي بصفة عامة‪ ،‬من حيث االنتاج واالستهالك واالنبعاثات‪ ،‬ويبين‬
‫االهمية التي توليها الجزائر لمكافحة االحترار المناخي‪ ،‬حيث يعتبر قطاع الطاقة اكبر‬
‫مصدر النبعاث غازات الدفيئة ويعود سبب ذلك الى ان الجزائر اتخذت منذ الثمانينات‬
‫استراتيجية اقتصادية تعتمد على تصدير المحروقات وقد بذل المشرع الجزائري مجهودا‬
‫في تفادي تأثير قطاع الطاقة سلبا على البيئة من خالل اصدار القانون ‪09- 99‬‬
‫المتعلق بالتحكم في الطاقة الذي أكد على الحد من تأثير النظام الطاقوي على البيئة من‬
‫خالل االستعمال الرشيد للطاقة عبر تقليص انبعاثات غازات الدفيئة‪،‬غير انه على عكس‬
‫هذا القانون جاء القانون رقم ‪ 07- 05‬المتعلق بالمحروقات الذي كان على العموم‬
‫مشجعا الستهالك مادة الغاز بخفض اسعار هذه المادة‪ ،‬ولم يشر في احكامه الى اعتماد‬
‫الطاقات المتجددة موازاة مع مادة النفط‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫الخـــــــاتـــمــة‬

‫لقد تم وضع مشروع دعم تنفيذ االتفاقية اإلطار حول تغير المناخ الذي يهدف الى‬
‫االستفادة من ميكانيزم التنمية النظيفة وترقية آليات التنمية النظيفة‪ ،‬حيث يتم تنفيذه‬
‫مؤسساتيا من خالل إنشاء الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية بموجب المرسوم التنفيذي‬
‫رقم‪ ،375-05‬المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي انشىء بموجب المرسوم‬
‫التنفيذي ‪ ،115-02‬والسلطة الوطنية المعينة التي انشات بموجب القرار الوزاري الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪ ،2006‬اضافة الى مؤسسات اخرى‪.‬‬

‫وقد تمت االستعانة في عملية تنفيذه بالقانون رقم ‪ 09-04‬المتعلق بترقية الطاقات‬
‫المتجددة في اطار التنمية المستدامة‪ ،‬والقانون رقم ‪ 09-99‬المتعلق بالتحكم في الطاقة‪،‬‬
‫اضافة الى القانون رقم ‪ 07-05‬المتعلق بالمحروقات‪ ،‬وغيرها من القوانين‪.‬‬

‫لقد تم تنظيم انبعاث الغازات من خالل المرسوم التنفيذي رقم ‪ 138-06‬الذي من بين ما‬
‫ينظمه شروط انبعاث األدخنة الناتجة عن السيارات‪ ،‬مع مالحظة البدء في تصنيع البنزين‬
‫السائل خاليا من مادتي الكبريت والرصاص‪ ،‬كما تم منع استيراد السيارات التي يزيد‬
‫عمرها عن ثالث سنوات بمقتضى قانون المالية لسنة ‪ ،1997‬كما قامت الجزائر بفرض‬
‫الرسم التكميلي على التلوث الجوي ذي المصدر الصناعي حيث يخضع هذا الرسم‬
‫الحكام المادة ‪ 205‬من قانون المالية لسنة ‪. 2002‬‬

‫ولدعم هذه السياسة ثم استحداث المخطط الوطني للطاقات المتجددة الذي يقوم على‬
‫تثمين الموارد التي ال تنضب مثل الموارد الشمسية واستعمالها لتنويع مصادر الطاقة‪.‬‬

‫كما تم التطرق إلى الجانب الدولي من االتفاقية بهدف بيان األحكام التي تتأثر بها‬
‫الجزائر‪ :‬فالجزائر بلد متضرر بشكل كبير من ظاهرة تغير المناخ من جهة‪ ،‬وبالتالي‬
‫تستفيد من المصادقة على أحكام االتفاقية‪ ،‬لكن من جهة أخرى أهم ما دعت له االتفاقية‬
‫هو التوقف عن استهالك مادة البترول األمر الذي ينعكس سلبا على إقتصادها باعتباره‬
‫اقتصاد ريعي يعتمد على واردات البترول‪.‬‬
‫‪268‬‬
‫الخـــــــاتـــمــة‬

‫نالحظ مما سبق أن االتفاقية اإلطار لتغير المناخ ‪ ، 1992‬قد راعت اإلمكانات‬
‫المحدودة للدول النامية من خالل تكريسها مبدأ المسؤولية المشتركة لكن المتباينة‪ ،‬نقل‬
‫التكنولوجيا إلى البلدان النامية‪ ،‬استحداث الصندوق األخضر المناخ لدعم مشاريع مساعدة‬
‫الدول النامية على التكيف مع تغير المناخ وهي نفس المراعاة التي تأكدت من خالل‬
‫بروتوكول كيوتو ‪ ،‬غير أن المكتسبات التي حققتها من خالل اتفاقية تغير المناخ فقدت‬
‫في اتفاق باريس الذي أتاح للدول حرية تحديد أهداف وطنية خاصة بها بحسب إمكاناتها‬
‫وهو اتفاق يعد في مصلحة الدول المصنعة التي تمتلك إمكانات التأقلم مع تغير المناخ‪،‬‬
‫بينما الدول النامية‪ ،‬الخاسر األكبر التي لم تتسبب في المشكل لكنها المتضرر األكبر وال‬
‫تمتلك اإلمكانات االقتصادية لمواجهته والجزائر كواحدة من هذه الدول ستواجه صعوبة‬
‫خالل عملية التحول االقتصادي ‪ ،‬حيث نجدها تعاني من تذبذب في عملية اتخاذ‬
‫الق اررات‪ ،‬ورغم اهتمامها بمجال استغالل الطاقة الشمسية إال أنها أضاعت مشروعا بحجم‬
‫‪ ،DESERTEC‬بدال من ذلك تسعى إلى استغالل غاز الشيست رغم المعارضة الشعبية‬
‫واضرار المشروع بالبيئة المثبت علميا‪ ،‬وما يالحظ أيضا أن الجزائر قد ركزت على‬
‫الجانب الطاقوي في حين كان ال بد من االهتمام بقطاعات أخرى ‪ :‬كالغابات‪ ،‬الفالحة‪،‬‬
‫المياه التي تعتبر المتأثر الكبير بتغير المناخ‪.‬‬

‫بناءا على المعطيات السابقة نستنتج ما يلي‪:‬‬


‫تفتقد الجزائر إلى سياسة دقيقة لمكافحة تغير المناخ‪ ،‬من المفترض أن تعتمد هذه‬
‫السياسة على مبدأ الحوكمة أو اإلدارة الرشيدة ‪ la bonne gouvernance‬التي تقوم‬
‫على الشفافية‪ ،‬المساءلة‪ ،‬الرقابة‪ ،‬الفعالية‪ ،‬التمكين والمشاركة‪ .‬ليتحقق ذلك البد من إنشاء‬
‫و ازرة متخصصة بتغير المناخ مع منحها صالحية فرض سياساتها على مختلف قطاعات‬
‫الدولة باعتبار مشكل تغير المناخ يمس عدة قطاعات‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫الخـــــــاتـــمــة‬

‫تعاني الجزائر من التبعية االقتصادية لتصدير البترول‪ ،‬مما يؤثر سلبا على تنفيذ‬
‫السياسة الوطنية لمكافحة تغير المناخ‪ ،‬باعتبار أن األمر يتطلب أمواال كثيرة وهذا ما‬
‫تفتقره الجزائر خصوصا في ظل األزمة المالية الحالية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط‪،‬‬
‫كما يعاب على الج ازئر تركيزها على مجال المحروقات واعطاؤها أهمية أقل لدعم برامج‬
‫ترشيد استخدام الطاقة والمياه‪ ،‬ودعم قطاعات الفالحة والغابات خصوصا في ظل انحسار‬
‫الغطاء الغابي‪ ،‬حيث أن تجديد السد األخضر سيحمي الثروة الغابية ويجنبها شبح‬
‫التصحر‪ ،‬إن إدماج اتفاقية تغير المناخ في التشريع الجزائري يحتاج الى اجراء تعديالت‬
‫الهدف منها ضمان اطار قانوني وتنظيمي للمتدخلين ومختلف‬ ‫تشريعية وتنظيمية‬
‫المستثمرين لتحقيق االستجابة الفعالة للتحديات الواجب رفعها في ميدان الطاقات‬
‫المتجددة‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫أوال‪ :‬باللغة العربية‬


‫‪ )1‬الكتب‬
‫أ) العامة‬
‫‪ )1‬احمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬قانون حماية البيئة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫‪ )2‬السيييد مصييأحم حمييد بييو ال ييير‪ ،‬الحماييية النانونييية لةبيئيية البحرييية ييق النييانون الييدولق‬
‫لةبحار‪ ،‬ايتراك لةأباعة والنشر‪ ،‬مصر‪. 2012،‬‬
‫‪ )3‬الهادي منداد‪ ،‬قانون البيئة‪ ،‬مأبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.2012 ،‬‬
‫‪ )4‬إينق بينوت‪ ،‬ماهية التنمية‪ ،‬دار الحنينة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫النانونييية ميين ااعييداد الييم التنحي ي ‪ ،‬دي يوان المأبوعييات‬ ‫‪ )5‬بوحميييدط عأيياء ه‪ ،‬النصييو‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪.2008،‬‬
‫‪ )6‬بيييار ميياري دوبيوي‪ ،‬ترجميية محمييد عييرب صاصيييال وسييةيم حييداد‪ ،‬النييانون الييدولق العييام‪،‬‬
‫مجد المؤسسة الجامعية لةدراسات والنشر‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ )7‬بيان محمد الكايد‪ ،‬إدارط مصادر المياه‪ ،‬دار الراية لةنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2011،‬‬
‫‪ )8‬تراقس واجنار‪ ،‬ترجمة محمد صابر‪ ،‬البيئة من حولنا دليل لحهم التةيو وثاياره‪ ،‬الجمعيية‬
‫المصرية لنشر المعر ة والانا ة العالمية‪ ،‬مصر‪.1997 ،‬‬
‫‪ )9‬جوزيييش تشييمبرلين‪ ،‬ترجميية عبييد ه العريييان‪ ،‬التعيياون الييدولق وتن يم ي ‪ ،‬دار المعر يية‪،‬‬
‫الناهرط‪.1961،‬‬
‫‪ )10‬جيحري ستيرن‪ ،‬ترجمة مركز ال ةيج لألبحا ‪ ،‬تركيبة المجتمع الدولق‪ ،‬اإلمارات‬
‫العربية‪.‬‬
‫الد العراقق‪ ،‬البيئة تةواها‪...‬وحمايتها‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الناهرط‪.2011 ،‬‬ ‫‪)11‬‬
‫ال ييد مص ييأحم هم ييق‪ ،‬الجوان ييب النانوني يية لحماي يية البيئ يية م يين التة ييو ‪ ،‬دار الحك يير‬ ‫‪)12‬‬
‫الجامعق‪.2011 ،‬‬

‫‪271‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫‪ )13‬زينب حسين عوض ه‪ ،‬ااقتصاد الدولق‪ ،‬دار الجامعة الجديدط لةنشر‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ )14‬ستيحن سمي ‪ ،‬ااقتصاد البيئق‪ ،‬ترجمة إنجق بنداري‪ ،‬مؤسسة هنداوي لةتعةيم‬
‫والانا ة‪ ،‬الناهرط‪.2014 ،‬‬
‫‪ )15‬سالم الربضق‪ ،‬المناربات والمتغيرات العالمية‪ ،‬دار المنهل الةبنانق‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪.2009‬‬

‫سمير حامد جمال‪ ،‬الحماية النانونية لةبيئة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪2008 ،‬‬ ‫‪)16‬‬
‫‪ )17‬سن نك ر داود محمد‪ ،‬التن يم النانونق الدولق لحماية البيئة من التةو ‪ ،‬دار‬
‫الكتب النانونية‪ ،‬مصر‪.2012،‬‬
‫‪ )18‬سهير ابراهيم حاتم الهيتق‪ ،‬االيات النانونية الدولية لحماية البيئة ق إأار التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬منشورات الجانق الحنوقية‪ ،‬سنة ‪.2014‬‬
‫‪ )19‬صباح العشاوي‪ ،‬المسؤولية الدولية عن حماية البيئة‪ ،‬دار ال ةدونية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ )20‬صالح عبد الرحمان عبد الحدياق‪ ،‬الن ام النانونق اليدولق لحمايية البيئية‪ ،‬منشيورات‬
‫الحةبق الحنوقية‪ ،‬لبنان‪.2010 ،‬‬
‫‪ )21‬عامر أراف‪ ،‬حياط حسنين‪ ،‬المسؤولية الدولية والمدنية ق قضايا البيئة والتنمية‬
‫المستديمة‪،‬مجد المؤسسة الجامعية لةدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪.2012 ،‬‬
‫‪ )22‬عبد السالم صالح عر ة‪ ،‬التن يم الدولق‪ ،‬منشورات الجامعة المحتوحة‪.1997 ،‬‬

‫عبد الغنق محمود‪ ،‬اإلأار النانونق لننل التكنولوجيا ق النانون الدولق العام‪ ،‬دار‬ ‫‪)23‬‬
‫النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.1991 ،‬‬
‫‪ )24‬عةق بن هادية‪ ،‬الناموس الجديد لةأالب‪ ،‬المؤسسة الوأنية لةكتاب‪ ،‬الجزائر‬

‫‪272‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫ونشر الانا ة البيئية‪ ،‬دار الحامد‪،‬‬ ‫‪ )25‬قريد سمير‪ ،‬حماية البيئة ومكا حة التةو‬
‫‪ ،2013‬األردن‪.‬‬

‫كمال معيحق‪ ،‬الضبط اإلداري وحماية البيئة‪ ،‬دار الجامعة الجديدط لةنشر‪ ،‬مصر‪.‬‬ ‫‪)26‬‬
‫‪ )27‬لورنس اسكندر ترجمة حمد مين الجمل‪ ،‬دبةوماسية البيئة‪ ،‬الجمعية المصرية‬
‫لنشر المعر ة‪.1996 ،‬‬
‫‪ )28‬ماجييد ار ييب الحةييو‪ ،‬قييانون حماييية البيئيية ييق ضييوء الشيريعة‪ ،‬دار الجامعيية الجديييدط‪،‬‬
‫مصر‪.2015/2014 ،‬‬
‫‪ )29‬محمد بجاوي‪ ،‬من جل ن ام اقتصادي دولق جديد‪ ،‬الشركة الوأنية لةنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ )30‬محمي ييد بوسي ييةأان‪ ،‬مب ي ييادي الني ييانون ال ي ييدولق العي ييام‪ ،‬ديي ي يوان المأبوعي ييات الجامعي ي يية‪،‬‬
‫الجزائر‪.2008،‬‬

‫محمد جاسم محمد شيعبان العيانق‪ ،‬الت أييط البيئيق‪ ،‬دار الرضيوان لةنشير والتوزييع‪،‬‬ ‫‪)31‬‬
‫األردن‪.2014 ،‬‬
‫‪ )32‬محم ييد س ييامق عب ييد الحمي ييد‪ ،‬العالق ييات الدولي يية‪ ،‬ال ييدار الجامعي يية لةأباع يية والنش يير‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ )33‬محم ي ي ي ييد س ي ي ي ييعيد ال ي ي ي ييدقاا‪ ،‬التن ي ي ي يييم الدولق‪،‬ال ي ي ي ييدار الجامعي ي ي ي يية لةأباع ي ي ي يية والنش ي ي ي يير‪،‬‬
‫بيروت‪.1982،‬‬
‫‪ )34‬محميد صييا ق يوسييش‪ ،‬مبييد ااحتييياأل لوقييوب األضيرار البيئييية‪ ،‬دار النهضيية العربييية‪،‬‬
‫مصر‪.2008 ،‬‬
‫‪ )35‬محمد عبد الرحمن الدسوقق‪ ،‬االتزام بحماية أبنة األوزون ق النانون الدولق‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬

‫محمد مهدي شريان‪ ،‬العمارط والبيئة‪ ،‬دار الكتاب الحدياة‪ ،‬مصر‪.2008 ،‬‬ ‫‪)36‬‬
‫‪273‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫‪ )37‬معمر رتيب محمد عبد الحا ظ‪ ،‬النانون الدولق لةبيئة و اهرط التةو ‪ ،‬دار الكتب‬
‫النانونية‪ ،‬مصر‪.2008 ،‬‬
‫‪ )38‬نادية حمدي صالح‪ ،‬اإلدارط البيئية‪ ،‬المن مة العربية لةتنمية اإلدارية‪،‬‬
‫مصر‪.2003،‬‬
‫ير موجودط‪،‬‬ ‫‪ )39‬نادية ر عت عبد الرحمن‪ ،‬سالم حسن الديب‪ ،‬البيئة‪ ،‬دار النشر‬
‫مصر‪.2005 ،‬‬
‫‪ )40‬نادييية ضييياء شييكارط‪ ،‬عةييم البيئيية والسياسيية الدولييية‪ ،‬دار مجييداوي لةنشيير والتوزيييع‪،‬‬
‫األردن‪.2014 ،‬‬
‫‪ )41‬وليد بيأار‪ ،‬النانون الدولق العام‪ ،‬المؤسسة الجامعية لةدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫لبنان‪.2008 ،‬‬
‫‪ )42‬يونس إبراهيم حمد يونس‪ ،‬البيئة والتشريعات البيئية‪ ،‬دار الحامد لةنشر‪.2008 ،‬‬

‫ب) المتخصصة‬
‫‪ )1‬بشير جمعة عبد الجبار الكبيسق‪ ،‬الحماية الدولية لةغالف الجوي‪ ،‬منشورات‬
‫الحةبق الحنوقية‪.2013 ،‬‬
‫‪ )2‬الد السيد المتولق محمد‪ ،‬الديمنراأية وتغير المناخ‪ ،‬شركة ناس لةأباعة‪ ،‬الناهرط‪،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ )3‬دانيال دي بيرلمتر وروبرت رواستاين ترجمة حمد شكل‪ ،‬تحدي تغير المناخ‪ ،‬ي‬
‫أريق نسةك؟ مؤسسة هنداوي لةتعةيم والانا ة‪ ،‬الناهرط‪.2015 ،‬‬
‫‪ )4‬سعيد سالم جويةق‪ ،‬التن يم الدولق لتغيير المناخ وارتحاب درجة الح اررط‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.2002،‬‬
‫اهرط ااحتباس‬ ‫‪ )5‬سال ة أارا عبد الكريم الشعالن‪ ،‬الحماية الدولية لةبيئة من‬
‫الحراري‪ ،‬منشورات الحةبق الحنوقية‪ ،‬لبنان‪.2010 ،‬‬
‫‪ )6‬عبد الكريم ميهوبق‪ ،‬التغيرات المنا ية‪ ،‬دار ال ةدونية ‪.2011‬‬

‫‪274‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫‪ )7‬عبد المنعم مصأحم المنمر‪ ،‬اانحجار السكانق وااحتباس الحراري‪ ،‬المجةس‬


‫الوأنق لةانا ة والحنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫‪ )8‬كريستو ر ال ين‪ ،‬نيكواس لينسن‪ ،‬ترجمة محمد الحديدي‪ ،‬ما بعد عصر النحط‬
‫تصميم اقتصاد قائم عةم الأاقة الشمسية‪ ،‬الدار الدولية لةنشر والتوزيع‪ ،‬الناهرط‪،‬‬
‫‪.1992‬‬
‫‪ )9‬محمد عادل عسكر‪ ،‬النانون الدولق البيئق‪ ،‬دار الجامعة الجديدط‪.2013 ،‬‬
‫معين حداد‪ ،‬التغير المنا ق‪ ،‬شركة المأبوعات لةتوزيع والنشر‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫‪)10‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ )2‬المقاالت‬
‫‪ )1‬احمد بو الو ا‪ ،‬تأمالت حول الحماية الدولية لةبيئة من التةو ‪ ،‬المجةة المصرية‬
‫لةنانون الدولق‪ ،-12-‬العدد ‪ 49‬لعام ‪.1993‬‬
‫‪ )2‬حمد ضر الشربينق‪ ،‬منال بعنوان‪ :‬كيش نحضر اقتصاد تناقل نحا النحط‪ ،‬مجةة‬
‫العربق‪ ،‬العدد ‪ ،641‬ريل ‪.2012‬‬
‫‪ )3‬العرب ييق العرب ييق‪ ،‬الأاق ييات المتج ييددط وموقعه ييا ييق العالق ييات الجزائري يية األوروبي يية‪،‬‬
‫مشييروب تكنولوجيييا الصييحراء نمو جييا‪ ،‬المجةيية اا رينييية لةعةييوم‪ 30 ،‬كتييوبر ‪،2015‬‬
‫الموقع اإللكترونق‪.WWW. maspolitiques .com :‬‬
‫‪ )4‬بشييير جمعيية عبييد الجبييار الكبيسييق‪،‬الحد ميين تغيييير المنيياخ باسييت دام اآلليييات المرنيية‬
‫عةيهييا بروتوكييول كيوتييو‪ ،1997‬مجةيية جامعيية األنبييار لةعةييوم النانونييية و‬ ‫التييق ن ي‬
‫السياسية‪ ،‬العدد األول‪.‬‬
‫‪ )5‬بن قأاأل ديجة‪ ،‬دور مبد الحيأة ق تعزيز العالقة بين التجارط الدولية والبيئة‪،‬‬
‫منال منشور ق الموقع الرسمق لمجةة النانون واألعمال‬
‫‪.www.droitentreprise.org‬‬

‫‪275‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫‪ )6‬روا نصر الدين‪ ،‬قمة كوبنها ن حول تغيير المنياخ‪ ،‬مجةية الينحط والتعياون العربيق‪،‬‬
‫المجةد ‪ ،36‬العدد ‪.2010 ،132‬‬
‫‪ )7‬عبد الحق بةحني ‪ ،‬محهوم المالءمة مع ااتحاقيات الدولية‪ ،‬منال عةم الموقع‪:‬‬
‫‪www.ouazzanenyes.com‬‬
‫‪ )8‬عبد ال الق عبد ه‪ ،‬التنمية المستديمة والعالقة بين البيئة والتنمية‪ ،‬منال ق مجةة‬
‫المستنبل العربق العدد ‪ 167‬لسنة ‪.1993‬‬
‫‪ )9‬عةم مراح‪ ،‬مساعق بروتوكول كيوتو مأةب ضيروري لكيل العيالم‪ ،‬المجةية الجزائريية‬
‫لةعةوم النانونية وااقتصادية والسياسية‪ ،‬عدد ‪.2010 ،01‬‬
‫ماجييدط شييةبق‪ ،‬منييال بعن يوان‪ :‬تغييير المنيياخ ومشييكةة نييدرط ومحدودييية المييياه‪،‬‬ ‫‪)10‬‬
‫مؤتمر تغير المناخ وثااره ق مصر‪ ،‬مصر‪2009 ،‬‬
‫محمد نعمان نو ل‪ ،‬اقتصاديات تغير المناخ‪ :‬اآلاار والسياسات‪ ،‬سةسةة‬ ‫‪)11‬‬
‫اجتماعات ال براء بالمعهد العربق لةت أيط بالكويت‪ ،‬العدد ‪.2007 ،24‬‬
‫مصأحم كمال أةبة‪ ،‬تغير المناخ سيؤار عةم من وسالمة العالم كة ‪،‬‬ ‫‪)12‬‬
‫مجةة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ 17‬كتوبر ‪.2007‬‬
‫موساوي عمر‪ ،‬بالق مصعب‪ ،‬إدماج البعد البيئق ق المؤسسات الصناعية‬ ‫‪)13‬‬
‫الجزائرية‪ ،‬منال منشور عةم الموقع‪.manifest.univ-ourgla :‬‬
‫اهرط ااحترار العالمق‪ ،‬مجةة‬ ‫نادية الدكروري‪ ،‬تنارير دولية ترصد بدء‬ ‫‪)14‬‬
‫العربق‪ ،‬العدد ‪ ،657‬وت ‪.2013‬‬
‫ندى عاشور عبد ال اهر‪ ،‬التغيرات المنا ية وثاارها عةم مصر‪ ،‬مجةة‬ ‫‪)15‬‬
‫سيوأل لةدراسات البيئية‪ ،‬عدد ‪ ،41‬مصر‪2015 ،‬‬
‫ني ييرمين السي ييعدنق‪ ،‬بروتكي ييول كيوتي ييو و زمي يية تغييي يير المني يياخ‪ ،‬مجةي يية السياسي يية‬ ‫‪)16‬‬
‫الدولية‪ ،‬عدد ‪.2001 ،145‬‬

‫‪276‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫نور الدين حاروش‪ ،‬إستراتيجية إدارط المياه ق الجزائر‪ ،‬مجةة د اتر‬ ‫‪)17‬‬
‫السياسة والنانون‪ ،‬العدد السابع جوان ‪.2012‬‬
‫هشام بشير‪ ،‬مؤتمر كانكون لةتغير المنا ق حيدود النجياح واا حياا‪ ،‬الموقيع‬ ‫‪)18‬‬
‫االكترونق لمجةة السياسة الدولية‪.www.siyassa.org.eg. :‬‬
‫‪ )3‬المداخالت‪:‬‬
‫‪ )1‬بوسبعين تسعديت‪ ،‬مدا ةة بعنوان ار التغيرات المنا ية عةم ااقتصاد والتنمية‬
‫المستدامة مع اإلشارط إلم حالة الجزائر‪ ،‬المةتنم الوأنق األول حول‪ :‬البيئة‬
‫والتنمية المستدامة‪ ،‬جامعة البويرط‪.‬‬
‫‪ )1‬معيي يزط مس ييعود مي يير‪ ،‬هب يياش ييارس‪ ،‬مدا ة يية بعني يوان‪ :‬واق ييع وث يياا اس ييتغالل الغ يياز‬
‫الص ي ري ييق الج ازئيير وبعييض دول العييالم بييين الرهييان الأيياقوي والهيياجس البيئييق‪،‬‬
‫مي ييؤتمر بعن ي يوان السياسي ييات ااسي ييت دامية لةم ي يوارد الأاقويي يية بي ييين متأةبي ييات التنميي يية‬
‫النأري ي يية وت ي ييأمين ااحتياج ي ييات الدولي ي يية‪ ،‬جامع ي يية س ي ييأيش‪.‬كةية العة ي ييوم ااقتص ي ييادية‬
‫والتجارية وعةوم التسيير‪ .2015 ،‬عةم الموقع االكترونق‪.ecouniv-setif.dz :‬‬
‫‪ )2‬الجرائد‪:‬‬
‫‪ )3‬براهمييية مي يرط‪ ،‬الج ازئيير ت يراهن عةييم اانتنييال الأيياقوي لمكا حيية التغي يرات المنا ييية‪،‬‬
‫جريدط األحرار‪2 ،‬ديسمبر‪.2015‬‬
‫‪ )4‬جالل بوعاتق‪ ،‬أيش احتجاجات عين صالح ق سماء باريس‪ ،‬جريدط ال بير‪04 ،‬‬
‫مارس ‪.2016‬‬
‫‪ )5‬الد بودية‪ ،‬جريدط ال بر‪ ،‬السبت ‪ 5‬سبتمبر ‪.2015‬‬
‫‪ )6‬ليندط سةيمانق‪ ،‬سالل يؤكد ر بة الجزائر ق عند منتدى ا رينق لةأاقات المتجددط‪،‬‬
‫‪ 2‬ديسمبر‪.2015‬‬ ‫جريدط األحدا‬

‫‪277‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫‪ )7‬نيوال اابييت‪ ،‬قميية المنيياخ بيياريس هييل يةتييزم الكبييار بييوب حماييية الصييغار‪ ،‬ال بيير ‪1‬‬
‫ديسمبر ‪.2015‬‬
‫‪ )8‬منال بعنوان سالل يشارك ق الندوط ‪ 21‬لةتغيرات المنا ية بباريس‪ ،‬جريدط الشعب‬
‫‪ 3‬نو مبر ‪.2015‬‬
‫‪ )9‬منال بجريدط الشعب‪ ،‬بتاريخ ‪ 07‬ديسمبر‪.2015‬‬
‫‪ )4‬التقارير‬
‫‪ )1‬محمد جبران ولحسن التاينق‪ ،‬التأقةم مع التغير المنا ق من المناربة إلم‬
‫الممارسة‪ ،‬اإلتحاد العالمق لصون الأبيعة‪ ،‬مركز البحر المتوسط لةتعاون‪ ،‬مالنا‪،‬‬
‫‪.2014‬‬
‫‪ )2‬تنرير موارد العالم‪ ،‬منشور مشترك ينشره‪ :‬معهد الموارد العالمية‪ ،‬برنامج األمم‬
‫المتحدط لةبيئة‪ ،‬البنك الدولق‪.1996،‬‬
‫‪ )3‬التنرير الصادر عن المؤتمر األول ألأراف ااتحاقية ااأارية لألمم المتحدط حول‬
‫التغير المنا ق ‪ ،1st cop UNFCC‬لمانيا برلين‪.1995 03/07-03/28 ،‬‬
‫‪ )4‬لي از شيير ‪ ،‬ماريا سيناران ‪ ،‬التكيش مع المناخ ‪ :‬التحدي الجديد لةتنمية ق العالم‪،‬‬
‫تنرير صادر عن برنامج األمم المتحدط لةبيئة ‪ ،‬النس ة النهائية ‪.2008 ،‬‬
‫ضير‪ ،‬مسيارات إليم التنميية المسييتدامة‬ ‫‪ )5‬برنيامج األميم المتحيدط لةبيئية‪ ،‬نحيو اقتصيياد‬
‫والنض ي ي ي ي ي ي ي ي ي يياء عة ي ي ي ي ي ي ي ي ي ييم الحن ي ي ي ي ي ي ي ي ي يير‪ ،2011 ،‬عة ي ي ي ي ي ي ي ي ي ييم الموق ي ي ي ي ي ي ي ي ي ييع االكترون ي ي ي ي ي ي ي ي ي ييق‪:‬‬
‫‪.www.unep.org/greeneconomy‬‬
‫‪ )6‬و ازرط الأاقيية والمنيياجم‪ ،‬برنييامج الأاقييات المتجييددط والحعاليية الأاقوييية‪ ،‬أباعيية صييات‬
‫نش‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪ )7‬النشرية الدورية لمشروب تو ير أاقة ن يحة لمدن البحر المتوسط‪ ،‬عةم الموقع‪:‬‬
‫‪.www.ces-med.eu‬‬

‫‪278‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫‪ )8‬برنييامج األمييم المتحييدط لةمسييتوأنات البشيرية‪ ،‬المييدن و يياهرط تغييير المنيياخ‪ :‬توجهييات‬
‫السياسية العامة‪ ،2011 ،‬عةم الموقع االكترونق‪.www.UNhabitat.org :‬‬
‫‪ )9‬المجةييس ااقتصييادي وااجتميياعق والبيئييق‪ ،‬ادميياج منتضيييات التغييرات المنا ييية ييق‬
‫السياسات العمومية‪ ،‬المغرب‪.2015 ،‬‬
‫برنيامج األمييم المتحييدط لةبيئيية‪ ،‬لجنيية التحيياوض الحكومييية الدولييية إلعييداد صييك‬ ‫‪)10‬‬
‫عالمق مةزم قانونا بشأن الزئبق عةم الموقع ‪.UNEP(EDIT)/hg/ins1‬‬
‫برنييامج اامييم المتحييدط‪ ،‬لجنيية التحيياوض الحكومييية الدولييية لوضييع صييك دولييق‬ ‫‪)11‬‬
‫مةي ي ييزم قانوني ي ييا لتأبيي ي ييق التي ي ييدابير الدوليي ي يية عةي ي ييم مةواي ي ييات عضي ي ييوية اابتي ي يية معيني ي يية‪،‬‬
‫‪.unep/pops/inc7/22‬‬
‫و ازرط تهيئ ي ي يية ااقة ي ي يييم والبيئ ي ي يية‪ ،‬تنري ي ي يير ح ي ي ييول حال ي ي يية ومس ي ي ييتنبل البيئ ي ي يية ي ي ييق‬ ‫‪)12‬‬
‫الجزائر‪.2005،‬‬
‫مجةييس التج ييارط والتنمييية‪ ،‬التأ ييورات وااتجاهييات األ يي يرط ييق النن ييل البح ييري‬ ‫‪)13‬‬
‫الدولق التق تؤار ق تجارط البةدان النامية‪ ،‬بةجيكا‪.2013،‬‬

‫‪ )5‬االطاريح والمذكرات الجامعية‬


‫األطاريح‪:‬‬
‫‪ )1‬حمد جالل عبد الحةيم حةمق شوشة‪ ،‬ن م النانون الدولق العام ق شأن حماية‬
‫بيئة الهواء الجوي‪ ،‬رسالة دكتوراه ق الحنوا‪ ،‬جامعة عين شمس‪.2009 ،‬‬
‫‪ )2‬العايب عبد الرحمن‪ ،‬التحكم ق األداء الشامل لةمؤسسة ااقتصادية ق الجزائر‬
‫ق ل تحديات التنمية المستدامة‪ ،‬رسالة مندمة لنيل شهادط دكتوراه ق العةوم‬
‫ااقتصادية‪ ،‬جامعة رحات عباس‪ ،‬سأيش‪.2011 ،‬‬

‫‪279‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫‪ )3‬بوسبعين تسعديت‪ ،‬ثاار التغيرات المنا ية عةم التنمية المستدامة ق الجزائر‪،‬‬


‫أروحة مندمة لنيل شهادط الدكتوراه ق عةوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد بوقرط‬
‫بومرداس‪.2015،‬‬
‫‪ )4‬زيد المال صا ية‪ ،‬حماية البيئة ق إأار التنمية المستدامة عةم ضوء حكام‬
‫النانون الدولق‪ ،‬رسالة لنيل شهادط الدكتوراه قانون دولق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ )5‬شعشوب قويدر‪ ،‬دور المن مات ير الحكومية يق تأيوير النيانون اليدولق البيئيق‪،‬‬
‫رسالة لنيل شهادط الدكتوراه‪ ،‬جامعة ابق بكر بةنايد تةمسان‪.2014 ،‬‬
‫‪ )6‬راح رشيد‪ ،‬سياسة إدارط الموارد المائية ق الجزائر ومدى تأبيق ال ص صة‬
‫ق قأاب المياه ق المناأق الحضرية‪ ،‬أروحة دكتوراه ق العةوم ااقتصادية‬
‫وعةوم التسيير رب الت أيط‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2010 ،-3-‬‬
‫‪ )7‬محق الدين حمدانق‪ ،‬حدود التنمية المستدامة ق ااستجابة لتحديات الحاضر‬
‫والمستنبل دراسة حالة الجزائر‪ ،‬أروحة لنيل شهادط الدكتوراه ق العةوم‬
‫ااقتصادية‪ ،‬كةية العةوم ااقتصادية وعةوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪2009 ،‬‬

‫المذكرات‬
‫‪ )1‬مينيية دييير‪ ،‬ايير التهديييدات البيئييية عةييم واقييع األميين اإلنسييانق ييق ا رينيييا‪ ،‬م ي كرط‬
‫لنيل شهادط الماجستير‪ ،‬جامعة محمد يضر بسكرط‪.2014 ،‬‬
‫‪ )2‬بين سيعدط حيدط‪ ،‬حمايية البيئية كنييد عةيم حيق المةكيية العناريية‪ ،‬مي كرط لنييل شيهادط‬
‫‪ ،‬جامعة الجزائر كةية الحنوا‪.2007 ،‬‬ ‫الماجستير ق النانون ال ا‬
‫‪ )3‬تكواشييت عميياد‪ ،‬واقييع وث يياا الأاقيية المتجييددط ودورهييا ييق التنمييية المسييتدامة ييق‬
‫الج ازئ يير‪ ،‬مي ي كرط مندم يية لني ييل ش ييهادط الماجس ييتير ييق العة ييوم ااقتص ييادية‪ ،‬جامع يية‬
‫الحاج ل ضر باتنة‪.2012 /2011 ،‬‬
‫‪280‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫‪ )4‬زيتونق زهور‪ ،‬الجزائر ومدى إدماج ااتحاقيات الدولية ال اصة بحماية البيئة‬
‫لنيل شهادط الماجستير ق النانون الدولق‬ ‫التجربة ق قانونها الدا ةق‪ ،‬بح‬
‫والعالقات الدولية‪ ،‬بن عكنون‪.2003 ،‬‬
‫‪ )5‬عائشة ةو ق‪ ،‬تأاير التكتالت ااقتصادية اإلقةيمية عةم حركة التجارط الدولية‪،‬‬
‫‪.15‬‬ ‫م كرط لنيل شهادط الماجستير‪ ،‬جامعة رحات عباس سأيش‪،2012 ،‬‬
‫‪ )6‬عالل عبد الةأيش‪ ،‬تأار الحماية النانونية لةبيئة ق الجزائر بالتنمية المستدامة‪،‬‬
‫م كرط من اجل الحصول عةم شهادط الماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر واحد‪.2012 ،‬‬
‫‪ : )6‬النصوص القانونية‬
‫أ) القوانين‬
‫‪ )1‬ق ييانون رق ييم‪ ،12-84‬الم ييؤرخ ييق ‪ 23‬يوني ييو س يينة ‪ 1984‬يتض ييمن الن ييام الع ييام‬
‫لةغابات‪ ،‬الجريدط الرسمية العدد ‪ 26‬لسنة ‪.1984‬‬

‫مر رقم ‪ 38-67‬المؤرخ ق ‪ 18‬يناير‪ 1967‬المتعةق بالنيانون البةيدي‪ ،‬الجرييدط‬ ‫‪)2‬‬


‫الرسمية العدد ‪ 06‬لسنة ‪.1967‬‬

‫ميااا الوأنق لسينة ‪ ،1976‬المنشيور بموجيب األمير‪ 57-76 :‬الميؤرخ يق ‪05‬‬ ‫‪)3‬‬
‫جويةييية ‪ ،1976‬المتضييمن نشيير الميايياا الييوأنق لسيينة ‪ ،1976‬الجريييدط الرسييمية‬
‫العدد ‪ 61‬لسنة ‪.1976‬‬
‫‪ )4‬قي ييانون رقي ييم ‪ 09-99‬المي ييؤرخ ي ييق ‪ 28‬يوليي ييو سي يينة‪ 1999‬المتعةي ييق بي ييالتحكم ي ييق‬
‫الأاقة‪ ،‬الجريدط الرسمية العدد ‪ 51‬لسنة ‪.1999‬‬
‫‪ )5‬قييانون رقييم ‪ 01-02‬المييؤرخ ييق ‪ 5‬ب ارييير سيينة ‪ 2002‬المتعةييق بالكهربيياء وتوزيييع‬
‫الغاز بواسأة الننوات ‪ ،‬الجريدط الرسمية العدد‪ 08‬لسنة ‪. 2002‬‬
‫‪ )6‬قانون رقم ‪ 10-03‬المؤرخ ق ‪ 19‬يولييو سينة ‪ 2003‬المتعةيق بحمايية البيئية يق‬
‫إأار التنمية المستدامة‪ ،‬الجريدط الرسمية العدد ‪ 43‬لسنة ‪.2003‬‬

‫‪281‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

‫‪- )7‬قانون رقم ‪ 09-04‬المؤرخ ق ‪ 14‬شت سنة ‪ 2004‬المتعةق بترقيية الأاقيات‬


‫المتجددط ق إأار التنمية المستدامة‪ ،‬الجريدط الرسمية العدد ‪.52‬‬
‫‪ )8‬ق ييانون رق ييم ‪ 07-05‬الم ييؤرخ ييق‪ 28‬ابري ييل س يينة ‪ 2005‬المتعة ييق بالمحروق ييات‪،‬‬
‫الجريدط الرسمية العدد ‪ 50‬لسنة ‪.2005‬‬
‫‪- )9‬قانون رقم‪ 12-05‬المؤرخ ق‪ 4‬شت ‪ 2005‬المتعةق بالمياه‪ ،‬الجريدط الرسمية‬
‫العدد ‪ 60‬لسنة ‪.2005‬‬
‫‪-‬قييانون رقييم ‪ 99-09‬المتعةييق بالكهربيياء والتوزيييع العمييومق لةغيياز الأبيعييق‬ ‫‪)10‬‬
‫عبر اانابيب‪.‬‬
‫‪-‬قييانون رقييم‪ 02-10‬المييؤرخ ييق‪ 29‬يونيييو‪ 2010‬المتضييمن المصييادقة عةييم‬ ‫‪)11‬‬
‫الم أط الوأنق لتهيئة اإلقةيم‪ ،‬الجريدط الرسمية العدد ‪ 61‬لسنة ‪.2010‬‬
‫أ) المراسيم التنفيذية‬
‫‪ - 1‬مرسيوم ‪ 78-90‬المييؤرخ ييق ب اريير ‪ 1990‬متعةييق بد ارسيية التيأاير عةييم البيئيية‪،‬‬
‫الجريدط الرسمية العدد ‪ 61‬لسنة ‪.2010‬‬
‫الغياز‬ ‫‪- 2‬مرسوم التنحي ي رقم ‪ 138-06‬المؤرخ يق‪ 15‬ابرييل‪ 2006‬يين م انبعيا‬
‫والد ان والب ار والجزيئات السائةة والصةبة ق الجو وك ا الشروأل التيق تيتم يهيا‬
‫مراقبتها‪ ،‬الجريدط الرسمية العدد ‪ 24‬لسنة ‪.2006‬‬
‫ثانيا‪ :‬باللغة الفرنسية‬
‫‪1) ouvrages‬‬
‫‪1) Alexandre Kiss, Jean-Pierre Beurier, Droit international de‬‬
‫‪l’environnement, Pedone, Paris, 2000.‬‬
‫‪2) Jean-Marc la vieille, Droit international de l’environnement,‬‬
‫‪Ellipses,paris, 2010.‬‬

‫‪282‬‬
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

3) Majid Benchikh ,Droit international du sous-développement,


Publication Universitaire, Alger, 1983 .
4) Martin Beniston, changements climatiques et impacts,
presses polytechnique et universitaires, Romandes 2012.
5) Michel Prieur, Droit de l’environnement, Edition Delta,
Beyrouth, 2001.
6) Patrick Thieffry, Droit de l’environnement de l’union
européenne, Edition Bruylant, Belgique, 2011.
7) Peter Newell, Matthew Paterson, climat et capitalisme, group
de Boeck, Belgique, 2011.
8) Tom Tietenberg et Lynne Lewis, Economie de
l’environnement et développement durable, Nouveaux
Horisons, Paris, 2013.

2) articles
1) Cristien de Perthuis, Armand Colin, Protocol de kyoto enjeu
post 2012, revue international et staratégique, sur le site :
www.cairn.info/revue.
2) Cristophe colette, l’action internationale contre les
changements climatiques. Perspectives de l’après-Kyoto,
revue d’études internationales, n°2, 2008, sur le site
internet : www.erudit.org.

283
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

3) Michel Damian, Mehdi Abas, Pierre Berthrand, Les grandes


orientations de l’accord climatique de paris 2015, article
publié par EDP science, disponible en ligne sur : www.nss-
journal.org
4) Samira hasseni, Développement durable et énergie, Revue
idara, 2011,n41.
5) Serge Pannatier, la protection de l’air, article dans un forum
interdisciplinaire indépendant, sous-titre le droit international
face à l’éthique et la politique de l’environnement, Genève.
6) Ministère de l’énergie, conférence de lima sur le climat : des
négociations laborieuses et difficiles, revue algérienne de
l’énergie, janvier 2015, n°1.

3) les journaux
1) ALI Boukhlef, sonatrach maintien ses options, el watan, 21
janvier 2015.
2) Nordin grim, pourquoi n’a-t- on pas voulu du projet desertec,
journal ELWATAN, 14 décembre 2015.
3) Samir ghezlaoui, accord adopté…et tout reste à faire, journal
el WATAN, lundi14 décembre 2015.
4) Article sous-titre : l’Afrique est devenue acteur et artisan,
journal Horizons, 9 décembre 2015.
5) Article publié au journal « l’Actualité », 23 Décembre 2009.

284
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

6) Article sous-titre : « un accord universel et historique à


l’arraché », journal El Watan, lundi 14 Décembre 2015.
4) Les rapports
1) Ministère de l’Aménagement du territoire de
l’environnementet du tourisme, Rapport d’étude : Evaluation
du risque climatique en Algérie, Juillet 2009.

2) Ministère de l’aménagement du territoire de l’environnement


et du tourisme, seconde communication national de l’Algérie,
rapport s’étude : vulnérabilité des écosystèmes a la
sècheresse et à la désertification. Principe d’adaptation,
2009.
3) Seconde communication national de L’ALGERIE, ministère
de l’aménagement du territoire l’environnement et du
tourisme, rapport d’étude sur les changements climatiques et
l’énergie en Algérie, juillet 2009.
4) Direction général de l’environnement, Elaboration de la
stratégie initiale, mars, 2001.
5) Agence Allemande pour la coopération technique (Ftz), projet
d’appui à la mise en œuvre de la convention –cadre des
Notions Unies sur les changements climatiques et a
l’adaptation aux changements climatiques en Algérie ,2007.

285
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

6) Ministère de l’environnement st de l’aménagement du


territoire, agence national des énergies renouvelable, bulletin
d’information sur les changements climatiques, juillet 2001.
7) Ministère de l’environnement français, conférence
international sur l’application renforcée du droit international
de l’environnement, édition frison- roche, paris 1999.
8) Réseau action climat France, changement climatiques,
comprendre et réagir,www.rac-f.org
9) Groupe d’experts intergouvernemental sur l’évolution du
climat, changement de climat, 1995, seconde évaluation.
10) Groupe d’experts intergouvernemental sur l’évolution du
climat, changement climatiques 2001 : Rapport de synthèse.
11) Ministère de l’Aménagement du territoire de
l’environnement et du tourisme, seconde communication
nationale de l’Algérie, Rapport d’étude : vulnérabilité aux
changements climatiques des secteurs nationaux prioritaires.
12) Ministère de l’Aménagement du territoire de
l’environnement et du tourisme, seconde communication
nationale de l’Algérie, Rapport d’étude : vulnérabilité des
forêts aux changements climatiques enAlgérie, Juillet 2009.
13) Ministère de l’Aménagement du territoire de
l’environnement et du tourisme, seconde communication

286
‫قــــائـــــمــــة الــــمــــراجـــــــــع‬

nationale de l’Algérie, Rapport d’étude : vulnérabilité du


littoral face aux changements climatiques en Algérie.

‫ باللغة اإلنجليزية‬:‫ثالثا‬

1) books

- Adaptation to a changing climate in the Arab countries, World


Bank. DORT Verner Editor, Washington.2012.
2) articles

- ShirlyV.Scott, Does the UNFCC fulfil the functions required of


a framework convention?.Downloaded from:
jel.oxfordjournals.org.

:‫المواقع االلكترونية‬

1) public.wmo.int ‫الموقع الرسمق لةمن مة العالمية لألرصاد الجوية‬


2) www.unesco.org‫الرسمق لمن مة اامم المتحدط لةتربية والعةوم والانا ة الموقع‬
3) www.fao.org ‫الموقع الرسمق لمن مة األ ية و الزراعة‬
4) www. Cder.dz. ‫الموقع الرسمق لمركز الأاقات المتجددط‬
5) www.sso.online.org/fr ‫الموقع الرسمق لمرصد الصحراء و الساحل‬
6) WWW.secheresse.info ‫الموقع الرسمق لشبكة مكا حة التصحر‬
7) www.afedonline.org ‫الموقع الرسمق لةمنتدى العربق لةبيئة والتنمية‬
8) www.unfcc.int/resource/docs ‫الموقع الرسمق اتحاقية تغير المناخ‬
9) www.UN.org ‫الموقع الرسمق لمن مة األمم المتحدط‬
287
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪1....................................................................‬‬

‫الباب االول‪ :‬النظام القانوني لحماية المناخ من التغير وتأثر الجزائر بهذه الظاهرة‪7.......‬‬

‫الفصل االول‪ :‬تحليل مشكلة تغير المناخ وتأثر الجزائر بها‪8.............................‬‬

‫المبحث االول‪ :‬تغير المناخ مشكل بيئي مناخي‪8........................................‬‬

‫المطلب االول‪ :‬ماهية ظاهرة تغير المناخ‪9..............................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ضبط مفاهيم مصطلحي الغالف الجوي والمناخ‪9............................‬‬

‫اوال‪ -‬الغالف الجوي‪9..........................................................‬‬

‫ثانيا‪-‬المناخ‪12................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬كيفية حدوث ظاهرة تغير المناخ‪15........................................‬‬

‫اوال‪ :‬الدفيئة ظاهرة طبيعية‪15...................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدفيئة ظاهرة انسانية المصدر‪17..........................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬تحليل االتجاهين‪18.......................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬مبدا الحيطة كأساس لحماية المناخ‪19.....................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االثار المترتبة عن تغير المناخ‪22......................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬اثار تغير المناخ بصفة عامة‪23...........................................‬‬

‫اوال‪ :‬تأثيرات تغير المناخ‪23....................................................‬‬

‫‪288‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫ثانيا‪ :‬تقييم التأثيرات‪25.........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االحتباس الحراري في الجزائر‪26..........................................‬‬

‫اوال‪ :‬الوضعية البيئية للجزائر‪27.................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬درجة تأثر الجزائر باالحتباس الحراري‪28...................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ابعاد مشكلة تغير المناخ‪35...........................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬السياسة جزء من عملية ابرام االتفاقية‪35.................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األسباب التي تحتم التعاون الدولي لحماية البيئة‪35..........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عقبات هامة للتعاون الدولي في عملية ابرام اتفاقية تغير المناخ‪38............‬‬

‫اوال‪ :‬الصراع بين الشمال والجنوب‪38............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االحتكار التكنولوجي‪38...................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬السيادة‪39................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬نقص الحوافز لالمتثال‪39................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬االستراتيجية العامة للتفاوض‪40...........................................‬‬

‫اوال‪ :‬عملية التفاوض‪40........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحديد استراتيجية التفاوض حول مشكلة تغير المناخ‪42 .....................‬‬

‫ثالثا‪ :‬اتفاقية تغير المناخ مثال على ضعف البناء القانوني للمعاهدات‪45..........‬‬

‫رابعا‪ :‬مسار التفاوض حول بروتوكول كيوتو‪45..................................‬‬

‫‪289‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الجانب االقتصادي لمشكل تغير المناخ‪47...............................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬التنمية المستدامة كحل لتغير المناخ‪47.....................................‬‬

‫اوال‪ :‬تطور فكرة التنمية‪47......................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬فكرة التقسيم الدولي للعمل‪48..............................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬ضرورة وضع نموذج جديد للنمو‪49........................................‬‬

‫رابعا‪ :‬مفهوم التنمية المستدامة‪51...............................................‬‬

‫خامسا‪ :‬جهود الجزائر في مجال التنمية المستدامة‪54....................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تأثر االقتصاد بتغير المناخ‪55.............................................‬‬

‫أوال‪ :‬اقتصاد تغير المناخ‪56....................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬النتائج االقتصادية لعدم التكفل بتغير المناخ‪58.............................‬‬

‫ثالثا‪ :‬االقتصاد االخضر البديل‪58..............................................‬‬

‫خالصة الفصل االول‪59.......................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تطور اتفاقية تغير المناخ‪60............................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬البناء القانوني التفاقية تغير المناخ ‪60............................1992‬‬

‫المطلب األول‪ :‬السياق والمبادئ‪61....................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬سياق إبرام اتفاقية تغير المناخ وأهدافها‪61.................................‬‬

‫أوال‪ :‬اتفاقات بيئية مهدت لحماية المناخ‪61.......................................‬‬

‫‪290‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫ثانيا‪ :‬اعداد االتفاقية‪63.........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬اهداف االتفاقية‪66........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المبادئ‪66...............................................................‬‬

‫اوال‪ :‬حماية حقوق االجيال الحاضرة والمقبلة‪66...................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مبدأ المسؤولية المشتركة لكن المتباينة‪67...................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬اتخاذ التدابير الوقائية‪68 .................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬تحقيق التنمية المستدامة‪69 ..............................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الزامية االتفاقية اإلطار‪70.............................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬مضمون االتفاقية‪71 .....................................................‬‬

‫اوال‪ :‬االتفاقيات الدولية اداة متميزة لعالقات التعاون الدولي‪71 .....................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى نفاذ اتفاقية تغير المناخ‪72 ...........................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعليق على االتفاقية‪73 ..................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬الجانب التنظيمي لالتفاقية‪76 ............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تقييم االتفاقية‪81..........................................................‬‬

‫اوال‪ :‬التقييم بوجه عام‪81........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االيجابيات ‪82............................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬السلبيات ‪83..............................................................‬‬

‫‪291‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ما بعد االتفاقية االطار لتغير المناخ (بروتوكول كيوتو واجتماعات‬

‫االطراف) ‪83.........................................................................‬‬

‫المطلب االول‪ :‬الجديد الذي اتى به بروتوكول كيوتو‪84..................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬مضمون بروتوكول كيوتو‪84...............................................‬‬

‫اوال‪ :‬صدور قرار تشكيل لجنة صياغة بروتوكول كيوتو‪84.........................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االلتزامات التي يرتبها بروتوكول كيوتو‪85..................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬اليات المرونة وسيلة لتنفيذ االلتزامات‪87....................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مدى فاعلية بروتوكول كيوتو‪92...........................................‬‬

‫اوال‪ :‬تقييم بروتوكول كيوتو ‪92..........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬فاعلية بروتوكول كيوتو من حيث العالقة الوظيفية بينه وبين االتفاقية اإلطار…‪94...‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ما بعد بروتوكول كيوتو‪95..............................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬اهم المؤتمرات التي تلت بروتوكول كيوتو‪96.................................‬‬

‫اوال‪ :‬برنامج عمل نيروبي بشان التكيف‪96.......................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مؤتمر بالي‪96...........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬اعالن بانكوك‪97.........................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬مؤتمر كوبنهاجن‪97......................................................‬‬

‫خامسا‪ :‬مؤتمر كانكون‪98......................................................‬‬

‫‪292‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫سادسا‪ :‬مؤتمر ديربان‪99.......................................................‬‬

‫سابعا‪ :‬مؤتمر ليما‪100 ........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اتفاق باريس وموقف الدول من التزام ما بعد كيوتو‪101....................‬‬

‫أوال‪ :‬موقف الدول من التزام ما بعد كيوتو‪101....................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬اتفاق باريس حول التغيرات المناخية‪104..................................‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‪108.....................................................‬‬

‫خالصة الباب االول‪109.......................................................‬‬

‫الباب الثاني مقومات ادماج اتفاقية تغير المناخ في التشريع الجزائري……………‪110.‬‬

‫الفصل االول‪ :‬ادماج الجزائر لالتفاقية تحقيق اللتزام دولي‪111..........................‬‬

‫المبحث االول‪ :‬االمتثال التفاقية تغير المناخ‪112.......................................‬‬

‫المطلب االول‪ :‬النظام القانوني لالمتثال‪113............................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬مفهوم االمتثال‪113.......................................................‬‬

‫اوال‪ :‬االمتثال فقها‪113.........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االمتثال قانونا‪114.......................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬تمييز االمتثال عن مصطلحات قريبة في المعنى‪116.......................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص نظام االمتثال‪117.............................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬انظمة االمتثال في االتفاقيات البيئية‪118................................‬‬

‫‪293‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫اوال‪ :‬كتابة التقارير‪118.........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجعة‪119............................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقويم االمتثال واالستجابة لحاالت عدم االمتثال‪119 ........................‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬االمتثال وفقا التفاقية تغير المناخ‪122......................................‬‬

‫اوال‪ :‬االساس القانوني لنظام االمتثال وفقا التفاقية تغير المناخ‪122................‬‬

‫ثانيا‪ :‬معالجة حالة عدم االمتثال وفقا التفاقية تغير المناخ‪124.....................‬‬

‫ثالثا‪ :‬امتثال الجزائر التفاقية تغير المناخ‪125...................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬السياسة الطاقوية في الجزائر مثال على عدم االمتثال‪126................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬تجارب بعض الدول في امتثالها التفاقية تغير المناخ‪126....................‬‬

‫اوال‪ :‬تجربة الواليات المتحدة األمريكية‪126......................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى التزام ايطاليا بتفعيل نظام حماية المناخ وطنيا‪129...................‬‬

‫ثالثا‪ :‬تجربة المغرب‪133.......................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬تجربة مصر‪138........................................................‬‬

‫خامسا‪ :‬تجربة ألمانيا‪143......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الطاقة جزء مهم من مسالة تغير المناخ‪146................................‬‬

‫اوال عالقة قطاع الطاقة بمسالة تغير المناخ‪146..................................‬‬

‫ثانيا اعتماد االقتصاد الجزائري على موارد الطاقة‪149............................‬‬

‫‪294‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مدى حسن اختيار الجزائر للطاقة المستقبلية‪:‬غاز الشيست بدال من الطاقة‬

‫الشمسية‪152.........................................................................‬‬

‫اوال‪ :‬فشل مشروع ‪ DESERTEC‬وتاخر الطاقات المتجددة في الجزائر‪152 .....‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقييم خيارات توجهات الجزائر في مجال الطاقة‪155 ......................‬‬

‫المبحث الثاني التنفيذ وعالقته بالشراكة مع المجتمع الدولي‪160.........................‬‬

‫المطلب االول التنفيذ من خالل االدماج الداخلي لالتفاقيات الدولية في القانون الوضعي‬

‫الجزائري‪160.........................................................................‬‬

‫الفرع االول العالقة بين االتفاقية والقانون الوطني وفقا للقانون الدولي‪160.................‬‬

‫اوال نظريات وحدة القانون‪161...................................................‬‬

‫ثانيا نظرية الثنائية القانونية‪161.................................................‬‬

‫الفرع الثاني قواعد االدماج الداخلي لالتفاقيات الدولية في القانون الوضعي الجزائري‪163.‬‬

‫اوال اساليب تطبيق قواعد القانون الدولي داخل النظم الداخلية‪163.................‬‬

‫ثانيا العالقة بين االتفاقية والقانون في القانون الجزائري‪164.......................‬‬

‫المطلب الثاني تنفيذ اتفاقية تغير المناخ في إطار المنظمات الدولية…‪166................‬‬

‫الفرع االول دور المنظمات الدولية في حماية البيئة بصفة عامة‪167....................‬‬

‫اوال‪ :‬سعي المنظمات الدولية لحماية البيئة‪167 .................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬منظمة االمم المتحدة والمنظمات المتخصصة التابعة لها‪170 .............‬‬

‫‪295‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دور المنظمات العالمية في مكافحة تغير المناخ‪172......................‬‬

‫اوال‪ :‬دور منظمة االمم المتحدة في مكافحة تغير المناخ‪172 .........................‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور المنظمات المتخصصة التابعة لألمم المتحدة في مكافحة تغير المناخ‪173...‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تنفيذ الجزائر لالتفاقية باعتبارها جزء من التكتالت الدولية‪178 .........‬‬

‫الفرع االول‪ :‬التعاون على المستوى االقليمي‪178.......................................‬‬

‫اوال‪ :‬الجزائر بلد مغاربي‪179...................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجزائر بلد افريقي‪183...................................................‬‬

‫ثالثا الجزائر بلد عربي‪185.....................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مشاركة الجزائر في مؤتمر االطراف (مؤتمر كوبنهاجن ومؤتمر باريس نموذجا)‬

‫‪187.................................................................................‬‬

‫اوال‪ :‬مؤتمر كوبنهاجن ‪187.............................................2009‬‬

‫ثانيا‪ :‬المشاركة بمؤتمر باريس‪188...................................... 2015‬‬

‫خالصة الفصل االول‪190.....................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬استراتيجية الجزائر لمكافحة تغير المناخ‪191...........................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مخطط العمل الوطني لمكافحة تغير المناخ‪191........................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مقومات مخطط العمل الوطني لمكافحة تغير المناخ ‪192...............‬‬

‫‪296‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫الفرع األول‪ :‬مشروع دعم تنفيذ االتفاقية االطار حول تغير المناخ والتأقلم مع تغيرات المناخ‬

‫في الجزائر‪193.......................................................................‬‬

‫اوال‪ :‬ماهية مشروع دعم تنفيذ اتفاقية تغير المناخ‪193...........................‬‬

‫ثانيا‪ :‬استراتيجية تنفيذ المشروع‪194............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المخطط الوطني للطاقات المتجددة‪ :‬مدى اعتماد االقتصاد االخضر في‬

‫الجزائر‪195..........................................................................‬‬

‫اوال‪ :‬االقتصاد االخضر‪196...................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مقومات برنامج الجزائر للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية‪197...........‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬ادماج مشروع توفير طاقة نظيفة لمدن البحر المتوسط( مدينة باتنة‪-‬بومرداس‪-‬‬

‫و سيدي بلعباس)‪199.................................................................‬‬

‫اوال‪ :‬ماهية المشروع ‪199........................................CES-MED‬‬

‫ثانيا‪ :‬مشروع ‪ CES-MED‬في الجزائر‪200...................................‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬تدابير اتخذتها الجزائر لها عالقة بتغير المناخ‪203........................‬‬

‫أوال‪ :‬قطاع النقل‪203..........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬قطاع الفالحة‪207.......................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬قطاع الغابات‪209.......................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬محاربة التصحر‪212....................................................‬‬

‫‪297‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫خامسا‪ :‬تحول التكنولوجيا‪215..................................................‬‬

‫سادسا‪ :‬اإلعالم والتحسيس‪219................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اهداف مخطط العمل الوطني‪222.....................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬تدابير التخفيف‪222......................................................‬‬

‫اوال‪ :‬التخفيف‪223.............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجرد الوطني النبعاثات غازات الدفيئة‪227...............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تدابير التكيف‪129.......................................................‬‬

‫اوال‪ :‬التكيف مع تغير المناخ‪230...............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرة البالغ الوطني االول للتكيف في الجزائر‪231........................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ادوات تنفيذ المخطط الوطني لمكافحة تغير المناخ‪236.................‬‬

‫المطلب االول‪ :‬االطر القانونية‪236...................................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬االهتمام القانوني بالبيئة في التشريع الجزائري‪237.........................‬‬

‫اوال‪ :‬مرحلة عدم الوعي البيئي في الجزائر‪237..................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬بداية االهتمام بالبيئة في الجزائر‪239.....................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القوانين ذات العالقة المباشرة بتنفيذ المخطط‪241.........................‬‬

‫اوال‪ :‬القانون رقم ‪09-04‬المتعلق بترقية الطاقات المتجددة في إطار التنمية‬

‫المستدامة‪242........................................................................‬‬

‫‪298‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫ثانيا‪ :‬القانون رقم ‪ 09-99‬المتعلق بالتحكم في الطاقة‪243......................‬‬

‫ثالثا‪:‬القانون رقم ‪ 07-05‬المتعلق بالمحروقات‪244.............................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬قوانين مساعدة على تحقيق أهداف االتفاقية‪245..........................‬‬

‫اوال‪ :‬القانون رقم ‪ 10-03‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪246..‬‬

‫ثانيا‪ :‬المرسوم التنفيذي رقم ‪138-06‬ينظم انبعاث الغاز والدخان والبخار‬

‫والجزيئات السائلة او الصلبة في الجو وكذا الشروط التي تتم فيها‬

‫مراقبتها………………………………………………………‪247.‬‬

‫ثالثا‪ :‬القانون رقم ‪ 12-84‬يتضمن النظام العام للغابات‪249.....................‬‬

‫رابعا‪ :‬القانون رقم ‪ 12-05‬المتعلق بالمياه‪250.................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االطر المؤسساتية لتنفيذ المخطط الوطني‪251.........................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬مؤسسات حماية البيئة في الجزائر‪151....................................‬‬

‫اوال‪ :‬االدارة المركزية‪252......................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مصالح ال مركزية للدولة‪253.............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إطار العمل المؤسساتي‪254.............................................‬‬

‫اوال‪ :‬الوكالة الوطنية المعنية بتغير المناخ‪255..................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة‪256 ............................‬‬

‫ثالثا‪ :‬السلطة الوطنية المعينة ‪257 .............................................‬‬

‫‪299‬‬
‫الـــــفـــهــــرس‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مؤسسات ذات عالقة غير مباشرة بتنفيذ االتفاقية‪258.....................‬‬

‫اوال‪ :‬مساهمة و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي‪258............................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مساهمة و ازرة الطاقة والمناجم‪260........................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬المركز الوطني لتكنولوجيات أكثر نقاء‪262................................‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‪263.....................................................‬‬

‫خالصة الباب الثاني‪264......................................................‬‬

‫الخاتمة ‪265...................................................................‬‬

‫قائمة المراجع‪271.............................................................‬‬

‫الفهرس……………………‪288……………………………………….‬‬

‫‪300‬‬

You might also like