You are on page 1of 8

‫أوالً – العالقات العثمانية األوربية في القرن السادس عشر الميالدي ‪ :‬‬

‫تمكن العثمانيون من السيطرة على منطقة "البلقان"‪ $‬أي الجزء الشرقي‬


‫من أوربة عموما ً‪ ،‬و تحول اهتمام العثمانيين إلى جهة الشرق في عهد‬
‫السلطان " سليم األول" لبروز الدولة الصفوية في إيران كمنافس قوي‬
‫وخطير لهذه الدولة ‪ .‬‬
‫إال أنه في عهد السلطان" القانوني" تسارعت األحداث في أوربة خصوصا ً‬
‫بعد المنافسات المريرة بين حكام أوربة ‪ ،‬فبادئ ذي بدء لم يعترف‬
‫السلطان " القانوني" بـ" شارل الخامس" إمبراطوراً على اإلمبراطورية‬
‫الرومانية المقدسة‪ ،‬ثم أتى قتل"لويس الثاني" ملك المجر لسفراء‬
‫السلطان أن تأزم الموقف بين الطرفين أي بين أوربا الغربية والدولة‬
‫العثمانية‪.‬‬
‫األمر الذي أدى إلى تحرك القوات العثمانية صوب" بلغراد" ‪ ،‬فاستولت‬
‫عليها(سنة ‪1521‬م) وبسقوط‪ ‬‬
‫" بلغراد" بيد العثمانيين فتح الطريق أمام القوات العثمانية إلى وسط‬
‫أوربة(بل أوربة كلها) ‪.‬‬
‫وكان من تداعيات هذه الحرب أن عقد البنادقة مع السلطنة معاهدة تجارية‬
‫في السنة ذاتها ضمنت لهم الكثير من اإلمتيازات في أراضي السلطنة ‪.‬‬
‫كما كان الستمرار هجمات فرسان القديس " يوحنا " المستقرين في‬
‫جزيرة " رودوس" باالعتداء على السفن التجارية اإلسالمية أن جهز‬
‫ً‬
‫حملة استطاعة فتح هذه الجزيرة ( سنة ‪1522‬م ) ‪.‬‬ ‫السلطان‬
‫وفي ظل الظروف المتوترة بين دولة المجر والسلطنة العثمانية خاض‬
‫معركة (سنة ‪ 1526‬م ) عرفت بمعركة " موهاكس" انتصر فيها‬ ‫ً‬ ‫الطرفان‬
‫العثمانيون على المجرين بعد سقوط ملكهم " لويس الثاني"‬
‫صريعا ً في أرض المعركة ‪ ،‬وكان من نتائج هذه المعركة انقسمت المجر‬
‫إلى ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫قسم حكمه العثمانيون ‪ ،‬وقسم حكمه ملك "بوهيميا" بدعم من السلطان‬
‫العثماني ‪ ،‬وقسم حكمه "النمساويون" الذين غدوا على تماس مباشر مع‬
‫الدولة العثمانية ‪.‬‬
‫وهذا ما أدى بعد ذلك إلى تزايد طموح العثمانيين في ضرب" النمسا"‬
‫فجهز السلطان قواته وساربها إلى‪ ‬‬
‫" فيينا"( سنة ‪1529‬م ) لكن القوات العثمانية أخفقت في اقتحام المدينة ‪،‬‬
‫و ارتد الجيش العثماني إلى‪ ‬‬
‫"استنبول" دون أن يحقق الغاية من حملته ‪ .‬‬
‫ثم أعاد السلطان محاولته لفتح " فيينا" إال أنه في المحاولة األخيرة ركن‬
‫إلى الصلح وعقد مع النمساويين معاهدة ( عام ‪ 1533‬م ) تم بموجبها‬
‫تثبيت الحدود بين الطرفين ‪ .‬‬
‫هذا وفي ظل التحالف العثماني الفرنسي وثق الطرفان عالقاتهم بعقد‬
‫اتفاقية تجارية(سنة ‪1535‬م) منحت من خاللها فرنسة الكثير من‬
‫اإلمتيازات داخل أراضي السلطنة ‪ ،‬األمر الذي جعل"البنادقة" ينقلبون‬
‫على السلطنة و يتحالفون مع " شارل الخامس" ملك " إسبانيا" ويمدونه‬
‫بالمساعدات البحرية ضد العثمانيين ‪ .‬‬
‫ثم ما لبث أن تجدد الصدام بين العثمانيين والنمساويين واستمر متقطعا ً‬
‫إلى ( سنة ‪ 1547‬م ) حيث عقد الطرفان صلح ‪ ،‬وقد تلى هذا التحالف‬
‫أحداث شغب في "المجر" أدت في النتيجة إلى عقد معاهدة صلح عرفت‬
‫بصلح " براغ" ( بلًلراد) نص على االعتراف بحكم العثمانيين " للمجر و‬
‫مولدافيا" ‪ .‬‬
‫وبعد وفاة السلطان"القانوني"‪ $‬ورثه على العرش" ابنه " سليم الثاني"‬
‫الذي شهد عهده تتمة االعتداءات البندقية على البحرية اإلسالمية التجارية‬
‫في البحرالمتوسط التي كانت تخرج من جزيرة"قبرص" فأعدت السلطنة‬
‫جيشا ً لفتح الجزيرة وبالفعل تمكنت البحرية العثمانية من السيطرة على‬
‫الجزيرة(سنة ‪1570‬م)‪ .‬‬
‫كان من نتائج هذا الفتح تحالف الغرب األوربي ( البابا بيوس الخامس –‬
‫فيليب الثاني ملك إسبانية خليفة شارل الخامس – جمهورية البندقية ) ‪ .‬‬
‫أدى إلى اإلعداد لحملة بحرية ضخمة هاجمت األسطول العثماني في ميناء‬
‫" ليبانت" اليوناني و أوقعت فيه خسائر فادحة ( سنة ‪ 1571‬م ) – أول‬
‫انكسار بحري للدولة العثمانية ‪ ، -‬كان من نتائج هذه المعركة أن دب‬
‫الخالف‪ $‬بين التحالف فأضطر البنادقة إلى عقد صلح مع السلطنة‬
‫العثمانية ‪ .‬‬
‫وإبان فتور العالقات الفرنسية العثمانية بسبب وراثة العرش البولندي‬
‫اغتنمت "إنكلترة" الفرصة وعقدت مع السلطنة اتفاقية تجارية( سنة‬
‫‪ 1579‬م ) على غرار اتفاقية( سنة ‪ 1535‬م ) مع الفرنسيين ‪ ،‬أخذت‬
‫بموجبها إنكلترة الكثير من اإلمتيازات ‪ .‬‬
‫ثانيا ً – العالقات العثمانية األوربية في القرن السابع عشر الميالدي ‪ :‬‬
‫في مطلع القرن السابع عشر الميالدي ظهر الشاه " عباس األول"‬
‫الصفوي كحاكم قوي أخذ يهدد الحدود الشرقية للدولة العثمانية األمر الذي‬
‫جعل السلطنة تعمل على تخفيف التوتر بينها وبين النمساويين في جهة‬
‫الغرب ‪ ،‬فعقد الطرفان اتفاقية صلح عرفت باتفاقية " زيتفاتورك" (‬
‫‪ 1606‬م ) أهم ما جاء فيها‪:‬‬
‫‪ -1‬تعفى " النمسا" من دفع الجزية السنوية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ترسم الحدود بين الجانبين وتحدد في النقطة التي توقف فيها االمتداد‬
‫العثماني في أوربا ‪ .‬‬
‫وكان من نتائج هذا الصلح أن هدأت أوار الحرب بين الجانبين قرابة نصف‬
‫قرن حتى ( سنة ‪ 1660‬م )‪ ‬‬
‫ليتأزم الموقف بين الجانبين ‪ ،‬ثم ما لبث النمساويين أن تحالفوا مع العديد‬
‫من دول أوربا وكان الوسيط‪ ‬‬
‫بينهم البابوية في"روما" ليستمرالقتال متقطعا ً حتى تمكن العثمانيون من‬
‫محاصرة" فيينا"(سنة ‪1683‬م)‪.‬‬
‫ولما كان الحصارالعثماني بطيئا ً وغير ضارب تمكن األوربيون من التحالف‬
‫مجدداً ‪ ،‬حيث دخل التحالف للمرة األولى كل من( روسيا – بولندة)‬
‫األمرالذي أدى إلى هزيمة القوات العثمانية هزائم متوالية‪ ،‬جعلت الدولة‬
‫العثمانية تطلب الصلح ‪ .‬‬
‫وبعد مداوالت بين الجانبين عقدت معاهدة" كارلوفيتش"(كارلوفيتز)(‬
‫‪ 1699‬م ) نصت على مايلي ‪ :‬‬
‫‪ - 1‬تتخلى السلطنة عن المجر و إقليم " ترانسلفانيا" للنمسة ‪ .‬‬
‫‪ -2‬تتنازل السلطنة عن ميناء " آزوف" لروسيا ‪ .‬‬
‫‪ - 3‬تتنازل السلطنة عن إقليم المورة ( اليونان) و" دلماسيا" للبندقية ‪ .‬‬
‫‪ - 4‬تتنازل السلطنة عن " كاميتج" و" بودوليا" و" أوكرانيا" لبولندة ‪ .‬‬
‫‪ -5‬تتوقف كل دول أوربة عن دفع أي مبلغ للدولة العثمانية ‪ .‬‬
‫‪ -6‬تستمر الهدنة بين الطرفين لمدة عشرين عاما ً ‪ .‬‬
‫هذا وفقدت السلطنة بموجب هذه المعاهدة قسما ً واسعا ً من شبه‬
‫جزيرةالبلقان( أوربة الشرقية ) وظهرت عالمات الضعف العثماني‬
‫لألوربيين وحققت"روسيا"‪ $‬هدفها في تأمين مرفأ‬
‫لهاعلىالبحراألسود(آزوف) وغدت هذه المعاهدة المنطلق لتوقيع معاهدات‬
‫أخرى أجبرت السلطنة على التخلي عن بالد أخرى ‪.‬‬
‫__________________‬
‫ثالثا ً – العالقات العثمانية األوربية في القرن الثامن عشر الميالدي ‪ :‬‬
‫‪ -1‬مع النمسة ‪ :‬‬
‫كانت اتفاقية " كارلوفيتش" بمثابة هدنة أرادة من خاللها الدولة العثمانية‬
‫إلتقاط أنفاسها ‪ ،‬وذلك السترداد ما فقدته في شبه جزيرة البلقان و حين‬
‫أخذت القوات العثمانية تعل على استعادة بعض مناطق اليونان استنجدت‬
‫سكان هذه المناطق بجمهورية البندقية وذلك لمساعدتهم ‪ ،‬فقام التحالف‬
‫مرة أخرى بين النمسة و البندقية استطاع أن يهزم العثمانيين في أكثر من‬
‫موقع ‪ ،‬فقدت السلطنة العثمانية البقية المتبقية في بالد المجر وكذلك إقليم‬
‫" مولدافيا" ومدينة " بلغراد" ‪ ،‬وقد أدت العمليات العسكرية التي قامت‬
‫بين الطرفين إلى توقيع معاهدة صلح ( عام ‪ 1718‬م ) عرفت بمعاهدة "‬
‫بساروفيتز" وقد نصت هذه االتفاقية على ‪ :‬‬
‫‪  -1‬تحتفظ النمسة بالمجر(هنغاريا) والجزء الشمالي الشرقي من"صوفيا"‬
‫مع قسم كبيرمن"مولدافيا"‪ .‬‬
‫‪ - 2‬للنمسة و البندقية على غرار اإلنكليز و الفرنسيين إمتيازات تجارية في‬
‫بالد السلطنة ‪ .‬‬
‫‪ -3‬تحتفظ السلطنة بشبه جزيرة المورة و بعض من بالد الهرسك ‪ .‬‬
‫‪ -2‬مع روسيا ‪ :‬‬
‫حين اعتلى " بطرس األكبر" ( ‪ 1725 – 1689‬م ) العرش الروسي أوصل‬
‫الحدود الروسية إلى شواطئ البحر األسود الشمالية (المياه الدافئة ) ‪ ،‬وفي‬
‫عهد اإلمبراطورة " كاترين الثانية " ( ‪ 1796 – 1762‬م ) حولت البحر‬
‫األسود إلى بحيرة روسية ‪ ،‬أمنت مرور السفن التجارية الروسية عبر‬
‫المضائق ( البوسفور و الدردنيل) إلى البحر المتوسط ‪ ،‬وحصلت على حق‬
‫حماية الرعايا المسيحيين األرثوذوكس في الدولة العثمانية ( هذا كان‬
‫تأسيس لما يطلق عليه فيما بعد " المسألة الشرقية" ) ‪ .‬‬
‫وفي عهد " بطرس األكبر" وكنتيجة للحروب العثمانية الروسية تم توقيع‬
‫معاهدة صلح بين الطرفين عرفت بمعاهدة "أدرنة" (عام ‪ 1713‬م ) ثم‬
‫واصلت روسيا سياستها التوسعية على حساب السلطنة إلى (عام ‪1736‬م )‬
‫في الوقت الذي كانت فيه النمسة تضغط على السلطنة في الجانبين‬
‫البوسنوي والصربي لصالح الروس ‪ ،‬وبعد سلسلة من المعارك عقدت‬
‫النمسة وروسيا مع السلطنة اتفاقية " بلغراد" ( عام ‪ 1739‬م ) التي ردت‬
‫للسلطنة من اعتباراتها لتفوق العثمانيين في هذه الجبهة ‪ .‬‬
‫ولكن مع اعتالء " كاترين الثانية" عرش روسيا تجددت الحروب بين‬
‫الطرفين ومرد ذلك يعود إلى سياسة التوسع التي انتهجتها هذه‬
‫اإلمبراطورة ‪ ،‬وبعد معارك متعددة منيت فيها الدولة العثمانية بإخفاقات‬
‫متتالية عقد الطرفان اتفاقية صلح( سنة ‪ 1774‬م) عرفت باسم اتفاقية"‬
‫كوجك قاينارجه" (النبع الصغير) اشتملت على ثمانية و عشرين بنداً يمكن‬
‫تلخيصها بما يلي ‪ :‬‬
‫‪  -1‬حصلت روسيا بمقتضى هذه المعاهدة على مناطق استراتيجية شمالي‬
‫البحر األسود ‪ .‬‬
‫‪ - 2‬أنهت هذه المعاهدة السيطرة العثمانية على البحر األسود لصالح الروس‬
‫‪ .‬‬
‫‪ -3‬جعلت بالد القرم في استقالل ثم ما لبثت القوى الروسية أن سيطرت‬
‫عليها ‪ .‬‬
‫‪ -4‬حصلت روسيا من السلطنة على إمتيازات تجارية داخل بالدها ‪ .‬‬
‫‪ -5‬حصلت روسيا على إمتيازات حق حماية المسيحيين األرثوذوكس في‬
‫بالد السلطنة العثمانية ‪ .‬‬
‫‪ - 6‬مثلت هذه المعاهدة نهاية قوة الدولة العثمانية أو بداية النهاية لسقوط‬
‫الدولة العثمانية ‪ .‬‬
‫‪ -7‬فتحت هذه المعاهدة الباب الواسع لمعاهدات مشابهة جعلت التدخل‬
‫األوربي في شؤون السلطنة الداخلية أمراً متفقا ً عليه ( قانونا ً ) ‪ .‬‬
‫‪ -3‬مع فرنسا ‪ :‬‬
‫أن خطر التوسع الروسي للوصول إلى المياه الدافئة جعل الفرنسيين‬
‫يتحسسون الخطر المحدق بتجارتهم كما أن طموح "اإلنكليز" كان في‬
‫تزايد مستمر في تلك الفترة إلى الحد الذي وصل اإلنكليز إلى منافسة‬
‫الفرنسيين في التجارة الدولية( العالمية) ‪ ،‬هنا بدأت حكومة الثورة‬
‫الفرنسية تسوغ الخالف القائم بين العثمانيين والروس تمهيداً الحتالل"‬
‫مصر"‪ ،‬وبالفعل استطاع الفرنسيون ( سنة ‪ 1798‬م )إنزال قواتهم في‬
‫"االسكندرية" ثم ما لبثوا أن استولوا على " القاهرة" ‪ ،‬ثم وصل‬
‫"اإلنكليز" بأسطولهم بعد عدة أيام إلى "االسكندرية" فاحرقوا األسطول‬
‫الفرنسي ‪ ،‬هذا من الجانب األوربي األوربي ‪ ،‬لكن من الجانب العثماني‬
‫األوربي ‪ ،‬فمما ال شك فيه أن احتالل " فرنسة" لـ"مصر" أثار حفيظة‬
‫السلطنة و جعلها تميل إلى الجانب اإلنكليزي للوقوف في وجه " فرنسة" ‪،‬‬
‫ولما كان اإلنكليز حلفاءـ الروس فقد عقدت األطراف الثالثة اتفاق دفاع‬
‫مشترك ‪ ،‬كل هذا أفسح المجال وسهل على الفرنسيين قضية التوسع في‬
‫المنطقة فاجتاحوا "سورية" ‪ ،‬إال أن الحلفاءـ أحبطوا المحاوالت الحثيثة‬
‫لدوام السيطرة الفرنسية على "سورية" ‪ ،‬وكان لضغط الحلفاء على‬
‫الفرنسيين باإلضافة إلى موقف المصريين من الحملة وتغير الموقف عموما ً‬
‫في أوربة الغربية أن تركت فرنسة "مصر " و لجأت إلى توقيع اتفاقية‬
‫صلح مع السلطنة ومجموعة من دول أوربة عرفت هذه االتفاقية باتفاقية‬
‫"إميان" (سنة ‪ 1802‬م ) ‪ .‬‬

‫رابعا ً – العالقات العثمانية األوربية في القرن التاسع عشر الميالدي ‪ :‬‬


‫بعد خروج الفرنسيين من مصر تسلم حكومة البالد " محمد علي باشا"‬
‫الذي كان يعمل إجماالً على حكم مصر بما يتوافق مع طموحه أو طموحاته‬
‫االستقاللية ‪ ،‬والن هذا األمر يتعارض مع مصلحة اإلنكليز في مصر ‪ ،‬فقد‬
‫عمدت الحكومة اإلنكليزية إلى عزله و أخذت تؤلب الباب العالي ضده ضمن‬
‫مساعيها الدبلوماسية في استنبول ‪ ،‬وحين فشلت المساعي اإلنكليزية‬
‫لإليقاع بـ " محمد علي باشا" أعدت إنكلترة حملة بحرية و هاجمت مصر (‬
‫سنة ‪ 1807‬م ) بقيادة " فريزر" لكن المصريين استطاعوا رد هذه الحملة‬
‫على أعقابها ‪ ،‬وحيال تزايد قوة " محمد علي باشا" في مصر أخذت‬
‫السلطنة تستعين به في رد إعتباراتها في اليونان ‪ ،‬ثم أنه وحيال مواقف‬
‫بعض الباشوات في بالد الشام أعد " محمد علي باشا" جيش بقيادة ابنه "‬
‫إبراهيم باشا" وهاجم الشام و استمر يزحف إلى أن وصل إلى حلب ‪ ،‬فـ"‬
‫ممر بيالن"‪ ‬‬
‫الحد الفاصل بين بالد الشام و الهضبة األناضولية ‪ .‬‬
‫هنا أدرك الغرب األوربي خطورة الموقف فأخذوا يعملون على للحيلولة‬
‫دون استمرار"محمد علي باشا"‬
‫في سياسته التوسعية‪ ،‬مما أدى بالنتيجة إلى أن تعقد األطراف‬
‫المتضررة(صاحبت المصلحة في المنطقة)‪ ‬‬
‫اتفاقية عرفت باتفاقية " كوتاهيه" ( سنة ‪ 1833‬م ) حصل بموجبها "‬
‫محمد علي باشا" على والية مصر و الشام و ابنه "إبراهيم باشا" على‬
‫والية " أضنة" ‪ ،‬وألن فرنسة و إنكلترة كان لهما مصالح مع " محمد علي‬
‫" عمدت الدبلوماسية الروسية على إقناع الباب العالي بأنها الصديق‬
‫الوحيد الذي بقي للسلطنة ‪ ،‬وهذا ما جعل الروس والعثمانيون يوقعون على‬
‫معاهدة دفاع مشترك عرفت بمعاهدة"هنكار أسكله سي"‪ ‬‬
‫والتي نصت في أحد بنودها على تعهد السلطنة بالسماح لألسطول الروسي‬
‫المرورعبرالمضائق العثمانية ( البوسفور و الدردنيل)‪ ،‬كذلك سمحت له في‬
‫إغالق هذه المضائق بوجه السفن التابعة للدول األخرى ‪ .‬‬
‫إال أن الدول األوربية وخوفا ً على مصالحها االقتصادية عمات بكل قواها‬
‫على تحطيم بنود هذه المعاهدة وفي ذروة التأزم الدولي وموقف األوربيين‬
‫المتوحد ضد توسعات"محمد علي باشا"الذي رأوا فيه الخطر المحدق على‬
‫مصالحهم ‪ ،‬اجتمعت دول أوربة في " لندن"( سنة ‪ 1840‬م ) وعقدت‬
‫اتفاقية نصت على ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون والية مصر وراثية لـ " محمد علي باشا" وأبنائه من بعده ‪ .‬‬
‫‪ -2‬يدفع " محمد علي باشا" جزية سنوية للباب العالي ‪ .‬‬
‫‪ -3‬تسري في الواليات التي يحكمها " محمد علي" القوانين العثمانية‬
‫ويتولى جباية الضرائب باسم السلطان ‪ .‬‬
‫‪ -4‬تعتبر قواته ( قوات مصر) جزءاً من القوات العثمانية ‪ .‬‬
‫وكان من تداعيات هذه الفترة أن قامت " فرنسة" و احتلت " الجزائر"‬
‫( سنة ‪ 1830‬م ) ألسباب بحرية بحتة وكما قامت فتنة الحرب األهلية في "‬
‫لبنان" ( سنة ‪ 1860‬م ) ‪ ،‬ثم كان لوقوف فرنسة وإنكلترة مع السلطنة ضد‬
‫روسيا خصوصا ً بعد حرب الروس في القرم ( سنة ‪ 1854‬م ) وما تبعا من‬
‫أحداث ‪ ،‬كل هذا أدى إلى عقد اتفاقية " باريس" ( سنة ‪ 1856‬م ) هذه‬
‫االتفاقية التي توضحت من خالل بنودها قضية مستقبل الدولة العثمانية ‪،‬‬
‫وفي ذروة االضطرابات و الحركات القومية في البلقان المطالبة باالستقالل‬
‫عن السلطنة العثمانية بدعم من الدول األوربية وعلى رأسها روسيا ‪ ،‬كل‬
‫هذا أدى إلى قيام الحرب بين الروس و العثمانيين ( سنة ‪ 1877‬م ) أفضت‬
‫بالنتيجة إلى عقد الطرفان معاهدة عرفت بمعاهدة " سان ستيفان" ( سنة‬
‫‪ 1878‬م ) نالت بموجبها روسيا أراضي واسعة في آسيا و أوربة ‪ ،‬وكان‬
‫من نتائج هذه االتفاقية أن قامت دولة " بلغاريا" بعد أن عزلت عن‬
‫السلطنة ‪ ،‬و حصلت "بالد البوسنة والهرسك"على استقالل ذاتي ‪ ،‬و‬
‫استقلت كذلك " رومانيا" ‪ ،‬ولم يبق للسلطنة سوى ( تراقيا – تسالونيك –‬
‫تساليا‪ -‬أبيدوس – جبال ألبانية ) ولما كانت بنود هذه المعاهدة ال تتوافق‬
‫مع مصالح دول أوربة الغربية كانت الضرورة ملحة في إعادة النظر في‬
‫بنودها فعقد األوربيين مؤتمراً في " برلين" في العام ذاته ‪ ،‬تم فيه تقسيم‬
‫تركة الرجل المريض ( المصطلح الذي أطلق على الدولة العثمانية ) بين‬
‫جميع األطراف ‪ .‬‬
‫وكان من تداعيات هذا المؤتمر أن احتلت إنكلترة " قبرص"‪ ،‬واحتلت "‬
‫فرنسة " " تونس" ‪،‬ثم احتلت‪ ‬‬
‫"إنكلترة" " مصر ( سنة ‪ 1882‬م ) ‪ .‬‬
‫وحينما ركنت الدول األوربية إلى ما اغتنمته من السلطنة ‪ ،‬وجدت السلطنة‬
‫في ظل ضعفها أن تتحالف مع قوى أوربية فوجدت ضالتها مع األلمان‬
‫فمنحتهم إمتيازات واسعة في أراضيها ‪ ،‬وكان األلمان من جانبهم بحاجة‬
‫إلى هذا التحالف وذلك تجلى في حجم المشاريع االقتصادية األلمانية في‬
‫أراضي السلطنة العثمانية ‪ ،‬كل هذا أثار حفيظة الدول األوربية األخرى ‪،‬‬
‫ليدخل العالم في عقد جديد مع بداية القرن العشرين الذي تمخض عنه‬
‫حربين عالميتين ورسم من جديد خارطة العالم‬

‫‪http://www.startimes.com/f.aspx?t=9343036‬‬

You might also like