You are on page 1of 5

‫‪26/12/2008‬‬ ‫موضوع‪ :‬األوضاع اإلجتماعية واالقتصادية للجزائر خالل العهد العثماني ‪1827-1707‬م تابع للموضوع‪   ‬‬

‫الجمعة‪ 26 0‬ديسمبر ‪20:55 -‬‬

‫‪:‬الصناعة و التجارة‬

‫لقد شهد النشاط الصناعي خالل فترة الدراسة ‪ 1827-1707‬ثالثة اشكال من النشاط وهي الشكل الحرفي لإلنتاج و شكل البايلك‬
‫» ‪ « Forme pré facturière‬لإلنتاج (التابع للسلطة أو البايلك) والشكل السابق للتصنيع‬

‫‪:‬الشكل الحرفي لإلنتاج ‪1-‬‬

‫يظهر هذا النموذج من خالل الصناعة المنزلية فقد أدى إلى تطور إنتاجية النشاط الزراعي الرعوي إلى بدايات لتخصيص جزء‬
‫من سكان الريف في بعض الصناعات مثل صناعة األحذية و اللباس أو بعض عمال الحرارة مع بقائهم في بعض األحيان‬
‫‪.‬مرتبطين بالنشاط الزراعي الرعوي كما كان األمر في المرتفعات الجبلية‬

‫بعد إزدهار النشاط التجاري توسيع التجارة و اتساع المدن خالل اندماج التشكيلة اإلجتماعية في المجال اإلقتصادي للخالفة‬
‫‪.‬العثمانية نشطت الصناعات وامتدت حتى أصبحت ال يخلو إقليم من األقاليم من بعضها[‪]22‬‬

‫و كانت هذه الحرف تستجيب للمتطلبات المحلية للمدن أو المناطق المجاورة وكان بعضها يصدر إلى الخارج‪ ،‬كما كانت هذه‬
‫الحرف تعرف تنظيما اجتماعيا محكما و توزيعا اجتماعيا للعمل له قواعده و حدوده فكل فـرقة كـانت لـها نقاباتها أي أن هذه‬
‫الصناعات التقليدية لها تنظيمات مهنية حيث كان لمختلف الحرف فكان تنظيمات للدباغين اإلسكافيين لصانعي البرادع وتنظيمات‬
‫لحائكي الصوف و القطن و الحرير و المطرازين و الصباغين البراميا وللنجارين و للحدادين و لصانعي األسلحة و صانعي‬
‫‪.‬المجوهرات[‪]23‬‬

‫و كذلك كان لكل حرفة نظامها الخاص و مسؤولها الذي يشرف عليها الذي يطلق عليه "األمين" أو "النقيب" و كان ينتخب يختار‬
‫بأغلبية أصوات الحرفيين و هو يلتزم بالدفاع عن ممثليه أما السلطات و يعتبر النقيب إضافة إلى إشرافه على البيع والشراء األمر‬
‫و الموجه للتعاونية وفق قواعد العزف و هو أيضا يراقب جودة المنتوج و يفك النزاعات التي نشأ بين المعلم و الصناع أو بين‬
‫‪.‬رؤساء الورشات ويقوم بتعليم المبتدئين أصول الحرفة و العمل‬

‫و من الناحية اإلجتماعية كان النشاط الحرفي يشهد تمايزا اجتماعيا يستند في أغلبه إلى العامل العرقي فكل حرفة كانت خاضعة‬
‫لجماعة عرقية كما كان لكل حرفة شاركها فيهود الجزائر و قسنطينة مثال كانوا يحتكرون الصناعات الخاصة بالمعادن الثمينة في‬
‫الوقت الذي كانت فيه السلطة تحتكر بعض البضائع و المشاغل و كانت عملية اإلحتكار التي تمارسها السلطة العثمانية عامال في‬
‫‪.‬إعاقة و منع تطور الحرفيين األثرياء إلى شكل صناعي أكثر تطورا[‪]24‬‬

‫و عليه فالسلطة العثمانية و الجزائر كانت تحتكر جزءا من النشاط الصناعي مثل صناعة السفن و مسابك المدافع و مطاحن الدقيق‬
‫و المحاجر وهذه الصناعات اإلستخراجية كانت تمثل مجموعة الضروريات التي تستند إليها قوة البايلك[‪،]25‬وقد أدى هذا الوضع‬
‫إلى تدعيم سلطة الداي اإلقتصادية و السياسية على هذا النحو و احتكار الدولة للتجارة الخارجية و كذا اشتداد المنافسة األوروبية‬
‫للمنتجات المحلية إلى إفشال تحول البرجوازية الجزائرية إلى برجوازية تحويلية على غرار البرجوازية األوربية التي وضعت‬
‫‪.‬الحرف تحت تصرفها و لم تضيق عليها مجال اإلستثمار في هذا المجال‬

‫إن المتمعن‪ 0‬في هرم القوة في المجتمع يالحظ على رأسه األقلية التركية الحاكمة التي استأثرت بمقاليد الحكم والصناعات الكبرى‪،‬‬
‫و تستحوذ على ‪ 1,5‬مليون هكتار من الملكية العقارية إلى جانب ما تدر عليها عوائد الضرائب و التجارة و حسب البعض فإن‬
‫السيطرة التركية بلغت ذورة شرعيتها مع ظهور فكرة الحدود و السيادة اإلقليمية[‪ ]26‬و ذلك منذ القرن السادس عشر (‪16‬مـ) وقد‬
‫تمكنت بعد فترة وجيزة من تكوين جيش بحري مكنها من السيطرة على غرب البحر األبيض المتوسط حيث استمرت هذه السيطرة‬
‫‪ « Agéron‬زهاد ثالثة قرون و بفضلها عاشت الجزائر إلى غاية مطلع القرن التاسع عشر (‪ :)19‬يذكر أجيرون شارل روبير‬
‫أن مدينة الجزائر اشتهرت بمحاربتها إلى حد أن سبع دول كانت تدفع للداي حربه منتظمة كما كانت » ‪Charles Robert‬‬
‫‪ .‬هناك ثماني دول منها إنجلترا يقدم إليه الهدايا النقدية و العينية حتى تتجنب التعرض لقرصانها[‪]27‬‬
‫و قد أورد يحيي بوعزيز[‪ ] 28‬نقال عن "هنري فارو" مبلغ ما تدفعه دول أوربا و مدنها للجزائر من الضرائب و صنفها على‬
‫‪:‬النحو التالي‬

‫‪ .‬الواليات المتحدة‪ ،‬هولندا‪ ،‬البرتغال‪ ،‬نابولي‪ ،‬السويد‪ ،‬النرويج‪ ،‬الدانمارك‪ ،‬تدفع ضريبة كل عامين §‬

‫الدانمارك و النرويج و السويد‪ ،‬تدفع ضرائب أخرى في شكل اسلحة و حبال وصواري و دخيرة البارود و رصاص و حديد §‬
‫‪.‬تقدر قيمتها بمبلغ ‪ 25‬ألف فرنك‬

‫إسبانيا و فرنسا و إنجلترا و هانوفر و سردينيا و الطوسكان و دافوس والبندقية تدفع هدايا دورية للدايات و الباشوات و أعضاء §‬
‫‪.‬الديوان عند إبرام المعاهدات و تعيين القناصل لها بالجزائر‬

‫هامبورغ و بريم تدفعان أدوات الحرب و التمونيات الحربية النمسا و روسيا ال تدفعان الضرائب و لكن تدفعان أمواال طائلة §‬
‫تسيء من التفصيل عن ما تدفعه » ‪ « Leon Valiber‬لفداء أسراها الكثيرين بالجزائر و يضيف أيضا نقال عن ليون فالبير‬
‫‪ .‬دول أوربا إلى الجزائر‬

‫‪.‬مملكة الصقيليتين‪:‬تدفع مبلغ ‪ 44‬ألف بياستير سنويا منها ‪ 24‬ألف نقد والباقي في شكل بضائع §‬

‫‪ ‬ممكلة الطوسكان ‪:‬تدفع ‪ 23‬ألف بياشر كلها قدم حددت قنصلها بالجزائر §‬

‫‪ .‬مملكة سردينيا ‪:‬تدفع مبلغا كبيرا من المال كلما جددت قنصلها بالجزائر §‬

‫البرتغال تدفع نفس ما تدفع نفس ما تدفعه الصقليتان §‬

‫‪ ‬إسبانيا ‪ :‬تدفع مبالغ مالية كلما حددت قنصلها §‬

‫‪ ‬النمسا تدفع هدايا دورية مباشرة و عن طريق الدولة العثمانية §‬

‫إنجلترا تدفع ‪ 600‬جنيه إسترلينن كلما جددت قنصلها §‬

‫هولندا تدفع نفس مبلغ إنجلترا §‬

‫أمريكا تدفع نفس مبلغ بريطانيا §‬

‫‪.‬هانوفر‪ ،‬بريم األلمانيتان‪ :‬تدفعان مبالغ مالية كبيرة كلما حددت قناصلها §‬

‫‪ .‬السويد و الدانمارك تدفعان مبالغ مالية كبيرة سنوية في شكل مواد حربية قيمتها ‪ 400‬بياستر §‬

‫أدت القوة العسكرية على الخارجي كذا الداخلي إلى تحول المجموعة العسكرية تدريجيا إلى وضع شبه إقطاعي[‪ ]29‬في الداخل و‬
‫استنادا إلى هذه الشرعية راحت هذه القوى تدعم نفوذها بواسطة بعض الشرائح اإلجتماعية في مواجهة قوة القبائل التي ال تعترف‬
‫بالوالء الديني و ال تدفع الضرائب إال تحت أسنة الرمــاح و من بين هذه الشرائح اإلجتماعية الكراغلة[‪ ]30‬و الذين يرون أنهم‬
‫و إلى جانب الكراغلة نجد األندلسين »‪ «Les familles des grandes tentes‬ينتمون إلى العائالت الكبيرة‬
‫الموريسكيين المطرودين من االندلس الذين لعبوا دورا هاما في إعادة إحياء النشاط الحرفي و إلى جانب هؤالء نجد القبائل التابعة‬
‫للسلطة و تدعى قبائل المخزن التي تلعب دور الشرطي أما القبائل المنشقة و هي يستغل أٍراضي البايلك و يتمتع بتفويضها بجباية‬
‫‪.‬الضرائب من القبائل األخرى[‪]31‬‬

‫لقد كشفت عملية التداول التجاري عن وجود تبادل سلعي بسيط و تداول سلعي لراسمال وقد عرفت الجزائر نموذجين لهذا الشكل‬
‫‪.‬األخير للتجارة (التداول السلعي ) يتمثالن في تجارة القوافل الكبرى و التجارة مع أوربا‬
‫تبين عملية التبادل السلعي البسيط الداخلي عن وجود تقسيم نسبي للعمل بين المدن و القرى‪ ،‬يقتصرغالبا على المقايضة سواء‬
‫بالنسبة للتبادل الحاصل بين الشمال و الجنوب (تمور‪-‬مقابل حبوب) أو ذلك الذي يتم بين السهول و المناطق حيث تتم مقايضة‬
‫الخضار و الفواكه و الزيت و منتجات الحرف مقابل الحبوب بينما يدل النوع الثاني من أشكال التجارة على توافر الصالت بين‬
‫‪.‬إفريقيا و أوربا‬

‫و منذ القرن التاسع عشر بدأت الحرف و مختلف االنشطة التقليدية الجزائرية و العهد العثماني و معها اإلقتصاد الحضري في‬
‫‪ .‬التدهور لصالح المنتجات األوربية ثم لم يقتصر األمر على الحواضر حين إمتد هذا التأثير إلى داخل األرياف[‪]32‬‬
‫‪:‬أ‪-‬الوضع الصحي‬

‫‪:‬إنتشار األمراض و األوبئة ‪1-‬‬

‫شهدت الجزائر العثمانية تقهقرا إقتصاديا و اضمحالال اجتماعيا واكبه سوء األحوال الصحية و المعاشية خالل القرنين الرابع‬
‫عشر (‪14‬مـ) والخـامس عشر (‪15‬مـ) بعد الحروب الطويلة و ما نجم عنها من خراب للمدن و عمال يقول ناصر الدين سعيدوني‬
‫اصبحت دلس و هنين مجرد خرائب[‪ ]33‬ثم ما لبثت‪ .‬أن تحسنت أوضاع البالد طيلة القرن السادس عشر (‪ )16‬و النصف االول‬
‫من القرن السابع عشر بعد قدوم الموريسكيين واستقرارهم بالجهات الساحلية يستصلحون أراضيها ويعمرون مدنها و قراها‬
‫وتوسع عمران مدن الجزائر و دلس و تنس و شرشال والقليعة و البليدة و عنابة وقسنطينة و وهران و تلمسان و مستغانم و قلعة‬
‫‪ .‬بني راشد و مازونة و المدية ومليانة و زمورة و غيرها و انتشرت إلى القرى والعمارة الريفية القريبة منها[‪]34‬‬

‫لم يطل هذا التحسن كثيرا إذ عرفت البالد ركودا اقتصاديا و انكماشا عمرانيا طيلة النصف الثاني من القرن السابع عشر (‪17‬مـ) و‬
‫النصف األول من القرن الثامن عشر (‪18‬مـ) بعد ذلك ساءت األوضاع اإلقتصادية و أقفرت األرياف والمدن من سكانها و‬
‫تكاثرت األعراض و األوبئة الفتأكة مما أثر سلبا على حالة السكان الصحية و المعاشية و ترك آثارا سيئة على أوضاعهم‪0‬‬
‫‪.‬اإلجتماعية[‪]35‬‬

‫إبتداءا من أواخر القرن الثامن عشر (‪18‬مـ) تضاءل عدد سكان المدن وتناقص سكان األرياف مما تسبب في ضعف قوة األوجاق[‬
‫‪ ] 36.‬أدى هذا الوضع إلى تناقص عدد التجار و قدرة الحرفيين و الصناع و إفتقار األرياف إلى اليد العامة الزراعية‬

‫و الظاهر أن ذلك التدهور يرجع إلى إنتقال العدوى و إنتشار األمراض من األقطار المجاورة بسبب صلة الجزائر ببلدان البحر‬
‫‪ .‬االبيض المتوسط و انفتاحها على أقاليم السودان و عالقتها التجارية مع أوربا و ارتباطها الروحي بالمشرق اإلسالمي[‪]37‬‬

‫مما ساعد على إنتشار هذه األمراض واستيطانها في البالد انتشار المستنقعات بالسهول الساحلية وحول المدن الكبرى وبالرجوع‬
‫‪ « Laugy Detassy‬و لوجي دوتاسي » ‪ « Show‬و شاو » ‪ « Haédo‬إلى المعلومات التي أكـدها كل من هايدو‬
‫‪ « Shaler ».‬أو شالر »‬

‫تستنج أن األدوية و العقاقير المحضرة كانت غير متوفرة و حتى الصيدلية الوحدة لمدينة الجزائر كانت ال تتوفر إال على بعض‬
‫‪ .‬العقاقير و الحشائش و كان الباش خراح "القائم" عليها يجهل مواصفاتها و فوائدها الطبية[‪]38‬‬

‫‪:‬الطاعون‬

‫شكل الطاعون أخطر مرض عانت منه كل الفئات اإلجتماعية بالجزائر خالل العهد العثماني‪ ،‬كما تعرضت إلى ضرباته الحادة كل‬
‫العناصر االجنبية المقيمة بالبالد لقد تكرر ظهوره في شكل تواتر حلقات متعاقبة مع األوبئة المستوطنة بالمنطقة تسببت في إنهيار‬
‫ديمغرافي و أدت إلى تدهور الوضع الصحي الذي اثر بدوره سلبا على إقتصاديات البالد تاركا تشوهات خطيرة في البيئة‬
‫‪.‬اإلجتماعية[‪]39‬‬

‫لقد أثر وباء للطاعون على األوضاع الصحية للجزائر العثمانية و ارتبط بالعوامل األخرى التي أثرت على الوضع الصحي‬
‫للسكان مثل اإلضطربات الجوية والتدبدبات المناخية و فترات الجفاف و الفياضانات باإلضافة إلى إجتياح الجراد وما نتج عنه من‬
‫‪.‬الزالزل و الحرائق و ما ترتب عنها من تخريب و تدمير[‪]40‬‬
‫و مما زاد األحوال الصحية سوءا أن الحكام العثمانيين لم يهتموا بميدان الصحة و لم يعطوها األهمية التي تستحقها فمن ذلك أنهم‬
‫ولم يتخذوا أي إجراء وقائي ضد تنامي هذه األمراض[‪ ،]41‬أما أماكن العالج فكانت محصورة حول بعض المصحات و‬
‫المالجيء مثل زنقة الهواء و ملجأ األمراض العقلية المخصص لألتراك باإلضافة إلى مارستانات[‪ ]42‬رجال الدين المسحيين التي‬
‫‪.‬كانت تنفق عليها الدول األوربية[‪]43‬‬

‫و ما يمكن‪ 0‬مالحظته أن األوبئة كانت تتكرر كل عشرة أعوام أو خمسة عشر عاما وأنها في بعض األحيان استمرت لبضع سنوات‬
‫كما حدث خالل أعوام ‪ 1798-1784‬كما مني القرن السابع عشر ( ‪17‬مـ) بانتشار األوبئة في مختلف جهات البالد مدة‪ 0‬حوالي‬
‫‪39:‬سنة أما القرن الثامن عشر (‪18‬مـ) فقد ظهرت أثناءه األوبئة[‪ ]44‬طيلة السنوات التالية‬

‫‪1700-1728-1732-1738-1740-1744-1749-1784-1785-1786-1793-1794-1797-‬‬
‫‪1798-1799.‬‬

‫كما اشتدت حدة األمراض و عمت جميع أرجاء البالد من ‪ -1804‬إلى ‪ 1808‬و من ‪ 1818‬إلى ‪ .1822‬وكان الطاعون سنة‬
‫‪1740‬مـ‪ ،‬و دام ثالث سنوات و قضى خاللها على ‪ 10000‬نسمة ‪ ،‬و كان يهلك في الشهر األول ما بين ‪ 300‬و ‪ 400‬نسمة في‬
‫‪.‬اليوم‬

‫كما أدى وباء ‪1787-1786‬م إلى هالك ‪ 16721‬نسمة بمدينة الجزائر فتناقص عدد سكانها إلى ‪ 50000‬نسمة كما تسبب في موت‬
‫‪.‬ثلثي سكان مدينة عنابة‬

‫أما وباء عامي –‪ 1798 1792‬فإنه أضر بجميع الجهات السيما وهران والجزائر وقسنطينة‪ .‬وفي سنتي ‪ 1818-1817‬انتشر‬
‫‪.‬الوباء في الجزائر و قضى على أكثر من ‪]45[14000‬‬

‫و هكذا اصبح وباء الطاعون[‪ ] 46‬من مظاهر البيئة الجزائرية فتكرر ظهوره بها بإستمرار و قد كان مرتبطا بحركة األسطول‬
‫الجزائري و إحتكاكه الدائم بموانئ المشرق التي كانـ مصدرا لمختلف أوبئة الطاعون‪ ،‬حتى عدت الجزائر من مراكزه الدائمة و‬
‫بقوله ‪:‬وباء الطاعون من الظواهر المستمرة و الدائمة في الجزائر » ‪" « Panzac‬بيئاته المفضلة و هذا ما عبر عنه "بنزاك‬
‫‪ « La peste est une constante de l'Algérie ottomane »[47].‬العثمانية‬

‫لقد اصبحت عدوى الطاعون تنتقل بسرعة في جميع جهات البالد‪ ،‬و مسافة انتشاره قدرت بـحوالي ‪ 200‬إلى ‪ 400‬كلم سنويا وقد‬
‫‪ .‬يستغرق إنتقالها أحيانا أسابيع قليلة إلجتياح منطقة ما تبعا لشدته و للكثافة السكانية في المنطقة التي تتعرض له[‪]48‬‬

‫و مع بداية القرن السابع عشر (‪17‬مـ) تميز الطاعون بتواتره "للتكراري" إذ نعاقب بصورة مثيرة للدهشة‪ ،‬عانت خاللها إيالة‬
‫‪ .‬الجزائر من إجتياح المرض أكثر من إيالة تونس التي تضررت هي األخرى من جراء انتشار األوبئة بنسبة ‪ 26‬سنة معدية‬

‫‪.‬بينما كان نصيب المغرب من الطاعون فترة ال تتجاوز ‪ 12‬سنة[‪]49‬‬

‫أما في القرن الثامن عشر (‪18‬مـ) فقد تكرر وباء الطاعون و بلغ مجموع السنوات التي انتشر خاللها الطاعون أثناء هذا القرن ‪63‬‬
‫‪:‬سنة في مدينة الجزائر وحدها و قد توزعت كمايلي‬

‫سنوات ‪§ 1732-1731-1730-1723-1718-1717‬‬

‫سنوات ‪ 1738‬إلى ‪ ، 1758‬انتشرت إلى مناطق بعيدة كالقالة و عنابة قدرت نسبة الوفيات في مدينة الجزائر‪ ،‬سنة ‪ 1740‬ما §‬
‫‪.‬بين ‪ 200‬و ‪ 400‬وفاة يوميا‬

‫‪.‬سنوات ‪ 1778‬إلى ‪ ، 1804‬انتشر وباء الطاعون في جميع الجهات و كان شديد الوطأة على السكان §‬

‫‪.‬زاد في حدته حدوث المجاعات التي تعتبر أثارها الديمغرافية أخطر من بعض الحروب ‪§ 1805-1815،‬‬
‫لقد كانت أوبئة القرنين السابع عشر (‪17‬مـ) و الثامن عشر (‪18‬مـ) أكثر حدة و شدة من التي إجتاحت الجزائر أثناء القرن السادس‬
‫عشر (‪16‬مـ)‪ ،‬إذ تشير العديد من التقارير العسكرية و المراسالت القنصلية إلى إستمرار "الوباء الفتاك" أو "الوباء الخطير جدا"‬
‫[‪]50‬لفترات متعاقبة تناهز الواحدة منها ‪ 15‬إلى ‪ 20‬سنة وتعقبها عادة فترة خمود ال تتجاوز الست سنوات[‪]51‬‬
‫‪http://azoudjelfa.yoo7.com/t19-topic‬‬

You might also like