Professional Documents
Culture Documents
:الصناعة و التجارة
لقد شهد النشاط الصناعي خالل فترة الدراسة 1827-1707ثالثة اشكال من النشاط وهي الشكل الحرفي لإلنتاج و شكل البايلك
» « Forme pré facturièreلإلنتاج (التابع للسلطة أو البايلك) والشكل السابق للتصنيع
يظهر هذا النموذج من خالل الصناعة المنزلية فقد أدى إلى تطور إنتاجية النشاط الزراعي الرعوي إلى بدايات لتخصيص جزء
من سكان الريف في بعض الصناعات مثل صناعة األحذية و اللباس أو بعض عمال الحرارة مع بقائهم في بعض األحيان
.مرتبطين بالنشاط الزراعي الرعوي كما كان األمر في المرتفعات الجبلية
بعد إزدهار النشاط التجاري توسيع التجارة و اتساع المدن خالل اندماج التشكيلة اإلجتماعية في المجال اإلقتصادي للخالفة
.العثمانية نشطت الصناعات وامتدت حتى أصبحت ال يخلو إقليم من األقاليم من بعضها[]22
و كانت هذه الحرف تستجيب للمتطلبات المحلية للمدن أو المناطق المجاورة وكان بعضها يصدر إلى الخارج ،كما كانت هذه
الحرف تعرف تنظيما اجتماعيا محكما و توزيعا اجتماعيا للعمل له قواعده و حدوده فكل فـرقة كـانت لـها نقاباتها أي أن هذه
الصناعات التقليدية لها تنظيمات مهنية حيث كان لمختلف الحرف فكان تنظيمات للدباغين اإلسكافيين لصانعي البرادع وتنظيمات
لحائكي الصوف و القطن و الحرير و المطرازين و الصباغين البراميا وللنجارين و للحدادين و لصانعي األسلحة و صانعي
.المجوهرات[]23
و كذلك كان لكل حرفة نظامها الخاص و مسؤولها الذي يشرف عليها الذي يطلق عليه "األمين" أو "النقيب" و كان ينتخب يختار
بأغلبية أصوات الحرفيين و هو يلتزم بالدفاع عن ممثليه أما السلطات و يعتبر النقيب إضافة إلى إشرافه على البيع والشراء األمر
و الموجه للتعاونية وفق قواعد العزف و هو أيضا يراقب جودة المنتوج و يفك النزاعات التي نشأ بين المعلم و الصناع أو بين
.رؤساء الورشات ويقوم بتعليم المبتدئين أصول الحرفة و العمل
و من الناحية اإلجتماعية كان النشاط الحرفي يشهد تمايزا اجتماعيا يستند في أغلبه إلى العامل العرقي فكل حرفة كانت خاضعة
لجماعة عرقية كما كان لكل حرفة شاركها فيهود الجزائر و قسنطينة مثال كانوا يحتكرون الصناعات الخاصة بالمعادن الثمينة في
الوقت الذي كانت فيه السلطة تحتكر بعض البضائع و المشاغل و كانت عملية اإلحتكار التي تمارسها السلطة العثمانية عامال في
.إعاقة و منع تطور الحرفيين األثرياء إلى شكل صناعي أكثر تطورا[]24
و عليه فالسلطة العثمانية و الجزائر كانت تحتكر جزءا من النشاط الصناعي مثل صناعة السفن و مسابك المدافع و مطاحن الدقيق
و المحاجر وهذه الصناعات اإلستخراجية كانت تمثل مجموعة الضروريات التي تستند إليها قوة البايلك[،]25وقد أدى هذا الوضع
إلى تدعيم سلطة الداي اإلقتصادية و السياسية على هذا النحو و احتكار الدولة للتجارة الخارجية و كذا اشتداد المنافسة األوروبية
للمنتجات المحلية إلى إفشال تحول البرجوازية الجزائرية إلى برجوازية تحويلية على غرار البرجوازية األوربية التي وضعت
.الحرف تحت تصرفها و لم تضيق عليها مجال اإلستثمار في هذا المجال
إن المتمعن 0في هرم القوة في المجتمع يالحظ على رأسه األقلية التركية الحاكمة التي استأثرت بمقاليد الحكم والصناعات الكبرى،
و تستحوذ على 1,5مليون هكتار من الملكية العقارية إلى جانب ما تدر عليها عوائد الضرائب و التجارة و حسب البعض فإن
السيطرة التركية بلغت ذورة شرعيتها مع ظهور فكرة الحدود و السيادة اإلقليمية[ ]26و ذلك منذ القرن السادس عشر (16مـ) وقد
تمكنت بعد فترة وجيزة من تكوين جيش بحري مكنها من السيطرة على غرب البحر األبيض المتوسط حيث استمرت هذه السيطرة
« Agéronزهاد ثالثة قرون و بفضلها عاشت الجزائر إلى غاية مطلع القرن التاسع عشر ( :)19يذكر أجيرون شارل روبير
أن مدينة الجزائر اشتهرت بمحاربتها إلى حد أن سبع دول كانت تدفع للداي حربه منتظمة كما كانت » Charles Robert
.هناك ثماني دول منها إنجلترا يقدم إليه الهدايا النقدية و العينية حتى تتجنب التعرض لقرصانها[]27
و قد أورد يحيي بوعزيز[ ] 28نقال عن "هنري فارو" مبلغ ما تدفعه دول أوربا و مدنها للجزائر من الضرائب و صنفها على
:النحو التالي
.الواليات المتحدة ،هولندا ،البرتغال ،نابولي ،السويد ،النرويج ،الدانمارك ،تدفع ضريبة كل عامين §
الدانمارك و النرويج و السويد ،تدفع ضرائب أخرى في شكل اسلحة و حبال وصواري و دخيرة البارود و رصاص و حديد §
.تقدر قيمتها بمبلغ 25ألف فرنك
إسبانيا و فرنسا و إنجلترا و هانوفر و سردينيا و الطوسكان و دافوس والبندقية تدفع هدايا دورية للدايات و الباشوات و أعضاء §
.الديوان عند إبرام المعاهدات و تعيين القناصل لها بالجزائر
هامبورغ و بريم تدفعان أدوات الحرب و التمونيات الحربية النمسا و روسيا ال تدفعان الضرائب و لكن تدفعان أمواال طائلة §
تسيء من التفصيل عن ما تدفعه » « Leon Valiberلفداء أسراها الكثيرين بالجزائر و يضيف أيضا نقال عن ليون فالبير
.دول أوربا إلى الجزائر
.مملكة الصقيليتين:تدفع مبلغ 44ألف بياستير سنويا منها 24ألف نقد والباقي في شكل بضائع §
ممكلة الطوسكان :تدفع 23ألف بياشر كلها قدم حددت قنصلها بالجزائر §
.مملكة سردينيا :تدفع مبلغا كبيرا من المال كلما جددت قنصلها بالجزائر §
.هانوفر ،بريم األلمانيتان :تدفعان مبالغ مالية كبيرة كلما حددت قناصلها §
.السويد و الدانمارك تدفعان مبالغ مالية كبيرة سنوية في شكل مواد حربية قيمتها 400بياستر §
أدت القوة العسكرية على الخارجي كذا الداخلي إلى تحول المجموعة العسكرية تدريجيا إلى وضع شبه إقطاعي[ ]29في الداخل و
استنادا إلى هذه الشرعية راحت هذه القوى تدعم نفوذها بواسطة بعض الشرائح اإلجتماعية في مواجهة قوة القبائل التي ال تعترف
بالوالء الديني و ال تدفع الضرائب إال تحت أسنة الرمــاح و من بين هذه الشرائح اإلجتماعية الكراغلة[ ]30و الذين يرون أنهم
و إلى جانب الكراغلة نجد األندلسين » «Les familles des grandes tentesينتمون إلى العائالت الكبيرة
الموريسكيين المطرودين من االندلس الذين لعبوا دورا هاما في إعادة إحياء النشاط الحرفي و إلى جانب هؤالء نجد القبائل التابعة
للسلطة و تدعى قبائل المخزن التي تلعب دور الشرطي أما القبائل المنشقة و هي يستغل أٍراضي البايلك و يتمتع بتفويضها بجباية
.الضرائب من القبائل األخرى[]31
لقد كشفت عملية التداول التجاري عن وجود تبادل سلعي بسيط و تداول سلعي لراسمال وقد عرفت الجزائر نموذجين لهذا الشكل
.األخير للتجارة (التداول السلعي ) يتمثالن في تجارة القوافل الكبرى و التجارة مع أوربا
تبين عملية التبادل السلعي البسيط الداخلي عن وجود تقسيم نسبي للعمل بين المدن و القرى ،يقتصرغالبا على المقايضة سواء
بالنسبة للتبادل الحاصل بين الشمال و الجنوب (تمور-مقابل حبوب) أو ذلك الذي يتم بين السهول و المناطق حيث تتم مقايضة
الخضار و الفواكه و الزيت و منتجات الحرف مقابل الحبوب بينما يدل النوع الثاني من أشكال التجارة على توافر الصالت بين
.إفريقيا و أوربا
و منذ القرن التاسع عشر بدأت الحرف و مختلف االنشطة التقليدية الجزائرية و العهد العثماني و معها اإلقتصاد الحضري في
.التدهور لصالح المنتجات األوربية ثم لم يقتصر األمر على الحواضر حين إمتد هذا التأثير إلى داخل األرياف[]32
:أ-الوضع الصحي
شهدت الجزائر العثمانية تقهقرا إقتصاديا و اضمحالال اجتماعيا واكبه سوء األحوال الصحية و المعاشية خالل القرنين الرابع
عشر (14مـ) والخـامس عشر (15مـ) بعد الحروب الطويلة و ما نجم عنها من خراب للمدن و عمال يقول ناصر الدين سعيدوني
اصبحت دلس و هنين مجرد خرائب[ ]33ثم ما لبثت .أن تحسنت أوضاع البالد طيلة القرن السادس عشر ( )16و النصف االول
من القرن السابع عشر بعد قدوم الموريسكيين واستقرارهم بالجهات الساحلية يستصلحون أراضيها ويعمرون مدنها و قراها
وتوسع عمران مدن الجزائر و دلس و تنس و شرشال والقليعة و البليدة و عنابة وقسنطينة و وهران و تلمسان و مستغانم و قلعة
.بني راشد و مازونة و المدية ومليانة و زمورة و غيرها و انتشرت إلى القرى والعمارة الريفية القريبة منها[]34
لم يطل هذا التحسن كثيرا إذ عرفت البالد ركودا اقتصاديا و انكماشا عمرانيا طيلة النصف الثاني من القرن السابع عشر (17مـ) و
النصف األول من القرن الثامن عشر (18مـ) بعد ذلك ساءت األوضاع اإلقتصادية و أقفرت األرياف والمدن من سكانها و
تكاثرت األعراض و األوبئة الفتأكة مما أثر سلبا على حالة السكان الصحية و المعاشية و ترك آثارا سيئة على أوضاعهم0
.اإلجتماعية[]35
إبتداءا من أواخر القرن الثامن عشر (18مـ) تضاءل عدد سكان المدن وتناقص سكان األرياف مما تسبب في ضعف قوة األوجاق[
] 36.أدى هذا الوضع إلى تناقص عدد التجار و قدرة الحرفيين و الصناع و إفتقار األرياف إلى اليد العامة الزراعية
و الظاهر أن ذلك التدهور يرجع إلى إنتقال العدوى و إنتشار األمراض من األقطار المجاورة بسبب صلة الجزائر ببلدان البحر
.االبيض المتوسط و انفتاحها على أقاليم السودان و عالقتها التجارية مع أوربا و ارتباطها الروحي بالمشرق اإلسالمي[]37
مما ساعد على إنتشار هذه األمراض واستيطانها في البالد انتشار المستنقعات بالسهول الساحلية وحول المدن الكبرى وبالرجوع
« Laugy Detassyو لوجي دوتاسي » « Showو شاو » « Haédoإلى المعلومات التي أكـدها كل من هايدو
« Shaler ».أو شالر »
تستنج أن األدوية و العقاقير المحضرة كانت غير متوفرة و حتى الصيدلية الوحدة لمدينة الجزائر كانت ال تتوفر إال على بعض
.العقاقير و الحشائش و كان الباش خراح "القائم" عليها يجهل مواصفاتها و فوائدها الطبية[]38
:الطاعون
شكل الطاعون أخطر مرض عانت منه كل الفئات اإلجتماعية بالجزائر خالل العهد العثماني ،كما تعرضت إلى ضرباته الحادة كل
العناصر االجنبية المقيمة بالبالد لقد تكرر ظهوره في شكل تواتر حلقات متعاقبة مع األوبئة المستوطنة بالمنطقة تسببت في إنهيار
ديمغرافي و أدت إلى تدهور الوضع الصحي الذي اثر بدوره سلبا على إقتصاديات البالد تاركا تشوهات خطيرة في البيئة
.اإلجتماعية[]39
لقد أثر وباء للطاعون على األوضاع الصحية للجزائر العثمانية و ارتبط بالعوامل األخرى التي أثرت على الوضع الصحي
للسكان مثل اإلضطربات الجوية والتدبدبات المناخية و فترات الجفاف و الفياضانات باإلضافة إلى إجتياح الجراد وما نتج عنه من
.الزالزل و الحرائق و ما ترتب عنها من تخريب و تدمير[]40
و مما زاد األحوال الصحية سوءا أن الحكام العثمانيين لم يهتموا بميدان الصحة و لم يعطوها األهمية التي تستحقها فمن ذلك أنهم
ولم يتخذوا أي إجراء وقائي ضد تنامي هذه األمراض[ ،]41أما أماكن العالج فكانت محصورة حول بعض المصحات و
المالجيء مثل زنقة الهواء و ملجأ األمراض العقلية المخصص لألتراك باإلضافة إلى مارستانات[ ]42رجال الدين المسحيين التي
.كانت تنفق عليها الدول األوربية[]43
و ما يمكن 0مالحظته أن األوبئة كانت تتكرر كل عشرة أعوام أو خمسة عشر عاما وأنها في بعض األحيان استمرت لبضع سنوات
كما حدث خالل أعوام 1798-1784كما مني القرن السابع عشر ( 17مـ) بانتشار األوبئة في مختلف جهات البالد مدة 0حوالي
39:سنة أما القرن الثامن عشر (18مـ) فقد ظهرت أثناءه األوبئة[ ]44طيلة السنوات التالية
1700-1728-1732-1738-1740-1744-1749-1784-1785-1786-1793-1794-1797-
1798-1799.
كما اشتدت حدة األمراض و عمت جميع أرجاء البالد من -1804إلى 1808و من 1818إلى .1822وكان الطاعون سنة
1740مـ ،و دام ثالث سنوات و قضى خاللها على 10000نسمة ،و كان يهلك في الشهر األول ما بين 300و 400نسمة في
.اليوم
كما أدى وباء 1787-1786م إلى هالك 16721نسمة بمدينة الجزائر فتناقص عدد سكانها إلى 50000نسمة كما تسبب في موت
.ثلثي سكان مدينة عنابة
أما وباء عامي – 1798 1792فإنه أضر بجميع الجهات السيما وهران والجزائر وقسنطينة .وفي سنتي 1818-1817انتشر
.الوباء في الجزائر و قضى على أكثر من ]45[14000
و هكذا اصبح وباء الطاعون[ ] 46من مظاهر البيئة الجزائرية فتكرر ظهوره بها بإستمرار و قد كان مرتبطا بحركة األسطول
الجزائري و إحتكاكه الدائم بموانئ المشرق التي كانـ مصدرا لمختلف أوبئة الطاعون ،حتى عدت الجزائر من مراكزه الدائمة و
بقوله :وباء الطاعون من الظواهر المستمرة و الدائمة في الجزائر » " « Panzacبيئاته المفضلة و هذا ما عبر عنه "بنزاك
« La peste est une constante de l'Algérie ottomane »[47].العثمانية
لقد اصبحت عدوى الطاعون تنتقل بسرعة في جميع جهات البالد ،و مسافة انتشاره قدرت بـحوالي 200إلى 400كلم سنويا وقد
.يستغرق إنتقالها أحيانا أسابيع قليلة إلجتياح منطقة ما تبعا لشدته و للكثافة السكانية في المنطقة التي تتعرض له[]48
و مع بداية القرن السابع عشر (17مـ) تميز الطاعون بتواتره "للتكراري" إذ نعاقب بصورة مثيرة للدهشة ،عانت خاللها إيالة
.الجزائر من إجتياح المرض أكثر من إيالة تونس التي تضررت هي األخرى من جراء انتشار األوبئة بنسبة 26سنة معدية
أما في القرن الثامن عشر (18مـ) فقد تكرر وباء الطاعون و بلغ مجموع السنوات التي انتشر خاللها الطاعون أثناء هذا القرن 63
:سنة في مدينة الجزائر وحدها و قد توزعت كمايلي
سنوات § 1732-1731-1730-1723-1718-1717
سنوات 1738إلى ، 1758انتشرت إلى مناطق بعيدة كالقالة و عنابة قدرت نسبة الوفيات في مدينة الجزائر ،سنة 1740ما §
.بين 200و 400وفاة يوميا
.سنوات 1778إلى ، 1804انتشر وباء الطاعون في جميع الجهات و كان شديد الوطأة على السكان §
.زاد في حدته حدوث المجاعات التي تعتبر أثارها الديمغرافية أخطر من بعض الحروب § 1805-1815،
لقد كانت أوبئة القرنين السابع عشر (17مـ) و الثامن عشر (18مـ) أكثر حدة و شدة من التي إجتاحت الجزائر أثناء القرن السادس
عشر (16مـ) ،إذ تشير العديد من التقارير العسكرية و المراسالت القنصلية إلى إستمرار "الوباء الفتاك" أو "الوباء الخطير جدا"
[]50لفترات متعاقبة تناهز الواحدة منها 15إلى 20سنة وتعقبها عادة فترة خمود ال تتجاوز الست سنوات[]51
http://azoudjelfa.yoo7.com/t19-topic