You are on page 1of 9

‫طريق الحرير في التاريخ‬

‫في السادس والعشرين من‪ ‬أكتوبر عام ‪ ،2013‬اكتشف علماء اآلثار الصينيون في مقبرة‬
‫كبيرة بمدينة لويانغ في مقاطعة خنان‪ ،‬يرجع تاريخها إلى أسرة وي الشمالية (‪ 534 -386‬م) عملة‬
‫ذهبية المعة من عصر اإلمبراطور البيزنطي أناستاسيوس األول (‪ 430 -518‬م)‪ .‬يرجع تاريخ‬
‫سك هذه العملة الذهبية إلى الفترة من سنة ‪ 491‬إلى سنة ‪ 518‬م‪ .‬وال غرابة في ذلك إذ‪  ‬أكتشفت‪،‬‬
‫منذ زمان‪ ،‬عمالت ذهبية فارسية ورومانية قديمة في المناطق التي يمر بها طريق الحرير‪.‬‬
‫يرجع تاريخ طريق الحرير إلى أكثر من ألفي سنة ويمتد طوله إلى أكثر من سبعة آالف‬
‫كيلومتر‪ ،‬وقد ربط الصين بالهند واإلمبراطورية الفارسية والدول العربية واليونان القديمة وروما‬
‫القديمة وعزز التبادالت الحضارية بين آسيا وأوروبا‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫تسمية طريق الحرير‬
‫باعتباره طريقا تجاريا ربط الصين بالغرب في العصور القديمة‪ ،‬كانت السلع المتبادلة على‬
‫طريق الحرير كثيرة‪ ،‬ومنها األحجار الكريمة والحرير واألواني الخزفية‪ .‬كان طريق الحرير ممرا‬
‫للتبادالت في مجاالت االقتصاد والسياسة والعلوم والتكنولوجيا والشؤون العسكرية واألديان‬
‫والعادات والتقاليد الشعبية والثقافة واألفكار بين الصين والغرب‪.‬‬
‫حمل طريق الحرير أسماء كثيرة‪ ،‬مثل "طريق اليشم" و"طريق األحجار الكريمة " و"طريق‬
‫البوذية" و"طريق الفخار والخزف" وغيرها‪ ،‬ولكن كل اسم من تلك األسماء كان يخص جزءا من‬
‫طريق الحرير‪ .‬في عام ‪ ،1877‬أطلق عليه عالم الجغرافية األلماني فرديناند فون ريشتهوفن‬
‫"طريق الحرير" ألول مرة‪ ،‬ثم اعترف العالم بهذا االسم واستخدمه حتى اآلن‪.‬‬
‫كان الحرير أشهر سلعة تجارية تصدرها الصين عبر طريق الحرير‪ .‬كان الصينيون عندما‬
‫يذهبون إلى المناطق الواقعة غرب بالدهم أو أبعد من ذلك‪ ،‬يقدمون الحرير هدية للتعبير عن‬
‫الصداقة‪ .‬وكان قادة ونبالء الدول الغربية يعتزون بارتداء الحرير الصيني الملون باألحمر الفينيقي‪.‬‬
‫وكانت ملكة مصر المشهورة كليوباترا تستقبل المبعوثين وهي مرتدية لباسا من الحرير‪ .‬وقد اكتشف‬
‫الحرير الصيني في مقبرة فرعونية يرجع تاريخها إلى ألف سنة قبل الميالد‪.‬‬
‫وقد جاء ذكر الحرير في اآلية الثالثة والثالثين من سورة فاطر بالقرآن الكريم‪َ " :‬ج َّن ُ‬
‫ات َع ْد ٍن‬
‫ب َولُ ْؤلُ ًؤا ۖ َولِ َبا ُس ُه ْم فِي َها َح ِري ٌر"‪ .‬طريق الحرير الذي ذكره‬ ‫َي ْد ُخلُو َن َها ي َُحلَّ ْو َن فِي َها مِنْ أَ َس ِ‬
‫او َر مِنْ َذ َه ٍ‬
‫فرديناند فون ريشتهوفن يقصد به الجزء الذي كان يتم عبره تجارة الحرير هو بين نهر آمو داريا‬
‫(جيحون) ونهر (‪ )Amu Darya‬ونهر سير داريا (سيحون)‪ ،‬وبين الصين والهند"‪ .‬وبعد ذلك‪،‬‬
‫أطلق المؤرخون على الطرق التجارية التي ترتبط الصين بالغرب "طريق الحرير"‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ازدهار وانحطاط طريق الحرير‬

‫يرجع تاريخ طريق الحرير إلى عصور قديمة‪ ،‬ولكنه شهد أوج ازدهاره منذ فترة أسرة هان‬
‫اإلمبراطورية (‪ 220 -206‬ق‪.‬م)‪.‬‬
‫‪ ‬أثبتت البحوث األثرية أن مروج وادي النيل وبالد الرافدين ووادي السند وشمالي النهر‬
‫األصفر‪ ،‬كانت بها طريق تكون من خطوط تجارية على نطاق صغير‪ .‬وفي مصر اُكتشف حجر‬
‫الالزورد الذي يُستخرج في أفغانستان ويرجع تاريخه إلى أكثر من خمسة آالف سنة‪ .‬هذا يثبت أن‬
‫المصريين بدأو التجارة على نطاق معين على الطريق الذي ُسمى بـ"طريق الحرير" فيما بعد‪.‬‬
‫بعد حوالي ألف سنة‪ ،‬بدأت تجارة حجر الالزورد تدخل قرية هارابا في وادي السند‪ ،‬وأصبح‬
‫حجر الالزورد من الكنوز السبعة النفيسة للبوذية‪ .‬وبعد وقت قصير‪ ،‬دخل حجر الالزورد الصين‪،‬‬
‫حيث اكتشف في مقبرة زوجة اإلمبراطور وو دينغ ألسرة شيانغ (القرن ‪ 11 -16‬ق‪.‬م) اليشم اللين‬
‫(النفريت) المستخرج في منطقة شينجيانغ‪ ،‬وذلك يثبت أن الصين بدأت التبادالت التجارية مع‬
‫المناطق الواقعة غربها والغرب األقصى‪.‬‬
‫قال الدكتور قوه وو‪ ،‬من مركز الدراسات األثرية باألكاديمية الصينية للعلوم االجتماعية إن‬
‫األواني البرونزية التي اكتشفت في الصين وروسيا ومنغوليا خالل السنوات العشر األخيرة‪ ،‬كانت‬
‫تصدر من شمالي الصين في نهاية أسرة تشو الغربية (القرن ‪ 771 -11‬ق‪.‬م) وانتشرت في منطقة‬
‫أورآسيا‪ ،‬وتعتبر دليال ماديا هاما لبداية التبادالت الثقافية بين الشرق والغرب‪.‬‬
‫تشانغ تشيان (‪ 114 -164‬ق‪.‬م)‪ ،‬أول مبعوث صيني ألسرة هان الغربية (‪ 206‬ق‪.‬م‪24 -‬‬
‫م) إلى آسيا الوسطى قد رأى في سوق داشيا (أفغانستان حاليا) العكاز الخيزراني وقماش شو‬
‫المصنوعين في جنوب غربي الصين ‪ ،‬وذلك يثبت أن منطقة جنوب غربي الصين كانت تتبادل‬
‫التجارة مع دول آسيا الوسطى‪.‬‬
‫في عام ‪ 138‬قبل الميالد‪ ،‬قاد تشانغ تشيان وفدا مكونا من مائة شخص من مدينة تشانغآن‬
‫إلى مناطق آسيا الوسطى‪ .‬في عام ‪ 119‬قبل الميالد‪ ،‬أرسل اإلمبراطور هان وو دي (عام ‪156‬‬
‫ق‪.‬م‪ 87 -‬ق‪.‬م) تشانغ تشيان إلى المناطق الغربية للمرة الثانية‪ ،‬حيث زار العديد من الدول في‬
‫المناطق الغربية‪ ،‬بينما أرسلت دول المناطق الغربية مبعوثين إلى مدينة تشانغآن‪ ،‬فتعاظمت‬
‫التبادالت واالتصاالت بين أسرة هان والمناطق الغربية‪ .‬في عام ‪ 73‬م‪ ،‬أرسلت أسرة هان الشرقية‬
‫(‪220 -25‬م) بان تشاو (‪102 -32‬م) إلى المناطق الغربية‪ ،‬وكان بان تشاو أرسل قان ينغ إلى‬
‫اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬فوصل قان ينغ إلى منطقة الخليج العربية‪ .‬في عام ‪ ،166‬جاء مبعوث من‬
‫اإلمبراطورية الرومانية إلى مدينة لويانغ‪ ،‬فيما يعد أول تبادل دبلوماسي للدول األوروبية مع‬
‫الصين‪.‬‬
‫في فترة أسرة تانغ (‪907 -618‬م)‪ ،‬شهد طريق الحرير تطورا سريعا‪ .‬كان عدد العرب‬
‫والفرس الذين استقروا في الصين أربعة آالف فرد‪ .‬في عام ‪ ،879‬كان عدد المسلمين واليهود‬
‫والمسيحيين والمجوس يتراوح بين مائة وعشرين ومائتي ألف فرد‪ ،‬مما يوضح أن التبادالت‬
‫واالتصاالت بين الصين ودول آسيا الوسطى وآسيا الغربية كانت كبيرة‪ ،‬وقد استقر عدد من أبناء‬
‫تلك المناطق في الصين‪.‬‬
‫بعد أسرة تانغ‪ ،‬انتقل مركز اقتصاد الصين إلى الجنوب‪ ،‬فازدادت التجارة الخارجية في‬
‫جنوبي الصين‪ ،‬مما عزز ازدهار طريق الحرير في جنوبي الصين وطريق الحرير البحري‪،‬‬
‫وأصبحت قوانغتشو وتشنغدو وتشيوانتشو مدنا اقتصادية كبيرة في جنوبي الصين‪.‬‬
‫في القرن الثالث عشر‪ ،‬قاد جنكيز خان (‪1227 -1162‬م‪ ،‬مؤسس اإلمبراطورية المنغولية‪،‬‬
‫الفرسان المنغول لغزو آسيا الشمالية‪ ،‬فعاد طريق الحرير البري إلى الظهور‪ .‬وصل المنغول إلى‬
‫آسيا الغربية‪ ،‬ونشطت التجارة بين الصين وأوروبا‪.‬‬
‫بعد أسرة يوان (‪1368 -1271‬م)‪ ،‬شهد طريق الحرير ركودا تدريجيا‪ ،‬السبب األول هو‬
‫احتالل الدولة العثمانية للقسطنطينية عاصمة اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬فصارت التبادالت التجارية‬
‫بين أوربا والصين أكثر صعوبة‪ .‬السبب الثاني هو اكتشاف فاسكو دا جاما لطريق رأس الرجاء‬
‫الصالح بالمحيط الهندي في عام ‪ ،1498‬مما حول االهتمام إلى الطريق البحري‪ .‬السبب الثالث هو‬
‫البيئة اإليكولوجية على طريق الحرير التي تتعرض للتخريب الشديد‪ ،‬واندثار محطات المدن عليه‬
‫في رمال الصحراء‪.‬‬
‫رغم أن تشنغ خه قام برحالت بحرية إلى سواحل المحيط الهندي وجنوبي آسيا في فترة أسرة‬
‫مينغ (‪ ،)1644 -1368‬ظلت الصين تنتهج سياسة انعزالية وتحظر التجارة البحرية مع البلدان‬
‫األجنبية‪ ،‬فلم تطور الصين‪ ،‬أو تهتم‪ ،‬بتجارتها مع المناطق الغربية وطريق الحرير‪ .‬بدأت الدول‬
‫الغربية حركاتها المالحية خالل القرنين الرابع عشر والخامس عشر‪ ،‬ووجد الناس أن السفر بالبحر‬
‫أكثر سالمة‪ ،‬فتراجعت مكانة طريق الحرير بسرعة في ذلك الوقت‪.‬‬
‫في القرن الـحادي والعشرين‪ ،‬بدأت أهمية طريق الحرير تتجلى تدريجيا‪ ،‬فقد أنشئ على‬
‫طريق الحرير القديم خط السكة الحديد الدولية الذي يبدأ من مدينة ليانيونقانغ شرقا وينتهي في‬
‫روتردام بهولندا‪ ،‬بطول عشرة آالف وتسعمائة كيلومتر‪ ،‬وأصبحت التجارة بين الصين ودول آسيا‬
‫الوسطى أكثر فأكثر‪.‬‬
‫في فبراير عام ‪ ،2008‬وقع وزراء المواصالت وكبار مسؤولي تسع عشرة دولة آسيوية‬
‫وأوروبية‪ ،‬من بينها الصين وروسيا وإيران وتركيا خطاب نوايا في مدينة جنيف السويسرية‬
‫لالستثمار في إحياء طريق الحرير القديم وبعض الطرق البرية في المنطقة األوراسية وإعادة بريق‬
‫طريق الحرير القديم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫خط طريق الحرير‬
‫يتكون طريق الحرير من أربعة خطوط‪ :‬الخط الرئيسي هو الطريق البري الذي سلكه تشانغ‬
‫تشيا‪ ،‬مبعوث أسرة هان الغربية‪ ،‬ويبدأ من مدينة تشانغآن ويعبر ممر خشي ومنطقة شينجيانغ‬
‫ويصل إلى آسيا الوسطى وآسيا الغربية حتى أوروبا‪ .‬وهذا الخط البري ليس خطا مستقيما‪ ،‬بل يشكل‬
‫بعض الخطوط اإلشعاعية على خط مستقيم‪.‬‬
‫الخط الثاني هو "طريق الحرير من جنوب غربي الصين"‪ .‬في األزمنة القديمة‪ ،‬فُ ِت َح في‬
‫جنوب غربي الصين طريق تجاري يبدأ من مدينة تشنغدو ويمر بمقاطعة يوننان وميانمار والهند‬
‫وباكستان ويصل إلى آسيا الوسطى‪ .‬هذا الطريق أقدم من طريق الحرير الذي سلكه تشانغ تشيان‪،‬‬
‫وكانت البغال أداة النقل الرئيسية عليه‪ ،‬فكانت تحمل قماش شو المصنوع في جنوب غربي الصين‬
‫والحرير المصنوع في مقاطعة يوننان إلى الهند‪ ،‬ومنها ينتقل إلى أوروبا‪.‬‬
‫الخط الثالث هو طريق مروج شمالي الصين الذي يتكون من خطين‪ ،‬وفتح الخط الشمالي في‬
‫الوقت الذي هاجر الفرع الشمالي ألهل الهون إلى الغرب‪ ،‬ويبدأ من هضبة سيبيريا شرقا‪ ،‬ويعبر‬
‫هضبة منغوليا وبحر آرال وبحر قزوين والبحر األسود ويصل إلى شرقي أوروبا؛ أما الخط‬
‫الجنوبي‪ ،‬فيبدأ من لياوهاي ويسير مع السفح الشمالي لجبال تيانشان ويصل إلى آسيا الوسطى‬
‫وغربي آسيا وشرقي أوروبا‪ .‬ويحمل هذا الطريق اسم "طريق الشاي" في أسرة مينغ (‪-1368‬‬
‫‪ )1644‬وأسرة تشينغ (‪.)1911 -1616‬‬
‫الخط الرابع هو طريق الحرير البحري‪ .‬منذ أسرة هان (‪ 206‬ق‪.‬م‪ 220 -‬م)‪ ،‬فتح الصينيون‬
‫الطريق البحري من مقاطعة قوانغدونغ إلى الهند‪ .‬وبعد أسرة سونغ (‪ ،)1279 -960‬أصبحت‬
‫الطرق البحرية التي تبدأ من مدينة قوانغتشو وتشيوانتشو وهانغتشو متطورة يوما بعد يوم‪ .‬يمر هذا‬
‫الطريق بمضيق ملقا وشبه القارة الهندية والمحيط الهندي وبحر العرب‪ ،‬ويصل إلى اإلمبراطورية‬
‫العربية حتى السواحل الشرقية ألفريقيا‪ .‬يحمل طريق الحرير البحري لقب طريق الفخار والخزف‬
‫البحري وطريق التوابل البحري‪.‬‬
‫كانت مدينة تشانغآن (شيآن حاليا)‪ ،‬في فترة أسرة هان‪ ،‬بداية لطريق الحرير‪ .‬كانت مساحتها‬
‫ذلك الوقت أربعة وثمانين كيلومترا مربعا‪ ،‬وتجاوز عدد سكانها مليون نسمة‪ ،‬فكانت أكثر مدينة‬
‫سكانا في العالم‪.‬‬
‫على طريق الحرير كثير من المعالم المشهورة واآلثار القديمة‪ ،‬منها التماثيل الحربية‬
‫الجنائزية ألسرة تشين (‪ 207 -221‬ق‪.‬م) وكهوف موقاو في مدينة دونهوانغ وأطالل مدينة لوالن‬
‫القديمة ومدينة نييا القديمة وبوذا باميان في أفغانستان والذي قامت عناصر من طالبان بتدميره في‬
‫عام ‪.2001‬‬
‫‪ ‬‬
‫طريق تبادل السلع‬
‫كانت القوافل التجارية الصينية تنقل منتجات الصين من الحرير واألواني الخزفية‬
‫والمصنوعات الحديدية واألدوات المطلية باللك والشاي وأشغال الخيزران واألدوية الصينية التقليدية‬
‫إلى الخارج عن طريق الحرير‪ .‬كانت األواني الخزفية هي ثاني أكبر سلعة صادرات بعد الحرير‬
‫على طريق الحرير‪ .‬جدير بالذكر أن الخزف الصيني األزرق واألبيض ألسرة يوان (‪-1206‬‬
‫‪ )1368‬كان يصنع بغرض التصدير إلى الدول اإلسالمية‪ .‬وقد اكتشف في الصين أكثر من مائة‬
‫قطعة من الخزف الصيني األزرق واألبيض ألسرة يوان‪ ،‬وأكثر من مائتين قطعة في أنحاء العالم‪،‬‬
‫من بينها أكثر من أربعين قطعة في متحف سراي طوب كاي في تركيا‪.‬‬
‫هناك كثير من النباتات الصينية التي انتقلت إلى الغرب عن طريق الحرير‪ ،‬مثل شجر التوت‬
‫والخيزران المربع والكمثري والبتوال والخطمية الوردية والورد والشاي وكثير من العقاقير الطبية‬
‫مثل السليخة والزنجبيل والريزوم كويتيديس (‪Coptis chinensis, the Chinese‬‬
‫‪ )goldthread‬وجذور الراوند الصيني وجذور (‪.)Smilax glabra Roxb‬‬
‫بينما انتقلت كثير من المنتجات الغربية النادرة إلى الصين عن طريق الحرير‪ ،‬مثل السجاد‬
‫والمنسوجات الصوفية والزئبق والكهرمان والعقيق والماس واللجأة السهفية والتوابل وغيرها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬كان للزجاج والمينا الملونة أثر كبير على صناعة الخزف الصينية‪ ،‬كما كان‬
‫للفرو والمنسوجات الصوفية تأثير ملموس على صناعة الغزل والنسج الصينية‪.‬‬
‫ودخل إلى الصين عبر طريق الحرير‪ ،‬العنب والفصة المزروعة والجوز والسمسم والخيار‬
‫والفلفل والبطيخ والجزر والسبانخ والرمان والتين والكزبرة والبصل األخضر والزيتون‪ ،‬مما وفر‬
‫مزيدا من األطعمة ألبناء آسيا الشرقية‪ .‬هذا إضافة إلى بعض األنواع النادرة من الحيوانات‪ ،‬مثل‬
‫حصان آسيا الوسطى والجمل واألسد والكركدن والطاووس والنعام وغيرها‪.‬‬
‫طريق انتشار الحضارة‬
‫رغم أن طريق الحرير بدأ بتجارة الحرير‪ ،‬غير أن أهميته لم تقتصر على التجارة‪ .‬في‬
‫التبادالت واالتصاالت بين الصين والغرب عبر طريق الحرير‪ ،‬استفاد الجانبان منه‪..‬‬
‫انتقلت الثقافة والعلوم والتكنولوجيا الصينية إلى الغرب عبر طريق الحرير‪ ،‬ومن ذلك فنون‬
‫التعدين وحفر اآلبار وتربية دود القز والمعلومات في مجاالت الفلك والطب والموسيقى والعمارة‬
‫وغيرها‪ .‬أثر الفن الصيني على فنون آسيا الوسطى وآسيا الغربية تأثيرا كبيرا‪ .‬وعندما شن المنغول‬
‫حملة تأديبية على الغرب‪ ،‬انتشر كثير من الرسوم الصينية إلى آسيا الوسطى وآسيا الغربية‪ ،‬فبدأ‬
‫الناس هناك يدرسون فنون الرسوم الصينية‪ .‬وانتشرت المخترعات الصينية األربعة (صناعة الورق‬
‫والطباعة والبوصلة والبارود) وتركت أثرا كبيرا على تطور حضارة العالم‪ .‬بفضل انتشار صناعة‬
‫الورق والطباعة إلى الغرب‪ ،‬انتشر الورق في الغرب‪ ،‬فانخفضت كلفة الكتاب بشكل كبير‪ ،‬وصار‬
‫التعليم أكثر انتشارا‪ ،‬وعزز تطور الثقافة الغربية‪ .‬دخلت البوصلة إلى أوروبا في القرن الثاني‬
‫عشر‪ ،‬وكان استخدامها في المالحة معينا لرحلة كريستوفر كولومبوس الكتشاف أرض القارة‬
‫األمريكية والرحلة المالحية العالمية لفرناندو ماجالن‪.‬‬
‫دخلت الحضارة الغربية إلى الصين عبر طريق الحرير أيضا‪ .‬وجاءت البوذية وفنون السحر‬
‫والموسيقى والرقص وفن النحت وغيرها من الغرب إلى الشرق‪ .‬وبعد أن دخلت الموسيقى واآلالت‬
‫الموسيقية وغناء ورقص القوميات المختلفة في أنحاء آسيا الوسطى إلى الصين‪ ،‬أثرت تأثيرا كبيرا‬
‫على موسيقى الصين التقليدية‪ ،‬حيث انضمت بعض اآلالت الموسيقية الفارسية مثل كونغهو وبيبا‬
‫(العود الصيني) إلى مجموعة اآلالت الموسيقية الصينية التقليدية قبل سنوات طويلة‪ .‬كما دخل‬
‫الصين التقويم العربي والطب العربي‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬في عام ‪ ،961‬زار العالم الفلكي ما يي‬
‫تسه من األناضول الصين تلبية لدعوة من أسرة سونغ (‪ 1279 -960‬م)‪ ،‬حيث شارك في تأليف‬
‫((تقويم ينغتيان))‪ ،‬وتولى منصب مدير مؤسسة األرصاد الجوية وحساب التقويم‪ .‬وفي أسرة يوان (‬
‫‪ 1368 -1206‬م)‪ ،‬ظلت مؤسسات األرصاد الجوية وأكاديمية الطب اإلسالمي موجودة‪ ،‬وعندما‬
‫تأسست أسرة مينغ (‪ 1644 -1368‬م) كان "التقويم اإلسالمي" ال يزال مستخدما‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬دخلت أديان المناطق الغربية المختلفة الصين عبر طريق الحرير‪ ،‬خاصة‬
‫البوذية‪ .‬دخلت البوذية إلى الصين من خالل التبادالت الثقافية بين الشرق والغرب بعد فتح طريق‬
‫الحرير‪ ،‬وأثرت على ثقافة الصين تأثيرا عظيما‪ ،‬وقد أصبحت جزءا من ثقافة الصين‪ .‬أما الدين‬
‫اإلسالمي الذي بدأت دعوته في سنة ‪ ،622‬فقد أتى به المسلمون إلى الصين في القرن الثامن‬
‫وأصبحوا اآلباء واألجداد لقومية هوي الصينية اآلن‪ .‬كما دخلت المجوسية والمانوية واليهودية‬
‫والمسيحية الصين عبر طريق الحرير‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ممر هجرة القوميات‬
‫طريق الحرير هو طريق هجرة القوميات أيضا‪.‬‬
‫في فترة أسرة تانغ‪ ،‬كان العرب والفرس المستوطنون في الصين كثيرين‪ .‬وفقا للسجالت‬
‫التاريخية‪ ،‬كانت مدينة تشانغآن بها "السوق الغربية" وهي سوق خاصة أسستها الحكومة الصينية‬
‫لهؤالء التجار العرب والفرس‪ .‬وعلى الشوارع محالت المجوهرات والصيدليات الخاصة بهم‬
‫وتسمى "المحالت الفارسية"‪.‬‬
‫في فترة أسرة سونغ‪ ،‬بفضل تنفيذ الحكومة سياسة التشجيع على إقامة العالقات التجارية‪،‬‬
‫ازداد عدد التجار من مختلف قوميات آسيا الوسطى واإلمبراطورية العربية واإلمبراطورية‬
‫الفارسية‪ .‬وفقا للسجالت التاريخية الصينية‪ ،‬بلغ عدد أبناء القوميات المختلفة آلسيا الوسطى‬
‫واإلمبراطورية العربية واإلمبراطورية الفارسية الذين استوطنوا في قوانغتشو وتشيوانتشو ويانغتشو‬
‫ومينغتشو وهانغتشو وغيرها من المدن بلغ مئات آالف‪ ،‬ويشكلون حاليا جزءا من قومية هوي‬
‫الصينية‪.‬‬
‫هاجرت بعض القوميات من الشرق إلى الغرب عبر طريق الحرير‪ .‬كان أبناء قومية توجو‬
‫(الترك) يعيشون في منطقة سلسلة شنغآن الكبرى (سلسلة جبال خينقان الكبرى)‪ ،‬وقد انقسموا إلى‬
‫جزئين‪ ،‬واحد شرقي وآخر غربي خالل حربهم مع أسرة تانغ‪ .‬خضع الترك الشرقيون ألسرة تانغ‪،‬‬
‫أما الترك الغربيون‪ ،‬فهاجروا إلى غربي جبال البامير‪ ،‬وبعضهم هاجر إلى األناضول‪ ،‬أي تركيا‬
‫الحالية‪.‬‬
‫استسلم بعض أبناء الهون ألسرة هان الشرقية‪ ،‬وبعضهم اآلخر هاجر إلى الغرب‪ ،‬وغزا‬
‫الشاطئ الشمالي للبحر األسود في القرن الرابع‪.‬‬
‫أسس الويغور (قومية بدوية عاشت في شمالي الصين‪ ،‬قومية الويغور حاليا) خاقانية (مملكة)‬
‫الويغور في منطقة الصحراء الشمالية‪ ،‬ثم هاجر بعضهم عبر هضبة البامير ووصل إلى آسيا‬
‫الوسطى‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫مشاهير على طريق الحرير‬
‫ارتبطت أسماء عدد كبير من الصينيين واألجانب بطريق الحرير‪ ،‬وأشهرهم تشانغ تشيان‬
‫الذي فتح طريق الحرير رسميا‪.‬‬
‫في عام ‪ 138‬قبل الميالد‪ ،‬أرسل اإلمبراطور وو دي ألسرة هان (‪ 87 -156‬ق‪.‬م) تشانغ‬
‫تشيان إلى المناطق الغربية‪ ،‬للتواصل مع أبناء يويتشي الذين ُ‬
‫طردهم أبناء الهون من ممر خشي إلى‬
‫المناطق الغربية‪ ،‬للتعاون معهم في الهجوم على الهون من جانبين‪ .‬قاد تشانغ تشيان أكثر من مائة‬
‫شخص إلى الغرب‪ ،‬وقد أسره أبناء الهون وهو في طريقه وظل أسيرا لمدة ‪ 11‬سنة‪ .‬لكنه لم ينس‬
‫مهمته‪ ،‬فحاول الهرب‪ ،‬ووصل إلى يويتشي أخيرا‪ .‬بعد عودته إلى تشانغآن‪ ،‬نقل تشانغ تشيان ما‬
‫رأى وما سمع في المناطق الغربية إلى اإلمبراطور وو دي‪ ،‬ونقل رغبة أبناء يويتشي في التواصل‬
‫مع أسرة هان‪ .‬وتعتبر السجالت التاريخية رحلة تشانغ تشيان إلى المناطق الغربية "استكشافا غير‬
‫مسبوق"‪ .‬كما أنه أول مبعوث أرسلته حكومة الصين إلى المناطق الغربية في التاريخ‪ .‬في عام‬
‫‪ 119‬قبل الميالد‪ ،‬أرسل اإلمبراطور وو دي تشانغ تشيان إلى المناطق الغربية للمرة الثانية‪ ،‬حيث‬
‫قاد تشانغ تشيان وفده إلى دولة ووسون (في حوض نهر ييلي اآلن) وفرغانة (داخل أوزبكستان‬
‫الحالية) و سوقديانا ( بين نهر آمو داريا ونهر سير داريا) ويويتشي وداشيا (في مدينة خوتان‬
‫بمنطقة شينجيانغ) واإلمبراطورية البارثية دولة قديمة واقعة على هضبة إيران والهند‪ ‬وغيرها‪ .‬بينما‬
‫أرسلت الدول في المناطق الغربية مبعوثين إلى تشانغآن لرد تلك الزيارة‪ ،‬فازدادت التبادالت‬
‫واالتصاالت بين أسرة هان والمناطق الغربية‪.‬‬
‫الراهب‪ ‬شيوان تسانغ (‪ )664 -604‬ألسرة تانغ‪ ،‬انطلق من تشانغآن في عام ‪ ،627‬ووصل‬
‫إلى الهند عبر طريق الحرير‪ ،‬ثم بقى في الهند سنوات‪ ،‬وترك آثار قدميه في كل ركن من الهند‪ .‬عاد‬
‫إلى الصين في عام ‪ ،645‬وعكف على ترجمة األسفار البوذية التي جلبها من الهند‪ ،‬وأنجز ترجمة‬
‫‪ 75‬سفرا في ‪ 1335‬مجلدا‪ .‬وكتب ((قصة المناطق الغربية ألسرة تانغ)) الذي كان يعتبر سجال‬
‫نادرا عن المناطق الغربية وطريق الحرير في ذلك الوقت‪ .‬عانى شيوان تسانغ من المتاعب‬
‫والصعوبات في حجه إلى الغرب لجلب األسفار البوية‪ ،‬وأثرت قوة إرادته وروحه في األجيال‬
‫التالية‪ .‬وفي رواية ((رحلة إلى الغرب)) التي ُكتبت وفقا لحكايته في رحلته لجلب األسفار‪ ،‬أصبح‬
‫شيوان تسانغ شخصية سحرية يعرفها كل أسرة صينية‪.‬‬
‫الراهب كوماراجيفا (‪ ،)413 -344‬صاحب الفضل في نشر البوذية إلى الشرق‪ .‬ترهبن‬
‫وعمره سبع سنوات فقط‪ ،‬وتعلم وآمن بالبوذية‪ ،‬ونشر البوذية في الدول المختلفة في المناطق‬
‫الغربية‪ .‬في عام ‪ ،382‬جاء إلى الصين‪ ،‬وأشرف على ترجمة األسفار البوذية في تشانغآن‪ ،‬فتمت‬
‫ترجمة ‪ 35‬كتابا في ‪ 294‬مجلدا‪.‬‬
‫ماركو بولو‪ ،‬تاجر ومستكشف‪ ،‬وُ لد في أسرة تعمل بالتجارة في البندقية في إيطاليا‪ .‬عندما‬
‫كان عمره ‪ 17‬سنة‪ ،‬سافر مع أبيه وعمه إلى الصين عابرا منطقة الشرق األوسط‪ .‬استغرقت هذه‬
‫الرحلة أربع سنوات‪ ،‬وتجول في الصين لمدة ‪ 17‬سنة‪ .‬بعد عودته إلى بالده‪ ،‬دون كتابه ((رحلة‬
‫ماركو بولو))‪ ،‬الذي سجل فيه ما رأى وما سمع في أغنى دولة شرقية – الصين‪ ،‬مما أثار تطلعات‬
‫األوروبيين إلى الشرق‪ ،‬أثر تأثيرا عظيما في فتح الخطوط البحرية الجديدة‪ .‬وقد رسم علماء‬
‫الجغرافيا الغرب "خريطة العالم" وفقا لوصفه في الكتاب‪.‬‬

‫‪http://www.chinatoday.com.cn/ctarabic/se/2013-12/24/content_586593.htm‬‬

‫‪14/12/2015‬‬

You might also like