You are on page 1of 7

‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‬

‫الكلية متعددة التخصصات‬


‫تــــازة‬

‫مسلك التاريخ والحضارة‬


‫الفصل السادس‬
‫د‪ /‬أحمد إيشرخان‬

‫محاضرات‬
‫قضايا في التاريخ الراهن‬

‫السنة الجامعية ‪2021 /2020‬‬

‫‪1‬‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫أوال يجب الت ذكير ب أن وح دة الت اريخ ال راهن تهتم بدراسة القض ايا الك برى‬
‫الراهنة ال تي أث رت على مس ار ال دول في العق ود األخ يرة من الق رن العش رين ومطلع‬
‫الق رن الواحد والعش رين‪ ،‬والقصد منه ا‪ ،‬رغم ما قيل في تحديد مجالها الزم ني‪ ،‬هو‬
‫أن يتمكن الطالب من امتالك القدرة على فهم وتحليل القضايا الراهنة‪ ،‬وللبرهنة مرة‬
‫أخ رى على أن الم ؤرخ ال يش تغل في الماضي فق ط‪ ،‬فهو ابن عص ره له كل‬
‫المقوم ات المنهجية والنقدية لتفس ير مجري ات األح داث الراهنة وطنيا ودوليا لفهم‬
‫مس ار التح والت الك برى ال تي نعيش أح داثها الي وم في مختلف المج االت السياس ية‬
‫واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ .‬لكن تظل األس ئلة المطروحة مرتبطة بمفه وم الت اريخ ال راهن‪،‬‬
‫وتحديد زمن بدايته ونهايته رغم ما قيل في إط اره الت اريخي الواقع بين الماضي‬
‫والمستقبل‪.‬‬

‫‪ -‬مفهوم التاريخ الراهن‬

‫أول إش كالية تواجهن ا عند دراسة الت اريخ ال راهن هي إش كالية المفه وم فجملة‬
‫«التاريخ الراهن»‪ ،‬تتضمن كلمتين فهناك كلمة «تاريخ» التي تعني الماضي حسب ما‬
‫هو مت داول ومتع ارف علي ه‪ ،‬وهن اك كلمة «ال راهن» ال تي تع ني الحاض ر‪ ،‬مما يط رح‬
‫تساؤالت التكامل والتناقض بين المصطلحين‪ ،‬ولذلك لم يقع لحد الساعة اتفاق بين‬
‫المتخصصين في تحديد مفهوم «التاريخ الراهن»‪ ،‬وإن كانت هناك اجتهادات في هذا‬
‫الب اب باعتب ار البعد الزم ني ال ذي هو من أسس الكتابة التاريخي ة‪ ،‬وذهبت مدرسة‬
‫الحولي ات إلى مفه وم آخر لت اريخ ال زمن ال راهن وذلك اعتم ادا على دراسة القض ايا‬
‫الراهنة بناء على فهم ماضيها‪ ،‬مثال ذلك موضوع األزمة المالية التي يعرفها التاريخ‬
‫ال راهن يجب البحث عن ج ذورها في الت اريخ الح ديث والمعاص ر‪ ،‬وقس على ذلك‬
‫مواض يع مش ابهة‪ ،‬مث ل‪ :‬أس باب الح روب والتغ يرات االجتماعي ة‪ ،‬والتن افس االقتص ادي‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫والنزاعات السياسية‪ ،‬فكل ما نراه راهنا تتحكم فيه عوامل تاريخية‪ ،‬والمثال الواضح‬
‫ل ذلك هو مس ألة الح دود بين ال دول وال تي تعت بر نزاعا راهنا متج ددا في كل وقت‬
‫وحين‪ ،‬ويشكل اليوم مسألة أساسية في نزعات مسلحة بين بعض الدول‪ ،‬بل قضايا‬
‫راهنة مشتعلة اليوم‪ ،‬مث ل‪ :‬قض ايا األقليات في العالم وقضايا النزعات االس تقاللية من‬
‫مخلف ات الت اريخ الماض ي‪ ،‬وقس على ذلك القض ية الفلس طينية ال تي ك انت نتيجة‬
‫«وعد بلف ور» منذ ما يربو عن مائة س نة‪ ،‬فقض ايا الت اريخ ال راهن اس تمرار لقض ايا‬
‫الت اريخ المعاصر بل لها ج ذور وامت دادات تاريخية قديمة ووس يطية ومعاص رة‪ .‬به ذا‬
‫المفهوم يمكن إدراك مشروعية دراسة التاريخ الراهن‪ ،‬وإن كانت هناك تحفظات من‬
‫بعض رواد المدارس التاريخية باعتبار التاريخ الراهن من عمل الص حفي‪ ،‬ألن من أهم‬
‫ش روط الت اريخ البعد الزم ني رغم االختالف في تحديد الم دة الزمنية المح ددة له ذا‬
‫إلى أربعة‬ ‫البعد بين من يجعله في حدود نصف قرن على األقل ومن يرفع سنواته‬
‫عق ود كحد أدنى للمس افة الزمنية لوقع الح دث وإمكانية فهمه وكشف جوانب ه‪ ،‬فال‬
‫بد من البعد الزمني للتحلي بالموضوعية والبعد عن العواطف المرتبطة بالمعاصرة التي‬
‫ق رر العديد من الم ؤرخين الس ابقين أنها تحجب الرؤيا الواقعية لألش ياء ح تى قيل‬
‫فيه ا‪« :‬المعاص رة حج اب»‪ ،‬ولذلك دعا بعض منظ ري الت اريخ إلى ت رك الزمن ال راهن‬
‫للعوم السياسية بل وجدنا أحد أساتذة مارك بلوخ كان يؤكد لتالمذته أثناء محاضراته‬
‫عن البعد الزمني سنة ‪ 1900‬ما يلي ‪ « :‬منذ سنة ‪ 1830‬ال نتحدث عن التاريخ‪ ،‬و إنما‬
‫عن السياس ة»‪ ،‬بمع نى أنه دعا إلى ت رك فاصل زم ني ال يقل عن س بعين س نة ح تى‬
‫نتجنب حقال معرفيا غ ير قابل للكتابة التاريخية لما يعتريه من تناقض ات تتحكم فيها‬
‫صراعات ما زالت طافية على السطح وتحركها مبدأ المصلحة السياسية‪.‬‬

‫وارتباطا ب ذلك ي رى مجموعة من الم ؤرخين أن ما يمنع الم ؤرخ من دراسة‬


‫الت اريخ ال راهن دراسة موض وعية هو غي اب ج زء من الوث ائق ال تي هي أس اس كتابة‬
‫الت اريخ‪ ،‬ومث ال ذلك التق ارير الس رية والمراس الت الدبلوماس ية واألرش يف ال ذي لم‬
‫وقد ب ادرت بعض ال دول إلى جمع األرش يف المتعلق بالت اريخ‬ ‫يكشف عنه بع د‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫المعاصر والت اريخ ال راهن‪ ،‬وض منها المغ رب ال ذي أح دث مديرية أرش يف المغ رب‬
‫بالرباط والتي تمكنت من جمع وثائق مهمة تهم تاريخ المغرب الراهن‪.‬‬

‫ولعل ما ذكرن اه س ابقا يحيلنا إلى س ؤال‪ :‬أين يجد م ؤرخ الت اريخ ال راهن مص ادره‬
‫ومراجعه؟‬

‫للجواب على هذا السؤال الذي طرحناه في محاضرات سابقة‪ ،‬يمكن أن ننبه‬
‫على ض رورة اعتم اد الم ؤرخ على مص ادر جدي دة فضال عما يعرفه من مص ادر‬
‫العصر الق ديم والوس يط والح ديث والمعاصر يعرف ون‬ ‫تقليدي ة‪ ،‬ف إذا ك ان مؤرخ و‬
‫مص ادرهم‪ ،‬ف إن م ؤرخ الت اريخ ال راهن م دعو إلى البحث عن ما يس تجد من مص ادر‬
‫ووث ائق جدي دة في موض وع بحثه في الص حف والمجالت واألفالم الوثائقية‬
‫واالس تطالعات والص ور واالس تجوابات اإلذاعية والم ذكرات والس ير الذاتية والل وائح‬
‫اإلحص ائية والمع امالت اليومية اإلدارية واالقتص ادية والنش رات اإلخبارية والرواية‬
‫الش فهية‪ ،‬وغ ير ذلك مما يمكن الم ؤرخ من التوسع في االطالع على ما يدرسه من‬
‫إش كاليات قض ايا الت اريخ ال راهن‪ ،‬واعتم اد منهج التمحيص والمقارنة ال تي هي من‬
‫التي تتوخى الموضوعية‪.‬‬ ‫أسس الكتابة التاريخية‬

‫وبناء على ما يتوفر من مصادر وأرشيف وتوخيا إلشراك طلبة الفصل الس ادس‬

‫في النق اش العلمي الت اريخي يتم تجديد القض ايا التاريخية ال تي تط رح على الس احة‬

‫الوطنية والدولي ة‪« ،‬فالت اريخ يتج دد بتج دد الت اريخ نفسه» كما أش ارت إلى ذلك‬

‫مجموعة من رواد المدرس ة التاريخي ة الفرنس ية‪ ،‬وال نريد هنا أن نتح دث أو نق ارن‬

‫تزعمه المؤرخ الكبير جون الكوتير‬ ‫مع موجة ما عرف ب‪ « :‬التاريخ الفوري» الذي‬

‫عندما أصدر مجموعة من المقاالت تحمل هذا العنوان‪«:‬التاريخ الفوري» ضمن سلسلة‬

‫فقد ك ان ه ذا الم ؤرخ ي درك ه ذه المفارقة منذ أث ار ه ذه الفك رة‬ ‫الت اريخ الجدي د‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫«التاريخ الفوري»‬ ‫عام ‪ ،1963‬لذلك كانت تردده واضحا في االختيار بين تعبيرين‬

‫و«التاريخ الحاضر»‪.‬‬

‫لقد تمت ع دة اقتراح ات لدراسة بعض القض ايا الراهنة عالميا ووطني ا‪ :‬ومث ال‬

‫ذلك‪ :‬العالقات المغربية االسبانية وما عرفته من أزمات راهنة‪ ،‬وتاريخ الوباء والجوائح‬

‫ارتباطا بما يعرفه الع الم الي وم من ظ اهرة الوب اء ع المي‪ ،‬ويمكن عن طريق الدراسة‬

‫والمقارنة فهم ه ذه الظ اهرة ال تي لها أش باه ونظ ائر في ت اريخ ال دول واألمم‪ ،‬وقد‬

‫عرف المغرب بدوره عبر تاريخه العديد األوبئة واألمراض المعدية المتنقلة‪ ،‬واستعمل‬

‫لمعرفة أن وحدة‬ ‫هذا نموذج‬ ‫العديد من الوسائل لمواجهتها‪ ،‬مثل‪ :‬الحجر الصحي‪،‬‬

‫التاريخ الراهن مواكبة لما يستجد عالميا ووطنيا‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫البيبليوغرافيا‬

‫نقترح إلى جانب المراجع التقليدية المنشورة االعتماد على المقاالت الصحفية‬
‫واإللكترونية والمق االت الموثقة في المجالت العلمية مثل مجلة ع الم المعرفة ومجلة‬
‫ع الم الفكر وعلى ش بكة االن ترنيت‪ ،‬والمص ادر المص ورة ك األفالم الوثائقية‬
‫واالستجوابات المسجلة‪ .‬وسنعزز كل محاضرة بمراجعها األساسية‪:‬‬

‫وهذه بعض المراجع العامة التي يمكن االستئناس بها‪:‬‬

‫‪ -‬فتحي ليسري "تاريخ الزمن الراهن عندما يطرق المؤرخ باب احلاضر" صفاقس‬
‫– تونس ‪.2012‬‬
‫‪ -‬حممد حبيدة‪ ،‬من أجل تاريخ إشكالي‪ ،‬ترجمات مختارة‪ ،‬منشورات جامعة ابن طفيل كلية اآلداب ‪،‬‬
‫القنيطرة‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.2004 ،‬‬
‫‪-‬بومجعة رويان‪ ،‬الطب الكولونيال الفرنسي بالمغرب ‪ ،1945 -1912‬مطبعة الرباط نت الرباط ‪.2013‬‬

‫‪ -‬أمحد زيادي‪ ،‬المكتبة المغربية في عهد الحماية‪ ،‬منشورات إحتاد كتاب املغرب‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.2003‬‬

‫ما بين ‪ ،1962-1830‬مسامهة يف تاريخ‬ ‫‪-‬حممد أمطاط‪ ،‬الجزائريون في المغرب‬


‫للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪2008 ،‬‬ ‫املغرب الكبري ‪ ،‬دار أيب رقراق‬
‫‪-‬عبد اهلل العروي‪ W،‬مجمل تاريخ المغرب‪ 3 ،‬أج‪W‬زاء‪ ،‬املركز الثق‪W‬ايف الع‪W‬ريب‪ ،‬ال‪W‬دار البيض‪W‬اء‪،‬‬
‫‪2002-1999‬‬
‫‪-‬جرم‪WW‬ان عي‪WW‬اش‪ ،‬دراس ات في ت اريخ المغ رب‪ ،‬تع‪WW‬ريب حممد األمني ال‪WW‬بزاز‪ ،‬حممد خل‪WW‬وق‬
‫التمسماين‪ ،‬الدار البيضاء‪1989 ،‬‬
‫‪-‬غالب‪ ،‬عبد الك ‪WW W‬رمي‪ ،‬ت اريخ الحركة الوطنية ب المغرب من نهاية الح رب الريفية إلى‬
‫السادس في الصحراء‪ ،‬جزءان‪ ،‬الرباط‪.1987 ،‬‬ ‫بناء الجدار‬
‫‪-‬كن ‪WW‬بيب‪ ،‬حمم ‪WW‬د‪ ،‬يه ود المغ رب‪ ،19121948 ،‬ترمجة إدريس بنس ‪WW‬عيد‪ ،‬منش ‪WW‬ورات‬
‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط‪1999 ،‬‬

‫‪-‬م‪WW‬الكي‪ ،‬احمم‪WW‬د‪ ،‬الحركات الوطنية واالستعمار في المغرب العربي‪ ،‬مركز‬


‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بريوت‪1994 ،‬‬

‫‪6‬‬
- N. Benoit ,E. Morin, B. Paillard, Communications 18 , « L’ événement»,
25 «La notion de crise» , Paris, Le seuil, 1972, 1976.
- J. Lacouture , L’Histoire immédiate, in La Nouvelle Histoire , Parise, 1978.
-Guinle-Lorinet Sylvaine et Soulet Jean-François, Précis d'histoire
immédiate, Paris, Armand Colin, Coll. U, 1989

-Soulet Jean-François, L'histoire immédiate. Historiographie, sources et méthodes,


Paris, Armand Colin, Coll. U, 2009, 248 p.

-Benoît Verhaegen, Introduction à l’histoire immédiate, Duculot, Gembloux,


1974.
-ALAOUI, Mohamed Ben El Hassan, La coopération entre l’Union
européenne et les pays du Maghreb, Nathan, Paris, 1994.

-Jacques Benoist-Méchin, Histoire des Alaouites (1268-1971), Perrin, 1994

-BERRAMDANE (Abdelkhaleq) , Le Maroc et L'Occident 1800-1974-,


Khartala, Paris, 1987.

-Charles-André Julien, Le Maroc face aux impérialismes, 1415-1956, Paris,


Editions Jeune Afrique, 1978.

-KENBIB, Mohammed, Juifs et Musulmans au Maroc1859-1948. Contribution à


l’histoire des relations intercommunautaires en terre d’Islam, Publications de la Faculté des
Lettres de Rabat, 1994.

-Laroui Abdellah, Les origines sociales et culturelles du nationalisme marocain


(1830-1912), Casablanca, Centre culturel arabe, 2001.

- Lazraq Selma, La France et le retour de Mohammed V, Harmattan , 2003.

-Daniel Rivet, Le Maroc de Lyautey à Mohammed V, Le double visage du


Protectorat, Paris, Denoël, 1999

You might also like