You are on page 1of 8

‫نمو وتطور علم الوثائق‪:‬‬

‫إن الجـوانب العملية لعلم الوثائق كانت األسبق في الظهور من جوانبه‬


‫النظرية‪ ،‬وكـال الجـانبين النظـري والتطبيقي يكونان الهيكل العلمي الحقيقي لهذا‬
‫العلم‪ ،‬وتمثل المكتبات ودور الوثائق واالرشيفات ومراكـز المعـلومـاتـ المتنوعة‬
‫الميادين التطبيقية لعلم الوثائق‪ .‬وقد كانت هذه المؤسسات ـ خاصة المكـتبات ـ تقدم‬
‫خدماتها الثقافية إلى المستفيدين منذ فجر التاريخ‪ ،‬وهي مستمرة في عطـائها‪ ،‬غير‬
‫أنها بعد التطور العلمي والتكنولوجي الذي شهده العالم‪ ،‬وتفجر المعلومات وازدياد‬
‫الحاجة إليها وتطـور هذه الحاجـة وتنوعها‪ ،‬قد أصبحت عاجزة عن القيام‬
‫بواجباتها تجاه المجـتمع كـما ينبغي‪.‬‬
‫ومنذ أواسط القرن التاسع عشر ظهرت حركة التوثيق (‬
‫‪ )Documentation‬التي كانت تهدف إلى تقديم تحليل مكثف لمحتويات أوعية‬
‫المعلومات‪ ،‬وأكثر عمقا ً مما كانت تقدمه اإلجراءاتـ المكتبية‪ ،‬وبعد استخدام‬
‫الحواسيب في العمليات المكتبية أظهرت عمليات استرجاع المعلومات أن هذه‬
‫المحاوالت المعلوماتية المتعددة هي مراحل تطورية لعلم المعلومات في جوانبه‬
‫التطبيقية‪ ،‬إال أنها ما كانت لتستمر وتتطور اعتماداً على كونها خبرات مهنية‬
‫تستند إلى طريقة المحاولة والخـطأ‪ ،‬بل هي بـأمس الحاجة إلى مبادئ وقوانين‬
‫علمية أساسية تستند إليها في تطبيقاتها الميدانية‪ ،‬وتعتمدها سنداً للتفسير والتخطيط‬
‫والتطوير‪ ،‬ولقد وجدت مفاهيم علم الوثائق ونظـرياته لبناء هذه األسس‪ ،‬وتطوير‬
‫لمبادئ مهنة المكتبات وأهداف التوثيق‪ ،‬وتكامالً معها واستحواذاً عليها في علم‬
‫شامل تستظل بمظلته هذه التخصصاتـ والخبرات المهنية بصورة موحدة وهكذا‬
‫كان وتطور علم الوثائق‬
‫واتخذ تسميات متعددة منها‪:‬‬
‫التوثيق (‪)Documentation‬‬
‫علم المعلومـات والتـوثيق (‪Information Science and‬‬
‫‪)documention‬‬
‫علم الوثائق (الدبلوماتيك‪)diplomatics ‬‬
‫علم الوثائق (الدبلوماتيك‪)diplomatics ‬‬
‫علم الدراسة النقدية لمصادر التاريخ الرسمية‪ ،‬مثل‪  :‬المواثيق والقوانين‬
‫والمعاهدات والعقود والسجالت القانونية‪ ،‬والوثائق األخرى المشابهة‪ .‬كما تشتمل‬
‫أيضا على دراسة نشأتها وتكوينها وكذلك تقييمها وتمييز الصحيح من المزور‪.‬‬
‫وتعتبر دراسة الوثائق التاريخية أساس علم األرشيف‪.archival science  ‬‬
‫ظهرت دراسة الوثائق التاريخية أوال في فرنسا في القرن السابع عشر في شكل‬
‫محاوالت إلثبات صحة الوثائق األرشيفية‪ .‬ثم صقلت في المعاهد األوروبية‬
‫وتطورت إلى دراسة قانونية وتاريخية ولغوية للوثائق‪ .‬وفي القرن العشرين طبقت‬
‫على وثائق العصور الوسطى وبداية العصر الحديث وكان هدفها تقييم مصداقية‬
‫تلك الوثائق كمصادر لألبحاث‪.‬ـ وأول عمل كبير في هذا المجالـ قام به‪Jean ‬‬
‫)‪:Mabillon (1632-1707‬‬

‫‪Jean Mabillon's De Re Diplomatic (1681; supplement,‬‬


‫)‪1704‬‬

‫بالالتينية‪ ،‬ويعني "دراسة الوثائق" والذي نشر في ستة أجزاء‬


‫والدبلوماتيقا تتحقق من الكيان المنشئ‪  provenance  ‬للوثائق وخصوصا‬
‫الوثائق الخطية‪ ،‬وتهتم بتطورها وتطبيق المفاهيم الدبلوماتيقية عليها‪ .‬فهي تفحص‬
‫المفاهيم الدبلوماتيقية من حيث التنظيم والتأثير على مضمون الوثائق والنظم‬
‫األرشيفية الحديثة‪ .‬وهي تفحص األشكال المادية والفكرية للوثائق‪ ،‬وتوضح‬
‫المناهج التقليدية للدراسة النقدية للوثائق التاريخية وتضيف إليها أفكارا تتعلق‬
‫باالستخدام األرشيفي للوثائق‪ .‬وهي تحاول الوصول إلى صحة أو عدم صحة‬
‫المنشئ ومصداقية أو موثوقية‪  authenticity  ‬الوثيقة عن طريق دراسة‪:‬‬
‫المادة التي كتبت عليها وكيفية طيها‬
‫وفن الكتابة واألبجدية والخطوط التي استخدمت حيث يستخدم علم الخطاطة‪ ،‬أي‬
‫علم الكتابات القديمة‪paleography  ‬‬
‫واللغة واألسلوب اللغوي الذي استخم في الكتابة بما فيها المفردات واستخدامها‬
‫والنسق األدبي فيها‪.‬‬
‫كما تهتم باإلضافة إلى ذلك بالتواريخ والتوقيعات والشهود واألختام‬

‫ودراسة الوثائق التاريخية مهم للدراسات التاريخية من أجل التحقق من حدوث‬


‫وقائع تاريخية معينة من عدمه‪.‬‬
‫ومن األمثلة على ثبوت التزوير في بعض الوثائق التاريخية واقعة الهبة التي‬
‫أعطاها اإلمبراطور‪Roman Emperor Constantine I in AD ‬‬
‫‪   324‬للبابا‪   Pope Sylvester I  ‬ومن يخلفه السيادة والسلطة الروحية على‬
‫روما‪.‬‬
‫إن مظاهر تطور علم الوثائق يمكن قياسها اعتماداً على مؤشرات إيجابية‬
‫توفرت له منذ عدة عقود وأهم هذه المؤشرات هي‪:‬‬
‫ـ باحثون في مجاالت علم الوثائق•‬
‫ـ مدرسون يعملون في حقل الوثائق•‬
‫ـ مدرسون وبرامج دراسية جامعية•‬
‫ـ مؤسسات بحثية وأكاديمية مهتمة بعلم الوثائقمعلومات•ـ‬
‫ـ جمعيات مهنية•‬

‫أنواع الوثائق وأشكالها‪:‬‬

‫يمكن تقسيم الوثائق وفق عدة أسس‪:‬‬

‫‪ .1‬من حيث الغرض الذي يرمي إليه الفاعل القانوني من كتابة الوثيقة‪:‬‬

‫وتقسم إلى نوعين‪:‬‬

‫‪ 1-1‬وثائق يقصد بها أن تكون مستنداً أو دليالً أمام القضاء يثبت بها الفعل أو‬
‫التصرف القانوني الذي يتم بمجرد توافق اإلرادتين·‬

‫‪ 1-2‬وثائق ضرورية لقيام عمل قانوني‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬الهبة التي ال تتم من الناحية‬
‫القانونية إال بوثيقة·‬

‫إن هذا التقسيم مهم من وجهة نظر القانون فكلما زاد االعتماد على الوثائق‬
‫المكتوبة في دعم رأي أو عمل ما كان ذلك دليالً على تقدم النظم القانونية‬
‫والحضارية في الدولة‪ ،‬إذ إن الكتابة تفوق الشهادة‪ ،‬والكالم ينسى وتبقى الكتابة·‬

‫‪ .2‬من حيث صحتها ومبلغ االعتماد عليها‬

‫وتقسم إلى‪:‬‬

‫‪2‬ـ‪1‬ـ الوثيقة الكتابية‬


‫وتتكون من‪:‬‬

‫ـ كل ما أؤتمن على وديعة مخطوطة باليد وتظهر بأجزاء متتابعة أو مدة محددة‬
‫وزمن معين وكتبت من مسؤول رسمي وهذه الوثائق صحيحة اليمكن الطعن فيها·‬

‫ـ وثائق قام بتحريرها أفراد دون الرجوع إلى موظف رسمي مختص أو أنها ليست‬
‫معتمدة من جهة رسمية·‬

‫‪ 2-2‬الوثيقة التصويرية‬

‫ويأتي هذا النوع من الوثائق في درجة تلي الوثيقة الكتابية‪ ،‬وتعد في علم التوثيق‬
‫وثيقة مساعدة بمعنى أنه ال يعتد بها وحدها‪ ،‬ألن المحتوى فيها موضع ترجيح أو‬
‫شك وهي في الغالبـ رسم ما نقل بالزيت أو بالقلم أو بالفحم أو صورة أو نقش في‬
‫الحجر أو صورة شمسية·‬

‫‪2‬ـ‪ 3‬الوثيقة التشكيلية‬

‫وتعد أيضا ً من الوثائق المساعدة‪ ،‬وهي مماثلة للوثيقة التصويرية حيث إنها مماثلة‬
‫لها في كثير من المقومات وهي تكون بناء قصور ألشخاص مرموقين أو‬
‫مؤسسات رسمية أو معالم أو آثار معمارية كقصر الحمراء في غرناطة أو أهرام‬
‫الجيزة ومسجد قرطبة‪ ،‬وقصر إشبيلية وجامعة القرويين في فاس وقبة الصخرة‬
‫وكنيسة القيامة في القدس وغيرها من المعالم الخالدة(‪·)5‬‬

‫‪2‬ـ‪ 4‬الوثيقة السمعية‬

‫وتدخل هذه أيضا ً في نوع الوثائق المساعدة التصويرية والتشكيلية وهي في الغالبـ‬
‫تسجيالت صوتية أو إذاعية أو تسجيل أسطواني أو شريط سينمائي·‬

‫ومع التطور المعاصر والتطورات اإللكترونية أصبحت هذه الوثيقة يعتمدها‬


‫الخبراء في دراسة الغناء ومستوى الصوت وطبقاته‪ ،‬وأيضا ً دراسة اللهجاتـ‬
‫الخطابية وأسلوب الحوار والنقاش عند رجال السياسة وزعماء العالم فيستندون‬
‫بذلك على دراسة شخصياتهم ومدى تأثيرهم على الجماهير·‬

‫‪3‬ـ‪  ‬من وجهة نظر المؤرخين‬

‫تقسم الوثائق إلى‪:‬‬

‫‪3‬ـ‪ 1‬وثائق ديوانية‪:‬‬

‫صدرت عن ديوان أو دواوين وتتبع قواعد وأساليب ثابتة في صياغتها وطرق‬


‫إخراجها وشكلها·‬

‫‪3‬ـ‪ 2‬وثائق غير ديوانية‪:‬‬

‫أصدرتها هيئة أو مؤسسة ليست لها قواعد أو أساليب أو أشكال ثابتة·‬

‫‪3‬ـ‪ 3‬وثائق قومية‪:‬‬

‫تحفظ تراث األمة القومي الذي يعكس نشاطها في كل المجاالت‪  ‬والسيما‬


‫المخطوطات والرسائل وأشكال الوثائق‪.‬‬

‫علم الوثائق أو علم المستندات القديمة (الدبلوماتيك ‪ )Diplomatics‬عبارة عن‬


‫نظام علمي يرتكز على التحليل النصي للمستندات‪ ،‬خصوصًا المستندات‬
‫التاريخية‪ ،‬ولكن ليس حصريًا‪ .‬وهو يركز على اإلتفاقيات) والبروتوكوالت‬
‫والصيغ التي تم استخدامها من قبل من قاموا بعمل المستندات‪ ،‬مع استخدامها من‬
‫أجل زيادة الوعي بعملية إنشاء المستندات‪ ،‬ونقل المعلومات‪ ،‬والعالقات بين‬
‫الحقائق التي تهدف المستندات إلى تسجيلها والواقع الملموس‪.‬‬
‫وقد تطور هذا النظام بشكل مبدئي كأداة لدراسة وتحديد مدى أصالة المواثيق‬
‫والدبلومات التي يتم إصدارها من قبل السفارات الملكية والباباوية‪ .‬وقد لقت‬
‫القدرة على تطبيق العديد من المبادئ الرئيسية بعد ذلك على أنواع أخرى من‬
‫المستندات الرسمية والوثائق القانونية وعلى المستندات غير الرسمية مثل‬
‫ً‬
‫وحديثا‪ ،‬على بيانات تعريف السجالت اإللكترونية‪ ،‬تقديرً ا‬ ‫الخطابات الشخصية‪،‬‬
‫كبيرً ا‪.‬‬
‫يعد علم الوثائق أحد العلوم التاريخية اإلضافية‪ .‬ويجب أال يتم الخلط بينه وبين‬
‫النظام الشقيق له علم الكتابة اليدوية القديمة (كما يحدث غالبًا)‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فإن‬
‫التقنيات الخاصة به تشترك بشدة مع األنظمة األدبية الخاصة بنقد النصوص‬
‫والنقد التاريخي‪.‬‬
‫أصل الكلمة‬
‫رغم التشابه اللفظي لإلسم الالتيني‪ ،‬فإن النظام ال يتعلق من قريب أو بعيد‬
‫بالدبلوماسية‪ .‬فقد تم اشتقاق كال المصطلحين‪ ،‬من خالل تطور لغوي منفصل‪ ،‬من‬
‫الكلمة ‪( diploma‬دبلومة)‪ ،‬التي كانت تشير في البداية إلى مادة كتابة مطوية‪،‬‬
‫وبالتالي فإن كال المصطلحين يشيران إلى المواد التي يتم التركيز عليها في علم‬
‫الوثائق ومواد وأوراق إثبات الشخصية التي يحملها الدبلوماسيون‪.‬‬
‫وقد تمت صياغة المصطلح الوثائق من خالل الراهب البنيديكتي جيان مابيلون‪،‬‬
‫الذي قام في عام ‪ 1681‬بنشر معاهدته المكونة من ستة مجلدات‪De re )،‬‬
‫‪( diplomatica‬بالالتينية‪ :‬تقريبًا‪" ،‬دراسة الوثائق")‪ .‬ومنذ تلك اللحظة‪ ،‬دخلت‬
‫الكلمة إلى اللغة الفرنسية لتصبح ‪ ،diplomatique‬ثم دخلت اإلنجليزية باسم‬
‫‪ diplomatic‬أو ‪diplomatics‬‬
‫التعريفات‬
‫يعرف قاموس ويبستر (‪ )1828‬كلمة ‪ diplomatics‬على أنها "علم الدبلومات‬
‫أو الكتابات القديمة واألدب والمستندات العامة والخطابات والمراسيم والمواثيق‬
‫والرموز وما إلى ذلك‪ ،‬والذي يتوجب‪ ،‬كهدف له‪ ،‬فك شفرة الكتابات القديمة‪ ،‬من‬
‫أجل التحقق من مصداقيتها وتاريخها والتوقيعات الموجودة بها‪ ،‬وما إلى ذلك‪".‬‬
‫وفي وقت معاصر‪ ،‬قام جورجيو سينسيتي (‪ )Giorgio Cencetti‬بتعريف‬
‫النظام على أنه دراسة ‪[ Wesen‬حاضر] و‪[ Werden‬مستقبل] الوثائق‪ ،‬وتحليل‬
‫التكوين‪ ،‬والدستور الداخلي ونقل المستندات‪ ،‬وعالقتها بالحقائق الموثقة بها وبمن‬
‫قاموا بعملها"‪ .‬وبشكل أكثر عملية‪ ،‬يعرف بيتر بيل (‪ )Peter Beal‬هذا‬
‫المصطلح على أنه "علم أو دراسة المستندات والسجالت‪ ،‬بما في ذلك شكلها‬
‫ولغتها ونصوصها ومعناها‪ .‬وهو يشتمل على معرفة أمور تتعلق بصياغة‬
‫وإجراءات األنواع المحددة من المستندات‪ )،‬وفك رموز الكتابة‪ ،‬وتحليل المستندات‬
‫والتحقق من مدى مصداقيتها‪".‬‬
‫وعند الحديث بشكل صحيح‪ ،‬وحسبما يفهم معظم العلماء المعاصرين في الغالب‪)،‬‬
‫يتعلق علم الوثائق بتحليل وترجمة العناصر اللغوية الموجودة في المستند‪ .‬إال‬
‫أنه‪ ،‬على الرغم من ذلك‪ ،‬يرتبط عن كثب بعدة أنظمة موازية لها‪ ،‬بما في ذلك‬
‫دراسات علم الكتابة اليدوية القديمة وعلم النحت على المعادن وعلم المخطوطات‬
‫والمصادر‪ ،‬والتي تتعلق كلها بالسمات المادية وتاريخ المستندات‪ ،‬والتي يتم‬
‫تنفيذها جميعها مع تحليل الوثائق‪ .‬وبالتالي فإن المصطلح "الوثائق" يستخدم في‬
‫بعض األحيان بشكل أوسع نطا ًقا إلى حد ما‪ ،‬بحيث يشتمل على بعض المجاالت‬
‫األخرى تلك ‪.‬‬

You might also like