You are on page 1of 9

‫*األسس التي يبنى عليها المنهج‪:‬‬

‫عن د بن اء أي منهج الب د أن يب نى على أس س أربع ة ‪ ،‬يتكئ عليه ا ه ذا المنهج ‪ ،‬عن دما يق وم‬
‫المخططون لبناء المنهج البد أن تكون أمامهم وينطلق ون منه ا عن د بن اء أي منهج ‪ ،‬وإذا لم يوج د‬
‫أساس من هذه األسس أصبح هناك خلل في المنهج ‪ ،‬وإذا كان هناك ض عف في أح د ه ذه األس س‬
‫يكون هناك ضعفا ً بالتالي ينعكس على المنهج‪.‬‬
‫‪ -‬ما هي هذه األسس األربعة؟‬
‫ً‬
‫األساس األول‪ :‬األساس الفلسفي‪ /‬أو يسمى (األساس العقائدي) إذا ك ان منطلق ا من عقي دة كم ا‬
‫هو مطبق في الشريعة اإلسالمية والمناهج التي تبنى وفق التصور اإلسالمي نس مي ه ذا األس اس‬
‫(األساس العقائدي) ألن ه ال يب نى على فلس فة ‪ ،‬والفلس فة ع ادة تك ون وض عية وقابل ة ألن تتغ ير‪،‬‬
‫وقابلة ألن تتطور‪ ،‬وقابلة ألن تسقط ‪ ،‬وقابلة للنقد ‪ ،‬ولكن األس اس العقائ دي ه و ال ذي يب نى على‬
‫األس اس الش رعي الرب اني ‪ ،‬فالمنطلق ات أو األس س ال تي يؤس س عليه ا المنهج األس اس األول‬
‫(األساس الفلسفي) أو األساس العقائدي يسمى عادة "األساس الفكري"‪ ،‬المنطل ق أو الخلفي ة ال تي‬
‫ينطلق منها المنهج ‪ ،‬هذا هو األساس األول‪.‬‬
‫األساس الثاني‪ :‬األساس المعرفي‪.‬‬
‫األساس الثالث‪ :‬األساس االجتماعي‪.‬‬
‫األساس الرابع‪ :‬األساس النفسي‪.‬‬
‫إذاً هي أربع أسس رئيسة يتكئ عليها المنهج ‪ ،‬لنتصور أن هذا المنهج البد أن يتكئ على أربع ة‬
‫أس س رئيسة(‪ :)1‬األس اس العقائ دي الفلس في الفك ري‪ ،‬األس اس المع رفي‪ ،‬األس اس االجتم اعي‪،‬‬
‫واألساس النفسي‪،‬‬
‫بدون هذه األسس األربعة أو إذا سقط واحد منها أثر على بناء المنهج‪.‬‬
‫وهذه األسس األربعة البد أن تكون أيضا ً واضحة عند منفذي المنهج وه و "المعلم"؛ ألن المعلم‬
‫هو الذي يقوم بتنفيذ هذا المنهج‪ ،‬والبد أن يكون على وعي بأن هذا المنهج الذي يدرسه مبني على‬
‫هذه األسس األربعة‪ ،‬لذلك يستند عليها وينطلق منها‪ ،‬وحينما يقدم أي محتوى معرفي أو مه ارة أو‬
‫قيم أو اتجاهات تكون ممتدة ولها ارتباط باألساس ألحد هذه األسس األربع ة أو باألص ح مرتبط ة‬
‫بكل هذه األسس‪.‬‬
‫*باختصار [وسنتحدث بشكل مفصل عن األسس]‪:‬‬
‫‪/1‬األساس العقائدي‪ :‬هو اإلطار المرجعي ال ذي تنطل ق من ه الفلس فة التربوي ة ال تي ي ؤمن به ا‬
‫واضع المنهج أو التي تقدم للطالب في بيئة معينة‪ ،‬يؤمنون بفلسفة أو بعقيدة معينة‪.‬‬
‫‪/2‬األساس المعرفي‪ :‬وهو األساس العلمي ألن لكل علم بنية معرفية‪ ،‬لكل علم بن اء‪ ،‬فنحن نأخ ذ‬
‫من المعرفة الحقيقة الثابتة ال نأخذ من األش ياء ال تي فيه ا أخط اء وال نق دم للطالب وف ق األس اس‬
‫المع رفي أش ياء فيه ا أخط اء‪ ،‬أو أش ياء فيه ا تش ويش للطالب أو أش ياء ال تنتمي إلى لمعرف ة‪،‬‬
‫وسنتحدث عنها بإسهاب‪.‬‬
‫‪/3‬األساس االجتماعي‪ :‬وهو المنطلق من القيم والعادات والتقاليد التي يؤمن به ا ه ذا المجتم ع‪،‬‬
‫بحيث ال نقدم للطالب أو ما نبني منهجنا على أساس يخالف قيم وعادات وتقاليد هذا المجتمع الذي‬
‫نقدم له هذا المنهج‪ ،‬أو نقدم لطالب هذا المجتمع هذا المنهج‪.‬‬
‫‪/3‬األساس النفسي‪ :‬وهو ما يتعلق بج انب النم و ‪ ،‬م ا يتعل ق بالق درات‪ ،‬باإلمكاني ات‪ ،‬بمراح ل‬
‫النمو‪ ،‬بالحاجات كلها داخلة في األساس النفسي‪ ،‬ما نقدم للطالب منهجا ً ال يتناسب م ع قدرات ه‪ ،‬ال‬
‫يتناسب مع إمكانيات هذا الطالب مثل ما نقدم للطالب أشياء ال تتناسب مع ميولهم و ال تتناسب مع‬
‫قدراتهم وال تتناسب مع حاجاتهم وإدراكاتهم العقلية‪ ،‬ولنؤمن بأن هناك نمو كما هناك نمواً جس ميا ً‬
‫هناك نمواً عقليا ً فلذلك نقدم للطالب ما يتناسب مع هذا النمو‪.‬‬
‫دعونا نرجع إلى ‪:‬‬

‫ومثَ َل بزواياه األربعة على أسس املنهج األربعة‪.‬‬


‫() قام الشارح برفع كتاب بيده َ‬
‫‪1‬‬
‫‪ OO‬األساس األول‪ /‬األساس الفلسفي (األساس العقائدي)‪:‬‬
‫تحدثناعن مفهوم المنهج وفق التصور اإلسالمي‪ ،‬أن التصور "لإلنسان والكون والحياة "يختلف‬
‫باختالف الفلسفة‪ ،‬فكل فلسفة لها رؤيتها لهذا اإلنسان‪ ،‬ولها رؤيتها للكون وكذلك للحي اة وف ق ه ذا‬
‫التصور‪ ،‬ووفق هذه الرؤية يتم بناء المناهج‪.‬‬
‫فإذا كان واضع المنهج أو من يقدم أو من ينفذ هذا المنهج وقبله من يصمم ه ذا المنهج ي رى أن‬
‫اإلنسان مخلوق لعبادة هللا وأنه مأمور بعمارة األرض‪ ،‬وأنه مكلف‪ ،‬وأنه سيبعث‪ ،‬وأن هن اك جن ة‬
‫وهناك نار وهناك تكاليف‪ ،‬وأن اإلنسان محاسب بما يعمل‪ ،‬هل ه و مث ل فلس فة ت رى أن اإلنس ان‬
‫حر يعمل ما شاء؟!! هل هو مثل فلسفة ترى أن اإلنسان حينما يم وت ال يبعث؟! أو حينم ا يم وت‬
‫ال يحاسب؟!‬
‫إذاً الرؤية التي ينطلق منها هذا المجتمع الذي يؤمن بهذه الفلس فة‪ ،‬ه ذا األس اس ه و ال ذي يب نى‬
‫عليه المنهج‪ ،‬لذلك دعوني أضرب مثاالً حينما يكون في المنهج ال يخ الف ه ذا األس اس‪ ،‬نحن في‬
‫المجتمعات اإلسالمية نؤمن باهلل ربا ً وباإلسالم دين ا ً وبمحم داً ‪ -‬ص لى هللا علي ه وآل ه وس لم نبي ا ً ‪-‬‬
‫ورسوال‪ ،‬ونؤمن ب أن هن اك بعث ا ً بع د الم وت‪ ،‬فل و أتان ا منهج وداخ ل ه ذا المنهج معلوم ة تق ول‬
‫للطالب أن اإلنسان حينما يموت تنتهي حياته!!‪ ،‬ينتهي اإلنسان بموته!‪ ،‬وأن ه يف نى!‪ ،‬وليس هن اك‬
‫بعث!‪ ،‬نقول‪ :‬قف! هذا المنهج هن اك خ الف أساس ا ً رئيس ا ً من أس س بن اء المنهج وه و (األس اس‬
‫العقائدي)‪،‬‬
‫وإذا كان في هذا المنهج معلومة أو أي نص يقول أن هللا ليس واحداً!‪ ،‬أن هللا ث الث ثالث ة مثالً!‪،‬‬
‫نقول‪ :‬قف! هنا هذا المنهج خالف األساس العقائدي‪.‬‬
‫إذاً نعكسها مرة أخرى ونقول‪ :‬يجب أن يكون في هذا المنهج م ا يؤص ل أن هللا واح د‪ ،‬والنظ رة‬
‫لإلنسان والك ون والحي اة وعب ادة هللا والمفه وم اإلس المي والتص ور اإلس المي لإلنس ان والك ون‬
‫والحياة البد أن يكون مبثوث ا ً داخ ل ه ذا المنهج؛ ألن هللا واح د‪ ،‬وت ؤمن بالمالئك ة وت ؤمن بالق در‬
‫خيره وشره‪ ،‬وال يكون ب المنهج م ا يخ الف ه ذا اإليم ان‪ ،‬ونظ رة اإلنس ان للك ون والحي اة تك ون‬
‫مبثوثة في أي منهج‪ ،‬منهجا ً علميا ً أو منهجا ً أدبي ا ً أو أي منهج من المن اهج الب د أن يك ون في ه ذا‬
‫المنهج ما يؤصل هذه النظ رة‪ ،‬ليس المقص ود أن فق ط من اهج التربي ة اإلس المية مثالً أو المن اهج‬
‫الشرعية هي التي يكون فيها هذا األساس‪ ،‬وأما المناهج األخرى بمنأى عن هذا‪ ،‬البد أن يكون أي‬
‫كتاب حتى الرياضيات أو في اللغة اإلنجليزية أو غيرها من الكتب‪ ،‬في الكيمياء‪ ،‬في الفيزياء‪ ،‬في‬
‫اللغة العربية بتفريعاتها البد أنها كلها بمجملها تعزز هذا األساس‪ ،‬وتؤكد هذا األس اس‪ ،‬وال يك ون‬
‫فيها ما يخالف هذا األساس العقائدي؛فمثالً لو ض منا منهج من المن اهج قص يدة إلحادي ة مثالً فيه ا‬
‫إلحاد‪ ،‬عندها نقول‪ :‬قف! إن هذا خالف األساس العقائدي‪.‬‬
‫إذاً األساس العقائدي ينطلق من رؤية مؤلفه‪ ،‬يُقدم لمن؟ هل يُق دم لطالب مس لمون؟ إذا ال‪ ،‬الب د‬
‫ً‬
‫أن يكون منطلق من الرؤية اإلسالمية أو وفق المنهج والتصور اإلسالمي‪ ،‬الرؤية تك ون واض حة‬
‫لإلنسان والكون والحياة‪ ،‬وال يكون في هذا المنهج م ا يتع ارض م ع القيم اإلس المية‪ ،‬ب العكس أن‬
‫يكون هذا المنهج يؤصل هذه القيم‪ ،‬بغض النظ ر عن م ا ه و ه ذا المنهج‪ ،‬فممكن في الرياض يات‬
‫يؤص ل قيم منطلق ة من األس اس العقائ دي‪ ،‬ممكن في اللغ ة العربي ة‪ ،‬في النح و‪ ،‬في البالغ ة‪ ،‬في‬
‫التاريخ‪ ،‬في الجغرافيا‪ ،‬في أي م ادة من الم واد الب د أن يك ون هن اك تأص يالً وهن اك تأكي داً على‬
‫األساس العقائدي‪.‬‬
‫إذاً حينما تأتي اللجنة المسؤولة عن بناء هذا المنهج‪ ،‬الخطوة األولى ‪/‬هي البد أن يكون واض حا ً‬
‫لديها هذا األساس وتنطلق منه‪ ،‬األساس األول (األساس العقائ دي) أو (األس اس الفك ري) الب د أن‬
‫يكون هو اإلطار الذي يحدد المسار؛ بحيث ننطلق أو ننتقل إلى األساس المعرفي لو أخ ذنا نظري ة‬
‫معرفية موجودة في الكتب‪ ،‬إذا ه ذه النظري ة أخ ذناها ألنه ا معرف ة وض مناها في المنهج دون أن‬
‫نعرضها على األساس العقائدي حصل عندنا خلل‪ ،‬لماذا؟ ألنه ربما أن هذه النظرية‪ ،‬ربما أن ه ذه‬
‫المعلومة تتعارض مع األساس العقائدي‪ ،‬فبنية العلم واسعة وكبيرة ال نختار منها عشوائياً‪ ،‬نختار‬
‫منها ما يتناسب مع األساس العقائدي‪.‬‬
‫كذلك باألساس االجتماعي – ألننا اآلن نحاول نربط بين األسس الثالثة مع األساس العقائدي ‪/‬‬
‫األساس الثاني‪ /‬األساس االجتماعي ‪:‬‬
‫ً‬
‫األساس االجتماعي هو الذي يراعي عادات المجتمع‪ ،‬ي راعي قيم وتقالي د المجتم ع‪ ،‬إذا الب د أالّ‬
‫نصادم تقاليد المجتمع وال ع ادات المجتم ع‪ ،‬ولكن الب د أن نب دأ باألس اس العقائ دي‪ ،‬إذا ك ان ه ذا‬
‫األساس العقائدي واألساس الفكري‪ ،‬إذا كانت هذه المعلومة أو هذه القيمة ال تتعارض ال تي ي ؤمن‬
‫بها‪ ،‬أو العادة التي في المجتمع أو هذا السلوك ال يتعارض مع األس اس العقائ دي إذاً يُض من‪ ،‬أم ا‬
‫إذا كان يتعارض فهنا نقف ونقول‪ :‬البد أن تتكاتف هذه األسس األربعة‪ ،‬ما يكون هناك أساسا ً في ه‬
‫ضعف أو أن هناك أساسا ً ال يتناسب مع األساس اآلخر‪ ،‬إذاً األساس العقائ دي ه و المنطل ق األول‬
‫لواضع المنهج سوا ًء منهجا ً علميا ً كما ذكرنا‪ ،‬أو منهجا ً أدبياً‪ ،‬أو أي منهجا ً من المناهج‪.‬‬
‫يتبقى لدينا تساؤل؟! إذا كونا لجنة لبناء منهج وقلنا ‪-‬كما أسلفت ‪ -‬الب د أن نض ع األس اس األول‬
‫األساس العقائدي‪ ،‬هذه اللجنة هل األساس واضح لديها أم تبحث عنه؟ بمع نى أن ه ل ه ذا الفري ق‬
‫تكون هذه األسس موجودة لديه أو يبحث عنها؟‬
‫نق ول‪ :‬أنه ا تك ون موج ودة؛ ألن قب ل بن اء المنهج هن اك وثيق ة لبن اء المنهج‪ ،‬عن د بن اء المنهج‬
‫وتصميم المنهج يسبقه بناء وثيقة‪ ،‬الوثيقة هي التي فيها الخط وات‪ ،‬وفيه ا المنطلق ات‪ ،‬وفيه ا م اذا‬
‫يقدم للطالب من محتوى‪ ،‬وما هي أساليب التدريس التي س تطبق‪ ،‬وم ا هي المعلوم ات ال تي فيه ا‬
‫مدى وتتابع – كما إن شاء هللا سنتحدث عنه حينما نأتي إلى مكونات المنهج – البد أن هناك يوج د‬
‫وثيقة هذه الوثيقة الفريق الذي قام بتأليف هذه الوثيقة وبناءها الب د أن يك ون ل ديهم إلم ام ومعرف ة‬
‫باألساس العقائدي للمجتمع الذي سيقدم ل ه ه ذا المنهج‪ ،‬وبالت الي ف إن ه ذه الوثيق ة تراج ع وتحكم‬
‫حتى تصل إلى المرحلة النهائية‪ ،‬وتكون جاهزة ثم على ضوء ه ذه الوثيق ة يتم ت أليف المنهج‪ ،‬يتم‬
‫تأليف الكتب‪ ،‬يتم بناء الكتب وإنزالها في الميدان وفق هذه الوثيقة؛ بحيث أن المحتوى حينما ي أتي‬
‫الذي هو جزء من أج زاء المنهج يق دم للطالب يك ون مرتب ط ب المنهج‪ ،‬والمنهج مرتب ط بالوثيق ة‪،‬‬
‫والوثيقة مرتبطة باألساس العقائدي الذي يؤمن به هذا المجتمع الذي سيقدم له هذا المنهج‪.‬‬
‫دعونا نضرب مثال حتى تتضح الصورة‪ /‬لو قدمنا كمثال اآلن‪ ،‬نحن نقدم اآلن المناهج وط رق‬
‫التدريس كمادة‪ ،‬لها محتوى ولها منهج ولها أهداف هذه المادة‪ ،‬ليس أنها تقدم عش وائيا ً هك ذا‪ ،‬له ا‬
‫أهداف ولها محتوى ولها أساليب ولها تقويم‪ ،‬إذاً هذا المحتوى الموجود البد أن يك ون حينم ا يق دم‬
‫لطالب يؤمنون باهلل ربا ً وباإلسالم دينا ً وبمحمداً ‪ -‬صلى هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬نبي ا ً الب د أن يك ون‬
‫هذا المنهج بمحتواه ال يتعارض مع األساس العقائدي‪ ،‬فأنت إذا ق دمت منهج في ه خل ل عقائ دي أو‬
‫تن اقض عقائ دي هن ا أص بحت تالمس أو وقعت في إش كالية‪ ،‬أو وقعت في خط أ ب أن األس اس‬
‫العقائدي ال يؤمن بهذا‪ ،‬ولذلك أنت قدمت شيء يعارض هذا األساس‪.‬‬

‫كما أسلفنا أن المنهج له مفهوم ضيق أو مفهوم قديم (تقليدي) ‪ ،‬ومفهوم واسع ( مفهوم ح ديث) ‪،‬‬
‫وتحدثنا عن المنهج وفق التصور اإلسالمي‪ ،‬ثم دلفنا إلى األسس ال تي يب نى عليه ا المنهج‪ ،‬حينم ا‬
‫نبني أي منهج البد أن نبنيه على أسس أربعة‪.‬‬
‫وتحدثنا في اللقاء الماضي في الحلقة الثاني ة عن األس اس األول وه و األس اس العقائ دي أو بم ا‬
‫يسمى األساس الفلسفي‪ ،‬نذكر في هذا األساس بأنه اإلطار المرجعي الذي يبنى عليه التعاليم والقيم‬
‫والمبادئ التي يبنى عليها هذا المجتمع وفق هذا التصور الفلسفي أو هذا التص ور العقائ دي‪ ،‬وبم ا‬
‫أننا نحن نعيش في المجتمعات المسلمة حينما يبنى منهج يبنى على "األس اس العقائ دي"‪ ،‬ال نق ول‬
‫الفلسفي؛ ألن الفلسفة متغيرة وقابلة للنقد وقابلة أيضا ً للنقض‪ ،‬فنقول أساسا ً عقديا ً ألنه ا من العقي دة‬
‫المستمدة من كتاب هللا ومن سنة نبيه محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وآله وسلم ‪.‬‬
‫بينما في األمم األخرى كل على حسب الفلسفة التي يؤمن بها ‪ ،‬هن اك الفلس فة الواقعي ة‪ ،‬الفلس فة‬
‫المثالية‪ ،‬هناك الفلسفة االشتراكية‪ ،‬هناك الفلس فة الوجودي ة‪ ،‬هن اك الفلس فة البراغماتي ة‪ ،‬ك ل أم ة‬
‫تؤمن بفلسفة معينة تنعكس هذه الفلسفة على مناهجها‪.‬‬
‫إذاً نحن نؤمن باهلل ربا ً وباإلسالم دينا ً وبمحمداً – صلى هللا عليه وآل ه وس لم – نبي اً‪ ،‬إذاً "أساس ا ً‬
‫عقدي" إذاً تبنى مناهجنا على هذا األساس‪ ،‬ونستمد القيم والمبادئ والمفاهيم والمعلوم ات من ه ذا‬
‫األساس العقائدي الذي فيه التوحيد‪ ،‬وفيه عبادة هللا‪ ،‬وفيه أن النظرة لإلنسان والك ون والحي اة ب أن‬
‫{و َم‪66‬ا َخلَ ْقتُ‬
‫اإلنسان مخلوق ووجوده في هذه األرض لعمارتها وهو مأمور بعبادة هللا قال تع الى‪َ :‬‬
‫ُون} في ه ذا اإلط ار الع ام تؤس س المن اهج في المجتمع ات اإلس المية‪,‬إذاً‬ ‫ا ْل ِجنَّ َواإْل ِ ْن َ‬
‫س إِاَّل لِيَ ْعبُ‪6‬د ِ‬
‫حينما يقوم فريق ببناء منهج يعتمدون على هذا األساس الفلسفي‪.‬‬
‫ثم هن اك ننتق ل إلى األس اس الث اني‪ ،‬كم ا ذكرن ا أن هن اك أربع ة أس س‪/1 :‬األس اس العقائ دي‪،‬‬
‫‪/2‬األساس االجتم اعي وه و األس اس الث اني ال ذي س نتحدث عن ه في ه ذه الحلق ة‪ ،‬ثم ‪/3‬األس اس‬
‫النفسي‪ ,‬ثم ‪/4‬األساس المعرفي‪.‬‬
‫حديثنا في هذه المحاضرة عن‪:‬‬
‫‪ OO‬األساس الثاني‪ /‬األساس االجتماعي ‪:‬‬
‫ما هو المجتمع؟ ثم كيف يمكن أن يراعى المجتمع عند بناء المنهج؟ من الذي يؤثر باآلخر؟ ه ل‬
‫المنهج يؤثر ب المجتمع أم المجتم ع ي ؤثر ب المنهج؟ أم أن بينهم ا عالق ة تبادلي ة؟ ك ل منهم ا ي ؤثر‬
‫باآلخر‪ ،‬ما هي الثقافة؟ وما هي مكوناتها؟ ثقافة المجتمع ومكوناته تؤثر بالمنهج‪ ،‬فما هي الثقاف ة؟‬
‫هذه التساؤالت سنجيب عليها أثناء هذه المحاضرة فنقول مستعينين باهلل‪.‬‬
‫*تعريف األساس االجتماعي ‪:‬‬
‫[أنا سأعطي تعريفا ً وإال التعريفات كثيرة لألساس االجتماعي أذكر تعريفا مختصرا ]‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫[طبعا ً سأتحدث عن األساس االجتماعي في المجتمع المسلم المرتبط باألساس العقائدي السابق]‬
‫ه‪66‬و مجموع‪66‬ة القيم واألحك‪66‬ام ال‪66‬تي ج‪66‬اء به‪66‬ا الش‪66‬رع لتس‪66‬اعد اإلنس‪66‬ان على توجي‪66‬ه س‪66‬لوكه‬
‫االجتماعي إلى ما يقوي الروابط بين أفراد المجتمع ومؤسساته ويلبي حاجاته ويحل مشكالته‪.‬‬
‫المنهج يساعد في تقوية منظومة المجتمع‪ ،‬البد أن يساعد فيها‪ ،‬والبد أن يساعد المنهج على ح ل‬
‫مشكالت المجتمع‪ ،‬هناك مشكالت تعترض المجتمع‪ ،‬المنهج يساعد في حله ا من الج انب الوق ائي‬
‫أوالً‪ ،‬وكذلك من الجانب العالجي‪ ،‬فالمجتمع يُعوّل على المنهج‪ ،‬يع ول على المدرس ة ال تي تطب ق‬
‫هذا المنهج‪ ،‬والمؤسسات التربوية والتعليمية ال تي تطب ق المن اهج بأنه ا تس اعده في الرواب ط‪ ،‬في‬
‫تقوية الرواب ط بين أف راد المجتم ع‪ ،‬وجمعهم في بوتق ة واح دة‪ ،‬وبالت الي إلى تقوي ة ه ذا المجتم ع‬
‫وحمايت ه من االنح راف‪ ،‬وحمايت ه من المتغ يرات‪ ،‬وحماي ة أبنائ ه من المش كالت الطارئ ة‪،‬‬
‫والمشكالت التي قد تؤثر على سير المجتمع وقد تؤدي به إلى التفكك واالنحالل‪.‬‬
‫في أي مجتمع هناك فيه أسرة ‪" ،‬األسرة" هي موجودة في المجتمع كأول محض ن من محاض ن‬
‫التربية‪ ،‬هناك "المدرسة" في المجتم ع‪ ،‬هن اك "المؤسس ات التربوي ة" األخ رى‪ ،‬هن اك "المس جد‬
‫"في المجتمع‪ ،‬هناك "األندية الثقافية"‪ ،‬هناك "المؤسسات الثقافية"‪ ،‬هناك" اإلعالم" الموج ود في‬
‫المجتمع‪ ،‬كل هذه األمور مجتمعة تكون المجتمع‪.‬‬
‫إذاً يأتي دور المنهج بأنه يعزز قيم المجتم ع‪ ،‬يس اعد في تعزي ز قيم المجتم ع‪ ،‬يس اعد في تقوي ة‬
‫الروابط بين أفراد المجتمع‪ ،‬يساعد في حماية المجتمع‪.‬‬
‫أيضا ً يساهم المنهج في قضايا الثقافة ( ثقافة المجتمع) ‪ ،‬الهوية الثقافية للمجتم ع‪ ،‬بتقوي ة الهوي ة‬
‫الثقافية وتماسكها‪ ،‬متى ما تفككت هذه الهوية أصبح المجتم ع ب دون هوي ة‪ ،‬ف المجتمع كلم ا ك انت‬
‫هويته واحدة‪ ،‬مترابطة‪ ،‬متماسكة‪ ،‬ويعول كث يراً على المنهج‪ ,‬إذاً مص مم المنهج وواض ع المنهج‬
‫البد أن يراعي األساس االجتماعي الذي فيه قضايا المجتمع ومن ضمنها ثقافة المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬هناك عالم اس مه (رال‪66‬ف لنت‪66‬ون) تح دث عن الثقاف ة ال تي في داخ ل المجتم ع وقس م "األم‪66‬ور‬
‫الثقافية في المجتمع" إلى ثالث أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬العموميات‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الخصوصيات‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬البدائل والمتغيرات‪.‬‬
‫م ا هي ه ذه المكون ات الثالث ة؟ هي مكون‪66‬ات الثقافة ‪ ,‬أي مجتم ع في ه ثقاف ة المجتم ع هي في ه‬
‫عموميات وخصوصيات وبدائل ومتغيرات‪.‬‬
‫**القسم األول‪ :‬العمومي‪66‬ات ‪ /‬م ا هي العمومي ات في المجتم ع؟ وال تي الب د أيض ا أن يراعيه ا‬
‫المنهج‪ ,‬الحظوا أنه البد أن يراعي المنهج العموميات الموجودة في المجتمع ‪.‬‬
‫العموميات‪ /‬هي التي يؤمن بها معظم أو يطبقها معظم أفراد المجتمع‪ ،‬وسميت عموميات‪ /‬ألنه ا‬
‫موجودة في معظم شرائح المجتمع‪ ,‬من العادات والتقاليد والقيم‪.‬‬
‫*(أمثلة)‪ /‬أحيان ا ً قض ايا "الملبس"‪" ،‬اللغ‪66‬ة" لغ ة المجتم ع هي قض ية من العمومي ات‪ ،‬أي‬
‫مجتمع يكون له لغة‪ ،‬معظم أو جُل أفراد هذا المجتم ع لغتهم واح دة إذاً هي من العمومي ات‪ ،‬اللغ ة‬
‫توحد المجتم ع‪ ،‬وهي من عوام ل تماس ك المجتم ع‪ ،‬ومن أهم مكون ات الهوي ة الثقافي ة للمجتم ع‪،‬‬
‫فنحن نتحدث في المجتمع لغة واحدة‪ ،‬إذاً تراعي مناهجنا هذه اللغة وأن تعزز هذه اللغة‪ ،‬وتغ رس‬
‫هذه اللغة‪ ،‬فنحن إذا تحدثنا وقلنا أن هذا المنهج يطبق على مجتمع عربي إسالمي فإنه تراعى ه ذه‬
‫اللغة؛ ألنه ا من العمومي ات‪ ،‬وتع زز‪ ،‬وتحبب إلى الطالب‪ ،‬ويغ رس في المن اهج حب ه ذه اللغ ة‬
‫والدفاع عنها والتمسك بها؛ ألن هذه اللغة له ا ج ذور تاريخي ة في ه ذا المجتم ع‪ ،‬ف أي مجتم ع ل ه‬
‫ج ذور تاريخي ة‪ ،‬من ج ذوره التاريخي ة اللغ ة‪ ،‬نحن في المجتمع ات العربي ة المس لمة ج ذورنا‬
‫التاريخية اللغة‪ ،‬وليست أي لغة إنها (اللغ ة العربي ة) ال تي ج اء به ا الق رآن وتكف ل الق رآن بحف ظ‬
‫القرآن‪ ،‬والقرآن بهذه اللغة‪ ،‬إذاً اللغة توحد المجتمع وهي من العموميات‪.،‬‬
‫أيض ا ً ه ذه العمومي ات ت ؤدي إلى تماسك المجتم ع‪ ،‬ت ؤدي إلى تنمية المجتم ع ونم ط التفك ير‬
‫ومنهجية التفكير لدى هذا المجتمع‪ ،‬وتساعد هذه العمومي ات في النم ط الثق افي للمجتم ع‪،‬كم ا قلت‬
‫لكم منها الملبس وأحيانا ً "المسكن" واللغة أيض اً‪ ،‬وجمي ع ه ذه العوام ل ال تي ت ؤدي إلى تماس ك‬
‫المجتمع وهي من العموميات‪.‬‬
‫**القس‪66‬م الث‪66‬اني‪ :‬الخصوص‪66‬يات ‪ /‬م ا هي الخصوص يات؟ في ك ل مجتم ع خصوص يات‪ ،‬من‬
‫اسمها تتضح‪:‬‬
‫معناه‪66‬ا‪ /‬أنها ش ريحة من ش رائح المجتمع‪ ،‬طبق ة من طبق ات المجتمع‪ ،‬فئ ة من فئ ات المجتمع‪,‬‬
‫عندهم هذه الخصوصيات التي تكون نسيجهم الخاص‪ ،‬نحن عندنا نسيج اجتماعي لكن أيضا ً داخل‬
‫هذا النسيج أنسجة أو مكونات خاصة تسمى الخصوصيات‪.‬‬
‫*(أمثلة)‪ /‬أحيانا ً "الخصوصيات المهنية"‪ ،‬و"الخصوصيات الطبقية"‪" ،‬الخصوصيات المهنية"‬
‫مثل‪ :‬الخصوصيات المتعلقة ( بمجموعة المعلمين‪ ،‬المهندسين‪ ،‬األطباء)‬
‫أحيانا ً ؛ األطباء ‪ ،‬المهندسين‪ ،‬العمال في مصنع م ا‪ ،‬ال ذين يعمل ون في الط يران مثالً‪ ..‬يجمعهم‬
‫خصوصية واحدة من ض منها "الملبس"‪ ،‬من ض منها "بعض الع ادات العملي ة"‪" ،‬بعض األم ور‬
‫المتعلقة بعملهم" مختصين بها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كذلك األمور الطبقية المتعلقة بقضايا تحكمها أحيانا "التضاريس"‪ ،‬مثال مجتمع البادي ة‪ ،‬مجتم ع‬
‫الحاضرة‪ ،‬مجتمع الذين على البحار (السواحل)‪ ،‬يكون لهم خصوصيات معين ة؛ مثالً في الص يد‪،‬‬
‫أو مثالً في الزراعة‪ ،‬مثالً في الرعي‪ ،‬فهذه خصوصيات معينة داخل هذه المجتمع‪.‬‬
‫لكن نرجع ونقول أن العموميات تحاول تدمج هذه الخصوصيات‪ ،‬ولكن ال نستطيع أن نلغي هذه‬
‫الخصوصيات‪ ،‬إذاً المنهج يراعي هذه الخصوصية كما يراعي هذه العمومية‪.‬‬
‫*(مالحظ‪66‬ة مهمة)‪ /‬أن المنهج حينم ا نص مم منهج نق ول لمن ه ذا المنهج؟ ه ل ه و للعام ة أو‬
‫للخاصة؟ بمعنى هذا المنهج سيدرس في التعليم العام‪ ،‬سيدرسه كل الطالب في المرحلة االبتدائية‪،‬‬
‫في المرحلة المتوسطة والثانوية‪ ،‬أو أن ه ذا المنهج س يدرس مثالً في كلي ة الطب‪ ،‬كلي ة الهندس ة‪،‬‬
‫هذا المنهج خاص بكلية الزراعة مثالً‪ ،‬هذا المنهج خاص بالكليات العسكرية مثالً؛‬
‫إذاً لهم خصوص ية‪ ,‬الب د أن يك ون ه ذا المنهج ل ه خصوص ية ت راعي الخصوص ية الثقافي ة‬
‫للمستهدفين من المنهج‪ ،‬بمعنى أننا لو ص ممنا منهج ا ً لكلي ة الطب‪ ،‬القض ايا الموج ودة في المنهج‬
‫البد أن تراعي طبيعة عمل الطبيب‪ ،‬نعطيه عموميات بما يتعلق مثالً لو نريد أن نصمم منهج ا ً في‬
‫العلوم الشرعية مثالً نعطيه األشياء التي يحتاجها في حياته مثل‪ :‬الصالة وغيره ا مث ل العب ادات‪،‬‬
‫مثل ما يتعلق بفقه المعامالت‪ ،‬ولكن أيضا ً نراعي قضية تخصصه بأننا نضمن هذا المنهج القضايا‬
‫التي يحتاجها في عمله كطبيب‪ ,‬يحتاجها في عمله كمهندس‪ ،‬يحتاجها في عمله كفي الشرطة مثالً‪،‬‬
‫أو كفي السلك العسكري مثالً‪ ،‬هناك خصوصيات معينة واضعة للمنهج‪.‬‬
‫‪--‬ول ذلك هن اك تس اؤل؟؟ ه ل أي منهج يص لح ألي دارس؟ وأي طبق ة وأي مجتم ع؟ نق ول‪ :‬ال‬
‫المنهج يب نى على حس ب احتياج ات ه ذه الفئ ة‪ ،‬فهن اك منهج ألص حاب االحتياج ات الخاص ة‪،‬‬
‫أص حاب اإلعاق ات مثالً‪ ،‬هن اك منهج خ اص ب التعليم الع ام ال ذي يدرس ه غالبي ة أو ك ل طالب‬
‫المجتمع بالمستوى العام‪.‬‬
‫لكن هن اك من اهج للم دارس الخاص ة‪ ،‬أو ال تي كم ا ذك رت مثالً أص حاب ال ذين يحت اجون إلى‬
‫مناهج خاصة تراعي اإلشكاليات الموجودة عندهم مثالً‪ :‬للصم‪ ،‬للبكم‪ ،‬للذين يعانون من ص عوبات‬
‫تعلم‪ ،‬أو أحيانا ً ال ذين يع انون من اض طرابات عقلي ة معين ة‪ ،‬أو كم ا ذك رت من الفئ ات الخاص ة‬
‫لألطباء والمهندس ين والم زارعين ‪...‬الخ‪( ,‬المهم)‪ /‬أن ه ذا ي دخل من ض من الخصوص يات ال تي‬
‫يراعيها المنهج‪.‬‬
‫**القسم الثالث‪ :‬المتغيرات والبدائل‪/‬‬
‫المتغيرات والبدائل‪ :‬هي الطارئة‪ ،‬األشياء التي تكون طارئة‪ ،‬وال ت رقى إلى أنه ا تك ون خاص ة‬
‫بفئة معينة‪ ،‬وال ترقى أيضا ً بأن تكون من العموميات‪,‬‬
‫فأيضا ً المنهج يراعي هذه البدائل وهذه المتغيرات‪ ،‬بمعنى أن ه يعطي (ج وانب وقائي ة)‪( ,‬يع زز‬
‫بعض األش ياء) الب دائل والمتغ يرات ال تي تف د أوت أتي إلى المجتم ع وهي من الع ادات الحس نة‬
‫يعززها‪.‬‬
‫وبالمقابل جانب وقائي لهذه البدائل والمتغيرات التي تطرأ على المجتم ع‪ ،‬ح تى ال تن دس داخ ل‬
‫هذا المجتمع‪ ،‬ثم تصبح عادة‪ ،‬ثم تنتقل من الخصوصيات‪ ،‬ثم تنتقل إلى العموميات وال يغفل عنه ا‬
‫المنهج‪ ،‬وال يغفل عنها واضعو المنهج‪ ،‬وال يغفل عنها المعلمون (المنفذون لهذا المنهج)‪.‬‬
‫هناك متغيرات وبدائل تطرأ في المجتمع أحيان ا ً تك ون متغ يرات إيجابي ة وأحيان ا ً تك ون س لبية‪،‬‬
‫مثل‪ /‬قضايا اللباس‪ ،‬وقضايا العادات‪ ،‬وقضايا بعض القيم‪ ،‬وبعض م ا يتعل ق ب الملبس‪ ،‬م ا يتعل ق‬
‫بعادات األكل‪ ،‬ما يتعل ق بع ادات الس كن‪ ،‬م ا يتعل ق بع ادات ليس ت موج ودة في المجتم ع‪ ،‬ب دائل‬
‫( متغيرات ) هي أساسا ً غير موجودة في المجتمع ‪ ،‬طرأت على المجتم ع نتيج ة وس ائل اإلعالم‪،‬‬
‫نتيج ة االحتك اك‪ ،‬نتيج ة ظ اهرة العولم ة مثالً‪ ،‬هن ا يق ف المنهج ‪ ،‬وتطبيق ات المنهج تس اعد في‬
‫تعزيز االيجابيات التي تدخل للمجتمع‪ ،‬وفي الحصانة والوقاية ض د المتغ يرات ال تي ت أتي وت ؤثر‬
‫في المجتمع‪.‬‬
‫**العالقة التبادلية بين المنهج وبين المجتمع‪:‬‬
‫‪‬المنهج يحاف ظ على العقي دة اإلس المية[إذا قلن ا مجتم ع إس المي] ال تي تتض من القيم واألخالق‬
‫والمبادئ التي يؤمن بها أفراد هذا المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬المنهج يساعد في صون حقوق المواطن وحفظ كرامت ه وال دفاع عن حريت ه بتط بيق ش رع هللا‬
‫القويم في جميع مجاالت الحياة‪.‬‬
‫‪‬المنهج يحقق حاجات المجتمع بحماية ثرواته الطبيعية وإنمائها والمحافظة عليها لألجيال قادمة‪.‬‬
‫‪ ‬أن يساهم المنهج في توعية الطالب بالخدمات العامة مثالً هناك خ دمات عام ة ومراف ق عام ة‬
‫يستفيد منها كل أفراد المجتمع‪ ،‬يساهم المنهج في إكساب الطالب قيم المحافظ ة على ه ذه األش ياء‬
‫العامة‪ ،‬مثل‪ :‬الحدائق والمالعب التي يرتادها الناس هي مشاعة لجميع أفراد المجتمع‪.‬‬
‫‪‬غرس قيم التكافل االجتماعي بين أبن اء المجتم ع‪ ،‬مث ل‪ :‬اإلحس ان إلى الج ار‪ ،‬والتع اون‪ ،‬كفال ة‬
‫اليتيم‪ ،‬مساعدة الضعيف‪ ،‬إعان ة المحت اج‪ ،‬نص رة المظل وم‪ ،‬إغاث ة المله وف [ه ذه قيم اجتماعي ة‬
‫طبع اً]‪ ،‬ف المنهج ب دوره يس اعد في بثه ا بين أف راد المجتم ع وتعزيزه ا وتقويته ا والحث عليه ا‬
‫وإكسابها الطالب من خالل المحتوى الذي يقدمه هذا المنهج‪.‬‬
‫‪‬إبراز أهمية العمل واإلنتاج؛ وأن المجتمع يكون مجتمعا ً منتجا ً وال يكون مجتمعا ً مستهلكاً‪ ،‬وهذا‬
‫من خالل المنهج يحتاج إلى أن المنهج يعزز هذه القيمة‪ ،‬بأن قيمة اإلنت اج‪ ،‬وقيم ة المحافظ ة على‬
‫الوقت‪ ،‬وقيمة تقدير اآلخرين‪ ،‬واحترام اآلخرين‪ ،‬هذه مجموعة قيم موج ودة في المجتم ع‪ ،‬المنهج‬
‫يساعد في تعزيزها وتقويتها‪.‬‬
‫‪‬أيضا ً في تطوير المعارف ونش ر الثقاف ة العام ة بين أف راد المجتم ع من خالل وس ائل االتص ال‬
‫المتطورة‪ ،‬واآلن أصبح في المجتمع وسائل متطورة‪ ،‬وسائل إعالمية متطورة‪ ،‬توظ ف في خدم ة‬
‫المجتمع‪ ،‬يأتي المنهج بدوره بأنه يعزز هذه األشياء بأنه ي دعو إليه ا‪ ،‬بأن ه ينمي مه ارات التفك ير‬
‫لدى الطالب بأنهم كيف يوظفون هذه الوسائل في خدمة المجتمع؟ وفي تماسك المجتمع‪.‬‬
‫الحظوا أننا ندور في األساس االجتم اعي‪ ،‬وك ل ه ذه القض ايا خاص ة في األس اس االجتم اعي‬
‫للمنهج‪ ،‬ماذا يريد المجتمع من المنهج؟ وماذا يريد المنهج من المجتمع؟‬
‫عالقة تبادلي ة‪ ،‬المجتم ع يع ول على المنهج بأن ه كم ا ذك رت يس اعد في تماس ك المجتم ع‪ ،‬في‬
‫غ رس القيم والتقالي د الموج ودة في المجتم ع‪ ،‬ك ذلك المنهج يحت اج من المجتم ع بأن ه يطب ق ه ذه‬
‫األشياء المذكورة في المنهج‪ ،‬ويحتاج أيض ا ً إلى أن ه يُعطى تقويم ا ً ويعطى تغطي ة راجع ة للمنهج‬
‫بحيث أن المنهج يكون مصاحب للتغيرات التي تحدث في المجتمع‪.‬‬
‫**ولو ضربنا مثاالً وقلنا‪ /‬هل يمكن أن نقرر منهجا ً على المجتمع في العص ر الحاض ر‪ ،‬وه ذا‬
‫المقرر مقرر قبل خمسين سنة على نفس المجتمع؟‬
‫بالطبع ال‪ ،‬لماذا؟ ألن هناك تطورات حدثت في المجتمع‪ ،‬هن اك قض ايا ح دثت خ ارج المجتم ع‬
‫أث رت ب المجتمع‪ ،‬إذاً ال يمكن أن يثبت المنهج‪ ،‬الب د أن المنهج يخض ع للتط وير‪ ،‬وقب ل التط وير‬
‫التقويم‪ ،‬هل هذا المنهج يساهم أو يحقق ما يريده المجتمع؟‬
‫هذه الب د أن المنهج يخض ع لعملي ة تق ويم‪ ,‬ن ري حاج ات المجتم ع!! ‪ ،‬م اذا يري د المجتم ع من‬
‫المنهج؟ ثم نعم ل ه ل يحققه ا؟ إذا لم يحققه ا نط ور ه ذا المنهج‪ ،‬ونع دل ه ذا المنهج بم ا يحتاج ه‬
‫المجتمع؛ ألن المجتمع أي مجتمع معرض للمتغيرات‪ ،‬واآلن ونحن في العص ر الحاض ر ال يمكن‬
‫أن تعزل المجتم ع‪ ،‬ال يمكن أن نع زل المجتم ع أي مجتم ع عن عالم ه الخ ارجي‪ ،‬أص بح الت أثير‬
‫والتبادل واالحتكاك أكثر‪ ،‬وأصبح كما يقال العالم كأنه قرية واحدة أو كأنه مجتمع واحد‪،‬‬
‫ولذلك يبقى دور المنهج في حماية هذا المجتمع‪ ،‬في تعزيز قيم هذا المجتمع‪ ،‬في إب راز قيم ه ذا‬
‫المجتمع‪ ،‬ويبقى المنهج في مراقبة المتغيرات التي تحدث في المجتم ع كم ا أس لفت إذا ك انت ه ذه‬
‫المتغيرات جيدة أو التي أتت إلى المجتمع نتيجة هذا االحتكاك مناسبة فإنه يعززها‪.‬‬
‫إذاً‪ /‬هل يبقى المنهج ويثبت سنوات طويلة؟‬
‫نقول‪ :‬ال‪ ،‬البد أن يخضع المنهج للتقويم والتطوير‪ ,‬ويساهم المجتمع في تط وير ه ذا المنهج من‬
‫خالل التغذي ة الراجع ة ال تي يق دمها أف راد المجتم ع له ذا المنهج‪ ،‬ومن أف راد المجتم ع‪( :‬أولي اء‬
‫األم ور‪ ،‬والمؤسس ات التربوي ة األخ رى‪ ،‬والمؤسس ات المختص ة ب البحث العلمي‪ ،‬والجامع ات‪،‬‬
‫واألبحاث العلمية ‪...‬وغيرها) تساهم في تق ويم ه ذا المنهج بأنه ا ت درس حاج ات المجتم ع وتق وم‬
‫المناهج في ضوءها‪.‬‬
‫إذن نختم ونقول‪ /‬أن األساس الثاني من أسس بناء المنهج هو (األساس االجتماعي)‪ ،‬واألس اس‬
‫االجتماعي هو من األسس التي الب د أن يراعيه ا واض ع المنهج‪ ،‬بحيث يس اعد المنهج في تراب ط‬
‫المجتمع‪ ،‬وفي إبراز هوية المجتمع‪ ،‬وحماية المجتمع‪ ،‬وتعزيز القيم الموجودة داخل المجتمع‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحلقة ( ‪ ) 4‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الزال حديثنا عن المناهج وطرق التدريس العامة ‪ ،‬وكما ذكرنا في حلق ات ماض ية أن مقررن ا‬
‫هذا هو عبارة عن شقين الشق األول‪ /‬هو المناهج‪ ,‬والشق اآلخر‪ /‬طرق التدريس‪.‬‬
‫وك ان ح ديثنا في البداي ة عن (مفه وم المنهج) ثم انتقلن ا إلى (أس س بن اء المنهج) وتح دثنا عن‬
‫أساسين من أسس بناء المنهج ؛ األساس األول‪ /‬وهو (األساس العقائدي) وهو ما يس مى باألس اس‬
‫(الفلسفي) أو يسمى تسمية أخرى هو األساس (الفكري) ‪ ،‬ثم انتقلنا بعده إلى (األساس االجتماعي)‬
‫‪.‬‬
‫وكما ذكرنا أن المنهج يبنى على أسس أربع ة‪/1 :‬األس اس العقائ دي وتح دثنا عن ه ‪/2 ،‬األس اس‬
‫االجتماعي أيضا ً تحدثنا عنه ‪ ،‬ثم ‪/3‬األساس النفسي ثم ‪/4‬األساس المعرفي ‪.‬‬
‫سيكون حديثنا في هذه الحلقة عن األساس الثالث وهو ‪:‬‬
‫‪ OO‬األساس الثالث‪ /‬األساس النفسي ‪:‬‬
‫ماذا يعنى باألساس النفسي؟ ماذا نقص د باألس اس النفس ي عن د بن اء المنهج؟ م اذا يُقص د بكلم ة‬
‫(النفس)ِ؟ تساؤالت كثيرة؟!! ‪ ،‬ما هي األشياء التي البد أن يراعيها مصمم المنهج عند بناء المنهج‬
‫وهي متعلقة باألساس النفسي؟ هل لقضايا النمو ( النمو الجسمي ‪ ،‬النم و العقلي ‪ ،‬النم و النفس ي ‪،‬‬
‫النمو االجتماعي) له عالقة بالمنهج ؟‬
‫نعم له عالقة‪ ,‬ولذلك أساس من أسس المنهج األربعة هو األساس النفسي الذي له عالق ة ب النمو‬
‫العقلي له عالقة بالدوافع له عالقة بالميول له عالقة بالحاجات له عالقة بالقدرات كل هذه األم ور‬
‫تكون نصب عيني مصمم المنهج ‪.‬‬
‫‪ -‬لو طلبت منك أن تصمم منهج ا ً في الفق ه مثال ‪,‬ه ل ت ذهب وتص مم المنهج ؟ ال يمكن ذل ك ؛ الب د أن‬
‫تسأل لمن هذا المنهج؟ البد أن أعرف من الذي سيدرس هذا المنهج و س يكون بين ي دي من؟ حينم ا أق ول‬
‫لك إن هذا المنهج سيقدم لطالب في الصف السادس االبتدائي‪ ,‬ستسأل س ؤال آخ ر؛ في أي مجتم ع ؟ ه ل‬
‫هو من المجتمع السعودي أو المجتمع المصري أو المجتمع الليبي أو غير ذلك!! الب د أن تس أل ألن ك في‬
‫سؤالك راعيت المجتمع "األساس االجتماعي"‪ ,‬وبالتالي حينما أقول (الفقه) بالطبع راعيت في ه "األس اس‬
‫العقائدي" ألنه فقه ولمجتمع مسلم ‪. .‬‬
‫حينم ا أق ول لطالب الص ف الس ادس‪ ،‬الب د أن يك ون ل دى مص مم المنهج معرف ة ووعي ت ام‬
‫بخص ائص ه ذه المرحل ة بخص ائص طالب الص ف الس ادس‪ ,‬إذا لم يع رف خصائص هم النفس ية‬
‫ويعرف حاجاتهم وميولهم وقدراتهم وإمكانياتهم س يخرج المنهج جاف ا ً ربم ا يك ون عقيم ا ً ربم ا ال‬
‫يؤدي أو ال يحقق األهداف المرسومة من أجله ‪.‬‬
‫إذن البد أن يدرس واضع المنهج "الجانب النفسي" لدى المتعلم قدراته إمكانيات ه ه و ط الب في‬
‫الصف األول أو طالب في الصف الثالث أو ط الب في الجامع ة أو ط الب في الدراس ات العلي ا أو‬
‫طالب في المرحلة الثانوية‪ ...‬كل مرحلة وكل عمر له قدراته له إمكانياته له حاجاته ل ه مي ول ل ه‬
‫رغبات له قدرة على أن يتقبل هذه المعلومة أو ال يتقبلها‪.‬‬
‫فمثالً‪ /‬أطرح هذا التساؤل؟!! ه ل يمكن أن نق دم لطالب في الص ف األول االبت دائي أو الص ف‬
‫الثاني "مفاهيم مجردة" ؟! مثالً هل يمكن أن أدرس طالب في الصف الث اني عن "الحلم و األن اة"‬
‫؟!‬
‫أو أبدأ له بالمفاهيم الحسية الملموسة ك أن أق ول "س يارة" ك أن أق ول "قلم" ب الطبع إدراك ه ذا‬
‫الطالب في هذا المستوى ال ي درك األش ياء المعنوي ة المج ردة‪ ,‬إذاً ت ؤخر يؤخره ا واض ع المنهج‬
‫حتى ينضج نفسيا ً وينضج عقليا ً حتى يستطيع أن يدرك هذه المفاهيم ‪.‬‬
‫تساؤل‪ /‬ولعلي أطرح تساؤل ثم أجيب‪ ،‬هل هناك عالقة بين هذه األسس األربع ة أو ك ل أس اس‬
‫منعزل عن اآلخر ؟‬
‫هذه األسس بينها عالقة مترابطة (األساس العقائدي‪ ,‬األساس االجتماعي‪ )...,‬ال يمكن أن تع زل‬
‫أساسا ً عن أساس آخر‪ ،‬لكن لكل أساس طبيعة ومكونات البد أن يراعيها واضع المنهج ‪.‬‬
‫إذن البد أن يراعي األساس النفسي وتعرفون أن مراحل النمو ( تبدأ حينما يدخل المدرسة مثالً‬
‫مرحلة الطفولة ‪ ،‬الطفولة المتأخرة ‪ ،‬المراهقة ‪ ،‬بداية المراهقة ‪ ،‬المراهقة المتأخرة فترة الشباب )‬
‫فترات معينة يعيشها اإلنسان وكل فترة فيها جوانب نفسية معينة‪ ،‬فيها إمكانيات وقدرات؛ ال أحمل‬
‫الطالب فوق ما يطيق‪.‬‬
‫ً‬
‫كذلك مثالً نرجع لمثال القض ايا الفقهي ة‪ /‬ألفت كتاب ا للص ف الس ادس ه ل يمكن أن تض من ه ذا‬
‫الكتاب قضايا فقهية عميقة؟! أوقضايا فقهية خالفي ة؟! ال يمكن أن ي دركها ه ذا المتعلم!!‪ ،‬الب د أن‬
‫أختار له ما يناسبه وما يتماشى مع الجانب النفسي لديه‪.‬‬
‫** مرجع ‪ /‬هذا الكتاب أعرضه لكم في ه ذه المحاض رة ه و ( أس‪66‬س بن‪66‬اء المن‪66‬اهج التربوي‪66‬ة‬
‫وتصميم الكتاب التعليمي) هو لمؤل ف اس مه‪ /‬محم‪66‬د الخوال‪66‬ده ‪ ,‬من جامع ة ال يرموك طبعت ه دار‬
‫المسيرة ‪.‬‬
‫المحاضرة مقتبسة نصيا ً من محاضرات مقرر مناهج وطرق تدريس للدكتور محمد شد ّيد‬
‫البشري ‪ ،‬الطبعة األولى‬

You might also like