You are on page 1of 80

‫د‪.

‬خديجة حيدر نوري‬

‫علم النفس المعرفي‬

‫المرحلة الرابعة‬
‫قسم علم النفس ‪/‬كلية اآلداب‬

‫د‪ .‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪1‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الفصل االول‬
‫مقدمة الى عمم النفس المعرفي‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫منذ اكثر مف الفي عاـ اىتمت البشرية بالمعرفة وعمميات االنتباه واالدراؾ والتذكر‬
‫واالستيعاب وانشطة الفكر المختمفة والتي بدأىا اليونانيوف امثاؿ افالطوف وارسطو‬
‫وكذلؾ المسمموف وتواصؿ االىتماـ بيا مف قبؿ الفالسفة والمفكريف خالؿ القروف‬
‫المتعاقبة ‪.‬وبعد اف استقؿ عمـ النفس عف الفمسفة(<‪)9;:‬اتخذ البحث في ىذه المواضيع‬
‫مناحي مختمفة حيث ركز العمماء والباحثوف عمى ىذه الموضوعات تبعا الختالؼ طرائؽ‬
‫البحث النفسي عف طرائؽ البحث الفمسفي الف المعرفة ومعالجتيا واكتسابيا وتخزينيا‬
‫وتنظيميا وتطويرىا وتوظيفيا واالستفادة منيا تشكؿ االساس الذي يحكـ النشاط‬
‫االنساني‪ .‬لذلؾ فعمـ المعرفة ىو عمـ ييتـ بدراسة بنية العمميات العقمية الذكية وانشطة‬
‫التفكير والمعالجة المطموبة في االدراؾ والتذكر وحؿ المشكالت وآليات اجراء ىذه‬
‫العمميات وتنفيذىا‪.‬ويشكؿ مصطمح المعرفة المظمة لجميع العمميات المعرفية‬
‫العميا‪.‬فاالىتماـ بيا ليس مقصو ار عمى عمـ النفس المعرفي فحسب‪,‬بؿ تشارؾ فيو عدة‬
‫تخصصات اخرى مثؿ عمـ النفس العصبي والفسيولوجي والطب والبيولوجيا وعموـ‬
‫االتصاالت والحاسوب‪.‬‬
‫ولقد وضع نايسر ‪ Neisser‬تعريفا لعمـ النفس المعرفي بانو يعنى بجميع العمميات‬
‫العقمية التي يمارسيا الفرد عندما يستقبؿ المعمومات ويعالجيا ويرمزىا ويخزنيا ثـ‬
‫يسترجعيا عند الحاجة‪ .‬وليذا فأنو يتضمف مدى واسعا مف العمميات العقمية ابتداءا مف‬
‫االحساس واالدراؾ وعمـ االعصاب والتعرؼ عمى النمط واالنتباه والتعميـ والذاكرة وتكويف‬
‫المفاىيـ والتفكير والتخيؿ والمغة والذكاء والعواطؼ وعمميات النمو المعرفي‪,‬فيو بذلؾ‬
‫يمس جميع جوانب النشاط االنساني بمختمؼ اشكالو ‪ ،‬فمعمـ المعرفة استخدامات تطبيقية‬
‫كثيرة مثؿ مماثمة العمميات المعرفية بالحاسب االلي والتحميالت المنطقية‪.‬بينما يعتمد عمـ‬

‫‪2‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫النفس المعرفي بشكؿ كبير عمى االساليب الفنية التجريبية التي نمت كثي ار في المجاؿ‬
‫السموكي في عمـ النفس بيدؼ دراسة السموؾ‪.‬اف دراسات وابحاث ابنكياوس‬
‫‪ )9<9<-9;89( Ebbinghous‬في مجاؿ كيفية حدوث العمميات المعرفية لتفسير‬
‫السموؾ االنساني ليا دور في تاسيس عمـ النفس المعرفي كفرع مف فروع عمـ النفس فيما‬
‫بعد‪,‬اضافة الى اعماؿ جاف بياجيو‪ Piaget‬حوؿ النمو المعرفي لدى الطفؿ‪.‬‬
‫وقد تزايد نمو عمـ النفس المعرفي سريعا اعتبا ار مف ‪ 9<89‬اذ ظير مصطمح عمـ‬
‫النفس المعرفي في دراسات بالؾ ورامسي في كتاب (االدراؾ مدخؿ الى الشخصية)‪.‬‬
‫وفي عاـ ‪ 9<81‬تعرض غاردنر ‪ Gardener‬الى تصنيؼ االساليب المعرفية التي‬
‫تطورت فيما بعد‪.‬‬
‫كما اشار كؿ مف كيكاف ‪ Kegan‬وموس ‪ Moss‬وسيجؿ ‪ Sigel‬عاـ‪ 9<91‬الى اف‬
‫االسموب المعرفي ىو اسموب االداء الثابت نسبيا الذي يفضمو الفرد في تنظيـ مدركاتو‬
‫وتصنيؼ مفاىيـ البيئة الخارجية ‪.‬‬
‫فبواسطة الدراسة المعرفية يتطمع عمماء النفس المعرفي الى فيـ الممارسات اليومية‬
‫مستمرة حيث تشترؾ فييا العديد مف العمميات المعرفية‬ ‫لمختمؼ االنشطة بصفة‬
‫مثؿ‪:‬االنتباه‪,‬واالدراؾ‪,‬والتفكير‪,‬والتذكر‪,‬وحؿ المشكالت‪,‬والتعمـ والعمميات االرتقائية‪.‬‬
‫لقد نما عمـ النفس المعرفي وتطور سريعا في بداية الخمسينات ‪،‬لكف البدايات‬
‫الحقيقية كانت بعد ظيور كتاب نايسر‪ Neisser9<9:‬بعنواف عمـ النفس المعرفي‬
‫الذي تمى كتاب اندرسوف وزمالئو عف العمميات المعرفية الذي صدر عاـ‪.9<91‬ثـ ظير‬
‫عمـ جديد شبيو بعمـ النفس المعرفي يسمى العمـ المعرفي‪Cognitive Science‬‬
‫عاـ‪,9<<9‬واشار سولسو في كتابو عمـ النفس المعرفي‪ Cognitive Psychology‬انو‬
‫عمـ يشمؿ ثالث مجاالت عي‪:‬عموـ الحاسوب‪,‬والعموـ العصبية‪,‬وعمـ النفس المعرفي‪.‬‬
‫اما التطور الذي اعتبر بمثابة الثورة المعرفية كاف في الثمانينات مف القرف العشريف‪.‬وىو‬
‫ما عبر عنو ىاورد غاردنر في كتابو(تاريخ الثورة المعرفية‪ )9<;8‬موضحا فيو نواة ىذا‬

‫‪3‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫العمـ الذي يضـ عمـ النفس وعموـ الحاسوب والربط بيف المجاليف عف طريؽ التقنيات‬
‫المعموماتية يتـ بواسطة ما سمي بالمعرفية‪.‬‬
‫ويرى ىنت ‪9<;< Hunt‬اف تعريؼ عمـ النفس المعرفي ىو‪:‬الدراسة العممية التي‬
‫تحاوؿ فيـ طبيعة الذكاء االنساني والكيفية التي يفكر بيا االنساف‪.‬‬
‫اف موضوع عمـ النفس المعرفي ىو الدراسة العممية‬ ‫ويوضح سولسو ‪Solso9<<9‬‬
‫لمكيفية التي نكتسب بيا معموماتنا عف العالـ‪,‬والكيفية التي تتمثؿ بيا ىذه المعمومات‬
‫وتحوليا الى عمـ ومعرفة‪,‬وكيفية االحتفاظ بيا واستخداميا وتوظيفيا في اثارة انتباىنا‬
‫وسموكنا‪.‬‬
‫اف ليذا العمـ ماضي قريب ولكنو بالوقت نفسو لو بدايات قديمة‪,‬وسوؼ نتعرؼ فيما‬
‫يمي الى تمؾ البدايات‪.‬‬
‫بدايات عمم النفس المعرفي‪:‬‬
‫بدأ اال ىتماـ بالمعرفة االنسانية منذ عيد االغريؽ مف خالؿ مناقشتيـ لطبيعة واصؿ‬
‫المعرفة كأفالطوف وارسطو وكانت ىذه المناقشات الجدلية فمسفية في المقاـ االوؿ مف‬
‫حيث طبيعتيا ‪,‬وكاف الموقفاف المفسراف ليا يعبراف عف التجريب والفطرية‪.‬‬
‫وخالؿ القروف السابع عشر والتاسع عشر اشتد الجدؿ بيف الفالسفة االنكميز حوؿ‬
‫النظرة الواقعية لممالحظة والتجريب وبيف الطرؼ االخر مف الفالسفة المؤيديف لوجية‬
‫النظر الفطرية‪,‬وكانت ىذه المناقشات تقوـ عمى اساس فمسفي‪,‬واستمر الجدؿ والمناقشات‬
‫الفمسفية مدة طويمة تطورت خالليا عموما بشكؿ ممحوظ مثؿ الفمؾ والطبيعة والكيمياء‬
‫واالحياء اال اف ىذا التطور لـ يصاحب اية مالحظة لتطبيؽ المنيج العممي لفيـ المعرفة‬
‫االنسانية ولـ يجد ىذا الفيـ مكانا حتى نياية القرف التاسع عشر حيث كاف يبدو قبؿ‬
‫ذلؾ اف الطبيعة االنسانية غير قابمة لمتحميؿ العممي‪,‬وكاف عمـ النفس المعرفي يتمركز‬
‫حوؿ الذات واالساطير واالبحاث المشوشة نحو طبيعة النفس البشرية ‪.‬وخالؿ اكثر مف‬
‫مئة عاـ االخيرة تـ الوقوؼ عمى اف المعرفة االنسانية يمكف اف تكوف موضوعا لمدراسة‬
‫العممية اكثر مف كونيا تأمالت فمسفية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ففي المانيا اسس فونت عاـ <‪9;:‬اوؿ معمؿ لعمـ النفس وكاف ىذا العمـ ىو عمـ‬
‫النفس المعرفي مقارنة بالفروع الرئيسية االخرى لعمـ النفس‪,‬وقد استخدـ فونت وتالميذه‬
‫وجانب كبير مف عمماء عمـ النفس طريقة االستبطاف وىي طريقة منيجية ‪,‬وكاف‬
‫الفاحصوف مف ذوي التدريب العالي المستوى يقدموف التقارير عف مضموف الشعور لدييـ‬
‫(محتويات وعييـ) مف خالؿ ظروؼ او شروط تجريبية مضبوطة بعناية و دقة ‪ ,‬وقد‬
‫أسس فونت مبدأ مراقبة الذات ‪ ،self-observation‬حيث يتأمؿ الفرد ما يدور بداخمو‬
‫مف عمميات عقمية ثـ يقوـ بوصفيا فو اًر وبشكؿ مباشر دوف أي تأخير وقبؿ ممارسة أية‬
‫أنشطة أخرى خارج موضوع التجربة‪ .‬وكانت االعتقادات السائدة في ذلؾ الوقت أنو‬
‫ينبغي إخضاع محتويات العقؿ والعمميات العقمية لممالحظة الذاتية‪ .‬ولذا فإف التفسيرات‬
‫التي كانت تقدـ لمعمميات المعرفية ‪ ،‬ىي مالحظات تـ التوصؿ الييا مف خالؿ التقارير‬
‫االستبطانية‪.‬‬
‫لقد انشعؿ عمماء النفس االمريكيف االوائؿ بما اطمقوا عميو اسـ (االستبطاف) الف‬
‫عمـ النفس االستبطاني لفونت لـ يكف مقبوال بدرجة كبيرة في امريكا‪ ,‬واف االستبطاف‬
‫لدى االمريكييف لـ يكف بمعنى التحميؿ الدقيؽ والمكثؼ لمحتويات الذىف كما فعؿ‬
‫االلماف ‪ ,‬فانشغؿ العديد مف عمماء النفس االمريكيف في ذلؾ الوقت بموضوع التعميـ كما‬
‫اف الحاجة كانت موجية الى عمـ نفس الطفؿ‪.‬‬
‫وفي اوربا قدمت المعامؿ (المختبرات) انماطاً مختمفة مف تجارب االستبطاف بالوقت‬
‫الذي كاف يتـ فيو تجاىؿ عممية االستبطاف خالؿ القرف التاسع عشر ‪ ,‬وقد بدا واضحا‬
‫مف تجارب المعامؿ المختمفة اف ىذه الطريقة التعطي رؤية واضحة بالنسبة لالعماؿ او‬
‫العمميات التي تتـ في الذىف ولـ يكف الكثير مف االعماؿ الميمة في الوظائؼ العقمية‬
‫واضحة نسبة لمخبرة الشعورية‪ ..‬وفي القرف العشريف ولعدـ الصمة والتناقضات الواضحة‬
‫في طريقة االستبطاف ‪,.‬وبسبب ىذيف العامميف فقد تـ بيما وضع االساس العممي لمثورة‬
‫السموكية في عمـ النفس االمريكي ‪ .‬تمؾ التي حدثت عاـ ‪ 9<99‬فقد بدأ جوف واطسوف‬
‫وعمماء نفس سموكيوف اخروف ىجوما عمى االستبطاف وعمى كؿ محاولة لتطوير نظرية‬

‫‪5‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫عف العمميات العقمية واعتماد السموكية في اىتماميا بصورة كاممة بالسموؾ الظاىر وعدـ‬
‫محاولة تحميؿ االعماؿ او العمميات الذىنية التي تقع وراء ىذا السموؾ‪.‬‬
‫لقد خمى البرنامج التجريبي السموكي لمدة ‪ 19‬عاما مف أي بحث جاء في المجاؿ‬
‫المعرفي‪ ،‬وتـ استبداؿ التعمـ االنساني بالتعمـ الحيواني‪ ،‬وصار التركيز منصباً عمى‬
‫الكشؼ عف المبادئ التي تحكـ التعمـ الحيواني ومف ثـ استخداميا في تفسير التعمـ‬
‫االنساني ‪،‬وقد تـ أكتشاؼ الكثير مف المبادئ‪ ،‬ولكف القميؿ مما تـ اكتشافو يتناسب مع‬
‫عمـ النفس المعرفي‪.‬‬
‫لقد كاف عمـ النفس المعرفي يمثؿ موضوعا نشطا في البحث في المانيا وقد فقد الكثير‬
‫منو عندما ىاجر عدد مف عمماء النفس االلماف الى امريكا وجمبوا معيـ نظرية الجشطمت‬
‫وكاف عالـ النفس االمريكي تولماف الذي شارؾ بكثير مف االفكار عف عمـ النفس‬
‫المعرفي الحديث ‪،‬يقوـ ايضابتجاربو عمى تعميـ الحيوانات وتحدث بمغة السموكية‬
‫‪,‬واستطاع عمماء النفس السموكييف االمريكاف اف يتناولوا مثؿ ىذا الموقؼ والتمسؾ بو‬
‫عمى المدى الطويؿ الف االستبطاف اثبت انو اليعتمد عميو في الثبات ‪,‬اف ذلؾ اليعني‬
‫انو مف المستحيؿ تطوير نظرية لمبناء العقمي الداخمي وعممياتو‪ ,‬ومع ذلؾ فاف بناء‬
‫نظرية في البناء الداخمي تجعؿ مف فيـ الكائف البشري اكثر سيولة ‪ ,‬وشيد عمـ النفس‬
‫المعرفي خالؿ الجزء االخير في القرف العشريف اف تحميؿ العمميات الفكرية المعقدة‬
‫ضروريا وايضا الفروض الخاصة بالبناءات العقمية والعمميات الخاصة بيا‪.‬‬
‫الجذور الفمسفية لعمم النفس المعرفي‬
‫اف االسس الفمسفية لعمـ النفس المعرفي تستند عمى كتابات بعض الفالسفة اليونانييف‬
‫امثاؿ ارسطو وأفالطوف حيث ناقشوا موضوعات تتعمؽ بالمعرفة واصوليا وطرؽ‬
‫الوصوؿ الييا ‪,‬كما تناولوا طرؽ االستدالؿ ومحتويات العقؿ وموضوعات اخرى مثؿ‬
‫االدراؾ والذاكرة ‪.‬ويرى ارسطو اف المالحظة واستعماؿ الحواس ىي السبيؿ لموصوؿ الى‬
‫المعرفة ‪,‬كما اف قوانيف الفكر وبخاصة قانوف االقتراف تشكؿ لديو االساس الذي يقوـ‬
‫عميو االتجاه االرتباطي في عمـ النفس الحديث ‪,‬ويتضح اف ارسطو يركز عمى دور‬

‫‪6‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫البيئة واىمية الخبرة في تطور العقؿ وزيادة محتوياتو كما تشكؿ المالحظة الحسية في‬
‫نظرة االداة التي تستخدـ في اكتساب المعرفة الصادقة وتطويرىا ‪.‬‬
‫أما افالطوف يرى اف المعرفة تولد مع االنساف وىي موجودة في العقؿ وليست مكتسبة‬
‫‪ ,‬وينحصر دور التعمـ في تسييؿ ظيور ىذه المعرفة والكشؼ عنيا واف التفاعؿ مع‬
‫البيئة يساعد العقؿ في توليد المعرفة الموجودة لديو ويسيـ في تسييؿ استدعائيا‪.‬‬
‫اما بالنسبة لمذاكرة فقد قدـ افالطوف نظرية سماىا (نظرية النسخ) او (لنظرية الشمعية)‬
‫وتصور ىذه النظرية اف العقؿ يكوف انطباعات عف الحركات التي يصادفيا مف خالؿ‬
‫عمؿ نماذج او نسخ ليا ويشبو المخ بقطعة شمعية تختمؼ في حجميا ومرونتيا‬
‫باختالؼ االفراد بحيث تنطبع عمييا مدركات الفرد ‪ ,‬وكمما طاؿ الوقت الذي يحتفظ فيو‬
‫العقؿ بيذه االنطباعات او النسخ ‪ ,‬تحسف ادراؾ الفرد ليا‪ ,‬الف انطباعيا عمى سطح‬
‫الطبقة الشمعية يصبح اكثر وضوحا‪ .‬ويمكف القوؿ اف افكار افالطوف حوؿ المعرفة‬
‫ومكونات العقؿ والذاكرة تشكؿ االسس الفمسفية لالتجاه المعرفي في عمـ النفس‪.‬‬
‫وقد زادت حدة الجدؿ بيف الفالسفة البيئيف والوارثييف خالؿ القرف السابع والثامف عشر‬
‫والتاسع عشر ويرى لوؾ اف الخبرة ىي اساس المعرفة الف عقؿ الطفؿ عند والدتو يكوف‬
‫كالصفحة البيضاء يتشكؿ محتواىا مف خالؿ الخبرة والتفاعؿ مع مفردات البيئة ‪,‬واف‬
‫المعرفة تتكوف مف افكاربعضيا بسيط و بعضيا معقد ‪ ,‬وتشكؿ االفكار البسيطة اساس‬
‫المعرفة ومنيا االستدارة واالحمرار ‪ ,‬وعندما تترابط ىذه االفكار البسيطة معا فانيا تشكؿ‬
‫االفكار المعقدة ‪ ,‬فالتفاحة تشكؿ فكرتيا مف اتحاد كؿ ىذه الخصائص ‪ .‬وقد شكمت‬
‫افكار لوؾ وىوبز وىيوـ االتجاه االمبريقي الذي يركز عمى دور المالحظة والخبرة ‪ ,‬وقد‬
‫اثرت ىذه التفسيرات في فمسفة االرتباطييف البريطانييف امثاؿ (جيمس بيؿ) و(بيف)‬
‫و(جوف ستيوارت ميؿ )‪.‬‬
‫ورأى ىؤالء المفكروف اف االقتراف ىو االلية التي تتكوف مف خالليا االرتباطات‪,‬‬
‫فاالحداث التي تقترف معا زمانيا او مكانيا ترتبط مع بعضيا ويتقوى االرتباط بتكرار‬
‫حدوث ىذه االفكار معا وبالتالي فاف حدث ما يؤدي الى استدعاء الفكرة او الحدث الذي‬

‫‪7‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫يقترف بو ويكوف االرتباط سبب تدفؽ الخبرات الشعورية واف المفاىيـ واالفكار متصمة‬
‫ومشتبكة معا وفؽ نظاـ يسيؿ تدفقيا واستدعائيا عند الحاجة‪.‬‬
‫اما الفيمسوؼ(ديكارت) فقد قسـ االفكار الى فطرية ومكتسبة عند طريؽ الخبرة‪ ,‬واشار‬
‫الى اف الخبرة تنشط عمؿ ماىو فطري لدى االنساف ‪ ,‬كما ذكر اف باالمكاف فيـ عمؿ‬
‫العقؿ والجسـ مف خالؿ التحميؿ الميكانيكي وبذلؾ يكوف ديكارت قد ادخؿ مصطمح‬
‫العمميات المعرفية ونظر الى الجسـ والعقؿ االنساني عمى انو آلة يمكف فيميا مف خالؿ‬
‫التحميؿ الميكانيكي ‪ ,‬وىذه ميدت لظيور االبحاث في عمـ الحاسوب الحقا ‪.‬‬
‫لقد ايد ىذه التفسيرات(كانت) الذي ارتأى اف خصائص العقؿ البشري ىو مفتاح‬
‫االستفادة مف الخبرة التي تتكوف بدورىا مف خالؿ عمؿ العقؿ‪ .‬فحيف نصدر حكما او‬
‫نتخذ ق ار ار يكوف ذلؾ نتاج تفاعؿ العقؿ والخبرة معا وفيـ العالقات المنطقية اليتأتى مف‬
‫خالؿ الخبرة وحدىا‪ ,‬واف الحالة الفطرية التي تولد مع الفرد ىي سابقة عف المفاىيـ ‪.‬‬
‫ويرى اف محتويات العقؿ الفطرية والمكتسبة بالتفاعؿ مع البيئة تؤثر في سموؾ الفرد‬
‫وتوجيو وال يختمؼ السموؾ الفكري عف السموؾ العضمي في ذلؾ اذ اف العقؿ ىو مصدر‬
‫نشط لتوليد االفكار والمعرفة عموـ‪.‬‬
‫ظيور عمم النفس المعرفي‬
‫لقد اقتصرت محاوالت االتجاه السموكي عمى دراسة االستجابات الظاىرية‪ ،‬لذلؾ فانو‬
‫فشؿ في تفسير جوانب السموؾ االنساني المتنوعة مع اف تأثير العمميات العقمية الداخمية‬
‫في السموؾ واضح‪ ,‬وظيرت افكار تنادي بتحديد ىذه العمميات وادماجيا في نظرية عمـ‬
‫النفس المعرفي ‪,‬لذا عاد االىتماـ بالمواضيع النفسية المعرفية في الخمسينات مف القرف‬
‫العشريف‪ ,‬وظيرت مواضيع مثؿ االنتباه ‪ ,‬والذاكرة‪ ,‬والتعرؼ عمى النمط‪ ,‬والتصور‬
‫العقمي‪ ,‬والتنظيـ المبني عمى المعنى‪ ,‬وعمميات المغة والتفكير وغيرىا مف مفردات عمـ‬
‫النفس المعرفي ‪ .‬وتطور عمـ النفس المعرفي الحديث بتأثير عدد مف العوامؿ منيا ما‬
‫حصؿ مف تقدـ في طريقو معالجو المعمومات وعمـ الحاسوب وبخاصة في مجاؿ الذكاء‬
‫الصناعي وفي مجاؿ المغويات ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫وىي كاآلتي ‪:‬‬


‫اوال ‪ :‬منيج معالجو المعمومات‬
‫تطورت طريقو معالجو المعمومات مف خالؿ البحث في العوامؿ االنسانية ( االبحاث‬
‫في مجاؿ الميارات االنسانية واالداء ) ‪,‬ونظريو المعمومات ‪ .‬وقد لقي ىذا المجاؿ تطو ار‬
‫كبي ار خالؿ الحرب العالمية الثانية حيث كانت الحاجة ماسة الى المعمومات في ىذا‬
‫المجاؿ ‪ .‬حيث ظير اف اداء االفراد مف حيث السرعو والميارة عمى اجيزة الرادار‬
‫والطائرات المتقدمة وغيرىا مف االجيزة المتشابية ادنى مف المستوى المطموب ‪ ,‬مما ادى‬
‫الى بعض الحوادث ‪ .‬وقد تصدى عمماء النفس لدراسة ىذه الظواىر مما فتح المجاؿ‬
‫اماـ بحوث جديدة في عمـ النفس المعرفي ومف تمؾ المشكالت التي تصدوا ليا مشكمة‬
‫االنتباه الموزع اذ يطمب مف الطيار اف يوزع انتباىو بيف مراقبو المدرجات والعمؿ عمى‬
‫اجيزة اليبوط ‪ ,‬وىذا ادى الى االنتقاؿ مف البحوث المختبرية البسيطة الى دراسة‬
‫المواقؼ الطبيعية التي تعنى بتحميؿ العمميات المعرفية لمفرد ‪ .‬اما نظرية المعمومات فيي‬
‫احد فروع عموـ االتصاالت التي توفر طريقة مجرده لتحميؿ المعرفة ومنيا عمـ ىندسو‬
‫االتصاالت وما قدمو في مجاؿ ترميز المعمومات ( تحويؿ المعمومات الى رموز ليتـ‬
‫نقميا عبر قنوات االتصاؿ ) مثؿ ما يحدث في جياز الياتؼ حيث تزيد عممية الترميز‬
‫مف فعالية نظـ نقؿ المعمومات وتساعد في التغمب عمى سعتيا المحدودة ‪.‬‬
‫لقد اثارت االبحاث في ىذا الصدد تساؤالت حوؿ طبيعة امكانات المعرفة االنسانية ‪,‬‬
‫وحاوؿ عمماء النفس دراستيا في ضوء نظرية المعمومات وصار ينظر الى االنساف عمى‬
‫انو محدود االمكانيات في مجاؿ االنباه واالدراؾ والمعالجة واشاروا الى حاجو الفرد الى‬
‫تشفير المعمومات وترميزىا لزيادة كفاءة نظاـ استقباؿ المعمومات ونقميا ومعالجتيا ‪ .‬قاـ‬
‫عالـ النفس البريطاني ( دونالد برودبنت ) بتطوير االفكار المتعمقة باالدراؾ واالنتباه ثـ‬
‫امتدت التحميالت مف بعده الى جميع مواضيع عمـ النفس المعرفي ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ثانيا ‪ :‬عمم الحاسوب‬


‫بدا العمؿ في عموـ الحاسبات في االربعينات مف القرف العشريف ‪ ,‬وفي الخمسينات فيو‬
‫ادرؾ بعض السايكولوجيف مالئمة عمـ الحاسوب لمواضيع في عمـ النفس ‪ .‬واف سموؾ‬
‫الحاسوب يشبو سموؾ االنساف ‪ ,‬فكالىما ياخذ المعمومات ويجري عمييا بعض العمميات‬
‫داخميا ثـ يقدـ ناتجا او مخرجا مالحظا ‪ ,‬وىذا الناتج يعكس بطريقة او باخرى ما جرى‬
‫في الداخؿ ويدؿ عمييا‪ .‬وفي مؤتمر عقدعاـ ;‪ 9<8‬قدـ كؿ مف نيوؿ وسيموف ورقة‬
‫وضحا فييا وجو الشبو بيف معالجة المعمومات في الحاسوب ومعالجة المعمومات لدى‬
‫االنساف ‪ .‬ومف النتائج غير المباشرة لذلؾ المؤتمر صدر كتاب عاـ ‪ 9<99‬مف تاليؼ‬
‫(ممر‪,‬جاالنتر‪,‬وبرابراـ) بعنواف (الخطط وبنية السموؾ)وقد ورد فيو اف الحؿ البشري‬
‫لممشكالت يمكف اف يفيـ عمى انو نوع مف التخطيط ‪,‬تقود خاللو خطط واستراتيجيات‬
‫السموؾ نحو االىداؼ المنشودة‪.‬‬
‫اف التاثيرات المباشرة لنظريات الحاسوب عمى عمـ النفس المعرفي كانت بسيطة في حيف‬
‫كانت التاثيرات غير المباشرة ليا ىائمة ‪ ,‬فقد تمت استعارة عدد كبير مف المفاىيـ مف‬
‫عموـ الحاسوب لتستخدـ في النظريات النفسية المعرفية اضافة الى االستفادة مف الطريقة‬
‫التي يتـ فييا تحميؿ سموؾ االلة الذكي في مجاؿ تحميؿ ذكائنا وكسر الحواجز والتغمب‬
‫عمى المفاىيـ الخاطئة المرتبطة بو‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬المغويات‬
‫اف التاثير الثالث في عمـ النفس المعرفي ىو المغويات اذ بدأ تشومسكي ‪Chomsky‬‬
‫في الخمسينات مف القرف الماضي ابحاثو باتباع منيج جديد في تحميؿ بنية المغة ‪ ,‬وقد‬
‫اظيرت ابحاثو اف المغة اكثر تعقيدا مف االعتقادات التي سادت سابقا واف المبادىء‬
‫واالفكار والمناىج السموكية غير قادرة عمى تفسير تعقيداتيا ‪.‬‬
‫وقد كانت تحميالت تشومسكي المغوية ذات التاثير جوىري في مناىضة عمماء النفس‬
‫المعرفي لممفاىيـ السموكية الخاطئة التي كانت سائدة حينيا‪ .‬اذ اشار عاـ <‪ 9<8‬اف‬
‫الجزء الياـ والمفتاحي لفيـ المغة البشرية ىو الجزء الذي تجاىمو سكنر ‪ skinner‬في‬

‫‪11‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫كاتباتو وىو العمميات العقمية ‪,‬وقاؿ اف مف يستخدـ المغة ال بد اف يستخدـ قواعد معينة‬
‫عندما ينتج المغة وىذه القواعد مخزنة في الذاكرة ‪ ,‬واشار الى اف الوصؼ الذي اطمؽ‬
‫عميو سيكولوجية المثير واالستجابة بانيا سايكولوجية العضوية الفارغة صحيح ‪،‬ما النيا‬
‫التتعامؿ مع الخصائص العضوية التي تتوسط بيف المثير واالستجابة مع انيا موجودة‬
‫في العضوية وىذا ما اشار اليو تشومسكي وىي ما يساعدنا عمى فيـ المغة‪.‬‬
‫كما كانت جيود جورج ممر ‪George Meller‬في الخمسينات والستينات مف القرف‬
‫العشريف اساسية في جمب انتباه عمماء النفس الى التحميالت المغوية ‪ ,‬وفي اعتماد طرؽ‬
‫جديدة في مجاؿ دراسة المغة ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الفصل الثاني‬
‫أنموذج معالجة المعمومات ‪Information Processing Model‬‬
‫المقدمة‬
‫اف انموذج معالجة المعمومات‪ information Processing model‬ىو احد‬
‫النظريات المعرفية الحديثة التي تعد ثورة عممية في مجاؿ دراسة الذاكرة وعمميات التعمـ‬
‫اإلنساني باإلضافة الى دراسة المغة والتفكير‪ .‬فأنموذج معالجة المعمومات يختمؼ عف‬
‫النظريات المعرفية القديمة مف حيث انو لـ يكتؼ بوصؼ العمميات المعرفية التي تحدث‬
‫داخؿ اإلنساف فحسب‪ ،‬وانما حاوؿ توضيح وتفسير آلية حدوث ىذه العمميات ودورىا في‬
‫معالجة المعمومات وانتاج السموؾ‪.‬‬
‫لقد ظير ىذا االتجاه في أواخر الخمسينات مف القرف الماضي مستفيدا مف‬
‫التطورات التي حدثت في مجاؿ ىندسة االتصاالت والحاسوب االلكتروني‪ .‬فقد عمد‬
‫أصحاب ىذا اال تجاه الى تفسير ما يحدث داخؿ نظاـ معالجة المعمومات لدى اإلنساف‬
‫عمى نحو مناظر لما يحدث في أجيزة االتصاالت مف حيث عمميات تحويؿ الطاقة‬
‫المستقبمة مف شكؿ الى آخر‪.‬في حيف يتـ استقباؿ المدخالت في الحاسوب‪inputs‬‬
‫ومعالجتيا في وحدة معالجة المعمومات‪ CPU‬وفؽ أوامر وتعميمات مخزنة ليتـ إنتاج‬
‫مخرجات معينة‪ .outputs‬وبيذا المنظور‪ ،‬فيـ يعتبروف الدماغ البشري بأنو يعمؿ‬
‫بأسموب مماثؿ لما يحدث في الحاسوب االلكتروني‪ ،‬حيث اف المعمومات اثناء معالجتيا‬
‫تمر في مراحؿ تتمثؿ في االستقباؿ والترميز والتخزيف وانتاج االستجابة‪ ،‬وفي كؿ مرحمة‬
‫مف ىذه المراحؿ يتـ تنفيذ عدد مف العمميات المعرفية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫االفتراضات الرئيسية النموذج معالجة المعمومات‬


‫ينظر انموذج معالجة المعمومات الى االنساف عمى انو نظاـ معقد وفريد في‬
‫عمميات معالجة المعمومات وينطمؽ في تفسيره ليذا النظاـ مف عدد مف االفتراضات التي‬
‫جعمت منو توجياً جديدًا في دراسة عمميات االدراؾ والتعمـ والذاكرة البشرية وتتمثؿ ىذه‬
‫االفتراضات بما يمي‪:‬‬
‫‪ .1‬اف االنساف كائف نشط وفعاؿ اثناء عممية التعمـ‪ ،‬حيث الينتظر وصوؿ المعمومات‬
‫اليو‪ ،‬وانما يسعى الى البحث عنيا‪ ،‬ويعمؿ عمى معالجتيا واستخالص المناسب منيا بعد‬
‫اجراء العديد مف المعالجات المعرفية عمييا‪.‬‬
‫‪ .2‬التأكيد عمى العمميات المعرفية اكثر مف االستجابة بحد ذاتيا‪ ،‬اذ يفترض اف ىذه‬
‫االستجابة التحدث عمى نحو آلي الى المثير‪ ،‬وانما ىي نتاج لسمسمة مف العمميات‬
‫والمعالجات المعرفية التي تتـ عبر مراحؿ متسمسمة مف المعالجة‪.‬‬
‫‪ .3‬تشتمؿ العمميات المعرفية عمى عدد مف عمميات التحويؿ لممثيرات او المعمومات‬
‫التي تتـ وفؽ مراحؿ متسمسمة في كؿ منيا يتـ تحويؿ ىذه المعمومات مف شكؿ الى اخر‬
‫مف اجؿ تحقيؽ ىدؼ معيف‪.‬‬
‫‪ .4‬تتأ لؼ العمميات المعرفية العميا مثؿ المحاكمة العقمية وحؿ المشكالت مف عدد مف‬
‫العمميات المعرفية الفرعية البسيطة‪ ،‬حيث اف تنفيذ مثؿ ىذه العمميات يتطمب تنشيط‬
‫العمميات الفرعية البسيطة‪.‬‬
‫‪ .5‬يمتاز نظاـ معالجة المعمومات لدى االنساف بسعتو المحدودة عمى معالجة وتخزيف‬
‫المعمومات خالؿ مراحؿ المعالجة‪ ،‬ويرجع سبب ذلؾ الى اف سعة الذاكرة قصيرة المدى‬
‫المحددة في تخزيف المعمومات مف جية‪ ،‬والى عدـ قدرة االجيزة الحسية( المستقبالت‬
‫الحسية) عمى التركيز في عدد مف المثيرات واالحتفاظ بيا لفترة طويمة‪.‬‬
‫‪ .6‬تعتمد عمميات المعالجة التي تحدث عمى المعمومات عبر المراحؿ المتعددة عمى‬
‫طبيعة وخصائص انظمة الذاكرة الثالث ‪ :‬الذاكرة الحسية‪ ،‬والذاكرة قصيرة المدى‪،‬‬

‫‪13‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫والذاكرة طويمة المدى‪ .‬وتمعب عوامؿ مثؿ االنتباه واالدراؾ واالسترجاع دو اًر بار اًز في‬
‫تنفيذ عمميات المعالجة‪.‬‬

‫وظائف نظام معالجة المعمومات‪:‬‬


‫يضطمع نظاـ معالجة المعمومات بالوظائؼ التالية‪:‬‬
‫‪.9‬استقباؿ المعمومات الخارجية(المدخالت الحسية) مف العالـ الخارجي عبر المستقبالت‬
‫الحسية‪ ،‬والعمؿ عمى تحويميا الى تمثيالت معينة‪ ،‬االمر الذي يمكف ىذا النظاـ مف‬
‫معالجتيا الحقاً(مرحمة االستقباؿ والترميز)‪.‬‬
‫‪.9‬اتخاذ بعض الق اررات حوؿ مدى اىمية بعض المعمومات ومدى الحاجة الييا بحيث‬
‫يتـ االحتفاظ بالبعض منيا بعد اف تتـ معالجتيا وتحويميا الى تمثيالت عقمية معينة يتـ‬
‫تخزينيا في الذاكرة (مرحمة التخزيف)‪.‬‬
‫‪. 1‬التعرؼ عمى التمثيالت المعرفية واسترجاعيا عند الحاجة الييا لالستفادة منيا في‬
‫التعامؿ مع المواقؼ والمثيرات المختمفة وتحديد انماط الفعؿ السموكي المناسب(مرحمة‬
‫االسترجاع)‪.‬‬
‫مكونات انموذج معالجة المعمومات‬
‫قاـ كؿ مف اتكنسوف وشيفرف‪ Atkinson& shiffrin 9<:9‬بوضع انموذج‬
‫لمكونات انموذج معالجة المعمومات مف خالؿ اقتراح أنموذج ثالثي االبعاد لمذاكرة‬
‫البشرية مبرزيف فيو مراحؿ تناوؿ المعمومات ومعالجتيا‪.‬‬
‫وجرى حديثا تعديؿ عمى انموذج معالجة المعمومات في ضوء المساىمات التي‬
‫قدميا كؿ مف اندرسوف‪ Anderson 9<<9‬وبادلي‪ Baddeley9<;9‬والسيما في مجاؿ‬
‫الذاكرة العاممة‪.‬‬
‫يتألؼ نظاـ معالجة المعمومات مف(الذاكرة الحسية‪-‬الذاكرة قصيرة المدى‪ -‬الذاكرة‬
‫طويمة المدى) وىذه االنظمة تشبة الى حد ما انظمة معالجة المعمومات في الحاسوب‬
‫االلكتروني‪ .‬باالضافة الى ىذه المكونات ىناؾ عدد مف عمميات التحكـ ‪Control‬‬

‫‪14‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪ Processes‬وىي تماثؿ البرامج الموجودة في الحاسوب التي تعمؿ عمى انسياب‬


‫المعمومات ومعالجتيا داخؿ النظاـ‪.‬‬
‫وىذا اليعني وجود ثالثة انظمة منفصمة ومستقمة عف بعضيا البعض‪ ،‬او يوجد‬
‫كؿ منيا في مكاف مف دماغ االنساف‪ ،‬ولكف يمكف النظر الييا عمى انيا ثالثة انواع مف‬
‫التنشيط ‪ activation‬لنفس الموقع‪ ،‬النيا مكونات افتراضية وليست مادية موقعية‬
‫محد دة‪ ،‬أي اف الذاكرة البشرية تشبة مخزف كبير يضـ ثالثة انواع مف المستودعات‬
‫اعتمادا عمى نوعية واستم اررية التنشيط المطموب‪ ،‬وتقع اشكاؿ التنشيط في االنواع‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪.1‬التنشيط طويل المدى ‪ :‬ويشير الى التغيير المستمر والدائـ في الجياز العصبي وىذا‬
‫ما يحدث في الذاكرة طويمة المدى‪.‬‬
‫‪.2‬التنشيط المؤقت السريع ‪ :‬الذي يدوـ اقؿ مف ثانية ويحدث في الذاكرة الحسية ويركز‬
‫عمى خصائص المثيرات الفيزيائية‪.‬‬
‫‪.3‬التنشيط المؤقت القصير‪ :‬وىو الذي يدوـ لبضع ثواف ويحدث في الذاكرة القصيرة‬
‫المدى ويركز عمى التمثيالت المعرفية وعمميات الترميز لممثيرات‪.‬‬
‫ويمكف النظر الى عمميات التحكـ عمى انيا استراتيجيات تنفيذية معرفية مخزونة في‬
‫الذاكرة‪ ،‬تتحوؿ الى انشطة عندما تقتضي الحاجة الييا في معالجة المعمومات‪ ،‬ومثؿ‬
‫ىذه الستراتيجيات متعددة ومتنوعة وتشمؿ التسميع والتكرار وستراتيجات استخالص‬
‫المعنى وستراتيجيات حؿ المشكالت وستراتيجات الفيـ وانتاج المغة وغيرىا مف‬
‫ال ستراتيجيات الضرورية لتوليد الفعؿ السموكي بحيث تكوف عمى وعي تاـ بحدوثيا في‬
‫اغمب االحياف في الوقت الذي ال نستطيع وصفيا وكيفية حدوثيا‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫عمليت التحكم التنفيذيت‬

‫تعلم‬ ‫الذاكزة‬
‫الذاكزة‬ ‫قصيزة‬ ‫االنتباه‬ ‫الذاكزة‬ ‫المدخالث‬
‫طويلت‬ ‫المدى‬ ‫الحسيت‬
‫المدى‬ ‫الذاكزة‬
‫العاملت‬ ‫االدراك‬ ‫الحسيت‬
‫حفظ‬

‫اوالً‪:‬الذاكرة الحسية ‪Sensory memory‬‬


‫وىي المستقبؿ االوؿ لممدخالت الحسية مف العالـ الخارجي‪ ،‬ويتـ مف خالليا استقباؿ‬
‫مقدار كبير مف المعمومات عف خصائص المثيرات التي تتفاعؿ معيا عبر المستقبالت‬
‫الحسية المختمفة(البصرية‪ -‬السمعية‪ -‬الشمية‪ -‬الذوقية‪ -‬الممسية)‪ .‬وتتميز ىذه‬
‫المستقبالت الحسية باآلتي‪:‬‬
‫‪ .9‬سرعتيا الفائقة عمى نقؿ صورة العالـ الخارجي وتكويف الصور النيائية لمثيراتو‪ ،‬وفقا‬
‫لعممية التوصيؿ العصبي‪.‬‬
‫‪ .9‬القدرة الكبيرة عمى استقباؿ كميات ىائمة مف المدخالت الحسية في أي لحظة مف‬
‫المحظات ورغـ ذلؾ فسرعاف ما تتالشى منيا ألف قدرتيا محدودة في االحتفاظ اذ‬
‫التتجاوز اجزاءاً مف الثانية‪.‬‬
‫ويحدث النسياف في الذاكرة ىذه بسبب عامؿ االضمحالؿ التمقائي ‪automatic‬‬
‫التداخؿ‬ ‫وكذلؾ‬ ‫الوقت‪،‬‬ ‫بمرور‬ ‫يتالشى‬ ‫الحسي‬ ‫االثر‬ ‫اف‬ ‫أي‬ ‫‪decay‬‬
‫واالحالؿ‪ interfernce‬و‪ displacement‬ليما دور بارز في فقداف المعمومات مف ىذه‬
‫الذاكرة بسبب التعرض الى مثيرات جديدة قد تتداخؿ مع المثيرات السابقة او تحؿ‬
‫محميا‪ ،‬وتتـ العمميات في ىذه الذاكرة عمى نحو الشعوري أي اف الفرد اليكوف عمى‬
‫وعي تاـ لما يحدث ف ييا‪ ،‬واليمكف باي شكؿ مف االشكاؿ استخداـ ستراتيجات التحكـ‬
‫التنفيذية لالحتفاظ بالمعمومات لمنع تالشييا‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫تشير الدالئؿ العممية الى اف الذاكرة الحسية تتألؼ مف مجموعة مستقبالت كؿ منيا‬
‫يختص باستقباؿ نوع خاص مف المعمومات‪ ،‬وبالرغـ مف ىذه الحقيقية‪ ،‬فمـ تنؿ جميع‬
‫ىذه المستقبالت االىتماـ مف قبؿ الميتميف بأنموذج معالجة المعمومات‪ .‬فتكاد تكوف‬
‫الذاكرة الحسية البصرية والذاكرة الحسية السمعية مف اكثر المستقبالت التي حظيت‬
‫باالىتماـ البحثي وربما يرجع سبب االىتماـ بيما الىمية المعمومات التي نستقبميا عف‬
‫المثيرات الخارجية مف خالؿ ىاتيف الحاستيف‪.‬‬

‫أ‪.‬الذاكرة الحسية البصرية ‪visual sensory memory‬‬


‫وظيفتيا استقباؿ الصور الحقيقية لممثيرات الخارجية كما ىي في الواقع‪ ،‬وتحتفظ بيا‬
‫عمى شكؿ خياؿ ‪ Image‬يعرؼ باسـ ايقونة ‪ Icon‬لذلؾ يطمؽ عمييا ايضا اسـ الذاكرة‬
‫االيقونية ‪.Iconice Memory‬‬
‫ويتـ االحتفاظ بالمعمومات في ىذه الذاكرة مف غير اف يتـ عمييا أي معالجات‬
‫وخاصة تمؾ التي يتـ االنتباه ليا ريثما يتـ معالجتيا في الذاكرة قصيرة المدى(الذاكرة‬
‫العاممة)‪ ،‬اال اف ىناؾ أدلة تشير الى اف ىناؾ بعض التحميؿ يجري عمى المعمومات في‬
‫ىذه الذاكرة‪ ،‬ويرى بعض الباحثيف اف ما يتـ ترميزه ىي معمومات سطحية عف خصائص‬
‫المثيرات الفيزيائية كالموف مثال بينما اليتـ فييا استخالص أي معنى لممثيرات‪.‬‬
‫لقد اجريت عدة دراسات عمى الذاكرة الحسية البصرية اظيرت نتائج معظميا اف‬
‫الكثير مف المدخالت الحسية البصرية تتالشى بسرعة بعد التعرض مباشرة لممثير واف‬
‫االثر الحسي البصري يبقى في الذاكرة جزء مف الثانية يتـ فييا استخالص بعض‬
‫المعمومات عف المدخؿ الحسي حيث يتـ اختيار بعض الجوانب منو والتركيز عمييا ليتـ‬
‫معالجتيا الحقاً‪ ،‬وىذه العممية العقمية تتـ عمى نحو الشعوري وىذه العمميات مستمرة‬
‫طالما ىنالؾ تركيز لالنتباه عمى المدخؿ الحسي‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ب‪.‬الذاكرة الحسية السمعية ‪Auditory sensory memory‬‬


‫ىذه الذاكرة مسؤلة عف استقباؿ الخصائص الصوتية لممثيرات البيئية‪ ،‬وتسمى‬
‫ايضا ذاكرة االصداء الصوتية(‪ ،)Echoic memory‬تستقبؿ ىذه الذاكرة صورة مطابقة‬
‫لمخبرة السمعية التي يتعرض ليا الفرد في الواقع الخارجي‪ ،‬ويستطيع الفرد استقباؿ عدد‬
‫كبير مف المدخالت الحسية السمعية في لحظة مف المحظات ولكف سرعاف ما يزوؿ‬
‫الكثير منيا بينما يتـ التركيز عمى بعض منيا واىماؿ األخرى‪ ،‬ووجد اف بإمكاف الفرد‬
‫تذكر بعض المعمومات مف الخبرات السمعية التي اليولي انتباىو ليا‪ ،‬وفسر سبب ذلؾ‬
‫باف االنطباعات الحسية السمعية تستمر لفترة زمنية أطوؿ في المسجؿ الحسي السمعي‪،‬‬
‫قد يتجاوز الثانيتيف‪ ،‬مما يتيح االحتفاظ ببعض االثار الحسية السمعية‪ ،‬وبالتالي يسيؿ‬
‫استخالص بعض المعاني منيا‪ .‬وبإمكاف الذاكرة الحسية السمعية استقباؿ أكثر مف‬
‫مدخؿ حسي سمعي مف مصدر واحد او مصادر متعددة في الوقت نفسو‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الذاكرة قصيرة المدى ‪Short Term Memory- STM‬‬


‫وىي الجزء الثاني الذي تستقر فيو المعمومات المستقبمة مف الذاكرة الحسية‪،‬‬
‫وتشكؿ الذاكرة قصيرة المدى مستودع مؤقت لمتخزيف ويتـ فييا االحتفاظ بالمعمومات‬
‫لفترة تتراوح بيف(‪ )19-8‬ثانية‪ ،‬ويطمؽ عمى ىذه الذاكرة(الذاكرة العاممة‪ -‬والرئيسية‪-‬‬
‫والفورية‪ -‬واالبتدائية) كونيا تستقبؿ المعمومات التي يتـ االنتباه الييا مف الذاكرة الحسية‬
‫وتقوـ بترميزىا ومعالجتيا عمى نحو آلي وتعمؿ عمى اتخاذ الق اررات تجاىيا‪ ،‬او تقوـ‬
‫بارساليا الى الذاكرة طويمة المدى لالحتفاظ بيا بشكؿ دائـ‪ ،‬كما تعمؿ عمى استدعاء‬
‫المعمومات مف الذاكرة طويمة المدى وتجري عمييا بعض العمميات المعرفية الستخالص‬
‫المعاني منيا وربطيا وتنظيميا وتحويميا الى اداء ذاكري‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫مميزات الذاكرة قصيرة المدى‬


‫‪ .9‬تستقبؿ المعمومات التي يتـ االنتباه ليا فقط‪.‬‬
‫‪ .9‬قدرتيا عمى االستيعاب محدودة جدا حيث ال تستطيع االحتفاظ بكـ ىائؿ مف‬
‫المعمومات‪ ،‬وتتراوح سعتيا ما بيف(‪ )<-8‬وحدات معرفية أي بمتوسط(‪ ):‬وحدات‪.‬‬
‫‪ .1‬تمثؿ الجانب الشعوري مف النظاـ المعرفي‪ ،‬ويكوف الفرد عمى وعي تاـ بما يحدث‬
‫فييا‪.‬‬
‫‪ .1‬تحتفظ بالمعمومات لفترة زمنية وجيزة التتجاوز( ‪19‬ثانية) وتكوف مدة االحتفاظ‬
‫متفاوتو تبعاً لطبيعة المعمومة ومستوى التنشيط لمعمميات المعرفية المطموبة‪.‬‬
‫‪ .8‬تشكؿ الذاكرة قصيرة المدى حمقة الوصؿ بيف الذاكرة الحسية والذاكرة طويمة المدى‬
‫حيث انيا تستقبؿ االنطباعات الحسية مف الذاكرة الحسية وتسترجع الخبرات المرتبطة‬
‫بيا في الذاكرة طويمة المدى ثـ تعمؿ عمى ترميزىا واستخالص المعاني منيا‪ ،‬وتحدد‬
‫االجراءات السموكية المناسبة حياؿ المثيرات والمواقؼ الخارجية‪.‬‬
‫‪ .9‬يختمؼ ترميز المثيرات عما ىو عميو في الواقع الخارجي فيمكف اف تأخذ المثيرات‬
‫اشكاال متعددة مف التمثيالت في ىذه الذاكرة اعتماداً عمى الغرض مف معالجتيا وطبيعة‬
‫عمميات التحكـ المعرفية‪.‬‬
‫ويحدث النسياف في ىذه الذاكرة بسبب االىماؿ وعدـ ممارسة المعمومات والخبرات‬
‫وكذلؾ بسبب عممية التداخؿ واالحالؿ‪ ،‬ويمكف تعزيز قدرة ىذه الذاكرة عمى االحتفاظ‬
‫بالمعمومات وزيادة سعتيا عمى المعالجة مف خالؿ استخداـ بعض الستراتيجيات‬
‫مثؿ(التسميع‪ -‬التجميع والتحزيـ)‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫انموذج بادلي الثالثي االبعاد لمذاكرة العاممة‬


‫‪Baddeley's Tripartitie Working Memory‬‬
‫طور العالـ بادلي ‪ Baddeley‬انموذجا حديثا لمذاكرة قصيرة المدى سمي‬
‫باالنموذج ثالثي االبعاد‪ .‬فقد افترض اف ىذه الذاكرة ليا ثالث مكونات رئيسية تشترؾ‬
‫معا البقاء المعمومات والعمميات العقمية نشطة ريثما يتـ تنفيذ الميمة المطموبة وىي‪:‬‬
‫‪ .1‬االنشوطة الفينولوجية ‪phonological loop‬‬
‫تتكوف مف مكونيف‪:‬المخزف الفينولوجي ‪ phonological store‬الذي لو سعة محدودة‬
‫ويحمؿ المعمومات لثواني قميمة‪ .‬وعممية التكرار المفظي ‪articulatory rehearsal‬‬
‫‪ process‬والتي تكوف مسؤولة عف التكرار الذي يمكف اف يحفظ الفقرات في المخزف‬
‫الفينولوجي مف االضمحالؿ‪.‬‬
‫‪ .2‬االضبارة البصرية المكانية ‪Visuospatial Sketchpad‬‬
‫تحمؿ المعمومات البصرية والمكانية‪ .‬فعندما تحاوؿ تكويف صورة في ذىنؾ او تقوـ‬
‫بميمات مثؿ حؿ الحزورات او ايجاد طريقؾ حوؿ الحرـ الجامعي فأنؾ تستخدـ‬
‫االضبارة البصرية المكانية‪.‬‬
‫‪ .3‬المنفذ المركزي ‪Central Executive‬‬
‫ىي المكاف الذي يحدث فيو عمؿ الذاكرة العاممة‪.‬تسحب ىذه الذاكرة المعمومات مف‬
‫الذاكرة بعيدة المدى وتقوـ بتنسيؽ نشاط االنشوطة الفينولوجية واالضبارة البصرية‬
‫المكانية وذلؾ مف خالؿ التركيز عمى اجزاء محددة مف الميمة وتحويؿ االنتباه مف جزء‬
‫الى آخر‪.‬احد االعماؿ الرئيسية لممنفذ المركزي ىو تقرير كيفية تقسيـ االنتباه بيف‬
‫ميمات مختمفة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الذاكرة طويمة المدى ‪Long-Term Memory‬‬
‫وىي بمثابة المستودع الثالث في نظاـ معالجة المعمومات تستقر فيو الذكريات والخبرات‬
‫بصورتيا النيائية‪،‬ويتـ فييا تخزيف المعمومات عمى شكؿ تمثيالت عقمية بصورة دائمة‬
‫بعد اف يتـ ترميزىا ومعالجتيا في الذاكرة العاممة وتمتاز ىذه الذاكرة بسعتيا اليائمة عمى‬
‫التخزيف‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫اشكال التمثيل المعرفي في الذاكرة طويمة المدى‬


‫‪Representation of Knowledge‬‬
‫ىناؾ جدالً ما يزاؿ دائ اًر لدى الميتميف بعمـ النفس المعرفي حوؿ الكيفية التي يتـ مف‬
‫خالليا تمثيؿ المعمومات وتخزينيا في الذاكرة طويمة المدى‪ ،‬وتمخض عف ىذا الجدؿ‬
‫بروز عدد مف وجيات النظر في ذلؾ‪ ،‬ابرزىا واقدميا وجية نظر كؿ مف اتكنسوف‬
‫وشيفرف‪ ،‬والتي عرفت باالنموذج التقميدي‪ ،‬حيث اقترحا فيو اف التمثيالت المعرفية‬
‫لممدخالت تتمثؿ في الخصائص الفيزيائية ليذه المدخالت سواء كانت بصرية او سمعية‬
‫او شمية وغير ذلؾ‪ ،‬ووجية النظر ىذه يؤخذ عمييا انيا لـ تميز بيف االنواع المختمفة‬
‫مف سجالت التخزيف في ىذه الذاكرة‪.‬‬
‫وىناؾ وجية نظر اخرى تعرؼ بذاكرة االحداث‪ Episodic Memory‬التي ترى اف‬
‫المعمومات تخزف في الذاكرة طويمة المدى في شكميف‪ :‬الخبرات الشخصية والمعمومات‬
‫التي تحمؿ معاف خاصة لمفرد‪ ،‬والشكؿ االخر يخزف بشكؿ ذاكرة المعاني ‪Semantic‬‬
‫‪ Memory‬التي تخزف فييا الحقائؽ والمعارؼ والمعاني المرتبطة في ىذا العالـ‪.‬‬
‫ووجية النظر الثالثة تميز بيف التمثيالت المعرفية في الذاكرة طويمة المدى حوؿ‬
‫الكيفية التي تستخدـ بيا المعمومات‪ ،‬فيي تميز بيف ما يسمى بالذاكرة‬
‫الصريحة(االعالمية)‪ Declarative Memory‬التي يتـ فييا تخزيف الحقائؽ والمفاىيـ‬
‫والمعمومات التي تدؿ عمى االشياء وتخبر عنيا‪ ،‬وبيف الذاكرة االجرائية ‪procedural‬‬
‫‪ Memory‬التي يتـ فييا تخزيف المعمومات المتعمقة بكيفية القياـ باالعماؿ‪،‬والظروؼ‬
‫التي تستخدـ بيا‪ ،‬باالضافة الى االجراءات العقمية الالزمة لمتفكير‪ .‬وىناؾ وجية النظر‬
‫التوفيقية التي حاولت اف تجمع بيف وجيات النظر االخرى حيث تنظر الى الذاكرة طويمة‬
‫المدى عمى انيا بنية ثالثية االبعاد تتمثؿ في‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.1‬ذاكرة المعاني ‪Semantic Memory‬‬


‫ويخزف بيا شبكات مف المعاني التي ترتبط باالفكار والحقائؽ والمفاىيـ‬
‫وتشمؿ(االقتراحات‪ -‬الصور الذىنية‪ -‬المخططات العقمية)‪.‬‬

‫‪.2‬ذاكرة االحداث‪Episodic Memory‬‬


‫وتسمى بالذاكرة التسمسمية الف الخبرات فييا يتـ تخزينيا وفؽ ترتيب متسمسؿ يشبو‬
‫الرواية او الفيمـ السينمائي‪.‬‬
‫وتشت مؿ ىذه الذاكرة عمى جميع الخبرات التي مر بيا الفرد خالؿ مراحؿ حياتو‬
‫وبالتحديد ذات الطابع الشخصي التي ترتبط بمكاف او حدث ما‪.‬‬

‫‪.3‬الذاكرة االجرائية ‪Procedural memory‬‬


‫وىي تشمؿ الخبرات والمعمومات المرتبطة بكيفية تنفيذ االجراءات او القياـ باالشياء‬
‫المينية كالسباحة وىندسة السيارات وغير ذلؾ‪.‬‬
‫تخزف المعمومات في ىذه الذاكرة عمى شكؿ نتاجات ‪ Productions‬او قواعد ‪rules‬‬
‫تعمؿ عمى االداء او الفعؿ في مواقؼ او ظروؼ معينة‪.‬‬

‫العمميات االساسية لنظام معالجة المعمومات‪:‬‬


‫‪.1‬االستقبال ‪receiving‬‬
‫أي عمميات تسمـ المنبيات الحسية المرتبطة بالعالـ الخارجي مف خالؿ الحواس‬
‫المختمفة‪ ،‬وىذه العممية تشكؿ الحمقة االولى مف معالجة المعمومات‪ .‬وتعتبر عمى غاية‬
‫مف االىمية نظ اًر النيا تزود النظاـ المعرفي بالمدخالت التي تشكؿ الوقود ليذا النظاـ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.2‬الترميز ‪Encoding‬‬
‫أي عمميات تكويف اثار ذات دالالت معينة لممدخالت الحسية في الذاكرة عمى نحو‬
‫يساعد في االحتفاظ بيا ويسيؿ عممية معالجتيا الحقاً‪ ،‬وىي بمثابة تغيير المدخالت‬
‫الحسية وتحويميا مف شكميا الطبيعي الى اشكاؿ اخرى مف التمثيؿ المعرفي عمى نحو‬
‫صوري او رمزي او سمعي‪.‬‬
‫وتشير االدلة العممية الى اف المعمومات الحسية يتـ تشفيرىا الى انواع مختمفة مف‬
‫االثار الذاكرية اعتماداً عمى طبيعة نوع الحاسة المستقبمة‪ ،‬ويمكف التمييز بيف االنواع‬
‫التالية مف عمميات الترميز‪:‬‬
‫أ‪.‬الترميز السمعي ‪Acoustic Coding‬‬
‫الذي يتـ فيو تمثيؿ المعمومات عمى نحو سمعي حيث يتـ تشكيؿ اثار لالصوات‬
‫المسموعة وفقاً لخصائص الصوت كااليقاع والشدة ودرجة التردد‪.‬‬
‫ب‪.‬الترميز البصري ‪Visual coding‬‬
‫الذي يتـ فيو تشكيؿ اثار ذات مدلوؿ معيف لخصائص المدخالت الحسية البصرية‬
‫كالموف والشكؿ والحجـ والموقع والى غير ذلؾ‪.‬‬
‫ج‪.‬الترميز الممسي ‪Haptic Coding‬‬
‫الذي يتـ فيو تمثيؿ المعمومات مف خالؿ الممس حيث يتـ تشكيؿ اثار لمالمس االشياء‬
‫كالنعومة والخشونة والصالبة ودرجة ح اررتيا‪.‬‬
‫ء‪.‬الترميز الداللي ‪Semantic Coding‬‬
‫الذي يتـ فيو تمثيؿ المعمومات مف خالؿ المعنى الذي يدؿ عمييا وغالباً ما يرتبط ىذا‬
‫النوع مف التمثيؿ بالترميز البصري والسمعي‪.‬‬
‫ىـ‪.‬الترميز الحركي ‪Motor Coding‬‬
‫الذي يتـ فيو تمثيؿ لالفعاؿ الحركية مف حيث تتابعيا وكيفية تنفيذىا ويرتبط ىذا النوع‬
‫مف التمثيؿ ايضا بالترميز البصري والمفظي‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫والبد مف االشارة الى اف الترميز اليشمؿ جميع المدخالت الحسية حيث اف حجـ‬
‫المدخالت قد يفوؽ سعة الذاكرة العاممة ‪ ،‬وقد يرجع عدـ القدرة عمى ترميز العديد مف‬
‫المدخالت الحسية الى الفشؿ في االنتباه‪.‬‬
‫‪.3‬االنتباه االنتقائي ‪Selective Attention‬‬
‫اليتناوؿ نظاـ معالجة المعمومات جميع المدخالت الحسية المستقبمة معا في الوقت‬
‫نفسو بسبب محدودية سعتو‪ ،‬ويمكف اف يعزى ذلؾ لسببيف‪.‬‬
‫االوؿ‪:‬كبر حجـ المدخالت الحسية المستقبمة في لحظة مف المحظات ولعدـ وجود اليو‬
‫في النظاـ المعرفي تمكف مف االحتفاظ بيا لمدة طويمة حتى يتـ معالجتيا مما يتسبب‬
‫عف ذلؾ تالشي الكثير منيا وزوالة بسرعة فائقة‪.‬‬
‫الثاني‪:‬محدودية سعة الذاكرة قصيرة المدى‪ ،‬التي يتـ فييا ترميز المعمومات ومعالجتيا‪،‬‬
‫بحيث يسمح لجزء يسير مف المعمومات مف دخوؿ ىذه النظاـ لذلؾ فيو يعمؿ بشكؿ‬
‫انتقائي في اختيار بعض الثميرات لتوجية االنتباه الييا بما يعرؼ باليو االنتباه االنتقائي‪.‬‬
‫فاالنتباه االنتقائي ىو عممية اختيار بعض المثيرات او خصائص معينة منيا لتركيز‬
‫عمميات المعالجة ليا‪.‬‬
‫لقد ظيرت وجيتا نظر حوؿ استرتيجيات المعالجة ىما‪:‬‬
‫أ‪-‬استرتيجية المعالجة المتسمسمة ‪Serial Processing Strategy‬‬
‫يتـ فييا معالجة المثيرات واحدا تمو االخر‪ ،‬أي يكوف االنتقاؿ الى المثيرات االخرى‬
‫عمى نحو متسمسؿ وذلؾ حسب اىميتيا واغفاؿ المثيرات االخرى‪.‬‬
‫ب‪-‬استراتيجية المعالجة المتوازية ‪Parallel Processing Strategy‬‬
‫يتـ فييا معالجة مجموعة مف المثيرات بشكؿ مستقؿ عف بعضيا البعض في وقت‬
‫متزامف‪ ،‬ويتـ التركيز عمى بعضيا واىماؿ بعضيما االخر خالؿ مراحؿ المعالجة‪.‬‬
‫‪.4‬التخزين ‪Storage‬‬
‫ىو عممية االحتفاظ بالمعمومات في الذاكرة حسب خصائص الذاكرة ومستوى التنشيط‬
‫الذي يحدث فييا وطبيعة العمميات التي تحدث عمى المعمومات فييا‪ .‬ففي الذاكرة‬

‫‪24‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الحسية يتـ االحتفاظ بالمعمومات لفترة قصيرة التتجاوز الثانية في حيف يتـ االحتفاظ‬
‫بالمعمومات في الذاكرة قصيرة المدى لفترة اطوؿ تتراوح بيف(‪ )19-99‬ثانية‪ ،‬اما في‬
‫الذاكرة طويمة المدى فيتـ تخزيف المعمومات فييا عمى نحو دائـ اعتمادا طبيعة‬
‫المعالجات التي تنفذ عمييا في ىذه الذاكرة والذاكرة العاممة واليدؼ مف ىذه المعالجات‪.‬‬
‫‪.5‬االسترجاع ‪Retrieval‬‬
‫ىو عممية تحديد مواقع المعمومات والخبرات المراد استدعاءىا وتنظيميا في اداء‬
‫التذكر‪ ،‬وعممية استرجاع المعمومات مف الذاكرة طويمة المدى يتوقؼ عمى عدة عوامؿ‬
‫منيا‪:‬قوة آثار الذاكرة‪ ،‬ومستوى تنشيط المعمومات فييا‪ ،‬وتوفر المنبيات المناسبة‪.‬‬
‫تمر عممية استرجاع المعمومات بثالث مراحؿ ىي‪:‬‬
‫أ‪.‬مرحمة البحث عن المعمومات‪:‬‬
‫ىي المرحمة االولى مف مراحؿ التذكر يتـ فييا تفحص سريع لمحتويات الذاكرة‪ ،‬او‬
‫اتخاذ قرار حوؿ توفر المعمومات المراد استرجاعيا‪ ،‬وىؿ تتطمب جيداً عقمياً‬
‫الستدعائيا‪.‬وتعتمد مدة البحث عمى مستوى تنشيط المعمومات ونوعية المعمومات‬
‫المطموبة‪ .‬فقد تكوف االستجابة سريعة في حالة عدـ وجود اية معمومات عند الفرد عف‬
‫الخبرة المطموب تذكرىا‪ ،‬وعندما تكوف الخبرة مألوفة بالنسبة لو ويمارسيا باستمرار‪ .‬ولكف‬
‫في بعض الحاالت‪ ،‬تكوف المعمومات موجودة لكنيا ليست بالمتناوؿ ففي مثؿ ىذه‬
‫الحاالت‪ ،‬فاف تذكرىا يستغرؽ وقتاً وجيداً كبيريف مف الفرد‪.‬‬
‫ب‪.‬مرحمة تجميع وتخزين المعمومات‪:‬‬
‫عندما تكوف المعمومات والخبرات المراد تذكرىا كثيرة او غامضة او ناقصة تتطمب مف‬
‫الفرد جيداً عقمياً يتضمف البحث عف اجزاء المعمومات المطموبة وتجميعيا وربطيا معا‬
‫لتنظيـ االستجابة المطموبة‪.‬‬
‫ومف الستراتيجيات المعرفية التي تساعد عمى عممية التذكر مبدأ انتشار اثر‬
‫التنشيط‪ Spread of Activation Effect‬الذي يتـ مف خاللو تجميع واستدعاء‬
‫المعمومات المرتبطة بالخب ارت المراد تذكرىا‪ ،‬وينص ىذا المبدأ عمى اف المعمومات تخزف‬

‫‪25‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫في الذاكرة عمى شكؿ شبكات متداخمة ‪ networks‬في كؿ منيا معمومات ذات اتصاؿ‬
‫بمفيوـ ما ويعتمد تقارب او تباعد ىذه الشبكات عمى مدى وجود العالقات فيما بينيا‬
‫ومدى قوتيا‪ ،‬وىكذا فاف اثارة أي شبكة مف ىذه الشبكات لوجود منبو ما ‪ Cue‬ربما‬
‫يعمؿ عمى اثارة جميع الشبكات االخرى القريبة منيا‪،‬او تمؾ التي ترتبط بعالقة ما‪ ،‬أي‬
‫اف كؿ شبكة تمثؿ مثي اًر لمشبكات االخرى‪.‬‬
‫جـ‪.‬مرحمة االداء الذاكري‪:‬‬
‫وىي آخر مراحؿ عممية التذكر‪ ،‬وتتمثؿ في تنفيذ االستجابة المطموبة وقد تأخذ ىذه‬
‫االستجابة شكالً ضمنياً كما يحدث في حاالت التفكير الداخمي باالشياء او ظاىرياً كأداء‬
‫الحركات واالقواؿ والكتابة‪ ،‬وقد تكوف بسيطة كاالجابة بنعـ او ال او اداء حركة بسيطة‪،‬‬
‫وربما تكوف معقدة تتالؼ مف مجموعة استجابات جزئية مثؿ الحديث عف موضوع معيف‪،‬‬
‫او كتابة نص ما‪ ،‬او تنفيذ ميارة معينة‪.‬‬

‫النسيان ‪Forgetting‬‬
‫النسياف ىو فقد او ضعؼ القدرة عمى استرجاع المعمومات او جزء منيا التي سبؽ‬
‫ترميزىا واالحتفاظ بيا في الذاكرة طويمة المدى‪.‬‬
‫النظريات المفسرة لمنسيان‬
‫‪.1‬نظرية التالشي او االضمحالل ‪Decay Theory‬‬
‫وىي اقدـ النظريات التي حاولت تفسير ظاىرة النسياف‪ ،‬يرى اصحاب ىذه النظرية اف‬
‫محتويات الذاكرة تتناقص تدريجيا وتضعؼ بمرور الزمف خاصة اذا كانت المعمومات‬
‫عرضة لمضعؼ او الزواؿ التدريجي نتيجة لعدـ االستعماؿ او مرور فترات طويمة لـ يتـ‬
‫استخداـ ىذ ه الحقائؽ او اف تمؾ الحقائؽ لـ تعد ذات اىمية بالنسبة لمفرد وفي الحقيقة‬
‫يعزى النسياف وفقا ليذه النظرية الى عامؿ الزمف عمى وجو الخصوص‪ .‬وتعرؼ ىذه‬
‫النظرية بمسميات اخرى مثؿ نظرية الترؾ او التمؼ او الضمور‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.2‬نظرية االحالل والتداخل ‪Displacement - Interference Theory‬‬


‫يرى اصحاب نظرية التداخؿ اف تعمـ مجموعة مف المعمومات الجديدة المشابية‬
‫لمعمومات سابقة تـ االحتفاظ بيا قد يؤثر ذلؾ عمى استرجاع المعمومات القديمة وقد‬
‫تؤثر عمى كفاءة االحتفاظ واالستراجاع لممعمومات الجديدة‪ ،‬وىذا شكؿ مف اشكاؿ‬
‫التداخؿ أي اف المعمومات الموجودة في الذاكرة قصيرة المدى قد تتاثر بالمعمومات‬
‫الجديدة الداخمة عمييا فتتداخؿ معيا او تحؿ محميا‪.‬‬
‫وقد ياخذ التداخؿ احد الشكميف التالييف‪:‬‬
‫أ‪ -‬التداخل البعدي ‪Retroactive Interference‬‬
‫فقد القدرة عمى استرجاع معمومات ما تـ االحتفاظ بيا قبؿ ذلؾ نتيجة دخوؿ او تعرض‬
‫الفرد لالحتفاظ بمعمومات جديدة اكثر تاكيدا حوؿ نفس الموضوع‪.‬‬

‫ب‪-‬التداخل القبمي ‪proactive Interfernce‬‬


‫ىو نسياف او صعوبة تذكر معمومة او صعوبة احتفاظ او تذكر او استرجاع ميارة او‬
‫معمومة جديدة بسبب وجود معمومات قديمة ثابتة حوؿ نفس الموضوع القديـ‪.‬‬

‫‪.3‬نظرية الفشل في االسترجاع ‪Failure Retrival‬‬


‫تؤكد ىذه النظرية عمى اف المعمومات ال تتالشى مف الذاكرة واف النسياف ما ىو إال‬
‫صعوبات في عممية التذكر بسبب عوامؿ عديدة ترتبط جميعيا بصعوبات تحديد مواقع‬
‫المعمومات المراد تذكرىا في الذاكرة طويمة المدى‪ ،‬ومف ىذه العوامؿ غياب المنبيات‬
‫المناسبة لتنشيط الخبرات المراد تذكرىا أو سوء الترميز أو التخزيف لمخبرة‪.‬‬

‫‪.4‬نظرية تغير االثر ‪Trace-Change Theory‬‬


‫تنطمؽ نظرية الجشطمت في تفسيرىا لمنسياف مف افتراض رئيسي حوؿ الذاكرة اإلنسانية‬
‫مفاده اف ىذه الذاكرة تمتاز بالطبيعة الديناميكية بحيث تعمؿ عمى إعادة تنظيـ محتوى‬

‫‪27‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الخبرات لتحقيؽ ما يسمى الكؿ الجيد ‪ ،Good geshtalt‬والذي يمتاز باالتساؽ‬


‫والتكامؿ ويعطي معنى معينا او يؤدي وظيفة ما‪ .‬فخالؿ عمميات إعادة تنظيـ محتوى‬
‫الخبرات في ضوء تفاعالت الفرد المستمرة‪ ،‬فاف بعض الخبرات ربما تتغير أو تفقد بعضاً‬
‫منيا او أنيا تدمج مع خبرات أخرى‪ ،‬وىذا بالتالي يزيد مف صعوبة عممية تذكرىا‪.‬‬
‫‪.5‬نظرية الكبت ‪Repression Theory‬‬
‫مفيوـ الكبت في نظرية التحميؿ النفسي لفرويد ىو‪ :‬ميكانزـ دفاعي يستخدمة الفرد في‬
‫خفض التوتر الشعوري عف طريؽ نسياف بعض الحقائؽ الخاصة او الذكريات الخاصة‪،‬‬
‫أي اف اإلنساف ينسى عف طريؽ كبت الحقائؽ واألشياء التي الييتـ بيا والتي اليريد‬
‫تذكرىا خاصة الخبرات المؤلمة والتي تجرح كبرياء الفرد‪ ،‬وىنا الكبت ىو شكؿ مف‬
‫إشكاؿ النسياف المقصود‪.‬حيث ترفع الذكريات المحرجة مف حيز الشعور الى حيز‬
‫الالشعور بيدؼ حماية (األنا) الذات‪.‬كما اف بعض وجيات النظر يعزو النسياف الى‬
‫غياب الدافعية لتذكر خبره ما‪ ،‬وىناؾ البعض األخر يعزوه الى عدـ االنتباه باألصؿ‬
‫لبعض الخبرات‪ ،‬أو لعدـ وضوح الخبرات المكتسبة وعدـ اكتماليا‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الفصل الثالث‬
‫ال نتباه ‪Attention‬‬
‫االنتبػػاه ىػػو أوؿ عمميػػة معرفيػػة نمارسػػيا عنػػد التعامػػؿ مػػع مثيػرات البيئػػة الحسػػية‪-‬‬
‫قبػؿ اإلدراؾ‪ -‬حيػػث يصػبح أوؿ ىػػدؼ لنػا ىػػو التعػرؼ عمػػى طبيعػة المثيػرات المتػوفرة فػػي‬
‫النظاـ الحسي لمفرد لتقرير أي المثيرات سيتـ االىتماـ بيا ومعالجتيا وادراكيا‪.‬‬
‫يتعرض االنساف يوميا الى آالؼ المثيرات الحسػية مػف خػالؿ الحػواس الخمسػة وال‬
‫تسػػمح لػػو طاقاتػػو الجسػػمية والعقميػػة اف يتعامػػؿ مػػع كػػؿ ىػػذه المثي ػرات‪ ،‬كػػأف يس ػتمع الػػى‬
‫شخصػػيف او يػػدرؾ صػػورتيف متباعػػدتيف فػػي الوقػػت نفسػػو‪ ،‬وبالتػػالي فػػأف االنتبػػاه يسػػاعد‬
‫الفرد عمى اف ينتقي المثيػرات التػي يريػدىا ويعػزؿ المثيػرات االخػرى وكأنيػا غيػر موجػودة‪.‬‬
‫وبػػذلؾ فػػاف تحديػػد عػػدد المثيػػرات التػػي يسػػمح ليػػا بػػدخوؿ نظػػاـ المعالجػػة لديػػو تجعػػؿ مػػف‬
‫عمميػػة االدراؾ ممكنػػة وفعالػػة وتػػوفر الطاقػػة والجيػػد الجسػػدي والعقمػػي ألف االنتبػػاه يكمػػؼ‬
‫مف الجيد والطاقة العقمية والجسدية‪.‬‬

‫تعريف االنتباه‪:‬‬
‫يتفػػؽ جميػػع عممػػاء الػػنفس المعرفػػي عمػػى اف االنتبػػاه عمميػػة معرفيػػة تنطػػوي عمػػى تركيػػز‬
‫االدراؾ عمى مثير معيف مف بيف عدة مثيرات مف حولنا‪.‬‬

‫طبيعة عممية االنتباه‪:‬‬


‫تتع ػػدد وجي ػػات النظ ػػر ح ػػوؿ طبيع ػػة االنتب ػػاه وخصائص ػػة المميػ ػزة بحي ػػث يمك ػػف ابػ ػراز‬
‫الخصائص التالية لالنتباه‪:‬‬
‫اوالً ‪ :‬ينظر الى االنتباه عمى انو عممية اختيار تنفيذية لحدث او مثير والتركيػز فيػو‪ ،‬فيػو‬
‫يمثػػؿ العمميػػة التػػي يػػتـ مػػف خالليػػا اختيػػار بعػػض الخبػرات الحسػػية الخارجيػػة او الداخميػػة‬
‫والتركيز فييا مف اجؿ معالجتيا في نظاـ معالجة المعمومات‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ثانياً ‪ :‬ينظر الى االنتباه عمى انو عممية شػعورية فػي االصػؿ تتمثػؿ فػي تركيػز الػوعي او‬
‫الشعور في مثير معيف دوف غيره مف المثيرات االخرى‪ .‬ويمكػف لعمميػة االنتبػاه اف تصػبح‬
‫عممية الشعورية(اوتوماتيكية) في حالة الممارسة المكثفة لبعض المثيػرات او المواقػؼ‪ ،‬او‬
‫في حالة المثيرات او العمميات المألوفة‪.‬‬
‫ثالث ـاً‪ :‬ىنػػاؾ مػػف ينظػػر الػػى االنتبػػاه عمػػى انػػو مجيػػود ‪ effort‬او حالػػة اسػػتثارة‪arousal‬‬
‫تحػدث عنػدما تصػؿ االنطباعػػات الحسػية عبػر الحػواس الػػى الػذاكرة الحسية‪.‬ويسػتند ىػؤالء‬
‫الى فكرة اف الفرد عندما يقوـ ببعض االنشطة التي تتطمب تركيػز االنتبػاه مثػؿ العمميػات‬
‫الحسابية او قيادة السػيارة او المناقشػة او السػباحة وغيرىػا مػف االنشػطة‪ ،‬غالبػاً مػا يبػذلوف‬
‫مجيػػودا عقميػػا يت ارفػػؽ بتغييػ ارت فسػػيولوجية وذلػػؾ كمػػا تقيسػػو المقػػاييس الخاصػػة بذلؾ‪.‬فقػػد‬
‫اظيػػرت نتػػائج د ارسػػة كاىنمػػاف‪ Kahneman 9<:1‬اف قطػػر العػػيف يتوسػػع اثنػػاء تركيػػز‬
‫االنتباه عمى الميمات‪ ،‬ويزداد توسػعا كممػا كانػت الميمػات المطمػوب التركيػز فييػا تتطمػب‬
‫عمميات عقمية اكثر تعقيداً‪ ،‬أي الميمات االكثر صعوبة‪.‬‬
‫اربعاً‪ :‬ينظر الػى االنتبػاه عمػى انػو طاقػة محػدودة ‪ Limited energy‬او مصػدر محػدود‬
‫السعة‪ limited capacity‬اليمكف تشتيتيا لتنفيذ أكثر مف ميمة فػي نفػس الوقت‪.‬وحسػب‬
‫وجية النظر ىذه‪ ،‬فأنو مف الصعوبة االنتباه الى اكثػر مػف خبػرة حسػيية او تنفيػذ عمميتػيف‬
‫عقميتيف في الوقت نفسو‪.‬‬

‫انواع االنتباه‪:‬‬
‫ىػػؿ جميػػع ق اررتنػػا لتركيػػز االنتبػػاه عمػػى مثيػػر مػػا او االىمػػاؿ لمثيػرات اخػػرى تكػػوف بػػوعي‬
‫وارادة منا دائماً ؟ ولالجابة عمى ىذا السؤاؿ البد مف التمييز بيف انواع االنتباه االتية‪:‬‬
‫‪.1‬االنتبـاه االرادي االنتقـائي‪ :‬يعػد ىػػذا النػوع مػف االنتبػاه أراديػاً حيػث يحػاوؿ الفػرد تركيػػز‬
‫انتباى ػػو عم ػػى مثي ػػر واح ػػد م ػػف ب ػػيف ع ػػدة مثيػ ػرات‪ .‬ويح ػػدث ى ػػذا االنتب ػػاه انتقائي ػػا بس ػػبب‬
‫محدودية الطاقة العقمية لمفرد ومحدودية سعة التخزيف وسرعة المعالجة لممعمومات‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.2‬االنتبــاه الــال رادي القســري‪ :‬ويعػػد ىػػذا النػػوع مػػف االنتبػػاه ال اراديػػا او قسػرياً حيػػث يركػػز‬
‫الفػػرد أنتباى ػو عمػػى مثيػػر يفػػرض نفسػػو عمػػى الفػػرد بطريق ػة قس ػرية ودوف بػػذؿ جيػػد عػػالي‬
‫لالختيػػار بػػيف المثي ػرات لدرجػػة يصػػبح فييػػا االنتبػػاه وكأنػػة الشػػعوري وغيػػر انتقػػائي حيػػث‬
‫يعزؿ الفرد فييا نفسو بالكامؿ خارج اطار المثير الذي يشد انتباىو‪.‬‬
‫‪.3‬االنتبــاه االنتقــائي التمقــائي‪ :‬وىػػو االنتبػػاه لمثيػػر يش ػبع حاجػػات الفػػرد ودوافعػػو الذاتيػػة‬
‫حيػػث يركػػز الفػػرد انتباىػػو الػػى مثيػػر واحػػد مػػف بػػيف عػػدة مثي ػرات بيسػػر وسػػيولة تامة‪.‬ىػػذا‬
‫االنتبػػاه انتقػػائي وال يحتػػاج الػػى طاقػػة وجيػػد عقمػػي او جسػػدي عػػالي لتركيػػز االنتبػػاه لػػذلؾ‬
‫يصعب عمى االخريف تشتيتو حتى لو حاولنا ذلؾ جاىديف‪.‬‬

‫نظريات االنتباه‬
‫تختمػػؼ النظػرة الػػى موضػػوع االنتبػػاه مػػف حيػػث كونػػو قػػدرة ذات سػػعة محػػدودة ومػػف‬
‫حيػػث دوره فػػي م ارحػػؿ بنػػاء المعمومػػات ومعالجتيػػا‪ ،‬ىنػػاؾ مجموعػػة مػػف النظريػػات بيػػذا‬
‫الشاف تتمخص باالتي‪:‬‬
‫اوالً‪:‬مجموعة نظريات االنتباه احادية القناة‪ -‬نظريات المرشح‬
‫‪Single channel- Filter Theories‬‬
‫‪( )broabent‬ودوتػ ػ ػش‬ ‫وتش ػ ػػمؿ ى ػ ػػذه النظري ػ ػػات نظري ػ ػػة ك ػ ػػؿ مف(برودبن ػ ػػت;‪9<8‬‬
‫ودوتػػش‪()Deutsch&Deutsch 9<91‬وكيمػػي‪( )Keele 9<:1‬ونورمػػاف ‪Norman‬‬
‫‪)Welford‬‬ ‫‪9<89‬‬ ‫‪( )Treisman‬وولف ػ ػ ػػورد‬ ‫<‪( )9<9‬وتريزم ػ ػ ػػاف<‪9<9‬‬
‫(وكير‪ )(Kerr9<:1‬وتتفؽ ىذه النظريات حوؿ عدد مف المسائؿ والتي تتمثؿ بما يمي‪:‬‬
‫‪ .9‬اف المعمومات اثناء معالجتيا تمر في عدد مف المراحؿ وىي‪:‬‬
‫أ‪ .‬مرحمة التعرؼ‪ :‬وتشمؿ عمميتي االدراؾ‪ -‬االحساس‪.‬‬
‫ب‪ .‬مرحمة اختيار االستجابة‪.‬‬
‫جػ‪ .‬مرحمة تنفيذ االستجابة‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪ .9‬اف االنتب ػػاه طاق ػػة احادي ػػة القن ػػاة اليمك ػػف توجييي ػػا ال ػػى اكث ػػر م ػػف مثيػ ػريف او عمميت ػػيف‬
‫بالوقػػت نفسػػو‪ ،‬فيػػي طاقػػة محػػدودة السػػعة يػػتـ تركيزىػػا عمػػى مثيػػر معػػيف دوف غي ػره مػػف‬
‫المثيرات االخرى‪.‬‬
‫‪ .1‬اف ىنػػاؾ مرشػػحا ‪ Filter‬يعمػػؿ كسػػتارة يسػػمح لمعالجػػة بعػػض المعمومػػات مػػف خػػالؿ‬
‫تركيز االنتباه عمييا‪ ،‬ويمنع البعض االخر مف المعالجة لعدـ االنتباه الييا‪.‬‬
‫وبالرغـ مف اتفاؽ ىػذه النظريػات حػوؿ المسػائؿ السػابقة‪ ،‬إال انيػا تختمػؼ فيمػا بينيػا حػوؿ‬
‫مكاف وجود المرشح‪.‬‬
‫نج ػػد اف ولف ػػورد‪ Welford 9<89‬يفت ػػرض ف ػػي نظريت ػػو اف المرش ػػح يوج ػػد ف ػػي مرحم ػػة‬
‫االحساس‪ ،‬حيث يتـ اختيار مثير دوف غيػره مػف المثيػرات االخػرى ليػتـ االنتبػاه اليػو ريثمػا‬
‫تتـ معالجتو‪.‬‬
‫امػػا النظريػػات االخػػرى كنظريػػة برودبنػػت;‪ 9<8‬ودوتػػش ودوتػػش‪ ،9<91‬وكيمػػي‪9<:1‬‬
‫وكي ػ ػػر‪ 9<:1‬ونورم ػ ػػاف<‪ 9<9‬وتريزم ػ ػػاف<‪ 9<9‬في ػ ػػي تػ ػ ػرفض فكػ ػ ػرة اف جمي ػ ػػع الم ارح ػ ػػؿ‬
‫تس ػػتدعي تركي ػػز االنتب ػػاه وتفتػ ػرض اف الم ارح ػػؿ االول ػػى م ػػف معالج ػػة المعموم ػػات ت ػػتـ دوف‬
‫الحاجة الى تركيز االنتباه‪ ،‬في حيف تتطمب المراحؿ الالحقة مزيداً مف االنتباه‪.‬‬
‫يقت ػػرح برودبن ػػت اف مك ػػاف وج ػػود المرش ػػح ف ػػي مرحم ػػة االدراؾ (التميي ػػز) وم ػػا بع ػػدىا م ػػف‬
‫المراحؿ حيث انيا تتطمب االنتباه‪ ،‬اما دوتػش ودوتػش ونورومػاف فيػروا اف مرحمػة التعػرؼ‬
‫تتـ تمقائيا حيث التتطمب االنتباه‪ ،‬واف وجود المرشح يقع في الم ارحػؿ التػي تػأتي بعػد ىػذه‬
‫المرحمة‪ ،‬في حيف نجػد اف كيمػي يػرى اف المرشػح يوجػد فػي مرحمػة اختيػار االسػتجابة ومػا‬
‫بعدىا‪ .‬كما في الشكؿ ادناه‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫مزحلةةةت تنفيةةةذ‬ ‫مزحلت اختيار‬ ‫مزحلت التعزف‬


‫االستجابت‬ ‫االستجابت‬ ‫االحساس االدراك‬

‫االنتباه‬ ‫نظرية ولفورد‬

‫االنتباه‬ ‫نظرية برودبنت‬

‫االنتباه‬ ‫نظرية دوتش ودوتش‪ ،‬ونورماف‬

‫اال‬ ‫نظرية كيمي‬

‫موقع المرشح حسب وجية النظريات‬

‫ثانيا‪:‬نظرية التوزيع المرن لسعة االنتباه(نظرية كانمان ‪1973 )Kahnemen‬‬


‫‪Flexible allocation of capacity‬‬
‫تختمؼ ىذه النظرية مع النظريات السابقة مف حيث اعتبار االنتباه سعة محدودة توجو‬
‫الى مثير او عممية في وقت معيف وتحجب عف غيره مف المثيرات االخرى‪.‬فقد اكد‬
‫كانماف اف أي عممية معرفية تتطمب كمية مف الطاقة العقمية والقدرة عمى المعالجة‪،‬‬
‫فبعض االنشطة المعرفية(االنشطة المعروفة و المألوفة) تحتاج الى كميات محدودة مف‬
‫الطاقة‪ ،‬وبعض األنشطة الصعبة (االنشطة غير المألوفة) تحتاج الى كميات كبيرة مف‬
‫الطاقة‪ ،‬وتستنف ذ كميات كبيرة مف القدرة عمى المعالجة المعرفية المتوفرة‪.‬اف سعة االنتباه‬
‫يمكف اف تتغير عمى نحو مرف تبعاً لتغيرات متطمبات الميمة التي نحف بصدد االنتباه‬
‫الييا‪ .‬ففي الوقت ا لذي ينتبو فيو الفرد الى ميمتيف مختمفيف قد يزداد االنتباه الى احدىما‬
‫نظ اًر لزيادة صعوبة مطالبيا في الوقت الذي يقؿ االنتباه الى االخرى مع عدـ تجاىميا‬
‫كمياً‪ .‬ويؤكد كانماف اف االنتباه بالرغـ مف تغيره بيف الميمة االولى والثانية‪ ،‬فيو يستمر‬

‫‪33‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫عمى نحو متواز خالؿ جميع مراحؿ المعالجة‪ .‬فاالنتباه يمكف توزيعو عمى نحو مرف الى‬
‫عدة ميمات او عمميات في الوقت نفسو‪ ،‬وذلؾ اعتماداً عمى اىميتيا وصعوبتيا النسبية‬
‫باالضافة الى عوامؿ اخرى تتعمؽ بالموقؼ او ترتبط بالشخص ذاتو‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬نظريات االنتباه متعدد المصادر ‪Multiple –Resources Theories‬‬
‫تفرض ىذه النظريات اف االنتباه يجب اف الينظر اليو عمى انو عبارة عف مصدر او‬
‫طاقة محدودة السعة(احادي القناة)‪ ،‬وانما مصادر متعددة القنوات لكؿ منيا سعة معينة‬
‫ومخصصة لمعالجة نوع ما مف المعمومات‪.‬‬
‫وحسب ىذه النظريات فاف االنتباه يمكف توجييو الى اكثر مف مصدر مف المعمومات‬
‫المختمفة‪ ،‬ويستمر خالؿ مراحؿ معالجة المعمومات دوف أي تداخؿ فيما بينيا‪ ،‬او تأثر‬
‫مستوى االنتياه الموجو الييا‪.‬‬
‫تؤكد ىذه النظريات اف االنتباه يمكف اف يكرس عبر قنوات مختمفة ومنفصمة عف بعضيا‬
‫البعض الى انواع مختمفة مف المعمومات عبر مراحؿ المعالجة المختمفة دوف حصوؿ أي‬
‫تداخؿ في االنتباه فيما بينيا‪ ،‬فعمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬اثناء الطباعة يمكف تكريس االنتباه الى‬
‫قراءات الموضوعات المراد طباعتيا‪ ،‬وتحريؾ االصابع بالنقر عمى اقراص لوحة الطباعة‬
‫واالستماع الى الموسيقى في الوقت نفسو دوف اف تتأثر اية ميمة باالخرى‪.‬‬
‫‪Action -Selection Theory‬‬ ‫رابعاً‪ :‬نظرية اختبار الفعل لنيومان‬
‫‪Neumann 1987‬‬
‫ينتقد نيوماف مجموعة النظريات التي تعتبر االنتباه مصدر محدد السعة ‪ ،‬بؿ‬
‫يفترض اف اختيار النشاط او الفعؿ ىو اآللية االساسية في عممية االنتباه وفي توجييو‪.‬‬
‫فيو يفترض ا ف الفرد يحدد انتباىو في أي لحظة مف المحظات مف اجؿ تحقيؽ ىدؼ‬
‫معيف(يركض‪ ،‬يق أر‪ ،‬او ينظر الى شيء او يستمع الى صوت)‪ .‬ويرى اف الفرد في أي‬
‫لحظة مف المحظات يستقبؿ العديد مف المنبيات الحسية‪ ،‬او يواجو عدة مثيرات معاً‪،‬‬
‫ولكف المحصمة النيائية لؤلنتباه تتوقؼ عمى اختيار الفعؿ المناسب ‪ .‬وبناءاً عمى عممية‬
‫االختيار يتـ كبح العديد مف العمميات االخرى نظ اًر لتوجية االنتباه الى فعؿ آخر‪ ،‬بحيث‬

‫‪34‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ينتج عف ذلؾ صعوبة في ادراؾ وتنفيذ الميمات االخرى‪ ،‬في حيف يتـ اداء الفعؿ او‬
‫الميمة التي تـ توجيو االنتباه الييا عمى نحو سيؿ‪.‬ويرى نيوماف اف التداخؿ في االنتباه‬
‫بيف ميمتيف اليحدث بسبب اف االنتباه طاقة محدودة السعة‪ ،‬وانما بسبب عممية اختيار‬
‫الفعؿ المنوي تنفيذه او القياـ بو‪ .‬ويرى اف اختيار الفعؿ لتوجية االنتباه اليو يعتمد عمى‬
‫مدى اىمية الفعؿ والحاجة الى تنفيذه‪.‬‬

‫العوامل التي تؤثر في شد وحصر االنتباه‬


‫يتأثر االنتباه بعدد مف العوامؿ التي تحد مف قدرة الفرد عمى التركيز وبالتالي تنفيذ‬
‫الميمات التي ىو بصدد القياـ بيا‪ ،‬ويمكف اجماؿ ىذه العوامؿ في مجموعتيف‪:‬‬
‫اوالً ‪ :‬مجموعة العوامل المرتبطة بالفرد‬
‫‪.1‬سمات الشخصية‪ :‬تشير الدراسات الى اف ىناؾ عالقة بيف سمات الشخصية والقدرة‬
‫عمى تركيز االنتباه‪ .‬فالشخص المنبسط والمطمئف والذكي وصاحب النمط ‪ B‬في‬
‫الشخصية ىو اكثر قدرة عمى تركيز االنتباه مف المنطوي والقمؽ واالقؿ ذكاءا وصاحب‬
‫النمط‪ A‬في الشخصية‪.‬‬
‫‪.2‬الحالة االنفعالية والمزاجية التي يمر بيا الفرد‪ :‬اف مثؿ ىذه العوامؿ غالباً ما‬
‫تصرؼ أنتباه الفرد سواء عف المثيرات الخارجية او عف عممية التفكير بحد ذاتيا‪ .‬فالفرد‬
‫الذي يعاني مف مزاج سيء او الـ شديد تتأثر درجة انتباىو الى المنبيات االخرى‪.‬‬
‫‪.3‬الحاجات والدوافع الشخصية‪ :‬اف وجود دوافع ممحة بحاجة الى االشباع غالباً ما‬
‫تصرؼ انتباه الفرد عف العديد مف المنبيات والمؤثرات االخرى‪.‬‬
‫‪.4‬التوقع ‪ :‬يوجو الفرد في الغالب انتباىو الى المثيرات المرتبطة بالتوقع وذلؾ عندما‬
‫يتوقع حدوث شيء ما‪ ،‬وىو بذلؾ ييمؿ المنبيات االخرى‪.‬‬
‫‪.5‬القدرات العقمية ‪ :‬تزداد قدرة الفرد عمى االنتباه والتركيز بارتفاع القدرات العقمية لديو‬
‫والسيما الذكاء‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ثانياً‪:‬مجموعة العوامل المرتبطة بالمثير او الموقف‬


‫‪.1‬الخصائص الفيزيائية لممثير او الموقف كالمون والشكل والحجم والشدة والموقع‬
‫بالنسبة لمخمفية التي يقع عمييا المثير‪.‬فااللواف الزاىية تجذب االنتباه اكثر مف الداكنة‪،‬‬
‫واالصوات العالية تحتؿ بؤرة االىتماـ اكثر مف االصوات الخافتة والروائح الشديدة تناؿ‬
‫االىتماـ اكثر مف الروائح االعتيادية‪.‬‬
‫‪.2‬التباين والتغاير في شدة المثير‪ :‬المثيرات التي تمتاز بشدة معينة ومتجانسة التجذب‬
‫االنتباه الييا‪ ،‬فالتغاير او التذبذب في شدة المثير يعمؿ عمى جذب االنتباه‪.‬‬
‫‪.3‬الجدة والحداثة والغرابة في المثيرات‪:‬اف المثيرات المألوفة التجذب االنتباه الييا الف‬
‫الفرد اصبح معتادا عمييا‪ ،‬في حيف اف المثيرات الجديدة او غير المالوفة سرعاف ما‬
‫تحتؿ بؤرة اىتماـ الفرد‪.‬‬
‫العوامل المتشتتة لالنتباه‬
‫مف االضطرابات الشائعة التي يعاني منيا الطمبة اثناء التحصيؿ الدراسي او استذكار‬
‫الدروس‪ ،‬ضعؼ القدرة عمى التركيز وحصر االنتباه في المادة المراد دراستيا او حفظيا‪.‬‬
‫ويعد التركيز اصطالح شائع ويقصد بو القدرة عمى التحكـ في االنتباه‪ ،‬وخاصة القدرة‬
‫عمى مقاومة التشتت‪ ،‬اف ضعؼ القدرة عمى التركيز يرجع الى عدة عوامؿ بعضيا‬
‫داخمي او ذاتي‪ ،‬أي يرجع الى الفرد ذاتو‪ ،‬وبعضيا االخر خارجي‪ ،‬أي يرجع الى البيئة‪.‬‬
‫اوالً‪:‬العوامل الداخمية‪:‬‬
‫‪(.1‬عوامل فسيولوجية) وتشمؿ اضطرابات االجيزة الجسمية‪ ،‬وسوء التغذية‪ ،‬والتعب‪،‬‬
‫واالرىاؽ والممؿ‬
‫‪(.2‬عوامل نفسية) وتشمؿ العقد النفسية والصراعات فيي تستنفذ قد اًر كبي اًر مف الطاقة‬
‫العصبية الالزمة لعممية االنتباه ومف امثمة ذلؾ عقدة الذنب او النقص‪،‬والقمؽ واالفكار‬
‫وشدة االنفعاالت‪ ،‬واالسراؼ في التأمؿ الذاتي واجترار المتاعب واالالـ واالستسالـ‬
‫الحالـ اليقظة‪ ،‬وانشغاؿ المرء بأمور اخرى غير موضوع االنتباه‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ثانياً‪:‬العوامل الخارجية‪:‬‬
‫‪(.1‬عوامل اجتماعية) وتشمؿ االمور ذات االىمية الخاصة بالنسبة لمفرد مثؿ المشكالت‬
‫العائمية او المالية والتي لـ تحسـ بعد‪ ،‬واليستطيع الفرد الخالص منيا‪.‬‬
‫‪(.2‬عوامل بيئية) وتشمؿ (الضوضاء او سوء االضاءة او سوء التيوية وارتفاع درجة‬
‫الح اررة ونسبة الرطوبة وتؤدي الى سرعة التعب وازدياد قابمية الفرد لمتييج وبالتالي فقداف‬
‫القدرة عمى حصر االنتباه‪.‬‬
‫ويرتبط االنتباه ايضا بالذكاء العاـ والعمر والخبرة والدوافع ويتأثر بالوراثة وىناؾ‬
‫اضطرابات تختص باالنتباه ايضا مثؿ(شرور الذىف) وفقداف القدرة عمى تثبيت االنتباه‬
‫لفترة وجيزة واالفراط في االنتباه‪.‬‬
‫وظائف االنتباه ‪ :‬اف تركيز العمميات المعرفية عمى المنبيات الخارجية ىي الوظيفة‬
‫االساسية لالنتباه حتى يمكف تجميع المعمومات حوليا‪ ،‬وىناؾ وظائؼ اخرى لالنتباه‬
‫ىي‪:‬‬
‫‪.9‬يساعد عمميات التعمـ والتذكر واالدراؾ مف خالؿ التركيز عمى المثيرات التي تسيـ‬
‫في زيادة فاعمية التعمـ واالدراؾ مما ينعكس عمى زيادة فاعمية ىذه العمميات‪.‬‬
‫‪ .9‬تعمـ عزؿ المثيرات التي تعيؽ عممية التعمـ والتذكر واالدراؾ والتي يصطمح عمييا‬
‫(مشتتات االنتباه) مف خالؿ تجاىميا‪.‬‬
‫‪.1‬يحتاج االنساف الى االنتباه لتنسيؽ‪ ،‬وضبط السموؾ‪ ،‬فاالنتباه نظاـ يمكنو تعييف‬
‫االولويات في حالة تصارع او تزاحـ المثيرات‪ ،‬او حينما تقاطعنا احداث ذات اىمية‬
‫وغير متوقعة‪.‬‬
‫‪.1‬يعمؿ االنتباه عمى تنظيـ البيئة المحيطة باالنساف‪ ،‬اذ ال يسمح بتراكـ المثيرات‬
‫الحسية عمى حاسة واحدة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الفصل الرابع‬
‫اإلدراك ‪perception‬‬
‫يحتؿ موضوع اإلدراؾ أىمية كبرى لدى المختصيف بالدراسات النفسية عموما‬
‫والميتميف بعمـ النفس المعرفي عمى وجو الخصوص‪ ،‬فيو يمثؿ العممية الرئيسية التي‬
‫مف خالليا يتـ تمثيؿ األشياء في العالـ الخارجي واعطائيا المعاني الخاصة بيا‪.‬‬
‫فاإلدراؾ عممية معرفية تمكف اإلفراد مف فيـ العالـ الخارجي المحيط بيـ والتكيؼ معو‬
‫مف خالؿ اختيار األنماط السموكية المناسبة في ضوء المعاني والتفسيرات التي يتـ‬
‫تكوينيا لؤلشياء‪.‬‬

‫تعريف اإلدراك‪:‬‬
‫تشترؾ غالبية تعريفات اإلدراؾ عمى اعتباره عممية تحويؿ االنطباعات الحسية الى‬
‫تمثيالت عقمية معينة مف خالؿ تفسيرىا واعطاءىا المعاني الخاصة بيا‪.‬‬

‫االدراك‪ :‬ىو قدرة االنساف عمى تنظيـ المثيرات التي تزودنا بيا الحواس او العممية التي‬
‫يتـ مف خالليا تنسيؽ عمؿ الحواس وجعميا ذات معنى‪.‬‬

‫االحساس واالدراك ‪ :‬اليمكف الحديث عف عممية االدراؾ بمعزؿ عف عممية االحساس‬


‫‪ Sensation‬حيث يرتبط االدراؾ ارتباطاً وثيقاً باالحساس‪.‬وىذا اليعني تحديداً انيما‬
‫عممية واحدة‪ ،‬اذ توجد بعض الفروؽ بيف ىاتيف العمميتيف فاالحساس عممية فيسولوجية‬
‫تتمثؿ في استقباؿ االثارة الحسية مف العالـ الخارجي وتحويميا الى نبضات كيروعصبية‬
‫في النظاـ العصبي‪ ،‬في حيف اف االدراؾ ىو عممية تفسير ليذه النبضات واعطائيا‬
‫المعاني الخاصة بيا‪.‬‬
‫فاالدراؾ عممية نفسية ليا بعداف ‪ :‬بعد حسي يرتبط باالحساس مف جية‪ ،‬وبعد معرفي‬
‫يرتبط بالتفكير والتذكر مف جية اخرى‪.‬اذ اف تفسير االنطباعات الحسية يعتمد عمى‬
‫‪38‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الخبرات المخزنة في الذاكرة‪ ،‬فعندما نقوؿ ىذه وردة حمراء فمثؿ ىذه المعنى او التفسير‬
‫جاءا اعتمادا عمى الخبرات المخزنة سابقاً لدينا والمرتبطة بالموف والشكؿ ‪ .‬وىكذا يمكف‬
‫القوؿ باف االحساس ىو الوعي او الشعور بوجود الشيء مف خالؿ االثارة القادمة عبر‬
‫المجسات الحسية‪ ،‬في حيف اف االدراؾ ىو المعنى او التفسير الذي يعطى لمثؿ ىذه‬
‫االثارة اعتمادا عمى الخبرة السابقة يمكف القوؿ اف االحساس ىو بمثابة تشكيؿ تصور او‬
‫انطباع حسي‪ ،‬في حيف اف االدراؾ ىو تفسير ليذا االنطباع واعطاءه المعنى الخاص‬
‫بو‪.‬‬

‫نظريات االدراك‪:‬‬
‫تختمؼ النظرة الى طبيعة االدراؾ مف حيث اعتباره عممية مباشرة‪ ،‬او عممية معالجة‬
‫داخمية‪ ،‬حيث توجد وجيتا نظر مختمفيف في ىذا الشاف وىما‪:‬‬
‫اوالً‪:‬وجية النظر البيئية ‪Direct or Ecological perspective‬‬
‫ينظر اصحاب وجية النظر ىذه الى االدراؾ عمى انو عممية مباشرة ‪ direct‬الشعورية‬
‫‪ automatic‬تعتمد بالدرحة االولى عمى خصائص االشياء الموجودة في العالـ الخارجي‬
‫والتي تزودنا بيا الطاقة المنبعثة عنيا‪ .‬ىذه الطاقة تحدث اثارة حسية فييا مف‬
‫الخصائص ما يكفي لتمييزىا والتعرؼ عمييا دوف الحاجة لتدخؿ النظاـ االدراكي‬
‫‪ntervening‬‬ ‫‪ perceptual system‬الى اجراءات عمميات داخمية توسيطية‬
‫‪ processes‬عمييا‪.‬‬
‫وحسب وجية النظر ىذه‪ ،‬فاف النظاـ االدراكي يكوف سمبي ‪ passive‬تتمثؿ ميمتة‬
‫في التقاط خصائص االشياء والحوادث الخارجية وتجميعيا تماما كما يتـ التزود بيا مف‬
‫خالؿ المجسات الحسية دوف اف يجري عمييا ايو تحويالت او معالجات‪.‬‬
‫وتؤكد وجية النظر ىذه اف الخطأ في االدراؾ يرجع بالدرجة االولى الى عدة عوامؿ‬
‫منيا ما يرتبط بخصائص االشياء‪ ،‬في حيف يرتبط البعض االخر بخصائص الفرد‪.‬فقد‬
‫يرجع الخطأ في األدراؾ الى غموض االشياء في الخارج وعدـ وضوحيا‪ ،‬أو لعدـ وجود‬

‫‪39‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫معمومات كافية عنيا‪ ،‬او ربما يرجع الى عوامؿ شخصية مثؿ التوتر والتعب والحاجات‬
‫والقابميات‪ .‬ويعد كؿ مف جبسف وتورفي وريد وميس مف اكثر المدافعيف عف وجية‬
‫النظر ىذه‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬وجيو النظر البنائية ‪constructed Perspective‬‬


‫تؤكد وجية النظر ىذه الطبيعة البنائية لالدراؾ‪ ،‬حيث تفترض اف عممية االدراؾ‬
‫عممية تقدير تخمينية لالشياء وليست مجرد عممية مباشرة تقوـ عمى التقاط الخصائص‬
‫التي تزودنا بيا الطاقة المنبعثة عف االشياء‪.‬‬
‫تؤكد وجية النظر ىذه الطبيعة النشطة لنظامنا االدراكي‪ ،‬فيو يعمؿ عمى تعديؿ‬
‫االنطباعات الحسية عف االشياء الخارجية مف اجؿ تقديرىا وتفسيرىا‪ .‬فاالنطباع الحسي‬
‫يخضع الى عممية معالجة داخمية تعتمد عمى استخداـ مصادر اضافية مف المعمومات‬
‫غير تمؾ التي يتـ التزود بيا مف خالؿ النظاـ االدراكي اعتماداً عمى طبيعة العمميات‬
‫المعرفية المستخدمة في المعالجة والخبرات السابقة المخزونة في الذاكرة ‪ .‬فاالدراؾ‬
‫يعتمد ع مى مجموعة واسعة مف المعمومات بعضيا يقع ضمف نطاؽ االحساس في حيف‬
‫يقع البعض االخر خارج نطاقو‪ .‬وتشمؿ مثؿ ىذه المعمومات عمى التوقعات والخبرات‬
‫السابقة التي تـ بناءىا مف االنشطة السابقة لعمميات االداؾ‪.‬ومف ىنا‪ ،‬فالعالـ الخارجي‬
‫ليس كاؼ لتزويدنا بالمعمومات المالئمة التي تمكننا مف ادراكو بشكؿ مباشر‪ ،‬اذ البد‬
‫مف وجود اليو معرفية تتضمف اضافة بعض المعمومات الى المنبيات الخارجية لتسييؿ‬
‫عممية فيميا وادراكيا‪ ،‬ومثؿ ىذه المعمومات يتـ استرجاعيا مف الخبرات المخزنة‪،‬‬
‫يتيح بالتالي بناء خبرات‬ ‫الى دمجيا مع االنطباعات الحسية مما‬ ‫ويصار‬
‫جديدة(ادراكات جديدة) ‪ .‬ويعد كؿ مف مار واتمسوف وسانزؿ وبست مف المؤيديف لوجية‬
‫النظر ىذه باالضافة الى العالـ االلماني ىيرماف ىميولتز‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫خصائص االدراك‪:‬‬
‫في ضوء افتراضات وجيتي النظر السابقة حوؿ االدراؾ ‪ ،‬يمكف استنتاج الخصائص‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ .9‬يعتمد االدراؾ عمى المعرفة والخبرات السابقة ‪ :‬حيث تشكؿ المعرفة او الخبرة السابقة‬
‫االطار المرجعي الذي يرجع اليو الفرد في ادراكو وتمييزه لالشياء التي يتفاعؿ معيا‪.‬‬
‫‪ .9‬االدراؾ ىو بمثابة عممية استدالؿ‪ :‬حيث في كيثر مف االحياف تكوف المعمومات‬
‫الحسية المتعمقة باالشياء ناقصة او غامضة‪ ،‬مما يدفع نظامنا االدراكي الى استخداـ‬
‫المتوفر مف المعمومات لعمؿ االستدالالت واالستنتاجات‪.‬‬
‫‪ .1‬االدراؾ عممية تصنيفية‪ :‬حيث يمجأ االفراد عادة الى تجميع االحساسات المختمفة في‬
‫فئة معينة اعتمادا عمى خصائص مشتركة بينيا مما يسيؿ عممية ادراكيا‪.‬‬
‫‪ .1‬االدراؾ عممية عالئقية(ارتباطية) ‪ :‬حيث اف مجرد توفر خصائص معينة في االشياء‬
‫غير كاؼ الدراكيا‪،‬الف االمر يتطمب تحديد طبيعة العالقات بيف ىذه الخصائص‪ .‬اف‬
‫ارتباط الخصائص معاً عمى نحو متماسؾ ومتناغـ يسيؿ في عممية ادراؾ االشياء‪.‬‬
‫‪ .8‬االدراؾ عممية اوتوماتيكية‪ :‬حيث تتـ عمى نحو الشعوري ولكف نتائجيا شعورية‬
‫دائماً‪ ،‬ففي الغالب اليمكف مالحظة عممية االدراؾ اثناء حدوثيا‪ ،‬ولكف يمكف مالحظة‬
‫نتائجيا عمى نحو مباشر او غير مباشر‪.‬‬

‫نماذج االدراك ‪Models of perception‬‬


‫تبدأ عممية االدراؾ باالحساس بوجود المثيرات‪ ،‬واختيار بعض المعمومات الحسية‬
‫الواردة الى النظاـ االدراكي عبر الحواس المختمفة وذلؾ مف خالؿ توجية آليات االنتباه‬
‫الييا مف اجؿ معالجتيا‪ .‬وتتـ ىذه العممية مف خالؿ اعادة تنظيـ ىذه المعمومات لتعطي‬
‫معنى معينا او لتدؿ عمى شي ما‪ .‬وتختمؼ اآللية التي مف خالليا يتـ اعادة تنظيـ‬
‫المعمومات‪ ،‬حيث توجد عدة وجيات نظر في ىذا الشأف تتمثؿ في‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫اوالً‪ :‬نماذج مطابقة القالب ‪Template-Matching models‬‬


‫تفترض ىذه النماذج اف الخياؿ الواقع عمى الشبكية ينتقؿ الى الدماغ ليتـ مقارنتو‬
‫مباشرة مع النماذج المخزنة في الذاكرة‪ .‬فالنماذج المخزنة في الذاكرة تسمى القوالب‬
‫‪ Templates‬وىي ثابتة ومحددة الي مثير تمت معالجتة او تـ التفاعؿ معو في‬
‫السابؽ‪ .‬فالنظاـ االدراكي يقوـ عمى مقارنة خياؿ االشياء مع ىذه النماذج المخزنة ليقرر‬
‫ما اذا كانت تطابؽ القوالب الموجودة او ال بحيث يصار الى تمييزىا والتعرؼ عمييا‪.‬‬
‫اف مثؿ ىذه العممية تحدث داخؿ الدماغ‪ .‬عندما تستقبؿ المستقبالت الحسية البصرية‬
‫الضوء المنعكس عف االشياء الخارجية يتـ تحويؿ الطاقة الضوئية الى نبضات‬
‫كيروعصبية في مستقبالت الصورة الموجودة في الشبكية وتعمؿ عمى نقميا الى الخاليا‬
‫العقدية حيث توجد فييا حقوؿ االستقباؿ‪ ،‬ومف ىنا يتـ نقميا الى المناطؽ الخاصة بيا‬
‫في الدماغ لمقارنة الصورة مع القالب المخزف‪ ،‬وفي ضوء ذلؾ يتـ التعرؼ عمى المثير‬
‫وتمييزه‪.‬‬

‫يالحظ سيولة تميز وادراؾ الحرؼ ‪A‬‬


‫‪A‬‬ ‫‪A‬‬ ‫نظ ار لتطابقو مع النمط المخزف‬
‫الخياؿ‬ ‫النمط المخزف‬

‫يالحظ صعوبة تمييز الحرؼ(‪ )L‬لعدـ‬


‫‪L‬‬ ‫‪A‬‬ ‫مطابقتة مع النمط المخزف‬

‫‪42‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ثانيا‪:‬انموذج تحميل المعالم ‪Features analysis model‬‬


‫يرى اصحاب ىذا االتجاة انو في الكثير مف الحاالت عدـ فعالية انموذج مطابقة‬
‫النمط في ادراؾ الكثير مف المثيرات او المواقؼ‪ ،‬لذا يؤكد ىؤالء مبدا تحميؿ معالـ‬
‫االشياء في عممية ادراكيا‪.‬‬
‫يفترض ىذا االنموذج اف المثيرات تتالؼ مف مجموعة مف المعالـ التي تميزىا عف‬
‫غيرىا وتعطييا الطابع الخاص بيا‪ ،‬وىي بمثابة خصائص رئيسية تحدد نمط االشياء‪.‬‬
‫فعمى سبيؿ الثماؿ الحرؼ االنكميزي(‪ )H‬يتالؼ مف خطيف عمودييف بزاوية مقدارىا(‪)<9‬‬
‫يربطيما خط افقي بزاوية مقدارىا(‪ )9;9‬درجة‪ ،‬في حيف الحرؼ(‪ )A‬يتألؼ مف خطيف‬
‫مائميف بزاوية مقدارىا(‪ )18‬درجة‪ ،‬وخط افقي(‪ )-‬بزاوية مقدارىا(‪ )9;9‬درجة ‪،‬وىذه‬
‫الخطوط ترتبط معاً بكيفية معينة‪ ،‬وىكذا فاف عممية اد اركيا تتـ في ضوء تحميؿ ىذه‬
‫المعالـ دوف الحاجة الى مطابقتيا مع النموذج المخزف في الذاكرة‪ .‬يرى مؤيدوا ىذا‬
‫االتجاه اف ىذه العممية تتـ في القشرة الدماغية البصرية‪ Visual Cortex‬حيث يجري‬
‫تحميؿ االنطباعات الحسية في ضوء معالميا الرئيسية‬
‫‪18‬‬
‫‪A‬‬ ‫‪9;9‬‬

‫ثالثاً‪ :‬انموذج شبكية الجحيم ‪pandemonium Model‬‬


‫اقترح سمفردج <‪ Selfridge 9<8‬انموذجا اسماه انموذج شبكية الحجيـ في االدراؾ‬
‫موضحاً فيو الكيفية التي تتـ مف خالليا تحميؿ المالمح لالشياء وتمييزىا‪ .‬حيث يقترح‬
‫اف ىناؾ اليات معرفية مختمفة ‪ Mental mechanisms‬كؿ منيا يختص بعمؿ‬
‫معيف‪ ،‬وقد اطمؽ عمى ىذه االليات اسـ الشياطيف او العفاريت المعرفية‪ ،‬وتتمثؿ ىذه‬
‫العفاريت باالتي‪:‬‬
‫أ‪.‬عفاريت التعرؼ‪ :‬وميمتيا استقباؿ االنطباع الحسي وتحويمو الى شفره معرفية (أي‬
‫ترميزىا)‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ب‪.‬عفاريت عمميات المعالجة‪ :‬وميمتيا تحميؿ مالمح االشياء ومقارنة كؿ منيا مع‬
‫مالمح النموذج المخزف بالذاكرة‪.‬‬
‫جػ ‪.‬العفاريت المعرفية‪ :‬وميمتيا مطابقة مجموعة المالمح المميزة ككؿ مع النموذج‬
‫المخزف بالذاكرة‪.‬‬

‫مبادئ التنظيم االدراكي‪:‬‬


‫تكاد تكوف نظرية الجشطمت اكثر النظريات المعرفية اىتماماً بموضوع االدراؾ‪ .‬حيث‬
‫تعد ىذه النظرية ثورة عممية عمى النظريات السموكية والمدرسة البنائية التي تؤكد ضرورة‬
‫تحميؿ الظاىرة النفسية الى مجموعة اجزاء او عناصر مف اجؿ فيميا وادراكيا‪ .‬فيي‬
‫ترى اف مجموعة العناصر تشكؿ كالً متكامالً ومتناسقاً يشتمؿ عمى معنى معيف او‬
‫يؤدي وظيفة ما‪.‬‬

‫الشكل والخمفية ‪figure & Ground‬‬


‫اف االشياء التي نتعامؿ معيا في ىذا العالـ التتواجد بشكؿ مستقؿ ومنفصؿ عف‬
‫غيرىا مف االشياء االخرى‪ .‬فاالشكاؿ واالصوات وغيرىا مف المثيرات االخرى عادة ما‬
‫تقع ضمف سياؽ كمي‪ ،‬اذ يصعب تمييزىا دوف وجود ىذا السياؽ‪.‬‬
‫فعندما ننظر الى مشيد او نستمع الى مجموعة اصوات‪ ،‬ففي الغالب نختار مثي ار‬
‫معينا(مشيد معيف او صوت) والتركيز عميو دوف غيره مف المثيرات االخرى‪.‬ومثؿ ىذا‬
‫المثير يمثؿ الشكؿ ‪ figure‬وىو بمثابة جزء معيف يقع ضمف السياؽ الكمي(الخمفية)‬
‫والذي يبدو اكثر تميي از عف غيره مف االجزاء االخرى‪ ،‬بحث يجذب انتباه الفرد ويظير‬
‫انو ذو معنى وقيمة بالنسبة لو‪.‬‬
‫والسؤاؿ الذي يطرح نفسو ىو لماذ نعتبر جزءا معيناً عمى انو الشكؿ واالجزاء االخرى‬
‫المحيطة بو عمى انيا خمفية؟‬

‫‪44‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫حسب نظرية الجشطمت فاف ذلؾ يعتمد عمى خصائص األشياء‪ ،‬حيث اف األشياء تمتاز‬
‫بمجموعة خصائص تدفع الفرد الى تجميعيا ‪ grouping‬معاً في مجموعة ما لتمثؿ‬
‫الشكؿ وذلؾ وفقاً لممبادئ التالية‪:‬‬
‫‪.1‬مبدأ التقارب ‪Proximity‬‬
‫حسب وجية نظر الجشطمت ‪ ،‬فاف اإلدراؾ يمتاز بالخاصية التجميعية ‪grouping‬‬
‫حيث يتـ إدراؾ المؤثرات الحسية المتقاربة في الزماف والمكاف عمى انيا تنتمي الى‬
‫مجموعة واحدة ‪ .‬فكمما كانت مجموعة العناصر أكثر تقاربا فيي تدرؾ عمى انيا تنتمي‬
‫الى مجموعة واحدة‪ ،‬وىذا بالتالي يسيؿ عممية تخزينيا وتذكرىا الحقا‪ .‬فاإلحداث التي‬
‫تقع معاً تدرؾ عمى انيا تنتمي الى مجموعة واحدة‪ ،‬كما اف األصوات التي تسمع في‬
‫زماف ومكاف محدد تدرؾ عمى أنيا تنتمي الى مجموعة واحدة‪.‬‬
‫‪.2‬مبدأ التشابو ‪Similarity‬‬
‫وفقاً لخاصية التصنيؼ ‪ Catorizing‬فاالشياء المتشابيو يسيؿ ادراكيا اكثر مف‬
‫االشياء المتباينة‪ .‬فاالشياء التي تشترؾ في خصائص معينة كالموف او الشكؿ او اإليقاع‬
‫او الحجـ او التركيب او الشدة او االتجاه او السرعة غالبا ما يتـ إدراكيا عمى انيا‬
‫تنتمي الى مجموعة واحدة‪ ،‬بحث يكوف اكتسابيا وتذكرىا بشكؿ أسرع مف األشياء‬
‫المتباينة‪.‬‬
‫‪.3‬مبدأ االتصال(االستمرار) ‪Continuity‬‬
‫نميؿ بطبيعتنا اإلدراكية الى إدراؾ التنبييات الحسية التي تشكؿ نمطا مستم ار عمى‬
‫انيا تنتمي الى مجموعة واحدة‪ .‬أي اننا ندرؾ المثيرات التي تبدو وكأنيا استمرار‬
‫لمثيرات أخرى سبقتيا عمى انيا وحدة واحدة‪ .‬فعمى سبيؿ المثاؿ يصعب عمى البعض‬
‫تذكر أية قرآنية مف سورة قرآنية او بيت شعر مف قصيدة دوف قراءة السورة او القصيدة‬
‫مف أوليا‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.4‬مبدأ اإلغالق ‪Closure‬‬


‫في اغمب الحاالت يتـ إدراؾ األشياء المكتممة والتي تمتاز باالستقرار عمى نحو أسيؿ‬
‫مف األشياء الناقصة‪ .‬فالتنبييات الحسية التي تمتاز باالكتماؿ واالستقرار والبساطة‬
‫تشكؿ تكوينا إدراكيا ذا معنى ويؤدي وظيفة معينة‪ ،‬بحث تكوف عممية إدراكو أسيؿ‬
‫وأسرع مف التنبيات الحسية التي تمتاز بالنقص وعدـ االكتماؿ‪ .‬ولكف في حالة التنبيات‬
‫الحسية الناقصة او غير المكتممة‪ ،‬فاف نظامنا اإلدراكي يعمؿ عمى توفير بعض‬
‫المعمومات بناء عمى الخبرات السابقة لسد الثغرات واكماؿ النقص فييا بغية الوصوؿ الى‬
‫حالة االكتماؿ او االستقرار ولتكويف مايسمى الكؿ الجيد‪ ،‬فعند قراءة قطعة نثرية غالبا ما‬
‫نحاوؿ الوصوؿ الى المعنى المتضمف فييا واف لـ تكف المعمومات كافية حيث نسعى‬
‫الى ممئ الفراغات واكماؿ النقص فييا‪.‬‬
‫‪.5‬مبدأ التشارك باالتجاه ‪Common Direction‬‬
‫تمتاز طبيعة اإلدراؾ لدينا بأنيا تأخذ نمطا تكيفيا معينا ‪ orientation‬بحيث تنزع الى‬
‫إدراؾ االشياء التي تأخذ وضعاً معنياً او تسير في اتجاه معيف عمى انيا تنتمي الى‬
‫مجموعة واحدة‪ ،‬في حيف اف األشياء التي تختمؼ معيا باالتجاه فيي تدرؾ عمى انيا‬
‫مجموعة أخرى‪.‬‬
‫اإلدراؾ وفؽ مبدأ االتجاه المشترؾ‬

‫‪.6‬مبدا البساطة ‪Simplicity‬‬


‫يميؿ االفراد عادة الى تجميع خصائص المثيرات معاً عمى نحو يمكنيـ مف تحقيؽ‬
‫تفسير ابسط واسيؿ ليا‪ ،‬وذلؾ في محاولة منيـ الى تجنب الصعوبة والتعقيد‪ .‬فعمى‬
‫سبيؿ المثاؿ‪ ،‬ينزع االفراد الى ادراؾ الشكؿ ادناه عمى انو منتظـ سداسي وليس عمى انو‬
‫مجموعة مثمثات‪.‬‬
‫االدراؾ حسب مبدأ البساطة‬

‫‪46‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫العوامل التي تؤثر االدراك‪:‬‬


‫‪.1‬المثيرات والمواقف المألوفة‪ :‬يتـ ادراؾ التنبيات الحسية او المثيرات والمواقؼ‬
‫المالوفة عمى نحو اسيؿ واسرع مقارنة مع المثيرات والمواقؼ الجديدة غير المالوفة‪.‬فغالباً‬
‫ما يسيؿ عمى الفرد وتمييز محتويات بيتو او الشارع الذي يسكف فيو بشكؿ اسيؿ مف‬
‫االماكف االخرى غير المألوفة لو‪.‬‬
‫‪.2‬الوضوح والبساطة والتقارب‪ :‬طبقا لمبادئ التنظيـ االدراكي‪ ،‬فأف المثيرات التي تمتاز‬
‫بخصائص معينة كالوضوح والبساطة والتقارب وغير ذلؾ تسيؿ عممية ادراكيا اكثر مف‬
‫تمؾ الغامضة‪.‬‬
‫‪.3‬التوقع‪ :‬يتأثر االدراؾ بالجوانب النفسية والعوامؿ الذاتية لمفرد‪ .‬ويمعب التوقع دو ار ىاما‬
‫في ىذه العممية‪ ،‬اذ يغمب عمى ادراكنا لمكثير مف المواقؼ طبيعة التوقعات المسبقة‬
‫والمرتبطة بحدوث تمؾ المواقؼ‪ .‬فمو توقع فرد عمى نحو مسبؽ حصوؿ شيء ما‪ ،‬فيو‬
‫غالباً ما يفسر ايو حوادث تقع عمى انيا مؤشرات لحدوث ذلؾ الشيء‪.‬‬
‫‪.4‬مستوى الدافعية‪ :‬يتأثر ادارؾ الفرد لممواقؼ في ضوء دوافعو وحاجاتو‪ ،‬اذ غالبا ما‬
‫يسعى االفراد الى تفسير الكثير مف الحوادث او المثيرات اعتماداً عمى مدى وجود دافع‬
‫او حاجة لدييـ‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ ينزع الفرد الجائع الى تفسير االشياء او المثيرات وال‬
‫سيما تمؾ الغامضة منيا عمى انيا اشياء ترتبط بالطعاـ‪.‬‬
‫‪.5‬درجة االنتباه‪ :‬يعتمد االدارؾ عمى درجة االنتباه التي يولييا الفرد الى المثيرات او‬
‫المواقؼ فكمما كانت درجة االنتباه كبيرة لدى الفرد كاف ادراكة لممثيرات اسرع وافضؿ‪.‬‬

‫ابعاد عممية االدراك (مكونات االدراك)‪:‬‬


‫االدراؾ عممية نفسية بالغة التعقيد تتألؼ مف ثالثة ابعاد مترابطة معاً ىي‪:‬‬
‫‪.1‬العمميات الحسية‪ :‬وتتمثؿ في استثارة الخاليا الحسية الى تستقبؿ المنبيات‬
‫الخارجية‪،‬اذ اف اثارة الخاليا الحسية يعتمد عمى شدة الطاقة المنبعثة مف الخبرات‬
‫الخارجية‪ ،‬فاذا كانت ىذه الطاقة التي يحدثيا المثير اقؿ مف مستوى عتبة االحساس‬

‫‪47‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫فمف الصعب حدوث االستثارة لعضو الحس المستقبؿ‪ ،‬وبالتالي تصعب عممية تمييزه‬
‫وادراكو‪ ،‬وفي واقع الحياة العممية عادة ما تتفاعؿ اكثر مف حاسة في استقباؿ‬
‫الخصائص المختمفة لممنبيات الخارجية‪ ،‬فنحف نحس ونسمع ونرى ونشـ ونتذوؽ في اف‬
‫واحد وىنا يعمؿ نظامنا االدراكي عمى تجميع ىذه االشياء وترميزىا مما يسيؿ بالتالي‬
‫عممية ادراكيا‪.‬‬
‫‪.2‬العمميات الرمزية‪ :‬وتتمثؿ في المعاني والصور الذىنية التي يتـ تشكيميا لممنبيات‬
‫الخارجية في ضوء ماتثيره العمميات الحسية فينا‪ .‬فاالحساسات عادة اليتـ التعامؿ معيا‬
‫بصورتيا االولية او كما جاءت مف مصادرىا البيئية وانما يتـ تحويميا الى معاني او‬
‫رموز او صور بحيث تحؿ ىذه المعاني او الرموز محؿ الخبرة االصمية‪.‬‬
‫‪.3‬العمميات االنفعالية‪ :‬يترافؽ االحساس عادة بحالة انفعالية معينة تتمثؿ في طبيعة‬
‫الشعور نحو االشياء اعتماد عمى الخبرات السابقة‪ ،‬فعند رؤية منظر طبيعي مثال فربما‬
‫يثير ىذا المشيد لدى الفرد مشاعر وجدانية‪ ،‬او يثير لديو ذكريات مؤلمة او مفرحة‪.‬‬

‫اىمية عممية االدراك لالنسان‪:‬‬


‫تنطمؽ اىمية االدراؾ مف االعتبارات التالية‪:‬‬
‫‪.9‬االدراؾ عممية عقمية تتـ لكي يتوافؽ االنساف مع البيئة التي يعيش فييا النيا تؤثر في‬
‫سموكو واستجابتو وانطباعتو عف العالـ الخارجي والناس المحيطيف بو‪.‬‬
‫‪.9‬اف ادراؾ الواقع شرط اساسي لنمو الشخصية السميمة‪.‬‬
‫‪.1‬االدراؾ كعممية معرفية ىادفة تربط الشخص بمحيطة المادي واالجتماعي‪.‬‬
‫‪.1‬يسيـ االدراؾ في جميع العمميات العقمية االخرى مثؿ االنتباه والتذكر والتخيؿ‪..‬الخ‪.‬‬
‫‪.8‬االدراؾ ىو احد الوظائؼ لضماف سالمة حياة االنساف واستمرار بقائو فيما بعد‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫نمو اإلدراك‪:‬‬
‫ىناك أربع مراحل رئيسية تمر بيا عممية االدراك‪:‬‬
‫‪.1‬مرحمة التعميم‪ :‬وتتمثؿ في اف الطفؿ في ىذه المرحمة يرى االشياء الموجودة مف‬
‫حولو وتبدو عمى انيا غير متميزة النو درجة التشابة عنده اكثر مف درجة االختالؼ‪.‬‬
‫‪.2‬مرحمة التمييز‪ :‬وتتمثؿ في اف اختالؼ االشياء وترميزىا يتكوف في التدريج في حياة‬
‫الطفؿ‪.‬‬
‫‪.3‬مرحمة التكامل‪ :‬وتتمثؿ في تنظيـ المدركات الكمية ذات المعنى في حياة الشخص‪.‬‬
‫‪.4‬مرحمة االنبثاق اإلدراكي‪ :‬وتتمثؿ في تكوينات وصيغ عقمية ثابتة تساعد الشخص في‬
‫إدراؾ المحيط بو‪.‬‬

‫شروط اإلدراك الجيد‪:‬‬


‫‪ .9‬وجود عالـ خارجي مستقؿ عف الفرد وىذا العالـ يحفؿ بأشياء الحصر ليا‪.‬‬
‫‪ .9‬وجود حواس سميمة لكي يدرؾ الشخص إدراؾ سميـ‪.‬‬
‫‪ .1‬وجود أجيزة حركية سميمة ونشطة ميمتيا التآزر مع أعضاء الحس لفحص‬
‫الموضوعات لمحصوؿ عمى معمومات عنيا‪.‬‬
‫‪ .1‬وجود جياز عصبي ناقؿ لمتنبييات التي أحدثتيا موضوعات اإلدراؾ مف أعضاء‬
‫الحس وسالمة ىذا الجياز مف الناحية البيولوجية والفسيولوجية‪.‬‬
‫‪ .8‬القدرة عمى التفسير لتمؾ التنبييات‪.‬‬
‫‪ .9‬الصحة النفسية وسالمة اإلدراؾ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫رؤية المون ‪Colour vision‬‬


‫لماذا تطورت رؤية الموف؟ احداالسباب ىي اف الموف يجعؿ الشيء يبرز عف خمفيتو‬
‫ويجعؿ تمييز الشي عف الخمفية اسيؿ‪ ،‬كما يساعدنا الموف عمى التعرؼ عمى االشياء‬
‫وتصنيفيا‪.‬‬
‫بامكاننا اف نميز بيف ثالثة مالييف مف درجات الموف ‪ ،‬كؿ شيء يبدو أف لو محدد‬
‫بسبب االطوؿ الموجية التي يعكسيا‪ .‬الموف ىو نتاج نظامنا البصري حيث اليوجد لوف‬
‫في عالمنا الفيزيائي‪.‬‬
‫حسب نظرية االلواف الثالثة ‪ trichromatic theory‬فاف الضوء المرئي يتكوف مف‬
‫موجات كيربائية مغناطيسية تتراوح في الطوؿ مف حوالي(‪ ):99-199‬نانوميتر (‪)nm‬‬
‫(ىذا الطوؿ حوالي جزء مف بميوف مف المتر)‪ .‬اف لوف الضوء يتحدد عف طريؽ االطواؿ‬
‫الموجية لمموجات الكيربائية المغناطيسية التي تصؿ الى العيف‪ .‬في منتصؼ الشبكية‬
‫توجد المخاريط ‪ Cones‬التي تحتوي مستقبالتيا عمى الصبغة الضوئية التي تسمح ليا‬
‫باالستجابة الى الضوء‪ ،‬حيث تحوؿ خاليا المخاريط الضوء الى محفزات عصبية‪ .‬وفقا‬
‫لنظرية االلواف الثالثة فأف رؤية الموف تنتج مف التنشيط في ثالثة انواع مختمفة مف‬
‫المخاريط التي تكوف حساسة الطواؿ موجية مختمفة‪ ،‬احد انواع المخاريط يكوف حساساً‬
‫لالطواؿ الموجية القصيرة( الضوء االزرؽ‪ -‬البنفسجي)‪ ،‬نوع اخر يكوف حساساً لالطواؿ‬
‫الموجية المتوسطة (الضوء االصفر‪ -‬االخضر)‪ ،‬النوع الثالث يكوف حساسا لالطواؿ‬
‫الموجية الطويمة (الضوء االحمر‪-‬البرتقالي)‪ .‬اف االنواع الثالثة مف المخاريط في‬
‫الشبكية تسمى وفقا لذلؾ مخاريط ‪.L , M , S‬‬
‫كيؼ نرى االلواف؟ وفقاً ليذه النظرية فاف معظـ المثيراث تنشط اثنيف مف انواع‬
‫المخاريط او ثالثتيا‪ .‬الموف الذي ندركو يتحدد عف طريؽ مستويات نسبية مف االستثارة‬
‫او التنشيط لكؿ نوع مف المخاريط‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬الضوء االصفر نراه اصفر النو‬
‫يحفز المخاريط ‪ M , L‬تقريب ًا بشكؿ متساوي وبصعوبة يحفز المخروط ‪.S‬ىناؾ حوالي‬
‫(‪ )1‬مالييف مف مخاريط الطوؿ الموجي _الطويؿ‪ ،‬واكثر مف(‪ )9‬مميوف مف مخاريط‬

‫‪51‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الطوؿ الموجي‪ -‬المتوسط‪ ،‬واقؿ مف(‪ )9‬مميوف مف مخاريط الطوؿ الموجي الصغير‪،‬‬
‫جميعيا تتوزع بشكؿ معتدؿ وعشوائي ضمف عيف االنساف‪ .‬اف تنشيط االنواع الثالثة مف‬
‫المخاريط يؤدي الى ادراؾ الموف االبيض‪ .‬اشكاؿ كثيرة مف عمى االلواف يتالءـ مع‬
‫نظرية االلواف الثالثة‪ ،‬معظـ االفراد ذوي العجز الموني لدييـ عمى الواف ثنائي‬
‫‪ dichromacy‬الذي فيو صنؼ واحد مف المخاريط يكوف مفقوداً اما القصيرة او‬
‫المتوسطة او الطويمة‪.‬‬
‫في عاـ(;‪ )9;:‬قدـ أيوالدىيرنؾ ‪ Ewald Hering‬نظرية المعالجة المناوئة‬
‫‪ .opponent- process theory‬لقد افترض ىيرنؾ اف ىناؾ ثالثة انواع مف المخاريط‬
‫‪ .Cones‬افترضت النظرية اف كؿ واحد مف االنواع الثالثة مف المخاريط يستجيب‬
‫لموجتيف طوليتيف مختمفتيف‪ .‬نوع يستجيب لالزرؽ واالصفر‪ ،‬واالخر لالحمر او‬
‫االخضر‪ ،‬والثالث لالسود او االبيض‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ يستجيب المخروط احمر‪-‬‬
‫اخضر استجابة كيمائية واحدة لممثير االخضر ويستجيب استجابة كيميائية اخرى‬
‫( معالجة مناوئة) لممثير االحمر‪ .‬كؿ واحد مف المستقبالت يمكف اف يعمؿ بطريقتيف‬
‫مختمفتيف اعتمادا عمى الطوؿ الموجي لممثير‪.‬‬
‫عندما نحدؽ في صورة حمراء لبعض الوقت فاننا نرى الصورة التموية الخضراء عندما‬
‫نعرض بوجينا‪ ،‬وعندما نحدؽ بالصورة الخضراء فاننا نرى صورة تموية حمراء مثؿ ذلؾ‬
‫عندما نحدؽ في صورة زرقاء لبعض الوقت فاننا نرى صورة تموية صفراء عندما نعرض‬
‫بوجينا‪ .‬عندما نحدؽ بصورة صفراءفأننا نالحظ صورة تموية زرقاء‪.‬‬
‫تفسر نظرية المعالجة المناوئة الصورة التموية السمبية‪ .‬حيث اف رؤية طويمة لموف‬
‫معيف (مثال احمر) تولد طرفاً واحداً مف التنشيط في المعالجة المناوئو ذات الصمة(أي‬
‫المماثمة)‪ .‬وعندما يوجو االنتباه بعد ذلؾ الى سطحاً ابيضاً فاف المعالجة المناوئة تتحرؾ‬
‫الى طرفة االخر ليذا تولد صورة تموية سمبية‪.‬‬
‫لقد طور كؿ مف ىيرفج وجيمسوف ‪ )9<8:(Huvrich&Jameson‬نظرية المعالجة‬
‫المزدوجة ‪ Dual-Processing Theory‬التي زودتنا بتوليؼ لمنظريتيف االوليتيف‪ .‬وفقا‬

‫‪51‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫لنظريتيما فاف االشارات مف االنواع الثالثة لممخاريط التي تـ تعريفيا عف طريؽ نظرية‬
‫االلواف الثالثة ترسؿ الى الخاليا المناوئة الموصوفة في نظرية المعالجة المناوئة‪ .‬وىناؾ‬
‫ثالث قنوات‪ .‬القناة عديمة الموف‪ ،‬وقناة االزرؽ‪ -‬االصفر‪ ،‬واخي ار قناة االحمر‪-‬‬
‫االخضر‪.‬‬
‫ادراك الوجوه ‪Face Recognition‬‬
‫احدى اصناؼ االشياء الخاصة التي يكوف النظاـ البصري حساس ليا ىي الوجوه‪.‬‬
‫الناس كحيوانات اجتماعية عالية الرتبة يكونوف قادريف عمى ادراؾ التعبيرات الوجيية‬
‫وتفسيرىا‪ .‬اف بعض الدراسات تدعـ فكرة اف وجوه الناس تكشؼ معمومات( خاصة) ال‬
‫تتوفر باي طريقة اخرى‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ بأمكننا اف ندرؾ بسيولة معمومات عف مزاج‬
‫الشخص ‪،‬وانتاجو‪ ،‬وجنسة او عرقة‪ ،‬وعمره وغيرىا عف طريؽ النظر الى وجو الشخص‬
‫بدالً مف االصغاء الى كالمو ومالحظة مشيتو او تفحص مالبسو‪.‬‬
‫تشكؿ الوجوه احدى اىـ المثيرات البصرية‪ .‬ولقد اثبت اننا نمتمؾ ميكانيزمات خاصة‬
‫الدراؾ الوجوه‪ .‬لقد وجدت خاليا خاصة في الفصوص الصدغية لمقردة تستجيب بشكؿ‬
‫تفصيمي لوجوه قردة اخرى‪ ،‬واف إحداث تمؼ في الفص الصدغي عند االنساف يسفر‬
‫عف عجز يسمى عدـ القدرة عمى تمييز الوجوه ‪ prosopagnosia‬الذي فيو يكوف لمناس‬
‫صعوبات انتقائية في التعرؼ عمى الوجوه‪ .‬لقد وجدت دراسات تصوير الدماغ منطقة‬
‫معينة في الفص الصدغي تسمى التمفيفة المغزلية في نصؼ الدماغ االيمف ‪Fusiform‬‬
‫‪ gyrus‬التي تستجيب عندما تقدـ الوجوه في الجماؿ البصري بشكؿ عمودي ومستقيـ‬
‫كما ندركيا في البيئة الطبيعية‪ .‬الناس احيانا لدييـ صعوبات في ادراؾ الوجوه خاصة‬
‫الوجوه غير المعروفة التي تكوف مقموبة رأساً عمى عقب‪ .‬اننا نكوف اسوء عمى ىذه‬
‫الميمة منيا عمى ميمة ادراؾ اشياء اخرى مقموبة او معكوسة‪ .‬االنقالب يتداخؿ مع‬
‫الطريقة التي يدرؾ بيا الناس العالقة بيف المعالـ الوجيية‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ اذا كاف‬
‫الحاجباف كث يفاف اكثر مف المعتاد فأف ىذه الميزة الوجيية تكوف واضحة اذا كاف الوجو‬
‫مستقيما (عموديا) ولكنيا التكتشؼ عندما يكوف الوجو مقموبا رأساً عمى عقب‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫مناطؽ اخرى مف الدماغ تكوف حساسة لمتعبير الوجيي واتجاه التحديؽ‪ .‬عمى سبيؿ‬
‫المثاؿ المدلوؿ االنفعالي لموجو يبدو انو ينشط الموزة المخية المتضمنة في تقدير الخطأ‬
‫المحتمؿ‪ .‬تفترض احدى النظريات اف الموزة المخية تعالج المعمومات البصرية بصورة‬
‫غير متقنة وسريعة لتساعد في تعييف التيديدات المتحممة‪.‬عمى سبيؿ المثاؿ الموزة المخية‬
‫تصبح نشطة عندما يالحظ الناس التمثيالت خارج حيز االدراؾ (دوف عتبة الوعي)‬
‫لموجوه المعبرة عف الخوؼ‪.‬‬
‫وجد الباحثوف في سمسمة مف الدراسات اف الناس تعرفوا عمى التعبيرات الوجيية‬
‫الغاضبة بشكؿ اسرع وادؽ مف تعرفيـ عمى الوجوه السعيدة‪ .‬فضال عف ذلؾ وجد‬
‫الباحثوف اف معظـ الناس يتعرفوف عمى الغضب في وجو الرجؿ اسرع منو في وجو‬
‫المراة‪ ،‬وقد وجدوا العكس بالنسبة لمسعادة‪ .‬اعتقد الباحثوف اف ىذه النتائج الى حد ما ىي‬
‫نتيجة معتقدات الناس باف الرجاؿ يعبروف عف الغضب اكثر مما تفعؿ النساء‪ ،‬واف‬
‫النساء يعبرف عف السعادة اكثر مما يفعؿ الرجاؿ‪ ،‬انيـ يعتقدوف ايضا اف معالـ الوجو‬
‫االنثوية والذكرية ىي التي تقود التأثير‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ الحاجباف الكثيفاف النازالف‬
‫عمى الوجو تدرؾ عمى االحتماؿ االكبر عمى انيا تعبير لمغضب‪ ،‬والرجاؿ عادة لدييـ‬
‫حواجب كثيفة ومنسدلة اكثر مف النساء‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الفصل الخامس‬
‫‪Mental Imagery‬‬ ‫التخيل(التصور) العقمي‬
‫يبدي عمماء النفس المعرفيوف اىتماما بموضوع التخيؿ العقمي باعتباره نوعا مف‬
‫العمميات العقمية ذات العالقة بالعديد مف االنشطة االخرى كاالحالـ والتفكير والتذكر‬
‫وفيـ المغة والمحاكمة العقمية وتكويف المفاىيـ‪ .‬وبالرغـ مف سيولة الحديث عف التخيؿ‬
‫العقمي كعممية عقمية‪ ،‬اال اف ىناؾ صعوبة في ايجاد تعريؼ واضح ومحدد لو‪.‬‬
‫يعرؼ باور(‪ )Bower,9<:9‬التخيؿ العقمي عمى انو صورة او خياؿ‪ Image‬ذاكري‬
‫لشيء او حدث يع طي موضوع الخبرة بعض المعمومات البنائية مماثمة تماما لتمؾ التي‬
‫تمت خبرتيا في عمميات االدراؾ الحسية المباشرة لذلؾ الشيء او الحدث ‪ .‬فالتخيؿ‬
‫العقمي وفقا ليذا التعريؼ ىو بمثابة صورة انعكاسية يتـ تشكيميا لالشياء والمواضيع التي‬
‫يتـ خبرتيا عمى نحو حسي‪ ،‬وىو بذلؾ يرتبط ارتباطا وثيقا بالخبرة االصمية لموضوع او‬
‫حدث معيف‪.‬‬

‫وظائف التخيل او التصور العقمي ‪Functions of Imagery‬‬


‫لقد انصب اىتماـ عمماء النفس التجريبيف في دراسة التخيؿ العقمي في نياية‬
‫الخمسينات مف القرف الماضي عمى دراسة الوظائؼ التي يضطمع بيا التصور العقمي‬
‫في نيا ية عمميات االحتفاظ والتذكر‪ .‬وظير كنتيجة لذلؾ عدد مف االدلة التي تؤكد اف‬
‫التخيؿ العقمي يسيؿ عمؿ الذاكرة مف حيث تخزيف المعمومات وتذكرىا ومف االمثمة عمى‬
‫ذلؾ ما يمي‪:‬‬
‫اوالً‪ :‬اظيرت نتائج دراسات باور‪ Bowor 9<:9‬وبافيو‪ paivio 9<:9‬اف االفراد‬
‫عندما يطمب منيـ تشكيؿ صورة ذىنية(تخيؿ) لممفردات التي تعرض عمييـ ويطمب منيـ‬
‫االحتفاظ بيا في الذاكرة ‪ ،‬فاف عممية استرجاع المفردات تكوف سيمة وسريعة عمى نحو‬
‫اوتوماتيكي‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ثايناً‪ :‬اظيرت نتائج دراسات اخرى‪ ،‬اف سيولة استرجاع المفردات ترتبط الى درجة كبيرة‬
‫بقيمة التقدير التي يعطييا االفراد حوؿ سيولة تشكيؿ الصورة الذىنية لممفردات التي‬
‫تعرض عمييـ‪ .‬ففي مثؿ ىذه الدراسات كاف يعرض عمى االفراد قائمة مف المفردات‪،‬‬
‫وكاف يطمب منيـ اعطاء تقدير لمدى سيولة وسرعة تشكيؿ صورة ذىنية لكؿ مفردة مف‬
‫ىذه المفردات‪ ،‬وقد اظيرت النتائج اف المفردات التي اعطيت تقدير اعمى مف حيث‬
‫سيولة تشكيؿ الصورة الذىنية ليا‪ ،‬كاف تذكرىا اسرع مف المفردات التي اعطيت تقدير‬
‫اقؿ ‪ .‬وانطالقا مف ذلؾ‪ ،‬فاف التخيؿ العقمي يمكف اف يسيـ في تحقيؽ الوظائؼ التالية‪:‬‬
‫‪.9‬تسييؿ عممية تخزيف المعمومات بالذاكرة واالحتفاظ بيا لفترة اطوؿ‪.‬‬
‫‪.9‬تسييؿ عممية تذكر المعمومات واسترجاعيا بشكؿ اسرع‪.‬‬
‫‪.1‬تسييؿ عممية ربط المعمومات معاً في الذاكرة‪.‬‬

‫نظريات التخيل العقمي‪:‬‬


‫ىناؾ فئتاف مف النظريات حوؿ موضوع التخيؿ العقمي ودوره في عممية تمثؿ‬
‫المعمومات في الذاكرة طويمة المدى‪ ،‬وتتبنى كؿ فئة مف ىذه النظريات وجية نظر‬
‫مختمفة بيذا الشأف‪،‬وفيما يمي عرض ليذه النظريات‪:‬‬
‫اوالً‪:‬نظرية الترميز المزدوج(الثنائي) ‪Dual-coding theory‬‬
‫اقترح بافيو‪ paivio 9<:9‬نظرية حوؿ الذاكرة طويمة المدى تعرؼ باسـ نظرية‬
‫الترميز المزوج‪ ،‬حيث يرى اف المعمومات في الذاكرة طويمة المدى تخزف في نظاميف‬
‫ولكنيما مترابطااف بالوقت نفسو‪ :‬االوؿ يعرؼ بالترميز المغوي او المفظي وىو مخصص‬
‫لمعالجة وتمثي ؿ المعمومات المفظية المرتبة بتسمسؿ معيف‪ ،‬وثانييما يعرؼ بالترميز‬
‫الصوري او التخيمي او المتخصص بتمثيؿ المعمومات المكانية والفراغية‪ ،‬ويرى اف ىذيف‬
‫النظاميف مترابطاف معاً عمى نحو كبير لدرجة اف الفرد يستطيع انتاج لفظة(اسـ) لصورة‬
‫او انتاج صورة لالسـ او المفظة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫يقترح بافيو اف عممية االحتفاظ بالمعمومات وتذكرىا يعتمد عمى اسموب تقديـ‬
‫المعمومات لمفرد وطريقتو في تمثميا‪ ،‬حيث يرى اف المعمومات التي تقدـ لفظاً وصورة‬
‫لمفرد يكوف تذكرىا اسرع واسيؿ مف تمؾ التي يتـ تمثميا مف خالؿ اسموب واحد مف‬
‫الترميز‪.‬‬
‫ويشير بافيو اف عممية ترميز المعمومات وتمثميا مف قبؿ االفراد يعتمد الى درجة‬
‫كبيرة عمى مدى اىمية المعمومات بالنسبة لمفرد‪ ،‬اذ يرى اف المعمومات التي تبدو اكثر‬
‫اىمية لمفرد غالبا ما يتـ ترميزىا عمى نحو لفظي وصوري‪ ،‬في حيف اف المعمومات التي‬
‫التبدو ذات اىمية بالنسبة لو فقد يتـ ترميزىا وفؽ نظاـ واحد مف الترميز‪.‬‬
‫ومف االدلة التي تبرىف صحة ىذه النظرية ىي االدلة التي جاءت مف دراسة نصفي‬
‫الدماغ فمف المعروؼ اف الدماغ يتألؼ مف قسميف متماثميف‪ :‬ىما النصؼ االيسر‬
‫والنصؼ االيمف‪ ،‬فالنصؼ االيسر مسؤوؿ عف ادراؾ وانتاج المغة‪ ،‬في حيف اف النصؼ‬
‫االيمف متخصص في ادارؾ العالقات المكانية والفراغية‪ ،‬وعميو فاذا اخدنا بفرضية‬
‫نظرية الترميز المزدوج‪ ،‬فيذا يعني اف التحوؿ مف نظاـ ترميز الى اخر يجب اف‬
‫يصاحب بالتحوؿ في النشاط مف قسـ الى اخر مف اقساـ الدماغ ‪ .‬لقد اظيرت نتائج‬
‫دراسات سيموف وجازانجا ‪ 9<:1 Semmon & Gazzaniga‬اف القسـ االيمف مف‬
‫الدماغ يكوف اكثر نشاطاً في حالة الطمب مف االفراد استخداـ التخيؿ او التصور في‬
‫حفظ قوائـ المفردات مقارنة بالقسـ االيسر‪ ،‬حيث اف ردة الفعؿ الزمني تكوف اسرع في‬
‫ىذا القسـ منيا في القسـ االيسر‪ ،‬ولكف في حالة االفراد الذيف طمب منيـ حفظ قوائـ‬
‫المفردات اعتماداً عمى اسموب الممارسة المفظية(التسميع)‪ ،‬فاف ردة الفعؿ الزمنية تكوف‬
‫اسرع في القسـ االيسر منيا في القسـ االيمف‪ ،‬اذ يكوف القسـ االيسر اكثر نشاطاً مف‬
‫القسـ االيمف‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ثانياً‪ :‬النظريات االفتراضية ‪Propositional Tneories‬‬


‫يرى بعض عمماء النفس المعرفييف امثاؿ اندرسوف وباور ‪Anderson& Bower‬‬
‫‪9<:1‬وبيمشيف ‪ Pylyshyn 9<:1‬وغيرىـ اف تمثؿ المعمومات بمختمؼ انواعيا في‬
‫الذاكرة طويمة المدى يأ خذ شكؿ االفتراضات المجردة وليس عمى نحو تصوري تخيمي‪.‬‬
‫وتدعـ وجية النظر ىذه نظرية مستوعب المغة المكتسبة‪.‬‬

‫‪Teachable Language‬‬ ‫نظرية مستوعب المغة المكتسبة "‪"TLC‬‬


‫‪Comprehender‬‬
‫توصؿ كويالف;‪ Quillion 9<9‬مف خالؿ موضوع رسالة الدكتوراه الى او انموذج‬
‫حوؿ الذاكرة الداللية يعرؼ باسـ االنموذج الشبكي لمذاكرة الداللية ‪network model‬‬
‫‪ ،of semantic memory‬وقد ىدؼ مف خاللو الى تفسير اآللية التي يتـ مف خالليا‬
‫فيـ المغة واكتسابيا‪.‬‬
‫وحسب ىذا االنموذج‪ ،‬فاف الذاكرة الداللية تاخذ طابعاً منظماً عمى شكؿ شبكات‬
‫متداخمة ومتشابكة وكؿ منيا يشتمؿ عمى مفيوـ معيف مثؿ( طير‪ ،‬حيواف‪ ،‬سيارة‪،‬‬
‫ىواء‪..‬الخ)‪ .‬ويصار الى تمييز المفيوـ والتعرؼ عميو مف خالؿ نوعيف مف العالقات‪:‬‬
‫أ‪ .‬مجموعة العالقات الرئيسية ‪ :super set relations‬وىي التي تحدد الفئة الرئيسية‬
‫التي ينتمي ليا المفيوـ‪ ،‬وخير مثاؿ عمى ذلؾ" الطير ىو احد اعضاء فئة الحيوانات"‪.‬‬
‫ب‪ .‬مجموعة العالقات الثانوية‪ :subset relations‬وىي بمثابة خاصية او اكثر تميز‬
‫المفيوـ عف غيره في الفئة الكبرى التي ينتمي الييا‪ ،‬مثؿ الطير يمكف اف يغرد‪ .‬ويمثؿ‬
‫الشكؿ( ‪ ) 9‬مخططاً توضيحياً لطريقة تمثؿ المعمومات في ىذه الذاكرة ‪ .‬حيث يالحظ‬
‫مف الشكؿ اف المفاىيـ تخزف في شبكات كؿ منيا يسمى بعقدة(‪ ،)node‬حيث اف لكؿ‬
‫مفيوـ خصائص مميزة يتفرد بيا وتعطيو الطابع الخاص بو‪ ،‬وىناؾ مجموعة خصائص‬
‫رئيسية يشترؾ بيا مع المفاىيـ االخرى او الفئة الرئيسية‪ ،‬ومثؿ ىذه الفئة التي تشتمؿ‬
‫مجموعة عناصر ربما تشكؿ ىي ايضا عنص اًر في شبكة اكبر‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ترى ىذه النظرية اف عممية فيـ الجممة وتحديد المفاىيـ يتطمب استخداـ استراتيجية‬
‫فحص التقاطع ‪ Intersection Search‬حيث يتـ مف خالليا تحديد عالقات العقدة‬
‫(الشبكة) (‪ )Node‬مع غيرىا مف الشبكات االخرى‪.‬‬

‫الشكؿ( ‪ )9‬شبكة المفاىيـ في الذاكرة الداللية‬

‫ال‪ ،‬فأف ىذه النظرية تفترض اف‬


‫ففي اثبات صحة االفتراضات مثؿ الجمؿ مث ً‬
‫استرتيجية معينة تستخدـ ليذا الغرض تسمى بفحص او بحث التقاطع بيف مفاىيـ‬
‫الجممة‪ ،‬حيث يتـ بحث جميع الشبكات التي تربط بيف المفاىيـ في الجممة الواحدة‪.‬‬
‫وينتشر البحث عبر المسارات النوعية التي تربط المفاىيـ وعمى نحو متواز وبنفس‬
‫الوقت‪ .‬وترى ىذه النظرية اف طاقة البحث كبيرة جداً وغير محدودة وال تتأثر بعدد‬

‫‪58‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫مسارات البحث المتفرعة عف الشبكات المتضمنة بالجممة‪ .‬فعند الوصوؿ الى كؿ شبكة‬
‫او عقدة(‪ ،)node‬فاف المعالج(‪ )processer‬يترؾ بصمة او عالقة لتشير الى اف ىذه‬
‫الشبكة قد تـ فحصيا‪ ،‬وفي حاؿ ايجاد التقاطع النيائي‪ ،‬فاف المسارات التي تربطو‬
‫بالشبكات االخرى يتـ اعادة فحصيا مرة اخرى لمتأكد مف صحة االفتراض‪.‬‬
‫فعند اثبات صحة الجممة التالية(الكناري حيواف) فأف بحث او فحص التقاطع يبدأ‬
‫بمفيوـ(شبكة) الكناري وشبكة الحيواف‪ ،‬وينتشر عبر كؿ العالقات التي تتفرع عنيا الى‬
‫الشبكات االخرى‪ .‬وبما اف المسارات التي تربط الشبكات تتقاطع معاً‪،‬فاف مستوعب المغة‬
‫المكتسبة(‪ )TLC‬يعمؿ عمى استخداـ عمميات استداللية معينة لتحديد ما إذا كانت‬
‫طبيعة التقاطعات تدؿ عمى اف العبارات صحيحة اـ ال‪ .‬وعموما فاف مستوعب المغة‬
‫المكتسبة ينزع الى اثبات صحة العبارة او الجممة مف خالؿ بحث وفحص جميع مسارات‬
‫التقاطع النوعية بيف الشبكات المتعددة ‪.‬‬
‫يقترح كولنز وكويالف ‪ )9<9<(Collins &Quillion‬اف االنتقاؿ مف عقدة او‬
‫شبكة الى اخرى يأخذ بعضاً مف الوقت‪ ،‬وتحديدا فاف ردات الفعؿ الزمنية يفترض اف‬
‫تزداد بأزدياد عدد الشبكات المطموب فحصيا لمتوصؿ الى التقاطع المطموب‪ .‬ولتوضيح‬
‫ذلؾ فمنأخذ الجمؿ التالية‪:‬‬
‫‪.9‬الكناري ىو كناري‪.‬‬
‫‪.9‬الكناري ىو طير‪.‬‬
‫‪.1‬الكناري ىو حيواف‪.‬‬
‫يالحظ اف التحقؽ مف صحة الجممة االولى يكوف عمى نحو اسرع مف الجممة الثانية‬
‫والثالثة النيا تتضمف عالقات اقؿ‪ ،‬اذ مف السيؿ تحديد نقاط التقاطع وفحصيا‪.‬كما اف‬
‫التحقؽ مف صحة الجممة الثانية يكوف اسرع واسيؿ مف الجممة الثالثة نظ اًر الشتماليا‬
‫عمى عالقات تقاطع اقؿ وبذلؾ فاف ردات الفعؿ الزمنية لمجممة االولى تكوف اقؿ منيا‬
‫في الجممة الثانية‪ ،‬وفي الجممة الثانية تكوف اقؿ منيا في الجممة الثالثة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫وجية النظر التوفيقية‪:‬‬


‫نظ ار لوجود عدـ اتفاؽ بيف النظريات االفتراضية ونظرية الترميز المزدوج حوؿ‬
‫الطريقة التي تخزف فييا المعمومات بالذاكرة طويمة المدى‪ ،‬والكيفية التي يتـ مف خالليا‬
‫التفكير بالمعمومات وتذكرىا‪ ،‬فقد ادى الى ظيور وجية النظر التوفيقية وىي ما تعرؼ‬
‫بالفرضية العاممة‪ working Hypothesis‬والتي تبناىا العديد مف عمماء النفس‬
‫المعرفييف امثاؿ بادلي ولبرماف وكوىف وغيرىـ‪ .‬تنص ىذه الفرضية عمى اف الذاكرة‬
‫طويمة المدى تشتمؿ فقط عمى شبكات مف التمثيالت المجردة التي تأخذ شكؿ‬
‫االفتراضات بحيث اف جميع المعمومات تخزف فييا بنفس الشكؿ‪ ،‬وتقترح وجود نظاميف‬
‫مختمفيف مف انظمة الذاكرة قصيرة المدى(العاممة)‪ :‬احدىما بصري‪ -‬مكاني ‪visual-‬‬
‫‪ spatial‬واالخر لفظي‪ -‬لغوي ‪. verbal-linguistic‬وبيذا المنظور فقد حاولت ىذه‬
‫الفرضية التوفيؽ الى حد معيف بيف افتراضات نظرية الترميز المزدوج والنظريات‬
‫االفتراضية‪ ،‬حيث تؤكد وجود شكؿ واحد مف التمثيؿ المعرفي في الذاكرة طويمة المدى‬
‫ونوعيف مف التنشيط لممعمومات في الذاكرة قصيرة المدى احدىما تصوري واالخر لفظي‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الفصل السادس‬
‫التفكير ‪thinking‬‬
‫يعد التفكير مف اكثر الموضوعات دراسة وبحثا في مجاالت عمـ النفس وخاصة‬
‫عمـ النفس المعرفي وعمـ النفس التربوي‪.‬وموضوع التفكير ليس مف اىتماـ االتجاه‬
‫المعرفي فقط بؿ عنيت بو جميع المدارس الفمسفية والفكرية والتربوية‪ ،‬لمساعدة الفرد كي‬
‫يصبح اكثر قدرة عمى مواجية الصعوبات والمشكالت التي تعترض طريقو في جميع‬
‫مناحي الحياة المختمفة سواء كانت اجتماعية اـ اقتصادية اـ تربوية اـ اخالقية‪.‬‬

‫تعريف التفكير‪:‬‬
‫تباينت وجيات نظر العمماء والباحثيف التربوييف حوؿ التعريؼ العاـ لمتفكير‪ .‬اذ‬
‫قدموا تعريفات مختمفة استناداً الى اسس واتجاىات نظرية متعددة‪ ،‬وليس مف شؾ اف‬
‫لكؿ فرد اسموبو الخاص في التفكير‪ ،‬والذي قد يتأثر بنمط تنشئتو‪ ،‬ودافعيتو‪ ،‬وقدراتو‬
‫‪،‬وخمفيتو الثقافية وغيرىا مما يميزه عف االخريف‪ ،‬االمر الذي قاد الى غياب الرؤية‬
‫الموحدة عند العمماء بخصوص تعريؼ التفكير‪ ،‬وخصائصو‪ ،‬واشكالو‪ ،‬واساليبو‪.‬‬

‫من اىم التعريفات التي وردت في التفكير‬


‫‪.1‬دي بونو‪ :De Bono 1985‬يرى اف التفكير ىو العممية التي يمارس الذكاء مف‬
‫خالليا نشاطو عمى الخبرة‪ ،‬أي انو يتضمف القدرة عمى استخداـ الذكاء الموروث‬
‫واخراجو الى ارض الواقع‪ ،‬مثمما يشير الى أكتشاؼ متبصر او متأف لمخبرة مف اجؿ‬
‫الوصوؿ الى اليدؼ‪.‬‬
‫‪.2‬باريل‪ :Barell 1991‬يرى اف التفكير بمعناه البسيط يمثؿ سمسمة مف النشاطات‬
‫العقمية التي يقوـ بيا الدماغ عند تعرضو لمثير ما‪ ،‬بعد استقبالو عف طريؽ احدى‬
‫الحواس الخمس‪ ،‬اما بمعناه الواسع فيو عممية بحث عف المعنى في الموقؼ او الخبرة‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫تصنيفات التفكير‪:‬‬
‫يصنؼ نيومااف ‪ 9<<9 Newmann‬ميارات التفكير في فئتيف رئيسيتيف ىما‪:‬‬
‫أ‪.‬ميارات التفكير الدنيا ‪Lower Thinking skills‬‬
‫وتعني االعماؿ اليومية الروتينية التي يقوـ بيا الفرد ويستخدـ فييا العمميات العقمية‬
‫بشكؿ محدود كأكتساب المعرفة‪ ،‬وتذكرىا‪ ،‬والمالحظة‪ ،‬والمقارنة‪،‬والتصنيؼ‪ ،‬وبعض‬
‫الميارات الدنيا في تصنيؼ بموـ مثؿ المعرفة واالستيعاب والتطبيؽ‪ .‬وىي ميارات مف‬
‫الضروري تعمميا قبؿ االنتقاؿ الى مستويات التفكير العميا‪.‬‬

‫ب‪.‬ميارات التفكير العميا ‪Higher Thinking skills‬‬


‫وتتطمب االستخداـ الواسع والمعقد لمعمميات العقمية‪ ،‬ويحدث ىذا عندما يقوـ الفرد‬
‫بتفسير وتحميؿ المعمومات ومعالجتيا لالجابة عف سؤاؿ‪ ،‬أو حؿ مشكمة اليمكف حميا‬
‫مف خالؿ االستخداـ العادي لميارات التفكير الدنيا‪.‬وتتطمب اصدار احكاـ او اعطاء‬
‫راي‪ ،‬واستخداـ معايير او محكات متعددة لموصوؿ الى النتيجة‪ ،‬وتشمؿ الميارات‬
‫التفكير الناقد واالبداعي وما وراء المعرفي واالستداللي وغيرىا‪.‬‬

‫العمميات العقمية في التفكير‪:‬‬


‫التفكير عند االنساف عبارة عف عممية عقمية ‪ Mental process‬مركبة‪ ،‬تتألؼ مف‬
‫مجموعة مف العمميات العقمية التي يتـ مف خالليا نشاط التفكير وىذه العمميات ىي‪:‬‬

‫‪.1‬المقارنة ‪Comparison‬‬
‫وتعرؼ بالمقابمة او الموازنة‪ ،‬وتتمثؿ في العالقات واالرتباطات بيف الظواىر او‬
‫االشياء او االحداث‪ ،‬واستخالص ىذه الظواىر او االشياء او االحداث في االدراؾ وفي‬
‫التصور عند االنساف‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.2‬التصنيف ‪classification‬‬
‫وىو العممية التي يتـ فييا تجميع االشياء او الظواىر وفقا لما يميزىا مف معالـ عامة‬
‫مشتركة وحيث يوضع ليا تجميع ‪ grouping‬او تصنيؼ‪ Categorizing‬وبحيث تضـ‬
‫مفاىيـ معينة لمظواىر او االشياء‪.‬‬
‫‪.3‬التنظيم ‪Systematization‬‬
‫وىو العممية التي يتـ بيا ترتيب او تنسيؽ فئات االشياء او الظواىر في نظاـ معيف‪،‬‬
‫وفقاً لما يوجد بيف ىذه الفئات مف عالقات متبادلة‪.‬‬

‫‪.4‬التجريد ‪Abstraction‬‬
‫حتى يتحقؽ التفكير‪ ،‬فانو يتـ وفؽ تمييز الخصائص المستقمة لالشياء‪ ،‬كما يتـ‬
‫بطريقة متجردة عف االشياء ذاتيا‪.‬‬

‫‪.5‬التعميم ‪Generalization‬‬
‫يرتبط التجريد بالتعميـ‪ ،‬عمى اساس انو عند التوصؿ الى تحديد الخصائص المتجردة‬
‫لالشياء‪ ،‬فاف ىذا يعني اف التفكير اتخذ شكؿ التعميـ‪.‬‬

‫‪.6‬االرتباط بالمحسوسات ‪Concretization‬‬


‫يتطمب التجريد عممية عقمية عكسية‪ ،‬وىي االنتقاؿ مف التجريد والتعميـ الى الواقع‬
‫الحسي‪ ،‬الذي يعد شرطا ميما لمفيـ الصحيح لمواقع‪.‬‬

‫‪.7‬التحميل ‪Analysis‬‬
‫وىو العممية العقمية التي يتـ بيا فؾ ظاىرة كمية مركبة الى عناصرىا المكونة ليا‪ ،‬أي‬
‫الى مكوناتيا الجزئية‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.8‬التركيب ‪Synthesis‬‬
‫عكس عممية التحميؿ ‪،‬اذ اف التركيب كعممية عقمية يتـ باعادة توحيد الظاىرة المركبة‬
‫مف عناصرىا التي تـ تحديدىا في عممية التحميؿ‪.‬‬

‫‪.9‬االستدالل ‪Reasoning‬‬
‫يقوـ االستدالؿ العقمي عمى استنتاج صحة حكـ معيف مف صحة احكاـ اخرى‪،‬‬
‫ويؤدي االستدالؿ الصحيح الى تحقيؽ الثقة في ضرورة وحتمية النتائج التي يتوصؿ‬
‫الييا‪.‬‬
‫واالستدالؿ نوعاف‬
‫أ‪.‬االستنباط ‪Deduction‬‬
‫وىو العممية االستداللية التي بيا نستنتج اف ما يصرؼ عمى الكؿ يصرؼ ايضاً عمى‬
‫الجزء‪.‬‬
‫ب‪.‬االستقراء ‪Induction‬‬
‫وىو العممية االستداللية‪ ،‬التي بيا يتـ التوصؿ الى نتيجة عامة مف مالحظة حاالت‬
‫جزئية معينة‪.‬‬

‫نظريات التفكير‪:‬‬
‫‪-1‬النظرية السموكية‪:‬‬
‫تتخذ المدرسة السموكية موقفاً متطرفاً في نظرتيا الى التفكير‪ ،‬فيي ترفض رفضاً‬
‫قاطعاً اعتباره عمى انو عممية‪ ،‬وانما تتعامؿ معو عمى انو سموؾ كباقي السموكيات‬
‫االخرى التي تصدر مف االفراد‪.‬فالسموكية تعد التفكير عمى انو مجرد سموؾ(داخمي)‬
‫يحدث كأستجابة لمثيرات داخمية او خارجية‪ .‬وترى اف ىذا السموؾ يمكف تطويره مف‬
‫خالؿ مبادئ التعمـ الرئيسية‪ ،‬والسيما التعزيز الذي يتبع المحاوالت السموكية التي تصدر‬

‫‪64‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫عف الفرد حياؿ المواقؼ والمثيرات المختمفة‪ ،‬والذي مف شأنو اف يقوى االرتباطات بيف‬
‫االستجابات والمثيرات‪.‬‬
‫فالسموكية تؤكد اف التفكير يمكف وصفو ودراستو مف خالؿ مبدأ المحاولة والخطأ‪،‬‬
‫وىو بمثابة نتاج توظيؼ العادات او االستجابات المتعممة سابق ًا والموجودة سابقاً لدى‬
‫الفرد حياؿ المواقؼ والمثيرات المتعددة‪ ،‬حيث يتشكؿ االرتباط بيف السموؾ والموقؼ تبعاً‬
‫لمدى نجاح ومالئمة ىذا السموؾ لمموقؼ الذي يتفاعؿ معو الفرد‪.‬‬
‫وحسب وجية النظر السموكية فاف اختيار االستجابة وتنفيذىا يتـ وفؽ ترتيب ىرمي‬
‫تبعاً لمدى قوتيا ومناسبتيا لمموقؼ المثيري الذي يتعرض اليو الفرد‪،‬فاالفراد يمتمكوف‬
‫الحصيمة السموكية والقدرة عمى تنويع االستجابات‪ ،‬بحيث يعتمد اختيار االستجابة‬
‫المناسبة لموقؼ ما تبعاً لمتعزيز او األثر البعدي االيجابي الذي يتبعيا‪.‬‬

‫وجية النظر المعرفية‬


‫تنظر وجية النظر المعرفية الى التفكير عمى نحو مختمؼ عما ىو الحاؿ لدى‬
‫المدرسة السموكية‪ ،‬فيي ترى اف التفكير عبارة عف نشاط معرفي يتضمف سمسمة مف‬
‫العمميات العقمية وترفض فكرة اعتباره عمى انو سموؾ‪ ،‬الف السموؾ ما ىو اال مظير‬
‫ليذه العممية‪ ،‬فالتفكير عممية معرفية معقدة تتضمف معالجة المعمومات مف حيث‬
‫استقب اليا وترميزىا وتفسيرىا واستخالص المناسب منيا‪ ،‬وتقوـ ايضا عمى استخداـ‬
‫الرموز والتصورات والمفاىيـ المادية والمجردة بيدؼ الوصوؿ الى نواتج معينة‪.‬‬

‫مستويات التفكير‪:‬‬
‫‪.1‬المستوى الحسي‪ :‬يتعذر التفكير او يستحيؿ احيانا اف لـ يعتمد عمى موضوعات‬
‫واشياء ماثمة اماـ حواس ا لفرد ومؤثرة فييا كما ىي الحاؿ عند االطفاؿ الصغار‬
‫والحيوانات‪ .‬والتفكير في المستوى الحسي يدور حوؿ اشياء ومعاف حسية اكثر منو عمى‬
‫الصفات والمعاني المجردة فيو تفكير يوجيو االدراؾ الحسي‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.2‬المستوى التصوري‪ :‬وفيو يستعيف التفكير بالصور الحسية المختمفة ‪،‬والتفكير بالصور‬
‫اكثر شيوعاً عند االطفاؿ منو عند الكبار مف حيث مقداره ووضوح الصور حتى يمكف‬
‫القوؿ أف تفكير االطفاؿ يكاد يقع كمو في ىذا المستوى‪.‬‬
‫‪.3‬التفكير المجرد‪ :‬وىو التفكير الذي يعتمد عمى معاف االشياء وما يقابميا مف الفاظ‬
‫وارقاـ ال عمى ذواتيا المادية المجسمة او صورىا الذىنية‪ .‬وىو تفكير يرتفع عف مستوى‬
‫الجزئيات العينية الممموسة واالشياء الخاصة الى مستوى المعاني والقواعد والمبادئ‬
‫العامة كالتفكير الرياضي او الفمسفي‪.‬‬
‫انماط او اشكال التفكير‪:‬‬
‫تتعدد انواع التفكير ويمكف اف نذكر منيا‪:‬‬
‫‪.9‬التفكير الحسي‪:‬‬
‫ابسط انواع التفكير حيث يتعرؼ الفرد عمى المعمومات مف خالؿ الحواس وىي اوؿ‬
‫بوادر التفكير عند االنساف وال يستطيع اف يتذكر االشياء ويفيـ مدلوليا دوف اف تكوف‬
‫امامو‪ .‬وىذا ىو التفكير الذي يتصؼ بو الطفؿ في اوؿ عاـ مف العمر ويسمى التفكير‬
‫الحسي الرتباطة بالجانب الحسي الحركي عند االنساف والمحيط الخارجي وما يحتوية‬
‫مف مثيرات تؤدي الى انعكاسات او ردود افعاؿ تمثؿ بداية التفكير عند الطفؿ‪.‬‬

‫‪.2‬التفكير االستكشافي‪:‬‬
‫يتصؼ ىذا النوع مف التفكير برغبة الفرد الشديدة في كشؼ ما يدور حولو وايجاد‬
‫تفسير مناسب لو‪ ،‬ويتضح ذلؾ بطرح العديد مف االسئمة محاولة مف الفرد او الطفؿ‬
‫الستيضاح كؿ ما يريد فيمو ويسمى ذلؾ بحب االستطالع‪.‬‬

‫‪.3‬التفكير المجرد‪:‬‬
‫يمثؿ التفكير المجرد اعمى اشكاؿ التفكير مف منظور نظرية بياجية ويصؿ لو الفرد‬
‫العادي في عمر(‪ )99‬سنة تقريباً‪ ،‬ويتصؼ بقدرة الفرد عمى التعامؿ مع المجردات‬

‫‪66‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫وتزداد القدرة عمى التخيؿ والتصور بعد اف كاف في المراحؿ السابقة معتمدا عمى‬
‫المحسوسات‪ ،‬وفي تمؾ المرحمة يستطيع الفرد اف يفكر بشكؿ منطقي او بطريقة عممية‬
‫باتباع طرؽ عممية منظمة تبدأ بتحديد المشكمة وجمع المعمومات منيا وتحميميا ثـ وضع‬
‫الفرضيات ثـ الوصوؿ الى النتائج واختبار صحتيا قبؿ تعميميا‪.‬‬

‫‪ .4‬التفكير الحر‪.‬‬
‫ىو نوع مف التفكير اليرتبط بموضوع محدد بؿ يرتبط بعدة موضوعات تكوف ميمة‬
‫لمفرد في وقت ما‪ ،‬وىذا النوع مف التفكير يحتاج الى العديد مف العمميات العقمية مثؿ‬
‫االدراؾ‪ ،‬االنتباه‪ ،‬التذكر‪ ،‬االستبصار‪.‬‬

‫‪.5‬التفكير االبداعي‪:‬‬
‫ىو ايجاد حؿ جديد واصيؿ لمشكمة عممية او عممية او فنية او اجتماعية‪ .‬ويقصد‬
‫بالحؿ االصيؿ الحؿ الذي لـ يسبؽ اف توصؿ اليو احد‪ .‬ويعتمد ىذا التفكير عمى الخبرة‬
‫السابقة لمفرد وعمى قدرة الفرد في عدـ التقيد بحدود قواعد المنطؽ او ما ىو بدييي‬
‫ومتوقع مف الناس‪.‬‬
‫ويرى عمماء النفس اف العممية التي يتـ فييا اإلبداع(التفكير اإلبداعي) تتألؼ مف أربع‬
‫مراحؿ ىي‪:‬‬
‫أ‪.‬مرحمة اإلعداد او التحضير‪ :‬وتحدد فييا المشكمة وتفحص مف جميع نواحييا وتجمع‬
‫المعمومات مف الذاكرة ومف المطالعات وتيضـ جيدا ويربط بعضيا ببعض‪ ،‬ثـ يقوـ‬
‫المبدع بمحاوالتو لمحؿ‪.‬‬
‫ب‪.‬مرحمة الحضانة او االختمار‪:‬وىي مرحمة تريث وانتظار‪ ،‬الينتبو فييا المبدع الى‬
‫المشكمة انتباىاً جدياً غير انيا ليست فترة خمود بؿ فترة كموف يتحرر فييا العقؿ مف‬
‫الكثير مف الشوائب والمواد التي الصمة ليا بالمشكمة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫جـ‪.‬مرحمة اإلليام‪ :‬وفييا يظير الحؿ الى الذىف ويتضح عمى حيف فجأة‪ ،‬بعد اف عجز‬
‫عف تذكره‪ ،‬ويتطابؽ ىذا مع ما تسميو نظرية الجشطمت باالستبصار‪.‬‬
‫ج‪.‬مرحمة إعادة النظر او التحقيق‪:‬قد يكوف اإللياـ الخطوة األخيرة في التفكير اإلبداعي‬
‫أحيانا غير انو في اغمب األحياف يتعيف عمى المبدع اف يختبر الفكرة الجديدة‪ ،‬ويعيد‬
‫النظر فييا ليرى ىؿ ىي صحيحة او مفيدة او تتطمب شيئا مف الصقؿ والتيذيب‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الفصل السابع‬
‫الساليب المعرفية ‪Cognitive Styles‬‬
‫تعد األساليب(األنماط) المعرفية مف المواضيع اليامة التي تحظى باىتماـ المختصيف‬
‫في مجاؿ عمـ النفس المعرفي النيا تعكس الفروؽ الفردية في عمميات تناوؿ المعمومات‬
‫ومعالجتيا‪ .‬وتمثؿ األساليب(األنماط) المعرفية األساليب المفضمة مف قبؿ اإلفراد في‬
‫عمميات تناوؿ المعمومات الخارجية مف حيث استقباليا ومعالجتيا وتنظيميا‪ ،‬فيي تشير‬
‫الى الفروؽ الفردية في الكيفية التي يدرؾ بيا اإلفراد المواقؼ والحوادث الخارجية‬
‫والطريقة التي يفكروف مف خالليا بمثؿ ىذه المواقؼ‪.‬‬
‫لقد دخؿ مفيوـ األساليب المعرفية الى مجاؿ عمـ النفس المعرفي عمى وجو‬
‫الخصوص بعد الحرب العالمية الثانية كنتيجة لتراكـ البحوث النفسية في مجاؿ الفروؽ‬
‫الفردية‪ ،‬والتمايز النفسي‪ ،‬حيث أظيرت نتائج الدراسات وجود فروؽ بيف اإلفراد في‬
‫تناوؿ المعمومات ومعالجتيا‪.‬واف مثؿ ىذه الفروؽ مرتبطة بجوانب الشخصية الى حد ما‪.‬‬
‫قد يبدو لموىمة األولى عند الحديث عف األساليب المعرفية‪ ،‬بانيا ذات طابع معرفي‬
‫صرؼ‪ ،‬أي انيا تعكس فقط الفروؽ الفردية في عمميات االنتباه واإلدراؾ والتفكير‬
‫والتعمـ‪ ،‬ولكنيا ف ي واقع الحاؿ ذات بعد وجداني حيث انيا تشير الى األسموب المفضؿ‬
‫مف قبؿ الفرد في معالجة المعمومات وتنظيميا‪ ،‬بحيث يمثؿ ىذا االسموب النمط المعتاد‬
‫المفضؿ دائما مف قبمو في ادارؾ المعمومات والتفكير بيا‪ ،‬فيي التقتصر عمى انماط‬
‫السموؾ المعرفي فحسب‪ ،‬بؿ تتعدى ذلؾ لتعكس الفروؽ في السموؾ االجتماعي‬
‫والجوانب الشخصية االخرى‪ ،‬ففي ىذا الصدد يشير كؿ مف رايدنؾ ورينر‬
‫‪ 9<<;Riding& Rayner‬الى اف النمط المعرفي اليؤثر بالطرؽ التي يتمثؿ مف‬
‫خالليا الفرد المعمومات عف العالـ الخارجي واسموب التفكير فييا فقط‪،‬وانما يتعدى ذلؾ‬
‫الى تنفيذ السموؾ االجتماعي المناسب‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫تعريف االنماط المعرفية(االساليب المعرفية)‬


‫يالحظ وجود عدة مسميات لمفيوـ االنماط او االساليب المعرفية‪ ،‬مثؿ اساليب التحكـ‬
‫المعرفية‪ ،‬او االبنية المعرفية‪ ،‬او االستراتيجيات المعرفية‪.‬ولعؿ تعدد مثؿ ىذه المسميات‬
‫يرجع الى عدـ وجود اتفاؽ واضح عمى تعريفيا بالرغـ مف اف جميع الباحثيف يروف انيا‬
‫مكونات نفسية تدخؿ في العمميات المعرفية‪ ،‬وترتبط نوعاً ما بالجوانب الشخصية والتي‬
‫عمى اساسيا تبرز الفروؽ بيف االفراد في تناوؿ المعمومات ومعالجتيا‪ .‬وميما يكف مف‬
‫امر‪ ،‬فيمكف ابراز التعريفات التالية ليذه االنماط(االساليب)‪:‬‬
‫‪.1‬تعريف مسك ‪Messick 1976‬‬
‫االنماط المعرفية ىي الفروؽ الفردية في اساليب فيـ وحفظ وتحميؿ واستخداـ‬
‫المعمومات‪.‬‬
‫‪.2‬تعريف وتكن ‪Witkin 1977‬‬
‫النمط(االسموب) المعرفي ىو عامؿ او بعد ‪ Dimention‬يتداخؿ في عدة مجاالت‬
‫شخصية سواء في المجاؿ المعرفي بما يتضمنة مف عمميات االنتباه واالدراؾ والتفكير‬
‫والتذكر وحؿ المشكالت‪ ،‬او ما يتصؿ بالمجاؿ الوجداني بما يتضمف مف جوانب‬
‫شخصية واجتماعية‪.‬‬
‫‪.3‬تعريف كوب وسيجل ‪Coop & Sigeal 1977‬‬
‫االسموب المعرفي ىو االسموب الثابت نسبياً الذي يفضمو الفرد في تنظيـ ما يدركو مف‬
‫حولو‪.‬‬
‫‪.4‬تعريف رايدنك ورينر ‪Riding& Reyner 1998‬‬
‫النمط المعرفي ىو األسموب المعتاد والمفضؿ الذي يستخدمو الفرد في تنظيـ‬
‫المعمومات ومعالجتيا‪ ،‬بحيث ينعكس في الطريقة التي يفكر مف خالليا وفي سموكو‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.5‬تعريف تنانت ‪Tennant 1998‬‬


‫النمط المعرفي‪:‬ىو االسموب المفضؿ لدى الفرد في تمثؿ المعمومات الخارجية‬
‫ومعالجتيا‪.‬‬
‫خصائص االساليب(النمط) المعرفية‪:‬‬
‫اورد وتكف وزمالءه ‪ Witken et al 9<::‬عدداً مف الخصائص التي تمتاز بيا‬
‫االساليب (االنماط) المعرفية والتي تتمثؿ في االتي‪:‬‬
‫‪ .1‬ترتبط االنماط المعرفية باشكاؿ النشاط المعرفي‪ forms‬وليس بالمحتوى المعرفي‬
‫بحد ذاتو‪ ،‬فيي تعكس الفروؽ بيف االفراد في اسموب اختيار العمميات المعرفية وتنفيذىا‬
‫مثؿ االنتباه واالدراؾ والتفكير وحؿ المشكالت‪.‬‬
‫‪ .2‬تعكس االنماط المعرفية عدة ابعاد مف الشخصية‪ ،‬فيي تعد مف االبعاد المستعرضة‬
‫ألي شخصية‪ ،‬حيث الترتبط بالجانب المعرفي فقط‪ ،‬وانما تمتد لتشمؿ جوانب اخرى‬
‫كاالنفعالية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ .3‬يمكف قياس االنماط المعرفية بوسائؿ غير لفظية مثؿ االشكاؿ والصور واالفعاؿ‬
‫الحركية‪ ،‬وىذا مف شأنو اف يزيؿ العديد مف الصعوبات التي تقؼ اماـ استخداـ المقاييس‬
‫المفظية مثؿ اختالؼ المستوى التعميمي والثقافي لالفراد‪.‬‬
‫‪ .4‬تتصؼ االنماط (االساليب) المعرفية بالثبات النسبي‪ ،‬حيث تمتاز بنوع مف االستقرار‬
‫مع الزمف ‪ ،‬وىذا مما يسيؿ عممية التنبؤ بسموؾ الفرد حياؿ المواقؼ االدراكية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وىذا اليعني بالضرورة انيا ثابتة عمى نحو مطمؽ‪ ،‬اذ يمكف تعديميا او‬
‫احداث تغيير فييا في ظؿ ظروؼ معينة‪.‬‬
‫‪ .5‬تمثؿ االساليب او االنماط المعرفية ابعاد ثنائية القطب ‪ Bipolar‬حيث ليس ليا‬
‫بداية صغرى واخرى كبرى‪ ،‬فيي غير محددة في بداية او نياية كما ىو الحاؿ في‬
‫القدرات العقمية كالذكاء‪ ،‬وانيا تمثؿ قطبيف كؿ منيما نقيض لآلخر ولو خصائصو‬
‫المميزة‪ ،‬وبذلؾ فيي ترتبط باالحكاـ القيمية ‪ Valu judgment‬وليس بالمقادير الكمية‪،‬‬
‫كما ىو الحاؿ في بعض السمات الشخصية االخرى‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫تصنيف االساليب المعرفية‪:‬‬


‫جرت محاوالت عديدة مف قبؿ عمماء النفس لتصنيؼ االنماط (االساليب)‬
‫المعرفية‪ ،‬حيث اختمفت التصورات التي قدموىا بيذا الشأف تبعاً لطبيعة االىتمامات‬
‫البحثية وعموما يمكف تصنيؼ االساليب المعرفية عمى النحو االتي‪:‬‬
‫اوالً‪ :‬نمط االعتماد عمى المجال مقابل النمط المستقبل عن المجال‬
‫‪Field Dependent-Independent‬‬
‫يشير ىذا النمط الى الفروؽ الفردية التي توجد بيف االشخاص في عمميات اداركيـ‬
‫لممواقؼ المختمفة مف حيث التزاميـ بالسياؽ الكمي الذي يحدث فيو الموقؼ‪ ،‬او التعامؿ‬
‫معو عمى نحو مستق ؿ‪ .‬فاالفراد الذي يعتمدوف عمى المجاؿ ينظروف الى المجاؿ الكمي‬
‫الذي يحدث فيو الموقؼ بما يتضمنة مف تفاصيؿ وال يستطيعوف التعامؿ مع الموقؼ‬
‫عمى انو جزء مستقؿ عف المجاؿ الذي يحدث فيو‪.‬في حيف اف االفراد المستقميف في‬
‫ادراكيـ عف المجاؿ ىـ اكثر قدرة عمى التحميؿ ويستطيعوف فصؿ الموقؼ عف المجاؿ‬
‫الذي يحدث فيو‪.‬‬
‫فاالفراد المعتمدوف في ادراكيـ عمى المجاؿ غالباً ما يواجيوف صعوبة في ادراؾ‬
‫المواقؼ كأجزاء منفصمة عف بعضيا بعضاً‪ ،‬اذ اظيرت نتائج الدراسات انيـ‬
‫اليستطيعوف التمييز بيف الموضوع‪ object‬والخمفية ‪ Background‬في اختبار االشكاؿ‬
‫المتضمنة مقارنة مع االفراد المستقموف عف المجاؿ في االدراؾ‪.‬‬
‫اما عف خصائص الشخص الذي يتميز باالعتماد عمى المجاؿ‪ ،‬فقد اشارت الد ارسات‬
‫الى انو بحاجة دائمة الى تأييد االخريف‪ ،‬والميؿ الى التجمع‪ ،‬واالىتماـ بتعابير الوجو‬
‫والتواصؿ البصري ‪ ،‬واالىتماـ بالمشاعر والعواطؼ خالؿ التفاعؿ مع االخريف‪ .‬ومف‬
‫خصائص الشخص المستقؿ عف المجاؿ االدراكي القدرة عمى تحميؿ الموقؼ‪ ،‬وتمييز‬
‫الذات عف االخريف‪ ،‬واليحتاج الى اطار مرجعي لمواجية اية مشكمة او موقؼ جديد‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫ثانياً ‪:‬نمط (اسموب) التعقيد المعرفي مقابل التبسيط المعرفي‬


‫‪Cognitive Simplicity- Cognitive Complexity‬‬
‫يعكس ىذا التصنيؼ الفروؽ بيف االفراد مف حيث معالجة المواقؼ وتفسيرىا وال سيما‬
‫االجتماعية منيا‪ .‬فاالفراد ذوو النمط التعقيدي ىـ اكثر قدرة عمى التعامؿ مع ابعاد‬
‫المواقؼ االجتماعية‪ ،‬وىـ اكثر قدرة عمى تحميؿ عناصرىا وادراؾ العالقات القائمة بينيا‪.‬‬
‫في حيف نجد اف االفراد ذوي النمط التبسيطي ىـ اكثر سطحية في تعامميـ مع المواقؼ‬
‫االجتماعية‪ ،‬وبالتالي ىـ اقؿ قدرة عمى ادراؾ االبعاد المرتبطة بيا‪ .‬وىكذا نجد اف االفراد‬
‫ذوي النمط التعقيدي ىـ اكثر قدرة عمى التعامؿ مع المواقؼ المجردة مقارنة مع اقرانيـ‬
‫ذوي النمط التبسيطي الذيف ىـ اكثر اعتمادا عمى المحسوسات في ادراكيـ‪.‬‬

‫ثالثاً‪:‬اسموب(نمط) تحمل الغموض مقابل عدم تحمل الغموض‬


‫‪Tolerance-Intolerance for Ambiguity‬‬
‫يرتبط ىذا التصنيؼ بالفروؽ الفردية التي توجد بيف االفراد مف حيث قبوليـ او عدـ‬
‫قبوليـ لممواقؼ الغامضة‪ .‬فاالفراد يختمفوف في استعدادىـ لتقبؿ ما يحيط بيـ مف مواقؼ‬
‫ادراكية والسيما تمؾ الغامضة منيا‪.‬‬
‫فاالفراد الذيف يمتازوف بنمط تحمؿ الغموض ىـ اكثر قدرة عمى التعامؿ مع المواقؼ‬
‫الغامضة‪ ،‬وعادة ما يبذلوف مجيودا عالياً في محاولة منيـ لفيميا وادراكيا‪ ،‬اما االفراد‬
‫الذيف يمتازوف بنمط عدـ تحمؿ الغموض فنجدىـ اقؿ قدرة عمى التعامؿ مع المواقؼ‬
‫الغامضة‪ ،‬فيـ سرعاف ما يظيروف عدـ االرتياح والرضى عند مواجية ىذه المواقؼ‪،‬‬
‫وغالبا ما يتوجيوف الى مصادر اخرى في محاولة منيـ لتوضيح ىذا الغموض‪ ،‬وبالتالي‬
‫فيـ اكثر ميال لممواقؼ المألوفة واكثر تجنبا لممواقؼ غير المألوفة مقارنة بأقرانيـ ذوي‬
‫نمط او اسموب تحمؿ الغموض‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫رابعاً‪ :‬النمط االندفاعي مقابل التأممي ‪Impulsive- Reflective‬‬


‫ي عكس ىذا التصنيؼ الفروؽ الفردية التي توجد بيف اإلفراد مف حيث السرعة والدقة‬
‫والتروي في اثناء معالجة المعمومات المرتبطة بالمواقؼ التي يتعرضوف ليا‪ .‬فاالفراد‬
‫الذيف يمتازوف بالنمط التأممي ىـ اكثر ميال لمتأني في تنفيذ الميمات واكثر تفحص ًا‬
‫لمعناصر المرتبطة بالموقؼ‪ ،‬وبالتالي فيـ اقؿ وقوعاً في االخطاء واتخاذ ق اررات متسرعة‬
‫غير مدروسة‪ .‬اما االندفاعيوف فغالباً ما يتسرعوف في اداء الميمات وال يدققوف في‬
‫جميع عناصر المواقؼ مما يتسبب في وقوعيـ في اخطاء كثيرة‪ ،‬او اتخاذ ق اررات‬
‫متعجمة كما ويمتاز اصحاب ىذا النمط بسرعة االنفعاؿ في المواقؼ الصعبة او الحرجة‬
‫وغالبا ما تتأثر استجاباتيـ بحالة االنفعاؿ ىذه‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫الفصل الثامن‬
‫العمميات المعرفية الماورائية ‪Metacognition‬‬
‫تعد العمميات المعرفية الماورائية مف المفاىيـ التي دخمت حديثا الى موضوع عمـ‬
‫النفس المعرفي‪ ،‬ويكاد يكوف جوف فالفؿ ‪ John flavel‬اوؿ مف استخدـ ىذا المصطمح‬
‫في نياية السبعينات مف القرف الماضي‪ .‬فقد الحظ فالفؿ اف االفراد الذيف يعانوف مف‬
‫صعوبات التعمـ وكذلؾ االطفاؿ عمى وجو العموـ غالباً اليكونوف عمى وعي تاـ لما‬
‫ينبغي عمييـ تعممو‪ ،‬ويتصرفوف بدوف وعي لالستراتيجيات واالساليب المعرفية التي‬
‫يفترض منيـ اتباعيا في عمميات التعمـ‪ ،‬وىذا ما دفعو بالتالي الى صياغة ىذا المفيوـ‪.‬‬
‫لقد عرؼ فالفؿ العمميات الماورائية عمى انيا التفكير بعممية التفكير والوعي بالعمميات‬
‫المعرفية التي يستخدميا الفرد في معالجة المعمومات‪ ،‬وبيذا المنظور‪ ،‬فقد اعتبرت ىذه‬
‫العمميات عمى انيا االستراتيجيات التي تحكـ عمميات التفكير والتعمـ‪.‬‬

‫تعريف العمميات المعرفة الماورائية‪:‬‬


‫‪-‬تعريؼ الياف وشيال ‪Elaine & Sheila9<<9‬‬
‫ىي التفكير حوؿ التفكير والمعرفة بما نعرؼ وما النعرؼ‪.‬‬
‫‪ -‬تعريؼ فالفؿ ‪Flavell 9<;:‬‬
‫ىي التفكير بعمميات التفكير والمعرفة بالعمميات المعرفية‪.‬‬
‫‪ -‬تعريؼ برور ‪Bruer9<<8‬‬
‫ىي القدرة عمى التفكير باساليب التفكير وكيفية تنفيذىا‪.‬‬
‫‪ -‬تعريؼ ليفنكستوف ‪Livingston9<<9‬‬
‫ىي عمميات التفكير مف المستوى االعمى‪.‬‬
‫‪ -‬تعريؼ ستيرنبيرغ ‪Sternberg9<<9‬‬
‫ىي عمميات تحكـ تسيطر عمى العمميات المعرفية مف حيث التخطيط الستخداميا‬
‫وكيفية تنفيذىا ومراقبتيا وتقييـ نتائجيا‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫خصائص العمميات المعرفية الماورائية‬


‫‪ .9‬تمتاز العمميات المعرفية الماورائية عمى انيا عمميات التنفذ مباشرة عمى الميمة‪،‬وانما‬
‫عمى العمميات المعرفية التي تجري عمى ىذه الميمة‪ ،‬فيي تسيطر عمى العمميات‬
‫المعرفية مف حيث التخطيط ليذه العمميات‪ ،‬ومتابعة عممية تنفيذىا ومراقبة سيرىا والحكـ‬
‫عمى نتائجيا‪.‬‬

‫‪ .9‬تختمؼ العمميات المعرفية الماورايئة مف فرد الى آخر تبعاً لمفروؽ المرتبطة بعوامؿ‬
‫النمو والنضج والذكاء والخبرات السابقة‪ .‬فاالطفاؿ اليطوروف مثؿ ىذه االساليب اال في‬
‫المراحؿ العمرية الالحقة‪ ،‬حيث انيـ في المراحؿ المبكرة غالباً اليكونوف عمى وعي بمثؿ‬
‫ىذه العمميات‪.‬‬

‫‪ .1‬تمتاز بقدرتيا عمى تحديد العمميات المعرفية المناسبة لتنفيذ الميمات المطموبة‪.‬‬

‫االسترايتيجات المعرفية واالستراتيجيات المعرفية الماورائية‪:‬‬


‫يرى فالفؿ<‪ 9<:‬انو ربما اليكوف ىناؾ فرقا واضحاً وجمياً بيف االسترتيجيات‬
‫المعرفية واالستراتيتجات المعرفية الماورائية‪ .‬وقد يكمف الفرؽ الوحيد بينيما في الكيفية‬
‫التي يتـ فييا استخداـ المعمومات واليدؼ منيا‪ .‬وعموماً يمكف ابراز الفرؽ بينيما عمى‬
‫النحو االتي‪:‬‬
‫‪.9‬تستخدـ العمميات المعرفية عمى نحو مباشر عمى الميمات ( تعمـ الخبرة ‪ ،‬حؿ‬
‫مشكمة‪ )------‬أي انيا تستخدـ لتحقيؽ ىدؼ معيف‪ ،‬في حيف تستخدـ العمميات‬
‫الماورائية لمتخطيط لمعمميات المعرفية‪ ،‬وكيفية تنفيذىا ومراقبة سير عمميا وتقييـ نتائجيا‪،‬‬
‫أي التأكد مف تحقؽ اليدؼ‪.‬‬
‫‪.9‬العمميات المعرفية الماورائية قد تسبؽ او تأتي بعد العمميات المعرفية‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.1‬العمميات المعرفية الماروائية تصبح اكثر الحاحاً عندما تفشؿ العمميات المعرفية في‬
‫تحقيؽ ىدفيا‪ ،‬حيث يعمد الفرد الى مراجعة انشطتو المعرفية والحكـ عمى مدى فعاليتيا‪.‬‬

‫‪.1‬كالىما قد يستخدـ نفس االستراتيجيات كالتخطيط والتساؤؿ مثال‪ ،‬ولكف مع اختالؼ‬


‫اليدؼ مف استخداميا‪ .‬فالتساؤؿ في العمميات المعرفية ربما يستخدـ كأداة الكتساب‬
‫المعرفة في حيف يستخدـ في العمميات المعرفية الماورايئة كأداة لمتأكد مف تحقيؽ التعمـ‪،‬‬
‫او الحكـ عمى فعالية العممية المعرفية في تنفيذ الميمة التعميمية‪.‬‬

‫‪.8‬كالىما يعتمد عمى بعضيما البعض‪ ،‬فاي محاولة الختيار احدىما بمعزؿ عف‬
‫االخرى قد اليعطي صورة واضحة عنيما‪.‬‬

‫االطار النظري‬
‫‪-‬نظرية جون فالفل ‪Flavell 1979‬‬
‫يرى فالفؿ اف مفيوـ المعرفية الماورائية ينقسـ الى قسميف ىما‪:‬‬
‫‪.1‬المعرفة ما وراء المعرفية ‪Metacognitive Knowledge‬‬
‫ف المعرفة حوؿ المعرفية الماورائية يشير الى ما يممكو الفرد مف معمومات عف بنائو‬
‫المعرفي وطبيعة الميمة المعرفية التي يقوـ بيا واالسترتيجيات المناسبة لتنفيذىا‪.‬‬

‫ويندرج تحت ىذا القسـ ثالثة متغيرات ىي‪:‬‬


‫أ‪.‬متغير المعرفة الشخصية‪:‬‬
‫يشير الى المعمومات التي يمتمكيا الفرد عف كيفية حدوث التعمـ بصورة عامة‪.‬باالضافة‬
‫الى المعمومات التي يمتمكيا الفرد عف طريقتو في اكتساب المعرفة ومعالجة المعمومات‪،‬‬
‫فعمى سبيؿ المثاؿ معرفة الفرد باف استذكاره في المكتبة اليادئة اجدى مف االستذكار في‬

‫‪77‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫منزلو لوجود الكثير مف المشتتات في البيت يمثؿ جزءاً مف فكرة الفرد عف طريقتو في‬
‫التعمـ‪.‬‬
‫ب‪.‬متغير معرفة الميمة‪:‬‬
‫يشير الى المعرفة المتعمقة بطبيعة الميمة المتوافرة لدى الفرد خالؿ عممو في انجاز‬
‫الميمة‪ ،‬فمثال معرفة الفرد انو يحتاج الى وقت طويؿ لتعمـ مسألة رياضية ووقت اقؿ‬
‫لحفظ ابيات مف الشعر يشيرلمعرفة الفرد بطبيعة الميمة المطموب انجازىا‪.‬‬
‫جـ‪.‬متغير معرفة االستراتيجيات‬
‫يشير الى معرفة االستراتيجيات المعرفية واالست ارتيجيات المعرفية الماورائية‪،‬‬
‫فا الستراتيجيات المعرفية تيدؼ الى التقدـ المعرفي في موضوع ما‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‬
‫قراءة نص ادبي ببطء وتمعف بيدؼ تعمـ محتوى ىذا النص‪ .‬اما االستراتيجات المعرفية‬
‫الماورائية فتيدؼ الى التحكـ في ىذا التقدـ والثقة بالوصوؿ الى اليدؼ‪ ،‬عمى سبيؿ‬
‫المثاؿ قراءة النص السابؽ نفسو مرة اخرى بيدؼ الحصوؿ عمى فكرة عف مدى سيولتو‬
‫المتعمقة بالوقت والمكاف المناسب الستخداـ‬ ‫وصعوبتو‪ ،‬باالضافة الى المعرفة‬
‫استراتيجية بعينيا‪.‬‬

‫‪.2‬الخبرات ما وراء المعرفية ‪Metacognitive experiences‬‬


‫تشير الخبرات المعرفية الماورائية الى مجموعة مف العمميات المرتبطة معاً يستخدميا‬
‫المتعمـ لمتحكـ في نشاطاتو المعرفية والتعميمية بيدؼ التأكد مف تحقيؽ االىداؼ‬
‫المعرفية المراد الوصوؿ الييا‪ .‬وىذه السمسمة مف العمميات تسيـ في تنظيـ عممية التعمـ‬
‫وتجعميا اكثر سالسة وفاعمية‪.‬‬

‫‪-‬نظرية باريس ووينوكراد ‪paris & wingrad 1991‬‬


‫يرى كؿ باريس ووينوكراد مصطمح المعرفية الماورائية يتكوف مف مكونيف اساسييف‬
‫ىما‪:‬‬

‫‪78‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫أوالً ‪ :‬التقدير الذاتي لممعرفة ‪self appraisal of cognition‬‬


‫وىي االنطباعات الشخصية التي يممكيا الفرد عف نفسو فيما يتعمؽ بقدرتو ومحتواه‬
‫المعرفي‪ ،‬باالضافة الى اكثر الوسائؿ فاعمية مناسبة لمستواه المعرفي وقدراتو المتوافره‬
‫والدوافع والسمات التي يتمتع بيا كمتعمـ ‪.‬ومف الممكف تصنيؼ التقدير الذاتي الى ثالثة‬
‫اشكاؿ معرفية ىي‪:‬‬

‫‪.1‬المعرفة التقريرية ‪Declarative Knowledge‬‬


‫تعبر عف عممية الوعي بالميارات واالستراتيجيات الالزمة لمتعامؿ مع موقؼ ما‪ ،‬أي اف‬
‫الفرد يجب اف يدرؾ نوعية الميارات واالسترتيجيات المناسبة التي تضمف لو تجاوز ذلؾ‬
‫الموقؼ‪.‬‬

‫‪.2‬المعرفة االجرائية ‪procedural knowledge‬‬


‫تعبر عف مجموعة االجراءات والوسائؿ التي تؤدي الى تحقيؽ اليدؼ او االىداؼ‬
‫ااالسترتيجية المناسبة النجاز‬
‫ا‬ ‫مثؿ عممية التخطيط لمعمؿ المطموب انجازه‪ ،‬واختبار‬
‫العمؿ وتحديد الوقت والجيد المطموبيف النجاز ذلؾ العمؿ‪.‬‬

‫‪.3‬المعرفة الشرطية ‪Conditional Knowledge‬‬


‫تشير الى ادراؾ الفرد اسباب اختيار استراتيجية ما حتى يمكف تغيير تمؾ االستراتيجية‬
‫واستخداـ استراتيجية بديمو‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬االدارة الذاتية لممعرفة ‪Self Management of cognition‬‬


‫ىي سمسمة مف العمميات العقمية التي تساعد الفرد في تنظيـ الجوانب المتعمقة في حؿ‬
‫المشكمة‪ ،‬وىذه العمميات العقمية تتضمف‪:‬‬

‫‪79‬‬
‫د‪.‬خديجة حيدر نوري‬

‫‪.1‬التقويم‪:‬‬
‫ىي العممية العقمية التي تحدد مدى ما يممؾ الفرد مف معمومات عف الميمة التي يريد‬
‫الشروع فييا‪ ،‬أي انيا عممية تبدا قبؿ الشروع بالميمة وتستمر اثناء انجازىا وبعده وىي‬
‫تتضمف التحقؽ مف مدى الوصوؿ لالىداؼ‪.‬‬

‫‪.2‬التخطيط‪:‬‬
‫ييتـ بتحديد اليدؼ المراد تحقيقو تحديدا دقيقاً‪ ،‬وكذلؾ بعممية انتقاء االستراتيجية‬
‫المناسبة لتحقيؽ ذلؾ اليدؼ‪ ،‬باالضافة الى تحديد العوائؽ المتوقع حدوثيا وطرؽ‬
‫ووسائؿ التعامؿ معيا‪.‬‬

‫‪81‬‬

You might also like