Professional Documents
Culture Documents
وكثيرً ا ما يخلط الناس بين اإلقطاع و نظام اإلقطاع الزراعي .فقد كان اإلقطاع الزراعي نظامًا لتنظيم العمالة الزراعية ،ويشير
إلى العالقة االقتصادية بين السيد الذي يملك األرض الزراعية والفالحين الذين يستأجرون منه األرض .وعلى الجانب اآلخر،
فإن اإلقطاع كان في جوهره نظامًا سياسيًا وعسكريًا ،وكان كل من السيد وأفراد رعيته ،الذين يعرفون باسم ال ُم ْق َطعين
من األرستقراطيين .وكان السيد يمنح األرض للمُقطِ عين مقابل قيامهم بخدمات عسكرية .وكان السيد والمقطعون يلتزمون فيما
بينهم برباط من المراسيم والعهود على أن يخلص كل طرف لآلخر ،ويوفي بالتزاماته .أما الفالحون ،فلم يكن لهم دور في مثل
هذه الترتيبات.
نشأ النظام اإلقطاعي ليفي بحاجات عصره ففي القرن الخامس الميالدي غزت القبائل الجرمانية أراضي اإلمبراطورية
الرومانية الغربية وقامت بتقسيمها إلى ممالك عديدة وكانت هذه الشعوب الجرمانية ـ كانوا يسمّون البرابرة ـ ال َتدين بالوالء
إال لزعماء قبائلها أو أسرها.
و قد بدأ النظام اإلقطاعي في الظهور فعليا في القرن الثامن الميالدي وفي غضون القرن الثاني عشر الميالدي انتشر النظام
اإلقطاعي من فرنسا إلى إنجلترا وأسبانيا وبقية األجزاء األخرى للعالم المسيحي وأنشأ الصليبيون دولهم في الشرق األدنى على
أُسس النظام اإلقطاعي ،وهكذا زالت الحكومات المركزية والمحلية القوية التي أنشأها الرومان وباإلضافة لذلك ،حلّت
العادات البربرية مكان القوانين الرومانية وقد أدت هذه التغيرات والغزوات الالحقة إلى حالة من الفوضى العامة والحروب
المستمرة في السنوات التي تلت غزو البرابرة لإلمبراطورية الرومانية الغربية وقد ساعد النظام اإلقطاعي على إقامة النظام
في أوروبا في ظل هذه األوضاع ،و يرجع ظهور هذا النظام لعدة اسباب من بينها :
قيام صغار المالك برهن ممتلكاتهم إلى من هم أكثر قوة منهم لحمايتهم -
ضعف الحكومة المركزية وعجزها عن صد األخطار الخارجية -
الفتح اإلسالمي و آثاره في عزل أوربا عن بقية العالم ,مع قطع طرق التجارة الخارجية بين الشرق و الغرب. -
2