You are on page 1of 2

‫المطلب الثاني ‪ :‬الخصائص االقتصادية للنظام اإلقطاعي‬

‫كان أفراد المجتمع في أوائل القرون الوسطى و فيما سبقها من العصور ينتجون ما يحتاجون ألنفسهم و ألفراد عائالتهم‬
‫أو ألسيادهم في عصر اإلقطاع وال يعرضون في السوق للبيع ما يفيض عن حاجاتهم‪ ,‬فاالنتاج وقتئذ لالستهالك المباشر‬
‫ال لألسواق‪ .‬و كان الفرد منهم هو الذي يملك وسائل االنتاج الالزمة‪ ,‬و يعمل منفردا أو مع أسرته متكاتفين على سد حاجاتهم‬
‫في الحياة‪ .‬فاالنتاج الفردي كان على نطاق صغير‪ ,‬و كانت وسائل االنتاج مخصصة الستخدام الفرد‪ ,‬و لذالك كانت األرباح‬
‫‪1‬‬
‫محدودة‪ ,‬ال تزيد على ما يفيض من استهالكه الشخصي أو العائلي و بقدر استبدال هذا الفائض بسلعة أخرى ينتجها غيره‪.‬‬

‫ان المبدأ االساسي الذي يقوم عليه النظام االقطاعي هو حيازة األرض‪ ,‬و التي كانت تسمى بالضيعة و هي عبارة عن وحدة‬
‫اقتصادية اجتماعية ترتكز في انتاجها على العامل الطبيعي البحت و الذي يتمثل في األرض‪ ,‬و كان الهدف الغالب لهذا االنتاج‬
‫هو تحقيق االكتفاء الذاتي و تتشكل الضيعة من قرية او أكثر يتوسطها قصر السيد االقطاعي الذي يمتلك االرض و يقيم‬
‫في منازل صغيرة أو اكواخ من يقوم بالعمل و هم عبيد االرض و كانوا يسمون باألقنان اما الفالحون االحرار فقد كانوا أقليات‬
‫يملكون مساحات صغيرة من األراضي‪ ,‬و تضم اإلقطاعة أيضا بعض الحرفيين مثل النجار و الحداد ‪..‬‬

‫استولى القادة اإلقطاعيين على أغلب األراضي الزراعية بطرق مختلفة‪ ,‬فقد كان الفالح الحر يسلم أرضه إما طوعا مقابل‬
‫الحصول على الحماية أو يسلمها مرغما بعد الغرق في الديون جراء الضرائب المتراكمة و هكذا يتحول من الحرية‬
‫إلى العبودية و كانت توزع األراضي عن طريق قسمة األرض إلى جزئين جزء يحتفظ به السيد و الجزء الثاني يقسم‬
‫على الفالحين األحرار‪ ,‬يزرعونها لصالحهم و يلتزمون بدفع الريوع للسيد اإلقطاعي و للكنيسة و هنا نذكر دور رجال الدين‬
‫الذين ارتبطوا ارتباطا وثيقا بالنظام االقطاعي و كان يمثل مصلحتهم الشخصية حيث خرجوا ‪ .‬عن دائرة اختصاصهم الديني‬
‫‪2‬‬
‫إلى المشاركة في الحروب و عقد المجالس القضائية و جمع الضرائب و المكوس اإلقطاعية‬

‫أشكال الريع اإلقطاعي‬

‫‪ 1-‬ريع السخرة ‪ :‬و فيه يلتزم الفالح بالعمل أيام محددة من األسبوع في أرضه لينتج المنتوج الضروري لضمان وجوده‬
‫و عائلته بينما في بقية األيام يعمل في أرض السيد االقطاعي‪.‬‬

‫‪ 2-‬الريع العيني ‪ :‬أما في هذا الشكل من الريع فكان الفالح يعمل في أرضه طيلة األسبوع لينتج منتوجه الضروري و منتوج‬
‫إضافي يذهب إلى السيد اإلقطاعي‪.‬‬

‫إن تحول االقطاعيين من ريع السخرة الى الريع العيني كان بدافع االستفادة من الحافز المادي للفالح ألن انتاجه و شدة عمله‬
‫تكون أعلى في أرضه‪.‬‬

‫‪ 3-‬الريع النقدي ‪ :‬و يتميز هذا الريع بأن الفالحين ال يقدمون المنتوج الفائض و انما ثمن هذا المنتوج و كان التحول الى هذا‬
‫الشكل من الريع بمثابة نقلة نوعية لالقتصاد االقطاعي تمثلت في ‪:‬‬

‫أ‪ -‬استخدام النقود و بالتالي ظهور شكل من أشكال التجارة‬

‫ب‪ -‬ملكية الفالح لوسائل االنتاج‬

‫ج‪ -‬الملكية التامة لالرض و التحرر من التبعية للسيد االقطاعي‬

‫د‪ -‬تحول االرض الى بضاعة‬

‫و في األخير فقد كان هذا التدرج ألشكال الريع مؤشر على بداية زوال النظام اإلقطاعي‪..‬‬
‫‪1‬‬
‫اسماعيل محمود علي ابراهيم جابر حسنين‪ ,‬تاريخ الفكر االقتصادي‪ ,‬دار غيداء للنشر و التوزيع‪ ,‬عمان‪ ,2011 ,‬الطبعة األولى‪ ,‬ص‪ (.18.‬مكتبة الجامعة)‬
‫‪2‬‬
‫سعيد عبد الفتاح عاشور‪ ,‬تاريخ أوروبا في العصور الوسطى ‪ ,‬دار النهضة العربية للطباعة و النشر‪ ,‬لبنان ‪ , 1976,‬ص‪.‬ص‪ ( 292 291‬نسخة الكترونية)‬
‫‪3‬‬
3

You might also like