‫اإلٍٗان واألٌث‪ ،‬وضراع اىػرب ٌع اإلشخػٍار‬

‫واىطُٓ٘ٔ٘ث‪.‬‬
‫ٌالٌح ٌَ فهر ٌ٘ش٘و غفيق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اإلٍٗان واالٌث‪ ،‬وضراع اىػرب ٌع اإلشخػٍار واىطُٓ٘ٔ٘ث‪.‬‬
‫ٌالٌح ٌَ فهر ٌ٘ش٘و غفيق‪.‬‬

‫ٌلدٌث‪ :‬ىٍاذا ُلرأ ىيغ٘ر‬

‫من المعلوم أن حزب البعث العربً االشتراكً الذي حكم العراق طوٌال‪ ،‬وكذا الحال فً‬
‫فكراعربٌا نهضوٌا‪ ،‬لكن المضامٌن الفكرانٌة "األٌدٌولوجٌة" المغرلة‬
‫سورٌا كان حزبا ٌحمل ً‬
‫بالنظرٌة‪ ،‬وأولوٌة الشعارات على العمل والمبادرة‪ ،‬واالتجاه نحو االستبداد (والدٌكتاتورٌة)‬
‫ممثال باالشتراكٌة)‪ ،‬والخالف حول االللٌمٌة‬ ‫بالتطبٌك‪ ،‬وتبنً المضمون االجتماعً ( ً‬
‫والمطرٌة جعل من حركة فتح على اختالف مع فكر ومنهج عمل البعث‪.‬‬

‫إن حركة فتح مثلت الحركة الثورٌة التً تنحى باتجاه العمل واالبداع وبوصلتها الجامعة‬
‫فلسطٌن كؤولوٌة‪ ،‬بعٌدا عن فكر األدلجة التمٌٌدي اإللصائً غٌر الدٌممراطً‪ ،‬وبعٌ ًدا عن‬
‫تساوي األولوٌات فً لضاٌا أخرى لدى المإدلجٌن‪.‬‬

‫ورغم كل الخالف الفكري أو األٌدٌولوجً فإن لرجال البعث ومإسسٌها وهج واحترام‬
‫ومحبة‪ٌ ،‬جعلنا نمرأ لهم بعٌن فاحصة ونالدة‪ ،‬وبمنطك التامل والتعلم والتمبل وحسن االستفادة‪.‬‬

‫وفً نبذة عن حٌاة المإسس للحزب فهو مٌشٌل عفلك‪ ،‬مفكر سٌاسً عربً‪ ،‬أبرز مإسسً‬
‫حزب البعث‪ ،‬الذي أصبح فٌما بعد حزب البعث العربً االشتراكً‪ ،‬وصار الحركة السٌاسٌة‬
‫المهٌمنة فً سورٌا والعراق‪ ،‬مولود عام ‪ 1910‬فً فً دمشك‪ ،‬لعائلة متوسطة من الطائفة‬
‫المسٌحٌة األرثوذكسٌة‪ .‬ودرس التارٌخ فً فرنسا وأسس فٌها اتحاد الطلبة العرب‪.‬‬

‫سس عفلك حركة البعث عام ‪1943‬م‪ ،‬وأصبحت الحركة حزبا ً رسمٌا ً عام ‪ ،1946‬وكان‬ ‫أ َّ‬
‫فر من‬
‫عٌن وزٌرا للتعلٌم فً ‪ ،1949‬واستمال من منصبه بعد فترة وجٌزة‪ .‬وفً ‪ّ 1952‬‬
‫سورٌا هربا ً من االضطهاد السٌاسً وعاد إلى بلده مرة أخرى عام ‪ .1954‬فً عام ‪1952‬‬
‫دمج حزب البعث العربً مع الحزب االشتراكً بمٌادة أكرم الحورانً لٌصبح حزب البعث‬
‫العربً اإلشتراكً‪ ،‬وساعد عفلك على تحمٌك الوحدة بٌن سورٌا ومصر‪ ،‬فٌما أطلك علٌه‬
‫الجمهورٌة العربٌة المتحدة‪ ،‬واستمرت من ‪1958‬إلى ‪ 1961‬غٌر أن عفلك أخفك بعد‬
‫‪ 1963‬فً توحٌد النظامٌن البعثٌٌن فً سورٌا والعراق‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫عنوة من حزب البعث من األعضاء المنافسٌن‪ ،‬وفً النهاٌة‪ ،‬اضطر‬ ‫وفً عام ‪1966‬م ُ‬
‫ط ِرد ُ‬
‫عفلك للهرب إلى العراق حٌث وصل البعثٌون إلى سدّة الحكم للتو‪ ،‬وبالرغم من تعارض‬
‫أفكار حزب البعث العرالً مع تعالٌم عفلك‪ ،‬إال أن الرئٌس العرالً السابك صدام حسٌن للّده‬
‫منصبا ً شرفٌا ً فً حزب البعث العرالً لٌعطً الشك العرالً دعما ً أكبر من الشك السوري‪.‬‬
‫وتعامل البعث العرالً مع اعتراضات عفلك الحزبٌة بالتجاهل المتع ّمد‪ .‬إلً أن توفً فً ‪23‬‬
‫ٌونٌو ‪1989‬فً بارٌس‪،‬دفن فً العراق‪ ،‬وفً نوفمبر ‪ .2003‬وٌإكد البعثٌون كما ٌإكد‬
‫الكاتب االسالمً د‪.‬دمحم عمارة فً كتابه عنه أنه اعتنك االسالم فً أواخر حٌاته ولم ٌشهره‬
‫‪1‬‬
‫ضا على الحزب‪ ،‬وتسمى بؤبً دمحم‪.‬‬
‫كً ال ٌكون فر ً‬
‫وفً النصوص الثالثة التالٌة نمرأ لمإسس الحزب مٌشٌل عفلك (أبودمحم)‪.‬‬
‫ننمل عن مٌشٌل عفلك (ٌدعوه البعض نسبة له أحمد مٌشٌل عفلك) ً‬
‫مماال عن اإلٌمان والتفاإل‬
‫كاحد أهم مظاهره‪ ،‬وعن روح المناضل المتمثلة فً التفانً والتجرد وانكار الذات والتواضع‬
‫أمام الفكره وامام صوت الحك وآالم الشعب‪.‬‬

‫وفً النص الثانً ٌتحدث باحترام وإجالل كبٌر عن الدٌن االسالمً (رغم أنه المسٌحً‬
‫العربً وهذا لٌس غرٌبا مطلما عن مسٌحٌٌنا) كما ٌورد فً االلتداء بالرسول دمحم ملسو هيلع هللا ىلص فٌمول‪:‬‬
‫( ٌستطٌع أي رجل مهما ضالت لدرته أن ٌكون مصغرا ضئٌال لدمحم‪ ،‬ما دام ٌنتسب إلى األمة‬
‫التً حشدت كل لواها فؤنجبت دمحما)‪ ،‬مضٌفًا (كان دمحم كل العرب‪ ،‬فلٌكن كل العرب الٌوم‬
‫دمحما)‪.‬‬

‫وٌضٌف حول االسالم والعروبة‪( :‬لومٌتنا كائن حً متشابن األعضاء‪ ،‬وكل تشرٌح لجسمها‬
‫وفصل بٌن اعضائها ٌهددها بالمتل فعاللة اإلسالم بالعروبة لٌست إذن كعاللة أي دٌن بؤٌة‬
‫لومٌة‪ .‬وسوف ٌعرف المسٌحٌون العرب‪ ،‬عندما تستٌمظ فٌهم لومٌتهم ٌمظتها التامة‬
‫وٌسترجعون طبعهم األصٌل‪ ،‬أن اإلسالم هو لهم ثمافة لومٌة ٌجب أن ٌتشبعوا بها حتى‬
‫ٌفهموها وٌحبوها فٌحرصوا على اإلسالم حرصهم على أثمن شًء فً عروبتهم‪).‬‬

‫أما فً النص الثالث وهو لماء له عام ‪1957‬م حول العرب والصهٌونٌة واالستعمار فٌمول‬
‫أن الثوار ٌحتاجون‪( :‬جملة شروط من الوعً والوضوح والموة واالنسجام مع االتجاه‬

‫‪ 1‬الكاتب المصري اإلسالمً الكبٌر دمحم عباس تشكن هو اآلخر فً أن عفلك أسلم‪ ،‬ولد عبر عن شكوكه‬
‫صراحة فً مماله "هل أسلم أحمد مٌشٌل عفلك؟" وهو الممال الذي كتبه فً معرض منالشته لكتاب الكاتب‬
‫اإلسالمً الكبٌر الدكتور دمحم عمارة عن التٌار العروبً اإلسالمً‪ ،‬وتناول فٌه والعة إسالم عفلك بالتمحٌص‬
‫الفكري‪ ،‬والتولف عند نصوص أخرى لعفلك اوردها فً سلسلة محاضرات أكد فٌها على التراث اإلسالمً‬
‫لدى وصوله بغداد بهدف اإللامة فٌها‪ ،‬بعد عدة سنوات من تولً حزبه الحكم فً العراق‪ .‬ونمل عمارة عن‬
‫عفلك لوله لمد أعلن مٌشٌل عفلك فً خطاب مذاع‪ :‬إنه كان ٌحب اإلسالم كثمرة لحبه للعرب‪..‬أما اآلن‪،‬‬
‫فلمد أصبح الحب لإلسالم‪ ..‬وما العرب إال أمة اإلسالم‪ ..‬وما العروبة إال ضرورة لنصرة اإلسالم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلنسانً)‪ ،‬وٌمول بوضوح أن‪( :‬عدو الحركة العربٌة التحررٌة هو االستعمار والصهٌونٌة‬
‫ولٌس الغرب كشعوب‪ ).‬مإكدا غٌر مرة أن التحرر العربً له حمٌمته الناصعة ممثلة‬
‫ب(معركة بٌن االستعمار والصهٌونٌة من جهة‪ ،‬والمومٌة العربٌة من جهة أخرى‪).‬‬

‫وٌشٌر أن (التوص ُل الى المضاء على االستعمار ٌشترط حتى ٌتحمك ان ٌحسب حسابا ً لموى‬
‫الصهٌونٌة العالمٌة وبالتالً فإن نضاالً آخر ٌجب ان ٌرافك نضالنا ضد االستعمار هو نضالنا‬
‫ضد الصهٌونٌة‪).‬‬

‫لذلن فإننا (نرى بوضوح وجرأة ان كل تلكإ فً مواجهة مشاكلنا السٌاسٌة واالجتماعٌة‬
‫ووحدتنا المومٌة بتفكٌر وأ سلوب ثورٌٌن انمالبٌٌن لد ال ٌإخر حل مشكلة وجود "إسرائٌل"‬
‫فحسب بل ٌسمح بتدعٌم كٌانها الى حد ٌصعب أوٌتعذر معه فً المستمبل التخلص من هذا‬
‫الخطر‪ ).‬وهو ما ش ّكل بُعد نظر مستمبلً أصبحنا نعٌش كابوسه المرعب الٌوم عام ‪2020‬م‬
‫حٌث التلكإ والال ثورٌة العربٌة عبر الزمن أدت الى التعذرعن التالع الكٌان االرهابً‬
‫الصهٌونً الذي حذّر منه عفلك من أكثر من ‪ 60‬عا ًما‪.‬‬

‫رحمه هللا ونفعنا بعلمه وعلم غٌره من الرواد بمنطك التفكر والتؤمل والنمد العمٌك فنحمك‬
‫الوعً الذي أراده واالستفادة للتمدم والنماء‪.‬‬

‫بكر أبوبكر‬

‫كاتب واديب وباحث‬

‫رئيس أكاديمية فتح الفكرية‬

‫عضو المجلس االستشاري لحركة فتح‬

‫ىجِث اىخػتئث اىفهرٗث فٖ خرنث فخح‬

‫ُٔفٍتر ‪0202‬م‬

‫‪4‬‬
 ‫االٍٗان‪2‬‬

‫إن األساس الخالد لعملنا‪ ،‬األساس الذي ال ٌتبدل وال ٌستغنى عنه هو “االٌمان” والتفاؤل‬
‫مظهر بسٌط من مظاهر االٌمان‪ ،‬هذه نظرة لد ٌعتبرها بعضهم غٌبٌة‪ ،‬ولكن الحٌاة بر ّمتها‬
‫تموم علٌها منذ أن وجدت الحٌاة االنسانٌة‪ ،‬واذا طرحت هذه النظرة جانبا ال ٌبمى تارٌخ وال‬
‫ٌبمى إنسان‪.‬‬

‫ولو أعطونا ملن األرض‪ ،‬ولو أعطونا الٌوم أو فً أي ولت الدولة العربٌة التً تتحمك فٌها‬
‫ٌكونون هذه الدوله‬
‫أهداف البعث ولالو أن االٌمان سٌكون مفمودا من حٌاة البشر الذٌن ّ‬
‫ضل أن نبمى أمة مجزأه وأ ُمة مستعمرة ومستغله‪ ،‬مظلومة ومستعبدة حتى‬ ‫ال ُمثلى‪ ،‬لملنا أننا نف ّ‬
‫نصل من خالل اآلالم‪ ،‬من خالل الصراع بٌننا وبٌن لدرنا‪ ،‬بٌننا وبٌن أنفسنا‪ ،‬الى استكشاف‬
‫حمٌمتنا االنسانٌه‪.‬‬

‫هذا اإلٌمان ال ٌستطٌع أحد أن ٌفخر بؤنه أوجده وخلمه‪ ،‬هو فً أعماق كل انسان‪ ،‬وفً أعماق‬
‫كل انسان عربً‪ ،‬ولد شاء لدر أمتنا وتراثها ولٌمها الروحٌه وحمٌمتها االنسانٌه أن ٌعبر هذا‬
‫اإلٌمان عن نفسه بٌن مجموعه من الشباب‪ ،‬كانوا أبعد ما ٌكونون عن السٌاسه ورخص‬
‫السٌاسه‪ :‬سمو بالخٌالٌٌن والمثالٌٌن واألطفال ولكنهم فً هذه المرحلة من حٌاة العرب‪ ،‬مثلوا‬
‫على بعض أجزاء االرض العربٌه حمٌمة النضال ولدسٌة النضال‪ ،‬ومث ّلوا شٌئا أعمك من‬
‫حمٌمة ولدسٌة النضال‪ ،‬مثلوا اىخفاُٖ واىخجرد واُهار اىذات واىخٔاضع أٌام اىفهره‬
‫واٌام ضٔت اىدق وآالم اىشػب‪.‬‬

‫هذا االٌمان لم ٌملل من شؤنه أن تكون تعبٌراته لم تبلغ بعد درجة النضج والوضوح الالزمٌن‬
‫له‪ ،‬فثمة فرق أساسً بٌن المبدأ كروح‪ ،‬وبٌن المبدأ كذهن‪ .‬فمبادىء الحزب كتعبٌرات ذهنٌة‬
‫هً بحاجه الى عمل طوٌل والى دراسة وبحث لكً ترتمً شٌئا فشٌئا وتفٌد من دراسات‬
‫األمم االخرى‪ ،‬ومن نتائج البحث العلمً والتجربه الذاتٌة وتجربة االخرٌن‪.‬‬

‫إن طرٌمنا طوٌلة وسوف ٌمر علٌها أفراد وأجٌال لذلن ٌجب أن ٌعرف السائرون على هذه‬
‫الطرٌك كلمة السر التً تبمً على صحة الطرٌك واستمامته وأمانته وان ٌنملها كل فرد الخر‪،‬‬
‫وكل جٌل آلخر‪.‬‬

‫‪ 2‬المماله التً كتبها المائد المإسس لحزب البعث العربً االشتراكً مٌشٌل عفلك عام ‪1943‬‬
‫‪5‬‬
‫وكلمة السر هذه لٌست نظرٌه ٌبرهن علٌها ولٌست دستورا رٌاضٌا‪ ،‬ولكنها هً المٌزه التً‬
‫تمٌز االنسان فً كل عصر وكل لطر‪..‬غفٔٗخّ اىخٖ حٍ٘ز ةَ٘ اىطدق واىهذب فٓذه‬
‫اىروح اىػفّٔٗ اىخٖ حغذٗٓا اىخجارب وٗطليٓا اىفهر واىتدد‪ ،‬وىهَ ال حٔجدْا‬
‫اىخجارب وال اىػيً وال اىفهر‪ْ ،‬ذا ْٔ اىٍل٘اس ونيٍث اىصر‪.‬‬

‫اإلشالم واألٌث اىػرة٘ث‬

‫ومما لاله عفلك‪ 3‬فً ندوة له حول اإلسالم واألمة العربٌة‪ ،‬والرسول دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‬

‫" ■ ٌجب أن تتحد الصالة مع العمل النٌر مع الساعد المفتول‪ ،‬لتإدي كلها إلى العمل العفوي‬
‫الطلك الغنً الموي المحكم الصائب‪".‬‬

‫" ■ حتى اآلن كان ٌنظر إلى حٌاة الرسول من الخارج‪ ،‬كصورة رائعة وجدت لنعجب بها‬
‫ونمدسها‪ ،‬فعلٌنا أن نبدأ بالنظر إلٌها من الداخل‪ ،‬لنحٌاها‪ .‬كل عربً فً الولت الحاضر‬
‫ٌستطٌع أن ٌحٌا حٌاة الرسول العربً‪ ،‬ولو بنسبة الحصاة إلى الجبل والمطرة إلى البحر‪.‬‬
‫طبٌعً أن ٌعجز أي رجل مهما بلغت عظمته أن ٌعمل ما عمل دمحم‪ .‬ولكن من الطبٌعً أٌضا‬
‫أن ٌستطٌع أي رجل مهما ضالت لدرته أن ٌكون مصغرا ضئٌال لدمحم‪ ،‬ما دام ٌنتسب إلى‬
‫األمة التً حشدت كل لواها فؤنجبت دمحما‪ ،‬أو باألحرى ما دام هذا الرجل فردا من أفراد األمة‬
‫التً حشد دمحم كل لواه فؤنجبها‪ .‬فً ولت مضى تلخصت فً رجل واحد حٌاة أمته كلها‪،‬‬
‫والٌوم ٌجب أن تصبح كل حٌاة هذه األمة فً نهضتها الجدٌدة تفصٌال لحٌاة رجلها العظٌم‪.‬‬
‫كان دمحم كل العرب‪ ،‬فلٌكن كل العرب الٌوم دمحما‪".‬‬

‫" ■فكل أمة عظٌمة‪ ،‬عمٌمة اإلتصال بمعانً الكون األزلٌة‪ ،‬تنزع فً أصل تكوٌنها إلى المٌم‬
‫الخالدة الشاملة‪ .‬واإلسالم خٌر مفصح عن نزوع األمة العربٌة إلى الخلود والشمول‪ ،‬فهو إذن‬
‫فً والعه عربً وفً مرامٌه المثالٌة إنسانً‪ .‬فرسالة اإلسالم إنما هً خلك إنسانٌة عربٌة‪.‬‬
‫إن العرب ٌنفردون دون سائر األمم بهذه الخاصة‪ :‬أن ٌمظتهم المومٌة الترنت برسالة دٌنٌة‪،‬‬
‫أو باألحرى كانت هذه الرسالة مفصحة عن تلن الٌمظة المومٌة‪".‬‬

‫‪ 3‬من المحاضرة التً الماها عفلك فً مدرج جامعة دمشك بتارٌخ ‪ 5‬نٌسان‪/‬ابرٌل ‪ ،1943‬وتحت عنوان‬
‫ذكرى الرسول العربً‪.‬‬
‫‪6‬‬
 ‫" ■ إن أوروبا الٌوم‪ ،‬كما كانت فً الماضً‪ ،‬تخاف على نفسها من اإلسالم‪ .‬ولكنها تعلم اآلن‬
‫أن لوة اإلسالم (التً كانت فً الماضً معبرة عن لوة العرب) لد بعثت وظهرت بمظهر‬
‫جدٌد هو المومٌة العربٌة‪ .‬لذلن فهً توجه على هذه الموة الجدٌدة كل اسلحتها‪ ،‬بٌنما نراها‬
‫تصادق الشكل العتٌك لإلسالم وتعاضده‪ .‬فاإلسالم األممً الذي ٌمتصر على العبادة السطحٌة‬
‫والمعانً العامة الباهتة آخذ فً التفرنج‪ ،‬ولسوف ٌجئ ٌوم ٌجد فٌه المومٌون انفسهم‬
‫المدا فعٌن الوحٌدٌن عن اإلسالم وٌضطرون ألن ٌبعثوا فٌه معنى خاصا إذا ارادوا أن ٌبمى‬
‫لألمة العربٌة سبب وجٌه للبماء‪".‬‬

‫" ■ فالفكرة المومٌة المجردة فً الغرب منطمٌة إذ تمرر انفصال المومٌة عن الدٌن‪ .‬ألن الدٌن‬
‫دخل على أوروبا من الخارج فهو أجنبً عن طبٌعتها وتارٌخها‪ ،‬وهو خالصة من العمٌدة‬
‫األخروٌة واألخالق‪ ،‬لم ٌنزل بلغاتهم المومٌة‪ ،‬وال أفصح عن حاجات بٌئتهم‪ ،‬وال امتزج‬
‫بتارٌخهم‪ ،‬فً حٌن أن اإلسالم بالنسبة إلى العرب لٌس عمٌدة أخروٌة فحسب‪ ،‬وال هو أخالق‬
‫مجردة‪ ،‬بل هو أجلى مفصح عن شعورهم الكونً ونظرتهم إلى الحٌاة‪ ،‬وألوى تعبٌر عن‬
‫وحدة شخصٌتهم التً ٌندمج فٌها اللفظ بالشعور والفكر‪ ،‬والتؤمل بالعمل‪ ،‬والنفس بالمدر‪ .‬وهو‬
‫فوق ذلن كله أروع صورة للغتهم وآدابهم‪ ،‬وأضخم لطعة من تارٌخهم المومً‪ ،‬فال نستطٌع‬
‫أن نتغنى ببطل من أبطالنا الخالدٌن بصفته عربٌا ونهمله أو ننفر منه بصفته مسلما‪ .‬كٌٔ٘خِا‬
‫نائَ خٖ ٌخشاةم األغضاء‪ ،‬ونو حشرٗح ىجصٍٓا وفطو ةَ٘ اغضائٓا ٗٓددْا‬
‫ةاىلخو فػالكث اإلشالم ةاىػروةث ى٘صج إذن نػالكث أي دَٗ ةأٗث كٌٔ٘ث‪.‬‬
‫وشٔف ٗػرف اىٍص٘د٘ٔن اىػرب‪ ،‬غِدٌا حصخ٘لظ فً٘ٓ كٌٔ٘خًٓ ٗلظخٓا‬
‫ا ىخاٌث وٗصخرجػٔن طتػًٓ األض٘و‪ ،‬أن اإلشالم ْٔ ىًٓ ذلافث كٌٔ٘ث ٗجب‬
‫أن ٗخشتػٔا ةٓا خخٕ ٗفٍْٓٔا وٗدتْٔا ف٘درضٔا غيٕ اإلشالم خرضًٓ غيٕ‬
‫أذٍَ شٖء فٖ غروةخًٓ‪ .‬وإذا كان الوالع ال ٌزال بعٌدا عن هذه األمنٌة‪ ،‬فإن على‬
‫الجٌل الجدٌد من المسٌحٌٌن العرب مهمة تحمٌمها بجرأة وتجرد‪ ،‬مضحٌن فً سبٌل ذلن‬
‫بالكبرٌاء والمنافع‪ ،‬إذ ال شًء ٌعدل العروبة‪ 4‬وشرف االنتساب إلٌها‪".‬‬

‫‪ 4‬لربما نختلف للٌال حول مفهوم العروبة‪ ،‬بعٌدا عن التعصب والشوفٌنٌة واالستعالء المومً أو الدٌنً‪،‬‬
‫فمنهم من رآه لومٌا بمعنى أنه ٌخص لومٌة بذاتها من الناس‪ ،‬ومنهم من رأى المفهوم ٌعنً اللسان بمعنى أن‬
‫كل من ٌنطك اللغة العربٌة لغة الحضارة والثمافة والرسالة فهو عربً وهو برأٌنا األصوب‪ .‬ونحن فً‬
‫الثورة الفلسطٌنٌة نتعامل مع االمة العربٌة باعتبارها تحمل فً أحشائها كل المومٌات (عرب وامازٌغ‬
‫وكورد‪ )...‬وكل الطوائف التً وجدت فً هذه المساحة الجغرافٌة التفاعلٌة امكانٌة الزمانٌة الواحدة الفرق‪-‬‬
‫لجنة التعبئة الفكرٌة فً حركة فتح‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫■ "لد ال نُرى نصلً مع المصلٌن‪ ،‬أو نصوم مع الصائمٌن‪ ،‬وىهِِا ُؤٌَ ةاهلل ألُِا فٖ‬
‫خاجث ٌيدث وفلر إىّ٘ غط٘ب‪ ،‬فعبئنا ثمٌل وطرٌمنا وعر‪ ،‬وغاٌتنا بعٌدة‪ .‬ونحن وصلنا‬
‫إلى هذا اإلٌمان ولم نبدأ به‪ ،‬وكسبناه بالمشمة واأللم‪ ،‬ولم نرثه وال استلمناه تملٌدا‪ ،‬فهو لذلن‬
‫ثمٌن عندنا ألنه ملكنا وثمرة اتعابنا‪ .‬وال أحسب أن شابا عربٌا ٌعً المفاسد المتغلغلة فً للب‬
‫أمته‪ ،‬وٌمدر األخطار المحٌطة بمستمبل العروبة تهددها من الخارج والداخل‪ ،‬وال ٌإمن فً‬
‫الولت نفسه أن األمة العربٌة ٌجب أن تستمر فً الحٌاة‪ ،‬وأن لها رسالة لم تكمل أداءها بعد‪،‬‬
‫وفٌها ممكنات لم تتحمك كلها‪ ،‬وأن العرب لم ٌمولوا بعد كل ما علٌهم أن ٌمولوه‪ ،‬ولم ٌعملوا‬
‫كل الذي فً لدرتهم أن ٌعملوه‪ ،‬ال أحسب أن شابا كهذا ٌستطٌع اإلستغناء عن اإلٌمان باهلل‪،‬‬
‫أي اإلٌمان بالحك‪ ،‬وبضرورة ظفر الحك‪ ،‬وبضرورة السعً كٌما ٌظفر الحك"‪.‬‬

‫واىطُٓ٘ٔ٘ث‪5‬‬ ‫ضراع اىػرب ٌع اإلشخػٍار‬

‫أوال ا‪ -‬ماهً بنظركم مالمح المرحلة التً وصل الٌها صراع العرب مع االستعمار‬
‫والصهٌونٌة؟‬

‫البد لنا لبل تحدٌد مالمح المرحلة الراهنة من الصراع بٌن العرب من جهة واالستعمار‬
‫والصهٌونٌة من جهة أخرى‪ ،‬البد لنا ان نذ ِ ّكر بما تم من أحداث خالل السنة االخٌرة‪.‬‬

‫بالنسبة للوطن العربً نجد أنه حمك‬

‫أوالً‪ :‬بروز الشعب العربً كتلة واحدة الى مٌدان الصراع ضد أعدائه‪.‬‬

‫‪ 5‬كانت جرٌدة "الجمهور" لد وجهت إلى االستاذ مٌشٌل عفلك بضعة اسئلة‪ ،‬عن الوضع الذي انتهت الٌه‬
‫المضٌة العربٌة‪ ،‬فً داخل الوطن العربً‪ ،‬وعلى الصعٌد الدولً اثر األحداث التً تتالت فً السنتٌن‬
‫االخٌرتٌن‪ ،‬وعن حمٌمة الخطر الذي ٌهدد األمة العربٌة وجمٌع الشعوب المناضلة فً سبٌل تحررها من‬
‫جراء تساند االستعمار والصهٌونٌة العالمٌة و"اسرائٌل"‪ ،‬واعتماد هذه الموى على الرجعٌة المتآمرة فً‬
‫الداخل‪ ،‬وعن األسس التً ٌجب أن ٌعتمدها العرب فً درء هذا الخطر‪-‬جرٌدة البعث‪ ،‬العدد ‪27 ،63‬‬
‫تموز ‪.1957‬‬

‫‪8‬‬
‫ثانٌاً‪ :‬ازدٌاد فً الوعً والنضال والتضامن المتزاٌد والتنظٌم بٌن اجزاء الشعب العربً فً‬
‫مختلف االلطار من فوق الحدود ومن فوق الحكومات‪ .‬وهذا ما ٌعبر عنه بالسٌاسة العربٌة‬
‫التحررٌة التً تإمن بؤن االشخػٍار واىطُٓ٘ٔ٘ث ٍْا اىخطر األنتر غيٕ وجٔد‬
‫األٌث اىػرة٘ث‪ .‬وبا لتالً ان تركٌز كل الجهود على النضال ضد االستعمار والصهٌونٌة هو‬
‫أول واجب لومً على العرب فً هذه المرحلة ٌلتمون علٌه وٌضحون فً سبٌل المٌام به بكل‬
‫الخالفات واالعتبارات‪.‬‬

‫اما بالنسبة للوضع العالمً فمد ظهر بوضوح خالل العام االخٌر أن هجوم االستعمار‬
‫والصهٌونٌة على البالد العربٌة ومحاوالتهما المتكررة‪ ،‬سواء بالعدوان أو بالتآمر‪ ،‬اوبالتركٌز‬
‫على سٌاسة األحالف لتثبٌت الدامهما وتنفٌذ مآربهما فً البالد العربٌة‪ ،‬ظهر بجالء ان هذا‬
‫كله مصدر للخطر على السلم العالمً‪.‬‬

‫وبالممابل فمد برز النضال العربً التحرري الممتد من الجزائر إلى الخلٌج العربً كموة‬
‫عالمٌة اٌجابٌة اشعرت جمٌع الشعوب‪ ،‬المتحررة حدٌثا ً من لبضة االستعمار‪ ،‬والتً ال تزال‬
‫تناضل فً سبٌل التحرر‪ ،‬وجمٌع الشعوب المتعلمة بالسلم كوسٌلة ضرورٌة النصرافها الى‬
‫البناء والتمدم داخل مجتمعاتها‪ ،‬اشعرت كل هإالء بوحدة المصلحة والمصٌر مع الحركة‬
‫العربٌة التحررٌة‪.‬‬

‫وهكذا ٌمكن المول بؤن هذه المرحلة التً بلغها العرب فً نضالهم التحرري لد توفرت لها‬
‫ألول مرة فً تارٌخ هذا النضال جملة شروط من اىٔغٖ واىٔضٔح واىلٔة واالُصجام‬
‫ٌع االحجاه اإلُصاُٖ جعلتها تفرض نفسها على اعدائها واصدلائها على السواء فً‬
‫الداخل والخارج‪ ،‬فلم ٌعد من الممكن ان تشذ حكومة عربٌة أو فئة أو حزب عن طرٌك هذا‬
‫النضال التحرري الواضح االهداف‪ ،‬دون أن ترتمً اضطرارا ً وبصورة آلٌة فً صف‬
‫االستعمار والصهٌونٌة‪ 6،‬وان تمف مولف العداء من الشعب العربً؛ كما لم ٌعد ممكنا ً ألٌة‬
‫دولة أو حركة فً العالم أن تماوم وحتى أن تتجاهل شرعٌة النضال العربً دون أن تمع فً‬
‫صف الرجعٌة واالستعمار وتعرض السلم العالمً للخطر‪.‬‬

‫‪ 6‬نرى الٌوم من العام ‪ 2020‬أن االرتماء فً احضان االستعمار الغربً بمٌمه االستهالكٌة‪ ،‬لٌمه التجارٌة‬
‫االستغاللٌة‪ ،‬لٌمه الدونٌة غٌر السامٌة واالحتالل الصهٌونً لد أصبح ُمنٌة عدٌد األنظمة التً تخاف زوال‬
‫أنظمتها او عروشها‪ ،‬ورغم تساوق عدٌد المتثالفٌن مع هإالء اال أن مجمل األمة مازالت تعً المخاطر‬
‫وتنظر للصهٌونٌة نفس نظرتها الواعٌة كعدو لألمة‪ .‬لجنة التعبئة الفكرٌة‬
‫‪9‬‬
‫منذ سنتٌن ذهب العرب الى مإتمر باندونغ‪ 7‬ولم ٌكن من بٌن الدول العربٌة سوى مصر‬
‫وسورٌة اللتٌن اشتركتا بشكل اٌجابً الى حد ما فً وضع مبادئ باندونغ‪.‬‬

‫مع أن حزبنا كان دوما ً ٌنادي بهذه المبادئ ومع ان ثورة مصر لد وجدت مبرر وجودها فً‬
‫هذه المبادئ‪.‬‬

‫ولكن لم ٌكن لها ذلن األثر الفعّال‪ .‬أما عندما أخذت االلطار العربٌة المتحررة سورٌة ومصر‬
‫ثم االردن تمارس بجرأة وج ّد سٌاسة التحرر والحٌاد اإلٌجابً‪ ،‬اتجهت دول باندونغ بؤنظارها‬
‫صوب النضال العربً الذي حمل لواء تحمٌك مبادئ باندونغ فً تحرٌر شعوب آسٌا‬
‫وافرٌمٌا وتوطٌد دعائم السلم العالمً‪ .‬ولد كان العرب لبل سنتٌن كمٌة مهملة بالنسبة للدول‬
‫االشتراكٌة كاإلتحاد السوفٌاتً والصٌن الشعبٌة وٌوغوسالفٌا‪ ،‬أما الٌوم فمد أصبحوا موضع‬
‫اهتمام جدي من لبل هذه الدول لٌس كما تحاول الدعاٌة االستعمارٌة فً التظاهر بؤن اهتمام‬
‫هذه الدول بالبالد العربٌة هو اهتمام مصالح توسعٌة‪ ،‬بل إنه الى حد كبٌر اهتمام مصلحة‬
‫مشتركة فً دفع خطر الحرب وفً زٌادة امكانٌات النضال العربً‪.‬‬

‫كذلن لبل سنتٌن كان زٌف الحركة االشتراكٌة فً اوروبا الغربٌة وخاصة فً فرنسا غٌر‬
‫معروف وغٌر واضح‪ ،‬ولكن اىِضال اىػرةٖ فٖ اىجزائر ْٔ اىذي فضح ْذا اىزٗف‬
‫اٌام اىػاىً واٌام اىفرُصَ٘٘ اُفصًٓ‪.‬‬
‫ً‬
‫وكتو شِث نان ارحتاط اىطُٓ٘ٔ٘ث و"اشرائ٘و" ةاالشخػٍار اٌرا ٌجٓٔال ىدى‬
‫كصً نت٘ر ٌَ شػٔب اىػاىً وفئاحّ اىخلدٌ٘ث‪ .‬وىهَ ُضال اىشػب اىػرةٖ‬
‫فٖ ٌطر وشٔرٗث واالردن‪ 8‬اضطر "اشرائ٘و" واىطُٓ٘ٔ٘ث إىٕ فضح ْذه‬
‫اىػالكث اىٔذ٘لث واىٕ ان حظٓرا غيٕ خل٘لخٍٓا‪ :‬اىطُٓ٘ٔ٘ث ندرنث حٔشع‬
‫وغدوان و"اشرائ٘و" نلاغدة واداة ىالشخػٍار واىػدوان‪.‬‬

‫‪ 7‬مإتمر باندونغ (لعدم االنحٌاز)‪ ،‬عمد فً مدٌنة باندونغ االندونٌسٌة عام ‪ 1955‬وشارن فٌه الرئٌس عبد‬
‫الناصر باإلضافة إلى رئٌس وزراء الهند جواهر الل نهرو وجوزٌف تٌتو رئٌس ٌوغسالفٌا والرئٌس‬
‫السودانً إسماعٌل األزهري و جبهة التحرٌر الوطنً الجزائرٌة كمالحظ‪ .‬وتبنى المإتمر مجموعة من‬
‫المرارات لصالح المضاٌا العربٌة وضد االستعمار‪.‬‬

‫‪ 8‬عندما كتب هذا الكالم عام ‪ 1957‬كانت حركة التحرٌر الوطنً الفلسطٌنً فتح تحبو على طرٌك النشاة‬
‫التً تمت أواخر العام ‪ 1957‬كالولٌد الصغٌر الذي سجل تارٌخ مٌالده الرسمً بموة فً العام ‪1965‬م‪،‬‬
‫معلنا انبثاق الثورة الفلسطٌنٌة المعاصرة بالرصاصة والملم والرٌشة والمصداح (مٌكرفون) والمنجل‪.‬‬
‫‪10‬‬
 ‫اىٍٔكفان ٌَ اىطُٓ٘ٔ٘ث‬

‫إذن ٌوجد فً المرحلة الحاضرة مولفان للحركة العربٌة التحررٌة‪ ،‬مولف فً الداخل وآخر‬
‫فً الخارج ولد وجد هذان المولفان بمصد مواصلة النضال ضد االستعمار والصهٌونٌة‪.‬‬

‫مولف فً الداخل‬

‫ٌعتمد هذا المولف التركٌز على هذا النضال التحرري ضد خطر االستعمار والصهٌونٌة‬
‫المتحالفٌن المتداخلٌن‪ ،‬هذا من جهة ومن جهة ثانٌة التوسٌع من رلعة هذا النضال وجبهته فً‬
‫اجزاء الوطن العربً‪ ،‬حتى ٌضم أكبر عدد ممكن من افراد الشعب العربً‪ 9‬بمختلف فئاته‬
‫وطبماته فً عمل منظم موحد‪ .‬فهذه المرحلة هً بالدرجة األولى مرحلة تحرر لومً ومعنى‬
‫ذلن ان االكثرٌة الساحمة تستطٌع ان تشارن فً هذا النضال وتلتمً على اهدافه رغم‬
‫اختالف المصالح واالتجاهات‪ ،‬إذ لم ٌحن الولت بعد لتحمٌك الوحدة العربٌة الشاملة ولتطبٌك‬
‫النظام االشتراكً الكامل‪ 10.‬ولكن هذا االلتماء على هدف التحرر لكً ٌكون مخلصا ً وٌكون‬
‫النضال فً سبٌله َجدٌا ً ُمجدٌا ً ال بد من ضمانتٌن تضمنان اخالصه وجدٌته‪ ،‬وذلن بؤن ٌرافمه‬
‫تحمٌك مرحلً والعً لخطوات عملٌة فً طرٌك الوحدة‪ ،‬وفً مجال االصالح االجتماعً‬
‫لرفع مستوى جماهٌر الشعب االلتصادي‪ ،‬فمرحلة التحرر هً مرحلة ثورٌة ولكنها بداٌة‬
‫ثورة ولٌست الثورة الكلٌة‪.‬‬

‫مولف فً الخارج‬

‫ولكً تكون الحركة العربٌة التحررٌة مستمٌمة السٌر ومضمونة النجاح فً هذه المرحلة‬
‫فٌجب ان ٌكون لها مولف خارجً ودولً منسجم مع مصلحتها ومع االتجاه االنسانً السلٌم‪.‬‬
‫فػدو اىدرنث اىػرة٘ث اىخدررٗث ْٔ االشخػٍار واىطُٓ٘ٔ٘ث وى٘س اىغرب‬
‫نشػٔب‪ ،‬وبالتالً فإن سٌاسة الحٌاد اإلٌجابً هً التً تمً الحركة العربٌة التحررٌة من‬
‫االندفاعات وردود الفعل السلبٌة التً تمودها الى االنحٌاز فتضعف بذلن امكانٌات السلم‬
‫العالمً‪ ،‬كما تضعف امكانٌات سٌرها فً طرٌمها الخاص المستمل‪ .‬ولمد انتهت االن الى‬

‫‪ 9‬نالحظ استخدام األستاذ مٌشٌل عفلك مصطلح الشعب العربً ولٌس الشعوب العربٌة‪ ،‬بٌنما نحن الٌوم‬
‫نستخدم مصطلح الشعوب العربٌة والدول الوطنٌة العربٌة‪ ،‬ومع ذلن فنحن نمول أن ائتالف هذه "الشعوب"‬
‫أو الشعب ضمن أي شكل وحدوي والتً منها نماذج الوحدة االوربٌة أو االتحاد الروسً أو االتحاد‬
‫السوٌسري أفضل ألف مرة من حالة التفتت واالحتراب والتجزيء التً بات لها من المنظرٌن المشترٌن من‬
‫الرأسمالٌة االستعمارٌة الغربٌة‪-‬الصهٌونٌة الكثٌر‪ .‬لجنة التعبئة الفكرٌة‬
‫‪ 10‬لم تتفك حركة فتح على أولوٌة الوحدة العربٌة على تحرٌر فلسطٌن‪ ،‬بل لالت بشعارمعاكس هو أن‪:‬‬
‫التحرٌر طرٌك الوحدة‪ ،‬كما لم تمبل حركة فتح الفكر أو األٌدٌولوجٌة االشتراكٌة البعثٌة أو غٌرها التً‬
‫أصبحت ضمن ثالوث الحزب المائل‪ :‬وحدة حرٌة اشتراكٌة‪ ،‬بل تركت شكل النظام االجتماعً‪-‬االلتصادي‬
‫لما بعد التحرٌر‪-‬لجنة التعبئة الفكرٌة فً حركة فتح‬
‫‪11‬‬
‫الفشل حملة الدعاٌة االستعمارٌة الصهٌونٌة المضللة التً بدأت إثر العدوان االستعماري‬
‫االسرائٌلً على مصر‪ ،11‬وحاولت إظهار العرب والطارهم المتحررة بمظهر المنحاز الى‬
‫المعسكر الشرلً‪ 12‬واختلمت خرافة التسرب الشٌوعً الى هذه االلطار‪ .‬وبفشل هذه الدعاٌة‬
‫تنهار بالولت نفسه حجج الرجعٌة العربٌة لتبرٌر انحٌازها الى االستعمار وبصورة غٌر‬
‫مباشرة الى الصهٌونٌة بحجة اتماء الخطر الشٌوعً‪ .‬وتعود مرحلة التحرر العربً اكثر‬
‫وضوحا ً من السابك‪ ،‬تظهر بحمٌمتها الناصعة ٌػرنث ةَ٘ االشخػٍار واىطُٓ٘ٔ٘ث ٌَ‬
‫جٓث‪ ،‬واىلٌٔ٘ث اىػرة٘ث ٌَ جٓث أخرى‪ 13.‬كما أن فشل هذه الدعاٌة االستعمارٌة سٌعٌد‬
‫الٌنا صدالة بعض الشعوب والفئات فً العالم ممن كادوا ٌنخدعون بخرافة تسرب الشٌوعٌة‬
‫الى بالدنا وانحٌازنا الى معسكرها وهذا ما ٌدعم ثمتنا بسالمة سٌاسة الحٌاد االٌجابً‬
‫وجدواها‪.‬‬

‫ثانٌا ا ‪ :‬الى أي مدى تعتمدون بأن االستعمار والصهٌونٌة ٌتساندان فً المضاء على‬
‫الحركات التحررٌة فً العالم؟ وهل أن المضاء على النفوذ االستعماري فً الوطن العربً‬
‫ٌؤدي بالضرورة الى المضاء على اسرائٌل؟‬

‫فؤجاب األستاذ عفلك‪ :‬الحمٌمة أن هنان نظرتٌن الى االستعمار والصهٌونٌة وفً كل منهما‬
‫نمص وانحراف؛ فمن المعروف أن الجبهة الٌمٌنٌة تركز على "اسرائٌل" لتصرف االنظار‬
‫عن االستعمار‪ .‬ومن جهة ثانٌة توجد نظرة تحررٌة ال تتحرى الدلة عندما تجعل من‬
‫"اسرائٌل" واالستعمار اسمٌن لمسمى واحد‪ .‬وهذا ٌحجب بعض الشًء خطر اىطُٓ٘ٔ٘ث‬
‫اىػاىٍ٘ث اىخٖ ْٖ ةال شم خرنث اشخػٍارٗث‪ .‬ولكنها حركة مستملة لائمة بذاتها‪ .‬أما‬
‫نحن فنعتبر أن "إشرائ٘و" كاغدة ىالشخػٍار دون شم فٓٔ اىذي خيلٓا وٗدافع‬
‫غِٓا وٗغذٗٓا ىٓذه اىغاٗث‪ ،‬ولكن هذا ال ٌستنفد كل المشكلة‪ ،‬فالمشكلة هً اكبر‪.‬‬

‫ف"إسرائٌل" هً أٌضا تعبٌر عن لوة الصهٌونٌة العالمٌة التً تستطٌع أن تس ّخر االستعمار‪.‬‬
‫س ِخر االستعمار‬‫س ِ ّخر "إسرائٌل"‪ .‬ولكن الصهٌونٌة العالمٌة تستطٌع ان ت ُ َ‬
‫واالستعمار ٌُ َ‬
‫فتوصل العرب الى المضاء على االستعمار ٌحل أضخم جزء من المشكلة ولكنه‬ ‫نفسه‪َ .‬‬
‫فإن اىخٔضو اىٕ اىلضاء غيٕ االشخػٍار ٗشخرط خخٕ‬ ‫ُ‬ ‫ال ٌحلها كلها‪ ،‬وباألصح َّ‬

‫‪ 11‬الحدٌث هنا عن العدوان الثالثً (البرٌطانً الفرنسً الصهٌونً) على مصر عام ‪1956‬م‪.‬‬
‫‪ 12‬حتى العام ‪ 1990‬كان العالم منمسما لكتلة غربٌة بزعامة امرٌكا‪ ،‬وكتلة شرلٌة بزعامة االتحاد السوفٌتً‬
‫(روسٌا)‪ ،‬والذي بتفتت االتحاد السوفٌتً انتهى معها المعسكر الشرلً الشٌوعً‪ ،‬وبدا عصر الموة الوحٌدة‬
‫المهٌمنة أي امرٌكا االمبرٌالٌة‪ ،‬التً نرى الٌوم من عام ‪ 2020‬تباشٌر انتهائها ككموة عظمى واحدة فً ظل‬
‫صعود الصٌن‪ ،‬وفً ظل استرجاع روسٌا لدورها‪ ،‬بل وفً ظل صعود دول تنهد للحصول على مولع‬
‫متمدم‪ ،‬باستنثاء غثاء األمة العربٌة التً لم تتعلم الدرس حتى الٌوم‪ .‬ل ت ف‬
‫‪ 13‬صوابٌة الفكرة باعتمادنا الٌوم تنبع من لدرة الوحدة العربٌة بؤي شكل تمت‪ ،‬وبمٌم الحضارٌة والرسالٌة‬
‫تمثل بالحمٌمة تحدٌا للغربً االمبرٌالً المتحالف مع الصهٌونٌة اإللصائٌة اإلحاللٌة‪ .‬ل ت ف‬
‫‪12‬‬
 ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٗخدلق ان ٗدصب خصاةا ىلٔى اىطُٓ٘ٔ٘ث اىػاىٍ٘ث وةاىخاىٖ فإن ُضاال آخر‬
‫ٗجب ان ٗرافق ُضاىِا ضد االشخػٍار ْٔ ُضاىِا ضد اىطُٓ٘ٔ٘ث‪.‬‬

‫والصهٌونٌة العالمٌة بما لها من نفوذ لوي استطاعت أن تس ّخر‪ ،‬باإلضافة الى الموة‬
‫االستعمارٌة‪ ،‬الطبمات الشعبٌة نفسها فً كثٌر من البالد‪ ،‬مستغلة الوضع التارٌخً الخاص‬
‫لوجود ٌهود فً أوروبا تعرضوا فً فترات زمنٌة لالضطهاد الدٌنً والعنصري‪ ،‬ومستغلة‬
‫المستوى الحدٌث الرالً لدولة "إسرائٌل" من حٌث الكفاءة الفنٌة وبالتالً تخلّف المجتمع‬
‫العربً وطابعه الرجعً لتجعل من "إسرائٌل" رائدة التمدم فً هذه المنطمة‪ 14‬من العالم‬
‫وتجربة جدٌدة لحضارة الغرب فً هذا الجزء من الشرق‪.‬‬

‫ثالثاا‪ :‬ما هً فً نظركم األسالٌب التً ٌجب ان ٌعتمدها العرب فً نضالهم ضد‬
‫الصهٌونٌة؟‬

‫ان وجود "إسرائٌل" ٌشكل أخطر مشكلة فً مرحلتنا المومٌة الراهنة وٌوجب علٌنا ان نجد‬
‫لها الحل الكامل دون ان نتهرب من بعض المصاعب ودون ان نتهٌب رإٌة العاللة العمٌمة‬
‫التً تصل وجود "إسرائٌل" بمشكالتنا المومٌة من جمٌع وجوهها‪ ،‬اي فٌما ٌتعلك بؤسس‬
‫نظامنا االلتصادي واالجتماعً وتربٌتنا السٌاسٌة ووحدتنا المومٌة‪ ،‬وان ُرى ةٔضٔح‬
‫وجرأة ان نو حيهؤ فٖ ٌٔاجٓث ٌشانيِا اىص٘اش٘ث‬
‫واالجخٍاغ٘ث ووخدحِا اىلٌٔ٘ث ةخفه٘ر واشئب ذٔرَٗ٘‬
‫اُلالةَ٘٘ كد ال ٗؤخر خو ٌشهيث وجٔد "إشرائ٘و" فدصب ةو‬
‫ٗصٍح ةخدغً٘ ن٘آُا اىٕ خد ٗطػب أوٗخػذر ٌػّ فٖ‬
‫اىٍصخلتو اىخخيص ٌَ ْذا اىخطر‪.‬‬
‫فإذا عالجنا مشكلة "اسرائٌل" على ضوء نظرتنا العربٌة االنمالبٌة التً ترتبط فٌها صورة‬
‫المجتمع العربً بصورة العالم والمجتمع الدولً واإلنسانً‪ 15‬الممبل الذي ٌسهم العرب فً‬
‫تحمٌمه‪ ،‬نصل الى النتائج التالٌة‪:‬‬

‫‪14‬ومنذ اكثر من ‪ 60‬عا ًما على هذا الحدٌث الهام‪ ،‬حتى الٌوم نجد االنبهار الرسمً العربً لد تجلى‬
‫بوضوح االستسالم الكامل لما تسمٌه دولة الكٌان تفولها فتولع االتفالٌات مع دول االنعزالٌة العربٌة‪ ،‬رغم‬
‫صرف هذه الدول الملٌارات على التعلٌم وغٌره!‪ .‬ل ت ف‬
‫‪ 15‬وهو ما ٌفهم بوضوح من دعوة البعث للحرٌة واالشتراكٌة والوحدة شعراتها الخالدة‪ ،‬رغم ان الحرٌة فً‬
‫ظل النظامٌن البعثٌٌن الحاكمٌن فً سورٌا والعراق تحولت الستبداد ولٌس لحرٌة هذا من جانب‪ ،‬ومن جانب‬
‫آ خر تهاوت اإلشتراكٌة إن فهمت إنصافا للطبمات الفمٌرة تحت نفوذ المتنفذٌن من السٌاسٌٌن والزعماء‬
‫‪13‬‬
 ‫ً‬
‫ان ٌا ٗشهو خطرا غيٕ االٌث اىػرة٘ث ْٔ ن٘ان "إشرائ٘و" ندوىث ال وجٔد اكي٘ث‬
‫ٗٓٔدٗث فٖ اىٔطَ اىػرةٖ‪ ،‬وان التعجٌل فً النضال التحرري الوحدوي وتحمٌك‬
‫خطوات سرٌعة وجدٌة فً هذٌن المجالٌن تمطع الطرٌك على اطماع االستعمار فً استخدام‬
‫"إسرائٌل" وعلى اطماع الصهٌونٌة العالمٌة فً استخدام االستعمار للمحافظة على "إسرائٌل"‬
‫وتوسٌعها‪.‬‬

‫والتعجٌل فً النضال االشتراكً العربً ٌضعف مخاوف االللٌة الٌهودٌة من تعذر تعاٌشها‬
‫السلمً العادل مع العرب‪ ،‬كما ٌزٌل أو ٌضعف سالح الدعاٌة الصهٌونٌة العالمٌة فً‬
‫إستدرار عطف الشعوب الحرة والطبمات الشعبٌة على "إسرائٌل" كدولة ٌراد لها أن تكون‬
‫ملجؤ لشعب مضطهد ولشعب راق متمدم‪.‬‬

‫وأخٌرا ً فإن إصرار العرب على إتجاههم اإلنسانً فً المجال الدولً وتعاونهم مع الشعوب‬
‫األخرى فً سبٌل توطٌد السلم والتمدم اإلشتراكً لجمٌع الشعوب وسٌاسة الحٌاد اإلٌجابً‪،‬‬
‫كل هذا ٌساهم فً إزاىث أشتاب اىخػطب اىػِطري واىدِٖٗ فٖ اىػاىً وٗصاغد‬
‫غيٕ إُدٌاج األكي٘ث اى٘ٓٔدٗث فٖ اىتيدان األوروة٘ث وةاىخاىٖ ٗضػف ٌتررات‬
‫‪16‬‬
‫وجٔد "إشرائ٘و"‪.‬‬

‫انتهى‬
‫لجنة التعبئة الفكرية في حركة فتح‬

‫االنتهازٌٌن فالتطبٌك أفشل النظرٌة‪ ،‬اما الوحدة العربٌة فلم ٌكن لوحدة مصر سورٌا أن تستمر اال لفترة‬
‫وجٌزة‪ .‬ومع كل ذلن فإن النظرة الجدٌدة تمول باعتمادنا بصوابٌة الفكرة مع سوء التطبٌك السابك‪ ،‬بمعنى أن‬
‫االندراج الٌوم فً المجتمع االنسانً والمجتمع العالمً ٌمتضً التحلً بمٌم الحرٌة والدٌممراطٌة والتمدمٌة‬
‫والعلم والتمانة (التكنولوجٌا) والحضارٌة‪ .‬وأن تتجلى كلها فً شعوبنا (شعبنا العربً) ثمافة ونهج حٌاة فً‬
‫مواجهة استبداد الدول أو األنظمة (االللٌمٌة‪//‬الوطنٌة) التً لن تحوز كرامتها وعزتها ومكانتها فً العالم‬
‫مطلما إال بوحدتها االلتصادٌة والتمانٌة والجغرافٌة والثمافٌة الحضارٌة على االلل هذا إن لم تتحمك فٌها‬
‫وحدتها السٌاسٌة وفك أي نموذج‪ ،‬ومن هنا ٌؤتً دور الثورة الفلسطٌنٌة بالتمسن بفلسطٌن كمضٌة مركزٌة‬
‫جامعة على طرٌك هذا التطور‪ .‬ل ت ف‬

‫‪ 16‬نشر لماء األستاذ مٌشٌل عفلك‪ ،‬هذا فً‪ 27‬تموز ‪ .1957‬ونحن نعٌد النشر مع التهمٌش والنمد عام‬
‫‪2020‬م‪.‬‬

‫‪14‬‬