You are on page 1of 188

‫الكتاب الثالث ويشمل الفصول اآلتية‬

‫الفصل األول ‪ :‬القرآن الكريم‬


‫سور( القيامة – اإلنسان ‪ -‬المرسالت )‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬الحديث الشريف‬
‫أحاديث من األربعين النووية ( ‪) 42-35‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬السيرة‬
‫من السنة الثامنة إلى السنة الحادية عشر للهجرة ‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫صور من حياة الصحابة والتابعين‬
‫الطفيل بن عمرو الدوسي – الحسن البصري – سعيد بن المسيب‬
‫الفصل الخامس ‪ :‬العقيدة‬
‫من وسائل االرتقاء اإليماني‬
‫الفصل السادس‬
‫أن يستمع إلى النصيحة ويعرف قيمة سالمة الصدر وحسن الظن ‪.‬‬
‫الفصل السابع‬
‫أن يؤمن بوجوب العمل الجماعى وتتحقق لديه الرغبة األكيدة لالنضمام للجماعة ‪.‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫أن يقدر على مواجهة منعطفات الطريق ويحسن التصرف حيالها ‪.‬‬

‫الفصل األول‬

‫مع القرآن الكريم‬

‫جزء تبارك‬
‫من سورة القيامة إلى سورة االمرسالت‬

‫‪1‬‬
‫سورة القيامة‬
‫مقدمة السورة ‪:‬‬
‫هذه السورة القصيرة تحشد على القلب البشري‪ C‬من الحقائق والمؤثرات والصور‪ C‬والمشاهد ‪ ،‬واإليقاعات واللمسات ‪،‬‬
‫ما ال قبل له بمواجهته وال التفلت منه ‪ ..‬تحشدها بقوة ‪ ،‬في أسلوب خاص ‪ ،‬يجعل لها طابعا قرآنيا مميزا ‪.‬‬
‫إنها تبدأ في اآليتين األوليين منها بإيقاع عن القيامة ‪ ،‬وإ يقاع عن النفس ‪ ( :‬ال أقسم بيوم القيامة وال أقسم بالنفس‬
‫اللوامة ) ‪ ..‬ثم يستطرد الحديث فيها متعلقا بالنفس ومتعلقا بالقيامة ‪ ،‬من المطلع إلى الختام ‪ ،‬تزاوج بين النفس وبين‬
‫القيامة حتى تنتهي ‪ .‬وكأن هذا المطلع إشارة إلى موضوع السورة ‪.‬‬
‫من تلك الحقائق الكبيرة التي تحشدها هذه السورة في مواجهة القلب البشري‪ .. C‬حقيقة الموت القاسية الرهيبة التي‬
‫تواجه كل حي ‪ ،‬فال يملك لها ردا ‪ ..‬وهي تتكرر‪ C‬في كل لحظة ‪ ،‬ويواجهها الكبار والصغار ‪ ..‬واألقوياء والضعاف‪، C‬‬
‫ويقف الجميع منها موقفا واحدا ‪ ..‬ال حيلة ‪ .‬وال وسيلة ‪ .‬وال قوة ‪ .‬وال شفاعة ‪ .‬وال دفع ‪ .‬وال تأجيل ‪ ..‬مما يوحي‬
‫بأنها قادمة من جهة عليا ال يملك البشر معها شيئا ‪ (..‬كال ! إذا بلغت التراقي ‪ ،‬وقيل ‪ :‬من راق ؟ وظن أنه الفراق ‪.‬‬
‫والتفت الساق بالساق ‪ ..‬إلى ربك يومئذ‪ C‬المساق ) ‪..‬‬
‫ومن تلك الحقائق الكبيرة التي تعرضها السورة ‪ ،‬حقيقة النشأة األولى ‪ ،‬وداللتها على صدق الخبر بالنشأة األخرى ‪،‬‬
‫وعلى أن هناك تدبيرا في خلق هذا اإلنسان وتقديرا‪ .. C‬وهي حقيقة يكشف اهلل للناس عن دقة أدوارها‪ C‬وتتابعها في صنعة‬
‫مبدعة ‪ ،‬ال يقدر عليها إال اهلل ‪ ،‬وال يدعيها أحد ممن يكذبون باآلخرة ويتمارون فيها ‪ ( :‬أيحسب اإلنسان ألن نجمع‬
‫عظامه ؟ ) ثم تقول في آخرها ‪ ( :‬أيحسب اإلنسان أن يترك سدى ؟ ألم يك نطفة من مني يمنى ؟ ثم كان علقة فخلق‬
‫فسوى‪ C‬؟ فجعل منه الزوجين ‪ :‬الذكر واألنثى ؟ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟ )‬
‫ومن المشاهد المؤثرة التي تحشدها السورة ‪ ،‬وتواجه بها القلب البشري مواجهة قوية ‪ ..‬مشهد يوم القيامة وما يجري‬
‫فيه من انقالبات كونية ‪ ،‬ومن اضطرابات نفسية ‪ ،‬ومن حيرة في مواجهة األحداث الغالبة حيث يتجلى الهول في صميم‬
‫الكون ‪ ،‬وفي‪ C‬أغوار النفس ‪ ..‬وذلك ردا على تساؤل اإلنسان عن يوم القيامة في شك واستبعاد ليومها المغيب ‪ ..‬فيجيء‬
‫الرد ‪ (:‬بل يريد اإلنسان ليفجر أمامه ‪ .‬يسأل ‪ :‬أيان يوم القيامة ؟ فإذا برق البصر ‪ ،‬وخسف القمر ‪ ،‬وجمع الشمس‬
‫والقمر ‪ ،‬يقول اإلنسان يومئذ ‪ :‬أين المفر ؟ كال ! ال وزر ‪ ،‬إلى ربك يومئذ‪ C‬المستقر ‪ ،‬ينبأ اإلنسان يومئذ‪ C‬بما قدم وأخر)‬
‫‪..‬‬
‫ومن هذه المشاهد مشهد المؤمنين المطمئنين إلى ربهم ‪ ،‬المتطلعين إلى وجهه الكريم في ذلك الهول ‪ .‬ومشهد‪ C‬اآلخرين‬
‫المقطوعي الصلة باهلل ‪ ،‬وبالرجاء‪ C‬فيه ‪ ،‬المتوقعين‪ C‬عاقبة ما أسلفوا من كفر ومعصية وتكذيب ‪ (:‬كال ! بل تحبون‬
‫العاجلة ‪ ،‬وتذرون اآلخرة ‪ .‬وجوه يومئذ ناضرة ‪ ،‬إلى ربها ناظرة ‪ .‬ووجوه يومئذ‪ C‬باسرة ‪ ،‬تظن أن يفعل بها فاقرة ! )‬
‫‪..‬‬
‫وفي‪ C‬ثنايا السورة وحقائقها تلك ومشاهدها‪ C‬تعترض أربع آيات تحتوي توجيها‪ C‬خاصا للرسول وتعليما له في شأن تلقي‬
‫هذا القرآن ‪ .‬ويبدو‪ C‬أن هذا التعليم جاء بمناسبة حاضرة في السورة ذاتها ‪ .‬إذ كان الرسول يخاف أن ينسى شيئا مما‬
‫يوحى إليه ‪ ،‬فكان حرصه على التحرز من النسيان يدفعه إلى استذكار الوحي فقرة فقرة في أثناء تلقيه ؛ وتحريك لسانه‬
‫به ليستوثق‪ C‬من حفظه ‪ .‬فجاء هذا التعليم ‪ ( :‬ال تحرك به لسانك لتعجل به ‪ ،‬إن علينا جمعه وقرآنه ‪ ،‬فإذا قرأناه ‪،‬‬
‫فاتبع قرآنه ‪ ،‬ثم إن علينا بيانه ) ‪ ..‬جاءه هذا التعليم ليطمئنه إلى أن أمر هذا الوحي ‪ ،‬وحفظ هذا القرآن ‪ ،‬وجمعه ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وبيان مقاصده ‪ ..‬كل أولئك موكول‪ C‬إلى صاحبه ‪ .‬ودوره هو ‪ ،‬هو التلقي والبالغ ‪ .‬فليطمئن باال ‪ ،‬وليتلق‪ C‬الوحي كامال‬
‫‪ ،‬فيجده في صدره منقوشا ثابتا ‪ ..‬وهكذا كان ‪.‬‬
‫***‬
‫وهكذا يشعر القلب ‪ -‬وهو يواجه هذه السورة ‪ -‬أنه محاصر ال يهرب ‪ .‬مأخوذ بعمله ال يفلت ‪ .‬ال ملجأ له من اهلل وال‬
‫عاصم ‪ .‬مقدرة نشأته وخطواته في علم اهلل وتدبيره ‪ ،‬في النشأة األولى وفي النشأة اآلخرة سواء ‪ ،‬بينما هو يلهو ويلعب‬
‫ويغتر‪ C‬ويتبطر‪ ( : C‬فال صدق وال صلى ولكن كذب وتولى ‪ .‬ثم ذهب إلى أهله يتمطى ) ‪..‬‬
‫وفي‪ C‬مواجهة تلك الحشود من الحقائق والمؤثرات واللمسات واإليحاءات يسمع التهديد الملفوف ‪ ( :‬أولى لك فأولى ‪.‬‬
‫ثم أولى لك فأولى ) فيكون له وقعه ومعناه !‬
‫وهكذا تعالج السورة عناد هذا القلب وإ عراضه وإ صراره ولهوه ‪ .‬وتشعره بالجد الصارم الحازم في هذا الشأن ‪ ،‬شأن‬
‫القيامة ‪ ،‬وشأن الحياة المقدرة بحساب دقيق ‪ .‬ثم شأن هذا القرآن الذي ال يخرم منه حرف ‪ ،‬ألنه من كالم العظيم الجليل‬
‫‪ ،‬الذي تتجاوب جنبات الوجود بكلماته ‪ ،‬وتثبت في سجل الكون الثابت ‪ ،‬وفي‪ C‬صلب هذا الكتاب الكريم ‪.‬‬
‫الدرس األول‬
‫من مشاهد يوم القيامة‬
‫اآليات من ( ‪)15 : 1‬‬
‫ي‬ ‫ين َعلَى أَن ُّن َ‬
‫س ِّو َ‬ ‫ام ُه ‪َ 3‬بلَى قَ ِاد ِر َ‬ ‫ظَ‬‫ان أَلَّن َن ْج َم َع ِع َ‬‫نس ُ‬ ‫ب اإْلِ َ‬‫سُ‬ ‫امة ‪ 2‬أ ََي ْح َ‬
‫س اللَّ َّو ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ْسم ِب َّ‬
‫الن ْف ِ‬ ‫امة ‪َ 1‬واَل أُق ُ‬
‫ْسم ِبيوِم ا ْل ِقي ِ‬
‫ََ‬
‫ِ‬
‫{ اَل أُق ُ َ ْ‬
‫س‬ ‫ف ا ْلقَ َم ُر ‪َ 8‬و ُج ِم َع َّ‬
‫الش ْم ُ‬ ‫سَ‬ ‫ص ُر ‪َ 7‬و َخ َ‬ ‫ام ِة ‪ 6‬فَِإ َذا َب ِر َ‬
‫ق ا ْل َب َ‬
‫ِ‬
‫َّان َي ْو ُم ا ْلق َي َ‬
‫سأَ ُل أَي َ‬
‫ام ُه ‪َ 5‬ي ْ‬‫َم َ‬
‫يد اإْلِ نس ُ ِ‬
‫ان ل َي ْف ُج َر أ َ‬ ‫َ‬ ‫َب َنا َن ُه ‪َ 4‬ب ْل ُي ِر ُ‬
‫ٍِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ٍِ‬
‫ان َي ْو َمئذ ِب َما قَد َ‬
‫َّم‬ ‫ستَقَُّر ‪ُ 12‬ي َن َّبأُ اإْلِ َ‬
‫نس ُ‬ ‫ان َي ْو َمئذ أ َْي َن ا ْل َمفَُّر ‪َ 10‬كاَّل اَل َو َزَر ‪ 11‬إِلَى َر ِّب َك َي ْو َمئذ ا ْل ُم ْ‬ ‫َوا ْلقَ َم ُر ‪َ 9‬يقُو ُل اإْلِ َ‬
‫نس ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫يرهُ ‪} 15‬‬ ‫يرةٌ ‪َ 14‬ولَ ْو أَْلقَى َم َعاذ َ‬ ‫ان َعلَى َن ْفسه َبص َ‬ ‫َخ َر ‪َ 13‬ب ِل اإْلِ َ‬
‫نس ُ‬ ‫َوأ َّ‬

‫األهداف اإلجرائية السلوكية‬

‫‪ -1‬أن يعدد الدارس بعض مشاهد يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يذكر الدارس المقصود بالنفس اللوامة ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يبين الدارس خصائص النفس البشرية الضالة كما وضحتها اآليات ‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يصور الدارس مشاهد وأحداث يوم القيامة كما جاءت في اآليات ‪.‬‬

‫‪ -5‬أن يصور الدارس حال اإلنسان يوم القيامة كما صورته اآليات ‪.‬‬

‫‪ -6‬أن يعيش الدارس هذه المشاهد واألهوال بعقله ووجدانه ومشاعره ‪.‬‬

‫‪ -7‬أن يعمل الدارس لهذا اليوم ويستعد له ‪.‬‬

‫‪ -8‬أن يحاسب نفسه أوالَ بأول علي الصغيرة قبل الكبيرة ‪0‬‬

‫معاني الكلمات ‪-:‬‬

‫‪-‬ب ِر َ‬
‫ق ‪ :‬حار ولم يستقر‬ ‫َ‬

‫‪3‬‬
‫– المستقر ‪ :‬المرجع والمصير‬

‫– خسف ‪ :‬ذهب ضوءه‬

‫– ُج ِم َع الشمس والقمر ‪ :‬اقترن كل منهما باآلخر ‪0‬‬

‫– بصيرة ‪ :‬شاهدة علي األعمال‬

‫– وزر‪ : C‬مكان تعتصمون فيه‬

‫– معاذيره ‪ :‬جدل ومحاجة‬

‫***************************************‬
‫( ال أقسم بيوم القيامة ‪ ،‬وال أقسم بالنفس اللوامة) ‪..‬‬
‫هذا التلويح بالقسم مع العدول عنه أوقع في الحس من القسم المباشر‪ .. C‬وهو يتم أحسن تمام بهذا األسلوب الخاص ‪ ..‬ثم‬
‫تبرز من ورائه حقيقة القيامة وحقيقة النفس اللوامة ‪ ..‬فأما النفس اللوامة ففي التفسيرات المأثورة أقوال متنوعة عنها‪..‬‬
‫وقال جرير ‪ :‬وكل هذه األقوال متقاربة المعنى ‪ ،‬واألشبه بظاهر التنزيل أنها التي تلوم صاحبها‪ C‬على الخير والشر ‪،‬‬
‫وتندم‪ C‬على ما فات ‪.‬‬
‫ونحن نختار في معنى ( النفس اللوامة ) قول الحسن البصري‪ " : C‬إن المؤمن واهلل ما تراه إال يلوم نفسه ‪ :‬ما أردت‬
‫بكلمتي ؟ ما أردت بأكلتي ؟ ما أردت بحديث نفسي ؟ وإ ن الفاجر يمضي قدما ما يعاتب نفسه " ‪..‬‬
‫فهذه النفس اللوامة المتيقظة التقية الخائفة المتوجسة التي تحاسب نفسها ‪ ،‬وتتلفت حولها ‪ ،‬وتتبين حقيقة هواها ‪ ،‬وتحذر‬
‫خداع ذاتها هي النفس الكريمة على اهلل ‪ ،‬حتى ليذكرها مع القيامة ‪.‬‬
‫( ال أقسم بيوم القيامة ‪ ،‬وال أقسم بالنفس اللوامة ) ‪ ..‬على وقوع‪ C‬هذه القيامة ‪.‬‬
‫ولكنه لما عدل عن القسم ‪ ،‬عدل عن ذكر المقسم به ‪ ،‬وجاء به في صورة أخرى كأنها ابتداء لحديث بعد التنبيه إليه بهذا‬
‫المطلع الموقظ ‪:‬‬
‫( أيحسب اإلنسان أن لن نجمع عظامه ؟ بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) ‪..‬‬
‫وقد‪ C‬كانت المشكلة الشعورية عند المشركين هي صعوبة تصورهم‪ C‬لجمع العظام البالية ‪ ،‬الذاهبة في التراب ‪ ،‬المتفرقة‬
‫في الثرى ‪ ،‬إلعادة بعث اإلنسان حيا ! ولعلها ال تزال كذلك في بعض النفوس إلى يومنا هذا ! والقرآن يرد على هذا‬
‫الحسبان بعدم جمع العظام مؤكدا وقوعه ‪ ( :‬بلى ! قادرين على أن نسوي بنانه ) ‪ ..‬والبنان أطراف‪ C‬األصابع ؛‬
‫والنص يؤكد عملية جمع العظام ‪ ،‬بما هو أرقى‪ C‬من مجرد جمعها ‪ ،‬وهو تسوية البنان ‪ ،‬وتركيبه في موضعه كما كان !‬
‫وهي كناية عن إعادة التكوين اإلنساني‪ C‬بأدق ما فيه ‪ ،‬وإ كماله بحيث ال تضيع منه بنان ‪ ،‬وال تختل عن مكانها ‪ ،‬بل‬
‫تسوى‪ C‬تسوية ‪ ،‬ال ينقص معها عضو وال شكل هذا العضو ‪ ،‬مهما صغر ودق !‬
‫ويكتفي هنا بهذا التقرير المؤكد ‪ ..‬إنما يخلص هنا إلى الكشف عن العلة النفسية في هذا الحسبان ‪ ،‬وتوقع عدم جمع‬
‫العظام ‪ ..‬إن هذا اإلنسان يريد أن يفجر ‪ ،‬ويمضي‪ C‬قدما في الفجور ‪ ،‬وال يريد أن يصده شيء عن فجوره ‪ ،‬وال أن‬
‫يكون هناك حساب عليه وعقاب ‪ .‬ومن ثم فهو يستبعد‪ C‬وقوع البعث ‪ ،‬ويستبعد‪ C‬مجيء يوم القيامة ‪:‬‬
‫( بل يريد اإلنسان ليفجر أمامه ‪ .‬يسأل أيان يوم القيامة ؟ ) ‪..‬‬

‫‪4‬‬
‫ومن ثم كان الجواب على التهكم بيوم القيامة واستبعاد‪ C‬موعدها ‪ ،‬سريعا خاطفا حاسما ‪ ..‬وكان مشهدا من مشاهد القيامة‬
‫تشترك‪ C‬فيه الحواس والمشاعر اإلنسانية ‪ ،‬والمشاهد‪ C‬الكونية ‪:‬‬
‫( فإذا برق البصر ‪ .‬وخسف القمر ‪ ،‬وجمع الشمس والقمر ‪ .‬يقول اإلنسان يومئذ أين المفر ؟ ) ‪.‬‬
‫فالبصر يخطف ويتقلب سريعا سريعا‪ C‬تقلب البرق وخطفه ‪ .‬والقمر يخسف ويطمس‪ C‬نوره ‪ .‬والشمس تقترن بالقمر بعد‬
‫افتراق‪ . C‬ويختل نظامهما الفلكي المعهود ‪ ،‬حيث ينفرط ذلك النظام الكوني الدقيق‪ .. C‬وفي وسط هذا الذعر واالنقالب ‪،‬‬
‫يتساءل اإلنسان المرعوب ‪ ( :‬أين المفر ؟ ) ‪.‬‬
‫‪ ..‬وال ملجأ وال وقاية ‪ ،‬وال مفر من قهر اهلل وأخذه ‪ ،‬والرجعة إليه ‪ ،‬والمستقر عنده ؛ وال مستقر غيره ‪:‬‬
‫( كال ! ال وزر ‪ .‬إلى ربك يومئذ المستقر ) ‪..‬‬
‫وما كان يرغب فيه اإلنسان من المضي في الفجور بال حساب وال جزاء ‪ ،‬لن يكون يومئذ‪ ، C‬بل سيكون كل ما كسبه‬
‫محسوبا‪ ، C‬وسيذكر به إن كان نسيه ‪ ،‬وسيؤخذ‪ C‬به بعد أن يذكره ويراه حاضرا‪: C‬‬
‫( ينبأ اإلنسان يومئذ بما قدم وأخر )‪ ..‬بما قدمه من عمل قبل وفاته ‪ ،‬وبما أخره وراءه من آثار هذا العمل خيرا كان‬
‫أم شرا ‪.‬‬
‫ومهما اعتذر اإلنسان بشتى المعاذير‪ C‬عما وقع منه ‪ ،‬فلن يقبل منها عذر ‪ ،‬ألن نفسه موكولة إليه ‪ ،‬وهو موكل بها ‪،‬‬
‫وعليه أن يهديها إلى الخير ويقودها‪ . C‬فإذا انتهى بها إلى الشر فهو مكلف بها وحجة عليها ‪:‬‬
‫( بل اإلنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ) ‪..‬‬
‫بعض ما ترشد إليه اآليات ‪:‬‬
‫‪ -1‬النفس اللوامة المتيقظة التقية الخائفة التي تحاسب نفسها ‪،‬وتتبين حقيقة هواها ‪ ،‬وتحذر خداع ذاتها هي‬
‫النفس الكريمة على اهلل ‪ ،‬حتى ليذكرها مع القيامة ‪.‬‬
‫‪ -2‬ال ملجأ وال وقاية ‪ ،‬وال مفر من قهر اهلل وأخذه ‪ ،‬والرجعة إليه ‪ ،‬والمستقر عنده ؛ فيجب أن نستعد‬
‫لذلك ‪.‬‬
‫‪ -3‬حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا‪ ( ... C‬بل اإلنسان على نفسه بصيرة ‪) ..‬‬
‫التقويم‬

‫‪ -1‬عدد بعض مشاهد يوم القيامة التي وردت في اآليات ‪.‬‬

‫‪ -2‬أذكر المقصود بالنفس اللوامة ‪.‬‬

‫‪ّ -3‬بين خصائص النفس البشرية الضالة كما وضحتها اآليات ‪.‬‬

‫‪ -4‬صور مشاهد وأحداث يوم القيامة كما جاءت في اآليات ‪.‬‬

‫‪ -5‬صور حال اإلنسان يوم القيامة كما صورته اآليات ‪.‬‬

‫‪ -6‬ماذا تعمل لهذا اليوم وكيف‪ C‬تستعد له ؟‬

‫‪ -7‬هل تحاسب نفسك أوالَ بأول علي الصغيرة قبل الكبيرة ؟‬


‫ٍ‬
‫يومئذ بما قدم و أخر " ماذا تستفيد من هذه اآلية ‪.‬‬ ‫‪ -8‬قال اهلل تعالى " ينبأ اإلنسان‬

‫‪5‬‬
‫‪ " -9‬بل اإلنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره " ما وقع هذه اآلية على نفسك ؟‬

‫الدرس الثاني‬
‫" توجيه الرسول ‪ ‬في شأن الوحي "‬
‫" من مشاهد القيامة ‪ ..‬ومشهد االحتضار "‬

‫اآليات من ( ‪) 30 : 16‬‬
‫سا َن َك ِلتَ ْع َج َل ِب ِه ‪ 16‬إِ َّن َعلَ ْي َنا َج ْم َع ُه َوقُْرآ َن ُه ‪َ 17‬فِإ َذا َقرأْ َناهُ َفاتَِّب ْع قُْرآ َن ُه ‪ 18‬ثَُّم إِ َّن َعلَ ْي َنا َب َيا َن ُه ‪َ 19‬كاَّل‬ ‫ِِ‬
‫{ اَل تُ َحِّر ْك ِبه ل َ‬
‫َ‬
‫اظرةٌ ‪ 23‬ووجوهٌ يوم ِئ ٍذ ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ ِ‬ ‫ُّون ا ْلعا ِجلَ َة ‪ 20‬وتَ َذر َ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َرةٌ ‪24‬‬ ‫َ ُ ُ َْ َ َ‬ ‫ون اآْل خ َرةَ ‪ُ 21‬و ُجوهٌ َي ْو َمئذ َّناضَرةٌ ‪ 22‬إِلَى َر ِّب َها َن َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َب ْل تُحب َ َ‬
‫السا ِ‬
‫ق‬ ‫اق ِب َّ‬
‫الس ُ‬‫اق ‪َ 28‬وا ْلتَفَّ ِت َّ‬ ‫ظ َّن أ ََّن ُه ا ْل ِف َر ُ‬
‫ق ‪َ 27‬و َ‬ ‫اق َرةٌ ‪َ 25‬كاَّل إِ َذا َبلَ َغ ْت التََّر ِاقي ‪َ 26‬و ِقي َل َم ْن َرا ٍ‬
‫َ‬
‫تَظُ ُّن أَن ي ْفع َل ِبها فَ ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫ٍِ‬
‫اق ‪} 30‬‬ ‫س ُ‬ ‫‪ 29‬إِلَى َر ِّب َك َي ْو َمئذ ا ْل َم َ‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يصف الدارس حرص رسول اهلل ‪ ‬على ضبط وحفظ القرآن ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يبين الدارس تكفل اهلل عز وجل بالقرآن حفظاً وبياناً على مر العصور واألزمان ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يذكر الدارس صفات الكافرين في هذه اآليات ‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يصف الدارس حال المؤمن يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -5‬أن يصف الدارس حال الكافر يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -6‬أن يصور الدارس حال اإلنسان وقت االحتضار ‪.‬‬

‫‪ -7‬أن يدرك حقيقة الموت وما فيه من شدائد ‪0‬‬

‫معاني الكلمات ‪:‬‬

‫‪-‬اتبع ‪ :‬استمع ونفذ تكاليفه‬

‫– باسرة ‪ :‬كالحة عابسة‬

‫– العاجلة ‪ :‬الدار الدنيا‬

‫– تظن ‪ :‬تستيقن‬

‫– ناضرة ‪ :‬حسنة مشرقة ومسرورة‬

‫– التراقى‪ : C‬جمع ترقوة وهي العظم أعلى الصدر ‪0‬‬

‫**********************************************‬
‫تجيء اآليات األربع الخاصة بتوجيه الرسول في شأن الوحي وتلقي هذا القرآن ‪:‬‬
‫( ال تحرك به لسانك لتعجل به ‪ .‬إن علينا جمعه وقرآنه ‪ .‬فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ‪ .‬ثم إن علينا بيانه ) ‪..‬‬
‫‪6‬‬
‫وباإلضافة إلى ما قلناه في مقدمة السورة عن هذه اآليات ‪ ،‬فإن اإليحاء الذي تتركه في النفس هو تكفل اهلل المطلق بشأن‬
‫هذا القرآن ‪ :‬وحيا وحفظا وجمعا وبيانا‪ C‬؛ وإ سناده إليه سبحانه وتعالى‪ C‬بكليته ‪ .‬ليس للرسول من أمره إال حمله وتبليغه‬
‫‪.‬‬
‫ثم يمضي سياق السورة في عرض مشاهد القيامة وما يكون فيها من شأن النفس اللوامة ‪ ،‬فيذكرهم‪ C‬بحقيقة نفوسهم‪C‬‬
‫وما يعتلج فيها من حب للدنيا وانشغال‪ ، C‬ومن إهمال لآلخرة وقلة احتفال ‪ ( :‬كال ‪ .‬بل تحبون العاجلة ‪ ،‬وتذرون اآلخرة‬
‫) ‪..‬‬
‫( وجوه يومئذ ناضرة ‪ .‬إلى ربها ناظرة ) ‪..‬‬
‫إن هذا النص ليشير إشارة سريعة إلى حالة تعجز الكلمات عن تصويرها ‪ . .‬ذلك حين يعد الموعودين السعداء بحالة‬
‫من السعادة ال تشبهها حالة ‪ .‬حتى لتتضاءل إلى جوارها الجنة بكل ما فيها من ألوان النعيم ‪ ..‬هذه الوجوه الناضرة ‪..‬‬
‫نضرها‪ C‬أنها إلى ربها ناظرة ‪ ..‬فأي مستوى‪ C‬من الرفعة هذا ؟ أي مستوى‪ C‬من السعادة ؟‬
‫إن روح اإلنسان لتستمتع أحيانا بلمحة من جمال اإلبداع اإللهي في الكون أو النفس‪ ..‬فتغمرها‪ C‬النشوة ‪ ،‬وتفيض‬
‫بالسعادة ‪ ..‬وتتوارى عنها أشواك الحياة ‪ ،‬وما فيها من ألم وقبح ‪ ..‬وصراع‪ C‬شهوات وأهواء ‪ ..‬فكيف ؟ كيف بها وهي‬
‫تنظر ‪ -‬ال إلى جمال صنع اهلل ‪ -‬ولكن إلى جمال ذات اهلل ؟ ومالها ال تتنضر‪ C‬وهي إلى جمال ربها تنظر ؟‬
‫( ووجوه يومئذ باسرة ‪ ،‬تظن أن يفعل بها فاقرة ) ‪ .‬وهي الوجوه الكالحة المتقبضة التعيسة ‪ ..‬وهي التي يشغلها‬
‫ويحزنها ويخلع عليها البسر والكلوحة توقعها‪ C‬أن تحل بها الكارثة القاصمة للظهر ‪ ،‬المحطمة للفقار ‪ ..‬الفاقرة ‪..‬‬
‫وإ ذا كانت مشاهد القيامة ‪ ..‬تستمد قوتها وإ يقاعها في النفس ‪ ،‬من قوة الحقيقة الكامنة فيها ‪ ،‬وقوة األداء القرآني الذي‬
‫يشخصها‪ C‬ويحييها ‪ ،‬فإن السورة بعد عرض تلك المشاهد تقرب وتقرب حتى تلمس حس المخاطبين بمشهد آخر حاضر‪C‬‬
‫واقع ‪ ..‬إنه مشهد الموت ‪ .‬الموت الذي ينتهي إليه كل حي ‪ ،‬والذي ال يدفعه عن نفسه وعن غيره حي ‪ ..‬الموت الذي‬
‫ال حيلة للبشر فيه وهم مع هذا ال يتدبرون القوة القاهرة التي تجريه ‪:‬‬
‫( كال ! إذا بلغت التراقي ‪ ،‬وقيل ‪ :‬من راق ؟ وظن أنه الفراق ‪ ،‬والتفت الساق بالساق ‪ .‬إلى ربك يومئذ المساق‬
‫) ‪..‬‬
‫إنه مشهد االحتضار ‪ ،‬يواجههم به النص القرآني كأنه حاضر‪ (.. C‬كال إذا بلغت التراقي ) ‪ ..‬وحين تبلغ الروح‬
‫التراقي‪ C‬يكون النزع األخير ‪ ،‬وتكون السكرات المذهلة ‪ ،‬ويكون الكرب الذي تزوغ‪ C‬منه األبصار ‪ ..‬ويتلفت الحاضرون‬
‫حول المحتضر يتلمسون حيلة أو وسيلة الستنقاذ الروح المكروب ‪ ( :‬وقيل ‪ :‬من راق ؟ ) لعل رقية تفيد ! ‪..‬‬
‫وتلوى‪ C‬المكروب من السكرات والنزع ‪ ( ..‬والتفت الساق بالساق‪ .. ) C‬وبطلت كل حيلة ‪ ،‬وعجزت كل وسيلة ‪،‬‬
‫وتبين الطريق الوحيد الذي يساق إليه كل حي في نهاية المطاف ‪ ( :‬إلى ربك يومئذ‪ C‬المساق ) ‪..‬‬
‫إن المشهد ليكاد يتحرك وينطق ‪ .‬وكل آية ترسم‪ C‬حركة ‪ .‬وكل فقرة تخرج لمحة ‪ .‬وحالة االحتضار ترتسم‪ C‬ويرتسم‪C‬‬
‫معها الجزع والحيرة واللهفة ومواجهة الحقيقة القاسية المريرة ‪ ،‬التي ال دافع لها وال راد ‪ ..‬ثم تظهر النهاية التي ال مفر‬
‫منها ‪ ( ..‬إلى ربك يومئذ المساق )‪.‬‬

‫بعض ما ترشد إليه اآليات ‪:‬‬

‫‪ -1‬تكفل اهلل المطلق بشأن هذا القرآن ‪ :‬وحيا وحفظا وجمعا وبيانا ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -2‬حقيقة النفس البشرية وما يعتلج فيها من حب للدنيا وانشغال بها ‪ ،‬ومن إهمال لآلخرة وقلة احتفال بها ‪ ..‬وما‬
‫يجب علينا حيال ذلك من مجاهدة النفس وحسن تهذيبها وانشغال‪ C‬باآلخرة واالستعداد لها ‪.‬‬

‫‪ -3‬ما يجب أن يسعى إليه المسلم في هذه الحياة أن يحقق غايته ‪ ..‬الفوز بالجنة والنظر‪ C‬إلي وجه اهلل الكريم ‪0‬‬

‫‪ -4‬التفكر في الموت وسكراته وما فيه من شدائد واالستعداد‪ C‬له ‪0‬‬

‫التقويم ‪:‬‬

‫‪ -1‬صف حرص رسول اهلل ‪ ‬على ضبط وحفظ القرآن ‪.‬‬

‫‪ّ -2‬بين تكفل اهلل عز وجل بالقرآن حفظاً وبياناً على مر العصور‪ C‬واألزمان ‪.‬‬

‫‪ -3‬أذكر صفات الكافرين في هذه اآليات ‪.‬‬

‫‪ -4‬صف حال المؤمن يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -5‬صف حال الكافر‪ C‬يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -6‬صور حال اإلنسان وقت االحتضار‪. C‬‬

‫‪ " -7‬إن للموت لسكرات " ‪ .‬وضح ذلك في ضوء اآليات ‪.‬‬

‫الدرس الثالث‬

‫أيحسب اإلنسان أن يترك سدى ؟!!‬

‫اآليات من ( ‪) 40 : 31‬‬

‫َهِل ِه َيتَ َمطَّى ‪ 33‬أ َْولَى لَ َك فَأ َْولَى ‪ 34‬ثَُّم أ َْولَى لَ َك‬ ‫صلَّى ‪َ 31‬ولَ ِكن َك َّذ َب َوتََولَّى ‪ 32‬ثَُّم َذ َه َب إِلَى أ ْ‬ ‫َّق َواَل َ‬ ‫صد َ‬‫{ فَاَل َ‬
‫س َّوى ‪38‬‬ ‫ق فَ َ‬ ‫س ًدى ‪ 36‬أَلَ ْم َي ُك ُن ْطفَ ًة ِّمن َّم ِن ٍّي ُي ْم َنى ‪ 37‬ثَُّم َك َ‬
‫ان َعلَقَ ًة فَ َخلَ َ‬ ‫ان أَن ُيتَْر َك ُ‬ ‫ب اإْلِ َ‬
‫نس ُ‬ ‫سُ‬ ‫فَأ َْولَى ‪ 35‬أ ََي ْح َ‬
‫س َذِل َك ِبقَ ِاد ٍر َعلَى أَن ُي ْح ِي َي ا ْل َم ْوتَى ‪} 40‬‬ ‫َّ‬ ‫َف َج َع َل ِم ْن ُه َّ‬
‫الز ْو َج ْي ِن الذ َك َر َواأْل ُنثَى ‪ 39‬أَلَ ْي َ‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يقص الدارس قصة نزول هذه اآليات ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يصور الدارس مشاهد الالهين المكذبين‬

‫‪ -3‬أن يدلل علي قدرة اهلل علي البعث والنشور ‪0‬‬

‫‪ -4‬أن يربط الدارس بين مقدمة السورة وخاتمتها ‪.‬‬

‫معاني الكلمات ‪:‬‬

‫يتمطي‪ : C‬يتفاخر وقيل كسالن ال همة له‬

‫– سدي ‪ :‬عبثا ‪0‬‬

‫المعني العام ‪:‬‬


‫‪8‬‬
‫هذه اآليات تعني أبو جهل ( عمرو بن هشام ) حين كان يأتي يستمع القرآن ثم يذهب فال يؤمن وال يتأدب بل يؤذي‪C‬‬
‫الرسول ‪ ‬ويذهب فخوراً‪ C‬مختاالً بما فعل وقد‪ C‬أمسك به رسول اهلل ‪ ‬مرة وهذه وهو يقول له " أولي لك فأولي‪ C‬ثم أولي‬
‫لك فأولي‪ " C‬فقال عدو اهلل أتوعدني يا محمد واهلل ال تستطيع‪ C‬أنت وال ربك شيئا وإ ني ألعز من مشي بين جبليها فأخذه اهلل‬
‫يوم بدر بيدي المؤمنين برب محمد ‪ 0‬وتلك نهاية كل ظالم في هذه الحياة ‪0‬وفي‪ C‬نهاية السورة تمس اآليات القلوب من‬
‫خالل التذكير بالخلق واليوم‪ C‬اآلخر والغاية من هذا الخلق وهذه الحياة وأن اإلنسان لم يترك سدي ‪ 0‬وعلى اإلنسان أن‬
‫يحدد مصيره ونهايته ‪0‬‬

‫*****‬
‫وفي‪ C‬مواجهة المشهد المكروب الملهوف‪ C‬الجاد الواقع يعرض مشهد الالهين المكذبين ‪ ،‬الذين ال يستعدون بعمل وال‬
‫طاعة ‪ ،‬بل يقدمون المعصية والتولي‪ ، C‬في عبث ولهو ‪ ،‬وفي‪ C‬اختيال بالمعصية والتولي‪ ( : C‬فال صدق وال صلى ‪ ،‬ولكن‬
‫كذب وتولى ‪ ،‬ثم ذهب إلى أهله يتمطى ) ‪..‬‬
‫وقد‪ C‬ورد أن هذه اآليات تعني شخصا معينا بالذات ‪ ،‬قيل هو أبو جهل "عمرو بن هشام" ‪ ..‬وكان يجيء أحيانا إلى‬
‫رسول اهلل يسمع منه القرآن ‪ .‬ثم يذهب عنه ‪ ،‬فال يؤمن وال يطيع ‪ ،‬وال يتأدب وال يخشى ؛ ويؤذي‪ C‬رسول اهلل بالقول ‪،‬‬
‫ويصد‪ C‬عن سبيل اهلل ‪ ..‬ثم يذهب مختاال بما يفعل ‪ ،‬فخورا بما ارتكب من الشر ‪ ،‬كأنما فعل شيئا يذكر ‪ ..‬والتعبير‪C‬‬
‫القرآني يتهكم به ‪ ،‬ويسخر منه ‪ ،‬ويثير السخرية كذلك ‪ ،‬وهو يصور حركة اختياله بأنه ( يتمطى ! ) يمط في ظهره‬
‫ويتعاجب تعاجبا ثقيال كريها !‬
‫وكم من أبي جهل في تاريخ الدعوة إلى اهلل ‪ ،‬يسمع ويعرض ‪ ،‬ويتفنن في الصد عن سبيل اهلل ‪ ،‬واألذى‪ C‬للدعاة ‪ ،‬ويمكر‬
‫مكر السيئ ‪ ،‬ويتولى وهو فخور‪ C‬بما أوقع من الشر والسوء ‪ ،‬وبما أفسد في األرض ‪ ،‬وبما صد عن سبيل اهلل ‪ ،‬وبما‬
‫مكر لدينه وعقيدته وكاد !‬
‫والقرآن يواجه هذه الخيالء الشريرة بالتهديد والوعيد ‪:‬‬
‫( أولى لك فأولى ‪ .‬ثم أولى لك فأولى ) ‪..‬‬
‫وهو تعبير اصطالحي‪ C‬يتضمن التهديد والوعيد ‪ ،‬وقد أمسك رسول اهلل بخناق أبي جهل مرة ‪ ،‬وهزه ‪ ،‬وهو يقول له ‪:‬‬
‫( أولى لك فأولى‪ . C‬ثم أولى لك فأولى‪ .. ) C‬فقال عدو اهلل ‪ :‬أتوعدني يا محمد ؟ واهلل ال تستطيع أنت وال ربك شيئا ‪.‬‬
‫وإ ني ألعز من مشى بين جبليها !! فأخذه اهلل يوم بدر بيد المؤمنين بمحمد وبرب محمد القوي القهار المتكبر ‪..‬‬
‫وكم من أبي جهل في تاريخ الدعوات يعتز بعشيرته وبقوته وسلطانه ؛ ويحسبها شيئا ؛ وينسى اهلل وأخذه ‪ .‬حتى يأخذه‬
‫أهون من بعوضة ‪ ،‬وأحقر من ذبابة ‪ ..‬إنما هو األجل الموعود ال يستقدم لحظة وال يستأخر‪. C‬‬
‫وفي‪ C‬النهاية يمس القلوب بحقيقة أخرى واقعية في حياتهم ‪ ،‬لها داللتها على تدبير اهلل وتقديره لحياة اإلنسان ‪ .‬ولها‬
‫داللتها كذلك على النشأة األخرى التي ينكرونها أشد اإلنكار ‪ .‬وال مفر من مواجهتها‪ ، C‬وال حيلة في دفع داللتها ‪:‬‬
‫( أيحسب اإلنسان أن يترك سدى ؟ ألم يك نطفة من مني يمنى ؟ ثم كان علقة فخلق فسوى ؟ فجعل منه الزوجين ‪:‬‬
‫الذكر واألنثى ؟ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟ ) ‪..‬‬
‫وهذا المقطع األخير العظيم اإليقاع ‪ ،‬يشتمل على لفتات عميقة إلى حقائق كبيرة ‪ ..‬وأولى هذه اللفتات تلك اللفتة إلى‬
‫التقدير والتدبير‪ C‬في حياة اإلنسان ‪:‬‬
‫( أيحسب اإلنسان أن يترك سدى ) ‪..‬‬

‫‪9‬‬
‫فلقد كانت الحياة في نظر القوم حركة ال علة لها وال هدف وال غاية ‪ ..‬أرحام تدفع وقبور‪ C‬تبلع ‪ ..‬وبين هاتين لهو‬
‫ولعب ‪ ،‬وزينة وتفاخر ‪ ،‬ومتاع قريب من متاع الحيوان ‪ ..‬فأما أن يكون هناك ناموس ‪ ،‬وراءه هدف ‪ ،‬ووراء الهدف‬
‫حكمة ؛ وأن يكون قدوم‪ C‬اإلنسان إلى هذه الحياة وفق قدر يجري إلى غاية مقدرة ‪ ،‬وأن ينتهي إلى حساب وجزاء ‪ ،‬وأن‬
‫تكون رحلته على هذه األرض ابتالء ينتهي إلى الحساب والجزاء ‪ ..‬أما هذا فكان أبعد شيء عن تصور الناس‬
‫ومداركهم ‪ ،‬في ذلك الزمان ‪.‬‬
‫وهذا هو التصور الكبير الذي نقل القرآن الناس إليه منذ ذلك العهد البعيد ‪ ،‬نقلة هائلة بالقياس إلى التصورات السائدة إذ‬
‫ذاك وما تزال هائلة بالقياس إلى سائر التصورات‪ C‬الكونية التي عرفتها الفلسفة قديما‪ C‬وحديثا ‪.‬‬
‫وفي‪ C‬غير تعقيد وال غموض يأتي بالدالئل الواقعة البسيطة التي تشهد بأن اإلنسان لن يترك سدى ‪ ..‬إنها دالئل نشأته‬
‫األولى ‪:‬‬
‫( ألم يك نطفة من مني يمنى ؟ ثم كان علقة فخلق فسوى ؟ فجعل منه الزوجين الذكر واألنثى ؟ ) ‪.‬‬
‫فما هذا اإلنسان ؟ مم خلق ؟ وكيف‪ C‬كان ؟ وكيف صار ؟‬
‫ألم يك نطفة صغيرة من الماء ‪ ،‬من مني يمنى ويراق‪ C‬؟ ألم تتحول هذه النطفة من خلية واحدة صغيرة إلى علقة ذات‬
‫وضع خاص في الرحم ‪ ،‬تعلق بجدرانه لتعيش وتستمد الغذاء ؟ ‪ ..‬ثم من ذا الذي خلقها بعد ذلك جنينا معتدال منسق‬
‫األعضاء ؟ ‪ ..‬ثم في النهاية ‪ .‬من ذا الذي جعل من الخلية الواحدة ‪ ..‬الذكر واألنثى‪ C‬؟ ‪..‬‬
‫وأمام هذه الحقيقة التي تفرض نفسها فرضا على الحس البشري‪ ، C‬يجيء اإليقاع الشامل لجملة من الحقائق التي تعالجها‬
‫السورة ‪:‬‬
‫( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟ ) ‪ ..‬بلى ! سبحانه ! فإنه لقادر على أن يحيي الموتى !‬

‫ما ترشد إليه اآليات ‪:‬‬

‫‪ -1‬االعتبار بمصارع‪ C‬السابقين ‪0‬‬

‫‪ -2‬علي اإلنسان أن يحدد غايته وهدفه ومصيره وإ لي أين يصير ‪0‬‬

‫‪ -3‬التفكر في خلق اإلنسان ليكون ذلك دافعا لإليمان ‪0‬‬

‫التقويم ‪:‬‬

‫‪ -1‬قص قصة نزول هذه اآليات ‪.‬‬

‫‪ -2‬صور مشاهد الالهين المكذبين‬

‫‪ -3‬دلل علي قدرة اهلل علي البعث والنشور‪ C‬من خالل اآليات ‪.‬‬

‫‪ -4‬اربط بين مقدمة السورة وخاتمتها ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫سـورة اإلنسـان‬

‫فضل السورة ‪:‬‬

‫أخرج مسلم عن ابن عباس – رضي اهلل عنهما – أن رسول اهلل ‪ ‬كان يقرأ في صالة الصبح يوم الجمعة " ألم تنزيل "‬
‫السجدة و " هل أتي علي اإلنسان " اإلنسان ‪.‬‬

‫مقدمة السورة‬
‫السورة في مجموعها هتاف رخي ندي إلى الطاعة ‪ ،‬وااللتجاء إلى اهلل ‪ ،‬وابتغاء رضاه ‪ ،‬وتذكر‪ C‬نعمته ‪،‬‬
‫واإلحساس‪ C‬بفضله ‪ ،‬واتقاء عذابه ‪ ،‬واليقظة البتالئه ‪ ،‬وإ دراك‪ C‬حكمته في الخلق واإلنعام‪ C‬واالبتالء واإلمالء ‪..‬‬
‫وهي تبدأ بلمسة رفيقة للقلب البشري ‪ :‬أين كان قبل أن يكون ؟ من الذي أوجده ؟ ومن الذي جعله شيئا مذكورا في هذا‬
‫الوجود‪ C‬؟ بعد أن لم يكن له ذكر وال وجود‪ ( : C‬هل أتى على اإلنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ؟ ) ‪..‬‬
‫تتلوها لمسة أخرى عن حقيقة أصله ونشأته ‪ ،‬وحكمة اهلل في خلقه ‪ ،‬وتزويده بطاقاته ومداركه ‪ ( :‬إنا خلقنا اإلنسان‬
‫من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) ‪..‬‬
‫ولمسة ثالثة عن هدايته إلى الطريق‪ ، C‬وعونه على الهدى ‪ ،‬وتركه بعد ذلك لمصيره الذي يختاره ‪ (:‬إنا هديناه السبيل إما‬
‫شاكرا وإ ما كفورا )‪.‬‬
‫وبعد هذه اللمسات الثالث الموحية ‪ ..‬تأخذ السورة في الهتاف لإلنسان وهو على مفرق الطريق‪ C‬لتحذيره من طريق‪C‬‬
‫النار ‪ ..‬وترغيبه في طريق الجنة ‪ ،‬بكل صور‪ C‬الترغيب ‪ ،‬وبكل هواتف الراحة والمتاع والنعيم‪ C‬والتكريم‪ ( : C‬إنا‬
‫اعتدنا للكافرين سالسل وأغالال وسعيرا ‪ .‬إن األبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ‪ .‬عينا يشرب بها عباد‬
‫اهلل يفجرونها تفجيرا ) ‪..‬‬
‫وقبل أن تمضي في عرض صور المتاع ترسم سمات هؤالء األبرار في عبارات كلها انعطاف ورقة وجمال وخشوع‪C‬‬
‫يناسب ذلك النعيم الهانئ الرغيد ‪..‬ثم تعرض جزاء هؤالء القائمين بالعزائم‪ C‬والتكاليف ‪ ،‬الخائفين من اليوم العبوس‬

‫‪11‬‬
‫القمطرير‪ ، C‬الخيرين المطعمين على حاجتهم إلى الطعام ‪ ،‬يبتغون وجه اهلل وحده ‪ ،‬ال يريدون شكورا من أحد ‪ ،‬إنما‬
‫يتقون اليوم العبوس القمطرير‪ .. C‬تعرض جزاء هؤالء الخائفين الوجلين المطعمين المؤثرين ‪ .‬فإذا هو األمن والرخاء‬
‫والنعيم‪ C‬اللين الرغيد ‪ ( :‬فوقاهم اهلل شر ذلك اليوم ‪ ،‬ولقاهم نضرة وسرورا ‪. )..‬‬
‫فإذا انتهى معرض النعيم اللين الرغيد المطمئن الهانئ الودود اتجه الخطاب إلى رسول اهلل لتثبيته على الدعوة ‪ -‬في‬
‫وجه اإلعراض والكفر والتكذيب ‪ -‬وتوجيهه إلى الصبر وانتظار‪ C‬حكم اهلل في األمر ؛ واالتصال‪ C‬بربه واالستمداد منه‬
‫كلما طال الطريق‪ ( : C‬فاصبر لحكم ربك وال تطع منهم آثما أو كفورا ‪ .‬واذكر اسم ربك بكرة وأصيال ‪ ،‬ومن الليل‬
‫فاسجد له وسبحه ليال طويال ) ‪..‬‬
‫ثم تذكيرهم باليوم‪ C‬الثقيل الذي ال يحسبون حسابه ؛ والذي يخافه األبرار ويتقونه ‪ ،‬والتلويح لهم بهوان أمرهم على‬
‫اهلل ‪ ،‬الذي خلقهم ومنحهم‪ C‬ما هم فيه من القوة ‪ ،‬وهو قادر‪ C‬على الذهاب بهم ‪ ،‬واإلتيان بقوم آخرين ؛ لوال تفضله عليهم‬
‫بالبقاء ‪ ،‬لتمضي مشيئة االبتالء ‪ .‬ويلوح لهم في الختام بعاقبة هذا االبتالء ‪ ( :‬إن هؤالء يحبون العاجلة ويذرون‬
‫وراءهم يوما ثقيال ‪ .‬نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإ ذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديال ‪ .‬إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى‬
‫ربه سبيال ‪ .‬وما تشاءون إال أن يشاء اهلل ‪ ،‬إن اهلل كان عليما حكيما ‪ .‬يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم‬
‫عذابا أليما ) ‪..‬‬

‫الدرس األول‬

‫خلق اإلنسان ‪ ...‬ومصيره الذي يختاره‬

‫اآليات من ( ‪) 4: 1‬‬
‫اج َّن ْبتَِل ِ‬ ‫ان ِمن ُّن ْطفَ ٍة أ َْم َ‬ ‫ان ِح ٌ‬
‫يه َف َج َع ْل َناهُ‬ ‫ش ٍ‬ ‫ورا ‪ 1‬إِ َّنا َخلَ ْق َنا اإْلِ َ‬
‫نس َ‬ ‫َّه ِر لَ ْم َي ُكن َ‬
‫ش ْي ًئا َّم ْذ ُك ً‬ ‫ين ِّم َن الد ْ‬ ‫نس ِ‬ ‫{ َه ْل أَتَى َعلَى اإْلِ َ‬
‫ين ساَل ِساَل وأَ ْغاَل اًل و ِ‬ ‫اكرا وإِ َّما َكفُورا ‪ 3‬إِ َّنا أ ْ ِ ِ‬ ‫الس ِبي َل إِ َّما َ ِ‬
‫يرا ‪ 2‬إِ َّنا َه َد ْي َناهُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يرا ‪} 4‬‬ ‫سع ً‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َعتَ ْد َنا ل ْل َكاف ِر َ َ‬ ‫ً‬ ‫ش ً َ‬ ‫يعا َبص ً‬
‫سم ً‬ ‫َ‬
‫األهداف االجرائية السلوكية ‪:‬‬

‫أن يبين الدارس بداية خلق اإلنسان ( أطوار خلق اإلنسان ) كما بينتها اآليات ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫أن يذكر الدارس الغرض من االستفهام في بداية السورة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫المفردات ‪:‬‬

‫‪-‬أمشاج ‪ :‬المشج والمشيج الشيء المختلط بعضه في بعض قال ابن عباس ‪ :‬ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا‬
‫واختلطا‪ C‬ثم ينتقل بعد ذلك من طور‪ C‬إلي طور‪. C‬‬

‫– نبتليه ‪ :‬نختبره‬
‫‪12‬‬
‫******‬
‫( هل أتى على اإلنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ؟ ) ‪..‬‬
‫هذا االستفهام في مطلع السورة إنما هو للتقرير ؛ ولكن وروده في هذه الصيغة كأنما ليسأل اإلنسان نفسه ‪ :‬أال‬
‫يعرف أنه أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ؟ ثم أال يتدبر هذه الحقيقة ويتمالها‪ C‬؟ ‪ ..‬إنها إيحاءات كثيرة‬
‫تنبض من وراء صيغة االستفهام في هذا المقام ‪.‬‬
‫‪ ..‬ينتهي منها القلب إلى الشعور بالقصد والغاية والتقدير ‪ ،‬في المنشأ وفي الرحلة وفي‪ C‬المصير ‪.‬‬
‫فأما امتداد هذا اإلنسان بعد ذلك وبقاؤه فكانت له قصة أخرى ‪:‬‬
‫( إنا خلقنا اإلنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) ‪..‬‬
‫واألمشاج ‪ :‬األخالط ‪ .‬وربما‪ C‬كانت هذه إشارة إلى تكون النطفة من خلية الذكر وبويضة األنثى بعد التلقيح ‪ .‬وربما‪C‬‬
‫كانت هذه األخالط تعني الوراثات الكامنة في النطفة ‪ ،‬والتي يمثلها ما يسمونه علميا "الجينات" وهي وحدات الوراثة‬
‫الحاملة للصفات المميزة لجنس اإلنسان أوال ولصفات الجنين العائلية أخيراً ‪ .‬وإ ليها يعزى سير النطفة اإلنسانية في‬
‫رحلتها لتكوين جنين إنسان ‪ ،‬ال جنين أي حيوان آخر ‪ .‬كما تعزى إليها وراثة الصفات الخاصة في األسرة ‪ ..‬ولعلها‬
‫هي هذه األمشاج المختلطة من وراثات شتى ‪..‬‬
‫خلقته يد القدرة هكذا من نطفة أمشاج ‪ ،‬ال عبثا وال جزافا‪ C‬وال تسلية ‪ ،‬ولكنه خلق ليبتلي ويمتحن ويختبر ‪..‬ومن ثم‬
‫جعله سميعا بصيرا‪ C‬أي زوده بوسائل اإلدراك ‪ ،‬ليستطيع التلقي واالستجابة ‪ .‬وليدرك األشياء والقيم ويحكم عليها‬
‫ويختار‪ C.‬ويجتاز‪ C‬االبتالء وفق‪ C‬ما يختار ‪..‬‬
‫ثم زوده إلى جانب المعرفة ‪ ،‬بالقدرة على اختيار الطريق‪ ، C‬وبين له الطريق‪ C‬الواصل ‪ .‬ثم تركه ليختاره ‪ ،‬أو ليضل‬
‫ويشرد‪ C‬فيما وراءه من طرق ال تؤدي‪ C‬إلى اهلل ‪:‬‬
‫( إنا هديناه السبيل ‪ :‬إما شاكرا وإ ما كفورا ) ‪..‬‬
‫وعبر عن الهدى بالشكر ‪ .‬ألن الشكر أقرب خاطر يرد على قلب المهتدي ‪ ..‬الشكر هو الخاطر األول الذي يرد على‬
‫قلب المؤمن في هذه المناسبة ‪ .‬فإذا لم يشكر فهو الكفور ‪ ..‬بهذه الصيغة الموغلة في الداللة على الكفران ‪.‬‬
‫ومن ثم يأخذ في عرض ما ينتظر اإلنسان بعد االبتالء ‪ ،‬واختياره طريق‪ C‬الشكر أو طريق‪ C‬الكفران ‪..‬فأما ما ينتظر‬
‫الكافرين ‪ ،‬فيجمله إجماال‪:‬‬
‫( إنا أعتدنا للكافرين سالسل وأغالال وسعيرا ) ‪ ..‬سالسل لألقدام ‪ ،‬وأغالال لأليدي ‪ ،‬ونارا‪ C‬تتسعر يلقى فيها‬
‫بالمسلسلين المغلولين !‬
‫بعض مما ترشد إليه اآليات ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتدبر اإلنسان حقيقة خلقه ويستشعر قدرة اهلل العظيمة عليه ‪ ..‬ينتهي منها القلب إلى الشعور بالقصد والغاية‬
‫وأنه في دار ابتالء ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يدرك نعمة اهلل علي اإلنسان أن زوده بوسائل المعرفة وبصره بالطريق الموصل إلي اهلل وأعطاه القدرة‬
‫علي اختيار الطريق‪0 C‬‬

‫التقويم ‪:‬‬

‫‪ -1‬أشارت اآليات األولي إلي شيء من االعجاز العلمي في خلق اإلنسان وضح ذلك ‪0‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -2‬ما وسائل المعرفة التي زود اهلل بها اإلنسان ؟ وما مظاهر تكريم‪ C‬اهلل لإلنسان من خالل هذه السورة ؟‬

‫‪ -3‬أذكر الغرض من االستفهام في بداية السورة ‪.‬‬

‫‪ ( -4‬اإلنسان ‪ ..‬خلقته يد القدرة هكذا من نطفة أمشاج ‪ ،‬ال عبثا وال جزافا‪ C‬وال تسلية ‪ ،‬ولكنه خلق ليبتلي ويمتحن‬
‫ويختبر ‪ ) ...‬هل تستشعر هذا المعنى في نفسك من خالل معايشتك‪ C‬لآليات ؟‬

‫الدرس الثاني‬
‫صفات األبرار ‪ ..‬وما أعده اهلل لهم من نعيم الجنة‬
‫اآليات من ( ‪) 22 : 5‬‬
‫ون ِب َّ‬
‫النذ ِ‬
‫ْر‬ ‫يرا ‪ُ 6‬يوفُ َ‬ ‫ِ‬ ‫شرب ِبها ِعب ُ َّ ِ‬ ‫ْس َك َ ِ‬ ‫ون ِمن َكأ ٍ‬ ‫{ إِ َّن اأْل َْب َر َار َي ْ‬
‫اد الله ُيفَ ِّج ُرو َن َها تَ ْفج ً‬ ‫ورا ‪َ 5‬ع ْي ًنا َي ْ َ ُ َ َ‬ ‫اج َها َكافُ ً‬ ‫ان م َز ُ‬ ‫ش َر ُب َ‬
‫يرا ‪ 8‬إِ َّن َما ُن ْط ِع ُم ُك ْم ِل َو ْج ِه اللَّ ِه اَل‬ ‫ِ‬
‫يما َوأَس ً‬
‫ِ‬ ‫ون الطَّعام علَى ح ِّب ِه ِم ِ‬
‫سكي ًنا َو َيت ً‬‫ْ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫يرا ‪َ 7‬و ُي ْط ِع ُم َ‬ ‫ش ُّرهُ م ِ‬
‫ستَط ً‬ ‫ان َ ُ ْ‬ ‫ون َي ْو ًما َك َ‬ ‫َو َي َخافُ َ‬
‫ضَرةً‬ ‫اه ْم َن ْ‬ ‫ش َّر َذِل َك ا ْل َي ْوِم َولَقَّ ُ‬ ‫اه ُم اللَّ ُه َ‬‫ط ِر ًيرا ‪ 10‬فَ َوقَ ُ‬ ‫وسا قَ ْم َ‬ ‫ش ُكورا ‪ 9‬إِ َّنا َن َخ ُ ِ‬
‫اف من َّر ِّب َنا َي ْو ًما َع ُب ً‬ ‫يد من ُك ْم َج َزاء َواَل ُ ً‬
‫ُن ِر ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اهم ِبما صبروا ج َّن ًة وح ِريرا ‪ 12‬متَّ ِك ِئ َ ِ‬
‫يرا ‪13‬‬ ‫سا َواَل َز ْم َه ِر ً‬ ‫ش ْم ً‬‫يها َ‬ ‫يها َعلَى اأْل ََرائك اَل َيَر ْو َن ف َ‬ ‫ين ف َ‬ ‫ُ‬ ‫ورا ‪َ 11‬و َج َز ُ َ َ َ ُ َ َ َ ً‬ ‫س ُر ً‬ ‫َو ُ‬
‫ير ِمن‬ ‫يرا ‪ 15‬قَ َو ِ‬
‫ار َ‬ ‫ار َ‬ ‫اب َكا َن ْت قَ َو ِ‬ ‫آني ٍة ِّمن ِفض ٍ‬
‫َّة َوأَ ْك َو ٍـ‬ ‫ِ‬
‫اف َعلَ ْي ِهم ِب َ‬ ‫ط ُ‬‫َو َد ِان َي ًة َعلَ ْي ِه ْم ِظاَل لُ َها َو ُذلِّلَ ْت قُطُوفُ َها تَذِْلياًل ‪َ 14‬و ُي َ‬
‫س ِبياًل ‪َ 18‬و َيطُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وها تَ ْق ِديرا ‪ 16‬ويسقَو َن ِفيها َكأْسا َك َ ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫وف َعلَ ْي ِه ْم‬ ‫س ْل َ‬‫س َّمى َ‬ ‫يها تُ َ‬ ‫نج ِبياًل ‪َ 17‬ع ْي ًنا ف َ‬ ‫اج َها َز َ‬ ‫ان مَز ُ‬ ‫َ ً‬ ‫َُ ْ ْ‬ ‫ً‬ ‫َّر َ‬ ‫فضَّة قَد ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان ُّم َخلَّ ُد َ‬
‫س‬‫ند ٍ‬ ‫سُ‬ ‫اب ُ‬ ‫يرا ‪َ 20‬عال َي ُه ْم ث َي ُ‬ ‫يما َو ُم ْل ًكا َك ِب ً‬
‫ورا ‪َ 19‬وإِ َذا َرأ َْي َت ثَ َّم َرأ َْي َت َنع ً‬ ‫ون إِ َذا َرأ َْيتَ ُه ْم َحس ْبتَ ُه ْم لُ ْؤلُ ًؤا َّمنثُ ً‬ ‫ِو ْل َد ٌ‬
‫ورا‬ ‫ورا ‪ 21‬إِ َّن َه َذا َك َ‬ ‫ق وحلُّوا أَس ِ ِ ِ ٍ‬
‫ش ُك ً‬
‫س ْع ُي ُكمـ َّم ْ‬
‫ان َ‬
‫ان لَ ُك ْم َج َزاء َو َك َ‬ ‫ط ُه ً‬
‫ش َر ًابا َ‬
‫ُّه ْم َ‬
‫اه ْم َرب ُ‬
‫سقَ ُ‬
‫او َر من فضَّة َو َ‬ ‫َ‬ ‫ستَ ْب َر ٌ َ ُ‬
‫ضٌر َوإِ ْ‬
‫ُخ ْ‬
‫‪} 22‬‬
‫األهداف االجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح الدارس بعض صفات األبرار كما بينتها اآليات ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتصف الدارس بصفات األبرار ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يصور الدارس النعيم الذى أعده اهلل في اآلخرة لألبرار ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يعيش الدارس هذا النعيم بمخيلته وأحاسيسه ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يسعى الدارس للفوز بهذا النعيم في اآلخرة ‪.‬‬
‫معاني المفردات‬
‫– يفجرونها‪ C‬تفجيرا ‪ :‬أي يتصرفون فيها حيث شاءوا أو يقودونها‪ C‬حيث شاءوا والتفجير هو اإلتباع‬
‫– شره مستطيرا ‪ :‬أي منتشرا عاما علي الناس إال من رحم اهلل‬
‫– يطعمون الطعام علي حبه ‪ :‬علي حب اهلل واألظهر أن الضمير عائد علي الطعام‬
‫– عبوسا قمطريرا ‪ :‬تعبس فيه الوجوه من الهول – قمطريرا‪ : C‬تقلص الجبين وما بين العينين من الهول وقيل القمطرير‬
‫الشديد العصيب‬

‫– ذللت قطوفها‪ C‬تذليال ‪ :‬أي متى تعاطاه دنا القطف إليه تدلي من أعلي غصنه كأنه سامع طائع‬

‫‪14‬‬
‫– قوارير من فضة ‪ :‬أي بياض الفضة في صفاء الزجاج فهذه األكواب هي من فضة وهي مع هذا شفافة يري ما في‬
‫باطنها‪ C‬من ظاهرها‬

‫– قدروها تقديرا ‪ :‬أي علي قدر ريهم ال تزيد عنه وال تنقص وعلى قدر الكف فهي مقدرة في القدر والري‪C‬‬

‫– كان مزاجها زنجبيال ‪ :‬فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور‪ C‬وهو بارد وتارة بالزنجبيل وهو حار ليعتدل األمر وهؤالء‬
‫ثم‪ :‬أي هناك يعني في الجنة‬
‫يمزج لهم من هذا تارة ومن هذا تارة – ّ‬
‫– السندس ‪ :‬وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم‬

‫– االستبرق‪ : C‬الحرير وهو ما فيه بريق ولمعان وهو مما يلي الظاهر‬

‫*****‬
‫يسارع‪ C‬السياق إلى رخاء النعيم ‪ ( :‬إن األبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ‪ .‬عينا يشرب بها عباد اهلل‬
‫يفجرونها تفجيرا ) ‪..‬‬
‫وهذه العبارة تفيد أن شراب األبرار في الجنة ممزوج بالكافور‪ ، C‬يشربونه في كأس تغترف‪ C‬من عين تفجر لهم تفجيرا ‪،‬‬
‫في كثرة ووفرة ‪.‬‬
‫ثم يعرف بهؤالء األبرار عباد اهلل الذين قسم لهم هذا المتاع ‪:‬‬
‫( يوفون بالنذر ‪ ،‬ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) ‪..‬‬
‫وهي صورة وضيئة شفافة لقلوب مخلصة جادة عازمة على الوفاء هلل بتكاليف العقيدة ‪ ( ..‬يوفون بالنذر ) فيفعلون ما‬
‫اعتزموا من الطاعات ‪ ،‬وما التزموا من الواجبات ‪ .‬فهم يأخذون األمر جدا خالصا ال يحاولون التفلت من تبعاته ‪..‬‬
‫وهذا معنى أنهم يوفون بالنذر ‪.‬‬
‫( ويخافون يوما كان شره مستطيرا‪ .. ) C‬فهم يدركون صفة هذا اليوم ‪ ،‬الذي يتفشى شره ويصيب الكثيرين من‬
‫المقصرين والمسيئين ‪ .‬فيخافون أن ينالهم شيء من شره ‪.‬‬
‫( ويطعمون الطعام ‪ -‬على حبه ‪ -‬مسكينا ويتيما وأسيرا ) ‪..‬‬
‫وهي تصور‪ C‬شعور البر والعطف والخير‪ C‬ممثال في إطعام الطعام ‪ ،‬مع حبه بسبب الحاجة إليه ‪ ..‬ولكنها تؤثر به‬
‫المحاويج ‪.‬‬
‫وكانوا‪ C‬يطعمون الطعام بأريحية نفس ‪ ،‬ورحمة قلب ‪ ،‬وخلوص نية ‪ .‬واتجاه إلى اهلل بالعمل ‪ ،‬يحكيه السياق من حالهم ‪،‬‬
‫ومن منطوق قلوبهم‪. C‬‬
‫( إنما نطعمكم لوجه اهلل ال نريد منكم جزاء وال شكورا ‪ .‬إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) ‪..‬‬
‫فهي الرحمة الفائضة من القلوب الرقيقة الرفيقة ‪ ،‬تتجه إلى اهلل تطلب رضاه ‪ .‬وال تبتغي بها جزاء من الخلق وال شكرا‬
‫‪ ،‬وال تقصد بها استعالء على المحتاجين وال خيالء ‪ .‬كما تتقي بها يوما عبوسا شديد العبوس ‪ ،‬تتوقعه وتخشاه ‪ ،‬وتتقيه‬
‫بهذا الوفاء ‪.‬‬
‫ومن ثم كان ذلك التصوير‪ C‬الكريم لذلك الشعور‪ C‬الكريم ‪ (:‬فوقاهم اهلل شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ) ‪..‬‬

‫‪15‬‬
‫يعجل السياق بذكر وقايتهم‪ C‬من شر ذلك اليوم الذي كانوا يخافونه ‪ ،‬ليطمئنهم‪ C‬في الدنيا وهم يتلقون هذا القرآن‬
‫ويصدقونه ! ويذكر‪ C‬أنهم تلقوا من اهلل نضرة وسرورا‪ .. C‬جزاء وفاقا‪ C‬على خشيتهم وخوفهم ‪ ،‬وعلى نداوة قلوبهم‬
‫ونضرة مشاعرهم ‪.‬‬
‫ثم يمضي بعد ذلك في وصف مناعم الجنة التي وجدوها‪: C‬‬
‫( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) ‪ ..‬جنة يسكنونها وحريرا‪ C‬يلبسونه ‪.‬‬
‫( متكئين فيها على األرائك ال يرون فيها شمسا وال زمهريرا ) ‪ ..‬فهم في جلسة مريحة مطمئنة والجو حولهم رخاء‬
‫ناعم دافئ في غير حر ‪ ،‬ندي في غير برد ‪ .‬فال شمس تلهب النسائم ‪ ،‬وال زمهرير‪ C‬وهو البرد القارس ‪.‬‬
‫( ودانية عليهم ظاللها ‪ .‬وذللت قطوفها تذليال ) ‪ ..‬وإ ذا دنت الظالل ودنت القطوف فهي الراحة واالسترواح على‬
‫ثم تأتي تفصيالت المناعم والخدمات ‪..‬‬ ‫أمتع ما يمتد إليه الخيال ‪.‬‬
‫( ويطاف عليهم بآنية من فضة ‪ ،‬وأكوابـ كانت قوارير ‪ ،‬قوارير من فضة قدروها تقديرا ‪ .‬ويسقون فيها كأسا كان‬
‫مزاجها زنجبيال ‪ .‬عينا فيها تسمى سلسبيال ) ‪..‬‬
‫فهم في متاعهم ‪ ..‬يطاف عليهم بأشربة في آنية من فضة ‪ ،‬وفي أكواب من فضة كذلك ‪ ،‬ولكنها شفة كالقوارير ‪،‬‬
‫مما لم تعهده األرض في آنية الفضة ‪ .‬وهي بأحجام مقدرة تقديرا يحقق المتاع والجمال ‪ .‬ثم هي تمزج بالزنجبيل‪ C‬كما‬
‫مزجت مرة بالكافور‪ . C‬وهي كذلك تمأل من عين جارية تسمى سلسبيال ‪ ،‬لشدة عذوبتها واستساغتها‪ C‬لدى الشاربين !‬
‫وزيادة في المتاع فإن الذين يطوفون بهذه األواني واألكواب بالشراب هم غلمان صباح الوجوه ‪ ،‬ال يفعل فيهم الزمن‬
‫‪ ،‬وال تدركهم‪ C‬السن ؛ فهم مخلدون في سن الصباحة والصبا‪ C‬والوضاءة ‪ .‬وهم هنا وهناك كاللؤلؤ‪ C‬المنثور ‪:‬‬
‫( ويطوف عليهم ولدان مخلدون ‪ ،‬إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) ‪..‬‬
‫ثم يجمل السياق خطوط‪ C‬المنظر ‪ ،‬ويلقي عليه نظرة كاملة تلخص وقعه في القلب والنظر‪: C‬‬

‫( وإ ذا رأيت ‪ -‬ثم ‪ -‬رأيت نعيما وملكا كبيرا ) ‪ ..‬نعيما وملكا كبيرا ‪ .‬هو الذي يعيش فيه األبرار المقربون عباد اهلل‬
‫هؤالء ‪ ،‬على وجه اإلجمال والعموم ‪ .‬ثبت في الصحيح أن اهلل تعالي يقول آلخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل‬
‫الجنة دخوال إليها ‪ " :‬إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها "‬

‫ثم يخصص مظهرا من مظاهر النعيم والملك الكبير ؛ كأنه تعليل لهذا الوصف وتفسير‪: C‬‬
‫( عاليهم ثياب سندس خضر وإ ستبرق ‪ ،‬وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) ‪..‬‬
‫والسندس‪ C‬الحرير الرقيق ‪ ،‬واإلستبرق‪ C‬الحرير السميك المبطن ‪ ..‬وهم في هذه الزينة وهذا المتاع ‪ ،‬يتلقونه كله من‬
‫( ربهم ) فهو عطاء كريم من معط كريم ‪ .‬وهذه تضاف‪ C‬إلى قيمة ذلك النعيم !‬
‫ثم يتلقون عليه الود والتكريم ‪ ( :‬إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا )‪ ..‬يتلقون هذا النطق من المأل األعلى ‪.‬‬
‫وهو يعدل هذه المناعم كلها ‪ ،‬ويمنحها‪ C‬قيمة أخرى فوق‪ C‬قيمتها ‪.‬‬
‫بعض ما ترشد إليه اآليات ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن نحرص على االتصاف بصفات األبرار ( الوفاء بالنذر – الخوف من عذاب اآلخرة – إطعام الطعام –‬
‫إخالص العمل هلل عز وجل ‪) ... -‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -2‬أن نذكر الجنة وما أعده اهلل من نعيم لألبرار ونعايش ذلك بمشاعرنا وأحاسيسنا‪ C‬فنتشبه بصحابة رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم فكأنهم كانوا كمن يرى الجنة والنار‪ C‬رأي العين ‪ ..‬وما لذلك من أثر على سلوكنا‪ C‬وحياتنا‬
‫كلها ‪.‬‬

‫القرآن يؤكد في مواضع شتى العالقة الوثيقة بين اإليمان والدور‪ C‬االجتماعي للمؤمن " ويخافون‪ C‬يوما ‪...‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ويطعمون الطعام ‪ ...‬إنا نخاف من ربنا ‪0 " ...‬‬

‫التقويم ‪:‬‬

‫‪ -1‬وضح بعض صفات األبرار كما بينتها اآليات ‪.‬‬


‫قوم‪ C‬مدى تحققك بصفات األبرار ‪.‬‬
‫‪ِّ -2‬‬
‫‪ -3‬صور‪ C‬النعيم الذى أعده اهلل في اآلخرة لألبرار ‪.‬‬
‫‪ -4‬عبِّر عن مشاعرك عند معايشتك‪ C‬لنعيم الجنة بمخيلتك وأحاسيسك‪. C‬‬
‫‪ -5‬هل تسعى للفوز بهذا النعيم في اآلخرة ؟ وماذا أعددت لذلك ؟‬
‫‪ -6‬من يستحق‪ C‬ألوان النعيم الكثيرة الواردة في السورة الكريمة ؟ ولماذا ؟‬

‫الدرس الثالث‬
‫توجيهات للنبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ...‬وتذكرة لنا‬
‫اآليات من ( ‪) 31 : 23‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫{ إِ َّنا َن ْح ُن َنَّز ْل َنا َعلَ ْي َك ا ْلقُْر َ‬
‫ورا ‪َ 24‬وا ْذ ُك ِر ْ‬
‫اس َم َر ِّب َك ُب ْك َرةً‬ ‫اص ِب ْر ل ُح ْكم َر ِّب َك َواَل تُط ْع م ْن ُه ْم آث ًما أ َْو َكفُ ً‬
‫نزياًل ‪ 23‬فَ ْ‬ ‫آن تَ ِ‬
‫اءه ْم َي ْو ًما ثَ ِقياًل ‪27‬‬ ‫ون َو َر ُ‬ ‫اجلَ َة َو َي َذ ُر َ‬ ‫ط ِوياًل ‪ 26‬إِ َّن َه ُؤاَل ء ُي ِحب َ‬
‫ُّون ا ْل َع ِ‬ ‫س ِّب ْح ُه لَ ْياًل َ‬ ‫َوأَصياًل ‪َ 25‬و ِم َن اللَّْي ِل فَ ْ‬
‫اس ُج ْد لَ ُه َو َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ش َد ْد َنا أَسر ُهم وإِ َذا ِش ْئ َنا ب َّد ْل َنا أَمثَالَهم تَ ْب ِدياًل ‪ 28‬إِ َّن َه ِذ ِه تَذ ِ‬
‫س ِبياًل ‪َ 29‬و َما‬ ‫شاء اتَّ َخ َذ إِلَى َر ِّبه َ‬ ‫ْك َرةٌ فَ َمن َ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫اه ْم َو َ‬ ‫َن ْح ُن َخلَ ْق َن ُ‬
‫ِ‬ ‫شاء ِفي َر ْح َم ِت ِه َوالظَّ ِال ِم َ‬ ‫يما ‪ُ 30‬ي ْد ِخ ُل َمن َي َ‬ ‫ِ‬ ‫شاء اللَّ ُه إِ َّن اللَّ َه َك َ ِ‬ ‫ون إِاَّل أَن َي َ‬
‫يما‬‫َع َّد لَ ُه ْم َع َذ ًابا أَل ً‬
‫ين أ َ‬ ‫يما َحك ً‬ ‫ان َعل ً‬ ‫اؤ َ‬ ‫شُ‬ ‫تَ َ‬
‫‪} 31‬‬
‫األهداف االجرائية السلوكية ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يبين الدارس توجيهات اهلل عز وجل لرسوله في مواجهة الكافرين ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يظهر الدارس الحكمة من كل توجيه من هذه التوجيهات ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يوضح الدارس الزاد الذي وجه اهلل عز وجل رسوله إليه‬

‫‪ -4‬أن يبين الدارس كيف يتخذ إلى ربه سبيال ‪.‬‬

‫‪ -5‬أن يبين هوان أهل الباطل على اهلل " وإ ذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديال "‪0‬‬

‫‪ -6‬أن يبرأ الدارس من حوله وقوته ويرد كل شيء إلي مشيئة اهلل المطلقة ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫المفردات‬

‫– وشددنا‪ C‬أسرهم ‪ :‬يعني خلقهم واهلل وحده هو الذي أعطاهم القوة ‪0‬‬

‫******‬
‫وبعد انتهاء هذا الهتاف إلى الجنة ونعيمها الهنيء الرغيد ‪ ،‬يعالج حالة المشركين المصرين على العناد والتكذيب ‪:‬‬
‫( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيال ‪ .‬فاصبر لحكم ربك وال تطع منهم آثما أو كفورا ‪ .‬واذكر اسم ربك بكرة وأصيال‬
‫‪ .‬ومن الليل فاسجد له وسبحه ليال طويال ) ‪..‬‬
‫لقد كان رسول اهلل يواجه المشركين بالدعوة إلى اهلل وحده ‪ .‬وهو لم يكن يواجه في نفوسهم مجرد عقيدة ‪ ..‬إنما كانت‬
‫المالبسات التي تحيط بالعقيدة وبالموقف هي التي تقود إلى تلك المعارضة العنيدة ‪ ..‬كانت المكانة االجتماعية ‪،‬‬
‫واالعتزاز‪ C‬بالقيم السائدة في البيئة ‪ ،‬وما يتلبس بها كذلك من مصالح مادية ‪ ..‬هي العنصر األول الذي يقود إلى التشبث‬
‫بالعقيدة الواهية الظاهرة البطالن ‪ ،‬في وجه العقيدة القوية الظاهرة االستقامة ‪ ،‬ثم كانت صور‪ C‬الحياة الجاهلية ومتاعها‬
‫ولذائذها‪ C‬وشهواتها‪ C‬إلى جانب ذلك تزيد المقاومة والعناد والتأبي‪ C‬على العقيدة الجديدة ‪.‬‬
‫وهذه األسباب ‪..‬كانت قائمة في وجه الدعوة األولى ‪ ،‬وهي هي قائمة في وجه الدعوة في كل أرض وفي كل جيل ‪.‬‬
‫وهي تمثل العناصر الثابتة في معركة العقيدة ‪ ،‬التي تجعلها معركة عنيدة ال تنتهي من قريب ؛ وتجعل مشاقها‪ C‬وتكاليفها‬
‫والثبات عليها من أعسر التكاليف ‪.‬‬
‫لقد تلقى رسول اهلل التكليف من ربه لينذر‪ ..‬فلما أن نهض بالتكليف‪ C‬واجهته تلك العوامل واألسباب التي تصد القوم عن‬
‫الدعوة الجديدة ‪ .. ،‬وتقودهم‪ C‬إلى العناد الشديد ‪ ،‬ثم إلى الدفاع العنيد عن معتقداتهم وأوضاعهم‪ C‬ومكانتهم‪ C‬ومصالحهم‪.. C‬‬
‫ولذائذهم‪ C‬وشهواتهم‪ .. C‬وأخذ هذا الدفاع العنيد صورا‪ C‬شتى ‪ ،‬في أولها إيذاء القلة المؤمنة التي استجابت للدعوة الجديدة‬
‫‪ ،‬ومحاولة فتنتها عن عقيدتها ‪ ..‬ثم تشويه هذه العقيدة وإ ثارة الغبار حولها وحول نبيها بشتى التهم واألساليب ‪..‬وفي‬
‫الوقت ذاته راحوا يحاولون مع صاحب الدعوة طرقا شتى من اإلغراء – إلى جانب التهديد واإليذاء – ليلتقي بهم في‬
‫منتصف‪ C‬الطريق ‪ ..‬ويصالحهم ويصالحونه على شيء يرتضيه ويرتضونه ‪ ..‬وهذه الوسائل ذاتها أو ما يشبهها هي‬
‫التي يواجهها صاحب الدعوة إلى اهلل في كل أرض وفي كل جيل ‪.‬‬
‫والنبي ولو أنه رسول ‪ ،‬حفظه اهلل من الفتنة ‪ ،‬وعصمه من الناس ‪ ..‬إال أنه بشر يواجه الواقع الثقيل في قلة من‬
‫المؤمنين وضعف‪ . C‬واهلل يعلم منه هذا ‪ ،‬فال يدعه وحده ‪ ،‬وال يدعه لمواجهة الواقع الثقيل بال عون ومدد وتوجيه إلى‬
‫معالم الطريق‪. C‬‬
‫وهذه اآليات تتضمن حقيقة هذا العون والمدد والتوجيه ‪:‬‬
‫( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيال ) ‪ .‬وهي اللفتة األولى إلى مصدر التكليف بهذه الدعوة ‪ ،‬وينبوع حقيقتها ‪ ..‬إنها‬
‫من اهلل ‪ .‬هو مصدرها‪ C‬الوحيد ‪ .‬وهو الذي نزل بها القرآن ‪ .‬فليس لها مصدر‪ C‬آخر ‪ ..‬وكل ما عدا هذا المصدر ال يتلقى‬
‫عنه ‪ ،‬وال يستمد منه ‪ ..‬وال يخلط بها منه شيء ‪ ..‬ثم إن اهلل الذي نزل هذا القرآن وكلـف بهذه الدعوة لن يتركها‪ . C‬ولن‬
‫يترك الداعي إليها ‪ ،‬وهو كلفه ‪ ،‬وهو نزل القرآن عليه ‪.‬‬
‫ولكن الباطل يتبجح ‪ ..‬والصد عن سبيل اهلل يملكه أعداء الدعوة ويقومون به ويصرون عليه ‪ ..‬ثم هم يعرضون‬
‫المصالحة ‪ ..‬واإللتقاء في منتصف‪ C‬الطريق ‪ ..‬وهو عرض يصعب رده ورفضه في مثل تلك الظروف العصيبة !‬
‫هنا تجيء اللفتة الثانية ‪ ( :‬فاصبر لحكم ربك ‪ ،‬وال تطع منهم آثما أو كفورا ) ‪..‬‬

‫‪18‬‬
‫إن األمور مرهونة بقدر اهلل ‪ .‬وهو يمهل الباطل ‪ ،‬ويملي للشر ‪ ،‬ويطيل أمد المحنة على المؤمنين واالبتالء والتمحيص‬
‫‪ ..‬كل أولئك لحكمة يعلمها ‪ ،‬يجري بها قدره ‪ ،‬وينفذ بها حكمه ‪ ( ..‬فاصبر لحكم ربك ) ‪ ..‬حتى يجيء موعده‬
‫المرسوم ‪ ..‬اصبر على األذى والفتنة ‪ .‬واصبر‪ C‬على الباطل يغلب ‪ ،‬والشر ينتفخ ‪ .‬ثم اصبر أكثر على ما أوتيته من‬
‫الحق الذي نزل به القرآن عليك ‪ .‬اصبر وال تستمع لما يعرضونه من المصالحة وااللتقاء في منتصف‪ C‬الطريق على‬
‫حساب العقيدة ‪ ( :‬وال تطع منهم آثما أو كفورا ) ‪ ..‬فإنه ال لقاء بينك وبينهم‪ .. C‬اصبر ولو طال األمد ‪ ،‬واشتدت‬
‫الفتنة وقوي‪ C‬اإلغراء ‪ ،‬وامتد الطريق‪. C‬‬
‫ولكن الصبر شاق ‪ ،‬وال بد من الزاد والمدد المعين ‪:‬‬
‫( واذكر اسم ربك بكرة وأصيال ‪ ،‬ومن الليل فاسجد له وسبحه ليال طويال ) ‪.‬‬
‫هذا هو الزاد ‪ .‬اذكر اسم ربك في الصباح والمساء ‪ ،‬واسجد‪ C‬له بالليل وسبحه طويال ‪ ..‬إنه االتصال بالمصدر الذي‬
‫نزل عليك القرآن ‪ ،‬وكلفك الدعوة ‪ ،‬هو ينبوع القوة ومصدر الزاد والمدد ‪ ..‬االتصال به ذكرا وعبادة ودعاء وتسبيحا‪C‬‬
‫‪ ..‬ليال طويال ‪ ..‬فالطريق طويل ‪ ،‬والعبء ثقيل ‪ .‬وال بد من الزاد الكثير والمدد الكبير ‪.‬‬
‫وهذا هو المدد الذي يعلم ‪ -‬سبحانه ‪ -‬أنه هو الزاد الحقيقي الصالح لهذه الرحلة المضنية في ذلك الطريق الشائك ‪..‬‬
‫وهو هو زاد أصحاب الدعوة إلى اهلل في كل أرض وفي كل جيل ‪.‬‬
‫ثم يمضي السياق في توكيد االفتراق‪ C‬بين منهج الرسول ومنهج الجاهلية ‪ .‬بما يقرره من غفلتهم عن رؤية الخير‬
‫ألنفسهم ‪ ،‬ومن تفاهة اهتماماتهم ‪ ،‬وصغر تصوراتهم‪ .. C‬يقول ‪:‬‬
‫( إن هؤالء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيال ) ‪..‬‬
‫إن هؤالء الصغار‪ C‬الزهيدين الذين يستغرقون في العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيال ‪ .‬ثقيال بتبعاته ‪ .‬ثقيال بنتائجه ‪.‬‬
‫ثقيال بوزنه في ميزان الحقيقة ‪ ..‬إن هؤالء ال يطاعون في شيء ‪ ..‬وال يؤبه لما هم فيه من هذه العاجلة ‪ ،‬من ثراء‬
‫وسلطان ومتاع ‪ ،‬فإنما هي العاجلة ‪ ،‬وإ نما هو المتاع القليل ‪.‬‬
‫يتلو ذلك التهوين من أمرهم عند اهلل الذي أعطاهم ما هم فيه من قوة وبأس ‪ ،‬وهو قادر على الذهاب بهم وتبديل غيرهم‬
‫منهم ‪ .‬ولكنه يتركهم لحكمة يجري بها قدره القديم ‪:‬‬
‫( نحن خلقناهم وشددنا أسرهم ‪ ،‬وإ ذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديال ) ‪..‬‬
‫وهذه اللفتة تذكر هؤالء الذين يعتزون بقوتهم ‪ ،‬بمصدر‪ C‬هذه القوة ‪ ،‬بل مصدر‪ C‬وجودهم‪ C‬ابتداء ‪ .‬ثم تطمئن الذين آمنوا‬
‫‪ -‬وهم في حالة الضعف والقلة ‪ -‬إلى أن واهب القوة هو الذي ينتسبون إليه وينهضون بدعوته ‪ .‬كماتقرر في نفوسهم‪C‬‬
‫حقيقة قدر اهلل وما وراءه من حكمة مقصودة ‪ ،‬هي التي تجري وفقها األحداث حتى يحكم اهلل وهو خير الحاكمين ‪.‬‬
‫( وإ ذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديال ) ‪ ..‬فهم ال يعجزون اهلل بقوتهم ‪ ،‬وهو خلقهم وأعطاهم إياها ‪ .‬وهو قادر على أن‬
‫يخلق أمثالهم في مكانهم ‪ ..‬فإذا أمهلهم ولم يبدل أمثالهم فهو فضله ومنته وهو قضاؤه وحكمته ‪.‬‬
‫ثم يوقظهم‪ C‬إلى الفرصة المتاحة لهم ‪ ،‬والقرآن يعرض عليهم ‪ ،‬وهذه السورة تذكرهم‪: C‬‬
‫( إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيال ) ‪..‬‬
‫ويعقب على هذه اللفتة بإطالق‪ C‬المشيئة ‪ ،‬ورد كل شيء إليها ‪ ،‬ليكون االتجاه األخير إليها ‪ ،‬واالستسالم‪ C‬األخير لحكمها‬
‫؛ وليبرأ اإلنسان من قوته إلى قوتها ‪ ،‬ومن حوله إلى حولها ‪ ..‬وهو اإلسالم في صميمه وحقيقته ‪:‬‬
‫( وما تشاءون إال أن يشاء اهلل إن اهلل كان عليما حكيما ) ‪..‬‬

‫‪19‬‬
‫ذلك كي تعلم قلوب البشر أن اهلل هو الفاعل المختار ‪ ،‬المتصرف‪ C‬القهار ‪ ،‬فتتعلم كيف تتجه إليه وتستسلم‪ C‬لقدره ‪ ..‬وهذا‬
‫هو مجال هذه الحقيقة الذي تجري فيه في مثل هذه النصوص ‪ .‬مع تقرير ما شاءه اهلل لهم من منحهم القدرة على إدراك‬
‫الحق والباطل ؛ واالتجاه إلى هذا أو ذاك وفق مشيئة اهلل ‪ ،‬العليم بحقيقة القلوب ‪ .‬من ثم فهو ‪:‬‬
‫( يدخل من يشاء في رحمته ‪ ،‬والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) ‪..‬فهي المشيئة المطلقة تتصرف بما تريد ‪ .‬ومن‬
‫إرادتها أن يدخل في رحمته من يشاء ‪ ،‬ممن يلتجئون إليه ‪ ،‬يطلبون عونه على الطاعة ‪ ،‬وتوفيقه إلى الهدى ‪..‬‬
‫( والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) ‪ .‬وقد أملى لهم وأمهلهم‪ C‬لينتهوا إلى هذا العذاب األليم !‬
‫بعض ما ترشد إليه اآليات ‪:‬‬

‫‪ -1‬يؤكد القرآن أن مصدر التكليف بهذه الدعوة هو اهلل سبحانه الذي نزل القرآن وكل ما عدا هذا المصدر ال يستمد‬
‫منه وال يخلط بها منه شيء ‪0‬‬

‫‪ -2‬أن نتزود‪ C‬من الزاد الذى أعد اهلل به رسوله صلى اهلل عليه وسلم على طريق الدعوة ‪ - :‬الصبر – ذكر اهلل‬
‫كثيرا – قيام الليل طويال – أي دوام االتصال باهلل سبحانه وتعالي‪0 C‬‬

‫‪ -3‬يؤكد القرآن كثيرا أن طبيعة المعركة مع أعداء اإلسالم هي في حقيقتها مع اهلل ال مع أصحاب الدعوة ولكن اهلل‬
‫يمهلهم وال يهملهم " وإ ذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديال "‪0‬‬

‫‪ -4‬المؤمن دائما يبرأ من حوله وقوته ويرد‪ C‬كل شيء إلي مشيئة اهلل المطلقة واهلل عليم حكيم ومن هذا تتعلم القلوب‬
‫كيف تستسلم لقدر اهلل وهي علي يقين أنه هو الخير ‪0‬‬

‫التقويم ‪:‬‬

‫‪ -1‬بين توجيهات اهلل عز وجل لرسوله في مواجهة الكافرين ‪.‬‬

‫‪ -2‬ما الحكمة من كل توجيه من هذه التوجيهات ؟ كما تفهم من اآليات ‪.‬‬

‫‪ -3‬وضح الزاد الذي وجه اهلل عز وجل رسوله إليه‬

‫‪ -4‬بين كيف تتخذ إلى ربك سبيال ‪.‬‬

‫‪ -5‬بين هوان أهل الباطل على اهلل " وإ ذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديال "‪0‬‬

‫‪ -6‬طريق‪ C‬الدعوة كثير العقبات يحتاج زادا كبيرا اذكر أنواع الزاد مبينا أهمية دوام الصلة باهلل ‪0‬‬

‫‪ -7‬ما المصدر الذي يتلقي منه المؤمن كل تكاليف الدعوة ؟ وضح ضرورة االرتباط به وعدم قبول أي مصادر‬
‫أخرى ‪0‬‬

‫‪ " -8‬فذرني‪ C‬ومن يكذب بهذا الحديث " اآلية تشير إلي حقيقة هامة وضحها‪ C‬في ضوء فهمك لآليات األخيرة من‬
‫سورة اإلنسان ‪0‬‬

‫‪ -9‬اإليمان بالمشيئة المطلقة هلل سبحانه وتعالي‪ C‬حقيقة إيمانية هامة وضح ذلك من خالل دراستك للسورة ‪0‬‬

‫سورة المرسالت‬

‫‪20‬‬
‫مناسبة النزول ‪ :‬روي البخاري عن عبد اهلل بن مسعود – رضي‪ C‬اهلل عنه – قال ‪ :‬بينما نحن مع رسول اهلل ‪ ‬في غار‬
‫بمنى إذ نزلت عليه " والمرسالت‪ " C‬فإنه ليتلوها وإ ني ألتلقاها من فيه وإ ن فاه لرطب بها إذا وثبت علينا حية فقال النبي ‪‬‬
‫" اقتلوها " فابتدرناها فذهبت فقال النبي ‪ " ‬وقيت شركم كما وقيتم شرها " ورواه مسلم من طريق األعمش به روي عن‬
‫أبي هريرة " إذا قرأ " والمرسالت عرفا " فقرأ " فبأي حديث بعده يؤمنون " فليقل ‪ :‬آمنت باهلل وبما أنزل ‪.‬‬

‫مقدمة السورة ‪:‬‬


‫هذه السورة حادة المالمح ‪ ،‬عنيفة المشاهد ‪ ،‬شديدة اإليقاع ‪ ،‬كأنها سياط الذعة من نار ‪ .‬وهي تقف القلب وقفة‬
‫المحاكمة الرهيبة ‪ ،‬حيث يواجه بسيل من االستفهامات واالستنكارات‪ C‬والتهديدات ‪ ،‬تنفذ إليه كالسهام المسنونة !‬
‫وتعرض السورة من مشاهد الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وحقائق الكون والنفس ‪ ،‬ومناظر الهول والعذاب ما تعرض ‪ .‬وعقب كل‬
‫معرض ومشهد تلفح القلب المذنب لفحة كأنها من نار ‪ ( :‬ويل يومئذ للمكذبين ) ‪.‬‬
‫ويتكرر هذا التعقيب عشر مرات في السورة ‪ ..‬وهو أنسب تعقيب لمالمحها الحادة ‪ ،‬ومشاهدها العنيفة ‪ ،‬وإ يقاعها‬
‫الشديد ‪.‬‬
‫ومنذ بداية السورة والجو عاصف ثائر بمشهد الرياح أو المالئكة ‪ ( :‬والمرسالت عرفا ‪ .‬فالعاصفات عصفا ‪.‬‬
‫والناشرات نشرا فالفارقات فرقا ‪ .‬فالملقيات ذكرا ‪ ،‬عذرا أو نذرا ) ‪ ..‬وهو افتتاح يلتئم مع جو السورة وظلها تمام‬
‫االلتئام ‪.‬‬
‫والجولة األولى تقع في مشاهد يوم الفصل ‪ .‬وهي تصور االنقالبات الكونية الهائلة في السماء واألرض ‪ ،‬وهي الموعد‬
‫الذي تنتهي إليه الرسل بحسابها مع البشر ‪ ( :‬فإذا النجوم طمست ‪ .‬وإ ذا السماء فرجت ‪ .‬وإ ذا الجبال نسفت ‪ .‬وإ ذا‬
‫الرسل أقتت ‪ .‬ألي يوم أجلت ؟ ليوم الفصل ‪ .‬وما أدراك ما يوم الفصل ؟ ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪.‬‬
‫والجولة الثانية مع مصارع الغابرين ‪ ،‬وما تشير إليه من سنن اهلل في المكذبين ‪ ( :‬ألم نهلك األولين ؟ ثم نتبعهم‬
‫اآلخرين ؟ كذلك نفعل بالمجرمين ‪ .‬ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪..‬‬
‫والجولة الثالثة مع النشأة األولى وما توحي به من تقدير وتدبير‪ ( : C‬ألم نخلقكمـ من ماء مهين ؟ فجعلناه في قرار‬
‫مكين ؟ إلى قدر معلوم ؟ فقدرنا فنعم القادرون ‪ .‬ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪..‬‬
‫والجولة الرابعة في األرض التي تضم أبناءها إليها أحياء وأمواتا ‪ ،‬وقد جهزت لهم باالستقرار‪ C‬والماء المحيي ‪ ( :‬ألم‬
‫نجعل األرض كفاتا ؟ أحياء وأمواتا ‪ ،‬وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ؟ ويل يومئذ للمكذبين‬
‫! ) ‪..‬‬
‫والجولة الخامسة مع المكذبين وما يلقونه يوم الفصل من عذاب وتأنيب ‪ ( :‬انطلقواـ إلى ما كنتم به تكذبون ‪ .‬انطلقوا‬
‫إلى ظل ذي ثالث شعب ! ال ظليل وال يغني من اللهب ‪ .‬إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر ‪ .‬ويل يومئذ‬
‫للمكذبين ! ) ‪..‬‬
‫والجولة السادسة والسابعة استطراد‪ C‬مع موقف المكذبين ‪ ،‬ومزيد‪ C‬من التأنيب والترذيل‪ ( : C‬هذا يوم ال ينطقون ‪ ،‬وال‬
‫يؤذن لهم فيعتذرون ‪ .‬ويل يومئذ للمكذبين ! هذا يوم الفصل جمعناكم واألولين ‪ .‬فإن كان لكم كيد فيكيدون ‪ .‬ويل‬
‫يومئذ للمكذبين ! ) ‪..‬‬
‫والجولة الثامنة مع المتقين ‪ ،‬وما أعد لهم من نعيم ‪ ( :‬إن المتقين في ظالل وعيون ‪ ،‬وفواكه مما يشتهون ‪ .‬كلوا‬
‫واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ‪ .‬إنا كذلك نجزي المحسنين ‪ .‬ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪..‬‬
‫‪21‬‬
‫والجولة التاسعة خطفة سريعة مع المكذبين في موقف‪ C‬التأنيب ‪ ( :‬كلوا وتمتعوا قليال إنكم مجرمون ‪ .‬ويل يومئذ‬
‫للمكذبين ! ) ‪..‬‬
‫والجولة العاشرة خطفة سريعة مع المكذبين في موقف‪ C‬التكذيب ‪ ( :‬وإ ذا قيل لهم ‪ :‬اركعوا ال يركعون ‪ .‬ويل يومئذ‬
‫للمكذبين ! ) ‪.‬‬
‫والخاتمة بعد هذه الجوالت واالستعراضات والوخزات‪ C‬واإليقاعات ‪ ( :‬فبأي حديث بعده يؤمنون ؟ ) ‪..‬‬

‫الدرس األول‬
‫مشاهد يوم الفصل‬
‫اآليات من ( ‪) 15 : 1‬‬
‫ات ِذ ْك ًرا ‪ُ 5‬عذ ًْرا أ َْو ُنذًْرا ‪6‬‬
‫ات َفرقًا ‪َ 4‬فا ْلم ْل ِقي ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ارقَ ْ‬
‫شرا ‪ 3‬فَا ْلفَ ِ ِ‬ ‫ات عصفًا ‪ 2‬و َّ ِ ِ‬
‫الناش َرات َن ْ ً‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫ساَل ت ُع ْرفًا ‪َ 1‬فا ْل َعاصفَ َ ْ‬
‫{ وا ْلمر ِ‬
‫َ ُْ َ‬
‫س ُل أُقِّتَ ْت ‪ 11‬أِل ِّ‬
‫َي‬ ‫الس َماء فُ ِر َج ْت ‪َ 9‬وإِ َذا ا ْل ِج َبا ُل ُن ِسفَ ْت ‪َ 10‬وإِ َذا ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫س ْت ‪َ 8‬وإِ َذا َّ‬ ‫ِ‬
‫وم طُم َ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫إِ َّنما تُوع ُد َ ِ‬
‫ون لَ َواقعٌ ‪ 7‬فَإ َذا الن ُج ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ص ِل ‪َ 14‬و ْي ٌل َي ْو َمئذ لِّ ْل ُم َكذ ِب َ‬ ‫ِ‬
‫ين ‪} 15‬‬ ‫ص ِل ‪َ 13‬و َما أ َْد َرا َك َما َي ْو ُم ا ْلفَ ْ‬ ‫ُجلَ ْت ‪ 12‬ل َي ْوِم ا ْلفَ ْ‬
‫َي ْوٍم أ ِّ‬

‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يبين الدارس تأكيد اهلل عز وجل على أن القيامة حق وأن العذاب والهالك واقع بالكافرين ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يعدد الدارس مشاهد وأهوال يوم الفصل ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يثق الدارس أن وعد اهلل بيوم الفصل واقع ال محالة ‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يخشى الدارس من أهوال هذا اليوم ويستعد له ‪.‬‬

‫المفردات ‪:‬‬
‫‪ -‬المرسالت والعاصفات والناشرات‪ : C‬األظهر هي الرياح يقال ‪ :‬عصفت الرياح إذا هبت بتصويت‪ C‬والناشرات هي‬
‫الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء كما يشاء اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫– فالفارقات‪ C‬فرقا فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا ‪ :‬هي المالئكة فإنها تنزل بأمر اهلل علي الرسل لتفرق بين الحق والباطل‬
‫وتلقي إلي الرسل وحيا فيه إعذار إلي الخلق وإ نذار لهم ‪.‬‬
‫– أقتت ‪ :‬جمعت أو أجلت ‪.‬‬
‫*******‬
‫( والمرسالت عرفا ‪ .‬فالعاصفات عصفا ‪ .‬والناشرات نشرا ‪ .‬فالفارقات فرقا ‪ .‬فالملقيات ذكرا ‪ :‬عذرا أو نذرا ‪ .‬إن‬
‫ما توعدون لواقع )‬
‫القضية قضية القيامة التي كان يعسر على المشركين تصور‪ C‬وقوعها ؛ والتي أكدها لهم القرآن الكريم بشتى‬
‫المؤكدات في مواضع منه شتى ‪ .‬وكانت عنايته بتقرير هذه القضية في عقولهم ‪ ..‬وإ قرار حقيقتها في قلوبهم مسألة‬
‫ضرورية ال بد منها لبناء العقيدة في نفوسهم‪ C‬على أصولها ‪ ،‬ثم لتصحيح موازين القيم في حياتهم جميعا ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫واهلل سبحانه يقسم في مطلع هذه السورة على أن هذا الوعد باآلخرة واقع ‪ .‬وصيغة القسم توحي ابتداء بأن ما يقسم‬
‫اهلل به هو من مجاهيل الغيب ‪ ،‬وقواه المكنونة ‪ ،‬المؤثرة في هذا الكون وفي حياة البشر ‪ .‬وقد‪ C‬اختلف السلف في حقيقة‬
‫مدلولها‪ . C‬فقال بعضهم‪ : C‬هي الرياح إطالقا ‪ .‬وقال بعضهم هي المالئكة إطالقا ‪ .‬وقال بعضهم ‪ :‬إن بعضها يعني‬
‫الرياح وبعضها يعني المالئكة ‪.‬‬
‫( والمرسالت‪ C‬عرفا ) ‪ ..‬عن أبي هريرة أنها المالئكة ‪ [ ..‬والمعنى‪ C‬حينئذ هو القسم بالمالئكة المرسلة أرساال متوالية‬
‫‪ ،‬كأنها عرف الفرس في إرسالها‪ C‬وتتابعها ] ‪..‬وهكذا قال أبو صالح في العاصفات والناشرات والفارقات‪ C‬والملقيات ‪..‬‬
‫إنها المالئكة ‪.‬‬
‫وروي عن ابن مسعود‪ .. C‬المرسالت عرفا ‪ .‬قال ‪ :‬الريح ‪ [ .‬والمعنى على هذا أنها المرسلة متوالية كعرف الفرس‬
‫في امتدادها وتتابعها‪ ] C‬وكذا قال في العاصفات عصفا والناشرات نشرا ‪ .‬وكذلك قال ابن عباس ومجاهد وقتادة‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود ‪ ( :‬فالفارقات‪ C‬فرقا فالملقيات ذكرا ‪ ،‬عذرا أو نذرا ) يعني المالئكة ‪ .‬وكذا قال ‪ :‬ابن عباس‬
‫ومسروق‪ C‬ومجاهد وقتادة والربيع‪ C‬بن أنس والسدي والثوري بال خالف ‪ .‬فإنها‪ C‬تنزل بأمر اهلل على الرسل ‪ ،‬تفرق بين‬
‫الحق والباطل ‪ .‬وتلقي إلى الرسل وحيا فيه إعذار إلى الخلق وإ نذار‪. C‬‬
‫بعد ذلك تجيء الهزة العنيفة بمشاهد الكون المتقلبة في يوم الفصل الذي هو الموعد المضروب للرسل لعرض حصيلة‬
‫الرسالة في البشرية جميعا ‪:‬‬
‫( فإذا النجوم طمست ‪ ،‬وإ ذا السماء فرجت ‪ ،‬وإ ذا الجبال نسفت ‪ ،‬وإ ذا الرسل أقتت ‪ .‬ألي يوم أجلت ؟ ليوم الفصل ‪.‬‬
‫وما أدراك ما يوم الفصل ؟ ويل يومئذ للمكذبين ) ‪..‬‬
‫يوم تطمس النجوم فيذهب نورها‪ ، C‬وتفرج السماء أي تشق ‪ ،‬وتنسف‪ C‬الجبال فهي هباء ‪ ..‬وكلها توحي بانفراط عقد‬
‫هذا الكون المنظور‪ ، C‬انفراطا مصحوبا‪ C‬بقرقعة ودوي‪ C‬وانفجارات هائلة ‪ ،‬ال عهد للناس بها فيما يرونه من األحداث‬
‫الصغيرة التي يستهولونها ويرعون بها من أمثال الزالزل والبراكين والصواعق‪. C‬‬
‫وإ لى جانب هذا الهول في مشاهد الكون ‪ ،‬تعرض السورة أمرا عظيما آخر مؤجال إلى هذا اليوم ‪ ..‬فهو موعد‬
‫الرسل لعرض حصيلة الدعوة ‪ .‬دعوة اهلل في األرض طوال األجيال ‪ ..‬فالرسل قد أقتت لهذا اليوم وضرب‪ C‬لها الموعد‬
‫هناك ‪ ،‬لتقديم الحساب الختامي عن ذلك األمر العظيم الذي يرجح السماوات واألرض والجبال ‪:‬‬
‫( وإ ذا الرسل أقتت ‪ .‬ألي يوم أجلت ؟ ليوم الفصل ‪ .‬وما أدراك ما يوم الفصل ؟ ) ‪..‬‬
‫فإذا وصل هذا اإليقاع إلى الحس بروعته وهوله ‪ ،‬الذي يرجح هول النجوم المطموسة والسماء المشقوقة والجبال‬
‫المنسوفة ‪ .‬ألقى باإليقاع الرعيب ‪ ،‬واإلنذار المخيف ‪ ( :‬ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪..‬‬

‫التقويم ‪:‬‬

‫‪ -1‬بين " تأكيد اهلل عز وجل على أن القيامة حق وأن العذاب والهالك واقع بالكافرين " وِل َم كان هذا التأكيد ؟‬

‫‪ -2‬عدد مشاهد وأهوال يوم الفصل ‪.‬‬

‫‪ -3‬عبر عن مشاعرك عن تصورك‪ C‬ألهوال يوم الفصل ‪.‬‬

‫‪ -4‬هل تخشى من أهوال يوم الفصل ؟ وكيف‪ C‬تستعد له ؟‬

‫‪ -5‬أذكر مناسبة نزول السورة واذكر‪ C‬الدعاء الذي نقول عند ختام قراءتها ‪0‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ِ -6‬ل َم ربط القرآن بين االنقالبات الكونية ليوم الفصل وتأجيل الرسل لهذا اليوم ؟‬

‫الدرس الثاني‬
‫مصارع الغابرين ‪ ..‬والنشأة األولى ‪ ..‬وجولة في األرض‬
‫اآليات من ( ‪) 28 : 16‬‬
‫ين ‪ 19‬أَلَ ْم َن ْخلُ ُّ‬
‫قكم ِّمن‬ ‫ين ‪َ 18‬و ْي ٌل َي ْو َم ِئ ٍذ لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬ ‫ين ‪َ 17‬ك َذِل َك َن ْف َع ُل ِبا ْل ُم ْج ِر ِم َ‬ ‫ين ‪ 16‬ثَُّم ُنتْ ِب ُع ُه ُم اآْل ِخ ِر َ‬
‫{ أَلَ ْم ُن ْهِل ِك اأْل ََّوِل َ‬
‫ين ‪ 24‬أَلَ ْم‬ ‫ون ‪َ 23‬و ْي ٌل َي ْو َم ِئ ٍذ لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬ ‫وم ‪َ 22‬فقَ َد ْر َنا فَ ِن ْع َم ا ْلقَ ِاد ُر َ‬ ‫ين ‪ 21‬إِلَى َق َد ٍر َّم ْعلُ ٍ‬ ‫ين ‪ 20‬فَ َج َع ْل َناهُ ِفي قََر ٍار َّم ِك ٍ‬ ‫َّماء َّم ِه ٍ‬
‫َسقَ ْي َنا ُكمـ َّماء فَُراتًا ‪َ 27‬و ْي ٌل ْيو َم ِئ ٍذ‬ ‫اسي َ ِ ٍ‬
‫شام َخات َوأ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِكفَاتًا ‪ 25‬أ ْ‬ ‫َن ْج َع ِل اأْل َْر َ‬
‫يها َر َو َ‬ ‫َح َياء َوأ َْم َواتًا ‪َ 26‬و َج َع ْل َنا ف َ‬
‫ين ‪} 28‬‬ ‫لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يوضح الدارس سنن اهلل في المكذبين و المجرمين ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يعتبر الدارس من مصارع الغابرين ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يحدد الدارس مراحل خلق اإلنسان كما جاءت باآليات ‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يبين الدارس دالئل قدرة اهلل في األرض ‪.‬‬

‫‪ -5‬أن يتدبر الدارس في دالئل قدرة اهلل عز وجل في نفسه وفي األرض التي يدب عليها ‪.‬‬

‫‪ -6‬أن يشكر الدارس نعمة اهلل عليه في خلقه وفي تسخير الكون له ‪0‬‬

‫المفردات ‪:‬‬

‫‪-‬مهين ‪ :‬ضعيف وحقير ( المني )‬

‫– قرار‪ C‬مكين ‪ :‬متمكن وهو الرحم‬

‫– كفاتا ‪ :‬وعاء تضم األحياء علي ظهرها واألموات في بطنها‬

‫‪ -‬شامخات ‪ :‬ثوابت ومرتفعات‬

‫– فراتا‪ : C‬حلو وعذب ‪0‬‬

‫*******‬

‫ويعود‪ C‬بهم من هذه الجولة في أهوال يوم الفصل ‪ ،‬إلى جولة في مصارع الغابرين ‪ :‬األولين واآلخرين ‪ (..‬ألم نهلك‬
‫األولين ؟ ثم نتبعهم اآلخرين ؟ كذلك نفعل بالمجرمين ‪ .‬ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪ .‬هكذا في ضربة واحدة تتكشف‬
‫مصارع‪ C‬األولين وهم حشود‪ . C‬وفي ضربة واحدة تتكشف‪ C‬مصارع اآلخرين وهم حشود ‪ ..‬وأمامها ينطلق الوعيد ناطقا‬
‫بسنة اهلل في الوجود ‪ ( :‬كذلك نفعل بالمجرمين )‪ ..‬وبينما‪ C‬المجرمون يتوقعون مصرعا كمصارع‪ C‬األولين واآلخرين‬
‫‪ ،‬يجيء الدعاء بالهالك ‪ ،‬ويجيء الوعيد بالثبور‪ ( : C‬ويل يومئذ‪ C‬للمكذبين ) ‪..‬‬
‫ومن الجولة في المصارع واألشالء ‪ ،‬إلى جولة في اإلنشاء واإلحياء ‪ ،‬مع التقدير والتدبير‪ ، C‬للصغير‪ C‬والكبير ‪:‬‬
‫‪24‬‬
‫( ألم نخلقكم من ماء مهين ؟ فجعلناه في قرار مكين ؟ إلى قدر معلوم ؟ فقدرنا فنعم القادرون ‪ .‬ويل يومئذ للمكذبين‬
‫) ‪..‬‬
‫وهي رحلة مع النشأة الجنينية طويلة عجيبة ‪ ،‬يجملها هنا في لمسات معدودة ‪ .‬ماء مهين ‪ .‬يودع في قرار‪ C‬الرحم‬
‫المكين ‪ .‬إلى قدر معلوم وأجل مرسوم ‪ .‬وأمام‪ C‬التقدير الواضح في تلك النشأة ومراحلها الدقيقة يجيء التعقيب الموحي‬
‫بالحكمة العليا التي تتولى كل شيء بقدرة في إحكام جميل ‪ ( :‬فقدرنا فنعم القادرون ) وأمام التقدير الذي ال يفلت منه‬
‫شيء يجيء الوعيد المعهود ‪ ( :‬ويل يومئذ للمكذبين )‪.‬‬
‫ثم جولة في هذه األرض ‪ ،‬وتقدير اهلل فيها لحياة البشر ‪ ،‬وإ يداعها الخصائص الميسرة لهذه الحياة ‪:‬‬
‫( ألم نجعل األرض كفاتا ؟ أحيانا وأمواتا ؟ وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكمـ ماء فراتا ؟ ويل يومئذ للمكذبين )‬
‫‪ ..‬ألم نجعل األرض كفاتا تحتضن بنيها أحياء وأمواتا ‪ ( .‬وجعلنا فيها رواسي‪ C‬شامخات ) ثابتات سامقات ‪ ،‬تتجمع‬
‫على قممها السحب ‪ ،‬وتنحدر‪ C‬عنها مساقط الماء العذب ‪ .‬أفيكون هذا إال عن قدرة وتقدير ‪ ،‬وحكمة وتدبير‪ C‬؟ أفبعد هذا‬
‫يكذب المكذبون ؟( ويل يومئذ‪ C‬للمكذبين ! )‬
‫التقويم‬

‫وضح سنن اهلل في المكذبين والمجرمين علي مدار التاريخ ‪ -‬واذكر نمازج منها ‪ -‬وماذا تستفيد من ذلك ؟‬ ‫‪-1‬‬

‫ما هي مراحل خلق اإلنسان كما تفهم من اآليات ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫التدبر والتفكير فريضة إسالمية وضح ذلك من خالل دراستك‪ C‬للسورة خاصة ما يتصل بالجنين وخصائص‪C‬‬ ‫‪-3‬‬
‫األرض ‪0‬‬

‫الدرس الثالث‬
‫األهوال التي يالقيها المكذبون يوم القيامة‬
‫اآليات من ( ‪) 40 : 29‬‬
‫يل َواَل ُي ْغ ِني ِم َن اللَّ َه ِب ‪ 31‬إِ َّن َها‬ ‫ظِل ٍ‬
‫ش َع ٍب ‪ 30‬اَل َ‬ ‫طِلقُوا إِلَى ِظ ٍّل ِذي ثَاَل ِث ُ‬ ‫ون ‪ 29‬ان َ‬ ‫طِلقُوا إِلَى َما ُكنتُم ِب ِه تُ َك ِّذ ُب َ‬ ‫{ ان َ‬
‫ين ‪َ 34‬ه َذا يوم اَل ي ِ‬ ‫ص ْفٌر ‪َ 33‬و ْي ٌل َي ْو َم ِئ ٍذ لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬ ‫ص ِر ‪َ 32‬كأ ََّن ُه ِج َمالَ ٌ‬ ‫تَْر ِمي ِب َ‬
‫ون ‪َ 35‬واَل ُي ْؤ َذ ُن لَ ُه ْم‬ ‫نطقُ َ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ش َر ٍر َكا ْلقَ ْ‬
‫ون ‪َ 39‬و ْي ٌل‬ ‫يد ِ‬‫ان لَ ُك ْم َك ْي ٌد فَ ِك ُ‬
‫ين ‪ 38‬فَِإن َك َ‬ ‫ص ِل َج َم ْع َنا ُك ْـم َواأْل ََّوِل َ‬ ‫ين ‪َ 37‬ه َذا َي ْو ُم ا ْلفَ ْ‬ ‫ون ‪َ 36‬و ْي ٌل َي ْو َم ِئ ٍذ لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬ ‫فَ َي ْعتَِذ ُر َ‬
‫ين ‪} 40‬‬ ‫َي ْو َم ِئ ٍذ لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬
‫األهداف االجرائية السلوكية ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يصور‪ C‬الدارس األهوال المادية التي يالقيها المكذبون يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يصور‪ C‬الدارس األهوال النفسية التى يالقيها‪ C‬المكذبون يوم القيامة ‪.‬‬

‫المفردات ‪:‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ -‬ظل ‪ :‬دخان جهنم ‪.‬‬

‫– ثالث شعب ‪ :‬فرق ثالث ذوائب ‪.‬‬

‫– ترمي بشرر‪ : C‬يتطاير منها النار متفرقاً ‪.‬‬

‫– القصر ‪ :‬كل بيت مرتفع البناء من األحجار ‪.‬‬

‫– جمالة صفر ‪ :‬ابل سود وتسمي صفر لكثرتها وتتابعها‪ C‬وسرعة حركتها‪. C‬‬

‫– كيد ‪ :‬حيلة من العذاب ‪.‬‬

‫********‬
‫وعندئذ ‪ ..‬ينتقل السياق فجأة إلى موقف‪ C‬الحساب والجزاء ‪ .‬فنسمع‪ C‬األمر الرهيب للمجرمين المكذبين ( انطلقواـ إلى‬
‫ما كنتم به تكذبون ‪ .‬انطلقوا إلى ظل ذي شعب ثالث ‪ .‬ال ظليل وال يغني من اللهب ‪ .‬إنها ترمي بشرر كالقصر ‪ .‬كأنه‬
‫جمالة صفر ‪ .‬ويل يومئذ للمكذبين )‬
‫اذهبوا ‪ ..‬ولكن إلى أين ؟ ( انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون )‪ ..‬فها هو ذا أمامكم حاضر مشهود‪ ( C‬انطلقوا إلى ظل ذي‬
‫ثالث شعب ) ‪ ..‬إنه ظل لدخان جهنم تمتد ألسنته في ثالث شعب ‪ .‬ولكنه ظل خير منه الوهج ‪ ( :‬ال ظليل وال يغني‬
‫من اللهب ) ‪ ..‬إنه ظل خانق حار الفح ‪ ..‬انطلقوا ‪ .‬وإ نكم لتعرفون إلى أين ! وتعرفونها هذه التي تنطلقون إليها ‪ .‬فال‬
‫حاجة إلى ذكر اسمها ‪ (..‬إنهاترمي بشرر كالقصر ‪ .‬كأنه جمالة صفر ) ‪ ..‬فالشرر يتتابع في حجم البيت من الحجر ‪.‬‬
‫[ وقد كان العرب يطلقون كلمة القصر على كل بيت من حجر ] فإذا تتابع بدا كأنه جمال صفر ترتع هنا وهناك ! هذا‬
‫هو الشرر فكيف بالنار التي ينطلق منها الشرر ؟ وفي‪ C‬اللحظة التي يستغرق‪ C‬فيها الحس بهذا الهول ‪ ،‬يجيء التعقيب‬
‫المعهود‪ ( : C‬ويل يومئذ‪ C‬للمكذبين ! ) ‪.‬‬
‫ثم يأخذ في استكمال المشهد بعد عرض الهول المادي في صورة جهنم ‪ ،‬بعرض الهول النفسي الذي يفرض الصمت‬
‫والكظم‪.. C‬‬
‫( هذا يوم ال ينطقون ‪ .‬وال يؤذن لهم فيعتذرون ) ‪ ..‬فالهول هنا يكمن في الصمت الرهيب ‪ ،‬والكبت الرعيب ‪،‬‬
‫والخشوع‪ C‬المهيب ‪ ،‬الذي ال يتخلله كالم وال اعتذار ‪ .‬فقد انقضى وقت الجدل ومضى وقت االعتذار ‪ (:‬ويل يومئذ‪C‬‬
‫للمكذبين )‪.‬‬
‫( هذا يوم الفصل جمعناكم واألولين ‪ .‬فإن كان لكم كيد فكيدون ‪ .‬ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪ ..‬هذا يوم الفصل ال يوم‬
‫االعتذار ‪ .‬وقد جمعناكم‪ C‬واألولين أجمعين ‪ .‬فإن كان لكم تدبير فدبروه ‪ ،‬وإ ن كان لكم قدرة على شيء فافعلوه ! وال‬
‫تدبير وال قدرة ‪ .‬إنما هو الصمت الكظيم ‪ ،‬على التأنيب األليم ‪ (..‬ويل يومئذ‪ C‬للمكذبين ! )‪.‬‬

‫التقويم ‪:‬‬

‫‪ -1‬صور األهوال المادية التي يالقيها المكذبون يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -2‬صور األهوال النفسية التى يالقيها‪ C‬المكذبون يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -3‬عبر عن مشاعرك عند معايشتك لهذه األهوال التي يالقيها‪ C‬المكذبون يوم القيامة في مخيلتك ‪.‬‬

‫الدرس الرابع‬
‫‪26‬‬
‫ما أ ِ‬
‫ُع َد للمتقين في اآلخرة ‪ ..‬وما عليه حال المكذبين في الدنيا‬
‫اآليات من ( ‪) 50 : 41‬‬
‫ون ‪ 43‬إِ َّنا َك َذِل َك‬ ‫يئا ِب َما ُكنتُ ْم تَ ْع َملُ َ‬ ‫ش َر ُبوا َه ِن ً‬‫ون ‪ُ 42‬كلُوا َوا ْ‬ ‫شتَ ُه َ‬ ‫اك َه ِم َّما َي ْ‬ ‫ون ‪ 41‬وفَو ِ‬
‫َ َ‬ ‫ين ِفي ِظاَل ٍل َو ُع ُي ٍ‬ ‫{ إِ َّن ا ْل ُمتَّ ِق َ‬
‫ين ‪َ 47‬وإِ َذا‬ ‫ون ‪َ 46‬و ْي ٌل َي ْو َم ِئ ٍذ لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬ ‫ين ‪ُ 45‬كلُوا َوتَ َمتَّ ُعوا َقِلياًل إِ َّن ُكم ُّم ْج ِر ُم َ‬ ‫نين ‪َ 44‬و ْي ٌل َي ْو َم ِئ ٍذ لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬ ‫َن ْج ِزي ا ْل ُم ْح ِس َ‬
‫يث َب ْع َدهُ ُي ْؤ ِم ُن َ‬ ‫َي ح ِد ٍ‬ ‫ون ‪َ 48‬و ْي ٌل َي ْو َم ِئ ٍذ لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬ ‫ِقي َل لَ ُه ُم ْار َك ُعوا اَل َي ْر َك ُع َ‬
‫ون ‪} 50‬‬ ‫ين ‪ 49‬فَ ِبأ ِّ َ‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية‬
‫‪ -1‬أن يصف الدارس النعيم الذي أعده اهلل للمتقين يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يربط الدارس بين خواتيم السورة ومقدمتها بالنسبة للمكذبين ‪.‬‬
‫*********‬
‫فإذا انتهى مشهد التأنيب للمجرمين ‪ ،‬اتجه الخطاب بالتكريم‪ C‬للمتقين ‪:‬‬
‫( إن المتقين في ظالل وعيون ‪) ..‬‬
‫إن المتقين في ظالل ‪ ..‬ظالل حقيقية في هذه المرة ‪ ..‬وفي عيون من ماء ‪ (..‬وفواكه مما يشتهون ) ‪ ..‬وهم‬
‫يتلقون فوق‪ C‬هذا النعيم الحسي التكريم‪ C‬العلوي على مرأى ومسمع من الجموع ‪ ( :‬كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم‬
‫تعملون ‪ .‬إنا كذلك نجزي المحسنين ) ويا لطف هذا التكريم‪ C‬من العلي العظيم ( ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪ ..‬يقابل‬
‫هذا النعيم والتكريم‪! C‬‬
‫( كلوا وتمتعوا قليال إنكم مجرمون ‪ .‬ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪ ..‬وهكذا تختلط الدنيا باآلخرة في فقرتين متواليتين ‪،‬‬
‫وفي‪ C‬مشهدين معروضين كأنهما حاضران في أوان ‪ ..‬فبينما كان الخطاب موجها للمتقين في اآلخرة ‪ ،‬إذا هو موجه‬
‫للمجرمين في الدنيا ‪ .‬وكأنما ليقال لهم ‪ :‬اشهدوا الفارق بين الموقفين ‪ ..‬وكلوا وتمتعوا قليال في هذه الدار ‪ ،‬لتحرموا‪C‬‬
‫وتعذبوا طويال في تلك الدار ‪ ( ..‬ويل يومئذ للمكذبين ! ) ‪.‬‬
‫ثم يتحدث معجبا من أمر القوم وهم يدعون إلى الهدى فال يستجيبون‪ ( : C‬وإ ذا قيل لهم اركعواـ ال يركعون ‪ .‬ويل يومئذ‬
‫للمكذبين ! ) ‪..‬‬
‫مع أنهم يبصرون هذا التبصير ‪ ،‬وينذرون هذا النذير ‪ ( ..‬فبأي حديث بعده يؤمنون ؟ ) ‪ ..‬والذي ال يؤمن بهذا‬
‫الحديث الذي يهز الرواسي‪ ، C‬وبهذه الهزات التي تزلزل الجبال ‪ ،‬ال يؤمن بحديث بعده أبدا ‪ .‬إنما هو الشقاء والتعاسة‬
‫والمصير البائس ‪ ،‬والويل المدخر لهذا الشقي المتعوس !‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬صف النعيم الذي أعده اهلل للمتقين يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما العالقة بين خواتيم‪ C‬السورة ومقدمتها بالنسبة للمكذبين ‪.‬‬
‫‪ -3‬وضح أسلوب الترهيب والترغيب من خالل دراستك‪ C‬للسورة ‪0‬‬

‫الصالة لها مكانتها في طريق‪ C‬االستقامة وضح ذلك ؟‬ ‫‪-4‬‬

‫ما واجب اإلنسان حين يدعى لإليمان ؟ وما مصيره إذا لم يجب ؟‬ ‫‪-5‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫الحديث الشريف‬
‫من الحديث الخامس والثالثين إلى الحديث الثاني واألربعين من األربعين النووية‬

‫الحديث الخامس والثالثون‬


‫سِلم‬‫الم ْ‬
‫قوق ُ‬
‫وح ُ‬‫سالم ُ‬ ‫اإل ِ‬‫أ ُخ َّوةُ ِ‬
‫شوا‪ ،‬وال‬ ‫اج ُ‬
‫اس ُدوا‪ ،‬وال تََن َ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ال تَ َح َ‬ ‫عن أبي ُهريرةَ رضي اهللُ عنه قال‪ :‬قال ُ‬
‫س ِلم‪ :‬ال َي ْظِل ُم ُه‪ ،‬وال‬
‫الم ْ‬
‫لم أَ ُخو ُ‬
‫سُ‬ ‫الم ْ‬
‫إخ َواناً‪ُ ،‬‬
‫باد ِ‬
‫اهلل ْ‬ ‫ض‪ ،‬و ُكو ُنوا ِع َ‬
‫ض ُك ْم على َب ْي ِع َب ْع ٍ‬
‫بع َب ْع ُ‬
‫ضوا‪ ،‬وال تَ َد َاب ُروا‪ ،‬وال َي ْ‬‫تَبا َغ ُ‬
‫سِلِم‪،‬‬
‫الم ْ‬
‫ِ‬
‫الشِّر أن َي ْحق َر أخاهُ ُ‬ ‫ىء ِم َن َّ‬
‫ات ‪ِ -‬بحس ِب ام ِر ٍ‬
‫َ ْ ْ‬
‫الث مَّر ٍ‬
‫ص ْد ِره ثَ َ َ‬‫ير إلى َ‬
‫ي ْك ِذب ُه‪ ،‬وال ي ْح ِقرهُ‪ ،‬التَّ ْقوى ههنا ‪ِ -‬‬
‫ويش ُ‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ض ُه" رواه مسلم‪.‬‬ ‫وع ْر ُ‬ ‫مسِلم َح َرام‪َ :‬دم ُه ومالُ ُه ِ‬
‫سلم على ا ْل ْ‬
‫ُك ُّل الم ِِ‬
‫ُ ْ‬
‫ٌ ُ‬

‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن يبين الدارس أهمية هذا الحديث فى تأليف القلوب ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح الدارس األمور‪ C‬المنهي عنها فى الحديث ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يبين الدارس واجبات المسلم نحو أخيه المسلم ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يبين الدارس مقياس التفاضل وميزان الرجال كما بينه الحديث ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يبين الدارس حرمة المسلم ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يلتزم الدارس بالواجبات واآلداب التي حث عليها الحديث الشريف‪. C‬‬
‫أهمية الحديث‪:‬‬
‫ال يقتصر الرسول الكريم صلى اهلل عليه وسلم بتأكيد األخوة اإلسالمية على رفعها‪ C‬كشعار‪ ،‬بل يحيطها بأوامر‪C‬‬
‫ٍ‬
‫ونواه تجعلها حقيقة ملموسة بين أفراد المجتمع المسلم‪ ،‬وهذا الحديث اشتمل على أحكام كثيرة وفوائد عظيمة لبلوغ هذه‬
‫الغاية اإلسالمية النبيلة‪ ،‬وحمايتها‪ C‬من كل عيب أو خلل حتى ال تصبح األخوة كالماً يهتف به الناس‪ ،‬وخياالً يحلمون به‬
‫يلم ُسون له في واقع حياتهم أي أثر‪ ،‬ولذلك قال النووي في " األذكار" عن هذا الحديث‪ :‬وما أعظم نفعه‪ ،‬وما أكثر‬
‫وال َ‬
‫فوائده‪.‬‬
‫مفردات الحديث‪:‬‬
‫"ال تحاسدوا"‪ :‬أي ال يتمنى بعضكم‪ C‬زوال نعمة بعض‪.‬‬
‫"ال تناجشوا"‪ :‬والنجش في اللغة‪ :‬الخداع أو االرتفاع والزيادة‪ .‬وفي‪ C‬الشرع‪ :‬أن يزيد في ثمن سلعة ينادي عليها في‬
‫السوق‪ C‬ونحوه وال رغبة له في شرائها‪ ،‬بل يقصد أن يضر غيره‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫"ال تدابروا"‪ :‬ال تتدابروا‪ ،‬والتدابر‪ :‬المصارمة والهجران‪.‬‬
‫"ال يخذله"‪ :‬ال يترك نصرته عند قيامه باألمر بالمعروف‪ C‬أو نهيه عن المنكر‪ ،‬أو عند مطالبته بحق من الحقوق‪ ،‬بل‬
‫ينصره ويعينه ويدفع عنه األذى ما استطاع‪.‬‬
‫"ال يكذبه"‪ :‬ال يخبره بأمر على خالف الواقع‪.‬‬
‫"ال يحقره"‪ :‬ال يستصغر شأنه ويضع من قدره‪.‬‬
‫"بحسب امرئ من الشر"‪ :‬يكفيه من الشر أن يحقر أخاه‪ ،‬يعني أن هذا شر عظيم يكفي فاعله عقوبة هذا الذنب‪.‬‬
‫"وعرضه"‪ :‬العرض هو موضع المدح والذم من اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫المعنى العام‪:‬‬
‫النهي عن الحسد‪:‬‬
‫ق ذميم‬
‫تعريفه‪ :‬الحسد لغة وشرعاً‪ :‬تمني زوال نعمة المحسود‪ ،‬وعودها إلى الحاسد أو إلى غيره‪ .‬وهو ُخلُ ٌ‬
‫مركوز‪ C‬في طباع البشر‪ ،‬ألن اإلنسان يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬أجمع الناس من المشرعين وغيرهم على تحريم الحسد وقبحه‪.‬‬
‫حكمة تحريمه‪ :‬أنه اعتراض على اهلل تعالى ومعاندة له‪ ،‬حيث أنعم على غيره‪ ،‬مع محاولته نقض فعله تعالى‬
‫وإ زالة فضله‪.‬‬
‫النهي عن النجش‪:‬‬
‫تعريفه‪ :‬تضمن الحديث النهي عن النجش‪ ،‬وهو أن يزيد في ثمن سلعة ينادى عليها في السوق ونحوه‪ ،‬وال‬
‫رغبة له في شرائها‪ ،‬بل يقصد أن يضر غيره‪.‬‬
‫وحكمه‪ :‬حرام إجماعاً على العالم بالنهي‪ ،‬سواء كان بمواطأة البائع أم ال‪ ،‬ألنه غش وخديعة‪ ،‬وهما محرمان‪،‬‬
‫وألنه ترك للنصح الواجب‪ ،‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬من غشنا فليس منا"‪ ،‬وفي‪ C‬رواية‪":‬من َّ‬
‫غش "‪[ .‬رواه‬
‫مسلم]‪.‬‬
‫النهي عن التباغض‪:‬‬
‫تعريفه‪ :‬البغض هو النفرة من الشيء لمعنى فيه مستقبح‪ ،‬ويرادفه الكراهة‪ .‬وقد‪ C‬نهى النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ون إِ ْخ َوةٌ}‬
‫المسلمين عن التباغض بينهم في غير اهلل تعالى‪ ،‬فإن المسلمين إخوة متحابون‪ ،‬قال اهلل تعالى‪{ :‬إِ َّن َما ا ْل ُم ْؤ ِم ُن َ‬
‫[الحجرات‪.]10 :‬‬
‫‪ ‬حكمه‪ :‬وهو لغير اهلل حرام‪.‬‬
‫النهي عن التدابر‪ :‬التدابر هو المصارمة والهجران‪ ،‬وهو حرام إذا كان من أجل األمور‪ C‬الدنيوية‪ ،‬وهو المراد‬
‫بقوله صلى اهلل عليه وسلم _ في البخاري ومسلم‪ C‬عن أبي أيوب _ "ال َي ِح ُّل لمسلم أن َي ْه ُج َر أخاه فوق ثالث‪ ،‬يلتقيان‬
‫فيصد‪ C‬هذا ويصد‪ C‬هذا‪ ،‬وخيرهما الذي يبدأ بالسالم"‪.‬‬
‫أما الهجران في اهلل‪ ،‬فيجوز أكثر من ثالثة أيام إذا كان من أجل أمر ديني‪ ،‬وقد‪ C‬نص عليه اإلمام أحمد‪ ،‬ودليله‬
‫قصة الثالثة الذين ُخلِّفوا في عزوة تبوك‪ ،‬وأمر النبي صلى اهلل عليه وسلم بهجرانهم‪ C‬خمسين يوماً‪ ،‬تأديباً لهم على‬
‫تخلفهم‪ ،‬وخوفاً‪ C‬عليهم من النفاق‪ .‬تنظر‪ C‬القصة كاملة في السيرة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫كما يجوز هجران أهل البدع المغلظة والدعاة إلى األهواء والمبادئ‪ C‬الضالة‪ .‬ويجوز‪ C‬هجران الوالد لولده‪ ،‬والزوج‬
‫لزوجته‪ ،‬وما كان في معنى ذلك تأديباً‪ ،‬وتجوز فيه الزيادة على الثالثة أيام‪ ،‬ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم هجر نساءه‬
‫شهراً‪.‬‬
‫النهي عن البيع على البيع‪ :‬وقد ورد النهي عنه كثيراً في الحديث‪ ،‬وصورته أن يقول الرجل لمن اشترى‪ C‬سلعة‬
‫في زمن خيار المجلس أو خيار الشرط‪ :‬افسخ ألبيعك خيراً منها بمثل ثمنها‪ ،‬أو مثلها بأنقص‪ ،‬ومثل ذلك الشراء على‬
‫الشراء‪ ،‬كأن يقول للبائع‪ :‬افسخ البيع ألشتري‪ C‬منك بأكثر‪ ،‬وقد‪ C‬أجمع العلماء على أن البيع على البيع والشراء على‬
‫الشراء حرام‪.‬‬
‫قال النووي‪ :‬وهذا الصنيع في حالة البيع والشراء‪ ،‬صنع آثم‪ ،‬منهي عنه‪.‬‬
‫األمر بنشر التآخي‪ :‬يأمر النبي صلى اهلل عليه وسلم بنشر التآخي بين المسلمين فيقول‪" :‬وكونوا عباد اهلل إخواناً‬
‫"‪ ،‬أي اكتسبوا ما تصيرون به إخواناً من ترك التحاسد والتناجش والتباغض والتدابر وبيع بعضكم‪ C‬على بعض‪ ،‬وتعاملوا‬
‫فيما بينكم معاملة اإلخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق‪ C‬والشفقة والمالطفة والتعاون في الخير مع صفاء القلوب‪ .‬وال‬
‫تنسوا أنكم عباد اهلل‪ ،‬ومن صفة العبيد إطاعة أمر سيدهم بأن يكونوا‪ C‬كاإلخوة متعاونين في إقامة دينه وإ ظهار شعائره‪،‬‬
‫ص ِر ِه َو ِبا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫ين * َوأَلَّ َ‬
‫ف َب ْي َن‬ ‫وهذا ال يتم بغير ائتالف القلوب وتراص الصفوف‪ ،‬قال تعالى‪ُ { :‬ه َو الَِّذي أَي َ‬
‫َّد َك ِب َن ْ‬
‫ُقلُو ِب ِه ْم} [األنفال‪.]63-62 :‬‬
‫واجبات المسلم نحو أخيه‪:‬‬
‫تحريم ظلمه ‪ :‬فال ُيدخل عليه ضرراً في نفسه أو دينه أو عرضه أو ماله بغير إذن شرعي‪ ،‬ألن ذلك ظلم‬
‫محرمة تنافي‪ C‬أخوة اإلسالم‪.‬‬
‫وقطيعة َّ‬
‫تحريم خذالنه‪ :‬الخذالن للمسلم محرم شديد التحريم‪ ،‬ال سيما مع االحتياج واالضطرار قال اهلل تعالى‪َ { :‬وإِ ْن‬
‫ص ُر} [األنفال‪ ]72 :‬وروى‪ C‬أبو داود‪" :‬ما من امرئ مسلم يخذل امرأ مسلماً في موضع‬ ‫الن ْ‬ ‫نص ُرو ُك ْم ِفي الد ِ‬
‫ِّين فَ َعلَ ْي ُك ْـم َّ‬ ‫استَ َ‬
‫ْ‬
‫تنتهك فيه حرمته وينتقص من عرضه إال خذله اهلل في موضع يحب نصرته"‪.‬‬
‫والخذالن المحرم يكون دنيوياً‪ ،‬كأن يقدر على نصرة مظلوم‪ C‬ودفع ظالمه فال يفعل‪ .‬ويكون دينياً‪ ،‬كأن يقدر على‬
‫نصحه عن غيه بنحو وعظ فال يفعل‪.‬‬
‫تحريم الكذب عليه أو تكذيبه‪ :‬ومن حق المسلم على المسلم أن يصدق معه إذا حدثه‪ ،‬وأن يصدقه إذا سمع‬
‫حديثه‪ ،‬ومما ُي ِخ ّل باألمانة اإلسالمية أن يخبره خالف الواقع‪ ،‬أو يحدثه بما يتنافى‪ C‬مع الحقيقة‪.‬‬
‫تحريم تحقيره ‪ :‬حرم على المسلم أن يستصغر‪ C‬شأن أخيه المسلم وأن يضع من قدره‪ ،‬ألن اهلل تعالى لما خلقه لم‬
‫يحقره بل كرمه ورفعه وخاطبه وكلفه‪.‬‬
‫التقوى مقياس التفاضل وميزان الرجال‪ :‬التقوى هي اجتناب عذاب اهلل بفعل المأمور‪ C‬وترك المحظور‪ C،‬واهلل‬
‫سبحانه وتعالى إنما يكرم اإلنسان بتقواه وحسن طاعته‪ ،‬ال بشخصه أو كثرة أمواله‪ .‬فالناس يتفاوتون عند اهلل في‬
‫منازلهم‪ C‬حسب أعمالهم‪ ،‬وبمقدار‪ C‬ما لديهم من التقوى‪.‬‬
‫ش َع ِائ َر اللَّ ِه فَِإ َّن َها ِم ْن تَ ْق َوى ا ْل ُقلُ ِ‬
‫وب} [ الحج‪ .]32 :‬وإ ذا كانت‬ ‫ومكان التقوى‪ :‬القلب‪ ،‬قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن ُي َعظِّ ْم َ‬
‫التقوى في القلوب فال يطلع أحد على حقيقتها إال اهلل‪ .‬كما أن األعمال الظاهرة ال تحصل بها التقوى‪ ،‬إنما تحصل بما‬
‫يقع في القلب من عظيم خشية اهلل ومراقبته‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫فقد يكون كثير ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خراب من التقوى‪ ،‬ويكون من ليس‬
‫له شيء من ذلك قلبه مملوء من التقوى‪ ،‬فيكون أكرم عند اهلل تعالى‪ ،‬ولذلك كان التحقير جريمة كبرى‪ ،‬ألنه اختالل في‬
‫ميزان التفاضل وظلم‪ C‬فادح في اعتبار المظهر‪ ،‬وإ سقاط التقوى التي بها يوزن الرجال‪.‬‬
‫حرمة المسلم‪ :‬للمسلم حرمة في دمه وماله وعرضه‪ ،‬وهي مما كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يخطب بها في‬
‫المجامع العظيمة‪ ،‬فإنه خطب بها في حجة الوداع‪ :‬يوم النحر‪ ،‬ويوم عرفة‪ ،‬ويوم الثاني من أيام التشريق وقال‪" :‬إن‬
‫أموالكم ودماءكم‪ C‬وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم‪ C‬هذا في شهركم‪ C‬هذا في بلدكم هذا ‪."...‬‬
‫وهذه هي الحقوق اإلنسانية العامة التي يقوم عليها بناء المجتمع المسلم اآلمن‪ ،‬حيث يشعر المسلم بالطمأنينة‬
‫على ماله‪ ،‬فال يسطو‪ C‬عليه لص أو يغتصبه غاصب‪ ،‬والطمأنينة على عرضه‪ ،‬فال يعتدي عليه أحد‪ ،‬وحفاظاً على ذلك‬
‫كله شرع اهلل تعالى القصاص في النفس واألطراف‪ ،‬وشرع قطع اليد للسارق‪ ،‬والرجم أو الجلد للزاني األثيم‪.‬‬
‫ومن كمال الحفاظ على حرمة المسلم عدم إخافته أو ترويعه‪.‬‬
‫ما يستفاد من الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬أن اإلسالم ليس عقيدة وعبادة فحسب‪ ،‬بل هو أخالق ومعاملة أيضاً‪.‬‬
‫‪ -‬األخالق المذمومة في شريعة اإلسالم جريمة ممقوتة‪.‬‬
‫‪ -‬النية والعمل هي المقياس الدقيق‪ C‬الذي يزن اهلل به عباده‪ ،‬ويحكم عليهم بمقتضاه‪.‬‬
‫‪ -‬القلب هو منبع خشية اهلل والخوف‪ C‬منه‪.‬‬
‫‪ -‬النهي عن التحاسد والتناجش والتباغض والهجر‪. C‬‬
‫‪ -‬تحريم‪ C‬ظلم المسلم وخذالنه واحتقاره وسفك دمائه وأكل ماله والتعدي‪ C‬على عرضه ‪.‬‬

‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬بين أهمية هذا الحديث فى تأليف القلوب ‪.‬‬
‫‪ -2‬وضح األمور المنهي عنها فى الحديث ‪.‬‬
‫‪ -3‬بين واجبات المسلم نحو أخيه المسلم ‪.‬‬
‫‪ -4‬بين مقياس التفاضل وميزان الرجال كما بينه الحديث ‪.‬‬
‫‪ -5‬بين حرمة المسلم ‪.‬‬
‫قوم‪ C‬مدى التزامك بالواجبات واآلداب التي حث عليها الحديث الشريف ‪.‬‬
‫‪ِّ -6‬‬

‫الحديث السادس والثالثون‬


‫َج َوامع ال َخ ْي ِر‬
‫س َع ْن ُمؤ ِم ٍن ُك ْر َب ًة ِم ْن ُك َر ِب ُّ‬
‫الد ْنيا‬ ‫َّ‬
‫الن ِب ِّي صلى اهلل عليه وسلم قال‪َ (( :‬م ْن َنف َ‬ ‫عن أبي ُهَر ْي َرة رضي اهللُ عنه‪ ،‬عن َّ‬
‫واآلخ َر ِة‪ ،‬واهللُ في َع ْو ِن ا ْل َع ْب ِد‬ ‫ِ‬ ‫س َر اهللُ عليه في الد ْنيا‬ ‫س َر على ُم ْع ِس ٍر َي َّ‬‫وم ْن َي َّ‬ ‫ِ‬
‫القيامة‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫س اهللُ َع ْن ُه ُك ْر َب ًة من ُك َر ِب ْيوِم‬ ‫َّ‬
‫َنف َ‬
‫الجن ِة‪.‬‬
‫ط ِريقاً إلى َّ‬ ‫س َّه َل اهللُ له ِب ِه َ‬ ‫طريقاً ي ْلتَ ِم ِ ِ ِ‬
‫س فيه ع ْلماً َ‬ ‫َ ُ‬ ‫وم ْن سلك َ‬ ‫ِ‬
‫ون أخيه‪َ .‬‬ ‫كان ا ْل َع ْب ُد في َع ِ‬
‫ما َ‬
‫الس ِكي َنةُ‪ ،‬و َغ ِش َيتْ ُه ُم‬
‫عليهم َّ‬
‫ُ‬ ‫سو َن ُه َب ْي َن ُه ْم‪ ،‬إال َن َزلَ ْت‬‫ويتَ َد َار ُ‬
‫ِ‬
‫اب اهلل َ‬
‫اهلل ي ْتلُ َ ِ‬
‫ون كتَ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫َو َما اجتَ َم َع قَ ْو ٌم في َب ْيت م ْن ُب ُيوت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س ُب ُه))‪َ .‬رواه بهذا اللَّفظ مسلم‪.‬‬ ‫ع به َن َ‬ ‫س ِر ْ‬ ‫فيم ْن ع ْن َده ‪َ .‬و َم ْن َبطَّأ ِبه َع َملُ ُه ْلم ُي ْ‬‫المالئ َكةُ‪ ،‬و َذ َك َر ُه ُم اهللُ َ‬
‫ته ُـم َ‬
‫الر ْحمةُ‪َّ َ ،‬‬
‫وحف ُ‬ ‫َّ َ‬
‫‪31‬‬
‫‪ ‬األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يعدد الدارس واجبات المسلم على أخيه المسلم التى وردت فى الحديث ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح الدارس واجبات المسلم على أخيه المسلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يبين الدارس كيف أن العلم طريق‪ C‬الجنة ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يوضح الدارس فضل االجتماع فى بيوت اهلل على تالوة كتاب اهلل وتدارسه ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يبين الدارس عدالة اإلسالم ووالية اإليمان والعمل ال والية الدم والنسب ‪.‬‬
‫يقوم الدارس مدى التزامه بالواجبات التى حث عليها الحديث الشريف ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن ِّ‬
‫مفردات الحديث‪:‬‬
‫" نفَّ َس "‪ :‬خفف‪.‬‬
‫و" الكربة"‪ :‬الشدة العظيمة التي تُوقع من نزلت فيه بغم شديد‪.‬‬
‫"يسر على معسر"‪ :‬المعسر‪ :‬من أثقلته الديون وعجز عن وفائها‪ ،‬والتيسير عليه مساعدته‬
‫على إبراء ذمته من تلك الديون‪.‬‬
‫"ستر مسلماً "‪ :‬بأن رآه على فعل قبيح شرعاً فلم يظهر أمره للناس‪.‬‬
‫" ستره اهلل "‪ :‬حفظه من الزالت في الدنيا‪.‬‬
‫"سلك"‪ :‬مشى‪ ،‬أو أخذ باألسباب‪.‬‬
‫" طريقاً "‪ :‬مادية كالمشي إلى مجالس العلم وقطع‪ C‬المسافات بينه وبينها‪ .‬أو معنوية كالكتابة والحفظ والفهم والمطالعة‬
‫والمذاكرة وما إلى ذلك‪ ،‬مما يتوصل‪ C‬به إلى تحصيل العلم‪.‬‬
‫" يلتمس"‪ :‬يطلب‪.‬‬
‫" طريقاً إلى الجنة " ‪ :‬أي يكشف له طرق‪ C‬الهداية ويهيء له أسباب الطاعة في الدنيا‪ ،‬فيسهل عليه دخول الجنة في‬
‫اآلخرة‪.‬‬
‫" بيوت اهلل "‪ :‬المساجد‪.‬‬
‫" يتدارسونه بينهم " يقرأ كل منهم جزءاً منه‪ ،‬بتدبر وخشوع‪،‬ويحاولون فهم معانيه وإ دراك‪ C‬مراميه‪.‬‬
‫" السكينة "‪ :‬ما يطمئن به القلب وتسكن له النفس‪.‬‬
‫" غشيتهم "‪ :‬غطتهم وعمتهم ‪.‬‬
‫" الرحمة "‪ :‬اإلحسان من اهلل تبارك وتعالى والفضل والرضوان‪.‬‬
‫" حفتهم "‪ :‬أحاطت بهم من كل جهة‪.‬‬
‫" المالئكة "‪ :‬الملتمسون للذكر‪ ،‬والذين ينزلون البركة والرحمة إلى األرض‪.‬‬
‫" ذكرهم اهلل فيمن عنده "‪ :‬باهى بهم مالئكة السماء وأثنى عليهم‪.‬‬
‫" بطأ به عمله "‪ :‬كان عمله الصالح ناقصاً‪ C‬وقليالً‪ C‬فقصر عن رتبة الكمال‪.‬‬
‫" لم يسرع به نسبه "‪ :‬ال يعلي من شأنه شرف النسب‪.‬‬
‫المعنى العام‪:‬‬
‫‪ -1‬المسلمون جسد واحد‪ :‬إن أفراد مجتمع اإليمان واإلسالم أعضاء من جسد واحد‪ ،‬يتحسس كل منهم‬
‫مشاعر اآلخرين وتنبعث فيه أحاسيسهم‪ C،‬فيشاركهم أفراحهم‪ C‬وأحزانهم‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫فالحياة مألى بالمتاعب واألكدار‪ ،‬وكثيراً‪ C‬ما يتعرض المسلم لما يوقعه في غم وهم وضيق وضنك‪ ،‬مما يتوجب‬
‫على المسلمين أن يخلصوه منه‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫أ‪ -‬نصرته وتخليصه من الظلم‪ :‬كما قال صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً‪ ،‬فقال رجل‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬أنصره إذا كان مظلوماً‪ ،‬أفرأيت إذا كان ظالماً‪ ،‬كيف أنصره ؟ قال‪ :‬تحجزه‪ ،‬أو تمنعه‪ ،‬من الظلم فإن ذلك‬
‫نصره " متفق عليه‪.‬‬
‫وال سيما إذا كان الظلم الذي يوقع عليه بسبب دينه وتمسكه بإسالمه‪ ،‬من قبل قوم‪ C‬كافرين أو فاسقين مارقين ‪ .‬قال‬
‫ص ُر} [األنفال‪.]72 :‬‬
‫الن ْ‬ ‫نص ُرو ُك ْم ِفي الد ِ‬
‫ِّين فَ َعلَ ْي ُك ْم َّ‬ ‫استَ َ‬
‫تعالى‪َ { :‬وإِ ْن ْ‬
‫ب‪ -‬إقراضه المال إن احتاج إلى المال‪ :‬قد يقع المسلم في ضائقة مالية‪ ،‬فيحتاج إلى النفقة في حوائجه األصلية‬
‫من طعام وشراب ومسكن وعالج ونحو‪ C‬ذلك‪ ،‬فينبغي على المسلمين أن يسارعوا لمعونته‪ ،‬وعلى األقل أن يقرضوه‬
‫المال قرضاً حسناً‪ ،‬بدل أن يتخذوا عوزه وسيلة لتثمير أموالهم‪ ،‬وزيادتها‪ ،‬كما هو الحال في مجتمعات الربا‬
‫س ًنا} [ المزمل‪.]20 :‬‬ ‫ضوا اللَّ َه قَ ْر ً‬ ‫الصالةَ َوآتُوا َّ‬
‫الز َكاةَ َوأَق ِْر ُ‬ ‫ِ‬
‫ضا َح َ‬ ‫يموا َّ‬
‫واالستغالل‪ .‬قال تعالى‪َ { :‬وأَق ُ‬
‫تصدق به " رواه ابن‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬من أقرض مسلماً درهماً مرتين كان له مثل أجر أحدهما لو ّ‬
‫أجر الصدقة‪ ،‬حسب حال المقترض والمتصدق عليه‪.‬‬
‫أجر القرض َ‬
‫حبان ‪ .‬بل قد يفوق ُ‬
‫‪ُ -‬ك َرب يوم القيامة والخالص منها‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬يجمع اهلل األولين واآلخرين في صعيد‬
‫واحد‪ ،‬فيسمعهم‪ C‬الداعي‪ ،‬وينفذهم البصر‪ ،‬وتدنو الشمس منهم‪ ،‬فيبلغ الناس من الكرب والغم ما ال يطيقون وال يحتملون‪،‬‬
‫فيقول الناس بعضهم لبعض‪ :‬أال ترون ما بلغكم‪ ،‬أال تنظرون‪ C‬من يشفع لكم عند ربكم "‪ .‬خرجاه بمعناه في الصحيحين‪.‬‬
‫وفي‪ C‬خضم هذه األهوال يتدارك المؤمن عدل اهلل عز وجل‪ ،‬فيكافئه على صنيعه في الدنيا‪ ،‬إذ كان يسعى في‬
‫تفريج كربات المؤمن‪ ،‬فيفرج عنه أضعاف‪ C‬أضعاف ما أزال عنهم من غم وكرب‪:‬‬
‫" من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس اهلل عنه كربة من كربات يوم القيامة "‪.‬‬
‫‪ -‬التيسير على المعسر‪ :‬الذي أثقلته الديون وعجز عن وفائها ويكون التيسير‪ C‬عليه بأمرين‪:‬‬
‫إما بمساعدته لوفاء دينه‪ ،‬أو بالحطِّ عنه من دينه‪.‬‬
‫‪ -‬وجوب ستر المسلم‪ :‬إن تتبع عورات المسلمين عالمة من عالمات النفاق‪ ،‬ودليل على أن اإليمان لم يستقر في قلب‬
‫ذلك اإلنسان الذي همه أن ُيَنقِّب عن مساوىء الناس ليعلنها بين المأل‪ .‬روى الترمذي‪ C‬عن عبد اهلل بن عمر رضي‪ C‬اهلل‬
‫عنهما قال‪ :‬صعد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم المنبر‪ ،‬فنادى‪ C‬بصوت رفيع فقال‪ " :‬يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم‬
‫يفض اإليمان إلى قلبه‪ ،‬ال تؤذوا المسلمين وال تعيروهم وال تتبعوا عوراتهم‪ ،‬فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع اهلل‬
‫عورته‪ .‬ومن تتبع اهلل عورته يفضحه ولو في جوف رحله "‪ .‬أي منزله الذي ينزل فيه‪.‬‬
‫‪ -‬الستر على من وقع في معصية‪ :‬إذا اطلع المسلم على زلة المسلم‪ ،‬فهل يسترها عليه أم يعلنها؟ فإن هذا يختلف‬
‫باختالف أعمال الناس‪ ،‬والناس في هذا على حالتين‪:‬‬
‫‪ -‬من كان مستور الحال‪ :‬أي ال يعرف بين الناس بشيء من المعاصي‪ ،‬فمثل هذا إذا وقعت منه هفوة أو زلة وجب‬
‫الستر عليه‪ ،‬وال يجوز كشف حاله وال التحدث بما وقع منه‪ ،‬ألن ذلك غيبة محرمة‪ ،‬وإ شاعة للفاحشة‪.‬‬
‫‪ -‬من كان مشتهراً بالمعصية‪ ،‬مستعلناً بها بين الناس‪ :‬من ال يبالي بما يرتكب‪ ،‬وال يكترث لما يقال عنه‪ ،‬فهذا فاجر‪C‬‬
‫مستعلن بفسقه‪ ،‬فال غيبة له‪ ،‬بل يندب كشف حالة للناس‪ ،‬وربما‪ C‬يجب‪ ،‬حتى يتوقوه ويحذروا‪ C‬شره‪ ،‬وإ ن اشتد فسقه‪ ،‬ولم‬

‫‪33‬‬
‫يرتدع من الناس‪ ،‬وجب رفع الحالة إلى ولي األمر حتى يؤدبه بما يترتب على فسقه من عقوبة شرعية‪ ،‬ألن الستر عليه‬
‫يجعله وأمثاله يطمعون في مزيد من المخالفة‪ ،‬فيعيثون‪ C‬في األرض فساداً‪ ،‬ويجرون على األمة الشر المستطير‪.‬‬
‫‪ -‬الشفاعة لمن وقعت منه معصية‪ :‬إذا وقعت من المسلم زلة‪ ،‬وكان مستور‪ C‬الحال‪ ،‬معروفاً‪ C‬بين الناس باالستقامة‬
‫والصالح‪ ،‬ندب للناس أن يستروه وال يعزروه على ما صدر منه‪ ،‬وأن يشفعوا له ويتوسطوا‪ C‬له لدى من تتعلق زلته به‬
‫إن كانت تتعلق بأحد‪ ،‬فقد قال صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم " رواه أبو داود‪ .‬أي تغاضوا‪ C‬عن‬
‫زالت من عرفوا باالستقامة والرشد‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون بين المسلمين وعون اهلل عز وجل لهم‪ :‬إن المجتمع لن يكون سوياً قويماً‪ ،‬ولن يكون قوياً متماسكاً إال إذا‬
‫قام على أساس من التعاون والتضامن والتكافل‪ C‬فيما بين أفراده‪ ،‬فسعى‪ C‬كل منهم في حاجة غيره‪ ،‬بنفسه وماله وجاهه‪،‬‬
‫حتى يشعر الجميع أنهم كالجسد الواحد‪ ،‬وقال صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً "‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫وال شك أن أعظم ثمرة يجنيها المسلم من إعانته ألخيه هي ذاك العون والمدد من اهلل تبارك وتعالى‪ " :‬واهلل في عون‬
‫العبد ما دام العبد في عون أخيه " [رواه مسلم ]‪.‬وكيف‪ C‬ال وال حول لإلنسان وال قوة إال باهلل عز وجل؟ وهو سبحانه‬
‫المحرك الحقيقي لهذا الكون‪ ،‬وهو المعطي والمانع‪ ،‬ومنه الصحة والمرض‪ ،‬ومنه القوة والضعف‪ ،‬والغنى والفقر‪.‬‬

‫‪ -2‬العلم طريق الجنة‪ :‬إن اإلسالم شرط النجاة عند اهلل عز وجل‪ ،‬واإلسالم ال يقوم وال يكون إال بالعلم‪ ،‬فال طريق‪C‬‬
‫إلى معرفة اهلل تعالى والوصول إليه إال بالعلم‪ ،‬فهو الذي يدل على اهلل سبحانه من أقرب طريق‪ ،‬فمن سلك طريقه ولم‬
‫يعوج عنه بلغ الغاية المنشودة‪ ،‬فال عجب إذن أن يجعل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم طلب العلم طريق‪ C‬الجنة‪ ،‬ويبين‬
‫أن كل طريق يسلكه المسلم يطلب فيه العلم يشق به طريقاً سالكة توصله إلى الجنة‪" :‬من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً‬
‫سهل اهلل له به طريقاً إلى الجنة" وليس أدل على ما نقول من أن اهلل تعالى جعل فاتحة الوحي إلى رسوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أمراً بالعلم وبوسائل‪ C‬العلم‪ ،‬وتنبيهاً إلى نعمة العلم وشرفه وأهميته في التعرف على عظمة الخالق جل وعال‬
‫ان ِم ْن‬ ‫ق اإِ َ‬
‫نس َ‬ ‫اسِم َر ِّب َك الَِّذي َخلَ َ‬
‫ق * َخلَ َ‬ ‫وإ دراك‪ C‬أسرار الخلق‪ ،‬وإ شارة إلى حقائق علمية ثابتة‪ ،‬فقال سبحانه‪{ :‬اقَْرأْ ِب ْ‬
‫ان َما لَ ْم َي ْعلَ ْم} [ العلق‪.] 5-1:‬‬ ‫نس َ‬ ‫ُّك األَ ْك َر ُم * الَِّذي َعلَّ َم ِبا ْل َقلَِم * َعلَّ َم ِ‬
‫اإل َ‬ ‫َعلَ ٍ‬
‫ق * اقَْرأْ َو َرب َ‬
‫‪ -‬اإلخالص في طلب العلم وترك المباهاة والمباراة به‪ :‬على طالب العلم والعالم أن يخلص في طلبه وعلمه هلل تعالى‪،‬‬
‫وال يقصد من ذلك إال حفظ دينه وتعليمه للناس ونفعهم به‪ ،‬فال يكون غرضه من تعلم العلم وتعليمه نيل منصب أو مال‬
‫أو سمعة أو جاه‪ ،‬أو ليقال عنه إنه عالم‪ ،‬أو ليتعالى بعلمه على خلق اهلل عز وجل‪ ،‬ويجادل به أقرانه ويباريهم‪ ،‬فكل ذلك‬
‫مذموم‪ C‬يحبط عمله‪ ،‬ويوقعه في سخط اهلل تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وروى الترمذي‪ C‬وغيره‪ " :‬من طلب العلم ليجاري‪ C‬به العلماء‪ ،‬أو ليماري به السفهاء‪ ،‬ويصرف‪ C‬به وجوه الناس إليه‪،‬‬
‫أدخله اهلل النار" ‪.‬‬
‫‪ " -‬ال أدري" نصف العلم‪ :‬من عالئم اإلخالص في طلب العلم وتعليمه أن ال يأنف طالب العلم من أن يقول‪ :‬ال أدري‪،‬‬
‫فيما ال علم له به‪ ،‬وكثيراً‪ C‬ما كان العلماء يسأل أحدهم عن عديد من المسائل‪ ،‬فيجيب عن بعضها بما يعلم‪ ،‬ويجيب عن‬
‫أكثرها بال أدري‪ ،‬حتى قيل‪ :‬ال أدري نصف العلم‪ ،‬ألنها عالمة على أن قائلها متثبت مما يقول‪.‬‬

‫‪ -3‬ذكر اهلل عز وجل‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫إن ذكر اهلل عز وجل من أعظم العبادات‪ ،‬وذلك أن ذكر اهلل عز وجل يحمل اإلنسان على التزام شرعه في كل‬
‫شأن من شؤونه‪ ،‬ويشعره برقابة اهلل تعالى عليه فيكون له رقيب من نفسه‪ ،‬فيستقيم سلوكه ويصلح حاله مع اهلل تعالى‬
‫آم ُنوا ا ْذ ُك ُروا اللَّ َه‬ ‫ُّها الَِّذ َ‬
‫ين َ‬
‫ِ‬
‫ومع الخلق‪ ،‬ولذا أُمر المسلم بذكر اهلل تبارك تعالى في كل أحيانه وأحواله‪ ،‬قال سبحانه‪َ { :‬ياأَي َ‬
‫ومساء‪ ،‬والمراد‪ :‬في كل األوقات‪.‬‬ ‫َصيال} [األحزاب‪ .]42-41 :‬أي صباحاً‬ ‫ِذ ْكرا َك ِثيرا * وس ِّبحوهُ ب ْكرةً وأ ِ‬
‫ً‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -‬خير ذكر كتاب اهلل تعالى‪ :‬وخير ما يذكر به اهلل عز وجل كالمه المنزل على المصطفى صلى اهلل عليه وسلم لما‬
‫فيه‪-‬إلى جانب الذكر‪ -‬من بيان لشرع اهلل تعالى‪ ،‬وما يجب على المسلم التزامه‪ ،‬وما ينبغي عليه اجتنابه‪.‬‬
‫‪ -‬عمارة المساجد‪ :‬وخير األماكن لذكر اهلل عز وجل وتالوة القرآن وتعلم العلم إنما هي المساجد بيوت اهلل سبحانه‪،‬‬
‫يعمرها في أرضه المؤمنون‪ ،‬وعمارتها الحقيقية إنما تكون بالعلم والذكر إلى جانب العبادة من صالة واعتكاف‬
‫اآلص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وت أ َِذ َن اللَّ ُه أ ْ‬
‫ونحوها‪ ،‬قال تعالى‪ِ { :‬في بي ٍ‬
‫ال * ِر َجا ٌل ال تُ ْل ِهي ِه ْم‬ ‫يها ِبا ْل ُغ ُد ِّو َو َ‬
‫س ِّب ُح لَ ُه ف َ‬
‫اس ُم ُه ُي َ‬
‫يها ْ‬ ‫َن تُْرفَ َع َو ُي ْذ َك َر ف َ‬ ‫ُُ‬
‫ص ُار * ِل َي ْج ِز َي ُه ْم اللَّ ُه‬‫وب َواأل َْب َ‬
‫ون يوما تَتَ َقلَّ ِ ِ‬
‫ب فيه ا ْل ُقلُ ُ‬ ‫ُ‬
‫اء َّ ِ‬
‫الز َكاة َي َخافُ َ َ ْ ً‬
‫الة وإِيتَ ِ‬‫ِتجارةٌ وال ب ْيع ع ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِه وإِقَ ِام َّ ِ‬
‫الص َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ٌ َ‬
‫س ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ضِل ِه َواللَّ ُه َي ْر ُز ُ‬
‫يد ُه ْم ِم ْن فَ ْ‬
‫س َن َما َع ِملُوا َو َي ِز َ‬
‫اب}[النور‪.]38-36 :‬‬ ‫اء ِب َغ ْي ِر ح َ‬
‫ش ُ‬‫ق َم ْن َي َ‬ ‫َح َ‬
‫أْ‬
‫‪ -‬عبادة منفردة وشافع مشفع‪ :‬فتالوة القرآن بذاتها عبادة مأمور‪ C‬بها‪ ،‬ويثاب عليها المسلم‪ ،‬وتكون وسيلة لنجاته يوم‬
‫القيامة ونيل مرضاة ربه جل وعال‪ ،‬حيث يشفع القرآن لتاليه عند ربه‪.‬‬
‫وروى مسلم عن أبي أمامة الباهلي رضي‪ C‬اهلل عنه قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ " :‬اقرؤوا القرآن‪،‬‬
‫فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً ألصحابه "‪.‬‬
‫وال يقل فضل السماع للقرآن عن فضل تالوته‪ ،‬بل إن االستماع واإلنصات لقراءته سبب لنيل مغفرة اهلل تعالى ورحمته‪.‬‬
‫وروى األمام أحمد في مسنده‪ :‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ " :‬من استمع إلى آية من كتاب اهلل كتبت له حسنة‬
‫مضاعفة‪ ،‬ومن تالها كانت له نوراً يوم القيامة "‪.‬‬
‫‪ -‬نور على نور‪ :‬ويزداد‪ C‬األجر ويعظم الثواب ويكثر الفضل إذا ضم إلى التالوة واالستماع والفهم والتدبير‪ C‬والخشوع‪،‬‬
‫آي ِات ِه َوِل َيتَ َذ َّك َر أ ُْولُوا‬ ‫ِ‬
‫َنز ْل َناهُ إِلَ ْي َك ُم َب َار ٌك ل َيدَّب َُّروا َ‬
‫اب أ َ‬ ‫ِ‬
‫فيجتمع نور على نور‪ ،‬ومكرمة إلى مكرمة‪ .‬قال اهلل تعالى‪{ :‬كتَ ٌ‬
‫اب} [ ص‪. ]29 :‬‬‫األَْل َب ِ‬
‫‪ -‬فضل االجتماع فى بيت من بيوت اهلل على ذكر اهلل ‪:‬‬
‫أ‪" -‬نزلت عليهم السكينة"‪:‬‬
‫آم ُنوا َوتَ ْط َم ِئ ُّن‬ ‫وبهذه السكينة يطمئن القلب‪ ،‬وتهدأ النفس‪ ،‬وينشرح الصدر‪ ،‬ويستقر‪ C‬البال والفكر‪ ،‬وقال تعالى‪{:‬الَِّذ َ‬
‫ين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وب ُه ْم ِبذ ْك ِر اللَّه أَال ِبذ ْك ِر اللَّه تَ ْط َمئ ُّن ا ْل ُقلُ ُ‬
‫وب} [ الرعد‪.]28 :‬‬ ‫ُقلُ ُ‬
‫والخسارة كل الخسارة ألولئك الذين خوت قلوبهم‪ C‬فغفلوا عن اهلل تعالى وذكره‪ ،‬فعاشوا في مقت وكرب وضياع‪ C‬في‬
‫دنياهم‪ ،‬وكان لهم الهالك والخلود في جهنم في أخراهم‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ام ِة أ ْ‬
‫َع َمى} [طه‪.]124 :‬‬ ‫ِ‬
‫ش ُرهُ َي ْو َم ا ْلق َي َ‬
‫ضن ًكا َو َن ْح ُ‬
‫ش ًة َ‬ ‫ض َع ْن ِذ ْك ِري فَِإ َّن لَ ُه َم ِعي َ‬ ‫َع َر َ‬
‫{ َو َم ْن أ ْ‬
‫ض ٍ‬
‫الل ُم ِب ٍ‬
‫ين} [الزمر‪. ]22:‬‬ ‫وب ُه ْم ِم ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِه أ ُْولَ ِئ َك ِفي َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وقال سبحانه‪{ :‬فَ َو ْي ٌل ل ْلقَاس َية ُقلُ ُ‬
‫ب‪" -‬غشيتهم الرحمة"‪:‬‬
‫فطوبى لهؤالء الذين قربت منهم الرحمة فكانت تالوتهم‪ C‬لكتاب اهلل عز وجل ومدارستهم‪ C‬له عنواناً على أنهم من‬
‫ين} [األعراف‪.]56 :‬‬ ‫يب ِم َن ا ْل ُم ْح ِس ِن َ‬ ‫ِ‬
‫المحسنين‪{ :‬إِ َّن َر ْح َم َة اللَّه قَ ِر ٌ‬

‫‪35‬‬
‫ج‪" -‬حفتهمـ المالئكة"‪:‬‬
‫فلما كثر القارئون كثرت المالئكة حتى تُحيط بهم من كل جانب ‪.‬‬
‫ولعل خير ثمرة لهذه المكرمة أن يكون هؤالء المالئكة سفراء بين عباد الرحمن هؤالء وبين خالقهم جل وعال‪ ،‬يرفعون‬
‫إليه سبحانه ما يقوم به هؤالء المؤمنون من ذكر اهلل عز وجل ومدارسة لكتابه‪ ،‬وما انطوت عليه نفوسهم‪ C‬من رغبة في‬
‫نعيم اهلل عز وجل ورضوانه‪ ،‬ورهبة من سخطه وإ شفاق من عقابه‪ ،‬فيكون ذلك سبباً للمغفرة‪ ،‬وباباً للفوز والنجاة‪.‬‬
‫د‪" -‬ذ َك َرهم اهلل فيمن عنده"‪:‬‬
‫أذكركم واش ُكروا لي وال تَ ْكفرون} [ البقرة‪ .]152 :‬فإذا ذكر العبد المؤمن ربه‪،‬‬
‫قال عز وجل‪{ :‬فاذ ُكروني ْ‬
‫بتالوة كتابه وسماع آياته‪ ،‬قابله اهلل عز وجل على فعله من جنسه فذكره سبحانه في عليائه‪ ،‬وشتان ما بين الذاكرين‪،‬‬
‫ففي ذكر اهلل تعالى لعبده الرفعة‪ ،‬والمغفرة والرحمة‪ ،‬والقبول والرضوان‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ :‬لقد ربحت تجارة هؤالء الذين أقبلوا على كتاب اهلل عز وجل تالوة ودرساً‪ C‬وتعلماً وعمالً والتزاماً‪،‬‬
‫اهم ِس ًّرا وع ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين ي ْتلُ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ون‬
‫الن َي ًة َي ْر ُج َ‬ ‫َ َ‬ ‫الصالةَ َوأَ ْنفَقُوا م َّما َرَز ْق َن ُ ْ‬
‫اموا َّ‬ ‫اب الله َوأَقَ ُ‬ ‫ون كتَ َ‬ ‫وصدق‪ C‬اهلل العظيم إذ يقول‪{ :‬إِ َّن الَّذ َ َ‬
‫يد ُهم ِم ْن فَ ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور} [فاطر‪.]30-29 :‬‬ ‫ش ُك ٌ‬ ‫ضله إِ َّن ُه َغفُ ٌ‬
‫ور َ‬ ‫ور ُه ْم َو َي ِز َ ْ‬
‫ُج َ‬‫ور * ل ُي َوفِّ َي ُه ْم أ ُ‬
‫ت َج َارةً لَ ْن تَُب َ‬

‫‪ -4‬التقوى والعمل الصالح طريق الوصول إلى اهلل عز وجل‪ :‬لقد قرر‪ C‬اإلسالم وحدة اإلنسانية‪ ،‬ورسخ المساواة بين‬
‫أفراد البشرية من حيث المولد‪ ،‬فالجميع مخلوقون من نفس واحدة‪ ،‬وال فرق‪ C‬بين أبيض وأسود‪ ،‬وال فضل لعربي على‬
‫س‬‫اس اتَّقُوا َر َّب ُك ْم الَِّذي َخلَقَ ُك ْـم ِم ْن َن ْف ٍ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫أعجمي‪ ،‬وال امتياز لشريف على وضيع في أصل الخلقة والمنشأ‪َ { :‬ياأَي َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اح َد ٍة و َخلَ َ ِ‬ ‫و ِ‬
‫اء} [النساء‪ .]1 :‬وكانت العدالة اإللهية في اإلسالم حيث جعل‬ ‫س ً‬ ‫يرا َو ِن َ‬
‫ق م ْن َها َز ْو َج َها َو َبث م ْن ُه َما ِر َجاال َكث ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُّها‬
‫التفاضل بين الناس بالعمل الصالح‪ ،‬وطريق‪ C‬القرب من اهلل تعالى تقواه‪ ،‬دون النظر إلى من انحدر من اآلباء‪َ { :‬يا أَي َ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اس إِ َّنا َخلَ ْق َنا ُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َوأُنثَى َو َج َع ْل َنا ُك ْم ُ‬ ‫َّ‬
‫يم َخ ِب ٌ‬
‫ير}‬ ‫وبا َوقَ َبائ َل لتَ َع َارفُوا إ َّن أَ ْك َر َم ُك ْم ع ْن َد الله أَتْقَا ُك ْـم إ َّن الل َه َعل ٌ‬
‫ش ُع ً‬ ‫الن ُ‬
‫[الحجرات‪ .]13 :‬فال يضير‪ C‬اإلنسان عند اهلل عز وجل ضعة نسبه‪ ،‬فإن اهلل تعالى رتب الجزاء على األعمال ال على‬
‫األنساب‪.‬‬
‫النبي أن يبدأ بتبليغ أهله فيقول له ‪ {:‬وأ ِ‬
‫َنذ ْر‬ ‫ولذا نجد القرآن الكريم يحذر الناس من أن يعتمدوا‪ C‬على األنساب‪ ،‬فيأمر‪َّ C‬‬
‫َ‬
‫ين} [الشعراء‪، ]214:‬ونجد المصطفى صلى اهلل عليه وسلم ينادي فيقول‪ ":‬يا فاطمة بنت محمد‪ -‬صلى‬ ‫يرتَ َك األَقَْر ِب َ‬ ‫ِ‬
‫َعش َ‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ -‬سليني ما شئت من مالي‪ ،‬ال أغني عنك من اهلل شيئاً " متفق عليه‪.‬‬

‫ومما يستفاد من الحديث‪:‬‬


‫‪ -1‬أن الجزاء عند اهلل من جنس ما قدم العبد من عمل‪ ،‬فجزاء التنفيس التنفيس‪ ،‬وجزاء التفريج التفريج‪ ،‬والعون‬
‫بالعون‪ ،‬والستر بالستر‪ ،‬والتيسير بالتيسير‪ C:‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع‬
‫أطعمه اهلل يوم القيامة من ثمار الجنة‪ ،‬وأيما مؤمن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه اهلل يوم القيامة من الرحيق المختوم‪ ،‬وأيما‬
‫مؤمن كسا مؤمناً على عري كساه اهلل من خضر الجنة " رواه الترمذي‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلحسان إلى الخلق طريق‪ C‬محبة اهلل عز وجل‪.‬‬
‫‪ -3‬ما ذكر من التنفيس وغيره عام في المسلم وغيره الذي ال يناصب المسلمين العداء‪ ،‬فاإلحسان إليه مطلوب‪ ،‬بل ربما‬
‫تعدى ذلك لكل مخلوق ذي روح‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إن اهلل كتب اإلحسان على كل شيء " رواه مسلم‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وقال‪":‬في كل كبد رطبة أجر" متفق عليه‪.‬‬
‫‪ -4‬الحذر من تطرق الرياء في طلب العلم‪ ،‬ألن تطرقه في ذلك أكثر من تطرقه في سائر األعمال‪ ،‬فينبغي‪ C‬تصحيح‬
‫النية فيه واإلخالص كي ال يحبط األجر ويضيع‪ C‬الجهد ‪.‬‬
‫‪ -5‬طلب العون من اهلل تعالى والتيسير‪ ،‬ألن الهداية بيده‪ ،‬وال تكون طاعة إال بتسهيله ولطفه‪ ،‬ودون ذلك ال ينفع علم‬
‫وال غيره ‪.‬‬
‫‪ -6‬مالزمة تالوة القرآن واالجتماع‪ C‬لذلك‪ ،‬واإلقبال على تفهمه وتعلمه والعمل به‪ ،‬وأن ال يترك ليقرأ في بدء‬
‫االحتفاالت والمناسبات‪ ،‬وفي المآتم وعلى األموات‪.‬‬
‫ار ُعوا إِلَى َم ْغ ِف َر ٍة ِم ْن َر ِّب ُك ْم َو َج َّن ٍة َع ْر ُ‬
‫ض َها‬ ‫سِ‬‫‪ -7‬المبادرة إلى التوبة واالستغفار‪ C‬والعمل الصالح‪ ،‬قال اهلل تعالى ‪َ {:‬و َ‬
‫اس َواللَّ ُه‬‫الن ِ‬‫ين َع ْن َّ‬ ‫اف َ‬ ‫ظ وا ْلع ِ‬ ‫اظ ِم َ‬
‫اء وا ْل َك ِ‬
‫اء والض َّ ِ‬
‫ون ِفي َّ ِ‬ ‫ين ُي ْن ِفقُ َ‬
‫ين * الَِّذ َ‬
‫َّت ِل ْل ُمتَّ ِق َ‬ ‫ضأِ‬
‫ين ا ْل َغ ْي َ َ َ‬ ‫َّر َ‬ ‫الس َّر َ‬ ‫ُعد ْ‬ ‫ات َواأل َْر ُ‬
‫الس َم َاو ُ‬‫َّ‬
‫ين} [آل عمران‪. ]134-133 :‬‬ ‫ب ا ْل ُم ْح ِس ِن َ‬
‫ُي ِح ُّ‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬عدد واجبات المسلم على أخيه المسلم التى وردت فى الحديث ‪.‬‬
‫‪ -2‬وضح واجبات المسلم على أخيه المسلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬بين كيف أن العلم طريق‪ C‬الجنة ‪.‬‬
‫‪ -4‬وضح فضل االجتماع فى بيوت اهلل على تالوة كتاب اهلل وتدارسه ‪.‬‬
‫‪ -5‬بين عدالة اإلسالم ووالية اإليمان والعمل ال والية الدم والنسب ‪.‬‬
‫قوم‪ C‬مدى التزامك بالواجبات التى حث عليها الحديث الشريف ‪.‬‬
‫‪ِّ -6‬‬
‫‪  ‬‬
‫الحديث السابع والثالثون‬
‫ضلُ ُه وقُدرتُه‬ ‫عد ُل ِ‬
‫اهلل تَعالى َوفَ ْ‬ ‫َ‬
‫بارك وتعالى قال‪:‬‬ ‫ويه عن َر ِّب ِه تَ َ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم فيما ير ِ‬
‫َْ‬
‫رسول ِ‬‫ِ‬ ‫َّاس رضي اهللُ عنهما‪ ،‬عن‬ ‫ابن عب ٍ‬ ‫عن ِ‬
‫كاملَةً‪ ،‬وإ ْن َه َّم بها فَ َع ِملها‬
‫َّن ‪ :‬فَم ْن َه َّم ِبحس َن ٍة َفلَم يعملها َكتَبها اهلل ِع ْن َدهُ حسن ًة ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َّ ِ‬
‫والس ِّيئات ثَُّم َبي َ َ‬
‫"إن اهلل َكتَب الحس ِ‬
‫نات‬ ‫َّ َ َ َ َ‬
‫ٍ‬ ‫ف إلى ْ ٍ‬ ‫ضع ٍ‬‫ِ ِ ِ‬ ‫شر ح ٍ‬
‫س َن ًة‬ ‫ثير ٍة‪ ،‬وإ ن َه َّم َ‬
‫بس ِّي َئة َفلَ ْم َي ْع َم ْلها َكتَبها اهللُ ع ْن َدهُ َح َ‬ ‫أضعاف َك َ‬ ‫س ْب ِع م َئة ْ‬
‫سنات إلى َ‬ ‫َكتََبها اهللُ ع ْن َدهُ َع ْ َ َ َ‬
‫سلم في صحيحيهما بهذه الحروف‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ٌ‬ ‫سي ّئ ًة واح َدة"‪ .‬رواهُ البخاري ُ‬ ‫كاملَةً‪ ،‬وإ ن َه َّم بها َف َعملها َكتََبها اهللُ َ‬
‫‪ ‬األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يبين الدارس جزاء عمل الحسنات ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يبين الدارس جزاء عمل السيئات ‪.‬‬
‫الهم بالحسنات وجزاءه ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يشرح الدارس ّ‬
‫الهم بالسيئات وجزاءه ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يشرح الدارس ّ‬
‫‪ -5‬أن يستشعر الدارس فضل اهلل تعالى على عباده ‪.‬‬
‫مفردات الحديث‪:‬‬
‫"كتب الحسنات والسيئات"‪ :‬أمر المالئكة الحفظة بكتابتهما‪ _ C‬كما في علمه _ على َوفق الواقع‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫" َه َّم"‪ :‬أراد وقصد‪.‬‬
‫"بحسنة"‪ :‬بطاعة مفروضة أو مندوبة‪.‬‬
‫"ضعف"‪ :‬مثل‪.‬‬
‫"سيئة"‪ :‬بمعصية صغيرة كانت أو كبيرة‪.‬‬
‫المعنى العام‪:‬‬
‫تضمن الحديث كتابة الحسنات والسيئات‪ ،‬والهم بالحسنة والسيئة‪ ،‬وفيما يلي األنواع األربعة‪:‬‬
‫عمل الحسنات‪ :‬كل حسنة عملها العبد المؤمن له بها عشر حسنات‪ ،‬وذلك ألنه لم يقف بها عند الهم والعزم‪ ،‬بل‬
‫ش ُر أ َْمثَ ِال َها} [األنعام‪ .]160 :‬وأما‬ ‫س َن ِة َفلَ ُه َع ْ‬
‫اء ِبا ْل َح َ‬
‫أخرجها إلى ميدان العمل‪ ،‬ودليل ذلك قوله تعالى‪َ { :‬م ْن َج َ‬
‫يل اللَّ ِه‬
‫س ِب ِ‬ ‫ِ‬
‫ون أ َْم َوالَ ُه ْم في َ‬
‫ين ي ِ‬
‫نفقُ َ‬ ‫ِ‬
‫المضاعفة على العشر لمن شاء اهلل أن يضاعف له‪ ،‬فدليله قول اهلل تعالى‪َ { :‬مثَ ُل الَّذ َ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ش ُ َّ‬ ‫ف ِل َم ْن َي َ‬ ‫ض ِ‬ ‫َّة أَ ْنبتَ ْت س ْبع س َنا ِب َل ِفي ُك ِّل س ْنبلَ ٍة ِم َائ ُة حب ٍ‬
‫َّة َواللَّ ُه ُي َ‬ ‫ٍ‬
‫يم} [البقرة‪.]261 :‬‬ ‫اء َوالل ُه َواسعٌ َعل ٌ‬ ‫اع ُ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َك َمثَ ِل َحب َ‬
‫روى‪ C‬مسلم عن ابن مسعود قال‪" :‬جاء رجل بناقة مخطومة فقال‪ :‬يا رسول اهلل هذه في سبيل اهلل‪ ،‬فقال‪ :‬لك بها يوم‬
‫القيامة َس ْبعُ ِمَئ ِة ناقة"‪.‬‬
‫ومضاعفة الحسنات زيادة على العشر إنما تكون بحسب حسن اإلسالم‪ ،‬وبحسب كمال اإلخالص‪ ،‬وبحسب‬
‫فضل العمل وإ يقاعه في محله المالئم‪.‬‬
‫الس ِّي َئ ِة فَال‬
‫اء ِب َّ‬
‫عمل السيئات‪ :‬وكل سيئة يقترفها‪ C‬العبد تكتب سيئة من غير مضاعفة‪ ،‬قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َج َ‬
‫ون} [األنعام‪ ،]160 :‬لكن السيئة تعظم أحياناً بسبب شرف الزمان أو المكان أو الفاعل‪:‬‬ ‫ُي ْج َزى إِال ِمثْلَ َها َو ُه ْم ال ُي ْظلَ ُم َ‬
‫فالسيئة أعظم تحريماً عند اهلل في األشهر الحرم‪ ،‬لشرفها عند اهلل‪.‬‬
‫والخطيئة في الحرم أعظم لشرف المكان‪.‬‬
‫والسيئة من بعض عباد اهلل أعظم‪ ،‬لشرف فاعلها وقوة معرفته باهلل وقربه منه سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫الهم بالحسنات‪ :‬ومعنى‪ C‬الهم اإلرادة والقصد‪ ،‬والعزم‪ C‬والتصميم‪ ،‬ال مجرد الخاطر‪ ،‬فمن هم بحسنة كتبها اهلل‬
‫عنده حسنة واحدة‪ ،‬وذلك ألن الهم بالحسنة سبب وبداية إلى عملها‪ ،‬وسبب الخير خير‪ ،‬وقد ورد تفسير الهم في حديث‬
‫أبي هريرة عند مسلم "إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة"‪.‬‬
‫الهم بالسيئات‪ :‬وإ ذا هم العبد بسيئة ولم يعملها‪ ،‬كتبت له حسنة كاملة‪ ،‬وفي‪ C‬حديث البخاري‪" C‬وإ ن تركها من‬
‫أجلي" وهذا يدل على أن ترك العمل مقيد بكونه هلل تعالى‪ ،‬والتارك يستحق‪ C‬الحسنة الكاملة‪ ،‬ألنه قصد‪ C‬عمالً صالحاً‪،‬‬
‫وهو إرضاء اهلل تعالى بترك العمل السيء‪ .‬أما من ترك السيئة بعد الهم بها مخافة من المخلوقين أو مراءاة لهم‪ ،‬فإنه ال‬
‫يستحق‪ C‬أن تكتب له حسنة‪.‬‬
‫وقال الخطابي‪ :‬محل كتابة الحسنة على الترك أن يكون التارك قد قدر على الفعل ثم تركه‪ ،‬ألن اإلنسان ال‬
‫يسمى تاركاً إال مع القدرة ويدخل فيه من حال بينه وبين حرصه على الفعل مانع‪ ،‬كأن يمشي إلى مكان يرتكب فيه‬
‫المنكر فيجد الباب مغلقاً ويتعسر فتحه‪.‬‬
‫أن رحمة اهلل بعباده المؤمنين واسعة‪ ،‬ومغفرته شاملة‪ ،‬وعطاءه غير محدود‪.‬‬
‫ال يؤاخذ اهلل تعالى على حديث النفس والتفكير بالمعصية إال إذا صدق ذلك العمل والتنفيذ‪.‬‬
‫على المسلم أن ينوي فعل الخير دائماً وأبداً‪ ،‬لعله يكتب له أجره وثوابه‪ ،‬ويروض‪ C‬نفسه على فعله إذا تهيأت له‬
‫األسباب‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫اإلخالص في فعل الطاعة وترك‪ C‬المعصية هو األساس في ترتب الثواب‪ ،‬وكلما عظم اإلخالص كلما تضاعف‬
‫األجر وكثر‪ C‬الثواب‪.‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬بين جزاء عمل الحسنات ‪.‬‬
‫‪ -2‬بين جزاء عمل السيئات ‪.‬‬
‫الهم بالحسنات ‪.‬‬
‫‪ -3‬اشرح جزاء ّ‬
‫الهم بالسيئات ‪.‬‬
‫‪ -4‬اشرح جزاء ّ‬
‫‪ -5‬هل تستشعر‪ C‬الدارس فضل اهلل تعالى على عباده من خالل هذا الحديث – عبِّر عن مشاعرك ‪.‬‬

‫الحديث الثامن والثالثون‬


‫اهلل تعالى و َن ْي ِل َم َحب َِّته‬‫رب ِم َن ِ‬ ‫سائ ُل القُ ِ‬‫و ِ‬
‫َ‬
‫ادى لي‬ ‫"إن اهلل تَعالَى قَال ‪َ :‬م ْن َع َ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪َّ :‬‬ ‫عن أبي ُهر ْيرةَ رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسو ُل ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫الن َو ِافل‬
‫ب إلَ َّي ِب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َعلَ ْيه‪َ ،‬و َما َي َزا ُل َع ْبدي َيتَقََّر ُ‬ ‫ضُ‬ ‫ب إلَ َّي ِم َّما افْتََر ْ‬ ‫َح َّ‬ ‫وِل ّياً فَقَ ْد آ َذ ْنتُ ُه ِبا ْلحر ِب‪ ،‬وما تَقََّرب إلَ َّي ع ْب ِدي ِب َ ٍ‬
‫ش ْيء أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ‬
‫بها‪َ ،‬و ِر ْجلَ ُه الّتي َي ْمشي‬ ‫ش َ‬ ‫به‪َ ،‬و َي َدهُ الّتي َي ْب ِط ُ‬ ‫صر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬
‫ص َرهُ الذي ُي ْب ُ‬
‫ِ‬
‫س َمعُ به‪َ ،‬و َب َ‬
‫ِ‬
‫س ْم َع ُه الَّذي َي ْ‬
‫ت َ‬‫َح َب ْبتُ ُه ُك ْن ُ‬
‫َّه‪ ،‬فإ َذا أ ْ‬ ‫حتَّى أ ِ‬
‫ُحب ُ‬ ‫َ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ألع ِطي َّن ُه‪ ،‬ولَ ِئ ِن استَعا َذ ِني أل ِ‬
‫ُعي َذ َّن ُه"‪َ .‬ر َواهُ ا ْل ُب َخ ِ‬
‫ار ُّ‬ ‫ِبها‪ ،‬وإ ْن ِ‬
‫ْ َ‬ ‫سأَلني ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يعرف الدارس من هم أولياء اهلل تعالى ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يشرح الدارس خطورة معاداة أولياء اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يبين الدارس أفضل األعمال وأحبها إلى اهلل تعالى ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يبين الدارس أفضل الوسائل للتقرب إلى اهلل تعالى ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يوضح الدارس أثر محبة اهلل تعالى ألوليائه ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يعبر الدارس عما يجد فى نفسه من أثر حين يتقرب إلى اهلل تعالى بالطاعات ‪.‬‬
‫يقوم الدارس نفسه على ماورد‪ C‬فى الحديث ‪.‬‬
‫‪ -7‬أن ّ‬
‫مفردات الحديث‪:‬‬
‫"عادى"‪ :‬آذى وأبغض وأغضب بالقول أو الفعل‪ .‬المراد بولي اهلل العالم باهلل تعالى‪ ،‬المواظب على طاعته‪،‬‬
‫المخلص في عبادته‪.‬‬
‫"فقد آذنته بالحرب"‪ :‬آذنته‪ :‬أعلمته‪ ،‬والمعنى‪ C‬أن من آذى مؤمناً فقد آذنه اهلل أنه محارب له‪ ،‬واهلل تعالى إذا‬
‫حارب العبد أهلكه‪.‬‬
‫"النوافل"‪ :‬ما زاد على الفرائض من العبادات‪.‬‬
‫"استعاذني"‪ :‬طلب العوذ والحفظ مما يخاف منه‪.‬‬
‫"ألعيذنه"‪ :‬ألحفظنه مما يخاف‪.‬‬
‫المعنى العام‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫أولياء اهلل تعالى‪ :‬هم ُخلَّص عباده القائمون بطاعاته المخلصون له‪ ،‬وقد‪ C‬وصفهم اهلل سبحانه وتعالى‪ C‬في كتابه‬
‫آم ُنوا‬ ‫ون * الَِّذ َ‬
‫ين َ‬ ‫اء اللَّ ِه ال َخ ْو ٌ‬
‫ف َعلَ ْي ِه ْم َوال ُه ْم َي ْح َز ُن َ‬ ‫الكريم بصفتين هم اإليمان والتقوى‪ ،‬فقال تعالى‪{ :‬أَال إِ َّن أ َْوِل َي َ‬
‫ون} [يونس‪ ،]63-62 :‬فالركن األول للوالية هو اإليمان باهلل‪ ،‬والركن الثاني لها هو التقوى‪ ،‬وهذا يفتح‬ ‫َو َكا ُنوا َيتَّقُ َ‬
‫الباب واسعاً وفسيحاً أمام الناس ليدخلوا إلى ساحة الوالية‪ ،‬ويتفيؤوا ظالل أمنها وطمأنينتها‪.‬‬
‫وأفضل‪ C‬أولياء اهلل تعالى هما األنبياء والرسل‪ ،‬المعصومون عن كل ذنب أو خطيئة‪ ،‬المؤيدون بالمعجزات من‬
‫عند اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬وأفضل‪ C‬األولياء بعد األنبياء والرسل أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬الذين عملوا‬
‫بكتاب اهلل وسنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومن جاء بعدهم من القرون حتى أيامنا هذه ممن ينسب إلى الوالية‪،‬‬
‫وال يكون ولياً هلل حقاً إال إذا تحقق في شخصه اإليمان والتقوى‪ ،‬واتبع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم واهتدى بهديه‬
‫واقتدى به في أقواله وأفعاله‪.‬‬
‫معاداة أولياء اهلل تعالى‪ :‬إن كل من يؤذي مؤمناً تقياً‪ ،‬أو يعتدي عليه في ماله أو نفسه أو عرضه‪ ،‬فإن اهلل‬
‫تعالى يعلمه أنه محارب له‪ ،‬وإ ذا حارب اهلل عبداً أهلكه‪ ،‬وهو يمهل وال يهمل‪ ،‬ويمد للظالمين مداً ثم يأخذهم أخذ عزيز‬
‫مقتدر‪ ،‬وقد وقع في بعض روايات الحديث أن معاداة الولي وإ يذاءه محاربةٌ هلل‪ ،‬ففي حديث عائشة رضي‪ C‬اهلل عنها في‬
‫المسند "من آذى ولياً فقد استحل محاربتي"‪.‬‬
‫أفضل األعمال وأحبها إلى اهلل تعالى أداء الفرائض‪ :‬وهذه الفائدة صريحة في قول اهلل تعالى في هذا الحديث‪:‬‬
‫إلي مما افترضت‪ C‬عليه"‪.‬‬ ‫إلي عبدي بشيء َّ‬
‫أحب َّ‬ ‫"ما تقرب َّ‬
‫ومن الفرائض المقربة إلى اهلل تعالى َع ْد ُل الراعي في رعيته سواء كانت رعية عامة كالحاكم‪ ،‬أو رعية خاصة‪،‬‬
‫كعدل آحاد الناس في أهله وولده‪ ،‬ففي الترمذي‪ C‬عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬إن أحب‬
‫العباد إلى اهلل يوم القيامة وأدناهم‪ C‬إليه مجلساً إمام عادل"‪.‬‬
‫من أداء الفرائض ترك المعاصي‪ :‬ألن اهلل تعالى افترض على عباده ترك المعاصي‪ ،‬وأخبر سبحانه أن من‬
‫تعدى حدوده وارتكب معاصيه‪ ،‬كان مستحقاً للعقاب األليم في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وبهذا يكون ترك المعاصي‪ C‬من هذه‬
‫إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه"‪.‬‬
‫الناحية داخالً تحت عموم قوله‪" :‬وما تقرب َّ‬
‫التقرب إلى اهلل تعالى بالنوافل‪ :‬وال يحصل هذا التقرب والتحبب إال بعد أداء الفرائض‪ ،‬ويكون باالجتهاد في‬
‫نوافل الطاعات‪ ،‬من صالة وصيام‪ C‬وزكاة وحج ‪ ،...‬وكف النفس عن دقائق المكروهات‪ C‬بالورع‪ ،‬وذلك يوجب للعبد‬
‫محبة اهلل‪ ،‬ومن أحبه اهلل رزقه طاعته واالشتغال‪ C‬بذكره وعبادته‪.‬‬
‫ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى اهلل تعالى من النوافل كثرة تالوة القرآن وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم‪ ،‬ومن‬
‫أذكركم} [البقرة‪.]152 :‬‬
‫فاذكروني ْ‬ ‫أعظم النوافل كثرة ذكر اهلل‪ ،‬قال تعالى‪ُ { :‬‬
‫أثر محبة اهلل في وليه‪ :‬يظهر أثر محبة اهلل في وليه بما ورد في الحديث "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‪،‬‬
‫وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشي بها" وفي بعض الروايات "وقلبه الذي يعقل به‪ ،‬ولسانه‬
‫الذي ينطق به" ‪.‬‬
‫ورقَّاه من درجة‬
‫قال ابن رجب‪ :‬والمراد‪ C‬من هذا الكالم أن من اجتهد بالتقرب إلى اهلل بالفرائض ثم بالنوافل قََّربه إليه َ‬
‫اإليمان إلى درجة اإلحسان‪ ،‬فيصير‪ C‬يعبد اهلل على الحضور‪ C‬والمراقبة كأنه يراه‪ ،‬فيمتلئ‪ C‬قلبه بمعرفة اهلل تعالى ومحبته‬
‫وعظمته‪ ،‬وخوفه ومهابته‪ ،‬واألنس به والشوق إليه‪ ،‬حتى يصير‪ C‬الذي في قلبه من المعرفة مشاهداً له بعين البصيرة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ومتى امتأل القلب بعظمة اهلل تعالى محا ذلك من القلب كل ما سواه‪ ،‬ولم يبق للعبد شيء من نفسه وهواه‪ ،‬وال‬
‫إرادة إال لما يريده منه مواله‪ ،‬فحينئذ‪ C‬ال ينطق العبد إال بذكره‪ ،‬وال يتحرك إال بأمره‪ ،‬فإن نطق نطق باهلل‪ ،‬وإ ن سمع سمع‬
‫به‪ ،‬وإ ن نظر نظر به‪ ،‬وإ ن بطش بطش به‪ .‬فهذا هو المراد بقوله ‪" :‬كنت سمعه الذي يسمع به ‪."...‬‬
‫وقد‪ C‬ذهب الشوكاني إلى أن المراد‪ :‬إمداد الرب سبحانه لهذه األعضاء بنوره الذي تلوح به طرائق‪ C‬الهداية‬
‫الغ َواية‪.‬‬
‫وتنقشع عنده سحب َ‬
‫الولي مجاب الدعوة‪ :‬ومن تكريم اهلل لوليه أنه إذا سأله شيئاً أعطاه‪ ،‬وإ ن استعاذ به من شيء أعاذه منه‪ ،‬وإ ن‬
‫دعاه أجابه‪ ،‬فيصير مجاب الدعوة لكرامته على اهلل تعالى‪ ،‬وقد‪ C‬كان كثير من السلف الصالح معروفاً بإجابة الدعوة‪،‬‬
‫كالبراء بن مالك‪ ،‬والبراء بن عازب‪ ،‬وسعد‪ C‬بن أبي وقاص ‪ ..‬وغيرهم‪ ،‬وربما دعا المؤمن المجاب الدعوة بما يعلم اهلل‬
‫الخيرة له في غيره‪ ،‬قال ‪ :‬فال يجيبه إلى سؤاله ويعوضه بما هو خير له‪ ،‬إما في الدنيا أو في اآلخرة‪ ،‬فقد أخرج أحمد‬
‫والبزار‪ C‬وأبو يعلى بأسانيد‪ C‬جيدة‪ ،‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم وال قطيعة‬
‫رحم‪ ،‬إال أعطاه اهلل بها إحدى ثالث‪ :‬إما أن يعجل له دعوته‪ ،‬وإ ما أن يدخرها له في اآلخرة‪ ،‬وإ ما أن يصرف‪ C‬عنه من‬
‫السوء مثلها"‪.‬‬
‫ما يستفاد من الحديث‬
‫ِع َ‬
‫ظم قدر الولي‪ ،‬لكونه خرج من تدبير نفسه إلى تدبير ربه تعالى‪ ،‬ومن انتصاره لنفسه إلى انتصار‪ C‬اهلل له‪،‬‬
‫وعن حوله وقوته بصدق توكله‪.‬‬
‫أن ال يحكم إلنسان آذى ولياً ثم لم يعاجل بمصيبة في نفسه أو ماله أو ولده‪ ،‬بأنه يسلم من انتقام اهلل تعالى له‪ ،‬فقد‬
‫تكون مصيبته في غير ذلك مما هو أشبه عليه‪ ،‬كالمصيبة في الدين مثالً‪.‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬من هم أولياء اهلل تعالى ‪.‬‬
‫‪ -2‬اشرح خطورة معاداة أولياء اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫‪ -3‬بين أفضل األعمال وأحبها إلى اهلل تعالى ‪.‬‬
‫‪ -4‬بين أفضل الوسائل للتقرب إلى اهلل تعالى ‪.‬‬
‫‪ -5‬وضح أثر محبة اهلل تعالى ألوليائه ‪.‬‬
‫‪ -6‬عبر عما تجد فى نفسك من أثر حين تتقرب إلى اهلل تعالى بالطاعات ‪.‬‬
‫قوم‪ C‬نفسك على ماورد‪ C‬فى الحديث من توجيهات ‪.‬‬
‫‪ّ -7‬‬

‫الحديث التاسع والثالثون‬


‫اإل ِ‬
‫سالم‬ ‫الح َر ِج في ِ‬
‫َرفْعُ َ‬
‫جاو َز ِلي َع ْن أ َّ‬
‫ُمتي‪:‬‬ ‫"إن اهلل تَ َ‬
‫ال ‪َّ :‬‬ ‫ضي اهلل ع ْنهما‪ :‬أن رسول ِ‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم َق َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ ِ‬
‫َعن ْابن َعبَّاس َر َ‬
‫ِ‬
‫استُ ْك ِر ُهوا َعلَ ْي ِه"‪.‬‬
‫سياَ َن‪َ ،‬و َما ْ‬ ‫طأَ‪ِّ ،‬‬
‫والن ْ‬ ‫ا ْل َخ َ‬
‫‪41‬‬
‫‪ ‬األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يبين الدارس فضل اهلل تعالى على هذه األمة ورفع‪ C‬الحرج عنها ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يذكر الدارس أمثلة تبين كيف أن اهلل عز وجل رفع الحرج عن األمة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يذكر الدارس األحكام المترتبة على الخطأ والنسيان وفعل المكره ‪.‬‬
‫مفردات الحديث‪:‬‬
‫"تجاوز"‪ :‬عفا‪.‬‬
‫"لي"‪ :‬ألجلي وتعظيم أمري ورفعة قدري‪.‬‬
‫"أمتي"‪ :‬أمة اإلجابة‪ ،‬وهي كل من آمن به صلى اهلل عليه وسلم واستجاب لدعوته‪.‬‬
‫"الخطأ"‪ :‬ضد العمد ال ضد الصواب‪.‬‬
‫"النسيان"‪ :‬ضد ِّ‬
‫الذ ْكر‪.‬‬
‫"استكرهوا عليه"‪ :‬يقال‪ :‬أكرهته على كذا إذا حملته عليه قهراً‪.‬‬
‫المعنى العام ‪:‬‬
‫إن من أتى بشيء مما نهى اهلل عنه‪ ،‬أو أخل بشيء مما أمر اهلل تعالى به‪ ،‬دون قصد منه لذلك الفعل أو الخلل‪ ،‬وكذلك من‬
‫صدر عنه مثل هذا نسياناً أو أُجبر عليه‪ ،‬فإنه ال يتعلق بتصرفه ذم في الدنيا وال مؤاخذة في اآلخرة‪ ،‬فضالً من اهلل تبارك‬
‫وتعالى‪ C‬ونعمة‪.‬‬
‫فضل اهلل عز وجل على هذه األمة ورفع الحرج عنها‪ :‬وهكذا لقد كان فضل اهلل عز وجل عظيماً على هذه‬
‫األمة‪ ،‬إذ خفف عنها من التكليف ما كان يأخذ به غيرها من األمم السابقة‪ ،‬فقد كان بنو إسرائيل‪ :‬إذا أُمروا بشيء فنسوه‪،‬‬
‫أو نهوا عن شيء فأخطؤوه وقارفوه عجل اهلل تعالى لهم العقوبة‪ ،‬وآخذهم عليه‪ ،‬بينما استجاب لهذه األمة دعاءها الذي‬
‫ِ‬ ‫اخ ْذ َنا إِ ْن َن ِسي َنا أ َْو أ ْ‬
‫ألهمها إياه‪ ،‬وأرشدها‪ C‬إليه جل وعال‪ ،‬إذ قال‪{ :‬ر َّب َنا ال تُ َؤ ِ‬
‫طأْ َنا َر َّب َنا َوال تَ ْحم ْل َعلَ ْي َنا إِ ْ‬
‫ص ًرا َك َما َح َم ْلتَ ُه‬ ‫َخ َ‬ ‫َ‬
‫طاقَ َة لَ َنا ِبه} [البقرة‪ .]286 :‬فتجاوز‪ C‬سبحانه عما يقع خطأً أو نسياناً فلم‬ ‫ِ‬ ‫ين ِم ْن قَ ْبِل َنا َر َّب َنا َوال تُ َح ِّم ْل َنا َما ال َ‬
‫َعلَى الَِّذ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫يؤاخذها‪ C‬به‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ولَ ْيس علَ ْي ُكم ج َن ِ‬
‫وب ُك ْم} [األحزاب‪ .]5 :‬أي ال تؤاخذون‬ ‫طأْتُ ْم ِبه َولَك ْن َما تَ َع َّم َد ْت ُقلُ ُ‬‫َخ َ‬‫يما أ ْ‬
‫اح ف َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ٌ‬
‫فيما وقع منكم خطأً‪ ،‬ومثله النسيان‪ ،‬ولكن تؤاخذون بما قصدتم إلى فعله‪ .‬كما أنه سبحانه لم يكلفها من األعمال ما تعجز‬
‫عن القيام به في العادة‪ ،‬ولم يحملها من التكاليف ما فيه عسر وحرج‪ ،‬أو يوقع التزامه في مشقة وضيق‪ ،‬وذلك المتثالها‬
‫س ِم ْع َنا َوأَ َ‬
‫ط ْع َنا ُغ ْف َرا َن َك َر َّب َنا َوإِلَ ْي َك‬ ‫أمر اهلل عز وجل على لسان رسوله المصطفى صلى اهلل عليه وسلم إذ قالت‪َ {:‬‬
‫ير} [البقرة‪.]285 :‬‬ ‫ِ‬
‫ا ْل َمص ُ‬

‫اقتضت حكمة اهلل عز وجل‪ :‬أن ال يؤاخذ فرداً من هذه األمة إال إذا تعمد العصيان‪ ،‬وقصد قلبه المخالفة وترك‪C‬‬
‫االمتثال‪ ،‬عن رغبة وطواعية‪ .‬والعفو عن ذلك _ أي عن إثم الخطأ والنسيان واإلكراه _ هو مقتضى الحكمة والنظر‪،‬‬
‫مع أنه تعالى لو آخذ بها لكان عادالً‪.‬‬
‫قتل الخطأ‪ :‬من قصد‪ C‬إلى رمي صيد أو عدو فأصاب مسلماً أو معصوم‪ C‬الدم فإنه ال إثم عليه وال ذنب‪ ،‬وإ ن كان‬
‫هذا ال يعفيه من المطالبة بالدية والكفارة‪.‬‬
‫تأخير الصالة عن وقتها‪ :‬من أخر الصالة عن وقتها‪ C‬بعذر كنوم أو نسيان فإنه ال يأثم‪ ،‬ولكنه يطالب بالقضاء‬
‫فور‪ C‬االستيقاظ أو التذكر‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫تفصيل القول في حكم الخطأ والنسيان‪:‬‬
‫أوالً‪:‬‬
‫إن َوقَ َع الخطأ أو النسيان في ترك مأمور به لم يسقط‪ ،‬بل يجب تداركه‪ .‬ومثال ذلك في الخطأ‪ :‬ما لو دفع زكاة‬
‫ماله إلى من ظنه فقيراً‪ ،‬فبان غنياً‪ ،‬لم تجزئ عنه‪ ،‬ووجب عليه دفعها للفقير‪ ،‬وله أن يرجع بها على الغني‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬‬
‫إن وقع الخطأ أو النسيان في فعل منهي عنه‪ ،‬ليس من باب اإلتالف‪ ،‬فال شيء عليه‪ .‬ومثاله في الخطأ‪ :‬من‬
‫شرب خمراً‪ ،‬ظاناً أنها شراب غير مسكر‪ ،‬فال حد عليه وال تعزيز‪ ،‬وفي النسيان ‪ :‬ما لو تطيب المحرم أو لبس مخيطاً‬
‫ونحو‪ C‬ذلك‪ ،‬ناسياً فال شيء عليه‪.‬‬
‫ثالثاً‪:‬‬
‫إن وقع الخطأ أو النسيان في فعل منهي عنه‪ ،‬هو من باب اإلتالف‪ ،‬لم يسقط الضمان‪ ،‬ومثاله‪ :‬ما لو قُ ِّدم له‬
‫طعام مغصوب ضيافة‪ ،‬فأكل منه ناسياً أنه مغصوب أو ظناً منه أنه غير مغصوب‪ ،‬فإنه ضامن‪ ،‬ومثله لو قتل صيداً‬
‫وهو محرم‪ ،‬ناسياً إلحرامه أو جاهالً للحكم‪ ،‬فعليه الفدية‪.‬‬
‫ماال يعذر به الناسي‪ :‬ما سبق من القول من رفع المؤاخذة عما وقع من تصرف‪ C‬نسياناً إنما هو في الناسي الذي‬
‫لم يتسبب في نسيانه‪ ،‬أما من تسبب في ذلك كأن ترك التحفظ وأعرض عن أسباب التذكر‪ ،‬فإنه قد يؤاخذ عن تصرفه‬
‫ولو وقع منه نسياناً‪ ،‬وذلك‪ :‬كمن رأى نجاسة في ثوبه فتباطأ‪ C‬عن إزالتها حتى صلى بها ناسياً لها‪ ،‬فإنه يعد مقصراً مع‬
‫وجوب القضاء عليه‪.‬‬
‫المكره‪ :‬تختلف األحكام المترتبة على فعل المكره حسب درجة اإلكراه‪ ،‬وطبيعة الفعل‬
‫َ‬ ‫ما يترتب على فعل‬
‫المكره عليه‪:‬‬
‫فقد يكون اإلكراه ملجئاً‪ :‬بمعنى أن المكره يصبح في حالة ال يكون له اختيار في فعل ما أُكره عليه بالكلية وال‬
‫وح ِم َل كرهاً‪ ،‬وأُدخل إلى مكان حلف على االمتناع من دخوله‪ ،‬فال إثم‬
‫قدرة لديه على االمتناع منه‪ ،‬وذلك‪ :‬كمن ُربِط ُ‬
‫عليه باالتفاق‪ ،‬وال يترتب عليه حنث في يمينه عند الجمهور‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ملجئ‪ :‬بمعنى أن المكره يستطيع أن يمتنع عن فعل ما أكره عليه‪ ،‬فإذا كان المكره على هذه‬ ‫وقد‪ C‬يكون اإلكراه غير‬
‫الحال فإن فعله يتعلق به التكليف‪ ،‬وذلك‪ :‬كمن أكره بضرب أو غيره حتى فعل‪ ،‬فإن كان يمكنه أن ال يفعل فهو مختار‬
‫لفعله‪ ،‬لكن ليس غرضه نفس الفعل‪ ،‬بل دفع الضرر عنه‪ ،‬فهو مختار من وجه‪ ،‬وغير مختار من وجه آخر‪ ،‬ولهذا‬
‫اختلف فيه‪ :‬هل هو مكلف أم ال ؟[انظر الفقه ‪:‬كتاب اإلكراه]‪.‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬بين فضل اهلل تعالى على هذه األمة ورفع الحرج عنها ‪.‬‬
‫‪ -2‬أذكر أمثلة تبين كيف أن اهلل عز وجل رفع الحرج عن األمة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أذكر األحكام المترتبة على الخطأ والنسيان وفعل المكره ‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الحديث األربعون‬
‫ِ‬
‫للفوز باآلخرة‬ ‫اغتنام الدُّنيا‬
‫ُ‬

‫‪43‬‬
‫كأن َك‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم ِب َم ْن ِك َب َّي فقال ‪ُ " :‬ك ْن في ُّ‬
‫الد ْنيا َّ‬ ‫ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬أَ َخ َذ رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عن ِ ُ َ َ‬
‫عابر س ِبيل"‪.‬‬
‫يب‪ ،‬أو ُ‬‫َغ ِر ٌ‬
‫ِ‬
‫مساء‪ ،‬و ُخ ْذ‬‫أص َب ْح َت فال تَ ْنتَظ ِر الَ َ‬ ‫س ْي َت فال تَ ْن ِ‬
‫تظر الصبَّاح‪ ،‬وإ ذا ْ‬ ‫أم َ‬
‫ابن ُع َم َر َرضي اهللُ عنهما يقو ُل‪ :‬إذا ْ‬ ‫وكان ُ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫البخاري‪.‬‬‫م ْن صحَّتك ل َمرضك‪ ،‬و ِم ْن َحياتك ل َم ْو ِت َك‪َ .‬رواهُ ُ‬

‫‪ ‬األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن يتعلم الدارس كيف كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يربي أصحابه ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح الدارس ما يجب أن يكون عليه حال المؤمن مع الدنيا كما فى وصية رسول اهلل ‪‬‬
‫‪ -3‬أن يبين الدارس حث الرسول ص على الزهد فى الدنيا واإلعراض عن مشاغلها ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يغتنم الدارس كل أوقاته فى طاعة اهلل ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يستعد الدارس للقاء اهلل عز وجل دائماً‬
‫يقوم الدارس مدى استفادته من هذا الحديث ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن ِّ‬
‫مفردات الحديث‪:‬‬
‫"أخذ"‪ :‬أمسك‪.‬‬
‫ِ‬
‫منكب‪،‬والمنكب‪ :‬مجتمع رأس العضد والكتف‪.‬‬ ‫"بمنكبي" بتشديد الياء‪َّ ،‬‬
‫مثنى‬ ‫ّ‬
‫"إذا أمسيت"‪ :‬دخلتفي المساء‪ ،‬وهو من الزوال إلى نصف الليل‪.‬‬
‫"إذا أصبحت"‪ :‬دخلت في الصباح‪ ،‬وهو من نصف الليل إلى الزوال‪.‬‬
‫المعنى العام‪:‬‬
‫الرسول المربي‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم معلماً ألصحابه ومربياً‪ C،‬وقد سبق في تعليمه وتربيته لهم‬
‫أحدث ما توصل إليه علماء التربية الحديثة من طرق‪ C‬ووسائل‪ ،‬فهو يغتنم الفرص والمناسبات‪ ،‬ويضرب‪ C‬لهم األمثال‪،‬‬
‫ومشاهد‪ ،‬ويتخولهم‪ C‬بالموعظة ويخاطبهم بما تقتضيه حاجتهم‪ ،‬وتدركه عقولهم‪.‬‬
‫وينقل لهم المعنى المجرد إلى محسوس ُ‬
‫بمنكبي عبد اهلل بن عمر‪ ،‬لينبهه إلى ما ُيلقى إليه من علم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في هذا الحديث يأخد‬
‫وليشعره باهتمامه وحرصه على إيصال هذا العلم إلى قرارة نفسه‪ .‬وحكمة ذلك ما فيه من التأنيس والتنبيه والتذكير‪ ،‬إذ‬
‫محا ٌل عادةً أن َي ْن َسى من فُ ِعل ذلك معه‪ ،‬ففيه دليل على محبته صلى اهلل عليه وسلم البن عمر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فناء الدنيا وبقاء اآلخرة‪ُ { :‬ك ُّل َن ْف ٍ ِ‬
‫ب َغ ًدا َو َما‬ ‫س َذائقَ ُة ا ْل َم ْوت} [آل عمران‪َ { ]185 :‬و َما تَ ْد ِري َن ْف ٌ‬
‫س َما َذا تَ ْكس ُ‬
‫وت} [لقمان‪.]34 :‬‬ ‫َي أ َْر ٍ‬
‫ض تَ ُم ُ‬ ‫س ِبأ ِّ‬
‫تَ ْد ِري َن ْف ٌ‬
‫مشاه َدةٌ‪ ،‬نراها كل يوم وليلة‪ ،‬والحياة الباقية هي‬
‫َ‬ ‫فهذه الدنيا فانية مهما طال عمر اإلنسان فيها‪ ،‬وهذه حقيقةٌ‬
‫الحياة األخروية‪.‬‬
‫فالمؤمن العاقل هو الذي ال يغتر بهذه الدنيا‪ ،‬وال يسكن إليها ويطمئن بها‪ ،‬بل يقصر أمله فيها‪ ،‬ويجعلها‪ C‬مزرعة‬
‫يبذر فيها العمل الصالح ليحصد ثمراته في اآلخرة‪ ،‬ويتخذها مطية للنجاة على الصراط الممدود‪ C‬على متن جهنم‪ ،‬وقال‬
‫ال في ظل شجرة ثم راح وتركها"‪ .‬قَا َل‪:‬‬
‫رسول اهلل صلى عليه وسلم‪" :‬مالي وللدنيا‪ ،‬إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قَ َ‬
‫نام في النهار ليستريح‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الدنيا معبر وطريق لآلخرة‪ :‬والمؤمن إما غريب فيها أو عابر سبيل‪ ،‬فهو ال يركن إليها‪ ،‬وال ُي ْش َغل بزخرفها‬
‫ويخدع‪ C‬بما فيها‪ ،‬إنما يستشعر‪ C‬المؤمن في نفسه وقلبه دائماً وأبداً‪ ،‬أن يعيش في هذه الدنيا عيش الغريب عن وطنه‪ ،‬البعيد‬
‫عن أهله وعياله‪ ،‬فهو دائماً وأبداً‪ ،‬في شوق‪ C‬إلى الوطن‪ ،‬وفي‪ C‬حنين إلى لقيا األهل والعيال واألحباب‪ ،‬وال يزال قلبه‬
‫يتلهف إلى مفارقته فهو ال يشيد فيه بناء‪ ،‬وال يقتني فراشاً‪ C‬وال أساساً‪ ،‬بل يرضى‪ C‬بما تيسر له‪ ،‬ويدخر‪ C‬من دار الغربة‪،‬‬
‫ويجمع من الهدايا والتحف‪ ،‬ما يتنعم به في بلده‪ ،‬بين األهل وذوي القربى‪ ،‬ألنه يعلم أن هناك المقام والمستقر‪ ،‬وهكذا‬
‫الد ْنيا ِفي ِ‬
‫اآلخ َر ِة إِال‬ ‫ِ‬
‫المؤمن يزهد في الدنيا‪ ،‬ألنها ليست بدار مقام‪ ،‬بل هي لحظات بالنسبة لآلخرة {فَ َما َمتَاعُ ا ْل َح َياة ُّ َ‬
‫اآلخ َرةَ ِهي َد ُار ا ْلقََر ِ‬
‫ار} [غافر‪.]39 :‬‬ ‫َقِلي ٌل} [التوبة‪{ ]38 :‬وإِ َّن ِ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫بل إن المؤمن يعيش في هذه الدنيا ويستقر أقل مما يعيشه الغريب عن بلده ويقيم‪ ،‬فإن الغريب ربما طاب له‬
‫المقام‪ ،‬واتخذ المسكن واألهل والعيال‪ ،‬وليس هذا حال المؤمن في الدنيا‪ ،‬بل هو كالمسافر‪ C‬في الطريق‪ ،‬يمر َم ّر الكرام‪،‬‬
‫ونفسه تتلهف إلى الوصول‪ C‬لموطنه ومستقره‪ ،‬والمسافر ال يتخذ في سفره المساكن بل يكتفي من ذلك بالقليل‪ ،‬قدر ما‬
‫يؤنسه لقطع مسافة عبوره‪ ،‬ويساعده على بلوغ غايته وقصده‪.‬‬
‫وهكذا المؤمن في الدنيا يتخذ من مساكنها ومتاعها ما يكون عوناً في تحقيق مبتغاه في اآلخرة من الفوز برضوان اهلل‬
‫الء َي ْو َم ِئ ٍذ َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم‬ ‫ِ‬
‫تعالى ويتخذ‪ C‬من الخالن من يدله على الطريق‪ ،‬ويساعده على الوصول‪ C‬إلى شاطئ‪ C‬السالمة {األَخ ُ‬
‫ين} [الزخرف‪ ]67 :‬ويكون َح ِذراً فيها من اللصوص وقُطَّاع الطرق‪ C‬الذين يبعدونه عن اهلل عز‬ ‫ض َع ُد ٌّو إِال ا ْل ُمتَّ ِق َ‬
‫ِل َب ْع ٍ‬
‫س ِبيال * َيا‬ ‫ول َ‬ ‫س ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫ْت َم َع َّ‬‫ض الظَّ ِال ُم َعلَى َي َد ْي ِه َيقُو ُل َيا لَ ْيتَِني اتَّ َخذ ُ‬ ‫وجل وطاعته‪ ،‬كحال المسافر‪ C‬في الصحراء { َو َي ْو َم َي َع ُّ‬
‫ان َخ ُذوال} [الفرقان‪-27 :‬‬ ‫نس ِ‬
‫إل َ‬ ‫ان ِل ِ‬
‫ط ُ‬ ‫ان َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫اء ِني َو َك َ‬ ‫ِّ‬
‫َضلَّني َع ْن الذ ْك ِر َب ْع َد إِ ْذ َج َ‬
‫و ْيلَ ِتي لَ ْيتَِني لَم أَتَّ ِخ ْذ فُال ًنا َخِليال * لَقَ ْد أ َ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫الزاد التَّقوى‪ ،‬واتَّ ِ‬
‫قون‬ ‫فإن خير ِ‬
‫وتزو ُدوا َّ َ‬ ‫‪ .]29‬والمسافر يتزود‪ C‬لسفره‪ ،‬والمؤمن يتزود‪ C‬من دينه آلخرته قال اهلل تعالى‪َّ {:‬‬
‫يا أُولي األلباب} [البقرة ‪.]197 :‬‬
‫على المسلم أن يبادر إلى فعل الخير‪ ،‬واإلكثار‪ C‬من الطاعات والمبرات‪ ،‬فال يهمل وال يمهل‪ ،‬على أمل التدارك‬
‫في المستقبل‪ ،‬ألنه ال يدري متى ينتهي أجله‪.‬‬
‫ما يستفاد من الحديث‪:‬‬
‫على المسلم أن يغتنم المناسبات والفرص‪ ،‬إذا سنحت له‪ ،‬وقبل أن يفوت األوان ‪ ( .‬قصر‪ C‬األمل واإلسراع‪ C‬فى‬
‫التوبة إلى اهلل عز وجل )‬
‫وفي‪ C‬الحديث حث على الزهد في الدنيا‪ ،‬واإلعراض من مشاغلها‪ ،‬وليس معنى ذلك ترك العمل والسعي‬
‫والنشاط‪ C،‬بل المراد عدم التعلق بها واالشتغال‪ C‬بها عن عمل اآلخرة‪.‬‬
‫شأن المسلم أن يجتهد في العمل الصالح‪ ،‬ويكثر‪ C‬من وجوه الخير‪ ،‬مع خوفه وحذره دائماً من عقاب اهلل سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬فيزداد‪ C‬عمالً ونشاطاً‪ ،‬شأن المسافر الذي يبذل جهده من الحذر والحيطة‪ ،‬وهو يخشى االنقطاع في الطريق‪،‬‬
‫وعدم الوصول إلى المقصد ‪ ،‬ويستعد دائماً للموت ‪.‬‬
‫الحذر من صحبة األشرار‪ ،‬الذين هم بمثابة قطاع الطرق‪ ،‬كي ال ينحرفوا‪ C‬بالمسلم عن مقصده‪ ،‬ويحولوا‪ C‬بينه‬
‫وبين الوصول إلى غايته‪.‬‬
‫العمل الدنيوي واجب لكف النفس وتحصيل‪ C‬النفع‪ ،‬والمسلم‪ِّ C‬‬
‫يسخر ذلك كله من أجل اآلخرة وتحصيل‪ C‬األجر عند‬
‫اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ " -1‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم معلماً ألصحابه ومربياً‪ ،‬وقد‪ C‬سبق في تعليمه وتربيته لهم أحدث ما توصل‬
‫إليه علماء التربية الحديثة من طرق‪ C‬ووسائل " وضح ذلك من خالل هذا الحديث الشريف‪. C‬‬
‫‪ -2‬وضح ما يجب أن يكون عليه حال المؤمن مع الدنيا كما فى وصية رسول اهلل ‪‬‬
‫‪ -3‬بين حث الرسول ‪ ‬على الزهد فى الدنيا واإلعراض عن مشاغلها ‪.‬‬
‫‪ -4‬هل تستعد للقاء اهلل عز وجل ؟ وبم تستعد ؟‬
‫قوم‪ C‬مدى استفادتك مما جاء فى هذا الحديث من توجيهات ووصايا ‪.‬‬
‫‪ِّ -5‬‬
‫‪ ‬‬
‫الحديث الحادي واألربعون‬
‫اإليمان‬ ‫اهلل تعالى ِع َم ُ‬
‫اد ِ‬ ‫شرع ِ‬ ‫ِ‬ ‫اتباعُ‬
‫بن عمرو ْب ِن ا ْلعاص رضي اهلل عنهما قال‪ :‬قال رسو ُل ِ‬ ‫عن أبي َّ ٍ ِ‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫محمد َعبد اهلل ِ َ‬
‫ت به"‪.‬‬‫ون َهواهُ تََبعاً ِل َما ِج ْئ ُ‬ ‫ُيؤ ِم ُن َ‬
‫أح ُد ُك ْـم حتَّى ي ُك َ‬
‫صحيح‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫َّة" بإس ٍ‬
‫ناد‬ ‫حديث ص ِحيح‪ ،‬ر ِّويناهُ في "كتاب ا ْلحج ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ َ‬
‫‪ ‬األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يبين الدارس أن المسلم إنسان متكامل ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يشرح الدارس حقيقة الهوى وأنواعه ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يوضح الدارس خطورة إتباع الهوى ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يبين الدارس وجوب محبة اهلل ورسوله ودليل هذه المحبة ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يستشعر الدارس آثار محبة اهلل ورسوله فى نفسه ( آثار أن يكون هواه مع اهلل ورسوله ) ‪.‬‬
‫يقوم الدارس مدى تحققه بما ورد فى الحديث من توجيه ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن ِّ‬
‫مفردات الحديث‪:‬‬
‫"ال يؤمن"‪ :‬ال يكمل إيمانه‪ ،‬أو ال يصح‪.‬‬
‫"هواه"‪ :‬ما تحبه نفسه ويميل إليه قلبه ويرغبه طبعه‪.‬‬
‫"تبعاً"‪ :‬تابعاً له بحيث يصبح اتِّباعه كالطبع له‪.‬‬
‫"لما جئت به"‪ :‬ما أرسلني اهلل تعالى به من الشريعة الكاملة‪.‬‬
‫المعنى العام‪:‬‬
‫المسلم إنسان متكامل‪ :‬المسلم إنسان تتكامل فيه جوانب الشخصية المثالية‪ ،‬فال تعارض بين قوله وفعله‪ ،‬وال‬
‫تناقض بين سلوكه وفكره‪ ،‬بل هو إنسان يتوافق‪ C‬فيه القلب واللسان مع سائر أعضائه‪ ،‬كما يتناسق لديه العقل والفكر‬
‫والعاطفة‪ ،‬وتتوازن عنده الروح والجسد‪ ،‬ينطق لسانه بما يعتقد‪ ،‬وتنعكس عقيدته على جوارحه‪ ،‬فتُقَ ِّوم سلو َكه وتُ َس ِّدد‬
‫تصرفاته‪ ،‬فال تتملكه الشهوة‪ ،‬وال تطغيه بدعة‪ ،‬وال تهوي به متعة‪ ،‬منطلقه في جميع شؤونه وأحواله شرعُ اهلل تعالى‬
‫الحكيم‪ ،‬وهذا ما يقرره رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عندما ينصب لنا العالمة الفارقة للمسلم المؤمن فيقول‪" :‬ال يؤمن‬
‫أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫حقيقة الهوى وأنواعه‪ :‬قد يطلق الهوى ويراد به الميل إلى ِّ‬
‫الحق خاصة‪ ،‬ومحبته واالنقياد إليه‪ .‬ومنه ما جاء‬
‫في قول عائشة رضي‪ C‬اهلل عنها‪ :‬ما أرى ربك إال يسارع في هواك‪.‬‬
‫وقد‪ C‬يطلق ويراد به الميل والمحبة مطلقاً‪ ،‬فيشمل الميل إلى الحق وغيره‪ ،‬وهذا المعنى هو المراد في الحديث‪.‬‬
‫وقد‪ C‬يطلق ويراد به مجرد إشباع شهوات النفس وتحقيق رغباتها‪ ،‬وهذا المعنى هو المراد عند إطالق كلمة‬
‫الهوى‪ ،‬وهو األكثر في االستعمال‪ ،‬وهو المعنى الذي تضافرت نصوص الشرع على ذمه والتحذير منه والتنفير عنه‪،‬‬
‫إذ الغالب فيه أن يكون ميالً إلى خالف الحق‪ ،‬وتحقيق مشتهيات الطبع دون مقتضيات الشرع‪ ،‬فيكون سبيل الضالل‬
‫يل اللَّ ِه} [ص‪.]26 :‬‬
‫س ِب ِ‬ ‫ِ‬
‫والشقاء‪ .‬قال اهلل تعالى مخاطباً داود عليه السالم‪َ { :‬وال تَتَِّب ْع ا ْل َه َوى فَ ُيضلَّ َك َع ْن َ‬
‫اتباع الهوى منشأ المعاصي والبدع واإلعراض عن الحق‪ :‬فمن استرسل في شهواته‪ ،‬وأعطى نفسه هواها‪،‬‬
‫جرته إلى المعاصي‪ C‬واآلثام‪ ،‬وأوقعته في مخالفة شرع اهلل عز وجل‪ ،‬وفي‪ C‬الحقيقة‪ :‬ما انحرف المنحرفون‪ ،‬وما ابتدع‬
‫المبتدعون‪ ،‬وما أعرض الكافرون الفاسقون والمارقون‪ ،‬عن المنهج القويم والحق المبين‪ ،‬لعدم وضوح‪ C‬الحق أو عدم‬
‫المتََّبع‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬فَِإ ْن لَ ْم‬
‫اقتناعهم به _ كما يزعمون _ فالحق واضح أبلج‪ ،‬والباطل ملتبس لجلج‪ ،‬وإ نما بدافع الهوى ُ‬
‫َض ُّل ِم َّم ْن اتََّب َع َه َواهُ ِب َغ ْي ِر ُه ًدى ِم ْن اللَّ ِه} [القصص‪.]50 :‬‬
‫اء ُه ْم َو َم ْن أ َ‬
‫َه َو َ‬ ‫اعلَ ْم أ ََّن َما َيتَِّب ُع َ‬
‫ون أ ْ‬ ‫ستَ ِج ُ‬
‫يبوا لَ َك فَ ْ‬ ‫َي ْ‬
‫الهوى المتبع إله ُي ْع َبد من دون اهلل عز وجل‪ :‬إن العبادة هي االنقياد والخضوع‪ ،‬فمن انقاد لهواه وخضع‬
‫لشهواته فقد أصبح عبداً لها‪ .‬وإ ن الهوى والشهوات ال تزال باإلنسان حتى تتمكن منه وتسيطر‪ C‬عليه‪ ،‬فال يصدر‪ C‬في‬
‫تصرفاتها‪ C‬إال عنها‪ ،‬وال يأتمر إال بأمرها‪ ،‬وإ ن خالف فكره وعقله‪ ،‬وناقض معرفته وعلمه‪ .‬وهكذا تجد َعَب َدة الهوى‬
‫يغمضون أعينهم عن رؤية الحق‪ ،‬ويصمون آذانهم عن سماعه‪ ،‬فال يعرفون استقامة وال يهتدون سبيالً‪ .‬قال ابن عباس‬
‫رضي‪ C‬اهلل عنه ‪ :‬الهوى إله يعبد في األرض‪ ،‬ثم تال‪{ :‬أ ََرأ َْي َت َم ْن اتَّ َخ َذ إِلَ َه ُه َه َواهُ} [الفرقان‪ .]43 :‬وقال عليه الصالة‬
‫والسالم‪" :‬ما تحت ظل السماء إله يعبد أعظم عند اهلل تعالى من هوى متبع"‪ .‬أعظم‪ :‬أي أكثر إثماً ألنه أوسع شراً‪.‬‬
‫بمْل ِكه أن يخالف هواه ويسيطر على نوازع‪C‬‬ ‫ِ‬
‫واإلنسان بما ُمنح من القوة العاقلة وما أعطي من االختيار والقدرة َ‬
‫الشر ويكبتها‪ ،‬ويجاهد‪ C‬نفسه ويحملها على السمو في درجات الخير والتقوى‪ C‬فيبوئها‪ C‬المرتبة الالئقة بها من التكريم‪C‬‬
‫والتفضيل‪ ،‬فإن هو فعل ذلك كان سلوكه عنوان قوته العقلية وبشريته المثالية وإ نسانيته المتكاملة‪ ،‬وإ ن هو انهزم أمام‬
‫َس َّ‬
‫ف بكرامته‪ ،‬فكان _ذا عنوان حماقته‬ ‫نوازع‪ C‬الشر واستسلم لهواه وانحدر‪ C‬في دركات الرذيلة فقد انحط بإنسانيته‪ ،‬وأ َ‬
‫اها} [الشمس‪ .]10 - 9 :‬وقال عليه الصالة والسالم‪:‬‬
‫س َ‬‫اب َم ْن َد َّ‬ ‫وضعفه‪ ،‬قال اهلل تعالى‪{ :‬قَ ْد أَ ْفلَ َح َم ْن َز َّك َ‬
‫اها * َوقَ ْد َخ َ‬
‫نفسه هواها‪َّ ،‬‬
‫وتمنى على اهلل األماني"‪.‬‬ ‫أتبع َ‬
‫والعاجز من َ‬
‫ُ‪C‬‬ ‫جاهد نفسه‪،‬‬
‫َ‬ ‫"المجاهد من‬
‫ُ‬
‫وأما مجاهدة النفس والتمرد على الهوى فهي نتيجة المعرفة الحقة باهلل عز وجل‪ ،‬واستشعار‪ C‬عظمته وإ دراك‬
‫نعمته‪ .‬وال يزال العبد يجاهد نفسه حتى ينسلخ كلياً من عبودية الهوى إلى العبودية الخالصة هلل عز وجل‪ ،‬ويكتمل فيه‬
‫س‬ ‫اف مقَام َر ِّب ِه َو َن َهى َّ‬
‫الن ْف َ‬ ‫َما َم ْن َخ َ َ َ‬
‫اإليمان‪ ،‬ويثبت لديه اليقين‪ ،‬ويكون من الفائزين بسعادة الدارين‪ ،‬قال اهلل تعالى‪َ { :‬وأ َّ‬
‫َع ْن ا ْل َه َوى * فَِإ َّن ا ْل َج َّن َة ِه َي ا ْل َمأ َْوى} [النازعات‪.]41 - 40 :‬‬
‫محبة اهلل تعالى ورسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬حتى يتحقق لدى المسلم أصل اإليمان‪ ،‬ويسير‪ C‬في طريق بلوغ‬
‫كماله‪ ،‬البد من أن يحب ما أحبه اهلل تعالى‪ ،‬محبة تحمله على اإلتيان بما وجب عليه منه وما ندب إلى فعله‪ ،‬وأن يكره ما‬
‫كرهه اهلل تعالى‪ ،‬كراهة تحمله على الكف عما حرم عليه منه وما ندب إلى تركه‪ ،‬وهذه المحبة لما أحبه اهلل تعالى‬

‫‪47‬‬
‫والكراهة لما كرهه‪ ،‬ال تتحققان إال إذا أحب اهلل تعالى ورسوله صلى اهلل عليه وسلم حباً يفوق حبه لكل شيء‪ ،‬بحيث‬
‫يضحي في سبيلهما بكل شيء‪ ،‬ويقدمهما على كل شيء‪.‬‬
‫وروى البخاري‪ C‬ومسلم عن أنس رضي‪ C‬اهلل عنه‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ال يؤمن أحدكم حتى‬
‫أكون أحب إليه من نفسه وولده وأهله والناس أجمعين"‪.‬‬
‫عنوان المحبة الموافقة واالتباع‪ :‬المحبة الصحيحة تقتضي متابعة المحب لمن أحب‪ ،‬وموافقته فيما يحب‬
‫ويكره‪ ،‬قوالً وفعالً واعتقاداً‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ُ { :‬ق ْل إِ ْن ُك ْنتُ ْم تُ ِحب َ‬
‫ُّون اللَّ َه فَاتَِّب ُعو ِني ُي ْح ِب ْب ُك ْم اللَّ ُه‪[ }..‬آل عمران‪ .]31 :‬فمن‬
‫ترك شيئاً مما يحبه اهلل عز وجل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وفعل شيئاً يكرهانه‪ ،‬مع قدرته على فعل المحبوب‬
‫وترك‪ C‬المكروه‪ ،‬كان في إيمانه خلل ونقص‪ ،‬عليه أن يسعى إلصالحه وتداركه‪ ،‬وكانت محبته دعوى تحتاج إلى بينة‪.‬‬
‫االحتكامـ إلى شرع اهلل عز وجل والرضا بحكمه‪ :‬من لوازم اإليمان أن يحتكم المسلم إلى شرع اهلل عز وجل في‬
‫خصوماته وقضاياه‪ ،‬وال يعدل عنه إلى سواه‪.‬‬
‫النموذج المثالي‪ :‬لقد كان أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم النموذج المثالي في صدق محبتهم هلل تعالى‬
‫ورسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وحبهم ما يرضيهما‪ C‬وبغضهم‪ C‬ما يسخطهما‪ C،‬وتقديم محبتهما على كل شيء‪ ،‬وتكييف‬
‫أهوائهم تبعاً لما جاء به رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬حتى بذلوا في سبيل ذلك نفوسهم وأرواحهم وأموالهم‪ C،‬وقاتلوا‪C‬‬
‫عليه آباءهم‪ ،‬وهجروا أزواجهم‪ C‬وعشيرتهم وأوطانهم‪ ،‬ألنهم كانوا أعرف بحقه وأدرك‪ C‬لفضله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫حالوة اإليمان‪ :‬لإليمان أثر في النفوس‪ ،‬وطعم‪ C‬في القلوب‪ ،‬أطيب لدى المؤمنين من الماء العذب البارد على‬
‫الظمأ‪ ،‬وأحلى من طعم العسل بعد طول مرارة المذاق‪ .‬وهذه المحبة وذاك الطيب‪ ،‬ال يشعر بهما وال يجد لذتهما إال من‬
‫استكمل إيمانه‪ ،‬وصدقت محبته هلل تعالى ولرسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وأثمرت في جوانب نفسه‪ ،‬فأصبح ال يحب إال‬
‫هلل‪ ،‬وال يبغض إال هلل‪ ،‬وال يعطي إال هلل‪ ،‬وال يمنع إال هلل‪ .‬روى البخاري‪ C‬ومسلم‪ :‬عن أنس رضي‪ C‬اهلل عنه‪ ،‬عن النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ثالث من كن فيه وجد حالوة اإليمان‪ :‬أن يكون اهلل ورسوله أحب إليه مما سواهما‪ ،‬وأن‬
‫يحب المرء ال يحبه إال هلل‪ ،‬وأن يكره أن يرجع إلى الكفر _ بعد أن أنقذه اهلل منه _ كما يكره أن يلقى في النار"‪ .‬حالوة‬
‫اإليمان‪ :‬معناها اللذة في الطاعة‪.‬‬
‫ما يستفاد من الحديث‬
‫أنه يجب على المسلم أن يعرض عمله على الكتاب والسنة‪ ،‬ويسعى‪ C‬ألن يكون موافقاً لهما‪.‬‬
‫ص َّدق شرع اهلل تعالى بقلبه وأقر‪ C‬بلسانه وخالف‪ C‬بفعله فهو فاسق‪ ،‬ومن وافق بفعله وخالف في اعتقاده وفكره فهو‬
‫من َ‬
‫منافق‪ ،‬ومن لبس لكل موقف لَُبوسه فهو زنديق مارق‪.‬‬
‫من لوازم‪ C‬اإليمان نصرة سنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم والدفاع‪ C‬عن شريعته‪.‬‬
‫‪ ‬التقويم ‪:‬‬
‫‪ " -1‬المسلم إنسان متكامل ‪ ،‬واإليمان يجب أن يمأل عليه كيانه كله " وضح ذلك فى ضوء فهمك للحديث ‪.‬‬
‫‪ -2‬اشرح حقيقة الهوى وأنواعه ‪.‬‬
‫‪ -3‬وضح خطورة إتباع الهوى ‪.‬‬
‫‪ -4‬بين وجوب محبة اهلل ورسوله ودليل هذه المحبة ‪.‬‬
‫‪ -5‬هل استشعرت‪ C‬فى نفسك آثار محبة اهلل ورسوله ( آثار أن يكون هواك مع اهلل ورسوله ) ؟ أذكر مثاالً عملياً‬
‫عشته شخصياً ‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫قوم‪ C‬مدى تحققك بما ورد فى الحديث من توجيه ( أن يكون هواك وفقاً لما جاء به الرسول ‪) . ‬‬
‫‪ِّ -6‬‬

‫الحديث الثاني واألربعون‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سع ُة َم ْغفرة الله َع َّز َ‬
‫وجل‬
‫آد َم‪َّ ،‬إن َك‬
‫ابن َ‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪":‬قال اهللُ تعالى‪ :‬يا َ‬ ‫ت رسو َل ِ‬ ‫أنس رضي اهلل عنه قال ‪ِ :‬‬
‫سم ْع ُ‬ ‫عن ٍ‬
‫ُ‬
‫ذنوبك َع َنان السماء‪ ،‬ثم استغفرتني‬ ‫آد َم‪ ،‬لَ ْو بلغت ُ‬ ‫كان ِم ْن َك وال أُبالي ‪ .‬يا َ‬
‫ابن َ‬ ‫ت لَ َك على ما َ‬ ‫ورج ْوتَني َغفَ ْر ُ‬
‫ما َد َع ْوتَني َ‬
‫ش ْيئاً‪ ،‬ألتَ ْيتُ َك بقَُرا ِبها َم ْغ ِف َرةً"‪ .‬رواه‬ ‫طايا‪ ،‬ثَُّم لَ ِق َيتني ال تُ ْ‬
‫ش ِر ُك بي َ‬ ‫آد َم‪َّ ،‬إنك لَو أَتَ ْيتَني بقَُراب اْأل َْر ِ‬
‫ض َخ َ‬ ‫لك‪ .‬يا ابن َ‬
‫ت َ‬ ‫َغفَ ْر ُ‬
‫الترمذي‪ ،‬وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يبين الدارس كيف أن هذا الحديث الشريف أرجى حديث فى السنة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يذكر الدارس أسباب مغفرة الذنوب ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يبين الدارس شرائط‪ C‬إجابة الدعاء ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يذكر الدارس آداب الدعاء ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يحرص الدارس على أسباب مغفرة الذنوب ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يلتزم الدارس بآداب الدعاء ‪.‬‬
‫‪ -7‬أن يحرص الدارس على االستغفار مهما عظمت ذنوبه ‪.‬‬
‫‪ -8‬أن يكثر الدارس من االستغفار ‪.‬‬
‫‪ -9‬أن يبين الدارس ثمار االستغفار ‪.‬‬
‫أن يوضح الدارس أن التوحيد الخالص أساس المغفرة ‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫مفردات الحديث‪:‬‬
‫"ما دعوتني"‪ :‬ما دمت تسألني مغفرة ذنوبك‪ C‬وغيرها‪.‬‬
‫"رجوتني"‪ :‬خفت من عقوبتي ورجوت‪ C‬مغفرتي‪ ،‬وطمعت في رحمتي‪ ،‬وخشيت من عظمتي‪.‬‬
‫"على ما كان منك" ‪ :‬مع ما وقع منك من الذنوب الكثيرة‪ ،‬الصغيرة والكبيرة‪.‬‬
‫و "ال أبالي"‪ :‬أي ال تعظم كثرتها َعلَ َّي‪.‬‬
‫"بلغت"‪ :‬وصلت من كثرة كميتها‪ ،‬أو من عظمة كيفيتها‪.‬‬
‫"عنان"‪ :‬هو السحاب‪ ،‬وقيل ما انتهى إليه البصر منها‪.‬‬
‫"استغفرتني"‪ :‬طلبت مني المغفرة‪.‬‬
‫"قراب األرض"‪ :‬ملؤها‪ ،‬أو ما يقارب مألها‪.‬‬
‫"لقيتني"‪ :‬أي مت ولقيتني يوم القيامة‪.‬‬
‫"ال تشرك بي شيئاً"‪ :‬اعتقاداً وال عمالً‪ ،‬أي تعتقد أنه ال شريك لي في ملكي وال ولد لي وال والد‪ ،‬وال تعمل عمالً‬
‫تبتغي به غيري‪.‬‬
‫"مغفرة"‪ :‬هي إزالة العقاب وإ يصال‪ C‬الثواب‪.‬‬
‫المعنى العام‪:‬‬
‫‪49‬‬
‫هذا الحديث أرجى حديث في السنة‪ ،‬لما فيه من بيان كثرة مغفرته تعالى‪ ،‬لئال ييأس المذنبون منها بكثرة‬
‫الخطايا‪ ،‬ولكن ال ينبغي ألحد أن يغتر به فينهمك‪ C‬في المعاصي ‪ :‬فربما‪ C‬استولت عليه‪ ،‬وحالت بينه وبين مغفرة اهلل عز‬
‫وجل‪ .‬وإ ليك بيان ما فيه‪:‬‬
‫أسباب المغفرة‪:‬‬
‫َستَ ِج ْب‬
‫ال َر ُّب ُك ْم ْاد ُعو ِني أ ْ‬
‫الدعاء مع رجاء اإلجابة‪ :‬الدعاء مأمور به وموعود عليه باإلجابة‪ ،‬قال تعالى‪َ { :‬وقَ َ‬
‫لَ ُك ْم} [غافر‪ ،]60 :‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال ‪" :‬إن الدعاء هو العبادة‪ .‬رواه الترمذي‪.‬‬
‫أخرج الطبراني مرفوعاً‪" :‬من أعطي الدعاء أعطي اإلجابة‪ ،‬ألن اهلل تعالى يقول‪ :‬ادعوني أستجب لكم"‪.‬‬
‫شرائط اإلجابة وموانعها وآدابها‪ :‬الدعاء سبب مقتض لإلجابة عند استكمال شرائطه وانتفاء موانعه‪ ،‬وقد‪C‬‬
‫تتخلف اإلجابة النتفاء بعض شروطه أو آدابه‪ ،‬أو وجود بعض موانعه‪:‬‬
‫الحضور والرجاء‪ :‬ومن أعظم شرائطه حضور‪ C‬القلب مع رجاء اإلجابة من اهلل تعالى‪.‬‬
‫أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ادعوا اهلل وأنتم‬
‫موقنون باإلجابة‪ ،‬وإ ن اهلل تعالى ال يقبل دعاء من قلب غافل ٍ‬
‫اله"‪.‬‬
‫العزم في المسألة والدعاء‪ :‬أي أن يدعو العبد بصدق‪ C‬وحزم وإ برام‪ ،‬وال يكون تردد في قلبه أو قوله‪ ،‬فقد نهى‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يقول الداعي أو المستغفر في دعائه واستغفاره‪" :‬اللهم اغفر لي إن شئت‪ ،‬اللهم‬
‫ارحمني‪ C‬إن شئت‪ ،‬ولكن ليعزم في الدعاء‪ ،‬فإن اهلل صانعٌ ما شاء ال ُم ْك ِره له"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫اإللحاح في الدعاء‪ :‬إن اهلل تعالى يحب من عبده أن يعلن عبوديته له وحاجته إليه حتى يستجيب له ويلبي سؤله‪،‬‬
‫فما دام العبد يلح في الدعاء‪ ،‬ويطمع في اإلجابة‪ ،‬من غير قطع الرجاء‪ ،‬فهو قريب من اإلجابة‪ ،‬ومن قرع الباب يوشك‬
‫أن ُي ْفتَح له‪.‬‬
‫االستعجالـ وترك الدعاء‪ :‬نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم العبد أن يستعجل ويترك‪ C‬الدعاء الستبطاء‬
‫اإلجابة‪ ،‬وجعل ذلك من موانع اإلجابة‪ ،‬حتى ال يقطع العبد رجاءه من إجابة دعائه ولو طالت المدة‪ ،‬فإنه سبحانه يحب‬
‫الملحين في الدعاء‪ ،‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬يستجاب ألحدكم ما لم يعجل فيقول‪ :‬قد دعوت ربي فلم‬
‫ُي ْستَ َجب لي" متفق عليه‪.‬‬
‫الرزق الحالل‪ :‬إن من أهم أسباب استجابة الدعاء أن يكون رزق اإلنسان حالالً‪ ،‬ومن طريق‪ C‬مشروع‪ ،‬ومن‬
‫موانع االستجابة أن ال يبالي اإلنسان برزقه‪ :‬أمن حالل أو حرام‪ .‬ثبت عنه عليه الصالة والسالم‪" :‬الرجل يمد يديه إلى‬
‫السماء‪ ،‬يقول‪ :‬يا رب‪ ،‬يا رب‪ ،‬ومطعمه حرام‪ ،‬ومشربه حرام‪ ،‬وملبسه حرام‪ ،‬وغذي بالحرام‪ ،‬فأنى يستجاب لذلك"‬
‫رواه مسلم‪ .‬وقال‪" :‬يا سعد‪ ،‬أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة"‪ .‬رواه الطبراني في "الصغير"‪.‬‬
‫صرف طلب العبد إلى ما فيه خيره‪ :‬من رحمة اهلل تعالى بعبده أن العبد قد يدعوه بحاجة من حوائج الدنيا‪ ،‬فإما‬
‫أن يستجيب له أو يعوضه خيراً منها ‪ :‬بأن يصرف عنه بذلك سوءاً‪ ،‬أو يدخرها له في اآلخرة‪ ،‬أو يغفر له بها ذنباً‪.‬‬
‫روى‪ C‬أحمد والترمذي‪ ،‬من حديث جابر‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ما من أحد يدعو بدعاء إال آتاه اهلل ما‬
‫سأل‪ ،‬أو كف عنه من السوء مثله‪ ،‬ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم" ‪ .‬وفي‪ C‬المسند عن أبي سعيد رضي‪ C‬اهلل عنه عن النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم أو قطيعة رحم إال أعطاه اهلل بها إحدى ثالث‪ :‬إما أن‬

‫‪50‬‬
‫يعجل له دعوته‪ ،‬وإ ما أن يدخرها له في اآلخرة‪ ،‬وإ ما أن يكشف عنه من السوء مثلها"‪ .‬قالوا‪ :‬إذاً نكثر ؟ قال‪" :‬اهلل‬
‫أكثر"‪ .‬وعند الطبراني‪" :‬أو يغفر له بها ذنباً قد سلف" بدل قوله‪" :‬أو يكشف عنه عن السوء مثلها"‪.‬‬
‫من آداب الدعاء‪ :‬تحري األوقات الفاضلة‪ _ .‬تقديم الوضوء والصالة ‪ _ .‬التوبة‪ _ .‬استقبال القبلة ورفع‪C‬‬
‫األيدي‪ _ .‬افتتاحه بالحمد والثناء والصالة على النبي صلى اهلل عليه وسلم‪_ .‬جعل الصالة في وسطه وختمه بها‬
‫وبآمين‪_ .‬ال يخص نفسه بالدعاء بل يعم‪_ .‬يحسن الظن باهلل ويرجو‪ C‬منه اإلجابة‪ _ .‬االعتراف بالذنب‪ _ .‬خفض‬
‫الصوت‪.‬‬
‫االستغفار مهما عظمت الذنوب‪ :‬إن ذنوب العبد مهما عظمت فإن عفو اهلل تعالى ومغفرته أوسع منها وأعظم‪،‬‬
‫فهي صغيرة في جنب عفو اهلل تعالى ومغفرته‪ .‬أخرج الحاكم‪ ،‬عن جابر رضي‪ C‬اهلل عنه‪" :‬أن رجالً جاء إلى النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم وهو يقول‪ :‬واذنوباه‪ ،‬مرتين أو ثالثاً‪ ،‬فقال له النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬قل‪ :‬اللهم مغفرتك أوسع من‬
‫ذنوبي‪ ،‬ورحمتك‪ C‬أرجى عندي من عملي‪ ،‬فقالها‪ ،‬ثم قال به‪ :‬عد‪ ،‬فعاد‪ ،‬ثم قال له‪ :‬عد‪ ،‬فعاد‪ ،‬فقال له ‪ :‬قم‪ ،‬قد غفر اهلل‬
‫لك"‪.‬‬
‫االستغفار وعدم واإلصرار‪ :‬في الصحيحين‪ :‬عن أبي هريرة رضي‪ C‬اهلل عنه‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫"إن عبداً أذنب فقال‪ :‬رب أذنبت ذنباً فاغفر لي‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ‪ C‬به‪ ،‬غفرت‬
‫لعبدي‪ ،‬ثم مكث ما شاء اهلل‪ ،‬ثم أذنب ذنباً آخر ‪ ...‬فذكر مثل األول مرتين أخرين"‪ .‬وفي‪ C‬رواية لمسلم أنه قال في الثالثة‪:‬‬
‫"قد غفرت لعبدي‪ ،‬فليعمل ما شاء"‪ .‬والمعنى‪ :‬ما دام على هذا الحال‪ ،‬كلما أذنب استغفر‪ .‬والظاهر‪ :‬أن مراده االستغفار‬
‫المقرون بعدم اإلصرار‪ ،‬فاالستغفار‪ C‬التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم اإلصرار‪.‬‬
‫وأما االستغفار باللسان مع إصرار القلب على الذنب‪ ،‬فهو دعاء مجرد‪ ،‬إن شاء اهلل أجابه وإ ن شاء رده‪ ،‬وقد‪C‬‬
‫يرجى له اإلجابة‪ ،‬وال سيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنوب‪ ،‬أو صادف ساعة من ساعات اإلجابة‪ ،‬كاألسحار وعقب‬
‫األذان والصلوات‪ C‬المفروضة ونحو ذلك‪ .‬وقد يكون اإلصرار مانعاً من اإلجابة‪ ،‬ففي المسند من حديث عبد اهلل مرفوعاً‪C‬‬
‫‪" :‬ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون"‪.‬‬
‫توبة الكذابين‪ :‬من قال‪ :‬أستغفر اهلل وأتوب إليه‪ ،‬وهو مصر بقلبه على المعصية‪ ،‬فهو كاذب في قوله‪ ،‬آثم في‬
‫فعله ألنه غير تائب‪ ،‬فال يجوز له أن يخبر عن نفسه بأنه تائب وهو غير تائب‪ ،‬واألشبه بحاله أن يقول ‪ :‬اللهم إني‬
‫أستغفرك فتب علي‪.‬‬
‫اإلكثار من االستغفار‪ :‬في البخاري عن أبي هريرة رضي‪ C‬اهلل عنه‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬واهلل‬
‫إني ألستغفر اهلل وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة"‪.‬‬
‫سيد االستغفار‪ :‬يستحب أن يزيد في االستغفار على قوله‪ :‬أستغفر اهلل وأتوب إليه‪ ،‬توبة من ال يملك لنفسه نفعاً‬
‫وال ضراً‪ ،‬وال موتاً وال حياة وال نشوراً‪.‬‬
‫روى‪ C‬البخاري عن شداد بن أوس رضي اهلل عنه‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال ‪" :‬سيد االستغفار أن يقول‬
‫العبد ‪ :‬اللهم أنت ربي ال إله إال أنت‪ ،‬خلقتني وأنا عبدك‪ ،‬وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت‪ ،‬أعوذ بك من شر ما‬
‫علي وأبوء بذنبي فاغفر لي‪ ،‬فإنه ال يغفر الذنوب إال أنت"‪.‬‬
‫صنعت‪ ،‬أبوء لك بنعمتك َّ‬
‫االستغفار لما جهله من الذنوب‪ :‬من كثرت ذنوبه وسيئاته وغفل عن كثير منها‪ ،‬حتى فاقت العدد واإلحصاء‪،‬‬
‫فليستغفر‪ C‬اهلل عز وجل مما علمه اهلل تعالى من ذنبه‪ ،‬روى‪ C‬شداد بن أوس رضي‪ C‬اهلل عنه‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪" :‬أسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم‪ ،‬وأستغفرك لما تعلم‪ ،‬إنك أنت عالم الغيوب"‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫من ثمرات االستغفار‪ :‬في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي اهلل عنه‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"من أكثر من االستغفار جعل اهلل له من كل هم فرجاً‪ ،‬ومن كل ضيق مخرجاً‪ ،‬ورزقه من حيث ال يحتسب"‪.‬‬
‫الخوف والرجاء‪ :‬وال بد لتحقيق الرجاء من الخوف‪ ،‬فيجب على الشخص أن يجمع بينهما ليسلم‪ ،‬وال يقتصر‬
‫على أحدهما دون اآلخر‪ ،‬ألنه ربما يفضي الرجاء إلى المكر والخوف‪ C‬إلى القنوط‪ ،‬وكل منهما مذموم‪.‬‬
‫والمختار‪ C‬عند المالكية تغليب الخوف إن كان صحيحاً والرجاء إن كان مريضاً‪ ،‬والراجح عند الشافعية‬
‫استواؤهما في حق الصحيح ‪ :‬بأن ينظر تارة إلى عيوب نفسه فيخاف‪ ،‬وتارة ينظر إلى كرم اهلل تعالى فيرجو‪ .‬وأما‬
‫المريض ‪ :‬فيكون رجاؤه أغلب من خوفه‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ال يموتن أحدكم إال وهو ُيحسن الظن باهلل‬
‫تعالى"‪.‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي‪ C‬رضي اهلل عنه في مرض موته‪:‬‬
‫لعفوك ُسلَّ َما‬
‫الر َجا مني ِ‬
‫جعلت َّ‬
‫ُ‬ ‫وضاقت مذاهبي‬
‫ْ‪C‬‬ ‫ولما قَ َسا َقلبي‬
‫أعظما‬
‫َ‬ ‫كان عفوك‬
‫ك ربِّي َ‬ ‫فلما قرنتُــه ِ‬
‫بعفو َ‬ ‫مني‪ C‬ذنبي َّ‬ ‫ظ َ‬‫تَعا َ‬
‫ولعل هذه هي الحكمة في ختم هذه األحاديث المختارة بهذا الحديث وزيادته على األربعين‪.‬‬
‫التوحيد أساس المغفرة‪ :‬من أسباب المغفرة التوحيد‪ ،‬وهو السبب األعظم‪ ،‬فمن فقده فقد المغفرة‪ ،‬ومن جاء به‬
‫اء} [النساء ‪:‬‬
‫ش ُ‬‫ون َذِل َك ِل َم ْن َي َ‬
‫ش َر َك ِب ِه َو َي ْغ ِف ُر َما ُد َ‬ ‫فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة‪ ،‬قال اهلل تعالى‪{ :‬إِ َّن اللَّ َه ال َي ْغ ِف ُر أ ْ‬
‫َن ُي ْ‬
‫‪ .]116‬وإ ن الذنوب لتتصاغر أمام نور توحيد اهلل عز وجل‪ ،‬فمن جاء مع التوحيد بقراب األرض خطايا لقيه اهلل عز‬
‫وجل بقرابها مغفرة‪ ،‬على أنه موكول إلى مشيئة اهلل تعالى وفضله‪ :‬فإن شاء غفر له‪ ،‬وإ ن شاء أخذه بذنوبه‪.‬‬
‫النجاة من النار ‪ :‬إذا كمل توحيد‪ C‬العبد وإ خالصه هلل فيه‪ ،‬وقام بشروطه كلها‪ ،‬بقلبه ولسانه وجوارحه‪ ،‬أو بقلبه‬
‫ولسانه عند الموت‪ ،‬أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها ومنعه من دخول النار بالكلية‪ .‬قال صلى اهلل عليه وسلم‬
‫لمعاذ بن جبل رضي اهلل عنه‪" :‬أتدري‪ C‬ما حق اهلل على العباد ؟ قال‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬أن يعبدوه وال يشركوا‪ C‬به‬
‫شيئاً‪ .‬أتدري ما حقهم عليه ؟ قال‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬أن ال يعذبهم"‪ C‬رواه البخاري وغيره‪ .‬وفي المسند وغيره‪:‬‬
‫عن أم هانئ رضي‪ C‬اهلل عنها‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ال إله إال اهلل ال تترك ذنباً وال يسبقها عمل"‪.‬‬
‫التوحيد الخالص ‪ :‬من تحقق بكلمة التوحيد‪ C‬قلبه أخرجت منه كل ما سوى اهلل تعالى‪ ،‬محبة وتعظيماً‪ ،‬وإ جالالً‬
‫ومهابة‪ ،‬وخشية ورجاء وتوكالً‪ ،‬وحينئذ‪ C‬تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر‪ ،‬وربما‪ C‬قلبتها حسنات‬
‫وأحرق‪ C‬نور محبته لربه كل األغيار من قلبه‪" :‬ال يؤمن أحدكم حتى يكون اهلل ورسوله أحب إليه من سواهما" رواه‬
‫البخاري‪ C‬وغيره‪ .‬ومحبة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من محبة اهلل عز وجل‪.‬‬

‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬بين كيف أن هذا الحديث الشريف أرجى حديث فى السنة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أذكر أسباب مغفرة الذنوب ‪.‬‬
‫‪ -3‬بين شرائط‪ C‬إجابة الدعاء ‪.‬‬
‫‪ -4‬أذكر آداب الدعاء ‪.‬‬
‫‪ -5‬هل تحرص على أسباب مغفرة الذنوب ؟ أذكر موقف‪ C‬عملي عشته فى هذا الشأن ‪.‬‬
‫‪ -6‬هل تلتزم بآداب الدعاء ؟ عبر عما تستشعره في نفسك عند التزامك بهذه اآلداب ‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫‪ -7‬هل تحرص على االستغفار مهما عظمت ذنوبك‪ C‬؟ أذكر موقف عملي ‪.‬‬
‫‪ -8‬هل تكثر من االستغفار ؟ ( أذكر ورد االستغفار الذى تحافظ عليه ) ‪.‬‬
‫‪ -9‬بين ثمار االستغفار – وهل استشعرت فى نفسك شيئاً من هذه الثمار ‪ ..‬عبر عن ذلك إن وجد ‪.‬‬
‫" التوحيد الخالص أساس المغفرة " وضح ذلك ‪.‬‬ ‫‪-10‬‬

‫المصادر ‪:‬‬
‫دار ابن كثير دمشق بيروت ‪.‬‬ ‫الب َغا‬
‫د‪ /‬مصطفى ُ‬ ‫‪ -1‬الوافي فى شرح األربعين النووية‬
‫دار التوزيع والنشر‪ C‬اإلسالمية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬شرح متن األربعين النووية لإلمام النووي‬
‫‪ -3‬األربعون النووية وشرحها‪ C‬لإلمام محي الدين أبي زكريا يحي بن شرف النووي األندلس للنشر والتوزيع‪C‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫السيرة النبوية الشريفة‬


‫من السنة الثامنة إلى السنة الحادية عشر للهجرة‬

‫الدرس السابع عشر ‪:‬‬


‫السنة الثامنــــة‬
‫‪ -‬األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يعدد الدارس السرايا التى أرسلها النبي ‪ ‬فى العام الثامن من الهجرة ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يستخلص الدارس الدورس المستفادة من أحداث سرايا النبي ‪ ‬فى العام الثامن من الهجرة ‪.‬‬
‫سرية غالب بن عبد اهلل الليثي إلى بني الملوح‬
‫(‪)2‬‬
‫وفي‪ C‬صفر أرسل عليه السالم غالب بن عبد اهلل الليثي إلى بني الملوح وهم قوم من العرب يسكنون بالكديد‬
‫فسار‪ C‬القوم حتى إذا كانوا بقديد التقوا بالحارث بن مالك الليثي المعروف‪ C‬بابن البرصاء وكان خصماً لدوداً فأسره ‪ ،‬فقال‬
‫لهم ‪ :‬ما جئت إال لإلسالم ‪ ،‬فقالوا له أن تكن مسلماً لن يضرك رباط ليلة وإ ال استوثقنا‪ C‬منك ‪.‬‬
‫ثم ساروا حتى وصلوا محلة بني الملوح فاستاقوا‪ C‬النعم والشاء وخرج الصريخ إلى القوم ‪ ،‬فجاءهم ما ال قبل لهم‬
‫من اهلل على المسلمين فأرسل سيالً شديداً حال بينهم وبين عدوهم حتى صار المشركون يرون نعمهم تساق‬
‫به ‪ ،‬ولكن ّ‬
‫وهم ال يقدرن على ردها ‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫سرية غالب بن عبد اهلل الليثي إلى بني مرة بفدك‬
‫ولما رجع غالب إلى المدينة ظافراً‪ C‬أرسله عليه السالم في مائتي رجل ليقتص من بني مرة بفدك وهم الذين أصابوا‬
‫سرية بشير بن سعد ‪ ،‬فساروا حتى إذا كانوا قريباً‪ C‬من القوم خطب غالب فيمن معه فقال بعد أن حمد اهلل وأثنى عيه ‪:‬‬
‫( أما بعد فإني أوصيكم‪ C‬بتقوى اهلل وحده ال شريك له وأن تطيعوني وال تخالفوا لي أمراً فإنه ال رأي لمن ال يطاع ) ثم‬
‫آخى بين الجند فقال يا فالن أنت وفالن ‪ ،‬ويا فالن أنت وفالن ‪ ،‬ال يفارق أحد منكم زميله ‪ ،‬وإ ياكم أن يرجع الرجل منكم‬
‫فأقول‪ C‬له ‪ :‬أين صاحبك ؟ فيقول ‪ :‬ال أدري ‪ ،‬فإذا كبرت فكبروا‪ ، C‬فلما أحاطوا‪ C‬بالعدو وكبّر كبروا وجردوا السيوف‪، C‬‬
‫فلم يفلت من عدوهم أحد ‪ ،‬واستاقوا‪ C‬نعمهم فكان لكل واحد من الغزاة عشرة أبعرة ‪.‬‬
‫سرية كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطالح‬
‫وفي‪ C‬ربيع األول أرسل عليه السالم كعب بن عميرالغفاري إلى ذات أطالح من أرض الشام في خمسة عشر‬
‫رجالً ‪ ،‬فوجدوا جمعاً كثيراً فدعوهم إلى اإلسالم فلم يجيبوا ‪ ،‬وقاتلوا وكانوا‪ C‬أكثر عدداً فاستشهد‪ C‬المسلمون عن آخرهم‬
‫إال رئيسهم‪ C‬كعب بن عمير فإنه نجا وأتى بالخبر إلى رسول اهلل فشق‪ C‬عليه وأراد أن يبعث إليهم من يقص منهم فبلغه أنهم‬
‫تحولوا‪ C‬من منزلهم فعدل عن ذلك ‪.‬‬

‫غزوة مؤتة‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يذكر الدارس سبب معركة مؤتة ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يذكر الدارس وصية النبي ‪ ‬لجيش مؤتة ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يصف الدارس مدى شجاعة و إقدام الصحابه مستشهدا‪ C‬بيوم مؤتة ‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يبرهن الدارس نبوغ خالد بن الوليد العسكري‪ C‬مستدال بخطته يوم مؤتة ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يصف الدارس حال النبي ‪ ‬أثناء معركة مؤتة ‪.‬‬
‫جهز عليه السالم في جمادى األولى جيشاً للقصاص ممن قتلوا الحارث بن عمير األزدي رسوله إلى أمير بصرى ‪،‬‬
‫وأمر عليهم زيد بن حارثة وقال لهم ‪ :‬إن أصيب فاألمير جعفر بن أبي طالب ‪ ،‬فإن أصيب فعبد اهلل بن رواحة ‪ ،‬وكان‬
‫ّ‬
‫عدة الجيش ثالثة آالف فساروا‪ C‬وشيعهم عليه السالم ‪ ،‬وكان فيما وصّاهم به ( اغزوا باسم اهلل فقاتلوا عدو اهلل وعدوكم‬
‫ّ‬
‫بالشام ‪ ،‬وستجدون فيها رجاالً في الصوامع معتزلين فال تتعرضوا‪ C‬لهم ‪ ،‬وال تقتلوا امرأة وال صغيراً‪ C‬وال بصيراً فانياً ‪،‬‬
‫وال تقطعوا شجراً وال تهدموا بناء ) ‪.‬‬
‫ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا مؤتة مقتل الحارث بن عمير ‪ ،‬وهناك وجدوا‪ C‬الروم قد جمعوا له جمعاً عظيماً‬
‫منهم من العرب المتنصرة ‪ ،‬فتفاوض رجال الجيش فيما يفعلونه ‪ :‬أيرسلون لرسول اهلل يطلبون منه مدداً أم يقدمون‬
‫على الحرب ؟؟ ‪.‬‬
‫فقال عبد اهلل بن رواحة ‪ :‬يا قوم‪ C‬اهلل إن الذي تكرهون هو ما خرجتم‪ C‬له ‪ ،‬خرجتم تطلبون الشهادة نحن ما نقاتل‬
‫بقلة وال بكثرة ‪ ،‬ما نقاتل إال بهذا الدين الذي أكرمنا اهلل به ‪ ،‬فإنما هي إحدى الحسنين إما الظهور وإ ما الشهادة ‪.‬‬
‫فقاتل زيد بن حارثة رضي اهلل عنه حتى‬ ‫فقال الناس ‪ :‬صدق واهلل ابن رواحة ومضوا للقتال ‪ ،‬فلقوا هذه الجموع المتكاثرة ‪،‬‬
‫استشهد ‪ ،‬فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب وهو يقول ‪:‬‬

‫طيبة وبارد شرابها‪C‬‬ ‫يا حبذا الجنة واقترابها‬

‫‪54‬‬
‫كافرة بعيدة أنسابها‬ ‫والروم‪ C‬روم قد دنا عذابها‬

‫على إذ القيتها‪ C‬ضرابها‬


‫ولم يزل يقاتل حتى استشهد‪ C‬رضي اهلل عنه ‪ ،‬فأخذ الراية عبد اهلل بن رواحة فتقدم ثم تردد بعض التردد فقال‬
‫يخاطب نفسه ‪.‬‬
‫طائعة أو لتكرهنه‬ ‫أقسمت يا نفس لتنزلنه‬
‫ما لي أراك تكرهين الجنة‬ ‫إن أجلب الناس وشدو الرنة‬
‫هل أنت إال نطفة في شنة ؟‬ ‫قد طالما كنت مطمئنة‬

‫ثم اقتحم بفرسه المعمعة ولم يزل يقاتل رضي‪ C‬اهلل عنه حتى استشهد‪. C‬‬
‫فهمَّ بعض المسلمين بالرجوع إلى الوراء ‪ ،‬فقال لهم عقبة بن عامر يا قوم ‪ :‬يقتل اإلنسان مقبالً خيراً من أن‬
‫يقتل مدبراً فتراجعوا‪ ، C‬واصطلحوا على رجل منكم ‪ ،‬واتفقوا على تأمير الشهم الباسل خالد بن الوليد ‪ ،‬وبهمته ومهارته‬
‫لما أخذ الراية قاتل يومه قتاالً‬
‫الحربية حمى هذا الجيش من الضياع إذ ما تفعل ثالثة آالف بمائة وخمسين ألفاً ‪ ،‬فإنه ّ‬
‫شديداً ‪ ،‬وفي‪ C‬غده خالف العسكر فجعل الساقة مقدمة والمقدمة ساقة والميمنة ميسرة والميسرة ميمنة ‪.‬‬
‫فظن الروم أن المدد جاء للمسلمين فرعبوا ‪ .‬ثم أخذ خالد الجيش وصار يرجع إلى الوراء حتى انحاز إلى مؤتة‬
‫ثم مكث يناوش األعداء سبعة أيام ثم تحاجز الفريقان ألن الكفار ظنوا أن األمداد تتوالى للمسلمين وخافوا أن يجروهم‬
‫إلى وسط الصحاري‪ C‬حيث ال يمكنهم التخلص وبذلك انقطع القتال ‪.‬‬
‫وقد‪ C‬نعى النبي ‪ ‬زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال ‪ :‬أخذ الراية زيد‬
‫فأصيب ‪ ،‬ثم أخذها جعفر فأصيب ‪ ،‬ثم أخذها ابن رواحة فأصيب وكانت عينا رسول اهلل تذرفان ‪ ،‬ثم قال‬
‫‪ :‬حتى أخذ الراية سيف من سيوف اهلل حتى فتح اهلل عليهم ‪.‬‬
‫وجاءه رجال فقال ‪ :‬يا رسول اهلل إن نساء جعفر يبكين ‪ ،‬فأمره أن ينهاهن فذهب الرجل ثم أتى‬
‫فقال ‪ :‬قد نهيتهن فلم يطعن ! فأمره فذهب ثانياً ثم جاء فقال ‪ :‬واهلل غلبنا ‪ ،‬فقال له عليه السالم ‪ :‬أحث‬
‫في أفواههن التراب ‪.‬‬
‫ولما أقبل الجيش إلى المدينة قابلهم‪ C‬المسلمون يقولون لهم يا فرار‪ ، C‬فقال عليه السالم بل هم‬
‫الكرار ! ظن المقيمون بالمدينة إن انحياز خالد بالجيش هزيمة ‪ ،‬ولكن رسول اهلل ‪ ‬أراهم أن ذلك من‬
‫مكايد الحرب وأثنى على خالد في مهارته ‪.‬‬
‫نتائج معركة مؤتة ‪:‬‬
‫ك‪C‬انت معركة " مؤتة " معركة اس‪C‬تطالعية ع ّ‪C‬رفت المس‪C‬لمين كث‪C‬يراً من خص‪C‬ائص ق‪C‬وات ال‪C‬روم‪ C‬وأس‪C‬اليب‬ ‫‪‬‬
‫قتالهم‪ C‬فاستفادوا‪ C‬من هذه المعلومات للمعارك المقبلة ‪.‬‬
‫تعت‪CC C C‬بر معركة " مؤتة التجربة األولى " لخالد بن الوليد " بعد إس‪CC C C‬المه ‪ ،‬ف‪CC C C‬أثبت أن القي‪CC C C‬ادة العس‪CC C C‬كرية‬ ‫‪‬‬
‫المسلمة قادرة على رسم الخطط ‪ ،‬وتنفيذها بنجاح ‪ ،‬وخط‪C‬ةُ انس‪C‬حاب خالد أذهلت كب‪CC‬ار ق‪C‬واد‪ C‬ال‪C‬روم‪ C‬بعد ذلك‬
‫‪ ،‬مما جعل الروم يحسبون ألف حساب للمسلمين ‪.‬‬
‫مقابلة ثالثة آالف مس‪CC C C‬لم لمئ‪CC C C‬تي ألف من ال‪CC C C‬روم‪ ، C‬من األدلة على أنهم لم يق‪CC C C‬اتلوا إال لمب‪CC C C‬دأ س‪CC C C‬ام ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪55‬‬
‫خبر مقاتلة المسلمين للروم بين القبائل المجاورة للشام ‪ ،‬مما ساعد على نشر اإلسالم ‪.‬‬
‫ولهذا انتشر ُ‬
‫استطاع‪ C‬خالد بن الوليد أن ُينقذ الجيش اإلسالمي ـ بخدعته وبراعة تخطيطه ـ من اإلبادة ‪ ،‬فقد ك‪CC‬انت‬ ‫‪‬‬
‫المعركة غير متكافئة تماماً إذ كانت نسبة المسلمين إلى الروم‪ C‬نسبة واحد إلى سبعين تقريباً ‪.‬‬

‫ِع َب ِرهــا ‪:‬‬


‫‪C‬دوهم بإيم‪CC C‬انهم الص‪CC C‬ادق‪ ، C‬ورغبتهم‪ C‬في الش‪CC C‬هادة‬
‫‪ ‬إن المس‪CC C‬لمين ال يق‪CC C‬اتلون عدواً بع‪CC C‬دد ‪ ،‬ولكنهم‪ C‬يق‪CC C‬اتلون ع‪َّ C C‬‬
‫والموت في سبيل اهلل ‪.‬‬
‫حرص المسلمون على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ‪ ،‬فال يتقدم للقي‪CC‬ادة إال من هو أه‪ُ C‬ل‬ ‫‪‬‬
‫لها‬
‫إن الخبرة العسكرية بفنون الحرب ال تقل أهمية عن األعداد الكبيرة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إن اإلنسحاب في بعض األحيان قد يكون نصراً ‪ ،‬وبخاصة إذا أنقذ الجيش من هالك ُمحقق ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫على المسلم أن ينصح أخاه بالثبات عند نزول المحن ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫القائد المسلم يتأثر بفقدان أحد جنوده ‪ ،‬وهذا هو التالحم الفعلي بين القائد وجنوده‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫سرية عمرو بن العاص إلى قضاعة في وادي القرى‬


‫وفي‪ C‬جمادى اآلخرة بلغه عليه السالم أن جمعاً من قضاعة يتجمعون في ديارهم‪ C‬وراء القرى ليغيروا على‬
‫المدينة ‪ ،‬فأرسل‪ C‬لهم عمرو بن العاص في ثالثمائة رجل من سراة المهاجرين ‪ ،‬ثم أمده بأبي عبيدة بن الجراح في مائتين‬
‫من المهاجرين فيهم أبو بكر وعمر ‪ ،‬فلحقوا عمراً قبل أن يصل إلى القوم ‪.‬‬
‫وقد‪ C‬أراد رجال من الجيش إيقاد نار فمنعهم عمرو ‪ ،‬فأنكر‪ C‬عمر بن الخطاب ‪ ،‬فقال أبو بكر ‪ :‬إنما بعثه رسول‬
‫اهلل علينا رئيساً لمعرفته بالحرب أكثر منا فال تعصه فامتثل ‪.‬‬
‫ولما حلوا بساحة القوم حملوا عليهم ‪ ،‬فلم يكن أكثر من ساعة حتى تفرق األعداء منهزمين ‪ ،‬فجمعوا‪ C‬غنائمهم‬
‫وأرادوا‪ّ C‬اتباع أثرهم فمنعهم‪ C‬قائدهم ‪ ،‬ثم رجعوا‪ C‬إلى المدينة ظافرين ‪.‬‬
‫وبينما‪ C‬هم في الطريق‪ C‬أدركت عمرو بن العاص جنابة في ليلة باردة فلما أصبح قال ‪ :‬إن أنا اغتسلت هلكت‬
‫واهلل يقول ‪ ( :‬وال تلقوا بأيدكم إلى التهلكة ) (البقرة ‪ )159‬ثم تيمم وصلى‪. C‬‬
‫ثم أمر بالسير‪ C‬حتى إذا وصلوا المدينة قام رسول اهلل عليه السالم يسأل عن أنباء سفرهم كما هي عادته فأخبروه‬
‫بما نقموه من عمرو بن العاص من نهيهم عن إيقاد النار ونهيهم عن اتباع العدو وصالته جنباً ‪ ،‬فسأله عليه السالم عن‬
‫ذلك فقال ‪ :‬منعتهم‪ C‬من إيقاد النار لئال يرى العدو قلتهم فيطمع فيهم ‪ ،‬ونهيتهم عن اتباع العدو لئال يكون له كمين ‪،‬‬
‫وصليت جنباً ألن اهلل يقول ‪ ( :‬وال تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وإ ن أنا اغتسلت هلكت فتبسم‪ C‬عليه السالم وأثنى على‬
‫عمرو خيراً ‪.‬‬

‫سرية أبي عبيدة عامر بن الجراح إلى ساحل البحر لغزو قبيلة جهينة‬
‫وفي‪ C‬رجب أرسل عليه السالم أبا عبيدة عامر بن الجراح في ثالثمائة فارس لغزو قبيلة جهينة التي تسكن ساحل‬
‫البحر وزود‪ C‬عليه السالم هذا الجيش جراباً من التمر ‪ ،‬فساروا حتى إذا وصلوا‪ C‬الساحل أقاموا‪ C‬فيه نحو نصف شهر‬
‫ينتظرون العدو وقد فنى زادهم حتى أكلوا الخبط ( وهو ورق‪ C‬السَُّمر ) يبلونه بالماء ويأكلونه إلى أن تقرحت أشداقهم‪. C‬‬
‫‪56‬‬
‫وكان في القوم الكريم ابن الكريم قيس بن عبادة فنحر‪ C‬لهم ثالث جزر في كل يوم جزور‪ ، C‬وفي‪ C‬اليوم الرابع‬
‫أراد أن ينحر ‪ ،‬فنهاه رئيسه أبو عبيدة ‪ ،‬ألن قيساً كان أخد تلك الجزر بدين على أبيه ‪ ،‬فخاف أبو عبيدة أن ال يفي له‬
‫أبوه بما استدان ‪ ،‬فقال قيس ‪ :‬أترى سعداً يقضي ديون الناس ويطعم‪ C‬في المجاعة وال يقضي ديناً استدنته لقوم مجاهدين‬
‫في سبيل اهلل ‪.‬‬
‫ولما يئسوا من لقاء عدوهم رجعوا‪ C‬إلى المدينة ‪ ،‬فقال قيس بن سعد ألبيه كنت في الجيش فجاعوا قال ‪ :‬انحر‬
‫قال نحرت قال ‪ :‬ثم جاعوا قال ‪ :‬انحر ‪ .‬قال ‪ :‬نحرت ‪ ،‬قال ‪ :‬ثم جاعوا ‪ ،‬قال ‪ :‬انحر ‪ .‬قال نحرت قال ‪ :‬ثم جاعوا قال‬
‫‪ :‬انحر قال ‪ :‬نُهيت ‪.‬‬

‫التقويم‬
‫‪-1‬اختر اإلجابة الصحيحة ‪ :‬وضع عليها عالمة (‪ )‬فيما يأتي ‪:‬‬
‫(‪ )1‬كانت معركة " مؤتة بين " ( المسلمين والفرس ـ المسلمين والروم ـ المسلمين واألحابيش ) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬عند وصول‪ C‬الجيش اإلسالمي إلى الشام عسكر في‪( :‬مشارف ـ مؤتة ـ معان ـ الكرك ) ‪.‬‬
‫كان عدد الروم‪ C‬قبل انضمام‪ C‬القبائل العربية إليه ( مئة ألف ـ مئتي ألف ـ ثالثمئة ألف ) ‪.‬‬ ‫(ج)‬
‫‪-2‬حدد من الغزوة ما يدل على الحقائق التالية ‪:‬‬
‫(‪ )1‬المجاهد المسلم يقاتل حتى آخر رمق من حياته ‪.‬‬
‫(‪ )2‬يجب النظر للمصلحة العليا دون المصلحة الشخصية ‪.‬‬
‫الخبرة العسكرية لها دور في تغيير مسار المعركة ‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪-3‬علل لما يأتي ‪:‬‬
‫تشاور‪ C‬المسلمين في قرية " معان "‬ ‫(‪)1‬‬
‫جميع الطعنات التي أصيب بها جعفر بن أبي طالب كانت من األمام ‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫َّ‬
‫شكل خالد بن الوليد ‪ ‬مؤخرة قوية للجيش اإلسالمي ‪.‬‬ ‫(د)‬
‫‪-4‬أكمل ما يأتي ‪:‬‬
‫(أ)عيَّن رس‪CC C C C C C C C C C C C‬ول اهلل ‪ ‬ثالثة من الق‪CC C C C C C C C C C C C‬ادة لمعركة " مؤتة " وهم على الت‪CC C C C C C C C C C C C‬والي ‪. . . . . . . :‬‬
‫و‪. . . . . . . . . . , . . . . . . . . . .‬‬
‫(ج) كانت معركة مؤتة في شهر ‪. . . . . . . . . .‬من السنة ‪ . . . . . . . . .‬للهجرة‬
‫(د) كان مع هرقل ‪ . . . . . . .‬مقاتل ‪ ،‬وانضم إليه ‪ . . . . . . . .‬وهم من القبائل العربية المجاورة ‪.‬‬
‫‪ -5‬ضع المناسب من عالمة ( ‪ )‬أو عالمة (‪ )‬أمام العبارات األتية ‪:‬‬
‫(‪ )1‬من أسباب معركة مؤتة قتل قيصر‪ C‬للصحابي الجليل " الحارث بن عمير األزدي‪.‬‬
‫(ب) كان عدد الجيش اإلسالمي ثالثة آالف مجاهد مقابل ثالثمئة ألف من الروم ‪.‬‬
‫(ج) تشاور المسلمون في مؤتة بسبب قلة العدد ‪.‬‬
‫(د) خالد بن الوليد هو الذي أشار بمواجهة ا لروم‪. C‬‬
‫(هـ) يعتبر خالد منهزماً عندما انسحب بالجيش ‪.‬‬
‫‪ -6‬لغزوة مؤتة عدة نتائج اذكر ثالثاً منها ‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫‪ -7‬من قائل هذه العبارات وما المناسبة التي قيلت فيها ‪:‬‬
‫المناسبة‬ ‫القائل‬ ‫العبارة‬

‫‪ -‬فانطلقوا‪ C‬فإنما هي إحدى الحسنيين‬


‫‪ -‬يا قـ ـــوم إن ال ـ ــذين تكره ـ ــون هو ما خ ـ ــرجتم‬
‫تطلبون ( الشهادة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬يا حبذا الجنة واقترابها‬
‫وبارُد شرابها‬
‫ٌـٌُ‬ ‫طيبة‬
‫لتكرهن‬
‫ّ‬ ‫لتنزلن أو‬ ‫لتنزلن‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬أقسمت يا نفس‬
‫‪ -‬يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم‬
‫‪ -8‬هناك عبر في غزوة مؤتة ‪ .‬اذكر ثالثاً منها ‪.‬‬
‫عدد السرايا التى أرسلها النبي ‪ ‬فى العام الثامن من الهجرة ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬استخلص الدروس المستفادة من أحداث هذه السرايا ‪.‬‬

‫الدرس الثامن عشر‬

‫فتح مكة‬

‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬


‫أن يبين الدارس كيف هيأ اهلل األسباب لفتح مكة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن يبدي الدارس مشاعره تجاه عفو النبي ‪ ‬عن مشركي مكة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن يستخلص الدارس الدروس المستفادة من تصرف‪ C‬النبي ‪ ‬مع جماعة من عظمت ذنوبهم وآذوا اإلسالم‬ ‫‪-3‬‬
‫وأهله عظيم األذى ‪.‬‬
‫أن يستخلص الدارس الدروس المستفادة من غزوة الفتح األعظم ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أن يعدد الدارس بنود بيعة النساء ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫تم هدم األصنام‪ C‬في الكعبة وخارجها‪. C‬‬
‫أن يذكر الدارس كيف ّ‬ ‫‪-6‬‬

‫غزوة الفتح األعظم‬


‫إذا أراد اهلل أمراً هيأ أسبابه وأزال موانعه فقد كان عليه السالم يعلم أنه ال تذل العرب حتى تذل قريش وال تنقاد‬
‫البالد حتى تنقاد مكة ‪ ،‬فكان يتشوق لفتحها ولكن كان يمنعه من ذلك العهود التي أعطاها قريشاً في الحديبية وهو سيد‬
‫من وفى‪ ، C‬ولكن إذا أراد اهلل أمراً هيأ أسبابه ‪.‬‬
‫فقد علمت أن قبيلة خزاعة دخلت في عهد رسول اهلل وقبيلة بكر دخلت في عهد قريش ‪ ،‬وكان بين خزاعة وبكر‬
‫دماء في الجاهلية كمنت نارها بظهور‪ C‬اإلسالم ‪ ،‬فلما حصلت الهدنة وقف رجل من بكر يتغنى بهجاء رسول اهلل ‪ ‬على‬

‫‪58‬‬
‫مسمع من رجل خزاعى ‪ ،‬فقام هذا وضربه فحرك ذلك كامن األحقاد وتذكر‪ C‬بنو بكر ثأرهم ‪ ،‬فشدوا‪C‬‬
‫ٍ‬
‫العزيمة لحرب خصومهم واستعانوا بأوليائهم من قريش ‪ ،‬فأعانوهم سراً بالعدة والرجال ثم توجهوا إلى‬
‫خزاعة وهم آمنون فقتلوا منهم ما يربو على العشرين ‪.‬‬
‫ولما رأى ذلك حلفاء السيد األمين أرسلوا منهم وفداً‪ C‬برياسة عمرو بن سالم الخزاعي ليخبر رسول‬
‫حلوا بين يديه وأخبروه الخبر قال ‪ :‬واهلل ألمنعنكم مما أمنع نفسي‬
‫اهلل بما فعل بهم بنو بكر وقريش‪ ، C‬فلما ّ‬
‫منه ‪.‬‬
‫أما قريش فإنهم لما رأوا أن ما عملوه نقض للعهود التي اتخذت عليهم ‪ ،‬ندموا على ما فعلوا‬
‫وأرادوا‪ C‬مداواة هذا الجرح ‪ ،‬فأرسلوا‪ C‬قائدهم أبا سفيان بن حرب إلى المدينة ليشدّ العقد ويزيد‪ C‬في المدة ‪،‬‬
‫فركب راحلته وهو يظن أنه لم يسبقه أحد حتى إذا جاء المدينة نزل على أم المؤمنين أم حبيبة بنته وقد‪C‬‬
‫أراد أن يجلس على فراش رسول اهلل فطوته عنه ‪ ،‬فقال يا بنية ‪ :‬أرغبت به عني أم رغبت بي عنه ؟‬
‫فقالت ‪ :‬ما كان لك أن تجلس على فراش رسول اهلل وأنت مشرك نجس ‪ ،‬فقال لقد أصابك بعدي شر ‪.‬‬
‫ثم خرج من عندها وأتى النبي في المسجد وعرض عليه ما جاء له ‪ ،‬فقال له عليه السالم ‪ :‬هل‬
‫كان من حدث ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬فقال عليه السالم ‪ :‬فنحن على مدتنا وصلحنا ‪ ،‬ولم يزد عن ذلك ‪.‬‬
‫فقام أبو سفيان ومشى إلى كبائر المهاجرين من قريش علهم يساعدونه على مقصده ‪ ،‬فلم يجد منهم‬
‫معيناً وكلهم قالوا ‪ :‬جوارنا في جوار رسول اهلل ‪ ،‬فرجع إلى قومه ولم يصنع شيئاً ‪ ،‬فاتهموه بأنه خانهم‬
‫واتبع اإلسالم ‪ ،‬فتنسك عند األوثان لينفي عن نفسه هذه التهمة ‪.‬‬
‫أما رسول اهلل ‪ ‬فتجهز‪ C‬للسفر وأمر أصحابه بذلك ‪ ،‬وأخبر الصديق‪ C‬بالوجهة فقال له ‪ :‬يا رسول‬
‫اهلل أوليس بينك وبين قريش عهد ؟ قال ‪ :‬نعم ولكن غدروا ونقضوا‪. C‬‬
‫ثم استنفر عليه السالم األعراب الذين حول المدينة وقال ‪ :‬من كان يؤمن باهلل واليوم‪ C‬اآلخر‬
‫فليحضر رمضان بالمدينة ‪ ،‬فقدم جمع من قبائل أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة وطوى عليه السالم‬
‫األخبار عن الجيش كيال يشيع األمر فتعلم قريش فتستعد للحرب ‪ ،‬والرسول عليه السالم ال يريد أن يقيم‬
‫حرباً بمكة بل يريد انقياد أهلها مع عدم المساس بحرمتها‪ ، C‬فدعا مواله جل ذكره وقال ‪ ( :‬اللهم خذ‬
‫العيون واألخبار عن قريش حتى نبغتها في بلدها ) ‪.‬‬
‫فقام حاطب بن أبي بلتعة أحد الذين شهدوا بدراً وكتب كتاباً لقريش يخبرهم‪ C‬بعض أمر رسول اهلل‬
‫‪ ‬وأرسله مع جارية لتوصله إلى قريش على عجل ‪ ،‬فأعلم اهلل رسوله ذلك ‪ ،‬فأرسل في أثرها علياً‬
‫والزبير‪ C‬والمقداد ‪ ،‬وقال ‪ :‬انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ‪ ،‬فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ‪،‬‬
‫فانطلقوا‪ C‬حتى أتوا الروضة فوجدوا‪ C‬بها المرأة فقالوا لها ‪ :‬أخرجي الكتاب ‪ ،‬قالت ‪ :‬ما معي كتاب ! فقالوا‬
‫لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب ‪ ،‬فأخرجته من عقاصها ‪ ،‬فأتوا‪ C‬به رسول اهلل ‪ ‬فقال عليه السالم ‪ :‬يا‬
‫على ‪ ،‬إني كنت حليفاً لقريش ولم أكن من أنفسها ‪ ،‬وكان‬
‫ّ‬ ‫حاطب ماهذا ؟ قال ‪ :‬يا رسول اهلل ال تعجل‬
‫من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم‪ ، C‬فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن‬
‫أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي‪ ، C‬ولم أفعله ارتداداً عن ديني وال رضاءً بالكفر بعد اإلسالم ‪.‬‬
‫فقال عليه السالم ‪ :‬أما أنه قد صدقكم ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫فقال عمر ‪ :‬دعني يا رسول اهلل أضرب عنق هذا المنافق ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنه قد شهد بدراً وما يدريك‬
‫لعل اهلل اطّلع على من شهد بدراً ‪ ،‬فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ‪.‬‬
‫وفي‪ C‬ذلك أنزل اهلل سورة الممتحنة ( يا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون‬
‫إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإ ياكم أن تؤمنوا باهلل ربكم إن كنتم‬
‫خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة أنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن‬
‫يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل )‬
‫(سورة الممتحنة ‪)1‬‬

‫ثم سار عليه السالم بهذا الجيش العظيم في منتصف‪ C‬رمضان بعد أن ولّى على المدينة بن أم‬
‫مكتوم‪ ، C‬وكانت عدة الجيش عشرة آالف مجاهد ‪ ،‬ولما وصل األبواء لقيه اثنان كانا من أشد أعدائه وهما‬
‫ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب شقيق عبيدة بن الحارث شهيد بدر ‪ ،‬وصهره عبد اهلل بن‬
‫أبي أمية ابن المغيرة شقيق زوجه أم سلمة ‪ ،‬وكانا يريدان اإلسالم فقبلهما عليه السالم وفرح‪ C‬بهما شديد‬
‫‪.‬‬ ‫(يوسف ‪)92‬‬
‫الفرح وقال ‪ ( :‬ال تثريب عليكم اليوم يغفر اهلل لكم وهو أرحم الراحمين )‬
‫ولما وصل عليه السالم الكديد رأي أن الصوم‪ C‬شق على المسلمين فأمرهم‪ C‬بالفطر وأفطر‪ C‬هو أيضاً ‪ ،‬وقد‪C‬‬
‫قابل عليه السالم في الطريق العباس بن عبد المطلب مهاجراً بأهله وعياله فأمره أن يعود إلى مكة ويرسل‬
‫عياله إلى المدينة ‪ .‬ولما وصل عليه السالم م ّر الظهران أمر بإيقاد عشرة آالف نار ‪ ،‬وكان قريش قد بلغهم أن‬
‫محمداً زاحف بجيش عظيم ال تدري وجهته ‪ ،‬فأرسلوا‪ C‬أبا سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء‪ C‬يلتمسون‬
‫الخبر عن رسول اهلل ‪ ،‬فأقبلوا يسيرون حتى أتوا م ّر الظهران فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة فقال أبو سفيان ‪ :‬ما هذه‬
‫لكأنها نيران عرفة‍ ‪ ،‬فقال بديل بن ورقاء‪ : C‬نيران بني عمرو ‪ ،‬فقال أبو سفيان ‪ :‬بنو عمرو أقل من ذلك ‪.‬‬
‫فرآهم ناس من حرس رسول اهلل فأدركوهم ‪ ،‬فأخذوهم‪ C‬فأتوا بهم رسول اهلل فأسلم‪ C‬أبو سفيان ‪ ،‬فلما سار قال‬
‫خطْم الجبل حتى ينظر المسلمين ‪ ،‬فحبسه العباس فجعلت القبائل تمر كتيبة كتيبة على‬
‫للعباس ‪ :‬أحبس أبا سفيان عند َ‬
‫أبي سفيان ‪ ،‬وهو يسأل عنها ويقول ما لي ولها ‪ ،‬حتى إذا مرت به قبيلة األنصار وحامل رايتها سعد بن عبادة فقال سعد‬
‫‪ :‬يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الكعبة ‪ ،‬فقال أبو سفيان‪ :‬يا عباس حبذا يوم الذِّمار ( الهالك ) ‪.‬‬
‫ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب فيها رسول اهلل وأصحابه وحامل الراية الزبير بن العوام فأخبر‪ C‬أبو سفيان‬
‫رسول اهلل بمقالة سعد ‪ ،‬فقال عليه السالم ‪ :‬كذب سعد ولكن هذا يوم يعظِّم اهلل فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة ‪ ،‬ثم أمر‬
‫(اسم جبل)‬
‫عليه السالم أن تركز رايته بالحجون‬
‫وأمر خالد بن الوليد أن يدخل من أسفل مكة من كدي (اسم جبل) ودخل هو من أعالها من كداء ‪ ،‬ونادى‪ C‬مناديه ‪:‬‬
‫من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ‪.‬‬
‫وهذه أعظم منّة له ‪ ،‬واستثنى‪ C‬من ذلك جماعة عظمت ذنوبهم وآذوا اإلسالم وأهله عظيم األذى فأهدر دمهم وإ ن‬
‫تعلقوا بأستار الكعبة ‪ ،‬منهم عبد اهلل بن سعد بن أبي السرح الذي أسلم وكتب لرسول اهلل الوحي ثم ارتد وافترى‪ C‬الكذب‬
‫على األمين المأمون ‪ ،‬فكان يقول ‪ :‬إن محمداً كان يأمرني‪ C‬أن أكتب عليم حكيم فأكتب غفور رحيم ‪ ،‬فيقول كل جيد‍‬
‫ومنهم‪ C‬عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وهبار بن األسود‪ C‬والحارث بن هشام ‪ ،‬وزهير‪ C‬بن أبي أمية ‪ ،‬وكعب بن‬
‫زهير ووحشي‪ C‬قاتل حمزة وهند بنت عتبة زوج أبي سفيان وقليل غيرهم ‪ ،‬ونهى عن قتل واحد سوى هؤالء إال من قاتل‬
‫‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫فأما جيش خالد بن الوليد فقابله الذعر من قريش يريدون صدّه فقاتلهم وقتل منهم أربعة وعشرين وقتل من‬
‫جيشه اثنان ودخلها‪ C‬عنوة من هذه الجهة ‪.‬‬
‫وأما جيش رسول اهلل ‪ ‬فلم يصادف‪ C‬مانعاً وهو عليه السالم راكب راحلته منحن على الرحل تواضعاً‪C‬‬
‫اهلل وشكراً له على هذه النعمة حتى تكاد جبهته تمس الرحل ‪ ،‬وأسامة بن زيد رديفه وكان ذلك صبح يوم‬
‫الجمعة لعشرين خلت من رمضان حتى وصل إلى الحجون موضع رايته ‪ ،‬وقد‪ C‬نصبت له هناك قبة فيها‬
‫أم سلمة وميمونة ‪ ،‬فاستراح‪ C‬قليلاً ثم سار وبجانبه أبو بكر يحادثة وهو يقرأ سورة الفتح حتى بلغ البيت‬
‫وطاف‪ C‬سبعاً على راحلته واستلم الحجر بمحجنه ‪ ،‬وكان حول الكعبة إذ ذاك ثالثمائة وستون صنماً ‪،‬‬
‫فجعل عليه السالم يطعنها بعود في يده يقول ‪ :‬جاء الحق وزهق‪ C‬الباطل ‪ ،‬وما يبدئ الباطل وما يعيد ‪ ،‬ثم‬
‫أمر بها فأخرجت‪ C‬من البيت وفيها صورة إسماعيل وإ براهيم في أيديهما األزالم فقال عليه السالم ‪ :‬قاتلهم‪C‬‬
‫اهلل لقد علموا ما استقسما بها قط ‍‍!!‬
‫وهذا أول يوم طهرت فيه الكعبة من هذه المعبودات الباطلة ‪ ،‬وبطهارة الكعبة المقدسة عند جميع‬
‫العرب باديها وحاضرها‪ C‬من هذه األدناس سقطت عبادة األوثان من جميع بالد العرب إال قليالً ‪ .‬ويوشك‬
‫أن نذكر للقارئ اختفاء آثارها ومحو‪ C‬عبادتها بالكلية ‪.‬‬

‫العفو عند المقدرة‬

‫ثم إن النبي ‪ ‬دخل الكعبة وكبّر في نواحيها ‪ ،‬ثم خرج إلى مقام إبراهيم وصلى فيه ثم شرب من زمزم‪ C‬وجلس‬
‫في المسجد والناس حوله والعيون شاخصة إليه ينتظرون ما هو فاعل بمشركي قريش الذين آذوه وأخرجوه من بالده‬
‫وقاتلوه ‪ ،‬ولكن هنا تظهر مكارم‪ C‬األخالق التي يلزم أن يتعلم منها المسلم أن يكون رضاه وغضبه هلل ال لهوى النفس ‪،‬‬
‫أخ كريم ‪ ،‬فقال عليه السالم ‪:‬‬
‫أخ كريمُ وابن ٍ‬
‫فاعل بكم ؟ قالوا ‪ :‬خيراً ُ‬
‫ُ‬ ‫فقال عليه السالم ‪ :‬يا معشر قريش ما تظنون ّأني‬
‫اذهبوا فأنتم‪ C‬الطلقاء ‪.‬‬
‫ويرحم‪ C‬اهلل اإلمام البوصيري حيث قال ‪:‬‬
‫تساوى‪ C‬التقريب واإلقصاء‬ ‫وإ ذا كان القطع والوصل هلل‬
‫من سره المالم واإلطراء‪C‬‬ ‫وسواء عليه فيما أتاه‬
‫ـس لدامت قطيعة وجفاء‬ ‫ولو أن انتقامه لهوى النفـ‬
‫منه تباين ووفاء‬ ‫قام هلل في األمور‪ C‬فأرضى‪ C‬اهلل‬
‫ــح إال بما حواه اإلناء‬ ‫فعله كله جميل وهل ينضـ‬

‫ثم خطب عليه السالم خطبة أبان فيها كثيراً من األحكام اإلسالمية منها ‪ :‬أن ال يقتل مسلم بكافر‪ ، C‬وال يتوارث‬
‫أهل ملتين مختلفتين ‪ ،‬وال تنكح المرأة على عمتها أو خالتها ‪ ،‬والبينة على من ادعى واليمين على من أنكر ‪ ،‬وال تسافر‪C‬‬
‫المرأة مسيرة ثالثة أيام إال مع ذي محرم ‪ ،‬وال صالة بعد الصبح والعصر ‪ ،‬وال يصام يوم األضحى ويوم‪ C‬الفطر ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬يامعشر‪ C‬قريش إن اهلل قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها‪ C‬باآلباء ‪ ،‬والناس من آدم وآدم من تراب ثم تال‬
‫هذه اآلية ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكمـ شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكمـ عند اهلل أتقاكم إن اهلل‬

‫‪61‬‬
‫ثم شرع الناس يبايعون رسول اهلل ‪ ‬على اإلسالم ‪ ،‬وممن أسلم في هذا اليوم معاوية بن أبى‬ ‫(الحجرات ‪)13‬‬
‫عليم خبير )‬
‫سفيان وأبو قحافة والد الصدّيق و قد فرح الرسول كثيرا بإسالمه ‪.‬‬
‫وجاء رجل يرتعد خوفاً‪ C‬فقال له عليه السالم ‪ ( :‬هون عليك فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت‬
‫تأكل القديد ) ‪.‬‬
‫أما الذين أهدر رسول اهلل دمهم فقد ضاقت عليهم األرض بما رحبت ‪ ،‬فمنهم من حقت عليه كلمة العذاب فقتل ‪،‬‬
‫ومنهم‪ C‬من أدركته عناية اهلل فأسلم‪ . C‬فعبد اهلل بن سعد بن أبي سرح لجأ إلى أخيه من الرضاع‪ C‬عثمان بن عفان طلب منه‬
‫أن يستأمن له رسول اهلل فغيبه عثمان حتى هدأ الناس ثم أتى به النبي وقال ‪ :‬يا رسول اهلل قد أمنته فبايعه ‪ ،‬فأعرض‬
‫عنه عليه السالم مراراً ثم بايعه ‪ ،‬فلما خرج عثمان وعبد اهلل قال عليه السالم ‪ :‬أعرضت عنه ليقوم إليه أحدكم‬
‫فيضرب‪ C‬عنقه فقالوا ‪ :‬هال أشرت إلينا ؟ فقال ‪ :‬ال ينبغي لنبي أن تكون له خائنة األعين ‪.‬‬
‫وأما عكرمة بن أبي جهل فهرب فخرجت وراءه زوجته وبنت عمه أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت قد‬
‫ّ‬
‫أسلمت قبل الفتح وقد أخذت له أماناً من رسول اهلل فلحقته وقد‪ C‬أراد أن يركب البحر فقالت ‪ :‬جئتك من عند أبر الناس‬
‫وخيرهم‪ C‬ال تهلك نفسك وإ ني قد استأمنته لك ‪ ،‬فرجع ولما رآه عليه السالم وثب قائماً فرحاً به ‪ :‬مرحباً بمن جاءنا‬
‫مهاجراً مسلماً ‪ ،‬ثم أسلم رضي‪ C‬اهلل عنه وطلب من رسول اهلل أن يستغفر له كل عداوة عاداه إياها فاستغفر‪ C‬له ‪ ،‬وكان‬
‫رضي‪ C‬اهلل عنه بعد ذلك من خيرة المسلمين وأغيرهم على اإلسالم ‪.‬‬
‫هبار بن األسود فهرب واختفى حتى إذا كان رسول اهلل بالجعرانة جاءه مسلماً وقال ‪ :‬يا رسول اهلل هربت‬
‫وأما َّ‬
‫عمن جهل عليك ‪ ،‬وكنا يا رسول اهلل أهل شرك فهدانا‪C‬‬
‫منك وأردت اللحاق باألعاجم ثم ذكرت عائدتك وصلتك‪ C‬وصفحك ّ‬
‫اهلل بك وأنقذنا من الهلكة فاصفح الصفح الجميل ‪ .‬فقال عليه السالم ‪ :‬قد عفوت عنك ‪.‬‬
‫وأما الحارث بن هشام وزهير بن أبي أمية المخزومي‪ C‬فأجارتهما أم هانئ بنت أبي طالب فأجاز عليه السالم‬
‫جوارها‪. C‬‬
‫ولما قابل رسول اهلل الحارث بن هشام مسلماً قال له ‪ :‬الحمد هلل الذي هداك ما كان مثلك يجهل اإلسالم وقد‪ C‬كان‬
‫بعد ذلك من فضالء الصحابة ‪.‬‬
‫وأما صفوان بن أمية فاختفى وأراد أن يذهب ويلقي نفسه في البحر فجاء ابن عمه عمير بن وهب الجمحي وقال‬
‫‪ :‬يا نبي اهلل إن صفوان سيد قومه وقد‪ C‬هرب ليقذف نفسه في البحر فأمنِّه فإنك قد أمنت األحمر واألسود ‪ ،‬فقال عليه‬
‫السالم ‪ :‬أدرك ابن عمك فهو آمن ‪ ،‬فقال ‪ :‬أعطني عالمة فأعطاه عمامته فأخذها‪ C‬عمير حتى إذا لقي صفوان قال له ‪:‬‬
‫فداك أبي وأمي جئتك من عند أفضل الناس وأبر الناس وخير‪ C‬الناس وهو ابن عمك وعزه عزك وشرفه شرفك وملكه‬
‫ملكك ‪ ،‬قال صفوان ‪ :‬إني أخاف على نفسي ‪ ،‬قال ‪ :‬هو أحلم من ذلك وأكرم ‪ ،‬وأراه العمامة عالمة األمان فرجع إلى‬
‫رسول اهلل ‪ ،‬وقال له ‪ :‬إن هذا يزعم أنك أمنتني ؟ قال ‪ :‬صدق‪ ، C‬قال ‪ :‬أمهلني بالخيار شهرين ‪ ،‬قال ‪ :‬أربعة أشهر ‪ ،‬ثم‬
‫أسلم رضي اهلل عنه وحسن إسالمه ‪.‬‬
‫وأما هند بنت عتبة فاختفت ثم أسلمت وجاءت إلى رسول اهلل فرحب بها وقالت له ‪ :‬واهلل يا رسول اهلل ما كان‬
‫أحب إلى أن يعزوا من‬
‫أحب إلى أن يذلوا من أهل خبائك ‪ ،‬ثم ما أصبح اليوم أهل خباء ّ‬
‫على ظهر األرض أهل خباء ّ‬
‫أهل خبائك ‪.‬‬
‫وفود كعب بن زهير‬

‫‪62‬‬
‫وأما كعب بن زهير فلما ضاقت به األرض ولم يجد له مجيراً جاء المدينة بعد أن قدمها‪ C‬رسول اهلل من مكة‬
‫فأسلم‪ C‬وأنشد قصيدته التي تقول فيها ‪:‬‬
‫ال ألهينك إني عنك مشغول‬ ‫وقال كل صديق كنت آمله‬
‫فكل ما قدر الرحمن مفعول‬ ‫فقلت خلوا سبيلي ال أبا لكم‬
‫يوماً على آلة حدباء محمول‬ ‫كل ابن أنثى وإ ن طالت سالمته‬
‫والعفو عند رسول اهلل مأمول‬ ‫أنبئت أن رسول اهلل أوعدني‬
‫ــقرآن فيها مواعيظ وتفصيل‬ ‫مهالً هداك الذي أعطاك نافلة ال ـ‬

‫وقال فيها مادحاً ‪:‬‬


‫مهند من سيوف‪ C‬اهلل المسلول‬ ‫إن الرسول لسيف يستضاء به‬

‫وأما وحشي‪ C‬قاتل حمزة فكذلك أسلم وحسن إسالمه وقبله عليه الصالة والسالم‪ C‬وقد جاءه ابنا أبي لهب عتبة‬
‫ومعتب فأسلما‪ C‬وفرح بهما عليه السالم ‪.‬‬
‫وكان من الذين اختفوا سهيل بن عمرو ‪ ،‬فاستأمن له ابنه عبد اهلل فأمنّه عليه السالم وقال ‪ :‬إن سهيالً له عقل‬
‫وشرف‪ C‬وما مثل سهيل يجهل اإلسالم ‪ ،‬فلما بلغت هذه المقالة سهيالً قال ‪ :‬كان واهلل براً صغيراً براً كبيراً ثم أسلم بعد‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫بيعة النساء‬
‫هذا ‪ ،‬ولما تمت بيعة الرجال بايعه النساء وكن يبايعن على أن ال يشركن باهلل شيئاً وال يسرقن وال يزنين وال‬
‫يقتلن أوالدهن وال يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن وال يعصين الرسول في معروف ‪.‬‬
‫ثم أمر عليه السالم بالالً أن يؤذن على ظهر الكعبة ‪ ،‬وهذا بدء ظهور‪ C‬اإلسالم على ظهر البيت الكريم ‪ ،‬فال‬
‫عجب أن أتخذ المسلمون هذا اليوم عيداً يحمدون فيه اهلل حق حمده على هذه النعمة الكبرى والنصر العظيم ‪ ،‬وأقام عليه‬
‫السالم بمكة بعد فتحها تسعة عشر يوماً يقصر فيها الصالة وولى عليها عتاب بن أسيد وجعل رزقه كل يوم درهماً ‪،‬‬
‫فكان عتاب رضي اهلل عنه يقول ‪ :‬ال أشبع اهلل بطناً جاع على درهم كل يوم ‪.‬‬
‫هدم العزى‬
‫وفي‪ C‬الخامس من مقامه عليه السالمة بمكة أرسل خالد بن الوليد في ثالثين فارساً لهدم هيكل العزى وهي أكبر‬
‫صنم لقريش وكان هيكلها ببطن نخلة فتوجه إليها خالد وهدمها‪. C‬‬

‫هدم سواع‬
‫وأرسل عليه السالم عمرو بن العاص لهدم سواع وهو أعظم صنم لهذيل وهيكله على ثالثة أميال من مكة‬
‫فذهب إليه وهدمه ‪.‬‬

‫هدم مناة‬
‫ل وهو جبل‬
‫بالمشلّ ْ‬
‫وبعث سعد بن زيد األشهلي في عشرين فارساً لهدم مناة وهي صنم لكلب وخزاعة وهيكلها ُ‬
‫على ساحل البحر يهبط منه إلى قديد فتوجهوا إليها وهدموها ‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫نتائج الفتح األعظم ‪:‬‬
‫ان‪CCC‬دحرت ق‪CCC‬ريش وقضي عليها وتب‪CCC‬ددت قوتها‪ ، C‬وأص‪CCC‬يبت الوثنية بض ‪CC‬ربة قاص ‪CC‬مة ‪ .‬فال شك أنه بعد‬ ‫‪-1‬‬
‫فتح مكة قضى على معقل الوثنية الحص‪CC C C‬ين ال‪CC C C‬ذي ك‪CC C C‬انت تنطلق منه الجي‪CC C C‬وش لح‪CC C C‬رب المس‪CC C C‬لمين ‪،‬‬
‫وانمحى‪ C‬التض ‪CC‬ييق والح ‪CC‬رج ال ‪CC‬ذي ك ‪CC‬ان يالقيه المؤمن ‪CC‬ون من كف ‪CC‬ار مكة ومن س ‪CC‬لطانهم‪ C‬على النف ‪CC‬وس ‪،‬‬
‫الوثنية في مكة ‪ ،‬ولهذا قال ‪ " : ‬ال هجرة بعد‬ ‫حيث كانت أيديهم مطلقة في قمع كل خارج على‬
‫الفتح ولكن جه ‪CC‬اد ونية وإ ذا اس ‪CC‬تنفرتم ف ‪CC‬انفروا‪ " C‬فأص ‪CC‬بحت‪ C‬مكة دار إس ‪CC‬الم كالمدينة ؛ فال ف ‪CC‬رار منها‬
‫وال خروج إال نفرة للجهاد وإ عزاز كلمة اهلل سبحانه ‪.‬‬

‫كان فتح مكة تصفية للعناصر الفعالة في المجتمع الجاهلي حيث أسلموا وخضعوا طواعية ‪ ،‬بل عن‬ ‫‪-2‬‬
‫حماسة للدين الجديد وانقلب‪C‬وا له أنص‪C‬اراً‪ C‬وحم‪C‬اة ودع‪C‬اة ‪ ،‬ف‪C‬ازداد‪ C‬ب‪C‬أس المس‪C‬لمين ق‪C‬وة على ق‪C‬وة وإ ق‪C‬داماً‬
‫على إقدام ‪.‬‬

‫ك ‪CC‬ان ه ‪CC‬ذا الفتح س ‪CC‬بباً في توحد الجزي ‪CC‬رة ‪ ،‬حيث س ‪CC‬ارع الن ‪CC‬اس في ال ‪CC‬دخول في اإلس ‪CC‬الم تبع‪CC‬اً لق ‪CC‬ريش‬ ‫‪-3‬‬
‫واقت ‪CC‬داء بس ‪CC‬ادتهم‪ ، C‬وزال خ ‪CC‬وف المستض ‪CC‬عفين والمح ‪CC‬بين للحق ‪ ،‬فأق ‪CC‬دموا عليه س ‪CC‬راعاً وقد‪ C‬أش ‪CC‬ار إلى‬
‫والفتح ‪ ‬ورأيت الن‪CC‬اس ي‪CC‬دخلون في دين اهلل أفواج‪C‬اً‪C‬‬
‫ُ‬ ‫ذلك الق‪CC‬رآن الك‪CC‬ريم بقوله ‪  :‬إذا ج‪CC‬اء نصر اهلل‬
‫‪ ‬فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ‪. )1( ‬‬
‫جعل فتح مكة دولة اإلسالم دولة كبرى تضارع بجندها واستعدادها القوى الموجودة حينذاك على ظهر األرض‬
‫‪ ،‬بل تفوقها عزيمة وش‪CC‬جاعة وإ ق‪CC‬داماً ولم يعد الع‪CC‬رب تلك القبائل المتفرقة ال‪CC‬تي تخضع لأله‪CC‬واء والش‪CC‬هوات‪ ، C‬بل توح‪CC‬دت‬
‫تحت قيادة راشدة حكيمة وسارت‪ C‬على دستور فيه الحق والخير والعدل اإللهي فسعدت وعزت ‪.‬‬

‫دروس ِ‬
‫وع َبر من الفتح ‪:‬‬

‫‪-1‬عواقب الغدر وخيمة ‪:‬‬


‫في الرسول والمسلمون بعهودهم‪ ، C‬وما كان ينتظر‪ C‬منهم إال ذلك ‪ ،‬وقد أمرهم دينهم بهذا فقال جل شأنه ‪:‬‬
‫َو َ‪C‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ‬يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ‪‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ‬وأوفوا بعهد اهلل إذا عاهدتم ‪‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪ ‬وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئوالً‪ C‬‬
‫وخان المشركون وغدروا ومكروا وال يحيق المكر السيء إال بأهله وكان ذلك سبباً في عدم احترام عهدهم ومحاربتهم‪: C‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ ‬إن اهلل ال ُيحب كل خوان كفور ‪‬‬

‫سورة الفتح ‪3-1 :‬‬ ‫‪)(1‬‬


‫أول سورة المائدة‬ ‫‪)(2‬‬
‫سورة النحل آية ‪91 :‬‬ ‫‪)(3‬‬
‫سورة اإلسراء آية ‪34 :‬‬ ‫‪)(4‬‬
‫سورة الحج آية ‪38 :‬‬ ‫‪)(5‬‬
‫‪64‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪ ‬إن اهلل ال يحب من كان خواناً أثيما ‪‬‬

‫‪-2‬الكتمان والمباغتة من عوامل النصر‪:‬‬


‫حرص رسول اهلل ‪ ‬أال يخبر أحدا بخبر الغزو ‪ ،‬حتى يفجأ المشركين ‪ ،‬وذلك عنصر مهم من‬
‫عناصر النصر على األعداء ‪ ،‬لئال يأخذ العدو حذره ويتخذ أسباب االستعداد ‪.‬‬

‫‪-3‬عمل المسلمون من وقت الهدنة في الحديبية ‪:‬‬


‫فك‪CC‬ثر جن‪CC‬دهم وق‪CC‬وي اس‪CC‬تعدادهم إلى أن ج‪CC‬اء وقت الفتح فك‪CC‬ان النصر ‪ ،‬ولكن المشركين تناقص عددهم ‪ ،‬وفزع‪CC‬وا‬
‫إلى أهوائهم وضعفوا ‪ ،‬فكانت الهزيمة لهم ‪.‬‬

‫‪-4‬التخطيط والتنظيم يرهب العدو ويشل قدراته ‪:‬‬


‫كان لتنظيم جيش الرسول ‪ ‬في الفتح واستعداده فعل قوي في استكانة أبي سفيان وإ دراكه أن هذا‬
‫جيش ال يغلب ‪ ،‬فنقل ذلك إلى قومه فوقع‪ C‬في نفوسهم ما وقع في نفسه ‪.‬‬

‫‪-5‬القوى المعنوية كانت من ركائز النصر ‪:‬‬


‫ومنوا‪ C‬به النفس ‪ ،‬وكان‬
‫حنوا إليه ّ‬
‫كان المهاجرون فرحين مستبشرين بفتح اهلل والذهاب إلى موطنهم الذي طالما ّ‬
‫األنصار‪ C‬ال يقلون فرحاً ألن مكة هي البلد الحرام الذي تهفوا إليه القلوب وتشتاق إليه األرواح ‪.‬‬

‫أما معنويات قريش فكانت متردية ومنهارة ‪ ،‬ودفعهم ذلك إلى هروب قادتهم‪ C‬واستسالم جندهم ودخولهم البيوت وإ غالقها‬
‫طلباً للنجاة ‪.‬‬

‫‪-6‬الرحمة والرأفة تفتح مغاليق القلوب ‪:‬‬


‫كان لرحمة الرسول ‪ ‬وعفوه عن المذنبين وصفحه عن المعاندين أقوى‪ C‬األثر في حبهم اإليمان وأهله ‪،‬‬
‫والدخول‪ C‬في دين اهلل أفواجا‪.‬‬

‫‪-7‬التواضع وعدم الفخر سمة العظماء ‪:‬‬


‫لقد كان لتواضع الرسول ‪ ‬عند دخول مكة وقع كريم في نفوس المؤمنين ‪ ،‬وتعليم‪ C‬حكيم للمتقين‬
‫الذين يريدون ثواب اهلل تعالى ‪ ،‬ويؤثرونه على ما سواه ‪.‬‬
‫كما ك‪C‬ان لوفائه ـ عليه الس‪C‬الم ـ في إعطائه مف‪C‬اتيح الكعبة لعثم‪C‬ان بن طلحة أثر ب‪C‬الغ في نف‪C‬وس الن‪C‬اس ح‪C‬تى‬
‫الناس وأرحم الناس وأكرم الناس وأبرهم وأوفاهم ‪.‬‬ ‫قال أعداؤه قبل أصدقائه ‪ :‬إنه أوصل‬

‫‪-8‬انكشاف الباطل َو ِذ َهاب الغشاوة ‪:‬‬


‫تكسرت األصنام‪ ، C‬وظهر‪ C‬الحق وزهق‪ C‬الباطل ‪ ،‬حتى قالت امرأة أبي سفيا ن وهي من أعتى المشركين حين‬
‫قامت بكسر صنمها " لقد كنا منك في غرور وشر‪. " C‬‬

‫التقويم ‪:‬‬

‫سورة النساء ‪ :‬آية ‪107‬‬ ‫‪)(6‬‬


‫‪65‬‬
‫‪ -1‬اقرأ فتح مكة بعناية ‪ ،‬ثم حاول اإلجابة عما يأتي من األسئلة ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما األسباب التي أدت إلى فتح مكة ؟‬
‫ب‪ -‬لماذا تدخل الرسول القائد بين بكر وخزاعة مع أن القبيلتين مشركتان ؟‬
‫ولماذا ؟‬ ‫د‪ -‬ماذا فعلت أم حبيبة عندما أراد أبو سفيان الجلوس على فراش الرسول الكريم؟‬
‫هـ‪ -‬ما أثر هذا التصرف في نفس أبي سفيان ؟ وماذا قال ؟‬
‫و‪ -‬ما الخطأ الذي وقع فيه حاطب بن أبي بلتعة ؟ وكيف تصرف‪ C‬معه الرسول القائد ؟ ولماذا ؟‬
‫ز‪ -‬لماذا أمر الرسول ‪ ‬بإيقاد النيران حول مكة ؟‬
‫‪ -2‬ك ‪CC‬ان للرس ‪CC‬ول القائد موقف من التس ‪CC‬امح خال ‪Cٌ C‬د مع المش ‪CC‬ركين بعد الفتح ‪ .‬اش ‪CC‬رح ه ‪CC‬ذه العب ‪CC‬ارة ودلل عليها من أح ‪CC‬داث‬
‫الفتح ‪.‬‬
‫‪-3‬اق ‪CC‬رأ كل عب ‪CC‬ارة مما ي ‪CC‬أتي ‪ ،‬ثم ضع عالمة (‪ )‬أم ‪CC‬ام العب ‪CC‬ارة ال ‪CC‬تي تراها ص ‪CC‬حيحة ‪ ،‬وعالمة (‪ )‬أم ‪CC‬ام‬
‫العبارة التي تراها خطأ ‪:‬‬
‫أ‪ -‬لقد تم للرسول القائد فتح مكة دون قتال ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أخذ أبو سفيان يحض المشركين على الحرب ‪ ،‬عندما رأى جيش المسلمين يدخل مكة‪.‬‬
‫ج‪ -‬دخل أهل مكة بيوتهم ‪ ،‬مستجيبين لنداء القائد الفاتح ‪ ،‬ليأمنوا على حياتهم ‪.‬‬
‫د‪ -‬انتقم الرس‪CCC‬ول القائد من أهل مكة ‪ ،‬واس‪CCC‬تولى على أم‪CCC‬والهم ودورهم ‪ ،‬كما فعل ‪CC‬وا مع المس‪CCC‬لمين من قبل‬
‫‪.‬‬
‫هـ‪ -‬دخل الرسول القائد مكة فاتحاً منتصراً‪ ، C‬متواضعاً غير مستكبر‪. C‬‬
‫و‪ -‬أسرع الناس في مكة إلى أسلحتهم لصد المسلمين عن مدينتهم‪. C‬‬
‫‪ -4‬أجب عن األسئلة التالية ‪:‬‬

‫أ‪ "-‬كان للفتح األكبر نتائج متعددة ‪ ،‬اذكر اثنتين منها " ‪.‬‬
‫ب‪ "-‬لقد كان لفتح مكة دروس وعبر باقية " اشرح هذه العبارة باختصار‪. C‬‬
‫ج‪-‬من قائل هذه العبارات ‪ ،‬وفي أي مناسبة ؟‬
‫‪ [ -‬ال تثريب عليكم اليوم ‪ ،‬يغفر اهلل لكم وهو أرحم الراحمين ] ‪.‬‬
‫َج ْر ِت يا أ َُّم هانِئ ] ‪.‬‬
‫َج ْرنا من أ َ‬
‫[ أَ‬ ‫‪-‬‬
‫مهند من سيوف‪ C‬اهلل المسلول‬ ‫‪ -‬إن الرسول لسيف يستضاء به‬

‫الدرس التاسع عشر ‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫غزوة حنين‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يذكر الدرس سبب غزوة حنين ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يحدد الدارس األسباب التي أدت إلى انكشاف المسلمين فى بداية معركة حنين ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يرسم الدارس صورة لثبات النبي ‪ ‬يوم حنين ‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يستخلص الدارس الدروس المستفادة من غزوة حنين ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يوضح الدارس مقصد النبي ‪ ‬بزيادة العطاء لحديثي العهد باإلسالم‪ C‬من سبي هوازن ‪.‬‬
‫‪ .6‬أن يبين الدارس كيف عالج النبي ‪ ‬غضب األنصار‪ C‬بسبب عطاياه لقريش من الغنائم ‪.‬‬
‫‪ .7‬أن يوضح الدارس حسن سياسة النبي ‪ ‬لألمور مستشهداً‪ C‬بموقفه من رد سبي هوازن ‪.‬‬

‫بهذا الفتح العظيم ( فتح مكة ) وسقوط‪ C‬دولة األوثان دانت لإلسالم جموع العرب ودخلوا فيه أفواجاً‪. C‬‬
‫حِمَّيُة الجاهلية واجتمع األشراف‪ C‬منهم للشورى ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬قد فرغ محمد من قتال‬
‫أما قبيلتنا هوازن وثقيف فأدركتهما‪َ C‬‬
‫النصْري ‪،‬‬
‫عنا ‪ ،‬فلنغزه قبل أن يغزونا‪ ، C‬فأجمعوا‪ C‬أمرهم على ذلك وولّوا رياستهم‪ C‬مالك بن عوف َّ‬
‫قومه وال ناهية له ّ‬
‫فاجتمع له من القبائل جموع كثيرة فيهم بنو سعد بن بكر الذين كان رسول اهلل مسترضعاً‪ C‬فيهم ‪ ،‬وكان في القوم دَُرْيد بن‬
‫الصمة المشهور‪ C‬بأصالة الرأي وشدة البأس في الحرب ‪ ،‬ولتقدم سنه لم يكن له في هذه الحرب إال الرأي ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ثم إن مالك بن عوف أمر الناس أن يأخذوا معهم نساءهم وذراريهم‪ C‬وأموالهم ‪ ،‬فلما علم بذلك دريد سأل مالكاً‬
‫عن السبب فقال ‪ :‬سقت مع الناس أموالهم وذراريهم ونساءهم‪ C‬ألجعل خلف كل رجل أهله وماله يقاتل عنه ‪ ،‬فقال دريد ‪:‬‬
‫ضحت في أهلك ومالك ‪ ،‬فلم‬
‫وهل يردّ المنهزم شئ ‪ ،‬إن كانت لك لم ينفعك إال رجل بسيفه ورمحه ‪ ،‬وإ ن كانت عليك فُ ِ‬
‫يقبل مالك مشورته وجعل النساء صفوفاً‪ C‬وراء المقاتلة ووراءهم اإلبل ثم البقر ثم الغنم كيال يفر أحد من المقاتلين ‪.‬‬
‫أما رسول اهلل ‪ ‬فإنه لما بلغه أن هوازن وثقيف يستعدون لحربه ‪ ،‬أجمع رأيه على المسير إليهم ‪،‬‬
‫وخرج معه اثنا عشر ألف غاٍز ‪ ،‬منهم ألفان من أهل مكة ‪ ،‬والباقون هم الذين أتوا معه من المدينة ‪،‬‬
‫وخرج أهل مكة ركباناً‪ C‬ومشاة حتى النساء يمشين من غير ضعف يرجون الغنائم ‪.‬‬
‫وخرج في الجيش ثمانون من المشركين ‪ ،‬منهم صفوان بن أمية وسهيل ابن عمرو ‪ ،‬ولما قرب‬
‫الجيش من معسكر العدو صف عليه السالم الغزاة وعقد األلوية ‪ ،‬فأعطى لواء المهاجرين لعلي بن أبي‬
‫للحَباب بن المنذر ‪ ،‬ولواء األوس ألسيد بن حضير‪ ، C‬وكذلك أعطى ألوية لقبائل‬
‫طالب ‪ ،‬ولواء الخزرج ُ‬
‫العرب األخرى ‪ ،‬ثم ركب عليه السالم بغلته ولبس درعين والبيضة والمغفر ‪ .‬هذا ‪ ،‬وقد‪ C‬أعجب المسلمون‬
‫بكثرتهم‪ ( C‬حتى أن بعضهم قال ‪ :‬لن نغلب اليوم من قلة ) فلم ُتْغن عنهم شيئاً ‪ ، .‬فإن مقدمة المسلمين‬
‫توجهت جهة العدو فخرج لهم كمين كان مستتراً في شعاب الوادي ومضايقه ‪ ،‬وقابلهم‪ C‬بنبل كأنه الجراد‬
‫المنتشر‪ ، C‬فلووا‪ C‬أعنّة خيلهم متقهقرين ‪ ،‬ولما وصلوا إلى من قبلهم تبعوهم في الهزيمة لما لحقهم من‬
‫الدهشة ‪.‬‬
‫أما رسول اهلل ‪ ‬فثبت على بغلته في ميدان القتال وثبت معه قليل من المهاجرين واألنصار‪ C‬منهم‬
‫أبو بكر وعمر وعلي والعباس وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحارث وأخوه ربيعة بن الحارث ومعتِّب بن‬

‫‪67‬‬
‫آخذا بالركاب ‪ ،‬وكان عليه السالم ينادي ‪ :‬إلىّ‬
‫ً‬ ‫أبي لهب ‪ ،‬وكان لعباس آخ ًذ بلجام البغلة ‪ ،‬وأبو سفيان‬
‫أيها الناس وال يلوي عليه أحد وضاقت بالمنهزمين األرض بما رحبت ‪.‬‬
‫أما رجال مكة الذين هم حديثوا عهد باإلسالم‪ C‬والذين لم ينزعوا عنهم ر ِْبَقة الشرك فمنهم‪ C‬من فرح‬
‫ومنهم‪ C‬من ساءه هذا اإلدبار ‪ .‬فقال أبو سفيان بن حرب ‪ :‬ال تنتهي هزيمتهم‪ C‬دون البحر ‪ .‬وقال أخ‬
‫فض اهلل فاك ! واهلل ألن‬
‫ّ‬ ‫لصفوان بن أمية ‪ :‬اآلن بطل السحر ‪ ،‬فقال له صفوان وهو على شركة ‪ :‬أسكت‬
‫ُيَرَّبني رجل من قريش خير من أن ُيَرَّبني رجل من هوازن ‪ .‬ومرّ عليه رجل من قريش وهو يقول ‪:‬‬
‫أبشر بهزيمة محمدِ وأصحابه فو اهلل ال يجبرونها أبداً ‪ ،‬فغضب صفوان وقال ‪ :‬ويلك أتبشرني‪ C‬بظهور‬
‫األعراب ؟ وقال عكرمة بن أبي جهل لذاك الرجل ‪ :‬كونهم‪ C‬ال يجبرونها‪ C‬أبداً ليس بيدك ‪ ،‬األمر بيد اهلل‬
‫ب اليوم فإن العاقبة له غداً ‪ ،‬فقال سهيل بن عمرو ‪ :‬واهلل إن عهدك‬ ‫ِ‬
‫ليس إلى محمد منه شيء إن ُغل َ‬
‫كنا على غير شيء وعقولنا ذاهبة نعبد حجراً ال يضر وال ينفع‬ ‫بخالفه لحديث ‪ ،‬فقال له ‪ :‬يا أبا يزيد إنا ّ‬
‫‪ .‬وبلغت هزيمة بعض الفارّين مكة ‪ ،‬كل هذا ورسول اهلل واقف‪ C‬مكانه يقول ‪:‬‬
‫أنا ابن عبد المطلب‬ ‫أنا النبي ال كذب‬
‫ثم قال للعباس وكان جهوري‪ C‬الصوت ‪ :‬نادِ باألنصار يا عباس ‪ ،‬فنادى‪ C‬يا معشر األنصار‪ C‬يا أصحاب بيعة‬
‫الرضوان ‪ ،‬فأسمع من في الوادي وصار األنصار‪ C‬يقولون ‪ :‬لبيك لبيك ويريد‪ C‬كل واحد منهم أن يلوي عنان بعيره ‪،‬‬
‫فيمنعه من ذلك كثرة األعراب المنهزمين ‪ ،‬فيأخذ‪ C‬درعه فيقذفها في عنقه ويأخذ‪ C‬سيفه ترسه وينزل عن بعيره ويخلي‬
‫سبيله ويؤمُّ‪ C‬الصوت ‪ ،‬حتى اجتمع حول رسول اهلل جمع عظيم منهم ‪ ،‬وأنزل اهلل سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ‪،‬‬
‫وأنزل جنوداً لم يروها ‪ ،‬فكرَّ المسلمون على عدوهم يداً واحدة ‪ ،‬فانتكث فتل المشركين ‪ ،‬وتفرقوا في كل وجه ال يلوون‬
‫على شئ من األموال والنساء والذراري‪ ، C‬وتبعهم‪ C‬المسلمون يقتلون ويأسرون ‪ ،‬فأخذوا النساء والذراري‪ C‬وأسروا‪ C‬كثيراً‬
‫ح في هذا اليوم خالد بن الوليد جراحات بالغة ‪ ،‬وأسلم ناس كثيرون من‬
‫من المحاربين ‪ ،‬وهرب من هرب ‪ ،‬وجُِر َ‬
‫رأوه من عناية اهلل بالمسلمين ‪.‬‬
‫مشركي‪ C‬مكة لما ُ‬
‫هذا ‪ ،‬والذي حصل في هذه الغزوة درس مهم من دروس الحرب ‪ ،‬فإن هذا الجيش دخله أخالط كثيرون من‬
‫مشركي‪C‬ن وأعراب وحديثي عهد باإلسالم‪ ، C‬هؤالء سيّان عندهم نصر اإلسالم وخذالنه ‪ ،‬ولذلك بادروا‪ C‬ألول صدمة إلى‬
‫الهزيمة ‪ ،‬وكادت تتم الكلمة على المسلمين لوال فضل اهلل ‪.‬‬
‫فال ينبغي أن يكون في الجيش إال من يقاتل خالصاً مخلصاً من قلبه ‪ ،‬ليكون مدافعا حقاً عن دينه ‪ ،‬فال تميل‬
‫نفسه إلى الفرار خشية ما أعده اهلل للفارين من أليم العقاب ‪ ،‬والدرس الهام أيضاً هو الذي ّنبه إليه القرآن الكريم في‬
‫سورة التوبة ( ويوم ٍ‬
‫حنين إذ أعجتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضقت عليكم ألرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ‪ ،‬ثم‬
‫أنزل اهلل سكينته على رسوله وعلى لمؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذّب الذين كفروا وذلك جزاء الكفرين ) فد ّل‬
‫ذلك على أنه من اعتمد على الدنيا ‪ -‬بكثرة العدد – فاته الدنيا والدين ‪ ،‬وخاصة الذين كانوا حديثي عهد باإلسالم ‪.‬‬
‫ثم أمر عليه السالم بجمع السبي والغنائم‪ ، C‬وكانت نحو أربعة وعشرين ألف بعير ‪ ،‬وأكثر‪ C‬من أربعين ألف شاة‬
‫وأربعة آالف أوقية من الفضة فجمع ذلك كله بالجعرَّانة ‪.‬‬
‫أما المشركون فتفرقوا‪ C‬ثالثة فرق ‪ :‬فرقة لحقت بالطائف‪ ، C‬وفرقة لحقت بنخلة ‪ ،‬وفرقة عسكرت بأوطاس‪. C‬‬

‫سرية أبي عامر األشعري إلى أوطاس‬


‫‪68‬‬
‫فأرسل‪ C‬عليه الصالة والسالم لهذه الفرقة أبا عامر األشعري في جماعة منهم أبو موسى‪ C‬األشعري فسار‪ C‬إليهم‬
‫وبددهم‪ C‬وظفر بما بقي معهم من الغنائم ‪ ،‬وقد‪ C‬استشهد أبو عامر في هذه الغزوة وخلف على الغزاة ابن أخيه أبا موسى‪C‬‬
‫فرجع ظافراً‪ C‬منصوراً ‪.‬‬

‫غزوة الطائف‬
‫وسار‪ C‬عليه الصالة والسالم بمن معه إلى الطائف ليجهز على بقية حياة ثقيف ومن تجمّع معهم من هوازن ‪،‬‬
‫وجعل على مقدمته خالد بن الوليد ‪ ،‬ومرّ عليه السالم بحصن لمالك بن عوف األنصاري فأمر‪ C‬بهدمة ‪ ،‬ومر ببستان‬
‫لرجل من ثقيف قد تمنع فيه ‪ ،‬فأرسل‪ C‬إليه أن اخرج وإ ال حرَّقنا عليك بستانك ‪ ،‬فامتنع الرجل الرجل فأمر عليه السالم‬
‫بحرقه ‪.‬‬
‫ولما وصل المسلمون إلى الطائف وجدوا األعداء قد تحصّنوا به ‪ ،‬وأدخلوا معهم قوت سنتهم فعسكر‪ C‬المسلمون قريب‬
‫الحصن ‪ ،‬فرماهم‪ C‬المشركون بالنّبل رمياً شديداً حتى أصيب منهم كثيرون بجراحات منهم ‪ ،‬عبد اهلل بن أبي بكر وقد‬
‫طاوله جرحه حتى أماته في خالفة أبيه ‪ ،‬ومنهم أبو سفيان بن حرب فقئت عينه ‪ ،‬وقد مات بالجراحات اثنا عشر رجالً‬
‫من المسلمين ‪.‬‬
‫ولما رأى رسول اهلل أن العدو متمكن من رميهم ارتفع إلى محل مسجد الطائف اآلن ‪ ،‬وضرب ألم سلمة‬
‫وزينب قبتين هناك ‪ ،‬واستمر‪ C‬الحصار ثمانية عشر يوماً ‪ ،‬كان فيها ينادي خالد بن الوليد بالبِراز فلم يجبه أحد ‪ ،‬وناداه‬
‫منا أحد ‪ ،‬ولكن نقيم في حصننا ‪ ،‬فإن فيه من الطعام ما يكفينا سنين ‪ ،‬فإن أقمت‬
‫عبد ياليل عظيم ثقيف ‪ ،‬ال ينزل إليك ّ‬
‫حتى يفنى هذا الطعام خرجنا إليك بأسيافنا جميعاً حتى نموت عن آخرنا ‪.‬‬
‫ب ‪ ،‬ودخل جمع من األصحاب تحت دبابتين لينقبوا الحصن‬
‫ص َ‬
‫صب عليهم المنجنيق‪ C‬فنُ ِ‬
‫فأمر‪ C‬عليه السالم بأن ُيْن َ‬
‫‪ ،‬فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار حتى أرجعوهم‪. C‬‬
‫فأمر‪ C‬عليه السالم أن تقطع أعنابهم ونخيلهم ‪ ،‬فقطع المسلمون فيها قطعاً‪ C‬ذريعاً ‪ ،‬فناداه أهل الحصن أن دعها هلل‬
‫بأن كل من ترك الحصن ونزل فهو آمن فخرج إليه بضعة عشر‬
‫وللرحم‪ ، C‬فقال ‪ :‬أدعها هلل وللرحم ‪ ،‬ثم أمر من ينادي ّ‬
‫رجالً ‪.‬‬
‫لما رأى عليه السالم أن تمنُّع ثقيف شديد ‪ ،‬وأن الفتح لم يؤذن فيه استشار نوفل بن معاوية الديلي في الذهاب أم‬
‫المقام ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول اهلل ثعلب في جحر إن قمت أخذته وإ ن تركته لم يضرك ‪ ،‬فأمر عليه السالم بالرحيل ‪ ،‬وطلب‬
‫منه بعض الصحابة أن يدعو على ثقيف فقال ‪ ( :‬اللهم اهد ثقيفاُ وائت بهم مسلمين )‬
‫تقسيم السبي‬
‫ثم رجع عليه الصالة والسالم إلى الجعرانة حيث ترك السبي فأحصاه وخمسة ‪ ،‬وأعطى منه شيئاً كثيراً ألناس‬
‫ضعف إسالمهم يتألفهم بذلك وأعطى أناساً لم يسلموا ليحبب إليهم اإلسالم ‪ .‬ومن األوليّن أبو سفيان أعطاه أربعين أوقية‬
‫من الذهب ومائة من اإلبل ‪ ،‬وكذلك ابناه معاوية ويزيد فقال له ‪ :‬بأبي أنت وأمي ألنت كريم في السلم والحرب ‪ ،‬ومنهم‪C‬‬
‫حكيم بن حزام أعطاه كأبي سفيان فاستزاده فأعطاه مثلها ‪ ،‬وقال ‪ :‬يا حكيم ( إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه‬
‫بسخاوة نفس بورك‪ C‬له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل وال يشبع واليد العليا خير من اليد‬
‫السفلى ) رواه البخاري‪. C‬‬

‫‪69‬‬
‫أحدا بعدك شيئاً حتى أفارق‬
‫فأخذ حكيم المائة األولى وترك‪ C‬ما عداها ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬والذي بعثك بالحق ال أرزأ ً‬
‫الدنيا ‪ ،‬فكان الخلفاء بعد رسول اهلل يعرضون عليه العطاء الذي يستحقه من بيت المال فال يأخذه ‪.‬‬
‫وأعطى عليه السالم عيينة بن حصن مائة من اإلبل ‪ ،‬وكذلك األقرع بن حابس ‪ ،‬والعباس بن مرداس ‪ ،‬وأعطى‬
‫صفوان بن أمية شعباً مملوءاً نعماً وشاه كان رآه يرمقه ‪ ،‬فقال له ‪ :‬هل يعجبك هذا ؟ قال نعم ‪ ،‬قال هو لك ‪ ،‬فقال‬
‫صفوان ‪ :‬ما طابت بمثل هذا نفس أحد وكان سبب إسالمه ‪.‬‬
‫وكان عليه السالم يقصد من هذه العطايا تأليف القلوب وجمعها على الدين القويم وهذا ضرب من ضروب‪C‬‬
‫السياسة الدينية حتى جعل من الصدقات‪ C‬قسم للمؤلفة قلوبهم ‪ ،‬وقد عاد ذلك بفائدة عظمى فإن كثيرين ممن أعطوا في هذا‬
‫اليوم لم يكونوا أشربوا‪ C‬في قلوبهم حب اإلسالم صاروا‪ C‬بعد من أجالء المسلمين وأعظمهم نفعاً كصفوان بن أمية‬
‫ومعاوية بن أبي سفيان والحارث بن هشام وغيرهم ‪.‬‬
‫ثم أمر عليه السالم زيد بن ثابت فأحصى‪ C‬ما بقي من الغنائم وقسمه على الغزاة بعد أن اجتمع إليه األعراب وصاروا‪C‬‬
‫يقولون له ‪ :‬اقسم‪ C‬علينا حتى ألجأوه إلى شجرة فتعلق رداؤه فقال ‪ ( :‬ردوا ردائي أيها الناس فو اهلل إن كان لي شجر‬
‫تهامة نعماً لقسمته عليكم ‪ ،‬ثم ما ألفيتموني بخيالً وال جباناً وال كذوباً ) روه البخاري ثم قام إلى بعيره وأخذ وبرة من سنامه‬
‫وقال ‪ ( :‬يا أيها الناس واهلل ما لي من غنيمتكم وال هذه الوبرة إال الخمس ‪ ،‬والخمس مردود عليكم ‪ ،‬فأدوا‪ C‬الخياط‬
‫‪ ،‬فصار‪ C‬كل من أخذ شيئاً من الغنائم‬ ‫رواه أحمد‬ ‫الغلول يكون على أهله عاراً وشناراً وناراً‪ C‬يوم القيامة )‬
‫والمخيط‪ C‬فإن ُ‬
‫خلسة يردّه ولو كان زهيداً ‪.‬‬
‫ثم شرع يقسم فأصاب الرجل أربعة من اإلبل وأربعون شاة ‪ ،‬والفارس ثالثة أمثال ذلك ‪ ،‬فقال رجل من‬
‫المنافقين ‪ :‬هذه قسمة ما أريد بها وجه اهلل ‪ ،‬فغضب عليه السالم حتى احمرّ وجهه وقال ‪ ( :‬ويحك من يعدل إذا لم أعدل‬
‫؟!) فلم يؤده غضبه أن ينتقم لنفسه ‪ ،‬حاشاه عليه الصالة والسالم من ذلك بل لم يزد على أن نصح وحذر‪. C‬‬
‫وقال له عمر وخالد بن الوليد ‪ :‬دعنا يا رسول اهلل نضرب عنقه ‪ ،‬فقال ال ! لعله أن يكون يصلي ‪ ،‬فقال خالد ‪:‬‬
‫وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ! فقال عليه الصالة والسالم ‪ :‬إني لم ُأومر أن أنقب عن قلوب الناس وال‬
‫رواه البخاري‬ ‫أشق عن بطونهم )‬
‫ولما أعطى رسول اهلل ما أعطى من تلك العطايا لقريش وقبائل‪ C‬العرب ‪ ،‬وترك األنصار‪ C‬غضب بعضهم حتى‬
‫قالوا ‪ :‬إن هذا لهو العجب يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا‪ C‬تقطر من دمائهم !!! فبلغه ذلك فأمر بجمعهم وليس معه‬
‫غيرهم ‪.‬‬
‫وعالة فأغناكم‬
‫ً‬ ‫فلما اجتمعوا قال ‪ :‬يا معشر األنصار‪ C‬ما مقالة بلغتني عنكم ؟ ألم أجدكم ضالالً فهداكم‪ C‬اهلل بي ؟‬
‫وأعداء فألف اهلل بين قلوبكم بي ؟ إن قريشاً‪ C‬حديثو عهد بكفر ومصيبة ؟ وإ ني أردت أن أ ْجُبرهم وأتألًّفهم ‪،‬‬
‫ً‬ ‫اهلل بي ؟‬
‫أغضبتم يا معشر األنصار في أنفسكم لشيء قليل من الدنيا ألفت به قوماً‪ C‬ليسلموا ‪ ،‬ووكلتكم‪ C‬إلى إسالمكم الثابت الذي ال‬
‫ُيزلزل ؟ اال ترضون يا معشر األنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير‪ C‬وترجعوا‪ C‬برسول اهلل إلى رحالكم ؟ فو الذي نفس‬
‫شْعب األنصار ‪،‬‬
‫محمد بيده لوال الهجرة لكنت امرءاً من األنصار‪ ، C‬ولو سلك الناس شعباً وسلك األنصار شعباً لسلكت ِ‬
‫اللهم ارحم األنصار وأبناء األنصار‪ C‬فبكى القوم حتى اخضلَّت لحاهم وقالوا ‪ :‬رضينا‪ C‬برسول اهلل قسماً وحظاً ‪ ،‬ثم‬
‫انصرف‪ C‬عليه السالم وتفرقوا ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫وفود هوازن‬
‫صرَْد وقالوا‪ : C‬يا رسول اهلل إن فيمن أصبتم‬
‫وبعد بضع عشرة ليلة جاءه ‪ ‬وفد‪ C‬هوازن يرأسهم‪ C‬زهير بن ُ‬
‫ونرغب إلى اهلل وإ ليك يا رسول اهلل ‪ ،‬وقال زهير ‪ :‬إن في الحظائر عماتك وخاالتك‬ ‫وهن مخازي األقوام ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األمهات والعمّات والخاالت ‪،‬‬
‫وحواضنك الالتي كن يكفلنك‪ ، C‬ثم قال أبياتاً يستعطفه بها ‪:‬‬

‫فإنك المرء نرجوه وننتظر‪C‬‬ ‫امنن علينا رسول اهلل في كرم‬


‫إذ فوك مملوءة من مخضها الدرر‬ ‫امنن على نسوة قد كنت ترضعها‬
‫وعندنا بعد هذا اليوم ُمَّدخر‬ ‫إنا لنشكر للنعماء إن كفرت‬
‫هدى البرية أن تعفو وتنتصر‪C‬‬ ‫إنا نؤمل عفواً منك نلبسه‬
‫من أمهاتك إن العفو مشتهر‬ ‫فالبس العفو من قد كنت ترضعه‬

‫فقال ‪ : ‬إن أحب الحديث إلى أصدقه ‪ ،‬فاختاروا‪ C‬إحدى الطائفيتن إما السبي وإ ما المال ‪ ،‬وقد كنت‬
‫انتظرتكم حتى ظننت أنكم ال تقدمون ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ما كنا نعدل باألحساب شيئاً ‪ ،‬أردد علينا نساءنا وأبناءنا‬
‫فهو أحب إلينا ‪ ،‬وال نتكلم في شاة وال بعير ‪ .‬فقال ‪ : ‬أما ما لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ‪ ،‬فإذا أنا‬
‫صليت الظهر فقوموا وقولوا ‪ :‬نحن نستشفع برسول‪ C‬اهلل إلى المسلمين وبالمسلمين‪ C‬إلى رسول اهلل بعد أن‬
‫تظهروا‪ C‬إسالمكم وتقولوا نحن إخوانكم‪ C‬في الدين ‪ ،‬ففعلوا ‪ .‬فقال ‪ ‬ألصحابه ‪ ( :‬أما بعد فإن إخوانكم‬
‫هؤالء جاءوا تائبين وإ ني قد رأيت أن أرد عليهم سبيهم فمن أحب أن يطيب بذلك فليفعل ‪ ،‬ومن أحب‬
‫منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفئ اهلل علينا فليفعل ) فقال المهاجرون واألنصار ‪:‬‬
‫ما كان لنا فهو لرسول اهلل ‪ .‬وامتنع من ذلك جماعة من األعراب كاألقرع بن حابس وعيينة بن حصن‬
‫والعباس بن مرداس ‪ ،‬فأخذه الرسول منهم قرضاً‪ C‬وأمر ‪ ‬بأن تحبس عائلة مالك بن عوف النصري رئيس‬
‫تلك الحرب بمكة عند عمتهم أم عبد اهلل بن أمية ‪ .‬فقال له الوفد ‪ :‬أولئك سادتنا‪ ، C‬فقال ‪ : ‬إنما أريد بهم‬
‫الخير ‪ ،‬ثم سأل عن مالك فقالوا ‪ :‬هرب مع ثقيف ‪ ،‬فقال ‪ :‬أخبروه أنه إن جاءني مسلماً رددت عليه أهله‬
‫خفية حتى أتى رسول اهلل بالجعرانة‬
‫وماله وأعطيته مائة من اإلبل ‪ ،‬فلما بلغ ذلك مالكاً نزل من الحصن ُ‬
‫فأسلم‪ C‬وأحرز ماله ‪ ،‬واستعمله عليه السالم على من أسلم من هوازن ‪.‬‬

‫عمرة الجعرانة‬
‫ثم إن الرسول ‪ ‬اعتمر فأحرم من الجعرانة ودخل مكة بليل فطاف‪ C‬واستلم الحجر ثم رجع من‬
‫ليلته ‪ ،‬وكانت إقامته بالجعرانة ثالث عشرة ليلة ‪ ،‬ثم أمر عليه الصالة والسالم بالرحيل فسار‪ C‬الجيش آمناً‬
‫مطمئناً‪ C‬حتى دخل المدينة لثالث بقين من ذي القعدة ‪.‬‬
‫وغزوة حنين هي التي فرّق اهلل بها جموع الشرك ‪ ،‬وأذال دولته ‪ ،‬وأفقد سراة أهله ‪ ،‬فإن هوازن‬
‫لم تترك وراءها رجالً تمكنه الحرب إال ساقته ‪ ،‬ولم تترك لها بعيراً وال شاة إال جاءت به معها ‪ ،‬فأراد‬
‫اهلل إعزاز اإلسالم بخذالن أعدائه وأخذ أموالهم ‪ ،‬فانكسرت حدة المشركين ‪ ،‬ولم يبق فيهم من يمانع أو‬
‫يدافع ‪ ،‬ولذلك يمكننا أن نقول إن انكسار‪ C‬هوازن كان خاتمة لحروب العرب ‪ ،‬فلم يبق فيهم إال فئات قليلة‬
‫يسوقهم الطيش إلى شهر السالح ‪ ،‬ثم ال يلبثون أن يغمدوا السيوف‪ C‬حينما تظهر لهم قوة الحق الساطعة ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫نتائجها ‪:‬‬
‫‪ ‬ك‪CC‬انت ه‪CC‬ذه الغ‪CC‬زوة فتح ‪C‬اً مبين ‪C‬اً للقل‪CC‬وب والنف‪CC‬وس في الجزي‪CC‬رة العربية ‪ ،‬فلم يبق منهم من يطعن على‬
‫اإلس‪CC‬الم ‪ ،‬أو ي‪CC‬ؤذي‪ C‬رس‪CC‬وله الك‪CC‬ريم ‪ ، . .‬وما ك‪CC‬انوا يظن‪CC‬ون يوم‪C‬اً أنهم ي‪CC‬دينون لإلس‪CC‬الم ورس‪CC‬وله ‪ ،‬أو‬
‫يرضون اإلسالم ديناً ‪.‬‬
‫‪C‬ود القبائل تُقبل على الرس‪C‬ول الك‪CC‬ريم ‪ ‬تق‪C‬دم الطاعة بين يديه ‪ . .‬مثلما ق‪CC‬دم وف ُ‪CC‬د طيء وعلى‬ ‫‪ ‬ب‪CC‬دأت وف‪Cُ C‬‬
‫زيد الخيل ‪.‬‬
‫رأسهم‪ C‬سيدهم ُ‬
‫‪ ‬أظهر رس‪CC C C C‬و ُل اهلل ‪ ‬من الحكمة وبعد النظر في قس‪CC C C C‬مته للغن‪CC C C C‬ائم ‪ ،‬وعطاي‪CC C C C‬اه لبعض رج‪CC C C C‬االت مكة‬
‫وأش ‪CC C‬رافها‪ ، C‬ما ك ‪CC C‬ان له أثر عظيم ‪ . .‬ف ‪CC C‬إن كث ‪CC C‬يرين منهم لم يكون ‪CC C‬وا أُش ‪CC C‬ربوا َّ‬
‫حب اإلس ‪CC C‬الم ‪ ،‬ف ‪CC C‬ألّف‬
‫الرسو ُل القائد قلوبهم ‪ ،‬فصاروا‪ C‬من أجالء المسلمين ‪ ،‬وأعظمهم نفع‪C‬اً ‪ . .‬كص‪CC‬فوان بن أمية ‪،‬ومعاوية‬
‫بن أبي سفيان ‪ ،‬والحارث بن هشام‪.‬‬
‫وح‪CC‬نين وقد‪ C‬ص‪CC C‬اروا‪ C‬أك‪CC C‬بر ق‪CC C‬وة‬
‫‪ ‬ع‪CC C‬اد المه‪CC C‬اجرون واألنص‪CC C‬ار‪ C‬مغتبطين لما حقق‪CC C‬وه من النصر في مكة ُ‪C‬‬
‫وأك‪CC‬ثر اتح‪CC‬اداً ‪ . .‬بعد المكاش‪CC‬فة النبوية لهم ‪ ..‬ومع‪CC‬رفتهم مك‪CC‬انتهم ‪ ،‬وإ دراكهم‪ C‬سياسة القائد الحكيمة ‪. .‬‬
‫وأشد لرسول اهلل ‪ ‬حباً ‪ ،‬وأكثر طاعة ‪.‬‬‫ّ‬ ‫ووالء‬
‫ً‬ ‫فكانوا‪ C‬أعظم ثقة‬
‫في مكة ـ معلنة‬ ‫‪ ‬ج ‪CC‬اءت ه ‪CC‬وازن ـ ال ‪CC‬تي ق ‪CC‬اومت اإلس ‪CC‬الم ‪ ،‬وأرادت القض ‪CC‬اء عليه في قمة انتص ‪CC‬اره‬
‫إسالمها ‪ ،‬وطاعتها ‪.‬‬

‫ِعبرها ‪:‬‬
‫‪ ‬الحذر من االعتداد بالقوة وحدها عند مواجهة األعداء ‪.‬‬
‫والعدد مفتاح النصر بإذن اهلل ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬إن الثبات في القتال على قلة العدد‬
‫أثر في المعركة العسكرية ‪.‬‬
‫‪ ‬للقوة المعنوية والتحريض على القتال ٌ‬
‫‪ ‬إن اهلل تع‪CC C C C‬الى يؤيد المؤم‪CC C C C‬نين الص‪CC C C C‬ابرين بجن‪CC C C C‬ود‪ C‬من عن‪CC C C C‬ده ‪ ،‬والنصر‪ C‬يتحقق بأس‪CC C C C‬باب من األرض‬
‫وأسباب من السماء ‪.‬‬
‫ك يميز الخبيث من الطيب ‪ ،‬والمؤمنين من المنافقين ‪.‬‬ ‫‪ ‬إن المحنة م َح ٌّ‬
‫َ‬
‫‪ ‬إن سياسة الرسول القائد وكياسته كانتا سبباً في إسالم ثقيف وهوازن وفتح قلوبهم لإلسالم ‪.‬‬
‫ته ‪CC‬دي إلى أهميتها البالغة في‬ ‫‪ ‬أثر الش‪CCC‬ورى‪ C‬وحنكة الرس‪CCC‬ول في اس‪CCC‬تثمارها‪ C‬ل‪CCC‬رد الس‪CCC‬بايا إلى ه ‪CC‬وازن‬
‫سياسة األمور ‪.‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬اق‪CC‬رأ كل عب‪CC‬ارة مما ي‪CC‬أتي ‪ ،‬ثم ضع عالمة (‪ )‬أم‪CC‬ام العب‪CC‬ارة ال‪CC‬تي تراها ص‪CC‬حيحة ‪ ،‬وعالمة (‪ )‬أم‪CC‬ام‬
‫العبارة التي تراها خطأ ‪:‬‬
‫أ‪ -‬اتخذ المسلمون في غزوة حنين أسلوب الدفاع ال الهجوم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن مكاشفة رسول اهلل ‪ ‬لألنصار‪ C‬في أمر القسمة ‪ ،‬درس للحكام في األزمات ‪.‬‬
‫ج‪ -‬لقد فضل الرسول القائد بعض زعماء العشائر بالعطاء ألنهم أقرباؤه ‪.‬‬
‫د‪ -‬وقعت هزيمة المسلمين في الجولة األولى من حنين ‪ ،‬بعد مواجهة عنيفة بين الفريقين ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫هـ‪ -‬ك‪CC‬ان ثب‪CC‬ات الرس‪CC‬ول القائد ‪ ،‬وص‪CC‬يحة العب‪CC‬اس في المه‪CC‬اجرين واألنص‪CC‬ار ‪ ،‬من أعظم أس‪CC‬باب االنتص‪CC‬ار في‬
‫حنين ‪.‬‬
‫‪ -2‬اقرأ كل عبارة مما يأتي ‪ ،‬ثم ضع عالمة (‪ )‬أ مام الجملة الصحيحة من بين الجمل التي تليها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬انهزم المسلمون في الجولة األولى بحنين ‪:‬‬

‫‪ ‬ألنهم كانوا أقل من أعدائهم عددا وعتاداً‬


‫والع ّدة‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬الغترارهم بكثرتهم‪ C‬في العدد‬
‫‪ ‬ألن أعداءهم كانوا أكثر قوة وأعز جندا‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحقق النصر للمسلمين في الجولة الثانية ‪:‬‬

‫‪ ‬ألن المالئكة تولت القتال عن المؤمنين ‪.‬‬


‫‪ ‬ألن المدد وصل إليهم من معسكراتهم القريبة بمكة ‪.‬‬
‫‪ ‬بفضل ثبات الرسول واستبسال‪ C‬المسلمين عند المواجهة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬كاشف الرسول القائد األنصار بالحقائق ‪:‬‬

‫‪ ‬فرضوا أنفساً ‪ ،‬وازدادوا‪ C‬تماسكاً‬


‫‪ ‬فازدادوا ألما لتفضيل بعض زعماء مكة عليهم ‪.‬‬
‫‪ ‬فاشتد‪ C‬حقدهم على المؤلفة قلوبهم‪ C‬من الرؤساء ‪.‬‬

‫‪ -3‬فكر ثم أجب عما يأتي ‪:‬‬


‫أ‪ -‬متى وقعت غزوة حنين ؟‬
‫ب‪ -‬كيف انهزم المسلمون في الجولة األولى ؟‬
‫ج‪ ( -‬لقد كان للجانب المعنوي أثره في تعديل سير المعركة ) علِّق على هذه العبارة؟‬
‫د‪ -‬ماذا غنم المسلمون بعد النصر ؟‬
‫هـ‪ -‬لماذا أجزل الرسول القائد العطاء لبعض الزعماء ؟‬
‫و‪ -‬عالم اتفق الرسول مع هوازن السترداد أهليهم ؟ وما رأيك في هذا التصرف‪ C‬؟ ولماذا ؟‬
‫ز‪ -‬ما أثر قسمة الغنائم على األنصار‪ C‬؟ وماذا فعل الرسول عندئذ ؟‬
‫الرسول في األنصار ؟‬ ‫ح‪ -‬ما أثر خطبة‬
‫ط‪ -‬لغزوة حنين نتائج متعددة اذكر منها ثالثاً ؟ واذكر‪ C‬ثالثة دروس تعلمتها ‪.‬‬
‫ي‪ " -‬كان للشورى‪ C‬أثرها في مسألة السبايا " اشرح هذه العبارة ‪.‬‬
‫ك‪ -‬لماذا حرص الرسول القائد على مكاشفة األنصار‪ C‬بالحقائق ؟‬

‫الدرس العشرون‬
‫السرايا والوفود بعد غزوة الطائف‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يعدد الدارس السرايا التي بعثها الرسول صلى اهلل عليه وسلم بعد غزوة الطائف ‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫‪ .2‬أن يذكر الدارس أسماء الوفود‪ C‬التي قدمت إلى رسول اهلل ‪ ‬بعد غزوة االطائف ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يذكر الدارس سبب نزول قول اهلل " ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم " ‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يذكر الدارس سبب نزول قول اهلل تعالى ‪ " :‬يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا‬
‫أن تصيبوا قوماً بجهالة " ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يذكر الدارس الحدث الذي قال فيه النبي ‪ ‬ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق ‪.‬‬
‫‪ .6‬أن يروى الدارس قصة إسالم عدي بن حاتم الطائي ‪.‬‬
‫‪ .7‬أن يبرز الدارس ما استفاده من حديث النبي ‪ ‬لحاتم الطائي عند إسالمه ‪.‬‬
‫‪ .8‬أن يستخلص الدارس العبر والعظات من كل سرية ‪.‬‬

‫صَداء باليمن‬
‫سرية قيس بن سعد إلى ُ‬
‫ولما رجع عليه السالم إلى المدينة أرسل قيس بن سعد في أربعمائة ليدعو صداء ( قبيلة تسكن اليمن ) إلى‬
‫اإلسالم ‪ ،‬فجاء إلى رسول اهلل رجل منهم ( هو زياد بن الحرث الصدائي ) فقال ‪ :‬يا رسول اهلل إني جئتك وافداً عمن‬
‫ورائي‪ C‬فاردد الجيش وأنا لك بقومي ‪ ،‬فأمر‪ C‬عليه السالم برد الجيش ‪.‬‬
‫وفود صداء‬
‫وخرج الرجل إلى قومه فقدم بخمسة عشر رجالً منهم فنزلوا‪ C‬ضيوفاً‪ C‬على سعد بن عبادة ‪ ،‬ثم بايعوا رسول اهلل‬
‫على اإلسالم ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬نحن لك على من وراءنا من قومنا‪ ، C‬ولما رجعوا‪ C‬فشا فيهم اإلسالم وقدم على رسول اهلل منهم‬
‫مائة في حجة الوداع ‪.‬‬
‫سرية بشر بن سفيان العدوي إلى بني كعب بن خزاعة‬
‫ثم أرسل عليه السالم بشر بن سفيان العدوي إلى بني كعب بن خزاعة ألخذ صدقات أموالهم ‪ ،‬فمنعهم بنو تميم‬
‫ض عليهم ‪ ،‬فلما علم بذلك رسول اهلل أرسل إليهم عيينة بن حصن في خمسين فارساً من‬
‫المجاورن لهم من أداء ما ُفرِ َ‬
‫األعراب ‪ ،‬فجاءهم وحاربهم‪ C‬وأخذ منهم أحد عشر رجالً وإ حدى‪ C‬وعشرين امرأة وثالثين صبياً ‪ ،‬وتوجه بالكل إلى‬
‫المدينة ‪ ،‬فأمر‪ C‬عليه الصالة السالم بجعلهم في دار رملة بنت الحارث ‪.‬‬
‫وفود تميم‬
‫فجاء في أثرهم وفد تميم فيه عُطارد بن حاجب والزبرقان‪ C‬بن بدر وعمرو بن األهتم ‪ ،‬فجلسوا ينتظرون الرسول ‪،‬‬
‫فلما أبطأ عليهم نادوا من وراء الحجرات بصوت جاف ‪ :‬يا محمد اخرج إلينا نفاخرك ‪ ،‬فإن مدحنا َزْين إن ذمّنا شين ‪،‬‬
‫فخرج إليهم عليه الصالة والسالم وقد تأذى من صياحهم‪ ، C‬وفيهم‪ C‬نزل أوائل سورة الحجرات ( إن الذين ينادونك من‬
‫وراء الحجرات أكثرهم ال يعقلون * ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم واهلل غفور رحيم ) وكان الوقت‬
‫وقت الظهر ‪ ،‬فأذّن بالل ‪ ،‬ودخل النبي للصالة ‪ ،‬فتعلقوا به يقولون ‪ :‬نحن ناس من تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا‪ C‬نشاعرك‬
‫ونفاخرك‪ ، C‬فقال لهم عليه السالم ‪ ( :‬ما بالشعر‪ُ C‬بعثنا وال بالفخار ُأِمرْنا ) ثم صلى الظهر واجتمع حوله رجال الوفد‬
‫لمطاع في أنديته سيد في‬
‫يتفاخرون بمجدهم ومجد آبائهم ‪ ،‬وقد مدح عمرو بن األهتم الزبرقان بن بدر ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنه ُ‬
‫لزِمنالمروءة ‪،‬‬
‫عشيرته ‪ ،‬فقال الزبرقان‪ : C‬حسدني يا رسول اهلل لشرفي‪ C‬وقد علم أفضل مما قال ‪ .‬فقال عمرو ‪ :‬إنه َ‬
‫ضيق الطعن ‪ 7‬لئيم الخال ‪ ،‬فرئي الغضب في وجه رسول اهلل الختالف قولي عمرو ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول اهلل لقد صدقت‬

‫زمن المروءة ‪ :‬ناقصها ‪ ،‬وضيق العطن ‪ :‬قليل إلبل ولعطن مباركها ‪ ،‬كناية عن ضيق الصدر وفقدان الحيلة في الشدائد ‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪74‬‬
‫في األولى ‪ ،‬وما كذبت في الثانية ‪ ،‬رضيت فقلت أحسن ما علمت ‪ ،‬وغضبت فقلت أسوأ ما علمت ‪ .‬فقال عليه الصالة‬
‫رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫والسالم ( إن من البيان لسحراً )‬
‫ثم أسلم القوم فردّ النبي عليه الصالة والسالم أسراهم وأحسن جائزتهم وأقاموا مدة يتعلمون فيها القرآن‬
‫ويتفقهون في الدين ‪.‬‬
‫سرية الوليد بن عقبة ألخذ صدقات بني المصطلق‬
‫ثم بعث عليه الصالة والسالم الوليد بن عقبة بن أبي معيط ألخذ صدقات بني المصطلق ‪ ،‬فلما علموا بقدومه‬
‫خرج منهم عشرون رجالً متقلدين سالحهم احتفاالً بقدومه ومعهم‪ C‬إبل الصدقة ‪ ،‬فلما نظرهم‪ C‬ظنّهم يريدون حربه لما كان‬
‫بينه وبينهم‪ C‬من العداوة في الجاهلية ‪ ،‬فرجع مسرعاً إلى المدينة وأخبر‪ C‬الرسول أن القوم ارتدوا ومنعوا‪ C‬الزكاة ‪ ،‬فأرسل‬
‫لهم خالد بن الوليد الستكشاف الخبر ‪.‬‬
‫فسار‪ C‬إليهم في عسكره خفية حتى إذا كان بناديهم سمع مؤذنهم يؤذن بالصبح ‪ ،‬فأتاهم خالد فلم ير منهم إال طاعة‬
‫‪ ،‬فرجع وأخبر الرسول ‪ ،‬فأرسل عليه الصالة والسالم لهم غير الوليد ألخذ الصدقات‪ ، C‬وفي‪ C‬الوليد نزل في أوائل‬
‫الحجرات ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )‬
‫(الحجرات ‪)6‬‬

‫سرية علقمة بن مجِّزز إلى جدة لقتال بعض الحبشة‬


‫ثم بلغ رسول اهلل أن جمعاً رآهم أهل جدة في مراكبهم يريدون اإلغارة عليها فأرسل‪ C‬لهم علقمة بن مجزز في ثالثمائة ‪،‬‬
‫فذهب حتى وصل جدة ونزل في المراكب ليدركهم ‪ ،‬وكان األحباش متحصنين في جزيرة هناك ‪ ،‬فلما رأو المسلمين‬
‫يريدون‪C‬هم هربوا ‪ ،‬ولم يلق المسلمون كيداً فرجع علقمة بمن معه ‪ .‬ولمّا كان بالطريق‪ C‬أذن لسرعان القوم أن يتعجلوا‬
‫وأمر عليهم عبد اهلل بن حذافة السهمي ‪ ،‬وكان فيه دعابة‪ 8‬فأوقد‪ C‬لهم في الطريق‪ C‬ناراً ‪ ،‬وقال لهم ‪ :‬ألستم مأمورين‬
‫ّ‬
‫بطاعتي ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬عزمت عليكم إال ما تواثبتم‪ C‬في هذه النار ‪ ،‬فقال بعضهم ‪ :‬ما أسلمنا إال فراراً من النار ‪،‬‬
‫وهمَّ بذلك بعضهم فمنعهم‪ C‬عبد اهلل ‪ ،‬وقال ‪ :‬كنت مازحاً ! فلما ذكروا‪ C‬ذلك لرسول اهلل قال ‪ ( :‬ال طاعة لمخلوق‪ C‬في‬
‫رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫معصية الخالق )‬
‫السنة التاسعة‬
‫سرية علي بن أبي طالب لهدم صنم طيء‬
‫الفْلس ( صنم لطيء ) فسار إليه‬
‫في ربيع األول أرسل عليه السالم علي بن أبي طالب في خمسين فارساً‪ C‬لهدم ُ‬
‫عبادة هزمهم واستاق نعمهم وشاءهم وسبيهم‪ ، C‬وكان فيه " سََّفانة " بنت حاتم طيئ ‪ ،‬ولما‬
‫وهدمه وأحرقه ‪ ،‬ولما حارب ّ‬
‫رجع علي إلى المدينة طلبت سفانة من رسول اهلل أن يمن عليها ‪ ،‬فأجابها ألنه كان من سننه أن يكرم الكرام ‪ ،‬فدعت له‬
‫وكان من دعائها ( شكرتك‪ C‬يد افتقرت بعد غنى ‪ ،‬وال ملكتك يد استغنت بعد فقر ‪ ،‬وأصاب اهلل بمعروفك‪ C‬مواضعه ‪ ،‬وال‬
‫جعل لك إلى لئيم حاجة ‪ ،‬وال سلب نعمة كريم إال وجعلك سبباً لردها عليه ) ‪.‬‬
‫وفود عدي بن حاتم‬
‫وكانت هذه المعاملة من رسول اهلل سبباً في إسالم أخيها عدي بن حاتم الطائي الذي كان فرّ إلى الشام عندما‬
‫رأى الرايات اإلسالمية قاصدة بالده ‪ ،‬وكان من حديث مجيئه أن أخته توجهت إليه بالشام ‪ ،‬وأخبرته بما عوملت به من‬

‫دعابة ‪ :‬هو ما يستملح به من المزاح ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪75‬‬
‫الكرم ‪ ،‬فقال لها ‪ :‬ما ترين في أمر هذا الرجل ؟ فقالت ‪ :‬أرى أن تلحق به سريعاً ‪ ،‬فإن يكن نبياً فللسابق‪ C‬إليه فضل ‪،‬‬
‫وإ ن يكن ملكاً فأنت أنت ‪ .‬قال ‪ :‬واهلل هذا هو الرأي ‪.‬‬
‫فخرج حتى جاء المدينة ولقي رسول اهلل فقال عليه الصالة والسالم ‪ :‬من الرجل ؟ قال ‪ :‬عدي بن حاتم ‪ ،‬فأخذه‬
‫إلى بيته وبينما هما يمشيان إذ لقيت رسول اهلل امرأة عجوز فاستوقفته ‪ ،‬فوقف‪ C‬لها طويالً تكلمه في حاجتها ‪ ،‬فقال عدي‬
‫‪ :‬واهلل ما هو بملك ‪.‬‬
‫ثم مضى رسول اهلل حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من جلد محشوة ليفاً فقدمها إلى عدي وقال ‪ :‬اجلس على‬
‫هذه ‪ .‬فقال ‪ :‬بل أنت تجلس عليها ‪ ،‬فامتنع عليه السالم وأعطاها له وجلس هو على األرض ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬يا عدي أسلم تسلم ‪ ،‬قالها ثالثاً ‪ ،‬فقال عدي ‪ :‬إني على دين ( وكان نصرانياً‪ ، ) C‬فقال له عليه السالم ‪:‬‬
‫عدد له أشياء كان يفعلها اتباعاً لقواعد العرب‬
‫أنا أعلم بدينك منك ‪ ،‬فقال عدي ‪ :‬أأنت أعلم بديني مني ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬ثم ّ‬
‫وليست من دين المسيح في شيء ‪ ،‬كأخذه المرباع وهو ربع الغنائم ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬يا عدي إنما يمنعك من الدخول في الدين ما ترى ‪ ،‬تقول إنما اتبعه ضعفة الناس ومن ال قدرة لهم ‪،‬‬
‫وقد‪ C‬رمتهم العرب مع حاجتهم ‪ ،‬فو اهلل ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى ال يوجد من يأخذه ‪ ،‬ولعلك إنما يمنعك من‬
‫ّ‬
‫ليتمن‬ ‫الدخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم ‪ .‬أتعرف الحيرة ؟ قال ‪ :‬لم أرها وقد سمعت بها ‪ :‬قال ‪ :‬فو اهلل‬
‫هذا األمر حتى تخرج المرأة من الحيرة تطوف‪ C‬بالبيت من غير جوار أحد ‪ ،‬ولعلك إنما يمنعك من الدخول فيه أنك ترى‬
‫الملك والسلطان في غيرهم ‪ ،‬وأيم اهلل ليوشكنّ أن تسمع بالقصور‪ C‬البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم ‪ ،‬فأسلم عدي‬
‫رضي‪ C‬اهلل عنه وعاش حتى رأى كل ذلك‪.‬‬

‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ .1‬عدد السرايا التي بعثها الرسول صلى اهلل عليه وسلم بعد غزوة الطائف ‪.‬‬
‫‪ .2‬أذكر أسماء الوفود‪ C‬التي قدمت إلى رسول اهلل ‪ ‬بعد غزوة الطائف – وماذا كان من شأنهم ؟‬
‫‪ .3‬أذكر سبب نزول قول اهلل " ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم " ‪.‬‬
‫‪ .4‬أذكر سبب نزول قول اهلل تعالى ‪ " :‬يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا‬
‫قوماً بجهالة " ‪.‬‬
‫)‬ ‫‪ .5‬أذكر الحدث الذي قال فيه النبي ‪ ( : ‬ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق‬
‫‪ .6‬أكمل ‪:‬‬
‫‪ -1‬ثم بعث عليه السالم الوليد بن عقبة بن أبي معيط ألخذ صدقات ‪ ، ................‬فلما علموا بقدومه‬
‫خرج منهم عشرون رجالً متقلدين سالحهم ‪ ..........‬ومعهم‪ ، .............. C‬فلما نظرهم‪ C‬ظنّهم يريدون‬
‫‪ ..........‬لما كان بينه وبينهم‪ C‬من العداوة في الجاهلية ‪ ،‬فرجع مسرعاً إلى المدينة وأخبر‪ C‬الرسول أن القوم‬
‫‪ ، ..................‬فأرسل لهم خالد بن الوليد الستكشاف الخبر ‪ .‬فسار‪ C‬إليهم في عسكره خفية ‪ ،‬حتى إذا‬
‫كان بناديهم سمع ‪ ، ...............‬فأتاهم خالد فلم ير منهم إال طاعة ‪ ،‬فرجع وأخبر‪ C‬الرسول ‪ ،‬فأرسل‪ C‬عليه‬
‫الصالة والسالم لهم غير الوليد ألخذ الصدقات‪ ، C‬وفي‪ C‬الوليد نزل قوله تعالى ‪ (:‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫‪) .......................‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -2‬وأمّر عليهم ‪ ....................‬وكان فيه دعابة فأوقد لهم في الطريق ناراً ‪ ،‬وقال لهم ‪ :‬ألستم‬
‫مأمورين بطاعتي ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬عزمت عليكم إال ما تواثبتم في هذه النار ‪ ،‬فقال بعضهم‪: C‬‬
‫‪ ،...............‬وهمَّ بذلك بعضهم فـ ‪ ، ................‬وقال ‪ :‬كنت مازحاً ! فلما ذكروا ذلك لرسول اهلل‬
‫قال ‪. ) .......................... ( :‬‬
‫‪ .7‬كان من سنن الرسول ‪ ‬أن يكرم الكرام – اشرح موقفه ‪ ‬مع سفّانة بنت حاتم طيء وما كان لذلك من أثر في‬
‫إسالم عدي بن حاتم ‪.‬‬
‫‪ .8‬أرو قصة إسالم عدي بن حاتم الطائي ‪.‬‬
‫‪ .9‬ما الذي استفدته من حديث النبي ‪ ‬لحاتم الطائي عند إسالمه ‪.‬‬
‫الدرس الحادي والعشرين ‪:‬‬
‫السنة التاسعـــة‬
‫غزوة تبوك‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أن يذكر الدرس سبب غزوة تبوك ‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫أن يبين الدارس ما كان من بذل الصحابة وتسابقهم لإلنفاق في سبيل اهلل للخروج لتبوك ‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫أن يقارن الدارس بين موقف‪ C‬الصادقين و المنافقين عند الخروج لتبوك ‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫أن يوضح الدارس كيف يقتدى بأبو خيثمة عند تخلفه عن النبي ‪ ‬في تبوك ‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫أن يحرص الدارس على االستعداد للجهاد دائماً‬ ‫‪.10‬‬
‫أن يحدد الدارس نتائج غزوة تبوك ‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫أن يعلل الدارس لماذا هدم النبي ‪ ‬مسجد الضرار‪. C‬‬ ‫‪.12‬‬
‫أن يستخلص الدارس العبر والدروس من غزوة تبوك ‪.‬‬ ‫‪.13‬‬

‫سبب لغزوة ‪:‬‬


‫بلغ رسول اهلل ‪ ‬أن الروم‪ C‬جمعت الجموع تريد غزوه في بلده ‪ ،‬وكان في زمن عسرة الناس‬
‫وجدب البالد وشدة الحر ‪ ،‬حين طابت الثمار والناس يحبون المقام في ثمارهم وظاللهم‪ ، C‬فأمر‪ C‬عليه‬
‫ليعمي األخبار على العدو ‪ ،‬إال في هذه‬
‫ِّ‬ ‫السالم بالتجهيز‪ C‬وكان قلما يخرج في غزوة إال ورّى بغيرها‬
‫الغزوة ‪ ،‬فإنه أخبر بمقصده لبعد الشقة ولشدة العدو ليأخذ الناس عدتهم لذلك ‪ ،‬وبعث إلى مكة وقبائل‬
‫األعراب يستنفرهم‪ C‬لذلك ‪.‬‬
‫التسابق في البذل واإلنفاق ‪:‬‬
‫وحث الموسرين على تجهيز المعسرين ‪ ،‬فأنفق عثمان بن عفان عشرة آالف دينار ‪ ،‬وأعطى‬
‫راض عنه ‪ .‬وجاء‬
‫ٍ‬ ‫ثالثمائة بعير بأحالسها وأقتابها وخمسين فرساً‪ . C‬فقال ‪ : ‬اللهم ارض عن عثمان فإني‬
‫أبو بكر بكل ماله وهو أربعة آالف درهم ‪ ،‬فقال ‪ : ‬وهل أبقيت ألهلك شيئاً ؟ فقال ‪ :‬أبقيت لهم اهلل‬
‫ورسوله ‪ ،‬وجاء عمر بن الخطاب بنصف‪ C‬ماله ‪ ،‬وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائة أوقية ‪ ،‬وجاء العباس‬

‫‪77‬‬
‫وطلحة بمال كثير ‪ .‬وتصدق عاصم بن عدي بسبعين وسقاً من تمر ‪ ،‬وأرسلت النساء بكل ما يقدرن عليه‬
‫حليهن ‪.‬‬
‫من ّ‬
‫وجاءه ‪ ‬سبعة أنفس من فقهاء الصحابة يطلبون إليه أن يحملهم ‪ ،‬فقال ال أجد ما أحملكم عليه ‪،‬‬
‫فتولوا‪ C‬وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألن ال يجدوا ما ينفقون ‪ .‬فجهز‪ C‬عثمان ثالثة منهم ‪ ،‬وجهز العباس‬
‫اثنين وجهز‪ C‬يامين بن عمير اثنين ‪.‬‬
‫ولما اجتمع الرجال خرج بهم رسول اهلل وهم ثالثون ألفاً ‪ ،‬وولى على المدينة محمد بن مسلمة ‪،‬‬
‫وعلى أهله على بن أبي طالب ‪ ،‬وتخلف كثير من المنافقين يرأسهم عبد اهلل بن أبيّ ‪ ،‬وقال ‪ :‬يغزو محمد‬
‫بني األصفر مع جهد الحال والحر والبلد البعيد !‪.‬‬

‫الخروج إلى تبوك وموقف المنافقين ‪:‬‬


‫يحسب محمد أن قتال بني األصفر معه اللعب ؟ واهلل لكأني أنظر إلى أصحابه مقرّنين في الحبال‬
‫‪.‬‬
‫واجتمع جماعة منهم فقالوا في حق رسول اهلل وأصحابه ما يريدون من اإلرجاف‪ ، C‬فبلغه ذلك‬
‫فأرسل‪ C‬إليهم عمار بن ياسر يسألهم عما قالوا فقالوا ‪ :‬إنما كنا نخوض ونلعب ‪.‬‬
‫وجاء إليه جماعة منهم الجد بن قيس يعتذرون عن الخروج ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا رسول اهلل ائذن لنا وال‬
‫تفتنا ألنّا ال نأمن من نساء بني األصفر ‪ ،‬وجاء إليه المعذرون من األعراب ‪ ،‬وهم أصحاب األعذار من‬
‫ّ‬
‫ضعف أو قلة ليؤذن لهم فأذن لهم ‪ ،‬وكذلك استأذن كثير من المنافقين فأذن لهم ‪ ،‬وقد عتب اهلل عليه في‬
‫(التوبة‬
‫‪ ( :‬عفا اهلل عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين )‬ ‫ذلك اإلذن بقوله في سورة براءة‬
‫(التوبة‬
‫‪ )43‬ثم قال في حقهم ‪ ( :‬إنما يستأذنك الذين ال يؤمنون باهلل واليوم اآلخر وارتابت قلوبه فهم في ريبهم يترددون )‬
‫عدة ولكن كره اهلل انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع‬
‫كذبهم اهلل في عذرهم فقال ‪ ( :‬ولو أرادوا الخروج ألعدوا له ّ‬
‫‪ )45‬ثم ّ‬
‫ثم لكيال يأسى المسلمون على قعود المنافقين عنهم قال جل ذكره ‪ ( :‬لو خرجوا فيكم ما زادوكم إال‬ ‫(التوبة ‪)46‬‬
‫القاعدين )‬
‫‪ .‬وتخلف جماعة من‬ ‫(التوبة ‪)47‬‬
‫خباالً وألوضعواـ خاللكم يبغونكمـ الفتنة وفيكم سمّاعون لهم واهلل عليم بالظالمين )‬
‫المسلمين ال ُيتهمون في إسالمهم منهم كعب بن مالك وهالل بن أمية ومرارة بن الربيع وأبو خيثمة ‪.‬‬
‫خلف ‪ ‬علياً قال المنافقون ‪ :‬قد استقله فتركه ‪ ،‬فأسرع‪ C‬إلى رسول اهلل وشكا له ما سمع ‪،‬‬
‫ولما ّ‬
‫فقال ‪ " : ‬أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى " (رواه البخاري) ‪.‬‬
‫ترتيب الجيش وتوزيع المهام ‪:‬‬
‫ثم سار ‪ ‬بالجيش وأعطى لواءه األعظم أبا بكر الصديق‪ ، C‬وفي‪ C‬إعطاء اللواء ألبي بكر آخر‬
‫غزوة للرسول وتخليف عليّ على أهل البيت حكمة لطيفة يفهمها القارئ ‪ .‬وفرّق عليه الصالة والسالم‬
‫الرايات فأعطى الزبير راية المهاجرين ‪ ،‬وأسيد‪ C‬بن حضير راية األوس ‪ ،‬والحباب بن المنذر راية‬
‫الخزرج ‪ ،‬ولما مرّ الجيش بالحجر وهي ديار ثمود قال ‪ ‬ألصحابه ‪ " :‬ال تدخلوا ديار الذين ظلموا إال‬
‫ليشعر قلوبهم‪ C‬رهبة اهلل ‪.‬‬ ‫رواه مسلم‬ ‫وأنتم باكون "‬

‫‪78‬‬
‫عباد بن بشر ‪ ،‬وكان أبو بكر يصلي بالجيش ولما وصلوا‪ C‬إلى تبوك‬
‫وكان مستعمالً على حرس الجيش ّ‬
‫وكانت أرضاً ال عمارة فيها ‪ ،‬قال الرسول ‪ ‬لمعاذ ابن جبل ‪ :‬يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ما هنا ملئ‬
‫بساتين ‪ ،‬وقد‪ C‬كان ‪.‬‬
‫موقف أبو خيثمة ‪:‬‬
‫ولما استراح الجيش لحقه أبو خيثمة ‪ ،‬وكان من خبر مجيئه أن دخل على أهله في يوم حار ‪ ،‬فوجد امرأتين له في‬
‫عريشتين لهما في بستان قد رشت كل منهما عريشتها وبردت فيها ماء ‪ ،‬وهيأت طعاماً ‪ ،‬وكان يوماً شديد الحر ‪ ،‬فلما‬
‫نظر ذلك قال ‪ :‬يكون رسول اهلل في الحر وأبو خيثمة في ظل بارد وماء مهيأ وامرأة حسناء ! ما هذا بالنَّّ َ‬
‫صف ‪ ،‬ثم قال‬
‫‪ :‬واهلل ال أدخل عريشة واحدة منكما حتى ألحق برسول‪ C‬اهلل فهيئا لي زاداً ففعلتا ‪ .‬ثم ركب بعيره وأخذ سيفه ورمحه ‪،‬‬
‫وخرج يريد رسول اهلل فصادفه حين نزل بتبوك ‪.‬‬
‫وفود صاحب ايلة‬
‫هذا ‪ ،‬ولم ير ‪ ‬بتبوك جيشاً كما كان قد سمع فأقام‪ C‬هناك أياماً جاءه في أثناءها يوحنا صحاب أيلة‬
‫وأهل ميناء ‪ ،‬فصالح يوحنا رسول اهلل على إعطاء الجزية ولم يسلم ‪،‬‬ ‫‪10‬‬
‫وصحبته أهل جرباء‪ 9‬وأهل أذرح‬
‫وكتب له الرسول كتاباً هذه صورته ‪.‬‬

‫كتاب صاحب أيلة‬


‫( بسم اهلل الرحمن الرحيم ‪ :‬هذا أَمَنُة من اهلل ومحمد النبي رسول اهلل ليوحنا وأهل أيلة ‪ :‬سفنهم وسيارتهم‪ C‬في‬
‫البر والبحر لهم ذمة اهلل ومحمد‪ C‬النبي ‪ ،‬ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر ‪ ،‬فمن أحدث منهم حدثاً‬
‫فإنه ال يحوز ماله دون نفسه ‪ ،‬وإ نه لطيبة لمن أخذه من الناس ‪ ،‬وإ نه ال يحل أن يمنعوا ما يردونه وال طريقاً يريدونه‬
‫من بر أو بحر ) ‪.‬‬
‫كتاب أهل أَْذُرح وجرباء‬
‫وكتب ألهل أذرح وجرباء كتاباً صورته ‪ ( :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي ألهل أذرح‬
‫وجرباء ‪ ،‬إنهم آمنون بأمان اهلل وأمان محمد ‪ ،‬وإ ن عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة واهلل كفيل بالنصح‬
‫واإلحسان للمسلمين ) وصالح أهل ميناء على ربع ثمارهم ‪.‬‬
‫ثم إن الرسول استشار‪ C‬أصحابه في مجاوزة تبوك إلى ما هو أبعد منها من ديار الشام فقال له عمر ‪ :‬إن كنت‬
‫ُأمرت بالسير فسرْ‪ . C‬فقال عليه الصالة والسالم ‪ :‬لو كنت أمرت بالسير‪ C‬لم أستشر‪ ، C‬فقال ‪ :‬يا رسول اهلل إن للروم‪C‬‬
‫جموعاً كثيرة وليس بالشام أحد من أهل اإلسالم ‪ ،‬وقد دنونا‪ C‬وقد أفزعهم دنوّك ‪ ،‬فلو رجعنا في هذه السنة حتى نرى أو‬
‫يحدث اهلل أمراً ‪ ،‬فتبع عليه السالم مشورته وأمر بالقفول فرجع الجيش إلى المدينة ‪.‬‬
‫مسجد الضرار‬
‫ولما كان على مقربة منها بلغه خبر مسجد الضرار ‪ ،‬وهو مسجد أسسه جماعة من المنافقين معارضة لمسجد‬
‫قباء ‪ ،‬ليفرقوا‪ C‬جماعة المسلمين ‪ ،‬وجاء جماعة منهم إلى الرسول طالبين منه أن يصلي لهم فيه ‪ ،‬فسألهم عن سبب بنائه‬

‫‪ 9‬قرية يف جنوب الشام‪.‬‬


‫‪ 10‬مدينة تلقاء السراة ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ ،‬فحلفوا باهلل إن أردنا إال الحسنى واهلل يشهد إنهم لكاذبون ‪ ،‬فأمر عليه السالم جماعة من أصحابه لينطلقوا إليه ويهدموه‬
‫ففعلوا ‪.‬‬
‫تخلفوا يعتذرون‪ C‬كذباً ‪ ،‬فقبل منهم عليه‬
‫هذا ولما استقر عليه الصالة والسالم بالمدينة جاءه جماعات من الذين ّ‬
‫الصالة والسالم عالنيتهم ‪ ،‬ووكل ضمائرهم‪ C‬إلى اهلل واستغفر لهم ‪.‬‬
‫نتائج غزوة تبوك ‪:‬‬
‫‪-1‬أدت إلى كسب ع ‪CC C C‬دد من القبائل العربية ‪ ،‬القاطنة في جن ‪CC C C‬وب الش ‪CC C C‬ام ‪ ،‬فقد انض ‪CC C C‬مت إلى ج ‪CC C C‬انب الدولة‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬وقطعت‪ C‬عالقاتها‪ C‬بالروم ‪.‬‬
‫‪-2‬ش ‪CC‬عرت القبائل األخ ‪CC‬رى بق ‪CC‬وة المس ‪CC‬لمين ‪ ،‬وامت ‪CC‬داد نف ‪CC‬وذهم إلى القبائل ال ‪CC‬تي ك ‪CC‬انت تعمل لص ‪CC‬الح ال ‪CC‬روم‪، C‬‬
‫وتقاوم‪ C‬امتداد اإلسالم من الشمال ‪.‬‬
‫‪ -3‬ضربت السيادة البيزنطية ضربة قاصمة ‪ ،‬وأضعفت مركزها‪ C‬األدبي ‪.‬‬
‫‪ -4‬كس‪CC C‬رت ج‪CC C‬دار الخ‪CC C‬وف الع‪CC C‬ربي من الق‪CC C‬وة البيزنطية ‪ ،‬ومكنت المس‪CC C‬لمين بعد س‪CC C‬نين قليلة من الفتوح‪CC C‬ات‬
‫العظيمة في عصر الخلفاء الراشدين ‪.‬‬
‫‪ -5‬كشفت المنافقين ‪ ،‬وقد‪ C‬أمر اهلل بالشدة معهم ‪ ،‬فخافوا‪ ، C‬وانهارت‪ C‬ق‪CC‬واهم‪ ، C‬ولم يبق فيهم إال من أخلص‬
‫هلل ورسوله‪.‬‬
‫‪ -6‬ش ‪CC‬عر الع ‪CC‬رب في قلب الجزي ‪CC‬رة العربية وأطرافها‪ C‬باإلس ‪CC‬الم‪ C‬ف ‪CC‬أقبلت وف ‪CC‬ودهم‪ C‬إلى المدينة تعلن إس ‪CC‬المها ‪،‬‬
‫وتقدم طاعتها ووالءها للمسلمين ‪.‬‬
‫الع َبر المستفادة من غزوة تبوك ‪:‬‬‫بعض ِ‬
‫‪ -1‬حب الصحابة وتقديرهم‪ ، C‬واالقتداء‪ C‬بهم في التضحية بالنفس والمال ‪ ،‬في سبيل إعالء كلمة اهلل ‪.‬‬
‫‪ -2‬اليقين بأن اهلل مع المؤمنين الصادقين ‪ ،‬يؤيدهم‪ C‬وينصرهم‪ C‬ويلقي الرعب والفزع في قلوب أعدائهم ‪.‬‬
‫‪ -3‬كراهية النفاق والمنافقين ‪ ،‬والحذر‪ C‬منهم ‪ ،‬والعمل على تنقية صفوف المسلمين منهم‪.‬‬
‫‪ -4‬التحلي بالصدق‪ C‬في القول والعمل والنية ‪.‬‬
‫‪ -5‬المبادرة بالتوبة من المعاصي ‪ ،‬والتكفير عن الذنوب باألعمال الصالحة‪.‬‬
‫‪ -6‬االستعداد الدائم للجهاد في سبيل اهلل ‪.‬‬

‫التقويم‬
‫‪ -1‬ما سبب غزوة تبوك ؟ ومتى وقعت ؟‬
‫‪ -2‬علل لما يأتي ‪:‬‬
‫إعالن الرسول وجهته في غزوة تبوك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫انسحاب الروم عند علمهم بتوجه الرسول ‪ ‬إليهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -3‬حققت غزوة تبوك مكاسب عظيمة للمسلمين اذكر ثالثة منها ‪.‬‬

‫‪ -4‬حدد صفتين تحب أن تتحلى بهما بعد دراستك لغزوة تبوك ‪.‬‬

‫‪ -5‬ضع عالمة (‪ )‬أمام ما تراه صحيحاً ‪ ،‬وعالمة (‪ )‬أمام ما تراه خطأ مما يأتي‪:‬‬

‫‪80‬‬
‫اتبع الرسول ‪ ‬في غزوة تبوك أسلوب الدفاع ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الحديث عن غزوة تبوك يوجد في سورة األنفال ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الحديث عن مسجد الضرار يوجد في سورة التوبة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫بعض المتخلفين عن تبوك لحقوا بالجيش في الطريق‪. C‬‬ ‫‪‬‬
‫اللواء األعظم في جيش المسلمين إلى تبوك كان مع أبي بكر الصديق‪. C‬‬ ‫‪‬‬
‫في غزة تبوك تبرع عمر بن الخطاب بكل ماله ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -6‬اكتب نبذة مختصرة عن النفاق وخطورته على المسلمين ‪ ،‬مستعيناً بمواقفهم في غزوة تبوك ‪.‬‬

‫الدرس الثاني والعشرين‬


‫خِّلفوا‬
‫حديث الثالثة الذين ُ‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أن يروي الدارس قصة الثالثة الذين خلِّفوا ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أن يروي الدارس كيف تمت توبة كعب بن مالك ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أن يستخلص الدارس الدروس المستفادة من موقف‪ C‬الثالثة الذى خلفوا ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫وجاءه كعب بن مالك الخرجي ومرارة بن الربيع وهالل بن أمية األوسيان مقرين بذنوبهم ‪ ،‬فلما دخل عليه كعب تبسم (‬
‫خلفك ؟ فقال ‪ :‬يا رسول اهلل لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا‬
‫الرسول ‪ ) ‬تبسم الغضب وقال ‪ :‬ما ّ‬
‫لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر ‪ ،‬ولقد أوتيت جدالً ولكني واهلل لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث‬
‫عنى ‪ ،‬ليوشكنّ اهلل أن يسخط علىّ فيه ‪ ،‬ولئن حدثتك حديث صدق تغضب عليّ فيه ‪ ،‬إني ألرجو فيه‬
‫كذب ترضي به ّ‬
‫عفو اهلل ‪ ،‬واهلل ما كان لي من عذر ‪.‬‬

‫فقال عليه السالم ‪ :‬أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي اهلل فيك ‪ .‬وقال صاحباه مثل قوله ‪ ،‬فقال لهما عليه‬
‫الصالة والسالم كما قال لكعب ‪ ،‬ونهى المسلمين عن كالمهم فاجتنبهم‪ C‬الناس ‪ ،‬وأمرهم أن يعتزلوا نساءهم ‪ ،‬واستأذنت‬
‫زوج هالل بن أمية في خدمة زوجها‪ C‬ألنه شيخ ضائع ليس له خادم فأذن لها ‪ ،‬ولم يزالوا كذلك حتى ضاقت عليهم‬
‫األرض بما رحبت ‪ ،‬وضاقت‪ C‬عليهم أنفسهم ‪ ،‬وظنوا أن ال ملجأ من اهلل إال إليه ‪ ،‬ثم تاب عليهم فأرسل لهم عليه الصالة‬
‫والسالم من يبشرهم بهذه النعمة الكبرى ‪ ،‬فتلقاهم الناس أفواجاً‪ C‬يهنئونهم بتوبة اهلل ‪.‬‬
‫فلما دخل كعب المسجد تلقاه رسول اهلل مسروراً‪ ، C‬فقال أبشر يا كعب بخير يوم يمر عليك منذ ولدتك أمك ‪ ،‬فقال‬
‫‪ :‬من عندك يا رسول اهلل أم من عند اهلل ؟ قال ‪ :‬بل من عند اهلل ‪.‬‬
‫فقال كعب ‪ :‬يا رسول اهلل أن من توبتي‪ C‬أن أنخلع من مالي صدقة هلل ولرسوله ‪ ،‬فقال عليه الصالة والسلام ‪:‬‬
‫أمسك عليك بعض مالك فهو خير ‪ .‬ثم قرأ عليه الصالة والسالم اآليات التي فيها توبته هو وصاحبه في سورة براءة‬
‫( وعلى الثالثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم األرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهمـ وظنوا أن ال ملجأ من اهلل‬
‫(التوبة ‪)118‬‬
‫إال إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن اهلل هو التواب الرحيم )‬

‫‪81‬‬
‫وفود ثقيف‬
‫‪ .1‬أن يوضح الدرس كيف تعامل الرسول ‪ ‬مع وفد ثقيف ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يحدد الدارس عناصر خطاب النبي ‪ ‬إلى أهل الطائف ‪.‬‬
‫لما رجعو إليهم وما داللة ذلك ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يوضح الدارس كيف تعامل وفد ثقيف مع قومهم ّ‬
‫‪ .4‬أن يروى الدارس ما كان في حج أبي بكر بالناس ونزول‪ C‬أوائل سورة براءة ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يوضح الدارس كيف تعامل النبي ‪ ‬مع حادثة موت رأس النفاق ابن سلول ‪.‬‬
‫وعقب مقدمه عليه الصالة والسالم من تبوك وفد عليه وفد ثقيف ‪ ،‬وكان من خبرهم أنه لما انصرف رسول اهلل من‬
‫محاصرتهم تبع أثره عروة بن مسعود الثقفي حتى أدركه قبل أن يصل المدينة ‪ ،‬فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه‬
‫ويدعوهم‪ C‬إلى اإلسالم ‪ ،‬فقال له ‪ :‬إنهم قاتلوك فقال ‪ :‬يا رسول اهلل أنا أحب إليهم من أبكارهم ‪.‬‬
‫فخرج إلى قومه يرجو‪ C‬منهم طاعته لمرتبته فيهم ألنه كان فيه محبباً مطاعاً ‪ ،‬فلما جاء الطائف وأظهر‪ C‬لهم ما‬
‫جاء به رموه بالنبل فقتلوه ‪ .‬وبعد شهر من مقتله ائتمروا فيما بينهم ورأوا‪ C‬أنه ال طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب‬
‫‪ ،‬فأجمعوا أمرهم على أن يرسلوا لرسول اهلل رجالً منهم بكلمة ‪ ،‬وطلبوا من عبد ياليل بن عمرو أن يكون ذلك الرجل ‪،‬‬
‫فأبى وقال ‪ :‬لست فاعالً حتى ترسلوا‪ C‬معي رجاالً ‪ ،‬فبعثوا‪ C‬معه خمسة من أشرافهم‪ C‬فخرجوا‪ C‬متوجيه إلى المدينة ‪ ،‬ولما‬
‫قابلوا‪ C‬رسول اهلل ضرب لهم قبة في ناحية المسجد ليسمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلوا ‪ ،‬وكانوا يغدون إلى رسول الله‬
‫كل يوم ويخلفون في رحالهم أصغرهم‪ C‬سناً عثمان بن أبي العاص ‪ ،‬فكان إذا رجعوا ذهب للنبي واستقرأه القرآن وإ ذا‬
‫رآه نائماً استقرأ أبا بكر حتى حفظ شيئاً كثيراً من القرآن وهو يكتم ذلك عن أصحابه ‪.‬‬
‫ثم أسلم القوم وطلبوا أن يعيّن لهم من يؤمُّهم فأمَّر عليهم عثمان بن أبي العاص ‪ ،‬لما رآه من حرصه على‬
‫اإلسالم وقراءة القرآن وتعلم الدين ‪.‬‬
‫كتاب أهل الطائف‬
‫ثم كتب لهم كتاباً من جملته ( بسم اهلل الرحمن الرحيم من محمد نبي ورسول اهلل إلى المؤمنين إن عضاه‪ 11‬وجَّ‬
‫وصيده حرام ‪ ،‬ال يعضد‪ 12‬شجرة ومن وجد يفعل شيئاً من ذلك فإنه يجلد وتنزع ثيابه ) ثم سالوا رسول اهلل أن يؤجل‬
‫هدم صنمهم شهراً حتى يدخل اإلسالم في قلوب القوم وال يرتاع السفهاء من النساء من هدمه ‪ ،‬فرضي‪ C‬بذلك عليه‬
‫الصالة والسالم ‪ ،‬ولما خرجوا‪ C‬من عنده قال لهم رئيسهم‪ C:‬أنا أعلمكم بثقيف اكتموا عنهم إسالمكم وخوفوهم الحرب‬
‫والقتال ‪ ،‬وأخبروهم أن محمداً طلب أموراً عظيمة أبيناها عليه ‪ ،‬سألنا أن نهدم الطاغية ‪ ،‬وأن نترك الزنا وشرب الخمر‬
‫حلوا بالدهم جاءتهم ثقيف فقال الوفد ‪ :‬جئنا رجالً فظاً غليظاً قد ظهر السيف ودان الناس له ‪ ،‬فعرض‬
‫والربا‪ ، C‬فلما ّ‬
‫علينا أموراً شديدة ‪ ..‬وذكروا ما تقدم ‪.‬‬
‫فقالوا ‪ :‬واهلل ال نطيعه أبداً فقالوا لهم ‪ :‬أصلحوا‪ C‬سالحكم ورموا حصونكم واستعدوا للقتال ‪ ،‬فأجابوا واستمروا على ذلك‬
‫يومين أو ثالثة ‪ ،‬ثم ألقى اهلل الرعب في قلوبهم فقالوا ‪ :‬واهلل ما لنا بحربه من طاقة ‪ ،‬ارجعوا إليه وأعطوه ما سأل ‪ ،‬فقال‬
‫الوفد‪ : C‬قد قاضيناه وأسلمنا ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬لم كتمتم علينا ذلك ؟ قالوا ‪ :‬حتى تذهب عنكم نخوة الشيطان ‪ ،‬فأسلموا‪. C‬‬

‫عضاه ‪ :‬كشفاه ‪ ،‬كل شجر ذي شوك ‪ ،‬ووج ‪ :‬بلد بالطائف ‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫يعضد ‪ :‬يقطع ‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪82‬‬
‫هدم الالت‬
‫ولما بلغ رسو‪ C‬اهلل إسالم ثقيف أرسل أبا سفيان والمغيرة بن شعبة الثقفي لهدم صنم ثقيف بالطائف‪ C‬فتوجهوا‪C‬‬
‫وهدموه حتى سووه باألرض ‪.‬‬
‫حج أبي بكر‬
‫وفي‪ C‬أخريات ذي القعدة أرسل عليه الصالة والسالم أبا بكر ليحج الناس ‪ ،‬فخرج في ثالثمائة رجل من المدينة‬
‫ومعه الهدي عشرون بدنة أهداها رسول اهلل وساق‪ C‬أبو بكر خمس بدنات ‪ ،‬ولما سافر نزل على رسول اهلل أوائل سورة‬
‫براءة ‪ ،‬فأرسل بها علياً ليبلغها الناس في الحج األكبر ‪ ،‬وقال ‪ :‬ال يبلِّغ عني إال رجل منّي فلحق أبا بكر في الطريق‪. C‬‬
‫فقال الصديق ‪ :‬هل استعملك رسول اهلل على الحج ؟ قال ‪ :‬ال ولكن بعثني أقرأ أو أتلو براءة على الناس ‪ ،‬فلما‬
‫على ثالث عشرة آية من أول سورة براءة ‪ ،‬تتضمن نبذ العهود لجميع المشركين‬
‫اجتمعوا بمنى يوم النحر قرأ عليهم ّ‬
‫الذين لم يوفوا عهودهم وإ مهالهم‪ C‬أربعة أشهر يسيحون فيها في األرض كيف شاءوا ‪ ،‬وإ تمام‪ C‬عهد المشركين الذين لم‬
‫يظاهروا‪ C‬على المسلمين ولم يغدروا‪ C‬بهم إلى مدتهم ‪ ،‬ثم نادى ال يحج بعد العام مشرك وال يطوف‪ C‬بالبيت عريان ‪ ،‬وكان‬
‫علي يصلي في هذا السفر وراء أبي بكر رضي‪ C‬اهلل عنهما ‪.‬‬
‫ّ‬

‫وفاة ابن أبي‬


‫وفي‪ C‬ذي القعدة مات عبد اهلل بن أبي ‪ ،‬وقد‪ C‬صلى عليه رسول اهلل صالة لم تطل مثلها ‪ ،‬وشيع جنازته حتى وقف‬
‫على قبره ‪ ،‬وإ نما فعل ذلك تطييباً‪ C‬لقلب ولده عبد اهلل بن عبد اهلل ‪ ،‬وتأليفاً لقلوب الخزرج لمكانة عبد اهلل بن أبي فيهم ‪،‬‬
‫وقد‪ C‬نزع ربقة النفاق كثير من المنافقين بعد هذا اليوم لما رأوه من أعمال السيد الكريم ‪ . ‬وقد نهى اهلل رسوله بعد‬
‫ذلك عن الصالة على المنافقين ‪ ،‬فقال جل شأنه في سورة براءة ‪ ( :‬وال تصل على أحد منه مات أبداً‬
‫(التوبة ‪)84‬‬
‫وال تقم على قبره )‬

‫وفاة أم كلثوم‬
‫وفي‪ C‬هذه السنة توفيت أم كلثوم بنت رسول اهلل وزوج عثمان رضي اهلل عنهما ‪.‬‬
‫‪ -‬التقويم ‪:‬‬
‫‪ .1‬أرو قصة الثالثة الذين خلِّفوا ‪.‬‬
‫‪ .2‬أرو كيف تمت توبة هلل على كعب بن مالك ‪.‬‬
‫‪ .3‬استخلص الدروس المستفادة من موقف‪ C‬الثالثة الذى خلفوا ‪.‬‬
‫وضح كيف تعامل الرسول ‪ ‬مع وفد‪ C‬ثقيف ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫لما رجعو‪ C‬إليهم وماذا تتعلم من هذا الموقف ؟‬
‫وضح كيف تعامل وفد‪ C‬ثقيف مع قومهم‪ّ C‬‬ ‫‪.5‬‬
‫أرو ما كان في حج أبي بكر بالناس ونزول أوائل سورة براءة ‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫وضح كيف تعامل النبي ‪ ‬مع حادثة موت رأس النفاق ابن سلول ‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫‪83‬‬
‫الدرس الثالث والعشرين‬
‫السنة العاشــرة‬

‫‪ -‬األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬


‫‪ .1‬أن يحدد الدارس السرايا والبعوث التي أرسلها النبي ‪ ‬في العام العاشر من الهجرة ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يذكر الدارس وصية النبي ‪ ‬لكل قائد من قواد‪ C‬هذه السرايا والبعوث‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يعبر الدارس عن انطباعاته عن وصايا الرسول ‪ ‬لقواد السرايا والبعوث ‪0‬‬
‫‪ .4‬أن يقارن الدارس بين ما تفعله الدول الغربية فى حروبها‪ C‬بالمسلمين وبين وصايا‪ C‬رسول اهلل ‪ ‬لقواده‪0‬‬
‫‪ .5‬أن يحدد الدارس عناصر خطبة النبي ‪ ‬أثناء حجة الوداع ‪.‬‬
‫‪ .6‬أن يذكر الدارس ما جاء فى كل عنصر من عناصر خطبة الوداع ما استطاع‪0C‬‬
‫‪ .7‬أن يعبر الدارس عن انطباعاته عن خطبة الوداع‪0‬‬
‫‪ .8‬أن يستخلص الدارس الدروس المستفادة من خطبة الوداع ‪.‬‬
‫– سرية خالد بن الوليد إلى نجران لمحاربة بني عبد المدان‬
‫في ربيع اآلخر أرسل عليه الصالة والسالم‪ C‬خالد بن الوليد في جمع لبني عبد المدان بنجران من أرض اليمن‬
‫وأمره أن يدعوهم إلى اإلسالم ثالث مرات فإن أبوا قاتلهم‪ ، C‬فلما قدم إليهم بعث الركبان في كل وجه يدعوه إلى اإلسالم‬
‫ويقولون ‪ :‬أسلموا تسلموا ‪ ،‬فأسلموا ودخلوا‪ C‬في دين اهلل أفواجاً‪ C‬فأقام‪ C‬خالد بينهم يعلمهم اإلسالم والقرآن وكتب إلى‬
‫رسول اهلل ‪ ‬بذلك ‪ ،‬فأرسل إليه أن يقدم بوفدهم‪ C‬ففعل ‪.‬‬
‫وحين اجتمعوا به ‪ ‬قال لهم ‪ :‬بم كنتم تغلبون من قاتلكم‪ C‬في الجاهلية ؟ قالوا ‪ :‬كنا نجتمع وال نتفرق وال نبدأ‬
‫أحداً بظلم ‪ ،‬قال ‪ :‬صدقتم ‪ ،‬وأمر عليهم زيد بن حصين ‪.‬‬

‫سرية علي بن أبي طالب إلى بني مذحج‬


‫وفي‪ C‬رمضان أرسل عليه الصالة والسالم علياً في جمع إلى بني مذحج ( قبيلة يمانية ) وعممه بيده وقال ‪ :‬سر‬
‫حتى تنزل بساحتهم‪ C‬فادعهم إلى قول ‪ :‬ال إله إال اهلل ‪ ،‬فإن قالوا نعم فمرهم‪ C‬بالصالة وال تبغ منهم غير ذلك وألن يهدي‬
‫اهلل بك رجالً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس ‪ ،‬وال تقاتلهم حتى يقاتلوك ‪ ،‬فلما انتهى إليهم لقي جموعهم فدعاهم‬
‫إلى اإلسالم فأبوا ورموا‪ C‬المسلمين بالنبل فصف علي أصحابه وأمرهم بالقتال فقاتلوا حتى هزموا عدوهم فكف عن‬
‫طلبهم ثم لحقهم ودعاهم إلى اإلسالم فأجابوا وبايعه رؤساؤهم وقالوا‪ : C‬نحن على من وراءنا من قومنا وهذه صدقتنا‪ C‬فخذ‬
‫منها حق اهلل ‪ ،‬ففعل ‪ .‬ثم رجع إلى رسول اهلل فوافاه بمكة في حجة الوداع ‪.‬‬

‫بعث العمال إلى اليمن‬


‫ثم بعث عليه السالم إلى اليمن عماالً من قبله فبعث معاذ بن جبل على الكورة العليا من جهة عدن ‪ ،‬وبعث أبا‬
‫موسى‪ C‬األشعري على الكورة السفلى ووصاهما ‪ ‬بقوله ‪ ( :‬يسراً وال تعسراً وبشراً وال تنفرا ) وقال لمعاذ ‪ ( :‬إنك‬
‫ستأتي قوماً‪ C‬أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن ال إله إال اهلل وأن محمداً رسول اهلل فإن أطاعوا لك بذلك‬

‫‪84‬‬
‫فأخبرهم أن اهلل فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة فإن أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن اهلل قد فرض عليهم‬
‫صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد‪ C‬على فقرائهم ‪ ،‬فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم‪ C‬فإنه‬
‫ليس بينها وبين اهلل حجاب ) وقد مكث معاذ باليمن حتى توفي‪ C‬رسول اهلل ‪ ،‬أما أبو موسى فقدم على الرسول ‪ ‬في حجة‬
‫الوداع ‪.‬‬

‫حجة الوداع‬
‫وفي‪ C‬السنة العاشرة حج ‪ ‬بالناس حجة ودع فيها المسلمين ولم يحج غيرها وخرج لها يوم السبت لخمس بقين‬
‫من ذي القعدة ‪،‬وولى على المدينة أبا دجانة األنصاري‪ ، C‬وكان مع الرسول جمع عظيم يبلغ تسعين ألفاً وأحرم‪ C‬للحج‬
‫حيث انبعثت به راحلته ثم لبى فقال ‪ ( :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ال شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك‬
‫لك ) ‪ ،‬ولم يزل ‪ ‬سائراً حتى دخل مكة ضحى من الثنية العليا وهي ثنية كداء ‪.‬‬
‫ولما رأى البيت قال ‪ :‬اللهم زده تشريفاً وتعظيماً‪ C‬ومهابة وبراً ‪ ،‬ثم طاف بالبيت سبعاً واستلم الحجر األسود‪C‬‬
‫وصلى‪ C‬ركعتين عند مقام إبراهيم ثم شرب من ماء زمزم ثم سعى بين الصفا والمروة سبعاً راكباً على راحلته ‪،‬وكان إذا‬
‫صعد الصفا يقول ‪ :‬ال إله إال اهلل اهلل أكبر ال إله إال اهلل وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم األحزاب وحده ‪ ،‬وفي‬
‫الثامن من ذي الحجة توجه إلى منى فبات بها ‪.‬‬

‫خطبة الوداع‬
‫وفي‪ C‬التاسع منه توجه إلى عرفة وهناك خطب خطبته الشريفة التي بين فيها الدين كله أسه وفرعه وهاك نصها‬
‫( الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ‪ C‬به من شرور‪ C‬أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ‪ .‬من يهد اهلل‬
‫فال مضل له ومن يضلل فال هادي له ‪ ،‬وأشهد‪ C‬أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأشهد‪ C‬أن محمداً عبده ورسوله‬
‫أوصيكم‪ C‬عباد اهلل بتقوى اهلل وأحثكم على طاعته واستفتح بالذي هو خير ‪.‬‬
‫أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني ال أدري لعلي ال ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا ‪ ،‬أيها الناس‬
‫إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ؟ أال هل بلغت ؟‬
‫اللهم فاشهد ‪ .‬فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ‪ .‬إن ربا الجاهلية موضوع وإ ن أول ربا أبدأ به ربا‬
‫عمي العباس بن عبد المطلب ‪ ،‬وأن دماء الجاهلية موضوعة وأول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث ‪ ،‬وإ ن مآثر‬
‫الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية ‪.‬‬
‫والعمد قود‪ C‬وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير ‪ .‬فمن زاد فهو من أهل الجاهلية ‪.‬‬
‫أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم‪ C‬هذه ولكنه قد رضي‪ C‬أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون‬
‫من أعمالكم ‪.‬‬
‫أيها الناس إن النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم‬
‫اهلل وإ ن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اهلل السماوات واألرض وإ ن عدة الشهور عند اهلل اثنا عشر شهراً في كتاب‬
‫اهلل يوم خلق السماوات واألرض منها أربعة حرم ثالث متواليات وواحد‪ C‬فرد ذو القعدة وذو‪ C‬الحجة والمحرم ورجب‬
‫الذي بين جمادي وشعبان ‪ ،‬أال هل بغلت ؟ اللهم اشهد ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫حقا ولكم عليهن حق أن ال يوطئن فرشكم غيركم وال يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم‪C‬‬
‫أيها الناس إن لنسائكم عليكم ً‬
‫إال بإذنكم‪ C‬وال يأتين بفاحشة ‪ ،‬فإن فعلن فإن اهلل أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير‬
‫مبرح ‪ ،‬فإن انتهين وأطعنكم فعليكم‪ C‬رزقهن وكسوتهن بالمعروف ‪ ،‬وإ نما النساء عندكم عوان ال يملكن ألنفسهن شيئاً‬
‫أخذتموهن بأمانة اهلل واستحللتم‪ C‬فروجهن بكلمة اهلل فاتقوا اهلل في النساء واستوصوا‪ C‬بهن خيراً ‪ ،‬أال هل بلغت ؟ اللهم‬
‫اشهد ‪.‬‬
‫أيها الناس إنما المؤمنون إخوة وال يحل المرئ مال أخيه إال عن طيب نفس منه ‪ ،‬أال هل بلغت ؟ اللهم اشهد ‪،‬‬
‫فال ترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم‪ C‬رقاب بعض فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا بعده كتاب اهلل ‪ ،‬أال‬
‫هل بلغت ؟ اللهم اشهد ‪.‬‬
‫أيها الناس إن ربكم واحد وإ ن أباكم واحد كلكم آلدم وآدم ن تراب ‪ ،‬أكرمكم عند اهلل أتقاكم ‪ .‬ليس لعربي فضل‬
‫على أعجمي إال بالتقوى ‪ .‬أال هل بلغت ؟ اللهم اشهد ‪ ،‬فليبلغ الشاهد منكم الغائب ‪.‬‬
‫أيها الناس إن اهلل قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث وال تجوز لوارث وصية وال تجوز‪ C‬وصية في أكثر من‬
‫الثلث ‪ .‬والولد للفراش وللعاهر الحجر ‪ .‬من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة اهلل والمالئكة والناس‬
‫أجمعين ال يقبل منه صرف وال عدل ‪ ،‬والسالم‪ C‬عليكم ورحمة اهلل )‬
‫وفي‪ C‬هذا اليوم امتن اهلل على المؤمنين بقوله في سورة المائدة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي‬
‫ورضيت‪ C‬لكم اإلسالم ديناً ) سورة المائدة ‪ 0 3‬فال غرابة أن اتخذه المسلمون عيداً ويوماً‪ C‬سعيداً يظهرون فيه شكر اهلل‬
‫على هذه النعمة الكبرى ‪.‬‬
‫ثم إنه عليه السالم أدى مناسك الحج من رمي الجمار والنحر والحلق والطواف ‪ ،‬وبعد أن أقام بمكة عشرة أيام‬
‫قفل إلى المدينة ولما رآها كبر ثالثاً وقال ‪ " :‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شئ‬
‫قدير‪ ، C‬آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ‪ ،‬صدق اهلل وعده ونصر‪ C‬عبده وهزم‪ C‬األحزاب وحده " ‪.‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫حدد السرايا والبعوث التي أرسلها النبي ‪ ‬في العام العاشر من الهجرة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أذكر وصية النبي ‪ ‬لكل قائد من قواد‪ C‬هذه السرايا والبعوث‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عبر عن انطباعاتك عن وصايا‪ C‬الرسول ‪ ‬لقواد السرايا والبعوث ‪0‬‬ ‫‪-3‬‬
‫قارن بين ما تفعله الدول الغربية فى حروبها بالمسلمين وبين وصايا رسول اهلل ‪ ‬لقواده‪0‬‬ ‫‪-4‬‬
‫حدد عناصر خطبة النبي ‪ ‬أثناء حجة الوداع ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫لخص ما جاء في خطبة النبي ‪ ‬أثناء حجة الوداع ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫عبر عن انطباعاتك عن خطبة الوداع‪0‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أستخلص الدروس المستفادة من خطبة الوداع ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬

‫الدرس الرابع والعشرين‬

‫‪86‬‬
‫الوفود‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يذكر الدارس أسماء الوفود‪ C‬التي وفدت إليه ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يذكر الدارس األشخاص البارزين فى كل وفد ودورهم فيه ‪0‬‬
‫‪ .3‬أن يروى الدارس األحداث والنقاشات التى دارت بين كل وفد‪ C‬ورسول اهلل ‪ 0‬‬
‫‪ .4‬أن يحدد الدارس النتائج التى أسفرت عنها زيارة كل وفد‪ C‬من الوفود‪0 C‬‬
‫‪ .5‬أن يحدد الدارس ما يحرص عليه الرسول ‪ ‬عند مقابلته للوفود‪0C‬‬
‫‪ .6‬أن يوضح الدارس ما تعنيه كثرة هذه الوفود ‪0‬‬
‫‪ .7‬أن يتخلص الدارس بعض العبر من أحداث بعض الوفود ‪0‬‬
‫‪ .8‬أن يعبر الدارس عن تصوراته وما الذى كان سيفعله لو كان يعيش فى عام الوفود ‪0‬‬
‫‪ .9‬أن يبين الدارس ما الذى يجب أن يفعله كل فرد أو أسرة أو قبيلة اآلن إقتداء بما حدث فى عام الوفود‪0 C‬‬

‫في هذه السنة والتي قبلها كان وفود العرب إلى رسول اهلل ليبايعوه على اإلسالم وكانوا يقدمون أفواجاً ‪ ،‬ولما‬
‫في أخبار هذه الوفود من التعاليم الحميدة التي يحتاج ذو األدب أن يعرفها رأينا أن نذكر لك منها ما يزيدك يقيناً وينير‬
‫بصيرتك‪ C‬فنقول ‪:‬‬

‫وفود نجران‬
‫ومن الوفود‪ : C‬وفد نصارى‪ C‬نجران وكانوا‪ C‬ستين راكباً دخلوا المسجد وعليهم ثياب الحيرة وأردية الحرير‬
‫مختمين بالذهب ومعهم‪ C‬بسط فيها تماثيل ومسوح جاءوا بها هدية للنبي ‪ ‬فلم يقبل البسط وقبل المسوح ‪.‬‬
‫ولما جاء وقت صالتهم‪ C‬صلوا في المسجد مستقبلين بيت المقدس ‪ ،‬ولما أتموا صالتهم دعاهم عليه السالم‬
‫لإلسالم فأبو‪ C‬وقالوا ‪ :‬كنا مسلمين قبلكم ‪ ،‬فقال عليه السالم ‪ :‬يمنعكم من اإلسالم ثالث ‪ ،‬عبادتكم لصليب ‪ ،‬أكلكم لحم‬
‫الخنزير‪ ، C‬وزعمكم أن هلل ولداً ‪ ،‬فمن مثل عيسى خلق من غير أب ‪ ،‬فأنزل اهلل في ذلك في سورة آل عمران ‪ ( :‬إن مثل‬
‫وليظهر‪ C‬اهلل لهم أنهم في‬ ‫‪0‬‬
‫عيسى عند اهلل كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) سورة آل عمران آية ‪59‬‬
‫شك من أمرهم أنزل ‪ ( :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم‬
‫وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اهلل على الكاذبين ) سورة آل عمران ‪61‬‬
‫فدعاهم ‪ ‬لذلك فامتنعوا‪ C‬ورضوا‪ C‬بإعطاء الجزية ‪،‬وهي ألف حلة في صفر وألف حلة في رجب مع كل حلة‬
‫أوقية من ذهب ‪ ،‬ثم قالوا ‪ :‬أرسل معنا أميناً فأرسل لهم أبا عبيدة عامر بن الجراح وكان لذلك يسمي أمين هذه األمة‬

‫وفود ضمام بن ثعلبة‬


‫ومن الوفود‪ C‬ضمام بن ثعلبة ‪.‬بينما رسول اهلل بين أصحابه متكئاً جاء رجل من أهل البادية ثائر الرأس يسمع‬
‫دوي صوته وال يفقه ما يقول ‪ ،‬فأناخ جمله في المسجد ثم قال ‪ :‬أيكم ابن عبد المطلب ؟ فدلوه عليه فدنا منه وقال ‪ :‬إني‬
‫‪87‬‬
‫سائلك فمشدد‪ C‬عليك فى المسألة فال تجد علي في نفسك ‪ ،‬فقال ‪ :‬سل ما بدا لك ‪ ،‬فقال ‪ :‬أنشدك باهلل ‪ :‬آهلل أرسلك إلى‬
‫الناس كلهم ؟ فقال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال ‪ :‬أنشدك باهلل آهلل أمرك أن نصلي خمس صلوات في اليوم والليلة ؟ قال اللهم نعم ‪ ،‬فقال‬
‫‪ :‬أنشدك باهلل آهلل أمرك أن تأخذ من أموال أغنيائنا فترده على فقرائنا ؟ قال ‪ :‬اللهم نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬أنشدك باهلل آهلل أمرك أن‬
‫تصوم‪ C‬هذا الشهر من اثني عشر شهراً ؟ قال ‪ :‬اللهم نعم ‪،‬قال أنشدك باهلل آهلل أمرك أن نحج هذا البيت من استطاع إليه‬
‫سبيلاً ؟ قال ‪ :‬اللهم نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬فإني‪ C‬قد آمنت وصدقت وأنا ضمام بن ثعلبة ‪ .‬ولما ولى قال عليه السالم ‪ :‬فقه الرجل ‪.‬‬
‫ثم ذهب ضمام إلى قومه ودعاهم إلى اإلسالم وترك‪ C‬عبادة األوثان فأسلموا كلهم ‪.‬‬

‫وفود عبد القيس‬


‫ومن الوفود‪ C‬عبد القيس ‪ .‬وكان من خبرهم أن الرسول كان جالساً بين أصحابه يوماً فقال لهم ‪ :‬سيطلع عليكم‬
‫من هنا ركب هم خير أهل المشرق لم يكرهوا على اإلسالم قد أنضوا الركائب وأفنوا‪ C‬الزاد ‪ ،‬اللهم اغفر لعبد القيس ‪.‬‬
‫فلما أتوا ورأوا النبي ‪ ‬رموا بأنفسهم عن الركائب بباب المسجد وتبادروا إلى رسول اهلل يسلمون عليه وكان‬
‫فيهم عبد اهلل بن عوف األشج وكان أصغرهم سناً فتخلف عند الركائب حتى أناخها وجمع المتاع وأخرج ثوبين أبيضين‬
‫فلبسهما‪ C‬ثم جاء يمشي هوناً حتى سلم على رسول اهلل وكان رجالً دميماً ففطن لنظر الرسول إلى دمامته ‪ ،‬فقال يا رسول‬
‫اهلل ‪ :‬أنه ال يستقي في مسوك جلود الرجال وإ نما الرجل بأصغريه قلبه ولسانه ‪ ،‬فقال ‪ : ‬إن فيك خلتين يحبهما اهلل‬
‫ورسوله الحلم واإلناة‪.‬‬
‫وقد‪ C‬قال ‪ ‬لهذا الوفد ‪ :‬مرحباً بالقوم غير خزايا وال ندامى ‪ .‬فقالوا يا رسول اهلل إنا نأتيك من شقة بعيدة وإ نه‬
‫يحول بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر وإ نا ال نصل إليك إال في شهر حرام فمرنا بأمر فصل ‪.‬‬
‫فقال ‪ (:‬آمركم باإليمان باهلل ‪ .‬أتدرون ما اإليمان باهلل ؟ شهادة أن ال إله إال اهلل وأن محمداً رسول اهلل وإ قام‬
‫الصالة وإ يتاء الزكاة وصوم‪ C‬رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت‬
‫والمراد‪ C‬بذلك ما ينبذ في هذه األواني ‪.‬‬
‫فقال األشج ‪ :‬يا رسول اهلل إن أرضنا‪ C‬ثقيلة وخمة وإ نا إذا لم نشرب هذه األشربة عظمت بطوننا‪ ، C‬فرخص لنا‬
‫في مثل هذه وأشار إلى يده ‪ ،‬فأومأ‪ C‬عليه السالم بكفيه وقال ‪ :‬يا أشج إن رخصت لك في مثل هذه شربته في مثل هذه‬
‫وفرج‪ C‬بين يديه وبسطها‪ C‬حتى إذا ثمل أحدكم من شرابه قام إلى ابن عمه فضرب ساقه بالسيف ‪.‬‬
‫وإ نما خص عليه السالم نهيهم بما ذكره لكثرة األشربة بينهم ‪.‬‬

‫وفود بني حنيفة‬


‫ومن الوفود‪ C‬بنو حنيفة وكان معهم مسيلمة الكذاب وكان مسيلمة يقول ‪ :‬إن جعل لي األمر بعده اتبعته ‪ ،‬فأقبل‬
‫عليه السالم ومعه قيس بن شماس وفي‪ C‬يد رسول اهلل قطعة من جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال ‪ :‬إن‬
‫سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها وإ ني ألراك الذي منه رأيت ‪.‬‬
‫وكان عليه السالم قد رأى في منامه أن في يده سوارين من ذهب فأهمه شأنهما فأوحى‪ C‬اهلل إليه أن انفخهما‬
‫فنفخهما فطارا‪ C‬فأولهما ‪ ‬كذابين يخرجان من بعده ‪ ،‬فكان مسيلمة أحدهما والثاني األسود‪ C‬العنسي صاحب صنعاء وقد‪C‬‬
‫أسلم بنو حنيفة ‪.‬‬

‫وفود طئ‬
‫‪88‬‬
‫ومن الوفود‪ C‬وفد طئ وفيهم‪ C‬زيد الخيل رئيسهم‪ C‬وقد قال ‪ ‬في حقه ‪ :‬ما ذكر لي رجل من العرب إال رأيته دون‬
‫ما قيل فيه إال زيد الخيل ‪ ،‬وسماه ‪ ‬زيد الخير ‪.‬‬

‫وفود كندة‬
‫ومنهم‪ C‬وفد كندة وفيهم‪ C‬األشعث بن قيس وكان وجيهاً مطاعاً في قومه ‪ .‬ولما دخلوا على رسول اهلل خبأوا له‬
‫شيئاً وقالوا أخبرنا عما خبأناه لك فقال ‪ :‬سبحان اهلل إنما يفعل ذلك بالكاهن وإ ن الكاهن والتكهن في النار ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬إن اهلل بعثني الحق وأنزل على كتاباً ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه فقالوا أسمعنا منه فتال عليه‬
‫السالم ( والصافات صفا * فالزاجرات زجراً * فالتاليات ذكراً * إن إلهكم لواحد * رب السماوات واألرض وما‬
‫بينهما ورب المشارق ) سورة الصافات اآليات من ‪ ، 5 : 1‬ثم سكت وسكن ودموعه تجري على لحيته فقالوا ‪ :‬إنا‬
‫نراك تبكي ‪ ،‬أفمن مخافة من أرسلك تبكي ؟ قال ‪ :‬إن خشيتي منه أبكتني ‪ .‬بعثني على صراط مستقيم في مثل حد‬
‫السيف إن زغت عنه هلكت ‪ ،‬ثم تال ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم ال تجد لك به علينا وكيالً * إال رحمة‬
‫من ربك إن فضله كان عليك كبيراً ) ( سورة اإلسراء ‪ ) 87 – 86‬ثم قال لهم عليه السالم ‪ :‬ألم تسلموا ؟ قالوا بلى ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬ما بال هذا الحرير في أعناقكم ؟ فعند ذلك شقوه وألقوه ‪.‬‬

‫وفود أزدشنوءة‬
‫ومنهم‪ C‬وفد أزدشنوءة ورئيسهم صرد بن عبد اهلل األزدي فأسلموا وأمره عليهم وأمره أن يجاهد بمن أسلم من‬
‫كان يليه من أهل الشرك ‪.‬‬

‫وفود رسل ملوك حمير‬


‫ومنهم‪ C‬وفد رسول ملوك حمير وهم الحارث بن عبد كالل ونعيم بن عبد كالل والنعمان قيل ذى رعين ومعافر‬
‫وهمدان ‪ ،‬وكانوا‪ C‬قد أسلموا وأرسلوا‪ C‬رسولهم‪ C‬بذلك فكتب إليهم النبي ‪. ‬‬

‫كتاب ملوك حمير‬


‫بسم اهلل الرحمن الرحيم من محمد رسول اهلل إلى الحارث بن عبد كالل وإ لى النعمان قيل ذي رعين ومعافر‬
‫وهمدان ‪.‬‬
‫أما بعد فإني أحمد اهلل إليكم الذي ال إله إال هو ‪.‬‬
‫أما بعد فإنه قد وقع بنا رسولكم مقفلنا من أرض الروم‪ C‬فلقيناه بالمدينة فبلغ ما أرسلتم به وخبر ما قبلكم وأنبأنا بإسالمكم‪C‬‬
‫وقتلكم‪ C‬المشركين وإ ن اهلل قد هداكم بهداه إن أصلحتم وأطعتم اهلل ورسوله وأقمتم‪ C‬الصالة وآتيتم الزكاة وأعطيتم من‬
‫الغنائم خمس اهلل وسهم‪ C‬النبي وصفيه وما كتب على المؤمنين من الصدقة ‪.‬‬
‫أما بعد ‪ :‬فإن محمداً النبي أرسل إلى زرعة ذي يزن إذا أتاكم رسلي فأوصيكم بهم خيراً ‪ :‬معاذ بن جبل وعبد‬
‫اهلل بن زيد ومالك بن عبادة وعقبة بن نمر ومالك بن مرة وأصحابهم‪ C‬وأن أجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من‬
‫مخالفيكم وأبلغوها‪ C‬رسلي وإ ن أميرهم معاذ بن جبل فال ينقلبن إال راضياً ‪.‬‬
‫أما بعد فإن محمداً يشهد أن ال إله إال اهلل وأنه عبده ورسوله ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫ثم إن مالك بن مرة الرهاوي قد حدثني أنك قد أسلمت من أول حمير وقتلت من المشركين فأبشر بخير وآمرك‬
‫بحمير خيراً وال تخونوا‪ C‬وال تخاذلوا‪ C‬فإن رسول اهلل هو مولى غنيكم وفقيركم‪ ، C‬وإ ن الصدقة ال تحل لمحمد وال ألهل بيته‬
‫إنما هي زكاة يزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل ‪.‬‬
‫وإ ن مالكاً قد بلغ الخبر وحفظ الغيب وآمركم به خيراً السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ) ‪.‬‬

‫وفود همدان‬
‫ومنها وفد‪ C‬همدان وفيهم مالك بن نمط ‪،‬وكان شاعراً مجيداً فلقوا رسول اهلل مرجعه من تبوك عليهم مقطعات من‬
‫الحبرات اليمنية والعمائم العدنية ‪ ،‬وقد‪ C‬أنشد مالك لرسول اهلل ‪. ‬‬
‫صوادر‪ C‬بالركبان من هضب قردد‪C‬‬ ‫حلفت برب الراقصات إلى منى‬
‫رسول أتى من عند ذي العرش مهتد‬ ‫بأن رسول اهلل فينا مصدق‬
‫أشد على أعدائه من محمد‬ ‫فما حملت من ناقة فوق رحلها‬

‫وقد‪ C‬أمره ‪ ‬على من أسلم من قومه ‪ ،‬وقد‪ C‬قال الرسول ‪ ‬فى حق همدان نعم الحى همدان ما أسرعها إلى‬
‫النصر وأصبرها على الجهد وفيهم أبدال وفيهم أوتاد ‪0‬‬
‫وفود تجيب‬
‫ومنها وفد‪ C‬تجيب قبيلة من كندة وفد على رسول ااهلل ثالثة عشر رجالً منهم ‪ ،‬معهم صدقات‪ C‬أموالهم التي فرض‬
‫اهلل عليهم فسر‪ C‬بهم عليه السالم وأكرم مثواهم ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬يا رسول اهلل إنا سقنا إليك حق اهلل في أموالنا ‪ ،‬فقال عليه‬
‫السالم ‪ ( :‬ردوها‪ C‬فأقسموها على فقرائكم‪ ) C‬فقالوا ‪ :‬يا رسول اهلل ما قدمنا‪ C‬عليك إال بما فضل عن فقرائنا ‪ ،‬قال أبو بكر ‪:‬‬
‫يا رسول اهلل ما قدم علينا من وفد من العرب مثل هذا ‪ .‬فقال عليه السالم ‪ :‬إن الهدى بيد اهلل فمن أراد به خيراً شرح‬
‫صدره لإليمان ‪.‬‬
‫وجعلوا‪ C‬يسألونه عن القرآن فازداد‪  C‬رغبة فيهم ثم أرادوا الرجوع إلى أهليهم فقيل لهم ‪ :‬ما يعجلكم ؟ قالوا ‪:‬‬
‫نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم‪ C‬برؤية رسول اهلل ولقائنا إياه وما رد علينا ‪.‬‬
‫ثم جاءوا إلى رسول اهلل فودعوه فأجازهم بأفضل‪ C‬ما كان يجيز به الوفود ثم قال لهم هل بقي منكم أحد ؟ قالوا ‪:‬‬
‫غالم خلفناه في رحالنا وهو أحدثنا سناً ‪ ،‬قال ‪ :‬فأرسلوه إلينا فأرسلوه فأقبل الغالم وقال ‪ :‬يا رسول اهلل أنا من الرهط‬
‫الذين أتوك آنفاً فقضيت حاجتهم فاقض حاجتي ‪ .‬قال ‪ :‬وما حاجتك ؟ قال ‪ :‬تسأل اهلل أن يغفر لي ويرحمني ويجعل‬
‫غناي في قلبي ‪ .‬فقال عليه السالم ‪ :‬اللهم اغفر له وارحمه واجعل غناه في قلبه ‪ ،‬ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من‬
‫أصحابه ‪.‬‬

‫وفود ثعلبة‬
‫ومنها وفد‪ C‬ثعلبة وفد على رسول اهلل أربعة منهم مقرين باإلسالم‪ C‬فسلموا عليه وقالوا ‪ :‬يا رسول اهلل إنا رسل من‬
‫خلفنا من قومنا ونحن مقرون باإلسالم‪ C‬وقد قيل لنا إنك تقول ال إسالم لمن ال هجرة له فقال عليه السالم ‪ ( :‬حيثما كنتم‬

‫‪90‬‬
‫واتقيتم اهلل فال يضركم‪ ) C‬ثم قال لهم كيف بالدكم ؟ فقالوا مخصبون ‪ ،‬فقال الحمد هلل ثم أقاموا في ضيافته ‪ ‬أياماً ‪،‬وحين‬
‫إرادتهم‪ C‬االنصراف أجاز كل واحد منهم بخمس أواق من فضة ‪.‬‬

‫وفود بني سعد بن هذيم‬


‫ومنها وفد‪ C‬بني سعد بن هذيم من قضاعة ‪ ،‬قال النعمان منهم ‪ :‬قدمت على رسول اهلل وافداً في نفر من قومي‪C‬‬
‫وقد‪ C‬أوطأ رسول اهلل البالد وأزاح العرب والناس صنفان إما دخل في اإلسالم راغب فيه وإ ما خائف السيف ‪ ،‬فنزلنا‬
‫ناحية من المدينة ‪ .‬ثم خرجنا نؤم المسجد حتى انتهينا إلى بابه فوجدنا رسول اهلل ‪ ‬يصلي على جنازة في المسجد فقمنا‬
‫خلفه ناحية ولم ندخل مع الناس في صالتهم وقلنا‪ C‬حتى يصلي رسول اهلل ونبايعه ‪.‬‬
‫ثم انصرف رسول اهلل فنظر إلينا فدعا بنا فقال ‪ :‬ممن أنتم ؟ ففلنا ‪ :‬من بني سعد بن هذيم فقال ‪ :‬أمسلمون أنتم ؟‬
‫قلنا نعم ‪ ،‬فقال ‪ :‬هال صليتم على أخيكم ؟‬
‫قلنا ‪ :‬يا رسول اهلل ظننا أن ذلك ال يجوز‪ C‬حتى نبايعك ‪ ،‬فقال عليه السالم أينما أسلمتم فأنتم‪ C‬مسلمون ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فأسلمنا وبايعنا رسول اهلل بأيدينا ‪.‬‬
‫ثم انصرفنا‪ C‬إلى رحالنا وقد‪ C‬كنا خلفنا أصغرنا فبعث عليه السالم في طلبنا ‪ ،‬فأتى بنا إليه فتقدم صاحبنا فبايعه ‪‬‬
‫على اإلسالم ‪ .‬فقلنا يا رسول اهلل إنه أصغرنا‪ C‬وإ نه خادمنا فقال سيد القوم خادمهم بارك اهلل عليه‬
‫قال النعمان ‪ :‬فكان خيرنا وأقرأنا‪ C‬للقرآن لدعاء النبي ‪ ‬له ‪ .‬ثم أجازهم وانصرفوا ‪.‬‬

‫وفود بني فزارة‬


‫ومنها وفد‪ C‬بني فزارة وفد‪ C‬على رسول اهلل جماعة منهم مقرين باإلسالم وهم مسنتون فسألهم‪ C‬عليه السالم عن‬
‫بالدهم ‪ ،‬فقال رجل منهم ‪ :‬يا رسول اهلل أسنتت بالدنا وهلكت مواشينا وأجدب جنابنا ‪ ،‬وجاعت عيالنا ‪ ،‬فادع لنا ربك‬
‫يغثنا واشفع لنا إلى ربك وليشفع لنا ربك إليك ‪.‬‬
‫فقال عليه السالم ‪ :‬سبحان اهلل ‪ :‬ويلك هذا ‪ ،‬أنا أشفع إلى ربي فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه ! ال إله إال هو العلي‬
‫العظيم وسع كرسيه السماوات واألرض فهي تئط من عظمته وجالله كما يئط الرجل ‪ ..‬الحديث ‪ ،‬أي من ثقل الحمل ‪.‬‬
‫ثم صعد عليه السالم المنبر ودعا اهلل عز وجل حتى أغاث بالد هذا الوفد بالمطر‪ C‬الغزير والرحمة التامة ‪.‬‬

‫وفود بني أسد‬


‫ومنها وفد‪ C‬بني أسد وفيهم ضرار‪ C‬بن األزور وطليحة بن خويلد الذي ادعى النبوة بعد ذلك فأسلموا‪ C‬وقالوا ‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل أتيناك نتدرع الليل البهيم في سنة شهباء ولم تبعث إلينا بعثاً ‪ ،‬فأنزل اهلل في ذلك ( يمنون عليك أن أسلموا قل‬
‫ال تمنوا علي إسالمكم بل اهلل يمن عليكم أن هداكمـ لإليمان إن كنتم صادقين ) ( سورة الحجرات ‪) 17‬‬
‫وسألوا‪ C‬رسول اهلل ‪ ‬عما كانوا يفعلون في الجاهلية من العيافة والكهانة وضرب‪ C‬الحصباء فنهاهم عن ذلك كله‬
‫‪ ،‬ثم سألوه عن ضرب الرمل فقال ‪ :‬علمه نبي فمن صادق‪ C‬مثل علمه فذاك وإ ال فال ‪.‬‬
‫ثم أقاموا أياماً يتعلمون الفرائض وبعد ذلك ودعوا وانصرفوا‪ C‬بعد أن أجيزوا ‪.‬‬

‫وفود بني عذرة‬

‫‪91‬‬
‫ومنها وفد‪ C‬بني عذرة ووفد بني بلى ‪ ،‬ووفد‪ C‬بني مرة ووفد خوالن وهي قبائل باليمن ‪ ،‬وقد أمره عليه السالم‬
‫بالوفاء‪ C‬بالعهد وأداء األمانة وحسن الجوار لمن جاوروا‪ C‬وأن ال يظلموا أحداً فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ‪.‬‬

‫وفود بني محارب‬


‫ومنها وفد‪ C‬بني محارب وكانوا‪ C‬من الذين ردوا الرد القبيح حينما كان رسول اهلل بعكاظ يدعوا القبائل إلى اهلل ‪،‬‬
‫فما أعظم منة اهلل الذي أتى بهؤالء – وكانوا‪ C‬ألد األعداء – مسلمين منقادين ‪.‬‬

‫وفود غسان‬
‫ومنها وفد‪ C‬غسان ووفد بني عبس ووفد‪ C‬النخع ‪ ،‬وكان عليه السالم يقابل هذه الوفود‪ C‬بما جبله اهلل عليه من البشاشة وكرم‬
‫األخالق ويجيزهم بما يرضيهم‪ ، C‬ويعلمهم‪ C‬اإليمان والشرائع‪ C‬ليعلموا من وراءهم وكانت هذه الوفود‪ C‬أعظم وصلة إلظهار‬
‫الدين بين األعراب في البوادي‪. C‬‬

‫وفاة إبراهيم بن النبي عليه السالم‬

‫وفي‪ C‬هذه السنة توفي إبراهيم أبن رسول اهلل ‪. ‬‬

‫‪ -‬التقويم ‪:‬‬
‫‪ .1‬علل لماذا سمي العام العاشر عام الوفود‪. C‬‬
‫‪ .2‬أذكر ما كان بين النبي ‪ ‬ووفد‪ C‬نجران ‪.‬‬
‫‪ .3‬أذكر سبب قول النبي ‪ ‬في حق ضمام بن ثعلبة فقه الرجل ‪.‬‬
‫‪ .4‬بين ‪ :‬على من قال النبي ‪ ‬سيطلع عليكم من هنا ركب هم خير أهل المشرق …‬
‫‪ .5‬عمن قال النبي ‪ ‬أن بك خلتين يحبهما اهلل ورسوله ‪ :‬الحلم واإلناة ‪.‬‬
‫‪ .6‬برهن على بعد نظر النبي ‪ ‬عند مقابلته مسيلمة الكذاب ضمن وفد‪ C‬بني حنيفة ‪.‬‬
‫‪ .7‬أذكر من الذي سماه النبي ‪ ‬زيد الخير ‪.‬‬
‫‪ .8‬أذكر ما دار بين النبي ‪ ‬ووفد كندة ‪.‬‬
‫‪ .9‬لخص ما جاء في خطاب النبي ‪ ‬إلى ملوك حمير ‪.‬‬
‫‪ .10‬أذكر ما دار بين النبي ‪ ‬وغالم وفد‪ C‬نجيب‬
‫‪ .11‬وضح كيف يقتدي بغالم وفد‪ C‬نجيب ‪.‬‬
‫‪ .12‬أذكر مناسبة قول النبي ‪ " ‬حيثما كنتم واتقيتم اهلل فال يضركم "‬
‫‪ .13‬أن يذكر الدارس مناسبة قول النبي ‪ " ‬أينما أسلمتم فانتم مسلمون "‬
‫‪ .14‬وضح ما الذي استفدته من قول النبي ‪ " ‬سيد القوم خادمهم‪. " C‬‬
‫‪ .15‬حدد سبب نزول قول اهلل ( يمنون عليك أن أسلموا ) ‪.‬‬
‫‪ .16‬بين ما كان النبي ‪ ‬يحرص عليه عن مقابلة الوفود ‪.‬‬
‫‪ -17‬أذكر األشخاص البارزين فى كل وفد ودورهم فيه ‪0‬‬
‫‪ -18‬حدد النتائج التى أسفرت عنها زيارة كل وفد من الوفود ‪0‬‬
‫‪92‬‬
‫‪ -19‬حدد ما حرص عليه الرسول ‪ ‬عند مقابلته للوفود‪0‬‬
‫‪ -20‬وضح ما تعنيه كثرة هذه الوفود‪0 C‬‬
‫‪ -21‬بين ما الذى يجب أن يفعله كل فرد أو أسرة أو قبيلة اآلن إقتداء بما حدث فى عام الوفود‪0 C‬‬

‫الدرس الخامس والعشرين‬


‫السنة الحادية عشــر‬
‫‪ -‬األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أن يوضح الدارس مدى حكمة النبي ‪ ‬في اختيار أسامة بن زيد أمير الجيش ‪.‬‬ ‫‪.14‬‬
‫أن يحدد الدارس وصايا‪ C‬النبي ‪ ‬ألسامة عند توليه إمارة الجيش ‪.‬‬ ‫‪.15‬‬
‫أن يبين الدارس كيف رد النبي ‪ ‬على من انتقد تأمير أسامة ‪.‬‬ ‫‪.16‬‬
‫أن يوضح الدارس كيف استشعر‪ C‬أبا بكر بقرب أجل النبي ‪. ‬‬ ‫‪.17‬‬
‫أن يبرز الدارس مشاعر النبي ‪ ‬تجاه أبي بكر أثناء مرضه ‪.‬‬ ‫‪.18‬‬
‫أن يصف الدارس حال النبي ‪ ‬في مرضه الذي توفي‪ C‬فيه ‪.‬‬ ‫‪.19‬‬
‫أن يحدد الدارس وصايا النبي ‪ ‬ألصحابه أثناء مرضه الذي توفي فيه ‪.‬‬ ‫‪.20‬‬
‫سرية أسامة بن زيد إلى أبنى‬
‫ألربع بقين من صفر جهز عليه السالم جيشاً برياسة أسامة بن زيد إلى أبنى حيث قتل زيد بن حارثة والد أسامة‬
‫وقال له ‪ ( :‬سر إلى موضع قتل أبيك فأوطئهم‪ C‬الخيل فقد وليتك هذا الجيش فأغر صباحاً على أهل أبني وحرق عليهم‬
‫وأسرع‪ C‬السير لتسبق األخبار ‪ ،‬فإن أظفرك اهلل فأقل اللبث فيم وخذ األدالء وقدم العيون والطالئع معك )‬
‫وكان مع أسامة في هذا الجيش كبار المهاجرين واألنصار‪ C‬منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد‪ . C‬ثم عقد‬
‫عليه السالم ألسامة اللواء وقال له ‪ :‬اغز باسم اهلل في سبيل اهلل وقاتل من كفر باهلل ‪.‬‬
‫وقد‪ C‬انتقد جماعة على تأمير أسامة وهو شاب لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره على جيش فيه كبار‬
‫المهاجرين ‪ ،‬فأبلغ الرسول هذه المقالة فغضب غضباً شديداً وخرج فقال ‪.‬‬
‫أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة ولئن طعنتم في تأميري‪ C‬أسامة لقد طعنتم في‬
‫تأميري‪ C‬أباه من قبله ؟ وأيم اهلل إنه كان لخليقاً باإلمارة وإ ن ابنه من بعده لخليق بها ‪ ،‬وإ ن كان لمن أحب الناس إلي‬
‫وإ نهما لمظنة لكل خير فاستوصوا به خيراً فإنه من خياركم ‪.‬‬
‫ولم يتم لهذا الجيش الخروج في عهد المصطفى ‪ ‬ألن المرض بدأه فاختاره اهلل للرفيق األعلى ‪.‬‬
‫وسيرى القارئ إن شاء اهلل خروج هذا الجيش متمماً في كتابنا ‪ :‬إتمام الوفاء بسيرة الخلفاء ‪.‬‬

‫مرض الرسول ‪. ‬‬


‫لما تمم عليه الصالة والسالم ما كلف به وأدى ما اؤتمن عليه وهدى اهلل به أمته ‪ ،‬اختاره اهلل للرفيق األعلى‬
‫فجلس على المنبر مرة وكان فيما قال ‪ ( :‬إن عبداً من عباد اهلل خيره اهلل بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده فاختار‬
‫ما عنده ) ‪.‬‬
‫فبكى أبو بكر وقال ‪ :‬يا رسول اهلل فديناك بآبائنا وأمهاتنا‪. C‬‬
‫‪93‬‬
‫فقال عليه السالم ‪ ( :‬إن أمن الناس على في صحبته وماله أبو بكر فلو كنت متخذاً خليالً التخذت أبا بكر ‪،‬‬
‫ولكن أخوة اإلسالم ‪ .‬ال يبقى في المسجد خوخة إال سدت إال خوخة أبي بكر ) ‪.‬‬
‫وقد‪ C‬بدأه عليه السالم مرضه في أواخر صفر من السنة الحادية عشرة من الهجرة في بيت ميمونة واستمر‬
‫مريضاً‪ C‬ثالثة عشر يوماً كان في خاللها ينتقل إلى بيوت أزواجه ‪.‬‬
‫ولما اشتد عليه المرض استأذن منهم أن يمرض في بيت عائشة الصديقة فأذن له ‪ ،‬ولما دخل بيتها واشتد عليه‬
‫وجعه قال ‪ :‬هريقوا على من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلى أعهد إلى الناس ‪ ،‬فأجلس في مخضب وصب عليه الماء‬
‫حتى أشار بيده أن قد فعلتن ‪ ،‬وكان هذا الماء لتخفيف حرارة الحمى التي كانت تصيب من يضع يده فوق ثيابه ‪0‬‬
‫صالة أبي بكر بالناس‬
‫ولما تعذر عليه الخروج إلى الصالة قال ‪ :‬مروا أبا بكر فليصل بالناس فرضيه عليه السالم خليفة له في حياته‬
‫‪.‬‬
‫ولما رأت األنصار اشتداد وجع الرسول طافوا بالمسجد‪ C‬فدخل العباس وأعلمه بمكانهم‪ C‬وإ شفاقهم‪ C‬فخرج ‪‬‬
‫متوكئاً‪ C‬على علي والفضل ‪ ،‬وتقدم العباس أمامهم والنبي معصوب الرأس يخط برجليه حتى جلس في أسفل مرقاة المنبر‬
‫وثار‪ C‬الناس إليه فحمد اهلل وأثنى عليه ثم قال ‪.‬‬
‫( أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم ‪ ،‬هل خلد نبي قبلي فيمن بعث اهلل فأخلد فيكم ؟ أال إني الحق‬
‫بربي وإ نكم الحقون بى ‪ ،‬فأوصيكم‪ C‬بالمهاجرين األولين خيراً وأوصي‪ C‬المهاجرين فيما بينهم ‪ ،‬فإن اهلل تعالى يقول ‪( :‬‬
‫والعصر * إن اإلنسان لفي خسر * إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) سورة‬
‫العصر ‪ 0‬وإ ن األمور تجري بإذن اهلل وال يحملنكم استبطاء أمر علي استعجاله فإن اهلل عز وجل ال يعجل بعجلة أحد ‪،‬‬
‫ومن غالب اهلل غلبه ومن خادع اهلل خدعه ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في األرض وتقطعوا أرحامكم ) سورة‬
‫محمد اآلية‪. 22‬‬
‫وأوصيكم باألنصار خيراً فإنهم الذين تبوؤوا الدار واإليمان من قبلكم ‪ ،‬أن تحسنوا إليهم ‪ ،‬ألم يشاطروكم من‬
‫الثمار ؟ ألم يوسعوا لكم الديار ؟ ألم يؤثروكم‪ C‬على أنفسهم وبهم الخصاصة ؟ أال فمن ولي أن يحكم بين رجلين فليقبل من‬
‫محسنهم‪ C‬وليتجاوز‪ C‬عن مسيئهم ‪ ،‬أال وال تستأثروا عليهم ‪ ،‬أال وإ ني فرط‪ C‬لكم وأنتم الحقون بي ‪ ،‬أال فإن موعدكم الخوض‬
‫‪ ،‬أال فمن أحب أن يرده على غداً فليكفف يده ولسانه إال فيما ينبغي )‬
‫وبينما‪ C‬المسلمون في صالة الفجر من يوم االثنين ثالث عشر ربيع األول وأبو بكر يصلي بهم إذا برسول اهلل ‪‬‬
‫قد كشف سجف حجرة عائشة فنظر إليهم وهم في صفوف الصالة ‪ ،‬ثم تبسم يضحك ‪ ،‬فنكص أبو بكر رضي‪ C‬اهلل عنه‬
‫على عقبه ليصل الصف وظن أن رسول اهلل يريد أن يخرج إلى الصالة ‪ ،‬وهم المسلمون أن يفتتنوا في صالتهم فرحاً‪C‬‬
‫برسول‪ C‬اهلل فأشار‪ C‬إليهم بيده أن أتموا صالتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر ‪.‬‬

‫وفاة رسول اهلل ‪‬‬


‫‪ -‬األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يذكر الدارس تاريخ وفاة النبي ‪. ‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح الدارس كيف أظهرت حادثة موت النبي ‪ ‬راجحة عقل أبى بكر و ثباته ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يناقش الدارس حرص الصحابه على تحديد خليفة للنبى ‪ ‬قبل دفنه ‪. ‬‬
‫‪94‬‬
‫‪ -4‬أن يعبر الدارس عن مشاعره تجاه حادثة وفاة النبي ‪. ‬‬
‫‪ -5‬أن يوضح الدارس واجباته تجاه النبي ‪ ‬بعد وفاته ‪. ‬‬
‫ولم تأت ضحوة هذا اليوم حتى فارق رسول اهلل ‪ ‬دنياه ولحق بمواله وكان ذلك في يوم االثنين ‪ 13‬ربيع أول‬
‫سنة ‪ 11‬هـ ( ‪ 8‬يونيو سنة ‪ 633‬م ) فيكون عمره عليه السالم ‪ 63‬سنة قمرية كاملة ‪ ،‬وثالثة أيام ‪ ،‬وإ حدى وستين سنة‬
‫شمسية وأربعة وثمانين يوماً ‪.‬‬
‫وكان أبو بكر غائباً بالسنح وهي منازل بني الحارث بن الخزرج عند زوجه حبيبه بنت خارجه بن زيد فسل‬
‫عمر سيفه وتوعد من يقول مات رسول اهلل وقال ‪ :‬إنما أرسل إليه كما أرسل إلى موسى‪ C‬فلبث عن قومه أربعين ليلة ‪،‬‬
‫واهلل إني ألرجو أن يقطع أيدي رجال وأرجلهم ‪ ،‬فلما أقبل أبو بكر وأخبر الخبر دخل بيت عائشة وكشف عن وجه‬
‫رسول اهلل فجثا يقبله ويبكي‪ C‬ويقول ‪ :‬توفي والذي نفسي بيده ‪ .‬صلوات اهلل عليك يا رسول اهلل ما أطيبك حياً وميتاً بأبي‬
‫أنت وأمي ال يجمع اهلل عليك موتتين ‪.‬‬
‫ثم خرج فحمد اهلل وأثنى عليه ثم قال ‪ ( :‬أال من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ‪ ،‬ومن كان يعبد اهلل فإن‬
‫اهلل حي ال يموت ) وتال قوله تعالى ( إنك ميت وإ نهم ميتون ) الزمر ‪ ،30‬وقوله ( وما محمد إال رسول قد خلت من‬
‫قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر اهلل شيئاً وسيجزي اهلل الشاكرين)‬
‫آل عمران ‪144‬قال عمر ‪ :‬فكأني لم أتل هذه اآلية قط ‪ .‬ثم مكث عليه الصالة والسالم في بيته بقية يوم االثنين وليلة‬
‫الثالثاء ويومه وليلة األربعاء حتى انتهى المسلمون من إقامة خليفة عليهم فغسل ودفن ‪.‬‬
‫وكان الذي يغسله علي بن أبي طالب ‪ ،‬ويساعده العباس وابناه الفضل وقثم وأسامة بن زيد وشقران مولى‬
‫رسول اهلل وكفن في ثالثة أثواب بيض ليس فيها قميص وال عمامة ‪ .‬ولما فرغوا من تجهيزه وضع على سريره في‬
‫بيته ودخل الناس عليه أرساالً متتابعين يصلون عليه ولم يؤمهم أحد ثم حفر له لحد في حجرة عائشة حيث توفي‪ C‬وأنزله‬
‫القبر علي والعباس وولداه الفضل وقثم ورش قبره بالل بالماء ورفع‪ C‬قبره عن األرض قدر شبر ‪.‬‬
‫توفي‪ C‬رسول اهلل ‪ ‬وترك‪ C‬للمسلمين ما إن اتبعوه لم يضرهم‪ C‬شئ كتاب اهلل الذى ال يأتيه الباطل من بين يديه وال‬
‫من خلفه تنزيل من حكيم حميد ‪ .‬وترك أصحابه البررة الكرام يوضحون الدين ويتممون فتح البالد ويظهرون في الدنيا‬
‫شمس الدين اإلسالمي القويم حتى يتمم اهلل كلمته ويحق وعده وقد‪ C‬فعل ‪ ،‬فنسأل اهلل أن يقدرنا على أداء شكره على هذه‬
‫المنة العظمى والنعمة الكبرى ‪.‬‬

‫التقويم ‪:‬‬
‫وضح حكمة النبي ‪ ‬فى اختيار أسامة لقيادة الجيش ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫استخلص الدروس المستفادة من األحداث التى واكبت تولية أسامة قيادة الجيش ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫صف مشاعر النبي ‪ ‬و أبى بكر تجاه بعضهما‪ C‬أثناء مرض النبي ‪ ‬الذي توفى فيه ‪. ‬‬ ‫‪-3‬‬
‫صور‪ C‬حال النبي ‪ ‬في مرضه الذي توفى فيه ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪.‬‬ ‫حدد وصايا النبي ‪ ‬ألصحابه أثناء مرضه‬ ‫‪-5‬‬
‫حدد تاريخ لوفاة النبي ‪. ‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪95‬‬
‫وضح كيف كشفت حادثة وفاة النبي ‪ ‬عن راجحة عقل وثبات أبي بكر ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫عبر عن مشاعره تجاه وفاة الرسول ‪ 0‬‬ ‫‪-8‬‬
‫وضح واجباته تجاه ‪ ‬بعد وفاته ‪ 0‬‬ ‫‪-9‬‬
‫ناقش حرص الصحابة على تحديد الخليفة ثم دفن النبي ‪. ‬‬ ‫‪-10‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫صور من حياة شهداء الصحابة‬


‫و صور من حياة التابعين‬

‫الطفيل بن عمرو الدوسي‬


‫الحسن البصري‬
‫سعيد بن المسيب‬

‫الطفيل بن عمرو الدوسى‬

‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬


‫‪96‬‬
‫‪ -1‬أن يصف الدارس حياة الطفيل بن عمرو في قومه قبل إسالمه ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يسرد الدارس قصة إسالم الطفيل ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يبين الدارس دور الطفيل بن عمرو في إسالم قبيلته ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يبين الدارس دور الطفيل في غزوة خيبر ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يصف الدارس دور الطفيل في حروب الردة ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يروي الدارس اآليات التي رآها الطفيل في منامه أثناء حرب اليمامة ومدى تحققها ‪.‬‬
‫‪ -7‬أن يصف الدارس حال ابن الطفيل بعد استشهاد والده ‪.‬‬
‫‪ -8‬أن يصف الدارس كيف نال ابن الطفيل الشهادة مثل أبيه ‪.‬‬
‫‪ -9‬أن يصف الدارس مشاعره تجاه الطفيل بن عمرو‪.‬‬
‫أن يوضح الدارس ما الذي تعلمه من قراءة قصة حياة واستشهاد‪ C‬الطفيل بن عمرو‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫أن يعبر الدارس عما ينوي عمله بعد دراسته لقصة الطفيل بن عمرو‪.‬‬ ‫‪-11‬‬

‫أخذت نسمات الصباح تقبل من أطراف األفق البعيد فتهتز‪ C‬لها رءوس النخيل وأغصان األشجار فى حيطان ذلك‬
‫الحى من العرب وسط‪ C‬الجزيرة ‪ 00‬واستمع الدوسيون إلى صوت المنادى من قبل سيدهم ‪ ،‬فخرجوا‪ C‬من بيوتهم‬
‫ومضاربهم‪ C‬يودعون سيدهم الطفيل بن عمرو ‪ ..‬الذي بدأ يلقى أوامره بأن تتجهز ركائبه وتشد أمتعته وبضائعه على‬
‫ظهور‪ C‬إبله ‪ ،‬استعداداً لبدء رحلته إلى مكة للتجارة ‪..‬‬
‫وقام‪ C‬الدوسيون يودعون سيدهم ‪ 00‬وساروا فى موكبه حتى بلغ ذا الكفين حيث طاف الطفيل به مرات فى مكاء‬
‫وتصديه ينشد فيها وده ‪ ،‬ويطلب حمايته ورعايته ‪ 00‬ومن ثم بدأ طريقه عبر الصحراء ‪00‬‬
‫وعند مشارف مكة كان سادة قريش يهرعون إلى استقباله ومن معه من سادة دوس ورجالها ‪ ،‬وكل همهم أن يعدلوا به‬
‫عن أى سبيل يلقى فيها محمداً ‪ 00‬وقال له أبو جهل بن هشام ‪ :‬يا طفيل ‪ :‬إنك قدمت بالدنا وهذا الرجل الذى بين‬
‫أظهرنا‪ C‬قد أعضل بيننا ‪ ،‬وفرق جماعتنا ‪ ،‬وشتت أمرنا ‪ ،‬وإ نما قوله كالسحر‪ C‬يفرق بين الرجل وبين أبيه ‪ ،‬وبين الرجل‬
‫وبين أخيه ‪ ،‬وبين الرجل وبين زوجته ‪ 00‬إنا نخشى عليك وعلى قومك‪ C‬مثل ما دخل علينا منه ‪ ،‬فال تكلمه وال تسمع‬
‫منه !!‪0‬‬
‫وما زال القرشيون بالطفيل يخوفونه ويروعونه حتى إنقلب شوقه إلى لقاء محمد خوفاً أن يراه محمد ‪ !!0‬فكان سيد‬
‫دوس يغدوا إلى المسجد الحرام وقد حشا أذنيه قطناً ‪ ،‬حتى إذا صادفه صاحب الدين الجديد فى طوافه ‪ ،‬ال تصل إليه‬
‫كلمة من قوله يكون فيها القضاء على وحدة دوس وشرفها‪ C‬بين القبائل ‪!!00‬‬
‫وقرت‪ C‬عين قريش بما كان من أمر الطفيل واستيقنت نفسها أال تصل إلى أذنه أو أذان دوس منه جملة واحدة ‪ 00‬حتى‬
‫لقد أطلقت عليه اسماً هو ‪ " :‬ذو القطنتين " ‪ 00‬إلى أن كان ذلك اليوم الذى وقف فيه سيد دوس يصلى بصالته حول‬
‫الكعبة ‪ ،‬حيث جلس سيد عبد مناف ‪ ‬فى حلقة من أصحابه ‪ 00‬وأخذ ‪ ‬يفيض من معين الحكمة العلويه ما شاء اهلل له‬
‫أن يفيض ‪ 00‬فتركت معانى الخلود أذان الطفيل – على الرغم منه – فهزت أوصاله هزاً ‪ ،‬جعله يطيل فى صالته وهو‬
‫ال يدرى ‪ 00‬ليستزيد ويستزيد ‪ 00‬حتى صار فى أطراقه كخاشع الرهبان ‪ 00‬ومر الوقت الطويل كالبرق‪ C‬الخاطف ‪00‬‬
‫ورآه الرسول األعظم على تلك الحال ‪ ،‬فأحس من أمره ما أحس ‪ 00‬ثم قام ‪ ‬من جلسته بين أصحابه ‪ ،‬وأخذ طريقه إلى‬
‫بيته بأجياد‬
‫‪97‬‬
‫وأسرع‪ C‬الطفيل بخطاه فى الطريق خلف رسول اهلل ‪ ،‬والناس ال يدور بخلدهم أنه يطلبه بحال ‪ ،‬فلم يعيروا‪ C‬لوجهته التفاتاً‬
‫‪ 00‬فقد كان الطفيل فى طلعته وهيبته يستعين بعينيه النافذتين ليستعيض بهما عن وقار‪ C‬مشيته فى متابعته حتى ال يضل‬
‫الطريق‪ C‬إلى بيته ‪00‬‬
‫وطرق سيد دوس باب رسول اهلل ‪ ،‬فخرج إليه ‪ ‬وقد خرج النور من بين ثناياه ليختلط بمعانى الخلود فى تكريم‪C‬‬
‫الطفيل وإ يناسه فى ساحة الحق حين يبتغيه ‪ 00‬ولم يلبث عظيم دوس أن قال ‪ :‬يا محمد ‪ 00‬إن قومك‪ C‬قالوا لى ما قالوا‬
‫– ال أسمع لقولهم – ثم إن اهلل أبى إال أن يسمعنيه ‪ ،‬فسمعت قوالً حسناً ‪ ،‬فأعرض على أمرك ‪ 00‬وتفجرت ينابيع‬
‫الحكمة من قلب ابن عبد اهلل فقرأ عليه القرآن وعرض عليه اإلسالم ‪ ،‬والرجل من خالل ذلك الفيض مطرق‪ C‬خاشع يكاد‬
‫أن يغيب ‪ 00‬وما أن انتهى الرسول من قوله ‪ ،‬حتى بادره الطفيل فقال ‪ :‬ال واهلل ‪ :‬ما سمعت قوالً أحسن من هذا ‪ ،‬وال‬
‫أمراً أعدل منه ‪ :‬وإ نى أشهد أن ال إله إال اهلل وأنك رسول اهلل !!‪0‬‬
‫وامتألت جوانح الرسول بحب الطفيل وقد‪ C‬أشرق له وجهه ‪ ،‬فمسح بيده الشريفة على صدره ودعا له بخير ‪ 00‬ونظر‬
‫الطفيل إلى جبين رسول اهلل فى إطراقه ‪ ،‬وأمعن فيه البصر ‪ 00‬وكأنه يقرأ عليه صفحات من نور ‪ ،‬تسطرها معانى‬
‫الخلود فى المأل األعلى ‪ 00‬وما لبث أن قال ‪ :‬يا نبى اهلل ‪ 00‬إنى أمرؤ مطاع فى قومه ‪ ،‬وأنا راجع إليهم فداعيهم إلى‬
‫اإلسالم ‪ ،‬فأدع اهلل أن يكون لى عوناً عليهم فيما أدعوهم إليه ‪0‬‬
‫ورفع‪ C‬النبى بصره إلى السماء ‪ 00‬وقال ‪ :‬اللهم أجعل له آية !!‪0‬‬
‫‪ 00‬ولم يلبث أن وقع نور من السماء كالمصباح ‪ ،‬فاستقر‪ C‬بين عينيه ‪ ،‬وأخذت روعة اآلية من سيد دوس بمجامع‬
‫الخوف ‪ ،‬أن يظن قومه أن النور فى وجهه ُمثلة أنزلها به إله دوس " ذو الكفين " لفراقه دين آبائه ومعتقدات أجداده ‪00‬‬
‫ولم يملك الطفيل أن رفع بصره إلى السماء متضرعاً يقول ‪ :‬اللهم فى غير وجهى ‪ ،‬فإنى أخشى أن يظنوا أنها مثلة‬
‫وقعت فى وجهى لفراق دينهم !! ‪0‬‬
‫ولم تكن إال لحظة حتى انتقل النور من بين عينيه ‪ ،‬واستقر فى طرف سوطه ‪ ،‬فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور فى‬
‫ذلك السوط كالقنديل المعلق !!‪0‬‬
‫وآذنت الشمس باإلشراق‪ ، C‬ونادى‪ C‬سيد دوس رفاقه فهرعوا إليه من خيامهم ‪ ،‬وشدوا أحمالهم فوق‪ C‬اإلبل ‪ 0‬وساروا‬
‫خلف الطفيل حتى ولجوا الحي بين استقبال دوس واحتفائهم ‪ 00‬كل تلك العيون متسلطة على السوط‪ C‬فى يد السيد‬
‫الدوسى‪ ، C‬تتساءل عن الدرة الفريدة المضيئة كالقنديل فى طرفه !! وما زادت عن الظن أنها جوهرة من نفائس عكاظ ‪،‬‬
‫قد ابتاعها السيد من رجال الغارات على القصور فى أرض فارس أو الروم‪0!! C‬‬
‫ودخل سيد دوس داره ‪ ،‬فاستقبله أهله فى فرح ولهفة ‪ ،‬وما كاد يجلس على فراشه حتى أتاه أبوه من حجرته ‪ ،‬فبادره‬
‫الطفيل فقال ‪ :‬إليك عنى يا أبتاه ‪ ،‬فلست منى ولست منك !!‪ 0‬وقطب الشيخ جبينه ‪ ،‬وقد فغر فاه دهشة وغرابة ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫ولم يا بنى !؟‪ 0‬وأجابه الطفيل من فوره فقال ‪ :‬إنى أسلمت واتبعت دين محمد ‪00‬‬
‫وهزت روعة اإليمان أوصال الشيخ ‪ ،‬فهو لم يعهد فى ابنه غير خفض الجناح معه من قبل ‪ ،‬وإ ذن فال دافع لولده‬
‫غير الصدق حيث رآه فى دين محمد ‪ ‬فلم يهادن فى سبيله حتى أباه ‪ 00‬ومن ثم لم يملك األب الشيخ إال أن ينصاع‬
‫للحق حين طرق باب قلبه ‪ 00‬ولم يلبث أن قال لولده ‪ :‬يا بنى ‪ 00‬دينى دينك ! فأعرضه على ‪ ،‬أسمع وأطع ! فقال له‬
‫الطفيل ‪ :‬اذهب واغتسل وطهر‪ C‬ثيابك ‪ 0‬وعاد الشيخ مغتسالً طاهراً ‪ ،‬فقرأ عليه ما وعاه من آيات اهلل ‪ ،‬وعرض عليه‬
‫قواعد اإلسالم ‪ ،‬فأسلم ‪0‬‬

‫‪98‬‬
‫وأقبلت عليه زوجته تحمل ولده الحبيب عمراً ‪ ،‬فما ملك نفسه أن قال لها هى األخرى ‪ :‬إليك عنى ‪ ،‬فلست منك ولست‬
‫منى !!‪ 0‬وتعثر‪ C‬لسان الزوجة الوفية وهى تنظر إليه فى عجب ‪ ،‬وتقول ‪ :‬ولم بأبي أنت !؟‪ 0‬وأجابها الطفيل على الفور‬
‫‪ :‬قد فرق‪ C‬بيني وبينك اإلسالم ‪ ،‬إني أسلمت واتبعت دين محمد !!‪ 0‬فطلبت منه أن يعرض عليها الدين الجديد ‪ 00‬فقال‬
‫لها ‪ :‬اذهبى إلى ماء ذى الثرى ‪ ،‬فتطهري منه ‪ 0‬وعادت الزوجة ‪ 00‬فقرأ عليها من القرآن ما شاء أن يقرأ ‪ ،‬ثم عرض‬
‫عليها اإلسالم ‪ ،‬فأسلمت ‪ 00‬وأسلم آل بيت الطفيل جميعاً ‪00‬‬
‫وانتشر‪ C‬فى أرجاء الحى نبأ إسالم سيد دوس ‪ ،‬فهالهم األمر وزلزل‪ C‬كيانهم ‪ 00‬فأسرعوا‪ C‬إليه زرافات‪ C‬ووحداناً‪00 C‬‬
‫واجتمعوا‪ C‬به شيباً وشباباً ‪ ،‬يحاولون صرفه عن عقيدته الجديدة ‪ ،‬ويهددون مكانته فيهم وسيادته عليهم ‪ 00‬وحسب‬
‫الطفيل أن العبء هين أول األمر ‪ ،‬فراح يصبر‪ C‬على نأيهم حيث يدعوهم إلى دين اهلل ‪ ،‬ولكنهم‪ C‬تكالبوا عليه ‪ ،‬وصاروا‪C‬‬
‫يزدادون بمرور‪ C‬األيام قسوة فى معاملته وشدة على أهل بيته الذين آمنوا معه ‪ 00‬وكلما أالن لهم جانبه ‪ ،‬كلما ازدادوا‪C‬‬
‫عنتاً فى محاربته ‪ ،‬وتسفيهاً لرأيه ‪ ،‬حتى غدا ذلك البيت الرفيع القدر محطاً لسخرية دوس وتآمرها واضطهادها ‪0‬‬
‫وضاق‪ C‬الطفيل بقومه ذرعاً فبدأ يتحداهم ‪ ،‬ويعيب أصنامهم ‪ ،‬ويكفر من مضى من آبائهم وأسالفهم‪ ، C‬حتى كاد الدوسيون‬
‫أن يقتلوه ويقتلوا آل بيته جميعاً ‪0!! 00‬‬
‫وخرج الطفيل بليل يطلب رسول اهلل ‪ ‬فى مكة ‪ ،‬ويلتمس عنده الرأى والعون والقوة ‪ 00‬وكان لقاء علوياً ‪ ،‬نسى‬
‫السيد الدوسى‪ C‬من خالله كل إرهاق أصابه من قومه ‪ ،‬فقد كان سرور النبى به هو منتهى ما كان يأمله فى هذا الوجود ‪0‬‬
‫وسأله الرسول عن حال قومه معه ‪ 00‬فأجابه الطفيل فى اقتضاب وقال ‪ :‬يا رسول اهلل ‪ ،‬قد غلبتني دوس ‪ 00‬فادع‬
‫عليهم ‪0!!00‬‬
‫ولكن الرسول أخذ يهون عليه ما لقيه وما قد يلقاه منهم ‪.‬‬
‫ورجع السيد الدوسى‪ C‬إلى قومه وقد امتأل قوة وأمالً ‪ ،‬وازداد‪ C‬عزة وبأساً‪ ، C‬فأخذ يدعوهم ويتحبب إليهم ‪ 00‬لكن أنى‬
‫للقلوب المشحونة بالشرك‪ C‬والجهالة أن تثوب من قريب ‪ 00‬وهكذا مضت السنون ‪ ،‬والطفيل يكافح ويجاهد ويجالد‪00 C‬‬
‫ويصبر ويعفو ويحتسب ‪ ،‬حتى يئس منه القوم ‪ 00‬وبدأ البعض يفكر فى األمر ملياً ‪ ،‬حيث راعه نور الحق يمأل قلب‬
‫سيد دوس فأحاله شيئاً آخر ‪ ،‬أقرب إلى المالئكة فى صفاء الروح ‪ ،‬وعلو النفس ‪ ،‬ونقاء السريرة ‪0‬‬
‫وكان ال بد للدعوة الصادقة وهى تصدر‪ C‬عن القلب الكبير الصابر‪ C‬أن تجد آخر األمر تربتها‪ C‬الصالحة فى قلوب الذين‬
‫كتب اهلل لهم الهداية من خلقه ‪ ،‬فبدأت أبيات من دوس تدخل فى اإلسالم سراً‬
‫وأذن اهلل لرسوله والذين آمنوا معه بالهجرة إلى المدينة ‪ ،‬وهناك لقيت دعوة اإلسالم ما تصبو إليه من عزة ومنعة‬
‫واستقرار‪0 C‬‬
‫وخرج المسلمون إلى بدر ‪ ،‬فسطروا أعظم الصفحات فى سجل الخلود ‪ ،‬ثم مضوا إلى أحد والخندق ‪ 00‬فجاهدوا جهاد‬
‫األبرار الخالدين ‪ 00‬وفات الطفيل بن عمرو سيد دوس شرف الخروج إلى تلك الغزوات الثالث ‪ 00‬حتى إذا ما كان‬
‫الرسول األعظم وأصحابه فى طريقهم إلى خيبر ‪ ،‬كان الطفيل بن عمرو يشق طريقه نحو المدينة ‪ ،‬ومن خلفه ثمانون‬
‫بيتاً من دوس قد آمنوا باهلل ورسوله ‪ ،‬على رأسهم ذلك الشاب ذو البأس عمرو بن الطفيل ‪0‬‬
‫ولم يستطع سيد دوس أن يمكث بالمدينة ساعة من نهار ‪ ،‬فلقد دفعه شوقه لنصرة اهلل وجهاد أعدائه إلى المضى‬
‫حيث يحاصر‪ C‬رسول اهلل آخر قلعة لليهود وأقواها بالجزيرة ‪0‬‬
‫وبينما‪ C‬المسلمون يدكون القلعة بدباباتهم‪ ، C‬ويقذفون‪ C‬بالمنجنيق جحافل الشرك من أعالها ‪ 00‬والحرب يومئذ سجال ‪،‬‬
‫تكتنفها حرارة النضال بين الفريقين هجوماً ودفاعاً ‪ 00‬إذ دوت فى اآلفاق‪ C‬أصوات دوس بالتكبير ‪ ،‬وهم يقبلون سراعاً‬
‫‪99‬‬
‫خلف سيدهم الطفيل وولده عمرو ‪ ،‬ويلوحون بسيوفهم‪ C‬ورماحهم‪ C‬فى الفضاء ‪ 00‬ونظر‪ C‬الرسول إلى أصحابه وهم‬
‫يتساءلون عن أمر القوم ‪ ،‬وما لبث أن أعلمهم أنها دوس قد أقبلت لتدفع ضريبة الوفاء لإليمان ‪0‬‬
‫ودارت رحى الحرب شديدة طاحنة ‪ ،‬والدوسيون يسطرون صحائف إخالصهم‪ C‬جهاداً واستبساالً ‪ 00‬ومن خالل‬
‫الوطيس الحامى رأى الطفيل ابن عمرو شدة أهل خيبر واستعصاءهم على التسليم ‪ ،‬وبخاصة ذلك الركن الجنوبى‪ C‬من‬
‫القلعة ‪ ،‬فقد كان من الكثرة والمنعة بحيث عطل النصر على المسلمين ‪ 00‬فتقدم إلى رسول اهلل ‪ ‬وقال ‪ :‬يا رسول اهلل ‪،‬‬
‫اجعلنا ميمنتك ‪ ،‬واجعل شعارنا‪ " C‬مبرور " !!‪ 0‬ولمح الرسول األعظم نور البر بالعقيدة يشرق‪ C‬من وجه سيد دوس ‪،‬‬
‫فأقره على ما طلب ‪00‬ثم نظر ‪ ‬إلى ولده الحبيب عمرو بن الطفيل وقد‪ C‬أكبر فيه شدة بأسه وحرصه على الشهادة ‪00‬‬
‫ورأى‪ C‬أن يبقى عليه ليكون درع الدعوة فى دوس بعد أبيه لو نال الشهادة ‪ 00‬وطلب منه أن يعود إلى قومه يستحثهم‪C‬‬
‫ويستمدهم ‪ ،‬ولكن السيد الشاب قال ‪ :‬وقد‪ C‬نشب القتال يا رسول اهلل تغيبنى عنه !؟‪ 0‬فأشرق وجه الرسول بالسرور ‪،‬‬
‫ومسح صدره وقال ‪ :‬أما ترضى أن تكون رسول رسول اهلل !؟‪ 0‬ونزلت الكلمات السامية بالسكينة على قلب الشاب‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول اهلل ‪ ،‬سمعاً وطاعة ‪00‬‬
‫ووقفت دوس خلف سيدها يواجهون ذلك السيل المتدفق من رماح األعداء وسهامهم‪ C‬ونبلهم ‪ ،‬بصدور‪ C‬ملؤها الصبر‬
‫والصدق‪ C‬واإليمان ‪ ،‬ويردون عليهم بضربات‪ C‬ال تعرف الهوادة أو الضعف ‪ 00‬ولم تكن إال ساعة حتى انخذل اليهود‬
‫عن مواصلة القتال ‪ ،‬ورفعوا راية التسليم ‪ 00‬وانتهى أمرهم إلى الجالء عن الجزيرة كلها ‪ 00‬ولكن بعد أن دفع‬
‫المسلمون ثمن النصر جراحاً واستشهاداً‪ 00 C‬وبعد أن دفعت دوس من دمائها وأرواحها هى األخرى ضريبة الكفاح‬
‫الخالص والنضال‪ C‬الرهيب ‪ ،‬فى أول موطن من مواطن البر والوفاء ‪0‬‬
‫وبينما‪ C‬الرسول ينظم جيشه إلخضاع هوازن وثقيف ‪ ،‬إثر الفتح ‪ ،‬وقريش‪ C‬كلها تسير فى ركابه حيث يريد ‪ ،‬كان سيد‬
‫دوس يطلب إليه ‪ ‬أن يأذن له فى اللحاق بقومه ‪ ،‬ليحرق صنمهم " ذى الكفين " ويأتى بهم جميعاً إلى حلبة اإليمان ‪.‬‬
‫ومكث الطفيل فى قومه تسعة أشهر ‪ ،‬عاد بعدها مع ابنه اليافع عمرو بن طفيل ‪ ،‬ليكونا إلى جوار رسول اهلل فى‬
‫المدينة ‪ ،‬وليعيشا‪ C‬فى كنفه ما شاء اهلل لهما أن يعيشا ‪ ،‬وليظال رهن إشارته وطوع بنانه حيال كل أمر وحال ‪ 00‬ولم‬
‫تطل اإلقامة عند مشرق‪ C‬النور ‪ ،‬فقد قضت إرادة اهلل أن تستأثر بالنبى األعظم إلى الرفيق‪ C‬األعلى ‪ ،‬بعد أن دخلت‬
‫الجزيرة كلها فى حوزة اإلسالم ‪ 00‬فبكاه الطفيل وابنه مع المسلمين أشد البكاء ‪ 0‬ثم لم يلبثوا أن رأوا رايات الشرك‬
‫والكفران ترفع من جديد ‪ 00‬فارتدت‪ C‬بعض القبائل الضاربة فى نجد واليمن ‪ ،‬وأوغلت فى العداء وطردت من ديارها‬
‫سفراء اإلسالم وجباة الزكاة ‪ 00‬ومن ثم أعلنت حربها على أهل التوحيد‪ ، C‬وكتلت قواها للقضاء على المسلمين ‪،‬‬
‫وسارت‪ C‬فى ركابها شتى القبائل جرأة على أنصار‪ C‬اهلل بعد موت رسول اهلل ‪  0‬وكانت محنة عظمى ‪ ،‬تقلصت معها‬
‫رقعة اإلسالم وانكمشت ‪ ،‬حتى لم تعد تتعد المدينة ومكة والطائف وعبد القيس ‪!!0‬‬
‫ونادى‪ C‬خليفة رسول اهلل أبو بكر بالخروج‪ C‬إلى حرب المرتدين ‪ ،‬فاجتمع له أحد عشر جيشاً ‪ 00‬كان الطفيل بن عمرو‬
‫وابنه عمرو بن الطفيل على رأس دوس فى المقدمة من أخطرها وجهة وأشقها طريقاً ‪ 00‬حيث التحم بجحافل الوثنية ‪،‬‬
‫وعلى رأسها طليحة األسدى ‪ ،‬فألقوا عليها درساً علوياً فى سجل النصر ‪ ،‬فانكسرت شوكتها‪ ، C‬وعاد من بقى منها إلى‬
‫اإلسالم راضياً‪ C‬أو صاغراً ليعصم دماءه ‪ ،‬بعد أن حز المسلمون رأس طليحة !! وجاهد الطفيل وابنه عمرو خالل‬
‫المعركة الضارية جهاد األبطال األوفياء ‪ ،‬وحرصاً‪ C‬على الشهادة فلم يناالها ‪ 0‬ومن ثم اتجها على رأس الجيش الرهيب‬
‫إلى نجد ‪ ،‬فأخضعوا‪ C‬قبائلها وأعادوها كلها إلى حظيرة اإلسالم ‪ 00‬ثم واصال طريق النصر فى مقدمة الجيش نفسه نحو‬

‫‪100‬‬
‫اليمامة ‪ ،‬حيث اجتمعت فيها رءوس الكفر فى أضخم جيش واجهه المسلمون فى حروب الردة ‪ 00‬وكانت محنة أخرى‬
‫قضى‪ C‬فيها من قضى ‪ ،‬ولما يأت النصر رغم القتال البئيس والصمود‪ C‬العنيد ‪ 00‬ليل نهار ‪!!00‬‬
‫وجاءت ليلة لم يستطع الفريقان المتباينان عدداً وعتاداً مواصلة الحروب ‪ 00‬المسلمون فى قلتهم وغربتهم ‪00‬‬
‫وأعداؤهم فى كثرتهم‪ C‬ومنعتهم ‪ ،‬فنام الجيشان من فرط‪ C‬الجهد استعداداً لمعركة الصباح ‪0‬‬
‫ووقفت ربيئة من المسلمين تحرس جند اإلسالم فى جنح الظالم ‪ 00‬وغفا الطفيل من بينهم إغفاءة يسيرة ‪ ،‬قام على‬
‫إثرها مكبراً مهلالً يقول لمن حوله ‪ :‬إنى رأيت رؤيا‪ ، C‬فاعبروها‪ 00 C‬إنى رأيت رأسى حلق ‪ ،‬وأنه خرج من فمى طائر‬
‫‪ ،‬وأنه لقيتنى امرأة فأدخلتنى فى فرجها‪ 00 C‬ورأيت ابنى عمراً يطلبنى طلباً حثيثاً ‪ ،‬ثم رأيته حبس عنى !! ونظر‪ C‬القوم‬
‫بعضهم‪ C‬إلى بعض ‪ ،‬وفهموا‪ C‬من الرؤيا معانى شتى ‪ 00‬ولم يملكوا إال أن يقولوا للطفيل بلسان واحد ‪ :‬إنها رؤيا خير إن‬
‫شاء اهلل ‪ 0‬ولكن الطفيل قد ابتسم ‪ ،‬ونظر‪ C‬إلى أصحابه وقال ‪ :‬أما أنا فقد أولتها ‪ 00‬أما حلق رأسى فقطعها ‪ ،‬وأما‬
‫الطائر فروحى ‪ ،‬وأما المرأة التى أدخلتنى فى فرجها‪ C‬فاألرض تحفر لى فأغيب فيها ‪ 00‬وأما طلب ابنى لى ثم حبسه‬
‫عنى ‪ ،‬فإنى أراه سيجتهد أن يصيبه ما أصابنى ‪!!0‬‬
‫وأقبلت نسمات السحر ‪ ،‬واستيقظ‪ C‬المسلمون من نومهم بين ذكر وصالة واستغفار ‪ ،‬وانتظمت الصفوف ‪ ،‬واشتبك‬
‫جند اهلل مع بنى حنيفة فى أشد وقعة وأعنف ميدان ‪ 00‬وتخطى سيد دوس مقدمة المسلمين ومن خلفه ولده عمرو ‪00‬‬
‫وظال يقاتالن فى بأس واستماتة يطلبان من خاللها نعمة الشهادة ‪ 0‬وما لبث السيد الدوسى‪ C‬وهو يطيح برقاب الشرك‬
‫يميناً وشماالً أن رماه رجل بسيفه المصلت رمية غادرة وهو يفر من أمام الطفيل يأساً ‪ ،‬فقطع منه العنق فخر شهيداً ‪00‬‬
‫أما ابنه فقد ألهبته شهادة أبيه شدة فوق شدة ‪ ،‬فصار يطلب الشهادة لنفسه ولكنه ال ينالها ‪ 00‬فهو لم يجد أمامه من يقف‬
‫من أعداء اهلل فى سبيله وهو يحصد رقابهم حصداً ‪ ،‬حتى اجتمعت عليه فى النهاية قوة من األعداء ‪ ،‬ظل يكافحها‪ C‬وحده‬
‫‪ ،‬حتى قطعت يده ‪!!0‬‬
‫وانجلت المعركة الحامية عن ذبح زعيم الشرك مسيلمة ‪ ،‬وقتل الجانب العظيم من قواته ‪ ،‬بعد فرار من استطاع‪ C‬منها أن‬
‫يفر ‪ 00‬وتم النصر للمسلمين ‪00‬‬
‫وانتقل خليفة رسول اهلل إلى دار البقاء ‪ ،‬وانتقلت الخالفة إلى عمر بن الخطاب ‪ 00‬وأذن مؤذن الخليفة فى الناس‬
‫يطلب المدد ممن بقى من أهل المدينة وما حولها ‪ ،‬لموافاة أبى عبيدة بن الجراح باليرموك من أرض الروم‪ 00 C‬وعمرو‬
‫بن الطفيل من خالل ذلك يخاف أال يأذن له أمير المؤمنين بالخروج ‪!00‬‬
‫وبينما‪ C‬هو فى بيته إذ دعاه رسول الخليفة فوافاه ابن الطفيل على الفور فى داره ‪ ،‬فوجد‪ C‬عنده رجاالً من األنصار‬
‫يقتربون من طعام ‪ ،‬وما أن شاهده عمر حتى أفسح له بجواره ‪ ،‬ولكن ابن الطفيل لم يشأ أن يأكل ‪ 00‬فلقد كان يحب أن‬
‫يدعوه الخليفة إلى القتال ال إلى الكراع ‪ 00‬وألح عليه الخليفة ليأكل ‪ ،‬فجلس كارهاً إلى جواره من ناحية يده المبتورة ‪،‬‬
‫ولم يلبث أن تنحى عن الطعام ‪ 00‬فقال له الخليفة ‪ :‬مالك !؟ لعلك تنحيت لمكان يدك ‪!0‬؟ فأجابه ابن الطفيل وقال ‪ :‬أجل‬
‫يا أمير المؤمنين ‪ 00‬فنظر‪ C‬إليه عمر بن الخطاب بجسده كله ‪ ،‬وقال ‪ :‬واهلل ال أذوقه حتى تسوطه بيدك ‪ ،‬فواهلل ما فى‬
‫القوم أحد بعضه فى الجنة غيرك ‪!!00‬‬
‫ونزلت الكلمة الكريمة على قلب ابن الطفيل ‪ ،‬فغمرته باألمل فى أن يخرج مع المسلمين إلى اليرموك ‪ 00‬وشعر ابن‬
‫الخطاب بإحساس ابن الطفيل نحو الجهاد ‪ ،‬فأذن له بالخروج ‪00‬‬
‫وانطلق‪ C‬سيد شباب دوس انطالق األسد من غل األسر ‪ 00‬فكان فى مقدمة الصفوف ‪ 00‬والتقى المسلمون بالروم فى‬
‫حرب ضروس ‪ ،‬خر من خاللها آالف وآالف من الفريقين ‪ 00‬وازداد هجوم األعداء شدة ‪ ،‬وصمد المسلمون على‬
‫‪101‬‬
‫قتلهم ‪ ،‬وبدأوا يتساقطون واحداً إثر واحد ‪ 00‬ثم جاءت الريح ألنصار‪ C‬اهلل ورسوله ‪ 00‬فانقلب ميزان المعركة ‪ ،‬وتم‬
‫ودفع المسلمون ثمن النصر غالياً من‬ ‫النصر ‪ ،‬وارتفعت رايات اإلسالم على أرض الشام كلها ‪00‬‬
‫أرواح شهدائهم‪ !0 C‬وكان من بين أولئك الشهداء األوفياء‪ 00 C‬فتى دوس وابن سيدهم ‪ 00‬عمرو بن الطفيل سطور‬
‫مضيئة ‪:‬‬
‫الطفيل بن عمرو بن طريف‪ C‬بن العاص الدوسي األزدي ‪0‬‬ ‫‪‬‬
‫أحد األشراف فى الجاهلية واإلسالم‪0 C‬‬ ‫‪‬‬
‫كان شاعراً فحالً من شعراء العرب ‪0‬‬ ‫‪‬‬
‫نشأ بين أسرة شريفة كريمة فى أرض دوس ‪0‬‬ ‫‪‬‬
‫كان كثير الضيافة ‪0‬‬ ‫‪‬‬
‫كان مطاعاً فى قومه ‪0‬‬ ‫‪‬‬
‫فى سوق‪ C‬عكاظ حيث يجتمع الشعراء واألدباء بمكة حذرته قريش من سماع الرسول ‪ ‬وألحوا عليه‬ ‫‪‬‬
‫وضع فى أذنه قطناً‪ C‬لئال يسمع ‪ ،‬ولكن شاء اهلل له أن يسمع ويعجب بالقرآن ‪ ،‬ويسلم‪ C‬على النبى ‪ ‬ويطلب منه أن‬ ‫‪‬‬
‫يجعل له آية فى قومه حتى يهديهم اهلل ‪ ،‬فدعا له النبى ‪ 0‬‬
‫دعا أباه وأمه وزوجته فأسلموا جميعاً ‪ ،‬وأسلم أبو هريرة من القبيلة ‪ ،‬ورفضت القبيلة اإلسالم ‪0‬‬ ‫‪‬‬
‫عاد إلى رسول اهلل ‪ ‬يطلب منه أن يدعوعليهم فدعا لهم وقال ‪ :‬اللهم اهد دوساً‪ C‬وآت بهم مسلمين ‪ ،‬وأوصاه‬ ‫‪‬‬
‫الرسول ‪ ‬بالرفق‪ C‬معهم ‪0‬‬
‫أسلمت القبيلة كلها وعددها ثمانين أسرة ‪ ،‬وبعد فتح خيبر جاءوا إلى الرسول ‪‬‬ ‫‪‬‬
‫فى فتح مكة ذكر إن عمرو بن حممة الذى كان ينزل الطفيل ضيفاً عنده كان له صنماً يدعى ذا الكفين ‪ ،‬فاستأذن‬ ‫‪‬‬
‫النبى ‪ ‬أن يحرقه ‪ ،‬فأذن له فكان يضرم‪ C‬فيه النار ويقول ‪:‬‬
‫ميالدنا أقدم من ميالدك‬ ‫يا ذا الكفين لست من عبادك‬
‫إنى حشوت النار فى فؤادك‬
‫قال ألصحابه يوماً ‪ :‬إني رأيت رؤيا فاعبروها‪ 0 C‬إني رأيت رأسي حلقاً وأنه خرج من فمى طائر وأنه لقيتني‬ ‫‪‬‬
‫امرأة فأدخلتني فرجها‪ ، C‬وأرى‪ C‬ابني عمراً يطلبني‪ C‬طلباً حثيثاً ثم رأيته حبس عنى ‪ 0‬فقالوا له‪ :‬خيراً‪ 0‬وقال ‪ :‬أما أنا فقد‬
‫أولتها ‪ ،‬أما حلق رأسي فقطعه وأما الطائر فروحي وأما المرأة التي أدخلتني في فرجها فاألرض تحفر لي فأغيب فيها ‪،‬‬
‫وأما طلب ابني ثم حبسه عنى فإنى أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني‪ 00C‬فقتل الطفيل باليمامة شهيداً وجرح ابنه عمرو‬
‫ثم عوفي وتوفى‪ C‬واستشهد‪ C‬عام اليرموك ‪0‬‬
‫استشهد‪ C‬فى موقعة اليمامة سنة ‪ 11‬هـ ‪0‬‬ ‫‪‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬صف حياة الطفيل بن عمرو في قومه قبل إسالمه ‪.‬‬
‫‪ -2‬اسرد قصة إسالم الطفيل ‪.‬‬
‫‪ -3‬بين دور الطفيل بن عمرو في إسالم قبيلته ‪.‬‬
‫‪ -4‬بين دور الطفيل في غزوة خيبر ‪.‬‬
‫‪ -5‬صف ما فعله الطفيل في قومه بعد غزوة خيبر لتجمعهم على اإلسالم ‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫‪ -6‬صف دور الطفيل في حروب الردة ‪.‬‬
‫‪ -7‬أذكر اآليات التي رأها الطفيل في منامه أثناء حرب اليمامة ومدى‪ C‬تحققها ‪.‬‬
‫‪ -8‬صف حال ابن الطفيل بعد استشهاد والده ‪.‬‬
‫‪ -9‬صف كيف نال بن الطفيل الشهادة مثل أبيه ‪.‬‬
‫صف مشاعرك تجاه الطفيل بن عمرو‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫وضح ما الذي تعلمته من قراءة قصة حياة واستشهاد الطفيل بن عمرو‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫عبر عما تنوي عمله بعد دراستك‪ C‬لقصة الطفيل بن عمرو‪.‬‬ ‫‪-12‬‬

‫الحســــن البصـــــــري‬
‫َ‬
‫قوم فيهم ِمث ُل الحسن البصــري ؟! "‬ ‫" كيف ُّ‬
‫يضل ُ‬

‫بن عبد الملك ]‬


‫[ َم ْسلَ َم ُة ُ‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يذكر نسب الحسن البصري‪. C‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح جوانب من طفولة الحسن البصري‪. C‬‬
‫‪ -3‬أن يبين طلب الحسن البصري‪ C‬العلم ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يعلل نبوغ الحسن البصري‪. C‬‬
‫‪ -5‬أن يوضح جوانب من فقه الحسن البصري‪ C‬وزهده وورعه وشجاعته في الحق ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يصف الدارس مشاعره تجاه الحسن البصري‪. C‬‬
‫‪ -7‬أن يوضح الدارس ما الذي استفاده من دراسة قصة حياة الحسن البصري‪. C‬‬
‫‪ -8‬أن يعبر الدارس عما ينوي عمله بعد دراسته لقصة الحسن البصري ‪.‬‬

‫جاء البشير ُيبشر زوج النبي " أُم سلمة " بأن موالتها‪ " C‬خيرة " قد وضعت حملها وولدت ُغالماً ‪.‬‬

‫النبيل الوقور‪. C‬‬ ‫(‪)14‬‬


‫َّاها‬
‫على ُمحي َ‬
‫(‪)13‬‬
‫فغمرت الفرحة فؤاد‪ C‬أُم المؤمنين رضوان اهلل عليها وطفح البشر‬

‫وبادرت‪ C‬فأرسلت رسوالً‪ C‬ليحمل إليها الوالدة ومولودها‪ ، C‬لتقضي فترة النفاس في بيتها‪.‬‬

‫وتشوق ؛ لرؤية وليدها البكر ‪ . .‬وما هو‬


‫ُ‪C‬‬ ‫لدى أ ُِّم سلمة ‪ ،‬حبيبة إلى قلبها ‪ . .‬وكان بها لهفة‬ ‫فقد كانت " خيرةُ " أثيرة‬
‫(‪)15‬‬

‫نفسها أُنساً به ‪،‬‬


‫إال قليل حتى جاءت " خيرةُ " تحمل طفلها على يديها ‪ .‬فلما وقعت عيناً أ ُِّم سلمة على الطفل امتألت ُ‬
‫بهي الطلعة ‪ِ ِ َّ ،‬‬
‫ويأسر فُؤاد رائيه‬
‫ُ‪C‬‬ ‫تام الخلقة ؛ يمألُ َ‬
‫عين ُمجتليه‬ ‫الصغير قسيماً وسيماً َّ‬
‫ُ‪C‬‬ ‫وارتياحاً له ‪ . . .‬فقد كان الوليد‬
‫(‪)16‬‬

‫‪.‬‬

‫طفح البشر ‪ :‬فاض السرور ‪.‬‬ ‫‪)(13‬‬


‫المحيا ‪ :‬الوجه ‪.‬‬ ‫‪)(14‬‬
‫أثيرة ‪ :‬عزيزة مكرمة ‪.‬‬ ‫‪)(15‬‬
‫يمأل عين ُمجتليه ‪ :‬يسر الناظر إليه ‪.‬‬ ‫‪)(16‬‬
‫‪103‬‬
‫ُماهُ ‪. . .‬‬
‫خيرةُ ؟ ‪ .‬فقالت ‪ :‬كال يا أ َّ‬ ‫يت ُغ ِ‬
‫أسم ِ‬
‫المك يا " َ‬
‫َ‬ ‫ثم التفتت أ ُُّم سلمة إلى موالتها وقالت ‪َّ :‬‬

‫سميه ـ على بركة اهلل ـ الحسن ‪.‬‬


‫لقد تركت ذلك لك ؛ لتختاري له من األسماء ما تشائين ‪ .‬فقالت ‪ُ :‬ن ِّ‬
‫ثم رفعت يديها ودعت له بصالح ُّ‬
‫الدعاء ‪.‬‬

‫آخر من‬
‫بيت ُ‬
‫لكن الفرحة بالحسن لم تقتصر على بيت أُم المؤمنين أ ُِّم سلمة رضوان اهلل عليها ‪ ،‬وإ نما شاركها‪ C‬فيها ُ‬
‫ُبيوت المدينة ‪ .‬هو بيت الصحابي الجليل زيد بن ثابت كاتب وحي رسول اهلل ‪. r‬‬

‫الناس عنده ‪ ،‬وأحبهم‪ C‬إليه ‪.‬‬ ‫(‪)17‬‬


‫والد الصبي كان مولى له أيضاً ‪ . .‬وكان من آثر‬ ‫ذلك َّ‬
‫أن " يساراً " َ‬
‫بعد بالحسن البصري‪ ] C‬في بيت من بيوت رسول اهلل ‪. . . r‬‬
‫الحسن بن يسار [ الذي ُعرف فيما ُ‬
‫ُ‬ ‫َد َر َج‬

‫بنت ُسهيل " المعروفة بأ ُِّم َسلَ َمة ‪.‬‬


‫وربي‪ C‬في حجر زوجة من زوجات النبي ‪ r‬هي " هند ُ‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫وأوفرهن فضالً ‪ ،‬وأشدهن حزماً ‪.‬‬ ‫وأ ُُّم سلمة ـ إن كنت ال تعلم ـ كانت من أكمل نساء العرب عقالً ‪،‬‬

‫كما كانت من أوسع زوجات الرسول الكريم ‪ r‬علماً ‪ ،‬وأكثرهن رواية عنه ‪ .‬حيث روت عن النبي صلوات اهلل عليه‬
‫ثالثمئة وسبعة وثمانين حديثاً ‪ .‬وكانت إلى ذلك ُكله من النساء القليالت النادرات اللواتي يكتُبن في الجاهلية ‪.‬‬

‫َّبي المحظوظ بأ ُِّم المؤمنين " أ ُِّم سلمة " عند هذا الحد ‪ .‬وإ نما امتدت إلى أبعد من ذلك ‪. .‬‬
‫ولم تقف صلة الص ِّ‬
‫الرضيعُ يبكي من‬
‫تخر ُج من البيت لقضاء بعض حاجات أُم المؤمنين ‪ ،‬فكان الطفل َّ‬ ‫خيرةُ " أ ُُّم الحسن ُ‬‫فكثيراً‪ C‬ما كانت " َ‬
‫ُم ِه ‪ . .‬فكانت لشدة‬
‫عن غياب أ ِّ‬
‫(‪)18‬‬
‫لقمه ثديها ؛ لتُصب َِّرهُ به وتُعللهُ‬
‫بكاؤهُ فتأخذه أ ُُّم سلمة إلى حجرها ‪ ،‬وتُ ُ‬
‫ُجوعه ‪ ،‬ويشتد ُ‬
‫ت عليه ‪.‬‬ ‫فيرضعهُ الصَّبي ويس ُك ُ‬
‫ُ‬ ‫ثديها لبناً سائغاً في فمه‬
‫يد ُّر ُ‬
‫ُحبِّها إيَّاه ُ‬
‫ُماً للحسن من جهتين ‪:‬‬
‫وبذلك غدت أ ُُّم سلمة أ َّ‬

‫الرضاع‪ C‬أيضاَ ‪. . .‬‬


‫ُمهُ من َّ‬
‫ُمهُ بوصفه أحد المؤمنين ‪ . .‬وهي أ ُّ‬
‫فهي أ ُّ‬

‫الصالت الواشجة بين أمهات المؤمنين ‪ ،‬وقُرب‪ C‬بيوت بعضهن من بعض للغالم السعيد أن يتردد على هذه‬
‫ُ‬ ‫وقد‪ C‬أتاحت‬
‫ث عن نفسه ـ يمأل‬ ‫جميعاً ‪ .‬وأن يهتدي بهديهن ‪ . . . .‬وقد كان ـ كما ُي ِّ‬
‫حد ُ‬
‫(‪)19‬‬
‫البيوت كلها ‪ .‬وأن يتخلق بأخالق رباتها‪C‬‬
‫ترعها بلعبه النشيط ‪. . .‬‬
‫وي ُ‬‫هذه البيوت بحركته الدائبة ‪ُ ،‬‬
‫حتى إنه كان ينال ُسقُوف بيوت أُمهات المؤمنين بيديه وهو يقفز فيها قفزاً ‪.‬‬

‫الحسن يتقلب في هذه األجواء العبقة بطُُيوف ُّ‬


‫النبوة ‪ ،‬المتألقة بسناها ‪. . .‬‬ ‫ُ‬ ‫ظل‬

‫ُمهات المؤمنين ‪ .‬ويتتلمذ‪ C‬على أيدي كبار الصحابة في مسجد‬


‫وينهل من تلك الموارد العذبة التي حفلت بها بيوت أ َّ‬
‫رسول اهلل ‪ . . r‬حيث روى عن ُعثمان بن عفان ‪ ،‬وعلي بن أبي طالب ‪ ،‬وأبي موسى‪ C‬األشعري ‪ ،‬وعبد اهلل بن عمر‬
‫‪ . .‬وعبد اهلل بن عباس ‪ ،‬وأنس بن مالك ‪ ،‬وجابر‪ C‬بن عبد اهلل ‪ ،‬وغيرهم وغيرهم ‪. .‬‬

‫من آثر الناس عنده ‪ :‬من أعز الناس وأكرمهم عنده ‪.‬‬ ‫‪)(17‬‬
‫تُ َغلّله ‪ :‬تشغله ‪.‬‬ ‫‪)(18‬‬
‫رباتها ‪ :‬صاحباتها ‪.‬‬ ‫‪)(19‬‬
‫‪104‬‬
‫لكنه أُوِل َع أكثر ما أُوِل َع بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه ‪.‬‬

‫بيانهُ المشرق ‪،‬‬


‫منه ُ‬ ‫وز ُخ ُرفها‪ ...‬وخلبه‬
‫الدنيا ُ‬ ‫راعهُ ِم ْنهُ صالبتُهُ في دينه ‪ ،‬وإ ُ‬
‫حسانهُ لعبادته ‪ ،‬وزهادته بزينة ُّ‬ ‫فقد َ‬
‫(‪)20‬‬

‫وحكمته البالغة ‪ ،‬وأقواله الجامعة ‪ ،‬وعظاته التي تهز القلوب هزاً ‪ .‬فتخلق بأخالقه في التُّقى والعبادة ‪ . .‬ونسج على‬
‫منواله في البيان والفصاحة ‪ .‬ولما بلغ الحسن أربعة عشر ربيعاً من ُع ُم ِره ‪ ،‬ودخل في مداخل ِّ‬
‫الرجال انتقل مع أبويه‬
‫إلى " البصرة " واستقر فيها مع أسرته ‪.‬‬

‫وعرف بين الناس بالحسن البصري‪. . . C‬‬ ‫ِ‬


‫الحسن إلى " البصرة " ‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫ومن ُهنا ُنس َ‬
‫أمها الحسن ؛ قلعةً من أكبر ِقالع ِ‬
‫العلم في دولة اإلسالم ‪ ،‬وكان مسجدها العظيم ؛ يموج بمن‬ ‫كانت " البصرة " يوم َّ‬
‫ُ‬
‫تعم ُر باحات المسجد‬ ‫َّ‬
‫ارتحل إليها من كبار الصحابة ‪ ،‬وجلة التابعين ‪ ،‬وكانت حلقات العلم على اختالف ألوانها ؛ ُ‬
‫ومصاله ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ُم ِة محمد وأخذ عنه التفسير والحديث والقراءات ‪.‬‬
‫وقد‪ C‬لزم الحسن المسجد ‪ ،‬وانقطع إلى حلقة عبد اهلل بن عباس َح ْب ِر أ َّ‬
‫كما أُخذ عنه وعن غيره الفقه واللغة واألدب وغيرها وغيرها ‪ ،‬حتى غدا عالماً جامعاً فقيهاً ثقة ‪ .‬فأقبل الناس عليه‬
‫وتستدر ُّ‬
‫الدموع‬ ‫ُّ‬ ‫القلُوب القاسية ‪،‬‬
‫إلى مواعظه التي تستلين ُ‬ ‫ينهلون من علمه الغزير ‪ ،‬والتفُّوا حوله يصيخون‬
‫(‪)21‬‬

‫ب األلباب ‪ ،‬ويتأسون بسيرته التي كانت أطيب من َن ْش ِر المسك ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫العاصية ‪ ،‬ويعون حكمته التي تخل ُ‬
‫ولقد انتشر أمر الحسن البصري‪ C‬في البالد وفشا‪ C‬ذكره بين العباد ‪. . .‬‬

‫الخلفاء واألُمراء يتساءلون عنه ويتتبعون أخباره ‪. . .‬‬


‫فجعل ُ‬
‫َّ‬
‫حدث خالد بن صفوان قال ‪ :‬لقيت َمسلَ َمة بن عبد الملك في " الحيرة " فقال لي ‪ :‬أخبرني‪ C‬يا خالد عن حسن البصرة فإني‬
‫أظن أنك تعرف من أمره ما ال يعرف سواك ‪.‬‬

‫وجليسهُ في مجلسه ‪ ،‬وأعلم أهل "‬


‫ُ‬ ‫فقلت ‪ :‬أصلح اهلل األمير ‪ . .‬أنا خير من ُيخبرك عنه بعلم ‪ . .‬فأنا جاره في بيته‬
‫البصرة " به ‪ ..‬فقال َمسلَ َمةُ ‪ :‬هات ما عندك ‪.‬‬

‫عل ِه ‪ . .‬إذا أمر بمعروف كان أعمل الناس به ‪ . .‬وإ ذا نهى عن منكر‬‫فقلت ‪ :‬إنه امر ُؤ سريرتُه كعالنيته ‪ . .‬وقولُه َك ِف ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫كان أترك الناس له ‪ . .‬ولقد رأيته مستغنياً‪ C‬عن الناس ؛ زاهداً مما في أيديهم ‪ . .‬ورأيت الناس ُمحتاجين إليه ؛ طالبين‬
‫ما عنده ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫يضل قوم فيهم مثل هذا ؟ !‪.‬‬ ‫فقال َم ْسلَ َمةُ ‪َ :‬ح ْسُبك يا خالد حسبك !! ‪ .‬كيف‬

‫ولما ولى الحجاج بن يوسف الثقفي " العراق " ‪ ،‬وطغى‪ C‬في واليته وتجب َ‪َّC‬ر ‪. . .‬‬

‫كان الحسن البصري‪ C‬أحد الرجال القالئل الذين تصدوا لطغيانه وجهروا‪ C‬بين الناس بسوء أفعاله ‪ ،‬وصدعوا‪ C‬بكلمة الحق‬
‫في وجهه ‪.‬‬

‫خلبه ‪ :‬فتنه وسحره ‪.‬‬ ‫‪)(20‬‬


‫يصيخون ‪ :‬ينصتون ‪.‬‬ ‫‪)(21‬‬
‫‪105‬‬
‫من ذلك أن الحجاج بني لنفسه بناء في " واسط‪ .)22( " C‬فلما فرغ منه ‪ ،‬نادى في الناس أن يخرجوا للفُرجة عليه ُّ‬
‫والدعاء‬
‫ويزهدهم‪C‬‬
‫فوت على نفسه فرصة اجتماع الناس هذه ‪ ،‬فخرج إليهم ليعظهم‪ C‬ويذكرهم‪ُ ، C‬‬
‫له بالبركة ‪ .‬فلم يشأ الحسن أن ُي ِّ‬
‫ويرغبهم‪ C‬بما عند اهلل عز وجل ‪.. .‬‬ ‫بعرض ُّ‬
‫الدنيا ‪ُ ،‬‬
‫المنيف مأخوذة بروعة بنائه ‪ ،‬مدهوشة بسعة أرجائه‬
‫ولما بلغ المكان ‪ ،‬ونظر إلى جموع الناس وهي تطوف‪ C‬بالقصر ُ‬
‫مشدودة إلى براعة زخارفه ‪ . .‬وقف‪ C‬فيهم خطيباً ‪ ،‬وكان في ُجملة ما قاله ‪ :‬لقد نظرنا‪ C‬فيما ابتنى أخبث األخبثين ؛‬
‫َّد ‪.‬‬
‫َّد ‪ ،‬وبنى أعلى مما بنى ‪ ،‬ثم أهلك اهلل " فرعون " وأتى على ما بنى و َشي َ‬
‫َّد أعظم مما َشي َ‬ ‫فوجدنا َّ‬
‫أن " فرعون " َشي َ‬
‫‪...‬‬ ‫(‪)23‬‬
‫غروه‬
‫ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه ‪ ،‬وأن أهل األرض قد ُّ‬

‫حسبك‬
‫حسبك يا أبا سعيد ‪ُ .. .‬‬
‫ومضى‪ C‬يتدفق على هذا المنوال حتى أشفق عليه أحد السامعين من نقمة الحجاج فقال له ‪ُ :‬‬
‫‪ .‬فقال له الحسن ‪ :‬لقد أخذ اهلل الميثاق على أهل العلم ُليَبيُِّنَّنهُ للناس وال يكتمونه ‪. . .‬‬

‫وسحقاً ‪. .‬‬ ‫وفي‪ C‬اليوم التالي دخل الحجاج إلى مجلسه وهو يتمي َُّز من الغيظ وقال َّ‬
‫لجالسه ‪ :‬تبَّا لكم ُ‬
‫ُ‬
‫يجد فيكم من يرده أو ُينكر عليه !! ‪ . . .‬واهلل‬
‫عبد من عبيد أهل " البصرة " ويقول فينا ما شاء أن يقول ‪ ،‬ثم ال ُ‬
‫يقوم ُ‬
‫‪ . . .‬فأُحضرا ‪. . .‬‬ ‫(‪)24‬‬
‫الجبناء ‪ .‬ثم أمر بالسيف‪ C‬والنطع‬
‫ألسقينكم من دمه يا معشر ُ‬
‫ودعا بالجالد ؛ فمثل واقفاً بين يديه ‪ .‬ثم وجَّه إلى الحسن بعض ُش َر ِط ِه ‪ . .‬وأمرهم‪ C‬أن يأتوه به ‪. . .‬‬

‫القلُوب ‪.‬‬
‫وما هو إال قليل حتى جاء الحسن ‪ ،‬فشخصت‪ C‬نحوه األبصار‪ ، C‬ووجفت عليه ُ‬
‫المسلم‬ ‫حرك شفتيه ‪ ،‬ثَُّم أقبل على الحجاج وعليه جالل المؤمن ‪َّ ،‬‬
‫وعزةُ ُ‬ ‫ف َّ‬
‫والنطع والجالد ‪َّ ،‬‬ ‫الحسن الس َّْي َ‬
‫ُ‬ ‫فلما رأى‬
‫الداعية إلى اهلل ‪ .‬فلما رآه الحجاج على حاله هذه ؛ هابه أ َش َّد الهيبة وقال له ‪ :‬ها ُهنا يا أبا سعيد ‪ . . .‬ها ُهنا ‪.. .‬‬
‫ووقار َّ‬
‫ثم ما زال ُيوسِّعُ له ويقول ‪ :‬ها ُهنا ‪ . . .‬والناس ينظرون إليه في دهشة واستغراب حتى أجلسه على فراشه ‪.‬‬

‫ولما أخذ الحسن مجلسه التفت إليه الحجاج ‪ ،‬وجعل يسأله عن بعض أُمور الدين ‪ ،‬والحسن ُيجيبه عن كل مسألة‬
‫بجنان ثابت ‪ ،‬وبيان ساحر ‪ ،‬وعلم واسع ‪.‬‬

‫وطيَّب له بها لحيتهُ َّ‬


‫وودعهُ ‪.‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫العلماء يا أبا سعيد ‪ .‬ثم دعا بغالية‬
‫فقال له الحجاج ‪ :‬أنت سيد ُ‬
‫ولما خرج الحسن من عنده ‪ ،‬تبعهُ حاجب الحجاج وقال له ‪ :‬يا أبا سعيد ‪ ،‬لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك ‪ ،‬وإ ني‬
‫لت ؟‪.‬‬
‫كت شفتيك ‪ ،‬فماذا ُق َ‬
‫حر َ‬
‫رأيتك عندما أقبلت ورأيت السيف والنطع ؛ قد َّ‬

‫علي كما جعلت النار برداً‬


‫ولي نعمتي ومالذي عند ُكربتي‪ C‬؛ اجعل نقمته برداً وسالماً‪َّ C‬‬
‫لت ‪ :‬يا َّ‬
‫فقال الحسن ‪ :‬لقد ُق ُ‬
‫وسالماً‪ C‬على إبراهيم ‪.‬‬

‫ولقد كثرت مواقف‪ C‬الحسن البصري هذه مع الوالة واألمراء فكان يخرج من كل منها عظيماً في أعين ذوي السلطان‬

‫واسط ‪ :‬مدينة متوسطة بين البصرة والكوفة ‪.‬‬ ‫‪)(22‬‬


‫قد غروه ‪ :‬خدعوه ‪ ،‬ونافقوه حتى امتأل غرو اًر ‪.‬‬ ‫‪)(23‬‬
‫النطع ‪ :‬بساط من الجلد يفرش تحت المحكوم عليه بقطع الرأس ‪.‬‬ ‫‪)(24‬‬
‫ويتطيب بها ‪.‬‬
‫مزُج ُ‬
‫الغالية ‪ :‬أنواع من الطيب تُ َ‬ ‫‪)(25‬‬
‫‪106‬‬
‫‪ ،‬عزيزاً باهلل ‪ ،‬محفوظاً بحفظه ‪.. .‬‬

‫مر بن عبد العزيز إلى جوار ربه وآلت الخالفة إلى يزيد بن عبد الملك ‪،‬‬
‫من ذلك أنه بعد أن انتقل الخليفة الزاهد ُع ُ‬
‫ولَّى على " العراق " ُعمر بن ُهبيرة الفزاري‪..‬‬

‫"خراسان "أيضاً ‪.‬‬


‫ثم زاده بسطة في السلطان فأضاف‪ C‬إليه ُ‬
‫ويأم ُره بإنفاذ‬
‫وسار‪ C‬يزيد في الناس سيرة غير سيرة سلفه العظيم ‪ .‬فكان ُيرس ُل إلى ُعمر بن ُهبيرة بالكتاب تلو الكتاب ‪ُ ،‬‬
‫ما فيها ولو كان مجافياً للحق أحياناً ‪. . .‬‬

‫فدعا ُعمر بن ُهبيرة ُكالَّ من الحسن البصري‪ ، C‬وعامر بن ُشراحبيل المعروف‪ C‬بالشعبي وقال لهما ‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك قد استخلفه اهلل على عباده ‪ ،‬وأوجب طاعته على الناس ‪.‬‬

‫وقد‪ C‬والني ما ترون من أمر " العراق " ثم زادني فوالني " فارس "‪.‬‬

‫يأم ُرني فيها بإنفاذ ما ال أطمئن إلى عدالته ‪ .‬فهل تجدان لي في ُمتابعتي إياه وإ نفاذ أوامره‬
‫إلي أحياناً ُكتُباً ُ‬
‫وهو ُيرس ُل َّ‬
‫ومسايرة للوالي ‪ .‬والحسن ساكت ‪.‬‬
‫مخرجاً في الدين ؟ ‪ .‬فأجاب الشعبي جواباً فيه مالطفة للخليفة ‪ُ ،‬‬
‫مر بن هبيرة إلى الحسن وقال ‪ :‬وما تقول أنت يا أبا سعيد ؟‪.‬‬
‫فالتفت ُع ُ‬
‫فقال ‪ :‬يا بن ُهبيرة َخ ِ‬
‫ف اهلل في يزيد ؛ وال تخف يزيد في اهلل ‪. . .‬‬

‫يمنعك من اهلل ‪. . .‬‬


‫يمنعك من يزيد ‪ ،‬وأن يزيد ال ُ‬
‫واعلم أن اهلل جل وعز ُ‬
‫ك من سعة‬
‫وينقلَ َ‬
‫فيزيلك عن سريرك‪ C‬هذا ‪ُ ،‬‬
‫ك أن ينزل بك ملك غليظ شديد ال يعصي اهلل ما أمره ُ‬
‫يا بن ُهبيرة إنه ُيوش ُ‬
‫قصرك‪ C‬إلى ضيق قبرك‪ . . C‬حيث ال تجد هناك يزيد ‪ ،‬وإ نما تجد عملك الذي خالفت فيه رب يزيد ‪ . .‬يا بن ُهبيرة إنك‬
‫إن تك مع اهلل تعالى وفي طاعته يكفك بائقة يزيد ابن عبد الملك في الدنيا واآلخرة ‪ . . .‬وإ ن تك مع يزيد في معصية اهلل‬
‫تعالى ؛ فإن اهلل يكلُك إلى يزيد ‪.‬‬

‫واعلم يا بن ُهبيرة أنه ال طاعة لمخلوق كائناً من كان في معصية الخالق عز وجل ‪.‬‬

‫عبي إلى الحسن ‪ . .‬وبالغ في إعظامه وإ كرامه ‪ . .‬فلما‬ ‫فبكى ُعمر بن ُهبيرة حتى بلَّلت ُدموعه لحيتهُ ‪ . .‬ومال عن َّ‬
‫الش ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اس ‪ ،‬وجعلوا‪ C‬يسألونهما‪ C‬عن خبرهما مع أمير " العراقين " ‪.‬‬
‫(‪)26‬‬
‫خرجا من عنده توجها إلى المسجد ‪ ،‬فاجتمع عليهما َّ‬
‫الن ُ‬
‫فالتفت الشعبي إليهم وقال ‪ :‬أيها الناس من استطاع‪ C‬منكم أن يؤثر‪ C‬اهلل عز وجل على خلقه في كل مقام فليفعل ‪،‬‬
‫أردت فيما ُقلتُهُ وجه ابن ُهبيرة ‪ ،‬وأراد فيما قاله‬
‫ُ‬ ‫مر بن ُهبيرة قوالً أجهلُهُ ‪ ،‬ولكني‬
‫لع َ‬
‫الحسن ُ‬
‫ُ‬ ‫فوالذي‪ C‬نفسي بيده ما قال‬
‫وجه اهلل ‪ ،‬فأقصاني‪ C‬اهلل من ابن ُهبيرة وأدناه منه وحبَّبهُ إليه ‪.‬‬

‫وقد عاش الحسن البصري نحواً من ثمانين عاماً مأل الدُّنيا خاللها علماً وحكم ًة وفقها‪.‬‬

‫وكان من أجل ماورثه لألجيال رقائقُهُ التي ظلت على األيام ربيعاً للقلوب ‪ .‬ومواعظُهُ التي هزت وما زالت تهُُّز األفئدة‬

‫العراقان ‪ :‬الكوفة والبصرة ‪.‬‬ ‫‪)(26‬‬


‫‪107‬‬
‫الغارين الغافلين إلى حقيقة ُّ‬
‫الدنيا ‪ ،‬وحال الناس معها ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وتدل التائهين على اهلل ‪ ،‬وتُنبِّهُ ِّ‬
‫(‪)27‬‬
‫‪ ،‬وتستدر‪ُّ C‬‬
‫الشئون‬

‫الدنيا وحالها ‪ :‬تسألني عن الدنيا واآلخرة !! ‪ .‬إن مثل ُّ‬


‫الدنيا واآلخرة كمثل المشرق‬ ‫من ذلك قولُهُ لسائل سأله عن ُّ‬
‫والمغرب ‪ . .‬متى ازددت من أحدهما قُرباً‪ C‬ازددت من اآلخر بعداً ‪ .‬وتقول لي صف لي هذه الدار !! ‪ . .‬فماذا ِ‬
‫أصف‬ ‫ُْ‬
‫ساب ‪ ،‬وفي‪ C‬حرامها عقاب ‪ . .‬من استغنى فيها فُتن ‪ ،‬ومن‬ ‫ِ‬
‫عناء ‪ ،‬وآخرها فناء ‪ . .‬وفي‪ C‬حاللها ح ُ‬
‫لك من دار أ ََّولُها ً‬
‫افتقر فيها حزن ‪ . .‬ومن ذلك أيضاً قولُهُ آلخر سأله عن حاله وحال الناس ‪ :‬ويحنا ماذا فعلنا بأنفسنا ؟ !! ‪ . .‬لقد أهزلنا‬
‫وجددنا فُُر َشنا‪ C‬وثيابنا ‪َ . .‬يتَّ ِكئُ أحدنا على شماله ‪ ،‬ويأ ُك ُل من مال غير ماله‬
‫وسمنا‪ُ C‬دنيانا ‪ . .‬وأخلقنا (‪ )28‬أخالقنا ‪َّ ،‬‬
‫ديننا َّ‬
‫ط ٍ‪C‬ب بعد يابس ‪ .‬حتى إذا‬‫وبحار بعد بارد ‪َ ،‬وبَِر ْ‬
‫ٍّ‬ ‫بح ٍلو َب ْع َد حامض ‪،‬‬‫غصب ‪ . .‬وخدمتُهُ ُس ْخ َرةُُ ‪ . .‬يدعو ُ‬
‫(‪)29‬‬
‫ُُ‬ ‫‪ . .‬طعامه‬
‫ُحيمق (‪ )33‬ـ واهلل ـ لن‬
‫تجشأ من البشم ثم قال ‪ :‬يا ُغالم ‪ . . .‬هات هاضوماً‪ C‬يهضم الطعام ‪ . .‬يا أ ُ‬
‫(‪)32‬‬ ‫(‪)31‬‬
‫أخذتهُ الكظَّةُ (‪َّ )30‬‬
‫سكينك الذي ينظر إليك ؟ !!‪ .‬أين ما‬ ‫قومك الجائعُ ؟ !!‪ .‬أين ِم ُ‬‫َ‬ ‫المحتاج ؟ !!‪ .‬أين يتيم‬ ‫جارك ُ‬
‫تهضم إال دينك ‪ . . .‬أين ُ‬
‫وأنه ُكلما غابت عنك شمس يوم نقص شيء من عددك ‪. . .‬‬ ‫عدد ‪َّ .. .‬‬ ‫وصَّاك‪ C‬به اهلل عز وجل ؟!!‪ .‬ليتك تعلم أنك ُُ‬
‫بعضك معه ‪. . .‬‬
‫ومضى‪ُ C‬‬
‫ويصف‪ C‬الحسن نفسية المؤمن فيقول ‪ ( :‬إن المؤمن يصبح حزيناً ‪ ،‬ويمسي حزيناً وال يسعه غير ذلك ‪ ،‬ألنه بين‬
‫مخافتين ‪ ،‬بين ذنب قد مضى ‪ ،‬ال يدري ما اهلل يصنع فيه ‪ ،‬وبين أجل قد بقى ال يدري ما يصيبه فيه من المهالك )‬

‫الجمعة من ُغ َّر ِة رجب سنة مئة وعشر ‪ ،‬لبَّى الحسن البصري‪ C‬نداء ربِّه‪. . .‬‬
‫وفي‪ C‬ليلة ُ‬
‫نعيه ؛ ارتجت " البصرة " لموته رجًّا ‪. . .‬‬
‫فلما أصبح الناس وشاع فيهم ُ‬
‫ومعلِّماً ‪ ،‬وداعياً إلى اهلل ‪ .‬ثم تبع‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫وصلي‪ C‬عليه بعد الجمعة في الجامع الذي قضى في رحابه ُجل حياته عالماً ُ‬‫فغ ِّس َل و ُكفِّن ُ‬
‫ُ‬
‫الناس جميعاً جنازته ‪ .‬فلم تقم صالة العصر في ذلك اليوم في جامع " البصرة " ‪ .‬ألنه لم يبق فيه أحد يقيم الصالة ‪ .‬وال‬
‫المسلمون إال في ذلك اليوم ‪ .‬يوم انتقال الحسن البصري‬ ‫يعلم الناس أن الصالة ُعطِّلَ ْ‬
‫ت في جامع " البصرة " ُم ْن ُذ ابتناه ُ‬
‫إلى جوار ربه‬
‫سطور مضيئة ‪:‬‬
‫‪ -‬الحسن بن يسار البصري‪ ، C‬وكنيته أبو سعيد ‪.‬‬
‫‪ -‬ولد في المدينة سنة ‪ 21‬هـ ‪ ،‬ولد في خالفة عمر بن الخطاب وحنكه عمر بيده ‪.‬‬
‫‪ -‬كان أبوه مولي لزيد بن ثابت وأمه خيرة موالة ألم المؤمنين أم سلمة رضي اهلل عنها‪.‬‬
‫‪ -‬حفظ القرآن في خالفة عثمان وكان إمام أهل البصرة ‪ ،‬وكان فصيحاً بليغاً تنصب الحكمة من فمه ‪.‬‬
‫‪ -‬كان كثير الغزو والجهاد‪ C‬في سبيل اهلل ‪ ،‬وشارك‪ C‬في غزوة إلى خراسان ‪.‬‬

‫الشئون ‪ :‬العروق التي تجري منها الدموع ‪.‬‬ ‫‪)(27‬‬


‫أخلقنا أخالقنا ‪ :‬أبلينا أخالقنا ‪.‬‬ ‫‪)(28‬‬
‫السُّخرة ‪ :‬العمل قه اًر وبال أجرة‪.‬‬ ‫‪)(29‬‬
‫الكظة ‪ :‬مايعتري اإلنسان عند االمتالء من الطعام من الضيق واأللم ‪.‬‬ ‫‪)(30‬‬
‫تجشاً ‪ :‬أخرج ريحاً من فمه مع صوت من شدة الشبع ‪.‬‬ ‫‪)(31‬‬
‫البشم ‪ :‬التُخمة ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪)(32‬‬
‫األحميق ‪ :‬تصغير أحمق وهو القليل العقل الفاسد الرأي ‪.‬‬ ‫‪)(33‬‬
‫‪108‬‬
‫‪ -‬روى‪ C‬عن عمران بن الحصين والمغيرة بن شعبة والنعمان بن بشير رضي‪ C‬اهلل عنهم أجمعين ‪.‬‬
‫‪ -‬روى‪ C‬عنه مالك بن دينار وحميد الطويل وأبو األشهب ‪.‬‬
‫‪ -‬من مؤلفاته " تفسير القرآن " وفضائل مكة " ‪.‬‬
‫‪ -‬حيث أطلق " الحسن " في كتب الفقه والحديث والرجال والورع واألخالق‪ C‬والتصوف‪ C‬فهو المقصود‬
‫‪ -‬توفي‪ C‬سنة ‪ 110‬هـ وعمره ‪ 89‬سنة ‪.‬‬

‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬أذكر نسب الحسن البصري ‪.‬‬
‫‪ -2‬وضح جوانب من طفولة الحسن البصري‪. C‬‬
‫‪ -3‬بين طلب الحسن البصري العلم ‪.‬‬
‫‪ -4‬علل نبوغ الحسن البصري ‪.‬‬
‫‪ -5‬وضح جوانب من فقه الحسن البصري‪ C‬وزهده وورعه وشجاعته في الحق ‪.‬‬
‫‪ " -6‬كان من أجل ماورثه الحسن البصري لألجيال رقائقُهُ التي ظلت على األيام ربيعاً للقلوب ‪ .‬ومواعظُهُ التي‬
‫هزت وما زالت تهُُّز األفئدة ‪ ،‬وتُنبِّهُ ِّ‬
‫الغارين الغافلين " أذكر بعضاً مما أثر فيك من مواعظه وأقواله – مبيناً فيم‬
‫كان التأثير ‪.‬‬
‫‪ ( -7‬كثرت مواقف الحسن البصري‪ C‬مع الوالة واألمراء فكان يخرج من كل منها عظيماً في أعين ذوي السلطان ‪،‬‬
‫عزيزاً باهلل ‪ ،‬محفوظاً بحفظه ) أذكر أحد هذه المواقف‪ C‬التى تأثرت بها ‪ ،‬وماذا تعلمت من هذا الموقف‪. C‬‬

‫‪109‬‬
‫سعيد بن المسيب‬

‫أحياءُ " [ المؤرخون ]‬ ‫" كان سعيد بن المسيب ي ِ‬


‫فتي والصحابة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يذكر مواقف سعيد بن المسيب في خدمة اإلسالم والمسلمين ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يدلل على فقهه وورعه وعلمه ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يوضح قصة زواج ابنة سعيد بن المسيب وما فيها من عبر ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يوضح الدارس الدروس العملية التى تعلمها من دراسته للتابعي الجليل سعيد بن المسيب ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يعبر الدارس عما ينوي عمله بعد دراسته لقصة سعيد بن المسيب ‪.‬‬

‫عقد أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان العزم على حج بيت اهلل الحرام ‪ . .‬وزيارة ثاني الحرمين الشريفين‬

‫والسالم‪ C‬على رسول اهلل صلوات اهلل وسالمه عليه ‪.‬‬

‫يصحبهُ السادة األماجد من أُمراء بني "‬


‫ُ‬ ‫زم الخليفة العظيم ركائبه وتوجه إلى أرض الحجاز‬
‫فلما أقبل شهر ذي القعدة ‪َّ ،‬‬
‫أُميَّة " ‪. . .‬‬

‫المنورة من غير‬ ‫فر من كبار رجال دولته ‪ . .‬وبعض أوالده ‪ . .‬ومضى الركب في طريقه من " دمشق " إلى المدينة ُ‬ ‫ون ٌ‬
‫وع ِقدت لهم مجالس العلم والتذكرة‬ ‫ش‪ُ ،‬‬ ‫ريث وال عجل ‪ . .‬فكانوا‪ُ C‬كلَّما نزلوا منزالً ُنصبت لهم الخيام ‪ ،‬وفُرشت لهم الفُُر ُ‬
‫ونفُوسهم بالحكمة والموعظة الحسنة ‪ .‬ولما بلغ الخليفة المدينة المنورة ‪َّ ،‬أم‬ ‫؛ ليزدادوا تفقهاً في الدين ‪ .‬ويتعهدوا‪ُ C‬قلُوبهم ُ‬
‫وس ِع َد بالصالة في‬ ‫ٍ‬
‫حرمها الشريف‪ . . C‬وتشرف بالسالم على ساكنها ُمحمد عليه أفضل الصالة وأزكى التسليم ‪َ ،‬‬
‫الغراء ‪.‬‬
‫المطهرة َّ‬
‫الروضة ُ‬
‫َّ‬

‫اح ِة وسالم‪ C‬النفس ما لم َي ُذق مثلهُما من قب ُل ‪. . .‬‬ ‫فذاق من َبر ِد َّ‬


‫الر َ‬
‫وعزم على أن ُيطيل إقامته في مدينة الرسول عليه الصالة والسالم ما وجد إلى ذلك سبيالً ‪.‬‬

‫تعم ُر المسجد النبوي الشريف ‪.‬‬


‫وكان من أشد ما استأثر باهتمامه في المدينة المنورة حلقات العلم التي كانت ُ‬
‫الز ْه ُر في َكبِِد السماء ‪ . . .‬فهذه حلقةُ ُعروةَ بن ُّ‬
‫الزبير ‪. .‬‬ ‫العلماء األفذاذ من كبار التابعين كما تتألق النجوم ُّ‬
‫ويتألق‪ C‬فيها ُ‬
‫َ‬
‫الم َسيَّب ‪ُ . . .‬هناك حلقةُ عبد اهلل بن ُع َتبةَ ‪. .‬‬
‫‪ .‬وتلك حلقةُ سعيد بن ُ‬
‫وفي‪ C‬ذات يوم صحا الخليفة من قيلولته في وقت كان ال يصحو‪ C‬فيه عادة ‪ ،‬فنادى حاجبه وقال ‪ :‬يا ميسرة ‪ .‬قال ‪ :‬لبيك يا‬
‫حدثنا‪ ...‬مضى ميسرة‬ ‫العلماء ُلي ِّ‬
‫أمير المؤمنين ‪ .‬قال ‪ :‬امض إلى مسجد الرسول عليه الصالة والسالم ‪ ،‬وادع لنا أحد ُ‬
‫غير َحلقَ ٍة واحدة توسطها‪ C‬شيخ نيف (‪ )34‬على الستين من ُع ُمره فيه‬
‫إلى المسجد النبوي الشريف ‪ ،‬وأجال نظرهُ فيه فلم َي َر َ‬
‫ووقار ُه ْ‪C‬م ‪. . .‬‬
‫ُ‬ ‫بساطة العلماء ‪ . .‬وعليه هيبتُهُم‬

‫فوقف غير بعيد من الحلقة ‪ ،‬وأشار‪ C‬للشيخ بإصبعه ‪ . .‬فلم يلتفت إليه الشيخ ‪ ،‬ولم يأبه له ‪.‬‬
‫فاقترب منه وقال ‪ :‬ألم تر ِّأني أ ِ‬
‫ُش ُير إليك ؟! ‪.‬‬

‫نيف ‪ :‬زاد ‪.‬‬ ‫‪)(34‬‬


‫‪110‬‬
‫إلي أنا ؟! ‪ .‬قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬وما حاجتُك ؟‪.‬‬
‫قال ‪َّ :‬‬
‫أمير المؤمنين وقال ‪ :‬امض إلى المسجد وانظر‪ C‬هل ترى أحداً من ُح َّداثي ‪ ،‬فأتني‪ C‬به ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬استيقظ ُ‬
‫حدثاً ُي ِّ‬
‫حدثُهُ ‪.‬‬ ‫فقال له الشيخ ‪ :‬ما أنا من ُح َّداثِه ‪ .‬فقال له ميسرة ‪َّ :‬‬
‫ولكنهُ يبغي ُم ِّ‬

‫إن من يبغي شيئاً يأتي إليه ‪ . . .‬وإ َّن في حلقة المسجد متسعاً له إذا كان راغباً في ذلك ‪.‬‬
‫فقال الشيخ ‪َّ :‬‬

‫والحديث يؤتى إليه ‪َّ ،‬‬


‫ولكنه ال يأتي ‪. . .‬‬

‫أشرت إليه فلم يقُم ‪ ،‬فدنوت‪ C‬منه وقلت ‪َّ :‬‬


‫إن‬ ‫ُ‬ ‫فعاد الحاجب أدراجه وقال للخليفة‪ :‬ما وجدت أحداً في المسجد غير شيخ‬
‫فادعهُ لي ‪ . .‬فقال لي في‬
‫أمير المؤمنين استيقظ في هذا الوقت وقال لي ‪ :‬انظُر هل ترى أحداً من ُحداثي في المسجد ُ‬
‫هدوء وحزم ‪ :‬إنني لست من ُحداثه ‪ .‬وإ ن في حلقة المسجد متسعاً له إذا كان راغباً في الحديث ‪ .‬فتنهَّ َد عبد الملك بن‬
‫وهب قائماً ‪ ،‬واتجه إلى داخل المنزل وهو يقول ‪ :‬ذلك سعيد بن المسيب ‪ . .‬ليتك لم تأته ‪ ،‬ولم تُكلِّ ْمهُ ‪. .‬‬
‫َّ‬ ‫مروان ‪. .‬‬
‫أخ له أكبر منه وقال ‪ :‬من هذا الذي يمتنع‬ ‫فلما ابتعد عن المجلس وصار في الداخل ‪ ،‬التفت أصغر أوالد عبد الملك إلى ٍ‬
‫ك"‬
‫ضور مجلسه ‪ . .‬وقد‪ C‬دانت له الدنيا وخضعت لهيبته ُملو ُ‬
‫وح ُ‬
‫المثُول بين يديه ‪ُ ،‬‬
‫على أمير المؤمنين ‪ ،‬ويستكبر‪ C‬على ُ‬
‫الروم‪. " C‬‬

‫أمير المؤمنين بنته ألخيك الوليد ؛ فأبى أن ُيزوجها منه ‪.‬‬


‫فقال األخ األكبر ‪ :‬ذاك الذي خطب ُ‬
‫فقال األخ األصغر ‪ :‬أبى أن ُيزوجها‪ C‬من الوليد بن عبد الملك ؟!!‪.‬‬

‫وم لها بعالً أسمى من ولي عهد أمير المؤمنين؟! ‪. . .‬‬


‫وهل كان ُير ُ‬
‫وخليفة المسلمين من بعده ‪ .‬فسكت األخ األكبر ولم ُيجبهُ بشيء ‪. . .‬‬

‫فقال األخ األصغر ‪ :‬إذا كان قد َّ‬


‫ضن بابنته على ولي عهد أمير المؤمنين ‪ ،‬فهل وجد لها ال ُكفء الذي يليق بها ؟ ‪ . .‬أم‬
‫إنه حال دونها‪ C‬ودون الزواج كما يفعل بعض الناس ‪ . .‬وتركها‪ C‬قعيدة بيت ‪.‬‬

‫فقال له أخوه األكبر ‪ :‬الحق أنني ال أعرف شيئاً من خبرها ‪ ،‬وخبره معها ‪. . .‬‬

‫قصصت عليه خبرها ُكلَّهُ ‪. . .‬‬


‫ُ‪C‬‬ ‫الجالَّس من أبناء المدينة وقال ‪ :‬إذا أ َِذ َن لي األمير‬
‫أحد ُ‬
‫فالتفت إليهما ُ‬
‫جارنا بيت بيت (‪. . .)35‬‬
‫فقد تزوجت فتى من فتيان َحيَِّنا ُيقال له ‪ " :‬أبو وداعة " ‪ .‬وهو ُ‬
‫قصةُ طريفةُُ َر َواها لي بنفسه ‪ .‬فقال له األخوان ‪ :‬هاتِها ‪. . .‬‬
‫ولزواجه منها َّ‬

‫تعلم ـ أُالزم مسجد رسول اهلل ‪ ‬طلباً للعلم ‪.‬‬ ‫الر ُج ُل ‪َ :‬ح َّدثني ُأبو وداعة قال ‪ُ :‬ك ُ‬
‫نت ـ كما ُ‬ ‫فقال َّ‬

‫فتغيبت عن حلقة الشيخ أياماً ‪ ،‬فتفقدني ‪،‬‬


‫ُ‬ ‫الم َسيَّب ‪ ،‬وأُزاحم‪َّ C‬‬
‫الناس عليها بالمناكب ‪. . .‬‬ ‫و ُكنت أ ِ‬
‫ُداو ُم على حلقة سعيد بن ُ‬
‫عارض ‪ .‬فسأل عني من حوله ‪ ،‬فلم يجد عند ٍ‬
‫أحد منهم خبراً ‪.‬‬ ‫ُُ‬ ‫أن بي مرضاً ‪ ،‬أو عرض لي‬ ‫وظن َّ‬

‫نت يا أبا وداعة ؟‪.‬‬


‫َّب بي وقال ‪ :‬أين ُك َ‬
‫ورح َ‬
‫ت إليه بعد أيام حيَّاني ‪َ ،‬‬
‫فلما ُع ْد ُ‬
‫ونعينك‪C‬‬ ‫َّ‬ ‫لت ‪ :‬تُُوفَِّي ْ‪C‬‬
‫فنواسيك‪ ، C‬ونشهد‪ C‬جنازتها معك ‪ُ ،‬‬
‫ت زوجتي ‪ ،‬فاشتغلت بأمرها ‪ .‬فقال ‪ :‬هال أخبرتنا‪ C‬يا أبا وداعة ُ‬ ‫فق ُ‬
‫ُ‬

‫جارنا بيت بيت‪ :‬مالصق لنا ‪.‬‬ ‫‪)(35‬‬


‫‪111‬‬
‫وهممت أن أقُوم‪ . . C‬فاستبقاني‪ C‬حتى انصرف‪ C‬جميع من كان في‬
‫ُ‬ ‫لت ‪ :‬جزاك اهلل خيراً ‪. . .‬‬‫فق ُ‬
‫على ما أنت فيه ‪ُ .‬‬
‫ٍ‬
‫زوجة لك يا أبا وداعة ؟‪.‬‬ ‫فكرت في استحداث‬ ‫المجلس ‪ ،‬ثم قال لي ‪ :‬أما َّ‬

‫لت ‪ :‬يرحمك اهلل ‪ . .‬ومن يزوجني‪ C‬ابنته وأنا ُّ‬


‫شاب نشأ يتيماً ‪ ،‬وعاش فقيراً ‪ . .‬فأنا ال أملك غير درهمين ‪ ،‬أو ثالثة‬ ‫فق ُ‬
‫ُ‬
‫لت ‪ :‬أنت ؟ ! ‪ . . .‬أتُزوجني‪ C‬ابنتك بعد أن عرفت من أمري ما‬ ‫دراهم ‪ .‬فقال ‪ :‬أنا أُزوجك‪ C‬ابنتي ‪ .‬فانعقد لساني و ُق ُ‬
‫والخلُ ِ‬
‫ق ‪ .‬ثم‬ ‫ين ُ‬ ‫مرضي ِّ‬
‫الد ِ‬ ‫ُّ‬ ‫وخلُقه زوجناه ‪ ،‬وأنت عندنا‬
‫عرفت ؟! ‪ .‬فقال ‪ :‬نعم ‪ . .‬فنحن إذا جاءنا من نرضى دينه ُ‬
‫التفت إلى من كان قريباً منا ‪ ،‬وناداهم فلما أقبلوا عليه ‪ ،‬وصاروا عنده ؛ حمد اهلل عز وجل وأثنى عليه ‪ ،‬وصلَّى على‬
‫وسالمهُ عليه ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫نبيه محمد صلوات اهلل‬

‫وعقد لي على ابنته ‪ ،‬وجعل مهرها درهمين اثنين ‪ . . .‬فقُمت وأنا ال أدري ما أقو ُل من َّ‬
‫الدهشة والفرح ‪. .‬‬

‫نت يومئذ صائماً ؛ فنسيت صومي وجعلت أقو ُل ‪ :‬ويحك يا أبا وداعة ‪. . .‬‬
‫ثم قصدت بيتي ‪ ،‬و ُك ُ‬
‫وظللت على حالي هذه حتى أ ُِّذن للمغرب‬
‫ُ‬ ‫ب المال ؟! ‪.‬‬‫تستدين ؟ ! ‪ . .‬وممن تطلُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ممن‬‫ما الذي صنعت بنفسك ؟ ! ‪َّ . .‬‬
‫‪ . .‬فأديت المكتوبة ‪ ،‬وجلست إلى فُطُوري ‪ ،‬وكان ُخبزاً ‪ ،‬وزيتاً‪ . . C‬فما إن تناولت منه لُقمةً أو لُقمتين حتى سمعت‬
‫فقلت ‪ :‬من الطارق‪ C‬؟ ‪ .‬فقال ‪ :‬سعيد ‪. . .‬‬
‫الباب ُي َقرعُ ‪ُ .‬‬
‫المسيب ‪. . .‬‬ ‫اسمهُ سعيد ِ‬ ‫ُّ‬
‫أعرفُهُ إال سعيد بن ُ‬ ‫فواهلل لقد َم َّر بخاطري‪ُ C‬كل إنسان ُ‬
‫المسيب ‪. . .‬‬
‫ذلك ألنه لم ُي َر منذ أربعين سنةً إال بين بيته والمسجد‪ . C‬ففتحت الباب ‪ ،‬فإذا بي أمام سعيد بن ُ‬
‫فظننت أنه قد بدا له في أمر زواجي‪ C‬من ابنته شيء ‪. . .‬‬

‫إلي فآتيك ‪ .‬فقال ‪ :‬بل أنت ُّ‬


‫أحق بأن آتي إليك اليوم ‪.‬‬ ‫لت له ‪ :‬أبا محمد ؟ ! ‪ . . .‬هال أرسلت َّ‬
‫و ُق ُ‬
‫يرحمك اهلل ؟ ‪. . .‬‬ ‫لت ‪ :‬وما هو‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫فق ُ‬
‫جئت ألمر ‪ُ . .‬‬
‫علي ‪ . .‬فقال ‪َ :‬كال ‪ ،‬وإ نما ُ‬
‫لت ‪ :‬تفضل َّ‬
‫فق ُ‬
‫ُ‬
‫فكرهت أن‬ ‫‪ ،‬وأنا أعلم َّأنه ليس معك ُ‬
‫أحد ُيؤنس وحشتك ‪،‬‬ ‫فقال ‪ :‬إن ابنتي أصبحت زوجة لك بشرع اهلل ُمن ُذ الغداة‬
‫(‪)36‬‬
‫ُ‬
‫تبيت أنت في مكان وزوجتُك‪ C‬في مكان آخر ؛ فجئتُك بها ‪.‬‬

‫لت ‪َ :‬و ْي ِحي‪ . . . C‬جئتني بها ؟! ‪ .‬فقال ‪ :‬نعم ‪. . .‬‬


‫فق ُ‬
‫ُ‬
‫ُدخلي إلى بيت زوجك‪ C‬يا بنتي على اسم اهلل ‪ ،‬وبركته ‪ . .‬فلما‬
‫فنظرت‪ ، C‬فإذا هي قائمة بطولها‪ . C‬فالتفت إليها وقال ‪ :‬أ ُ‬
‫بمالءتها من الحياء حتى كادت تسقُط على األرض ‪.‬‬
‫أرادت أن تخطُو‪ C‬؛ تعثرت ُ‬
‫يت ؛‬ ‫الخ ْب ُز َّ‬
‫والز ُ‬ ‫ال أدري ما أقول ‪ . .‬ثم إني بادرت فسبقتُها‪ C‬إلى القصعة التي فيها ُ‬
‫(‪)37‬‬
‫أما أنا فقد وقفت أمامها مشدوهاً‪C‬‬
‫فنحَّيتُها‪ C‬من ضوء السراج حتى ال تراها ‪.‬‬

‫علي وقالوا ‪ :‬ما شأنك ؟ ‪.‬‬ ‫ص ِع ُ‬


‫دت إلى السطح وناديت الجيران ‪ ،‬فأقبلوا‪َّ C‬‬ ‫ثَُّم َ‬
‫لت ‪ :‬عقد لي سعيد بن المسيب على ابنته اليوم في المسجد ‪ . .‬وقد جاءني بها اآلن على ٍ‬
‫غفلة ‪. . .‬‬ ‫فق ُ‬
‫ُ‬

‫الضحى ‪.‬‬
‫الغداة ‪ُ :‬‬ ‫‪)(36‬‬
‫مشدوها ‪ :‬ذاهالً حائ اًر ‪.‬‬ ‫‪)(37‬‬
‫‪112‬‬
‫ُمي ‪ ،‬فهي بعيدة َّ‬
‫الدار ‪ .‬فقالت عجوز منهن ‪ :‬ويحك أتدري ما تقول ؟ ! ‪. .‬‬ ‫أدع َو أ ِّ‬
‫آنسوها حتى ُ‬
‫فتعالوا‪ُ C‬‬
‫ض َّن بها على الوليد بن عبد الملك !!‪.‬‬
‫المسيب بنفسه ؟ ! ‪ . .‬وهو الذي َ‬
‫أزوجك‪ C‬سعيد بن ُ‬
‫َّ‬

‫لت ‪ :‬نعم ‪ . .‬وها هي ذي عندي في بيتي ‪ ،‬فهَلُ ُّموا‪ C‬إليها ‪ ،‬وانظروها‪. C‬‬
‫فق ُ‬
‫ُ‬
‫فتوجه الجيران إلى البيت ‪ ،‬وهم ال يكادون ُيصدقونني ‪ ،‬ورحَّبوا‪ C‬بها ‪ ،‬وآنسوا وحشتها‪. . . C‬‬

‫إلي وقالت ‪ :‬وجهي‪ C‬من وجهك حرام إن لم تَ ُتركها لي حتى أُصلح‬


‫ُمي ‪ ،‬فلما رأتها التفتت َّ‬
‫وما هو إال قليل حتى جاءت أ ِّ‬
‫لت ‪ :‬أنت وما تُريدين ‪. . .‬‬
‫فق ُ‬
‫زف كرائم النساء ‪ُ .‬‬
‫شأنها ‪ . .‬ثم ُأزفها إليك كما تُ ُ‬
‫فضمتهَا‪ C‬إليها ثالثة أيام ‪ ،‬ثَُّم َزفَّتها َّ‬
‫إلي ‪ .‬فإذا هي من أبهى نساء المدينة جماالً ‪. . .‬‬ ‫َّ‬

‫بحقوق الزوج ‪.‬‬


‫وأحفظ الناس لكتاب اهلل عز وجل ‪ ..‬وأرواهم‪ C‬لحديث الرسول عليه الصالة والسالم ‪ . .‬وأعرف النساء ُ‬
‫فمكثت معها أياماً ال يزورني أبوها أو أحد من أهلها ‪.‬‬

‫علي السالم ‪ ،‬ولم ُيكلمني‪.‬‬ ‫أتيت حلقة الشيخ في المسجد ؛ فسلَّمت عليه ‪َّ ،‬‬
‫فرد َّ‬ ‫ثم إني ُ‬
‫فلما انفض المجلس ‪ ،‬ولم يبق غيري قال ‪ :‬ما حا ُل زوجتِك يا أبا وداعة ؟‪.‬‬
‫َّ‬

‫العد ُّو ‪ .. .‬فقال ‪ :‬الحمد هلل ‪.‬‬


‫كرهُ ُ‬ ‫لت ‪ :‬هي على ما يحب الص ِ‬
‫وي َ‬
‫يق َ‬
‫َّد ُ‪C‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫فق ُ‬
‫ُ‬
‫ت إلى بيتي ‪ ،‬وجدتُهُ قد وجَّه إلينا مبلغاً وفيراً‪ C‬من المال لنستعين به على حياتنا ‪.‬‬
‫فلما ُع ْد ُ‬
‫رج ُُل من أهل المدينة ‪ :‬وما وجهُ العجب فيه أيها األمير ؟ ‪. .‬‬
‫أمر هذا الرجل ‪ . .‬فقال له ُ‬
‫ابن عبد الملك ‪ :‬عجيب ُ‬
‫فقال ُ‬
‫امرؤ جعل ُدنياه َّ‬
‫مطيةً ألُخراهُ ‪. .‬واشترى لنفسه وألهله الباقية بالفانية ‪. .‬‬ ‫إنه ٌ‬
‫ضن علي ابن أمير المؤمنين بابنته ‪ . .‬وال رآهُ غير ُكفء لها ‪ ،‬وإ َّنما خاف عليها فتنة ُّ‬
‫الدنيا ‪. .‬‬ ‫فواهلل َّإنه ما َّ‬

‫زوج ابنتك من رجل من عامة المسلمين ؟ ! ‪.‬‬ ‫ولقد سأله بعض أصحابه فقال ‪ :‬أتَُر ُّد ُخ َ‬
‫طبةَ أمير المؤمنين وتُ ُ‬
‫صالح ِ‬
‫أمر َها ‪ .‬فقيل له ‪ :‬وكيف ؟ ! ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تحريت فيما صنعتُهُ لها‬
‫ُ‬ ‫فقال إن ابنتي أمانة في ُعُنقي ‪ ،‬وقد‬

‫وأثاثها ‪. .‬‬ ‫(‪)38‬‬


‫صور‪ C‬بني " أُميَّة " ‪ .‬وتقلَّبت بين رياشها‬
‫فقال ‪ :‬ما ظنكم بها إذا انتقلت إلى قُ ُ‬
‫وقام‪ C‬الخدم والحشم والجواري بين يديها ‪ ،‬وعن يمينها ‪ ،‬وعن شمالها ‪ . .‬ثم وجدت نفسها بعد ذلك زوجة للخليفة ؟ أين‬
‫طراز فريد من الناس‬
‫ُُ‪C‬‬ ‫رجل من أهل الشام ‪ :‬يبدو أن صاحب ُكم‬
‫دينها يومئذ ؟ ‪ .‬فقال ُ‬
‫صبح ُ‬
‫ُي ُ‬
‫قوام ليل ‪. . .‬‬
‫صوام‪ C‬نهار ‪َّ . . .‬‬
‫الحق أبداً ‪ . . .‬فهو َّ‬
‫(‪)39‬‬
‫الم َدني ‪ :‬واهلل ما عدوت‬
‫الر ُج ُل َ‬
‫فقال َّ‬

‫من ُذ أربعين عاماً‪...‬‬


‫حج نحواً من أربعين حجَّة ‪ . . .‬وما فاتتهُ التكبيرة األولى في مسجد الرسول عليه الصالة والسالم ُ‬ ‫َّ‬
‫رجل في الصالة خالل ذلك أبداً ؛ لمحافظته على الصف األول ‪ .‬وقد كان في ُوسعه أن‬ ‫وال ُع ِر َ‬
‫ف عنهُ َّأنهُ نظر إلى قفا ُ‬
‫يتزوج بمن يشاء من نساء قُريش فآثر‪ C‬بنت أبي ُهريرة رضي اهلل عنه على سائر النساء ‪ .‬وذلك لمنزلته من رسول اهلل‬
‫وسالمهُ عليه ‪ . . .‬وسعة روايته لحديثه ‪. .‬‬
‫ُ‬ ‫صلوات اهلل‬

‫الرياش ‪ :‬ما كان فاخ اًر من اللباس ونحوه ‪.‬‬ ‫‪)(38‬‬


‫ما عدوت الحق ‪ :‬ما بعدت عن الحق وال خرجت عليه ‪.‬‬ ‫‪)(39‬‬
‫‪113‬‬
‫وشدة رغبته في األخذ عنه ‪ .‬ولقد نذر نفسه للعلم ُمن ُذ نعومة أظفاره ‪. . .‬‬

‫فدخل على أزواج النبي عليه الصالة والسالم‪ ، C‬وتأثر‪َّ C‬‬


‫بهن ‪. . .‬‬

‫وتتلمذ‪ C‬على يدي زيد بن ثابت ‪ ،‬وعبد اهلل بن عباس ‪ ،‬وعبد اهلل بن ُع َم َر ‪ . .‬وسمع من ُعثمان وعلي ‪ ،‬وصهيب ‪،‬‬
‫وغيرهم من صحابة النبي الكريم ‪ . ‬وتخلق بأخالقهم‪ . C‬وتحلى بشمائلهم ‪. . .‬‬

‫اد نفسها بمثل طاعة اهلل ‪.‬‬ ‫وكأنها‪ C‬شعار له ‪ ،‬وهي قولُه ‪ :‬ما أع َّز ِت ِ‬
‫العَب ُ‬ ‫ولقد كانت له كلمة ُي َر ِّد ُدها على َّ‬
‫الدوام حتى غدت َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬
‫وال أهانت نفسها بمثل معصيته‬
‫سطور مضيئة ‪:‬‬
‫‪ -‬سعيد بن المسيب بن حزم ابن أبي وهب وكنيته أبو محمد ‪.‬‬
‫‪ -‬ولد سنة ‪ 15‬هجرية ‪.‬‬
‫‪ -‬جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع وكان كثير الصوم ‪ ،‬وكان يقال له فقيه الفقهاء ‪.‬‬
‫‪ -‬يقول عن نفسه ‪ :‬ما بقي أحد أعلم بقضاء قضاه رسول اهلل ‪ ‬وأبو بكر وعمر مني ‪.‬‬
‫‪ -‬تزوج من ابنة أبي هريرة ليكون قريباً منه يأخذ عنه علم رسول اهلل ‪ ‬وسنته ‪.‬‬
‫‪ -‬تتلمذ على يد زيد بن ثابت وعبد اهلل بن عباس وعبد اهلل بن عمر وسمع الحديث من عثمان وعلي وصهيب‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫‪ -‬كان يفتي في المدينة والصحابة أحياء فقد كان من فقهاء المدينة السبعة ‪.‬‬
‫‪ -‬من أقواله ‪ " :‬ما أعزت العباد نفسها بمثل طاعة اهلل وما أذلت نفسها بمثل معصيته " ‪.‬‬
‫‪ -‬توفى‪ C‬بالمدينة سنة ‪ 94‬هجرية ‪.‬‬

‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬أذكر مواقف‪ C‬لسعيد بن المسيب في خدمة اإلسالم والمسلمين ‪.‬‬
‫‪ -2‬دلل على فقهه وورعه وعلمه ‪.‬‬
‫‪ -3‬وضح قصة زواج ابنة سعيد بن المسيب وما فيها من عبر ‪.‬‬
‫‪ -4‬وضح الدروس المستفادة من دراستك‪ C‬لشخصية سعيد بن المسيب ‪.‬‬
‫‪ -5‬ما المواقف العملية التى تعلمتها شخصياً من دراستك للتابعي الجليل سعيد بن المسيب ‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫‪114‬‬
‫العقيدة‬
‫من وسائل االرتقاء االيماني‬

‫أوالً ‪ :‬اغتنام مواسم الخيرات واألوقات الفاضلة‬

‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬أن يحدد األوقات الفاضلة ومواسم الخيرات ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يغتنم األوقات الفاضلة فى طاعة اهلل ‪.‬‬
‫***************************‬
‫فضل اهلل عز وجل بعض األوقات على بعض ‪ ،‬ففضل رمضان على سائر الشهور‪ C‬وفضل الجمعة على سائر األيام‬
‫وفضل‪ C‬ليلة القدر على سائر الليالى وفضل‪ C‬وقت السحر على سائر األوقات‪ 0‬وعلى من يريد أن يتعهد قلبه باإلصالح‬
‫أن يغتنم األوقات الفاضلة وأن يعرض نفسه لنفحات اهلل عسى أن تصيبه نفحة فال يشقى بعدها أبدا‪0‬‬
‫من هذه األوقات شهر رمضان ‪ :‬فهو خير الشهور‪ C‬قال عز وجل " شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى‬ ‫‪-‬‬
‫أنزل فيه القرآن وفرض فيه الصيام ‪ ،‬وهو من خير العبادات فاحرص يا‬ ‫‪40‬‬
‫للناس وبينات من الهدى والفرقآن "‬
‫أخى على االستعداد لرمضان كما كان يفعل الصحابة يعيشون فى رحاب رمضان نصف العام ويستعدون له‬
‫النصف اآلخر ‪ ،‬ومن أول رجب أدع اهلل وقل اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا رمضان ‪ ،‬واحرص فى شهر‬
‫رمضان على أن تصوم جوارحك‪ ، C‬وان تالزم المسجد ما أمكن ذلك وصاحب القرآن فيه تالوة وتدبرا‪ ، C‬وأكثر‪ C‬فيه‬
‫من الذكر وقيام‪ C‬الليل ‪ ،‬واحرص على االعتكاف فى العشر األواخر فيه اقتداء بالحبيب محمد ‪ ‬عسى أن توافق‪ C‬ليلة‬
‫القدر فتنال فضلها وجزاءها ‪ ،‬واحرص على أداء زكاة الفطر فإن قبول صيامك مرهون بأدائها ‪.‬‬
‫ومن هذه األوقات الفاضلة يوم الجمعة ‪ :‬وهو خير يوم طلعت فيه الشمس ‪ ،‬فيه ساعة إجابة ال يوافقها عبد يدعو‬ ‫‪-‬‬
‫اهلل بشىء إال أجابه له‪ 0‬فلتجعل يوم الجمعة يا أخى يوم القلب واجعل لك فيه برنامجا‪ C‬إيمانيا بالذهاب مبكرا إلى‬
‫المسجد بعد االغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب ‪ ،‬ولتكثر فيه من الصالة على الحبيب محمد ‪ ، ‬وتجتهد‪ C‬فى‬
‫الدعاء واإللحاح فيه عسى أن توافق‪ C‬ساعة اإلجابة‪ ،‬ويكفى فى فضل الجمعة ما رواه أوس بن أوس رضى‪ C‬اهلل عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ " : ‬من غسل واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى‪ C‬ولم يركب ودنا من اإلمام واستمع وأنصت ولم‬
‫‪41‬‬
‫يلغ كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة اجر صيامها وقيامها "‬

‫البقرة ( ‪)185‬‬ ‫‪40‬‬

‫حديث صحيح رواه احمد وأبو داود والترمذى والنسائى وبن ماجه والحاكم فى المسند وصححه الحاكم وااللبانى فى صحيح‬ ‫‪41‬‬

‫الجامع ( ‪)6405‬‬
‫‪115‬‬
‫ومن هذه األوقات الفاضلة وقت البكور بعد صالة الفجر ‪ :‬فعن انس رضى اهلل عنه قال ‪ :‬قال رسول اهلل ‪ " ‬من‬ ‫‪-‬‬
‫صلى الفجر فى جماعة ثم قعد يذكر اهلل تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت كأجر حجة وعمرة تامة‬
‫‪42‬‬
‫تامة "‬
‫ومن هذه األوقات الفاضلة وقت السحر ‪ :‬وقد‪ C‬سبق الكالم عنه فى قيام الليل ‪0‬‬ ‫‪-‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫أ‪ -‬حدد المقصود باألوقات‪ C‬الفاضلة ومواسم‪ C‬الخيرات – وما المطلوب فيها ‪.‬‬
‫قوم مدى اغتنامك األوقات الفاضلة فى طاعة اهلل ‪.‬‬
‫ب‪ِّ -‬‬

‫ثانياً ‪ :‬كثرة الصيام‬


‫ااألهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح أهميه الصيام ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح فوائد الصيام ‪.‬‬

‫************************‬
‫‪ -1‬أهمية الصيام ‪:‬‬

‫فالصيام‪ C‬هو السبيل إلى التقوى قال تعالى ‪:‬‬


‫وقال المصطفى ‪‬‬ ‫‪43‬‬
‫" يا أيها الذي آمنوا كتب عليكم الصيام كما كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "‬
‫موصيا‪ " : C‬عليك بالصوم‪ C‬فإنه ال مثل له "‪ 44‬وهو ُجنة من النار وقال رسول اهلل ‪ " ‬من صام يوما فى سبيل اهلل جعل اهلل‬
‫بينه وبين النار خندقا كما بين السماء واألرض " ‪ .45‬ويكفى الصوم‪ C‬منزلة أن المولى عز وجل قال فى حديثه القدسى‬
‫‪46‬‬
‫‪ ":‬كل عمل بن آدم له إال الصيام فإنه لى وأنا أجزى به "‬ ‫الذى رواه أبو هريرة عن رسول اهلل ‪‬‬
‫ب‪ -‬وللصوم فوائد جمة ‪ :‬منها صفاء القلب ونفاذ البصيرة ورقة القلب وتهيؤ‪ C‬اإلرادة واالنكسار والذل هلل وزوال‪C‬‬
‫األطر واألشر‪ C‬وكسر الشهوات خاصة شهوة الفرج والكالم وملك زمام النفس وقلة النوم وكثرة التهجد وحق البدن ودفع‬
‫المرض والخفة إلى العبادة ولين القلب‪0‬‬
‫قال الفضيل ‪ :‬اثنان تقسيان القلب كثرة الكالم وكثرة األكل ‪ ،‬وقال لقمان البنه ال تأكل شيئا على شبع فإنك إن تتركه‬
‫للقلب خير لك من أن تأكله ‪.‬‬
‫فاحرص يا أخى ‪ :‬على اغتنام رمضان فهو صوم الفريضة وأكثر من صيام النوافل وذلك يوم االثنين والخميس من كل‬
‫أسبوع والثالثة أيام البيض من كل شهر واأليام‪ C‬الفاضلة والتى وردت فى فضل صيامها أثر عن النبى ‪ ‬كيوم عرفة‬
‫لغير الحاج ويوم‪ C‬عاشوراء ‪.‬‬

‫رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح ‪0‬‬ ‫‪42‬‬

‫البقرة ‪183‬‬ ‫‪43‬‬

‫إسناده صحيح على شرط مسلم رواه بن حيان واحمد والنسائى والطبرانى وعبد الرازق‬ ‫‪44‬‬

‫صحيح فى الجامع الصغير ح ( ‪) 6333‬‬ ‫‪45‬‬

‫رواه أحمد ومسلم والنسائى‬ ‫‪46‬‬

‫‪116‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬وضح أهميه الصيام ‪.‬‬
‫‪ -2‬وضح فوائد الصيام ‪.‬‬
‫‪ -3‬أذكر أثراً من آثار الصيام استشعرته بنفسك عند أداء هذه الطاعة هلل ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬التفكر‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح أهمية التفكر ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح مجاالت التفكر ‪.‬‬
‫************‬
‫‪ -1‬أهمية التفكر ‪:‬‬
‫يقول االمام الغزالى ‪ :‬إن الطريق‪ C‬إلى معرفة اهلل سبحانه وتعالى‪ C‬والتعظيم‪ C‬له فى مخلوقاته والتفكر فى عجائب‬
‫مصنوعاته وفهم‪ C‬الحكمة فى أنواع مبتدعاته فيكون ذلك هو السبب فى رسوخ اليقين ‪ .‬وقد أمر اهلل عز وجل اإلنسان أن‬
‫سئل أبو الدرداء ‪ :‬أترى التفكر عمال من‬ ‫‪47‬‬
‫يتفكر فى أصله ونشاته " فلينظر اإلنسان مم خلق ‪ 0‬خلق من ماء دافق "‬
‫األعمال ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم هو اليقين" ‪ .‬وقال الحسن ‪ :‬تفكر ساعة خير من قيام ليلة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مجاالت التفكر ‪:‬‬
‫‪48‬‬
‫‪ -‬وأن يتفكر اإلنسان فى نفسه ‪" :‬وفى أنفسكم أفال تبصرون "‬
‫" ولقد خلقنا اإلنسان من ساللة من طين ‪ 0‬ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقه فخلقنا العلقه‬
‫‪ .‬فانظر إلى‬ ‫‪49‬‬
‫مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك اهلل احسن الخالقين "‬
‫النطفة وهى قطرة من ماء مهين ضعيف‪ C‬مستقذر‪ ،‬ولو مرت بها ساعة من الزمان فسدت وأنتنت‪ ،‬كيف استخرجها‪ C‬رب‬
‫األرباب العليم القدير من بين الصلب والترائب منقادة لقدرته‪ ،‬مطيعة لمشيئته‪ ،‬وكيف‪ C‬جمع سبحانه بين الذكر واألنثى‪،‬‬
‫وألقى المحبة بينهما وكيف قادهما‪ C‬بسلسلة الشهوة والمحبة إلى اإلجتماع الذى هو سبب تخليق الولد وتكوينه ‪ ،‬وكيف‬
‫قدر اجتماع ذينك الماءين مع بعد كل منهما عن صاحبه‪ ،‬وساقهما‪ C‬من أعماق العروق‪ C‬واألعضاء وجمعهما‪ C‬فى موضع‬
‫واحد جعل لهما قرار‪C‬اً مكينا ‪ ،‬ال يناله هواء يفسده ‪ ،‬وال برد يجمده ‪ ،‬وال عارض يصل إليه ‪ ،‬وال آفة تتسلط عليه‪ ،‬ثم‬
‫قلب تلك النطفة البيضاء المشرقة علقة حمراء تضرب إلى السواد ‪ ،‬ثم جعلها مضغة لحم مخالفة للعلقة فى لونها‬
‫وحقيقتها وشكلها‪ ،‬ثم جعلها عظاما مجردة ال كسوة عليها‪ ،‬مباينة للمضغة فى شكلها وهيئتها وقدرها وملمسها‪ C‬ولونها‪0‬‬
‫وانظر‪ C‬كيف قسم كل األجزاء المتشابهة المتساوية إلى األعصاب والعظام والعروق واألوتار واليابس واللين‪ ،‬وبيَّن‬
‫ذلك ‪ ،‬ثم كيف ربط بعضها ببعض أقوى‪ C‬رباط وأشده وأبعده عن اإلنحالل وكيف‪ C‬كساه لحما ركبه عليها وجعله وعاء‬
‫وغشاء وحافظاً وجعلها حاملة له مقيمة له ‪ ،‬فاللحم قائم بها وهى محفوظة به‪ ،‬وكيف صورها‪ C‬فأحسن صورها وشق‪C‬‬
‫ً‬ ‫لها‬
‫لها السمع والبصر‪ C‬والفم واألنف‪ C‬وسائر المنافذ‪ C‬ومد اليدين والرجلين وبسطهما‪ C‬وقسم رؤوسهما‪ C‬باألصابع ثم قسمها‬

‫( الطارق ‪5‬ـ ‪) 6‬‬ ‫‪47‬‬

‫الذاريات ( ‪) 21‬‬ ‫‪48‬‬

‫المؤمنون ( ‪) 14-12‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪117‬‬
‫باألنامل وركب األعضاء الباطنة من القلب والمعدة والكبد والطحال والرئة والرحم‪ C‬والمثانة واألمعاء كل واحد منها له‬
‫قدر يخصه ومنفعة تخصه‪ .‬صنع الرب الحكيم وتقدير العزيز العليم فى قطرة من ماء مهين ‪ ،‬فويل للمكذبين وبعدا‬
‫للجاحدين‪0‬‬
‫ومن عجائب خلقه ما فيه من االمور الباطنه التى ال تشاهد ‪ ،‬كالقلب والكبد والطحال والرئة واألمعاء والمثانة وسائر‬
‫ما فى بطنه من اآلال ت العجيبة والقوى المتعددة المختلفة المنافع ‪0‬‬
‫والمقصود‪ C‬التنبيه على أقل القليل من وجوه الحكمة التى فى خلق اإلنسان ‪ ،‬واألمر أضعاف‪ C‬ما يخطر بالبال‪ ،‬أو‬
‫يجرى فيه المقال‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫‪ -‬وكذلك فعلى المؤمن أن يتفكر فى الكون من حوله ‪ " :‬قل انظروا ماذا فى السموات واألرض "‬
‫فلينظر‪ C‬فى ملكوت السموات وعلوها وسعتها‪ C‬واستدارتها‪ C،‬وعظم خلقها‪ ،‬وحسن بنائها‪ ،‬وعجائب شمسها وقمرها‬
‫وكواكبها‪ ،‬ومقاديرها‪ ،‬واشكالها‪ ،‬وتفاوت مشارقها ومغاربها ‪ ،‬فال ذرة فيها تنفك عن حكمة‪ ،‬بل هى أحكم خلقا واتقن‬
‫صنعا وأعجب للعجائب من بدن اإلنسان بل ال نسبة لجميع ما فى األرض إلى عجائب السماوات قال اهلل تعالى ‪ " :‬أأنتم‬
‫أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها " ‪ ،51‬وقال تعالى ‪ " :‬إن فى خلق السموات واألرض واختالف الليل‬
‫والنهار والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس " إلى قوله‪ " :‬آليات لقوم يعقلون "‪ ،52‬فبدأ بذكر خلق السموات‬
‫وقال تعالى‪ " :‬إن فى خلق السموات واختالف اليل والنهار آليات ألولى األلباب "‪ 53‬وهذا كثير فى القرآن ‪ ،‬فاألرض‬
‫والبحار‪ C‬والهواء ‪ ،‬وكل ما تحت السموات ـ باإلضافة إلى السموات ـ كقطرة فى بحر ولهذا َق َّل أن تجئ سورة فى القرآن‬
‫إال وفيها‪ C‬ذكرها ‪ ،‬إما إخباراً عن عظمتها وسعتها‪ ،‬وإ ما إقساماً بها وإ ما دعاء إلى النظر فيها ‪ ،‬وإ ما ارشادا للعباد أن‬
‫يستدلوا‪ C‬بها على عظمة بانيها ورافعها‪ ، C‬وإ ما استدالال منه سبحانه بخلقها على ما أخبر به من المعاد والقيامة ‪ ،‬واما‬
‫أستدالال بربوبيته على وحدانيته وانه اهلل الذى ال إله إال هو وإ ما استدالال منه بحسنها واستوائها‪ C‬والتئام أجزائها وعدم‬
‫الفطور فيها على تمام حكمته وقدرته ‪0‬‬
‫فأرجع‪ C‬البصر إلى السماء ‪ ،‬وانظر‪ C‬فيها وفى كواكبها‪ C‬ودورانها‪ C‬وطلوعها وغروبها‪ C‬وشمسها وقمرها واختالف‪C‬‬
‫مشارقها ومغاربها ودؤوبها‪ C‬فى الحركة على الدوام من غير فتور فى حركتها وال تغير فى سيرها ‪ ،‬بل تجرى فى‬
‫منازل قد رتبت لها بحساب مقدر اليزيد وال ينقص إلى أن يطويها فاطرها‪ C‬وبديعها ثم انظر إلى مسير الشمس فى فلكها‬
‫‪ ،‬ثم هى فى كل يوم تطلع وتغرب بسير سخرها له خالقها ال تتعداه وال تقصر عنه ولوال طلوعها وغروبها لما عرف‬
‫الليل والنهار‪ C‬وال المواقيت ‪ ،‬وال طبق الظالم على العالم أو الضياء ‪ ،‬ولم يتميز وقت المعاش عن وقت السبات والراحة‬
‫‪0‬‬
‫وانظر‪ C‬إلى القمر وعجائب آياته كيف يبديه اهلل كالخيط الدقيق ثم يتزايد نوره ويتكامل شيئا فشيئا‪ C‬كل ليلة حتى ينتهى‬
‫إلى إبداره وكماله وتمامه ‪ ،‬ثم ياخذ فى النقصان حتى يعود إلى حالته األولى ليظهر من ذلك مواقيت العباد فى معاشهم‬

‫يونس (‪)101‬‬ ‫‪50‬‬

‫النازعات (‪) 28 -27‬‬ ‫‪51‬‬

‫البقرة (‪)164‬‬ ‫‪52‬‬

‫آل عمران ‪)10( :‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪118‬‬
‫وعبادتهم‪ C‬ومناسكهم‪ ، C‬فتميزت‪ C‬به األشهر والسنون ‪ ،‬وقام به حساب العالم مع ما فى ذلك من الحكم واآليات والعبر‪ C‬التى‬
‫ال يحصيها‪ C‬إال اهلل ‪0‬‬
‫ثم يقول ابن القيم ‪ :‬ـ ولو أردنا ان نستوعب ما هى آيات اهلل المشهورة من العجائب والدالالت المشاهدة هلل بأنه اهلل الذى‬
‫ال إله إال هو ‪ ،‬الذى ليس كمثله شئ وأنه الذى ال أعظم منه وال أكمل منه وال أبر وال ألطف ‪ :‬لعجزنا نحن واألولون‪C‬‬
‫واآلخرون عن معرفة أدنى عشر معشار‪ C‬ذلك ‪ ،‬ولكن ما ال يدرك جميعه ال ينبغى تركه البتة والتنبيه على بعض ما‬
‫‪54‬‬
‫يستدل به على ذلك‬
‫فهذه أمثلة للتفكر فى خلق اهلل ‪ ،‬علينا أن نحذو حذوها فى سائر ما يحيط بنا من آيات فنتفكر فى الليل والنهار‪ ، C‬كما قال‬
‫تعالى ‪ " :‬اهلل الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا " ‪55‬وفى الدواب بأنواعها ‪ " :‬أفال ينظرون إلى اإلبل‬
‫كيف خلقت " ‪ ،56‬وفى الجبال والبحار واألنهار‪ C‬والنبات والهواء وسائر المخلوقات‪ ، C‬ونقرن ذلك باألذكار‪ C‬المناسبة من‬
‫تسبيح وتهليل ‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫ومن تفكر فى خلق السماوات األرض ال بد وأن يخاطب ربه " ربنا ما خلقت هذا باطال سبحانك فقنا عذاب النار"‬
‫يقول النبى ‪ ‬تفكروا في آالء اهلل وال تفكروا في ذات اهلل "‪ 58‬فإن التفكر فى آالء اهلل هداية وأما التفكر فى ذات اهلل هلكة‬
‫‪59‬‬
‫يقول النبى ‪" ‬يأتى الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا حتى يقول من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ‪ C‬باهلل ولينته "‬
‫وفى‪ C‬الحديث يعلمنا النبى ‪ ‬كيف نتفكر وإ لى أى حد ينتهى وعلى المرء أن يتفكر فى قصص األمم السابقة فإن لنا فيها‬
‫العظة وألهمية هذا األمر فقد قصها اهلل عز وجل على نبيه تثبيتا له وتوضيحا‪ C‬له أنه حلقه فى هذه السلسلة المباركة "‬
‫‪60‬‬
‫وأن هذه أمتكمـ أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون "‬
‫فال بد أن تكون لك ساعات تخرج فيها لتنظر إلى صفحة الكون المشهود‪ C‬فتنظر إلى خلق اهلل الشمس مثال وتتفكر‬
‫فى خلقها وإ بداعها ورقة صنعها وكيف‪ C‬يدلك على وجود‪ C‬اهلل ووحدانيته ففى خلقها عظيم النعم علينا‪.‬‬

‫التقويم ‪:‬‬

‫‪ -1‬وضح أهمية التفكر ‪.‬‬


‫‪ -2‬وضح مجاالت التفكر ‪.‬‬
‫‪ -3‬كيف نتفكر ؟ وفيم يكون التفكر ؟‬
‫‪ -4‬أذكر أحد المواقف العملية التى قمت فيها بالتفكر مبيناً فى أى شيء كان التفكر وفيم‪ C‬تفكرت وما أثر ذلك التفكر‬
‫عليك ؟‬
‫قوم‪ C‬مدى حرصك على أن يكون لك ورد من التفكر ؟‬
‫‪ِّ -5‬‬

‫مفتاح دارالسعادة لالمام ابن القيم "بتصرف"‬ ‫‪54‬‬

‫غافر ‪61 :‬‬ ‫‪55‬‬

‫الغاشية ‪17 :‬‬ ‫‪56‬‬

‫آل عمران ( ‪)191‬‬ ‫‪57‬‬

‫حديث حسن رواه أبو الشيخ والصبرانى أورده االلبانى فى صحيح الحاكم ‪975‬‬ ‫‪58‬‬

‫متفق عليه‬ ‫‪59‬‬

‫األنبياء ( ‪) 92‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪119‬‬
‫رابعاً ‪ :‬المبادرة إلى الطاعات واإلكثار من الخيرات ‪-:‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يذكر بعض أبواب الخير ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح أبواب الخير وفضل‪ C‬كل باب منها ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يحرص على المبادرة إلى الخير وأن يكثر من الطاعات ‪.‬‬

‫أبواب الخيرات كثيرة واإلكثار من ولوجها مما يزيد اإليمان نذكر منها ‪:‬‬

‫* عيادة المريض وإ طعامـ الجائع ‪ :‬ـ‬


‫يروى‪ C‬النبى ‪ ‬مشهدا من مشاهد يوم القيامة فى صورة حوار بين اهلل وعبده عن اهلل عز وجل يقول اهلل تعالى‬
‫يوم القيامة ‪ " :‬يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ‪ ،‬قال أو ما علمت أن‬
‫عبدي فالناً مرض فلم تعده أما علمت انك لو عدته لوجدتني عنده‪ ،‬يا بن آدم استطعمتك‪ C‬فلم تطعمني قال يا رب‬
‫كيف أطعمك وأنت رب العالمين قال استطعمك‪ C‬عبدي فالن فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي‬
‫‪ ،‬يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب وكيف‪ C‬أسقيك وأنت رب العالمين قال استسقاك عبدي فالن فلم تسقه أما‬
‫‪61‬‬
‫لو سقيته لوجدت ذلك عندي "‬

‫* السعى فى قضاء حوائج المسلمين ‪:‬‬


‫قال تعالى ‪ " :‬وافعلوا الخير لعلكم تفلحون "‪" ، 62‬وما تفعلوا من خير فإن اهلل به عليم"‪ " . 63‬وعن ابن عمر‬
‫رضى‪ C‬اهلل عنهما قال رسول اهلل ‪" ‬من كان فى حاجة أخيه كان اهلل فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا‬
‫فرج اهلل عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره اهلل يوم القيامة"‪ 0 64‬وقال ‪ " ‬الخلق عيال اهلل أحبهم‬
‫وفى الحديث " لأن يمشى أحدكم في قضاء حاجته وأشار‪ C‬بإصبعه أفضل من أن يعتكف فى‬ ‫‪65‬‬
‫إليه أنفعهم لعياله"‬
‫‪66‬‬
‫مسجدي‪ C‬هذا شهرين"‬

‫* إماطة األذى عن الطريق ‪:‬‬


‫روى‪ C‬الشيخان عن النبى ‪ " ‬بينما رجل يمشى بطريق وجد غصن شوك فأخذه فشكر‪ C‬اهلل له فغفر له" وفى‪ C‬رواية‬
‫"مر رجل بغصن شجرة على ظهر الطريق فقال واهلل ألنحين هذا عن المسلمين ال يأذيهم‪ C‬فأُدخل الجنة "‬
‫* اإلحسان إلى الجار ‪:‬‬

‫رواه مسلم‬ ‫‪61‬‬

‫) سورة الحج ‪77‬‬ ‫‪62‬‬

‫) البقرة ‪215‬‬ ‫‪63‬‬

‫متفق عليه‬ ‫‪64‬‬

‫رواه مسلم‬ ‫‪65‬‬

‫رواه الحاكم‬ ‫‪66‬‬

‫‪120‬‬
‫عن ابن عمر وعائشة رضى اهلل عنهما قاال ‪ :‬قال رسول اهلل ‪ " ‬واهلل ال يؤمن واهلل ال يؤمن واهلل ال يؤمن قيل من‬
‫يا رسول اهلل ؟ قال من ال يأمــن جاره بوائقـه‪ ،68 " 67‬عن أبى ذر رضى اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪" : ‬يا أبا ذر إذا‬
‫‪69‬‬
‫طبخت مرقة فأكثر‪ C‬ماءها وتعاهد‪ C‬جيرانك"‬
‫* الزيارة فى اهلل ‪:‬‬
‫‪70‬‬
‫عن أبى هريرة رضى‪ C‬اهلل عنه عن النبى ‪ " ‬أن رجال زار أخا في قرية أخرى فارصد اهلل تعالى على مدرجته‬
‫ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أريد أخا لي في هذه القرية قال هل لك من نعمة تربها‪ 71‬عليه ؟ قال ‪ :‬ال غير أنى‬
‫‪72‬‬
‫أحببته في اهلل تعالى ‪ ،‬قال فإني رسول اهلل إليك ألن اهلل قد أحبك كما أحببته فيه"‬
‫وعنه قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪" : ‬من عاد مريضا‪ C‬او زار أخا له فى اهلل ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت‬
‫‪73‬‬
‫من الجنة منزال"‬

‫* اإلحسان إلى اليتامى والمساكين ‪:‬‬


‫عن أبى هريرة رضى‪ C‬اهلل عنه أن رجال شكا إلى رسول اهلل ‪ ‬قسوة قلبه فقال له‪" :‬إن أردت تلين قلبك فأطعم‬
‫المسكين وأمسح على رأس اليتيم" ‪ .‬وقد كان دخول الجنة والزحزحة عن النار هو الشغل الشاغل للصحابة‬
‫رضوان اهلل عليهم‪.‬‬
‫وهاهو الصحابى‪ C‬الجليل أبا ذر يسأل النبى ‪ ‬ماذا ينجى العبد من النار؟ قال‪ :‬اإليمان باهلل‪ ،‬قلت‪ :‬يا نبى اهلل مع‬
‫خولك اهلل ( تعطى مما ملكك اهلل)‪ ،‬قلت‪ :‬يا نبى هلل فإن كان فقيرا لا يجد ما‬
‫اإليمان عمل ؟ قال‪ :‬أن ترضخ مما ًّ‬
‫يرضخ ؟ قال‪ :‬يأمر بالمعروف وينهى‪ C‬عن المنكر‪ ،‬قلت‪ :‬فإن كان ال يستطيع أن يأمر بالمعروف‪ C‬وينهى عن‬
‫المنكر؟ قال‪ :‬فليعن األخرق (الجاهل الذى ال يعرف صنعه)‪ ،‬قلت‪ :‬يا نبى اهلل أرأيت إن كان ال يحسن أن يصنع‪،‬‬
‫قال‪ :‬فليعن مظلوما‪ ،‬قلت‪ :‬يا نبى اهلل أرأيت إن كان ضعيفا ال يستطيع‪ C‬أن يعين مظلوما؟‪ C‬قال‪ :‬ما تريد ان تترك‬
‫لصاحبك من خير ليمسك أذاه عن الناس‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول أرأيت إن فعل هذا يدخل الجنة؟ قال‪ :‬ما من مؤمن يطلب‬
‫‪74‬‬
‫خصلة من هذه الخصال إال أخذت بيديه حتى تُدخله الجنة"‬
‫بهذا يعيش المسلم فى مجتمعه ينبوعا يفيض بالخير والرحمة ويتدفق‪ C‬بالنفع والبركة‪ ،‬يفعل الخير ويدعو اليه ويبذل‬
‫المعروف‪ C‬ويدل عليه‪ ،‬فهو مفتاح للخير مغالق للشر‪ ،‬يصدق‪ C‬فيه قول النبى ‪" : ‬طوبى‪ C‬لعبد جعله اهلل مفتاحا للخير‬
‫‪75‬‬
‫مغالقاً للشر"‬

‫شـروره‬ ‫‪67‬‬

‫متفق عليه‬ ‫‪68‬‬

‫رواه مسلم‬ ‫‪69‬‬

‫طريقه‬ ‫‪70‬‬

‫تقوم بها وتسعى فى صالحها‬ ‫‪71‬‬

‫رواه مسلم‬ ‫‪72‬‬

‫رواه الترمذى وقال حديث حسن‬ ‫‪73‬‬

‫رواه البيهقى‬ ‫‪74‬‬

‫رواه ابن ماجــه‬ ‫‪75‬‬

‫‪121‬‬
‫* مداومة اإلنفاق فى سبيل اهلل ‪:‬‬
‫إن اإلنفاق فى سبيل اهلل دليل عملى وبرهان على اإليمان كما أخبرنا الحبيب المصطفى ‪ ‬فى الحديث الشريف‪:‬‬
‫"والصالة نور والصدقة برهان والصبر‪ C‬ضياء والقرآن حجة لك أو عليك" ‪ ،76‬ذلك أن النفس مجبوله على حب المال "‬
‫وتحبون المال حبا جما " ‪ ،77‬وهى شهوة تنمو مع المرء وال تفارقه‪ ،‬كما قال الصادق األمين ‪ " ‬لو كان ال بن آدم‬
‫وألن الشح مفتاح كل شر‬ ‫‪78‬‬
‫واديان من ذهب البتغى ثالثا وال يمأل جوف ابن آدم إال التراب ويتوب اهلل على من تاب"‬
‫فقد أمر اهلل عز وجل عباده بالتطهر منه فقال ‪ " :‬وانفقوا خيرا ألنفسكمـ ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ‪،79‬‬
‫وقال‪" :‬وأنفقوا فى سبيل اهلل وال تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن اهلل يحب المحسنين " ‪ ،80‬قال الحسن البصرى‪C‬‬
‫فى تفسير اآلية ‪ :‬هو البخل ‪.‬‬
‫والصدقة وسيلة لتزكية النفس والتطهر فقد صدر التوجيه من اهلل إلى حبيبه ومصطفاه محمد ‪" ‬خذ من أموالهم‬
‫صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " ‪ ،81‬والتزكية والتطهر من المهام األساسية للرسالة المحمدية ‪ " :‬كما أرسلنا فيكم رسوال‬
‫يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكمـ الكتاب والحكمة " ‪.82‬‬
‫‪83‬‬
‫والمرء يجد نفسه بين داعى النفس والشيطان اللذين يخوفانه الفقر‪ " :‬الشيطان يعدكمـ الفقر ويأمركم بالفحشاء"‬
‫وداعى اإليمان الذى يرغبه فيما عند اهلل ‪ " :‬مثل الذين ينفقون أموالهمـ فى سبيل اهلل كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى‬
‫والمرء يظل بين مد وجذر‪ C‬وشد وجذب يبخل أم‬ ‫‪84‬‬
‫كل سنبلة مائة حبة واهلل يضاعف لمن يشاء واهلل واسع عليم "‬
‫ينفق ويصف الحبيب المصطفى ‪ ‬حال البخيل وحال المنفق فى سبيل اهلل فى حديثه الذى رواه أبى هريرة قال ‪ " :‬مثل‬
‫البخيل والمتصدق‪ C‬كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد أى درعان من حديد قد اضطرت أيدهما إلى ثدييهما وتراقيهما‪C‬‬
‫فجعل المتصدق‪ C‬كلما تصدق‪ C‬بصدقة انبسطت عنه وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة بمكانها "‪، 85‬‬
‫ويوضح‪ C‬الحديث حال البخيل وحال الذى يدرب نفسه على اإلنفاق برجلين كل منهما يلبس درعا من الحديد ليس له‬
‫أكمام او منافذ لخروج اليدين وقد‪ C‬شدت يدا كل منهما إلى ثديين وترقوتين فيما يشبه الغل ( القيد ) فكلما تصدق‪C‬‬
‫المتصدق‪ C‬بصدقة انبسطت منه حلقات الدرع شيئا فشيئا حتى تحررت اليدان تماما أما اآلخر كلما هم ولم يفعل عادت‬
‫الحلقات محكمة على صدره وال زالت يداه مغلولتين‪0‬‬
‫أخى الحبيب أى الشخصين تحب أن تكون ؟‬

‫رواه مسلم‬ ‫‪76‬‬

‫الفجر (‪)20‬‬ ‫‪77‬‬

‫متفق عليه‬ ‫‪78‬‬

‫التغابن (‪) 16‬‬ ‫‪79‬‬

‫البقرة (‪) 195‬‬ ‫‪80‬‬

‫التوبة ( ‪) 103‬‬ ‫‪81‬‬

‫البقرة (‪)151‬‬ ‫‪82‬‬

‫البقرة ( ‪) 268‬‬ ‫‪83‬‬

‫البقرة ( ‪) 261‬‬ ‫‪84‬‬

‫رواه البخارى ومسلم‬ ‫‪85‬‬

‫‪122‬‬
‫ال أظن أن أحدا يحب أن يكون ذلك المقيد المغلول بشحه إذن فلتجعل لك صدقة يومية مهما قلت واستجب لقوله تعالى ‪:‬‬
‫‪86‬‬
‫" لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اهلل "‬
‫‪87‬‬
‫كن كأبى مرثد ال يخطئه يوم إال تصدق فيه بشئ ولو كعكة أو بصلة‬
‫فإن التصدق سوف‪ C‬يزيد اإليمان واإليمان يزيد بالتصدق‪ C‬وهكذا حتى تقتحم العقبة الكئود فى طريق‪ C‬تزكية النفس وزيادة‬
‫اإليمان وهى الشح " فال اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام فى يوم ذى مسغبة * يتيما ذا‬
‫مقربة * أو مسكينا ذا متربة "‪ 88‬فإذا انطلق المرء على طريق‪ C‬اإليمان انبسطت يده وانفق مما يحب " لن تنالوا البر‬
‫حتى تنفقوا مما تحبون " ‪ ،89‬تلك اآلية التى سمعها أبو طلحه فتصدق بأحب ماله إليه وهى ( نخل بيرحاء ) قائال للنبى‬
‫‪" : ‬بخ ذاك مال رابح‬ ‫‪ " :‬إنها صدقة أرجو برها وذخرها عند اهلل فضعها يا رسول اهلل حيث شئت‪ ،‬فقال رسول اهلل‬
‫وقد كان صحابه النبى ‪ ‬يتنافسون فى هذا الميدان ‪ ،‬قال عمر بن الخطاب رضى‪ C‬اهلل عنه "‬ ‫‪90‬‬
‫‪ ،‬بخ ذاك مال رابح "‬
‫أمرنا رسول اهلل ‪ ‬يوما أن نتصدق‪ C‬فوافق‪ C‬ذلك ماال عندى فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما‪ ،‬فجئت بنصف‪ C‬مالى‬
‫فقال رسول اهلل ‪ : ‬ما أبقيت ألهلك؟ فقلت ‪ :‬مثله‪ ،‬قال وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال رسول اهلل‪ :‬ما أبقيت ألهلك؟‬
‫‪91‬‬
‫قال‪ :‬أبقيت لهم اهلل ورسوله‪ ،‬قلت‪ :‬ال أسابقك لشئ أبدا "‬
‫والصدقة أخى الحبيب حجاب لصاحبها‪ C‬من النار وهى ظل لصاحبها‪ C‬يوم القيامة وفى الدنيا دواء للمرض وتدفع‪ C‬البالء‬
‫وتيسر‪ C‬األمور وتجلب الرزق وتقى مصارع‪ C‬السوء وتطفئ غضب الرب أعاننا اهلل واياك على اقتحام العقبة والمداومة‬
‫على اإلنفاق فى سبيل اهلل ‪0‬‬

‫تطبيقات عملية ‪ :‬ـ‬


‫‪:‬‬ ‫واآلن أخى الحبيب …لتسأل نفسك‬
‫النسبة ‪%‬‬
‫السؤال‬ ‫م‬
‫‪ .1‬هل تدعو اهلل أن يجعلك للمتقين إماما ؟‬
‫‪ .2‬هل تقف بين يدى اهلل خاشعا فى صالتك فإن إقامة الصالة صفة المتقين‬
‫‪ .3‬هل تفى بعهدك مع أصدقائك‪ C‬؟‬
‫‪ .4‬هل تقوم بالتطبيق‪ C‬العملى ألوامر‪ C‬اهلل ؟‬
‫‪ .5‬هل تصبر‪ C‬على المرض إذا ما أصابك ؟‬
‫‪ .6‬هل تغض بصرك‪ C‬عما حرم اهلل عليك ؟‬
‫‪ .7‬هل تصدق‪ C‬فى أقوالك وأفعالك ؟‬

‫الطالق ( ‪) 7‬‬ ‫‪86‬‬

‫صحيح رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم ‪0‬‬ ‫‪87‬‬

‫البلد ( ‪) 16-11‬‬ ‫‪88‬‬

‫آل عمران ( ‪)92‬‬ ‫‪89‬‬

‫رواه البخارى ومسلم‬ ‫‪90‬‬

‫حديث حسن أخرجه الترمذى وابن أبى عاصم‬ ‫‪91‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ .8‬هل لك ورد قرآنى‪ C‬تلتزم به ؟‬
‫‪.9‬‬
‫هل ترتب على نفسك قدرا من الحفظ ـ حتى ولو آية فى اليوم ـ ليكون معك‬
‫القرآن؟‬
‫‪ .10‬هل تتدبر آيات القرآن وتسعى لفهم ما أشكل عليك من معانيه ؟‬
‫‪ .11‬هل تحاسب نفسك يوما بيوم ؟‬
‫‪ .12‬هل تراقب اهلل وتعلم أنه مطلع عليك وناظر اليك وشاهدك ؟‬
‫‪ .13‬هل إذا أساء اليك زميل لك تكظم غيظك وتعفوا عنه ؟‬
‫‪ .14‬هل أنت من الذاكرين اهلل كثيرا ؟‬
‫‪ .15‬هل تقوم من الليل ولو مرة فى األسبوع‪ C‬وحدك ؟‬
‫‪ .16‬هل أنت من المحافظين على الصالة فى أوقاتها‪ C‬؟‬
‫‪ .17‬هل تجاهد نفسك لتعمل المعروف‪ C‬وتبعد عن المنكر ؟‬
‫‪ .18‬هل لك ورد من الصيام ثالثة أيام من كل شهر ؟‬
‫فإن وجدت ( نسبة أدائك ‪ ) %‬فى كل نقطة مرضية فاحمد‪ C‬اهلل واطلب المزيد ‪ 00‬وإ ن وجدت غير ذلك فاستغفر‪ C‬اهلل‬
‫وابحث عن عالج ذلك الخلل مستعيناً باهلل ثم بإخوانك ‪ 00‬واسأل اهلل دوماً ان تكون للمتقين أماما‪0‬‬
‫التقويم ‪:‬‬
‫‪ -1‬أذكر بعض أبواب الخير ‪.‬‬
‫‪ -2‬وضح فضل كل مما يأتي ‪ ( :‬عيادة المريض – السعي فى قضاء حوائج الناس ‪)..... -‬‬
‫قوم‪ C‬مدى حرصك على المبادرة إلى الخير ( استعن باالستبانة السابقة )‬
‫‪ِّ -3‬‬

‫‪124‬‬
‫الفصل السادس‬

‫النصيحة‬

‫الهدف العام ‪ :‬أن يستمع إلى النصيحة و يعرف قيمة سالمة الصدر و حسن الظن‬

‫األهداف المرحلية ‪-:‬‬


‫‪-1‬أن يو ضح مفهو م النصيحة ‪0‬‬
‫‪-2‬أن يوضح أهمية النصيحة ومشروعيتها ‪.‬‬
‫‪-3‬أن يوضح مجاالت أو ميادين النصيحة ‪.‬‬
‫‪-4‬أن يوضح شروط وآداب النصيحة ‪.‬‬
‫‪-5‬أن يجاهد نفسه على قبول النصيحة والعمل بها ‪.‬‬
‫‪-6‬أن يتدرب على أداء النصيحة ‪.‬‬
‫*********************************‬
‫أوالً ‪ -‬أن يوضح مفهومـ النصيحة ‪:‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح معنى النصيحة فى اللغة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح تعريف النصيحة فى كالم العلماء ‪.‬‬
‫*****************************************‬
‫أ‪ -‬وفى اللغة ‪ :‬نصح بمعنى خلص وصدق ‪.‬‬
‫ويقال نصح قلبه ‪ :‬أى خال من الغش ‪.‬‬
‫ونصح فالناً أو نصح له ‪ :‬أى أرشده إلى ما فيه صالحه ‪.‬‬
‫والنصح ‪ :‬إخالص المشورة ‪.‬‬
‫والنصيحة ‪ :‬قول فيه دعوة إلى صالح ونهى عن فساد‪. 92 C‬‬
‫ب‪ -‬ومفهومـ النصيحة فى كالم العلماء ‪ :‬جاء متوافقاً مع المعنى اللغوى ‪ .‬فقد جاء فى فتح البارى (‪" : )1/167‬‬
‫النصيحة ‪ :‬مشتقة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه ‪ ،‬بمعنى أن الناصح يتحرى إصالح شأن صاحبه كما يتحرى من‬
‫‪92‬‬
‫كتاب التعريفات ص ‪ 269‬باب حرف النون‬
‫‪125‬‬
‫يخيط الثوب صالحه ‪ .‬أو هى مشتقة من نصحت العسل إذ صفيته من شمعه ‪ .‬بمعنى أن الناصح يتحرى تخليص ما‬
‫يتقدم به إلى صاحبه من شوائب الغش والخداع ولعل ذلك أقرب ‪. 93‬‬
‫وجاء فى جامع العلوم والحكم قول اإلمام أبو عمر بن الصالح ‪ " :‬النصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح‬
‫له بوجوه الخير إرادة وفعال " ‪ .‬وقول بن العالمة بن األثير ‪ " :‬النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هى إرادة الخير‬
‫للمنصوح له "‬
‫واإلسالم‪ C‬يحث على التناصح المتبادل بين الجماعة المؤمنة فى أجواء اإليمان ‪ .‬فإن قوام ديننا على النصيحة فبها تسدد‬
‫ورب نصيحة من شخص كانت خيرا وبركة على صاحبها ‪ ،‬قال رسول اهلل صلي اهلل عليه‬
‫الخطى ويتضح الطريق‪ّ ، C‬‬
‫‪94‬‬
‫وسلم ‪ " :‬الدين النصيحة ‪ :‬قلنا لمن ؟ قال ‪ :‬هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة المسلمين وعامتهم "‬
‫أى أن عماد الدين وقوامه قائم على النصيحة ‪ ،‬يقول اهلل عز وجل فى سورة العصر " والعصر ‪ ،‬إن االنسان لفى خسر‬
‫‪ ،‬إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات و تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر‪ " C‬فالتواصى‪ C‬بالحق والصبر والتناصح على‬
‫التماسك بهما هو سبب الفالح فى الدنيا واألخرة وبدونه تحل الخسارة بالمجتمع المسلم ‪ ،‬ولم يكن الرسل فى قومهم‪ C‬إال‬
‫‪95‬‬
‫مجرد ناصحين لهم‪.‬‬
‫ثانياً ‪ -‬أن يوضح أهمية النصيحة ومشروعيتها ‪:‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح أهمية النصيحة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح وجوب النصيحة ‪.‬‬
‫**********************************************‬

‫أ‪ -‬أهمية النصيحة ‪:‬‬

‫النصيحة ليست كلمة عابرة يلقى بها أحدنا إلى األخر ‪ ،‬ظانا بذلك أنه قد فعل ما يأمره به دينه ‪ ،‬وأنه قد أتم ما يمليه‬
‫عليه الحق نحو أخيه ‪ .‬كما أن النصيحة ليست كلمات نقولها تفضال من عند أنفسنا أو ال نقولها ‪ ،‬نسمع لها أو ال‬
‫نسمع ‪.‬‬

‫إنما النصيحة أدب إسالمى له أهميته الكبرى على مستوى الفرد واألسرة والمجتمع ‪.‬‬
‫‪-1‬النصيحة وظيفة الرسل واألنبياء ‪:‬‬
‫فقال اهلل تعالى على لسان نوح عليه السالم ‪ ":‬وأنصح لكم وأعلم من اهلل ما ال تعلمون " األعراف ‪62‬‬
‫وقال على لسان هود عليه السالم ‪":‬وأنا لكم ناصح أمين " األعراف ‪68‬‬
‫وعلى لسان صالح عليه السالم ‪ ":‬ونصحت لكم ولكن ال تحبون الناصحين " األعراف ‪79‬‬
‫‪96‬‬
‫فالنصيحة كما تبين اآليات وظيفة األنبياء والمرسلين ‪ ،‬وسبيلهم إلى اإلصالح واإلرشاد ‪.‬‬

‫‪ 93‬نظرات فى السنة ص‪78‬‬


‫رواه مسلم ‪ 55‬عن تميم الدارى‬ ‫‪94‬‬

‫رسائل فتيان الدعوة ص‪242‬‬ ‫‪95‬‬

‫فقه النصيحة فى ظل االسالم ص‪11‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪126‬‬
‫‪97‬‬
‫ويؤكد‪ C‬صاحب الظالل على هذه الوظيفة فيقول " وقال كل رسول لقومه ‪ :‬إنى لكم ناصح أمين "‬
‫‪-2‬النصيحة نوع من الجهاد ‪:‬‬
‫يقول اهلل عز وجل فى محكم التنزيل " ليس علىالضعفاء وال على المرضى وال على الذين ال يجدون ما ينفقون حرج‬
‫إذا نصحوا هلل ورسوله"‪ 98.‬أى ال حرج وال سبيل على هؤالء الضعفاء والمرضى‪ C‬والذين ال يجدون ما ينفقون فى سبيل‬
‫اهلل من أجل الجهاد مع النبى صلي اهلل عليه وسلم وال يجد النبى صلي اهلل عليه وسلم ما يحملهم عليه من دابة حتى‬
‫يخرجوا‪ C‬معه ‪.‬‬
‫الحرج عليهم نعم فى حالة واحدة هى أن ينصحوا‪ C‬هلل وللرسول ‪.‬‬
‫فكأن اهلل تبارك وتعالى‪ C‬يعفو عنهم ويتجاوز‪ C‬عن تقصيرهم فى الجهاد بسبب ضعفهم وضيق ذات اليد ولكنه تبارك‬
‫‪99‬‬
‫وتعالى‪ C‬ال يعفيهم من النصح هلل ولرسوله‪.‬‬
‫يقول ابن رجب الحنبلى ‪ " :‬يعنى أن من تخلف عن الجهاد لعذر فال حرج عليه بشرط أن يكون ناصحا هلل ورسوله فى‬
‫‪100‬‬
‫تخلفه‪".‬‬
‫‪ -3‬النصيحة من أحب األعمال إلى اهلل ‪:‬‬
‫‪101‬‬
‫قال رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ‪ :‬قال اهلل عز وجل " أحب ما تعبدنى به عبدى النصح لى "‪.‬‬
‫وقال ابن علية فى قول أبى بكر المزنى ‪ :‬ما فاق أبو بكر رضى‪ C‬اهلل عنه أصحاب محمد صلي اهلل عليه وسلم بصوم‪ C‬وال‬
‫‪102‬‬
‫صالة ولكن بشئ فى قلبه ‪ ،‬قال ‪ :‬الذى كان فى قلبه الحب هلل عز وجل والنصيحة فى خلقه ‪.‬‬
‫‪ -4‬القائمون بالنصيحة من أحب الخلق إلى اهلل ‪:‬‬
‫قال الحسن البصرى ‪ :‬قال بعض أصحاب النبي صلي اهلل عليه وسلم ‪ :‬والذي نفسي بيده إن شئتم ألقسمن لكم باهلل‬
‫إن أحب عباد اهلل إلى اهلل الذين يحببون اهلل إلى عباده ويحببون عباد اهلل إلى اهلل ‪ ،‬ويسعون‪ C‬في األرض بالنصيحة ‪.‬‬

‫‪ -5‬وسيلة لمعرفة الذات ‪:‬‬


‫فنحن قد ال نالحظ ما في أنفسنا أو أعمالنا بالنقص أو الخلل ‪ ،‬ولكن يمكننا ذلك من خالل إخواننا لقول الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ " :‬المؤمن مرآة أخيه " (‪)103‬ولهذا حث عمر رضي‪ C‬اهلل عنه عليها فقال "رحم اهلل امرءا أهدى إلي‬
‫‪104‬‬
‫عيوبي "‬
‫‪ -6‬إعذاراً إلى اهلل ‪:‬‬
‫وذلك من حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ‪ ،‬ومن‬
‫‪105‬‬
‫لم يمسي ويصبح ناصحا هلل ورسوله ولكتابه وإلمامه ولعامة المسلمين فليس منهم "‬

‫اآليه ‪ 62‬األعراف‬ ‫فى ظالل القرآن‬ ‫‪97‬‬

‫التوبة ‪91‬‬ ‫‪98‬‬

‫فقه النصيحه ص‪12‬‬ ‫‪99‬‬

‫جامع العلوم و الحكم ص‪79‬‬ ‫‪100‬‬

‫أحمد ‪5/254‬‬ ‫‪101‬‬

‫فقه النصيحه ص‪14‬‬ ‫‪102‬‬


‫سنن أبي داود والترمذي ‪.‬‬ ‫‪103‬‬
‫‪104‬‬
‫المدخل في التربية ص ‪. 163‬‬ ‫‪105‬‬
‫أخرجه الطبراني ‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫‪ -7‬ترتفع باالنسان إلى مكانة الشرف ‪:‬‬
‫عدها الفضيل بن عياض من الصفات التى ترتفع باالنسان إلى مكانة الشرف ‪ :‬فيقول رحمه اهلل " ما أدرك عندنا‬
‫‪106‬‬
‫من أدرك بكثرة الصالة والصيام وإ نما أدرك عندنا بسخاء األنفس وسالمة الصدر و النصح لألمة "‪.‬‬

‫ب‪ -‬حول وجوب النصيحة ‪:‬‬


‫رغم أهمية النصيحة الكبيرة للفرد والمجتمع ‪ ،‬إال أن كثيراً من الناس فى هذا العصر ال يعرفون حكم هذا األدب‬
‫اإلسالمى ‪ ،‬فهم لذلك ينظرون‪ C‬إلى النصيحة على أنها نافلة وفضالً من عند أنفسهم ‪ ،‬ناهيك عن ذلك المرض الذى‬
‫يستشرى بين الناس اليوم فى مجتمعنا والذى يدعو إلى السلبية بدعوى ترك الخلق للخالق ‪ ،‬والعباد لرب العباد ‪.‬‬

‫ولقد تواترت اآلثار الدالة على وجوب التناصح بين المسلمين ‪ .‬فعن قيس عن جرير بن عبد اهلل قال ‪ :‬بايعت رسول اهلل‬
‫صلي اهلل عليه وسلم على إقامة الصالة وإ يتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ‪. 107‬‬
‫وعن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي‪ C‬اهلل عنه أن النبي صلي اهلل عليه وسلم قال ‪ " :‬الدين النصيحة ‪ ،‬قلنا لمن ؟‬
‫‪.‬‬ ‫‪108‬‬
‫قال ‪ :‬هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة المسلمين وعامتهم"‬
‫وفى‪ C‬حديث آخر عن أبى هريرة رضى اهلل عنه جعل النبى صلى اهلل عليه وسلم النصح حقاً من حقوق المسلم على أخيه‬
‫‪109‬‬
‫‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬حق المؤمن على المؤمن ست … وإ ذا استنصحك فانصح له "‬
‫‪110‬‬
‫عن أبي يزيد عن أبيه عن النبي صلي اهلل عليه وسلم قال ‪ " :‬إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له "‬

‫وجاء في دليل الفالحين الجزء الثاني ‪ " :‬والنصيحة فرض يجزئ من قام به ويسقط عن الباقين ‪ :‬وهي الزمة على قدر‬
‫الحاجة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع‪ C‬أمره وأمن على نفسه المكروه ‪ ،‬فإذا خشي أذى فهو في سعة " ‪.111‬‬
‫كل هذه النصوص تبين وتؤكد‪ C‬أن التناصح بين الناس أمر واجب على كل مسلم حسب استطاعته ‪.‬‬
‫وال تقف األدلة على وجوب التناصح عند تلك األدلة النقلية فحسب ‪ ،‬ولكنها تمتد لتشمل كثيراً من األدلة العقلية ‪.‬‬
‫" ولعل أولى هذه األدلة ‪ :‬بشريتنا وطبيعتها المجبولة على النسيان والغفلة مما يجعلنا فى حاجة إلى من يذكرنا‪ C‬إذا غفلنا‬
‫وينبهنا‪ C‬إذا سهونا‪ ، C‬فنحن بشر وكلنا نقص وعيوب ‪ ،‬وواجب المسلمين أن يبصر‪ C‬بعضهم بعضاً بما فيهم من نقص أو‬
‫عيوب ‪ ،‬فالمؤمن مرآة أخيه ‪ ،‬ومن صفات المؤمنين أنهم يتواصون بالحق ‪ ،‬ويتواصون بالصبر ‪ ،‬فالواجب أال يحول‬
‫‪112‬‬
‫شيىء دون تبادل النصيحة "‬
‫فالتناصح‪ C‬بين المسلمين ضرورة إجتماعية وفريضة شرعية يؤكد وجوبها‪ C‬النقل والعقل ‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫رساءل فتيان الدعوة ص‪245 ، 244‬‬ ‫‪106‬‬


‫‪107‬‬
‫متفق عليه ‪.‬‬ ‫‪108‬‬
‫رواه مسلم ‪.‬‬
‫رواه مسلم‬ ‫‪109‬‬

‫رواه أحمد‬ ‫‪110‬‬

‫‪111‬‬
‫الحقوق اإلسالمية ص ‪. 277‬‬

‫القائد القدوة على طريق الدعوة أ‪ /‬مصطفى مشهور ‪.‬‬ ‫‪112‬‬

‫فقه النصيحة ص‪22‬‬ ‫‪113‬‬

‫‪128‬‬
‫ثالثاً ‪ -‬أن يوضح مجاالت وميادين النصيحة ‪-:‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يحدد مجاالت وميادين النصيحة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح مجاالت وميادين النصيحة ‪.‬‬
‫**********************************************‬
‫عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي اهلل عنه أن النبي صلي اهلل عليه وسلم قال ‪ " :‬الدين النصيحة ‪ ،‬قلنا ‪ :‬لمن ؟‬
‫‪ .‬ولقد أوتى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جوامع الكلم‬ ‫‪114‬‬
‫قال ‪ :‬هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة المسلمين وعامتهم "‬
‫فجمع فى هذا الحديث الشريف‪ C‬قواعد التعامل وأسس الشورى‪ ، C‬ولذلك أجمع العلماء على أنه مدار اإلسالم ‪ . 115‬وجاء‬
‫هذا الحديث الشريف‪ C‬ليبين أركان النصيحة وميادين التطبيق فيها ‪:‬‬
‫الميدان األول ‪( :‬هلل)‬
‫أخرج اإلمام أحمد من حديث أبي أمامة عن النبي صلي اهلل عليه وسلم قال ‪ :‬قال اهلل عز وجل ‪ " :‬أحب ما تعبدني به‬
‫‪116‬‬
‫عبدي النصح لي "‬
‫قال الحواريون لعيسى عليه السالم ‪ :‬ما الخالص من العمل؟ قال ‪ :‬ما ال تحب أن يحمدك الناس عليه ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فما‬
‫النصح هلل ؟ قال ‪ :‬أن تبدأ بحق اهلل قبل حق الناس ‪ ،‬وإ ن عرض لك أمران أحدهما هلل تعالى واآلخر للدنيا ‪ ،‬بدأت بحق‬
‫‪117‬‬
‫اهلل تعالى "‬
‫سئل ابن المبارك أي العمل أفضل قال ‪ :‬النصح هلل ‪.‬‬

‫معناها ‪:‬‬
‫الدين النصيحة هلل وليس اهلل تبارك وتعالى‪ C‬في حاجة إلى إشارة خلقه ومعونتهم { ما أشهدتهم‪ C‬خلق السموات‬
‫‪.‬‬ ‫‪118‬‬
‫واألرض وال خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا }‬
‫وإ نما تكون النصيحة هلل تبارك وتعالى باإليمان به والتصديق بكماالته وتنزيهه ومحبته ‪ ،‬والحب في اهلل و البغض في‬
‫اهلل ‪ ،‬وامتثال أمره واجتناب نهيه ‪.119‬‬
‫وقد‪ C‬زاد اإلمام النووي‪ C‬في شرحه لمسلم النصيحة هلل ‪ " :‬اإليمان به ونفي الشرك عنه ‪ ،‬وترك اإللحاد في صفاته‬
‫ووصفه بصفات الكمال والجالل كلها ‪ ،‬وتنزيهه سبحانه من جميع النقائص ‪ ،‬والقيام بطاعته واجتناب معصيته ‪ ،‬والحب‬
‫فيه والبغض فيه ‪ ،‬ومواالة من أطاعه ومعاداة من عصاه ‪ ،‬وجهاد‪ C‬من كفر به واالعتراف بنعمته وشكره عليها ‪،‬‬

‫‪114‬‬
‫رواه مسلم ( ‪ )36 /1‬برقم (‪ )55‬ك اإليمان ‪.‬‬
‫د‪ /‬عدنان النحوى‬ ‫الشورى وممارساتها اإليمانية‬ ‫‪115‬‬

‫‪116‬‬
‫سيق تخريجه ‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫جامع العلوم والحكم ص ‪. 80‬‬
‫‪118‬‬
‫الكهف ‪ :‬آية ‪. 51‬‬
‫‪119‬‬
‫نظرات في السنة ص ‪. 81‬‬
‫‪129‬‬
‫واإلخالص في جميع األمور‪ C‬والدعاء إلى جميع األوصاف المذكورة والحث عليها والتلطف في جمع الناس أو من أمكن‬
‫منهم عليها ‪. 120‬‬
‫الميدان الثاني ‪( :‬لكتابه)‬
‫يعنى بذلك اإلكثار من تالوة القرآن واإلقبال على مدارسته وبذل الجهد في تفهمه ‪ ،‬والعمل بأحكامه وتحري أفضل‬
‫السبل لنشر دعوته ‪ ،‬وإ عالء كلمته وتحقيق غايته ‪. 121‬‬
‫ويعنى‪ C‬بها أيضا اإليمان أنه كالم اهلل تعالى وتنزيله ‪ ،‬ال يشبهه شيء من كالم الخلق ‪ ،‬وال يقدر على مثله أحد من الخلق‬
‫‪ ،‬ثم تعظيمه وتالوته حق التالوة ‪ ،‬والذب عنه من تأويل المحرفين وتعرض الطاعنين ‪ ،‬والتصديق‪ C‬بما فيه ‪ ،‬والعمل‬
‫بمحكمه والتسليم بمتشابهه ‪ ،‬والبحث عن عمومه وخصوصه ‪ ،‬وناسخه ومنسوخه ونشر علومه ‪ ،‬والدعاء إليه وإ لى ما‬
‫ذكرنا من نصيحة ‪.122‬‬
‫الميدان الثالث (لرسوله) ‪:‬‬
‫أما النصح للرسول صلي اهلل عليه وسلم في حياته فقد كان ذلك ببذل النفس والنفيس في طاعته ومرضاته وتحري‬
‫الحق في مشاورته كما فعل سلمان في غزوة الخندق ‪ ،‬وكما فعل الحباب في غزوة بدر رضي‪ C‬اهلل عنهم ‪.‬‬
‫وأما بعد أن اختار اهلل نبيه فالنصيحة له صلي اهلل عليه وسلم تكون بمحبته ومتابعته وتحري‪ C‬سنته { قل إن كنتم تحبون‬
‫اهلل فاتبعوني يحببكم اهلل } ‪ ،123‬والذود عن شريعته ومدارسة حديثه والنزول على أوامره صلي اهلل عليه وسلم ‪.124‬‬
‫والنصيحة لرسوله أيضا تصديقه على الرسالة واإليمان بجميع ما جاء به وطاعته في أوامره ونهيه ونصرته حيا‬
‫عاداه ومواالة من وااله وإ عظام حقه وتوقيره وإ حياء سنته وبث دعوته ونشر شريعته والدعاء إليها‬ ‫وميتا ومعاداة من‬
‫والتلطف‪ C‬في تعلمها وتعليمها ‪ ،‬والتخلق بأخالقه والتأدب بآدابه ومحبة أهله وأصحابه ‪ ،‬ومجانبة من ابتدع في سنته أو‬
‫تعرض ألحد من أصحابه ونحو ذلك ‪.125‬‬
‫الميدان الرابع (ألئمة المسلمين) ‪:‬‬
‫عن جبير بن مطعم رضي‪ C‬اهلل عنه عن النبي صلي اهلل عليه وسلم قال في خطبته بالحيف من منى ‪ " :‬ثالث ال َّ‬
‫يغل‬
‫عليهن قلب امرئ مسلم ‪ :‬إخالص العمل هلل ‪ ،‬ومناصحة والة األمر ‪ ،‬ولزوم جماعة المسلمين " ‪.‬‬
‫ومن النصيحة ألئمة المسلمين ( خلفاء ‪ ،‬ملوك ‪ ،‬زعماء ‪ ،‬قادة ‪ ،‬أمراء ‪ ،‬رئيس عمل ) وكل رئيس في عمل إمام فيه ‪،‬‬
‫وعلى أهل الخبرة بشأنه أن يمحضوه النصح وأن يقدموا له سبل اإلرشاد ما كان لذلك سبيال ‪ ،‬والمرء قليل بنفسه كثير‬
‫بإخوانه ‪.‬‬
‫وصاحب الرياسة في حاجة إلى عيون ناقدة تعضدها قلوب ذكية وأفئدة طاهرة مخلصة ‪ ،‬ليطلع بذلك على ما أخفاه عنه‬
‫منصبه من شئون رعيته وأحوال واليته ‪ ،‬وكلكم راع وكل مسئول عن رعيته ‪.126‬‬

‫‪120‬‬
‫نظرات في السنة ص‪. 81‬‬
‫‪121‬‬
‫المصدر السابق ‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫صحيح مسلم شرح النووي (‪. )39 /1‬‬
‫‪123‬‬
‫آل عمران ‪. 31 :‬‬
‫‪124‬‬
‫نظرات في السنة ص ‪. 82‬‬
‫‪125‬‬
‫صحيح مسلم شرح النووي (‪. )1/38‬‬
‫‪126‬‬
‫نظرات في السنة بتصرف ‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫ومن النصيحة لهم معاونتهم‪ C‬على الحق وطاعتهم‪ C‬فيه ‪ ،‬وأمرهم‪ C‬به وتفهيمهم‪ C‬وتذكيرهم‪ C‬بلطف ورفق‪ ، C‬وإ عالمهم بما‬
‫غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين وترك‪ C‬الخروج عليهم‪ ،‬وتأليف قلوب الناس لطاعتهم ‪.‬‬

‫قال الخطابي ‪ " :‬ومن النصيحة لهم الصالة خلفهم والجهاد معهم ‪ ،‬وأداء الصدقات‪ C‬إليهم وترك‪ C‬الخروج بالسيف عليهم‬
‫إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة ‪ ،‬وأال يغلو بالثناء الكاذب عليهم وأن يدعو لهم بالصالح ‪.127‬‬
‫قال الخطابي ‪ " :‬والمراد بأئمة المسلمين الخلفاء وغيرهم ‪ ،‬وقد‪ C‬يتناول ذلك على األئمة الذين هم علماء الدين ‪ ،‬وأن من‬
‫نصيحتهم‪ C‬قبول ما رووه ‪ ،‬وتقليدهم في األحكام وإ حسان الظن بهم "‪.128‬‬
‫ولذلك لما سئل ابن عباس رضي‪ C‬اهلل عنه عن أمر السلطان بالمعروف‪ C‬ونهيه عن المنكر قال ‪ :‬إن كنت فاعال وال بد‬
‫ففيما بينك وبينه ‪.129‬‬
‫الميدان الخامس (لعامتهم) ‪:‬‬
‫ومن الدين النصيحة لعامة المسلمين على القاعدة الشرعية ( توقر‪ C‬كبيرهم وتشفق على صغيرهم‪ ، C‬وتسلك في سبيل ذلك‬
‫كله الحكمة والموعظة الحسنة ‪ ،‬وإ نما المؤمن مرآة أخيه ) ‪.130‬‬
‫ومن النصيحة لعامة المسلمين ‪ :‬إرشادهم لمصالحهم‪ C‬في دنياهم وآخرتهم ‪ ،‬وكف األذى عنهم فيعلمهم‪ C‬ما يجهلونه من‬
‫دينهم ‪ ،‬ويعينهم عليه بالقول والفعل وستر عوراتهم وسد خالتهم ‪ ،‬ودفع المضار‪ C‬عنهم وجلب المنافع لهم ‪ ،‬وأمرهم‬
‫بالمعروف ونهيهم‪ C‬عن المنكر برفق وإ خالص والشفقة عليهم وتوقير‪ C‬كبيرهم ورحمة صغيرهم‪ ، C‬وتخولهم بالموعظة‬
‫الحسنة وترك‪ C‬غشهم وحسدهم‪ ، C‬وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير ويكره لهم ما يكرهه لنفسه من المكروه والذب‬
‫عن أموالهم وأعراضهم‪ C‬وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل ‪.131‬‬
‫رابعاً ‪ -‬أن يوضح شروط وآداب النصيحة ‪:‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يحدد شروط وآداب النصيحة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح شروط وآداب النصيحة ‪.‬‬
‫*********************************************‬

‫أ‪ -‬ب ‪ -‬شروط وأداب النصيحة ‪:‬‬


‫‪ - 1‬سالمة الصدر ‪:‬‬
‫النصيحة عمل طيب ‪ ،‬وهدفها‪ C‬طيب ‪ ،‬لذا وجب الحرص على أن تبقى ثمرتها‪ C‬طيبة فى نفس الناصح والمنصوح ‪،‬‬
‫فعلى الناصح أال يتغير قلبه تجاه أخيه بسبب عيب قد يراه فيه ‪ ،‬وال ينتقص من مكانته فى نفسه ‪ .‬وعلى المنصوح أن‬
‫يقبل نصح أخيه بنفس راضية ويشكر‪ C‬له ذلك ‪ ،‬فكان سيدنا عمر رضى اهلل عنه يقول ‪ " :‬رحم اهلل امرؤاً أهدى إلى‬
‫عيوبى " ‪ .‬ولخطورة سالمة الصدر نتناوله بشيء من التوضيح ‪:‬‬

‫‪127‬‬
‫مسلم (‪. )1/39‬‬
‫‪128‬‬
‫مسلم (‪. )1/39‬‬
‫‪129‬‬
‫جامع العلوم والحكم ص‪. 83‬‬
‫‪130‬‬
‫نظرات في السنة ص ‪ 84‬بتصرف ‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫صحيح مسلم شرح النووي (‪ )1/39‬بتصرف ‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫فسالمة الصدر ‪ :‬نعنى به أن يعيش المسلم سليم القلب مبرأ من وساوس‪ C‬الضغينة وثوران األحقاد إذا رأى نعمة تساق‬
‫إلى أحد من خلق اهلل رضى‪ C‬بها وأحس فضل اهلل عليه فيها وفقر عباده إليها وإ ذا رأى أذى يلحق أحداً من خلق اهلل رثى‬
‫له ورجا اهلل أن يفرج كربه ويغفر ذنبه وبذلك يحيا المسلم ناصع الصفحة راضيا‪ C‬عن اهلل وعن الناس مستريح النفس‬
‫من نزعات الحقد األعمى فإن فساد‪ C‬القلب بالضغائن داء عياء وما أسرع أن يتسرب االيمان من القلب المغشوش كما‬
‫يتسرب السائل من االناء المثلوم ‪.‬‬
‫‪132‬‬

‫والقرآن الكريم والسنة المطهرة تحث على هذا األدب بين المسلمين ‪ .‬فالحق‪ C‬سبحانه وتعالى‪ C‬يقول واصفاً‬
‫المؤمنين‪":‬والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا وإلخواننا الذين سبقونا باإليمان وال تجعل فى قلوبنا غالً‬
‫‪133‬‬
‫للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ‪".‬‬
‫وعن عبد اهلل بن عمرو قيل يا رسول اهلل أى الناس أفضل قال "صلي اهلل عليه وسلم كل مخموم القلب صدوق اللسان‬
‫‪134‬‬
‫قيل صدوق اللسان نعرفه فما مخموم‪ C‬القلب ؟قال هو التقى النقى الإثم فيه وال بغى وال غل وال حسد‪".‬‬
‫بل إن االسالم أمر صاحب الحق أن يلين وأن يقبل المعذرة عندما يجئ أخوه معتذرا ومستغفرا‪ C‬ورفض االعتذار‬
‫خطأ كبير وفى‪ C‬الحديث ‪" :‬من اعتذر إلى أخيه المسلم فلم يقبل منه كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس"‪.135‬‬
‫إن سالمة الصدر تفرض على المؤمن أن يتمنى الخير للناس إن عجز عن سوقه إليهم بيده ‪.‬‬
‫وقد‪ C‬كان النبى صلي اهلل عليه وسلم ينهى أن يبلغ عن أصحابه ما يسوءه ‪ ،‬قال صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬ال يبلغن أحد‬
‫منكم عن أحد من أصحابى شيئا فإنى أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر‪".‬‬
‫وعن أنس بن مالك قال ‪ :‬كنا جلوساً عند النبى صلي اهلل عليه وسلم " فقال يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلع رجل‬
‫من األنصار‪ C‬تقطر لحيته من وضوئه ‪ ،‬قد علق نعليه بيده الشمال ‪ .‬فلما كان الغد قال النبى مثل ذلك ‪ ،‬فطلع ذلك الرجل‬
‫مثل المرة األولى ‪ ،‬فلما كان اليوم الثالث قال النبى مثل مقالته أيضا ‪ ،‬فطلع ذلك الرجل على مثل حاله األولى ‪.‬فلما قام‬
‫النبى ‪ ،‬تبعه عبد اهلل بن عمر فقال ‪ :‬إنى الحيت‪ 136‬أبى ‪ ،‬فأقسمت‪ C‬أال أدخل عليه ثالثا ‪.‬فإن رأيت أن تؤوينى إليك حتى‬
‫تمضى فعلت‍‍‪ ،‬قال نعم قال أنس فكان عبد اهلل يحدث أنه بات معه تلك الثالث ليالى فلم يره يقوم من الليل شيئا ‪ ،‬غير‬
‫أنه إذا تعار ذكر اهلل عز وجل حتى ينهض لصالة الفجر ‪ .‬قال عبد اهلل ‪ :‬غير أنى لم أسمعه يقول إال خيرا ‪ .‬فلما مضت‬
‫الليالى الثالث وكدت أحتقر عمله ‪ .‬قلت يا عبد اهلل لم يكن بينى و بين أبى غضب وال هجره ولكنى سمعت رسول اهلل‬
‫صلي اهلل عليه وسلم يقول لك ثالث مرات يطلع عليكم اآلن رجل من أهل الجنة ‪ ،‬فطلعت أنت الثالث مرات فأردت أن‬
‫آوى إليك ‪ ،‬فأنظر ما عملك فأقتدى‪ C‬بك ‪ ،‬فلم أرك عملت كبير عمل ‪ ،‬فما الذى بلغ بك ما قال رسول اهلل ؟ قال ما هو إال‬
‫ما رأيت ‪ .‬قال عبد اهلل فلما وليت دعانى فقال ‪ :‬ما هو إال ما رأيت ‪ ،‬غير أنى ال أجد فى نفسى ألحد من المسلمين غشا‬
‫‪137‬‬
‫وال أحسد أحد ا على خير أعطاه اهلل إياه ‪ .‬فقال عبد اهلل هذه هى التى بلغت بك ‪".‬‬
‫‪.‬‬ ‫وفى‪ C‬رواية ما هو إال ما رأيت يا ابن أخى ‪ ،‬إال أنى لم أبت ضاغنا على مسلم‬

‫خلق المسلم ص ‪9.‬‬ ‫‪132‬‬

‫‪10‬‬ ‫الحشر‬ ‫‪133‬‬

‫ابن ماجه‬ ‫‪134‬‬

‫نوع خبيث من نهب المال‬ ‫المكس‬ ‫ابن ماجه‬ ‫‪135‬‬

‫‪ 000‬خاصمته‬ ‫الحيت‬ ‫‪136‬‬

‫من كتاب خلق المسلم ص ‪98‬‬ ‫أحمد‬ ‫‪137‬‬

‫‪132‬‬
‫وعن أبى ذر أن رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم قال ‪ " :‬قد أفلح من أخلص قلبه لإليمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا‪C‬‬
‫‪138‬‬
‫ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة "‬
‫‪ - 2‬حسن الظن ‪:‬‬
‫على المسلم أن يحسن الظن بالمسلمين جميعا وأن ال يبنى أحكامه فيهم على الظاهر ويكل أمر السرائر إلى اهلل ‪ ،‬وعلى‬
‫الناصح أن يبنى نصيحته على التثبت واليقين ال على الظن والتخمين ‪ ،‬حتى ال تتحول النصيحة إلى اتهام وافتراء‪ C‬وظلم‬
‫واعتداء ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪139‬‬
‫قال اهلل تعالى ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم "‬
‫ينهى اهلل تعالى عباده عن ٍ‬
‫كثير من الظن ‪ ،‬وهو التهمة والتخون لألهل واألقارب والناس في غير محله ‪ ،‬ألن بعض ذلك‬
‫إثم محض فليتجنب كثيراً منه احتياطا‪.140 C‬‬
‫وفى‪ C‬الحديث الشريف‪ C‬عن أبى داود قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬حسن الظن من حسن العبادة " ‪( .‬سنن‬
‫أبى داود رقم ‪. )4993‬‬
‫‪ ،‬والمراد‪ C‬النهي عن الظن السيئ ‪.‬‬ ‫‪141‬‬
‫وفي‪ C‬الحديث الشريف‪ " C‬إياكم والظن ‪ ،‬فإن الظن أكذب الحديث "‬
‫وعن أمير المؤمنين عمر رضي اهلل عنه قال ‪ " :‬وال تظن بكلمة خرجت من أخيك إال خيرا وأن تجد لها في الخير‬
‫‪.‬‬ ‫‪142‬‬
‫محمال "‬
‫فال يجوز أن يبنى النصح على الظن والشك ‪ ،‬قال رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬إياكم والظن فإن الظن أكذب‬
‫‪143‬‬
‫الحديث "‪.‬‬
‫‪ -3‬إخالص النية ‪:‬‬
‫يقول اإلمام البنا ‪ " :‬ومن واجبنا أن نجعل النصيحه خالصة لوجه اهلل ‪ ،‬و مهذبة ‪..‬فيجب يا أخى أن تخلص‬
‫‪144‬‬
‫النصيحة هلل وتعين أخاك على قبولها‪ C‬وتظهر الشفقة والحنان والمحبة واللين ‪".‬‬
‫فالنصيحة يجب أن ال يخالطها شئ من هوى النفس أو حب التشفى أو التحقير أو التوبيخ وما على شاكلة ذلك من‬
‫‪145‬‬
‫مقاصد ذميمة ‪.‬‬
‫‪ -4‬تحرى األسلوب السليم ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يستر على الناس عيوبهم ‪:‬‬
‫يقول الحق سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز ‪ " :‬إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى‬
‫‪146‬‬
‫الدنيا واآلخرة واهلل يعلم وأنتم ال تعلمون "‬

‫نفس المصدر السابق‬ ‫‪138‬‬


‫‪139‬‬
‫أية ‪ 12‬الحجرات‬ ‫‪140‬‬
‫ابن كثير (‪)4/244‬‬ ‫‪141‬‬
‫متفق عليه ‪.‬‬ ‫‪142‬‬
‫ابن كثير (‪. )244 /4‬‬
‫سبق تخريجه‬ ‫‪143‬‬

‫حديث الثالثاء ص‪. 128، 127‬‬ ‫‪144‬‬

‫المدخل فى التربية ص‪163‬‬ ‫‪145‬‬

‫النور ‪19‬‬ ‫‪146‬‬

‫‪133‬‬
‫وجاء فى الحديث الشريف‪ C‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬ال يستر عبد عبداً فى الدنيا إال ستره اهلل يوم القيامة‬
‫وقال أيضاً عليه الصالة‬ ‫‪148‬‬
‫‪ .‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬من ستر على مؤمن عورة فكأنما‪ C‬أحيا موؤدة ‪".‬‬ ‫‪147‬‬
‫"‬
‫والسالم‪ " : C‬من علم من أخيه سيئة فسترها‪ C‬ستر اهلل عليه يوم القيامة‪"149.‬وقال‪ C‬الفضيل بن عياض رحمه اهلل "المؤمن‬
‫يستر و ينصح والفاجر يهتك ويعير‪".‬‬
‫فالداعية مثل الطبيب فى مهنته قد يطلع على بعض العورات ليعالجها فيجب عليه سترها وعدم فضح صاحبها ‪. 150‬‬
‫ب‪ -‬ينصحه على انفراد ‪:‬‬
‫ألن ذلك أوقع فى نفسه وأحوط من دخول الشيطان إليه وصدق‪ C‬على بن أبى طالب حيث يقول ‪ " :‬النصح بين المأل‬
‫تقريع "‪.‬‬
‫ج‪ -‬ينصحه بأدب ورفق ولين ‪:‬‬
‫فيختار‪ C‬الكلمة الطيبة فكم من كلمة لم يلق قائلها لها باال أورثت أحقاداً وعداءات‪.‬‬
‫د‪ -‬يتجنب الغلظة والفظاظة ‪:‬‬
‫‪151‬‬
‫التى تغلق القلوب وتصم اآلذان قال تعالى ‪ " :‬ولو كنت فظاً غليظ القلب النفضوا من حولك ‪".‬‬
‫هـ‪ -‬يتخير المكان والزمان والمناسبة ‪ :‬التى يرى فيها نصحه وإ رشاده تماما ‪.‬‬
‫و‪ -‬التواضع والتماس العذر لآلخرين ‪ :‬والعلم بأن ما عنده يحتمل الخطأ وإ ن ظن أنه صواب وأن ما عند غيره يحتمل‬
‫الصواب وإ ن ظنه خطأ ‪.‬‬
‫‪ -5‬تحرى الموضوعية ‪:‬‬
‫بالدليل الشرعى والنقاش الجيد والرجوع إلى من هو أعلم باألمر لقول الحق سبحانه وتعالى‪" : C‬وإ ذا جاءهم أمر من‬
‫األمن أو الخوف‬
‫أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإ لى أولى األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولوال فضل اهلل عليكم ورحمته‬
‫‪152‬‬
‫التبعتم الشيطان إال قليال‪".‬‬
‫‪ -6‬الصبر‪:‬‬
‫فال يتقاعس الناصح أو يثبط عزمه إذا وجد عدم استجابة من المنصوح ألن األمر يحتاج إلى صبر وقد‪ C‬ال تلقى نصيحته‬
‫قبوال ‪ ،‬قال تعالى على لسان نبى اهلل سيدنا صالح عليه السالم ‪ " :‬لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن ال تحبون‬
‫‪153‬‬
‫الناصحين ‪".‬‬
‫‪ -7‬القدوة الحسنة ‪:‬‬

‫رواه مسلم رقم‪4692‬‬ ‫‪147‬‬

‫الطبرانى‬ ‫‪148‬‬

‫الطبرانى‬ ‫‪149‬‬

‫بصائر دعوية ص‪ 46‬بتصرف‬ ‫‪150‬‬

‫آل عمران ‪159‬‬ ‫‪151‬‬

‫النساء ‪83‬‬ ‫‪152‬‬

‫األعراف ‪79‬‬ ‫‪153‬‬

‫‪134‬‬
‫أى العمل بما ينصح به واستقامة سلوكه ‪ .‬إن القدوة الحسنة زاد ال غنى عنه للناصح ‪ ،‬فتلك القدوة فى حد ذاتها نصح‬
‫ودعوة للخير ‪ .‬إن الرجل الذى ينصح غيره وهو مفتقر إلى ذلك النصح رجل فى عقله شىء ؛ إذ أنه يدل غيره إلى‬
‫طريق‪ C‬الصالح والجنة ويصر هو على السير فى طريق الضالل إلى النار ‪ .‬فإنه ال خير فى علم بدون عمل ‪ ،‬وإ ن من‬
‫أخطر ما يصاب به الناصح انفصال علمه عن عمله قال اهلل تعالى ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ماال تفعلون كبر‬
‫‪154‬‬
‫مقتا عند اهلل أن تقولوا ما ال تفعلون "‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمد الغزالى رحمه اهلل ‪ " :‬إن صالح المؤمن هو أبلغ خطبة تدعو الناس إلى اإليمان ‪ ،‬وخلقه الفاضل هو‬
‫‪.‬‬ ‫‪155‬‬
‫السحر الذى يجذب إليه األفئدة ‪ ،‬ويجمع عليه القلوب "‬
‫خامساً ‪ -‬أن يجاهد نفسه على قبول النصيحة والعمل بها ‪:‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أن يوضح أهمية طلب النصيحة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن يوضح أهمية قبول النصيحة والعمل بها ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫***************************************************************‬
‫أ‪ -‬أهمية طلب النصيحة ‪:‬‬
‫الحرص على النصيحة وطلبها يورث أمور كبيرة حسنة فى قلب المسلم ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬فهو لم يغفل عن نفسه وشرورها وشحها فعلم أن فيها معايب يجب أن تعالج ‪.‬‬
‫يغير ما يعلمه من عيب فى نفسه ما دام مقّراً به عالما ‪.‬‬
‫‪-‬وهو مستعد ألن ّ‬
‫‪-‬ثم إنه شغل بنفسه عن النظر إلى عيوب الناس ‪ ،‬ومن شغل بنفسه نجا ‪ ،‬ومن انشغل بالنظر إلى معايب الناس هلك ‪.‬‬
‫‪156‬‬
‫وقد‪ C‬حذر الرسول صلي اهلل عليه وسلم فى الحديث ‪" :‬يبصر‪ C‬أحدكم القذاة فى عين أخيه وينسى الجذع فى عين نفسه "‬
‫يقول السرى السقطى رحمه اهلل "من عالمة االستدراج للعبد عماه عن عيبه واطالعه على عيوب الناس ‪"157‬‬
‫* وبعد أن عرفت قيمة النصيحة فى ديننا ‪ ،‬فاحرص على طلبها وقبولها‪ C‬بل وشكر صاحبها‪ C‬والعمل بها لعل فى ذلك‬
‫الخير لك ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أهمية قبول النصيحة والعمل بها ‪:‬‬
‫‪ -‬وطلب النصيحة إنما يكون لقبولها ‪ ،‬فالقبول ليس أدنى أهمية من طلب النصيحة ‪ ،‬بل هو الثمرة ‪ ،‬واالستجابة‬
‫أن فيه‬
‫لحرص النفس على معالجة عيوبها ‪ ،‬فمن عرف نفسه واشتغل بالنظر‪ C‬إليها عن النظر إلى عيوب الناس ‪ ،‬أدرك ّ‬
‫من المعايب ما يجعله يصرف‪ C‬همه للبحث عن النصحاء ليدلوه عليها ويعينوه على تالفيها ‪.‬‬
‫‪158‬‬

‫‪ -‬يقول عمر بن عبد العزيز ‪ " :‬من وصل أخاه بنصيحة فى دينه ونظر له فى صالح دنياه فقد أحسن صلته وأدى‬
‫واجب حقه "‪.‬‬

‫الصف ‪3، 2‬‬ ‫‪154‬‬

‫‪ -‬الشيخ محمد الغزالى‬ ‫مع اهلل‬ ‫‪155‬‬

‫أخرجه بن حيان موارد الظمآن ‪1848‬‬ ‫‪156‬‬

‫رسائل فتيان الدعوة ص‪248‬‬ ‫‪157‬‬

‫رسائل فتيان الدعوة ص ‪251، 249‬‬ ‫‪158‬‬

‫‪135‬‬
‫‪-‬وجعله الحارث المحاسبى دليل الحب فقال ‪ " :‬واعلم أن من نصحك فقد أحبك ومن داهنك فقد غشك ومن لم يقبل‬
‫نصيحتك فليس بأخ لك "‪.‬‬
‫فالمؤمن مرآة أخيه يرى فيه عيوبه فيصححها و يقومها كما قال الحسن البصرى ‪ " :‬المؤمن شعبة من المؤمن‬
‫وهو مرآة أخيه إن رأى منه مايعيبه سدده وقومه ونصحه بالسر والعالنية "‬
‫‪ -‬والصادق يفرح بالنصيحة وأنسها‪ C‬ويحس كأنه حاز على كنز ثمين ‪ .‬أما الكاذب فيبغض النصيحة وقد‪ C‬وصف اهلل‬
‫تعالى الكذابين فى كتابه ببغضهم للنصيحة ‪ " :‬ولكن ال تحبون الناصحين " األعراف ‪. 79‬‬
‫عزة تأبى عليه أن يقبل نصيحة الناصح ويرد كلمة الحق ‪ ،‬و قد بين‬
‫‪ -‬وال رفض أحد النصيحة إال لكبر فى نفسه ‪ ،‬أو ّ‬
‫الرسول صلي اهلل عليه وسلم فى الحديث أن رد الحق وعدم قبوله هو الكبر ‪ ،‬عن عبد اهلل بن مسعود رضي‪ C‬اهلل عنه‬
‫إن الرجل‬
‫عن النبى صلي اهلل عليه وسلم أنه قال ‪ " :‬ال يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر " ‪ .‬قال رجل ‪ّ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪159‬‬
‫يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا؟ قال ‪ :‬إن اهلل جميل يحب الجمال ‪ ،‬الكبر بطر الحق ‪ ،‬وغمط الناس "‬
‫والمتكبر‪ C‬يرى انه متميز على غيره بفضيلة العلم أو العمل أو المال أو الجاه أو الصالح أو القوة أو الجمال أو غير ذلك‬
‫من النعم الظاهرة فيصرفه ذلك عن إصالح نفسه وعن االلتفات إلى نصيحة غيره ‪ ،‬وبذلك يتعطل نشاطه عن التقدم‬
‫والرقى ‪ . 160‬وقد‪ C‬وصف اهلل عز وجل المتكبرين وعدم قبولهم للحق بقوله عز وجل ‪ " :‬وإ ذا قيل له اتق اهلل أخذته‬
‫‪.‬‬ ‫‪161‬‬
‫العزة باإلثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد "‬
‫ّ‬
‫‪ -‬النصيحة ُمرّة قلّ من يتقبلها و لذلك وجب على المنصوح أن يوطن نفسه على قبولها‪ C‬واالنتفاع بها لعلها تكون فيها‬
‫نجاته ‪ ،‬وهذا األمر يحتاج إلى أطر النفس على الحق أطراً والصبر عليها حتى يسلس قيادها‪. C‬‬
‫إلى‬
‫‪ -‬اعتبر أن النصيحة هدية فال ترفضها كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه ‪ " :‬رحم اهلل امرءاً أهدى ّ‬
‫عيوبى ‪.‬‬
‫سادساً ‪ -‬أن يتدرب على أداء النصيحة ‪:‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح الدارس كيف تكون النصيحة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يذكر نماذج من سيرة السلف الصالح فى أداء وقبول النصيحة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن يذكر الدارس بعض األمور المعينة على أداء النصيحة ‪.‬‬
‫*********************************************************‬
‫‪ .1‬أن يوضح الدارس كيف تكون النصيحة ‪:‬‬
‫‪ -‬على من أراد أن يقدم نصيحة ألخيه أن يقدمها فى طبق شهى ال فى صورة كريهة ‪.‬‬
‫‪ -‬عليك أال تظهر األستاذية عليه أو أنك أفضل منه فتضطره إلى اإلعراض عنك ورد النصيحة ‪.‬‬
‫‪ -‬عليك بالتعريض أو طرق الموضوع بصورة غير مباشرة فقد كان رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم إذا أتى أحد فى‬
‫مجلسه شيئا منافيا‪ C‬يقول ‪ " :‬ما بال أقوام يقولون كذا أويفعلون كذا ‪ ،‬ويعطون كذا ‪"..‬‬

‫رواه مسلم ‪91‬‬ ‫‪159‬‬

‫إسالمنا ‪/‬سيد سابق ص ‪203‬‬ ‫‪160‬‬

‫البقرة ‪206‬‬ ‫‪161‬‬

‫‪136‬‬
‫وكما فعل الحسن والحسين حينما رأيا رجالً كبيراً ال يحسن الوضوء‪ C‬فجاءاه كأنهما اختلفا على الوضوء‪ ، C‬أحدهما‬
‫يحسن الكيفية واألخر ال يحسن فعرف أنه أخطأ وصحح وضوءه ‪. 162‬‬
‫‪ -‬النصيحة مرة قل من يتقبلها و لذلك على الداعى أن يكون حكيما فى نصحه ويتبع سبيل الموعظة الحسنة قال تعالى "‬
‫‪163‬‬
‫ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة "‪.‬‬
‫‪ّ -‬بين ألخيك حرصك عليه ومحبتك له ورغبتك فى نفعه وزهدك‪ C‬فيما عنده من دنيا ‪ ،‬فإن الناس إذا رأوا منك طمعا‬
‫ومن ثم قال اهلل تعالى ‪ ":‬أم تسألهم أجرا‬ ‫فيما فى أيديهم وحرصاً على دنياهم نفروا منك وزهدوا‪ C‬فيك وفى قولك ‪.‬‬
‫‪164‬‬

‫‪166‬‬
‫وقال تعالى ‪ " :‬قل ما سألتكم عليه من أجر فهو لكم ‪".‬‬ ‫‪165‬‬
‫فهم من مغر م مثقلون "‪.‬‬
‫‪ -‬القراءة فى سير الصحابة والصالحين ورجال الدعوة ‪ .‬وحتى‪ C‬تقف على هذه الصورة المشرفة لرجال األمة ‪ ،‬الذين‬
‫‪167‬‬
‫لم يخلو منهم جيل ‪ .‬فقد كان الصحابة رضوان اهلل عليهم يتناصحون فيما بينهم ويبايعون النبى على هذا التناصح ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬والحقيقةـ أن سيرة السلف الصالح من أمتنا مليئة بالنماذج الرائعة التى تجسد لنا أدب النصيحة ‪:‬‬
‫من ذلك ما حكاه ابن العربى عن محمد بن القاسم العثمانى أنه حضر مجلس الشيخ أبى الفضل الجوهرى‪ ، C‬فكان مما قال‬
‫فى درسه إن النبى صلي اهلل عليه وسلم طلق ‪ ،‬وظاهر‪ ، C‬وآلى ‪.‬‬
‫قال العثمانى ‪ :‬فلما خرج تبعته ‪ ،‬فقلت له‪ :‬حضرت مجلسك اليوم متبركا‪ C‬بك وسمعتك‪ C‬تقول ‪ :‬آلى رسول اهلل صلي اهلل‬
‫عليه وسلم وصدقت ‪ ،‬وطلق رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم وصدقت ‪ ،‬وقلت ‪ :‬وظاهر رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم‬
‫وهذا لم يكن وال يصح أن يكون ‪ ،‬ألن الظهار منكر من القول وزور ‪ ،‬وذلك ال يجوز أن يقع من الرسول صلي اهلل‬
‫وقبل رأسى ‪ :‬وقال لى أنا تائب من ذلك جزاك اهلل عنى من علم خيراً ‪ .‬وفى اليوم‬
‫عليه وسلم ‪ .‬قال‪ :‬فضمنى إلى نفسه ّ‬
‫التالى نادى عليه من بين الناس ودعاه إلى المنبر حتى رآه الناس ‪ ،‬وقال لهم أنا معلمكم ‪ ،‬وهذا معلمى ‪ ،‬ثم حكى لهم ما‬
‫حدث باألمس ‪.‬‬
‫‪168‬‬

‫‪ -‬انظر إلى سيدنا معاوية وناقديه ‪:‬‬


‫دخل أبو مسلم الخرسانى‪ C‬على سيدنا معاوية وقال ‪ :‬السالم عليك أيها األجير ‪.‬فقال الناس ‪ :‬األمير يا أبا مسلم‬
‫فقال السالم عليك أيها األجير ‪.‬فقال الناس األمير ‪ :‬فقال معاوية ‪ :‬دعوا أبا مسلم هو أعلم بما يقول ‪ ،‬قال أبو مسلم ‪ :‬إنما‬
‫مثلك مثل رجل استأجر أجيرا ‪ ،‬فواله ماشيته ‪ ،‬وجعل له األجر ‪،‬على أن يحسن الرعية ويوفر‪ C‬جزارها وألبانها ‪ ،‬فإن‬
‫هو أحسن رعيتها ‪ ،‬ووفر‪ C‬جزارها حتى تلحق الصغيرة ‪ ،‬وتسمن العجفاء ‪ ،‬أعطاه أجره ‪ ،‬وزاد من قبله زيادة ‪ ،‬وإ ن هو‬
‫لم يحسن رعيتها حتى تهلك العجفاء ‪ ،‬وتعجف‪ C‬السمينة ‪ ،‬ولم يوفر جزارها وألبانها‪ C‬غضب عليه صاحب األجر فعاقبه‬
‫ولم يعطه األجر ‪ .‬فقال معاوية ما شاء اهلل كان …‪.169‬‬

‫رسائل فتيان الدعوة ص ‪ 253، 252‬بتصرف‬ ‫‪162‬‬

‫النحل ‪125‬‬ ‫‪163‬‬

‫فقه األخالق والمعامالت مع المؤمنين ص‪173‬‬ ‫‪164‬‬

‫القلم ‪46‬‬ ‫‪165‬‬

‫سبأ ‪47‬‬ ‫‪166‬‬

‫ركائز الدعوة ص ‪115‬‬ ‫‪167‬‬

‫فقه النصيحة ص‪29‬‬ ‫‪168‬‬

‫نظرات فىالسنة ص‪88‬‬ ‫‪169‬‬

‫‪137‬‬
‫‪ -‬اإلمام البنا والتطبيق العملى للنصيحة ‪:‬‬
‫تالميذ االمام على الدرب لقد غرس فيهم روح النصيحة فتقدموا‪ C‬بالنصيحة ‪ ،‬وما يوم االسماعيلية عنا ببعيد حين وقف‬
‫األستاذ ‪ /‬عمر التلمسانى وتقدم بالنصيحة فى أدب جم لرئيس الدولة ‪ ،‬فلنواصل المسيرة بحسن الصلة باهلل ودعاء‬
‫السحر وسهام‪ C‬القدر‪170.‬روى الشيخان عن جرير بن عبد اهلل رضي‪ C‬اهلل عنه يقول بايعت الرسول صلي اهلل عليه وسلم‬
‫على إقامة الصالة وإ يتاء الزكاة و النصح لكل مسلم ‪ .‬فكان الرجالن إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على األخر‬
‫سورة العصر ثم يسلم أحدهما على األخر ‪ ،‬فكانا يتعاهدان على اإليمان والعمل الصالح والتواصى‪ C‬بالحق والتواصى‪C‬‬
‫‪171‬‬
‫بالصبر‪. C‬‬
‫ج‪ -‬وإ ليك أخى المسلم بعض األمور المعينة على أداء النصيحة ‪:‬‬
‫‪ -‬تذكره بما فيه من محاسن أثناء النصيحة ‪ ،‬فمثال تقل له يا هذا عهدناك تفهم ونعرف عنك الفضل والذكاء ولكنك فى‬
‫هذه المسألة ابتعدت شيئا ما عن الصواب… لعلك متعب …‬
‫لعلك مرضت … لعلك………‪،..‬وذلك حتىتسمح له بالتفكير أو إعادة النظر…‬
‫فانظر‪ C‬إلى قوله تعالى ‪" :‬إن إبراهيم لحليم أواه منيب ‪ ".‬هود ‪ 75‬ثم قال اهلل تعالى بعدها ‪" :‬ياإبراهيم أعرض عن هذا‬
‫‪ ".‬هود ‪76‬‬
‫وكذلك قوله تعالى لرسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ‪" :‬عفا اهلل عنك لم أذنت لهم ‪ ".‬التوبة ‪ 43‬فإذا فعل صاحبك شيئاً ال‬
‫تريده فقل له عفا اهلل عنك لم صنعت كذا … فإذا فعلت ذلك هيأته لما تريد أن تقوله ‪ ،‬وأدخلت الثقة فى نفسه وحملته‬
‫‪172‬‬
‫على اإلصالح ‪.‬‬

‫التطبيق ‪:‬‬
‫القدوة فى إبداء النصيحة وقبول النصيحة ‪ ،‬ألنه قد طغت األقوال على األفعال و أصبح الناصح غير منصوح فى حد‬
‫ذاته وقد‪ C‬حذرنا اهلل تعالى من ذلك ‪ " :‬أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكمـ " البقرة ‪44‬‬
‫فمثل هؤالء يقال لهم قول القائل ‪:‬‬
‫هال لنفسك كان ذا التعليم‬ ‫أال أيها الرجل المعلـ ــم غيره‬
‫فإذا انتهت عنه فأنت حكيم‬ ‫فأبدأ بنفسك فانهها عـ ــن غيها‬
‫كيما تصح به وأنت سقيــم‬ ‫تصف الدواء لذى السقام وذى الضنا‬
‫عار عليك إذا فعلت عظيـم‬ ‫ال تنه عن خلق وتأت بمثل ـ ــه‬
‫‪ -‬ومما يعينك على النصيحة القرب من المنصوح والحرص على خدمته ما استطعت إلى ذلك سبيال ومعاونته إذا‬
‫احتاج إلى عونك ‪.‬‬
‫‪173‬‬
‫‪ -‬المساهمة فى حل مشاكل الناس فى جو من الصدق و إخالص التوجه هلل ‪.‬‬
‫‪ -‬أعط النصيحة على أجمل وجه ‪ ،‬و اقبلها على أى وجه‪ .‬وتذكر‪ C‬رحم اهلل امرءاً أهدى إلى عيوبى‬

‫نظرات فى السنة ص‪98، 97‬‬ ‫‪170‬‬

‫ص‪115‬‬ ‫ركائز الدعوة‬ ‫‪171‬‬

‫فقه األخالق والتعامل مع المؤمنين ص ‪32، 31‬‬ ‫‪172‬‬

‫المدخل فى التربية ص‪ 164‬بتصرف‬ ‫‪173‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ -‬احرص على سالمة الصدر وتنقية القلب من الحقد والحسد والبغضاء‪ C‬و الشحناء ‪ ،‬و تذكر أن أقل مراتب األخوة‬
‫سالمة الصدر وأعالها اإليثار ‪ .‬واألخ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه من نفسه ألنه إن لم يكن بهم فلن يكون بغيرهم‬
‫‪174‬‬
‫وهم إن لم يكونوا‪ C‬به كانوا بغيره ‪.‬‬

‫وتذكر األمور التاليه دائما ‪-:‬‬


‫* أن تخلص وتبتغى األجر فى نصيحتك‪. C‬‬
‫* تقبل نصح كل من ينصحك وإ ن كان أقل منك علما وسنا‪.‬‬
‫* اطلب النصيحة دائما من إخوانك و أعنهم على نفسك ‪.‬‬
‫* ال تتصيد‪ C‬أخطاء إخوانك واحرص على سترهم‪. C‬‬
‫* ال تنس آداب النصيحة وأن تلزم نفسك العمل بها ‪.‬‬
‫‪175‬‬
‫" هذه األمور وغيرها ‪ ،‬باتباعها نأمل أن تحوز على السعادة والخير وأن تغنم أجر العاملين بنصيحتك"‪.‬‬

‫التقويم‬
‫‪ .1‬اذكر معنى النصيحة فى اللغة ‪.‬‬
‫‪ .2‬وضح تعريف النصيحة فى كالم العلماء ‪.‬‬
‫‪ .3‬وضح أهمية النصيحة ‪.‬‬
‫‪ .4‬وضح وجوب النصيحة ‪.‬‬
‫‪ .5‬حدد مجاالت وميادين النصيحة ‪.‬‬
‫‪ .6‬وضح مجاالت وميادين النصيحة ‪.‬‬
‫‪ .7‬حدد شروط وآداب النصيحة ‪.‬‬
‫‪ .8‬وضح شروط وآداب النصيحة ‪.‬‬
‫قوم‪ C‬مدى التزامك الشخصى بشروط وآداب النصيحة – محدداً نقاط الخلل والعالج ‪.‬‬
‫‪ِّ .9‬‬
‫اذكر مواقف‪ C‬عملية مررت بها شخصياً استخدمت فيها النصيحة بآدابها وما تأثير ذلك على المنصوح ‪.‬‬ ‫‪.10‬‬
‫اذكر مواقف‪ C‬شخصية فى قبولك‪ C‬لنصيحة قدمت إليك ‪ -‬وما الذى ساعد على قبولها ؟‬ ‫‪.11‬‬
‫وضح أهمية طلب النصيحة ‪.‬‬ ‫‪.12‬‬
‫وضح أهمية قبول النصيحة والعمل بها ‪.‬‬ ‫‪.13‬‬
‫وضح كيف تكون النصيحة ‪.‬‬ ‫‪.14‬‬
‫اذكر نماذج من سيرة السلف الصالح فى أداء وقبول النصيحة ‪.‬‬ ‫‪.15‬‬
‫اذكر نماذج عايشتها وتأثرت بها فى ( طلب – قبول – أداء ) النصيحة ‪.‬‬ ‫‪.16‬‬
‫اذكر بعض األمور‪ C‬المعينة على أداء النصيحة ‪.‬‬ ‫‪.17‬‬
‫اذكر من خالل تجاربك‪ C‬الشخصية بعض األمور‪ C‬المعينة على ( أداء – قبول ) النصيحة ‪.‬‬ ‫‪.18‬‬

‫الرسائل ص‪399‬بتصرف‬ ‫‪174‬‬

‫رسائل فتيان الدعوة ص‪258، 257‬‬ ‫‪175‬‬

‫‪139‬‬
‫** استبانة يستعين بها الدارس فى تقويم مدى تحقيقه لشروط وآداب النصيحة ومدى قبوله لها ‪:‬‬

‫غالباً أحيانا نادراً‬ ‫دائماً‬ ‫السلوك ( سالمة الصدر وحسن الظن وآداب النصيحة )‬
‫‪1‬‬ ‫ً‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الدرجة العظمى = ‪ * 4‬عدد البنود‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬حسن الظن ‪:‬‬
‫( الدرجة العظمى ‪ 72‬درجة )‬
‫‪ -1‬أحرص على أال يتغير قلبى تجاه أخي بسبب عيب وقع فيه ‪.‬‬
‫‪ -2‬ال أنتقص من مكانته فى نفسى ‪.‬‬
‫‪ -3‬أبنى نصيحتى على التثبت واليقين ال على الظن والتخمين ‪.‬‬
‫‪ -4‬ال أظن بكلمة خرجت من أخي إال خيرا وأحرص على أن أجد لها في‬
‫الخير محمال ‪.‬‬
‫‪ -5‬ال أتقاعس إذا وجدت عدم استجابة من المنصوح ‪.‬‬
‫‪ -‬سالمة الصدر ‪:‬‬
‫‪ -6‬أجعل النصيحه خالصة لوجه اهلل ‪.‬‬
‫‪ -7‬أحرص على أن أظهر للمنصوح الشفقة والحنان والمحبة واللين ‪.‬‬
‫‪ -8‬أحرص فى النصيحة أن ال يخالطها شئ من هوى النفس أو حب التشفى‬
‫أو التحقير ‪.‬‬
‫أبين ألخي حرصى عليه ومحبتى له ورغبتى فى نفعه وزهدي فيما عنده‬
‫‪ّ -9‬‬
‫من دنيا ‪.‬‬
‫آداب النصيحة ‪:‬‬
‫أستر على الناس عيوبهم حين أنصحهم ‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫أحرص على أن أنصح أخى على انفراد ‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫‪ -12‬أتجنب الغلظة والفظاظة فى النصيحة ‪.‬‬
‫‪ -13‬أتخير المكان والزمان والمناسبة ‪.‬‬
‫‪ -14‬أتحرى الموضوعية فى النصيحة ‪.‬‬
‫‪ -15‬أحرص على أن أكون قدوة فى سلوكى وأن أعمل بما أنصح به ‪.‬‬
‫أتواضع فى النصيحة وال أظهر األستاذية على المنصوح ‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫‪ -17‬ال أنه عن خلق وآتى بمثل ـ ــه ‪.‬‬
‫‪ -18‬أعط النصيحة على أجمل وجه ‪.‬‬
‫( الدرجة العظمى ‪28‬‬ ‫* قبول النصيحة والعمل بها ‪:‬‬
‫درجة )‬
‫‪ -1‬اشتغل بالنظر إلي عيوب نفسى عن النظر إلى عيوب الناس ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫‪ -2‬أفرح بالنصيحة وأحس كأننى حزت على كنز ثمين ‪.‬‬
‫‪ -3‬ال أتكبر على قبول النصيحة ‪.‬‬
‫‪ -4‬اعتبر أن النصيحة هدية فال أرفضها ‪.‬‬
‫‪ -5‬اقبل النصيحة على أى وجه جاءت وأتذكر رحم اهلل امرءاً أهدى ّ‬
‫إلى‬
‫عيوبى ‪.‬‬
‫‪ -6‬أتقبل نصح كل من ينصحنى وإ ن كان أقل منى علماً وسناً ‪.‬‬
‫‪ -7‬أحرص على طلب النصيحة دائما من إخوانى ‪.‬‬

‫*** احسب درجاتك وقارنها بالدرجة العظمى فإن وجدت خيراً فاحمد اهلل على ذلك واحرص دوماً على الخير ‪ ،‬وإ ن‬
‫وجدت تقصيراً ‪ ،‬فحدد أين هو ؟ وما سببه ؟ وجاهد نفسك حتى تصلح من شأنها وحتى تحقق هذا األدب الرفيع‬
‫واسأل اهلل لك العون دائماً ‪.‬‬

‫المصادر‬

‫‪ -1‬فى ظالل القرآن دار الشروق‪C‬‬


‫‪ -2‬تفسير القرآن العظيم‪ -‬ابن كثير –مكتبة االيمان بالمنصورة ‪ -‬ط‪1996– 1‬‬
‫‪ -3‬صحيح مسلم شرح االمام النووى ‪-‬مكتبة الغزالى –‪1349‬هجرية‪.‬‬
‫‪ -4‬إيضاح المعاني الخفية فى االربعين النووية‪-‬دار الوفاء‪-‬محمد تاتاى‪-‬ط‪1994 -1/‬‬
‫‪ -5‬جامع العلوم والحكم ‪ -‬ابن رجب الحنبلى –مكتبة االيمان‪. 1994-‬‬
‫‪ -6‬الحقوق االسالمية – طه العفيفى ‪-‬دار التراث العربى‪-‬ط‪. 1985-1‬‬
‫‪ -7‬رياض الصالحين – دار الحديث ‪-‬‬
‫‪ -8‬مجموعة الرسائل‪-‬دار الدعوة –‪. 1990‬‬
‫‪ -9‬كتاب التعريفات ‪ -‬على بن محمد الجرجانى‪-‬دار الرشاد‪. 1991-‬‬
‫‪ -10‬خلق المسلم –دار الدعوة ‪0 1994-‬‬
‫‪ -11‬ركائز‪ C‬الدعوة – دار التوزيع‪ C‬والنشر ‪. 1995‬‬
‫‪ -12‬فقه األخالق والمعامالت مع المؤمنين ‪-‬مصطفى العدوى‪ – C‬دار ماجد عسيرى‪1998‬‬
‫‪ -13‬نظرات فى السنة –االمام البنا –دار التوزيع‪. 1994 C‬‬
‫‪ -14‬بصائر‪ C‬دعوية –دار السالم‪– 2002-‬محمد أبو الفتح البيانونى‪.‬‬
‫‪ -15‬رسائل فتيان الدعوة –مؤسسة الكلمة‪ 1994-‬جاسم بن محمد مهلهل الياسين‪.‬‬
‫‪ -16‬فقه النصيحه فى ظل االسالم أحمد جاد دار الكلمة ‪99‬‬
‫‪ -17‬الترغيب والترهيب دار الحديث‬
‫‪ -18‬المدخل فى التربية من المعرفة الى السلوك‬
‫سيد سابق‬ ‫‪ -19‬إسالمنا‬
‫‪141‬‬
‫‪-20‬حديث الثالثاء االمام البنا‬

‫الفصل السابع‬

‫وجوب العمل الجماعي‬

‫الهدف العام‬
‫أن يؤمن بوجوب العمل الجماعي‬
‫و تتحقق لديه الرغبة األكيدة لالنضمام للجماعة‬
‫األهداف المرحلية ‪:‬‬
‫أن يوضح وجوب العمل الجماعى ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أن يوضح الشبهات المثارة حول العمل الجماعي ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أن يوضح فوائد العمل الجماعي على الفرد ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أن يوضح شروط و متطلبات العمل الجماعي ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫أن يوضح المواصفات التي يجب توافرها في الجماعة ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫أن يبدي استعدادا و رغبة أكيدة للعمل معها ‪.‬‬ ‫‪.6‬‬

‫الهدف المرحلى األول ‪ :‬أن يوضح وجوب العمل الجماعي ‪.‬‬


‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪142‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح أهمية العمل الجماعى ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح شرعية العمل الجماعى ‪.‬‬
‫أوالً ‪ :‬أهمية العمل الجماعى ‪.‬‬
‫ال يستطيع‪ C‬إنسان أن يعيش بمفرده فى هذا الكون الفسيح ‪ ،‬وإ ال كتب على نفسه الفناء ‪ ،‬فال غناء عن التعاون و‬
‫التآزر والعمل الجماعي حتى فى أبسط األمور‪ C‬الحياتية وتأتى‪ C‬أهمية العمل الجماعي لألسباب اآلتية ‪-:‬‬

‫أ ‪ -‬الجماعة سنة كونية ‪-:‬‬


‫فلما هو مشاهد فى هذا الوجود‪ C‬أو هذا الكون من أن كل مجموعة متجانسة تتعاون وتتآزر فيما بينها لتحقيق ما‬
‫خلقت له ‪ ،‬فها هي المجموعة الشمسية تتعاون لتوفير الضياء ‪ ،‬والدفء وأسباب الحياة لسائر الكائنات الحية ‪ .‬وها‬
‫هي جماعة النحل تتعاون فى بناء بيوتها‪ C‬وتنظيفها وتوفير‪ C‬الحماية لها ثم تسرح لتمتص رحيق األزهار ولتخرجه فى‬
‫النهاية عسال مصفي فيه شفاء للناس وقل مثل ذلك فى جماعة النمل وباقي المخلوقات‪ C‬األمر الذي حدا بالشاعر أن‬
‫يقول ‪:‬‬

‫والنحل تجني رحيق الشهد أعوانا‬ ‫النمل تبني قراها فى تماسكها‬


‫وليس اإلنسان بدعا من هذه المخلوقات‪ ، C‬وإ نما هو واحد منها تقوم حياته – بضرورتها‪ ، C‬وكمالياتها – على معنى‬
‫التعاون والتآزر ‪.‬‬

‫بعض لبعض وإ ن لم يشعروا خدم‬ ‫الناس للناس من بدو وحاضرة‬


‫وإ ذا كان هذا شأن اإلنسان فى شئون الحياة الدنيا ‪ ،‬وهى فانية ‪ ،‬فأولي‪ C‬أن يكون كذلك فى شئون اآلخرة الباقية والتي‬
‫إليها معاده وفيها‪ C‬سعادته أوشقاؤه ونجاته أوهالكه ‪.‬‬

‫[ من كتاب توجيهات نبوية على الطريق د ‪ /‬السيد محمد نوح ]‬

‫ب‪ -‬ال غنى عن الجماعة حتى فى الشئون العادية من الحياة ‪:‬‬


‫وذلك مثل ‪ -:‬السفر ‪ ،‬المبيت ‪ ،‬الطعام ‪ ،‬سائر العادات‬
‫إذ يقول صلي اهلل عليه وسلم " لو يعلم الناس ما فى الوحدة لم يسر راكب بليل وحده أبدا " الحديث أخرجه الدارمي‬
‫فى السنن ‪ ،‬ونهى صلي اهلل عليه وسلم عن الوحدة ‪ :‬أن يبيت الرجل وحده ‪ ،‬أو يسافر‪ C‬وحده وشكا إليه بعض‬
‫أصحابه قائلين ‪ :‬يا رسول اهلل إنا نأكل وال نشبع ‪ ،‬قال ‪ " :‬فلعلكم تأكلون متفرقين " قالوا‪ C‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬فاجتمعوا على‬
‫طعامكم‪ ، C‬واذكروا اسم اهلل عليه يبارك لكم فيه " الحديث أخرجه ابن ماجة فى السنن ‪.‬‬
‫وقال فى حديث آخر ‪ :‬كلوا جميعا ‪ ،‬وال تفرقوا‪ ، C‬فإن البركة مع الجماعة ‪ .‬الحديث أخرجه ابن ماجة فى السنن‬
‫[ شخصية المسلم بين الفردية والجماعة د ‪ /‬السيد محمد نوح ]‬
‫وأبعد من هذا حرص الرسول صلي اهلل عليه وسلم ‪ :‬على أن يجتمع المسلمون حتى فى المظهر الشكلي فقد رآهم‬
‫يوما وهم يجلسون متفرقين فقال لهم " اجتمعوا ‪ :‬فاجتمعوا " يقول راوي‪ C‬الحديث ‪ :‬فلو بسط عليهم ثوبه لوسعهم‪" C‬‬
‫‪.‬الحديث أخرجه أبو داود فى السنة ‪ :‬كتاب الجهاد ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫[" توجيهات نبوية على الطريق " الجزء الثاني صـ ‪ 32‬د ‪ /‬السيد محمد نوح ]‬
‫وهكذا كان صلي اهلل عليه وسلم ‪ :‬وهو الصورة العملية لإلسالم يحض على الجماعة حتى فى العادات ليحمل المسلم‬
‫حمال على االرتماء فى أحضان الجماعة وااللتزام بما لها من ضوابط‪ C‬وآداب ‪ ،‬فيما هو أكبر وأهم من األخالق‬
‫والعادات ‪.‬‬
‫[ شخصية المسلم بين الفردية والجماعية صـ ‪ 70‬د ‪ /‬السيد نوح ‪].‬‬

‫ج) عظم تكاليف اإلسالم ‪:‬‬


‫إن تكاليف العمل لإلسالم أكبر من أن يتصدي لها إنسان بمفرده فالعمل لإلسالم يستهدف هدم الجاهلية برمتها‬
‫وإ قامة اإلسالم مكانها وهذا يتطلب من التكاليف و اإلمكانيات والمجهود ما يعجز عن القيام بأعبائه فرد ‪ ،‬بل ال يقوي‬
‫على النهوض به مع الجهد والمكابدة والمعاناة إال تنظيم حركي يكون فى مستوي المواجهة وعيا وتنظيما وقدرة ‪.‬‬

‫[ ماذا يعنى انتمائي لإلسالم أ ‪ /‬فتحي يكن ]‬


‫د) لمواجهة تحديات أعداء اإلسالم ‪:‬‬
‫إن نظرة فاحصة الى األوضاع التي تعيشها أقطار العالم اإلسالمي تؤكد ضرورة مجابهة إسالمية بل وتجعل‬
‫القيام بذلك تكليفاً شرعيا ال يجوز القعود عنه أو التهاون فيه ‪.‬‬
‫فالعالم‪ C‬اإلسالمي يشهد حربا ضروسا‪ C‬ال تخفي على أحد وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪ C‬التي‬
‫اتخذها أعداء اإلسالم ذريعة للقضاء عليه بقوة باسم محاربة اإلرهاب قضايا وملفات فلسطين والبوسنة والهرسك‬
‫وكشمير والعراق‪ C‬والسودان ولبنان و إريتريا ‪ .‬كل ذلك دليل دامغ على هذه المؤامرة الشرسة على اإلسالم ‪.‬‬
‫ثم إن أعداء اإلسالم ‪ :‬كما هو معلوم – يقفون موقف التكتل والتحزب من اإلسالم والدعوة إليه ‪ ،‬فتراهم‪C‬‬
‫يحشدون ويجمعون‪ C‬ويتعاونون فيما بينهم فى شكل أحالف عسكرية ( حلف وارسو سابقا – حلف شمال األطلنطي )‬
‫وفى‪ C‬شكل أسواق‪ C‬تجارية " السوق األوربية المشتركة " ) وفى‪ C‬شكل برلمانات وهيئات سياسية " البرلمان األوربي‬
‫" كل هذا من أجل السيطرة على ديار المسلمين البتزاز‪ C‬ثرواتهم‪ C‬وخيراتهم‪ C‬وإ ذاللهم واضطرارهم‪ C‬الى أحد أمرين ‪:‬‬
‫إما الكفر ‪ ،‬وإ ما القتل " المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف " التوبة‬
‫‪67‬‬
‫" ولن ترضي عنك اليهود وال النصارى حتى تتبع ملتهم " البقرة ‪120‬‬
‫" وال يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا " البقرة ‪217‬‬
‫والرد العملي على هؤالء أن يلزم المسلم إخوانه ‪ ،‬فتكون لهم جماعة قادرة على مواجهة أهل الكفر واإللحاد وكبح‬
‫جماحهم ‪ ،‬بل وعاملة على زحزحة ‪ ،‬وإ زاحة هؤالء من طريق البشر ليعيشوا‪ C‬أحرارا ‪ ،‬وقد‪ C‬نبه الحق سبحانه وتعالي‬
‫إلى ذلك حين قال‬
‫" إن اهلل يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص " سورة الصف‬
‫" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " التوبة ‪71‬‬
‫" والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إال تفعلوه تكن فتنة فى األرض وفساد كبير " األنفال ‪73‬‬
‫التوبة ‪36‬‬ ‫" وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة "‬

‫‪144‬‬
‫ثانياً ‪ :‬شرعية العمل الجماعى ‪.‬‬
‫‪ )1‬األمر بلزوم‪ C‬الجماعة صراحة ‪ :‬نص اإلسالم على لزوم الجماعة صراحة سواء من خالل القرآن أو السنة ‪.‬‬
‫أوال القرآن ‪ " :‬وتعاونوا على البر والتقوا وال تعاونوا‪ C‬على اإلثم والعدوان " المائدة ‪2‬‬
‫" واعتصموا بحبل اهلل جميعا وال تفرقوا " آل عمران ‪103‬‬
‫" وال تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك‪ C‬لهم عذاب عظيم " آل عمران‬
‫‪105‬‬
‫" وأطيعوا‪ C‬اهلل ورسوله وال تنازعوا فتفشلوا‪ C‬وتذهب ريحكم " األنفال ‪46‬‬
‫ثانيا الحديث ‪:‬‬

‫" من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة اإلسالم من عنقه " الحديث أخرجه أبو داود فى السنة‬
‫" يد اهلل مع الجماعة " أخرجه الترمذي‪ C‬في السنن‬
‫"من أراد بحبوحة الجنة فليلزم‪ C‬الجماعة " أخرجه أحمد في المسند‬
‫" وأنا آمركم بخمس اهلل أمرني بهن ‪ :‬بالجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد فى سبيل اهلل ‪،‬‬
‫فمن خرج من‬
‫الجماعة قيد شبر ‪ ،‬فقد خلع ربقة اإلسالم من عنقه الى أن يرجع " قالوا‪ : C‬يا رسول اهلل ‪ ،‬وإ ن صلي‬
‫وصام‪ C‬؟ قال ‪ :‬وإ ن صلي وصام‪ C‬وزعم أنه مسلم " الحديث جزء من حديث طويل أخرجه األمام أحمد في المسند‬
‫" إن الشيطان ذئب اإلنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية وإ ياكم والشعاب وعليكم والعامة‬
‫" أخرجه أحمد في المسند‬

‫‪ )2‬إلزالة المنكر األكبر ‪ :‬يجب العمل فى جماعة إلزالة المنكر األكبر وهو جريمة إقصاء اإلسالم عن الحكم وتحكيم‪C‬‬
‫الشرائع الوضيعة الوثنية ويجب األمر بالمعروف األكبر وهو إعادة القرآن الى منصة الحكم ألن كل فساد البشرية‬
‫ينبع من هذه القضية الكبرى" واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان باإلجماع "وأن التقاعس عن األمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر جريمة إسالمية ال يكفرها إال النهوض بها ‪ [ .‬الدعوة اإلسالمية فريضة شرعية‬
‫وضرورة بشرية د‪ /‬صادق أمين ]‬
‫ثم إن معظم األقطار‪ C‬اإلسالمية – إن لم تكن كلها – تحكم بأنظمة وضعية هي خليط من تشريعات رومانية‬
‫ويونانية وفرنسية‬
‫وغيرها ‪ .‬والنظم‪ C‬االقتصادية السائدة فى هذه األقطار هي الرأسمالية واالشتراكية مما يجعل العمل لتنحية هذه‬
‫النظم جميعاً ‪.‬‬
‫واستئناف الحياة اإلسالمية فرض عين على كل مسلم حتى تعود لإلسالم القيادة والقوامة ‪.‬‬
‫‪ )3‬للقيام بالواجبات الشرعية ‪ :‬إن كثيرا من الواجبات الشرعية يتوقف‪ C‬تنفيذها وممارستها‪ C‬على إقامة خليفة أو إمام‬
‫وهذا بالتالي‬
‫[ ماذا يعنى‬ ‫مرتبط‪ C‬بوجود سلطة إسالمية وهذا ال يمكن تنفيذه إال عن طريق‪ C‬دولة تقوم على أساس اإلسالم ‪.‬‬
‫انتمائي لإلسالم‬
‫أ‪ /‬فتحي‪ C‬يكن ]‬

‫‪145‬‬
‫‪ )4‬ألنه منهج رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫وألن هذا هو المنهج الذي سلكه رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم فى تشييد دولة اإلسالم األولي ‪ ،‬والتمكين لدين‬
‫اهلل فى األرض ‪ ،‬فقد حرص صلي اهلل عليه وسلم ألول وهلة على الظفر واالنحياز‪ C‬الى جماعة تؤيده ‪ ،‬وتؤازره‬
‫وتعينه على أمره وكان يقول للناس – وهو يعرض نفسه عليهم فى موسم‪ C‬الحج ‪ ،‬وفى‪ C‬أسواقهم‪ C‬العامة ‪ " :‬أال رجل‬
‫الحديث أخرجه أبو داود‬ ‫يحملني إلى قومه ألبلغ رسالة ربي فإن قريشا منعوني‪ C‬أن أبلغ رسالة ربي " ‪.‬‬
‫فى السنة‬
‫فداء له‬
‫وما زال كذلك حتى قيض اهلل له نفرا من األوس والخزرج‪ C‬حملوه الى المدينة المنورة وبذلوا‪ C‬األرواح ً‬
‫ولدعوته حتى تمت كلمة ربه الحسنى ‪.‬‬
‫وإ ذا كان هذا هو المنهج الذي سلكه رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم دون غيره فى إقامة دولة اإلسالم فإن الواجب‬
‫والمفروض علينا أن نقتدي وأن نتأسى به صلي اهلل عليه وسلم ولنا فى رسول اهلل األسوة والقدوة ‪.‬‬
‫" لقد كان لكم فى رسول اهلل أسوة حسنه لمن كان يرجوا‪ C‬اهلل واليوم‪ C‬األخر وذكر اهلل كثيرا " األحزاب ‪21‬‬
‫آل عمران ‪31‬‬ ‫" قل إن كنتم تحبون اهلل فاتبعوني‪ C‬يحببكم اهلل ويغفر لكم ذنوبكم "‬
‫التقويم‬
‫س‪ -1‬وضح أهمية العمل الجماعى ؟‬
‫س‪ – 2‬قال صلى اهلل عليه و سلم " كلوا جميعا و ال ‪ ، ........‬فان ‪ " ......................‬اكمل الحديث ؟‬
‫س‪ – 3‬اذكر دليالن على األمر بلزوم الجماعة من القران الكريم و آخران من الحديث الشريف ؟‬
‫س‪ – 4‬ما هو المنكر األكبر ؟ و ما السبيل إلزالته ؟‬
‫س‪ -5‬استشهد بالسيرة النبوية المطهرة فى تأكيد وجوب و ضرورة العمل الجماعى ؟‬
‫س‪ -6‬اذكر مشاهد من الكون الفسيح تدلل بها على ان الجماعة سنة كونية ؟‬
‫س‪ -7‬أكمل ما يأتي من أحاديث رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم ‪:‬‬
‫يقول صلى اهلل عليه وسلم " لو يعلم الناس ما فى الوحدة ‪. " ...........................‬‬
‫يقول صلى اهلل عليه وسلم " كلوا جميعا و ال ‪. " .........................................‬‬
‫س‪ -8‬اذكر شئون و أحوال من حياتك تحملك على العيش مع غيرك ؟‬
‫س‪ -9‬تكاليف اإلسالم و تحديات األعداء اكبر من ان يتصدى لها مسلم بفرده ‪ ،‬دلل على صحة هذه العبارة ؟‬
‫س‪ -10‬أكمل اآليات القرآنية التالية ‪:‬‬
‫( و المنافقون و المنافقات بعضهم‪. ) ........................................................................... C‬‬
‫( و ال يزالون يقاتلونكم‪ C‬حتى ‪. ) ...............................................................................‬‬
‫س ‪ -11‬ما الذى يعود على الفرد من عمله فى جماعة ؟ وضح بأمثلة ‪.‬‬
‫س ‪ -12‬وضح من السيرة النبوية ومن أحداث التاريخ وجوب العمل الجماعي ‪.‬‬

‫الهدف المرحلى الثانى ‪ :‬أن يوضح الشبهات المثارة حول العمل الجماعي ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أن يحدد الشبهات المثارة حول العمل الجماعى ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪146‬‬
‫أن يوضح الرد على الشبهات التى تثار حول العمل الجماعى ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -2 -1‬بعض الشبهات التى تثار حول العمل الحماعى والرد عليها ‪:‬‬
‫وقد‪ C‬يحلو لبعض القاعدين أو الخائفين من لزوم الجماعة ‪ ،‬وما يجره عليهم هذا اللزوم من مشقات ‪ ،‬ومتاعب ‪ ،‬أن‬
‫يبرروا‪ C‬قعودهم‪ C‬أو خوفهم‪ C‬هذا بإثارة الشبهات ‪ ،‬و من هذه الشبهات ‪:‬‬
‫الشبهة األولي ‪:‬‬
‫أن لزوم الجماعة يلغي ذاتية الفرد ‪ ،‬ويؤثر على شخصيته فتذوب ‪ ،‬وعلى رأيه وتفكيره فينعدم ويجمد ‪ ،‬وتتالشى‬
‫مسئوليته الفردية أو ينعدم اإلحساس بها ‪.‬‬
‫وللرد على هذه الشبهة نقول ‪ :‬إن منهج اإلسالم يقوم على دعوة الفرد و أن يعيش فى كنف الجماعة ‪ ،‬ويستظل‪C‬‬
‫بظلها ‪ ،‬فى الوقت الذي يؤكد له أنه مسئول مسئولية كاملة عن كل تصرف‪ C‬يقع منه ‪ ،‬فيقول سبحانه وتعالى ‪ ( :‬وال تزر‬
‫وازرة وزر‪ C‬أخري ‪) ..‬الزمر ‪ ( 7‬كل نفس بما كسبت رهينة ) المدثر ‪ ( 38‬واتقوا يوما ال تجزي نفس عن نفس شيئا‬
‫) البقرة ‪ ( 123‬بل اإلنسان على نفسه بصيرة ولو ألقي معاذيره ) القيامة ‪ ( 15-14‬وإ ن تدع مثقلة الى حملها ال‬
‫يحمل منه شئ ولو كان ذا قربي ) ‪.‬‬
‫وأن عليه أن يبذل النصيحة بشروطها وآدابها لكل واحد فى الجماعة مهما عال كعبه ‪ ،‬ومهما عظمت مكانته ‪ ،‬فيقول‬
‫صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬الدين النصيحة " قلنا ‪ :‬لمن يا رسول اهلل ؟ قال ‪ " :‬هلل و لكتابه ولرسوله وألئمة المسلمين‬
‫وعامتهم " " المؤمن مرآه المؤمن والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه " وفى‪ C‬رواية ‪ " :‬المؤمن‬
‫قومه " ‪.‬‬
‫مرآه أخيه وإ ن رأى فيه عيبا ّ‬
‫ولقد عاش الصحابة مع النبي صلي اهلل عليه وسلم وعاش المسلمون األولون بعضهم‪ C‬مع بعض فما رأينا فردا ذابت‬
‫شخصيته أو تالشت فرديته فى الجماعة وإ نما رأينا النصيحة والشورى واألمر‪ C‬بالمعروف‪ C‬والنهي عن المنكر وما قول‬
‫بعضهم‪ C‬لعمر ‪ " :‬لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا‪ " C‬عنا ببعيد ‪.‬‬
‫وبه‪CC‬ذا المنهج ينشأ ويب‪CC‬ني فى نفس المس‪CC‬لم كي‪CC‬ان داخلي ومتم‪CC‬يز‪ ، C‬واضح المع‪CC‬الم والح‪CC‬دود وتبقي أعص‪CC‬ابه ص‪CC‬احية‬
‫منتبهة لكل ما يمسه ولو من بعيد ‪.‬‬

‫الشبهة الثانية ‪:‬‬


‫" إن اهلل يحب التقي النقي الخفي " " أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك " " فاعتزل تلك الفرق‬
‫كلها ‪ ،‬ولو أن تعض بأصل شجرة ‪ ،‬حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " ‪.‬‬
‫وللرد على هذه الشبهة نقول ‪ :‬إن النصوص الشرعية الداعية الى السير تحت لواء الجماعة والعيش فى كنفها كثيرة‬
‫( واعتصموا بحبل اهلل جميعا وال تفرقوا ) آل عمران ‪ ( 103‬و تعاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا‬ ‫كقوله تعالي‬
‫على اإلثم والعدوان ) المائدة ‪ ( 2‬إن اهلل يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) الصف ‪4‬‬
‫وكقوله صلي اهلل عليه وسلم " إياكم والفرقة ‪ ،‬وعليكم بالجماعة ‪ ،‬فإن الشيطان مع الواحد ‪ ،‬وهو من االثنين أبعد ‪،‬‬
‫من أراد بحبوحة الجنة فليلزم‪ C‬الجماعة "‬
‫والجمع بين هذه النصوص يقتضي أن يلزم المسلم الجماعة بادئ ذي بدء ويخالط الناس وال يلجأ إلى العزلة إال إذا‬
‫خشي على نفسه الفتنة ‪ ،‬وضياع‪ C‬الدين ‪.‬‬
‫التكلمنه " ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وعلى مثل هذا الفهم يحمل قول ابن مسعود رضي‪ C‬اهلل عنه " خالط الناس ‪ ،‬ودينك‪C‬‬

‫‪147‬‬
‫الشبهة الثالثة ‪:‬‬
‫إن الجماعة تشغل بتكاليفها المسلم عن صرف األوقات فى العبادة من قراءة قرآن ‪ ،‬وذكر ‪ ،‬ودعاء ‪ ،‬واستغفار ‪،‬‬
‫ومحاسبة ‪ ،‬وزيارة قبور ‪ ،‬واعتكاف ‪ ....‬الخ وهذه ضرورة لتطهير النفس ‪ ،‬وتزكيتها ‪.‬‬
‫وللرد على هذه الشبهة نقول ‪ :‬إن العبادة فى اإلسالم ليست مقصورة على مجرد الشعائر‪ C‬التعبدية ‪ ،‬بل هي – كما‬
‫يعرفها‪ C‬شيخ اإلسالم ابن تيميه " اسم أو كلمة جامعة لكل ما يحبه اهلل ‪ ،‬ويرضاه من األقوال واألعمال الظاهرة‬
‫والباطنة " ‪.‬‬
‫وعليه فحضور المسلم مجالس العلم مفيدا ‪ ،‬أو مستفيدا عبادة ‪ ،‬وعيادة المريض وتشييع‪ C‬الجنائز عبادة ‪ ،‬وزيارة‬
‫اإلخوان تأكيدا لمودتهم أو تهنئة بنعمة ‪ ،‬أو تعزية فى مصيبة عبادة ‪ ،‬وإ رشاد الناس إلى الخير ‪ ،‬وأمرهم بالمعروف ‪،‬‬
‫ونهيهم‪ C‬عن المنكر عبادة ‪ ،‬ومد يد المعاونة لآلخرين ‪ ،‬ومساعدتهم فى سد حاجتهم وتقوية شوكتهم‪ C‬عبادة ‪ ...‬و هلم جرا‬
‫‪.‬‬
‫وعلى أن لزوم‪ C‬الجماعة ال يمنع أن تكون للمسلم أوقات يخلو فيها بنفسه ليؤدي واجبا ‪ ،‬أو يتقرب إلى اهلل بنفل ‪ ،‬أو‬
‫يحفظ علما ‪ ،‬أو يحقق مسألة أو يذكر ‪ ،‬أو يتفكر ‪ ،‬أو يحاسب نفسه ‪ ،‬وذلك معنى قول عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه "‬
‫خذوا حظكم من العزلة "‬
‫الشبهة الرابعة ‪:‬‬
‫أن الشر أصبح فى هذا العصر مستطيرا ‪ ،‬والفساد صار منتشرا ‪ ،‬بحيث بات من الصعب على المسلم أن يسلم فى‬
‫دم ‪ ،‬أو مال ‪ ،‬أو عرض ‪ ،‬كأن الجماعة إذن تكاليف وتبعات وتعرض لألذى ‪.‬‬
‫وللرد على هذه الشبهة نقول ‪ :‬إنه على الرغم من استطارة الشر وانتشار الفساد فى هذا العصر ‪ ،‬فإن الناس ال‬
‫زالوا بخير ‪ ،‬وال زالت فيهم سالمة فطرة وسرعة استجابة ‪ ،‬غاية ما فى األمر أنه لكثرة صوارف الحياة والدعايات‬
‫الكاذبة اعترى الناس شئ من الغفلة واإلعراض ‪ ،‬ويمكن القضاء على ذلك بقليل من البذل مع اإلخالص ‪ ،‬والصدق ‪،‬‬
‫وشئ من التحمل ‪.‬‬
‫على أن الصدق فى أداء األمانة ‪ ،‬والخروج‪ C‬من التكاليف التي كلفنا اهلل عز وجل بها ‪ ،‬ال يكون إال بمخالطة الناس ‪،‬‬
‫ِّ‬
‫ويصدق‪ C‬ذلك قوله صلي اهلل عليه وسلم " الذي يخالط الناس ‪ ،‬ويصبر على أذاهم ‪،‬‬ ‫والعمل معهم ‪ ،‬ثم الصبر على أذاهم‬
‫أعظم أجرا من الذي ال يخالط الناس وال يصبر على أذاهم " ‪.‬‬
‫[ توجهات نبوية على الطريق‪ C‬الجزء الثاني د ‪ /‬السيد محمد نوح ]‬
‫التقويم‬
‫س‪ -1‬اذكر أهم الشبهات التى تثار حول العمل الجماعى ؟‬
‫س‪ -2‬وضح كيف ترد على كل شبهة من الشبهات المثارة حول العمل الجماعي بما يدحضها‪ C‬من الكتاب و السنة و‬
‫العقل ؟‬
‫س‪ -3‬يقول عمر رضي‪ C‬اهلل عنه " خذوا حظكم من العزلة " وضح كيف تطبق هذه النصيحة فى واقعك‪ C‬؟‬
‫س‪ -4‬يعرف شيخ االسم ابن تيمية العبادة فيقول " اسم او كلمة ‪ " .......................................‬أكمل ؟‬
‫س‪ -5‬قال صلى اهلل عليه و سلم " الذى يخالط الناس و ‪ " ..............................................‬أكمل ؟‬
‫س‪ -6‬في ضوء حرص اإلسالم على دفع أبنائه إلى التكافل و عيادة المرضى و زيارة اإلخوان و تشييع الجنائز و‬
‫إرشاد الناس إلى الخير ‪ ،‬وضح كيف تطبق مقولة عمر بن الخطاب " خذوا حظكم من العزلة " ؟‬
‫‪148‬‬
‫س‪ -7‬اذكر شبهات واجهتك حول وجوب العمل الجماعي و كيف تغلبت عليها ؟‬
‫س‪ -8‬حدد أى من العبارات اآلتية صحيح و أيها خطأ مع ذكر السبب ؟‬
‫*‪ -‬إن لزوم‪ C‬الجماعة تنعدم معه المسئولية الفردية ‪.‬‬
‫*‪ -‬إن الجماعة تشغل المسلم عن قراءة القران و الذكر ‪.‬‬
‫س ‪ -9‬عاش الصحابة مع النبى صلى اهلل عليه و سلم و عاش المسلمون األولون مع بعضهم‪ C‬البعض فى جماعة فما‬
‫ذابت شخصياتهم‪ C‬و ال تالشت فرديتهم‪ ، C‬وضح هذه العبارة مع االستشهاد‪ C‬بنماذج ؟‬
‫س‪ -10‬وضح كيف يلتزم المسلم بمقولة ابن مسعود " خالط الناس و دينك ال تكلمنه " ؟‬
‫س ‪ -11‬وضح الشبهات التى واجهتك حول وجوب العمل الجماعي وكيف‪ C‬تغلبت عليها ؟‬

‫الهدف المرحلى الثالث ‪ :‬أن يوضح الدارس فوائد العمل الجماعي ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أن يذكر الدارس فوائد‪ C‬العمل الجماعى ( بالنسبة للفرد وبالنسبة للجماعة ) ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن يوضح الدارس فوائد‪ C‬العمل الجماعى ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -1-2‬فوائد العمل الجماعى ‪:‬‬
‫إن للعمل الجماعى فوائد جمة بالنسبة للفرد نذكر منها ‪:‬‬

‫أ ) اكتشاف‪ C‬النفس ‪- :‬‬


‫أي مساعدة المسلم على اكتشاف شخصيته وما تنطوي‪ C‬عليه من كمال أو نقص قوة ‪ ،‬أو ضعف ‪ ،‬وذلك أن‬
‫اإلنسان مهما يكن ذكاؤه ومهما تكن فطنته ال يمكنه وحده التعرف على أبعاد شخصيته معرفة دقيقة ‪ ،‬وإ نما البد له‬
‫من آخرين يساعدونه على ذلك ‪ ،‬وعلى سبيل المثال ال الحصر ال يستطيع‪ C‬اإلنسان أن يكتشف ما فى شخصيته من‬
‫أثرة وأنانية أو إيثار وتعاون إال إذا عاش فى جماعة ‪ ،‬وخالط أفرادها‪ C‬ورأي أصحاب الحاجات منهم ‪ ،‬ثم يبصر‪ C‬نفسه‬
‫هل تقسو وتجمد‪ C‬؟ فتشح وتبخل وحينئذ‪ C‬تكون األثرة واألنانية ‪ ،‬أو ترق وتلين ؟ فتجود‪ C‬وتعطي ‪ ،‬وحينئذ يكون اإليثار‬
‫والتعاون وكذلك ال يمكنه أن يقف على ما فى شخصيته من حلم وأناة ‪ ،‬أو حمق وعجلة ‪ ،‬إال إذا كان فى جماعة ‪،‬‬
‫وصادق طبقات من غير أولي الكياسة ‪ ،‬ونظر هل يقابل خشونة ألسنتهم باللين ‪ ،‬وغلظة قلوبهم‪ C‬بالرفق ‪ ،‬وهنا يكون‬
‫الحلم واألناة ‪ ،‬أو يقابلها بمثلها وأشد ‪ ،‬وهنا يكون الحمق والعجلة ‪ ،‬وأيضا ال يعرف اإلنسان ما عنده من الشجاعة‬
‫األدبية أو الجبن والخور‪ C‬إال إذا لزم الجماعة ورأي من يخطئ ‪ ،‬ثم تأمل نفسه هل يهون عليها أن تقول لهذا المخطئ‬
‫أن الصواب فى غير ما نطقت ‪ ،‬والحق فى غير ما رأيت ‪ ،‬والخير‪ C‬فى غير ما أتيت ‪ ،‬وهنا تكون الشجاعة األدبية ‪،‬‬
‫أو يعز عليها أن تقول ذلك فتصمت وتخرس‪ C‬وهنالك يكون الجبن والخور‪. C‬‬
‫وبالمثل ال يدرك اإلنسان ما تنطوي‪ C‬عليه شخصيته من صدق وكذب ‪ ،‬من أمانة وخيانة من نظام وفوضي‪ C‬إال إذا‬
‫عاش وسط‪ C‬جماعة ‪ ،‬وحدث أفرادها أو ائتمنوه على أموالهم ودمائهم وأعراضهم‪ C‬أو ضرب لهم موعدا ‪ ،‬أو أعطي‬
‫من نفسه عهدا ‪ ،‬أو أعطي من نفسه عهدا لهم ثم نظر ‪ ...‬هل يحدثهم‪ C‬بما يوافق‪ C‬الحقيقة والواقع‪ C‬؟ فيكون صادقا ‪ ،‬أو‬
‫بما يخالفهما فيكون كاذبا ‪ ..‬وهل يحافظ على دمائهم‪ C‬وأموالهم وأعراضهم‪ C‬؟ فيكون أمينا أو يعتدي عليها ويهدرها‬

‫‪149‬‬
‫فيكون خائنا ‪ ،‬وهل يحافظ‪ C‬على عهده ويفي بوعده ؟ فيكون دقيقا منضبطا‪ C‬منظما أو يهمل ويخالف ؟ فيكون فوضويا‪C‬‬
‫غير دقيق‪ C‬وال منضبط‪ C‬وال منظم ‪.‬‬
‫وهكذا تعد الجماعة حقال تجريبيا‪ C‬يطلع المسلم من خالله على ما فى نفسه من كمال أو قصور‪ ، C‬ومن قوة أو‬
‫ضعف ‪ ،‬اآلمر الذي يسهِّل عليه – إذا كان جادا وراغبا فى إقامة هذا الدين فى نفسه – أن يعمل على تنمية ورعاية‬
‫جوانب القوة ‪ ،‬وتقويم‪ C‬وعالج جوانب الضعف ‪.‬‬
‫وقد‪ C‬لفت النبي صلي اهلل عليه وسلم األنظار الى هذا الدور للجماعة حين قال ‪ " :‬المؤمن مرآة أخيه والمؤمن أخو‬
‫أخرجه أبو داود‬ ‫المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه "‬
‫وكأنه يقول ‪ :‬الطريق‪ C‬التي يعرف بها المسلم عيبه ومواطن القصور والضعف‪ C‬فى شخصيته ‪ ،‬إنما هي الجماعة‬
‫‪ .‬ألنها بالنسبة له كالمرآة ‪ .‬والشأن فيمن يعرف عيبه ويدرك‪ C‬قصوره وضعفه أن يسعي جاهدا إلصالحه وتهذيبه‬
‫كما يصنع من يقف أمام المرآة وتدله على حاله ‪.‬‬
‫[ توجيهات نبوية د‪ /‬السيد نوح ]‬

‫ب ‪ -‬تقويم األعوجاج ‪:‬‬


‫أي إصالح وتهذيب وتقويم‪ C‬ما عساه يكون فى شخصيته من قصور أو ضعف أو عوج ‪ ،‬ذلك أن الجماعة إذا‬
‫ساعدت المسلم على اكتشاف‪ C‬عيوبه ثم رأت أنه يعمل على التخلص منها لسبب أو ألخر بادرت الى القيام بدورها‪ C‬بما‬
‫تراه مناسبا ‪.‬‬
‫فتارة تمارس أمامه الصورة الصحيحة والنموذج األمثل ليقتدي به ويتأسي ‪ .‬وتارة تستخدم‪ C‬النصيحة بشروطها‬
‫وآدابها ‪ .‬وتارة تلجأ الى العتاب واللوم وتارة تستخدم‪ C‬التوبيخ والتقريع وتارة تستخدم‪ C‬الهجر والقطيعة ألمد معين ‪.‬‬
‫وهكذا تمارس الجماعة مختلف األساليب والوسائل‪ . C‬وتسلك سائر الطرق‪ C‬لتعود بشخصية المسلم الى ما ينبغي ‪.‬‬
‫ولعل هذا الدور للجماعة هو الذي عناه النبي صلي اهلل عليه وسلم بقوله فى تكملة الحديث " المؤمن مرآة أخيه (‬
‫قومه ) وبقوله ‪ " :‬الدين النصيحة " قلنا لمن يا رسول ؟ قال ‪ " :‬هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة‬
‫إن رأي فيه عيبا ّ‬
‫[‬ ‫أخرجه أبو داود فى السنن‬ ‫المسلمين وعامتهم "‬
‫نفس المصدر‪ C‬السابق ]‬
‫ج ‪ -‬توظيف الطاقات ‪:‬‬
‫أى توظيف سائر طاقاته وإ عمال غرائزه بما يؤدي‪ C‬الى التوازن والتكامل فى شخصيته ‪ ،‬ويقضي‪ C‬على أي فراغ‬
‫يمكن أن يستغله شياطين اإلنس والجن فى إغوائه وإ ضالله ‪ .‬ذلك أن اإلنسان – كما قدمنا – مؤلف من جسد وعقل‬
‫وروح‪ C‬والروح مزود‪ C‬بطائفة من الغرائز تشبه الخطوط الدقيقة المتقابلة المتوازية ‪ ،‬كل غريزتين منها متجاورتان فى‬
‫النفس ‪ ،‬وهما فى الوقت ذاته مختلفتان فى االتجاه ‪ :‬كالخوف والرجاء ‪ ،‬والحب والكره ‪ ،‬االتجاه الى الواقع واالتجاه‬
‫الى الخيال ‪ ،‬الطاقة الحسية والطاقة المعنوية اإليمان بما تدركه الحواس ‪ ،‬واإليمان بما ال تدركه الحواس ‪ ،‬حب‬
‫االلتزام والميل الى التطوع ‪ ،‬الفردية والجماعية ‪ ..‬السلبية واإليجابية ‪ ..‬الخ ‪.‬‬
‫كلها غرائز متوازية ومتقابلة – كما ترى – وهي بتوازنها وتقابلها تؤدي‪ C‬مهمتها فى ربط الكائن البشري بالحياة‬
‫‪ ،‬كأنما هي أوتاد متفرقة متقابلة تشد الكيان كله وتربطه من كل جانب يصلح لالرتباط‪ ، C‬وهي فى الوقت ذاته توسع‬

‫‪150‬‬
‫أفقه وتفسح مجال حياته ‪ ،‬فال ينحصر‪ C‬فى نطاق واحد وال فى مستوي‪ C‬واحد ‪ ..‬بيد أن تحقيق التوازن والتكامل فى‬
‫حياة المسلم مرهون بإعطاء كل غريزة من هذه الغرائز حقها دون زيادة أو نقص ‪.‬‬
‫والجماعة هي المجال الوحيد الذي يوظف سائر طاقات المسلم ‪ ،‬ويجعل كل الغرائز تعمل بدرجات متساوية‬
‫ومتوازية فى نفس الوقت ‪ ،‬األمر الذي يؤدي الى تكوين الشخصية السوية المتزنة المتكاملة ‪ ،‬الخالية من أي انفصام‬
‫أو عوج ‪ ،‬والمحصنة ضد كيد الشيطان وإ غوائه ‪ ،‬ولعل هذا هو ما أشار إليه النبي صلي اهلل عليه وسلم بقوله "‬
‫عليكم بالجماعة ‪ ،‬فإن الشيطان مع الواحد وهو من اإلثنين أبعد ‪ ،‬من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة " أخرجه‬
‫الترمذى‪ C‬فى السنن ‪.‬‬
‫د‪ -‬بث األمل ودفع‪ C‬اليأس ‪:‬‬
‫أي بث الثقة واألمل فى نفسه ‪ ..‬ذلك أن المسلم الذي يعمل منفردا لدين اهلل يعتريه بين الحين والحين خاطر ‪ ( :‬ماذا‬
‫أصنع وحدي ‪ ،‬وأعداء اهلل – فى داخل األمة وخارجها‪ C‬كثر ‪ ،‬ولهم خططهم‪ C‬وأساليبهم‪ C‬الخبيثة الماكرة ‪ ،‬وممسكون‬
‫اآلن بخناق العالم اإلسالمي ) ؟ وال يزال هذا الخاطر يلح عليه وليس عنده ما يدفعه به حتى يدب اليأس والقنوط الى‬
‫نفسه فيترك‪ C‬العمل لدين اهلل ‪.‬‬
‫أما إذا كان يعمل لهذا الدين من خالل جماعة ‪ ،‬وعرض له مثل هذا الخاطر ‪ ،‬فإنه يستطيع‪ C‬دفعه بأنه ليس وحيدا‬
‫فى الميدان ‪ ،‬وإ نما هناك آخرون غيره يسيرون معه فى نفس الطريق‪ ، C‬ولهم من الوسائل واألساليب واإلمكانيات‪ C‬ما‬
‫يعينهم على مواجهة أعدائهم وإ حباط‪ C‬مكايدهم ومخططاتهم‪. C‬‬
‫وهكذا تبث الجماعة فى نفس المسلم الثقة واألمل بأن نصر اهلل آت ال محالة ‪ ،‬وأن السيادة والغلبة ستكون لدين‬
‫اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫هـ‪ -‬تجديد النشاط والهمة ‪:‬‬
‫أي تجديد نشاطه بما يقوي عزيمته ويعلي همته ويضاعف من جهده ‪ ..‬ذلك أن المسلم تعتريه فى بعض األحيان‬
‫حال من الفتور والتراخي بسبب ضخامة األعباء ‪ ،‬وبعد الطريق ‪ ،‬ومشقة العمل ‪ ،‬فإذا ما التقي بإخوانه وتفرس نور‬
‫الطاعة فى وجوههم ‪ ،‬ورأي كثرة خشوعهم ‪ ،‬وشدة إقبالهم على ربهم ‪ ..‬زال هذا الفتور وذلك التراخي وامتأل‬
‫حماسا وحيوية ونشاطا فيضاعف‪ C‬من جهده ‪ ،‬كأنما لم يعمل لدين اهلل من قبل ‪.‬‬
‫وقد‪ C‬أشار النبي صلي اهلل عليه وسلم الى هذا الدور حين قال ‪ " :‬أال أخبركم بخير الناس قالوا ‪ :‬بلي يا رسول اهلل‬
‫أخرجه ابن ماجة فى السنن‬ ‫‪ ،‬قال ‪ :‬من تذكركم‪ C‬رؤيته باهلل عز وجل "‬
‫و‪ -‬اكتساب الخبرات والتجارب ‪:‬‬
‫أي تزويده بكثير من الخبرات والتجارب‪ C‬التي تعينه على مواجهة ما يعترض طريقه من صعاب وعقبات ‪ ..‬ذلك‬
‫أن طريق العمل لدين اهلل طريق‪ C‬مليئة بالعقبات ومحفوفة بالمخاطر‪ ، C‬والمسلم‪ C‬الحصيف الذكي هو الذي يملك الخبرة‬
‫أو التجربة آلتي تعينه فى التغلب على هذه العقبات والنجاة من تلك المخاطر وليس هناك مجال أرحب وأوسع‪C‬‬
‫يكتسب فيه المسلم الخبرات ويتعلم‪ C‬التجارب سوي الجماعة ‪ ،‬ولعلنا بذلك نستطيع‪ C‬أن نفسر دقة السلوكيات‬
‫والتصرفات الواقعة من الفرد المخالط للجماعة عن نظيراتها من الفرد الذي يعيش وحده ‪.‬‬
‫ز‪ -‬التعاون من أجل التمكين لمنهج اهلل فى األرض ‪:‬‬
‫أي إعانته على تأدية واجبه نحو دين اهلل عز وجل ‪ ،‬إذ أن من واجب المسلم نحو دين اهلل ‪ :‬الدعوة الى هذا الدين‬
‫‪ ،‬والجهاد فى سبيله حتى ِّ‬
‫يمكن له فى األرض ‪ ،‬وتبقي رايته عالية فى العالمين ‪ ،‬ولن يستطيع‪ C‬المسلم القيام بهذين‬
‫‪151‬‬
‫الواجبين وحده ‪ ،‬وإ نما البد له من أعوان يشدون أزره ويقوون عضده ويعينونه على أمره ‪ .‬ولعل أوضح مثال يؤكد‬
‫لنا عجز المسلم عن القيام بهذين الواجبين وحده ‪ :‬رغيف الخبز فإنه مع صغر حجمه ال يصل الى اإلنسان إال بعد‬
‫عمل عشرات بل مئات من البشر تعاونت على تجهيزه وإ عداده وتقديمه ‪.‬‬
‫ومن كان فى شك من ذلك فليسأل نفسه ‪ :‬من حرث األرض ؟ ومن بذر فيها الحب ؟ ومن سقاه بالماء ؟ ومن‬
‫اقتلع الحشائش الضارة منه ؟ ومن حصده ؟ ومن نقله الى الجرن ؟ ومن درسه ؟ ومن فصل الحب عن التبن ؟ ومن‬
‫طحنه ؟ ومن عجنه ؟ ومن خبزه ؟ ومن سواه بالنار ؟ ومن حمله إلينا ؟ ومن ؟ ومن ‪ ..‬؟ هذا فضال عن القوي‬
‫الكونية األخرى كالشمس والهواء والماء والتربة … الخ ‪ ،‬وفوق هذا وذاك يد اهلل – عز وجل – ( أفرأيتم‪ C‬ما‬
‫تحرثون ‪ ،‬أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ) الواقعة ‪ 64 ، 63‬وعليه فمن زعم أن بوسعه االعتماد على نفسه فى‬
‫تحصيل هذا الرغيف ‪ -‬الصغير‪ C‬فى حجمه البسيط فى مكوناته ‪ -‬فانه سيموت أو يشرف على الموت قبل أن‬
‫يحصل عليه ‪.‬‬
‫و إذا كان الحال كذلك فى أمر بسيط هين كرغيف الخبز فكيف لو كان األمر أمر دعوة و جهاد ‪ .‬و لعل هذا هو ما‬
‫عناه الحق تبارك و تعالى حين قال ‪ " :‬و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف وينهون عن‬
‫المنكر و أولئك هم المفلحون " سورة آل عمران ‪ " . 104‬وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة و يكون الدين كله هلل" سورة‬
‫األنفال ‪ " 39‬و جاهدوا فى اهلل حق جهاده هو اجتباكم " سورة الحج ‪ 78‬إلى غير ذلك من اآليات‪.‬‬
‫ح‪ -‬حفظ الهيبة والكرامة ‪:‬‬
‫أي حفظ هيبته وحرمته وكرامته فال يجرؤ األعداء على إيذائه أو التطاول عليه فى دم أو مال أو عرض ‪ ،‬ألن له‬
‫من جماعة المؤمنين ظهيرا ونصيرا‪ ، C‬وحتى لو تجرأ هؤالء فآذوه فى دم أو مال أو عرض فإن إخوانه سينصفونه‬
‫وسيردون له مظلمته على نحو ما حدث حين اعتدي يهود بني قينقاع على حرمة امرأة مسلمة ‪ ،‬وإ جالء النبي صلي‬
‫اهلل عليه وسلم لهم ‪ ،‬وكما حدث حين لطم الرومي المرأة المسلمة فى عمورية ‪ ،‬واستنجدت‪ C‬بالخليفة المعتصم‬
‫العباسي فجهز‪ C‬الخليفة جيشا ضخما آخره عنده ‪ ،‬وأوله فى عمورية لتأديب الروم على هذه الفعلة القبيحة ‪.‬‬
‫هذا هو شأن المسلم حين يكون فى جماعة ‪ ،‬أما إذا كان وحده فإن األعداء سيتربصون به الدوائر‪ ، C‬وسيكيدون له‬
‫بكل ما أوتوا من قوة ووسيلة ‪.‬‬
‫ولعل هذا هو السر فى حرص األعداء على أن يظل المسلمون منقسمين على أنفسهم إيمانا منهم بأن السيطرة‬
‫عليهم واإلذالل لهم ونهب ثرواتهم‪ C‬وخيرات بالدهم كل ذلك ال يتم إال فى جو من الفرقة والشقاق ‪ ،‬ومن شعاراتهم‬
‫فى هذا الصدد ( فرق تسد ) ‪.‬‬
‫وعلى ضوء هذه الحقيقة يمكن أن ندرك الهدف من أمر اهلل عز وجل للجماعة المسلمة بالوحدة ونبذ الفرقة‬
‫والتنازع‪ ( : C‬واعتصموا بحبل اهلل جميعا وال تفرقوا ) آل عمران ‪ ( .103‬و أطيعوا اهلل و أطيعوا‪ C‬الرسول وال‬
‫تنازعوا فتفشلوا‪ C‬وتذهب ريحكم ) ‪ .‬األنفال ‪46‬‬
‫ط‪ -‬فتح مجال األجر والثواب ‪:‬‬
‫أي فتح مجاالت لألجر والثواب أمام المسلم ‪ :‬ذلك أن المسلم مع الجماعة يجد الفرصة أمامه سانحة لتحصيل‬
‫مزيد من األجر والثواب ‪ ،‬فهو يسلم على المؤمنين ‪ ،‬وينصح لهم ‪ ،‬ويلبي دعوتهم ‪ ،‬ويشمت عاطسهم ‪ ،‬ويعود‪C‬‬
‫مريضهم ‪ ،‬ويشيع ميتهم ‪ ،‬ويتفقد غائبهم ‪ ،‬ويودع مسافرهم ‪ ،‬ويستقبل قادمهم ‪ ،‬ويقرض محتاجهم‪ ، C‬ويفرج عن‬

‫‪152‬‬
‫مكروبهم ‪ ،‬ويهدي لهم ‪ ،‬ويقبل هديتهم ‪ ،‬ويشير‪ C‬عليهم ‪ ،‬ويعلم جاهلهم ‪ ،‬ويتعلم‪ C‬من عالمهم ‪ ...،‬الخ هذه المجاالت‬
‫المؤدية الى األجر والثواب ‪ ،‬أما إذا كان وحده فأني له أن يقوم بشيء من ذلك ؟ والمجال أمامه مغلق أو مسدود‪. C‬‬
‫ى ‪ -‬التأهل لتأييد اهلل ‪:‬‬
‫أي استجالب عون اهلل وتأييده ونصره ‪ ،‬ذلك أن المسلمين مهما كانت كثرتهم‪ C‬ومهما كانت ضخامة استعدادهم‬
‫محتاجون الى عون وتأييد‪ C‬من اهلل عز وجل ‪ ،‬خالق كل شئ والذي بيده األمر كله ‪ ،‬السيما فى هذا الوقت الذي‬
‫ضربت فيه الجاهلية أطنابها‪ C‬بكل مكان ‪ ،‬وأمسك أعداء اهلل بخناق العالم اإلسالمي ‪ ،‬ولم يعد هناك متنفس أو منقذ ‪،‬‬
‫وقد‪ C‬مضت سنة اهلل ‪ ..‬أال يتنزل نصره دون تضحيات ‪ :‬أن يجاهد المسلم نفسه وهواه ‪ . . .‬وأن يكون مع الجماعة ‪،‬‬
‫ينفذ ما تأمر به ‪ ،‬ويجتنب ما تنهى عنه ‪.‬‬
‫ولقد لفت النبي صلي اهلل عليه وسلم األنظار الى هذا المعنى حين قال " يد اهلل مع الجماعة "‬
‫التقويم‬
‫س‪ -1‬عدد الفوائد التى تعود على الفرد من خالل تواجده فى العمل الجماعى ؟‬
‫س‪ -2‬اشرح هذه العبارة "ال يعرف االنسان ما تنطوى‪ C‬عليه شخصيته من قوة او ضعف اال اذا عاش وسط جماعة"‬
‫س‪ -3‬قال صلى اهلل عليه و سلم " أال أخبركم‪ C‬بخير الناس قالوا بلى يا رسول اهلل ‪ ".........................‬أكمل ؟‬
‫س‪ -4‬وضح السر فى حرص أعداء اإلسالم على ان يظل المسلمون منقسمين على أنفسهم ؟‬
‫س‪ -5‬وضح كيف تهيىء الجماعة الفرصة أمام الفرد لتحصيل مزيد من الثواب و األجر ؟‬
‫س‪ -6‬وضح ما الذى استفادته أنت من تواجدك مع إخوانك ؟‬
‫س‪ -7‬وضح كيف تجعل مقولة رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم واقعا‪ C‬فى حياتك " المؤمن مرآة أخيه " ‪.‬‬
‫س‪ -8‬الجماعة هى المجال الوحيد الذى يوظف طاقات المسلم ‪ ،‬وضح هذه العبارة ؟‬
‫س‪ -9‬قال صلى اهلل عليه و سلم " أال أخبركم‪ C‬بخير الناس قالوا بلى يا رسول اهلل قال ‪ " ................ :‬أكمل ؟‬
‫س‪ -10‬ما الذى كنت تطمح فى تحققه من تواجدك‪ C‬مع إخوانك و لم يتحقق حتى اآلن ؟ و لماذا ؟‬

‫)‬ ‫يقوم مدى تحقق فوائد العمل الجماعي لديه ( على المستوى الفردي‬
‫استبانة يستطيع من خاللها الدارس أن ِّ‬
‫نادرا‬ ‫احيانا‬ ‫غالبا‬ ‫دائما‬ ‫مظاهر تحقق فوائد العمل الجماعي‬ ‫م‬
‫هل تحرص على مالحظة عيوبك من خالل سلوكيات إخوانك ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫هل تبادر إلى طلب العون من إخوانك فى تهذيب سلوكك‬ ‫‪2‬‬
‫هل تحرص على معاونة إخوانك فيما يقومون به من أعمال مختلفة‬ ‫‪3‬‬
‫هل تطرد من نفسك خواطر الياس و القنوط بالعمل لإلسالم ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫هل تحرص على دفع الفتور عن نفسك بالتواجد وسط‪ C‬إخوانك ‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫هل تحاسب نفسك على ما تعلمته من خبرات و تجارب من إخوانك ‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫هل تشعر أنك عزيز كريم كثير باخوانك ‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫هل تستثمر كل فرصة يهيئها لك إخوانك لتحصيل مزيد من األجر ‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫هل أنت متاكد من استحالة نصرة االسالم بعمل فردى‪. C‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ 10‬هل تشكر اهلل على نعمة وجودك‪ C‬مع إخوانك العاملين لدين اهلل ‪.‬‬

‫الهدف المرحلى الرابع ‪ :‬أن يوضح شروط ومتطلبات العمل الجماعي ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أن يوضح الدارس بعض األمور‪ C‬األساسية التى يلزم تحقيقها فى الفرد فى العمل الجماعى ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن يوضح الدارس االلتزامات التى ينبغى على الفرد االلتزام بها فى العمل الجماعى ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن يوضح الدارس أهم آداب العمل الجماعى ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أ‪ -‬أمور أساسية يلزم تحقيقها ‪:‬‬
‫إن الفرد الذى يعمل فى جماعة لتحقيق مبادىء اإلسالم يلزم أن تتحقق عنده أمور أساسية نذكر منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يعــرف مــاذا يعــنى إنتمــاؤه لإلســالم ‪ ،‬وأنه ليس مج‪CC‬رد إنتم‪CC‬اء ب‪CC‬الميالد أو الوراثة ‪ ،‬ولكن يفهم أن اإلس‪CC‬الم و‬
‫العمل له هو قض‪CC C‬يته المص‪CC C‬يرية ورس‪CC C‬الته ال‪CC C‬تى خلق من أجلها فى ه‪CC C‬ذه ال‪CC C‬دنيا ‪ ،‬وأن س‪CC C‬عادته فى ال‪CC C‬دنيا واآلخ‪CC C‬رة تتحقق‬
‫بالتزامه باإلسالم وقيامه بمتطلباته ‪ ،‬وأن أى مخالفة أو تقصير فى هذا المجال يترتب عليه اإلثم و الحساب و الجزاء ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتعــرف على طبيعة المرحلة الــتى تمر بها الــدعوة اإلســالمية فى هــذه الســنوات ومتطلبــات هــذه المرحلة ‪،‬‬
‫ذلك أن أع‪CC C‬داء اإلس‪CC C‬الم ت‪CC C‬آمروا‪ C‬ضد اإلس‪CC C‬الم واحتل‪CC C‬وا بالدهم ثم أبع‪CC C‬دوا ش‪CC C‬ريعتهم‪ C‬عن الحكم ‪ ،‬واس‪CC C‬قطوا‪ C‬دولة الخالفة ‪،‬‬
‫وغزو شعوب المسلمين بكل أسباب الفساد واإلنحالل و الضعف و الفرقة و الشعور بالحاجة الى األع‪CC‬داء والرك‪CC‬ون إليهم‬
‫واالستس‪CC‬الم‪ C‬لمخطط‪CC‬اتهم ‪ ،‬واص‪CC‬طنعوا‪ C‬عمالء لهم ينف‪CC‬ذون مخطط‪CC‬اتهم فى بالدهم بعد أن أجلينا جيوش‪CC‬هم‪ C‬ب‪CC‬دماء ش‪CC‬هدائنا‪، C‬‬
‫وغرسوا‪ C‬هذا الكيان الصهيونى كالسرطان‪ C‬فى قلب الوطن اإلسالمى ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يعلم أنه الخالص من هذه الحال إال بالعودة الصحيحة الصادقة إلى كتاب اهلل وسنة رسـوله صـلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فتعود‪ C‬للمسلم شخصيته اإلسالمية القوية العزيزة المؤمنة باهلل و المؤمنة برسالتها فى هذه ال‪CC‬دنيا ‪ ،‬وش‪CC‬عور‪ C‬المس‪CC‬لم‬
‫بأستاذيته للبشرية النتمائه لهذ الدين الحق ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يؤمن بضرورة العمل على بعث اإليمان فى النفوس لتعود للمسلمين قــوتهم وهيبتهم ال‪CC‬تى ت‪CC‬دفع كل اعت‪CC‬داء‬
‫على أرض‪CC C C‬هم‪ C‬وأرواحهم‪ C‬وأعراض‪CC C C‬هم وتحرير بالد المس‪CC C C‬لمين وش‪CC C C‬عوبهم من كل س‪CC C C‬لطان لألع‪CC C C‬داء وخاصة فلس‪CC C C‬طين و‬
‫المس‪CCC‬جد األقصى أولى القبل‪CCC‬تين وث ‪CC‬الث الح ‪CC‬رمين ‪ ،‬ويعلم تم‪CCC‬ام العلم أن العمل إلقامة دولة اإلس ‪CC‬الم واجب على كل مس‪CCC‬لم‬
‫ومس ‪CC‬لمة ‪ ،‬وليس أم ‪CC‬راً اختياري‪C C‬اً وأن المس ‪CC‬لمين جميع‪CC‬اً آثم ‪CC‬ون إن لم يعمل ‪CC‬وا على ذلك ‪ ،‬ويعلم أيض‪C C‬اً أن ال‪CC‬واجب الثقيل ال‬
‫يمكن أن يتحقق فردي ‪CC‬اً‪ C‬ب‪CCC‬أن يعمل كل مس‪CCC‬لم وح‪CCC‬ده ولكن البد من العمل الجم ‪CC‬اعى المنظم ال ‪CC‬ذى يوحد الجه‪CCC‬ود إلقامة ه‪CCC‬ذا‬
‫البناء الضخم وذلك بناءً على القاعدة المعروفة ‪ (:‬ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب ) ‪.‬‬
‫‪ -5‬ثم عليه بعد علمه بوجوب العمل الجماعى أن يستشعر أهمية اختيار الجماعة التى يعمل معها كى ال يب‪CC‬ذل وقته‬
‫وجه‪CC‬ده وماله ونفسه فى غ‪CC‬ير الطريق الص‪CC‬حيح ‪ ،‬وعليه أن ال يتس‪CC‬رع فى اختي‪CC‬ار الجماعة ولكن عليه أن يتثبت ويس‪CC‬توثق‬
‫ويطمئن عند االختي‪CC‬ار ‪ .‬وحينما يخت‪CC‬ار الف‪CC‬رد الجماعة ال‪CC‬تى يعمل من خاللها يجب أن يختارها بمحض اختي‪CC‬اره وإ رادته‬
‫دون إحراج أو إكراه أو مجاملة ‪ ،‬فالقضية خطيرة ومصيرية ويترتب‪ C‬عليها تبع‪CC‬ات ومس‪CC‬ئوليات ‪ ،‬وعليه بعد االختي‪CC‬ار أال‬
‫يتأثر بأى تشكيك يثار حول الجماعة و العمل الجماعى مما يثيره األعداء أو بعض المس‪C‬لمين عن جهل ‪ .‬وليعلم الف‪CC‬رد أن‬
‫العمل الجم‪CC‬اعى يس‪CC‬تتبع ش‪CC‬روطاً والتزام‪CC‬ات يجب أن يك‪CC‬ون على علم بها وأن يك‪CC‬ون مس‪CC‬تعداً لالل‪CC‬تزام و الوف‪CC‬اء بها ‪ ،‬كى‬
‫ابتداء إذا لم يتوفر‪ C‬االستعداد لاللتزام‬
‫ً‬ ‫تستطيع‪ C‬الجماعة تحقيق أهدافها ‪ ،‬واألولى‪ C‬عدم اإلنتماء‬
‫‪154‬‬
‫‪ -6‬ومعل‪CCC‬وم‪ C‬أص ‪CC‬الً أن العمل فى ه‪CCC‬ذا المج‪CCC‬ال إنما هو هلل س‪CC C‬بحانه وليس ألش ‪CC‬خاص ‪ ،‬وأن األجر و المثوبة من اهلل ‪،‬‬
‫ويس ــتلزم ذلك إخالص الوجهة هلل ‪ ،‬ويعلم الف ــرد أن تعه ــده وبيعته لقي ــادة الجماعة إنما هو فى الحقيقةـ تعهد وبيعة هلل‬
‫ويلزمه الوفاء بها وعدم النكث فيها ‪ {:‬إن الذين يبايعونك إنما يباعون اهلل يد اهلل فوق‪ C‬أيديهم ومن نكث فإنما ينكث على‬
‫نفسه ومن أوفى‪ C‬بما عاهد عليه اهلل فسيؤتيه أجراً عظيماً } الفتح ‪ . 10‬وأن يستشعر ما هو فيه من خير عظيم بانتظامه‬
‫فى ركب الع‪CC‬املين الص‪CC‬ادقين لإلس‪CC‬الم ‪ ،‬بحيث يدفعه ه‪CC‬ذا الش‪CC‬عور‪ C‬إلى الح‪CC‬رص الش‪CC‬ديد على ه‪CC‬ذا الخ‪CC‬ير وأال يف‪CC‬رط فيه أو‬
‫يبتعد عنه ‪ ،‬وأن يروض نفسه على الصبر و التحمل لمتاعب الطريق‪ C‬ومشاقه سواء من خارج الصف أو حتى من داخله‬
‫‪ ،‬فالقضية ليست كالوظائف‪ C‬الدنيوية إذا فقدها فى مؤسسة يجد غيرها فى مؤسسة أخرى ‪ ،‬ولكنه عمل أخ‪C‬روى‪ C‬له أه‪C‬داف‬
‫محددة وطريق‪ C‬واحدة ‪ ،‬وال يصلح معه أى طريق‪ C‬كما ال يصلح معه العمل الفردى ‪.‬‬
‫‪ -7‬على الف ــرد أن يعلم أن أل ــزم ش ــىء له على طريق ال ــدعوة دوام مراقبته هلل تب ــارك وتع ــالى وت ــذكر اآلخ ــرة‬
‫واالســتعدادـ لها ‪ ،‬وأن يقطع مراحل الس ‪CC‬لوك الى رض ‪CC‬وان اهلل بهمة وعزيمة ‪ ،‬وأن يتق ‪CC‬رب الى اهلل بالنوافل كقي ‪CC‬ام الليل و‬
‫[ من كت‪CC‬اب‬ ‫الصيام ثالثة أيام على األقل كل شهر واإلكثار‪ C‬من الذكر القلبى واللسانى‪ C‬واإللحاح بال‪CC‬دعاء الم‪CC‬أثور ‪.‬‬
‫بين القيادة والجندية على طريق‪ C‬الدعوة ( بتصرف‪ ) C‬أ ‪ /‬مصطفى‪ C‬مشهور ]‬
‫ب‪ -‬التزامات وسلوك على األفراد مراعاتها واإللتزام بها ‪:‬‬
‫إن طريق العمل اإلسالمي طريق التطهر والتعفف والتنظف‪ C‬طريق المرحمة والمكرمة ‪ ..‬طريق المثابرة‬
‫واإلخالص ‪ ..‬وإ ن طريقا هذه مواصفاتها ال يمكن أن يثبت عليها غير المؤمنين المحلقة قلوبهم بواحد أحد ‪ ،‬الناظرة‬
‫( ماذا‬ ‫نفوسهم‪ C‬إلى فرد صمد " ومن يتق اهلل فهو حسبه إن اهلل بالغ أمره قد جعل لكل شئ قدرا "‬
‫يعني انتمائي لإلسالم أ‪ /‬فتحي‪ C‬يكن )‬
‫والبد لمن يتصدى لهذا العمل الضخم أن تتوافر فيه بعض الشروط منها ‪-:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون مؤمناً إيماناً قوياً بهذا العمل الجمـاعى ومتطلباته ‪ :‬بحيث تك‪CC‬ون ه‪CC‬ذه المهمة مس‪CC‬تحوذة عليه وتك‪CC‬ون‬
‫هى الش ‪CC‬غل الش ‪CC‬اغل له ‪ ،‬ونس ‪CC‬وق‪ C‬فى ه ‪CC‬ذا المج ‪CC‬ال كالم ‪C‬اً لإلم ‪CC‬ام الش ‪CC‬هيد رضى اهلل عنه إذ يق ‪CC‬ول ‪ ":‬إن مهمة المس ‪CC‬لم الحق‬
‫أوض‪CC‬حها اهلل تب‪CC‬ارك وتع‪CC‬الى فى آية واح‪CC‬دة من كتابه ورددها الق‪CC‬رآن الك‪CC‬ريم بعد ذلك فى ع‪CC‬دة آي‪CC‬ات ‪ ،‬فأما تلك اآلية ال‪CC‬تى‬
‫اشتملت على مهمة المسلمين فى الحياة فهى قول اهلل تبارك وتعالى ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا اركعوا واس‪C‬جدوا واعب‪C‬دوا ربكم‬
‫وافعل ‪CC‬وا‪ C‬الخ ‪CC‬ير لعلكم تفلح ‪CC‬ون * وجاه ‪CC‬دوا‪ C‬فى اهلل حق جه ‪CC‬اده هو اجتب ‪CC‬اكم وما جعل عليكم فى ال ‪CC‬دين من ح ‪CC‬رج ملة أبيكم‬
‫إب‪CC‬راهيم هو س‪CC‬ماكم المس‪CC‬لمين من قبل وفى ه‪CC‬ذا ليك‪CC‬ون الرس‪CC‬ول ش‪CC‬هيداً عليكم وتكون‪CC‬وا ش‪CC‬هداء على الن‪CC‬اس ف‪CC‬أقيموا الص‪CC‬الة‬
‫وآت ‪CC‬وا الزك ‪CC‬اة واعتص ‪CC‬موا باهلل هو م ‪CC‬والكم‪ C‬فنعم الم ‪CC‬ولى ونعم النص ‪CC‬ير } الحج ‪ ، 78‬أيها المس ‪CC‬لمون ‪ :‬عب ‪CC‬ادة ربكم و‬
‫الجه‪CC‬اد فى س‪CC‬بيل التمكين ل‪CC‬دينكم وإ ع‪CC‬زاز ش‪CC‬ريعتكم‪ C‬هى مهمتكم فى الحي‪CC‬اة ف‪CC‬إن أديتموها حق األداء ف‪CC‬أنتم‪ C‬الف‪CC‬ائزون ‪ ،‬وإ ن‬
‫أديتم بعض ‪CC C‬ها أو أهملتموها جميع‪C C C‬اً ف ‪CC C‬إليكم أس ‪CC C‬وق ق ‪CC C‬ول اهلل تب ‪CC C‬ارك وتع‪CC C‬الى‪ {: C‬أفحس‪CC C‬بتم أنما خلقن‪CC C‬اكم عبث‪C C C‬اً وأنكم إلينا ال‬
‫ترجعون * فتعالى‪ C‬اهلل الملك الحق ال إله إال هو رب العرش الكريم } المؤمنون ‪116-115‬‬
‫‪ -2‬أن يطوع ظروف حياته كلها لصــالح العمل للــدعوة ‪ :‬ويخضع‪ C‬أم‪CC‬وره الخاصة من عمل ومس‪CC‬كن وزواج‪ C‬وس‪CC‬فر‬
‫وغ‪CC‬ير ذلك لمص‪CC‬لحة ال‪CC‬دعوة بحيث ال يض‪CC‬عف‪ C‬ش‪CC‬ىء من ذلك إنتاجه لل‪CC‬دعوة ‪ .‬وأن يهيىء نفسه بكل جوانبها ومقوماتها‬
‫ليكون أداة فعالة صالحة لتحقق الجماعة به وبأمثاله ما تنشده من أهداف وآمال ‪ :‬وفى هذا المعنى يقول اإلم‪CC‬ام الش‪CC‬هيد‬
‫‪ ":‬إن اإلس‪CC‬الم يريد فى الف‪CC‬رد وج‪CC‬داناً‪ C‬ش‪CC‬اعراً يت‪CC‬ذوق‪ C‬الجم‪CC‬ال والقبح وإ دراك‪C‬اً‪ C‬ص‪CC‬حيحاً يتص‪CC‬ور الص‪CC‬واب و الخطأ ‪ ،‬وإ رادة‬

‫‪155‬‬
‫حازمة ال تض‪CC‬عف وال تلين أم‪CC‬ام الحق ‪ ،‬وجس‪CC‬ماً‪ C‬س‪CC‬ليماً يق‪CC‬وم بأعب‪CC‬اء الواجب‪CC‬ات اإلنس‪CC‬انية حق القي‪CC‬ام ويص‪CC‬بح أداة ص‪CC‬الحة‬
‫لتحقيق اإلرادة الصالحة وينصر‪ C‬الحق و الخير "‬
‫‪ -3‬أن يستوثق من إخالص نيته هلل ‪ :‬وذلك بأن يقصد األخ المسلم بقوله وعمله وجهاده كله وجه اهلل وابتغاء‬
‫مرضاته وحسن مثوبته من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر وبذلك يكون جندي عقيدة‬
‫‪ ،‬فاهلل تعالى ال يقبل إال العمل الخالص لوجهه ‪.‬‬ ‫وفكرة ال جندي غرض ومنفعة‬
‫‪ -4‬أن يلـ ــتزام بـ ــالفهم الصـ ــحيح الشـ ــامل لإلسـ ــالم ‪ :‬ال‪CC C C‬ذى ارتض‪CC C C‬ته الجماعة والتقت عليه بعي‪CC C C‬داً عن االج‪CC C C‬تزاء‬
‫واإلنحراف أو الخطأ ‪ ،‬فعلى الفرد اإللتزام به‪C‬ذا الفهم وع‪CC‬دم الس‪CC‬ماح ب‪CC‬بروز م‪CC‬دارس فكرية مختلفة داخل الجماعة فتح‪C‬دث‬
‫تمزقاً‪ C‬وتشتتاً‪ ، C‬بل يكون كل فرد حارساً‪ C‬أميناً على هذا الفهم من أى تحريف‪ C‬أو تغيير ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يلــــتزم طريق العمل وخطواتهـ كما حددته الجماعة لتحقيق هــــدفها العظيمـ ‪ :‬وذلك بإع‪CC C C‬داد الف‪CC C C‬رد المس‪CC C C‬لم‬
‫النموذج الصحيح ‪ ،‬والبيت المسلم الملتزم بتع‪CC‬اليم اإلس‪CC‬الم و المؤسس على التق‪CC‬وى من أول ي‪CC‬وم ‪ ،‬وإ ع‪CC‬داد المجتمع المس‪CC‬لم‬
‫الم‪CC‬دعوم به‪CC‬ذه الرك‪CC‬ائز من األف‪CC‬راد واألسر‪ C‬المس‪CC‬لمة ليك‪CC‬ون قاع‪CC‬دة ص‪CC‬لبة متماس‪CC‬كة تق‪CC‬وم عليها الحكومة المس‪CC‬لمة ‪،‬ويتم ذلك‬
‫على مس‪CC C‬توى الش‪CC C‬عوب اإلس‪CC C‬المية ‪ ،‬ثم تتحد ه‪CC C‬ذه الحكوم‪CC C‬ات اإلس‪CC C‬المية لتك‪CC C‬ون الدولة اإلس‪CC C‬المية العالمية وعلى رأس‪CC C‬ها‬
‫الخالفة اإلس‪CC‬المية ‪ ،‬وليعلم كل ف‪CC‬رد أن أى مخالفة له‪CC‬ذه الخط‪CC‬وات وبه‪CC‬ذا ال‪CC‬ترتيب تع‪CC‬رض الى نت‪CC‬ائج خط‪CC‬يرة فيق‪CC‬وم البن‪CC‬اء‬
‫على أس ‪CC‬اس ض ‪CC‬عيف وال يص ‪CC‬مد أم ‪CC‬ام تح ‪CC‬ديات األع ‪CC‬داء الع ‪CC‬الميين ‪ .‬وليعلم أنه مهما ط ‪CC‬ال الطريق‪ C‬وك ‪CC‬ثرت عقباته فليس‬
‫هن‪CC‬اك طريق غ‪CC‬يره ‪ ،‬وهو مقتبس من س‪CC‬يرة رس‪CC‬ول اهلل ص‪CC‬لى اهلل عليه وس‪CC‬لم ‪ ،‬وأال يس‪CC‬تجيب لتش‪CC‬كيك المش‪CC‬ككين أو تثبيط‬
‫المثبطين بس‪CC C‬بب طوله وعقباته ف‪CC C‬الزمن يق‪CC C‬اس بعمر ال‪CC C‬دعوات واألمم وليس بأعم‪CC C‬ار األف‪CC C‬راد كما أننا لس‪CC C‬نا مس‪CC C‬ئولين عن‬
‫النتائج وأما العقبات فهى سنة اهلل فى طريق‪ C‬أصحاب الدعوات ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يــوطن نفسه على الجهــاد فى ســبيل اهلل بــالنفس و المــال ‪ :‬وأن يعلم علم اليقين أنه لن يتوقف‪ C‬اعت‪CC‬داء أع‪CC‬داء‬
‫اهلل وتتحقق أه‪CC C C‬داف ال‪CC C C‬دعوة إال بالجه‪CC C C‬اد فى س‪CC C C‬بيل اهلل ‪ ،‬تلك الفريضة الماض‪CC C C‬ية فعليه أن يستص‪CC C C‬حب نية الجه‪CC C C‬اد وحب‬
‫االستش‪CC‬هاد بص‪CC‬فة دائمة ‪ ،‬وأن يعد نفسه ب‪CC‬التزام‪ C‬ص‪CC‬فات المؤم‪CC‬نين لتتحقق له الص‪CC‬فقة الرابحة مع اهلل ‪ {:‬إن اهلل اش‪CC‬ترى‪ C‬من‬
‫المؤم‪CC‬نين أنفس‪CC‬هم وأم‪CC‬والهم ب‪CC‬أن لهم الجنة } التوبة ‪ 111‬وليح‪CC‬ذر ج‪CC‬واذب األرض من متع وزخ‪CC‬رف وليبتعد‪ C‬عن مظ‪CC‬اهر‬
‫الترف و الرخاوة وأشباهها حتى ال يتعرض الى التثاقل الى األرض عند نداء النف‪C‬ير للجه‪C‬اد فيناله الع‪C‬ذاب األليم ويس‪CC‬تبدل‬
‫اهلل به غيره للقي‪C‬ام ب‪C‬واجب الجه‪C‬اد ‪ ،‬وليعلم أن اهلل غ‪C‬نى عنه وعن جه‪CC‬اده ‪ {:‬ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن اهلل غ‪CC‬نى عن‬
‫الع‪CC‬المين } ‪ ،‬وليعلم أن أول م‪CC‬راتب الجه‪CC‬اد إنك‪CC‬ار القلب وأعالها القت‪CC‬ال فى س‪CC‬بيل اهلل ‪ ،‬وبين ذلك جه‪CC‬اد اللس‪CC‬ان و القلم و‬
‫اليد وكلمة الحق عند الس‪CC‬لطان الج‪CC‬ائر وال تحيا ال‪CC‬دعوة إال بالجه‪CC‬اد ‪ ،‬وبق‪CC‬در س‪CC‬مو ال‪CC‬دعوة وس‪CC‬عة أفقها تك‪CC‬ون عظمة الجه‪CC‬اد‬
‫فى سبيلها وضخامة الثمن الذى يطلب لتأييدها وجزالة الثواب للعاملين ‪،‬‬
‫‪ -7‬أن يكون لديه العزم على التضحية بالمال والنفس فى سبيل إعالء كلمة اهلل والتمكين لدين اهلل فى األرض‬
‫وأن يكون قد عقد الصفقة الرابحة مع اهلل " إن اهلل اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم‪ C‬بأن لهم الجنة " التوبة ‪.111‬‬
‫فهذا صهيب الرومي يقول ‪ :‬لما أردت الهجرة من مكة الى النبي صلي اهلل عليه وسلم قالت لي قريش يا صهيب‬
‫قدمت إلينا وال مال لك وتخرج أنت ومالك ‪ ،‬واهلل ال يكون ذلك أبدا ‪ ،‬فقلت لهم ‪ :‬أرأيتم أن دفعت إليكم مالي تخلون عني‬
‫؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ .‬فدفعت‪ C‬إليهم مالي فخلوا عني فخرجت حتى قدمت المدينة فبلغ ذلك النبي صلي اهلل عليه وسلم فقال ‪:‬‬
‫ربح صهيب ربح صهيب مرتين ‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫فعلى الف‪CC‬رد أن ي‪CC‬روض نفسه على التض‪CC‬حية بكل غ‪CC‬ال ونفيس فى س‪CC‬بيل اهلل ‪ ،‬وأال يبخل على ال‪CC‬دعوة بم‪CC‬ال أو جهد أو‬
‫وقت أو علم أو بنفسه فال ‪CC‬دعوة تطلب منه كله ال بعضه ‪ ،‬ثم إن ما يقدمه من خ ‪CC‬ير يج ‪CC‬ده عند اهلل هو خ ‪CC‬يراً وأعظم أج ‪CC‬راً ‪:‬‬
‫{ ذلك بأنهم ال يصيبهم‪ C‬ظمأ وال نصب وال مخمصة فى سبيل اهلل وال يطأون موطئاً‪ C‬يغيظ الكفار وال ينالون من ع‪CC‬دو نيالً‬
‫إال كتب لهم به عمل ص‪CC‬الح إن اهلل ال يض‪CC‬يع أجر المحس‪CC‬نين * وال ينفق‪CC‬ون نفقة ض‪CC‬غيرة وال كب‪CC‬يرة وال يقطع‪CC‬ون وادي ‪C‬اً إال‬
‫كتب لهم ليج‪CC‬زيهم اهلل أحسن ما ك‪CC‬انوا يعمل‪CC‬ون } التوبة ‪ ، 120،121‬وه‪CC‬ذا إن‪CC‬ذار من اهلل لمن يبخل بش‪CC‬ىء فى س‪CC‬بيل اهلل ‪:‬‬
‫{ ه‪CC‬اأنتم ه‪CC‬ؤالء ت‪CC‬دعون لتنفق‪CC‬وا فى س‪CC‬بيل اهلل فمنكم‪ C‬من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه واهلل الغ‪CC‬نى وأنتم الفق‪CC‬راء *‬
‫وإ ن تتولوا‪ C‬يستبدل قوماً غيركم ثم ال يكونوا أمثالكم } محمد ‪38‬‬
‫‪ -8‬أن يـوطن نفسه على الثبـات على طريق الـدعوة وع‪CC‬دم التخلى عن عمله فى الجماعة و الجه‪CC‬اد فى س‪CC‬بيل غايته‬
‫مهما بعدت المدة وتطاولت السنوات واألعوام وكثرت العقب‪C‬ات ح‪CC‬تى يلقى اهلل على خ‪CC‬ير دون تب‪CC‬ديل أو تغي‪C‬ير فين‪CC‬ال ج‪C‬زاء‬
‫الص‪CC‬ادقين ‪ {:‬من المؤم‪CC‬نين رج‪CC‬ال ص‪CC‬دقوا‪ C‬ما عاه‪CC‬دوا اهلل عليه فمنهم من قضى‪ C‬نحبه ومنهم من ينتظر‪ C‬وما ب‪CC‬دلوا تب‪CC‬ديالً *‬
‫ليج ‪CC‬زى اهلل الص ‪CC‬ادقين بص ‪CC‬دقهم ويع ‪CC‬ذب المن ‪CC‬افقين إن ش ‪CC‬اء أو يت ‪CC‬وب عليهم إن اهلل ك ‪CC‬ان غف ‪CC‬وراً رحيم ‪C‬اً } األح ‪CC‬زاب ‪، 23‬‬
‫‪. 24‬‬
‫‪ -9‬أن يخلص والءه للدعوة ويتخلص من أى والء لس‪CC‬واها من المب‪CC‬ادىء واألش‪CC‬خاص ‪ ،‬ولو ك‪CC‬ان أعز أقربائه ‪ {:‬قد‬
‫ك‪CC‬ان لكم أس‪CC‬وة حس‪CC‬نة فى إب‪CC‬راهيم و ال‪CC‬ذين معه إذ ق‪CC‬الوا لق‪CC‬ومهم إنا برءآؤ منكم ومما تعب‪CC‬دون من دون اهلل كفرنا بكم وب‪CC‬دا‬
‫بيننا وبينكم‪ C‬الع‪CC‬داوة والبغض‪CC‬اء‪ C‬أب‪CC‬داً ح‪CC‬تى تؤمن‪CC‬وا باهلل وح‪CC‬ده }[ الممتحنة ‪ ] 4‬ه‪CC‬ذا التجرد ل‪CC‬دعوة اهلل أمر الزم وض‪CC‬رورى‪C‬‬
‫لض‪CCC‬مان اس‪CCC‬تمرارية العمل و الع‪CCC‬املين دون تع‪CCC‬رض للتس‪CCC‬يب واإلنف‪CCC‬راط ولتف ‪CC‬ادى إزدواجية ال ‪CC‬والء وما ي‪CCC‬ترتب عليه من‬
‫أضرار‪. C‬‬
‫‪ -10‬أن يجعل شعاره أصلح نفسك وادع غيرك ‪ :‬فيعمل على الرقى بمستواه دائماً ففى ذلك ق‪CC‬رب من اهلل وع‪CC‬ون له‬
‫على مواص ‪CC‬لة الس ‪CC‬ير وتخطى العقب ‪CC‬ات و التح ‪CC‬رز من المنعطف ‪CC‬ات ‪ ،‬وليح ‪CC‬رص على ال ‪CC‬تزود‪ C‬على الطريق ب ‪CC‬زاد التق ‪CC‬وى ‪،‬‬
‫وعليه أن يك‪C‬ون حريص‪C‬اً‪ C‬على وقته منظم‪C‬اً فى ش‪C‬ئونه نافع‪C‬اً لغ‪C‬يره ق‪C‬ادراً على الكسب مجاه‪C‬داً لنفسه ‪ ،‬ح‪C‬ذراً من فتنة الم‪C‬ال‬
‫و الولد و الزوجة وغ‪CC C C C‬ير ذلك من زخ‪CC C C C‬رف الحي‪CC C C C‬اة ال‪CC C C C‬دنيا ‪ .‬كما أن عليه أن يهتم ببيته وأهله ‪ ،‬فيحسن اختي‪CC C C C‬ار الزوجة‬
‫ويحسن معاملتها وتوقيفها على حقوقها‪ C‬وواجباتها‪ C‬وعلى تع‪CC C C C‬اليم اإلس‪CC C C C‬الم وآدابه فى كل ج‪CC C C C‬وانب الحي‪CC C C C‬اة المنزلية وزيها‬
‫اإلس‪CC‬المى و الحالل و الح‪CC‬رام فى المطعم و المش‪CC‬رب و الملبس ‪ ،‬وأن يعيش‪CC‬وا‪ C‬مع‪CC‬انى ال‪CC‬دعوة واالهتم‪CC‬ام بتربية األوالد و‬
‫الخدم ‪ .‬وعليه أن يحرص على دعوة الغير ليزداد صف العاملين الصادقين ‪.‬‬
‫‪ -11‬أن يملأ قلبه باألمل أن المس ــتقبل لإلس ــالم ‪ :‬وأن ه‪CC C‬ذا الليل الطويل من الظلم و الظالم البد له من نهاية ومن‬
‫إشراق يبدد ظالمه ويصاحبه نصر اهلل وإ زهاق الباطل و التمكين ل‪CC‬دين اهلل فى األرض ‪ .‬وأال يس‪CC‬تجيب ألى إحب‪CC‬اط نفسى‬
‫إزاء هزيمة فى معركة مع األع‪CC C C C‬داء لما ل‪CC C C C‬ذلك من انعكاس‪CC C C C‬ات ض ‪CC C C‬ارة بالصف وبالعمل اإلس‪CC C C C‬المى ‪ ،‬ولنعلم أن الهزيمة‬
‫الحقيقية هى هزيمة القل‪CC C‬وب ب‪CC C‬أن يص‪CC C‬يبها وهن أو ض‪CC C‬عف ي‪CC C‬ؤدى الى االس‪CC C‬تكانة وفى‪ C‬مثل ه‪CC C‬ذه المواقف‪ C‬نجد اهلل س‪CC C‬بحانه‬
‫وتع‪CC‬الى‪ C‬يوجه المس‪CC‬لمين فيق‪CC‬ول ‪ {:‬وال تهن‪CC‬وا وال تحزن‪CC‬وا‪ C‬وأنتم األعل‪CC‬ون إن كنتم مؤم‪CC‬نين } [ آل عم‪CC‬ران ‪ ] 139‬إلى آخر‬
‫اآلي‪CC‬ات و ال‪CC‬تى ي‪CC‬أتى بع‪CC‬دها ه‪CC‬ذا المثل ‪ {:‬وك‪CC‬أين من ن‪CC‬بى قاتل معه ربي‪CC‬ون كث‪CC‬ير فما وهن‪CC‬وا لما أص‪CC‬ابهم فى س‪CC‬بيل اهلل وما‬
‫ضعفوا وما استكانوا‪ C‬واهلل يحب الص‪C‬ابرين } [ آل عم‪CC‬ران ‪ ، C] 146‬وك‪CC‬ذلك ال ي‪C‬داخلنا زهو أو غ‪C‬رور عن‪CC‬دما يحقق اهلل‬
‫لنا نصراً على األعداء ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫ولعله من المفيد بعد استعراض هذه األمور السابقة التى يجب على األفراد فى الجماعة التحلى بها والتزامها أن‬
‫نذكر بعض عبارات موجهة إالى الشباب من اإلمام البنا رضى اهلل عنه إذ يقول ‪ " :‬أيها الشباب ‪ :‬إنما تنجح الفكرة إذا‬
‫قوى‪ C‬اإليمان بها ‪ ،‬وتوفر اإلخالص فى سبيلها ‪ ،‬وازدادت الحماسة لها ‪ ،‬ووجد االستعداد‪ C‬الذى يحمل على التضحية و‬
‫العمل لتحقيقها ‪ ،‬وتكاد تكون هذه األركان األربعة ‪ :‬اإليمان واإلخالص و الحماس و العمل من خصائص الشباب ‪ ،‬ألن‬
‫أساس اإليمان القلب الذكى ‪ ،‬وأساس اإلخالص الفؤاد النقى ‪ ،‬وأساس الحماس الشعور القوى ‪ ،‬وأساس العمل العزم‬
‫الفتى ‪ ،‬وهذه كلها ال تكون إال للشباب ‪ ،‬ومن هنا كان الشباب قديماً‪ C‬وحديثاً‪ C‬فى كل أمة عماد نهضتها ‪ ،‬وفى كل نهضة‬
‫سر قوتها‪ ، C‬وفى‪ C‬كل فكرة حامل رايتها ‪ {:‬إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى } ‪ [ .‬من كتاب بين القيادة والجندية على‬
‫طريق‪ C‬الدعوة أ‪ /‬مصطفى مشهور‪] C‬‬

‫ج ‪ -‬من آداب العمل الجماعي ‪:‬‬


‫‪ – 1‬األخوة ‪:‬‬
‫ويجب على كل فرد يؤمن بوجوب العمل الجماعي أن يبادل إخوانه الحب واألخوة فى اهلل ‪ :‬بحيث ترتبط القلوب‬
‫واألرواح‪ C‬برب ‪CC C‬اط‪ C‬العقي ‪CC C‬دة وهو أوثق الروابط‪ C‬وأعالها ‪ ،‬وليعلم أن الوح ‪CC C‬دة رمز الق ‪CC C‬وة وال وح ‪CC C‬دة بغ ‪CC C‬ير حب وأقل الحب‬
‫س‪CC C‬المة الص‪CC C‬در ‪ ،‬وأعاله مرتبة اإليث‪CC C‬ار بحيث ي‪CC C‬رى إخوانه أولى بنفسه من نفسه ‪ ،‬ألنه إن لم يكن بهم لم يكن بغ‪CC C‬يرهم ‪،‬‬
‫وهم إن لم يكون‪CC‬وا‪ C‬به ك‪CC‬انوا بغ‪CC‬يره ‪ ،‬وإ نما يأكل ال‪CC‬ذئب من الغنم القاص‪CC‬ية ‪ ،‬والم‪CC‬ؤمن للم‪CC‬ؤمن كالبني‪CC‬ان يشد بعضه بعض ‪C‬اً‪:‬‬
‫{ و المؤمن‪CC C‬ون و المؤمن‪CC C‬ات بعض‪CC C‬هم‪ C‬أولي‪CC C‬اء بعض } التوبة ‪ ، 71‬وليعلم أن الش‪CC C‬يطان وأعوانه يغيظهم وح‪CC C‬دة الع‪CC C‬املين‬
‫لإلس‪CCC‬الم وتح‪CCC‬ابهم‪ C‬فيح‪CCC‬اولون جه‪CCC‬دهم للنيل من ه‪CCC‬ذه الوح‪CCC‬دة وذلك الحب ‪ ،‬فليح ‪CC‬ذر من ذلك كل الح ‪CC‬ذر ‪ ،‬وليح‪CCC‬رص على‬
‫سالمة الصدر ويتجنب الغيبة و النميمة ‪ ،‬وال يشجع عليها باالستماع‪ C‬إليها من غيره بل ينصح غ‪CC‬يره بع‪CC‬دم الوق‪CC‬وع‪ C‬فيها ‪{:‬‬
‫وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان لإلنسان عدواً مبيناً } [ اإلسراء ‪.] 53‬‬
‫واالخوة هي إحدى المقومات األساسية التي يعتمد عليه اإلسالم فى بناء المجتمع اإلسالمي ‪ ،‬وإ حكام‪ C‬الرباط بين‬
‫أفراده وأبنائه ‪ .‬ويوم‪ C‬أقام الرسول صلي اهلل عليه وسلم المجتمع اإلسالمي فى المدينة ‪ ،‬كانت الدعامة الثانية فى صرح‬
‫الدولة اإلسالمية الفتية ‪ ،‬بعد العقيدة التي تمثلت فى بناء المسجد النبوي الشريف‪. C‬‬
‫واألخوة كذلك وسيلة يستعين بها االخوان على قضاء حوائج األزمان ومغالبة الصعاب ومواجهة األزمات ‪ .‬قد ال‬
‫يطيق اإلنسان تحمل األعباء وحيدا ‪ ،‬ومواجهة المسؤوليا‪C‬ت فريدا فالبد له من إنسان آخر تطمئن إليه نفسه وتأنس به‬
‫روحه ‪ ،‬فيستنهضان همم بعضهما البعض ‪ ،‬ويشدان إزر بعضهما البعض مصداقا‪ C‬لقوله تعالي " سنشد‪ C‬عضدك بأخيك "‬
‫وهذا موسى‪ C‬عليه السالم عندما ألقيت عليه تكاليف النبوة سأل ربه أن يجعل أخاه هارون رفيقا له فى مهمته ومعينا‪ C‬فى‬
‫دعوته " واجعل لي وزيرا‪ C‬من أهلي هارون أخي أشد به أزري وأشركه فى أمري ‪ .‬كي نسبحك كثير ونذكرك كثيرا‬
‫إنك كنت بنا بصيرا‪ [" C‬طه ‪] 35 – 29‬‬
‫[ مشكالت الدعوة والداعية أ‪ /‬فتحى‪ C‬يكن ]‬
‫‪ ) 2‬الثقة ‪:‬‬
‫أ ) الثقة بالمنهج ‪:‬‬

‫‪158‬‬
‫ال يمكن للمسلم أن يعمل ‪ ،‬ويتحرك ‪ ،‬ويخالف هواه من غير قناعة بأنه يحمل منهجا هو الحق كله ‪ ،‬الحق الذي‬
‫قامت عليه السموات واألرض ‪ .‬قال تعالي " فال تك فى مريه منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس ال يؤمنون "‬
‫وقال جل شأنه " فتوكل على اهلل إنك على الحق المبين " ‪.‬‬
‫إن اقتناع المسلم الى درجة اليقين الجازم ‪ ،‬الذي ال أرجحة فيه وال تردد بأن دينه هو الدين الوحيد الذي يتقبله اهلل‬
‫من الناس بعد رسالة محمد عليه الصالة والسالم‪ C‬وبأن منهجه الذي كلفه اهلل أن يقيم الحياة عليه ‪ ،‬منهج متفرد ‪ ،‬ال نظير‬
‫له بين سائر المناهج ‪ ،‬وال يمكن االستغناء عنه بمنهج آخر ‪ ،‬وال يمكن أن يقوم مقامه منهج آخر وال تصلح الحياة‬
‫البشرية وال تستقيم إال أن تقوم على هذا المنهج وحده دون سواه ‪.‬‬
‫إن اقتناع المسلم الى درجة اليقين الجازم بهذا كله هو – وحده – الذي يدفعه لالضطالع‪ C‬بعبء النهوض لتحقيق‬
‫منهج اهلل الذي رضيه للناس ‪ ،‬فى وجه العقبات الشاقة ‪ ،‬والتكاليف المضنية ‪ ،‬والمقاومة العنيدة ‪ ،‬والكيد الناصب ‪،‬‬
‫واأللم الذي يكاد يجاوز الطاقة فى كثير من األحيان ‪.‬‬
‫ب ) الثقة في القيادة ‪ " :‬وعلى الفرد المسلم أن يثق بقيادته ثقة كبيرة ال حدود لها " ثقة تبعث االطمئنان الذي ينتج‬
‫الحب والتقدير‪ C‬واالحترام‪ C‬والطاعة فالقائد جزء من الدعوة وال دعوة بغير قيادة وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد‬
‫والجنود‪ C‬تكون قوة نظام الجماعة وأحكام‪ C‬خططها ونجاحها‪ C‬فى الوصول الى غايتها وتغلبها‪ C‬على ما يعترضها من عقبات‬
‫وصعاب ‪ .‬فالثقة بالقيادة أمر مهم فى نجاح الدعوات ‪ ،‬وإ ذا خالطه شئ فى نفسه فليسارع فى إزالته بالتبيين واللقاء‬
‫والمصارحة ‪ ،‬وأال يسمح لنفسه أن تتأثر بالشائعات المغرضة والتشكيك الذي يثيره األعداء فى صورة نصائح بغرض‬
‫بث الفرقة وتوهين العزائم والنيل من وحدة الجماعة‬

‫" القدوة على طريق الدعوة "‬


‫ولكي ترسخ هذه الثقة فى القلب وتصبح واقعا عمليا فى حياة الفرد المسلم عليه أن يتعرف على قائده عن قرب ‪،‬‬
‫ويدرس‪ C‬ظروف‪ C‬حياته وأن يطمئن لكفايته وإ خالصه وأن يحاول دائما االقتراب الدائم منه فإذا تم ذلك فيسهل عليه أن‬
‫يسمع ويطيع لهذا القائد دون تردد ودون مراجعة وال شك وال حرج مع إبداء النصيحة والتنبيه الى الصواب بل‬
‫سيفترض فى نفسه الخطأ وفى القيادة الصواب إذا تعارض ما أمر به مع ما تعلم فى المسائل االجتهادية التي لم يرد فيها‬
‫نص شرعي ‪.‬‬
‫ومع الثقة فى القيادة عليه أن يثق بمن يسير معه فى الطريق‪ C‬فال ينتقص من أحد بل ويوقن أن أيا ممن يسير معه مهما‬
‫[ ركائز‬ ‫كان حجمه فهو أفضل عشرات المرات ممن توقف عن السير أو ممن لم يفكر فى السير ابتداء‬
‫الدعوة د‪ /‬مجدى الهاللى ] ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الطاعة ‪ -:‬ومفهوم‪ C‬الطاعة فى اإلسالم يستمد من أصول الدين العقيدية والتشريعية قوته ومداه ‪ .‬فطاعة الفرد‬
‫المسلم للقيادة يؤكد امتثاله ألمر اهلل ‪ ( ...‬فالقيادة ) فى اإلسالم هي السلطة التنفيذية التي تتولى تطبيق‪ C‬أحكام اإلسالم ‪..‬‬
‫أو تسعي وتمهد الستئناف‪ C‬حياة إسالمية تطبق فيها األحكام ‪ :‬كما هو شأن الحركة اإلسالمية فى المرحلة الحاضرة وهذا‬
‫بدون شك من أمور اهلل ‪.‬‬
‫وبذلك تصبح طاعة الفرد المسلم لها من طاعة اهلل ‪ ،‬وعصيانها من عصيان اهلل ‪ ...‬ولذلك خص القرآن الكريم على ذلك‬
‫بقوله " يأيها الذين أمنوا أطيعوا اهلل وأطيعوا‪ C‬الرسول وأولي األمر منكم " النساء ‪. 59‬‬

‫‪159‬‬
‫وعبر الرسول عن ذلك ‪ :‬من أطاعني فقد أطاع اهلل ومن عصاني فقد عصي اهلل ‪ .‬ومن يطع األمير فقد أطاعني ومن‬
‫يعصي األمير فقد عصاني " متفق عليه‬
‫وعلى األخ المسلم أن يعد نفسه المتثال وطاعة " القيادة " كائنا من كان القائد طالما أن قيادته شرعية ‪ ...‬وليس من‬
‫خصائص الطاعة فى اإلسالم أن تكون لشخص دون شخص ‪ .‬كما ينبغي أال تخضع لألهواء واألذواق الشخصية ‪.‬‬
‫ويكفي داللة على هذا قول الرسول صلي اهلل عليه وسلم " اسمعوا‪ C‬وأطيعوا‪ C‬وإ ن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه‬
‫زبيبة " وهذا خالد بن الوليد رضي اهلل عنه عندما جاءه كتاب عزله من قيادة الجيش وتولية أبي عبيدة بن الجراح مكانه‬
‫امتثل األمر ‪.‬‬
‫وعلى الفرد المسلم أن يعود نفسه ويخضعها‪ C‬لطاعة وامتثال أمر القيادة وأن ال يدع مجاال للشيطان ووسوسات الكبر‬
‫فى نفسه ‪ .‬فالنفوس العاتية يتعسر‪ C‬قيادها ويصعب مقادها ‪ ...‬والكبر مرض عضال يقصم الظهور ‪ ..‬وباب الى النفس‬
‫"‬ ‫يدخل منها الشيطان ‪ ..‬والطاعة والتواضع يأباها المتكبرون وتشق‪ C‬على نفوس المكابرين‬
‫مشكالت الدعوة والداعية أ ‪ /‬فتحى يكن "‬

‫التقويم‬
‫س‪ -1‬أكمل العبارات اآلتية بما يناسب ‪:‬‬
‫*‪ -‬االنتماء لالسالم ليس مجرد انتماء بـ ‪.........‬‬
‫*‪ -‬فى ظل حال األمة المتردى العمل لإلسالم من خالل جماعة ليس أمرا ‪ ..........‬لمن شاء ‪.‬‬
‫*‪ -‬ال خالص من حال المسلمين المتردى‪ C‬اال بالعودة الى ‪.........‬و‪. ..........‬‬
‫*‪ -‬إقامة دولة اإلسالم أمل ال يمكن تحقيقه إال بعمل‪ ........‬منظم‪. C‬‬
‫*‪ -‬إقامة دولة االسالم أصبح ‪ ........‬على كل مسلم ومسلمة‬
‫*‪ -‬اختيار الجماعة التى أعمل معها هلل أمر البد أن يتم بعد دراسة و بدون ‪. .........‬‬
‫*‪ -‬ما ال يتم الواجب إال به فهو ‪........‬‬
‫*‪ -‬العمل فى جماعة و االلتزام معها هو فى حقيقته تعهد و بيعة مع ‪ ..........‬يلزم ‪ ........‬بها‬
‫*‪ -‬الزم شىء لصاحب الدعوة على طريق دعوته دوام ‪ .........‬اهلل و تذكر ‪........‬‬
‫س‪ -2‬حدد التزامات الفرد الذى يريد العمل الجماعى ؟‬
‫س‪ -3‬اشرح هذه العبارة " الواجب على الفرد الذى يعمل فى الجماعة أن يطوع‪ C‬حياته كلها لصالح دعوته " ؟‬
‫س‪ -4‬قال صلى اهلل عليه و سلم " من أطاعني فقد أطاع اهلل ‪ " .....................................‬أكمل ؟‬
‫س‪ " -5‬المحن و االبتالءات هى ‪ ............‬في الدعوات " أكمل ؟‬
‫س‪ -6‬من يعمل فى جماعة شعاره " أصلح ‪ ..........‬و ادع ‪ " ............‬أكمل ؟‬
‫س‪ -7‬يقول االمام الشهيد حسن البنا " أيها الشباب ‪ :‬إنما تنجح الفكرة إذا قوى‪ ....... C‬بها و توفر ‪.................‬‬
‫و ازدادت ‪ ...............‬و وجد االستعداد الذي ‪ " ................................‬أكمل ؟‬
‫س‪ -8‬ما هى آداب العمل الجماعى مع تأييد هذه اآلداب بما جاء فى الكتاب و السنة ؟‬
‫س‪ -9‬من قائل هذه العبارة و متى قالها " و اهلل لو أمر على أمير المؤمنين امرأة لسمعت و أطعت "‬

‫‪160‬‬
‫س‪ -10‬وضح السبل و اآلداب التى على صاحب الدعوة سلكها تجاه قائده حتى تثمر بينها ثقة ينتج عنها حب و تقدير‬
‫؟‬
‫قوم‪ C‬إلى أى مدى تلتزم بآداب العمل الجماعي ‪.‬‬
‫س ‪ِّ -11‬‬
‫يقوم من خاللها الدارس مدى التزامه بآداب العمل الجماعي ‪:‬‬
‫استبانة ِّ‬
‫متوسط ضعيف‬ ‫جيد‬ ‫ممتاز‬ ‫المظاهر‬ ‫م‬
‫يخضع أموره الخاصة لمصلحة دعوته ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫أال يوالى هيئة أو شخص أو فكرة تعادى االسالم و الجماعة ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫عالقته بإخوانه أساسها الحب و سالمة الصدر ‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫يتجنب أحداث المشاكل و يؤثر‪ C‬العفو و كظم الغيظ ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫يقبل النصيحة و التوجيه و ينزل عليها دون تبرم أو ضيق ‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫يراعي أمانات المجالس فال يحدث بكل ما يسمع ‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫يطيع قائده و يمتثل ألمره في المعروف ‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫الهدف المرحلى الخامس ‪ :‬أن يوضح الدارس المواصفات التي يجب توافرها في الجماعة ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح الدارس أهم الخصائص التى يلزم توافرها‪ C‬فى الجماعة المسلمة القدوة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يختار الدارس الجماعة التى ينبغى عليه العمل معها ‪ ( .‬حلقة نقاشية )‬

‫أ‪ -‬الجماعة المسلمة القدوة ‪:‬‬


‫أوضحنا‪ C‬سابقا أن طبيعة المرحلة التى نعيشها اليوم من عمر الدعوة اإلسالمية توجب على كل مسلم ومسلمة العمل‬
‫على إقامة دولة اإلسالم وعلى رأسها الخالفة اإلسالمية تمكينا لدين اهلل فى األرض ‪ .‬وذكرنا‪ C‬أن هذا الواجب ال يمكن‬
‫أن يتم بجهود‪ C‬فردية موزعة ‪ ،‬ولكنه البد من العمل الجماعي المنظم لتلك الجهود وأن الجماعة واجب ألن ما ال يتم‬
‫الواجب إال به فهو واجب ‪.‬‬
‫لذلك كان من الضروري‪ C‬أن نتعرض لبعض الصفات أو السمات التى يلزم توافرها‪ C‬فى الجماعة اإلسالمية القدوة ‪،‬‬
‫ليسترشد‪ C‬بها الشباب الذي يحار عند اختياره الجماعة التى يعمل من خاللها لتحقيق واجبه نحو إسالمه ‪،‬‬
‫فمن األمور األساسية التى يلزم توفرها فى الجماعة اإلسالمية القدوة ‪:‬‬
‫‪ -1‬الربانية ‪ :‬أن يكون القصد من قيامها‪ C‬ربانيا خالصا لوجه اهلل وابتغاء مرضاته بعيد عن أي قصد‪ C‬دنيوي كالرغبة‬
‫فى الشهرة أو المناصب أو حب الظهور ‪ ،‬وأن تكون بعيدة عن الدوافع الجاهلية كالعصبية القبلية أو اإلقليمية أو‬
‫غير ذلك فإن مثل هذه األمور تحبط األعمال ‪ ،‬كما أن عليها أن تحمي نفسها من أن تخضع لهيمنة اآلخرين‬
‫سواء أكانوا حكومات أم أعيانا أم كبراء ‪ ،‬حتى ال يطمس نورها الصافي‪ C‬إي لون آخر ‪ ،‬ولتؤدي رسالتها‪ C‬فى‬
‫الطريق‪ C‬الصحيح ‪ ،‬وحتى ال تحاول أي جهة من هذه الجهات استغاللها وتوجيهها‪ C‬إلى غير الغاية التى قصدت‬
‫إليها ‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫‪ -2‬هدفها التمكين لدين اهلل ‪ :‬أن يكون الهدف الذي قامت من أجله هو ذلك الهدف الكلي الجامع وهو التمكين لدين‬
‫اهلل فى األرض بإقامة اإلسالم فى حياة الناس ‪ ،‬وأن يكون فى منهاجها القيام بسائر ما يحتاج إليه ذلك الهدف‬
‫من خطوات وإ عداد ‪ .‬فال يصح أن تحصر‪ C‬نفسها فى جزئيات محدودة من أمور الدين وتمنع أفرادها‪ C‬من‬
‫تجاوزها‪. C‬‬
‫‪ -3‬الشموليه فى فهم اإلسالم ‪ :‬ومن ألزم األمور للجماعة اإلسالمية القدوة أن يكون فهمها لإلسالم فهما شامال‬
‫سليما بعيدا عن أي اجتزاء أو خطأ ‪ ،‬ونقيا من أي شوائب أو بدع وخرافات ‪ .‬ولكن يكون مطابقا لكتاب اهلل‬
‫وسنة رسوله صلي اهلل عليه وسلم متجنبا الخالفات التى مزقت المسلمين إلى فرق‪ C‬وطوائف‪. C‬‬
‫‪ -4‬العالمية ‪ :‬أن تكون عالمية ال إقليمية وال عنصرية ‪ ،‬ألن دعوة اإلسالم موجهة إلى الناس كافة ‪ ،‬والمسلمون‬
‫جميعا أمة واحدة ثم إن الهدف عالمي وليس إقليميا وهو إقامة دولة اإلسالم العالمية ال مجرد إقامة حكومة‬
‫إسالمية فى قطر ما منعزلة عن سائر أقطار‪ C‬العالم اإلسالمي ‪ ،‬وال أقل من أن تكون الجماعة اإلسالمية المحلية‬
‫تهدف إلى الهدف العالمي نفسه وتنسق مع التحرك اإلسالمي العالمي لتحقيق ذلك الهدف ‪.‬‬
‫‪ -5‬إت َِّباع منهج الرسول فى إقامة الدولة ‪ :‬وعلى الجماعة اإلسالمية القدوة أن تسلك طريق‪ C‬رسول اهلل صلي اهلل‬
‫عليه وسلم الذي انتهجه عند إقامة الدولة اإلسالمية األولي ويتمثل فى ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬إرساء عقيدة التوحيد‪ C‬وتقوية اإليمان فى القلوب ‪.‬‬
‫ب‪ -‬االهتمام بقوة األخوة والوحدة بين المسلمين ‪.‬‬
‫ج – أن تهتم بتربية أفرادها‪ C‬عقديا وأخالقيا وثقافيا‪ C‬وبدنيا ليمثلوا الركائز‪ C‬القوية التى يقوم عليها البناء ‪ ،‬وأن تزكي‬
‫روح الحب واألخوة بينهم فتكون بهم القاعدة الصلبة المتماسكة ‪ ،‬ثم تعدهم للجهاد الفريضة الماضية ‪.‬‬
‫‪ -6‬إيثار الناحية العملية على الدعاية والمظاهر ‪ :‬وأن تعود أفرادها‪ C‬العمل واإلنتاج فى دأب وصمت ‪ ،‬بعيدا عن‬
‫الجدال وكثرة النقاش ‪ ،‬فكثيرا‪ C‬ما يؤدي‪ C‬ذلك إلى الخالف أو تعطيل العمل واإلنتاج فى حقل الدعوة ‪ .‬كما أن‬
‫حب الدعاية والظهور‪ C‬قد يشوب اإلخالص ويحبط األجر والثواب ‪.‬‬
‫‪ -7‬العمل حسب خطة عمل كاملة متدرجة وواقعية ‪ :‬وأال يكون عملها ارتجاليا ‪ ،‬أو ردود‪ C‬أفعال ‪ ،‬أو على صورة‬
‫قفزات غير مدروسة وال مأمونة العواقب ‪ .‬وخير طريق‪ C‬يوصل إلى الهدف هو إعداد الفرد المسلم اللبنة‬
‫األساسية فى البناء ‪ ،‬فهو الذي يقيم البيت المسلم القدوة المؤسس على التقوى كدعامة فى بناء المجتمع المسلم‬
‫السليم الذي يكون بمثابة القاعدة الصلبة التى ِّ‬
‫تمكن لدين اهلل فى األرض ‪ .‬كما يجب أن يشمل اهتمامها سائر‬
‫مجاالت العمل المطلوب لتحقيق األهداف ‪ ،‬فتعني‪ C‬بالجوانب الروحية والتربوية والثقافية والرياضية البدنية ‪،‬‬
‫وتهتم‪ C‬بالجانب االجتماعي بتحقيق التكامل وتيسير‪ C‬الزواج للشباب ‪ ،‬وبالجانب االقتصادية بإنشاء المؤسسات‪C‬‬
‫االقتصادية ‪ ،‬وبالجانب السياسي‪ C‬بإعالن صوت اإلسالم فى المجاالت السياسية والنيابية بعيدا عن أسلوب‬
‫األحزاب ومهاتراتها‪ ، C‬وبالجانب اإلعالمي المقروء والمسموع والمرئي‪ ، C‬وبإنشاء‪ C‬دور النشر وتقديم كل حديث‬
‫نافع يساعد على نشر الدعوة ورد الشبهات واألباطيل‪. C‬‬
‫‪ -8‬وعليها أن تفكر فى مراحل العمل القادمة وتعد أفرادها لما ينتظرها من مهام ومسئوليات سواء فى مجال الدعوة‬
‫والتربية ‪ ،‬أم فى مجال الجهاد فى سبيل اهلل ‪ ،‬أم فى مجال الحكم ‪ ،‬وضرورة إعداد الكفاءات المتخصصة فى‬
‫كل مجال ‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪ -9‬وعليها أن تستفيد من كل إنتاج فكري أو تجريبي على الساحة العالمية طالما أنه ال يتعارض مع اإلسالم‬
‫وتعاليمه ‪ .‬فالحكمة ضالة المؤمن أني وجدها فهو أحق بها ‪.‬‬
‫النظام ‪ :‬على الجماعة اإلسالمية القدوة أن يكون لها نظامها‪ C‬األساسي ولوائحها‪ C‬التى تنظم عملها وتحدد‪C‬‬ ‫‪-10‬‬
‫أهدافها ووسائلها وتحدد‪ C‬أسلوب العمل ومجاالته ‪ ،‬وتحاسب أفرادها‪ C‬وتضبط‪ C‬تصرفاتهم ‪ ،‬وتحمي صفوفها‪ C‬من‬
‫التسيب ومن أن تخترقها‪ C‬عناصر مشبوهة وعليها أيضا أن تقوم عملها بين الحين والحين لتفيد من اإليجابيات‬
‫وتتفادي‪ C‬السلبيات ‪.‬‬
‫الشورى ‪ :‬وعليها أن تحقق الشورى‪ C‬فى مؤسساتها‪ C‬وعلى كل مستوياتها ‪ ،‬وأن تشجع أفرادها‪ C‬على‬ ‫‪-11‬‬
‫المبادرات وتقديم اآلراء واالقتراحات‪ C‬والنصح للمسؤولين ‪ ،‬وكذا النقد البناء ‪ .‬مع ترسيخ معاني الطاعة فى‬
‫غير معصية وااللتزام بما ينتهي إليه من آراء ‪ .‬وأن يربي األفراد‪ C‬على اإليجابية وقوة الشخصية ‪.‬‬
‫االعتدال ‪ :‬وعليها أن تسلك سبيل االعتدال متجنبة الغلو أو التفريط سواء فى األفكار كفكر التكفير أو‬ ‫‪-12‬‬
‫غيره ‪ ،‬أو فى الحركة كأسلوب األعمال الفجة المتهورة ‪ .‬وعليها أن تتجنب الترخيص أو التفريط فى أمور‬
‫العقيدة أو العبادات أو الفرائض عموما ‪ ،‬كذلك عدم الغلو أو التشدد فى التكاليف بما يشق على الكثير ‪.‬‬
‫أن تلتحم مع جماهير المسلمين ‪ ،‬وأن تعيش قضاياهم ‪ ،‬وأن تشاركهم آالمهم وآمالهم ‪ :‬فهم حقل‬ ‫‪-13‬‬
‫الدعوة وهم القاعدة المطلوب إعدادها ‪ .‬ولعله من المعلوم أن أعداء اإلسالم وأعوانهم يسعون دائما إلى إقامة‬
‫الحواجز‪ C‬الوهمية بين الجماعات اإلسالمية والشعوب اإلسالمية بإلصاق التهم الزائفة بالحركات اإلسالمية‬
‫وتصويرها‪ C‬على أنها خطر على الشعوب ‪ ،‬فالتحام الجماعات اإلسالمية بالشعوب يبطل هذه االتهامات ويظهر‪C‬‬
‫زيفها ‪.‬‬
‫االهتمام بقضايا المسلمين ‪ :‬وعليها أن تتابع القضايا اإلسالمية على الساحة وأن تسهم فيها بقدر‬ ‫‪-14‬‬
‫استطاعتها ‪ ،‬وأن تدعو المسلمين جميعا إلى اإلسهام فيها تزكية لروح الوحدة بين المسلمين ‪ ،‬والشعور‬
‫بالمسؤولية العامة عن كل شبر من أرض اإلسالم وتحريره من أيدي المغتصبين وعلى رأس ذلك المسجد‬
‫األقصى‪ ، C‬وعن كل روح مسلمة تزهق على أيدي األعداء فى أي بقعة من العالم ‪.‬‬
‫أال تتعالى على غيرها من الجماعات اإلسالمية األخرى ‪ :‬وأال تعتبر نفسها جماعة المسلمين ‪ ،‬أو أنها‬ ‫‪-15‬‬
‫وحدها على الحق وغيرها على الباطل ‪ ،‬ولكن تسعي جاهدة إلى تحقيق روح الوحدة والتعاون مع غيرها من‬
‫الجماعات ‪ ،‬وأن تتجنب تجريح الهيئات أو األفراد وإ ن تعرضت إلى إساءات من أفراد أو جماعات أخري‬
‫فعليها أن تصبر وتقابل ذلك بالتي هي أحسن ‪ .‬وكلنا أمل فى أن يأتي اليوم الذي تزول فيه األسماء واأللقاب‬
‫والفوارق‪ C‬الشكلية بين الجماعات اإلسالمية وتحل محلها وحدة عملية تجمع صفوف الكتيبة المحمدية ويصير‪C‬‬
‫الجميع إخوانا متحابين ‪ ،‬للدين عاملين ‪ ،‬وفى سبيل اهلل مجاهدين ‪.‬‬
‫اليقظة لألعداء ‪ :‬وعلى الجماعة اإلسالمية القدوة أن تكون يقظة لما يحيكه األعداء من كيد أو‬ ‫‪-16‬‬
‫استدراج ‪ ،‬وأن تهيئ أفرادها لتحمل المشاق على طريق الدعوة ‪ ،‬إذ أنه ليس مفروشا بالورود ولكنه ملئ‬
‫باألشواك‪ C‬والعقبات والجهد والجهاد‪ C‬والعرق والدماء ‪ ،‬ويحتاج إلى الصبر والمصابرة واالحتساب ‪ ،‬مع معرفة‬
‫أن المحن سنة الدعوات ‪ ،‬وأن النصر سيكون فى النهاية ألهل الحق مهما انتفش الباطل واستعلي بعض الوقت "‬
‫كذلك يضرب اهلل الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى األرض كذلك يضرب اهلل‬
‫األمثال " ‪.‬‬
‫‪163‬‬
‫تعتمد أسلوب التربية ‪ :‬وذلك بتربية األفراد والعمل على إيجاد الشخصية المسلمة الجامعة لكل خصال‬ ‫‪-17‬‬
‫الخير ‪ ،‬المتأبية على كل خصال الشر ‪ ،‬المستأهلة لعون اهلل وتأييده ونصره ‪ ".‬واعبد ربك حتى يأتيك اليقين "‬
‫الحجر ‪ . 99‬وعلى الجماعة أن توضح ألفرادها‪ C‬مدي الخير العظيم الذي سيقدمونه للمسلمين وللبشرية‬
‫واألجيال التالية من البشرية بتمكينهم لهذا الدين الحق ‪ ،‬وكذا مدي الثواب العظيم من اهلل ‪ ،‬فال شك أن هذه‬
‫المعاني من شأنها أن تدفع األفراد إلى التحمل والثبات ومواصلة السير ‪.‬‬
‫تعرف أفرادها أنهم ستار لقدر اهلل ‪ ،‬وأن األمور كلها تتم بإرادة اهلل وقدرته ‪ :‬وأن مهمتهم األخذ‬
‫أن ِّ‬ ‫‪-18‬‬
‫باألسباب والوسائل‪ C‬المشروعة أما النتائج فهي بيد اهلل ‪ ،‬وأنهم لن يحرموا‪ C‬أجر العاملين ولو لم تتحقق النتائج‬
‫على أيديهم ‪ ،‬وليعلموا أن الزمن فى مجال مهمتنا هذه الكبيرة يقاس بعمر الدعوات واألمم وليس بعمر األفراد‪. C‬‬
‫وأنه حينما تتحقق أسباب النصر سيتنزل النصر على عباد اهلل المؤمنين ألن وعد اهلل حق " وكان حقا علينا‬
‫نصر المؤمنين " كما أن وعده للمؤمنين بالتمكين سيتحقق أيضا بإذنه تعالي إذا ساروا‪ C‬على الطريق الصحيح‬
‫طريق‪ C‬رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم " وعد اهلل الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم‪ C‬فى األرض‬
‫كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم‪ C‬من بعد خوفهم‪ C‬أمنا يعبدونني ال‬
‫يشركون بي شيئا " [ النور ‪ ] 55‬فإلى العمل وإ لى النصر إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫[ من كتاب القدوة على طريق الدعوة ( بتصرف ) ‪ -‬أ‪/‬‬
‫مصطفى مشهور‪] C‬‬
‫تعتمد سياسة النفس الطويل والتدرج فى الخطوات ‪:‬‬ ‫‪-19‬‬
‫إن ضخامة العبء ونقل التبعات الملقاة على عائق العاملين فى الحق اإلسالمي يؤكدان أن الطريق‪ C‬طويل‬
‫والعمل شاق والجهاد‪ C‬مرير وإ ن السائرين على هذا الدرب يجب أن يهيئوا أنفسهم لمواجهة كل عنت ومشقة‬
‫ولكل بذل ونصيحة " ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ال يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن‬
‫الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " العنكبوت ‪322‬‬
‫وسئل الشافعي‪ C‬رضي اهلل عنه ‪ :‬أيهما أفضل للرجل ‪ :‬إن يمكن له أو يبتلي ‪ ،‬فقال " ال يم ّكن له حتى يبتلي "‬

‫إن على المنتمين للحركة اإلسالمية أن يعتمدوا سياسة النفس الطوية ‪ .‬فتكون الدعوة إلى اهلل على بصيرة بقصد‬
‫مرضاته ‪ ،‬فال يتعسفوا الطريق وال يستعجلوا الثمرة قبل نضوجها ‪ .‬وهذا لن يتم إال إذا فهموا أن الحكمـ اإلسالمي‬
‫وسيلة لغاية أسمي فإن تحقق على أيديهم حمدوا اهلل وإ ن لم يتحقق فال يأس وال قنوط وال تراجع وال خوف وبهذا‬
‫إن أهداف العمل اإلسالمي ضخمة‬ ‫يكونون قد أدوا األمانات وقاموا بواجب الدعوة وما النصر إال من عند اهلل ‪.‬‬
‫وكبيرة وإ ن التدرج فى الخطوات وإ عطاء كل خطوة حقها من شأنه أن يصل بالحركة إلى ما تبتغي ونريد ‪.‬‬
‫[ من كتاب ماذا يعني انتمائي لإلسالم بتصرف ]‬
‫ب‪ -‬أن يختار الدارس الجماعة التى ينبغى عليه العمل معها ‪ ( .‬حلقة نقاشية )‬
‫بعد أن تناولنا‪ C‬أهم األمور‪ C‬األساسية التى يلزم توافرها‪ C‬فى الجماعة المسلمة القدوة وأهم خصائصها ينبغى على‬
‫الدارس أن يدقق‪ C‬فى اختيار مع من يعمل من الجماعات المسلمة العاملة على الساحة والتى تتوافر فيها هذه األمور‪C‬‬
‫والخصائص‪ ، C‬مستعيناً‪ C‬باهلل أن يرزقه التوفيق والسداد‪ C‬فى هذا االختيار‪. C‬‬

‫‪164‬‬
‫[ تجرى حلقات نقاشية وورش عمل حول ‪ :‬الجماعات العاملة على الساحة ( أهدافها وخصائصها‪ C‬ووسائلها‪ ) C‬ومقارنة‬
‫ذلك بالجماعة المسلمة القدوة ‪ ،‬وذلك مما يساعد الفرد على االختيار الدقيق‪. ] C‬‬
‫التقويم‬
‫س‪ -1‬اذكر الخصائص الواجب توافرها فى الجماعة القدوة ؟‬
‫س‪ -2‬وضح أهم خصائص الجماعة المسلمة القدوة ؟‬
‫س‪ -3‬على الجماعة االسالمية القدوة ان تسلك طريق رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم الذى انتهجه عند اقامة الدولة‬
‫االسالمية االولى و يتمثل فى ‪:‬‬
‫أ‪ -‬االهتمام بقوة ‪ ..........‬أكمل ؟‬
‫ب‪ -‬االهتمام بقوة‪ ...........‬أكمل ؟‬
‫ت‪ -‬االهتمام بقوة‪ ...........‬أكمل ؟‬
‫س‪ -4‬على الجماعة االسالمية القدوة أال تعتبر نفسها جماعة ‪ ............‬أكمل ؟‬
‫س‪ -5‬وضح أثر التحام الجماعة االسالمية مع جماهير المسلمين فى قضاياهم ؟‬
‫س‪ -6‬سئل االمام الشافعى‪ C‬رضى اهلل عنه ‪ :‬ايهما افضل للرجل ‪ :‬ان يمكن له أو يبتلى فقال ‪ ..............‬أكمل ؟‬
‫س‪ " -7‬الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو أحق بها " بين كيف تكون هذه المقولة من خصائص الجماعة القدوة‬
‫س‪ -8‬حدد أى من العبارات االتية يمكن اعتبارها تتفق مع خصائص الجماعة القدوة و أيها ال تتفق مع هذه‬
‫الخصائص ؟‬
‫أ‪ -‬أن تستفيد من كل انتاج فكرى‪ C‬وعلمى على الساحة العالمية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن تعود افرادها على العمل و االنتاج فى صمت و داب ‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن تقبل التبرعات الن المال نافع لنشر الدعوة ‪.‬‬
‫د‪ -‬أن تعمل وفق خطة كاملة ‪.‬‬
‫هـ‪ -‬أن ترد على االساءة حتى ال يطمع فيها احد ‪.‬‬
‫ح‪ -‬أن تسعى جاهدة لتحقيق روح الوحدة و التعاون ‪.‬‬
‫خ‪ -‬أن تبتعد عن مجاالت السياسة و الفن النتشار الفساد فيهم بشدة ‪.‬‬
‫د‪ -‬أن يكون عملها فى صورة قفزات سريعة الى االمام ‪.‬‬
‫ذ‪ -‬أن تعمل فى كل المجاالت ‪.‬‬
‫و‪ -‬أال تتعامل مع غيرها من الجماعات حرصا‪ C‬على ابناءها ‪.‬‬
‫س‪ -9‬أكمل ما ياتى ‪ ،‬من خطوات عمل الجماعة القدوة ‪ :‬اعداد الفرد ‪ .....‬ثم ‪ .....‬ثم ‪.....‬ثم ‪ .......‬ثم ‪.....‬‬
‫س‪ -10‬من واقع معايشتك‪ C‬إلخوانك كيف ترى هذه األمور فى واقعهم‪: C‬‬
‫أ‪ -‬ايثارهم‪ C‬النواحى العملية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التحامهم مع جماهير المسلمين ‪.‬‬
‫ج‪ -‬تجنبهم الترخص و التشدد ‪.‬‬
‫د‪ -‬أخذهم االسالم بشموله ‪.‬‬
‫هـ‪ -‬اهتمامهم باالخوة و الترابط فيما بينهم ‪.‬‬
‫‪165‬‬
‫س ‪ -11‬حدد درجة موافقتك على كل خاصية من خصائص الجماعة المسلمة القدوة ( موافق بشدة – موافق –‬
‫متردد‪ – C‬غير موافق‪ – C‬غير موافق‪ C‬بشدة ) وفى حالة عدم الموافقة على خاصية معينة ّبين أسباب ذلك ‪ .‬وهل تقترح‬
‫خصائص أخرى تراها الزمة فى الجماعة المسلمة القدوة – أذكرها‬
‫غير موافق‬ ‫متردد‬ ‫موافق‬ ‫موافق بشدة‬ ‫خصائص الجماعة القدوة‬ ‫م‬
‫القصد من قيامها ربانيا‪. C‬‬ ‫‪1‬‬
‫البعد عن هيمنة الحكام و السياسيين ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫تمكن لدين اهلل بإقامة الدولة االسالمية العالمية‬ ‫‪3‬‬
‫دعوة عالمية ال إقليمية و ال عنصرية ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫تؤثر‪ C‬الناحية العملية على الدعاية و المظاهر ‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫تأخذ االسالم بشموله دون اجتزاء ‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫تتجنب تجريح الهيئات و الشخصيات ‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫تسلك سبيل االعتدال دون غلو أو تفريط ‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫تعتمد الشورى‪ C‬و تأخذ بها و تشجع عليها ‪.‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪ 10‬تعتمد أسلوب التربية بتكوين المسلم الصالح ‪.‬‬
‫‪ 11‬العمل حسب خطة عمل كاملة متدرجة وواقعية‬
‫‪ 12‬تهتم بقضايا المسلمين‬
‫‪ 13‬ال تتعالى على غيرها من الجماعات اإلسالمية‬
‫‪ 14‬تتبع منهج الرسول فى إقامة الدولة‬
‫‪ 15‬تعتمد سياسة النفس الطويل وتدرج الخطوات‬
‫استكمل بقية الخصائص المذكورة داخل المحتوى‪C‬‬
‫س ‪ -12‬اختر الجماعة التى ينبغى عليك العمل معها ‪ .‬موضحاً‪ C‬على أى أساس تم هذا االختيار ‪.‬‬

‫الهدف المرحلى السادس ‪ :‬أن يبدي استعدادا و رغبة أكيدة للعمل معها ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح الدارس على أى أساس يكون االنتماء للجماعة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح الدارس ماذا يعنى انتماؤه للجماعة ‪.‬‬
‫أن االنتماء للحركة اإلسالمية ال يكون بتقديم طلب انتساب وتسجيل اسم فحسب ‪ ..‬وال يكون بالتردد الى‬
‫منتديات الحركة ومراكزها‪ C‬وحضور‪ C‬اجتماعاتها فقط ‪ ..‬إنما ينبغي أن يكون لهذا االنتماء أبعاد تتجاوز الحدود الشكلية‬
‫واالعتبارات المظهرية ‪ ..‬أبعاد تؤكد العمق العقدي وقوة االرتباط‪ C‬الفكري والتنظيمي ‪..‬‬
‫وأول األبعاد التي يجب أن ندركها‪ C‬فى انتمائنا للحركة اإلسالمية هو البعد العقدي ‪ ،‬ذلك أن الحركة ترفض‬
‫(االنتماء الشخصي ) المعهود‪ C‬فى التكتالت الزعامية ‪ ،‬والذي يعتبر جرثومة فنائها واندثارها ‪:‬‬
‫فاالنتماء‪ C‬للجماعة هو أوالً انتماء لهذا الدين ‪ ،‬وهو بالتالي امتثال ألمر اهلل وطمع فى رحمته ورضاه ‪ ..‬وهذا ما‬
‫يجعل االنتماء فى منأى عن التأثر بموت األشخاص أو زوالهم أو غيابهم عن مسرح الدعوة لسبب أو ألخر ألنه يجعل‬
‫‪166‬‬
‫ارتباط‪ C‬األفراد باهلل واجتماعهم عليه سبحانه وتعالي‪ ، C‬وهذا فى الواقع هو سر خلود هذه الدعوة وبقائها واستمرارها‪C‬‬
‫{ من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد اهلل فإن اهلل حي ال يموت } ( إن الذين يبايعونك‪ C‬إنما يبايعون اهلل‬
‫يد اهلل فوق‪ C‬أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ‪ ،‬ومن أوفي بما عاهد عليه اهلل فسيؤتيه أجرا عظيما ) [ الفتح ‪. ] 10‬‬
‫والجماعة ترفض كذلك ( االنتماء العفوي أو العاطفي ) لأن اإلسالم منهج حياة يقوم على مفاهيم محددة عن‬
‫الكون واإلنسان والحياة ‪ ..‬وألن العمل لإلسالم يهدف الى تحقيق هذا المنهج فى المجتمع ‪ ،‬تحقيقه بوعي وعمق‬
‫وموضوعية ‪ .‬ولذلك يكون الوعي العقائدي والحركي وااللتزام‪ C‬العملي من األبعاد التي تشترط لهذا االنتماء ‪ ..‬بل إن‬
‫الثبات على الدعوة وعملها والبقاء فى المسيرة اإلسالمية وتحقيق اإلنتاج فيها يفرضان توفر الفهم الصحيح والوعي‬
‫السليم ألبعاد االنتماء ‪ .‬وأكثر الذين يتساقطون على الطريق‪ ، C‬أو يتركون المسيرة بسرعة هم ممن ساروا بعفوية‬
‫واندفعوا بعاطفية – تحت ظرف من الظروف – ولم يدركوا‪ C‬أبعاد الطريق ؟‬
‫والجماعة ترفض – كذلك – االنتماء المصلحي ‪ ،‬أي االنتماء الذي يتوسل به الناس لتحقيق بعض أغراضهم‪C‬‬
‫ومصالحهم الشخصية ‪ ،‬ويتذرعون به للوصول الى مآرب خاصة مادية أو اجتماعية ؟‬
‫إن االنتماء للجماعة يعنى ‪ :‬تجنيد طاقة الفرد لخدمة الجماعة ‪ ..‬يعنى إخضاع مصالحه لمصلحة اإلسالم وليس‬
‫العكس ‪ ..‬وهذا ما يربط العمل بالنية ‪ ،‬واالنتماء إطار العمل فال بد وأن يزكو‪ C‬ويصفو ويطهر‪ ( C‬إنما األعمال بالنيات ‪،‬‬
‫وإ نما لكل امرئ ما نوى ‪ ،‬فمن كانت هجرته الى اهلل ورسوله فهجرته الى اهلل ورسوله ‪ ،‬ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها‬
‫أو امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر إليه ) رواه البخاري ومسلم‪C‬‬
‫والبعد اآلخر الذي ينبغي أن يتحقق فى االنتماء للجماعة هو البعد المصيري ‪ :‬أي أن يكون انتماء مصير ‪..‬‬
‫بمعني أن يرتبط مصير‪ C‬المنتمي بمصير الجماعة كائنا ما كانت الظروف‪.. C‬‬
‫فال يكون انتماء مرحلة ينتهي بانتهائها‪ C‬أو انتماء ظرف ينتهي بزواله ؟‬
‫انتماء فى مرحلة الشباب ( والعزوبة ) وإدباراً فى مرحلة الرجولة ( والزواج ) ؟‬
‫ً‬ ‫ال يكون‬
‫انتماء فى حالة الفقر والعسر‪ C‬وهروباً‪ C‬فى حالة الغني واليسر ؟‬
‫ً‬ ‫ال يكون‬
‫انتماء مؤبداً ال إنفكاك فيه أو نكوث عنه أو هروب منه حتى يلقي المنتمي‬
‫ً‬ ‫إنما يجب أن يكون االنتماء للجماعة‬
‫ربه وهو على ذلك ‪ ..‬وهذا ما كان عليه أسالفنا‪ C‬الصالحون ‪ ،‬بل هذا ما أكدته كثير من آيات اهلل البينات منها قوله تعالي‬
‫( ومن الناس من يقول آمنا باهلل فإذا أوذي فى اهلل جعل فتنة الناس كعذاب اهلل ‪ ،‬ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا‬
‫معكم أو ليس اهلل بأعلم بما فى صدور‪ C‬العالمين ‪ ،‬وليعلمن اهلل الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ) [ العنكبوت ‪] 11- 10‬‬
‫وقوله ( ومن الناس من يعبد اهلل على حرف ‪ ،‬فإن أصابه خير اطمأن به ‪ ،‬وإ ن أصابته فتنة انقلب على وجهه ‪ ،‬خسر‬
‫الدنيا واآلخرة ذلك هو الخسران المبين ) [ الحج ‪ ] 11‬وقوله ( وكأي‪ C‬من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما‬
‫أصابهم‪ C‬فى سبيل اهلل وما ضعفوا وما استكانوا واهلل يحب الصابرين ‪ ،‬وما كان قولهم إال أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا‪C‬‬
‫وإ سرفنا فى أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ‪ ،‬فآتاهم‪ C‬اهلل ثواب الدنيا وحسن ثواب اآلخرة ‪ ،‬واهلل يحب‬
‫المحسنين ) [ آل عمران ‪..] 148 – 146‬‬
‫التقويم‬
‫س‪ -1‬قال أبو بكر الصديق عند وفاة النبى صلى اهلل عليه و سلم " من كان يعبد محمدا ‪ " .................‬أكمل ؟‬
‫س‪ " -2‬من صور‪ C‬االنتماء المرفوضة للحركة االسالمية االنتماء الشخصى‪ C‬و االنتماء المصلحى " وضح هذه‬
‫االنتماءات ؟‬
‫‪167‬‬
‫س‪ -3‬هل توافق على هذه الصور‪ C‬من االنتماءات مع ذكر االسباب ؟‬
‫أ‪ -‬االنتماء بقوة العاطفة و المشاعر الجياشة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬االنتماء فى مرحلة الشباب فقط النها مرحلة العطاء و القوة ‪.‬‬
‫س‪ -4‬وضح على أى أساس يكون االنتماء الصحيح للحركة االسالمية ؟‬
‫س‪ -5‬ما هى أضرار االنتماء الخاطىء للحركة االسالمية ؟‬
‫س‪ -6‬اكمل قول اهلل تعالى ( أن الذين يبايعونك‪ C‬إنما ‪ ) .......................................‬آخر اآلية ؟‬
‫س‪ -7‬االنتماء للحركة االسالمية هو انتماء مصيرى‪ ، C‬دلل على ذلك بصور من حياة الصحابة و السلف الصالح ؟‬
‫س‪ -8‬أكمل قول اهلل تعالى ( و كأى من نبى قاتل معه ‪ ) .....................................‬آخر االية ؟‬
‫س‪ " -9‬إن سر خلود هذه الدعوة و بقائها و استمرارها هو ارتباط االفراد‪ C‬باهلل " هل توافق على هذه العبارة و لماذا ؟‬
‫س‪ " -10‬إن االنتماء للحركة االسالمية له ابعاد تتجاوز الحدود الشكلية و االعتبارات المظهرية " وضح إلى اى مدى‬
‫ينطبق‪ C‬انتماء على هذه المقولة ؟‬
‫س‪ -11‬ما المظاهر التى تؤكد استعداد الفرد ورغبته األكيدة للعمل فى جماعة ‪.‬‬
‫س‪ -12‬وضح ماذا يعنى انتماؤك‪ C‬للجماعة ( للعمل الجماعي ) ‪.‬‬
‫س‪ -13‬ما هي السلوكيات التى تؤكد استعدادك ورغبتك للعمل فى الجماعة ‪.‬‬

‫يقوم مدى استعدادهـ ورغبته للعمل مع الجماعة ‪:‬‬


‫‪ -‬استبانة يستطيع الدارس من خاللها أن ِّ‬
‫نادرا‬ ‫أحيانا‬ ‫غالبا‬ ‫دائما‬ ‫المظاهر‬ ‫م‬
‫أن ينتظم فى لقاء المجموعة ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫أن يوافق على خصائص الجماعة القدوة ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫أن يلتزم آداب العمل الجماعى ‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫أن يفند الشبهات التى تثار حول الجماعة ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫أن يحترم قيادتها و رموزها ‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫أن يلتزم باختيارتها الفقهية ‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫أن يلتزم بخطابها و أسلوبها فى الدعوة ‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫أن يدفع زوجته و أبناؤه و بناته إلى محاضن الجماعة ‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫أن يشارك فى جهود الجماعة حسب ما يطلب منه ‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫العمل مع الجماعة أمانة ومسئولية عظيمة لذا يجب أن يكون االنتماء للجماعة عن عقيدة راسخة وإ يمان ال يتزعزع‬
‫‪ ،‬وانتفاء أو ضعف أي مظهر من المظاهر السابقة يعني وجود‪ C‬خلل لديك في مدى حرصك‪ C‬على االنتماء للعمل‬
‫الجماعي ‪ ،‬فاحرص على عالجه واحرص على أن تتحلى بهذه المظاهر دائماً ‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫المصادر‬
‫د‪ /‬السيد نوح ‪.‬‬ ‫‪ -1‬توجيهات نبوية على الطريق‪C‬‬
‫د‪ /‬السيد نوح ‪.‬‬ ‫‪ -2‬شخصية المسلم بين الفردية والجماعية‬
‫أ‪ /‬فتحي‪ C‬يكن ‪.‬‬ ‫‪ -3‬ماذا يعنى انتمائى لإلسالم‬
‫أ‪ /‬فتحي‪ C‬يكن‬ ‫‪ -4‬أبجديات التصور الحركي‬
‫أ‪ /‬فتحي‪ C‬يكن‬ ‫‪ -5‬مشكالت الدعوة والداعية‬
‫أ‪ /‬صادق‪ C‬أمين‬ ‫‪ -6‬الدعوة اإلسالمية فريضة شرعية وضرورة بشرية‬
‫أ‪ /‬مصطفى‪ C‬مشهور‬ ‫‪ -7‬بين القيادة والجندية على طريق الدعوة‬
‫أ‪ /‬مصطفى‪ C‬مشهور‬ ‫‪ -8‬القدوة على طريق الدعوة‬

‫الفصل الثامن‬

‫مواجهة منعطفات الطريق وحسن التصرف حيالها‬

‫الهدف العام ‪ :‬أن يقدر على مواجهة منعطفات الطريق و يحسن التصرف حيالها‬

‫األهداف المرحلية ‪:‬‬


‫‪ – 1‬أن يدرك طبيعة الطريق ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أن يتعرف على المنعطفات التي تواجهه و كيفية التغلب عليها ‪.‬‬
‫‪......................................‬‬
‫الهدف المرحلى األول ‪ :‬أن يدرك طبيعة الطريق ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يذكر الدارس أهم معالم طريق الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح الدارس طبيعة طريق الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يوضح الدارس لمن تكون العاقبة ‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫‪ -1‬أهم معالم طريق‪ C‬الدعوة ‪:‬‬
‫طريق‪ C‬الدعوة ‪ :‬طريق واحدة ‪ ..‬سار عليها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وصحابته من قبل ‪ ،‬وسار الدعاة‬
‫ونسير عليها بتوفيق اهلل من بعد ‪ :‬إيمان وعمل ومحبة وإ خاء ‪ ،‬دعاهم إلى اإليمان والعمل ثم جمع قلوبهم على‬
‫المحبة واإلخاء ‪ ..‬فاجتمعت قوة العقيدة إلى قوة الوحدة وصارت جماعتهم هى الجماعة النموذجية التى البد أن‬
‫تظهر كلمتها وتنتصر دعوتها وإ ن ناوأها أهل األرض جميعاً ‪.‬‬
‫يدوي فى قلوب هؤالء المؤمنين ويتردد على‬
‫وليست الدعوة إلى اهلل فى هذه األيام إال صدي للدعوة األولي ّ‬
‫ألسنتهم ويحاولون أن يقذفوا به إيمانا فى قلوب األمة المسلمة ليظهر عمال فى تصرفاتها ولتجتمع قلوبها عليه ‪ ،‬فإذا‬
‫فعلوا ذلك أيدهم اهلل ونصرهم وهداهم سواء السبيل ‪ ..‬فإلى اإليمان والعمل وإ لى الحب واإلخاء ‪.‬‬
‫الغاية ‪ :‬هي أسمي غاية يمكن أن يسعي إليها ‪ ..‬فاهلل هو الغاية ال شئ غير اهلل ‪ ..‬نؤمن به ونراه كل شئ فى‬
‫حياتنا نعبده حق عبادته نتلمس رضاه فى كل صغير أو كبير من أعمالنا وتصرفاتنا فى إخالص صادق وتجرد كامل‬
‫ويقين حق بأن فى ذلك السعادة كل السعادة والهداية كل الهداية والفوز كل الفوز ‪ " ..‬ففروا إلى اهلل إني لكم منه نذير‬
‫مبين " [ الذاريات ‪. ] 50‬‬
‫أما المهمة ‪ :‬فكبيرة وعظيمة ‪ ..‬سيادة الدنيا وإ رشاد اإلنسانية كلها إلى نظم اإلسالم الصالحة وتعاليمه التى ال‬
‫يمكن بغيرها أن يسعد الناس ‪ ..‬ليست مهمة جزئية لتحقيق أهداف محدودة فى بعض النواحي السياسية أو‬
‫االجتماعية أو االقتصادية ‪ ،‬كما أنها ليست محلية أو إقليمية مقصورة على جنس بعينه أو وطن بذاته ‪ ،‬ولكنها مهمة‬
‫على أكمل ما تكون إصالحا وإ سعاداـ للبشرية كلها بل ولغير اآلدميين أيضا ‪ ،‬فرسول اهلل‬ ‫شملت كل نواحي الحياة‬
‫صلي اهلل عليه وسلم جاء رحمة للعالمين ‪.‬‬
‫أما الجزاء ‪ :‬فعظيم عظيم ‪ .‬يصغر دونه كل ما في حياتنا الدنيا من نعيم وملك وسلطان ومتع ولذات ‪ ..‬جنات‬
‫عرضها السماوات واألرض فيها ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر ‪ .‬وصحبة طيبة مع النبيين‬
‫والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ‪ ..‬ونجاة من عذاب نار وقودها الناس والحجارة ‪ ،‬وفوق ذلك‬
‫كله " ورضوان من اهلل أكبر ذلك الفوز العظيم " التوبة ‪ [ 72‬طريق الدعوة أ ‪ /‬مصطفى مشهور ]‬

‫‪ -2‬طبيعة الطريق ‪:‬‬


‫( آلم ‪ .‬أحسب الناس أن يتركوا‪ C‬أن يقولوا آمنا وهم ال يفتنون ‪ .‬ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن اهلل الذين صدقوا‪C‬‬
‫وليعلمن الكاذبين ) ‪ [.‬العنكبوت ‪] 3-1‬‬
‫طريق الدعوة غير مفروشة بالورود ‪ ،‬بل طريق شاقة طويلة وليست بالسهلة القصيرة ‪ .‬فهي صراع بين الحق‬
‫والباطل ‪ ،‬تتطلب صبرا واحتماال ‪ ،‬وبذال وعطاء ‪ ،‬وتضحية ‪ ،‬دون تعجل للنتائج ودون يأس أو قنوط فالمطلوب العمل‬
‫والنتائج يقدرها اهلل فى الوقت الذي يريد ‪ .‬وبالصورة التى يريدها ‪ ،‬فقد ال تري ثمارها فى حياتك وإ ننا لمحاسبون‬
‫عن العمل وليس عن النتائج ‪.‬‬
‫‪ -‬الطريق‪ C‬شاقة وطويلة ‪ :‬إن طبيعة الطريق قد تكون شاقة على النفس البشرية ولكنها تنتهي بالصابر عليها إلى جنة‬
‫عرضها السماوات واألرض ‪ ..‬جنة تنسى اإلنسان كل مشاق الطريق ومتاعبها ففيها ما ال عين رأت وال أذن سمعت‬
‫وال خطر على قلب بشر والقرآن الكريم يوضح ذلك فيقول تعالى (( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين‬
‫خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر اهلل أال إن نصر اهلل‬
‫‪170‬‬
‫قريب" آل عمران ‪ .142‬ولقد شكا سيدنا الخباب بن األرت إلى رسول اهلل ‪ r‬فقال ‪ :‬يا رسول اهلل أال تستنصر لنا أال‬
‫تدعو لنا فقال ‪ " r‬إن من كان قبلكم‪ ،‬كان أحدهم يوضع المنشار على مفرقه فيخلص إلى قدميه‪ ،‬ال يصرفه ذلك عن‬
‫دينه ‪ ،‬ويمشط بأمشاط الحديد‪ ،‬ما بين لحمه وعظمه ال يصرفه ذلك عن دينه‪ ،‬واهلل ليتمن اهلل هذا األمر حتى يسير‬
‫الراكب من صنعاء إلى حضر موت ال يخاف إال اهلل والذئب على غنمه ولكنكمـ قوم تستعجلون ‪ ".‬أخرجه البخارى ‪.‬‬
‫‪ -‬االبتالء سنة ماضية *‪ :‬يقول د‪ .‬محمد نعيم ياسين‪ :‬والواقع أن االبتالء هو سنة اهلل في خلقه ‪ ،‬سواء في ذلك‬
‫مؤمنهم وكافرهم ‪ ،‬وبرهم و فاجرهم ‪ .‬قال تعالى‪ ":‬وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين اإلنس والجن"األنعام ‪112‬‬
‫من اهلل عليهم من بيننا أليس اهلل بأعلم بالشاكرين ‪ ".‬األنعام‬
‫وقوله تعالى ‪ " :‬وكذلك فتنا بعضهم‪ C‬ببعض ليقولوا أهؤالء ّ‬
‫‪ 53‬ثم يشير إلى ما وضحه اإلمام ابن القيم رحمه اهلل تعالى في آيات سورة العنكبوت ‪ ":‬أحسب الناس أن يتركوا‪ C‬أن‬
‫يقولوا آمنا وهم ال يفتنون ‪ ".‬إلى قوله تعالى ‪ ":‬أو ليس اهلل بأعلم بما في صدور‪ C‬العالمين" [ العنكبوت ‪]10 -2‬‬
‫يقول ابن القيم رحمه اهلل ‪ :‬فليتأمل العبد سياق هذه اآليات وما تضمنه من العبر وكنوز الحكمـ ‪ .‬فإن الناس إذا‬
‫أرسل إليهم الرسل بين أمرين ‪ :‬إما أن يقول أحدهم ‪ :‬آمنا ‪ ،‬وإ ما أن ال يقول ذلك بل يستمر على السيئات والكفر ‪،‬‬
‫فمن قال آمنا إمتحنه ربه وابتاله وفتنه ليتبين الصادق من الكاذب ‪ ،‬ومن لم يقل آمنا فال يحسب أنه يعجز اهلل ويفوته‬
‫ويسبقه ‪.‬‬
‫‪ -‬المحنة على الطريق‪ : C‬إن المحنة فى حياة الدعوة هي المحك األقوى واالمتحان األكبر ‪ ..‬فكم من أناس اختفواـ عن‬
‫مسرح العمل اإلسالمي بعد تعرضهم لمحنة أو إيذاء ‪ ،‬ولقد كانوا قبل ذلك من أشد المتحمسين ‪..‬‬
‫ولقد أكد القرآن الكريم على حتمية المحنة فى حياة المؤمنين لتحميص الصفوف وتصنيف المعادن وسبر أغوار‬
‫اإليمان ‪..‬‬
‫فقال تعالي ‪ " :‬ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا‪ C‬أخباركم " محمد ‪. 31‬‬
‫وبين صنوف الناس أمام المحنة ‪ ..‬فمنهم الصامد الصابر المحتسب " الذين قال لهم الناس أن الناس قد‬
‫جمعوا لكم فاخشوهم‪ C‬فزادهم إيمانا وقالوا‪ C‬حسبنا اهلل ونعم الوكيل ‪ " ..‬آل عمران ‪ " 173‬ولما رأي المؤمنون األحزاب‬
‫قالوا هذا ما وعدنا اهلل ورسوله ‪ ،‬وصدق‪ C‬اهلل ورسوله وما زادهم إال إيمانا وتسليما ‪ ،‬من المؤمنين رجال صدقوا ما‬
‫عاهدوا اهلل عليه فمنهم من قضي‪ C‬نحبه ومنهم من ينتظر‪ C‬وما بدلوا تبديال " األحزاب ‪. 23-22‬‬
‫ومنهم المنهزم الذي ال يلبث أن يسقط ويختفي من حلبة الصراع " ومن الناس من يقول آمنا باهلل ‪ ،‬فإذا أوذي فى‬
‫اهلل جعل فتنة الناس كعذاب اهلل ‪ ،‬ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم ‪ ،‬أوليس اهلل بأعلم بما فى صدور العالمين‬
‫‪ ،‬وليعلمن اهلل الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ‪ [ " ..‬العنكبوت ‪] 11-10‬‬
‫ثم يقرر القرآن الكريم أمرا ال مناص منه ‪ ،‬حيث يقول ‪ " :‬لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ‪ ،‬ولتسمعن من الذين أوتوا‬
‫أذى كثيراً ‪ ،‬وإ ن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم األمور " آل عمران ‪. 186‬‬
‫الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا‪ً C‬‬
‫[ المتساقطون على طريق الدعوة أ‪ /‬فتحى يكن ] ‪.‬‬
‫إن ما يلقاه الدعاة إلى اهلل من عنت الطغاة وأعداء اهلل بقصد القضاء عليهم وعلى دعوتهم أو إثنائهم عن‬
‫طريقها أمر تكرر فى الماضي ويتكرر فى الحاضر يدفع إليه الخوف على السلطان القائم على الباطل حينما يعلوه‬
‫الحق فيزهق ‪ " :‬بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " األنبياء ‪. 18‬‬

‫‪171‬‬
‫ولكي يبرروا بطشهم بدعوة الحق ودعاة الحق البد أن يلصقوا بهم أبشع التهم الكاذبة ويصوروهم على أنهم‬
‫أعداء للشعوب والجماهير ليثيروهم عليهم ‪ .‬فقديما كان منطق فرعون والمأل من قومه ‪:‬‬
‫" وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى األرض الفساد " غافر ‪. 26‬‬
‫سبحان اهلل ‪ ،‬هكذا موسى هو المفسد وفرعون هو الذي يحافظ على الشعب ومصالح الشعب ‪ .‬وبطانة فرعون‬
‫تستثيره ضد موسى وقومه ويخوفونه من العواقب فيطمئنهم أنه لهم بالمرصاد " وقال المأل من قوم فرعون أتذر‬
‫موسى‪ C‬وقومه ليفسدوا فى األرض ويذرك‪ C‬وآلهتك ‪ ،‬قال سنقتل أبناءهم ونستحيي‪ C‬نساءهم وإ نا فوقهم‪ C‬قاهرون " األعراف‬
‫‪. 127‬‬
‫‪ -3‬العاقبة للمتقين ‪:‬‬
‫إن القرآن الكريم يوضح هذه القضية وضوحاً جلياً ال لبس فيها وال غبش ويحدد هذا المعنى لتتربى عليه الفئة‬
‫المؤمنة ‪ ،‬أنهم ماداموا معتزين بهذا الحق متمسكين به‪ ،‬فان اهلل معهم يعينهم ويرشدهم وينصرهم ويؤيدهم ويمدهم‬
‫إذا تخلى عنهم الناس ‪ ،‬ويدفع عنهم إذا أعوزهم النصير‪ ،‬وهو معهم أينما كانوا ‪ ،‬وإ ذا لم ينهض معهم جند األرض‬
‫ت ّنزل عليهم المدد من جند السماء ‪.‬‬
‫" إن األرض هلل يورثها‪ C‬من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ‪ ".‬األعراف ‪128‬‬
‫" أن األرض يرثها عبادي الصالحون ‪ ".‬األنبياء ‪105‬‬
‫" ولينصرن اهلل من ينصره إن اهلل لقوى عزيز ‪ ".‬الحج ‪40‬‬
‫" كتب اهلل ألغلبن أنا ورسلي‪ " ...C‬المجادلة ‪21‬‬
‫" واهلل غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال يعلمون ‪ ".‬يوسف ‪21‬‬
‫" ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في األرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم‪ C‬الوارثين ‪ ".‬القصص ‪5‬‬
‫جفاء وأما ما ينفع الناس‬
‫‪ -‬فطريق الدعوة رغم وعورتها مأمونة العواقب مضمونة النتائج " فأما الزبد فيذهب ً‬
‫فيمكث فى األرض كذلك يضرب اهلل األمثال " الرعد ‪ " 17‬وكان حقا علينا نصر المؤمنين " الروم ‪. 47‬‬
‫( التقويم )‬
‫أوال أسئلة التذكر ‪:‬‬
‫‪ – 1‬اذكر ‪:‬‬
‫أ – أهم معالم الطريق ؟‬
‫ب – جزاء الدعاة إلى اهلل ؟‬
‫‪ -5‬أصناف‪ C‬الناس أمام المحنة ؟‬

‫‪ – 2‬صل من المجموعة ( أ ) ما يناسبه من المجموعة ( ب )‬


‫ب‬ ‫أ‬
‫تحكيم شرع اهلل فى العالم اإلسالمي‬ ‫‪ – 1‬طريق الدعوة‬
‫سنة اهلل فى الدعوات‬ ‫‪ -2‬غايتنا‬
‫سيادة الدنيا و إرشاد اإلنسانية إلى نظم اإلسالم‬ ‫‪ -3‬مهمتنا‬
‫الصالحة‬
‫‪172‬‬
‫هو اهلل وال شيء غيره‬ ‫‪ -4‬االبتالء‬
‫هو درب األنبياء و الرسل‬

‫) أمام العبارات الخاطئة مع تصحيح العبارة الخاطئة‪.‬‬ ‫) أمام العبارة الصحيحة و عالمة (‬ ‫‪ -3‬ضع عالمة (‬
‫)‬ ‫(‬ ‫أ ‪ -‬الدعوة فى هذه األيام هى صدى لدعوة األنبياء و الرسل‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ب – مهمتنا جزئية تهدف لتحقيق أهداف محددة فى بعض النواحي‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ج‪ -‬طريق‪ C‬الدعوة شاق و طويل و لكن نتائجه غير مضمونة‬
‫)‬ ‫(‬ ‫د – نحن محاسبون عن العمل و النتائج على حد سواء‬
‫)‬ ‫(‬ ‫هـ – االبتالء يقع على المؤمن و الكافر و البر و الفاجر على حد سواء‬

‫ثانيا ‪ :‬أسئلة الفهم ‪:‬‬


‫‪ – 1‬اذكر اآليات القرآنية التي تدل على ‪:‬‬
‫ب – حتمية المحنة فى حياة المؤمنين‬ ‫أ‪ -‬عاقبة المتقين‬
‫‪ -2‬وضح المقصود ب ‪:‬‬
‫ب – االبتالء سنة ماضية‬ ‫ا – طريق‪ C‬الدعوة شاق وطويل‬
‫‪ -3‬دلل على أن العاقبة للمتقين ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬أسئلة تطبيقية ‪:‬‬


‫‪ -1‬اذكر مواقف‪ C‬عاصرتها بنفسك تبين بها طبيعة الطريق‪ C‬؟‬
‫‪ -2‬اذكر نماذج ألشخاص عاصرتهم‪ C‬صمدوا و صبروا على المحن و االبتالءات ؟‬
‫‪ -3‬اذكر نماذج ألشخاص عاصرتهم‪ C‬انهزموا أمام المحن و االبتالءات ؟‬
‫‪ -4‬اذكر مشاعرك الشخصية تجاه الصامدين و المنهزمين أمام المحن ؟‬
‫‪ -5‬اذكر الوسائل العملية التي تساعدك على الصبر على طول الطريق‪ C‬و تحمل مشاقه ؟‬

‫الهدف المرحلى الثانى ‪ :‬أن يتعرف على المنعطفات التي تواجهه و كيفية التغلب عليها ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يحدد بعض المنعطفات ( العقبات ) التى تواجهه على طريق الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح كل منعطف أو عقبة على طريق الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يوضح كيفية التعامل مع كل منعطف أو عقبة على طريق الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يلتزم ببعض الواجبات العملية التى تعينه على مواجهة كل منعطف أو عقبة ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يذكر الدارس بعض العواملـ التى تساعد على الثبات أمام هذه المنعطفات ( العقبات ) ‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫خلق اهلل اإلنسان من طين ونفخ فيه من روحه ‪ ،‬فيه نوازع تجذبه إلى األرض ليخلد إليها ‪ ،‬وصفات ربانية‬
‫ترفعه وتسمو به ‪ ،‬وهذا هو مجال الجهاد والمجاهدة ‪ ،‬ومحك االمتحان واالختبار ‪ ،‬بين الركون إلى الدنيا والسعي‬
‫لآلخرة ورضوان اهلل " من كان يريد حرث اآلخرة نزد له فى حرثه ‪ ،‬ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له فى‬
‫اآلخرة من نصيب " ‪ .‬الشورى ‪20‬‬
‫فمن تخفف من جواذب األرض وسما بنفسه سار فى طريق الدعوة متخطيا عقباتها فى يسر وعون من اهلل‬
‫وتوفيق ‪ .‬أما من استهان بأمر هذه الجواذب األرضية ولم يجاهدها فى نفسه ‪ ،‬صرعته وأخلدته إلى األرض ‪،‬‬
‫وتعرض إلى غضب اهلل وعقابه " قل إن كان آباؤكم ‪ ،‬وأبناؤكم‪ C‬وإ خوانكم‪ C‬وأزواجكم‪ C‬وعشيرتكم وأموال اقترفتموها‪C‬‬
‫وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من اهلل ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا‪ C‬حتى يأتي اهلل بأمره‬
‫واهلل ال يهدي القوم الفاسقين " التوبة ‪ [ . 24‬طريق الدعوة أ ‪ /‬مصطفى مشهور ]‬
‫وسالك الطريق يتعرض فيه لعقبات ومنعطفات عديدة ننبه إلى بعض منها حتى نأخذ حذرنا حتى نصل إلى بر‬
‫األمان وإ لى رضوان اهلل عز وجل ‪ ،‬من هذه العقبات والمنعطفات ‪:‬‬
‫‪ -1‬الوظيفة ( وسيلة التكسب ) ‪:‬‬
‫إن الشاب أو الطالب المسلم حين يسلك طريق الدعوة وهو متخفف من األعباء العائلية وااللتزامات المعيشية‬
‫ينطلق في الطريق دون معاناة من قيود أو أثقال فإذا ما تخرج وارتبط بعمل أو وظيفة بدأ يشعر بقيدها والتزاماتها‬
‫وبضرورة المحافظة عليها ‪ ،‬وربما دفعه هذا الشعور إلى أن يحد من انطالقه ‪ ،‬ويقصر من انطالقه في الدعوة ‪ ،‬وقد‬
‫يتوقف تماماً عن السير ما لم يكن عنده من قوة اإليمان ومضاء العزيمة بحيث يتخطى تلك العقبة ويستمر في انطالقه‬
‫بكل ثقة ويقين بأن اهلل تعالى قد ضمن الرزق وتكفل به ‪.‬‬
‫وما الوظيفة إال وسيلة يستعين بها لتحقيق الغاية التى خلق من أجلها ‪ ،‬فال يجوز للوسيلة المعينة أن تتحول إلى‬
‫عقبة معوقة ‪ [ .‬طريق الدعوة أ ‪ /‬مصطفى مشهور ]‬
‫كيفية تعامله مع هذه العقبة ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬أن تكون الوظيفة فضالً على أنها مصدر الرزق مجاالً لخدمة الدعوة ‪.‬‬
‫أن يزاول عمالً حراً وال يكون أسير الوظيفة فهي أضيق أبواب الرزق ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن يوقن أن الرزق بيد اهلل و يصبر على ابتالء اهلل له إذا أضير في هذا المجال لقوله تعالى ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫" ولنبلونكم‪ C‬بشيء من الخوف و الجوع و نقص من األموال و األنفس و الثمرات و بشر الصابرين ‪".‬‬
‫البقرة ‪155‬‬
‫‪ - 2‬الزواج واألوالد ‪:‬‬
‫وبعد الوظيفة يأتي دور الزواج وما يتصل به من تبعات ومشاغل وجواذب تغري باإلخالد إلى األرض ‪ ،‬وكذا‬
‫األوالد والتعلق بهم واالشتغال بأمورهم والقلق عليهم ‪ ،‬كل ذلك قد يؤثر على سالك الطريق ويحول بينه وبين المضي‬
‫فى الطريق بنفس الهمة والنشاط قبل الزواج واألوالد ‪ ،‬وربما والعياذ باهلل توقف تماما عن السير وصدق اهلل العظيمـ‬
‫" يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأوالدكم عدوا لكم فاحذروهم‪ " C‬التغابن ‪14‬‬

‫‪174‬‬
‫أما المؤمن الصادق الذي عاهد اهلل على العمل فى طريق الدعوة فإنه يلتزم السنة فيحسن اختيار الزوجة‬
‫الصالحة التى تعين وال تثبط ‪ ،‬وتتعاون معه على تنشئة الذرية الصالحة لتكون قرة عين لهما ‪ ،‬ويعز اهلل بها دينه ‪،‬‬
‫وما أجمل دعاء عباد الرحمن " ربنا هب لنا من أزواجنا‪ C‬وذرياتنا‪ C‬قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما " الفرقان ‪. 74‬‬
‫فيكون هو وزوجته وأوالده كلهم على الطريق يمضون فى تفاهم وتعاون ‪ ،‬قدوة حسنة لألسرة المسلمة ودعامة‬
‫قوية فى بناء المجتمع المسلم ‪.‬‬
‫وكم رأينا فى تاريخ الدعوة اإلسالمية قديما وحديثا صورا مشرفة للزوجات الصالحات الالتي كن عونا‬
‫ألزواجهن ‪ ،‬وأنضر هذه الصور وأولها السيدة خديجة أم المؤمنين رضي اهلل عنها ‪ .‬ولم ينضب معين األمة‬
‫اإلسالمية من الخير ‪ ،‬فرأينا فى عصرنا الحديث أمثلة رائعة من الزوجات المسلمات الالتي صبرن األعوام الطوال –‬
‫عشرين عاما أو يزيد – تعرضن فيها أللوان شتي من العنت وأزواجهن فى غياهب السجون والمعتقالت ‪ ،‬وكن‬
‫راضيات محتسبات مستبشرات يرعين األوالد ويطمئن األزواج ويشجعنهمـ على الثبات على الحق أمام طغيان الباطل‬
‫‪ ،‬وتعرض بعضهن إلى السجن واالعتقال واإليذاء والتعذيب فصبرن وتحملن ولم يتخلين عن طريق الدعوة ‪.‬‬
‫[ طريق الدعوة أ ‪ /‬مصطفى مشهور ]‬
‫وعلى الجانب اآلخر … وكمثال لفتنة األزواج واألوالد يقول األستاذ فتحي يكن في كتابه ‪ :‬المتساقطون على‬
‫معطاء ‪ ،‬ولقد نكب بزوجة سيئة وضعت الموت والفقر بين عينيه ‪،‬‬
‫ً‬ ‫طريق الدعوة " أعرف أخاً كان قبل زواجه مقداماً‬
‫فكانت كلما رزق منها بغالم ذكرته بحقه ( المادي ) عليه ‪ ،‬وأن عليه مضاعفة السعي من أجله … ولما تكاثرت‬
‫ذريته ‪ ،‬وامرأته على هذه الشاكلة ‪ ،‬سقط في االمتحان وأصبح عبداً للدنيا بعد أن أصبح عبداً للزوجة … وهو حتى‬
‫اآلن لم يحس بالجريمة التي ارتكبها وبالهاوية التي سقط فيها ‪ ،‬ولقد نسي ما كان ‘يذّكر به إخوانه والناس " تعس‬
‫عبد الدينار ‪ ،‬تعس عبد الدرهم ‪ ،‬تعس عبد الخميصة ‪ ،‬تعس وانتكس ‪ ،‬وإ ذا شيك فال انتقش " وقوله " تعس عبد‬
‫الزوجة " ‪.‬‬
‫· كيفية تعامله مع هذه العقبة ‪:‬‬
‫وصيانة للحياة الزوجية من مثل هذه االنتكاسات ‪ ،‬وضع اإلسالم القواعد واألسس الكفيلة بتحقيق إسالمية البيت‬
‫الزوجي وسعادة أفراده وصالح ذريته ‪.‬‬
‫وإ ليكم أهم هذه القواعد واألسس ‪:‬‬
‫سالمة القصد ‪:‬‬
‫حرص اإلسالم على أن يكون القصد األول من الزواج استكمال الدين ‪ ،‬مصداقا لقول الرسول صلي اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬من رزقه اهلل امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه ‪ ،‬فليتق اهلل الشطر الباقي " رواه الطبرانى ‪ ،‬وفى‬
‫رواية للبيهقي قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق اهلل فى‬
‫النصف الباقي " ‪.‬‬
‫وحرص اإلسالم كذلك على أن يكون الزواج عامال أساسيا فى تحصين النفس وتزكيتها ودفعها فى طريق‬
‫الطاعة والتعففـ ‪ .‬فعن عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬يا معشر‬
‫الشباب ‪..‬من استطاع منكم الباءة فليتزوج ‪ ،‬ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ‪ .‬رواه البخاري و مسلم‬

‫‪175‬‬
‫وقال الرسول صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬ثالثة حق على اهلل عونهم ‪ :‬المجاهد فى سبيل اهلل ‪ ،‬والمكاتب الذي يريد‬
‫األداء ‪ ،‬والناكح الذي يريد العفاف " ‪ .‬رواه الترمذي و قال حديث حسن صحيح‬
‫وكذلك حرص اإلسالم على أن يكون القصد من الزواج ‪ :‬إنشاء البيت المسلم ‪ ،‬ليكون ( اللبنة الصالحة ) وحجر‬
‫األساس فى بناء المجتمع اإلسالمي ‪ ..‬والقرآن الكريم يعتبر هذا أمنية غالية من أماني المؤمنين حيث يصفهم بقوله‬
‫‪ " :‬والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما " الفرقان ‪.74‬‬
‫‪ -‬حسن االختيار ‪:‬‬
‫ولقد أكد اإلسالم أول ما أكد على حسن اختيار شريكة الحياة ورفيقة العمر ‪ .‬واعتبر حسن االختيار من عوامل‬
‫تحقيق ( إسالمية ) الحياة الزوجية ‪ ،‬ومن تباشير الوفاق واألنس بين الزوجين ‪ ،‬فقال الرسول صلي اهلل عليه وسلم‬
‫‪ " :‬تخيروا لنطفكمـ وأنكحوا األكفاء وأنكحواـ إليهم " رواه ابن ماجه – كتاب النكاح ‪.1985‬‬
‫واإلسالم أكد على توفر الخلق والدين كشرط أساسي لحسن االختيار ‪ :‬وحذر من مغبة السعي وراء الجمال‬
‫والمال والنسب وبين أن جمال الخلق أبقي من جمال الخلق ‪ ..‬وأن غني النفس أثمن من غني المال ‪ .‬فقال عليه‬
‫الصالة والسالم ‪ " :‬ال تزوجوا النساء لحسنهن فعسي حسنهن أن يرديهن ‪ .‬وال تزوجوهن ألموالهن فعسي أموالهن‬
‫أن تطغيهن ‪ ..‬ولكن تزوجوهن على الدين ‪ .‬وألمة خرماء خرقاء ذات دين أفضل " رواه ابن ماجة ‪.‬‬
‫فليحذر االخوة الذين يفتشون عن األشكال قبل الخصال وعن األموال دون الخالل ‪ ..‬ليمتثلوا أوامر اإلسالم ‪،‬‬
‫وليكافحوا رغائب الشيطان فى نفوسهم ‪ ،‬وليستجيبوا داعي اهلل فيهم ‪ " :‬وأنكحواـ األيامي منكم والصالحين من‬
‫عبادكم وإ مائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اهلل من فضله واهلل واسع عليم " النور ‪ . 32‬ثم ليعتبروا بقول الرسول صلي‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ " :‬من تزوج امرأة لعزها لم يزده اهلل إال ذال ‪ .‬و من تزوجها لمالها لم يزده اهلل إال فقرا ‪ .‬ومن‬
‫تزوجها لحسبها لم يزده اهلل إال دناءة ‪ .‬ومن تزوج امرأة لم يرد بها إال أن يغض بصره ‪ ،‬ويحصن فرجه ‪ ،‬أو يصل‬
‫رحمه ‪ ،‬بارك اهلل له فيها وبارك لها فيه " ‪ .‬رواه الطبراني في األوسط‬
‫‪ -‬شخصية الزوج هي األساس ‪:‬‬
‫وحذر اإلسالم األزواج من التمادي فى مجاراة المرأة فيما تهوى حفاظا على شخصية الرجل وقوامته من االنهيار‬
‫واالنحسار ‪ .‬وفى ذلك الخراب كل الخراب للبيت الزوجي ولمن فيه ‪ ..‬ويتحدث اإلمام الغزالي عن هذا المعني فى‬
‫كتاب اإلحياء فيقول ‪ " :‬ونفس المرأة على مثال نفسك ‪ .‬إن أرسلت عنانها قليال جمحت بك طويال ‪ .‬وإ ن أرخيت‬
‫عذارها فترا جذبتك ذراعا ‪ .‬وإ ن كبحتها وشددت يدك عليها فى محل الشدة ملكتها ‪" ..‬‬
‫فشخصية الرجل تلعب دورا كبيرا فى الحياة الزوجية ‪ .‬وما لم يكن الرجل فى حياة زوجته كل شئ ‪ ..‬تجد فيه‬
‫المثل األعلى والقدوة الحسنة ‪ ،‬وتحس منه الحزم والحنان ‪ ..‬فإن عقد الزوجية سيصاب حتما بالتفكك‬
‫وقد يعتقد بعض األزواج أن ال بأس من التساهل فى مطلع الحياة الزوجية فإذا بهم يقعون ضحية جهلهم هذا‬
‫مدى الحياة ‪ .‬والحق يقال أن األيام األولى هى التى ترسم مستقبل البيت الزوجى كله ‪ .‬ومن واجب األزواج أن يكونوا‬
‫أكثر تحسباً واحتياطاً فى هذه المرحلة من غيرها ‪ [ .‬مشكالت الدعوة و الداعية أ ‪ /‬فتحي يكن ]‬
‫من الواجبات العملية ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬أن يحسن اختيار الزوجة ذات الدين ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يحسن تربية الزوجة واألوالد ‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫أن يكون حب اهلل ورسوله والجهاد في سبيله أحب إليه من أهله وولده والناس أجمعين ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن يقيم بيته على طاعة اهلل عز وجل ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن يقتصد فى مستلزمات الزواج ( مسكن – ملبس – جهاز – مأكل ) وال يغرق نفسه فى الكماليات ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -3‬إقبال الدنيا والسعة فى الرزق ‪:‬‬
‫يجد سالك الطريق‪ C‬نفسه وقد استحوذ‪ C‬كسب المال كل وقته وكل جهده وكل تفكيره وسار‪ C‬هو مسخراً للمال بدالً من أن‬
‫يسخر هو المال ‪ ،‬إن كسب المال الحالل ال اعتراض عليه فى حد ذاته ولكن بحيث ال يصير‪ C‬هو أكبر الهم ومبلغ العلم ‪،‬‬
‫ويحول‪ C‬بين صاحبه وبين القيام بواجبات الدعوة أو القيام بحق اهلل فى هذا المال والمعاونة بجزء منه فى سبيل اهلل أمر‬
‫محمود‪ C‬ومشكور‪ C‬ولكن متطلبات الدعوة التقتصر على ذلك فقط فإن أمثال سيدنا عثمان بن عفان وسيدنا عبد الرحمن بن‬
‫تكسبوه من التجارة ‪ ،‬لم يشغلهم ذلك عن القيام بواجبات الدعوة والجهاد‪C‬‬
‫عوف رضى اهلل عنهما ممن كان لهم مال عظيم ّ‬
‫مع رسول اهلل ‪ r‬وكانوا‪ C‬باإلضافة إلى ذلك يخرجون عن مالهم أو عن معظمه بسخاء فى سبيل اهلل عندما تقتضى‬
‫مصلحة الدعوة ذلك ‪.‬‬

‫( ويكمن الخطر فى تسرب حب المال وجمعه إلى القلوب ويصير غاية ال وسيلة ‪ ،‬ويلهى صاحبه عن أداء الفرائض‬
‫والنوافل‪ ، C‬وإ ذا به قد شد وثاقه بجمع المال بدرجة اليستطيع الفكاك منها لو حاول ذلك حتى ينتزعه الموت أو أمر‬
‫قهرى‪ C‬خارج عن إرادته ‪ ،‬فيترك‪ C‬المال ويواجه الندم والحساب ‪ ،‬لذلك فالمؤمن الصادق‪ C‬يعرف أن القليل الذى يكفى خير‬
‫من الكثير الذى يلهى ‪ ،‬وروى‪ C‬مسلم أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال ‪ " :‬قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وق ّنعه اهلل‬
‫بما آتاه ‪ [ ) ".‬طريق الدعوة أ ‪ /‬مصطفى‪ C‬مشهور ]‬

‫ويقول األستاذ ‪ :‬فتحى يكن فى كتابه ‪ :‬المتساقطون على طريق‪ C‬الدعوة " ومنهم‪ C‬من تساقط بسبب الغنى فانطلق‪ C‬فى‬
‫ميادين إبتغاء الرزق‪ C‬فلما تأمّن لهم المورد‪ C‬الكافى والعيش الوافر لم يقنعوا ولم يرضوا وإ نما ركضوا‪ C‬الهثين وراء المادة‬
‫يجمعون األموال ويكسبون الثروات حتى أصبح عندهم من حطام الدنيا ما يكفيهم ويكفى ذريتهم إلى عشرة أجيال أو‬
‫أكثر ‪ ،‬وإ ذا سئلوا ‪ :‬لماذا فتر نشاطكم‪ C‬وخمدت حركتكم فى سبيل الدعوة واإلسالم وأنتم فى بحبوحة وسعة من العيش‬
‫والرزق ؟ قالوا ‪ :‬إننا نعمل لبناء اإلقتصاد‪ C‬ومصلحة الوطن وهذا من اإلسالم ‪" .‬‬

‫كذلك أشارت السنة النبوية لهذا فى أحاديث سيدنا محمد ‪: r‬‬

‫‪ -‬روى‪ C‬الترمذى بسند صحيح عن كعب بن عياض رضى‪ C‬اهلل عنهما قال ‪ :‬أن رسول اهلل ‪ r‬بعث أبو عبيدة بن الجراح‬
‫إلى البحرين يأتى بجزيتها‪ C‬فقدم بمال من البحرين ‪ ،‬فسمعت األنصار‪ C‬بقدوم أبى عبيدة فوافوا‪ C‬صالة الفجر مع‬
‫وآملوا ما يسركم‬
‫رسول اهلل ‪ r‬فلما صلى رسول اهلل ‪ r‬انصرف‪ C‬فتعرضوا له فتبسم رسول اهلل ‪ r‬ثم قال ‪ " :‬أبشروا ّ‬
‫فو اهلل ما الفقر أخشى عليكم ‪ ،‬ولكنى أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على الذين من قبلكم فتنافسوها كما‬
‫تنافسوها فتهلككمـ كما أهلكتهم ‪".‬‬
‫وصحيح أن المال فتنة وزخارف‪ C‬الدنيا فتنة وقد‪ C‬يجر ذلك إلى المفسدة وأنه من عوامل هالك األمم ولكن هو فى‬ ‫‪-‬‬
‫الوقت نفسه سعادة وطريق‪ C‬إلى بناء اإلقتصاد‪ C‬وتحقيق التكافل ‪ ،‬ويحكى‪ C‬القرآن عن فطرة اإلنسان فى حبه للمال قال‬
‫تعالى ‪ " :‬وإ نه لحب الخير لشديد ‪ ".‬العاديات ‪ . 7‬والقرآن الكريم يطلق الخير فى اآلية الكريمة وغيرها إشارة‬

‫‪177‬‬
‫لطيفة إلى أنه اليرى المال ذا قيمة واعتبار إال إذا استعمل فى أوجه البر وأنفق فى طريق الخير ‪ ،‬وهذا ما جاء فى‬
‫الحديث الذى رواه البخارى فى األدب المفرد " نعم المال الصالح للرجل الصالح ‪ ".‬صدق رسول اهلل ‪. r‬‬
‫كيفية التعامل مع الدنيا ‪-:‬‬ ‫·‬

‫‪ -‬أوال ‪ :‬أن يدرك مقام الدنيا من اآلخرة ‪ ،‬ومدي صغارها وتفاهتها عند اهلل ‪ .‬حفاظا عليه من فتنتها وغوايتها " قل‬
‫متاع الدنيا قليل واآلخرة خير لمن اتقى " [ النساء ‪ . ] 77‬ومن لفتات الرسول صلي اهلل عليه وسلم إلى حقيقة الدنيا‬
‫‪ ،‬أنه مر وأصحابه يوما بشاة ميتة فقال لهم ‪ " :‬أرأيتم هذه هانت على أهلها ؟ قالوا ‪ :‬ومن هوانها ألقوها يا رسول‬
‫اهلل ‪ .‬فقال ‪ :‬الدنيا أهون على اهلل من هذه على أهلها " رواه أحمد بإسناد ال بأس به ‪.‬‬
‫وقال أبو هريرة رضي اهلل عنه ‪ :‬قال رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬يا أبا هريرة أال أريك الدنيا جميعها بما‬
‫فيها ؟ فقلت بلي يا رسول اهلل ‪ .‬فأخذ بيدي وأتي بي واديا من أودية المدينة ‪ ،‬فإذا مزبلة فيها روؤس الناس‬
‫وعذراتهم وخرقهم وعظامهم ‪ .‬ثم قال ‪ :‬يا أبا هريرة هذه الرؤوس كانت تحرص كحرصكم ‪ ،‬وتأمل كأملكم ‪ ،‬ثم هي‬
‫اليوم عظام بال جلد ‪ ،‬ثم هي صائرة رمادا ‪ ..‬وهذه العذرات هي ألوان أطعمتهم اكتسبوها ثم قذفوها فى بطونهم‬
‫فأصبحت والناس يتحاشونها ‪ .‬وهذه العظام عظام دوابهم التى كانوا ينتجعون عليها أطراف البالد ‪ .‬فمن كان باكيا‬
‫على الدنيا فليبك ‪ ..‬قال ‪ :‬فما برحنا حتى اشتد بكاؤنا "‬
‫والدنيا ال وزن لها وال قيمة عند اهلل سبحانه وتعالى إال ما كان منها طاعة هلل تعالى كما قال النبى ‪ " r‬لو كانت الدنيا‬
‫تعدل عند اهلل جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء ‪ ".‬رواه الترمذى‪. C‬‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬حذر اإلسالم من أن تصبح الدنيا مبلغ التنافس بين الناس فقال الرسول صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬واهلل ما‬
‫الفقر أخشى عليكم ‪ ،‬ولكني اخشي إن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتتنافسوها كما تنافسوها ‪،‬‬
‫فتهلككم كما أهلكتهم " ‪ .‬متفق عليه‬
‫ولقد بين الرسول صلي اهلل عليه وسلم أن الحرص على الدنيا يورث الطمع فيها واالنشغال بها وتكريس‬
‫الحياة لها ‪ ،‬فقال ‪ " :‬من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من اهلل فى شئ ‪ ،‬وألزم اهلل قلبه أربع خصال ‪ :‬هما ال ينقطع‬
‫عنه أبدا ‪ ..‬وشغال ال يتفرغ منه أبدا ‪ ..‬وفقرا ال يبلغ غناه أبدا ‪ ..‬وأمال ال يبلغ منتهاه أبدا "‬
‫أخرجه الطبراني في األوسط‬
‫والدار اآلخرة هى الباقية وهى دار القرار ‪ ،‬كما قال مؤمن آل عمران " ياقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإ ن‬
‫اآلخرة هى دار القرار ‪ ".‬غافر‪. 39‬‬

‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬وحذر اإلسالم من أن يطغي حب الدنيا على القلوب فيشغلها عن التزود ألخرتها ‪ .‬فحض على الزهد بها‬
‫وتخليص النفس من أسرها ‪ ،‬فقال صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" رواه مسلم عن أبى‬
‫هريرة رضى اهلل عنه‬
‫وفلسفة الزهد فى اإلسالم ال تحول بين المرء وبين السعي والعمل واإلنتاج وعمارة الدنيا كما يفهم بعض الناس‬
‫‪ .‬وإ نما غايتها صيانة النفس عبودية الحياة مع صريح الدعوة إلى السعي والعمل ‪ ،‬سئل اإلمام أحمد بن حنبل ‪ ،‬هل‬
‫يكون المرء زاهدا ومعه ألف دينار ‪ .‬قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قيل وما آية ذلك ‪ .‬قال ‪ :‬آيته إنه إذا زادت ال يفرح وإ ذا نقصت ال‬
‫يحزن ‪..‬‬

‫‪178‬‬
‫والدعاة اليوم فى خطر شديد من أن تستدرجهم دنياهم وتنحط بهم شهواتهم ‪ ،‬فيبدأون بالصغائر ثم يقعون فى‬
‫الكبائر ‪..‬‬
‫وهذه الدنيا التى أخذت زخرفها وازينت واكتملت مفاتنها وتعددت ‪ ،‬ال ينبغي التساهل معها والخلود إليها ‪ ،‬فمن‬
‫تساهل فيها قرضت إيمانه و أفسدت إسالمه ‪ ،‬وصدق محمد بن عبد اهلل صلي اهلل عليه وسلم حيث يقول محذرا ‪" :‬‬
‫أال إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ‪ ،‬إال ذكر اهلل تعالى وما وااله وعالماً ومتعلماً " رواه الترمذى عن أبي هريرة‬
‫رضى اهلل عنه ‪.‬‬
‫كما يجب اليقين التام بأننا فى هذه الدنيا أشبه بالغرباء أو كعابرى‪ C‬سبيل كما قال النبى ‪ ": r‬كن فى الدنيا كأنك غريب‬
‫أو عابر سبيل ‪ ".‬رواه البخارى ‪.‬‬

‫‪ -‬رابعا ‪ :‬حض اإلسالم على أن يكون الهدف من عمارة الدنيا والعمل فيها واستخراج كنوزها واكتشاف مجهولها‬
‫وتسخير أفالكها إقامة الخير وتحقيق العدل واتباع الحق ‪ ،‬وليس فى ميزان اإلسالم فضل لمن ضل هذا الطريق بالغ‬
‫ما بلغ من العلم والمعرفة والقوة ‪ ،‬ألنه سيكون سببا فى خراب الدنيا ودمارها ‪ .‬واللفتة القرآنية تالمس صميم هذا‬
‫المعنى حيث تقول ‪ " :‬من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها‪ C‬نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها ال يبخسون ‪ ،‬أولئك الذين‬
‫ليس لهم فى اآلخرة إال النار وحبط‪ C‬ما صنعوا‪ C‬فيها وباطل ما كانوا يعملون " [ هود ‪. ] 15‬‬
‫فتحي يكن ]‬ ‫[ مشكالت الدعوة و الداعية‬
‫كما خوف سبحانه بسوء العاقبة وبيان ذلك فى قصص المكذبين وما جره الحرص على الدنيا عليهم من بالء ووبال‪C‬‬
‫يقول اهلل سبحانه عن فرعون مصر " كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ‪ ،‬ونعمة كانوا فيها فاكهين ‪،‬‬
‫كذلك وأورثناها قوماً آخرين ‪ ،‬فما بكت عليهم السماء واألرض وما كانوا منظرين ‪ [ ".‬الدخان ‪] 27-25‬‬

‫‪ -‬التربية العملية فى اإلسالم ‪:‬‬


‫واإلسالم لم يكتف بصياغة النظريات فى تكوين األفراد وإ نما سلك بهؤالء السبيل التطبيقي العملي ‪ ،‬والمناهج‬
‫التربوية التجريبية ‪.‬‬
‫ومن يراقب عن كثب نماذج التكوين التطبيقي فى عهد النبوة ‪ ،‬سيقف على كثير من اللفتات والطرائق العملية‬
‫فى التكوين والتربية ‪ .‬فالرسول صلي اهلل عليه وسلم لم يكتف من المسلمين بما أصابوه فى دار األرقم من فقه‬
‫وتوجيه ‪ ،‬وإ نما خرج إلى المجتمع الجاهلي يتحدي بهم أفكار الناس ومعتقداتهمـ ‪ ،‬ويخوض مع الجاهلية حربا سافرة‬
‫هدفها األول واألخير ‪ :‬إعالن العبودية هلل فى األرض ‪ ،‬والخضوع لسلطانه واالنقياد ألمره ‪.‬‬
‫على أن يجعل بطحاء مكة ذهباً فقلت يارب ولكن أشبع يوماً وأجوع‪ C‬يوماً‬
‫ففى الحديث الذى رواه الترمذى‪ " C‬عرض ّ‬
‫فإن جعت تضرعت إليك وذكرتك ‪ ،‬وإ ذا شبعت شكرتك‪ C‬وحمدتك ‪ ".‬وورد‪ C‬فى سيرة أمير المؤمنين عمر رضى‪ C‬اهلل‬
‫عنه " استسقى عمر فجىء بماء قد شيب بعسل فقال إنه لطيب لكنى أسمع اهلل عز وجل نعى على قوم‪ C‬شهواتهم فقال"‬
‫أذهبتم طيباتكم‪ C‬فى حياتكم الدنيا واستمتعتم‪ C‬بها " فأخاف أن تكون حسناتنا‪ C‬عجلت لنا ‪ ،‬فلم يشربه"‬

‫وروى مالك أنه رضى‪ C‬اهلل عنه كان يلبس وهو أمير المؤمنين ثوباً وقد رقع بين كتفيه رقاع‪ C‬ثالث ‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫ولقد هانت الدنيا فى أعين أولئك ‪ ..‬فكانت بكل ما فيها من مغريات ومفاتن ال ترقي إلى مواطئ أقدامهم ‪ .‬حتى‬
‫وصفهم أعداؤهم ‪ :‬بأنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة ‪ ،‬والتواضع أحب إلى أحدهم من الرفعة ‪ ،‬ليس ألحد‬
‫منهم فى الدنيا رغبة وال نهمة ‪ ،‬إنما جلوسهم على التراب وأكلهمـ على ركبهم ‪..‬‬
‫كان مصعب بن عمير وحيد أمه صاحبة الثراء والجاه ‪ ..‬وكانت كل فتاة فى مكة تتمناه زوجا لها ورفيقا لعمرها‬
‫‪ ..‬وعندما أسلم هددته أمه بحرمانه من ثروتها ‪ ،‬فلم يبال ‪ .‬ثم قسمت أن ال تذوق طعاما قط حتى يترك اإلسالم ‪ .‬فلم‬
‫يزد أن قال بكل إيمان وتصميم ‪ " :‬واهلل يا أماه لو كانت لك مائة نفس خرجت نفسا نفسا ما تركت دين محمد " ‪ .‬ولقد‬
‫حدث الذين كانوا يعرفونه فى جاهليته أنهم شاهدوه بعد اإلسالم يسير فى طريق مكة وليس عليه إال أثمال بالية ال‬
‫ّ‬
‫تكاد تستر جسده ‪.‬‬
‫وكانت الهجرة حلقة أخري من حلقات التكوين العملي فى المسلمين ‪ ،‬دعوا فيها إلى التخلي عن كل ما يملكون ‪،‬‬
‫وترك البلد الذي فيه يعيشون ‪ ،‬وفى هذا ما فيه من تعطل األعمال وبوار التجارة ومفارقة األهل والعشيرة ‪ ..‬ولقد‬
‫استجاب المؤمنون لنداء الهجرة وأهدروا فى سبيل اإلسالم كل مصالحهم وضحوا بأعز ما لديهم ‪.‬‬
‫فتحي يكن ]‬ ‫[ مشكالت الدعوة و الداعية‬
‫· من الواجبات العملية ‪:‬‬
‫أن يكثر من الدعاء ‪ " :‬اللهم ال تجعل الدنيا أكبر همنا وال مبلغ علمنا " ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اإلكثار من عيادة المريض وتشييع الجنائز وذكر الموت وزيارة القبور لقوله ‪ " r‬كنت‬ ‫‪-‬‬
‫نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تزهد فى الدنيا وتذّكر اآلخرة ‪ ".‬رواه ابن ماجة ‪.‬‬
‫أن تحرص على أن تكون ممن يتنافسون على اآلخرة ال على الدنيا ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -4‬ضغط األهل و األقربين ‪:‬‬
‫ومن الضغوط التى يواجهها العاملون فى الحقل اإلسالمي والتي قد تؤدي وتسبب بسقوط بعضهم ما يتصل منها‬
‫باألهل واألقربين آباء وأمهات وزوجات وأوالدا ‪..‬‬
‫وقل أن ينجو من ضغط األهل أحد ‪ ..‬فالقاعدة أن األهل يحدوهم جميعا الخوف على أبنائهم من أن يصيبهم ما‬
‫يصيب ما أصاب ويصيب الدعاة والمجاهدين والعاملين فى كل زمان ومكان من أذى ‪ ..‬وبعضهم اآلخر تأخذه العزة‬
‫باإلثم ويكبر عليه أن يسبقه صغيره بالهدي فيحاول صده والضغط عليه بشكل أوبآخر ‪.‬‬
‫عرفت أنماطا غريبة من اآلباء ‪ ،‬كانوا يغرون أبناءهم ممن التحقواـ بدعوة اإلسالم وساروا فى طريق الحق‬
‫ليحولوا بينهم وبين دعوتهم وإ سالمهم ‪ ،‬ولو بتشجيعهمـ على الرذيلة وارتياد أماكن اللهو ‪ ،‬ليصدوهم عن سبيل اهلل‬
‫‪..‬‬
‫ولقد حذر القرآن الكريم من اإلذعان لضغوط األهل – آباء وأبناء – وحض على الثبات والصمود والجهاد فى‬
‫سبيل اهلل ‪.‬‬
‫ومن النماذج التى حكاها القرآن الكريم عن الضغوط التى يواجهها الدعاة إلى اهلل من األقربين واألهل قصة‬
‫إبراهيم عليه السالم مع عشيرته وأبيه حيث عرض لها فى أكثر من موقع ‪ ..‬فقال تعالي ‪ " :‬واذكر‪ C‬فى الكتاب إبراهيم‬
‫أنه كان صديقا نبيا ‪ .‬إذ قال ألبيه يا أبت لم تعبد ما ال يسمع وال يبصر وال يغني عنك شيئا ‪ .‬يا أبت إني قد جاءني من‬
‫العلم ما لم يأتك فاتبعني‪ C‬أهدك صراطا‪ C‬سويا ‪ .‬يا أبت ال تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا ‪ .‬يا أبت إني‬

‫‪180‬‬
‫أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا ‪ .‬قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ‪ ،‬لئن لو تنته ألرجمنك‬
‫واهجرني‪ C‬مليا ‪ [ " ..‬إبراهيم ‪.] 46-41‬‬
‫وهذا مصعب بن عمير يتعرض لضغوط أمه وكان وحيدها ووريث زوجها الغني المتوفى ‪ ..‬فقد أقسمت أن‬
‫تحرمه من ثروة أبيه فلم يبال أو يتراجع ‪ ..‬ثم أقسمت أن ال تذوق طعاما قط حتى يترك دعوة اإلسالم وصحبة محمد‬
‫صلي اهلل عليه وسلم وقد أوردنا شأنه مع أمه قبل ذلك ‪.‬‬
‫عالج عامل القرابة ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أوال – أن يعتقد الداعية أن اإلذعان لضغوط األهل و األقرباء (آباء وأبناء وأزواج وعشيرة ‪ ) .‬هو من البالء‬
‫الذي يوقع صاحبه فى سخط اهلل ‪ ،‬ويوقع األمة المسلمة إن رضيت به فى الذلة والمهانة واالنهزامية أمام األعداء ‪،‬‬
‫وشعار القرآن الكريم فى ذلك ‪ ( :‬قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم‪ C‬وإ خوانكم‪ C‬وأزواجكم‪ C‬وعشيرتكم وأموال اقترفتموها‪C‬‬
‫وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من اهلل ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا‪ C‬حتى يأتي اهلل بأمره‬
‫التوبة ‪. 24 :‬‬ ‫واهلل ال يهدي القوم الفاسقين )‬
‫فمفهوم النص فى اآلية أن الثبات أمام ضغط القرابة ‪ ،‬والصمود أمام إغراءات المال والمسكن ‪ ،‬واالندفاع‬
‫االعتقادي والنفسي على حب اهلل والرسول ‪ ،‬والجهاد فى سبيل اهلل ‪ ..‬هو من مقتضيات اإليمان ‪ ،‬وأسس اإلسالم ‪..‬‬
‫فبدونها ال يكون المسلم – وعلى األخص الداعية – مؤمنا بحق ‪ ،‬ومسلما بصدق مهما تبجح باإليمان باإلسالم ؟‬
‫أال فليعتبر الدعاة ‪ ،‬وليأخذوا من ذلك درسا ‪ ،‬وليجعلوا هذا الدرس اعتقادا وسلوكا وعمال ‪.‬‬
‫ثانيا – أن يتأسى الدعاة بأصحاب القدوة قديما وحديثا ‪ ..‬فإنهم كانوا آية فى الثبات ‪ ،‬ونموذجا حيا فى الصمود‬
‫أمام الضغوط العائلية ‪ ،‬والمحن األسرية ‪ .‬و لقد أشرنا إلي ذلك في مثال مصعب بن عمير‬
‫ثالثا – أن يقوم الداعية بدوره المؤثر الكبير فى إقناع من حوله من أهل ووالدين ونسب ‪ ..‬أن اإلسالم بني‬
‫حقيقة التوحيد على اإليمان باهلل ‪ ،‬واالعتماد عليه ‪ ،‬واالعتقاد بقضائه وقدره ‪ ،‬والتسليم لجنابه فيما ينوب ويروع ‪..‬‬
‫وبني حقيقة اإليمان على أن الذي يخفض ويرفع ‪ ،‬ويعطي ويمنع ‪ ،‬ويحيي ويميت ‪ ،‬ويعز ويذل ‪ ،‬ويشفي ويمرض ‪،‬‬
‫ويوسع ويقتر ‪ ،‬هو اهلل سبحانه وحده ‪ ،‬ألنه القائل عن نفسه فى محكم التنزيل ‪ ( :‬قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك‬
‫من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز‪ C‬من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير ) آل عمران ‪. 26‬‬
‫[ عقبات على طريق الدعاة أ‪ /‬عبد اهلل ناصح علوان ]‬
‫‪ - 5‬ضغط البيئة ‪:‬‬
‫يقول األستاذ فتحى يكن فى ( كتابه المتساقطون على طريق الدعوة ) ومن العوامل التى تساعد على تساقط‬
‫العاملين وإ سقاطهم عن مسرح الدعوة ضغط البيئة ‪..‬‬
‫فاألخ المسلم قد ينشأ فى بيئة محافظة ‪ ،‬ثم ينتقل منها بسبب الدراسة أو العمل إلى بيئة أخري ‪ ،‬عوامل الشر‬
‫فيها أكثر وجواذب الجاهلية أشد ‪ ..‬وهنا يبدأ الصراع عنيفا فأما صمود واستعالء أو سقوط واستخذاء ‪.‬‬
‫أذكر أن أحد األخوة سافر إلى ( أميركا للدراسة ) وكان مثال المسلم فى بلدته ‪ ،‬والقدوة الحسنة بين إخوانه ‪.‬‬
‫ومكث فى أميركا بضع سنين وعاد بعدها إنسانا آخر ال يمت بأدنى صلة إلى ماضيه القريب ‪..‬‬
‫لقد كان أثر البيئة عليه كبيرا وكبيرا جدا ‪ ،‬بحيث أفقدته كل بريق كان يتحلي به قبل سفره المشؤوم ‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫وإ نسان آخر سافر إلى نفس هذه البيئة ‪ ،‬ولم يتمكن من التماسك والثبات أكثر من سنة غرق بعدها ألي فوق‬
‫إلى خالل عامه األول وهي‬
‫أذنيه فى المعاصي ثم انقطعت أخباره واختفي أثره ‪ ..‬والزلت حتى اليوم أذكر رسائله ّ‬
‫مليئة بالنقد والتعريض بأكثر العاملين فى الحقل اإلسالمي من الدعاة والقياديين ‪ ،‬وكأنه فى مستوي من االلتزام ال‬
‫يدانيه فيه أحد ‪ ..‬ثم كانت النتيجة أنه نكص على عقبيه ‪ ،‬خسر الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وذلك هو الخسران المبين ‪ ،‬وال حول‬
‫وال قوة إال باهلل العلي العظيمـ ‪.‬‬
‫إن العوامل التى تؤدي‪ C‬إلى انهزام الفرد أمام ضغط البيئة كثيرة ‪:‬‬
‫فقد يكون تكوينه فى األساس غير صحيح ‪ ..‬كأن تكون عنده إشكاالت واهتزازات فى العقيدة أو انحراف‬ ‫‪‬‬
‫خفي فى السلوك ‪.‬‬
‫وقد يكون التزامه فى بيئته التزام خجل وتقليد ومحاكاة وليس التزام قناعة وإ يمان ‪ ،‬وعندما انتقل منها إلى‬ ‫‪‬‬
‫غيرها سقط مبرر االلتزام بسقوط عوامل الخجل والتقليد والمحاكاة ‪..‬‬
‫وقد يكون السبب إعراضه فى بيئته الثانية عن محيط الدعوة والدعاة وإ قباله على بيئة الجاهلية وعشراء‬ ‫‪‬‬
‫السوء ‪ ،‬وفى هذا الخطر الكبير والشر المستطير ‪ ،‬الذي يؤدي حتما إلى سقوطه ‪ ،‬إن لم تتداركه عناية اهلل ‪..‬‬
‫ومما يذكر أن اإلمام الشهيد حسن البنا كان إذا ودع أخا إلى بالد االغتراب للدراسة أو العمل حذره فيما حذره‬
‫من اثنتين ‪ :‬من المرأة األولي والكأس األول ‪ [ .‬المتساقطون على طريق الدعوة أ ‪ /‬فتحى يكن ]‬
‫كيفية التغلب على عامل البيئة ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫إن الشاب المسلم ‪ ..‬إن ذهب إلى بيئة اجتماعية تخلل فيها الفساد ‪ ،‬وانتشر فى نواديها المنكر سواء كان‬
‫الذهاب من أجل دراسة أو عمل أو هجرة ‪ ..‬كالبيئات الغربية ‪ ،‬والمجتمعات الشرقية ‪ ..‬فينبغي عليه قبل السفر‬
‫وعلى كل حال أن يبحث عن رفقة صالحة ‪ ،‬أو جماعة مؤمنة ‪ ..‬فبأولئك يستطيع الداعية أو الشاب ‪ ..‬أن يثبت بهم ‪،‬‬
‫ويتعاون معهم ‪ ،‬ويتناصح فى الحق بنصحه ونصائحهم ‪ ،‬ويتحصن باإليمان واألخالق الفاضلة بفضل صحبتهم ‪ ..‬بل‬
‫هو معهم على العمومـ ‪ :‬إن نسي ذكروه ‪ ،‬وإ ن ذكر أعانوه ‪ ،‬وإ ن مال عن الحق احتضنوه ووجهوه ‪ ..‬وإ لى الرفقة‬
‫الصالحة ‪ ،‬والتزام الجماعة المؤمنة ‪ ..‬وجه النبي صلوات اهلل وسالمه عليه أمة اإلسالم ‪ ،‬وأمرهم بها ‪:‬‬
‫روي الترمذي وأبو داود عنه عليه الصالة السالم ‪ " :‬ال تصاحب إال مؤمنا ‪ ،‬وال يأكل طعامك إال تقي " ‪.‬‬
‫وروي أبو داود والترمذي عنه صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " ‪.‬‬
‫على الشاب المسلم أال يقيم فى بيئة فاسدة ‪ ،‬أو محيط موبوء ‪ ..‬ألن فى ذلك هالكه ودماره ‪ ،‬والمؤمن دائما‬
‫يحتاط لدينه وعرضه ‪ ،‬فال يوقع نفسه فى مواضع التهم ‪ ،‬وال يرمي بها فى بيئة الفساد !!‪ [ .‬عقبات على طريق‬
‫الدعاة ]‬
‫من الواجبات العملية ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫احرص على الصحبة الصالحة " ال تصاحب إال مؤمناً وال يأكل طعامك إال تقى "‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إياك وجليس السوء فإنه يؤذيك ال محالة " إما أن تشم منه رائحة خبيثة وإ ما أن يحرق ثوبك " ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أكثر من زيارة الصالحين ومرافقتهم فالمرء على دين خليله ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫احرص على محبة الصالحين ففى اآلخرة يحشر المرء مع من أحب ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ - 6‬قسوة القلب لطول األمد ‪:‬‬

‫‪182‬‬
‫وهذه عقبة أخري تحتاج إلى حذر شديد ألنها ال تظهر دفعة واحدة ولكنها تأتي بتدريج بطئ ال يكاد يدركه سالك‬
‫الطريق ‪ ،‬أال وهي قسوة القلب بسبب طول األمد ‪ .‬إذ تفتر الهمة تدريجيا عن القيام بواجبات الدعوة ‪ ،‬ويخمد فى‬
‫النفس التأثر واالنفعالـ مع قضايا الدعوة شيئا فشيئا ‪ ،‬ويترسب الران على القلب بمرور األيام حتى يجد نفسه يقرأ‬
‫القرآن دون تأثير ويصلي بال خشوع ‪ ،‬وقد يغفل عنها بعض األحيان دون تأنيب للضمير ‪ .‬ويجد نفسه بعيداً عن حال‬
‫المؤمنين الذين قال اهلل فيهم " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اهلل وجلت قلوبهم‪ C‬وإ ذا تليت عليهم آياته زادتهم‪ C‬إيمانا وعلى‬
‫ربهم يتوكلون " األنفال ‪2‬‬
‫واهلل سبحانه يحذرنا من التردي إلى هذه الحال من قسوة القلب فيقول " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم‪ C‬لذكر‬
‫اهلل وما نزل من الحق وال يكونوا‪ C‬كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم األمد فقست قلوبهم وكثير‪ C‬منهم فاسقون "‬
‫الحديد ‪16‬‬
‫كيف نتغلب على قسوة القلب ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -1‬البعد عن المعاصي والسيئات كبيرها وصغيرها ‪ :‬فإنها نار تحرق القلوب وتستوجب غضب اهلل ‪ ،‬ومن‬
‫غضب ربه عليه فقد خسر خسرانا مبينا ‪ " :‬ومن يحلل عليه غضبي فقد هوي "‬
‫‪ -2‬المواظبة على عمل اليوم والليلة ‪ :‬من ذكر أو دعاء وضراعة ‪ ،‬أو استغفار ‪ ،‬أو قراءة قرآن ‪ ،‬أو صالة‬
‫ضحي ‪ ،‬أو قيام ليل ‪ ،‬ومناجاة السيما فى وقت السحر ‪ ،‬فإن ذلك كله مولد إيماني جيد ‪ ،‬ينشط النفوس ‪،‬‬
‫ويحركها ويعلي الهمم ‪ ،‬ويقوي العزائم ‪ .‬قال تعالي ‪ " :‬وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة ‪ ،‬لمن أراد أن‬
‫يذّكر أو أراد شكورا " سورة النحل ‪128‬‬
‫" يا أيها المزمل قم الليل إال قليال ‪ ..‬إنا سنلقي عليك قوال ثقيال ‪ " ....‬سورة المزمل ‪1‬‬
‫وقال النبي صلي اهلل عليه وسلم ‪ " :‬من نام عن حزبه من الليل ‪ ،‬أو على شئ منه ‪ ،‬فقرأه ما بين صالة‬
‫الفجر وصالة الظهر ‪ ،‬كتب له كأنما قرأه من الليل " أخرجه مسلم‬
‫‪ -3‬ترصد األوقات الفاضلة والعمل على إحيائها بالطاعات ‪ :‬فإن هذا مما ينشط النفوس ‪ ،‬ويقوي اإلرادات ‪،‬‬
‫يقول صلي اهلل عليه وسلم " ‪ ......‬فسددوا ‪ ،‬وقاربوا ‪ ،‬وأبشروا ‪ ،‬واستعينواـ بالغدوة ‪ ،‬والروحة ‪ ،‬وشئ‬
‫من الدلجة "‬
‫‪ -4‬التحرر من التشدد والغلو فى دين اهلل ‪ :‬فإن ذلك مما ينشط ويساعد على االستمرار ‪ ،‬عن عائشة – رضي‬
‫اهلل تعالي عنها – قالت ‪ " :‬كان لرسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم حصير ‪ ،‬وكان يحجره من الليل فيصلي فيه‬
‫‪ ،‬فجعل الناس يصلون بصالته ‪ ،‬ويبسطه بالنهار ‪ ،‬فثابوا ذات ليلة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬يا أيها الناس عليكم من‬
‫األعمال ما تطيقون ‪ ،‬فإن اهلل ال يمل حتى تملوا ‪ ،‬وإ ن أحب األعمال إلى اهلل مادووم عليه ‪ ،‬وإ ن قل " وكان‬
‫آل محمد صلي اهلل عليه وسلم إذا عملوا عمالً أثبتوه ‪.‬‬
‫‪ -5‬دفن النفس فى أحضان الجماعة ‪ ،‬وعدم اعتزالها أو الشذوذ عنها بحال من األحوالـ ‪ ،‬وحسبنا قوله صلي‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ " :‬الجماعة رحمة ‪ ،‬والفرقة عذاب " ‪ " ،‬يد اهلل مع الجماعة " وقول على – رضي اهلل عنه‬
‫[ آفات على الطريق ج‪ 1‬السيد‬ ‫– " كدر الجماعة خير من صفو الفرد " ‪.‬‬
‫محمد نوح ]‬

‫‪183‬‬
‫فعلى سالك الطريق أال يسمح لنفسه بالعزلة عن إخوانه ليظل فى مجال العمل والتعاون والتواصي بالحق‬
‫والتواصي بالصبر ‪ ،‬وعليه أن يلزم نفسه بواجبات األخ المسلم ‪ ،‬وأن يحسن الصلة بكتاب اهلل وأن يحاسب نفسه أوال‬
‫بأول ‪ .‬ومن حقه قبل إخوانه أن يذكروه إذا نسي وأن يعينوه إذا ذكر ‪.‬‬
‫[ طريق الدعوة أ‪ /‬مصطفى مشهور ]‬
‫‪ -‬من الواجبا ت العملية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يلزم نفسه بأوراد اليوم والليلة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يحسن الصلة بكتاب اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يحاسب نفسه أوال بأول ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يلزم إخوانه وال يفارقهم ‪.‬‬
‫‪ -‬ومع ذلك ال نعطي األمان ‪:‬‬
‫من سلك طريق الدعوة ال يأمن لحظة فيظن أنه قد تخطي كل العقبات وأن الطريق قد خلت منها تماما ‪ ،‬أو يعتقد‬
‫أنه بلغ من الثبات وقوة اإليمان ما يضمن معه تخطي أية عقبة تعترض طريقه ‪ .‬كما ال يصح أن يتصور أن تخطيه‬
‫عقبات بعينها ال يعني تكرارها مرات ومرات ‪.‬‬
‫وليعلم أن الشيطان وأعوانه من أعداء اهلل يقفون لدعاة الحق بالمرصاد ليصرفوهم عن دعوتهم وعن الجهاد‬
‫فى سبيلها ‪.‬‬
‫وال ينجو من كيدهم إال من كان على بصيرة من ربه ومن استعاذ باهلل من شرورهم وأكرمه اهلل بالتثبيت " وإ ما‬
‫ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ باهلل إنه هو السميع العليم " فصلت ‪ " 36‬إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من‬
‫الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ‪ .‬وإ خوانهمـ يمدونهم فى الغي ثم ال يقصرون " األعراف ‪ " 202‬يثبت اهلل الذين‬
‫آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى اآلخرة " إبراهيم ‪ 27‬فلنسأل اهلل جميعا أن يثبتنا على طريق الدعوة وأن‬
‫[ طريق‬ ‫يجنبنا الزلل وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن شر الشياطين وأن يختم لنا بخير آمين ‪.‬‬
‫الدعوة أ‪ /‬مصطفى مشهور ]‬
‫كيف نثبت أمام هذه المنعطفات ( العقبات ) ‪ :‬نتآخى و نتذاكر ونتواصى‪… C‬‬ ‫‪‬‬
‫أخى على الطريق ‪ ...‬لتحمد اهلل على نعمة اإلس ــالم وهى خ ــير النعم ‪ ،‬ثم لتحمد اهلل أن وفقك لتلك الخط ــوات ال ــتى‬
‫أوصــلتك الى طريق الــدعوة بــأن ســخر لك من أرشــدك وأعانك على اليقظة واالنتبــاه من الغفلة الــتى تغشى الكثــير من‬
‫المسـ ــلمين ‪ ،‬فعـ ــرفت حقيقة وجـ ــودك وحقيقةـ رسـ ــالتك فى هـ ــذه الحيـ ــاة ‪ ،‬ثم وفقك وأعانك على اسـ ــتكمال شخصـ ــيتك‬
‫اإلســالمية ‪ ،‬عقيــدة وعبــادة وأخالقـاً ‪ ،‬ثم استشــعرت مســئوليتك نحو هــذا الــدين الحق وأنه اليكفى أن تكــون مســلماً فى‬
‫ذاتك ولكن البد أن يكون لك دور إيجابى للتمكين لهذا الدين وإ قامة المجتمع الذى تحكمه عقيدة اإلسالم وشريعته ‪.‬‬
‫ووضـح لك أن هــذا الــواجب اليمكن أن يتم بصــورة فردية والبد من تضــافر الجهــود حــول منهج ســليم لتحقيق هــذا‬
‫َّ‬
‫اله ــدف العظيمـ ‪ -‬وما ال يتم ال ــواجب إالبه فهو واجب ‪ -‬ثم بحثت وتحـــريت واسترش ــدت ح ــتى وفقك اهلل وه ــداك الى‬
‫طريق الـــــدعوة ‪ ،‬فتعـــــرفت عليه وعلى معالمه وســـــالكيه وارتضـــــيته ووثقت فيه ‪ ،‬ثم ألـــــزمت نفسك به وارتبطت به‬
‫وأشهدت اهلل على ذلك ‪ .....‬فلتحمد اهلل على توفيقه فى كل ذلك ‪.‬‬
‫لنتآخى فى اهلل ‪:‬‬

‫‪184‬‬
‫ما أحوجنا يا أخى ونحن نسـ ــير على طريق الـ ــدعوة الى التـ ــآخى فى اهلل لتقوية الرابطة بيننا كما فعل رسـ ــول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم حين آخى بين المهاجرين واألنصار وضربوا أمثلة رائعة من الحب واإليثار ‪.‬‬
‫اش ــدد يا أخى على يد إخوانك على الطريق بقبضة كلها حب وإ يث ــار ورحمة ‪ ،‬ولكنها قوية ال تفلت عند اله ــزات و‬
‫الشدائد أو فى غمرة الفتن واألحداث وهذا رسولنا الحبيب صلى اهلل عليه وسلم يحثنا على ذلك ‪ ( :‬المــؤمن للمــؤمن‬
‫كالبنيان يشد بعضه بعضاً ) رواه البخارى ‪ ( ،‬مثل المؤمنين فى توادهم وتــراحمهم وتعــاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا‬
‫اش ــتكى منه عضو ت ــداعى له س ــائر الجسد بالس ــهر و الحمى ) رواه البخ ــارى ‪ ( ،‬المس ــلم أخو المس ــلم ال يظلمه وال‬
‫فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فـ َّـرج اهلل عنه كربة من‬
‫يسلمه ‪ ،‬من كان فى حاجة أخيه كان اهلل فى حاجته ‪ ،‬ومن َّ‬
‫كرب يــوم القيامة ‪ ،‬ومن ســتر مسـلماً ســتره اهلل يـوم القيامة ) رواه الطــبرانى ‪ .‬فتعـرف يا أخى على إخوانك وتــآلفوا‬
‫وتعاونوا وتناصحوا وتكاشفواـ وتكافلوا وتحابوا وكونواـ عباد اهلل إخواناً ‪.‬‬
‫ولنتذاكر‪: C‬‬
‫وما أحوجنا ونحن نسير على طريق الدعوة إلى التذاكر فالذكرى تنفع المؤمنين ومن ذلك ‪:‬‬
‫*** لنتذاكر أن الواجب الذى جمعنا على طريق الدعوة ال خيــار لنا فيه إذ أن إســالمنا يحتم علينا القيــام به ‪ ،‬وأن‬
‫كل المسلمين آثمون ما لم يعملوا على إقامة شرع اهلل ‪.‬‬
‫*** ولنتــذاكر مع ـاً أن دعوتنا ســلفية ومنهاجنا هو منهج الســلف الصــالح رضــوان اهلل عليهم وأن طريق الــدعوة‬
‫طريق واحــدة ســار عليها رســول اهلل صــلى اهلل عليه وســلم وصــحابته من قبل ‪ ،‬وســار عليها الــدعاة ‪ ،‬ونســير عليها‬
‫بتوفيق من اهلل من بعد ‪ :‬إيم ـ ــان وعمل ‪ ،‬محبة وإ خ ـ ــاء ‪ ،‬دع ـ ــاهم الى العمل وجمع قل ـ ــوبهم على الحب واإلخ ـ ــاء ‪،‬‬
‫فاجتمعت قوة العقيدة الى قوة الوحدة ‪ ،‬وصــارت جمــاعتهم هى الجماعة النموذجية الــتى البد أن تظهر كلمتها وتنتصر‬
‫دعوتها وإ ن ناوءها أهل األرض جميعاً ‪.‬‬
‫*** ولنتذاكر يا أخى أن الدور الذى نقوم به اآلن شاق وثقيل ولكنه هام وأساسى ‪ ،‬وهو إرساء القاعدة المؤمنة‬
‫الصــلبة الــتى تتحمل عبء إقامة شــرع اهلل ‪ ،‬وذلك بإعــداد الجيل المــؤمن القــوى من رجــال العقيــدة الــذين يؤمنــون بها‬
‫ويمتثلونها ويدافعون عنها ويمكنون لها ‪ ،‬واألساس كما هو معلوم أشق وأهم المراحل فى كل بناء ‪.‬‬
‫*** ولنت ــذاكر أن األع ــداء يكيــدون لنا ويتربص ــون بنا ‪ ،‬وأن هــذا األمل المنش ــود لن يتم إال من خالل صــراعات‬
‫ش ــديدة بين أهل الباطل وأهل الحق و العاقبة للمتقين ‪ {:‬ك ــذلك يض ــرب اهلل الحق و الباطل * فأما الزبد في ــذهب جف ــاء‬
‫وأما ما ينفع النـاس فيمكث فى األرض كـذلك يضـرب اهلل األمثـال } الرعد ‪ { ، 17‬وال يزالـون يقـاتلونكم حـتى يـردوكم‬
‫عن دينكم إن استطاعوا } البقرة ‪.217‬‬
‫ويميز وليعـ ّـد النوعية الــتى تتحمل أمانــات النصر ‪ ،‬ولهــذا‬
‫*** ولنــذكر أن المحن ســنة اهلل فى الــدعوات ليمحص ّ‬
‫فالمحن جزء الزم من طريق الدعوة ‪ ،‬وهى أيضاً مقــدمات ومبشــرات للنصر ‪ ،‬وصــدق اهلل العظيم ‪ {:‬ولقد كــذبت رسل‬
‫من قبلك فص ــبروا على ما ك ــذبوا وأوذوا ح ــتى أت ــاهم نص ــرنا وال مب ــدل لكلم ــات اهلل ولقد ج ــاءك من نبأ المرس ــلين }‬
‫[ األنعام ‪. ] 34‬‬
‫*** ولنذكر فضل اهلل على مسيرتنا هذه المحمدية ‪ ،‬فقد سارت على طريق الدعوة فى عزم وثبات دون تبــديل أو‬
‫تغي ــير أو انح ــراف ‪ ،‬ودون ض ــعف أو وهن أو اس ــتكانة ‪ ،‬رغم ما القت من محن ش ــديدة ومح ــاوالت شرسة للقض ــاء‬

‫‪185‬‬
‫عليها أو االنحــراف بها ‪ {:‬من المؤمــنين رجــال صــدقوا ما عاهــدوا اهلل عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر‬
‫وما بدلوا تبديالً } ‪ .‬األحزاب ‪23‬‬
‫{‬ ‫*** ولن ــذكر ثقتنا من تحقيق وعد اهلل بالنصر و التمكين لعب ــاده المؤم ــنين وأن المس ــتقبل له ــذا ال ــدين ‪:‬‬
‫وعد اهلل الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى األرض كما استخلف الــذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم‬
‫الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدوننى ال يشركون بى شيئاً } النور ‪.55‬‬
‫{ ومن‬ ‫*** ولنــذكر أننا على طريق الــدعوة نــدعو الى أســمى ما يــدعو إليه بشر ‪ ،‬حيث أننا نــدعو الى اهلل ‪:‬‬
‫أحسن قـوالً ممن دعا الى اهلل وعمل صـالحاً وقـال إنـنى من المسـلمين } فصــلت ‪ 33‬وأننا بهــذا الــدين أسـاتذة البشـرية‬
‫وأصحاب العزة و السعادة ‪ { :‬وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونــوا شــهداء على النــاس ويكــون الرســول عليكم شــهيداً }‬
‫البقرة ‪ { ، 143‬وهلل العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين اليعلمون } [ المنافقون ‪. ] 8‬‬
‫*** ولنذكر يا أخى مع ذلك كله أن اهلل غــنى عنا وعن جهادنا ‪ ،‬وأننا الفقــراء الى اهلل المحتــاجون لفضــله وثوابه‬
‫‪ {:‬ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن اهلل لغــنى عن العــالمين } [ العنكبــوت ‪] 6‬ـ ‪ ،‬ولنــذكر أننا إن لم نكن بالــدعوة فلن‬
‫نكون بغيرها وهى إن لم تكن بنا فستكون بغيرنا ‪.‬‬
‫ولنتواص ‪:‬‬
‫*** ولنتــــواص بــــالحق الــــذى اجتمعنا عليه على طريق الــــدعوة بــــأن نستمسك به ونتمثله وال نتخلى عنه ‪ ،‬بل‬
‫نحافظ عليه حتى نورثه لألجيال التى تلينا دون تحريف أو تغيير أو اجتزاء ‪.‬‬
‫*** ولنتواص بالصبر واحتمــال مشــاق الطريق وتخطى العقبــات و التحــرز من المنعطفــات ‪ ،‬فنســير على بصــيرة‬
‫وتفهم كامل لمنهج الســير ‪ ،‬وبعــزم وإ رادة قوية وعمل دائب متواصل لمســتقبل زاهر لهــذه الــدعوة ‪،‬‬
‫ورؤية واضــحة ُّ‬
‫مر ويمر بنا من أحداث وظروف ‪.‬‬
‫مقدرين ثقل األمانة معتبرين بكل ما َّ‬
‫*** ولنتــــواص يا أخى بالبــــذل و التضــــحية و الفــــداء فى ســــبيل هــــذه الــــدعوة فهى تطلب منك كلك ال بعضك ‪،‬‬
‫من‬
‫فارتباطنا بطريق الــدعوة ارتبــاط مصــيرى وكلى وليس لحظي ـاً وال جزئي ـاً ‪ ،‬عقــدنا فيه بيع ـاً مع اهلل أن نقــدم له ما َّ‬
‫ليمن علينا بجنة عرضها الســموات واألرض ‪ {:‬ومن أوفى بعهــده من اهلل فاستبشــروا بــبيعكم‬
‫علينا به من نفس ومال َّ‬
‫الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم }التوبة ‪. ] 111‬‬
‫لو اســتطعت يا أخى أن تســخر وقتك وجهــدك ومالك وفكــرك لهــذه الــدعوة فافعل وال تــتردد فــأنت الــرابح ‪ { :‬وما‬
‫تقــدموا ألنفســكمـ من خــير تجــدوه عند اهلل هو خــيراً وأعظم أجــراً } [ المزمل ‪ ] 20‬أما غــيرك الــذى يضن بشــىء من‬
‫ذلك فهو المغبـ ــون الخاسر ‪ {:‬ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه واهلل الغـ ــنى وأنتم الفقـ ــراء وإ ن تتولـ ــوا يسـ ــتبدل قوم ـ ـاً‬
‫غيركم ثم ال يكونوا أمثالكم } ‪ [.‬محمد ‪] 38‬‬
‫افــرح يا أخى واســعد عنــدما تجد وقتك مشــغوالً بالعمل للــدعوة وطاقتك مســتنفدة فى حقل الــدعوة ‪ ،‬فــذلك من فضل‬
‫اهلل عليك ‪ {:‬قل بفضل اهلل وبرحمته فبـذلك فليفرحـوا هو خـير مما يجمعـون } فـالوقت هو الحيـاة و الواجبـات أكـثر من‬
‫األوقات فأد واجبك وكن عوناً لغيرك على أداء واجبه ‪.‬‬
‫*** ولنتواص يا أخى باإلخالص هلل فال نجاة لنا وال ثمرة ألعمالنا إال بإخالص الوجهة هلل ‪ ،‬فاهلل سبحانه وتعالى‬
‫اليقبل إال العمل الخ ـ ــالص لوجهه ‪ {:‬قل إنى أم ـ ــرت أن أعبد اهلل مخلصـ ـ ـاً له ال ـ ــدين } ‪ { ،‬وما أم ـ ــروا إال ليعب ـ ــدوا اهلل‬
‫مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصالة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } [ البينة ‪. ] 5‬‬

‫‪186‬‬
‫فراجع يا أخى قلبك وطهره من الرياء ‪.‬‬
‫*** اخفض جناحــــــــك يا أخى إلخوانك على الطريق وكن لين الجــــــــانب معهم ‪ ،‬وتواضع وال تســــــــمح لنفسك أن‬
‫تســتعلى وتحب الظهــور ‪ ،‬فحب الظهــور يقصم الظهــور ‪ ،‬واعــرف قــدر نفسك ‪ ،‬وقــدر إخوانك حق قــدرهم وال تبخســهم‬
‫أشياءهم ‪.‬‬
‫*** إيــاك يا أخى و الغــرور فإنه كفيل أن يبعــدك عن الصف وينحيك عن الطريق ‪ ،‬وعليك أن ترجع الفضل دائم ـاً‬
‫هلل فى كل ما يتحقق من خير للدعوة على يديك ‪ ،‬وال ترجعه الى علم عندك أو كفاءة أو مقدرة شخصية فإنه الحول لنا‬
‫وال قوة إال باهلل العلى العظيمـ ‪.‬‬
‫*** لنتواص يا أخى بأن نستشعر مسئوليتنا وواجبنا نحو هــذه الــدعوة بصــورة تؤرقنا وتباعد بيننا وبين الراحة‬
‫أو الدعة واالســتكانة بصــورة تجعلنا دائمى التفكــير واالنشــغال بشــئون الــدعوة فهى كل شــىء فى حياتنا ‪ ،‬نفكر ونعمل‬
‫كل ما يحقق مصلحة لها أو يدفع ضر عنها ‪ ،‬ولنعلم أن كال منا على ثغرة فال تؤتى الدعوة من قبلنا ‪.‬‬
‫*** ولنتــواص يا أخى باالســتكثار من الــزاد على الطريق وخــير الــزاد التقــوى ‪ ،‬نقــوى بها على مشــاق الطريق‬
‫ونتقى بها االنزالق فى منعطفاته وتعيننا على تخطى عقباته ‪ {:‬إن الذين اتقــوا إذا مســهم طــائف من الشــيطان تــذكروا‬
‫فــإذا هم مبصــرون } [ األعــراف ‪ ] 201‬ـ ‪ { ،‬و الصــابرين فى البأســاء و الضــراء وحين البــأس أولئك الــذين صــدقوا‬
‫وأولئك هم المتقون } ‪.‬‬
‫ولنثبت على الطريق‪: C‬‬
‫*** لنثبت يا أخى على طريق الدعوة فال تزل قدم بعد ثبوتها ‪ ،‬ولنظل على الطريق ال نمل الســير كل الــوقت وفى‬
‫كل مكــان وتحت كل الظــروف ‪ ،‬ولو كــان الواحد منا وحــده فى أقاصى األرض حــتى ولو باعــدوا بيــني وبين أحبــابي ‪،‬‬
‫مستشعرين معية اهلل فهو نعم المولى ونعم النصير ‪،‬‬
‫ال تمل السير يا أخى ولو تباعدت أمــام ناظريك تباشــير النصر أو ثمــار أعمالك وجهــادك ‪ ،‬فاهلل ســبحانه من رحمته‬
‫بنا يحاسبنا على األعمال و النيات وال يحاسبنا على النتائج ‪.‬‬
‫*** لنثبت يا أخى مهما تعرضــنا لألذى ‪ ،‬ومهما هــدد الباطل وأرعد وخـ َّـوف ‪ ،‬ولنا فى رســول اهلل صــلى اهلل عليه‬
‫وسلم وصحابته األسوة الحســنة ولنتمثل قــول اهلل تعــالى ‪ {:‬الــذين اســتجابوا هلل وللرســول من بعد ما أصــابهم القــرح *‬
‫للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعــواـ لكم فاخشــوهم فــزادهم إيمانـاً وقـالوا‬
‫حسبنا اهلل ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من اهلل وفضل لم يمسسهم سوء واتبعواـ رضــوان اهلل واهلل ذو فضل عظيم *‬
‫يخوف أولياءه فال تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } [ البقــرة ‪] 175-172‬ـ ‪ ،‬وكــذلك قــول اهلل‬
‫إنما ذلكم الشيطان ِّ‬
‫تعــالى ‪ {:‬وكــأين من نــبى قاتل معه ربيُّون كثــير فما وهنــوا لما أصــابهم فى ســبيل اهلل وما ضــعفواـ وما اســتكانواـ واهلل‬
‫يحب الص ــابرين * وما ك ــان ق ــولهم إال أن ق ــالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإ س ــرافنا فى أمرنا وثبت أق ــدامنا وانص ــرنا على‬
‫القوم الكافرين * فآتاهم اهلل ثواب الدنيا وحسن ثواب اآلخرة واهلل يحب المحسنين } ‪ [.‬آل عمران ‪] 148-146‬‬
‫*** لنثبت يا أخى على طريق ال ـ ــدعوة وال نبتعد عنه قيد أنملة ح ـ ــتى نلقى اهلل ونحن على طريق ال ـ ــدعوة غ ـ ــير‬
‫مبدلين وال مغيرين وال ناكثين لعهدنا مع اهلل ‪ ،‬مستبشـرين ببيعنا الـذى بايعنا ‪ ،‬مترقـبين إحـدى الحســنيين إما النصر و‬
‫السيادة ‪ ،‬وإ ما الشهادة و السعادة ‪.‬‬
‫دعاء ‪:‬‬

‫‪187‬‬
‫وفى الختــام نتوجه الى اهلل العلى القــدير بالــدعاء أن يغفر لنا ‪ ،‬وأن يتقبل من ـا ما وفقن ـا إليه من خــير ‪ ،‬كما نتوجه‬
‫الى اهلل جميعـــاً أن يمكِّن لدعوته فى األرض وأن يفتح لها قلـــوب النـــاس وأن يجعلنا من جنـــده الصـــادقين وأن يرزقنا‬
‫الشهادة فى سبيله وأن يجمعنا فى جناته مع النبــيين و الصــديقين و الشــهداء و الصــالحين وحسن أولئك رفيقـاً ‪ ،‬اللهم‬
‫آمين ‪ [ .‬طريق الدعوة أ‪ /‬مصطفى مشهور ]‬

‫التقويم‬
‫اذكر أهم العقبات التي يمكن أن تقابل المؤمنين في طريق دعوتهم ؟‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬وضح مفهومـ العقبات اآلتية ‪:‬‬
‫ب – ضغط األهل و االقربين‬ ‫أ‪ -‬الوظيفة أو الكسب‬
‫ج – قسوة القلب لطول األمد‬
‫‪– 3‬وضح أسباب العقبات اآلتية ‪:‬‬
‫ب – ضغط البيئة‬ ‫أ – الزوجة و األوالد‬
‫ج‪ -‬إقبال الدنيا و السعة فى الرزق‬
‫‪ – 4‬و ضح كيفية التعامل مع هذه العقبات ‪:‬‬
‫ب – الوظيفة‬ ‫أ – الزوجة و األوالد‬
‫ج – قسوة القلب لطول األمد‬
‫‪ -5‬حدد العقبات التي واجهتك في طريق الدعوة ومدى تأثرك بها ؟‬
‫‪ -6‬وضح إلى أى مدى استطعت التغلب على العقبات التي واجهتك ووسائلك في التغلب عليها ؟‬
‫‪ -7‬وضح الدروس المستفادة من العقبات التي مرت بك ؟‬
‫‪ -8‬وضح أهم العوامل المعينة على الثبات على طريق الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -9‬إذا كان من المهم أن يأخذ بعضنا بأيدي بعض عند الغفوة أو الكبوة أو حتى تنكب الطريق ‪ .‬فهل حدث أن قمت‬
‫بهذا الواجب نحو أحد ؟ أو قام أحد بواجبه معك أو مع غيرك ؟ فأقالك من عثرتك ونجاك اهلل من كبوتك على يديه –‬
‫أذكر ذلك كدروس مستفادة ‪.‬‬
‫المراجع‬
‫أ ‪ /‬عبداهلل ناصح علوان ‪.‬‬ ‫ج‪ ، 1‬ج ‪2‬‬ ‫‪ -1‬عقبات فى طريق الدعاة‬
‫أ ‪ /‬مصطفى مشهور ‪.‬‬ ‫‪ -2‬طريــــق الدعــــوة‬
‫أ ‪ /‬فتحى يكن ‪.‬‬ ‫‪ -3‬المتساقطون على طريق الدعوة‬
‫أ ‪ /‬فتحى يكن ‪.‬‬ ‫‪ -4‬مشكالت الدعوة والداعية‬
‫د‪ /‬سيد نوح‬ ‫‪ -5‬آفات على الطريق‬

‫‪188‬‬

You might also like