Professional Documents
Culture Documents
سيد قطب
الل صاحب الظالل الوارفة الشيخ (سيد هقطب) ..فقد استطاع أن
’’رحم ه
يستخلص من هذه الغزوة مبادئ إيمنية عقدية ،لو أن ال هسلمي -ف جيع بقاع
الرض – جع هلوها نهصب أعيهنهم؛ لا كان لي دول هة من هدول ال هكفر غلبهة علينا’’
28 متهيد............................................................................
╝
هذا القرآن هو كتناب هنذه الندعوة .هنو روحهنا وباعثهنا .وهنو قوامهنا وكيا نا .وهنو حارسنها
وراعيها .وهو بيا ا وترجا ا .وهو دسنتورها ومنهههنا .وهنو ف النهاينة الرجنع النذي تسنتمد
منه الدعوة -كم يستمد منه الدعاة -وسائل العمل ،ومناهج احلركة ،وزاد الطريق ..
ننر ف ولكننن س ننتظل هنال نني فه ننوة عميقننة بينن ننا وب نني الق ننرآن مننا نتمث ننل ف حس نننا ،ونست
تصورنا أن هذا القرآن خوطبت بنه أمنة حينة ،ذات وجنود حقيقني؛ ووجهنت بنه أحندا واقعينة
ف حي نناة ه ننذه الم ننة؛ ووجه ننت ب ننه حي نناة إنس ننانية حقيقي ننة ف ه ننذه الرض؛ وأدي ننرت ب ننه معرك ننة
ضن ننخمة ف داخ ننل الن نننفس البش ن ننرية وف رقعن ننة من ننن الرض كن ننذلي .معركن ننة مت ننو بن ننالتطورات
واالنفعاالت واالستهابات.
وسيظل هنالي حاجز سميي بي قلوبنا وبي القرآن ،طالا ن ن نتلنوه أو نسنمعه كأ نه جمنرد
تراتيننل تعبديننة مهومننة ،ال عالقننة ننا بواقعيننات احلينناة البش ننرية اليوميننة التنني توا جننه هننذا اخللننق
السمى باإلنسنان ،والتني توا جنه هنذه المنة السنمة بالسنلمي بيننم هنذه ايينات نزلنت لتوا جنه
نفوس ن ننا ووق ن ننائع وأح ن نندا ا حي ن ننة ،ذات كينون ن ننة واقعي ن ننة حي ن ننة؛ ووجه ن ننت بالفع ن ننل تل ن نني النف ن ننوس
والوقنائع والحنندا توجيهننا واقعيننا حيننا ،نشننأ عنننه وجننود ،ذو خصننائص ف حينناة "اإلنسننان"
بصفة عامة ،وف حياة المة السلمة بوجه خاص.
6
ومعهزة القرآن البارزة تكمنن ف أ نه ننزل لواجهنة واقنع معني ف حيناة أمنة معيننة ،ف فنةة منن
فنةات التناريخ حمنددة ،وخناض ذنذه المنة معركنة كنربى حولنت تاراهنا وتناريخ البشننرية كلنه
ويوا جنه ويملني أن يوجنه احليناة احلنارة ،وكنأ م هنو يتننزل معهنا ،ولكننه -منع هنذا -يعناي
الل ظننة لواجهننة ا معننة السننلمة ف اننةو ا ا اريننة ،وف رصا عهننا الننراهن مننع ا اهليننة مننن
حو ا ،وف معركتها كذلي ف داخل النفس ،وف عا ال مري ،بنفس احليوية ،ونفنس الواقعينة
التي كانت له هناك يومذاك.
ولكي ن صل ن ن من القرآن عىل قوته الفاعلنة ،ونندرك حقيقنة منا فينه منن احليوينة الكامننة،
ننر ف تصننورنا ونتلقننى منننه التوجيننه النندخر للهمعننة السننلمة ف كننل جيننل ..ينبغنني أن نست
كينونننة ا معننة السننلمة الو التنني خوطبننت ذننذا القننرآن أول مننرة ..كينونتهننا وهنني تت ننرك ف
واقننع احلينناة ،وتوا جننه الحنندا ف الدينننة وف ا زيننرة العربيننة كلهننا؛ وتتعامننل مننع أعنندائها
وأصندقائها؛ وتتصنارع منع انهواوا وأهوائهنا؛ ويتننزل القنرآن حينئنذ ليوا جنه هنذا كلنه ،ويوجنه
خطاهنا ف أرض العركننة الكبننرية :منع نفسننها التنني بني جنبيهننا ،ومننع أعندائها الةبصنني ذننا ف
الدينة وف مكة وفيم حو م ..وفيم وراءمها كذلي..
مننع تلنني ا معننة الو ؛ ونتمثلهننا ف بش ننريتها احلقيقيننة ،وف حياوننا أجننل ..جيننب أن نعنني
الواقعية ،وف مشكالوا اإلنسانية؛ ونتأمل قيادة القرآن ا قيادة مبنارشة ف انةو ا اليومينة وف
. أهدافها الكلية عىل السواء؛ ونرى كيف يأخذ القرآن بيدها خطوة خطوة .وهي تعثنر وتننه
وحتيد وتستقيم .وت عف وتقاوم .وتتأ وحتتمل .وترقى الدر الصاعد ف بطء ومشقة ،وف
صننرب وجماهنندة ،تننتهىل فيهننا ك ننل خصننائص اإلنسننان ،وك ننل ضننعف اإلنسننان ،وكننل طاق ننات
اإلنسان.
7
ومنن نم نشنعر أ ننا ن نن أخم نا نناطبون بنالقرآن ف مثنل منا خوطبنت بنه ا معنة الو .وأن
بش ن ريتنا التنني نرا هننا ونعرفهننا ون سننها بكننل خصائصننها ،متلنني االسننتهابة للقننرآن ،واالنتفنناع
بقيادته ف ذات الطريق.
إننا ذذه النظرة سنرى القرآن حيا يعمل ف حياة ا معة السلمة الو ؛ ويملي أن يعمنل ف
حياتنا ن نن أخم نا .وسنن س أ نه معننا الينوم وغندا .وأ نه لنيس جمنرد تراتينل تعبدينة مهومنة بعيندة
عننن واقعنننا ال نندد ،كننم أ ننه لننيس تاراننا م نى وانق نى وبطلننت فاعليتننه وتفاعلننه م نع احلينناة
البشنرية.
إن القرآن حقيقة ذات كينونة مستمرة كهنذا الكنون ذاتنه .الكنون كتناب الل النظنور .والقنرآن
كتنناب الل القننروء .وكالمهننا اننهادة ودليننل عننىل صنناحبه البنندع؛ كننم أن كلننيهم كننائن ليعمننل..
والكون بنواميسه ما زال يت رك ويةدي دوره الذي قدره لنه بارئنه .الشنمس منا زالنت ينري ف
فلكهنا وتنةدي دورهنا ،والقمنر والرض ،وسنائر النهنوم والكوا كنب ال يمنعهنا تطناول الزمنان
من أداء دورها ،وجدة هذا الدور ف ال يط الكوين ..والقرآن كنذلي أدى دوره للبش نرية ،ومنا
ينزال هنو هنو .فاإلنسننان منا ينزال هننو هنو كنذلي .مننا ينزال هنو هننو ف حقيقتنه وف أصنل فطرتننه.
وهننذا القننرآن هننو خطنناب الل ننذا اإلنسننان -فننيمن خنناطبهم الل بننه .خطنناب ال يتغننري ،لن
اإلنسان ذاته يتبندل خلقنا آخنر ،مهنم تكنن الظنرو والالبسنات قند تبندلت منن حولنه ،ومهنم
والالبسننات( ..)1والقننرآن ااطبننه ف أصننل فطرتننه وف يكنن هننو قنند تننأ ر وأ ننر ف هننذه الظنرو
أصل حقيقته التي ال تبديل فيها وال تغيري؛ ويملني أن يوجنه حياتنه الينوم وغندا ل نه معند نذا،
بم أ ه خطاب الل الخري؛ وبم أن طبيعته كطبيعة هذا الكون ابتة مت ركة بدون تبديل.
8
وإذا كنان منن ال ن ي أن يقنول قائنل عنن الشنمس منثال :هنذا نهنم قنديم "رجعني ؟ " حيسنن
أن يسنتبدل بنه نهنم جديند "تقندمي " أو أن هنذا "اإلنسنان" نلنود قنديم "رجعني" حيسنن أن
يستبدل به كائن آخر "تقدمي" لعمرة هذه الرض
ي أن يقال هذا أو ذاك ،فأو أن يكون هذا هو الشنأن ف القنرآن .خطناب إذا كان من ال
الل الخري لإلنسان.
***
وهذه السنورة متثنل قطاعنا حينا منن حيناة ا معنة السنلمة ف الديننة منن بعند "غنزوة بندر" -ف
السنة الثانينة منن ا هنرة -إ منا بعند "غنزوة أحند" ف السننة الثالثنة .ومنا أحناي ذنذه احليناة منن
مالبسننات اننتى ف خننالل هننذه الفننةة الزمنيننة .وفعننل القننرآن -إ جانننب الحنندا -ف هننذه
احلياة ،وتفاعله معها ف اتى ا وانب .
ن ن ص ننورة ه ننذه الف ننةة؛ وص ننورة احلي نناة الت نني والنص ننوص م ننن الق ننو ة واحليوي ننة ب ي ننث تست
عاا ننتها ا مع ننة الس ننلمة؛ وص ننورة االا ننتباكات والالبس ننات الت نني أحاط ننت ذ ننذه احلي نناة .م ننع
اسنتبطان الانائر وال ننمئر ،ومننا ينندب فيهننا مننن اخلننواطر ،ومننا يشننتهر فيهننا مننن الشنناعر ،حتننى
المننة التني كانننت وضننها وتتفاعنل وإياهننا .ولننو هننذه الحنندا ،ويعناي لكنأن قارئهننا يعني
اإلنسننان عينيننه فلننربم تننراءت ل ننه -كننم تننراءت يل -اننخوص ا معننة السننلمة رائ ننة أغم ن
غاديننة ،بسننموا الظنناهرة عننىل الوجننوه ،ومشنناعرها السننتكنة ف ال ننمئر .ومننن حو ننا أعنندا ها
يةبصننون ذننا ،ويبيتننون ننا ،ويلقننون بينهننا بالفريننة والشن بهة ،ويت اقنندون عليهننا ،وجيمعننون ننا،
ويلقو ننا ف الينندان ،وينهزمننون أمامهننا -ف أحنند -ننم يكننرون عليهننا فيوقعننون ذننا ..وكننل مننا
جي ننري ف العرك ننة م ننن حرك ننة وك ننل م ننا يص نناحب حركاو ننا م ننن انفع ننال ب نناطن وس ننمة ظ نناهرة..
9
والق ننرآن يتن ننزل ليوا ج ننه الكي نند وال نندس ،ويبط ننل الفري ننة والش ننبهة ،ويثب ننت القل ننوب والق نندام،
ويوجنه الروا والفكنار ،ويعقننب عنىل احلنناد وينربز مننه العننربة ،ويبنني التصننور ويزينل عنننه
الغنب ،وحيننذر ا معننة السننلمة مننن العنندو الغنادر والكينند النناكر ،ويقننود خطاهننا بنني الاننواك
والصايد والحابيل ،قيادة اخلبري بالفطرة العليم بم تكن الصدور..
ومن وراء ه ذا كله تبقى التوجيهات والتلقينات التي احتووا السورة خالصة طليقنة منن قيند
الزمان والكان ،وقيد الظنرو والالبسنات ،توا جنه الننفس البشننرية ،وتوا جنه ا معنة السنلمة
-اليوم وغدا -وتواجه اإلنسانية كلها ،وكأ ا تتنزل الل ظنة نا ،و اطبهنا ف انأ ا احلنار،
وتواجههننا ف واقعهننا الننراهن .ذلنني أ ننا تتننناول أمننورا وأحنندا ا ومشنناعر وجدانيننة وحنناالت
نفسنية كنأ م كاننت مل وظنة ف سنياد السنورة ..بننل هني مل وظنة قطعنا ف تقندير العلنيم اخلبننري
بالنفوس والاياء والمور.
ومن م يتهىل أن هذا القنرآن هنو قنرآن هنذه الندعوة ف أي مكنان وف أي زمنان .وهنو دسنتور
هذه المة ف أي جيل ومن أي قبيل .وهو حادي الطرينق وهنادي السنبيل عنىل تنوايل القنرون ..
ذلي أ ه خطاب الل الخري ذا اإلنسان ف جيع العصور..
***
االسننتقرار ف موطنهننا ف هننذه الفننةة كانننت ا معننة السننلمة ف الدينننة قنند اسننتقرت بع ن
ا ديند ف مديننة الرسنول ☻ وم نت خطننوة وراء الوقنف النذي صنورناه مننن
قبل ف هذه الظالل ف مطلع استعراض "سورة البقرة ".
10
كاننت غنزوة بندر الكننربى قند وقعنت؛ وكتنب الل فيهنا النصننر للمسننلمي عنىل قنري .وكنان
ه ننذا النصن ننر بظروف ننه الت نني ت ننم فيه ننا والالبس ننات الت نني أحاط ننت ب ننه تب نندو في ننه رائ ننة العه ننزة
اخلارقننة ..ومننن ننم اضننطر رجننل كعبنند الل بننن أيب بننن سننلول مننن عظننمء اخلننزر أن ينننزل عننن
كربيائ ننه وكراهت ننه ننذا ال نندين ونبي ننه ☻ وأن يكب ننت حق ننده وحس ننده للرس ننول
الكننريم؛ وأن ين ننم -منافقننا -للهمعننة السننلمة ،وهننو يقننول" :هننذا أمننر قنند توجننه" ..أي
ظهرت له وجهة هو ماض فيها ال يرده عنها راد
ب ننذلي وج نندت ب ننذرة النف نناد ف الدين ننة -أو مت ننت وأفرخ ننت ،فق نند ك ننان هن نناك قب ننل ب نندر م ننن
اضطروا لنافقة أهلهم الذين دخلوا ف اإلسالم -وأصب ت جمموعة من الرجال ،ومن ذوي
الكانة فيهم ،م طرة إ التظاهر باإلسالم ،واالن مم إ الهتمع السلم ،بينم هي ت نمر ف
أ فس ننها احلق نند والع ننداء لإلس ننالم والس ننلمي؛ وت ننةبص ذ ننم ال نندوائر؛ وت ننتلمس الثغ ننرات ف
الصف؛ وتةقب الحدا التني ت ع نع قنوى السنلمي أو تزعنزع الصنف السنلم ،ليظهنروا
بوا ربة اإلجهاز إذا كان ذلي ف مكنتهم كوامن صدورهم ،أو لي
وقد وجد هةالء النافقون حلفناء طبيعيني نم ف اليهنود ،النذين كنانوا جيندون ف أ فسنهم منن
احلقد عىل اإلسالم والسلمي ،وعىل نبي اإلسالم عليه الصالة والسالم مثنل منا جيند الننافقون
بنل أاند .وقنند هنددهم اإلسنالم ودينندا قوينا ف مكنانتهم بنني "الميني" مننن العنرب ف الدينننة؛
وسد عليهم الثغرة التي كانوا ينفذون منها للعب بني الوس واخلنزر ،بعندما أصنب وا بنعمنة
الل إخوانا ،وف ظل اإلسالم صفا واحدا مرصوصا.
وقنند غننص اليهننود ورشقننوا بانتصننار السننلمي ف بنندر ،وارتفننع غليننان حقنندهم عننىل ا معننة
السلمة ،وانطلقنوا بكنل منا يمكلنون منن دس وكيند وتنلمر حيناولون تفتينت الصنف اإلسنالمي،
11
وإلقناء احلنرية ف قلنوب السنلمي ،ونرشن الشنبهات والشنكوك ،ف عقيندوم وف أ فسنهم عنىل
السواء
وف هذه الفةة وقع حاد بني قينقاع فوضح العداء وسفر ..عىل النرغم انا كنان بني اليهنود
والنبي ☻ من موا يق أبرمها معهم عقب مقدمه إ الدينة.
كنذلي كنان الشننركون موتنورين منن هنزيمتهم ف بندر ،حيسنبون أفنف حسناب النتصنار حممند
☻ ومعسنكر الديننة ،وللخطنر النذي يتمثنل إذن عنىل يناروم وعنىل مكنانتهم
وعىل وجودهم كذلي ! ومن م يتهيأون لدفع هنذا اخلطنر الناحق قبنل أن يصنبح الق ناء علينه
مست يال.
وبيننم كننان أعننداء العسننكر اإلسننالمي ف عنفننوان قننووم وف عنفننوان حقنندهم كننذلي كنان
الصنف السننلم منا ينزال ف أوائننل نشنأاه بالديننة .غننري متناسنق متامننا .فينه الصنفوة الختنارة مننن
السننابقي مننن الهنناجرين وال صننار؛ ولكننن فيننه كننذلي نفننوس واخصننيات تن ننج بعنند .
وا معنة كلهنا عنىل العمنوم تننل منن التهنارب الواقعينة منا يسنوي النتنوءات ،ويوضنح حقيقنة
الدعوة وحقيقة الظرو الالبسة ا ،وحقيقة منههها العميل وتكاليفه.
كنان للمننافقي -وعنىل رأسنهم عبند الل بنن أيب -مكنانتهم ف الهتمنع ،وروابطهنم العائلينة
والقبليننة تنفصننم بعنند؛ و ين ننج ف نفننوس السننلمي الشننعور بننأن عقينندوم وحنندها ه نني
أرسونم وهني قبيلنتهم وهني وانيهتهم التني ال وانيهة معهنا .ومنن نم كاننت هنناك خلخلنة ف
الصنف اإلسنالمي بسنبب وجنود مثنل هنذه العننارص مندجمنة ف الصنف ،منة رة ف مقناديره[ .كنم
يتهىل ذلي ف أحدا غزوة أحد عند استعراض النصوص اخلاصة ذا ف السورة ].
12
وكنان لليهنود مكنانتهم كنذلي ف الديننة ،وارتباطناوم االقتصنادية والتعهدينة منع أهلهنا .و
يتبي عدا هم سافرا .و ين نج ف نفنوس السنلمي كنذلي الشنعور بنأن عقيندوم وحندها هني
العهنند وهنني الننوطن وهنني أصننل التعامننل والتعاقنند ،وأ ننه ال بقنناء لصننلة وال واننيهة إذا هنني
تعارضننت مننع العقينندة ومننن ننم كانننت لليهننود فرصننة للتوجيننه والتشننكيي والبلبلننة .وكننان
هناك من يسمع لقو م ف ا معة السلمة ويتأ ر به .وكان هناك منن يندفع عننهم منا يريند النبني
☻ أن ينزل ذم من إجراءات لدفع كيدهم عن الصف السلم [ كنم حند ف
افاعة عبد الل بن أيب ف بني قينقاع ،وإغالظه ف هذا للرسول ☻].
ومن ناحية أخرى كان السلمون قد انتصنروا ف بدر ذلي النصنر الكامل الباهر بأخمس نر ا هند
والبذل .فقند خنر ذلني العندد القلينل منن السنلمي ،غنري منزودين بعندة وال عتناد -إال اليسنري
ف عندوم وعتنادهم .نم تلبنث العركنة أن انهلنت فل ال خم من قري -فالقوا ذلي ا
عن ذلي النصنر الةزر الباهر .
وكنان هنذا النصننر ف الوقعنة الو التني يلتقني فيهنا جنند الل بهنند الرشنك قندرا منن قندر الل.
ن نندرك الي ننوم طرفن ننا من ننن حكمتن ننه .ولعلن ننه ك ننان لتثبين ننت الن نندعوة الناان ننئة ومتكينهن ننا .ب ننل إل بن ننات
وجودها الفعيل عىل حمي العركة ،لتأخذ بعد ذلي طريقها .
فأمننا السننلمون فلعلهننم قنند وقننع ف نفوسننهم -مننن هننذا النصننر -أ ننه الشننأن الطبيعنني الننذي ال
اننأن غ ننريه .وأ ننه ال ب نند مالزمه ننم ع ننىل أي ح ننال ف ك ننل مرا ح ننل الطري ننق أفيس ننوا بالس ننلمي ؟
أفيس أعدا هم بالكافرين ؟ وإذن فهو النصنر ال حمالة حيثم التقى السلمون بالكافرين !
غري أن سنة الل ف النصنر وا زيمة ليست ذذه الدرجة منن البسناطة والسنذاجة ،فلهنذه السننة
مقت ننياو ا ف تك ننوين النف ننوس ،وتك ننوين الص ننفو ،وإع ننداد الع نندة ،واتب نناع ال نننهج ،والت ننزام
13
الطاعة والنظام ،واليقظة خلوالج الننفس وحلركنات اليندان ..وهنذا منا أراد الل أن يعلمهنم إيناه
با زيمنة ف "غننزوة أحنند" عننىل الن نو الننذي تعرضننه السننورة عرضنا حيننا مننة را عميقننا ،وتعننرض
السننلمي؛ وتوجننه ف ظلننه العظننات البننناءة للنننفس وللصننف عننىل أسننبابه مننن تص ننرفات بع ن
السواء.
وحي نراجع غزوة أحد نهند أن تعلنيم السنلمي هنذا الندرس قند كلفهنم أهنواال وجرا حنات
وانهداء مننن أعننز الشننهداء -عننىل رأسننهم رننزة رن الل عنننه وأرضنناه -وكلفهننم مننا هننو أاننق
مننن ذلنني كلننه عننىل نفوسننهم ..كلفهننم أن ي نروا رسننو م احلبيننب تشننج جبهتننه وتكس ننر سنننة،
ويسننقط ف احلفننرة ،ويغننوص حلننق الغفننر ف وجنتننه ☻ المننر الننذي ال يقننوم
بوزنه يشء ف نفوس السلمي !
ويس ننبق اس ننتعراض "غ ننزوة أح نند" وأح نندا ها ف الس ننورة قط نناع كب ننري تس ننتغرقه كل ننه توجيه ننات
متشعبة لتصفية التصور اإلسالمي من كل اائبة؛ ولتقرير حقيقة التوحيند جلينة ناصنعة ،والنرد
ع ننىل الش ننبهات التن نني يلقيه ننا أه ننل الكتن نناب ،س ننواء منه ننا من ننا ه ننو ناا ن ن من ننن ان را ف نناوم هن ننم ف
معتقداوم ،وما يتعمدون إلقاءه ف الصف السلم من ابهات ماكرة خللخلنة العقيندة وخلخلنة
الصف من وراء خلخلة العقيدة .
وتذكر عدة روايات أن اييات من ( )83 – 1نزلت ف احلوار مع وفد نصارى نهران النيمن
الننذي قنندم الدينننة ف السنننة التاسننعة للههننرة .ون ننن نسننتبعد أن تكننون السنننة التاسننعة هنني زمننن
نزول هذه اييات .فوا ضنح منن طبيعتهنا وجوهنا أ نا نزلنت ف الفنةة الو منن ا هنرة ،حينث
كان ننت ا مع ننة الس ننلمة بع نند ناا ننئة .وك ننان لدس ننائس اليه ننود وغ ننريهم أ ننر ا ننديد ف كيا ننا وف
سلوكها.
14
وسواء ص ت رواية أن اييات نزلنت ف وفند نهنران أم تصنح؛ فإننه واضنح منن الوضنوع
الذي تعا ه أ ا تواجه ابهات النصارى وبخاصة ما يتعلق منها بعيسى عليه السالم ،وتدور
حننول عقينندة التوحينند اخلننالص كننم جنناء بننه اإلسننالم .وتص ن ح نم مننا أصنناب عقائنندهم مننن
وخلط وتشويه .وتدعوهم إ احلق الواحد الذي ت منته كتبهم الص ي ة التي جاء ان را
القرآن بصدقها.
ولكننن هننذا الفصننل يت ننمن كننذلي إاننارات وتقريعننات لليهننود وحتننذيرات للمسننلمي مننن
دسائس أهل الكتاب .وما كان جياورهم ف الديننة منن أهنل الكتناب انن يمثنل مثنل هنذا اخلطنر
إال اليهود .
وعىل أخمة حال فإن هذا الفصل الذي يستغرد حوايل نصف السورة يصور جانبا من جوا ننب
الرصناع بني العقيندة اإلسنالمية والعقائند الن رفنة ف ا زينرة كلهنا ..وهنو لنيس رصا عنا نظرينا
إنم هنو ا اننب النظنري منن العركنة الكبنرية الشناملة بني ا معنة السنلمة الناانئة وكنل أعندائها
النذين كنانوا يةبصنون ذنا ،ويت فنزون منن حو نا ،ويسنتخدمون ف حرذنا كنل السنل ة وكنل
الوسنائل .وف أو ننا زعزعننة العقينندة ! وهنني ف صننميمها العركنة التنني مننا تننزال نااننبة إ هننذه
الل ظة بي المة السلمة وأعدائها ..إ م هم هم :الل دون النكرون ،والصهيونية العالية،
والصليبية العالية
وم ننن مراجع ننة نصن ننوص الس ننورة يتب نني أن الوسن ننائل ه نني الوس ننائل كن ننذلي؛ واله نندا هن نني
الهنندا .ويننتهىل أن هننذا القننرآن هننو قننرآن هننذه النندعوة ،ومرجننع هننذه المننة -اليننوم وغنندا -
كم كان قرآ ا ومرجعها بنالمس ف نشنأوا الو .وأ نه ال يعنرض عنن استنصنا هنذا الناصنح
واستش ننارة ه ننذا الرج ننع ف العرك ننة الناا ننبة الي ننوم إال م نندخول يع ننرض ع ننن س ننال النص ن ننر ف
15
العركننة؛ وانندع نفسننه أو انندع المننة ،خلدمننة أعنندائها القنندامى ال نند ي ف غفلننة بله نناء أو ف
خبث لئيم
***
ومنن خنالل الناقشنات وا ندل واالسنتعراض والتوجينه ف هنذا القطنع الول يتبني موقنف
أهل الكتاب الن رفي عن كتاذم ،منن ا معنة السنلمة والعقيندة ا ديندة ،انثال ف أمثنال هنذه
النصوص:
( هو الذي أ زل عليي الكتاب منه آيات حمكمت هن أم الكتاب وأخر متشاذات .فأما الذين
ف قلوذم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ،ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. .)...
) أ تر إ الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إ كتاب الل لي كم بينهم ،م يتو فريق
منهم وهم معرضون ؟)..
) يا أهل الكتاب حتاجون ف إبراهيم وما أ زلت التوراة واإلنهيل إال من بعده.. .؟) ..
) وقالت طائفة من أهل الكتاب:آمنوا بالذي أ زل عىل الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره
لعلهم يرجعون ،وال تةمنوا إال لن تبع دينكم ..)..
16
)ومنهم من إن تأمنه بدينار ال يةده إليي إال ما دمت عليه قائم .ذلي بأ م قالوا :ليس علينا
ف الميي سبيل ويقولون عىل الل الكذب وهم يعلمون)..
) وإن منهم لفريقا يلوون أفسنتهم بالكتاب لت سبوه من الكتاب -وما هو من الكتاب –
ويقولون :هو من عند الل وما هو من عند الل .ويقولون عىل الل الكذب وهم يعلمون). .
)قل :يا أهل الكتاب تكفرون بلخمات الل والل اهيد عىل ما تعملون)..
)قل :يا أهل الكتاب تصدون عن سبيل الل من آمن تبغو ا عوجا وأ تم اهداء ؟).
) ها أ تم أوالء حتبو م وال حيبونكم وتةمنون بالكتاب كله .وإذا لقوكم قالوا :آمنا .وإذا خلوا
ع وا عليكم ال امل من الغيظ)..
وهكن ننذا ن ن ننرى أن أع ن ننداء ا مع ن ننة الس ن ننلمة يكون ن ننوا حياربو ن ننا ف الي ن نندان بالس ن ننيف وال ن ننرمح
ف سننب؛ و يكونننوا يةلبننون عليهننا العننداء لي اربوهننا بالسننيف والننرمح ف سننب ..إنننم كننانوا
حياربو ن ن ننا أوال ف عقين ن نندوا .كن ن ننانوا حياربو ن ن ننا بالن ن نندس والتشن ن ننكيي ،ونثن ن ننر الشن ن ننبهات وتن ن نندبري
الن ن نناورات ك ن ننانوا يعم ن نندون أوال إ عقي ن نندوا اإليمني ن ننة الت ن نني منه ن ننا انبث ن ننق كيا ن ننا ،ومنه ن ننا ق ن ننام
وجودهننا ،فيعملننون فيهننا معنناول ا نندم والتننوهي .ذلنني أ ننم كننانوا ينندركون كننم ينندركون اليننوم
متامننا -أن هننذه المننة ال تننةتى إال مننن هننذا النندخل؛ وال وننن إال إذا وهنننت عقينندوا؛ وال وننزم
إال إذا هزمننت روحه ننا؛ وال يبل ننغ أعنندا ها منه ننا ا ننيئا وه نني اسننكة بع ننروة اإلي ننمن ،مرتكن ننة إ
ركنه ،سائرة عىل هه ،حاملة لرايته ،اثلة حلزبه ،منتسبة إليه ،معتزة ذذا النسب وحده .
17
ومن هنا يبدو أن أعدى أعداء هذه المة هو الذي يلهيها عن عقيدوا اإليمنية ،وحييد ذا عن
منهج الل وطريقه ،وادعها عن حقيقة أعدائها وحقيقة أهدافهم البعيدة.
إن العركننة بنني المننة السننلمة وبنني أعنندائها هنني قبننل كننل يشء معركننة هننذه العقينندة .وحتننى
حن نني يرين نند أعن نندا ها أن يغلبوهن ننا عن ننىل الرض وال صن ننوالت واالقتصن نناد واخلامن ننات ،فن ننإ م
حينناولون أوال أن يغلبوهننا عننىل العقينندة ،ل ننم يعلمننون بالتهننارب الطويلننة أ ننم ال يبلغننون اننا
يرينندون اننيئا والمننة السننلمة مستمسننكة بعقينندوا ،ملتزمننة بمنهههننا ،مدركننة لكينند أعنندائها..
وم ننن ننم يب ننذل ه ننةالء الع ننداء وعمال هن ن م جه نند ا ب ننارين ف خ ننداع ه ننذه الم ننة ع ننن حقيق ننة
العركة ،ليفوزوا منها بعد ذلي بكل ما يريدون من اسنتعمر واسنتغالل ،وهنم آمننون منن عزمنة
العقيدة ف الصدور !
وكلننم ارتقننت وسننائل الكينند ننذه العقينندة ،والتشننكيي فيهننا ،والتننوهي مننن عرا هننا ،اسننتخدم
أعندا ها هننذه الوسننائل الةقيننة ا ديندة .ولكننن لنننفس الغايننة القديمنة( :ودت طائفننة مننن أهننل
) ..فهذه هي الغاية الثابتة الدفينة ! الكتاب لو ي لونكم
نذا كننان القننرآن يندفع هننذا السننال السنموم أوال ..كننان يأخننذ ا معنة السننلمة بالتثبيننت عننىل
احلننق الننذي هنني عليننه؛ وينفنني الشننبهات والشننكوك التنني يلقيهننا أهننل الكت ناب؛ وجيلننو احلقيق ننة
الكبننرية التنني يت ننمنها هننذا النندين؛ ويقنننع ا معننة السننلمة ب قيقتهننا وقيمتهننا ف هننذه الرض،
ودورها ودور العقيدة التي حتملها ف تاريخ البشنرية.
وكان يأخذها بالت ذير من كيد الكائدين ،ويكشف ا نواياهم السنتةة ووسنائلهم القنذرة،
وأهدافهم اخلطرة ،وأحقادهم عىل اإلسالم والسلمي ،الختصاصهم ذذا الف ل العظيم..
18
وكننان يأخننذها بتقريننر حقيقننة القننوى وموازينهننا ف هننذا الوجننود .فيبنني ننا هننزال أعنندائها،
وهوا م عىل الل ،وضنال م وكفنرهم بنم أ نزل الل إلنيهم منن قبنل وقنتلهم ال بيناء .كنم يبني نا
أن الل معها ،وهو مالي اللي العز الذل وحده بال رشيي .وأ نه سنيأخذ الكفنار [ وهنو تعبنري
هنا عن اليهود ] بالعذاب والنكال؛ كم أخذ الشنركي ف بدر منذ عهد قريب.
) الل ال إهل إال هو احلي القيوم .نزل عليي الكتاب باحلق مصدقا لا بي يديه ،وأ زل التوراة
واإلنهيل من قبل هدى للناس ،وأ زل الفرقان .إن الذين كفروا بلخمات الل م عذاب اديد،
والل عزيز ذو انتقام .إن الل ال افى عليه يشء ف الرض وال ف السمء)..
) إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموا م وال أوالدهم من الل ايئا وأوئلي هم وقود النار.
كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بلخماتنا فأخذهم الل بذنوذم والل اديد العقاب .قل
للذين كفروا :ستغلبون وحتشنرون إ جهنم وبئس الهاد .قد كان لكم آية ف فئتي التقتا :فئة
تقاتل ف سبيل الل وأخرى كافرة يرو م مثليهم رأي العي .والل يةيد بنرصه من يشاء .إن ف
ذلي لعربة لويل البصار)..
)إن الدين عند الل اإلسالم ،وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إال من بعد ما جاءهم العلم
بغيا بينهم ،ومن يكفر بلخمات الل فإن الل رسيع احلساب)..
) ومن يبتغ غري اإلسالم دينا فلن يقبل منه وهو ف ايخرة من اخلارسين)..
)قل مهللا مالي اللي ،تةيت اللي من تشاء وتنزع اللي ان تشاء ،وتعز من تشاء وتذل من
تشاء ،بيدك اخلري ،إني عىل كل يشء قدير)..
19
) ال يتخذ الةمنون الكافرين أولياء من دون الةمني .ومن يفعل ذلي فليس من الل ف يشء
إال أن تتقوا منهم تقاة وحيذركم الل نفسه ،وإ الل الصري)..
) إن أو الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والل ويل الةمني)..
) أفغري دين الل يبغون وله أسلم من ف السموات والرض طوعا وكرها وإليه يرجعون؟ (..
) يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمنكم كافرين.
وكيف ت كفرون وأ تم تتىل عليكم آيات الل وفيكم رسوله ؟ ومن يعتصم بالل فقد هدي إ
رصاي مستقيم)..
) يا أهيا الذين آمنوا اتقوا الل حق تقاته وال متوتن إال وأ تم مسلمون .واعتصموا ب بل الل
جيعا وال تفرقوا .واذكروا نعمة الل عليكم إذ كنتم أعداء فأفف بي قلوبكم ،فأصب تم بنعمته
إخوا نننا .وكنننتم عننىل اننفا حفننرة مننن النننار فأ قننذكم منهننا ،كننذلي يبنني الل لكننم آياتننه لعلكننم
وتدون) ..
) كنتم خري أمة أخرجت للناس تأمرون بالعرو وتنهون عن النكر وتةمنون بالل .ولو آمن
وكم إال أذى ،وإن أهل الكتاب لكان خريا م ،منهم الةمنون وأكثرهم الفاسقون .لن ي
يقاتلوكم يولوكم الدبار م ال ينرصون .ربت عليهم الذلة أخمن ما قفوا -إال ب بل من الل
وحبل من الناس -وبا وا بغ ب من الل وربت عليهم السكنة .ذلي بأ م كانوا يكفرون
بلخمات الل ويقتلون ال بياء بغري حق ،ذلي بم عصوا وكانوا يعتدون)..
20
(يا أهيا الذين آمنوا ال تتخذوا بطانة من دونكم ال يأفونكم خباال .ودوا ما عنتم .قد بدت
البغ اء من أفواههم وما في صدورهم أكرب .قد بينا لكم اييات إن كنتم تعقلون .ها أ تم
أوالء حتبو م وال حيبونكم ،وتةمنون بالكتاب كله .وإذا لقوكم قالوا:آمنا ،وإذا خلوا ع وا
عليكم ال امل من الغيظ .قل موتوا بغيظكم إن الل عليم بذات الصدور .إن متسسكم حسنة
كم كيدهم ايئا .إن الل بم تسةهم ،وإن تصبكم سيئة يفرحوا ذا .وإن تصربوا وتتقوا ال ي
يعملون حميط).
ومنن هنذه احلملنة الطويلنة التني اقتطفننا منهنا هنذه ايينات ،وتننوع توجيهاونا وتلقيناونا تتبني
عدة أمور:
أو نا :ضنخامة ا هند النذي كنان يبذلنه أهنل الكتناب ف الديننة وغريهنا ،وعمنق الكيند وتننوع
أساليبه ،واستخدام جيع الوسائل لزعزعة العقيدة وخلخلة الصف السلم من ورائها .
و انيها :ضخامة اي ار التي كان هذا ا هد يةكها ف النفنوس وف حيناة ا معنة السنلمة ،انا
اقتىض هذا البيان الطويل الفصل النوع القاطع والساليب.
و الثه ننا :هننو م ننا نلم ننه اليننوم م ننن وراء الق ننرون الطويلننة .م ننن أن ه ننةالء العننداء ه ننم ال ننذين
يالحقون هذه الدعوة وأص اذا ف الرض كلها؛ وهم النذين تنواجههم هنذه العقيندة وأهلهنا.
ومن م اقت ت إرادة احلكيم اخل بري أن يقنيم هنذا الشنعل ا نادي ال نخم البعيند الطنار لنةاه
الجيننال السننلمة قويننا واضن ا عميننق الةكيننز عننىل كشننف العننداء التقليننديي ننذه المننة و ننذا
الدين
***
21
أمننا القطنناع الثنناين ف السننورة فهننو خنناص بغننزوة أحنند .وهننو يشننتمل كننذلي عننىل تقريننرات ف
حق ننائق التص ننور اإلس ننالمي وال عقي نندة اإليمني ننة .وع ننىل توجيه ننات ف بن نناء ا مع ننة الس ننلمة ع ننىل
أس ن نناس تل ن نني احلقن ن ننائق .إ جان ن ننب اس ن ننتعراض الحن ن نندا والوق ن ننائع ،واخل ن ننواطر والشن ن نناعر،
استعراضا يتبي منه بهالء حالة ا معة السلمة يومها وقطاعاونا الختلفنة التني أرشننا إليهنا ف
أول هذا التمهيد .
وعالق ن ننة ه ن ننذا القط ن ننع ب ن ننالقطع الول ف الس ن ننورة ظ ن نناهرة .فه ن ننو يت ن ننو عملي ن ننة بن ن نناء التص ن ننور
اإلسنالمي ويليتننه -ف جمننال العركنة واحلدينند سنناخن -كنم يتننو عمليننة تثبينت هننذه ا معننة
عىل التكاليف الفروضة عىل أص اب دعوة احلنق ف الرض .منع تعلنيمهم سننة الل ف النصننر
وا زيمة .ويربيهم بالتوجيهات القرآنية كم يربيهم بالحدا الواقعية .
وإنننه ليصننعب اسننتيفاء احلننديث هنننا عننن طبيعننة هننذا القطننع وحمتوياتننه وقيمتننه ف بننناء العقينندة
وبن نناء ا مع ننة ..ول ننا ك ننان ه ننذا القط ننع يق ننع بهملت ننه ف ا ننزء الرا ب ننع [م ننن الظ ننالل] فلنرجن ن
احلديث عنه إ هذا ا زء [إن ااء الل]..
ونميض إ ختام السورة -بعد فصل غزوة أحد -فإذا هو تلخيص لوضوعاوا الساسنية،
يبنندأ بإاننارة موحيننة إ داللننة هننذا الكننون [ كتنناب الل النظننور ] وإحياءاتننه للقلننوب الةمنننة ..
ويأخذ ف دعاء رخي ندي من هنذه القلنوب ،عنىل مشنهد ايينات ف كتناب الكنون الفتنو ( :إن
ف خلق السموات وا لرض واختال الليل والنهار ييات لويل اللباب .الذين يذكرون الل
قياما وقعودا وعىل جنوذم ،ويتفكرون ف خلق السموات والرض .ربنا ما خلقت هذا باطال،
سب اني فقنا عذاب النار .ربنا إني من تدخل النار فقد أخزيته .وما للظالي من أ صار.
ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي لإليمن أن آمنوا بربكم فلمنا .ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا
22
وتوفننا منع البنرار .ربننا وآتننا منا وعندتنا عنىل رسنلي وال زننا ينوم القيامنة .إنني ال لنف
اليعاد ..)...وهو يمثل نصاعة التصور ووضوحه .وخشوع القلب وتقواه.
م ييء االستهابة من الل -سب انه -فيذكر فيها ا هرة وا هاد واإليذاء ف سبيل الل:
. ) فاستهاب م رذم أين ال أضيع عمل عامل منكم من ذكنر أو أ ثنى بع نكم منن بعن
فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم ،وأوذوا ف سبييل ،وقاتلوا وقتلوا ،لكفرن عنهم سيئاوم
ولدخلنهم جنات يري من حتتها ال ار وابا من عند الل .والل عنده حسن الثواب.. )...
وفيه إاارة وعالقة بغزوة أحد وأحدا ها وآ ارها.
ن ننم ين ننذكر أهن ننل الكتن نناب -الن ننذين اسن ننتغرد احلن ننديث عن نننهم مقطن ننع السن ننورة الول -ليقن ننول
للمسلمي إن احلق الذي بأخمدهيم ال جي ده أهل الكتاب كلهم .فنإن مننهم منن ينةمن بنه ويشنهد
بأحقيته( :وإ ن من أهل الكتاب لن يةمن بالل وما أ زل إليكم ،وما أ زل إليهم ،خااعي لل،
ال يشةون بلخمات الل منا قليال. )...
و تم السورة بدعوة السلمي -بإيم م -إ الصرب والصابرة والرابطة والتقنوى( :يا أهينا
الذين آمنوا اصربوا وصابروا ورابطوا واتقوا الل لعلكم تفل ون) ..وهو ختام يناسب جنو
السورة وموضوعاوا جيعا..
***
وال يتم التعريف الهمل ذذه السورة حتى نلنم بثال نة خطنوي عري نة فيهنا ،تتننا ر نقطهنا ف
السننورة كلهننا ،وتتهمننع وتةكننز ف جمموعهننا ،حتننى ترسننم هننذه اخلطننوي العري ننة بوضننو
وتوكيد..
23
أول هذه اخلطوي بيان معننى "الندين" ومعننى "اإلسنالم" ..فلنيس الندين -كنم حيندده الل -
سب انه -ويريده ويرضاه -هو كل اعتقاد ف الل ..إنم هني صنورة واحندة منن صنور االعتقناد
فينه -سننب انه -صننورة التوحينند الطلنق الناصننع القنناطع :توحينند اللوهيننة التني يتوجننه إليهننا
البشننر كنم تتوجننه إليهنا سننائر اخلالئنق ف الكنون بالعبودينة .وتوحينند القوا مننة عننىل البش نر وعننىل
الكون كله .فال يقنوم يشء إال بنالل تعنا ،وال يقنوم عنىل اخلالئنق إال الل تعنا .ومنن نم يكنون
الدين الذي يقبله الل من عباده هو "اإلسالم" وهنو ف هنذه احلالنة :االستسنالم الطلنق للقوا منة
اإل ية ،والتلقي من هذا الصدر وحده ف كل اأن منن انةون احليناة ،والت ناكم إ كتناب الل
النننزل مننن هننذا الصنندر ،واتبنناع الرسننل الننذين نننزل علننيهم الكتنناب .وهننو ف صننميمه كتنناب
واحد ،وهو ف صميمه دين واحد. .اإلسالم ..ذذا العننى النواقعي ف ضنمئر النناس وواقعهنم
العمنيل عننىل السنواء .والنذي يلتقنني علينه كننل النةمني أابنناع الرسنل ..كننل ف زماننه ..متننى كننان
معنى إسالمه هو االعتقاد بوحدة اللوهية والقوامة؛ والطاعة واالتباع ف منهج احلياة كله بنال
استثناء .
ويتك سياد السورة عىل هذا اخلط ويوض ه ف أكثر من ال ي موضعا منن السنورة بشنكل
المثلة ف هذا التعريف الهمل: ب له بع ظاهر مل وظ ..ن
) الل ال إهل إال هو احلي القيوم)( ..اهد الل أ ه ال إهل إال هو والالئكة وأولو العلم قائم
بالقسط ال إهل إال هو العزيز احلكيم)( ..إن الدين عند الل اإلسالم) ( ..فنإن حناجوك فقنل
أسلمت وجهي لل ومن اتبعن .وقل للذين أوتوا الكتاب والميي :أسلمتم ؟ فإن أسلموا فقد
اهتدوا(..)..أ تر إ الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إ كتاب الل لي كم بينهم ،م
يتو فريق منهم وهم معرضون)( ..قل :إن كنتم حتبون الل فاتبعوين حيببكم الل(..)...قل:
أطيعوا الل والرسول فإن تولوا فإن الل ال حيب الكافرين)( ..قال احلواريون :ن ن أ صار الل،
24
آمنا بالل وااهد بأ ا مسلمون .ربنا آمنا بم أ زلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين)( ..قل:
يا أهل الكتاب تعالوا إ كلمة سواء بيننا وبينكم أال نعبد إال الل وال نرشك به ايئا وال يتخذ
بع نا بع ا أربابا من دون الل .فإن تولوا فقولوا :ااهدوا بأ ا مسلمون)(..ما كان إبراهيم
هيوديا وال نصن رانيا ولكن كان حنيفا مسلم وما كان من الشنركي)( ..أفغري دين الل يبغون وله
أسلم من ف السموات والرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ؟)( ..ومن يبتغ غري اإلسالم دينا
فلن يقبل منه) ..وغريها كثري..
فأم ننا اخلن ننط الثن نناين ال ننذي يرك ننز علي ننه س ننياد الس ننورة فه ننو تص ننوير ح ننال الس ننلمي م ننع رذ ننم
واستسالمهم له ،وتلقيهم لكل منا ينأايهم مننه بنالقبول والطاعنة واالتبناع الندقيق ..ون نرب لنه
المثلة ف هذا التعريف بالسورة حتى نواجهه مفصال عند استعراض النصنوص كذلي بع
بالتفصيل:
)والراسخون ف العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا -وما يذكر إال أولوا اللباب -ربنا ال
تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدني ررة إني أ ت الوهاب .ربنا إني جامع الناس
ليوم ال ريب فيه إن الل ال الف اليعاد)(..الذين يقولون :ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا
عنذاب النننار .الصنابرين والصننادقي والقنانتي والنفقنني والسنتغفرين بالس ن ار)( ..قننال
احلواريون :ن ن أ صار الل آمنا بالل وااهد بأ ا مسلمون .ربنا آمنا بم أ زلت واتبعنا الرسول
فاكتبنا مع الشاهدين)( ..كنتم خري أمة أخرجت للناس تأمرون بالعرو وتنهون عن النكر
وتةمنون بالل)( ..من أهل الكتاب أمة قائمنة يتلنون آينات الل آنناء اللينل وهنم يسنهدون،
يةمنون بالل واليوم ايخر ويأمرون بالعرو وينهنون عنن النكنر ويسنارعون ف اخلنريات
وأوئلي من الصاحلي)( .وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثري ،فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل
الل وما ضعفوا وما استكانوا والل حيب الصابرين ،وما كان قو م إال أن قالوا :ربنا اغفر لنا
25
ذنوبنا وإرسا فنا ف أمرنا و بت أقدامنا وانرصنا عىل القوم الكافرين)( ..الذين اسنتهابوا لل
والرسول من بعد ما أصاذم القر .للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم .الذين قال م
الناس :إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم ،فزادهم إيمنا ،وقالوا:حسبنا الل ونعم الوكيل)..
(الذين يذكرون الل قياما وقعودا وعىل جنوذم ،ويتفكرون ف خلق السموات والرض .ربنا
ما خلقت هذا باطال سب اني ! فقنا عذاب النار .ربنا إني من تدخل النار فقد أخزيته ،وما
للظالي من أ صار .ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي لإليمن أن آمنوا بربكم فلمنا .ربنا فاغفر لنا
ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع البرار .ربنا وآتنا منا وعندتنا عنىل رسنلي ،وال زننا ينوم
القيامة .إني ال لف اليعاد)( ..وإن من أهل الكتاب لن يةمن بالل وما أ زل إليكم ،وما
أ زل إليهم خااعي لل ،ال يشةون بلخمات الل منا قليال) ..وغريها كثري..
ف سياد السورة هنو الت نذير منن والينة غنري النةمني ،والتهنوين منن واخلط الثالث العري
انأن الكنافرين مننع هنذا الت نذير ،وتقريننر أ نه ال إينمن وال صننلة بنالل منع تننويل الكفنار الننذين ال
حيتكمنون لكتناب الل ،وال يتبعنون منههنه ف احليناة ..وقند أرشننا إ هنذا اخلنط منن قبنل ولكننه
ف سننياد السننورة ،وهننذه نننمذ مننن هننذا اخلننط حيتننا إ إبننراز هنننا بقنندر مننا هننو بننارز وأسننا
: العري
(ال يتخذ الةمنون الكافرين أولياء من دون الةمني .ومن يفعل ذلي فليس من الل ف يشء
-إال أن تتقوا منهم تقاة -و حيذركم الل نفسه وإ الل الصري .قل .إن فوا ما ف صدوركم
أو تبدوه يعلمه الل ويعلم ما ف السموات وما ف الرض .والل عىل كل يشء قدير)( ..ودت
طائفة من أهل الكتاب لو ي لونكم وما ي لون إال أ فسهم وما يشعرون)..
26
(يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتناب ينردوكم بعند إيمنكنم كنافرين.
وكيف تكفرون وأ تم تتىل عليكم آيات الل وفيكم رسوله .ومن يعتصم بالل فقد هدي إ
رصاي مستقيم .يا أهيا الذين آمنوا اتقوا الل حق تقاته وال متوتن إال وأ تم مسلمون واعتصموا
ب بل الل جيعا وال تفرقوا )...إلخ ( ..لن ي نروكم إال أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الدبار م
ال ينصنرون .ربت عليهم الذلة أخمنم قفوا )...إلخ ( ..يا أهيا الذين آمنوا ال تتخذوا بطانة من
دونكم ال يأفونكم خباال .ودوا ما عنتم ،قد بدت البغ اء من أفواههم وما في صدورهم
أكنرب )...إلنخ (..ينا أهينا النذين آمننوا إن تطيعننوا النذين كفنروا ينردوكم عنىل أعقنابكم فتنقلبننوا
خنارسين .بنل الل مننوالكم وهنو خننري الننارصين .سننلقي ف قلننوب النذين كفننروا الرعنب بننم
أرشكوا بالل ما ينزل به سلطانا ،ومأواهم النار وبئس مثوى الظالي)(..ال يغرني تقلب
الذين ك فروا ف البالد ،متاع قليل م مأواهم جهنم وبئس الهاد) ..وغريها كثري..
وهننذه اخلط ننوي الثال ننة العري ننة متناس ننقة فننيم بينه ننا متكامل ننة ،ف تقري ننر التص ننور اإلس ننالمي،
وتوضننيح حقيقننة التوحينند ومقت نناه ف حينناة البرش ن وف اننعورهم بننالل ،وأ ننر ذلنني ف مننوقفهم
من أعداء الل الذي ال موقف م سواه.
والنص ننوص ف موا ض ننعها م ننن الس ننياد أكث ننر حيوي ننة وأعم ننق إحي نناء ..لق نند نزل ننت ف معمع ننان
العركن ننة .معرك ن ننة العقي ن نندة ،ومعرك ن ننة الي ن نندان .العركن ننة ف داخ ن ننل النف ن ننوس ،والعرك ن ننة ف واق ن ننع
احلياة ..ومن م ت منت ذلي الرصيد احلي العهيب ،من احلركة والتأ ري واإلحياء..
إذن لنواجه نصوص السورة ف سياقها احلي القوي الخاذ ا ميل.. فلنم
***
27
متهيد
قال تعا { :يا أ ههيا ا َّلذين آمنهوا ال تتَّخ هذوا بطانة ِّمن هدونكهم ال يأ هفونكهم خباال و هدوا ما عنتهم قد
هم اييات إن هكنتهم تعق هلون ()118
ور ههم أك هرب قد ب َّينَّا لك ه
في هصده ه بدت البغ اء من أفواههم وما ه
هاأ تهم هأوالء هحت هبو هم وال هحي هبونكهم وتهةمنهون بالكتاب هك ِّلنه وإذا ل هقنوكهم قنا هلوا آمنَّنا وإذا خلنوا
الصده ور (})119
يم بذات ه ع ه وا عليك ههم ال امل من الغيظ هقل هموتهوا بغيظكهم إ َّن م
اّلل عل ٌ
إ ننا صننورة كاملننة السننمت ،ناطقننة بنندخائل النفننوس ،واننواهد الالمننح ،تسننهل الشنناعر
الباطننة ،واالنفعناالت الظناهرة ،واحلركنة الذاهبنة اييبنة .وتسنهل بنذلي كلنه نموذجنا بش نريا
مكرورا ف كل زمان وف كل مكنان .ونستعرضنها الينوم وغندا فنيمن حنول ا معنة السنلمة منن
أعداء .يتظاهرون للمسلمي -ف ساعة قوة السلمي وغلبتهم -بالودة .فتكذذم كل خا ة
وكل جارحة .وينخدع السلمون ذنم فيمن نو م النود والثقنة ،وهنم ال يريندون للمسنلمي إال
االضنطراب واخلبنال ،وال يقصننرون ف إعننات السنلمي ونثنر الشنوك ف طنريقهم ،والكيند نم
والدس ،ما واتتهم الفرصة ف ليل أو ار.
***
وما من اي أن هذه الصورة التي رسمها القرآن الكريم هذا الرسم العهينب ،كاننت تنطبنق
ابتنداء عنىل أهنل الكتناب الهناورين للمسنلمي ف الديننة؛ وترسنم صنورة قوينة للغنيظ الكظنيم
ف الننذي كننانوا ي ننمرونه لإلسننالم والسننلمي ،وللشن نر البيننت ،وللنوا يننا السننيئة التنني ينني
السننلمي مننا يننزال ننندوعا ف أعننداء الل هننةالء ،ومننا صنندورهم؛ ف الوقننت الننذي كننان بعن
28
ينزال يف ني إلنيهم بنالودة ،ومننا ينزال ينأمنهم عنىل أرسا ر ا معنة السنلمة؛ ويتخنذ مننهم بطانننة
وأص ابا وأصندقاء ،ال اشنى مغبنة اإلف ناء إلنيهم بندخائل الرسا ر ..فهناء هنذا التننوير وهنذا
الت ننذير ،يبص نر ا معننة السننلمة ب قيقننة المننر ،ويوعيهننا لكينند أعنندائها الطبيعينني ،الننذين ال
الصون ا أبدا ،وال تغسل أحقادهم مودة من السلمي وص بة .و جييء هنذا التننوير وهنذا
الت نذير ليكننون مقصننورا عننىل فننةة تاراينة معينننة ،فهننو حقيقنة دائمننة ،توا جننه واقعننا دائننم ..كننم
نرى مصداد هذا فيم بي أخمدينا من حار مكشو مشهود..
والسلمون ف غفلة عن أمر رذم :أال يتخذوا بطانة من دو م .بطانة من نناس هنم دو نم ف
احلقيق ننة وال نننهج والوس ننيلة .وأال جيعل ننوهم موض ننع الثق ننة والس ن نر واالستش ننارة ..الس ننلمون ف
غفلة عن أمر رذم هذا يتخذون من أمثال هةالء مرجعا ف كل أمر ،وكل انأن ،وكنل موضنع،
وكل نظام ،وكل تصور ،وكل منهج ،وكل طريق !
والسن ننلمون ف غفل ن ننة من ننن حت ن ننذير الل ن ننم ،ين ننوادون م ن ننن ح ن نناد الل ورسن ننوله؛ ويفت ن ننون ن ننم
صدورهم وقلوذم .والل سب انه يقول للهمعة السلمة الو كنم يقنول للهمعنة السنلمة ف
أي جيل:
) ها أ تم أوالء حتبو م وال حيبونكم ،وتةمنون بالكتاب كله ،وإذا لقوكم قالوا :آمنا ،وإذا
خلوا ع وا عليكم ال امل من الغيظ)..
29
(إن متسسكم حسنة تسةهم ،وإن تصبكم سيئة يفرحوا ذا)..
ومننرة بعنند مننرة تصننفعنا التهننارب الننرة ،ولكننننا ال نفيننق ..ومننرة بعنند مننرة نكشننف عننن الكينندة
والةامرة تلبس أزياء نتلفة ولكننا ال نعترب .ومرة بعد مرة تنفلت أفسننتهم فتننم عنن أحقنادهم
الت نني ال ي ننذهب ذ ننا ود يبذل ننه الس ننلمون ،وال تغلس ننها س ننمحة يعلمه ننا ننم ال نندين ..وم ننع ذل نني
نعنود ،فنفننتح ننم قلوبننا ونتخننذ منننهم رفقناء ف احلينناة والطريننق ..وتبلنغ بنننا الهاملننة ،أو تبلننغ
بنا ا زيمة الروحينة أن نهناملهم ف عقيندتنا فنت اانى ذكرهنا ،وف مننهج حياتننا فنال نقيمنه عنىل
أس نناس اإلس ننالم ،و ف تزوي ننر تاران ننا وطم ننس معال ننه ك نني نتق نني في ننه ذك ننر أي ص نندام ك ننان ب نني
أسالفنا وهةالء العداء الةبصي ومن م حيل علينا جنزاء الخنالفي عنن أمنر الل .ومنن هننا
ننذل ون نعف ونسنتخذي .ومنن هننا نلقنى العننت النذي ينوده أعندا نا لننا ،ونلقنى اخلبنال الننذي
يدسونه ف صفوفنا ..
وها هنو ذا كتناب الل يعلمننا -كنم علنم ا معنة السنلمة الو -كينف نتقني كيندهم ،ونندفع
أذاهم ،وننهو من الرش الذي تكنه صدورهم ،ويفلت عىل أفسنتهم منه اواظ:
كم كيدهم ايئا .إن الل بم يعملون حميط).. ( وإن تصربوا وتتقوا ال ي
فهو الصرب والعزم والصمود أمام قووم إن كنانوا أقويناء؛ وأمنام مكنرهم وكيندهم إن سنلكوا
طريق الوقيعة واخلداع .الصرب والتمسي ال اال يار والتخاذل؛ وال التنازل عنن العقيندة كلهنا
أو بع ننها اتقنناء لش نرهم التوقننع أو كسننبا لننودهم النندخول ..ننم هننو التقننوى :اخلننو مننن الل
وحننده .ومراقبتننه وحننده ..هننو تقننوى الل التنني تننربط القلننوب بننالل ،فننال تلتقنني مننع أحنند إال ف
منههه ،وال تعتصم ب بل إال حبله ..وحي يتصل القلب بالل فإنه سي قر كنل قنوة غنري قوتنه؛
30
وستشد هذه الرابطة من عزيمته ،فال يستسلم من قريب ،وال يواد من حناد الل ورسنوله ،طلبنا
للنهاة أو كسبا للعزة
هذا هو الطريق :الصرب والتقوى ..التمسي واالعتصام ب بل الل .وما استمسي السلمون
ف تناراهم كلنه بعنروة الل وحندها ،وحققنوا مننهج الل ف حيناوم كلهنا ..إال عنزوا وانتصننروا،
ووقناهم الل كيند أعنندائهم ،وكاننت كلمننتهم هني العليننا .ومنا استمسني السنلمون ف تنناراهم
كله بعنروة أعندائهم الطبيعيني ،النذين حيناربون عقيندوم ومننهههم رسا وجهنرا ،واسنتمعوا إ
مشنوروم ،وا نذوا مننهم بطاننة وأصندقاء وأعوا ننا وخنرباء ومستشنارين ..إال كتنب الل علنيهم
ا زيمنة ،ومكننن لعنندائهم فنيهم ،وأذل رقنناذم ،وأذاقهننم وبننال أمنرهم ..والتنناريخ كلننه انناهد
عننىل أن كلمننة الل خالنندة؛ وأن سنننة الل نافننذة .فمننن عمنني عننن سنننة الل الشننهودة ف الرض،
فلن ترى عيناه إال آيات الذلة واالنكسار وا وان..
***
ذنذا ينتهنني هنذا النندرس؛ وينتهنني كننذلي القطنع الول ف السننورة .وقنند وصننل السنياد إ
ذروة العركة؛ وقمة الفاصلة الكاملة الشاملة.
وحيسنن قبنل أن ننهني هنذا الندرس أن نقنرر حقيقنة أخنرى ،عنن سنمحة اإلسنالم ف وجنه كنل
هنذا العنداء .فهنو ينأمر السنلمي أال يتخنذوا بطاننة منن هنةالء .ولكننه ال حيرضنهم عنىل مقابلنة
الغل واحلقد والكراهية والدس والكر بمثلها .إنم هي جمرد الوقاية للهمعة السلمة وللصنف
السلم ،وللكينونة السنلمة ..جمنرد الوقاينة وجمنرد التنبينه إ اخلطنر النذي حييطهنا بنه ايخنرون..
أما السلم فبسمحة اإلسالم يتعامل مع الناس جيعا؛ وبنظافة اإلسالم يعامل النناس جيعنا؛
وبم بة اخلري الشامل يلقى النناس جيعنا؛ يتقني الكيند ولكننه ال يكيند ،وحينذر احلقند ولكننه ال
31
حيقند .إال أن حينارب ف ديننه ،وأن يفنتن ف عقيدتنه ،وأن يصند عنن سنبيل الل ومنههنه .ف ينئنذ
هنو مطالنب أن حينارب ،وأن يمننع الفتننة ،وأن يزينل العقبنات التني تصند النناس عنن سنبيل الل،
وعنن حتقينق منههنه ف احليناة .حينارب جهنادا ف سنبيل الل ال انتقامنا لذاتنه .وحبنا خلنري البش نر ال
حقدا عىل الذين آذوه .وحتطيم لل واجز احلائلة دون إيصال هذا اخلري للنناس .ال حبنا للغلنب
واالس ن ننتعالء واالس ن ننتغالل ..وإقام ن ننة للنظ ن ننام الق ن ننويم ال ن ننذي يس ن ننتمتع ا مي ن ننع ف ظل ن ننه بالع ن نندل
والسالم .ال لةكيز راية قومية وال لبناء إمرباطورية
هنذه حقيقنة تقررهنا النصنوص الكثنرية منن القنرآن والسننة؛ ويةجهنا تناريخ ا معنة السنلمة
الو ،وهي تعمل ف الرض وفق هذه النصوص.
إن هننذا النننهج خننري .ومننا يصنند البشننرية عنننه إال أعنندى أعننداء البشننرية .الننذين ينبغنني ننا أن
تطناردهم ،حتنى تقصنيهم عنن قيادونا ..وهنذا هنو الوا جنب النذي انتندبت لنه ا معنة السنلمة،
فأدتنه مننرة خننري مننا يكنون الداء .وهنني منندعوة دائننم إ أدائنه ،وا هنناد منناض إ يننوم القيامننة..
حتت هذا اللواء..
***
32
آيات غزوة أُحد
﴿
33
34
35
36
37
﴾
***
38
مقدمة ووقائع غزوة أُحد
من معركة ا دل والناظرة ،والبيان والتنوير ،والتوجيه والت نذير -فنيم سنبق منن السنورة -
ينتقل السياد إ العركة ف اليدان ..معركة أحد ..
وغننزوة أحنند تكننن معركننة ف الينندان وحننده؛ إنننم كانننت معركننة كننذلي ف ال ننمري ..كانننت
م عركة ميدا ا أوسع اليادين .لن ميدان القتال فيها يكن إال جانبا واحندا منن ميندا ا ا ائنل
ال ن ننذي دارت في ن ننه ..مي ن نندان ال ن نننفس البشن ن ننرية ،وتص ن ننوراوا ومش ن نناعرها ،وأطمعه ن ننا وا ن ننهواوا،
ودوافعهننا وكواب هننا ،عننىل العمننوم ..وكننان القننرآن هننناك .يعننالج هننذه النننفس بننأفطف وأعمننق،
وبأفعل وأامل ما يعالج ال اربون أقرا م ف النزال !
وكننان النصننر أوال ،وكانننت ا زيمننة انيننا ،وكننان االنتصننار الكبننري فيهننا بعنند النصننر وا زيمننة..
انتصننار العرفننة الوا ض ن ة والر يننة السننتنرية لل قننائق التنني جالهننا القننرآن؛ واسننتقرار الشنناعر
ع ننىل ه ننذه احلق ننائق اس ننتقرار اليق نني .ومت ننيص ا لنف ننوس ،ومتيي ننز الص ننفو ،وانط ننالد ا مع ننة
التصنور ،ومتينع القنيم ،وتنأرجح الشناعر ،ف السلمة -بعد ذلي -مت ررة من كثري من غنب
الصف السلم .وذلي بتميز النافقي ف الصف إ حند كبنري ،ووضنو سنمت النفناد وسنمت
الص نندد ،ف الق ننول والفع ننل ،وف الشن ننعور والسن ننلوك .ووضن ننو تكن نناليف اإلين ننمن ،وتكن نناليف
الدعوة إليه ،واحلركة به ،ومقت نيات ذلني كلنه منن االسنتعداد بالعرفنة ،واالسنتعداد بنالتهرد،
واالسنتعداد بنالتنظيم ،والتننزام الطاعنة واالتبنناع بعند هنذا كلننه ،والتوكنل عننىل الل وحنده ،ف كننل
39
خطوة من خطوات الطريق ،ورد المنر إ الل وحنده ف النصننر وا زيمنة ،وف النوت واحليناة،
وف كل أمر وف كل اياه .
وكانننت هننذه احلصننيلة ال ننخمة التنني اسننتقرت ف ا معننة السننلمة مننن وراء الحنندا ،ومننن
وراء التوجيهننات القرآني ننة بعنند الح نندا ،أكننرب وأخط ننر -بننم ال يق نناس -مننن حص ننيلة النص ننر
والغنيمة ..لو عاد السلمون من الغزوة بالنصننر والغنيمنة ..وقند كاننت ا معنة السنلمة إذ ذاك
أحننو م ننا تك ننون ننذه احلص ننيلة ال ننخمة ..كان ننت أحننو إليه ننا أف ننف م ننرة م ننن حص ننيلة النص ننر
والغنيمة .وكان الرصيد الباقي منها لألمة السنلمة ف كنل جينل أهنم وأبقنى كنذلي منن حصنيلة
النص ن ننر والغنيمن ننة .وكن ننان تن نندبري الل العل ننوي من ننن وراء من ننا بن نندا ف الوقع ننة من ننن ظ ننواهر الن نننقص
ف الصن ننف السن ننلم ،وم ن ننن وراء ا زيمن ننة التن نني نش ن ننأت عن ننن ه ن ننذه وال ن ننعف والتمين ننع والغ ن ننب
الظواهر ..كان تدبري الل العلوي من وراء هذا الذي وقع وفق سنة الل ا ارية ،حسنب أسنبابه
الطبيعي ننة الظن نناهرة ،ت نندبريا كلن ننه اخل ننري للهمعن ننة السن ننلمة ف ذل نني احلن نني ،لتن ننال هن ننذه احلصن ننيلة
ال ننخمة مننن العننربة والةبيننة ،والننوعي والن ننح ،والتم ننيص والتميننز ،والتنسننيق والتنظننيم.
وليبقننى لألمننة السننلمة ف أجيا ننا التعاقبننة هننذا الرصننيد مننن التهننارب واحلقننائق والتوجيهننات
التي ال تقدر بثمن .ولو كان هذا الثمن هو النصنر والغنيمة !
لقن نند انتهن ننت العركن ننة ف مين نندان الرض ،ليبن نندأها القن ننرآن ف مين نندا ا الكن ننرب :مين نندان الن نننفس،
وميدان احلياة الشاملة للهمعة السلمة .وصنع ذذه ا معنة منا تصننعه يند الل ،عنن علنم وعنن
حكمننة ،وعننن خننربة ،وعننن بصننرية .وكننان مننا انناءه الل ومننا دبننره .وكننان فيننه اخلننري العظننيم ،مننن
والذى واالبتالء الشاد الرير . وراء ال
40
ولعننل اننا يلفننت النظننر ف التعقيننب القننرآين عننىل أحنندا العركننة هننو ذلنني االزدوا العهيننب
بني اسنتعراض مشناهدها ووقائعهنا ،والتوجيهنات البنارشة عنىل هنذه الشناهد والوقنائع ..وبني
التصننور ،وحتريرهننا مننن التوجيهننات الخننرى التعلقننة بتصننفية النفننوس ،و ليصننها مننن غننب
ربقنة الشننهوات ،و ق لننة الطننامع ،وظننالم الحقناد ،وظلمننة اخلطيئننة ،وضننعف احلننرص والشننح.
والرغبات الدفينة .
ولعل اا يلفت النظر أكثر ،الكالم -ف صدد التعقيب عىل معركة حربية -عن الربنا والنهني
عننه ،وعننن الشنورى والخننذ ذنا ،عننىل الننرغم انا كننان للشنورى مننن معقبنات ظاهريننة ف النتننائج
السيئة للمعركة !
ننم ..سننعة السنناحة التنني يعمننل فيهننا النننهج القننرآين ف النننفس البش ننرية ،وف احلينناة اإلنسننانية،
وتعدد نقط احلركة فيها ،وتداخلها ،وتكاملها العهيب ..
ولكننن الننذين ينندركون طبيعننة هننذا النننهج الربنناين ال يعهبننون لجننء مننن ذلنني االزدوا وهننذه
السننعة ،وهننذا التننداخل ،وهننذا التكا مننل .فالعركننة احلربيننة ف احلركننة اإلسننالمية ليسننت معركننة
أسننل ة وخيننل ورجننال وع نندة وعتنناد ،وتنندبري حننريب ف س ننب ..فهننذه العرك ننة ا زئي ننة ليس ننت
منعزلة عنن العركة الكربى ف عنا ال نمري ،وعنا التنظنيم االجتمعني للهمعنة السنلمة ..إ نا
ذات ارتباي و يق بصفاء ذلي ال مري ،وخلوصه ،ويرده ،وحترره من الوهاد والقيود التني
تطمس عىل افافيته ،وتقعد به دون الفرار إ الل وكذلي هني ذات ارتبناي و ينق بالوضناع
التنظيمية التي تقوم عليها حياة ا معة السلمة ،وفق منهج الل القويم .النهج الذي يقوم عىل
الشورى ف احلياة كلها -ال ف نظام احلكم وحده -وعىل النظنام التعناوين ال النظنام الربنوي.
والتعاون والربا ال جيتمعان ف نظام !
41
والقننرآن كننان يعننالج ا معننة السننلمة ،عننىل إ ننر معركننة تكننن -كننم قلنننا -معركننة ف مينندان
القت ننال وح ننده .إن ننم كان ننت معرك ننة ف الي نندان الك ننرب .مي نندان ال نننفس البش ن ننرية ،ومي نندان احلي نناة
الواقع ينة ..ومنن نم عننر عنىل الربنا فنهننى عننه؛ وعنر عنىل اإلنفنناد ف السننراء وال ننراء ف ن
عليه؛ وعر عىل طاعة الل ورسوله فهعلها مناي الررة؛ وعر عنىل كظنم الغنيظ والعفنو عنن
الننناس ،وع ننىل اإلحسننان والتطه ننر م ننن اخلطيئننة باالس ننتغفار ،والتوبننة وع نندم اإلرصا ر؛ فهعله ننا
كلهننا من نناي الرض ننوان .ك ننم ع ننر عننىل رر ننة الل التمثل ننة ف رر ننة الرس ننول ☻
ولنني قلبننه للننناس .وعننىل مبنندأ الشننورى وتقريننره ف أحننر الوقننات .وعننىل المانننة التنني متنننع
الغلول .وعىل البذل والت ذير من البخل ف اية ما نزل ف التعقيب عىل الغزوة من آيات ..
ع ننر ع ننىل ه ننذا كل ننه .ل ننه م ننادة إع ننداد ا معن نة الس ننلمة للمعرك ننة ف نطاقه ننا الوا س ننع؛ ال ننذي
يت ننمن العركننة احلربيننة ف إطنناره وال يقتص ن ر عليهننا .معركننة التعبئننة الكاملننة لالنتصننار الكبننري.
االنتصننار عننىل النننفس والشننهوات والطننامع والحقنناد ،واالنتصننار ف تقريننر القننيم والوضنناع
السليمة حلياة ا معة الشاملة .
وعر عىل هذا ك له ليشري إ وحدة هذه العقيدة ف مواجهة الكينوننة البشننرية ونشناطها كلنه.
ورده كلننه إ حمننور واحنند :حمننور العبننادة لل ،والعبوديننة لننه ،والتوجننه إليننه ف حساسننية وتقننوى.
وإ وح نندة م نننهج الل ف ا يمن ننة ع ننىل الكينون ننة البشن ننرية كله ننا ،ف ك ننل ح ننال م ننن أحوا ننا .وإ
الن ننةابط بن نني ج ين ننع هن ننذه الح ننوال ف ظن ننل هن ننذا الن نننهج .وإ وحن نندة النتن ننائج النهائين ننة للنشن نناي
اإلنساين كله ،وتأ ري كنل حركنة منن حركنات الننفس ،وكنل جزئينة منن جزئينات التنظنيم ف هنذه
النتائج النهائية .
42
وإذن فه ننذه التوجيه ننات الش نناملة ليس ننت بمع ننزل ع ننن العرك ننة .ف ننالنفس ال تنتص ننر ف العرك ننة
احلربيننة إال حنني تنتصننر ف العننارك الشننعورية والخالقيننة والنظاميننة ،والننذين تولننوا يننوم التقننى
مننا كسننبوا مننن الننذنوب .والننذين انتص ننروا ف ا معننان ف "أحنند" :إنننم اسننتز م الشننيطان بننبع
معننارك العقينندة وراء أ بيننائهم هننم الننذين بنندأوا العركننة باالسننتغفار مننن الننذنوب ،وااللتهنناء إ
الل ،وا اللتصاد بركنه الركي .والتطهنر منن النذنوب إذن وااللتصناد بنالل ،والرجنوع إ كنفنه
منن عندة النصننر ،وليسنت بمعننزل عنن الينندان وإطنرا النظننام الربنوي إ النظننام التعناوين مننن
عنندة النص ننر؛ والهتمننع التعنناوين أقننرب إ النص ننر مننن الهتمننع الربننوي .وكظننم الغننيظ والعفننو
عن الناس من عدة النصنر ،فالسنيطرة عنىل الننفس قنوة منن قنوى العركنة ،والت نامن والتنواد ف
الهتمع التسامح قوة ذات فاعلية كذلي .
ايتننه ..حقيقننة قنندر الل .ورد كننذلي كننان مننن احلقننائق التنني اتكننأ عليهننا السننياد مننن بدئننه إ
المننر إليننه جلننة .وتص ن يح التصننور ف هننذه النقطننة تص ن ي ا حاسننم جازمننا .وف الوقننت ذاتننه
تقري ننر س نننة الل ف ترتي ننب العوا ق ننب الت نني حت ننل بالبش ن ن ر ع ننىل م ننا يص نندر م ننن س ننعيهم ونش نناطهم،
وخطئهم وإصابتهم ،وطاعتهم ومعصيتهم ،ومتسكهم بالنهج وتفريطهم فيه .واعتبارهم بعد
هذا كله ستارا للقدرة ،وأداة للمشيئة ،وقدرا من قدر الل حيقق به ما يشاء سب انه .
ننم ..ف النهايننة ..إاننعار ا معننة السننلمة أن لننيس ننا مننن أمننر النصننر يشء .إنننم هننو تنندبري الل
لتنفيننذ قنندره ،مننن خننالل جهادهننا .وأجرهننا هنني عننىل الل .ولننيس ننا مننن ننمر النص ننر يشء مننن
أا ننياء ه ننذه الرض .وال حلس نناذا اخل نناص يةتيه ننا الل النص ننر إذ يش نناء .إن ننم حلس نناب اله نندا
العل يا التي يشا ها الل .وكذلي ا زيمة .فإ ا حي تقع بناء عىل جرينان سننة الل ،وفنق منا يقنع
من ا معة السلمة من تقصري وتفنريط ،إننم تقنع لت قينق غاينات يقندرها الل ب كمتنه وعلمنه؛
43
لتم نيص النفنوس ،ومتيينز الصنفو ،ويلينة احلقننائق ،وإقنرار القنيم ،وإقامنة النوازين ،وجننالء
السنن للمستبرصين ..
أو االقتصننادي؛ مننا لننم وال قيمننة وال وزن ف نظننر اإلسننالم لالنتصننار العسننكري أو السننيا
يقنم هنذا كلنه عنىل أسناس الننهج الربناين ،ف االنتصنار عنىل الننفس ،والغلبنة عنىل ا نوى ،والفننوز
عننىل الشننهوة .وتقريننر احلننق الننذي أراده الل ف حينناة الننناس .ليكننون كننل نص نر نص نرا لل ولنننهج
الل .وليكننون كننل جهنند ف سننبيل الل ومنننهج الل .وإال فهنني جاهليننة تنتص ننر عننىل جاهليننة .وال
خري فيها لل ياة وال للبشنرية .إنم اخلري أن ترتفع راية احلق لذات احلق .واحلق واحد ال يتعدد.
إنننه منننهج الل وحننده .وال حننق ف هننذا الكننون غننريه .وانتصنناره ال يننتم حتننى يننتم أوال ف مينندان
النننفس البشننرية .وف نظننام احلينناة الواقعيننة .وحنني لننص النننفس مننن حننظ ذاوننا ف ذاوننا ،ومننن
مطامعه ننا وان ننهواوا ،وم ننن أدرا ن ننا وأحقادهن ننا ،وم ننن قيودهن ننا وأص ننفادها .وحن نني تفن ننر إ الل
مت ررة من هذه ال قال والوهاد .وحي تنسلخ من قووا ومن وسائلها ومن أسباذا ،لتكل
المننر كلننه إ الل ،بعنند الوفنناء بواجبهننا مننن ا هنند واحلركننة .وحنني حتكننم منننهج الل ف الم ننر
كله ،وتعد هنذا الت كنيم هنو غاينة جهادهنا وانتصنارها .حني ينتم هنذا كلنه حيتسنب االنتصنار ف
العركة احلربية أو السياسية أو االقتصادية انتصارا -ف مينزان الل -وإال فهنو انتصنار ا اهلينة
عىل ا اهلية ،الذي ال وزن له عند الل وال قيمة !
ومنن نم كنان ذلني االزدوا ،وكنان ذلني الشنمول ،ف التعقينب عنىل العركنة التني دارت ينوم
أحد ،ف ذلي اليدان الفسيح ،الذي يعد ميدان القتال جانبا واحدا من جوانبه الكثرية .
***
44
وقب ننل أن نأخ ننذ ف اس ننتعراض ذل نني ال تعقي ننب الق ننرآين ع ننىل أح نندا العرك ننة حيس ننن أن من نوجز
أحنندا غننزوة أحنند نلخننص وقائعهننا كننم وردت ف روايننات السننرية؛ لننندرك موا ضننع التعقيننب
والتوجي ننه ح ننق اإلدراك ،ولنرا ق ننب طريقن ننة الةبي ننة اإل ي ننة بن ننالقرآن الك ننريم ،ف تن نناول الوقن ننائع
والحدا :
كن ننان السن ننلمون قن نند انتص ن ننروا ف بن نندر ،ذلن نني االنتصن ننار الكامن ننل ،الن ننذي تبن نندو فين ننه -ف ظن ننل
الظ ننرو الت نني وق ننع فيه ننا -رائ ننة العهن ن زة .وق نند قت ننل الل بأخم نندهيم أئم ننة الكف ننر ورءوس ننه من نن
أبننو سننفيان بننن حننرب -بعنند ذهنناب أرشافهننم ف بنندر -فأخننذ يةلننب قننري .فننرأس ف قننري
قند نهنت فلنم تقنع ف أخمندي عىل السلمي لخذ الثأر .وكانت القافلة التي حتمنل متناجر قنري
السلمي؛ فتلمر الشنركون عىل رصد ما فيها من أموال حلرب السلمي .
وأحالفهنم والحنابي ( )1وخنر ذنم ف وقد جع أبو سفيان قريبا من ال ة آال من قري
اوال من السنة الثالثة للههرة؛ وجاءوا معهم بنسائهم لي اموا عنهن وال يفروا .نم أقبنل ذنم
ن و الدينة ،فنزل قريبا من جبل أحد .
واستشن ننار رسن ننول الل ☻ أص ن ن ابه :أان ننر إلن ننيهم ،أم يمكن ننث ف الدينن ننة ؟
وكان رأخمه أال ارجوا من الدينة ،وأن يت صننوا ذنا؛ فنإن دخلوهنا قناتلهم السنلمون عنىل أفنواه
الزقنة ،والنسناء منن فنود البينوت( )2ووافقنه عنىل هنذا النرأي عبند الل بنن أيب [ رأس الننافقي ]
فبادرت جاعة كبرية من الص ابة -ومعظمهم من الشبان ان فناوم ينوم بندر -فأاناروا علينه
ب ن نناخلرو وأحلن ننوا علي ن ننه ف ذل ن نني .حت ن ننى ب ن نندا أن ه ن ننذا ه ن ننو ال ن ننرأي الس ن ننائد ف ا مع ن ننة .ف ن نننه
( )1هم من األعراب .وقد سموا كذلك لتحالفهم إلى جوار مكان يقال له :األحبش.
( )2اعتمدنا في تقرير أن هذا كان رأي النبي ☻ على ما قرره اإلمام ابن قيم الجوزرية في كتابه" :زاد
المعاد"
45
☻ ودخن ننل بيت ن ننه -بي ن ننت عائش ن ننة -رن الل عنه ن ننا -ول ن ننبس لمت ن ننه ،وخ ن ننر
عليهم ،وقد انثنى عزم أوئلني .وقنالوا :أكرهننا رسنول الل ☻ عنىل اخلنرو
فق ن ن ن ن ننالوا :ي ن ن ن ن ننا رسن ن ن ن ننول الل ،إن أحبب ن ن ن ن ننت أن متك ن ن ن ن ننث ف الدين ن ن ن ن ننة فافع ن ن ن ن ننل .فق ن ن ن ن ننال رسن ن ن ن ننول الل
☻ " من ننا ينبغن نني لنبن نني إذا لن ننبس لمتن ننه أن ي ن ننعها حتن ننى حيكن ننم الل بينن ننه وبن نني
عدوه" ..وأفقى عليهم بذلي درسنا نبوينا عالينا؛ فللشنورى وقتهنا حتنى إذا انتهنت جناء وقنت
العزم وال ني والتوكل عىل الل .و يعند هنناك جمنال للنةدد ،وإعنادة الشنورى والتنأرجح بني
ايراء ..إنم متيض المور لغاياوا ويفعل الل بعد ذلي ما يشاء ..
وكن ننان رس ننول الل ☻ قن نند رأى ف منامن ننه :أن ف سن ننيفه لمن ننة ،ورأى أن بقن ننرا
تننذبح ،وأ ننه أدخننل يننده ف درع حصننينة ..فتننأول الثلمننة ف سننيفه برجننل يصنناب مننن أهننل بيتننه.
وتنأول البقنر بنفنر منن أصن ابه يقتلنون .وتنأول الندرع بالديننة ..وكنان إذن ينرى عاقبنة العركنة.
ولكنه ف الوقت ذاته كان يم ني نظام الشورى ،ونظام احلركة بعد الشورى ..لقند كنان ينريب
عننه الحندا ..نم لقند كنان أمة .والمم تريب بالحدا ،وبرصنيد التهنارب النذي تنتمخ
يم نني ق نندر الل ،ال ننذي تس ننتقر علي ننه مش نناعره ،ويس ننتقر علي ننه قلب ننه ،فيم نني وف ننق موا ق ننع ه ننذا
القدر ،كم حيسها ف قلبه الوصول ..
وخننر رسننول الل ☻ ف أفننف مننن أص ن ابه ،واسننتعمل ابننن أم مكتننوم عننىل
الصننالة بمننن بقنني ف الدينننة ،فلننم صننار بنني الدينننة وأحنند ،انعننزل رأس النفنناد :عبنند الل بننن أيب
بن ننو لننث العسننكر .وقننال :اننالفني ويسننمع للفتيننة فتننبعهم عبنند الل بننن عمننرو بننن حننرام -
والنند جننابر بننن عبنند الل -رن الل عنننهم -يننوبخهم وحي ننهم عننىل الرجننوع .ويقننول :تعننالوا
قاتلوا ف سبيل الل ،أو ادفعوا .قالوا :لو نعلم أ كم تقاتلون نرجع فرجع عنهم وسبهم .
46
وس ن ننأفه ق ن ننوم م ن ننن ال ص ن ننار أن يس ن ننتعينوا ب لف ن ننائهم م ن ننن هي ن ننود ..ف ن ننأبى ☻
فالعركة هي معركنة اإلينمن والكفنر فنم ليهنود ذنا ؟ والنصننر منن عنند الل -حني يصنح التوكنل
عليه وتتهرد القلوب له -وقال ":من رجل ار بنا عىل القوم منن كثنب ؟ " فخنر بنه بعن
ال صار حتى نزل الشعب من أحد ف عدوة النوادي ،وجعنل ظهنره إ أحند ،و نى النناس عنن
القتال حتى يأمرهم .
فل ننم أص ننبح تعب ننأ للقت ننال ف س ننبعمئة ،ف ننيهم لس ننون فارس ننا ،واس ننتعمل ع ننىل الرم نناة -وك ننانوا
لسي -عبد الل ابن جبري ،وأمره وأص ابه أن يلزموا مركزهم ،وأال يفارقوه ولنو رأوا الطنري
تتخط ننف العس ننكر .وك ننانوا خل ننف ا نني .وأم ننرهم أن ين ن ن وا الشن ننركي بالنب ننل ل ننئال ي ننأاوا
السلمي من ورائهم .
وظن نناهر رسن ننول الل ☻ بن نني درعن نني .وأعطن ننى اللن ننواء مصن ننعب بن ننن عمن ننري.
وجعننل عننىل إحنندى الهنبتنني الننزبري بننن العننوام ،وعننىل الخننرى النننذر بننن عمننرو .واسننتعرض
الشبان يومئذ ،فرد من استصغره عن القتال .وكنان مننهم عبند الل بنن عمنرو ،وأسنامة بنن زيند،
وأس ننيد ب ننن ظه ننري ،وال ننرباء ب ننن ع ننازب ،وزي نند اب ننن أرق ننم ،وزي نند ب ننن اب ننت ،وعرا ب ننة ب ننن أوس،
وعمرو بن حزام .وأجاز من رآه مطيقا .وكان منهم سنمرة بنن جنندب ،ورافنع بنن خنديج و نم
لس عرشة سنة !
للقتنال وهنم ف ال نة آال .وفنيهم مائتنا فنارس .فهعلنوا عنىل ميمننتهم خالند وتعبأت قنري
بن الوليد ،وعىل الياة عكرمة بن أيب جهل .
ودفننع رسننول الل ☻ سننيفه إ أيب دجانننة سننمك بننن خراننة .وكننان اننهاعا
بطال اتال عند احلرب .
47
وكان أول من بدر من الشنركي أبو عامر الفاسق .وكان يسنمى "الرا هنب" فسنمه رسنول الل
☻ "الفاسننق" .وكننان رأس الوس ف ا اهليننة .فلننم جنناء اإلسننالم رشد بننه،
ينةلبهم وجاهر رسول الل ☻ بالعداوة ،فخر من الدينة ،وذهب إ قنري
عنىل رسننول الل ☻ وحي ننهم عنىل قتالننه .ووعنندهم بنأن قومننه إذا رأوه أطنناعوه
ومالوا معه .فكان أول من لقي السنلمي .فننادى قومنه ،وتعنر إلنيهم .فقنالوا لنه :ال أ عنم الل
بي عينا يا فاسق فقال :لقد أصاب قومي بعدي رش م قاتل السلمي قتاال اديدا .
ولا نشب القتال أبنىل أبنو دجاننة ال صناري بنالء حسننا .هنو وطل نة بنن عبيند الل ،ورنزة بنن
بن أ س ،وسعد بن الربيع .. عبد الطلب ،وعيل بن أيب طالب ،والن
وكانن ننت الدول ن ننة أول النه ن ننار للمس ن ننلمي عن ننىل الكف ن ننار؛ حي ن ننث قت ن ننل من ننن ه ن ننةالء س ن ننبعون م ن ننن
صنناديدهم .وا نزم أعننداء الل وولنوا منندبرين .حتنى انتهننوا إ نسنائهم .وحتننى انمرت النسنناء
ياذن عن أرجلهن هاربات !
فلن ننم رأى الرمن نناة هزيمن ننة الش ن ننركي وانكشن ننافهم ،تركن ننوا مرا كن ننزهم التن نني أمن ننرهم رسن ننول الل
☻ أال يربحوهننا .وقننالوا :يننا قننوم ،الغنيمننة الغنيمننة فننذكرهم أمننريهم عهنند
رسننول الل ☻ فلننم يسننمعوا ،وظنننوا أن لننيس للمرشننكي رجعننة فننذهبوا ف
طلب الغنيمة ،وأخلوا الثغر ف أحد !
عندئنذ أدركهننا خالند ،فكننر ف خيننل الشننركي فوجنندوا الثغنر خاليننا فنناحتلوه منن خلننف ظهننور
الس ننلمي .وأقب ننل النهزم ننون م ننن الشن ننركي ح نني رأوا خال نندا والفرس ننان ق نند عل ننوا الس ننلمي،
فأحاطوا ذم !
48
وانقلبننت العركننة ،فنندارت النندائرة عننىل السننلمي ،ووقننع ا ننر والننر ف الصننف ،واسننتو
االضنطراب والنذعر ،ننول الفاجنأة التنني يتوقعهنا أحند .وكثننر القتنل واستشننهد منن السننلمي
من كتب الل لنه الشنهادة .وخلنص الشننركون إ رسنول الل ☻ وقند أفنرد إال
مننن نفننر يعنندون عننىل الصننابع ق نناتلوا عنننه حتننى قتلننوا .وقنند جننر وجه ننه ☻
وكات سنه الرباعية اليمنى ف الفي السفل .وهشمت البي ة عىل رأسنه .ورمناه الشننركون
باحلهننارة حتننى وقننع نبننه ،وسننقط ف حفننرة مننن احلفننر التنني كننان أبننو عننامر الفاسننق قنند حفرهننا
وغطاها يكيد ذا السلمي .وغاصت حلقتان من حلق الغفر ف وجنته .
وف وسننط هننذا ا ننول ال ننيط بالسننلمي صننا صننائح :أن حممنند قتننل ..فكانننت الطامننة التنني
هنندت مننا بقنني مننن قننواهم ،فننانقلبوا عننىل أعقنناذم مهننزومي هزيمننة منكننرة ال حينناولون قتنناال ،اننا
أصاذم من اليأس والكالل !
ولنا ا نزم الننناس ينهنزم أ نس بننن الن ن ر ؓ وقنند انتهنى إ عمنر بننن اخلطناب وطل ننة
بن عبيد الل ف رجال من الهاجرين وال صار قد أفقوا بأخمندهيم فقنال :منا جيلسنكم ؟ فقنالوا:
قتننل رسننول الل ☻ فقننال :فننم تصنننعون باحلينناة بعننده ؟ فقومننوا فموتننوا عننىل مننا
مات علينه رسنول الل ☻ نم اسنتقبل الشننركي ولقني سنعد بنن معناذ فقنال :ينا
سننعد واهننا لننريح ا نننة إين أجنندها مننن دون أحنند فقاتننل حتننى قتننل ..ووجنند بننه ب ننع وسننبعون
ربة .و تعرفه إال أخته .عرفته ببنانه ..
وأقب ننل رس ننول الل ☻ ن ننو الس ننلمي .وك ننان أول م ننن عرف ننه حتن نت الغف ننر،
كع ن ننب بن ن ننن مالن ن نني .فصن ن ننا بن ن ننأعىل صن ن ننوته :ي ن ننا معش ن ن ننر السن ن ننلمي .أبشن ن ن نروا .هن ن ننذا رس ن ننول الل
ن ننوا معن ن ننه إ ☻ فأان ن ننار بين ن ننده :أن اسن ن ننكت .واجتمن ن ننع إلين ن ننه السن ن ننلمون .و
49
الشعب .وفيهم أبو بكر وعمنر واحلنار بنن الصنمة ال صناري وغنريهم ..فلنم امتندوا صنعودا
ف ا بننل أدرك رسننول الل ☻ أيب بننن خلننف عننىل جننواد لننه اسننمه العننود .كننان
يطعم ننه ف مك ننة ويق ننول :أقت ننل علي ننه حمم نندا .فل ننم س ننمع ب ننذلي رس ننول الل ☻
ق ننال :ب ننل أ ننا أقتل ننه إن ا نناء الل ..فل ننم أدرك ننه تن نناول ☻ احلرب ننة م ننن احل ننار
وطعن ذنا عندو الل ف ترقوتنه .فنذهب انور كنالثور .وقند أخمقنن أ نه مقتنول .كنم قنال رسنول الل
☻ من قبل ومات بالفعل ف طريق عودته !
وأرش أبو سفيان عىل ا بل فنادى :أفيكم حممد ؟ فقنال رسنول الل ☻ ال
ييبوه .فقال :أفيكم ابن أيب ق افة ؟ فلم جييبوه .فقال :أفيكم عمنر بنن اخلطناب ؟ فلنم جييبنوه.
و يسننأل إال عننن هننةالء الثال ننة .فقننال :ناطبننا قومننه :أمننا هننةالء فقنند كفيتم نوهم .فلننم يملنني
عم ننر ؓ نفس ننه أن ق ننال :ي ننا ع نندو الل .إن ال ننذين ذك ننروم أحي نناء .وق نند أبق ننى الل ل نني م ننا
يسو ك فقال :قد كان ف القوم مثلة ،آمر ذا و تسةين [ يشري بنذلي إ منا صننعته زوجنه
هند بهثمن رزة ؓ بعد أن قتله وحجن .حني بقنرت بطننه ،واسنتخرجت كبنده .فالكتهنا
م لفظتها ]
ننم قننال :هاعننل هبننل فقننال رسننول الل ☻ أال ييبونننه ؟ قننالوا :بننمذا نهيبننه ؟
ق ن ن ن ننال :قول ن ن ننوا :الل أع ن ن ن ننىل وأج ن ن ننل .ق ن ن ن ننال :لن ن ن ن ننا الع ن ن ن ننزى وال ع ن ن ن ننزى لك ن ن ن ننم ق ن ن ن ننال رسن ن ن ننول الل
☻ أال ييبوننه ؟ قنالوا :بنمذا نهيبنه ؟ قنال :قولنوا :الل موالننا وال منو لكنم..
قنال أبنو سنفيان :يننوم بينوم بندر واحلننرب سنهال .فقنال عمننر ؓ :ال سنواء .قتالننا ف ا نننة
وقتالكم ف النار .
50
ولا انق ت العركة انرص الشنركون ،فظن السلمون أ م قصندوا الديننة لسنبي النذراري
وإح ن ن ن ننراز الم ن ن ننوال .فش ن ن ن ننق ذل ن ن ن نني عل ن ن ن ننيهم .فق ن ن ن ننال النب ن ن ن نني ☻ لع ن ن ن ننيل ب ن ن ن ننن أيب
طالننب ؓ " أخننر ف آ ننار القننوم ،فننانظر منناذا يصنننعون ،ومنناذا يرينندون .فننإن هننم جنبننوا
اخلينل وامتطنوا اإلبنل فنإ م يريندون مكنة .وإن كنانوا ركبنوا اخلينل وسناقوا اإلبنل فنإ م يرينندون
الدينة .فوالذي نفيس بيده لو أرادوها لسرين إليهم م ل اجزهم فيها "..
نيل :فخرجننت ف آ ننارهم أ ظننر منناذا يصنننعون .فهنبننوا اخليننل وامتطننوا اإلبننل ،ووجهننوا
قننال عن م
مكة .
الطري ننق تالوم ننوا ف ننيم بي نننهم ،وق ننال بع ننهم :تص نننعوا ا ننيئا ،أص ننبتم فل ننم ك ننانوا ف بع ن ن
ا ننوكتهم وحن نندهم ،ن ننم تركتمن ننوهم وقن نند بقن نني من نننهم ر وس جيمعن ننون لكن ننم .فن ننارجعوا حتن ننى
نستأصننل ا ننأفتهم ..فبل ننغ ذل نني رسننول الل ☻ فن ننادى ف الن نناس ،ون نندذم إ
السننري إ لقنناء عنندوهم وقننال ":ال اننر معنننا إال مننن اننهد القتننال " .فقننال لننه عبنند الل بننن أيب:
أركننب معنني .قننال ":ال " .فاسننتهاب لننه السننلمون عننىل مننا ذننم مننن ا ننر الشننديد واخلننو ؛
وقننالوا :سننمعا وطاعننة .وأسننتأذنه جننابر بننن عبنند الل .وقننال :يننا رسننول الل إين أحننب أال تشننهد
مشهدا إال كنت معي ،وإنم خلفني أيب عىل بناته يوم أحد ،فأذن يل أسري معي ،فنأذن لنه ،فسنار
رسنول الل ☻ والسنلمون معنه حتنى بلغنوا رنراء السند؛ وأقبنل معبند بنن أيب
معبد اخلزاعي إ رسول الل ☻ فأمره أن يل نق بنأيب سنفيان فيخذلنه ،فل قنه
بالروحنناء ،و يعلننم بإسننالمه ،فقننال :ومننا وراءك يننا معبنند ؟ فقننال :حممنند وأص ن ابه قنند حترقننوا
علننيكم ،وخرجننوا ف جننع ارجننوا ف مثلننه ،وقنند ننندم مننن كننان لننف عنننهم مننن أص ن اذم.
وراء ه ننذه الكم ننة فق ننال أب ننو فق ننال :م ننا تق ننول ؟ فق ننال :م ننا أرى أن ترحت ننل حت ننى يطل ننع ا نني
51
سنفيان :والل لقنند أجعننا الكننرة علنيهم لنستأصننلهم .قنال :فننال تفعنل فننإين لني ناصننح فرجعننوا
عىل أعقاذم إ مكة .
الش ننركي يري نندون الدين ننة؛ فق ننال :ه ننل ل نني أن تبل ننغ حمم نندا رس ننالة، ولق نني أب ننو س ننفيان بع ن
وأوقننر لنني راحلتنني زبيبننا إذا أايننت إ مكننة ؟ قننال :نعننم .قننال :أبلننغ حممنندا أ ننا قنند جعنننا الكننرة
لنستأصله ونستأصل أص ابه .فلم بلغهم قوله قالوا :حسنبنا الل ونعنم الوكينل .و يفنت ذلني
ف ع نندهم .وأقنناموا ال ننة أخمننام ينتظننرون .ننم عرفننوا أن الش ننركي أبعنندوا ف طننريقهم إ مكننة
منرصفي .فعادوا إ الدينة ..
***
وبعد فإن هذا اللخص لحدا الغزوة ال يصور كل جوانبها ،وال يسهل كل ما وقنع فيهنا،
الوق ننائع الوحي ننة ،تكمل ننة لرس ننم ا ننو ا ننا ه ننو موض ننع الث ننل والع ننربة ..وم ننن ننم ن ننذكر بع ن ن
واست يائه :
كننان عمننرو ابننن قميئننة مننن الش ننركي الننذين خلصننوا إ رسننول الل ☻ حنني
أفننرد ف فننةة اضننطراب العركننة ،عقننب ننيل الرمنناة عننن أمنناكنهم ،وإحاطننة الكفننار بالسننلمي،
والصي ة بأن حممدا قتل ،وما صنعته ف صفو السلمي وعزائمهم .
فيهنا احللنيم كاننت أم عنمرة نسنيبة بننت كعنب الازنينة تقاتنل عننن وف هنذه ا لغمنرة التني يطني
رس ننول الل ☻ قت نناال ا ننديدا .وق نند رب ننت عم ننر ب ننن قميئ ننة بس ننيفها رب ننات
عدة ،ولكن وقته درعان كانتا عليه .ورذا هو بالسيف فهرحها جرحا اديدا عىل عاتقها ..
52
وكن ننان أبن ننو دجانن ننة ين ننةس بظهن ننره عن ننىل النبن نني ☻ والنبن ننل يقن ننع فين ننه ،وهن ننو ال
يت رك ،وال يكشف رسول الل ☻ .
وك ننان طل ن ننة بن ننن عبين نند الل يث ننوب رسيعن ننا إ رسن ننول الل ☻ ويقن ننف دونن ننه
وحنده ،حتننى يص ن رع ..ف صن يح ابنن حبننان عنن عائشننة قالنت :قننال أبنو بكننر الصنديق :لننا كننان
يننوم أحنند ،انص نر الننناس كلهننم عننن النبنني ☻ فكنننت أول مننن فنناء إ النبنني
☻ فرأ خمننت بنني يديننه رجننال يقاتننل عنننه وحيميننه .قلننت :كننن طل ننة فننداك أيب
وأمنني كننن طل ننة فننداك أيب وأمنني فلننم أ شننب أن أدركننني أبننو عبينندة بننن ا ننرا .وإذا هننو
يشن ننتد كأ ن ننه طن ننري ،حتن ننى حلقنن نني ،فن نندفعنا إ النبن نني ☻ فن ننإذا طل ن ننة بن نني يدي ن ننه
رصيعننا .فقننال البش نر ":دونكننم أخنناكم فقنند أوجننب " .وقنند رمنني النبنني ☻ ف
وجنت ن ن ننه ،حت ن ن ننى غاب ن ن ننت حلق ن ن ننة م ن ن ننن حل ن ن ننق الغف ن ن ننر ف وجنت ن ن ننه .ف ن ن ننذهبت ل زعه ن ن ننا ع ن ن ننن النب ن ن نني
☻ فقال أبو عبيدة :نشدتي الل ينا أبنا بكنر إال تركتنني قنال :فأخنذ أبنو عبيندة
السهم بفيه ،فهعل ين ن نه كرا هنة أن ينةذي رسنول الل ☻ نم اسنتل السنهم
بفيننه ،فننندرت نيننة أيب عبينندة .قننال أبنو بكننر :ننم ذهبننت يخننذ ايخننر ،فقننال أبننو عبينندة :نشنندتي
الل يننا أبننا بكننر إال تركتننني قننال :فأخننذه ،فهعننل ين ن ننه حتننى اسننتله ،فننندرت نيننة أيب عبينندة
الخنرى ..نم قننال رسنول الل ☻" دونكننم أخناكم فقند أوجننب " قنال :فأقبلنننا
عىل طل ة نعا ه .وقد أصابته ب ع عرشة ربة .
نيل -ك ن نرم الل وجه ننه -بال نناء لغس ننل ج ننر رس ننول الل ☻ فك ننان
وج نناء ع ن م
يص ننب ال نناء ع ننىل ا ننر ،وفاطم ننة -رن الل عنه ننا -تغس ننله .فل ننم رأت أن ال نندم ال يك ننف،
أخذت قطعة من حصري ،فأحرقتها ،فأفصقتها با ر فاستمسي الدم .
53
وقنند مننص مالنني والنند أيب سننعيد اخلنندري جننر رسننول الل ☻ حتننى أ قنناه.
فقال له" :جمه" فقال :والل ال أجمنه أبندا نم ذهنب ،فقنال النبني ☻ ":منن أراد
أن ينظر إ رجل من أهل ا نة فلينظر إ هذا "..
وف ص يح مسلم أ نه ☻ أفنرد ينوم أحند ف سنبعة منن ال صنار ورجلني منن
قري .فلم رهقوه قال ":من يردهم عني ولنه ا ننة ؟ " فتقندم رجنل منن ال صنار ،فقاتنل حتنى
قتل .م رهقوه فقال ":من يردهم عني فله ا نة وهو رفيقي ف ا نة " ..فلم يزل كنذلي حتنى
قتل السبعة .فقال رسول الل ☻ " ما انصفنا أص ابنا " ..م جالندهم طل نة
حتى أجه هم عنه .وترس عليه أبو دجانة بظهره كم أسنلفنا ،حتنى انهلنت الكربنة ..وقند بلنغ
اإلعي نناء برس ننول الل ☻ أ ننه وه ننو يص ننعد ا ب ننل والشن ننركون يتبعون ننه أراد أن
يعلو صخرة فلم يستطع لا به ،فهلس طل ة حتته حتنى صنعدها .وحاننت الصنالة .فصنىل ذنم
جالسا .
إن حنظلة ال صاري [ اللقب ب نظلة الغسيل ] اد عىل أيب سفيان ،فلنم متكنن مننه رنل عنىل
حنظلة اداد ابن ا لسود فقتله .وكنان جنبنا .فإننه لنا سنمع صني ة احلنرب وهنو منع امرأ انه ،قنام
مننن ف ننوره إ ا ه نناد .ف ننأخرب رسننول الل ☻ أص ن ابه أن الالئك ننة تغس ننله .ننم
قال :سلوا أهله ما اأ ه ؟ فسأفوا امرأاه ،فأخربوم اخلرب !
وقال زيد بن ابنت :بعثنني رسنول الل ☻ ينوم أحند أطلنب سنعد بنن الربينع.
ق ننال :فهعل ننت أط ننو ب نني الق ننتىل ،فأايت ننه وه ننو ب ننلخر رم ننق ،وب ننه س ننبعون رب ننة ،م ننا ب نني طعن ننة
برمح ،وربة بسيف ،ورمية بسهم .فقلت :ينا سنعد .إن رسنول الل ☻ يقنرأ
54
عليي السالم ،ويقول لي :أخربين كيف يدك ؟ فقنال :وعنىل رسنول الل ☻
السالم .قنل لنه :ينا رسنول الل أجند رينح ا ننة .وقنل لقنومي ال صنار :ال عنذر لكنم عنند الل إن
خلص إ رسول الل ☻ وفيكم عي تطر ..وفاضت نفسه من وقته .
ومر رجل من الهاجرين برجل من ال صار ،وهو يتشن ط ف دمنه ،فقنال :ينا فنالن .أانعرت
أن حممدا قد قتل ؟ فقال ال صاري :إن كان حممد قد قتل فقد بلغ ،فقاتلوا عن دينكم .
وقال عبد الل بن عمنرو بنن حنرام :رأخمنت ف الننوم ،قبنل أحند ،مبش نر بنن عبند الننذر يقنول يل:
أ ت قادم علينا ف أخمام .فقلت .وأخمن أ ت ؟ فقال :ف ا نة ،نا فيها حيث نشاء .قلنت لنه أ
تقتن ننل ين ننوم ب ن نندر ؟ فق ن ننال :ب ن ننىل .ن ننم أحيي ن ننت .ف ن ننذكرت ذل ن نني لرس ن ننول الل ☻
فقال":هذه الشهادة يا أبا جابر "..
وق ننال خيثم ننة -وك ننان ابن ننه ق نند استش ننهد م ننع رس ننول الل ☻ ي ننوم ب نندر :لق نند
أخطأاني وقعة بدر ،وكنت والل عليها حريصا ،حتى سامهت ابني ف اخلرو ،فخر سنهمه،
فن ننرزد الشن ننهادة .وقن نند رأخمن ننت البارحن ننة ابنن نني ف النن ننوم ف أحسن ننن صن ننورة ،يسن ن نر ف ن ننمر ا نن ننة
وأ ارهننا يق ننول :احل ننق بنننا ترافقن ننا ف ا ن ننة ،فقنند وج نندت م ننا وعنندين ريب حق ننا .وق نند -والل ي ننا
رسنول الل -أصننب ت مشنتاقا إ مرافقتننه ف ا ننة .وقنند كنربت سننني ،ورد عظمني ،وأحببننت
لقناء ريب .فننادع الل يننا رسننول الل أن يرزقننني الشننهادة ،ومرافقننة سننعد ف ا نننة .فنندعا لننه رسننول
الل ☻ بذلي .فقتل بأحد اهيدا .
ف ذل ن نني الين ننوم :مهللا إين أقس ن ننم علي ن نني أن أفق ن نى الع ن نندو غ ن نندا، وق ن ننال عب ن نند الل ب ن ننن ج ن ن ن
فيقتلوين ،م يبقروا بطني ،وجيدعوا أ في وأذين .م تسأفني فيم ذلي ؟ فأقول :فيي !
55
وكان عمرو بن ا منو أعنر انديد العنر ،وكنان لنه أربعنة بنني انباب ،يغنزون منع رسنول
الل ☻ إذا غنزا .فلنم توجننه إ أحند أراد أن يتوجنه معننه ،فقنال لنه بنننوه :إن الل
قد جعل لي رخصة ،فلو قعدت ون ن نكفيي وقد وضع الل عني ا هناد .فنأاى عمنرو بنن
ا م ننو رس ننول الل ☻ فق ننال :ي ننا رس ننول الل .إن بن نني ه ننةالء يمنع ننونني أن
أخننر معنني .والل إين لرجننو أن استشننهد ،فأطننأ بعرجتنني هننذه ف ا نننة .فقننال لننه رسننول الل
☻ " أم ننا أ ننت فق نند وض ننع الل عن نني ا ه نناد " .وق ننال لبني ننه ":وم ننا عل ننيكم أن
تدعوه ؟ لعل الل عز وجل أن يرزقه الشهادة ؟ " ..فخنر منع رسنول الل ☻
فقتل يوم أحد اهيدا .
وف م ننطرب العركننة نظننر حذيفننة بننن الننيمن إ أبيننه والسننلمون يرينندون قتلننه ،ال يعرفونننه،
وهننم يظنون ننه م ننن الش ننركي .فقننال حذيف ننة :أي عب نناد الل ،أيب .فل ننم يفهمننوا قول ننه حت ننى قتل ننوه.
فقننال :يغفننر الل لكننم .فننأراد رسننول الل ☻ أن يننةدي ديتننه .فقننال حذيفننة :قنند
تصدقت بديته عىل السلمي .فزاد ذلي حذيفة خريا عند رسول الل .
وقال وحج غنالم جبنري بنن مطعنم يصنف مص نرع رنزة سنيد الشنهداء ف هنذه الغنزوة :قنال يل
جبنري :إن قتلننت رننزة عننم حممنند فأ ننت عتيننق .قننال :فخرجننت مننع الننناس .وكنننت رجننال حبشننيا،
أق ننذ باحلرب ننة ق ننذ احلبش ننة ،قل ننم أخط ن ن ذ ننا ا ننيئا .فل ننم التق ننى الن نناس خرج ننت أ ظ ننر رن ننزة
واتبصننره ،حتنى رأخمتنه كأ نه ا مننل الورد ،هيند النناس بسنيفه هنندا ،منا يقنوم لنه يشء .فننوالل إين
لويأ له أريده ،وأستة منه بشهرة أو ب هر ليندنو منني .إذ تقندمني إلينه سنباع بنن عبند العنزى،
فلننم رآه رننزة ربننه ربننة كننأ م اختطننف رأسننه ،فهننززت حربتنني حتننى إذا رضننيت عنهننا دفعتهننا
عليننه ،فوقعننت ف نتننه [ أحشننائه ] حتننى خرجننت مننن بنني رجليننه .وذهننب لينننوء ن ننوي فغلننب.
56
وتركتننه وإي اهننا حتننى مننات .ننم أايتننه فأخننذت حربتنني ورجعننت إ العسننكر ،فقعنندت فيننه .إذ
تكن يل بغريه حاجة .إنم قتلت لعتق ..
وقنند جنناءت هننند بنننت عتبننة زو أيب سننفيان ،فبقننرت بطننن رننزة ،وأخرجننت كبننده ،والكتهننا
فلم تقدر عليها .فأفقتها ..
ولنا وقننف رسننول الل ☻ بعنند العركننة عننىل جننثمن رننزة ؓ تننأ ر تننأ را
إيل
اننديدا .وقننال ☻ ":لننن أصنناب بمثلنني أبنندا .ومننا وقفننت قننط موقفننا أغننيظ م
من هذا " ..م قنال رسنول الل ☻ ":أكلنت انيئا ؟ " قنالوا :ال .قنال ":منا كنان
الل ليدخل ايئا من رزة ف النار "..
وقنند أمننر رسننول الل ☻ أن ينندفن اننهداء أحنند ف مصننارعهم ،وال ينقلننوا إ
الص ن ن ن ن ابة قن ن ن نند نقلن ن ن ننوا قن ن ن ننتالهم .فنن ن ن ننادى منن ن ن ننادي رس ن ن ننول الل مق ن ن نناب ر الدينن ن ن ننة .وكن ن ن ننان بع ن ن ن ن
☻ بنرد القننتىل إ مصننارعهم فننردوا .ووقنف -صننلوات الل وسننالمه عليننه -
يدفن الرجلي والثال ة ف الل د الواحد .وكان يسأل :أهيم أكثر أخذا ف القرآن ؟ فنإذا أاناروا
إ رجل قدمه ف الل ند .ودفنن عبند الل بنن عمنرو بنن حنرام وعمنرو بنن ا منو ف قنرب واحند
لا كان بينهم من ال بة .فقال ":ادفنوا هذين الت ابي ف الدنيا ف قرب واحد ".
***
اللقطننات مننن العركننة التنني ينناور فيهننا النص ننر وا زيمننة ،ال تفننرد بينننهم إال حلظننة هننذه بع ن
م ننن الزم ننان ،وإال نالف ننة ع ننن الم ننر ،وإال حرك ن نة م ننن ا ننوى ،وإال لفت ننة م ننن الش ننهوة والت نني
57
ياورت فيها القيم العالية والسفو ا ابطة والنمذ الفريدة ف تاريخ اإليمن والبطولنة ،وف
تاريخ النفاد وا زيمة !
وهني جمموعنة تكشنف عنن حالننة منن عندم التناسنق ف الصنف حينننذاك ،كنم تكشنف عنن حالننة
السنلمي ..وهنذه وتلني أ شنأت -وفنق سننة الل وقندره -هنذه ف تصورات بعن من الغب
النتننائج التنني ذاقهننا السننلمون؛ وهننذه الت ن يات ا سننام ،التنني تننةاءى عننىل قمتهننا تلنني التنني
أصننابت رسننول الل ☻ والتنني ال انني أن الص ن ابة حنني ذاك كننانوا حيسننو ا
بعمق وعنف ،ويرو ا أاند منا ننا م منن ايالم .وقند دفعنوا النثمن غالينا ليتلقنوا الندرس عالينا،
ولنيم ص الل القلننوب ويميننز الصننفو ،وليعنند ا معنة السننلمة للمهمننة العظمننى التنني ناطهننا
ذا :مهمة القيادة الراادة للبرشية ،وإقرار منهج الل ف الرض ف صورته الثالية الواقعية ..
فلننظر إذن كيف عالج القرآن الكريم الوقف بطريقة القرآن .
إن النننص القننرآين ال يتتبننع أحنندا العركننة للروايننة والعننرض؛ ولكنننه يتتبننع دخائننل النفننوس
وخوالج القلوب؛ ويتخذ من الحدا مادة تنبيه وتنوير وتوجيه ..
وهننو ال يعننرض احلننواد عرضننا تارايننا مسلسننال بقصنند التسننهيل؛ إنننم هننو يعرضننها للعننربة
والةبي ن ننة واس ن ننتخالص الق ن ننيم الكامن ن ننة وراء احل ن ننواد ؛ ورس ن ننم س ن ننمت النف ن ننوس ،وخله ن ننات
القلننوب ،وتصننوير ا ننو الننذي صنناحبها؛ والسنننن الكونيننة التنني حتكمهننا؛ والبننادئ الباقيننة التنني
تقررهنا .وبنذلي تسننت يل احلاد نة حمنورا أو نقطننة ارتكناز لثنروة ضننخمة منن الشناعر والسننمت،
والنتننائج واالسننتدالالت .يبنندأ السننياد منهننا؛ ننم يسننتطرد حو ننا؛ ننم يعننود إليهننا؛ ننم جيننول ف
أعننمد ال ننمئر ،وف أغننوار احلينناة؛ ويكننرر هننذا مننرة بعنند مننرة ،حتننى ينتهنني بروايننة احلنناد إ
ايته ننا وق نند ض ننم جناحي ننه ع ننىل حف ننل م ننن الع نناين وال نندالئل والق ننيم والب ننادئ ،تك ننن رواي ننة
58
احلنناد إال وسننيلة إليهننا ،ونقطننة ارتكنناز تتهمننع حواليهننا .وحتننى يكننون قنند تننناول مالبسننات
احلنناد وعقابيلننه ف ال ننمئر ،فهالهننا .ونقاهننا ،وأراحهننا ف موا ضننعها ،فننال ينند النننفس منهننا
حرية وال قلقا ،وال حتس فيها لبسا وال دخال ..
وينظ ننر اإلنس ننان ف رقع ننة العرك ننة ،وم ننا وق ننع فيه ننا -ع ننىل س ننعته وتنوع ننه -ننم ينظ ننر إ رقع ننه
التعقيب القرآين ،وما تناوله من جوا ننب؛ فنإذا هنذه الرقعنة أوسنع منن تلني ،وأبقنى عنىل النزمن،
وأفصننق بننالقلوب ،وأعمننق ف النفننوس ،وأقنندر عننىل تلبيننة حاجننات النننفس البشننرية ،وحاجننات
ا معة اإلسالمية ،ف كل موقف تتعرض له ف هنذا الهنال ،عنىل تتنابع الجينال .فهني تت نمن
احلقائق الباقية من وراء الحدا الزائلة ،والبادئ الطلقة منن وراء احلنواد الفنردة ،والقنيم
النظننر ع ننن اعتب ننارات الصننيلة م ننن وراء الظننواهر العارض ننة ،والرصننيد الص ننالح للتننزود بغ ن
الزمان والكان ..
وهذه احلصيلة الباقية تدخرها النصوص القرآنينة لكنل قلنب يتفنتح بناإليمن ،ف أي زمنان وف
أي مكان ..وسنعرض ا متهمعة -إن ااء الل -بعد استعراضها متفرقة ف النصوص ..
***
59
الدرس األول :التوكل على اهلل
) وإذ غدوت من أهلي تبوئ الةمني مقاعد للقتال ،والل سميع عليم .إذ مهت طائفتان
منكم أن تفشال ،والل وليهم ،وعىل الل فليتوكل الةمنون)..
ن نناره -وقن نند كن ننان قريبن ننا من ننن نفن ننوس هكن ننذا يبن نندأ باسن ننتعادة الشن ننهد الول للمعرك ن نة واست
الخ ن نناطبي الول ن نني ذ ن ننذا الق ن ننرآن وم ن ننن ذاك ن ننروم .ولك ن ننن ابت ن ننداء احل ن ننديث ع ن ننىل ه ن ننذا الن ن ننو،
نار الشننهد الول ذنذا النننص ،منن اننأ ه أن يعينند الشنهد بكننل حرارتنه وبكننل حيويتننه؛ واست
وأن ي ننيف إلي ننه م ننا وراء الش ننهد النظ ننور -ال ننذي يعرفون ننه -م ننن حق ننائق أخ ننرى ال يت ننمنها
الشننهد النظننور .وأو ننا حقيقننة ح ننور الل -سننب انه -معهننم ،وسننمعه وعلمننه بكننل مننا كننان
ارها وتقريرهنا وتوكيندها وما دار بينهم .وهي احلقيقة التي حترص الةبية القرآنية عىل است
وتعميقها ف التصور اإلسالمي .وهي هي احلقيقة الساسية الكبرية ،التني أقنام عليهنا اإلسنالم
منههننه الةبننوي .والتنني ال يسننتقيم ضننمري عننىل النننهج اإلسننالمي ،بكننل تكاليفننه ،إال أن تسننتقر
فيه هذه احلقيقة بكل قووا ،وبكل حيويتها كذلي:
( وإذ غدوت من أهلي تبوئ الةمني مقاعد للقتال ..والل سميع عليم..)..
واإلاننارة هنننا إ غنندو النبنني ☻ مننن بيننت عائشننة -رن الل عنهننا -وقنند
لبس لمته ودرعه؛ بعد التشاور ف المر ،وما انتهى إليه من عزم عىل اخلرو من الدينة للقاء
الشننركي خارجهننا .ومنا أعقنب هنذا مننن تنظنيم الرسنول ☻ للصنفو ،ومننن
60
أمننر للرمنناة با نناذ مننوقفهم عننىل ا بننل ..وهننو مشننهد يعرفونننه ،وموقننف يتذكرونننه ..ولكننن
احلقيقة ا ديدة فيه هي هذه:
وينا لنه منن مشنهد ،الل حناره وينا لنه منن موقنف ،الل اناهده وينا نا منن رهبنة إذن ومنن
روعنة حتنف بنه ،و نالط كنل منا دار فينه منن تشناور .والس نرائر مكشنوفة فينه لل .وهنو يسنمع منا
تقوله اللسنة ويعلم ما ومس به ال مئر.
واللمس ننة الثان ي ننة ف ه ننذا الش ننهد الول ،ه نني حرك ننة ال ننعف والفش ننل الت نني راودت قل ننوب
طنائفتي مننن السننلمي؛ بعند تلنني احلركننة اخلائنننة التني قننام ذننا رأس النفناد "عبنند الل بننن أيب بننن
س ننلول" ح نني انفص ننل بثل ننث ا نني ،مغ ننبا أن الرس ننول ☻ يأخ ننذ برأ خم ننه،
واسننتمع إ اننباب أهننل الدينننة وقننال( :لننو نعلننم قتنناال التبعننناكم ) فنندل ذننذا عننىل أن قلبننه
الص للعقيدة؛ وأن اخصه ما يزال يمأل قلبه ،ويطغى ف ذلي القلب عىل العقيدة ..العقيدة
التني ال حتتمننل رشكننة ف قلننب صناحبها ،وال تطيننق ننا فيننه رشيكنا فإمننا أن الننص ننا وحنندها،
وإما أن يانبه هي ويتويه
(إذ مهت طائفتان منكم أن تفشال ،والل وليهم ،وعىل الل فليتوكل الةمنون)..
وهاتننان الطائفتننان -كننم ورد ف الص ن يح -مننن حننديث سننفيان ب ننن عيينننة -مهننا بنننو حار ننة
وبنننو سننلمة .أ ننرت فننيهم حركننة عبنند الل بننن أيب ،ومننا أحد تننه مننن رجننة ف الصننف السننلم ،مننن
أول خط ننوة ف العرك ننة .فكادت ننا تفش ننالن وت ننعف ان .ل ننوال أن أدرك ننتهم والي ننة الل وتثبيت ننه ،ك ننم
أخرب هذا النص القرآين:
61
(والل وليهم)..
قال عمر ؓ سمعت جابر بنن عبند الل يقنول :فيننا نزلنت( :إذ مهنت طائفتنان مننكم أن
تفشنال) ..قنال :ن نن الطائفتنان ..بننو حار نة وبننو سنلمة ..ومنا ن نب [ أو ومنا يس نرين ] أ نا
تنزل ،لقوله تعا ( :والل وليهم) [ ..رواه البخاري ومسلم ]..
وهكننذا يكشننف الل الخبننوء ف مكنونننات ال ننمئر؛ والننذي يعلمننه إال أهلننه ،حنني حنناك ف
صنندورهم حلظننة؛ ننم وق نناهم الل إينناه ،ورصفننه عنننهم ،وأخم نندهم بواليتننه ،فم ننوا ف الص ننف..
يكش ننفه الس ننتعادة أح نندا العرك ننة ،واس ننت ياء وقائعه ننا وم ش نناهدها .ننم ..لتص ننوير خله ننات
النفوس ،وإاعار أهلها ح ور الل معهم ،وعلمه بمكنونات ضمئرهم -كم قنال نم( :والل
سننميع علننيم) -لتوكينند هننذه احلقيقننة وتعميقهننا ف حسننهم .ننم لتعننريفهم كيننف كانننت النهنناة؛
وإاننعارهم عننون الل وواليتننه ورعايتننه حنني ينندركهم ال ننعف ،وينندب فننيهم الفشننل ،ليعرفننوا
أخمننن يتوجهننون حنني يستشننعرون اننيئا مننن هننذا وأخمننن يلتهئننون .ومننن ننم يننوجههم هننذا الوجننه
الذي ال وجه غريه للمةمني:
عىل وجه القرص واحلرص ..عىل الل وحده فليتوكل الةمنون .فلنيس نم -إن كنانوا منةمني
-إال هذا السند التي.
نر ذنم القنرآن مشنهد العركنة وجوهنا ،هنذين وهكذا نهند ف اييتني الوليني ،اللتني يست
التوجيهي الكبريين الساسيي ف التصور اإلسالمي ،وف الةبية اإلسالمية:
62
) وعىل الل فليتوكل الةمنون)..
نهدمها ف أوا م الناسب ،وف جومها الناسب؛ حيث يلقيان كل إيقاعاوم ،وكل
إحياءاوم ،ف الوعد الناسب؛ وقد ويأت القلوب للتلقي واالستهابة واالنطباع ..ويتبي -
من هذين النصي التمهيديي -كيف يتو القرآن است ياء القلوب وتوجيهها وتربيتها؛
بالتعقيب عىل الحدا ،وهي ساخنة ويتبي الفرد بي رواية القرآن لألحدا وتوجيهها،
القلب بتفصيل أكثر؛ ولكنها ال تستهد وبي سائر الصادر التي قد تروي الحدا
البرشي ،واحلياة البشنرية ،باإلحياء واالستهااة ،وبالةبية والتوجيه .كم يستهدفها القرآن
الكريم ،بمنههه القويم.
***
63
الدرس الثاني :النصر من عند اهلل
هكذا يبدأ احلديث عن العركة التني ينتص نر فيهنا السنلمون -وقند كنادوا -وهني قند بندأت
بتغلي ننب االعتب ننارات الشخص ننية ع ننىل العقي نندة عن نند الن ننافق عب نند الل ب ننن أيب؛ وتابع ننه ف حركت ننه
أاباع ننه ال ننذين غلب ننوا اعتب نناره الشخص نني ع ننىل عقي نندوم .وبال ننعف ال ننذي ك نناد ي نندرك ط ننائفتي
ص نناحلتي م ننن الس ننلمي .ننم انته ننت بالخالف ننة ع ننن اخلط ننة العس ننكرية حت ننت مط ننارد الطم ننع ف
الغنيمة فلم تغنن الننمذ العالينة التني يلنت ف العركنة ،عنن الصنري النذي انتهنت إلينه ،بسنبب
ف التصور .. ذلي اخللل ف الصف ،وبسبب ذلي الغب
وقب ننل أن يم ن نني ف االسن ننتعراض والتعقين ننب عن ننىل أحن نندا العركن ننة التن نني انتهن ننت با زيمن ننة،
يننذكرهم بالعركننة التنني انتهننت بالنصننر -معركننة بنندر -لتكننون هننذه أمننام تلنني ،جمنناال للموازنننة
وتأمل السباب والنتائج؛ ومعرفنة منواطن ال نعف ومنواطن القنوة ،وأسنباب النصننر وأسنباب
ا زيمننة .ننم -بعنند ذلنني -ليك ننون اليقنني مننن أن النص ننر وا زيم ننة كلننيهم قنندر مننن أق نندار الل؛
حل كمة تت قق من وراء النصنر كم تت قق منن وراء ا زيمنة سنواء .وأن منرد المنر ف النهاينة إ
الل عىل كال احلالي ،وف جيع الحوال:
(ولقد نرصكم الل ببدر -وأ تم أذلة -فاتقوا الل لعلكم تشكرون .إذ تقول للمةمني :أفن
يكفيكم أن يمدكم ربكم بثال ة آال من الالئكة منزلي ؟ بىل إن تصربوا وتتقوا ويأاوكم من
فورهم هذا ،يمددكم ربكم بخمسة آال من الالئكة مسومي .وما جعله الل إال برشى لكم،
ولتطمئن قلوبكم به .وما النصنر إال من عند الل العزيز احلكيم .ليقطع طرفا من الذين كفروا،
64
أو يكبتهم فينقلبوا خنائبي -لنيس لني منن المنر يشء -أو يتنوب علنيهم أو يعنذذم فنإ م
ظالون .ولل ما ف السموات وما ف الرض ،يغفر لن يشاء ،ويعذب من يشناء والل غفنور
رحيم)..
والنصنر ف بدر كنان فينه رائ نة العهنزة -كنم أسنلفنا -فقند تنم بغنري أداة منن الدوات الادينة
الأفوفنة للنص نر .تكنن الكفتنان فيهنا -بني النةمني والشننركي -متنوازنتي وال قنريبتي منن
التنوازن .كننان الشننركون حننوايل أفننف ،خرجنوا نفننريا السننتغا ة أيب سننفيان ،حلميننة القافلننة التنني
كان ن ننت مع ن ننه ،م ن ننزودين بالع ن نندة والعت ن نناد ،واحل ن ننرص ع ن ننىل الم ن ننوال ،واحلمي ن ننة للكرا م ن ننة .وك ن ننان
السلمون حوايل ال مئة ،ارجوا لقتال هذه الطائفنة ذات الشنوكة ،إننم خرجنوا لرحلنة هيننة.
لقابلة القافلة العزالء وأخنذ الطرينق عليهنا؛ فلنم يكنن معهنم -عنىل قلنة العندد -إال القلينل منن
العندة .وكنان وراءهنم ف الديننة مش نركون ال تنزال نم قنووم ،ومننافقون نم مكنانتهم ،وهينود
يةبصنون ذنم ..وكننانوا هننم بعند ذلنني كلنه قلننة مسنلمة ف وسننط خ نم مننن الكفنر والش نرك ف
ا زينرة .و تكنن قند زالنت عننهم بعند صنفة أ نم مهناجرون مطناردون منن مكنة ،وأ صنار آووا
هةالء الهاجرين ولكنهم ما يزالون نبته غري مستقرة ف هذه البيئة
فبه ننذا كل ننه ي ننذكرهم الل -سن ننب انه -وي ننرد ذل نني النص ن ننر إ س ننببه الول ف وس ننط هن ننذه
الظرو :
)ولقد نرصكم الل ببدر .وأ تم أذلة .فاتقوا الل لعلكم تشكرون)..
إن الل هننو الننذي نص نرهم؛ ونص ن رهم حلكمننة نننص عليهننا ف جمموعننة هننذه اييننات .وهننم ال
نارص م منن أ فسنهم وال منن سنواهم .فنإذا اتقنوا وخنافوا فليتقنوا وليخنافوا الل ،النذي يملني
65
النصنر وا زيمة؛ والذي يملني القنوة وحنده والسنلطان .فلعنل التقنوى أن تقنودهم إ الشنكر؛
وأن يعله اكرا وافيا الئقا بنعمة الل عليهم عىل كل حال.
ن نر مشننهدها ويس نت يي هننذه ه نني اللمسننة الو ف ت ننذكريهم بالنص ننر ف بنندر ..ننم يست
صوروا ف حسهم ،كأ م الل ظة فيها:
)إذ تقول للمةمني :أفن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثال ة آال من الالئكة منزلي ؟ بىل إن
تصربوا وتتقوا ويأاوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آال من الالئكة مسومي(..
وكانننت هننذه كلننمت رسننول الل ☻ يننوم بنندر ،للقلننة السننلمة التنني خرجننت
معننه؛ والتنني رأت نفننري الشننركي ،وهنني خرجننت لتلقننى طائفننة العننري الننوقرة بالتناجر ،ال لتلقننى
وقنند أبلغهننم الرسننول ☻ مننا بلغننه يومهننا ربننه، طائفننة النفننري الننوقرة بالسننال
لتثبين ننت قلن ننوذم وأقن نندامهم ،وهن ننم بشن ن ن ر حيتن نناجون إ العن ننون ف صن ننورة قريبن ننة من ننن مشن نناعرهم
وتصننوراوم ومأفوفنناوم ..وأبلغهننم كننذلي رشي هننذا النندد ..إنننه الصننرب والتقننوى؛ الصننرب عننىل
ت لقي صدمة ا هوم ،والتقوى التي تربط القلب بالل ف النصنر وا زيمة:
( بىل إن تصربوا وتتقوا ويأاوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آال من الالئكة
مسومي)(..)1
فننالن يعلمهننم الل أن مننرد المننر كلننه إليننه ،وأن الفاعليننة كلهننا منننه -سننب انه -وأن نننزول
الالئكنة لنيس إال بش نرى لقلنوذم؛ لتنأ س ذنذا وتستبش نر ،وتطمنئن بنه وتثبنت .أمنا النصننر فمننه
مبارشة ،ومتعلق بقدره وإرادته بال واسطة وال سبب وال وسيلة:
( )1فورهم هذا :أي من جهتهم هذه .مسومين :أي معلمين لهم عالمة تميزهم.
66
) ما جعلنه الل إال بش نرى لكنم ،ولتطمنئن قلنوبكم بنه ،ومنا النصننر إال منن عنند الل العزينز
احلكيم)..
وهكننذا حيننرص السننياد القننرآين عننىل رد المننر كلننه إ الل ،كنني ال يعلننق بتصننور السننلم مننا
يشنوب هنذه القاعندة الصنيلة :قاعندة رد المنر جلنة إ مشنيئة الل الطليقنة ،وإرادتنه الفاعلنة،
وقندره البنارش .وتن ينة السنباب والوسنائل عنن أن تكنون هني الفاعلنة .وإننم هني أداة حتركهنا
الشيئة .وحتقق ذا ما تريده.
وقند حنرص القننرآن الكنريم عننىل تقرينر هننذه القاعندة ف التصننور اإلسنالمي ،وعننىل تنقيتهنا مننن
كننل اننائبة ،وعننىل تن ي نة السننباب الظنناهرة والوسننائل والدوات عننن أن تكننون هنني الفاعلننة..
لتبقننى الصننلة البننارشة بنني العبنند والننرب .بنني قلننب الننةمن وقنندر الل .بننال حننواجز وال عوا ئننق
وال وسائل وال وسائط .كم هي ف عا احلقيقة ..
وبمثننل هننذه التوجيهننات الكننررة ف القننرآن ،الةكنندة بشننتى أسنناليب التوكينند ،اسننتقرت هننذه
احلقيقة ف أخالد السلمي ،عىل ن و بديع ،هادئ ،عميق ،مستنري .
عرف ننوا أن الل ه ننو الفاع ننل -وح ننده -وعرفن ننوا كن ننذلي أ ن ننم م ننأمورون من ننن قب ننل الل با ن نناذ
الوسائل والسباب ،وبذل ا هد ،والوفاء بالتكاليف ..فاستيقنوا احلقيقة ،وأطناعوا المنر ،ف
توازن اعوري وحركي عهيب !
ولكننن هننذا إنننم جنناء مننع الننزمن ،ومننع الحنندا ،ومننع الةبيننة بالحنندا ،والةبيننة بالتعقيننب
عىل الحدا ..كهذا التعقيب ،ونظائره الكثرية ،ف هذه السورة ..
67
نر مشننهد بندر والرسننول ☻ يعنندهم الالئكننة مننددا وف هنذه اييننات يست
منن عنند الل؛ إذا هنم استمسنكوا بالصنرب والتقننوى والثبنات ف العركنة -حني يطلنع الشننركون
عليهم من وجههم هذا ..م اربهم ب قيقة الصدر الفاعل -من وراء ننزول الالئكنة -وهنو
الل .الذي تتعلق المور كلها بإرادته ،ويت قق النصنر بفعله وإذنه.
فهو)العزيز) القوي ذو السلطان القادر عىل حتقيق النصننر .وهنو (احلكنيم) النذي جينري قندره
وفق حكمته ،والذي حيقق هذا النصنر لي قق من ورائه حكمة..
م يبي حكمة هذا النصنر ..أي نرص ..وغاياته التي ليس لحد من البرش منها يشء :
) ليقطع طرفا من الذين كفروا .أو يكبتهم فينقلبوا خائبي -ليس لي من المر يشء -أو
يتوب عليهم .أو يعذذم فإ م ظالون)..
إن النص ن ن ن ننر م ن ن ن ننن عنن ن ن نند الل .لت قي ن ن ن ننق قن ن ن نندر الل .ول ن ن ن ننيس للرس ن ن ن ننول ☻ وال
للمهاهدين معه ف النصنر من غاية ذاتية وال نصيب اخيص .كنم أ نه لنيس لنه وال نم دخنل ف
حتقيقه ،وإن هم إال ستار القدرة حتقق ذم ما تشاء فال هم أسباب هنذا النصننر وصنانعوه؛ وال
هننم أص ن اب هننذا النص ننر ومسننتغلوه إنننم ه ننو قنندر الل يت قننق ب رك ننة رجالننه ،وبالتأخمينند م ننن
عنده .لت قيق حكمة الل من ورائه وقصده:
68
فينقص من عددهم بالقتل ،أو ينقص من أرضهم بالفتح ،أو ينقص من سلطا م بالقهر ،أو
ينقص من أموا م بالغنيمة ،أو ينقص من فاعليتهم ف الرض با زيمة
فنإن انتصنار السنلمي قند يكنون للكنافرين عظنة وعنربة ،وقند يقنودهم إ اإلينمن والتسنليم،
فيتوب الل عليهم من كفرهم ،واتم م باإلسالم وا داية..
) أو يعذذم فإ م ظالون)..
يع ننذذم بنص ن ننر الس ننلمي عل ننيهم .أو ب ننأرسهم .أو بم ننووم ع ننىل الكف ننر ال ننذي ينته نني ذ ننم إ
الع ننذاب ..ج ننزاء ن ننم ع ننىل ظلمه ننم بن ننالكفر ،وظلمه ننم بفتن ننة السن ننلمي ،وظلمه ننم بالفسن نناد ف
الرض ،وظلمهم بمقاومة الصال الذي يمثلنه مننهج اإلسنالم لل يناة ورشيعتنه ونظامنه ..إ
آخر صنو الظلم الكامنة ف الكفر والصد عن سبيل الل .
وع ن ن ن ن ننىل أخم ن ن ن ن ننة ح ن ن ن ن ننال فه ن ن ن ن نني حكم ن ن ن ن ننة الل ،ول ن ن ن ن ننيس لبش ن ن ن ن ن ن ر منه ن ن ن ن ننا يشء ..حت ن ن ن ن ننى رسن ن ن ن ننول الل
☻ ارجننه النننص مننن جمننال هننذا المننر ،ليهننرده لل وحننده -سننب انه -فهننو
اأن اللوهية التفردة بال رشيي .
ب ننذلي ينس ننلخ الس ننلمون بأاخاص ننهم م ننن ه ننذا النصن ننر :م ننن أس ننبابه وم ننن نتائه ننه وب ننذلي
يطامنون من الكرب الذي يثريه النصنر ف نفوس النترصين ،ومن البطر والعهب والزهو الذي
69
تنننتفخ بننه أرواحهننم وأوداجهننم وبننذلي يشننعرون أن لننيس ننم مننن المننر يشء ،إنننم المننر كلننه
لل أوال وأخريا .
وبن ننذلي ين ننرد أمن ننر النن نناس -طن ننائعهم وعاصن ننيهم -إ الل .فهن ننذا الشن ننأن ان ننأن الل وحن ننده -
سب انه .اأن هذه الدعوة واأن هةالء الناس معها :طائعهم وعاصنيهم سنواء ..ولنيس للنبني
☻ ول ن ننيس للمن ننةمني مع ن ننه إال أن ي ن ننةدوا دوره ن ننم ،ن ننم ينف ن ننوا أخم ن نندهيم م ن ننن
النتائج ،وأجرهم من الل عىل الوفاء ،وعىل الوالء ،وعىل الداء.
ومالبسنة أخنرى ف السنياد اقت نت هنذا التنصنيص( :لنيس لني منن المنر يشء) فسنريد ف
السياد قول بع هم( :هل لنا من المر من يشء ؟) ..وقو م ( :لو كان لنا من المر يشء ما
قتلنا هاهنا) ...ليقول م :إن أحدا ليس له من المر من يشء .ال ف نص نر وال ف هزيمنة .إننم
الطاعة والوفاء والداء هي الطلوبة من الناس .وأما المر بعد ذلي فكله لل .لنيس لحند مننه
يشء .وال حت ننى لرس ننول الل ..فه نني احلقيق ننة الص ننيلة ف التص ننور اإلس ننالمي .وإقراره ننا ف
النفوس أكرب من الاخاص وأكرب من الحدا ،وأكرب من اتى االعتبارات..
وانتم هنذا التنذكري ببندر ،وهنذا التقرينر لل قنائق الصنيلة ف التصنور ،باحلقيقنة الشناملة التني
ترجننع إليهننا حقيقننة أن أمننر النص ننر وا زيمننة مننرده إ حكمننة الل وقنندره ..اننتم هننذا التقريننر
بتقرير أصله الكبري :وهو أن المر لل ف الكون كله ،ومن م يغفر لن يشناء ويعنذب منن يشناء
وفق ما يشاء:
) ولل ما ف السموات وما ف الرض .يغفر لن يشاء ويعذب من يشاء ،والل غفور رحيم)..
70
فه نني الش ننيئة الطلق ننة ،الس ننتندة إ اللكي ننة الطلق ننة .وه ننو التص ن نر الطل ننق ف ا ننأن العب نناد،
ب كننم هننذه اللكيننة لننا ف السننموات ومننا ف الرض .ولننيس هنالنني ظلننم وال حمابنناة للعبنناد ،ف
الغفننرة أو ف العننذاب .إنننم يق ن ن ي المننر ف هننذا الشننأن باحلكمننة والعنندل ،وبالررننة والغفننرة.
فشأ ه -سب انه -الررة والغفرة:
والبنناب مفتننو أمننام العبنناد لينننالوا مغفرتننه وررتننه ،بننالعودة إليننه ،ورد المننر كلننه لننه ،وأداء
الوا جننب الفننروض ،وتننرك مننا وراء ذلنني حلكمتننه وقنندره ومشننيئته الطلقننة مننن وراء الوسننائل
والسباب.
***
71
الدرس الثالث :من أسباب النصر
وقبننل أن ينندخل السننياد ف صننميم االسننتعراض للمعركننة -معركننة أحنند -والتعقيبننات عننىل
وقائعها وأحدا ها ..ييء التوجيهات التعلقنة بالعركنة الكنربى ،التني ألعننا ف مقدمنة احلنديث
إليها .العركنة ف أعنمد الننفس وف حمنيط احليناة ..جينيء احلنديث عنن الربنا والعنامالت الربوينة
وعن تقوى الل وطاعته وطاعنة رسنوله .وعنن اإلنفناد ف السننراء وال ننراء ،و النظنام التعناوين
الكريم القابل للنظام الربنوي اللعنون .وعنن كظنم الغنيظ والعفنو عنن النناس وإاناعة احلسننى
ف ا معة .وعن االستغفار من الذنب والرجوع إ الل وعدم اإلرصا ر عىل اخلطيئة:
(يا أهيا الذين آمنوا ال تأكلوا الربا أ ضعافا م اعفة ،واتقوا الل لعلكم تفل ون .واتقوا النار
التي أعدت للكافرين .وأطيعوا الل والرسول لعلكم تررون .وسارعوا إ مغفرة من ربكم
وجن ننة عرض ننها الس ننموات والرض أع نندت للمتق نني :ال ننذين ينفق ننون ف الس ننراء وال ن ننراء،
والكاظمي الغيظ ،والعافي عن الناس .والل حيب ا ل سني .والنذين إذا فعلنوا فاحشنة أو
ظلموا أ فسهم ذكروا الل فاستغفروا لذنوذم -ومن يغفر الذنوب إال الل ؟ -و يصنروا عىل
منا فعلننوا وهنم يعلمننون .أوئلني جننزا هم مغفننرة منن رذننم وجننات يننري منن حتتهننا ال ننار
خالدين فيها .ونعم أجر العاملي)..
يننيء هننذه التوجيهننات كله ن ا قبننل النندخول ف سننياد العركننة احلربيننة؛ لتشننري إ خاصننية مننن
خننواص هننذه العقينندة :الوحنندة والشننمول ف مواجهننة هننذه العقينندة للكينونننة البش ننرية ونشنناطها
كل ننه؛ ورده كل ننه إ حمن ننور واح نند :حمن ننور العب ننادة لل والعبودي ننة لن ننه ،والتوج ننه إلين ننه ب ننالمر كلن ننه.
72
والوحندة والشنمول ف منننهج الل وهيم نتنه عنىل الكينونننة البشننرية ف كنل حننال منن أحوا ننا ،وف
كل اأن من اةو ا ،وف كل جانب من جوانب نشاطها .م تشري تلني التوجيهنات بتهمعهنا
هنذا إ الننةابط بنني كننل أفنوان النشنناي اإلنسنناين؛ وتننأ ري هنذا الننةابط ف النتننائج الخننرية لسننعي
اإلنسان كله ،كلم أسلفنا .
والننهج اإل سنالمي يأخنذ الننفس منن أقطارهنا ،وينننظم حيناة ا معنة جلنة ال تفناريق .ومنن ننم
هننذا ا مننع بنني اإلعننداد واالسننتعداد للمعركننة احلربيننة؛ وبنني تطهننري النفننوس ونظافننة القلننوب،
والس ننيطرة ع ننىل اله ننواء والش ننهوات ،وإا نناعة ال ننود والس ننمحة ف ا مع ننة ..فكله ننا قري ننب م ننن
قرين ننب ..وحن نني نس ن ننتعرض بالت فصن ننيل كن ننل سن ننمة م ن ننن هن ننذه الس ن ننمت ،وكن ننل توجي ن ننه من ننن ه ن ننذه
التوجيهات ،يتبي لنا ارتباطها الو يق ب ياة ا معة السلمة ،وبكل مقندراوا ف ميندان العركنة
وف سائر ميادين احلياة!
) يا أهيا الذين آمنوا ال تأكلوا الربا أضعافا م اعفة ،واتقوا الل لعلكم تفل ون .واتقوا النار
التي أعدت للكافرين .وأطيعوا الل والرسول لعلكم تررون)..
ولقد سبق احلديث عن الربا والنظام الربوي بالتفصنيل ف ا نزء الثالنث منن هنذه الظنالل فنال
نك ننرر احل ننديث عن ننه هن ننا ..ولك ننن نق ننف عن نند الض ننعا ال نناعفة .ف ننإن قوم ننا يري نندون ف ه ننذا
الزم ن ننان أن يتن ننواروا خل ن ننف ه ن ننذا ال ن نننص ،ويت ن ننداروا ب ن ننه ،ليقول ن ننوا :إن ال ن ننرم هن ننو الض ن ننعا
ال ن نناعفة .أم ن ننا الربع ن ننة ف الائ ن ننة واخلمس ن ننة ف الائ ن ننة والس ن ننبعة والتس ن ننعة ..فليس ن ننت أض ن ننعافا
م اعفة .وليست داخلة ف نطاد الت ريم
73
ونبدأ فن سم القول بأن الضعا ال اعفة وصف لواقع ،وليست رشطا يتعلق به احلكم .
والنص الذي ف سورة البقرة قاطع ف حرمة أصل الربا -بال حتديد وال تقييد( :وذروا ما بقي
من الربا) ..أخما كان
فننإذا انتهينننا مننن تقريننر البنندأ فرغنننا ننذا الوصننف ،لنقننول :إنننه ف احلقيقننة لننيس وصننفا تارايننا
فقط للعمليات الربوية التني كاننت واقعنة ف ا زينرة ،والتني قصند إليهنا النهني هننا بالنذات .إننم
ه و وصف مالزم للنظام الربوي القيت ،أخما كان سعر الفائدة .
إن النظننام الربننوي معننناه إقامننة دورة الننال كلهننا عننىل هننذه القاعنندة .ومعنننى هننذا أن العمليننات
الربوية ليست عمليات مفردة وال بسيطة .فهي عمليات متكررة من ناحينة ،ومركبنة منن ناحينة
أخرى .فهي تنش مع الزمن والتكرار والةكيب أضعافا م اعفة بال جدال .
إن النظننام الربننوي حيقننق بطبيعتننه دائننم هننذا الوصننف .فلننيس هننو مقصننورا عننىل العمليننات التنني
كانت متبعة ف جزيرة العرب .إنم هو وصف مالزم للنظام ف كل زمان .
ومنن انأن هنذا النظنام أن يفسند احليناة النفسنية واخللقينة -كنم فصنلنا ذلني ف ا نزء الثالنث -
كم أن من اأ ه أن يفسد احلياة االقتصادية والسياسية -كم فصلنا ذلني أخم نا -ومنن نم تتبني
عالقته ب ياة المة كلها ،وتأ ريه ف مصائرها جيعا .
واإلسالم -وهو ينش المة السلمة -كان يريد ا نظافة احلياة النفسية واخللقية ،كم كان
يريد ا سنالمة احليناة االقتصنادية والسياسنية .وأ نر هنذا وذاك ف نتنائج العنارك التني وضنها
الم ننة مع ننرو .ف ننالنهي ع ننن أك ننل الرب ننا ف س ننياد التعقي ننب ع ننىل العرك ننة احلربي ننة أم ننر يب نندو إذن
مفهوما ف هذا النهج الشامل البصري ..
74
أم ننا التعقي ننب ع ننىل هن ننذا النه نني ب ننالمر بتقن ننوى الل رج نناء الف ننال ؛ واتقن نناء الن ننار الت نني أعن نندت
للكافرين ..أما التعقيب ذاتي اللمستي فمفهوم كذلي؛ وهو أ سب تعقيب :
إنه ال يأكل الربا إنسنان يتقني الل وانا الننار التني أعندت للكنافرين ..وال يأكنل الربنا إنسنان
يننةمن بننالل ،ويعننزل نفسننه مننن صننفو الكننافرين ..واإليننمن لننيس كلمننة تقننال باللسننان؛ إنننم هننو
اتباع للم نهج النذي جعلنه الل ترجنة عملينة واقعينة نذا اإلينمن .وجعنل اإلينمن مقدمنة لت قيقنه
ف احلياة الواقعية ،وتكييف حياة الهتمع وفق مقت ياته .
وحمننال أن جيتمننع إيننمن ونظننام ربننوي ف مكننان .وحيننثم قننام النظننام الربننوي فهننناك اخلننرو مننن
هننذا النندين جلننة؛ وهننناك النننار التنني أعنندت لل كننافرين والمحكننة ف هننذا المننر ال ننر عننن
كو نا ااحكنة ..وا مننع ف هنذه ايينات بنني النهني عنن أكننل الربنا والندعوة إ تقننوى الل ،وإ
اتقاء النار التي أعدت للكافرين ،ليس عبثا وال مصادفة .إنم هو لتقرير هنذه احلقيقنة وتعميقهنا
ف تصورات السلمي .
وكن ننذلي رجن نناء الفن ننال بن ننةك الربن ننا وبتقن ننوى الل ..فن ننالفال هن ننو الثمن ننرة الطبيعين ننة للتقن ننوى،
ولت قي ننق م نننهج الل ف حي نناة الن نناس ..ولق نند س ننبق احل ننديث ف ا ننزء الثال ننث ع ننن فع ننل الرب ننا
بالهتمعات البشنرية ،وويالته البشعة ف حيناة اإلنسنانية .فلنرجنع إ هنذا البينان هنناك ،لنندرك
معنى الفال هنا ،واقةانه بةك النظام الربوي القيت
75
وهنو أمنر عنام بالطاعنة لل والرسنول ،وتعلينق الررنة ذنذه الطاعنة العامنة .ولكنن للتعقينب بنه
عنىل النهنني عننن الربنا داللننة خاصننة .هنني أ نه ال طاعننة لل وللرسننول ف جمتمنع يقننوم عننىل النظنام
الربوي؛ وال طاعة لل وللرسول ف قلب يأكل الربنا ف صنورة منن صنوره .وهكنذا يكنون ذلني
التعقيب توكيدا بعد توكيد..
وذل ن نني ف ن ننود العالق ن ننة اخلاص ن ننة ب ن نني أح ن نندا العرك ن ننة الت ن نني خول ن ننف فيه ن ننا أم ن ننر رس ن ننول الل
☻ وب نني الم ننر بالطاع ننة لل وللرس ننول ،بوص ننفها وس ننيلة الف ننال ،وموض ننع
الرجاء فيه..
نم لقند سنبق ف سنورة البقنرة -ف ا نزء الثالنث -أن رأخمننا السنياد هنناك جيمنع بني احلنديث
عن الربا ،واحلديث عن الصدقة .بوصفهم الوجهي التقنابلي للعالقنات االجتمعينة ف النظنام
االقتصادي؛ وبوصفهم السمتي البارزتي لنوعي متبايني من النظم :النظام الربوي .والنظام
التعناوين ..فهننا كنذلي نهند هنذا ا منع ف احلنديث عنن الربنا واحلنديث عنن اإلنفناد ف السننراء
وال نراء..
فبعند النهني عنن أكنل الربنا ،والت نذير منن الننار التني أعندت للكنافرين ،والندعوة إ التقنوى
رج ن نناء الرر ن ننة والف ن ننال ..بع ن نند ه ن ننذا جي ن ننيء الم ن ننر بالس ن ننارعة إ الغف ن ننرة؛ وإ جن ن ننة عرضن ن نها
السموات والرض (أعدت للمتقي) ..م يكون الوصف الول للمتقي هو ) :الذين ينفقون
ف السنراء وال نراء) -فهم الفريق القابل للذين يأكلون الربا أضعافا م اعفة -م ييء بقية
الصفات والسمت:
) وسارعوا إ مغفرة من ربكم ،وجنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقي :الذين
ينفقون ف السنراء وال نراء .والكاظمي الغيظ .والعافي عن الناس .والل حيب ال سني.
76
والننذين إذا فعلننوا فاحشننة أو ظلمننوا أ فسننهم ذكننروا الل ،فاسننتغفروا لننذنوذم -ومننن يغفننر
الذنوب إال الل ؟ -و يرصوا عىل ما فعلوا وهم يعلمون)..
والتعبري هننا يصنور أداء هنذه الطاعنات ف صنورة حسنية حركينة ..يصنوره سنباقا إ هند أو
جائزة تنال:
)وسارعوا إ مغفرة من ربكم)( ..وجنة عرضها السموات والرض) ..سارعوا فهي هناك
:الغفرة وا نة( ..أعدت للمتقي)..
فهنم نابتو ن عننىل البنذل ،ماضنون عننىل الننهج ،ال تغنريهم السننراء وال تغنريهم ال ننراء .السننراء
ال تبطنرهم فتلهننيهم .وال ننراء ال ت نهرهم فتنسننيهم .إنننم هننو الشنعور بالوا جننب ف كننل حننال؛
والت ننرر م ننن الش ننح واحل ننرص؛ ومراقب ننة الل وتق ننواه ..وم ننا ي نندفع ال نننفس الشن ن ي ة بطبعه ننا،
ال ب ننة لل ننمل بفطرو ننا ..م ننا ي نندفع ال نننفس إ اإلنف نناد ف ك ننل ح ننال ،إال داف ننع أق ننوى م ننن ا ننهوة
ال ننال ،وربق ننة احل ننرص ،و قل ننة الش ننح ..داف ننع التق ننوى .ذل نني الش ننعور اللطي ننف العمي ننق ،ال ننذي
تشف به الرو و لص ،وتنطلق من القيود والغالل ..
ولعل للتنويه ذذه الصفة مناسبة خاصة كذلي ف جو هذه العركنة .فنن ن ننرى احلنديث عنن
اإلنفاد يتكرر فيها ،كم نرى التنديد بالمتنعي والانعي للبذل -كنم سنيأيت ف السنياد القنرآين
الفئ ننات م ننن -مك ننررا ك ننذلي .ا ننا يش ننري إ مالبس ننات خاص ننة ف ج ننو الغ ننزوة ،وموق ننف بع ن
الدعوة إ اإلنفاد ف سبيل الل.
77
( والكاظمي الغيظ والعافي عن الناس)..
كذلي تعم ل التقوى ف هذا احلقل ،بنفس البواعث ونفس الة رات .فالغيظ انفعنال برشني،
تصنناحبه أو تالحقننه فننورة ف النندم؛ فهننو إحنندى دفعننات التكننوين البش نري ،وإحنندى روراتننه.
وم ننا يغلب ننه اإلنس ننان إال بتل نني الش ننفافية اللطيف ننة النبعث ننة م ننن إرشاد التق ننوى؛ وإال بتل نني الق ننوة
ورات . الروحية النبثقة من التطلع إ أفق أعىل وأوسع من آفاد الذات وال
وكظننم الغننيظ هننو الرحلننة الو .وهنني وحنندها ال تكفنني .فقنند يكظننم اإلنسننان غيظننه لي قنند
وي ننطغن؛ فيت ننول الغننيظ الفننائر إ إحنننة غننائرة؛ ويت ننول الغ ننب الظنناهر إ حقنند دفنني..
وإن الغنيظ والغ ننب ل ظننف وأطهننر مننن احلقنند وال نغن ..لننذلي يسننتمر النننص ليقننرر النهايننة
الطليقة لذلي الغيظ الكظيم ف نفوس التقي ..إ ا العفو والسمحة واالنطالد ..
إن الغيظ وقر عىل النفس حي تكظمه؛ وانواظ يلفنح القلنب؛ ودخنان يغشنى ال نمري ..فأمنا
حنني تصننفح النننفس ويعفننو القلننب ،فهننو االنطننالد مننن ذلنني الننوقر ،والرفرفننة ف آفنناد النننور،
والربد ف القلب ،والسالم ف ال مري.
والننذين جيننودون بالننال ف السننراء وال ننراء حمسنننون .والننذين جيننودون بننالعفو والسننمحة بعنند
الغ ننيظ والكظ ننم حمس نننون ..والل "حي ننب" ال س ننني ..واحل ننب هن ننا ه ننو التعب ننري ال ننودود احل نناين
الرشد النري ،الذي يتناسق مع ذلي ا و اللطيف الونء الكريم ..
78
وم ننن ح ننب الل لإلحسن ننان وللم س ننني ،ينطلن ننق ح ننب اإلحس ننان ف قلن ننوب أحبائ ننه .وتنبثن ننق
الرغبنة الدافعننة ف هنذه القلننوب ..فلنيس هننو جمنرد التعبننري النوحي ،ولكنهننا احلقيقنة كننذلي وراء
التعبري
وا معة التي حيبها الل ،وحتب الل ..والتي تشيع فيها السمحة واليسنر والطالقنة منن اإلحنن
والضنغان ..هني جاعنة مت نامة ،وجاعنة متلخينة ،وجاعنة قوينة .ومنن نم عالقنة هنذا التوجينه
بالعركة ف اليدان والعركة ف احلياة عىل السواء ف هذا السياد
) والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أ فسهم ذكروا الل فاستغفروا لنذنوذم -ومنن يغفنر
الذنوب إال الل ؟ -و يرصوا عىل ما فعلوا وهم يعلمون)..
يننا لسننمحة هننذا النندين إن الل -سننب انه -ال ينندعو الننناس إ السننمحة فننيم بينننهم حتننى
يطلعهم عىل جانب من سمحته -سب انه وتعا -معهم .ليتذوقوا ويتعلموا ويقتبسوا :
إن التقي ف أعىل مراتب الةمني ..ولكنن سنمحة هنذا الندين وررتنه بالبشننر تسنلي ف عنداد
التقي (الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أ فسهم ذكروا الل فاستغفروا لذنوذم) ..والفاحشة
أبشع الذنوب وأكربهنا .ولكنن سنمحة هنذا الندين ال تطنرد منن هينوون إليهنا ،منن ررنة الل .وال
يعلهم ف ذيل القافلة ..قافلة الةمني ..إنم ترتفع ذم إ أعنىل مرتبنة ..مرتبنة "التقني" ..عنىل
رشي واحن نند .رشي يكشن ننف عن ننن طبيعن ننة هن ننذا الن نندين ووجهتن ننه ..أن ين ننذكروا الل فيس ن ننتغفروا
لذنوذم ،وأال يصن روا عىل ما فعلوا وهم يعلمون أ ه اخلطيئة ،وأال يتبه وا بالعصية ف غري
79
حتننر وال حينناء ..وبعبننارة أخننرى أن يكونننوا ف إطننار العبوديننة لل ،واالستسننالم لننه ف النهايننة.
فيظلوا ف كنف الل وف حميط عفوه وررته وف له.
إن هذا الدين ليدرك ضعف هذا الخلنود البش نري النذي ونبط بنه قلنة ا سند أحياننا إ درك
الفاحشننة ،ووننيج بننه فننورة الل ننم و النندم فينننزو نننزوة احليننوان ف رننى الشننهوة ،وتدفعننه نزواتننه
واننهواته وأطمعننه ورغباتننه إ الخالفننة عننن أمننر الل ف رننى االننندفاع .ينندرك ضننعفه هننذا فننال
يقس ننو علي ننه ،وال يب ننادر إ ط ننرده م ننن رر ننة الل ح نني يظل ننم نفس ننه .ح نني يرتك ننب الفاحش ننة..
العصية الكبرية ..وحسبه أن اعلة اإليمن ما تزال ف روحه تنطف ،وأن نداوة اإلينمن منا
تزال ف قلبه يف ،وأن صلته بالل ما تزال حية تذبل ،وأ ه يعر أ ه عبد اط وأن له ربا
يغفننر ..وإذن فننم يننزال هننذا الخلننود ال ننعيف اخلنناط الننذنب بخننري ..إنننه سننائر ف النندرب
ينقطننع بننه الطريننق ،اسنني بننالعروة ينقط ن ع بننه احلبننل ،فليعثننر مننا انناء لننه ضننعفه أن يعثننر .فهننو
واصل ف النهاية ما دامت الشعلة معه ،واحلبل ف ينده .ما دام يذكر الل وال ينساه ،ويسنتغفره
ويقر بالعبودية له وال يتبهح بمعصيته .
إنننه ال يغلننق ف وجننه هننذا الخلننود ال ننعيف ال ننال بنناب التوبننة ،وال يلقيننه منبننوذا حننائرا ف
ا لتيه وال يدعنه مطنرودا خائفنا منن النلب ..إننه يطمعنه ف الغفنرة ،ويدلنه عنىل الطرينق ،ويأخنذ
بينده الرتعشننة ،ويسنند خطوتننه التعثنرة ،وينننري لننه الطرينق ،ليفننيء إ احلمنى ايمننن ،ويثننوب إ
الكنف المي .
يشء واحد يتطلبه :أال جيف قلبه ،وتظلم روحه ،فينسنى الل ..ومنا دام ينذكر الل .منا دام ف
روحه ذلي الشعل ا ادي .منا دام ف ضنمريه ذلني ا ناتف احلنادي .منا دام ف قلبنه ذلني النندى
80
البلينل ..فسنيطلع النننور ف روحنه مننن جديند ،وسنيةوب إ احلمننى ايمنن مننن جديند ،وسننتنبت
البذرة ا امدة من جديد .
إن طفل نني ال ننذي اطن ن ويع ننر أن الس ننوي -ال س ننواه -ف ال نندار ..س ننريو آبق ننا ا نناردا ال
يثوب إ الدار أبدا .فأما إذا كان يعلم أن إ جانب السنوي يندا حانينة ،تربنت عنىل ضنعفه حني
يعتذر من الذنب ،وتقبل عذره حي يستغفر من اخلطيئة ..فإنه سيعود !
وهكنذا يأخنذ اإلسنالم هنذا الخلنود البش ن ري ال نعيف ف حلظنات ضنعفه ..فإننه يعلنم أن فينه
به انننب ال ننعف قننوة ،وبهانننب الثقلننة رفرفننة ،وبهانننب النننزوة احليوانيننة أاننواقا ربانيننة ..فهننو
يعطننف عليننه ف حلظننة ال ننعف ليأخننذ بي ننده إ مرا قنني الصننعود ،ويربننت عليننه ف حلظننة العث ننرة
لي لق به إ الفق من جديد .ما دام يذكر الل وال ينساه ،وال يرص عىل اخلطيئة وهو يعلم أ نا
اخلطيئة والرسول ☻ يقول ":ما أرص من استغفر ،وإن عناد ف الينوم سنبعي
مرة "()1
واإلس ننالم ال ي نندعو -ذ ننذا -إ ال ننةخص ،وال يمه نند الع ننا ر ا ننابط ،وال هيت ننف ل ننه به ننمل
ف الننفس اإلنسننانية السننتنقع كننم وتننف "الواقعيننة" إنننم هننو يقيننل عثننرة ال ننعف ،ليسننتهي
فيهننا احلينناء فننالغفرة مننن الل -ومننن يغفننر النذنوب إال الل ؟ -هننل الرجنناء ،كننم يسننتهي
وال تطمع ،وتثري االستغفار وال تثري االستهتار .فأما الذين يستهةون ويص نرون ،فهنم هنالني
خار السوار ،موصدة ف وجوههم السوار !
( )1رواه أبو د اود والتزمذي والبزار في مسنده من حديث عثمان بن واقد ..وفي سنده صحابي مجهول ،ولكن ابن كثير
في تفسيره صححه .وقال" :حديث حسن".
81
وهكذا جيمع اإلسالم بي ا تنا للبش نرية إ ايفناد العنىل ،والررنة ذنذه البشننرية التني يعلنم
طاقتها .ويفتح أمامها باب الرجاء أبدا ،ويأخذ بيدها إ أقىص طاقتها(. )1
...هةالء التقون ما م ؟
( أوئلي جزا هم مغفرة من رذم وجنات يري من حتتها ال ار خالدين فيها .ونعم أجر
العاملي)..
فه ننم ليس ننوا س ننلبيي باالس ننتغفار م ننن العص ننية .كن نم أ ننم ليس ننوا س ننلبيي باإلنف نناد ف الس ن ننراء
وال نراء ،وكظم الغيظ والعفو عن الناس ..إنم هم عاملون ( .ونعم أجنر العناملي) ..الغفنرة
م ننن رذ ننم ،وا ن ننة ي ننري م ننن حتته ننا ال ننار بع نند الغف ننرة وح ننب الل ..فهنال نني عم ننل ف أغ ننوار
النفس ،وهنالي عمل ف ظاهر احلياة .وكالمها عمل ،وكالمها حركة ،وكالمها نمء .
وهنالنني الصننلة بنني هننذه السننمت كلهننا وبنني معركننة الينندان التنني يتعقبهننا السننياد ..وكننم أن
للنظن ننام الرب ننوي -أو النظن ننام التعن نناوين -أ ن ننره ف حين نناة ا معن ننة السن ننلمة وعالقتن ننه بالعركن ننة ف
الينندان ،فكننذلي ننذه السننمت النفسننية وا معيننة أ رهننا الننذي أرشنننا إليننه ف مطلننع احلننديث..
فاالنتصار عىل الشح ،واالنتصار عىل الغيظ ،واالنتصار عىل اخلطيئة ،والرجعة إ الل وطلب
مغفرته ورضاه ..كلها رورية لالنتصار عىل العداء ف العركة .وهم إنم كنانوا أعنداء ل نم
يمثلننون الشننح وا ننوى واخلطيئننة والتننبهح وهننم إنننم كننانوا أعننداء ل ننم ال ا ننعون ذواوننم
وا ننهواوم ونظ ننام حي نناوم لل ومنهه ننه ورشيعت ننه .فف نني ه ننذا تك ننون الع ننداوة ،وف ه ننذا تك ننون
العرك ننة ،وف ه ننذا يك ننون ا ه نناد .ول ننيس هنال نني أس ننباب أخ ننرى يع ننادي فيه ننا الس ننلم ويع ننارك
وجياهد .فهو إنم يعادي لل ،ويعارك لل ،وجياهد لل فالصلة و يقة بي هذه التوجيهات كلها
( )1يراجع بتوسع فصل" :سالم الضمير" في كتاب" :السالم العالمي واإلسالم".
82
وبنني اسننتعراض العركننة ف هننذا السننياد ..كننم أن الصننلة و يقننة بينهننا وبنني الالبسننات اخلاصننة
التي صاحبت هنذه العركنة .منن نالفنة عنن أمنر رسنول الل ☻ ومنن طمنع ف
الغنيمة نشأت عنه الخالفة .ومن اعتزاز بالذات وا نوى نشنأ عننه لنف عبند الل ابنن أيب ومنن
ف مع ننه .وم ننن ض ننعف بال ننذنب نش ننأ عن ننه ت ننويل م ننن ت ننو -ك ننم س ننريد ف الس ننياد -وم ننن غ ننب
التصور نشأ عنه عدم رد المور إ الل ،وسةال بع هم( :هل لنا من المر من يشء؟) وقنول
بع هم ( :لو كان لنا من المر يشء ما قتلنا هاهنا) ..
***
والقن ننرآن يتنن نناول هن ننذه الالبسن ننات كلهن ننا ،واحن نندة واحن نندة ،فيهلوهن ننا ،ويقن ننرر احلقن ننائق فيهن ننا،
ويلمس النفنوس لسنات موحينة تستهيشنها وحتييهنا ..عنىل هنذا الن نو الفريند النذي ننرى ننمذ
منه ف هذا السياد.
***
83
الدرس الرابع :سنن اهلل يف األرض
بعد ذلي يبدأ السياد ف الفقرة الثالثة من االستعراض فنيلمس أحندا العركنة ذاونا ،ولكننه
مننا يننزال يتننوخى تقريننر احلقننائق الساسننية الصننيلة ف التصننور اإلسننالمي ،وجيعننل الحنندا
جمرد حمور ترتكن إليه هذه احلقائق.
وف هنذه الفقننرة يبنندأ باإلاننارة إ سنننة الل ا اريننة ف الكننذبي ،ليقننول للمسننلمي إن انتصننار
الشننركي ف هننذه العركننة لننيس هننو السنننة الثابتننة ،إنننم هننو حنناد عنابر ،وراءه حكمننة خاصننة..
ننم ي نندعوهم إ الص ننرب واالس ننتعالء ب نناإليمن .ف ننإن يك ننن أص ننابتهم ج ننرا وآالم فق نند أص نناب
الش ننركي مثلهننا ف العركننة ذاوننا .وإنننم هنالنني حكمننة وراء مننا وقننع يكشننف ننم عنهننا :حكمننة
متيي ننز الص ننفو ،ومت ننيص القل ننوب ،وا نناذ الش ننهداء ال ننذين يموت ننون دون عقي نندوم؛ ووقن نف
الس ننلمي أم ننام ال ننوت وجه ننا لوجن ننه وق نند ك ننانوا يتمنونن ننه ،ليزن ننوا وعن ننودهم وأم ننانيهم بمين ننزان
واقعني نم ف النهاينة حمنق الكنافرين ،بإعننداد ا معنة السنلمة ذلني اإلعنداد التني ..وإذن فهنني
احلكمة العليا من وراء الحدا كلها سواء كانت هي النصنر أو هي ا زيمة.
(قد خلت من قبلكم سنن ،فسريوا ف الرض ،فانظروا كيف كان عاقبة الكذبي ،هذا بيان
للناس وهدى وموعظة للمتقي ..وال ونوا وال حتزنوا وأ تم العلون -إن كنتم مةمني -إن
يمسسكم قر فقد مس القوم قر مثله .وتلي الخمام نداو ا بي الناس .وليعلم الل الذين
آمننوا ،ويتخنذ منننكم انهداء ،والل ال حينب الظننالي .ولنيم ص الل الننذين آمننوا ويم ننق
84
الكافرين .أم حسبتم أن تدخلوا ا نة ولا يعلم الل الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ؟
ولقد كنتم متنون الوت من قبل أن تلقوه ،فقد رأخمتموه وأ تم تنظرون).
لقنند أصنناب السننلمي القننر ف هننذه الغننزوة ،وأصنناذم القتنل وا زيمننة .أصننيبوا ف أرواحهننم
وأص ن ننيبوا ف أب ن نندا م ب ن ننأذى كث ن ننري .قتن ننل م ن نننهم س ن ننبعون صن ن ن ابيا ،وكسن ن ننرت رباعي ن ننة الرسن ننول
☻ واننج وجهننه ،وأرهقننه الش ننركون ،وأ خننن أص ن ابه بننا را ..وكننان مننن
نتننائج هننذا كلننه هننزة ف النفننوس ،وصنندمة لعله ننا تكننن متوقعننة بعنند النص ننر العهيننب ف ب نندر،
حتنى لقنال السنلمون حني أصناذم منا أصناذم( :أ ننى هنذا ؟) وكينف ينري المنور معننا هكننذا
ون ن السلمون ؟ !
والقننرآن الكننريم يننرد السننلمي هنننا إ سنننن الل ف الرض .يننردهم إ الصننول التنني يننري
وفقه ننا الم ننور .فه ننم ليس ننوا ب نندعا ف احلي نناة؛ ف ننالنواميس الت نني حتك ننم احلي نناة جاري ننة ال تتخل ننف،
والمور ال مت ني جزا فنا ،إننم هني تتبنع هنذه الننواميس ،فنإذا هنم درسنوها ،وأدركنوا مغازهينا،
تكشفت م احلكمة من وراء الحدا ،وتبينت م الهدا من وراء الوقائع ،واطمأ وا إ
بات النظام النذي تتبعنه الحندا ،وإ وجنود احلكمنة الكامننة وراء هنذا النظنام .واستش نرفوا
خط السري عىل ضوء منا كنان ف منان الطرينق .و يعتمندوا عنىل جمنرد كنو م مسنلمي ،ليننالوا
النصنر والتمكي؛ بدون الخذ بأسباب النصنر ،وف أو ا طاعة الل وطاعة الرسول .
والسنن التي يشري إليها السياد هنا ،ويوجه أبصارهم إليها هي :
عاقبة الكذبي عىل مدار التاريخ .ومداولة ال خمام بي الناس .واالبتالء لتم يص السنرائر،
وامت ان قوة الصرب عىل الشدائد ،واست قاد النصنر للصابرين وال ق للمكذبي .
85
وف خ ننالل اسن ننتعراض تلن نني السن نننن حتف ننل ايين ننات بالتشن ننهيع عن ننىل االحن ننتمل ،والوا سن نناة ف
الشدة ،والتأسية عىل القر ،الذي يصبهم وحدهم ،إنم أصاب أعنداءهم كنذلي ،وهنم أعنىل
مننن أع نندائهم عقينندة وه نندفا ،وأهنندى م نننهم طريقننا ومنهه ننا ،والعاقبننة بع نند ننم ،وال نندائرة ع ننىل
الكافرين .
) قد خلت من قبلكم سنن ،فسريوا ف الرض ،فانظروا كيف كان عاقبة الكذبي .هذا بيان
للناس وهدى وموعظة للمتقي)..
إن القنرآن لنريبط مننان البشننرية ب ارهنا ،وحارهننا بمضنيها ،فيشنري مننن خنالل ذلني كلننه
إ مس ننتقبلها .وه ننةالء الع ننرب ال ننذين وج ننه إل ننيهم الق ننول أول م ننرة تك ننن حي نناوم ،و تك ننن
معارفهم ،و تكن يارذم -قبل اإلسالم -لتسنمح نم بمثنل هنذه النظنرة الشناملة .لنوال هنذا
اإلسالم -وكتابه القرآن -الذي أ شأهم به الل نشأة أخرى ،وخلق به منهم أمة تقود الدنيا ..
إن النظننام القننبيل الننذي كننانوا يعيشننون ف ظلننه ،مننا كننان ليقننود تفكننريهم إ الننربط بنني سننكان
ا زينرة وماجريننات حينناوم؛ ف ننال عننىل الننربط بني سننكان هننذه الرض وأحنندا ها ،ف ننال عننىل
الربط بي الحدا العالينة والسننن الكونينة التني ينري وفقهنا احليناة جيعنا ..وهني نقلنة بعيندة
تنبع من البيئة ،و تنشأ من مقت يات احلياة ف ذلي الزمنان إننم رلتهنا إلنيهم هنذه العقيندة.
بل رلنتهم إليهنا وارتقنت ذنم إ مسنتواها ،ف ربنع قنرن منن الزمنان .عنىل حني أن غنريهم منن
معننارصهيم يرتفعننوا إ هننذا الف ننق مننن التفكننري العننايل إال بع نند قننرون وقننرون؛ و هيت نندوا إ
بن ننات السن نننن والنن ننواميس الكونين ننة ،إال بع ن نند أجين ننال وأجي ن ننال ..فلن ننم اهت ن نندوا إ بن ننات الس ن نننن
والنننواميس نسننوا أن معهننا كننذلي طالقننة الشننيئة اإل يننة ،وأ ننه إ الل تصننري المننور ..فأمننا هننذه
المنة الختنارة فقند اسنتيقنت هنذا كلنه ،واتسنع لننه تصنورها ،ووقنع ف حسنها التنوازن بني بننات
86
السنن وطالقة الشيئة ،فاستقامت حياوا عىل التعامنل منع سننن الل الثابتنة واالطمئننان -بعند
هذا -إ مشيئته الطليقة !
وهنني ه نني الت نني حتكننم احلي نناة .وه نني ه نني التنني قررو ننا الش ننيئة الطليق ننة .فننم وق ننع منه ننا ف غ ننري
زمانكم فسيقع مثلنه -بمشنيئة الل -ف زمنانكم ،ومنا انطبنق منهنا عنىل مثنل حنالكم فهنو كنذلي
سينطبق عىل حالكم .
)فسريوا ف الرض)..
فننالرض كلهننا وحنندة .والرض كلهننا مسننر لل ينناة البشنري ننة .والرض واحلينناة فيهننا كتنناب
مفتو تتماله البصار والبصائر .
وهنني عاقبننة تشننهد ذننا آ ننارهم ف الرض ،وتشننهد ذننا سننريهم التنني يتناقلهننا خلفهننم هننناك..
ولقند ذكنر القنرآن الكنريم كثنريا منن هنذه السنري ومنن هنذه اي نار ف موا ضنع مننه متفرقنة .بع نها
حدد مكانه وزماننه واخوصنه .وبع نها أانار إلينه بندون حتديند وال تفصنيل ..وهننا يشنري هنذه
اإلاننارة الهملننة ليصننل منهننا إ نتيهننة جمملننة :إن مننا جننرى للمكننذبي بننالمس سننيهري مثلننه
للمكننذبي اليننوم وغنندا .ذلنني كنني تطمننئن قلننوب ا معننة السننلمة إ العاقبننة مننن جهننة .وك نني
حتذر االنزالد مع الكذبي من جهة أخرى .وقد كنان هنالني منا يندعو إ الطمأ يننة ومنا يندعو
إ الت ذير .وف السياد سريد من هذه الدواعي الكثري .
87
وعىل إ ر بيان هذه السنة يتهاوب النداء للعظة والعربة ذذا البيان :
هذا بينان للنناس كافنة .فهنو نقلنة بش ن رية بعيندة منا كنان النناس ببالغيهنا لنوال هنذا البينان ا نادي.
ولكن طائفة خاصة هي التي ي د فينه ا ندى ،ويند فينه الوعظنة ،وتنتفنع بنه وتصنل عنىل هنداه..
طائفة "التقي"..
إن الكلمة ا ادية ال يسترشفها إال القلب الةمن الفتو للهندى .والعظنة البالغنة ال ينتفنع ذنا
إال القلننب التقنني الننذي افننق ننا ويت ننرك ذننا ..والننناس قلننم ينقصننهم العلننم بنناحلق والباطننل،
وبا ندى وال نالل ..إن احلنق بطبيعتننه منن الوضنو والظهنور ب يننث ال حيتنا إ بينان طويننل.
إنم تنقص النناس الرغبنة ف احلنق ،والقندرة عنىل اختينار طريقنه ..والرغبنة ف احلنق والقندرة عنىل
اختيار طريقنه ال ينشنئهم إال اإلينمن ،وال حيفظهنم إال التقنوى ..ومنن نم تتكنرر ف القنرآن أمثنال
ه ننذه التقري ننرات .ت نننص ع ننىل أن م ننا ف ه ننذا الكت نناب م ننن ح ننق ،وم ننن ه نندى ،وم ننن ن ننور ،وم ننن
موعظننة ،ومننن عننربة ...إنننم هنني للم ننةمني وللمتقنني .فنناإليمن والتقننوى مهننا اللننذان يش ن نرحان
القل ننب لله نندى والن ننور والوعظ ننة والع ننربة .ومه ننا الل ننذان يزين ننان للقل ننب اختي ننار ا نندى والن ننور
واالنتف نناع بالوعظ ننة والع ننرب ة ..واح ننتمل مش ننقات الطري ننق ..وه ننذا ه ننو الم ننر ،وه ننذا ه ننو ل ننب
السأفة ..ال جمرد العلم والعرفة ..فكم ان يعلمون ويعرفون ،وهم ف رأة الباطنل يتمرغنون.
إم ننا خ ننوعا لش ننهوة ال جي نندي معه ننا العل ننم والعرف ننة ،وإم ننا خوف ننا م ننن أذى ينتظ ننر رل ننة احل ننق
وأص اب الدعوة !
88
) وال ونوا وال حتزنوا وأ تم العلون .إن كنتم مةمني)..
ال وننوا -منن النوهن وال ننعف -وال حتزننوا -لنا أصنابكم ولننا فناتكم -وأ نتم العلننون..
م ننن عقي نندتكم أع ننىل ف ننأ تم تس ننهدون لل وح ننده ،وه ننم يس ننهدون لش ن نيء م ننن خلق ننه أو ل ننبع
خلقه ومنههكم أعنىل .فنأ تم تسنريون عنىل مننهج منن صننع الل ،وهنم يسنريون عنىل مننهج منن
صنننع خلننق الل ودوركننم أعننىل .فننأ تم الوصننياء عننىل هننذه البش ننرية كلهننا ،ا ننداة ننذه البش ننرية
كلها ،وهم ااردون عن النهج ،ضنالون عنن الطرينق .ومكنانكم ف الرض أعنىل ،فلكنم ورا نة
الرض ال تي وعدكم الل ذا ،وهم إ الفناء والنسيان صائرون ..فنإن كننتم منةمني حقنا فنأ تم
العلنون .وإن كننتم مننةمني حقنا فننال وننوا وال حتزننوا .فننإنم هني سنننة الل أن تصنابوا وتصننيبوا،
عىل أن تكون لكم العقبى بعد ا هاد واالبتالء والتم يص :
) إن يمسسكم قر فقد مس القوم قر مثل ه .وتلي الخمام نداو ا بي الناس .وليعلم الل
الذين آمنوا ،ويتخذ منكم اهداء .والل ال حيب الظالي .وليم ص الل الذين آمنوا ويم ق
الكافرين)..
وذكر القر الذي أصاذم وأصاب الكنذبي قنر مثلنه ،قند يكنون إانارة إ غنزوة بندر .وقند
مس القر فيها الشنركي وسلم السل مون .وقد يكون إانارة إ غنزوة أحند .وقند انتص نر فيهنا
الس ن ننلمون ف أول الم ن ننر .حت ن ننى ه ن ننزم الشن ن ننركون وقت ن ننل م ن نننهم س ن ننبعون ،وت ن ننابعهم الس ن ننلمون
ي ن ربون أقفيننتهم حتننى لقنند سننقط علننم الش ننركي ف نايننا العركننة فلننم يتقنندم إليننه منننهم أحنند.
حتننى رفعتننه ننم امننرأة فال ننوا ذننا ويمعننوا عليهننا ..ننم كانننت الدولننة للمش ننركي ،حينننم خننر
الرم نناة ع ننىل أم ننر رس ننول الل ☻ واختلف ننوا ف ننيم بي نننهم .فأص نناب الس ننلمي م ننا
أصنناذم ف ايننة العركننة .جننزاء وفاقننا ننذا االخننتال وذلنني اخلننرو ،وحتقيقننا لسنننة مننن سنننن
89
الل التنني ال تتخلننف ،إذ كننان اخننتال الرمنناة وخننروجهم نااننئي مننن الطمننع ف الغنيمننة .والل
قند كتننب النصننر ف معنارك ا هنناد لننن جياهندون ف سننبيله ،ال ينظننرون إ يشء منن عننرض هننذه
النندنيا الزهينند .وحتقيقننا كننذلي لسنننة أخننرى مننن سنننن الل ف الرض ،وهنني مداولننة الخمننام بنني
الناس -وفقا لا يبدو من عمل الناس ونينتهم -فتكنون نةالء يومنا ولوئلني يومنا .ومنن نم
. يتبي الةمنون ويتبي النافقون .كم تتكشف الخطاء .وينهيل الغب
) إن يمسسكم قر فقد مس القوم قر مثله .وتلي الخمام نداو ا بي الناس ..وليعلم الل
الذين آمنوا )..
إن الشدة بعد الرخاء ،والرخاء بعد الشدة ،مها اللنذان يكشنفان عنن معنادن النفنوس ،وطبنائع
فيهنا والصنفاء ،ودرجنة ا لنع فيهنا والصنرب ،ودرجنة الثقنة فيهنا بنالل أو القلوب ،ودرجة الغنب
القنوي ،ودرجة االستسالم فيها لقدر الل أو الربم به وا مو !
عندئذ يتميز الصف ويتكشف عن :مةمني ومنافقي ،ويظهر هةالء وهةالء عنىل حقيقنتهم،
وتتكشننف ف دنيننا الننناس دخائننل نفوسننهم .ويننزول عننن الصننف ذلنني النندخل وتلنني اخللخلننة
التي تنشأ من قلة التناسق بي أع ائه وأفراده ،وهم نتلطون مبهمون !
والل سب انه يعلم النةمني والننافقي .والل سنب انه يعلنم منا تنطنوي علينه الصندور .ولكنن
الحنندا ومداولننة الخمننام بنني الننناس تكشننف الخبننوء ،ويعلننه واقعننا ف حينناة الننناس ،وحتننول
اإليننمن إ عمننل ظنناهر ،وحتننول النفنناد كننذلي إ تص ن ر ظنناهر ،ومننن ننم يتعلننق بننه احلسنناب
وا زاء .فالل سب انه ال حياسب النناس عنىل منا يعلمنه منن أمنرهم ولكنن حياسنبهم عنىل وقوعنه
منهم .
90
ومداولة الخمنام ،وتعاقنب الشندة والرخناء ،حمني ال اطن ،ومينزان ال يظلنم .والرخناء ف هنذا
كالشنندة .وكننم مننن نفننوس تصننرب للشنندة وتتمسنني ،ولكنهننا تةا خننى بالرخنناء وتن ننل .والنننفس
الةمنة هي التي تصرب لل ن راء وال تستخفها السنراء ،وتتهه إ الل ف احلالي ،وتوقن أن ما
أصاذا من اخلري والرش فبإذن الل .
وق نند ك ننان الل ي ننريب ه ننذه ا مع ننة -وه نني ف مط ننالع خطوا و ننا لقي ننادة البشن ننرية -فرباه ننا ذ ننذا
االبتالء بالشندة بعند االبنتالء بالرخناء ،واالبنتالء با زيمنة الرينرة بعند االبنتالء بالنصننر العهينب
-وإن يك ننن ه ننذا وه ننذه ق نند وقع ننا وف ننق أس ننباذم ووف ننق س نننن الل ا اري ننة ف النصن ننر وا زيم ننة.
لتتعلم هذه ا معة أسباب النصننر وا زيمنة .ولتزيند طا عنة لل ،وتنوكال علينه ،والتصناقا بركننه.
ولتعر طبيعة هذا النهج وتكاليفه معرفة اليقي .
ويم نني السننياد يكشننف لألمننة السننلمة عننن جوا نننب مننن حكمننة الل فننيم وقننع مننن أحنندا
العركة ،وفيم وراء مداولة الخمام بي الناس ،وفيم بعد متييز الصفو ،وعلم الل للمةمني :
وه ن ننو تعب ن ننري عهي ن ننب ع ن ننن معن ن ننى عمي ن ننق -إن الش ن ننهداء لخت ن ننارون .ات ن ننارهم الل م ن ننن ب ن نني
الهاهندين ،ويتخننذهم لنفسننه -سننب انه -فننم هني رزيننة إذن وال خسننارة أن يستشننهد ف سننبيل
الل من يستشهد .إنم هو اختيار وانتقاء ،وتكريم واختصاص ..إن هةالء هنم النذين اختصنهم
الل ورزقهم الشهادة ،ليستخلصهم لنفسه -سب انه -واصهم بقربه .
م هم انهداء يتخنذهم الل ،ويستشنهدهم عنىل هنذا احلنق النذي بعنث بنه للنناس .يستشنهدهم
في ننةدون الشن ننهادة .يةدو ن ننا أداء ال ان ننبهة فين ننه ،وال مطعن ننن علين ننه ،وال جن نندال حولن ننه .يةدو ن ننا
91
بههن ننادهم حتن ننى ال ننوت ف سن ننبيل إحقن نناد هن ننذا احلن ننق ،وتقري ن ن ره ف دنين ننا النن نناس .يطلن ننب الل -
سننب انه -منننهم أداء هننذه الشننهادة ،عننىل أن مننا ج نناءهم مننن عنننده احلننق؛ وعننىل أ ننم آمنننوا ب ننه،
ويردوا له ،وأعزوه حتى أرخصوا كل يشء دونه؛ وعىل أن حياة النناس ال تصنلح وال تسنتقيم
إال ذنذا احلنق؛ وعنىل أ نم هنم اسنتيقنوا هنذا ،فلنم ينأفوا جهندا ف كفنا الباطنل وطنرده منن حيناة
الننناس ،وإقننرار هننذا احلننق ف عننالهم وحتقيننق منننهج الل ف حكننم الننناس ..يستشننهدهم الل عننىل
ه ننذا كل ننه فيش ننهدون .وتك ننون ا ننهادوم ه نني ه ننذا ا ه نناد حت ننى ال ننوت .وه نني ا ننهادة ال تقب ننل
ا دال وال ال !
وكننل مننن ينطننق بالش ننهادتي :اننهادة أن ال إهل إال الل وأن حممنندا رس ننول الل .ال يقننال لننه أ ننه
اننهد ،إال أن يننةدي منندلول هننذه الشننهادة ومقت نناها .ومنندلو ا هننو أال يتخننذ إال الل إ ننا .ومننن
ن ننم ال يتلق ن ننى الش ن ننريعة إال من ننن الل .ف ن ننأخص خص ن ننائص اللوهين ننة التش ن ن نريع للعب ن نناد؛ وأخ ن ننص
خصننائص العبوديننة التلقنني مننن الل ..ومنندلو ا كننذلي أال يتلقننى مننن الل إال عننن حممنند بننم أ ننه
رسول الل .وال يعتمد مصدرا آخر للتلقي إال هذا الصدر ..
ومقت ن ى هنذه الشنهادة أن جياهند إذن لتصنبح اللوهينة لل وحنده ف الرض ،كنم بلغهنا حممند
☻ فيص ن ن ن ننبح ال ن ن ن نننهج ال ن ن ن ننذي أراده الل للن ن ن ن نناس ،وال ن ن ن ننذي بلغ ن ن ن ننه عن ن ن ن ننه حمم ن ن ن نند
☻ ه ننو ال نننهج الس ننائد والغال ننب والط نناع ،وه ننو النظ ننام ال ننذي يصن ننر حي نناة
الناس كلها بال استثناء .
فإذا اقتىض هذا المر أن يموت ف سنبيله ،فهنو إذن انهيد .أي اناهد طلنب الل إلينه أداء هنذه
الشهادة فأداها .وا ذه الل اهيدا ..ورزقه هذا القام .
92
)ويتخذ منكم اهداء..)..
وه ننو م نندلول ا ننهادة أن ال إهل إال الل وأن حمم نندا رس ننول الل ،ومقت نناه ..ال م ننا انته ننى إلي ننه
مدلول هذه الشهادة من الرخص والتفاهة وال ياع !
والظلنم كثنريا منا ينذكر ف القنرآن وينراد بنه الش ن رك .بوصنفه أظلنم الظلنم وأقب نه .وف القننرآن:
( إن الشنرك لظلم عظيم) ..وف الص ي ي عن ابن مسعود :أ ه قال :قلت:يا رسنول الل .أي
الذنب أعظم ؟ قال ":أن يعل لل ندا وهو خلقي ... "..
وقد أاار السياد من قبل إ سنة الل ف الكنذبي؛ فناين يقنرر أن الل ال حينب الظنالي .فهنو
توكيد ف صورة أخرى حلقيقة ما ينتظر الكذبي الظالي الذين ال حيبهم الل .والتعبنري بنأن الل
الظنالي .وهنذه اإل نارة ف معنرض الظلنم وبغن ال حيب الظالي ،يثنري ف نفنس النةمن بغن
احلديث عن ا هاد واالستشهاد ،ا مناسبتها احلارة .فالةمن إننم يبنذل نفسنه ف مكاف نة منا
يكره ننه الل وم ننن يكره ننه .وه ننذا ه ننو مق ننام االستش ننهاد ،وف ه ننذا تك ننون الش ننهادة؛ وم ننن ه ننةالء
يتخذ الل الشهداء ..
ننم يم ن نني الس ننياد القن ننرآين يكشن ننف ع ننن احلكمن ننة الكامنن ننة وراء الح نندا ،ف تربين ننة المن ننة
السلمة ومت يصها وإعدادها لدورها العىل ،ولتكون أداة من أدوات قندره ف حمنق الكنافرين،
وستارا لقدرته ف هالك الكذبي :
93
والتم نيص درجننة بعنند الفننرز والتمييننز .التم نيص عمليننة تننتم ف داخننل النننفس ،وف مكنننون
ال مري ..إ ا عملية كشف لكنونات الشخصية ،وتسليط ال وء عنىل هنذه الكنوننات .متهيندا
وال إلخنرا النندخل والنندغل والوانناب ،وتركهننا نقيننة واضن ة مسننتقرة عننىل احلننق ،بننال غننب
ضباب ..
وكثريا ما جيهل اإلنسان نفسه ،ونابئهنا ودروذنا ومن نياونا .وكثنريا منا جيهنل حقيقنة ضنعفها
وقووا ،وحقيقة ما استكن فيها من رواسب ،ال تظهر إال بمثري !
وف ه ننذا التم ننيص ال ننذي يت ننواله الل -س ننب انه -بمداول ننة الخم ننام ب نني الن نناس ب نني الش نندة
والرخ نناء ،يعل ننم الةمن ننون م ننن أ ف س ننهم م ننا يكون ننوا يعلمون ننه قب ننل ه ننذا ال نني الري ننر :حم نني
الحدا والتهارب والواقف العملية الواقعية .
ولقد يظن اإلنسان ف نفسه القدرة والشنهاعة والتهنرد واخلنالص منن الشنح واحلنرص ..نم
إذا هننو يكشننف -عننىل ضننوء التهربننة العمليننة ،وف مواجهننة الحنندا الواقعيننة -إن ف نفسننه
عقا بينل مت ننص .وأ نه يتهيننأ لثنل هننذا السنتوى مننن ال نغوي ومننن اخلنري أن يعلننم هنذا مننن
نفسنه ،ليعنناود ال اولنة ف سننبكها منن جدينند ،عنىل مسننتوى ال نغوي التنني تقت نيها طبيعننة هننذه
الدعوة ،وعىل مستوى التكاليف التي تقت يها هذه العقيدة !
والل -سب انه -كان يريب هذه ا معة ا لختنارة لقينادة البشننرية ،وكنان يريند ذنا أمنرا ف هنذه
الرض .فم صها هذا التم نيص ،النذي تكشنفت عننه الحندا ف أحند ،لةتفنع إ مسنتوى
الدور القدر ا ،وليت قق عىل يدهيا قدر الل الذي ناطه ذا :
)ويم ق الكافرين)..
94
حتقيقا لسنته ف دمغ الباطل باحلق متى استعلن احلق ،وخلص من الشوائب بالتم يص ..
وف س ننةال اس ننتنكاري يصن ن ح الق ننرآن تص ننورات الس ننلمي ع ننن س نننة الل ف ال نندعوات ،وف
النصنر وا زيمة ،وف العمل وا زاء .ويبي نم أن طرينق ا ننة حمفنو بالكناره ،وزاده الصنرب
ع ن ن ننىل مش ن ن نناد الطري ن ن ننق ،ول ن ن ننيس زاده التمن ن ن نني والم ن ن نناين الط ن ن ننائرة الت ن ن نني ال تثب ن ن ننت ع ن ن ننىل العان ن ن نناة
والتم يص :
) أم حسبتم أن تدخلوا ا نة ،ولا يعلم الل الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين .ولقد كنتم
متنون الوت من قبل أن تلقوه .فقد رأخمتموه وأ تم تنظرون)..
إن صننيغة السننةال االسننتنكارية يقصنند ذننا إ التنبيننه بشنندة إ خطننأ هننذا التصننور :تصننور أ ننه
يكفي اإلنسان أن يقو ا كلمة باللسان :أسلمت وأ ا عىل اسنتعداد للمنوت .فيبلنغ ذنذه الكلمنة
أن يةدي تكاليف اإليمن ،وأن ينتهي إ ا نة والرضوان !
إنم هي التهربة الواقعية ،واالمت نان العمنيل .وإننم هنو ا هناد ومالقناة النبالء ،نم الصنرب عنىل
تكاليف ا هاد ،وعىل معاناة البالء .
ف ننال يكف نني أن جياه نند الةمن ننون .إن ننم ه ننو الص ننرب ع ننىل تك نناليف ه ننذه ال نندعوة أخم ننا .التك نناليف
الس ننتمرة التنوع ننة الت نني ال تق ننف عن نند ا ه نناد ف الي نندان .ف ننربم ك ننان ا ه نناد ف الي نندان أخن ننف
تك اليف هذه الدعوة التي يطلب ا الصنرب ،واتنرب ذنا اإلينمن .إننم هنالني العانناة اليومينة التني
95
ال تنتهي :معاناة االستقامة عىل أفق اإليمن .واالستقرار عىل مقت ياته ف الشعور والسلوك،
والصرب ف أ ناء ذلي عىل ال عف اإلنساين :ف النفس وف الغري ،ان يتعامل معهم الةمن ف
ويبندو كالنتص ننر حياتنه اليومينة .والصنرب عنىل الفنةات التني يسنتعيل فيهنا الباطنل ويننتف
والصرب عىل طول الطريق وبعد الشقة وكثرة العقبات .والصرب عىل وسوسة الرا حنة وهفنوة
النفس ا ف زرة ا هد والكرب والن ال ..والصرب عىل أاياء كثرية ليس ا هناد ف اليندان
إال واحنندا منه ننا ،ف الطري ننق ال ف ننو بالك نناره .طري ننق ا ن ننة الت نني ال تن ننال بالم نناين وبكل ننمت
اللسان !
وهكننذا يقفهننم السننياد وجهننا لوجننه مننرة أخننرى أمننام الننوت الننذي واجهننوه ف العركننة ،وقنند
كانوا من قبل يتمنو ن لقاءه .ليوازنوا ف حسنهم بني وزن الكلمنة يقو نا اللسنان ،ووزن احلقيقنة
يواجهها ف العيان .فيعلمهم ذذا أن حيسبوا حسابا لكل كلمنة تطلقهنا أفسننتهم ،ويزننوا حقيقنة
رصننيدها الننواقعي ف نفوسننهم ،عننىل ضننوء مننا واجهننوه مننن حقيقتهننا حنني واجهننتهم وبننذلي
يقنندرون قيمننة الكلمننة ،وقيمننة المنيننة ،وقيمننة الوعنند ،ف ضننوء الوا قننع الثقيننل ننم يعلمهننم أن
ليس ننت الكل ننمت الط ننائرة ،والم نناين الرفرف ننة ه نني الت نني ت ننبلغهم ا ن ننة ،إن ننم ه ننو حتقي ننق الكلم ننة،
ويسيم المنينة ،وا هناد احلقيقني ،والصنرب عنىل العانناة .حتنى يعلنم الل مننهم ذلني كلنه واقعنا
كائنا ف دنيا الناس !
ولقنند كننان الل -سننب انه -قننادرا عننىل أن يمنننح النص ننر لنبيننه ولدعوتننه ولدينننه ولنههننه منننذ
الل ظة الو ،وبال كد من الةمني وال عناء .وكان قادرا أن يننزل الالئكنة تقاتنل معهنم -أو
بدو م -وتدمر عىل الشنركي ،كم دمرت عىل عاد و مود وقوم لوي ..
96
ولكننن السننأفة ليسننت هنني النص ننر ..إنننم هنني تربيننة ا معننة السننلمة ،التنني تعنند لتتسننلم قيننادة
البش ن ن ننرية ..البش ن ن ننرية بك ن ننل ضن ن ننعفها ونقصن ن ننها؛ وبكن ن ننل ان ن ننهواوا ونزواون ن ننا؛ وبك ن ننل جاهليتهن ن ننا
وان رافها ..وقيادوا قيادة رااندة تقت ني اسنتعدادا عالينا منن القنادة .وأول منا تقت نيه صنالبة
ف اخللق ،و بات عىل احلق ،وصرب عىل العاناة ،ومعرفة بمواطن ال عف ومواطن القوة ف
النفس البشنرية ،وخربة بمواطن الزلل ودواعي االن را ،ووسائل العال ..م صرب عىل
الرخاء كالصرب عىل الشدة .وصرب عىل الشدة بعد الرخاء .وطعمها يومئذ الذع مرير !..
وه ننذه الةبي ننة ه نني الت نني يأخ ننذ الل ذ ننا ا مع ننة الس ننلمة ح نني ي ننأذن بتس ننليمها مقالي نند القي ننادة،
ليعدها ذنذه الةبينة للندور العظنيم ا ائنل الشناد ،النذي ينوطنه ذنا ف هنذه الرض .وقند اناء -
! سب انه -أن جيعل هذا الدور من نصيب "اإلنسان" الذي استخلفه ف هذا اللي العري
وقنندر الل ف إعننداد ا معننة السننلمة للقيننادة يم نني ف طريقننه ،بشننتى السننباب والوس ننائل،
وا ننتى الالبس ننات والوق ننائع ..يم ن نني أحيان ننا ع ننن طري ننق النصن ننر احلاس ننم للهمع ننة الس ننلمة،
فتستبش ننر ،وترتف ننع قته ننا بنفس ننها -ف ظننل الع ننون اإل نني -وي ننرب لننذة النص ننر ،وتص ننرب ع ننىل
نشننوته ،ويننرب مقنندروا عننىل مغالبننة البطننر والزهننو واخلننيالء ،وعننىل التننزام التوا ضننع والشننكر
لل ..ويم ني أحيانا عن طريق ا زيمة والكرب والشدة .فتلهأ إ الل ،وتعنر حقيقنة قوونا
عنن مننهج الل .وينرب منرارة ا زيمنة؛ وتسنتعيل الذاتية ،وضعفها حي تن ر أدننى ان نرا
مع ذلي عىل الباطل ،بم عندها منن احلنق الهنرد؛ وتعنر موا ضنع نقصنها وضنعفها ،ومنداخل
ا ننهواوا ،ومزا ل ننق أق نندامها؛ فت نناول أن تص ننلح م ننن ه ننذا كل ننه ف ا ول ننة القادم ننة ..و ننر م ننن
النصنر ومن ا زيمة بالزاد والرصيد ..ويم ني قدر الل وفق سنته ال يتخلف وال حييد ..
97
وقد كان هذا كله طرفا من رصيد معركة أحد؛ الذي حيشده السنياد القنرآين للهمعنة السنلمة
-عننىل ن ننو م نا نننرى ف هننذه اييننات -وهننو رصننيد منندخر لكننل جاعننة مسننلمة ولكننل جيننل مننن
أجيال السلمي.
***
98
الدرس اخلامس :من حقائق التصور اإلسالمي
نم يم نني السنياد ف تقرينر حقنائق التصنور اإلسنالمي الكبننرية؛ وف تربينة ا معنة السنلمة
ذنذه احلقنائق؛ متخنذا مننن أحندا العركنة حمنورا لتقريننر تلني احلقنائق؛ ووسنيلة لةبينة ا معننة
السلمة ذا عىل طريقة النهج القرآين الفريد:
) وما حممد إال رسول قد خلت من قبله الرسل .أفإن مات أو قتل انقلبتم عىل أعقابكم ؟ ومن
الل ايئا؛ وسيهزي الل الشاكرين .وما كان لنفس أن متوت إال ينقلب عىل عقبيه فلن ي
بإ ذن الل كتابا مةجال؛ ومن يرد واب الدنيا نةته منها ،ومنن ينرد نواب ايخنرة نةتنه منهنا؛
وسنهزي الشاكرين .وكأخمن من نبي قاتل معه ربيون كثري ،فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل الل،
وما ضعفوا وما استكانوا ،والل حيب الصابرين .وما كنان قنو م إال أن قنالوا :ربننا اغفنر لننا
ذ نوبنا وإرسافنا ف أمرنا ،و بت أقدامنا ،وانرصنا عىل القوم الكافرين .فلااهم الل واب الدنيا
وحسن واب ايخرة ،والل حيب ال سني)..
إن ايين ننة الو ف هن ننذه الفقن ننرة تشن ننري إ واقعن ننة معينن ننة ،حن نند ت ف غن ننزوة أحن نند .ذلن نني حن نني
انكش ننف ظه ننر الس ننلمي بع نند أن ت ننرك الرم نناة أم نناكنهم من نن ا ب ننل ،فركب ننه الش ننركون ،وأوقع ننوا
بالس ننلمي ،وكس ن نرت رباعي ننة الرس ننول ☻ وا ننج وجه ننه ،ونزف ننت جرا ح ننه؛
وحي اختلطت المور ،وتفرد السلمون ،ال يدري أحدهم مكان ايخر ..حينئنذ ننادى منناد:
إن حممدا قد قتل ..وكنان نذه الصني ة وقعهنا الشنديد عنىل السنلمي .فانقلنب الكثنريون مننهم
عائدين إ الدينة ،مصعدين ف ا بل منهزمي ،تاركي العركة يائسني ..لنوال أن بنت رسنول
99
الل ☻ ف تلني القلننة منن الرجننال؛ وجعننل يننادي السننلمي وهننم منقلبنون،
حتى فاءوا إليه ،و بت الل قلوذم ،وأ زل عليهم النعاس أمنة منه وطمأ ينة ..كم سيهي ..
فهنذه احلاد نة التني أذهلنتهم هنذا النذهول ،يتخنذها القنرآن هننا منادة للتوجينه ،ومناسنبة لتقرينر
حقنائق التصنور اإلسنالمي؛ وجيعلهنا حمنورا إلانارات موحينة ف حقيقنة النوت وحقيقنة احليناة،
وف تاريخ اإليمن ومواكب الةمني:
) وما حممد إال رسول قد خلت من قبله الرسل .أفإن مات أو قتل انقلبتم عىل أعقابكم ؟ ومن
الل ايئا .وسيهزي الل الشاكرين).. ينقلب عىل عقبيه فلن ي
إن حممنندا لننيس إال رسننوال .سننبقته الرسننل .وقنند مننات الرسننل .وحممنند سننيموت كننم مننات
الرسل قبله ..هذه حقيقة أولية بسيطة .فم بالكم غفلتم عنها حينم واجهتكم ف العركة ؟
إن حممنندا رس ننول مننن عن نند الل ،ج نناء ليبلننغ كلم ننة الل .والل ب نناد ال يمننوت ،وكلمت ننه باقي ننة ال
مت ننوت ..وم ننا ينبغ نني أن يرت نند الةمن ننون ع ننىل أعق نناذم إذا م ننات النب نني ال ننذي ج نناء لي ننبلغهم ه ننذه
الكلم ننة أو قت ننل ..وه ننذه ك ننذلي حقيق ننة أولي ننة بس ننيطة غفل ننوا عنه ننا ف زر ننة ا ننول .وم ننا ينبغ نني
للمةمني أن يغفلوا عن هذه احلقيقة الولية البسيطة
إن البش نر إ فنناء ،والعقيندة إ بقناء ،ومننهج الل لل يناة مسنتقل ف ذاتنه عنن النذين حيملوننه
ويةدوننه إ النناس ،منن الرسنل والندعاة عنىل مندار التناريخ ..والسنلم النذي حينب رسنول الل
☻ وق نند ك ننان أص ن ن ابه حيبون ننه احل ننب ال ننذي تع ننر ل ننه ال نننفس البش ن ننرية ف
تاراهننا كلننه نظننريا .احلننب الننذي يفدونننه معننه ب ينناوم أن تشننوكه اننوكة .وقنند رأخمنننا أبننا دجانننة
ينةس عليننه بظهننره والنبننل يقننع فيننه وال يت ننرك ورأخمننا التسننعة الننذين أفننرد فننيهم يننناف ون عنننه
100
ويستشننهدون واحنندا إ ننر واحنند ..ومننا يننزال الكثننريون ف كننل زمننان وف كننل مكننان حيبونننه ذلنني
احل ن ننب العهي ن ننب بكن ننل كي ن ننا م ،وبكن ننل مش ن نناعرهم ،حت ن ننى ليأخ ن ننذهم الوج ن نند م ن ننن جم ن ننرد ذك ن ننره
☻ ..هننذا السننلم الننذي حيننب حممنندا ذلنني احلننب ،مطلننوب منننه أن يفننرد بنني
اننخص حممنند ☻ والعقينندة التنني أبلغهننا وتركهننا للننناس مننن بعننده ،باقيننة اتنندة
موصولة بالل الذي ال يموت.
قند خلننت منن قبلننه الرسننل حيملنون هننذه الندعوة ال نناربة ف جننذور النزمن ،العميقننة ف منابننت
التاريخ ،البتدئة مع البشنرية ،حتدو ا با دى والسالم من مطالع الطريق .
وه نني أك ننرب م ننن الداعي ننة ،وأبق ننى م ننن الداعي ننة .ف نندعاوا جييئ ننون وي ننذهبون ،وتبق ننى ه نني ع ننىل
الجينا ل والقننرون ،ويبقنى اتباعهننا موصنولي بمصنندرها الول ،النذي أرسننل ذنا الرسننل ،وهننو
باد -سب انه -يتوجه إلينه الةمننون ..ومنا جينوز أن ينقلنب أحند مننهم عنىل عقبينه ،ويرتند عنن
هدى الل .والل حي ال يموت:
)أفننإن مننات أو قتننل انقلبننتم عننىل أعقننابكم ؟ ومننن ينقلننب عننىل عقبيننه فلننن ي ن نر الل اننيئا.
وسيهزي الل الشاكرين)..
101
وف التعبري تصوير حي لالرتداد ( :انقلبتم عىل أعقابكم)( ..ومن ينقلب عىل عقبيه) .فهنذه
احلرك ننة احلسن ننية ف االنقن ننالب يسن ننم معنن ننى االرتن ننداد عن ننن هن ننذه العقين نندة ،كأ ن ننه منظن ننر مشن ننهود.
وال قص ننود أص ننال ل ننيس حرك ننة االرت ننداد احلسن ننية با زيم ننة ف العرك ننة ،ولك ننن حرك ننة االرتن ننداد
السننلمي أن ال النفسننية التنني صنناحبتها حينننم هتننف ا نناتف :إن حممنندا قنند قتننل ،فننأحس بع ن
ج نندوى إذن م ننن قت ننال الشن ننركي ،وبم ننوت حمم نند انته ننى أم ننر ه ننذا ال نندين ،وانته ننى أم ننر ا ه نناد
للمرشكي فهنذه احلركنة النفسنية جيسنمها التعبنري هننا ،فيصنورها حركنة ارتنداد عنىل العقناب،
كارتنندادهم ف العركننة عننىل العقنناب وهننذا هننو الننذي حننذرهم إينناه الن نر بننن أ ننس ؓ
فقنال ننم حني وجنندهم قند أفقننوا بأخمندهيم ،وقننالوا لنه :إن حممنندا قند مننات ":فنم تصنننعون باحلينناة
من بعده ؟ فقوموا فموتوا عىل ما مات عليه رسول الل ☻".
فإنم هو اخلارس ،الذي يةذي نفسه فيتنكب الطريق ..وانقالبه لن ي ننر الل انيئا .فنالل غنني
عننن الن نناس وع ننن إيم ننم .ولكن ننه -رر ننة من ننه بالعب نناد -رشع ننم ه ننذا ال نننهج لس ننعادوم ه ننم،
وخلريهم هم .وما يتنكبه متن كب حتنى يالقني جنزاءه منن الشنقوة واحلنرية ف ذات نفسنه وفنيمن
حولنه .وحتنى يفسند النظننام وتفسند احليناة ويفسنند اخللنق ،وتعنو المننور كلهنا ،وينذود الننناس
وبال أمرهم ف تنكبهم للمنهج الوحيد الذي تستقيم ف ظله احلياة ،وتسنتقيم ف ظلنه النفنوس،
فيه. ويد الفطرة ف ظله السالم مع ذاوا ،والسالم مع الكون الذي تعي
102
الننذين يعرفننون مقنندار النعمننة التنني من هننا الل لعبنناده ف إعطننائهم هننذا النننهج ،فيشننكرو ا
باتبناع الننهج ،ويشننكرو ا بالثنناء عنىل الل ،ومننن نم يسنعدون بننالنهج فيكنون هننذا جنزاء طيبننا
عىل اكرهم ،م يسعدون بهزاء الل م ف ايخرة ،وهو أكرب وأبقى ..
وكن ننأ م أراد الل -سن ننب انه -ذن ننذه احلاد ن ننة ،وذن ننذه ايين ننة ،أن يفطن ننم السن ننلمي عن ننن تعلقهن ننم
الشديد بشخص النبي ☻ وهو حني بيننهم .وأن يصنلهم مبنارشة بنالنبع .النبنع
الذي يفهره حممد ☻ ولكن جاء فقط ليومىء إليه ،ويندعو البرشن إ في نه
التدفق ،كم أومأ إليه من قبله من الرسل ،ودعوا القافلة إ االرتواء منه
وكنأ م أراد الل -سنب انه -أن يأخنذ بأخمندهيم ،فيصنلها مبنارشة بنالعروة النو قى .العنروة التني
يعقدها حممد ☻ إنم جاء ليعقد ذا أخمدي البرش ،م يدعهم عليها ويم ني
وهم ذا مستمسكون
وكأ م أراد الل -سب انه -أن جيعنل ارتبناي السنلمي باإلسنالم مبنارشة ،وأن جيعنل عهندهم
مننع الل مبننارشة ،وأن جيعننل مسننةوليتهم ف هننذا العهنند أمننام الل بننال وسننيط .حتننى يستشننعروا
تبعننتهم البننارشة ،التنني ال الننيهم منهننا أن يمننوت الرسننول ☻ أو يقتننل ،فهننم
إنم بايعوا الل .وهم أمام الل مسةولون
وكأ م كان الل -سب انه -يعند ا معنة السنلمة لتلقني هنذه الصندمة الكنربى -حني تقنع -
وهننو -سننب انه -يعلننم أن وقعهننا علننيهم يكنناد يتهنناوز طنناقتهم .فشنناء أن ينندرذم عليهننا هننذا
والذهول . التدريب ،وأن يصلهم به هو ،وبدعوته الباقية ،قبل أن يستبد ذم الده
103
والننذهول .حتننى لقنند وقننف عمننر ؓ ولقنند أص نيبوا -حنني وقعننت بالفعننل -بالننده
ااهرا سيفه ،هيدد به من يقول :إن حممدا قد مات
و يثبنت إال أبنو بكنر ،الوصنول القلنب بصناحبه ،وبقندر الل فينه ،االتصنال البنارش الو ينق.
وكانت هذه ايية -حني ذكرهنا وذكنر ذنا الدهواني النذاهلي -هني الننداء اإل ني السنموع،
فإذا هم يثوبون ويرجعون
ننم يلمننس السننياد القننرآين مكمننن اخلننو مننن الننوت ف النننفس البش ننرية ،لسننة موحيننة ،تطننرد
ذل نني اخل ننو ،ع ننن طري ننق بي ننان احلقيق ننة الثابت ننة ف ا ننأن ال ننوت وا ننأن احلي نناة ،وم ننا بع نند احلي نناة
والوت من حكمة لل وتدبري ،ومن ابتالء للعباد وجزاء:
( وما كان لنفس أن متوت إال بإذن الل كتابا مةجال .ومن يرد واب الدنيا نةته منها؛ ومن يرد
واب ايخرة نةته منها .وسنهزي الشاكرين)..
إن لك ننل نف ننس كتاب ننا م ننةجال إ أج ننل مرس ننوم .ول ننن مت ننوت نف ننس حت ننى تس ننتوف ه ننذا الج ننل
الرسوم .فاخلو وا لنع ،واحلنرص والتخلنف ،ال تطينل أجنال .والشنهاعة والثبنات واإلقندام
والوفناء ال تقص ن ر عمننرا .فنال كننان ا ننبن ،وال نامنت أعنني ا بننناء .والجنل الكتننوب ال ينننقص
منه يوم وال يزيد !
ب ننذلي تس ننتقر حقيق ننة الج ننل ف ال نننفس ،فت ننةك االا ننتغال ب ننه ،وال يعل ننه ف احلس نناب ،وه نني
تفك ننر ف الداء والوفن نناء بااللتزا من ننات والتكن نناليف اإل يمنين ننة .وب ننذلي تنطلن ننق من ننن عقن ننال الشن ننح
واحلننرص ،كننم ترتفننع ع ننىل وهلننة اخلننو والف ننزع .وبننذلي تسننتقيم ع ننىل الطريننق بكننل تكاليف ننه
وبكل التزاماته ،ف صرب وطمأ ينة ،وتوكل عىل الل الذي يملي ايجال وحده.
104
ننم ينتق ننل ب ننالنفس خط ننوة وراء ه ننذه الق ننية الت نني حس ننم فيه ننا الق ننول ..فإن ننه إذا ك ننان العم ننر
مكتوبننا ،والجننل مرسننوما ..فلتنظننر نفننس مننا قنندمت لغنند؛ ولتنظننر نفننس منناذا ترينند ..أارينند أن
ن ننذه ال ن نندنيا تقعن نند عن ننن تكن نناليف اإلين ننمن ،وأن حتصن ن ن ر مههن ننا كلن ننه ف هن ننذه الرض ،وأن تعن نني
وحن نندها؟ أم تري ن نند أن تتطل ن ننع إ أف ن ننق أع ن ننىل ،وإ اهتممن ننات أرف ن ننع ،وإ حي ن نناة أك ن ننرب م ن ننن ه ن ننذه
احلياة؟ ..مع ت ساوي هذا ا م وذاك فيم اتص بالعمر واحلياة ؟
( ومن يرد واب الدنيا نةته منها .ومن يرد واب ايخرة نةته منها).
وانتان بني حيناة وحيناة وانتان بني اهنتمم واهنتمم -منع احتناد النتيهنة بالقيناس إ العمنر
ننذه الرض وحنندها ،ويرينند ننواب النندنيا وحنندها ..إنننم حييننا حينناة والجننل -والننذي يعنني
الديندان والندواب وال عنام ننم يمنوت ف موعنده ال نروب بأجلننه الكتنوب .والنذي يتطلننع
إ الفنق ايخنر ..إننم حيينا حيناة "اإلنسنان" النذي كرمنه الل واسنتخلفه وأفنرده ذنذا الكنان نم
يمنوت ف موعنده ال نروب بأجلنه الكتنوب( ..ومنا كنان لننفس أن متنوت إال بنإذن الل كتابنا
مةجال)..
)وسنهزي الشاكرين)..
الذين يدركون نعمة التكريم اإل ي لإلنسان ،فريتفعون عن مندار احلينوان؛ ويشنكرون الل
عىل تلي النعمة ،فينه ون بتبعات اإليمن..
وهكذا يقرر القنرآن حقيقنة النوت واحليناة ،وحقيقنة الغاينة التني ينتهني إليهنا الحيناء ،وفنق منا
يريدونه ل فسنهم ،منن اهنتمم قرينب كناهتمم الندود ،أو اهنتمم بعيند كناهتمم اإلنسنان وبنذلي
ينقنل الننفس منن االنشنغال بناخلو منن النوت وا نزع منن التكناليف -وهني ال متلني انيئا ف
105
اننأن الننوت واحلينناة -إ االنشننغال بننم هننو أ فننع للنننفس ،ف احلقننل الننذي متلكننه ،ومتلنني فيننه
االختيار .فتختار الدنيا أو تار ايخرة .وتنال من جزاء الل ما تار
ننم ي ننرب الل للمسننلمي الثننل مننن إخننوا م الننةمني قننبلهم .مننن موكننب اإليننمن الالحننب
المتنند عننىل طننول الطريننق ،ال ننارب ف جننذور الزمننان ..مننن أوئلنني الننذين صنندقوا ف إيم ننم،
وقاتلوا مع أ بيائهم ،فلم جيزعوا عنند االبنتالء؛ وتنأدبوا -وهنم مقندمون عنىل النوت -بنالدب
اإلين ننمين ف هن ننذا القن ننام ..مق ن ننام ا هن نناد ..فلن ننم يزين نندوا ع ن ننىل أن يسن ننتغفروا رذن ننم؛ وأن جيس ن ننموا
أخط نناءهم فريوه ننا "إرسا ف ننا" ف أم ننرهم .وأن يطلب ننوا م ننن رذ ننم الثب ننات والنصن ننر ع ننىل الكف ننار..
وبننذلي ن ننالوا ننواب ال نندارين ،ج ننزاء إحسننا م ف أدب ال نندعاء ،وإحس ننا م ف موق ننف ا ه نناد.
به الل للمسلمي: وكانوا مثال ي
( وكأخمن من نبي قاتل معه ربيون كثري ،فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل الل ،وما ضعفوا وما
استكانوا .والل حيب الصابرين .وما كان قو م إال أن قالوا :ربنا اغفر لنا ذنوبنا ،وإرسا فنا ف
أمرنا؛ و بت أقدامنا؛ وانصنرنا عىل القوم الكافرين .فلااهم الل نواب الندنيا وحسنن نواب
ايخرة .والل حيب ال سني)..
لقد كانت ا زيمة ف "أحد" ،هي أول هزيمة تصدم السلمي ،الذين نصنرهم الل ببندر وهنم
ض ننعا قلي ننل؛ فك ننأ م وق ننر ف نفوس ننهم أن النص ن ننر ف ك ننل موقع ننة ه ننو الس نننة الكوني ننة .فلن ننم أن
صدمتهم أحد ،فوجئوا باالبتالء كأ م ال ينتظرونه !
ولعل ننه ننذا ط ننال احل ننديث ح ننول ه ننذه الواقع ننة ف الق ننرآن الك ننريم .واس ننتطرد الس ننياد يأخ ننذ
الس ننلمي بالتأس ننية ت ننارة ،وباالس ننتنكار ت ننارة ،وب ننالتقرير ت ننارة ،وبالث ننل ت ننارة ،تربي ننة لنفوس ننهم،
106
وتص ن ن ي ا لتصن ننورهم ،وإعن نندادا ن ن م .فن ننالطريق أمن ننامهم طوين ننل ،والتهن ننارب أمن ننامهم ان نناقة،
والتكاليف عليهم باهظة ،والمر الذي يندبون له عظيم .
والث ننل ال ننذي ي ننربه ننم هن ننا مث ننل ع ننام ،ال حي نندد في ننه نبي ننا ،وال حي نندد في ننه قوم ننا .إن ننم ي ننربطهم
بموكنب اإلينمن؛ ويعلمهنم أدب النةمني؛ ويصنور نم االبنتالء كأ نه المنر الطنرد ف كنل دعنوة
وف كل دين؛ ويربطهم بأسالفهم من اتباع ال بياء؛ ليقرر ف حسنهم قرا بنة النةمني للمنةمني؛
اإليمين الكبري: ويقر ف أخالدهم أن أمر العقيدة كله واحد .وإ م كتيبة ف ا ي
) وكأخمن من نبي قاتل معه ربيون كثري .فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل الل ومنا ضنعفوا ومنا
استكانوا)..
..وكننم مننن نبنني قاتلننت معننه جاعننات كثننرية .فننم ضننعفت نفوسننهم لننا أصنناذم مننن الننبالء
والك ننرب والش نندة وا ننرا .وم ننا ض ننعفت ق ننواهم ع ننن االس ننتمرار ف الكف ننا ،وم ننا استس ننلموا
للهزع وال لألعداء ..فهذا هو اأن الةمني ،الناف ي عن عقيدة ودين ..
ال ننذين ال ت ننعف نفوس ننهم ،وال تت ع ننع ق ننواهم ،وال تل نني ع ننزائمهم ،وال يس ننتكينون أو
يستسلمون ..والتعبري باحلب منن الل للصنابرين .لنه وقعنه .ولنه إحينا ه .فهنو احلنب النذي يأسنو
والقر والكفا الرير ! ا را ،ويمسح عىل القر ،ويعوض ويربو عن ال
وإ هنن ننا كن ننان السن ننياد قن نند رسن ننم الصن ننورة الظن نناهرة ن ننةالء الن ننةمني ف من ننوقفهم من ننن الشن نندة
واالبتالء .فهو يم نني بعندها لريسنم الصنورة الباطننة لنفوسنهم ومشناعرهم .صنورة الدب ف
حق الل ،وهم يواجهون ا ول الذي يذهل النفوس ،ويقيدها باخلطر الراهق ال تتعنداه .ولكننه
107
ال يذهل نفوس الةمني عن التوجه إ الل ..ال لتطلب النصنر أول ما تطلب -وهو ما يتبنادر
عادة إ النفوس -ولكن لتطلنب العفنو والغفنرة ،ولتعنة بالنذنب واخلطيئنة ،قبنل أن تطلنب
الثبات والنصنر عىل العداء :
) وما كان قو م إال أن قالوا :ربنا اغفر لنا ذنوبنا ،وإرسا فنا ف أمرنا ،و بت أقدامنا ،وانرصنا
عىل القوم الكافرين)..
إ م يطلبنوا نعمنة وال نراء .بنل يطلبنوا وا بنا وال جنزاء ..يطلبنوا نواب الندنيا وال نواب
ايخننرة .لق نند ك ننانوا أكث ننر أدب ننا م ننع الل ،وه ننم يتوجهننون إلي ننه ،بي نننم ه ننم يق نناتلون ف س ننبيله .فل ننم
يطلبننوا منننه -سننب انه -إال غفننران الننذنوب ،وتثبيننت القنندام ..والنص ننر عننىل الكفننار .ف ت ننى
النصن ننر ال يطلبون ننه ل فس ننهم إن ننم يطلبون ننه هزيم ننة للكف ننر وعقوب ننة للكف ننار ..إن ننه الدب الالئ ننق
بالةمني ف حق الل الكريم .
وهنةالء الننذين يطلبننوا ل فسننهم اننيئا ،أعطنناهم الل مننن عنننده كننل يشء .أعطنناهم مننن عنننده
كل ما يتمناه طالب الدنيا وزيادة .وأعطاهم كذلي كل ما يتمناه طالب ايخرة ويرجونه :
وانهد ننم -سننب انه -باإلحسننان .فقنند أحسنننوا الدب وأحسنننوا ا هنناد ،وأعلننن حبننه ننم.
وهو أكرب من النعمة وأكرب من الثواب :
108
وهكننذا تنتهنني هننذه الفقننرة ف االسننتعراض؛ وقنند ت ننمنت تلنني احلقننائق الكبننرية ف التصننور
اإلسننالمي .وقنند أدت هننذا النندور ف تربيننة ا معننة السننلمة .وقنند ادخننرت هننذا الرصننيد لألمننة
السلمة ف كل جيل..
***
109
الدرس السادس :احلذر من طاعة الكافرين
نم يم نني السنياد خطنوة أخنرى ف اسنتعراض أحندا العركنة؛ وا اذهنا حمنورا للتعقيبنات،
يتننوخى ذ ننا تص ن يح التصننور ،وتربي ننة ال ننمئر ،والت ننذير م ننن مزا ل ننق الطريننق ،والتنبي ننه إ م ننا
حييط با معة السلمة من الكيد ،وما يبيته ا أعدا ها الةبصون :
ولق نند كان ننت ا زيم ننة ف أح نند جم نناال لدس ننائس الكف ننار والن ننافقي واليه ننود ف الدين ننة .وكان ننت
لننص بعنند لإلسننالم؛ بننل ال يننزال السننلمون فيهننا نبتننة غريبننة إ حنند كبننري .نبتننة غريبننة الدنيننة
أحاطتهنا "بنندر" بسننيا مننن الرهبننة ،بنم كننان فيهننا مننن النصننر البلنج .فلنم كانننت ا زيمننة ف أحنند
تغنري الوقننف إ حند كبننري؛ وسننن ت الفرصنة ننةالء العننداء الةبصني أن يظهننروا أحقننادهم،
وأن ينفثنوا سننمومهم؛ وأن جيندوا ف جننو الفهنائع التنني دخلننت كنل بيننت منن بيننوت السننلمي -
وبخاصة بيوت الشهداء ومن أصابتهم ا نرا الثخننة -منا يسناعد عنىل تنرويج الكيند والندس
والبلبلة ف الفكار والصفو .
وف هنذه الفقننرة التاليننة منن االسننتعراض القننرآين الوجنه -وهنني متثننل جسنم العركننة وأضننخم
مشاهدها -نسمع الل سب انه يدعو الذين آمننوا لي ذرهم من طاعة النذين كفنروا؛ ونسنمعه
-س ننب انه -يع نندهم النصن ننر ع ننىل ع نندوهم ،وإلق نناء الرع ننب ف قلب ننه؛ وي ننذكرهم بالنصن ننر ال ننذي
حقق ننه ننم ف أول العرك ننة ،حس ننب وع ننده ننم؛ وال ننذي إن ننم أض نناعوه ه ننم ب ننعفهم ون ننزاعهم
ن نر مشننهد العركننة بش ننطريه ،ف وخالفهننم عننن أمننر رسننول الل ☻ ننم يست
صننورة فائ ننة باحليويننة واحلركننة .ننم مننا أعقننب ا زيمننة والفننزع ،مننن إنننزال الطمأ ينننة ف قلننوب
110
ال ننةمني م نننهم؛ بي نننم القل ننق واحل ننرية واحلس ن ن رة تأك ننل قل ننوب الن ننافقي ،ال ننذين س نناء ظ نننهم ب ننالل
سن ننب انه .ويكشن ننف ن ننم كن ننذلي ع ن ننن جانن ننب من ننن حكمت ن ننه اخلفين ننة وت ن نندبريه اللطين ننف ،ف س ن ننري
الح نندا س ننريوا تل نني ،م ننع تقري ننر حقيق ننة ق نندر الل ف آج ننال العب نناد .وحي ننذرهم ف اي ننة ه ننذه
الفقننرة مننن ضننالل التصننورات التنني يشننيعها الكفننار ف ق ننية الننوت واالستشننهاد .ويننردهم إ
حقيقة البعث ،التي ينتهي إليها النناس ..مناتوا أو قتلنوا ..وإ أ نم مرجوعنون إ الل عنىل كنل
حال :
( يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم عىل أعقابكم فتنقلبوا خارسين ..بل الل
موالكم وهو خري النارصين .سنل قي ف قلوب الذين كفروا الرعب بم أرشكوا بالل ما ينزل به
سلطانا؛ ومأواهم النار ،وبئس مثوى الظالي ولقد صدقكم الل وعده إذ حتسو م بإذنه،
حتى إذا فشلتم ،وتنازعتم ف المر ،وعصيتم من بعد ما أراكم ما حتبون :منكم من يريد الدنيا
ومنكم من يريد ايخرة ،م رص فكم عنهم ليبتلنيكم ،ولقند عفنا عننكم ،والل ذو ف نل عنىل
الةمني .إذ تصعدون وال تلوون عىل أحد ،والرسول يدعوكم ف أخراكم؛ فأ ابكم غم بغم،
لكيال حتزنوا عىل ما فاتكم وال ما أصابكم ،والل خبري بم تعملون .م أ زل عليكم من بعد الغم
أمنة ،نعاسا يغشى طائفة منكم ،وطائفة قد أمهتهم أ فسهم ،يظنون بالل غري احلق ظن ا اهلية،
يقولون :هل لنا من المر من يشء ؟ قل :إن المر كله لل .افون ف أ فسهم ما ال يبدون لي.
يقولون :لو كان لنا من المر يشء ما قتلنا هاهنا .قل :لو كننتم ف بينوتكم لنربز النذين كتنب
عليهم القتل إ م اجعهم .ولي بتيل الل ما ف صدوركم ،وليم ص ما ف قلوبكم؛ والل عليم
منا بذات الصدور .إن النذين تولنوا مننكم ينوم التقنى ا معنان إننم اسنتز م الشنيطان بنبع
كسبوا؛ ولقد عفا الل عنهم ،إن الل غفور حليم .يا أهيا الذين آمنوا ال تكونوا كالذين كفروا،
وقالوا إلخوا م -إذا ربوا ف الرض أو كانوا غزى :-لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا،
111
ليهعل الل ذلي حسن رة ف قلوذم .والل حييي ويميت ،والل بم تعملون بصري .ولئن قتلتم ف
سبيل الل أو متم لغفرة من الل وررة خري اا جيمعون .ولئن متم أو قتلتم إل الل حتشنرون(..
وحنني ننظننر ف هننذه ال هموعننة مننن اييننات نظننرة فاحصننة نهنندها قنند ضننمت جوان هننا عننىل
حش ن نند ض ن ننخم م ن ننن الش ن نناهد الفائ ن ننة باحليوي ن ننة ،وم ن ننن احلق ن ننائق الكب ن ننرية الص ن ننيلة ف التص ن ننور
اإلسننالمي ،وف احلينناة اإلنسننانية .وف السنننن الكونيننة ..نهنندها تصننور العركننة كلهننا بلمسننات
الشن نناعر رسيعن ننة حين ننة مت ركن ننة عميقن ننة ،فن ننال تن نندع منهن ننا جانبن ننا إال سن ننهلته تسن ننهيال يسن ننتهي
ن ننارا للمعركن ننة بهوهن ننا ومالبسن نناوا واخل ننواطر؛ وهن نني بن نندون ان نني أان نند حيوين ننة وأان نند است
ووقائعهنا ،وبكنل اخللهنات النفسننية واحلركنات الشنعورية الصناحبة ننا ..منن كنل تصنوير آخننر
ورد ف روايننات السننرية -عننىل طو ننا وتشننعبها -ننم نهنندها ت ننم جوان هننا عننىل ذلنني احلشنند
من احلقائق ف صوروا احلية الفاعلة ف النفوس ،البانية للتصور الص يح .
ومنا مننن اني أن احتشنناد هنذه الشنناهد كلهنا ،وهننذه احلقنائق كلهننا ،ف هنذا القنندر منن اللفنناظ
والعب ننارات -م ننع حيويته ننا وحركته ننا وإحيائه ننا ع ننىل ه ننذا الن ننو -أم ننر غ ننري معه ننود ف التعب ننري
البش نري .ينندرك ذلنني مننن ينندركون أرسا ر السنناليب ،وطاقننات الداء ،وبخاصننة مننن يعننا ون
منهم التعبري ،ويعانون أرسا ر الداء !
) يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم عىل أعقابكم فتنقلبوا خارسين .بل الل
موالكم وهو خري النارصين)..
لق نند انته ننز الكف ننار والن ننافقون واليه ننود ف الدين ننة م ن ن ا أص نناب الس ننلمي م ننن ا زيم ننة والقت ننل
والقننر ،ليثبطننوا عننزائمهم ،واوفننوهم عاقبننة السننري مننع حممنند ،ويصننوروا ننم ننناو القتننال،
وحلفنائهم ..وجنو ا زيمنة هننو أصنلح الجنواء لبلبلننة وعوا قنب االانتباك منع مش نركي قننري
112
القلوب ،وخلخلة الصفو ،وإااعة عدم الثقة ف القيادة؛ والتشكيي ف جدوى اإلرصا ر عىل
العركة مع القوياء؛ وتزيي االنس اب منهنا ،ومسنالة النترصنين فيهنا منع إ نارة الوا جنع
الشخصننية والالم الفرديننة؛ وحتويلهننا كلهننا نندم كيننان ا معننة ،ننم نندم كيننان العقينندة ،ننم
لالستسالم لألقوياء الغالبي !
ومن م حيذر الل النذين آمننوا أن يطيعنوا النذين كفنروا .فطاعنة النذين كفنروا عاقبتهنا اخلسنارة
الةكنندة ،ولننيس فيهننا ربننح وال منفعننة .فيهننا االنقننالب عننىل العقنناب إ الكفننر .فننالةمن إمننا أن
يم نني ف طريقننه جياهنند الكفننر والكفننار ،ويكننافح الباطننل والبطلنني ،وإمننا أن يرتنند عننىل عقبيننه
كافرا -والعياذ بالل -وحمال أن يقنف سنلب يا بني بني ،حمافظنا عنىل موقفنه ،وحمتفظنا بديننه ..إننه
قد ايل إليه هذا ..ايل إليه ف أعقاب ا زيمة ،وحتت وطأة ا ر والقر ،أ ه مستطيع أن
ينس ب من العركة مع القوياء الغالبي وأن يسالهم ويطيعهم ،وهو مع هذا حمتفظ بدينه
وعقيدته وإيمنه وكيانه وهو وهم كبري .فالذي ال يت رك إ اإلمام ف هذا الهال ال بد أن
يرتد إ الوراء ،والذي ال يكافح الكفر والرش وال الل والباطل والطغيان ،ال بد أن يتخاذل
ويتقهقر ويرتد عىل عقبيه إ الكفر والشن ر وال الل والباطل والطغيان والذي ال تعصمه
عقيدت ننه وال يعصن ننمه إيمنن ننه م ننن طاعن ننة الكن ننافر ين ،واالسن ننتمع إل ننيهم ،والثقن ننة ذن ننم يتنن ننازل -ف
احلقيق ننة -ع ننن عقيدت ننه وإيمن ننه من ننذ الل ظ ننة الو ..إ ننا ا زيم ننة الروحي ننة أن ي ننركن ص نناحب
العقينندة إ أعننداء عقيدتننه ،وأن يسننتمع إ وسوسننتهم ،وأن يطيننع توجيهنناوم ..ا زيمننة بننادىء
ذي بندء .فننال عاصنم لننه مننن ا زيمنة ف النهايننة ،واالرتنداد عننىل عقبيننه إ الكفنر ،ولننو حيننس ف
خطوا تننه الو أ ننه ف طريقننه إ هننذا الصننري البننائس ..إن الننةمن جينند ف عقيدتننه ،وف قيادتننه،
غن نناء ع ننن مش ننورة أع ننداء دين ننه وأع ننداء قيادت ننه .ف ننإذا اس ننتمع إ ه ننةالء م ننرة فق نند س ننار ف طري ننق
113
االرتداد عىل العقاب ..حقيقنة فطرينة وحقيقنة واقعينة ،ينبنه الل النةمني نا ،وحينذرهم إياهنا،
وهو ينادهيم باسم اإليمن :
) يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم عىل أعقابكم فتنقلبوا خارسين(..
وأخمننة خسننارة بعنند خسننارة االرتننداد عننىل العقنناب ،مننن اإليننمن إ الكفننر ؟ وأي ربننح يت قننق
بعد خسارة اإليمن ؟
وإ ذا كننان مبعننث اليننل إ طاعننة الننذين كفننروا هننو رجنناء احلميننة والنصننرة عننندهم ،فهننو وهننم،
ب السياد صف ا عنه ،ليذكرهم ب قيقة النصنرة واحلمية : ي
فهذه هي ا هة التي يطلب الةمنون عندها الوالية ،ويطلبنون عنندها النصننرة .ومنن كنان الل
مننواله ،فننم حاجتننه بواليننة أحنند مننن خلقننه ؟ ومننن كننان الل نننارصه فننم حاجتننه بنص ننرة أحنند مننن
العبيد ؟
ننم يم ن نني الس ننياد يثب ننت قل ننوب الس ننلمي ،ويبش ن ن رهم بإلق نناء الرع ننب ف قل ننوب أع نندائهم،
بسبب إرشاكهم بالل ما ينزل به سلطانا ،و جيعل له قوة وقدرة .وذلي فنود عنذاب ايخنرة
الهيأ للظالي :
) سنلقي ف قلوب الذين كفروا الرعب بم أرشكوا بالل ما ينزل به سلطانا .ومأواهم النار،
وبئس مثوى الظالي)..
114
والوعنند مننن الل ا ليننل القننادر القنناهر ،بإلقنناء الرعننب ف قلننوب الننذين كفننروا ،كفيننل بنهايننة
العركة ،وضمن زيمة أعدائه ونرص أوليائه ..
وهننو وعن د قننائم ف كننل معركننة يلتقنني فيهننا الكفننر بنناإليمن .فننم يلقننى الننذين كفننروا الننذين آمنننوا
حت ننى ا ننافوهم ،ويت ننرك الرع ننب اللق ننى م ننن الل ف قل ننوذم .ولك ننن اله ننم أن توج نند حقيق ننة
اإلي ننمن ف قل ننوب ال ننةمني .حقيق ننة الش ننعور بوالي ننة الل وح ننده ،والثق ننة الطلق ننة ذ ننذه الوالي ننة،
والتهننرد مننن كننل اننائبة مننن انني ف أن جننند الل هننم الغننالبون ،وأن الل غالننب عننىل أمننره ،وأن
النذين كفنروا غنري معهنزين ف الرض وال سنابقي لل سننب انه ! والتعامنل منع وعند الل هننذا،
مهم تكن ظواهر المور الفه ،فوعد الل أصدد اا تراه عيون البرش وتقدره عقو م !
إنننه الرعننب لن قلننوذم خاو ي ننة مننن السننند الص ن يح .ل ننم ال يسننتندون إ ق ننوة وال إ ذي
قوة .إ م أرشكوا بالل آ ة ال سلطان ا ،لن الل يمن ها سلطانا .
والتعبري( :ما ينزل به سلطانا) ذو معنى عميق ،وهو يصادفنا ف القرآن كثريا .مرة توصف
به اي ة الدعاة ،ومرة توصف به العقائد الزائفة ..وهو يشري إ حقيقة أساسية عميقة :
إن أخمة فكرة ،أو عقيدة ،أو اخصية ،أو منظمة ..إنم حتيا وتعمل وتة ر بمقدار ما حتمل من
قوة كامنة وسلطان قاهر .هذه القوة تتوقف عىل مقدار ما فيها من "احلق" أي بمقدار ما فيها
من توافق مع القاعدة التي أقام الل عليها الكون ،ومع سنن الل التي تعمل ف هذا الكون.
وعندئذ يمن ها الل القوة والسلطان احلقيقيي الفاعلي الة رين ف هذا الوجود .وإال فهي
زائفة باطلة ضعيفة واهية ،مهم بدا فيها من قوة والتمع وانتفاش !
115
والشنركون يشنركون منع الل آ نة أخنرى -ف صنور انتى -ويقنوم الش نرك ابتنداء عنىل إعطناء
غنري الل -سننب انه -اننيئا مننا مننن خصنائص اللوهيننة ومظاهرهننا .وف مقدمننة هننذه اخلصننائص
حننق التشن ن ريع للعبنناد ف اننةون حينناوم كلهننا؛ وحننق وضننع القننيم التنني يت نناكم إليهننا العبنناد ف
س ننلوكهم وف جمتمع نناوم؛ وح ننق االس ننتعالء ع ننىل العب نناد وإل ننزامهم بالطاع ننة لتل نني التش ن نريعات
وا العتبار ذه القيم ..م تنأيت مسنأفة العبنادة الشنعائرية ضنمن إعطناء هنذه اخلصنائص لغنري الل
سب انه ،وواحدة منها !
فمذا حتمل هذه اي ة من احلق الذي أقنام الل علينه الكنون ؟ إن الل الوا حند خلنق هنذا الكنون
لينتسنب إ خالقننه الوا حند؛ وخلننق هننذه اخلالئنق لتقننر لنه بالعبوديننة وحننده بنال رشينني؛ ولتتلقننى
منه الشنريعة والقيم بال منازع؛ ولتعبده وحده حق عبادته بال أ داد ..فكنل منا انر عنىل قاعندة
لل ننق الكننامن ف بنيننة الكننون .ومننن ننم التوحينند ف معناهننا الشننامل ،فهننو زائننف باطننل ،مننناق
فه ننو واه هزي ننل ،ال حيم ننل ق ننوة وال س ننلطانا ،وال يمل نني أن ي ننة ر ف جم ننرى احلي نناة؛ ب ننل ال يمل نني
عنارص احلياة وال حق احلياة !
وم ن ننا دام أوئل ن نني الشن ن ننركون يشن ن ننركون ب ن ننالل م ن ننا ين ن ننزل ب ن ننه س ن ننلطانا؛ م ن ننن اي ن ننة والعقائ ن نند
والتصورات فهم يرتكنون إ ضعف وخنواء ،وهنم أبندا خنوارون ضنعفاء؛ وهنم أبندا ف رعنب
حيثم التقوا بالةمني الرتكني إ احلق ذي السلطان ..
وإنن ننا لنه نند مص ننداد ه ننذا الوع نند كل ننم التق ننى احل ننق والباط ننل ..وك ننم م ننن م ننرة وق ننف الباط ننل
من نندجها بالسن ننال أمن ننام احلن ننق العن ننزل .ومن ننع ذلن نني كن ننان الباطن ننل حيتشن نند احتشن نناد الرعن ننوب،
ويريننف مننن كننل حركننة وكننل صننوت -وهننو ف حشننده السننلح ال شننود فأمننا إذا أقنندم احلننق
116
وهاجم فهو الذعر والفزع والشتات واالضنطراب ف صنفو الباطنل؛ ولنو كاننت لنه احلشنود،
وكان لل ق القلة ،تصديقا لوعد الل الصادد :
ذلي ف الدنيا .فأما ف ايخرة ..فهناك الصري ال زن البائس الذي يليق بالظالي .
وهن ننا ي ننردهم الس ننياد إ مص ننداد وع نند الل ه ننذا ف غ ننزوة أح نند ذاو ننا .فق نند ك ننان ننم النصن ننر
الس نناحق ف أوائله ننا .ولق نند اس ننت ر القت ننل ف الشن ننركي حت ننى ول ننوا الدب ننار ،وترك ننوا وراءه ننم
الغننائم ،وسنقط لنوا هم فلنم متتنند يند لرفعنه حتنى رفعتنه ننم امنرأة ..و ينقلنب النصننر هزيمننة
للمسنلمي إال حنني ضننعفت نفننوس الرمنناة أمننام إغننراء الغنننائم؛ وتنننازعوا فننيم بينننهم ،وخننالفوا
ع ننن أم ننر رس ننول الل ☻ نب ننيهم وقائ نندهم ..وهن ننا ي ننردهم الس ننياد إ ص ننميم
العركة ومشاهدها ومواقفها وأحدا ها ومالبساوا ،ف حيوية عهيبة :
(ولقد صدقكم الل وعده ،إذ حت سو م بإذنه ،حتى إذا فشلتم وتنازعتم ف المر ،وعصيتم -
من بعد ما أراكم ما حتبون :منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد ايخرة .م رصفكم عنهم
ليبتليكم .ولقد عفا عنكم ،والل ذو ف ل عىل الةمني .إذ تصعدون وال تلوون عنىل أحند،
والرسول يدعوكم ف أخراكم ،فأ ابكم غم بغم ،لكيال حتزنوا عىل ما فاتكم وال ما أصابكم.
والل خبري بم تعملون .م أ زل عليكم من بعد الغم أ منة نعاسا يغشى طائفة منكم ،وطائفة قد
أمهتهم أ فسهم يظنون بالل غري احلق ظن ا اهلية ،يقولون :هل لنا من المر من يشء ؟ قل:
إن المر كله لل .افون ف أ فسهم ما ال يبدون لي .يقولون :لو كان لنا من المر يشء ما قتلنا
117
هاهنا .قل :لو كنتم ف بيوتكم لربز الذين كتب عليهم القتل إ م اجعهم .وليبتيل الل ما ف
صدوركم .وليم ص ما ف قلوبكم ،والل عليم بذات الصدور .إن الذين تولوا مننكم ينوم
منا كسنبوا .ولقند عفنا الل عننهم .إن الل غفنور التقى ا معنان إننم اسنتز م الشنيطان بنب ع
حليم)..
إن التعبري القرآين هنا لريسم مشهدا كامال لا العركة ،ولتداول النصننر وا زيمنة .مشنهدا
ال ين ن ننةك حرك ن ن ننة ف الي ن ن نندان ،وال خ ن ن نناطرة ف النفن ن ننوس ،وال س ن ن ننمة ف الوج ن ن ننوه ،وال خا ن ن ننة ف
ال مئر ،إال ويثبتها ..وكأن العبارات رشينط مصنور يمنر بالبص نر ،وحيمنل ف كنل حركنة صنورا
وذع ننر، جدي نندة ناب ننة .وبخاص ننة ح نني يص ننور حرك ننة اإلص ننعاد ف ا ب ننل ،وا ننروب ف ده ن
ودع ن نناء الرسن ننول ☻ للف ن ننارين الرت ن نندين ع ن ننن العرك ن ننة ،الص ن ننعدين لله ن ننرب.
يص ب ذلي كله حركة النفنوس ،ومنا يندور فيهنا منن خنوالج وخنواطر وانفعناالت ومطنامع..
وم ع هنذا احلشند منن الصنور احلينة الت ركنة الناب نة ،تلني التوجيهنات والتقرينرات التني يتمينز
ذا أسلوب القرآن ،ومنهج القرآن الةبوي العهيب :
وكنان ذلنني ف مطننالع العركننة ،حيننث بندأ السننلمون حيسننون الشننركي ،أي امنندون حسننهم،
أو يستأصن ن ن ن ن ن ن لون ا ن ن ن ن ن ننأفتهم .قبن ن ن ن ن ننل أن يله ن ن ن ن ن ننيهم الطم ن ن ن ن ن ننع ف الغنيم ن ن ن ن ن ننة .وك ن ن ن ن ن ننان رس ن ن ن ن ن ننول الل
☻ قد قال م ":لكم النصنر ما صربتم " فصدقهم الل وعده عىل لسان نبيه .
) حتى إذا فشلتم وتنازعتم ف المر وعصيتم من بعد ما أراكم ما حتبون :منكم من يريد الدنيا
ومنكم من يريد ايخرة)..
118
وهو تقرير حلال ال رماة .وقد ضعف فريق منهم أمام إغراء الغنيمنة؛ ووقنع الننزاع بيننهم وبني
من يرون الطاعة الطلقة لمر رسول الل ☻ وانتهنى المنر إ العصنيان .بعند
مننا رأوا بننأعينهم طالئننع النص ننر الننذي حيبونننه .فكننانوا فننريقي :فريقننا يرينند غنيمننة النندنيا ،وفريقننا
يريد واب ايخرة .وتوزعت القلوب فلم يعد الصف وحدة ،و يعد ا د واحندا .وانابت
الطنامع جننالء اإلخننالص والتهننرد الننذي ال بنند منننه ف معركننة العقينندة .فمعركننة العقينندة ليسننت
ككننل معركننة .إ ننا معركننة ف الينندان ومعركننة ف ال ننمري .وال انتصننار ف معركننة الينندان دون
االنتصار ف معركة ال مري .إ ا معركة لل ،فال ينرص الل فيها إال من خلصت نفوسهم له .
وم ننا دام ننوا يرفع ننون راي ننة الل وينتسن ننبون إليه ننا ،ف ننإن الل ال يمن ننن هم النص ن ننر إال إذا حمصن ننهم
وال دخل وال متويه بالرا ينة .ولقند يغلنب وحم هم للراية التي رفعوها؛ كي ال يكون هناك غ
الع ننارك -حلكم ننة يعلمه ننا الل -أم ننا البطل ننون ال ننذين يرفع ننون راي ننة الباط ننل رصحي ننة ف بعن ن
الذين يرفعون راية العقيدة وال الصون ا إخالص التهرد ،فال يمن هم الل النصنر أبندا،
ننوا ..وهننذا مننا يرينند القننرآن أن جيلننوه للهمعننة السننلمة ذننذه حتننى يبتلننيهم فيتم صننوا ويتم
اإلا ننارة إ م ننوقفهم ف العرك ننة ،وه ننذا م ننا أراد الل -س ننب انه -أن يعلم ننه للهمع ننة الس ننلمة،
وهي تتلقى ا زيمة الريرة والقر الليم مرة ذا الوقف ال طرب التأرجح !
والقن ننرآن يسن ننلط الض ننواء عن ننىل خفاين ننا القلن ننوب ،التن نني من ننا كن ننان السن ننلمون أ فسن ننهم يعرفن ننون
وجودهن ننا ف قلن ننوذم ..عن ننن عبن نند الل بن ننن مسن ننعود ؓ قن ننال :من ننا كنن ننت أرى أن أحن نندا من ننن
أص اب رسول الل ☻ يريد الدنيا ،حتى نزل فينا يوم أحد( :منكم من يريد
119
الدنيا ومنكم من يريد ايخرة)( .. )1وبذلي ي ع قلوذم أمنامهم مكشنوفة بنم فيهنا؛ ويعنرفهم
من أخمن جاءوم ا زيمة ليتقوها !
وف الوقن ننت ذاتن ننه يكشن ننف ن ننم عن ننن طن ننر من ننن حكمن ننة الل وتن نندبريه ،وراء هن ننذه ايالم التن نني
تعرضوا ا؛ ووراء هذه الحدا التي وقعت بأسباذا الظاهرة :
لق نند ك ننان هن نناك ق نندر الل وراء أفع ننال البش ن ن ر .فل ننم أن ض ننعفوا وتن ننازعوا وعص ننوا رص الل
قننووم وبأسننهم وانتبنناههم عننن الش ننركي ،ورص الرمنناة ع نن غننرة ا بننل ،ورص القنناتلي
عننن الينندان ،فننالذوا بننالفرار ..وقننع كننل هننذا مرتبننا عننىل مننا صنندر منننهم؛ ولكننن منندبرا مننن الل
ليبتلنيهم ..ليبتلننيهم بالشنندة واخلننو وا زيمننة والقتننل والقنر ؛ ومننا يتكشننف عنننه هننذا كلنه مننن
كشف مكنونات القلوب ،ومن مت يص النفوس ،ومتييز الصفو -كم سيهيء .
وهكنذا تقنع الحنندا مرتبنة عنىل أسننباذا ،وهني ف الوقننت ذاتنه مندبرة ب سنناذا .بنال تعننارض
بي هذا وذاك .فلكل حاد سبب ،ووراء كل سبب تدبري ..من اللطيف اخلبري ..
عفا عم وقع منكم من ضعف ومن نزاع ومنن عصنيان؛ وعفنا كنذلي عنم وقنع مننكم منن فنرار
وانقالب و ارتداد ..عفا عنكم ف ال منه ومنة ،وياوزا عن ضعفكم البرشي الذي تصناحبه
نية سيئة وال إرصا ر عىل اخلطيئة ..عفا عننكم ل كنم طئنون وت نعفون ف دائنرة اإلينمن بنالل،
واالستسالم له ،وتسليم قيادكم لشيئته :
( )1رواه ابن كثير في التفسير ،وقال :روي من غير وجه عن ابن مسعود .ورواه ابن مردويه في تفسيره.
120
) والل ذو ف ل عىل الةمني)..
ومننن ف ننله علننيهم أن يعفننو عنننهم ،مننا دامننوا سننائرين عننىل منههننه ،مقننرين بعبننوديتهم لننه؛ ال
يندعون مننن خصننائص اللوهينة اننيئا ل فسننهم ،وال يتلقنون ههننم وال رشيعننتهم وال قننيمهم،
وال م ننوازينهم إال من ننه ..ف ننإذا وقع ننت م نننهم اخلطيئ ننة وقع ننت ع ننن ض ننعف وعه ننز أو ع ننن ط نني
ودفعة ..فيتلقاهم عفو الل بعد االبتالء والتم يص واخلالص ..
كي يعمق وقع الشهد ف حسهم؛ ويثري اخلهل واحلياء من الفعل ،ومقدماتنه التني نشنأ عنهنا،
منن ال نعف والتنننازع والعصنيان ..والعبنارة ترسننم صنورة حنركتهم احلسننية وحنركتهم النفسننية
ف أ ففاظ قالئل ..فهم مصنعدون ف ا بنل هربنا ،ف اضنطراب ورعنب ودهن ،ال يلتفنت أحند
منننهم إ أحنند وال جييننب أحنند منننهم داعنني أحنند والرسننول ☻ ينندعوهم،
ليطمئننهم عنىل حياتنه بعند منا صنا صنائح :إن حممندا قند قتنل ،فزلنزل ذلني قلنوذم وأقنندامهم..
إنه مشهد كامل ف أففاظ قالئل ..
وك انننت النهايننة أن جيننزهيم الل عننىل الغننم الننذي تركننوه ف نفننس الرسننول ☻
بفرارهم ،غم يمأل نفوسهم عىل ما كان منهم ،وعىل تركهم رسو م احلبيب يصيبه ما أصابه -
وهننو ابننت دو ننم ،وهننم عنننه فننارون -ذلنني كنني ال حيفلننوا اننيئا فنناوم وال أذى أصنناذم .فهننذه
التهربة التي مرت ذم ،وهذا ال الذي أصاب نبيهم -وهنو أانق علنيهم منن كنل منا ننزل ذنم
121
-وذل نني الن نندم الن ننذي س نناور نفوسن ننهم ،وذل نني الغ ننم الن ننذي أص نناذم ..كن ننل ذل نني سيصن ننغر ف
نفوسهم كل ما يفووم من عرض ،وكل ما يصيبهم من مشقة :
والل الطلع عىل اخلفايا ،يعلم حقيقة أعملكم ،ودوافع حركاتكم :
ولقنند أعقننب هننول ا زيمننة وذعرهننا ،وهرجهننا ومرجهننا ،سننكون عهيننب .سننكون ف نفننوس
الننةمني ال ننذين ننابوا إ رذ ننم ،و ننابوا إ نب ننيهم .لق نند ا ننملهم نعنناس لطي ننف يستس ننلمون إلي ننه
مطمئني !
والتعبري عن هذه الظاه رة العهيبة يشف ويرد وينعم ،حتى ليصور بهرسه وظله ذلني ا نو
الطمئن الوديع :
وهي ظاهرة عهيبة تج بررة الل التي حتف بعبناده النةمني؛ فالنعناس حني يلنم بالههندين
الننرهقي الفننزعي ،ولننو حلظننة واحنندة ،يفعننل ف كيننا م فعننل الس ن ر ،ويننردهم خلقننا جدينندا،
ويسننكب ف قلننوذم الطمأ ينننة ،كننم يسننكب ف كيننا م الرا حننة .بطريقننة جمهولننة الكنننه والكيننف
أقننول هننذا وقنند جربتننه ف حلظننة كننرب وانندة .فأحسسننت فيننه ررننة الل النديننة العميقننة بصننورة
تعهز عن وصفها العبارة البشنرية القارصة !
122
روى الةمننذي وا لنسننائي واحلنناكم مننن حننديث رنناد ابننن سننلمة عننن ابننت عننن أ ننس عننن أيب
ي ننوم أح نند ،وجعلننت أ ظ ننر ،ومننا م نننهم يومئ ننذ أحنند إال يمي ننل حت ننت طل ننة ق ننال" :رفعننت رأ
ج فته من النعاس".
وف رواينة أخننرى عننن أيب طل نة ":غشننينا النعنناس ون نن ف مصننافنا يننوم أحند ،فهعننل سننيفي
يسقط من يدي وآخذه ،ويسقط وآخذه "..
أما الطائفنة الخنرى؛ فهنم ذوو اإلينمن الزعنزع ،النذين انغلتهم أ فسنهم وأمهنتهم ،والنذين
يتخلصوا من تصورات ا اهلية ،و يسلموا أ فسهم كلها لل خالصة ،و يستسلموا بكليتهم
لقدره ،و تطمئن قلوذم إ أن ما أصاذم إنم هو ابتالء للتم يص ،وليس لينا منن الل عنن
أوليائننه لعدائننه ،وال ق نناء منننه -سننب انه -للكفننر والشن ن ر والباطننل بالغلبننة الخننرية والنص ننر
الكامل :
) وطائفة قد أمهتهم أ فسهم ،يظنون بالل غري احلق ظن ا اهلية .يقولون :هل لنا من المر
من يشء ؟)..
إن هننذه العقينندة تعلننم أص ن اذا -فننيم تعلننم -أن لننيس ننم ف أ فس نهم يشء ،فهننم كلهننم لل؛
وأ م حي ارجون للههاد ف سبيله ارجون له ،ويت ركون له ،ويقاتلون له ،بنال هند آخنر
لننذواوم ف هننذا ا ه نناد ،وأ ننم يسننلمون أ فس ننهم لقنندره ،فيتلق ننون مننا يننأايهم ب ننه هننذا الق نندر ف
رىض وف تسليم ،كائنا هذا القدر ما يكون .
فأما الذين ومهم أ فسهم ،وت صبح حمور تفكريهم وتقديرهم ،وحمنور اهنتممهم وانشنغا م..
فهننةالء تكتمننل ف نفوسننهم حقيقننة اإليننمن .ومننن هننةالء كانننت تلنني الطائفننة الخننرى الت نني
123
يت د عنها القرآن ف هذا الوضع .طائفنة النذين انغلتهم أ فسنهم وأمهنتهم ،فهنم ف قلنق وف
أرج ة ،حيسون أ م م يعون ف أمر غري واضنح ف تصنورهم ،وينرون أ نم دفعنوا إ العركنة
دفعننا وال إرادة ننم فيهننا؛ وه ننم م ننع ذلنني يتعرض ننون للننبالء الري ننر ،وي ننةدون الننثمن فادح ننا م ننن
القتنل والقنر وال ..وهنم ال يعرفنون الل عننىل حقيقتنه ،فهنم يظننون بننالل غنري احلنق ،كنم تظننن
ا اهليننة .ومننن الظننن غننري احلننق بننالل أن يتصننوروا أ ننه -سننب انه -م ننيعهم ف هننذه العركننة،
التي ليس نم منن أمرهنا يشء ،وإننم دفعنوا إليهنا دفعنا ليموتنوا وجيرحنوا ،والل ال ين نرصهم وال
ينقذهم؛ إنم يدعهم فريسة لعدائهم ،ويتساءلون :
وتت نمن قنولتهم هنذه االعنةاض عننىل خطنة القينادة والعركنة ..ولعلهننم انن كنان رأهينم عنندم
اخلننرو مننن الدينننة؛ اننن يرجعننوا مننع عبنند الل بننن أيب ..ولكننن قلننوذم تكننن قنند اسننتقرت
واطمأ ت ..
وقبننل أن يكمننل السننياد عننرض وساوسننهم وظنننو م ،يبننادر بتصن يح المننر وتقريننر احلقيقننة
فيم يتساءلون فيه ،ويرد عىل قولتهم( :هل لنا من المر من يشء ؟) .
فننال أمننر لحنند .ال ننم وال لغننريهم .ومننن قبننل قننال الل لنبيننه ☻ (لننيس لنني
من المر يشء ) .فنأمر هنذا الندين ،وا هناد إلقامتنه وتقرينر نظامنه ف الرض ،وهداينة القلنوب
لنه ..كلهننا منن أمننر الل ،ولنيس للبش ن ر فيهنا مننن يشء ،إال أن ينةدوا واجننبهم ،ويفنوا ببيعنتهم ،ننم
يكون ما يشا ه الل كيف يكون !
124
ويكشف كذلي خبيئة نفوسهم قبل أن يكمل عرض وساوسهم وظنو م :
فنفوسننهم مننألى بالوسنناوس وا ننواجس ،حافلننة باالعةا ضننات واالحتهاجننات؛ وسننةا م:
( هل لنا من المر من يشء) ..افني وراءه انعورهم بنأ م دفعنوا إ مصنري اتناروه وأ نم
ض ية سوء القيادة ،وأ م لو كانوا هم الذين يديرون العركة ما القوا هذا الصري .
لن ننص للعقين نندة ،حي نننم تصن ننطدم ف موقعن ننة ف النفن ننوس الت نني وه ننو ا ن نناجس ال ننذي جين نني
با زيمننة ،وحينننم ت عنناين آالم ا زيمننة حنني تننرى الننثمن أفنند اننا كانننت تظننن؛ وأن الثمننرة أانند
ف ضننمئرها فننال تننرى المننر واض ن ا وال مسننتقرا؛ وحنني مننرارة اننا كانننت تتوقننع؛ وحنني تفننت
تتخيل أن ترص القيادة هو الذي القى ذا ف هذه الهلكنة ،وكاننت ف نهنوة منن المنر لنو كنان
ف التصننور -أن تننرى ينند الل وراء الحنندا ، أمرهننا ف ينندها وهنني ال يمكننن -ذننذا الغننب
وال حكمتن ننه ف االبن ننتالء .إنن ننم السن ننأفة كلهن ننا -ف اعتبارهن ننا -خسن ننارة ف خسن ننارة وضن ننياع ف
ضياع !
هنننا جييننئهم التصن يح العميننق لألمننر كلننه .لمننر احلينناة والننوت .ولمننر احلكمننة الكامنننة وراء
االبتالء :
)قل :لو كنتم ف بيوتكم لربز النذين كتنب علنيهم القتنل إ م ناجعهم .وليبنتيل الل منا ف
صدوركم ،وليم ص ما ف قلوبكم ،والل عليم بذات الصدور)..
125
رجوا للمعركة تلبية لنداء القيادة ،وكان أمركم كلنه لتقنديركم.. قل لو كنتم ف بيوتكم؛ و
ل ن ننربز ال ن ننذين كت ن ننب عل ن ننيهم القتن ننل إ م ن نناجعهم ..إن هنال ن نني أج ن ننال مكتوب ن ننا ال يس ن ننتقدم وال
يس ننتأخر .وإن هنال نني م ننهعا مقس ننوما ال ب نند أن جي ننيء إلي ننه ص نناحبه في ننهع في ننه ف ننإذا ح ننم
الجن ننل ،س ن ننعى ص ن نناحبه بقدمي ن ننه إلي ن ننه ،وج ن نناء إ م ن ننهعه برجلي ن ننه ،ال يس ن ننوقه أح ن نند إ أجل ن ننه
الرسوم ،وال يدفعه أحد إ م هعه القسوم !
ويننا للتعبننري العهيننب" ..إ م نناجعهم" ..فهننو م ننهع إذن ذلنني الننرمس الننذي تسننةيح فيننه
ا نننوب ،وتسننكن فيننه اخلطننى ،وينتهنني إليننه ال نناربون ف الرض ..م ننهع يننأاون إليننه بنندافع
خفنني ال يدركون ننه وال يملكون ننه ،إن ننم ه ننو ينندركهم ويملكه ننم؛ ويتص ن نر ف أم ننرهم ك ننم يش نناء.
واالستسالم له أرو للقلب ،وأهدأ للنفس ،وأريح لل مري !
فل ننيس كال ن ننة حم نني يكش ننف م ننا ف الص نندور ،ويص ننهر م ننا ف القل ننوب ،فينف نني عنه ننا الزي ننف
والرياء ،ويكشفها عىل حقيقتها بال طالء ..فهو االبتالء واالختبار لنا ف الصندور ،ليظهنر عنىل
حقيقت ننه ،وه ننو التطه ننري والتص ننفية للقل ننوب ،ف ننال يبق ننى فيه ننا دخ ننل وال زي ننف .وه ننو التصن ن يح
وال خلل : والتهلية للتصور؛ فال يبقى فيه غب
وذات الصنندور هنني الرسا ر اخلفيننة الالزمننة للصنندور ،الختبئننة فيهننا ،الصنناحبة ننا ،التنني ال
تبارحهننا وال تتكشننف ف النننور والل علننيم بننذات الصنندور هننذه .ولكنننه -سننب انه -يرينند أن
126
يكشننفها للننناس ،ويكشننفها لص ن اذا أ فسننهم ،فقنند ال يعلمو ننا مننن أ فسننهم ،حتننى تنف ننها
الحدا وتكشفها م !
ولقد علم الل دخيلة الذين هزموا وفورا يوم التقنى ا معنان ف الغنزوة .إ نم ضنعفوا وتولنوا
بسننبب معصننية ارتكبوهننا؛ فظلننت نفوسننهم مزعزعننة بسننببها ،فنندخل علننيهم الشننيطان مننن ذلنني
النفذ ،واستز م فزلوا وسقطوا :
ما كسبوا .ولقد عفا ) إن الذين تولوا منكم يوم التقى ا معان إنم استز م الشيطان ببع
الل عنهم ،إن الل غفور حليم)..
وقد تكون اإلاارة ف هذه ايية خاصنة بالرمناة النذين جنال ف نفوسنهم الطمنع ف الغنيمنة كنم
جال فيها أن رسول الل سي رمهم أ صبتهم .فكان هذا هنو النذي كسنبوه ،وهنو النذي اسنتز م
الشيطان به ..
ولكنها ف عمومها تصوير حلالة النفس البشنرية حي ترتكب اخلطيئة ،فتفقد قتها ف قوونا،
وي عف بالل ارتباطها ،واتنل تواز نا ومتاسنكها ،وتصنبح ع رضنة للوسناوس وا نواجس،
بسننبب لخننل صننلتها بننالل و قتهننا مننن رضنناه وعندئننذ جينند الشننيطان طريقننه إ هننذه النننفس،
فيقودها إ الزلة بعد الزلة ،وهي بعيدة عن احلمى ايمن ،والركن الركي .
ومنن هنننا كنان االسننتغفار منن الننذنب هنو أول مننا توجنه بننه الربينون الننذين قناتلوا مننع النبينني ف
مواجه ننة الع ننداء .االس ننتغفار ال ننذي ي ننردهم إ الل ،ويق ننوي ص ننلتهم ب ننه ،ويعف نني قل ننوذم م ننن
الرج ننة ،ويطننرد عنننهم الوسنناوس ،ويسنند الثغننرة التنني ينندخل منهننا الشننيطان ،غننرة االنقطنناع
127
عنن الل ،والبعند عنن رناه .هنذه الثغنرة التني ينندخل منهنا فينزل أقندامهم منرة ومنرة ،حتنى ينقطننع
ذم ف التيه ،بعيدا بعيدا عن احلمى الذي ال ينا م فيه !
وحيد هم الل أن ررته أدركتهم ،فلم يدع الشيطان ينقطع ذم ،فعفنا عننهم ..ويعنرفهم بنفسنه
-سننب انه -فه ننو غفننور حل ننيم .ال يطننرد اخلط نناة وال يعهننل عل ننيهم؛ مت ننى عل ننم م ننن نفوس ننهم
التطلع إليه ،واالتصال به؛ و يعلم منها التمرد والتفلت واإلباد !
ويتم السياد بيان حقيقنة قندر الل ف النوت واحليناة ،وزينف تصنورات الكفنار والننافقي عنن
هذا المر ،مناديا الذين آمنوا بالت ذير من أن تكون تصوراوم كتصورات هةالء .وينردهم ف
يات : النهاية إ قيم أخرى وإ اعتبارات ترجح ايالم والت
) يا أهيا الذين آم نوا ال تكونوا كالذين كفروا ،وقالوا إلخوا م -إذا ربوا ف الرض أو
كانوا غزى :-لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا .ليهعل الل ذلي حسنرة ف قلوذم .والل حييي
ويميت .والل بم تعملون بصري .ولئن قتلتم ف سبيل الل أو متم لغفرة من الل وررة خري اا
جيمعون .ولئن متم أو قتلتم إل الل حتشنرون)..
وظ نناهر م ننن مناس ننبة ه ننذه ايي ننات ف س ننياد العرك ننة ،أن ه ننذه كان ننت أق ننوال الن ننافقي ال ننذين
رجعنوا قبننل العركننة ،والشننركي مننن أهننل الدينننة الننذين ينندخلوا ف اإلسننالم؛ ولكننن مننا تننزال
ب نني الس ننلمي وبي نننهم عالق ننات وقرا ب ننات ..وأ ننم ا ننذوا م ننن مقات ننل الش ننهداء ف أح نند ،م ننادة
إل ارة احلاة ف قلوب أهليهم ،واستهااة السى عنىل فقندهم ف العركنة -نتيهنة خلنروجهم
-وا ننا ال ا نني في ننه أن مث ننل ه ننذه الفتن ننة والوا ج ننع دامي ننة ا ننا ي ننةك ف الص ننف الس ننلم اخللخل ننة
والبلبلننة .وم ننن ننم ج نناء هننذا البي ننان الق ننرآين لتص ن يح القننيم والتص ننورات ،ورد ه ننذا الكي نند إ
ن ور كائديه .
128
ف إن قول الكافرين ( :لو كنانوا عنندنا منا مناتوا ومنا قتلنوا ) ..ليكشنف عنن الفنارد السنا
تصور صاحب العقيدة وتصور ال نروم منهنا ،للسننن التني تسنري عليهنا احليناة كلهنا وأحندا ها:
رسا ها ورا هنا ..إن صناحب العقيندة مندرك لسننن الل ،متعنر إ مشنيئة الل ،مطمنئن إ
قنندر الل .إنننه يعلننم أ ننه لننن يصننيبه إال م ننا كتننب الل لننه ،وأن مننا أص ننابه يكننن ليخطئننه ،وأن م ننا
أخطأه يكن ليصيبه .ومن م ال يتلقى ال نراء با زع ،وال يتلقى السنراء بالزهو ،وال تطري
نفسه ذه أو لتلي؛ وال يت ا عىل أ ه يصننع كنذا ليتقني كنذا ،أو ليسنتهلب كنذا ،بعند وقنوع
المر وانتهائه فمهال التقدير والتدبري والرأي والشنورة ،كلنه قبنل اإلقندام واحلركنة؛ فأمنا إذا
حت ننرك بع نند التق نندير والت نندبري -ف ح نندود علم ننه وف ح نندود أم ننر الل و ي ننه -فك ننل م ننا يق ننع م ننن
النت ننائج ،فه ننو يتلق نناه بالطمأ ين ننة وال ننرىض والتس ننليم؛ موقن ننا أ ننه وق ننع وفق ننا لق نندر الل وت نندبريه
وحكمته؛ وأ ه يكن بد أن يقع كم وقنع؛ ولنو أ نه هنو قندم أسنبابه بفعلنه ..تنوازن بني العمنل
والتسليم ،وبي اإلجيابية والتوكل ،يستقيم علينه اخلطنو ،ويسنةيح علينه ال نمري ..فأمنا النذي
يفرغ قلبه من العقيدة ف الل عىل هذه الصنورة السنتقيمة ،فهنو أبندا مسنتطار ،أبندا ف قلنق أبندا
ف "لو" و "لوال" و "يا ليت" و "وا أسفاه ! "
والل -ف تربيتنه للهمعننة السنلمة ،وف ظننالل غننزوة أحند ومننا نننال السنلمي فيهننا -حيننذرهم
أن يكونوا كالذين كفروا .أوئلي الذين تصيبهم احلاات ،كلم منات نم قرينب وهنو ي نرب
ف الرض ابتغاء الرزد ،أو قتل ف نايا العركة وهو جياهد :
) يا أهيا الذين آمنوا ال تكونوا كالذين كفروا وقالوا إلخوا م إذا ربوا ف الرض أو كانوا
غزى :لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا )..
129
يقولو ا لفساد تصورهم حلقيقة منا جينري ف الكنون ،وحلقيقنة القنوة الفاعلنة ف كنل منا جينري.
فهننم ال يننرون إال السننباب الظنناهرة والالبسننات السننط ية ،بسننبب انقطنناعهم عننن الل ،وعننن
قدره ا اري ف احلياة .
فإحساس ننهم ب ننأن خ ننرو إخ ننوا م لي ن ننربوا ف الرض ف طل ننب ال ننرزد فيموت ننوا ،أو ليغ ننزوا
ويق نناتلوا فيقتل ننوا ..إحساس ننهم ب ننأن ه ننذا اخل ننرو ه ننو عل ننة ال ننوت أو القت ننل ،ي ننذهب بأ فس ننهم
ولو كنانوا يندركون العلنة احلقيقينة وهني اسنتيفاء الجنل، حاات أن يمنعوهم من اخلرو
ونننداء ال ننهع ،وقنندر الل ،وسنننته ف الننوت واحلينناة ،مننا حتسن ن روا .ولتلقننوا االبننتالء صننابرين،
ولفاءوا إ الل راضي :
فبينده إعطنناء احليناة ،وبيننده اسنةداد مننا أعطننى ،ف الوعند ال نروب والجنل الرسننوم ،سننواء
كننان الننناس ف بي ننووم وبنني أهلهننم ،أو ف مي ننادين الكفننا للننرزد أو للعقي نندة .وعنننده ا ننزاء،
وعنده العروض ،عن خربة وعن علم وعن برص :
عن ننىل أن المن ننر ال ينتهن نني بن ننال وت أو القت ننل؛ فهن ننذه ليسن ننت اين ننة الطن ننا .وعن ننىل أن احلين نناة ف
الرض ليسننت خننري مننا يمن ننه الل للننناس مننن عطنناء .فهننناك قننيم أخننرى ،واعتبننارات أرقننى ف
ميزان الل :
130
)ولئن قتلتم -ف سبيل الل -أو متم لغفرة من الل وررة خري اا جيمعون .ولئن متم أو
قتلتم إل الل حتشنرون)..
فالوت أو القتل ف سبيل الل -ذذا القيد ،وذذا االعتبار -خري من احلياة ،وخنري انا جيمعنه
الننناس ف احلينناة مننن أعرا ضننها الصننغار :مننن مننال ومننن جنناه ومننن سننلطان ومننن متنناع .خننري بننم
يعقبنه منن مغفنرة الل وررتنه ،وهني ف مينزان احلقيقننة خنري انا جيمعنون .وإ هنذه الغفنرة وهننذه
الررة يكل الل الةمني ..إنه ال يكلهم -ف هذا القام -إ أجماد اخصنية ،وال إ اعتبنارات
بش ن رية .إنننم يكلهننم إ مننا عننند الل ،ويعلننق قلننوذم بررننة الل .وهنني خننري اننا جيمننع الننناس عننىل
اإلطالد ،وخري اا تتعلق به القلوب من أعراض ..
وكلهننم مرجوعننون إ الل ،حمشننو رون إليننه عننىل كننل حننال .منناتوا عننىل فرا اننهم أو منناتوا وهننم
بون ف الرض ،أو قتلوا وهم جياهدون ف اليدان .فم نم مرجنع سنوى هنذا الرجنع؛ ومنا ي
م مصري سوى هذا الصري ..والتفاوت إذن إنم يكون ف العمل والنية وف االياه واالهتمم..
أما النهاية فواحدة :موت أو قتل ف الوعد ال توم ،والجل القسنوم .ورجعنة إ الل وحش نر
ف يننوم ا مننع واحلرشنن ..ومغفننرة مننن الل وررننة ،أو غ ننب مننن الل وعننذاب ..فننأرق احلمقننى
من اتار لنفسه الصري البائس .وهو ميت عىل كل حال !
بذلي تستقر ف القلوب حقيقة الوت واحلياة ،وحقيقة قندر الل .وبنذلي تطمنئن القلنوب إ
ما كان من ابتالء جرى به القدر؛ وإ ما وراء القدر من حكمنة ،ومنا وراء االبنتالء منن جنزاء..
وبذلي تنتهي هذه ا ولة ف صميم أحدا العركة ،وفيم صاحبها من مالبسات..
***
131
الدرس السابع :الشورى أساس االجتماع واحلكم
ن ن ن ننم يم ن ن ن نني السن ن ن ننياد القن ن ن ننرآين ف جولن ن ن ننة جدين ن ن نندة ..جولن ن ن ننة حمورهن ن ن ننا ان ن ن ننخص رس ن ن ننول الل
☻ وحقيقتن ننه النبوين ننة الكريمن ننة؛ وقيمن ننة هن ننذه احلقيقن ننة الكبن ننرية ف حين نناة الم ن ننة
السلمة؛ ومدى ما يتهىل فيها من ررة الل ذذه المة ..وحول هنذا ال نور خينوي أخنرى منن
ال ن نننهج اإلس ن ننالمي ف تنظ ن ننيم حي ن نناة ا مع ن ننة السن ن ن لمة ،وأس ن ننس ه ن ننذا التنظ ن ننيم؛ وم ن ننن التص ن ننور
اإلسننالمي واحلقننائق التنني يقننوم عليهننا ،ومننن قيمننة هننذا التصننور وذلنني النننهج ف حينناة البش ننرية
بصفة عامة :
) فبم ررة من الل لنت م .ولو كنت فظا غليظ القلب النف وا من حولي .فاعف عنهم،
واستغفر م ،وااورهم ف المر .فنإذا عزمنت فتوكنل عنىل الل ،إن الل حينب التنوكلي .إن
ينصن ركم الل فال غالب لكم ،وأن اذلكم فمن ذا الذي ينصنركم من بعده؟ وعىل الل فليتوكل
الةمنون .وما كان لنبي أن يغل .ومن يغلل يأت بم غل ينوم القيامنة ،نم تنو كنل نفنس منا
كسبت وهم ال يظلمون .أفمن اتبع رضوان الل كمن باء بسخط من الل ،ومأواه جهنم وبئس
الصري ؟ هم درجات عند الل ،والل بصري بم يعملون .لقد من الل عىل الةمني إذ بعث فيهم
رسوال من أ فسهم ،يتلو عليهم آياته ويزكيهم ،ويعلمهم الكتاب واحلكمة ،وإن كانوا من قبل
لفي ضالل مبي)..
وننظ ننر ف ه ننذه الفق ننرة ،وف احلق ننائق الكث ننرية الص ننيلة الش نندودة إ حموره ننا -وه نني احلقيق ننة
النبوي ننة الكريم ننة -فنه نند ك ننذلي أص ننوال كب ننرية حتتوهي ننا عب ننارات قص ننرية ..نه نند حقيق ننة الرر ننة
132
اإل ي ننة التمثل ننة ف أخن ننالد النب نني ☻ وطبيعتن ننه اخل ننرية الرحيمن ننة ا ين ننة اللينن ننة،
العنندة لن تتهمننع عليهننا القلننوب وتتننأفف حو ننا النفننوس ..ونهنند أصننل النظننام الننذي تق ننوم
عليه احلياة ا معية اإلسالمية -وهو الشورى -يةمر به ف الوضنع النذي كنان للشنورى -ف
ظاهر المر -نتائج مريرة ونهد مع مبدأ الشنورى مبندأ احلنزم وال نني -بعند الشنورى -ف
م ناء وحسنم .ونهند حقيقنة التوكنل عنىل الل -إ جاننب الشنورى وال ناء -حينث تتكامننل
السس التصنويرية واحلركينة والتنظيمينة .ونهند حقيقنة قندر الل ،ورد المنر كلنه إلينه وفاعليتنه
الت نني ال فاعلي ننة غريه ننا ف تص ن ن ريف الح نندا والنت ننائج .ونه نند الت ننذير م ننن اخليان ننة والغل ننول
والطمع ف الغنيمة .ونهد التفرقة احلاسمة بي من اتبنع رضنوان الل ومنن بناء بسنخط منن الل،
تربز منها حقيقة القيم واالعتبارات والكسنب واخلسنارة ..و نتم الفقنرة باإلانادة بالننة اإل ينة
المثل ن ننة ف رس ن ننالة النب ن نني ☻ إ ه ن ننذه الم ن ننة ،الن ن ننة الت ن نني تت ن نناءل إ جانبه ن ننا
الغنائم ،كم تت اءل إ جانبها ايالم سواء !
) فبم ررة من الل لنت م .ولو كنت فظا غليظ القلب النف وا من حولي .فاعف عنهم،
واستغفر م ،وااورهم ف المر .فإذا عزمت فتوكل عىل الل .إن الل حيب التوكلي (.
إن السننياد يتهننه هنننا إ رسننول الل ☻ وف نفسننه يشء مننن القننوم؛ حتمسننوا
قبننل العركننة؛ وخننالفوا -بعنند ذلنني - للخننرو ،ننم اضننطربت صننفوفهم ،فرجننع لننث ا نني
ع ننن أم ننره ،وض ننعفوا أم ننام إغ ننراء الغنيم ننة ،ووهن ننوا أم ننام إا نناعة مقتل ننه ،وانقلب ننوا ع ننىل أعق نناذم
مهنزومي ،وأفنردوه ف النفنر القليننل ،وتركنوه ينثخن بنا را وهننو صنامد يندعوهم ف أخننراهم،
وهم ال يلوون عىل أحد ..يتوجه إليه ☻ يطيب قلبه ،وإ السلمي يشنعرهم
133
نعمة الل عليهم به .ويذكره ويذكرهم ررة الل المثلة ف خلقه الكريم النرحيم ،النذي تتهمنع
ك ننوامن الرر ننة ف قلب ننه ☻ فتغل ننب ع ننىل م ننا حول ننه القل ننوب ..ذل نني ليس ننتهي
آ ناره تص ن رفهم فينه؛ ولي سننوا هنم حقيقنة النعمننة اإل ينة ذنذا النبني الننرحيم .نم يندعوه أن يعفننو
عنه م ،ويستغفر الل م ..وأن يشاورهم ف المر كم كان يشاورهم؛ غري متأ ر بنتائج الوقنف
ف احلياة اإلسالمية . إلبطال هذا البدأ السا
) فبم ررة من الل لنت م؛ ولو كنت فظا غليظ القلب النف وا من حولي)..
فهنني ررننة الل التنني نالتننه ونننالتهم؛ فهعلتننه ☻ رحننيم ذننم ،لينننا معهننم .ولننو
كان فظا غليظ القلب منا تأففنت حولنه القلنوب ،وال يمعنت حولنه الشناعر .فالنناس ف حاجنة
إ كن ننف رحن ننيم ،وإ رعاين ننة فائقن ننة ،وإ بشاا ننة سن ننم ة ،وإ ود يسن ننعهم ،وحلن ننم ال ي ن ننيق
بههله ننم وض ننعفهم ونقص ننهم ..ف حاج ننة إ قل ننب كب ننري يعط ننيهم وال حيت ننا م نننهم إ عط نناء؛
وحيمننل مه ن ومهم وال يعنننيهم ذمننه؛ وجينندون عنننده دائننم االهننتمم والرعايننة والعطننف والسننمحة
والننود والرضنناء ..وهكننذا كننان قلننب رسننول الل ☻ وهكننذا كانننت حياتننه مننع
الناس .ما غ ب لنفسه قط .وال ضناد صندره ب نعفهم البش نري .وال احتهنز لنفسنه انيئا منن
أعننراض هننذه احلينناة ،بننل أعطنناهم كننل مننا ملكننت يننداه ف سننمحة نديننة .ووسننعهم حلمننه وبننره
وعطفه ووده الكريم .وما منن واحند مننهم عنارشه أو رآه إال امنتأل قلبنه ب بنه؛ نتيهنة لنا أفناض
عليه ☻ من نفسه الكبرية الرحيبة .
وكان هذا كله ررة من الل به وبأمته ..يذكرهم ذا ف هذا الوقنف .لريتنب عليهنا منا يرينده -
سب انه -حلياة هذه المة من تنظيم :
134
وذذا النص ا ازم( :وااورهم ف المر) ..يقرر اإلسالم هذا البدأ ف نظام احلكنم -حتنى
وحممد رسول الل ☻ هو الذي يتواله .وهو نص قاطع ال يدع لألمة السلمة
اكا ف أن الشورى مبدأ أسا ،ال يقوم نظام اإلسالم عىل أساس سواه ..أما اكل الشورى،
والوسنيلة التني تت قنق ذننا ،فهنذه أمنور قابلننة للت نوير والتطنوير وفننق أوضناع المنة ومالبسننات
حياوا .وكل اكل وكل وسيلة ،تتم ذا حقيقة الشورى -ال مظهرها -فهي من اإلسالم .
لقد جاء هذا النص عقب وقوع نتائج للشورى تبدو ف ظاهرها خطرية مرينرة فقند كنان منن
جرائها ظاهريا وقوع خلنل ف وحندة الصنف السنلم اختلفنت ايراء .فنرأت جمموعنة أن يبقنى
السننلمون ف الدينننة حمتمنني ذننا ،حتننى إذا هنناجهم العنندو قنناتلوه عننىل أفننواه الزقننة .وحتمسننت
جمموعة أخرى فنرأت اخلنرو للقناء الشننركي .وكنان منن جنراء هنذا االخنتال ذلني اخللنل ف
وحنندة الصننف .إذ عنناد عبنند الل بننن أيب بننن سننلول بثلننث ا نني ،والعنندو عننىل البننواب -وهننو
حنند ضننخم وخلننل نيننف -كننذلي بنندا أن اخلطننة التنني نفننذت تكننن -ف ظاهرهننا -أسننلم
اخلطط من الناحينة العسنكرية .إذ أ نا كاننت نالفنة "للسنوابق" ف الندفاع عنن الديننة -كنم قنال
عبد الل ابن أيب -وقد اتبع السلمون عكسها ف غزوة الحزاب التالية ،فبقوا فعنال ف الديننة،
وأقاموا اخلندد ،و ارجوا للقاء العدو .منتفعي بالدرس الذي تلقوه ف أحد !
و يكن رسول الل ☻ جيهل النتائج اخلطرية التي تنتظنر الصنف السنلم منن
جننراء اخلننرو .فقنند كننان لدي ن ه اإلرهنناص مننن ر ينناه الصننادقة ،التنني رآهننا ،والتنني يعننر منندى
صنندقها .وقنند تأو ننا قتننيال مننن أهننل بيت ننه ،وقننتىل مننن ص ن ابته ،وتننأول الدينننة درعننا حص ننينة..
وكننان مننن حقننه أن يلغنني مننا اسننتقر عليننه المننر نتيهننة للشننورى ..ولكنننه أم نناها وهننو ينندرك مننا
وراءهننا م ننن ايالم واخلس ننائر والت ن يات .لن إق ننرار الب نندأ ،وتعل ننيم ا مع ننة ،وتربي ننة الم ننة،
أكرب من اخلسائر الوقتية .
135
ولقد كان من حنق القينادة النبوينة أن تنبنذ مبندأ الشنورى كلنه بعند العركنة .أمنام منا أحد تنه منن
انقسام ف الصفو ف أحر الظرو ؛ وأمام النتائج الريرة التي انتهت إليها العركنة ولكنن
اإلسننالم ك ننان ي نش ننىء أم ننة ،ويربيه ننا ،ويع نندها لقيننادة البش ننرية .وك ننان الل يعل ننم أن خ ننري وس ننيلة
لةبينة المننم وإعنندادها للقينادة الراننيدة ،أن تربننى بالشننورى؛ وأن تندرب عننىل رننل التبعننة ،وأن
طننىء -مه ننم يك ننن اخلط ننأ جسننيم وذا نت ننائج مري ننرة -لتع ننر كيننف تص ن ح خطأه ننا ،وكي ننف
حتتمل تبعات رأهيا وتصنرفها .فهني ال تنتعلم الصنواب إال إذا زاولنت اخلطنأ ..واخلسنائر ال ونم
إذا كان ن ننت احلص ن ننيلة ه ن نني إنش ن نناء الم ن ننة الدرب ن ننة الدرك ن ننة الق ن نندرة للتبع ن ننة .واختص ن ننار الخط ن نناء
والعثننرات واخلسننائر ف حينناة المننة لننيس فيهننا يشء مننن الكسننب ننا ،إذا كانننت نتيهتننه أن تظننل
ه ننذه المن ننة قن ننارصة كالطف ننل حتن ننت الوصن نناية .إ ننا ف هن ننذه احلالن ننة تتقن نني خسن ننائر مادين ننة وحتقن ننق
مكاسننب ماديننة .ولكنهننا نا نفسننها ،و نا وجودهننا ،و نا تربيتهننا ،و نا تنندريبها عننىل
احلياة الواقعية .كالطفل الذي يمنع من مزاولنة ال نج -منثال -لتنوفري العثنرات واخلبطنات .أو
توفري احلذاء !
كنان اإلسنالم ينشنىء أمنة ويربيهننا ،ويعندها للقينادة الرا اندة .فلنم يكننن بند أن حيقنق نذه المننة
رانندها ،ويرفننع عنهننا الوصنناية ف حركننات حياوننا العمليننة الواقعيننة ،كنني تنندرب عليهننا ف حينناة
الرسن ننول ☻ وبإرشا فن ننه .ولن ننو كن ننان وج ن ننود القين ننادة الرا ان نندة يمنن ننع الش ن ننورى،
ويمنع تدريب المة عليها تدريبا عمليا واقعيا ف أخطر الشةون -كمعركة أحد التي قند تقنرر
مصننري المننة السننلمة ائيننا ،وهنني أمننة نااننئة حتننيط ذننا العننداوات والخطننار مننن كننل جانننب -
وحيل للقيادة أن تستقل بالمر وله كل هذه اخلطنورة -لنو كنان وجنود القينادة الرا اندة ف المنة
يكفني ويسند مسند مزاولننة الشنورى ف أخطنر الشننةون ،لكنان وجنود حممنند ☻
ومعه الوحي من الل سب انه وتعا -كافيا حلرمان ا معة السلمة يومها منن حنق الشنورى
136
-وبخاصننة عننىل ضننوء النتننائج الريننرة التنني صنناحبتها ف ظننل الالبسننات اخلطننرية لنشننأة المننة
السلمة .ولكن وجود حممد رسول الل ☻ ومعه النوحي اإل ني ووقنوع تلني
الحدا ،ووجود تلي الالبسات ،يلغ هذا احلق .لن الل -سب انه -يعلم أن ال بد من
مزاولته ف أخطر الشةون ،ومهم تكن النتائج ،ومهم تكن اخلسائر ،ومهم يكن انقسام الصف،
يات الريرة ،ومهم تكن الخطار ال يطة ..لن هذه كلها جزئيات ال تقوم ومهم تكن الت
أمام إنشاء المة الراادة ،ال دربة بالفعل عىل احلياة؛ الدركة لتبعات الرأي والعمل ،الواعية
لنتائج الرأي والعمل ..ومن هنا جاء هذا المر اإل ي ،ف هذا الوقت بالذات :
ليقنرر البندأ ف مواجهننة أخطنر الخطنار التنني صناحبت اسنتعمله؛ وليثبننت هنذا القنرار ف حينناة
المنة السنلمة أخمنا كانننت الخطنار التني تقننع ف أ نناء التطبينق؛ وليسنقط احلهننة الواهينة التني تثننار
العوا قننب التنني تب نندو إلبطننال هننذا البنندأ ف حينناة المننة السننلمة ،كل ننم نشننأ عننن اسننتعمله بع ن
سيئة ،ولو كان هو انقسام الصف ،كم وقع ف "أحد" والعدو عنىل البنواب ..لن وجنود المنة
الراادة مرهون ذذا البدأ .ووجود المة الراادة أكرب من كل خسارة أخرى ف الطريق !
عننىل أن الصننورة احلقيقيننة للنظننام اإلسننالمي ال تكم ننل حتننى نمن نيض مننع بقيننة اييننة؛ فن ننرى أن
الشورى ال تنتهي أبدا إ الرج ة والتعويق ،وال تغني كذلي عن التوكل عىل الل ف اية
الطا :
137
إن مهمننة الشننورى هنني تقليننب أوجننه الننرأي ،واختيننار اينناه مننن االياهننات العروضننة ،فننإذا
انتهى المر إ هذا احلد ،انتهى دور الشورى وجاء دور التنفيذ ..التنفينذ ف عنزم وحسنم ،وف
توكل عىل الل ،يصل المر بقدر الل ،ويدعه لشيئته تصوغ العواقب كم تشاء .
وكن ننم أفقن ننى النبن نني ☻ درسن ننه النبن ننوي الربن نناين ،وهن ننو يعلن ننم المن ننة الشن ننورى،
ويعلمهنا إبنداء النرأي ،واحنتمل تبعتنه بتنفيننذه ،ف أخطنر الشنةون وأكربهنا ..كنذلي أفقنى عليهننا
درسننه الثنناين ف ال نناء بعنند الشننورى ،وف التوكننل عننىل الل ،وإسننالم النننفس لقنندره -عننىل علننم
بمهنراه واياهنه – فأم نىض المننر ف اخلنرو ،ودخنل بيتنه فلننبس درعنه ولمتنه -وهنو يعلننم إ
أخمننن هننو م نناض ،ومننا الننذي ينتظ ننره وينتظننر الص ن ابة معننه مننن آالم وت ن يات ..وحتننى ح نني
أاي ن ن ن ن ننت فرص ن ن ن ن ننة أخ ن ن ن ن ننرى ب ن ن ن ن ننةدد الت مس ن ن ن ن نني ،وخ ن ن ن ن ننوفهم م ن ن ن ن ننن أن يكون ن ن ن ن ننوا اس ن ن ن ن ننتكرهوه
☻ عننىل مننا ال يرينند ،وتننرك هم المننر لننه ليخننر أو يبقننى ..حتننى حنني أاي ننت
هننذه الفرصننة ينتهزهننا لريجننع .ل ننه أراد أن يعلمهننم النندرس كلننه .درس الشننورى .ننم العننزم
وال ن ني .مننع التوكنل عننىل الل واالستسننالم لقندره .وأن يعلمهننم أن للشنورى وقتهننا ،وال جمننال
بعن نندها لل ن ننةدد والتن ننأرجح ومع ن نناودة تقلين ننب ال ن ننرأي من ننن جدي ن نند .فهن ننذا ملف ن ننة الشن ننلل والس ن ننلبية
والتأرجح الذي ال ينتهي ..إنم هو رأي واورى .وعزم وم اء .وتوكل عىل الل ،حيبه الل :
واخللة التني حيبهنا الل وحينب أهلهنا هني اخللنة التني ينبغني أن حينرص عليهنا الةمننون .بنل هني
التنني متيننز الننةمني ..والتوكننل عننىل الل ،ورد المننر إليننه ف النهايننة ،هننو خننط التننوازن الخننري ف
التص ننور اإلس ننالمي وف احلي نناة اإلس ننالمية .وه ننو التعام ننل م ننع احلقيق ننة الكب ننرية :حقيق ننة أن م ننرد
المر كله لل ،وأن الل فعال لا يريد ..
138
لقنند ك ننان ه ننذا درسننا م ننن دروس "أح نند" الكبننار .ه ننو رص ننيد المننة الس ننلمة ف أجيا ننا كله ننا،
وليس رصيد جيل بعينه ف زمن من الزمان ..
ولتقرير حقيقة التوكل عىل الل ،وإقامتها عىل أصنو ا الثابتنة ،يم نني السنياد فيقنرر أن القنوة
الفاعلنة ف النصننر واخلننذالن هنني قنوة الل ،فعننندها يلننتمس النصننر ،ومنهنا تتقننى ا زيمننة ،وإليهننا
الخمندي منن العوا قنب ،وتعليقهنا يكون التوجه ،وعليها يكون التوكل ،بعد ا اذ العدة ،ونفن
بقدر الل :
)إن ينصن ركم الل فال غالب لكم ،وإن اذلكم فمن ذا الذي ينصنركم من بعده ؟ وعىل الل
فليتوكل الةمنون)..
إن التصنور اإلسنالمي يتسنم بننالتوازن الطلنق بني تقرينر الفاعليننة الطلقنة لقندر الل -سننب انه
-وحتقننق هننذا القنندر ف احلينناة اإلنسننانية مننن خننالل نشنناي اإلنسننان وفاعليتننه وعملننه ..إن سنننة
الل يننري بةتيننب النتننائج عننىل السننباب .ولكننن السننباب ليسننت هنني التنني "تنشننىء" النتننائج.
فالفاعل الة ر هو الل .والل يرتب النتائج عنىل السنباب بقندره ومشنيئته ..ومنن نم يطلنب إ
اإلنس ننان أن ي ننةدي و اجب ننه ،وأن يب ننذل جه ننده ،وأن يف نني بالتزامات ننه .وبق نندر م ننا ي ننوف ب ننذلي كل ننه
يرتننب الل النتننائج وحيققهننا ..وهكننذا تظننل النتننائج والعوا قننب متعلقننة بمشننيئة الل وقنندره .هننو
وحده الذي يأذن ا بالوجود حي يشاء ،وكيفم يشاء ..وهكنذا يتنوازن تصنور السنلم وعملنه.
فه ننو يعم ننل ويب ننذل م ننا ف طوق ننه ؛ وه ننو يتعل ننق ف نتيه ننة عمل ننه وجه ننده بق نندر الل ومش ننيئته .وال
حتمية ف تصوره بي النتائج والسباب .فهو ال حيتم أمرا بعينه عىل الل !
وهنا ف ق ية النصنر واخلذالن ،بوصفهم نتيهتني للمعركنة -أخمنة معركنة -ينرد السنلمي إ
قنندر الل ومشننيئته؛ ويعلقهننم بننإرادة الل وقدرتننه :إن ينص ن رهم الل فننال غالننب ننم .وأن اننذ م
139
فننال نننارص ننم مننن بعننده ..وهنني احلقيقننة الكليننة الطلقننة ف هننذا الوجننود .حيننث ال قننوة إال قننوة
الل ،وال قدرة إال قدرته ،وال مشيئة إال مشيئته .وعنها تصدر الاياء والحدا ..ولكن هذه
احلقيقننة الكليننة الطلقننة ال تعف نني السننلمي مننن اتبنناع ال نننهج ،وطاعننة التوجيننه ،والنه ننوض
بالتكاليف ،وبذلي ا هد ،والتوكل بعد هذا كله عىل الل :
وبذلي الص تصنور السنلم منن النتمس يشء منن عنند غنري الل؛ ويتصنل قلبنه مبنارشة بنالقوة
ي ننده م ننن ك ننل الا ننبا الزائف ننة والس ننباب الباطل ننة للنص ن نرة الفاعل ننة ف ه ننذا الوج ننود؛ في نننف
واحلمية وااللتهاء؛ ويتوكل عىل الل وحده ف أحدا النتنائج ،وحتقينق الصناير ،وتندبري المنر
ب كمته ،وتقبل ما جييء به قدر الل ف اطمئنان أخما كان .
إنه التوازن العهيب ،الذي ال يعرفه القلب البرشي إال ف اإلسالم .
م يعود إ احلديث عن ال نبوة وخصائصها اخللقية؛ ليمد من هذا ال نور خيوطنا ف التوجينه
لألمانة ،والنهي عن الغلول ،والتذكري باحلساب ،وتوفية النفوس دون إج ا :
) وما كان لنبي أن يغل .ومن يغلل يأت بم غل يوم القيامة .م تو كل نفس ما كسبت ،وهم
ال يظلمون)..
ولقد كان من بي العوا منل التني ج علنت الرمناة يزايلنون مكنا م منن ا بنل ،خنوفهم أال يقسنم
النننافقي قنند تكلمننوا بننأن ننم رسننول الل ☻ مننن الغنننائم كننذلي كننان بع ن
غنننائم بنندر مننن قبننل قنند اختفننت؛ و يسننت وا أن هيمسننوا باسننمه ☻ ف بع ن
هذا الهال .
140
فهنننا يننأيت السننياد ب كننم عننام ينفنني عننن ال بينناء عامننة إمكننان أن يغلننوا ..أي أن حيتهننزوا اننيئا
،أو اونوا إجاال ف يشء : ا ند دون بع من الموال والغنائم أو يقسموا لبع
مننا كننان لننه .فهننو لننيس مننن اننأ ه أصننال وال مننن طبعننه وال مننن خلقننه .فننالنفي هنننا نفنني إلمكننان
وقوع الفعنل .ولنيس نفينا حللنه أو جنوازه .فطبيعنة النبني الميننة العادلنة العفيفنة ال يتنأاى أن يقنع
منها الغلول ابتنداء ..وف قنراءة " :هيغ منل" عنىل بنناء الفعنل لغنري الفاعنل .أي ال جينوز أن انان .وال
أن افني عنننه أاباعنه اننيئا ..فيكنون يننا عننن خياننة النبنني ف يشء .وهنو يتمشننى منع عهننز اييننة.
وهي قراءة احلسن البرصي .
م هيدد الذين يغلون ،و افون ايئا من الال العام أو من الغنائم ،ذلي التهديد الخيف :
) ومن يغلل يأت بم غل يوم القيامة .م تو كل نفس ما كسبت ،وهم ال يظلمون)..
روى اإلمنام أرند .حند نا سنفيان عنن الزهنري ،سنمع عنروة يقنول :حند نا أبنو ريند السنناعدي
ق ن ننال :اس ن ننتعمل رسن ننول الل ☻ رج ن ننال م ن ننن الزد يق ن ننا ل ل ن ننه اب ن ننن اللتيب ن ننة .ع ن ننىل
الص نندقة .فه نناء فق ننال :ه ننذا لك ننم وه ننذا أه نندي إيل .فق ننام رس ننول الل ☻ ع ننىل
الننرب فقننال ":مننا بننال العامننل نبعثننه عننىل عمنل فيقننول :هننذا لكننم وهننذا أهنندي إيل .أفننال جلننس ف
بيت أبيه وأمه فينظر أهيدي إلينه أم ال ؟ والنذي نفنس حممند بينده ،ال ينأيت أحندكم منهنا ب نجء إال
جناء بننه يننوم القيامننة عننىل رقبتننه ،وإن بعننريا لننه رغنناء ،أو بقننرة ننا خننوار ،أو انناة تيعننر " ..ننم رفننع
يديننه حتننى رأخمنننا عفننرة إبطيننه .ننم قننال ":مهللا هننل بلغننت ؟ " -ال ننا – [ وأخرجننه الشننيخان ]
وروى اإلمنام أرنند بإسنناده ،عننن أيب هريننرة قنال :قننام فيننا رسننول الل ☻ يومننا
141
فذكر الغلول ،فعظمه وعظم أمره .م قال ":ال أففي أحدكم جييء ينوم القيامنة عنىل رقبتنه بعنري
لنه رغناء ،فيقنول :ينا رسنول الل أغثنني .فننأقول :ال أملني لني منن الل انيئا قند بلغتني .ال أففنني
أحدكم جييء يوم القيامنة عنىل رقبتنه فنرس نا ر منة ،فيقنول :ينا رسنول الل أغثنني ،فنأقول :ال
أمل نني ل نني م ننن الل ا ننيئا ق نند بلغت نني .ال أفف نني أح نندكم جي ننيء ي ننوم القيام ننة ع ننىل رقبت ننه ص ننامت.
فيق ننول :ي ننا رس ننول الل أغثن نني .ف ننأقول :ال أمل نني ل نني م ننن الل ا ننيئا ق نند بلغت نني " [ ..وأخرج ننه
الشيخان من حديث أيب حيان ] ..
وروى اإلم ن ننام أر ن نند -بإس ن ننناده -ع ن ننن ع ن نندي ب ن ننن عم ن ننرية الكن ن نندي .ق ن ننال :ق ن ننال رسن ننول الل
☻ ":ي ا أهيا الناس .منن عمنل لننا مننكم عمنال ،فكتمننا مننه نيطنا( )1فنم فوقنه،
فهو غل يأيت به يوم القيامنة " ..قنال :فقنام رجنل منن ال صنار أسنود -قنال جماهند :هنو سنعد بنن
عب ننادة ك ننأين أ ظ ننر إلي ننه -فق ننال :ي ننا رس ننول الل ،أقب ننل من نني عمل نني .ق ننال ":وم ننا ذاك ؟ " ق ننال:
سننمعتي تقننول :كننذا وك ننذا .قننال " :وأ ننا أق ننول ذلنني اين .مننن اس ننتعملناه عننىل عمننل فليه ننيء
بقليلننه وكثننريه .فننم أويت منننه أخننذه؛ ومننا نني عنننه انتهننى " [ ..ورواه مسننلم وأبننو داود مننن طننرد
عن إسمعيل بن أيب رافع ] ..
وقند عملننت هنذه اييننة القرآنينة الكريمننة والحاديننث النبوينة الش نريفة عملهنا ف تربيننة ا معننة
السلمة؛ حتنى أانت بالعهنب العهناب؛ وحتنى أ شنأت جمموعنة منن النناس تتمثنل فنيهم الماننة
والورع والت ر من الغلول ف أخمة صورة من صوره ،كم تتمثل قنط ف جمموعنة ب نرشية .وقند
كان الرجل من أفناء الناس من السنلمي يقنع ف ينده الثمني منن الغنيمنة ،ال ينراه أحند ،فينأيت بنه
إ أمريه ،ال حتد نه نفسنه بجنء مننه ،خشنية أن ينطبنق علينه الننص القنرآين الرهنوب ،وخشنية أن
يلق ننى نبي ننه ع ننىل الص ننورة الفزع ننة الخهل ننة الت نني ح ننذره أن يلق نناه عليه ننا ي ننوم القيام ننة فق نند ك ننان
142
هذه احلقيقة فعنال .وكاننت ايخنرة ف حسنه واقعنا ،وكنان ينرى صنورته تلني أمنام السلم يعي
نبيننه وأم ننام رب ننه ،فيتو قاه ننا ويف ننزع أن يك ننون فيهننا .وك ننان ه ننذا ه ننو رس تق ننواه وخش ننيته وحترج ننه.
فننايخرة كانننت حقيقننة يعيشننها ،ال وعنندا بعينندا وكننان عننىل يقنني ال اا ننه الشنني مننن أن كننل
نفس ستو ما كسبت ،وهم ال يظلمون ..
روى ابننن جريننر الطننربي ف تاراننه قننال :لننا هننبط السننلمون النندائن ،وجعننوا القبنناض ،أقبننل
رجننل ب ننق معننه ،فدفعننه إ صنناحب القبنناض .فقننال والننذين معننه :مننا رأخمنننا مثننل هننذا قننط ،مننا
يعدلنه مننا عنندنا وال يقاربننه .فقنالوا :هننل أخننذت مننه اننيئا ؟ فقنال :أمننا والل لنوال الل مننا آتيننتكم
ب ننه .فعرف ننوا أن للرج ننل ا ننأ ا .فق ننالوا :م ننن أ ننت ؟ فق ننال :ال والل ال أخ ننربكم لت م نندوين ،وال
غننري كم ليقرظننوين ولكن نني أرنند الل وأرىض بثوا ب ننه .فننأابعوه رجننال حت ننى انتهننى إ أص ن ابه،
فسأل عنه فإذا عامر بن عبد قيس ..
وق نند رل ننت الغن ننائم إ عم ننر ؓ بع نند القادس ننية ،وفيه ننا ت ننا كس ن نرى وإيوا ن ننه ال يقوم ننان
بثمن ..فنظر ؓ إ ما أداه ا ند ف غبطة وقال ":إن قوما أدوا هذا لمريهم لمناء "..
وهكذا ربى اإلسالم السلمي تلي الةبية العهيبة التي تكاد أخبارها حتسب ف الساطري .
ننم يسننتطرد السننياد -ف معننرض احلننديث عننن الغنننائم والغلننول -يننوازن بنني القننيم ..القننيم
احلقيقية التي يليق أن يلتفت إليها القلب الةمن ،وأن يشغل ذا :
)أفمن اتبع رضوان الل كمن باء بسخط من الل ،ومأواه جهنم وبئس الصري ؟ هم درجات
عند الل ،والل بصري بم يعملون)..
143
إ ننا النقلننة التنني تصننغر ف ظلهننا الغنننائم ،ويصننغر ف ظلهننا التفكننري ف هننذه العننراض .وهنني
لسننة مننن لسننات النننهج القننرآين العهيننب ف تربيننة القلننوب ،ورفننع اهتمماوننا ،وتوسننيع آفاقهننا
واغلها بالسباد احلقيقي ف اليدان الصيل .
) أفمن اتبع رضوان الل كمن باء بسخط من الل ومأواه جهنم وبئس الصري)..
هذه هي القيم ،وهذا هو جمال الطمع وجمال االختيار .وهذا هنو ميندان الكسنب واخلسنارة.
واننتان بنني مننن يتبننع رضننوان الل فيفننوز بننه ،ومننن يعننود وف وطابننه سننخط الل يننذهب بننه إ
جهنم ..وبئس الصري !
! وكل ينال درجته باست قاد ،فال ظلم وال إج ا ،وال حماباة وال جزا
) لقد من الل عىل الةمني إذ بعث فيهم رسوال من أ فسهم ،يتلو علنيهم آياتنه ،وينزكيهم،
ويعلمهم الكتاب واحلكمة ،وإن كانوا من قبل لفي ضالل مبي)..
144
إن خت ننام هن ننذه الفقن ننرة ذن ننذه احلقيقن ننة الكبن ننرية .حقيقن ننة الرسن ننول ☻ وقيمتهن ننا
الذاتية ،وعظم ال نة اإل ية ذا ،ودورها ف إنشاء هذه المة وتعليمها وتربيتها وقيادوا ،ونقلهنا
مننن ال ننالل البنني إ العلننم واحلكمننة والطهننارة ..إن هننذا اخلتننام يت ننمن لسننات قرآنيننة كثننرية
منوعة عميقة :
إ ننا يننيء ابتننداء تعقيبننا عننىل الغنننائم والطمننع فيهننا والغلننول ،واالنشننغال ذننذا المننر الصننغري،
الذي كان االنشغال به هو السبب البارش الذي قلب الوقف ف العركة ،وبندل النصننر هزيمنة،
وفعل بالسلمي الفاعينل .فاإلانارة إ حقيقنة الرسنالة الكبنرية ،والننة العظيمنة التمثلنة فيهنا،
لسننة عميقننة مننن لسننات الةبيننة القرآنيننة الفرينندة .تبنندو ف ظلهننا غنننائم الرض كلهننا ،وأسننالب
الرض كله ننا ،وإع ننراض الرض كله ننا ،ا ننيئا تافه ننا زهي نندا ،ال ي ننذكر وال يق نندر .ا ننيئا ه ننل
النفس الةمنة أن تذكره ،بل تست ي أن تفكر فيه ف ال عن أن تشغل به !
وه نني ي ننيء ف س ننياد احل ننديث ع ننن ا زيم ننة والق ننر وال واخلس ننارة الت نني أص ننابت ا مع ننة
السلمة ف العركة ..ف اإلاارة إ تلي احلقيقنة الكبنرية ،ومنا متثلنه منن مننة عظيمنة ،لسنة عميقنة
من ننن لسن ننات الةبين ننة القرآنين ننة العهيبن ننة ،تصن ننغر ف ظلهن ننا ايالم واخلسن ننائر ،وتصن ننغر إ جانبهن ننا
ا ننرا والت ن يات .ع ننىل ح نني تعظ ننم الن ننة ،ويننتهىل العط نناء ال ننذي ي ننرجح ك ننل يشء ف حي نناة
المة السلمة عىل اإلطالد .
م ..اإلاارة إ آ ار هذه النة ف حياة المة السنلمة ( يتلنو علنيهم آياتنه وينزكيهم ويعلمهنم
الكتاب واحلكمة ،وإن كانوا من قبل لفي ضالل مبي) ..وهي تج بالنقلة من حال إ حال،
ومننن وضننع إ وضننع ،ومننن عهنند إ عهنند .فتشننعر المننة السننلمة بننم وراء هننذه النقلننة مننن قنندر
الل ا لننذي يرينند ذننذه المننة أمننرا ضننخم ف تنناريخ الرض ،وف حينناة البش ننر ،والننذي يعنندها ننذا
145
المنر ال نخم بإرسننال الرسنول ☻ فننم ينبغني لمننة هنذا اننأ ا ،أن تشنغل با ننا
بالغن ننائم الت نني تب نندو تافه ننة زهي نندة ف ظ ننل ه ننذا ا نند ال ننخم ،وال أن ي ننزع م ننن الت ن ن يات
وايالم ،التي تبدو هينة يسرية ف ظل هذه الغاية الكبرية ..
اللمسات السنتفادة منن ذكنر هنذه الننة ف هنذا السنياد .ننذكرها باختصنار وإجنال، هذه بع
لنواجه النص القرآين احلافل باإلحياءات والظالل :
إ ننا النننة العظمننى أن يبعننث الل فننيهم رسننوال ،وأن يكننون هننذا الرسننول (مننن أ فسننهم) ..إن
خلقه ،هي الننة التني ال تنبثنق إال منن العناية من الل ا ليل ،بإرسال رسول من عنده إ بع
الكرم اإل ي .النة اخلالصنة التني ال يقابلهنا يشء منن جاننب البرشن .وإال فمنن هنم هنةالء في
الناس ،ومن هم هةالء اخللق ،حتنى ينذكرهم الل هنذا النذكر ،ويعننى ذنم هنذه العناينة ؟ ويبلنغ
منن حفناوة الل ذنم ،أن يرسنل نم رسنوال مننن عننده ،حيند هم بلخماتنه -سنب انه -وكلمتنه ،لننوال
بال حساب ،ويغمر خالئقه بال سبب منهم وال مقابل ؟ أن كرم الل يفي
وتت ناعف الننة بنأن يكنون هنذا الرسنول "منن أ فسنهم" ..يقنل "مننهم" فنإن للتعبنري القنرآين
"م ننن أ فس ننهم " ظننالال عميقننة اإلحينناء والداللننة ..إن الص ننلة بنني الننةمني والرسننول هنني ص ننلة
النفس بالنفس ،ال صلة الفرد با نس .
فليسننت السننأفة أ ننه واحنند منننهم وكفننى .إنننم هنني أعمننق مننن ذلنني وأرقننى .ننم إ ننم بنناإليمن
يرتفعون إ هنذه الصنلة بالرسنول ،ويصنلون إ هنذا الفنق منن الكرا منة عنىل الل .فهنو مننة عنىل
146
الةمني ..فالنة م اعفة ،اثلة ف إرسال الرسول ،وف وصل أ فسهم بنفس الرسنول ،ونفنس
الرسول بأ فسهم عىل هذا الن و احلبيب .
م تتهىل هذه النة العلوية ف آ ارها العملية ..ف نفوسهم وحياوم وتاراهم اإلنساين :
تتهىل هذه الننة ف أكنرب جماليهنا .ف تكنريم الل نم .بإرسنال رسنول منن عننده اناطبهم بكنالم
الل ا ليل :
ولو تأمل اإلنسان هذه النة وحدها لراعتنه وهزتنه حتنى منا يتملني أن ينصنب قامتنه أمنام الل،
حتى وهو يقف أمامه للشكر والصالة !
ولو تأمل أن الل ا ليل -سب انه -يتكرم علينه ،فيخاطبنه بكلمتنه .ااطبنه لي د نه عنن ذاتنه
ا ليلة وصفاته؛ وليعرفه ب قيقة اللوهية وخصائصها .م ااطبه لي د ه عن انأ ه هنو -هنو
اإلنسننان -هننو العبنند الصننغري ال ننئيل -وعننن حياتننه ،وعننن خوا ننه ،وعنن حركاتننه وسننكناته.
ااطبننه لينندعوه إ مننا حيييننه ،ولريا ننده إ مننا يصننلح قلبننه وحال ننه ،وهيتننف بننه إ جنننة عرض ننها
السموات والرض .
الذي جيري ذذه النة ،وهذا التف ل ،وهذا العطاء ؟ فهل هو إال الكرم الفائ
إن الل ا ليننل غننني عننن العننالي .وإن اإلنسننان ال ننئيل ننو الفقننري ال ننوو ..ولكننن ا ليننل
هننو الننذي حيفننل هننذا ال ننئيل ،ويتلمسننه بعنايتننه ،ويتابعننه بدعوتننه والغننني هننو الننذي ااطننب
147
الفقننري وينندعوه ويكننرر دعوتننه فيننا للكننرم ويننا للمنننة ويننا للف ننل والعطنناء الننذي ال كفنناء لننه
من الشكر والوفاء !
)ويزكيهم)..
يطهن ن ننرهم وين ن ننرفعهم وينقن ن ننيهم .يطهن ن ننر قلن ن ننوذم و تصن ن ننوراوم ومشن ن نناعرهم .ويطهن ن ننر بي ن ننووم
وأعرا ضننهم وصننالوم .ويطهننر حينناوم وجمننتمعهم وأ ظمننتهم ..يطهننرهم مننن أرجنناس الش نرك
والو نينة واخلرا فنة والسنطورة ،ومننا تبثنه ف احليناة منن مرا سننم وانعائر وعنادات وتقاليند هابطننة
مزرية باإلنسان وبمعنى إنسانيته ..ويطهنرهم منن دننس احليناة ا اهلينة ،ومنا تلنو بنه الشناعر
والشعائر والتقاليد والقيم والفاهيم .
وقد كان لكل جاهلية من حو م أرجاسها ،وكان للعرب جاهليتهم وأرجاسها .
مننن أرجاسننها هننذا الننذي وصننفه جعفننر بننن أيب طالننب وهننو حينند نهننايش احلبشننة ف مواجهننة
إليه ،وقد جاءا إليه ليسلمهم الهاجرين من السلمي عنده ..يقول جعفر : رسويل قري
" أهيننا اللنني .كنننا قومننا أهننل جاهليننة ،نعبنند الصنننام ،ونأكننل اليتننة ،ونننأيت الفننواح ،ونقطننع
الرحننام ،ونسن ن يء ا ننوار ،ويأكننل القننوي منننا ال ننعيف ..فكنننا عننىل ذلنني حتننى بعننث الل إلينننا
رس ننوال من ننا ،نعن ننر نس ننبه وصن نندقه وأمانت ننه وعفافن ننه .ف نندعانا إ الل وحن ننده لنوح ننده ونعبن ننده،
ونخلننع مننا كنننا نعبنند ن ننن وآبا نننا مننن دونننه مننن احلهننارة والو ننان ،وأمرنننا بصنندد احلننديث،
وأداء المانن ننة ،وصن ننلة الن ننرحم ،وحسن ننن ا ن ننوار ،والكن ننف عن ننن ال ن ننارم والن نندماء .و انن ننا عن ننن
الفواح ،وقول الزور ،وأكل مال اليتيم ،وقنذ ال صننات ،وأمرننا أن نعبند الل وال ن نرشك
به ايئا ،وأمرنا بالصالة والزكاة والصيام ..
148
ومن أرجاسها ما حكته عائشة -رن الل عنهنا -وهني تصنور أ نواع االتصنال بني ا نسني
ف ا اهلية كم جاء ف ص يح البخاري ،ف هذه الصورة ا ابطة احليوانية الزرية :
" إن النكا ف ا اهلية كان عىل أربعة أ اء .فنكا منهنا نكنا النناس الينوم :اطنب الرجنل
إ الرجل وليته أو بنته ،فيصدقها ،م ينك ها ..والنكنا ايخنر كنان الرجنل يقنول المرأ انه إذا
طهرت من طمثها :أرسيل إ فالن فاستب عي منه ويعتز ا وال يمسها أبدا حتى يتبني رلهنا
من ذلي الرجل الذي تستب ع منه فإذا تبي رلها أصاذا زوجها إذا أحب .وإنم يفعنل ذلني
رغبننة ف نهابننة الرجننل فكننان هننذا النكننا نكننا االستب نناع ..ونكننا آخننر جيتمننع الننرهط مننا
دون العرشنة ،فيندخلون عنىل النرأة ،كلهنم يصنيبها .فنإذا رلنت ووضنعت ،ومنر عليهنا لينال بعنند
أن ت نع رلهنا أرسننلت إلنيهم ،فلننم يسنتطع رجننل مننهم أن يمتنننع ،حتنى جيتمعننوا عنندها ،تقننول
م :قد عرفتم الذي كان من أمنركم ،وقند ولندت .فهنو ابنني ينا فنالن .تسنمي منن أحبنت مننهم
باسننمه فيل ننق بننه ولنندها .وال يسننتطيع أن يمتنننع منننه الرجننل والنكننا الرا بننع :جيتمننع الننناس
الكثري ،فيدخلون عىل الرأة ال متتنع ان جاءها -وهن البغايا ،كنن ينصنبن عنىل أبنواذن راينات
تك ننون عل ننم -فم ننن أراده ننن دخ ننل عل ننيهن ف ننإذا رل ننت إح ننداهن ووض ننعت رله ننا ،جع ننوا ننا،
ودعوا م القافة ،م احلقوا ولدها بالذي يرون ،فالتاطه ،ودعي ابنه ،ال يمتنع من ذلي "..
وداللة هذه الصورة عىل هبوي التصور اإلنساين وذيميته ال حتتا إ تعلينق .ويكفني تصنور
الرجل ،وهو ير سنل امرأ انه إ "فنالن" لتنأيت لنه مننه بولند نهينب .متامنا كنم يرسنل ناقتنه أو فرسنه
أو ذيمته إ الف ل النهيب ،لتأيت له منه بنتا جيد !
ويكف ن ن نني تص ن ن ننور الرج ن ن ننال -م ن ن ننا دون العشن ن ن ننرة -ي ن ن نندخلون إ ال ن ن ننرأة جمتمع ن ن نني " -كله ن ن ننم
يصيبها " ..م تار هي أحدهم لتل ق به ولدها !
149
أما البغاء -وهو الصورة الرابعة -فهو البغاء يزيند علينه إحلناد نتاجنه برجنل منن البغناة ال
جيد ف ذلي معرة وال يمتنع من ذلي !
إنه الوحل .النذي طهنر اإلسنالم مننه العنرب .وزكناهم .وكنانوا -لنوال اإلسنالم -غنارقي إ
الذقان فيه !
و يكنن هننذا الوحنل ف العالقننات ا نسننية إال طرفنا مننن النظننرة ا ابطنة إ الننرأة ف ا اهليننة.
يقول الستاذ أبو احلسن الندوي ف كتابه القيم" :ماذا خا العا بان طاي السلمي ":
"وكانت الرأة ف الهتمع ا اهيل عرضة غبن وحيف ،تةكل حقوقها ،وتبتنز أموا نا ،وحتنرم
منن إر هنا ،وتع نل بعند الطنالد أو وفناة الننزو منن أن تننكح زوجنا ترضناه وتنور كنم يننور
التاع أو الدابنة عنن ابنن عبناس قنال ":كنان الرجنل إذا منات أبنوه أو رنوه ،فهنو أحنق بامرأ انه ،إن
ا نناء أمس ننكها أو حيبس ننها حت ننى تفت نندى بص ننداقها ،أو مت ننوت في ننذهب بم ننا " ..وق ننال عط نناء ب ننن
ربنا " ..إن أهننل ا اهليننة كننانوا إذا هلنني الرجننل ،فننةك امننرأة حبسننها أهلننه عننىل الصننبي يكننون
ف ننيهم " ..وق ننال الس نندي :إن الرج ننل ف ا اهلي ننة ك ننان يم ننوت أب ننوه أو أخ ننوه أو ابن ننه ،ف ننإذا م ننات
وترك امرأاه ،فإن سبق وار اليت فنأفقى عليهنا وبنه فهنو أحنق ذنا أن ينك هنا بمهنر صناحبه،
أو ينك هننا فيأخننذ مهرهننا .وإن سننبقته فننذهبت إ أهلهننا فهنني أحننق بنفسننها " .وكانننت الننرأة ف
ا اهلينة يطفننف معهننا الكيننل ،فيتمتننع الرجننل ب قوقننه وال تتمتننع هنني ب قوقهننا ،يةخننذ اننا تننةيت
م ننن مه ننر ،ومتس نني را را لالعت ننداء .وتالق نني م ننن بعله ننا نش ننوزا أو إعرا ض ننا ،وت ننةك ف بعن ن
الحيننان كالعلقننة .ومننن الننأكوالت مننا هننو خننالص للننذكور وحمننرم عننىل اإلنننا .وكننان يس نوغ
للرجل أن يتزو ما يشاء من غري حتديد .
150
" وقد بلغت كرا هنة البننات إ حند النوأد .ذكنر ا ينثم بنن عندي -عنىل منا حكناه عننه الينداين -
أن ال ننوأد ك ننان مس ننتعمال ف قبائ ننل الع ننرب قاطب ننة ،فك ننان يس ننتعمله واح نند ويةك ننه ع ن نرشة .فه نناء
اإلس ننالم ،وكان ننت م ننذاهب الع ننرب نتلف ننة ف وأد الوالد .فمن ننهم م ننن ك ننان يئ نند البنن نات لزين ند
الغرية ونافة حلود العار ذم من أجلهن .ومننهم منن كنان يئند منن البننات منن كاننت زرقناء .أو
ا ننيمء [ س ننوداء ] أو برا نناء [ برص نناء ] أو كسن ن اء [ عرج نناء ] تش ننا ما م نننهم ذ ننذه الص ننفات.
ومنهم كان يقتل أوالده خشية اإلنفاد ،وخو الفقر ..
الحيننان ،فقنند يتننأخر وأد الننوءودة "وكننانوا يقتلننون البنننات ويئنندو ن بقسننوة نننادرة ف بع ن
لس ننفر الوا ل نند وا ننغله ،ف ننال يئ نندها إال وق نند ك ننربت ،وص ننارت تعق ننل .وق نند حك ننوا ف ذل نني ع ننن
أ فسهم مبكيات .وقد كان بع هم يلقي ال ثى من ااهق"(..)1
وم ننن أرجاس ننها -وأص ننل ه ننذه الرج نناس جيع ننا – الش ن نرك والو ني ننة ا ابط ن نة الس نناذجة :ك ننم
يصورها ف إجال الستاذ أبو احلسن الندوي ف كتابه :
" انغمس ننت الم ننة ف الو ني ننة وعب ننادة الص نننام بأبش ننع أا ننكا ا .فك ننان لك ننل قبيل ننة أو ناحي ننة أو
مديننة ،صننم خناص ،بنل كنان لكنل بينت صننم خصنوك .قنال الكلبني :كنان لهنل كنل دار مننن
مكة صنم ف دارهم يعبدوننه ،فنإذا أرا د أحندهم السنفر ،كنان آخنر منا يصننع ف منزلنه أن يتمسنح
بنه ،وإذا قندم مننن سنفره كننان أول منا يصنننع إذا دخنل منزلننه أن يتمسنح بننه أخم نا"( .)2واسننتهةت
العننرب ف عبننادة الصنننام ،فمنننهم مننن ا ننذ بيتننا ،ومنننهم مننن ا ننذ صنننم؛ ومننن يقنندر عليننه وال
عىل بناء بيت نصب حهرا أمام احلرم ،وأمنام غنريه انا است سنن ،نم طنا بنه كطوا فنه بالبينت،
وسموها ال صاب .وكنان ف جنو الكعبنة -البينت النذي بنني لعبنادة الل وحنده -وف فنائهنا
151
ال مئنة وسنتون صننم .وتنندرجوا منن عبنادة الصننام والو ننان إ عبنادة جننس احلهننارة .روى
البخنناري عننن أيب رج نناء العطنناردي ،ق ننال :كنننا نعب نند احلهننر ،فننإذا وج نندنا حهننرا ه ننو خننريا من ننه
القيناه وأخذنا ايخر؛ فإذا نهد حهرا جعنا حثوة من تراب ،م جئننا بالشناة ف لبننا علينه نم
طفن ننا بن ننه .وقن ننال الكلبن نني :كن ننان الرج ننل إذا س ننافر فنن ننزل منن ننزال ،أخن ننذ أربعن ننة أحهن ننار ،فنظن ننر إ
أحسنها ،فا ذه ربا ،وجعل ال أ اف لقدره ،وإذا ارحتل تركه .
"وكننان للعننرب -اننأن كننل أمننة م نرشكة ف كننل زمننان ومكننان -آ ننة اننتى مننن الالئكننة وا ننن
والكوا ك ن ن ننب .فك ن ن ننانوا يعتق ن ن نندون أن الالئك ن ن ننة بن ن ن ننات الل فيتخ ن ن ننذو م ا ن ن ننفعاء ن ن ننم عن ن ن نند الل،
ويعبنندو م ،ويتوسننلون ذننم عننند الل .وا ننذوا كننذلي معننه ا ننن رشكنناء لل ،وآمنننوا بقنندروم
وتنأ ريهم ،وعبنندوهم .قننال الكلبنني :كانننت بنننو ملنيح مننن خزا عننة يعبنندون ا ننن .وقننال صنناعد:
كانت رري تعبد الشمس .وكنانة القمر .ومتنيم الندبران .وخلنم وجنذام الشنةي .وطني سنهيال.
وقيس الشعري العبور .وأسد عطاردا"(.)1
ويكف نني أن يتص ننفح اإلنس ننان ه ننذه الص ننورة البدائي ننة الغليظ ننة م ننن الو ني ننة ،ليع ننر أي رج ننس
كان ننت تنش ن ن ره ف القل ننوب والتص ننورات وف واق ننع احلي نناة وي نندرك النقل ننة ال ننخمة الت نني نقله ننا
اإلسن ننالم للقن ننوم ،والطهن ننارة الت ن نني أسن ننبغها ع ن ننىل تص ن ننوراوم وعن ننىل حي ن نناوم سن ننواء .وم ن ننن ه ن نذه
الرج نناس تل نني الدواء اخللقي ننة واالجتمعي ننة ،الت نني كان ننت ف الوق ننت ذات ننه م ننن مف نناخرهم ف
أاننعارهم ومننن مفنناخراوم ف أسننواقهم مننن اخلمننر إ القننمر إ الثننارات القبليننة الصننغرية،
التي تشغل اهتمماوم ،فال ترتفع عىل تلي التصورات ال لية ال دودة :
152
" هان ننت عل ننيهم احل ننرب وإراق ننة ال نندماء حت ننى كان ننت تثريه ننا حاد ننة ليس ننت ب ننذات خط ننر .فقن ند
وقعت احلرب بي بكر وتغلنب ابنني وائنل ،ومكثنت أربعني سننة أريقنت فيهنا دمناء غزينرة ،ومنا
ذاك إال أن كليبننا رئننيس معنند ،رمننى رع ناقننة البسننوس بنننت منقننذ فنناختلط دمهننا بلبنهننا؛ وقتننل
جس نناس ب ننن م ننرة كليب ننا ،واا ننتبكت احل ننرب ب نني بك ننر وتغل ننب .وكان ننت ك ننم ق ننال الهله ننل أخ ننو
كليب" :قد فني احلياة ،و كلت المهات ،ويتم الوالد .دموع ال ترقأ ،وأجساد ال تدفن ".
" وكننذلي حننرب داحننس والغننرباء .فننم كننان سننببها إال أن داحسننا فننرس قننيس بننن زهننري ،كننان
سنابقا ف رهننان بني قننيس بنن زهننري وحذيفنة بننن بندر ،فعارضننه أسندي بإيعنناز منن حذيفننة ،فلطننم
وجهننه واننغله ،ففاتتننه اخليننل .وتننال ذلنني قتننل ،ننم أخننذ بالثننأر .ونص نر القبائننل لبنائهننا ،وأرس،
ونز للقبائل ،وقتل ف ذلي أفو من الناس"(.)1
وكننان ذلنني عالمننة فننراغ احلينناة مننن االهتممننات الكبننرية ،التنني تشننغلهم عننن تفريننغ الطاقننة ف
هذه الالبسات الصغرية .إذ تكن م رسنالة لل يناة ،وال فكنرة للب نرشية ،وال دور لإلنسنانية،
يشننغلهم عننن هننذا السفسننا ..و تكننن هننناك عقينندة تطهننرهم مننن هننذه الرجنناس االجتمعيننة
الذميم ننة ..وم نناذا يك ننون الن نناس م ننن غ ننري عقي نندة إ ي ننة ؟ م نناذا تك ننون اهتمم نناوم ؟ وم نناذا تكن نون
تصوراوم ؟ وماذا تكون أخالقهم ؟
إن ا اهلي ننة ه نني ا اهلي ننة .ولك ننل جاهلي ننة أرجاس ننها وأدناس ننها .ال هي ننم موقعه ننا م ننن الزم ننان
والكننان .ف يننثم خلننت قلننوب الننناس مننن عقينندة إ ينة حتكننم تصننوراوم ،ومننن رشيعننة -منبثقننة
م ننن ه ننذه العقي نندة -حتك ننم حي نناوم ،فل ننن تك ننون إال ا اهلي ننة ف ص ننورة م ننن ص ننورها الكث ننرية..
وا اهلية التي تتمرغ البشنرية اليوم ف وحلها ،ال تلف ف طبيعتها عنن تلني ا اهلينة العربينة
153
أو غريها من ا اهلينات التني عارصونا ف أ ناء الرض ،حتنى أ قنذها منهنا اإلسنالم وطهرهنا
وزكاها .
ف منناخور كبننري ونظننرة إ ص ن افتها وأفالمهننا ومعننارض أزيائهننا. إن البش ننرية اليننوم تعنني
ومس ن ننابقات جا ن ننا ،ومراقص ن ننها ،وحاناو ن ننا .وإذاعاو ن ننا .ونظ ن ننرة إ س ن ننعارها الهنن ننون لل ن ننم
العاري ،والوضاع الثرية ،واإلحياءات الري ة ،ف الدب والفن وأجهزة اإلعنالم كلهنا ..إ
جانننب نظامهننا الربننوي ،ومننا يكمننن وراءه مننن سننعار للننمل ،ووسننائل خسيسننة معننه وتثمننريه،
وعملي ننات نصن ننب واحتين ننال وابتن ننزاز تلن ننبس ن ننوب القن ننانون( ..)1وإ جانن ننب التن نندهور اخللقن نني
واالن ننالل االجتمع نني ،ال ننذي أص ننبح هي نندد ك ننل نف ننس وك ننل بي ننت ،وك ننل نظ ننام ،وك ننل يم ننع
إنسا ين ..نظنرة إ هنذا كلنه تكفني لل كنم عنىل الصنري البنائس النذي تندلف إلينه البشننرية ف ظنل
هذه ا اهلية .
إن البشنرية تتلكل إنسنانيتها ،وتت لنل آدميتهنا ،وهني تلهنث وراء احلينوان ،ومثنريات احلينوان،
لتل ننق بعالننه ا ننابط واحليننوان أ ظننف وأرش وأطهننر .ل ننه حمكننوم بفطننرة حازمننة ال تتميننع،
وال تأس ننن ك ننم تأس ننن ا ننهوات اإلنس ننان ح نني ينفل ننت م ننن رب نناي العقي نندة ،وم ننن نظ ننام العقي نندة،
ويرتد إ ا اهلية التي أ قنذه الل منهنا ،والتني يمنتن الل عنىل عبناده النةمني بتطهنريهم منهنا ف
تلي ايية الكريمة :
وكننان الخنناطبون ذننذه اييننة أمينني جهنناال .أميننة القلننم ،وأميننة العقننل سننواء .ومننا كننان ننم مننن
العرفننة يشء ذو قيم ننة بالقنناييس العالي ننة للمعرف ننة ،ف أي بنناب م ننن الب ننواب .ومننا ك ننان ننم ف
( )1
يراجع ما جاء عن الربا في الجزء الثالث من الظالل ،ويراجع كتاب :الربا للسيد أبي األعلى المودودي.
154
حي نناوم م ننن مه ننوم كب ننرية تنش ننىء معرف ننة ذات قيم ننة عالي ننة ف أي ب نناب م ننن الب ننواب .ف ننإذا ه ننذه
الرسن ن ننالة حتن ن ننيلهم أسن ن نناتذة الن ن نندنيا ،وحك ن ن ننمء ال عن ن ننا ،وأص ن ن ن اب الن ن نننهج العقين ن نندي والفك ن ن ننري
واالجتمع نني والتنظيمن نني ،ال ننذي ينقن ننذ البش ن ننرية كله ننا من ننن جاهليتهن ننا ف ذل نني الزمن ننان .والن ننذي
يرتقب دوره ف ا ولة القادمة -بنإذن الل -إلنقناذ البشننرية منرة أخنرى منن جاهليتهنا احلديثنة،
التي تتمثل فيها كل خصائص ا اهلية القديمة؛ من النواحي الخالقية واالجتمعينة؛ وتصنور
أه نندا احلي نناة اإلنس ننانية وغاياو ننا ك ننذلي ع ننىل ال ننرغم م ننن فتوح ننات العل ننم ال ننادي واإلنت ننا
الصناعي ،والرخاء احل اري !
ض ننالل ف التصن ننور واالعتق نناد ،وضن ننالل ف مفهوم ننات احلين نناة ،وض ننالل ف الغاين ننة واالين نناه،
وض ن ن ننال ل ف الع ن ن ننادات والس ن ن ننلوك ،وض ن ن ننالل ف ال ظم ن ن ننة والوض ن ن نناع ،وض ن ن ننالل ف الهتم ن ن ننع
والخالد ..
والعن ننرب الن ننذين ك ن ننانوا ان نناطبون ذن ننذه ايي ن ننة كن ننانوا ين ننذكرون -وال ا ن نني -من ننان حي ن نناوم
وأوضن نناعهم ،ويعرفن ننون طبيعن ننة النقلن ننة التن نني نقلهن ننم إليهن ننا اإلسن ننالم ،ومن ننا كن ننانوا ببالغيهن ننا بغن ننري
اإلسالم؛ وهي نقلة غري معهودة ف تاريخ بني اإلنسان .
ك ن ننانوا ي ن نندركون أن اإلس ن ننالم -واإلسن ن ننالم وح ن ننده -ه ن ننو ال ن ننذي نقلهن ن ننم م ن ننن ط ن ننور القبيلن ن ننة،
واهتممات القبيلة ،و ارات القبيلنة ،ال ليكوننوا أمنة ف سنب .ولكنن ليكوننوا -عنىل حني فهنأة
ومننن غننري متهينند يت نندخل فيننه الننزمن -أم ننة تقننود البش ننرية ،وترسننم ننا مثلهننا ،ومن ناهج حياو ننا،
وأ ظمتها كذلي ،ف صورة غري معهودة ف تاريخ البشنرية الطويل .
155
كننانوا ينندركون أن اإلسننالم -واإلسننالم وحننده -هننو الننذي مننن هم وجننودهم القننومي،
ووج ننودهم ال نندويل ..وقب ننل ك ننل يشء وأه ننم م ننن ك ننل يشء ..وج ننودهم ووج ننودهم الس ننيا
اإلنسنناين ،الننذي يرفننع إنسننانيتهم ،ويكننرم آدميننته م ،ويقننيم نظننام حينناوم كلننه عننىل أسنناس هننذا
التكريم ،الذي جاءهم هدية ومنه من لدن رذم الكريم .والذي أفاضوه هم عىل البشنرية كلهنا
بعند ذلني ،وعلموهننا كينف حتننةم "اإلنسنان" وتكرمننه بتكنريم الل .غننري مسنبوقي ف هننذا ،ال ف
ا زيننرة العربيننة ،وال ف أي مكننان ..وف اللفتننة السننابقة إ "الشننورى " طننر مننن هننذا النننهج
اإل ي ،الذي كانوا يدركون فيه عظم النة عليهم من الل .
وك ننانوا ي نندركون أن اإلسن ننالم -واإلس ننالم وحن ننده -ه ننو الن ننذي جع ننل ن ننم رس ننالة يقن نندمو ا
للعامننل ،ونظريننة لل ينناة البش ننرية ،ومننذهبا ايننزا لل ينناة اإلنسننانية ..والمننة ال توجنند ف احلقننل
اإلن ساين الكبري إال برسالة ونظرية ومذهب ،تقدمه للبرشية ،لتدفع بالبشنرية إ اإلمام .
وقد كان اإلسنالم ،وتصنوره للوجنود ،ورأخمنه ف احليناة ،ورشيعتنه للمهتمنع ،وتنظيمنه لل يناة
البشنرية ،ومنههه الثايل الواقعي اإلجيايب إلقامة نظنام يسنعد ف ظلنه "اإلنسنان" ..كنان اإلسنالم
بخصا ئصننه هننذه هننو "بطاق ننة الشخصننية " التنني تقنندم ذ ننا العننرب للعننا ،فعننرفهم ،واح ننةمهم،
وسلمهم القيادة .
وهم اليوم وغدا ال حيملون إال هذه البطاقة .ليست م رسالة غريها يتعرفون ذا إ العا .
وهم إما أن حيملوها فتعرفهم البشنرية وتكرمهم؛ وإما أن ينبذوها فيعودوا مهال -كم كانوا -
ال يعرفهم أحد ،وال يعة ذم أحد !
156
يق نندمون ننا عبقري ننات ف ايداب والفن ننون والعل ننوم ؟ لق نند س ننبقتهم ا ننعوب الرض ف ه ننذه
احلقننول .والبش ننرية تغننص بالعبقريننات ف هننذه احلقننول الفرعيننة لل ينناة .وليسننت ف حاجننة وال
ف انتظار إ عبقريات من هناك ف هذه احلقول الفرعية لل ياة !
يقنندمون ننا عبقريننات ف اإلنتننا الصننناعي التفننود ،تن ننني لننه ا بنناه ،ويغرقننون بننه أسننواقها،
ويغطننون بننه عننىل مننا عننندها مننن إنتننا ؟ ؟ لقنند سننبقتهم اننعوب كثننرية ،ف ينندها عهلننة القيننادة ف
هذا ال مر !
يق ن دمون ننا فلس ننفة مذهبيننة اجتمعي ننة ،ومننناهج اقتصننادية وتنظيمي ننة مننن ص نننع أخمنندهيم ،وم ننن
وحي أفكنارهم البشننرية ؟ إن الرض تعنج بالفلسنفات والنذاهب والنناهج الرضنية .وتشنقى
ذا جيعا غاية الشقاء !
م بالسبق والتفود واالمتياز ؟ ماذا إذن يقدمون للبرشية لتعرفهم به ،وتعة
ال يشء إال هننذه الرسننالة الكب ننرية .ال يشء إال هننذا ال نننهج الفرينند .ال يشء إال ه ننذه النننة الت نني
اختارهم الل ا ،وأكنرمهم ذنا ،وأ قنذ ذنا البشننرية كلهنا عنىل أخمندهيم ذات ينوم .والبشننرية الينوم
أحو ما تكون إليها ،وهي تةدى ف هاوية الشقاء واحلرية والقلق واإلفالس !
إ نا -وحندها -بطاقننة الشخصنية التنني تقندموا ذننا قنديم للبش ن رية ،فأحننت ننا هامتهنا .والتنني
يمكن أن يقدموها ا اليوم ،فيكون فيها اخلالص واإلنقاذ .
إن لكل أمة من المم الكبرية رسالة .وأكرب أمة هني التني حتمنل أكنرب رسنالة .وهني التني تقندم
أكرب منهج .وهي التي تتفرد ف الرض بأرفع مذهب لل ياة .
157
والعرب يملكون هذه الرسالة -وهم فيها أصالء ،وغريهم من الشعوب هنم رشكناء -فنأي
ايطان يا ترى يرصفهم عن هذا الرصيد ال خم ؟ أي ايطان ؟ !
لقد كانت النة اإل ية عىل هذه المة ذذا الرسول وذنذه الرسنالة عظيمنة عظيمنة .ومنا يمكنن
أن يرصفها عن هذه النة إال ايطان ..وهي مكلفة من رذا بمطاردة الشيطان !
***
158
الدرس الثامن :السُنن ال حتابي أحداً
) أو لا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم :أ ى هذا ؟ قل :هو من عند أ فسكم ،إن الل
عىل كل يشء قدير .وما أصابكم يوم التقى ا معان فبإذن الل ،وليعلم الةمني وليعلم الذين
نافقوا ،وقيل م :تع الوا قاتلوا ف سبيل الل أو ادفعوا ،قالوا :لو نعلم قتاال التبعناكم هم
للكفر يومئذ أقرب منهم لإليمن ،يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوذم ،والل أعلم بم يكتمون.
159
الذين قالوا إلخوا م -وقعدوا :-لو أطاعونا ما قتلوا .قل :فادر وا عن أ فسكم الوت إن
كنتم صادقي)..
لقنند كتننب الل عننىل نفسننه النص ننر لوليائننه ،رلننة رايتننه ،وأص ن اب عقيدتننه ..ولكنننه علننق هننذا
النصنر بكمل حقيقة اإليمن ف قلوذم؛ وباستيفاء مقت يات اإليمن ف تنظيمهم وسلوكهم؛
وباستكمل العدة التي ف طاقتهم ،وببذل ا هد الذي ف وسعهم ..فهذه سنة الل .وسنة الل ال
حتننايب أحنندا ..فأمننا حنني يقصننرون ف أحنند هننذه المننور ،فننإن علننيهم أن يتقبلننوا نتيهننة التقصننري.
فننإن كننو م مسننلمي ال يقت ني خننرد السنننن ننم وأبطننال الننناموس .فننإنم هننم مسننلمون ل ننم
يطابقون حياوم كلها عىل السنن ،ويصطل ون بفطروم كلها مع الناموس ..
ولكن كو م مسلمي ال يذهب هدرا كذلي ،وال ي يع هباء .فنإن استسنالمهم لل ،ورلهنم
لرايتننه ،وعننزمهم عننىل طاعتننه ،والتننزام منههننه ..مننن اننأ ه أن يننرد أخطنناءهم وتقصننريهم خننريا
وبركننة ف النهايننة -بعنند اسننتيفاء مننا يةتننب عليهننا مننن الت ن ية وال والقننر -وأن جيعننل مننن
الخط ن نناء ونتائهه ن ننا دروس ن ننا وي ن ننارب ،تزي ن نند ف نق ن نناء العقي ن نندة ،ومت ن ننيص القلن ننوب ،وتطه ن ننري
الصفو ؛ وتةهل للنرص الوعود؛ وتنتهني بناخلري والربكنة ..وال تطنرد السنلمي منن كننف الل
ورعايت ننه وعنايت ننه .ب ننل مت نندهم ب ننزاد الطري ننق .مه ننم يمس ننهم م ننن ال ننرب وال وال ننيق ف أ ن نناء
الطريق .
وذذا الوضو والرصامة معا يأخذ الل ا معة ال سلمة؛ وهنو ينرد عنىل تسنا ا ودهشنتها انا
وقننع؛ ويكشننف عننن السننبب القريننب مننن أفعا ننا؛ كننم يكشننف عننن احلكمننة البعينندة مننن قنندره -
سب انه -يواجه النافقي ب قيقة الوت ،التي ال يعصم منها حذر وال قعود :
160
) أو لا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أ ى هذا ؟ قل هو من عند أ فسكم .إن الل عىل
كل يشء قدير)..
والسلمون الذين أصيبوا ف أحد بم أصيبوا؛ والذين فقدوا سبعي من انهدائهم غنري ا نرا
وايالم الت نني عانوه ننا ف ه ننذا الي ننوم الري ننر؛ وال ننذين ع ننز عل ننيهم أن يص ننيبهم م ننا أص نناذم ،وه ننم
الس ننلمون ،وه ننم جياه نندون ف س ننبيل الل ،وأع نندا هم ه ننم الشن ننركون أع ننداء الل ..الس ننلمون
النذين أصنيبوا ذنذه الصننيبة ،كنان قند سنبق ننم أن أصنابوا مثليهنا :أصنابوا مثلهننا ينوم بندر فقتلننوا
سنبعي مننن صننناديد قننري .وأصننابوا مثلهننا يننوم أحنند ف مطلننع العركننة ،حينننم كننانوا مسننتقيمي
عننىل أمننر الل وأمننر رسننوله ☻ وقبننل أن ي ننعفوا أمننام إغننراء الغنننائم .وقبننل أن
وهس ف أ فسهم اخلواطر التي ال ينبغي أن وهس ف ضمئر الةمني !
ننم إ س ننببه وي ننذكرهم الل ه ننذا كل ننه ،وه ننو ي ننرد ع ننىل دهش ننتهم التس ننائلة ،فريج ننع م ننا ح نند
البارش القريب :
أ فسننكم هنني التنني لخلننت وفشننلت وتنازعننت ف المننر .وأ فسننكم هنني التنني أخلننت ب نرشي
الل ورشي رسن ننوله ☻ وأ فس ن ننكم ه ن نني الت ن نني خا ته ن ننا الط ن ننمع وا ن ننواجس.
وأ فسننكم هنني التنني عصننت أمننر رسننول الل وخطتننه للمعركننة ..فهننذا الننذي تسننتنكرون أن يقننع
لكننم ،وتقولننون :كيننف هننذا ؟ هننو مننن عننند أ فسننكم ،بانطبنناد سنننة الل علننيكم ،حنني عرضننتم
أ فسكم ا .فاإلنسان حي يعرض نفسه لسنة الل ال بد أن تنطبق عليه ،مسلم كان أو منرشكا،
وال تنخرد حماباة له ،فمن كمل إسالمه أن يوافق نفسه عىل مقتىض سنة الل ابتداء !
161
) إن الل عىل كل يشء قدير)..
ومن ننن مقت ن ننى قدرتن ننه أن تنفن ننذ سن نننته ،وأن حيكن ننم ناموسن ننه ،وأن متن ن نيض المن ننور وفن ننق حكمن ننه
وإرادته ،وأال تتعطل سننه التي أقام عليها الكون واحلياة والحدا .
ومع هذا فقد كان قدر الل من وراء المر كله حلكمة يراها .وقندر الل دائنم منن وراء كنل أمنر
حيد ،ومن وراء كل حركة وكل نأمة ،وكل انبثاقة ف هذا الكون كله :
يقننع مصننادفة وال جزا فننا ،و يقننع عبثننا وال سنندى .فكننل حركننة حمسننوب حسنناذا ف تصننميم
هن ننذا الكن ننون؛ ومقن نندر ن ننا علتهن ننا ونتائههن ننا؛ وهن نني ف جمموعهن ننا -ومن ننع جريا ن ننا وفن ننق السن نننن
والقواني الثابتة التي ال تنخرد وال تتعطل وال حتايب -حتقق احلكمة الكامنة وراءهنا؛ وتكمنل
"التصميم" النهائي للكون ف جمموعة !
إن التصور اإلسالمي يبلغ من الشمول والتوازن ف هنذه الق نية ،منا ال يبلغنه أي تصنور آخنر
ف تاريخ البشنرية ..
هنالي ناموس ابت وسنن حتمية ..وهنناك وراء النناموس الثابنت والسننن احلتمينة إرادة
فاعلة ومشيئة طليقة .وهناك وراء الناموس والسنن واإلرادة والشيئة حكمة مدبرة جيري كل
يشء ف نطاقه ننا ..والن نناموس ي ننت كم والس نننن ي ننري ف ك ننل يشء -وم ننن بينه ننا اإلنس ننان -
واإلنسان يتعرض ذه السنن ب ركاته اإلرادية الختارة ،وبفعله الذي ينشئه حسب تفكريه
وتدبريه ،فتنطبق عليه ،وتة ر فيه ..ولكن هذا كله يقع موافقا لقدر الل ومشيئته؛ وحيقنق ف
الوقن ت ذاتننه حكمتننه وتقننديره ..وإرادة اإلنسننان وتفكننريه وحركتننه وفاعليتننه هنني جننزء مننن سنننن
162
الل وناموسننه يفعننل ذننا مننا يفعننل ،وحيقننق ذننا مننا حيقننق ف نطنناد قنندره وتنندبريه .فلننيس يشء منهننا
خارجننا ع ننىل الس نننن والننناموس .وال مق ننابال ننا ومناه ننا لفعله ننا ،ك ننم يتصننور ال ننذين ي ننعون
إرادة الل وقدره ف كفة ،وي عون إرادة اإلنسنان وفاعليتنه ف الكفنة القابلنة ..كنال .لنيس المنر
هكنذا ف التصننور اإلسننالمي ..فاإلنسننان لننيس نندا لل ،وال عنندوا لننه كننذلي .والل -سننب انه -
ح نني وه ننب اإلنس ننان كينونت ننه وفك ننره وإرادت ننه وتق ننديره وت نندبريه وفاعليت ننه ف الرض ،جيع ننل
اننيئا مننن هننذا كلننه متعارضننا مننع سنننته -سننب انه -ال مناه ننا لشننيئته ،وال خارجننا كننذلي عننن
احلكمننة الخننرية وراء قنندره ف هننذا الكننون الكبننري ..ولك ننن جع ننل م ننن س نننته وق نندره أن يق نندر
اإلنسان ويدبر؛ وأن يت رك وية ر؛ وأن يتعرض لسنة الل فتنطبق عليه؛ وأن يلقى جزاء هذا
التع ننرض ك ننامال م ننن ل ننذة وأ ،وراح ننة و تع ننب ،وس ننعادة وا ننقاوة ..وأن يت ق ننق م ننن وراء ه ننذا
التعرض ونتيهته ،قدر الل ال يط بكل يشء ،ف تناسق وتوازن ..
وهذا الذي وقع ف غزوة أحد ،مثل ذا الذي نقوله عن التصور اإلسنالمي الشنامل الكامنل.
فقنند عننر الل السننلمي سنننته ورشطننه ف النص ننر وا زيمننة .فخننالفوا هننم عننن سنننته ورشط ننه،
فتعرضننوا لننأل والقننر الننذي تعرضننوا لننه ..ولكننن المننر ينتننه عننند هننذا احلنند ،فقنند كننان وراء
الخالفننة وال حتقيننق قنندر الل ف متيي ننز ال ننةمني م ننن الن ننافقي ف الص ننف ،ومت ننيص قل ننوب
ف التصور ،ومن ضعف أو قصور .. الةمني ويلية ما فيها من غب
وهذا بدوره خري ينتهي إليه أمر السنلمي -منن وراء ال وال نر -وقند ننالوه وفنق سننة الل
كذلي .فمن سننته أن السنلمي النذين يسنلمون بمننهج الل ويستسنلمون لنه ف عمومنه ،يعيننهم
الل ويرعاهم ،وجيعل من أخطائهم وسيلة خلريهم النهائي -ولنو ذاقنوا مغبتهنا منن ال -لن
هذا ال وسيلة من وسائل التم يص والةبية واإلعداد .
163
وعنىل هنذا الوقنف الصنلب الكشنو تسنةيح أقندام السنلمي وتطمنئن قلنوذم ،بنال أرج ننة
وال قلننق وال حننرية ،وهننم يواجهننون قنندر الل ،ويتعنناملون مننع سنننته ف احلينناة؛ وهننم حيسننون أن
الل يصنع ذم ف أ فسهم وفيمن حو م ما يريده ،وأ م أداة من أدوات القدر يفعل ذنا الل منا
يشنناء ،وأن خطننأهم وصننواذم -وكننل مننا يلقونننه مننن نتننائج خلطننئهم وصننواذم -متسنناود مننع
قدر الل وحكمته ،وصائر ذم إ اخلري ما داموا ف الطريق :
) وما أصابكم يوم التقى ا معان فبإذن الل ..وليعلم الةمني ،وليعلم الذين نافقوا ،وقيل
م :تعالوا قات لوا ف سبيل الل أو ادفعوا ،قالوا :لو نعلم قتاال التبعناكم .هم للكفنر يومئنذ
أقرب منهم لإليمن .يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوذم .والل أعلم بم يكتمون)..
وهو يشري ف هنذه ايينة إ موقنف عبند الل بنن أيب بنن سنلول ،وانن معنه ،ويسنميهم" :النذين
نن ننافقوا " ..وقن نند كشن ننفهم ا لل ف هن ننذه الوقعن ننة ،ومين ننز الصن ننف اإلسن ننالمي من نننهم .وقن ننرر حقيقن ننة
موقفهم يومذاك ( :هم للكفر يومئذ أقرب منهم لإليمن) ..وهنم غنري صنادقي ف احتهناجهم
بننأ م يرجعننون ل ننم ال يعلمننون أن هننناك قتنناال سننيكون بنني السننلمي والش ننركي .فلننم يكننن
هذا هو السبب ف حقيقة المر ،وإنم هم ( :يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوذم) ..فقد كان ف
قلننوذم النفنناد ،الننذي ال جيعلهننا خالصننة للعقينندة ،وإن ننم جيع ننل أاخاص ننهم واعتباراو ننا ف ننود
العقين ن ن نندة واعتباراون ن ن ننا .فالن ن ن ننذي ك ن ن ننان بن ن ن ننرأس النف ن ن نناد -عبن ن ن نند الل ب ن ن ننن أيب -أن رس ن ن ننول الل
☻ يأخ ن ن ن ننذ برأ خم ن ن ن ننه ين ن ن ننوم أح ن ن ن نند .وال ن ن ن ننذي ك ن ن ن ننان ب ن ن ن ننه قب ن ن ن ننل ه ن ن ن ننذا أن قدوم ن ن ن ننه
☻ إ الدينننة بالرسننالة اإل يننة حرمننه مننا كننانوا يعدونننه لننه مننن الرياسننة فننيهم،
وجعننل الرياسننة لنندين الل ،وحلامننل هننذا النندين ..فهننذا الننذي كننان ف قلننوذم ،والننذي جعلهننم
يرجعننون يننوم أحنند ،والش ننركون عننىل أبننواب الدينننة ،وجعلهننم يرف ننون االسننتهابة إ السننلم
164
الصادد عبد الل بن عمرو بن حرام ،وهو يقول م ( :تعنالوا قناتلوا ف سنبيل الل أو ادفعنوا )
هم الل به ف هذه ايية: حمتهي بأ م ال يعلمون أن هناك قتاال وهذا ما ف
فهم يكتفوا بالتخلف -والعركة عىل البواب -وما حيد نه هنذا التخلنف منن رجنة وزلزلنة
ف الصنفو والنفننوس ،وبخاصننة أن عبنند الل بننن أيب ،كنان مننا يننزال سننيدا ف قومننه ،و يكشننف
ننم نفاق ننه بع نند ،و يدمغ ننه الل ذ ننذا الوص ننف ال ننذي هي ننز مقام ننه ف نف ننوس الس نلمي م نننهم .ب ننل
راحوا يثريون الزلزلة واحلاة ف قلوب أهل الشهداء وأص اذم بعد العركة ،وهم يقولون:
فيهعلننون مننن لفه ننم حكمننة ومصننل ة ،وجيعل ننون مننن طاعننة الرس ننول ☻
واتباعننه مغرمننا وم ننرة .وأكثننر مننن هننذا كلننه يفسنندون التصننور اإلسننالمي الناصننع لقنندر الل،
وحلتميننة الجننل ،وحلقيقننة الننوت واحلينناة ،وتعلقهننم بقنندر الل وحننده ..ومننن ننم يبننادرهم بننالرد
احلاسم الناصنع ،النذي ينرد كيندهم منن ناحينة ،ويصن ح التصنور اإلسنالمي وجيلنو عننه الغنب
من ناحية :
165
فالوت يصيب الهاهد والقاعد ،والشه اع وا بان .وال يرده حرص وال حنذر .وال يةجلنه
جنبن وال قعنود ..والوا قنع هنو الربهنان النذي ال يقبننل النراء ..وهنذا الوقناع هنو النذي جينبههم بننه
القننرآن الكننريم ،فننريد كينندهم اللئننيم ،ويقننر احلننق ف نصننابه ،ويثبننت قلننوب السننلمي .ويسننكب
عليها الطمأ ينة والراحة واليقي ..
وا ننا يلف ننت النظ ننر ف االس ننتعراض الق ننرآين لح نندا العرك ننة ،ت ننأخريه ذك ننر ه ننذا احل نناد -
حن نناد نكن ننول عبن نند الل ابن ننن أيب ومن ننن معن ننه عن ننن العركن ننة -وقن نند وقن ننع ف أول أحن نندا ها وقبن ننل
ابتدائها ..تأخريه إ هذا الوضع من السياد ..
وه ننذا الت ننأخري حيم ننل س ننمة م ننن س ننمت م نننهج الةبي ننة القرآني ننة ..فق نند آخ ننره حت ننى يق ننرر جل ننة
القوا عن نند الساسن ننية للتصن ننور اإلسن ننالمي التن نني قررهن ننا؛ وحتن ننى يقن ننر ف الخن ننالد جلن ننة الشن نناعر
الص ي ة التي أقرها؛ وحتى ي ع تلي النوازين الصنادقة للقنيم التني وضنعها ..نم يشنري هنذه
اإلاارة إ "الذين نافقوا " .وفعلتهم وترصفهم بعدها ،وقد ويأت النفوس إلدراك ما ف هذه
ع ننن التص ننور الص ن يح ،وع ننن الق ننيم الص ن ي ة ف ا لفعلننة وم ننا ف ه ننذا التص ننر م ننن ان ننرا
اليننزان الصن يح ..وهكننذا ينبغنني أن تنشننأ التصننورات والقننيم اإليمنيننة ف النننفس السننلمة ،وأن
توض ننع ننا ال ننوازين الصن ن ي ة الت نني تع ننود إليه ننا الختب ننار التص ننورات والق ننيم ،ووزن الع ننمل
والا ننخاص ،ننم تع ننرض عليه ننا الع ننمل والا ننخاص -بع نند ذل نني -ف ننت كم عليه ننا احلك ننم
الستنري الص يح ،بذلي احلس اإليمين الص يح..
ولعننل هنالنني لفتننة أخننرى مننن لفتننات النننهج الفرينند .فعبنند الل بننن أيب كننان إ ذلنني احلنني مننا
يزال عظنيم ف قومنه -كنم أسنلفنا -وقند ورم أ فنه لن النبني ☻ يأخنذ برأ خمنه
-لن إقنرار مبنندأ الشنورى وإنفنناذه اقت ن ىض الخنذ بننالرأي ايخنر الننذي بنندا رج نان االينناه إليننه
166
ف ا معة -وقد أحد ترص هذا النافق الكبري رجة ف الصف السلم ،وبلبلنة ف الفكنار،
كننم أحنند ت أقاويلننه بعنند ذلنني عننن القننتىل حس ننرات ف القلننوب وبلبلننة ف اخلننواطر ..فكننان مننن
حكم ن ننة ال ن ن نهج إظه ن ننار االس ن ننتهانة ب ن ننه وبفعلت ن ننه وبقول ن ننه؛ وع ن نندم تص ن نندير االس ن ننتعراض الق ن ننرآين
لح نندا الغ ننزوة ب ننذلي احل نناد ال ننذي وق ننع ف أو ننا؛ وت ننأخريه إ ه ننذا الوض ننع الت ننأخر م ننن
السننياد .مننع وصننف الفئننة التنني قامننت بننه بوصننفها الص ن يح " :الننذين نننافقوا " والتعهيننب مننن
أم ننرهم ف ه ننذه الص ننيغة الهمل ننة( :أ ت ننر إ ال ننذين ن ننافقوا ؟) ،وع نندم إب ننراز اس ننم كب ننريهم أو
اخصه ،ليبقى نكره ف " :النذين ننافقوا " كنم يسنت ق منن يفعنل فعلتنه ،وكنم تسناوي حقيقتنه ف
ميزان اإليمن ..ميزان اإليمن الذي أقامه فيم سبق من السياد..
***
167
الدرس التاسع :الشهادة يف سبيل اهلل
وبعد أن تسة يح القلوب ،وتستقر ال مئر عىل حقيقة السنن ا ارية ف الكون ،وعىل حقيقنة
قدر الل ف المور ،وعىل حقيقة حكمة الل منن وراء التقندير والتندبري ..نم عنىل حقيقنة الجنل
الكتننوب ،والننوت القنندور ،الننذي ال يةجلننه قعننود ،وال يقدمننه خننرو ،وال يمنعننه حننرص وال
حذر وال تدبري ..
بع ن ند ذلن نني يم ن نني السن ننياد ف بين ننان حقيق ن ننة أخن ننرى ..حقيقن ننة ض ن ننخمة ف ذاون ننا وض ن ننخمة ف
آ ارها ..حقيقة أن الذين قتلوا ف سبيل الل ليسوا أمواتا بل أحياء .أحياء عند رذم يرزقنون؛
ينقطعننوا عننن حينناة ا معننة السننلمة مننن بعنندهم وال عننن أحنندا ها ،فهننم متننأ رون ذننا ،مننة رون
فيها ،والتأ ري والتأ ر أهم خصائص احلياة .
ويربط بي حياة الشهداء ف معركة أحد وبي الحدا التي تلت استشنهادهم بربناي حمكنم،
ننم ينتقننل إ تصننوير موقننف العصننبة الةمنننة ،التنني اسننتهابت لل والرسننول بعنند كننل مننا أصنناذا
عننىل الدين نة ،و تبننال مننن القننر ،وخرجننت تتعقننب قريشننا بعنند ذهاذننا خوفننا مننن كننرة قننري
وي ننف الن نناس بهم ننوع ق ننري ،متوكل ننة ع ننىل الل وح ننده ،حمقق ننة ذ ننذا الوق ننف معن ننى اإلين ننمن
وحقيقته :
) وال حتسبن الذين قتلوا ف سبيل الل أمواتا ،بل أحياء عند رذم يرزقون .فرحي بم آتاهم الل
من ف له ،ويستبشنرون بالذين يل قوا ذم من خلفهم :أال خو عليهم وال هم حيزنون.
يستبش ن ن رون بنعم ننة م ننن الل وف ننل ،وأن الل ال ي ننيع أج ننر ال ننةمني .ال ننذين اس ننتهابوا لل
168
والرسول ،من بعد ما أصاذم القر ،للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم .الذين قال م
الناس :إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم ،فزادهم إيمنا ،وقالوا :حسبنا الل ونعم الوكيل،
فانقلبوا بنعمة من الل وف ل يمسسهم سوء ،واتبعوا رضوان الل ،والل ذو ف ل عظيم..
إنم ذلكم الشيطان او أولياءه ،فال افوهم وخافون إن كنتم مةمني(..
لقند اناء الل بعند أن جنال ف قلنوب النةمني حقيقنة القندر والجنل ،وحتندى منا يبثنه النننافقون
من اكوك وبلبلة وحناات بقنو م عنن القنتىل( :لنو أطاعوننا منا قتلنوا) فقنال يت نداهم( :قنل
فادر وا عن أ فسكم الوت إن كنتم صادقي)..
انناء الل بعنند أن أرا القلننوب الةمنننة عننىل صنندر هننذه احلقيقننة الثابتننة ..أن يزينند هننذه القلننوب
طمأ ينننة وراحننة .فكشننف ننا عننن مصننري الشننهداء :الننذين قتلننوا ف سننبيل الل -ولننيس هنالنني
اهداء إال الذين يقتلون ف سبيل الل خالصة قلوذم ذا العنى ،جمردة من كنل مالبسنة أخنرى
-فننإذا هننةالء الشننهداء أحينناء ،ننم كننل خصننائص الحينناء .فهننم "يرزق ننون" عننند رذننم .وهننم
فرحننون بننم آتنناهم الل مننن ف ننله .وهننم يسن ن تبرشون بمصننائر مننن وراءهننم مننن الننةمني .وهننم
حيفل ننون الح نندا الت نني مت ننر بم ننن خلفه ننم م ننن إخ ننوا م ..فه ننذه خص ننائص الحي نناء :م ننن مت نناع
واستبشننار واهننتمم وتننأ ر وتننأ ري .فننم احلس ن ن رة عننىل فننراقهم ؟ وهننم أحينناء موصننولون بالحي نناء
وبالحدا ،فود منا ننا م منن ف نل الل ،وفنود منا لقنوا عننده منن النرزد والكاننة ؟ ومنا هنذه
الفوا صننل التنني يق يمهننا الننناس ف تصننوراوم بنني الشننهيد احلنني ومننن خلفننه مننن إخوا نننه ؟ والتنني
يقيمو ننا بنني عننا احلينناة وعننا مننا بعنند احلينناة ؟ وال فوا صننل وال حننواجز بالقينناس إ الننةمني،
الذين يتعاملون هنا وهناك مع الل ..؟
169
إن ج ننالء ه ننذه احلقيق ننة الكب ننرية ذو قيم ننة ض ننخمة ف تص ننور الم ننور .إ ننا تع نندل -ب ننل تنش ننىء
إنشن نناء -تصن ننور السن ننلم لل ركن ننة الكونين ننة التن نني تتنن ننوع معهن ننا صن ننور احلين نناة وأوضن نناعها ،وهن نني
موصننولة ال تنقطننع؛ فلننيس الننوت خامتننة الطننا ؛ بننل لننيس حنناجزا بنني مننا قبلننه ومننا بعننده عننىل
اإلطالد !
إ ن ننا نظن ننرة جدين نندة ن ننذا المن ننر ،ذات آ ن ننار ضن ننخمة ف مشن نناعر الن ننةمني ،واسن ننتقبا م لل ين نناة
والوت ،وتصورهم لا هنا وما هناك .
) وال حتسبن الذين قتلوا ف سبيل الل أمواتا بل أحياء عند رذم يرزقون (..
وايينة نننص ف النهنني عننن حسنبان أن الننذين قتلننوا ف سننبيل الل ،وفنارقوا هننذه احلينناة ،وبعنندوا
عنن أعني الننناس ..أمنوات ..وننص كننذلي ف إ بنات أ نم "أحينناء"" ..عنند رذننم" .نم ينيل هننذا
النهي وهذا اإل بات ،وصف ما م من خصائص احلياة .فهم "يرزقون"..
ومع أ نا ن نن -ف هنذه الفانينة -ال نعنر ننوع احليناة التني حيياهنا الشنهداء ،إال منا يبلغننا منن
وصفها ف الحاديث الص ا ..إال أن هذا النص الصادد منن العلنيم اخلبنري كفينل وحنده بنأن
يغ ن ري مفاهيمنننا للمننوت واحلينناة ،ومننا بينننهم مننن انفصننال والتئننام .وكفيننل وحننده بننأن يعلمنننا أن
الم ننور ف حقيقته ننا ليس ننت ك ننم ه نني ف ظواهره ننا الت نني ن نندركها؛ وإنن ننا ح نني ننش ننىء مفاهيمن ننا
لل قائق الطلقنة باالسنتناد إ الظنواهر التني نندركها .ال ننتهني إ إدراك حقيقني نا؛ وأ نه أو
لنا أن ننتظر البيان ف اأ ا ان يملي البيان سب انه وتعا .
فهنةالء نناس مننا ،يقتلنون ،وتفننارقهم احليناة التني نعنر ظواهرهننا ،ويفنارقون احليناة كنم تبنندو
لنا من ظاهرها .ولكن ل م" :قتلوا ف سبيل الل"؛ ويردوا له من كل العراض والغراض
170
ا زئية الصغرية؛ واتصلت أرواحهم بالل ،فهنادوا بنأرواحهم ف سنبيله ..ل نم قتلنوا كنذلي،
فنإن الل -سننب انه -اربننا ف اخلننرب الصننادد ،أ نم ليسننوا أموا تننا .وينهاننا أن ن سننبهم كننذلي،
ويةك نند لن ننا أ ننم أحي نناء عن ننده ،وأ ننم يرزق ننون .فيتلق ننون رزق ننه ننم اس ننتقبال الحي نناء ..واربن ننا
كذلي بم م من خصائص احلياة الخرى :
فهننم يسننتقبلون رزد الل بننالفر ؛ ل ننم ينندركون أ ننه "مننن ف ننله" علننيهم .فهننو دليننل رضنناه
وهم قد قتلوا ف سبيل الل .فأي يشء يفرحهم إذن أكثر من رزقه الذي يتمثل فيه رضاه ؟
م هم مشغولون بمن وراءهم من إخنوا م؛ وهنم مس نتبرشون نم؛ لنا علمنوه منن رىض الل
عن الةمني الهاهدين :
)ويستبشن رون بالذين يل قوا ذم من خلفهم أال خو عليهم وال هم حيزنون .يستبرشون
بنعمة من الل وف ل ،وأن الل ال ي يع أجر الةمني).
فم الذي يبقى من خصائص احلياة غري مت قق للشنهداء -النذين قتلنوا ف سنبيل الل ؟ -ومنا
الننذي يفصننلهم عننن إخننوا م الننذين يل قننوا ذننم مننن خلفهننم ؟ ومننا الننذي جيعننل هننذه النقلننة
171
موضع حاة وفقدان ووحشنة ف نفنس النذين يل قنوا ذنم منن خلفهنم؛ وهني أو أن تكنون
موضن ننع غبطن ننة ورىض وأ ن ننس ،عن ننن هن ننذه الرحلن ننة إ جن ننوار الل ،من ننع هن ننذا االتصن ننال بالحين نناء
واحلياة !
إ ا تعديل كامل لفهوم الوت -متى كان ف سنبيل الل -وللمشناعر الصناحبة لنه ف نفنوس
الهاهدين أ فسهم ،وف النفوس التي الفو نا منن ورائهنم .وإفسنا لهنال احليناة ومشناعرها
وصو رها ،ب يث تتهاوز نطاد هذه العاجلة ،كم تتهاوز مظاهر احليناة الزائلنة .وحينث تسنتقر
،ال تعةضننه احلننواجز التنني تقننوم ف أذهاننننا وتصننوراتنا عننن هننذه النقلننة ف جمننال فسننيح عننري
من صورة إ صورة ،ومن حياة إ حياة !
ووفقننا ننذا الفه ننوم ا دي نند ال ننذي أقامت ننه ه ننذه ايي ننة ونظائره ننا م ننن الق ننرآن الك ننريم ف قل ننوب
السننلمي ،سننارت خطننى الهاهنندين الكننرام ف طلننب الشننهادة -ف سننبيل الل -وكانننت منهننا
تلي النمذ التي ذكرنا بع ها ف مقدمات احلديث عن هذه الغزوة .فريجع إليها هناك .
وبعند تقريننر هننذه احلقيقنة الكبننرية يت نند عننن "الننةمني" النذين يستب نرش الشننهداء ف الوقعننة
بم هو مدخر م عند رذم ،فيعي من هم؛ وحيدد خصائصهم وصفاوم وقصتهم مع رذم :
) الذين استهابوا لل والرسول من بعد ما أصاذم القر للذين أحسنوا منهم واتقوا أجنر
عظيم .الذين قال م الناس :إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم ،فزادهم إيمنا .وقالوا :حسبنا
الل ونعم الوكيل .فانقلبوا بنعمة من الل وف ل يمسسهم سوء ،واتبعوا رضوان الل والل ذو
ف ل عظيم)..
172
إ ننم أوئلنني ال ننذين دعنناهم الرس ننول ☻ إ اخلننرو معننه ك ننرة أخننرى غ ننداة
العركة الريرة .وهم مثخنون با را .وهم ناجون بشق ال فس من النوت أمنس ف العركنة.
وهم ين سنوا بعند هنول الدعكنة ،ومنرارة ا زيمنة ،واندة الكنرب .وقند فقندوا منن أعنزائهم منن
فقدوا ،فقل عددهم ،فود ما هم مثخنون با را !
ولكن رسول الل ☻ دعاهم .ودعاهم وحدهم .و ينأذن لحند لنف عنن
الغ ننزوة أن ا ننر معه ننم -ليق ننوهيم ويكث ننر ع ننددهم ك ننم ك ننان يمك ننن أن يق ننال -فاس ننتهابوا..
اسنتهابوا لندعوة الرسنول ☻ وهنني دعنوة الل -كنم يقننرر السنياد وكنم هنني ف
حقيقتهنا وف مفهننومهم كننذلي -فاسنتهابوا ذننذا لل والرسننول (مننن بعنند مننا أصنناذم القننر )،
،وأ خنتهم ا را . ونزل ذم ال
لق نند دع نناهم رس ننول الل ☻ ودع نناهم وح نندهم .وكان ننت ه ننذه ال نندعوة وم ننا
تالها من استهابة حتمل إحياءات اتى ،وتومىء إ حقائق كربى ،نشري إ يشء منها :
فلعننل رسننول الل ☻ انناء أال يكننون آخننر مننا تن ننم عليننه جننوانح السننلمي
ومشنناعرهم ،هننو اننعور ا زيمننة ،وآالم الننرب والقننر ؛ فاستنه ننهم لتابعننة قننري ،وتعقبهننا،
كنني يقننر ف أخالدهننم إ ننا يربننة وابننتالء ،وليسننت ايننة الط ن ا .وأ ننم بعنند ذلنني أقوينناء ،وأن
خصنومهم النتص نرين ضنعفاء ،إننم هني واحندة ومت ن يض ،و نم الكنرة علنيهم ،متنى نف نوا عنننهم
ال عف والفشل ،واستهابوا لدعوة الل والرسول .
ولعل رسول الل ☻ اناء ف ا اننب ايخنر أال مت نيض قنري ،وف جوان هنا
وا العركننة أمننس؛ بالبقيننة اننن ح ن ومشنناعرها أخيلننة النص ننر ومذاقاتننه .فم نى خلننف قننري
يشعر قريشا أ ا تنل من السلمي مناال .وأ ه بقي ا منهم من يتعقبها ويكر عليها ..
173
وقد حتققت هذه وتلي كم ذكرت روايات السرية .
ولع ننل رس ننول الل ☻ ا نناء أن يش ننعر الس ننلمي ،وأن يش ننعر ال نندنيا كله ننا م ننن
ورائهم ،بقيام هذه احلقيقة ا ديندة التني وجندت ف هنذه الرض ..حقيقنة أن هنناك عقيندة هني
ك ننل يشء ف نف ننوس أص ن ن اذا .ل ننيس ننم م ننن أرب ف ال نندنيا غريه ننا ،ول ننيس ننم م ننن غاي ننة ف
حياوم سواها .عقيدة يعيشون ا وحدها ،فال يبقى نم ف أ فسنهم يشء بعندها ،وال يسنتبقون
هم ل فسهم بقية ف أ فسهم ال يبذلو ا ا ،وال يقدمو ا فداها ..
لقند كننان هننذا أمننرا جديندا ف هننذه الرض ف ذلنني احلنني .و يكنن بنند أن تشننعر الرض كلهننا
-بعد أن يشعر الةمني -بقيام هذا المر ا ديد ،وبوجود هذه احلقيقة الكبرية .
و يك ننن أق ننوى ف التعب ننري ع ننن م ننيالد ه ننذه احلقيق ننة م ننن خ ننرو ه ننةالء ال ننذين اس ننتهابوا لل
والرسننول مننن بعنند مننا أصنناذم القننر .ومننن خننروجهم ذننذه الصننورة الناصننعة الرائعننة ا ائلننة:
نم - صورة التوكل عىل الل وحده وعدم الباالة بمقالة النناس و نويفهم نم منن جنع قنري
وهو ما ال بد أن يفعلوا :- كم أبلغهم رسل أيب سفيان -وكم هول النافقون ف أمر قري
)الذين قال م الناس :إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمنا وقالوا :حسبنا الل
ونعم الوكيل(..
ه نذه الصننورة الرائعننة ا ائل ننة كانننت إ عالنننا قوي ننا عننن مننيالد هننذه احلقيق ننة الكبننرية .وكننان ه ننذا
ما تشري إليه اخلطة النبوية احلكيمة .. بع
روايات السرية عن صورة من ذلي القر ومن تلي االستهابة : وحتد نا بع
174
قننال حممنند بننن إس ن اد :حنند ني عبنند الل بننن خارجننة بننن زينند بننن ابننت عننن أيب السننائب مننو
عائشة بنت عثمن أن رجال من أص اب رسول الل ☻ منن بنني عبند الانهل
كننان قنند اننهد أحنندا قننال :اننهدنا أحنندا مننع رسننول الل ☻ أ ننا وأخنني ،فرجعنننا
جرحيي .فلم أذن مةذن رسول الل ☻ باخلرو ف طلب العندو ،قلنت لخني
-أو ق ن ننال يل -أافوتن ن ننا غ ن ننزوة م ن ننع رسن ننول الل ☻؟ -والل م ن ننا لن ن ننا م ن ننن داب ن ننة
نركبه ننا ،وم ننا من ننا إال ج ننريح قي ننل .فخرجن ننا م ننع رس ننول الل ☻ وكن ننت أخمس ن نر
جراحا منه ،فكان إذا غلب رلته عقبة ..حتى انتهيا إ ما انتهى إليه السلمون .
وقال حممد بن إس اد :كان يوم أحد يوم السنبت النصنف منن انوال ،فلنم كنان الغند منن ينوم
الحن نند لسن ننت عشن ن ن رة ليلن ننة م ن ننت من ننن ا ننوال ،أذن من ننةذن رسن ننول الل ☻ ف
الناس بطلب العدو ،وأذن مةذنه أن ال ارجن معننا أحند إال منن ح نر يومننا بنالمس .فكلمنه
جنابر بنن عبنند الل بنن عمننرو بنن حننرام .فقنال :ين ا رسننول الل إن أيب كنان خلفننني عنىل أخننوات يل
سننبع .وقننال :يننا بننني إنننه ال ينبغنني يل وال لنني أن نننةك هننةالء النسننوة وال رجننل فننيهن .ولسننت
بالننذي أو ننرك با هنناد مننع رسننول الل ☻ عننىل نفس ني .فتخلننف عننىل أخوتنني.
فتخلفت عليهن ..فأذن له رسول الل ☻ فخر معه ..
وهكننذا تت ننافر مث ننل هننذه ال ص ننور الرفيعننة ع ننىل إعننالن م ننيالد تلنني احلقيق ننة الكبننرية ،ف تل نني
النفننوس الكبننرية .النفننوس التنني ال تعننر إال الل وكننيال ،وتننرىض بننه وحننده وتكتفنني ،وتننزداد
إيمنا به ف ساعة الشدة ،وتقول ف مواجهة ويف الناس م بالناس :
م تكون العاقبة كم هو ال نتظر من وعد الل للمتوكلي عليه ،الكتفي به ،التهردين له :
175
) فانقلبوا بنعمة من الل وف ل يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الل).
فأصابوا النهاة -يمسسهم سوء -ونالوا رضوان الل .وعادوا بالنهاة والرىض .
فهنن ننا ين ننردهم إ السن ننبب الول ف العطن نناء :نعمن ننة الل وف ن ننله عن ننىل من ننن يشن نناء .ومن ننع التنوين ننه
بموقفهم الرائع ،فإنه يرد المر إ نعمة الل وف له ،لن هذا هنو الصنل الكبنري ،النذي يرجنع
إليه كل ف ل ،وما موقفهم ذاك إال طر من هذا الف ل ا زيل !
)والل ذو ف ل عظيم)..
ذ ننذا يس ننهل الل ننم ف كتاب ننه اخلال نند ،وف كالم ننه ال ننذي تته نناوب ب ننه جوا ن ننب الك ننون كل ننه،
صوروم هذه ،وموقفهم هذا ،وهي صورة رفيعة ،وهو موقف كريم .
وينظنر اإلنسننان ف هنذه الصننورة وف هننذا الوقنف ،فنني س كننأن كينان ا معننة كلننه قند تبنندل مننا
بنني يننوم وليلننة .ن ننهت .وتناسننقت .واطمأ ننت إ الرض التنني تقننف عليهننا .وانهننىل الغننب
عنن تصننورها .وأخنذت المننر جنندا كلنه .وخلصننت منن تلنني الرج ننة والقلقلنة ،التنني حنند ت
ب ننالمس فق ننط ف التص ننورات والص ننفو .ف ننم كان ننت س ننوى ليل ننة واح نندة ه نني الت نني تف ننرد ب نني
موقننف ا معننة اليننوم وموقفهننا بننالمس ..والفننارد هائننل والسننافة بعينندة ..لقنند فعلننت التهربننة
الرينرة فعلهننا ف النفنوس؛ وقنند ه زونا احلاد ننة هنزا عنيفننا .أطنار الغننب ،وأخمقنظ القلننوب ،و بننت
القدام ،ومأل النفوس بالعزم والتصميم ..
176
وأخريا اتم هذه الفقرة بالكشنف عنن علنة اخلنو والفنزع وا نزع ..إننه الشنيطان حيناول أن
جيعل أولياءه مصدر خو ورعب ،وأن ا لع عليهم سمة القوة وا يبنة ..ومنن نم ينبغني أن
يفط ن ننن الةمن ن ننون إ مك ن ننر الش ن ننيطان ،وأن يبطل ن ننوا حماولت ن ننه .ف ن ننال ا ن ننافوا أولي ن نناءه ه ن ننةالء ،وال
اشوهم .بل اافوا الل وحده .فهو وحده القوي القاهر القادر ،الذي ينبغي أن اا :
إن الشننيطان هننو الننذي ي ننخم مننن اننأن أوليائننه ،ويلبسننهم لبنناس القننوة والقنندرة ،ويوقننع ف
القل ننوب أ ننم ذوو ح ننول وط ننول ،وأ ننم يملك ننون النف ننع وال ن نر ..ذل نني لي ن نقيض ذ ننم لبانات ننه
وأغراضه ،ولي قق ذم الرش ف الرض والفساد ،وليخ ع م الرقناب ويطنوع نم القلنوب،
فننال يرتفننع ف وج ننوههم صننوت باإلنكننار؛ وال يفك ننر أحنند ف االنتقنناض عل ننيهم ،ودفعهننم ع ننن
الرش والفساد .
الباطنل ،وأن يت نخم ال نرش ،وأن يتبندى قوينا قنادرا والشيطان صاحب مصل ة ف أن يننتف
ق ن نناهرا بطاا ن ننا جب ن ننارا ،ال تق ن ننف ف وجه ن ننه معارض ن ننة ،وال يص ن ننمد ل ن ننه م ن نندافع ،وال يغلب ن ننه م ن ننن
العارضني غالنب ..ا لشننيطان صناحب مصنل ة ف أن يبنندو المنر هكنذا .فت ننت سنتار اخلننو
والرهبة ،وف ظل اإلرهاب والبط ،يفعل أوليا ه ف الرض ما يقر عينه يقلبون العرو
منكرا ،والنكر معروفا ،وينشن رون الفساد والباطل وال الل ،وافتون صوت احلق والراد
والعدل ،ويقيمون أ فسهم آ ة ف الرض حتمي الن رش وتقتل اخلري ..دون أن جير أحد عىل
مناه تهم والوقو ف وجههم ،ومطاردوم وطردهم من مقام القيادة .بل دون أن جير أحد
عىل تزييف الباطل الذي يروجون له ،وجالء احلق الذي يطمسونه ..
177
والشننيطان منناكر خننادع غننادر ،اتفنني وراء أوليائننه ،وينشن نر اخلننو منننهم ف صنندور الننذين ال
حيتنناطون لوسوسننته ..وم ننن هنننا يكش ننفه الل ،ويوقفننه عاريننا ال يس ننةه ننوب م ننن كيننده ومك ننره.
ويعر الةمني احلقيقة :حقيقة مكره ووسوسته ،ليكونوا منهنا عنىل حنذر .فنال يرهبنوا أوليناء
الشيطان وال اافوهم .فهم وهو أضعف من أن اافهم مةمن يركن إ ربه ،ويستند إ قوته..
.هي قوة الل .وهني إن القوة الوحيدة التي شى و ا هي القوة التي متلي النفع وال
القوة التي اشاها الةمنون بالل ،وهم حي اشو ا وحدها أقوى القوياء .فال تقف م قوة
ف الرض ..ال قوة الشيطان وال قوة أولياء الشيطان :
***
178
الدرس العاشر :حكمة االبتالء
وأخ ن ننريا يته ن ننه الس ن ننياد ف خت ن ننام االس ن ننتعراض والتعقي ن ننب ،إ الرس ن ننول ☻
يسننليه ويةس ننيه ع ننم يق ننع ف قلب ننه الك ننريم م ننن الس ننى واحل ننزن ،م ننن مس ننارعة الكف ننار إ الكف ننر،
فننإن هننذا لننن ي نر الل اننيئا .وإنننم هنني فتنننة الل ننم، ونشنناطهم فيننه كننأ م ف سننباد إ هنند
وقنندر الل ذ ننم ،فق نند عل ننم الل مننن أم ننرهم وكف ننرهم م ننا يننةهلهم لل رم ننان ف ايخ ننرة؛ ف ننةكهم
ايتن ننه وقن نند كن ننان ا ن نندى مبن ننذوال ن ننم ،فن ننل روا علين ننه الكفن ننر؛ فةكن ننوا يسن ننارعون ف الكفن ننر إ
يسننارعون ف الكفننر .وأمننيل ننم ليننزدادوا إ ننم مننع اإلمننالء ف الننزمن واإلمننالء ف الرخنناء .فهننذا
اإلمهال واإلمالء إنم هو وبال عليهم وبنالء ..وانتم االسنتعراض بكشنف حكمنة الل وتندبريه
مننن وراء الحنندا كله ننا :مننن وراء ابننتالء ال ننةمني وإمهننال الكننافرين .إ ننا متييننز اخلبيننث م ننن
الطيننب ،باالختبننار واالبننتالء ،فقنند كننان أمننر القلننوب غيبننا اننا يسننتأ ر الل بننه ،وال يطلننع الننناس
عليننه ،فشنناء سننب انه أن يكشننف هننذا الغيننب بالصننورة الناسننبة للب نرش ،وبالوسننيلة التنني ينندركها
الب ن رش ..فكننان االبننتالء للمننةمني واإلمهننال للكننافرين ،ليتكشننف الخبننوء ف القلننوب ،ويتميننز
اخلبيث من الطيب؛ ويتبي الةمنون بالل ورسله عىل وجه القطع واليقي :
) وال حيزني الذين يسارعون ف الكفر ،إ م لن ي نروا الل ايئا ،يريد الل أال جيعل م حظا
ف ايخرة ،و م عذاب عظيم .إن النذين اانةوا الكفنر بناإليمن لنن ي نروا الل انيئا ،و نم
عذاب أفيم .وال حيسبن الذين كفروا أ م نميل م خري ل فسهم ،إنم نميل م ليزدادوا إ م،
و م عذاب مهي .ما كان الل ليذر الةمني عىل ما أ تم عليه ،حتى يميز اخلبيث من الطيب،
179
وما كان الل ليطلعكم عىل الغيب ،ولكن الل جيتبي من رسله من يشاء ،فلمنوا بالل ورسله،
وإن تةمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم)..
إن هذا اخلتام هو أ سب ختام الستعراض الغنزوة التني أصنيب فيهنا السنلمون هنذه اإلصنابة؛
والتنني رجننع منهننا الش ننركون بالنصننر والغلبننة ..فهننناك دائننم تلنني الشننبهة الكاذبننة التنني حتينني ف
القلنوب ،أمنام العنارك التني تنشنب بني الصدور؛ أو المنية العاتبة التي ومس ف بعن بع
احلق والباطل .م يعود فيها احلق بمثل هذه اإلصابة ،ويعود منها الباطل ذا صولة وجولة !
هن نناك دائ ننم الش ننبهة الكاذب ننة ،أو المني ننة العاتب ننة :ل نناذا ي ننا رب ؟ ل نناذا يص نناب احل ننق وينه ننو
الباط ننل؟ ل نناذا يب ننتىل أه ننل احل ننق وينه ننو أه ننل الباط ننل ؟ ول نناذا ال ينتص ن نر احل ننق كل ننم التق ننى م ننع
الباطل ،ويعود بالغلبة والغنيمة ؟ أفيس هو احلق الذي ينبغي أن ينتص نر ؟ وفنيم تكنون للباطنل
ه ننذه الص ننولة ؟ وف ننيم يع ننود الباط ننل م ننن ص نندامه م ننع احل ننق ذ ننذه النتيه ننة ،وفيه ننا فتن ننة للقل ننوب
وهزة؟ !
ولقد وقع بالفعل أن قال السلمون يوم أحد ف دهشة واستغراب ":أ ى هذا ؟ "..
ففي هذا القطع اخلتامي جينيء ا نواب الخنري ،والبينان الخنري .وينريح الل القلنوب التعبنة،
وجيلننو كننل خنناطرة تتدسننس إ القلننوب مننن هننذه الناحيننة ،ويبنني سنننته وقنندره وتنندبريه ف المننر
كله :أمس واليوم وغدا .وحيثم التقى احلق والباطل ف معركة فانتهت بمثل هذه النهاية :
إن ذهناب الباطنل ناجينا ف معركنة منن العنارك وبقناءه منتفشنا فنةة منن الزمنان ،لنيس معنناه أن
احلق ررا باقيا قاضيا .. الل تاركه ،أو أ ه من القوة ب يث ال يغلب ،أو ب يث ي
180
وإن ذهنناب احلننق مبننتىل ف معركننة مننن العننارك ،وبقنناءه ضننعيف احلننول فننةة مننن الزمننان ،لننيس
معناه إن الل جمافيه أو ناسيه أو أ ه مةوك للباطل يقتله ويرديه ..
اينة الطرينق؛ ولريتكنب كال .إنم هي حكمة وتدبري ..هنا وهناك ..يميل للباطل ليم نني إ
أبشننع اي ننام ،ولي مننل أ قننل الوزار ،ولينننال أانند العننذاب باسننت قاد ..ويبننتىل احلننق ،ليميننز
اخلبي ننث م ننن الطي ننب ،ويعظ ننم الج ننر ل ننن يم ن نني م ننع االب ننتالء ويثب ننت ..فه ننو الكس ننب لل ننق
واخلسار للباطل ،م اعفا هذا وذاك هنا وهناك !
) وال حيزني الذين يسارعون ف الكفر ،إ م لن ي نروا الل ايئا ،يريد الل أال جيعل م حظا
ف ايخرة ،و م عذاب عظيم)..
النب نني ☻ وي نندفع عن ننه احل ننزن ال ننذي يس نناور خ نناطره؛ وه ننو ي ننرى إن ننه ي ننوا
الغن ننالي ف الكفن ننر ،يسن ننارعون فين ننه ،ويم ننون بعنن ننف وانن نندفاع ورسعن ننة ،كن ننأ م هنالن نني هن نند
منصوب م يسارعون إ بلوغه !
الننناس يننرى مشننتدا ف طريننق الكفننر والباطننل وهننو تعبننري مصننور حلالننة نفسننية واقعيننة .فننبع
والرش والعصية؛ كأ ه جيهد لنيل السبق فينه فهنو يم نني ف عننف وانندفاع وراسنة كنأن هنناك
من يطارده من اخللف ،أو من هيتف له من اإلمام ،إ جائزة تنال !
وكننان احلننزن يسنناور قلننب رسننول الل ☻ حسن نرة عننىل هننةالء العبنناد؛ الننذين
يننراهم مشننمرين سنناعي إ النننار ،وهننو ال يملنني ننم ردا ،وهننم ال يسننمعون لننه نننذارة وكننان
احلننزن يسنناور قلبننه كننذلي لننا يثننريه هننةالء الشننمرون إ النننار السننارعون ف الكفننر ،مننن الش نر
والذى يصنيب ال سننلمي ،ويصنيب دعننوة الل ،وسننريها بني ا مهننري ،التنني كاننت تنتظننر نتننائج
181
واستسنلمت لتختار الصف الذي تن از إليه ف النهاية ..فلم أسلمت قنري العركة مع قري
دخننل الننناس ف ديننن الل أفوا ج ننا ..واننا ال انني في ننه أ ننه كننان ننذه االعتبننارات وقعهننا ف قل ننب
قلبننه ،ويمسننح عنننه احلننزن الرسننول الكننريم .فيطمننئن الل رسننوله ☻ ويننوا
الذي يساوره .
وهنةالء العبناد الهازينل ال يبلغنون أن ي ن روا الل انيئا .والمنر ف هنذا ال حيتنا إ بينان .إننم
يرينند الل سننب انه أن جيعننل ق ننية العقينندة ق ننيته هننو؛ وأن جيعننل العركننة مننع الشننركي معركتننه
ه ن ن ننو .ويرين ن ن نند أن يرف ن ن ننع عن ن ن ننبء ه ن ن ننذه العقين ن ن نندة وعن ن ن ننبء ه ن ن ننذه العركن ن ن ننة ع ن ن ننن عن ن ن نناتق الرس ن ن ننول
☻ وعنناتق الس ننلمي جل ننة ..فال ننذين يسننارعون ف الكف ننر حي نناربون الل ،وه ننم
وا الل ايئا ..وهم إذن لن ي نروا دعوتنه .ولنن ي نروا رلنة هنذه الندعوة. أضعف من أن ي
مهم س ارعوا ف الكفر ،ومهم أصابوا أولياء الل بالذى .
إذن لاذا يةكهم الل يذهبون ناجي ،وينتفشون غالبي ،وهم أعدا ه البارشون ؟
ل ه يدبر م ما هو أ كى وأخزى !
يرينند ننم أن يسننتنفدوا رصننيدهم كلننه؛ وأن حيملننوا وزرهننم كلننه ،وأن يسننت قوا عننذاذم كلننه،
اية الطريق ! وأن يم وا مسارعي ف الكفر إ
182
ولاذا يريد الل ذم هذه النهاية الفظيعة ؟ ل م است قوها برشائهم الكفر باإليمن .
ولقنند كننان اإلين من ف متننناول أخمنندهيم .دالئلننه مبثو ننة ف صننف ات الكننون ،وف أعننمد الفطننرة.
وأمارات ننه قائم ننة ف "تص ننميم" ه ننذا الوج ننود العهي ننب ،وف تناس ننقه وتكامل ننه الغري ننب ،وقائم ننة
كننذلي ف "تص ننميم" الفط ننرة الب ننارشة ،وياوذ ننا م ننع ه ننذا الوج ننود ،وا ننعورها بالي نند الص ننانعة،
وبطابع الصننعة البارعنة ..نم إن الندعوة إ اإلينمن -بعند هنذا كلنه -قائمنة عنىل لسنان الرسنل،
وقائمة ف طبيعة الدعوة ومنا فيهنا منن تلبينة الفطنرة ،ومنن جنال التناسنق ،ومنن صنالحية لل يناة
والناس ..
أج ننل ك ننان اإلي ننمن مب ننذوال ننم ،فب نناعوه واا ننةوا ب ننه الكف ننر ،ع ننىل عل ننم وع ننن بين ننة ،وم ننن هن ننا
اسنت قوا أن يننةكهم الل يسنارعون ف الكفننر ،ليسننتنفدوا رصنيدهم كلننه ،وال يسنتبقوا ننم حظننا
مننن ننواب ايخ ننرة .وم ننن هن ننا ك ننذلي ك ننانوا أض ننعف م ننن أن ي ن نروا الل ا ننيئا .فه ننم ف ض نناللة
كاملة ليس معهم من احلق يشء .و ينزل الل بال اللة سلطانا؛ و جيعل ف الباطل قنوة .فهنم
أضننعف مننن أن ي نروا أولينناء الل ودع وتننه ،ذننذه القننوة ال ننئيلة ا زيلننة ،مهننم انتفشننت ،ومهننم
أوقعت بالةمني من أذى وقتي إ حي !
) وال حيسبن الذين كفروا أ م نميل م خري ل فسهم .إنم نميل م ليزدادوا إ م .و م عذاب
مهي)..
183
الصندور ،والشنبهة التني ينول ف وف هذه ايية يصل السنياد إ العقندة التني حتيني ف بعن
الروا ،وهنني تنرى أعننداء الل وأعننداء احلننق، بننه بعن القلننوب ،والعتنناب الننذي يني بعن
مةوكي ال يأخذهم العذاب ،اتعي ف ظاهر المر ،بالقوة والسلطة والال وا اه اا يوقع
الفتنة ف قلوذم وف قلوب الناس من حو م؛ واا جيعل ضعا اإليمن يظنون بنالل غنري احلنق
ود والطغيان ،فنيميل ظن ا اهلية؛ حيسبون أن الل -حاااه -يرىض عن الباطل والرش وا
له ويرخي له العنان أو حيسبون أن الل -سب انه -ال يتدخل ف العركنة بني احلنق والباطنل،
فينندع للباطننل أن حيطننم احلننق ،وال يتنندخل لنص ن رته أو حيسننبون أن هننذا الباطننل حننق ،وإال فلننم
تركننه الل ينمننو ويكننرب ويغلننب ؟ أو حيسننبون أن مننن اننأن الباطننل أن يغلننب عننىل احلننق ف هننذه
الرض ،وأن لننيس مننن اننأن احلننق أن ينتصن ن ر ننم ..ينندع البطلنني الظلمننة الطغنناة الفس نندين،
يلهنون ف عتنوهم ،ويسنارعون ف كفنرهم ،ويلهنون ف طغينا م ،ويظننون أن المنر قند اسننتقام
م ،وأن ليس هنالي من قوة تقوى عىل الوقو ف وجههم !!!
وهننذا كلننه وهننم باطننل ،وظننن بننالل غننري احلننق ،والمننر لننيس كننذلي .وهننا هننو ذا الل سننب انه
وتع ننا حي ننذر ال ننذين كف ننروا أن يظن ننوا ه ننذا الظ ننن . .إن ننه إذا ك ننان الل ال يأخ ننذهم بكف ننرهم ال ننذي
يسن ننارعون فين ننه ،وإذا كن ننان يعطن ننيهم حظن ننا ف الن نندنيا يسن ننتمتعون بن ننه ويلهن ننون فين ننه ..إذا كن ننان الل
يأخذهم ذذا االبتالء ،فإنم هي الفتنة؛ وإنم هو الكيد التي ،وإنم هو االستدرا البعيد :
) وال حيسبن الذين كفروا أ م نميل م خري ل فسهم ..إنم نميل م ليزدادوا إ م)
ولنو كنانوا يسنت قون أن اننرجهم الل منن غمنرة النعمنة ،بنناالبتالء النوقظ ،البنتالهم ..ولكنننه
ال يريد ذم خريا ،وقد ااةوا الكفنر بناإليمن ،وسنارعوا ف الكفنر واجتهندوا فينه فلنم يعنودوا
يست قون أن يوقظهم الل من هذه الغمرة -غمرة النعمة والسلطان -باالبتالء !
184
)و م عذاب مهي)..
وهكذا يتكشف أن االبتالء من الل نعمة ال تصيب إال من يريد له الل به اخلري .فإذا أصابت
أوليناءه ،فنإنم تصنيبهم خلنري يرينده الل نم -ولنو وقنع االبنتالء مةتبنا عنىل تصننرفات هنةالء
الولياء -فهناك احلكمة الغيبة والتدبري اللطيف ،وف ل الل عىل أوليائه الةمني .
وهك ننذا تس ننتقر القل ننوب ،وتطم ننئن النف ننوس ،وتس ننتقر احلق ننائق الص ننيلة البس ننيطة ف التص ننور
اإلسالمي الواضح الستقيم .
ولق ن نند ان ن نناءت حكم ن ننة الل وبن ن ننره بن ن ننالةمني ،أن يمي ن ننزهم من ن ننن الن ن ن نافقي ،الن ن ننذين اندس ن ننوا ف
الصننفو ،حتننت تننأ ري مالبسننات اننتى ،ليسننت مننن حننب اإلسننالم ف يشء .فننابتالهم الل هننذا
االبننتالء -ف أحنند -بسننبب مننن تص ننرفاو م وتصننوراوم ،ليميننز اخلبيننث مننن الطيننب ،عننن هننذا
الطريق :
) ما كان الل ليذر الةمني عنىل منا أ نتم علينه حتنى يمينز اخلبينث منن الطينب .ومنا كنان الل
ليطلعكم عىل الغيب .ولكن الل جيتبي من رسله من يشاء .فلمنوا بالل ورسله .وإن تةمنوا
وتتقوا فلكم أجر عظيم)..
ويقطع النص القرآين بأ ه ليس من اأن الل -سب انه -وليس من مقت نى أفوهيتنه ،ولنيس
م ننن فع ننل س نننته ،أن ي نندع الص ننف الس ننلم نتلط ننا غ ننري اي ننز؛ يت ننوارى الن ننافقون في ننه وراء دع ننوى
اإليننمن ،ومظهننر اإلسننالم ،بينننم قلننوذم خاويننة مننن بشااننة اإليننمن ،ومننن رو اإلسننالم .فق نند
أخر الل المة السلمة لتةدي دورا كونيا كبريا ،ولت مل منهها إ يا عظنيم ،ولتنشنىء ف
185
الرض واقعا فريدا ،ونظاما جديدا ..وهذا الدور الكبري يقت ني التهنرد والصنفاء والتمينز
والتمسي ،ويقت ني أال يكون ف الصف خلل ،وال ف بنائه دخل ..وبتعبري نتصنر يقت ني أن
تكننون طبيعننة هننذه المننة مننن العظمننة ب يننث تسننامي عظمننة النندور الننذي قنندره الل ننا ف ه ننذه
الرض؛ وتسامي الكانة التي أعدها الل ا ف ايخرة ..
وك ننل هن ننذا يقت ن ن ني أن يصن ننهر ال صن ننف ليخن ننر منن ننه اخلبن ننث .وأن ي ن ننغط لتتهن نناوى اللبنن ننات
ال ننعيفة .وأن تسننلط عليننه الضننواء لتتكشننف النندخائل وال ننمئر ..ومننن ننم كننان اننأن الل -
سنب انه -أن يميننز اخلبيننث مننن الطينب ،و يكننن اننأ ه أن يننذر الننةمني عنىل مننا كننانوا عليننه قبننل
هذه الرجة العظيمة !
كننذلي مننا كننان مننن اننأن الل -سننب انه -أن يطلننع البش نر عننىل الغيننب ،الننذي اسننتأ ر بننه ،فهننم
ليسننوا مهيئنني بطبيعننتهم التنني فطننرهم عليهننا لالطننالع عننىل الغيننب ،وجهننازهم البشن نري الننذي
أعطاه الل م لنيس "مصنمم" عنىل أسناس اسنتقبال هنذا الغينب إال بمقندار .وهنو مصنمم هكنذا
ب كمننة .مصننمم لداء وظيفننة اخلالفننة ف الرض .وه ني ال حتتننا لالطننالع عننىل الغيننب .ول ننو
فننتح ا هنناز اإلنسنناين عننىل الغيننب لننت طم .ل ننه لننيس معنندا السننتقباله إال بالقنندار الننذي يصننل
روحه بخالقه ،ويصل كيانه بكيان هذا الكون .وأبسنط منا يقنع لنه حني يعلنم مصنائره كلهنا ،أال
حيننرك ينندا وال رجننال ف عننمرة الرض ،أو أن يظننل قلقننا مشننغوال ذننذه الصننائر ،ب يننث ال تبقننى
فيه بقية لعمرة الرض !
من أجل ذلي يكن من اأن الل سب انه ،وال من مقت نى حكمتنه ،وال منن جمنرى سننته أن
يطلع الناس عىل الغيب .
186
إذن كيف يميز الل اخلبينث منن الطينب ؟ وكينف حيقنق انأ ه وسننته ف تطهنري الصنف السنلم،
ويريده من الغب ،ومت يص ه من النفاد ،وإعنداده للندور الكنوين العظنيم ،النذي أخنر المنة
به ؟ السلمة لتنه
وعننن طريننق الرسننالة ،وعننن طريننق اإليننمن ذننا أو الكفننر ،وعننن طريننق جهنناد الرسننل ف حتقيننق
مقت ن ى الرسننالة ،وعننن طريننق االبننتالء لص ن اذم ف طريننق ا هنناد ..عننن طريننق هننذا كلننه يننتم
اأن الل ،وتت قق سنته ،ويميز الل اخلبيث من الطيب ،ويم ص القلوب ،ويطهر النفوس..
ويكون من قدر الل ما يكون ..
وهكننذا يرفننع السننتار عننن جانننب مننن حكمننة الل ،وهنني تت قننق ف احلينناة؛ وهكننذا تسننتقر هننذه
احلقيقة عىل أرض صلبة مكشوفة منرية ..
وأمنام مشننهد احلقيقننة متهليننة بسنيطة مرحيننة ،يتهننه إ الننذين آمننوا لي ققننوا ف ذواوننم منندلول
م بف ل الل العظيم ،الذي ينتظر الةمني . اإليمن ومقت اه ،ويلو
فيكن ننون ه ن ننذا التوجي ن ننه وه ن ننذا الةغي ن ننب ،بع ن نند ذل ن نني البي ن ننان وذل ن نني االطمئن ن ننان ،خ ن ننري خامت ن ننة
الستعراض الحدا ف "أحد" والتعقيب عىل هذه الحدا ..
***
187
حقائق وعِرب
وبعنند ..فقنند متخ ننت العركننة والتعقيننب القننرآين عليهننا عننن حقننائق ضننخمة منوعننة ،يصننعب
إحصا ها م إيفا ها حقها من البسط والعرض ف هذا السياد من الظنالل .فنكتفني باإلانارة
إ أاننملها وأبرزهننا ،ليقنناس عليننه سننائر مننا ف الغننزوة كننم عرضننها القننرآن الكننريم مننن موا ضننع
للعربة واالستدالل :
- 1لقند متخ ننت العركنة والتعقيننب عليهنا عننن حقيقننة أساسنية كبننرية ف طبيعنة هننذا النندين
الننذي هننو النننهج اإل نني لل ينناة البش ننرية ،وف طريقتننه ف العمننل ف حينناة البشن نر .وهنني حقيقننة
أوليننة بسننيط ة ،ولكنهننا كثننريا مننا تنسننى ،أو ال تنندرك ابتننداء ،فينشننأ عننن نسننيا ا أو عنندم إدراكهننا
خط ننأ جس ننيم ف النظ ننر إ ه ننذا ال نندين :ف حقيقت ننه وف واقع ننه الت نناراي ف حي نناة اإلنس ننانية ،وف
دوره أمس واليوم وغدا ..
إن بع نا ينتظر من هذا الدين -ما دام هو النهج اإل ي لل ياة البشنرية -أن يعمل ف حياة
البش ن ن ر بطريق ننة سن ن رية خارق ننة دون اعتب ننار لطبيع ننة البش ن ن ر ،ولط نناقتهم الفطري ننة ،ول ننواقعهم
الادي ،ف أخمة مرحلة من مراحل نموهم ،وف أخمة بيئة من بيئاوم !
وحنني يننرون أ ننه ال يعمننل ذننذه الطريقننة ،وإنننم هننو يعمننل ف حنندود الطاقننة البش ننرية ،وحنندود
الوا قنع النادي للبش ن ر .وأن هنذه الطاقنة وهننذا الوا قنع يتفنناعالن معنه ،فيتنأ ران بننه ف فنةات تننأ را
واض ن ا ،أو يننة ران ف منندى اسننتهابة الننناس لننه ،وقنند يكننون تأ ريمهننا م ننادا ف فننةات أخننرى
فتقعد بالناس قلة الطي ،وجاذبية الطامع والشهوات ،دون تلبية هتنا الندين أو االيناه معنه
188
ف طريق ن ننه ايا ه ن ننا ك ن ننامال ..ح ن نني ي ن ننرون ه ن ننذه الظ ن ننواهر ف ن ننإ م يص ن ننابون بخيب ن ننة أمن ننل يكونن ننوا
يتوقعو ننا -م ننا دام ه ننذا ال نندين م ننن عن نند الل -أو يص ننابون بخلخل ننة ف ق ننتهم بهدي ننة ال نننهج
الديني لل ياة وواقعيته أو يصابون بالشي ف الدين إطالقا !
وهنذه السلسنلة منن الخطناء تنشنأ كلهنا منن خطننأ واحند ،هن و عندم إدراك طبيعنة هنذا النندين،
وطريقته ،أو نسيان هذه احلقيقة الولية البسيطة .
إن هذا الدين منهج لل ياة البشنرية ،يتم حتقيقه ف حياة البرش بههد برشي ،ف حدود الطاقة
البش ننرية ،ويب نندأ ف العمننل م ننن النقطننة الت نني يكننون البشن نر عن نندها بالفعننل م ننن واقعهننم ال ننادي،
ايننة الطرينق ،ف حندود جهنندهم البش ن ري وطناقتهم البشننرية ،ويبلنغ ذنم أقص نى ويسنري ذنم إ
ما متكنهم طاقتهم وجهدهم من بلوغه .
وميزتنه الساسنية أ نه ال يغفننل حلظنة ،ف أخمنة خطننة ،وف أخمنة خطنوة ،عننن طبيعنة فطنرة اإلنسننان،
وحنندود طاقتننه ،وواقعننه الننادي أخم ننا .وأ ننه ف الوقننت ذاتننه يبلننغ بننه -كننم حتقننق ذلنني فعننال ف
الفنةات ،وكنم يمكنن أن يت قنق دائنم كلننم بنذلت حماولنة جنادة -منا يبلغنه ومنا ال يبلغننه بعن
أي منهج آخر من صنع البرش عىل اإلطالد .
ولكننن اخلطننأ كلننه -كننم تقنندم -ينشننأ مننن عنندم اإلدراك لطبيعننة هننذا النندين أو نسننيا ا؛ ومننن
انتظنار اخلننوارد التني ال تننرتكن عننىل الوا قنع البش ن ري؛ والتني تبننذل فطننرة اإلنسنان ،وتنشننئه نشننأة
أخرى ،ال عالقة ا بفطرته وميوله واستعداده وطاقاته ،وواقعه الادي كله !
أفنيس هنو منن عننند الل ؟ أفنيس ديننا مننن عنند القنوة القننادرة التني ال يعهزهنا يشء ؟ فلننمذا إذن
يعمننل فقننط ف حنندود الطاقننة البش ننرية ؟ ولنناذا حيتننا إ ا هنند البشن نري ليعمننل ؟ ننم ل نناذا ال
189
ينتصن نر دائ ننم ؟ وال ينتص ن ن ر أص ن ابه دائننم ؟ ل نناذا تغل ننب علي ننه قلننة الطب ننع والش ننهوات والوا ق ننع
الادي أحيانا ؟ ولاذا يغلب أهل الباطل عىل أص ابه وهم أهل احلق أحيانا ؟
وكلها -كم نرى -أسئلة وابهات تنبع من عندم إدراك احلقيقنة الولينة البسنيطة لطبيعنة هنذا
الدين وطريقته أو نسيا ا !
إن الل قادر -طبعا -عىل تبديل فطرة اإلنسنان -عنن طرينق هنذا الندين أو منن غنري طريقنه -
وكان قنادرا عنىل أن القنه مننذ البندء بفطنرة أخنرى ..ولكننه اناء أن النق اإلنسنان ذنذه الفطنرة.
واناء أن جيعننل نذا اإلنسننان إرادة واسننت هابة .واناء أن جيعننل ا نندى منرة للههنند والتلقنني
واالستهابة .وااء أن تعمل فطرة اإلنسان دائم ،وال مت ى ،وال تبدل ،وال تعطل .وااء أن يتم
حتقيق منههه لل ياة ف حياة البشنر عن طريق ا هد البشنري ،وف حدود الطاقة البشنرية .وااء
أن يبلغ "اإلنسان" من هذا كله بقدر ما يبذل من ا هد ف حدود مالبسات حياته الواقعة .
وليس لحد من خلقه أن يسأفه :لاذا ااء هذا ؟ ما دام أن أحدا من خلقه ليس إ ا وليس
لديننه العلننم ،وال إمكننان العلننم ،بالنظننام الكننيل للكننون ،وبمقت ننيات هننذا النظننام ف طبيعننة كننل
كائن ف هذا الوجود ،وباحلكمة الغيبة وراء خلق كل كائن ذذا "التصميم" اخلاص !
و "لاذا ؟ " -ف هذا القام -سةال ال يسأفه مةمن جاد ،وال يسأفه كذلي مل د جناد..
الةمن ال يسأفه ،ل ه أكثر أدبا مع الل -الذي يعرفه قلبه ب قيقته وصفاته -وأكثر معرفنة بنأن
اإلدراك البرشني هيينأ للعمنل ف هننذا الهنال ..والكنافر ال يسنأفه ،ل ننه ال يعنة بنالل ابتننداء.
فإن اعة بأفوهيته عر معها أن هذا اأ ه -سب انه -ومقتىض أفوهيته !
190
ولكنه سةال قد يسأفه هازل مائع .ال هو مةمن جاد ،وال هو مل د جناد ..ومنن نم ال ينبغني
االحتفال به وال ا د ف أخذه !
وقد يسأفه جاهل ب قيقة اللوهية ..فالسبيل إلجابنة هنذا ا اهنل لنيس هنو ا نواب الباا نر.
إن ننم ه ننو تعريف ننه ب قيق ننة اللوهي ننة -حت ننى يعرفه ننا فه ننو م ننةمن ،أو ينكره ننا فه ننو مل نند ..وذ ننذا
ينتهي ا دل إال أن يكون مراء !
ليس لحد من خلنق الل إذن أن يسنأفه -سنب انه -لناذا اناء أن النق الكنائن اإلنسناين ذنذه
الفطرة ؟ ولن اذا اناء أن تبقنى فطرتنه هنذه عاملنة ،ال مت نى ،وال تعندل ،وال تعطنل ولناذا اناء
أن جيعل النهج اإل ي يت قق ف حياته عن طريق ا هد البرشي ،وف حدود الطاقة البشنرية ؟
ولك ننن لك ننل أح نند م ننن خلق ننه أن ي نندرك ه ننذه احلقيق ننة؛ ويرا ه ننا وه نني تعم ننل ف واق ننع البشن ننرية،
ويف نا التناريخ البش ن ري عنىل ضننوئها؛ فيفقنه خنط سنري التناريخ مننن ناحينة ،ويعنر كينف يوجننه
هذا اخلط من ناحية أخرى .
هذا الننهج اإل ني النذي يمثلنه اإلسنالم -كنم جناء بنه حممند ☻ ال يت قنق ف
الرض ف دنيننا الننناس ،بمهننرد تنزلننه مننن عننند الل .وال يت قننق بمهننرد إبالغننه للننناس وبيانننه.
وال يت قننق بننالقهر اإل نني عننىل ن ننو مننا يم نني الل ناموسننه ف دورة الفلنني وسننري الكوا كننب،
وترتب النتائج عىل أسباذا الطبيعية ..إنم يت قق بأن حتملنه جمموعنة منن البش نر ،تنةمن بنه إيمننا
كامال ،وتسنتقيم علينه -بقندر طاقتهنا -ويعلنه وظيفنة حياونا وغاينة آما نا؛ ويهند لت قيقنه ف
قلننوب ايخننرين وف حينناوم العمليننة كننذلي؛ وياهنند ننذه الغايننة ب يننث ال تسننتبقي جهنندا وال
طاق ن ننة ..ياه ن نند ال ن ننعف البش ن ن نري ،وا ن ننوى البش ن ن نري ،وا ه ن ننل البش ن ن نري ف أ فس ن ننها وأ ف ن ننس
ايخ ننرين .وياه نند ال ننذين ي نندفعهم ال ننعف وا ننوى وا ه ننل للوق ننو ف وج ننه ه ننذا ال نننهج..
191
وتبلننغ -بعنند ذلنني كلننه -مننن حتقيننق هننذا النننهج اإل نني إ احلنند والسننتوى الننذي تطيقننه فطننرة
البرش .عىل أن تبدأ بالبرش من النقطة التي هم فيها فعال؛ وال تغفل واقعهم ،ومقت يات هذا
الوا ق ننع ،ف س ننري مرا ح ننل ه ننذا ال نننهج وتتابعه ننا ..ننم تنتص ننر ه ننذه الهموع ننة ع ننىل نفس ننها وع ننىل
نفوس الناس معها تارة؛ وتنهزم ف العركة مع نفسها أو منع نفنوس النناس تنارة .بقندر منا تبنذل
من ا هد؛ وبقدر ما تتخنذ منن السناليب العملينة؛ وبقندر منا توفنق ف اختينار هنذه السناليب..
وقبنل كنل يشء ،وقبنل كننل جهند ،وقبنل كننل وسنيلة ..هنالني عنص نر آخنر :هنو منندى ينرد هننذه
الهموعة ذا الغرض .ومدى متثيلها حلقيقة هذا النهج ف ذات نفسها؛ ومدى ارتباطها بالل
صاحب هذا النهج ،و قتها به ،وتوكلها عليه .
هذه هي حقيقة هذا الدين وطريقته ،وهذه هي خطته احلركية ووسيلته ..
وهننذه هنني احلقيقننة التنني انناء الل أن يعلمهننا للهمعننة السننلمة ،وهننو يربيهننا بأحنندا معركننة
أحد؛ وبالتعقيب عىل هذه الحدا ..
موا قننف العركننة .وحي نننم حينننم قصن ن رت ف متثيننل حقيقننة هننذا ال نندين ف ذات نفسننها ف بع ن
مواقفها .وحينم غفلت عنن تلني احلقيقنة الولينة أو قرصت ف ا اذ الوسائل العملية ف بع
النظ ننر ع ننن تص ننورها نس ننيتها؛ وفهم ننت أ ننه م ننن مقت ن نى كو ننا مس ننلمة أن تنتصن ننر ح ننتم بغن ن
وتص نرفها -حينئننذ تركهننا الل ت القنني ا زيمننة؛ وتعنناين آالمهننا الريننرة .ننم جنناء التعقيننب القننرآين
يردها إ تلي احلقيقة( :أو لا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم :أ ى هذا ؟ قل هو من
عند أ فسكم .إن الل عىل كل يشء قدير) ..
192
ولكننه -كنم قلننا ف سنياد االسنتعراض للنصنوص -ال ينةك السنلمي عنند هنذه النقطنة ،بننل
يص ننلهم بق نندر الل م ننن وراء الس ننباب والنت ننائج؛ ويكش ننف ننم ع ننن إرادة اخل ننري ذ ننم م ننن وراء
االبتالء ،الذي وقع بأسبابه الظاهرة من تصنرفاوم الواقعة ..
إن ت ننرك ال نننهج اإل نني يعم ننل ويت ق ننق ع ننن طري ننق ا ه نند البش ن نري ،ويت ننأ ر بتص ن نر البش ن نر
إزاءه ..هو خري ف عمومه ،فهو يص لح احلياة البشننرية وال يفسندها أو يعطلهنا؛ ويصنلح الفطنرة
البشن ننرية ويوقظه ننا ويرده ننا إ س ننوائها ..ذل نني أن حقيق ننة اإلي ننمن ال ي ننتم متامه ننا ف قل ننب حت ننى
يتعننرض لهاهنندة الننناس ف أمننر هننذا اإليننمن .جماهنندوم باللسننان بننالتبليغ والبيننان؛ وجماهنندوم
بالين نند لن نندفعهم من ننن طرين ننق ا ن نندى ح نني يعة ضن ننونه بن ننالقوة الباغين ننة ..وحتن ننى يتعن ننرض ف هن ننذه
الهاهدة لالبتالء والصرب عنىل ا هند ،والصنرب عنىل الذى ،والصنرب عنىل ا زيمنة ،والصنرب عنىل
النص ننر أخم ننا -فالصننرب عننىل النص ننر أاننق مننن الصننرب عننىل ا زيمننة -وحتننى يننتم ص القلننب،
ويتميز الصف ،وتستقيم ا معة عىل الطريق ،ومتيض فيه راادة صاعدة ،متوكلة عىل الل .
حقيقننة اإليننمن ال يننتم متامهننا ف قلننب حتننى يتعننرض لهاهنندة الننناس ف أمننر هننذا اإليننمن .ل ننه
جياهنند نفسننه أوال ف أ ننناء جماهدتننه للننناس؛ وتتفننتح لننه ف اإليننمن آفنناد تكننن لتتفننتح لننه أبنندا،
وهننو قاعنند آمننن سننا ؛ وتتبنني لننه حقننائق ف الننناس ،وف احلينناة ،تكننن لتتبنني لننه أبنندا بغننري هننذه
الوسنيلة؛ ويبلننغ هنو بنفسننه وبمشنناعره وتصنوراته ،وبعاداتننه وطباعنه ،وبانفعاالتننه واسننتهاباته،
ما يكن ليبلغه أبدا ،بدون هذه التهربة الشاقة الريرة .
وحقيقنة اإلينمن ال ينتم متامهنا ف جاعنة ،حتننى تتعنرض للتهربنة واالمت نان واالبنتالء ،وحتنى
يتعر كل فرد فيها عىل حقيقة طاقته ،وعىل حقيقنة غايتنه؛ نم تتعنر هني عنىل حقيقنة اللبننات
التي تتأفف منها .مدى احتمل كل لبنة ،م مدى متاسي هذه اللبنات ف ساعة الصدام .
193
وهنذا منا أراد الل -سنب انه -أن يعلمنه للهمعننة السنلمة ،وهنو يربيهنا بالحندا ف "أحنند"
وبالتعقين ب عنىل هنذه الحنندا ف هنذه السنورة .وهننو يقنول نا ،بعند بيننان السنبب الظناهر ف مننا
أصاذا( :وما أصابكم يوم التقى ا معان فبإذن الل ،وليعلم الةمني وليعلم الذين نافقوا)..
وهو يقول( :ما كان الل ليذر الةمني عىل ما أ تم عليه حتى يميز اخلبيث من الطيب) .م..
وه ننو ين ننر دهم إ قن نندر الل وحكمتن ننه من ننن وراء السن ننباب والوقن ننائع جيعن ننا؛ فن ننريدهم إ حقيقن ننة
اإليننمن الكننربى التنني ال يننتم إال باسننتقرارها ف النننفس الةمنننة( :إن يمسسننكم قننر فقنند مننس
القوم قر مثله ،وتلي الخمام نداو ا بي الناس .وليعلم الل الذين آمنوا ،ويتخذ منكم اهداء.
والل ال حيب الظالي ،وليم ص الل الذين آمنوا ويم ق الكافرين) ..
وإذن فه ن ننو -ف النهاي ن ن ننة -ق ن ن نندر الل وت ن ن نندبريه وحكمت ن ن ننه ،م ن ن ننن وراء الس ن ن ننباب والح ن ن نندا
والاخاص واحلركات ..وهو التصور اإلسالمي الشامل الكامنل ،يسنتقر ف الننفس منن وراء
الحدا ،والتعقيب النري عىل هذه الحدا .
***
- 2ومت خ ت العركة والتعقيب عليها عن حقيقة أساسية كبرية عن طبيعة الننفس البشننرية
وطبيعننة الفطننرة اإلنسننانية ،وطبيعننة ا هنند البش ن ري ،ومنندى مننا يمكننن أن يبلغننه ف حتقيننق النننهج
اإل ي :
إن النفس البشنرية ليست كاملة -ف واقعها -ولكنها ف الوقت ذاته قابلة للنمو واالرتقناء،
حتى تبلغ أقىص الكمل القدر ا ف هذه الرض .
194
وهنا ن نن أوالء ننرى قطاعنا منن قطاعنات البشننرية -كنم هنو وعنىل الطبيعنة -انثال ف ا معنة
التي متثنل قمنة المنة التني يقنول الل عنهنا( :كننتم خنري أمنة أخرجنت للنناس) ..وهنم أصن اب
حمم نند ☻ الث ننل الكام ننل لل نننفس البشن ننرية ع ننىل اإلط ننالد ..ف ننمذا ن ننرى ؟ ن ننرى
جمموعننة مننن البشن ن ر ،فننيهم ال ننعف وفننيهم النننقص ،وفننيهم مننن يبلننغ أن يقننول الل عنننهم( :إن
منا كسنبوا ولقند عفنا الل الذين تولوا منكم يوم التقى ا معان إنم استز م الشيطان بنبع
عنهم) .ومن يبلغ أن يقول الل عنهم( :حتى إذا فشلتم وتنازعتم ف المر ،وعصيتم من بعد ما
أراكم ما حتبون ،منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد ايخرة ،م رصفكم عنهم) ..وفيهم من
يق ننول الل عن نننهم( :إذ مهن ننت طائفتن ننان من نننكم أن تفشن ننال ،والل ولن ننيهم ،وعن ننىل الل فليتوكن ننل
الةمنون) ..وفيهم من ينهزم وينكشف ،وتبلغ منهم ا زيمة ما وصفه الل سب انه بقولنه( :إذ
تصعدون وال تلوون عىل أحد ،والرسول يدعوكم ف أخراكم .فأ ابكم غم بغم لكيال حتزنوا
عىل ما فاتكم وال ما أصابكم )..
وكن ننل هن ننةالء مةمنن ننون مس ن ننلمون؛ ولك ن نننهم ك ن ننانوا ف أوائ ن ننل الطري ن ننق .ك ن ننانوا ف دور الةبي ن ننة
والتك ننوين .ولك نننهم ك ننانوا ج ننادين ف أخ ننذ ه ننذا الم ننر ،مس ننلمي أم ننرهم لل ،مرت نني قيادت ننه،
ومستس ننلمي لنهه ننه .وم ننن ننم يط ننردهم الل م ننن كنف ننه ،ب ننل رره ننم وعف ننا ع نننهم؛ وأم ننر نبي ننه
☻ أن يعفننو عنننهم ،ويسننتغفر ننم ،وأمننره أن يشنناورهم ف المننر ،بعنند كننل مننا
وقننع منننهم ،وبعنند كننل مننا وقننع مننن جننراء الشننورة نعننم إنننه -سننب انه -تننركهم يننذوقون عاقبننة
تصننرفاوم تلني ،و ابننتالهم ذلني االبنتالء الشنناد الرينر ..ولكننه يطننردهم خنار الصننف ،و
يقننل ننم :إنكننم ال تصننل ون لشن ن يء مننن هننذا المننر ،بعنند مننا بنندا منننكم ف التهربننة مننن النننقص
وال ننعف ..لقنند قبننل ضننعفهم هننذا ونقصننهم ،وربنناهم بنناالبتالء ،ننم ربنناهم بالتعقيننب عننىل
االبتالء ،والتوجيه إ ما فيه من عرب وعظات .ف ررة وف عفو وف سمحة؛ كم يربت الكبري
195
عىل الصغار؛ وهم يكتوون بالنار ،ليعرفوا ويدركوا وين هوا .وكشف م ضعفهم ،ونبنلت
هم ذا ،ويرذ م ،وحيقرهم ،وال لريهقهم وحيملهم ما ال يطيقون لنه رنال. نفوسهم ،ال ليف
ولكن ليأخذ بأخمدهيم ،وينوحي إلنيهم أن يثقنوا بأ فسنهم وال حيتقروهنا وال ييأسنوا منن الوصنول
ما داموا موصولي ب بل الل التي .
ننم وصننلوا ..وصننلوا ف النهايننة ،وغلبننت فننيهم النننمذ التنني كانننت ف أول العركننة معنندودة.
وإذا ه ننم ف الي ننوم الت ننايل للهزيم ننة والق ننر ،ارج ننون م ننع رس ننول الل ☻ غ ننري
هينابي وال منةددين وال وجلني منن ويننف النناس نم حتنى اسننت قوا تنوينه الل ذنم( :الننذين
قال م الناس إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم ،فزادهم إيمنا ،وقالوا :حسنبنا الل ونعنم
الوكيل) ..
ولا كنربوا بعند ذلني انيئا فشنيئا ..تغنريت معناملتهم ،وحوسنبوا كنم حياسنب الرجنال الكبنار.
بع نند م ننا ك ننانوا يربت ننون هن ننا ك ننم يرب ننت الطف ننال وال ننذي يرا ج ننع غ ننزوة تب ننوك ف س ننورة ب ننراءة؛
ومةاخذة الل ورسوله للنفر القالئل التخلفي ،تلي الةاخذة العسرية ،جيند الفنرد واضن ا ف
العاملة؛ وجيد الفرد واض ا ف مراحل الةبينة اإل ينة العهيبنة .كنم جيند الفنارد بني القنوم ينوم
أحند ،والقننوم يننوم تبننوك ..وهننم هننم ..ولكننن بلغننت ذننم الةبيننة اإل يننة هننذا السننتوى السننامق..
ولكنهم مع هذا ظلوا برشا .وظل فيهم ال عف ،والننقص ،واخلطنأ .ولكنن ظنل فنيهم كنذلي
االستغفار والتوبة والرجوع إ الل .
إ ننا الطبيعننة البش ننرية التنني حيننافظ عليهننا هننذا النننهج؛ وال يبنند ا أو يعطلهننا ،وال حيملهننا مننا ال
تطيق .وإن بلغ ذا أقىص الكمل القدر ا ف هذه الرض .
196
وهذه احلقيقة ذات قيمة كبرية ف إعطاء المنل الندائم للبش نرية ،لت ناول وتبلنغ ،ف ظنل هنذا
الننهج الفريند .فهننذه القمنة السننامقة التني بلغتهنا تلنني ا معنة ،إنننم بندأت تنهند إليهننا منن السننفح
الننذي التقطهننا منننه .وهننذه اخل طننى التعثننرة ف الطريننق الشنناد زاولتهننا جاعننة بشن نرية متخلفننة ف
ا اهليننة .متخلف ننة ف ك ننل يشء .ع ننىل الن ننو ال ننذي عرضنننا ن ننمذ من ننه ف س ننياد ه ننذا ال نندرس..
وكننل ذلنني يعطنني البش ننرية أمننال كبننريا ف إمكننان الوصننول إ ذلنني الرتقننى السننامي ،مهننم تكننن
قابعننة ف السننفح .وال يعننزل هننذه ا معننة الصنناعدة ،فيهعلهننا ولينندة معهننزة خارقننة ال تتكننرر.
فهي ليست وليدة خارقة عابرة .إنم هي وليدة النهج اإل ي ،الذي يت قق با هد البرشي ،ف
حدود الطاقة البشنرية -والطاقة البشنرية كم نرى قابلة للكثري !
هذا النهج يبندأ بكنل جاعنة منن النقطنة التني هني فيهنا ،ومنن الوا قنع النادي النذي هني فينه .نم
يم ني ذا صعدا كنم بندأ بتلني ا معنة منن ا اهلينة العربينة السناذجة ..منن السنفح ..نم انتهنى
ذا ف فةة وجيزة تبلغ ربع قرن من الزمان ،إ ذلي الو السامق ..
رشي واحد ال بد أن يت قنق ..أن تسنلم ا معنات البشننرية قيادهنا نذا الننهج .أن تنةمن بنه.
وأن تستسلم له .وأن تتخذه قاعدة حياوا ،واعار حركتها ،وحنادي خطاهنا ف الطرينق الشناد
الطويل ..
***
- 3وحقيقة الثة متخ ت عنها العركة والتعقيب عليهنا ..حقيقنة االرتبناي الو ينق ف مننهج
الل بنني واقننع النننفس السننلمة وا معننة السننلمة ،وبنني كننل معركننة وضننها مننع أعنندائها ف أي
واالقتصننادي مينندان .االرتبنناي بنني العقينندة والتصننور واخللننق والسننلوك والتنظننيم السننيا
197
واالجتمعي ..وبي النصنر أو ا زيمة ف كل معركة ..فكل هذه عوام أساسية فيم يصيبها من
نرص أو هزيمة .
والنننهج اإل نني -مننن ننم -يعمننل ف مسنناحة هائلننة ف النننفس اإلنسننانية وف احلينناة البش ننرية.
مس نناحة متداخل ننة الس نناحات وال نننقط واخلط ننوي واخلي ننوي ،متكامل ننة ف الوق ننت ذات ننه وا نناملة.
واخلطننة يصننيبها اخللننل والفشننل حنني اتننل الننةابط والتناسننق بنني هننذه السنناحات كلهننا والنننقط
واخلط ننوي واخلي ننوي ..وه ننذه مي ننزة ذل نني ال نننهج الك ننيل الش ننامل ،ال ننذي يأخ ننذ احلي نناة جل ننة ،وال
يأخ ن ن ذها مزق ننا وتف نناريق .وال ننذي يتن نناول ال نننفس واحلي نناة م ننن أقطاره ننا جيع ننا ،ويل ننم خيوطهن ننا
التشن ننابكة التباع ن نندة ،ف قب ن ننته ،في ركهن ننا كله ن ننا حرك ن ننة واحن نندة متناس ن ننقة ،ال تص ن ننيب ال ن نننفس
بالفصام ،وال تصيب احلياة بالتمزد واالنقسام .
ومنن ننمذ هننذا التهمينع ،وهنذه االرتباطننات التداخلنة الكثنرية حديثننه -ف التعقينب القننرآين
-ع ننن اخلطيئ ننة ،وأ ره ننا ف النص ننر وا زيم ننة .فه ننو يق ننرر أن ا زيم ننة كان ننت موص ننولة بالش ننيطان
الذي استغل ضعف الذين تولوا بسبب اا كسبوا( :إن الذين تولوا منكم يوم التقى ا معنان
ما كسبوا) ..كم يقنرر أن النذين قناتلوا منع ال بيناء ووفنوا -وهنم إنم استز م الشيطان ببع
النموذ الذي يطلب إ الةمني االقتداء به -بدأوا العركة باالستغفار من الذنوب :
( وكأخمن من نبي قاتل معه ربيون كثري ،فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل الل ،وما ضعفوا وما
استكانوا -والل حيب الصابرين -وما كان قو م إال أن قالوا :ربنا اغفر لنا ذنوبنا ،وإرسافنا ف
أمرنا ،و بت أقدامنا ،وانرصنا عىل القوم الكافرين .فلاناهم الل نواب الندنيا وحسنن نواب
ايخ ننرة .والل حي ننب ال س ننني )..وف توجيهاتننه للهمعننة السننلمة يسننبق يننه ننا عننن الننوهن
واحلننزن ف العركننة ،توجيههننا للتطهننر واالس ننتغفار( :وس ننارعوا إ مغف ننرة م ننن ربك ننم ،وجن ننة
198
عرضها السموات والرض أعدت للمتقي ،الذين ينفقون ف السنراء وال نراء ،والكاظمي
الغيظ ،والعافي عن الناس ،والل حيب ال سني ،والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أ فسهم،
ذكروا الل فاستغفروا لذنوذم -ومن يغفر الذنوب إال الل -و يرصوا عىل ما فعلوا وهم
يعلم ننون) ..وم ننن قب ننل ي ننذكر ع ننن س ننبب ذل ننة أه ننل الكت نناب وانكس ننارهم :االعت ننداء والعص ننية:
(ربت عليهم الذلة أخمن ما قفوا -إال ب بل من الل وحبل من الناس -وبا وا بغ ب من
الل وربت عليهم السكنة .ذلي بأ م كانوا يكفرون بلخمات الل ،ويقتلون ال بياء بغري حق،
ذ لي بم عصوا وكانوا يعتدون) ..
وكننذلي نهنند احلننديث عننن اخلطيئننة والتوبننة ،يتخلننل التعقيننب عننىل أحنندا الغننزوة ،كننم نهنند
الكننالم عننن "التقننوى " وتصننوير حنناالت التقنني ،يتخلننل سننياد السننورة كلهننا بننوفرة مل وظننة.
ويربط بي جو السورة كلهنا -عنىل اخنتال موضنوعاوا -وجنو العركنة .كنم نهند الندعوة إ
ترك الربا ،وإ طاعة الل والرسول ،وإ العفو عن الناس ،وكظم الغيظ ،واإلحسان ..وكلها
تطهنري للنننفس ولل ينناة ولألوضنناع االجتمعيننة ..والسنورة كلهننا وحنندة متمسننكة ف التوجيننه إ
ا ام . هذا ا د السا
***
-4وحقيق ننة رابع ننة ..ع ننن طبيع ننة م نننهج الةبي ننة اإلس ننالمي ..فه ننو يأخ ننذ ا مع ننة الس ننلمة
بالحدا ،وما تنشئه ف النفوس منن مشناعر وانفعناالت واسنتهابات ،نم يأخنذهم بالتعقينب
عننىل الحنندا ..عننىل الن ننو الننذي يمثلننه التعقيننب القننرآين عننىل غننزوة أحنند ..وهننو ف التعقيننب
يننتلمس ك ننل جان ننب م ننن جوا نننب ال نننفس البش ننرية ت ننأ ر باحلاد ننة ،ليص ن ح ت ننأ ره ،ويرس نب في ننه
احلقيقننة التنني يرينند ننا أن تسننتقر وتسننةيح وهننو ال ينندع جانبننا مننن ا وا نننب ،وال خنناطرة مننن
199
اخلن ننواطر ،وال تص ن ننورا م ن ننن التص ن ننورات ،وال اس ن ننتهابة م ن ننن االس ن ننتهابات ،حت ن ننى يوج ن ننه إليه ن ننا
ال ظ ن ننار ،ويس ن ننلط عليه ن ننا ال ن ننوار ،ويكش ن ننف ع ن ننن الخب ن ننوء منه ن ننا ف دروب ال ن نننفس البش ن ن ننرية
ومن نياوا الكثرية ،ويقف النفس ياهها مكشوفة عارية؛ وبذلي يم ص الندخائل ،وينظفهنا
ويطهرها ف وضح النور؛ ويص ح الشناعر والتصنورات والقنيم؛ ويقنر البنادىء التني يريند أن
يقننوم عليهننا التصننور اإلسننالمي التنني ،وأن تقننوم عليهننا احلينناة اإلسننالمية السننتقرة ..اننا يلهننم
وجننود ا نناذ الحنندا التنني تق ن ع للهمعننة السننلمة ف كننل مكننان وسننيلة للتنننوير والةبيننة عننىل
أوسع نطاد ..
وننظ ننر ف التعقي ننب ع ننىل غ ننزوة أح نند ،فنه نند الدق ننة والعم ننق والش ننمول ..الدق ننة ف تن نناول ك ننل
موقنف ،وكننل حركننة ،وكنل خا ننة؛ والعمننق ف التدسننس إ أغنوار النننفس ومشنناعرها الدفينننة؛
والشمول وانب النفس وجوانب احلاد .ونهد الت ليل الندقيق العمينق الشنامل لألسنباب
والنت ن ننائج .والعوا من ننل التع ن ننددة الفاعل ن ننة ف الوق ن ننف ،الس ن ننرية لل ن نناد ،ك ن ننم نه ن نند احليوي ن ننة ف
التصوير واإليقاع واإلحياء؛ ب ينث تنتمو الشناعر منع التعبنري والتصنوير متاوجنا عميقنا عنيفنا،
نر الشنناهد - وال متلنني أن تقننف جامنندة أمننام الوصننف ،والتعقينب .فهننو وصننف حنني ،يست
كم لو كانت تت رك -ويشيع حو ا النشاي الة ر واإلاعاع النافذ ،واإلحياء الثري .
***
- 5وحقيقنة خامسنة كنذلي ..عنن واقعينة الننهج اإل ني ..فمنن وسنائل هنذا الننهج إلنشناء
آ نناره ف ع ننا الوا ق ننع ،مزاولت ننه بالفع ننل ،فه ننو ال يق نندم مب ننادىء نظري ننة ،وال توجيه ننات جم ننردة..
ولكنننه يطبننق ويننزاول نظرياتننه وتوجيهاتننه .وأظهننر مثننل عننىل واقعيننة النننهج ف هننذه الغننزوة ،هننو
موقفه إزاء مبدأ الشورى ..
200
لقد كان ف اسنتطاعة رسنول الل ☻ أن جيننب ا معنة السنلمة تلني التهربنة
الرينرة ،التني تعرضنت نا -وهني بعند ناانئة وحماطنة بالعنداء منن كنل جاننب ،والعندو رابن
ف داخ ننل أس ننوارها ذاو ننا -نق ننول ك ننان ف اس ننتطاعة رس ننول الل ☻ أن جين ننب
ا معننة السننلمة تلنني التهربننة الريننرة التنني تعرضننت ننا ،لننو أ ننه ق نى برأ خمننه ف خطننة العركننة،
مستندا إ ر ياه الصادقة؛ وفيها ما يشري إ أن الدينة درع حصينة؛ و يست نرش أصن ابه ،أو
يأخذ بنالرأي النذي انهلنت الشنورة عنن رج اننه ف تقندير ا معنة أو لنو أ نه رجنع عنن النرأي
عننندما سننن ت لننه فرصننة الرجننوع ،وقنند خننر مننن بيتننه ،فننرأى أص ن اب هننذا الننرأي نننادمي أن
يكونوا قد استكرهوه عىل غري ما يريد !
ولكنننه -وهننو يقنندر النتننائج كلهننا -أ فننذ الشننورى .وانفننذ مننا اسننتقرت عليننه ،ذلنني كنني يابننه
ا معة السلمة نتائج التبعة ا معية ،وتتعلم كيف حتتمل تبعة الرأي ،وتبعنة العمنل .لن هنذا
ف تقديره ☻ وف تقدير النهج اإلسالمي الذي ينفنذه ،أهنم منن اتقناء اخلسنائر
ا سننيمة ،ومننن ينيننب ا معننة تلنني التهربننة الريننرة .فتهنيننب ا معننة التهربننة معننناه حرما ننا
اخلربة ،وحرما ا العرفة ،وحرما ا الةبية !
م جييء المنر اإل ني لنه بالشنورى -بعند العركنة كنذلي -تثبيتنا للمبندأ ف مواجهنة نتائهنه
الريرة .فيكون هذا أقوى وأعمق ف إقراره من ناحية ،وف إي ا قواعد النهج من ناحية ..
إن اإلسالم ال يةجل مزاولة ال بدأ حتى تستعد المة لزاولته فهو يعلم أ ا لن تستعد أبدا
لزاولت ننه إال إذا زاولت ننه فع ننال ،وإن حرما ننا م ننن مزاول ننة مب ننادى ء حياو ننا الساس ننية -كمب نندأ
الشورى -رش من النتائج الريرة التي تتعرض ا ف بدء اسنتعمله ،وأن الخطناء ف مزاولتنه -
201
مهم بلغت من ا سامة -ال تربر إلغاءه ،ب ل ال تربر وقفة فةة من الوقت ،ل ه إلغاء أو وقف
لنموها الذايت ،ونمو خربوا باحلياة والتكاليف .بل هو إلغاء لوجودها كأمة إطالقا !
وهننذا هننو اإلحينناء السننتفاد مننن قولننه تعننا -بعنند كننل مننا كننان مننن نتننائج الشننورى ف العركننة:
(فاعف عنهم ،واستغفر م ،وااورهم ف المر)
ك ننم أن الزاول ننة العملي ننة للمب ننادىء النظري ننة ت ننتهىل ف تص ن نر الرس ننول ☻
أن يعود إ الشورى بعد العنزم عنىل النرأي العني ،واعتبناره هنذا تنرددا وأرج نة. عندما رف
وذلني لصننيانة مبنندأ الشننورى ذاتننه ،منن أن يصننبح وسننيلة للتننأرجح النندائم ،والشننلل احلركنني.
فق ننال قولت ننه الة بوي ننة ال ننأ ورة ":م ننا ك ننان لنب نني أن ي ننع لمت ننه حت ننى حيك ننم الل ل ننه " ..ننم ج نناء
التوجي ننه اإل نني الخ ننري( :فن ننإذا عزمن ننت فتوكن ننل عن ننىل الل) ..فتط ننابق -ف ال نننهج -التوجي ننه
والتنفيذ ..
***
- 6وهننناك حقيقننة أخننرية نتعلمهننا مننن التعقيننب القننرآين عننىل موا قننف ا معننة السننلمة التنني
صنناحبت رسننول الل ☻ والتنني متثننل أكننرم رجننال هننذه المننة عننىل الل ..وهنني
حقيقة نافعة لنا ف طريقنا إ استئنا حياة إسالمية بعون الل ..
إن م نننهج الل اب ننت ،وقيم ننه وموازين ننه ابت ننة ،والبش ن ن ر يبع نندون أو يقرب ننون م ننن ه ننذا الن نننهج،
واطئون ويصيبون ف قواعد التصور وقواعد السلوك .ولكن ليس يشء من أخطائهم حمسوبا
عىل النهج ،وال مغريا لقيمه وموازينه الثابتة .
202
وحي اطىء البش نر ف التصنور أو السنلوك ،فإننه يصنفهم باخلطنأ .وحني ين رفنون عننه فإننه
يصننفهم بنناالن را .وال يتغنناىض عننن خطننئهم وان ننرافهم -مهننم تكننن مننناز م وأقنندارهم -
وال ين ر هو ليهاري ان رافهم !
ونتعلم ن ن من هذا ،أن تربئنة الانخاص ال تسناوي تشنويه الننهج وأ نه منن اخلنري لألمنة
السننلمة أن تبقننى مبننادىء منهههننا سننليمة ناصننعة قاطعننة ،وأن يوصننف الخطئننون والن رفننون
عنها بالوصف الذي يست قونه -أخما كانوا -وأال تربر أخطا هم وان رافاوم أبدا ،بت ريف
النهج ،وتبديل قيمه وموازينه .فهذا الت ريف والتبديل أخطر عىل اإلسالم من وصف كبار
الشخصننيات السننلمة باخلطننأ أو االن ننرا ..فننالنهج أكننرب وأبقننى مننن الاننخاص .والوا قننع
التنناراي لإلسننالم لننيس هننو كننل فعننل وكننل وضننع صنننعه السننلمون ف تنناراهم .وإنننم هننو كننل
فعل وكل وضع صنعوه موافقنا متنام الوافقنة للمننهج ومبادئنه وقيمنه الثابتنة ..وإال فهنو خطنأ أو
ال حيسننب عننىل اإلسننالم ،وعننىل تنناريخ اإلسننالم؛ إنننم حيسننب عننىل أص ن ابه وحنندهم، ان ننرا
أو خنرو عنىل اإلسنالم.. ويوصف أص ابه بالوصف الذي يسنت قونه :منن خطنأ أو ان نرا
إن تنناريخ "اإلسننالم" لننيس هننو تنناريخ "السننلمي" ولننو كننانوا مسننلمي باالسننم أو باللسننان إن
تاريخ "اإلسالم" هو تاريخ التطبينق احلقيقني لإلسنالم ،ف تصنورات النناس وسنلوكهم ،وف
أوضنناع حينناوم ،ونظننام جمتمعنناوم ..فاإلسننالم حمننور ابننت ،تنندور حولننه حينناة الننناس ف إطننار
ابنت .فننإذا هنم خرجننوا عننن هنذا اإلطننار ،أو إذا هنم تركننوا ذلنني ال نور بتاتننا ،فنم لإلسننالم ومننا
م يومئذ ؟ وما لتصنرفاو م وأعم م هنذه حتسنب عنىل اإلسنالم ،أو يفس نر ذنا اإلسنالم ؟ بنل منا
م هم يوصفون بأ م مسلمون إذا خرجوا عىل منهج اإلسالم ،وأبوا تطبيقه ف حياوم ،وهنم
إنننم كننانوا مسننلمي ل ننم يطبقننون هننذا النننهج ف حينناوم ،ال لن أسننمءهم أسننمء مسننلمي ،وال
ل م يقولون بأفواههم :إ م مسلمون ؟ !
203
وه ن ننذا م ن ننا أراد الل -س ن ننب انه -أن يعلم ن ننه لألم ن ننة الس ن ننلمة ،وه ن ننو يكش ن ننف أخط ن نناء ا مع ن ننة
السننلمة ،ويسننهل عليهننا النننقص وال ننعف ،ننم يررهننا بعنند ذلنني ويعفننو عنهننا ،ويعفيهننا مننن
جرا ئننر النننقص وال ننعف ف حسننابه .وإن يكننن أذاقهننا جرا ئننر هننذا النننقص وال ننعف ف سنناحة
االبتالء!
***
204