You are on page 1of 204

‫دُروس مِنْ غَزوَةِ أُحُد‬

‫سيد قطب‬
‫الل صاحب الظالل الوارفة الشيخ (سيد هقطب)‪ ..‬فقد استطاع أن‬
‫’’رحم ه‬
‫يستخلص من هذه الغزوة مبادئ إيمنية عقدية‪ ،‬لو أن ال هسلمي ‪ -‬ف جيع بقاع‬
‫الرض – جع هلوها نهصب أعيهنهم؛ لا كان لي دول هة من هدول ال هكفر غلبهة علينا’’‬

‫الشيخ‪ /‬حممد متويل الشعراوي ♫‬


‫*‬
‫فهرس‬
‫‪6‬‬ ‫مقدمة سورة آل عمران‪..........................................................‬‬

‫‪28‬‬ ‫متهيد‪............................................................................‬‬

‫‪33‬‬ ‫آيات غزوة هأحد‪.................................................................‬‬

‫‪39‬‬ ‫همقدمة ووقائع غزوة هأحد‪........................................................‬‬

‫‪60‬‬ ‫الدرس الول‪ :‬التوكل عىل الل‪..................................................‬‬

‫‪64‬‬ ‫الدرس الثاين‪ :‬النرص من عند الل‪................................................‬‬

‫‪72‬‬ ‫الدرس الثالث‪ :‬من أسباب النرص‪...............................................‬‬

‫‪84‬‬ ‫الدرس الرابع‪ :‬هسنن الل ف الرض‪..............................................‬‬

‫‪99‬‬ ‫الدرس اخلامس‪ :‬من حقائق التصور اإلسالمي‪..................................‬‬

‫‪110‬‬ ‫الدرس السادس‪ :‬احلذر من طاعة الكافرين‪......................................‬‬

‫‪132‬‬ ‫الدرس السابع‪ :‬الشورى أساس االجتمع واحلكم‪...............................‬‬

‫* "عنوان الكتاب‪ ،‬والفهرس" ليس من صننع الع م‬


‫المنة سنيد قطنب ♫‪ ،‬وإننم منن رورة العنرض والتنسنيق‪ .‬وموضنوعات‬
‫هذا الكتاب مأخوذة جيعها بالنص من تفسري "ف ظالل القرآن" – سورة آل عمران‪.‬‬
‫‪159‬‬ ‫السنن ال حتايب أحدا‪.............................................‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬ه‬

‫‪168‬‬ ‫الدرس التاسع‪ :‬الشهادة ف سبيل الل‪............................................‬‬

‫‪179‬‬ ‫الدرس العارش‪ :‬حكمة االبتالء‪..................................................‬‬

‫‪188‬‬ ‫حقائق وعرب‪.....................................................................‬‬


‫‪ ‬مقدمة سورة آل عمران ‪‬‬

‫╝‬

‫هذا القرآن هو كتناب هنذه الندعوة‪ .‬هنو روحهنا وباعثهنا‪ .‬وهنو قوامهنا وكيا نا‪ .‬وهنو حارسنها‬
‫وراعيها‪ .‬وهو بيا ا وترجا ا‪ .‬وهو دسنتورها ومنهههنا‪ .‬وهنو ف النهاينة الرجنع النذي تسنتمد‬
‫منه الدعوة ‪ -‬كم يستمد منه الدعاة ‪ -‬وسائل العمل‪ ،‬ومناهج احلركة‪ ،‬وزاد الطريق ‪..‬‬

‫ننر ف‬ ‫ولكننن س ننتظل هنال نني فه ننوة عميقننة بينن ننا وب نني الق ننرآن مننا نتمث ننل ف حس نننا‪ ،‬ونست‬
‫تصورنا أن هذا القرآن خوطبت بنه أمنة حينة‪ ،‬ذات وجنود حقيقني؛ ووجهنت بنه أحندا واقعينة‬
‫ف حي نناة ه ننذه الم ننة؛ ووجه ننت ب ننه حي نناة إنس ننانية حقيقي ننة ف ه ننذه الرض؛ وأدي ننرت ب ننه معرك ننة‬
‫ضن ننخمة ف داخ ننل الن نننفس البش ن ننرية وف رقعن ننة من ننن الرض كن ننذلي‪ .‬معركن ننة مت ننو بن ننالتطورات‬
‫واالنفعاالت واالستهابات‪.‬‬

‫وسيظل هنالي حاجز سميي بي قلوبنا وبي القرآن‪ ،‬طالا ن ن نتلنوه أو نسنمعه كأ نه جمنرد‬
‫تراتيننل تعبديننة مهومننة‪ ،‬ال عالقننة ننا بواقعيننات احلينناة البش ننرية اليوميننة التنني توا جننه هننذا اخللننق‬
‫السمى باإلنسنان‪ ،‬والتني توا جنه هنذه المنة السنمة بالسنلمي بيننم هنذه ايينات نزلنت لتوا جنه‬
‫نفوس ن ننا ووق ن ننائع وأح ن نندا ا حي ن ننة‪ ،‬ذات كينون ن ننة واقعي ن ننة حي ن ننة؛ ووجه ن ننت بالفع ن ننل تل ن نني النف ن ننوس‬
‫والوقنائع والحنندا توجيهننا واقعيننا حيننا‪ ،‬نشننأ عنننه وجننود‪ ،‬ذو خصننائص ف حينناة "اإلنسننان"‬
‫بصفة عامة‪ ،‬وف حياة المة السلمة بوجه خاص‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ومعهزة القرآن البارزة تكمنن ف أ نه ننزل لواجهنة واقنع معني ف حيناة أمنة معيننة‪ ،‬ف فنةة منن‬
‫فنةات التناريخ حمنددة‪ ،‬وخناض ذنذه المنة معركنة كنربى حولنت تاراهنا وتناريخ البشننرية كلنه‬
‫ويوا جنه ويملني أن يوجنه احليناة احلنارة‪ ،‬وكنأ م هنو يتننزل‬ ‫معهنا‪ ،‬ولكننه ‪ -‬منع هنذا ‪ -‬يعناي‬
‫الل ظننة لواجهننة ا معننة السننلمة ف اننةو ا ا اريننة‪ ،‬وف رصا عهننا الننراهن مننع ا اهليننة مننن‬
‫حو ا‪ ،‬وف معركتها كذلي ف داخل النفس‪ ،‬وف عا ال مري‪ ،‬بنفس احليوية‪ ،‬ونفنس الواقعينة‬
‫التي كانت له هناك يومذاك‪.‬‬

‫ولكي ن صل ن ن من القرآن عىل قوته الفاعلنة‪ ،‬ونندرك حقيقنة منا فينه منن احليوينة الكامننة‪،‬‬
‫ننر ف تصننورنا‬ ‫ونتلقننى منننه التوجيننه النندخر للهمعننة السننلمة ف كننل جيننل‪ ..‬ينبغنني أن نست‬
‫كينونننة ا معننة السننلمة الو التنني خوطبننت ذننذا القننرآن أول مننرة‪ ..‬كينونتهننا وهنني تت ننرك ف‬
‫واقننع احلينناة‪ ،‬وتوا جننه الحنندا ف الدينننة وف ا زيننرة العربيننة كلهننا؛ وتتعامننل مننع أعنندائها‬
‫وأصندقائها؛ وتتصنارع منع انهواوا وأهوائهنا؛ ويتننزل القنرآن حينئنذ ليوا جنه هنذا كلنه‪ ،‬ويوجنه‬
‫خطاهنا ف أرض العركننة الكبننرية‪ :‬منع نفسننها التنني بني جنبيهننا‪ ،‬ومننع أعندائها الةبصنني ذننا ف‬
‫الدينة وف مكة وفيم حو م‪ ..‬وفيم وراءمها كذلي‪..‬‬

‫مننع تلنني ا معننة الو ؛ ونتمثلهننا ف بش ننريتها احلقيقيننة‪ ،‬وف حياوننا‬ ‫أجننل‪ ..‬جيننب أن نعنني‬
‫الواقعية‪ ،‬وف مشكالوا اإلنسانية؛ ونتأمل قيادة القرآن ا قيادة مبنارشة ف انةو ا اليومينة وف‬
‫‪.‬‬ ‫أهدافها الكلية عىل السواء؛ ونرى كيف يأخذ القرآن بيدها خطوة خطوة‪ .‬وهي تعثنر وتننه‬
‫وحتيد وتستقيم‪ .‬وت عف وتقاوم‪ .‬وتتأ وحتتمل ‪.‬وترقى الدر الصاعد ف بطء ومشقة‪ ،‬وف‬
‫صننرب وجماهنندة‪ ،‬تننتهىل فيهننا ك ننل خصننائص اإلنسننان‪ ،‬وك ننل ضننعف اإلنسننان‪ ،‬وكننل طاق ننات‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ومنن نم نشنعر أ ننا ن نن أخم نا نناطبون بنالقرآن ف مثنل منا خوطبنت بنه ا معنة الو ‪ .‬وأن‬
‫بش ن ريتنا التنني نرا هننا ونعرفهننا ون سننها بكننل خصائصننها‪ ،‬متلنني االسننتهابة للقننرآن‪ ،‬واالنتفنناع‬
‫بقيادته ف ذات الطريق‪.‬‬

‫إننا ذذه النظرة سنرى القرآن حيا يعمل ف حياة ا معة السلمة الو ؛ ويملي أن يعمنل ف‬
‫حياتنا ن نن أخم نا‪ .‬وسنن س أ نه معننا الينوم وغندا‪ .‬وأ نه لنيس جمنرد تراتينل تعبدينة مهومنة بعيندة‬
‫عننن واقعنننا ال نندد‪ ،‬كننم أ ننه لننيس تاراننا م نى وانق نى وبطلننت فاعليتننه وتفاعلننه م نع احلينناة‬
‫البشنرية‪.‬‬

‫إن القرآن حقيقة ذات كينونة مستمرة كهنذا الكنون ذاتنه‪ .‬الكنون كتناب الل النظنور‪ .‬والقنرآن‬
‫كتنناب الل القننروء‪ .‬وكالمهننا اننهادة ودليننل عننىل صنناحبه البنندع؛ كننم أن كلننيهم كننائن ليعمننل‪..‬‬
‫والكون بنواميسه ما زال يت رك ويةدي دوره الذي قدره لنه بارئنه‪ .‬الشنمس منا زالنت ينري ف‬
‫فلكهنا وتنةدي دورهنا‪ ،‬والقمنر والرض‪ ،‬وسنائر النهنوم والكوا كنب ال يمنعهنا تطناول الزمنان‬
‫من أداء دورها‪ ،‬وجدة هذا الدور ف ال يط الكوين‪ ..‬والقرآن كنذلي أدى دوره للبش نرية‪ ،‬ومنا‬
‫ينزال هنو هنو‪ .‬فاإلنسننان منا ينزال هننو هنو كنذلي‪ .‬مننا ينزال هنو هننو ف حقيقتنه وف أصنل فطرتننه‪.‬‬
‫وهننذا القننرآن هننو خطنناب الل ننذا اإلنسننان ‪ -‬فننيمن خنناطبهم الل بننه‪ .‬خطنناب ال يتغننري‪ ،‬لن‬
‫اإلنسان ذاته يتبندل خلقنا آخنر‪ ،‬مهنم تكنن الظنرو والالبسنات قند تبندلت منن حولنه‪ ،‬ومهنم‬
‫والالبسننات(‪ ..)1‬والقننرآن ااطبننه ف أصننل فطرتننه وف‬ ‫يكنن هننو قنند تننأ ر وأ ننر ف هننذه الظنرو‬
‫أصل حقيقته التي ال تبديل فيها وال تغيري؛ ويملني أن يوجنه حياتنه الينوم وغندا ل نه معند نذا‪،‬‬
‫بم أ ه خطاب الل الخري؛ وبم أن طبيعته كطبيعة هذا الكون ابتة مت ركة بدون تبديل‪.‬‬

‫(‪ )1‬يراجع كتاب "معركة التقاليد" لمحمد قطب‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وإذا كنان منن ال ن ي أن يقنول قائنل عنن الشنمس منثال‪ :‬هنذا نهنم قنديم "رجعني ؟ " حيسنن‬
‫أن يسنتبدل بنه نهنم جديند "تقندمي " أو أن هنذا "اإلنسنان" نلنود قنديم "رجعني" حيسنن أن‬
‫يستبدل به كائن آخر "تقدمي" لعمرة هذه الرض‬

‫ي أن يقال هذا أو ذاك‪ ،‬فأو أن يكون هذا هو الشنأن ف القنرآن‪ .‬خطناب‬ ‫إذا كان من ال‬
‫الل الخري لإلنسان‪.‬‬

‫***‬

‫وهذه السنورة متثنل قطاعنا حينا منن حيناة ا معنة السنلمة ف الديننة منن بعند "غنزوة بندر" ‪ -‬ف‬
‫السنة الثانينة منن ا هنرة ‪ -‬إ منا بعند "غنزوة أحند" ف السننة الثالثنة‪ .‬ومنا أحناي ذنذه احليناة منن‬
‫مالبسننات اننتى ف خننالل هننذه الفننةة الزمنيننة‪ .‬وفعننل القننرآن ‪ -‬إ جانننب الحنندا ‪ -‬ف هننذه‬
‫احلياة‪ ،‬وتفاعله معها ف اتى ا وانب ‪.‬‬

‫ن ن ص ننورة ه ننذه الف ننةة؛ وص ننورة احلي نناة الت نني‬ ‫والنص ننوص م ننن الق ننو ة واحليوي ننة ب ي ننث تست‬
‫عاا ننتها ا مع ننة الس ننلمة؛ وص ننورة االا ننتباكات والالبس ننات الت نني أحاط ننت ذ ننذه احلي نناة‪ .‬م ننع‬
‫اسنتبطان الانائر وال ننمئر‪ ،‬ومننا ينندب فيهننا مننن اخلننواطر‪ ،‬ومننا يشننتهر فيهننا مننن الشنناعر‪ ،‬حتننى‬
‫المننة التني كانننت وضننها وتتفاعنل وإياهننا‪ .‬ولننو‬ ‫هننذه الحنندا ‪ ،‬ويعناي‬ ‫لكنأن قارئهننا يعني‬
‫اإلنسننان عينيننه فلننربم تننراءت ل ننه ‪ -‬كننم تننراءت يل ‪ -‬اننخوص ا معننة السننلمة رائ ننة‬ ‫أغم ن‬
‫غاديننة‪ ،‬بسننموا الظنناهرة عننىل الوجننوه‪ ،‬ومشنناعرها السننتكنة ف ال ننمئر‪ .‬ومننن حو ننا أعنندا ها‬
‫يةبصننون ذننا‪ ،‬ويبيتننون ننا‪ ،‬ويلقننون بينهننا بالفريننة والشن بهة‪ ،‬ويت اقنندون عليهننا‪ ،‬وجيمعننون ننا‪،‬‬
‫ويلقو ننا ف الينندان‪ ،‬وينهزمننون أمامهننا ‪ -‬ف أحنند ‪ -‬ننم يكننرون عليهننا فيوقعننون ذننا‪ ..‬وكننل مننا‬
‫جي ننري ف العرك ننة م ننن حرك ننة وك ننل م ننا يص نناحب حركاو ننا م ننن انفع ننال ب نناطن وس ننمة ظ نناهرة‪..‬‬

‫‪9‬‬
‫والق ننرآن يتن ننزل ليوا ج ننه الكي نند وال نندس‪ ،‬ويبط ننل الفري ننة والش ننبهة‪ ،‬ويثب ننت القل ننوب والق نندام‪،‬‬
‫ويوجنه الروا والفكنار‪ ،‬ويعقننب عنىل احلنناد وينربز مننه العننربة‪ ،‬ويبنني التصننور ويزينل عنننه‬
‫الغنب ‪ ،‬وحيننذر ا معننة السننلمة مننن العنندو الغنادر والكينند النناكر‪ ،‬ويقننود خطاهننا بنني الاننواك‬
‫والصايد والحابيل‪ ،‬قيادة اخلبري بالفطرة العليم بم تكن الصدور‪..‬‬

‫ومن وراء ه ذا كله تبقى التوجيهات والتلقينات التي احتووا السورة خالصة طليقنة منن قيند‬
‫الزمان والكان‪ ،‬وقيد الظنرو والالبسنات‪ ،‬توا جنه الننفس البشننرية‪ ،‬وتوا جنه ا معنة السنلمة‬
‫‪ -‬اليوم وغدا ‪ -‬وتواجه اإلنسانية كلها‪ ،‬وكأ ا تتنزل الل ظنة نا‪ ،‬و اطبهنا ف انأ ا احلنار‪،‬‬
‫وتواجههننا ف واقعهننا الننراهن‪ .‬ذلنني أ ننا تتننناول أمننورا وأحنندا ا ومشنناعر وجدانيننة وحنناالت‬
‫نفسنية كنأ م كاننت مل وظنة ف سنياد السنورة‪ ..‬بننل هني مل وظنة قطعنا ف تقندير العلنيم اخلبننري‬
‫بالنفوس والاياء والمور‪.‬‬

‫ومن م يتهىل أن هذا القنرآن هنو قنرآن هنذه الندعوة ف أي مكنان وف أي زمنان‪ .‬وهنو دسنتور‬
‫هذه المة ف أي جيل ومن أي قبيل‪ .‬وهو حادي الطرينق وهنادي السنبيل عنىل تنوايل القنرون ‪..‬‬
‫ذلي أ ه خطاب الل الخري ذا اإلنسان ف جيع العصور‪..‬‬

‫***‬

‫االسننتقرار ف موطنهننا‬ ‫ف هننذه الفننةة كانننت ا معننة السننلمة ف الدينننة قنند اسننتقرت بع ن‬
‫ا ديند ف مديننة الرسنول ☻ وم نت خطننوة وراء الوقنف النذي صنورناه مننن‬
‫قبل ف هذه الظالل ف مطلع استعراض "سورة البقرة "‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫كاننت غنزوة بندر الكننربى قند وقعنت؛ وكتنب الل فيهنا النصننر للمسننلمي عنىل قنري ‪ .‬وكنان‬
‫ه ننذا النصن ننر بظروف ننه الت نني ت ننم فيه ننا والالبس ننات الت نني أحاط ننت ب ننه تب نندو في ننه رائ ننة العه ننزة‬
‫اخلارقننة‪ ..‬ومننن ننم اضننطر رجننل كعبنند الل بننن أيب بننن سننلول مننن عظننمء اخلننزر أن ينننزل عننن‬
‫كربيائ ننه وكراهت ننه ننذا ال نندين ونبي ننه ☻ وأن يكب ننت حق ننده وحس ننده للرس ننول‬
‫الكننريم؛ وأن ين ننم ‪ -‬منافقننا ‪ -‬للهمعننة السننلمة‪ ،‬وهننو يقننول‪" :‬هننذا أمننر قنند توجننه"‪ ..‬أي‬
‫ظهرت له وجهة هو ماض فيها ال يرده عنها راد‬

‫ب ننذلي وج نندت ب ننذرة النف نناد ف الدين ننة ‪ -‬أو مت ننت وأفرخ ننت‪ ،‬فق نند ك ننان هن نناك قب ننل ب نندر م ننن‬
‫اضطروا لنافقة أهلهم الذين دخلوا ف اإلسالم ‪ -‬وأصب ت جمموعة من الرجال‪ ،‬ومن ذوي‬
‫الكانة فيهم‪ ،‬م طرة إ التظاهر باإلسالم‪ ،‬واالن مم إ الهتمع السلم‪ ،‬بينم هي ت نمر ف‬
‫أ فس ننها احلق نند والع ننداء لإلس ننالم والس ننلمي؛ وت ننةبص ذ ننم ال نندوائر؛ وت ننتلمس الثغ ننرات ف‬
‫الصف؛ وتةقب الحدا التني ت ع نع قنوى السنلمي أو تزعنزع الصنف السنلم‪ ،‬ليظهنروا‬
‫بوا ربة اإلجهاز إذا كان ذلي ف مكنتهم‬ ‫كوامن صدورهم‪ ،‬أو لي‬

‫وقد وجد هةالء النافقون حلفناء طبيعيني نم ف اليهنود‪ ،‬النذين كنانوا جيندون ف أ فسنهم منن‬
‫احلقد عىل اإلسالم والسلمي‪ ،‬وعىل نبي اإلسالم عليه الصالة والسالم مثنل منا جيند الننافقون‬
‫بنل أاند‪ .‬وقنند هنددهم اإلسنالم ودينندا قوينا ف مكنانتهم بنني "الميني" مننن العنرب ف الدينننة؛‬
‫وسد عليهم الثغرة التي كانوا ينفذون منها للعب بني الوس واخلنزر ‪ ،‬بعندما أصنب وا بنعمنة‬
‫الل إخوانا‪ ،‬وف ظل اإلسالم صفا واحدا مرصوصا‪.‬‬

‫وقنند غننص اليهننود ورشقننوا بانتصننار السننلمي ف بنندر‪ ،‬وارتفننع غليننان حقنندهم عننىل ا معننة‬
‫السلمة‪ ،‬وانطلقنوا بكنل منا يمكلنون منن دس وكيند وتنلمر حيناولون تفتينت الصنف اإلسنالمي‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫وإلقناء احلنرية ف قلنوب السنلمي‪ ،‬ونرشن الشنبهات والشنكوك‪ ،‬ف عقيندوم وف أ فسنهم عنىل‬
‫السواء‬

‫وف هذه الفةة وقع حاد بني قينقاع فوضح العداء وسفر‪ ..‬عىل النرغم انا كنان بني اليهنود‬
‫والنبي ☻ من موا يق أبرمها معهم عقب مقدمه إ الدينة‪.‬‬

‫كنذلي كنان الشننركون موتنورين منن هنزيمتهم ف بندر‪ ،‬حيسنبون أفنف حسناب النتصنار حممند‬
‫☻ ومعسنكر الديننة‪ ،‬وللخطنر النذي يتمثنل إذن عنىل يناروم وعنىل مكنانتهم‬
‫وعىل وجودهم كذلي ! ومن م يتهيأون لدفع هنذا اخلطنر الناحق قبنل أن يصنبح الق ناء علينه‬
‫مست يال‪.‬‬

‫وبيننم كننان أعننداء العسننكر اإلسننالمي ف عنفننوان قننووم وف عنفننوان حقنندهم كننذلي كنان‬
‫الصنف السننلم منا ينزال ف أوائننل نشنأاه بالديننة‪ .‬غننري متناسنق متامننا‪ .‬فينه الصنفوة الختنارة مننن‬
‫السننابقي مننن الهنناجرين وال صننار؛ ولكننن فيننه كننذلي نفننوس واخصننيات تن ننج بعنند ‪.‬‬
‫وا معنة كلهنا عنىل العمنوم تننل منن التهنارب الواقعينة منا يسنوي النتنوءات‪ ،‬ويوضنح حقيقنة‬
‫الدعوة وحقيقة الظرو الالبسة ا‪ ،‬وحقيقة منههها العميل وتكاليفه‪.‬‬

‫كنان للمننافقي ‪ -‬وعنىل رأسنهم عبند الل بنن أيب ‪ -‬مكنانتهم ف الهتمنع‪ ،‬وروابطهنم العائلينة‬
‫والقبليننة تنفصننم بعنند؛ و ين ننج ف نفننوس السننلمي الشننعور بننأن عقينندوم وحنندها ه نني‬
‫أرسونم وهني قبيلنتهم وهني وانيهتهم التني ال وانيهة معهنا‪ .‬ومنن نم كاننت هنناك خلخلنة ف‬
‫الصنف اإلسنالمي بسنبب وجنود مثنل هنذه العننارص مندجمنة ف الصنف‪ ،‬منة رة ف مقناديره‪[ .‬كنم‬
‫يتهىل ذلي ف أحدا غزوة أحد عند استعراض النصوص اخلاصة ذا ف السورة ]‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وكنان لليهنود مكنانتهم كنذلي ف الديننة‪ ،‬وارتباطناوم االقتصنادية والتعهدينة منع أهلهنا ‪.‬و‬
‫يتبي عدا هم سافرا ‪ .‬و ين نج ف نفنوس السنلمي كنذلي الشنعور بنأن عقيندوم وحندها هني‬
‫العهنند وهنني الننوطن وهنني أصننل التعامننل والتعاقنند‪ ،‬وأ ننه ال بقنناء لصننلة وال واننيهة إذا هنني‬
‫تعارضننت مننع العقينندة ومننن ننم كانننت لليهننود فرصننة للتوجيننه والتشننكيي والبلبلننة ‪ .‬وكننان‬
‫هناك من يسمع لقو م ف ا معة السلمة ويتأ ر به‪ .‬وكان هناك منن يندفع عننهم منا يريند النبني‬
‫☻ أن ينزل ذم من إجراءات لدفع كيدهم عن الصف السلم [ كنم حند ف‬
‫افاعة عبد الل بن أيب ف بني قينقاع‪ ،‬وإغالظه ف هذا للرسول ☻]‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى كان السلمون قد انتصنروا ف بدر ذلي النصنر الكامل الباهر بأخمس نر ا هند‬
‫والبذل‪ .‬فقند خنر ذلني العندد القلينل منن السنلمي‪ ،‬غنري منزودين بعندة وال عتناد ‪ -‬إال اليسنري‬
‫ف عندوم وعتنادهم‪ .‬نم تلبنث العركنة أن انهلنت‬ ‫فل ال خم من قري‬ ‫‪ -‬فالقوا ذلي ا‬
‫عن ذلي النصنر الةزر الباهر ‪.‬‬

‫وكنان هنذا النصننر ف الوقعنة الو التني يلتقني فيهنا جنند الل بهنند الرشنك قندرا منن قندر الل‪.‬‬
‫ن نندرك الي ننوم طرفن ننا من ننن حكمتن ننه‪ .‬ولعلن ننه ك ننان لتثبين ننت الن نندعوة الناان ننئة ومتكينهن ننا‪ .‬ب ننل إل بن ننات‬
‫وجودها الفعيل عىل حمي العركة‪ ،‬لتأخذ بعد ذلي طريقها ‪.‬‬

‫فأمننا السننلمون فلعلهننم قنند وقننع ف نفوسننهم ‪ -‬مننن هننذا النصننر ‪ -‬أ ننه الشننأن الطبيعنني الننذي ال‬
‫اننأن غ ننريه‪ .‬وأ ننه ال ب نند مالزمه ننم ع ننىل أي ح ننال ف ك ننل مرا ح ننل الطري ننق أفيس ننوا بالس ننلمي ؟‬
‫أفيس أعدا هم بالكافرين ؟ وإذن فهو النصنر ال حمالة حيثم التقى السلمون بالكافرين !‬

‫غري أن سنة الل ف النصنر وا زيمة ليست ذذه الدرجة منن البسناطة والسنذاجة‪ ،‬فلهنذه السننة‬
‫مقت ننياو ا ف تك ننوين النف ننوس‪ ،‬وتك ننوين الص ننفو ‪ ،‬وإع ننداد الع نندة‪ ،‬واتب نناع ال نننهج‪ ،‬والت ننزام‬

‫‪13‬‬
‫الطاعة والنظام‪ ،‬واليقظة خلوالج الننفس وحلركنات اليندان‪ ..‬وهنذا منا أراد الل أن يعلمهنم إيناه‬
‫با زيمنة ف "غننزوة أحنند" عننىل الن نو الننذي تعرضننه السننورة عرضنا حيننا مننة را عميقننا‪ ،‬وتعننرض‬
‫السننلمي؛ وتوجننه ف ظلننه العظننات البننناءة للنننفس وللصننف عننىل‬ ‫أسننبابه مننن تص ننرفات بع ن‬
‫السواء‪.‬‬

‫وحي نراجع غزوة أحد نهند أن تعلنيم السنلمي هنذا الندرس قند كلفهنم أهنواال وجرا حنات‬
‫وانهداء مننن أعننز الشننهداء ‪ -‬عننىل رأسننهم رننزة رن الل عنننه وأرضنناه ‪ -‬وكلفهننم مننا هننو أاننق‬
‫مننن ذلنني كلننه عننىل نفوسننهم‪ ..‬كلفهننم أن ي نروا رسننو م احلبيننب تشننج جبهتننه وتكس ننر سنننة‪،‬‬
‫ويسننقط ف احلفننرة‪ ،‬ويغننوص حلننق الغفننر ف وجنتننه ☻ المننر الننذي ال يقننوم‬
‫بوزنه يشء ف نفوس السلمي !‬

‫ويس ننبق اس ننتعراض "غ ننزوة أح نند" وأح نندا ها ف الس ننورة قط نناع كب ننري تس ننتغرقه كل ننه توجيه ننات‬
‫متشعبة لتصفية التصور اإلسالمي من كل اائبة؛ ولتقرير حقيقة التوحيند جلينة ناصنعة‪ ،‬والنرد‬
‫ع ننىل الش ننبهات التن نني يلقيه ننا أه ننل الكتن نناب‪ ،‬س ننواء منه ننا من ننا ه ننو ناا ن ن من ننن ان را ف نناوم هن ننم ف‬
‫معتقداوم‪ ،‬وما يتعمدون إلقاءه ف الصف السلم من ابهات ماكرة خللخلنة العقيندة وخلخلنة‬
‫الصف من وراء خلخلة العقيدة ‪.‬‬

‫وتذكر عدة روايات أن اييات من (‪ )83 – 1‬نزلت ف احلوار مع وفد نصارى نهران النيمن‬
‫الننذي قنندم الدينننة ف السنننة التاسننعة للههننرة‪ .‬ون ننن نسننتبعد أن تكننون السنننة التاسننعة هنني زمننن‬
‫نزول هذه اييات‪ .‬فوا ضنح منن طبيعتهنا وجوهنا أ نا نزلنت ف الفنةة الو منن ا هنرة‪ ،‬حينث‬
‫كان ننت ا مع ننة الس ننلمة بع نند ناا ننئة‪ .‬وك ننان لدس ننائس اليه ننود وغ ننريهم أ ننر ا ننديد ف كيا ننا وف‬
‫سلوكها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫وسواء ص ت رواية أن اييات نزلنت ف وفند نهنران أم تصنح؛ فإننه واضنح منن الوضنوع‬
‫الذي تعا ه أ ا تواجه ابهات النصارى وبخاصة ما يتعلق منها بعيسى عليه السالم‪ ،‬وتدور‬
‫حننول عقينندة التوحينند اخلننالص كننم جنناء بننه اإلسننالم‪ .‬وتص ن ح نم مننا أصنناب عقائنندهم مننن‬
‫وخلط وتشويه‪ .‬وتدعوهم إ احلق الواحد الذي ت منته كتبهم الص ي ة التي جاء‬ ‫ان را‬
‫القرآن بصدقها‪.‬‬

‫ولكننن هننذا الفصننل يت ننمن كننذلي إاننارات وتقريعننات لليهننود وحتننذيرات للمسننلمي مننن‬
‫دسائس أهل الكتاب‪ .‬وما كان جياورهم ف الديننة منن أهنل الكتناب انن يمثنل مثنل هنذا اخلطنر‬
‫إال اليهود ‪.‬‬

‫وعىل أخمة حال فإن هذا الفصل الذي يستغرد حوايل نصف السورة يصور جانبا من جوا ننب‬
‫الرصناع بني العقيندة اإلسنالمية والعقائند الن رفنة ف ا زينرة كلهنا‪ ..‬وهنو لنيس رصا عنا نظرينا‬
‫إنم هنو ا اننب النظنري منن العركنة الكبنرية الشناملة بني ا معنة السنلمة الناانئة وكنل أعندائها‬
‫النذين كنانوا يةبصنون ذنا‪ ،‬ويت فنزون منن حو نا‪ ،‬ويسنتخدمون ف حرذنا كنل السنل ة وكنل‬
‫الوسنائل‪ .‬وف أو ننا زعزعننة العقينندة ! وهنني ف صننميمها العركنة التنني مننا تننزال نااننبة إ هننذه‬
‫الل ظة بي المة السلمة وأعدائها‪ ..‬إ م هم هم‪ :‬الل دون النكرون‪ ،‬والصهيونية العالية‪،‬‬
‫والصليبية العالية‬

‫وم ننن مراجع ننة نصن ننوص الس ننورة يتب نني أن الوسن ننائل ه نني الوس ننائل كن ننذلي؛ واله نندا هن نني‬
‫الهنندا ‪ .‬ويننتهىل أن هننذا القننرآن هننو قننرآن هننذه النندعوة‪ ،‬ومرجننع هننذه المننة ‪ -‬اليننوم وغنندا ‪-‬‬
‫كم كان قرآ ا ومرجعها بنالمس ف نشنأوا الو ‪ .‬وأ نه ال يعنرض عنن استنصنا هنذا الناصنح‬
‫واستش ننارة ه ننذا الرج ننع ف العرك ننة الناا ننبة الي ننوم إال م نندخول يع ننرض ع ننن س ننال النص ن ننر ف‬

‫‪15‬‬
‫العركننة؛ وانندع نفسننه أو انندع المننة‪ ،‬خلدمننة أعنندائها القنندامى ال نند ي ف غفلننة بله نناء أو ف‬
‫خبث لئيم‬

‫***‬

‫ومنن خنالل الناقشنات وا ندل واالسنتعراض والتوجينه ف هنذا القطنع الول يتبني موقنف‬
‫أهل الكتاب الن رفي عن كتاذم‪ ،‬منن ا معنة السنلمة والعقيندة ا ديندة‪ ،‬انثال ف أمثنال هنذه‬
‫النصوص‪:‬‬

‫( هو الذي أ زل عليي الكتاب منه آيات حمكمت هن أم الكتاب وأخر متشاذات‪ .‬فأما الذين‬
‫ف قلوذم زيغ فيتبعون ما تشابه منه‪ ،‬ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله‪. .)...‬‬

‫) أ تر إ الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إ كتاب الل لي كم بينهم‪ ،‬م يتو فريق‬
‫منهم وهم معرضون ؟)‪..‬‬

‫) يا أهل الكتاب حتاجون ف إبراهيم وما أ زلت التوراة واإلنهيل إال من بعده‪.. .‬؟) ‪..‬‬

‫) ودت طائفة من أهل الكتاب لو ي لونكم‪..)..‬‬

‫) يا أهل الك تاب تكفرون بلخمات الل وأ تم تشهدون ؟)‪..‬‬

‫) يا أهل الكتاب تلبسون احلق بالباطل وتكتمون احلق وأ تم تعلمون ؟)‪..‬‬

‫) وقالت طائفة من أهل الكتاب‪:‬آمنوا بالذي أ زل عىل الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره‬
‫لعلهم يرجعون‪ ،‬وال تةمنوا إال لن تبع دينكم ‪..)..‬‬

‫‪16‬‬
‫)ومنهم من إن تأمنه بدينار ال يةده إليي إال ما دمت عليه قائم‪ .‬ذلي بأ م قالوا ‪:‬ليس علينا‬
‫ف الميي سبيل ويقولون عىل الل الكذب وهم يعلمون)‪..‬‬

‫) وإن منهم لفريقا يلوون أفسنتهم بالكتاب لت سبوه من الكتاب ‪ -‬وما هو من الكتاب –‬
‫ويقولون‪ :‬هو من عند الل وما هو من عند الل‪ .‬ويقولون عىل الل الكذب وهم يعلمون)‪. .‬‬

‫)قل‪ :‬يا أهل الكتاب تكفرون بلخمات الل والل اهيد عىل ما تعملون)‪..‬‬

‫)قل‪ :‬يا أهل الكتاب تصدون عن سبيل الل من آمن تبغو ا عوجا وأ تم اهداء ؟)‪.‬‬

‫) ها أ تم أوالء حتبو م وال حيبونكم وتةمنون بالكتاب كله‪ .‬وإذا لقوكم قالوا ‪:‬آمنا‪ .‬وإذا خلوا‬
‫ع وا عليكم ال امل من الغيظ)‪..‬‬

‫)إن متسسكم حسنة تسةهم‪ ،‬وإن تصبكم سيئة يفرحوا ذا)‪..‬‬

‫وهكن ننذا ن ن ننرى أن أع ن ننداء ا مع ن ننة الس ن ننلمة يكون ن ننوا حياربو ن ننا ف الي ن نندان بالس ن ننيف وال ن ننرمح‬
‫ف سننب؛ و يكونننوا يةلبننون عليهننا العننداء لي اربوهننا بالسننيف والننرمح ف سننب‪ ..‬إنننم كننانوا‬
‫حياربو ن ن ننا أوال ف عقين ن نندوا‪ .‬كن ن ننانوا حياربو ن ن ننا بالن ن نندس والتشن ن ننكيي‪ ،‬ونثن ن ننر الشن ن ننبهات وتن ن نندبري‬
‫الن ن نناورات ك ن ننانوا يعم ن نندون أوال إ عقي ن نندوا اإليمني ن ننة الت ن نني منه ن ننا انبث ن ننق كيا ن ننا‪ ،‬ومنه ن ننا ق ن ننام‬
‫وجودهننا‪ ،‬فيعملننون فيهننا معنناول ا نندم والتننوهي‪ .‬ذلنني أ ننم كننانوا ينندركون كننم ينندركون اليننوم‬
‫متامننا ‪ -‬أن هننذه المننة ال تننةتى إال مننن هننذا النندخل؛ وال وننن إال إذا وهنننت عقينندوا؛ وال وننزم‬
‫إال إذا هزمننت روحه ننا؛ وال يبل ننغ أعنندا ها منه ننا ا ننيئا وه نني اسننكة بع ننروة اإلي ننمن‪ ،‬مرتكن ننة إ‬
‫ركنه‪ ،‬سائرة عىل هه‪ ،‬حاملة لرايته‪ ،‬اثلة حلزبه‪ ،‬منتسبة إليه‪ ،‬معتزة ذذا النسب وحده ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ومن هنا يبدو أن أعدى أعداء هذه المة هو الذي يلهيها عن عقيدوا اإليمنية‪ ،‬وحييد ذا عن‬
‫منهج الل وطريقه‪ ،‬وادعها عن حقيقة أعدائها وحقيقة أهدافهم البعيدة‪.‬‬

‫إن العركننة بنني المننة السننلمة وبنني أعنندائها هنني قبننل كننل يشء معركننة هننذه العقينندة‪ .‬وحتننى‬
‫حن نني يرين نند أعن نندا ها أن يغلبوهن ننا عن ننىل الرض وال صن ننوالت واالقتصن نناد واخلامن ننات‪ ،‬فن ننإ م‬
‫حينناولون أوال أن يغلبوهننا عننىل العقينندة‪ ،‬ل ننم يعلمننون بالتهننارب الطويلننة أ ننم ال يبلغننون اننا‬
‫يرينندون اننيئا والمننة السننلمة مستمسننكة بعقينندوا‪ ،‬ملتزمننة بمنهههننا‪ ،‬مدركننة لكينند أعنندائها‪..‬‬
‫وم ننن ننم يب ننذل ه ننةالء الع ننداء وعمال هن ن م جه نند ا ب ننارين ف خ ننداع ه ننذه الم ننة ع ننن حقيق ننة‬
‫العركة‪ ،‬ليفوزوا منها بعد ذلي بكل ما يريدون من اسنتعمر واسنتغالل‪ ،‬وهنم آمننون منن عزمنة‬
‫العقيدة ف الصدور !‬

‫وكلننم ارتقننت وسننائل الكينند ننذه العقينندة‪ ،‬والتشننكيي فيهننا‪ ،‬والتننوهي مننن عرا هننا‪ ،‬اسننتخدم‬
‫أعندا ها هننذه الوسننائل الةقيننة ا ديندة‪ .‬ولكننن لنننفس الغايننة القديمنة‪( :‬ودت طائفننة مننن أهننل‬
‫)‪ ..‬فهذه هي الغاية الثابتة الدفينة !‬ ‫الكتاب لو ي لونكم‬

‫نذا كننان القننرآن يندفع هننذا السننال السنموم أوال‪ ..‬كننان يأخننذ ا معنة السننلمة بالتثبيننت عننىل‬
‫احلننق الننذي هنني عليننه؛ وينفنني الشننبهات والشننكوك التنني يلقيهننا أهننل الكت ناب؛ وجيلننو احلقيق ننة‬
‫الكبننرية التنني يت ننمنها هننذا النندين؛ ويقنننع ا معننة السننلمة ب قيقتهننا وقيمتهننا ف هننذه الرض‪،‬‬
‫ودورها ودور العقيدة التي حتملها ف تاريخ البشنرية‪.‬‬

‫وكان يأخذها بالت ذير من كيد الكائدين‪ ،‬ويكشف ا نواياهم السنتةة ووسنائلهم القنذرة‪،‬‬
‫وأهدافهم اخلطرة‪ ،‬وأحقادهم عىل اإلسالم والسلمي‪ ،‬الختصاصهم ذذا الف ل العظيم‪..‬‬

‫‪18‬‬
‫وكننان يأخننذها بتقريننر حقيقننة القننوى وموازينهننا ف هننذا الوجننود‪ .‬فيبنني ننا هننزال أعنندائها‪،‬‬
‫وهوا م عىل الل‪ ،‬وضنال م وكفنرهم بنم أ نزل الل إلنيهم منن قبنل وقنتلهم ال بيناء ‪.‬كنم يبني نا‬
‫أن الل معها‪ ،‬وهو مالي اللي العز الذل وحده بال رشيي ‪.‬وأ نه سنيأخذ الكفنار [ وهنو تعبنري‬
‫هنا عن اليهود ] بالعذاب والنكال؛ كم أخذ الشنركي ف بدر منذ عهد قريب‪.‬‬

‫وكانت هذه التوجيهات تتمثل ف أمثال هذه النصوص‪:‬‬

‫) الل ال إهل إال هو احلي القيوم‪ .‬نزل عليي الكتاب باحلق مصدقا لا بي يديه‪ ،‬وأ زل التوراة‬
‫واإلنهيل من قبل هدى للناس‪ ،‬وأ زل الفرقان‪ .‬إن الذين كفروا بلخمات الل م عذاب اديد‪،‬‬
‫والل عزيز ذو انتقام‪ .‬إن الل ال افى عليه يشء ف الرض وال ف السمء)‪..‬‬

‫) إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموا م وال أوالدهم من الل ايئا وأوئلي هم وقود النار‪.‬‬
‫كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بلخماتنا فأخذهم الل بذنوذم والل اديد العقاب‪ .‬قل‬
‫للذين كفروا‪ :‬ستغلبون وحتشنرون إ جهنم وبئس الهاد‪ .‬قد كان لكم آية ف فئتي التقتا‪ :‬فئة‬
‫تقاتل ف سبيل الل وأخرى كافرة يرو م مثليهم رأي العي‪ .‬والل يةيد بنرصه من يشاء‪ .‬إن ف‬
‫ذلي لعربة لويل البصار)‪..‬‬

‫)إن الدين عند الل اإلسالم‪ ،‬وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إال من بعد ما جاءهم العلم‬
‫بغيا بينهم‪ ،‬ومن يكفر بلخمات الل فإن الل رسيع احلساب)‪..‬‬

‫) ومن يبتغ غري اإلسالم دينا فلن يقبل منه وهو ف ايخرة من اخلارسين)‪..‬‬

‫)قل مهللا مالي اللي‪ ،‬تةيت اللي من تشاء وتنزع اللي ان تشاء‪ ،‬وتعز من تشاء وتذل من‬
‫تشاء‪ ،‬بيدك اخلري‪ ،‬إني عىل كل يشء قدير)‪..‬‬

‫‪19‬‬
‫) ال يتخذ الةمنون الكافرين أولياء من دون الةمني‪ .‬ومن يفعل ذلي فليس من الل ف يشء‬
‫إال أن تتقوا منهم تقاة وحيذركم الل نفسه‪ ،‬وإ الل الصري)‪..‬‬

‫) إن أو الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والل ويل الةمني)‪..‬‬

‫) أفغري دين الل يبغون وله أسلم من ف السموات والرض طوعا وكرها وإليه يرجعون؟ ‪(..‬‬

‫) يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمنكم كافرين‪.‬‬
‫وكيف ت كفرون وأ تم تتىل عليكم آيات الل وفيكم رسوله ؟ ومن يعتصم بالل فقد هدي إ‬
‫رصاي مستقيم)‪..‬‬

‫) يا أهيا الذين آمنوا اتقوا الل حق تقاته وال متوتن إال وأ تم مسلمون‪ .‬واعتصموا ب بل الل‬
‫جيعا وال تفرقوا‪ .‬واذكروا نعمة الل عليكم إذ كنتم أعداء فأفف بي قلوبكم‪ ،‬فأصب تم بنعمته‬
‫إخوا نننا‪ .‬وكنننتم عننىل اننفا حفننرة مننن النننار فأ قننذكم منهننا‪ ،‬كننذلي يبنني الل لكننم آياتننه لعلكننم‬
‫وتدون) ‪..‬‬

‫) كنتم خري أمة أخرجت للناس تأمرون بالعرو وتنهون عن النكر وتةمنون بالل‪ .‬ولو آمن‬
‫وكم إال أذى‪ ،‬وإن‬ ‫أهل الكتاب لكان خريا م‪ ،‬منهم الةمنون وأكثرهم الفاسقون‪ .‬لن ي‬
‫يقاتلوكم يولوكم الدبار م ال ينرصون‪ .‬ربت عليهم الذلة أخمن ما قفوا ‪ -‬إال ب بل من الل‬
‫وحبل من الناس ‪ -‬وبا وا بغ ب من الل وربت عليهم السكنة‪ .‬ذلي بأ م كانوا يكفرون‬
‫بلخمات الل ويقتلون ال بياء بغري حق‪ ،‬ذلي بم عصوا وكانوا يعتدون)‪..‬‬

‫‪20‬‬
‫(يا أهيا الذين آمنوا ال تتخذوا بطانة من دونكم ال يأفونكم خباال‪ .‬ودوا ما عنتم‪ .‬قد بدت‬
‫البغ اء من أفواههم وما في صدورهم أكرب‪ .‬قد بينا لكم اييات إن كنتم تعقلون‪ .‬ها أ تم‬
‫أوالء حتبو م وال حيبونكم‪ ،‬وتةمنون بالكتاب كله‪ .‬وإذا لقوكم قالوا‪:‬آمنا‪ ،‬وإذا خلوا ع وا‬
‫عليكم ال امل من الغيظ‪ .‬قل موتوا بغيظكم إن الل عليم بذات الصدور‪ .‬إن متسسكم حسنة‬
‫كم كيدهم ايئا‪ .‬إن الل بم‬ ‫تسةهم‪ ،‬وإن تصبكم سيئة يفرحوا ذا‪ .‬وإن تصربوا وتتقوا ال ي‬
‫يعملون حميط)‪.‬‬

‫ومنن هنذه احلملنة الطويلنة التني اقتطفننا منهنا هنذه ايينات‪ ،‬وتننوع توجيهاونا وتلقيناونا تتبني‬
‫عدة أمور‪:‬‬

‫أو نا‪ :‬ضنخامة ا هند النذي كنان يبذلنه أهنل الكتناب ف الديننة وغريهنا‪ ،‬وعمنق الكيند وتننوع‬
‫أساليبه‪ ،‬واستخدام جيع الوسائل لزعزعة العقيدة وخلخلة الصف السلم من ورائها ‪.‬‬

‫و انيها‪ :‬ضخامة اي ار التي كان هذا ا هد يةكها ف النفنوس وف حيناة ا معنة السنلمة‪ ،‬انا‬
‫اقتىض هذا البيان الطويل الفصل النوع القاطع والساليب‪.‬‬

‫و الثه ننا‪ :‬هننو م ننا نلم ننه اليننوم م ننن وراء الق ننرون الطويلننة‪ .‬م ننن أن ه ننةالء العننداء ه ننم ال ننذين‬
‫يالحقون هذه الدعوة وأص اذا ف الرض كلها؛ وهم النذين تنواجههم هنذه العقيندة وأهلهنا‪.‬‬
‫ومن م اقت ت إرادة احلكيم اخل بري أن يقنيم هنذا الشنعل ا نادي ال نخم البعيند الطنار لنةاه‬
‫الجيننال السننلمة قويننا واضن ا عميننق الةكيننز عننىل كشننف العننداء التقليننديي ننذه المننة و ننذا‬
‫الدين‬

‫***‬

‫‪21‬‬
‫أمننا القطنناع الثنناين ف السننورة فهننو خنناص بغننزوة أحنند‪ .‬وهننو يشننتمل كننذلي عننىل تقريننرات ف‬
‫حق ننائق التص ننور اإلس ننالمي وال عقي نندة اإليمني ننة‪ .‬وع ننىل توجيه ننات ف بن نناء ا مع ننة الس ننلمة ع ننىل‬
‫أس ن نناس تل ن نني احلقن ن ننائق‪ .‬إ جان ن ننب اس ن ننتعراض الحن ن نندا والوق ن ننائع‪ ،‬واخل ن ننواطر والشن ن نناعر‪،‬‬
‫استعراضا يتبي منه بهالء حالة ا معة السلمة يومها وقطاعاونا الختلفنة التني أرشننا إليهنا ف‬
‫أول هذا التمهيد ‪.‬‬

‫وعالق ن ننة ه ن ننذا القط ن ننع ب ن ننالقطع الول ف الس ن ننورة ظ ن نناهرة‪ .‬فه ن ننو يت ن ننو عملي ن ننة بن ن نناء التص ن ننور‬
‫اإلسنالمي ويليتننه ‪ -‬ف جمننال العركنة واحلدينند سنناخن ‪ -‬كنم يتننو عمليننة تثبينت هننذه ا معننة‬
‫عىل التكاليف الفروضة عىل أص اب دعوة احلنق ف الرض‪ .‬منع تعلنيمهم سننة الل ف النصننر‬
‫وا زيمة‪ .‬ويربيهم بالتوجيهات القرآنية كم يربيهم بالحدا الواقعية ‪.‬‬

‫وإنننه ليصننعب اسننتيفاء احلننديث هنننا عننن طبيعننة هننذا القطننع وحمتوياتننه وقيمتننه ف بننناء العقينندة‬
‫وبن نناء ا مع ننة‪ ..‬ول ننا ك ننان ه ننذا القط ننع يق ننع بهملت ننه ف ا ننزء الرا ب ننع [م ننن الظ ننالل] فلنرجن ن‬
‫احلديث عنه إ هذا ا زء [إن ااء الل]‪..‬‬

‫ونميض إ ختام السورة ‪ -‬بعد فصل غزوة أحد ‪ -‬فإذا هو تلخيص لوضوعاوا الساسنية‪،‬‬
‫يبنندأ بإاننارة موحيننة إ داللننة هننذا الكننون [ كتنناب الل النظننور ] وإحياءاتننه للقلننوب الةمنننة ‪..‬‬
‫ويأخذ ف دعاء رخي ندي من هنذه القلنوب‪ ،‬عنىل مشنهد ايينات ف كتناب الكنون الفتنو ‪( :‬إن‬
‫ف خلق السموات وا لرض واختال الليل والنهار ييات لويل اللباب‪ .‬الذين يذكرون الل‬
‫قياما وقعودا وعىل جنوذم‪ ،‬ويتفكرون ف خلق السموات والرض‪ .‬ربنا ما خلقت هذا باطال‪،‬‬
‫سب اني فقنا عذاب النار‪ .‬ربنا إني من تدخل النار فقد أخزيته ‪ .‬وما للظالي من أ صار‪.‬‬
‫ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي لإليمن أن آمنوا بربكم فلمنا‪ .‬ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا‬

‫‪22‬‬
‫وتوفننا منع البنرار‪ .‬ربننا وآتننا منا وعندتنا عنىل رسنلي وال زننا ينوم القيامنة‪ .‬إنني ال لنف‬
‫اليعاد‪ ..)...‬وهو يمثل نصاعة التصور ووضوحه‪ .‬وخشوع القلب وتقواه‪.‬‬

‫م ييء االستهابة من الل ‪ -‬سب انه ‪ -‬فيذكر فيها ا هرة وا هاد واإليذاء ف سبيل الل‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫) فاستهاب م رذم أين ال أضيع عمل عامل منكم من ذكنر أو أ ثنى بع نكم منن بعن‬
‫فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم‪ ،‬وأوذوا ف سبييل‪ ،‬وقاتلوا وقتلوا ‪ ،‬لكفرن عنهم سيئاوم‬
‫ولدخلنهم جنات يري من حتتها ال ار وابا من عند الل‪ .‬والل عنده حسن الثواب‪.. )...‬‬
‫وفيه إاارة وعالقة بغزوة أحد وأحدا ها وآ ارها‪.‬‬

‫ن ننم ين ننذكر أهن ننل الكتن نناب ‪ -‬الن ننذين اسن ننتغرد احلن ننديث عن نننهم مقطن ننع السن ننورة الول ‪ -‬ليقن ننول‬
‫للمسلمي إن احلق الذي بأخمدهيم ال جي ده أهل الكتاب كلهم‪ .‬فنإن مننهم منن ينةمن بنه ويشنهد‬
‫بأحقيته‪( :‬وإ ن من أهل الكتاب لن يةمن بالل وما أ زل إليكم‪ ،‬وما أ زل إليهم‪ ،‬خااعي لل‪،‬‬
‫ال يشةون بلخمات الل منا قليال‪. )...‬‬

‫و تم السورة بدعوة السلمي ‪ -‬بإيم م ‪ -‬إ الصرب والصابرة والرابطة والتقنوى‪( :‬يا أهينا‬
‫الذين آمنوا اصربوا وصابروا ورابطوا واتقوا الل لعلكم تفل ون)‪ ..‬وهو ختام يناسب جنو‬
‫السورة وموضوعاوا جيعا‪..‬‬

‫***‬

‫وال يتم التعريف الهمل ذذه السورة حتى نلنم بثال نة خطنوي عري نة فيهنا‪ ،‬تتننا ر نقطهنا ف‬
‫السننورة كلهننا‪ ،‬وتتهمننع وتةكننز ف جمموعهننا‪ ،‬حتننى ترسننم هننذه اخلطننوي العري ننة بوضننو‬
‫وتوكيد‪..‬‬

‫‪23‬‬
‫أول هذه اخلطوي بيان معننى "الندين" ومعننى "اإلسنالم"‪ ..‬فلنيس الندين ‪ -‬كنم حيندده الل ‪-‬‬
‫سب انه ‪ -‬ويريده ويرضاه ‪ -‬هو كل اعتقاد ف الل‪ ..‬إنم هني صنورة واحندة منن صنور االعتقناد‬
‫فينه ‪ -‬سننب انه ‪ -‬صننورة التوحينند الطلنق الناصننع القنناطع‪ :‬توحينند اللوهيننة التني يتوجننه إليهننا‬
‫البشننر كنم تتوجننه إليهنا سننائر اخلالئنق ف الكنون بالعبودينة‪ .‬وتوحينند القوا مننة عننىل البش نر وعننىل‬
‫الكون كله‪ .‬فال يقنوم يشء إال بنالل تعنا ‪ ،‬وال يقنوم عنىل اخلالئنق إال الل تعنا ‪ .‬ومنن نم يكنون‬
‫الدين الذي يقبله الل من عباده هو "اإلسالم" وهنو ف هنذه احلالنة‪ :‬االستسنالم الطلنق للقوا منة‬
‫اإل ية‪ ،‬والتلقي من هذا الصدر وحده ف كل اأن منن انةون احليناة‪ ،‬والت ناكم إ كتناب الل‬
‫النننزل مننن هننذا الصنندر‪ ،‬واتبنناع الرسننل الننذين نننزل علننيهم الكتنناب‪ .‬وهننو ف صننميمه كتنناب‬
‫واحد‪ ،‬وهو ف صميمه دين واحد‪. .‬اإلسالم‪ ..‬ذذا العننى النواقعي ف ضنمئر النناس وواقعهنم‬
‫العمنيل عننىل السنواء‪ .‬والنذي يلتقنني علينه كننل النةمني أابنناع الرسنل‪ ..‬كننل ف زماننه‪ ..‬متننى كننان‬
‫معنى إسالمه هو االعتقاد بوحدة اللوهية والقوامة؛ والطاعة واالتباع ف منهج احلياة كله بنال‬
‫استثناء ‪.‬‬

‫ويتك سياد السورة عىل هذا اخلط ويوض ه ف أكثر من ال ي موضعا منن السنورة بشنكل‬
‫المثلة ف هذا التعريف الهمل‪:‬‬ ‫ب له بع‬ ‫ظاهر مل وظ‪ ..‬ن‬

‫) الل ال إهل إال هو احلي القيوم)‪( ..‬اهد الل أ ه ال إهل إال هو والالئكة وأولو العلم قائم‬
‫بالقسط ال إهل إال هو العزيز احلكيم)‪( ..‬إن الدين عند الل اإلسالم) ‪( ..‬فنإن حناجوك فقنل‬
‫أسلمت وجهي لل ومن اتبعن‪ .‬وقل للذين أوتوا الكتاب والميي‪ :‬أسلمتم ؟ فإن أسلموا فقد‬
‫اهتدوا‪(..)..‬أ تر إ الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إ كتاب الل لي كم بينهم‪ ،‬م‬
‫يتو فريق منهم وهم معرضون)‪( ..‬قل‪ :‬إن كنتم حتبون الل فاتبعوين حيببكم الل‪(..)...‬قل‪:‬‬
‫أطيعوا الل والرسول فإن تولوا فإن الل ال حيب الكافرين)‪( ..‬قال احلواريون‪ :‬ن ن أ صار الل‪،‬‬

‫‪24‬‬
‫آمنا بالل وااهد بأ ا مسلمون‪ .‬ربنا آمنا بم أ زلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين)‪( ..‬قل‪:‬‬
‫يا أهل الكتاب تعالوا إ كلمة سواء بيننا وبينكم أال نعبد إال الل وال نرشك به ايئا وال يتخذ‬
‫بع نا بع ا أربابا من دون الل‪ .‬فإن تولوا فقولوا‪ :‬ااهدوا بأ ا مسلمون)‪(..‬ما كان إبراهيم‬
‫هيوديا وال نصن رانيا ولكن كان حنيفا مسلم وما كان من الشنركي)‪( ..‬أفغري دين الل يبغون وله‬
‫أسلم من ف السموات والرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ؟)‪( ..‬ومن يبتغ غري اإلسالم دينا‬
‫فلن يقبل منه)‪ ..‬وغريها كثري‪..‬‬

‫فأم ننا اخلن ننط الثن نناين ال ننذي يرك ننز علي ننه س ننياد الس ننورة فه ننو تص ننوير ح ننال الس ننلمي م ننع رذ ننم‬
‫واستسالمهم له‪ ،‬وتلقيهم لكل منا ينأايهم مننه بنالقبول والطاعنة واالتبناع الندقيق‪ ..‬ون نرب لنه‬
‫المثلة ف هذا التعريف بالسورة حتى نواجهه مفصال عند استعراض النصنوص‬ ‫كذلي بع‬
‫بالتفصيل‪:‬‬

‫)والراسخون ف العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ‪ -‬وما يذكر إال أولوا اللباب ‪ -‬ربنا ال‬
‫تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدني ررة إني أ ت الوهاب ‪ .‬ربنا إني جامع الناس‬
‫ليوم ال ريب فيه إن الل ال الف اليعاد)‪(..‬الذين يقولون‪ :‬ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا‬
‫عنذاب النننار‪ .‬الصنابرين والصننادقي والقنانتي والنفقنني والسنتغفرين بالس ن ار)‪( ..‬قننال‬
‫احلواريون‪ :‬ن ن أ صار الل آمنا بالل وااهد بأ ا مسلمون‪ .‬ربنا آمنا بم أ زلت واتبعنا الرسول‬
‫فاكتبنا مع الشاهدين)‪( ..‬كنتم خري أمة أخرجت للناس تأمرون بالعرو وتنهون عن النكر‬
‫وتةمنون بالل)‪( ..‬من أهل الكتاب أمة قائمنة يتلنون آينات الل آنناء اللينل وهنم يسنهدون‪،‬‬
‫يةمنون بالل واليوم ايخر ويأمرون بالعرو وينهنون عنن النكنر ويسنارعون ف اخلنريات‬
‫وأوئلي من الصاحلي)‪( .‬وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثري‪ ،‬فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل‬
‫الل وما ضعفوا وما استكانوا والل حيب الصابرين‪ ،‬وما كان قو م إال أن قالوا‪ :‬ربنا اغفر لنا‬

‫‪25‬‬
‫ذنوبنا وإرسا فنا ف أمرنا و بت أقدامنا وانرصنا عىل القوم الكافرين)‪( ..‬الذين اسنتهابوا لل‬
‫والرسول من بعد ما أصاذم القر ‪ .‬للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم‪ .‬الذين قال م‬
‫الناس‪ :‬إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم‪ ،‬فزادهم إيمنا‪ ،‬وقالوا‪:‬حسبنا الل ونعم الوكيل)‪..‬‬
‫(الذين يذكرون الل قياما وقعودا وعىل جنوذم‪ ،‬ويتفكرون ف خلق السموات والرض‪ .‬ربنا‬
‫ما خلقت هذا باطال سب اني ! فقنا عذاب النار‪ .‬ربنا إني من تدخل النار فقد أخزيته‪ ،‬وما‬
‫للظالي من أ صار ‪.‬ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي لإليمن أن آمنوا بربكم فلمنا‪ .‬ربنا فاغفر لنا‬
‫ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع البرار‪ .‬ربنا وآتنا منا وعندتنا عنىل رسنلي‪ ،‬وال زننا ينوم‬
‫القيامة‪ .‬إني ال لف اليعاد)‪( ..‬وإن من أهل الكتاب لن يةمن بالل وما أ زل إليكم‪ ،‬وما‬
‫أ زل إليهم خااعي لل‪ ،‬ال يشةون بلخمات الل منا قليال)‪ ..‬وغريها كثري‪..‬‬

‫ف سياد السورة هنو الت نذير منن والينة غنري النةمني‪ ،‬والتهنوين منن‬ ‫واخلط الثالث العري‬
‫انأن الكنافرين مننع هنذا الت نذير‪ ،‬وتقريننر أ نه ال إينمن وال صننلة بنالل منع تننويل الكفنار الننذين ال‬
‫حيتكمنون لكتناب الل‪ ،‬وال يتبعنون منههنه ف احليناة‪ ..‬وقند أرشننا إ هنذا اخلنط منن قبنل ولكننه‬
‫ف سننياد السننورة‪ ،‬وهننذه نننمذ مننن هننذا اخلننط‬ ‫حيتننا إ إبننراز هنننا بقنندر مننا هننو بننارز وأسننا‬
‫‪:‬‬ ‫العري‬

‫(ال يتخذ الةمنون الكافرين أولياء من دون الةمني‪ .‬ومن يفعل ذلي فليس من الل ف يشء‬
‫‪ -‬إال أن تتقوا منهم تقاة ‪ -‬و حيذركم الل نفسه وإ الل الصري‪ .‬قل‪ .‬إن فوا ما ف صدوركم‬
‫أو تبدوه يعلمه الل ويعلم ما ف السموات وما ف الرض‪ .‬والل عىل كل يشء قدير)‪( ..‬ودت‬
‫طائفة من أهل الكتاب لو ي لونكم وما ي لون إال أ فسهم وما يشعرون)‪..‬‬

‫‪26‬‬
‫(يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتناب ينردوكم بعند إيمنكنم كنافرين‪.‬‬
‫وكيف تكفرون وأ تم تتىل عليكم آيات الل وفيكم رسوله‪ .‬ومن يعتصم بالل فقد هدي إ‬
‫رصاي مستقيم‪ .‬يا أهيا الذين آمنوا اتقوا الل حق تقاته وال متوتن إال وأ تم مسلمون واعتصموا‬
‫ب بل الل جيعا وال تفرقوا‪ )...‬إلخ ‪( ..‬لن ي نروكم إال أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الدبار م‬
‫ال ينصنرون‪ .‬ربت عليهم الذلة أخمنم قفوا‪ )...‬إلخ ‪( ..‬يا أهيا الذين آمنوا ال تتخذوا بطانة من‬
‫دونكم ال يأفونكم خباال‪ .‬ودوا ما عنتم‪ ،‬قد بدت البغ اء من أفواههم وما في صدورهم‬
‫أكنرب‪ )...‬إلنخ ‪(..‬ينا أهينا النذين آمننوا إن تطيعننوا النذين كفنروا ينردوكم عنىل أعقنابكم فتنقلبننوا‬
‫خنارسين‪ .‬بنل الل مننوالكم وهنو خننري الننارصين‪ .‬سننلقي ف قلننوب النذين كفننروا الرعنب بننم‬
‫أرشكوا بالل ما ينزل به سلطانا‪ ،‬ومأواهم النار وبئس مثوى الظالي)‪(..‬ال يغرني تقلب‬
‫الذين ك فروا ف البالد‪ ،‬متاع قليل م مأواهم جهنم وبئس الهاد)‪ ..‬وغريها كثري‪..‬‬

‫وهننذه اخلط ننوي الثال ننة العري ننة متناس ننقة فننيم بينه ننا متكامل ننة‪ ،‬ف تقري ننر التص ننور اإلس ننالمي‪،‬‬
‫وتوضننيح حقيقننة التوحينند ومقت نناه ف حينناة البرش ن وف اننعورهم بننالل‪ ،‬وأ ننر ذلنني ف مننوقفهم‬
‫من أعداء الل الذي ال موقف م سواه‪.‬‬

‫والنص ننوص ف موا ض ننعها م ننن الس ننياد أكث ننر حيوي ننة وأعم ننق إحي نناء‪ ..‬لق نند نزل ننت ف معمع ننان‬
‫العركن ننة‪ .‬معرك ن ننة العقي ن نندة‪ ،‬ومعرك ن ننة الي ن نندان‪ .‬العركن ننة ف داخ ن ننل النف ن ننوس‪ ،‬والعرك ن ننة ف واق ن ننع‬
‫احلياة‪ ..‬ومن م ت منت ذلي الرصيد احلي العهيب‪ ،‬من احلركة والتأ ري واإلحياء‪..‬‬

‫إذن لنواجه نصوص السورة ف سياقها احلي القوي الخاذ ا ميل‪..‬‬ ‫فلنم‬

‫***‬

‫‪27‬‬
‫‪ ‬متهيد ‪‬‬

‫قال تعا ‪{ :‬يا أ ههيا ا َّلذين آمنهوا ال تتَّخ هذوا بطانة ِّمن هدونكهم ال يأ هفونكهم خباال و هدوا ما عنتهم قد‬
‫هم اييات إن هكنتهم تعق هلون (‪)118‬‬
‫ور ههم أك هرب قد ب َّينَّا لك ه‬
‫في هصده ه‬ ‫بدت البغ اء من أفواههم وما ه‬

‫هاأ تهم هأوالء هحت هبو هم وال هحي هبونكهم وتهةمنهون بالكتاب هك ِّلنه وإذا ل هقنوكهم قنا هلوا آمنَّنا وإذا خلنوا‬
‫الصده ور (‪})119‬‬
‫يم بذات ه‬ ‫ع ه وا عليك ههم ال امل من الغيظ هقل هموتهوا بغيظكهم إ َّن م‬
‫اّلل عل ٌ‬

‫إ ننا صننورة كاملننة السننمت‪ ،‬ناطقننة بنندخائل النفننوس‪ ،‬واننواهد الالمننح‪ ،‬تسننهل الشنناعر‬
‫الباطننة‪ ،‬واالنفعناالت الظناهرة‪ ،‬واحلركنة الذاهبنة اييبنة‪ .‬وتسنهل بنذلي كلنه نموذجنا بش نريا‬
‫مكرورا ف كل زمان وف كل مكنان‪ .‬ونستعرضنها الينوم وغندا فنيمن حنول ا معنة السنلمة منن‬
‫أعداء‪ .‬يتظاهرون للمسلمي ‪ -‬ف ساعة قوة السلمي وغلبتهم ‪ -‬بالودة‪ .‬فتكذذم كل خا ة‬
‫وكل جارحة‪ .‬وينخدع السلمون ذنم فيمن نو م النود والثقنة‪ ،‬وهنم ال يريندون للمسنلمي إال‬
‫االضنطراب واخلبنال‪ ،‬وال يقصننرون ف إعننات السنلمي ونثنر الشنوك ف طنريقهم‪ ،‬والكيند نم‬
‫والدس‪ ،‬ما واتتهم الفرصة ف ليل أو ار‪.‬‬

‫***‬

‫وما من اي أن هذه الصورة التي رسمها القرآن الكريم هذا الرسم العهينب‪ ،‬كاننت تنطبنق‬
‫ابتنداء عنىل أهنل الكتناب الهناورين للمسنلمي ف الديننة؛ وترسنم صنورة قوينة للغنيظ الكظنيم‬
‫ف‬ ‫الننذي كننانوا ي ننمرونه لإلسننالم والسننلمي‪ ،‬وللشن نر البيننت‪ ،‬وللنوا يننا السننيئة التنني ينني‬
‫السننلمي مننا يننزال ننندوعا ف أعننداء الل هننةالء‪ ،‬ومننا‬ ‫صنندورهم؛ ف الوقننت الننذي كننان بعن‬

‫‪28‬‬
‫ينزال يف ني إلنيهم بنالودة‪ ،‬ومننا ينزال ينأمنهم عنىل أرسا ر ا معنة السنلمة؛ ويتخنذ مننهم بطانننة‬
‫وأص ابا وأصندقاء‪ ،‬ال اشنى مغبنة اإلف ناء إلنيهم بندخائل الرسا ر‪ ..‬فهناء هنذا التننوير وهنذا‬
‫الت ننذير‪ ،‬يبص نر ا معننة السننلمة ب قيقننة المننر‪ ،‬ويوعيهننا لكينند أعنندائها الطبيعينني‪ ،‬الننذين ال‬
‫الصون ا أبدا‪ ،‬وال تغسل أحقادهم مودة من السلمي وص بة‪ .‬و جييء هنذا التننوير وهنذا‬
‫الت نذير ليكننون مقصننورا عننىل فننةة تاراينة معينننة‪ ،‬فهننو حقيقنة دائمننة‪ ،‬توا جننه واقعننا دائننم‪ ..‬كننم‬
‫نرى مصداد هذا فيم بي أخمدينا من حار مكشو مشهود‪..‬‬

‫والسلمون ف غفلة عن أمر رذم‪ :‬أال يتخذوا بطانة من دو م‪ .‬بطانة من نناس هنم دو نم ف‬
‫احلقيق ننة وال نننهج والوس ننيلة‪ .‬وأال جيعل ننوهم موض ننع الثق ننة والس ن نر واالستش ننارة‪ ..‬الس ننلمون ف‬
‫غفلة عن أمر رذم هذا يتخذون من أمثال هةالء مرجعا ف كل أمر‪ ،‬وكل انأن‪ ،‬وكنل موضنع‪،‬‬
‫وكل نظام‪ ،‬وكل تصور‪ ،‬وكل منهج‪ ،‬وكل طريق !‬

‫والسن ننلمون ف غفل ن ننة من ننن حت ن ننذير الل ن ننم‪ ،‬ين ننوادون م ن ننن ح ن نناد الل ورسن ننوله؛ ويفت ن ننون ن ننم‬
‫صدورهم وقلوذم‪ .‬والل سب انه يقول للهمعة السلمة الو كنم يقنول للهمعنة السنلمة ف‬
‫أي جيل‪:‬‬

‫( ودوا ما عنتم قد بدت البغ اء من أفواههم وما في صدورهم أكرب)‪..‬‬

‫والل سب انه يقول‪:‬‬

‫) ها أ تم أوالء حتبو م وال حيبونكم‪ ،‬وتةمنون بالكتاب كله‪ ،‬وإذا لقوكم قالوا ‪ :‬آمنا‪ ،‬وإذا‬
‫خلوا ع وا عليكم ال امل من الغيظ)‪..‬‬

‫والل سب انه يقول‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫(إن متسسكم حسنة تسةهم‪ ،‬وإن تصبكم سيئة يفرحوا ذا)‪..‬‬

‫ومننرة بعنند مننرة تصننفعنا التهننارب الننرة‪ ،‬ولكننننا ال نفيننق‪ ..‬ومننرة بعنند مننرة نكشننف عننن الكينندة‬
‫والةامرة تلبس أزياء نتلفة ولكننا ال نعترب‪ .‬ومرة بعد مرة تنفلت أفسننتهم فتننم عنن أحقنادهم‬
‫الت نني ال ي ننذهب ذ ننا ود يبذل ننه الس ننلمون‪ ،‬وال تغلس ننها س ننمحة يعلمه ننا ننم ال نندين‪ ..‬وم ننع ذل نني‬
‫نعنود‪ ،‬فنفننتح ننم قلوبننا ونتخننذ منننهم رفقناء ف احلينناة والطريننق ‪ ..‬وتبلنغ بنننا الهاملننة‪ ،‬أو تبلننغ‬
‫بنا ا زيمة الروحينة أن نهناملهم ف عقيندتنا فنت اانى ذكرهنا‪ ،‬وف مننهج حياتننا فنال نقيمنه عنىل‬
‫أس نناس اإلس ننالم‪ ،‬و ف تزوي ننر تاران ننا وطم ننس معال ننه ك نني نتق نني في ننه ذك ننر أي ص نندام ك ننان ب نني‬
‫أسالفنا وهةالء العداء الةبصي ومن م حيل علينا جنزاء الخنالفي عنن أمنر الل‪ .‬ومنن هننا‬
‫ننذل ون نعف ونسنتخذي‪ .‬ومنن هننا نلقنى العننت النذي ينوده أعندا نا لننا‪ ،‬ونلقنى اخلبنال الننذي‬
‫يدسونه ف صفوفنا ‪..‬‬

‫وها هنو ذا كتناب الل يعلمننا ‪ -‬كنم علنم ا معنة السنلمة الو ‪ -‬كينف نتقني كيندهم‪ ،‬ونندفع‬
‫أذاهم‪ ،‬وننهو من الرش الذي تكنه صدورهم‪ ،‬ويفلت عىل أفسنتهم منه اواظ‪:‬‬

‫كم كيدهم ايئا‪ .‬إن الل بم يعملون حميط)‪..‬‬ ‫( وإن تصربوا وتتقوا ال ي‬

‫فهو الصرب والعزم والصمود أمام قووم إن كنانوا أقويناء؛ وأمنام مكنرهم وكيندهم إن سنلكوا‬
‫طريق الوقيعة واخلداع‪ .‬الصرب والتمسي ال اال يار والتخاذل؛ وال التنازل عنن العقيندة كلهنا‬
‫أو بع ننها اتقنناء لش نرهم التوقننع أو كسننبا لننودهم النندخول‪ ..‬ننم هننو التقننوى‪ :‬اخلننو مننن الل‬
‫وحننده‪ .‬ومراقبتننه وحننده‪ ..‬هننو تقننوى الل التنني تننربط القلننوب بننالل‪ ،‬فننال تلتقنني مننع أحنند إال ف‬
‫منههه‪ ،‬وال تعتصم ب بل إال حبله‪ ..‬وحي يتصل القلب بالل فإنه سي قر كنل قنوة غنري قوتنه؛‬

‫‪30‬‬
‫وستشد هذه الرابطة من عزيمته‪ ،‬فال يستسلم من قريب‪ ،‬وال يواد من حناد الل ورسنوله‪ ،‬طلبنا‬
‫للنهاة أو كسبا للعزة‬

‫هذا هو الطريق‪ :‬الصرب والتقوى‪ ..‬التمسي واالعتصام ب بل الل‪ .‬وما استمسي السلمون‬
‫ف تناراهم كلنه بعنروة الل وحندها‪ ،‬وحققنوا مننهج الل ف حيناوم كلهنا‪ ..‬إال عنزوا وانتصننروا‪،‬‬
‫ووقناهم الل كيند أعنندائهم‪ ،‬وكاننت كلمننتهم هني العليننا‪ .‬ومنا استمسني السنلمون ف تنناراهم‬
‫كله بعنروة أعندائهم الطبيعيني‪ ،‬النذين حيناربون عقيندوم ومننهههم رسا وجهنرا ‪ ،‬واسنتمعوا إ‬
‫مشنوروم‪ ،‬وا نذوا مننهم بطاننة وأصندقاء وأعوا ننا وخنرباء ومستشنارين‪ ..‬إال كتنب الل علنيهم‬
‫ا زيمنة‪ ،‬ومكننن لعنندائهم فنيهم‪ ،‬وأذل رقنناذم‪ ،‬وأذاقهننم وبننال أمنرهم‪ ..‬والتنناريخ كلننه انناهد‬
‫عننىل أن كلمننة الل خالنندة؛ وأن سنننة الل نافننذة‪ .‬فمننن عمنني عننن سنننة الل الشننهودة ف الرض‪،‬‬
‫فلن ترى عيناه إال آيات الذلة واالنكسار وا وان‪..‬‬

‫***‬

‫ذنذا ينتهنني هنذا النندرس؛ وينتهنني كننذلي القطنع الول ف السننورة‪ .‬وقنند وصننل السنياد إ‬
‫ذروة العركة؛ وقمة الفاصلة الكاملة الشاملة‪.‬‬

‫وحيسنن قبنل أن ننهني هنذا الندرس أن نقنرر حقيقنة أخنرى‪ ،‬عنن سنمحة اإلسنالم ف وجنه كنل‬
‫هنذا العنداء‪ .‬فهنو ينأمر السنلمي أال يتخنذوا بطاننة منن هنةالء‪ .‬ولكننه ال حيرضنهم عنىل مقابلنة‬
‫الغل واحلقد والكراهية والدس والكر بمثلها‪ .‬إنم هي جمرد الوقاية للهمعة السلمة وللصنف‬
‫السلم‪ ،‬وللكينونة السنلمة‪ ..‬جمنرد الوقاينة وجمنرد التنبينه إ اخلطنر النذي حييطهنا بنه ايخنرون‪..‬‬
‫أما السلم فبسمحة اإلسالم يتعامل مع الناس جيعا؛ وبنظافة اإلسالم يعامل النناس جيعنا؛‬
‫وبم بة اخلري الشامل يلقى النناس جيعنا؛ يتقني الكيند ولكننه ال يكيند‪ ،‬وحينذر احلقند ولكننه ال‬

‫‪31‬‬
‫حيقند‪ .‬إال أن حينارب ف ديننه‪ ،‬وأن يفنتن ف عقيدتنه‪ ،‬وأن يصند عنن سنبيل الل ومنههنه‪ .‬ف ينئنذ‬
‫هنو مطالنب أن حينارب‪ ،‬وأن يمننع الفتننة‪ ،‬وأن يزينل العقبنات التني تصند النناس عنن سنبيل الل‪،‬‬
‫وعنن حتقينق منههنه ف احليناة‪ .‬حينارب جهنادا ف سنبيل الل ال انتقامنا لذاتنه‪ .‬وحبنا خلنري البش نر ال‬
‫حقدا عىل الذين آذوه‪ .‬وحتطيم لل واجز احلائلة دون إيصال هذا اخلري للنناس‪ .‬ال حبنا للغلنب‬
‫واالس ن ننتعالء واالس ن ننتغالل‪ ..‬وإقام ن ننة للنظ ن ننام الق ن ننويم ال ن ننذي يس ن ننتمتع ا مي ن ننع ف ظل ن ننه بالع ن نندل‬
‫والسالم‪ .‬ال لةكيز راية قومية وال لبناء إمرباطورية‬

‫هنذه حقيقنة تقررهنا النصنوص الكثنرية منن القنرآن والسننة؛ ويةجهنا تناريخ ا معنة السنلمة‬
‫الو ‪ ،‬وهي تعمل ف الرض وفق هذه النصوص‪.‬‬

‫إن هننذا النننهج خننري‪ .‬ومننا يصنند البشننرية عنننه إال أعنندى أعننداء البشننرية‪ .‬الننذين ينبغنني ننا أن‬
‫تطناردهم‪ ،‬حتنى تقصنيهم عنن قيادونا‪ ..‬وهنذا هنو الوا جنب النذي انتندبت لنه ا معنة السنلمة‪،‬‬
‫فأدتنه مننرة خننري مننا يكنون الداء‪ .‬وهنني منندعوة دائننم إ أدائنه‪ ،‬وا هنناد منناض إ يننوم القيامننة‪..‬‬
‫حتت هذا اللواء‪..‬‬

‫***‬

‫‪32‬‬
 ‫ آيات غزوة أُحد‬

:‫أعوذ بالل من الشيطان الرجيم‬

             ﴿

           

              

          

            

            

              

             

             

             

           

          

         

33
         

            

           

           

             

           

          

             

          

           

           

            

              

               

            

              

            

34
             

             

          

           

           

           

             

           

            

             

            

          

              

           

               

                

               

35
             

           

              

            

              

               

              

               

             

               

            

                 

             

               

            

          

              

36
               

            

               

             

             

            

             

           

            

            

             

          

             

           

              

              

            

37
              

             

             

             

﴾

***

38
‫‪‬مقدمة ووقائع غزوة أُحد ‪‬‬

‫من معركة ا دل والناظرة‪ ،‬والبيان والتنوير‪ ،‬والتوجيه والت نذير ‪ -‬فنيم سنبق منن السنورة ‪-‬‬
‫ينتقل السياد إ العركة ف اليدان‪ ..‬معركة أحد ‪..‬‬

‫وغننزوة أحنند تكننن معركننة ف الينندان وحننده؛ إنننم كانننت معركننة كننذلي ف ال ننمري‪ ..‬كانننت‬
‫م عركة ميدا ا أوسع اليادين‪ .‬لن ميدان القتال فيها يكن إال جانبا واحندا منن ميندا ا ا ائنل‬
‫ال ن ننذي دارت في ن ننه‪ ..‬مي ن نندان ال ن نننفس البشن ن ننرية‪ ،‬وتص ن ننوراوا ومش ن نناعرها‪ ،‬وأطمعه ن ننا وا ن ننهواوا‪،‬‬
‫ودوافعهننا وكواب هننا‪ ،‬عننىل العمننوم‪ ..‬وكننان القننرآن هننناك‪ .‬يعننالج هننذه النننفس بننأفطف وأعمننق‪،‬‬
‫وبأفعل وأامل ما يعالج ال اربون أقرا م ف النزال !‬

‫وكننان النصننر أوال‪ ،‬وكانننت ا زيمننة انيننا‪ ،‬وكننان االنتصننار الكبننري فيهننا بعنند النصننر وا زيمننة‪..‬‬
‫انتصننار العرفننة الوا ض ن ة والر يننة السننتنرية لل قننائق التنني جالهننا القننرآن؛ واسننتقرار الشنناعر‬
‫ع ننىل ه ننذه احلق ننائق اس ننتقرار اليق نني‪ .‬ومت ننيص ا لنف ننوس‪ ،‬ومتيي ننز الص ننفو ‪ ،‬وانط ننالد ا مع ننة‬
‫التصنور‪ ،‬ومتينع القنيم‪ ،‬وتنأرجح الشناعر‪ ،‬ف‬ ‫السلمة ‪ -‬بعد ذلي ‪ -‬مت ررة من كثري من غنب‬
‫الصف السلم‪ .‬وذلي بتميز النافقي ف الصف إ حند كبنري‪ ،‬ووضنو سنمت النفناد وسنمت‬
‫الص نندد‪ ،‬ف الق ننول والفع ننل‪ ،‬وف الشن ننعور والسن ننلوك‪ .‬ووضن ننو تكن نناليف اإلين ننمن‪ ،‬وتكن نناليف‬
‫الدعوة إليه‪ ،‬واحلركة به‪ ،‬ومقت نيات ذلني كلنه منن االسنتعداد بالعرفنة‪ ،‬واالسنتعداد بنالتهرد‪،‬‬
‫واالسنتعداد بنالتنظيم‪ ،‬والتننزام الطاعنة واالتبنناع بعند هنذا كلننه‪ ،‬والتوكنل عننىل الل وحنده‪ ،‬ف كننل‬

‫‪39‬‬
‫خطوة من خطوات الطريق‪ ،‬ورد المنر إ الل وحنده ف النصننر وا زيمنة‪ ،‬وف النوت واحليناة‪،‬‬
‫وف كل أمر وف كل اياه ‪.‬‬

‫وكانننت هننذه احلصننيلة ال ننخمة التنني اسننتقرت ف ا معننة السننلمة مننن وراء الحنندا ‪ ،‬ومننن‬
‫وراء التوجيهننات القرآني ننة بعنند الح نندا ‪ ،‬أكننرب وأخط ننر ‪ -‬بننم ال يق نناس ‪ -‬مننن حص ننيلة النص ننر‬
‫والغنيمة‪ ..‬لو عاد السلمون من الغزوة بالنصننر والغنيمنة‪ ..‬وقند كاننت ا معنة السنلمة إذ ذاك‬
‫أحننو م ننا تك ننون ننذه احلص ننيلة ال ننخمة‪ ..‬كان ننت أحننو إليه ننا أف ننف م ننرة م ننن حص ننيلة النص ننر‬
‫والغنيمة‪ .‬وكان الرصيد الباقي منها لألمة السنلمة ف كنل جينل أهنم وأبقنى كنذلي منن حصنيلة‬
‫النص ن ننر والغنيمن ننة‪ .‬وكن ننان تن نندبري الل العل ننوي من ننن وراء من ننا بن نندا ف الوقع ننة من ننن ظ ننواهر الن نننقص‬
‫ف الصن ننف السن ننلم‪ ،‬وم ن ننن وراء ا زيمن ننة التن نني نش ن ننأت عن ننن ه ن ننذه‬ ‫وال ن ننعف والتمين ننع والغ ن ننب‬
‫الظواهر‪ ..‬كان تدبري الل العلوي من وراء هذا الذي وقع وفق سنة الل ا ارية‪ ،‬حسنب أسنبابه‬
‫الطبيعي ننة الظن نناهرة‪ ،‬ت نندبريا كلن ننه اخل ننري للهمعن ننة السن ننلمة ف ذل نني احلن نني‪ ،‬لتن ننال هن ننذه احلصن ننيلة‬
‫ال ننخمة مننن العننربة والةبيننة‪ ،‬والننوعي والن ننح‪ ،‬والتم ننيص والتميننز‪ ،‬والتنسننيق والتنظننيم‪.‬‬
‫وليبقننى لألمننة السننلمة ف أجيا ننا التعاقبننة هننذا الرصننيد مننن التهننارب واحلقننائق والتوجيهننات‬
‫التي ال تقدر بثمن‪ .‬ولو كان هذا الثمن هو النصنر والغنيمة !‬

‫لقن نند انتهن ننت العركن ننة ف مين نندان الرض‪ ،‬ليبن نندأها القن ننرآن ف مين نندا ا الكن ننرب‪ :‬مين نندان الن نننفس‪،‬‬
‫وميدان احلياة الشاملة للهمعة السلمة‪ .‬وصنع ذذه ا معنة منا تصننعه يند الل‪ ،‬عنن علنم وعنن‬
‫حكمننة‪ ،‬وعننن خننربة‪ ،‬وعننن بصننرية‪ .‬وكننان مننا انناءه الل ومننا دبننره‪ .‬وكننان فيننه اخلننري العظننيم‪ ،‬مننن‬
‫والذى واالبتالء الشاد الرير ‪.‬‬ ‫وراء ال‬

‫‪40‬‬
‫ولعننل اننا يلفننت النظننر ف التعقيننب القننرآين عننىل أحنندا العركننة هننو ذلنني االزدوا العهيننب‬
‫بني اسنتعراض مشناهدها ووقائعهنا‪ ،‬والتوجيهنات البنارشة عنىل هنذه الشناهد والوقنائع‪ ..‬وبني‬
‫التصننور‪ ،‬وحتريرهننا مننن‬ ‫التوجيهننات الخننرى التعلقننة بتصننفية النفننوس‪ ،‬و ليصننها مننن غننب‬
‫ربقنة الشننهوات‪ ،‬و ق لننة الطننامع‪ ،‬وظننالم الحقناد‪ ،‬وظلمننة اخلطيئننة‪ ،‬وضننعف احلننرص والشننح‪.‬‬
‫والرغبات الدفينة ‪.‬‬

‫ولعل اا يلفت النظر أكثر‪ ،‬الكالم ‪ -‬ف صدد التعقيب عىل معركة حربية ‪ -‬عن الربنا والنهني‬
‫عننه‪ ،‬وعننن الشنورى والخننذ ذنا‪ ،‬عننىل الننرغم انا كننان للشنورى مننن معقبنات ظاهريننة ف النتننائج‬
‫السيئة للمعركة !‬

‫ننم‪ ..‬سننعة السنناحة التنني يعمننل فيهننا النننهج القننرآين ف النننفس البش ننرية‪ ،‬وف احلينناة اإلنسننانية‪،‬‬
‫وتعدد نقط احلركة فيها‪ ،‬وتداخلها‪ ،‬وتكاملها العهيب ‪..‬‬

‫ولكننن الننذين ينندركون طبيعننة هننذا النننهج الربنناين ال يعهبننون لجننء مننن ذلنني االزدوا وهننذه‬
‫السننعة‪ ،‬وهننذا التننداخل‪ ،‬وهننذا التكا مننل‪ .‬فالعركننة احلربيننة ف احلركننة اإلسننالمية ليسننت معركننة‬
‫أسننل ة وخيننل ورجننال وع نندة وعتنناد‪ ،‬وتنندبري حننريب ف س ننب‪ ..‬فهننذه العرك ننة ا زئي ننة ليس ننت‬
‫منعزلة عنن العركة الكربى ف عنا ال نمري‪ ،‬وعنا التنظنيم االجتمعني للهمعنة السنلمة‪ ..‬إ نا‬
‫ذات ارتباي و يق بصفاء ذلي ال مري‪ ،‬وخلوصه‪ ،‬ويرده‪ ،‬وحترره من الوهاد والقيود التني‬
‫تطمس عىل افافيته‪ ،‬وتقعد به دون الفرار إ الل وكذلي هني ذات ارتبناي و ينق بالوضناع‬
‫التنظيمية التي تقوم عليها حياة ا معة السلمة‪ ،‬وفق منهج الل القويم‪ .‬النهج الذي يقوم عىل‬
‫الشورى ف احلياة كلها ‪ -‬ال ف نظام احلكم وحده ‪ -‬وعىل النظنام التعناوين ال النظنام الربنوي‪.‬‬
‫والتعاون والربا ال جيتمعان ف نظام !‬

‫‪41‬‬
‫والقننرآن كننان يعننالج ا معننة السننلمة‪ ،‬عننىل إ ننر معركننة تكننن ‪ -‬كننم قلنننا ‪ -‬معركننة ف مينندان‬
‫القت ننال وح ننده‪ .‬إن ننم كان ننت معرك ننة ف الي نندان الك ننرب‪ .‬مي نندان ال نننفس البش ن ننرية‪ ،‬ومي نندان احلي نناة‬
‫الواقع ينة‪ ..‬ومنن نم عننر عنىل الربنا فنهننى عننه؛ وعنر عنىل اإلنفنناد ف السننراء وال ننراء ف ن‬
‫عليه؛ وعر عىل طاعة الل ورسوله فهعلها مناي الررة؛ وعر عنىل كظنم الغنيظ والعفنو عنن‬
‫الننناس‪ ،‬وع ننىل اإلحسننان والتطه ننر م ننن اخلطيئننة باالس ننتغفار‪ ،‬والتوبننة وع نندم اإلرصا ر؛ فهعله ننا‬
‫كلهننا من نناي الرض ننوان‪ .‬ك ننم ع ننر عننىل رر ننة الل التمثل ننة ف رر ننة الرس ننول ☻‬
‫ولنني قلبننه للننناس‪ .‬وعننىل مبنندأ الشننورى وتقريننره ف أحننر الوقننات‪ .‬وعننىل المانننة التنني متنننع‬
‫الغلول‪ .‬وعىل البذل والت ذير من البخل ف اية ما نزل ف التعقيب عىل الغزوة من آيات ‪..‬‬

‫ع ننر ع ننىل ه ننذا كل ننه‪ .‬ل ننه م ننادة إع ننداد ا معن نة الس ننلمة للمعرك ننة ف نطاقه ننا الوا س ننع؛ ال ننذي‬
‫يت ننمن العركننة احلربيننة ف إطنناره وال يقتص ن ر عليهننا‪ .‬معركننة التعبئننة الكاملننة لالنتصننار الكبننري‪.‬‬
‫االنتصننار عننىل النننفس والشننهوات والطننامع والحقنناد‪ ،‬واالنتصننار ف تقريننر القننيم والوضنناع‬
‫السليمة حلياة ا معة الشاملة ‪.‬‬

‫وعر عىل هذا ك له ليشري إ وحدة هذه العقيدة ف مواجهة الكينوننة البشننرية ونشناطها كلنه‪.‬‬
‫ورده كلننه إ حمننور واحنند‪ :‬حمننور العبننادة لل‪ ،‬والعبوديننة لننه‪ ،‬والتوجننه إليننه ف حساسننية وتقننوى‪.‬‬
‫وإ وح نندة م نننهج الل ف ا يمن ننة ع ننىل الكينون ننة البشن ننرية كله ننا‪ ،‬ف ك ننل ح ننال م ننن أحوا ننا‪ .‬وإ‬
‫الن ننةابط بن نني ج ين ننع هن ننذه الح ننوال ف ظن ننل هن ننذا الن نننهج‪ .‬وإ وحن نندة النتن ننائج النهائين ننة للنشن نناي‬
‫اإلنساين كله‪ ،‬وتأ ري كنل حركنة منن حركنات الننفس‪ ،‬وكنل جزئينة منن جزئينات التنظنيم ف هنذه‬
‫النتائج النهائية ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫وإذن فه ننذه التوجيه ننات الش نناملة ليس ننت بمع ننزل ع ننن العرك ننة‪ .‬ف ننالنفس ال تنتص ننر ف العرك ننة‬
‫احلربيننة إال حنني تنتصننر ف العننارك الشننعورية والخالقيننة والنظاميننة‪ ،‬والننذين تولننوا يننوم التقننى‬
‫مننا كسننبوا مننن الننذنوب‪ .‬والننذين انتص ننروا ف‬ ‫ا معننان ف "أحنند"‪ :‬إنننم اسننتز م الشننيطان بننبع‬
‫معننارك العقينندة وراء أ بيننائهم هننم الننذين بنندأوا العركننة باالسننتغفار مننن الننذنوب‪ ،‬وااللتهنناء إ‬
‫الل‪ ،‬وا اللتصاد بركنه الركي‪ .‬والتطهنر منن النذنوب إذن وااللتصناد بنالل‪ ،‬والرجنوع إ كنفنه‬
‫منن عندة النصننر‪ ،‬وليسنت بمعننزل عنن الينندان وإطنرا النظننام الربنوي إ النظننام التعناوين مننن‬
‫عنندة النص ننر؛ والهتمننع التعنناوين أقننرب إ النص ننر مننن الهتمننع الربننوي‪ .‬وكظننم الغننيظ والعفننو‬
‫عن الناس من عدة النصنر ‪ ،‬فالسنيطرة عنىل الننفس قنوة منن قنوى العركنة‪ ،‬والت نامن والتنواد ف‬
‫الهتمع التسامح قوة ذات فاعلية كذلي ‪.‬‬

‫ايتننه‪ ..‬حقيقننة قنندر الل‪ .‬ورد‬ ‫كننذلي كننان مننن احلقننائق التنني اتكننأ عليهننا السننياد مننن بدئننه إ‬
‫المننر إليننه جلننة‪ .‬وتص ن يح التصننور ف هننذه النقطننة تص ن ي ا حاسننم جازمننا‪ .‬وف الوقننت ذاتننه‬
‫تقري ننر س نننة الل ف ترتي ننب العوا ق ننب الت نني حت ننل بالبش ن ن ر ع ننىل م ننا يص نندر م ننن س ننعيهم ونش نناطهم‪،‬‬
‫وخطئهم وإصابتهم‪ ،‬وطاعتهم ومعصيتهم‪ ،‬ومتسكهم بالنهج وتفريطهم فيه‪ .‬واعتبارهم بعد‬
‫هذا كله ستارا للقدرة‪ ،‬وأداة للمشيئة‪ ،‬وقدرا من قدر الل حيقق به ما يشاء سب انه ‪.‬‬

‫ننم‪ ..‬ف النهايننة‪ ..‬إاننعار ا معننة السننلمة أن لننيس ننا مننن أمننر النصننر يشء‪ .‬إنننم هننو تنندبري الل‬
‫لتنفيننذ قنندره‪ ،‬مننن خننالل جهادهننا‪ .‬وأجرهننا هنني عننىل الل‪ .‬ولننيس ننا مننن ننمر النص ننر يشء مننن‬
‫أا ننياء ه ننذه الرض‪ .‬وال حلس نناذا اخل نناص يةتيه ننا الل النص ننر إذ يش نناء‪ .‬إن ننم حلس نناب اله نندا‬
‫العل يا التي يشا ها الل‪ .‬وكذلي ا زيمة‪ .‬فإ ا حي تقع بناء عىل جرينان سننة الل‪ ،‬وفنق منا يقنع‬
‫من ا معة السلمة من تقصري وتفنريط‪ ،‬إننم تقنع لت قينق غاينات يقندرها الل ب كمتنه وعلمنه؛‬

‫‪43‬‬
‫لتم نيص النفنوس‪ ،‬ومتيينز الصنفو ‪ ،‬ويلينة احلقننائق‪ ،‬وإقنرار القنيم‪ ،‬وإقامنة النوازين‪ ،‬وجننالء‬
‫السنن للمستبرصين ‪..‬‬

‫أو االقتصننادي؛ مننا لننم‬ ‫وال قيمننة وال وزن ف نظننر اإلسننالم لالنتصننار العسننكري أو السننيا‬
‫يقنم هنذا كلنه عنىل أسناس الننهج الربناين‪ ،‬ف االنتصنار عنىل الننفس‪ ،‬والغلبنة عنىل ا نوى‪ ،‬والفننوز‬
‫عننىل الشننهوة‪ .‬وتقريننر احلننق الننذي أراده الل ف حينناة الننناس‪ .‬ليكننون كننل نص نر نص نرا لل ولنننهج‬
‫الل‪ .‬وليكننون كننل جهنند ف سننبيل الل ومنننهج الل‪ .‬وإال فهنني جاهليننة تنتص ننر عننىل جاهليننة‪ .‬وال‬
‫خري فيها لل ياة وال للبشنرية‪ .‬إنم اخلري أن ترتفع راية احلق لذات احلق‪ .‬واحلق واحد ال يتعدد‪.‬‬
‫إنننه منننهج الل وحننده‪ .‬وال حننق ف هننذا الكننون غننريه‪ .‬وانتصنناره ال يننتم حتننى يننتم أوال ف مينندان‬
‫النننفس البشننرية‪ .‬وف نظننام احلينناة الواقعيننة‪ .‬وحنني لننص النننفس مننن حننظ ذاوننا ف ذاوننا‪ ،‬ومننن‬
‫مطامعه ننا وان ننهواوا‪ ،‬وم ننن أدرا ن ننا وأحقادهن ننا‪ ،‬وم ننن قيودهن ننا وأص ننفادها‪ .‬وحن نني تفن ننر إ الل‬
‫مت ررة من هذه ال قال والوهاد‪ .‬وحي تنسلخ من قووا ومن وسائلها ومن أسباذا‪ ،‬لتكل‬
‫المننر كلننه إ الل‪ ،‬بعنند الوفنناء بواجبهننا مننن ا هنند واحلركننة‪ .‬وحنني حتكننم منننهج الل ف الم ننر‬
‫كله‪ ،‬وتعد هنذا الت كنيم هنو غاينة جهادهنا وانتصنارها‪ .‬حني ينتم هنذا كلنه حيتسنب االنتصنار ف‬
‫العركة احلربية أو السياسية أو االقتصادية انتصارا ‪ -‬ف مينزان الل‪ -‬وإال فهنو انتصنار ا اهلينة‬
‫عىل ا اهلية‪ ،‬الذي ال وزن له عند الل وال قيمة !‬

‫ومنن نم كنان ذلني االزدوا ‪ ،‬وكنان ذلني الشنمول‪ ،‬ف التعقينب عنىل العركنة التني دارت ينوم‬
‫أحد‪ ،‬ف ذلي اليدان الفسيح‪ ،‬الذي يعد ميدان القتال جانبا واحدا من جوانبه الكثرية ‪.‬‬

‫***‬

‫‪44‬‬
‫وقب ننل أن نأخ ننذ ف اس ننتعراض ذل نني ال تعقي ننب الق ننرآين ع ننىل أح نندا العرك ننة حيس ننن أن من نوجز‬
‫أحنندا غننزوة أحنند نلخننص وقائعهننا كننم وردت ف روايننات السننرية؛ لننندرك موا ضننع التعقيننب‬
‫والتوجي ننه ح ننق اإلدراك‪ ،‬ولنرا ق ننب طريقن ننة الةبي ننة اإل ي ننة بن ننالقرآن الك ننريم‪ ،‬ف تن نناول الوقن ننائع‬
‫والحدا ‪:‬‬

‫كن ننان السن ننلمون قن نند انتص ن ننروا ف بن نندر‪ ،‬ذلن نني االنتصن ننار الكامن ننل‪ ،‬الن ننذي تبن نندو فين ننه ‪ -‬ف ظن ننل‬
‫الظ ننرو الت نني وق ننع فيه ننا ‪ -‬رائ ننة العهن ن زة‪ .‬وق نند قت ننل الل بأخم نندهيم أئم ننة الكف ننر ورءوس ننه من نن‬
‫أبننو سننفيان بننن حننرب ‪ -‬بعنند ذهنناب أرشافهننم ف بنندر ‪ -‬فأخننذ يةلننب‬ ‫قننري ‪ .‬فننرأس ف قننري‬
‫قند نهنت فلنم تقنع ف أخمندي‬ ‫عىل السلمي لخذ الثأر‪ .‬وكانت القافلة التي حتمنل متناجر قنري‬
‫السلمي؛ فتلمر الشنركون عىل رصد ما فيها من أموال حلرب السلمي ‪.‬‬

‫وأحالفهنم والحنابي (‪ )1‬وخنر ذنم ف‬ ‫وقد جع أبو سفيان قريبا من ال ة آال من قري‬
‫اوال من السنة الثالثة للههرة؛ وجاءوا معهم بنسائهم لي اموا عنهن وال يفروا‪ .‬نم أقبنل ذنم‬
‫ن و الدينة‪ ،‬فنزل قريبا من جبل أحد ‪.‬‬

‫واستشن ننار رسن ننول الل ☻ أص ن ن ابه‪ :‬أان ننر إلن ننيهم‪ ،‬أم يمكن ننث ف الدينن ننة ؟‬
‫وكان رأخمه أال ارجوا من الدينة‪ ،‬وأن يت صننوا ذنا؛ فنإن دخلوهنا قناتلهم السنلمون عنىل أفنواه‬
‫الزقنة‪ ،‬والنسناء منن فنود البينوت(‪ )2‬ووافقنه عنىل هنذا النرأي عبند الل بنن أيب [ رأس الننافقي ]‬
‫فبادرت جاعة كبرية من الص ابة ‪ -‬ومعظمهم من الشبان ان فناوم ينوم بندر ‪ -‬فأاناروا علينه‬
‫ب ن نناخلرو وأحلن ننوا علي ن ننه ف ذل ن نني‪ .‬حت ن ننى ب ن نندا أن ه ن ننذا ه ن ننو ال ن ننرأي الس ن ننائد ف ا مع ن ننة‪ .‬ف ن نننه‬

‫(‪ )1‬هم من األعراب‪ .‬وقد سموا كذلك لتحالفهم إلى جوار مكان يقال له‪ :‬األحبش‪.‬‬
‫(‪ )2‬اعتمدنا في تقرير أن هذا كان رأي النبي ☻ على ما قرره اإلمام ابن قيم الجوزرية في كتابه‪" :‬زاد‬
‫المعاد"‬

‫‪45‬‬
‫☻ ودخن ننل بيت ن ننه ‪ -‬بي ن ننت عائش ن ننة ‪ -‬رن الل عنه ن ننا ‪ -‬ول ن ننبس لمت ن ننه‪ ،‬وخ ن ننر‬
‫عليهم‪ ،‬وقد انثنى عزم أوئلني‪ .‬وقنالوا‪ :‬أكرهننا رسنول الل ☻ عنىل اخلنرو‬
‫فق ن ن ن ن ننالوا‪ :‬ي ن ن ن ن ننا رسن ن ن ن ننول الل‪ ،‬إن أحبب ن ن ن ن ننت أن متك ن ن ن ن ننث ف الدين ن ن ن ن ننة فافع ن ن ن ن ننل‪ .‬فق ن ن ن ن ننال رسن ن ن ن ننول الل‬
‫☻ " من ننا ينبغن نني لنبن نني إذا لن ننبس لمتن ننه أن ي ن ننعها حتن ننى حيكن ننم الل بينن ننه وبن نني‬
‫عدوه"‪ ..‬وأفقى عليهم بذلي درسنا نبوينا عالينا؛ فللشنورى وقتهنا حتنى إذا انتهنت جناء وقنت‬
‫العزم وال ني والتوكل عىل الل ‪ .‬و يعند هنناك جمنال للنةدد‪ ،‬وإعنادة الشنورى والتنأرجح بني‬
‫ايراء‪ ..‬إنم متيض المور لغاياوا ويفعل الل بعد ذلي ما يشاء ‪..‬‬

‫وكن ننان رس ننول الل ☻ قن نند رأى ف منامن ننه‪ :‬أن ف سن ننيفه لمن ننة‪ ،‬ورأى أن بقن ننرا‬
‫تننذبح‪ ،‬وأ ننه أدخننل يننده ف درع حصننينة‪ ..‬فتننأول الثلمننة ف سننيفه برجننل يصنناب مننن أهننل بيتننه‪.‬‬
‫وتنأول البقنر بنفنر منن أصن ابه يقتلنون‪ .‬وتنأول الندرع بالديننة‪ ..‬وكنان إذن ينرى عاقبنة العركنة‪.‬‬
‫ولكنه ف الوقت ذاته كان يم ني نظام الشورى‪ ،‬ونظام احلركة بعد الشورى‪ ..‬لقند كنان ينريب‬
‫عننه الحندا ‪ ..‬نم لقند كنان‬ ‫أمة‪ .‬والمم تريب بالحدا ‪ ،‬وبرصنيد التهنارب النذي تنتمخ‬
‫يم نني ق نندر الل‪ ،‬ال ننذي تس ننتقر علي ننه مش نناعره‪ ،‬ويس ننتقر علي ننه قلب ننه‪ ،‬فيم نني وف ننق موا ق ننع ه ننذا‬
‫القدر‪ ،‬كم حيسها ف قلبه الوصول ‪..‬‬

‫وخننر رسننول الل ☻ ف أفننف مننن أص ن ابه‪ ،‬واسننتعمل ابننن أم مكتننوم عننىل‬
‫الصننالة بمننن بقنني ف الدينننة‪ ،‬فلننم صننار بنني الدينننة وأحنند‪ ،‬انعننزل رأس النفنناد‪ :‬عبنند الل بننن أيب‬
‫بن ننو لننث العسننكر‪ .‬وقننال‪ :‬اننالفني ويسننمع للفتيننة فتننبعهم عبنند الل بننن عمننرو بننن حننرام ‪-‬‬
‫والنند جننابر بننن عبنند الل ‪ -‬رن الل عنننهم ‪ -‬يننوبخهم وحي ننهم عننىل الرجننوع‪ .‬ويقننول‪ :‬تعننالوا‬
‫قاتلوا ف سبيل الل‪ ،‬أو ادفعوا‪ .‬قالوا‪ :‬لو نعلم أ كم تقاتلون نرجع فرجع عنهم وسبهم ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وس ن ننأفه ق ن ننوم م ن ننن ال ص ن ننار أن يس ن ننتعينوا ب لف ن ننائهم م ن ننن هي ن ننود‪ ..‬ف ن ننأبى ☻‬
‫فالعركة هي معركنة اإلينمن والكفنر فنم ليهنود ذنا ؟ والنصننر منن عنند الل ‪ -‬حني يصنح التوكنل‬
‫عليه وتتهرد القلوب له ‪ -‬وقال‪ ":‬من رجل ار بنا عىل القوم منن كثنب ؟ " فخنر بنه بعن‬
‫ال صار حتى نزل الشعب من أحد ف عدوة النوادي‪ ،‬وجعنل ظهنره إ أحند‪ ،‬و نى النناس عنن‬
‫القتال حتى يأمرهم ‪.‬‬

‫فل ننم أص ننبح تعب ننأ للقت ننال ف س ننبعمئة‪ ،‬ف ننيهم لس ننون فارس ننا‪ ،‬واس ننتعمل ع ننىل الرم نناة ‪ -‬وك ننانوا‬
‫لسي ‪ -‬عبد الل ابن جبري‪ ،‬وأمره وأص ابه أن يلزموا مركزهم‪ ،‬وأال يفارقوه ولنو رأوا الطنري‬
‫تتخط ننف العس ننكر‪ .‬وك ننانوا خل ننف ا نني ‪ .‬وأم ننرهم أن ين ن ن وا الشن ننركي بالنب ننل ل ننئال ي ننأاوا‬
‫السلمي من ورائهم ‪.‬‬

‫وظن نناهر رسن ننول الل ☻ بن نني درعن نني‪ .‬وأعطن ننى اللن ننواء مصن ننعب بن ننن عمن ننري‪.‬‬
‫وجعننل عننىل إحنندى الهنبتنني الننزبري بننن العننوام‪ ،‬وعننىل الخننرى النننذر بننن عمننرو‪ .‬واسننتعرض‬
‫الشبان يومئذ‪ ،‬فرد من استصغره عن القتال‪ .‬وكنان مننهم عبند الل بنن عمنرو‪ ،‬وأسنامة بنن زيند‪،‬‬
‫وأس ننيد ب ننن ظه ننري‪ ،‬وال ننرباء ب ننن ع ننازب‪ ،‬وزي نند اب ننن أرق ننم‪ ،‬وزي نند ب ننن اب ننت‪ ،‬وعرا ب ننة ب ننن أوس‪،‬‬
‫وعمرو بن حزام‪ .‬وأجاز من رآه مطيقا‪ .‬وكان منهم سنمرة بنن جنندب‪ ،‬ورافنع بنن خنديج و نم‬
‫لس عرشة سنة !‬

‫للقتنال وهنم ف ال نة آال ‪ .‬وفنيهم مائتنا فنارس‪ .‬فهعلنوا عنىل ميمننتهم خالند‬ ‫وتعبأت قنري‬
‫بن الوليد‪ ،‬وعىل الياة عكرمة بن أيب جهل ‪.‬‬

‫ودفننع رسننول الل ☻ سننيفه إ أيب دجانننة سننمك بننن خراننة‪ .‬وكننان اننهاعا‬
‫بطال اتال عند احلرب ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫وكان أول من بدر من الشنركي أبو عامر الفاسق‪ .‬وكان يسنمى "الرا هنب" فسنمه رسنول الل‬
‫☻ "الفاسننق"‪ .‬وكننان رأس الوس ف ا اهليننة‪ .‬فلننم جنناء اإلسننالم رشد بننه‪،‬‬
‫ينةلبهم‬ ‫وجاهر رسول الل ☻ بالعداوة‪ ،‬فخر من الدينة‪ ،‬وذهب إ قنري‬
‫عنىل رسننول الل ☻ وحي ننهم عنىل قتالننه‪ .‬ووعنندهم بنأن قومننه إذا رأوه أطنناعوه‬
‫ومالوا معه‪ .‬فكان أول من لقي السنلمي‪ .‬فننادى قومنه‪ ،‬وتعنر إلنيهم‪ .‬فقنالوا لنه‪ :‬ال أ عنم الل‬
‫بي عينا يا فاسق فقال‪ :‬لقد أصاب قومي بعدي رش م قاتل السلمي قتاال اديدا ‪.‬‬

‫ولا نشب القتال أبنىل أبنو دجاننة ال صناري بنالء حسننا‪ .‬هنو وطل نة بنن عبيند الل‪ ،‬ورنزة بنن‬
‫بن أ س‪ ،‬وسعد بن الربيع ‪..‬‬ ‫عبد الطلب‪ ،‬وعيل بن أيب طالب‪ ،‬والن‬

‫وكانن ننت الدول ن ننة أول النه ن ننار للمس ن ننلمي عن ننىل الكف ن ننار؛ حي ن ننث قت ن ننل من ننن ه ن ننةالء س ن ننبعون م ن ننن‬
‫صنناديدهم‪ .‬وا نزم أعننداء الل وولنوا منندبرين‪ .‬حتنى انتهننوا إ نسنائهم‪ .‬وحتننى انمرت النسنناء‬
‫ياذن عن أرجلهن هاربات !‬

‫فلن ننم رأى الرمن نناة هزيمن ننة الش ن ننركي وانكشن ننافهم‪ ،‬تركن ننوا مرا كن ننزهم التن نني أمن ننرهم رسن ننول الل‬
‫☻ أال يربحوهننا‪ .‬وقننالوا‪ :‬يننا قننوم‪ ،‬الغنيمننة الغنيمننة فننذكرهم أمننريهم عهنند‬
‫رسننول الل ☻ فلننم يسننمعوا‪ ،‬وظنننوا أن لننيس للمرشننكي رجعننة فننذهبوا ف‬
‫طلب الغنيمة‪ ،‬وأخلوا الثغر ف أحد !‬

‫عندئنذ أدركهننا خالند‪ ،‬فكننر ف خيننل الشننركي فوجنندوا الثغنر خاليننا فنناحتلوه منن خلننف ظهننور‬
‫الس ننلمي‪ .‬وأقب ننل النهزم ننون م ننن الشن ننركي ح نني رأوا خال نندا والفرس ننان ق نند عل ننوا الس ننلمي‪،‬‬
‫فأحاطوا ذم !‬

‫‪48‬‬
‫وانقلبننت العركننة‪ ،‬فنندارت النندائرة عننىل السننلمي‪ ،‬ووقننع ا ننر والننر ف الصننف‪ ،‬واسننتو‬
‫االضنطراب والنذعر‪ ،‬ننول الفاجنأة التنني يتوقعهنا أحند‪ .‬وكثننر القتنل واستشننهد منن السننلمي‬
‫من كتب الل لنه الشنهادة‪ .‬وخلنص الشننركون إ رسنول الل ☻ وقند أفنرد إال‬
‫مننن نفننر يعنندون عننىل الصننابع ق نناتلوا عنننه حتننى قتلننوا‪ .‬وقنند جننر وجه ننه ☻‬
‫وكات سنه الرباعية اليمنى ف الفي السفل‪ .‬وهشمت البي ة عىل رأسنه‪ .‬ورمناه الشننركون‬
‫باحلهننارة حتننى وقننع نبننه‪ ،‬وسننقط ف حفننرة مننن احلفننر التنني كننان أبننو عننامر الفاسننق قنند حفرهننا‬
‫وغطاها يكيد ذا السلمي‪ .‬وغاصت حلقتان من حلق الغفر ف وجنته ‪.‬‬

‫وف وسننط هننذا ا ننول ال ننيط بالسننلمي صننا صننائح‪ :‬أن حممنند قتننل‪ ..‬فكانننت الطامننة التنني‬
‫هنندت مننا بقنني مننن قننواهم‪ ،‬فننانقلبوا عننىل أعقنناذم مهننزومي هزيمننة منكننرة ال حينناولون قتنناال‪ ،‬اننا‬
‫أصاذم من اليأس والكالل !‬

‫ولنا ا نزم الننناس ينهنزم أ نس بننن الن ن ر ؓ وقنند انتهنى إ عمنر بننن اخلطناب وطل ننة‬
‫بن عبيد الل ف رجال من الهاجرين وال صار قد أفقوا بأخمندهيم فقنال‪ :‬منا جيلسنكم ؟ فقنالوا‪:‬‬
‫قتننل رسننول الل ☻ فقننال‪ :‬فننم تصنننعون باحلينناة بعننده ؟ فقومننوا فموتننوا عننىل مننا‬
‫مات علينه رسنول الل ☻ نم اسنتقبل الشننركي ولقني سنعد بنن معناذ فقنال‪ :‬ينا‬
‫سننعد واهننا لننريح ا نننة إين أجنندها مننن دون أحنند فقاتننل حتننى قتننل‪ ..‬ووجنند بننه ب ننع وسننبعون‬
‫ربة‪ .‬و تعرفه إال أخته‪ .‬عرفته ببنانه ‪..‬‬

‫وأقب ننل رس ننول الل ☻ ن ننو الس ننلمي‪ .‬وك ننان أول م ننن عرف ننه حتن نت الغف ننر‪،‬‬
‫كع ن ننب بن ن ننن مالن ن نني‪ .‬فصن ن ننا بن ن ننأعىل صن ن ننوته‪ :‬ي ن ننا معش ن ن ننر السن ن ننلمي‪ .‬أبشن ن ن نروا‪ .‬هن ن ننذا رس ن ننول الل‬
‫ن ننوا معن ن ننه إ‬ ‫☻ فأان ن ننار بين ن ننده‪ :‬أن اسن ن ننكت‪ .‬واجتمن ن ننع إلين ن ننه السن ن ننلمون‪ .‬و‬

‫‪49‬‬
‫الشعب‪ .‬وفيهم أبو بكر وعمنر واحلنار بنن الصنمة ال صناري وغنريهم‪ ..‬فلنم امتندوا صنعودا‬
‫ف ا بننل أدرك رسننول الل ☻ أيب بننن خلننف عننىل جننواد لننه اسننمه العننود‪ .‬كننان‬
‫يطعم ننه ف مك ننة ويق ننول‪ :‬أقت ننل علي ننه حمم نندا‪ .‬فل ننم س ننمع ب ننذلي رس ننول الل ☻‬
‫ق ننال‪ :‬ب ننل أ ننا أقتل ننه إن ا نناء الل‪ ..‬فل ننم أدرك ننه تن نناول ☻ احلرب ننة م ننن احل ننار‬
‫وطعن ذنا عندو الل ف ترقوتنه‪ .‬فنذهب انور كنالثور‪ .‬وقند أخمقنن أ نه مقتنول‪ .‬كنم قنال رسنول الل‬
‫☻ من قبل ومات بالفعل ف طريق عودته !‬

‫وأرش أبو سفيان عىل ا بل فنادى‪ :‬أفيكم حممد ؟ فقنال رسنول الل ☻ ال‬
‫ييبوه‪ .‬فقال‪ :‬أفيكم ابن أيب ق افة ؟ فلم جييبوه‪ .‬فقال‪ :‬أفيكم عمنر بنن اخلطناب ؟ فلنم جييبنوه‪.‬‬
‫و يسننأل إال عننن هننةالء الثال ننة‪ .‬فقننال‪ :‬ناطبننا قومننه‪ :‬أمننا هننةالء فقنند كفيتم نوهم‪ .‬فلننم يملنني‬
‫عم ننر ؓ نفس ننه أن ق ننال‪ :‬ي ننا ع نندو الل‪ .‬إن ال ننذين ذك ننروم أحي نناء‪ .‬وق نند أبق ننى الل ل نني م ننا‬
‫يسو ك فقال‪ :‬قد كان ف القوم مثلة‪ ،‬آمر ذا و تسةين [ يشري بنذلي إ منا صننعته زوجنه‬
‫هند بهثمن رزة ؓ بعد أن قتله وحجن‪ .‬حني بقنرت بطننه‪ ،‬واسنتخرجت كبنده‪ .‬فالكتهنا‬
‫م لفظتها ]‬

‫ننم قننال‪ :‬هاعننل هبننل فقننال رسننول الل ☻ أال ييبونننه ؟ قننالوا‪ :‬بننمذا نهيبننه ؟‬
‫ق ن ن ن ننال‪ :‬قول ن ن ننوا‪ :‬الل أع ن ن ن ننىل وأج ن ن ننل‪ .‬ق ن ن ن ننال‪ :‬لن ن ن ن ننا الع ن ن ن ننزى وال ع ن ن ن ننزى لك ن ن ن ننم ق ن ن ن ننال رسن ن ن ننول الل‬
‫☻ أال ييبوننه ؟ قنالوا‪ :‬بنمذا نهيبنه ؟ قنال‪ :‬قولنوا‪ :‬الل موالننا وال منو لكنم‪..‬‬
‫قنال أبنو سنفيان‪ :‬يننوم بينوم بندر واحلننرب سنهال‪ .‬فقنال عمننر ؓ‪ :‬ال سنواء‪ .‬قتالننا ف ا نننة‬
‫وقتالكم ف النار ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ولا انق ت العركة انرص الشنركون‪ ،‬فظن السلمون أ م قصندوا الديننة لسنبي النذراري‬
‫وإح ن ن ن ننراز الم ن ن ننوال‪ .‬فش ن ن ن ننق ذل ن ن ن نني عل ن ن ن ننيهم‪ .‬فق ن ن ن ننال النب ن ن ن نني ☻ لع ن ن ن ننيل ب ن ن ن ننن أيب‬
‫طالننب ؓ " أخننر ف آ ننار القننوم‪ ،‬فننانظر منناذا يصنننعون‪ ،‬ومنناذا يرينندون‪ .‬فننإن هننم جنبننوا‬
‫اخلينل وامتطنوا اإلبنل فنإ م يريندون مكنة‪ .‬وإن كنانوا ركبنوا اخلينل وسناقوا اإلبنل فنإ م يرينندون‬
‫الدينة‪ .‬فوالذي نفيس بيده لو أرادوها لسرين إليهم م ل اجزهم فيها ‪"..‬‬

‫نيل ‪ :‬فخرجننت ف آ ننارهم أ ظننر منناذا يصنننعون‪ .‬فهنبننوا اخليننل وامتطننوا اإلبننل‪ ،‬ووجهننوا‬
‫قننال عن م‬
‫مكة ‪.‬‬

‫الطري ننق تالوم ننوا ف ننيم بي نننهم‪ ،‬وق ننال بع ننهم‪ :‬تص نننعوا ا ننيئا‪ ،‬أص ننبتم‬ ‫فل ننم ك ننانوا ف بع ن ن‬
‫ا ننوكتهم وحن نندهم‪ ،‬ن ننم تركتمن ننوهم وقن نند بقن نني من نننهم ر وس جيمعن ننون لكن ننم‪ .‬فن ننارجعوا حتن ننى‬
‫نستأصننل ا ننأفتهم‪ ..‬فبل ننغ ذل نني رسننول الل ☻ فن ننادى ف الن نناس‪ ،‬ون نندذم إ‬
‫السننري إ لقنناء عنندوهم وقننال‪ ":‬ال اننر معنننا إال مننن اننهد القتننال "‪ .‬فقننال لننه عبنند الل بننن أيب‪:‬‬
‫أركننب معنني‪ .‬قننال‪ ":‬ال "‪ .‬فاسننتهاب لننه السننلمون عننىل مننا ذننم مننن ا ننر الشننديد واخلننو ؛‬
‫وقننالوا‪ :‬سننمعا وطاعننة‪ .‬وأسننتأذنه جننابر بننن عبنند الل‪ .‬وقننال‪ :‬يننا رسننول الل إين أحننب أال تشننهد‬
‫مشهدا إال كنت معي‪ ،‬وإنم خلفني أيب عىل بناته يوم أحد‪ ،‬فأذن يل أسري معي‪ ،‬فنأذن لنه‪ ،‬فسنار‬
‫رسنول الل ☻ والسنلمون معنه حتنى بلغنوا رنراء السند؛ وأقبنل معبند بنن أيب‬
‫معبد اخلزاعي إ رسول الل ☻ فأمره أن يل نق بنأيب سنفيان فيخذلنه‪ ،‬فل قنه‬
‫بالروحنناء‪ ،‬و يعلننم بإسننالمه‪ ،‬فقننال‪ :‬ومننا وراءك يننا معبنند ؟ فقننال‪ :‬حممنند وأص ن ابه قنند حترقننوا‬
‫علننيكم‪ ،‬وخرجننوا ف جننع ارجننوا ف مثلننه‪ ،‬وقنند ننندم مننن كننان لننف عنننهم مننن أص ن اذم‪.‬‬
‫وراء ه ننذه الكم ننة فق ننال أب ننو‬ ‫فق ننال‪ :‬م ننا تق ننول ؟ فق ننال‪ :‬م ننا أرى أن ترحت ننل حت ننى يطل ننع ا نني‬

‫‪51‬‬
‫سنفيان‪ :‬والل لقنند أجعننا الكننرة علنيهم لنستأصننلهم‪ .‬قنال‪ :‬فننال تفعنل فننإين لني ناصننح فرجعننوا‬
‫عىل أعقاذم إ مكة ‪.‬‬

‫الش ننركي يري نندون الدين ننة؛ فق ننال‪ :‬ه ننل ل نني أن تبل ننغ حمم نندا رس ننالة‪،‬‬ ‫ولق نني أب ننو س ننفيان بع ن‬
‫وأوقننر لنني راحلتنني زبيبننا إذا أايننت إ مكننة ؟ قننال‪ :‬نعننم‪ .‬قننال‪ :‬أبلننغ حممنندا أ ننا قنند جعنننا الكننرة‬
‫لنستأصله ونستأصل أص ابه‪ .‬فلم بلغهم قوله قالوا‪ :‬حسنبنا الل ونعنم الوكينل‪ .‬و يفنت ذلني‬
‫ف ع نندهم‪ .‬وأقنناموا ال ننة أخمننام ينتظننرون‪ .‬ننم عرفننوا أن الش ننركي أبعنندوا ف طننريقهم إ مكننة‬
‫منرصفي‪ .‬فعادوا إ الدينة ‪..‬‬

‫***‬

‫وبعد فإن هذا اللخص لحدا الغزوة ال يصور كل جوانبها‪ ،‬وال يسهل كل ما وقنع فيهنا‪،‬‬
‫الوق ننائع الوحي ننة‪ ،‬تكمل ننة لرس ننم ا ننو‬ ‫ا ننا ه ننو موض ننع الث ننل والع ننربة‪ ..‬وم ننن ننم ن ننذكر بع ن ن‬
‫واست يائه ‪:‬‬

‫كننان عمننرو ابننن قميئننة مننن الش ننركي الننذين خلصننوا إ رسننول الل ☻ حنني‬
‫أفننرد ف فننةة اضننطراب العركننة‪ ،‬عقننب ننيل الرمنناة عننن أمنناكنهم‪ ،‬وإحاطننة الكفننار بالسننلمي‪،‬‬
‫والصي ة بأن حممدا قتل‪ ،‬وما صنعته ف صفو السلمي وعزائمهم ‪.‬‬

‫فيهنا احللنيم كاننت أم عنمرة نسنيبة بننت كعنب الازنينة تقاتنل عننن‬ ‫وف هنذه ا لغمنرة التني يطني‬
‫رس ننول الل ☻ قت نناال ا ننديدا‪ .‬وق نند رب ننت عم ننر ب ننن قميئ ننة بس ننيفها رب ننات‬
‫عدة‪ ،‬ولكن وقته درعان كانتا عليه‪ .‬ورذا هو بالسيف فهرحها جرحا اديدا عىل عاتقها ‪..‬‬

‫‪52‬‬
‫وكن ننان أبن ننو دجانن ننة ين ننةس بظهن ننره عن ننىل النبن نني ☻ والنبن ننل يقن ننع فين ننه‪ ،‬وهن ننو ال‬
‫يت رك‪ ،‬وال يكشف رسول الل ☻ ‪.‬‬

‫وك ننان طل ن ننة بن ننن عبين نند الل يث ننوب رسيعن ننا إ رسن ننول الل ☻ ويقن ننف دونن ننه‬
‫وحنده‪ ،‬حتننى يص ن رع‪ ..‬ف صن يح ابنن حبننان عنن عائشننة قالنت‪ :‬قننال أبنو بكننر الصنديق‪ :‬لننا كننان‬
‫يننوم أحنند‪ ،‬انص نر الننناس كلهننم عننن النبنني ☻ فكنننت أول مننن فنناء إ النبنني‬
‫☻ فرأ خمننت بنني يديننه رجننال يقاتننل عنننه وحيميننه‪ .‬قلننت‪ :‬كننن طل ننة فننداك أيب‬
‫وأمنني كننن طل ننة فننداك أيب وأمنني فلننم أ شننب أن أدركننني أبننو عبينندة بننن ا ننرا ‪ .‬وإذا هننو‬
‫يشن ننتد كأ ن ننه طن ننري‪ ،‬حتن ننى حلقنن نني‪ ،‬فن نندفعنا إ النبن نني ☻ فن ننإذا طل ن ننة بن نني يدي ن ننه‬
‫رصيعننا‪ .‬فقننال البش نر‪ ":‬دونكننم أخنناكم فقنند أوجننب "‪ .‬وقنند رمنني النبنني ☻ ف‬
‫وجنت ن ن ننه‪ ،‬حت ن ن ننى غاب ن ن ننت حلق ن ن ننة م ن ن ننن حل ن ن ننق الغف ن ن ننر ف وجنت ن ن ننه‪ .‬ف ن ن ننذهبت ل زعه ن ن ننا ع ن ن ننن النب ن ن نني‬
‫☻ فقال أبو عبيدة‪ :‬نشدتي الل ينا أبنا بكنر إال تركتنني قنال‪ :‬فأخنذ أبنو عبيندة‬
‫السهم بفيه‪ ،‬فهعل ين ن نه كرا هنة أن ينةذي رسنول الل ☻ نم اسنتل السنهم‬
‫بفيننه‪ ،‬فننندرت نيننة أيب عبينندة‪ .‬قننال أبنو بكننر‪ :‬ننم ذهبننت يخننذ ايخننر‪ ،‬فقننال أبننو عبينندة‪ :‬نشنندتي‬
‫الل يننا أبننا بكننر إال تركتننني قننال‪ :‬فأخننذه‪ ،‬فهعننل ين ن ننه حتننى اسننتله‪ ،‬فننندرت نيننة أيب عبينندة‬
‫الخنرى‪ ..‬نم قننال رسنول الل ☻" دونكننم أخناكم فقند أوجننب " قنال‪ :‬فأقبلنننا‬
‫عىل طل ة نعا ه‪ .‬وقد أصابته ب ع عرشة ربة ‪.‬‬

‫نيل ‪ -‬ك ن نرم الل وجه ننه ‪ -‬بال نناء لغس ننل ج ننر رس ننول الل ☻ فك ننان‬
‫وج نناء ع ن م‬
‫يص ننب ال نناء ع ننىل ا ننر ‪ ،‬وفاطم ننة ‪ -‬رن الل عنه ننا ‪ -‬تغس ننله‪ .‬فل ننم رأت أن ال نندم ال يك ننف‪،‬‬
‫أخذت قطعة من حصري‪ ،‬فأحرقتها‪ ،‬فأفصقتها با ر فاستمسي الدم ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫وقنند مننص مالنني والنند أيب سننعيد اخلنندري جننر رسننول الل ☻ حتننى أ قنناه‪.‬‬
‫فقال له‪" :‬جمه" فقال‪ :‬والل ال أجمنه أبندا نم ذهنب‪ ،‬فقنال النبني ☻‪ ":‬منن أراد‬
‫أن ينظر إ رجل من أهل ا نة فلينظر إ هذا ‪"..‬‬

‫وف ص يح مسلم أ نه ☻ أفنرد ينوم أحند ف سنبعة منن ال صنار ورجلني منن‬
‫قري ‪ .‬فلم رهقوه قال‪ ":‬من يردهم عني ولنه ا ننة ؟ " فتقندم رجنل منن ال صنار‪ ،‬فقاتنل حتنى‬
‫قتل‪ .‬م رهقوه فقال‪ ":‬من يردهم عني فله ا نة وهو رفيقي ف ا نة "‪ ..‬فلم يزل كنذلي حتنى‬
‫قتل السبعة‪ .‬فقال رسول الل ☻ " ما انصفنا أص ابنا "‪ ..‬م جالندهم طل نة‬
‫حتى أجه هم عنه‪ .‬وترس عليه أبو دجانة بظهره كم أسنلفنا‪ ،‬حتنى انهلنت الكربنة‪ ..‬وقند بلنغ‬
‫اإلعي نناء برس ننول الل ☻ أ ننه وه ننو يص ننعد ا ب ننل والشن ننركون يتبعون ننه أراد أن‬
‫يعلو صخرة فلم يستطع لا به‪ ،‬فهلس طل ة حتته حتنى صنعدها‪ .‬وحاننت الصنالة‪ .‬فصنىل ذنم‬
‫جالسا ‪.‬‬

‫ومن أحدا هذا اليوم كذلي ‪:‬‬

‫إن حنظلة ال صاري [ اللقب ب نظلة الغسيل ] اد عىل أيب سفيان‪ ،‬فلنم متكنن مننه رنل عنىل‬
‫حنظلة اداد ابن ا لسود فقتله‪ .‬وكنان جنبنا‪ .‬فإننه لنا سنمع صني ة احلنرب وهنو منع امرأ انه‪ ،‬قنام‬
‫مننن ف ننوره إ ا ه نناد‪ .‬ف ننأخرب رسننول الل ☻ أص ن ابه أن الالئك ننة تغس ننله‪ .‬ننم‬
‫قال‪ :‬سلوا أهله ما اأ ه ؟ فسأفوا امرأاه‪ ،‬فأخربوم اخلرب !‬

‫وقال زيد بن ابنت‪ :‬بعثنني رسنول الل ☻ ينوم أحند أطلنب سنعد بنن الربينع‪.‬‬
‫ق ننال‪ :‬فهعل ننت أط ننو ب نني الق ننتىل‪ ،‬فأايت ننه وه ننو ب ننلخر رم ننق‪ ،‬وب ننه س ننبعون رب ننة‪ ،‬م ننا ب نني طعن ننة‬
‫برمح‪ ،‬وربة بسيف‪ ،‬ورمية بسهم‪ .‬فقلت‪ :‬ينا سنعد‪ .‬إن رسنول الل ☻ يقنرأ‬

‫‪54‬‬
‫عليي السالم‪ ،‬ويقول لي‪ :‬أخربين كيف يدك ؟ فقنال‪ :‬وعنىل رسنول الل ☻‬
‫السالم‪ .‬قنل لنه‪ :‬ينا رسنول الل أجند رينح ا ننة‪ .‬وقنل لقنومي ال صنار‪ :‬ال عنذر لكنم عنند الل إن‬
‫خلص إ رسول الل ☻ وفيكم عي تطر ‪ ..‬وفاضت نفسه من وقته ‪.‬‬

‫ومر رجل من الهاجرين برجل من ال صار‪ ،‬وهو يتشن ط ف دمنه‪ ،‬فقنال‪ :‬ينا فنالن‪ .‬أانعرت‬
‫أن حممدا قد قتل ؟ فقال ال صاري‪ :‬إن كان حممد قد قتل فقد بلغ‪ ،‬فقاتلوا عن دينكم ‪.‬‬

‫وقال عبد الل بن عمنرو بنن حنرام‪ :‬رأخمنت ف الننوم‪ ،‬قبنل أحند‪ ،‬مبش نر بنن عبند الننذر يقنول يل‪:‬‬
‫أ ت قادم علينا ف أخمام‪ .‬فقلت‪ .‬وأخمن أ ت ؟ فقال‪ :‬ف ا نة‪ ،‬نا فيها حيث نشاء‪ .‬قلنت لنه أ‬
‫تقتن ننل ين ننوم ب ن نندر ؟ فق ن ننال‪ :‬ب ن ننىل‪ .‬ن ننم أحيي ن ننت‪ .‬ف ن ننذكرت ذل ن نني لرس ن ننول الل ☻‬
‫فقال‪":‬هذه الشهادة يا أبا جابر ‪"..‬‬

‫وق ننال خيثم ننة ‪ -‬وك ننان ابن ننه ق نند استش ننهد م ننع رس ننول الل ☻ ي ننوم ب نندر‪ :‬لق نند‬
‫أخطأاني وقعة بدر‪ ،‬وكنت والل عليها حريصا‪ ،‬حتى سامهت ابني ف اخلرو ‪ ،‬فخر سنهمه‪،‬‬
‫فن ننرزد الشن ننهادة‪ .‬وقن نند رأخمن ننت البارحن ننة ابنن نني ف النن ننوم ف أحسن ننن صن ننورة‪ ،‬يسن ن نر ف ن ننمر ا نن ننة‬
‫وأ ارهننا يق ننول‪ :‬احل ننق بنننا ترافقن ننا ف ا ن ننة‪ ،‬فقنند وج نندت م ننا وعنندين ريب حق ننا‪ .‬وق نند ‪ -‬والل ي ننا‬
‫رسنول الل ‪ -‬أصننب ت مشنتاقا إ مرافقتننه ف ا ننة‪ .‬وقنند كنربت سننني‪ ،‬ورد عظمني‪ ،‬وأحببننت‬
‫لقناء ريب‪ .‬فننادع الل يننا رسننول الل أن يرزقننني الشننهادة‪ ،‬ومرافقننة سننعد ف ا نننة‪ .‬فنندعا لننه رسننول‬
‫الل ☻ بذلي‪ .‬فقتل بأحد اهيدا ‪.‬‬

‫ف ذل ن نني الين ننوم‪ :‬مهللا إين أقس ن ننم علي ن نني أن أفق ن نى الع ن نندو غ ن نندا‪،‬‬ ‫وق ن ننال عب ن نند الل ب ن ننن ج ن ن ن‬
‫فيقتلوين‪ ،‬م يبقروا بطني‪ ،‬وجيدعوا أ في وأذين‪ .‬م تسأفني فيم ذلي ؟ فأقول‪ :‬فيي !‬

‫‪55‬‬
‫وكان عمرو بن ا منو أعنر انديد العنر ‪ ،‬وكنان لنه أربعنة بنني انباب‪ ،‬يغنزون منع رسنول‬
‫الل ☻ إذا غنزا‪ .‬فلنم توجننه إ أحند أراد أن يتوجنه معننه‪ ،‬فقنال لنه بنننوه‪ :‬إن الل‬
‫قد جعل لي رخصة‪ ،‬فلو قعدت ون ن نكفيي وقد وضع الل عني ا هناد‪ .‬فنأاى عمنرو بنن‬
‫ا م ننو رس ننول الل ☻ فق ننال‪ :‬ي ننا رس ننول الل‪ .‬إن بن نني ه ننةالء يمنع ننونني أن‬
‫أخننر معنني‪ .‬والل إين لرجننو أن استشننهد‪ ،‬فأطننأ بعرجتنني هننذه ف ا نننة‪ .‬فقننال لننه رسننول الل‬
‫☻ " أم ننا أ ننت فق نند وض ننع الل عن نني ا ه نناد "‪ .‬وق ننال لبني ننه‪ ":‬وم ننا عل ننيكم أن‬
‫تدعوه ؟ لعل الل عز وجل أن يرزقه الشهادة ؟ "‪ ..‬فخنر منع رسنول الل ☻‬
‫فقتل يوم أحد اهيدا ‪.‬‬

‫وف م ننطرب العركننة نظننر حذيفننة بننن الننيمن إ أبيننه والسننلمون يرينندون قتلننه‪ ،‬ال يعرفونننه‪،‬‬
‫وهننم يظنون ننه م ننن الش ننركي‪ .‬فقننال حذيف ننة‪ :‬أي عب نناد الل‪ ،‬أيب‪ .‬فل ننم يفهمننوا قول ننه حت ننى قتل ننوه‪.‬‬
‫فقننال‪ :‬يغفننر الل لكننم‪ .‬فننأراد رسننول الل ☻ أن يننةدي ديتننه‪ .‬فقننال حذيفننة‪ :‬قنند‬
‫تصدقت بديته عىل السلمي‪ .‬فزاد ذلي حذيفة خريا عند رسول الل ‪.‬‬

‫وقال وحج غنالم جبنري بنن مطعنم يصنف مص نرع رنزة سنيد الشنهداء ف هنذه الغنزوة‪ :‬قنال يل‬
‫جبنري‪ :‬إن قتلننت رننزة عننم حممنند فأ ننت عتيننق‪ .‬قننال‪ :‬فخرجننت مننع الننناس‪ .‬وكنننت رجننال حبشننيا‪،‬‬
‫أق ننذ باحلرب ننة ق ننذ احلبش ننة‪ ،‬قل ننم أخط ن ن ذ ننا ا ننيئا‪ .‬فل ننم التق ننى الن نناس خرج ننت أ ظ ننر رن ننزة‬
‫واتبصننره‪ ،‬حتنى رأخمتنه كأ نه ا مننل الورد‪ ،‬هيند النناس بسنيفه هنندا‪ ،‬منا يقنوم لنه يشء‪ .‬فننوالل إين‬
‫لويأ له أريده‪ ،‬وأستة منه بشهرة أو ب هر ليندنو منني‪ .‬إذ تقندمني إلينه سنباع بنن عبند العنزى‪،‬‬
‫فلننم رآه رننزة ربننه ربننة كننأ م اختطننف رأسننه‪ ،‬فهننززت حربتنني حتننى إذا رضننيت عنهننا دفعتهننا‬
‫عليننه‪ ،‬فوقعننت ف نتننه [ أحشننائه ] حتننى خرجننت مننن بنني رجليننه‪ .‬وذهننب لينننوء ن ننوي فغلننب‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫وتركتننه وإي اهننا حتننى مننات‪ .‬ننم أايتننه فأخننذت حربتنني ورجعننت إ العسننكر‪ ،‬فقعنندت فيننه‪ .‬إذ‬
‫تكن يل بغريه حاجة‪ .‬إنم قتلت لعتق ‪..‬‬

‫وقنند جنناءت هننند بنننت عتبننة زو أيب سننفيان‪ ،‬فبقننرت بطننن رننزة‪ ،‬وأخرجننت كبننده‪ ،‬والكتهننا‬
‫فلم تقدر عليها‪ .‬فأفقتها ‪..‬‬

‫ولنا وقننف رسننول الل ☻ بعنند العركننة عننىل جننثمن رننزة ؓ تننأ ر تننأ را‬
‫إيل‬
‫اننديدا‪ .‬وقننال ☻‪ ":‬لننن أصنناب بمثلنني أبنندا‪ .‬ومننا وقفننت قننط موقفننا أغننيظ م‬
‫من هذا "‪ ..‬م قنال رسنول الل ☻‪ ":‬أكلنت انيئا ؟ " قنالوا‪ :‬ال‪ .‬قنال‪ ":‬منا كنان‬
‫الل ليدخل ايئا من رزة ف النار ‪"..‬‬

‫وقنند أمننر رسننول الل ☻ أن ينندفن اننهداء أحنند ف مصننارعهم‪ ،‬وال ينقلننوا إ‬
‫الص ن ن ن ن ابة قن ن ن نند نقلن ن ن ننوا قن ن ن ننتالهم‪ .‬فنن ن ن ننادى منن ن ن ننادي رس ن ن ننول الل‬ ‫مق ن ن نناب ر الدينن ن ن ننة‪ .‬وكن ن ن ننان بع ن ن ن ن‬
‫☻ بنرد القننتىل إ مصننارعهم فننردوا‪ .‬ووقنف ‪ -‬صننلوات الل وسننالمه عليننه ‪-‬‬
‫يدفن الرجلي والثال ة ف الل د الواحد‪ .‬وكان يسأل‪ :‬أهيم أكثر أخذا ف القرآن ؟ فنإذا أاناروا‬
‫إ رجل قدمه ف الل ند‪ .‬ودفنن عبند الل بنن عمنرو بنن حنرام وعمنرو بنن ا منو ف قنرب واحند‬
‫لا كان بينهم من ال بة‪ .‬فقال‪ ":‬ادفنوا هذين الت ابي ف الدنيا ف قرب واحد ‪".‬‬

‫***‬

‫اللقطننات مننن العركننة التنني ينناور فيهننا النص ننر وا زيمننة‪ ،‬ال تفننرد بينننهم إال حلظننة‬ ‫هننذه بع ن‬
‫م ننن الزم ننان‪ ،‬وإال نالف ننة ع ننن الم ننر‪ ،‬وإال حرك ن نة م ننن ا ننوى‪ ،‬وإال لفت ننة م ننن الش ننهوة والت نني‬

‫‪57‬‬
‫ياورت فيها القيم العالية والسفو ا ابطة والنمذ الفريدة ف تاريخ اإليمن والبطولنة‪ ،‬وف‬
‫تاريخ النفاد وا زيمة !‬

‫وهني جمموعنة تكشنف عنن حالننة منن عندم التناسنق ف الصنف حينننذاك‪ ،‬كنم تكشنف عنن حالننة‬
‫السنلمي‪ ..‬وهنذه وتلني أ شنأت ‪ -‬وفنق سننة الل وقندره ‪ -‬هنذه‬ ‫ف تصورات بعن‬ ‫من الغب‬
‫النتننائج التنني ذاقهننا السننلمون؛ وهننذه الت ن يات ا سننام‪ ،‬التنني تننةاءى عننىل قمتهننا تلنني التنني‬
‫أصننابت رسننول الل ☻ والتنني ال انني أن الص ن ابة حنني ذاك كننانوا حيسننو ا‬
‫بعمق وعنف‪ ،‬ويرو ا أاند منا ننا م منن ايالم‪ .‬وقند دفعنوا النثمن غالينا ليتلقنوا الندرس عالينا‪،‬‬
‫ولنيم ص الل القلننوب ويميننز الصننفو ‪ ،‬وليعنند ا معنة السننلمة للمهمننة العظمننى التنني ناطهننا‬
‫ذا‪ :‬مهمة القيادة الراادة للبرشية‪ ،‬وإقرار منهج الل ف الرض ف صورته الثالية الواقعية ‪..‬‬

‫فلننظر إذن كيف عالج القرآن الكريم الوقف بطريقة القرآن ‪.‬‬

‫إن النننص القننرآين ال يتتبننع أحنندا العركننة للروايننة والعننرض؛ ولكنننه يتتبننع دخائننل النفننوس‬
‫وخوالج القلوب؛ ويتخذ من الحدا مادة تنبيه وتنوير وتوجيه ‪..‬‬

‫وهننو ال يعننرض احلننواد عرضننا تارايننا مسلسننال بقصنند التسننهيل؛ إنننم هننو يعرضننها للعننربة‬
‫والةبي ن ننة واس ن ننتخالص الق ن ننيم الكامن ن ننة وراء احل ن ننواد ؛ ورس ن ننم س ن ننمت النف ن ننوس‪ ،‬وخله ن ننات‬
‫القلننوب‪ ،‬وتصننوير ا ننو الننذي صنناحبها؛ والسنننن الكونيننة التنني حتكمهننا؛ والبننادئ الباقيننة التنني‬
‫تقررهنا‪ .‬وبنذلي تسننت يل احلاد نة حمنورا أو نقطننة ارتكناز لثنروة ضننخمة منن الشناعر والسننمت‪،‬‬
‫والنتننائج واالسننتدالالت‪ .‬يبنندأ السننياد منهننا؛ ننم يسننتطرد حو ننا؛ ننم يعننود إليهننا؛ ننم جيننول ف‬
‫أعننمد ال ننمئر‪ ،‬وف أغننوار احلينناة؛ ويكننرر هننذا مننرة بعنند مننرة‪ ،‬حتننى ينتهنني بروايننة احلنناد إ‬
‫ايته ننا وق نند ض ننم جناحي ننه ع ننىل حف ننل م ننن الع نناين وال نندالئل والق ننيم والب ننادئ‪ ،‬تك ننن رواي ننة‬

‫‪58‬‬
‫احلنناد إال وسننيلة إليهننا‪ ،‬ونقطننة ارتكنناز تتهمننع حواليهننا‪ .‬وحتننى يكننون قنند تننناول مالبسننات‬
‫احلنناد وعقابيلننه ف ال ننمئر‪ ،‬فهالهننا‪ .‬ونقاهننا‪ ،‬وأراحهننا ف موا ضننعها‪ ،‬فننال ينند النننفس منهننا‬
‫حرية وال قلقا‪ ،‬وال حتس فيها لبسا وال دخال ‪..‬‬

‫وينظ ننر اإلنس ننان ف رقع ننة العرك ننة‪ ،‬وم ننا وق ننع فيه ننا ‪ -‬ع ننىل س ننعته وتنوع ننه ‪ -‬ننم ينظ ننر إ رقع ننه‬
‫التعقيب القرآين‪ ،‬وما تناوله من جوا ننب؛ فنإذا هنذه الرقعنة أوسنع منن تلني‪ ،‬وأبقنى عنىل النزمن‪،‬‬
‫وأفصننق بننالقلوب‪ ،‬وأعمننق ف النفننوس‪ ،‬وأقنندر عننىل تلبيننة حاجننات النننفس البشننرية‪ ،‬وحاجننات‬
‫ا معة اإلسالمية‪ ،‬ف كل موقف تتعرض له ف هنذا الهنال‪ ،‬عنىل تتنابع الجينال‪ .‬فهني تت نمن‬
‫احلقائق الباقية من وراء الحدا الزائلة‪ ،‬والبادئ الطلقة منن وراء احلنواد الفنردة‪ ،‬والقنيم‬
‫النظننر ع ننن اعتب ننارات‬ ‫الصننيلة م ننن وراء الظننواهر العارض ننة‪ ،‬والرصننيد الص ننالح للتننزود بغ ن‬
‫الزمان والكان ‪..‬‬

‫وهذه احلصيلة الباقية تدخرها النصوص القرآنينة لكنل قلنب يتفنتح بناإليمن‪ ،‬ف أي زمنان وف‬
‫أي مكان‪ ..‬وسنعرض ا متهمعة ‪ -‬إن ااء الل ‪ -‬بعد استعراضها متفرقة ف النصوص ‪..‬‬

‫***‬

‫‪59‬‬
‫‪ ‬الدرس األول‪ :‬التوكل على اهلل ‪‬‬

‫) وإذ غدوت من أهلي تبوئ الةمني مقاعد للقتال‪ ،‬والل سميع عليم‪ .‬إذ مهت طائفتان‬
‫منكم أن تفشال‪ ،‬والل وليهم‪ ،‬وعىل الل فليتوكل الةمنون)‪..‬‬

‫ن نناره ‪ -‬وقن نند كن ننان قريبن ننا من ننن نفن ننوس‬ ‫هكن ننذا يبن نندأ باسن ننتعادة الشن ننهد الول للمعرك ن نة واست‬
‫الخ ن نناطبي الول ن نني ذ ن ننذا الق ن ننرآن وم ن ننن ذاك ن ننروم‪ .‬ولك ن ننن ابت ن ننداء احل ن ننديث ع ن ننىل ه ن ننذا الن ن ننو‪،‬‬
‫نار الشننهد الول ذنذا النننص‪ ،‬منن اننأ ه أن يعينند الشنهد بكننل حرارتنه وبكننل حيويتننه؛‬ ‫واست‬
‫وأن ي ننيف إلي ننه م ننا وراء الش ننهد النظ ننور ‪ -‬ال ننذي يعرفون ننه ‪ -‬م ننن حق ننائق أخ ننرى ال يت ننمنها‬
‫الشننهد النظننور‪ .‬وأو ننا حقيقننة ح ننور الل ‪ -‬سننب انه ‪ -‬معهننم‪ ،‬وسننمعه وعلمننه بكننل مننا كننان‬
‫ارها وتقريرهنا وتوكيندها‬ ‫وما دار بينهم‪ .‬وهي احلقيقة التي حترص الةبية القرآنية عىل است‬
‫وتعميقها ف التصور اإلسالمي‪ .‬وهي هي احلقيقة الساسية الكبرية‪ ،‬التني أقنام عليهنا اإلسنالم‬
‫منههننه الةبننوي‪ .‬والتنني ال يسننتقيم ضننمري عننىل النننهج اإلسننالمي‪ ،‬بكننل تكاليفننه‪ ،‬إال أن تسننتقر‬
‫فيه هذه احلقيقة بكل قووا‪ ،‬وبكل حيويتها كذلي‪:‬‬

‫( وإذ غدوت من أهلي تبوئ الةمني مقاعد للقتال‪ ..‬والل سميع عليم‪..)..‬‬

‫واإلاننارة هنننا إ غنندو النبنني ☻ مننن بيننت عائشننة ‪ -‬رن الل عنهننا ‪ -‬وقنند‬
‫لبس لمته ودرعه؛ بعد التشاور ف المر‪ ،‬وما انتهى إليه من عزم عىل اخلرو من الدينة للقاء‬
‫الشننركي خارجهننا‪ .‬ومنا أعقنب هنذا مننن تنظنيم الرسنول ☻ للصنفو ‪ ،‬ومننن‬

‫‪60‬‬
‫أمننر للرمنناة با نناذ مننوقفهم عننىل ا بننل‪ ..‬وهننو مشننهد يعرفونننه‪ ،‬وموقننف يتذكرونننه‪ ..‬ولكننن‬
‫احلقيقة ا ديدة فيه هي هذه‪:‬‬

‫(والل سميع عليم)‪..‬‬

‫وينا لنه منن مشنهد‪ ،‬الل حناره وينا لنه منن موقنف‪ ،‬الل اناهده وينا نا منن رهبنة إذن ومنن‬
‫روعنة حتنف بنه‪ ،‬و نالط كنل منا دار فينه منن تشناور‪ .‬والس نرائر مكشنوفة فينه لل‪ .‬وهنو يسنمع منا‬
‫تقوله اللسنة ويعلم ما ومس به ال مئر‪.‬‬

‫واللمس ننة الثان ي ننة ف ه ننذا الش ننهد الول‪ ،‬ه نني حرك ننة ال ننعف والفش ننل الت نني راودت قل ننوب‬
‫طنائفتي مننن السننلمي؛ بعند تلنني احلركننة اخلائنننة التني قننام ذننا رأس النفناد "عبنند الل بننن أيب بننن‬
‫س ننلول" ح نني انفص ننل بثل ننث ا نني ‪ ،‬مغ ننبا أن الرس ننول ☻ يأخ ننذ برأ خم ننه‪،‬‬
‫واسننتمع إ اننباب أهننل الدينننة وقننال‪( :‬لننو نعلننم قتنناال التبعننناكم ) فنندل ذننذا عننىل أن قلبننه‬
‫الص للعقيدة؛ وأن اخصه ما يزال يمأل قلبه ‪ ،‬ويطغى ف ذلي القلب عىل العقيدة‪ ..‬العقيدة‬
‫التني ال حتتمننل رشكننة ف قلننب صناحبها‪ ،‬وال تطيننق ننا فيننه رشيكنا فإمننا أن الننص ننا وحنندها‪،‬‬
‫وإما أن يانبه هي ويتويه‬

‫(إذ مهت طائفتان منكم أن تفشال‪ ،‬والل وليهم‪ ،‬وعىل الل فليتوكل الةمنون)‪..‬‬

‫وهاتننان الطائفتننان ‪ -‬كننم ورد ف الص ن يح ‪ -‬مننن حننديث سننفيان ب ننن عيينننة ‪ -‬مهننا بنننو حار ننة‬
‫وبنننو سننلمة‪ .‬أ ننرت فننيهم حركننة عبنند الل بننن أيب‪ ،‬ومننا أحد تننه مننن رجننة ف الصننف السننلم‪ ،‬مننن‬
‫أول خط ننوة ف العرك ننة‪ .‬فكادت ننا تفش ننالن وت ننعف ان‪ .‬ل ننوال أن أدرك ننتهم والي ننة الل وتثبيت ننه‪ ،‬ك ننم‬
‫أخرب هذا النص القرآين‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫(والل وليهم)‪..‬‬

‫قال عمر ؓ سمعت جابر بنن عبند الل يقنول‪ :‬فيننا نزلنت‪( :‬إذ مهنت طائفتنان مننكم أن‬
‫تفشنال)‪ ..‬قنال‪ :‬ن نن الطائفتنان‪ ..‬بننو حار نة وبننو سنلمة‪ ..‬ومنا ن نب [ أو ومنا يس نرين ] أ نا‬
‫تنزل‪ ،‬لقوله تعا ‪( :‬والل وليهم)‪ [ ..‬رواه البخاري ومسلم ]‪..‬‬

‫وهكننذا يكشننف الل الخبننوء ف مكنونننات ال ننمئر؛ والننذي يعلمننه إال أهلننه‪ ،‬حنني حنناك ف‬
‫صنندورهم حلظننة؛ ننم وق نناهم الل إينناه‪ ،‬ورصفننه عنننهم‪ ،‬وأخم نندهم بواليتننه‪ ،‬فم ننوا ف الص ننف‪..‬‬
‫يكش ننفه الس ننتعادة أح نندا العرك ننة‪ ،‬واس ننت ياء وقائعه ننا وم ش نناهدها‪ .‬ننم‪ ..‬لتص ننوير خله ننات‬
‫النفوس‪ ،‬وإاعار أهلها ح ور الل معهم‪ ،‬وعلمه بمكنونات ضمئرهم ‪ -‬كم قنال نم‪( :‬والل‬
‫سننميع علننيم)‪ -‬لتوكينند هننذه احلقيقننة وتعميقهننا ف حسننهم‪ .‬ننم لتعننريفهم كيننف كانننت النهنناة؛‬
‫وإاننعارهم عننون الل وواليتننه ورعايتننه حنني ينندركهم ال ننعف‪ ،‬وينندب فننيهم الفشننل‪ ،‬ليعرفننوا‬
‫أخمننن يتوجهننون حنني يستشننعرون اننيئا مننن هننذا وأخمننن يلتهئننون‪ .‬ومننن ننم يننوجههم هننذا الوجننه‬
‫الذي ال وجه غريه للمةمني‪:‬‬

‫( وعىل الل فليتوكل الةمنون)‪..‬‬

‫عىل وجه القرص واحلرص‪ ..‬عىل الل وحده فليتوكل الةمنون‪ .‬فلنيس نم ‪ -‬إن كنانوا منةمني‬
‫‪ -‬إال هذا السند التي‪.‬‬

‫نر ذنم القنرآن مشنهد العركنة وجوهنا‪ ،‬هنذين‬ ‫وهكذا نهند ف اييتني الوليني‪ ،‬اللتني يست‬
‫التوجيهي الكبريين الساسيي ف التصور اإلسالمي‪ ،‬وف الةبية اإلسالمية‪:‬‬

‫)والل سميع عليم)‪..‬‬

‫‪62‬‬
‫) وعىل الل فليتوكل الةمنون)‪..‬‬

‫نهدمها ف أوا م الناسب‪ ،‬وف جومها الناسب؛ حيث يلقيان كل إيقاعاوم‪ ،‬وكل‬
‫إحياءاوم‪ ،‬ف الوعد الناسب؛ وقد ويأت القلوب للتلقي واالستهابة واالنطباع‪ ..‬ويتبي ‪-‬‬
‫من هذين النصي التمهيديي ‪ -‬كيف يتو القرآن است ياء القلوب وتوجيهها وتربيتها؛‬
‫بالتعقيب عىل الحدا ‪ ،‬وهي ساخنة ويتبي الفرد بي رواية القرآن لألحدا وتوجيهها‪،‬‬
‫القلب‬ ‫بتفصيل أكثر؛ ولكنها ال تستهد‬ ‫وبي سائر الصادر التي قد تروي الحدا‬
‫البرشي‪ ،‬واحلياة البشنرية‪ ،‬باإلحياء واالستهااة‪ ،‬وبالةبية والتوجيه‪ .‬كم يستهدفها القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬بمنههه القويم‪.‬‬

‫***‬

‫‪63‬‬
‫‪ ‬الدرس الثاني‪ :‬النصر من عند اهلل ‪‬‬

‫هكذا يبدأ احلديث عن العركة التني ينتص نر فيهنا السنلمون ‪ -‬وقند كنادوا ‪ -‬وهني قند بندأت‬
‫بتغلي ننب االعتب ننارات الشخص ننية ع ننىل العقي نندة عن نند الن ننافق عب نند الل ب ننن أيب؛ وتابع ننه ف حركت ننه‬
‫أاباع ننه ال ننذين غلب ننوا اعتب نناره الشخص نني ع ننىل عقي نندوم‪ .‬وبال ننعف ال ننذي ك نناد ي نندرك ط ننائفتي‬
‫ص نناحلتي م ننن الس ننلمي‪ .‬ننم انته ننت بالخالف ننة ع ننن اخلط ننة العس ننكرية حت ننت مط ننارد الطم ننع ف‬
‫الغنيمة فلم تغنن الننمذ العالينة التني يلنت ف العركنة‪ ،‬عنن الصنري النذي انتهنت إلينه‪ ،‬بسنبب‬
‫ف التصور ‪..‬‬ ‫ذلي اخللل ف الصف‪ ،‬وبسبب ذلي الغب‬

‫وقب ننل أن يم ن نني ف االسن ننتعراض والتعقين ننب عن ننىل أحن نندا العركن ننة التن نني انتهن ننت با زيمن ننة‪،‬‬
‫يننذكرهم بالعركننة التنني انتهننت بالنصننر ‪ -‬معركننة بنندر ‪ -‬لتكننون هننذه أمننام تلنني‪ ،‬جمنناال للموازنننة‬
‫وتأمل السباب والنتائج؛ ومعرفنة منواطن ال نعف ومنواطن القنوة‪ ،‬وأسنباب النصننر وأسنباب‬
‫ا زيمننة‪ .‬ننم ‪ -‬بعنند ذلنني ‪ -‬ليك ننون اليقنني مننن أن النص ننر وا زيم ننة كلننيهم قنندر مننن أق نندار الل؛‬
‫حل كمة تت قق من وراء النصنر كم تت قق منن وراء ا زيمنة سنواء‪ .‬وأن منرد المنر ف النهاينة إ‬
‫الل عىل كال احلالي‪ ،‬وف جيع الحوال‪:‬‬

‫(ولقد نرصكم الل ببدر ‪ -‬وأ تم أذلة ‪ -‬فاتقوا الل لعلكم تشكرون‪ .‬إذ تقول للمةمني‪ :‬أفن‬
‫يكفيكم أن يمدكم ربكم بثال ة آال من الالئكة منزلي ؟ بىل إن تصربوا وتتقوا ويأاوكم من‬
‫فورهم هذا‪ ،‬يمددكم ربكم بخمسة آال من الالئكة مسومي‪ .‬وما جعله الل إال برشى لكم‪،‬‬
‫ولتطمئن قلوبكم به‪ .‬وما النصنر إال من عند الل العزيز احلكيم ‪ .‬ليقطع طرفا من الذين كفروا‪،‬‬

‫‪64‬‬
‫أو يكبتهم فينقلبوا خنائبي ‪ -‬لنيس لني منن المنر يشء ‪ -‬أو يتنوب علنيهم أو يعنذذم فنإ م‬
‫ظالون‪ .‬ولل ما ف السموات وما ف الرض‪ ،‬يغفر لن يشاء‪ ،‬ويعذب من يشناء والل غفنور‬
‫رحيم)‪..‬‬

‫والنصنر ف بدر كنان فينه رائ نة العهنزة ‪ -‬كنم أسنلفنا ‪ -‬فقند تنم بغنري أداة منن الدوات الادينة‬
‫الأفوفنة للنص نر‪ .‬تكنن الكفتنان فيهنا ‪ -‬بني النةمني والشننركي ‪ -‬متنوازنتي وال قنريبتي منن‬
‫التنوازن‪ .‬كننان الشننركون حننوايل أفننف‪ ،‬خرجنوا نفننريا السننتغا ة أيب سننفيان‪ ،‬حلميننة القافلننة التنني‬
‫كان ن ننت مع ن ننه‪ ،‬م ن ننزودين بالع ن نندة والعت ن نناد‪ ،‬واحل ن ننرص ع ن ننىل الم ن ننوال‪ ،‬واحلمي ن ننة للكرا م ن ننة‪ .‬وك ن ننان‬
‫السلمون حوايل ال مئة‪ ،‬ارجوا لقتال هذه الطائفنة ذات الشنوكة‪ ،‬إننم خرجنوا لرحلنة هيننة‪.‬‬
‫لقابلة القافلة العزالء وأخنذ الطرينق عليهنا؛ فلنم يكنن معهنم ‪ -‬عنىل قلنة العندد ‪ -‬إال القلينل منن‬
‫العندة‪ .‬وكنان وراءهنم ف الديننة مش نركون ال تنزال نم قنووم‪ ،‬ومننافقون نم مكنانتهم‪ ،‬وهينود‬
‫يةبصنون ذنم‪ ..‬وكننانوا هننم بعند ذلنني كلنه قلننة مسنلمة ف وسننط خ نم مننن الكفنر والش نرك ف‬
‫ا زينرة‪ .‬و تكنن قند زالنت عننهم بعند صنفة أ نم مهناجرون مطناردون منن مكنة‪ ،‬وأ صنار آووا‬
‫هةالء الهاجرين ولكنهم ما يزالون نبته غري مستقرة ف هذه البيئة‬

‫فبه ننذا كل ننه ي ننذكرهم الل ‪ -‬سن ننب انه ‪ -‬وي ننرد ذل نني النص ن ننر إ س ننببه الول ف وس ننط هن ننذه‬
‫الظرو ‪:‬‬

‫)ولقد نرصكم الل ببدر‪ .‬وأ تم أذلة‪ .‬فاتقوا الل لعلكم تشكرون)‪..‬‬

‫إن الل هننو الننذي نص نرهم؛ ونص ن رهم حلكمننة نننص عليهننا ف جمموعننة هننذه اييننات‪ .‬وهننم ال‬
‫نارص م منن أ فسنهم وال منن سنواهم‪ .‬فنإذا اتقنوا وخنافوا فليتقنوا وليخنافوا الل‪ ،‬النذي يملني‬

‫‪65‬‬
‫النصنر وا زيمة؛ والذي يملني القنوة وحنده والسنلطان‪ .‬فلعنل التقنوى أن تقنودهم إ الشنكر؛‬
‫وأن يعله اكرا وافيا الئقا بنعمة الل عليهم عىل كل حال‪.‬‬

‫ن نر مشننهدها ويس نت يي‬ ‫هننذه ه نني اللمسننة الو ف ت ننذكريهم بالنص ننر ف بنندر‪ ..‬ننم يست‬
‫صوروا ف حسهم‪ ،‬كأ م الل ظة فيها‪:‬‬

‫)إذ تقول للمةمني‪ :‬أفن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثال ة آال من الالئكة منزلي ؟ بىل إن‬
‫تصربوا وتتقوا ويأاوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آال من الالئكة مسومي(‪..‬‬

‫وكانننت هننذه كلننمت رسننول الل ☻ يننوم بنندر‪ ،‬للقلننة السننلمة التنني خرجننت‬
‫معننه؛ والتنني رأت نفننري الشننركي‪ ،‬وهنني خرجننت لتلقننى طائفننة العننري الننوقرة بالتناجر‪ ،‬ال لتلقننى‬
‫وقنند أبلغهننم الرسننول ☻ مننا بلغننه يومهننا ربننه‪،‬‬ ‫طائفننة النفننري الننوقرة بالسننال‬
‫لتثبين ننت قلن ننوذم وأقن نندامهم‪ ،‬وهن ننم بشن ن ن ر حيتن نناجون إ العن ننون ف صن ننورة قريبن ننة من ننن مشن نناعرهم‬
‫وتصننوراوم ومأفوفنناوم‪ ..‬وأبلغهننم كننذلي رشي هننذا النندد‪ ..‬إنننه الصننرب والتقننوى؛ الصننرب عننىل‬
‫ت لقي صدمة ا هوم‪ ،‬والتقوى التي تربط القلب بالل ف النصنر وا زيمة‪:‬‬

‫( بىل إن تصربوا وتتقوا ويأاوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آال من الالئكة‬
‫مسومي)(‪..)1‬‬

‫فننالن يعلمهننم الل أن مننرد المننر كلننه إليننه‪ ،‬وأن الفاعليننة كلهننا منننه ‪ -‬سننب انه ‪ -‬وأن نننزول‬
‫الالئكنة لنيس إال بش نرى لقلنوذم؛ لتنأ س ذنذا وتستبش نر‪ ،‬وتطمنئن بنه وتثبنت‪ .‬أمنا النصننر فمننه‬
‫مبارشة‪ ،‬ومتعلق بقدره وإرادته بال واسطة وال سبب وال وسيلة‪:‬‬

‫(‪ )1‬فورهم هذا‪ :‬أي من جهتهم هذه‪ .‬مسومين‪ :‬أي معلمين لهم عالمة تميزهم‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫) ما جعلنه الل إال بش نرى لكنم‪ ،‬ولتطمنئن قلنوبكم بنه‪ ،‬ومنا النصننر إال منن عنند الل العزينز‬
‫احلكيم)‪..‬‬

‫وهكننذا حيننرص السننياد القننرآين عننىل رد المننر كلننه إ الل‪ ،‬كنني ال يعلننق بتصننور السننلم مننا‬
‫يشنوب هنذه القاعندة الصنيلة‪ :‬قاعندة رد المنر جلنة إ مشنيئة الل الطليقنة‪ ،‬وإرادتنه الفاعلنة‪،‬‬
‫وقندره البنارش‪ .‬وتن ينة السنباب والوسنائل عنن أن تكنون هني الفاعلنة‪ .‬وإننم هني أداة حتركهنا‬
‫الشيئة‪ .‬وحتقق ذا ما تريده‪.‬‬

‫)وما النصنر إال من عند الل العزيز احلكيم)‪..‬‬

‫وقند حنرص القننرآن الكنريم عننىل تقرينر هننذه القاعندة ف التصننور اإلسنالمي‪ ،‬وعننىل تنقيتهنا مننن‬
‫كننل اننائبة‪ ،‬وعننىل تن ي نة السننباب الظنناهرة والوسننائل والدوات عننن أن تكننون هنني الفاعلننة‪..‬‬
‫لتبقننى الصننلة البننارشة بنني العبنند والننرب‪ .‬بنني قلننب الننةمن وقنندر الل‪ .‬بننال حننواجز وال عوا ئننق‬
‫وال وسائل وال وسائط‪ .‬كم هي ف عا احلقيقة ‪..‬‬

‫وبمثننل هننذه التوجيهننات الكننررة ف القننرآن‪ ،‬الةكنندة بشننتى أسنناليب التوكينند‪ ،‬اسننتقرت هننذه‬
‫احلقيقة ف أخالد السلمي‪ ،‬عىل ن و بديع‪ ،‬هادئ‪ ،‬عميق‪ ،‬مستنري ‪.‬‬

‫عرف ننوا أن الل ه ننو الفاع ننل ‪ -‬وح ننده ‪ -‬وعرفن ننوا كن ننذلي أ ن ننم م ننأمورون من ننن قب ننل الل با ن نناذ‬
‫الوسائل والسباب‪ ،‬وبذل ا هد‪ ،‬والوفاء بالتكاليف‪ ..‬فاستيقنوا احلقيقة‪ ،‬وأطناعوا المنر‪ ،‬ف‬
‫توازن اعوري وحركي عهيب !‬

‫ولكننن هننذا إنننم جنناء مننع الننزمن‪ ،‬ومننع الحنندا ‪ ،‬ومننع الةبيننة بالحنندا ‪ ،‬والةبيننة بالتعقيننب‬
‫عىل الحدا ‪ ..‬كهذا التعقيب‪ ،‬ونظائره الكثرية‪ ،‬ف هذه السورة ‪..‬‬

‫‪67‬‬
‫نر مشننهد بندر والرسننول ☻ يعنندهم الالئكننة مننددا‬ ‫وف هنذه اييننات يست‬
‫منن عنند الل؛ إذا هنم استمسنكوا بالصنرب والتقننوى والثبنات ف العركنة ‪ -‬حني يطلنع الشننركون‬
‫عليهم من وجههم هذا‪ ..‬م اربهم ب قيقة الصدر الفاعل ‪ -‬من وراء ننزول الالئكنة ‪ -‬وهنو‬
‫الل‪ .‬الذي تتعلق المور كلها بإرادته‪ ،‬ويت قق النصنر بفعله وإذنه‪.‬‬

‫( الل العزيز احلكيم)‪..‬‬

‫فهو)العزيز) القوي ذو السلطان القادر عىل حتقيق النصننر‪ .‬وهنو (احلكنيم) النذي جينري قندره‬
‫وفق حكمته‪ ،‬والذي حيقق هذا النصنر لي قق من ورائه حكمة‪..‬‬

‫م يبي حكمة هذا النصنر‪ ..‬أي نرص‪ ..‬وغاياته التي ليس لحد من البرش منها يشء ‪:‬‬

‫) ليقطع طرفا من الذين كفروا‪ .‬أو يكبتهم فينقلبوا خائبي ‪ -‬ليس لي من المر يشء ‪ -‬أو‬
‫يتوب عليهم‪ .‬أو يعذذم فإ م ظالون)‪..‬‬

‫إن النص ن ن ن ننر م ن ن ن ننن عنن ن ن نند الل‪ .‬لت قي ن ن ن ننق قن ن ن نندر الل‪ .‬ول ن ن ن ننيس للرس ن ن ن ننول ☻ وال‬
‫للمهاهدين معه ف النصنر من غاية ذاتية وال نصيب اخيص‪ .‬كنم أ نه لنيس لنه وال نم دخنل ف‬
‫حتقيقه‪ ،‬وإن هم إال ستار القدرة حتقق ذم ما تشاء فال هم أسباب هنذا النصننر وصنانعوه؛ وال‬
‫هننم أص ن اب هننذا النص ننر ومسننتغلوه إنننم ه ننو قنندر الل يت قننق ب رك ننة رجالننه‪ ،‬وبالتأخمينند م ننن‬
‫عنده‪ .‬لت قيق حكمة الل من ورائه وقصده‪:‬‬

‫( ليقطع طرفا من الذين كفروا)‪..‬‬

‫‪68‬‬
‫فينقص من عددهم بالقتل‪ ،‬أو ينقص من أرضهم بالفتح‪ ،‬أو ينقص من سلطا م بالقهر‪ ،‬أو‬
‫ينقص من أموا م بالغنيمة‪ ،‬أو ينقص من فاعليتهم ف الرض با زيمة‬

‫) أو يكبتهم فينقلبوا خائبي)‪..‬‬

‫أي يرصفهم مهزومي أذالء‪ ،‬فيعودوا خائبي مقهورين‪.‬‬

‫)أو يتوب عليهم)‪..‬‬

‫فنإن انتصنار السنلمي قند يكنون للكنافرين عظنة وعنربة‪ ،‬وقند يقنودهم إ اإلينمن والتسنليم‪،‬‬
‫فيتوب الل عليهم من كفرهم‪ ،‬واتم م باإلسالم وا داية‪..‬‬

‫) أو يعذذم فإ م ظالون)‪..‬‬

‫يع ننذذم بنص ن ننر الس ننلمي عل ننيهم‪ .‬أو ب ننأرسهم‪ .‬أو بم ننووم ع ننىل الكف ننر ال ننذي ينته نني ذ ننم إ‬
‫الع ننذاب‪ ..‬ج ننزاء ن ننم ع ننىل ظلمه ننم بن ننالكفر‪ ،‬وظلمه ننم بفتن ننة السن ننلمي‪ ،‬وظلمه ننم بالفسن نناد ف‬
‫الرض‪ ،‬وظلمهم بمقاومة الصال الذي يمثلنه مننهج اإلسنالم لل يناة ورشيعتنه ونظامنه‪ ..‬إ‬
‫آخر صنو الظلم الكامنة ف الكفر والصد عن سبيل الل ‪.‬‬

‫وع ن ن ن ن ننىل أخم ن ن ن ن ننة ح ن ن ن ن ننال فه ن ن ن ن نني حكم ن ن ن ن ننة الل‪ ،‬ول ن ن ن ن ننيس لبش ن ن ن ن ن ن ر منه ن ن ن ن ننا يشء‪ ..‬حت ن ن ن ن ننى رسن ن ن ن ننول الل‬
‫☻ ارجننه النننص مننن جمننال هننذا المننر‪ ،‬ليهننرده لل وحننده ‪ -‬سننب انه ‪ -‬فهننو‬
‫اأن اللوهية التفردة بال رشيي ‪.‬‬

‫ب ننذلي ينس ننلخ الس ننلمون بأاخاص ننهم م ننن ه ننذا النصن ننر‪ :‬م ننن أس ننبابه وم ننن نتائه ننه وب ننذلي‬
‫يطامنون من الكرب الذي يثريه النصنر ف نفوس النترصين‪ ،‬ومن البطر والعهب والزهو الذي‬

‫‪69‬‬
‫تنننتفخ بننه أرواحهننم وأوداجهننم وبننذلي يشننعرون أن لننيس ننم مننن المننر يشء‪ ،‬إنننم المننر كلننه‬
‫لل أوال وأخريا ‪.‬‬

‫وبن ننذلي ين ننرد أمن ننر النن نناس ‪ -‬طن ننائعهم وعاصن ننيهم ‪ -‬إ الل‪ .‬فهن ننذا الشن ننأن ان ننأن الل وحن ننده ‪-‬‬
‫سب انه‪ .‬اأن هذه الدعوة واأن هةالء الناس معها‪ :‬طائعهم وعاصنيهم سنواء‪ ..‬ولنيس للنبني‬
‫☻ ول ن ننيس للمن ننةمني مع ن ننه إال أن ي ن ننةدوا دوره ن ننم‪ ،‬ن ننم ينف ن ننوا أخم ن نندهيم م ن ننن‬
‫النتائج‪ ،‬وأجرهم من الل عىل الوفاء‪ ،‬وعىل الوالء‪ ،‬وعىل الداء‪.‬‬

‫ومالبسنة أخنرى ف السنياد اقت نت هنذا التنصنيص‪( :‬لنيس لني منن المنر يشء) فسنريد ف‬
‫السياد قول بع هم‪( :‬هل لنا من المر من يشء ؟)‪ ..‬وقو م‪ ( :‬لو كان لنا من المر يشء ما‬
‫قتلنا هاهنا)‪ ...‬ليقول م‪ :‬إن أحدا ليس له من المر من يشء‪ .‬ال ف نص نر وال ف هزيمنة ‪ .‬إننم‬
‫الطاعة والوفاء والداء هي الطلوبة من الناس‪ .‬وأما المر بعد ذلي فكله لل‪ .‬لنيس لحند مننه‬
‫يشء‪ .‬وال حت ننى لرس ننول الل‪ ..‬فه نني احلقيق ننة الص ننيلة ف التص ننور اإلس ننالمي‪ .‬وإقراره ننا ف‬
‫النفوس أكرب من الاخاص وأكرب من الحدا ‪ ،‬وأكرب من اتى االعتبارات‪..‬‬

‫وانتم هنذا التنذكري ببندر‪ ،‬وهنذا التقرينر لل قنائق الصنيلة ف التصنور‪ ،‬باحلقيقنة الشناملة التني‬
‫ترجننع إليهننا حقيقننة أن أمننر النص ننر وا زيمننة مننرده إ حكمننة الل وقنندره‪ ..‬اننتم هننذا التقريننر‬
‫بتقرير أصله الكبري‪ :‬وهو أن المر لل ف الكون كله‪ ،‬ومن م يغفر لن يشناء ويعنذب منن يشناء‬
‫وفق ما يشاء‪:‬‬

‫) ولل ما ف السموات وما ف الرض‪ .‬يغفر لن يشاء ويعذب من يشاء‪ ،‬والل غفور رحيم)‪..‬‬

‫‪70‬‬
‫فه نني الش ننيئة الطلق ننة‪ ،‬الس ننتندة إ اللكي ننة الطلق ننة‪ .‬وه ننو التص ن نر الطل ننق ف ا ننأن العب نناد‪،‬‬
‫ب كننم هننذه اللكيننة لننا ف السننموات ومننا ف الرض‪ .‬ولننيس هنالنني ظلننم وال حمابنناة للعبنناد‪ ،‬ف‬
‫الغفننرة أو ف العننذاب‪ .‬إنننم يق ن ن ي المننر ف هننذا الشننأن باحلكمننة والعنندل‪ ،‬وبالررننة والغفننرة‪.‬‬
‫فشأ ه ‪ -‬سب انه ‪ -‬الررة والغفرة‪:‬‬

‫(والل غفور رحيم)‪..‬‬

‫والبنناب مفتننو أمننام العبنناد لينننالوا مغفرتننه وررتننه‪ ،‬بننالعودة إليننه‪ ،‬ورد المننر كلننه لننه‪ ،‬وأداء‬
‫الوا جننب الفننروض‪ ،‬وتننرك مننا وراء ذلنني حلكمتننه وقنندره ومشننيئته الطلقننة مننن وراء الوسننائل‬
‫والسباب‪.‬‬

‫***‬

‫‪71‬‬
‫‪ ‬الدرس الثالث‪ :‬من أسباب النصر ‪‬‬

‫وقبننل أن ينندخل السننياد ف صننميم االسننتعراض للمعركننة ‪ -‬معركننة أحنند ‪ -‬والتعقيبننات عننىل‬
‫وقائعها وأحدا ها‪ ..‬ييء التوجيهات التعلقنة بالعركنة الكنربى‪ ،‬التني ألعننا ف مقدمنة احلنديث‬
‫إليها‪ .‬العركنة ف أعنمد الننفس وف حمنيط احليناة‪ ..‬جينيء احلنديث عنن الربنا والعنامالت الربوينة‬
‫وعن تقوى الل وطاعته وطاعنة رسنوله‪ .‬وعنن اإلنفناد ف السننراء وال ننراء‪ ،‬و النظنام التعناوين‬
‫الكريم القابل للنظام الربنوي اللعنون‪ .‬وعنن كظنم الغنيظ والعفنو عنن النناس وإاناعة احلسننى‬
‫ف ا معة‪ .‬وعن االستغفار من الذنب والرجوع إ الل وعدم اإلرصا ر عىل اخلطيئة‪:‬‬

‫(يا أهيا الذين آمنوا ال تأكلوا الربا أ ضعافا م اعفة‪ ،‬واتقوا الل لعلكم تفل ون‪ .‬واتقوا النار‬
‫التي أعدت للكافرين‪ .‬وأطيعوا الل والرسول لعلكم تررون‪ .‬وسارعوا إ مغفرة من ربكم‬
‫وجن ننة عرض ننها الس ننموات والرض أع نندت للمتق نني‪ :‬ال ننذين ينفق ننون ف الس ننراء وال ن ننراء‪،‬‬
‫والكاظمي الغيظ‪ ،‬والعافي عن الناس‪ .‬والل حيب ا ل سني‪ .‬والنذين إذا فعلنوا فاحشنة أو‬
‫ظلموا أ فسهم ذكروا الل فاستغفروا لذنوذم ‪ -‬ومن يغفر الذنوب إال الل ؟ ‪ -‬و يصنروا عىل‬
‫منا فعلننوا وهنم يعلمننون‪ .‬أوئلني جننزا هم مغفننرة منن رذننم وجننات يننري منن حتتهننا ال ننار‬
‫خالدين فيها‪ .‬ونعم أجر العاملي)‪..‬‬

‫يننيء هننذه التوجيهننات كله ن ا قبننل النندخول ف سننياد العركننة احلربيننة؛ لتشننري إ خاصننية مننن‬
‫خننواص هننذه العقينندة‪ :‬الوحنندة والشننمول ف مواجهننة هننذه العقينندة للكينونننة البش ننرية ونشنناطها‬
‫كل ننه؛ ورده كل ننه إ حمن ننور واح نند‪ :‬حمن ننور العب ننادة لل والعبودي ننة لن ننه‪ ،‬والتوج ننه إلين ننه ب ننالمر كلن ننه‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫والوحندة والشنمول ف منننهج الل وهيم نتنه عنىل الكينونننة البشننرية ف كنل حننال منن أحوا ننا‪ ،‬وف‬
‫كل اأن من اةو ا‪ ،‬وف كل جانب من جوانب نشاطها‪ .‬م تشري تلني التوجيهنات بتهمعهنا‬
‫هنذا إ الننةابط بنني كننل أفنوان النشنناي اإلنسنناين؛ وتننأ ري هنذا الننةابط ف النتننائج الخننرية لسننعي‬
‫اإلنسان كله‪ ،‬كلم أسلفنا ‪.‬‬

‫والننهج اإل سنالمي يأخنذ الننفس منن أقطارهنا‪ ،‬وينننظم حيناة ا معنة جلنة ال تفناريق‪ .‬ومنن ننم‬
‫هننذا ا مننع بنني اإلعننداد واالسننتعداد للمعركننة احلربيننة؛ وبنني تطهننري النفننوس ونظافننة القلننوب‪،‬‬
‫والس ننيطرة ع ننىل اله ننواء والش ننهوات‪ ،‬وإا نناعة ال ننود والس ننمحة ف ا مع ننة‪ ..‬فكله ننا قري ننب م ننن‬
‫قرين ننب‪ ..‬وحن نني نس ن ننتعرض بالت فصن ننيل كن ننل سن ننمة م ن ننن هن ننذه الس ن ننمت‪ ،‬وكن ننل توجي ن ننه من ننن ه ن ننذه‬
‫التوجيهات‪ ،‬يتبي لنا ارتباطها الو يق ب ياة ا معة السلمة‪ ،‬وبكل مقندراوا ف ميندان العركنة‬
‫وف سائر ميادين احلياة!‬

‫) يا أهيا الذين آمنوا ال تأكلوا الربا أضعافا م اعفة‪ ،‬واتقوا الل لعلكم تفل ون ‪.‬واتقوا النار‬
‫التي أعدت للكافرين‪ .‬وأطيعوا الل والرسول لعلكم تررون)‪..‬‬

‫ولقد سبق احلديث عن الربا والنظام الربوي بالتفصنيل ف ا نزء الثالنث منن هنذه الظنالل فنال‬
‫نك ننرر احل ننديث عن ننه هن ننا‪ ..‬ولك ننن نق ننف عن نند الض ننعا ال نناعفة‪ .‬ف ننإن قوم ننا يري نندون ف ه ننذا‬
‫الزم ن ننان أن يتن ننواروا خل ن ننف ه ن ننذا ال ن نننص‪ ،‬ويت ن ننداروا ب ن ننه‪ ،‬ليقول ن ننوا‪ :‬إن ال ن ننرم هن ننو الض ن ننعا‬
‫ال ن نناعفة‪ .‬أم ن ننا الربع ن ننة ف الائ ن ننة واخلمس ن ننة ف الائ ن ننة والس ن ننبعة والتس ن ننعة‪ ..‬فليس ن ننت أض ن ننعافا‬
‫م اعفة‪ .‬وليست داخلة ف نطاد الت ريم‬

‫‪73‬‬
‫ونبدأ فن سم القول بأن الضعا ال اعفة وصف لواقع‪ ،‬وليست رشطا يتعلق به احلكم ‪.‬‬
‫والنص الذي ف سورة البقرة قاطع ف حرمة أصل الربا ‪ -‬بال حتديد وال تقييد‪( :‬وذروا ما بقي‬
‫من الربا)‪ ..‬أخما كان‬

‫فننإذا انتهينننا مننن تقريننر البنندأ فرغنننا ننذا الوصننف‪ ،‬لنقننول‪ :‬إنننه ف احلقيقننة لننيس وصننفا تارايننا‬
‫فقط للعمليات الربوية التني كاننت واقعنة ف ا زينرة‪ ،‬والتني قصند إليهنا النهني هننا بالنذات‪ .‬إننم‬
‫ه و وصف مالزم للنظام الربوي القيت‪ ،‬أخما كان سعر الفائدة ‪.‬‬

‫إن النظننام الربننوي معننناه إقامننة دورة الننال كلهننا عننىل هننذه القاعنندة‪ .‬ومعنننى هننذا أن العمليننات‬
‫الربوية ليست عمليات مفردة وال بسيطة‪ .‬فهي عمليات متكررة من ناحينة‪ ،‬ومركبنة منن ناحينة‬
‫أخرى‪ .‬فهي تنش مع الزمن والتكرار والةكيب أضعافا م اعفة بال جدال ‪.‬‬

‫إن النظننام الربننوي حيقننق بطبيعتننه دائننم هننذا الوصننف‪ .‬فلننيس هننو مقصننورا عننىل العمليننات التنني‬
‫كانت متبعة ف جزيرة العرب‪ .‬إنم هو وصف مالزم للنظام ف كل زمان ‪.‬‬

‫ومنن انأن هنذا النظنام أن يفسند احليناة النفسنية واخللقينة ‪ -‬كنم فصنلنا ذلني ف ا نزء الثالنث ‪-‬‬
‫كم أن من اأ ه أن يفسد احلياة االقتصادية والسياسية ‪ -‬كم فصلنا ذلني أخم نا ‪ -‬ومنن نم تتبني‬
‫عالقته ب ياة المة كلها‪ ،‬وتأ ريه ف مصائرها جيعا ‪.‬‬

‫واإلسالم ‪ -‬وهو ينش المة السلمة ‪ -‬كان يريد ا نظافة احلياة النفسية واخللقية‪ ،‬كم كان‬
‫يريد ا سنالمة احليناة االقتصنادية والسياسنية ‪ .‬وأ نر هنذا وذاك ف نتنائج العنارك التني وضنها‬
‫الم ننة مع ننرو ‪ .‬ف ننالنهي ع ننن أك ننل الرب ننا ف س ننياد التعقي ننب ع ننىل العرك ننة احلربي ننة أم ننر يب نندو إذن‬
‫مفهوما ف هذا النهج الشامل البصري ‪..‬‬

‫‪74‬‬
‫أم ننا التعقي ننب ع ننىل هن ننذا النه نني ب ننالمر بتقن ننوى الل رج نناء الف ننال ؛ واتقن نناء الن ننار الت نني أعن نندت‬
‫للكافرين‪ ..‬أما التعقيب ذاتي اللمستي فمفهوم كذلي؛ وهو أ سب تعقيب ‪:‬‬

‫إنه ال يأكل الربا إنسنان يتقني الل وانا الننار التني أعندت للكنافرين‪ ..‬وال يأكنل الربنا إنسنان‬
‫يننةمن بننالل‪ ،‬ويعننزل نفسننه مننن صننفو الكننافرين‪ ..‬واإليننمن لننيس كلمننة تقننال باللسننان؛ إنننم هننو‬
‫اتباع للم نهج النذي جعلنه الل ترجنة عملينة واقعينة نذا اإلينمن‪ .‬وجعنل اإلينمن مقدمنة لت قيقنه‬
‫ف احلياة الواقعية‪ ،‬وتكييف حياة الهتمع وفق مقت ياته ‪.‬‬

‫وحمننال أن جيتمننع إيننمن ونظننام ربننوي ف مكننان‪ .‬وحيننثم قننام النظننام الربننوي فهننناك اخلننرو مننن‬
‫هننذا النندين جلننة؛ وهننناك النننار التنني أعنندت لل كننافرين والمحكننة ف هننذا المننر ال ننر عننن‬
‫كو نا ااحكنة‪ ..‬وا مننع ف هنذه ايينات بنني النهني عنن أكننل الربنا والندعوة إ تقننوى الل‪ ،‬وإ‬
‫اتقاء النار التي أعدت للكافرين‪ ،‬ليس عبثا وال مصادفة‪ .‬إنم هو لتقرير هنذه احلقيقنة وتعميقهنا‬
‫ف تصورات السلمي ‪.‬‬

‫وكن ننذلي رجن نناء الفن ننال بن ننةك الربن ننا وبتقن ننوى الل‪ ..‬فن ننالفال هن ننو الثمن ننرة الطبيعين ننة للتقن ننوى‪،‬‬
‫ولت قي ننق م نننهج الل ف حي نناة الن نناس‪ ..‬ولق نند س ننبق احل ننديث ف ا ننزء الثال ننث ع ننن فع ننل الرب ننا‬
‫بالهتمعات البشنرية‪ ،‬وويالته البشعة ف حيناة اإلنسنانية‪ .‬فلنرجنع إ هنذا البينان هنناك‪ ،‬لنندرك‬
‫معنى الفال هنا‪ ،‬واقةانه بةك النظام الربوي القيت‬

‫م جييء التوكيد الخري‪:‬‬

‫) وأطيعوا الل والرسول لعلكم تررون)‪..‬‬

‫‪75‬‬
‫وهنو أمنر عنام بالطاعنة لل والرسنول‪ ،‬وتعلينق الررنة ذنذه الطاعنة العامنة‪ .‬ولكنن للتعقينب بنه‬
‫عنىل النهنني عننن الربنا داللننة خاصننة‪ .‬هنني أ نه ال طاعننة لل وللرسننول ف جمتمنع يقننوم عننىل النظنام‬
‫الربوي؛ وال طاعة لل وللرسول ف قلب يأكل الربنا ف صنورة منن صنوره ‪ .‬وهكنذا يكنون ذلني‬
‫التعقيب توكيدا بعد توكيد‪..‬‬

‫وذل ن نني ف ن ننود العالق ن ننة اخلاص ن ننة ب ن نني أح ن نندا العرك ن ننة الت ن نني خول ن ننف فيه ن ننا أم ن ننر رس ن ننول الل‬
‫☻ وب نني الم ننر بالطاع ننة لل وللرس ننول‪ ،‬بوص ننفها وس ننيلة الف ننال ‪ ،‬وموض ننع‬
‫الرجاء فيه‪..‬‬

‫نم لقند سنبق ف سنورة البقنرة ‪ -‬ف ا نزء الثالنث ‪ -‬أن رأخمننا السنياد هنناك جيمنع بني احلنديث‬
‫عن الربا‪ ،‬واحلديث عن الصدقة‪ .‬بوصفهم الوجهي التقنابلي للعالقنات االجتمعينة ف النظنام‬
‫االقتصادي؛ وبوصفهم السمتي البارزتي لنوعي متبايني من النظم‪ :‬النظام الربوي‪ .‬والنظام‬
‫التعناوين‪ ..‬فهننا كنذلي نهند هنذا ا منع ف احلنديث عنن الربنا واحلنديث عنن اإلنفناد ف السننراء‬
‫وال نراء‪..‬‬

‫فبعند النهني عنن أكنل الربنا‪ ،‬والت نذير منن الننار التني أعندت للكنافرين‪ ،‬والندعوة إ التقنوى‬
‫رج ن نناء الرر ن ننة والف ن ننال ‪ ..‬بع ن نند ه ن ننذا جي ن ننيء الم ن ننر بالس ن ننارعة إ الغف ن ننرة؛ وإ جن ن ننة عرضن ن نها‬
‫السموات والرض (أعدت للمتقي)‪ ..‬م يكون الوصف الول للمتقي هو‪ ) :‬الذين ينفقون‬
‫ف السنراء وال نراء)‪ -‬فهم الفريق القابل للذين يأكلون الربا أضعافا م اعفة ‪ -‬م ييء بقية‬
‫الصفات والسمت‪:‬‬

‫) وسارعوا إ مغفرة من ربكم‪ ،‬وجنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقي‪ :‬الذين‬
‫ينفقون ف السنراء وال نراء‪ .‬والكاظمي الغيظ‪ .‬والعافي عن الناس‪ .‬والل حيب ال سني‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫والننذين إذا فعلننوا فاحشننة أو ظلمننوا أ فسننهم ذكننروا الل‪ ،‬فاسننتغفروا لننذنوذم ‪ -‬ومننن يغفننر‬
‫الذنوب إال الل ؟ ‪ -‬و يرصوا عىل ما فعلوا وهم يعلمون‪)..‬‬

‫والتعبري هننا يصنور أداء هنذه الطاعنات ف صنورة حسنية حركينة‪ ..‬يصنوره سنباقا إ هند أو‬
‫جائزة تنال‪:‬‬

‫)وسارعوا إ مغفرة من ربكم)‪( ..‬وجنة عرضها السموات والرض)‪ ..‬سارعوا فهي هناك‬
‫‪:‬الغفرة وا نة‪( ..‬أعدت للمتقي)‪..‬‬

‫م يأخذ ف بيان صفات التقي‪:‬‬

‫) الذين ينفقون ف السنراء وال نراء)‪..‬‬

‫فهنم نابتو ن عننىل البنذل‪ ،‬ماضنون عننىل الننهج‪ ،‬ال تغنريهم السننراء وال تغنريهم ال ننراء‪ .‬السننراء‬
‫ال تبطنرهم فتلهننيهم‪ .‬وال ننراء ال ت نهرهم فتنسننيهم‪ .‬إنننم هننو الشنعور بالوا جننب ف كننل حننال؛‬
‫والت ننرر م ننن الش ننح واحل ننرص؛ ومراقب ننة الل وتق ننواه‪ ..‬وم ننا ي نندفع ال نننفس الشن ن ي ة بطبعه ننا‪،‬‬
‫ال ب ننة لل ننمل بفطرو ننا‪ ..‬م ننا ي نندفع ال نننفس إ اإلنف نناد ف ك ننل ح ننال‪ ،‬إال داف ننع أق ننوى م ننن ا ننهوة‬
‫ال ننال‪ ،‬وربق ننة احل ننرص‪ ،‬و قل ننة الش ننح‪ ..‬داف ننع التق ننوى‪ .‬ذل نني الش ننعور اللطي ننف العمي ننق‪ ،‬ال ننذي‬
‫تشف به الرو و لص‪ ،‬وتنطلق من القيود والغالل ‪..‬‬

‫ولعل للتنويه ذذه الصفة مناسبة خاصة كذلي ف جو هذه العركنة‪ .‬فنن ن ننرى احلنديث عنن‬
‫اإلنفاد يتكرر فيها‪ ،‬كم نرى التنديد بالمتنعي والانعي للبذل ‪ -‬كنم سنيأيت ف السنياد القنرآين‬
‫الفئ ننات م ننن‬ ‫‪ -‬مك ننررا ك ننذلي‪ .‬ا ننا يش ننري إ مالبس ننات خاص ننة ف ج ننو الغ ننزوة‪ ،‬وموق ننف بع ن‬
‫الدعوة إ اإلنفاد ف سبيل الل‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫( والكاظمي الغيظ والعافي عن الناس)‪..‬‬

‫كذلي تعم ل التقوى ف هذا احلقل‪ ،‬بنفس البواعث ونفس الة رات‪ .‬فالغيظ انفعنال برشني‪،‬‬
‫تصنناحبه أو تالحقننه فننورة ف النندم؛ فهننو إحنندى دفعننات التكننوين البش نري‪ ،‬وإحنندى روراتننه‪.‬‬
‫وم ننا يغلب ننه اإلنس ننان إال بتل نني الش ننفافية اللطيف ننة النبعث ننة م ننن إرشاد التق ننوى؛ وإال بتل نني الق ننوة‬
‫ورات ‪.‬‬ ‫الروحية النبثقة من التطلع إ أفق أعىل وأوسع من آفاد الذات وال‬

‫وكظننم الغننيظ هننو الرحلننة الو ‪ .‬وهنني وحنندها ال تكفنني‪ .‬فقنند يكظننم اإلنسننان غيظننه لي قنند‬
‫وي ننطغن؛ فيت ننول الغننيظ الفننائر إ إحنننة غننائرة؛ ويت ننول الغ ننب الظنناهر إ حقنند دفنني‪..‬‬
‫وإن الغنيظ والغ ننب ل ظننف وأطهننر مننن احلقنند وال نغن‪ ..‬لننذلي يسننتمر النننص ليقننرر النهايننة‬
‫الطليقة لذلي الغيظ الكظيم ف نفوس التقي‪ ..‬إ ا العفو والسمحة واالنطالد ‪..‬‬

‫إن الغيظ وقر عىل النفس حي تكظمه؛ وانواظ يلفنح القلنب؛ ودخنان يغشنى ال نمري‪ ..‬فأمنا‬
‫حنني تصننفح النننفس ويعفننو القلننب‪ ،‬فهننو االنطننالد مننن ذلنني الننوقر‪ ،‬والرفرفننة ف آفنناد النننور‪،‬‬
‫والربد ف القلب‪ ،‬والسالم ف ال مري‪.‬‬

‫)والل حيب ال سني)‪..‬‬

‫والننذين جيننودون بالننال ف السننراء وال ننراء حمسنننون‪ .‬والننذين جيننودون بننالعفو والسننمحة بعنند‬
‫الغ ننيظ والكظ ننم حمس نننون‪ ..‬والل "حي ننب" ال س ننني‪ ..‬واحل ننب هن ننا ه ننو التعب ننري ال ننودود احل نناين‬
‫الرشد النري‪ ،‬الذي يتناسق مع ذلي ا و اللطيف الونء الكريم ‪..‬‬

‫‪78‬‬
‫وم ننن ح ننب الل لإلحسن ننان وللم س ننني‪ ،‬ينطلن ننق ح ننب اإلحس ننان ف قلن ننوب أحبائ ننه‪ .‬وتنبثن ننق‬
‫الرغبنة الدافعننة ف هنذه القلننوب‪ ..‬فلنيس هننو جمنرد التعبننري النوحي‪ ،‬ولكنهننا احلقيقنة كننذلي وراء‬
‫التعبري‬

‫وا معة التي حيبها الل‪ ،‬وحتب الل‪ ..‬والتي تشيع فيها السمحة واليسنر والطالقنة منن اإلحنن‬
‫والضنغان‪ ..‬هني جاعنة مت نامة‪ ،‬وجاعنة متلخينة‪ ،‬وجاعنة قوينة‪ .‬ومنن نم عالقنة هنذا التوجينه‬
‫بالعركة ف اليدان والعركة ف احلياة عىل السواء ف هذا السياد‬

‫م ننتقل إ صفة أخرى من صفات التقي‪:‬‬

‫) والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أ فسهم ذكروا الل فاستغفروا لنذنوذم ‪ -‬ومنن يغفنر‬
‫الذنوب إال الل ؟ ‪ -‬و يرصوا عىل ما فعلوا وهم يعلمون)‪..‬‬

‫يننا لسننمحة هننذا النندين إن الل ‪ -‬سننب انه ‪ -‬ال ينندعو الننناس إ السننمحة فننيم بينننهم حتننى‬
‫يطلعهم عىل جانب من سمحته ‪ -‬سب انه وتعا ‪ -‬معهم‪ .‬ليتذوقوا ويتعلموا ويقتبسوا ‪:‬‬

‫إن التقي ف أعىل مراتب الةمني‪ ..‬ولكنن سنمحة هنذا الندين وررتنه بالبشننر تسنلي ف عنداد‬
‫التقي (الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أ فسهم ذكروا الل فاستغفروا لذنوذم)‪ ..‬والفاحشة‬
‫أبشع الذنوب وأكربهنا‪ .‬ولكنن سنمحة هنذا الندين ال تطنرد منن هينوون إليهنا‪ ،‬منن ررنة الل‪ .‬وال‬
‫يعلهم ف ذيل القافلة‪ ..‬قافلة الةمني‪ ..‬إنم ترتفع ذم إ أعنىل مرتبنة‪ ..‬مرتبنة "التقني"‪ ..‬عنىل‬
‫رشي واحن نند‪ .‬رشي يكشن ننف عن ننن طبيعن ننة هن ننذا الن نندين ووجهتن ننه‪ ..‬أن ين ننذكروا الل فيس ن ننتغفروا‬
‫لذنوذم‪ ،‬وأال يصن روا عىل ما فعلوا وهم يعلمون أ ه اخلطيئة‪ ،‬وأال يتبه وا بالعصية ف غري‬

‫‪79‬‬
‫حتننر وال حينناء ‪ ..‬وبعبننارة أخننرى أن يكونننوا ف إطننار العبوديننة لل‪ ،‬واالستسننالم لننه ف النهايننة‪.‬‬
‫فيظلوا ف كنف الل وف حميط عفوه وررته وف له‪.‬‬

‫إن هذا الدين ليدرك ضعف هذا الخلنود البش نري النذي ونبط بنه قلنة ا سند أحياننا إ درك‬
‫الفاحشننة‪ ،‬ووننيج بننه فننورة الل ننم و النندم فينننزو نننزوة احليننوان ف رننى الشننهوة‪ ،‬وتدفعننه نزواتننه‬
‫واننهواته وأطمعننه ورغباتننه إ الخالفننة عننن أمننر الل ف رننى االننندفاع‪ .‬ينندرك ضننعفه هننذا فننال‬
‫يقس ننو علي ننه‪ ،‬وال يب ننادر إ ط ننرده م ننن رر ننة الل ح نني يظل ننم نفس ننه‪ .‬ح نني يرتك ننب الفاحش ننة‪..‬‬
‫العصية الكبرية‪ ..‬وحسبه أن اعلة اإليمن ما تزال ف روحه تنطف ‪ ،‬وأن نداوة اإلينمن منا‬
‫تزال ف قلبه يف‪ ،‬وأن صلته بالل ما تزال حية تذبل‪ ،‬وأ ه يعر أ ه عبد اط وأن له ربا‬
‫يغفننر‪ ..‬وإذن فننم يننزال هننذا الخلننود ال ننعيف اخلنناط الننذنب بخننري‪ ..‬إنننه سننائر ف النندرب‬
‫ينقطننع بننه الطريننق‪ ،‬اسنني بننالعروة ينقط ن ع بننه احلبننل‪ ،‬فليعثننر مننا انناء لننه ضننعفه أن يعثننر‪ .‬فهننو‬
‫واصل ف النهاية ما دامت الشعلة معه‪ ،‬واحلبل ف ينده‪ .‬ما دام يذكر الل وال ينساه‪ ،‬ويسنتغفره‬
‫ويقر بالعبودية له وال يتبهح بمعصيته ‪.‬‬

‫إنننه ال يغلننق ف وجننه هننذا الخلننود ال ننعيف ال ننال بنناب التوبننة‪ ،‬وال يلقيننه منبننوذا حننائرا ف‬
‫ا لتيه وال يدعنه مطنرودا خائفنا منن النلب‪ ..‬إننه يطمعنه ف الغفنرة‪ ،‬ويدلنه عنىل الطرينق‪ ،‬ويأخنذ‬
‫بينده الرتعشننة‪ ،‬ويسنند خطوتننه التعثنرة‪ ،‬وينننري لننه الطرينق‪ ،‬ليفننيء إ احلمنى ايمننن‪ ،‬ويثننوب إ‬
‫الكنف المي ‪.‬‬

‫يشء واحد يتطلبه‪ :‬أال جيف قلبه‪ ،‬وتظلم روحه‪ ،‬فينسنى الل‪ ..‬ومنا دام ينذكر الل‪ .‬منا دام ف‬
‫روحه ذلي الشعل ا ادي‪ .‬منا دام ف ضنمريه ذلني ا ناتف احلنادي‪ .‬منا دام ف قلبنه ذلني النندى‬

‫‪80‬‬
‫البلينل‪ ..‬فسنيطلع النننور ف روحنه مننن جديند‪ ،‬وسنيةوب إ احلمننى ايمنن مننن جديند‪ ،‬وسننتنبت‬
‫البذرة ا امدة من جديد ‪.‬‬

‫إن طفل نني ال ننذي اطن ن ويع ننر أن الس ننوي ‪ -‬ال س ننواه ‪ -‬ف ال نندار‪ ..‬س ننريو آبق ننا ا نناردا ال‬
‫يثوب إ الدار أبدا‪ .‬فأما إذا كان يعلم أن إ جانب السنوي يندا حانينة‪ ،‬تربنت عنىل ضنعفه حني‬
‫يعتذر من الذنب‪ ،‬وتقبل عذره حي يستغفر من اخلطيئة‪ ..‬فإنه سيعود !‬

‫وهكنذا يأخنذ اإلسنالم هنذا الخلنود البش ن ري ال نعيف ف حلظنات ضنعفه‪ ..‬فإننه يعلنم أن فينه‬
‫به انننب ال ننعف قننوة‪ ،‬وبهانننب الثقلننة رفرفننة‪ ،‬وبهانننب النننزوة احليوانيننة أاننواقا ربانيننة‪ ..‬فهننو‬
‫يعطننف عليننه ف حلظننة ال ننعف ليأخننذ بي ننده إ مرا قنني الصننعود‪ ،‬ويربننت عليننه ف حلظننة العث ننرة‬
‫لي لق به إ الفق من جديد‪ .‬ما دام يذكر الل وال ينساه‪ ،‬وال يرص عىل اخلطيئة وهو يعلم أ نا‬
‫اخلطيئة والرسول ☻ يقول‪ ":‬ما أرص من استغفر‪ ،‬وإن عناد ف الينوم سنبعي‬
‫مرة "(‪)1‬‬

‫واإلس ننالم ال ي نندعو ‪ -‬ذ ننذا ‪ -‬إ ال ننةخص‪ ،‬وال يمه نند الع ننا ر ا ننابط‪ ،‬وال هيت ننف ل ننه به ننمل‬
‫ف الننفس اإلنسننانية‬ ‫السننتنقع كننم وتننف "الواقعيننة" إنننم هننو يقيننل عثننرة ال ننعف‪ ،‬ليسننتهي‬
‫فيهننا احلينناء فننالغفرة مننن الل ‪ -‬ومننن يغفننر النذنوب إال الل ؟ ‪ -‬هننل‬ ‫الرجنناء‪ ،‬كننم يسننتهي‬
‫وال تطمع‪ ،‬وتثري االستغفار وال تثري االستهتار‪ .‬فأما الذين يستهةون ويص نرون‪ ،‬فهنم هنالني‬
‫خار السوار‪ ،‬موصدة ف وجوههم السوار !‬

‫(‪ )1‬رواه أبو د اود والتزمذي والبزار في مسنده من حديث عثمان بن واقد‪ ..‬وفي سنده صحابي مجهول‪ ،‬ولكن ابن كثير‬
‫في تفسيره صححه‪ .‬وقال‪" :‬حديث حسن"‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وهكذا جيمع اإلسالم بي ا تنا للبش نرية إ ايفناد العنىل‪ ،‬والررنة ذنذه البشننرية التني يعلنم‬
‫طاقتها‪ .‬ويفتح أمامها باب الرجاء أبدا‪ ،‬ويأخذ بيدها إ أقىص طاقتها(‪. )1‬‬

‫‪ ...‬هةالء التقون ما م ؟‬

‫( أوئلي جزا هم مغفرة من رذم وجنات يري من حتتها ال ار خالدين فيها‪ .‬ونعم أجر‬
‫العاملي)‪..‬‬

‫فه ننم ليس ننوا س ننلبيي باالس ننتغفار م ننن العص ننية‪ .‬كن نم أ ننم ليس ننوا س ننلبيي باإلنف نناد ف الس ن ننراء‬
‫وال نراء‪ ،‬وكظم الغيظ والعفو عن الناس‪ ..‬إنم هم عاملون‪ ( .‬ونعم أجنر العناملي)‪ ..‬الغفنرة‬
‫م ننن رذ ننم‪ ،‬وا ن ننة ي ننري م ننن حتته ننا ال ننار بع نند الغف ننرة وح ننب الل‪ ..‬فهنال نني عم ننل ف أغ ننوار‬
‫النفس‪ ،‬وهنالي عمل ف ظاهر احلياة‪ .‬وكالمها عمل‪ ،‬وكالمها حركة‪ ،‬وكالمها نمء ‪.‬‬

‫وهنالنني الصننلة بنني هننذه السننمت كلهننا وبنني معركننة الينندان التنني يتعقبهننا السننياد‪ ..‬وكننم أن‬
‫للنظن ننام الرب ننوي ‪ -‬أو النظن ننام التعن نناوين ‪ -‬أ ن ننره ف حين نناة ا معن ننة السن ننلمة وعالقتن ننه بالعركن ننة ف‬
‫الينندان‪ ،‬فكننذلي ننذه السننمت النفسننية وا معيننة أ رهننا الننذي أرشنننا إليننه ف مطلننع احلننديث‪..‬‬
‫فاالنتصار عىل الشح‪ ،‬واالنتصار عىل الغيظ‪ ،‬واالنتصار عىل اخلطيئة‪ ،‬والرجعة إ الل وطلب‬
‫مغفرته ورضاه ‪ ..‬كلها رورية لالنتصار عىل العداء ف العركة‪ .‬وهم إنم كنانوا أعنداء ل نم‬
‫يمثلننون الشننح وا ننوى واخلطيئننة والتننبهح وهننم إنننم كننانوا أعننداء ل ننم ال ا ننعون ذواوننم‬
‫وا ننهواوم ونظ ننام حي نناوم لل ومنهه ننه ورشيعت ننه‪ .‬فف نني ه ننذا تك ننون الع ننداوة‪ ،‬وف ه ننذا تك ننون‬
‫العرك ننة‪ ،‬وف ه ننذا يك ننون ا ه نناد‪ .‬ول ننيس هنال نني أس ننباب أخ ننرى يع ننادي فيه ننا الس ننلم ويع ننارك‬
‫وجياهد‪ .‬فهو إنم يعادي لل‪ ،‬ويعارك لل‪ ،‬وجياهد لل فالصلة و يقة بي هذه التوجيهات كلها‬

‫(‪ )1‬يراجع بتوسع فصل‪" :‬سالم الضمير" في كتاب‪" :‬السالم العالمي واإلسالم"‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫وبنني اسننتعراض العركننة ف هننذا السننياد‪ ..‬كننم أن الصننلة و يقننة بينهننا وبنني الالبسننات اخلاصننة‬
‫التي صاحبت هنذه العركنة‪ .‬منن نالفنة عنن أمنر رسنول الل ☻ ومنن طمنع ف‬
‫الغنيمة نشأت عنه الخالفة‪ .‬ومن اعتزاز بالذات وا نوى نشنأ عننه لنف عبند الل ابنن أيب ومنن‬
‫ف‬ ‫مع ننه‪ .‬وم ننن ض ننعف بال ننذنب نش ننأ عن ننه ت ننويل م ننن ت ننو ‪ -‬ك ننم س ننريد ف الس ننياد ‪ -‬وم ننن غ ننب‬
‫التصور نشأ عنه عدم رد المور إ الل‪ ،‬وسةال بع هم‪( :‬هل لنا من المر من يشء؟) وقنول‬
‫بع هم‪ ( :‬لو كان لنا من المر يشء ما قتلنا هاهنا) ‪..‬‬

‫***‬

‫والقن ننرآن يتنن نناول هن ننذه الالبسن ننات كلهن ننا‪ ،‬واحن نندة واحن نندة‪ ،‬فيهلوهن ننا‪ ،‬ويقن ننرر احلقن ننائق فيهن ننا‪،‬‬
‫ويلمس النفنوس لسنات موحينة تستهيشنها وحتييهنا‪ ..‬عنىل هنذا الن نو الفريند النذي ننرى ننمذ‬
‫منه ف هذا السياد‪.‬‬

‫***‬

‫‪83‬‬
‫‪ ‬الدرس الرابع‪ :‬سنن اهلل يف األرض ‪‬‬

‫بعد ذلي يبدأ السياد ف الفقرة الثالثة من االستعراض فنيلمس أحندا العركنة ذاونا‪ ،‬ولكننه‬
‫مننا يننزال يتننوخى تقريننر احلقننائق الساسننية الصننيلة ف التصننور اإلسننالمي‪ ،‬وجيعننل الحنندا‬
‫جمرد حمور ترتكن إليه هذه احلقائق‪.‬‬

‫وف هنذه الفقننرة يبنندأ باإلاننارة إ سنننة الل ا اريننة ف الكننذبي‪ ،‬ليقننول للمسننلمي إن انتصننار‬
‫الشننركي ف هننذه العركننة لننيس هننو السنننة الثابتننة‪ ،‬إنننم هننو حنناد عنابر‪ ،‬وراءه حكمننة خاصننة‪..‬‬
‫ننم ي نندعوهم إ الص ننرب واالس ننتعالء ب نناإليمن‪ .‬ف ننإن يك ننن أص ننابتهم ج ننرا وآالم فق نند أص نناب‬
‫الش ننركي مثلهننا ف العركننة ذاوننا‪ .‬وإنننم هنالنني حكمننة وراء مننا وقننع يكشننف ننم عنهننا‪ :‬حكمننة‬
‫متيي ننز الص ننفو ‪ ،‬ومت ننيص القل ننوب‪ ،‬وا نناذ الش ننهداء ال ننذين يموت ننون دون عقي نندوم؛ ووقن نف‬
‫الس ننلمي أم ننام ال ننوت وجه ننا لوجن ننه وق نند ك ننانوا يتمنونن ننه‪ ،‬ليزن ننوا وعن ننودهم وأم ننانيهم بمين ننزان‬
‫واقعني نم ف النهاينة حمنق الكنافرين‪ ،‬بإعننداد ا معنة السنلمة ذلني اإلعنداد التني‪ ..‬وإذن فهنني‬
‫احلكمة العليا من وراء الحدا كلها سواء كانت هي النصنر أو هي ا زيمة‪.‬‬

‫(قد خلت من قبلكم سنن‪ ،‬فسريوا ف الرض‪ ،‬فانظروا كيف كان عاقبة الكذبي‪ ،‬هذا بيان‬
‫للناس وهدى وموعظة للمتقي‪ ..‬وال ونوا وال حتزنوا وأ تم العلون ‪ -‬إن كنتم مةمني ‪ -‬إن‬
‫يمسسكم قر فقد مس القوم قر مثله‪ .‬وتلي الخمام نداو ا بي الناس‪ .‬وليعلم الل الذين‬
‫آمننوا ‪ ،‬ويتخنذ منننكم انهداء‪ ،‬والل ال حينب الظننالي‪ .‬ولنيم ص الل الننذين آمننوا ويم ننق‬

‫‪84‬‬
‫الكافرين‪ .‬أم حسبتم أن تدخلوا ا نة ولا يعلم الل الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ؟‬
‫ولقد كنتم متنون الوت من قبل أن تلقوه‪ ،‬فقد رأخمتموه وأ تم تنظرون)‪.‬‬

‫لقنند أصنناب السننلمي القننر ف هننذه الغننزوة‪ ،‬وأصنناذم القتنل وا زيمننة‪ .‬أصننيبوا ف أرواحهننم‬
‫وأص ن ننيبوا ف أب ن نندا م ب ن ننأذى كث ن ننري‪ .‬قتن ننل م ن نننهم س ن ننبعون صن ن ن ابيا‪ ،‬وكسن ن ننرت رباعي ن ننة الرسن ننول‬
‫☻ واننج وجهننه‪ ،‬وأرهقننه الش ننركون‪ ،‬وأ خننن أص ن ابه بننا را ‪ ..‬وكننان مننن‬
‫نتننائج هننذا كلننه هننزة ف النفننوس‪ ،‬وصنندمة لعله ننا تكننن متوقعننة بعنند النص ننر العهيننب ف ب نندر‪،‬‬
‫حتنى لقنال السنلمون حني أصناذم منا أصناذم‪( :‬أ ننى هنذا ؟) وكينف ينري المنور معننا هكننذا‬
‫ون ن السلمون ؟ !‬

‫والقننرآن الكننريم يننرد السننلمي هنننا إ سنننن الل ف الرض‪ .‬يننردهم إ الصننول التنني يننري‬
‫وفقه ننا الم ننور‪ .‬فه ننم ليس ننوا ب نندعا ف احلي نناة؛ ف ننالنواميس الت نني حتك ننم احلي نناة جاري ننة ال تتخل ننف‪،‬‬
‫والمور ال مت ني جزا فنا‪ ،‬إننم هني تتبنع هنذه الننواميس‪ ،‬فنإذا هنم درسنوها‪ ،‬وأدركنوا مغازهينا‪،‬‬
‫تكشفت م احلكمة من وراء الحدا ‪ ،‬وتبينت م الهدا من وراء الوقائع‪ ،‬واطمأ وا إ‬
‫بات النظام النذي تتبعنه الحندا ‪ ،‬وإ وجنود احلكمنة الكامننة وراء هنذا النظنام‪ .‬واستش نرفوا‬
‫خط السري عىل ضوء منا كنان ف منان الطرينق‪ .‬و يعتمندوا عنىل جمنرد كنو م مسنلمي‪ ،‬ليننالوا‬
‫النصنر والتمكي؛ بدون الخذ بأسباب النصنر‪ ،‬وف أو ا طاعة الل وطاعة الرسول ‪.‬‬

‫والسنن التي يشري إليها السياد هنا‪ ،‬ويوجه أبصارهم إليها هي ‪:‬‬

‫عاقبة الكذبي عىل مدار التاريخ‪ .‬ومداولة ال خمام بي الناس‪ .‬واالبتالء لتم يص السنرائر‪،‬‬
‫وامت ان قوة الصرب عىل الشدائد‪ ،‬واست قاد النصنر للصابرين وال ق للمكذبي ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫وف خ ننالل اسن ننتعراض تلن نني السن نننن حتف ننل ايين ننات بالتشن ننهيع عن ننىل االحن ننتمل‪ ،‬والوا سن نناة ف‬
‫الشدة‪ ،‬والتأسية عىل القر ‪ ،‬الذي يصبهم وحدهم‪ ،‬إنم أصاب أعنداءهم كنذلي‪ ،‬وهنم أعنىل‬
‫مننن أع نندائهم عقينندة وه نندفا‪ ،‬وأهنندى م نننهم طريقننا ومنهه ننا‪ ،‬والعاقبننة بع نند ننم‪ ،‬وال نندائرة ع ننىل‬
‫الكافرين ‪.‬‬

‫) قد خلت من قبلكم سنن‪ ،‬فسريوا ف الرض‪ ،‬فانظروا كيف كان عاقبة الكذبي‪ .‬هذا بيان‬
‫للناس وهدى وموعظة للمتقي)‪..‬‬

‫إن القنرآن لنريبط مننان البشننرية ب ارهنا‪ ،‬وحارهننا بمضنيها‪ ،‬فيشنري مننن خنالل ذلني كلننه‬
‫إ مس ننتقبلها‪ .‬وه ننةالء الع ننرب ال ننذين وج ننه إل ننيهم الق ننول أول م ننرة تك ننن حي نناوم‪ ،‬و تك ننن‬
‫معارفهم‪ ،‬و تكن يارذم ‪ -‬قبل اإلسالم ‪ -‬لتسنمح نم بمثنل هنذه النظنرة الشناملة‪ .‬لنوال هنذا‬
‫اإلسالم ‪ -‬وكتابه القرآن ‪ -‬الذي أ شأهم به الل نشأة أخرى‪ ،‬وخلق به منهم أمة تقود الدنيا ‪..‬‬

‫إن النظننام القننبيل الننذي كننانوا يعيشننون ف ظلننه‪ ،‬مننا كننان ليقننود تفكننريهم إ الننربط بنني سننكان‬
‫ا زينرة وماجريننات حينناوم؛ ف ننال عننىل الننربط بني سننكان هننذه الرض وأحنندا ها‪ ،‬ف ننال عننىل‬
‫الربط بي الحدا العالينة والسننن الكونينة التني ينري وفقهنا احليناة جيعنا‪ ..‬وهني نقلنة بعيندة‬
‫تنبع من البيئة‪ ،‬و تنشأ من مقت يات احلياة ف ذلي الزمنان إننم رلتهنا إلنيهم هنذه العقيندة‪.‬‬
‫بل رلنتهم إليهنا وارتقنت ذنم إ مسنتواها‪ ،‬ف ربنع قنرن منن الزمنان‪ .‬عنىل حني أن غنريهم منن‬
‫معننارصهيم يرتفعننوا إ هننذا الف ننق مننن التفكننري العننايل إال بع نند قننرون وقننرون؛ و هيت نندوا إ‬
‫بن ننات السن نننن والنن ننواميس الكونين ننة‪ ،‬إال بع ن نند أجين ننال وأجي ن ننال‪ ..‬فلن ننم اهت ن نندوا إ بن ننات الس ن نننن‬
‫والنننواميس نسننوا أن معهننا كننذلي طالقننة الشننيئة اإل يننة‪ ،‬وأ ننه إ الل تصننري المننور‪ ..‬فأمننا هننذه‬
‫المنة الختنارة فقند اسنتيقنت هنذا كلنه‪ ،‬واتسنع لننه تصنورها‪ ،‬ووقنع ف حسنها التنوازن بني بننات‬

‫‪86‬‬
‫السنن وطالقة الشيئة ‪ ،‬فاستقامت حياوا عىل التعامنل منع سننن الل الثابتنة واالطمئننان ‪ -‬بعند‬
‫هذا ‪ -‬إ مشيئته الطليقة !‬

‫)قد خلت من قبلكم سنن)‪..‬‬

‫وهنني ه نني الت نني حتكننم احلي نناة‪ .‬وه نني ه نني التنني قررو ننا الش ننيئة الطليق ننة‪ .‬فننم وق ننع منه ننا ف غ ننري‬
‫زمانكم فسيقع مثلنه ‪ -‬بمشنيئة الل ‪ -‬ف زمنانكم‪ ،‬ومنا انطبنق منهنا عنىل مثنل حنالكم فهنو كنذلي‬
‫سينطبق عىل حالكم ‪.‬‬

‫)فسريوا ف الرض)‪..‬‬

‫فننالرض كلهننا وحنندة‪ .‬والرض كلهننا مسننر لل ينناة البشنري ننة‪ .‬والرض واحلينناة فيهننا كتنناب‬
‫مفتو تتماله البصار والبصائر ‪.‬‬

‫) فانظروا كيف كان عاقبة الكذبي)‪..‬‬

‫وهنني عاقبننة تشننهد ذننا آ ننارهم ف الرض‪ ،‬وتشننهد ذننا سننريهم التنني يتناقلهننا خلفهننم هننناك‪..‬‬
‫ولقند ذكنر القنرآن الكنريم كثنريا منن هنذه السنري ومنن هنذه اي نار ف موا ضنع مننه متفرقنة‪ .‬بع نها‬
‫حدد مكانه وزماننه واخوصنه‪ .‬وبع نها أانار إلينه بندون حتديند وال تفصنيل‪ ..‬وهننا يشنري هنذه‬
‫اإلاننارة الهملننة ليصننل منهننا إ نتيهننة جمملننة‪ :‬إن مننا جننرى للمكننذبي بننالمس سننيهري مثلننه‬
‫للمكننذبي اليننوم وغنندا‪ .‬ذلنني كنني تطمننئن قلننوب ا معننة السننلمة إ العاقبننة مننن جهننة‪ .‬وك نني‬
‫حتذر االنزالد مع الكذبي من جهة أخرى‪ .‬وقد كنان هنالني منا يندعو إ الطمأ يننة ومنا يندعو‬
‫إ الت ذير‪ .‬وف السياد سريد من هذه الدواعي الكثري ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫وعىل إ ر بيان هذه السنة يتهاوب النداء للعظة والعربة ذذا البيان ‪:‬‬

‫) هذا بيان للناس‪ ،‬وهدى وموعظة للمتقي(‪..‬‬

‫هذا بينان للنناس كافنة‪ .‬فهنو نقلنة بش ن رية بعيندة منا كنان النناس ببالغيهنا لنوال هنذا البينان ا نادي‪.‬‬
‫ولكن طائفة خاصة هي التي ي د فينه ا ندى‪ ،‬ويند فينه الوعظنة‪ ،‬وتنتفنع بنه وتصنل عنىل هنداه‪..‬‬
‫طائفة "التقي"‪..‬‬

‫إن الكلمة ا ادية ال يسترشفها إال القلب الةمن الفتو للهندى‪ .‬والعظنة البالغنة ال ينتفنع ذنا‬
‫إال القلننب التقنني الننذي افننق ننا ويت ننرك ذننا‪ ..‬والننناس قلننم ينقصننهم العلننم بنناحلق والباطننل‪،‬‬
‫وبا ندى وال نالل‪ ..‬إن احلنق بطبيعتننه منن الوضنو والظهنور ب يننث ال حيتنا إ بينان طويننل‪.‬‬
‫إنم تنقص النناس الرغبنة ف احلنق‪ ،‬والقندرة عنىل اختينار طريقنه‪ ..‬والرغبنة ف احلنق والقندرة عنىل‬
‫اختيار طريقنه ال ينشنئهم إال اإلينمن‪ ،‬وال حيفظهنم إال التقنوى‪ ..‬ومنن نم تتكنرر ف القنرآن أمثنال‬
‫ه ننذه التقري ننرات‪ .‬ت نننص ع ننىل أن م ننا ف ه ننذا الكت نناب م ننن ح ننق‪ ،‬وم ننن ه نندى‪ ،‬وم ننن ن ننور‪ ،‬وم ننن‬
‫موعظننة‪ ،‬ومننن عننربة‪ ...‬إنننم هنني للم ننةمني وللمتقنني‪ .‬فنناإليمن والتقننوى مهننا اللننذان يش ن نرحان‬
‫القل ننب لله نندى والن ننور والوعظ ننة والع ننربة‪ .‬ومه ننا الل ننذان يزين ننان للقل ننب اختي ننار ا نندى والن ننور‬
‫واالنتف نناع بالوعظ ننة والع ننرب ة‪ ..‬واح ننتمل مش ننقات الطري ننق‪ ..‬وه ننذا ه ننو الم ننر‪ ،‬وه ننذا ه ننو ل ننب‬
‫السأفة‪ ..‬ال جمرد العلم والعرفة‪ ..‬فكم ان يعلمون ويعرفون‪ ،‬وهم ف رأة الباطنل يتمرغنون‪.‬‬
‫إم ننا خ ننوعا لش ننهوة ال جي نندي معه ننا العل ننم والعرف ننة‪ ،‬وإم ننا خوف ننا م ننن أذى ينتظ ننر رل ننة احل ننق‬
‫وأص اب الدعوة !‬

‫يتهه إ السلمي بالتقوية والتأسية والتثبيت‪..‬‬ ‫وبعد هذا البيان العر ي‬

‫‪88‬‬
‫) وال ونوا وال حتزنوا وأ تم العلون‪ .‬إن كنتم مةمني)‪..‬‬

‫ال وننوا ‪ -‬منن النوهن وال ننعف ‪ -‬وال حتزننوا ‪ -‬لنا أصنابكم ولننا فناتكم ‪ -‬وأ نتم العلننون‪..‬‬
‫م ننن‬ ‫عقي نندتكم أع ننىل ف ننأ تم تس ننهدون لل وح ننده‪ ،‬وه ننم يس ننهدون لش ن نيء م ننن خلق ننه أو ل ننبع‬
‫خلقه ومنههكم أعنىل‪ .‬فنأ تم تسنريون عنىل مننهج منن صننع الل‪ ،‬وهنم يسنريون عنىل مننهج منن‬
‫صنننع خلننق الل ودوركننم أعننىل‪ .‬فننأ تم الوصننياء عننىل هننذه البش ننرية كلهننا‪ ،‬ا ننداة ننذه البش ننرية‬
‫كلها‪ ،‬وهم ااردون عن النهج‪ ،‬ضنالون عنن الطرينق‪ .‬ومكنانكم ف الرض أعنىل‪ ،‬فلكنم ورا نة‬
‫الرض ال تي وعدكم الل ذا‪ ،‬وهم إ الفناء والنسيان صائرون‪ ..‬فنإن كننتم منةمني حقنا فنأ تم‬
‫العلنون‪ .‬وإن كننتم مننةمني حقنا فننال وننوا وال حتزننوا‪ .‬فننإنم هني سنننة الل أن تصنابوا وتصننيبوا‪،‬‬
‫عىل أن تكون لكم العقبى بعد ا هاد واالبتالء والتم يص ‪:‬‬

‫) إن يمسسكم قر فقد مس القوم قر مثل ه‪ .‬وتلي الخمام نداو ا بي الناس‪ .‬وليعلم الل‬
‫الذين آمنوا‪ ،‬ويتخذ منكم اهداء‪ .‬والل ال حيب الظالي‪ .‬وليم ص الل الذين آمنوا ويم ق‬
‫الكافرين)‪..‬‬

‫وذكر القر الذي أصاذم وأصاب الكنذبي قنر مثلنه‪ ،‬قند يكنون إانارة إ غنزوة بندر‪ .‬وقند‬
‫مس القر فيها الشنركي وسلم السل مون‪ .‬وقد يكون إانارة إ غنزوة أحند‪ .‬وقند انتص نر فيهنا‬
‫الس ن ننلمون ف أول الم ن ننر‪ .‬حت ن ننى ه ن ننزم الشن ن ننركون وقت ن ننل م ن نننهم س ن ننبعون‪ ،‬وت ن ننابعهم الس ن ننلمون‬
‫ي ن ربون أقفيننتهم حتننى لقنند سننقط علننم الش ننركي ف نايننا العركننة فلننم يتقنندم إليننه منننهم أحنند‪.‬‬
‫حتننى رفعتننه ننم امننرأة فال ننوا ذننا ويمعننوا عليهننا‪ ..‬ننم كانننت الدولننة للمش ننركي‪ ،‬حينننم خننر‬
‫الرم نناة ع ننىل أم ننر رس ننول الل ☻ واختلف ننوا ف ننيم بي نننهم‪ .‬فأص نناب الس ننلمي م ننا‬
‫أصنناذم ف ايننة العركننة‪ .‬جننزاء وفاقننا ننذا االخننتال وذلنني اخلننرو ‪ ،‬وحتقيقننا لسنننة مننن سنننن‬

‫‪89‬‬
‫الل التنني ال تتخلننف‪ ،‬إذ كننان اخننتال الرمنناة وخننروجهم نااننئي مننن الطمننع ف الغنيمننة‪ .‬والل‬
‫قند كتننب النصننر ف معنارك ا هنناد لننن جياهندون ف سننبيله‪ ،‬ال ينظننرون إ يشء منن عننرض هننذه‬
‫النندنيا الزهينند‪ .‬وحتقيقننا كننذلي لسنننة أخننرى مننن سنننن الل ف الرض‪ ،‬وهنني مداولننة الخمننام بنني‬
‫الناس ‪ -‬وفقا لا يبدو من عمل الناس ونينتهم ‪ -‬فتكنون نةالء يومنا ولوئلني يومنا‪ .‬ومنن نم‬
‫‪.‬‬ ‫يتبي الةمنون ويتبي النافقون‪ .‬كم تتكشف الخطاء‪ .‬وينهيل الغب‬

‫) إن يمسسكم قر فقد مس القوم قر مثله‪ .‬وتلي الخمام نداو ا بي الناس‪ ..‬وليعلم الل‬
‫الذين آمنوا )‪..‬‬

‫إن الشدة بعد الرخاء‪ ،‬والرخاء بعد الشدة‪ ،‬مها اللنذان يكشنفان عنن معنادن النفنوس‪ ،‬وطبنائع‬
‫فيهنا والصنفاء‪ ،‬ودرجنة ا لنع فيهنا والصنرب‪ ،‬ودرجنة الثقنة فيهنا بنالل أو‬ ‫القلوب‪ ،‬ودرجة الغنب‬
‫القنوي‪ ،‬ودرجة االستسالم فيها لقدر الل أو الربم به وا مو !‬

‫عندئذ يتميز الصف ويتكشف عن‪ :‬مةمني ومنافقي‪ ،‬ويظهر هةالء وهةالء عنىل حقيقنتهم‪،‬‬
‫وتتكشننف ف دنيننا الننناس دخائننل نفوسننهم‪ .‬ويننزول عننن الصننف ذلنني النندخل وتلنني اخللخلننة‬
‫التي تنشأ من قلة التناسق بي أع ائه وأفراده‪ ،‬وهم نتلطون مبهمون !‬

‫والل سب انه يعلم النةمني والننافقي‪ .‬والل سنب انه يعلنم منا تنطنوي علينه الصندور‪ .‬ولكنن‬
‫الحنندا ومداولننة الخمننام بنني الننناس تكشننف الخبننوء‪ ،‬ويعلننه واقعننا ف حينناة الننناس‪ ،‬وحتننول‬
‫اإليننمن إ عمننل ظنناهر‪ ،‬وحتننول النفنناد كننذلي إ تص ن ر ظنناهر‪ ،‬ومننن ننم يتعلننق بننه احلسنناب‬
‫وا زاء‪ .‬فالل سب انه ال حياسب النناس عنىل منا يعلمنه منن أمنرهم ولكنن حياسنبهم عنىل وقوعنه‬
‫منهم ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ومداولة الخمنام‪ ،‬وتعاقنب الشندة والرخناء‪ ،‬حمني ال اطن ‪ ،‬ومينزان ال يظلنم‪ .‬والرخناء ف هنذا‬
‫كالشنندة‪ .‬وكننم مننن نفننوس تصننرب للشنندة وتتمسنني‪ ،‬ولكنهننا تةا خننى بالرخنناء وتن ننل‪ .‬والنننفس‬
‫الةمنة هي التي تصرب لل ن راء وال تستخفها السنراء‪ ،‬وتتهه إ الل ف احلالي‪ ،‬وتوقن أن ما‬
‫أصاذا من اخلري والرش فبإذن الل ‪.‬‬

‫وق نند ك ننان الل ي ننريب ه ننذه ا مع ننة ‪ -‬وه نني ف مط ننالع خطوا و ننا لقي ننادة البشن ننرية ‪ -‬فرباه ننا ذ ننذا‬
‫االبتالء بالشندة بعند االبنتالء بالرخناء‪ ،‬واالبنتالء با زيمنة الرينرة بعند االبنتالء بالنصننر العهينب‬
‫‪ -‬وإن يك ننن ه ننذا وه ننذه ق نند وقع ننا وف ننق أس ننباذم ووف ننق س نننن الل ا اري ننة ف النصن ننر وا زيم ننة‪.‬‬
‫لتتعلم هذه ا معة أسباب النصننر وا زيمنة‪ .‬ولتزيند طا عنة لل‪ ،‬وتنوكال علينه‪ ،‬والتصناقا بركننه‪.‬‬
‫ولتعر طبيعة هذا النهج وتكاليفه معرفة اليقي ‪.‬‬

‫ويم نني السننياد يكشننف لألمننة السننلمة عننن جوا نننب مننن حكمننة الل فننيم وقننع مننن أحنندا‬
‫العركة‪ ،‬وفيم وراء مداولة الخمام بي الناس‪ ،‬وفيم بعد متييز الصفو ‪ ،‬وعلم الل للمةمني ‪:‬‬

‫)ويتخذ منكم اهداء)‪..‬‬

‫وه ن ننو تعب ن ننري عهي ن ننب ع ن ننن معن ن ننى عمي ن ننق ‪ -‬إن الش ن ننهداء لخت ن ننارون‪ .‬ات ن ننارهم الل م ن ننن ب ن نني‬
‫الهاهندين‪ ،‬ويتخننذهم لنفسننه ‪ -‬سننب انه ‪ -‬فننم هني رزيننة إذن وال خسننارة أن يستشننهد ف سننبيل‬
‫الل من يستشهد‪ .‬إنم هو اختيار وانتقاء‪ ،‬وتكريم واختصاص‪ ..‬إن هةالء هنم النذين اختصنهم‬
‫الل ورزقهم الشهادة‪ ،‬ليستخلصهم لنفسه ‪ -‬سب انه ‪ -‬واصهم بقربه ‪.‬‬

‫م هم انهداء يتخنذهم الل‪ ،‬ويستشنهدهم عنىل هنذا احلنق النذي بعنث بنه للنناس‪ .‬يستشنهدهم‬
‫في ننةدون الشن ننهادة‪ .‬يةدو ن ننا أداء ال ان ننبهة فين ننه‪ ،‬وال مطعن ننن علين ننه‪ ،‬وال جن نندال حولن ننه‪ .‬يةدو ن ننا‬

‫‪91‬‬
‫بههن ننادهم حتن ننى ال ننوت ف سن ننبيل إحقن نناد هن ننذا احلن ننق‪ ،‬وتقري ن ن ره ف دنين ننا النن نناس‪ .‬يطلن ننب الل ‪-‬‬
‫سننب انه ‪ -‬منننهم أداء هننذه الشننهادة‪ ،‬عننىل أن مننا ج نناءهم مننن عنننده احلننق؛ وعننىل أ ننم آمنننوا ب ننه‪،‬‬
‫ويردوا له‪ ،‬وأعزوه حتى أرخصوا كل يشء دونه؛ وعىل أن حياة النناس ال تصنلح وال تسنتقيم‬
‫إال ذنذا احلنق؛ وعنىل أ نم هنم اسنتيقنوا هنذا‪ ،‬فلنم ينأفوا جهندا ف كفنا الباطنل وطنرده منن حيناة‬
‫الننناس‪ ،‬وإقننرار هننذا احلننق ف عننالهم وحتقيننق منننهج الل ف حكننم الننناس‪ ..‬يستشننهدهم الل عننىل‬
‫ه ننذا كل ننه فيش ننهدون‪ .‬وتك ننون ا ننهادوم ه نني ه ننذا ا ه نناد حت ننى ال ننوت‪ .‬وه نني ا ننهادة ال تقب ننل‬
‫ا دال وال ال !‬

‫وكننل مننن ينطننق بالش ننهادتي‪ :‬اننهادة أن ال إهل إال الل وأن حممنندا رس ننول الل‪ .‬ال يقننال لننه أ ننه‬
‫اننهد‪ ،‬إال أن يننةدي منندلول هننذه الشننهادة ومقت نناها‪ .‬ومنندلو ا هننو أال يتخننذ إال الل إ ننا‪ .‬ومننن‬
‫ن ننم ال يتلق ن ننى الش ن ننريعة إال من ننن الل‪ .‬ف ن ننأخص خص ن ننائص اللوهين ننة التش ن ن نريع للعب ن نناد؛ وأخ ن ننص‬
‫خصننائص العبوديننة التلقنني مننن الل‪ ..‬ومنندلو ا كننذلي أال يتلقننى مننن الل إال عننن حممنند بننم أ ننه‬
‫رسول الل‪ .‬وال يعتمد مصدرا آخر للتلقي إال هذا الصدر ‪..‬‬

‫ومقت ن ى هنذه الشنهادة أن جياهند إذن لتصنبح اللوهينة لل وحنده ف الرض‪ ،‬كنم بلغهنا حممند‬
‫☻ فيص ن ن ن ننبح ال ن ن ن نننهج ال ن ن ن ننذي أراده الل للن ن ن ن نناس‪ ،‬وال ن ن ن ننذي بلغ ن ن ن ننه عن ن ن ن ننه حمم ن ن ن نند‬
‫☻ ه ننو ال نننهج الس ننائد والغال ننب والط نناع‪ ،‬وه ننو النظ ننام ال ننذي يصن ننر حي نناة‬
‫الناس كلها بال استثناء ‪.‬‬

‫فإذا اقتىض هذا المر أن يموت ف سنبيله‪ ،‬فهنو إذن انهيد‪ .‬أي اناهد طلنب الل إلينه أداء هنذه‬
‫الشهادة فأداها‪ .‬وا ذه الل اهيدا‪ ..‬ورزقه هذا القام ‪.‬‬

‫هذا فقه ذلي التعبري العهيب ‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫)ويتخذ منكم اهداء‪..)..‬‬

‫وه ننو م نندلول ا ننهادة أن ال إهل إال الل وأن حمم نندا رس ننول الل‪ ،‬ومقت نناه‪ ..‬ال م ننا انته ننى إلي ننه‬
‫مدلول هذه الشهادة من الرخص والتفاهة وال ياع !‬

‫)والل ال حيب الظالي)‪..‬‬

‫والظلنم كثنريا منا ينذكر ف القنرآن وينراد بنه الش ن رك‪ .‬بوصنفه أظلنم الظلنم وأقب نه‪ .‬وف القننرآن‪:‬‬
‫( إن الشنرك لظلم عظيم)‪ ..‬وف الص ي ي عن ابن مسعود‪ :‬أ ه قال‪ :‬قلت‪:‬يا رسنول الل‪ .‬أي‬
‫الذنب أعظم ؟ قال‪ ":‬أن يعل لل ندا وهو خلقي ‪... "..‬‬

‫وقد أاار السياد من قبل إ سنة الل ف الكنذبي؛ فناين يقنرر أن الل ال حينب الظنالي‪ .‬فهنو‬
‫توكيد ف صورة أخرى حلقيقة ما ينتظر الكذبي الظالي الذين ال حيبهم الل‪ .‬والتعبنري بنأن الل‬
‫الظنالي‪ .‬وهنذه اإل نارة ف معنرض‬ ‫الظلنم وبغن‬ ‫ال حيب الظالي‪ ،‬يثنري ف نفنس النةمن بغن‬
‫احلديث عن ا هاد واالستشهاد‪ ،‬ا مناسبتها احلارة‪ .‬فالةمن إننم يبنذل نفسنه ف مكاف نة منا‬
‫يكره ننه الل وم ننن يكره ننه‪ .‬وه ننذا ه ننو مق ننام االستش ننهاد‪ ،‬وف ه ننذا تك ننون الش ننهادة؛ وم ننن ه ننةالء‬
‫يتخذ الل الشهداء ‪..‬‬

‫ننم يم ن نني الس ننياد القن ننرآين يكشن ننف ع ننن احلكمن ننة الكامنن ننة وراء الح نندا ‪ ،‬ف تربين ننة المن ننة‬
‫السلمة ومت يصها وإعدادها لدورها العىل‪ ،‬ولتكون أداة من أدوات قندره ف حمنق الكنافرين‪،‬‬
‫وستارا لقدرته ف هالك الكذبي ‪:‬‬

‫) وليم ص الل الذين آمنوا ويم ق الكافرين)‪..‬‬

‫‪93‬‬
‫والتم نيص درجننة بعنند الفننرز والتمييننز‪ .‬التم نيص عمليننة تننتم ف داخننل النننفس‪ ،‬وف مكنننون‬
‫ال مري‪ ..‬إ ا عملية كشف لكنونات الشخصية‪ ،‬وتسليط ال وء عنىل هنذه الكنوننات‪ .‬متهيندا‬
‫وال‬ ‫إلخنرا النندخل والنندغل والوانناب‪ ،‬وتركهننا نقيننة واضن ة مسننتقرة عننىل احلننق‪ ،‬بننال غننب‬
‫ضباب ‪..‬‬

‫وكثريا ما جيهل اإلنسان نفسه‪ ،‬ونابئهنا ودروذنا ومن نياونا‪ .‬وكثنريا منا جيهنل حقيقنة ضنعفها‬
‫وقووا‪ ،‬وحقيقة ما استكن فيها من رواسب‪ ،‬ال تظهر إال بمثري !‬

‫وف ه ننذا التم ننيص ال ننذي يت ننواله الل ‪ -‬س ننب انه ‪ -‬بمداول ننة الخم ننام ب نني الن نناس ب نني الش نندة‬
‫والرخ نناء‪ ،‬يعل ننم الةمن ننون م ننن أ ف س ننهم م ننا يكون ننوا يعلمون ننه قب ننل ه ننذا ال نني الري ننر‪ :‬حم نني‬
‫الحدا والتهارب والواقف العملية الواقعية ‪.‬‬

‫ولقد يظن اإلنسان ف نفسه القدرة والشنهاعة والتهنرد واخلنالص منن الشنح واحلنرص‪ ..‬نم‬
‫إذا هننو يكشننف ‪ -‬عننىل ضننوء التهربننة العمليننة‪ ،‬وف مواجهننة الحنندا الواقعيننة ‪ -‬إن ف نفسننه‬
‫عقا بينل مت ننص‪ .‬وأ نه يتهيننأ لثنل هننذا السنتوى مننن ال نغوي ومننن اخلنري أن يعلننم هنذا مننن‬
‫نفسنه‪ ،‬ليعنناود ال اولنة ف سننبكها منن جدينند‪ ،‬عنىل مسننتوى ال نغوي التنني تقت نيها طبيعننة هننذه‬
‫الدعوة‪ ،‬وعىل مستوى التكاليف التي تقت يها هذه العقيدة !‬

‫والل ‪ -‬سب انه ‪ -‬كان يريب هذه ا معة ا لختنارة لقينادة البشننرية‪ ،‬وكنان يريند ذنا أمنرا ف هنذه‬
‫الرض‪ .‬فم صها هذا التم نيص‪ ،‬النذي تكشنفت عننه الحندا ف أحند‪ ،‬لةتفنع إ مسنتوى‬
‫الدور القدر ا‪ ،‬وليت قق عىل يدهيا قدر الل الذي ناطه ذا ‪:‬‬

‫)ويم ق الكافرين)‪..‬‬

‫‪94‬‬
‫حتقيقا لسنته ف دمغ الباطل باحلق متى استعلن احلق‪ ،‬وخلص من الشوائب بالتم يص ‪..‬‬

‫وف س ننةال اس ننتنكاري يصن ن ح الق ننرآن تص ننورات الس ننلمي ع ننن س نننة الل ف ال نندعوات‪ ،‬وف‬
‫النصنر وا زيمة‪ ،‬وف العمل وا زاء‪ .‬ويبي نم أن طرينق ا ننة حمفنو بالكناره‪ ،‬وزاده الصنرب‬
‫ع ن ن ننىل مش ن ن نناد الطري ن ن ننق‪ ،‬ول ن ن ننيس زاده التمن ن ن نني والم ن ن نناين الط ن ن ننائرة الت ن ن نني ال تثب ن ن ننت ع ن ن ننىل العان ن ن نناة‬
‫والتم يص ‪:‬‬

‫) أم حسبتم أن تدخلوا ا نة‪ ،‬ولا يعلم الل الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين‪ .‬ولقد كنتم‬
‫متنون الوت من قبل أن تلقوه‪ .‬فقد رأخمتموه وأ تم تنظرون)‪..‬‬

‫إن صننيغة السننةال االسننتنكارية يقصنند ذننا إ التنبيننه بشنندة إ خطننأ هننذا التصننور‪ :‬تصننور أ ننه‬
‫يكفي اإلنسان أن يقو ا كلمة باللسان‪ :‬أسلمت وأ ا عىل اسنتعداد للمنوت‪ .‬فيبلنغ ذنذه الكلمنة‬
‫أن يةدي تكاليف اإليمن‪ ،‬وأن ينتهي إ ا نة والرضوان !‬

‫إنم هي التهربة الواقعية‪ ،‬واالمت نان العمنيل‪ .‬وإننم هنو ا هناد ومالقناة النبالء‪ ،‬نم الصنرب عنىل‬
‫تكاليف ا هاد‪ ،‬وعىل معاناة البالء ‪.‬‬

‫وف النص القرآين لفتة ذات مغزى ‪:‬‬

‫) ولا يعلم الل الذين جاهدوا منكم)‪( ..‬ويعلم الصابرين(‪..‬‬

‫ف ننال يكف نني أن جياه نند الةمن ننون‪ .‬إن ننم ه ننو الص ننرب ع ننىل تك نناليف ه ننذه ال نندعوة أخم ننا‪ .‬التك نناليف‬
‫الس ننتمرة التنوع ننة الت نني ال تق ننف عن نند ا ه نناد ف الي نندان‪ .‬ف ننربم ك ننان ا ه نناد ف الي نندان أخن ننف‬
‫تك اليف هذه الدعوة التي يطلب ا الصنرب‪ ،‬واتنرب ذنا اإلينمن‪ .‬إننم هنالني العانناة اليومينة التني‬

‫‪95‬‬
‫ال تنتهي‪ :‬معاناة االستقامة عىل أفق اإليمن‪ .‬واالستقرار عىل مقت ياته ف الشعور والسلوك‪،‬‬
‫والصرب ف أ ناء ذلي عىل ال عف اإلنساين‪ :‬ف النفس وف الغري‪ ،‬ان يتعامل معهم الةمن ف‬
‫ويبندو كالنتص ننر‬ ‫حياتنه اليومينة‪ .‬والصنرب عنىل الفنةات التني يسنتعيل فيهنا الباطنل ويننتف‬
‫والصرب عىل طول الطريق وبعد الشقة وكثرة العقبات‪ .‬والصرب عىل وسوسة الرا حنة وهفنوة‬
‫النفس ا ف زرة ا هد والكرب والن ال ‪ ..‬والصرب عىل أاياء كثرية ليس ا هناد ف اليندان‬
‫إال واحنندا منه ننا‪ ،‬ف الطري ننق ال ف ننو بالك نناره‪ .‬طري ننق ا ن ننة الت نني ال تن ننال بالم نناين وبكل ننمت‬
‫اللسان !‬

‫) ولقد كنتم متنون الوت من قبل أن تلقوه‪ .‬فقد رأخمتموه وأ تم تنظرون)‪..‬‬

‫وهكننذا يقفهننم السننياد وجهننا لوجننه مننرة أخننرى أمننام الننوت الننذي واجهننوه ف العركننة‪ ،‬وقنند‬
‫كانوا من قبل يتمنو ن لقاءه‪ .‬ليوازنوا ف حسنهم بني وزن الكلمنة يقو نا اللسنان‪ ،‬ووزن احلقيقنة‬
‫يواجهها ف العيان‪ .‬فيعلمهم ذذا أن حيسبوا حسابا لكل كلمنة تطلقهنا أفسننتهم‪ ،‬ويزننوا حقيقنة‬
‫رصننيدها الننواقعي ف نفوسننهم‪ ،‬عننىل ضننوء مننا واجهننوه مننن حقيقتهننا حنني واجهننتهم وبننذلي‬
‫يقنندرون قيمننة الكلمننة‪ ،‬وقيمننة المنيننة‪ ،‬وقيمننة الوعنند‪ ،‬ف ضننوء الوا قننع الثقيننل ننم يعلمهننم أن‬
‫ليس ننت الكل ننمت الط ننائرة‪ ،‬والم نناين الرفرف ننة ه نني الت نني ت ننبلغهم ا ن ننة‪ ،‬إن ننم ه ننو حتقي ننق الكلم ننة‪،‬‬
‫ويسيم المنينة‪ ،‬وا هناد احلقيقني‪ ،‬والصنرب عنىل العانناة‪ .‬حتنى يعلنم الل مننهم ذلني كلنه واقعنا‬
‫كائنا ف دنيا الناس !‬

‫ولقنند كننان الل ‪ -‬سننب انه ‪ -‬قننادرا عننىل أن يمنننح النص ننر لنبيننه ولدعوتننه ولدينننه ولنههننه منننذ‬
‫الل ظة الو ‪ ،‬وبال كد من الةمني وال عناء‪ .‬وكان قادرا أن يننزل الالئكنة تقاتنل معهنم ‪ -‬أو‬
‫بدو م ‪ -‬وتدمر عىل الشنركي‪ ،‬كم دمرت عىل عاد و مود وقوم لوي ‪..‬‬

‫‪96‬‬
‫ولكننن السننأفة ليسننت هنني النص ننر‪ ..‬إنننم هنني تربيننة ا معننة السننلمة‪ ،‬التنني تعنند لتتسننلم قيننادة‬
‫البش ن ن ننرية‪ ..‬البش ن ن ننرية بك ن ننل ضن ن ننعفها ونقصن ن ننها؛ وبكن ن ننل ان ن ننهواوا ونزواون ن ننا؛ وبك ن ننل جاهليتهن ن ننا‬
‫وان رافها‪ ..‬وقيادوا قيادة رااندة تقت ني اسنتعدادا عالينا منن القنادة‪ .‬وأول منا تقت نيه صنالبة‬
‫ف اخللق‪ ،‬و بات عىل احلق‪ ،‬وصرب عىل العاناة‪ ،‬ومعرفة بمواطن ال عف ومواطن القوة ف‬
‫النفس البشنرية‪ ،‬وخربة بمواطن الزلل ودواعي االن را ‪ ،‬ووسائل العال ‪ ..‬م صرب عىل‬
‫الرخاء كالصرب عىل الشدة‪ .‬وصرب عىل الشدة بعد الرخاء‪ .‬وطعمها يومئذ الذع مرير ‪!..‬‬

‫وه ننذه الةبي ننة ه نني الت نني يأخ ننذ الل ذ ننا ا مع ننة الس ننلمة ح نني ي ننأذن بتس ننليمها مقالي نند القي ننادة‪،‬‬
‫ليعدها ذنذه الةبينة للندور العظنيم ا ائنل الشناد‪ ،‬النذي ينوطنه ذنا ف هنذه الرض‪ .‬وقند اناء ‪-‬‬
‫!‬ ‫سب انه ‪ -‬أن جيعل هذا الدور من نصيب "اإلنسان" الذي استخلفه ف هذا اللي العري‬

‫وقنندر الل ف إعننداد ا معننة السننلمة للقيننادة يم نني ف طريقننه‪ ،‬بشننتى السننباب والوس ننائل‪،‬‬
‫وا ننتى الالبس ننات والوق ننائع‪ ..‬يم ن نني أحيان ننا ع ننن طري ننق النصن ننر احلاس ننم للهمع ننة الس ننلمة‪،‬‬
‫فتستبش ننر‪ ،‬وترتف ننع قته ننا بنفس ننها ‪ -‬ف ظننل الع ننون اإل نني ‪ -‬وي ننرب لننذة النص ننر‪ ،‬وتص ننرب ع ننىل‬
‫نشننوته‪ ،‬ويننرب مقنندروا عننىل مغالبننة البطننر والزهننو واخلننيالء‪ ،‬وعننىل التننزام التوا ضننع والشننكر‬
‫لل‪ ..‬ويم ني أحيانا عن طريق ا زيمة والكرب والشدة‪ .‬فتلهأ إ الل‪ ،‬وتعنر حقيقنة قوونا‬
‫عنن مننهج الل‪ .‬وينرب منرارة ا زيمنة؛ وتسنتعيل‬ ‫الذاتية‪ ،‬وضعفها حي تن ر أدننى ان نرا‬
‫مع ذلي عىل الباطل‪ ،‬بم عندها منن احلنق الهنرد؛ وتعنر موا ضنع نقصنها وضنعفها‪ ،‬ومنداخل‬
‫ا ننهواوا‪ ،‬ومزا ل ننق أق نندامها؛ فت نناول أن تص ننلح م ننن ه ننذا كل ننه ف ا ول ننة القادم ننة‪ ..‬و ننر م ننن‬
‫النصنر ومن ا زيمة بالزاد والرصيد‪ ..‬ويم ني قدر الل وفق سنته ال يتخلف وال حييد ‪..‬‬

‫‪97‬‬
‫وقد كان هذا كله طرفا من رصيد معركة أحد؛ الذي حيشده السنياد القنرآين للهمعنة السنلمة‬
‫‪ -‬عننىل ن ننو م نا نننرى ف هننذه اييننات ‪ -‬وهننو رصننيد منندخر لكننل جاعننة مسننلمة ولكننل جيننل مننن‬
‫أجيال السلمي‪.‬‬

‫***‬

‫‪98‬‬
‫‪ ‬الدرس اخلامس‪ :‬من حقائق التصور اإلسالمي ‪‬‬

‫نم يم نني السنياد ف تقرينر حقنائق التصنور اإلسنالمي الكبننرية؛ وف تربينة ا معنة السنلمة‬
‫ذنذه احلقنائق؛ متخنذا مننن أحندا العركنة حمنورا لتقريننر تلني احلقنائق؛ ووسنيلة لةبينة ا معننة‬
‫السلمة ذا عىل طريقة النهج القرآين الفريد‪:‬‬

‫) وما حممد إال رسول قد خلت من قبله الرسل‪ .‬أفإن مات أو قتل انقلبتم عىل أعقابكم ؟ ومن‬
‫الل ايئا؛ وسيهزي الل الشاكرين‪ .‬وما كان لنفس أن متوت إال‬ ‫ينقلب عىل عقبيه فلن ي‬
‫بإ ذن الل كتابا مةجال؛ ومن يرد واب الدنيا نةته منها‪ ،‬ومنن ينرد نواب ايخنرة نةتنه منهنا؛‬
‫وسنهزي الشاكرين‪ .‬وكأخمن من نبي قاتل معه ربيون كثري‪ ،‬فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل الل‪،‬‬
‫وما ضعفوا وما استكانوا ‪ ،‬والل حيب الصابرين‪ .‬وما كنان قنو م إال أن قنالوا‪ :‬ربننا اغفنر لننا‬
‫ذ نوبنا وإرسافنا ف أمرنا‪ ،‬و بت أقدامنا‪ ،‬وانرصنا عىل القوم الكافرين‪ .‬فلااهم الل واب الدنيا‬
‫وحسن واب ايخرة‪ ،‬والل حيب ال سني)‪..‬‬

‫إن ايين ننة الو ف هن ننذه الفقن ننرة تشن ننري إ واقعن ننة معينن ننة‪ ،‬حن نند ت ف غن ننزوة أحن نند‪ .‬ذلن نني حن نني‬
‫انكش ننف ظه ننر الس ننلمي بع نند أن ت ننرك الرم نناة أم نناكنهم من نن ا ب ننل‪ ،‬فركب ننه الش ننركون‪ ،‬وأوقع ننوا‬
‫بالس ننلمي‪ ،‬وكس ن نرت رباعي ننة الرس ننول ☻ وا ننج وجه ننه‪ ،‬ونزف ننت جرا ح ننه؛‬
‫وحي اختلطت المور‪ ،‬وتفرد السلمون‪ ،‬ال يدري أحدهم مكان ايخر‪ ..‬حينئنذ ننادى منناد‪:‬‬
‫إن حممدا قد قتل‪ ..‬وكنان نذه الصني ة وقعهنا الشنديد عنىل السنلمي‪ .‬فانقلنب الكثنريون مننهم‬
‫عائدين إ الدينة‪ ،‬مصعدين ف ا بل منهزمي‪ ،‬تاركي العركة يائسني‪ ..‬لنوال أن بنت رسنول‬

‫‪99‬‬
‫الل ☻ ف تلني القلننة منن الرجننال؛ وجعننل يننادي السننلمي وهننم منقلبنون‪،‬‬
‫حتى فاءوا إليه‪ ،‬و بت الل قلوذم‪ ،‬وأ زل عليهم النعاس أمنة منه وطمأ ينة ‪..‬كم سيهي ‪..‬‬

‫فهنذه احلاد نة التني أذهلنتهم هنذا النذهول‪ ،‬يتخنذها القنرآن هننا منادة للتوجينه‪ ،‬ومناسنبة لتقرينر‬
‫حقنائق التصنور اإلسنالمي؛ وجيعلهنا حمنورا إلانارات موحينة ف حقيقنة النوت وحقيقنة احليناة‪،‬‬
‫وف تاريخ اإليمن ومواكب الةمني‪:‬‬

‫) وما حممد إال رسول قد خلت من قبله الرسل‪ .‬أفإن مات أو قتل انقلبتم عىل أعقابكم ؟ ومن‬
‫الل ايئا‪ .‬وسيهزي الل الشاكرين)‪..‬‬ ‫ينقلب عىل عقبيه فلن ي‬

‫إن حممنندا لننيس إال رسننوال‪ .‬سننبقته الرسننل‪ .‬وقنند مننات الرسننل‪ .‬وحممنند سننيموت كننم مننات‬
‫الرسل قبله‪ ..‬هذه حقيقة أولية بسيطة‪ .‬فم بالكم غفلتم عنها حينم واجهتكم ف العركة ؟‬

‫إن حممنندا رس ننول مننن عن نند الل‪ ،‬ج نناء ليبلننغ كلم ننة الل‪ .‬والل ب نناد ال يمننوت‪ ،‬وكلمت ننه باقي ننة ال‬
‫مت ننوت‪ ..‬وم ننا ينبغ نني أن يرت نند الةمن ننون ع ننىل أعق نناذم إذا م ننات النب نني ال ننذي ج نناء لي ننبلغهم ه ننذه‬
‫الكلم ننة أو قت ننل‪ ..‬وه ننذه ك ننذلي حقيق ننة أولي ننة بس ننيطة غفل ننوا عنه ننا ف زر ننة ا ننول‪ .‬وم ننا ينبغ نني‬
‫للمةمني أن يغفلوا عن هذه احلقيقة الولية البسيطة‬

‫إن البش نر إ فنناء‪ ،‬والعقيندة إ بقناء‪ ،‬ومننهج الل لل يناة مسنتقل ف ذاتنه عنن النذين حيملوننه‬
‫ويةدوننه إ النناس‪ ،‬منن الرسنل والندعاة عنىل مندار التناريخ‪ ..‬والسنلم النذي حينب رسنول الل‬
‫☻ وق نند ك ننان أص ن ن ابه حيبون ننه احل ننب ال ننذي تع ننر ل ننه ال نننفس البش ن ننرية ف‬
‫تاراهننا كلننه نظننريا‪ .‬احلننب الننذي يفدونننه معننه ب ينناوم أن تشننوكه اننوكة‪ .‬وقنند رأخمنننا أبننا دجانننة‬
‫ينةس عليننه بظهننره والنبننل يقننع فيننه وال يت ننرك ورأخمننا التسننعة الننذين أفننرد فننيهم يننناف ون عنننه‬

‫‪100‬‬
‫ويستشننهدون واحنندا إ ننر واحنند‪ ..‬ومننا يننزال الكثننريون ف كننل زمننان وف كننل مكننان حيبونننه ذلنني‬
‫احل ن ننب العهي ن ننب بكن ننل كي ن ننا م‪ ،‬وبكن ننل مش ن نناعرهم‪ ،‬حت ن ننى ليأخ ن ننذهم الوج ن نند م ن ننن جم ن ننرد ذك ن ننره‬
‫☻ ‪ ..‬هننذا السننلم الننذي حيننب حممنندا ذلنني احلننب‪ ،‬مطلننوب منننه أن يفننرد بنني‬
‫اننخص حممنند ☻ والعقينندة التنني أبلغهننا وتركهننا للننناس مننن بعننده‪ ،‬باقيننة اتنندة‬
‫موصولة بالل الذي ال يموت‪.‬‬

‫إن الدعوة أقدم من الداعية‪:‬‬

‫) وما حممد إال رسول قد خلت من قبله الرسل)‪..‬‬

‫قند خلننت منن قبلننه الرسننل حيملنون هننذه الندعوة ال نناربة ف جننذور النزمن‪ ،‬العميقننة ف منابننت‬
‫التاريخ‪ ،‬البتدئة مع البشنرية‪ ،‬حتدو ا با دى والسالم من مطالع الطريق ‪.‬‬

‫وه نني أك ننرب م ننن الداعي ننة‪ ،‬وأبق ننى م ننن الداعي ننة‪ .‬ف نندعاوا جييئ ننون وي ننذهبون‪ ،‬وتبق ننى ه نني ع ننىل‬
‫الجينا ل والقننرون‪ ،‬ويبقنى اتباعهننا موصنولي بمصنندرها الول‪ ،‬النذي أرسننل ذنا الرسننل‪ ،‬وهننو‬
‫باد ‪ -‬سب انه ‪ -‬يتوجه إلينه الةمننون‪ ..‬ومنا جينوز أن ينقلنب أحند مننهم عنىل عقبينه‪ ،‬ويرتند عنن‬
‫هدى الل‪ .‬والل حي ال يموت‪:‬‬

‫ومن م هذا االستنكار‪ ،‬وهذا التهديد‪ ،‬وهذا البيان النري‪:‬‬

‫)أفننإن مننات أو قتننل انقلبننتم عننىل أعقننابكم ؟ ومننن ينقلننب عننىل عقبيننه فلننن ي ن نر الل اننيئا‪.‬‬
‫وسيهزي الل الشاكرين)‪..‬‬

‫‪101‬‬
‫وف التعبري تصوير حي لالرتداد‪ ( :‬انقلبتم عىل أعقابكم)‪( ..‬ومن ينقلب عىل عقبيه)‪ .‬فهنذه‬
‫احلرك ننة احلسن ننية ف االنقن ننالب يسن ننم معنن ننى االرتن ننداد عن ننن هن ننذه العقين نندة‪ ،‬كأ ن ننه منظن ننر مشن ننهود‪.‬‬
‫وال قص ننود أص ننال ل ننيس حرك ننة االرت ننداد احلسن ننية با زيم ننة ف العرك ننة‪ ،‬ولك ننن حرك ننة االرتن ننداد‬
‫السننلمي أن ال‬ ‫النفسننية التنني صنناحبتها حينننم هتننف ا نناتف‪ :‬إن حممنندا قنند قتننل‪ ،‬فننأحس بع ن‬
‫ج نندوى إذن م ننن قت ننال الشن ننركي‪ ،‬وبم ننوت حمم نند انته ننى أم ننر ه ننذا ال نندين‪ ،‬وانته ننى أم ننر ا ه نناد‬
‫للمرشكي فهنذه احلركنة النفسنية جيسنمها التعبنري هننا‪ ،‬فيصنورها حركنة ارتنداد عنىل العقناب‪،‬‬
‫كارتنندادهم ف العركننة عننىل العقنناب وهننذا هننو الننذي حننذرهم إينناه الن نر بننن أ ننس ؓ‬
‫فقنال ننم حني وجنندهم قند أفقننوا بأخمندهيم‪ ،‬وقننالوا لنه‪ :‬إن حممنندا قند مننات‪ ":‬فنم تصنننعون باحلينناة‬
‫من بعده ؟ فقوموا فموتوا عىل ما مات عليه رسول الل ☻"‪.‬‬

‫الل ايئا)‪..‬‬ ‫) ومن ينقلب عىل عقبيه فلن ي‬

‫فإنم هو اخلارس‪ ،‬الذي يةذي نفسه فيتنكب الطريق‪ ..‬وانقالبه لن ي ننر الل انيئا‪ .‬فنالل غنني‬
‫عننن الن نناس وع ننن إيم ننم‪ .‬ولكن ننه ‪ -‬رر ننة من ننه بالعب نناد ‪ -‬رشع ننم ه ننذا ال نننهج لس ننعادوم ه ننم‪،‬‬
‫وخلريهم هم‪ .‬وما يتنكبه متن كب حتنى يالقني جنزاءه منن الشنقوة واحلنرية ف ذات نفسنه وفنيمن‬
‫حولنه‪ .‬وحتنى يفسند النظننام وتفسند احليناة ويفسنند اخللنق‪ ،‬وتعنو المننور كلهنا‪ ،‬وينذود الننناس‬
‫وبال أمرهم ف تنكبهم للمنهج الوحيد الذي تستقيم ف ظله احلياة‪ ،‬وتسنتقيم ف ظلنه النفنوس‪،‬‬
‫فيه‪.‬‬ ‫ويد الفطرة ف ظله السالم مع ذاوا‪ ،‬والسالم مع الكون الذي تعي‬

‫( وسيهزي الل الشاكرين)‪..‬‬

‫‪102‬‬
‫الننذين يعرفننون مقنندار النعمننة التنني من هننا الل لعبنناده ف إعطننائهم هننذا النننهج‪ ،‬فيشننكرو ا‬
‫باتبناع الننهج‪ ،‬ويشننكرو ا بالثنناء عنىل الل‪ ،‬ومننن نم يسنعدون بننالنهج فيكنون هننذا جنزاء طيبننا‬
‫عىل اكرهم‪ ،‬م يسعدون بهزاء الل م ف ايخرة‪ ،‬وهو أكرب وأبقى ‪..‬‬

‫وكن ننأ م أراد الل ‪ -‬سن ننب انه ‪ -‬ذن ننذه احلاد ن ننة‪ ،‬وذن ننذه ايين ننة‪ ،‬أن يفطن ننم السن ننلمي عن ننن تعلقهن ننم‬
‫الشديد بشخص النبي ☻ وهو حني بيننهم‪ .‬وأن يصنلهم مبنارشة بنالنبع‪ .‬النبنع‬
‫الذي يفهره حممد ☻ ولكن جاء فقط ليومىء إليه‪ ،‬ويندعو البرشن إ في نه‬
‫التدفق ‪ ،‬كم أومأ إليه من قبله من الرسل‪ ،‬ودعوا القافلة إ االرتواء منه‬

‫وكنأ م أراد الل ‪ -‬سنب انه ‪ -‬أن يأخنذ بأخمندهيم‪ ،‬فيصنلها مبنارشة بنالعروة النو قى‪ .‬العنروة التني‬
‫يعقدها حممد ☻ إنم جاء ليعقد ذا أخمدي البرش‪ ،‬م يدعهم عليها ويم ني‬
‫وهم ذا مستمسكون‬

‫وكأ م أراد الل ‪ -‬سب انه ‪ -‬أن جيعنل ارتبناي السنلمي باإلسنالم مبنارشة‪ ،‬وأن جيعنل عهندهم‬
‫مننع الل مبننارشة‪ ،‬وأن جيعننل مسننةوليتهم ف هننذا العهنند أمننام الل بننال وسننيط‪ .‬حتننى يستشننعروا‬
‫تبعننتهم البننارشة‪ ،‬التنني ال الننيهم منهننا أن يمننوت الرسننول ☻ أو يقتننل‪ ،‬فهننم‬
‫إنم بايعوا الل‪ .‬وهم أمام الل مسةولون‬

‫وكأ م كان الل ‪ -‬سب انه ‪ -‬يعند ا معنة السنلمة لتلقني هنذه الصندمة الكنربى ‪ -‬حني تقنع ‪-‬‬
‫وهننو ‪ -‬سننب انه ‪ -‬يعلننم أن وقعهننا علننيهم يكنناد يتهنناوز طنناقتهم‪ .‬فشنناء أن ينندرذم عليهننا هننذا‬
‫والذهول ‪.‬‬ ‫التدريب‪ ،‬وأن يصلهم به هو‪ ،‬وبدعوته الباقية‪ ،‬قبل أن يستبد ذم الده‬

‫‪103‬‬
‫والننذهول‪ .‬حتننى لقنند وقننف عمننر ؓ‬ ‫ولقنند أص نيبوا ‪ -‬حنني وقعننت بالفعننل ‪ -‬بالننده‬
‫ااهرا سيفه‪ ،‬هيدد به من يقول‪ :‬إن حممدا قد مات‬

‫و يثبنت إال أبنو بكنر‪ ،‬الوصنول القلنب بصناحبه‪ ،‬وبقندر الل فينه‪ ،‬االتصنال البنارش الو ينق‪.‬‬
‫وكانت هذه ايية ‪ -‬حني ذكرهنا وذكنر ذنا الدهواني النذاهلي ‪ -‬هني الننداء اإل ني السنموع‪،‬‬
‫فإذا هم يثوبون ويرجعون‬

‫ننم يلمننس السننياد القننرآين مكمننن اخلننو مننن الننوت ف النننفس البش ننرية‪ ،‬لسننة موحيننة‪ ،‬تطننرد‬
‫ذل نني اخل ننو ‪ ،‬ع ننن طري ننق بي ننان احلقيق ننة الثابت ننة ف ا ننأن ال ننوت وا ننأن احلي نناة‪ ،‬وم ننا بع نند احلي نناة‬
‫والوت من حكمة لل وتدبري‪ ،‬ومن ابتالء للعباد وجزاء‪:‬‬

‫( وما كان لنفس أن متوت إال بإذن الل كتابا مةجال‪ .‬ومن يرد واب الدنيا نةته منها؛ ومن يرد‬
‫واب ايخرة نةته منها‪ .‬وسنهزي الشاكرين)‪..‬‬

‫إن لك ننل نف ننس كتاب ننا م ننةجال إ أج ننل مرس ننوم‪ .‬ول ننن مت ننوت نف ننس حت ننى تس ننتوف ه ننذا الج ننل‬
‫الرسوم‪ .‬فاخلو وا لنع‪ ،‬واحلنرص والتخلنف‪ ،‬ال تطينل أجنال‪ .‬والشنهاعة والثبنات واإلقندام‬
‫والوفناء ال تقص ن ر عمننرا‪ .‬فنال كننان ا ننبن‪ ،‬وال نامنت أعنني ا بننناء‪ .‬والجنل الكتننوب ال ينننقص‬
‫منه يوم وال يزيد !‬

‫ب ننذلي تس ننتقر حقيق ننة الج ننل ف ال نننفس‪ ،‬فت ننةك االا ننتغال ب ننه‪ ،‬وال يعل ننه ف احلس نناب‪ ،‬وه نني‬
‫تفك ننر ف الداء والوفن نناء بااللتزا من ننات والتكن نناليف اإل يمنين ننة‪ .‬وب ننذلي تنطلن ننق من ننن عقن ننال الشن ننح‬
‫واحلننرص‪ ،‬كننم ترتفننع ع ننىل وهلننة اخلننو والف ننزع‪ .‬وبننذلي تسننتقيم ع ننىل الطريننق بكننل تكاليف ننه‬
‫وبكل التزاماته‪ ،‬ف صرب وطمأ ينة‪ ،‬وتوكل عىل الل الذي يملي ايجال وحده‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫ننم ينتق ننل ب ننالنفس خط ننوة وراء ه ننذه الق ننية الت نني حس ننم فيه ننا الق ننول‪ ..‬فإن ننه إذا ك ننان العم ننر‬
‫مكتوبننا‪ ،‬والجننل مرسننوما‪ ..‬فلتنظننر نفننس مننا قنندمت لغنند؛ ولتنظننر نفننس منناذا ترينند‪ ..‬أارينند أن‬
‫ن ننذه ال ن نندنيا‬ ‫تقعن نند عن ننن تكن نناليف اإلين ننمن‪ ،‬وأن حتصن ن ن ر مههن ننا كلن ننه ف هن ننذه الرض‪ ،‬وأن تعن نني‬
‫وحن نندها؟ أم تري ن نند أن تتطل ن ننع إ أف ن ننق أع ن ننىل‪ ،‬وإ اهتممن ننات أرف ن ننع‪ ،‬وإ حي ن نناة أك ن ننرب م ن ننن ه ن ننذه‬
‫احلياة؟‪ ..‬مع ت ساوي هذا ا م وذاك فيم اتص بالعمر واحلياة ؟‬

‫( ومن يرد واب الدنيا نةته منها‪ .‬ومن يرد واب ايخرة نةته منها)‪.‬‬

‫وانتان بني حيناة وحيناة وانتان بني اهنتمم واهنتمم ‪ -‬منع احتناد النتيهنة بالقيناس إ العمنر‬
‫ننذه الرض وحنندها‪ ،‬ويرينند ننواب النندنيا وحنندها‪ ..‬إنننم حييننا حينناة‬ ‫والجننل ‪ -‬والننذي يعنني‬
‫الديندان والندواب وال عنام ننم يمنوت ف موعنده ال نروب بأجلننه الكتنوب ‪.‬والنذي يتطلننع‬
‫إ الفنق ايخنر‪ ..‬إننم حيينا حيناة "اإلنسنان" النذي كرمنه الل واسنتخلفه وأفنرده ذنذا الكنان نم‬
‫يمنوت ف موعنده ال نروب بأجلنه الكتنوب‪( ..‬ومنا كنان لننفس أن متنوت إال بنإذن الل كتابنا‬
‫مةجال)‪..‬‬

‫)وسنهزي الشاكرين)‪..‬‬

‫الذين يدركون نعمة التكريم اإل ي لإلنسان‪ ،‬فريتفعون عن مندار احلينوان؛ ويشنكرون الل‬
‫عىل تلي النعمة‪ ،‬فينه ون بتبعات اإليمن‪..‬‬

‫وهكذا يقرر القنرآن حقيقنة النوت واحليناة‪ ،‬وحقيقنة الغاينة التني ينتهني إليهنا الحيناء‪ ،‬وفنق منا‬
‫يريدونه ل فسنهم‪ ،‬منن اهنتمم قرينب كناهتمم الندود‪ ،‬أو اهنتمم بعيند كناهتمم اإلنسنان وبنذلي‬
‫ينقنل الننفس منن االنشنغال بناخلو منن النوت وا نزع منن التكناليف ‪ -‬وهني ال متلني انيئا ف‬

‫‪105‬‬
‫اننأن الننوت واحلينناة ‪ -‬إ االنشننغال بننم هننو أ فننع للنننفس‪ ،‬ف احلقننل الننذي متلكننه‪ ،‬ومتلنني فيننه‬
‫االختيار‪ .‬فتختار الدنيا أو تار ايخرة ‪.‬وتنال من جزاء الل ما تار‬

‫ننم ي ننرب الل للمسننلمي الثننل مننن إخننوا م الننةمني قننبلهم‪ .‬مننن موكننب اإليننمن الالحننب‬
‫المتنند عننىل طننول الطريننق‪ ،‬ال ننارب ف جننذور الزمننان‪ ..‬مننن أوئلنني الننذين صنندقوا ف إيم ننم‪،‬‬
‫وقاتلوا مع أ بيائهم‪ ،‬فلم جيزعوا عنند االبنتالء؛ وتنأدبوا ‪ -‬وهنم مقندمون عنىل النوت ‪ -‬بنالدب‬
‫اإلين ننمين ف هن ننذا القن ننام‪ ..‬مق ن ننام ا هن نناد‪ ..‬فلن ننم يزين نندوا ع ن ننىل أن يسن ننتغفروا رذن ننم؛ وأن جيس ن ننموا‬
‫أخط نناءهم فريوه ننا "إرسا ف ننا" ف أم ننرهم‪ .‬وأن يطلب ننوا م ننن رذ ننم الثب ننات والنصن ننر ع ننىل الكف ننار‪..‬‬
‫وبننذلي ن ننالوا ننواب ال نندارين‪ ،‬ج ننزاء إحسننا م ف أدب ال نندعاء‪ ،‬وإحس ننا م ف موق ننف ا ه نناد‪.‬‬
‫به الل للمسلمي‪:‬‬ ‫وكانوا مثال ي‬

‫( وكأخمن من نبي قاتل معه ربيون كثري‪ ،‬فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل الل‪ ،‬وما ضعفوا وما‬
‫استكانوا ‪ .‬والل حيب الصابرين‪ .‬وما كان قو م إال أن قالوا‪ :‬ربنا اغفر لنا ذنوبنا‪ ،‬وإرسا فنا ف‬
‫أمرنا؛ و بت أقدامنا؛ وانصنرنا عىل القوم الكافرين‪ .‬فلااهم الل نواب الندنيا وحسنن نواب‬
‫ايخرة‪ .‬والل حيب ال سني)‪..‬‬

‫لقد كانت ا زيمة ف "أحد"‪ ،‬هي أول هزيمة تصدم السلمي‪ ،‬الذين نصنرهم الل ببندر وهنم‬
‫ض ننعا قلي ننل؛ فك ننأ م وق ننر ف نفوس ننهم أن النص ن ننر ف ك ننل موقع ننة ه ننو الس نننة الكوني ننة‪ .‬فلن ننم أن‬
‫صدمتهم أحد‪ ،‬فوجئوا باالبتالء كأ م ال ينتظرونه !‬

‫ولعل ننه ننذا ط ننال احل ننديث ح ننول ه ننذه الواقع ننة ف الق ننرآن الك ننريم‪ .‬واس ننتطرد الس ننياد يأخ ننذ‬
‫الس ننلمي بالتأس ننية ت ننارة‪ ،‬وباالس ننتنكار ت ننارة‪ ،‬وب ننالتقرير ت ننارة‪ ،‬وبالث ننل ت ننارة‪ ،‬تربي ننة لنفوس ننهم‪،‬‬

‫‪106‬‬
‫وتص ن ن ي ا لتصن ننورهم‪ ،‬وإعن نندادا ن ن م‪ .‬فن ننالطريق أمن ننامهم طوين ننل‪ ،‬والتهن ننارب أمن ننامهم ان نناقة‪،‬‬
‫والتكاليف عليهم باهظة‪ ،‬والمر الذي يندبون له عظيم ‪.‬‬

‫والث ننل ال ننذي ي ننربه ننم هن ننا مث ننل ع ننام‪ ،‬ال حي نندد في ننه نبي ننا‪ ،‬وال حي نندد في ننه قوم ننا‪ .‬إن ننم ي ننربطهم‬
‫بموكنب اإلينمن؛ ويعلمهنم أدب النةمني؛ ويصنور نم االبنتالء كأ نه المنر الطنرد ف كنل دعنوة‬
‫وف كل دين؛ ويربطهم بأسالفهم من اتباع ال بياء؛ ليقرر ف حسنهم قرا بنة النةمني للمنةمني؛‬
‫اإليمين الكبري‪:‬‬ ‫ويقر ف أخالدهم أن أمر العقيدة كله واحد‪ .‬وإ م كتيبة ف ا ي‬

‫) وكأخمن من نبي قاتل معه ربيون كثري‪ .‬فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل الل ومنا ضنعفوا ومنا‬
‫استكانوا)‪..‬‬

‫‪ ..‬وكننم مننن نبنني قاتلننت معننه جاعننات كثننرية‪ .‬فننم ضننعفت نفوسننهم لننا أصنناذم مننن الننبالء‬
‫والك ننرب والش نندة وا ننرا ‪ .‬وم ننا ض ننعفت ق ننواهم ع ننن االس ننتمرار ف الكف ننا ‪ ،‬وم ننا استس ننلموا‬
‫للهزع وال لألعداء‪ ..‬فهذا هو اأن الةمني‪ ،‬الناف ي عن عقيدة ودين ‪..‬‬

‫)والل حيب الصابرين(‪..‬‬

‫ال ننذين ال ت ننعف نفوس ننهم‪ ،‬وال تت ع ننع ق ننواهم‪ ،‬وال تل نني ع ننزائمهم‪ ،‬وال يس ننتكينون أو‬
‫يستسلمون‪ ..‬والتعبري باحلب منن الل للصنابرين‪ .‬لنه وقعنه‪ .‬ولنه إحينا ه‪ .‬فهنو احلنب النذي يأسنو‬
‫والقر والكفا الرير !‬ ‫ا را ‪ ،‬ويمسح عىل القر ‪ ،‬ويعوض ويربو عن ال‬

‫وإ هنن ننا كن ننان السن ننياد قن نند رسن ننم الصن ننورة الظن نناهرة ن ننةالء الن ننةمني ف من ننوقفهم من ننن الشن نندة‬
‫واالبتالء‪ .‬فهو يم نني بعندها لريسنم الصنورة الباطننة لنفوسنهم ومشناعرهم‪ .‬صنورة الدب ف‬
‫حق الل‪ ،‬وهم يواجهون ا ول الذي يذهل النفوس‪ ،‬ويقيدها باخلطر الراهق ال تتعنداه‪ .‬ولكننه‬

‫‪107‬‬
‫ال يذهل نفوس الةمني عن التوجه إ الل‪ ..‬ال لتطلب النصنر أول ما تطلب ‪ -‬وهو ما يتبنادر‬
‫عادة إ النفوس ‪ -‬ولكن لتطلنب العفنو والغفنرة‪ ،‬ولتعنة بالنذنب واخلطيئنة‪ ،‬قبنل أن تطلنب‬
‫الثبات والنصنر عىل العداء ‪:‬‬

‫) وما كان قو م إال أن قالوا‪ :‬ربنا اغفر لنا ذنوبنا‪ ،‬وإرسا فنا ف أمرنا‪ ،‬و بت أقدامنا‪ ،‬وانرصنا‬
‫عىل القوم الكافرين)‪..‬‬

‫إ م يطلبنوا نعمنة وال نراء‪ .‬بنل يطلبنوا وا بنا وال جنزاء‪ ..‬يطلبنوا نواب الندنيا وال نواب‬
‫ايخننرة‪ .‬لق نند ك ننانوا أكث ننر أدب ننا م ننع الل‪ ،‬وه ننم يتوجهننون إلي ننه‪ ،‬بي نننم ه ننم يق نناتلون ف س ننبيله‪ .‬فل ننم‬
‫يطلبننوا منننه ‪ -‬سننب انه ‪ -‬إال غفننران الننذنوب‪ ،‬وتثبيننت القنندام‪ ..‬والنص ننر عننىل الكفننار‪ .‬ف ت ننى‬
‫النصن ننر ال يطلبون ننه ل فس ننهم إن ننم يطلبون ننه هزيم ننة للكف ننر وعقوب ننة للكف ننار‪ ..‬إن ننه الدب الالئ ننق‬
‫بالةمني ف حق الل الكريم ‪.‬‬

‫وهنةالء الننذين يطلبننوا ل فسننهم اننيئا‪ ،‬أعطنناهم الل مننن عنننده كننل يشء‪ .‬أعطنناهم مننن عنننده‬
‫كل ما يتمناه طالب الدنيا وزيادة‪ .‬وأعطاهم كذلي كل ما يتمناه طالب ايخرة ويرجونه ‪:‬‬

‫) فلااهم الل واب الدنيا‪ ،‬وحسن واب ايخرة)‪..‬‬

‫وانهد ننم ‪ -‬سننب انه ‪ -‬باإلحسننان‪ .‬فقنند أحسنننوا الدب وأحسنننوا ا هنناد‪ ،‬وأعلننن حبننه ننم‪.‬‬
‫وهو أكرب من النعمة وأكرب من الثواب ‪:‬‬

‫)والل حيب ال سني)‪..‬‬

‫‪108‬‬
‫وهكننذا تنتهنني هننذه الفقننرة ف االسننتعراض؛ وقنند ت ننمنت تلنني احلقننائق الكبننرية ف التصننور‬
‫اإلسننالمي‪ .‬وقنند أدت هننذا النندور ف تربيننة ا معننة السننلمة‪ .‬وقنند ادخننرت هننذا الرصننيد لألمننة‬
‫السلمة ف كل جيل‪..‬‬

‫***‬

‫‪109‬‬
‫‪ ‬الدرس السادس‪ :‬احلذر من طاعة الكافرين ‪‬‬

‫نم يم نني السنياد خطنوة أخنرى ف اسنتعراض أحندا العركنة؛ وا اذهنا حمنورا للتعقيبنات‪،‬‬
‫يتننوخى ذ ننا تص ن يح التصننور‪ ،‬وتربي ننة ال ننمئر‪ ،‬والت ننذير م ننن مزا ل ننق الطريننق‪ ،‬والتنبي ننه إ م ننا‬
‫حييط با معة السلمة من الكيد‪ ،‬وما يبيته ا أعدا ها الةبصون ‪:‬‬

‫ولق نند كان ننت ا زيم ننة ف أح نند جم نناال لدس ننائس الكف ننار والن ننافقي واليه ننود ف الدين ننة‪ .‬وكان ننت‬
‫لننص بعنند لإلسننالم؛ بننل ال يننزال السننلمون فيهننا نبتننة غريبننة إ حنند كبننري‪ .‬نبتننة غريبننة‬ ‫الدنيننة‬
‫أحاطتهنا "بنندر" بسننيا مننن الرهبننة‪ ،‬بنم كننان فيهننا مننن النصننر البلنج‪ .‬فلنم كانننت ا زيمننة ف أحنند‬
‫تغنري الوقننف إ حند كبننري؛ وسننن ت الفرصنة ننةالء العننداء الةبصني أن يظهننروا أحقننادهم‪،‬‬
‫وأن ينفثنوا سننمومهم؛ وأن جيندوا ف جننو الفهنائع التنني دخلننت كنل بيننت منن بيننوت السننلمي ‪-‬‬
‫وبخاصة بيوت الشهداء ومن أصابتهم ا نرا الثخننة ‪ -‬منا يسناعد عنىل تنرويج الكيند والندس‬
‫والبلبلة ف الفكار والصفو ‪.‬‬

‫وف هنذه الفقننرة التاليننة منن االسننتعراض القننرآين الوجنه ‪ -‬وهنني متثننل جسنم العركننة وأضننخم‬
‫مشاهدها ‪ -‬نسمع الل سب انه يدعو الذين آمننوا لي ذرهم من طاعة النذين كفنروا؛ ونسنمعه‬
‫‪ -‬س ننب انه ‪ -‬يع نندهم النصن ننر ع ننىل ع نندوهم‪ ،‬وإلق نناء الرع ننب ف قلب ننه؛ وي ننذكرهم بالنصن ننر ال ننذي‬
‫حقق ننه ننم ف أول العرك ننة‪ ،‬حس ننب وع ننده ننم؛ وال ننذي إن ننم أض نناعوه ه ننم ب ننعفهم ون ننزاعهم‬
‫ن نر مشننهد العركننة بش ننطريه‪ ،‬ف‬ ‫وخالفهننم عننن أمننر رسننول الل ☻ ننم يست‬
‫صننورة فائ ننة باحليويننة واحلركننة‪ .‬ننم مننا أعقننب ا زيمننة والفننزع‪ ،‬مننن إنننزال الطمأ ينننة ف قلننوب‬

‫‪110‬‬
‫ال ننةمني م نننهم؛ بي نننم القل ننق واحل ننرية واحلس ن ن رة تأك ننل قل ننوب الن ننافقي‪ ،‬ال ننذين س نناء ظ نننهم ب ننالل‬
‫سن ننب انه‪ .‬ويكشن ننف ن ننم كن ننذلي ع ن ننن جانن ننب من ننن حكمت ن ننه اخلفين ننة وت ن نندبريه اللطين ننف‪ ،‬ف س ن ننري‬
‫الح نندا س ننريوا تل نني‪ ،‬م ننع تقري ننر حقيق ننة ق نندر الل ف آج ننال العب نناد‪ .‬وحي ننذرهم ف اي ننة ه ننذه‬
‫الفقننرة مننن ضننالل التصننورات التنني يشننيعها الكفننار ف ق ننية الننوت واالستشننهاد‪ .‬ويننردهم إ‬
‫حقيقة البعث‪ ،‬التي ينتهي إليها النناس‪ ..‬مناتوا أو قتلنوا‪ ..‬وإ أ نم مرجوعنون إ الل عنىل كنل‬
‫حال ‪:‬‬

‫( يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم عىل أعقابكم فتنقلبوا خارسين‪ ..‬بل الل‬
‫موالكم وهو خري النارصين‪ .‬سنل قي ف قلوب الذين كفروا الرعب بم أرشكوا بالل ما ينزل به‬
‫سلطانا؛ ومأواهم النار‪ ،‬وبئس مثوى الظالي ولقد صدقكم الل وعده إذ حتسو م بإذنه‪،‬‬
‫حتى إذا فشلتم‪ ،‬وتنازعتم ف المر‪ ،‬وعصيتم من بعد ما أراكم ما حتبون‪ :‬منكم من يريد الدنيا‬
‫ومنكم من يريد ايخرة‪ ،‬م رص فكم عنهم ليبتلنيكم‪ ،‬ولقند عفنا عننكم‪ ،‬والل ذو ف نل عنىل‬
‫الةمني‪ .‬إذ تصعدون وال تلوون عىل أحد‪ ،‬والرسول يدعوكم ف أخراكم؛ فأ ابكم غم بغم‪،‬‬
‫لكيال حتزنوا عىل ما فاتكم وال ما أصابكم‪ ،‬والل خبري بم تعملون‪ .‬م أ زل عليكم من بعد الغم‬
‫أمنة‪ ،‬نعاسا يغشى طائفة منكم‪ ،‬وطائفة قد أمهتهم أ فسهم‪ ،‬يظنون بالل غري احلق ظن ا اهلية‪،‬‬
‫يقولون‪ :‬هل لنا من المر من يشء ؟ قل‪ :‬إن المر كله لل‪ .‬افون ف أ فسهم ما ال يبدون لي‪.‬‬
‫يقولون‪ :‬لو كان لنا من المر يشء ما قتلنا هاهنا‪ .‬قل‪ :‬لو كننتم ف بينوتكم لنربز النذين كتنب‬
‫عليهم القتل إ م اجعهم‪ .‬ولي بتيل الل ما ف صدوركم‪ ،‬وليم ص ما ف قلوبكم؛ والل عليم‬
‫منا‬ ‫بذات الصدور‪ .‬إن النذين تولنوا مننكم ينوم التقنى ا معنان إننم اسنتز م الشنيطان بنبع‬
‫كسبوا؛ ولقد عفا الل عنهم‪ ،‬إن الل غفور حليم‪ .‬يا أهيا الذين آمنوا ال تكونوا كالذين كفروا‪،‬‬
‫وقالوا إلخوا م ‪ -‬إذا ربوا ف الرض أو كانوا غزى ‪:-‬لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا‪،‬‬

‫‪111‬‬
‫ليهعل الل ذلي حسن رة ف قلوذم‪ .‬والل حييي ويميت‪ ،‬والل بم تعملون بصري‪ .‬ولئن قتلتم ف‬
‫سبيل الل أو متم لغفرة من الل وررة خري اا جيمعون‪ .‬ولئن متم أو قتلتم إل الل حتشنرون(‪..‬‬

‫وحنني ننظننر ف هننذه ال هموعننة مننن اييننات نظننرة فاحصننة نهنندها قنند ضننمت جوان هننا عننىل‬
‫حش ن نند ض ن ننخم م ن ننن الش ن نناهد الفائ ن ننة باحليوي ن ننة‪ ،‬وم ن ننن احلق ن ننائق الكب ن ننرية الص ن ننيلة ف التص ن ننور‬
‫اإلسننالمي‪ ،‬وف احلينناة اإلنسننانية‪ .‬وف السنننن الكونيننة‪ ..‬نهنندها تصننور العركننة كلهننا بلمسننات‬
‫الشن نناعر‬ ‫رسيعن ننة حين ننة مت ركن ننة عميقن ننة‪ ،‬فن ننال تن نندع منهن ننا جانبن ننا إال سن ننهلته تسن ننهيال يسن ننتهي‬
‫ن ننارا للمعركن ننة بهوهن ننا ومالبسن نناوا‬ ‫واخل ننواطر؛ وهن نني بن نندون ان نني أان نند حيوين ننة وأان نند است‬
‫ووقائعهنا‪ ،‬وبكنل اخللهنات النفسننية واحلركنات الشنعورية الصناحبة ننا‪ ..‬منن كنل تصنوير آخننر‬
‫ورد ف روايننات السننرية ‪ -‬عننىل طو ننا وتشننعبها ‪ -‬ننم نهنندها ت ننم جوان هننا عننىل ذلنني احلشنند‬
‫من احلقائق ف صوروا احلية الفاعلة ف النفوس‪ ،‬البانية للتصور الص يح ‪.‬‬

‫ومنا مننن اني أن احتشنناد هنذه الشنناهد كلهنا‪ ،‬وهننذه احلقنائق كلهننا‪ ،‬ف هنذا القنندر منن اللفنناظ‬
‫والعب ننارات ‪ -‬م ننع حيويته ننا وحركته ننا وإحيائه ننا ع ننىل ه ننذا الن ننو ‪ -‬أم ننر غ ننري معه ننود ف التعب ننري‬
‫البش نري‪ .‬ينندرك ذلنني مننن ينندركون أرسا ر السنناليب‪ ،‬وطاقننات الداء‪ ،‬وبخاصننة مننن يعننا ون‬
‫منهم التعبري‪ ،‬ويعانون أرسا ر الداء !‬

‫) يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم عىل أعقابكم فتنقلبوا خارسين‪ .‬بل الل‬
‫موالكم وهو خري النارصين)‪..‬‬

‫لق نند انته ننز الكف ننار والن ننافقون واليه ننود ف الدين ننة م ن ن ا أص نناب الس ننلمي م ننن ا زيم ننة والقت ننل‬
‫والقننر ‪ ،‬ليثبطننوا عننزائمهم‪ ،‬واوفننوهم عاقبننة السننري مننع حممنند‪ ،‬ويصننوروا ننم ننناو القتننال‪،‬‬
‫وحلفنائهم‪ ..‬وجنو ا زيمنة هننو أصنلح الجنواء لبلبلننة‬ ‫وعوا قنب االانتباك منع مش نركي قننري‬

‫‪112‬‬
‫القلوب‪ ،‬وخلخلة الصفو ‪ ،‬وإااعة عدم الثقة ف القيادة؛ والتشكيي ف جدوى اإلرصا ر عىل‬
‫العركة مع القوياء؛ وتزيي االنس اب منهنا‪ ،‬ومسنالة النترصنين فيهنا منع إ نارة الوا جنع‬
‫الشخصننية والالم الفرديننة؛ وحتويلهننا كلهننا نندم كيننان ا معننة‪ ،‬ننم نندم كيننان العقينندة‪ ،‬ننم‬
‫لالستسالم لألقوياء الغالبي !‬

‫ومن م حيذر الل النذين آمننوا أن يطيعنوا النذين كفنروا‪ .‬فطاعنة النذين كفنروا عاقبتهنا اخلسنارة‬
‫الةكنندة‪ ،‬ولننيس فيهننا ربننح وال منفعننة‪ .‬فيهننا االنقننالب عننىل العقنناب إ الكفننر‪ .‬فننالةمن إمننا أن‬
‫يم نني ف طريقننه جياهنند الكفننر والكفننار‪ ،‬ويكننافح الباطننل والبطلنني‪ ،‬وإمننا أن يرتنند عننىل عقبيننه‬
‫كافرا ‪ -‬والعياذ بالل ‪ -‬وحمال أن يقنف سنلب يا بني بني‪ ،‬حمافظنا عنىل موقفنه‪ ،‬وحمتفظنا بديننه‪ ..‬إننه‬
‫قد ايل إليه هذا‪ ..‬ايل إليه ف أعقاب ا زيمة‪ ،‬وحتت وطأة ا ر والقر ‪ ،‬أ ه مستطيع أن‬
‫ينس ب من العركة مع القوياء الغالبي وأن يسالهم ويطيعهم‪ ،‬وهو مع هذا حمتفظ بدينه‬
‫وعقيدته وإيمنه وكيانه وهو وهم كبري‪ .‬فالذي ال يت رك إ اإلمام ف هذا الهال ال بد أن‬
‫يرتد إ الوراء‪ ،‬والذي ال يكافح الكفر والرش وال الل والباطل والطغيان‪ ،‬ال بد أن يتخاذل‬
‫ويتقهقر ويرتد عىل عقبيه إ الكفر والشن ر وال الل والباطل والطغيان والذي ال تعصمه‬
‫عقيدت ننه وال يعصن ننمه إيمنن ننه م ننن طاعن ننة الكن ننافر ين‪ ،‬واالسن ننتمع إل ننيهم‪ ،‬والثقن ننة ذن ننم يتنن ننازل ‪ -‬ف‬
‫احلقيق ننة ‪ -‬ع ننن عقيدت ننه وإيمن ننه من ننذ الل ظ ننة الو ‪ ..‬إ ننا ا زيم ننة الروحي ننة أن ي ننركن ص نناحب‬
‫العقينندة إ أعننداء عقيدتننه‪ ،‬وأن يسننتمع إ وسوسننتهم‪ ،‬وأن يطيننع توجيهنناوم‪ ..‬ا زيمننة بننادىء‬
‫ذي بندء‪ .‬فننال عاصنم لننه مننن ا زيمنة ف النهايننة‪ ،‬واالرتنداد عننىل عقبيننه إ الكفنر‪ ،‬ولننو حيننس ف‬
‫خطوا تننه الو أ ننه ف طريقننه إ هننذا الصننري البننائس‪ ..‬إن الننةمن جينند ف عقيدتننه‪ ،‬وف قيادتننه‪،‬‬
‫غن نناء ع ننن مش ننورة أع ننداء دين ننه وأع ننداء قيادت ننه‪ .‬ف ننإذا اس ننتمع إ ه ننةالء م ننرة فق نند س ننار ف طري ننق‬

‫‪113‬‬
‫االرتداد عىل العقاب‪ ..‬حقيقنة فطرينة وحقيقنة واقعينة‪ ،‬ينبنه الل النةمني نا‪ ،‬وحينذرهم إياهنا‪،‬‬
‫وهو ينادهيم باسم اإليمن ‪:‬‬

‫) يا أهيا الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم عىل أعقابكم فتنقلبوا خارسين(‪..‬‬

‫وأخمننة خسننارة بعنند خسننارة االرتننداد عننىل العقنناب‪ ،‬مننن اإليننمن إ الكفننر ؟ وأي ربننح يت قننق‬
‫بعد خسارة اإليمن ؟‬

‫وإ ذا كننان مبعننث اليننل إ طاعننة الننذين كفننروا هننو رجنناء احلميننة والنصننرة عننندهم‪ ،‬فهننو وهننم‪،‬‬
‫ب السياد صف ا عنه‪ ،‬ليذكرهم ب قيقة النصنرة واحلمية ‪:‬‬ ‫ي‬

‫) بل الل موالكم‪ ،‬وهو خري النارصين)‪.‬‬

‫فهذه هي ا هة التي يطلب الةمنون عندها الوالية‪ ،‬ويطلبنون عنندها النصننرة‪ .‬ومنن كنان الل‬
‫مننواله‪ ،‬فننم حاجتننه بواليننة أحنند مننن خلقننه ؟ ومننن كننان الل نننارصه فننم حاجتننه بنص ننرة أحنند مننن‬
‫العبيد ؟‬

‫ننم يم ن نني الس ننياد يثب ننت قل ننوب الس ننلمي‪ ،‬ويبش ن ن رهم بإلق نناء الرع ننب ف قل ننوب أع نندائهم‪،‬‬
‫بسبب إرشاكهم بالل ما ينزل به سلطانا‪ ،‬و جيعل له قوة وقدرة‪ .‬وذلي فنود عنذاب ايخنرة‬
‫الهيأ للظالي ‪:‬‬

‫) سنلقي ف قلوب الذين كفروا الرعب بم أرشكوا بالل ما ينزل به سلطانا‪ .‬ومأواهم النار‪،‬‬
‫وبئس مثوى الظالي)‪..‬‬

‫‪114‬‬
‫والوعنند مننن الل ا ليننل القننادر القنناهر‪ ،‬بإلقنناء الرعننب ف قلننوب الننذين كفننروا‪ ،‬كفيننل بنهايننة‬
‫العركة‪ ،‬وضمن زيمة أعدائه ونرص أوليائه ‪..‬‬

‫وهننو وعن د قننائم ف كننل معركننة يلتقنني فيهننا الكفننر بنناإليمن‪ .‬فننم يلقننى الننذين كفننروا الننذين آمنننوا‬
‫حت ننى ا ننافوهم‪ ،‬ويت ننرك الرع ننب اللق ننى م ننن الل ف قل ننوذم‪ .‬ولك ننن اله ننم أن توج نند حقيق ننة‬
‫اإلي ننمن ف قل ننوب ال ننةمني‪ .‬حقيق ننة الش ننعور بوالي ننة الل وح ننده‪ ،‬والثق ننة الطلق ننة ذ ننذه الوالي ننة‪،‬‬
‫والتهننرد مننن كننل اننائبة مننن انني ف أن جننند الل هننم الغننالبون‪ ،‬وأن الل غالننب عننىل أمننره‪ ،‬وأن‬
‫النذين كفنروا غنري معهنزين ف الرض وال سنابقي لل سننب انه ! والتعامنل منع وعند الل هننذا‪،‬‬
‫مهم تكن ظواهر المور الفه‪ ،‬فوعد الل أصدد اا تراه عيون البرش وتقدره عقو م !‬

‫إنننه الرعننب لن قلننوذم خاو ي ننة مننن السننند الص ن يح‪ .‬ل ننم ال يسننتندون إ ق ننوة وال إ ذي‬
‫قوة‪ .‬إ م أرشكوا بالل آ ة ال سلطان ا‪ ،‬لن الل يمن ها سلطانا ‪.‬‬

‫والتعبري‪( :‬ما ينزل به سلطانا) ذو معنى عميق‪ ،‬وهو يصادفنا ف القرآن كثريا‪ .‬مرة توصف‬
‫به اي ة الدعاة‪ ،‬ومرة توصف به العقائد الزائفة‪ ..‬وهو يشري إ حقيقة أساسية عميقة ‪:‬‬

‫إن أخمة فكرة‪ ،‬أو عقيدة‪ ،‬أو اخصية‪ ،‬أو منظمة‪ ..‬إنم حتيا وتعمل وتة ر بمقدار ما حتمل من‬
‫قوة كامنة وسلطان قاهر‪ .‬هذه القوة تتوقف عىل مقدار ما فيها من "احلق" أي بمقدار ما فيها‬
‫من توافق مع القاعدة التي أقام الل عليها الكون‪ ،‬ومع سنن الل التي تعمل ف هذا الكون‪.‬‬
‫وعندئذ يمن ها الل القوة والسلطان احلقيقيي الفاعلي الة رين ف هذا الوجود‪ .‬وإال فهي‬
‫زائفة باطلة ضعيفة واهية‪ ،‬مهم بدا فيها من قوة والتمع وانتفاش !‬

‫‪115‬‬
‫والشنركون يشنركون منع الل آ نة أخنرى ‪ -‬ف صنور انتى ‪ -‬ويقنوم الش نرك ابتنداء عنىل إعطناء‬
‫غنري الل ‪ -‬سننب انه ‪ -‬اننيئا مننا مننن خصنائص اللوهيننة ومظاهرهننا‪ .‬وف مقدمننة هننذه اخلصننائص‬
‫حننق التشن ن ريع للعبنناد ف اننةون حينناوم كلهننا؛ وحننق وضننع القننيم التنني يت نناكم إليهننا العبنناد ف‬
‫س ننلوكهم وف جمتمع نناوم؛ وح ننق االس ننتعالء ع ننىل العب نناد وإل ننزامهم بالطاع ننة لتل نني التش ن نريعات‬
‫وا العتبار ذه القيم‪ ..‬م تنأيت مسنأفة العبنادة الشنعائرية ضنمن إعطناء هنذه اخلصنائص لغنري الل‬
‫سب انه‪ ،‬وواحدة منها !‬

‫فمذا حتمل هذه اي ة من احلق الذي أقنام الل علينه الكنون ؟ إن الل الوا حند خلنق هنذا الكنون‬
‫لينتسنب إ خالقننه الوا حند؛ وخلننق هننذه اخلالئنق لتقننر لنه بالعبوديننة وحننده بنال رشينني؛ ولتتلقننى‬
‫منه الشنريعة والقيم بال منازع؛ ولتعبده وحده حق عبادته بال أ داد‪ ..‬فكنل منا انر عنىل قاعندة‬
‫لل ننق الكننامن ف بنيننة الكننون‪ .‬ومننن ننم‬ ‫التوحينند ف معناهننا الشننامل‪ ،‬فهننو زائننف باطننل‪ ،‬مننناق‬
‫فه ننو واه هزي ننل‪ ،‬ال حيم ننل ق ننوة وال س ننلطانا‪ ،‬وال يمل نني أن ي ننة ر ف جم ننرى احلي نناة؛ ب ننل ال يمل نني‬
‫عنارص احلياة وال حق احلياة !‬

‫وم ن ننا دام أوئل ن نني الشن ن ننركون يشن ن ننركون ب ن ننالل م ن ننا ين ن ننزل ب ن ننه س ن ننلطانا؛ م ن ننن اي ن ننة والعقائ ن نند‬
‫والتصورات فهم يرتكنون إ ضعف وخنواء‪ ،‬وهنم أبندا خنوارون ضنعفاء؛ وهنم أبندا ف رعنب‬
‫حيثم التقوا بالةمني الرتكني إ احلق ذي السلطان ‪..‬‬

‫وإنن ننا لنه نند مص ننداد ه ننذا الوع نند كل ننم التق ننى احل ننق والباط ننل‪ ..‬وك ننم م ننن م ننرة وق ننف الباط ننل‬
‫من نندجها بالسن ننال أمن ننام احلن ننق العن ننزل‪ .‬ومن ننع ذلن نني كن ننان الباطن ننل حيتشن نند احتشن نناد الرعن ننوب‪،‬‬
‫ويريننف مننن كننل حركننة وكننل صننوت ‪ -‬وهننو ف حشننده السننلح ال شننود فأمننا إذا أقنندم احلننق‬

‫‪116‬‬
‫وهاجم فهو الذعر والفزع والشتات واالضنطراب ف صنفو الباطنل؛ ولنو كاننت لنه احلشنود‪،‬‬
‫وكان لل ق القلة‪ ،‬تصديقا لوعد الل الصادد ‪:‬‬

‫) سنلقي ف قلوب الذين كفروا الرعب بم أرشكوا بالل ما ينزل به سلطانا)‪..‬‬

‫ذلي ف الدنيا‪ .‬فأما ف ايخرة‪ ..‬فهناك الصري ال زن البائس الذي يليق بالظالي ‪.‬‬

‫)ومأواهم ال نار‪ .‬وبئس مثوى الظالي )‪..‬‬

‫وهن ننا ي ننردهم الس ننياد إ مص ننداد وع نند الل ه ننذا ف غ ننزوة أح نند ذاو ننا‪ .‬فق نند ك ننان ننم النصن ننر‬
‫الس نناحق ف أوائله ننا‪ .‬ولق نند اس ننت ر القت ننل ف الشن ننركي حت ننى ول ننوا الدب ننار‪ ،‬وترك ننوا وراءه ننم‬
‫الغننائم‪ ،‬وسنقط لنوا هم فلنم متتنند يند لرفعنه حتنى رفعتنه ننم امنرأة ‪ ..‬و ينقلنب النصننر هزيمننة‬
‫للمسنلمي إال حنني ضننعفت نفننوس الرمنناة أمننام إغننراء الغنننائم؛ وتنننازعوا فننيم بينننهم‪ ،‬وخننالفوا‬
‫ع ننن أم ننر رس ننول الل ☻ نب ننيهم وقائ نندهم‪ ..‬وهن ننا ي ننردهم الس ننياد إ ص ننميم‬
‫العركة ومشاهدها ومواقفها وأحدا ها ومالبساوا‪ ،‬ف حيوية عهيبة ‪:‬‬

‫(ولقد صدقكم الل وعده‪ ،‬إذ حت سو م بإذنه‪ ،‬حتى إذا فشلتم وتنازعتم ف المر‪ ،‬وعصيتم ‪-‬‬
‫من بعد ما أراكم ما حتبون‪ :‬منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد ايخرة‪ .‬م رصفكم عنهم‬
‫ليبتليكم‪ .‬ولقد عفا عنكم‪ ،‬والل ذو ف ل عىل الةمني‪ .‬إذ تصعدون وال تلوون عنىل أحند‪،‬‬
‫والرسول يدعوكم ف أخراكم‪ ،‬فأ ابكم غم بغم‪ ،‬لكيال حتزنوا عىل ما فاتكم وال ما أصابكم‪.‬‬
‫والل خبري بم تعملون‪ .‬م أ زل عليكم من بعد الغم أ منة نعاسا يغشى طائفة منكم‪ ،‬وطائفة قد‬
‫أمهتهم أ فسهم يظنون بالل غري احلق ظن ا اهلية‪ ،‬يقولون‪ :‬هل لنا من المر من يشء ؟ قل‪:‬‬
‫إن المر كله لل‪ .‬افون ف أ فسهم ما ال يبدون لي‪ .‬يقولون‪ :‬لو كان لنا من المر يشء ما قتلنا‬

‫‪117‬‬
‫هاهنا‪ .‬قل‪ :‬لو كنتم ف بيوتكم لربز الذين كتب عليهم القتل إ م اجعهم‪ .‬وليبتيل الل ما ف‬
‫صدوركم‪ .‬وليم ص ما ف قلوبكم‪ ،‬والل عليم بذات الصدور‪ .‬إن الذين تولوا مننكم ينوم‬
‫منا كسنبوا‪ .‬ولقند عفنا الل عننهم‪ .‬إن الل غفنور‬ ‫التقى ا معنان إننم اسنتز م الشنيطان بنب ع‬
‫حليم)‪..‬‬

‫إن التعبري القرآين هنا لريسم مشهدا كامال لا العركة‪ ،‬ولتداول النصننر وا زيمنة‪ .‬مشنهدا‬
‫ال ين ن ننةك حرك ن ن ننة ف الي ن ن نندان‪ ،‬وال خ ن ن نناطرة ف النفن ن ننوس‪ ،‬وال س ن ن ننمة ف الوج ن ن ننوه‪ ،‬وال خا ن ن ننة ف‬
‫ال مئر‪ ،‬إال ويثبتها‪ ..‬وكأن العبارات رشينط مصنور يمنر بالبص نر‪ ،‬وحيمنل ف كنل حركنة صنورا‬
‫وذع ننر‪،‬‬ ‫جدي نندة ناب ننة‪ .‬وبخاص ننة ح نني يص ننور حرك ننة اإلص ننعاد ف ا ب ننل‪ ،‬وا ننروب ف ده ن‬
‫ودع ن نناء الرسن ننول ☻ للف ن ننارين الرت ن نندين ع ن ننن العرك ن ننة‪ ،‬الص ن ننعدين لله ن ننرب‪.‬‬
‫يص ب ذلي كله حركة النفنوس‪ ،‬ومنا يندور فيهنا منن خنوالج وخنواطر وانفعناالت ومطنامع‪..‬‬
‫وم ع هنذا احلشند منن الصنور احلينة الت ركنة الناب نة‪ ،‬تلني التوجيهنات والتقرينرات التني يتمينز‬
‫ذا أسلوب القرآن‪ ،‬ومنهج القرآن الةبوي العهيب ‪:‬‬

‫) ولقد صدقكم الل وعده إذ حتسو م بإذنه)‪..‬‬

‫وكنان ذلنني ف مطننالع العركننة‪ ،‬حيننث بندأ السننلمون حيسننون الشننركي‪ ،‬أي امنندون حسننهم‪،‬‬
‫أو يستأصن ن ن ن ن ن ن لون ا ن ن ن ن ن ننأفتهم‪ .‬قبن ن ن ن ن ننل أن يله ن ن ن ن ن ننيهم الطم ن ن ن ن ن ننع ف الغنيم ن ن ن ن ن ننة‪ .‬وك ن ن ن ن ن ننان رس ن ن ن ن ن ننول الل‬
‫☻ قد قال م‪ ":‬لكم النصنر ما صربتم " فصدقهم الل وعده عىل لسان نبيه ‪.‬‬

‫) حتى إذا فشلتم وتنازعتم ف المر وعصيتم من بعد ما أراكم ما حتبون‪ :‬منكم من يريد الدنيا‬
‫ومنكم من يريد ايخرة)‪..‬‬

‫‪118‬‬
‫وهو تقرير حلال ال رماة‪ .‬وقد ضعف فريق منهم أمام إغراء الغنيمنة؛ ووقنع الننزاع بيننهم وبني‬
‫من يرون الطاعة الطلقة لمر رسول الل ☻ وانتهنى المنر إ العصنيان‪ .‬بعند‬
‫مننا رأوا بننأعينهم طالئننع النص ننر الننذي حيبونننه‪ .‬فكننانوا فننريقي‪ :‬فريقننا يرينند غنيمننة النندنيا‪ ،‬وفريقننا‬
‫يريد واب ايخرة‪ .‬وتوزعت القلوب فلم يعد الصف وحدة‪ ،‬و يعد ا د واحندا‪ .‬وانابت‬
‫الطنامع جننالء اإلخننالص والتهننرد الننذي ال بنند منننه ف معركننة العقينندة‪ .‬فمعركننة العقينندة ليسننت‬
‫ككننل معركننة‪ .‬إ ننا معركننة ف الينندان ومعركننة ف ال ننمري‪ .‬وال انتصننار ف معركننة الينندان دون‬
‫االنتصار ف معركة ال مري‪ .‬إ ا معركة لل‪ ،‬فال ينرص الل فيها إال من خلصت نفوسهم له ‪.‬‬

‫وم ننا دام ننوا يرفع ننون راي ننة الل وينتسن ننبون إليه ننا‪ ،‬ف ننإن الل ال يمن ننن هم النص ن ننر إال إذا حمصن ننهم‬
‫وال دخل وال متويه بالرا ينة‪ .‬ولقند يغلنب‬ ‫وحم هم للراية التي رفعوها؛ كي ال يكون هناك غ‬
‫الع ننارك ‪ -‬حلكم ننة يعلمه ننا الل ‪ -‬أم ننا‬ ‫البطل ننون ال ننذين يرفع ننون راي ننة الباط ننل رصحي ننة ف بعن ن‬
‫الذين يرفعون راية العقيدة وال الصون ا إخالص التهرد‪ ،‬فال يمن هم الل النصنر أبندا‪،‬‬
‫ننوا‪ ..‬وهننذا مننا يرينند القننرآن أن جيلننوه للهمعننة السننلمة ذننذه‬ ‫حتننى يبتلننيهم فيتم صننوا ويتم‬
‫اإلا ننارة إ م ننوقفهم ف العرك ننة‪ ،‬وه ننذا م ننا أراد الل ‪ -‬س ننب انه ‪ -‬أن يعلم ننه للهمع ننة الس ننلمة‪،‬‬
‫وهي تتلقى ا زيمة الريرة والقر الليم مرة ذا الوقف ال طرب التأرجح !‬

‫) منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد ايخرة)‪..‬‬

‫والقن ننرآن يسن ننلط الض ننواء عن ننىل خفاين ننا القلن ننوب‪ ،‬التن نني من ننا كن ننان السن ننلمون أ فسن ننهم يعرفن ننون‬
‫وجودهن ننا ف قلن ننوذم‪ ..‬عن ننن عبن نند الل بن ننن مسن ننعود ؓ قن ننال‪ :‬من ننا كنن ننت أرى أن أحن نندا من ننن‬
‫أص اب رسول الل ☻ يريد الدنيا‪ ،‬حتى نزل فينا يوم أحد‪( :‬منكم من يريد‬

‫‪119‬‬
‫الدنيا ومنكم من يريد ايخرة)(‪ .. )1‬وبذلي ي ع قلوذم أمنامهم مكشنوفة بنم فيهنا؛ ويعنرفهم‬
‫من أخمن جاءوم ا زيمة ليتقوها !‬

‫وف الوقن ننت ذاتن ننه يكشن ننف ن ننم عن ننن طن ننر من ننن حكمن ننة الل وتن نندبريه‪ ،‬وراء هن ننذه ايالم التن نني‬
‫تعرضوا ا؛ ووراء هذه الحدا التي وقعت بأسباذا الظاهرة ‪:‬‬

‫) م رصفكم عنهم ليبتليكم)‪..‬‬

‫لق نند ك ننان هن نناك ق نندر الل وراء أفع ننال البش ن ن ر‪ .‬فل ننم أن ض ننعفوا وتن ننازعوا وعص ننوا رص الل‬
‫قننووم وبأسننهم وانتبنناههم عننن الش ننركي‪ ،‬ورص الرمنناة ع نن غننرة ا بننل‪ ،‬ورص القنناتلي‬
‫عننن الينندان‪ ،‬فننالذوا بننالفرار‪ ..‬وقننع كننل هننذا مرتبننا عننىل مننا صنندر منننهم؛ ولكننن منندبرا مننن الل‬
‫ليبتلنيهم‪ ..‬ليبتلننيهم بالشنندة واخلننو وا زيمننة والقتننل والقنر ؛ ومننا يتكشننف عنننه هننذا كلنه مننن‬
‫كشف مكنونات القلوب‪ ،‬ومن مت يص النفوس‪ ،‬ومتييز الصفو ‪ -‬كم سيهيء ‪.‬‬

‫وهكنذا تقنع الحنندا مرتبنة عنىل أسننباذا‪ ،‬وهني ف الوقننت ذاتنه مندبرة ب سنناذا‪ .‬بنال تعننارض‬
‫بي هذا وذاك‪ .‬فلكل حاد سبب‪ ،‬ووراء كل سبب تدبري‪ ..‬من اللطيف اخلبري ‪..‬‬

‫)ولقد عفا عنكم)‪..‬‬

‫عفا عم وقع منكم من ضعف ومن نزاع ومنن عصنيان؛ وعفنا كنذلي عنم وقنع مننكم منن فنرار‬
‫وانقالب و ارتداد‪ ..‬عفا عنكم ف ال منه ومنة‪ ،‬وياوزا عن ضعفكم البرشي الذي تصناحبه‬
‫نية سيئة وال إرصا ر عىل اخلطيئة‪ ..‬عفا عننكم ل كنم طئنون وت نعفون ف دائنرة اإلينمن بنالل‪،‬‬
‫واالستسالم له‪ ،‬وتسليم قيادكم لشيئته ‪:‬‬

‫(‪ )1‬رواه ابن كثير في التفسير‪ ،‬وقال‪ :‬روي من غير وجه عن ابن مسعود‪ .‬ورواه ابن مردويه في تفسيره‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫) والل ذو ف ل عىل الةمني)‪..‬‬

‫ومننن ف ننله علننيهم أن يعفننو عنننهم‪ ،‬مننا دامننوا سننائرين عننىل منههننه‪ ،‬مقننرين بعبننوديتهم لننه؛ ال‬
‫يندعون مننن خصننائص اللوهينة اننيئا ل فسننهم‪ ،‬وال يتلقنون ههننم وال رشيعننتهم وال قننيمهم‪،‬‬
‫وال م ننوازينهم إال من ننه‪ ..‬ف ننإذا وقع ننت م نننهم اخلطيئ ننة وقع ننت ع ننن ض ننعف وعه ننز أو ع ننن ط نني‬
‫ودفعة‪ ..‬فيتلقاهم عفو الل بعد االبتالء والتم يص واخلالص ‪..‬‬

‫صورة ا زيمة حية مت ركة ‪:‬‬ ‫ويست‬

‫) إذ تصعدون وال تلوون عىل أحد‪ ،‬والرسول يدعوكم ف أخراكم)‪..‬‬

‫كي يعمق وقع الشهد ف حسهم؛ ويثري اخلهل واحلياء من الفعل‪ ،‬ومقدماتنه التني نشنأ عنهنا‪،‬‬
‫منن ال نعف والتنننازع والعصنيان‪ ..‬والعبنارة ترسننم صنورة حنركتهم احلسننية وحنركتهم النفسننية‬
‫ف أ ففاظ قالئل‪ ..‬فهم مصنعدون ف ا بنل هربنا‪ ،‬ف اضنطراب ورعنب ودهن ‪ ،‬ال يلتفنت أحند‬
‫منننهم إ أحنند وال جييننب أحنند منننهم داعنني أحنند والرسننول ☻ ينندعوهم‪،‬‬
‫ليطمئننهم عنىل حياتنه بعند منا صنا صنائح‪ :‬إن حممندا قند قتنل‪ ،‬فزلنزل ذلني قلنوذم وأقنندامهم‪..‬‬
‫إنه مشهد كامل ف أففاظ قالئل ‪..‬‬

‫وك انننت النهايننة أن جيننزهيم الل عننىل الغننم الننذي تركننوه ف نفننس الرسننول ☻‬
‫بفرارهم‪ ،‬غم يمأل نفوسهم عىل ما كان منهم‪ ،‬وعىل تركهم رسو م احلبيب يصيبه ما أصابه ‪-‬‬
‫وهننو ابننت دو ننم‪ ،‬وهننم عنننه فننارون ‪ -‬ذلنني كنني ال حيفلننوا اننيئا فنناوم وال أذى أصنناذم‪ .‬فهننذه‬
‫التهربة التي مرت ذم‪ ،‬وهذا ال الذي أصاب نبيهم ‪ -‬وهنو أانق علنيهم منن كنل منا ننزل ذنم‬

‫‪121‬‬
‫‪ -‬وذل نني الن نندم الن ننذي س نناور نفوسن ننهم‪ ،‬وذل نني الغ ننم الن ننذي أص نناذم‪ ..‬كن ننل ذل نني سيصن ننغر ف‬
‫نفوسهم كل ما يفووم من عرض‪ ،‬وكل ما يصيبهم من مشقة ‪:‬‬

‫) فأ ابكم غم بغم‪ ،‬لكيال حتزنوا عىل ما فاتكم وال ما أصابكم(‪..‬‬

‫والل الطلع عىل اخلفايا‪ ،‬يعلم حقيقة أعملكم‪ ،‬ودوافع حركاتكم ‪:‬‬

‫)والل خبري بم تعملون)‪..‬‬

‫ولقنند أعقننب هننول ا زيمننة وذعرهننا‪ ،‬وهرجهننا ومرجهننا‪ ،‬سننكون عهيننب‪ .‬سننكون ف نفننوس‬
‫الننةمني ال ننذين ننابوا إ رذ ننم‪ ،‬و ننابوا إ نب ننيهم‪ .‬لق نند ا ننملهم نعنناس لطي ننف يستس ننلمون إلي ننه‬
‫مطمئني !‬

‫والتعبري عن هذه الظاه رة العهيبة يشف ويرد وينعم‪ ،‬حتى ليصور بهرسه وظله ذلني ا نو‬
‫الطمئن الوديع ‪:‬‬

‫) م أ زل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم)‪..‬‬

‫وهي ظاهرة عهيبة تج بررة الل التي حتف بعبناده النةمني؛ فالنعناس حني يلنم بالههندين‬
‫الننرهقي الفننزعي‪ ،‬ولننو حلظننة واحنندة‪ ،‬يفعننل ف كيننا م فعننل الس ن ر‪ ،‬ويننردهم خلقننا جدينندا‪،‬‬
‫ويسننكب ف قلننوذم الطمأ ينننة‪ ،‬كننم يسننكب ف كيننا م الرا حننة‪ .‬بطريقننة جمهولننة الكنننه والكيننف‬
‫أقننول هننذا وقنند جربتننه ف حلظننة كننرب وانندة‪ .‬فأحسسننت فيننه ررننة الل النديننة العميقننة بصننورة‬
‫تعهز عن وصفها العبارة البشنرية القارصة !‬

‫‪122‬‬
‫روى الةمننذي وا لنسننائي واحلنناكم مننن حننديث رنناد ابننن سننلمة عننن ابننت عننن أ ننس عننن أيب‬
‫ي ننوم أح نند‪ ،‬وجعلننت أ ظ ننر‪ ،‬ومننا م نننهم يومئ ننذ أحنند إال يمي ننل حت ننت‬ ‫طل ننة ق ننال‪" :‬رفعننت رأ‬
‫ج فته من النعاس"‪.‬‬

‫وف رواينة أخننرى عننن أيب طل نة‪ ":‬غشننينا النعنناس ون نن ف مصننافنا يننوم أحند‪ ،‬فهعننل سننيفي‬
‫يسقط من يدي وآخذه‪ ،‬ويسقط وآخذه "‪..‬‬

‫أما الطائفنة الخنرى؛ فهنم ذوو اإلينمن الزعنزع‪ ،‬النذين انغلتهم أ فسنهم وأمهنتهم‪ ،‬والنذين‬
‫يتخلصوا من تصورات ا اهلية‪ ،‬و يسلموا أ فسهم كلها لل خالصة‪ ،‬و يستسلموا بكليتهم‬
‫لقدره‪ ،‬و تطمئن قلوذم إ أن ما أصاذم إنم هو ابتالء للتم يص‪ ،‬وليس لينا منن الل عنن‬
‫أوليائننه لعدائننه‪ ،‬وال ق نناء منننه ‪ -‬سننب انه ‪ -‬للكفننر والشن ن ر والباطننل بالغلبننة الخننرية والنص ننر‬
‫الكامل ‪:‬‬

‫) وطائفة قد أمهتهم أ فسهم‪ ،‬يظنون بالل غري احلق ظن ا اهلية‪ .‬يقولون‪ :‬هل لنا من المر‬
‫من يشء ؟)‪..‬‬

‫إن هننذه العقينندة تعلننم أص ن اذا ‪ -‬فننيم تعلننم ‪ -‬أن لننيس ننم ف أ فس نهم يشء‪ ،‬فهننم كلهننم لل؛‬
‫وأ م حي ارجون للههاد ف سبيله ارجون له‪ ،‬ويت ركون له‪ ،‬ويقاتلون له‪ ،‬بنال هند آخنر‬
‫لننذواوم ف هننذا ا ه نناد‪ ،‬وأ ننم يسننلمون أ فس ننهم لقنندره‪ ،‬فيتلق ننون مننا يننأايهم ب ننه هننذا الق نندر ف‬
‫رىض وف تسليم‪ ،‬كائنا هذا القدر ما يكون ‪.‬‬

‫فأما الذين ومهم أ فسهم‪ ،‬وت صبح حمور تفكريهم وتقديرهم‪ ،‬وحمنور اهنتممهم وانشنغا م‪..‬‬
‫فهننةالء تكتمننل ف نفوسننهم حقيقننة اإليننمن‪ .‬ومننن هننةالء كانننت تلنني الطائفننة الخننرى الت نني‬

‫‪123‬‬
‫يت د عنها القرآن ف هذا الوضع‪ .‬طائفنة النذين انغلتهم أ فسنهم وأمهنتهم‪ ،‬فهنم ف قلنق وف‬
‫أرج ة‪ ،‬حيسون أ م م يعون ف أمر غري واضنح ف تصنورهم‪ ،‬وينرون أ نم دفعنوا إ العركنة‬
‫دفعننا وال إرادة ننم فيهننا؛ وه ننم م ننع ذلنني يتعرض ننون للننبالء الري ننر‪ ،‬وي ننةدون الننثمن فادح ننا م ننن‬
‫القتنل والقنر وال ‪ ..‬وهنم ال يعرفنون الل عننىل حقيقتنه‪ ،‬فهنم يظننون بننالل غنري احلنق‪ ،‬كنم تظننن‬
‫ا اهليننة‪ .‬ومننن الظننن غننري احلننق بننالل أن يتصننوروا أ ننه ‪ -‬سننب انه ‪ -‬م ننيعهم ف هننذه العركننة‪،‬‬
‫التي ليس نم منن أمرهنا يشء‪ ،‬وإننم دفعنوا إليهنا دفعنا ليموتنوا وجيرحنوا‪ ،‬والل ال ين نرصهم وال‬
‫ينقذهم؛ إنم يدعهم فريسة لعدائهم‪ ،‬ويتساءلون ‪:‬‬

‫) هل لنا من المر من يشء ؟(‪.‬‬

‫وتت نمن قنولتهم هنذه االعنةاض عننىل خطنة القينادة والعركنة‪ ..‬ولعلهننم انن كنان رأهينم عنندم‬
‫اخلننرو مننن الدينننة؛ اننن يرجعننوا مننع عبنند الل بننن أيب‪ ..‬ولكننن قلننوذم تكننن قنند اسننتقرت‬
‫واطمأ ت ‪..‬‬

‫وقبننل أن يكمننل السننياد عننرض وساوسننهم وظنننو م‪ ،‬يبننادر بتصن يح المننر وتقريننر احلقيقننة‬
‫فيم يتساءلون فيه‪ ،‬ويرد عىل قولتهم‪( :‬هل لنا من المر من يشء ؟) ‪.‬‬

‫)قل‪ :‬إن المر كله لل)‪..‬‬

‫فننال أمننر لحنند‪ .‬ال ننم وال لغننريهم‪ .‬ومننن قبننل قننال الل لنبيننه ☻ (لننيس لنني‬
‫من المر يشء )‪ .‬فنأمر هنذا الندين‪ ،‬وا هناد إلقامتنه وتقرينر نظامنه ف الرض‪ ،‬وهداينة القلنوب‬
‫لنه‪ ..‬كلهننا منن أمننر الل‪ ،‬ولنيس للبش ن ر فيهنا مننن يشء‪ ،‬إال أن ينةدوا واجننبهم‪ ،‬ويفنوا ببيعنتهم‪ ،‬ننم‬
‫يكون ما يشا ه الل كيف يكون !‬

‫‪124‬‬
‫ويكشف كذلي خبيئة نفوسهم قبل أن يكمل عرض وساوسهم وظنو م ‪:‬‬

‫) افون ف أ فسهم ما ال يبدون لي)‪..‬‬

‫فنفوسننهم مننألى بالوسنناوس وا ننواجس‪ ،‬حافلننة باالعةا ضننات واالحتهاجننات؛ وسننةا م‪:‬‬
‫( هل لنا من المر من يشء)‪ ..‬افني وراءه انعورهم بنأ م دفعنوا إ مصنري اتناروه وأ نم‬
‫ض ية سوء القيادة‪ ،‬وأ م لو كانوا هم الذين يديرون العركة ما القوا هذا الصري ‪.‬‬

‫) يقولون‪ :‬لو كان لنا من المر يشء ما قتلنا هاهنا)‪..‬‬

‫لن ننص للعقين نندة‪ ،‬حي نننم تصن ننطدم ف موقعن ننة‬ ‫ف النفن ننوس الت نني‬ ‫وه ننو ا ن نناجس ال ننذي جين نني‬
‫با زيمننة‪ ،‬وحينننم ت عنناين آالم ا زيمننة حنني تننرى الننثمن أفنند اننا كانننت تظننن؛ وأن الثمننرة أانند‬
‫ف ضننمئرها فننال تننرى المننر واض ن ا وال مسننتقرا؛ وحنني‬ ‫مننرارة اننا كانننت تتوقننع؛ وحنني تفننت‬
‫تتخيل أن ترص القيادة هو الذي القى ذا ف هذه الهلكنة‪ ،‬وكاننت ف نهنوة منن المنر لنو كنان‬
‫ف التصننور ‪ -‬أن تننرى ينند الل وراء الحنندا ‪،‬‬ ‫أمرهننا ف ينندها وهنني ال يمكننن ‪ -‬ذننذا الغننب‬
‫وال حكمتن ننه ف االبن ننتالء‪ .‬إنن ننم السن ننأفة كلهن ننا ‪ -‬ف اعتبارهن ننا ‪ -‬خسن ننارة ف خسن ننارة وضن ننياع ف‬
‫ضياع !‬

‫هنننا جييننئهم التصن يح العميننق لألمننر كلننه‪ .‬لمننر احلينناة والننوت‪ .‬ولمننر احلكمننة الكامنننة وراء‬
‫االبتالء ‪:‬‬

‫)قل‪ :‬لو كنتم ف بيوتكم لربز النذين كتنب علنيهم القتنل إ م ناجعهم‪ .‬وليبنتيل الل منا ف‬
‫صدوركم‪ ،‬وليم ص ما ف قلوبكم‪ ،‬والل عليم بذات الصدور)‪..‬‬

‫‪125‬‬
‫رجوا للمعركة تلبية لنداء القيادة‪ ،‬وكان أمركم كلنه لتقنديركم‪..‬‬ ‫قل لو كنتم ف بيوتكم؛ و‬
‫ل ن ننربز ال ن ننذين كت ن ننب عل ن ننيهم القتن ننل إ م ن نناجعهم‪ ..‬إن هنال ن نني أج ن ننال مكتوب ن ننا ال يس ن ننتقدم وال‬
‫يس ننتأخر‪ .‬وإن هنال نني م ننهعا مقس ننوما ال ب نند أن جي ننيء إلي ننه ص نناحبه في ننهع في ننه ف ننإذا ح ننم‬
‫الجن ننل‪ ،‬س ن ننعى ص ن نناحبه بقدمي ن ننه إلي ن ننه‪ ،‬وج ن نناء إ م ن ننهعه برجلي ن ننه‪ ،‬ال يس ن ننوقه أح ن نند إ أجل ن ننه‬
‫الرسوم‪ ،‬وال يدفعه أحد إ م هعه القسوم !‬

‫ويننا للتعبننري العهيننب‪" ..‬إ م نناجعهم"‪ ..‬فهننو م ننهع إذن ذلنني الننرمس الننذي تسننةيح فيننه‬
‫ا نننوب‪ ،‬وتسننكن فيننه اخلطننى‪ ،‬وينتهنني إليننه ال نناربون ف الرض‪ ..‬م ننهع يننأاون إليننه بنندافع‬
‫خفنني ال يدركون ننه وال يملكون ننه‪ ،‬إن ننم ه ننو ينندركهم ويملكه ننم؛ ويتص ن نر ف أم ننرهم ك ننم يش نناء‪.‬‬
‫واالستسالم له أرو للقلب‪ ،‬وأهدأ للنفس‪ ،‬وأريح لل مري !‬

‫إنه قدر الل‪ .‬ووراءه حكمته ‪:‬‬

‫) وليبتيل الل ما ف صدوركم‪ ،‬وليم ص ما ف قلوبكم)‪..‬‬

‫فل ننيس كال ن ننة حم نني يكش ننف م ننا ف الص نندور‪ ،‬ويص ننهر م ننا ف القل ننوب‪ ،‬فينف نني عنه ننا الزي ننف‬
‫والرياء‪ ،‬ويكشفها عىل حقيقتها بال طالء‪ ..‬فهو االبتالء واالختبار لنا ف الصندور‪ ،‬ليظهنر عنىل‬
‫حقيقت ننه‪ ،‬وه ننو التطه ننري والتص ننفية للقل ننوب‪ ،‬ف ننال يبق ننى فيه ننا دخ ننل وال زي ننف‪ .‬وه ننو التصن ن يح‬
‫وال خلل ‪:‬‬ ‫والتهلية للتصور؛ فال يبقى فيه غب‬

‫) والل عليم بذات الصدور)‪.‬‬

‫وذات الصنندور هنني الرسا ر اخلفيننة الالزمننة للصنندور‪ ،‬الختبئننة فيهننا‪ ،‬الصنناحبة ننا‪ ،‬التنني ال‬
‫تبارحهننا وال تتكشننف ف النننور والل علننيم بننذات الصنندور هننذه‪ .‬ولكنننه ‪ -‬سننب انه ‪ -‬يرينند أن‬

‫‪126‬‬
‫يكشننفها للننناس‪ ،‬ويكشننفها لص ن اذا أ فسننهم‪ ،‬فقنند ال يعلمو ننا مننن أ فسننهم‪ ،‬حتننى تنف ننها‬
‫الحدا وتكشفها م !‬

‫ولقد علم الل دخيلة الذين هزموا وفورا يوم التقنى ا معنان ف الغنزوة‪ .‬إ نم ضنعفوا وتولنوا‬
‫بسننبب معصننية ارتكبوهننا؛ فظلننت نفوسننهم مزعزعننة بسننببها‪ ،‬فنندخل علننيهم الشننيطان مننن ذلنني‬
‫النفذ‪ ،‬واستز م فزلوا وسقطوا ‪:‬‬

‫ما كسبوا‪ .‬ولقد عفا‬ ‫) إن الذين تولوا منكم يوم التقى ا معان إنم استز م الشيطان ببع‬
‫الل عنهم‪ ،‬إن الل غفور حليم)‪..‬‬

‫وقد تكون اإلاارة ف هذه ايية خاصنة بالرمناة النذين جنال ف نفوسنهم الطمنع ف الغنيمنة كنم‬
‫جال فيها أن رسول الل سي رمهم أ صبتهم‪ .‬فكان هذا هنو النذي كسنبوه‪ ،‬وهنو النذي اسنتز م‬
‫الشيطان به ‪..‬‬

‫ولكنها ف عمومها تصوير حلالة النفس البشنرية حي ترتكب اخلطيئة‪ ،‬فتفقد قتها ف قوونا‪،‬‬
‫وي عف بالل ارتباطها‪ ،‬واتنل تواز نا ومتاسنكها‪ ،‬وتصنبح ع رضنة للوسناوس وا نواجس‪،‬‬
‫بسننبب لخننل صننلتها بننالل و قتهننا مننن رضنناه وعندئننذ جينند الشننيطان طريقننه إ هننذه النننفس‪،‬‬
‫فيقودها إ الزلة بعد الزلة‪ ،‬وهي بعيدة عن احلمى ايمن‪ ،‬والركن الركي ‪.‬‬

‫ومنن هنننا كنان االسننتغفار منن الننذنب هنو أول مننا توجنه بننه الربينون الننذين قناتلوا مننع النبينني ف‬
‫مواجه ننة الع ننداء‪ .‬االس ننتغفار ال ننذي ي ننردهم إ الل‪ ،‬ويق ننوي ص ننلتهم ب ننه‪ ،‬ويعف نني قل ننوذم م ننن‬
‫الرج ننة‪ ،‬ويطننرد عنننهم الوسنناوس‪ ،‬ويسنند الثغننرة التنني ينندخل منهننا الشننيطان‪ ،‬غننرة االنقطنناع‬

‫‪127‬‬
‫عنن الل‪ ،‬والبعند عنن رناه‪ .‬هنذه الثغنرة التني ينندخل منهنا فينزل أقندامهم منرة ومنرة‪ ،‬حتنى ينقطننع‬
‫ذم ف التيه‪ ،‬بعيدا بعيدا عن احلمى الذي ال ينا م فيه !‬

‫وحيد هم الل أن ررته أدركتهم‪ ،‬فلم يدع الشيطان ينقطع ذم‪ ،‬فعفنا عننهم‪ ..‬ويعنرفهم بنفسنه‬
‫‪ -‬سننب انه ‪ -‬فه ننو غفننور حل ننيم‪ .‬ال يطننرد اخلط نناة وال يعهننل عل ننيهم؛ مت ننى عل ننم م ننن نفوس ننهم‬
‫التطلع إليه‪ ،‬واالتصال به؛ و يعلم منها التمرد والتفلت واإلباد !‬

‫ويتم السياد بيان حقيقنة قندر الل ف النوت واحليناة‪ ،‬وزينف تصنورات الكفنار والننافقي عنن‬
‫هذا المر‪ ،‬مناديا الذين آمنوا بالت ذير من أن تكون تصوراوم كتصورات هةالء‪ .‬وينردهم ف‬
‫يات ‪:‬‬ ‫النهاية إ قيم أخرى وإ اعتبارات ترجح ايالم والت‬

‫) يا أهيا الذين آم نوا ال تكونوا كالذين كفروا‪ ،‬وقالوا إلخوا م ‪ -‬إذا ربوا ف الرض أو‬
‫كانوا غزى ‪ :-‬لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا‪ .‬ليهعل الل ذلي حسنرة ف قلوذم‪ .‬والل حييي‬
‫ويميت‪ .‬والل بم تعملون بصري‪ .‬ولئن قتلتم ف سبيل الل أو متم لغفرة من الل وررة خري اا‬
‫جيمعون‪ .‬ولئن متم أو قتلتم إل الل حتشنرون)‪..‬‬

‫وظ نناهر م ننن مناس ننبة ه ننذه ايي ننات ف س ننياد العرك ننة‪ ،‬أن ه ننذه كان ننت أق ننوال الن ننافقي ال ننذين‬
‫رجعنوا قبننل العركننة‪ ،‬والشننركي مننن أهننل الدينننة الننذين ينندخلوا ف اإلسننالم؛ ولكننن مننا تننزال‬
‫ب نني الس ننلمي وبي نننهم عالق ننات وقرا ب ننات‪ ..‬وأ ننم ا ننذوا م ننن مقات ننل الش ننهداء ف أح نند‪ ،‬م ننادة‬
‫إل ارة احلاة ف قلوب أهليهم‪ ،‬واستهااة السى عنىل فقندهم ف العركنة ‪ -‬نتيهنة خلنروجهم‬
‫‪ -‬وا ننا ال ا نني في ننه أن مث ننل ه ننذه الفتن ننة والوا ج ننع دامي ننة ا ننا ي ننةك ف الص ننف الس ننلم اخللخل ننة‬
‫والبلبلننة‪ .‬وم ننن ننم ج نناء هننذا البي ننان الق ننرآين لتص ن يح القننيم والتص ننورات‪ ،‬ورد ه ننذا الكي نند إ‬
‫ن ور كائديه ‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫ف‬ ‫إن قول الكافرين‪ ( :‬لو كنانوا عنندنا منا مناتوا ومنا قتلنوا )‪ ..‬ليكشنف عنن الفنارد السنا‬
‫تصور صاحب العقيدة وتصور ال نروم منهنا‪ ،‬للسننن التني تسنري عليهنا احليناة كلهنا وأحندا ها‪:‬‬
‫رسا ها ورا هنا‪ ..‬إن صناحب العقيندة مندرك لسننن الل‪ ،‬متعنر إ مشنيئة الل‪ ،‬مطمنئن إ‬
‫قنندر الل‪ .‬إنننه يعلننم أ ننه لننن يصننيبه إال م ننا كتننب الل لننه‪ ،‬وأن مننا أص ننابه يكننن ليخطئننه‪ ،‬وأن م ننا‬
‫أخطأه يكن ليصيبه‪ .‬ومن م ال يتلقى ال نراء با زع‪ ،‬وال يتلقى السنراء بالزهو‪ ،‬وال تطري‬
‫نفسه ذه أو لتلي؛ وال يت ا عىل أ ه يصننع كنذا ليتقني كنذا‪ ،‬أو ليسنتهلب كنذا‪ ،‬بعند وقنوع‬
‫المر وانتهائه فمهال التقدير والتدبري والرأي والشنورة‪ ،‬كلنه قبنل اإلقندام واحلركنة؛ فأمنا إذا‬
‫حت ننرك بع نند التق نندير والت نندبري ‪ -‬ف ح نندود علم ننه وف ح نندود أم ننر الل و ي ننه ‪ -‬فك ننل م ننا يق ننع م ننن‬
‫النت ننائج‪ ،‬فه ننو يتلق نناه بالطمأ ين ننة وال ننرىض والتس ننليم؛ موقن ننا أ ننه وق ننع وفق ننا لق نندر الل وت نندبريه‬
‫وحكمته؛ وأ ه يكن بد أن يقع كم وقنع؛ ولنو أ نه هنو قندم أسنبابه بفعلنه ‪ ..‬تنوازن بني العمنل‬
‫والتسليم‪ ،‬وبي اإلجيابية والتوكل ‪ ،‬يستقيم علينه اخلطنو‪ ،‬ويسنةيح علينه ال نمري‪ ..‬فأمنا النذي‬
‫يفرغ قلبه من العقيدة ف الل عىل هذه الصنورة السنتقيمة‪ ،‬فهنو أبندا مسنتطار‪ ،‬أبندا ف قلنق أبندا‬
‫ف "لو" و "لوال" و "يا ليت" و "وا أسفاه ! "‬

‫والل ‪ -‬ف تربيتنه للهمعننة السنلمة‪ ،‬وف ظننالل غننزوة أحند ومننا نننال السنلمي فيهننا ‪ -‬حيننذرهم‬
‫أن يكونوا كالذين كفروا‪ .‬أوئلي الذين تصيبهم احلاات‪ ،‬كلم منات نم قرينب وهنو ي نرب‬
‫ف الرض ابتغاء الرزد‪ ،‬أو قتل ف نايا العركة وهو جياهد ‪:‬‬

‫) يا أهيا الذين آمنوا ال تكونوا كالذين كفروا وقالوا إلخوا م إذا ربوا ف الرض أو كانوا‬
‫غزى‪ :‬لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا )‪..‬‬

‫‪129‬‬
‫يقولو ا لفساد تصورهم حلقيقة منا جينري ف الكنون‪ ،‬وحلقيقنة القنوة الفاعلنة ف كنل منا جينري‪.‬‬
‫فهننم ال يننرون إال السننباب الظنناهرة والالبسننات السننط ية‪ ،‬بسننبب انقطنناعهم عننن الل‪ ،‬وعننن‬
‫قدره ا اري ف احلياة ‪.‬‬

‫) ليهعل الل ذلي حاة ف قلوذم)‪..‬‬

‫فإحساس ننهم ب ننأن خ ننرو إخ ننوا م لي ن ننربوا ف الرض ف طل ننب ال ننرزد فيموت ننوا‪ ،‬أو ليغ ننزوا‬
‫ويق نناتلوا فيقتل ننوا‪ ..‬إحساس ننهم ب ننأن ه ننذا اخل ننرو ه ننو عل ننة ال ننوت أو القت ننل‪ ،‬ي ننذهب بأ فس ننهم‬
‫ولو كنانوا يندركون العلنة احلقيقينة وهني اسنتيفاء الجنل‪،‬‬ ‫حاات أن يمنعوهم من اخلرو‬
‫ونننداء ال ننهع‪ ،‬وقنندر الل‪ ،‬وسنننته ف الننوت واحلينناة‪ ،‬مننا حتسن ن روا‪ .‬ولتلقننوا االبننتالء صننابرين‪،‬‬
‫ولفاءوا إ الل راضي ‪:‬‬

‫)والل حييي ويميت)‪..‬‬

‫فبينده إعطنناء احليناة‪ ،‬وبيننده اسنةداد مننا أعطننى‪ ،‬ف الوعند ال نروب والجنل الرسننوم‪ ،‬سننواء‬
‫كننان الننناس ف بي ننووم وبنني أهلهننم‪ ،‬أو ف مي ننادين الكفننا للننرزد أو للعقي نندة‪ .‬وعنننده ا ننزاء‪،‬‬
‫وعنده العروض‪ ،‬عن خربة وعن علم وعن برص ‪:‬‬

‫)والل بم تعملون بصري‪..)..‬‬

‫عن ننىل أن المن ننر ال ينتهن نني بن ننال وت أو القت ننل؛ فهن ننذه ليسن ننت اين ننة الطن ننا ‪ .‬وعن ننىل أن احلين نناة ف‬
‫الرض ليسننت خننري مننا يمن ننه الل للننناس مننن عطنناء‪ .‬فهننناك قننيم أخننرى‪ ،‬واعتبننارات أرقننى ف‬
‫ميزان الل ‪:‬‬

‫‪130‬‬
‫)ولئن قتلتم ‪ -‬ف سبيل الل ‪ -‬أو متم لغفرة من الل وررة خري اا جيمعون‪ .‬ولئن متم أو‬
‫قتلتم إل الل حتشنرون)‪..‬‬

‫فالوت أو القتل ف سبيل الل ‪ -‬ذذا القيد‪ ،‬وذذا االعتبار ‪ -‬خري من احلياة‪ ،‬وخنري انا جيمعنه‬
‫الننناس ف احلينناة مننن أعرا ضننها الصننغار‪ :‬مننن مننال ومننن جنناه ومننن سننلطان ومننن متنناع‪ .‬خننري بننم‬
‫يعقبنه منن مغفنرة الل وررتنه‪ ،‬وهني ف مينزان احلقيقننة خنري انا جيمعنون‪ .‬وإ هنذه الغفنرة وهننذه‬
‫الررة يكل الل الةمني‪ ..‬إنه ال يكلهم ‪ -‬ف هذا القام ‪ -‬إ أجماد اخصنية‪ ،‬وال إ اعتبنارات‬
‫بش ن رية‪ .‬إنننم يكلهننم إ مننا عننند الل‪ ،‬ويعلننق قلننوذم بررننة الل‪ .‬وهنني خننري اننا جيمننع الننناس عننىل‬
‫اإلطالد‪ ،‬وخري اا تتعلق به القلوب من أعراض ‪..‬‬

‫وكلهننم مرجوعننون إ الل‪ ،‬حمشننو رون إليننه عننىل كننل حننال‪ .‬منناتوا عننىل فرا اننهم أو منناتوا وهننم‬
‫بون ف الرض‪ ،‬أو قتلوا وهم جياهدون ف اليدان‪ .‬فم نم مرجنع سنوى هنذا الرجنع؛ ومنا‬ ‫ي‬
‫م مصري سوى هذا الصري‪ ..‬والتفاوت إذن إنم يكون ف العمل والنية وف االياه واالهتمم‪..‬‬
‫أما النهاية فواحدة‪ :‬موت أو قتل ف الوعد ال توم‪ ،‬والجل القسنوم‪ .‬ورجعنة إ الل وحش نر‬
‫ف يننوم ا مننع واحلرشنن‪ ..‬ومغفننرة مننن الل وررننة‪ ،‬أو غ ننب مننن الل وعننذاب‪ ..‬فننأرق احلمقننى‬
‫من اتار لنفسه الصري البائس‪ .‬وهو ميت عىل كل حال !‬

‫بذلي تستقر ف القلوب حقيقة الوت واحلياة‪ ،‬وحقيقة قندر الل‪ .‬وبنذلي تطمنئن القلنوب إ‬
‫ما كان من ابتالء جرى به القدر؛ وإ ما وراء القدر من حكمنة‪ ،‬ومنا وراء االبنتالء منن جنزاء‪..‬‬
‫وبذلي تنتهي هذه ا ولة ف صميم أحدا العركة‪ ،‬وفيم صاحبها من مالبسات‪..‬‬

‫***‬

‫‪131‬‬
‫‪ ‬الدرس السابع‪ :‬الشورى أساس االجتماع واحلكم ‪‬‬

‫ن ن ن ننم يم ن ن ن نني السن ن ن ننياد القن ن ن ننرآين ف جولن ن ن ننة جدين ن ن نندة‪ ..‬جولن ن ن ننة حمورهن ن ن ننا ان ن ن ننخص رس ن ن ننول الل‬
‫☻ وحقيقتن ننه النبوين ننة الكريمن ننة؛ وقيمن ننة هن ننذه احلقيقن ننة الكبن ننرية ف حين نناة الم ن ننة‬
‫السلمة؛ ومدى ما يتهىل فيها من ررة الل ذذه المة‪ ..‬وحول هنذا ال نور خينوي أخنرى منن‬
‫ال ن نننهج اإلس ن ننالمي ف تنظ ن ننيم حي ن نناة ا مع ن ننة السن ن ن لمة‪ ،‬وأس ن ننس ه ن ننذا التنظ ن ننيم؛ وم ن ننن التص ن ننور‬
‫اإلسننالمي واحلقننائق التنني يقننوم عليهننا‪ ،‬ومننن قيمننة هننذا التصننور وذلنني النننهج ف حينناة البش ننرية‬
‫بصفة عامة ‪:‬‬

‫) فبم ررة من الل لنت م‪ .‬ولو كنت فظا غليظ القلب النف وا من حولي‪ .‬فاعف عنهم‪،‬‬
‫واستغفر م‪ ،‬وااورهم ف المر‪ .‬فنإذا عزمنت فتوكنل عنىل الل‪ ،‬إن الل حينب التنوكلي‪ .‬إن‬
‫ينصن ركم الل فال غالب لكم‪ ،‬وأن اذلكم فمن ذا الذي ينصنركم من بعده؟ وعىل الل فليتوكل‬
‫الةمنون‪ .‬وما كان لنبي أن يغل‪ .‬ومن يغلل يأت بم غل ينوم القيامنة‪ ،‬نم تنو كنل نفنس منا‬
‫كسبت وهم ال يظلمون‪ .‬أفمن اتبع رضوان الل كمن باء بسخط من الل‪ ،‬ومأواه جهنم وبئس‬
‫الصري ؟ هم درجات عند الل‪ ،‬والل بصري بم يعملون‪ .‬لقد من الل عىل الةمني إذ بعث فيهم‬
‫رسوال من أ فسهم‪ ،‬يتلو عليهم آياته ويزكيهم‪ ،‬ويعلمهم الكتاب واحلكمة‪ ،‬وإن كانوا من قبل‬
‫لفي ضالل مبي)‪..‬‬

‫وننظ ننر ف ه ننذه الفق ننرة‪ ،‬وف احلق ننائق الكث ننرية الص ننيلة الش نندودة إ حموره ننا ‪ -‬وه نني احلقيق ننة‬
‫النبوي ننة الكريم ننة ‪ -‬فنه نند ك ننذلي أص ننوال كب ننرية حتتوهي ننا عب ننارات قص ننرية‪ ..‬نه نند حقيق ننة الرر ننة‬

‫‪132‬‬
‫اإل ي ننة التمثل ننة ف أخن ننالد النب نني ☻ وطبيعتن ننه اخل ننرية الرحيمن ننة ا ين ننة اللينن ننة‪،‬‬
‫العنندة لن تتهمننع عليهننا القلننوب وتتننأفف حو ننا النفننوس‪ ..‬ونهنند أصننل النظننام الننذي تق ننوم‬
‫عليه احلياة ا معية اإلسالمية ‪ -‬وهو الشورى ‪ -‬يةمر به ف الوضنع النذي كنان للشنورى ‪ -‬ف‬
‫ظاهر المر ‪ -‬نتائج مريرة ونهد مع مبدأ الشنورى مبندأ احلنزم وال نني ‪ -‬بعند الشنورى ‪ -‬ف‬
‫م ناء وحسنم‪ .‬ونهند حقيقنة التوكنل عنىل الل ‪ -‬إ جاننب الشنورى وال ناء ‪ -‬حينث تتكامننل‬
‫السس التصنويرية واحلركينة والتنظيمينة‪ .‬ونهند حقيقنة قندر الل‪ ،‬ورد المنر كلنه إلينه وفاعليتنه‬
‫الت نني ال فاعلي ننة غريه ننا ف تص ن ن ريف الح نندا والنت ننائج‪ .‬ونه نند الت ننذير م ننن اخليان ننة والغل ننول‬
‫والطمع ف الغنيمة‪ .‬ونهد التفرقة احلاسمة بي من اتبنع رضنوان الل ومنن بناء بسنخط منن الل‪،‬‬
‫تربز منها حقيقة القيم واالعتبارات والكسنب واخلسنارة‪ ..‬و نتم الفقنرة باإلانادة بالننة اإل ينة‬
‫المثل ن ننة ف رس ن ننالة النب ن نني ☻ إ ه ن ننذه الم ن ننة‪ ،‬الن ن ننة الت ن نني تت ن نناءل إ جانبه ن ننا‬
‫الغنائم‪ ،‬كم تت اءل إ جانبها ايالم سواء !‬

‫هذا احلشد كله ف تلي اييات القالئل العدودات !‬

‫) فبم ررة من الل لنت م‪ .‬ولو كنت فظا غليظ القلب النف وا من حولي‪ .‬فاعف عنهم‪،‬‬
‫واستغفر م‪ ،‬وااورهم ف المر‪ .‬فإذا عزمت فتوكل عىل الل‪ .‬إن الل حيب التوكلي (‪.‬‬

‫إن السننياد يتهننه هنننا إ رسننول الل ☻ وف نفسننه يشء مننن القننوم؛ حتمسننوا‬
‫قبننل العركننة؛ وخننالفوا ‪ -‬بعنند ذلنني ‪-‬‬ ‫للخننرو ‪ ،‬ننم اضننطربت صننفوفهم‪ ،‬فرجننع لننث ا نني‬
‫ع ننن أم ننره‪ ،‬وض ننعفوا أم ننام إغ ننراء الغنيم ننة‪ ،‬ووهن ننوا أم ننام إا نناعة مقتل ننه‪ ،‬وانقلب ننوا ع ننىل أعق نناذم‬
‫مهنزومي‪ ،‬وأفنردوه ف النفنر القليننل‪ ،‬وتركنوه ينثخن بنا را وهننو صنامد يندعوهم ف أخننراهم‪،‬‬
‫وهم ال يلوون عىل أحد‪ ..‬يتوجه إليه ☻ يطيب قلبه‪ ،‬وإ السلمي يشنعرهم‬

‫‪133‬‬
‫نعمة الل عليهم به‪ .‬ويذكره ويذكرهم ررة الل المثلة ف خلقه الكريم النرحيم‪ ،‬النذي تتهمنع‬
‫ك ننوامن الرر ننة ف قلب ننه ☻ فتغل ننب ع ننىل م ننا‬ ‫حول ننه القل ننوب‪ ..‬ذل نني ليس ننتهي‬
‫آ ناره تص ن رفهم فينه؛ ولي سننوا هنم حقيقنة النعمننة اإل ينة ذنذا النبني الننرحيم‪ .‬نم يندعوه أن يعفننو‬
‫عنه م‪ ،‬ويستغفر الل م‪ ..‬وأن يشاورهم ف المر كم كان يشاورهم؛ غري متأ ر بنتائج الوقنف‬
‫ف احلياة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫إلبطال هذا البدأ السا‬

‫) فبم ررة من الل لنت م؛ ولو كنت فظا غليظ القلب النف وا من حولي)‪..‬‬

‫فهنني ررننة الل التنني نالتننه ونننالتهم؛ فهعلتننه ☻ رحننيم ذننم‪ ،‬لينننا معهننم‪ .‬ولننو‬
‫كان فظا غليظ القلب منا تأففنت حولنه القلنوب‪ ،‬وال يمعنت حولنه الشناعر‪ .‬فالنناس ف حاجنة‬
‫إ كن ننف رحن ننيم‪ ،‬وإ رعاين ننة فائقن ننة‪ ،‬وإ بشاا ننة سن ننم ة‪ ،‬وإ ود يسن ننعهم‪ ،‬وحلن ننم ال ي ن ننيق‬
‫بههله ننم وض ننعفهم ونقص ننهم‪ ..‬ف حاج ننة إ قل ننب كب ننري يعط ننيهم وال حيت ننا م نننهم إ عط نناء؛‬
‫وحيمننل مه ن ومهم وال يعنننيهم ذمننه؛ وجينندون عنننده دائننم االهننتمم والرعايننة والعطننف والسننمحة‬
‫والننود والرضنناء‪ ..‬وهكننذا كننان قلننب رسننول الل ☻ وهكننذا كانننت حياتننه مننع‬
‫الناس‪ .‬ما غ ب لنفسه قط‪ .‬وال ضناد صندره ب نعفهم البش نري‪ .‬وال احتهنز لنفسنه انيئا منن‬
‫أعننراض هننذه احلينناة‪ ،‬بننل أعطنناهم كننل مننا ملكننت يننداه ف سننمحة نديننة‪ .‬ووسننعهم حلمننه وبننره‬
‫وعطفه ووده الكريم‪ .‬وما منن واحند مننهم عنارشه أو رآه إال امنتأل قلبنه ب بنه؛ نتيهنة لنا أفناض‬
‫عليه ☻ من نفسه الكبرية الرحيبة ‪.‬‬

‫وكان هذا كله ررة من الل به وبأمته‪ ..‬يذكرهم ذا ف هذا الوقنف‪ .‬لريتنب عليهنا منا يرينده ‪-‬‬
‫سب انه ‪ -‬حلياة هذه المة من تنظيم ‪:‬‬

‫) فاعف عنهم‪ ،‬واستغفر م‪ ،‬وااورهم ف المر)‪..‬‬

‫‪134‬‬
‫وذذا النص ا ازم‪( :‬وااورهم ف المر)‪ ..‬يقرر اإلسالم هذا البدأ ف نظام احلكنم ‪ -‬حتنى‬
‫وحممد رسول الل ☻ هو الذي يتواله‪ .‬وهو نص قاطع ال يدع لألمة السلمة‬
‫اكا ف أن الشورى مبدأ أسا ‪ ،‬ال يقوم نظام اإلسالم عىل أساس سواه‪ ..‬أما اكل الشورى‪،‬‬
‫والوسنيلة التني تت قنق ذننا‪ ،‬فهنذه أمنور قابلننة للت نوير والتطنوير وفننق أوضناع المنة ومالبسننات‬
‫حياوا‪ .‬وكل اكل وكل وسيلة‪ ،‬تتم ذا حقيقة الشورى ‪ -‬ال مظهرها ‪ -‬فهي من اإلسالم ‪.‬‬

‫لقد جاء هذا النص عقب وقوع نتائج للشورى تبدو ف ظاهرها خطرية مرينرة فقند كنان منن‬
‫جرائها ظاهريا وقوع خلنل ف وحندة الصنف السنلم اختلفنت ايراء‪ .‬فنرأت جمموعنة أن يبقنى‬
‫السننلمون ف الدينننة حمتمنني ذننا‪ ،‬حتننى إذا هنناجهم العنندو قنناتلوه عننىل أفننواه الزقننة‪ .‬وحتمسننت‬
‫جمموعة أخرى فنرأت اخلنرو للقناء الشننركي‪ .‬وكنان منن جنراء هنذا االخنتال ذلني اخللنل ف‬
‫وحنندة الصننف‪ .‬إذ عنناد عبنند الل بننن أيب بننن سننلول بثلننث ا نني ‪ ،‬والعنندو عننىل البننواب ‪ -‬وهننو‬
‫حنند ضننخم وخلننل نيننف ‪ -‬كننذلي بنندا أن اخلطننة التنني نفننذت تكننن ‪ -‬ف ظاهرهننا ‪ -‬أسننلم‬
‫اخلطط من الناحينة العسنكرية‪ .‬إذ أ نا كاننت نالفنة "للسنوابق" ف الندفاع عنن الديننة ‪ -‬كنم قنال‬
‫عبد الل ابن أيب ‪ -‬وقد اتبع السلمون عكسها ف غزوة الحزاب التالية‪ ،‬فبقوا فعنال ف الديننة‪،‬‬
‫وأقاموا اخلندد‪ ،‬و ارجوا للقاء العدو‪ .‬منتفعي بالدرس الذي تلقوه ف أحد !‬

‫و يكن رسول الل ☻ جيهل النتائج اخلطرية التي تنتظنر الصنف السنلم منن‬
‫جننراء اخلننرو ‪ .‬فقنند كننان لدي ن ه اإلرهنناص مننن ر ينناه الصننادقة‪ ،‬التنني رآهننا‪ ،‬والتنني يعننر منندى‬
‫صنندقها‪ .‬وقنند تأو ننا قتننيال مننن أهننل بيت ننه‪ ،‬وقننتىل مننن ص ن ابته‪ ،‬وتننأول الدينننة درعننا حص ننينة‪..‬‬
‫وكننان مننن حقننه أن يلغنني مننا اسننتقر عليننه المننر نتيهننة للشننورى‪ ..‬ولكنننه أم نناها وهننو ينندرك مننا‬
‫وراءهننا م ننن ايالم واخلس ننائر والت ن يات‪ .‬لن إق ننرار الب نندأ‪ ،‬وتعل ننيم ا مع ننة‪ ،‬وتربي ننة الم ننة‪،‬‬
‫أكرب من اخلسائر الوقتية ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫ولقد كان من حنق القينادة النبوينة أن تنبنذ مبندأ الشنورى كلنه بعند العركنة‪ .‬أمنام منا أحد تنه منن‬
‫انقسام ف الصفو ف أحر الظرو ؛ وأمام النتائج الريرة التي انتهت إليها العركنة ولكنن‬
‫اإلسننالم ك ننان ي نش ننىء أم ننة‪ ،‬ويربيه ننا‪ ،‬ويع نندها لقيننادة البش ننرية‪ .‬وك ننان الل يعل ننم أن خ ننري وس ننيلة‬
‫لةبينة المننم وإعنندادها للقينادة الراننيدة‪ ،‬أن تربننى بالشننورى؛ وأن تندرب عننىل رننل التبعننة‪ ،‬وأن‬
‫طننىء ‪ -‬مه ننم يك ننن اخلط ننأ جسننيم وذا نت ننائج مري ننرة ‪ -‬لتع ننر كيننف تص ن ح خطأه ننا‪ ،‬وكي ننف‬
‫حتتمل تبعات رأهيا وتصنرفها‪ .‬فهني ال تنتعلم الصنواب إال إذا زاولنت اخلطنأ‪ ..‬واخلسنائر ال ونم‬
‫إذا كان ن ننت احلص ن ننيلة ه ن نني إنش ن نناء الم ن ننة الدرب ن ننة الدرك ن ننة الق ن نندرة للتبع ن ننة‪ .‬واختص ن ننار الخط ن نناء‬
‫والعثننرات واخلسننائر ف حينناة المننة لننيس فيهننا يشء مننن الكسننب ننا‪ ،‬إذا كانننت نتيهتننه أن تظننل‬
‫ه ننذه المن ننة قن ننارصة كالطف ننل حتن ننت الوصن نناية‪ .‬إ ننا ف هن ننذه احلالن ننة تتقن نني خسن ننائر مادين ننة وحتقن ننق‬
‫مكاسننب ماديننة‪ .‬ولكنهننا نا نفسننها‪ ،‬و نا وجودهننا‪ ،‬و نا تربيتهننا‪ ،‬و نا تنندريبها عننىل‬
‫احلياة الواقعية‪ .‬كالطفل الذي يمنع من مزاولنة ال نج ‪ -‬منثال ‪ -‬لتنوفري العثنرات واخلبطنات‪ .‬أو‬
‫توفري احلذاء !‬

‫كنان اإلسنالم ينشنىء أمنة ويربيهننا‪ ،‬ويعندها للقينادة الرا اندة‪ .‬فلنم يكننن بند أن حيقنق نذه المننة‬
‫رانندها‪ ،‬ويرفننع عنهننا الوصنناية ف حركننات حياوننا العمليننة الواقعيننة‪ ،‬كنني تنندرب عليهننا ف حينناة‬
‫الرسن ننول ☻ وبإرشا فن ننه‪ .‬ولن ننو كن ننان وج ن ننود القين ننادة الرا ان نندة يمنن ننع الش ن ننورى‪،‬‬
‫ويمنع تدريب المة عليها تدريبا عمليا واقعيا ف أخطر الشةون ‪ -‬كمعركة أحد التي قند تقنرر‬
‫مصننري المننة السننلمة ائيننا‪ ،‬وهنني أمننة نااننئة حتننيط ذننا العننداوات والخطننار مننن كننل جانننب ‪-‬‬
‫وحيل للقيادة أن تستقل بالمر وله كل هذه اخلطنورة ‪ -‬لنو كنان وجنود القينادة الرا اندة ف المنة‬
‫يكفني ويسند مسند مزاولننة الشنورى ف أخطنر الشننةون‪ ،‬لكنان وجنود حممنند ☻‬
‫ومعه الوحي من الل سب انه وتعا ‪ -‬كافيا حلرمان ا معة السلمة يومها منن حنق الشنورى‬

‫‪136‬‬
‫‪ -‬وبخاصننة عننىل ضننوء النتننائج الريننرة التنني صنناحبتها ف ظننل الالبسننات اخلطننرية لنشننأة المننة‬
‫السلمة‪ .‬ولكن وجود حممد رسول الل ☻ ومعه النوحي اإل ني ووقنوع تلني‬
‫الحدا ‪ ،‬ووجود تلي الالبسات‪ ،‬يلغ هذا احلق‪ .‬لن الل ‪ -‬سب انه ‪ -‬يعلم أن ال بد من‬
‫مزاولته ف أخطر الشةون‪ ،‬ومهم تكن النتائج‪ ،‬ومهم تكن اخلسائر‪ ،‬ومهم يكن انقسام الصف‪،‬‬
‫يات الريرة‪ ،‬ومهم تكن الخطار ال يطة‪ ..‬لن هذه كلها جزئيات ال تقوم‬ ‫ومهم تكن الت‬
‫أمام إنشاء المة الراادة‪ ،‬ال دربة بالفعل عىل احلياة؛ الدركة لتبعات الرأي والعمل‪ ،‬الواعية‬
‫لنتائج الرأي والعمل ‪ ..‬ومن هنا جاء هذا المر اإل ي‪ ،‬ف هذا الوقت بالذات ‪:‬‬

‫) فاعف عنهم‪ ،‬واستغفر م‪ ،‬وااورهم ف المر)‪..‬‬

‫ليقنرر البندأ ف مواجهننة أخطنر الخطنار التنني صناحبت اسنتعمله؛ وليثبننت هنذا القنرار ف حينناة‬
‫المنة السنلمة أخمنا كانننت الخطنار التني تقننع ف أ نناء التطبينق؛ وليسنقط احلهننة الواهينة التني تثننار‬
‫العوا قننب التنني تب نندو‬ ‫إلبطننال هننذا البنندأ ف حينناة المننة السننلمة‪ ،‬كل ننم نشننأ عننن اسننتعمله بع ن‬
‫سيئة‪ ،‬ولو كان هو انقسام الصف‪ ،‬كم وقع ف "أحد" والعدو عنىل البنواب‪ ..‬لن وجنود المنة‬
‫الراادة مرهون ذذا البدأ‪ .‬ووجود المة الراادة أكرب من كل خسارة أخرى ف الطريق !‬

‫عننىل أن الصننورة احلقيقيننة للنظننام اإلسننالمي ال تكم ننل حتننى نمن نيض مننع بقيننة اييننة؛ فن ننرى أن‬
‫الشورى ال تنتهي أبدا إ الرج ة والتعويق‪ ،‬وال تغني كذلي عن التوكل عىل الل ف اية‬
‫الطا ‪:‬‬

‫) فإذا عزمت فتوكل عىل الل‪ .‬إن الل حيب التوكلي)‪..‬‬

‫‪137‬‬
‫إن مهمننة الشننورى هنني تقليننب أوجننه الننرأي‪ ،‬واختيننار اينناه مننن االياهننات العروضننة‪ ،‬فننإذا‬
‫انتهى المر إ هذا احلد‪ ،‬انتهى دور الشورى وجاء دور التنفيذ‪ ..‬التنفينذ ف عنزم وحسنم‪ ،‬وف‬
‫توكل عىل الل‪ ،‬يصل المر بقدر الل‪ ،‬ويدعه لشيئته تصوغ العواقب كم تشاء ‪.‬‬

‫وكن ننم أفقن ننى النبن نني ☻ درسن ننه النبن ننوي الربن نناين‪ ،‬وهن ننو يعلن ننم المن ننة الشن ننورى‪،‬‬
‫ويعلمهنا إبنداء النرأي‪ ،‬واحنتمل تبعتنه بتنفيننذه‪ ،‬ف أخطنر الشنةون وأكربهنا‪ ..‬كنذلي أفقنى عليهننا‬
‫درسننه الثنناين ف ال نناء بعنند الشننورى‪ ،‬وف التوكننل عننىل الل‪ ،‬وإسننالم النننفس لقنندره ‪ -‬عننىل علننم‬
‫بمهنراه واياهنه – فأم نىض المننر ف اخلنرو ‪ ،‬ودخنل بيتنه فلننبس درعنه ولمتنه ‪ -‬وهنو يعلننم إ‬
‫أخمننن هننو م نناض‪ ،‬ومننا الننذي ينتظ ننره وينتظننر الص ن ابة معننه مننن آالم وت ن يات‪ ..‬وحتننى ح نني‬
‫أاي ن ن ن ن ننت فرص ن ن ن ن ننة أخ ن ن ن ن ننرى ب ن ن ن ن ننةدد الت مس ن ن ن ن نني‪ ،‬وخ ن ن ن ن ننوفهم م ن ن ن ن ننن أن يكون ن ن ن ن ننوا اس ن ن ن ن ننتكرهوه‬
‫☻ عننىل مننا ال يرينند‪ ،‬وتننرك هم المننر لننه ليخننر أو يبقننى‪ ..‬حتننى حنني أاي ننت‬
‫هننذه الفرصننة ينتهزهننا لريجننع‪ .‬ل ننه أراد أن يعلمهننم النندرس كلننه‪ .‬درس الشننورى‪ .‬ننم العننزم‬
‫وال ن ني‪ .‬مننع التوكنل عننىل الل واالستسننالم لقندره‪ .‬وأن يعلمهننم أن للشنورى وقتهننا‪ ،‬وال جمننال‬
‫بعن نندها لل ن ننةدد والتن ننأرجح ومع ن نناودة تقلين ننب ال ن ننرأي من ننن جدي ن نند‪ .‬فهن ننذا ملف ن ننة الشن ننلل والس ن ننلبية‬
‫والتأرجح الذي ال ينتهي‪ ..‬إنم هو رأي واورى‪ .‬وعزم وم اء‪ .‬وتوكل عىل الل‪ ،‬حيبه الل ‪:‬‬

‫)إن الل حيب التوكلي)‪..‬‬

‫واخللة التني حيبهنا الل وحينب أهلهنا هني اخللنة التني ينبغني أن حينرص عليهنا الةمننون‪ .‬بنل هني‬
‫التنني متيننز الننةمني‪ ..‬والتوكننل عننىل الل ‪ ،‬ورد المننر إليننه ف النهايننة‪ ،‬هننو خننط التننوازن الخننري ف‬
‫التص ننور اإلس ننالمي وف احلي نناة اإلس ننالمية‪ .‬وه ننو التعام ننل م ننع احلقيق ننة الكب ننرية‪ :‬حقيق ننة أن م ننرد‬
‫المر كله لل‪ ،‬وأن الل فعال لا يريد ‪..‬‬

‫‪138‬‬
‫لقنند ك ننان ه ننذا درسننا م ننن دروس "أح نند" الكبننار‪ .‬ه ننو رص ننيد المننة الس ننلمة ف أجيا ننا كله ننا‪،‬‬
‫وليس رصيد جيل بعينه ف زمن من الزمان ‪..‬‬

‫ولتقرير حقيقة التوكل عىل الل‪ ،‬وإقامتها عىل أصنو ا الثابتنة‪ ،‬يم نني السنياد فيقنرر أن القنوة‬
‫الفاعلنة ف النصننر واخلننذالن هنني قنوة الل‪ ،‬فعننندها يلننتمس النصننر‪ ،‬ومنهنا تتقننى ا زيمننة‪ ،‬وإليهننا‬
‫الخمندي منن العوا قنب‪ ،‬وتعليقهنا‬ ‫يكون التوجه‪ ،‬وعليها يكون التوكل‪ ،‬بعد ا اذ العدة‪ ،‬ونفن‬
‫بقدر الل ‪:‬‬

‫)إن ينصن ركم الل فال غالب لكم‪ ،‬وإن اذلكم فمن ذا الذي ينصنركم من بعده ؟ وعىل الل‬
‫فليتوكل الةمنون)‪..‬‬

‫إن التصنور اإلسنالمي يتسنم بننالتوازن الطلنق بني تقرينر الفاعليننة الطلقنة لقندر الل ‪ -‬سننب انه‬
‫‪ -‬وحتقننق هننذا القنندر ف احلينناة اإلنسننانية مننن خننالل نشنناي اإلنسننان وفاعليتننه وعملننه‪ ..‬إن سنننة‬
‫الل يننري بةتيننب النتننائج عننىل السننباب‪ .‬ولكننن السننباب ليسننت هنني التنني "تنشننىء" النتننائج‪.‬‬
‫فالفاعل الة ر هو الل‪ .‬والل يرتب النتائج عنىل السنباب بقندره ومشنيئته‪ ..‬ومنن نم يطلنب إ‬
‫اإلنس ننان أن ي ننةدي و اجب ننه‪ ،‬وأن يب ننذل جه ننده‪ ،‬وأن يف نني بالتزامات ننه‪ .‬وبق نندر م ننا ي ننوف ب ننذلي كل ننه‬
‫يرتننب الل النتننائج وحيققهننا‪ ..‬وهكننذا تظننل النتننائج والعوا قننب متعلقننة بمشننيئة الل وقنندره‪ .‬هننو‬
‫وحده الذي يأذن ا بالوجود حي يشاء‪ ،‬وكيفم يشاء‪ ..‬وهكنذا يتنوازن تصنور السنلم وعملنه‪.‬‬
‫فه ننو يعم ننل ويب ننذل م ننا ف طوق ننه ؛ وه ننو يتعل ننق ف نتيه ننة عمل ننه وجه ننده بق نندر الل ومش ننيئته‪ .‬وال‬
‫حتمية ف تصوره بي النتائج والسباب‪ .‬فهو ال حيتم أمرا بعينه عىل الل !‬

‫وهنا ف ق ية النصنر واخلذالن‪ ،‬بوصفهم نتيهتني للمعركنة ‪ -‬أخمنة معركنة ‪ -‬ينرد السنلمي إ‬
‫قنندر الل ومشننيئته؛ ويعلقهننم بننإرادة الل وقدرتننه‪ :‬إن ينص ن رهم الل فننال غالننب ننم‪ .‬وأن اننذ م‬

‫‪139‬‬
‫فننال نننارص ننم مننن بعننده‪ ..‬وهنني احلقيقننة الكليننة الطلقننة ف هننذا الوجننود‪ .‬حيننث ال قننوة إال قننوة‬
‫الل‪ ،‬وال قدرة إال قدرته‪ ،‬وال مشيئة إال مشيئته‪ .‬وعنها تصدر الاياء والحدا ‪ ..‬ولكن هذه‬
‫احلقيقننة الكليننة الطلقننة ال تعف نني السننلمي مننن اتبنناع ال نننهج‪ ،‬وطاعننة التوجيننه‪ ،‬والنه ننوض‬
‫بالتكاليف‪ ،‬وبذلي ا هد‪ ،‬والتوكل بعد هذا كله عىل الل ‪:‬‬

‫) وعىل الل فليتوكل الةمنون)‪..‬‬

‫وبذلي الص تصنور السنلم منن النتمس يشء منن عنند غنري الل؛ ويتصنل قلبنه مبنارشة بنالقوة‬
‫ي ننده م ننن ك ننل الا ننبا الزائف ننة والس ننباب الباطل ننة للنص ن نرة‬ ‫الفاعل ننة ف ه ننذا الوج ننود؛ في نننف‬
‫واحلمية وااللتهاء؛ ويتوكل عىل الل وحده ف أحدا النتنائج‪ ،‬وحتقينق الصناير‪ ،‬وتندبري المنر‬
‫ب كمته‪ ،‬وتقبل ما جييء به قدر الل ف اطمئنان أخما كان ‪.‬‬

‫إنه التوازن العهيب‪ ،‬الذي ال يعرفه القلب البرشي إال ف اإلسالم ‪.‬‬

‫م يعود إ احلديث عن ال نبوة وخصائصها اخللقية؛ ليمد من هذا ال نور خيوطنا ف التوجينه‬
‫لألمانة‪ ،‬والنهي عن الغلول‪ ،‬والتذكري باحلساب‪ ،‬وتوفية النفوس دون إج ا ‪:‬‬

‫) وما كان لنبي أن يغل‪ .‬ومن يغلل يأت بم غل يوم القيامة‪ .‬م تو كل نفس ما كسبت‪ ،‬وهم‬
‫ال يظلمون)‪..‬‬

‫ولقد كان من بي العوا منل التني ج علنت الرمناة يزايلنون مكنا م منن ا بنل‪ ،‬خنوفهم أال يقسنم‬
‫النننافقي قنند تكلمننوا بننأن‬ ‫ننم رسننول الل ☻ مننن الغنننائم كننذلي كننان بع ن‬
‫غنننائم بنندر مننن قبننل قنند اختفننت؛ و يسننت وا أن هيمسننوا باسننمه ☻ ف‬ ‫بع ن‬
‫هذا الهال ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫فهنننا يننأيت السننياد ب كننم عننام ينفنني عننن ال بينناء عامننة إمكننان أن يغلننوا‪ ..‬أي أن حيتهننزوا اننيئا‬
‫‪ ،‬أو اونوا إجاال ف يشء ‪:‬‬ ‫ا ند دون بع‬ ‫من الموال والغنائم أو يقسموا لبع‬

‫) وما كان لنبي أن يغل)‪..‬‬

‫مننا كننان لننه‪ .‬فهننو لننيس مننن اننأ ه أصننال وال مننن طبعننه وال مننن خلقننه‪ .‬فننالنفي هنننا نفنني إلمكننان‬
‫وقوع الفعنل‪ .‬ولنيس نفينا حللنه أو جنوازه‪ .‬فطبيعنة النبني الميننة العادلنة العفيفنة ال يتنأاى أن يقنع‬
‫منها الغلول ابتنداء‪ ..‬وف قنراءة‪ " :‬هيغ منل" عنىل بنناء الفعنل لغنري الفاعنل‪ .‬أي ال جينوز أن انان‪ .‬وال‬
‫أن افني عنننه أاباعنه اننيئا‪ ..‬فيكنون يننا عننن خياننة النبنني ف يشء‪ .‬وهنو يتمشننى منع عهننز اييننة‪.‬‬
‫وهي قراءة احلسن البرصي ‪.‬‬

‫م هيدد الذين يغلون‪ ،‬و افون ايئا من الال العام أو من الغنائم‪ ،‬ذلي التهديد الخيف ‪:‬‬

‫) ومن يغلل يأت بم غل يوم القيامة‪ .‬م تو كل نفس ما كسبت‪ ،‬وهم ال يظلمون)‪..‬‬

‫روى اإلمنام أرند‪ .‬حند نا سنفيان عنن الزهنري‪ ،‬سنمع عنروة يقنول‪ :‬حند نا أبنو ريند السنناعدي‬
‫ق ن ننال‪ :‬اس ن ننتعمل رسن ننول الل ☻ رج ن ننال م ن ننن الزد يق ن ننا ل ل ن ننه اب ن ننن اللتيب ن ننة‪ .‬ع ن ننىل‬
‫الص نندقة‪ .‬فه نناء فق ننال‪ :‬ه ننذا لك ننم وه ننذا أه نندي إيل‪ .‬فق ننام رس ننول الل ☻ ع ننىل‬
‫الننرب فقننال‪ ":‬مننا بننال العامننل نبعثننه عننىل عمنل فيقننول‪ :‬هننذا لكننم وهننذا أهنندي إيل‪ .‬أفننال جلننس ف‬
‫بيت أبيه وأمه فينظر أهيدي إلينه أم ال ؟ والنذي نفنس حممند بينده‪ ،‬ال ينأيت أحندكم منهنا ب نجء إال‬
‫جناء بننه يننوم القيامننة عننىل رقبتننه‪ ،‬وإن بعننريا لننه رغنناء‪ ،‬أو بقننرة ننا خننوار‪ ،‬أو انناة تيعننر "‪ ..‬ننم رفننع‬
‫يديننه حتننى رأخمنننا عفننرة إبطيننه‪ .‬ننم قننال‪ ":‬مهللا هننل بلغننت ؟ " ‪ -‬ال ننا – [ وأخرجننه الشننيخان ]‬
‫وروى اإلمنام أرنند بإسنناده‪ ،‬عننن أيب هريننرة قنال‪ :‬قننام فيننا رسننول الل ☻ يومننا‬

‫‪141‬‬
‫فذكر الغلول‪ ،‬فعظمه وعظم أمره‪ .‬م قال‪ ":‬ال أففي أحدكم جييء ينوم القيامنة عنىل رقبتنه بعنري‬
‫لنه رغناء‪ ،‬فيقنول‪ :‬ينا رسنول الل أغثنني‪ .‬فننأقول‪ :‬ال أملني لني منن الل انيئا قند بلغتني‪ .‬ال أففنني‬
‫أحدكم جييء يوم القيامنة عنىل رقبتنه فنرس نا ر منة‪ ،‬فيقنول‪ :‬ينا رسنول الل أغثنني‪ ،‬فنأقول‪ :‬ال‬
‫أمل نني ل نني م ننن الل ا ننيئا ق نند بلغت نني‪ .‬ال أفف نني أح نندكم جي ننيء ي ننوم القيام ننة ع ننىل رقبت ننه ص ننامت‪.‬‬
‫فيق ننول‪ :‬ي ننا رس ننول الل أغثن نني‪ .‬ف ننأقول‪ :‬ال أمل نني ل نني م ننن الل ا ننيئا ق نند بلغت نني "‪ [ ..‬وأخرج ننه‬
‫الشيخان من حديث أيب حيان ] ‪..‬‬

‫وروى اإلم ن ننام أر ن نند ‪ -‬بإس ن ننناده ‪ -‬ع ن ننن ع ن نندي ب ن ننن عم ن ننرية الكن ن نندي‪ .‬ق ن ننال‪ :‬ق ن ننال رسن ننول الل‬
‫☻‪ ":‬ي ا أهيا الناس‪ .‬منن عمنل لننا مننكم عمنال‪ ،‬فكتمننا مننه نيطنا(‪ )1‬فنم فوقنه‪،‬‬
‫فهو غل يأيت به يوم القيامنة "‪ ..‬قنال‪ :‬فقنام رجنل منن ال صنار أسنود ‪ -‬قنال جماهند‪ :‬هنو سنعد بنن‬
‫عب ننادة ك ننأين أ ظ ننر إلي ننه ‪ -‬فق ننال‪ :‬ي ننا رس ننول الل‪ ،‬أقب ننل من نني عمل نني‪ .‬ق ننال‪ ":‬وم ننا ذاك ؟ " ق ننال‪:‬‬
‫سننمعتي تقننول‪ :‬كننذا وك ننذا‪ .‬قننال‪ " :‬وأ ننا أق ننول ذلنني اين‪ .‬مننن اس ننتعملناه عننىل عمننل فليه ننيء‬
‫بقليلننه وكثننريه‪ .‬فننم أويت منننه أخننذه؛ ومننا نني عنننه انتهننى "‪ [ ..‬ورواه مسننلم وأبننو داود مننن طننرد‬
‫عن إسمعيل بن أيب رافع ] ‪..‬‬

‫وقند عملننت هنذه اييننة القرآنينة الكريمننة والحاديننث النبوينة الش نريفة عملهنا ف تربيننة ا معننة‬
‫السلمة؛ حتنى أانت بالعهنب العهناب؛ وحتنى أ شنأت جمموعنة منن النناس تتمثنل فنيهم الماننة‬
‫والورع والت ر من الغلول ف أخمة صورة من صوره‪ ،‬كم تتمثل قنط ف جمموعنة ب نرشية‪ .‬وقند‬
‫كان الرجل من أفناء الناس من السنلمي يقنع ف ينده الثمني منن الغنيمنة‪ ،‬ال ينراه أحند‪ ،‬فينأيت بنه‬
‫إ أمريه‪ ،‬ال حتد نه نفسنه بجنء مننه‪ ،‬خشنية أن ينطبنق علينه الننص القنرآين الرهنوب‪ ،‬وخشنية أن‬
‫يلق ننى نبي ننه ع ننىل الص ننورة الفزع ننة الخهل ننة الت نني ح ننذره أن يلق نناه عليه ننا ي ننوم القيام ننة فق نند ك ننان‬

‫(‪ )1‬يعني إبرة خياطة‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫هذه احلقيقة فعنال‪ .‬وكاننت ايخنرة ف حسنه واقعنا‪ ،‬وكنان ينرى صنورته تلني أمنام‬ ‫السلم يعي‬
‫نبيننه وأم ننام رب ننه‪ ،‬فيتو قاه ننا ويف ننزع أن يك ننون فيهننا‪ .‬وك ننان ه ننذا ه ننو رس تق ننواه وخش ننيته وحترج ننه‪.‬‬
‫فننايخرة كانننت حقيقننة يعيشننها‪ ،‬ال وعنندا بعينندا وكننان عننىل يقنني ال اا ننه الشنني مننن أن كننل‬
‫نفس ستو ما كسبت‪ ،‬وهم ال يظلمون ‪..‬‬

‫روى ابننن جريننر الطننربي ف تاراننه قننال‪ :‬لننا هننبط السننلمون النندائن‪ ،‬وجعننوا القبنناض‪ ،‬أقبننل‬
‫رجننل ب ننق معننه‪ ،‬فدفعننه إ صنناحب القبنناض‪ .‬فقننال والننذين معننه‪ :‬مننا رأخمنننا مثننل هننذا قننط‪ ،‬مننا‬
‫يعدلنه مننا عنندنا وال يقاربننه‪ .‬فقنالوا‪ :‬هننل أخننذت مننه اننيئا ؟ فقنال‪ :‬أمننا والل لنوال الل مننا آتيننتكم‬
‫ب ننه‪ .‬فعرف ننوا أن للرج ننل ا ننأ ا‪ .‬فق ننالوا‪ :‬م ننن أ ننت ؟ فق ننال‪ :‬ال والل ال أخ ننربكم لت م نندوين‪ ،‬وال‬
‫غننري كم ليقرظننوين ولكن نني أرنند الل وأرىض بثوا ب ننه‪ .‬فننأابعوه رجننال حت ننى انتهننى إ أص ن ابه‪،‬‬
‫فسأل عنه فإذا عامر بن عبد قيس ‪..‬‬

‫وق نند رل ننت الغن ننائم إ عم ننر ؓ بع نند القادس ننية‪ ،‬وفيه ننا ت ننا كس ن نرى وإيوا ن ننه ال يقوم ننان‬
‫بثمن‪ ..‬فنظر ؓ إ ما أداه ا ند ف غبطة وقال‪ ":‬إن قوما أدوا هذا لمريهم لمناء ‪"..‬‬

‫وهكذا ربى اإلسالم السلمي تلي الةبية العهيبة التي تكاد أخبارها حتسب ف الساطري ‪.‬‬

‫ننم يسننتطرد السننياد ‪ -‬ف معننرض احلننديث عننن الغنننائم والغلننول ‪ -‬يننوازن بنني القننيم‪ ..‬القننيم‬
‫احلقيقية التي يليق أن يلتفت إليها القلب الةمن‪ ،‬وأن يشغل ذا ‪:‬‬

‫)أفمن اتبع رضوان الل كمن باء بسخط من الل‪ ،‬ومأواه جهنم وبئس الصري ؟ هم درجات‬
‫عند الل‪ ،‬والل بصري بم يعملون)‪..‬‬

‫‪143‬‬
‫إ ننا النقلننة التنني تصننغر ف ظلهننا الغنننائم‪ ،‬ويصننغر ف ظلهننا التفكننري ف هننذه العننراض‪ .‬وهنني‬
‫لسننة مننن لسننات النننهج القننرآين العهيننب ف تربيننة القلننوب‪ ،‬ورفننع اهتمماوننا‪ ،‬وتوسننيع آفاقهننا‬
‫واغلها بالسباد احلقيقي ف اليدان الصيل ‪.‬‬

‫) أفمن اتبع رضوان الل كمن باء بسخط من الل ومأواه جهنم وبئس الصري)‪..‬‬

‫هذه هي القيم‪ ،‬وهذا هو جمال الطمع وجمال االختيار‪ .‬وهذا هنو ميندان الكسنب واخلسنارة‪.‬‬
‫واننتان بنني مننن يتبننع رضننوان الل فيفننوز بننه‪ ،‬ومننن يعننود وف وطابننه سننخط الل يننذهب بننه إ‬
‫جهنم‪ ..‬وبئس الصري !‬

‫هذه درجة وهذه درجة‪ ..‬واتان اتان ‪:‬‬

‫)هم درجات عند الل)‪..‬‬

‫!‬ ‫وكل ينال درجته باست قاد‪ ،‬فال ظلم وال إج ا ‪ ،‬وال حماباة وال جزا‬

‫)والل بصري بم يعملون)‪..‬‬

‫م اتم الفقرة بالرجوع إ حمورها الصنيل‪ :‬انخص الرسنول ☻ ورسنالته‬


‫وعظم النة ذا عىل الةمني ‪.‬‬

‫) لقد من الل عىل الةمني إذ بعث فيهم رسوال من أ فسهم‪ ،‬يتلو علنيهم آياتنه‪ ،‬وينزكيهم‪،‬‬
‫ويعلمهم الكتاب واحلكمة‪ ،‬وإن كانوا من قبل لفي ضالل مبي)‪..‬‬

‫‪144‬‬
‫إن خت ننام هن ننذه الفقن ننرة ذن ننذه احلقيقن ننة الكبن ننرية‪ .‬حقيقن ننة الرسن ننول ☻ وقيمتهن ننا‬
‫الذاتية‪ ،‬وعظم ال نة اإل ية ذا‪ ،‬ودورها ف إنشاء هذه المة وتعليمها وتربيتها وقيادوا‪ ،‬ونقلهنا‬
‫مننن ال ننالل البنني إ العلننم واحلكمننة والطهننارة‪ ..‬إن هننذا اخلتننام يت ننمن لسننات قرآنيننة كثننرية‬
‫منوعة عميقة ‪:‬‬

‫إ ننا يننيء ابتننداء تعقيبننا عننىل الغنننائم والطمننع فيهننا والغلننول‪ ،‬واالنشننغال ذننذا المننر الصننغري‪،‬‬
‫الذي كان االنشغال به هو السبب البارش الذي قلب الوقف ف العركة‪ ،‬وبندل النصننر هزيمنة‪،‬‬
‫وفعل بالسلمي الفاعينل‪ .‬فاإلانارة إ حقيقنة الرسنالة الكبنرية‪ ،‬والننة العظيمنة التمثلنة فيهنا‪،‬‬
‫لسننة عميقننة مننن لسننات الةبيننة القرآنيننة الفرينندة‪ .‬تبنندو ف ظلهننا غنننائم الرض كلهننا‪ ،‬وأسننالب‬
‫الرض كله ننا‪ ،‬وإع ننراض الرض كله ننا‪ ،‬ا ننيئا تافه ننا زهي نندا‪ ،‬ال ي ننذكر وال يق نندر‪ .‬ا ننيئا ه ننل‬
‫النفس الةمنة أن تذكره‪ ،‬بل تست ي أن تفكر فيه ف ال عن أن تشغل به !‬

‫وه نني ي ننيء ف س ننياد احل ننديث ع ننن ا زيم ننة والق ننر وال واخلس ننارة الت نني أص ننابت ا مع ننة‬
‫السلمة ف العركة‪ ..‬ف اإلاارة إ تلي احلقيقنة الكبنرية‪ ،‬ومنا متثلنه منن مننة عظيمنة‪ ،‬لسنة عميقنة‬
‫من ننن لسن ننات الةبين ننة القرآنين ننة العهيبن ننة‪ ،‬تصن ننغر ف ظلهن ننا ايالم واخلسن ننائر‪ ،‬وتصن ننغر إ جانبهن ننا‬
‫ا ننرا والت ن يات‪ .‬ع ننىل ح نني تعظ ننم الن ننة‪ ،‬ويننتهىل العط نناء ال ننذي ي ننرجح ك ننل يشء ف حي نناة‬
‫المة السلمة عىل اإلطالد ‪.‬‬

‫م‪ ..‬اإلاارة إ آ ار هذه النة ف حياة المة السنلمة ( يتلنو علنيهم آياتنه وينزكيهم ويعلمهنم‬
‫الكتاب واحلكمة‪ ،‬وإن كانوا من قبل لفي ضالل مبي)‪ ..‬وهي تج بالنقلة من حال إ حال‪،‬‬
‫ومننن وضننع إ وضننع‪ ،‬ومننن عهنند إ عهنند‪ .‬فتشننعر المننة السننلمة بننم وراء هننذه النقلننة مننن قنندر‬
‫الل ا لننذي يرينند ذننذه المننة أمننرا ضننخم ف تنناريخ الرض‪ ،‬وف حينناة البش ننر‪ ،‬والننذي يعنندها ننذا‬

‫‪145‬‬
‫المنر ال نخم بإرسننال الرسنول ☻ فننم ينبغني لمننة هنذا اننأ ا‪ ،‬أن تشنغل با ننا‬
‫بالغن ننائم الت نني تب نندو تافه ننة زهي نندة ف ظ ننل ه ننذا ا نند ال ننخم‪ ،‬وال أن ي ننزع م ننن الت ن ن يات‬
‫وايالم‪ ،‬التي تبدو هينة يسرية ف ظل هذه الغاية الكبرية ‪..‬‬

‫اللمسات السنتفادة منن ذكنر هنذه الننة ف هنذا السنياد‪ .‬ننذكرها باختصنار وإجنال‪،‬‬ ‫هذه بع‬
‫لنواجه النص القرآين احلافل باإلحياءات والظالل ‪:‬‬

‫) لقد من الل عىل الةمني إذ بعث فيهم رسوال من أ فسهم)‪..‬‬

‫إ ننا النننة العظمننى أن يبعننث الل فننيهم رسننوال‪ ،‬وأن يكننون هننذا الرسننول (مننن أ فسننهم)‪ ..‬إن‬
‫خلقه‪ ،‬هي الننة التني ال تنبثنق إال منن‬ ‫العناية من الل ا ليل‪ ،‬بإرسال رسول من عنده إ بع‬
‫الكرم اإل ي‪ .‬النة اخلالصنة التني ال يقابلهنا يشء منن جاننب البرشن‪ .‬وإال فمنن هنم هنةالء‬ ‫في‬
‫الناس‪ ،‬ومن هم هةالء اخللق‪ ،‬حتنى ينذكرهم الل هنذا النذكر‪ ،‬ويعننى ذنم هنذه العناينة ؟ ويبلنغ‬
‫منن حفناوة الل ذنم‪ ،‬أن يرسنل نم رسنوال مننن عننده‪ ،‬حيند هم بلخماتنه ‪ -‬سنب انه ‪ -‬وكلمتنه‪ ،‬لننوال‬
‫بال حساب‪ ،‬ويغمر خالئقه بال سبب منهم وال مقابل ؟‬ ‫أن كرم الل يفي‬

‫وتت ناعف الننة بنأن يكنون هنذا الرسنول "منن أ فسنهم"‪ ..‬يقنل "مننهم" فنإن للتعبنري القنرآين‬
‫"م ننن أ فس ننهم " ظننالال عميقننة اإلحينناء والداللننة‪ ..‬إن الص ننلة بنني الننةمني والرسننول هنني ص ننلة‬
‫النفس بالنفس‪ ،‬ال صلة الفرد با نس ‪.‬‬

‫فليسننت السننأفة أ ننه واحنند منننهم وكفننى‪ .‬إنننم هنني أعمننق مننن ذلنني وأرقننى‪ .‬ننم إ ننم بنناإليمن‬
‫يرتفعون إ هنذه الصنلة بالرسنول‪ ،‬ويصنلون إ هنذا الفنق منن الكرا منة عنىل الل‪ .‬فهنو مننة عنىل‬

‫‪146‬‬
‫الةمني‪ ..‬فالنة م اعفة‪ ،‬اثلة ف إرسال الرسول‪ ،‬وف وصل أ فسهم بنفس الرسنول‪ ،‬ونفنس‬
‫الرسول بأ فسهم عىل هذا الن و احلبيب ‪.‬‬

‫م تتهىل هذه النة العلوية ف آ ارها العملية‪ ..‬ف نفوسهم وحياوم وتاراهم اإلنساين ‪:‬‬

‫) يتلو عليهم آياته‪ ،‬ويزكيهم‪ ،‬ويعلمهم الكتاب واحلكمة)‪..‬‬

‫تتهىل هذه الننة ف أكنرب جماليهنا‪ .‬ف تكنريم الل نم‪ .‬بإرسنال رسنول منن عننده اناطبهم بكنالم‬
‫الل ا ليل ‪:‬‬

‫( يتلو عليهم آياته)‪..‬‬

‫ولو تأمل اإلنسان هذه النة وحدها لراعتنه وهزتنه حتنى منا يتملني أن ينصنب قامتنه أمنام الل‪،‬‬
‫حتى وهو يقف أمامه للشكر والصالة !‬

‫ولو تأمل أن الل ا ليل ‪ -‬سب انه ‪ -‬يتكرم علينه‪ ،‬فيخاطبنه بكلمتنه‪ .‬ااطبنه لي د نه عنن ذاتنه‬
‫ا ليلة وصفاته؛ وليعرفه ب قيقة اللوهية وخصائصها‪ .‬م ااطبه لي د ه عن انأ ه هنو ‪ -‬هنو‬
‫اإلنسننان ‪ -‬هننو العبنند الصننغري ال ننئيل ‪ -‬وعننن حياتننه‪ ،‬وعننن خوا ننه‪ ،‬وعنن حركاتننه وسننكناته‪.‬‬
‫ااطبننه لينندعوه إ مننا حيييننه‪ ،‬ولريا ننده إ مننا يصننلح قلبننه وحال ننه‪ ،‬وهيتننف بننه إ جنننة عرض ننها‬
‫السموات والرض ‪.‬‬

‫الذي جيري ذذه النة‪ ،‬وهذا التف ل‪ ،‬وهذا العطاء ؟‬ ‫فهل هو إال الكرم الفائ‬

‫إن الل ا ليننل غننني عننن العننالي‪ .‬وإن اإلنسننان ال ننئيل ننو الفقننري ال ننوو ‪ ..‬ولكننن ا ليننل‬
‫هننو الننذي حيفننل هننذا ال ننئيل‪ ،‬ويتلمسننه بعنايتننه‪ ،‬ويتابعننه بدعوتننه والغننني هننو الننذي ااطننب‬

‫‪147‬‬
‫الفقننري وينندعوه ويكننرر دعوتننه فيننا للكننرم ويننا للمنننة ويننا للف ننل والعطنناء الننذي ال كفنناء لننه‬
‫من الشكر والوفاء !‬

‫)ويزكيهم)‪..‬‬

‫يطهن ن ننرهم وين ن ننرفعهم وينقن ن ننيهم‪ .‬يطهن ن ننر قلن ن ننوذم و تصن ن ننوراوم ومشن ن نناعرهم‪ .‬ويطهن ن ننر بي ن ننووم‬
‫وأعرا ضننهم وصننالوم‪ .‬ويطهننر حينناوم وجمننتمعهم وأ ظمننتهم‪ ..‬يطهننرهم مننن أرجنناس الش نرك‬
‫والو نينة واخلرا فنة والسنطورة‪ ،‬ومننا تبثنه ف احليناة منن مرا سننم وانعائر وعنادات وتقاليند هابطننة‬
‫مزرية باإلنسان وبمعنى إنسانيته‪ ..‬ويطهنرهم منن دننس احليناة ا اهلينة‪ ،‬ومنا تلنو بنه الشناعر‬
‫والشعائر والتقاليد والقيم والفاهيم ‪.‬‬

‫وقد كان لكل جاهلية من حو م أرجاسها‪ ،‬وكان للعرب جاهليتهم وأرجاسها ‪.‬‬

‫مننن أرجاسننها هننذا الننذي وصننفه جعفننر بننن أيب طالننب وهننو حينند نهننايش احلبشننة ف مواجهننة‬
‫إليه‪ ،‬وقد جاءا إليه ليسلمهم الهاجرين من السلمي عنده‪ ..‬يقول جعفر ‪:‬‬ ‫رسويل قري‬

‫" أهيننا اللنني‪ .‬كنننا قومننا أهننل جاهليننة‪ ،‬نعبنند الصنننام‪ ،‬ونأكننل اليتننة‪ ،‬ونننأيت الفننواح ‪ ،‬ونقطننع‬
‫الرحننام‪ ،‬ونسن ن يء ا ننوار‪ ،‬ويأكننل القننوي منننا ال ننعيف‪ ..‬فكنننا عننىل ذلنني حتننى بعننث الل إلينننا‬
‫رس ننوال من ننا‪ ،‬نعن ننر نس ننبه وصن نندقه وأمانت ننه وعفافن ننه‪ .‬ف نندعانا إ الل وحن ننده لنوح ننده ونعبن ننده‪،‬‬
‫ونخلننع مننا كنننا نعبنند ن ننن وآبا نننا مننن دونننه مننن احلهننارة والو ننان‪ ،‬وأمرنننا بصنندد احلننديث‪،‬‬
‫وأداء المانن ننة‪ ،‬وصن ننلة الن ننرحم‪ ،‬وحسن ننن ا ن ننوار‪ ،‬والكن ننف عن ننن ال ن ننارم والن نندماء‪ .‬و انن ننا عن ننن‬
‫الفواح ‪ ،‬وقول الزور‪ ،‬وأكل مال اليتيم‪ ،‬وقنذ ال صننات‪ ،‬وأمرننا أن نعبند الل وال ن نرشك‬
‫به ايئا‪ ،‬وأمرنا بالصالة والزكاة والصيام ‪..‬‬

‫‪148‬‬
‫ومن أرجاسها ما حكته عائشة ‪ -‬رن الل عنهنا ‪ -‬وهني تصنور أ نواع االتصنال بني ا نسني‬
‫ف ا اهلية كم جاء ف ص يح البخاري‪ ،‬ف هذه الصورة ا ابطة احليوانية الزرية ‪:‬‬

‫" إن النكا ف ا اهلية كان عىل أربعة أ اء‪ .‬فنكا منهنا نكنا النناس الينوم‪ :‬اطنب الرجنل‬
‫إ الرجل وليته أو بنته‪ ،‬فيصدقها‪ ،‬م ينك ها‪ ..‬والنكنا ايخنر كنان الرجنل يقنول المرأ انه إذا‬
‫طهرت من طمثها‪ :‬أرسيل إ فالن فاستب عي منه ويعتز ا وال يمسها أبدا حتى يتبني رلهنا‬
‫من ذلي الرجل الذي تستب ع منه فإذا تبي رلها أصاذا زوجها إذا أحب‪ .‬وإنم يفعنل ذلني‬
‫رغبننة ف نهابننة الرجننل فكننان هننذا النكننا نكننا االستب نناع‪ ..‬ونكننا آخننر جيتمننع الننرهط مننا‬
‫دون العرشنة‪ ،‬فيندخلون عنىل النرأة‪ ،‬كلهنم يصنيبها‪ .‬فنإذا رلنت ووضنعت‪ ،‬ومنر عليهنا لينال بعنند‬
‫أن ت نع رلهنا أرسننلت إلنيهم‪ ،‬فلننم يسنتطع رجننل مننهم أن يمتنننع‪ ،‬حتنى جيتمعننوا عنندها‪ ،‬تقننول‬
‫م‪ :‬قد عرفتم الذي كان من أمنركم‪ ،‬وقند ولندت‪ .‬فهنو ابنني ينا فنالن‪ .‬تسنمي منن أحبنت مننهم‬
‫باسننمه فيل ننق بننه ولنندها‪ .‬وال يسننتطيع أن يمتنننع منننه الرجننل والنكننا الرا بننع‪ :‬جيتمننع الننناس‬
‫الكثري‪ ،‬فيدخلون عىل الرأة ال متتنع ان جاءها ‪ -‬وهن البغايا‪ ،‬كنن ينصنبن عنىل أبنواذن راينات‬
‫تك ننون عل ننم ‪ -‬فم ننن أراده ننن دخ ننل عل ننيهن ف ننإذا رل ننت إح ننداهن ووض ننعت رله ننا‪ ،‬جع ننوا ننا‪،‬‬
‫ودعوا م القافة‪ ،‬م احلقوا ولدها بالذي يرون‪ ،‬فالتاطه‪ ،‬ودعي ابنه‪ ،‬ال يمتنع من ذلي "‪..‬‬

‫وداللة هذه الصورة عىل هبوي التصور اإلنساين وذيميته ال حتتا إ تعلينق‪ .‬ويكفني تصنور‬
‫الرجل‪ ،‬وهو ير سنل امرأ انه إ "فنالن" لتنأيت لنه مننه بولند نهينب‪ .‬متامنا كنم يرسنل ناقتنه أو فرسنه‬
‫أو ذيمته إ الف ل النهيب‪ ،‬لتأيت له منه بنتا جيد !‬

‫ويكف ن ن نني تص ن ن ننور الرج ن ن ننال ‪ -‬م ن ن ننا دون العشن ن ن ننرة ‪ -‬ي ن ن نندخلون إ ال ن ن ننرأة جمتمع ن ن نني ‪" -‬كله ن ن ننم‬
‫يصيبها "‪ ..‬م تار هي أحدهم لتل ق به ولدها !‬

‫‪149‬‬
‫أما البغاء ‪ -‬وهو الصورة الرابعة ‪ -‬فهو البغاء يزيند علينه إحلناد نتاجنه برجنل منن البغناة ال‬
‫جيد ف ذلي معرة وال يمتنع من ذلي !‬

‫إنه الوحل‪ .‬النذي طهنر اإلسنالم مننه العنرب‪ .‬وزكناهم‪ .‬وكنانوا ‪ -‬لنوال اإلسنالم ‪ -‬غنارقي إ‬
‫الذقان فيه !‬

‫و يكنن هننذا الوحنل ف العالقننات ا نسننية إال طرفنا مننن النظننرة ا ابطنة إ الننرأة ف ا اهليننة‪.‬‬
‫يقول الستاذ أبو احلسن الندوي ف كتابه القيم‪" :‬ماذا خا العا بان طاي السلمي ‪":‬‬

‫"وكانت الرأة ف الهتمع ا اهيل عرضة غبن وحيف‪ ،‬تةكل حقوقها‪ ،‬وتبتنز أموا نا‪ ،‬وحتنرم‬
‫منن إر هنا‪ ،‬وتع نل بعند الطنالد أو وفناة الننزو منن أن تننكح زوجنا ترضناه وتنور كنم يننور‬
‫التاع أو الدابنة عنن ابنن عبناس قنال‪ ":‬كنان الرجنل إذا منات أبنوه أو رنوه‪ ،‬فهنو أحنق بامرأ انه‪ ،‬إن‬
‫ا نناء أمس ننكها أو حيبس ننها حت ننى تفت نندى بص ننداقها‪ ،‬أو مت ننوت في ننذهب بم ننا "‪ ..‬وق ننال عط نناء ب ننن‬
‫ربنا ‪ " ..‬إن أهننل ا اهليننة كننانوا إذا هلنني الرجننل‪ ،‬فننةك امننرأة حبسننها أهلننه عننىل الصننبي يكننون‬
‫ف ننيهم "‪ ..‬وق ننال الس نندي‪ :‬إن الرج ننل ف ا اهلي ننة ك ننان يم ننوت أب ننوه أو أخ ننوه أو ابن ننه‪ ،‬ف ننإذا م ننات‬
‫وترك امرأاه‪ ،‬فإن سبق وار اليت فنأفقى عليهنا وبنه فهنو أحنق ذنا أن ينك هنا بمهنر صناحبه‪،‬‬
‫أو ينك هننا فيأخننذ مهرهننا‪ .‬وإن سننبقته فننذهبت إ أهلهننا فهنني أحننق بنفسننها "‪ .‬وكانننت الننرأة ف‬
‫ا اهلينة يطفننف معهننا الكيننل‪ ،‬فيتمتننع الرجننل ب قوقننه وال تتمتننع هنني ب قوقهننا‪ ،‬يةخننذ اننا تننةيت‬
‫م ننن مه ننر‪ ،‬ومتس نني را را لالعت ننداء‪ .‬وتالق نني م ننن بعله ننا نش ننوزا أو إعرا ض ننا‪ ،‬وت ننةك ف بعن ن‬
‫الحيننان كالعلقننة‪ .‬ومننن الننأكوالت مننا هننو خننالص للننذكور وحمننرم عننىل اإلنننا ‪ .‬وكننان يس نوغ‬
‫للرجل أن يتزو ما يشاء من غري حتديد ‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫" وقد بلغت كرا هنة البننات إ حند النوأد‪ .‬ذكنر ا ينثم بنن عندي ‪ -‬عنىل منا حكناه عننه الينداين ‪-‬‬
‫أن ال ننوأد ك ننان مس ننتعمال ف قبائ ننل الع ننرب قاطب ننة‪ ،‬فك ننان يس ننتعمله واح نند ويةك ننه ع ن نرشة‪ .‬فه نناء‬
‫اإلس ننالم‪ ،‬وكان ننت م ننذاهب الع ننرب نتلف ننة ف وأد الوالد‪ .‬فمن ننهم م ننن ك ننان يئ نند البنن نات لزين ند‬
‫الغرية ونافة حلود العار ذم من أجلهن‪ .‬ومننهم منن كنان يئند منن البننات منن كاننت زرقناء‪ .‬أو‬
‫ا ننيمء [ س ننوداء ] أو برا نناء [ برص نناء ] أو كسن ن اء [ عرج نناء ] تش ننا ما م نننهم ذ ننذه الص ننفات‪.‬‬
‫ومنهم كان يقتل أوالده خشية اإلنفاد‪ ،‬وخو الفقر ‪..‬‬

‫الحيننان‪ ،‬فقنند يتننأخر وأد الننوءودة‬ ‫"وكننانوا يقتلننون البنننات ويئنندو ن بقسننوة نننادرة ف بع ن‬
‫لس ننفر الوا ل نند وا ننغله‪ ،‬ف ننال يئ نندها إال وق نند ك ننربت‪ ،‬وص ننارت تعق ننل‪ .‬وق نند حك ننوا ف ذل نني ع ننن‬
‫أ فسهم مبكيات‪ .‬وقد كان بع هم يلقي ال ثى من ااهق"(‪..)1‬‬

‫وم ننن أرجاس ننها ‪ -‬وأص ننل ه ننذه الرج نناس جيع ننا – الش ن نرك والو ني ننة ا ابط ن نة الس نناذجة‪ :‬ك ننم‬
‫يصورها ف إجال الستاذ أبو احلسن الندوي ف كتابه ‪:‬‬

‫" انغمس ننت الم ننة ف الو ني ننة وعب ننادة الص نننام بأبش ننع أا ننكا ا‪ .‬فك ننان لك ننل قبيل ننة أو ناحي ننة أو‬
‫مديننة‪ ،‬صننم خناص‪ ،‬بنل كنان لكنل بينت صننم خصنوك‪ .‬قنال الكلبني‪ :‬كنان لهنل كنل دار مننن‬
‫مكة صنم ف دارهم يعبدوننه‪ ،‬فنإذا أرا د أحندهم السنفر‪ ،‬كنان آخنر منا يصننع ف منزلنه أن يتمسنح‬
‫بنه‪ ،‬وإذا قندم مننن سنفره كننان أول منا يصنننع إذا دخنل منزلننه أن يتمسنح بننه أخم نا"(‪ .)2‬واسننتهةت‬
‫العننرب ف عبننادة الصنننام‪ ،‬فمنننهم مننن ا ننذ بيتننا‪ ،‬ومنننهم مننن ا ننذ صنننم؛ ومننن يقنندر عليننه وال‬
‫عىل بناء بيت نصب حهرا أمام احلرم‪ ،‬وأمنام غنريه انا است سنن‪ ،‬نم طنا بنه كطوا فنه بالبينت‪،‬‬
‫وسموها ال صاب‪ .‬وكنان ف جنو الكعبنة ‪ -‬البينت النذي بنني لعبنادة الل وحنده ‪ -‬وف فنائهنا‬

‫(‪ )1‬بلوغ األرب في أحوال العرب‪.‬‬


‫(‪ )2‬كتاب األصنام‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫ال مئنة وسنتون صننم‪ .‬وتنندرجوا منن عبنادة الصننام والو ننان إ عبنادة جننس احلهننارة‪ .‬روى‬
‫البخنناري عننن أيب رج نناء العطنناردي‪ ،‬ق ننال‪ :‬كنننا نعب نند احلهننر‪ ،‬فننإذا وج نندنا حهننرا ه ننو خننريا من ننه‬
‫القيناه وأخذنا ايخر؛ فإذا نهد حهرا جعنا حثوة من تراب‪ ،‬م جئننا بالشناة ف لبننا علينه نم‬
‫طفن ننا بن ننه‪ .‬وقن ننال الكلبن نني‪ :‬كن ننان الرج ننل إذا س ننافر فنن ننزل منن ننزال‪ ،‬أخن ننذ أربعن ننة أحهن ننار‪ ،‬فنظن ننر إ‬
‫أحسنها‪ ،‬فا ذه ربا‪ ،‬وجعل ال أ اف لقدره‪ ،‬وإذا ارحتل تركه ‪.‬‬

‫"وكننان للعننرب ‪ -‬اننأن كننل أمننة م نرشكة ف كننل زمننان ومكننان ‪ -‬آ ننة اننتى مننن الالئكننة وا ننن‬
‫والكوا ك ن ن ننب‪ .‬فك ن ن ننانوا يعتق ن ن نندون أن الالئك ن ن ننة بن ن ن ننات الل فيتخ ن ن ننذو م ا ن ن ننفعاء ن ن ننم عن ن ن نند الل‪،‬‬
‫ويعبنندو م‪ ،‬ويتوسننلون ذننم عننند الل‪ .‬وا ننذوا كننذلي معننه ا ننن رشكنناء لل‪ ،‬وآمنننوا بقنندروم‬
‫وتنأ ريهم‪ ،‬وعبنندوهم‪ .‬قننال الكلبنني‪ :‬كانننت بنننو ملنيح مننن خزا عننة يعبنندون ا ننن‪ .‬وقننال صنناعد‪:‬‬
‫كانت رري تعبد الشمس‪ .‬وكنانة القمر‪ .‬ومتنيم الندبران‪ .‬وخلنم وجنذام الشنةي‪ .‬وطني سنهيال‪.‬‬
‫وقيس الشعري العبور‪ .‬وأسد عطاردا"(‪.)1‬‬

‫ويكف نني أن يتص ننفح اإلنس ننان ه ننذه الص ننورة البدائي ننة الغليظ ننة م ننن الو ني ننة‪ ،‬ليع ننر أي رج ننس‬
‫كان ننت تنش ن ن ره ف القل ننوب والتص ننورات وف واق ننع احلي نناة وي نندرك النقل ننة ال ننخمة الت نني نقله ننا‬
‫اإلسن ننالم للقن ننوم‪ ،‬والطهن ننارة الت ن نني أسن ننبغها ع ن ننىل تص ن ننوراوم وعن ننىل حي ن نناوم سن ننواء‪ .‬وم ن ننن ه ن نذه‬
‫الرج نناس تل نني الدواء اخللقي ننة واالجتمعي ننة‪ ،‬الت نني كان ننت ف الوق ننت ذات ننه م ننن مف نناخرهم ف‬
‫أاننعارهم ومننن مفنناخراوم ف أسننواقهم مننن اخلمننر إ القننمر إ الثننارات القبليننة الصننغرية‪،‬‬
‫التي تشغل اهتمماوم‪ ،‬فال ترتفع عىل تلي التصورات ال لية ال دودة ‪:‬‬

‫(‪ )1‬طبقات األمم لصاعد‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫" هان ننت عل ننيهم احل ننرب وإراق ننة ال نندماء حت ننى كان ننت تثريه ننا حاد ننة ليس ننت ب ننذات خط ننر‪ .‬فقن ند‬
‫وقعت احلرب بي بكر وتغلنب ابنني وائنل‪ ،‬ومكثنت أربعني سننة أريقنت فيهنا دمناء غزينرة‪ ،‬ومنا‬
‫ذاك إال أن كليبننا رئننيس معنند‪ ،‬رمننى رع ناقننة البسننوس بنننت منقننذ فنناختلط دمهننا بلبنهننا؛ وقتننل‬
‫جس نناس ب ننن م ننرة كليب ننا‪ ،‬واا ننتبكت احل ننرب ب نني بك ننر وتغل ننب‪ .‬وكان ننت ك ننم ق ننال الهله ننل أخ ننو‬
‫كليب‪" :‬قد فني احلياة‪ ،‬و كلت المهات‪ ،‬ويتم الوالد‪ .‬دموع ال ترقأ‪ ،‬وأجساد ال تدفن ‪".‬‬

‫" وكننذلي حننرب داحننس والغننرباء‪ .‬فننم كننان سننببها إال أن داحسننا فننرس قننيس بننن زهننري‪ ،‬كننان‬
‫سنابقا ف رهننان بني قننيس بنن زهننري وحذيفنة بننن بندر‪ ،‬فعارضننه أسندي بإيعنناز منن حذيفننة‪ ،‬فلطننم‬
‫وجهننه واننغله‪ ،‬ففاتتننه اخليننل‪ .‬وتننال ذلنني قتننل‪ ،‬ننم أخننذ بالثننأر‪ .‬ونص نر القبائننل لبنائهننا‪ ،‬وأرس‪،‬‬
‫ونز للقبائل‪ ،‬وقتل ف ذلي أفو من الناس"(‪.)1‬‬

‫وكننان ذلنني عالمننة فننراغ احلينناة مننن االهتممننات الكبننرية‪ ،‬التنني تشننغلهم عننن تفريننغ الطاقننة ف‬
‫هذه الالبسات الصغرية‪ .‬إذ تكن م رسنالة لل يناة‪ ،‬وال فكنرة للب نرشية‪ ،‬وال دور لإلنسنانية‪،‬‬
‫يشننغلهم عننن هننذا السفسننا ‪ ..‬و تكننن هننناك عقينندة تطهننرهم مننن هننذه الرجنناس االجتمعيننة‬
‫الذميم ننة‪ ..‬وم نناذا يك ننون الن نناس م ننن غ ننري عقي نندة إ ي ننة ؟ م نناذا تك ننون اهتمم نناوم ؟ وم نناذا تكن نون‬
‫تصوراوم ؟ وماذا تكون أخالقهم ؟‬

‫إن ا اهلي ننة ه نني ا اهلي ننة‪ .‬ولك ننل جاهلي ننة أرجاس ننها وأدناس ننها‪ .‬ال هي ننم موقعه ننا م ننن الزم ننان‬
‫والكننان‪ .‬ف يننثم خلننت قلننوب الننناس مننن عقينندة إ ينة حتكننم تصننوراوم‪ ،‬ومننن رشيعننة ‪ -‬منبثقننة‬
‫م ننن ه ننذه العقي نندة ‪ -‬حتك ننم حي نناوم‪ ،‬فل ننن تك ننون إال ا اهلي ننة ف ص ننورة م ننن ص ننورها الكث ننرية‪..‬‬
‫وا اهلية التي تتمرغ البشنرية اليوم ف وحلها‪ ،‬ال تلف ف طبيعتها عنن تلني ا اهلينة العربينة‬

‫(‪ )1‬ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪153‬‬
‫أو غريها من ا اهلينات التني عارصونا ف أ ناء الرض‪ ،‬حتنى أ قنذها منهنا اإلسنالم وطهرهنا‬
‫وزكاها ‪.‬‬

‫ف منناخور كبننري ونظننرة إ ص ن افتها وأفالمهننا ومعننارض أزيائهننا‪.‬‬ ‫إن البش ننرية اليننوم تعنني‬
‫ومس ن ننابقات جا ن ننا‪ ،‬ومراقص ن ننها‪ ،‬وحاناو ن ننا‪ .‬وإذاعاو ن ننا‪ .‬ونظ ن ننرة إ س ن ننعارها الهنن ننون لل ن ننم‬
‫العاري‪ ،‬والوضاع الثرية‪ ،‬واإلحياءات الري ة‪ ،‬ف الدب والفن وأجهزة اإلعنالم كلهنا‪ ..‬إ‬
‫جانننب نظامهننا الربننوي‪ ،‬ومننا يكمننن وراءه مننن سننعار للننمل‪ ،‬ووسننائل خسيسننة معننه وتثمننريه‪،‬‬
‫وعملي ننات نصن ننب واحتين ننال وابتن ننزاز تلن ننبس ن ننوب القن ننانون(‪ ..)1‬وإ جانن ننب التن نندهور اخللقن نني‬
‫واالن ننالل االجتمع نني‪ ،‬ال ننذي أص ننبح هي نندد ك ننل نف ننس وك ننل بي ننت‪ ،‬وك ننل نظ ننام‪ ،‬وك ننل يم ننع‬
‫إنسا ين‪ ..‬نظنرة إ هنذا كلنه تكفني لل كنم عنىل الصنري البنائس النذي تندلف إلينه البشننرية ف ظنل‬
‫هذه ا اهلية ‪.‬‬

‫إن البشنرية تتلكل إنسنانيتها‪ ،‬وتت لنل آدميتهنا‪ ،‬وهني تلهنث وراء احلينوان‪ ،‬ومثنريات احلينوان‪،‬‬
‫لتل ننق بعالننه ا ننابط واحليننوان أ ظننف وأرش وأطهننر‪ .‬ل ننه حمكننوم بفطننرة حازمننة ال تتميننع‪،‬‬
‫وال تأس ننن ك ننم تأس ننن ا ننهوات اإلنس ننان ح نني ينفل ننت م ننن رب نناي العقي نندة‪ ،‬وم ننن نظ ننام العقي نندة‪،‬‬
‫ويرتد إ ا اهلية التي أ قنذه الل منهنا‪ ،‬والتني يمنتن الل عنىل عبناده النةمني بتطهنريهم منهنا ف‬
‫تلي ايية الكريمة ‪:‬‬

‫) ويعلمهم الكتاب واحلكمة)‪..‬‬

‫وكننان الخنناطبون ذننذه اييننة أمينني جهنناال‪ .‬أميننة القلننم‪ ،‬وأميننة العقننل سننواء‪ .‬ومننا كننان ننم مننن‬
‫العرفننة يشء ذو قيم ننة بالقنناييس العالي ننة للمعرف ننة‪ ،‬ف أي بنناب م ننن الب ننواب‪ .‬ومننا ك ننان ننم ف‬

‫( ‪)1‬‬
‫يراجع ما جاء عن الربا في الجزء الثالث من الظالل‪ ،‬ويراجع كتاب‪ :‬الربا للسيد أبي األعلى المودودي‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫حي نناوم م ننن مه ننوم كب ننرية تنش ننىء معرف ننة ذات قيم ننة عالي ننة ف أي ب نناب م ننن الب ننواب‪ .‬ف ننإذا ه ننذه‬
‫الرسن ن ننالة حتن ن ننيلهم أسن ن نناتذة الن ن نندنيا‪ ،‬وحك ن ن ننمء ال عن ن ننا ‪ ،‬وأص ن ن ن اب الن ن نننهج العقين ن نندي والفك ن ن ننري‬
‫واالجتمع نني والتنظيمن نني‪ ،‬ال ننذي ينقن ننذ البش ن ننرية كله ننا من ننن جاهليتهن ننا ف ذل نني الزمن ننان‪ .‬والن ننذي‬
‫يرتقب دوره ف ا ولة القادمة ‪ -‬بنإذن الل ‪ -‬إلنقناذ البشننرية منرة أخنرى منن جاهليتهنا احلديثنة‪،‬‬
‫التي تتمثل فيها كل خصائص ا اهلية القديمة؛ من النواحي الخالقية واالجتمعينة؛ وتصنور‬
‫أه نندا احلي نناة اإلنس ننانية وغاياو ننا ك ننذلي ع ننىل ال ننرغم م ننن فتوح ننات العل ننم ال ننادي واإلنت ننا‬
‫الصناعي‪ ،‬والرخاء احل اري !‬

‫) وإن كانوا من قبل لفي ضالل مبي)‪.‬‬

‫ض ننالل ف التصن ننور واالعتق نناد‪ ،‬وضن ننالل ف مفهوم ننات احلين نناة‪ ،‬وض ننالل ف الغاين ننة واالين نناه‪،‬‬
‫وض ن ن ننال ل ف الع ن ن ننادات والس ن ن ننلوك‪ ،‬وض ن ن ننالل ف ال ظم ن ن ننة والوض ن ن نناع‪ ،‬وض ن ن ننالل ف الهتم ن ن ننع‬
‫والخالد ‪..‬‬

‫والعن ننرب الن ننذين ك ن ننانوا ان نناطبون ذن ننذه ايي ن ننة كن ننانوا ين ننذكرون ‪ -‬وال ا ن نني ‪ -‬من ننان حي ن نناوم‬
‫وأوضن نناعهم‪ ،‬ويعرفن ننون طبيعن ننة النقلن ننة التن نني نقلهن ننم إليهن ننا اإلسن ننالم‪ ،‬ومن ننا كن ننانوا ببالغيهن ننا بغن ننري‬
‫اإلسالم؛ وهي نقلة غري معهودة ف تاريخ بني اإلنسان ‪.‬‬

‫ك ن ننانوا ي ن نندركون أن اإلس ن ننالم ‪ -‬واإلسن ن ننالم وح ن ننده ‪ -‬ه ن ننو ال ن ننذي نقلهن ن ننم م ن ننن ط ن ننور القبيلن ن ننة‪،‬‬
‫واهتممات القبيلة‪ ،‬و ارات القبيلنة‪ ،‬ال ليكوننوا أمنة ف سنب‪ .‬ولكنن ليكوننوا ‪ -‬عنىل حني فهنأة‬
‫ومننن غننري متهينند يت نندخل فيننه الننزمن ‪ -‬أم ننة تقننود البش ننرية‪ ،‬وترسننم ننا مثلهننا‪ ،‬ومن ناهج حياو ننا‪،‬‬
‫وأ ظمتها كذلي‪ ،‬ف صورة غري معهودة ف تاريخ البشنرية الطويل ‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫كننانوا ينندركون أن اإلسننالم ‪ -‬واإلسننالم وحننده ‪ -‬هننو الننذي مننن هم وجننودهم القننومي‪،‬‬
‫ووج ننودهم ال نندويل ‪ ..‬وقب ننل ك ننل يشء وأه ننم م ننن ك ننل يشء‪ ..‬وج ننودهم‬ ‫ووج ننودهم الس ننيا‬
‫اإلنسنناين‪ ،‬الننذي يرفننع إنسننانيتهم‪ ،‬ويكننرم آدميننته م‪ ،‬ويقننيم نظننام حينناوم كلننه عننىل أسنناس هننذا‬
‫التكريم‪ ،‬الذي جاءهم هدية ومنه من لدن رذم الكريم‪ .‬والذي أفاضوه هم عىل البشنرية كلهنا‬
‫بعند ذلني‪ ،‬وعلموهننا كينف حتننةم "اإلنسنان" وتكرمننه بتكنريم الل‪ .‬غننري مسنبوقي ف هننذا‪ ،‬ال ف‬
‫ا زيننرة العربيننة‪ ،‬وال ف أي مكننان‪ ..‬وف اللفتننة السننابقة إ "الشننورى " طننر مننن هننذا النننهج‬
‫اإل ي‪ ،‬الذي كانوا يدركون فيه عظم النة عليهم من الل ‪.‬‬

‫وك ننانوا ي نندركون أن اإلسن ننالم ‪ -‬واإلس ننالم وحن ننده ‪ -‬ه ننو الن ننذي جع ننل ن ننم رس ننالة يقن نندمو ا‬
‫للعامننل‪ ،‬ونظريننة لل ينناة البش ننرية‪ ،‬ومننذهبا ايننزا لل ينناة اإلنسننانية‪ ..‬والمننة ال توجنند ف احلقننل‬
‫اإلن ساين الكبري إال برسالة ونظرية ومذهب‪ ،‬تقدمه للبرشية‪ ،‬لتدفع بالبشنرية إ اإلمام ‪.‬‬

‫وقد كان اإلسنالم‪ ،‬وتصنوره للوجنود‪ ،‬ورأخمنه ف احليناة‪ ،‬ورشيعتنه للمهتمنع‪ ،‬وتنظيمنه لل يناة‬
‫البشنرية‪ ،‬ومنههه الثايل الواقعي اإلجيايب إلقامة نظنام يسنعد ف ظلنه "اإلنسنان"‪ ..‬كنان اإلسنالم‬
‫بخصا ئصننه هننذه هننو "بطاق ننة الشخصننية " التنني تقنندم ذ ننا العننرب للعننا ‪ ،‬فعننرفهم‪ ،‬واح ننةمهم‪،‬‬
‫وسلمهم القيادة ‪.‬‬

‫وهم اليوم وغدا ال حيملون إال هذه البطاقة‪ .‬ليست م رسالة غريها يتعرفون ذا إ العا ‪.‬‬
‫وهم إما أن حيملوها فتعرفهم البشنرية وتكرمهم؛ وإما أن ينبذوها فيعودوا مهال ‪ -‬كم كانوا ‪-‬‬
‫ال يعرفهم أحد‪ ،‬وال يعة ذم أحد !‬

‫وما الذي يقدمونه للبرشية حي ال يتقدمون إليها ذذه الرسالة ؟‬

‫‪156‬‬
‫يق نندمون ننا عبقري ننات ف ايداب والفن ننون والعل ننوم ؟ لق نند س ننبقتهم ا ننعوب الرض ف ه ننذه‬
‫احلقننول ‪ .‬والبش ننرية تغننص بالعبقريننات ف هننذه احلقننول الفرعيننة لل ينناة‪ .‬وليسننت ف حاجننة وال‬
‫ف انتظار إ عبقريات من هناك ف هذه احلقول الفرعية لل ياة !‬

‫يقنندمون ننا عبقريننات ف اإلنتننا الصننناعي التفننود‪ ،‬تن ننني لننه ا بنناه‪ ،‬ويغرقننون بننه أسننواقها‪،‬‬
‫ويغطننون بننه عننىل مننا عننندها مننن إنتننا ؟ ؟ لقنند سننبقتهم اننعوب كثننرية‪ ،‬ف ينندها عهلننة القيننادة ف‬
‫هذا ال مر !‬

‫يق ن دمون ننا فلس ننفة مذهبيننة اجتمعي ننة‪ ،‬ومننناهج اقتصننادية وتنظيمي ننة مننن ص نننع أخمنندهيم‪ ،‬وم ننن‬
‫وحي أفكنارهم البشننرية ؟ إن الرض تعنج بالفلسنفات والنذاهب والنناهج الرضنية‪ .‬وتشنقى‬
‫ذا جيعا غاية الشقاء !‬

‫م بالسبق والتفود واالمتياز ؟‬ ‫ماذا إذن يقدمون للبرشية لتعرفهم به‪ ،‬وتعة‬

‫ال يشء إال هننذه الرسننالة الكب ننرية‪ .‬ال يشء إال هننذا ال نننهج الفرينند‪ .‬ال يشء إال ه ننذه النننة الت نني‬
‫اختارهم الل ا‪ ،‬وأكنرمهم ذنا‪ ،‬وأ قنذ ذنا البشننرية كلهنا عنىل أخمندهيم ذات ينوم‪ .‬والبشننرية الينوم‬
‫أحو ما تكون إليها‪ ،‬وهي تةدى ف هاوية الشقاء واحلرية والقلق واإلفالس !‬

‫إ نا ‪ -‬وحندها ‪ -‬بطاقننة الشخصنية التنني تقندموا ذننا قنديم للبش ن رية‪ ،‬فأحننت ننا هامتهنا‪ .‬والتنني‬
‫يمكن أن يقدموها ا اليوم‪ ،‬فيكون فيها اخلالص واإلنقاذ ‪.‬‬

‫إن لكل أمة من المم الكبرية رسالة‪ .‬وأكرب أمة هني التني حتمنل أكنرب رسنالة‪ .‬وهني التني تقندم‬
‫أكرب منهج‪ .‬وهي التي تتفرد ف الرض بأرفع مذهب لل ياة ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫والعرب يملكون هذه الرسالة ‪ -‬وهم فيها أصالء‪ ،‬وغريهم من الشعوب هنم رشكناء ‪ -‬فنأي‬
‫ايطان يا ترى يرصفهم عن هذا الرصيد ال خم ؟ أي ايطان ؟ !‬

‫لقد كانت النة اإل ية عىل هذه المة ذذا الرسول وذنذه الرسنالة عظيمنة عظيمنة‪ .‬ومنا يمكنن‬
‫أن يرصفها عن هذه النة إال ايطان‪ ..‬وهي مكلفة من رذا بمطاردة الشيطان !‬

‫***‬

‫‪158‬‬
‫‪ ‬الدرس الثامن‪ :‬السُنن ال حتابي أحداً ‪‬‬

‫م يم ني السياد خطوة ف استعراض أحدا العركة‪ ،‬والتعقيب عليها؛ فيعنرض دهشنتهم‬


‫لنا صنارت إلينه المنور‪ ،‬واسنتغراذم لوقنوع منا وقنع ذنم ‪ -‬وهنم السنلمون ‪ -‬انا ي نج بسننذاجة‬
‫تص ننورهم لألم ننر يوم ننذاك قب ننل أن تط نننهم التهرب ننة‪ ،‬وتص ننوغهم ص ننياغة واقعي ننة‪ ،‬تتعام ننل م ننع‬
‫واق ننع الم ننر‪ ،‬وطبيع ننة الس نننن‪ ،‬وجدي ننة ه ننذا الوا ق ننع ال ننذي ال حي ننايب أح نندا ال يأخ ننذ بالس نننن‪ ،‬وال‬
‫يس ننتقيم م ننع ا نند الص ننارم ف طبيع ننة الك ننون واحلي نناة والعقي نندة وم ننن ننم يقفه ننم ع ننىل الرض‬
‫الص ن ننلبة الكشن ن ننوف ة؛ وه ن ننو يبن ن نني ن ن ننم أن من ن ننا أصن ن نناذم كن ن ننان بفعلهن ن ننم‪ ،‬وكن ن ننان الثمن ن ننرة الطبيعين ن ننة‬
‫لتص نرفهم ‪ ..‬ولكنننه ال يننةكهم عننند هننذه النقطننة ‪ -‬التنني وإن كانننت حقيقننة إال أ ننا ليسننت ايننة‬
‫احلقيقننة ‪ -‬ب ننل يصننلهم بق نندر الل مننن وراء الس ننباب والنتننائج؛ وبمش ننيئة الل الطليقننة م ننن وراء‬
‫السنن والقواني؛ فيكشف م عن حكمة منا وقنع‪ ،‬وعنن تندبري الل فينه لي قنق منن ورائنه اخلنري‬
‫م‪ ،‬وللدعوة التي جياهدون ف سبيلها؛ وليعدهم ذذه التهربة لنا بعندها‪ ،‬ولنيم ص قلنوذم‪،‬‬
‫ويميز صفوفهم‪ ،‬من النافقي الذين كشنفتهم الحندا ‪ .‬فنالمر ف النهاينة مرجعنه إ قندر الل‬
‫وتدبريه‪ ..‬وبذلي تتكامل احلقيقة ف تصورهم ومشاعرهم من وراء هنذا البينان القنرآين الندقيق‬
‫العميق ‪:‬‬

‫) أو لا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم‪ :‬أ ى هذا ؟ قل‪ :‬هو من عند أ فسكم‪ ،‬إن الل‬
‫عىل كل يشء قدير‪ .‬وما أصابكم يوم التقى ا معان فبإذن الل‪ ،‬وليعلم الةمني وليعلم الذين‬
‫نافقوا‪ ،‬وقيل م‪ :‬تع الوا قاتلوا ف سبيل الل أو ادفعوا‪ ،‬قالوا‪ :‬لو نعلم قتاال التبعناكم هم‬
‫للكفر يومئذ أقرب منهم لإليمن‪ ،‬يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوذم‪ ،‬والل أعلم بم يكتمون‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫الذين قالوا إلخوا م ‪ -‬وقعدوا ‪ :-‬لو أطاعونا ما قتلوا‪ .‬قل‪ :‬فادر وا عن أ فسكم الوت إن‬
‫كنتم صادقي)‪..‬‬

‫لقنند كتننب الل عننىل نفسننه النص ننر لوليائننه‪ ،‬رلننة رايتننه‪ ،‬وأص ن اب عقيدتننه‪ ..‬ولكنننه علننق هننذا‬
‫النصنر بكمل حقيقة اإليمن ف قلوذم؛ وباستيفاء مقت يات اإليمن ف تنظيمهم وسلوكهم؛‬
‫وباستكمل العدة التي ف طاقتهم‪ ،‬وببذل ا هد الذي ف وسعهم‪ ..‬فهذه سنة الل‪ .‬وسنة الل ال‬
‫حتننايب أحنندا‪ ..‬فأمننا حنني يقصننرون ف أحنند هننذه المننور‪ ،‬فننإن علننيهم أن يتقبلننوا نتيهننة التقصننري‪.‬‬
‫فننإن كننو م مسننلمي ال يقت ني خننرد السنننن ننم وأبطننال الننناموس‪ .‬فننإنم هننم مسننلمون ل ننم‬
‫يطابقون حياوم كلها عىل السنن‪ ،‬ويصطل ون بفطروم كلها مع الناموس ‪..‬‬

‫ولكن كو م مسلمي ال يذهب هدرا كذلي‪ ،‬وال ي يع هباء‪ .‬فنإن استسنالمهم لل‪ ،‬ورلهنم‬
‫لرايتننه‪ ،‬وعننزمهم عننىل طاعتننه‪ ،‬والتننزام منههننه‪ ..‬مننن اننأ ه أن يننرد أخطنناءهم وتقصننريهم خننريا‬
‫وبركننة ف النهايننة ‪ -‬بعنند اسننتيفاء مننا يةتننب عليهننا مننن الت ن ية وال والقننر ‪ -‬وأن جيعننل مننن‬
‫الخط ن نناء ونتائهه ن ننا دروس ن ننا وي ن ننارب‪ ،‬تزي ن نند ف نق ن نناء العقي ن نندة‪ ،‬ومت ن ننيص القلن ننوب‪ ،‬وتطه ن ننري‬
‫الصفو ؛ وتةهل للنرص الوعود؛ وتنتهني بناخلري والربكنة‪ ..‬وال تطنرد السنلمي منن كننف الل‬
‫ورعايت ننه وعنايت ننه‪ .‬ب ننل مت نندهم ب ننزاد الطري ننق‪ .‬مه ننم يمس ننهم م ننن ال ننرب وال وال ننيق ف أ ن نناء‬
‫الطريق ‪.‬‬

‫وذذا الوضو والرصامة معا يأخذ الل ا معة ال سلمة؛ وهنو ينرد عنىل تسنا ا ودهشنتها انا‬
‫وقننع؛ ويكشننف عننن السننبب القريننب مننن أفعا ننا؛ كننم يكشننف عننن احلكمننة البعينندة مننن قنندره ‪-‬‬
‫سب انه ‪ -‬يواجه النافقي ب قيقة الوت‪ ،‬التي ال يعصم منها حذر وال قعود ‪:‬‬

‫‪160‬‬
‫) أو لا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أ ى هذا ؟ قل هو من عند أ فسكم‪ .‬إن الل عىل‬
‫كل يشء قدير)‪..‬‬

‫والسلمون الذين أصيبوا ف أحد بم أصيبوا؛ والذين فقدوا سبعي من انهدائهم غنري ا نرا‬
‫وايالم الت نني عانوه ننا ف ه ننذا الي ننوم الري ننر؛ وال ننذين ع ننز عل ننيهم أن يص ننيبهم م ننا أص نناذم‪ ،‬وه ننم‬
‫الس ننلمون‪ ،‬وه ننم جياه نندون ف س ننبيل الل‪ ،‬وأع نندا هم ه ننم الشن ننركون أع ننداء الل‪ ..‬الس ننلمون‬
‫النذين أصنيبوا ذنذه الصننيبة‪ ،‬كنان قند سنبق ننم أن أصنابوا مثليهنا‪ :‬أصنابوا مثلهننا ينوم بندر فقتلننوا‬
‫سنبعي مننن صننناديد قننري ‪ .‬وأصننابوا مثلهننا يننوم أحنند ف مطلننع العركننة‪ ،‬حينننم كننانوا مسننتقيمي‬
‫عننىل أمننر الل وأمننر رسننوله ☻ وقبننل أن ي ننعفوا أمننام إغننراء الغنننائم‪ .‬وقبننل أن‬
‫وهس ف أ فسهم اخلواطر التي ال ينبغي أن وهس ف ضمئر الةمني !‬

‫ننم إ س ننببه‬ ‫وي ننذكرهم الل ه ننذا كل ننه‪ ،‬وه ننو ي ننرد ع ننىل دهش ننتهم التس ننائلة‪ ،‬فريج ننع م ننا ح نند‬
‫البارش القريب ‪:‬‬

‫)قل‪ :‬هو من عند أ فسكم)‪..‬‬

‫أ فسننكم هنني التنني لخلننت وفشننلت وتنازعننت ف المننر‪ .‬وأ فسننكم هنني التنني أخلننت ب نرشي‬
‫الل ورشي رسن ننوله ☻ وأ فس ن ننكم ه ن نني الت ن نني خا ته ن ننا الط ن ننمع وا ن ننواجس‪.‬‬
‫وأ فسننكم هنني التنني عصننت أمننر رسننول الل وخطتننه للمعركننة‪ ..‬فهننذا الننذي تسننتنكرون أن يقننع‬
‫لكننم‪ ،‬وتقولننون‪ :‬كيننف هننذا ؟ هننو مننن عننند أ فسننكم‪ ،‬بانطبنناد سنننة الل علننيكم‪ ،‬حنني عرضننتم‬
‫أ فسكم ا‪ .‬فاإلنسان حي يعرض نفسه لسنة الل ال بد أن تنطبق عليه‪ ،‬مسلم كان أو منرشكا‪،‬‬
‫وال تنخرد حماباة له ‪ ،‬فمن كمل إسالمه أن يوافق نفسه عىل مقتىض سنة الل ابتداء !‬

‫‪161‬‬
‫) إن الل عىل كل يشء قدير)‪..‬‬

‫ومن ننن مقت ن ننى قدرتن ننه أن تنفن ننذ سن نننته‪ ،‬وأن حيكن ننم ناموسن ننه‪ ،‬وأن متن ن نيض المن ننور وفن ننق حكمن ننه‬
‫وإرادته‪ ،‬وأال تتعطل سننه التي أقام عليها الكون واحلياة والحدا ‪.‬‬

‫ومع هذا فقد كان قدر الل من وراء المر كله حلكمة يراها‪ .‬وقندر الل دائنم منن وراء كنل أمنر‬
‫حيد ‪ ،‬ومن وراء كل حركة وكل نأمة‪ ،‬وكل انبثاقة ف هذا الكون كله ‪:‬‬

‫) وما أصابكم يوم التقى ا معان فبإذن الل‪..)...‬‬

‫يقننع مصننادفة وال جزا فننا‪ ،‬و يقننع عبثننا وال سنندى‪ .‬فكننل حركننة حمسننوب حسنناذا ف تصننميم‬
‫هن ننذا الكن ننون؛ ومقن نندر ن ننا علتهن ننا ونتائههن ننا؛ وهن نني ف جمموعهن ننا ‪ -‬ومن ننع جريا ن ننا وفن ننق السن نننن‬
‫والقواني الثابتة التي ال تنخرد وال تتعطل وال حتايب ‪ -‬حتقق احلكمة الكامنة وراءهنا؛ وتكمنل‬
‫"التصميم" النهائي للكون ف جمموعة !‬

‫إن التصور اإلسالمي يبلغ من الشمول والتوازن ف هنذه الق نية‪ ،‬منا ال يبلغنه أي تصنور آخنر‬
‫ف تاريخ البشنرية ‪..‬‬

‫هنالي ناموس ابت وسنن حتمية‪ ..‬وهنناك وراء النناموس الثابنت والسننن احلتمينة إرادة‬
‫فاعلة ومشيئة طليقة‪ .‬وهناك وراء الناموس والسنن واإلرادة والشيئة حكمة مدبرة جيري كل‬
‫يشء ف نطاقه ننا‪ ..‬والن نناموس ي ننت كم والس نننن ي ننري ف ك ننل يشء ‪ -‬وم ننن بينه ننا اإلنس ننان ‪-‬‬
‫واإلنسان يتعرض ذه السنن ب ركاته اإلرادية الختارة‪ ،‬وبفعله الذي ينشئه حسب تفكريه‬
‫وتدبريه‪ ،‬فتنطبق عليه‪ ،‬وتة ر فيه‪ ..‬ولكن هذا كله يقع موافقا لقدر الل ومشيئته؛ وحيقنق ف‬
‫الوقن ت ذاتننه حكمتننه وتقننديره‪ ..‬وإرادة اإلنسننان وتفكننريه وحركتننه وفاعليتننه هنني جننزء مننن سنننن‬

‫‪162‬‬
‫الل وناموسننه يفعننل ذننا مننا يفعننل‪ ،‬وحيقننق ذننا مننا حيقننق ف نطنناد قنندره وتنندبريه‪ .‬فلننيس يشء منهننا‬
‫خارجننا ع ننىل الس نننن والننناموس‪ .‬وال مق ننابال ننا ومناه ننا لفعله ننا‪ ،‬ك ننم يتصننور ال ننذين ي ننعون‬
‫إرادة الل وقدره ف كفة‪ ،‬وي عون إرادة اإلنسنان وفاعليتنه ف الكفنة القابلنة‪ ..‬كنال‪ .‬لنيس المنر‬
‫هكنذا ف التصننور اإلسننالمي‪ ..‬فاإلنسننان لننيس نندا لل‪ ،‬وال عنندوا لننه كننذلي‪ .‬والل ‪ -‬سننب انه ‪-‬‬
‫ح نني وه ننب اإلنس ننان كينونت ننه وفك ننره وإرادت ننه وتق ننديره وت نندبريه وفاعليت ننه ف الرض‪ ،‬جيع ننل‬
‫اننيئا مننن هننذا كلننه متعارضننا مننع سنننته ‪ -‬سننب انه ‪ -‬ال مناه ننا لشننيئته‪ ،‬وال خارجننا كننذلي عننن‬
‫احلكمننة الخننرية وراء قنندره ف هننذا الكننون الكبننري‪ ..‬ولك ننن جع ننل م ننن س نننته وق نندره أن يق نندر‬
‫اإلنسان ويدبر؛ وأن يت رك وية ر؛ وأن يتعرض لسنة الل فتنطبق عليه؛ وأن يلقى جزاء هذا‬
‫التع ننرض ك ننامال م ننن ل ننذة وأ ‪ ،‬وراح ننة و تع ننب‪ ،‬وس ننعادة وا ننقاوة‪ ..‬وأن يت ق ننق م ننن وراء ه ننذا‬
‫التعرض ونتيهته‪ ،‬قدر الل ال يط بكل يشء‪ ،‬ف تناسق وتوازن ‪..‬‬

‫وهذا الذي وقع ف غزوة أحد‪ ،‬مثل ذا الذي نقوله عن التصور اإلسنالمي الشنامل الكامنل‪.‬‬
‫فقنند عننر الل السننلمي سنننته ورشطننه ف النص ننر وا زيمننة‪ .‬فخننالفوا هننم عننن سنننته ورشط ننه‪،‬‬
‫فتعرضننوا لننأل والقننر الننذي تعرضننوا لننه‪ ..‬ولكننن المننر ينتننه عننند هننذا احلنند‪ ،‬فقنند كننان وراء‬
‫الخالفننة وال حتقيننق قنندر الل ف متيي ننز ال ننةمني م ننن الن ننافقي ف الص ننف‪ ،‬ومت ننيص قل ننوب‬
‫ف التصور‪ ،‬ومن ضعف أو قصور ‪..‬‬ ‫الةمني ويلية ما فيها من غب‬

‫وهذا بدوره خري ينتهي إليه أمر السنلمي ‪ -‬منن وراء ال وال نر ‪ -‬وقند ننالوه وفنق سننة الل‬
‫كذلي‪ .‬فمن سننته أن السنلمي النذين يسنلمون بمننهج الل ويستسنلمون لنه ف عمومنه‪ ،‬يعيننهم‬
‫الل ويرعاهم‪ ،‬وجيعل من أخطائهم وسيلة خلريهم النهائي ‪ -‬ولنو ذاقنوا مغبتهنا منن ال ‪ -‬لن‬
‫هذا ال وسيلة من وسائل التم يص والةبية واإلعداد ‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫وعنىل هنذا الوقنف الصنلب الكشنو تسنةيح أقندام السنلمي وتطمنئن قلنوذم‪ ،‬بنال أرج ننة‬
‫وال قلننق وال حننرية‪ ،‬وهننم يواجهننون قنندر الل‪ ،‬ويتعنناملون مننع سنننته ف احلينناة؛ وهننم حيسننون أن‬
‫الل يصنع ذم ف أ فسهم وفيمن حو م ما يريده‪ ،‬وأ م أداة من أدوات القدر يفعل ذنا الل منا‬
‫يشنناء‪ ،‬وأن خطننأهم وصننواذم ‪ -‬وكننل مننا يلقونننه مننن نتننائج خلطننئهم وصننواذم ‪ -‬متسنناود مننع‬
‫قدر الل وحكمته‪ ،‬وصائر ذم إ اخلري ما داموا ف الطريق ‪:‬‬

‫) وما أصابكم يوم التقى ا معان فبإذن الل‪ ..‬وليعلم الةمني‪ ،‬وليعلم الذين نافقوا‪ ،‬وقيل‬
‫م‪ :‬تعالوا قات لوا ف سبيل الل أو ادفعوا‪ ،‬قالوا‪ :‬لو نعلم قتاال التبعناكم‪ .‬هم للكفنر يومئنذ‬
‫أقرب منهم لإليمن‪ .‬يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوذم‪ .‬والل أعلم بم يكتمون)‪..‬‬

‫وهو يشري ف هنذه ايينة إ موقنف عبند الل بنن أيب بنن سنلول‪ ،‬وانن معنه‪ ،‬ويسنميهم‪" :‬النذين‬
‫نن ننافقوا "‪ ..‬وقن نند كشن ننفهم ا لل ف هن ننذه الوقعن ننة‪ ،‬ومين ننز الصن ننف اإلسن ننالمي من نننهم‪ .‬وقن ننرر حقيقن ننة‬
‫موقفهم يومذاك‪ ( :‬هم للكفر يومئذ أقرب منهم لإليمن)‪ ..‬وهنم غنري صنادقي ف احتهناجهم‬
‫بننأ م يرجعننون ل ننم ال يعلمننون أن هننناك قتنناال سننيكون بنني السننلمي والش ننركي‪ .‬فلننم يكننن‬
‫هذا هو السبب ف حقيقة المر‪ ،‬وإنم هم‪ ( :‬يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوذم)‪ ..‬فقد كان ف‬
‫قلننوذم النفنناد‪ ،‬الننذي ال جيعلهننا خالصننة للعقينندة‪ ،‬وإن ننم جيع ننل أاخاص ننهم واعتباراو ننا ف ننود‬
‫العقين ن ن نندة واعتباراون ن ن ننا ‪ .‬فالن ن ن ننذي ك ن ن ننان بن ن ن ننرأس النف ن ن نناد ‪ -‬عبن ن ن نند الل ب ن ن ننن أيب ‪ -‬أن رس ن ن ننول الل‬
‫☻ يأخ ن ن ن ننذ برأ خم ن ن ن ننه ين ن ن ننوم أح ن ن ن نند‪ .‬وال ن ن ن ننذي ك ن ن ن ننان ب ن ن ن ننه قب ن ن ن ننل ه ن ن ن ننذا أن قدوم ن ن ن ننه‬
‫☻ إ الدينننة بالرسننالة اإل يننة حرمننه مننا كننانوا يعدونننه لننه مننن الرياسننة فننيهم‪،‬‬
‫وجعننل الرياسننة لنندين الل‪ ،‬وحلامننل هننذا النندين ‪ ..‬فهننذا الننذي كننان ف قلننوذم‪ ،‬والننذي جعلهننم‬
‫يرجعننون يننوم أحنند‪ ،‬والش ننركون عننىل أبننواب الدينننة‪ ،‬وجعلهننم يرف ننون االسننتهابة إ السننلم‬

‫‪164‬‬
‫الصادد عبد الل بن عمرو بن حرام‪ ،‬وهو يقول م‪ ( :‬تعنالوا قناتلوا ف سنبيل الل أو ادفعنوا )‬
‫هم الل به ف هذه ايية‪:‬‬ ‫حمتهي بأ م ال يعلمون أن هناك قتاال وهذا ما ف‬

‫) والل أعلم بم يكتمون)‪..‬‬

‫م مىض يكشف بقية موقفهم ف حماولة خلخلة الصفو والنفوس ‪:‬‬

‫) الذين قالوا إلخوا م ‪ -‬وقعدوا ‪ -‬لو أطاعونا ما قتلوا )‪..‬‬

‫فهم يكتفوا بالتخلف ‪ -‬والعركة عىل البواب ‪ -‬وما حيد نه هنذا التخلنف منن رجنة وزلزلنة‬
‫ف الصنفو والنفننوس‪ ،‬وبخاصننة أن عبنند الل بننن أيب‪ ،‬كنان مننا يننزال سننيدا ف قومننه‪ ،‬و يكشننف‬
‫ننم نفاق ننه بع نند‪ ،‬و يدمغ ننه الل ذ ننذا الوص ننف ال ننذي هي ننز مقام ننه ف نف ننوس الس نلمي م نننهم‪ .‬ب ننل‬
‫راحوا يثريون الزلزلة واحلاة ف قلوب أهل الشهداء وأص اذم بعد العركة‪ ،‬وهم يقولون‪:‬‬

‫) لو أطاعونا ما قتلوا )‪..‬‬

‫فيهعلننون مننن لفه ننم حكمننة ومصننل ة‪ ،‬وجيعل ننون مننن طاعننة الرس ننول ☻‬
‫واتباعننه مغرمننا وم ننرة‪ .‬وأكثننر مننن هننذا كلننه يفسنندون التصننور اإلسننالمي الناصننع لقنندر الل‪،‬‬
‫وحلتميننة الجننل‪ ،‬وحلقيقننة الننوت واحلينناة‪ ،‬وتعلقهننم بقنندر الل وحننده‪ ..‬ومننن ننم يبننادرهم بننالرد‬
‫احلاسم الناصنع‪ ،‬النذي ينرد كيندهم منن ناحينة‪ ،‬ويصن ح التصنور اإلسنالمي وجيلنو عننه الغنب‬
‫من ناحية ‪:‬‬

‫) قل‪ :‬فادر وا عن أ فسكم الوت إن كنتم صادقي)‪..‬‬

‫‪165‬‬
‫فالوت يصيب الهاهد والقاعد‪ ،‬والشه اع وا بان‪ .‬وال يرده حرص وال حنذر‪ .‬وال يةجلنه‬
‫جنبن وال قعنود‪ ..‬والوا قنع هنو الربهنان النذي ال يقبننل النراء‪ ..‬وهنذا الوقناع هنو النذي جينبههم بننه‬
‫القننرآن الكننريم‪ ،‬فننريد كينندهم اللئننيم‪ ،‬ويقننر احلننق ف نصننابه‪ ،‬ويثبننت قلننوب السننلمي‪ .‬ويسننكب‬
‫عليها الطمأ ينة والراحة واليقي ‪..‬‬

‫وا ننا يلف ننت النظ ننر ف االس ننتعراض الق ننرآين لح نندا العرك ننة‪ ،‬ت ننأخريه ذك ننر ه ننذا احل نناد ‪-‬‬
‫حن نناد نكن ننول عبن نند الل ابن ننن أيب ومن ننن معن ننه عن ننن العركن ننة ‪ -‬وقن نند وقن ننع ف أول أحن نندا ها وقبن ننل‬
‫ابتدائها‪ ..‬تأخريه إ هذا الوضع من السياد ‪..‬‬

‫وه ننذا الت ننأخري حيم ننل س ننمة م ننن س ننمت م نننهج الةبي ننة القرآني ننة‪ ..‬فق نند آخ ننره حت ننى يق ننرر جل ننة‬
‫القوا عن نند الساسن ننية للتصن ننور اإلسن ننالمي التن نني قررهن ننا؛ وحتن ننى يقن ننر ف الخن ننالد جلن ننة الشن نناعر‬
‫الص ي ة التي أقرها؛ وحتى ي ع تلي النوازين الصنادقة للقنيم التني وضنعها‪ ..‬نم يشنري هنذه‬
‫اإلاارة إ "الذين نافقوا "‪ .‬وفعلتهم وترصفهم بعدها‪ ،‬وقد ويأت النفوس إلدراك ما ف هذه‬
‫ع ننن التص ننور الص ن يح‪ ،‬وع ننن الق ننيم الص ن ي ة ف‬ ‫ا لفعلننة وم ننا ف ه ننذا التص ننر م ننن ان ننرا‬
‫اليننزان الصن يح‪ ..‬وهكننذا ينبغنني أن تنشننأ التصننورات والقننيم اإليمنيننة ف النننفس السننلمة‪ ،‬وأن‬
‫توض ننع ننا ال ننوازين الصن ن ي ة الت نني تع ننود إليه ننا الختب ننار التص ننورات والق ننيم‪ ،‬ووزن الع ننمل‬
‫والا ننخاص‪ ،‬ننم تع ننرض عليه ننا الع ننمل والا ننخاص ‪-‬بع نند ذل نني ‪ -‬ف ننت كم عليه ننا احلك ننم‬
‫الستنري الص يح‪ ،‬بذلي احلس اإليمين الص يح‪..‬‬

‫ولعننل هنالنني لفتننة أخننرى مننن لفتننات النننهج الفرينند‪ .‬فعبنند الل بننن أيب كننان إ ذلنني احلنني مننا‬
‫يزال عظنيم ف قومنه ‪ -‬كنم أسنلفنا ‪ -‬وقند ورم أ فنه لن النبني ☻ يأخنذ برأ خمنه‬
‫‪ -‬لن إقنرار مبنندأ الشنورى وإنفنناذه اقت ن ىض الخنذ بننالرأي ايخنر الننذي بنندا رج نان االينناه إليننه‬

‫‪166‬‬
‫ف ا معة ‪ -‬وقد أحد ترص هذا النافق الكبري رجة ف الصف السلم‪ ،‬وبلبلنة ف الفكنار‪،‬‬
‫كننم أحنند ت أقاويلننه بعنند ذلنني عننن القننتىل حس ننرات ف القلننوب وبلبلننة ف اخلننواطر‪ ..‬فكننان مننن‬
‫حكم ن ننة ال ن ن نهج إظه ن ننار االس ن ننتهانة ب ن ننه وبفعلت ن ننه وبقول ن ننه؛ وع ن نندم تص ن نندير االس ن ننتعراض الق ن ننرآين‬
‫لح نندا الغ ننزوة ب ننذلي احل نناد ال ننذي وق ننع ف أو ننا؛ وت ننأخريه إ ه ننذا الوض ننع الت ننأخر م ننن‬
‫السننياد‪ .‬مننع وصننف الفئننة التنني قامننت بننه بوصننفها الص ن يح‪ " :‬الننذين نننافقوا " والتعهيننب مننن‬
‫أم ننرهم ف ه ننذه الص ننيغة الهمل ننة‪( :‬أ ت ننر إ ال ننذين ن ننافقوا ؟)‪ ،‬وع نندم إب ننراز اس ننم كب ننريهم أو‬
‫اخصه‪ ،‬ليبقى نكره ف‪ " :‬النذين ننافقوا " كنم يسنت ق منن يفعنل فعلتنه‪ ،‬وكنم تسناوي حقيقتنه ف‬
‫ميزان اإليمن‪ ..‬ميزان اإليمن الذي أقامه فيم سبق من السياد‪..‬‬

‫***‬

‫‪167‬‬
‫‪ ‬الدرس التاسع‪ :‬الشهادة يف سبيل اهلل ‪‬‬

‫وبعد أن تسة يح القلوب‪ ،‬وتستقر ال مئر عىل حقيقة السنن ا ارية ف الكون‪ ،‬وعىل حقيقنة‬
‫قدر الل ف المور‪ ،‬وعىل حقيقة حكمة الل منن وراء التقندير والتندبري‪ ..‬نم عنىل حقيقنة الجنل‬
‫الكتننوب‪ ،‬والننوت القنندور‪ ،‬الننذي ال يةجلننه قعننود‪ ،‬وال يقدمننه خننرو ‪ ،‬وال يمنعننه حننرص وال‬
‫حذر وال تدبري ‪..‬‬

‫بع ن ند ذلن نني يم ن نني السن ننياد ف بين ننان حقيق ن ننة أخن ننرى‪ ..‬حقيقن ننة ض ن ننخمة ف ذاون ننا وض ن ننخمة ف‬
‫آ ارها‪ ..‬حقيقة أن الذين قتلوا ف سبيل الل ليسوا أمواتا بل أحياء‪ .‬أحياء عند رذم يرزقنون؛‬
‫ينقطعننوا عننن حينناة ا معننة السننلمة مننن بعنندهم وال عننن أحنندا ها‪ ،‬فهننم متننأ رون ذننا‪ ،‬مننة رون‬
‫فيها‪ ،‬والتأ ري والتأ ر أهم خصائص احلياة ‪.‬‬

‫ويربط بي حياة الشهداء ف معركة أحد وبي الحدا التي تلت استشنهادهم بربناي حمكنم‪،‬‬
‫ننم ينتقننل إ تصننوير موقننف العصننبة الةمنننة‪ ،‬التنني اسننتهابت لل والرسننول بعنند كننل مننا أصنناذا‬
‫عننىل الدين نة‪ ،‬و تبننال‬ ‫مننن القننر ‪ ،‬وخرجننت تتعقننب قريشننا بعنند ذهاذننا خوفننا مننن كننرة قننري‬
‫وي ننف الن نناس بهم ننوع ق ننري ‪ ،‬متوكل ننة ع ننىل الل وح ننده‪ ،‬حمقق ننة ذ ننذا الوق ننف معن ننى اإلين ننمن‬
‫وحقيقته ‪:‬‬

‫) وال حتسبن الذين قتلوا ف سبيل الل أمواتا‪ ،‬بل أحياء عند رذم يرزقون‪ .‬فرحي بم آتاهم الل‬
‫من ف له‪ ،‬ويستبشنرون بالذين يل قوا ذم من خلفهم‪ :‬أال خو عليهم وال هم حيزنون‪.‬‬
‫يستبش ن ن رون بنعم ننة م ننن الل وف ننل‪ ،‬وأن الل ال ي ننيع أج ننر ال ننةمني‪ .‬ال ننذين اس ننتهابوا لل‬

‫‪168‬‬
‫والرسول‪ ،‬من بعد ما أصاذم القر ‪ ،‬للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم‪ .‬الذين قال م‬
‫الناس‪ :‬إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم‪ ،‬فزادهم إيمنا‪ ،‬وقالوا‪ :‬حسبنا الل ونعم الوكيل‪،‬‬
‫فانقلبوا بنعمة من الل وف ل يمسسهم سوء‪ ،‬واتبعوا رضوان الل‪ ،‬والل ذو ف ل عظيم‪..‬‬
‫إنم ذلكم الشيطان او أولياءه‪ ،‬فال افوهم وخافون إن كنتم مةمني(‪..‬‬

‫لقند اناء الل بعند أن جنال ف قلنوب النةمني حقيقنة القندر والجنل‪ ،‬وحتندى منا يبثنه النننافقون‬
‫من اكوك وبلبلة وحناات بقنو م عنن القنتىل‪( :‬لنو أطاعوننا منا قتلنوا) فقنال يت نداهم‪( :‬قنل‬
‫فادر وا عن أ فسكم الوت إن كنتم صادقي)‪..‬‬

‫انناء الل بعنند أن أرا القلننوب الةمنننة عننىل صنندر هننذه احلقيقننة الثابتننة‪ ..‬أن يزينند هننذه القلننوب‬
‫طمأ ينننة وراحننة‪ .‬فكشننف ننا عننن مصننري الشننهداء‪ :‬الننذين قتلننوا ف سننبيل الل ‪ -‬ولننيس هنالنني‬
‫اهداء إال الذين يقتلون ف سبيل الل خالصة قلوذم ذا العنى‪ ،‬جمردة من كنل مالبسنة أخنرى‬
‫‪ -‬فننإذا هننةالء الشننهداء أحينناء‪ ،‬ننم كننل خصننائص الحينناء‪ .‬فهننم "يرزق ننون" عننند رذننم‪ .‬وهننم‬
‫فرحننون بننم آتنناهم الل مننن ف ننله‪ .‬وهننم يسن ن تبرشون بمصننائر مننن وراءهننم مننن الننةمني‪ .‬وهننم‬
‫حيفل ننون الح نندا الت نني مت ننر بم ننن خلفه ننم م ننن إخ ننوا م‪ ..‬فه ننذه خص ننائص الحي نناء‪ :‬م ننن مت نناع‬
‫واستبشننار واهننتمم وتننأ ر وتننأ ري‪ .‬فننم احلس ن ن رة عننىل فننراقهم ؟ وهننم أحينناء موصننولون بالحي نناء‬
‫وبالحدا ‪ ،‬فود منا ننا م منن ف نل الل‪ ،‬وفنود منا لقنوا عننده منن النرزد والكاننة ؟ ومنا هنذه‬
‫الفوا صننل التنني يق يمهننا الننناس ف تصننوراوم بنني الشننهيد احلنني ومننن خلفننه مننن إخوا نننه ؟ والتنني‬
‫يقيمو ننا بنني عننا احلينناة وعننا مننا بعنند احلينناة ؟ وال فوا صننل وال حننواجز بالقينناس إ الننةمني‪،‬‬
‫الذين يتعاملون هنا وهناك مع الل‪ ..‬؟‬

‫‪169‬‬
‫إن ج ننالء ه ننذه احلقيق ننة الكب ننرية ذو قيم ننة ض ننخمة ف تص ننور الم ننور‪ .‬إ ننا تع نندل ‪ -‬ب ننل تنش ننىء‬
‫إنشن نناء ‪ -‬تصن ننور السن ننلم لل ركن ننة الكونين ننة التن نني تتنن ننوع معهن ننا صن ننور احلين نناة وأوضن نناعها‪ ،‬وهن نني‬
‫موصننولة ال تنقطننع؛ فلننيس الننوت خامتننة الطننا ؛ بننل لننيس حنناجزا بنني مننا قبلننه ومننا بعننده عننىل‬
‫اإلطالد !‬

‫إ ن ننا نظن ننرة جدين نندة ن ننذا المن ننر‪ ،‬ذات آ ن ننار ضن ننخمة ف مشن نناعر الن ننةمني‪ ،‬واسن ننتقبا م لل ين نناة‬
‫والوت‪ ،‬وتصورهم لا هنا وما هناك ‪.‬‬

‫) وال حتسبن الذين قتلوا ف سبيل الل أمواتا بل أحياء عند رذم يرزقون (‪..‬‬

‫وايينة نننص ف النهنني عننن حسنبان أن الننذين قتلننوا ف سننبيل الل‪ ،‬وفنارقوا هننذه احلينناة‪ ،‬وبعنندوا‬
‫عنن أعني الننناس‪ ..‬أمنوات‪ ..‬وننص كننذلي ف إ بنات أ نم "أحينناء"‪" ..‬عنند رذننم"‪ .‬نم ينيل هننذا‬
‫النهي وهذا اإل بات‪ ،‬وصف ما م من خصائص احلياة‪ .‬فهم "يرزقون"‪..‬‬

‫ومع أ نا ن نن ‪ -‬ف هنذه الفانينة ‪ -‬ال نعنر ننوع احليناة التني حيياهنا الشنهداء‪ ،‬إال منا يبلغننا منن‬
‫وصفها ف الحاديث الص ا ‪ ..‬إال أن هذا النص الصادد منن العلنيم اخلبنري كفينل وحنده بنأن‬
‫يغ ن ري مفاهيمنننا للمننوت واحلينناة‪ ،‬ومننا بينننهم مننن انفصننال والتئننام‪ .‬وكفيننل وحننده بننأن يعلمنننا أن‬
‫الم ننور ف حقيقته ننا ليس ننت ك ننم ه نني ف ظواهره ننا الت نني ن نندركها؛ وإنن ننا ح نني ننش ننىء مفاهيمن ننا‬
‫لل قائق الطلقنة باالسنتناد إ الظنواهر التني نندركها‪ .‬ال ننتهني إ إدراك حقيقني نا؛ وأ نه أو‬
‫لنا أن ننتظر البيان ف اأ ا ان يملي البيان سب انه وتعا ‪.‬‬

‫فهنةالء نناس مننا‪ ،‬يقتلنون‪ ،‬وتفننارقهم احليناة التني نعنر ظواهرهننا‪ ،‬ويفنارقون احليناة كنم تبنندو‬
‫لنا من ظاهرها‪ .‬ولكن ل م‪" :‬قتلوا ف سبيل الل"؛ ويردوا له من كل العراض والغراض‬

‫‪170‬‬
‫ا زئية الصغرية؛ واتصلت أرواحهم بالل‪ ،‬فهنادوا بنأرواحهم ف سنبيله‪ ..‬ل نم قتلنوا كنذلي‪،‬‬
‫فنإن الل ‪ -‬سننب انه ‪ -‬اربننا ف اخلننرب الصننادد‪ ،‬أ نم ليسننوا أموا تننا‪ .‬وينهاننا أن ن سننبهم كننذلي‪،‬‬
‫ويةك نند لن ننا أ ننم أحي نناء عن ننده‪ ،‬وأ ننم يرزق ننون‪ .‬فيتلق ننون رزق ننه ننم اس ننتقبال الحي نناء‪ ..‬واربن ننا‬
‫كذلي بم م من خصائص احلياة الخرى ‪:‬‬

‫) فرحي بم آتاهم الل من ف له(‪..‬‬

‫فهننم يسننتقبلون رزد الل بننالفر ؛ ل ننم ينندركون أ ننه "مننن ف ننله" علننيهم‪ .‬فهننو دليننل رضنناه‬
‫وهم قد قتلوا ف سبيل الل‪ .‬فأي يشء يفرحهم إذن أكثر من رزقه الذي يتمثل فيه رضاه ؟‬

‫م هم مشغولون بمن وراءهم من إخنوا م؛ وهنم مس نتبرشون نم؛ لنا علمنوه منن رىض الل‬
‫عن الةمني الهاهدين ‪:‬‬

‫)ويستبشن رون بالذين يل قوا ذم من خلفهم أال خو عليهم وال هم حيزنون‪ .‬يستبرشون‬
‫بنعمة من الل وف ل‪ ،‬وأن الل ال ي يع أجر الةمني)‪.‬‬

‫إ م ينفصلوا من إخوا م (الذين يل قوا ذم من خلفهم) و تنقطع ذم صالوم‪ .‬إ م‬


‫"أحينناء" كننذلي معهننم‪ ،‬مستبشن ن رون بننم ننم ف النندنيا وايخننرة‪ .‬موضننع استبشننارهم ننم‪" :‬أال‬
‫خننو علننيهم وال هننم حيزنننون"‪ ..‬وقنند عرفننوا هننذا واسننتيقنوه مننن حينناوم "عننند رذننم" ومننن‬
‫تلق ننيهم ل ننا يفي ن ننه عل ننيهم من ننن نعم ننة وف ن ننل‪ ،‬وم ننن يقي نننهم بن ننأن ه ننذا ان ننأن الل م ننع ال ننةمني‬
‫الصادقي‪ .‬وأ ه ال ي يع أجر الةمني ‪..‬‬

‫فم الذي يبقى من خصائص احلياة غري مت قق للشنهداء ‪ -‬النذين قتلنوا ف سنبيل الل ؟ ‪ -‬ومنا‬
‫الننذي يفصننلهم عننن إخننوا م الننذين يل قننوا ذننم مننن خلفهننم ؟ ومننا الننذي جيعننل هننذه النقلننة‬

‫‪171‬‬
‫موضع حاة وفقدان ووحشنة ف نفنس النذين يل قنوا ذنم منن خلفهنم؛ وهني أو أن تكنون‬
‫موضن ننع غبطن ننة ورىض وأ ن ننس‪ ،‬عن ننن هن ننذه الرحلن ننة إ جن ننوار الل‪ ،‬من ننع هن ننذا االتصن ننال بالحين نناء‬
‫واحلياة !‬

‫إ ا تعديل كامل لفهوم الوت ‪ -‬متى كان ف سنبيل الل ‪ -‬وللمشناعر الصناحبة لنه ف نفنوس‬
‫الهاهدين أ فسهم‪ ،‬وف النفوس التي الفو نا منن ورائهنم‪ .‬وإفسنا لهنال احليناة ومشناعرها‬
‫وصو رها‪ ،‬ب يث تتهاوز نطاد هذه العاجلة‪ ،‬كم تتهاوز مظاهر احليناة الزائلنة‪ .‬وحينث تسنتقر‬
‫‪ ،‬ال تعةضننه احلننواجز التنني تقننوم ف أذهاننننا وتصننوراتنا عننن هننذه النقلننة‬ ‫ف جمننال فسننيح عننري‬
‫من صورة إ صورة‪ ،‬ومن حياة إ حياة !‬

‫ووفقننا ننذا الفه ننوم ا دي نند ال ننذي أقامت ننه ه ننذه ايي ننة ونظائره ننا م ننن الق ننرآن الك ننريم ف قل ننوب‬
‫السننلمي‪ ،‬سننارت خطننى الهاهنندين الكننرام ف طلننب الشننهادة ‪ -‬ف سننبيل الل ‪ -‬وكانننت منهننا‬
‫تلي النمذ التي ذكرنا بع ها ف مقدمات احلديث عن هذه الغزوة‪ .‬فريجع إليها هناك ‪.‬‬

‫وبعند تقريننر هننذه احلقيقنة الكبننرية يت نند عننن "الننةمني" النذين يستب نرش الشننهداء ف الوقعننة‬
‫بم هو مدخر م عند رذم‪ ،‬فيعي من هم؛ وحيدد خصائصهم وصفاوم وقصتهم مع رذم ‪:‬‬

‫) الذين استهابوا لل والرسول من بعد ما أصاذم القر للذين أحسنوا منهم واتقوا أجنر‬
‫عظيم‪ .‬الذين قال م الناس‪ :‬إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم‪ ،‬فزادهم إيمنا‪ .‬وقالوا‪ :‬حسبنا‬
‫الل ونعم الوكيل‪ .‬فانقلبوا بنعمة من الل وف ل يمسسهم سوء‪ ،‬واتبعوا رضوان الل والل ذو‬
‫ف ل عظيم)‪..‬‬

‫‪172‬‬
‫إ ننم أوئلنني ال ننذين دعنناهم الرس ننول ☻ إ اخلننرو معننه ك ننرة أخننرى غ ننداة‬
‫العركة الريرة‪ .‬وهم مثخنون با را ‪ .‬وهم ناجون بشق ال فس من النوت أمنس ف العركنة‪.‬‬
‫وهم ين سنوا بعند هنول الدعكنة‪ ،‬ومنرارة ا زيمنة‪ ،‬واندة الكنرب‪ .‬وقند فقندوا منن أعنزائهم منن‬
‫فقدوا‪ ،‬فقل عددهم‪ ،‬فود ما هم مثخنون با را !‬

‫ولكن رسول الل ☻ دعاهم‪ .‬ودعاهم وحدهم‪ .‬و ينأذن لحند لنف عنن‬
‫الغ ننزوة أن ا ننر معه ننم ‪ -‬ليق ننوهيم ويكث ننر ع ننددهم ك ننم ك ننان يمك ننن أن يق ننال ‪ -‬فاس ننتهابوا‪..‬‬
‫اسنتهابوا لندعوة الرسنول ☻ وهنني دعنوة الل ‪ -‬كنم يقننرر السنياد وكنم هنني ف‬
‫حقيقتهنا وف مفهننومهم كننذلي ‪ -‬فاسنتهابوا ذننذا لل والرسننول (مننن بعنند مننا أصنناذم القننر )‪،‬‬
‫‪ ،‬وأ خنتهم ا را ‪.‬‬ ‫ونزل ذم ال‬

‫لق نند دع نناهم رس ننول الل ☻ ودع نناهم وح نندهم‪ .‬وكان ننت ه ننذه ال نندعوة وم ننا‬
‫تالها من استهابة حتمل إحياءات اتى‪ ،‬وتومىء إ حقائق كربى‪ ،‬نشري إ يشء منها ‪:‬‬

‫فلعننل رسننول الل ☻ انناء أال يكننون آخننر مننا تن ننم عليننه جننوانح السننلمي‬
‫ومشنناعرهم‪ ،‬هننو اننعور ا زيمننة‪ ،‬وآالم الننرب والقننر ؛ فاستنه ننهم لتابعننة قننري ‪ ،‬وتعقبهننا‪،‬‬
‫كنني يقننر ف أخالدهننم إ ننا يربننة وابننتالء‪ ،‬وليسننت ايننة الط ن ا ‪ .‬وأ ننم بعنند ذلنني أقوينناء‪ ،‬وأن‬
‫خصنومهم النتص نرين ضنعفاء‪ ،‬إننم هني واحندة ومت ن يض‪ ،‬و نم الكنرة علنيهم‪ ،‬متنى نف نوا عنننهم‬
‫ال عف والفشل‪ ،‬واستهابوا لدعوة الل والرسول ‪.‬‬

‫ولعل رسول الل ☻ اناء ف ا اننب ايخنر أال مت نيض قنري ‪ ،‬وف جوان هنا‬
‫وا العركننة أمننس؛‬ ‫بالبقيننة اننن ح ن‬ ‫ومشنناعرها أخيلننة النص ننر ومذاقاتننه‪ .‬فم نى خلننف قننري‬
‫يشعر قريشا أ ا تنل من السلمي مناال‪ .‬وأ ه بقي ا منهم من يتعقبها ويكر عليها ‪..‬‬

‫‪173‬‬
‫وقد حتققت هذه وتلي كم ذكرت روايات السرية ‪.‬‬

‫ولع ننل رس ننول الل ☻ ا نناء أن يش ننعر الس ننلمي‪ ،‬وأن يش ننعر ال نندنيا كله ننا م ننن‬
‫ورائهم‪ ،‬بقيام هذه احلقيقة ا ديندة التني وجندت ف هنذه الرض‪ ..‬حقيقنة أن هنناك عقيندة هني‬
‫ك ننل يشء ف نف ننوس أص ن ن اذا‪ .‬ل ننيس ننم م ننن أرب ف ال نندنيا غريه ننا‪ ،‬ول ننيس ننم م ننن غاي ننة ف‬
‫حياوم سواها‪ .‬عقيدة يعيشون ا وحدها‪ ،‬فال يبقى نم ف أ فسنهم يشء بعندها‪ ،‬وال يسنتبقون‬
‫هم ل فسهم بقية ف أ فسهم ال يبذلو ا ا‪ ،‬وال يقدمو ا فداها ‪..‬‬

‫لقند كننان هننذا أمننرا جديندا ف هننذه الرض ف ذلنني احلنني‪ .‬و يكنن بنند أن تشننعر الرض كلهننا‬
‫‪ -‬بعد أن يشعر الةمني ‪ -‬بقيام هذا المر ا ديد‪ ،‬وبوجود هذه احلقيقة الكبرية ‪.‬‬

‫و يك ننن أق ننوى ف التعب ننري ع ننن م ننيالد ه ننذه احلقيق ننة م ننن خ ننرو ه ننةالء ال ننذين اس ننتهابوا لل‬
‫والرسننول مننن بعنند مننا أصنناذم القننر ‪ .‬ومننن خننروجهم ذننذه الصننورة الناصننعة الرائعننة ا ائلننة‪:‬‬
‫نم ‪-‬‬ ‫صورة التوكل عىل الل وحده وعدم الباالة بمقالة النناس و نويفهم نم منن جنع قنري‬
‫وهو ما ال بد أن يفعلوا ‪:-‬‬ ‫كم أبلغهم رسل أيب سفيان ‪ -‬وكم هول النافقون ف أمر قري‬

‫)الذين قال م الناس‪ :‬إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمنا وقالوا‪ :‬حسبنا الل‬
‫ونعم الوكيل(‪..‬‬

‫ه نذه الصننورة الرائعننة ا ائل ننة كانننت إ عالنننا قوي ننا عننن مننيالد هننذه احلقيق ننة الكبننرية‪ .‬وكننان ه ننذا‬
‫ما تشري إليه اخلطة النبوية احلكيمة ‪..‬‬ ‫بع‬

‫روايات السرية عن صورة من ذلي القر ومن تلي االستهابة ‪:‬‬ ‫وحتد نا بع‬

‫‪174‬‬
‫قننال حممنند بننن إس ن اد‪ :‬حنند ني عبنند الل بننن خارجننة بننن زينند بننن ابننت عننن أيب السننائب مننو‬
‫عائشة بنت عثمن أن رجال من أص اب رسول الل ☻ منن بنني عبند الانهل‬
‫كننان قنند اننهد أحنندا قننال‪ :‬اننهدنا أحنندا مننع رسننول الل ☻ أ ننا وأخنني‪ ،‬فرجعنننا‬
‫جرحيي‪ .‬فلم أذن مةذن رسول الل ☻ باخلرو ف طلب العندو‪ ،‬قلنت لخني‬
‫‪ -‬أو ق ن ننال يل ‪ -‬أافوتن ن ننا غ ن ننزوة م ن ننع رسن ننول الل ☻؟ ‪ -‬والل م ن ننا لن ن ننا م ن ننن داب ن ننة‬
‫نركبه ننا‪ ،‬وم ننا من ننا إال ج ننريح قي ننل‪ .‬فخرجن ننا م ننع رس ننول الل ☻ وكن ننت أخمس ن نر‬
‫جراحا منه‪ ،‬فكان إذا غلب رلته عقبة‪ ..‬حتى انتهيا إ ما انتهى إليه السلمون ‪.‬‬

‫وقال حممد بن إس اد‪ :‬كان يوم أحد يوم السنبت النصنف منن انوال‪ ،‬فلنم كنان الغند منن ينوم‬
‫الحن نند لسن ننت عشن ن ن رة ليلن ننة م ن ننت من ننن ا ننوال‪ ،‬أذن من ننةذن رسن ننول الل ☻ ف‬
‫الناس بطلب العدو‪ ،‬وأذن مةذنه أن ال ارجن معننا أحند إال منن ح نر يومننا بنالمس‪ .‬فكلمنه‬
‫جنابر بنن عبنند الل بنن عمننرو بنن حننرام‪ .‬فقنال‪ :‬ين ا رسننول الل إن أيب كنان خلفننني عنىل أخننوات يل‬
‫سننبع‪ .‬وقننال‪ :‬يننا بننني إنننه ال ينبغنني يل وال لنني أن نننةك هننةالء النسننوة وال رجننل فننيهن‪ .‬ولسننت‬
‫بالننذي أو ننرك با هنناد مننع رسننول الل ☻ عننىل نفس ني‪ .‬فتخلننف عننىل أخوتنني‪.‬‬
‫فتخلفت عليهن‪ ..‬فأذن له رسول الل ☻ فخر معه ‪..‬‬

‫وهكننذا تت ننافر مث ننل هننذه ال ص ننور الرفيعننة ع ننىل إعننالن م ننيالد تلنني احلقيق ننة الكبننرية‪ ،‬ف تل نني‬
‫النفننوس الكبننرية‪ .‬النفننوس التنني ال تعننر إال الل وكننيال‪ ،‬وتننرىض بننه وحننده وتكتفنني‪ ،‬وتننزداد‬
‫إيمنا به ف ساعة الشدة‪ ،‬وتقول ف مواجهة ويف الناس م بالناس ‪:‬‬

‫) حسبنا الل‪ ،‬ونعم الوكيل)‪..‬‬

‫م تكون العاقبة كم هو ال نتظر من وعد الل للمتوكلي عليه‪ ،‬الكتفي به‪ ،‬التهردين له ‪:‬‬

‫‪175‬‬
‫) فانقلبوا بنعمة من الل وف ل يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الل)‪.‬‬

‫فأصابوا النهاة ‪ -‬يمسسهم سوء ‪ -‬ونالوا رضوان الل‪ .‬وعادوا بالنهاة والرىض ‪.‬‬

‫) بنعمة من الل وف ل)‪..‬‬

‫فهنن ننا ين ننردهم إ السن ننبب الول ف العطن نناء‪ :‬نعمن ننة الل وف ن ننله عن ننىل من ننن يشن نناء‪ .‬ومن ننع التنوين ننه‬
‫بموقفهم الرائع‪ ،‬فإنه يرد المر إ نعمة الل وف له‪ ،‬لن هذا هنو الصنل الكبنري‪ ،‬النذي يرجنع‬
‫إليه كل ف ل‪ ،‬وما موقفهم ذاك إال طر من هذا الف ل ا زيل !‬

‫)والل ذو ف ل عظيم)‪..‬‬

‫ذ ننذا يس ننهل الل ننم ف كتاب ننه اخلال نند‪ ،‬وف كالم ننه ال ننذي تته نناوب ب ننه جوا ن ننب الك ننون كل ننه‪،‬‬
‫صوروم هذه‪ ،‬وموقفهم هذا‪ ،‬وهي صورة رفيعة‪ ،‬وهو موقف كريم ‪.‬‬

‫وينظنر اإلنسننان ف هنذه الصننورة وف هننذا الوقنف‪ ،‬فنني س كننأن كينان ا معننة كلننه قند تبنندل مننا‬
‫بنني يننوم وليلننة‪ .‬ن ننهت‪ .‬وتناسننقت‪ .‬واطمأ ننت إ الرض التنني تقننف عليهننا‪ .‬وانهننىل الغننب‬
‫عنن تصننورها‪ .‬وأخنذت المننر جنندا كلنه‪ .‬وخلصننت منن تلنني الرج ننة والقلقلنة‪ ،‬التنني حنند ت‬
‫ب ننالمس فق ننط ف التص ننورات والص ننفو ‪ .‬ف ننم كان ننت س ننوى ليل ننة واح نندة ه نني الت نني تف ننرد ب نني‬
‫موقننف ا معننة اليننوم وموقفهننا بننالمس‪ ..‬والفننارد هائننل والسننافة بعينندة‪ ..‬لقنند فعلننت التهربننة‬
‫الرينرة فعلهننا ف النفنوس؛ وقنند ه زونا احلاد ننة هنزا عنيفننا‪ .‬أطنار الغننب ‪ ،‬وأخمقنظ القلننوب‪ ،‬و بننت‬
‫القدام‪ ،‬ومأل النفوس بالعزم والتصميم ‪..‬‬

‫نعم‪ .‬وكان ف ل الل عظيم ف االبتالء الرير ‪..‬‬

‫‪176‬‬
‫وأخريا اتم هذه الفقرة بالكشنف عنن علنة اخلنو والفنزع وا نزع‪ ..‬إننه الشنيطان حيناول أن‬
‫جيعل أولياءه مصدر خو ورعب‪ ،‬وأن ا لع عليهم سمة القوة وا يبنة‪ ..‬ومنن نم ينبغني أن‬
‫يفط ن ننن الةمن ن ننون إ مك ن ننر الش ن ننيطان‪ ،‬وأن يبطل ن ننوا حماولت ن ننه‪ .‬ف ن ننال ا ن ننافوا أولي ن نناءه ه ن ننةالء‪ ،‬وال‬
‫اشوهم‪ .‬بل اافوا الل وحده‪ .‬فهو وحده القوي القاهر القادر‪ ،‬الذي ينبغي أن اا ‪:‬‬

‫) إنم ذلكم الشيطان او أولياءه‪ .‬فال افوهم وخافون إن كنتم مةمني)‪.‬‬

‫إن الشننيطان هننو الننذي ي ننخم مننن اننأن أوليائننه‪ ،‬ويلبسننهم لبنناس القننوة والقنندرة‪ ،‬ويوقننع ف‬
‫القل ننوب أ ننم ذوو ح ننول وط ننول‪ ،‬وأ ننم يملك ننون النف ننع وال ن نر‪ ..‬ذل نني لي ن نقيض ذ ننم لبانات ننه‬
‫وأغراضه‪ ،‬ولي قق ذم الرش ف الرض والفساد‪ ،‬وليخ ع م الرقناب ويطنوع نم القلنوب‪،‬‬
‫فننال يرتفننع ف وج ننوههم صننوت باإلنكننار؛ وال يفك ننر أحنند ف االنتقنناض عل ننيهم‪ ،‬ودفعهننم ع ننن‬
‫الرش والفساد ‪.‬‬

‫الباطنل‪ ،‬وأن يت نخم ال نرش‪ ،‬وأن يتبندى قوينا قنادرا‬ ‫والشيطان صاحب مصل ة ف أن يننتف‬
‫ق ن نناهرا بطاا ن ننا جب ن ننارا‪ ،‬ال تق ن ننف ف وجه ن ننه معارض ن ننة‪ ،‬وال يص ن ننمد ل ن ننه م ن نندافع‪ ،‬وال يغلب ن ننه م ن ننن‬
‫العارضني غالنب‪ ..‬ا لشننيطان صناحب مصنل ة ف أن يبنندو المنر هكنذا‪ .‬فت ننت سنتار اخلننو‬
‫والرهبة‪ ،‬وف ظل اإلرهاب والبط ‪ ،‬يفعل أوليا ه ف الرض ما يقر عينه يقلبون العرو‬
‫منكرا‪ ،‬والنكر معروفا‪ ،‬وينشن رون الفساد والباطل وال الل‪ ،‬وافتون صوت احلق والراد‬
‫والعدل‪ ،‬ويقيمون أ فسهم آ ة ف الرض حتمي الن رش وتقتل اخلري‪ ..‬دون أن جير أحد عىل‬
‫مناه تهم والوقو ف وجههم‪ ،‬ومطاردوم وطردهم من مقام القيادة‪ .‬بل دون أن جير أحد‬
‫عىل تزييف الباطل الذي يروجون له‪ ،‬وجالء احلق الذي يطمسونه ‪..‬‬

‫‪177‬‬
‫والشننيطان منناكر خننادع غننادر‪ ،‬اتفنني وراء أوليائننه‪ ،‬وينشن نر اخلننو منننهم ف صنندور الننذين ال‬
‫حيتنناطون لوسوسننته‪ ..‬وم ننن هنننا يكش ننفه الل‪ ،‬ويوقفننه عاريننا ال يس ننةه ننوب م ننن كيننده ومك ننره‪.‬‬
‫ويعر الةمني احلقيقة‪ :‬حقيقة مكره ووسوسته‪ ،‬ليكونوا منهنا عنىل حنذر‪ .‬فنال يرهبنوا أوليناء‬
‫الشيطان وال اافوهم‪ .‬فهم وهو أضعف من أن اافهم مةمن يركن إ ربه‪ ،‬ويستند إ قوته‪..‬‬
‫‪ .‬هي قوة الل‪ .‬وهني‬ ‫إن القوة الوحيدة التي شى و ا هي القوة التي متلي النفع وال‬
‫القوة التي اشاها الةمنون بالل‪ ،‬وهم حي اشو ا وحدها أقوى القوياء‪ .‬فال تقف م قوة‬
‫ف الرض‪ ..‬ال قوة الشيطان وال قوة أولياء الشيطان ‪:‬‬

‫) فال افوهم‪ .‬وخافون إن كنتم مةمني)‪..‬‬

‫***‬

‫‪178‬‬
‫‪ ‬الدرس العاشر‪ :‬حكمة االبتالء ‪‬‬

‫وأخ ن ننريا يته ن ننه الس ن ننياد ف خت ن ننام االس ن ننتعراض والتعقي ن ننب‪ ،‬إ الرس ن ننول ☻‬
‫يسننليه ويةس ننيه ع ننم يق ننع ف قلب ننه الك ننريم م ننن الس ننى واحل ننزن‪ ،‬م ننن مس ننارعة الكف ننار إ الكف ننر‪،‬‬
‫فننإن هننذا لننن ي نر الل اننيئا‪ .‬وإنننم هنني فتنننة الل ننم‪،‬‬ ‫ونشنناطهم فيننه كننأ م ف سننباد إ هنند‬
‫وقنندر الل ذ ننم‪ ،‬فق نند عل ننم الل مننن أم ننرهم وكف ننرهم م ننا يننةهلهم لل رم ننان ف ايخ ننرة؛ ف ننةكهم‬
‫ايتن ننه وقن نند كن ننان ا ن نندى مبن ننذوال ن ننم‪ ،‬فن ننل روا علين ننه الكفن ننر؛ فةكن ننوا‬ ‫يسن ننارعون ف الكفن ننر إ‬
‫يسننارعون ف الكفننر‪ .‬وأمننيل ننم ليننزدادوا إ ننم مننع اإلمننالء ف الننزمن واإلمننالء ف الرخنناء‪ .‬فهننذا‬
‫اإلمهال واإلمالء إنم هو وبال عليهم وبنالء‪ ..‬وانتم االسنتعراض بكشنف حكمنة الل وتندبريه‬
‫مننن وراء الحنندا كله ننا‪ :‬مننن وراء ابننتالء ال ننةمني وإمهننال الكننافرين‪ .‬إ ننا متييننز اخلبيننث م ننن‬
‫الطيننب‪ ،‬باالختبننار واالبننتالء‪ ،‬فقنند كننان أمننر القلننوب غيبننا اننا يسننتأ ر الل بننه‪ ،‬وال يطلننع الننناس‬
‫عليننه‪ ،‬فشنناء سننب انه أن يكشننف هننذا الغيننب بالصننورة الناسننبة للب نرش‪ ،‬وبالوسننيلة التنني ينندركها‬
‫الب ن رش‪ ..‬فكننان االبننتالء للمننةمني واإلمهننال للكننافرين‪ ،‬ليتكشننف الخبننوء ف القلننوب‪ ،‬ويتميننز‬
‫اخلبيث من الطيب؛ ويتبي الةمنون بالل ورسله عىل وجه القطع واليقي ‪:‬‬

‫) وال حيزني الذين يسارعون ف الكفر‪ ،‬إ م لن ي نروا الل ايئا‪ ،‬يريد الل أال جيعل م حظا‬
‫ف ايخرة‪ ،‬و م عذاب عظيم‪ .‬إن النذين اانةوا الكفنر بناإليمن لنن ي نروا الل انيئا‪ ،‬و نم‬
‫عذاب أفيم‪ .‬وال حيسبن الذين كفروا أ م نميل م خري ل فسهم‪ ،‬إنم نميل م ليزدادوا إ م‪،‬‬
‫و م عذاب مهي‪ .‬ما كان الل ليذر الةمني عىل ما أ تم عليه‪ ،‬حتى يميز اخلبيث من الطيب‪،‬‬

‫‪179‬‬
‫وما كان الل ليطلعكم عىل الغيب‪ ،‬ولكن الل جيتبي من رسله من يشاء‪ ،‬فلمنوا بالل ورسله‪،‬‬
‫وإن تةمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم)‪..‬‬

‫إن هذا اخلتام هو أ سب ختام الستعراض الغنزوة التني أصنيب فيهنا السنلمون هنذه اإلصنابة؛‬
‫والتنني رجننع منهننا الش ننركون بالنصننر والغلبننة‪ ..‬فهننناك دائننم تلنني الشننبهة الكاذبننة التنني حتينني ف‬
‫القلنوب‪ ،‬أمنام العنارك التني تنشنب بني‬ ‫الصدور؛ أو المنية العاتبة التي ومس ف بعن‬ ‫بع‬
‫احلق والباطل‪ .‬م يعود فيها احلق بمثل هذه اإلصابة‪ ،‬ويعود منها الباطل ذا صولة وجولة !‬

‫هن نناك دائ ننم الش ننبهة الكاذب ننة‪ ،‬أو المني ننة العاتب ننة‪ :‬ل نناذا ي ننا رب ؟ ل نناذا يص نناب احل ننق وينه ننو‬
‫الباط ننل؟ ل نناذا يب ننتىل أه ننل احل ننق وينه ننو أه ننل الباط ننل ؟ ول نناذا ال ينتص ن نر احل ننق كل ننم التق ننى م ننع‬
‫الباطل‪ ،‬ويعود بالغلبة والغنيمة ؟ أفيس هو احلق الذي ينبغي أن ينتص نر ؟ وفنيم تكنون للباطنل‬
‫ه ننذه الص ننولة ؟ وف ننيم يع ننود الباط ننل م ننن ص نندامه م ننع احل ننق ذ ننذه النتيه ننة‪ ،‬وفيه ننا فتن ننة للقل ننوب‬
‫وهزة؟ !‬

‫ولقد وقع بالفعل أن قال السلمون يوم أحد ف دهشة واستغراب‪ ":‬أ ى هذا ؟ "‪..‬‬

‫ففي هذا القطع اخلتامي جينيء ا نواب الخنري‪ ،‬والبينان الخنري‪ .‬وينريح الل القلنوب التعبنة‪،‬‬
‫وجيلننو كننل خنناطرة تتدسننس إ القلننوب مننن هننذه الناحيننة‪ ،‬ويبنني سنننته وقنندره وتنندبريه ف المننر‬
‫كله‪ :‬أمس واليوم وغدا‪ .‬وحيثم التقى احلق والباطل ف معركة فانتهت بمثل هذه النهاية ‪:‬‬

‫إن ذهناب الباطنل ناجينا ف معركنة منن العنارك وبقناءه منتفشنا فنةة منن الزمنان‪ ،‬لنيس معنناه أن‬
‫احلق ررا باقيا قاضيا ‪..‬‬ ‫الل تاركه‪ ،‬أو أ ه من القوة ب يث ال يغلب‪ ،‬أو ب يث ي‬

‫‪180‬‬
‫وإن ذهنناب احلننق مبننتىل ف معركننة مننن العننارك‪ ،‬وبقنناءه ضننعيف احلننول فننةة مننن الزمننان‪ ،‬لننيس‬
‫معناه إن الل جمافيه أو ناسيه أو أ ه مةوك للباطل يقتله ويرديه ‪..‬‬

‫اينة الطرينق؛ ولريتكنب‬ ‫كال‪ .‬إنم هي حكمة وتدبري‪ ..‬هنا وهناك‪ ..‬يميل للباطل ليم نني إ‬
‫أبشننع اي ننام‪ ،‬ولي مننل أ قننل الوزار‪ ،‬ولينننال أانند العننذاب باسننت قاد ‪ ..‬ويبننتىل احلننق‪ ،‬ليميننز‬
‫اخلبي ننث م ننن الطي ننب‪ ،‬ويعظ ننم الج ننر ل ننن يم ن نني م ننع االب ننتالء ويثب ننت‪ ..‬فه ننو الكس ننب لل ننق‬
‫واخلسار للباطل‪ ،‬م اعفا هذا وذاك هنا وهناك !‬

‫) وال حيزني الذين يسارعون ف الكفر‪ ،‬إ م لن ي نروا الل ايئا‪ ،‬يريد الل أال جيعل م حظا‬
‫ف ايخرة‪ ،‬و م عذاب عظيم)‪..‬‬

‫النب نني ☻ وي نندفع عن ننه احل ننزن ال ننذي يس نناور خ نناطره؛ وه ننو ي ننرى‬ ‫إن ننه ي ننوا‬
‫الغن ننالي ف الكفن ننر‪ ،‬يسن ننارعون فين ننه‪ ،‬ويم ننون بعنن ننف وانن نندفاع ورسعن ننة‪ ،‬كن ننأ م هنالن نني هن نند‬
‫منصوب م يسارعون إ بلوغه !‬

‫الننناس يننرى مشننتدا ف طريننق الكفننر والباطننل‬ ‫وهننو تعبننري مصننور حلالننة نفسننية واقعيننة‪ .‬فننبع‬
‫والرش والعصية؛ كأ ه جيهد لنيل السبق فينه فهنو يم نني ف عننف وانندفاع وراسنة كنأن هنناك‬
‫من يطارده من اخللف‪ ،‬أو من هيتف له من اإلمام‪ ،‬إ جائزة تنال !‬

‫وكننان احلننزن يسنناور قلننب رسننول الل ☻ حسن نرة عننىل هننةالء العبنناد؛ الننذين‬
‫يننراهم مشننمرين سنناعي إ النننار‪ ،‬وهننو ال يملنني ننم ردا‪ ،‬وهننم ال يسننمعون لننه نننذارة وكننان‬
‫احلننزن يسنناور قلبننه كننذلي لننا يثننريه هننةالء الشننمرون إ النننار السننارعون ف الكفننر‪ ،‬مننن الش نر‬
‫والذى يصنيب ال سننلمي‪ ،‬ويصنيب دعننوة الل‪ ،‬وسننريها بني ا مهننري‪ ،‬التنني كاننت تنتظننر نتننائج‬

‫‪181‬‬
‫واستسنلمت‬ ‫لتختار الصف الذي تن از إليه ف النهاية‪ ..‬فلم أسلمت قنري‬ ‫العركة مع قري‬
‫دخننل الننناس ف ديننن الل أفوا ج ننا‪ ..‬واننا ال انني في ننه أ ننه كننان ننذه االعتبننارات وقعهننا ف قل ننب‬
‫قلبننه‪ ،‬ويمسننح عنننه احلننزن‬ ‫الرسننول الكننريم‪ .‬فيطمننئن الل رسننوله ☻ ويننوا‬
‫الذي يساوره ‪.‬‬

‫وا الل ايئا)‪..‬‬ ‫) وال حيزني الذين يسارعون ف الكفر‪ .‬إ م لن ي‬

‫وهنةالء العبناد الهازينل ال يبلغنون أن ي ن روا الل انيئا‪ .‬والمنر ف هنذا ال حيتنا إ بينان‪ .‬إننم‬
‫يرينند الل سننب انه أن جيعننل ق ننية العقينندة ق ننيته هننو؛ وأن جيعننل العركننة مننع الشننركي معركتننه‬
‫ه ن ن ننو‪ .‬ويرين ن ن نند أن يرف ن ن ننع عن ن ن ننبء ه ن ن ننذه العقين ن ن نندة وعن ن ن ننبء ه ن ن ننذه العركن ن ن ننة ع ن ن ننن عن ن ن نناتق الرس ن ن ننول‬
‫☻ وعنناتق الس ننلمي جل ننة‪ ..‬فال ننذين يسننارعون ف الكف ننر حي نناربون الل‪ ،‬وه ننم‬
‫وا الل ايئا‪ ..‬وهم إذن لن ي نروا دعوتنه‪ .‬ولنن ي نروا رلنة هنذه الندعوة‪.‬‬ ‫أضعف من أن ي‬
‫مهم س ارعوا ف الكفر‪ ،‬ومهم أصابوا أولياء الل بالذى ‪.‬‬

‫إذن لاذا يةكهم الل يذهبون ناجي‪ ،‬وينتفشون غالبي‪ ،‬وهم أعدا ه البارشون ؟‬

‫ل ه يدبر م ما هو أ كى وأخزى !‬

‫) يريد الل أال جيعل م حظا ف ايخرة)‪..‬‬

‫يرينند ننم أن يسننتنفدوا رصننيدهم كلننه؛ وأن حيملننوا وزرهننم كلننه‪ ،‬وأن يسننت قوا عننذاذم كلننه‪،‬‬
‫اية الطريق !‬ ‫وأن يم وا مسارعي ف الكفر إ‬

‫)و م عذاب عظيم)‪..‬‬

‫‪182‬‬
‫ولاذا يريد الل ذم هذه النهاية الفظيعة ؟ ل م است قوها برشائهم الكفر باإليمن ‪.‬‬

‫وا الل ايئا و م عذاب أفيم)‪..‬‬ ‫) إن الذين ااةوا الكفر باإليمن لن ي‬

‫ولقنند كننان اإلين من ف متننناول أخمنندهيم‪ .‬دالئلننه مبثو ننة ف صننف ات الكننون‪ ،‬وف أعننمد الفطننرة‪.‬‬
‫وأمارات ننه قائم ننة ف "تص ننميم" ه ننذا الوج ننود العهي ننب‪ ،‬وف تناس ننقه وتكامل ننه الغري ننب‪ ،‬وقائم ننة‬
‫كننذلي ف "تص ننميم" الفط ننرة الب ننارشة‪ ،‬وياوذ ننا م ننع ه ننذا الوج ننود‪ ،‬وا ننعورها بالي نند الص ننانعة‪،‬‬
‫وبطابع الصننعة البارعنة‪ ..‬نم إن الندعوة إ اإلينمن ‪ -‬بعند هنذا كلنه ‪ -‬قائمنة عنىل لسنان الرسنل‪،‬‬
‫وقائمة ف طبيعة الدعوة ومنا فيهنا منن تلبينة الفطنرة‪ ،‬ومنن جنال التناسنق‪ ،‬ومنن صنالحية لل يناة‬
‫والناس ‪..‬‬

‫أج ننل ك ننان اإلي ننمن مب ننذوال ننم‪ ،‬فب نناعوه واا ننةوا ب ننه الكف ننر‪ ،‬ع ننىل عل ننم وع ننن بين ننة‪ ،‬وم ننن هن ننا‬
‫اسنت قوا أن يننةكهم الل يسنارعون ف الكفننر‪ ،‬ليسننتنفدوا رصنيدهم كلننه‪ ،‬وال يسنتبقوا ننم حظننا‬
‫مننن ننواب ايخ ننرة‪ .‬وم ننن هن ننا ك ننذلي ك ننانوا أض ننعف م ننن أن ي ن نروا الل ا ننيئا‪ .‬فه ننم ف ض نناللة‬
‫كاملة ليس معهم من احلق يشء‪ .‬و ينزل الل بال اللة سلطانا؛ و جيعل ف الباطل قنوة‪ .‬فهنم‬
‫أضننعف مننن أن ي نروا أولينناء الل ودع وتننه‪ ،‬ذننذه القننوة ال ننئيلة ا زيلننة‪ ،‬مهننم انتفشننت‪ ،‬ومهننم‬
‫أوقعت بالةمني من أذى وقتي إ حي !‬

‫)و م عذاب أفيم)‪..‬‬

‫أاد إيالما ‪ -‬بم ال يقاس ‪ -‬اا يملكون إيقاعه بالةمني من ال !‬

‫) وال حيسبن الذين كفروا أ م نميل م خري ل فسهم‪ .‬إنم نميل م ليزدادوا إ م‪ .‬و م عذاب‬
‫مهي)‪..‬‬

‫‪183‬‬
‫الصندور‪ ،‬والشنبهة التني ينول ف‬ ‫وف هذه ايية يصل السنياد إ العقندة التني حتيني ف بعن‬
‫الروا ‪ ،‬وهنني تنرى أعننداء الل وأعننداء احلننق‪،‬‬ ‫بننه بعن‬ ‫القلننوب‪ ،‬والعتنناب الننذي يني‬ ‫بعن‬
‫مةوكي ال يأخذهم العذاب‪ ،‬اتعي ف ظاهر المر‪ ،‬بالقوة والسلطة والال وا اه اا يوقع‬
‫الفتنة ف قلوذم وف قلوب الناس من حو م؛ واا جيعل ضعا اإليمن يظنون بنالل غنري احلنق‬
‫ود والطغيان‪ ،‬فنيميل‬ ‫ظن ا اهلية؛ حيسبون أن الل ‪ -‬حاااه ‪ -‬يرىض عن الباطل والرش وا‬
‫له ويرخي له العنان أو حيسبون أن الل ‪ -‬سب انه ‪ -‬ال يتدخل ف العركنة بني احلنق والباطنل‪،‬‬
‫فينندع للباطننل أن حيطننم احلننق‪ ،‬وال يتنندخل لنص ن رته أو حيسننبون أن هننذا الباطننل حننق‪ ،‬وإال فلننم‬
‫تركننه الل ينمننو ويكننرب ويغلننب ؟ أو حيسننبون أن مننن اننأن الباطننل أن يغلننب عننىل احلننق ف هننذه‬
‫الرض‪ ،‬وأن لننيس مننن اننأن احلننق أن ينتصن ن ر ننم‪ ..‬ينندع البطلنني الظلمننة الطغنناة الفس نندين‪،‬‬
‫يلهنون ف عتنوهم‪ ،‬ويسنارعون ف كفنرهم‪ ،‬ويلهنون ف طغينا م‪ ،‬ويظننون أن المنر قند اسننتقام‬
‫م‪ ،‬وأن ليس هنالي من قوة تقوى عىل الوقو ف وجههم !!!‬

‫وهننذا كلننه وهننم باطننل ‪ ،‬وظننن بننالل غننري احلننق‪ ،‬والمننر لننيس كننذلي‪ .‬وهننا هننو ذا الل سننب انه‬
‫وتع ننا حي ننذر ال ننذين كف ننروا أن يظن ننوا ه ننذا الظ ننن‪ . .‬إن ننه إذا ك ننان الل ال يأخ ننذهم بكف ننرهم ال ننذي‬
‫يسن ننارعون فين ننه‪ ،‬وإذا كن ننان يعطن ننيهم حظن ننا ف الن نندنيا يسن ننتمتعون بن ننه ويلهن ننون فين ننه‪ ..‬إذا كن ننان الل‬
‫يأخذهم ذذا االبتالء‪ ،‬فإنم هي الفتنة؛ وإنم هو الكيد التي‪ ،‬وإنم هو االستدرا البعيد ‪:‬‬

‫) وال حيسبن الذين كفروا أ م نميل م خري ل فسهم‪ ..‬إنم نميل م ليزدادوا إ م)‬

‫ولنو كنانوا يسنت قون أن اننرجهم الل منن غمنرة النعمنة‪ ،‬بنناالبتالء النوقظ‪ ،‬البنتالهم‪ ..‬ولكنننه‬
‫ال يريد ذم خريا‪ ،‬وقد ااةوا الكفنر بناإليمن‪ ،‬وسنارعوا ف الكفنر واجتهندوا فينه فلنم يعنودوا‬
‫يست قون أن يوقظهم الل من هذه الغمرة ‪ -‬غمرة النعمة والسلطان ‪ -‬باالبتالء !‬

‫‪184‬‬
‫)و م عذاب مهي)‪..‬‬

‫واإلهانة هي القابل لا هم فيه من مقام ومكانة ونعمء ‪.‬‬

‫وهكذا يتكشف أن االبتالء من الل نعمة ال تصيب إال من يريد له الل به اخلري‪ .‬فإذا أصابت‬
‫أوليناءه‪ ،‬فنإنم تصنيبهم خلنري يرينده الل نم ‪ -‬ولنو وقنع االبنتالء مةتبنا عنىل تصننرفات هنةالء‬
‫الولياء ‪ -‬فهناك احلكمة الغيبة والتدبري اللطيف‪ ،‬وف ل الل عىل أوليائه الةمني ‪.‬‬

‫وهك ننذا تس ننتقر القل ننوب‪ ،‬وتطم ننئن النف ننوس‪ ،‬وتس ننتقر احلق ننائق الص ننيلة البس ننيطة ف التص ننور‬
‫اإلسالمي الواضح الستقيم ‪.‬‬

‫ولق ن نند ان ن نناءت حكم ن ننة الل وبن ن ننره بن ن ننالةمني‪ ،‬أن يمي ن ننزهم من ن ننن الن ن ن نافقي‪ ،‬الن ن ننذين اندس ن ننوا ف‬
‫الصننفو ‪ ،‬حتننت تننأ ري مالبسننات اننتى‪ ،‬ليسننت مننن حننب اإلسننالم ف يشء‪ .‬فننابتالهم الل هننذا‬
‫االبننتالء ‪ -‬ف أحنند ‪ -‬بسننبب مننن تص ننرفاو م وتصننوراوم‪ ،‬ليميننز اخلبيننث مننن الطيننب‪ ،‬عننن هننذا‬
‫الطريق ‪:‬‬

‫) ما كان الل ليذر الةمني عنىل منا أ نتم علينه حتنى يمينز اخلبينث منن الطينب‪ .‬ومنا كنان الل‬
‫ليطلعكم عىل الغيب‪ .‬ولكن الل جيتبي من رسله من يشاء‪ .‬فلمنوا بالل ورسله‪ .‬وإن تةمنوا‬
‫وتتقوا فلكم أجر عظيم)‪..‬‬

‫ويقطع النص القرآين بأ ه ليس من اأن الل ‪ -‬سب انه ‪ -‬وليس من مقت نى أفوهيتنه‪ ،‬ولنيس‬
‫م ننن فع ننل س نننته‪ ،‬أن ي نندع الص ننف الس ننلم نتلط ننا غ ننري اي ننز؛ يت ننوارى الن ننافقون في ننه وراء دع ننوى‬
‫اإليننمن‪ ،‬ومظهننر اإلسننالم‪ ،‬بينننم قلننوذم خاويننة مننن بشااننة اإليننمن‪ ،‬ومننن رو اإلسننالم‪ .‬فق نند‬
‫أخر الل المة السلمة لتةدي دورا كونيا كبريا‪ ،‬ولت مل منهها إ يا عظنيم‪ ،‬ولتنشنىء ف‬

‫‪185‬‬
‫الرض واقعا فريدا‪ ،‬ونظاما جديدا‪ ..‬وهذا الدور الكبري يقت ني التهنرد والصنفاء والتمينز‬
‫والتمسي‪ ،‬ويقت ني أال يكون ف الصف خلل‪ ،‬وال ف بنائه دخل‪ ..‬وبتعبري نتصنر يقت ني أن‬
‫تكننون طبيعننة هننذه المننة مننن العظمننة ب يننث تسننامي عظمننة النندور الننذي قنندره الل ننا ف ه ننذه‬
‫الرض؛ وتسامي الكانة التي أعدها الل ا ف ايخرة ‪..‬‬

‫وك ننل هن ننذا يقت ن ن ني أن يصن ننهر ال صن ننف ليخن ننر منن ننه اخلبن ننث‪ .‬وأن ي ن ننغط لتتهن نناوى اللبنن ننات‬
‫ال ننعيفة‪ .‬وأن تسننلط عليننه الضننواء لتتكشننف النندخائل وال ننمئر‪ ..‬ومننن ننم كننان اننأن الل ‪-‬‬
‫سنب انه ‪ -‬أن يميننز اخلبيننث مننن الطينب‪ ،‬و يكننن اننأ ه أن يننذر الننةمني عنىل مننا كننانوا عليننه قبننل‬
‫هذه الرجة العظيمة !‬

‫كننذلي مننا كننان مننن اننأن الل ‪ -‬سننب انه ‪ -‬أن يطلننع البش نر عننىل الغيننب‪ ،‬الننذي اسننتأ ر بننه‪ ،‬فهننم‬
‫ليسننوا مهيئنني بطبيعننتهم التنني فطننرهم عليهننا لالطننالع عننىل الغيننب‪ ،‬وجهننازهم البشن نري الننذي‬
‫أعطاه الل م لنيس "مصنمم" عنىل أسناس اسنتقبال هنذا الغينب إال بمقندار‪ .‬وهنو مصنمم هكنذا‬
‫ب كمننة‪ .‬مصننمم لداء وظيفننة اخلالفننة ف الرض‪ .‬وه ني ال حتتننا لالطننالع عننىل الغيننب‪ .‬ول ننو‬
‫فننتح ا هنناز اإلنسنناين عننىل الغيننب لننت طم‪ .‬ل ننه لننيس معنندا السننتقباله إال بالقنندار الننذي يصننل‬
‫روحه بخالقه‪ ،‬ويصل كيانه بكيان هذا الكون‪ .‬وأبسنط منا يقنع لنه حني يعلنم مصنائره كلهنا‪ ،‬أال‬
‫حيننرك ينندا وال رجننال ف عننمرة الرض‪ ،‬أو أن يظننل قلقننا مشننغوال ذننذه الصننائر‪ ،‬ب يننث ال تبقننى‬
‫فيه بقية لعمرة الرض !‬

‫من أجل ذلي يكن من اأن الل سب انه‪ ،‬وال من مقت نى حكمتنه‪ ،‬وال منن جمنرى سننته أن‬
‫يطلع الناس عىل الغيب ‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫إذن كيف يميز الل اخلبينث منن الطينب ؟ وكينف حيقنق انأ ه وسننته ف تطهنري الصنف السنلم‪،‬‬
‫ويريده من الغب ‪ ،‬ومت يص ه من النفاد‪ ،‬وإعنداده للندور الكنوين العظنيم‪ ،‬النذي أخنر المنة‬
‫به ؟‬ ‫السلمة لتنه‬

‫) ولكن الل جيتبي من رسله من يشاء)‪..‬‬

‫وعننن طريننق الرسننالة‪ ،‬وعننن طريننق اإليننمن ذننا أو الكفننر‪ ،‬وعننن طريننق جهنناد الرسننل ف حتقيننق‬
‫مقت ن ى الرسننالة‪ ،‬وعننن طريننق االبننتالء لص ن اذم ف طريننق ا هنناد‪ ..‬عننن طريننق هننذا كلننه يننتم‬
‫اأن الل‪ ،‬وتت قق سنته‪ ،‬ويميز الل اخلبيث من الطيب‪ ،‬ويم ص القلوب‪ ،‬ويطهر النفوس‪..‬‬
‫ويكون من قدر الل ما يكون ‪..‬‬

‫وهكننذا يرفننع السننتار عننن جانننب مننن حكمننة الل‪ ،‬وهنني تت قننق ف احلينناة؛ وهكننذا تسننتقر هننذه‬
‫احلقيقة عىل أرض صلبة مكشوفة منرية ‪..‬‬

‫وأمنام مشننهد احلقيقننة متهليننة بسنيطة مرحيننة‪ ،‬يتهننه إ الننذين آمننوا لي ققننوا ف ذواوننم منندلول‬
‫م بف ل الل العظيم‪ ،‬الذي ينتظر الةمني ‪.‬‬ ‫اإليمن ومقت اه‪ ،‬ويلو‬

‫) فلمنوا بالل ورسله‪ .‬وإن تةمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم)‪..‬‬

‫فيكن ننون ه ن ننذا التوجي ن ننه وه ن ننذا الةغي ن ننب‪ ،‬بع ن نند ذل ن نني البي ن ننان وذل ن نني االطمئن ن ننان‪ ،‬خ ن ننري خامت ن ننة‬
‫الستعراض الحدا ف "أحد" والتعقيب عىل هذه الحدا ‪..‬‬

‫***‬

‫‪187‬‬
‫‪ ‬حقائق وعِرب‪‬‬

‫وبعنند‪ ..‬فقنند متخ ننت العركننة والتعقيننب القننرآين عليهننا عننن حقننائق ضننخمة منوعننة‪ ،‬يصننعب‬
‫إحصا ها م إيفا ها حقها من البسط والعرض ف هذا السياد من الظنالل‪ .‬فنكتفني باإلانارة‬
‫إ أاننملها وأبرزهننا‪ ،‬ليقنناس عليننه سننائر مننا ف الغننزوة كننم عرضننها القننرآن الكننريم مننن موا ضننع‬
‫للعربة واالستدالل ‪:‬‬

‫‪ - 1‬لقند متخ ننت العركنة والتعقيننب عليهنا عننن حقيقننة أساسنية كبننرية ف طبيعنة هننذا النندين‬
‫الننذي هننو النننهج اإل نني لل ينناة البش ننرية‪ ،‬وف طريقتننه ف العمننل ف حينناة البشن نر‪ .‬وهنني حقيقننة‬
‫أوليننة بسننيط ة‪ ،‬ولكنهننا كثننريا مننا تنسننى‪ ،‬أو ال تنندرك ابتننداء‪ ،‬فينشننأ عننن نسننيا ا أو عنندم إدراكهننا‬
‫خط ننأ جس ننيم ف النظ ننر إ ه ننذا ال نندين‪ :‬ف حقيقت ننه وف واقع ننه الت نناراي ف حي نناة اإلنس ننانية‪ ،‬وف‬
‫دوره أمس واليوم وغدا ‪..‬‬

‫إن بع نا ينتظر من هذا الدين ‪ -‬ما دام هو النهج اإل ي لل ياة البشنرية ‪ -‬أن يعمل ف حياة‬
‫البش ن ن ر بطريق ننة سن ن رية خارق ننة دون اعتب ننار لطبيع ننة البش ن ن ر‪ ،‬ولط نناقتهم الفطري ننة‪ ،‬ول ننواقعهم‬
‫الادي‪ ،‬ف أخمة مرحلة من مراحل نموهم‪ ،‬وف أخمة بيئة من بيئاوم !‬

‫وحنني يننرون أ ننه ال يعمننل ذننذه الطريقننة‪ ،‬وإنننم هننو يعمننل ف حنندود الطاقننة البش ننرية‪ ،‬وحنندود‬
‫الوا قنع النادي للبش ن ر‪ .‬وأن هنذه الطاقنة وهننذا الوا قنع يتفنناعالن معنه‪ ،‬فيتنأ ران بننه ف فنةات تننأ را‬
‫واض ن ا‪ ،‬أو يننة ران ف منندى اسننتهابة الننناس لننه‪ ،‬وقنند يكننون تأ ريمهننا م ننادا ف فننةات أخننرى‬
‫فتقعد بالناس قلة الطي‪ ،‬وجاذبية الطامع والشهوات‪ ،‬دون تلبية هتنا الندين أو االيناه معنه‬

‫‪188‬‬
‫ف طريق ن ننه ايا ه ن ننا ك ن ننامال‪ ..‬ح ن نني ي ن ننرون ه ن ننذه الظ ن ننواهر ف ن ننإ م يص ن ننابون بخيب ن ننة أمن ننل يكونن ننوا‬
‫يتوقعو ننا ‪ -‬م ننا دام ه ننذا ال نندين م ننن عن نند الل ‪ -‬أو يص ننابون بخلخل ننة ف ق ننتهم بهدي ننة ال نننهج‬
‫الديني لل ياة وواقعيته أو يصابون بالشي ف الدين إطالقا !‬

‫وهنذه السلسنلة منن الخطناء تنشنأ كلهنا منن خطننأ واحند‪ ،‬هن و عندم إدراك طبيعنة هنذا النندين‪،‬‬
‫وطريقته‪ ،‬أو نسيان هذه احلقيقة الولية البسيطة ‪.‬‬

‫إن هذا الدين منهج لل ياة البشنرية‪ ،‬يتم حتقيقه ف حياة البرش بههد برشي‪ ،‬ف حدود الطاقة‬
‫البش ننرية ‪ ،‬ويب نندأ ف العمننل م ننن النقطننة الت نني يكننون البشن نر عن نندها بالفعننل م ننن واقعهننم ال ننادي‪،‬‬
‫ايننة الطرينق‪ ،‬ف حندود جهنندهم البش ن ري وطناقتهم البشننرية‪ ،‬ويبلنغ ذنم أقص نى‬ ‫ويسنري ذنم إ‬
‫ما متكنهم طاقتهم وجهدهم من بلوغه ‪.‬‬

‫وميزتنه الساسنية أ نه ال يغفننل حلظنة‪ ،‬ف أخمنة خطننة‪ ،‬وف أخمنة خطنوة‪ ،‬عننن طبيعنة فطنرة اإلنسننان‪،‬‬
‫وحنندود طاقتننه‪ ،‬وواقعننه الننادي أخم ننا‪ .‬وأ ننه ف الوقننت ذاتننه يبلننغ بننه ‪ -‬كننم حتقننق ذلنني فعننال ف‬
‫الفنةات‪ ،‬وكنم يمكنن أن يت قنق دائنم كلننم بنذلت حماولنة جنادة ‪ -‬منا يبلغنه ومنا ال يبلغننه‬ ‫بعن‬
‫أي منهج آخر من صنع البرش عىل اإلطالد ‪.‬‬

‫ولكننن اخلطننأ كلننه ‪ -‬كننم تقنندم ‪ -‬ينشننأ مننن عنندم اإلدراك لطبيعننة هننذا النندين أو نسننيا ا؛ ومننن‬
‫انتظنار اخلننوارد التني ال تننرتكن عننىل الوا قنع البش ن ري؛ والتني تبننذل فطننرة اإلنسنان‪ ،‬وتنشننئه نشننأة‬
‫أخرى‪ ،‬ال عالقة ا بفطرته وميوله واستعداده وطاقاته‪ ،‬وواقعه الادي كله !‬

‫أفنيس هنو منن عننند الل ؟ أفنيس ديننا مننن عنند القنوة القننادرة التني ال يعهزهنا يشء ؟ فلننمذا إذن‬
‫يعمننل فقننط ف حنندود الطاقننة البش ننرية ؟ ولنناذا حيتننا إ ا هنند البشن نري ليعمننل ؟ ننم ل نناذا ال‬

‫‪189‬‬
‫ينتصن نر دائ ننم ؟ وال ينتص ن ن ر أص ن ابه دائننم ؟ ل نناذا تغل ننب علي ننه قلننة الطب ننع والش ننهوات والوا ق ننع‬
‫الادي أحيانا ؟ ولاذا يغلب أهل الباطل عىل أص ابه وهم أهل احلق أحيانا ؟‬

‫وكلها ‪ -‬كم نرى ‪ -‬أسئلة وابهات تنبع من عندم إدراك احلقيقنة الولينة البسنيطة لطبيعنة هنذا‬
‫الدين وطريقته أو نسيا ا !‬

‫إن الل قادر ‪ -‬طبعا ‪ -‬عىل تبديل فطرة اإلنسنان ‪ -‬عنن طرينق هنذا الندين أو منن غنري طريقنه ‪-‬‬
‫وكان قنادرا عنىل أن القنه مننذ البندء بفطنرة أخنرى‪ ..‬ولكننه اناء أن النق اإلنسنان ذنذه الفطنرة‪.‬‬
‫واناء أن جيعننل نذا اإلنسننان إرادة واسننت هابة‪ .‬واناء أن جيعننل ا نندى منرة للههنند والتلقنني‬
‫واالستهابة‪ .‬وااء أن تعمل فطرة اإلنسان دائم‪ ،‬وال مت ى‪ ،‬وال تبدل‪ ،‬وال تعطل‪ .‬وااء أن يتم‬
‫حتقيق منههه لل ياة ف حياة البشنر عن طريق ا هد البشنري‪ ،‬وف حدود الطاقة البشنرية‪ .‬وااء‬
‫أن يبلغ "اإلنسان" من هذا كله بقدر ما يبذل من ا هد ف حدود مالبسات حياته الواقعة ‪.‬‬

‫وليس لحد من خلقه أن يسأفه‪ :‬لاذا ااء هذا ؟ ما دام أن أحدا من خلقه ليس إ ا وليس‬
‫لديننه العلننم‪ ،‬وال إمكننان العلننم‪ ،‬بالنظننام الكننيل للكننون‪ ،‬وبمقت ننيات هننذا النظننام ف طبيعننة كننل‬
‫كائن ف هذا الوجود‪ ،‬وباحلكمة الغيبة وراء خلق كل كائن ذذا "التصميم" اخلاص !‬

‫و "لاذا ؟ " ‪ -‬ف هذا القام ‪ -‬سةال ال يسأفه مةمن جاد‪ ،‬وال يسأفه كذلي مل د جناد‪..‬‬
‫الةمن ال يسأفه‪ ،‬ل ه أكثر أدبا مع الل ‪ -‬الذي يعرفه قلبه ب قيقته وصفاته ‪ -‬وأكثر معرفنة بنأن‬
‫اإلدراك البرشني هيينأ للعمنل ف هننذا الهنال‪ ..‬والكنافر ال يسنأفه‪ ،‬ل ننه ال يعنة بنالل ابتننداء‪.‬‬
‫فإن اعة بأفوهيته عر معها أن هذا اأ ه ‪ -‬سب انه ‪ -‬ومقتىض أفوهيته !‬

‫‪190‬‬
‫ولكنه سةال قد يسأفه هازل مائع‪ .‬ال هو مةمن جاد‪ ،‬وال هو مل د جناد‪ ..‬ومنن نم ال ينبغني‬
‫االحتفال به وال ا د ف أخذه !‬

‫وقد يسأفه جاهل ب قيقة اللوهية‪ ..‬فالسبيل إلجابنة هنذا ا اهنل لنيس هنو ا نواب الباا نر‪.‬‬
‫إن ننم ه ننو تعريف ننه ب قيق ننة اللوهي ننة ‪ -‬حت ننى يعرفه ننا فه ننو م ننةمن‪ ،‬أو ينكره ننا فه ننو مل نند‪ ..‬وذ ننذا‬
‫ينتهي ا دل إال أن يكون مراء !‬

‫ليس لحد من خلنق الل إذن أن يسنأفه ‪ -‬سنب انه ‪ -‬لناذا اناء أن النق الكنائن اإلنسناين ذنذه‬
‫الفطرة ؟ ولن اذا اناء أن تبقنى فطرتنه هنذه عاملنة‪ ،‬ال مت نى‪ ،‬وال تعندل‪ ،‬وال تعطنل ولناذا اناء‬
‫أن جيعل النهج اإل ي يت قق ف حياته عن طريق ا هد البرشي‪ ،‬وف حدود الطاقة البشنرية ؟‬

‫ولك ننن لك ننل أح نند م ننن خلق ننه أن ي نندرك ه ننذه احلقيق ننة؛ ويرا ه ننا وه نني تعم ننل ف واق ننع البشن ننرية‪،‬‬
‫ويف نا التناريخ البش ن ري عنىل ضننوئها؛ فيفقنه خنط سنري التناريخ مننن ناحينة‪ ،‬ويعنر كينف يوجننه‬
‫هذا اخلط من ناحية أخرى ‪.‬‬

‫هذا الننهج اإل ني النذي يمثلنه اإلسنالم ‪ -‬كنم جناء بنه حممند ☻ ال يت قنق ف‬
‫الرض ف دنيننا الننناس‪ ،‬بمهننرد تنزلننه مننن عننند الل‪ .‬وال يت قننق بمهننرد إبالغننه للننناس وبيانننه‪.‬‬
‫وال يت قننق بننالقهر اإل نني عننىل ن ننو مننا يم نني الل ناموسننه ف دورة الفلنني وسننري الكوا كننب‪،‬‬
‫وترتب النتائج عىل أسباذا الطبيعية‪ ..‬إنم يت قق بأن حتملنه جمموعنة منن البش نر‪ ،‬تنةمن بنه إيمننا‬
‫كامال‪ ،‬وتسنتقيم علينه ‪ -‬بقندر طاقتهنا ‪ -‬ويعلنه وظيفنة حياونا وغاينة آما نا؛ ويهند لت قيقنه ف‬
‫قلننوب ايخننرين وف حينناوم العمليننة كننذلي؛ وياهنند ننذه الغايننة ب يننث ال تسننتبقي جهنندا وال‬
‫طاق ن ننة‪ ..‬ياه ن نند ال ن ننعف البش ن ن نري‪ ،‬وا ن ننوى البش ن ن نري‪ ،‬وا ه ن ننل البش ن ن نري ف أ فس ن ننها وأ ف ن ننس‬
‫ايخ ننرين‪ .‬وياه نند ال ننذين ي نندفعهم ال ننعف وا ننوى وا ه ننل للوق ننو ف وج ننه ه ننذا ال نننهج‪..‬‬

‫‪191‬‬
‫وتبلننغ ‪ -‬بعنند ذلنني كلننه ‪ -‬مننن حتقيننق هننذا النننهج اإل نني إ احلنند والسننتوى الننذي تطيقننه فطننرة‬
‫البرش‪ .‬عىل أن تبدأ بالبرش من النقطة التي هم فيها فعال؛ وال تغفل واقعهم‪ ،‬ومقت يات هذا‬
‫الوا ق ننع‪ ،‬ف س ننري مرا ح ننل ه ننذا ال نننهج وتتابعه ننا‪ ..‬ننم تنتص ننر ه ننذه الهموع ننة ع ننىل نفس ننها وع ننىل‬
‫نفوس الناس معها تارة؛ وتنهزم ف العركة مع نفسها أو منع نفنوس النناس تنارة‪ .‬بقندر منا تبنذل‬
‫من ا هد؛ وبقدر ما تتخنذ منن السناليب العملينة؛ وبقندر منا توفنق ف اختينار هنذه السناليب‪..‬‬
‫وقبنل كنل يشء‪ ،‬وقبنل كننل جهند‪ ،‬وقبنل كننل وسنيلة‪ ..‬هنالني عنص نر آخنر‪ :‬هنو منندى ينرد هننذه‬
‫الهموعة ذا الغرض ‪ .‬ومدى متثيلها حلقيقة هذا النهج ف ذات نفسها؛ ومدى ارتباطها بالل‬
‫صاحب هذا النهج‪ ،‬و قتها به‪ ،‬وتوكلها عليه ‪.‬‬

‫هذه هي حقيقة هذا الدين وطريقته‪ ،‬وهذه هي خطته احلركية ووسيلته ‪..‬‬

‫وهننذه هنني احلقيقننة التنني انناء الل أن يعلمهننا للهمعننة السننلمة‪ ،‬وهننو يربيهننا بأحنندا معركننة‬
‫أحد؛ وبالتعقيب عىل هذه الحدا ‪..‬‬

‫موا قننف العركننة‪ .‬وحي نننم‬ ‫حينننم قصن ن رت ف متثيننل حقيقننة هننذا ال نندين ف ذات نفسننها ف بع ن‬
‫مواقفها‪ .‬وحينم غفلت عنن تلني احلقيقنة الولينة أو‬ ‫قرصت ف ا اذ الوسائل العملية ف بع‬
‫النظ ننر ع ننن تص ننورها‬ ‫نس ننيتها؛ وفهم ننت أ ننه م ننن مقت ن نى كو ننا مس ننلمة أن تنتصن ننر ح ننتم بغن ن‬
‫وتص نرفها ‪ -‬حينئننذ تركهننا الل ت القنني ا زيمننة؛ وتعنناين آالمهننا الريننرة‪ .‬ننم جنناء التعقيننب القننرآين‬
‫يردها إ تلي احلقيقة‪( :‬أو لا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم‪ :‬أ ى هذا ؟ قل هو من‬
‫عند أ فسكم‪ .‬إن الل عىل كل يشء قدير) ‪..‬‬

‫‪192‬‬
‫ولكننه ‪ -‬كنم قلننا ف سنياد االسنتعراض للنصنوص ‪ -‬ال ينةك السنلمي عنند هنذه النقطنة‪ ،‬بننل‬
‫يص ننلهم بق نندر الل م ننن وراء الس ننباب والنت ننائج؛ ويكش ننف ننم ع ننن إرادة اخل ننري ذ ننم م ننن وراء‬
‫االبتالء‪ ،‬الذي وقع بأسبابه الظاهرة من تصنرفاوم الواقعة ‪..‬‬

‫إن ت ننرك ال نننهج اإل نني يعم ننل ويت ق ننق ع ننن طري ننق ا ه نند البش ن نري‪ ،‬ويت ننأ ر بتص ن نر البش ن نر‬
‫إزاءه‪ ..‬هو خري ف عمومه‪ ،‬فهو يص لح احلياة البشننرية وال يفسندها أو يعطلهنا؛ ويصنلح الفطنرة‬
‫البشن ننرية ويوقظه ننا ويرده ننا إ س ننوائها‪ ..‬ذل نني أن حقيق ننة اإلي ننمن ال ي ننتم متامه ننا ف قل ننب حت ننى‬
‫يتعننرض لهاهنندة الننناس ف أمننر هننذا اإليننمن‪ .‬جماهنندوم باللسننان بننالتبليغ والبيننان؛ وجماهنندوم‬
‫بالين نند لن نندفعهم من ننن طرين ننق ا ن نندى ح نني يعة ضن ننونه بن ننالقوة الباغين ننة‪ ..‬وحتن ننى يتعن ننرض ف هن ننذه‬
‫الهاهدة لالبتالء والصرب عنىل ا هند‪ ،‬والصنرب عنىل الذى‪ ،‬والصنرب عنىل ا زيمنة‪ ،‬والصنرب عنىل‬
‫النص ننر أخم ننا ‪ -‬فالصننرب عننىل النص ننر أاننق مننن الصننرب عننىل ا زيمننة ‪ -‬وحتننى يننتم ص القلننب‪،‬‬
‫ويتميز الصف‪ ،‬وتستقيم ا معة عىل الطريق‪ ،‬ومتيض فيه راادة صاعدة‪ ،‬متوكلة عىل الل ‪.‬‬

‫حقيقننة اإليننمن ال يننتم متامهننا ف قلننب حتننى يتعننرض لهاهنندة الننناس ف أمننر هننذا اإليننمن‪ .‬ل ننه‬
‫جياهنند نفسننه أوال ف أ ننناء جماهدتننه للننناس؛ وتتفننتح لننه ف اإليننمن آفنناد تكننن لتتفننتح لننه أبنندا‪،‬‬
‫وهننو قاعنند آمننن سننا ؛ وتتبنني لننه حقننائق ف الننناس‪ ،‬وف احلينناة‪ ،‬تكننن لتتبنني لننه أبنندا بغننري هننذه‬
‫الوسنيلة؛ ويبلننغ هنو بنفسننه وبمشنناعره وتصنوراته‪ ،‬وبعاداتننه وطباعنه‪ ،‬وبانفعاالتننه واسننتهاباته‪،‬‬
‫ما يكن ليبلغه أبدا‪ ،‬بدون هذه التهربة الشاقة الريرة ‪.‬‬

‫وحقيقنة اإلينمن ال ينتم متامهنا ف جاعنة‪ ،‬حتننى تتعنرض للتهربنة واالمت نان واالبنتالء‪ ،‬وحتنى‬
‫يتعر كل فرد فيها عىل حقيقة طاقته‪ ،‬وعىل حقيقنة غايتنه؛ نم تتعنر هني عنىل حقيقنة اللبننات‬
‫التي تتأفف منها‪ .‬مدى احتمل كل لبنة‪ ،‬م مدى متاسي هذه اللبنات ف ساعة الصدام ‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫وهنذا منا أراد الل ‪ -‬سنب انه ‪ -‬أن يعلمنه للهمعننة السنلمة‪ ،‬وهنو يربيهنا بالحندا ف "أحنند"‬
‫وبالتعقين ب عنىل هنذه الحنندا ف هنذه السنورة‪ .‬وهننو يقنول نا‪ ،‬بعند بيننان السنبب الظناهر ف مننا‬
‫أصاذا‪( :‬وما أصابكم يوم التقى ا معان فبإذن الل‪ ،‬وليعلم الةمني وليعلم الذين نافقوا)‪..‬‬
‫وهو يقول‪( :‬ما كان الل ليذر الةمني عىل ما أ تم عليه حتى يميز اخلبيث من الطيب)‪ .‬م‪..‬‬
‫وه ننو ين ننر دهم إ قن نندر الل وحكمتن ننه من ننن وراء السن ننباب والوقن ننائع جيعن ننا؛ فن ننريدهم إ حقيقن ننة‬
‫اإليننمن الكننربى التنني ال يننتم إال باسننتقرارها ف النننفس الةمنننة‪( :‬إن يمسسننكم قننر فقنند مننس‬
‫القوم قر مثله‪ ،‬وتلي الخمام نداو ا بي الناس‪ .‬وليعلم الل الذين آمنوا‪ ،‬ويتخذ منكم اهداء‪.‬‬
‫والل ال حيب الظالي‪ ،‬وليم ص الل الذين آمنوا ويم ق الكافرين) ‪..‬‬

‫وإذن فه ن ننو ‪ -‬ف النهاي ن ن ننة ‪ -‬ق ن ن نندر الل وت ن ن نندبريه وحكمت ن ن ننه‪ ،‬م ن ن ننن وراء الس ن ن ننباب والح ن ن نندا‬
‫والاخاص واحلركات‪ ..‬وهو التصور اإلسالمي الشامل الكامنل‪ ،‬يسنتقر ف الننفس منن وراء‬
‫الحدا ‪ ،‬والتعقيب النري عىل هذه الحدا ‪.‬‬

‫***‬

‫‪ - 2‬ومت خ ت العركة والتعقيب عليها عن حقيقة أساسية كبرية عن طبيعة الننفس البشننرية‬
‫وطبيعننة الفطننرة اإلنسننانية‪ ،‬وطبيعننة ا هنند البش ن ري‪ ،‬ومنندى مننا يمكننن أن يبلغننه ف حتقيننق النننهج‬
‫اإل ي ‪:‬‬

‫إن النفس البشنرية ليست كاملة ‪ -‬ف واقعها ‪ -‬ولكنها ف الوقت ذاته قابلة للنمو واالرتقناء‪،‬‬
‫حتى تبلغ أقىص الكمل القدر ا ف هذه الرض ‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫وهنا ن نن أوالء ننرى قطاعنا منن قطاعنات البشننرية ‪ -‬كنم هنو وعنىل الطبيعنة ‪ -‬انثال ف ا معنة‬
‫التي متثنل قمنة المنة التني يقنول الل عنهنا‪( :‬كننتم خنري أمنة أخرجنت للنناس)‪ ..‬وهنم أصن اب‬
‫حمم نند ☻ الث ننل الكام ننل لل نننفس البشن ننرية ع ننىل اإلط ننالد‪ ..‬ف ننمذا ن ننرى ؟ ن ننرى‬
‫جمموعننة مننن البشن ن ر‪ ،‬فننيهم ال ننعف وفننيهم النننقص‪ ،‬وفننيهم مننن يبلننغ أن يقننول الل عنننهم‪( :‬إن‬
‫منا كسنبوا ولقند عفنا الل‬ ‫الذين تولوا منكم يوم التقى ا معان إنم استز م الشيطان بنبع‬
‫عنهم)‪ .‬ومن يبلغ أن يقول الل عنهم‪( :‬حتى إذا فشلتم وتنازعتم ف المر‪ ،‬وعصيتم من بعد ما‬
‫أراكم ما حتبون‪ ،‬منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد ايخرة‪ ،‬م رصفكم عنهم)‪ ..‬وفيهم من‬
‫يق ننول الل عن نننهم‪( :‬إذ مهن ننت طائفتن ننان من نننكم أن تفشن ننال‪ ،‬والل ولن ننيهم‪ ،‬وعن ننىل الل فليتوكن ننل‬
‫الةمنون) ‪ ..‬وفيهم من ينهزم وينكشف‪ ،‬وتبلغ منهم ا زيمة ما وصفه الل سب انه بقولنه‪( :‬إذ‬
‫تصعدون وال تلوون عىل أحد‪ ،‬والرسول يدعوكم ف أخراكم‪ .‬فأ ابكم غم بغم لكيال حتزنوا‬
‫عىل ما فاتكم وال ما أصابكم )‪..‬‬

‫وكن ننل هن ننةالء مةمنن ننون مس ن ننلمون؛ ولك ن نننهم ك ن ننانوا ف أوائ ن ننل الطري ن ننق‪ .‬ك ن ننانوا ف دور الةبي ن ننة‬
‫والتك ننوين‪ .‬ولك نننهم ك ننانوا ج ننادين ف أخ ننذ ه ننذا الم ننر‪ ،‬مس ننلمي أم ننرهم لل‪ ،‬مرت نني قيادت ننه‪،‬‬
‫ومستس ننلمي لنهه ننه‪ .‬وم ننن ننم يط ننردهم الل م ننن كنف ننه‪ ،‬ب ننل رره ننم وعف ننا ع نننهم؛ وأم ننر نبي ننه‬
‫☻ أن يعفننو عنننهم‪ ،‬ويسننتغفر ننم‪ ،‬وأمننره أن يشنناورهم ف المننر‪ ،‬بعنند كننل مننا‬
‫وقننع منننهم‪ ،‬وبعنند كننل مننا وقننع مننن جننراء الشننورة نعننم إنننه ‪ -‬سننب انه ‪-‬تننركهم يننذوقون عاقبننة‬
‫تصننرفاوم تلني‪ ،‬و ابننتالهم ذلني االبنتالء الشنناد الرينر‪ ..‬ولكننه يطننردهم خنار الصننف‪ ،‬و‬
‫يقننل ننم‪ :‬إنكننم ال تصننل ون لشن ن يء مننن هننذا المننر‪ ،‬بعنند مننا بنندا منننكم ف التهربننة مننن النننقص‬
‫وال ننعف‪ ..‬لقنند قبننل ضننعفهم هننذا ونقصننهم‪ ،‬وربنناهم بنناالبتالء‪ ،‬ننم ربنناهم بالتعقيننب عننىل‬
‫االبتالء‪ ،‬والتوجيه إ ما فيه من عرب وعظات ‪ .‬ف ررة وف عفو وف سمحة؛ كم يربت الكبري‬

‫‪195‬‬
‫عىل الصغار؛ وهم يكتوون بالنار‪ ،‬ليعرفوا ويدركوا وين هوا‪ .‬وكشف م ضعفهم‪ ،‬ونبنلت‬
‫هم ذا‪ ،‬ويرذ م‪ ،‬وحيقرهم‪ ،‬وال لريهقهم وحيملهم ما ال يطيقون لنه رنال‪.‬‬ ‫نفوسهم‪ ،‬ال ليف‬
‫ولكن ليأخذ بأخمدهيم‪ ،‬وينوحي إلنيهم أن يثقنوا بأ فسنهم وال حيتقروهنا وال ييأسنوا منن الوصنول‬
‫ما داموا موصولي ب بل الل التي ‪.‬‬

‫ننم وصننلوا‪ ..‬وصننلوا ف النهايننة‪ ،‬وغلبننت فننيهم النننمذ التنني كانننت ف أول العركننة معنندودة‪.‬‬
‫وإذا ه ننم ف الي ننوم الت ننايل للهزيم ننة والق ننر ‪ ،‬ارج ننون م ننع رس ننول الل ☻ غ ننري‬
‫هينابي وال منةددين وال وجلني منن ويننف النناس نم حتنى اسننت قوا تنوينه الل ذنم‪( :‬الننذين‬
‫قال م الناس إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم‪ ،‬فزادهم إيمنا‪ ،‬وقالوا‪ :‬حسنبنا الل ونعنم‬
‫الوكيل) ‪..‬‬

‫ولا كنربوا بعند ذلني انيئا فشنيئا‪ ..‬تغنريت معناملتهم‪ ،‬وحوسنبوا كنم حياسنب الرجنال الكبنار‪.‬‬
‫بع نند م ننا ك ننانوا يربت ننون هن ننا ك ننم يرب ننت الطف ننال وال ننذي يرا ج ننع غ ننزوة تب ننوك ف س ننورة ب ننراءة؛‬
‫ومةاخذة الل ورسوله للنفر القالئل التخلفي‪ ،‬تلي الةاخذة العسرية‪ ،‬جيند الفنرد واضن ا ف‬
‫العاملة؛ وجيد الفرد واض ا ف مراحل الةبينة اإل ينة العهيبنة‪ .‬كنم جيند الفنارد بني القنوم ينوم‬
‫أحند‪ ،‬والقننوم يننوم تبننوك‪ ..‬وهننم هننم‪ ..‬ولكننن بلغننت ذننم الةبيننة اإل يننة هننذا السننتوى السننامق‪..‬‬
‫ولكنهم مع هذا ظلوا برشا ‪ .‬وظل فيهم ال عف‪ ،‬والننقص‪ ،‬واخلطنأ‪ .‬ولكنن ظنل فنيهم كنذلي‬
‫االستغفار والتوبة والرجوع إ الل ‪.‬‬

‫إ ننا الطبيعننة البش ننرية التنني حيننافظ عليهننا هننذا النننهج؛ وال يبنند ا أو يعطلهننا‪ ،‬وال حيملهننا مننا ال‬
‫تطيق‪ .‬وإن بلغ ذا أقىص الكمل القدر ا ف هذه الرض ‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫وهذه احلقيقة ذات قيمة كبرية ف إعطاء المنل الندائم للبش نرية‪ ،‬لت ناول وتبلنغ‪ ،‬ف ظنل هنذا‬
‫الننهج الفريند‪ .‬فهننذه القمنة السننامقة التني بلغتهنا تلنني ا معنة‪ ،‬إنننم بندأت تنهند إليهننا منن السننفح‬
‫الننذي التقطهننا منننه‪ .‬وهننذه اخل طننى التعثننرة ف الطريننق الشنناد زاولتهننا جاعننة بشن نرية متخلفننة ف‬
‫ا اهليننة‪ .‬متخلف ننة ف ك ننل يشء‪ .‬ع ننىل الن ننو ال ننذي عرضنننا ن ننمذ من ننه ف س ننياد ه ننذا ال نندرس‪..‬‬
‫وكننل ذلنني يعطنني البش ننرية أمننال كبننريا ف إمكننان الوصننول إ ذلنني الرتقننى السننامي‪ ،‬مهننم تكننن‬
‫قابعننة ف السننفح‪ .‬وال يعننزل هننذه ا معننة الصنناعدة‪ ،‬فيهعلهننا ولينندة معهننزة خارقننة ال تتكننرر‪.‬‬
‫فهي ليست وليدة خارقة عابرة‪ .‬إنم هي وليدة النهج اإل ي‪ ،‬الذي يت قق با هد البرشي‪ ،‬ف‬
‫حدود الطاقة البشنرية ‪ -‬والطاقة البشنرية كم نرى قابلة للكثري !‬

‫هذا النهج يبندأ بكنل جاعنة منن النقطنة التني هني فيهنا‪ ،‬ومنن الوا قنع النادي النذي هني فينه‪ .‬نم‬
‫يم ني ذا صعدا كنم بندأ بتلني ا معنة منن ا اهلينة العربينة السناذجة‪ ..‬منن السنفح‪ ..‬نم انتهنى‬
‫ذا ف فةة وجيزة تبلغ ربع قرن من الزمان‪ ،‬إ ذلي الو السامق ‪..‬‬

‫رشي واحد ال بد أن يت قنق ‪ ..‬أن تسنلم ا معنات البشننرية قيادهنا نذا الننهج‪ .‬أن تنةمن بنه‪.‬‬
‫وأن تستسلم له‪ .‬وأن تتخذه قاعدة حياوا‪ ،‬واعار حركتها‪ ،‬وحنادي خطاهنا ف الطرينق الشناد‬
‫الطويل ‪..‬‬

‫***‬

‫‪ - 3‬وحقيقة الثة متخ ت عنها العركة والتعقيب عليهنا‪ ..‬حقيقنة االرتبناي الو ينق ف مننهج‬
‫الل بنني واقننع النننفس السننلمة وا معننة السننلمة‪ ،‬وبنني كننل معركننة وضننها مننع أعنندائها ف أي‬
‫واالقتصننادي‬ ‫مينندان‪ .‬االرتبنناي بنني العقينندة والتصننور واخللننق والسننلوك والتنظننيم السننيا‬

‫‪197‬‬
‫واالجتمعي‪ ..‬وبي النصنر أو ا زيمة ف كل معركة ‪ ..‬فكل هذه عوام أساسية فيم يصيبها من‬
‫نرص أو هزيمة ‪.‬‬

‫والنننهج اإل نني ‪ -‬مننن ننم ‪ -‬يعمننل ف مسنناحة هائلننة ف النننفس اإلنسننانية وف احلينناة البش ننرية‪.‬‬
‫مس نناحة متداخل ننة الس نناحات وال نننقط واخلط ننوي واخلي ننوي‪ ،‬متكامل ننة ف الوق ننت ذات ننه وا نناملة‪.‬‬
‫واخلطننة يصننيبها اخللننل والفشننل حنني اتننل الننةابط والتناسننق بنني هننذه السنناحات كلهننا والنننقط‬
‫واخلط ننوي واخلي ننوي‪ ..‬وه ننذه مي ننزة ذل نني ال نننهج الك ننيل الش ننامل‪ ،‬ال ننذي يأخ ننذ احلي نناة جل ننة‪ ،‬وال‬
‫يأخ ن ن ذها مزق ننا وتف نناريق‪ .‬وال ننذي يتن نناول ال نننفس واحلي نناة م ننن أقطاره ننا جيع ننا‪ ،‬ويل ننم خيوطهن ننا‬
‫التشن ننابكة التباع ن نندة‪ ،‬ف قب ن ننته‪ ،‬في ركهن ننا كله ن ننا حرك ن ننة واحن نندة متناس ن ننقة‪ ،‬ال تص ن ننيب ال ن نننفس‬
‫بالفصام‪ ،‬وال تصيب احلياة بالتمزد واالنقسام ‪.‬‬

‫ومنن ننمذ هننذا التهمينع‪ ،‬وهنذه االرتباطننات التداخلنة الكثنرية حديثننه ‪ -‬ف التعقينب القننرآين‬
‫‪ -‬ع ننن اخلطيئ ننة‪ ،‬وأ ره ننا ف النص ننر وا زيم ننة‪ .‬فه ننو يق ننرر أن ا زيم ننة كان ننت موص ننولة بالش ننيطان‬
‫الذي استغل ضعف الذين تولوا بسبب اا كسبوا‪( :‬إن الذين تولوا منكم يوم التقى ا معنان‬
‫ما كسبوا)‪ ..‬كم يقنرر أن النذين قناتلوا منع ال بيناء ووفنوا ‪ -‬وهنم‬ ‫إنم استز م الشيطان ببع‬
‫النموذ الذي يطلب إ الةمني االقتداء به ‪ -‬بدأوا العركة باالستغفار من الذنوب ‪:‬‬

‫( وكأخمن من نبي قاتل معه ربيون كثري‪ ،‬فم وهنوا لا أصاذم ف سبيل الل‪ ،‬وما ضعفوا وما‬
‫استكانوا ‪ -‬والل حيب الصابرين ‪ -‬وما كان قو م إال أن قالوا‪ :‬ربنا اغفر لنا ذنوبنا‪ ،‬وإرسافنا ف‬
‫أمرنا‪ ،‬و بت أقدامنا‪ ،‬وانرصنا عىل القوم الكافرين‪ .‬فلاناهم الل نواب الندنيا وحسنن نواب‬
‫ايخ ننرة‪ .‬والل حي ننب ال س ننني‪ )..‬وف توجيهاتننه للهمعننة السننلمة يسننبق يننه ننا عننن الننوهن‬
‫واحلننزن ف العركننة‪ ،‬توجيههننا للتطهننر واالس ننتغفار‪( :‬وس ننارعوا إ مغف ننرة م ننن ربك ننم‪ ،‬وجن ننة‬

‫‪198‬‬
‫عرضها السموات والرض أعدت للمتقي‪ ،‬الذين ينفقون ف السنراء وال نراء‪ ،‬والكاظمي‬
‫الغيظ‪ ،‬والعافي عن الناس‪ ،‬والل حيب ال سني‪ ،‬والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أ فسهم‪،‬‬
‫ذكروا الل فاستغفروا لذنوذم ‪ -‬ومن يغفر الذنوب إال الل ‪ -‬و يرصوا عىل ما فعلوا وهم‬
‫يعلم ننون)‪ ..‬وم ننن قب ننل ي ننذكر ع ننن س ننبب ذل ننة أه ننل الكت نناب وانكس ننارهم‪ :‬االعت ننداء والعص ننية‪:‬‬
‫(ربت عليهم الذلة أخمن ما قفوا ‪ -‬إال ب بل من الل وحبل من الناس ‪ -‬وبا وا بغ ب من‬
‫الل وربت عليهم السكنة‪ .‬ذلي بأ م كانوا يكفرون بلخمات الل‪ ،‬ويقتلون ال بياء بغري حق‪،‬‬
‫ذ لي بم عصوا وكانوا يعتدون) ‪..‬‬

‫وكننذلي نهنند احلننديث عننن اخلطيئننة والتوبننة‪ ،‬يتخلننل التعقيننب عننىل أحنندا الغننزوة‪ ،‬كننم نهنند‬
‫الكننالم عننن "التقننوى " وتصننوير حنناالت التقنني‪ ،‬يتخلننل سننياد السننورة كلهننا بننوفرة مل وظننة‪.‬‬
‫ويربط بي جو السورة كلهنا ‪ -‬عنىل اخنتال موضنوعاوا ‪ -‬وجنو العركنة‪ .‬كنم نهند الندعوة إ‬
‫ترك الربا‪ ،‬وإ طاعة الل والرسول‪ ،‬وإ العفو عن الناس‪ ،‬وكظم الغيظ‪ ،‬واإلحسان‪ ..‬وكلها‬
‫تطهنري للنننفس ولل ينناة ولألوضنناع االجتمعيننة‪ ..‬والسنورة كلهننا وحنندة متمسننكة ف التوجيننه إ‬
‫ا ام ‪.‬‬ ‫هذا ا د السا‬

‫***‬

‫‪ -4‬وحقيق ننة رابع ننة‪ ..‬ع ننن طبيع ننة م نننهج الةبي ننة اإلس ننالمي‪ ..‬فه ننو يأخ ننذ ا مع ننة الس ننلمة‬
‫بالحدا ‪ ،‬وما تنشئه ف النفوس منن مشناعر وانفعناالت واسنتهابات‪ ،‬نم يأخنذهم بالتعقينب‬
‫عننىل الحنندا ‪ ..‬عننىل الن ننو الننذي يمثلننه التعقيننب القننرآين عننىل غننزوة أحنند‪ ..‬وهننو ف التعقيننب‬
‫يننتلمس ك ننل جان ننب م ننن جوا نننب ال نننفس البش ننرية ت ننأ ر باحلاد ننة‪ ،‬ليص ن ح ت ننأ ره‪ ،‬ويرس نب في ننه‬
‫احلقيقننة التنني يرينند ننا أن تسننتقر وتسننةيح وهننو ال ينندع جانبننا مننن ا وا نننب‪ ،‬وال خنناطرة مننن‬

‫‪199‬‬
‫اخلن ننواطر‪ ،‬وال تص ن ننورا م ن ننن التص ن ننورات‪ ،‬وال اس ن ننتهابة م ن ننن االس ن ننتهابات‪ ،‬حت ن ننى يوج ن ننه إليه ن ننا‬
‫ال ظ ن ننار‪ ،‬ويس ن ننلط عليه ن ننا ال ن ننوار‪ ،‬ويكش ن ننف ع ن ننن الخب ن ننوء منه ن ننا ف دروب ال ن نننفس البش ن ن ننرية‬
‫ومن نياوا الكثرية ‪ ،‬ويقف النفس ياهها مكشوفة عارية؛ وبذلي يم ص الندخائل‪ ،‬وينظفهنا‬
‫ويطهرها ف وضح النور؛ ويص ح الشناعر والتصنورات والقنيم؛ ويقنر البنادىء التني يريند أن‬
‫يقننوم عليهننا التصننور اإلسننالمي التنني‪ ،‬وأن تقننوم عليهننا احلينناة اإلسننالمية السننتقرة‪ ..‬اننا يلهننم‬
‫وجننود ا نناذ الحنندا التنني تق ن ع للهمعننة السننلمة ف كننل مكننان وسننيلة للتنننوير والةبيننة عننىل‬
‫أوسع نطاد ‪..‬‬

‫وننظ ننر ف التعقي ننب ع ننىل غ ننزوة أح نند‪ ،‬فنه نند الدق ننة والعم ننق والش ننمول‪ ..‬الدق ننة ف تن نناول ك ننل‬
‫موقنف‪ ،‬وكننل حركننة‪ ،‬وكنل خا ننة؛ والعمننق ف التدسننس إ أغنوار النننفس ومشنناعرها الدفينننة؛‬
‫والشمول وانب النفس وجوانب احلاد ‪ .‬ونهد الت ليل الندقيق العمينق الشنامل لألسنباب‬
‫والنت ن ننائج‪ .‬والعوا من ننل التع ن ننددة الفاعل ن ننة ف الوق ن ننف‪ ،‬الس ن ننرية لل ن نناد ‪ ،‬ك ن ننم نه ن نند احليوي ن ننة ف‬
‫التصوير واإليقاع واإلحياء؛ ب ينث تنتمو الشناعر منع التعبنري والتصنوير متاوجنا عميقنا عنيفنا‪،‬‬
‫نر الشنناهد ‪-‬‬ ‫وال متلنني أن تقننف جامنندة أمننام الوصننف‪ ،‬والتعقينب‪ .‬فهننو وصننف حنني‪ ،‬يست‬
‫كم لو كانت تت رك ‪ -‬ويشيع حو ا النشاي الة ر واإلاعاع النافذ‪ ،‬واإلحياء الثري ‪.‬‬

‫***‬

‫‪ - 5‬وحقيقنة خامسنة كنذلي‪ ..‬عنن واقعينة الننهج اإل ني‪ ..‬فمنن وسنائل هنذا الننهج إلنشناء‬
‫آ نناره ف ع ننا الوا ق ننع‪ ،‬مزاولت ننه بالفع ننل‪ ،‬فه ننو ال يق نندم مب ننادىء نظري ننة‪ ،‬وال توجيه ننات جم ننردة‪..‬‬
‫ولكنننه يطبننق ويننزاول نظرياتننه وتوجيهاتننه‪ .‬وأظهننر مثننل عننىل واقعيننة النننهج ف هننذه الغننزوة‪ ،‬هننو‬
‫موقفه إزاء مبدأ الشورى ‪..‬‬

‫‪200‬‬
‫لقد كان ف اسنتطاعة رسنول الل ☻ أن جيننب ا معنة السنلمة تلني التهربنة‬
‫الرينرة‪ ،‬التني تعرضنت نا ‪ -‬وهني بعند ناانئة وحماطنة بالعنداء منن كنل جاننب‪ ،‬والعندو رابن‬
‫ف داخ ننل أس ننوارها ذاو ننا ‪ -‬نق ننول ك ننان ف اس ننتطاعة رس ننول الل ☻ أن جين ننب‬
‫ا معننة السننلمة تلنني التهربننة الريننرة التنني تعرضننت ننا‪ ،‬لننو أ ننه ق نى برأ خمننه ف خطننة العركننة‪،‬‬
‫مستندا إ ر ياه الصادقة؛ وفيها ما يشري إ أن الدينة درع حصينة؛ و يست نرش أصن ابه‪ ،‬أو‬
‫يأخذ بنالرأي النذي انهلنت الشنورة عنن رج اننه ف تقندير ا معنة أو لنو أ نه رجنع عنن النرأي‬
‫عننندما سننن ت لننه فرصننة الرجننوع‪ ،‬وقنند خننر مننن بيتننه‪ ،‬فننرأى أص ن اب هننذا الننرأي نننادمي أن‬
‫يكونوا قد استكرهوه عىل غري ما يريد !‬

‫ولكنننه ‪ -‬وهننو يقنندر النتننائج كلهننا ‪ -‬أ فننذ الشننورى‪ .‬وانفننذ مننا اسننتقرت عليننه‪ ،‬ذلنني كنني يابننه‬
‫ا معة السلمة نتائج التبعة ا معية ‪ ،‬وتتعلم كيف حتتمل تبعة الرأي‪ ،‬وتبعنة العمنل‪ .‬لن هنذا‬
‫ف تقديره ☻ وف تقدير النهج اإلسالمي الذي ينفنذه‪ ،‬أهنم منن اتقناء اخلسنائر‬
‫ا سننيمة‪ ،‬ومننن ينيننب ا معننة تلنني التهربننة الريننرة‪ .‬فتهنيننب ا معننة التهربننة معننناه حرما ننا‬
‫اخلربة‪ ،‬وحرما ا العرفة‪ ،‬وحرما ا الةبية !‬

‫م جييء المنر اإل ني لنه بالشنورى ‪ -‬بعند العركنة كنذلي ‪ -‬تثبيتنا للمبندأ ف مواجهنة نتائهنه‬
‫الريرة ‪ .‬فيكون هذا أقوى وأعمق ف إقراره من ناحية‪ ،‬وف إي ا قواعد النهج من ناحية ‪..‬‬

‫إن اإلسالم ال يةجل مزاولة ال بدأ حتى تستعد المة لزاولته فهو يعلم أ ا لن تستعد أبدا‬
‫لزاولت ننه إال إذا زاولت ننه فع ننال ‪ ،‬وإن حرما ننا م ننن مزاول ننة مب ننادى ء حياو ننا الساس ننية ‪ -‬كمب نندأ‬
‫الشورى ‪ -‬رش من النتائج الريرة التي تتعرض ا ف بدء اسنتعمله‪ ،‬وأن الخطناء ف مزاولتنه ‪-‬‬

‫‪201‬‬
‫مهم بلغت من ا سامة ‪ -‬ال تربر إلغاءه‪ ،‬ب ل ال تربر وقفة فةة من الوقت‪ ،‬ل ه إلغاء أو وقف‬
‫لنموها الذايت‪ ،‬ونمو خربوا باحلياة والتكاليف‪ .‬بل هو إلغاء لوجودها كأمة إطالقا !‬

‫وهننذا هننو اإلحينناء السننتفاد مننن قولننه تعننا ‪ -‬بعنند كننل مننا كننان مننن نتننائج الشننورى ف العركننة‪:‬‬
‫(فاعف عنهم‪ ،‬واستغفر م‪ ،‬وااورهم ف المر)‬

‫ك ننم أن الزاول ننة العملي ننة للمب ننادىء النظري ننة ت ننتهىل ف تص ن نر الرس ننول ☻‬
‫أن يعود إ الشورى بعد العنزم عنىل النرأي العني‪ ،‬واعتبناره هنذا تنرددا وأرج نة‪.‬‬ ‫عندما رف‬
‫وذلني لصننيانة مبنندأ الشننورى ذاتننه‪ ،‬منن أن يصننبح وسننيلة للتننأرجح النندائم‪ ،‬والشننلل احلركنني‪.‬‬
‫فق ننال قولت ننه الة بوي ننة ال ننأ ورة‪ ":‬م ننا ك ننان لنب نني أن ي ننع لمت ننه حت ننى حيك ننم الل ل ننه "‪ ..‬ننم ج نناء‬
‫التوجي ننه اإل نني الخ ننري‪( :‬فن ننإذا عزمن ننت فتوكن ننل عن ننىل الل)‪ ..‬فتط ننابق ‪ -‬ف ال نننهج ‪ -‬التوجي ننه‬
‫والتنفيذ ‪..‬‬

‫***‬

‫‪ - 6‬وهننناك حقيقننة أخننرية نتعلمهننا مننن التعقيننب القننرآين عننىل موا قننف ا معننة السننلمة التنني‬
‫صنناحبت رسننول الل ☻ والتنني متثننل أكننرم رجننال هننذه المننة عننىل الل‪ ..‬وهنني‬
‫حقيقة نافعة لنا ف طريقنا إ استئنا حياة إسالمية بعون الل ‪..‬‬

‫إن م نننهج الل اب ننت‪ ،‬وقيم ننه وموازين ننه ابت ننة‪ ،‬والبش ن ن ر يبع نندون أو يقرب ننون م ننن ه ننذا الن نننهج‪،‬‬
‫واطئون ويصيبون ف قواعد التصور وقواعد السلوك‪ .‬ولكن ليس يشء من أخطائهم حمسوبا‬
‫عىل النهج‪ ،‬وال مغريا لقيمه وموازينه الثابتة ‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫وحي اطىء البش نر ف التصنور أو السنلوك‪ ،‬فإننه يصنفهم باخلطنأ‪ .‬وحني ين رفنون عننه فإننه‬
‫يصننفهم بنناالن را ‪ .‬وال يتغنناىض عننن خطننئهم وان ننرافهم ‪ -‬مهننم تكننن مننناز م وأقنندارهم ‪-‬‬
‫وال ين ر هو ليهاري ان رافهم !‬

‫ونتعلم ن ن من هذا‪ ،‬أن تربئنة الانخاص ال تسناوي تشنويه الننهج وأ نه منن اخلنري لألمنة‬
‫السننلمة أن تبقننى مبننادىء منهههننا سننليمة ناصننعة قاطعننة‪ ،‬وأن يوصننف الخطئننون والن رفننون‬
‫عنها بالوصف الذي يست قونه ‪ -‬أخما كانوا ‪ -‬وأال تربر أخطا هم وان رافاوم أبدا‪ ،‬بت ريف‬
‫النهج‪ ،‬وتبديل قيمه وموازينه‪ .‬فهذا الت ريف والتبديل أخطر عىل اإلسالم من وصف كبار‬
‫الشخصننيات السننلمة باخلطننأ أو االن ننرا ‪ ..‬فننالنهج أكننرب وأبقننى مننن الاننخاص‪ .‬والوا قننع‬
‫التنناراي لإلسننالم لننيس هننو كننل فعننل وكننل وضننع صنننعه السننلمون ف تنناراهم‪ .‬وإنننم هننو كننل‬
‫فعل وكل وضع صنعوه موافقنا متنام الوافقنة للمننهج ومبادئنه وقيمنه الثابتنة‪ ..‬وإال فهنو خطنأ أو‬
‫ال حيسننب عننىل اإلسننالم‪ ،‬وعننىل تنناريخ اإلسننالم؛ إنننم حيسننب عننىل أص ن ابه وحنندهم‪،‬‬ ‫ان ننرا‬
‫أو خنرو عنىل اإلسنالم‪..‬‬ ‫ويوصف أص ابه بالوصف الذي يسنت قونه‪ :‬منن خطنأ أو ان نرا‬
‫إن تنناريخ "اإلسننالم" لننيس هننو تنناريخ "السننلمي" ولننو كننانوا مسننلمي باالسننم أو باللسننان إن‬
‫تاريخ "اإلسالم" هو تاريخ التطبينق احلقيقني لإلسنالم‪ ،‬ف تصنورات النناس وسنلوكهم‪ ،‬وف‬
‫أوضنناع حينناوم‪ ،‬ونظننام جمتمعنناوم‪ ..‬فاإلسننالم حمننور ابننت‪ ،‬تنندور حولننه حينناة الننناس ف إطننار‬
‫ابنت‪ .‬فننإذا هنم خرجننوا عننن هنذا اإلطننار‪ ،‬أو إذا هنم تركننوا ذلنني ال نور بتاتننا‪ ،‬فنم لإلسننالم ومننا‬
‫م يومئذ ؟ وما لتصنرفاو م وأعم م هنذه حتسنب عنىل اإلسنالم‪ ،‬أو يفس نر ذنا اإلسنالم ؟ بنل منا‬
‫م هم يوصفون بأ م مسلمون إذا خرجوا عىل منهج اإلسالم‪ ،‬وأبوا تطبيقه ف حياوم‪ ،‬وهنم‬
‫إنننم كننانوا مسننلمي ل ننم يطبقننون هننذا النننهج ف حينناوم‪ ،‬ال لن أسننمءهم أسننمء مسننلمي‪ ،‬وال‬
‫ل م يقولون بأفواههم‪ :‬إ م مسلمون ؟ !‬

‫‪203‬‬
‫وه ن ننذا م ن ننا أراد الل ‪ -‬س ن ننب انه ‪ -‬أن يعلم ن ننه لألم ن ننة الس ن ننلمة‪ ،‬وه ن ننو يكش ن ننف أخط ن نناء ا مع ن ننة‬
‫السننلمة‪ ،‬ويسننهل عليهننا النننقص وال ننعف‪ ،‬ننم يررهننا بعنند ذلنني ويعفننو عنهننا‪ ،‬ويعفيهننا مننن‬
‫جرا ئننر النننقص وال ننعف ف حسننابه‪ .‬وإن يكننن أذاقهننا جرا ئننر هننذا النننقص وال ننعف ف سنناحة‬
‫االبتالء!‬

‫***‬

‫‪‬‬

‫‪204‬‬

You might also like