Professional Documents
Culture Documents
ٕ
ادلقدمة:
ٍ
وعلى آلو وصحبو
على نبينا ؿبمد ٰ اللهم ٰ رب العاؼبُت ِّ
وصل ُ بسمميحرلا نمحرلا هللا ،اغبمد ﵁ ّ
حياكم هللا .
ُ أصبعُت،
سلسلة جديدةٍ نسأل هللا سبحانو وتعا ٰذل أن تكون مباركةً وانفعةً .وىي من السبلسل
ٍ ىذه بدايةُ
اؼبتعلقة ابإلنسان اؼبسلم يف طريقو اإلصبلحي ،اإلنسان الذي يرجو أن يكون لو أثر طيب ،ولو أثر
انفعا للناس.
حسن ،وأن يكون ً
مثبل
ىذه السلسلة عن أمهية ،ومركزية ،وأتثَت التزكية يف طريق اؼبصلح .اغبديث اليوم كثَت عن ً
كثَتا
اؼبهارات اليت حيتاجها الداعية ،أو اؼبصلح ،أو القائد ،أو الرائد ،أو ًأًي كان؛ تُق ّدم يف سياق أن ً
اؼبكون الذايت الداخلي اإلدياين
على ّ من الناس يركز على أمور مهارية حيتاجها اؼبصلح أكثر من الًتكيز ٰ
صلح ديتلك أدوات جدا؛ ألن زبريج ُم ٍابلنسبة لئلنسان اؼبصلح ،وىذه القضية ؽبا أتثَتٌ خطَتٌ ً
جدا ،فليس فقط يف أنو لن يكون وىم خطَت ً
إصبلحية خارجية وىو يتوىم أنو مؤىل لئلصبلح ،ىذا ٌ
انفعا ،بل قد تؤدي إذل نتائج سلبية وعكسية.
مؤثرا أو ً
ً
قضية التزكية للمصلحني:
وألجل ذلك ىذه السلسلة -دبا أن ىذا السياق ىو سياق بنائي تعليمي يُرجى لو أثره يف اؼبستقبل
إبذن هللا تعاذل -فسيكون الًتكيز ىنا على قضية التزكية للمصلحُت .سأتناول فيها يف البداية مفاىيم
وإجيااب
أولية مرتبطة ابلتزكية من حيث مركزيتها يف اإلسبلم ،ومركزيتها يف حياة النيب ﷺ ،وأتثَتىا سلبًا ً
إذا ربققت أو إذا فقدت ،وبعد ذلك إبذن هللا سأتكلم عن قضاًي ؿبددة تعًتض طريق الـ ُمصلح،
التفرق،
ويكون من أىم أسباب ذباوزىا ىو تفعيل التزكية فيها؛ اػببلفات اليت ربصل بُت العاملُتُّ ،
تغَت العمل الدعوي أو اإلشكاالت ،اكبراف البوصلة ،تغيَت الوجهة إذل وجهات خاطئة ،الفتورُّ ،
اإلسبلمي من العمل الرسارل إذل العمل الشخصي اؼبصلحي ،ىذه كلها عقبات تعًتض اإلنسان يف
طريقو ،أليس كذلك؟ وألجل ذلك إن شاء هللا سنتناوؽبا واحدة واحدة ،وسننظر كيف أن التزكية
ستكون مؤثرة ومعاعبة ؽبا إبذن هللا تعاذل.
ٖ
مركزية التزكية:
خمتصرا أوليِّا عن:
ً أما اليوم فسيكون احلديث
مركزية التزكية من أربع جهات:
اجلهة األوىل :مركزيتها يف القرآن الكرمي .
اجلهة الثانية :مركزيتها يف حياة النيب ﷺ.
اجلهة الثالثة :مركزيتها من جهة آاثرىا اغبسنة.
اجلهة الرابعة :مركزيتها من جهة اآلاثر السيئة اؼبًتتبة على فقداهنا أو تركها.
إ ًذا ىذه أربع جهات ىي ستكون ؿبور حديث اليوم .
شيء مهم .أول كلمة قلتها ،ما ىي؟ «مركزيتها». لكن قبل أن أربدث اآلن دعوان نقف عند ٍ
جدا وىي :أن تفقو وتعلم مركزًيت جدا ،قصة خطَتة ً جدا ،قصة مهمة ً «مركزيتها» ىذه قصة طويلة ً
الوحي ،فالوحي كلو مق ّدس ،كلو من عند هللا سبحانو وتعا ٰذل ،كلو حق ،لكن دل يُنزلو هللا إنز ًاال يكون
تعد ُل
َحد﴾ أهنا ُ على درجة واحدة من حيث األمهية واؼبركزية .أدل يقل النيب ﷺ يف ﴿قُل ُىو هللاُ أ َ
ث القرآن؟ أدل يقل النيب ﷺ يف آية الكرسي أهنا أعظم آية يف القرآن؟ أدل يقل النيب ﷺ يف سورة ثـُلُ َ
الفاربة أهنا أعظم سورةٍ يف القرآن؟ ىذا ماذا يعٍت؟ يعٍت أنو ىناك تفاضل يف الوحي ،ىناك تفاضل من
حيث األمهية ألنو يقول لك أعظم ،أليس كذلك؟
إدراك التفاوت بُت مراتب الوحي ودرجاتو سواء يف األوامر ..فاألوامر فيها تفاوت ،ىناك أركان
اإلسبلم ،ويوجد سنن ومستحبات ،أليس كذلك؟ النواىي ىناك الشرك ،السبع اؼبوبقات ،وىناك
أكرب الكبائر ،وىناك الكبائر ،وىناك الصغائر ،وىناك اللَّمم ،وىناك اؼبكروىات ،أليس كذلك؟ إ ًذا
جدا.
كبن نقول مركزية التزكية يف القرآن .كلمة «مركزية» ىذه خطَتةٌ ً
ٗ
من ال َفقيوُ يف الدين ح ًقا؟ من الواعي؟ من ادلستقيم؟ من الذي يفقو عن هللا سبحانو وتعا ٰىل
خطابَو؟ ىو الذي يدرك اؼبركزًيت واألولوًيت وترتيبها مث يتعامل مع اإلسبلم يف ضوء أولوًيت
الشريعة ،ما الدليل على أنو ىذا ىو الفقيو؟ الدليل ىو أن النيب ﷺ لَ َّما سأل أُيب بن كعب عن أعظم
آية يف كتاب هللا -وىذا يف البخاري ،-وىذه اؼبعلومة غَت موجودة مسب ًقا ،كبن اآلن صغاران يعرفوهنا ٍ
آية من ألننا أخذانىا جاىزة ،لكن ىذا السؤال عندما كان ألُيب بن كعب يفكر فيوً" .ي أُيب أي ٍ
كتاب هللا معك أعظم؟" فأُيب أخذ يفكر! ووقف عند آية الكرسي ،جذبو إليها اؼبعاين اؼبركزية
قائبل" :وهللاِ
﴿اَّللُ ال إِلوَ إال ُى َو اغبَ ُّي ال َقيّومُ﴾ فضرب النيب ﷺ يف صدره ً
اؼبوجودة فيها ،فقال َّ
ِ ِ ِ
ك العلم؟ ما ىو وجو العلم؟ ىل ىي اؼبعلومة؟ معلومة أن آية العلم أ ََاب اؼبنْذر" .ؼباذا ليَهنِ َ
ُ ليَهنِ َ
ك
ٍ ٍُ
الكرسي أعظم آية؟ ألنو قال" :أي آية من كتاب هللا معك أعظم؟" ىنا أتيت اؼبراتب ،فإدراكوُ أن
ِ
العلم" .إذن العنوان دل يكن التزكية يف
ك ُ ىذه اآلية أعظم ىو الذي جعل النيب ﷺ يقول لو" :ليَهنِ َ
القرآن وإمنا كان «مركزية التزكية يف القرآن» ،حىت يُدرك اإلنسان ما ىي قيمة وأمهية التزكية يف كتاب
هللا سبحانو وتعا ٰذل .
بعض اآلايت اليت تبني قيمة التزكية:
لنأخذ بعض اآلًيت أو بعض اؼبواضع القرآنية اليت تبُت لنا قيمة التزكية ،وأهنا قضية مركزية يف
فقيها يف دين هللا َفرتّب أولوًيتك
كتاب هللا سبحانو وتعا ٰذل .ومرًة أخرى إذا أردت أن تكون ً
ومركزًيتك بناءً على مركزًيت القرآن وأولوًيتو :مركزًيت الوحي ،سنة النيب ﷺ ،عمل النيب ﷺ،
سَتتو ،إذل آخره .
ضحاىا َوال َق َم ِر إذا تَبلىا َوالنَّها ِر ﴿والش ِ
َّمس َو ُ ٔ) يف القرآن قال سبحانو وتعاذلَ :
ماء َوما بَناىا َواأل ِ
َرض الس ِ﴿و َّ ٍ إذا َج ّبلىا َواللَّ ِ
يل إذا يَغشاىا﴾ ىذه طبسةُ أقسام اآلن َ
جورىا َوتَقواىا
قسما اآلن﴿ ،فَأَؽبَ َمها فُ َفس َوما َس ّواىا﴾ ىنا إحدى عشر ًَوما طَحاىا َونَ ٍ
قس َم عليها أي جدا ،لن تُ ِ قَد أَفلَ َح َمن َزّكاىا﴾ .أنت اآلن عندما أتيت وتؤكد قضية خطَتة ً
أبقسام ليست ىي ٍ أحياان تُعرب
فتجد نفسك ً جدا ُ مهتما ابؼبوضوع ً
قسم ،صحيح؟ خاصةً إذا كنت ً
إين
أقسم آبًيت هللا ،وهللا الذي ال إلو إال ىو ّ مثبل إذا كنت تقول« :وهللا» فستقولُ « : اؼبعتادةً ،
٘
طبعا ىو ليس هبذه الصورة ،ولكن تكرار القسم ،إحدى عشر قَ َس ًما صادق» ،أنت ىنا تؤكد القسمً ،
جدا،
كزي ً اب القسم عظيم ومهم ومر ٌ
يُقسم بو هللا سبحانو وتعاذل معٌت ذلك أنو ما سيأيت بعده جو ُ
﴿ونَ ٍ
فس َوما َس ّواىا﴾ فمن فانتبو! ما ىو جواب القسم؟ ﴿قَد أَفلَ َح َمن َزّكاىا﴾ ،ماذا تعٍت زّكاىا؟ َ
أبدا -كإنسان تريد أن تفقو يف دين هللا سبحانوزكى نفسو ،قد أفلح من زّكاىا! أنت اآلن ال ينبغي ً
أبدا أن تتعامل مع ملف التزكية -بعد كل ىذا -على أنو من الواجبات فقط! ال وتعاذل -ال ينبغي ً
جدا.
ليس ىو من الواجبات فقط ،بل ىو قضية مركزية ً
ٕ) آيةٌ أخرى :هللا سبحانو وتعاذل جعل اعبنّة جزاءً للتزكية ،يعٍت يذكر هللا سبحانو وتعاذل اعبنّة
ؤمنا قَد ع ِمل الص ِ
اغب ِ
ات فَأُولئِ َ
ك َؽبُُم َ َ ّ ﴿وَمن ََيتِِو ُم ِ ً
أمورا ،مث يقول ...من يذ ُكر اآلية؟ َ
ويذكر فيها ً
ك َجزاءُ َمن تَـ َزّكى﴾، ِ ِ ِ ِ ٍ
دين فيها َوذل َ
َهنار خال َ
ات عَدن َذبري من َربت َها األ ُجات العُلى َجنّ ُ َّر ُ الد َ
ىذا النعيم كلو ىو جزاءٌ ُػبِّص يف ٍ
عمل وىو «تَـَزّكى».
عمل تزَكوي معُت ىو أحياان أتيت اعبنةُ ىي جزاءٌ ؼبن ..لكن ال َييت لفظ التزكية ،وإمنا َييت ٌ ٖ) و ً
﴿وأ َّما َم ن
فمثبل يف سورة النازعاتَ : من صميم عمل التزكية ،حىت إنك ال تتخيل التزكية بدونوً ،
َّفس عَ ِن اؽبَوى﴾ ىذا اختصار التزكية؛ ألنو عندما نقول اؽبوى ،ما ىو ن ال ى ه ـ
َ نو خاف مقام ربِ ِ
و
َ َ َ َ َ َ َّ
َّفس عَ ِن ن ال ى ه ـ نو خاف مقام ربِ ِ
َ َ َ ﴿وأ َّما َمن َ َ َ َ ّ َ
و ىوىَ ،ات ،كلو ً اؽبوى؟ ىو الكربُ ،والغرور ،والشهو ُ
اؽبَوى فَإِ َّن اعبَنَّةَ ِى َي اؼبأوى﴾ .إذن قضية التزكية يف كتاب هللا سبحانو وتعاذل ىي قضية مركزية.
َ
أحياان تعرفها ابلنص ،مثل أصبل؟ ً وىذه فقط أمثلةٌ سريعة .ىنا سؤ ٌال مهم :كيف تعرف اؼبركزًيت ً
آية من كتاب هللا معك أعظم" ،ىذا واضح اآلن ىذا نص يدل على أن ىذه مركزية ،أو "أي ٍ
أحياان ليس بنص معُت تعرف منو أن ىذا األمر ىو من األمور ً "تَـ ْع ِدل ثـُلُث ال ُقرآن" ىذا نص.
كثَتا تعرف أن ىذه القضية فلما يكرر يف كتاب هللا ً
أحياان من كثرة تكرارهّ ،
األولوية يف القرآن ،وإمنا ً
مركزية ،وإال فلماذا تُكرر؟
ٙ
كيف نعرف مركزية التزكية يف القرآن؟
فأنت اآلن تعرف مركزية التزكية يف القرآن من جهتُت ،كيف نعرف مركزية التزكية يف القرآن؟ ميكننا
ذلك من جهتني:
)2اجلهة األوىل :من النصوص اؼبؤّكِدة ؼبركزية التزكية وأمهيتها ،مثل القسم الذي يف سورة
ُ
الشمس .
)1واجلهة الثانية :من كثرة تكرار قضية التزكية يف كتاب هللا سبحانو وتعا ٰذل ،حىت أنك ذبد ىذا
يف أغلب سور القرآن ،أغلب سور القرآن ذبد فيها قضية التزكية؛ ألن التزكية ىي زبليةٌ وربليةٌ.
-القسم األول« :زبلية»؛ التَّخلِي عن الشوائب اليت تلحق ابلنفس ،واألىواء واألمراض اليت
طبعا
تعصف ابلقلب من الكرب ،والغرور ،والرًيء ،والنفاق ،والشك ،واغبسد ،إذل آخره ،ىذه التخليةً ،
ومن آاثرىا السلوكية.
-والقسم الثاين« :التحليةٌ»؛ وىو النماء والزًيدة ،اليت ىي تنمية القلب ابػبشيَة ،وا﵀بة،
واإلانبة ،واػبضوع ،وما إذل ذلك .ىذه كلها تزكية.
إذن كم نصيب ىذه يف كتاب هللا سبحانو وتعاذل؟ ما شئت .إذن كيف نعرف مركزية التزكية يف
القرآن الكرمي؟ نعرفها يف القرآن الكرمي من جهتُت :اعبهة األوذل من اآلًيت اليت أكدت مركزيتها،
واعبهة الثانية من جهة تكرار ىذا اؼبعٌت يف كتاب هللا سبحانو وتعاذل.
ىذا اآلن ا﵀ور األول يف مركزية التزكية بشكل عام.
ٛ
-وكان النيب ﷺ ينبوُ أصحابو يف السياقات اليت ال تتخيل أنت أنو من اؼبمكن أن يكون فيها
احتياج للتنبيو على أمهية التزكية ،فينبو فيها النيب ﷺ .زبيلوا ً-ي صباعة -ما أقصى نص ٍر كان يف ابل
ٌ
الصحابة حينما كان النيب ﷺ بينهم؟ أو لن ُقل بعد النيب ﷺ ،ما أكرب نص ٍر لو حققوه يكون قد
كسرى وقيصر،
ٰ ربقق؟ بعد وفاة النيب ﷺ ما ىو النصر العظيم الذي كان من اؼبمكن أن يتحقق؟ فتح
كسرى وقيصر؛ يعٍت جاء اإلسبلم فأشرقت مشسو ٰ صحيح؟ يعٍت إسقاط اإلمرباطوريتُت ،وفتح كنوز
اجا ،صحيح؟ ىذه على أعظم القوى اؼبوجودة يف األرض وأُزحيت ،ودخل الناس يف دين هللا أفو ً
فتح من هللا سبحانو وتعاذل َييت لصحابةاللحظة عندما تتحقق ابعبهاد يف سبيل هللا ،ىذا يعٍت أنو ٌ
النيب ﷺ عن طريق ٍ
جهاد يف سبيل هللا ،ىذه اللحظة لن خيطُر يف ابلك أهنا غبظةٌ ربتاج إذل ٍ
تنبيو إذل
الكربى..
ٰ أمهية التزكية يف تلك اللحظة؛ غبظة نصر ،وسبكُت ،وربقيق إقباز عظيم ،وقطف الثمرة
كسرى وقيصر! يف صحيح مسلم يقول النيب ﷺ للصحابة" :إذا فُتِحت عليكم فارس والروم ،أي ٰ
ضبن بن عوف رضي هللا تعاذل عنو :نقول كما قال هللا سبحانو وتعاذل .فقال ٍ
قوم أنتم؟" قال عبد الر ٰ
النيب ﷺ" :أو غَت ذلك؟ تتنافسون ،مث تتحاسدون ،مث تتدابرون" .ىنا الحظ كيف النيب ﷺ ينبّو
الصحابة على قضية التزكية يف أعلى مراحل النصر والتمكُت.
غبش ،وال يوجد فيو إشكاالت ،القصد أنو ٍ ٍ
طبعا يف سياق جهاد صاف ال يوجد بو ٌ الحظوا أهنم ً
ٍ
مرحلة مبكرةٍ ،كبن صافية يف الفتح والتمكُت لئلسبلم ومع صحابة رسول هللا ويف ٍ ٍ
صادقة ضمن ٍ
نية
تغَت األحوال .فبلحظوا مركزية وأمهية التنبيو
نتكلم عن زمن عمر بن اػبطاب هنع هللا يضر ،ال نتكلم عن بعد ّ
إذل ىذا اؼبعٌت يف مثل ذلك السياق ،فما ابلكم دبا دونو من السياقات !
ٍ
بشكل خاص -أبنو تُغيَّا لذلك من اػبطأ الكبَت اؼبوجود يف كث ٍَت من التصورات -اإلسبلمية
ادلشاريع :أي ُذبعل ؽبا غاًيت ،بتحقيق نص ٍر مع ٍ
ُت؛ أنو إذا ربقق ىذا اإلقباز بلغنا الغاية ،بينما يف
الكربى ليست إال مرحلةً من
ٰ سباما أن مرحلة الوصول إذل الثمرات
اإلسبلم يف الوحي ذبد من الواضح ً
اؼبراحل فقط ،ليست ىي الغاًيت.
ٜ
َرض ََِّّللِ يوِرثُها َمن يَشاءُ ِمن
لذلك ذبد أن موسى عليو السبلم قال لقومو ؼبا قال﴿ :إِ َّن األ َ
عد ما ِجئتَنا َ
قال عَسى َربُّ ُك م أن بل أن َأتتِينا وِمن ب ِ
َ َ َ َّقُت قالوا أوذينا ِمن قَ ِ لمت َ
ِ ِِ ِ ِ
عباده َوالعاقبَةُ ل ُ
عملو َن﴾ ىنا يبدأ يف تَ َ
رض﴾ ال توجد نقطة ىنا﴿ ،فَـيَنظَُر َك َ ك َع ُد َّوُكم َويَستَخلِ َف ُكم ِيف األَ ِ ِ
يُهل َ
االمتحان.
وىنا نفس الشيء" :إذا فتحت عليكم فارس الروم ،أي ٍ
قوم أنتم؟" ،وقبل وفاتو أبًيم" :إين ال
صل وسلم على رسول أخاف أن تُفتح عليكم الدنيا" ،اللهم ِّ
ُ أخاف عليكم أن تُش ِركوا بعدي وإمنا
ُ
هللا.
ؾبتمعا
رجاال ،وصنع ً ىذا الكبلم كلو ربت عنوان «مركزية التزكية يف حياة النيب ﷺ» ،وأنو صنع ً
مرًِّّب من الرجال والنساء ،صنعهم على ٍ
قضية تتمحور حول الغاية اليت ُخلقوا ألجلها ،والسبيل النبوي
الذي يوصل إذل ربقيق ىذه الغاية ،وىذه ىي التزكية يف األخَت.
أيضا من األشياء اليت تبُت مركزية التزكية يف حياة النيب ﷺ :أنو على اؼبستوى الًتبوي العملي، ً -
وحيرص عليها ،ولذلك اغبديث اؼبشهور ُ وعلى مستوى التعامل مع الشباب كان يبدأ بقضية التزكية
غلماان حزاورةً عند النيب ﷺ فتعلمنا اإلديان قبل أن
ً حديث ُجْن ُدب رضي هللا تعاذل عنو قال" :كنَّا
إدياان" ،وىذا اؼبفروض يُعيد ترتيب األولوًيت ابلنسبةنتعلم القرآن ،مث تعلمنا القرآن فازددان بو ً
ألصحاب الربامج الًتبوية اليت مع األوالد واعبيل الصاعد وما إذل آخره« .تعلمنا اإلديان» أي أن ىذا
القلب الذي يتلقى القرآن ،والقرآن ليس أن ربفظو فقط ،بل ىو طبيعة القلب الذي يتلقى القرآن،
ديلؤىا إبذن هللا تعاذل ابليقُت ،واػبشية ،واإلانبة،
يفتح للقرآن القلوب ،ويُهذهبا ،و ُفكان النيب ﷺ ُ
فتكون صاغبةً لتلقي القرآن وال شك أنو يف األصل من وسائل تطويعها ىو القرآن الكرمي .
إ ًذا أىم قضية يف مركزية التزكية يف حياة النيب ﷺ ىي :أن هللا وصف وظائف النيب ﷺ ،ومن
أمهها «يُزّكِي» ،ىذا أىم شيء ،مث اؼبمارسة العملية للنيب ﷺ.
-ىناك نقطةٌ أخرى مركزية يف أمهية التزكية عند النيب ﷺ وىي :أن النيب ﷺ إذا قَسمت اؼبراحل
ٍ
ومرحلة مدنيّة ،اؼبرحلةُ اؼبكيّة أطول من اؼبرحلة اؼبدنيّة ثبلثة ٍ
مرحلة مكيّة األساسية يف حياتو النبوية:
ٓٔ
عاما ،أليس كذلك؟ يف مقابل عشر سنوات يف اؼبدينة .اؼبرحلة اؼبكية لو أردت اختصارىا ،وىيعشر ً
اؼبرحلة األكرب واألكثر واألطول يف حياة النيب ﷺ ،لو أردت أن زبتصر ىذه اؼبرحلة ،فتقول ما الذي
شيء من انحية األحداث وكثرهتا أيها أكثر يف اؼبدينة أو يف مكة؟ يف عملو النيب ﷺ فيها؟ أول ٍ
ُحد ،وكل الغزوات ،واألذى ،واؼبنافقُت ،أغلب األحداث اليت يف بدر وأ ُ
اؼبدينة ،ال توجد مقارنةٌ ،
السَتة يف اؼبدينة يف العشر سنوات ،حىت إنك تقول ما ىذه العشر سنوات العجيبة العظيمة اؼبباركة،
عشر لكن بقيت اؼبرحلة األطول ،ما الذي وكأهنا قر ٌن من اإلقبازات واألعمال وإذل آخره .ىذه كانت ٌ
كان فيها من أحداث؟ ما كان فيها جهاد ،يعٍت عندما تعود للسَتة اؼبكيّة ال ذبد أحدا ًاث كاألحداث
مثبل ذىب للطائف ﷺ ،مث رجع والصحابة ذىبوا للحبشة .إذن ما العمل الذي كان اليت فيها أنو ً
عمل كان أيخذ وقت النيب ﷺ وجهده يف تلك األعوام مها أمران: يعملو النيب ﷺ؟ أىم وأكثر ٍ
-األمر األول :تزكية أصحابو ،وتربية ىؤالء الثُـلّ ِة اليت لديو على أعز اؼبعاين وأعظمها ،وتربيتهم
عليها عمليًا .وعندما تنظر يف التاريخ بعد النيب ﷺ فإن اػبلفاء الراشدين من تلك اؼبرحلة ،وأكثر من
دور ىم من السابقُت -حىت من السابقُت اؼبدنيُت .-ىذا الشيء األول الذي عملو النيب برز وكان لو ٌ
ﷺ.
-ما ىو عملوُ الثاين يف اؼبرحلة اؼبكيّة؟ األمر األول التزكية والًتبيّة العملية للصحابة ،الثاين:
تقسم حياة النيب ﷺ ،القسم األكرب من وؿباجتهم ،وؾبادلتهم .عندما ّ َّ خطاب اؼبشركُت ،ودعوهتم،
أبدا! بل دل يكن
حياتو كان يف التزكية العملية ويف الًتبية العملية لصحابتو .وىذا ليس شيئًا ىامشيًا ً
ليكون ما كان لوال تلك الًتبية ،أليس كذلك؟
ولذلك أنت اليوم يف واقع مشتبك اشتبا ًكا إذل أبعد مدى ،فيو مؤثرات فكرية وثقافية سلبية إذل
مدى،ظلم وتسلّط وإذل آخره إذل أبعد ً
أبعد مدى ،مؤثرات اجتماعية خاطئة ،وفكرية إذل آخره ،وفيو ٌ
جدا .وإن أردت أن ترجع غبياة النيب ﷺ فإن واحدة من أىم اؼبعادل اليت ديكن أن وفيو أشياءٌ كثَتةٌ ً
تُقتبس من حياة النيب ﷺ ىو اؼبعٌت الذي صنعو النيب ﷺ يف مثل تلك األحوال وىو تربية وزبريج
أانس على مستوى ٍ
عال من اإلديان ،واليقُت ،والصرب ،والثبات ،والعمل وما إذل ذلك. ً
ٔٔ
طبعا أىم شيء َّأال يكون مفهوم التزكية أنو َيخذ زاويةً ومعو ُسبحةٌ طويلةٌ ،ويُسبّح هبا كم ألف
تسبيحة ،وتصبح ىذه التزكية! ليست ىذه ىي التزكية ،التزكية أحد أىم معاؼبها قوة اليقُت ،والصرب ٍ
والثبات على اغبق ،والصرب على األذى ،وعدم اػبشية؛ أي أال خياف يف هللا لومةَ الئم ،ىذه من أىم
وتقوقعا ،بل التزكية ابلعكس ،وسيأيت أن شاء هللا بعض األمور
ً آاثر التزكية .فالتزكية ليست انعز ًاال
عموما ىذا ا﵀ور الثاين وىو «مركزية التزكية يف حياة النيب ﷺ».عنهاً .
اجلهة الثالثة :مركزية التزكية من جهة آاثرىا احلسنة:
ٖٔ
ف غُرفَةً بِي ِدهِ ِ
متنفسا ،خذ لك شربة ماء .-نفس الشيء
ً لك جعل يعٍت ؛﴾ طالوت ﴿إ َّال َم ِن ا ْغتَـ َر َ ْ َ
وحرم عليك أشياء.
متنفسا يف الزواج وما إذل ذلكّ ،
يف الشهوات اعبسدية جعل لك ً
ىنا نفس الشيء ،أنت كإنسان عندك فبتلكات معينة أو عندك ؿببوابت معينة فقدهتا ،اؼبوقف
الشعوري الذي ديكن أن تعملو ىو :أن تغضب وربزن ،إخل .الذي يريد منك اإلسبلم أن تعملو ىو
جدا؛ فإذا دمعت عينك أن تغلّف ىذه اؼبشاعر بغبلف التزكية ،تتجاوزىا ،وذبعل ؽبا اؼبتنفس الطبيعي ً
وربسر قلبك فهذا ال أبس بو ،أما إذا ُش َّقت اؼببلبس ،ونُفش الشعر ،وجاءت الولولة والصراخ ّ
وضربت اػبدود ،فقد قال النيب ﷺ يف وصف ذلك" :ليس منّا من ضرب اػبدود وشق والصياحُ ،
اعبيوب ودعا بدعوى اعباىلية" ،وقال" :أربع يف أميت من أمر اعباىلية ال يًتكوىن -وصدق عليو
الصبلة والسبلم -الفخر اب ألحساب والطعن يف األنساب ،واالستسقاء ابألنواء ،والنياحة على
اؼبيت" ،صدق رسول هللا ﷺ .األمور األربعة مستمرة مثل ما ىي ،يعٍت أقصد مستمرة ال تزال عند
الناس .
طيب ،ما ىي فائدة التزكية من الناحية الذاتية؟ من أعظم فوائد التزكية من الناحية الذاتية -
خاصة إذا بلغت ادلبلغ ادلهيمن :-أهنا تعني اإلنسان على الصرب على ادلصائب .حُت نقول الصرب
على اؼبصائب كبن ال نتكلم يف الصرب على اؼبصائب يعٍت ؾبرد أن ديوت إنسان ُرببو ،اإلنسان ال يزال
يف ببلءات متقلب فيها ،وىذا جزء أساسي من حياتك ديكن أن يقلب حياتك ،ديكن أن يؤثر يف
مسَتتك ،ديكن أن يُرديَك يف النار ،وال ؾبال وال سبيل وال طريق لتجاوز ىذا اإلشكال إال ابلتزكية .
من اآلاثر الذاتية للتزكية :أهنا تُبعد عن اإلنسان األوىام النفسية اليت ىي من مجلة أمراض
القلوب .وًي َشُت اإلنسان ،وًي لقبحو ،وًي لسوئو ،إذا نسي أنو عبد ﵁ سبحانو وتعاذل ،وهللا! يعٍت
دنيوي معُت ،فهو يكاد يـُ ّعرف نفسو أنو
ّ مثبل َم َّكنو من منصب
إنساان ألن هللا ً
مثبل ً أنت اآلن ذبد ً
ُانسا يُفنون مئات اآلالف من البشر ألنو ىو األحق أبن
مثبل أ ً
إلو! خاصة يف بعض السياقات ،ذبد ً
يكون يف ىذا اؼبكان ،أو إذل آخره فبا تعلمونً .ي أبو الشباب إذل أين أنت ذاىب؟ أنت ما تعريفك
لنفسك ،إذل أين؟ أنت إنسان! هللا سبحانو وتعاذل لـ ّما يذكر مثل ىذه النماذج ،يقول سبحانو
ٗٔ
يم﴾ .أنت اآلن تقول وأنت ال من ُحي ِي الْعِظَ ِ ِ وتعاذل﴿ :وضرب لَنَا ً ِ
ام َوى َي َرم ٌ
َ مثبل َونَس َي َخلْ َقوُ قَ َ َ ْ ْ َ ََ َ
عمرك أربعُت سنة ،أسبٌت أن أراك وأنت تلبس اغبافظة! فهمت الفكرة؟ ال أحد يقول من حييي العظام
وىي رميم إال من يرى أَّال أحد يف الدنيا مثلو.
قليبل للوراء وانظر إذل نفسك أنت -ال أتكلم عن غَتك -أنت تَذ ّكر نفسك حُت طيب ،عُد ً
ام َو ِى َي ِ مثبل َونَ ِس َي َخلْ َقوُ قَ َ
ال َم ْن ُحيْ ِي الْعظَ َ ب لَنَا ً ض َر َ
﴿و َصغَتا ،كيف كنت؟! أال تتذ ّكر؟! َ كنت ً
ول ْاإلنسان أَإِذَا َما ِم ُّ ِ ِ
ج َح يِّا﴾ ُخ َر ُ
فأْ ت لَ َس ْو َ ﴿ويـَ ُق ُ ٍ
َنشأَ َىا أ ََّو َل َم َّرة﴾َ .يها الَّذي أ َ يم قُ ْل ُحيْيِ َ
َرم ٌ
الحظ تركيب اعبملة يدل على نفسية اؼبتحدث ،يعٍت فرق بُت أن يقول اإلنسان «ىل إذا مت
ج َحيِّا﴾! يعٍت كأنو يتحدى حدوث ىذا ُخ َر ُ
ف أْ ت لَ َس ْو َ سوف أُخرج حيّا» ،وبُت ﴿أَإِذَا َما ِم ُّ
ك َشيْـئًا﴾. أان َخلَ ْقنَاهُ ِم ْن قَـبْلُ َوَدلْ يَ ُ
األمر﴿ .أ ََوَال يَ ْذ ُك ُر ْاإلنسان َّ
عرف نفسو التعريف الذي يستحقو .أنت فمن أىم فوائد التزكية الذاتية أهنا جتعل اإلنسان يُ ِّ
إنسان ،حىت لو كنت صاحل وحىت لو كنت نبيًا ،لو كان نبيًا من األنبياء ،النيب نفسو ىو أكثر إنسان
يتواضع ﵁ سبحانو ،تعرفون النيب ﷺ يف أعلى مراحل نصره يف فتح مكة دخل وىو خاشع متواضع
معًتف؛ ألنو يف داخلو يعلم أن ىذا دل يكن لوال نصر هللا وتوفيقو .بينما لو فقد اإلنسان التزكية أول
اَّللُ ُت وابْـتَ ِغ فِيما َ
آاتك َّ اَّلل ال ُِحي ُّ ِ
ب ال َف ِرح َ شيء يعتقد أنو ماذا؟ ؼبا قالوا لقارون﴿ :ال تَـ ْف َر ْح إن ََّ
ساد يف الدنْيا و ِ ك ِم َن ُّ اآلخرةَ وال تَـ ْنس نَ ِ ال ّدار ِ
اَّللُ إليك وال تَـ ْب ِغ ال َف َ
أح َس َن َّ أحس ْن َكما ْ ْ صيبَ َ َ َ َ
قال َّإمنا أُوتِيتُوُ عَلى عِلْ ٍم عِ ْن ِدي﴾ ىذا الفرق .نفسية قارون ين َ َ
ب اؼب ْف ِس ِ
د اَّللَ ال ُِحي ُّ
ض إن َّاألر ِ
ْ
ُ
﴿إمنا أُوتِيتُوُ عَلى عِ ْل ٍم عِ ْن ِدي﴾ ىذه يشعر هبا كل إنسان فاقد للتزكية ولديو بعض ىذه حُت قالَّ :
ند ُىم ِّم َن ٱلْعِلْ ِم﴾ .
ت فَ ِر ُحواْ ِدبَا عِ َ
اؼبكتسبات﴿ .فَـلَ َّما جآءتْـهم رسلُهم بِٱلْبيِ ٰنَ ِ
َ َ ُ ْ ُ ُ ُ َّ
عرف ذاتك تعريفا ال ينفك عن
إذن من أعظم اآلاثر احلسنة للتزكية على الذات :أن جتعلك تُ ّ
معٌت العبودية هلل سبحانو وتعاىل ،وابلتارل تتواضع وتشكر عند اؼبكتسبات ،وتصرب عند اؼبصائب
والنكبات ،وتدور يف ىذا الفلك بُت الصرب والشكر .وىذا ىو اؼبؤمن الذي ػبص النيب ﷺ حياتو
بقولو" :عجبًا ألمر اؼبؤمن إن أمره كلو خَت ،إن أصابتو ضراء صرب فكان خَتًا لو وإن أصابتو سراء
٘ٔ
شكر وكان خَتًا لو- ،قال عليو الصبلة والسبلم -وليس ذلك ألحد إال للمؤمن" وضع ربتها
سبعة وثبلثُت خط .يعٍت :البد من تزكية للمؤمن .ال ديكن أن يكون ىذا اغبال ىو حال إنسان غَت
مزِّكى .
إ ًذا من مركزية التزكية من جهة اآلاثر احلسنة على الذات :الصرب عند ادلصائب ،وتعريف
اإلنسان نفسو تعري ًفا ال ُّ
ينفك عن معاين العبودية ،وابلتايل ال حيدث يف قضية االغًتار حىت يف
طريقو اإلصالحي وادلكتسبات« .أان صرت حافظ»« ،عندي طبلب كثَت»« ،ألَّفت كم كتاب»،
سبام! وكان فضل هللا عليك عظيما ،ولو هللا سبحانو وتعاذل قطع عنك َم َد َده قليبل ،وأزال السًت بينك
قليبل ،سبام؟ لذلك النيب ﷺ ،هللا ماذا قال لو يف سورة وبُت أعُت الناس ،الناس تركوك وىجروك فاىدأ ً
يما﴾، اَّللِ علَي َ ِ ِ اإلسراء؟ ﴿ولَئِن ِشئْـنا لَن ْذى َّ ِ َّ ِ
ك عَظ ً ضلُ َّ َ ْ ﴿وَكا َن فَ ْ َب ابلذي أ َْو َحيْـنَا إلَيْك﴾َ ، َ ْ َ َ ََ
ِ وحا ِم ْن أ َْم ِرَان ۚ َما ُكنْ َ ِ ِ
ص﴿كبْ ُن نـَ ُق ُّ
اإل ديَا ُن﴾َ ،اب وَال ِْ
ت تَ ْدري َما الْكتَ ُ َ ك أ َْو َحيْـنَا إليك ُر ً﴿وَك َٰذ ل َ
َ
ُت﴾ الغافلُت ِِ ص ِدبَا أَوحيـنَا إليك ى َذا الْ ُقرآ َن وإِ ْن ُكنْ ِ ِ ِ ِ ص ِ
ت م ْن قَـ بْلو لَم َن الْغَافل ََ ْ َ َ ْ َْ َح َس َن الْ َق َ
كأْ عَلَيْ َ
عن ىذه اؼبعاين ،عن ىذه األمور ،عن ىذا الوحي الذي أنزلو هللا إليك ،فهو منّة من هللا لك .وكما
أنو منة من هللا سبحانو وتعاذل على النيب ﷺ ،فهو منة من هللا علينا أن بعث لنا ىذا النيب ﷺ .فما
كان بنا من ىداية ،وخَت ،وعلم ،وتوفيق ،فهو بتوفيق هللا سبحانو وتعاذل ودبا أرسل إلينا ىذا الرسول
الكرمي ﷺ.
)1من الناحية اإلصالحية:
فقيمة التزكية ابلنسبة لئلنسان اؼبسلم يف طريقو اإلصبلحي -ىذا اآلن انتقال ،يعٍت حلقة وصل
بُت فقرة من الناحية الذاتية ومن الناحية اإلصبلحية ،كبن قلنا اآلاثر اغبسنة من الناحية اإلصبلحية،-
ىذا من الناحية اإلصالحية :أن تدفع اإلنسان ادلسلم وادلصلح عند ادلكتسبات ألن ينسب
الفضل إىل هللا سبحانو وتعاىل وأن يشعر حقيقة أن هللا سبحانو وتعاىل َوفَّ َقو ،فال ّ
يغًت ،ابلعكس.
دائما يعجبٍت موقف الذين كانوا مع األنبياء السابقُت الذي ذكرىم هللا يف سورة آل عمران أان ً
يل َِّ ِ ِ ِ ِ
ضعُ ُفوا َوَما اَّلل َوَما َ َصابـَ ُه ْم ِيف َسبِ ِ ﴿ َوَكأَيّن ّم ن نَِّ ٍيبّ قَاتَ َل َمعَوُ ِربِّيُّو َن َكثَتٌ فَ َما َو َىنُوا ل َما أ َ
ين َوَما َكا َن قَـ ْو َؽبُْم إَِّال أَن قَالُوا َربـَّنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا ذُنُوبـَنَا َوإِ ْس َرافَـ نَا ِيف ب َّ ِ
الصاب ِر َ اَّللُ ُِحي ُّ
استَ َكانُوا َو َّ
ْ
ٔٙ
ِ ِ
انص ْرَان عَلَى الْ َق ْوم الْ َكاف ِر َ
ين﴾ فأنت تتعجب من طلبهم من هللا سبحانو أ َْم ِرَان َوثـَبِّ ْ
ت أَقْ َد َامنَا َو ُ
وتعاذل اؼبغفرة وىم يف ذلك السياق.
طيب ،أمر آخر يف اآلاثر احلسنة للتزكية يف الناحية اإلصالحية وىو الثبات .أنت حُت تكون
مثبل يف
مثبل ،أو يف بعض اؼبشاريع النافعة ،ردبا قد سبر عليك ً
يف حالة رخاء ،حىت يف حالة دعوية ً
حياتك الشخصية مواقف صعبة وتؤثر ردبا على مسَتتك ،لكن يف نفس طريقك الدعوي أو
اإلصبلحي قد ال أتتيك العقبات الكبَتة إال إذا اتسع النطاق عندك ،وكثرت األعمال ،واتصلت
ؿببل للحسد ،لكن قبل ذلك قد ال سبر دبثل ىذه اؼبواقف .سواء بشرائح ـبتلفة ومتنوعة ،وصرت ً
مررت هبا ،أو دل سبر ،أو كنت ستمر ،ستأيت الح ًقا على مثل ىذه القضاًي أو ّأًي كان خدمت
خاطرا تُداعب بو مشاعرك اليوم
اإلسبلم أبي طريق من الطرقْ ،اعلَم أن الثبات على الطريق ليس ً
وتقول« :وهللا أان لو تعرضت البتبلء أان سأكون من الثابتُت استغفر هللا يعٍت» ،ال! أنت ال تعرف
سفر عن أخبلق نفسك عند األزمات ،لذلك حىت على اؼبستوى الشخصي يقولون :إن السفر ي ِ
ُ
الرجال ،وأن فبلن تعرفو؟ فهل صاحبتو ىل سافرت معو؟ ىذا يف الناحية العادية .يف انحية الطريق إذل
هللا سبحانو وتعاذل -خاصة الطريق ذو النفع اؼبتعدي -أنت ال تعرف نفسك عند األزمات! الكثَت
أحياان ليس بسبب أزمة
ً من الناس انتكسوا بسبب أزمات معينة ،ابتبلءات معينة ،أليس كذلك؟
أحياان بسبب طول الطريق وعدم وجود شبرات يلمسها اإلنسان بيديو« ،تعبنا وبذلنا وًي عمي
مباشرةً ،
إذل مىت يعٍت؟!»« ،ىل ترى حال الناس كيف حال اؼبسلمُت ،حال اؼبصائب ،ماذا أفعل؟!» إذل
آخره .
جدا ،كبن قلنا إن التزكية شقُت زبلية وربلية
الثبات على الطريق اغبق ال يكون إال بتزكية عالية ً
صح؟ ىنا أي معٌت يظهر أكثر التخلية وال التحلية؟ التحلية .يعٍت أي شقي التزكية أكثر اتصاال
اتصاال بصفة الثبات؟ الصرب واليقُت .ويف
بقضية الثبات؟ التحلية .أي عمل من أعمال التحلية أكثر ً
اغبقيقة اليقُت ىو الباعث على الصرب.
ٔٚ
آًيت متعددة يف كتاب هللا تدل على أن اليقُت كان سببًا يف الثبات ،ومن أبرزىا كقصة متدرجة
ب عَلَيْ ُك ُم الْ ِقتَ ُ
ال أ ََّال تـُ َقاتِلُوا قَالُوا َوَما لَنَا أ ََّال نـُ َقاتِ َل ِ ِ
ال َى ْل عَ َسيْـتُ ْم إن ُكت َ واضحة قصة طالوت ﴿قَ َ
اَّللِ﴾ ،وىذا نفس القول «أنٍت خبَت وسأصرب عند األزمات»َ ﴿ ،وَما لَنَا أ ََّال نـُ َقاتِ َل ِيف يل َّ ِيف َسبِ ِ
ال تَـ َولَّ ْوا إَِّال قَلِ ًيبل ِّم نْـ ُه ْم﴾ لآلن ب عَلَيْ ِه ُم الْ ِقتَ ُ ِ ِ ِ ِ ِ
ُخ ِر ْجنَا من د ًَيرَان َوأَبْـنَائنَا ۖ فَـلَ َّما ُكت َ
يل َِّ
اَّلل َوقَ ْد أ ْ َسبِ ِ
ال َؽبُْم نَبِيُّـ ُه ْم َّ
إن ﴿وقَ َ
جداَ ، مبكرا ً مبكراً ، دل تبدأ اؼبعركة ،فقط ؾبرد أن فُرض وكتب عليهم القتال تولوا ً
وت َملِ ًكا﴾ث لَ ُك ْم طَالُ َ ٱ ََّّللَ قَ ْد بـَعَ َ
ت ك علَيـنَا وَكبْن أَح ُّق ِابلْملْ ِ ِ
ك منْوُ َوَدلْ يـُ ْؤ َ ُ ََّن يَ ُكو ُن لَوُ الْ ُملْ ُ َ ْ َ ُ َ
ىنا تربز اؼبعايَت الفاسدة﴿ :قَالُوا أ َّٰ
َسعَةً ِّم َن الْ َم ِال﴾ َييت ويضع معايَته فوق معايَت الوحي ،وهللا ىو من اختار طالوت مل ًكا عليهم! مث
انطلق اعبيش وفصل طالوت ابعبنود ،اآلن امتحان للثلة اؼبؤمنة أو الثلة اليت -لِنَـ ُقل -ليس ابلضرورة
أصبل ما فيهم خَت، أن تكون حققت كل شروط اإلديان ،لكنها الثلة اليت ذباوزت أولئك الذين ً
﴿ولَ ِكن َك ِرَه َّ
اَّللُ انبِ َعاثَـ ُه ْم فَـثَـبَّطَ ُه ْم﴾. َ
س ي ل
َ ـ
َ ف و ن
ْ ﴿إِ َّن ا ََّّلل مبـتَلِي ُكم بِنَـه ٍر﴾ ىذا اختبار اآلن للخاصة داخل الطريق﴿ ،فَمن َش ِرب ِ
م
َ ْ ُ َ َ َ َ ُْ
ف غُ ْرفَةً بِيَ ِدهِ ۚ فَ َش ِربُوا ِمنْوُ إَِّال قَلِ ًيبل ِّم نْـ ُه ْم﴾ ليس «دل
ِم ٍِّت َوَمن َّدلْ يَطْعَ ْموُ فَإِنَّوُ ِم ٍِّت إَِّال َم ِن ا ْغتَـ َر َ
قليبل ِّم نْـ ُه ْم﴾! لذلك ورد يف بعض األحاديث أن الذين دل يشرب بعضهم» ،بل ﴿فَ َش ِربُواْ ِمنْوُ إال ً
يشربوا كانوا بعدد أصحاب بدر ،يعٍت ثبلشبائة وبضعة عشر.
﴿فَـلَ َّما جاوزه ىو والَّ ِذين آمنُوا معو قَالُوا َال طَاقَةَ لَنَا الْيـوم ِِب الُوت وجنُ ِ
ودهِ﴾ اآلن جاء ََْ َ َ َ ُ َ َ َُ ُ َ َ َ َ َ َ ُ
اختبار آخر ..يف اختبار شهوات قبحوا فيو ،كانت شهوة الشرب على الظمأ والتعب والنصب ،يعٍت
سهبل« ،أننا نسَت ونتمشى وىناك هنر واشربوا أو ال تشربوا» دل تكن ىكذا ،بل ال تظن أنو كان شيئًا ً
اَّللَ ُمبْـتَلِي ُكم بِنَـ َه ٍر﴾ يعٍت كان ابتبلءً ،فكان عطش وتعب،
ىم كانوا يف مسَتة جيش فبتدة﴿ ،إِ َّن َّ
وىذا ابتبلء .وابؼبناسبة ىذه األشياء ىي اليت تكشف -ابالصطبلح -تكشف فلسفة اإلسبلم،
تكشف اؼبعاين اؼبركزية يف اإلسبلم من انحية االبتبلء وما إذل ذلك.
ٔٛ
﴿قَالُوا َال طَاقَةَ﴾ ىنا بنفس التعبَت السابق ﴿فَ َش ِربُواْ﴾ أي أن األكثر ﴿قَالُوا َال طَاقَةَ لَنَا الْيَـ ْو َم
اَّللِ َكم ِم ن فِئَ ٍة قَلِيلَةٍ
ين يَظُنُّو َن أَنـَّ ُهم ُّم َبلقُو َّ ودهِ﴾ ىنا َييت موضع الشاىد﴿ :قَ َ َّ ِ ِِب الُوت وجنُ ِ
ّ ال الذ َ َ َ َُ
اَّللِ﴾ زبتصرىا يف كلمة ين﴾﴿ ،يَظُنُّو َن أَنـَّ ُهم ُّم َبلقُو َّ اَّلل مع َّ ِ
الصاب ِر َ
غَلَبت فِئةً َكثَِتةً إبِِ ْذ ِن َِّ
اَّلل ۗ َو َُّ َ َ َْ َ َ
«يقُت»؛ ألن «يظنون» ىنا دبعٌت اليقُت ،يوقنون.
بلق ِح َسابِيَوْ﴾، وتعرفون أن ىذا اصطبلح يف القرآن َييت الظن دبعٌت اليقُت﴿ :إِِين ظَنَـنْت أَِين م ٍ
ُ ّ ُ ّ
أيضا يف القرآن.
وَييت الظن دبعٌت الشك ً
اَّللِ ۗ َو َّ
اَّللُ َم َع ت فِئَةً َكثَِتَةً إبِِ ْذ ِن َّ ال الَّ ِذين يظُنُّو َن أَنـَّهم ُّم َبلقُو َِّ ِ ِ ٍ ِ ٍ
اَّلل َكم ّم ن فئَة قَليلَة غَلَبَ ْ ُ َ َ ﴿قَ َ
َّ ِ
ين﴾. الصاب ِر َ
ادللخص من القصة كلها كفائدة هنائية :أثر اليقني يف الثبات عند األزمات يف الطريق
اَّللُ عَلَيْ ِه َما﴾ .
ين َخيَافُو َن أَنْـعَ َم َّ ِ ِ َّ ِ اإلصالحي﴿ ،قَ َ
ال َر ُج َبلن م َن الذ َ
إذن اخلالصة إن من أعظم آاثر التزكية على اإلنسان اؼبصلح أهنا من أعظم أسباب الثبات عند
األزمات ،وإذا قلنا الثبات عند األزمات ،فقلنا التزكية بشقيها التزكية يف شق التحلية ىي األكثر فاعلية
ين َخيَافُو َن أَنْـعَ َم ال رج َبل ِن ِمن الَّ ِ
ذ
َ َ أيضا اػبشية واػبوف ﴿قَ َ َ ُ
طبعا ً
ىنا ،وربت التحلية الصرب واليقُتً ،
اَّللُ عَلَْي ِه َما﴾ .الكبلم يطول لكن لعلو َييت فيما بعد ،وىذا ؾبرد عرض سريع ؾبمل.
َّ
اجلهة الرابعة واألخرية :اآلاثر السيئة عند ختلف التزكية:
أيضا؛ ألن اآلاثر السيئة عند زبلف التزكية تظهر عليك كذات. كثَتا من التفاصيل ً
ىنا سأذباوز ً
تكلمنا قبل قليل عن الغرور والعجب والتكرب ،فاألمور اليت لن أذكرىا :أثر فقدان التزكية على عدم
الصرب عند اؼبصائب ،أثر فقدان التزكية على فساد العبلقات االجتماعية األسرية القريبة والبعيدة ،ال
قدرا ،إمنا أتكلم عن الفساد الذي يكون السبب فيو من انحية عدم أتكلم عن الفساد الذي يكون ً
االلتزام دبا أمر هللا سبحانو وتعاذل بو من حدود هللا وشرعو ،إذل آخره.
ٜٔ
ولكن أان أذباوز ىذا كلو وأنتقل إذل اآلاثر السيئة لتخلف التزكية يف الطريق اإلصبلحي أو يف
الناحية اإلصبلحية .دبجرد أن تُقلّب بصرك يف الواقع تقليب الفاحص الناقد اؼبتفهم ،البصَت دبعاين
كثَتا من اؼبشكبلت يف الواقع اإلسبلمي ىي يف اغبقيقة -وإن الشريعة ودبعاين النفوس؛ ستدرك أن ً
مؤثرا فيها ،ولو دل ِ
غُلّفت بغبلفات كثَتة -يكون ضعف التزكية َّإما سببًا أساسيًا فيها ،أو يكون سببًا ً
يكن ىو السبب األساسي.
ما أبرز الصور اليت حت ُدث بسبب ضعف التزكية؟
يف السياق اإلصالحي توجد عدة صور:
)2الصورة األوىل :احلسد بني الصاحلني أو بني العاملني .وىذا اغبسد قد ذكره هللا سبحانو
وتعاذل عن بٍت إسرائيل ،وذكر النيب ﷺ أننا سنتبع سنَ َن من كان قبلنا ﴿فَـلَ َّما َجاءَ ُى ْم َما عَ َرفُوا َك َف ُروا
اَّللُ﴾ ؼباذا؟ ﴿بـَغْيًا﴾! ﴿ َو َّد َكثَِتٌ ِّم ْن أ َْى ِل ِ ِ
بِو﴾﴿ ،بِئْ َس َما ا ْشتَـ َرْوا بِو أَن ُف َس ُه ْم أَن يَ ْك ُف ُروا دبَا أ َ
َنزَل َّ ِ
اب لَ ْو يـَ ُرُّدونَ ُكم ِّم ن بـَ ْع ِد إِديَانِ ُك ْم ُك َّف ًارا﴾ ؼباذا؟ ﴿ َح َس ًدا﴾! اغبسد ىذا واحد من الصور. الْكِتَ ِ
«فأان فبكن أن أرد عليك ،أبدأ فقط دبنشورات يف الفيسبوك مث تصبح قصة طويلة ،ألنك يف نفس
أصبل ال
اختصاصي وأنت أتيت بعدي وأرى أن االىتمام عليك أكثر ،ما ىي قصتك؟! مث أنت ً
سبلك شهادة علمية يعٍت أان معي شهادة علمية ،أان تعبت يف اجملال ىذا وأخذت دكتوراة وأنت ما
أخذت ،مث أكملت طبسة عشر سنة وأان يف ىذا اجملال ،أنت اآلن جئت مع شبكات التواصل اليت
جعلتك تربز! ال أان ال أقول إين أحسدك ،أستغفر هللا ولكٍت أحسدك فعبل! يعٍت أريد أن أقول إين ال
أحسدك لكٍت أحسدك فعليًا.
ىذا الشعور طبيعي ،ىذه فطرة موجودة يف النفس أنو« :أان تعبت وفعلت وكذا ،وأنت أتيت
بسهولة ىكذا والناس التفوا حولك» ،ىذا طبيعي ،مثل كون شعور التذمر وغَته عند اؼبصيبة طبيعي
لكنو حرام! طبيعي لكنو حرام.
وذلك ؼبن يقول :إن الشذوذ أمر طبيعي ،حىت لو كان طبيعي –وىو ليس طبيعي– فهو يبقى
أصبل ىو معٌت اإلسبلم! اإلسبلم َييت لك أبشياء تكون ىي معٌت االختبارً .ي أخي
حرام ،ألن ىذا ً
ٕٓ
﴿مبْـتَلِي ُكم بِنَـ َه ٍر﴾! النهر حبلل وىو يف أصلو فبا خلقو هللا لنا ،لكن ىناك ويف تلك اؼبرحلة كان
ُ
أصبل ،وابلتارل من يفهم اإلسبلم ابؼبقلوب ال يفهم
حر ًاما ،كان ىذا فقط لبلبتبلء ،وىذا ىو اإلسبلم ً
ىذا اؼبعٌت .
طيب نعود ؼبا كنت أقولو .اغبسد ،نعم شعور طبيعي يف األساس ،لكنو حرام .اإلسبلم جاء يقول
يم آل إِبـر ِ
اى ا ن ـ ي ـ ت آ د ق ـ ف ضلِ ِ
و ف ن اَّلل ِ
م
َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ آات ُى ُم َُّ
َّاس عَلَ ٰى َما َ
قليبل﴿ ،أ َْم َحيْ ُس ُدو َن الن َ
لكً :ي حبييب اىدأ ً
يما﴾ .لكن حبسب تزكية اإلنسان إذا استسلم لشعور اغبسد، ِ ِ ِ
اىم ُّملْ ًكا عَظ ً اب َوا ْغب ْك َمةَ َوآتَـيْـنَ ُ
الْكتَ َ
أحياان!
فبل تسأل حينها إذل أين ديكن أن يصل بك اغبسد ،ديكن أن يوصل اإلنسان إذل الكفر ً
حسب اإلنسان ابلطبع ،ديكن أن يوصلو إذا كان يعرف أن الطريق الذي تكون النكاية فيو اب﵀سود
طبعا ،وىذا قلة اغبمد ﵁ .لكن كثَت من ديكن أن دير دبحطة الكفر؛ ال مشكلة لديو! بعض الناس ً
الناس يدخل يف قضية الغيبة ،والنميمة ،االستنقاص ،االحتقار ،تصيّد األخطاء ،التتبع ،إذل آخره.
طيب ىذا واحد من اآلاثر السلبيّةً« .ي أخي أان وهللا فبكن أكون شعرت بشيء من الغَتة يعٍت
َّاس
وجدت يف نفسي كهذا» ،حسنًا لكن عليك أن تُشغّل مطفأة اغبريق ىذه ﴿أ َْم َحيْ ُس ُدو َن الن َ
اَّللِ يـُ ْؤتِ ِيو َمن يَ َشاءُ﴾ ،تذكر نعم هللا عليك ،انظر
ض ُل َّ
ك فَ ْ ِ اَّلل ِمن فَ ْ ِ
ضل ِو﴾﴿ ،ذَل َ آات ُى ُم َُّ
عَلَ ٰى َما َ
إذل من ىو دونك ،إذل آخره.
)1مشكلة اثنية حتدث من ختلف التزكية :التنازع والتفرقة .وهللا أان فبكن أن أجتمع معك
معا ،بشرط أن أكون أان رقم واحد .طيب ً-ي حبييب -كبن اآلن يف أزمة ،وتوجد مصلحة ونكون ً
معينة ،اآلخر الذي سيجتمع معك ىذه الًتكيبة كلها لن تصبح أنت رقم واحد فيها« ،إذن خبلص
أان لن آيت»! ًي حبييبً ،ي أبو الشباب ،توجد أزمة ،يوجد كذا ،جيب أن أتيت !
)3التنازع والتفرقة أن تكون بوصليت -وىذا رقم ثالثة احنراف البوصلة -ىي العمل لئلسبلم،
ولكن بسبب شركاء الطريق ونظريت إليهم واالختبلف معهم اكبرفت بوصليت من العمل لئلسبلم
وربقيق الغاية إذل قطع الطريق مع اليمُت وأصحاب اليمُت والشمال .وىذه مشكلة كبَتة موجودة يف
ٕٔ
كثَتا ،التنازع والتفرقة ،فهي من العقبات اليت تواجو اؼبصلح يف طريقو اإلصبلحي ومن أعظم
الواقع ً
أسباهبا ضعف التزكية.
كم ذكران اآلن؟ اغبسد ،التنازع والتفرقة ،واكبراف البوصلة.
)4كذلك من اآلاثر لضعف التزكية -وأختم هبا -اليت ميكن أن تكون يف طريق اإلنسان
اإلصالحي وىي الفتور ،أو التوقف واالنقطاع ،أو ما بعد ذلك وىو احلَور بعد الكور؛ يعٍت ىو
قليبل ،ال توجد مغذًيت للتزكية ،ال يوجد
قليبل ً
ديشي يف الطريق ،فطال األمد وطال الطريق فيبدأ يفًت ً
وقود إدياين عظيم ديؤل ىذا اإلنسان حبيث أنو حىت لو كان وحده -وليس فقط لو كان وحده -ولو
يل َِّ كان الكل ضده ﴿فَـ َقاتِ ْل ِيف َسبِ ِ
ك﴾ ،ويف صحيح البخاري قال ﷺ عند ف إِال نـَ ْف َس َ
اَّلل ال تُ َكلَّ ُ
اغبديبية قال" :والذي نفسي بيدي ألقاتلنَّهم حىت تنفرد سالفيت ،ولينفذ ّن هللا أمره" .السالفة ىي
الرقبة ،بعضهم قال :ىي كناية عن القتل ،وبعضهم قال :تنفرد سالفيت أي :حىت أقاتلهم وحدي ،أي
يل َِّ ﴿فَـ َقاتِ ْل ِيف َسبِ ِ
ك﴾. ف إِال نـَ ْف َس َ
اَّلل ال تُ َكلَّ ُ
ما بُت ىذا اؼبستوى وما بُت مستوى أن ىناك تعب ،وفتور ،وال يوجد أحد ،وكثرة اؼبشكبلت
واػبواطر واالستفهامات عند اإلنسان يف حياتو فيبدأ يفًت ويفًت .وقد يظل يف مرحلة الفتور ،دل يصل
سباما ،وقد يصل ونسأل هللا العافية إذل
إذل التوقف لكن فقط فتور ،وقد يصل إذل مرحلة التوقف ً
مرحلة الرجوع إذل اػبلف ،وىذا كلو من آاثر ضعف التزكية.
اخلادتة:
موضوعا ىامشيًا
ً إ ًذا خالصة ما طُرح اليوم ىو :أن موضوع التزكية بشقيها التخلية والتحلية ليس
مثبل على صبلحك موضوعا ؿبدود األثر حبيث أنك تقول :إن أثره ىو فقط ًً اثنوًي وال
موضوعا ِّ
ً وال
الذايت ،وإمنا ىو أمر مركزي يف صبلحك الذايت ،وأمر مركزي يف طريقك اإلصبلحي ،وأمر مركزي يف
سَتك إذل هللا سبحانو وتعاذل ،وأمر مركزي يف الثبات يف الصرب على اؼبصائب ،ويف صبلح األحوال،
سما
ويف تعريفك لنفسك ،ويف اتباعك للنيب ﷺ ،وأن هللا سبحانو وتعاذل قد أقسم عليو أبحد عشر قَ ً
يف كتابو ،وأنو أحد وظائف النيب ﷺ الكربى.
ٕٕ
فبناءً على ذلك كلو لِنُعِد ضبط العدَّادات ،واإلعدادات ،واؼبعايَت ابلنسبة لنا يف نظرتنا إذل قضية
التزكية ،وأهنا مىت ما كانت يف الزاوية ؿبصورة ،أو كانت للربكة أتيت فقط ىكذا ،أو كانت يف رمضان
صحيحا.
ً فقط ،أو كانت واحدة من اؼبفردات التكميلي؛ فلنعل أن ما كبن فيو ىو ليس شيئًا
طيب على أية حال ،نسأل هللا سبحانو وتعاذل أبظبائو اغبسٌت وصفاتو العلى أن يعطي نفوسنا
تقواىا وأن يزكيها ىو خَت من زَّكاىا ىو وليها وموالىا .وىذه ً
طبعا من األدعية اليت كان يدعو هبا
النيب ﷺ ،وىي من األدعية الدالة على أمهية التزكية- ،وىذا يف صحيح مسلم -كان يدعو النيب ﷺ:
"اللهم أعطي نفسي تقواىا وزّكها أنت خَت من زكاىا أنت وليها وموالىا".
ٖٕ