You are on page 1of 16

‫المعتزلة المعاصرة‬

‫أمين نايف حسين ذياب‬

‫القائمة الرئيسية‬

‫المعتزلة‪ :‬لماذا اآلن؟‬


‫محاضرات‬
‫صوتيات‬
‫أبحاث وآراء‬
‫الرسائل‬
‫الكتب‬

‫البحث في محتوى الموقع‬

‫البحث‪...‬‬

‫احصائيات‬

‫عدد زيارات المحنوى ‪426542 :‬‬

‫مفهوم الصالة في القرآن الكريم‬

‫|‬

‫(‪)3‬‬ ‫رسائل جدل األفكار‬

‫مفهوم الصالة في القرآن الكريم‬

‫قراءة موضوعية‬

‫المقدمة‬
‫لم‪ ‬تكن لي ذات يوم أي صلة بالتفسير ‪ ،‬وكيف تكون لي صلة ؟ ! وأنا لست من حملة أية شهادة علمية ‪ ،‬فأرقى شهادة‬
‫علمية حصلت عليها هي شهادة امتحان المعلمين األدنى عام ‪ 54‬م ‪ ،‬وصحيح أَّن ي عملت مدرسًا ولكن لفترة وجيزة ال‬
‫تتجاوز أصابع اليدين ولم اكن معنيا ذات يوم بدراسة جادة‪ .‬دراستي قفزة هنا وأخرى هناك دون ما توقف فهي مطالعة‬
‫بل قل تسلية ‪ ،‬وهكذا من خالل هذه المطالعات تشكلت لدي معلومات وفيرة ‪. ،‬إلى أْن جاء صيف عام ‪ 82‬م يحمل في‬
‫طياته حدثا لن أنساه أبدًا ـ إنه تقدم اليهود في ربوع لبنان يقتلون ويقتلون ‪ ،‬وأنا مشدوه أتفرج على ما حولي ال تكاد‬
‫عيناي تصدق ما يحدث ‪.‬تداعى شريط التاريخ ‪ ،‬منذ بعثة الرسول ‪ ،‬وحتى ذلك اليوم ‪ ،‬وأنا أتطلع إلى المسلمين ‪ ،‬وهم‬
‫يؤمون المساجد ‪ ،‬يتلذذون ‪ ،‬ويشنفون أسماعهم ‪ ،‬باإلنصات إلى الخطب النارية ‪ ،‬يلقيها السادة العلماء ‪ ،‬وكأَّن وظيفتنا‬
‫أمام ذلك الحدث ‪ ،‬مجرد االستماع ‪ ،‬وربما تتحرك مشاعرهم ولكنها حركة صاحب البعير ‪.‬عدُّت إلى نفسي أسائلها أنحن‬
‫حقًا ورثة جنة النعيم ! ؟ أو لسنا العد األكثر ! ؟ أو لسنا أصحاب تاريخ المجد المسطور ‪ ،‬مداده دماء الصحابة الزكية ثم‬
‫التابعين جيال فجيال‪ !  ‬؟ هل نحن من التابعين لهم ؟ أم أننا جيل المسخ ؟ من نحن ؟ سؤال لحوح ! ومع مجزرة صبرا‬
‫وشاتيال ! َكُب َر السؤال ! وكاد يقتلني ! هل نحن المصلين أتباع القرآن ؟ ! أم الصالة طقوس فقط ! ؟ ‪.‬‬

‫كان ال بد من إجابة السؤال ‪ ،‬والجواب ال يكون إَّال في القرآن ‪ ،‬وكانت هذه الرحلة العطرة الشاقة ‪ ،‬لكِّن ي حصلت على‬
‫الجواب ‪ ،‬أَّم ا الجواب فكان في صالة مغرب ! فقد قرأت في الركعة األولى [ أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي يدُّع‬
‫اليتيم * وال يحض على طعام المسكين * فويٌل للمصلين * الذين هم عن صالتهم ساهون * الذين هم يراءون * ويمنعون‬
‫الماعون * ] ‪.‬وفي الركعة الثانية اكتمل الجواب [ ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر * كال سوف تعلمون * ُث َّم كال سوف‬
‫تعلمون * كال لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ُث َّم لترونها عين اليقين * ُث َّم لتسئلن يومئذ عن النعيم * ] ‪.‬هكذا‬
‫كانت الرحلة مع القرآن الكريم فإليكم يا معشر المسلمين بعض هديتي من تلك الرحلة‪.‬‬

‫تشكل الصالة بركوعها وسجودها السمة الفارقة بين المسلمين وغيرهم ‪ ،‬من اتباع بقايا الديانات ‪ ،‬أو الذين تركوا‬
‫الديانات ‪ ،‬وساحوا في مستنقع الوثنية ‪ ،‬أو دجل اإللحاد ‪ ،‬ويذكر لفظ الصالة في القرآن ـ مع ما تصرف منها ـ تسعا‬
‫وتسعين مرة ‪.‬وال عجَب إذن أن تشكل الصالة المحور األساسي ‪ ،‬في مفاهيم األعماق ‪ ،‬لدى المسلمين‪  ‬وأْن يجرَأ العلماء‬
‫من أهل التذكير ‪ ،‬على أْن يختلقوا األحاديث المكذوبة ‪ ،‬مثل ان يقال “روى عن النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬من تهاون‬
‫في الصالة عاقبه اهلل بخمسة عشرة عقوبة ‪ :‬ستة منها في الدنيا ‪ ،‬وثالثة عند الموت وثالثة في القبر ‪ ،‬وثالثة عند‬
‫خروجه من القبر ‪ (” .‬مالحظة ُأ بقيْت ألفاُظ العدد كما هي في األصل )‪.‬فال شك أن الصالة عمود الدين ‪ ،‬بدونها ال يمكن‬
‫ان يقام الدين ‪ ،‬ولكنها ليست هي الدين فاالقتصار على عمل الصالة ‪ ،‬وما هو من مثلها من أحكام العبادات ‪ ،‬لْن ُتَغ ِّي َر من‬
‫وضع المسلمين ‪.‬‬

‫لكني وجدت نفسي ولكوني أحد المسلمين ‪ ،‬اصلي بمساجد المسلمين ‪ ،‬واسمع خطابات الجمع ‪ ،‬ودروس المساجد ‪،‬‬
‫وكلمات المناسبات ‪ ،‬ولقد تنقلُت بين مساجد شَّت ى ‪  ،‬وقرأت بعض ثمار المطابع ‪ ،‬مما هو متعلق باإلسالم ‪ ،‬من كتب ‪،‬‬
‫ومجالت ‪ ،‬وصحف ـ وأْص غيُت إلى ما يقال في اإلذاعة والتلفزة ‪ ،‬فوجدت في كل ذلك ضبابيه المفاهيم اإلسالمية ‪ِ.‬إ َّن ما‬
‫َي َش ُّد إلى االنتباه ‪ ،‬أن المتكلمين باإلسالم ‪ ،‬لم يتمكنوا من تشخيص أمراض المسلمين وبالتالي لم تكن الوصفة العالجية‬
‫لتؤدي إلى أي تحسن في المريض ‪ ،‬فكيف بابالله ! ‪.‬أما وأني رأيت القوم لم يستبْن لهم الرشد ‪ ،‬فمفهوم الصالة مثال ‪،‬‬
‫انتقل‪  ‬من كونه حكما شرعيا ‪ ،‬ليس له من اثر في الدنيا مطلقًا ‪ ،‬وإنما أثره في اآلخرة ‪ ،‬وان كانت القراءة في الصالة‬
‫والجماعة في الصالة ‪ ،‬والخطبة في صالة الجمع ‪ ،‬تؤدي إلى أثر في الدنيا ‪ ،‬لكن هذه األعمال ليست هي الصالة ‪ ،‬فقراءة‬
‫القرآن تكون في غير الصالة ‪ ،‬وتكون في غير صالة الجماعة ‪ ،‬وتكون في غير الخطبة كذلك ‪ .‬أقول جعلوها ذات اثر في‬
‫الدنيا ‪.‬‬

‫لذا كان البد من إعادة قراءٍة لمفهوم الصالة ‪ ،‬في كتاب اهلل ‪ ،‬ليتضح هذا المفهوم ‪ ،‬لقد تتبع البحث لفظ الصالة ‪ ،‬أينما‬
‫ورد في القرآن الكريم ‪َ ،‬ف ُو ِج َد في القرآن إحدى وأربعين كلمة ‪ ،‬يسبقها الفعل أقام ‪ ،‬وما تصرف منه ‪ ،‬من اصل ست‬
‫وسبعين آية ‪ ،‬وهكذا اهتديت بفضل اهلل تعالى إلى أولى خطوات البحث‪.‬أولى خطوات البحث القيام بتصنيف مجموعة‬
‫آيات الصالة إذ وجدت أنها تتألف من عشر مجموعات وبعد أن تم تصنيف هذه المجموعات ‪ ،‬كان ال بد من تناولها بالبحث‬
‫بعد ان تبين أًّن مفتاح الفهم كامن في الفعل أقام فجرى تركيب الجمل البسيطة التالية ‪:‬‬

‫يقيمون الصالة ‪.‬‬

‫قاموا بالصالة ‪.‬‬

‫يصلون ‪.‬‬

‫والظاهر ان المفسرين والفقهاء ـ اجزل اهلل الثواب لهم على مختلف مدارسهم ـ لم يباشروا مثل هذا المنهاج ‪ ،‬فمن‬
‫الطبيعي ان تختلط لديهم المفاهيم ‪ ،‬ليس بالصالة وحدها ‪ ،‬بل تعداها إلى كثير من مفاهيم القرآن ‪.‬بعد هذه الخطوة ‪،‬‬
‫واستبانة معنى الصالة ‪  ،‬ورغم الثقة في النفس ‪ ،‬إال أن الخوف تملكني من عمالق استقرار الفهم المعين عند الناس ‪،‬‬
‫فأخذت اهمس في هذه المفاهيم على استحياء لمن أتوسم فيه امكانية الفهم إال أنني قوبلت بالصد واإلعراض !! ‪.‬‬

‫لذا كان البد الخطوة الحاسمة ‪ ،‬وهو توثيق هذا الفهم ‪ ،‬ألزحزح عن كاهلي عبء كتمان العلم ‪ ،‬فشمرت عن ساعد الجد ‪،‬‬
‫وُأ عيد البحث والتنقيب في كثير من المفاهيم في القرآن ‪ ،‬من مفهوم الصالة ‪ ،‬إلى مفهوم القلب ‪ ،‬فمفهوم النفاق ‪،‬‬
‫ومفاهيم جمع المال وإنفاقه ‪ ،‬ومفهوم الجهاد ‪ ،‬إَّن البحث في كل ذلك كان ‪ ،‬بحثًا عن المفاهيم ال بحثًا عن األحكام ‪ .‬الن‬
‫المفاهيم هي التي تكيف السلوك ‪ ،‬مصطبرًا على المشقة ‪ ،‬معاهدًا اهلل ان يكون العمل خالصًا لوجهه الكريم ‪.‬واستطعت‬
‫أخيرا وبفضل من اهلل وكرمه وعونه ‪ ،‬أْن تصح العزيمة على نشر ما توصلت إليه فلذا أعدت كتابته للنشر ‪ ،‬وهي كتابة‬
‫موجزة ليتمكن من االطالع عليه جمع غفير من الناس موسوما ب "مفهوم الصالة في القرآن الكريم”‪.‬واهلل أدعو ان‬
‫يتحقق به اإلفادة وصدق اهلل العظيم حيث يقول ‪:‬‬

‫( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في األرض ) ‪....‬اآلية‬

‫واهلل الموفق‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫مفهوم "الصالة" في القرآن الكريم‬

‫يتردد لفظ الصالة في القرآن الكريم كثيرًا فكلمة الصالة موضوع البحث وردت تسعا وتسعين مرة بلفظ الصالة او بفعلها‬
‫او باسم الفاعل منها في تراكيب متنوعة‪.‬‬

‫‪ -‬الباب االول ‪-‬‬

‫أوًال‪ :‬ستعمال لفظ الصالة مفعوًال به لمضارع الفعل يقيم‬

‫‪ .1‬الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة‬ ‫‪3‬‬ ‫البقرة‬


‫‪ .2‬الذين يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة وهم راكعون‬ ‫‪55‬‬ ‫المائدة‬

‫‪ .3‬الذين يقيمون الصالة ومما رزقناهم ينفقون‬ ‫‪3‬‬ ‫االنفال‬

‫‪ .4‬ويقيمون الصالة ويؤتون الزكاة ويطيعون اهلل ورسوله‬ ‫‪71‬‬ ‫التوبة‬

‫‪ .5‬قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصالة‬ ‫‪31‬‬ ‫ابراهيم‬

‫‪ .6‬ربنا ليقيموا الصالة فاجعل افئدة من الناس‬ ‫‪37‬‬ ‫ابراهيم‬

‫‪ .7‬الذين يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة‬ ‫‪3‬‬ ‫النحل‬

‫‪ .8‬الذين يقيمون الصالة ويؤتون الزكاة‬ ‫‪4‬‬ ‫لقمان‬

‫‪ .9‬مخلصين له الدين ويقيموا الصالة ويؤتون الزكاة‬ ‫‪5‬‬ ‫البينه‬

‫‪ ‬‬

‫ان ما يتبادر إلى ذهن الباحث حين يقرأ هذه اآليات التسع ان المراد من لفظ الصالة هو المعنى الشرعي لها أي الركوع‬
‫والسجود أي فعل الصالة وبيان مدى اهميتها فهي احد اوصاف الهداية والفالح (‪ 3‬البقرة) وهي صفة اولياء اهلل ورسوله‬
‫والذين أمنوا (‪ 55‬المائدة) وهي صفة المؤمنين الذين تجل قلوبهم من ذكر اهلل ويزدادون ايمانا بتالوة ايات اهلل وهم‬
‫يتوكلون على ربهم (‪ 3‬االنفال) وهي بعض اوصاف الذين يستحقون رحمة اهلل (‪ 71‬التوبة) وهي مطلب اهلل من عباده قبل‬
‫(‪ 37‬ابراهيم)‬ ‫يوم الحساب (‪ 31‬ابراهيم) وهي السبب الذي من اجله دعا ابراهيم ربه ليجعل افئدة من الناس تهوى اليهم‬
‫وهي بعض صفات المهتدين المبشّر ين (‪ 3‬النحل) وهي صفة المحسنين (‪ 4‬لقمان) وهي احدى صفات دين القيمة (‪ 5‬البينه)‪.‬‬

‫لذلك لم يكن عجبًا ان يظهر من الوعاظ وائمة المساجد والفقهاء والعلماء والمفسرين هذا االهتمام وذلك التنبيه للمؤمنين‬
‫لحثهم على القيام بها ومع أن حكم القيام بالصالة احد احكام الشرع فهي عمود الدين وهي اول ما يحاسب عليه المؤمن‬
‫وهي التي ال تسقط مع وجود الخوف فهل المراد من هذه االيات اداء الصالة أي القيام باعمال الصالة كما بينتها كتب‬
‫الفقه أم ان االمر باقامة الصالة يتجاوز فعل الصالة إلى اثارها خارج الصالة لن نتعجل بالحكم حتى ال نقع بالخطأ فالبد‬
‫من عودة إلى بقية اآليات المتعلقة بالصالة‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬استعمال فعل االمر اقم او اقيموا بحيث يأتي لفظ الصالة مفعوًال به‪.‬‬

‫‪ .1‬واقيموا الصالة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين‬ ‫‪43‬‬ ‫البقرة‬

‫‪ .2‬وقولوا للناس حسنا واقيموا الصالة وآتوا الزكاة‬ ‫‪82‬‬ ‫البقرة‬


‫‪ .3‬واقيموا الصالة وآتوا الزكاة‬ ‫‪110‬‬ ‫البقرة‬

‫‪ .4‬الم تر إلى الذين قيل لهم كفوا ايديكم واقيموا الصالة‬ ‫‪77‬‬ ‫النساء‬

‫‪ .5‬فاذا اطماننتم فاقيموا الصالة‬ ‫‪103‬‬ ‫النساء‬

‫‪ .6‬وأن اقيموا الصالة واتقوا وهو الذي اليه تحشرون‬ ‫‪72‬‬ ‫االنعام‬

‫‪ .7‬واجعلوا بيوتكم قبلة واقيموا الصالة وبشر المؤمنين‬ ‫‪87‬‬ ‫يونس‬

‫‪ .8‬واقم الصالة طرفي النهار وزلفا من الليل‬ ‫‪114‬‬ ‫هود‬

‫‪ .9‬انني انا اهلل ال اله اال انا فاعبدني واقم الصالة لذكرى‬ ‫‪14‬‬ ‫طه‬

‫‪ .10‬فاقيموا الصالة واتوا الزكاة واعتصموا باهلل هو موالكم‬ ‫‪78‬‬ ‫الحج‬

‫‪ .11‬اتل ما اوحي اليك من الكتاب واقم الصالة‬ ‫‪45‬‬ ‫العنكبوت‬

‫‪ .12‬منيبين اليه واتقوه واقيموا الصالة وال تكونوا من المشركين‪.‬‬ ‫‪31‬‬ ‫الروم‬

‫‪ .13‬يا بني اقم الصالة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر‬ ‫‪17‬‬ ‫لقمان‬

‫‪ .14‬فان لم تفعلوا وتاب اهلل عليكم فاقيموا الصالة وآتوا‬ ‫‪13‬‬ ‫المجادلة‬

‫‪ .15‬واقيموا الصالة واتوا الزكاة واقرضوا اهلل قرضا حسنا‬ ‫‪20‬‬ ‫المزمل‬

‫‪ ‬‬

‫وهناك آية واحدة من نفس البناء الصرفي للفعل اال انها اتصلت بنون النسوة هي ‪((:‬واقمن الصالة واتين الزكاة واطعن‬
‫اهلل ورسوله))‪ 33(  ‬االحزاب)‪ .‬تعداد هذه االيات سبع عشرة آية وهي كلها قد اقترن لفظ الصالة فيها بفعل االمر اقم الذي‬
‫يتصرف كما يلي اقام يقيم اقم اقامة وهذا التصريف استعمل ايضًا في االيات التسع السابقة فلماذا استعمل هذا‬
‫التصريف دون غيره مع أن الفعل قام يمكن أن يؤدي الغرض حين يتعدى باحد حروف الخفض فهل الغرض فقط للتعدية‬
‫ام ان هذا االستعمال يراد به غرض آخر اكثر اهمية من االستغناء عن حرف الخفض ولماذا لم تتنوع االستعماالت‬
‫وحقيقة اخرى البد من التنويه بها وهي أن للصالة فعل من لفظها فاذا كان المراد فعل الصالة‪ ،‬فلماذا جيء بهذا الفعل‬
‫دون غيره؟ ان التسرع باصدار الحكم يجعله في وضع غير تثبت به فلنكمل المشوار مع الصالة حتى يكون التثبت من‬
‫معناها واضحًا ‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬لفظ الصالة كما هو في لسان العرب بتصرف‪.‬‬

‫الصالة ‪ :‬الركوع والسجود‪ ،‬والصالة‪ :‬الدعاء واالستغفار‪ ،‬والصالة من اهلل الرحمة وهذه المعاني كلها متنقله عن المعنى‬
‫االصلي للصالة وهو اللزوم اذا قلنا انها من صلى واصطلى اذا لزم او من الّص لوين أي مكتنفا العصص واالزهري يرى انها‬
‫من اللزوم‪ .‬فهل اللزوم يعني من كون ادائها في اوقاتها هي الصالة او ان من طبيعة من يؤديها مدركًا لحقيقتها ان‬
‫يعيشها كل وقته المصحوب باليقضة أي تصبح حياته كلها صالة فهو حين يؤديها فانه فيها وحين يمارس كل التصرفات‬
‫االخرى الخارجة من ادائها يتذكرها فيلتزم بالمفاهيم التي تحويها الصالة فيكون عيشه كله صالة في صالة؟ ام انها في‬
‫(‪)1‬‬
‫اصلها االلتزام وبالتالي يكون معنى يقيمون الصالة يديمون االلتزام‪.‬‬

‫رابعًا ‪ :‬عودة إلى االيات التي ذكرت فيها الصالة التي يظهر فيها معنى االداء فقط دون غيره من المعاني‬

‫‪ .1‬ولتأت طائفة اخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم واسلحتهم‪.‬‬ ‫‪102‬‬ ‫النساء‬

‫‪ .2‬فنادته المالئكة وهو قائم يصلي بالمحراب‬ ‫‪39‬‬ ‫ال عمران‬

‫‪ .3‬حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى‬ ‫‪238‬‬ ‫البقرة‬

‫‪ .4‬يا ايها الذين آمنوا ال تقربوا الصالة وانتم سكارى‬ ‫‪43‬‬ ‫النساء‬

‫‪ .5‬واذا ضربتم في األرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصالة‬ ‫‪101‬‬ ‫النساء‬

‫‪ .6‬واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصالة فلتقم طائفة منهم معك‬ ‫‪102‬‬ ‫النساء‬

‫‪ .7‬فاذا قضيتم الصالة فاذكروا اهلل قياما وقعودا وعلى جنوبكم‬ ‫‪103‬‬ ‫النساء‬

‫‪ .8‬ان الصالة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا‬ ‫‪103‬‬ ‫النساء‬

‫‪ .9‬واذا قاموا إلى الصالة قاموا كسالى‬ ‫‪142‬‬ ‫النساء‬

‫‪ .10‬يا ايها الذين آمنوا اذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫المائدة‬

‫‪ .11‬واذا ناديتم إلى الصالة اتخذوها هزوا ولعبا‬ ‫‪58‬‬ ‫المائدة‬


‫‪ .12‬ويصدكم عن ذكر اهلل وعن الصالة فهل انتم منتهون‬ ‫‪91‬‬ ‫المائدة‬

‫‪ .13‬تحسبونهما من بعد الصالة فيقسمان باهلل‬ ‫‪106‬‬ ‫المائدة‬

‫‪ .14‬وال يأتون الصالة اال وهم كسالى‬ ‫‪54‬‬ ‫التوبه‬

‫‪ .15‬ليستأذنكم الذين ملكت ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثالث مرات‬
‫من قبل صالة الفجر * وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صالة‬ ‫‪58‬‬ ‫النور‬
‫العشاء‪.‬‬

‫‪ .16‬اذا نودي للصالة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اهلل‬ ‫‪9‬‬ ‫الجمعة‬

‫‪ .17‬فاذا قضيت الصالة فانتشروا في األرض‬ ‫‪10‬‬ ‫الجمعة‬

‫‪ .18‬وال تصِل على أحٍد منهم َم ات أبدًا وال تقم على قبره‬ ‫‪84‬‬ ‫التوبه‬

‫ان االيات السابقة وهي تشكل مجموعة من ثماني عشرة آية ذكرت فيها الصالة تسع عشرة مرة تعالج موضوع اداء‬
‫الصالة من زوايا متعددة فهي كيفية صالة الخوف (‪ 102‬النساء) وهي طلب المحافظة على الصلوات (‪ 238‬البقرة) وهي‬
‫حالته حين نادته المالئكة (‪ 39‬آل عمران) وهي منع السكارى من أداء الصالة (‪ 43‬النساء) وهي قصر الصالة للضارب في‬
‫األرض (‪ 101‬النساء) وهي كيفية صالة الخوف في حالة اخرى من حاالت الخوف (‪ 102‬النساء) ولتصف اآلية ‪ 142‬النساء‬
‫كيفية قيام المنافقين الداء الصالة‪ .‬ولبيان فرائض الوضوء آية (‪ 6‬سورة المائدة) وبيان كيفية اداء المنافقين للصالة بعد‬
‫(‪91‬‬ ‫النداء فصالتهم هزؤ ولعب آية (‪ 58‬المائدة) وطريق الشيطان للصد عن ذكر اهلل وعن الصالة هي الخمر والميسر آية‬
‫المائدة) وفي بيان وقت للشهادة لمن مات معهم شخص في الطريق وعهد اليهم بما معه حين الريبة بصحة اداء العهده من‬
‫اهل الميت او من ولي االمر آية (‪ 106‬المائدة) وكيفية االتيان للصالة من قبل المنافقين آية (‪ 54‬التوبه) ولبيان اوقات‬
‫االستئذان مرتبطة بوقتين من اوقات الصالة آية (‪ 58‬النور) ولبيان وجوب السعي إلى ذكر اهلل أي الصالة بعد سماع النداء‬
‫يوم الجمعة واالنتشار بعد ذلك آية (‪9‬و‪ 10‬الجمعة)‪ .‬وهي طلب من النبي صلى اهلل عليه وسلم ان ال يؤدي صالة الجنازة‬
‫على المنافقين (‪ 84‬التوبه)‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن الصالة هنا تعامل كأي حكم من أحكام الشريعة االسالمية فال بد من القيام بها وهي في سلم القيم‬
‫قيام بفرض وال يظهر لها أية ميزة أخرى عن أي حكم من أحكام الشريعة‪.‬وآيات هذه المجموعة لم يرد فيها الفعل أقام اال‬
‫مرة واحدة‪.‬‬

‫خامسًا ‪ :‬الصالة بمعنى الدعاء واالستغفار والرحمة والترحم‬

‫إن اهلل ومالئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا‬ ‫‪56‬‬ ‫االحزاب‬

‫تسليما‪.‬‬
‫هو الذي يصلي عليكم ومالئكته‪.‬‬ ‫‪43‬‬ ‫االحزاب‬

‫خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم‪.‬‬ ‫‪103‬‬ ‫التوبة‬

‫إن صالتك سكن لهم‬ ‫‪103‬‬ ‫التوبة‬

‫كل قد علم صالته وتسبيحه‬ ‫‪41‬‬ ‫النور‬

‫أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة‬ ‫‪157‬‬ ‫البقرة‬

‫ويتخذ ما ينفق قربان عند اهلل وصلوات الرسول‬ ‫‪99‬‬ ‫التوبة‬

‫وال أظن أن هذه االيات تحتاج الى كثير جهد ليدرك أن معناها ال يمكن أن يخرج عن أحد المعاني السابقة التي أشار اليها‬
‫عنوان هذا القسم من البحث والخالصة أن االيات السابقة ال يمكن أن يقوم اختالف على فهمها نظرًا لداللة التركيب داللة‬
‫واضحة كل الوضوح‪.‬‬

‫سادسًا ‪ :‬لفظان من ألفاظ الصالة يدالن على مكان الصالة‬

‫(‪ 40‬الحج)‬ ‫أ‪ .‬ولوال دفع اهلل الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم اهلل كثيرًا ‪ .‬‬

‫مصلى‪ 125(.‬البقرة)‬ ‫ب‪ .‬واتخذوا من مقام ابراهيم‬

‫وال أرى أية حاجة للتعليق على هذين اللفظين فهما مساقان لبيان مكان الصالة بدون أية إشارة الى كيفية الصالة أو أي‬
‫حكم من أحكامها‪.‬‬

‫سابعًا ‪ :‬االيات التي ذكرت فيها الصالة مقترنة بإسم الفاعل من الفعل أقام‪.‬‬

‫الصالة‪ 162(.‬النساء)‪.‬‬ ‫أ‪ .‬يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك والمقيمين‬

‫ذريتي‪ 40(.‬ابراهيم)‪.‬‬ ‫ب‪ .‬رب اجعلني مقيم الصالة ومن‬

‫الصالة‪ 35(.‬الحج)‪.‬‬ ‫ج‪ .‬والصابرين على ما أصابهم والمقيمين‬

‫هذه االيات تحتاج الى وقفة طويلة فاالية االولى جاءت كما يلي ‪ {:‬لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون*يؤمنون‬
‫بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك*والمقيمين الصالة*والمؤتون الزكاة والمؤمنون باهلل واليوم اآلخر سنؤتيهم أجرًا عظيمًا‬
‫}‪.‬هذه االية من سورة النساء من المدني من القرآن وهي أطول سورة في القرآن الكريم بعد سورة البقرة وغرض سورة‬
‫النساء العمل بجد وجهد لمحو مالمح المجتمع الجاهلي ونبذ رواسيه وفي توضيح معالم المجتمع االسالمي الناشئ‬
‫وتعريف المجتمع الناشئ بأعدائه المترصدين له من المشركين وأهل الكتاب وتأتي هذه االية في أواخر السورة لبيان‬
‫التكاليف المطلوبة من كل فرد من أفراد المجتمع الناشئ المنوط بهم حماية مجتمعهم الجديد في كالم موجز غاية‬
‫االيجاز محكم كل االحكام ومع هذا فقد وجدت شبهة في الفهم أما واالمر هكذا فال بد من أعمال العقل في تفهم هذه‬
‫االية فاالية مختومة بأن اهلل سيؤتي من وصفهم في صدر االية أجرًا عظيمًا وبالعودة الى االوصاف التي استحقوا بها‬
‫هذا االمر العظيم هي كما يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬االيمان بما أنزل الى محمد صلى اهلل عليه وسلم وما انزل الى مواكب الرسل قبله‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬إقامة الصالة ( التي أخذت منحى إعرابيًا مخالفًا لما قبله وما بعده )‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬إيتاء الزكاة‪.‬‬

‫رابعًا ‪ :‬االيمان باهلل واليوم اآلخر‪.‬‬

‫إن فهمنا إقامة الصالة بأداء الصالة المكتوبة وايتاء الزكاة بالزكاة المفروضة يجعلنا أمام أحد خيارين إما أن االتصاف‬
‫في هذه الصفات االربع هو مطلب االسالم وما تبقى من مطالب أخرى ال اهمية لها وال شأن لها باستحقاق الحساب ومثل‬
‫هذه الفهم من أشد االفهام خطرًا على االسالم أو فهمها على أن الشرط االول‪ -‬وهو االيمان بما أنزل على الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ -‬يعني العمل به إن كان يقتضي الموقف العملي وهذا الفهم يأتي عليه االعتراض التالي ‪ :‬أن االيمان وهو‬
‫التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل والفهم السابق المشار اليه يخرج االيمان عن تعريفه فيحتاج االمر للنظر في‬
‫التعريف هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن االيمان بما أنزل على محمد صلى اهلل عليه وسلم معطوف عليه بما أنزل‬
‫من قبلك فهل يأخذ المعطوف حكم المعطوف عليه أي العمل بما أنزل القرآن ما أظهر ان احدًا يقول ذلك‪.‬‬

‫هل يمكن أن يكون معنى إقامة الصالة القيام بالتكاليف العملية وأن إبقاء الزكاة هي التكاليف المالية‍ ؟‬

‫لنترك االمر ونعود اليه مرة أخرى فيما بعد‪.‬أما االية الثانية فهي دعاء من ابراهيم عليه السالم { رب اجعلني مقيم الصالة‬
‫ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء }‪.‬‬

‫وال أدري لماذا ال يكون دعاء ابراهيم شامًال كل االعمال الشرعية التي يريدها اهلل فكانت (مقيم الصالة) لتعني كل‬
‫االعمال‪.‬فهل الصالة لفظ موضوع للصالة المكتوبة أو هو أعّم وأشمل بحيث يشمل الشرائع العملية كلها كما ان الزكاة‬
‫تشمل الشرائع المتعلقة بالمال كلها فاالولى صالة النها لزوم المر اهلل كما يدل على ذلك الجذر اللغوي للصالة والثانية زكاة‬
‫ومعنى ذلك التصرف بالمال على الوجه الذي يريده اهلل وبهذا يتحقق نماء المال وهو الجذر اللغوي للزكاة وما ينفق من‬
‫المال على الوجه الذي يريده اهلل يتحقق عليه االجر والثواب‪.‬‬

‫انني ال أرغب أن أجزم بذلك قبل عملية إستقراء شاملة لكلمة الصالة كما وردت في القرآن الكريم أما لفظ الزكاة الذي‬
‫فرض نفسه بالقوة بسبب قراءة آية سورة النساء فله إستعراض شامل من غير هذه‪.‬لنأت بعد ذلك الى االية الثالثة في‬
‫هذا القسم وهي تبدأ باإلسم الموصول الذين فال بد من قراءة لفظين من االية قبلها فتكون القراءة كما يلي وبشر‬
‫المخبتين (‪ )34‬الذين إذا ُذ كر اهلل وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصالة ومما رزقناهم ينفقون (‪.)35‬‬

‫هذه االية الكريمة تحمل أوصاف المخبتين المبشرين‪،‬مشاعرهم مع اهلل ‪ -:‬إذا ذكر اهلل وجلت قلوبهم ‪ -‬صابرين على قدر‬
‫اهلل حين يحمل ما ال يسرهم ‪ -‬والصابرين على ما أصابهم ‪ -‬والمقيمي الصالة ومما رزقنلهم ينفقون‪.‬وإني التساءل هل‬
‫المقيمي الصالة معناها أداء الصالة المكتوبة وإذا كان ذلك فأين بقية ما أوجب اهلل إيجابًا أي القيام بالفعل أو سلبًا أي‬
‫االمتناع عن فعل‪.‬‬
‫ثامنًا ‪ :‬الصيغة التي وردت بها الصالة مع الفعل الماضي أقام‬

‫* آية ‪ 177‬سورة البقرة ‪ { :‬ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن باهلل واليوم اآلخر‬
‫والمالئكة والكتب والنبيين وآتى المال على حّب ه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب‬
‫وأقام الصالة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين‬
‫صدقوا وأولئك هم المتقون }‪.‬‬

‫* آية ‪ 277‬البقرة ‪ { :‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصالة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم‬
‫وال هم يحزنون }‪.‬‬

‫* أية ‪ 12‬المائدة ‪ { :‬ولقد أخذ اهلل ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبًا } وقال اهلل ‪ { :‬إني معكم إن أقمتم‬
‫الصالة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرتضم اهلل قرضًا حسنا الكفرن عنكم سيئاتكم والدخلنكم جنات‬
‫تجري من تحتها االنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل } ‪( .‬إن الشرطية تفيد صيغة الملضي شكًال ولكنها‬
‫تدل على الحال والمستقبل واقعًا )‪.‬‬

‫* آية ‪ 170‬االعراف ‪ { :‬والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصالة أّن ا ال نضيع أجر المحسنين}‪.‬‬

‫* آية ‪ 5‬التوبة ‪ { :‬فاذا انسلخ االشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل‬
‫مرصد فإن تابوا وأقاموا الصالة فخلوا سبيلهم إن اهلل غفور رحيم }‪.‬‬

‫* آية ‪ 11‬التوبة ‪ { :‬فإن تابوا وأقاموا الصالة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل االيات لقوم يعلمون }‪.‬‬

‫* آية ‪ 18‬التوبة ‪ { :‬إنما يعمر مساجد اهلل من آمن باهلل واليوم اآلخر وأقام الصالة وآتى الزكاة ولم يخش اال اهلل فعسى‬
‫أولئك أن يكونوا من المهتدين }‪.‬‬

‫* آية ‪ 22‬الرعد ‪ { :‬والذين صبروا إبتغاء وجه ربهم وأقاموا الصالة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعالنية ويدرءون بالحسنة‬
‫السيئة أولئك لهم عقبى الدار }‪.‬‬

‫* آية ‪ 41‬الحج ‪ { :‬الذين إن مّكناهم في االرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وهلل عاقبة‬
‫االمور }‪( .‬إن الشرطية تدل على الحال والمستقبل مثل سابقتها)‪.‬‬

‫* آية ‪ 18‬فاطر ‪ { :‬وال تزر وازرة وزر أخرى وان تدع مثقله الى حملها ال يحمل منه شيئ ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين‬
‫يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصالة من تزكى فإنما يتزكى لنفسه والى اهلل المصير }‪.‬‬

‫* آية ‪ 29‬فاطر ‪ { :‬إن الذين يتلون كتاب اهلل وأقاموا الصالة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعالنية يرجون تجارة لن تبور }‪.‬‬

‫* آية ‪ 38‬الشورى ‪ { :‬والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصالة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون }‪.‬‬

‫تتألف هذه المجموعة من اثنتا عشرة آية آثرت أن أكتب كل آية بتمامها واولى المالحظات التي لفتت نظري إسناد الفعل‬
‫أقام الى الجماعة بصيغة الغائب في تسع آيات منها وفي آية واحدة أسند الفعل الى ضمير المخاطب بصيغة الجمع وفي‬
‫آيتين أسند الفعل الى ضمير الغائب المنفرد والمالحظة الثانية انها كلها تحمل البشارة بالمدح أو الفوز باالخرة باستثناء‬
‫آية ‪ 5‬و‪ 11‬من التوبة المتصدرتين بأداة الشرط في كل منهما وجواب الشرط هو إخالء السبيل أو أنهم إخوة في الدين‬
‫فهب المدح على أداء الصالة وما قبلها وما بعدها فقط أم ان لكلمة الصالة معنى يعود الى جذر كلمة الصالة بمعنى‬
‫اللزوم وإذا كان المعنى أداء الصالة المكتوبة فلماذا لم يستعمل القرآن الفعل المشتق من لفظ الصالة والمالحظة االكثر‬
‫أهمية والتي ذكرتها على عجل في التعليق على المجموعة الثانية هي في إستعمال الفعل أقام المزيد بالهمزة في اوله‬
‫وتحقق ثواب عليها شمل هذا االستعمال كله اّال آيتي التوبة‪.‬‬

‫تاسعا ‪ :‬معنى الفعل أقام باستقراءها في القرآن الكريم‬

‫فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه‬ ‫‪77‬‬ ‫الكهف‬

‫ولو انهم أقاموا التوراة واالنجيل وما انزل اليهم من ربهم‬ ‫‪66‬‬ ‫المائدة‬

‫لستم على شيء حتى تقيموا التوراة واالنجيل‬ ‫‪68‬‬ ‫المائدة‬

‫فحبطت اعمالهم فال نقيم لهم يوم القيامة وزنا‬ ‫‪105‬‬ ‫الكهف‬

‫اال أن يخافا اال يقيما حدود اهلل‬ ‫‪229‬‬ ‫البقرة‬

‫فإن خفتم اال يقيما حدود اهلل فال جناح عليهما‬ ‫‪229‬‬ ‫البقرة‬

‫فال جناح عليهما أن يتراجعا إن ظّن ا أن يقيما حدود اهلل‬ ‫‪230‬‬ ‫البقرة‬

‫وان اقم وجهك للدين حنيفًا وال تكونن من المشركين‬ ‫‪105‬‬ ‫يونس‬

‫فأقم وجهك للدين حنيفا‬ ‫‪30‬‬ ‫الروم‬

‫فأقم وجهك للدين القيم‬ ‫‪43‬‬ ‫الروم‬

‫وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين‬ ‫‪29‬‬ ‫االعراف‬

‫أن أقيموا الدين وال تتفرقوا فيه‬ ‫‪13‬‬ ‫الشورى‬

‫وأقيموا الوزن بالقسط وال تخسروا الميزان‬ ‫‪9‬‬ ‫الرحمن‬

‫وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة هلل‬ ‫‪2‬‬ ‫الطالق‬


‫لقد استعمل الفعل اقام في أربع عشرة آية ولنبحث في لسان العرب عن المعنى الذي يؤديه الفعل أقام فربما كان في ذلك‬
‫مفتاح االجابة عن هذا التساؤل الذي عانيته طوال رحلتي مع آيات الصالة فإني أرى القوم وقد امتلخ منهم االسالم ولم‬
‫يبق منه اال أحكام العبادات ومشاعر الكهنوت يقومون بالصالة فهل هم يقومونها وما الفرق بين القيام بها واالقامة لها‬
‫أهما لفظان ال يختلفان إال في البناء الصرفي أم هما مختلفا المعنى‪،‬إن الخذر اللغوي للفعل ( أقام كلمة "قوم" وهو نقيض‬
‫القعود وأقام الشيء أدامه ) لسان العرب باب الميم فصل القاف‪.‬‬

‫(‪)77‬‬ ‫لقد اخترت االقتباس الموجز حتى ال أوقع القارئ في توهة‪ .‬ونعود‪،‬لآليات التي تصدرت هذا القسم فالجدار أدامه‬
‫الكهف وإقامة التوراة واالنجيل إدامة العمل بها وفيها العمل برسالة الرسول حين بعثه (‪ )66،68‬المائدة‪،‬ولمن حبطت‬
‫(‪)105‬‬ ‫أعمالهم يديم اهلل عدم الوزن (‪ )105‬الكهف وهي أال يديما حدود اهلل موجودة (‪ )229‬البقرة وهي دوام التوجه للدين‬
‫يونس (‪ )30،43‬الروم وهي دوام التوجه للقبلة عند كل مسجد (‪ )29‬االعراف وهي دوام الدين وعدم التفرق (‪ )13‬الشورى‬
‫وهي دوام الوزن بالقسط (‪ )9‬الرحمن وهي دوام الشهادة هلل وهي إذن دوام الصالة فهل هو دوام الصالة أي الصالة‬
‫المكتوبة أو الدعاء واالستغفار والترحم والرحمة او دوام اللزوم لما يحمي من العذاب وهو كل تكاليف االسالم العملية‬
‫على الموجود االنساني البالغ العاقل بخالف التكاليف المالية فهي ال يمكن أن تكون إال على من لديه مال ولذلك كان ذها‬
‫االقتران بين الصالة والزكاة او بين الصالة واالنفاق أو بين دع اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين أو بين المراء‬
‫ومنع الماعون أنهما تكليفان عمليان تكليف على النفس وتكليف على المال وال يوجد غير هذين النوعين من التكاليف إن‬
‫كل الدالئل في هذا االستقراء والمعايشة آليات القرآن الكريم نشير الى ان تركيب إقامة الصالة يعني كل التكاليف‬
‫العملية المطلوبة من الكائن االنساني حين عقله وبلوغه‪،‬أنني ال أريد ان اجزم بهذا وإنما اريد أن أنقل معايشتي لهذه‬
‫اآليات عامًال على تعميق فهم اآلخرين سائرًا في طريق التفهم والتدبر والتحميص ةاالستدالل ملقيًُا االضواء على كل‬
‫الجوانب الزالة بعضًا من الغبش والتمييع والَّت ْو ه الذي جعل المسلمين ال تتحدد لهم معالم الطريق إنني اشق طريقة‬
‫جديدة في كيفية فهم القرآن كانت ذات يوم هي الطريق طريق صحابة رسول اهلل في الفهم وعودة الى آيات القرآن‬
‫الكريم في الصالة‪.‬‬

‫عاشرًا ‪ :‬االلفاظ التي وردت بلفظ الصالة محتملة أكثر من معنى‬

‫أ‪ { .‬واسعينوا بالصبر والصالة وإنها لكبيرة إال على الخاشعين } ‪ 45‬البقرة‪ .‬تحتمل لفظ الصالة الركوع والسجود والدعاء‬
‫واالستغفار والترحم وكذلك دوام العمل بتكاليف االسالم وبقراءة مجموعة اآليات من ‪ 40‬الى ‪ 46‬يتبين بوضوح أّن‬
‫المقصود من لفظ الصالة من هذه اآلية االلتزام بكامل احكام اإلسالم وهو الذي يشكل كبيره اال على الخاشعين فانه‬
‫سهل‪.‬‬

‫ب‪ { .‬اقم الصالة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر}‪ 78  ‬االسراء‬

‫‪ .1‬فسرها تنوير المقياس (المنسوب البن عباس (اقم الصالة) اتم الصالة يا محمد بعد زوال الشمس صالة الظهر والعصر‬
‫وبعد دخول الليل صالة المغرب والعشاء وقرآن الفجر صالة الغداه)‪ .‬ـ واغلب الظن أن هذا التفسير المنسوب البن عباس‬
‫هو للكلبي المتوفى سنة ‪ 146‬فهو يشكل ‪ ‬نظرة القرن الثاني للتفسير وفي الذات في عهد حكم العباسيين‪ -.‬منها يتبين انها‬
‫االوقات الخمس عند التنوير واّن اقم (اتم)‪.‬‬

‫‪ .2‬فسرها القرطبي في الجامع الحكام القرآن بانها اشارة إلى الصلوات المفروضة مع بيان اختالف العلماء في الدلوك‬
‫والغسق ويفسر اقم بمعنى أدم من االدامة والقرطبي متوفى ‪671‬هـ‪.‬‬

‫‪ .3‬فسرها ابن كثير في تفسير القرآن العظيم باوقات الصلوات الخمس وال يقدم تفسيرًا للفعل اقم والمفسر دمشقي توفي‬
‫سنة ‪774‬هـ‪.‬‬
‫‪ .4‬اما الشوكاني فهو يردد اقوال المفسرين وانها متعلقة باالوقات الخمس للصالة وال يقدم كابن كثير أي تفسير للفعل‬
‫اقم والمفسر يمني توفي في صنعاء عام ‪ 1250‬للهجرة‪.‬‬

‫‪ .5‬اما سيد قطب الذي اعدم عام ‪1386‬هـ فهو يرى ان هذه اآلية ال عالقة لها بأوقات الصالة وانها تكليف خاص للرسول‬
‫ليقوم باعمال الصالة الركوع والسجود ويشير إلى اقوال المفسرين بانها الوقات المكتوبة ولكنه يرجح الرأي االول وال‬
‫يعتني بالفعل اقم ال بهذه اآلية ‪ ‬وال بغيرها‪.‬‬

‫هذه هي تفسيرات المفسرين لهذه اآلية في خمسة ازمنة مختلفه ولكن كيف يمكن ان تطمأن لمثل هذه التفاسير نفي وهي‬
‫تفاسير تفرغ هذه اآلية من أي مضمون فما قيمة ذكر هذه اآلية اذا كان هذا هو المعنى اشارة إلى االوقات مع ان السنة‬
‫القولية والعملية بينت اوقات الصالة بشكل ثابت وباستثناء القرطبي فقط اهمل‪ ،‬البحث في الفعل اقم وكأنه حشو في‬
‫القول وتعالى القرآن الكريم عن ان يكون فيه حشو او حتى تكرار فكل تكرار يراه بعض الناس انما هو توضيح امر من‬
‫زاوية اخرى‪.‬واخيرًا فهل يمكن ان يكون هذه اآلية توجيه من اهلل لمن يحمل هموم اإلسالم باللزوم لما طلبه اهلل منه طيلة‬
‫يقظته وليستمد من قرآن الفجر وتهجد الليل مذخورًا روحيًا يكون له نعم العون وهي لمحمد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫والتباعه ما دامت السموات واألرض‪.‬‬

‫جـ‪ { .‬وأوصاني بالصالة والزكاة ما دمت حيا}‪ 31  ‬مريم‪ .‬أن هذه الوصية هي لعيسى بن مريم قالها وهو في المهد فما‬
‫هي الصالة التي وصّي عيسى فيها وما هي الزكاة اليست من جوامع الكلم بحيث تكون الصالة كل التكاليف العملية‬
‫وتكون الزكاة التكليف المالي لمن لديه المال‪ .‬ويمكن لمن اراد العودة للتفاسير المذكورة في ب ليجد انها لم تذكر أي امر‬
‫عن معنى الصالة والزكاة المفروضة على عيسى‪.‬‬

‫د‪ { .‬وكان يأمر اهله بالصالة والزكاة وكان عند ربه مرضيا}‪ 55  ‬مريم ‪ .‬الضمير في اهله يعود على اسماعيل عليه السالم‬
‫فهل شريعة اسماعيل الصالة والزكاة فقط ام انهما معنيان شامالن لكل التكاليف‪.‬‬

‫هـ‪ { .‬فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصالة واتبعوا الشهوات} ‪ 59  ‬مريم‪ .‬انها أيضًا توضيح للمعنى الذي يكاد يظهر‬
‫كالشمس في رابعة السماء وهو ترك التكاليف‪.‬‬

‫و‪{ .‬وامر اهلك بالصالة واصطبر عليها نحن ال نسئلك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى}‪ 132  ‬طه‬

‫رحم اهلل المفسرين ان لفظ الصالة يكاد يصرخ انني كل تكاليف الشرع وانني والن الناس يميلون إلى الدعة والراحة‬
‫وزخرف الدنيا فمن يريدني فهو ليس بحاجة إلى الصبر بل إلى االصطبار وما عالقة الرزق بالصالة ايضا اذا لم تكن‬
‫الصالة هي تكاليف اإلسالم وهل الصالة المكتوبة والاء الرزق اليست هي تكاليف اإلسالم عمًال به وعمًال له‪ ،‬ان المفسرين‬
‫لم يخطر ببالهم هذا المعنى اال سيد قطب فقد حام حول المعنى ليرى ان عبارة (واصطبر عليها) أي على اقامتها كاملة‬
‫وعلى تحقيق اثارها فجعل اإلسالم اثرًا من آثار الصالة مع أن الصالة المكتوبة أثر من آثار االسالم يقوم بها المؤمن‬
‫فريضة ورغبة ورهبة‪.‬‬

‫حادي عشر‪ :‬الصالة مضافة الى مصدر الفعل أقام اقامة أقام حذفت الهاء لالضافة‬

‫} ‪ 73‬االنبياء‬ ‫أ‌‪ {- .‬وأوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصالة‬

‫‪ 37‬النور‬ ‫ب‌‪ { - .‬رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر اهلل واقام الصالة }‬

‫المجموعة)‬ ‫ج‌‪ { - .‬إن الصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ‪ 45‬العنكبوت (ليست من هذه‬
‫إن اآلية االولى وهي تأتي في سورة االنبياء في نهاية القسم الخاص بقصة إبراهيم عليه السالم الذي ابتدأت االنسانية‬
‫برسالته تسير شوطًا بعيدًا نحو مرحلة بلوغ الرشد فهو رسول بالدين الحنيف أي المائل عن الشرك وال نعني بذلك أن من‬
‫قبله من االنبياء دعوا الى غير التوحيد ولكن القضية متعلقة بالقطاع البشري من قدرته على تحمل التجريد المطلق الغير‬
‫متعلق بزمان أو مكان أو حد فبعد بيان قصة رسالته وقد تدخلت القدرة االلهية مباشرة لحمايته يهب اهلل له اسحق بعد‬
‫اسماعيل ثم يعقوب نافلة لتكون نهاية قصتهم‪.‬‬

‫{ وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصالة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين } صدق اهلل‬
‫العظيم‪ .‬اليست هي مرة أخرى فعل كل التكاليف في الجسد والمال التي كلفوا بها وبالعمل بها كانوا لربهم عابدين‪.‬ال بد‬
‫لفهم آية النور من قراءتها مع ما قبلها‪.‬‬

‫في بيوت أذن اهلل أن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبح له فيها بالغدو وااليصال*رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر اهلل‬
‫واقام الصالة وايتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب واالبصار‪.‬إنهم رجال يسبحون في بيوت اهلل بالغدو‬
‫وااليصال فمن هم هؤالء الرجال أنهم رجال يعملون بالتجارة والبيع ولكنها ليست هي محور حياتهم وال غاية وجودهم‬
‫فال تستغرق عليهم وقتهم أنهم يذكرون خالفهم ذكرًا عمليًا فيندفعون في أداء التكاليف من جسدهم ومالهم خوفًا من يوم‬
‫تتقلب فيه القلوب واالبصار وربما يظن كثير من الناس أو الواو في واقام وفي وايتاء عاطفة عطف نسق والحقيقة أنها‬
‫الواو بمعنى مع أي اقام الصالة مع ذكر اهلل وايتاء الزكاة مع ذكر اهلل فااللتزام بأحكام اهلل العملية دون اتصالها بأساسها‬
‫وهو ذكر اهلل ال يجعل للعمل أية قيمة عند اهلل والقيام بتكاليف المال دون اتصاله بأساسه أيضًا ال قيمة له وإنما بكون‬
‫حين إدراك صلة اهلل بالعمل أي مزج المادة بالروح وال يمكن أن يكون العمل قائمًا على أساس مزج المادة بالروح إال لمن‬
‫يخاف يوم الدين‪.‬‬

‫كم يكون االمر مثيرًا للعجب اذا أخذنا برأي المفسرين فالتسبيح بالغدو وااليصال الصالة المكتوبة وذكر اهلل طاعة اهلل‬
‫ويقال االوقات الخمس واقام الصالة إتمام الصلوات الخمس ورحمه اهلل القرطبي فقد فطن لما لم يفطن اليه اآلخرون‬
‫من هذا التفسير الذي يكون تكرارًا لعمل واحد فقد ذكر اهلل غير الصالة ولكنه بعد ذلك عدل الى بحث لغوي ال يفيد‬
‫التفسير شيئًا ولقد حاولت أن أجد ضالتي في تفسير سورة النور لمفسرين معاصرين هما عبد الرحيم أبو علبه وزميله‬
‫مطبوع عام ‪ 1404‬هجري ولكني عدت منه خالي الوفاض‪.‬‬

‫أما اآلية الثالثة وإن كانت ال تنتمي الى هذه المجموعة والنني لم أستطع أن أضعها في مجموعة ما فقد وجدت أن أضعها‬
‫في هذه المجموعة واآلية هي‪ { :‬اتل ما أوحي اليك من الكتاب وأقم الصالة إن الصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر‬
‫اهلل أكبر واهلل يعلم ما تصنعون } ليكون العمل محقق للغاية منه ال بد أن تتوفر فيه أربعة شروط ‪:‬‬

‫االول ‪ :‬الفهم السابق عن القيام بالعمل‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬القيام بالعمل أي بالعمل الدؤوب حتى توجده‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬نتائج العمل‪.‬‬

‫رابعًا ‪ :‬الغاية من العمل‪.‬‬

‫إننا ونحن في بحث االعمال التي أوجبها الشرع ال بد من القيام به ضمن االمور االربعة السابقة‪.‬إن الفهم المسبق للعمل‬
‫يتم بمعرفة نصوص الوحي { اتل ما أوحي اليك من الكتاب }‪.‬أن يتلبس بالعمل بالشريعة على وجه اللزوم واقم‬
‫الصالة‪.‬أن يحقق هذا التلبس بالعمل ابعاد الفحشاء والمنكر أي المعاصي القبيحة والمنكر المخالف للشريعة حتى وإن كان‬
‫حسنًا لدى العقل‪.‬أن يقترن العمل بالغاية والغاية هي االئتمار بما أمر به الشرع واالنتهاء عما نهى عنه الشرع أي يكون‬
‫العمل مصاحبًا لذكر اهلل الذي هو أكبر أهمية في خطوات العمل فيمكن أن يتم عمل وبه الثالثة االولى فال يستحق صاحبه‬
‫الثواب واالجر { ولذكر اهلل أكبر واهلل يعلم ما تصنعون }‪.‬‬

‫ثاني عشر‪ :‬وبعد وقد بقي االفعال المشتقة من الصالة أو الصالة مضافة الى الضمير الذي هو فاعلها‬

‫} ‪ 31‬القيامة‬ ‫أ‪ { .‬فال صدق وال صلى‬

‫‪ 15‬االعلى‬ ‫ب‪ { .‬وذكر اسم ربه فصلى }‪ ‬‬

‫‪ 10‬العلق‬ ‫ج‪ { .‬أرأيت الذي ينهى عبدًا اذا صلى }‪ ‬‬

‫} ‪ 84‬التوبة‬ ‫د‪ { .‬وال تصّل على أحد منهم مات أبدًا وال تقم على قبره‬

‫‪ 2‬الكوثر‬ ‫ه‪ { .‬إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر }‬

‫} ‪ 87‬هود‬ ‫و‪ { .‬قالوا يا شعيب أصالتك تأمرك أن تترك ما يعبد آباءنا‬

‫} ‪ 92‬االنعام‬ ‫ز‪ { .‬وهم على صالتهم يحافظون‬

‫}‪ 35  ‬االنفال‬ ‫ح‪ { .‬وما كان صالتهم عند البيت اال مكاء وتصديه‬

‫‪ 2‬المؤمنون‬ ‫ط‪ { .‬قد أفلح المؤمنون الذين هم في صالتهم خاشعون }‪ ‬‬

‫‪ 23‬المعراج‬ ‫ي‪ { .‬اال المصلين الذين هم على صالتهم دائمون }‪ ‬‬

‫‪ 34‬المعراج‬ ‫ك‪ { .‬والذين هم على صالتهم يحافظون }‬

‫‪ 5‬الماعون‬ ‫ل‪ { .‬فويل للمصلين الذين هم عن صالتهم ساهون }‪ ‬‬

‫‪ 9‬المؤمنون‬ ‫م‪ { .‬والذين هم على صلواتهم يحافظون }‪ ‬‬

‫‪ 43‬المدثر‬ ‫ن‪ { .‬قالوا لم َن ُك من المصلين }‬

‫إنك اآلن وأنت تعلم أن لفظ الصالة ليس موضوعًا للصالة ‪ -‬الركوع والسجود وال لمعنى االسغفار والدعاء والرحمة‬
‫والترحم بل هو موضوٌع أصًال لغير ذلك اذ هو لزوم النار للحصول على الدفء فانتقل المعنى الى المعنيين السابقين‬
‫انتقاًال لعالقة اللزوم في كل من الدعاء والقيام مع الركوع والسجود لما سبق فإن من العسير معرفة اللفظ دون التوثق من‬
‫القرائن التي تحف به في السياق الذي ُأ ستعمل فيه اللفظ‪.‬‬

‫الفعل ّص لى في اآلية االولى يأتي في سياق استحقاق العذاب { فال صّد ق وال صّلى* ولكن كّذ ب وتوّلى } تعني ولم يلزم‬
‫أوامر اهلل بداللة توّلى التي جاءت كتقابل يؤدي نفس المعنى باستعمال حرف النفي وتولى في اآلية المتعدية بحرف على‬
‫فإنها بمعنى أعرض ونأى عن االمر فالتولية معناها االقبال واالدبار واآلية الثانية يمكن استعمال المعاني الثالث كلها وان‬
‫كنت أرجح أيضًا أن معناها أيضًا اللزوم لتكاليف اهلل فإن هذا المعنى يشمل كل المعاني وكذلك صلى في سورة العلق‬
‫فإنها تحتمل المعاني الثالث أما وال تصل في اآلية ‪ 84‬التوبة فهي نهي للرسول عن صالة الجنازة على أناس معلومين‬
‫للرسول والدعاء لهم‪.‬‬

‫أما اآلية الخامسة فهي من سورة الكوثر وقرائن السورة ال ترجح معنى على آخر فنبقيها في معناها االصلي وهو اللزوم ‪,‬‬
‫أما المحافظة على الصالة التي وردت في اآليات (‪ 92‬االنعام‪ 34،‬المعارج‪ 9،‬المؤمنون) فإن المحافظة معناها التعاهد وقلة‬
‫الغفلة فاالةلى أنهم يتعاهدون تكاليف العمل لبقاء االلتزام بالتكاليف وربما يعترض معترض بلفظ الجمع فإن إضافة‬
‫الصالة اليها معناها أنها صالة من حيث الركوع والسجود مؤداة والمطلوب الحفاظ عليها أي االلتزام بتكاليف االسالم‪.‬‬

‫أما اآلية ‪ 87‬هود فهي الصالة بمعناها المنتقل أي الركوع والسجود أو الدعاء عند ابن عباس ومفسرين آخرين وهي الدين‬
‫عن الحسن وعطاء وأبي مسلم قالوا كّن ى عن الدين بالصالة النها من أجل أمور الدين ( مجمع البيان في تفسير القرآن‬
‫جزء ‪ 5‬ص ‪ 286‬للطبري) ويراها السيوطي أيضًا أنها الدين والحقيقة أن معنى الصالة هنا الدين‪.‬‬

‫أما آية ‪ 2‬المؤمنون فهي مدح للمؤمنين الذين هم في صالتهم خاشعون فهي متعلقة بالصالة بمعنى االلتزام بأوامر اهلل‬
‫على أن يكون هذا االلتزام ذا توجه قلبي خالص لوجهه الكريم فالخشوع مطلوب بالصالة المكتوبة كما هو مطلوب في‬
‫كل االوامر االخرى ولهذا نجد القرآن الكريم يعيب على الجاهلية صالتها التي هي مكاء وتصديه ‪ 35‬االنفال أي بالتصفير‬
‫والتصفيق فصالتهم مجرد لهو وعبث ال يخالطها االخالص الخالص لوجه اهلل الكريم‪.‬‬

‫أما اآلية ‪ 23‬من سورة المعارج فهي أيضًا بمعنى االلتزام ودوام هذا االلتزام واستمراره بحيث ال يكون نابعًا عن ثورة في‬
‫المشاعر اثر فقد عزيز أو اثر هزة عنيفة فمثل هذا االلتزام ال يمكن أن يدوم ويستمر‪ ،‬أما اآلية االخيرة وهي من سورة‬
‫المدثر فهي سبب العذاب النهم لم يلتزموا بالتكاليف { قالوا لم نك من المصلين }‪.‬‬

‫إن آيات الصالة حين ال تكون بيانًا لكيف أي حين ال تكون متعلقة باالحكام العملية فإنها كلها بعد ذلك تخدم غرضًا واحدًا‬
‫هو أهمية القيام باالعمال المطلوبة دونما فرق بين عمل وآخر فالمسلم نتيجة لهذا الفهم عمل دائبًا على صالة دائمة‬
‫متصلة بااليمان فاالعمال تكاليف اهلل للمكلف والقصد منها وجه اهلل الكريم ‪.‬ختامًا أدعو اهلل أن يتقبل عملي خالصًا‬
‫لوجهه الكريم‪.‬‬

‫تم االنتهاء من هذا البحث صباح يوم االثنين في يوم الثالثين من ربيع االول عام ‪ 1407‬هخري الموافق ‪ 01/12/1986‬وتمت‬

‫مراجعته في صباح الثالثاء ‪ 15‬رمضان ‪ 1407‬هجري الموافق ‪ 12/05/1987‬ميالدي‬

‫أمين نايف ذياب‬

‫جميع الحقوق محفوظة‬

You might also like