You are on page 1of 43

‫المملكة العربية السعودية‬

‫وزارة التعليم‬

‫كلية التربية‬

‫عمادة الدراسات العليا‬

‫قسم المناهج وطرق التدريس‬

‫مبادئ بناء المناهج وتنظيمها‬


‫للباحثتين‬
‫منيرة العييد و سارة آل شويرد‬

‫إشراف الدكتور‬
‫حمد القميزي‬

‫للعام الجامعي ‪ 1441 /‬هـ‬

‫‪1‬‬
‫الفهرس‬

‫رقم‬
‫الموضوع‬
‫الصفحة‬
‫‪3‬‬ ‫مفهوم مبادئ بناء المناهج‬ ‫‪1‬‬
‫‪4‬‬ ‫مبادئ بناء المناهج المتعلقة بالنتاجات‬ ‫‪2‬‬
‫‪5‬‬ ‫مبادئ بناء المناهج المتعلقة بالمعرفة والخبرات‬ ‫‪3‬‬
‫التربوية‬
‫‪9‬‬ ‫تنظيمات المناهج ولعبة المكعبات‬ ‫‪4‬‬
‫‪9‬‬ ‫أبرز تنظيمات المناهج‬ ‫‪5‬‬
‫‪11‬‬ ‫تنظيمات المناهج في فترة ما قبل المعاصرة‬ ‫‪6‬‬
‫‪24‬‬ ‫تنظيمات المناهج المعاصرة‬ ‫‪7‬‬
‫‪37‬‬ ‫نقاط مضيئة في الختام‬ ‫‪8‬‬
‫‪39‬‬ ‫المراجع‬ ‫‪9‬‬
‫‪40‬‬ ‫المرفقات‬ ‫‪10‬‬

‫‪2‬‬
‫مبادئ بناء المناهج‬

‫مفهوم المبادئ ‪:‬‬


‫يُقصد بالمبدأ ‪ :‬تعميم يصف العالقات القائمة بين المفهومات المتعلقة بموضوع‬
‫معين‪( .‬الخوالدة‪ ،‬ناصر أحمد ويحيى إسماعيل عيد‪،2003،‬صـ‪)132‬‬

‫يقوم تنظيم المنهاج على مجموعة من المبادئ وهي متفاوتة تب ًعا لمجاالتها‪ ،‬فالمبادئ‬
‫المتعلقة بالنتاجات خالف المبادئ المتعلقة بالمعارف والخبرات‪ ،‬وخالف المبادئ‬
‫المتعلقة بأبعاد المنهاج ‪:‬‬
‫ولذلك يجري تناول هذه المبادئ وفق اآلتي ‪:‬‬
‫‪ -‬مبادئ بناء المناهج المتعلقة بالنتاجات‪.‬‬
‫‪ -‬مبادئ بناء المناهج المتعلقة بالمعرفة والخبرات التربوية‪.‬‬
‫ويمكن تصويرها في الشكل التوضيحي اآلتي ‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫ا‬
‫أوًل ‪ :‬مبادئ بناء المناهج المتعلقة بالنتاجات ‪:‬‬
‫المبدأ األول ‪ :‬الشمول‬
‫بمعنى أن تعبّر األهداف عن اآلتي ‪:‬‬
‫‪ .1‬احتياجات المجتمع الحالية وتطلعاته المستقبلية من المعارف والخبرات‬
‫التعليمية والتي تمكنه من مسايرة االجتماعات األخرى‪ ،‬واإلفادة من كل‬
‫المعارف والخبرات المستجدة خدمة لمصالحها العامة وبما ال يتعارض مع‬
‫عقيدة األمة ووجدانها‪ ،‬ويسهم في تحسين مكانتها ودورها في الحياة ويعينها‬
‫على تطوير ذاتها‪.‬‬
‫‪ .2‬احتياجات الفرد الكتساب المعارف والخبرات التعليمية الحاضرة وتطلعاته‬
‫المستقبلية‪ ،‬فحاجيات كل نوع اجتماعي (ذكر‪/‬أنثى) للمعارف والخبرات‬
‫متفاوتة تبعًا للمهام الموكولة إليه ومتفاوتة تبعًا لدرجة النضج والمرحلة‬
‫النمائية‪.‬‬
‫فكان من المناسب أن يهتم واضعو المنهاج والبرامج التعليمية باحتياجيات الفرد‬
‫الحاضرة وتطلعاتهم المستقبلية‪ .‬األمر الذي يمكنهم من النمو متواز ًنا في شتى‬
‫المجاالت‪ :‬المعرفية والقلبية واالجتماعية والنفسية وما إلى ذلك‪.‬‬

‫المبدأ الثاني ‪ :‬التنوع‬


‫بمعنى توجه النتاجات نحو بناء الشخصية اإلنسانية للمتعلمين في شتى المجاالت‬
‫العقلية والجسمية والقلبية والمهارية والنفسية واالجتماعية‪ ،‬بحيث ال يقتصر أهداف‬
‫البرامج التعليمية والمناهج على جانب واحد أو جوانب محددة‪ ،‬بل تشمل الجوانب‬
‫كلها‪ ،‬بتنوع المعارف والخبرات والوسائل والطرائق واالستراتجيات تبعًا لإلمكانات‬
‫البشرية والمالية والمهارية المتاحة‪.‬‬
‫فكان من المهم أن يتطلع واضعو المناهج والبرامج التعليمية إلى التنوع في المعارف‬
‫والخبرات ا لتي تسهم في تحقيق نمو المجاالت المتعددة العقلية والقلبية والمهارية‪،‬‬
‫والسعي نحو النافع منها‪ ،‬وتوظيفه فيما يعود على العملية التعليمية التعلمية بالخير‬
‫في رفع كفاية التعليم وتحسن مخرجاته وتحقيق نمو متوازن في الشخصية اإلنسانية‬
‫للمتعلمين‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المبدأ الثالث ‪ :‬الواقعية‬
‫بمعنى قابلية النتاجات المخطط لها للتحقيق‪ ،‬بحيث تراعي من حيث الكم فال تكون‬
‫من الكثرة بمكان فيعجز المعلمون والمتعلمون عن تحقيقها جمي ًعا‪ ،‬وكذلك من النوع‬
‫فال تكون من الصعوبة فيعجز المتعلمون عن تحقيقها فتثبط هممهم وتشعرهم بالفشل‬
‫والعجز‪.‬‬
‫وعلى واضعي المناهج والبرامج التعليمية االنتباه إلى الفروق الفردية بين المتعلمين‬
‫بسبب التفاوت في المراحل النمائية والنضج‪ ،‬وبسبب اختالف بيئاتهم االجتماعية‬
‫ُكلف المتعلمون في البادية بتحقيق‬‫والثقافية واالقتصادية‪ .‬فمن غير المقبول أن ي ّ‬
‫نتاجات يصعب تحقيقها إال في مجتمع مدني له من اإلمكانات المالية ما يمكنه من‬
‫الوصول إلى المعرفة والخبرة التعليمية بسهولة‪.‬‬
‫كما يجدر االنتباه إلى تفاوت المؤسسات التعليمية (المدراس) في توفير التسهيالت‬
‫الالزمة للتعليم‪ ،‬واقتراح بدائل متعددة لتحقيق انتاجات مخطط لها‪ ،‬لضمان تحقيق‬
‫أكبر قدر منها‪.‬‬

‫ثانياا ‪ :‬مبادئ بناء المناهج المتعلقة بالمعرفة والخبرات التربوية ‪:‬‬


‫النوع األول ‪ :‬المبادئ العامة‬
‫يأخذ التربويون في بنائهم المناهج وتنظيمهم المعارف والخبرات التربوية فيها‬
‫بالمبادئ العامة اآلتية‪:‬‬
‫المبدأ األول ‪ :‬التمركز‬
‫يقصد به وجود مركز أو محور أو نقطة ارتكاز يتمركز حولها المحتوى والخبرات‬
‫التعليمية‪ ،‬فهذا يسهم في تحديد األفكار الرئيسية التي يجب التركيز عليها و توضيح‬
‫أي ممن العالقات التي يجب إبرازها فيما بين األفكار‪ ،‬وما تحويه تلك األفكار من‬
‫حقائق ومفاهيم ومبادئ وغيرها‪ ،‬مما يمكن المعلم من التمييز بين المهم واألهم‬
‫واألكثر أهمية‪ ،‬كما يساعد المتعلمين على اكتشاف العالقات بين األفكار الرئيسية أو‬
‫بينما تحتويه من معارف ومفاهيم وإدراكها‪.‬‬

‫المبدأ الثاني ‪ :‬التوازن‬


‫بمعنى تحقيق الموازنة بين متطلبات القيم المنطقي للمحتوى والخبرة التعليمية وبين‬
‫التنظيم السيكولوجي للمتعلم‪ ،‬فيراعى في التنظيم الترتيب الذي يناسب طبيعة العلم‬

‫‪5‬‬
‫والمعرفة والجانب المنطقي لها من جهة‪ ،‬كما يراعي الترتيب المرحلة النمائية‬
‫للمتعلمين وخصائصهم من جهة أخرى‪.‬‬

‫المبدأ الثالث ‪ :‬التنوع‬


‫بمعنى عدم اإلكتفاء بالمعرفة والخبرة الشائعة بين الناس؛ فمن المهم أن يراعي‬
‫واضعو المناهج والبرامج التعليمية التنوع ويكون في اآلتي ‪:‬‬
‫‪ .1‬المعارف والخبرات التعليمية ‪ :‬بحيث ال يقتصر على نوع من أنواع العلوم‬
‫وإغفال األنواع األخرى‪.‬‬
‫‪ .2‬المصادر ‪ :‬تتنوع المصادر بحيث ال يكتفي بالوثائق والمخطوطات المعتمدة‬
‫للتدريس بل البد من النظر في المصادر األخرى‪ ،‬كالموسوعة العلمية‬
‫والدراسات والبحوث التجريبية وغير التجريبية‪ ،‬واألقمار االصطناعية‬
‫واألفالم الوثائقية واإلنترنت‪ ،‬إلى جانب الكتب والمراجع الورقية الحديثة‬
‫والقديمة‪.‬‬
‫‪ .3‬وسائط الحصول على المعرفة والخبرة ‪ :‬يصل اإلنسان إلى حقائق أو‬
‫معارف جديدة من خالل العمليات العقلية المتنوعة التي يجريها بين مخزونه‬
‫من المعارف والخبرات وبين الجديد منها‪ ،‬لذا يجب أن يهتم واضعو المناهج‬
‫والبرامج التعليمية بأنواع النشاط التي تنمي المهارات العقلية المتعددة في‬
‫ماهيتها ومستوياتها وتراعي الفروق الفردية بين المتعلمين‪.‬‬

‫المبدأ الرابع ‪ :‬المرونة‬


‫يقصد بها فتح الباب أمام المعارف والخبرات التعليمية المستجدة وفق ضوابط‬
‫ومعايير شرعية وعقلية لقبولها أو ردها‪ ،‬فالمعرفة والخبرات متجددة ومتنامية‬
‫بسرعة فائقة‪.‬‬

‫المبدأ الخامس ‪ :‬التراكم‬


‫ضا وتتضافر فيما بينها‬ ‫ويقصد به تنظيم المعرفة والخبرات بحيث يعزز بعضها بع ً‬
‫إلحداث تغييرات نوعية عميقة في المتعلم‪ ،‬مع مالحظة أن التغيرات في السلوك‬
‫اإلنساني الذي ال تحدث بسرعة بل ببطء يتفاوت في الزمن‪ ،‬تب ًعا لنوع المثيرات‬
‫وتكرارها‪ ،‬وما يقابل ذلك من استراتجيات تعزيزية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬المبادئ الخاصة‬
‫تسعى كل أمة من األمم إلى المحافظة على عقيدتها وثقافتها‪ ،‬وسعيها إلى تطوير‬
‫قدراتها وإمكاناتها وتحسين ظروفها وبيائتها االجتماعية واالقتصادية والنفسية‬
‫واإلدارية‪ ،‬ولتحقيق هذه الغايات يجرى توكيل مهمة إعداد المناهج إلى عدد من‬
‫األخصائيين المهرة في صورة برامج ومنظومات معرفية وقيمية وخبرات تعليمية‪،‬‬
‫ولكن هؤالء األخصائيين يواجهون عادة مشكلة الموازنة بين بُعدين رئيسيين في‬
‫تنظيم المحتوى المعرفي والخبرات التعليمية‪( .‬هندام‪ ،‬يحيى حامد وجابر‪ ،‬جابر عبد الحميد (‪)1978‬‬
‫‪ ،‬صـ‪)177-176‬‬

‫احتدم الجدال حول تنظيم المادة الدراسية فيما إن كان سيتم على أساس سيكولوجي‬
‫أم على أساس منطقي ‪ ،‬ويرى الخوالدة وعيد ‪ :‬أنه ال يمكن وضع حدود فاصلة بين‬
‫هذين البعدين لوجود تناغم واتساق بينهما (الخوالدة‪ ،‬ناصر أحمد ويحيى إسماعيل عيد(‪،)2007‬صـ‪)66‬‬

‫اهتمام مصممي المناهج والبرامج التعليمية تتجه نحو بعدين رئيسيين هما‪ :‬البعد‬
‫الرأسي والبعد األفقي عند الشروع في بنائهم للمحتوى وتنظيمهم للخبرات التعليمية‪.‬‬

‫المبادئ المتعلقة بالبعد الرأسي ‪:‬‬


‫يقصد به وجود عالقات متداخلة بين المعرفة والخبرات التعليمية التراكمية المقدمة‬
‫للمتعلم بما يؤدي إلى تماسكها وبقائها متسلسلة من حيث الترتيب الزمني لورودها‬
‫إلى المتعلم أو حدوثها‪ ،‬ولذلك يحسن األخذ في بناء المناهج والخبرة التعليمية وفق‬
‫هذا البعد االلتزام بمبدأين فرعيين هما ‪:‬‬
‫المبدأ األول ‪ :‬االستمرار‬
‫يقصد به وجود عالقة رأسية بين عناصر المناهج الرئيسية بحث تراعي فيها‬
‫المرحلة النمائية للمتعلم جميًا وعقليًا مع المستويات الثقافية والصفوف الدراسية التي‬
‫بلغها (ابن حنبل‪ ،‬أحمد (د‪.‬ت) المسند‪،‬ج‪ 5‬صـ‪ ، )324‬يعد االستمرار صفة مميزة لفكرة منهاج‬
‫برونر ‪ Bruner‬الحلزوني حيث يعاد بموجبه تدريس الموضوعات نفسها التي سبق‬
‫تعلمها في صفوف أدنى‪ ،‬ولكن بشكل أوسع وأعمق‪ .‬ووفق هذا المبدأ يكون التمحور‬
‫حول عدد من المفاهيم الرئيسية في الصفوف المتتابعة مع التوسع والتعمق فيها كلما‬
‫ارتقى المتعلم في مستواه الثقافي الصفي (السويدي والخليلي‪ ،‬صـ‪.)124‬‬

‫‪7‬‬
‫ويتطلب هذا المبدأ أن يخطط للخبرات التعليمية في المنهاج بعناية كبيرة‪ ،‬بحيث‬
‫تزداد درجة الصعوبة ومستويات التعقيد‪ ،‬تب ًعا لتزايد قدرات المتعلم العقلية وطبيعة‬
‫مرحلته النمائية‪ ،‬فالمعرفة والخبرة الجديدة امتداد لما سبق بصورة أوسع وأعمق‪.‬‬
‫المبدأ الثاني ‪ :‬التتابع‬
‫يقصد به أن تكون المعرفة والخبرة التعليمية الجديدة مبنية على معرفة وخبرة‬
‫تعليمية سابقة على أن ينتج من وجودهما معًا الجديدة والسابقة‪ ،‬ظهور معرفة أعمق‬
‫وأوثق‪ ،‬بمعنى آخر فإن الخبرات التالية أو الالحقة تسهم في نمو المعرفة والخبرة‬
‫السابقة‪ ،‬وتزيد من درجة إتقان المتعلم لهما‪ ،‬كما تعمل على تحقيق النتاجات المخطط‬
‫لها‪.‬‬

‫المبادئ المتعلقة بالبعد األفقي‪:‬‬


‫ضا ويعمق‬
‫يقصد به ربط عناصر المنهاج جنبًا إلى جنب‪ ،‬بحيث يؤازر بعضها بع ً‬
‫المعرفة والخبرة التعليمية‪ ،‬ويمنع التعارض والتنافر‪.‬‬
‫المبدأ األول‪ :‬المدى‬
‫يُقصد به درجة اتساع المنهاج في شموله لمجاالت المعرفة والخبرات التعليمية‬
‫ومستوى معالجته لها‪( .‬الخوالدة وعيد‪ ،‬صـ‪ )65‬ووفق هذا المبدأ يحسن بمصممي المناهج‬
‫والبرامج التعليمية‪ ،‬البدء بتحديد الخبرات التعليمية المراد إكسابها للمتعلم‪ ،‬ومعايير‬
‫تنظيم بناء المحتوى الدراسي في كل مستوى من المستويات التعليمية والثقافية‪ ،‬كأن‬
‫يكتفي في المستوى األول في عبادة الزكاة بالتعريف بالمفهوم والحكمة من‬
‫المشروعية ودليلها‪ ،‬ويتم التوسع في المستوى التالي في بيان المفهوم واألحكام‬
‫المتعلقة به من حيث األموال فيكتفي بزكاة الذهب والفضة والنقود وشروط وجوبها‬
‫وكيفية احتسابها ‪ ،‬وهكذا بحيث يتحدد مدى اتساع المنهاج في كل مستوى‪.‬‬
‫المبدأ الثاني ‪ :‬التكامل‬
‫يقصد به وجود عالقات بين المعارف والخبرات التعليمية المقدمة للمتعلم وبصورة‬
‫متناغمة ومتسقة‪ ،‬سواء أكانت في المادة التعليمية والمبحث الدراسي الواحد‪ ،‬أم مع‬
‫حاجيات كل من المتعلمين والمجتمع ومتطلبات العصر من تحديث وتطوير‪ .‬ووفق‬
‫هذا المبدأ يحسن بواضعي المناهج والبرامج التعليمية االنتباه إلى المعرفة والخبرة‬
‫التعليمية المقدمة للمتعلم من خالل المقررات المدرسية بحيث ال تتناقض‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مدخل‪ :‬تنظيمات المناهج ولعبة المكعبات‪:‬‬
‫افترض مثال أن لديك عشرة أطفال من أعمار مختلفة‪ ،‬ووزعت عليهم سبعة مكعبات‬
‫متنوعة األلوان‪ ،‬وطلبت من كل منهم أن يصمم مبنى على شكل منزل مستخدما هذه‬
‫المكعبات جميعها ‪ ...‬فما االحتماالت الغالبة حول تشابه وضعية المكعبات في‬
‫تصاميم المنزل‪ ،‬وحول أشكال المنازل المصممة؟‬
‫ثم تخيل أنك التقيت عشرة من أبرز المفكرين التربويين‪ /‬خالل المئة عام األخيرة‪،‬‬
‫وكانوا من مدارس فكرية مختلفة‪ ،‬من أمثال "جون ديوي"‪ ،‬و "جان بياجيه"‪،‬‬
‫و"آرثر بستر"‪ ،‬و"بوارس سكنر"‪ ،‬و"بيتر اولفيا"‪ ،‬و"جودت سعادة"‪ ،‬وطلبت منهم‬
‫تصميم منهج ما‪ ،‬مستخدمين مكونات بنية المنهج السبع (األهداف‪ ،‬المحتوى‪ ،‬طرق‬
‫التعليم والتعلم‪ ،‬أنشطة التعلم‪ ،‬مصادر التعلم‪ ،‬تقويم تعلم الطالب‪ ،‬بيئة المنهج) فما‬
‫االحتمال الغالب حول تشابه وضعية هذه المكونات في تصميم المنهج‪ ،‬وحول أشكال‬
‫تصميمات المنهج؟‬
‫من المتوقع جدا أن تجد منهم من يركز مثال على محتوى المنهج‪ ،‬ويعطيه المساحة‬
‫الكبرى في التصميم‪ ،‬كما قد تجد منهم من يعطي مثال أنشطة التعلم (المنهجية)‬
‫المساحة األساسية في التصميم‪ ،‬لكن من المؤكد أن تجد أن لكل منهم تصميمه‬
‫الخاص للمنهج‪ ،‬فلماذا اختلفت تصاميم للمنهج عن بعضها؟‬
‫أظنك لن تجد صعوبة في تفسير هذا االختالف في تنظيمات المناهج ‪ ..‬فطالما‬
‫اختلفت المناهج في أسس بنائها (الفلسفية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والنفسية ‪ ...‬إلخ) فمن‬
‫المحتم أن تختلف في تنظيماتها‪ .‬ومن ثم نتوقع وجود تنظيمات متعددة للمناهج‬
‫الدراسية‪.‬‬

‫أبرز تنظيمات المناهج‪:‬‬


‫لقد بذلت محاوالت متعددة لتصنيف تنظيمات المناهج (التنظيمات المنهجية)‪ ،‬ومن‬
‫أبرزها‪:‬‬
‫التصنيف المقترح من قبل "جودت سعادة" و"عبدهللا إبراهيم" والمتضمن تصنيفها‬
‫إلى‪:‬‬
‫• التنظيمات المنهجية المتمركزة حول المعرفة (ومثال لها‪ :‬منهج المواد‬
‫الدراسية المنفصلة)‪.‬‬
‫• التنظ يمات المنهجية المتمركزة حول المتعلم (ومثال لها‪ :‬منهج النشاط)‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫• التنظيمات المنهجية المتمركزة حول المجتمع (ومثال لها المنهج البوليتكنيكي‬
‫"منهج الفنون المتعددة"‪.‬‬
‫• التنظيمات المنهجية المختلطة (ومثال لها‪ :‬المنهج المحوري)‪.‬‬

‫التصنيف المقترح من قبل "أورنستيم"و"وهينكنز" والمتضمن تصنيفها إلى‪:‬‬


‫• التصاميم ‪ /‬التنظيمات المتمركزة حول المادة‪ :‬ومثال لها‪ ،‬تصميم المواد‬
‫المنفصلة‪.‬‬
‫• التصاميم ‪ /‬التنظيمات المتمركزة حول المتعلم ومثال لها‪ ،‬التصميم المتمركز‬
‫حول الخبرة‪.‬‬
‫• التصاميم ‪ /‬التنظيمات المتمركزة حول المشكالت ومثال لها‪ ،‬التصميم‬
‫المحوري‪.‬‬

‫تصنيف مجدي عزيز إبراهيم والمتضمن تصنيفها إلى‪:‬‬


‫• تنظيمات (مداخل) ما قبل المعاصرة (ما قبل السبعينات من القرن الماضي)‬
‫ومثال لها‪ ،‬المنهج التقليدي (منهج المواد الدراسية المنفصلة)‪ ،‬منهج النشاط‪،‬‬
‫المنهج المحوري‪.‬‬
‫• تنظيمات حديثة (ما بعد السبعينات من القرن الماضي ومثال لها‪ ،‬منهج‬
‫التكامل‪ ،‬المنهج الموديولي)‪.‬‬

‫هذا ويتبنى مؤلف الكتاب (أ‪.‬د‪ .‬حسن زيتون) لحد كبير التصنيف األخير‪ ،‬هذا لكونه‬
‫يبرز التطور التاريخي لتنظيمات المناهج‪ ،‬ولكون كثير من المناهج المعاصرة تبنى‬
‫على خليط من تصاميم المنهج الموضحة في التصنيف الثاني وليس على صنف‬
‫واحد منها فضال عن كون هذا التصنيف األخير سهل الفهم واالستيعاب‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وعليه سوف يعرض المؤلف هذه التصاميم في فئتين هما‪:‬‬

‫أبرز تنظيمات المناهج‬ ‫أبرز تنظيمات المناهج في‬


‫فترة ما قبل المعاصرة (ما المعاصرة (ما بعد السبعينيات‬
‫قبل السبعينيات من القرن من القرن الماضي حتى اًلن)‬
‫‪.‬‬

‫وتتضمن‪ :‬المنهج التكاملي‪،‬‬ ‫الماضي) ويتضمن منهج‬


‫منهج الوحدات الدراسية‬ ‫المواد الدراسية المنفصلة‪،‬‬
‫القائمة على الموضوع‪،‬‬ ‫ومنهج النشاط‪ ،‬والمنهج‬

‫‪.‬‬
‫المنهج الرقمي اإللكتروني‪.‬‬ ‫المحوري‪.‬‬

‫رنة جرس‬
‫ال يجب أن يفهم أن تنظيمات المناهج في فترة ما قبل المعاصرة قد اختفت‬
‫تماما عن مناهج التعليم‪ ،‬فبعضها ال يزال قائما بشكل كبير‪ ،‬مثل منهج‬
‫المواد الدراسية المنفصلة‪ .‬وعلى المنوال نفسه‪ ،‬ال يجب أن يفهم أن‬
‫تنظيمات المناهج في فترة ما بعد المعاصرة هي السائدة وحدها في مناهج‬
‫التعليم المعاصرة‪.‬‬

‫أوًل‪ :‬أبرز تنظيمات المناهج في فترة ما قبل المعاصرة‪:‬‬


‫وتشمل التنظيمات التالية‪:‬‬
‫التنظيم األول‪ :‬منهج المواد المنفصلة‪:‬‬
‫التعريف به‪ :‬هو أحد تنظيمات المنهج الذي يصمم فيه منهج كل مادة دراسية بمعزل‬
‫عن المواد األخرى‪ ،‬فيكون منهج تصميم اللغة مثال بمعزل عن تصميم منهج‬
‫الدراسات اإلسالمية (الدين اإلسالمي) ‪ ..‬ومن ثم فإن الطالب يدرسون مناهج المواد‬
‫الدراسية (الرياضيات‪ ،‬العلوم‪ ،‬الجغرافية‪ ،‬التاريخ‪...،‬إلخ) منفصلة عن بعضها‬
‫بعضا‪..‬‬
‫وهو من أقدم أنواع تنظيمات المناهج وأكثرها انتشار حتى يومنا هذا‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من ظهور تنظيمات أخرى للمناهج إال أنه اليزال سائدا في كثير من دول العالم‪ ،‬بما‬
‫فيها الدول العربية‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫ويركز هذا التنظيم على محتوى المادة الدراسية (محتوى المنهج) أكثر من تركزه‬
‫على بقية مكونات المنهج األخرى‪ ،‬خاصة أنشطة التعلم (المنهجية)‪.‬‬

‫أبرز الخصائص‪:‬‬
‫الفصل بين المواد الدراسية‪ :‬يصمم منهج كل مادة دراسية ويتم تدريسه على‬ ‫‪.1‬‬
‫حده‪ ،‬وله كتابه ومعلمه وساعات تدريسية محددة له في الجدول الدراسي‪،‬‬
‫وامتحاناته المستقلة ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫اإلعداد المسبق للمحتوى‪ :‬محتوى المنهج يعد مسبقا من قبل الخبراء‪ ،‬غالبا‬ ‫‪.2‬‬
‫ما يكونون من خبراء المادة الدراسية (متخصصون في اللغة العربية مثال)‬
‫وربما يكون معهم خبراء في طرق التدريس‪.‬‬
‫سيادة الجانب المعرفي (المعلوماتي) في المحتوى‪ :‬يعطي المنهج أهمية‬ ‫‪.3‬‬
‫كبرى لتعلم المعلومات أكثر من تعليم جوانب المحتوى األخرى (المهارات‪،‬‬
‫واالتجاهات‪ ،‬والقيم)‪.‬‬
‫تبني التنظيم المنطقي في تنظيم المحتوى‪ :‬ويأخذ هذ التنظيم أشكاال عدة‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ومنها‪:‬‬
‫التدرج من السهل إلى الصعب أو من البسيط إلى المعقد‪ ،‬كالبدء – في مادة‬ ‫‪.5‬‬
‫الرياضيات – بالعمليات الحسابية البسيطة مثل‪ :‬الجمع‪ ،‬ثم التدرج إلى‬
‫الطرح‪ ،‬ثم إلى العمليات الحسابية المعقدة كالضرب والقسمة‪.‬‬
‫التدرج من الجزء إلى الكل‪ :‬كما في تعليم اللغة‪ ،‬حيث يبدأ الطالب بدراسة‬ ‫‪.6‬‬
‫الحروف ثم يكون منها بعض المقاطع التي تكون بدورها كلمات‪ ،‬ومن ثم‬
‫الكلمات تتألف الجمل ومن هذه تتألف الجمل والعبارات والفقرات‪.‬‬
‫التدرج من العام إلى الخاص‪ :‬ويحدث هذا عند اتباع الطريقة الكلية في‬ ‫‪.7‬‬
‫تدريس القراءة للمبتدئين؛ حيث يبدأ المعلم بالجملة ثم الكلمة التي يقوم‬
‫بتحليلها إلى حروف‪.‬‬
‫التدرج من الحسي إلى المجرد‪ :‬االبتداء في التدريس باألشياء المحسوسة‪ ،‬ثم‬ ‫‪.8‬‬
‫االنتقال إلى األشياء المجردة‪.‬‬
‫التدرج من الماضي إلى الحاضر‪ :‬ويتضح ذلك عند تدريس التاريخ‪ ،‬حيث‬ ‫‪.9‬‬
‫يبدأ الطالب بدراسة العصر القديم ثم الوسيط ثم الحديث ثم المعاصر‪.‬‬
‫الكتاب المدرسي هو مصدر التعلم األكثر استخداما‪ :‬يعد الكتاب المدرسي‬ ‫‪.10‬‬
‫المرجع األساسي للطالب‪ ،‬الذي يزود بالمعلومات‪.‬‬
‫سيادة طرق التعليم والتعلم المتمركزة حول المعلم‪ :‬ومنها طرق التلقين‪،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫والشرح واألسئلة واألجوبة‪ ،‬والعروض التوضيحية التي يكون فيها المعلم‬

‫‪12‬‬
‫هو الالعب الرئيس في الصف الدراسي والطالب متلقين للمعرفة أو‬
‫مشاركين في تعلمها بشكل محدود‪.‬‬

‫أبرز المزايا ‪ /‬نقاط القوة‪:‬‬


‫سهولة تصميمه والتخطيط له وتحسينه‪ ،‬فهو ال يحتاج إلى إجراءات معقدة‪،‬‬ ‫•‬
‫كما هو الحال في المناهج األخرى‪.‬‬
‫يساعد في نقل أكبر كمية ممكنة من المعلومات إلى الطالب‪.‬‬ ‫•‬
‫قلة تكاليف تصميمه وتنفيذه وتطبيقه‪.‬‬ ‫•‬
‫سهولة تطبيقه من قبل المعلمين‪ ،‬فهو ال يحتاج إال المعلم متقن للمعلومات‪،‬‬ ‫•‬
‫ولديه مهارات تدريس تساعده على نقل هذه المعلومات للطالب‪.‬‬
‫أبرز المحددات‪ /‬نقاط الضعف‪:‬‬ ‫•‬
‫يركز على الجانب المعرفي (المعلوماتي) على حساب جوانب التعلم‬ ‫•‬
‫األخرى‪ :‬المهارية‪ ،‬الوجدانية‪.‬‬
‫يفصل بين أنظمة (ميادين) المعرفة المختلفة (الدينية‪ ،‬اللغوية‪ ،‬الجغرافية‪،‬‬ ‫•‬
‫التاريخية ‪..‬إلخ في أثناء تعلمها مما يجعل الطالب ال يدركون العالقات‬
‫المختلفة بين األنظمة‪ ،‬ومن ثم ال يدركون مبدأ وحدة المعرفة‪ ،‬مما يؤثر سلبيا‬
‫في تعاملهم مع القضايا والمشكالت متعددة األبعاد المعرفية‪ ،‬ومنها مشكلة‬
‫اإلرهاب مثال‪ ،‬فهي مشكلة لها أبعادها الدينية والجغرافية والتاريخية ‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫يندر االهتمام بمراعاة الفروق الفردية بين الطالب‪ ،‬نظرا لكون المحتوى‬ ‫•‬
‫الدراسي موحد للجميع‪.‬‬
‫يقل االهتمام بحاجات الطالب وميولهم المنبثقة في أثناء دراسة المنهج‪ ،‬ذلك‬ ‫•‬
‫ألن التركيز موجه نحو تعلم المعلومات‪ ،‬ولكونه (أي المنهج) يعد مسبقا‪ ،‬ال‬
‫مكان فيه للطالب لممارسة أنشطة تتفق مع حاجاتهم‪.‬‬
‫ال يحقق عادة مبدأ إيجابية المتعلم ومشاركته في النشطة في العملية التعليمية‪،‬‬ ‫•‬
‫لكونه مؤسس فلسفيا على فكرة أن عقل الطالب أشبه ما يكون باإلناء الذي‬
‫تصب فيه المعلومات‪ ،‬وأن المعلم هو حامل المعرفة وناقلها للطالب‪.‬‬
‫يكرس المفهوم السلطوي في العملية التعليمية‪ ،‬المعلم هو صاحب السلطة‬ ‫•‬
‫والقرار‪ ،‬مما يتعارض مع مبدأ المشاركة والتعاون بين الطالب‪ ،‬والمعلم في‬
‫إدارة هذه العملية واتخاذ القرارات المناسبة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫بعض المحاوًلت لتحسينه‪:‬‬
‫جرت عدة محاوالت لتحسين منهج المواد الدراسية المنفصلة للحد من بعض نقاط‬
‫ضعفه‪ ،‬ولكن مع االحتفاظ بغالبية خصائصه سالفة الذكر‪ ،‬ودارت بعض هذه‬
‫المحاوالت حول معالجة إشكالية الفصل بين المواد الدراسية المختلفة ما يلي‪:‬‬
‫المنهج المترابط ‪ /‬المواد المرتبطة‪:‬‬
‫يقصد بالربط إظهار العالقات التي قد تتوافر بين مادتين أو أكثر من المادة‬
‫الدراسية‪ ،‬سواء أكانت هذه المواد تنتمي إلى مجال دراسي واحد أو تنتمي إلى عدة‬
‫مجاالت دراسية‪ ،‬في الوقت الذي تظل فيه التقسيمات بين تلك المواد القائمة ويوضح‬
‫الشكل التالي تلك الفكرة‪:‬‬

‫وتقع مسؤولية الربط على معلمي تلك المواد ‪..‬‬


‫من أمثلة فكرة الربط‪:‬‬
‫ربط معلم التاريخ بين األحداث التاريخية لمعركة حطين مع جغرافية بالد الشام في‬
‫ذلك الوقت‪.‬‬
‫ربط معلم القرآن بين اآليات القرآنية عن حادثة اإلسراء والمعراج‪ ،‬باألحاديث‬
‫الشريفة عن هذه الحادثة‪ ،‬وبالقصائد الشعرية التي قيلت فيها‪.‬‬

‫منهج المجاالت الواسعة‪:‬‬


‫ويقوم على فكرة دمج المواد الدراسية المتشابهة ذات الموضوع الواحد‪ :‬لتصبح‬
‫مجاال واسعا من المجاالت‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ومن أمثلة هذه المجاالت‪:‬‬
‫مجال الدراسات ‪ /‬التربية اإلسالمية‪ :‬ويضم القرآن والتفسير والحديث والفقه‬
‫والتوحيد ‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫مجال اللغة العربية‪ :‬ويضم القراءة واإلمالء واألدب و القواعد والخط ‪..‬إلخ‪.‬‬
‫مجال الدراسات االجتماعية‪ :‬ويشمل التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية‪.‬‬
‫مجال الرياضيات‪ :‬ويضم الحساب والهندسة والجبر وحساب المثلثات والتكامل‬
‫والتفاضل ‪..‬إلخ‪.‬‬

‫المنهج الحلزوني‪:‬‬
‫وهو التنظيم المنهجي الذي اقترحه برونر في الستينيات من القرن الماضي‬
‫والمتضمن تحسين منهج المواد الدراسية المنفصلة من خالل تبني فكرتين أساسيتين‬
‫هما‪:‬‬

‫األولى‪ :‬أن محتوى المنهج من المعرفة يجب أن يكون في شكل األفكار الرئيسة‬
‫الكبرى‪ ،‬التي تشكل بنية المادة الدراسية‪ ،‬أي يكون في شكل المفاهيم والتعميمات‬
‫الكبرى‪ ،‬وليس في شكل معارف جزئية ‪ /‬حقائق متناثرة نحشوها في عقول الطالب‬
‫حشوا‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يتعمق الطالب ويتوسع فهمه لتلك األفكار الرئيسية تدريجيا بانتقال من‬
‫صنف دراسي آلخر‪.‬‬

‫وعلى سبيل المثال‪ :‬يمكن أن تتم دراسة مفهوم مثل "الفروق" في مستويات تتدرج‬
‫في التعقيد واالتساع من صف دراسي آلخر في المرحلة االبتدائية‪ ،‬حيث يدرس‬
‫التالميذ‪:‬‬
‫الفروق بين األب واألم‪ ،‬ثم يدرسون‪.‬‬ ‫•‬
‫الفرق بين األسر من حيث البناء والوظيفة‪ ،‬ثم يدرسون‪.‬‬ ‫•‬
‫الفروق بين سكان القرية والمدينة في مستوى أعلى ثم يدرسون‪.‬‬ ‫•‬
‫الفروق في طبيعة الحياة بين محافظات الدولة أو مناطقها المختلفة‪ ،‬ثم‬ ‫•‬
‫يدرسون في صف متقدم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫• الفروق بين حياة اإلنسان داخل وطنه قديما وحديثا‪ ،‬ثم يدرسون في صف‬
‫دراسي متقدم آخر‪.‬‬
‫• الفروق بين حياتهم داخل مجتمعهم أو شعبهم أو أمتهم‪ ،‬وحياة الشعوب‬
‫والمجتمعات واألمم األخرى‪ ،‬ويوضح الشكل اآلتي هذا المعنى‪:‬‬
‫المجتمع أو األمة‬
‫والمجتمع واألمم‬ ‫الفروق‬ ‫االبتدائي‬ ‫السادس‬ ‫الصف‬
‫األخرى‬
‫بين الوطن قديما‬
‫الفروق‬ ‫االبتدائي‬ ‫الخامس‬ ‫الصف‬
‫وحديثا‬
‫بين محافظات الدولة‬
‫الفروق‬ ‫االبتدائي‬ ‫الرابع‬ ‫الصف‬
‫الواحدة‬
‫بين سكان القرية‬
‫الفروق‬ ‫االبتدائي‬ ‫الثالث‬ ‫الصف‬
‫الواحدة‬
‫بين األسر المختلفة‬ ‫الفروق‬ ‫االبتدائي‬ ‫الثاني‬ ‫الصف‬
‫بين األم واألب‬ ‫الفروق‬ ‫االبتدائي‬ ‫األول‬ ‫الصف‬
‫فكرة تنظيم المنهج الحلزوني عبر الصفوف الدراسية في المرحلة االبتدائية مطبقة‬
‫على مفهوم الفروق‬

‫التنظيم الثاني‪ :‬منهج النشاط‪:‬‬


‫(ال يكفي أن يكون المرء نشيطا‪ ،‬فالنمل نشيط‪ ،‬المهم أن تفكر وأنت تنشط وأن‬
‫يأخذك نشاطك نحو ما تريد)‪.‬‬
‫التعريف به‪ :‬يعد منهج النشاط أحد القفزات الكبرى في تاريخ بناء المناهج الدراسية‬
‫وتطويرها‪ ،‬ويمكن وصفه بأنه ثورة على منهج المواد الدراسية المنفصلة فائت‬
‫الذكر ‪ ...‬وينظر لمنهج النشاط على أنه تطبيق حي الفلسفة البرجماتية (الموضحة‬
‫بالتفصيل في الوحدة الثالثة) ويرجع الفضل الكبير في بلورة هذا المنهج لـ"جون‬
‫ديوي" فيلسوف البرجماتية األشهر ‪ ...‬والذي كان من أكبر منتقدي سلبيات منهج‬
‫المواد الدراسية المنفصلة‪ ،‬المتعلقة بعدم مراعاة منهج المواد الدراسية المنفصلة‬
‫لحاجات الطالب وميولهم‪ ،‬وبسلبيتهم في أثناء تعلم المنهج ‪ ..‬ولذا طور منهج النشاط‬
‫للتغلب على هذه السلبيات‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ويمكن القول إجماال‪ :‬إن منهج النشاط هو المنهج الذي يهتم بميول وحاجات التالميذ‪،‬‬
‫وقدراتهم واستعداداتهم ويتيح الفرصة للطالب القيام باألنشطة المختلفة‪ ،‬التي تتفق‬
‫مع هذه الميول‪ ،‬وتعمل على إشباع تلك الحاجات‪ ،‬ومن خالل هذه األنشطة ينمو‬
‫الطالب‪ ،‬ويكتسبون المعلومات والمهارات‪ ،‬وتتكون لديهم العادات واالتجاهات‬
‫وتنمي القيم والجانب االجتماعي واالنفعالي لديهم‪.‬‬
‫ومن هنا نستطيع أن نقول‪ :‬إن منهج النشاط قد نقل محور االهتمام من محتوى المادة‬
‫الدراسية إلى الطالب‪ ،‬وجعله محور العملية التعليمية‪.‬‬

‫ويبنى هذا المنهج على إيجابية التالميذ ونشاطهم‪ ،‬ويتم هذا النشاط في صورة‬
‫مشروعات أو مشكالت يقوم التالميذ باختيارها والتخطيط لها‪ ،‬ثم تنفيذها وتقويمها‬
‫وحيث إن هذه األنشطة مستمرة ومتنوعة فإنها تتيح الفرصة لمرور الطالب بأكبر‬
‫قدر من الخبرات‪.‬‬
‫ولقد طبق منهج النشاط في مرحلة التعليم االبتدائي‪ ،‬ورياض األطفال‪ ،‬منذ بدايات‬
‫القرن العشرين‪ ،‬وحتى الخمسينات من القرن ذاته في عدد من دول العالم‪ ،‬منها‬
‫الواليات المتحدة األمريكية ثم خف تطبيقه إلى حد بعيد في المرحلة االبتدائية‪ ،‬نتيجة‬
‫ما وجه إليه من انتقادات‪ ،‬سيشار لها الحقا ‪ ...‬إال أنه ظل له وجود نسبي في مرحلة‬
‫رياض األطفال‪.‬‬

‫أبرز الخصائص‪:‬‬
‫منهج النشاط يقوم على أساس حاجات الطالب واهتماماتهم وخبراتهم‬ ‫‪.1‬‬
‫والنشاطات التي يميلون إليها‪ ،‬والمشكالت التي يهتمون بها‪ ،‬ليس فقط‬
‫كمجموعة ولكن كأفراد‪ .‬ويهدف هذا المنهج إلى تحقيق نموهم من خالل‬
‫الخبرة النشطة‪.‬‬
‫منهج النشاط ال يعتبر المحتوى الدراسي هدفا للتعلم‪ ،‬بل وسيلة من وسائل‬ ‫‪.2‬‬
‫تحقيق نمو الطالب‪ ،‬كما ال يقتصر نموهم فيه على النواحي العقلية‪ ،‬وإنما‬
‫يشمل النواحي الجسمية واالجتماعية والوجدانية والنفس حركية‪.‬‬
‫ليس هناك تخطيط مسبق للمنهج؛ ألن حاجات وميول الطالب مختلفة‪ ،‬وهي‬ ‫‪.3‬‬
‫التي تحدد ما يناسبهم من نشاطات بعد بدء الدراسة‪ ،‬وعندئذ يقتصر دور‬
‫المعلم على إرشاد الطالب وتوجيههم‪ ،‬خالل القيام بهذه النشاطات‪.‬‬
‫يعتمد المنهج بشكل أساسي على إيجابية الطالب‪ ،‬وعلى المعلم أن يحاول‬ ‫‪.4‬‬
‫تنمية وخلق الدوافع الداخلية المناسبة عندهم لممارسة النشاطات‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ .5‬يعتمد هذا المنهج على طريقة حل المشكالت وهذا يعني أن يقوم الطالب‬
‫بتحديد المشكالت التي يسعون إلى حلها‪ ،‬ثم يحددون األنشطة التي تقودهم‬
‫إلى إيجاد إجابات‪ ،‬وحلول لهذه المشكالت‪ ،‬عن طريق االطالع وإجراء‬
‫التجارب والمالحظات ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ .6‬ال يتقيد هذا المنهج بالحواجز الفاصلة بين المواد الدراسية‪ .‬إذ أن المنهج‬
‫يعتبر منهجا تكامليا يركز على النمو في جميع المجاالت‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫المعلومات التي يحتاجها المتعلم ربما كانت تستند إلى تخصصات مختلفة‬
‫ومتداخلة‪.‬‬
‫‪ .7‬يركز منهج النشاط على عمليات التعلم نفسها‪ ،‬وليس على النتائج‪ .‬فاكتساب‬
‫الطالب لمهارات التفكير والبحث أهم بكثير من المعلومات نفسها؛ ألنها تمثل‬
‫أجزاء من عمليات النمو لدى المتعلم‪.‬‬

‫أبرز المزايا‪ /‬نقاط القوة‪:‬‬


‫يساعد الطالب على فهم النظم ‪ /‬المجاالت المعرفية (العلوم‪ ،‬الرياضيات‪،‬‬ ‫•‬
‫اللغة‪ )...‬المعرفية بصورتها الحقيقية‪ ،‬كنسيج متكامل ومتشابك من‬
‫المعلومات‪ ،‬وعمليات البحث والتفكير العلمي المنطقي المبدع؛ فالطالب في‬
‫ضوء هذا المنهج ال يتلقى معارف منفصلة من المجاالت المختلفة‪ ،‬ولكنه‬
‫يتوصل من خالل البحث إلى ما يحتاج إليه من معلومات‪ ،‬أيا كانت النظم‬
‫التي تنتمي إليها تلك المعلومات‪.‬‬
‫يسهم في تحقيق النمو الشامل المتكامل للطالب‪ :‬إذ إن تأسيس مشروعات‬ ‫•‬
‫التعلم على أساس ميول الطالب يعمل على تحقيق ذواتهم وتنمية جوانب‬
‫شخصياتهم‪.‬‬
‫يساعد هذا المنهج في اكتشاف الميول المهنية للطالب؛ وبالتالي فإنه يسهم‬ ‫•‬
‫بشكل ممتاز في توجيههم لنوع الدراسة المستقبلية التي تنسجم مع تلك‬
‫الميول‪ ،‬فينجح الطالب في دراسته ألنه التحق بها على أسس قوية من‬
‫المعرفة بذاته‪.‬‬
‫يسهم بفاعلية في إعداد الشخصيات القيادية والمفكرة واالجتماعية‪ :‬إذ إن‬ ‫•‬
‫استمرار اشتراك الطالب في مشروعات التعلم على أساس من العمل‬
‫الجماعي ينمي المهارات االجتماعية‪ ،‬ويدرب الطالب على تبدل األدوار‬
‫أثناء العمل‪ ،‬ما بين عضو في جماعة إلى رئيس أو مسؤول عن الجماعة‪.‬‬
‫يستغل هذا المنهج الطاقة والنشاط الفائضين لدى الطالب‪ :‬حيث يسمح‬ ‫•‬
‫للطالب بإطالق طاقته بصفه دائمة أوال بأول‪ ،‬مستغال هذه الطاقة في التعلم‬
‫والعمل‪ ،‬من أجل كزيد من الخبرة وإشباع الحاجات والميول‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫أبرز المحددات ‪ /‬نقاط الضعف‪:‬‬
‫من الوارد أن يهمل المنهج جوانب مهمة‪ ،‬لها عالقة بتراث المجتمع وماضيه‬ ‫‪-‬‬
‫وإنجازاته الحضارية على مر العصور‪ ،‬ينبغي أن يتعلمها الطالب كلهم؛‬
‫حفاظا على هذا التراث‪ ،‬وعلى التماسك االجتماعي‪.‬‬
‫ال يوفر الكثير نحو اإلعداد للحياة‪ ،‬فإذا تركت الحرية للمتعلمين الختيار ما‬ ‫‪-‬‬
‫يدرسونه وما ال يدرسونه‪ ،‬فإنهم قد يغفلون كثيرا من المعارف والمفاهيم‬
‫المهمة للتعامل مع الحياة المعاصرة‪.‬‬
‫افتقار المنهج إلى االستمرارية والتتابع‪ ،‬فاهتمامات الطالب متقلبة وقد‬ ‫‪-‬‬
‫أظهرت التجارب التربوية أن منهجا يعتمد كلية على هذه االهتمامات لن‬
‫يكون له تتابع‪ ،‬أو نتائج يمكن تحديدها مسبقا‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى أوجه النقد السابقة فإن هناك صعوبات عملية في تطبيق هذا‬ ‫‪-‬‬
‫المنهج على نطاق واسع منها‪ :‬أن هذا المنهج يتطلب معلما على درجة عالية‬
‫جدا من الكفاية‪ ،‬واسع االطالع والثقافة متفقة في نمو الطفل‪.‬‬

‫قراءة إثرائية‪:‬‬
‫منهج المشروعات‪:‬‬
‫اقترح عالم التربية وفيلسوف البرجماتية الشهير "وليم كلباترك" منهجا اسماه منهج‬
‫المشروعات يحمل خصائص منهج النشاط ذاتها‪ ،‬وفيه يتكون المنهج من عدد من‬
‫المشروعات التي يقوم بها الطالب (زراعة حديقة المدرسة‪ ،‬تربية الدواجن ‪ ...‬إلخ)‬
‫والمقصود بالمشروع هو‪ :‬قيام الطالب فرادى أو في مجموعات بأنشطة تحقق هدفا‬
‫ذا أهمية بالنسبة لهم‪ ،‬ومن خالل تنفيذ الطالب لهذه األنشطة يكتسبون كثيرا من‬
‫المعلومات والمهارات واالتجاهات والقيم المتعلقة بالجوانب المختلفة بتلك األنشطة‪.‬‬
‫ويتكون المشروع من أربع خطوات هي‪ :‬اختيار المشروع‪ ،‬والتخطيط للمشروع‬
‫وتنفيذ المشروع‪ ،‬والحكم على المشروع‪ .‬ويلع الطالب الدور الرئيس في كل هذه‬
‫الخطوات‪ ،‬ولم يطبق منهج المشروعات على نطاق واسع في حينه في التعليم‬
‫المدرسي‪ ،‬إذ اقتصر على بعض المدارس النموذجية في أمريكا‪ ،‬وبالد أخرى مثل‬
‫جمهورية مصر العربية في األربعينيات من القرن الماضي‪ ،‬ومع ذلك فهو اليزال‬
‫يطبق بشكل محدود في بعض المؤسسات التعليمية حتى يومنا هذا ‪ ..‬واألهم من ذلك‬
‫أن فكرة منهج المشروعات قد تطورت منها فكرة أخرى هي اعتبار المشروعات‬
‫أحد األنشطة المنهجية التي يقوم بها الطالب‪ ،‬في أثناء دراستهم للمناهج أيا كان‬
‫تنظيمها (مواد دراسية منفصلة‪ ،‬مناهج تكاملية ‪ ..‬إلخ)‬
‫‪19‬‬
‫التنظيم الثالث‪ :‬المنهج المحوري‪:‬‬
‫دعنا نصعد على جذع الشجرة وفروعها معا‬
‫التعريف به‪ :‬ظهر المنهج المحوري كتنظيم متمايز عن كل من تنظيم منهج المواد‬
‫الدراسية المنفصلة‪ ،‬وتنظيم منهج النشاط – سالف الذكر‪ -‬من أجل التغلب على‬
‫عيوبها األساسية ‪ ..‬فهو (أي المنهج المحوري) يتفادى كال من فكرة التركيز على‬
‫المعرفة كغاية في حد ذاتها‪ ،‬وتجزئتها إلى أنظمة معرفية منفصلة‪ ،‬التي يعكسها‬
‫تنظيم منهج المواد الدراسية المنفصلة‪ ،‬وكذلك يتفادى فكرة قيام المنهج على حاجات‬
‫الطالب وميولهم فقط التي يعكسها تنظيم المنهج المحوري‪.‬‬

‫إال أن المنهج المحوري لم يهمل تماما بعض المبادئ المفيدة في كال من تنظيم منهج‬
‫المواد الدراسية المنفصلة ومنهج النشاط‪ ،‬فأخذ من تنظيم منهج المواد الدراسية‬
‫المنفصلة مبدأ أهمية تزويد الطالب بقدر موحد ومشترك من عناصر الثقافة‪،‬‬
‫تساعدهم على االلتقاء في اللغة والعادات والمعتقدات وهذه مقومات يحتاجها‬
‫المجتمع‪ ،‬لتكون له مالمح خاصة وقواسم مشتركة‪ ،‬وأخذ من منهج النشاط مبدأ‬
‫مراعاة حاجات الطالب وميولهم عند تنظيم المنهج‪ ،‬وبذلك فإن منهج التنظيم‬
‫المحوري لم يغفل هذه الحاجات والميول‪ ،‬فلقد وضعها في الحسبان‪ ،‬وفي حجمها‬
‫الطبيعي بحيث ال يقوم المنهج عليها وحدها فلقد وازن بينها وبين حاجات المجتمع‬
‫وقضاياه ومشكالته يقود إلى إعداد الفرد لممارسة أدواره المجتمعية‪ ،‬وللعيش في‬
‫مجتمع متغير‪ ،‬وهذا غرض أساسي من أغراض المنهج المحوري‪.‬‬

‫وينضوي المنهج المحوري على نوعين من البرامج الدراسية هما‪:‬‬


‫البرنامج المحوري (المحور)‪ :‬يمثل القدر المشترك من المعارف والمهارات‬
‫واالتجاهات والقيم – التي يجب أن يتعلمها جميع الطالب – الالزمة لتكوين ثقافة‬
‫مشتركة بينهم‪ ،‬وتعمل في الوقت ذاته على تمكينهم من مواجهة متطلبات الحياة‬
‫المجتمعية ومشكالتها ‪ ..‬ويشمل البرنامج المحوري‪ ،‬أو المحور دراسة الطالب لعدد‬
‫من المشكالت أو المشروعات‪ ،‬ويتطلب التعامل مع هذه المشكالت أو المشروعات‬
‫توظيف الطالب لعدد من المجاالت الدراسية (اللغة‪ ،‬العلوم‪ ،‬الرياضيات‪ ،‬الدراسات‬
‫اإلسالمية ‪...‬إلخ)‪.‬‬
‫برنامج تخصصي يقدم لكل طالب وفق قدراته واستعداداته وميوله الخاصة‪ ،‬ذلك‬
‫لتحقيق أقصى درجات النمو‪ ،‬فيفيد نفسه‪ ،‬ومجتمعه ويشمل هذا البرنامج دراسات‬
‫مهنية وفنية وإعداد للمهنة‪ ،‬مقررات أكاديمية (فيزياء‪ ،‬رياضة‪ ،‬علم النفس)‬

‫‪20‬‬
‫مكونات المنهج المحوري‬

‫وعليه يمكن تعريف المنهج المحوري كما يلي‪:‬‬


‫المنهج المحوري‪ :‬المنهج الذي تقدم فيه خبرات تربوية مشتركة لجميع الطالب في‬
‫شكل منظم ومتكامل‪ ،‬تساعدهم على مواجهة متطلبات الحياة ومشكالتها‪ ،‬وفي الوقت‬
‫نفسه يشتمل على البرنامج المتخصص الالزم لكل فرد‪ ،‬لكي يحقق أقصى درجة من‬
‫النمو‪ ،‬الذي تمكنه منه قدراته واستعداداته وميوله الخاصة‪.‬‬
‫ولقد طبق تنظيم المنهج المحوري خالل فترة الخمسينات في المدارس المتوسطة ‪/‬‬
‫اإلعدادية والثانوية من القرن الماضي‪ ،‬وكانت بمثابة العصر الذهبي له‪.‬‬
‫أبرز الخصائص‪:‬‬
‫• تقليل الحواجز الفاصلة بين المجاالت الدراسية‪ :‬إن البرنامج المحوري أو‬
‫المحور‪ ،‬يتضمن مشكالت تتعلق بالحياة األسرية‪ ،‬أو الصحة العامة أو‬
‫التغيرات التكنولوجية ‪ ..‬ومثل هذه الموضوعات التي يدرسها الطالب‪ ،‬تقدم‬
‫لهم في صورة مشكلة قابلة للدراسة‪ ،‬والحل عن طريق أسلوب حل‬
‫المشكالت ومن خالل هذا االسلوب يتعلم الطالب‪ ،‬ويقدم لهم المعلم أحيانا‬
‫بعض المعلومات من المجاالت الدراسية المختلفة‪ ،‬دون وجود حواجز أو‬
‫حدود فاصلة بين التاريخ واللغة العربية‪ ،‬واألحياء والجغرافيا ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫• يعد محتوى المنهج المحوري مقدما‪ :‬يقوم المتخصصون في التربية والمناهج‬
‫بوضع محتوى البرنامج المحوري (المحور) ومحتوى البرنامج التخصصي‬
‫مقدما في ضوء دراسات تربوية تحدد ما ينغي أن يتضمنه المنهج من‬

‫‪21‬‬
‫مشكالت ومشروعات ودراسات تخصصية تلبي حاجات المجتمع والطالب‬
‫معا‪.‬‬
‫• التعاون والتخطيط المشترك‪ :‬نظرا لطبيعة تنظيم البرنامج المحوري الذي‬
‫عادة ما يكون في صورة مشكالت ومشروعات واسعة‪ ،‬فإن تخطيط دراسة‬
‫مثل هذه المشكالت وإنجاز هذه المشروعات يجب أن يكون عمال تعاونيا‬
‫مشتركا بين المعلم والطالب‪ ،‬والطالب بعضهم بعضا‪ ،‬كما أن المعلم ذاته‬
‫يحتاج في ذلك أيضا إلى التعاون مع زمالئه إذا إن حل هذه المشكالت‬
‫وإنجاز هذه المشروعات ‪ -‬كما ذكر سابقا – تتخطى الحدود الفاصلة بين‬
‫المقررات‪ ،‬ومن ثم فإنها تتطلب معلمين من أكثر من تخصص أكاديمي‪.‬‬
‫كما أن توزيع الطالب حسب ميولهم المهنية وقدراتهم الخاصة على‬
‫المجاالت الدراسية األكاديمية‪ ،‬في الجزء الخاص بالدراسة األكاديمية‪ ،‬خارج‬
‫البرنامج المحوري العام‪ ،‬يحتاج أيضا إلى تعاون المعلمين مع بعضهم بعضا‬
‫وذلك للتشاور حول إمكانات كل طالب‪ ،‬لتوجيه الوجهة الدراسية والمهنية‬
‫الصحيحة‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ :‬إن هذا التنظيم يتطلب أنماطا جديدة من المعلمين‪ ،‬الذين‬
‫لديهم القدرة على التعاون‪ ،‬والعمل في فريق حقيقي للتدريس‪ ،‬كما أنه يتطلب‬
‫معلمين ال يتصفون بالجمود الفكري إذ إن الليونة أو الديناميكية هي من‬
‫القومات الضرورية للمعلم في هذا التنظيم المنهجي‪.‬‬

‫• إيجاد تنظيم خاص لليوم الدراسي‪ :‬إن طبيعة التنظيم المحوري بما يشمله من‬
‫برنامج محوري عام‪ ،‬وبرنامج تخصصي يجعل التنظيم التقليدي لليوم‬
‫المدرسي‪ ،‬الذي يحتوي على دروس متتالية مدة كل منها ساعة أو أقل‪ ،‬نظاما‬
‫غير صالح للتنظيم المحوري للمنهج المدرسي‪.‬‬
‫فالبرنامج المحوري يحتوي على مشكالت أو مشروعات واسعة تتطلب‬
‫دراستها وقتا طويال دون انقطاع الطالب‪ ،‬ولذا فإن اليوم الدراسي يجب أن‬
‫يحتوي على فترات زمنية طويلة تتراوح بين ساعتين إلى ثالث ساعات‪.‬‬
‫ويجدر اإلشارة إلى أن الوقت المخصص للطالب‪ ،‬يوزع بين البرنامج الذي‬
‫يشترك فيه الطالب جميعهم لمعالجة المشكالت وإنجاز المشروعات‬
‫المشتركة بينهم وبين البرنامج التخصصي لكل طالب وفق ميول واحتياجاته‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ o‬أبرز المزايا ‪ /‬نقاط القوة‪:‬‬
‫‪ -1‬تحقيق التوازن والمالءمة بين حاجات للفرد‪ ،‬وحاجات المجتمع‪ ،‬وطبيعة‬
‫المادة الدراسية‪.‬‬
‫‪ -2‬يتيح للطالب فرصة تعلم مهارات حل المشكالت والتدريب عليها أثناء‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫‪ -3‬يكون الطالب في هذا المنهج إيجابيا ونشطا‪.‬‬
‫‪ -4‬يكسب المنهج المحوري الطالب الكثير من المهارات االجتماعية واألدائية‬
‫والعقلية‪ ،‬كما يكسبه بعض القيم مثل نحمل المسؤولية والتعاون والدقة في‬
‫العمل وغيرها‪.‬‬
‫‪ -5‬يعطي المنهج المحوري الفرصة لكل طالب لكي ينمي ميوله وقدراته‬
‫الخاصة من خالل البرنامج التخصصي‪ ،‬الذي يحتوي على الكثير من‬
‫الدراسات التي تناسب جميع الطالب‪.‬‬
‫‪ -6‬يتيح المنهج المحوري للطالب فرصة تعلم المعارف المختلفة بطريقة‬
‫متكاملة‪ ،‬وهذا مما يجعلها أكثر فائدة بالنسبة لهم‪.‬‬
‫‪ -7‬يدفع الطالب إلى مزيد من التعلم خارج النطاق الرسمي للتعلم‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫واقعية الخبرات التي يدرسونها في تنظيم المنهج المحوري‪ ،‬وبسبب ارتباطها‬
‫بالحياة‪ ،‬مما يجعلهم يدركون الحاجة إلى مزيد من التعلم والبحث في هذه‬
‫المشكالت‪ ،‬وهنا يتحول التعليم إلى نشاط ذاتي يوجهه دافع داخلي ورغبة‬
‫شخصية‪.‬‬
‫‪ -8‬يحقق التكامل بين حياة األسرة وحياة المدرسة والحياة في المجتمع‪ ،‬وهذا‬
‫بدوره يجعل الموقف التعليمي متصال بالحياة وليس موقفا اصطناعيا معزوال‬
‫عن الحياة التي يعيش فيها التالميذ‪.‬‬
‫‪ -9‬يشيع روح العمل في الفريق والتعاون بين المعلمين‪ ،‬ويقوي من الصلة بينهم‬
‫مما يجعل إدارة المدرسة أكثر ديمقراطية ومرونة وتعمل على تحقيق‬
‫األهداف التي ينتظرها المجتمع من المدرسة‪.‬‬

‫أبرز المحددات ‪ /‬نقاط الضعف‪:‬‬


‫‪ -1‬قد يؤدي اتساع نطاق البرنامج المحوري عند تغطيته بمجاالت دراسية عديدة‬
‫إلى عدم إتقان الطالب للمفاهيم والمهارات األساسية الضرورية‪.‬‬
‫‪ -2‬يتطلب المنهج المحوري إعدادا خاصا للمعلم‪ ،‬بحيث يكون ذا نوعية‬
‫مخصوصة متمكنا من مجاالت المعرفة الضرورية في المرحلة‪ ،‬والتي‬
‫يغطيها نطاق المنهج ومتمكنا من مهارات تدريس المنهج المحوري‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -3‬إن اعتبار المحور بمثابة ارتكاز على مجموعة من المواد تشتق منها المفاهيم‬
‫والعموميات ما يتصل بمشكلة معينة‪ ،‬بصرف النظر عن حواجز وفواصل‬
‫المواد‪ ،‬من أهم خصائص المنهج المحوري إال إن ذلك يحمل عبئا خطيرا‬
‫يتعلق بتنظيم خبرات المنهج‪ ،‬وهو عدم توافر عنصري االستمرار والتتابع‬
‫وال شك أن االستمرار والتتابع والتكامل من أهم شروط ومعايير الخبرة‬
‫المربية‪ ،‬وبعبارة أخرى يمكن القول أن المنهج المحوري يخترق حواجز‬
‫المواد ويحقق التكامل بينها ولكنه يخفق في تحقيق التكامل بين المحاور التي‬
‫يعد على أساسها تنظيم الخبرات التعليمية‪.‬‬
‫‪ -4‬تقف كثافة الصفوف الدراسية واكتظاظها بالطالب عقبة أمام توزيع المعلمين‬
‫على الطالب‪ ،‬بحيث يسمح للمعلمين القيام بعملية التوجيه واإلرشاد للطالب‬
‫ومعرفتهم عن قرب حتى يمكنهم تقديم الخدمات‪ ،‬والمشورة الالزمة لهم‪.‬‬
‫إضافة إلى هذه االنتقادات فإن المنهج المحوري لم تنجح تجربته في كثير من‬
‫البيئات التعليمية؛ بسبب ضعف اإلمكانات المادية والبشرية‪ ،‬وعدم توافر جهاز‬
‫فني من المشرفين والمرشدين التربويين كما أن الكثير من واضعي المنهج‬
‫وجدوا راحة أكثر في التعامل مع تنظيم المواد المنفصلة ألن المنهج المحوري‬
‫يقتضي تغييرا جوهريا في طريقة تفكيرهم‪ ،‬وفي نظرتهم للموقف التعليمي‬
‫وعناصره المختلفة فضال أن معاهد وكليات إعداد المعلمين أخفقت في إعداد‬
‫معلم يدرك حقيقة التكامل بين فروع المعرفة ويكون على درجة كبيرة من‬
‫الكفاءة الفنية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أبرز تنظيمات المناهج المعاصرة‪:‬‬


‫وتشمل التنظيمات التالية‪:‬‬
‫• التنظيم األول‪ :‬المنهج التكاملي ‪ /‬منهج التكامل‪:‬‬
‫درسنا بالتكامل بين المعلومات فإن طالبنا يتعلمون كيف يكاملون بين المعلومات‬‫إذا ّ‬
‫أما إذا درسنا لهم المعلومات منفصلة ومتناثرة فإنهم قد يرون هذه المعلومات وكأنها‬
‫جزر منعزلة ال رابط بينها‪.‬‬

‫التعريف به‪:‬‬
‫يعد المنهج التكاملي واحدا من سالسل تنظيمات المناهج المتمردة على منهج المواد‬
‫الدراسية المنفصلة – سالفة الذكر – إذ يرفض دعاة المنهج التكاملي مبدأ تعليم‬
‫وتعلم المعرفة بشكل مجزأ من خالل مواد دراسية منفصلة (لغة‪ ،‬علوم رياضيات‪)..‬‬
‫‪24‬‬
‫وبشكل شرحي أو تلقيني‪ ،‬اعتمادا على مصدر وحيد للمعرفة غالبا ما يكون الكتاب‬
‫المدرسي بعيدا عن السياق الوظيفي لها ودورها في حياة الطالب الشخصية‬
‫والمجتمعية‪.‬‬
‫وطرحوا مبدأ التكامل بديال عنه وجوهر مبدأ التكامل هو‪ :‬تعليم وتعلم المحتوى‬
‫الدراسي بشكل ترابطي ودمجي غير مجزأ للمعرفة ‪ /‬المواد الدراسية‪ ،‬على أن يتم‬
‫هذا التعليم والتعلم بشكل نشط ومتعدد المصادر وفي سياق شخصي واجتماعي له‬
‫صلة بحياة الطالب‪ .‬ولقد ترجم مبدأ التكامل هذا إلى "تنظيم المنهج التكاملي"‬
‫وتعددت المعاني والتعريفات المعطاة لهذا التنظيم‪ ،‬وتباينت في أدبيات المناهج‬
‫الدراسية وبمراجعة تلك األدبيات توصل (زيتون‪ )2010،‬إلى المعنى التالي لذلك‬
‫التنظيم‪.‬‬
‫المنهج التكاملي‪ :‬هو تنظيم منهجي يتبنى مبدأ تنظيم المحتوى الدراسي بما يبرز‬
‫وحدة المعرفة بمجاالتها المختلفة (اللغة‪ ،‬العلوم‪ ،‬الرياضيات‪ )..‬من ناحية‪ ،‬ووظيفتها‬
‫في حياة الطالب الشخصية والمجتمعية من ناحية أخرى وبحيث يتم تعلم هذا‬
‫المحتوى بشكل إيجابي ونشط وتفاعلي من قبل هؤالء الطالب مستعينين بمصادر‬
‫تعلم متعددة ومتنوعة‪.‬‬
‫ومن أمثلة التنظيم التكاملي‪:‬‬
‫تنظيم محتوى موضوع "التغذية في اإلنسان" بحيث تتكامل فيه المعارف والمهارات‬
‫واالتجاهات والقيم اآلتية من مواد دراسية متعددة على النحو التالي‪:‬‬
‫من العلوم (معنى التغذية‪ ،‬أقسام الغذاء‪ ،‬الجهاز الهضمي)‪.‬‬ ‫✓‬
‫من الجغرافيا (أماكن إنتاج الغذاء في الوطن والعالم)‪.‬‬ ‫✓‬
‫الدراسات اإلسالمية (اآليات القرآنية التي تناولت الغذاء في القرآن وفي‬ ‫✓‬
‫أحاديث الرسول عليه أفضل الصالة والسالم عن التغذية الصحية)‪.‬‬
‫الرياضيات (حساب السعرات الحرارية في األغذية)‪.‬‬ ‫✓‬

‫ومضة نور‪:‬‬
‫تعود فكرة تعلم المعرفة بشكل غير مجزأ للطالب ألكثر من قرن من الزمان‪.‬‬
‫إال أن بلورة هذه الفكرة ومزجها بأفكار أخرى وترجمتها إلى ما سمي‬
‫بـ"المنهج التكاملي" وتطبيقها في التعليم المدرسي لم تتم على نطاق واسع إال‬
‫في فترت السبعينيات والثمانينات من القرن العشرين‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫أبرز الخصائص‪:‬‬
‫‪ -1‬يتم التكامل بأشكال متعددة‪ :‬يوجد أشكال متعددة للتكامل تختلف باختالف مجال‬
‫التكامل أي باختالف المواد الدراسية التي يتم التكامل بينها‪ :‬ومن أبرز هذه‬
‫األشكال‪:‬‬
‫أ‪ -‬تكامل على مستوى مادتين دراسيتين ينتميان إلى مجال دراسي واحد‪ ،‬مثل‬
‫تكامل التاريخ والجغرافيا‪ ،‬تكامل النبات والحيوان‪ ،‬تكامل الفقه والحديث‪.‬‬
‫ب‪ -‬تكامل على مستوى مادتين دراسيتين ينتميان إلى مجالين دراسيين مختلفين‪،‬‬
‫مثل تكامل الرياضيات والعلوم‪.‬‬
‫ت‪ -‬تكامل بين جميع المواد الدراسية التي تنتمي إلى مجال واحد‪ ،‬مثل تكامل‬
‫األحياء والفيزياء والكيمياء والجيولوجية تحت مسمى "العلوم"‪ ،‬تكامل القرآن‬
‫والحديث والفقه والعقيدة (التوحيد)‪...‬إلخ تحت مسمى "الدراسات اإلسالمية‪/‬‬
‫الدين اإلسالمي" تكامل القراءة واإلمالء والنصوص والقواعد ‪ ..‬إلخ تحت‬
‫مسمى "اللغة العربية"‪.‬‬
‫ث‪ -‬تكامل جميع المواد الدراسية المقررة على الصف الدراسي الواحد (الصف‬
‫األول االبتدائي مثال)‪.‬‬
‫‪ -2‬يوجد داخل متنوعة لتنظيم محتوى المنهج التكاملي‪ :‬تنوع المداخل‪ /‬المحاور التي‬
‫تبنى على أساسها محتوى المنهج التكاملي ولعل من أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مدخل الموضوع‪ :‬وفيه ينظم محتوى المنهج التكاملي في شكل موضوعات‬
‫كبرى‪ ،‬تتكامل فيها المعارف من مجاالت دراسية متنوعة (لغة‪ ،‬دراسات‬
‫إسالمية‪ ،‬علوم‪ ،‬رياضيات ‪..‬إلخ) ومن أمثلة هذه الموضوعات المنزل‪-‬‬
‫األرض‪-‬الطاقة‪-‬الحروب‪-‬البيئة‪.‬‬
‫ب‪ -‬مدخل المشكالت‪ :‬وفيه ينظم محتوى المنهج حول عدد من المشكالت ذات‬
‫البعد الشخصي واالجتماعي‪ ،‬التي يتطلب دراستها وتعلمها ‪-‬من قبل الطالب‪-‬‬
‫توظيف معارف ومهارات تتجاوز حدود مجال معرفي ‪ /‬دراسي واحد إلى‬
‫عدد من المجاالت المعرفية‪ ،‬ومن أمثلة هذه المشكالت‪ :‬اإلرهاب‪-‬التلوث‬
‫البيئي‪-‬االنفجار السكاني‪-‬المخدرات‪.‬‬
‫ت‪ -‬مدخل المشروع‪ :‬وفيه ينظم محتوى المنهج حول عدد من المشروعات التي‬
‫يتطلب إنجازها توظيف معارف ومهارات تتجاوز حدود المجال المعرفي‬
‫الواحد إلى عدد من المجاالت ومن أمثلة هذه المشروعات‪ :‬صناعة األلبان‬
‫وتسويقها‪-‬تربية النحل‪-‬حملة مكافحة المخدرات‪-‬ترشيد المياه‪.‬‬
‫(تنويه‪ :‬هذه المداخل غير منفصلة عن بعضها بعضا تماما ‪ ...‬وغالبا ما يتم توظيفها‬
‫جميعها في تنظيم محتوى المنهج التكاملي)‬

‫‪26‬‬
‫‪ -3‬يتم تدريس المنهج التكاملي وفق طرق تعليم وتعلم تكامل بين التعلم من خالل‬
‫النشاط والتعلم في مجموعات‪ :‬ومنها طرق حل المشكالت‪ ،‬طرق االكتشاف‪ ،‬التعلم‬
‫التعاوني‪ ،‬العصف الذهني‪.‬‬
‫‪ -4‬يستخدم التدريس الفريقي في تدريس المنهج التكاملي‪ :‬حيث يشترك في تدريس‬
‫المنهج أكثر من معلم من تخصصات مختلفة‪.‬‬
‫‪ -5‬تنوع مصادر التعلم المستخدمة في المنهج التكاملي‪ :‬وهي تشمل المواد التعليمية‬
‫من كتب وأفالم وبرمجيات‪ ،‬والبيئات التعليمية‪ :‬المتاحف‪ ،‬والمزارع‪ ،‬والمصادر‬
‫البشرية‪ :‬علماء الدين‪ ،‬خبراء االقتصاد‪.‬‬
‫‪ -6‬يتم تقويم تعلم الطالب للمنهج باستخدام أساليب متعددة تتكامل فيما بينها‪ ،‬تؤدي‬
‫إلى إعطاء صورة متكاملة عن تقييم كافة جوانب التعلم المعرفي‪ ،‬المهاري‪،‬‬
‫الوجداني‪ ،‬وإلى الكشف عن قدرة الطالب على توظيف المعارف والمهارات‬
‫بصورة كلية في التعامل مع المشكالت‪ ،‬القضايا المعرفية والشخصية والمجتمعية‬
‫ومن بين هذه األساليب االختبارات التحصيلية التي تقيس مستويات التفكير العليا‪،‬‬
‫واختبارات األداء وملفات اإلنجاز وغيرها‪.‬‬
‫‪ -7‬ينظم الجدول ا لدراسي بشكل مرن يسمح بتعليم موضوعات الدراسة في أكثر من‬
‫فترة زمنية (حصة دراسية) فقد تمتد دراسة الموضوع إلى عدة فترات في اليوم‬
‫الواحد وفي أكثر من يوم‪ ،‬كما إن جدول الدراسة يمكن تعديله من أسبوع آلخر‪،‬‬
‫ومن شهر آلخر‪ ،‬بحسب الفترات واأليام التي يحتاجها تدريس هذه الموضوعات‪.‬‬

‫‪ o‬أبرز المزايا ‪ /‬نقاط القوة‪:‬‬


‫‪ -1‬ينمي المنهج التكاملي كافة جوانب التعلم المعرفي والمهاري والوجداني بشكل‬
‫يتوفق كثيرا على منهج المواد الدراسية المنفصلة‪.‬‬
‫‪ -2‬ينمي المنهج التكاملي قدرة الطالب على إدراك وحدة المعرفة وتوظيفها في‬
‫حل القضايا والمشكالت الشخصية والمجتمعية وكذلك ينمي قدرة الطالب على‬
‫اتخاذ القرارات‪ ،‬وعلى المشاركة المجتمعية‪.‬‬
‫‪ -3‬ينمي هذا المنهج العمل التعاوني بين الطالب مع بعضهم بعضا وبينهم وبين‬
‫المعلمين‪.‬‬
‫‪ -4‬يؤدي المنهج التكاملي إلى توظيف الوقت بشكل أمثل في التعلم النشط ودمج‬
‫الطالب في التعلم مقارنة بمنهج المواد الدراسية المنفصلة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫أبرز المحددات ‪ /‬نقاط الضعف‪:‬‬
‫‪ -1‬من المحتمل أن يتم تعلم بعض موضوعات المنهج التكاملي بشكل سطحي ال‬
‫يتم فيه التعمق بالشكل الكافي في المفاهيم المتضمنة في هذه الموضوعات ‪..‬‬
‫مما قد يؤثر سلبا في تعلم الطالب ألساسيات المعرفة‪.‬‬
‫‪ -2‬يحتاج ت دريس المنهج التكاملي تدريس المنهج التكاملي نوعية خاصة من‬
‫المعلمين‪ ،‬الذين قد ال يتوافرون بشكل كاف‪ ،‬بحيث يكونون قادرين على إدراك‬
‫الصالت بين المجاالت الدراسية المختلفة؛ ولذا يصعب تطبيق هذا النوع من‬
‫المناهج‪.‬‬
‫‪ -3‬يحتاج تدريس المنهج التكاملي لوقت أطول من المناهج التقليدية نظرا ألن تعلم‬
‫المعارف والمهارات بشكل تكاملي يتم عن طريق النشاط اإليجابي للطالب‬
‫وهو ما يحتاج إلى وقت أطول للتعلم‪.‬‬
‫‪ -4‬أن الكثير من معلمي هذا النوع من المناهج يضطرون إلى تقديم معلومات‬
‫ومعالجة مفاهيم خارج نطاق تخصصهم وخبراتهم مما يجعلهم يقدمونها بشكل‬
‫غير مالئم وغير عميق‪.‬‬

‫• التنظيم الثاني‪ :‬منهج الوحدات القائمة على الموضوع‪:‬‬


‫التعريف به‪ :‬ينتمي هذا المنهج ‪ -‬في إطاره العام ‪ -‬إلى تنظيم المنهج التكاملي‬
‫سالف الذكر‪ ،‬ويمكن النظر إليه على أنه أحد مداخله األكثر انتشارا ً وتطبيقا ً في‬
‫الحقبة األخيرة‪ ،‬ويقوم منهج الوحدات الدراسية القائمة على الموضوع على تقسيم‬
‫المنهج إلى عدد من الوحدات الدراسية محور كل وحدة حول موضوع كبير أو‬
‫فكرة مركزية أو موضوع عريض (مثل مدرستي‪ ..‬العالم من حولي‪ ..‬حروف‬
‫لغتي‪ ،‬الحشرات في حياتي) بحيث تتكامل في هذا الموضوع عدد من المعارف‬
‫والمهارات اآلتية من مجاالت دراسية متنوعة (لغة‪ ،‬علوم وتكنولوجيا‪ ،‬رياضيات‬
‫‪ . . .‬إلخ) في كل متكامل (انظري إلى الشكلين) تتضح معه وحدة المعرفة‬
‫وتوظيفها في الحياة العملية للطالب‪ ،‬وعلى إتقان األساسيات المعرفة‪ ،‬ومهارات‬
‫التفكير‪ ،‬والتعلم الذاتي‪ ،‬والمهارات الحياتية‪ ،‬وعلى تنمية الذكاءات المتعددة‪ ،‬وعلى‬
‫معالجة صعوبات علم لديهم‪ ،‬مع أهمية دمج التكنولوجيا المعاصرة في التعليم‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الشكل األول‬

‫الشكل الثاني‬
‫ولقد تم تبني فكرة منهج الوحدات القائمة على الموضوع وتطويرها ضمن نموذج‬
‫معاصر في التعليم ظهر في الثمانيات من القرن الماضي‪ ،‬ويعرف "بنموذج التعليم‬
‫التكاملي للموضوع" الذي ابتدعته السيدة ‪ /‬سوزان كوفاليك وهو مطبق في آالف من‬

‫‪29‬‬
‫المدارس حول العالم‪ ،‬ويستند تطبيق هذا النموذج في التدريس الصفي على تسعة‬
‫مبادئ هي‪:‬‬
‫‪ -1‬غياب التهديد‪ :‬العمل على تحرر الطالب من الخوف على سالمتهم وصحتهم‬
‫في أثناء ممارسة خبرات التعلم إكسابهم القدرة على الثقة‪ ،‬واإلقدام على‬
‫مغامرة البحث واالستقصاء‪.‬‬
‫‪ -2‬المحتوى ذو المعنى‪ :‬اختيار الموضوعات ذات العالقة بمواقف الحياة‬
‫الحقيقية التي يعيشها الطالب‪.‬‬
‫‪ -3‬الخيارات‪ :‬إعطاء الطالب حق اختيار التكليفات التي تتوافق مع احتياجات‬
‫التعلم لديهم‪.‬‬
‫‪ -4‬الوقت الكافي‪ :‬الجدول الدراسي يسمح بإعطاء متسع من الوقت للطالب‪،‬‬
‫وبشكل مرن إلنجاز ما يقومون به من أنشطة استقصائية‪.‬‬
‫‪ -5‬البيئة الغنية‪ :‬إعطاء الطالب الفرصة الكتشاف العالم من حولهم من خالل‬
‫التعامل الحسي المباشر‪ ،‬ومع ما بها من كائنات وجماد مستخدمين في ذلك‬
‫كامل حواسهم البصر‪ -‬السمع – اللمس – الذوق – الشم – االتزان –‬
‫القرب‪.‬‬
‫‪ -6‬التعاون ‪ /‬المشاركة‪ :‬الطالب يعملون معا لتنمية تحصيلهم الدراسي‬
‫ومهاراتهم االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -7‬التغذية الراجعة الفورية‪ :‬يتلقى الطالب معلومات فورية عن أدائهم في التعلم‬
‫وإنجاز المهام دون تأخير‪.‬‬
‫‪ -8‬اإلتقان‪ :‬العمل على تنمية قدرات الطالب على حل المشكالت الحقيقية‪،‬‬
‫باستخدام المهارات والمفاهيم التي تعلموها‪ ،‬وكذلك تنمية قدراتهم‪ ،‬على‬
‫عرض وتوضيح األفكار والمهارات وتعليمها لغيرهم‪.‬‬
‫‪ -9‬الحركة‪ :‬تنمية قدرات الطالب على استخدام حركات الجسد‪ ،‬أو أجزاء منه‬
‫(األيدي‪ ،‬األرجل‪ ،‬األصابع‪ ،‬الوجه ‪ ..‬إلخ) للتعبير عن الحركات واألفكار‬
‫والمشاعر واكتشاف العالم‪.‬‬

‫كيفية التخطيط للوحدات القائمة على الموضوع‪ :‬ال يوجد أسلوب موحد محل اتفاق‬
‫خبراء المناهج حول كيفية التخطيط للوحدات‬
‫القائمة علي الموضوع‪ ،‬إذ يوجد اجتهادات متعددة في هذا الشأن‪ ،‬وباطالع المؤلف‬
‫(زيتون‪ )٢٠١٠،‬على عدد من هذهاالجتهادات يوصي أن يتم تخطيط الوحدة القائمة‬
‫على الموضوع وفق الخطوات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬اختيار موضوع الوحدة‪ ،‬بحيث يتوافر فيه المعايير التالية‪:‬‬
‫✓ يعبر عن فكرة أو مفهوم عام (جاذب لالنتباه)‬

‫‪30‬‬
‫✓ يسمح بدمج أو تكامل عدد من المعارف والمهارات من مواد دراسية متنوعة‬
‫معاً‪.‬‬
‫✓ ذي صلة بواقع حياة المتعلمين ومشكالتهم الشخصية المجتمعية‪.‬‬
‫✓ يسمح بإجراء أنشطة متنوعة يقوم بها الطالب في أثناء تعلمها‪.‬‬
‫✓ يكون لدى المتعلمين متطلبات التعلم القبلي الالزمة لفهمه‪.‬‬
‫‪ -2‬تحديد الصف الدراسي‪.‬‬
‫‪ -3‬تحديد زمن تدريس الوحدة‪.‬‬
‫‪ -4‬صياغة الهدف العام للوحدة في صورة جملة عامة تعبر عن نتاجات التعلم‬
‫العامة المتوقعة‪.‬‬
‫‪ -5‬صياغة األهداف اإلجرائية للوحدة‪ ،‬المعبرة عن نتاجات التعليم النوعية المتوقعة‬
‫في أداء الطالب‪.‬‬
‫‪ -6‬تحديد أنشطة تعلم الوحدة التي سيمارسها الطالب وتنقسم إلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬أنشطة التحفيز ‪ /‬التهيئة (تمارس قبل الدخول في تعليم موضوع الوحدة)‪.‬‬
‫ب ‪-‬أنشطة تطويرية (تمارس في أثناء تعلم موضوع الوحدة)‬
‫ج ‪-‬أنشطة الختام (تمارس في ختام تعلم موضوع الوحدة)‬
‫وتتنوع أنشطة تعلم الوحدة الثالثة لتشمل‪ :‬أنشطة مثل أنشطة القراءة والكتابة‪،‬‬
‫أنشطة االكتشاف واالستقصاء‪ ،‬أنشطة المشروعات‪ ،‬األنشطة الفنية‪ ،‬أنشطة‬
‫االستماع‪ ،‬األنشطة الكمبيوترية ‪ . . .‬إلخ‪.‬‬
‫‪ - 7‬تحديد المواد والمصادر التعليمية ‪ -‬التعلمية المستخدمة في تدريس الوحدة منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬المصادر المطبوعة (مثل‪ :‬الكتيبات‪ ،‬الصحف اليومية‪ ،‬المجالت‪ ،‬الدوريات‪،‬‬
‫القواميس ‪ . . .‬إلخ)‪.‬‬
‫ب‪ -‬المصادر الكمبيوترية‪ :‬وتشمل كافة أنواع برمجيات الكمبيوتر‪.‬‬
‫ت‪ -‬مصادر اإلنترنت‪ :‬مثل الصور‪ ،‬المقاالت‪ ،‬األفالم‪ ،‬األشكال التوضيحية ‪..‬‬
‫إلخ)‪.‬‬
‫ث‪ -‬المصادر السمعية‪ :‬مثل‪ :‬اإلذاعة المدرسية‪ ،‬التسجيالت الصوتية‪.‬‬
‫‪ – 8‬تحديد أساليب وأدوات التقويم تعلم الطالب للوحدة (اختبارات األداء‪ -‬حقائب‬
‫اإلنجاز‪ -‬تكليفات‪ ..‬إلخ) ومعايير الحكم على األداء‪.‬‬
‫(وهناك مثال يوضح الخطوات بالتفصيل في المفرقات)‬

‫أبرز المزايا ‪ /‬نقاط القوة‪:‬‬


‫‪ - 1‬يزيد منهج " الوحدات القائم على الموضوع من التحصيل األكاديمي للطالب‪.‬‬
‫‪ - 2‬يزيد من الدافعية للتعلم واالهتمام به لدى الطالب‪.‬‬
‫‪ - 3‬ينمي الرؤية الشمولية لوحدة المعرفة لدى الطالب‪.‬‬
‫‪ - 4‬يربط الطالب بواقع حياتهم المعاش ‪ ،‬ويزيد من قدرتهم على حل المشكالت‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ - 5‬ينمي مهارات التفكير والتعلم الذاتي والمهارات الحياتية لدى الطالب‪.‬‬
‫‪ - 6‬يجعل الطالب أكثر اندماجا في عملية التعلم‪.‬‬
‫‪ - 7‬يضغط المناهج الدراسية ‪ ،‬ويخلصها من الحشو الزائد‪.‬‬
‫‪ - 8‬يزيد من التواصل بين المعلمين ‪ ،‬إذ يمكن تدريس الوحدات من خالل تدريس‬
‫الفريق‪.‬‬
‫‪ - 9‬يسمح بتوظيف التكنولوجيا في التعليم ودمجها فيه‪.‬‬
‫‪ - 10‬ينمي كفايات المواطنة المسؤولة‪.‬‬

‫اشتراطات أساسية لنجاحه‬


‫ومن أبرز هذه االشتراطات الالزمة لنجاح " منهج الوحدات القائمة على الموضوع‬
‫" ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬نشر ثقافة هذه المناهج بين أفراد المجتمع المدرسي وأولياء األمور‪ ،‬وتنمية‬
‫االتجاهات اإليجابية نحوها‪.‬‬
‫‪ - 2‬تدريب المعلمين على تنفيذ هذا النمط من المناهج‪.‬‬
‫‪ - 3‬إمكانية االستعانة بأسلوب تدريس الفريق في الصف الواحد‪ ،‬إذ يمكن االستعانة‬
‫بأكثر من معلم واحد في الصف الدراسي لتنفيذ المنهج‪.‬‬
‫‪ - 4‬وجود جداول دراسية مرنة‪.‬‬
‫‪ - 5‬توافر إمكانات كبيرة من مواد و مصادر التعلم ‪ ،‬بما فيها المصادر ذات العالقة‬
‫بالكمبيوتر وشبكاته والفصول الذكية‪.‬‬
‫‪ - 6‬وجود موقع على شبكة اإلنترنت ‪ ،‬أو الشبكة المحلية بالمدرسة محمل عليه هذه‬
‫الوحدات أو األنشطة ذات العالقة بها‪.‬‬
‫• التنظيم الثالث‪ :‬تنظيم المنهج الرقمي‬
‫المنهج الرقمي لم يعد يدق على األبواب أنه داخل المنزل اآلن‪.‬‬
‫التعريف به‪ :‬طور هذا التنظيم للمنهج في سياق بروز التعلم ‪ /‬التعليم الكتروني على‬
‫الساحة التربوية قرابة بداية هذا القرن (الواحد العشرين)‪ ،‬إذ يعد المنهج الرقمي‬
‫عنصرا أساسيا في التعلم ‪ /‬التعليم اإللكتروني المدرسي‪ ،‬فحتى حدث التعلم ‪ /‬التعليم‬
‫اإللكتروني المدرسي فإن ذلك يقتضي وجود منهج يتم تعليمه للطالب (رقميًا) تحت‬
‫‪32‬‬
‫إشراف وتوجيه مؤسسة تعليمية معنية (مدرسة‪ ،‬معهد‪ ،‬كلية‪ ،‬جامعة ‪ ...‬إلخ) سواء‬
‫كانت هذه المؤسسة واقعية أو افتراضية ومن ذلك يفهم أن المنهج الرقمي ليس‬
‫مرادفا للتعليم ‪ /‬التعلم اإللكتروني‪ ،‬ولكنه ‪ ،‬أي المنهج الرقمي ‪ ،‬هو أداة التعلم ‪/‬‬
‫التعليم اإللكتروني ألحداث التعلم لدى الطالب ‪ ،‬فهو جزء من منظومة التعلم التعليم‬
‫اإللكتروني ‪.‬‬
‫وإذا كان هنالك جدل يدور حول معنى التعلم ‪ /‬التعليم اإللكتروني في أدبياته‪ ،‬فإن‬
‫هذا الجدل يمتد ليطال معنى "المنهج الرقمي " ‪ . . .‬وبدون الخوض في تفاصيل هذا‬
‫الجدل‪ ،‬يرى المؤلف أن هنالك معنيين أساسيين مطر وحين يصفا المنهج الرقمي‬
‫وهما‪:‬‬
‫المعنى األول‪ :‬وفيه يوصف هذا المنهج بأنه‪ :‬عبارة عن محتوى معرفي " مرقمن "‬
‫مبرمج في صورة برمجيات تعليمية محملة‪ ،‬مخزنة على وسائط تخزين رقمية‪:‬‬
‫األقراص المدمجة‪ ،‬اسطوانات الفيديو ‪ . . . DVD‬إلخ أو في جهاز الخدمة الرئيس‬
‫في إحدى شبكات الكمبيوتر (الشبكة المحلية‪ ،‬شبكة اإلنترنت ‪ . . .‬إلخ) ويوجد حاليا‬
‫عشرات المناهج في البالد العربية التي تم رقمنة محتواها وتخزينها في أقراص‬
‫مبرمجة أو على شبكة اإلنترنت‪.‬‬
‫المعنى الثاني‪ :‬وفيه يوصف المنهج بأنه منهج دراسي " مرقمن " بكل مكوناته (‬
‫األهداف ‪ ،‬المحتوى ‪ ،‬طرق التعليم والتعلم ‪ ،‬أنشطة التعلم ‪ ،‬مصادر التعلم ‪ ،‬أساليب‬
‫تقويم التعلم ‪ ،‬بيئة التعلم ) وهذه المكونات موجودة أيضا في صورة برمجيات‬
‫تعليمية ‪ ،‬محملة على وسائط التخزين الرقمية سالفة الذكر ‪ ،‬وعلى جهاز الخدمة‬
‫الرئيس ألي شبكات الكمبيوتر ( ومنها خوادم اإلنترنت ) ‪.‬‬

‫ومضة نور‬
‫• إن المعنى األول للمنهج الرقمي هو المعنى السائد في نظم التربية‬
‫العربية المتجهة نحو األخذ بالمنهج الرقمي في التعليم‪.‬‬
‫• أما المعنى الثاني فهو سائد في المؤسسات التعليمية التي تأخذ بتنظيم‬
‫المدارس ‪ /‬الجامعات االفتراضية (إذ يتم تعليم المنهج كامال عن طريق‬
‫إحدى شبكات الكمبيوتر وخاصة شبكة اإلنترنت)‬

‫أبرز الخصائص‪:‬‬
‫‪ . ١‬المحتوى التعليمي للمنهج الرقمي متعدد الوسائط؛ أي في شكل نصوص مكتوبة‬
‫أو منطوقة‪ ،‬مؤثرات صوتية‪ ،‬رسومات خطية بكافة أنماطها من رسوم بيانية‬

‫‪33‬‬
‫ولوحات تخطيطية‪ ،‬ورسوم توضيحية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬رسوم متحركة‪ ،‬صور متحركة‪،‬‬
‫صور ثابتة‪ ،‬ولقطات الفيديو‪.‬‬
‫‪ . ٢‬يتم تصميم المحتوى التعليمي على هيئة وحدات تعلم صغيرة‪ ،‬أو مقاطع من‬
‫المعارف والمهارات ممكنة التعلم‪ ،‬في زمن يتراوح عادة بين دقيقتين إلى خمس‬
‫عشرة دقيقة‪ .‬ويمثل كل مقطع منها فكرة قائمة بذاتها‪ .‬ويطلق على كل مقطع منها‬
‫المقطع التعلمي‪ .‬وتشكل هذه المقاطع معًا محتوى المنهج‪ ،‬كما تكون محتوى‬
‫الدروس مع محتوى المنهج الرقمي‪ ،‬وتعبر خريطة المفاهيم عن مفهوم المقطع‬
‫التعلمي وموقعه من محتوى الدرس والمنهج الرقمي‪.‬‬
‫وتعبر خريطة المفاهيم في الشكل التالي عن مفهوم المقطع التعلمي وموقعه من‬
‫محتوى الدرس والمنهج الرقمي‪:‬‬

‫‪ .3‬يتم تقديم هذا المحتوى للمتعلم بأسلوبين‪ :‬األول من خالل منظومة الكمبيوتر غير‬
‫المتصلة بشبكة كمبيوترية من خالل األقراص المدمجة‪ ،‬المخزن عليها هذا‬
‫المحتوى‪ ،‬الثاني من خالل منظومة اإلنترنت (وغيرها من الشبكات المخزن عليها‬
‫هذا المحتوى‪ .‬ومن ثم فهنالك نوعين من المناهج‪ ،‬األول‪ :‬المنهج الرقمي غير‬
‫المعتمد على اإلنترنت‪ ،‬والثاني‪ :‬المنهج الرقمي المعتمد على اإلنترنت‪.‬‬
‫‪ .4‬يأخذ المنهج الرقمي بمبدأ التعلم التفاعلي إذ يتيح للمتعلم إمكانية‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫أ‪ .‬التفاعل النشط مع المحتوى‪ :‬فيقوم بممارسة عدد من أنشطة التعلم (حل تدريبات‪،‬‬
‫حل مشكالت‪ ،‬القيام بمشروعات ‪ ...‬إلخ) في أثناء تعلمه للمحتوى‪ ،‬ويتلقى عن أدائه‬
‫لتلك األنشطة تغذية راجعة فورية (إلكترونية)‪.‬‬
‫ب‪ .‬التفاعل الشخصي واالجتماعي مع المعلم واألقران‪ :‬فمن خالل شبكات‬
‫الكمبيوتر (اإلنترنت مثال) يمكن للمتعلم االتصال والتفاعل مع المعلم واألقران؛ إذ‬
‫يتم من خالل ذلك التفاعل طرح األسئلة واألجوبة‪ ،‬النقاش والجدل حول موضوع‬
‫معين‪ ،‬التعاون في حل مشكلة أو مسألة معينة‪ ،‬تعيين التكليفات ومناقشة اإلجابة عنها‬
‫إلى غير ذلك من مهام تتعلق بالتفاعل بين المتعلم والمعلم واألقران‪.‬‬
‫‪ .5‬المنهج الرقمي منهج مرن‪ :‬فهو يتيح الفرصة للمتعلم ‪ -‬غالبا ‪ -‬أن يتعلم في‬
‫الوقت الذي يريده (أي في أثناء ساعات الدوام الدراسي الرسمي أو خارجها)‪ ،‬وفي‬
‫المكان الذي يفضله (المدرسة‪ ،‬الكلية‪ ،‬المنزل‪ ،‬المكتبة‪ ،‬مؤسسات العمل التدريب ‪...‬‬
‫إلخ)‪ ،‬وبالسرعة التي تناسب قدراته الدراسية وخطوة الذاتي‪.‬‬
‫‪.6‬المنهج الرقمي منهج متمركز حول المتعلم‪ ،‬باعتبار أنه الالعب الرئيس في‬
‫تعلمه وباعتبار أن احتياجاته وقدراته ونمط التعلم لديه من األمور التي تؤخذ في‬
‫الحسبان عند تصميم هذا المنهج وتنفيذه‪ .‬وبذلك يمكن القول إن التعلم اإللكتروني‬
‫يأخذ بتوجه التعلم التفاعلي المتمركز حول المتعلم‪.‬‬
‫‪ .7‬يمكن أن يدار المنهج الرقمي إلكترونيا؛ حيث توفر الوسائط المعتمدة على‬
‫الكمبيوتر وشبكاته عددا من الخدمات أو المهام ذات العالقة بعملية إدارة عملية‬
‫التعليم والتعلم التي يستفيد منها كل من المتعلم والمعلم والمؤسسة التعليمية‪ ،‬ومن‬
‫أبرز هذه الخدمات أو المهام ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬قبول الطالب وتسجيلهم في نظم الدراسة التي تعتمد المنهج الرقمي في الدراسة‪،‬‬
‫وكذا إصدار شهادات التخرج لهم‪.‬‬
‫ب‪ .‬متابعة الطالب في أثناء التعلم وتوفير كافة المعلومات والبيانات عن تقدمهم‬
‫الدراسي‪ ،‬وكذا توفير تعليم عالجي إلكتروني لهم مني اقتضت الضرورة ذلك‪.‬‬
‫ج‪ .‬تعيين التكليفات ‪ /‬الواجبات وإرسالها للمتعلم وتحديد موعد تسليمها‪ ،‬وكذا‬
‫تصحيحها والتعليق عليها‪.‬‬
‫د‪ .‬توافر معل ومات عن المعلمين مثل عناوين البريد اإللكتروني‪ ،‬السيرة الذاتية ‪. . .‬‬
‫إلخ‪.‬‬
‫هـ ‪ .‬إدارة االختبارات‪ ،‬حيث تستخدم هذه الوسائط في بناء االختبارات اإللكترونية‬
‫وتطويرها‪ ،‬وتطبيقها على المتعلمين‪ ،‬وتصحيحها‪ ،‬ورصد النتائج وإعالنها‪.‬‬
‫و‪ .‬توافر معلومات عن التقويم الدراسي وجداول الدراسية‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫ز‪ .‬تنظيم الساعات المكتبية التي يتواجد فيها المعلم على الشبكة‪.‬‬
‫ح‪ .‬تقييم المقررات اإللكترونية من قبل المتعلمين أو المعلمين أو المؤسسة التعليمية‪.‬‬

‫‪ o‬أبرز المزايا ‪ /‬نقاط القوة‪:‬‬


‫‪ .1‬المنهج الرقمي متاح عادة لمدة ( ‪ ) 24‬ساعة وطيلة أيام األسبوع وأيام العطالت‬
‫‪.‬‬
‫‪ .2‬ال يعيق استخدامه زمان أو مكان ‪ ،‬إذ يستطيع الطالب استخدامه في أي وقت‬
‫يشاء ‪ ،‬نهارا أم ليال ‪ ،‬وفي أي مكان في العالم‪.‬‬
‫‪ .3‬يستطيع الطالب استخدامه عدة مرات ‪ ،‬واالطالع على المحتوى التعليمي له‪.‬‬
‫‪ .4‬للطالب دورا إيجابيا وفاعال في المنهج الرقمي‪.‬‬
‫‪ .5‬يثري تعلم الطالب لما يتجه من فرصة لالطالع على كم هائل من المعلومات‪.‬‬
‫‪ . 6‬يتم فيه توظيف طرق تعلم وتعليم متعددة مثل‪ :‬المحاكاة ‪ ،‬والتعلم باالستكشاف ‪،‬‬
‫والتعلم التعاوني والتعلم الفردي‪.‬‬

‫أبرز المحددات ‪ /‬نقاط الضعف‪:‬‬


‫‪ .1‬كشفت كثير من الدراسات أن المنهج اإللكتروني ليس أفضل حاال من المنهج‬
‫الورقي في تنمية التحصيل الدراسي للطالب بشكل يتناسب مع كلفته العالية‪.‬‬
‫‪ .2‬ارتفاع الكلفة االقتصادية لبناء وتشغيل وصيانة المناهج الرقمية‪.‬‬
‫‪ . 3‬يحتاج تصميم المناهج الرقمية وبناؤها وتقويمها إلى خدمات فنية متخصصة‬
‫عالية المستوى‪.‬‬
‫‪ . 4‬تلقى المناهج الرقمية مقاومة من بعض رجال التعليم (المعلمين ‪ ،‬المشرفين‬
‫التربويين ‪ ...‬إلخ) وهي المقاومة التي تأخذ شكل الممانعة السلبية تجاهها‪ ،‬أي‬
‫المناهج الرقمية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ . 5‬يحتاج تطبيقها إلى نوعية معنية من الطالب لديها القدرة على تحمل مسؤولية‬
‫تعلمها ومتابعته بنفسها بقدر كبير ‪ . . .‬وهو ما قد ال يتوافر في نسبة معتبرة من‬
‫الطالب‪.‬‬
‫‪ .6‬يحتاج تنفيذها في المدارس إلى نوعية معينة من المعلمين ‪ ،‬لديهم كفايات متميزة‬
‫في تطبيقها وإنجاحها‪.‬‬

‫نقاط مضيئة في الختام‪:‬‬


‫‪ .1‬يوجد تنظيمات مختلفة للمنهج المدرسي‪ ،‬تتنوع تبعا الختالف األسس التي يبني‬
‫عليها كل منها وتبعا للنقاط التي يركز عليها كل تنظيم منها‪ :‬المحتوى طرق التعليم‬
‫والتعلم ‪ ،‬أنشطة المنهج ‪ ،‬مصادر التعلم ‪ . . .‬إلخ‪.‬‬
‫‪ .2‬يوجد تصنيفات عديدة لتنظيمات المنهج منها‪ :‬تصنيفها إلى تنظيمات ما قبل‬
‫المعاصرة (ما قبل السبعينات من القرن الماضي) التنظيمات المعاصرة (ما بعد‬
‫السبعينات من القرن الماضي)‪.‬‬
‫‪ .3‬من أبرز تنظيمات ما قبل المعاصرة كل مما يلي‪ :‬منهج المواد الدراسية‬
‫المنفصلة ‪ ،‬تنظيم منهج النشاط وتنظيم المنهج المحوري‪.‬‬
‫‪ .4‬من أبرز التنظيمات المعاصرة كال من تنظيم المنهج التكاملي‪ ،‬تنظيم منهج‬
‫الوحدات القائمة على الموضوع ‪ ،‬وتنظيم المنهج الرقمي‪.‬‬
‫‪ .5‬يقوم منهج المواد الدراسية المنفصلة على الفصل ما بين المواد الدراسية المختلفة‬
‫‪ ،‬ويسود فيه الجانب المعرفي ‪ ،‬ويتبنى طرق التعليم المعتمدة على الشرح والتلقين ‪،‬‬
‫ويتم تنظيمه وفق التنظيم المنطقي ‪ ،‬ويعد الكتاب المدرسي هو المصدر الوحيد‬
‫للمعرفة‪.‬‬
‫‪ . 6‬جرت محاوالت لتحسين منهج المواد الدراسية المنفصلة مع االحتفاظ بغالبية‬
‫خصائصه ‪ ،‬ومنها ‪ :‬محاوالت الربط بين أكثر من مادة دراسية عند تدريس‬
‫موضوعات المنهج‪( ،‬المنهج المترابط)‪ ،‬ومنها دمج المواد الدراسية ذات الموضوع‬
‫الواحد في مجال أوسع (منهج المجاالت الواسعة) ومنها االهتمام باألفكار الرئيسة‬
‫عند بناء المنهج وتقديمها في صفوف دراسية متتابعة مع التعمق في دراستها‬
‫(المنهج الحلزوني)‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ .7‬يقوم منهج النشاط على تمحور موضوعات المنهج حول ميول الطالب‬
‫وحاجاتهم‪ ،‬واعتماد طريقة حل المشكالت ‪ ،‬والقيام بالمشروعات كمجال ألنشطة‬
‫الطالب لتعلم المنهج‪.‬‬
‫‪ .8‬يقوم المنهج المحوري وجود نوعين من البرامج الدراسية‪:‬‬
‫األول‪ :‬البرنامج المحوري المتضمن دراسة جميع الطالب لعدد من المشكالت‪،‬‬
‫وقيامهم بإنجاز عدد المشروعات التي تنمي لديهم خبرات ومشتركة تكاملية غير‬
‫مجزأة لمعارف منفصلة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬برنامج تخصصي يتضمن دراسات تتواءم على ميول وحاجات الطالب‬
‫‪ . 9‬يوصف المنهج التكاملي‪ :‬بأنه تنظيم منهجي يتبنى مبدأ تنظيم المحتوى الدراسي‬
‫‪ ،‬ما يبرز وحدة المعرفة مجاالتها المختلفة من ناحية ووظيفتها في حياة الطالب‬
‫الشخصية والمهنية من ناحية أخرى ‪ ،‬بحيث يتعلم الطالب هذا المحتوى بشكل‬
‫إيجابي ونشط وتفاعلي ‪ ،‬باالستعانة بمصادر تعلم متعددة‪.‬‬
‫‪ . 10‬يوصف منهج الوحدات القائمة على الموضوعات بانه المنهج القائم على‬
‫وحدات دراسية تكاملية ‪ ،‬يتمحور كل منها حول موضوع معين تتكامل فيه المعارف‬
‫‪ ،‬والمهارات اآلتية من مجاالت دراسية متعددة ‪ ،‬وهو منهج مطور عن نموذج‬
‫التعلم التكاملي‪.‬‬
‫‪ .11‬المنهج الرقمي هو منهج قائم على رقمنة محتوى المنهج إلكترونيا‪ ،‬وتقديمه‬
‫من خالل وسائط الكمبيوتر والشبكات ‪ ،‬ومنها شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫المراجع ‪:‬‬

‫• الخوالدة‪ ،‬ناصر أحمد‪ ،‬وعبد‪ ،‬يحيى إسماعيل‪2011( .‬م)‪ .‬المناهج‬


‫أسسها ومداخلها الفكرية وتصميمها ومبادئ بنائها ونماذج تطويرها‪.‬‬
‫عمان‪:‬زمزم‪.‬‬
‫• زيتون‪ ،‬حسن حسين‪2010( .‬م)‪ .‬مدخل إلى المنهج الدراسي‪.‬‬
‫الرياض‪ :‬الدار الصولتية للتربية‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الـمـرفـقـات‬

‫‪40‬‬
41
42
43

You might also like