‫قسنطينة كأن السحر و الجاذبية حكر عليها‬

‫حف بها الضباب كتمثال رخامي جاثم على هامة الصخر العتيق‪ ،‬وتبدو في األيام المطيرة‬ ‫تبدو إذا ما ّ‬
‫كقلعة هاربة فوق أكتاف السحاب‪.‬‬
‫تلك هي قسنطينة اللؤلؤة الخالدة التي تدخل األلفية الثالثة للميالد في ثوب واسم " المدينة‪ B‬الكبيرة" كل‬
‫شيء يشجعها على ذلك‪ ،‬ففضالً عن غناها التاريخي الذي أهّلها ألن تصنف كتراث وطني سنة‬
‫‪ ،1992‬فإن خاصيتها الجغرافية كمدينة متفردة في العالم تجعلها ماضية في حلمها ودونما عقدة‪.‬‬
 ‫بقسنطينة عدة معالم وآثار اهمها‪:‬‬
‫أهالي المدينة‪ B‬على قدر كبير من الفخامة‪ ،‬تقع بقمة جبل‪ ،‬سيد مسيد‪،‬‬ ‫‪ -‬مقابر عصر ما قبل التاريخ‪ :‬كانت مقابر‬
‫في المكان المسمى "نصب األموات"‪.‬‬
‫الدببة"‪ B‬وأخرى ناحية "بكيرة"‪ ،‬كما توجد مقابر أخرى بمنطقة‬ ‫كما اكتشفت قبور أخرى تقع تحت "كهف‬
‫حجر" قشقاش‪ ،‬وكاف تاسنغة ببنوارة وتوعد كلها إلى مرحلة ما قبل‬ ‫"الخروب" بالمواقع المسماة "خلوة سيدي بو‬
‫التاريخ‪.‬‬
‫عن قسنطينة‪ ،‬وعلى الطريق الوطني رقم ‪ 20‬المؤدي باتجاه فالمة‬ ‫‪ -‬المقبرة الميغاليتية لبونوارة‪ :‬على بعد ‪ 32‬كلم‬
‫المنحدرات الجنوبية الغربية لجبل "مزالة" على بعد ‪ 2‬كلم شمال‬ ‫تقع المقبرة الميغاليتية لبونوارة على‬
‫قرية بونوارة‪.‬‬
‫‪ "dolments‬من طبقات كلسية متماسكة تعود إلى عصر ما قبل‬ ‫وتتكون هذه الدولمانات "‬
‫قد تعرض للتلف واالندثار‪.‬‬ ‫التاريخ‪ ،‬ويبدو أن عددا كبيرا منها‬
‫المعالم التاريخية يكون على شكل منضدة متكونة من أربع كتل‬ ‫ونشير إلى أن النموذج العام لهذه‬
‫بدورهم غرفة مثلثة الشكل وعادة ما يكون الدولمان محاطا بدائرة‬ ‫صخرية عمودية وطاولة‪ ،‬مشكلين‬
‫واحدة‪ ،‬وفي بعض األحيان من دائرتين أو ثالث أو أربع‪ ،‬وقد كان‬ ‫من حجارة‬
‫المنطقة القدامى يستعملونها لدفن موتاهم بهذه الطريقة المحصنة التي‬ ‫سكان‬
‫استمرت إلى القرن الثالث ق‪.‬م‪.‬‬ ‫يبدو أنها قد‬
‫الدببة‪ B:‬يبلغ طوله ‪ 60‬م ويوجد‬ ‫‪ -‬كهف‬
‫الشمالية لقسنطينة‪.‬‬ ‫بالصخرة‬
‫األروي‪ :‬يوجد قرب كهف الدببة ويبلغ‬ ‫‪ -‬كهف‬
‫ويعتبر كال الكهفين محطتين لصناعات‬ ‫طوله ‪ 6‬م‬
‫ما قبل التاريخ‪.‬‬ ‫أثرية تعود إلى فترة‬
‫بالخروب‪ :‬على بعد ‪ 16‬كلم جنوب شرق قسنطينة يقع ضريح‬ ‫‪ -‬ماسينيسا وضريح‬
‫عن برج مربع‪ ،‬تم بناؤه على شكل مدرجات به ثالثة صفوف من‬ ‫ماسينيسا وهو عبارة‬
‫بطريقة مستوحاة من األسلوب اإلغريقي‪ -‬البونيقي وقد نسب هذا‬ ‫الحجارة وهي منحوتة‬
‫الذي ولد سنة ‪ 238‬ق‪.‬م وتوفي سنة ‪ 148‬ق‪.‬م‪ ،‬حمى هذه المنطقة‬ ‫الضريح لماسينيسا‬
‫له الفضل في تأسيس الدولة النوميدية‪ B،‬كما أسهم في ترقية العمران‬ ‫لمدة ‪ 60‬سنة ويعود‬
‫بالمنطقة وأسس جيشا ً قويا ً‪.‬‬ ‫وتطوير الزراعة‬
‫يقع ضريح لوليوس في جبل شواية بالمكان المسمى "الهري" على‬ ‫‪ -‬ضريح لوليوس‪:‬‬
‫شمال غرب قسنطينة‪ ،‬غير بعيد‪ B‬عن "تيدس" له شكل أسطواني‪،‬‬ ‫بعد حوالي ‪ 25‬كلم‬
‫منحوتة وشي ّد من طرف "ك" لوليوس إبريكيس " حاكم روما‬ ‫بني من حجارة‬
‫آنذاك تخليدا لعائلته‪.‬‬
‫الشما ُل الغربي من قسنطينة وتختفي في جبل مهجور‪ ،‬كانت لها‬ ‫تيديس‪ B:‬تقع على بعد ‪30‬كلم إلى‬
‫العتيقة" ‪" ،‬رأس الدار" كما سميت أيضا "مدينة األقداس" نظراً‬ ‫قديما أسماء عديدة مثل‪" :‬قسنطينة‬
‫يتعبدون بها‪ ،‬ويبدو أن إسمها الحالي "تيديس" هو إسم محلي‬ ‫لكثرة الكهوف التي كان األهالي‬
‫‪.castelli respublica tidditanorum‬‬ ‫نوميدي‪ ،‬أما الرومان فأعطوها اسم‬
‫المحصن‪ ،‬ومعنى "روسبيبليكا" أي التمتع بتنظيمات بلدية‪ ،‬وقد‬ ‫ومعنى "كاستيلي" هو المكان‬
‫بوظيفة القلعة المتقدمة لحماية مدينة سيرتا من الهجمات األجنبية‪.‬‬ ‫كان دور هذه المدينة هو القيام‬
‫تعاقبت على "تيديس" شاهدة إلى اليوم بدءا بعصور التاريخ‪،‬‬ ‫وال تزال آثار الحضارات التي‬
‫الرومانية‪ ،‬الحضارة البيزنطية إلى الحضارة اإلسالمية‪.‬‬ ‫فالحضارة البونيقية‪ ،‬الحضارة‬
‫مجموعة من القبور تسمى "دولمن" ومعناها" المناضد‬ ‫ويتجلى عصر ما قبل التاريخ في‬
‫الصخرية"‪ ،‬وكذا مقبرة قديمة‪ B‬تقع على منحدر الجانب الشمالي وتجمع عدداً من المباني األثرية الدائرية المتأثرة بطريقة الدفن الجماعي والتي‬
‫تسمى " بازناس" وتدل النصب والشواهد الموجودة على العصر البونيقي‪ ،‬فيما يتجلى الطابع الروماني في المناهج المتعلقة بنظام تخطيط‬
‫المدن‪.‬‬
‫وخالصة القول أن الزائر لتيديس يسمع صدى اإلنسان في تحوالته‪ ،‬إنها باختصار المكان المثالي لقراءة تاريخ هذه المنطقة وتأمل تفلصيلها‬
‫الغنية‪.‬‬
‫‪ -‬باب سيرتا‪ :‬هو معلم أثري يوجد بمركز سوق بومزو ويرجح أنه كان معبدا‪ ،‬ويعود تاريخ اكتشافه إلى شهر جوان من عام ‪ ،1935‬وحسب‬
‫بعض الدراسات فإن هذا المعبد قد بني حوالي سنة ‪363‬م‪.‬‬
‫األقواس الرومانية‪ :‬توجد بالطريق المؤدي لشعاب الرصاص‪ ،‬وكان الماء المتدفق بهذه األقواس يمر من منبع بومرزوف ومن الفسقية (جبل‬
‫غريون) إلى الخزانات والصهاريج الموجودة في كدية عاتي بالمدينة‪ B،‬وهذا المعلم هو من شواهد الحضارة الرومانية‪.‬‬
‫‪ --‬إقامة صالح باي‪ :‬هي منتجع للراحة‪ ،‬يقع على بعد ‪ 8‬كلم شمال غرب قسنطينة‪ ،‬وقد كان من قبل منزالً ريفيا ً خاصا‪ ،‬قام صالح باي ببنائه‬
‫ً‬
‫ألسرته في القرن ‪ ،18‬لينتصب بناية أنيقة وسط الحدائق الغناء التي كانت تزين المنحدر حتى وادي الرمال‪ ،‬وتتوفر اإلقامة على قبة قديمة هي‬
‫مح ّج تقصده النساء لممارسة بعض الطقوس التقريبية التي تعرف باسم "النشرة"‪.‬‬
‫قصر أحمد الباي‪ :‬وسط هذا القصر‪ ،‬صدحت الموسيقى بأعذب األلحان‪ ،‬ورشت األركان والزوايا بالعطور‪ ،‬وأفرشت المقصورات بالزرابي‪.‬‬
‫هناك تعانقت األرواح بهمس الرباب‪ ،‬والعيدان‪.....‬كلهم مروّا من هنا‪ ،‬أعيان‪ ،‬أمراء‪ ،‬فتيان‪ ،‬جواري‪ ،‬بايات‪.....‬ألخ‪.‬‬
‫يعد قصر الباي إحدى التحف المعمارية الهامة بقسنطينة وتعود فكرة إنشائه إلى "أحمد باي" الذي تأثر أثناء زيارته للبقاع المقدسة بفن العمارة‬
 ‫اإلسالمية وأراد أن يترجم افتتانه بهذا المعمار ببناء قصر‪ ،‬وبالفعل انطلقت األشغال سنة ‪ 1827‬لتنتهي سنة ‪ .1835‬يمتد هذا القصر على‬
‫مساحة ‪5600‬م مربع‪ ،‬يمتاز باتساعه ودقة تنظيمه وتوزيع أجنحته التي إلى عبقرية في المعمار والذوق معا‪.‬‬
‫تعرض طيلة تاريخه إلى عدة محاوالت تغيير وتعديل‪ ،‬خاصة أثناء المرحلة االستعمارية حيث حاولت اإلدارة الفرنسية إضفاء الطابع‬
‫األوروبي على القصر بطمس معالم الزخرفة اإلسالمية والقشاني (سيراميك)‪ .‬أما الريازة المعمارية للقصر فقد حورت كثيراً عن أصلها‬
‫اإلسالمي بعد االحتالل الفرنسي للمدينة وأصبحت عبارة عن خليط من الريازات المعمارية‪ ،‬ومع ذلك فإن الهوية األصلية للقصر ظلت هي‬
‫سيستمتع‬ ‫السائدة والمهيمنة‪ B‬على كل أجزائه وفضائاته الرائعة‪ ،‬وإن الزائر له‬
‫ضاربة في‬ ‫بنقوشه وزخرفته وتلوينات مواده التي تحيل إلى مرجعية معمارية‬
‫األصالة والقدم‪.‬‬
‫المدينة القديمة‪B‬‬
‫ً‬
‫مميزا‪ ،‬وتجتهد‬ ‫تضفي المدينة القديمة بدروبها الضيقة وخصوصية بناياتها طابعا‬
‫أطول‪ ،‬ملمحة‬ ‫ببيوتها المسقوفة وهندستها المعمارية اإلسالمية في الصمود مدة‬
‫إلى حضارة وطابع معماري يرفض الزوال‪.‬‬
‫واالجتماعية‬ ‫وتعتبر المدينة القديمة إرثا معنويا ً وجماليا ً يشكل ذاكرة المدينة‪ B‬بكل مكوناتها الثقافية‬
‫والحضارية‪.‬‬
‫وقد عرفت قسنطينة كغيرها من المدن والعواصم اإلسالمية األسواق المتخصصة‪ ،‬فكل سوق خص بتجارة أو حرفة معينة‪ ،‬وما زالت أسواق‬
‫المدينة تحتفظ بهذه التسميات مثل‪ :‬الجزارين‪ ،‬الحدادين‪ B،‬سوق الغزل‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫هذا إلى جانب المساحات التي تحوط بها المنازل والتي تسمى الرحبة‪ ،‬وتختص معينة‪ B‬مثل رحبة الصوف ورحبة الجمال‪.‬‬
‫أما األسواق الخاصة بكل حي من أحياء المدينة‪ B،‬فإنها كانت تسمى السويقة‪ ،‬وهي السوق الصغير‪ ،‬وما يزال حيا للمدينة‪ B‬القديمة إلى اليوم‬
‫يسمى "السويقة"‪.‬‬