Professional Documents
Culture Documents
لقد كانت غزوة بدر التي ابتدأت وانتهت بتدبير هللا وتوجيهه ومدده فرقانًا بين الحق والباطل -كما يقول المفسرون إجماالً،-
وفرقانًا بمعنى أشمل وأوسع وأدق وأعمق كثيرًا ،كانت فرقانًا بين الحق والباطل فعالً ،ولكنه الحق األصيل الذي قامت عليه
السماوات واألرض ،وقامت عليه فطرة األحياء واألشياء ،الحق الذي يتمثل في تفرد هللا -سبحانه -باأللوهية والسلطان
والتدبير والتقدير ،وفي عبودية الكون كله سمائه وأرضه ،أشيائه وأحيائه لهذه األلوهية المتفردة ،ولهذا السلطان المتوحد،
ولهذا التدبير وهذا التقدير بال معقب وال شريك ..والباطل الزائف الطارئ كان يعم وجه األرض إذ ذاك ،ويغشى على ذلك
الحق األصيل ،ويقيم في األرض طواغيت تتصرف في حياة عباد هللا بما تشاء وأهواء تصرف أمر الحياة واألحياء!
كانت فرقانًا بين هذا الحق وهذا الباطل في الواقع الظاهر كذلك .فرقانًا بين العبوديةـ الواقعية لألشخاص واألهواء وللقيم
واألوضاع وللشرائع والقوانين وللتقاليد والعادات -وبين الرجوع في هذا كله هلل الواحد الذي ال إله غيره ،وال متسلط سواه،
وال حاكم من دونه ،وال مشرع إال إياه .فارتفعت الهامات ال تنحني لغير هللا ،وتساوت الرؤوس ال تخضع إال لحاكميته
وشرعه.
كانت فرقانا بين عهدين في تاريخ الحركة اإلسالمية :عهد الصبر والمصابرة والتجمع واالنتظار ،وعهد القوة والحركة ً
والمبادأة واالندفاع ..واإلسالم بوصفه تصورًا جديدًا للحياة ،ومنهجًا جديدًا للوجود اإلنساني ،ونظا ًما جديدًا للمجتمع ،وشكالً
جديدًا للدولة بوصفه إعالنًا عا ًما لتحرير اإلنسان في األرض ،وبتقرير ألوهية هللا وحده وحاكميته ومطاردة الطواغيت التي
تغتصب ألوهيته وحاكميته .اإلسالم بوصفه هذا لم يكن له بد من القوة والحركة والمبادأة واالندفاع ،ألنه لم يكن يملك أن
يقف كامنا ً منتظراً على طول األمد .لم يكن يستطيع أن يظل عقيدة مجردة في نفوس أصحابه يتمثل في شعائر تعبديةـ هلل،
وفي أخالق سلوكية فيما بينهم ،ولم يكن له بُ ٌّد في أن يندفعـ إلى تحقيق التصور الجديد والمنهج الجديد والدولة الجديدة
والمجتمع الجديدـ في واقع الحياة وأن يزيل من طريقها العوائق المادية التي تَكبتها ،وتحول بينها وبين التطبيق الواقعي في
حياة المسلمين أوالً ،ثم في حياة البشرية كلها أخيراً ..وهى لهذا التطبيق الواقعي جاءت من عند هللا.
ت وكل عوامل النصر الظاهرية في صف المشركين، وكانت فرقانًا بين تصورين لعوامل النصر وعوامل الهزيمة؛ ف َج َر ْ
وكل عوامل الهزيمة الظاهرية في صف العصبة المؤمنة حتى لقد قال :المنافقون والذين في قلوبهم مرضَ ( :غ َّر هَـؤُالء
ِدينُهُ ْم)،ـ وقد أراد هللا أن تجري المعركة على هذا النحو ،وهى المعركة األولى بين الكثرة المشركة والقلة المؤمنة ،لتكون
فرقانًا بين تصورين وتقديرين ألسباب النصر وأسباب الهزيمة ،ولتنتصر العقيدة القوية على الكثرة العددية وعلى الزاد
والعتاد ،فيتبين للناس أن النصر للعقيدة الصالحة القوية ،ال لمجرد السالح والعتاد ،وأن أصحاب العقيدة الحقة عليهم أن
يجاهدوا ويخوضوا غمار المعركة مع الباطل غير منتظرين ،حتى تتساوى القوى المادية الظاهرية؛ ألنهم يملكون قوة
أخرى ترجح الكفة ،وأن هذا ليس كال ًما يقال ،إنما هو واقع متحقق للعيان.
النصر الحقيقي من هللا وكل ما دونه ستار لقدر هللا :
- 1االستغاثة باهلل ونزول المالئكة:
ُ ُ ُ َّ ْ ْ َّ هّللا َ رْ
ف ِّمنَ ال َمآلئِك ِة ُم ِدفِينَ * َو َما َج َعلهُ ُ إِال بُش َرى َولِتَط َمئِن بِ ِه قلوبُك ْم َو َما َ ْ ْ َ ُ
اب لَك ْم أني ُم ِمدكم بِأل ٍ
ُّ ِّ َ ُ (إِ ْذ تَ ْستَ ِغيثُونَ َربَّ ُك ْم فَا ْست ََج َ
َزي ٌز َح ِكي ٌم) النَّصْ ُر ِإالَّ ِم ْن ِعن ِد هّللا ِ إِ َّن هّللا َ ع ِ
روى أحمد ومسلم ،وأبو داود والترمذى وابن جرير وغيرهم عن عبد هللا بن عباس -رضى هللا عنهما -قال :حدثني عمر بن
الخطاب -رضي هللا عنه -قال :لما كان يوم بدر نظر النبي -صلى هللا عليه وسلم -إلى أصحابه وهم ثالثمائة رجل وبضعة
عشر رجالً ،ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة ،فاستقبل نبي هللا القبلة ثم م ّد يده وجعل يهتف بربه" :اللهم أنجز لي ما
وعدتني ،اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل اإلسالم ال تعبدـ في األرض" فما زال يهتف بربه مادًا يديه مستقبالً القبلة حتى
سقط رداؤه فأتاه أبو بكر -رضي هللا عنه -فألقاه على منكبيه ،ثم التزمه من ورائه وقال :يا نبي هللا كفاك منا شدتك لربك فإنه
ف ِّمنَ ْال َمآلئِ َك ِة ُمرْ ِدفِينَ ) فلما كان اب لَ ُك ْم أَنِّي ُم ِم ُّد ُكم بِأ َ ْل ٍ سينجز لك ما وعدك ،فأنزل هللا تعالى( :إِ ْذ تَ ْستَ ِغيثُونَ َربَّ ُك ْم فَا ْستَ َج َ
يومئذـ والتقوا هزم هللا المشركين ،فقُتل منهم سبعون رجالً وأُسر سبعون.
وأما البخاري فروي عن ابن عباس قال :قال النبي -صلى هللا عليه وسلم -يوم بدر" :اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك ،اللهم
إن شئت لم تعبد"ـ فأخذ أبو بكر بيده فقال :حسبك فخرج وهو يقولَ ( :سيُهْزَ ُم ْال َج ْم ُع َويُ َولُّونَ ال ُّدب َُر).
- 2المالئكة للبشرى والطمأنينة!
يز ْال َح ِك ِيم) يقول ابن جرير الطبري: ز ع ْ
ال
ِ ِ ِ ِ ِ َ ِ ِ هّللا دن ع ن ْ م َّ الإ ر
ُ صْ َّ نال ا م و ه
ِِ َ َ ب م ُ
ك ُ بو ُ لُ ق نَّ ئم ْ
( َو َما َج َعلَهُ هّللا ُ إِالَّ بُ ْش َرى لَ ُك ْم َ ِ َ ِ
َط ت لو
ضا ،وتتابعها بالمسير إليكم أيها المؤمنون مددًا لكم إال "يقول -تعالى ذكره :-لم يجعل هللا إرداف المالئكة بعضها بع ً
َط َمئِ َّن قُلُوبُ ُكم بِ ِه) ،يقول :ولتسكن قلوبكم بمجيئها بشرى لكم؛ أي بشارة لكم تبشركم بنصر هللا إياكم على أعدائكم ( َولِت ْ
إليكم وتوقن بنصر هللا لكم ،وما النصر إال من عند هللا .يقول :وما تنصرون على عدوكم أيها المؤمنون إال أن ينصركم
هللا عليهم ال بشدة بأسكم وقواكم ،بل بنصر هللا لكم؛ ألن ذلك بيده وإليه ،ينصر من يشاء من خلقه" .فالمالئكة إذن ال
تحقق النصر ،وقوة بأس المؤمنين ال تحقق النصر؛ بل المؤمنون والمالئكة ستار لقدَر هللا وهم جنود هللا تعالى ،ينصر
بهم وبغيرهم؛ ألن النصر بيده سبحانه.
وهذا المعنى الذي يشهده المؤمنون اليوم في بدر له مذاق خاص ،وله حالوة خاصة ،فليس معنى مجرداً في الذهن ،أو أمالً
معقوداً في األفق بل هو واقع حي ال تزال آثاره الضخمة في حسهم وشعورهم ،وال بد أن يتم التجرد الكامل من عالم
األسباب ،وإعادة األمر كله هلل.
- 3النعاس من جنود هللا :
اس أَ َمنَة ِّمنهُ) عن علي -رضى هللا عنه -قال :ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد على فرس أبلق، ْ ً (إِ ْذ يُ َغ ِّشي ُك ُم النُّ َع َ
ولقد رأيتنا وما فينا متيقظ إال رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -تحت شجرة يصلى ويبكى حتى أصبح ،ذكره البيهقي
والماوردي وفي امتنان هللا تعالى عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان:
أحدهما :أنه قواهم باالستراحة على القتال من الغد.
الثاني :أنه أ َّمنهم بزوال الرعب من قلوبهم ،كما يُقال" :األمن منيم والخوف مسهر" ،وقيل :غشاهم في حال التقاء الصفين.
- 4الماء من جنود هللا وله وظائف أربع:
ب عَن ُك ْم ِرجْ َز ال َّش ْيطَا ِن َولِيَرْ بِطَ َعلَى قُلُوبِك ْمُ اس أَ َمنَةً ِّم ْنهُ َويُنَ ِّز ُل َعل ْيكم ِّمن ال َّس َماء َماء ليُطهِّ َركم بِ ِه َويُذ ِه َ
ْ ُ َ ِّ ُ َ (إِ ْذ يُ َغ ِّشي ُك ُم النُّ َع َ
َويُثَبِّتَ بِ ِه األَ ْقدَا َم) ظاهر القرآن يدل على أن النعاس كان قبل المطر ،وقال ابن أبي نجيح :كان المطر قبل النعاس.
وحكى الز ّجاج :أن الكفار يوم بدر سبقوا المؤمنينـ إلى ماء بدر فنزلوا عليه وبقي المؤمنون ال ماء لهم ،فوجست نفوسهم
وعطشوا وأجنبوا وصلوا كذلك .فقال :بعضهم في نفوسهم بإلقاء الشيطان إليهم :نزعم أنا أولياء هللا وفينا رسوله وحالنا
هذه والمشركون على الماء؟ فأنزل هللا المطر ليلة بدر السابعة عشر من رمضان حتى سالت األودية؛ فشربوا وتطهروا
وسقوا الظهر وتلبدت السبخة التي كانت بينهم وبين المشركين؛ حتى ثبتت فيه أقدام المسلمين وقت القتال.
وعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال" :نزل النبي صلى هللا عليه وسلم يعني حين صار إلى بدر والمسلمون بينهم وبين
الماء رملة وعصة فأصاب المسلمين ضعف شديد،ـ وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ فوسوس بينهم :تزعمون أنكم أولياء هللا،
وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء ،وأنتم تُصلُّون مجنبين؟
فأمطر هللا عليهم مطرًا شديدًا ،فشرب المسلمون وتطهروا ،وأذهب هللا عنهم رجز الشيطان ،وثبت الرمل حين أصابه
المطر ،ومشى الناس عليه وال َّدواب ،فساروا إلى القوم ،وأمد هللا نبيه بألف من المالئكة فكان جبريل عليه السالم في
خمسمائة من المالئكة مجنبة ،وميكائيل في خمسمائة مجنبة.
- 5المالئكة بحاجة إلى معية هللا سبحانه:
(إِ ْذ يُو ِحي َربُّكَ إِلَى ْال َمآلئِ َك ِة أَنِّي َم َع ُك ْم).
فالمالئكة بدون عون هللا تعالى عاجزون عن تحقيق أي نصر حتى وهم يثبتونـ المؤمنين ويقاتلون معهم ،ال بد لهم من
معية هللا سبحانه ليلقي الرعب في قلوب الكافرين.
- 6هللا تعالى يدير المعركة:
َاق نع ْ َ األ ق
َ وَْ ف ْ
ُوا بر اضْ َ ف ب َ عْ َّ
ر ال ْ
ُوا ر َ ف َ
ك ينَ ذ
ِ َّ ل ا ب
ِ و ُ لُ ق ي ِ ف ي ِ ق لْ ُ أس َ ْ
وا ُ ن م
َ آ ينَ ذ
ِ َّ ل ا ْ
وا ُ ت ِّ بَ ث َ ف م ْ كُ عَ م
َ ي ِّ ن َ أ ة
ِ َ
ك ِ ئآل ك إِلَى ْال َم (إِ ْذ يُو ِحي َربُّ َ
ِ ِ
ب* َذلِ ُك ْم فَ ُذوقُوهُ َوأَنَّ َ ْ ُ َ هّللا
ق َ َو َرسُولهُ فإِن َ ش ِدي ـد ال ِعقا ِ َّ َ َ هّللا َ َ
ك بِأنهُ ْم شآقوا َ َو َرسُولهُ َو َمن يُشاقِ ِ هّللا ْ ُّ َ َّ َ ُوا ِم ْنهُ ْم ك َّل بَنَا ٍن* ذلِ َ
َ ُ َواضْ ِرب ْ
ار لنار) اب النَّ ِلِ ْل َكافِ ِرينَ َع َذ َ
وا) وا الَّ ِذينَ آ َمنُ ْ ك إِلَى ْال َمآلئِ َك ِة أَنِّي َم َع ُك ْم فَثَبِّتُ ْ قوله( :إِ ْذ يُو ِحي َربُّ َ
يقول :قووا عزمهم ،وصححوا نياتهم في قتال عدوهم من المشركين ،وقد قيل وهم من المشركين وقد قيل إن تثبيت المالئكة
المؤمنين كان حضورهم حربهم معهم ،وقيل كان ذلك معونتهم إياهم بقتال أعدائهم ،وقيل كان ذلك بأن ال َملَك يأتي الرجل من
أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم يقول :سمعت هؤالء القوم يعني المشركين يقولون :وهللا لئن حملوا علينا لننكشفن فيحدث
المسلمون بعضهم بعضًا بذلك فتقوى أنفسهم .قالوا :وذلك كان وحي هللا إلى مالئكته.
ً
ب) يقول تعالى :سأرعب قلوب الذين كفروا بي أيها المؤمنون منكم وأملؤها فَرقا حتى ُوا ال َّر ْع َ ب الَّ ِذينَ َكفَر ْ ( َسأ ُ ْلقِي فِي قُلُو ِ
ينهزموا عنكم ،فاضربوا فوق األعناق.
- 7المؤمنون من جند هللا:
َال أَوْ ُمت ََحيِّزاً
ِ ٍ تق ِّ ل ً اِّف ر َح تم َّ ال إ ه ر ُ بدُ
َ َ َ َ َ ِ ْ َوْ َ ِ ٍ َ ُ ِ ُ َ ذـ ئ م ي م ه ِّ ل و ُ ي نم و * ر ا بدْ َ األ مُ
َ ُه و ُّ ل و ُ ت َ ال َ ف ً ا ف حْ َ
ز ْ
ُوا ر َ ف َ
ك ذ َّ
وا إِ َذا ِ ُ ِ ينَ
ال م ُ ت ي قَ ل (يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُ ْ
صي ُر) س ال َم ِ ْ ب ِّمنَ ِ َو َمأ َواهُ َجهَنَّ ُم َوبِ ْئ َ ْ هّللا ض ٍ إِلَى فِئَ ٍة فَقَ ْد بَاء بِ َغ َ
وبعد هذه المعية وهذا العون .ال مجال لفرار المؤمنينـ من الزحف فقد أمر هللا عز وجل في هذه اآلية أال يولي المؤمنون أمام
الكفار وهذا األمر مقيد بالشريطة المنصوصة في ِم ْثلي المؤمنين فإذا لقيت فئة من المؤمنين فئة هي ضعف المؤمنين من
المشركين فالفرض أال يفروا أمامهم.
ق إلى يوم القيامة وليس في اآلية نسخ ،وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأكثر وقال الجمهور من العلماء أن حكم اآلية با ٍ
العلماء .وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال" :اجتنبوا السبع الموبقات … وفيه -
والتولي يوم الزحف".
وأما يوم أحد فإنما فر الناس من أكثر من ضعفهم ومع ذلك عنفوا ،وأما يوم حنين ،فكذلك من فر إنما انكشف من الكثرة.
- 8الحصى من جند هللا:
(فَلَ ْم تَ ْقتُلُوهُ ْم َولَـ ِك َّن هّللا َ قَتَلَهُ ْم َو َما َر َميْتَ إِ ْذ َر َميْتَ َولَـ ِك َّن هّللا َ َر َمى َولِيُ ْبلِ َي ْال ُم ْؤ ِمنِينَ ِم ْنهُ بَالء َح َسنا ً إِ َّن هّللا َ َس ِمي ٌع َعلِي ٌم* َذلِ ُك ْم
َوأَ َّن هّللا َ ُمو ِهنُ َك ْي ِد ْال َكافِ ِرينَ )
روي أن أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لما صدروا عن بدر ذكر كل واحد منهم ما فعل :قتلت كذا ،فعلت كذا؛
فجاء من ذلك تفاخر ونحو ذلك ،فنزلت اآلية إعال ًما بأن هللا تعالى هو المميت والمقدر لجميع األشياء ،فقيل :المعنى لم
تقتلوهم ،ولكن هللا قتلهم بسوقهم إليكم حتى أمكنكم منهم ،وقيل :ولكن هللا قتلهم بالمالئكة الذين أمدكم بهم( ،تفسير
القرطبي ج 4،7ص.)384
هّللا ْ
( َو َما َر َميْتَ إِذ َر َميْتَ َولَـ ِك َّن َ َر َمى)
ولما التحم القتال ،كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رافعًا يديه يسأل هللا النصر وما وعده ،وأُ ِمر رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم؛ فأخذ من الحصى كفا ً فرماهم بها وقال" :شاهت الوجوه ،اللهم ارعب قلوبهم وزلزل أقدامهم" فانهزم أعداء هللا ال
يلوون على شيء وألقوا دروعهم ،والمسلمون يقتلون ويأسرون وما بقي منهم أحد إال امتأل وجهه وعيناه ما يدري أين توجه
والمالئكة يقتلونهم.
- 9استفتاح الكافرين من جند هللا:
ت َوأَ َّن هّللا َ َم َع ُوا فَهُ َو َخ ْي ٌر لَّ ُك ْم َوإِن تَعُود ْ
ُوا نَ ُع ْد َولَن تُ ْغنِ َي عَن ُك ْم فِئَتُ ُك ْم َش ْيئًا َولَوْ َكثُ َر ْ ُوا فَقَ ْد َجاء ُك ُم ْالفَ ْت ُح َوإِن تَنتَه ْ
(إِن تَ ْستَ ْفتِح ْ
ُوا فَقَ ْد َجاء ُك ُم ْالفَ ْتحُ)
ْال ُم ْؤ ِمنِينَ ) قال :األموي حدثنا أسباط بن محمد القرشي عن عطية عن مطرف في قوله (إِن تَ ْستَ ْفتِح ْ
قال :قال أبو جهل :اللهم أعن أعز الفئتين وأكرم القبلتين وأكثر الفريقين فنزلت اآلية.
كأنما هو يدعو على نفسه وفئته فاستجاب هللا له.
- 10كثرة الكافرين وفئتهم من جند هللا:
ألن هللا تعالى ناصر حزبه ومؤيد جنده ( َوأَ َّن هّللا َ َم َع ْال ُم ْؤ ِمنِينَ ) ولن يدعهم للكثرة المشركة تتحكم بهم .فلن يجعل هللا
للكافرين على المؤمنين