You are on page 1of 24

‫تفسير سورة إبراهيم‬

‫لفضيلة الشيخ العالمة‬


‫محمد بن شامي شيبة‬

‫حفظه هللا‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫اآليـــــات‬
‫يز ْال َح ِمي ِد (‪ )1‬هَّللا ِ‬‫اط ْال َع ِز ِ‬ ‫ص َر ِ‬ ‫ور بِإِ ْذ ِن َربِّ ِه ْم إِلَى ِ‬
‫ت إِلَى النُّ ِ‬‫الظلُ َما ِ‬ ‫اس ِمنَ ُّ‬ ‫ك لِتُ ْخ ِر َج النَّ َ‬ ‫‪‬الر ِكتَابٌ أَ ْنزَ ْلنَاهُ إِلَ ْي َ‬
‫ب َش ِدي ٍد (‪ )2‬الَّ ِذينَ يَ ْست َِحبُّونَ ْال َحيَاةَ ال ُّد ْنيَا‬ ‫ض َو َو ْي ٌل لِ ْل َكافِ ِرينَ ِم ْن َع َذا ٍ‬
‫ت َو َما فِي اأْل َرْ ِ‬ ‫الَّ ِذي لَهُ َما فِي ال َّس َما َوا ِ‬
‫ضاَل ٍل بَ ِعي ٍد (‪َ )3‬و َما أَرْ َس ْلنَا ِم ْن َرسُو ٍل إِاَّل‬ ‫ك فِي َ‬ ‫ص ُّدونَ ع َْن َسبِي ِل هَّللا ِ َويَ ْب ُغونَهَا ِع َوجًا أُولَئِ َ‬ ‫َعلَى اآْل ِخ َر ِة َويَ ُ‬
‫ضلُّ هَّللا ُ َم ْن يَ َشا ُء َويَ ْه ِدي َم ْن يَ َشا ُء َوه َُو ْال َع ِزي ُز ْال َح ِكي ُم (‪ )4‬‬ ‫بِلِ َسا ِن قَوْ ِم ِه لِيُبَيِّنَ لَهُ ْم فَيُ ِ‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫الر ـ حروف مقطعة استأثر اهلل بعلمها ـ قد أنزلنا عليك هذا القرآن العظيم الذي هو أشرف كتاب ‪،‬‬
‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫لتخــرج النــاس به من ظلمــات الكفر والض ــالل والغي إىل ن ــور اإلميان واهلدى والرشد ملن قــدر اهلل له‬
‫اهلداية على يديك يا حممد إىل الصراط املستقيم ‪ ،‬صـراط اهلل العزيز الـذي هو القـاهر لكل ما سـواهـ ‪،‬‬
‫ال ـ ــذي ال ميانع وهو جل وعال احملم ـ ـ ــود يف مجيع أقواله وأفعاله وش ـ ـ ــرعه وجزائه ‪ ،‬اهلل ال ـ ـ ــذي له ملك‬
‫الس ــموات واألرض وما فيهما ووي ــل للك ــافرين ال ــذين ك ــذبوك من ع ـ ٍ‬
‫ـذاب ش ــديد ي ــوم القيامة يف ن ــار‬ ‫ٌ‬
‫جهنم ‪ ،‬هم ال ــذين يق ــدمون ال ــدنيا ويعمل ــون هلا ويؤثروهنا على اآلخ ــرة وينك ــرون اآلخ ــرة ويص ــدون‬
‫أنفسهم وغريهم عن اتباع الرسل وحيبونـ أن تكون سبيل اهلل عوجــاء مائلة وهي مســتقيمة يف نفســها‬
‫ال يضـرها من خالفها أوخـذل أهلها ‪ ،‬فهـؤالء الكـافرون يف جهل وضـالل وبعد عن احلق يف كفـرهم‬
‫وابتغـ ـ ــائهم ‪،‬وما أرس ـ ـ ــلنا من رسـ ـ ــول إال بلغة قومه رمحة من اهلل هبم ليفهم ـ ـ ــوا عنه ما أرسل به إليهم‬
‫وتقـوم احلجة عليهم فيضل اهلل من يشـاء عن اهلدى ويهـدي من يشـاء وهو العزيز الـذي ما شـاء كـان‬
‫وما مل يشأ مل يكن وهو احلكيم يف أفعاله فيهـ ـ ــدي من يشـ ـ ــاء فض ـ ـ ـالً ويضل من يشـ ـ ــاء عـ ــدالً حلكمة‬
‫يعلمها ‪.‬‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫‪ )1‬أخي املســلم الكــرمي ‪ :‬هل اســتنرت بنــور هــذا القــرآن فــوقفت عند آياته مطبقـاً ألوامــره منتهيـاً‬
‫عن نواهيهـ ف ــإن كنت ك ــذلك ف ــأنت تعيش يف ن ــو ٍر و س ــوف يك ــون الق ــرآن ش ــافعاً لك ي ــوم‬
‫القيامةـ كما قــال رســول اهلل ‪ ‬في حديث جابر ‪(( :‬الْ ُق ْر َآ ُن َش افِ ٌع ُم َش َّف ٌع))‬
‫رواه الط براني‬

‫في الكب ير (ص حيح) ‪ ،‬واعلم أن ك كلم ا ازددت تعلم اً وعمالً به ذا الق رآن ازددت‬
‫ن وراً وه دى – أم ا من أع رض عن ه ذا الق رآن فه و في ظلم ات مطبق ة‬
‫وضالل مبين – وكلما كان العبد تارك اً العمل ببعض القرآن فهو في شيء‬
‫من الضالل والظلمة فليراجع العبد نفسه من اليوم ‪.‬‬
‫أخي المس لم ‪ :‬ال تغ تر بال دنيا وتؤثره ا على اآلخ رة وق د ق ال ‪ ‬في ح ديث‬ ‫‪)2‬‬
‫مس تورد ‪َ (( :‬ما ال ُّد ْنيَا في اآْل خ َرة إِاَّل مثْ ُل َما يَ ْج َع ُل أ َ‬
‫ص َب َعهُ َه ِذ ِه فِي الْيَ ِّم َفلَْي ْنظُ ْر بِ َم‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ُد ُك ْم إِ ْ‬
‫َت ْر ِج ُع)) رواه مس لم ‪ ،‬في ا أخي ‪ :‬ل و وض ع أح دنا إص بعه في البح ر ثم أخرجه ا‬
‫ه ل تنقص البح ر ؟ فال دنيا بالنس بة لآلخ رة ال تس اوى ش يئاً ولكن ال دنيا إنما‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 2‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫يستفيد منها العبد ( اإليمان والعمل الصالح ) وستأتي اآلخرة فيتمنى الكفار‬
‫الع ودة إلى ال دنيا وهيه ات – فأن ا وأنت ي ا أخي المس لم في زم ان الفرص ة‬
‫فاغتنمها قبل فوات األوان ‪.‬‬
‫‪ )3‬إن اله دى إنم ا ه و ب إذن اهلل وتق ديره وفض له ف ادع اهلل دائم ا أن يه ديك‬
‫الصراط المستقيم ‪ ،‬وقد علمنا في قراءة الفاتحة اهدنا الصراط المستقيم ‪،‬‬
‫وقل اللهم اهدني لصالح األعمال واألخالق لحديث أبي أمامة هو قوله ‪: ‬‬
‫ال واألَ ْخ ِ‬
‫ِ‬ ‫((اللَّه َّم ا ْغ ِف ر لِي ذُنُوبِي و َخطَاي اي‪ ،‬اللَّه َّم أَنْ ِع ْش نِي‪ ،‬واجبِ رنِي‪ ،‬و ْاه ِدنِي لِ ِ‬
‫الق‪،‬‬ ‫ص ال ِح األَ ْع َم َ‬
‫َ‬ ‫َ ْ ْ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫رواه الطبراني في الكبير ( حسن )‬ ‫ت))‬
‫ف َسيَِّئ َها إِال أَنْ َ‬
‫ص ِر ُ‬ ‫فَِإنَّه ال ي ْه ِدي لِ ِ‬
‫صال ِح َها‪َ ،‬وال يَ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬

‫اآليـــــات‬
‫ت لِ ُكلِّ‬
‫ك آَل يَا ٍ‬ ‫ور َو َذ ِّكرْ هُ ْم بِأَي َِّام هَّللا ِ إِ َّن فِي َذلِ َ‬
‫ت إِلَى النُّ ِ‬ ‫الظلُ َما ِ‬ ‫‪َ ‬ولَقَ ْد أَرْ َس ْلنَا ُمو َسى بِآيَاتِنَا أَ ْن أَ ْخ ِرجْ قَوْ َمكَ ِمنَ ُّ‬
‫آل فِرْ عَوْ نَ يَسُو ُمونَ ُك ْم سُو َء‬ ‫ال ُمو َسى لِقَوْ ِم ِه ْاذ ُكرُوا نِ ْع َمةَ هَّللا ِ َعلَ ْي ُك ْم إِ ْذ أَ ْن َجا ُك ْم ِم ْن ِ‬
‫ور (‪َ )5‬وإِ ْذ قَ َ‬ ‫َّار َش ُك ٍ‬ ‫صب ٍ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َظي ٌم (‪َ )6‬وإِذ تَأذنَ َربُّ ُك ْم لَئِ ْن َشكَرْ تُ ْم‬ ‫َ‬
‫ب َويُ َذبِّحُونَ أ ْبنَا َء ُك ْم َويَ ْستَحْ يُونَ نِ َسا َء ُك ْم َوفِي َذلِ ُك ْم بَاَل ٌء ِم ْن َربِّ ُك ْم ع ِ‬ ‫ْال َع َذا ِ‬
‫ض َج ِميعًا فَإِ َّن هَّللا َ لَ َغنِ ٌّي‬ ‫ال ُمو َسى إِ ْن تَ ْكفُرُوا أَ ْنتُ ْم َو َم ْن فِي اأْل َرْ ِ‬ ‫أَل َ ِزي َدنَّ ُك ْم َولَئِ ْن َكفَرْ تُ ْم إِ َّن َع َذابِي لَ َش ِدي ٌد (‪َ )7‬وقَ َ‬
‫َح ِمي ٌد (‪ )8‬‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫ولقد أرسـ ــلنا موسى بآياتنا الواضـ ــحات كالعصا واليد وغريها وأمرنـ ــاه أن ادع قومك إىل عبـ ــادة اهلل‬
‫وحــده ال شــريك له ليخرجــوا من ظلمــات اجلهل والضــالل والكفر إىل نــور اإلميان والعمل الصــاحل ‪،‬‬
‫وذك ـ ــرهم بنعم اهلل عليهم يف جناهتم من فرع ـ ــون وقه ـ ــره وبطشه وغريها من النعم وفيما ص ـ ــنعنا ببين‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 3‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫إسرائيل حني أنقذناهم من فرعون مما كانوا فيه من العـذاب املهني عـربةُ وعظة لكل صـبار يف الضـراء‬
‫ـكور يف السـ ـ ـ ــراء ‪،‬واذكر ‪ -‬يا حممد – حينما قـ ـ ـ ــال موسى لقومه اذكـ ـ ـ ــروا نعمة اهلل عليكم حني‬
‫شـ ـ ـ ٌ‬
‫أجناكم من فرعــون وأعوانه وما كــانوا يــذيقونكم أشد العــذاب وأســوأه ويــذلونكم ويــذحبون الــذكور‬
‫من أوالدكم وي ـ ــرتكون اإلن ـ ــاث خلدمتهم فأنق ـ ــذكم اهلل منهم وه ـ ــذه نعمة عظيمة أنتم عـ ــاجزون عن‬
‫القي ــامـ بشـ ــكرها ‪ ،‬وما كـ ــان يفعله فرعـ ــون بكم هو اختبـ ــار عظيم لكم ‪ ،‬وإذ تـ ــأذن ربكم ف ــأعلمكم‬
‫بوعده لكم ‪ :‬لئن شكرمت اهلل على نعمه وعبدمتوه وحــده ال شــريك له ألزيــدنكم من هــذه النعم ولئن‬
‫كفــرمت نعم اهلل وجحــدمتوها فــإن عــذايب لشــديد بســلبها عنكم وعقــابكم على كفرها وعلى اإلعــراض‬
‫عن طاعة اهلل اليت أوجبها عليكم ‪ ،‬وقــال موسى لقومه ‪ :‬إن تكفــروا أنتم وكل من يف األرض فــإنكم‬
‫لن تض ــروا اهلل ش ــيئاً وإن اهلل لغين عن ش ــكر عب ــاده وط ــاعتهم وهو احلميد املس ــتحق جلميع احملامد يف‬
‫السموات واألرض وإن كفره من كفره ‪.‬‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫‪ )1‬يا أيها المسلم تذكر ‪:‬‬
‫أ‪-‬نعم اهلل عليك فما أكثرها ( ال تعد وال حتصى ) فهل شــكرنا اهلل على هــذه النعم بــالقلب‬
‫واللســان واجلوارح (( اعرتفنا أهنا من اهلل ـ محدنا اهلل عليها وشــكرناه ـ جعلناها يف طاعة اهلل ـ‬
‫أثنيناـ على اهلل بذلك )) ‪.‬‬
‫ب‪-‬ت ــذكر املص ــائب اليت تص ــيبك وما لك فيها من اخلري (( هل ص ــربنا واحتس ــبنا ـ ـ محدنا اهلل‬
‫واسرتجعنا ـ دعونا اهلل باخللف علينا )) وقد قال ‪ ‬يف حديث صــهيب ‪َ (( :‬ع َجبًا أِل َْم ِر ال ُْم ْؤ ِم ِن‬
‫اك أِل َح ٍد إِاَّل لِل ِ‬
‫َص َاب ْتهُ َس َّراءُ َش َك َر فَ َك ا َن َخ ْي ًرا لَهُ َوإِ ْن أ َ‬
‫َص َاب ْتهُ‬ ‫ْم ْؤم ِن إِ ْن أ َ‬
‫ُ‬ ‫س ذَ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ‬
‫إن أ َْم َرهُ ُكلهُ َخ ْي ٌر َول َْي َ‬
‫صَب َر فَ َكا َن َخْي ًرا لَهُ)) رواه مسلم ‪.‬‬
‫ض َّراءُ َ‬ ‫َ‬
‫‪ )2‬أخي الداعية ذكر المدعوين ( ممن ندعوهم إلى اهلل ) بما يلي ‪:‬‬
‫(‪ )1‬ذكـ ــرهم بنعم اهلل عليهم يف كل شئ وقل هلم (( إن من أعطـ ــاكم هـ ــذه النعم اليت ال تعد وال‬
‫حتصى هو اهلل فيجب عليكم عبادته دون س ـ ـ ـ ــواهـ وحيرم عليكم معص ـ ـ ـ ــيتهـ ـ ـ ـ ـ ـ كيف تعصي من‬
‫ينعم عليك بكل خري وقد ق ـ ـ ـ ـ ــال تع ـ ـ ـ ـ ــاىل ‪ :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُ وا ْاذ ُك ُروا نِ ْع َم ةَ هَّللا ِ َعلَ ْي ُك ْم‬
‫‪...‬الآية‪[ ‬املائدة‪ ،]11‬فهذا منهج دعوي قرآين وهو منهاج الرسل ‪َ ‬و َذ ِّك ْر ُه ْم بِأَيَّ ِام هَّللا ِ ‪‬وقال‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 4‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫[ق ـ ــريش‪]4 ، 3:‬‬ ‫َخ ْو ٍف ‪‬‬ ‫ت الَّ ِذي أَ ْط َع َم ُه ْم ِمنْ ُج ٍ‬


‫وع َوآ َمنَ ُه ْم ِمنْ‬ ‫ب َه َذا ا ْلبَ ْي ِ‬
‫فَ ْليَ ْعبُدُوا َر َّ‬ ‫تع ــاىل ‪ :‬‬
‫ض اَّل اًل َف َه َدا ُك ْم اللَّهُ بِي)) فـ ــذكرهم ه ــذه‬ ‫َج ْد ُك ْم ُ‬ ‫وهـ ــذا كثري يف القـ ــرآن وقد قـ ــال ‪(( : ‬أَلَم أ ِ‬
‫ْ‬
‫النعمة العظيمة وقد قــال ‪ ‬يف حــديث أيب هريــرة ((إِنَّ َما أَنَا َر ْح َم ةٌ ُم ْه َداةٌ )) رواه احلاكم ( صــحيح ) ـ‬
‫فيا إخ ــويت ال ــدعاة اس ــتعملوا من ــاهج الق ــرآن يف دع ــوتكم ألهنا م ــؤثرة ف ــذكروا الن ــاس بنعم اهلل‬
‫ومنها النعمة العظيمة ببعثته ‪‬‬
‫(‪ )2‬ذكر املدعوين (( ال ـ ــذين ت ـ ــدعوهم إىل اهلل )) بنقمته ممن عص ـ ــاه وخالفه ممن مضى من األمم‬
‫فأخذهم اهلل أخذ عزيز مقتدر فهذا يف القرآن كثري جداً ‪.‬‬
‫(ج) ذكر املدعوين ‪ :‬أن اهلل غين عن عبــاده وعن طــاعتهم ‪,‬وإمنا أعمــاهلم هلم فهم املنتفعــون هبا كما‬
‫َن أ ََّولَ ُكم و ِ‬
‫آخ َر ُك ْم َوإِنْ َس ُك ْم‬ ‫يف ح ــديث أيب ذ ر قوله ‪ ‬فيما يرويه عن ربه ‪ ‬أنه ق ــال ((يا ِعب ِ‬
‫ادي لَ ْو أ َّ‬
‫َْ‬ ‫َ َ‬
‫ْكي َش يئًا يا ِعب ِ‬ ‫ك فِي مل ِ‬ ‫اح ٍد ِم ْن ُكم ما َز َ ِ‬ ‫ْب رج ٍل و ِ‬ ‫ِ‬
‫ادي لَ ْو أ َّ‬
‫َن أ ََّولَ ُك ْم‬ ‫ْ َ َ‬ ‫اد ذَل َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َوجنَّ ُك ْم َك انُوا َعلَى أَْت َقى َقل ِ َ ُ َ‬
‫ك ِمن مل ِ‬ ‫اح ٍد ما َن َق ِ‬ ‫ْب رج ٍل و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش ْيئًا)) احلديث رواه‬ ‫ْكي َ‬ ‫ص ذَل َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوآخ َر ُك ْم َوإِنْ َس ُك ْم َوجنَّ ُك ْم َك انُوا َعلَى أَفْ َج ِر َقل ِ َ ُ َ‬
‫ُح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اها فَ َم ْن َو َج َد َخ ْي ًرا‬‫ص َيها لَ ُك ْم ثُ َّم أ َُوفِّي ُك ْم إِيَّ َ‬ ‫مسـ ـ ـ ـ ــلم ‪ ،‬ويف احلديث ‪(( :‬يَا عبَ ادي إِنَّ َما ه َي أَ ْع َم الُ ُك ْم أ ْ‬
‫وم َّن إِاَّل َن ْف َسهُ)) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َفلْيَ ْح َم ْد اللَّهَ َو َم ْن َو َج َد غَْي َر ذَلِ َ‬
‫ك فَاَل َيلُ َ‬
‫‪ )3‬إن من ش ـ ـ ـ ــكر اهلل على نعمه زاده منها ومن كفر نعم اهلل وأع ـ ـ ـ ــرض عنه عذبه ع ـ ـ ـ ــذاباً ش ـ ـ ــديداً‬
‫الذنْ ِب يُ ِصيبُهُ)) فالذنوب من سبب احلرمان للرزق ولكثري من النعم‪.‬‬ ‫الر ْز َق بِ َّ‬
‫(( َوإِ َّن ال َْع ْب َد لَيُ ْح َر ُم ِّ‬
‫اآليـــــات‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫‪ ‬أَلَ ْم يَأتِ ُك ْم نَبَأ الَّ ِذينَ ِم ْن قَ ْبلِ ُك ْم قَوْ ِم نُ ٍ‬
‫وح َوعَا ٍد َوثَ ُمو َد َوالَّ ِذينَ ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم اَل يَ ْعلَ ُمهُ ْم إِاَّل هَّللا ُ َجا َء ْتهُ ْم ُر ُسلُهُ ْم‬
‫ب (‪)9‬‬ ‫ت فَ َر ُّدوا أَ ْي ِديَهُ ْم فِي أَ ْف َوا ِه ِه ْم َوقَالُوا إِنَّا َكفَرْ نَا بِ َما أُرْ ِس ْلتُ ْم بِ ِه َوإِنَّا لَفِي شَكٍّ ِم َّما تَ ْدعُونَنَا إِلَ ْي ِه ُم ِري ٍ‬ ‫بِ ْالبَيِّنَا ِ‬
‫َخ َر ُك ْم إِلَى أَ َج ٍل ُم َس ّمًى‬ ‫ض يَ ْدعُو ُك ْم لِيَ ْغفِ َر لَ ُك ْم ِم ْن ُذنُوبِ ُك ْم َويُؤ ِّ‬ ‫ت َواأْل َرْ ِ‬ ‫ك فَا ِط ِر ال َّس َما َوا ِ‬ ‫ت ُر ُسلُهُ ْم أَفِي هَّللا ِ َش ٌّ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ت لَهُ ْم‬ ‫ين (‪ )10‬قَالَ ْ‬ ‫ان ُمبِ ٍ‬ ‫ص ُّدونَا َع َّما َكانَ يَ ْعبُ ُد آبَا ُؤنَا فَأْتُونَا بِس ُْلطَ ٍ‬ ‫قَالُوا إِ ْن أَ ْنتُ ْم إِاَّل بَ َش ٌر ِم ْثلُنَا تُ ِري ُدونَ أَ ْن تَ ُ‬
‫ُر ُسلُهُ ْم إِ ْن نَحْ نُ إِاَّل بَ َش ٌر ِم ْثلُ ُك ْم َولَ ِك َّن هَّللا َ يَ ُم ُّن َعلَى َم ْن يَ َشا ُء ِم ْن ِعبَا ِد ِه َو َما َكانَ لَنَا أَ ْن نَأْتِيَ ُك ْم بِس ُْلطَا ٍن إِاَّل بِإِ ْذ ِن‬
‫هَّللا ِ َو َعلَى هَّللا ِ فَ ْليَت ََو َّك ِل ْال ُم ْؤ ِمنُونَ (‪َ )11‬و َما لَنَا أَاَّل نَتَ َو َّك َل َعلَى هَّللا ِ َوقَ ْد هَدَانَا ُسبُلَنَا َولَنَصْ بِ َر َّن َعلَى َما آ َذ ْيتُ ُمونَا‬
‫َو َعلَى هَّللا ِ فَ ْليَتَ َو َّك ِل ْال ُمتَ َو ِّكلُونَ (‪)12‬‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫قال اهلل ‪ :‬أمل يصلكم ويبلغكم خرب الذين من قبلكم قوم نوح وعاد ومثود والذين من بعدهم ال يعلم‬
‫ع ــددهم وال حيص ــيهم إال اهلل ج ــاءهتم رس ــلهم ب ــاحلجج وال ــدالئل الواض ــحات الب ــاهرات على ص ــدق‬
‫دعــوهتم وما جــاءوا به من عبــادة اهلل وحــده ال شــريك له فعضــوا أيــديهم بغضا وتغيظ ـاً وحنق ـاً على‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 5‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫رسل اهلل وتكـ ـ ــذيباً هلم وإسـ ـ ــكاتاًـ وعنـ ـ ــاداً وقـ ـ ــالوا للرسل ال نصـ ـ ــدقكم فيما جئتم وإنا شـ ــاكون فيما‬
‫ت ــدعونا إليه من عب ــادة اهلل وال يقني عن ــدنا ب ــذلك ‪ ،‬ق ــال الرسل رداً عليهم ‪ :‬أيف ربوبية اهلل وألوهيته‬
‫واس ـ ـ ــتحقاقه العبـ ـ ـ ــادة وحـ ـ ـ ــده ال شـ ـ ـ ــريك له شك ‪ ،‬وهو سـ ـ ـ ــبحانه الـ ـ ـ ــذي خلق السـ ـ ـ ــموات واألرض‬
‫وابتــدعهما على غري مثــال ســابق وخلق مجيع املوجــودات وهو يــدعوكم إىل عبادته وحــده دون ســواهـ‬
‫ليغفر لكم من ذنوبكم يف الدار اآلخرة ويؤخركم لتتمتعوا حبيـاتكم حىت يـأيت أجلكم الـذي قـدره اهلل‬
‫لكم ‪ ،‬فقالوا للرسل ‪ :‬ما أنتم إال بشر مثلنا فكيف نتبعكمـ ومل نر معكم معجزة ‪ ،‬فأتونا بأمر خارق‬
‫مما نقرتحه عليكم ‪ ،‬فق ـ ـ ـ ــالت هلم الرسل ‪ :‬إن ما ذكـ ـ ـ ــرمت أننا بشر صـ ـ ـ ــحيح ‪ ،‬ولكن اهلل مين على من‬
‫يشــاء من عبــاده بــالنبوة والرســالة ‪ ،‬وما كــان لنا أن نــأتيكم مبعجــزة على حسب اقــرتاحكم إال مبشــيئة‬
‫اهلل وإذنه ‪ ،‬وعلى اهلل فليتوكل املؤمن ـ ـ ــونـ يف مجيع أم ـ ـ ــورهم باعتم ـ ـ ــاد قل ـ ـ ــوهبم على اهلل وهم يفعل ـ ــون‬
‫األسـ ـ ــباب اليت أمـ ـ ــروا هبا ‪ ،‬وقـ ـ ــالت الرسـ ـ ــل‪ :‬وما مينعنا ويردنا أن نتوكل على اهلل وقد وفقنا ألق ـ ــوم‬
‫الطـ ـ ـ ـ ــرق ودلنا عليها ‪ ،‬وسـ ـ ـ ـ ـ ــوف نصرب على أذيتكم لنا بـ ـ ـ ـ ـ ــالقول والفعل ‪ ،‬وعلى اهلل فليعتمد املؤمن‬
‫املتوكلـ معلقاً قلبه بربه واثقاً به منيباً إليه‪.‬‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫‪ )1‬إن األمم املاضية الكثريةـ قد كذبت الرسل عليهم الصالة والسالم ‪ ،‬ولذلك أخي المسلم ‪:‬‬
‫(‪ )1‬أنتم يا أتب ـ ــاع حممد ‪ ‬ال يص دقكم الكف ار في إيم انكم وعب ادتكم هلل وح ده ال‬
‫شريك له وهذا تكذيب في أعظم أمر وهو دين اهلل ‪ ‬فاعرفوا هذه العداوة‬
‫المتأصلة في نفوس الكفار لكم ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أنتم أيها الدعاة إلى اهلل ‪ ‬كم من الكفار من يعض يده حنق اً عليكم وبغض اً‬
‫لكم وممن يس ير في ركب الكف ار على ه ذا المنهج ويس عى الكف ار ومن‬
‫أن‬
‫على ش اكلتهم في إس كاتكم عن دع وة الح ق ( إلى توحي د اهلل ‪ ) ‬ب ل ّ‬
‫أصحاب البدع يسعون في إسكات دعاة التوحيد الخالص ‪.‬‬
‫وق د تفنن أه ل الباط ل في الط رق إلس كات دع اة الح ق واله دى ومن‬
‫ذلك ‪:‬‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 6‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫{أوالً} رمي أهل الحق ودعاته باأللقاب المنفرة ( المتشددون – المتطرفون‬


‫) ونحو ذلك حتى ال تقبل دعوتهم وقد قال الكفار عن الرسول ‪( ‬ساحر –‬
‫شاعر – مجنون ‪ ).... -‬إلخ‬
‫{ثاني اً}م ا تق وم ب ه ال دول الك افرة من إلص اق التهم بال دعاة وأذيتهم بقف ل‬
‫المراك ز اإلس المية ال تي ي ديرها ال دعاة إلى اهلل وعم ل العوائ ق أم ام بن اء‬
‫المس اجد وفتح المج ال لبن اء الكن ائس وأم اكن المعاص ي ( ك الخمور –‬
‫والمواخير ) والسب والشتم للدعاة كما كان بعض المشركين يذكرون محمد‬
‫مذمم )‪.‬‬
‫‪ ‬بأنه ( ّ‬
‫{ثالثاً} ما تقوم به بعض دول الكفر من أذية المسلمين والدعاة باالعتقال‬
‫وعدم السماح لهم بممارسة شعائر دينهم ‪ ،‬وقد ذكر اهلل في كتابه الكريم برامج‬
‫ك أَوْ ي ُْخ ِرجُوكَ‬ ‫الكفار أمام النبي ‪ ، ‬قال تعاىل‪َ  :‬وإِ ْذ يَ ْم ُك ُر بِكَ الَّ ِذينَ َكفَرُوا لِي ُْثبِتُو َ‬
‫ك أَوْ يَ ْقتُلُو َ‬
‫َويَ ْم ُكرُونَ َويَ ْم ُك ُر هَّللا ُ َوهَّللا ُ َخ ْي ُر ْال َما ِك ِرينَ ‪[ ‬األنفال‪. ]30:‬‬
‫‪-2‬أخي المسلم ‪ :‬اصبر على ما تجد من األذى من الكفار فقد آذوا اهلل جل‬
‫وقد‬ ‫ل))رواه الشيخان ‪.‬‬
‫َصَب ُر َعلَى أَذًى يَ ْس َمعُهُ ِم ْن اللَّ ِه َع َّز َو َج َّ‬ ‫((اَل أ َ‬
‫َح َد أ ْ‬ ‫وعال وقد قال ‪:‬‬
‫آذوا رس ول هلل ‪ ‬ح تى خ رج مه اجراً من مك ة إلى المدين ة ب إذن اهلل ‪،‬‬
‫وسوف تبقى أذيتهم للمؤمنين والدعاة في كل زمان ومكان ‪.‬‬

‫‪ )2‬أخي المس لم ‪ :‬توك ل على اهلل في أم ورك كله ا واجع ل ه ذا الح ديث نص ب‬
‫اح َف ْظ اللَّهَ‬ ‫ات ْ‬ ‫ك َكلِم ٍ‬
‫ُعلِّ ُم َ َ‬ ‫عينيك وهو قوله‪ ‬في حديث ابن عباس ‪(( :‬يَا غُاَل ُم إِنِّي أ َ‬
‫استَ ِع ْن بِاللَّ ِه َوا ْعلَ ْم أ َّ‬
‫َن اأْل َُّمةَ‬ ‫ت فَ ْ‬ ‫اسأ َْل اللَّهَ َوإِ َذا ْ‬
‫اسَت َع ْن َ‬ ‫ك إِ َذا َسأَل َ‬
‫ْت فَ ْ‬ ‫اح َف ْظ اللَّهَ تَ ِج ْدهُ تُ َج َ‬
‫اه َ‬ ‫ْك ْ‬ ‫يَ ْح َفظ َ‬
‫اجتَ َمعُ وا َعلَى أَ ْن‬ ‫َك َول َْو ْ‬ ‫وك إِاَّل بِ َش ْي ٍء قَ ْد َكتَبَ هُ اللَّهُ ل َ‬
‫َم َي ْن َفعُ َ‬ ‫ٍ‬
‫وك بِ َش ْيء ل ْ‬
‫ت َعلَى أَ ْن َي ْن َفعُ َ‬ ‫اجتَ َم َع ْ‬
‫ل َْو ْ‬
‫رواه‬ ‫ف))‬
‫الص ُح ُ‬
‫ت ُّ‬ ‫وك إِاَّل بِ َش ْي ٍء قَ ْد َكتَبَ هُ اللَّهُ َعلَْي َ‬
‫ك ُرفِ َع ْ‬
‫ت اأْل َقْاَل ُم َو َج َّف ْ‬ ‫ض ُّر َ‬
‫َم يَ ُ‬ ‫ٍ‬
‫وك بِ َش ْيء ل ْ‬
‫ض ُّر َ‬
‫يَ ُ‬
‫أحمد والترمذي (صحيح) ‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 7‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 8‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫اآليـــــات‬
‫ضنَا أَوْ لَتَعُود َُّن فِي ِملَّتِنَا فَأَوْ َحى إِلَ ْي ِه ْم َربُّهُ ْم لَنُ ْهلِ َك َّن الظَّالِ ِمينَ (‬ ‫‪َ ‬وقَا َل الَّ ِذينَ َكفَرُوا لِ ُر ُسلِ ِه ْم لَنُ ْخ ِر َجنَّ ُك ْم ِم ْن أَرْ ِ‬
‫اب ُكلُّ َجب ٍ‬
‫َّار‬ ‫ض ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم َذلِكَ لِ َم ْن َخافَ َمقَا ِمي َو َخافَ َو ِعي ِد (‪َ )14‬وا ْستَ ْفتَحُوا َوخَ َ‬ ‫‪َ )13‬ولَنُ ْس ِكنَنَّ ُك ُم اأْل َرْ َ‬
‫ت ِم ْن ُك ِّل َم َكا ٍن‬ ‫ص ِدي ٍد (‪ )16‬يَت ََج َّر ُعهُ َواَل يَ َكا ُد ي ُِسي ُغهُ َويَأْتِي ِه ْال َموْ ُ‬ ‫َعنِي ٍد (‪ِ )15‬م ْن َو َرائِ ِه َجهَنَّ ُم َويُ ْسقَى ِم ْن َما ٍء َ‬
‫ت بِ ِه الرِّي ُح فِي يَوْ ٍم‬ ‫ت َو ِم ْن َو َرائِ ِه َع َذابٌ َغلِيظٌ (‪َ )17‬مثَ ُل الَّ ِذينَ َكفَرُوا بِ َربِّ ِه ْم أَ ْع َمالُهُ ْم َك َر َما ٍد ا ْشتَ َّد ْ‬ ‫َو َما ه َُو بِ َميِّ ٍ‬
‫ضاَل ُل البَ ِعي ُد (‪)18‬‬ ‫ْ‬ ‫ك ه َُو ال َّ‬ ‫ف اَل يَ ْق ِدرُونَ ِم َّما َك َسبُوا َعلَى َش ْي ٍء َذلِ َ‬ ‫َاص ٍ‬‫ع ِ‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫وق ال الكف ار لرس لهم ‪ :‬لننفينّكم من أرض نا ونخ رجنكم منه ا أو ت تركون دينكم‬
‫وترجعون عنه إلى ديننا فأوحى اهلل إلى الرسل لنهلكن الظالمين الكفار بالعذاب ‪،‬‬
‫وس وف نس كنكم األرض من بع د إهالكهم ومحقهم وه ذا التمكين إنم ا يك ون لمن‬
‫علي ‪ ،‬وخاف من عذابي فقام في طاعة اهلل‬ ‫يدي يوم العرض ّ‬ ‫خاف الوقوف بين ّ‬
‫خوف اً من ه ورج اءاً لم ا عن ده ‪ ،‬وطلب الرس ل من اهلل أن يفتح بينهم وبين ق ومهم‬
‫المك ذبين لهم بنص رهم عليهم ‪ ،‬وخس ر وهل ك ك ل متج بر في نفس ه ‪ ،‬عني د للح ق‬
‫متكبر عليه ‪ ،‬مكذب لرسل اهلل ‪ ،‬من وراء هذا المتجبر جهنم تنتظره فيعذب فيها‬
‫ويس قى في الن ار من ص ديد وقيح ودم أه ل جهنم ‪ ،‬يتج رع ه ذا الص ديد على ك ره‬
‫شديد قهراً وال يكاد يدخله جوفه لنتنه ومرارته وحرارته وقبحه ويأتي هذا الجبار‬
‫الموت من كل مكان ألن العذاب محيط به وفي كل جارحه من جوارحه وما هو‬
‫بميت ألنهم ال يموت ون في الن ار وال يحي ون ومن وراء ه ذا الجب ار ع ذاب آخ ر‬
‫غليظ شديد ال يطاق وال يحتمل ‪ ،‬مثل أعمال الذين كفروا بربهم يوم القيامة إذا‬
‫طلبوا ثوابها من اهلل تعالى (( ألنهم يحسبون أنها نافعة )) فلم يجدوا شيئاً إال كما‬
‫يتحص ل من الرم اد إذا ط ارت ب ه ال ريح في ي وم ذي ريح ش ديدة عاص فة ف ذهبت‬
‫بالرماد وبعثرته فلم يبق له أثر فال يقدر أحد أن يجمع هذا الرماد في هذا اليوم‬
‫فكذلك الكفار ال يقدرون على شيء من أعمالهم التي كسبوا في الدنيا ألنها حابط ة‬
‫ذاهب ة مض محلة ك ذهاب ه ذا الرم اد فس عيهم ه و الض الل البعي د عن الطري ق‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 9‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫المستقيم غاية البعد ألنه على غير أساس وال استقامة ‪.‬‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫‪ )1‬من أس اليب الكف ار م ع الرس ل وم ع ال دعاة إلى اهلل تع الى من أتب اع الرس ل‬
‫التهدي د ب النفي أو الط رد ‪ ‬أَوْ ي ُْخ ِر ُج وكَ ‪‬وق د أخ رج الكف ار محم داً ‪ ‬من‬
‫‪‬قَرْ يَتِ كَ الَّتِي أَ ْخ َر َج ْت َك ‪[ ‬حممد‪ ]13 :‬ولكن نص ر اهلل ق ريب وآت علي ه ؤالء‬
‫الكف ار وك ذلك أنتم أيه ا ال دعاة س وف تالق ون من أذى الكف ار ومن على‬
‫شاكلتهم من المنافقين من يسعى في إخراج الدعاة ونفيهم فاصبروا وقد قال‬
‫‪ ‬ألصحابه كما في حديث أسيد ابن ُحضير ‪(( :‬إِنَّ ُك ْم َس َت ْل َق ْو َن ََب ْع دي أُْث َرةً فَ ْ‬
‫اص بِ ُروا‬ ‫ِ‬

‫ض)) رواه الش يخان ‪ ،‬فاص بروا أيه ا ال دعاة على أذي الكف ار‬ ‫ْح ْو ِ‬ ‫ِ‬
‫َحتَّى َت ْل َق ْوني َعلَى ال َ‬
‫والمنافقين ‪.‬‬
‫أيها الدعاة إلى اهلل اطلبوا من اهلل النصر على عدوكم ‪َ ‬وا ْنصُرْ نَا َعلَى ْالقَوْ ِم‬ ‫‪)2‬‬
‫ْال َكافِ ِرينَ ‪[ ‬البقرة‪ ]250:‬فادعوا بهذا الدعاء وأكثروا منه ‪.‬‬
‫إن العم ل بال إخالص ال ث واب ل ه ـ وبال متابع ة ك ذلك ( ش روط قب ول‬ ‫‪)3‬‬
‫(( اإلخالص هلل والمتابع ة لرس وله ‪ )) ‬وفي ح ديث أبي‬ ‫العم ل )‬
‫رواه‬ ‫ص ا َو ْابتُ ِغ َي بِ ِه َو ْج ُه هُ ))‬
‫أمام ة قول ه ‪(( ‬إِ َّن اللَّهَ اَل َي ْقبَ ُل م ْن ال َْع َم ِل إِاَّل َما َك ا َن لَهُ َخال ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫النسائي (حسن) ‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 10‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫اآليـــــات‬
‫ق َج ِدي ٍد (‪َ )19‬و َما َذلِكَ َعلَى هَّللا ِ‬ ‫ق إِ ْن يَ َشأْ ي ُْذ ِه ْب ُك ْم َويَأْ ِ‬
‫ت بِ َخ ْل ٍ‬ ‫ض بِ ْال َح ِّ‬ ‫ت َواأْل َرْ َ‬ ‫ق ال َّس َما َوا ِ‬ ‫‪‬أَلَ ْم تَ َر أَ َّن هَّللا َ َخلَ َ‬
‫ال الضُّ َعفَا ُء لِلَّ ِذينَ ا ْستَ ْكبَرُوا إِنَّا ُكنَّا لَ ُك ْم تَبَعًا فَهَلْ أَ ْنتُ ْم ُم ْغنُونَ َعنَّا ِم ْن َع َذا ِ‬
‫ب‬ ‫يز (‪َ )20‬وبَ َر ُزوا هَّلِل ِ َج ِميعًا فَقَ َ‬ ‫بِ َع ِز ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫يص (‪َ )21‬وقا َل الش ْيطانُ‬ ‫ْ‬
‫صبَرْ نَا َما لنَا ِمن َم ِح ٍ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫هَّللا ِ ِم ْن َش ْي ٍء قالوا لوْ هَدَانَا ُ لهَ َد ْينَاك ْم َس َوا ٌء َعل ْينَا أ َج ِزعنَا أ ْم َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫هَّللا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق َو َو َع ْدتُ ُك ْم فَأ َ ْخلَ ْفتُ ُك ْم َو َما َكانَ لِ َي َعلَ ْي ُك ْم ِم ْن س ُْلطَا ٍن إِاَّل أَ ْن َدعَوْ تُ ُك ْم‬ ‫ض َي اأْل َ ْم ُر إِ َّن هَّللا َ َو َع َد ُك ْم َو ْع َد ْال َح ِّ‬‫لَ َّما قُ ِ‬
‫ون ِم ْن‬ ‫ت بِ َما أَ ْش َر ْكتُ ُم ِ‬
‫ي إِنِّي َكفَرْ ُ‬ ‫فَا ْستَ َج ْبتُ ْم لِي فَاَل تَلُو ُمونِي َولُو ُموا أَ ْنفُ َس ُك ْم َما أَنَا بِ ُمصْ ِر ِخ ُك ْم َو َما أَ ْنتُ ْم بِ ُمصْ ِر ِخ َّ‬
‫ت تَجْ ِري ِم ْن تَحْ تِهَا اأْل َ ْنهَا ُر‬ ‫ت َجنَّا ٍ‬ ‫قَ ْب ُل إِ َّن الظَّالِ ِمينَ لَهُ ْم َع َذابٌ أَلِي ٌم (‪َ )22‬وأُ ْد ِخ َل الَّ ِذينَ آ َمنُوا َو َع ِملُوا الصَّالِ َحا ِ‬
‫خَالِ ِدينَ فِيهَا بِإِ ْذ ِن َربِّ ِه ْم ت َِحيَّتُهُ ْم فِيهَا َساَل ٌم (‪)23‬‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫أمل تعلم ـ أن اهلل خلق السموات واألرض للداللة على عظمة اهلل وقدرته العظيمة وأنه الواحد األحد‬
‫الذي جيب أن يعبد وحده ال شريك له أفليس الذي قدر على خلقها باحلق بقادر على إحياء املوتىـ‬
‫للبعث بلى ‪ ،‬إن يشأ يذهبكم ومييتكم أيها اجلاحدون الكافرون ويأت خبلق جديد غريكم يعبدونه‬
‫ويطيعونهـ يف أمره وهنيه وإماتتكمـ وإحيائكم وتبديلكم بغريكم بأمر ممتنع ومتعذر على اهلل ألنه على‬
‫كل شيء قدير ‪ ،‬وبرز اخلالئق مجيعهم هلل يوم القيامة للجزاء واحلساب فقال الضعفاء واألتباعـ‬
‫للسادة املتبوعني إنا كنا تابعني لكم يف الدنيا فيما تعتقدونهـ وتعملونه مطيعني لكم فيه فهل أنتم‬
‫دافعون عنا بعضاً من عذاب اهلل قال القادة السادة هلم ‪ :‬لو أن اهلل وفقنا لإلميان واهلدى هلديناكم‬
‫ولكن حق علينا قول ربنا وسبق فينا قدر اهلل أنا من أهل جهنم فليس لنا وإياكم خالص مما حنن فيه‬
‫من العذاب صربنا عليه أو جزعنا منه لشدته ولزومه وعدم انقطاعه‪ ،‬وقال الشيطان بعد قضاء اهلل‬
‫بني عباده (( أدخل املؤمنني اجلنة و الكافرين النار )) وقد قام يف نار جهنم قائال ألهل النار ‪ :‬إن اهلل‬
‫وعدكم على ألسنة رسله وعداً صادقاً أنكم سوف تبعثون وحتاسبونـ على أعمالكم وإن من اتبع‬
‫رسله جنا وفاز وأما أنا فوعدتكم فأخلفتكم فيما وعدتكم به وكذبت عليكم وغررت بكم حىت‬
‫أنكرمت بعثكم وجزاءكم وهاأنتم ترون اليوم وعد اهلل الصادق ووعدي الكاذب وما كان يل دليل‬
‫فيما دعوتكم إليه وال سلطان ألزمكم هبا إال أنين دعوتكم إىل الكفر والضالل فاستجبتم يل مبجرد‬
‫دعويت لكم وتركتم ما جاء به الرسل فصرمت إىل ما أنتم فيه من العذاب فال تلوموين اليوم ولومواـ‬
‫أنفسكم فأنتم املذنبونـ ملخالفتكم احلجج والرباهني وأتباعي مبجرد دعويت لكم إىل الباطل ما أنا‬
‫مبنقذكم من العذاب وما أنتم مبنقذي من العذاب إين أنكرت وتربأت أن أكون شريكاً هلل ومن‬
‫إشراككم يب مع اهلل تعاىل إن الظاملني الذين أشركوا مع اهلل يف عبادته واتبعوا الباطل هلم عذاب مؤمل‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 11‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫موجع يف نار جهنم ‪ ،‬وأدخل املؤمنون الذين عملوا األعمال الصاحلة جنات جتري األهنار من حتت‬
‫قصورها ومساكنها خالدين فيها خلوداً أبداً بإذن رهبم حتيتهم يف هذه احلياة سالم ‪َ ‬و ْال َمالئِ َكةُ‬

‫صبَرْ تُ ْم فَنِ ْع َم ُع ْقبَى ال َّد ِار ‪ [ ‬الرعد ‪.] 24 ، 23 :‬‬ ‫يَ ْد ُخلُونَ َعلَ ْي ِه ْم ِم ْن ُكلِّ بَا ٍ‬
‫ب َسال ٌم َعلَ ْي ُك ْم بِ َما َ‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫ـادر على بعثنا يـ ــوم‬‫‪ )1‬أخي املسـ ــلم ‪ :‬تفكر يف خلق السـ ــموات واألرض فـ ــإن الـ ــذي خلقهما قـ ـ ٌ‬
‫القيامةـ ‪ ،‬فاستعد لذلك اليومـ ( باإلميان والعمل الصاحل ) ‪.‬‬
‫‪ )2‬ليح ــذر املس ــلم أن يتبع م ــديره أو غ ــريه يف معص ــيةـ اهلل فإنه لن ينقذ نفسه ولن ينقذ غ ــريه من‬
‫عــذاب اهلل ‪ ،‬وكــذلك ال يتبع زميله أو جليسه يف معصـيةـ اهلل ‪ ‬فـإن بعض املدراء قد يتسـاهل‬
‫يف العمل والتوقيع على غري احلقيقة من أجل جماملة أو مصـ ـ ــلحة ‪ ،‬وقد يـ ـ ــؤخر الصـ ــالة أو قد‬
‫يكتبـ ملوظفه خ ـ ــارج دوام أو انت ـ ــداب على خالف الواقع وقد يكتب له تق ـ ــديراً (( ممتـ ــاز ـ ـ‬
‫جيد جـداً ـ جيد )) واملوظف ليس كـذلك وغري ما ذكر من الــذنوب ‪ ،‬وليحــذر شــيخ القبيلة‬
‫أو العريف للقبيلة أن يوقع لشـ ــخص أنه من القبيلة وهو ليس منها ‪ ،‬وعلى اجلميع تقـ ــوى اهلل‬
‫‪ ‬وملا ك ـ ـ ـ ــانت العرافة فيها خماطرة ق ـ ـ ـ ــال ‪ ‬يف ح ـ ـ ـ ــديث أيب هري ـ ـ ـ ــرة ‪(( :‬العرافة أولها مالمة و‬
‫آخراها ندامة و العذاب يوم القيامة )) رواه الطيالسي (حسن) ‪.‬‬
‫‪ )3‬على العبد أن حيذر من الش ـ ــيطان ف ـ ــإن الش ـ ــيطان س ـ ــوف يت ـ ــربأ من أتباعهـ ي ـ ــوم القيامة ويوجه‬
‫إليهم ما يف هذه اآلية ‪ :‬وقال الشيطان ‪ ).....‬إخل‪ ،‬وإن الشيطان ‪:‬‬
‫ـريص على إفس ــاد عقي ــدة املس ــلم كما ق ــال النيب ‪ ‬يف ح ــديث عبد اهلل بن عم ــرو ‪(( :‬إِ َّن‬ ‫(‪ )1‬ح ـ ٌ‬
‫ول‪:‬‬
‫ض؟ َفَي ُق ُ‬ ‫ول‪َ :‬م ْن َخلَ َق األ َْر َ‬ ‫ول‪ :‬اللَّهُ‪َ ،‬فَي ُق ُ‬
‫اء؟ َفَي ُق ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الس َم َ‬
‫ول‪َ :‬م ْن َخلَ َق َّ‬
‫َح َد ُك ْم َفَي ُق ُ‬
‫الش ْيطَا َن يَأْتي أ َ‬
‫س ولِ ِه)) رواه الطــرباين يف‬ ‫ك أَح ُد ُكم‪َ ،‬فلْي ُق ل‪ :‬آم ْن ُ ِ‬
‫ت بِاللَّه َو َر ُ‬
‫ِ‬
‫ول‪َ :‬م ْن َخلَ َق اللَّهَ؟ فَِإذَا َو َج َد ذَل َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫اللَّهُ‪َ ،‬فَي ُق ُ‬
‫الكبري (صـ ـ ـ ــحيح) ‪ ،‬وإذا وس ـ ــوس الش ـ ــيطان ب ـ ــذلك فإنه يش ـ ــرع أن يق ـ ــول ما يف ه ـ ــذا احلديث ‪:‬‬
‫ت بِاللَّ ِه َو ُر ُس لِ ِه )) ويش ـ ـ ــرع أن‬ ‫ِِ‬ ‫((آم ْن ُ ِ‬
‫ت بِاللَّه َو َر ُس وله)) ويف لفظ ح ـ ـ ـ ــديث عائشة ‪َ (( :‬‬
‫آم ْن ُ‬ ‫َ‬
‫َح َد ُك ْم‬‫الش ْيطَا ُن أ َ‬ ‫يس ـ ــتعيذ باهلل ‪ ،‬وجيب أن ينتهي لقوله ‪ ‬يف ح ـ ــديث أيب هري ـ ــرة ‪(( :‬يَ أْتِي َّ‬
‫ول َم ْن َخلَ َق َربَّ َك فَِإذَا َبلَغَ هُ َفلْيَ ْس تَ ِع ْذ بِاللَّ ِه َولَْي ْنتَ ِه))‬
‫ول َم ْن َخلَ َق َك َذا َم ْن َخلَ َق َك َذا َحتَّى َي ُق َ‬
‫َفَي ُق ُ‬
‫رواه الشيخان ‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 12‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫حريص على إفساد عبــادة املســلم وقد عــرض الشــيطان للرســول ‪ ‬ليقطع عليه‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ )2‬وإن الشيطان‬
‫صــالته فخنقه النيب ‪ ‬كما يف حــديث أيب هريــرة رواه البخــاري ‪ ،‬وقــال ‪ ‬يف حــديث أيب هريــرة‬
‫ص لَّى فَِإذَا َو َج َد‬ ‫ِ‬ ‫َح َد ُكم فِي َ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أيض ـاً ‪(( :‬إِ َّن َّ‬
‫س َعلَْي ه َحتَّى اَل يَ ْد ِر َ‬
‫ي َك ْم َ‬ ‫ص اَل ته َفَي ْلب ُ‬ ‫الش ْيطَا َن يَ أْتي أ َ ْ‬
‫س قبل أن يسلم ثم يسلم)) رواه الرتمــذي (صــحيح) ‪.‬فكن‬ ‫ِ‬ ‫َذلِ َ‬
‫َح ُد ُك ْم َفلْيَ ْس ُج ْد َس ْج َدَت ْي ِن َو ُه َو َج ال ٌ‬
‫كأَ‬
‫أيها العبد على حذر من الشيطان يف عقيدتك وعبادتك وغري ذلك ‪.‬‬
‫‪ )4‬إن من عصى الشــيطان وأطــاع الــرمحن فهو من حــزب اهلل املفلحني ألن األحــزاب تنقسم إيل‬
‫قسمني ‪:‬‬
‫‪ -1‬حـ ـ ــزب اهلل ( املؤمـ ـ ــنني الـ ـ ــذين عملـ ـ ــوا الصـ ـ ــاحلات ) فهم يف اجلنة ‪َ ‬وأُ ْد ِخ َل الَّ ِذينَ آ َمنُ وا‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت َجنَّا ٍ‬ ‫صالِ َحا ِ‬ ‫َو َع ِملُوا ال َّ‬
‫‪ -2‬حــزب الشــيطان ( أتباعه املخــذولون ) أال إن حــزب الشــيطان هم اخلاســرون ‪ .‬والعبد العاقل‬
‫يعرف الفرق بني احلزبني ويبذل جهده يف سلوك صراط اهلل املستقيم ‪.‬‬

‫اآليـــــات‬
‫ت َوفَرْ ُعهَا فِي ال َّس َما ِء (‪ )24‬تُ ْؤتِي أُ ُكلَهَا ُك َّل‬ ‫ب هَّللا ُ َمثَاًل َكلِ َمةً طَيِّبَةً َك َش َج َر ٍة طَيِّبَ ٍة أَصْ لُهَا ثَابِ ٌ‬ ‫‪ ‬أَلَ ْم ت ََر َك ْيفَ َ‬
‫ض َر َ‬
‫ت ِم ْن‬ ‫اس لَ َعلَّهُ ْم يَتَ َذ َّكرُونَ (‪َ )25‬و َمثَ ُل َكلِ َم ٍة خَ بِيثَ ٍة َك َش َج َر ٍة َخبِيثَ ٍة اجْ تُثَّ ْ‬ ‫ين بِإِ ْذ ِن َربِّهَا َويَضْ ِربُ هَّللا ُ اأْل َ ْمثَا َل لِلنَّ ِ‬ ‫ِح ٍ‬
‫آْل‬ ‫ْ‬
‫ت فِي ال َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َوفِي ا ِخ َر ِة َوي ِ‬
‫ُضلُّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ِّت ُ ال ِذينَ آ َمنُوا بِالقَوْ ِل الثابِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫هَّللا‬ ‫ار (‪ )26‬يُثَب ُ‬ ‫ض َما لَهَا ِم ْن قَ َر ٍ‬ ‫ق ا رْ ِ‬ ‫َ‬ ‫أْل‬ ‫فَوْ ِ‬
‫ار (‪)28‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫هَّللا‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫هَّللا ُ الظالِ ِمينَ َويَف َع ُل ُ َما يَ َشا ُء (‪ )27‬ألَ ْم تَ َر إِلَى ال ِذينَ بَ َّدلوا نِ ْع َمتَ ِ ُكفرًا َوأ َحلوا قَوْ َمهُ ْم دَا َر البَ َو ِ‬
‫ُّ‬ ‫هَّللا‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ار (‬ ‫ير ُك ْم إِلَى النَّ ِ‬ ‫ص َ‬‫ُضلُّوا ع َْن َسبِيلِ ِه قُلْ تَ َمتَّعُوا فَإِ َّن َم ِ‬ ‫س ْالقَ َرا ُر (‪َ )29‬و َج َعلُوا هَّلِل ِ أَ ْندَادًا لِي ِ‬ ‫َجهَنَّ َم يَصْ لَوْ نَهَا َوبِ ْئ َ‬
‫‪ )30‬‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫ومثــل كلمــة شــهادة أن ال إلــه إال اهلل كأهنا شــجرة طيبــة ( النخلــة ) أصــلها ثــابت يف األرض وفرعهــا‬
‫مرتف ــع يف الس ــماء ت ــؤيت مثاره ــا يف ك ــل وقت فك ــذلك ه ــذه الكلم ــة ( ال إل ــه إال اهلل ) يف قلب العب ــد‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 13‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫املؤمن قــد أتت مثارهــا من أنــواع العبــادات وضــروب الطاعــات فال يــزال يرفــع لــه عمــل صــاحل يف كــل‬
‫حني بفضل اهلل ويضرب اهلل األمثال للناس ليتفهموا و يتفقهواـ يف معاين األمثال ونضــرب هلم املســائل‬
‫فتحصل هلم العربة والعظة ‪ ،‬ومثل كلمة الكفر اليت ال أصل هلا وال ثبات كشجرة احلنظل اخلبيثةـ الــيت‬
‫هي مــرة الطعم فال أصــل ثــابت وال فــرع هلا عــال قــد استؤصــلت من فــوق األرض فكــذلك الكفــر ال‬
‫أصل له وال فرع وال يصعد للكافر عمل وال يتقبل منه شيء ‪ ،‬يثبت اهلل الــذين آمنـواـ على شـهادة أن‬
‫ال إل ــه إال اهلل حممــد رس ــول اهلل وعلى ك ــل ح ــق وصــدق وعم ــل ص ــاحل يف احلي ــاة ال ــدنيا فه ــو ث ــابت يف‬
‫حياتــه علي دينــه ويثبت ـهـ اهلل عنــد املوت على هــذه الشــهادة وعنــد ســؤال امللكني يف القــرب إذا ســئل من‬
‫ربــك ومـا دينــك ومن نبيــك ويثبتـهـ اهلل يــوم القيامـة على صـراطه املســتقيم وأمــا الكفــار فــإن اهلل يضــلهم‬
‫عن ه ــذه الش ــهادة فال يوفق ــون هلا يف القــول والعمــل ويفع ــل اهلل م ــا يش ــاء يف خلقــه فيهــدي من يش ــاء‬
‫فضال ويضل من يشاء عدال فله احلكمة البالغةـ يف ذلك كله‪ ،‬أمل تعلم ـ أن كفار مكة استعاضــوا عن‬
‫اإلميان بـالكفر وقـادوا قـومهم إىل دار اهلالك يـوم بـدر فقتلـوا كفـاراً إىل نـار جهنم وبئس املقـر واملصـري‬
‫هلم ‪ ،‬وجعــل الكفــار هلل شــركاء عبــدوهم معــه ودعــوا غــريهم من النــاس إىل ذلــك الشــرك فقــل هلم يــا‬
‫حممد ـ متتعوا مهما قدرمت يف الدنيا فافعلوا فإن مرجعكم وهنايتكم إيل نار جهنم ‪.‬‬

‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬


‫‪ )1‬أيها العبد ‪ :‬إن شهادة أن ال إله إال اهلل حممد رسول اهلل هي الكلمة النافعة يف الدنيا واآلخــرة‬
‫َّاس َحتَّى يَ ْش َه ُدوا أَ ْن اَل إِلَهَ إِاَّل‬ ‫ِ‬
‫ت أَ ْن أُقَات َل الن َ‬‫فبها يــدخل الكــافر يف اإلســالمـ كما قــال ‪(( :‬أ ُِم ْر ُ‬
‫ول اللَّ ِه )) احلديث ‪ ،‬ومما جاء يف فضل هذه الشهادة ‪:‬‬ ‫اللَّهُ َوأ َّ‬
‫َن ُم َح َّم ًدا َر ُس ُ‬
‫َصبَ َح اَل إِلَهَ إِاَّل اللَّهُ َو ْح َدهُ اَل َش ِر َ‬
‫يك‬ ‫ال إِذَا أ ْ‬‫‪ -1‬ما جاء يف حديث أيب عياش الزرقي قوله ‪َ (( : ‬م ْن قَ َ‬
‫ب لَهُ َع ْش ُر‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫يل َو ُكت َ‬‫ْح ْم ُد َو ُه َو َعلَى ُك ِّل َش ْيء قَد ٌير َكا َن لَهُ ع ْد َل َر َقبَة م ْن َولَد إ ْس َمع َ‬
‫ْك َولَهُ ال َ‬‫لَهُ لَهُ ال ُْمل ُ‬
‫ان َحتَّى يُ ْم ِس َي َوإِ ْن‬ ‫ات َو َكا َن فِي ِح ْر ٍز ِم ْن َّ‬
‫الش ْيطَ ِ‬ ‫ات ورفِع لَهُ َع ْشر َدرج ٍ‬
‫ُ ََ‬
‫ٍ‬
‫ط َع ْنهُ َع ْش ُر َسيِّئَ َ ُ َ‬ ‫ات َو ُح َّ‬‫حسنَ ٍ‬
‫ََ‬
‫صبِ َح )) رواه أبو داود وابن ماجه (صحيح) ‪.‬‬ ‫قَال ََها إِذَا أ َْم َسى َكا َن لَهُ ِمثْ ُل ذَلِ َ‬
‫ك َحتَّى يُ ْ‬
‫‪ -2‬يف ح ـ ــديث أيب هريـ ـ ــرة قوله ‪(( : ‬من ق ال ال إله إال اهلل نفعته يوما من ده ره أص ابه قبل ذلك ما‬
‫أصابه ))‬
‫رواه البيهقي يف الشعب‬

‫ال ‪ :‬اَل إِلَهَ إِاَّل اللَّهُ ُمخِْلصاً َد َخ َل ال َ‬


‫ْجنَّةَ)) رواه البزار (صحيح) ‪.‬‬ ‫‪ -3‬يف حديث أيب سعيد قوله ‪(( : ‬مَْن َق َ‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 14‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫‪ -4‬يف حــديث أيب أيــوب قوله ‪(( : ‬من ق ال ‪ :‬ال إله إال اهلل وح ده ال شريك له له الملك و له الحمد‬
‫و هو على كل شيء قدير عشرا كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل ولفظ ‪ :‬كانت له عدل أربع‬
‫رقاب من ولد إسماعيل )) رواه مسلم ‪.‬‬
‫ْح ْم ُد‬
‫ْك َولَهُ ال َ‬ ‫ال اَل إِلَهَ إِاَّل اللَّهُ َو ْح َدهُ اَل َش ِر َ‬
‫يك لَهُ لَهُ ال ُْمل ُ‬ ‫‪ -5‬يف حــديث أيب هريــرة قوله ‪َ (( : ‬م ْن قَ َ‬
‫ٍ‬
‫ت‬ ‫ت لَهُ ِمائَ ةُ َح َس نَ ٍة َو ُم ِحيَ ْ‬ ‫اب َو ُكتِبَ ْ‬ ‫َو ُه َو َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير فِي َي ْوم ِمائَةَ َم َّر ٍة َكانَ ْ‬
‫ت لَهُ َع ْد َل َع ْش ِر ِرقَ ٍ‬
‫اء بِ ِه‬ ‫ْت أَح ٌد أَفْ َ ِ‬ ‫ك حتَّى يم ِس ي ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت لَهُ ِحر ًزا ِمن َّ ِ‬ ‫َع ْنهُ ِمائَةُ َسيِّئَ ٍة َو َكانَ ْ‬
‫ض َل م َّما َج َ‬ ‫َم يَأ َ‬ ‫الش ْيطَان َي ْو َمهُ َذل َ َ ُ ْ َ َ ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫َح ٌد َع ِم َل أَ ْك َث َر ِم ْن ذَلِ َك ))رواه الشيخان ‪.‬‬ ‫إِاَّل أ َ‬
‫ال اَل إِلَ هَ إِاَّل اللَّهُ َو َك َف َر بِ َما‬
‫‪ -6‬يشـ ــرتط هلذه الشـ ــهادة الكفر مبا يعبد من دون اهلل لقوله ‪َ (( : ‬م ْن قَ َ‬
‫ون اللَّ ِه َح ُر َم َمالُ هُ َو َد ُم هُ َو ِح َس ابُهُ َعلَى اللَّ ِه )) رواه مس ـ ــلم عن والد أيب مالك ‪ .‬فيا أخي‬ ‫ي ْعب ُد ِمن ُد ِ‬
‫َُ ْ‬
‫املسلم أكثر من ((ال إله إال اهلل )) ‪.‬‬
‫ت الْبِطَاقَ ةُ فَاَل َي ْث ُق ُل َم َع ْ‬
‫اس ِم‬ ‫الس ِجاَّل ُ‬
‫ت َو َث ُقلَ ْ‬ ‫ت ِّ‬ ‫‪ -7‬يف حديث البطاقة اليت فيها ال إله إال اهلل ((فَطَا َش ْ‬
‫شيءٌ)) رواه أمحد والرتمذي واحلاكم والبيهقي (صحيح)‬ ‫َّ ِ‬
‫الله َ ْ‬
‫‪ )2‬أخي املسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ‪ :‬ال تتكلم بالكلمة غري الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحلة – فاملسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلم يتجنب كل كلمة خبيثة مثل‬
‫كلمـ ـ ــات الفحش والسـ ـ ــباب والفتـ ـ ــوىـ بغري علم والكـ ـ ــذب والغيبةـ والنميمة وشـ ـ ــهادة ال ـ ــزور‬
‫الس َم ِاء‬ ‫ص ِع َد ْ‬
‫ت اللَّ ْعنَ ةُ إِلَى َّ‬ ‫واللعن وقد قــال ‪ ‬يف حــديث أيب الــدرداء ‪(( :‬إِ َّن ال َْع ْب َد إِذَا ل ََع َن َش ْيئًا َ‬
‫ض َفُت ْغلَ ُق أ َْب َو ُاب َها ُدو َن َها ثُ َّم تَأْ ُخ ُذ يَ ِمينًا َو ِش َمااًل فَِإذَا‬ ‫الس َم ِاء ُدو َن َها ثُ َّم َت ْهبِ ُ‬
‫ط إِلَى اأْل َْر ِ‬ ‫اب َّ‬‫َفُت ْغلَ ُق أ َْب َو ُ‬
‫ت إِلَى قَائِلِ َها )) رواه أبو داود‬ ‫ك أ َْهاًل َوإِاَّل َر َج َع ْ‬ ‫ت إِلَى الَّ ِذي ل ُِع َن فَ ِإ ْن َك ا َن لِ َذلِ َ‬ ‫َم تَ ِج ْد َم َس اغًا َر َج َع ْ‬ ‫لْ‬
‫(حسن) ‪ ،‬وقال‪ ‬يف حديث أيب هريرة ‪(( :‬إِ َّن ال َْع ْب َد لَيَتَ َكلَّ ُم بِالْ َكلِ َم ِة َما َيتََبيَّ ُن َما فِ َيها َي ْه ِوي بِ َها فِي‬
‫النَّا ِر أ َْب َع َد َما َب ْي َن ال َْم ْش ِر ِق َوال َْم ْغ ِر ِب)) رواه الش ــيخان ‪.‬فيا أخي ت ــبني يف كلمتك قبل أن تتلفظ هبا‬
‫هل هي كلمة طيبة لريفعك اهلل هبا – أم إهنا خبيثة حتط هبا ‪.‬‬
‫‪ )3‬أخي املسـ ـ ــلم ‪ :‬إن العبد املؤمن الصـ ـ ــاحل يوفقه اهلل ‪ ‬يف حياته وموته ويف قـ ـ ــربه ويف حـ ـ ــديث‬
‫ول أَبْ ِش ْر بِالَّ ِذي‬
‫يح َفَي ُق ُ‬
‫الر ِ‬
‫ب ِّ‬ ‫الرباء قوله‪ ‬يف القرب ‪َ (( :‬ويَأْتِ ِيه َر ُجل َحس ُن ال َْو ْج ِه َحس ُن الثِّيَ ِ‬
‫اب طَيِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ‬
‫ك ال َْو ْج هُ يَ ِجيءُ بِ الْ َخ ْي ِر َفَي ُق ُ‬
‫ول أَنَا‬ ‫ت َف َو ْج ُه َ‬‫ول لَهُ َم ْن أَنْ َ‬
‫وع ُد َفَي ُق ُ‬
‫ت تُ َ‬‫ك الَّ ِذي ُك ْن َ‬ ‫س ُّر َك َه َذا َي ْو ُم َ‬
‫يَ ُ‬
‫ول أَبْ ِش ْر‬ ‫اب ُم ْنتِ ُن ال ِّر ِ‬
‫يح الثِّيَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ك َّ ِ‬
‫يح َفَي ُق ُ‬ ‫يح ال َْو ْج ه قَب ُ‬ ‫الص ال ُح )) وأما الك ــافر (( َويَأْتي ه َر ُج ٌل قَب ُ‬ ‫َع َملُ َ‬
‫ول‬ ‫ك ال َْو ْج هُ يَ ِجيءُ بِ َّ‬
‫الش ِّر َفَي ُق ُ‬ ‫ت َف َو ْج ُه َ‬‫ول َم ْن أَنْ َ‬
‫وع ُد َفَي ُق ُ‬
‫ت تُ َ‬ ‫ك الَّ ِذي ُك ْن َ‬
‫سوءُ َك َه َذا َي ْو ُم َ‬ ‫بالذي يَ ُ‬
‫ِ َّ ِ‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 15‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫يث )) رواه أمحد وأبو داود واحلاكم (صــحيح) ‪ ،‬فــاحرص أخي على العمل الصــاحل والقــول‬ ‫ك الْ َخبِ ُ‬ ‫أَنَا َع َملُ َ‬
‫الصاحل والنيةـ الصاحلة حىت تلقى اهلل ‪. ‬‬
‫‪ )4‬أخي املس ــلم ‪ :‬ادع اهلل أن يثبتـ قلبك على دينه كما ق ــال ‪ ‬يف ح ــديث النّ ــواس ‪(( :‬يَا ُمثَبِّ َ‬
‫ت‬
‫وبنَا َعلَى ِدينِ َك)) رواه ابن ماجه (صحيح) ‪.‬‬
‫ت ُقلُ َ‬ ‫الْ ُقلُ ِ‬
‫وب َثبِّ ْ‬

‫اآليـــــات‬
‫صاَل ةَ َويُ ْنفِقُوا ِم َّما َرزَ ْقنَاهُ ْم ِس ًّرا َو َعاَل نِيَةً ِم ْن قَ ْب ِل أَ ْن يَ أْتِ َي يَ وْ ٌم اَل‬ ‫ي الَّ ِذينَ آ َمنُوا يُقِي ُموا ال َّ‬ ‫قُلْ لِ ِعبَا ِد َ‬ ‫‪‬‬
‫الس َما ِء َم ا ًء فَ أ َ ْخ َر َج بِ ِه ِمنَ‬ ‫ض َوأَ ْن زَ َل ِمنَ َّ‬ ‫ت َواأْل َرْ َ‬ ‫اوا ِ‬ ‫الس َم َ‬ ‫ق َّ‬ ‫بَ ْي ٌع فِي ِه َواَل ِخاَل ٌل (‪ )31‬هَّللا ُ الَّ ِذي َخلَ َ‬
‫ار (‪َ )32‬و َس َّخ َر لَ ُك ُم‬ ‫ي فِي ْالبَحْ ِر بِ أ َ ْم ِر ِه َو َس َّخ َر لَ ُك ُم اأْل َ ْنهَ َ‬ ‫ك لِتَجْ ِر َ‬ ‫ت ِر ْزقًا لَ ُك ْم َو َس َّخ َر لَ ُك ُم ْالفُ ْل َ‬ ‫الثَّ َم َرا ِ‬
‫ار (‪َ )33‬وآتَا ُك ْم ِم ْن ُكلِّ َما َسأ َ ْلتُ ُموهُ َوإِ ْن تَ ُع ُّدوا نِ ْع َمتَ هَّللا ِ‬ ‫س َو ْالقَ َم َر دَائِبَ ْي ِن َو َس َّخ َر لَ ُك ُم اللَّ ْي َل َوالنَّهَ َ‬ ‫ال َّش ْم َ‬
‫ُ‬
‫اَل تُحْ صُوهَا إِ َّن اإْل ِ ْن َسانَ لَظَلو ٌم َكفَّا ٌر (‪)34‬‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫ق ل ي ا محم د ـ لعب ادي المؤم نين يقيم وا الص الة بأركانه ا وواجباته ا وش روطها‬
‫وخش وعها وينفق وا مم ا رزقن اهم ب أداء الزك وات والنفق ة الواجب ة والمس نونة في‬
‫الخفية والعالنية وليسارعوا إلى ذلك لخالص أنفسهم من قبل أن يأتي يوم القيامة‬
‫فال يقبل في ذلك اليوم فدية ببيع نفسه وال صداقة خليل بل هناك العدل والقسط ‪،‬‬
‫اهلل ال ذي خل ق الس موات واألرض لخلق ه س قفاً وفرش اً وأن زل من الس ماء مط راً‬
‫فأخرج به من الثمار والزروع المختلفة وسخر السفن والبواخر طافية على الماء‬
‫تجري بما ينفع الناس وسخر األنهار تشق األرض رزقا ًللعباد من شرب وسقي‬
‫وكث ير من المن افع ‪ ،‬وس خر لكم الش مس والقم ر يس يران ال يق ران ليالً وال نه اراً‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 16‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫وفيهم ا من المن افع والمص الح الش ئ الكث ير وس خر لكم اللي ل لتس كنوا في ه والنه ار‬
‫للكسب وغير ذلك من المصالح ‪ ،‬وأعطاكم وهيأ لكم ويسر كل ما تحتاجون إليه‬
‫في جمي ع أح والكم من الم ال واألزواج واألوالد وال زروع والمط اعم والمش ارب‬
‫وغ ير ذل ك مم ا ال حص ر ل ه وأنتم ع اجزون عن حص ر تل ك النعم ‪ ،‬إن اإلنس ان‬
‫كثير الظلم لنفسه والجحود لنعم ربه فاشكروا هلل نعمه وتقربوا بعبادته واعرفوا ل ه‬
‫حقه ‪.‬‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫‪ )1‬أيها المؤمنون اعتنوا بصالتكم ‪:‬‬
‫َس بَ َغ‬ ‫ض أَ لِ َّ ِ‬
‫لص اَل ة فَأ ْ‬ ‫(‪ )1‬اعتن بالوض وء كم ا ق ال ‪ ‬في ح ديث عثم ان ‪َ (( :‬م ْن َت َو َّ‬
‫اع ِة أ َْو فِي ال َْم ْس ِج ِد غَ َف َر‬ ‫ص اَّل َها َم َع الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضوء ثُ َّم م َش ى إِلَى َّ ِ‬
‫ْج َم َ‬
‫َّاس أ َْو َم َع ال َ‬ ‫الص اَل ة ال َْم ْكتُوبَة فَ َ‬ ‫ال ُْو ُ َ َ‬
‫رواه مسلم ‪.‬‬ ‫اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ))‬
‫ت أَيْ َم انُ ُك ْم‬ ‫(‪ )2‬ت ذكر وص ية رس ول اهلل ‪ ‬في ح ديث أنس ‪َّ (( :‬‬
‫الص اَل ةَ َو َما َملَ َك ْ‬
‫‪.‬‬ ‫رواه أحمد والنسائي وابن ماجه (صحيح)‬ ‫ت أَيْ َمانُ ُك ْم))‬
‫الصاَل ةَ َو َما َملَ َك ْ‬
‫َّ‬
‫(‪ )3‬المحافظ ة علي ص الة الجماع ة في المس جد للرجل‪َ ‬وارْ َكعُوا َم َع الرَّا ِك ِعينَ‬
‫ف َعْن َها إِاَّل ُمنَافِ ٌق))رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪‬وعدم التخلف إال من عذر (( َو َما َيتَ َخلَّ ُ‬
‫(‪ )4‬استكثر من صالة التطوع وقد قال ‪ ‬في حديث أبي هريرة ‪(( :‬الصالة‬
‫رواه الطبراني في األوسط (وحسنه األلباني )‬ ‫خير موضوع ‪ ،‬فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر))‬
‫‪ ،‬من التطوع ( قيام الليل ـ ركعتا الضحى ـ الرواتب ـ الوتر ) ‪.‬‬
‫(‪ )5‬اهتم بالخشوع في الصالة ( وهل تنهانا صالتنا عن المنكر ) كل يسأل‬
‫نفسه ‪.‬‬
‫‪ )2‬أنفق مما رزقك اهلل في السر والعلن وبادر قبل الموت ببذل الفضل كما قال‬
‫َك َوأَ ْن تُ ْم ِس َكهُ َش ٌّر‬ ‫‪ ‬في حديث أبي أُمامة ‪(( : ‬يَا ابْ َن َ‬
‫آد َم إِنَّ َ‬
‫ك أَ ْن َت ْب ُذ َل الْ َف ْ‬
‫ض َل َخ ْي ٌر ل َ‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 17‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫اف))‬
‫َك واَل تُاَل م َعلَى َك َف ٍ‬
‫ُ‬ ‫لَ َ‬ ‫‪.‬‬ ‫الحديث رواه مسلم‬

‫‪ )3‬أخي المس لم ‪ :‬كم عن دي وعن دك من نعم اهلل ال تي ال تع د وال تحص ى فه ل‬


‫شكرنا اهلل على ذلك ومن شكره‪:‬‬
‫(‪ )1‬نسبة النعم إلى اهلل ‪.‬‬
‫(‪ )2‬الثناء على اهلل بذلك ‪.‬‬
‫(‪ )3‬جعلها في طاعة اهلل عز وجل وقد كان ‪ ‬يقول إذا رفعت مائدته ‪:‬‬
‫رواه‬ ‫َّع َواَل ُم ْس َتغْنًى َع ْن هُ َر َّبنَا))‬ ‫((ال َ‬
‫ْح ْم ُد لِلَّ ِه َكثِ ًيرا طَيِّبًا ُمبَ َار ًكا فِي ِه غَْي َر َم ْك ِف ٍّي َواَل ُم َود ٍ‬
‫البخاري ‪.‬‬

‫اآليـــــات‬
‫ي أَ ْن نَ ْعبُ َد اأْل َصْ نَا َم (‪َ )35‬ربِّ إِنَّه َُّن أَضْ لَ ْلنَ َكثِيرًا‬ ‫‪َ ‬وإِ ْذ قَا َل إِ ْب َرا ِهي ُم َربِّ اجْ َعلْ هَ َذا ْالبَلَ َد آ ِمنًا َواجْ نُ ْبنِي َوبَنِ َّ‬
‫ت ِم ْن ُذرِّ يَّتِي بِ َوا ٍد َغي ِْر‬ ‫ك َغفُو ٌر َر ِحي ٌم (‪َ )36‬ربَّنَا إِنِّي أَ ْس َك ْن ُ‬ ‫صانِي فَإِنَّ َ‬ ‫اس فَ َم ْن تَبِ َعنِي فَإِنَّهُ ِمنِّي َو َم ْن َع َ‬ ‫ِمنَ النَّ ِ‬
‫اس تَه ِْوي إِلَ ْي ِه ْم َوارْ ُز ْقهُ ْم ِمنَ الثَّ َم َرا ِ‬
‫ت‬ ‫صاَل ةَ فَاجْ َعلْ أَ ْفئِ َدةً ِمنَ النَّ ِ‬ ‫ك ْال ُم َحر َِّم َربَّنَا لِيُقِي ُموا ال َّ‬
‫ع ِع ْن َد بَ ْيتِ َ‬‫ِذي زَرْ ٍ‬
‫ض َواَل فِي‬ ‫ك تَ ْعلَ ُم َما نُ ْخفِي َو َما نُ ْعلِنُ َو َما يَ ْخفَى َعلَى هَّللا ِ ِم ْن َش ْي ٍء فِي اأْل َرْ ِ‬ ‫لَ َعلَّهُ ْم يَ ْش ُكرُونَ (‪َ )37‬ربَّنَا إِنَّ َ‬
‫ق إِ َّن َربِّي لَ َس ِمي ُع ال ُّدعَا ِء (‪َ )39‬ربِّ اجْ َع ْلنِي‬ ‫يل َوإِ ْس َحا َ‬‫اع َ‬ ‫َب لِي َعلَى ْال ِكبَ ِر إِ ْس َم ِ‬ ‫ال َّس َما ِء (‪ْ )38‬ال َح ْم ُد هَّلِل ِ الَّ ِذي َوه َ‬
‫صاَل ِة َو ِم ْن ُذ ِّريَّتِي َربَّنَا َوتَقَبَّلْ ُدعَا ِء (‪َ )40‬ربَّنَا ا ْغفِرْ لِي َولِ َوالِ َد َّي َولِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ يَوْ َم يَقُو ُم ْال ِح َسابُ (‪ )41‬‬ ‫ُمقِي َم ال َّ‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫واذكر يوم دعا إبـراهيم ‪ ‬ربـه يـا رب اجعـل مكـة بلـداً آمنـاً لكـل من سـكن فيـه أو نـزل بـه وجنبـين يـا‬
‫رب وأبنائيـ عبادة األصــنام ‪ ،‬رب إن هـذه األصـنام قـد أضـللن كثـرياً من النــاس فعبــدوها من دونــك ‪،‬‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 18‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫فمن تبعــين يف عبادتــك وحــدك ال شــريك لــك فهــو على ملــيت من املؤمــنني احلنفــاء ‪ ،‬ومن عصــاين ومل‬
‫يشرك بك فأنت كثـري املغفـرةـ واسـع الرمحة إذا تـاب إليــك ‪ ،‬ربنــا إين أسـكنتـ بعض ذريـيت (( زوجي‬
‫هاجر وابنها إمساعيل )) بوادي مكة الذي ال زرع فيه وال ماء جبوار بيتك احملرم ليقيموا الصالةـ كما‬
‫أمرت فاجعل قلوب بعض النــاس هتوي إليهم وتؤنســهم وارزقهم من الثمــرات عونـاً هلم على طاعتـك‬
‫لكي يشــكروا نعمتــك ‪ ،‬ربنــا إنــك تعلم كــل مــا نعملــه يف الســر والعالنيــة ومــا خيفى على اهلل شــيء يف‬
‫األرض وال يف السماء فال ختفى عليــه خافيـة فقــد أحـاط علمــه بكـل شـيء ‪ ،‬احلمـد هلل الــذي وهب يل‬
‫على كــرب ســين ابــنني مها إمساعيل وإســحاق فإنــه يســتجيب دعــاء من دعــاه ‪ ،‬رب اجعلــين حمافظـاً على‬
‫الص ــالة مقيمـ ـاً هلا علي أمت الوج ــوه واجع ــل ذري ــيت ك ــذلك مقيمني للص ــالة ربن ــا وتقب ــل دع ــائي فيم ــا‬
‫سألتك فيه كله فأنت خري من سئل ‪ ،‬ربنا أغفر يل ذنويب وأغفر لوالدي وجلميـع املؤمـنني ذنـوهبم يـوم‬
‫جتمع الناس للحساب يف يوم القيامةـ فتجازيهم إن خرياً فخري وإن شراً فشر ‪.‬‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫‪ )1‬أخي المس لم ‪ :‬ادع اهلل ب األمن لبل دك (بالد اإلس الم ) وادع لنفس ك ب األمن‬
‫رواه ال بزار‬ ‫اس ُت ْر َع ْو َرتِي ‪َ ،‬و ِآم ْن َر ْو َعتِي ))‬
‫وفي ح ديث ابن عب اس قول ه ‪(( : ‬اللَّ ُه َّم ْ‬
‫( صحيح)‪.‬‬

‫أخي المس لم ‪ :‬ادع اهلل أن يب ارك في رزق ك ورزق أهل ك وبل دك وق د دع ا‬ ‫‪)2‬‬
‫ْت بِ َم َّكةَ ِم ْن الَْب َر َك ِة‬ ‫النبي ‪ ‬في حديث أنس فقال ‪(( :‬اللَّ ُه َّم ْ َ ْ َ‬
‫اجع ل بِالْم ِدينَ ِة ِ‬
‫ض ْع َف ْي َما َج َعل َ‬
‫‪.‬‬ ‫رواه الشيخان‬ ‫))‬
‫ادع لنفس ك وألوالدك وذريت ك أن يجنبكم اهلل عب ادة األص نام كم ا دع ا‬ ‫‪)3‬‬
‫إبراهيم ربه بذلك ‪.‬‬
‫احمد اهلل الذي أعطاك األوالد ( الحمد هلل الذي وهب لي ابني فالن اً وابني‬ ‫‪)4‬‬
‫فالناً ‪ ).....‬وهكذا‪0‬‬
‫ادع اهلل أن يجعل ك مقيم الص الة وذريت ك وأن يغف ر اهلل ل ك ولوال ديك‬ ‫‪)5‬‬
‫وللمؤم نين وق د ق ال الن بي ‪ ‬في ح ديث أبي موس ى ‪(( :‬اللَّ ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي َخ ِط يئَتِي‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 19‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫ت أَ ْعلَ ُم بِ ِه ِمنِّي )) رواه الشيخان ‪ ،‬وفي حديث عائشة قال‬‫َو َج ْهلِي َوإِ ْس َرافِي فِي أ َْم ِري َو َما أَنْ َ‬
‫الرفِ ِيق األعلى )) رواه الشيخان ‪.‬‬ ‫‪(( : ‬اللَّه َّم ا ْغ ِفر لِي وارحمنِي وأَل ِ‬
‫ْح ْقنِي بِ َّ‬ ‫ْ َ ْ َْ َ‬ ‫ُ‬
‫ادع اهلل أن يتقبل دعاءك (( تدعو اهلل وتسأله أن يتقبل دعاءك )) وادع اهلل‬ ‫‪)6‬‬
‫مس تعيذاً من دع وة ال يس تجاب له ا كم ا ق ال ‪ ‬في ح ديث زي د بن أرقم ‪:‬‬
‫آت َن ْف ِس ي‬ ‫ْج ْب ِن َوالْبُ ْخ ِل َوال َْه رِم َو َع َذ ِ‬
‫اب الْ َق ْب ِر اللَّ ُه َّم ِ‬ ‫((اللَّه َّم إِنِّي أَعوذُ بِ َ ِ‬
‫ك م ْن ال َْع ْج ِز َوالْ َك َس ِل َوال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ك ِم ْن ِعل ٍْم اَل َي ْن َف ُع َو ِم ْن‬ ‫ت َولُِّي َها َو َم ْواَل َها اللَّ ُه َّم إِنِّي أَعُ وذُ بِ َ‬ ‫ت َخ ْي ُر َم ْن َز َّك َ‬
‫اها أَنْ َ‬ ‫َت ْق َو َاها َو َز ِّك َها أَنْ َ‬
‫‪ ،‬فادع أخي‬ ‫رواه أحم د مس لم‬ ‫اب ل ََها ))‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْب اَل يَ ْخ َش ُع َو ِم ْن َن ْف ٍ‬
‫س اَل تَ ْشبَ ُع َوم ْن َد ْع َوة اَل يُ ْستَ َج ُ‬ ‫َقل ٍ‬

‫به ذا ال دعاء كل ه كم ا دع ا ب ه ‪ ، ‬وفي ح ديث أنس قول ه ‪(( : ‬اللَّ ُه َّم إِنِّي أَعُ وذُ‬
‫ع )) رواه أحم د والح اكم‬ ‫ك ِم ْن ِعل ٍْم اَل َي ْن َف ُع َو َع َم ٍل اَل ُي ْرفَ ُع َو َقل ٍ‬
‫ْب اَل يَ ْخ َش ُع َو َق ْو ٍل اَل يُ ْس َم ُ‬ ‫بِ َ‬
‫‪.‬‬ ‫(صحيح)‬

‫أخي ‪ :‬ادع اهلل ‪ ‬مستعيذاً من أربع كما في قوله ‪ ‬في حديث أبي هريرة ‪:‬‬ ‫‪)7‬‬
‫س اَل تَ ْش بَ ُع َو ِم ْن‬
‫ْب اَل يَ ْخ َش ُع َو ِم ْن َن ْف ٍ‬ ‫((اللَّ ُه َّم إِنِّي أَعُ وذُ بِ َ‬
‫ك ِم ْن اأْل َْربَ ِع ِم ْن ِعل ٍْم اَل َي ْن َف ُع َو ِم ْن َقل ٍ‬
‫ُد َع ٍاء اَل يُ ْس َم ُع)) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (صحيح) ‪.‬‬
‫أخي المس لم ‪ :‬ه يئ لنفس ك وألهل ك المك ان المناس ب للص الة ح تى يخش ع‬ ‫‪)8‬‬
‫المصلي ويؤديها على أكمل الوجوه ‪.‬‬

‫اآليـــــات‬
‫ْص ا ُر (‪ُ )42‬م ْه ِط ِعينَ ُم ْقنِ ِعي‬ ‫‪َ ‬واَل تَحْ َسبَ َّن هَّللا َ غَافِاًل َع َّما يَ ْع َم ُل الظَّالِ ُمونَ إِنَّ َما يُؤَ ِّخ ُرهُ ْم لِيَ وْ ٍم ت َْش خَ صُ فِي ِه اأْل َب َ‬
‫اس يَوْ َم يَأْتِي ِه ُم ْال َع َذابُ فَيَقُ و ُل الَّ ِذينَ ظَلَ ُم وا َربَّنَا‬‫ُر ُءو ِس ِه ْم اَل يَرْ تَ ُّد إِلَ ْي ِه ْم طَرْ فُهُ ْم َوأَ ْفئِ َدتُهُ ْم هَ َوا ٌء (‪َ )43‬وأَ ْن ِذ ِر النَّ َ‬
‫ال (‪َ )44‬و َس َك ْنتُ ْم‬ ‫زَو ٍ‬‫ك َونَتَّبِ ِع الرُّ ُس َل أَ َولَ ْم تَ ُكونُوا أَ ْق َس ْمتُ ْم ِم ْن قَ ْب ُل َما لَ ُك ْم ِم ْن َ‬‫ب نُ ِجبْ َد ْع َوتَ َ‬ ‫أَ ِّخرْ نَا إِلَى أَ َج ٍل قَ ِري ٍ‬
‫ال (‪َ )45‬وقَ ْد َم َكرُوا َم ْك َرهُ ْم َو ِع ْن َد‬ ‫ض َر ْبنَا لَ ُك ُم اأْل َ ْمثَ َ‬
‫فِي َم َسا ِك ِن الَّ ِذينَ ظَلَ ُموا أَ ْنفُ َسهُ ْم َوتَبَيَّنَ لَ ُك ْم َك ْيفَ فَ َع ْلنَا بِ ِه ْم َو َ‬
‫هَّللا ِ َم ْك ُرهُ ْم َوإِ ْن َكانَ َم ْك ُرهُ ْم لِتَ ُزو َل ِم ْنهُ ْال ِجبَا ُل (‪ )46‬‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫ال تظن يـ ــا حممـ ــد ـ ـ أن اهلل يغفـ ــل عن أعمـ ــال الظـ ــاملني من الكفـ ــر والفجـ ــور والفسـ ــاد يف األرض ف ــإذا‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 20‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫أنظ ــرهم اهلل وأجلهم فه ــو س ــبحانه غ ــري مهم ــل هلم ب ــل ه ــو حيص ــي ذل ــك ويع ــده عليهم حلس ــاهبم علي ــه‬
‫ـوم تشـخص فيـه األبصـار فال تغمض لشـدة هولـه ‪ ،‬ويقـوم الظـاملونـ من قبـورهم مسـرعني‬ ‫ويـؤخرهم لي ٍ‬
‫رافعي رؤوســهم ال ترتــد إليهم أبصــارهم بــل هم شاخصــون مــدميوا النظــر ال يطرفــون حلظــة لكــثرة مــا‬
‫هم فيه من اهلول والشدة والفكرة واخلوف ملا حيل هبم ‪ ،‬وقلوهبم خاوية خالية ليس فيها شيء لكــثرة‬
‫اخلوف وشــدة الفــزع ‪ ،‬وخـ ّـوف يــا حممــد النــاس يــوم القيامــة الــذي يعــذب فيــه الظــاملون فيقــول هــؤالء‬
‫الظ ــاملون ربن ــا أمهلن ــا وأرجعن ــا إىل ال ــدنيا ول ــو م ــدة قليل ــة ح ــىت ن ــؤمن وال نك ــذب الرس ــل ب ــل جنيبهم‬
‫ونتبعهمـ ‪ ،‬ق ــال اهلل رداً عليهم أو مل تكونــوا حلفتم يف ال ــدنيا أنكم ال زوال لكم عمــا أنتم فيــه ‪ ،‬وأنــه‬
‫ال بعث وال حســاب وال انتقــال إىل اآلخــرة ‪ ،‬وســكنتم يف مســاكن الظــاملني قبلكم وبلغكم مــا أحللنــا‬
‫هبم من العقوبـةـ وضــربنا لكم األمثــال البينــة فلم تعتــربوا ومل تتعظــوا‪ ،‬وقــد مكــر هــؤالء الكفــار مكــرهم‬
‫بك يا حممد ‪ ‬لِي ُْثبِتُو َك أَوْ يَ ْقتُلُوكَ أَوْ ي ُْخ ِرجُو َك ‪ ‬اآلية ‪ ،‬ولكن اهلل مطلع على مكرهم فليس‬
‫مكرهم بشيء أمام مكر اهلل هبم فما كان مكـرهم لــتزول منـه اجلبـال وال ضـاراً جبـاالً وال غريهـا وإمنا‬
‫عاد وبال ذلك عليهم ‪.‬‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫‪ )1‬أيهــا العبــد ‪ :‬ال يظن الظــامل أنــه يفلت من العقوبـةـ حــىت وإن أمهلــه اهلل ‪ - ‬فلنحــذر من الظلم‬
‫ِ ِ ِ‬
‫غاية احلذر ‪ ،‬وقد قال النيب ‪ ‬يف حديث أيب موسى ‪(( :‬إِ َّن اللَّهَ لَيُ ْملي للظَّال ِم َحتَّى إِذَا أَ َخ َذهُ ل ْ‬
‫َم‬
‫ُي ْفلِ ْتهُ)) رواه الشيخان ‪.‬‬
‫‪ )2‬إذا مــررت باملنــازل الــيت كــان يعيش فيهــا الظلمــة املتســلطون على عبــاد اهلل مث ذهبــوا وهلكــوا‬
‫فاعترب واتعظ وانظر يف نفسك حىت ال تقع فيما وقعوا فيه – وإذا مررت بــديار الكفــار الــذين‬
‫أهلكهم اهلل مثــل قــوم صــاحل وغــريهم فأســرع بــل (( إنــه ‪ ‬ملا مــروا بــديار مثود هناهم عن امليــاه‬
‫من تلك اآلبار اليت فيها إال بئر الناقة )) رواه مسلم ‪ ،‬والنيب ‪ ‬ملا كان يف احلج فبلغ حمسـراً حـرك‬
‫دابته ألن ذلك املكانـ حسر اهلل فيه الفيل ـ فأنا وأنت كم نرى من بيوت الظلمة اليت تركوها‬
‫وسكنهاـ غريهم وأصبحوا هم مرهتنني بأعماهلم يف القبور ‪ ،‬لكن هل اعتربنا واتعظناـ ؟ أسأل‬
‫اهلل ذلك‬
‫‪ )3‬أخي املس ــلم ‪ :‬إن ال ــذين ميك ــرون بال ــدعاة إىل اهلل وب ــاآلمرين ب ــاملعروف والن ــاهني عن املنك ــر‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 21‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫وبأهل اخلري فإن مكــرهم ليس بشــيء مهمــا رأيت شــدته ‪ ،‬ولكنـه تافــه حقـري ســاقط أمـام مكــر‬
‫اهلل هبؤالء اجملرمني ‪ ،‬فتوكل على اهلل ‪‬فَ َسيَ ْكفِي َكهُ ُم هَّللا ُ َوهُ َو ال َّس ِمي ُع ْال َعلِي ُم ‪[ ‬البقرة‪.]137 :‬‬

‫اآليـــــات‬
‫او ُ‬
‫ات‬ ‫َزي ٌز ُذو ا ْنتِقَ ٍام (‪ )47‬يَوْ َم تُبَ َّد ُل اأْل َرْ ضُ َغي َْر اأْل َرْ ِ‬
‫ض َوال َّس َم َ‬ ‫فَاَل تَحْ َسبَ َّن هَّللا َ ُم ْخلِفَ َو ْع ِد ِه ُر ُسلَهُ إِ َّن هَّللا َ ع ِ‬ ‫‪‬‬
‫َّار (‪َ )48‬وتَ َرى ْال ُمجْ ِر ِمينَ يَوْ َمئِ ٍذ ُمقَ َّرنِينَ فِي اأْل َصْ فَا ِد (‪َ )49‬س َرابِيلُهُ ْم ِم ْن قَ ِط َر ٍ‬
‫ان‬ ‫اح ِد ْالقَه ِ‬‫َوبَ َر ُزوا هَّلِل ِ ْال َو ِ‬
‫غ لِلنَّ ِ‬
‫اس‬ ‫ب (‪ )51‬هَ َذا بَاَل ٌ‬ ‫ت إِ َّن هَّللا َ َس ِري ُع ْال ِح َسا ِ‬‫س َما َك َسبَ ْ‬‫ي هَّللا ُ ُك َّل نَ ْف ٍ‬‫َوتَ ْغ َشى ُوجُوهَهُ ُم النَّا ُر (‪ )50‬لِيَجْ ِز َ‬
‫َولِيُ ْن َذرُوا بِ ِه َولِيَ ْعلَ ُموا أَنَّ َما هُ َو إِلَهٌ َوا ِح ٌد َولِيَ َّذ َّك َر أُولُو اأْل َ ْلبَا ِب (‪ )52‬‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫فال حتسنب ـ يـا حممـد ـ أن اهلل خملـف الرسـل مــا وعـدهم من النصـر يف احليــاة الــدنيا ويـوم يقـوم األشــهاد‬
‫ألن اهلل ذو عزة ال ميتنع عليه شيء أراده وال يغالب وهو ذو انتقام ممن كفــر بــه وأعــرض عنــه ‪ ،‬وهــذا‬
‫االنتقامـ من الكافرين ومن الظلمـة يــوم القيامــة ويف ذلــك اليـوم تبــدل األرض بــأرض غريهـا بيضـاء نقيــة‬
‫مثــل الفضــة مل يســفك عليهــا دم ومل يعمــل عليهــا خطيئــة وتبــدل الســموات بغريهــا وخــرجت اخلالئــق‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 22‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫مجيعهــا من قبــورهم بــارزين ال يــواريهم شــيء هلل الواحــد الــذي قهــر كــل شــيء وخضــع لــه كــل شــيء‬
‫ودانت له الرقاب وخضـعت لـه القلـوب والعقـول ‪ ،‬وتـرى يـا حممـد ـ الكفـار أهـل اإلجـرام يـوم القيامـة‬
‫مق ــرنني بعض ــهم إىل بعض يف القي ــود واألغاللـ ‪ ،‬ثي ــاهبم من قط ــران ح ــار ق ــد بل ــغ النهايـ ـةـ يف حرارت ــه‬
‫وحترق وجــوههم النــار ‪ ،‬ليجــزي اهلل يــوم القيامــة كــل نفس مــا كســبت من األعمــال فيجــازي الكفــار‬
‫بالعــدل وجيازي الــذين أســاءوا مبا عملــوا وجيزي الــذين أحســنوا باحلســىن وهــو ســبحانه حياســب اخللــق‬
‫الكث ــري يف ال ــزمن القص ــري ‪ ،‬ه ــذا الق ــرآن بالغ جلمي ــع اخلل ــق من اإلنس واجلن ي ــدعوهم مجيعـ ـاً ويبش ــر‬
‫املؤم ــنني باجلن ــة وين ــذر الك ــافرين الن ــار وليعلم ــوا أن ــه ال إل ــه إال اهلل وح ــده ال ش ــريك ل ــه فه ــو املس ــتحق‬
‫للعبادة دون سواهـ وليعترب أصحاب العقول و القلوب احلية فيعملوا بطاعة اهلل ويرتكوا معصيتهـ ‪.‬‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫‪ )1‬إن اهلل ‪ ‬ال يخلف وعده ومن ذلك ‪:‬‬
‫(‪ )1‬فق ــد وع ــد اهلل الرس ــل عليهم الص ــالةـ والس ــالم واملؤم ــنني النص ــر يف ال ــدنيا واآلخ ــرة ‪ ،‬وه ــذا‬
‫النصــر حاصــل مهمــا طغى أهــل الكفــر وجتربوا وأفســدوا يف األرض ‪ ،‬فكن أخي املســلم على‬
‫ص ْرنَا َعلَى ا ْلقَ ْو ِم ا ْل َك افِ ِرينَ ‪‬‬‫ثق ــة بنص ــر اهلل على أه ــل الكف ــر وادع اهلل ‪ ‬بالنصر ‪ ‬فَا ْن ُ‬
‫ول‬
‫ك َما يَ ُح ُ‬ ‫ْس ْم لَنَا ِم ْن َخ ْش يَتِ َ‬
‫[البق ــرة‪ ]286:‬وق ــد دع ــا الن ــيب ‪ ‬يف ح ــديث ابن عم ــر ‪(( :‬اللَّه َّم اق ِ‬
‫ُ‬
‫ب ْيَننَا وب ْين مع ِ‬
‫ادانَا)) رواه‬
‫ص ْرنَا َعلَى َم ْن َع َ‬ ‫يك)) احلديث وفيـ ـ ـ ـ ــه (( َو ْ‬
‫اج َع ْل ثَأ َْرنَا َعلَى َم ْن ظَلَ َمنَا َوانْ ُ‬ ‫اص َ‬ ‫َ ََ َ ََ‬
‫الرتم ــذي (حس ــن) ‪ ،‬ويف حــديث على يقــول ‪(( : ‬وانص رني ممن ظلم ني ح تى تري ني فيه ث أري ))‬
‫احلديث رواه احلاكم (صحيح) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬إن اهلل وعد املؤمنني اجلنة فسارع إليها (باإلميان والعمل الصاحل ) ‪.‬‬
‫(‪ )5‬إن اهلل وعد الكافرين النار ‪ ،‬فاحذر من الكفر وطرقه وأسبابه وأهله ‪.‬‬
‫‪ )2‬أيهــا العبــد ‪ :‬تــذكر يــوم القيامـةـ يــوم تبــدل األرض غــري األرض والســموات فيكــون النــاس كمــا‬
‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم َع ْن َق ْولِ ِه َع َّز َو َج َّل ‪ ‬يَوْ َم تُبَ َّد ُل‬ ‫ْت رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫قـ ــالت عائشـ ــة ‪َ :‬س أَل ُ َ ُ‬
‫الص ر ِ‬ ‫َّاس َي ْو َمئِ ٍذ يَا َر ُس َ‬
‫ول اللَّ ِه َف َق َ‬
‫اط‬ ‫ال َعلَى ِّ َ‬ ‫ات ‪ ‬فَأَيْ َن يَ ُكو ُن الن ُ‬
‫او ُ‬ ‫اأْل َرْ ضُ َغ ْي َر اأْل َرْ ِ‬
‫ض َوال َّس َم َ‬
‫)) رواه مســلم ‪ ،‬ويف حديث ثوبــان ‪ :‬ملا ســأل اليهــودي رســول اهلل ‪ ‬فقــال ‪ :‬أَيْ َن يَ ُكو ُن الن ُ‬
‫َّاس ‪‬‬
‫ص لَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم ُه ْم فِي‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ات ‪َ ‬ف َق َ َ ُ‬ ‫يَوْ َم تُبَ َّد ُل اأْل َرْ ضُ َغ ْي َر اأْل َرْ ِ‬
‫ض َوال َّس َما َو ُ‬
‫الظُّل َْم ِة ُدو َن ال ِْج ْس ِر)) احلديث رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 23‬من‬


‫لفض يلة العالمة محمد‬ ‫تفس ير س ورة إب راهيم‬
‫بن شامي شيبة [حفظه هللا]‬

‫‪ )3‬أيها الشخص الذي بلغه هذا القرآن (إنسي أو جين) هل اهتديت به ـ وهل كل من بلغه هــذا‬
‫القــرآن (يــؤمن بــه ـ ويتعلمــه ـ ويعمــل بــه ـ ويتلــوه ـ ويستشــفي بــه ـ وحيكمــه يف حياتــه ويف أهلــه‬
‫وبيته ونفسه ويف سره وعالنيتهـ ) ليكونـ القـرآن شـافعاً لـه كمـا قـال ‪ ‬يف حـديث عبـد اهلل بن‬
‫الصيَ ُام َوالْ ُق ْرآ ُن يَ ْش َف َع ِان لِل َْع ْب ِد َي ْو َم ال ِْقيَ َام ِة)) احلديث رواه أمحد واحلاكم (صحيح) ‪.‬‬
‫عمرو ‪ِّ (( :‬‬

‫‪‬‬
‫وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‬

‫‪24‬‬ ‫صفحة ‪ 24‬من‬

You might also like