You are on page 1of 3

‫تفسير سورة الليل‬

‫بسم هللا الرحمن‬


‫الرحيم‬
‫اآليـــــات‬
‫الذ َك َر َواأْل ُ ْنثَى (‪ )3‬إِ َّن َس ْعيَ ُك ْم لَ َشتَّى (‪)4‬‬
‫ق َّ‬ ‫ار إِ َذا تَ َجلَّى (‪َ )2‬و َما َخلَ َ‬‫‪َ ‬واللَّي ِْل إِ َذا يَ ْغ َشى (‪َ )1‬والنَّهَ ِ‬
‫ق بِ ْال ُح ْسنَى (‪ )6‬فَ َسنُيَ ِّس ُرهُ لِ ْليُ ْس َرىـ (‪َ )7‬وأَ َّما َم ْن بَ ِخ َل َوا ْستَ ْغنَى (‪)8‬‬ ‫ص َّد َـ‬‫فَأ َ َّما َم ْن أَ ْعطَى َواتَّقَى (‪َ )5‬و َ‬
‫ب بِ ْال ُح ْسنَى (‪ )9‬فَ َسنُيَ ِّس ُرهُ لِ ْل ُع ْس َرىـ (‪َ )10‬و َما يُ ْغنِي َع ْنهُ َمالُهُ إِ َذا ت ََر َّدى (‪ )11‬إِ َّن َعلَ ْينَا لَ ْلهُدَى (‬ ‫َو َك َّذ َ‬
‫‪َ )12‬وإِ َّن لَنَا لَآْل َ ِخ َرةَ َواأْل ُولَى (‪ )13‬فَأ َ ْن َذرْ تُ ُك ْم نَارًا تَلَظَّى (‪ )14‬اَل يَصْ اَل هَا إِاَّل اأْل َ ْشقَى (‪ )15‬الَّ ِذي‬
‫ب َوتَ َولَّىـ (‪َ )16‬و َسي َُجنَّبُهَاـ اأْل َ ْتقَى (‪ )17‬الَّ ِذي ي ُْؤتِي َمالَهُ يَتَزَ َّكى (‪َ )18‬و َما أِل َ َح ٍد ِع ْن َدهُ ِم ْن نِ ْع َم ٍة‬ ‫َك َّذ َ‬
‫ضى (‪ )21‬‬ ‫ف يَرْ َ‬ ‫تُجْ زَى (‪ )19‬إِاَّل ا ْبتِغَا َء َوجْ ِه َربِّ ِه اأْل َ ْعلَى (‪َ )20‬ولَ َسوْ َـ‬
‫التفسير ‪:‬‬
‫أُقسم بالليل إذا غطى اخلليقة بظالمه ‪ ،‬والنهار إذا جتلى بضيائه ونوره ‪ ،‬والذي خلق الذكر‬
‫واألنثى‪ – 0‬وهو اهلل سبحانه – إن أعمالكم ملختلفة متنوعة‪ ، 0‬من خري أو شر وحق وباطل ‪،‬‬
‫فأما من بذل ما وجب عليه من املال وأنفق منه ‪ ،‬واتقى اهلل بفعل أوامره واجتناب نواهيه‪، 0‬‬
‫وص ّد ق بثواب اهلل على أعماله وخلفه عليه ؛ فسنيسره للخري يف الدنيا واآلخرة ‪ .‬وأما من‬
‫خبل مبا أوجب اهلل عليه ‪ ،‬واستغىن عن ربه ‪ ،‬وك ّذب باجلزاء واحلساب يوم القيامة ؛‬
‫فسنيسره للشر يف دنياه وآخرته ‪ .‬وما مينعه‪ 0‬ماله إذا تردى يف نار جهنم ‪ ،‬فال يغين عنه شيئا ‪.‬‬
‫إن علينا بيان اهلدى وتوضيحه بإرسال الرسل وإنزال الكتب ؛ حىت يكون واضحاً جلياً‬
‫يل ‪[ ‬النحل‪. ]9 :‬‬
‫‪َ ‬و َعلَى هَّللا ِ قَصْ ُد ال َّسبِ ِ‬
‫وإ ّن اآلخرة واألوىل ملك لنا ال يشركنا فيها أحد ‪ .‬فأنذرتكم ناراً تتوهج (نار جهنم) ال‬
‫يدخلها وحيرق هبا إال املعرض عن دين اهلل ‪ ،‬فال يعمل بطاعة اهلل وال يرتك معصية‪ 0‬اهلل ‪،‬‬
‫الذي كذب بقلبه رسل اهلل ‪ ،‬وأعرض عن العمل بطاعة اهلل ‪.‬‬
‫وسيزحزح عن النار فال يدخلها ‪ ،‬التقي‪ 0‬النقي ‪ ،‬الذي قام بطاعة ربه وانتهى‪ 0‬عن معصيتة ‪،‬‬
‫الذي يعطي ماله ويصرفه يف طاعة ربه ويتطهر به من املعاصي‪ . 0‬وليس ألحد عنده يد يريد‬
‫أن يكافئه عليها ويعطيه مقابل معروفه ‪ ،‬إال أن ينفق ماله طلباً للثواب من ربه األعلى ذاتاً‬
‫وقدراً وقهراً ‪ .‬وسريضى من اتصف هبذه الصفات يف جنات النعيم مبا يكرمه به ربه ‪،‬‬
‫وبرؤية اهلل سبحانه وتعاىل يف الدار اآلخرة ‪.‬‬
‫بعض الدروس من اآليات ‪:‬‬
‫لفضيلة العالمة‪ :‬محمد بن‬ ‫تفسير سورة الليل‬
‫شامي شيبه(حفظه هللا)‬
‫أيها المسلم ‪ :‬إن أعمال املكلفني من اجلن واإلنس ‪ ،‬تنقسم إىل قسمني ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫القسم األول ‪ :‬أعمال خري (طاعات هلل ‪ ‬ولرسوله‪ ( ‬فهذه هي املفيدة‪ 0‬اليت‬ ‫أ‪-‬‬
‫ترجع على صاحبها بالنفع يف الدنيا واآلخرة ‪ .‬فهل أنا وأنت نسعى أن تكون‬
‫أعمالنا نافعة مفيدة (طاعة اهلل ورسوله ) ؟ ففي كل وقت يسأل كل منا نفسه ‪:‬‬
‫ماذا يعمل يف ذلك الوقت ؟ وأنت أيها العاقل تعرف نفسك ‪.‬‬
‫واألعمال الصاحلة كما يف هذه اآليات اليت يُطلب حتقيقها بعملها ‪ ،‬تشمل ‪:‬‬
‫اإلنفاق يف سبيل اهلل ‪ ،‬فأنفق يا أخي املسلم من مالك من اآلن ما أوجب اهلل عليك من‬ ‫‪‬‬
‫الزكاة والنفقة‪ 0‬وغريها ‪ ،‬وتصدق من مالك ‪ ،‬فقد قال ‪ ‬يف حديث أيب هريرة ‪: ‬‬
‫ب َوإِ َّن اللَّهَ َيَت َقَّبلُ َها بِيَ ِمينِ ِه ثُ َّم‬
‫ب َواَل َي ْقبَ ُل اللَّهُ إِاَّل الطَّيِّ َ‬ ‫ص َّد َق بِ َع ْد ِل تَ ْم َر ٍة ِم ْن َك ْس ٍ‬
‫ب طَيِّ ٍ‬ ‫( َم ْن تَ َ‬
‫ِ‬ ‫يربِّيها لِ ِ ِ‬
‫ْجبَ ِل ) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫َح ُد ُك ْم َفلُ َّوهُ َحتَّى تَ ُكو َن مثْ َل ال َ‬ ‫صاحبِه َك َما ُي َربِّي أ َ‬ ‫َُ َ َ‬
‫أنف ق زوجني (صنفني) يف سبيل اهلل ؛ لتدعوك خزنة اجلنة ‪ ،‬كما قال ‪َ ( : ‬م ْن‬ ‫بل ِ‬
‫ْجن َِّة يَا َعْب َد اللَّ ِه َه َذا َخْي ٌر ‪ ...‬احلديث )‬ ‫اب ال َ‬ ‫ي ِم ْن أ َْب َو ِ‬ ‫أَْن َف َق َزوجي ِن فِي سبِ ِ ِ ِ‬
‫يل اللَّه نُود َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬
‫رواه الشيخان ‪.‬‬
‫التقوى (فعل أوامر اهلل واالنتهاء‪ 0‬عن نواهيه ) ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التصديق‪ 0‬مبا أعد اهلل من الثواب واجلزاء على العمل الصاحل ‪ ،‬وطلب اخللف من اهلل ‪. ‬‬ ‫‪‬‬
‫القسم الثاين ‪ :‬أعمال شر ‪ :‬فلينظر أحدنا يف كل وقت ‪ ،‬إن كان عمله شراً‬ ‫ب‪-‬‬
‫(معاصي) فليتب إىل اهلل عاجالً فوراً ‪ ،‬أو ليستبدل بدالً عن الذنوب بالطاعات ‪.‬‬
‫أنفق من مالك وتصدق وال متسك ‪ ،‬فقد قال ‪ ‬ألمساء رضي هللا عنها ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ِ‬
‫صدَّقِي َواَل تُوعي َفيُ َ‬
‫وعى َعلَْي ِك ) رواه الشيخان ‪ .‬ومعىن ال توعي‪ : 0‬ال متسكي ‪.‬‬ ‫( تَ َ‬
‫إذا تصدقت فال تنظر إىل جزاء ممن تعطيه ‪ ،‬وإمنا أعطه لوجه اهلل ‪ ،‬وال تطلب‬ ‫‪-3‬‬
‫منه ثناءً أو مكافأ ًة ‪ ،‬أو ألنه قد أحسن إليك ‪ ،‬بل أعطه حىت لو شتمك وآذاك‬
‫‪ ‬إِاَّل ا ْبتِغَا َء َوجْ ِه َربِّ ِه اأْل َ ْعلَى ‪. ‬‬
‫إن الشقي‪ 0‬هو من أىب من اجلنة ‪ .‬وقد قال ‪ ‬يف حديث أيب هريرة ‪ُ ( : ‬ك ُّل‬ ‫‪-4‬‬
‫اعنِي َد َخ َل‬ ‫ول اللَّ ِه َو َم ْن يَأْبَى قَ َ‬
‫ال َم ْن أَطَ َ‬ ‫ْجنَّةَ إِاَّل َم ْن أَبَى قَالُوا يَا َر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫أ َُّمتي يَ ْد ُخلُو َن ال َ‬
‫صانِي َف َق ْد أَبَى) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ْجنَّةَ َو َم ْن َع َ‬
‫ال َ‬

‫‪-2-‬‬
‫لفضيلة العالمة‪ :‬محمد بن‬ ‫تفسير سورة الليل‬
‫شامي شيبه(حفظه هللا)‬

‫‪-3-‬‬

You might also like