Professional Documents
Culture Documents
أقدم شكسي اجلصٌل إىل أستاذي القدٌس عبد املالك ضٍف على جمهىداته
الكبرية وتىجٍهاته الكثرية ومسافقته الدائمت يل إلجناش هرا البحث زاجٍا مه
كما أقدم شكسي كرلك إىل الصوجت الفاضلت على صربها وطٍب خاطسها
ووقىفها معً
حممد
مقدمة
هقذهت
األدب الشعيب من بْب أىم األصناؼ األدبية الٍب هتتم باؼبوروث الشفوي والَباث الشعيب الذي
يؤرخ لتاريخ األمم والشعوب ،وإف كانت أبرز معاؼبو اؼبتمثلة يف النقل الشفوي اؼبتوارث جيال عن جيل
بدأ يف االندثار للتطور التكنولوجي يف زمننا اغباضر ،إال أنو حافظ على خصابة مادتو النابعة من
اعبماعة الٍب يتحدث بلساهنا الراوي والقاص واؼبورد على ح ّد سواء .فاألدب الشعيب وجو من وجوه
الَباث الذي يستغرؽ مظاىر اغبياة الشعبية ،قديبها ،حاضرىا ومستقبلها ،فيبقى الكالـ طرياً ندياً
تتناقلو األلسنة وربفظو الصدور وتتسلمو األظباع واألفهاـ ،بوصفو أمانة عزيزة وإرثاً تسري فيو أرواح
اآلباء واألجداد ،الذين عبوا عما هبوؿ يف نفوسهم من مشاعر ورغبات ومعتقدات وأحالـ وأمنيات
طاؼبا أرادىا ،عبوا عنها بأشعار وألغاز وأمثاؿ وخرافات وأساطّب وقصص شعيب.
ولنبدأ حيث توقفنا -من القصص الشعيب – الذي يعد أكثر أصناؼ األدب الشعيب انتشارا
وتوارثا عب األجياؿ ،ال لشيء ،إال لتأثّبه الكبّب يف نفوس اؼبستمعْب والدارسْب الذين سريعا ما
يتأثروف دبا ربملو من قيم وعب سبس جوىر اغبياة الٍب نعيش ،فهذه قيمة خلقية تربوية ألهنا تعاًف واقعا
ُهتدر فيو النظم الَببوية واالجتماعية ،فتحاوؿ النصوص اغبكائية معاعبتو بإظهار سلبياتو والتحذير
منها ،فيعب من خالؽبا عن رغبة ملحة يف ربقيق عاَف يرتاح إليو ووببو النطوائو على العدالة واغبب
والتعاوف والتسامح والتكافل بْب أفراد األسرة الواحدة وبْب آّتمعات كافة ،وىذه قيمة ترفيهية صبالية
ؼبا ربملو من تناقض بْب اعبد واؽبزؿ ،بْب العاَف الواقع اؼبعلوـ والعاَف السحري آّهوؿ ،فتحث على
الوعظ والعب من جهة ،وترسم االبتسامة والفرح من جهة أخرى ،إضافة إُف كل ىذا ،فهي تعطي
راويها جرعة من األمل بوجود حياة أفضل لألجياؿ مستقبال ،حياة ملؤىا اغبب والعدؿ واألمن
واالستقرار .كل ىذا جعل من القصص الشعيب ذا أنبية كبّبة ،فأخذ جانبا كبّبا من اىتماـ دارسي
اؼبأثورات الشعبية الذين ُشغِفوا بو وميزوه عن باقي أصناؼ السرد الشعيب ،ولقد اعَبض ىؤالء
الباحثْب عدد من القضايا اؼبهمة أبرزىا النقاش الدائم حوؿ التشابو واالختالؼ يف نصوص القصص
الشعيب ،ومدى الداللة حوؿ األصل اؼبشَبؾ أو اؼبختلف ؽبا ،كما حبثوا يف نشأهتا وأصوؽبا.
أ
هقذهت
و"وادي سوؼ" كباقي مناطق اعبزائرّٔ ،ا من أصناؼ الفلوكلور الكثّب والكثّب ،فالثقافة
الشعبية احمللية كانت وتزاؿ ظبة من ظبات آّتمع السويف الذي حافظ على الكثّب من عاداتو وتقاليده
وطقوسو الٍب ورثها عن األجداد ،فالبيئة الصحراوية رباكي إُف يومنا ىذا إرث األوائل الذين لبسوا
اعبامعة ،وأنا يف صغري ألفت حبثا متواضعا عن حكايات األطفاؿ ،وحبثا آخر يف اغبكاية الشعبية يف
اعبامعة ،وآخر يف اػبرافية حْب مناقشٍب لرسالة اؼباجستّب ،فتكونت لدي فكرة مفادىا أف القصص
الشعيب -ؼبا وبملو من إرث األجداد -كنز وجب اغبفاظ عليو بدراستو والبحث فيو ويف مقوماتو.
ولألنبية الكبّبة للموضوع كما ذكرت سالفا ،شكل ذلك دافعا للخوض يف غماره والتعرؼ
على خباياه واستجالء غموضو الذي يسود الفلوكلور عموما وليس األدب الشعيب أو القصص فقط،
ألف طبقات آّتمع حاليا أدارت ظهرىا للثقافة الشعبية ال لسبب ،إال كوهنا رباكي اؼباضي القدًن
اؼبتهم كونو متخلفا ومرتبطا باػبرافات واألساطّب الٍب ال سبت إُف الواقع واغبقيقة بصلة ،ىذا ما ساىم
يف اندثاره أو يكاد ،فهو دافع غبب اؼبعرفة من جهة ،وما للقصص الشعيب من دور يف أوساط آّتمع
السويف قديبا مقارنة ببعض الفنوف الشعبية األخرى من جهة ثانية.
وعليو فقد كانت خطة الدراسة مكونة من مدخل وأربعة فصوؿ على النحو اآليت:
-خصصت اؼبدخل إُف نبذة عن منطقة البحث من حيث اؼبوقع اعبغرايف واؼبناخ السائد فيها،
إضافة إُف األمباط النباتية الٍب يعتمد عليها السكاف ،سواء عن طريق زراعتها وكسب اؼباؿ منها
كغابات النخيل ،أو النباتات الصحراوية واغبشائش الٍب تنمو يف اؼبراعي والساحات الشاسعة الٍب
مثلت الغذاء الرئيس ألغنامهم وإبلهم يف فيايف الصحراء ،دوف أف أنسى اغبيوانات الٍب يعتمد عليها
آّتمع احمللي يف التنقل كاإلبل أو اغبيوانات الٍب يسَبزقوف منها كالغنم والضأف .كما تطرقت إُف
أصل تسمية اؼبنطقة ب ػ (وادي سوؼ) ،فلكل لفظ معُب منفصل عن الثاين ،وادي من الواد والنهر
مثال أو ؽببوب الرياح الدائم اؼبشبو جبرياف الواد واؼباء ،أما (سوؼ) فمن السيوؼ أي الكثباف الرملية،
أو تعود إُف الصوؼ الذي يغسلو النسوة جبانب النهر فسميت اؼبنطقة نسبة ؽبن .كما أف التطرؽ إُف
الثقافة الشعبية واألدب الشعيب احمللي كاف ضرورة وجب ذكرىا يف تعديد أصناؼ األدب الشعيب
وؽبجة سكاف اؼبنطقة .كل ىذا جاء يف اؼبدخل اؼبوسوـ ب ػ نبذة عن منطقة البحث.
-أما الفصل األوؿ فجاء ربت عنواف :ماىية القصص الشعبي.
وبو تركزت الدراسة على اعبانب النظري فقط ،فحاولت اإلؼباـ بكل ما يبت بصلة ألصناؼ القصص،
فقسمتو إُف ثالثة أجزاء ،كل جزء يركز على صنف من أصناؼ القصص الشعيب (اغبكاية اػبرافية،
هقذهت
اغبكاية الشعبية ،حكاية اغبيواف) وكل جزء تطرقت فيو إُف اؼبفهومْب اللغوي واالصطالحي ،إضافة
إُف اؼبيزات اػباصة واؼبوضوعات والنشأة .وقبل ىذا كلو ػبصت يف سبهيد مطوؿ إشكاليتو تصنيف
القصص الشعيب يف كل من الدراسات الغربية ،العربية مث اعبزائرية.
-وانطالقا من الفصل الثاين الذي تناولت فيو المسارات السردية للحكايات ،كانت بدايٍب
للدراسة التطبيقية ،فحاولت اإلستعانة بعض اؼبناىج والنظريات لكل حكاية على حدى ،باتباع أربعة
خطوات ىي :اؼبتواليات السردية ،عالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ ،النموذج العاملي ،اؼبربع السيميائي.
انطالقا من البُب السطحية للحكايات متمثلة يف الوظائف اػباصة بكل متوالية وربديد ملفوظاهتا
السردية ،وصوال إُف البنية العميقة اؼبتمثلة يف اؼبربع السيميائي عبولياف غريباس.
-يف حْب خصصت الفصل الثالث من اػبطة إُف األبعاد الداللية للحكايات ،درست كل حكاية
على حدى ،وىذا يف ؿباولة مِب إُف الربط بْب اؼبسار السردي لكل حكاية وبْب األبعاد الدالية
اؼبكونة ؽبا ،فاغبكاية الواحدة تعاًف ؾبموعة من الدالالت ولو أف موضوعها الرئيس واحد .وللوصوؿ
إُف ىذه النقطة من الدراسة كاف لزاما فك شيفرات اغبكايات ورموزىا وإجالء الغموض من حوؽبا،
وىنا أعدد القراءات اؼبمكنة لكل عالمة ورمز موجود ،وفق منطور القارئ وسرد الراوي واؼبقابالت
الشفوية اػباصة بكل موضوع ،واالعتماد على عدد من الكتب واؼبراجع اؼبؤرخة لتاريخ اؼبنطقة
وتراثها .فيمكن ذلك من الكشف على عدد من األبعاد الداللية (اجتماعية ،ثقافية ،دينية)
-وأما الفصل الرابع واألخّب من ىذه الدراسة فقد تناولت فيو البنية السردية للحكايات ،من ربديد
األلفاظ الدالة على كل من اؼبكاف والزماف وذكر أنواعهما مستشهدا بأمثلة من مدونة القصص
الشعيب ،أضفت إليها الشخصيات احملركة لكل حكاية ،تلك الٍب تقوـ بأدوار مهمة وأساسية ال
يستغِب عنها النص السردي ،من شخصيات اجتماعية ،شخصيات تارىبية ،شخصيات حيوانية
وأخرى خرافية ،خاسبا الفصل بالتناص وأشكالو يف اؼبدونة ،من تناص ديِب ،أديب...
اقتضت طبيعة البحث االستعانة بعدد من اؼبناىج اؼبناسبة ؼبثل ىذه اؼبواضيع ،فجاء اؼبنهج
التارىبي يسرد تاريخ اؼبنطقة وأصلها ،مع سرد اؼبراحل التارىبية الٍب مرت أصناؼ القصص الشعيب عند
التطرؽ إُف أصلها ونشأهتا عب اغبضارات واغبقب التارىبية السابقة .مث يأيت اؼبنهج البنائي
هقذهت
(اؼبورفولوجي) الذي يصف النظاـ الشكلي للحكايات من خالؿ الوظائف اؼبكونة ؽبا .أما اؼبنهج
السيميائي فمن خالؿ اعتماد اؼبربع السيميائي ومبوذج البناء العاملي لغريباس.
وبعوف من اهلل سبحانو ،حاولت جاىدا التغلب على الصعوبات الٍب وقفت حجرة عثرة أماـ
إقباز ىذه الدراسة ،فمن لذة البحث تذليل اؼبشاؽ واؼبطبات ،من خالؿ االستفادة من عدة مصادر
أنبها:
-مدونة القصص الشعيب ّٓموعة من الرواة.
-مورفولوجية القصة لػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػفالديبّب بروب من ترصبة عبد الكرًن حسن وظبّبة بن عمو.
-ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية للدكتور علي غنابزية.
كما ال ىبفى حبث من بعض الصعوبات ،خاصة تلك البحوث اؼبيدانية ،فقد تعرضت إُف
صعوبات صبة أثناء صبعي للقصص وتدوينها ،فالراوي أو الراوية ىبلط أحيانا يف سرد اغبكاية دبشاعره
اػباصة ،فيتوقف ليدعو إُف الشخصية البطلة بالثناء واؼبدح ،يف حْب يذـ الشخصيات الشريرة ويدعو
عليها بالفناء واؽبالؾ.
كما يصعب كثّبا تدوين اغبكايات باللهجة احمللية الٍب من الصعوبة دبا كاف اغبفاظ على اللغة
الٍب استقيت منها اغبكاية مشافهة من راويها ،حبيث َف تأخذ دراسة اؼبدونة شكلها النهائي إال بعد
جهد ودراسة كبّبين ،نظرا لتداخل الوظائف يف العديد من اغبكايات ،وىذا راجع لصعوبة تدوين
وترصبة ما أتلقاه من أفواه الرواة إُف صبل وعبارات مفيدة على صفحات البحث.
ىذا بغض النظر على الغرابة الٍب تنتاب الكثّب من الرواة حْب اعبمع والتدوين.
كما أف قلة اؼبراجع يف ىذا الصنف والٍب تدرس ىكذا حكايات ودبنهج سيميائي قليلة ،فبا
صعَّب اغبصوؿ عليها.
نجز
ويف األخّب ،ال يسعِب إال أف أقدـ جزيل الشكر وكثّب الثناء لكل من وقف مساندا ِف ليُ َ
ىذا البحث بالصورة الٍب ىو عليها ،وأخص بالذكر أستاذي الدكتور عبد اؼبالك ضيف ،الذي َف
هقذهت
يبخل علي دبالحظاتو وتوجيهاتو القيمة الٍب أنارت الدرب أمامي ،وعبدت طريق الوصوؿ إُف بر
األماف ،فنعم اؼبعلم واؼبشرؼ كاف ،وكل من أفادين بكتاب أو نصيحة.
تتأثر – بال شك – شخصية الفرد وبالتاِف اعبماعة ببيئتها الٍب تعيشها ،فللجغرافيا والتاريخ أثر
بارز يف األبعاد الثقافية واالجتماعية والفكرية للمجتمعات ،ويبز ىذا يف عادات وتقاليد وكل ثقافات
السكاف .وال زبتلف منطقة وادي سوؼ عن باقي اؼبناطق ،فقد ظهر جليا مدى تأثر الشخصية
السوفية ببيئتها الصحراوية القاسية ،ودبناخها الصعب اؼبراس خاصة يف الصيف حْب تشتد درجة
اغبرارة لتبلغ معدالت قياسية ،فبا جعل الفرد السويف يكافح للتغلب على اغبرارة والرياح واعبفاؼ حٌب
ف من اغبرارة
يستطيع العيش وفبارسة نشاطاتو اليومية فيها ،فازبذ الرماؿ صديقا بدؿ العدو ،وكيَّ َ
مالذا للكسب والعيش .فمارس نشاط الرعي والزراعة يف أرضها الوعرة ،وأنشأ من لدف كثباهنا
واحات للنخيل بأصنافها الكثّبة ،وساير حيواناهتا وجعل منها مركبا لو ومأكال ،وملبسا يَقيو الشمس
اغبارقة يف الصيف ،والبد القارس يف الشتاء.
فكاف اعبمل -الذي لقبو السكاف ىنا بسفينة الصحراء نظرا لقدرتو اػبرافية على ربمل العطش
واغبرارة والرياح الرملية القوية -الصديق األوؿ ألىل اؼبنطقة قديبا ،فازبذوه مركبا ؽبم ،ومن وبره لباسا
ومسكنا ،ومن حليبو غذاء كامال ودواء شافيا ألمراض عديدة .أما النخلة فكانت السبب األوؿ
للرزؽ والعيش ،فتمورىا اؼبغذية استحقت اؼبشقة الكبّبة الٍب يكابدىا الفالح لزراعتها ،فكاف وبفر
حفرة عميقة تصل إُف عشرين مَبا ،وبقطر يفوؽ اؼبئة مَب لغرسها يف الطبقة القريبة من اؼبياه اعبوفية
الٍب تتميز ّٔا اؼبنطقة ،فكانت النخلة وما تزاؿ مصدر الرزؽ لكثّب من أىل ُسوؼ ،وكاف منتوج
التمور األكثر أنبية يف ميداف التجارة ،وكانت الواحات تتمتع بشعبية كبّبة ألهنا كانت ذبمع من 20
إُف 25ألف فرد يتعاونوف على العناية ّٔا .فليس من السهل البتة إنشاء واحة يف كبد الصحراء،
وبالتاِف تُػ َعد رمزا للشموخ واؼبقاومة والعمل الشاؽ عندىم.1
1
- Eugéne Gallois،Aux Oasie d'Algerie et de Tunesie،Imprimerie M-R. Leroy،185،rue de
Vanves،p80.
7
نبذة عن منطقة البحث مدخل
1
- Andrés –Roger Voisin،Le Souf-Monographie،edition El-walid، El-oued،2004، p15
- 2بن الساَف بن اؽبادؼ ،سوؼ تاريخ وثقافة ،مطبعة الوليد ،الوادي ،اعبزائر،2007،ص.14
- 3اؼبرجع نفسو ،ص.46
- 4ابراىيم العوامر ،الصروؼ يف تاريخ الصحراء وسوؼ ،تعليق اعبيالين العوامر ،الدار التونسية للنشر ،تونس،1977 ،ص.57
إيزابيل إبرىاردت ( )1904/1877روسية األصل ،ولدت جبنيف يف سويسرا ،ارتبط اظبها باؼبنطقة ارتباطا عميقا ،حلت بالوادي سنة ،1899
اعتنقت اإلسالـ وربطتها عالقات ضبيمية بسكاف اؼبنطقة وتزوجت بشخص يسمى سليماف .تعرضت حملاولة اغتياؿ ودخلت اؼبستشفى ،وإلعجأّا
الكبّب باؼبنطقة وعمراهنا أطلقت عليها اسم "مدينة األلف قبة".
- 5إيزايبل إبرىاردت ،عودة العاشق اؼبنفي ،ترصبة عبد القادر ميهي ،مطبعة الوليد ،الوادي،2006 ،ص.34
8
نبذة عن منطقة البحث مدخل
اؼبسوحي ،التكرمست ،التفزوين ،التنسْب ،اغبمراية .. .ويف الكثّب من اؼبصادر اؼبؤرخة للمنطقة ،يذكر
مؤلفوىا بأف عدد أنواع النخيل يتجاوز اؼبئة وطبسْب نوعا .1مؤخرا راجت زراعة الزيتوف ،ولقيت
استحسانا كبّبا عند الفالحْب ،إضافة إُف زراعة البطاطا الٍب احتلت فيها اؼبدينة مراتب متقدمة يف
إنتاجها على اؼبستوى الوطِب ،أما اغبشائش الٍب تنمو يف اؼبناطق الرعوية فهي كثّبة منها :اغبلفاء
الفقاع ،الَبثوث ،الرمت ،العرعار ،الطرفاء ،السدرة...
من أبرز اغبيوانات الٍب تعيش ب ػ "سوؼ" اعبمل ،الذي يعْب السكاف على التنقل والَبحاؿ قديبا،
إضافة إُف حيوانات يسَبزقوف منها كالغنم والضأف واؼباعز وغّبىا ،إضافة إُف حيوانات أخرى
كالفنك ،األرنب ،القنفذ ،الشرمشاف ،البوكشاش ،اغبنش ،الغزاؿ ،الثعلب والذئب...تعيش يف الباري
الصحراوية بعيدة عن اؼبناطق العامرة بالسكاف.
-3أصل تسمية المنطقة:
اختلف الباحثوف حوؿ أصل تسمية اؼبدينة ب ػ "وادي سوؼ" ،فال يبكن اعبزـ بصواب رأي
ؿبدد عن آخر ،وحٌب مؤرخو اؼبنطقة تطرقوا ّٓموعة من األقاويل واآلراء الٍب اختلفت فيما بينها أشد
االختالؼ ،كما أف عامل الزمن بدا واضح اؼبعاَف يف ذلك ،وكاف لطبيعة اؼبنطقة ومناخها وثقافة
سكاهنا اؼبرجع الرئيس يف التسمية .ونعرض ىنا باختصار بعض اآلراء لبعض اؼبؤرخْب:
-لفظة "الوادي" :يذكر بعض الباحثْب أنو كاف يف اؼبنطقة قديبا يف اعبهة الشمالية الشرقية
هنر كبّب دائم اعبرياف ،ىو اآلف مصدر من مصادر اؼبياه اعبوفية الٍب تتميز بكثرهتا األرض يف
"الوادي" ،وبتوافد القبائل والعروش ،أطلقت قبيلة "طرود "عليها اسم الوادي نسبة لو ." 2وىناؾ من
يرى بأف قبيلة طرود تأثروا كثّبا ّٔبوب الرياح الدائم يف اؼبكاف وكيفية طّباف اغبصى والرماؿ ،فقالوا أف
1
- Ahmed Najah، Le Souf des Oasie،La maison des livres 12 rue Maitre ، Ali Boumendjel،
ALGER، 1970،P56
طرود :قبيلة حلوا باؼبكاف يف حدود690ىػ1292/ـ وأقاموا قرب مكاف يسمى اآلف "أوالد ضبد" ظبوا اؼبنطقة نسبة للنهر أنداؾ ،ىذا األخّب الذي
ظل ساري التدفق حٌب القرف 8ىػ14/ـ.
- 2العوامر ،الصروؼ يف تاريخ الصحراء وسوؼ ،ص.109
01
نبذة عن منطقة البحث مدخل
":تراب ىذا احملل كالوادي يف اعبرياف ال ينقطع" ،1وبالتاِف فػ ػ "الوادي" ىنا تعود يف األصل إُف
الرياح.
وال زبتلف حياة األىل عن باقي حياة البدو الرحل ،فهم يتميزوف باغبركة والنشاط الكبّبين ،وىذه
ظبة من ظبات سكاف الصحراء الذين يتكبدوف مشقة كبّبة يف ظل الظروؼ الطبيعية القاسية،
فشبّْهوا جبرياف اؼباء يف الوادي "ما أرى ؽبؤالء القوـ انقطاعا إف ىم
فتجدىم دائمي التنقل والَبحاؿ ُ
إال كالوادي كلما أقبل منو موج إال وتاله موج آخر" .2فهنا قبد األصل يف التسمية يعود إُف طبيعة
األىل الذين ىم بدورىم تأثروا باؼبناخ والطبيعة الصحراوية.
"س ـ ـ ــوف" :ال زبتلف لفظة "سوؼ" عن لفظة "الوادي" يف أصل التسمية ،فنجدىا ترجع
-لفظة ُ
إُف الطبيعة من جهة ،وإُف األشخاص من جهة أخرى .وإذا سألت فردا من سكاف اؼبنطقة عن أصل
تسمية "سوؼ" ،فسّببط إجابتو ب ػ "السيوؼ" ،ىذه األخّبة الٍب نعِب ّٔا الكثباف الرملية يف اللهجة
احمللية ،فالكثيب الرملي يسمى ىنا بػ ػ "السيف" واعبمع "سيوؼ" وقد ذبردت وحذفت وخففت مع
مرور الزمن وأصبحت "سوؼ" ،وقد ارتبط ىذا الرأي بقبيلة "طرود" الٍب استقرت باؼبنطقة فقالوا
نسكن ىذه "السيوؼ" ،ومع اغبركة الدؤوبة للقبائل والعروش "صار الذاىب واآليت يقوؿ ذاىب إُف
سوؼ أو كنت يف سوؼ" .3كما يربطها آخروف بأهنا تعود إُف أىلها األولْب الذين عُرفوا دبالبسهم
الصوفية الٍب كانوا ينسجوهنا من صوؼ أغنامهم الٍب يربوهنا .وقيل أيضا "ألهنا كانت ؿبال ألىل
4
وؼ"
"س ْ
الصوفة ،ألف كل عابد من أىل التصوؼ ينقطع للعبادة فيها" .ويَ ُّرد بعض الباحثْب لفظة ُ
إُف أصل أمازيغي (إيسوؼ Issouf/أو )Asoufوىي تعِب الوادي أو النهر ،وىذا ما ذىب إليو
الدكتور أضبد قباح الذي يرى بأف لفظة الوادي يف اللغة مرادفة للفظة (سوؼ) يف األمازيغية.5
وتوافق كذلك يف اللهجة التارقية( )Le souf mellanأي النهر األبيض .1وقد يكوف معُب
(سوؼ) ذلك النهر الذي كاف هبري باؼبنطقة اؼبسمى ب ػ ( /Oued Izoufواد إيزوؼ) والذي أصبح
دفينا يف أعماؽ األرض ،ومع الوقت وكثرة االستعماؿ تغّب اظبو إُف واد سوؼ.
الثقافة الشعبية للسكان: -4
ترتبط الشخصية السوفية ارتباطاً وثيقاً بالفنوف الشعبية ،ىذه األخّبة تُ ُّ
عد انعكاسا للتأثر الكبّب
فرضو جغرافية اؼبنطقة وتارىبها على السكاف ،فيصور من خالؽبا حياتو اليومية ومعاناتو مع
الذي تَ ُ
الطبيعة القاسية ،فيتأثر ّٔا ويكتسب من خالؽبا ثقافات مادية وروحية وباكيها أثناء فبارسة أعمالو،
فتجد الفرد السويف يلبس لباسا تقليديا يعكس مبط العيش مع اؼبناخ الصحراوي ،تتالءـ مع فصل من
فصوؿ السنة ،لباسا واسعا بلوف فاتح أبيض غالبا ،ليعكس أشعة الشمس اغبارقة يف الصيف،
1
- Andrés –Roger Voisin،Le Souf-Monographie، p15
- 2حساف اعبيالين ،قصة العودة ،ج،1دار ىومة ،اعبزائر،2011،ص.154
01
نبذة عن منطقة البحث مدخل
من الناحيتْب اعبمالية والسياحية ،إال أف ىناؾ ميزات أخرى مقصودة أملتها طبيعة اؼبنطقة الصحراوية
وىي - :تعكس القباب أشعة الشمس اؼبسلطة عليها وزبفف من حدهتا.
-سبنع تراكم ما تُطّبه الرياح من تراب فوقها.
-كما للتجويف داخل البيت ميزة أخرى ،فهو يوفر اؽبواء ووبسن من درجة اغبرارة داخلو.
إف اؼبتجوؿ يف أوساط آّتمع السويف ،هبد صغاره وكباره يبارسوف نشاطات ثقافية شعبية
متنوعة بشكل يومي ومستمر ،فإذا وجدت ؾبموعة من الشيوخ متجمعْب فتأكد أهنم يلعبوف اللعبة
الشعبية األوُف اػباصة بالكبار ،أال وىي "اػبربقة" ،ىذه اللعبة اؼبنتشرة يف أغلب تراب اؼبنطقة ،ورغم
أهنا ُسب َارس من طرؼ الشيوخ الكبار غالبا ،إال أهنا القت رواجا حٌب بْب الشباب مؤخرا .كما تنتشر
ؾبموعة من األلعاب منها :اػبطيوة ،الربيعة ،اللقفة ،الرداية...إٍف
اللهجة المحلية للسكان: -5
يقارف الكثّب من الكتاب والدارسْب يف وادي سوؼ بْب اللهجة احمللية للسكاف واللغة العربية
الفصيحة ،فّبوف بأف األوُف تقَبب كثّبا من الفصيحة ،ويشّب الدكتور أضبد زغب إُف التقارب
اغباصل بينهما ،يظهر جليا يف اعبانبْب الصويت واؼبفردايت 1.كما يشّب الباحث أضبد قباح إُف وجود
تقارب كبّب بْب ؽبجة اؼبنطقة وؽبجة أىاِف طرابلس حبكم عوامل جغرافية وتارىبية.2
وللهجة "سوؼ" عديد اؼبيزات اؼبتمثلة يف اؼبستوى الصويت ،الصريف ،الَبكييب والدالِف .وكأمثلة
راسو)،خذفها إذا كانت يف وسط الكالـ مثل: عن ذلك نذكر :زبفيف اؽبمزة يف مثل( :رأسو
سواؿ). يػَ ِمينَة) ،أو واوا مثل( :سؤاؿ لَ ِػم ْ
ْب) ،وقد تبدؿ ياء يف مثل( :أمينة (األمْب
أ ََىنَّا)، ومن أمثلة اإلدغاـ ،إدغاـ الالـ الساكنة يف النوف اؼبتحركة الٍب تليها يف مثل( :أ َْىلُنَا
اس َهل) .ومن
َّ (افتعل/تفعل) يف فاء الفعل إذا كاف قريبا يف اؼبخرج يف مثل(:اتْ َسهل
ّ وإدغاـ تاء
- لعبة شعبية تتكوف من ؾبموعة من اغبجارة البيضاء والسوداء للتمييز بْب اؼبتنافسْب ،ؾبموع كل واحدة منها 24بعدد اغبفر اػباصة بكل منها.
- 1أضبد زغب ،ؽبجة وادي سوؼ -دراسة لسانية يف ضوء علم الداللة اغبديث ،مطبعة مزوار ،الوادي ،ط ،2012 ،1ص.18
2
- Ahmed Najah، Le Souf des Oasie،p139
02
نبذة عن منطقة البحث مدخل
- 1ينظر :أضبد زغب ،ؽبجة وادي سوؼ -دراسة لسانية يف ضوء علم الداللة اغبديث ،ص .26،25،24
-* علي عناد :ولد الشعر سنة 1928ببلدية الرباح والية الوادي ،أين وتعلم وحفظ القرآف الكرًن ،مث رحل إُف تونس حيث يعمل والده ،وعاد
للوالية وعمل بالفالحة ،ويقطن اليوـ يف دائرة اؼبقرف بالوالية ،يهتم كثّبا بالقضايا العربية واالجتماعية وغّبنبا يف شعره.
- 2بن علي ؿبمد الصاٌف ،من روائع الشاعر الشعيب علي عناد ،إصدار دار الثقافة والية الوادي ،اعبزائر ،ط ،2008 ،1ص .62
مهدي غماـ :ىو ؿبمد اؼبهدي غماـ اؼبولود يف 1961/9/3بقرية حاسي خليفة والية الوادي رباه ابوه االمْب غماـ منذ الصغر على حب الشعر
وىذا حسب قوؿ الشاعر يف آّالس الشعرية يف اؼبناسبات مادحا والده الذي رسخ فيو حب الشعر الشعيب منذ نعومة أظافره.
- 3مطلع قصيدة بعنواف طاعة الوالدين ،مسجلة بالصوت.
03
نبذة عن منطقة البحث مدخل
اش ِ
ماربس ْ
يب اػبّب من دعوهتم *** وانسى التعب والثقل َّ حاوؿ تْص ْ
اش ين ِمْت َخلّْ ْد يف ِذ ّْمْتػ ُه ْم *** يَانْ َد َرا تقدر َّ
وماترد ْ
ِ
عليك د ْ
اش ِ ِ
ماضاقَ ْ
ومَر ْار الغ ّْب َ
يف ضبَل َها أمك ُش ُه ْور َح ّْسْتػ ُه ْم *** َ
ومن بْب األصناؼ األخرى الٍب ال ترتبط ارتباطا وثيقا باؼبناسبات ،قبد األمثاؿ واأللغاز الشعبية الٍب
وبفظها الصغّب والكبّب من النساء والرجاؿ.
فمن بْب األلغاز نذكر:
ُ -ح َّكة لَبُّوبِيَّة مغطاىا شعر ،تستحي من الشمس وتقابل القمر (:العْب البشرية).
-صرعِب ما صرعتو ،صرعِب جابِب ربتو *** خرج من فص عيِب ،نعمو ال شبحتو( :النوـ)
-دارنا دمسة (ظلماء) ترفع طبسة :اغبذاء حسب عدد أصابع الرجل.
-ناقتنا باركة تتكلم بالتخميم***النواجع راحلة والسلطاف مقيم( :السبحة).
-توضى وما صلَّى ولبس وماخلَّى وراح وما َّ
وُف( :اؼبيت)
ومن األمثال:
-خوذ طريق العافية ولو بعدت ،وخوذ بنت العم ولو بارت :للَبغيب يف زواج األقارب
– اؼبرا (اؼبرأة) قبىا راجل :اؼبرأة يسَبىا ووبميها الرجل.
-دار الرجاؿ مبنية ودار النساء ـبلية :اتفاؽ الرجاؿ بناء وقوة ،والنساء ضعف وخسارة.
-صبي على روحي وال صب الناس علي :داللة عن قوة التحمل والصب على الشدائد.
-مد رجلك على قد فراشك :أي ال تنظر إُف ماؿ ال تقدر على جلبو.
وأما القصص الشعبي فهو يقتصر غالبا على الشيوخ والعجائز ،نظرا لعزوؼ الناس علػى ىػذا الصػنف
من األدب الشعيب ،فهي تعاًف مواضيع تتعلق كل التعلق حبياة الفرد السويف قديبا ،ومػن بػْب اغبكايػات
نػ ػػذكر :لوقبػ ػػة ،جػ ػػبه والصػ ػػيد ،النصػ ػػيص ،يػ ػػاراين غػ ػػوؿ ،عػ ػػانس وأخواهتػ ػػا ،عيشػ ػػة والغػ ػػوِف ،القنفػ ػػود
والذيب...وغّبىا كثّب.
04
الفصل األول
ماىية القصص الشعبي
-تمهي ـ ــد
تمهيد:
القصص الشعيب كائن شفاؼ رقيق يقف على أبواب قلوبنا ويدؽ على نوافذ عقولنا حامال ىدايا
ضخمة ،وبْب يديو لفائف كبّبة يريد أف يسلمها لنا ،أمانة من تراث أجدادنا استودعوىا لنا عندىا،
تنتظر أماـ أبواب بيوتنا تستأذف الدخوؿ.1
يشتمل األدب الشعيب على أمباط عدة من النثر والشعر ،وكل مبط ينقسم كذلك إُف أخرى فرعية
حسب اؼبوضوع واحملتوى والشكل ،وإذا تأملنا اغبكايات مثال باعتبارىا طرازا يندرج ربت اؼبوضوع
الكبّب "األدب الشعيب" سنجد أف ىذه اغبكايات تنقسم إُف أمباط مثل :حكايات اغبيواف ،اإلنساف،
اعباف ...مث قبد أف حكايات اغبيواف نفسها سوؼ تنقسم إُف حيوانات أليفة – غّب أليفة ،ويندرج
ربت ىذا التصنيف أقساـ أخرى تبعا للعناصر األساسية اػباصة بتكوين الشكل العاـ ؽبذه
اغبكايات ،دبعُب أنو سوؼ يكوف لدينا تصنيف عاـ شامل لكل مبط ،مث داخل كل مبط سوؼ يكوف
2
لدينا تصنيف آخر فرعي يشتمل على موضوعات ىذا النمط.
أخذ القصص الشعيب جانبا كبّبا من اىتماـ دارسي اؼبأثورات الشعبية الذين ُشغِفوا دبا يبيزىا عن
باقي أصناؼ السرد الشعيب ،ولقد اعَبض ىؤالء الباحثْب عدد من القضايا اؼبهمة يف ىذا آّاؿ منها
النقاش الدائم حوؿ التشابو واالختالؼ يف نصوص القصص الشعيب ،ومدى الداللة حوؿ األصل
اؼبشَبؾ أو اؼبختلف ؽبا ،كما حبثوا يف نشأهتا وأصوؽبا ،ولكن أبرز ما يعَبضهم ىو إشكالية تصنيف
القصص الشعيب وإشكالية اؼبصطلح اللذاف يقفاف حجرة عثرة أماـ الباحثْب.
- 1ؿبمد عزيز العرفج ،اؼبوروث الشعيب يف السرد العريب ،كتاب آّلة العربية ،الرياض1435 ،ىػػ ،ص .52
- 2صفوت كماؿ ،اؼبأثورات الشعبية علم وفن ،مكتبة األسرة ،مصر ،2000 ،ص.56
06
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
الَبكييب "فقد عكف على تفتيت اغبكايات إُف أجزائها الصغّبة بقصد ربديد األمباط األساسية الٍب
يندرج ربتها القصص الشعيب" 3واتبع "آرف" طريقة أرشفة أو فهرسة اغبكايات كما يلي:4
-قصص عن اغبيوانات -قصص صرفة -أحدوثات.
- فالديبّب بروب )1972/1895( :باحث روسي من أصوؿ أؼبانية ،أتقن اللغتْب األؼبانية والروسية وربصل على أعلى الرتب والدرجات العلمية،
ربصل على الدكتوراه يف شعبة الفلوكلور ،والتحق جبامعة بَبوغراد (لينغراد)يف سنة .1913ويف عاـ 1938ركز بروب على الفلكلور ودافع عن
أطروحتو الٍب كانت ربت عنواف " أصل اغبكاية اػبرافية" ،زبرج على يديو العديد من اؼبتخصصْب يف علم الفلكلور ،صار بعضهم من العلماء اؼبرموقْب.
ورغم قلة مؤلفاتو إال أهنا تكتسي أنبية كبّبة مثل :مورفولوجية اغبكاية اػبرافية ،1928اعبذور التارىبية للحكاية اػبرافية الروسية ،1946اؼبلحمة
البطولية الشعبية الروسية عاـ .1955
- 1فالديبّب بروب ،مورفولوجيا القصة ،تر :عبد الكرًن حسن ،ظبّبة بن عمو ،شراع للنشر والتوزيع ،دمشق ،ط ،199 ،1ص.20
- 2اؼبرجع نفسو ،ص.21
- 3نبيلة ابراىيم ،قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية ،دط ،مكتبة غريب ،الفجالة ،مصر ،دت ،ص .11
- 4اؼبرجع نفسو ،ص .27
07
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
والقصص العجيب حسبو ينقسم إُف الفئات التالية( :العدو السحري -الزوج أو الزوجة السحري-
اؼبهمة السحرية -اؼبساعد السحري -األداة السحرية -القوة السحرية) 1فقد ربط العجيب دبا ىو
سحري واستثُب عددا من العالقات واؼبسارات السردية الٍب وإف َف تكن سحرية إال أهنا تنتمي لعاَف
العجيب واػبياؿ ،فكل ما يثّب الدىشة يف النفوس ىو يف اغبقيقة عاَف خياِف عجيب .يف حْب قسم
"بول دوالري – "Paul Delarueالقصص الشعيب حسب فهرستها كما يلي:2
أ -حكايات خالصة :تشتمل على كل من اغبكاية :اػبرافية -الواقعية -الدينية -األغواؿ األغبياء.
ب -حكايات اغبيوانات.
ج -اغبكايات اؼبرحة :تضم عددا من اغبكايات من بينها :القصص الٍب هتزأ من األغنياء واألقوياء-
القصص الٍب هتزأ من الفقراء والضعفاء -القصص الٍب هتزأ من سكاف أو ساللة معينة...
أما األؼباين "فوندت "Wundt -فقد حاوؿ يف تقسيمو أف يلم بأكب عدد فبكن من اغبكايات
مستفيدا من الدراسات الٍب سبقتو فجاء تقسيمو بالشكل اآليت:3
-الفابوالت اؼبيثولوجية – حكايات السحر اػبرافية الصرؼ.
-فابوالت اغبيوانات -اػبرافات والفابوالت البيولوجية.
-فابوالت أخالقية -حكايات أصوؿ القبائل والشعوب.
-حكايات ىزلية خرافية وفابوالت ىزلية.
وكبن ىنا لسنا يف مقاـ نقد ،ولكننا كباوؿ كشف االختالؼ بْب الطرؽ واؼبناىج اؼبتبعة يف التصنيف،
فمرة قبده يعتمد على اؼبوضوع أو احملتوى ،وأخرى يعتمد على النوع والشكل.
لقد عرؼ تصنيف القصص الشعيب قفزة نوعية إثر أعماؿ اؼبدرسة الشكالنية الروسية متمثلة يف
دراسة فالديبّب بروب ومنهجو اؼبورفولوجي الذي قسم اغبكايات إُف ؾبموعة من الوظائف ال زبرج
عن إحدى وثالثْب وظيفة "فما إف يتم عد الوظائف حٌب يصبح باإلمكاف ذبميع القصص الٍب
تصطف فيها نفس الوظائف ،وبذا يبكننا اعتبارىا قصصا تنتمي إُف نفس النمط" .1ويعد بروب أوؿ
من أرسى منهجا واضح اؼبعاَف والرؤى من خاللو وجد الدارسوف اؼبنهج الذي افتقدوه يف تصنيفاهتم،
فالتحليل اؼبورفولوجي وصف للحكايات تبعا ألجزائها اؼبكونة ؽبا ،وعالقة ىذه األجزاء بعضها
ببعض ،إضافة إُف عالقتها بالكل 2.وىذا كلو يتوقف على الشكل دوف الغوص يف ؿبتوى النصوص
القصصية ،وىذا ما كاف يعاب على اؼبنهج الوظائفي ،حينها تعمقت دراسة "كلود ليفي ستراوس –
3"C.Lévi Straussعلى األسطورة يف استخراج عدد من الثنائيات الضدية اؼبكونة ؽبا اتسمت
بالعمق ،وَف ىبل كذلك من نقد الفلوكلوريْب.
-2في الدراسات العربية:
الكثّب من الدارسْب يف السرد الشعيب تعرضوا لتصنيف القصص الشعيب بطرؽ ـبتلفة وتصنيفات
تتمايز فيما بينها من حيث الشكل واحملتوى ومن أبرزىم:
-الباحثة اؼبصرية نبيلة إبراىيم الٍب قسمت القصص الشعيب إُف حكايات خرافية وأخرى شعبية،
وكل منها إُف ؾبموعة أخرى من التصنيفات الفرعية ،فكاف تصنيفها األوؿ يقوـ على أساس النوع
ومنو :اغبكاية اػبرافية ،حكاية اغبياة اليومية وحكايات اغبيواف .وسرعامبا تعرض ىذا التقسيم إُف
النقد والتساؤالت حوؿ مدى قدرتو على تقسيم كل أصناؼ القصص بشكل صحيح.
كما اعتمدت يف تصنيفها حسب احملتوى إُف عدة موضوعات "ومن ىنا هبدر بنا أف نصنف
اغبكايات الشعبية الٍب سبثل جوانب اغبياة اؼبختلفة حسب ؿبتواىا إُف اؼبوضوعات اآلتية :حكايات
- 1فالديبّب بروب ،مورفولوجيا القصة ،تر :عبد الكرًن حسن ،ظبّبة بن عمو ،ص .40
- 2اؼبرجع نفسو ،ص .36
وزبرج يف كلية اغبقوؽ عاـ ،1931مث التحق بالبعثة اعبامعية
-كلود ليفي شَباوس :باحث أنثروبولوجي فرنسي ،تلقَّى تعليمو اعبامعي يف السوربوف َّ
الفرنسية يف البازيل حيث أصبح أستاذاً لعلم االجتماع يف جامعة ساو باولو يف الفَبة 1935ػ ،1939وىي الفَبة الٍب قاـ فيها بعمل أحباث حقلية
إثنوجرافية بْب قبائل البورورو يف وسط البازيل والٍب على أساسها أقاـ نظريتو يف علم األساطّب ،ولو كتب عدة منها :األبنية األولية لعالقات القرابة،
األنثروبولوجيا البنيوية ،مث صدرت لو ؾبموعة من الدراسات بعنواف األساطّب أو مقدمة لعلم اؼبيثولوجيا.
11
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
الواقع األخالقي ،حكايات الواقع االجتماعي ،حكايات الواقع السياسي ،حكايات تكشف عن
1
موقف اإلنساف الشعيب من العلم الغييب ،حكايات اؼبعتقدات مث اغبكايات اؽبزلية "
-أما عبد الحميد يونس فقد أطلق على القصص الشعيب مصطلح اغبكايات الشعبية وذكر أنواعها
كما يلي :حكاية اغبيواف ،حكاية اعباف ،حكاية الشطار ،اغبكاية اؼبرحة ،اغبكاية االجتماعية،
2
حكاية األلغاز والسّب الشعبية.
-ونسَبسل يف كيفية تصنيف القصص الشعيب ونتعرض إُف القواعد واألسس الٍب اعتمدىا الباحثوف،
قبد أف الدكتور طالل حرب قد استخدـ مصطلح اغبكايات الشعبية بدؿ القصص الشعيب مثلو مثل
عبد اغبميد يونس ،وقسمها إُف عدد من اغبكايات:
-اغبكاية العجيبة -اغبكاية الواقعية.
-اغبكاية التعليمية -اغبكاية الوعظية.
-حكاية اؼبعتقدات -اغبكاية الرمزية -حكاية البطولة.
وقد فضل الباحث مصطلح اغبكاية العجيبة على اغبكاية اػبرافية ،ألف مصطلح (خرافة) يتضمن
الكذب والفساد ونبا أمراف بعيداف كل البعد عن ىذا النوع من اغبكايات الٍب تشدىا رابطة منطقية
3
متينة تدفعها كبو ىدؼ ؿبدد ،يف حْب مصطلح (عجيبة) انطالقا من بنيتها اغبافلة بالعجائب.
* من خالؿ التقسيمات السابقة نالحظ مدى التداخل بْب أصناؼ القصص الشعيب أو اغبكايات
الشعبية كما ظباىا البعض ،فعبد اغبميد يونس وطالؿ حرب فقد قسما اغبكايات الشعبية بطريقة
مباشرة باعتماد التصنيف العاـ ؽبا دوف التطرؽ إُف التصنيفات الفرعية لكل منهما ،فلو نظرنا إُف نبيلة
ابراىيم قبدىا قد صنفت حكاية الواقع االجتماعي (اغبكاية االجتماعية عند عبد اغبميد يونس) يف
خانة اغبكاية الشعبية .أي تصنيف عاـ وىو اغبكاية الشعبية ،وصنف فرعي ؽبا ىو اغبكاية
االجتماعية.
- 1عبد اغبميد بورايو ،القصص الشعيب دبنطقة بسكرة دراسة ميدانية ،1984 ،ص.63
- 2روزالْب ليلى قريش ،القصة الشعبية اعبزائرية ذات األصل العريب ،دط ،ديواف اؼبطبوعات اعبامعية ،اعبزائر ،1980،ص.89
- 3ينظر :اؼبرجع نفسو ،ص .96،89
- 4عبد اغبميد بورايو ،القصص الشعيب دبنطقة بسكرة دراسة ميدانية ،ص.66
11
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
-ولقد اتبعت الدكتورة حورية بن سالم يف تقسيمها للقصص الشعيب الذي أطلقت عليو مصطلح
"اغبكاية الشعبية "من منطلق أهنا تعِب تلك القصص القصّبة الٍب التزاؿ حية ومتناقلة شفويا بْب
الناس بشكل خاص ،من قصص اغبيواف أو الغيالف أو قصص الوقائع اليومية الٍب قد حدثت أو َف
ربدث أو ستحدث" 1واألصناؼ ىي:
* حكاية الواقع االجتماعي الٍب تستقي موضوعاهتا من واقع الناس االجتماعي والثقايف واالقتصادي.
* حكاية اغبيواف الٍب تتفرع منها حكاية اغبيواف الشارحة وحكاية اغبيواف اػبرافية.
* حكاية اؼبعتقدات الدينية :اؼبعتقدات الشعبية ذات األصل الديِب اؼبتعلقة باؼبعتقدات واإليباف
بالقضاء والقدر واغبساب والعقاب.
* اغبكاية اؼبرحة :أحدوثة قصّبة منثورة ربكي نادرة مسلية تنتهي دبوقف مرح ،تندر فيها اػبوارؽ،
تأخذ موضوعاهتا من اغبياة اليومية للمجتمع.2
* إضافة إُف :اغبكاية اػبرافية ،حكاية األلغاز وحكاية التواتر.
-وقد رأى الدكتور أحمد زغب أف أفضل التقسيمات للقصص الشعيب ىو ذلك الذي اتبعو
مصطفى يعلى يف كتابو (القصص الشعيب باؼبغرب) الذي ميز بْب أربع أصناؼ تندرج ربت مصطلح
عاـ يشملها صبيعا أال وىو (القصص الشعيب) ،3أوؽبا اغبكاية العجيبة الٍب فضلها عن مصطلح
(اغبكاية اػبرافية) ألف ىذه األخّبة ربيلنا مباشرة إُف تراثنا العريب على لساف اغبيواف مثل كليلة ودمنة.
وثانيها ىو اػبرافة الرمزية أو الفابوال ،والثالث ىو اغبكاية الشعبية الٍب تعتمد أساسا على الواقع
االجتماعي تصوره وتنقده ،أما اؼبصطلح الرابع فهو اغبكاية اؼبرحة أو النادرة.
- 1حورية بن ساَف ،اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية دراسة ونصوص ،دار ىومة للطباعة والنشر ،اعبزائر ،2010 ،ص.74
- 2اؼبرجع نفسو ،ص.90
- 3أضبد زغب ،األدب الشعيب الدرس والتطبيق ،مطبعة سخري ،الوادي ،اعبزائر ،ط ،2012 ،2ص.51
12
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
-يف حْب جاءنا الباحث عبد الحميد بورايو بتصنيف ميز فيو بْب أصناؼ أساسية وأخرى متفرعة
منها .تتمايز فيما بينها يف األصل واؼبسار التطوري والظروؼ التارىبية الٍب ساعدت على نشأهتا،
ـبتلفة يف اؼبكونات الفنية واألسلوب والوظائف 1.ىي كما يلي:
* قصص البطولة :ربوي كل من قصص البطولة البدوية ،قصص اؼبغازي ،قصص األولياء ،قصص
الزىاد ،قصص اػبارجْب عن القانوف ،قصص الثوار.
* اغبكايات اػبرافية :يندرج ربتها اغبكايات اػبرافية اػبالصة وحكايات األغواؿ األغبياء.
* اغبكايات الشعبية :حكايات الواقع االجتماعي ،اغبكايات احمللية ،حكايات اغبيواف والنوادر.
2
ويرى بأف ىذه األنواع أو الفروع ىي األكثر انتشارا يف اعبزائر.
ما يُالحظ يف تصنيف عبد اغبميد بورايو أف اغبكاية الشعبية احتوت حكاية اغبيواف ،وىذا ما َف
يذىب إليو الكثّب من الباحثْب الذين ميزوىا عن غّبىا من اغبكايات وكانت صنفا من القصص
عامة ال اغبكاية الشعبية.
من خالؿ ىذه التقسيمات اؼبختلفة ظهر جليا مدى التخبط يف طرؽ التصنيف ،فلم يستقر
الباحثوف حوؿ تصنيف بعينو فحسب ،بل ذباوزا ذلك يف اؼبصطلحات واؼبفاىيم ،ومنها اؼبساواة بْب
مصطلحي القصص الشعيب واغبكايات الشعبية عند باحثْب كعبد اغبميد يونس وطالؿ حرب ،يف
حْب قبد اغبكايات الشعبية ما ىي إال صنف من القصص عند آخرين كعبد اغبميد بورايو .إضافة
إُف تعدد اؼبصطلحات لصنف واحد ،كأف نقوؿ :اغبكاية اػبرافية ،اغبكاية العجيبة أو حكاية الغيالف
أو اػبوارؽ ،أو نقوؿ اغبكاية الشعبية ،اغبكاية الواقعية ،حكاية الواقع االجتماعي ،وكلها تؤدي بنا
إُف نفس اؼبفهوـ عند عدد من دارسي السرد القصصي.
- 1عبد اغبميد بورايو ،األدب الشعيب اعبزائري ،دار القصبة للنشر ،اعبزائر ،2007 ،ص .90
- 2اؼبرجع نفسو ،ص.187
13
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
إف القصص الشعيب لو من الكثرة والتنوع الكثّب إُف درجة يصعب معها حصره أو دراستو ،ؽبذا كاف
لزاما أف سبر عملية التعاطي معو دبجموعة من اؼبراحل األولية الضرورية ،ومنها صبعو وتصنيفو وتبويبو
1
وأرشفتو قبل مقاربتو دبختلف اؼبناىج
لذلك ارتأيت أف أقسم حكايات البحث إُف ثالثة أقساـ أساسية وربت كل قسم عدد من األصناؼ
الفرعية ،وذلك حسب اؼبًب الذي صبعتو.
حكاية الحيوان الحكاية الشعبية الحكاية الخرافية األصناف األساسية
القصص الشعبي
-حكاية اغبيواف التعليلية -حكاية الواقع االجتماعي -حكاية الغوؿ
-حكاية اغبيواف الرمزية -حكاية الواقع األخالقي -حكاية اعباف األصناف الفرعية
(التعليمية) -حكاية الواقع السياسي -حكاية السحر
الجدول رقم ()1
اغبكاية اػبرافية تعد من األصناؼ البارزة ليس يف القصص الشعيب فقط ،وإمبا يف النثر الشعيب عامة،
إذ عبأ إليها اإلنساف وتوسع يف فبارستها على كبو جعل منها فضاء رحبا وبوي ّٔا أفكاره الٍب ما وجد
ؽبا مكانا يف حياتو الواقعية ،ازبذ من شخصياهتا اػبيالية وأحداثها الٍب تتخذ من الرمز واػبرافة عنوانا
لتجسيد طموحاتو وآمالو ،فتغلب دبساعدهتا على الشر واألشرار ،وجسد ّٔا مواقف اػبّب واألخيار.
ونتعرض يف ىذا اؼبقاؿ إُف ماىية اغبكاية اػبرافية بإهباز ،من حيث اؼبفهوـ ،النشأة ،اػبصائص
وموضوعاهتا...
- 1مصطفى يعلى ،القصص الشعيب اؼبغريب :إشك الية التصنيف والتجنيس ،ديواف العرب :منب حر للثقافة والفكر واألدب ،الثالثاء 28أفريل
.2010
14
أوال -الحكاية الخرافية
- 1ابن منظور ،لساف العرب ،تح :علي عبد اهلل الكبّب وؾبموعة من األساتذة ،دار اؼبعارؼ القاىرة،1919،مادة حكى،ص.954
- 2ؾبمع اللغة العربية ،اؼبعجم الوسيط ،اشراؼ شوقي ضيف ،مكتبة الشروؽ الولية ،مصر ،ط ،2004 ،4مادة حكى،ص.220
- 3اؼبرجع نفسو ،ص ف.
- 4الرازي ،ـبتار الصحاح ،أعده للنشر ؿبمد ثامر ،دار مكتبة اؽبالؿ ،بّبوت ،دط ،دت ،ص.106
- 5ابن منظور ،لساف العرب ،مادة خرؼ ،ص .1138
- 6ؾبمع اللغة العربية ،اؼبعجم الوسيط ،مادة خرؼ ،ص .258
- 7ابن منظور ،لساف العرب،ص.1140
16
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
ب -اصطالحا :ولتوضيح اغبكاية اػبرافية بصفة أدؽ وجب التطرؽ إُف الباحثْب يف آّاؿ الشعيب
الذين عرفوا ىذا الصنف من النثر بطريقة مفصلة ،ويف مقدمة ىؤالء الباحثْب ،ربدثت الباحثة نبيلة
إبراىيم فقالت" :اغبكاية اػبرافية البدائية تكونت يف األصل من أخبار مفردة ،تُبعث من حياة
الشعوب البدائية ،ومن تصوراهتم ومعتقداهتم ،مث تطورت ىذه األخبار وازبذت شكال فنيا على يد
القاص الشعيب وأصبحت ؽبا قواعد وأصوؿ ؿبددة " ،1أي أف األصل يف اغبكاية اػبرافية ىي
فبارسات األفراد يف حياهتم اليومية وطريقة تفكّبىم فبثلة مادة خاـ ،قبل أف يصقلها الراوي يف قالب
فِب متميز .وقد أشار الباحث فريدريتش فوندرالين إُف أف "اغبكاية اػبرافية صورة معقدة مركبة ترجع
إُف أقدـ العصور اإلنسانية وما تزاؿ نشطة كذلك يف عصرنا مستمدة منها دواعي حياهتا" .2وبذلك
فاغبكاية اػبرافية ىي شكل فِب أديب ،تعب عما ىبتلج يف نفس اإلنساف من رغبات يف التعبّب عن
ذاتو وعن عاؼبو اػبارجي ،ورغم قدمها فالكثّب من آّتمعات يؤمنوف ّٔا ويعتبوهنا جزءا ال يتجزأ من
ماضيهم اؼبعب عن حضارة أجدادىم .وىذا ما ذكرتو بالتفصيل الباحثة ليلى روزالْب قريش بأف
اغبكاية اػبرافية ما ىي إال "قصة اخَبعها اػبياؿ الشعيب وأضاؼ ؽبا جانبًا خرافيا للتعبّب عن عقيدة
خاصة يؤمن ّٔا الناس ،أو فكرة معينة تتحمس ؽبا اعبماىّب" .3ورغم اختالؼ التسميات من حكاية
حكاية خرافية ،حكاية عجيبة ،خرافة ،أو حكاية السحر واػبوارؽ ،4إال أهنا بقيت ؿبافظة على بنائها
بنائها وشكلها القصصي اؼبميزين.
يف كتابو (مقوالت يف الَباث الشعيب) يعرؼ الناصر البقلوطي اغبكاية اػبرافية بأهنا خطاب شفوي
5
هبمع بْب باث ومتلق هبسد من خالؽبا راويها ؾبموعة القيم الٍب تنظم عالقات أفرادىا
-1نبيلة إبراىيم ،أشكاؿ التعبّب يف األدب الشعيب ،دار النهضة للطبع والنشر ،القاىرة ،دط،دت،ص.56
- 2فريدريتش فوف ديرالين ،اغبكاية اػبرافية(نشأهتا ،مناىج دراستها وفنيتها)،ترصبة نبيلة إبراىيم ،مراجعة عز الدين إظباعيل ،مكتبة غريب ،القاىرة،
دط،دت،ص.69
- 3ليلى روزالْب قريش ،القصة الشعبية اعبزائرية ذات األصل العريب ،ص.144
- 4عبد اغبميد بورايو ،اغبكايات اػبرافية للمغرب العريب ،وزارة الثقافة الوطنية ،اعبزائر ،2007 ،ص.5
- 5ناصر البقلوطي ،مقوالت يف الَباث الشعيب ،منشورات تب الزماف ،تونس ،2005 ،ص .55
17
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
وىو ىنا يوضع العالقة بْب الراوي وبيئتو االجتماعية ،فاغبكاية اػبرافية ما ىي إال تعبّب عن الرؤى
االجتماعية ،كما يعرفها الدكتور عبد اغبميد بورايو بقولو" :اغبكاية اػبرافية إبداع صباِف ذو ظبات
ؿبددة ،وقد عرفتو شعوب العاَف منذ العصور القديبة" .1فهي ؾبموعة من حوادث جزئية ذات طابع
سحري خاص تتكوف يف النهاية لتشكل حدثا كليا ،عاؼبها ؾبهوؿ ،وشخصياهتا خيالية ،كاعبن
والعفاريت والغيالف .كما يفسر من خالؽبا اإلنساف البدائي قديبا عن الظواىر الغامضة والٍب َف هبد
ؽبا تفسّبا يُشبِع فكره كخسوؼ القمر وطلوع النهار وغروب الشمس واؼبطر واعبفاؼ وغّبىا من
ظواىر الطبيعة اؼبختلفة.2
ويتضح كالمنا حْب نتطرؽ إُف تعريف سعيدي ؿبمد ؽبا "اغبكاية اػبرافية يف األصل ىي ذبربة
وقعت لبطل ،وبعد سلسلة من اؼبغامرات واؼبخاطرات ،تلعب فيها اػبوارؽ دورا بارزا ،تَبجم ىذا
الدور من خالؿ حركٍب اعبن والعفاريت والغوؿ والشيطاف واؼبغارات والودياف واغبيواف اؼبفَبس منو
واألليف الصديق اؼبساعد للبطل ،والوحش اؼبعاكس للبطل واػبامت السحري احملوؿ اعبنة إُف جحيم
واعبحيم إُف جنة ،والطائر الذي وبلق بالبطل إُف عاَف ؾبهوؿ ،يقطع بو مسافات طويلة يف برىة من
3
الزمن"...
وكخالصة ؼبا سبق ،يبكن القوؿ بأف اغبكاية اػبرافية ،ؾبموعة من األحداث اػبيالية الواقعة يف عاَف
سحري مليء بشخصيات خارقة كاعبن والغيالف واؼبردة والعفاريت ...يصارع فيها البطل لتحقيق
ىدفو ،يقف أماـ ربقيقو ؾبموعة من الشخصيات اؼبعارضة ،فيما يالقي عددا من اؼبساعدات من
خّبة.
شخصيات ّْ
- 1عبد اؼبلك مرتاض ،اغبكاية اػبرافية يف الغرب اعبزائري ،ؾبلة الَباث الشعيب ،بغداد ،العدد ،1977 ،10ص .8
- 2صبعية التجديد الثقافية االجتماعية ،األسطورة توثيق حضاري ،ط ،1دار كيواف للطبع ،دمشق ،2009 ،ص.42
- 3حورية بن ساَف ،اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية -دراسة ونصوص ،ص .85
- 4نبيلة إبراىيم ،قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية ،ص.124
- 5نبيلة إبراىيم ،البطوالت العربية والذاكرة التارىبية ،اؼبكتبة األكاديبية للنشر ،القاىرة ،ط ،1995 ،1ص.11
- 6اؼبرجع نفسو ،ص ف.
21
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
ومن ىنا كاف لبطل اغبكاية اػبرافية طبيعة خاصة ينفرد ّٔا ،فهو اؼبتنقل خبفة وسهولة كبّبتْب بْب عاَف
آّهوؿ واؼبعلوـ لتقارّٔما لديو ،فيحقق بذلك اؼبعجزات.
-اغبكاية اػبرافية مليئة بالرموز ،ومن أبرزىا (اؼبسخ -التحوؿ) الذي هبعل من شخصياهتا تتحوؿ من
كائن إُف آخر ،ففي حكاية "لوقبة" مثال ربوؿ الولد الصغّب إُف غزاؿ بفعل اؼباء الذي شربو من
البئر" .ولعلو من الصور اؼبألوفة يف اغبكاية اػبرافية أف اؼبرأة اعبميلة الطيبة يف وسعها أف ربوؿ الرجل
اؼبمسوخ يف صورة حيواف إُف رجل صبيل تتزوج بو" .1كما قبد رموزا تبدو يف الوىلة األوُف منافية لواقع
اغبكاية ،إال أف فك شيفرهتا هبعلها ترتبط بالواقع كل االرتباط .ومن الصور كذلك ،صورة اؼبمنوع أو
احملرـ الذي ال وبق للبطل أف ىبَبقو.
ومع ذلك قبد اإلنساف يف اغبكاية اػبرافية ال يقتنع بواقعو حبكم أنو شغوؼ ؿبب لكشف األسرار
واخَباؽ احملظور 2.وما رمز السلطاف واألمّب واؼبلك إال بدائل عن شخصيات أخرى نتعايش معها
3
وكبتك ّٔا يوميا كاألب واألـ وغّبنبا.
-تتَّبع قواعد بناء ؿبددة وثابتة :يف كتابو «اغبكاية اػبرافية» الذي قامت بَبصبتو الدكتورة نبيلة
إبراىيم ،ربدث (فريدريتش فوف ديرالين) عن كيفية بناء اغبكاية اػبرافية ،وأشار لتلك العبارات
وزبتَم ّٔا "إف اغبكاية اػبرافية ال تبدأ فجأة باغبركة كما أهنا ال تنتهي فجأة ،وقدوالصيغ الٍب تبدأ ُ
ألفنا سباما «قانوف البداية» ىذا و«قانوف النهاية» إُف درجة أننا قلَّما نتصور غّبنبا .فاغبكاية اػبرافية
نادرا ما تنتهي فجأة خبطبة وزواج البطل ،فاغبكاية اػبرافية ال تبدأ فجأة باغبركة بل ؽبا قانوف للبداية
4
قصر تُستَفتُح
ُ ت
َ أو وؿُطَت اتر عبا من تتألف الٍب اؼبسجوعة اؼبقدمة تلك يف ىذا ويتضح آخر للنهاية.
تُستَفتُح ّٔا اغبكاية اػبرافية ،ىذا ما يسمى باالستهالؿ أو اؼبقدمة االستهاللية.
-الشخوص الرئيسية السبعة :ترى الباحثة نبيلة إبراىيم أف اغبكاية اػبرافية تتميز بشخوصها السبعة
الٍب ال زبرج عنها كل حكاية وىي :الشخصية الشريرة الٍب تؤذي البطل ،الشخصية اؼبساعدة الٍب
تساعد البطل يف القضاء على الشر ،الشخصية اؼباكبة الٍب زبتب البطل وهتبو األداة السحرية ،شخصية
األمّبة أو الزوجة بصفة عامة ،الشخصية الٍب تُبعد البطل يف بداية اغبكاية ،شخصية البطل ،شخصية
البطل اؼبزيف.1
-3موضوعات الحكاية الخرافية:
يف تصنيف القصص الشعيب يالقي الباحث صعوبة بالغة يف اتباع طريقة ؿبددة يف اختيار منهج واضح
للتصنيف ،وىذا راجع لتداخل أصناؼ القصص فيما بينها من جهة ،واختالؼ الدارسْب يف ؾباؿ
األدب الشعيب حوؿ اؼببادئ الٍب يبكن االعتمادي عليها يف التصنيف كما ذكرنا سابقا .والصعوبة
نفسها هبدىا الباحث يف مواضيع الصنف الواحد من القصص ،باعتبار ىذا األخّب ىو الباب الكبّب
الذي تندرج ربتو أنواع اغبكايات (اػبرافية ،الشعبية الواقعية واغبيواف) ،وبعد صبعي ودراسٍب ؼبدونة
ربوي أكثر من عشرين حكاية خرافية "سوفية" ،وجدت أهنا ال زبرج تقريبا عن السحر أو اعبن أو
الغوؿ .وبالتاِف ارتأيت اختيار مواضيع اغبكاية اػبرافية على ىذا األساس.
أ -حكاية الغول" :الغوؿ" شخصية خرافية كثّبا ما استعاف ّٔا راوي اغبكاية اػبرافية ليس يف اؼبنطقة
فحسب ،بل يف كافة األرجاء على حد سواء ،وكانت خرافات الغيالف منتشرة بكثرة شديدة يف
اعبزيرة العربية وكثّب من البقاع .2يصور الراوي الشعيب "السويف" صراعا بْب ىذا الكائن الغريب
والكائن البشري الذي رغم ضعف البنية اعبسدية إال أنو يتغلب غالبا على الغوؿ الذي يتصف بصفة
الغباء ،فبذكاء البطل يف اغبكاية يقتل الغوؿ أو يفر منو .وقد أطلق عبد اغبميد بورايو على ىذا النوع
من اغبكايات اػبرافية اسم "حكاية األغواؿ األغبياء"،3يف إشارة إُف اهنزاـ الغوؿ يف النهاية بسبب
غبائو وعدـ مقدرتو على ؾباراة البطل البشري اؽبزيل البنية ،رغم ما يتمتع بو من قوة مورفولوجية
ىائلة .كما يبتعد راوي ىذا الصنف من اغبكايات اػبرافية عن االستعانة بالسحر والسحرة فيها
و"زبلو من التحوالت السحرية الٍب نعثر عليها يف اغبكاية اػبرافية اػبالصة".1
ب -حكاية الجان :يف ىذا الصنف قبد أحداثها تدور دائما يف بالد بعيدة كل البعد عن عاَف
الواقع ،فقد قبد شخصية اعبن ؾبسدة تلعب دورا مهما يف اغبكاية ،فقد يهب البطل أداة سحرية
تساعده يف ربقيق مبتغاه .وقد عرؼ العرب األفكار واؼبعتقدات اػبرافية عن اعباف من بالد اليمن
2
لقرّٔا من اؽبند وفارس بالبحر األضبر ومن مث انتشرت بأوروبا.
وقد يكوف أبطاؿ حكايات اعباف شخصيات ال أظباء ؽبا ،كأف نطلق لقب اؼبلك أو العجوز أو
األمّبة ونكتفي ّٔذا القدر دوف التفصيل .3ففي ىذا الصنف ال قبد البطل يقوـ بكل األعماؿ اػبارقة
بنفسو وإمبا دبساعدة شخصية اعبن ،ىذه األخّبة الٍب سبد يد اؼبساعدة لو وتكوف دافعا وراء البطل
للوصوؿ إُف اؽبدؼ" ،واعباف كائن خارؽ غّب منظور يف العادة ،وىو إما خّب معْب وإما شرير خبيث
4
وإما شقي ساخر"
ج -حكاية السحر :عكس اؼبواضيع السابقة ،يتصف الكائن البشري بالسحر ،وسبثل شخصية
"الستُّوتَة" -اؼبوجودة يف كثّب من اغبكايات اػبرافية يف اعبزائر -أبرز شخصية قائمة ّٔذا الدور ،فهي
َّ
الٍب تساىم يف سحر الفتاة اعبميلة ،وتلعب العجوز القبيحة الدور ذاتو حْب تكيد اغبِيَ َل للفتاة
اعبميلة لتُنزؽبا من أعلى الشجرة ِغ َّبة وحسدا منها ومن صباؽبا وتغرس دبوسا يف رأسها-يف حكاية
الليمونات الثالثة -كما سبيل زوجة األب الغيور اؼبضمرة للشر ،إُف استعماؿ السحر أحيانا للكيد من
أبناء وبنات زوجها من الزوجة األوُف.
وقد يبز السحر يف ربوؿ اإلنساف إُف حيواف عن طريق "اؼبسخ" ( )Métamorphoseالذي
ستخدـ الطقوس السحرية ؽبذا الغرض( ،حكاية "لوقبة") .فقد ربط اػبياؿ الشعيب بْب
غالبا ما تُ َ
الشخصيات البشرية واػبيالية بالسحر ،فالساحر يستطيع حبكم قواه اػبارقة أف يستدعي الوحش
1
لتدمّب ما يريد أو إلخافة شخص ما أو مدينة معينة.
-4نشأة الحكاية الخرافية:
إف صلة الَباث باألمم صلة حتمية ،ألف الَباث نتاج عمل صباعي بشري سابق ،وبديهي أف األمة
الٍب سبتلك تراثا ضخما ىي أمة عريقة ،واغبكاية اػبرافية جزء ال يتجزأ من الَباث الشعيب اؼبوغل يف
القدـ تعكس بصدؽ تاريخ آّتمعات 2لذا فهي تتشابو يف أغلب بقاع العاَف ،ويتفق جل دارسي
األدب الشعيب السردي أف أصوؿ اغبكاية اػبرافية اؼبتداولة يف كل ثقافات العاَف أصوؿ مشَبكة تغور
يف أعماؿ األزمنة السحيقة 3.وفبا الشك فيو أف ربديد البعد الزمِب للحكاية اػبرافية ىو ربديد زمن
وجود اإلنساف على وجو البسيطة ،فمذ ُوِجد اإلنساف على األرض وىو يعب عما هبوؿ يف خاطره من
رغبات وأماين يطمع وصوؽبا ،وعن آالـ وأحزاف يسعى ذباوزىا .وىذا ما ذىب إليو الكثّب من
الباحثْب مثل فريدريتش فوندرالين الذي سبسك بفكرة قدـ اغبكاية اػبرافية يف التاريخ البشري حٌب أنو
َف يستطع ربديد زماف نشأهتا نظرا لعراقتها التارىبية " إف اغبكاية اػبرافية ترجع بنا إُف عصور تسبق
كل تاريخ مدوف ،كما أهنا ترجع بنا إُف بداية الفن الشعري إُف عاَف آخر من الفكر واالعتقاد واغبق
والدين".4
وعن التشابو الكبّب يف اؼبسار السردي للحكايات حوؿ العاَف يرى األخواف األؼبانياف (جرًن) أف
اغبكايات الٍب صبعوىا يف ـبتلف مناطق أوربا متشأّة ،وأف عامل اؽبجرة ىو الذي لعب الدور الرئيس
يف ىذا التشابو .5وجاء بعدىم العاَف "تيودور بنفي" لينفي ىذه النظرية ويؤكد بأف اؼبوطن األصل
للحكايات ىي اؽبند 6.وىذا ما ذىب إليو "ثيودور بنفي" الذي أرجع صبيع اغبكايات إُف أصل واحد
- 1فاروؽ خورشيد ،عاَف األدب الشعيب العجيب ،دار الشروؽ ،القاىرة ،ط ،1991 ،1ص .130
- 2بولرباح عثماين ،دراسات نقدية يف األدب الشعيب ،الرابطة الوطنية لألدب الشعيب ،اعبزائر ،ط ،2009 ،1ص.12
- 3ناصر البقلوطي ،تدوين األدب الشعيب حفظ أـ نقض لفظ ،ؾبلة الثقافة الشعبية ،البحرين ،العدد ،2012 ،17ص.16
- 4فريدريتش فوف ديرالين ،اغبكاية اػبرافية(نشأهتا ،مناىج دراستها وفنيتها)،ترصبة نبيلة ابراىيم ،ص.9
- 5أضبد علي مرسي ،مقدمة يف الفلوكلور ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،ط ،1987 ،3ص.250
- 6أضبد علي مرسي ،مقدمة يف الفلوكلور ،ص .251
23
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
واحد وىو اؽبند يف نظريتو (اؼبستهندين) ،1يف حْب ترى نظرية (اؼبيثولوجيا الشمسية) الٍب تزعمها
"ماكس مولر" أف كل اغبكايات واػبرافات واألساطّب عبارة عن مرض لغوي أصاب اللغة األـ
ّٓموعة اللغات اؽبندو أوربية ونشرت الصراع بْب أبطاؿ اغبكاية والغيالف مثال أنو صراع بْب الشمس
2
والقمر أو الضوء والظلمة.
بينما يرى صاٌف بن ضبادي أف "اػبرافات الشعبية قديبة قدـ اإلنساف على وجو البسيطة ،وتعود
إُف أقدـ العصور البشرية" 3وىذا يظهر العالقة الدفينة بْب اغبكاية اػبرافية واألسطورة ،ألف ىذه
األخّبة كذلك ترجع إُف اغبياة البدائية األوُف ،الٍب كاف يعيشها اإلنساف بالتوازي مع اغبيوانات البية
يف الغابات ،وما يالحظو من تغّب للكوف وللطبيعة من حولو فحاوؿ تفسّب ىذه الظواىر .لقد كانت
اغبكاية اػبرافية ترتبط دائما باألساطّب .4ومن ىنا بدأ ىذا الفن يف النشأة ليكوف أقدـ األصناؼ
الشعبية واألشكاؿ التعبّبية فبثال يف ذلك الزمن البعيد بداية رحلة اإلنساف اؼبستمرة يف ؿباولة إهباد
االنسجاـ مع كل ما وبيط بو من مظاىر الطبيعة اؼبختلفة.5
إف التشابو اغباصل للحكاية اػبرافية يف كل البقاء يردىا إُف أصل واحد ،فرغم ما يفصل
بعضها عن بعض من مسافات زمنية ومكانية بعيدة قبدىا تتشابو ألسباب ىي:6
-سباثل األفكار األساسية عند الشعوب.
-سباثل وسيلتهم يف عرض شخصيات بعينها.
-وجود نفس الوقائع لديهم.
-التماثل يف طرائق حلوؿ الوقائع لدى الشعوب.
- 1حسن الشامي ،نظم فهرست القصص الشعيب ،ؾبلة الفنوف الشعبية ،العدد ،100ديسمب ،2015للهيأة اؼبصرية العامة للكتاب ،ص.77
- 2اؼبرجع نفسو ،ص ف.
- 3صاٌف بن ضبادي ،دراسات يف األساطّب واؼبعتقدات الغيبية ،دار بوسالمة ،تونس،ط ،1983 ،1ص.123
- 4فريدريتش فوف ديرالين ،اغبكاية اػبرافية(نشأهتا ،مناىج دراستها وفنيتها)،ترصبة نبيلة ابراىيم ،ص11
- 5حامت ك عب ،أنثروبولوجيا اغبكاية اػبرافية ،قراءة يف األصوؿ الفكرية والعقدية للحكاية اػبرافية ،ؾبلة كلية اآلداب واللغات ،جامعة ؿبمد خيضر ،
بسكرة ،العدد ،16ديسمب ،2014ص.184
- 6فريدريتش فوف ديرالين ،اغبكاية اػبرافية(نشأهتا ،مناىج دراستها وفنيتها)،ترصبة نبيلة ابراىيم ،ص .31
24
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
ويف ؿباولة منا إُف معرفة فَبة زمنية أو مكانية لنشأة اغبكاية اػبرافية وجدنا أهنا ال ترجع بنا إُف
األزمنة اؼباضية فقط ،فما نعده اليوـ قديبا موغال يف القدـ ما يزاؿ حٌب اليوـ يف بعض اغبضارات
البدائية مضموف الفكر والعقيدة .1فاػبرافات الٍب وصلتنا يعود بعضها إُف ما قبل األلف الثالثة قبل
ميالد اؼبسيح -عليو السالـ -أي يعود إُف فجر اغبضارات اإلنسانية الكبى ،2وىذا ما ذىب إليو
(فريدريتش فوف ديرالين) حْب أقر بوجود اغبكاية اػبرافية عند أقدـ اغبضارات البشرية كشعوب اؽبند
والعرب وموىبتهم الكبّبة يف خلق تلك اغبكايات وصياغتها يف أكمل صورة فنية" 3فنحن مبلك
حكايات خرافية لبابل ومصر يرجع تارىبها إُف ما قبل ثالثة آالؼ سنة قبل اؼبسيح ،كما أف أقدـ
خرافات اؽبند والصْب نشأت يف األلفي سنة قبل اؼبيالد ،مث تبع ذلك ظهور بوادر للحكايات اػبرافية
عند اليهود وبالد اإلغريق".4
ويذىب الدكتور أضبد كماؿ زكي إُف أف اغبكاية اػبرافية ذات أصوؿ عربية ،ويستدؿ على
ذلك باكتسأّا شهرة واسعة يف العصور الوسطى وتأثّبىا يف نتاج األوربيْب طواؿ عصر النهضة وبعده
"ومن احملتمل أف نعثر على أصوؿ اػبرافات إذا أخذنا بوجهة النظر العربية الٍب تقر بأف البشر صبيعا
عاشوا أوؿ ما عاشوا يف صعيد واحد -لعلو أرض اعبزيرة أو لعلو الشاـ أو لعلو اليمن– قبل أف
يتفرقوا ،وحيث ُوِجدوا ُوِجدت الشائعات وما بُب عليها من حكايات خرافية".5
وقد أشار عبد اغبميد يونس إُف وجود جذورىا يف تاريخ العرب قديبا فقاؿ بأف "يف األدب
العريب طائفة من اؼبصطلحات تؤكد وجود القصص كعنصر أساسي من عناصر التعبّب األديب من
اعباىلية إُف ىذا العصر الذي نعيش فيو".6
- 1فريدريتش فوف ديرالين ،اغبكاية اػبرافية(نشأهتا ،مناىج دراستها وفنيتها)،ترصبة نبيلة ابراىيم ،ص.10
- 2صاٌف بن ضبادي ،دراسات يف األساطّب واؼبعتقدات الغيبية،ص.123
- 3فريدريتش فوف ديرالين ،اغبكاية اػبرافية(نشأهتا ،مناىج دراستها وفنيتها)،ترصبة نبيلة ابراىيم،ص.11
- 4ينظر :اؼبرجع نفسو ،ص.11،10
- 5أضبد كماؿ زكي ،األساطّب تراث اإلنسانية ،اؽبيأة اؼبصرية العامة للكتاب ،مصر ،2002،ص.21
- 6عبد اغبميد يونس ،اغبكاية الشعبية ،ص .9
25
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
فرغم وجود مصطلح ( ) mythosيف اغبضارة اليونانية القديبة والٍب تعِب خرافة ،إال أف
1
أشكاؿ السرد العريب قديبا حوت ؾبموعة من اؼبصطلحات الٍب تشّب إُف مكانة اغبكاية اػبرافية.
وحٌب ال نطيل البحث أكثر يف نشأة اغبكاية اػبرافية ،الٍب من اؼبستحيل ربديد فَبة زمانية أو
مكانية ؽبا ،فقد أقر (فوندرالين) بصعوبة اإلجابة عن ىذا السؤاؿ حْب قاؿ" :السؤاؿ عن أصل
اغبكاية اػبرافية أو أصوؽبا من الصعوبة دبكاف اإلجابة عنو ،أو ىي تستحيل على اإلطالؽ ،فلن قبد
ص ُدؽ بالنسبة لكل اغبكايات اػبرافية".2
إجابة واحدة تَ ْ
اغبكاية الشعبية حكاية الواقع ،حكاية اغبياة اليومية ،اغبكاية الٍب يعاًف ّٔا الراوي الواقع
بأسلوب واقعي بعيد عن استخداـ الرمز واػبياؿ ،تنقد مشاكل اعبماعة بأسلوب سهل وعبارات
بسيطة بعيدة عن التعقيد .وىي تعب عن ذبارب الشعوب وخباهتا ووجداهنا اعبمعي ،فهي خياؿ
عفوي جامح صوب األحالـ واؼبُب اعبميلة .1وللتعرؼ أكثر عن ىذا الصنف من القصص الشعيب
ؼبدونة البحث ،وجب تعريفها وإبراز رأي الباحثْب فيما ىبص نشأهتا ،موضوعات دراستها
وخصائصها الٍب جعلت منها صنفا بارزا يف السرد الشفوي.
-1مفهوم الحكاية الشعبية:
تتخذ اغبكاية الشعبية موضوعاهتا من مسائل العالقات االجتماعية واألسرية واألخالقية
والدينية ،والعناصر القصصية الٍب تستخدمها اغبكاية الشعبية معروفة لنا صبيعاً؛ وذلك مثل زوجة
األب اغبقود وغّبة الشقيقات يف األسرة من البنت الصغرى الٍب تكوف يف العادة األصبل واألحب ،أو
غّبة األشقاء من شقيقهم األصغر اؼبفضل لدى األب ،ونقد اعبوانب األخالقية واإلنسانية ،وما إُف
ذلك.
واغبكاية الشعبية واقعية إُف أبعد حد وزبلو من التأمالت الفلسفية واؼبيتافيزيقية ،مركزة على
أدؽ تفاصيل اغبياة اليومية ونبومها .وىي رغم استخدامها لعناصر التشويق ،إال أهنا ال تقصد إُف
إّٔار السامع باألجواء الغريبة أو األعماؿ اؼبستحيلة ،ويبقى أبطاؽبا أقرب إُف الناس العاديْب ،الذين
نصادفهم يف سعينا اليومي .فهي تتخذ من واقع الناس االجتماعي والنفسي واإلنساين .. .موضوعا
ؽبا ،معتمدة اؼبوضوعية والواقعية يف تناوؿ تلك اؼبواضيع الٍب تربطها البيئة االجتماعية ،وبشخوص
واقعية يكاد اؼبستمع أف يعرفها ،ووبس دبعاناهتا ،وغالبا ما تقدمها مبط ىذه اغبكايات من خالؿ
مفارقات اجتماعية سبثل ربديا للبطل الذي يسعى إُف إلغائها ،دوف تدخل عناصر غيبية ،ولذلك
فاغبدث يف حكايات ىذا النمط يتميز بالواقعية حبيث أنو إذا َف يكن قد وقع فعال ،فإنو فبكن
- 1ؿبمد عبد الرضباف يونس ،األسطورة :مصادرىا وبعض اؼبظاىر السلبية يف توظيفها ،األؼبعية للنشر ،قسنطينة ،ط ،2014 ،1ص.76
28
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
الوقوع .وىي بذلك خلق حر للخياؿ الشعيب ينسجو حوؿ حوادث مهمة وشخوص ومواقع تارىبية
تتطور مع العصور حبيث تنقل شفاىيا ،فهي بذلك واقعية إُف أبعد اغبدود.
عرؼ الدارسوف للحكاية الشعبية بأهنا اغبكاية األكثر واقعية من بْب أصناؼ القصص الشعيب،
وىذا راجع الرتباطها الوثيق دبعاعبة اؼبشكالت الٍب تواجو اعبماعات بطريقة بعيدة عن استخداـ
الشخصيات اػبارقة والعجيبة ،وإف وجدت فتكوف لغرض ىبتلف عما ىي عليو يف اغبكاية اػبرافية
مثال ،وسنشرح ىذا بالتفصيل يف اعبانب التطبيقي للبحث .تقوؿ الباحثة نبيلة إبراىيم بأف اغبكاية
الشعبية ىي "حكاية يصدقها الشعب بوصفها حقيقة ،وىي تتطور مع العصور وتتداوؿ شفاىة ،كما
أهنا زبتص باغبوادث التارىبية الصرفة ،أو باألبطاؿ الذين يصنعوف التاريخ" 1والواقعية ىي اغبقيقة،
الٍب ال هبد ناقلوىا وسامعوىا صلة بينها والرمز واػبياؿ .وتعود الباحثة لتفصل يف موضوعها الذي
يتداوؿ مشافهة ،وكيف أف الناس يصدقوف حوادثها ،فاغبدث يهم الشعب سواء سبثلت يف نطاؽ
ضيق كاألسرة أو القبيلة ،أو يف نطاؽ واسع يشمل الشعب بأسره 2.وسلك الدكتور عبد اغبميد
يونس نفس اؼبنهج رغم أنو أطلق عليها اسم "اغبكاية االجتماعية" إال أف تعريفو ؽبا كاف يف نفس
صياغ نبيلة إبراىيم ،إذ يرى بأهنا تتخذ منهجا اجتماعيا تدرس فيو سلوؾ الفرد واعبماعات بقصد
النقد البناء واإلصالح اإلهبايب للقضايا ،بعيدا عن اؼببالغة والشخصيات اػبيالية ،فَبسم لنا مباذج
بشرية دالة عن طبقة أو حرفة أو ضرب من ضروب اغبياة.3
ويف ذات السياؽ ،عبت حورية بن ساَف يف دراستها للحكاية الشعبية البجاوية ،عن حكاية
الواقع االجتماعي ،وىنا قبد أنفسنا مع سباثل يف اؼبفاىيم السابقة لكن ؼبصطلح جديد ،فجردت ىذا
الصنف من اػبياؿ غالبا ومتنت عالقتها بالواقع االجتماعي ،الديِب أو السياسي للجماعة
"فاغبكاية الشعبية تستقي موضوعاهتا من واقع الناس وحياهتم ،فهي تتحدث عن واقع بيئتها
دبختلف أبعادىا :االجتماعية ،االقتصادية والفالحية ...ومن ىنا فإهنا تكتسي طابع النحلية
واالقليمية ،كما أف ىذه الواقعية تتسم باؼبوضوعية يف نقل األحداث ويتخللها من حْب إُف آخر
خياؿ ،لكنو يبقى دائما خياال مقبوال" .1إف العامل اؼبشَبؾ بْب ىذه التعريفات ىو واقعية اغبكاية
الشعبية وارتباطها بقضايا آّتمع ،دراسة هتدؼ إُف اإلصالح جبوانبو اؼبختلفة ،حيث يكوف اتصاؽبا
باػبياؿ إف وجد ،فبصورة مقبولة.
-2خصائص الحكاية الشعبية:
للحكاية الشعبية عدد من اؼبيزات من حيث الشكل واؼبضموف والشخصيات وكذا مسارىا
السردي وىي كاآليت:
-تعاًف اغبكاية الشعبية موضوعا واقعيا بطريقة واقعية بعيدة عن الرمز واػبياؿ ،فالعاَف ىنا عاَف معلوـ
يعايشو اؼبستمع والقارئ ؽبا يوميا ،فال يبكن لبطل اغبكاية ىنا أف ينتقل من عاَف واقعي إُف عاَف
سحري ؾبهوؿ .فنجد شخصية البطل يف اغبكاية الشعبية تنمو من الداخل ،حبيث يشعر باػبطر
الذي يتهدده من حولو ،فيحاوؿ استكشافو داخل نفسو وعالقتو دبصّبه .فهو يكشف لنا ذبربة
إنسانية قد نعيشها يف عاؼبنا الواقعي ،وىو أسّب القيود الٍب تكبلو.2
-للحكاية الشعبية زماف ومكاف تدور فيو أحداثها 3.ويظهر من خالؿ سّب األحداث حْب قبد
شخصيات اغبكاية تتحرؾ يف فضاء زماين ومكاين معلومْب ،حبيث يبارسوف نشاطهم بطريقة طبيعية.
-شخصيات اغبكاية الشعبية شخصيات واقعية ،مبارس نشاطاتنا معها يوميا بصفة عادية ،فبطلها
من البشر بصفات بشرية عادية غّب خارقة .فالبطل ال يتعامل مع مثل ىذه الشخوص ألنو يعيش يف
جو واقعي يؤخذ مأخذ اغبقيقة يف الغالب .وىذا ال يعِب أنو ال يتعامل أبدا مع قوى وأشكاؿ من
العاَف آّهوؿ ،بل قبده يستعْب بأصناؼ السحر ويعتقد بوجود القوى الشيطانية الٍب تسكن عاؼبو
اؼبرئي ولكن بطريقة ـبتلفة .فهو ال ينغمس كل االنغماس يف العاَف العجائيب السحري آّهوؿ ،فتلك
- 1حورية بن ساَف ،اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية ،دراسة نصوص ،ص .74
- 2ينظر :نبيلة إبراىيم ،قصصنا الشعيب من الواقعية إُف الرومانسية ،ص125 ،124
- 3على أضبد ؿبمد العبيدي ،اغبكاية الشعبية اؼبوصلية بْب التجنيس وتعدد األمباط ،ؾبلة دراسات موصلية ،العدد ،2009 ،2ص .85
30
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
اؼبخلوقات الغيبية تعتب قوى منعزلة عن حياتو الواقعية توظف باعتبارىا رموزا تصل بالبطل إُف اغبقيقة
الٍب هبهلها.1
من بْب اؼبيزات نذكر أيضا وباختصار:2
-اغبكاية الشعبية تعيد ذكر اؼبواقف الٍب حدثت أو يبكن أف ربدث يف الواقع.
-تنمو شخصية البطل من الداخل ،دبعُب أف األحداث اؼبعاعبة ىي الٍب تزيد من قوتو وبراعتو،
فتنتهي بتأكيد وجود الشر يف حياة اإلنساف.
-بنيتها بسيطة ،وبطلها على وعي تاـ دبا يدور حولو من خطر فبا يثّب يف نفسو الفزع والرىبة.
-3مواضيع الحكاية الشعبية:
أ -حكاية الواقع االجتماعي :ربرص اعبماعات الشعبية على بناء روابط اجتماعية متينة ،تزيد من
توطيد العالقات فيما بينهم ،فنجد ىذا النوع من اغبكايات يتخذ مادتو اػباـ من واقع الناس
االجتماعي والنفسي ،الذي تربطو البيئة االجتماعية بأشخاص يكاد يدركهم اؼبستمع 3.فينقد الراوي
من خالؽبا الظواىر السلبية يف آّتمع حٌب يتخلص منها ،وباؼبقابل ّْ
يرغب األفراد يف ترسيخ اؼببادئ
اغبميدة حٌب يتسُب ؽبم العيش يف طمأنينة ،كما أهنا ال تكتفي بالنقد فحسب ،بل تبز مواقع اػبطأ
وكيفية إصالحو حٌب يتسُب ؽبم العيش يف أمن بعيدا عن اآلفات الٍب تنخر جسد آّتمع.
إف من أبرز ما تعاعبو ىذه اغبكايات من مواضيع اجتماعية العالقات األسرية كالزواج ،فمثال
وباوؿ الزوج إظهار سلبيات زوجتو لصهره الذي ىو عمو ،فدعاه إليو يف مأدبة عشاء وانتظرا طويال
ولكن الزوجة كانت نائمة يف اؼبطبخ بدؿ إعداد العشاء ،وىكذا طلق الرجل ابنة عمو دوف مشاكل
القتناع العم بأف ابنتو ربتاج تربية قبل تزوهبها .كما هتتم حكاية الواقع االجتماعي بطبقات آّتمع،
ونظرة األغنياء إُف الفقراء احملتاجْب ،تلك النظرة السلبية الٍب ولدت طبقية قسمت آّتمع إُف
قسمْب .واؼبشاكل اؼبصاحبة للورثة يف تقسيم الَبكة واإلرث ...وغّبىا من اؼبشاكل االجتماعية.
- 1ينظر :نبيلة إبراىيم ،قصصنا الشعيب من الرومنسية إُف الواقعية ،ص.126 ،125
- 2ينظر :أضبد زغب ،األدب الشعيب الدرس والتطبيق ،ص .65،66-،64
- 3سي كبّب أضبد التجاين ،اغبكاية الشعبية يف منطقة ورقلة ،ؾبلة األثر ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة ،اعبزائر ،العدد ،19جانفي ،2014ص.132
31
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
ب -حكاية الواقع األخالقي :األخالؽ ىي اؼبرآة العاكسة للمجتمعات ،فإذا أراد الواحد منا معرفة
التطور الفكري والنضج العقلي عبماعة ما ،فلينظر إُف أخالؽ أفرادىا .يقوؿ أضبد شوقي:
إمبا األمم األخالؽ ما بقيت *** فإف ىم ذىبت أخالقهم ذىبوا
صالح أمرؾ لألخالؽ مرجعو *** فقوـ النفس باألخالؽ تستقم
األخالؽ ىي العمود الفقري الذي تقوـ عليو األمم ،وىذا ما جعل رواة السرد الشفوي الشعيب
يهتموف دبثل ىذه اؼبواضيع ،فكرموا مكارـ األخالؽ وذموا مساوئها ،وعاعبوا القضايا األخالقية
واإل نسانية الٍب انتشرت يف ؾبتمعاهتم .وال هتتم حكايات الواقع األخالقي بإبراز العيوب األخالقية
فحسب ،ولكنها تشّب من ناحية أخرى إُف بعض القيم اإلهبابية الٍب يراىا الشعب مؤدية إُف اغبياة
اؽبادئة الٍب يبكن أف يعيشها الفرد يف تفائل تاـ.1
ومن اؼبواضيع الٍب تتناوؽبا ىذه اغبكايات منتقدة إياىا وؿباولة إصالحا :الظلم ،الغدر ،العداوة،
انتشار النزعة اؼبادية بْب أفراد آّتمع الواحد ...يف حْب ربث على التحلي بالعدؿ والوفاء واػبوة
وتغليب النزعة اإلنسانية بْب األفراد وآّتمعات .وسنتحدث بالتفصيل عنها وأكثر يف اعبزء التطبيقي.
ج -حكاية الواقع السياسي :يندمج الفرد مع حياتو اػبارجية ،فيتأثر ّٔا ويؤثر عليها بأشكاؿ سردية
شعبية ـبتلفة ،أبرزىا حكاية الواقع السياسي الٍب تسلط الضوء على عالقة السيد باؼبسيَّد ،واغباكم
باحملكوـ ،واألمّب بشعبو ومدينتو ،وقد استقيت من راوية باؼبنطقة أثناء صبع مدونة البحث حكاية
تسرد أحداث صراع بْب سارؽ من بسطاء الشعب وملكو الذي يعتلي ىرـ اغبكم ،سنعرضها
بالتفصيل يف اعبزء التطبيقي .وعالقة اغباكم اؼبتسلط بشعبو الذي شاء أف يتخلص من الشيوخ
اغبكماء بلده ،بأف أمر كل شاب بقتل أبيو ،وىذه من بْب العالقات الٍب تربط الشعوب دبن
وبكمها 2كما أف نقد الراوي للحاكم يف ظل نظاـ سياسي معْب ،ينبع من حبو للتغيّب كبو األفضل
"وإذا كاف اإلنساف الشعيب يبز يف صدؽ ما يلمسو من عيب يف ظل النظاـ السياسي الذي يعيش
فيو ،فهو يف الوقت نفسو ال ينكر اؼبكاسب الٍب حصل عليها يف ظل ىذا النظاـ" 1واغبكايات يف
ىذا آّاؿ كثّبة يف أدبنا الشعيب العريب .فاغبكايات ذبمع بْب سيطرة األسرة ببنائها اؽبرمي وبْب نشوء
النظاـ االقطاعي اؼبتمثل يف اغباكم أو السلطاف أو اؼبلك ،فما كاف من اغبكايات إال أف ضبلت ظاىرة
2
الصداـ بْب ىذين اؼبكونْب الرئيسْب للمجتمعات أال وىي الشعب والسلطاف.
-4نشأة الحكاية الشعبية:
َف يستطع الباحثوف ربديد اؼبصدر التارىبي أو اعبغرايف للحكايات الشعبية نظرا لَبحاؽبا وتغّبىا
اؼبستمر يف الزماف واؼبكاف ،فهي عابرة للحدود وأىم اؼبؤثرات الٍب منحتها شكلها اؼبتداوؿ ىي الزمن،
القوافل ،واالستعمار والغزوات خالؿ آالؼ السنْب ،وىي الٍب صقلت اللغات والشعوب والتواريخ
3
واألفكار فنقلت قيم آّتمع ومعارفو وحكمتو يف أوساط اؼبتلقْب.
اغبكاية الشعبية ليست حديثة النشأة ،بل ىي عريقة وموغلة يف القدـ ،ولكن إذا قارناىا مع
الصنف األوؿ -أال وىو اغبكاية اػبرافية – فيمكن القوؿ بأهنا – أي اغبكاية الشعبية – قد نشأت
يف فَبة زمنية تليها ،وىذا راجع لتطور الفكر البشري البدائي الذي آمن حبقيقة األساطّب واػبرافات،
واستمد شخصيات خارقة كالعفاريت واعبن والغوؿ يف تفسّب الظواىر احمليطة بو ،وإهباد القدرة الٍب
افتقدىا يف معاعبة مشكالت حياتو اليومية .فبفعل عوامل التغيّب الٍب تعَبي حياة اعبماعة ،من
النواحي االجتماعية ،الدينية والسياسية ،فهذا البد أف تعب عنو يف أشكاؿ تعبّبىا ويَبتب عنو إدراؾ
بعدـ قدرة األشكاؿ القديبة عن التعبّب دبا ىبتلج يف نفوس أفرادىا ،تغيّب يصيب الشكل واؼبضموف
معا 4.وال يعتب ىذا التغيّب سلبا ،بل العكس من ذلك سباما ،فهو قدرة على خلق شكل فِب جديد
استجابة لنمو مقدرهتا الفنية 5.وكبن ىنا ال نعيب الفكر اإلنساين القدًن ،وقبرده من قدراتو الفنية
اػبارقة يف اإلبداع الفِب واألديب ،وإمبا نفسر قدرة الفرد البشري على التكيف مع ظروؼ حياتو،
وبالتاِف اكتساب كفاءات جديدة سبده باعبرأة الفنية يف اإلبداع.
وما يزيدنا حجة أف اغبكاية الشعبية وليدة إبداعات شعبية سابقة ،الكالـ الذي ذكرتو الدكتورة
غراء حسْب مهنا أف مصدر اغبكاية الشعبية حكايات أخرى تروى من سنوات سبقتها حبقب تارىبية
كبّبة ،قد تكوف ىذه اؼبصادر عبارة عن أساطّب أو أفكار أو معتقدات قديبة ،ولكن ال نعرؼ مٌب
وأين ولدت ىذه اغبكايات ،ومادامت تعيش يف كل مكاف وكل زماف دوف ربديد ،فهي تعبّب عن
1
تعاقب األفكار وتغّبىا يف الفكر البشري الذي تعد شبارا لتأمالتو وذباربو اغبياتية.
َف يتمكن الباحثوف من ربديد الفَبة الزمنية للحكاية اػبرافية وال مكاف نشأهتا ،يبكننا القوؿ بأف
اغبكاية الشعبية نتاج إنساين ىبضع ؼبعادلة اغبركة اغبياتية والعالقات التجديدية الٍب طرأت على
األمباط الشعبية الٍب سبقتها نتيجة تطور الفكر البشري ،فالفرد يؤسس شبكة لعالقاتو مع احمليط
اػبارجي من جهة ،ومع اعبماعة الٍب يعايشها من جهة أخرى ،فيستقبل صور ؿباكاتو اليومية حبسب
القدرة الداخلية الٍب اكتسبها وطورىا مع الزمن ،وبالتاِف تأقلم مع معطيات جديدة رظبتها الطبيعة
والثقافة على حد سواء.
- 1غراد حسْب مهنا ،أدب اغبكاية الشعبية ،الشركة اؼبصرية للنشر ،لوقبماف ،ط ،1997 ،1ص .6
34
ثالثا -حكاية الحيوان
مفهوم حكاية الحيوان -1
خصائص حكاية الحيوان -2
أنواع حكاية الحيوان -3
نشأة حكاية الحيوان -4
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
حكاية اغبيواف مبط من أمباط السرد الشعيب مبا وترعرع منذ فجر اإلنساف األوؿ فتناقلتو األلسن
وسافر عب الذاكرة البشرية من جيل إُف جيل ،وما يزاؿ الكثّب منا وبتفظ يف ذاكرتو بكثّب من
اغبكايات اغبيوانية ،وتعتب النواة اغبقيقية للقصص بصفة عامة "فاإلنساف عاش يف الغابة ويف
الكهوؼ قبل أف يستقر يف التجمعات السكانية األوُف ،قد أثرت عليو حياة الغابة اؼبعقدة الضاجة،
فخلق أوؿ الرسوـ وأوؿ اغبكايات".1
-1مفهوم حكاية الحيوان:
عندما نقوؿ حكاية اغبيواف ،يبكن أف نقوؿ بأف اغبيوانات ىي الشخصيات الرئيسية احملركة
ألحداثها ،وقد اختلف الباحثوف يف تسميتها مثل :قصة اغبيواف ،اػبرافة الرمزية ،فابوال ...رغم وجود
اختالؼ بسيط بينها .وىي اغبكاية الٍب تلبس اغبيواف خصائص بشرية ذبعل منو قادرا على النطق
والتفكّب اؼبنطقي العقلي حبيث تبدو عليها اؼبالمح البشرية مع االحتفاظ خبصوصيتها .وىي حكاية
ذات مغزى خلقي تربوي ،ذبعل من اؼبتلقي يأخذ عبة ،قد يصرح ّٔا وقد تكوف ضمنية يستنتجها
اؼبتلقي من خالؿ اغبكاية ألف اؽبدؼ الرئيس منها ىو الَببية والتعليم األخالقي.
يف كتابو "اغبكاية الشعبية" ،يعرؼ الدكتور عبد اغبميد يونس حكاية اغبيواف بأهنا "شكل
قصصي يقوـ اغبيواف بو بالدور الرئيسي" .2وىذا كالـ بديهي ،ألف اؼبسار السردي ؽبذا الصنف من
القصص يقوـ على لساف اغبيواف ،فالشخصيات حيوانية ناطقة ،تلعب الدور اؼبهم واألساسي يف
ربريك ؾبريات األحداث .وغّب بعيد عن ىذا التعريف يصرح فوزي العنتيل بأهنا قصة تكوف فيها
اغبيوانات ىي الشخصيات الرئيسية وتعد من أقدـ أشكاؿ اغبكايات الشعبية ،إف َف تكن أقدمها
على اإلطالؽ ،وقد وجدت يف كل مكاف يف العاَف يف صبيع مستويات الثقافة ،وىي يف صورهتا
البسيطة ؿباولة لتفسّب خصائص وعادات اغبيوانات اؼبختلفة.3
- 1ؿبمد ناصر الكيالين ،سحر القصة واغبكاية ،من منشورات ارباد الكتاب العرب ،مكتبة األسد ،دمشق ،2000 ،ص .35
- 2عبد اغبميد يونس ،اغبكاية الشعبية ،ص .29
- 3فوزي العنتيل ،الفلوكلور ماىو ،مكتبة مريوِف ،القاىرة ،ط ،1987 ،2ص.176،175
36
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
ويف السرد الشعيب وباوؿ الراوي إيصاؿ فكرة معينة ؼبعاعبة قضية مهمة ،وحكاية اغبيواف من أبرز ىذه
األصناؼ فتعد القناة الٍب تعب من خالؽبا األخالؽ والنصائح والتجارب إُف اعبمهور اؼبستمع عن
طريق ألسن اغبيواف.1
إف البحث يف حكاية اغبيواف يوصلنا إُف أف اغبيواف يف اغبكاية وسيلة لتفسّب الظواىر اؼبتعلقة بعاَف
اغبيواف من جهة كاألحجاـ واأللواف واؼبواصفات ،وتفسّب الظواىر الطبيعية واالجتماعية وعالقة
اغبيواف ّٔا من جهة أخرى 2.فاغبيواف يلعب الدور الرئيس يف اغبكاية مثلما كانت اآلؽبة وأنصاؼ
اآلؽبة تلعب دور البطولة يف أساطّب اػبلق والتكوين .وربط اغبكاية باألسطورة ما ىو إال برىاف على
قدـ ىذا الصنف من القصص الشعيب ،وقد عُب الدارسوف دبحاولة الكشف عن العالقة الٍب تربط
بينها واألسطورة ،فكادوا هبمعوف أهنا يف جذور ما نطقت بو األساطّب وأف الكثّب من األساطّب
جسدت القوى اغبيوانية وبعدىا التارىبي يف أحداثها ،فال ىبلو حبث أو مقاؿ يف حكاية اغبيواف ،إال
وتطرؽ إُف عالقتها باألسطورة من الناحيتْب التارىبية والفكرية.
وفبا سبق يبكن القوؿ بأف حكاية اغبيواف ىي صنف من أقدـ أصناؼ القصص الشعيب حٌب أف
كثّب من الدارسْب للسرد الشفوي الشعيب يربطوهنا باألسطورة ،حكاية ذبري على لساف اغبيواف الذي
يعلب دور البطولة فيها ،وباوؿ راويها من خالؽبا إيصاؿ فكرة معينة أو تفسّب ظاىرة ؽبا عالقة
باغبيواف ،ىذا األخّب الذي تربطو عالقة ضبيمية باإلنساف ،ذات عناصر ؿبددة ،شديدة القصر مقارنة
بباقي أصناؼ القصص السابق ذكرىا ،يتكوف بناؤىا من قسمْب اثنْب ،تعرض يف األوُف حادثة
معينة ،ويف الثانية على اؼبوقف األخالقي التعليمي.
-2خصائص حكاية الحيوان:
يف أغلب اغبكايات اغبيوانية الٍب صبعتها من أفواه الرواة يف اؼبنطقة ،قسمتها إُف جانبْب اثنْب،
األوؿ بنائي ،والثاين فِب ركزت فيو على اؼبضموف.
- 1حورية بن ساَف ،اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية دراسة ونصوص ،ص .81
- 2عبد اغبميد يونس ،اغبكاية الشعبية ،ص .31
37
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
أ -اؼبستوى البنائي :تأخذ حكاية اغبيواف بناء ؿبددا وبسيطا يتكوف من قسمْب:
-الغرض القصصي للحدث :ويتمثل يف السرد وذكر تفاصيل أحداث اغبكاية.
-احملصوؿ األخالقي :ويبثل القيمة التعليمية اػبلقية أو اؽبدؼ األخالقي بصورة مركزة .ويتجسد غالبا
يف قوؿ مأثور أو حكمة أو مثل شعيب معْب هبسد تلك اغبصيلة األخالقية ،فحكاية اغبيواف
"تستهدؼ غاية أخالقية وىي قصّبة تقوـ بأحداثها حيوانات تتحدث وتتصرؼ كاإلنساف وربتفظ
1
بذلك بسماهتا اغبيوانية وتقصد إُف مغزى أخالقي"
ب -مستوى السمات الفنية :غبكاية اغبيواف العديد من السمات الٍب سبيزىا عن غّبىا من أنواع
القصص الشعيب ،وىذه بعض من تلك اػبصائص:
-تتسم غالبا ببساطة اغببكة الفنية "فحكايات اغبيواف قصّبة بالقياس إُف غّبىا وعناصرىا قليلة
يبكن أف يضم بعضها إُف بعض فتظهر يف صورة سلسلة متواصلة ذات حلقات" 2مع تركيزىا على
ىدؼ ؿبدد بعدد قليل من الشخصيات (شخصيتاف أو ثالثة على األكثر) يف جل اغبكايات.
-تبتعد عن التقسيم الثالثي اؼبعروؼ يف أنواع أخرى للقصص من مقدمة أو سبهيد ،عقدة وخاسبة.
-كما أهنا ال تبدأ وال زبتم بعبارات طقوسية معينة مثل (حاجيتك ماجيتك ،خرافتنا غابة غابة يف
كل عاـ ذبينا صابة )....ىذه العبارات الٍب قبدىا يف اغبكاية اػبرافية.
-الرمز :يعتب من بْب اػبصائص اؼبهم لكوف اغبكاية تقوـ عليو ليحيلنا إُف قراءة وتأمل ما وراء النص
والتطلع إُف اؼبعُب اػبفي فيها ،فالرمز تعبّب غّب مباشر عن النواحي النفسية اؼبستثمرة الٍب ال تقوى
3
على أدائها اللغة يف دالالهتا العضوية.
-شخصياهتا حيوانية يف الغالب ،أي أف اغبيواف يلعب دور البطولة فيها فكانت "معظم الشخصيات
يف العادة من اغبيوانات الٍب تتكلم وتتصرؼ كاآلدميْب إُف درجة يتبْب منها الرواة الذين وبكموف
القصص بكل جدية ليست لديهم فكرة واضحة عن اغبد الفاصل بْب اإلنساف واغبيواف ،فهو حيواف
1
يف صبلة وإنساف يف اعبملة التالية ،دوف حاجة إُف أف يكوف ىذا التحوؿ مصحوبا بشعائر خاصة"
كما قبد شخصيات أخرى مثل :اإلنساف ،نبات ...فهي تكتفي بذكر نوع الشخصية وال هتتم
بالتفاصيل األخرى .مثل :تذكر نوع الشخصية على أنو إنساف يف شكل رجل أو امرأة ،أو صفتو
العمرية (شيخ ،ولد) ،أو فقّب ،غِب ،ذكي ...أو مهنتو :فالح ،تاجر ،حطاب .. .وال تدخل يف
التفاصيل الداخلية األخرى مثل تفاصيل العائلة وعدد أفرادىا .. .كما أف عالقة الشخصيات بعضها
ببعض عالقة بسيطة سبتاز بالسطحية ،بعيدة عن الغموض والعمق.
-3أنواع حكاية الحيوان:
َف ىبتلف الدارسوف غبكاية اغبيواف كثّبا يف ذكر أنواعها ،فنجد عبد اغبميد يونس وعبد الرضباف
الساريسي وغّبنبا قد قسما حكاية اغبيواف إُف قسمْب نبا:
أ -حكاية الحيوان الشارحة (المفسرة) :وىي تفسر بعض مظاىر الطبيعة عامة وصفات اغبيواف
خاصة ،وأطلق عليها الدكتور أضبد زغب اسم (حكاية اغبيواف التعليلية) الٍب هتدؼ إُف تفسّب ظاىرة
2
طبيعية مرتبطة باغبيوانات مثل ؼباذا ال تطّب الدجاجة رغم جناحيها؟ وؼباذا صوت البومة مزعج؟.. .
كما رباوؿ تفسّب شكل اغبيوانات ولوهنا وصفاهتا .واغبكاية التعليلية ىي صورة أولية ؿباولة أسطورية
لتفسّب طباع اغبيوانات تتناسب والفكر البشري القدًن ،ال يعِب بالضرورة أف يكوف البطل فيها
حيوانا ،بل تتعداه إُف اعبماد والنبات ،3وبو تفسر بعض الظواىر الطبيعية وحٌب الشخصية اؼبعنوية
كالصدؽ والكذب واغبظ.
والعرب يف العصر اعباىلي كانت ؽبم حكاياهتم الشارحة من عاَف اغبيواف ،مثلت جزءا من تراثهم
ومعتقداهتم الدينية ،فحكاية اؽبدىد الذي منحو النيب نوح عرفو التاجي تقديرا لوفائو ،والغراب الذي
- 1أماين اعبندي ،حكايات اغبيواف يف الَباث اإلنساين ،األىراـ اليومي ،القاىرة ،عدد بتاريخ27 :أوت ،2016ص .4
- 2أضبد زغب ،األدب الشعيب الدرس والتطبيق ،ص .58
- 3ؿبمد رجب النجار ،حكايات اغبيواف يف الَباث العريب ،ؾبلة عاَف الفكر ،العدد ،2-1جويلية ،1995الكويت ،ص 188
41
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
دعا عليو بسواد اللوف بعد أف كاف أبيض ألنو َف يعد ليبشره بظهور الب بعد أف توقف الطوفاف
وتطهرت األرض.1
ب -حكاية الحيوان الرمزية :يف السرد الشفوي للمنطقة ،تتناقل مثل ىذه اغبكايات كثّبا مقارنة
بالصنف األوؿ الذي يسبقها حبقب تارىبية ارتبطت باألساطّب ،ويطلق عليها باحثوف اسم حكاية
اغبيواف اػبرافية ،وىي سرد مكثف يضطلع دبهمة تعليمية ومضامْب أخالقية على شدة قصرىا
وؿبدودية أدائها ،هتدؼ إُف مغزى تعليمي عن طريق تشخيص اغبيوانات ،2والعالقة بْب شخصياهتا
القليلة بسيطة ال ترتقي للتعقيد اؼبعروؼ يف اغبكاية اػبرافية بالدرجة األوُف .ويعرفها فوزي العنتيل
بأهنا" :حكاية من حكايات اغبيواف تشتمل على موعظة أخالقية ،وىي قصّبة تظهر فيها اغبيوانات
يف صورة شخصيات تتحدث وتتصرؼ كاآلدميْب ولو أهنا يف العادة ربتفظ خبصائصها اغبيوانية وؽبا
حبكم أغراضها اذباه أخالقي".3
يف ىذا الصنف من حكاية اغبيواف يوظف الراوي الشخصيات اغبيوانية بطريقة ذكية ،فحجم
اغبيواف وبنيتو اعبسدية ال تعب دائما عن القوة ،فرغم صغر حجم "القنفذ" يتغلب على "الذئب"
بالدىاء وقوة العقل ال اعبسد (حكاية القنفود والذيب) ،واػبالصة التعليمية واحملصوؿ األخالقي
ِ
ود إِ ِّْف ِرب ْقَرْه يِ ْع ِم ْ
يك". للحكاية يتلخص يف اؼبثل الشعيب السائد يف اؼبنطقة "العُ ْ
وما يبيزىا كذلك ىو انقالب األدوار الٍب تلعبها الشخصيات ،فيتحوؿ اؼبعتدي إُف ضحية
والضحية إُف معتدي ،فالذئب الذي انقض على الكلب اؽبزيل أماـ بيت صاحبو َف يفَبسو ،بفعل
اغبيلة اؼبدبرة من الكلب الذي طلب مهلة حٌب يأكل ويسمن من فتات الوليمة الٍب سيقيمها صاحبو
بعد أياـ قالئل ،وبعدىا يأيت راضيا ومقرا حبق الذئب يف افَباسو ،وحْب انتهاء الفَبة احملددة رجع
الذئب ليجد فريستو فوؽ سطح البيت ،حينها قاؿ لو الكلب :إذا وجدتِب مرة أخرى فال تضيع
الفرصة على نفسك .وىذه حوصلة خبة عاشها الفرد يف اغبياة ،ورأى بأف "عصفورا يف يده أفضل
من عشرة على الشجرة" ومن "سبقك بليلة سبقك حبيلة".
وىذا النوع من القصص كاف وليد النوع السابق وتطور عنو ونشأ متأثرا بو ،فاغبيواف قديبا كاف معلما
ومعبودا يف اغبد نفسو ما ساعد يف ربويل اغبكايات التعليلية إُف تعليمية (أي رمزية) ربمل مغزى
أخالقيا أو درسا اجتماعيا أو ىدفا تربويا فانتقلت بذلك من الطور األسطوري إُف الفن األديب.1
-4نشأة حكاية الحيوان:
حكاية اغبيواف من األمباط القصصية الضاربة اعبذور يف الَباث السردي ،تُعزى فيها األفعاؿ واألقواؿ
إُف اغبيواف بقصد التهذيب اػبلقي والَببوي ،أو اإلصالح االجتماعي أو النقد السياسي ،فضال عن
اإلمتاع الفِب الذي ربققو غرائبية اغبيوانات يف اؼبسار السردي للحكاية ،وامتالكها القدرة على
2
اإلدىاش واإلثارة ومن مث الوصوؿ إُف قلب القارئ وعقلو.
وقد تكوف حكاية اغبيواف من أقدـ أصناؼ القصص الشعيب ألف عالقة اإلنساف باغبيواف قديبة
قدـ اإلنساف نفسو على وجو البسيطة ،ألنو مارس نشاطات حياتو جبانب اغبيوانات فكانت جزءا
من حياتو اليومية يتعايش معها ويستفيد منها يف شٌب آّاالت ،وبدأت ىذه العالقة مذ بدأ اػبلق،
واؼبتصفح للتاريخ اإلسالمي يَباءى لو ذلك بوضوح (غراب قابيل ،حوت يونس ،بقرة بِب
إسرائيل .)...وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على قدـ نشأهتا الضارب يف عمق التاريخ البشري،
فكانت بذلك دافعا لينشئ قصصا وباكيها ،وىي بذلك "تعد من أقدـ – إف َف تكن األقدـ – أمباط
القص أو اغبكي الشعيب الذي اليزاؿ نابعا باغبياة – تذوقا واستلهاما – حٌب اليوـ".3
ويربط الكثّب من الدارسْب اليوـ نشأة حكاية اغبيواف باألسطورة ،وىذا ما يبز عراقتها الساحقة،
بل وولدت من رضبها وتطورت ونتجت بشكل أديب متميز عن باقي أشكاؿ التعبّب السردي الشعيب.4
ويلعب اغبيواف دورا كبّبا يف األساطّب كما يف اغبكايات الشعبية ،وخاصة أساطّب الشعوب البدائية
حيث يتخذ البطل صورة اغبيواف يف حْب يفكر وينطق ويبلك سلوكا بشريا .وال تتوقف العالقة بينهما
عند ىذا اغبد ،بل تعدت ذلك يف أف كالنبا يفسر ظواىر َف يقدر العقل البشري القدًن على إهباد
تفسّب واقعي ؽبا ،وؽبذا وجدنا اآلؽبة يف عدد من األساطّب تتخذ من شكل اغبيوانات رمزا ليظهر قوهتا
وبعدىا اػبالد يف الوجود ،كما تعتمد حكاية اغبيواف على الرمز بوصفو وسيلة فنية يتمكن السارد من
خاللو على النصح والوعظ واإلرشاد بطرؽ غّب مباشرة ،ويتضح ذلك يف حكايات "كليلة ودمنة"
الٍب لعب فيها اغبيواف دور البطولة ،وىو الكتاب الذي ذاع صيتو يف وسط الساحة األدبية منذ
القدًن ،ويعود أصلو إُف اؽبند الذي صبع فيو "بيدبا" أروع فنوف اغبكمة واألدب والسياسة واألخالؽ
والعب واألمثاؿ على لساف اغبيواف.
يف كتابو "األدب اؼبقارف" ،ربدث الدكتور غنيمي ىالؿ عن حكاية اغبيواف وعن عالقتها
باألدب العريب ،ومدى تأثّب كتاب كليلة ودمنة على األدب عامة والعريب خاصة "كانت ترصبة عبد
اهلل بن اؼبقفع سببا يف خلق ىذا اعبنس األديب (أي حكاية اغبيواف) اعبديد يف اللغة العربية ،ذلك أف
حكايات اغبيواف يف األدب العريب القدًن قبل كليلة ودمنة كانت إما شعبية فطرية تشرح ما بْب العامة
من أمثاؿ ،وإما مقتبسة من كتب العهد القدًن ،أي ذات طابع ديِب يتصل بالعقائد ،وأما ما عدا
ىذين فمتأخر عن كليلة ودمنة ومتأثر بو" 1فكلما تطرقنا إُف حكاية اغبيواف ارتبطت مباشرة بكتاب
كليلة ودمنة ،وأصلو اؽبندي أو ترصبتو العربية البن اؼبقفع.
ويُ ِرجع الدكتور عبد اغبميد يونس أصل حكاية اغبيواف إُف صبيع اغبضارات القديبة ألهنا
"ترد على ألسنة اعبميع دوف استثناء ،إهنا موجودة يف كل بيئة وعند كل أمة وبْب ـبتلف األجياؿ
والطبقات ،وقد استطاعت أف ربتل مكانا ظاىرا بْب األشكاؿ القصصية فيما يسمى باألدب اؼبثقف
أو األدب الرفيع" .2وأشار اؼبقدسي إُف التضارب حوؿ مكاف نشأة حكايات اغبيواف ،ففي القدًن
ردىا الباحثوف األوربيوف إُف اليونانيْب ،إال أف الباحثْب اؼبعاصرين اؼبهتمْب بأصوؿ اآلداب الشعبية
- 1ؿبمد غنيمي ىالؿ ،األدب اؼبقارف ،هنضة مصر ،القاىرة ،2004 ،ص .151
- 2عبد اغبميد يونس ،اغبكاية الشعبية ،ص .29
42
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
العاؼبية نسبوا نشأهتا إُف الشرؽ 1.وعن ظهورىا يف اؽبند ،ربدث غنيمي ىالؿ عن كتب حوت يف
طياهتا حكايات للحيواف ،بداية من كتاب (جاتاكا) وصوال إُف (ىيتوباديسيا) الٍب انفردت بطابع فِب
يف طريقة تقديبها للحكايات .كما ال يبكن إغفاؿ التأثّب العريب يف حكاية اغبيواف ،تأثّب انقسم
عبزأين -:نقل األديب العريب للمأثور اؽبندي أو الفارسي إُف اؼبأثور العاؼبي كلو.
2
-إبداع العرب أنفسهم يف ىذا اؼبيداف إضافة وتضمينا ورمزا.
وحوؿ التضارب يف أصل حكاية اغبيواف ،لبتم دبا ذكرتو الدكتورة أماين اعبندي يف مقاؽبا "يف
حكايات اغبيواف يف الَباث اإلنساين"" :إف اغبكاية على لساف اغبيواف عرفتها اغبضارات القديبة جدا
مثل اغبضارة اؼبصرية يف حكاية (السبع والفأر) الٍب وجدت يف أوراؽ البدي الٍب تعود إُف القرف
الثامن عشر قبل اؼبيالد ،يف حْب تعود حكايات (إيسوب) اليونانية إُف القرف السادس قبل اؼبيالد،
ويرى بعض اؼبؤرخْب قد كتبت يف حكاية اغبيواف يف (تناسخ بوذا) ويف العصور اغبديثة كتب
"الفونتْب" (كاتب فرنسي )1696-1620حكاياتو الٍب استمدىا من كليلة ودمنة (إيسوب
ولقماف) ،مث كتب "ؿبمد عثماف جالؿ" ديواف "العيوف اليواقظ يف األمثاؿ واؼبواعظ" الذي اشتمل
3
على مئٍب قصة شعرية أغلبها على ألسنة اغبيوف"
- 1اؼبقدسي ،كشف األسرار عن حكم الطيور واألزىار ،تح :حسْب عاصي ،دار اؼبواسم للطباعة والنشر ،ص.17
- 2فاروؽ خورشيد ،أدب األسطورة عند العرب ،سلسة عاَف اؼبعرفة ،العدد ،284الكويت ،2002 ،ص .98
- 3أماين اعبندي ،حكايات اغبيواف يف الَباث اإلنساين ،ص .2
43
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
خاتمة الفصل:
-1من خالؿ التطرؽ ّٓموعة من اؼبراجع يف األدب الشعيب عامة ويف القصص الشعيب باػبصوص،
وبعد ؿباولة إؼباـ معلومات كافية ألصناؼ القصص الثالثة (اغبكاية اػبرافية -اغبكاية الشعبية –
حكاية اغبيواف ) خرجت دبجموعة من اؼبالحظات أنبها:
-ىبتلف تصنيف القصص الشعيب من باحث آلخر ،وحينما أجد تعريفا خاصا بصنف معْب ،أجد
نفس التعريف تقريبا بصنف آخر ،كما وجدت تعريفات ـبتلفة لنفس اؼبصطلح ،وىذا راجع
إلشكالية التصنيف يف حد ذاهتا ،سواء يف أدبنا العريب أو يف األدب الغريب.
-بعيدا عن إشكالية التصنيف ،ىناؾ أيضا إشكالية اؼبصطلح الٍب اعَبضتِب يف ىذا اعبزء النظري من
البحث ،ففي التصنيف مثال وجدت من يستعمل مصطلح (أنواع – موضوعات – أصناؼ) كما يف
تصنيف مواضيع كل نوع من القصص وجدت إشكالية عويصة ،ففي موضوعات اغبكاية اػبرافية
(حكاية اعباف مثال) ىناؾ من يصنفها كنوع خاص من القصص الشعيب وليس اغبكاية اػبرافية،
ونفس الشيء يف اغبكاية الشعبية الٍب قسمتها إُف ( واقعية اجتماعية – واقعية أخالقية – واقعية
سياسية) فهناؾ من الدارسْب من يبيز الواقعية االجتماعية على أهنا نفسها اغبكاية الشعبية ،كما يف
تصنيف القصص الشعيب الٍب يطلق عليو آخروف مصطلح اغبكايات الشعبية.
-ارتباط القصص الشعيب باألسطورة وثيق جدا ،وأخص بالذكر حكاية اغبيواف الشارحة واغبكاية
اػبرافية ،اللتْب تعداف وليديت األسطورة ،سواء من الناحية التارىبية أو الفنية.
-2زبتلف األصناؼ الثالثة اػباصة باألدب الشعيب يف اػبصائص ،ولو دققنا النظر لوجدنا ؾبموعة
من الفوارؽ بينها سواء من ناحية الشكل ،اؼبضموف ،الشخصيات يف عددىا ومواصفاهتا ونوعها...
ومنو نلخص أنبها يف اعبدوؿ التاِف:
44
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
يرتاح إليو ووببو النطوائو على العدالة واغبب والتعاوف والتسامح والتكافل بْب أفراد األسرة الواحدة،
وبْب آّتمعات .1وحكاية اغبيواف ىي أكثر األصناؼ الٍب تظهر مثل ىذه الوظائف.
* على اؼبستوى النفسي الداخلي :ذبيب أصناؼ القصص الشعيب عن أسئلة اإلنساف يف اغبياة.
فاغبكاية اػبرافية مثال تقدـ لو جوابا شافيا عن اؼبصّب والوجود ف ػ "الوسائل السحرية ربث اإلنساف
على عدـ االنشغاؿ باؼبصّب انشغاال يعطلو عن اغبركة ،وعلى أف يعيش خفيفا يف األجواء السحرية
الٍب ىي ضرورية للحياة" ،2وىذا ما أدى باإلنساف أف يؤمن ّٔا إيبانا راسخا .ورمزية حكاية اغبيواف
وشخصياهتا الناطقة توفر لو مالذا من خاللو وباكي شعوره الداخلي الراغب يف التغيّب .أما اغبكاية
الشعبية فتحاكي واقعو وحياتو اليومية االجتماعية ،األخالقية والسياسية ،ويعب من خالؽبا عما هبوؿ
يف نفسو من رغبات وطموحات.
* على اؼبستوى الواقعي :أحيط اإلنساف قديبا ببيئة وؿبيط مثقلْب بالتساؤالت الٍب سكنت النفوس
البشرية ،فلجأ إُف تفسّب الظواىر الطبيعية عن طريق حكاية اغبيواف الشارحة أو التعليلية يف ظل
غياب التفسّبات العلمية ؽبا ،ونسج من تفكّبه حكايات أشبعت حّبة الزمت ذىنيتو وتفكّبه،
وأخرجتو من نفق مظلم مليء بالغموض ،فألغى بذلك عاؼبو الواقعي ،وحل ؿبلو عاَف مليء بالسحر
والتفاؤؿ ،فعاش بعيدا عن انشغاالت احمليط وتساؤالتو .3وقد يبدو للوىلة األوُف أف اغبكاية اػبرافية
بعيدة عن الواقع الحتوائها على اػبياؿ والسحر وشخصيات خارقة ،إال أف ذلك اػبياؿ يُراد بو ربقيق ما
يطمح إليو الراوي ،ودبا أنو َف يقدر أف يغّبه ،استعاف بشخصيات خيالية للتغلب على ذلك الظلم أو
الشر يف ـبيلتو .وبالتاِف أظهر لألجياؿ القادمة وجهة نظره للواقع الذي وبب.
- 1رابح العويب ،أنواع النثر الشعيب ،منشورات جامعة باجي ـبتار ،عنابة ،دط ،دت ،ص.28
- 2أضبد زغب ،األدب الشعيب -الدرس والتطبيق ،ص.50
- 3رابح العويب ،أنواع النثر الشعيب ،ص.28
46
ماىية القصص الشعبي الفصل األول
* على اؼبستوى الَبفيهي اعبماِف :غالبا ما نربط بْب التسلية والَبفيو باألطفاؿ الصغار ،فالطفل حْب
فقد وسائل التسلية ،كانت اعبدة ىي األنسب للَبفيو عن نفسو ،ألف القصص الشعبية ربمل فكرة
أخالقية وتربوية واجتماعية يف قالب ترفيهي يسعى إُف اؼبتعة والَبويح عن النفس بفعل طابعها اؽبزِف
اؼبفعم بالتشويق واإلثارة واػبوارؽ ،فاغبكايات دبختلف أنواعها تعد من أنسب القصص لألطفاؿ يف
1
مراحل حياهتم اؼبختلفة ألهنا ربافظ على تسلسل أحداثها فبا يساعدىم على فهمها والتواصل معها
وىذا جانب مهم من الوظائف ،ألنو لوال التشويق ؼبا استطاع الراوي نقل رسالتو عب األجياؿ كل
ىذه اؼبدة ،وحْب يشعر الواحد منا باإلثارة وحب اؼبعرفة واالطالع ،يسلك كل الدروب لكسر تلك
طرح يف ـبيلتو حوؿ مستقبل البطل وشخصيات اغبكاية يف مسارىا السردي .فأىم
التساؤالت الٍب تُ َ
الوظائف الٍب تنهض ّٔا اغبكاية الشعبية مثال ىي الوظيفة الَبفيهية ،إذ تروى اغبكاية بعد الفراغ من
2
العمل يف معظم األحياف فهي تتصل دائما بتوجيو الفراغ"
يف حْب يتسم اعبانب اعبماِف للقصص يف كيفية بنائها من حيث الشكل واحملتوى على حد سواء،
فكيف لشكل سردي شعيب شفوي أف وبافظ على ظباتو رغم األجياؿ الساحقة يف التاريخ ،فلو
كانت بسيطة بعيدة عن اعبماؿ الفِب ؼبا حافظت على مكانتها يف وسط الشعب كل ىذه اؼبدة.
- 1موفق رياض مقدادي ،البُب اغبكائية يف أدب األطفاؿ العريب اغبديث ،ص.116
- 2أضبد مرسي ،األدب الشعيب وفنونو ،ص .87
47
الفصل الثاني
المسارات السردية للحكايات
والصي ْد"
"ج ْبـ َره ِّ
-1حكاية َ
-2حكاية "غُ ُرو ْد َعالْيَة"
"عي َشة والغُولِي" -3حكاية ِ
حكاية "لُـ ــونْ َجة" -4
يص والغُولِيَّة" ِ
حكاية "النِّص ْ -5
حكاية " َش َرف ْام َرأَة" -6
والملِك" "السا ِرق َ حكاية َّ -7
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
تمهيد:
ارتأيت أف تتم دراسٍب للحكايات يف ىذا الفصل بتحليل البامج السردية لكل حكاية على حده
باتباع ؾبموعة من النظريات السيميائية انطالقا من نظرية فالديبّب بروب حوؿ الوظائف اؼبتناثرة يف
سطح النصوص اغبكائية ،وصوال إُف أىم دراسات جولياف غريباس متمثلة يف النموذج العاملي واؼبربع
السيميائي ،مرورا بتحليل اؼبتواليات السردية وشرح حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ لكل مقطع على حده،
يليو رسم البياف اػبطي للمسار ككل.
ومنو نلخص اػبطوات اؼبتبعة يف ربليل كل حكاية كاآليت:
اؼبتواليات السردية. -1
عالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ. -2
النموذج العاملي. -3
اؼبربع السيميائي. -4
انطالقا من البُب السطحية فبثلة يف الوظائف الٍب ربويها كل متوالية سردية ،سأشرح العالقة الٍب تربط
ىذه اؼبقاطع بعضها ببعض بطريقة تتميز ببعض العمق مقارنة باستخراج الوظائف وسبييز اؼبتواليات،
يلي ذلك دراسات جولياف غريباس الٍب تتميز بالعمق والقراءة بْب نصوص وأسطر حكايات اؼبدونة.
-صبع "فالديبّب بروب "Vladimir Propبْب عدد من القيم الثابتة والقيم اؼبتغّبة يف
مدونة روسية من مائة حكاية خرافية ،وذلك حْب دراستو للبنية الشكلية للنصوص اغبكائية ،وىو
بذلك فتح الطريق على مصراعيو كبو الدراسات احملايثة للنصوص األدبية بعيدا عن كل اؼبؤثرات
اػبارجية ،حبيث تكوف الدراسة داخلية ربدد مكوناهتا ووحداهتا األساسية وعالقتها بعضها ببعض،1
وكاف األساس الذي انبنت عليو معظم الدراسات واألحباث الٍب تناولت تركيب اغبكي .وقبل التطرؽ
إُف معُب اؼبنهج الوظائفي أو اؼبورفولوجي ،كاف لزاما التعريف بكلمة (مورفولوجيا) الٍب تعِب "دراسة
- 1السيد إماـ ،مدخل إُف نظرية اغبكي ،مؤسبر أدباء مصر ،األحباث ،الدورة الثالثة والعشروف ،األمل للطباعة والنشر ،القاىرة ،ط،2008 ،1
ص.43
51
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
األشكاؿ ويف علم النبات فإهنا تنطوي على دراسة األجزاء اؼبكونة للبنية ،وعالقة ىذه األجزاء بعضها
1
ببعض ،وعالقة كل جزء منها بآّموع ،وبشكل آخر فإهنا تعِب دراسة بنية البنية"
وأما اؼبقصود باؼبنهج اؼبورفولوجي للحكاية ىو الكشف عن آليات الربط بْب الوظائف اؼبوجودة
يف القصة ودراسة عالقة بعضها ببعض ،وقد عرؼ بروب التحليل اؼبورفولوجي بأنو "وصف للحكاية
وفقا ألجزاء ؿبتواىا ،وعالقة ىذه األجزاء بعضها ببعض ،مث عالقتها بآّموع" .2واعتمد بروب يف
دراستو على مدونة روسية صبعت مائة حكاية ،واكتشف بأهنا تتكوف من قيم ثابتة valeurs
constantesوقيم متغّبة valeurs variablesيف كل اغبكايات ،وتتمثل القيم اؼبتغّبة يف أظباء
الشخصيات وصفاهتا ومالؿبها من جهة ،وطريقة قياـ ىذه األخّبة باألفعاؿ من جهة أخرى ،أي
.3
كيفية أدائها للوظيفة ،أما الثابتة فتتمثل يف األفعاؿ الٍب تقوـ ّٔا ىذه الشخصيات
وأطلق على القيم الثابتة اسم الوحدة الوظيفية ،وىي عمل الفاعل معرفا من حيث معناه يف سّب
اغبكاية ،وىي الوحدة األساسية اؼبكونة للحكاية .ويعرفها بروب بقولو "ونعِب بالوظيفة ما تقوـ بو
الشخصية من فعل ؿبدد من منظور داللتو يف سب اغببكة" .4وال زبرج عدد الوظائف يف النصوص
اغبكائية عن واحد وثالثْب وظيفة ىي كاآليت:
-تبدأ القصة يف الغالب باالستفتاح أو كما ظباىا بروب باغبالة البدئية "ىذا وتبدأ القصة يف العادة
5
بعرض اغبالة البدئية situation initialeإذ يتم تعداد أفراد العائلة أو يكتفى بالتعريف بالبطل"
- 1فالديبّب بروب ،مورفولوجية القصة ،تر :عبد الكرًن حسن ،ظبّبة بن عمو ،ص.15
- 2نبيلة إبراىيم ،قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية،ص.25
- 3فالديبّب بروب ،مورفولوجية القصة ،تر :عبد الكرًن حسن ،ظبّبة بن عمو،ص.37
- 4اؼبرجع نفسو ،ص.38
- 5اؼبرجع نفسو ،ص .43
50
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
* كما يبكن أف ربل ؿبل ىذه الوظيفة وظيفة أخرى تتمثل يف شعور أحد أفراد األسرة بػنقص ،أو
(حاجة :)manque/أو أف ىناؾ شيء ما ينقصو يف حياتو .ومنو القضاء على ىذا النقص.
-9الوساطة ":"médiationاستدعاء للعوف وخاللو يتعرؼ البطل على الضرر ،ويطلب منو إصالحو.
-10الفعل اؼبعاكس" :" début de l'action contraireأي قبوؿ البطل إصالح الضرر.
-11رحيل " :"départفيها يَبؾ البطل منزلو وأسرتو ألداء اؼبهمة.
-12اختبار :أو أوُف وظائف اؼبانح"."première fonction du donateur
-13رد فعل البطل" :"réaction du héroيستجيب البطل للمساعدة الٍب قدمت لو.
-14تلقي األداة السحرية":"Réception de l'objet magiqueخامت أو كلمات يف شكل نصيحة.
-15االنتقاؿ بْب فبلكتْب" :"Déplacement dans l'espace entre deuxتتمثل يف حركة البطل.
-16معركة" :"combaصراع البطل مع الشرير.
-17ظبة" :"marqueيصاب البطل جبروح جراء صراعة مع الشخصية الشريرة.
-18انتصار" :"victoireوفيها ينتصر البطل ويهزـ الشرير إما بالفرار أو اؼبوت.
-19إصالح":"Réparationحبيث يزوؿ خطر الشخصية الشريرة ووبصل البطل على مراده.
-20العودة" :"retoureيتخذ البطل طريقو قافال إُف بلده وبيتو.
51
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
-21مطاردة" :"poursuiteالشخصية الشريرة األوُف أو شخصية شريرة أخرى تتقفى أثر البطل.
-22قبدة" "secoursالبطل :أو ىروبو من اؼبتقفْب ألثره.1
-23الوصوؿ متنكرا" :"arrivée incognitoدوف أف يتم التعرؼ على البطل.
-24اؼبزاعم الباطلة" :"Prétentions mensongèresيدعي البطل اؼبزيف القياـ باؼبهمة.
-25مهمة صعبة" :"tâche difficileفيها يكلف البطل دبهمة صعبة.
-26اؼبهمة اؼبنجزة" :"tâche accomplieينفذ البطل ما طلب منو بنجاح.
-27التعرؼ":"reconnaissanceوذلك عن طريق عالمة أو ندبة.
-28اكتشاؼ" :"découvertغالبا ما ترتبط ىذه الوظيفة بالٍب سبقتها.
-29التجلي" :"Transfigurationكأف يتغّب يف الشكل نتيجة فعل األداة السحرية.
-30عقاب" :"Punitionزبتلف من حكاية ألخرى ،فقد يقتل برصاصة أو يطرد من اؼبدينة.
-31زواج" :"mariageفيها يتزوج البطل أو يعتلي العرش أو يتوج ّٔما معا.2
-اعتمدت باألساس يف ربليل حكايات اؼبدونة على وظائف بروب ،وقمت بتقطيع اؼبسارات
السردية لكل حكاية على حدى إُف مقاطع سردية ،وبوي كل مقطع متوالية سردية واحدة ،واؼبقصود
باؼبتوالية ىو بداية اغبكاية بوضعية افتتاحية سبثل استقرارا أوليا مرورا باضطراب وربوؿ مث حل يف
النهاية ،وىو يبثل استقرارا نسبيا جديدا أطلق عليو عبد اغبميد بورايو بأنو هبسد قصة دنيا .3وربوي
اغبكاية على أكثر من متوالية سردية واحدة غالبا ،وىكذا فإف كل متوالية تبدأ باستقرار مث تنتهي
باستقرار نسيب جديد ىبتلف عن األوُف .والوظيفة كما عرفناىا سابقا من أبرز مكونات اغبكاية،
تنتمي إُف مقطع سردي يبثل قاعدة اغبكاية ،ويبكن ربديده على أنو تطور منطقي خطي بْب ثالث
- 1للتوسع أكثر ينظر :فالديبّب بروب ،مورفولوجية القصة ،تر :عبد الكرًن حسن ،ظبّبة بن عمو،ص55...48
- 2للتوسع أكثر ينظر :اؼبرجع نفسو ،ص .56.55
- 3عبد اغبميد بورايو. ،اؼبسار السردي وتنظيم احملتوى ،السبيل للنشر والتوزيع ،اعبزائر ،2008 ،ص .24
52
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
أزمنة وطبس مراحل ،بداية من الوضعية االفتتاحية ،وتنتهي بالوضعية النهائية ،وتتخللها ؾبموعة من
الوظائف ىي على الشكل اآليت:1
أ -ما قبل -1 :وضعية افتتاحية :سبثل حالة االستقرار.
ب-أثنػ ػ ػ ػ ػ ػػاء -2 :اضطراب :تغّب يصيب العالقات ليحدث فقداف توازف.
-3ربوؿ :فعل صادر من أحد األطراؼ اؼبسانبة يف الوضعية األوُف.
-4حل :نوعية التحوؿ الناتج عن تغّب العالقة السابقة.
ج -ما بعد -5 :وضعية هنائية :استقرار جديد.
-واستكماال لدراسٍب للحكايات تعرضت للنموذج العاملي الذي يكشف من خاللو "أعبّبداس
جولياف غريباس" ،)Greimas A.J( مدى أنبية العامل يف اؼبسار السردي اغبكايات ،ويرى بأف
"بروب" أوضح مفهوـ العوامل دوف أف يضع اؼبصطلح نفسو ،وخاصة عندما وزع الوظائف على سبع
شخصيات أساسية ،وىي الٍب اعتبىا دبثابة عوامل.2
واؼبالحظ أف غريباس َف يأت بنظريتو من فراغ ،بل استفاد من آراء الباحثْب فبن سبقوه يف الدراسات
األنثروبولوجية واللسانية ،إذ يقوـ النموذج العاملي على ستة عوامل تنتظم يف ؿباور ثالثة .والعامل
عند غريباس ىو" :دور تقوـ بو الشخصية يف ؾبرى الفعل" ،3وقد يكوف فرديا أو صباعيا ،إنسانا،
حيوانا أو فكرة ؾبردة ،مذكورا أو يستنتج من خالؿ اغبكي ،حبسب سبوضعو يف اؼبسار السردي
للحكي .4وىذه العوامل الستة على النحو اآليت:
-الفاعل " :"Actantويقوـ بالعمل للحصوؿ على الشيء الذي يرغب فيو.
-اؼبوضوع" :"Le sujetىو الذي تتجو إليو رغبة الذات ،أي الشيء اؼبراد ربقيقو.
-اؼبرسل" :"Le destinateurوىو الذي ىبلق اؼبوضوع وهبعل الذات ترغب يف شيء ما.
-اؼبرسل إليو" :"Le destinataireيتجو إليو العمل اؼبنجز من طرؼ اؼبرسل.
-اؼبساعد " :"L'adjuvantىو الدور الذي تتقمصو الشخوص الواقفة إُف جانب الذات الفاعلة.
-اؼبعارض" :"L'opposantيبثل ىذا الدور العاملي كل من يقف يف طريق الفاعل معيقا لو.
وتنتظم العوامل الستة السابقة حوؿ ثالث ؿباور أساسية على النحو اآليت:1
أ -عالقة الرغبة":"Relation de désirتربط الذات واؼبوضوع عالقة إصرار قائمة على اإلقباز.
ب -عالقة التواصل" :"Relation de communicationيربط بْب اؼبرسل واؼبرسل إليو.
ج -عالقة الصراع " :"Relation de lutteيضم كل من عاملي اؼبساعدين واؼبعارضْب.
وذبدر اإلشارة إُف أف األدوار العاملية ال يقابلها قائم بالفعل مشخص دائما ،إذ قد يكوف حيوانا أو
صبادا أو أي شيء آخر ،كما أف الدور الواحد قد تتقاظبو صبلة من القائمْب ،والعكس كذلك ،فقد
قبد اؼبرسل إليو ىو نفسو الفاعل ،أي أف الشخصية الواحدة قد تلعب دورىا يف عاملْب اثنْب.
ومنو كبصل على الشكل التوضيحي للنموذج العاملي:
اؼبرسل إليو اؼبوضوع (ؿبور التواصل) ِ
اؼبرسل
َ
ؿبور
الرغبة
اؼبعارض ال ػ ػ ػ ػػذات (ؾبور الصراع) اؼبساعد
-إضافة إُف النموذج العاملي ،فقد أبدع غريباس يف إنشاء اؼبربع السيميائي الذي يعد وسيلة لتحليل
األبعاد الداللية اؼبزدوجة بعمق أكب .فهو يضع خارطة للوصل والفصل بْب السمات الداللية يف
النص .2وقد حاوؿ جولياف غريباس من خاللو الربط بْب ما ىو جلي يف النص ،وما مت السكوت عنو
أو تناسيو .فكاف بذلك ذو درجة كبّبة من األنبية يف اغبقل السيميائي ،فهو "يتحكم يف البنية
العميقة حْب ربديده لعالقات التضاد والتناقض اؼبولدة للصراع الدينامي اؼبوجود على سطح النص".1
ويعرؼ الدكتور عبد اغبميد بورايو اؼبربع السيميائي بأنو "صياغة منطقية قائمة على مبذجة العالقات
األولية (أو التأسيسية) للداللة القاعدية الٍب تتلخص يف مقوالت :التناقض والتقابل والتالزـ ،فهو
مبوذج توليدي ينظم الداللة ويكشف عن آلية انتاجها عب ما يسمى بالَبكيب األساسي (أو
القاعدي) للمعُب" .2وفيما يلي ـبطط اؼبربع السيميائي:
عالقة تض ػ ػ ػػاد
س1 س0
عالقة استتباع
تناقض عالقة
-عالقة التض ػ ػ ػػاد :وىي كلمات باؼبقاربة مع بعضها البعض ،متدرجة من حيث البعد الضمِب نفسو،
وىي تناقضات منطقية تدرهبية 3.وتكوف بْب س 1وس2
-عالقة التناقض :ليست إال جنسا من عالقة التضاد ،4وىي عالقة تُبُب فيها ثنائيات داللية
متناقضة العناصر ،تقوـ بْب كل من :س 1وال س 1وبْب س 2وال س.2
-عالقة االستتباع (التشاكل) :يقوؿ غريباس وىو أوؿ من صاغ ىذا اؼبفهوـ اإلجرائي بأف "التشاكل
يؤدي إُف ذبلية الغموض عن ملفوظ معْب" .5و ّْ
يبكن من اكتشاؼ بعض اعبوانب العميقة يف النص.
- 1دانياؿ تشاندلر ،أسس السيميائية ،تر :طالؿ وىبة ،مر :ميشاؿ زكريا ،ص.227
- 2عبد اغبميد بورايو ،اؼبسار السردي وتنظيم احملتوى ،ص.28
ىذا اعبدوؿ مقتبس من :فيصل األضبر ،معجم السيميائيات ،منشورات االختالؼ ،اعبزائر العاصمة ،ط ،2010 ،1ص .231
- 3دانياؿ تشاندلر ،أسس السيميائية ،تر :طالؿ وىبة ،ص .162
- 4جوزيف كورتيس ،مدخل إُف السيميائية السردية واػبطابية ،تر :صباؿ حضري ،منشورات االختالؼ ،اعبزائر العاصمة ،ط ،2007 ،1ص .90
- 5اؼبرجع نفسو ،ص.82
55
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
ىنا أكوف قد وصلت إُف اؼبرحلة األخّبة من دراسة اغبكايات بدءا من الدراسة السطحية متمثلة
يف اؼبتواليات السردية وربديد الوظائف اػباصة بكل منها ،مث ربديد عالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ
بدرجة تتسم ببعض من العمق كمرحلة ثانية ،وصوال إُف عمق النص بتطبيق النموذج العاملي واؼبربع
السيميائي كمرحلة ثالثة ورابعة على التواِف.
وىي يف اغبكاية كما يليَ " :كايِ ْن َمَرا َعايْ َشة مع َر ِاج ْل َها.....معاىم خديبة".
الملفوظات السردية شرح الوظائف الوظائف أصنافها المتواليات
بالنقص * ربوؿ
ِ "-ر ِ
مع" اح ْهب ِري للطَّال ْ
ب تَ ْع اعبَاَ ْ َْ -ذىاب الزوج للطالب -انطالؽ
"-قالو الطالب كاش ما جبتلها -سؤاؿ الطالب للرجل -استخبار
ىدية" حوؿ اؽبدية
"-قالو الراجل انػَ َعم ِجْبتِْلها ثوب -جواب الرجل عن -اخبار
َحر ْير" استفسار الطالب
ِ " -مشا َّ ِ
للصي ْد"
ب ّْالراج ْل والطَّال ْ ََ -رحيل الرجل رفقة -رحيل اؼبتوالية
الطالب ؼبغارة الصيد السردية
اؼبرا تَػ ْر َجع لبِْيتَػ َها" ِ
ت َ " -قْبػلَ ْ -عودة الرجل والزوجة -عودة األوُف
للبيت
ُّوب تَ ْع اغبَ ِر ْير"
اىا الث ْ
"أعطَ َ
ْ - -إرضاء الزوج زوجتو -اصالح
والصلح بينهما اإلساءة * حل
"-لو كاف مش روبة فمو الكريهة" -شعور الصيد بنقص -حاجة * اضطراب
إثر كالـ البطلة فيو
"-رجع للمغارة منكد وقلبو -ذىاب الصيد حزينا -ابتعاد
ؾبروح" إُف مغارتو
يك" ِ "-وش إِ ِّْف يف إِ ِ
يد ْ -استخبار -سؤاؿ الصيد عن ماىية
ْ
ما ربملو جبه
اؼبقطع II
ب بِ ْيو"
اش كبطّْ ْ
اس بَ ْ
"-فَ ْ "للصي ْد"
-جواب جبه ّْ -إخبار
ُض ِربيِِب بيو عن َر ِاسي"
"-أ ُ -طلب الصيد بأف -منع * ربوؿ
ضرب بالفأس على رأسو
يُ َ
اؼبتوالية
اس ْو وذبََر ْح"
"ض ُربَاتَو َعن َر َ
ُ - -الرفض مث القبوؿ من -خرؽ اؼبنع
السردية
"جبه"
الثانية
ت ِربَطّْب وىو َراح
اح ْ
ِ
"-ىي َر َ -ذىاب كل منهما إُف -رحيل
57
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
صيّْ ْد"ِ
يَ طريقو
"-تِنِ ْش َده َو ِاشي بػََرا َج ْرِح ْ
ك" -سؤاؿ جبه عن حالة -استخبار
الصيد
اس بػََرا"....
"-قَالَْلها اعبََرح بال َف ْ -جواب الصيد عببه -إخبار
"-وأنقض عليها الكالـ" -التأثر النفسي الكبّب -عقاب * حل
عببه فبا قالتو يف الصيد
-المقطع الثاني:
ض ِرب
دائما ما تنتهي حالة االستقرار النسيب اعبديد حبالة من االضطراب اعبديد ،وىذا ما كاف حْب ُ
االستقرار اعبديد – بعودة جبه إُف بيت زوجها – بسماع "الصيد" للحوار الذي جرى بْب الزوجْب،
فكانت ردة فعلو البائسة وعودتو إُف مغارتو حزينا نوعا من االضطراب الذي زعزع حالة السكينة
واالستقرار يف اغبكاية .وما كانت وظيفتا االستخبار واإلخبار يف ىذا اؼبقطع إال ردة فعل من الصيد
سبهيدا لعقاب "جبه" دبا يناسب فعلتها صنيع ما قدمو ؽبا حْب عبأت إليو ،وضرب البطلة للصيد
على رأسو َف يؤؼبو قدر األَف الذي سببو كالمها اعبارح لو:
جر َح يَػْبػَرا يا َجْبػَره
ُكل َ
الض ِم َ
يدة وكل َجَر ْح تَػ ْه َواه ّْ
السوء ما تَبا ِغ ّْب َكلمة ُّ
صبَح يف ال َقلب ِج ِد َ
يدة كل يوـ تُ ْ
وبالفعل انتهت اغبكاية يف حالة استقرار جديد ولكن بكيفية زبتلف عن سابقو ،فكاف تأثّب كالـ
الصيد كبّبا يف نفسية جبه الٍب ندمت على ما قالتو يف حقو رغم وجوده ،إال أنو كاف واجبا عليها أف
تسَبه وتذكر حسناتو ال سيئاتو ،فكانت وظيفة العقاب ّٔذا الشكل.
وعالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ اؼبمثلة ؽبذا اؼبقطع ىي كاآليت:
حالة اتصاؿ()
الصيد (حالة أولية) جبه
حالة انفصاؿ()
الصيد (حالة ختامية) جبه
وأما فيما ىبص اؼبسار اػبطي للحكاية فجاء على النحو التاِف:
61
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
وضعية ختامية
60
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
النموذج العاملي:
قبل ربديد النموذج العاملي للحكاية وجب ربديد كل العوامل اؼبكونة لو ،والٍب جاءت يف اغبكاية
على النحو اآليت:
-العامل اؼبرسل :زوج "جبه".
-العامل اؼبرسل إليو :األزواج عامة.
"الصي ْد".
-العامل اؼبساعد :اػبادمة ّْ ،
-العامل اؼبعارض :لساف "جبه"
-اؼبوضوع :جعل الزوج وبس خبطئو.
-الذات أو الفاعل" :جبه"
وىذه العوامل الستة مقسمة على احملاور الثالث اؼبكونة للنموذج العاملي كما يلي:
األزواج جعل الزوج وبس خبطئو ويندـ الزوج
ولو كانت مظلومة ،فهم يفضلوف أي شيء ،على أف هترب ابنتهم من بيت زوجها ،و(جبه) تعرؼ
أهنا لو ىربت إُف أىلها ؼبا اعتب زوجها وندـ ،ألنو يعلم بأهنا ستعود دوف أف يتصل ىو ّٔا أو بأىلها
حٌب .أما إذا فرت للصيد اؼبعروؼ بالقوة واعباه واغبكمة والشرؼ وغّبىا من الصفات اغبسنة ،لوفر
ؽبا اغبماية واألماف الالزمْب من ردة فعل زوجها أو أىلها ،وىذا ما سيجعل زوجها يندـ ويراجع قراره
ويقرر عدـ ضرّٔا وصيانة حقوقها قبل أف ترجع معو ،وىذا ما أقرتو أسطر اغبكاية يف ثناياىا حْب
الصي ْد إذا تَػ َقْبلي تَػَر ْجعِي
طلب (الصيد) األخذ برأي (جبه) يف الرجوع من عدمو مع زوجها "قَالَ ْلها ّْ
قِْبػلَت" ،1ىذا األخّب الذي أخذ اؽبدايا واعباه معو – الطالب – حٌب يسَبضي زوجتو للعودة معو.
و(جبه) ىنا وىي رباوؿ االتصاؿ دبوضوع النموذج وربقيق مرادىا لقيت مساعدة من خادمتها ومن
(الصيد) اللذين مثال العامل اؼبساعد ؽبا ،يف حْب لعب لساهنا الطويل دور العامل اؼبعارض يف ربقيق
عجب .وىذاىدفها على أكمل صورة فبكنة ،وىذا حْب ربدثت يف غيبة (الصيد) وقالت فيو ماال ي ِ
ُ
رد اعبميل ألىلو بدؿ التحدث يف غيبتهم دبا ال يعجبهم ،فالكالـ
ما رفضو الراوي الذي أكد على ّ
جرحو أعمق من الضرب غالبا.
ضمد ،إال كلمة السوء الٍب تبقى
فعب عنو الراوي بأبيات شعرية عميقة اؼبعُب ،فكل اعبروح تبأ وتٌ َّ
ّ
ربفر أعمق فأعمق يف القلب ،فال تبأ أبدا.
جر َح يَػْبػَرا يا َجْبػَره
ُكل َ
الض ِم َ
يدة وكل َجَر ْح تَػ ْه َواه ّْ
السوء ما تَبا ِغ ّْب َكلمة ُّ
ِ ِ 2
يدة
صبَح يف ال َقلب جد َ كل يوـ تُ ْ
المربع السيميائي:
وبدد اؼبربع األبعاد الداللية الرئيسة الٍب تعاعبها اغبكاية بدرجة كبّبة من العمق ،فراوي اغبكاية ال
يقصد من قص اغبكايات شخصا بعينو غالبا ،وإمبا يرمي بناظريو بعيدا ليحقق ما يصبو إليو أال وىو
معاعبة الظواىر االجتماعية واألخالقية واإلنسانية بطريقة مليئة بالرمز والصورة ،وىذا ألنو غالبا ما
يعجز عن التغيّب كبو األفضل يف واقعو اؼبعاش ،يلجأ إُف ـبيلتو ويستعْب بالرمز تارة والصورة تارة
أخرى ليحقق مراده .وللوصوؿ إُف ىذا البعد الدالِف وجب االستعانة باؼبربع السيميائي الذي يرفع
الستار عن الغموض واإلّٔاـ الذي تفنن الراوي إبداعو يف النصوص اغبكائية.
وما حكاية (جبه والصيد) إال مبوذج فقط عن تلكم الظواىر اؼبنتشرة يف زماف ومكاف الراوي السويف
حينها ،فاغبكاية تعاًف ؾبموعة من الظواىر -نستفيض يف تفسّبىا يف الفصل الثالث – لعل أبرزىا
ظاىرتْب أساسيتْب احدانبا اجتماعية سبثلت يف ظلم اؼبرأة يف صوره اؼبختلفة من طرؼ الرجاؿ عموما
واألزواج خصوصا ،والثانية أخالقية سبثلت يف ظاىرة الغيبة والكالـ السيء والذميم.
-الظاىرة االجتماعية :ظلم اؼبرأة
عالقة تضـــــــاد
عدل ظلم
عالقة استتباع
تناقض عالقة
63
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
ضرب الزوجة ،ىضم حقها يف اإلرث ،اضطهادىا واحتقارىا )...ولبتصر الكالـ بالقوؿ بأف اؼبرأة
تعيش دورا ثانويا يف آّتمع السويف قديبا رغم ما تقدمو من تضحيات ،وؽبذا الكالـ أصناؼ متعددة
من الظلم ،وقد أشار الراوي بوضوح إُف بعضها ،ورمز إُف أخرى ربت معاين نص اغبكاية .والعكس
من ذلك حْب أطاؿ الكالـ عن أنبية العدؿ يف حياة الناس عموما ،وبْب الرجل واؼبرأة خصوصا.
-الظاىرة األخالقية :الكالـ بالسوء يف غيبة اآلخرين.
عالقة تضـــــــاد
مدح ذم
عالقة استتباع
تناقض عالقة
" -يبكي عليها ؼ النهار حذا -حزف الزوج الشديد -حاجة * اضطراب
قبىا" بسبب وفاة زوجتو
-ىجرة القافلة وبقاء " -رحلت القافلة وىجروا القب، -رحيل * ربوؿ اؼبقطع II
كاف راجلها قعد مث" الزوج قرب القب
-انتقاؿ بْب -اؼبناـ الذي يراود الزوج " -كل يوـ يغمض عنيو بش
يرقد ذبيو يف اؼبناـ" كل ليلة فبلكتْب
ب َع ْن قَػ ِْبي ِد َيرْه اثْنِيَ ْو"
" -اَ ْع ُق ْ -طلب الزوجة من -منع اؼبتوالية
زوجها زيارة القب لشدة السردية
لوحشتها الثانية
"-يبكي عليها ؼ النهار حذا -زيارة الزوج للقب -خرؽ اؼبنع
قبىا ،ويف الليل يشد بالصتو يف
العشة ىبمم بيها"
-عبارات ضمنية َف يصرح ّٔا -عودة الزوج إُف القب -عودة * ح ػ ػ ػ ػػل
راوي اغبكاية ومالزمتو لو
65
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
ويقَبب منو أخرى "كاف راجلها قعد مث يبكي عليها ؼ النهار حذا قبىا ،ويف الليل يشد بالصتو يف
1
العشة ىبمم بيها"
عالقة انفصاؿ ()
الزوجة (حالة أولية) الزوج
عالقة اتصاؿ()
الزوجة (حالة ختامية) الزوج
من خالؿ ربليل اؼبتواليتْب السرديتْب وعالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ أمكن سبثيل اؼبسار اغبكائي اػبطي
للحكاية كما يلي:
وضعية افتتاحية
اضطراب>ربوؿ>حل (اؼبقطع )I
النموذج العاملي:
ركزت حكاية غرود عالية على شخصيتْب رئيسيتْب نبا الزوجة وابن عمها (زوجها) ،ودبا أف العامل
أكثر مشولية من الشخصية ،ألنو قد يكوف شخصية متحركة ناطقة كاغبيوف أو اإلنساف مثال ،وقد
يكوف شيئا معنويا أو ماديا كالذكاء والفطنة أو خاسبا سحريا أو عصا .والعوامل على النحو اآليت:
-العامل اؼبرسل :سفر الزوج حبثا عن عمل - .العامل اؼبرسل إليو :الزوج الفقّب.
-العامل اؼبوضوع :انتظار زوجها الغائب - .العامل الذات :الزوجة.
-العامل اؼبساعد :حب الزوجْب لبعضهما - .العامل اؼبعارض :اؼبرض الشديد.
الزوج الفقّب انتظار الزوج الغائب سفر الزوج
68
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
مسار اغبكاية ،وما يتضاد معو ىو (آّافاة) ،الٍب مثلت ثنائية ضدية ذات بعد دالِف انساين رسم من
خالؽبا الراوي مبوذجا للتضحية من الزوجة من جهة ،حْب رفضت كل اػبُطّاب الذي تقدموا إليها،
ومن الزوج من جهة أخرى حْب اتبع طريق آّهوؿ وسافر حبثا عن عمل حٌب يعوض لزوجتو ما
ُح َرمت منو.
عالقة تضـــــــاد
مجافاة شوق
عالقة استتباع
تناقض عالقة
ت ِم ْن وملَّ ْ
يشة َ " -كِ ْرَىت ِع َ -شعور عيشة باؼبلل من -حاجة * اضطراب
البَقاَء َم َعاه" البقاء مع الغوِف اؼبقطع II
خي ِمْتها ونَ َش ْد َىا " -وقَ ْ ِِ
ف عن ْد ْ َ -قدوـ السلطاف وسؤالو -استخبار * ربوؿ
َع ْن َحا ْؽبَا" عن حاؿ عيشة اؼبتوالية
صَرا ْؽبَا "
ش َ ت لَو َو ْ "ح َك ْ
َ - -إجابة عيشة للسلطاف -إخبار السردية
قصَر" " -راح ِ
ت عيشة معاه ل ْل َ ََ ْ -ذىاب عيشة للقصر -رحيل * حل الثانية
" -تَػَزّوج ولد السطاف من عيشة" -زواج عيشة -زواج
-المقطع األول:
سادت حالة من االضطراب العائلة وخصوصا "عيشة" حْب عرض عليهن التاجر الفنك للبيع ،وما
إف ربوؿ ىذا األخّب إُف غوؿ ،ارتبكت العائلة وانقضت حالة السكوف والسعادة وربولت إُف حالة
من الشتات والفرقة ،ألف عيشة رفضت الرحيل وفضلت البقاء مع الغوؿ برفقة ابنة عمها الوفية.
فلعب التاجر دور اؼبخادع الشرير وسقطت البطلة الضحية يف شراكو وَف ذبد سوى بنت عمها لتبقى
معها وفاءا منها للغوؿ الذي رافقها يف صباه وترعرع جبانبها حْب كاف فنكا فما استطاعت التخلي
عنو .وىنا كانت العالقة بْب البطلة واألىل عالقة انفصاؿ بعد أف كانت يف اتصاؿ دائم ،يف حْب
بقيت وفية مع الغوؿ يف االتصاؿ بو ،وموضوع القيمة ىنا ىو الوفاء.
-فكانت العالقة بْب عيشة واألىل كما يلي:
حالة اتصاؿ()
األىل (حالة أولية) عيشة
حالة انفصاؿ()
األىل (حالة ختامية) عيشة
-يف حْب جاءت العالقة بْب عيشة من جهة والغوِف وابنة عمها من جهة أخرى كما يلي:
حالة اتصاؿ()
الغوؿ ،بنت عمها عيشة
-المقطع الثاني:
اختلف األمر يف اؼبتوالية الثانية فبا كاف عليو يف اؼبتوالية األوُف ،فقد سادت عيشة حالة من اؼبلل
تسببت يف ىجرهتا للغوؿ ،فانفصلت عنو وازبذت طريقها لبناء حياهتا يف القصر ،وىنا اتصلت
دبوضوع قيمة جديد وىو ابن السلطاف الذي عرض عليها الزواج ،رغم ذلك بقيت عالقتها مستمرة
ومتصلة بابنة عمها الٍب رافقتها إُف القصر .فاضطراب االستقرار سببو ملل عيشة من اخفاء بنت
عمها عن الغوؿ ،والتحوؿ كاف سببو قدوـ السلطاف الذي رحلت معو إُف قصره.
حالة اتصاؿ()
ابن السلطاف عيشة
حالة انفصاؿ()
الغوؿ عيشة
72
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
حالة اتصاؿ()
ابن السلطاف ،األوالد عيشة
حالة انفصاؿ()
بنت عمها عيشة
حالة انفصاؿ()
ابن السلطاف بنت العم
و.خ وعليو أمكن رسم اؼبسار اػبطي للحكاية ككل على النحو اآليت:
ض>ت>ح (ـ )4
انطالؽ اغبكاية من حالة استقرار تاـ سبثل يف عيش البطلة يف سعادة يف الوضعية االفتتاحية ،مث بعد
ذلك ينزؿ اؼبنحُب اػبطى للوصوؿ إُف حالة من استقرار نسيب جديد ىبتلف عن االستقرار األوؿ،
سبثل يف رحيل األىل عن (عيشة) ،مث بعد ذلك يصعد اؼبسار وصوال إُف استقرار جديد شبيو باألوؿ
الختالؼ اؼبكاف حْب عاشت البطلة يف سعادة ،وأما يف اؼبقطع الثالث والرابع فسادت حالة من الال
استقرار سبثل يف ربوؿ السعادة واللحمة إُف شقاء وفرقة ،وانتهت اغبكاية يف وضعية ختامية مليئة
بالسعادة بعد رجوع اؼبياه إُف ؾبراىا الطبيعي ونالت البطلة الشكر والثناء ورد اعبميل من الغوؿ،
وعوقبت بنت عمها الٍب غدرت ّٔا وخانتها.
-النموذج العاملي:
جاءت العوامل الستة اؼبكونة للنموذج كما يلي:
-العامل اؼبرسل :عائلة عيشة.
-العامل اؼبرسل إليو :األصدقاء فيما بينهم.
-العامل اؼبساعد :الغوؿ ،السلطاف ،ابن السلطاف.
74
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
-المربع السيميائي:
يبدو جليا موضوع اغبكاية اؼبتمثل يف الوفاء ،ىذا البعد الدالِف الذي أبدر يف تصويره راوي اغبكاية
حْب شخص لنا الغوؿ يف صورتْب متناقضتْب رغم الظاىر الذي يبدو عليو يف الوىلة األوُف ،وىذا
معاكس سباما لبنت عم البطلة عيشة الٍب كاف من اؼبفروض أف تكوف صديقا حقيقيا تقف مع
صديقتها يف ؿبنتها ،ولكنها كانت عكس ذلك سباما.
والصورة ىنا (الغوؿ -بنت العم) ؽبا وجهاف ،أحدنبا ظاىري افتتاحي يف اغبكاية ،والثاين حقيقي
تمت بو اغبكاية ،وىي من صور الثنائية الضدية (خّب – شر) .وىذا إف دؿ على شيء، وباطِب ُخ َ
فإمبا يدؿ على عدـ اغبكم على ظاىر األشياء من خالؿ الفرد الذي يتسرع يف أحكامو وقراراتو من
ظاىر األمور ،وىذا لب الكالـ الذي قصر الراوي اظهاره يف صورة الصداقة والوفاء للصديق أو الغدر
بو .ومنو يكوف اؼبربع على النحو اآليت:
عالقة تضـــــــاد
غدر وفاء
عالقة استتباع
تناقض عالقة
76
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
78
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
وصوال إُف اغبل والفرج الذي َف ذبد مفرا غّبه يف اؽبروب من األىل وازباذ طريق ؾبهوؿ العواقب ،وقد
مثل ىذا حالة من االستقرار النسيب اعبديد.
وتلخيصا ؼبا سبق نرمز لعالقة االتصاؿ واالنفصاؿ يف ىذا اؼبقطع كما يلي:
حالة انفصاؿ()
األخت (حالة استفتاحية) األخ
ؿباولة االتصاؿ()
األخت (حالة سبهيدية) األخ
حالة انفصاؿ()
األخت (حالة هنائية) األخ
-المقطع الثاني:
زبلصت "لوقبة" من أخيها وانتقلت من فبلكة إُف فبلكة أخرى حْب رمز إليها فالديبّب برب بوظيفة
انتقاؿ ،فاؽبروب من الواقع سبثل يف فرار البطلة من أىلها وأخيها ومن قبيلتها ،مثَّل اؼبملكة األوُف،
وأما الثانية الٍب انتقلت إليها فقد مثَّلت بالد السلطاف ،وللمقارنة ىنا قبد بأف الراوي انتقل من عاؼبو
الواقعي إُف عاَف اػبياؿ والطموح واألمل الذي َف هبد وسيلة أخرى لتحقيقو سوى خيالو ومفكرتو.
وما لقاء بطلتنا مع السلطاف وطلب زواج األخّب منها إال ضرب غبالة االستقرار النسيب الذي انتهت
فيو اؼبتوالية األوُف ،وكاف ؽبذا الزواج أثر كبّب يف "لوقبة" الٍب من خاللو قضت على النقص الذي سببو
ؽبا أىلها وعاداهتم الظاؼبة .وىنا مت االتصاؿ بْب "لوقبة" والسلطاف بعد أف كانا يف حالة انفصاؿ.
وقد لعبت زوجات السلطاف دورا مهما يف ؿباولة التفريق بْب الزوجْب إال أف ؿباوالهتم باءت بالفشل
وانقلب السحر على الساحر حْب نلن الطالؽ كعقوبة ؽبن على كيدىن بلوقبة ،ىذا حْب عودة
السلطاف من اغبج وأصلح اإلساءة الٍب قامت ّٔا نسوتو ،وعاقبهن وعاش مع لوقبة حياة سعيدة.
والعالقة ىنا كما يلي:
حالة انفصاؿ()
لوقبة (حالة أولية) السلطاف
حالة اتصاؿ()
لوقبة (حالة ختامية) السلطاف
ويبكن سبثيل اؼبسار اغبكائي اػبطي للحكاية كما يلي:
81
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
وضعية افتتاحية
اضطراب>ربوؿ>حل (اؼبقطع )I
80
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
عرض لنا الراوي البطلة (لوقبة) كصورة مصغرة ؼبا تعانيو طبقة البنات عموما من اضطهاد وظلم يف
ِ كيفية زواجهن واختيارىن لشريك حياهتن ،عبت عنو اغبكاية يف " :قَ ْاؿ َؽبَا نِْتػَزْو َج ْ
ف.ك َورِاين َحال ْ
ف َكا ْف نِْتػزَّوج م َوال ْة الشَّع ِرة ولو ِ
كنت إِنْ ِ ِ قَالَت لو كِي َف ِ
ت َ َ ْ ُ ُوخيّْي؟ قَ ْاؿ ؽبا َرِاين َحال ْ
اش تْت ِزَّو ْج ِِب يَا أ َ
ْ ْ
نت أ ُّْمي" .1فكاف ىذا اؼبوضوع الذي أرادت بطلتنا االتصاؿ بو والذي ىو يف األصل مفصوؿ
ياِ بْ ْ
عن كل البنات ليس يف سن الزواج فحسب ،بل حٌب يف سن مبكرة قد ال تتعدى أحيانا سن
الطفولة ،وىذا إف دؿ على شيء ،فإمبا يدؿ على حجم تفشي الظاىرة يف آّتمع السويف قديبا،
ولعب ىنا الظلم العائلي دور اؼبرسل الذي وبث الفاعل لالتصاؿ باؼبوضوع (أي لوقبة وحرية اختيار
الزوج) فاستشارة البنت يف أمور حياهتا اػباصة ضرورة قصوى وأكيدة ،واالبتعاد عنها وهتميشها يؤدي
يف الكثّب من األحياف إُف ما ال ُوب َمد عقباه .وخالؿ ىذه الرحلة الٍب تبحث فيها لوقبة عن اإلنصاؼ
واغبماية ،تتلقى الذات ؾبموعة من الصعاب متمثلة يف عدد من اؼبعارضْب ىم أخوىا ،عائلتها،
نسوة السلطاف ،وخالؼ ذلك تلقت مساعدة من أخيها الصغّب والسلطاف الذي مثل الطريقة اؼبثلى
2
ت لوقبة مع السلطاف يف ىناء"
"عا ْش ْ
للزواج حسب رأي الراوي ،وىذا ما أشار إليو من خالؿ قولوَ :
المربع السيميائي:
يتكوف اؼبربع اػباص باغبكاية من بعد دالِف رئيسي أال وىو (اغبرية) ،أي حرية اختيار الشريك،
واغبرية ىنا ليست مطلقة بالطبع ،بل ما يتماشى والشرع .فاستشارة البنت واجبة ويف سن مناسبة
حٌب تكوف ؽبا القدرة الكافية على التمييز وربمل مشاؽ اغبياة الزوجية ومسؤولياهتا .وما يتضاد مع
اغبرية ىو (الكبت) ،وىذا يف اغبقيقة ما تطرؽ إليو الراوي وعايشتو وأراد تغيّبه يف واقعو وحياتو
اليومية ،وعندما عجز عن ذلك استنجد بشخصية خارجية خيالية حققت لو مراده (أال وىي
شخصية السلطاف) فالكبت يف الواقع موجود ،واغبرية وجدت فقط يف ـبيلة الراوي ،فالكبت ىو
البعد الدالِف األصلي ،وأما باقي األبعاد اؼبتشكلة من خالؿ العالقات ما ىي إال تكملة ؼبا يطمح
إليو الراوي الشعيب .وبالتاِف تكوف أبعاد اؼبربع كما يلي:
عالقة تضـــــــاد
حرٌة كبت
عالقة استتباع
تناقض عالقة
تبدأ اغبكاية كباقي اغبكايات دبوقف افتتاحي ذكر فيو الراوي حاؿ الرجل الذي تزوج سبع نساء
ِ
اجابُ َوال ِش األ َْوَال ْد" ،1ويليو متواليات َّس ِو ْ
ين َم َ اؾ الن َ ولكنهن َف ينجنب " َراج ْل مْتػَزّْو ْج َسبَػ َعة نَ َس ِو ْ
ينَ ،وَى ْ
سردية فبثلة يف اعبدوؿ اآليت:
ِ ِ
تيص مع بِن ْ " -اتْػ َع َارْؾ النّْص ْ -معركة بْب النصيص -صراع * اضطراب
الغُولِيَّة" وبنت الغولة
انبُوا بِ ْ
ش يَا ْكلُ ْوه" َ " -حتَّا ْف تْػ َف ْ -اتفاؽ الغوالة على أكل -إساءة * ربوؿ اؼبقطع III
النصيص
َ " -غافَػ ْل َها النصيص و َذ َْحب َها" -ذبح النصيص للغولة -انتصار
"-لِبس ِجلِ ْدىا وطَبخها يف ِ
الق ْد َرة -خدعة النصيص باعبلد -خداع
َ َْ َ ْ
ِ ِ
ت الغُولَّية وقالت ذ َْحبت ْيو" ُ " -ر ْج َع ْ -تصديق الغولة للخدعة -البداع اؼبتوالية
َّار".. ِ
ت الن ْ ت الغُوليَّة َش ْعلَ ْاح َْ " -ر َ -صراع النصيص والغولة -صراع السردية
ت" ِ
وماتَ ْ اس َها َ َ " -حتَّا ْف ا ْشع ْل َر ْ -موت الغولة -انتصار الثالثة
ور َج ْع أل َْىلَ ْو"
ّْصيص َ
َ " -خَر ْج الن ْ -رجوع النصيص ألىلو -عودة * حل
ّْصيص أَذْ َكاىم" ؼ ابَّ ْاه بالن ْ َ " -عَر ْ -اعَباؼ األب بالنصيص -مكافأة
83
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
مثلت حالة االفتقار الٍب عاشها الرجل نوعا من االضطراب الذي كسر حالة االستقرار يف بدية
اغبكاية ،حْب شعر حباجة إُف إقباب زوجاتو األوالد ،فالرغبة يف اغبصوؿ على الولد جعلتو يتحرؾ
عب عنو الراوي بذىاب الرجلللبحث عن الطريقة الناجعة والفعالة كي يتحقق مبتغاه ،وىذا ما َّ
ش يِ ِدير بِ ْ ِِ الر ِاج ْل لِ َّ
لدبَّ ْار بِ ْ ِ
يب لَ ْوَال ْد" ،1وما إف أقببت الزوجات حٌب
ش هب ْ ش ي َدبػّْ ْر َعن َّْو ِو ْ ْ اح َّ
للدبار " َر ْ
اتصل الرجل دبوضوع قيمتو وحصل على الولد ،الذي كاف يف األصل منفصال عنو ،وبالتاِف قضى
على حالة .النقص الٍب الزمتو زمنا طويال.
حالة انفصاؿ()
األوالد (حالة أولية) الرجل
حالة اتصاؿ()
األوالد (حالة ختامية) الرجل
-المقطع الثاني:
يف اؼبتوالية السردية الثانية ربولت الذات إُف النصيص بدؿ والده ،فلعب النصيص دور الفاعل الذي
كسر حالة االستقرار حْب كاف حباجة إُف اإلنصاؼ واؼبساواة مع أخوتو من طرؼ أبيو الذي ميز بينو
اخ ْوِيت" 2ويف ؿباولتو إثبات ِ ِِ ِ ِ ِ ِ
يما ْ ّْصيص يْبكي أل َُّم ْو وقَال ْل َها ابَّايَا َح َق ْرِين َ
وما شَراليشي ك َ اح الن ْ
"ر ْ
وبينهم َ
ذاتو ألبيو تعرض النصيص إُف شخصيات شريرة سبثلت يف الغولة الٍب التهمت أخوتو الستة يف حْب
استطاع ىو الفرار دبساعدة أمو الٍب سبقت ونبهتو من مكائد الغولة .فالذات الفاعلة ىنا ىو
"النصيص" وموضوع القيمة ىو الفرار من الغولة ،فكانت حالة االتصاؿ بينهما عالمة لذكاء
ِ ِ ِ
ك النّصيص وقاؿ ىذه الغُوليَّة إِ ِّْف ح َكْتلي َع َ
ليها "ش ْ
عب عنها الراوي َ النصيص وقدرتو العقلية الٍب َّ
وىَرب ِ ْهب ِري".1 ِ
ت َ ص َّدقُ ِوشَ ،خ َّالىا َماتْل َه ْ
أ ُّْمي ،ونَػبَّ ْو إخوتو لكن ما َ
حالة انفصاؿ()
اؽبرب من الغولة األخوة الست
حالة اتصاؿ()
اؽبرب من الغولة النصيص
-المقطع الثالث:
دخل النصيص يف صراع مع الغولة الثانية وابنتها فبا كسر حالة االستقرار النسيب اعبديد الذي انتهت
عليو اؼبتوالية السابقة ،حْب وصل للغولة وخبأتو عندىا وضبتو من زوجها الغوؿ .وما زاد يف ربوؿ ىذا
االضطراب ىو اتفاؽ الغوالة على أكل النصيص الذي تنبو للمكيدة وزبلص من الغولة مستخدما
ذكاءه ،فالنصيص ىو الذات دائما ،وأما الغولة فقد مثلت الشخصية الشريرة الٍب حاولت أكلو ،أما
موضوع القيمة ىنا فتمثل يف التغلب على الغولة .وعاد إُف أىلو واتصل دبوضوع اغبكاية الرئيس "
ده ال ُك ْل".2
ّْصيص أَذْ َكى من أ َْوالَ ْ
ؼ ابَّ ْاه (أَبُوه) راَ ُىو الن ْ
وعَر ْ
ّْصيص َور َج ْع أل َْىلَ ْو َ
َخَر ْج الن ْ
حالة اتصاؿ()
التغلب على الغولة النصيص
حالة اتصاؿ()
إثبات الذات النصيص
ومنو أمكن رسم اؼبسار اػبطي للحكاية ككل على النحو اآليت:
ض>ت>ح (ـ )I
ض>ت>ح (ـ )II
- 1اؼبرجع نفسو.
- 2اؼبرجع نفسو.
85
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
إف وصوؿ اؼبنحُب اػبطي إُف مستوى الوضعية االفتتاحية ىو عودة االستقرار إُف حالتو الطبيعية
بإثبات النصيص لذاتو واعَباؼ والده بأنو األذكى بْب أخوتو رغم عاىتو اعبسدية.
النموذج العاملي:
من خالؿ تتبع اؼبسار اغبكائي أمكن رسم النموذج وعواملو كما يلي:
العائلة إثبات الذات األب
86
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
مزدرية يبلؤىا اغبقد والبغضاء ،ال لشيء إُف ألنو ينقصو عضو من أعضائو أو عاىة جسدية أو زبلف
عقلي وجسدي وغّبىا من األمراض الٍب تنشأ يف زمن قد مضى.
ومنو أمكن القوؿ بأف الراوي ركز على بعد دالِف رئيس يف اغبكاية أال وىو التمييز العنصري بْب
األفراد يف آّتمع السويف القدًن ،وعليو يكوف اؼبربع على الشاكلة التالية:
عالقة تضـــــــاد
انصاف تمٌٌز
عالقة استتباع
تناقض عالقة
87
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
ات َجاء َر ِاج ْل َها" " -بػَ ْعد أَيَّ َام ْ -رجوع الزوج من سفره -عودة * اضطراب
اؿ ؽبا ِويْنػ ُهم األ َْوَال ْد" "-قَ َ -استخبار -سؤاؿ الزوج عن أبنائو اؼبقطع II
صة" "-ح َكت لَو ِ
الق َّ -جواب الزوجة لزوجها -إخبار
َ ْ ُ
ِ
ضها ِ "-ولْ َدت اؼبََرا أَكثَر م ْن ولَد َ
وع َّو ْ -القضاء -اقباب اؼبرأة لألوالد مرة * ربوؿ اؼبتوالية السردية
ب" َر ّْ أخرى على النقص الثانية
يكي طََّولٍِْب" السلطَا ْف ِوش بِ ِ "سأ ْؽبا ُّ
ْ َ - -استفسار السلطاف -استخبار
صار" ش َ "-قالت لو ِو ْ لتأخر الداية
ِ ِ
"-كْت ُشوف ْيو طَبِطِْيب البَ ْ
اب" -اخبار -جواب الداية للسلطاف
الع ْس َكر" ِ ِ
"-بَدى ي َد ّْخل يف َ -خدعة السلطاف -خداع * حل
"-أمر السلطاف بقتلو" -وقوع العسكر يف الفخ -البداع
-قتل السلطاف للعسكر -عقاب
اؼبرا َع ْن أَْوَال ْدىاَ َوز ْاد عْنػ َها َر ِاج ْلها ْم َسافِْر" .1فالذات الفاعلة ىنا ىي اؼبرأة ،واؼبوضوع ىو
َ ت ِِ
"ح ْزن ْ
وأما الشخصية الشريرة فقد مثلها الراوي بالعسكر .ومنو كانت عالقة االتصاؿ واالنفصاؿ األوالد،
كما يلي:
حالة اتصاؿ()
األوالد (حالة افتتاحية) اؼبرأة
حالة انفصاؿ()
األوالد (حالة هنائية) اؼبرأة
-المقطع الثاني:
تبدأ اؼبتوالية الثانية حيث انتهت األوُف ،حبالة جديدة سبثلت يف فقداف اؼبرأة ألوالدىا الثالثة،
وبعودة زوجها من سفره اتصلت اؼبرأة دبوضع قيمتها األوؿ يف إقباب األوالد ،ومن جهة أخرى
ساعدىا السلطاف يف األخذ بالثأر والقصاص من قاتل أفالذ كبدىا ،وىنا اتصلت دبوضع قيمة جديد
متمثال يف الثأر .فقد لعب كل من الزوج والداية والسلطاف دور الشخصيات اؼبساعدة يف اتصاؿ اؼبرأة
دبوضوعي القيمة يف اؼبتوالية.
حالة اتصاؿ()
األوالد (حالة ختامية) اؼبرأة
حالة اتصاؿ()
الثأر والقصاص (حالة ختامية) اؼبرأة
وفيما ىبص اؼبسار اػبطي جاء على النحو التاِف:
و.ؼ ............................................... .ض>ت>ح>و.خ (ـ )II
ض>ت>ح (ـ )I
انطالؽ اغبكاية من حالة االستقرار اؼبتمثل يف وجود األوالد جبانب أمهم ،وما نزوؿ اؼبنحُب إال
النفصاؿ الذات الفاعلة (األـ) عن أوالدىا يف اؼبتوالية السردية األوُف .أما يف الثانية فقد عادت إُف
حالة االتصاؿ من جديد بْب األـ وأوالدىا ،وىذا ما كاف يف اغبالة اػبتامية من اتصاؿ األـ موضوع
القيمة األوؿ (األوالد) ،وموضوع القيمة الثاين (القصاص).
النموذج العاملي:
ىذه ىي العوامل الست اؼبكونة للنموذج العاملي اػباص باغبكاية:
-العامل اؼبرسل :ظلم االحتالؿ واالستبداد.
-العامل اؼبرسل إليو :أىل اؼبنطقة.
-العامل اؼبساعد :الزوج ،الداية ،السلطاف.
-العامل اؼبعارض :العسكر.
-اؼبوضوع :الشرؼ والعفة.
-الذات أو الفاعل :اؼبرأة.
أىل اؼبنطقة الشرؼ والعفة ظلم االحتالؿ واالستبداد
المربع السيميائي:
وعليو يكوف اؼبربع كما يلي:
عالقة تضـــــــاد
حرٌة احتالل
عالقة استتباع
تناقض عالقة
وش
اخلَة ُح ْ َّامة َد ْ
ت اػبَد َ اح ْ
-حبث اػبادمة عن بيت َ " -ر َ -انطالؽ * اضطراب
وش" َخ ْار َجة ُح ْ السارؽ اؼبقطع II
ت َؽبا ما ِعْن َد ْك ِ
ش ت أ َُّمو قَالَ ْ -سؤاؿ اػبادمة لألـ " -لََق ْ -استخبار
ُم ْخ نػَ َع َامة؟" اؼبتوالية
ت ؽبا ِعنِ ْدنَا" " -قَالَ ْ -إجابة األـ للخادمة -إخبار السردية
حٌب تُ ُذوقِ ْيو"
ْش َّ ص ْدقَك ِ -حيلة السارؽ للخادمة " -ما نْ َ -خداع * ربوؿ الثانية
َ " -خ ْر َجت اػبدامة لِ َس ْاهنا" -البداع اػبادمة باغبيلة -البداع
لسانْػ َها" ض ْلها َّ ِ
السار ْؽ َ "-قَ َّ -قطع السارؽ للساهنا -إساءة
ت لَ ْو"وش َك ْ ك َ ت لِْل َملِ ْ اح ْ
-عودة اػبادمة للملك َ " -ر َ -عودة * حل
012
المسارات السردية للحكايات الفصل الثاني
حالة اتصاؿ()
النعامة (حالة ختامية) اؼبلك
يف حْب انعكس الوضع بالنسبة للسارؽ الذي انفصل عن العامة واتصل ببنت اؼبلك.
حالة انفصاؿ()
النعامة (حالة ختامية) السارؽ
حالة اتصاؿ()
بنت اؼبلك (حالة ختامية) السارؽ
وعليو أمكن رسم اؼبسار اػبطي للحكاية ككل على النحو اآليت:
و.ؼ .............................................. .ض>ت>ح > و.خ (ـ )III
ض>ت>ح (ـ )I
ض>ت>ح (ـ )II
النموذج العاملي:
يتسم النموذج العاملي بالعمق مقارنة بعالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ يف كل متوالية ،أو باؼبسار
اػبطي للحكاية ككل ،وبالتاِف إذا قلنا أف موضوع اغبكاية ىو سرقة النعامة فإف دراستنا تكوف أكثر
سطحية فبا قد يكوف عليو اؽبدؼ اغبقيقي للراوي الشعيب ،فالعالقة بْب اغباكم واحملكوـ ليست عالقة
سرقة أو زواج -رغم أف ىذا ما أشار إليو الراوي يف عباراتو -بل العالقة بينهما تعاًف قضايا اغبكم
والسلطة وتطبيق العدؿ بْب الناس ،فاؼبلك يبدو ظاؼبا لرعيتو ،وىذا ما أشار إليو الراوي يف طريقة
ِ ِ
ضَرْر".1 معاملتو غبراسو "حٌب أنو كاف َداي ِرْؽبَا ُحَّر ْ
اس ُوبُْر ُسوا ف ْيها ويقتلهم َكا ْف يَػ ْل َح ْق بيها َ
وما تغلب السارؽ على اؼبلك وسرقة نعامتو وتزوج ابنتو وعدـ سبكن اؼبلك دبا يبلك من حرس
من اؼبسك بالسارؽ ومعاقبتو إال رمز تعمد الراوي االطناب يف ذكره ،فقد تغلب السارؽ على ملكو
أكثر من مرة وباءت كل ؿباوالت اؼبلك بالفشل " عفسن البػعايِر عن عرِمة الذىب ولَصق ِيف َك ِ
رعي ِه ْن َْ ُْ ََ ْ
وى َّكا قَػتَل اؼبلك اغبُراس ب اؼبوجود يف َّ
الدارَ ، اؼباؿ و َّ
الذ َى ْ الس َارؽ ُك ْل ْ
ب"َ " ،ى ْربُوا اغبَُّراس و َسَرؽ َّ َّ
الذ َى ْ
ِ ِ
الس َارؽ النعامة للملك وتزوج بنتو"،1 ف َو ْع َد ْه َوزْو َجو بِْنتَ ْوَ ،
وى َّكا َر َّج ْع َّ والدبَّار"" ،ما قْد ِر ْ
ش اؼبلك َىبْل ْ
وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على رفض الراوي لطريقة معاملة اؼبلك لرعيتو.
فاؼبلك يف اغبكاية ىو شيخ القبيلة وكبّبىا ،وىو اآلمر الناىي فيها ،وىذا ليس دبشكلة أبدا حسب
رأي الراوي ،فال بد من وجود كبّب للقبيلة لتنظيم شؤوهنا والشهر على راحة أىلها وحل مشاكلها
ونبومها ومساعدة من وبتاج اؼبساعدة وقضاء حاجة من لديو حاجة ،لكن اػبلل يف عدـ تطبيق كل
ىذا ،أو تطبيقو بشكل غّب صحيح ،فبا يسبب الفرقة والشتات بْب أفراد القبيلة.
وىذه ىي العوامل الست اؼبكونة للنموذج العاملي:
-العامل اؼبرسل :ظلم اؼبلك لرعيتو.
-العامل اؼبرسل إليو :شيخ القبيلة وكبّبىا.
-العامل اؼبساعد :األوالد ،اإلبل.
-العامل اؼبعارض :اؼبلك ،اغبراس ،الدبار.
-اؼبوضوع :تطبيق العدؿ
-الذات أو الفاعل :السارؽ
شيخ القبيلة وكبّبىا تطبيق العدؿ الظلم
فقد لعب ظلم اؼبلك لرعيتو دور اؼبرسل الذي أثر يف السارؽ ليتصل باؼبوضوع أال وىو تطبيق
العدؿ ،الذي كاف يف األصل منفصال عنو ،وقد قبح يف ذلك يف األخّب ؼبا اعَبؼ اؼبلك بالسارؽ
وزوجو ابنتو واستعاد نعامتو ،الٍب مثلت السلطة ،ألف تعلقو ّٔا شديد ،وكانت اػباسبة بأف استعادىا
ولكن بشكل جديد يبتاز بالعدؿ واإلنصاؼ بْب أىل القبيلة ،ألنو زبلى عن ابنتو وزوجها للسارؽ يف
إشارة من الراوي بعودة اغبكم لصاحبو ولكن بطريقة إهبابية حْب اعَبؼ بأخطائو ،وقد استفاد
السارؽ من مساعدة األوالد واألىل يف حْب اعَبض طريقو كل من اؼبلك وحرسو.
المربع السيميائي:
وباكي اؼبربع ؾبموعة من العالقات الٍب تتكوف من خالؿ أبعاد داللية يرظبها اؼبسار السردي
للحكايات ،واغبكاية الٍب بْب أيدينا هتدؼ إُف تطبيق العدؿ واإلنصاؼ يف العالقة بْب شيخ القبيلة
وكبّبىا واألىاِف ،وعالقة االتصاؿ واالنفصاؿ مهمة ؼبعرفة البعد الدالِف الرئيس ،فكيف بدأت
تمت ،ىنا نقوؿ بأف البعد الدالِف للحكاية ىو الظلم ،أي ظلم قائد القبيلة كبّبىا
اغبكاية وكيف ُخ َ
لألىل حْب استغل مكانتو فيها ليتسلط على األىل ويهضم حقوقهم ،وما يتضاد معو ىو الدؿ
ِ ِ
ف واإلنصاؼ حْب ختم الراوي اغبكاية بزواج السارؽ وعودة النعامة ؼبلكها "ما قْد ِر ْ
ش اؼبلك َىبْل ْ
الس َارؽ النعامة للملك وتزوج بنتو" 1وىي رمز لعودة السكينة واألماف َو ْع َد ْه َوزْو َجو بِْنتَ ْوَ ،
وى َّكا َر َّج ْع َّ
وهناية الصراع بْب األىل وكبّبىم.
تناقض عالقة
خاتمة الفصل:
يف خاسبة ىذا الفصل خرجت دبجموعة من النتائج واالستنتاجات أنبها:
-يف اغبكاية اػبرافية يكوف عدد الوظائف اؼبمثلة لكل متوالية سردية أكثر فبا ىو عليو يف اغبكاية
الشعبية ،نظرا الحتوائها عددا أكثر من الشخصيات ،ىذه األخّبة الٍب تقوـ بالوظائف يف اؼبسار
السردي للحكاية ،وبالتاِف كلما زاد عدد الشخصيات زاد عدد الوظائف يف كل متوالية.
-سبثل وظيفة (حاجة أو شعور بالنقص أو افتقار) ركيزة أساسية يف التكوين الوظائفي غبكايات
اؼبدونة ،فلم تأيت ىذه الوظيفة -رغم اختالؼ تسميتها وطريقة القياـ ّٔا -عبثا ،فدالالهتا قوية يف
تكوين شخصية الفرد السويف الذي من طبعو ربدي الصعاب من قساوة الطبيعة والظروؼ اؼبناخية
وصعوبة كسب القوت والعيش ،إال أنو غالبا ما يتغلب عليها رغم نقص اإلمكانات ،فاغباجة وإف
بدت بسيطة يف نصوص اغبكايات ،إال أف الفرد السويف متعايش معها يف واقعو وحياتو اليومية.
-العامل أكثر اتساعا ومشولية من الشخصية ،فالعامل قد يكوف إنسانا ،حيوانا أو بعدا معنويا أو
ماديا ،يف حْب تبقى الشخصية متحركة ناطقة ؿبافظة على بعدىا اإلنساين أو اغبيواين غالبا ،واؼبقارنة
بْب كل من الشخصية والعامل يف أصناؼ القصص اؼبكونة للمدونة ،نرى بأف األوُف – أي
الشخصية – لعبت دورا أكبا يف اؼبسار السردي للحكايات .فقد تنوعت الشخصيات (العائلة،
الزوج ،األب ،الصيد ،الغوؿ ،)....يف حْب قبد من العوامل القليلة (اغبب ،اؼبرض ،الظلم.)..
-سبثل بنية التضاد يف مسار اغبكايات رمزا من الرموز اؼبمثلة للثنائية الضدية الرئيسية (خّب-شر)،
ففي كل اغبكايات قبد بأف الراوي ينقد ويعاًف ظاىرة اجتماعية ،إنسانية ،أخالقية ....قد تفشت يف
آّتمع حينها ،ظاىرة سلبية مثلت جزءا من البعد الثاين (شر) يف( :الظلم ،الغدر ،الكبت ،التمييز،
االحتالؿ) ،وىي يف اغبقيقة الظاىرة اؼبوجودة يف واقع الراوي ،وأما البعد الثاين اؼبمثل ل ػ (خّب) ،فهو
مرسخ يف خيالو وما يصبو إليو يف اؼبستقبل (عدؿ ،وفاء ،حرية ،إنصاؼ.)...
017
الفصل الثالث
والصي ْد"
"ج ْبـ َره ِّ
-1حكاية َ
-2حكاية "غُ ُرو ْد َعالْيَة"
"عي َشة والغُولِي" -3حكاية ِ
حكاية "لُـ ــونْ َجة" -4
يص والغُولِيَّة" ِ
حكاية "النِّص ْ -5
حكاية " َش َرف ْام َرأَة" -6
يب" حكاية "ال َق ْنـ ُفو ْد ِّ
والذ ْ -7
"الدقْـلَة َو ُّ
الذ َّك ْار" حكاية ِّ -8
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
تمهيد:
ىذا الفصل امتداد للفصل السابق يف كيفية دراستو للبنية العميقة للحكايات ،وقد استنتجت
األبعاد الداللية من خالؿ الثنائيات الضدية الٍب تطرؽ إليها كلود ليف سَباوس حْب دراستو
لألساطّب ،الٍب وجد بأهنا ربوي عددا ال متناىيا من اؼبتضادات على شكل ثنائيات ضدية ،وقد
الحظت بأف كل الثنائيات وغّبىا ما ىي إال صورة من الصور احملدودة لألبعاد الداللية التالية:
اجتماعية ،إنسانية ،ثقافية ،دينية ،أخالقية ،اقتصادية ،فكرية أو سياسية ،كما قد قبدىا مزهبا بْب
الدينية واألخالقية ،أو بْب االجتماعية واإلنسانية أو الفكرية الفلسفية.
يف الفصل اآليت ،درست كل حكاية على حدى ،وىذا يف ؿباولة مِب إُف الربط بْب اؼبسار السردي
لكل حكاية وبْب األبعاد الدالة اؼبكونة ؽبا ،تلك األبعاد الٍب يرظبها الراوي ربت أسطر اغبكاية وبْب
ثنايا ألفاظو الٍب يرويها مشافهة للمستمعْب وللدارسْب ؽبذا الصنف من األدب الشعيب ،فاغبكاية
الواحدة تعاًف ؾبموعة من الدالالت ولو أف موضوعها الرئيس واحد ،إال أف الراوي وبيطها بعدد
ؿبدود من القضايا الٍب ؽبا صلة دبوضوعها الرئيس ،فمثال يف حكاية "لوقبة" يعاًف الراوي قضية
اجتماعية مهمة أال وىي الزواج ،إال أف اؼبتمعن بْب سطورىا هبد دالالت أخرى مهمة مثل :بعد ديِب
متمثل يف اغبج ،بعد اجتماعي متمثل يف تعدد الزوجات ،بعد إنساين متمثل يف الظلم واغتصاب
حقوؽ البنت من العائلة.
وحٌب أمتلك القدرة على ربديد دالالت كل حكاية يف بنيتها العميقة ،وجب ربديد رموز
وشيفرات كل حكاية لتحليلها وفك رمزىا وإجالء الغموض من حوؽبا ،وىنا أعدد القراءات اؼبمكنة
لكل عالمة ورمز موجود ،وفق منطور القارئ وسرد الراوي واؼبقابالت الشفوية اػباصة بكل موضوع
واالعتماد على عدد من الكتب واؼبراجع اؼبؤرخة لتاريخ اؼبنطقة .بعد ذلك أعدد األبعاد الداللية لكل
وزبرج يف كلية اغبقوؽ عاـ ،1931مث التحق بالبعثة اعبامعية -كلود ليفي شَباوس :باحث أنثروبولوجي فرنسي ،تلقَّى تعليمو اعبامعي يف السوربوف َّ
الفرنسية يف البازيل حيث أصبح أستاذاً لعلم االجتماع يف جامعة ساو باولو يف الفَبة 1935ػ ،1939وىي الفَبة الٍب قاـ فيها بعمل أحباث حقلية
إثنوجرافية بْب قبائل البورورو يف وسط البازيل والٍب على أساسها أقاـ نظريتو يف علم األساطّب ،ويعد من أبرز أعمدة الفكر البنيوي ،ولو كتب عدة
منها :األبنية األولية لعالقات القرابة ،األنثروبولوجيا البنيوية ،مث صدرت لو ؾبموعة من الدراسات بعنواف األساطّب أو مقدمة لعلم اؼبيثولوجيا.
001
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
حكاية وأصنف نوعها من بْب األصناؼ اؼبذكورة سابقا ،وأذكر رأي الراوي يف الواقع اؼبعاش ،ومنظوره
ؼبا يراه مناسبا يف اؼبستقبل.
وقبل اػبوض يف غمار النصوص السردية غبكايات اؼبدونة اؼبدروسة ،نتوقف عند البنية العميقة الٍب
غالبا ما تأيت يف صورة معاكسة للمكونات السطحية للنص حبيث يصبح العمق مرىونا دبفهوـ
الداللة 1الٍب بفضلها نتعمق يف داخل النص الذي يفضي بدوره إُف عدد من الثنائيات اؼبتقابلة فيما
بينها لتعكس لنا األبعاد الداللية وبالتاِف البنية العميقة .فعلم الداللة يدرس قضية اؼبعُب يف تطوراتو
وتغّباتو وبنيتو 2ؤّذا تتحدد لنا مدلوالت النصوص وتطوراهتا وفق تسلسل زمِب منطقي.
A.J. Greimas; J.Courtés; Dictionnaire raisonné de la théorie du langage hachette; Paris; - 1
1993; p295.
- 2فايزة ىبلف ،مناىج التحليل السيميائي ،دار اػبلدونية ،اعبزائر ،2012 ،ص .28
000
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
صي ْد"
"ج ْبـ َره وال ِّ
-1حكاية َ
كثّبا ما تُضطَهد اؼبرأة يف آّتمع السويف قديبا -واغبديث ىنا عن اؼبرأة اؼبتزوجة – فال يقتصر
دورىا يف القياـ باؼبهاـ االجتماعية يف الَببية والقياـ بالواجبات اؼبنزلية والزوجية ،فهي ترعى الغنم
وتسقي الزوع وتنسج ...إذ تلعب دورا اقتصاديا ىاما تقدمو يف غفلة من آّتمع مع عدـ االعَباؼ
بذلك يف معظم األحياف من الرجاؿ 1وخصوصا من الزوج الذي يفَبض بو أف وبميها ويسندىا حْب
تتعرض ؼبثل ىذه اإلىانات .لكن العكس من ذلك الذي وبدث سباـ ،فالزوجة ال تأكل يف حضور
زوجها ،وإذا ذبرأت على طلب شيء ما قد يكوف ذلك سببا يف طالقها 2ألف معاقبتها بالعتاب
والتوبيخ أصبح شيئا عاديا ومألوفا عند الكثّب من العائالت واألسر آنذاؾ.
وألف النساء يتزوجن يف سن مبكرة جدا وحٌب قبل البلوغ يف عديد اؼبرات ،وقد يكوف بيت
زوجها يف مكاف بعيد جدا عن بيت أىلها فبا يؤدي إُف غيأّا عنهم سنوات طويلة ،3فال تتعود
الزوجة على بيت زوجها الذي ىو يف األصل بيت العائلة الكبّبة ألف الشاب إذا تزوج بقي يف بيت
أبيو سنوات طويلة فبا يزيد من مسؤوليات الزوجة ذباه زوجها وأىلو ،فتجد من اؽبروب سبيال وـبرجا
من الظلم واالحتقار الذي تتعايش معو كل يوـ.
يصور الراوي ىذه الظاىرة يف حكاية (جبه)الٍب فرت من بيت زوجها بعد أف أغضبها
4 ت الَمرا مع ر ِ
اجل َْها" فاليتيمة َف ذبد ؽبا مفرا سوى بيت ّْ
(الصي ْد) ،فمن ىو ىذا األخّب؟ وما "تْـ َع ْارَك ْ َ َ َ َ َ
رمزيتو يف اؼبسار السردي للحكاية؟
إف أكثر ما ىبشاه األب حْب يزوج ابنتو ىو أف تعود إليو ىاربة من بيت زوجها أو مطلقة،
ففي اغبكاية رمز الراوي إُف البطلة بأهنا يتيمة ،وىو ىنا ال يقصد اليتم دبعناه اللغوي أو االصطالحي
- 1علي غنابزية ،ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية ،دار ىومة ،اعبزائر ،2017 ،ص 534
- 2اؼبرجع نفسو .ف.
- 3اؼبرجع نفسو ،ص .535
- 4ملحق بالقصص الشعيب ،ص ص .230 - 216
001
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
الذي يفسر بفقداف أحد الوالدين أو كالنبا ،كال ،وإمبا يقصد أف البطلة َف ذبد أحدا من عائلتها
تستند عليو يف ؿبنتها ويقف جبانبها مساعدا ؽبا ومؤازرا ،واليتم ىنا سبثل يف تلك العادات والتقاليد
ضَرب اؼبرأة أو الزوجة وهتاف ألتفو
القاسية الٍب كبلت اؼبرأة السوفية وسلبتها حقوقها اؼبشروعة .فقد تُ ْ
األسباب ،وقد تُطلق إذا كانت عقيما أو تنجب البنات بدؿ الذكور.1
اليتم
العادات والتقاليد الظاؼبة واؽباضمة غبقوؽ اؼبرأة رفض أفراد العائلة مساندة البنت
وبالعودة إُف نص اغبكاية قبد أف (جبه) قد ىربت مع خادمتها من بيت زوجها إُف بيت
الصي ْد – تعِب األسد ،وىي ليومنا ىذا يطلقها األب على ابنو
(الصيد) ،وىذه اللفظة األخّبة – ّْ
الصغّب تفاخرا بو ومدحا لو ليكوف كاألسد يف القوة والشجاعة حْب يكب.
(الصي ْد) يف صورتو الظاىرية يعِب القوة واعببوت واؼبلك والسيطرة ،ذلك الرجل الذي يَببع على
ّْ
مكانة مرموقة يف آّتمع بسبب مالو غالبا ،فقد يبلك غابات النخيل وقطيع اإلبل واألغناـ وذرية
كثّبة من الشباب والكهوؿ وبيطوف بو ويعملوف يف أرضو وغنمو وغاباتو ،كما قد يكوف متزوجا
ألكثر من امرة واحدة .أما يف صورتو الباطنية ،فقد يكوف معروفا بالكرـ والشجاعة وحفظ األمانة
والعدؿ "معروؼ بالرجلة والنيف كما قالت ِف الراوية" ،فهو ىنا يبثل وجهْب لعملة واحدة (شخصية
خّبة متواضعة وأخرى شريرة متكبة).
الصي ْد
ّْ
اؼبلك واعببوت والسيطرة بسبب اؼباؿ ظبات الشجاعة والكرـ واألمانة والعدؿ
(شخصية شريرة) (شخصية خّبة)
- 1علي غنابزية ،ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية ،ص .536
002
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
ورغم أف (الصيد) كاف وحيدا ،إال أنو َف يفكر قط يف أف يلمس البنت أو يتعدى عليها ،رمزا
لألخالؽ اغبميدة والتدين الشديد الذي عُ ِر َ
ؼ عند سكاف البوادي من جهة ،ومن جهة أخرى فهي
إشارة إُف أف الرجل إذا تزوج ابتعد عن أىلو سبعة أياـ كاملة تقيدا بالعادات والتقاليد اؼبوروثة عب
األجياؿ يف اؼبنطقة ،وإذا دخل بيت األىل دخلو ليال وخرج منو فجرا ،ىذا ألنو يتزوج يف بيت العائلة
وال ينفرد وحيدا ،وىي كذلك من عادات األىل ىنا ،قديبا بالطبع.
ِ
وم الصباح بَ ْك ِري يِصي ْد ويَـ ْر َج ْع عُ ُق ْ
ب ويف إشارة لكالمنا يف نص اغبكاية قاؿ الراوي" :يُ ْخ ُر ْج ُك ْل يُ ْ
5
يل"
اللّ ْ
العدد سبعة ()7
ونسَبسل يف البنية العميقة للحكاية يف جزئها الثاين الذي بدأ حْب ندـ الزوج عن إغضاب زوجتو فبا
اب نَِر َّج ْع َم ْرتِي".1 ب َو َح َكالَ ْو قِ ْ
صتَو وقَالَّ ْو َح ْ
ِ ِ
تسبب يف ىرؤّا "راَ ْح للَّطال ْ
ففي الكثّب من مواقف اغبياة ومشاكلها يستنجد الناس بالكبار من القبيلة وشيوخها "فهم الذين
ب) الشخصية اؼبتدينة ،كما قد يبثل إماـ مسجد يتحكموف يف زمامها" 2وقد رمز لو الراوي ب ػ (الطَّالِ
ْ
يف بعض األحياف.
الطالب
وما يُظ ِهر تدين شخصية (الطالب) ىو رده على الزوج "والصلح خّب" ،أما الكرـ فهو ظبة أىل
ب ِج ْبتِل َْها ِ
(سوؼ) الذي ؼبح لو الراوي باؽبدية الٍب ّٔا يطيب اػباطر وتطهر اعبراح "قَالَّ ْو الطَّال ْ
َى ِديَّة.. .ثُ ْ
وب َح ِر ْير".3
ب لِ َّ ِ مث انطلقا إُف (الصيد) إلرجاع الزوجة إُف بيتها " ِ
وم ِشي َّ ِ
الراج ْل والطَّال ْ
4
لسبَ ْع"
إف قعود (الصيد) أما مدخل مغارتو داللة على أخالقو اغبميدة ،فهو يعرؼ أنو إذا دخل إُف اؼبغارة
فقد ُىب ِطئ البعض يف فهمو ويتهم البطلة يف عفتها ويتهمها يف شرفها ،فبقى جالسا خارجا حاميا ؽبا
5
اب الَمغَ َارة" ولشرفها "لْ ُقوا ّْ ِ ِ
الصي ْد قَاع ْد ح َذا بَ ْ
الصي ْد
ّْ
شخصية ربمي اؼبرأة من كيد الكائدين شخصية ؿبافظة على حدود اهلل
ربط الراوي بْب ثنائيتْب ضديتْب نبا (القرآف -الشيطاف) وىذا كي يظهر لنا الراوي الصراع
اؼبستمر والدائم بْب اػبّب والشر ،صراع مستمر حٌب يرث اهلل األرض ومن عليها ،وقد سبثل الصراع يف
اؼبسار اغبكائي يف النص ،إذ قرف بْب القرآف والصلح والرضى يف " ِو ْ
ش َجابْ ُك ْم يَا َح َملة ال ُقرآن" 1أما
الم َرا الشيطان وترجع" 2رغم ذلك َف الشيطاف فقد ربط بينو وبْب الغضب واللعنة " ِجينَا بِ ْ
ش تَـلَ َع ْن َ
يوافق (الصيد) على طلب الزوج إال بعد استشارة صاحبة الرأي والقرار رغم حضور شخصية الطالب
اؼبوسومة بالدين واألخالؽ والقرآف ،ف ػ (جبه) ىي صاحبة الرأي والقرار ،فهي اؼبسؤولة األوُف واألخّبة
الصي ْد َرانِي ُم َوافَ ْق لَ ِك ْن َال ِزْم نِْن ِش ْد َىا".3 على ازباذ قراراهتا اؼبصّبية يف اغبياة "قَ ْ
ال ِّ
من مالمح ىذه الصورة يف نص اغبكاية ،ىو تقدـ الرجل رفقة الطالب اؼبوسوـ باػبلق اغبميد
الذي وبفظ كتاب اهلل ويتبع سبيلو ،وىذه صورة من صور تقدـ الشاب حْب ىبطب فتاة من أبيها،
صورة وببذ الراوي بلوغها يف وسط آّتمع ،لكن عكس ذلك ما ينتشر غالبا ،حْب قبد اؼباؿ ىو
اؼبقياس الرئيس يف اػبطوبة ،فأىل الفتاة يفضلوف صاحب اؼباؿ الوفّب على صاحب اػبلق ،وكالمنا
ىنا ال نعيب بو أصحاب اؼباؿ واألغنياء من األىل ،بل نقوؿ بأف اؼباؿ ىو اؼبقياس وليس األخالؽ،
فهذا الدكتور علي غنابزية يف كتابو "ؾبتمع وادي سوؼ" قد أشار إُف ذلك حْب قاؿ بأف "الرجل
يتقدـ إُف البنت وقد يكوف يكبىا دبرحلة مهمة من العمر خاصة إذا كاف يبلك غابة لبل أو تاجر
4
ثري"
اػباطب
وقد فضل الراوي صاحب اػبلق والدين وإف كاف فقّبا على الرجل الغِب ،فالناس يؤمنوف بأف اهلل ىو
اؽبادي ،وال يثقوف بأنو ىو الرزاؽ وحده تعاُف ،والكالـ ىنا موجو ألىل العروس ،الذين إذا تقدـ
إليهم رجل فقّب وكاف صاحب خلق ودين ،ما أرادوه زوجا البنتهم حبجة فقره .يف حْب يفضلوف الغِب
ولو سيء خلقو ،سيقولوف" :يهديو اهلل" .فاؼبمايزة بْب اػبطاب شائعة يف أوساط سوؼ قديبا،
فالفقّب ال يرزقو اهلل ،يف حْب الغِب يهديو اهلل وىذا إف دؿ على شيء ،إمبا يدؿ على العادة
اؼبنتشرة آنذاؾ يف وادي سوؼ ،حْب تتزوج البنت رجال غنيا يكبىا سنا طمعا يف اغبياة اؽبنيئة
والسعيدة معو لتوفر اؼباؿ الذي يسهل عليها حياة الَبؼ.
وما وببذه الراوي ىو استشارة البنت يف شؤوف حياهتا الصغّبة والكبّبة خاصة يف اختيار شريك
اغبياة ،ألف الواقع وباكي عكس ذلك سباما ،فكثّبا ما تتم اػبطبة بْب األولياء بدوف علم أصحاب
الشأف أال وىو الولد والبنت ،بل نبا آخر من يعلما باألمر .1وىذا ما يؤدي إُف مستقبل غامض
وينذر باؼبشاكل الزوجية ألف ىذه العادة يف اػبطبة ال تبشر بالتوافق التاـ بْب الزوجْب.
- 1علي غنابزية ،ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية ،ص .526
- 2ملحق بالقصص الشعيب ،ص ص .230-216
- 3حساف اعبيالين ،قصة العودة ،ص .227
- 4ملحق بالقصص الشعيب ،ص ص .230-216
006
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
يف مقابل فرحو الشديد باؼبديح ،حزف (الصيد) حزنا كبّبا على ما ظبعو من (جبه) حْب ذمتو ،فثنائية
(فرح-حزف) صورت الشخصية السوفية الٍب ال تتأثر باؼباديات كثّبا مقارنة بالكالـ اعبارح ،فما ضاع
من ماديات قد نسَبجعو من جديد ،أما الكالـ اعبارح فهو قاتل ال يصلحو اؼباؿ ،والراوي ػبص ىذه
اػبصاؿ باألبيات الشعرية الٍب أبدع فيها بتصوير خلق سيء وجب التخلص منو (الغيبة والنميمة):
ضمد) الض ِم َ
يدة (كل اعبراح تٌ َّ وُك ْل َجَر ْح تَػ ْه َو ْاه ّْ
-جبه وزوجها :كانت عالقة اتصاؿ مث انفصاؿ مث اتصاؿ من جديد ،وىي صورة للعالقات الزوجية
بْب أفراد آّتمع السويف ،وطريقة معاملة الرجاؿ للنساء بصفة عامة.
-جبه والصيد :رمز للفرد السويف صاحب اػبلق اغبميد ،الرجل الذي يوفر األمن والطمأنينة للمرأة
السوفية الٍب عانت من اضطهاد جنس الرجاؿ عامة والزوج بصفة خاصة.
007
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
-الزوج والطالب :وىي العالقة الٍب تلخص كيفية اػبطوبة وكيفية اختيار العائلة للزوج اؼبناسب
البنتهم حسب رأيهم ،واؼبفاضلة بْب الرجل الغِب والفقّب.
يف اعبدوؿ اآليت ،نلخص األبعاد الداللية اؼبوجودة يف اؼبسار السردي للحكاية:
أنواع األبعاد الداللية ما يجب أن يكون من ما كان في الواقع األبعاد الداللية
منظور الراوي المعاش
حسب نص الحكاية
تفضيل العائلة للرجل الغِب اؼبوازنة بْب اػبطاب تكوف
بعد دالِف اجتماعي ولو كاف سيء اػبلق على على أساس ديِب وأخالقي اػبطبة
حساب الفقّب وإف كاف ال على أساس اؼبادة واؼباؿ
صاحب خلق ضبيد
تتزوج البنت يف سن تزويج البنات وىن صغار
بعد دالِف اجتماعي مناسبة لتكوف كفأة وأحيانا قبل بلوغهن الزواج اؼببكر
لتحمل اؼبسؤولية
معاملة الزوجة معاملة الصراع بْب الزوجْب
بعد دالِف اجتماعي حسنة يف إطار الشرع بسبب احتقار الزوجة العالقات الزوجية
والدين وظلمها من طرؼ الزوج
االبتعاد عن ىذه السمة اغبديث بالسوء ودبا ال الغيبة والنميمة
السيئة واحملرمة ؼبا ذبلبو من بعد دالِف ديِب – أخالقي وبب الشخص الغائب
مشاكل وصراع بْب األطراؼ
بعد دالِف ثقايف لو بعد طقوسي واعتقاد العدد سبعة ()7
تراثي هبعلو مقدسا
008
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
وحٌب ال نلج ىذا آّاؿ كثّبا ،كباوؿ اكتشاؼ األبعاد الداللية ؼبسارىا السردي من خالؿ قراءة
البنية العميقة ؽبا ،فمن القراءة األولية للحكاية تظهر عدة رموز ومظاىر اجتماعية وجب الوقوؼ
عندىا:
-اغبب ومدى تقبل الطبقة االجتماعية ؼبثل ىذه العالقات بْب صنفي آّتمع.
-الزواج وطريقتو وعاداتو وتقاليده.
يف اغبكاية مفارقة عجيبة صبعت بْب ؾبموعة بْب اؼبتضادات أنبها( :اغبب ≠ الكره )( ،الزواج
≠ العنوسة )( ،اؼبوت ≠ اغبياة ).
ولو بدأنا باغبب ،يبكن القوؿ بأنو ظاىرة اجتماعية ال زبلو منها صباعة ،لكن تقبل األفراد ؼبثل
ىذه اغباالت اإلنسانية يفرؽ كثّبا يف كيفية انتشاره من عدمو .وأما الزواج فهو الرابط الذي يتوج بعد
العالقة اغبميمية الٍب تربط بْب الشاب والفتاة ،أو بْب الذكر واألنثى بصفة أعم وأمشل ،ورغم
اختالؼ طقوس الزواج وعاداتو من منطقة إُف أخرى ،ومن بيئة إُف بيئة زبتلف عنها ،إال أف العامل
اؼبشَبؾ بْب آّتمعات ىو وجوده كظاىرة اجتماعية إنسانية تربط بْب اعبنسْب من الناس.
وبالعودة إُف مسار اغبكاية ،الحظت مفارقة يف العالقة بْب بطلة النص وحبيبها الذي عشقتو حٌب
اؽبياـ ،فكيف يُع َقل ؼبثل ىذا اإلحساس الصادؽ أف تنتهي باؼبوت بعد كل األحداث والتضحيات،
والصراع بْب اغببيبْب وأىل اؼبنطقة الذين كثّبا ما يعارضوف مثل ىذه العالقات؟
موت زواج حب -1مسار ظاىري صبع بْب األبعاد الداللية التالية:
َف يتم الزواج رفض للعالقة -2مسار باطِب صبع بْب األبعاد اآلتية :حب
فلو بدأنا باؼبسار األفقي :أحبت الفتاة ابن عمها الذي ضحت ألجلو بالغاِف والنفيس ،فقد
يجو النَّاس ِ
يما ُ اعَبضت إرادة أىلها ووقفت رافضة للخطاب الذين هتافتوا عليها رغم كل مغرياهتم "د َ
ش تَـ ْقبَ ْل" 1رغم فقرىا اؼبدقع استغنت عن كل زخارؼ اغبياة مقابل الزواج بابن ومكاَنَـ ْت ِ ِ
يُ ُخطْبُوا ف َيها َ
س َساكِ ْ ِ
ت اجل َخطَْبـ َها وقَ ِري فَاتْ ِح ْتـ َها (قرأ الفاتحة)َ ،
وع ْر ُسوا ع ِر ْ
الر ِ
عمها ،وكاف ؽبا ما أرادت " َجا َّ
َمافِي ْو َحتَّى َش ْي" ، 2فمن اغبب تولد التضحية ليتوج بالزواج.
الصبر والتضحية
الزواج اغبب
بمدة
س َّ ِ
ر ىاجر الزوج للعمل خارج القبيلة مثلو مثل الكثّب من سكاف (سوؼ) قديبا" 3بـ ْعد العِ
ْ َ
س َع ْن ِخ ْد َمةّ" 4ألنو فقّب فقد وعد زوجتو بإكماؿ كل متطلبات بيتها سافَـر َّ ِ ِ
الراج ْل بِعي ْد يٍ َح ِّو ْ َ ْ
5
سة" ِ ِ ِّ ك بِ ِع ِر ْ ِِ ِ
الدنْـيَا ال ُك ْل بَـ ْع ْد الع ِر ْ
ك ِّ "قَالَ ْل َها نِ ْش ِريلِ ْ
س كب ْير وتَـلَْبسي خ ْير الل ْب َ ضْ س ،قَالَ ْل َها نْـ َع ْو َ
ال غيابو ي ِ
اك
وى ْ
اس ْر َ ولكن غياب اغببيب طاؿ وطاؿ فمرضت العاشقة أصبحت طروبة الفراش "طَ ْ َ َ َ
الر َج ْ
ال. ين ُك ْل ِّ ِ ِِ ِ ِ ِ ضْ ِ الم َرا تِ ْستَـنَّى فِي ْو َحتَّا ْن ُم ْر َ
يحبَّاتَو وا ْشت َهاتَو و َخ ْيـ َراتَ ْو ب َ
ت م ْن ال َشوق ل َراج ْل َها ل َ َ
اع ْد يِ ِزي ْد ويزيد".6 طََّو ْل ِغيابو والمرض قَ ِ
َ
ىجرة
شوؽ ومرض زواج
وإذا بالزوج يرجع من سفره بعد أف وصلت درجة اليأس باألىل أقصاىا ،وناؿ اؼبرض من زوجتو
وى َدايَا" 1وألهنا كانت تلد مولودىا اب معا ْه ُكل ِخير ،من لِْبسة ِ
وصيَاغَة َ
ِ
َ ْ وج ْ َ َ شدة أؼبا " َخلَ ْط ل ْم َربَح َ
ت ِىي تُولَد،
َف يقدر الزوج العائد من سفره أف يرى زوجتو حٌب فارقت اغبياة وىي على حالتها " َكانَ ْ
2
ص ْوت لِ ْعيَا ْط" ِِ ش يِ ُ
شوفْـ َها َ ،حتَّا ْن سم ْع َ بِِقي يِ ْستَـنَّى بِ ْ
طول الغياب
فراؽ وموت شوؽ ومرض
ولكن العارؼ بآّتمع السويف وخبباياه االجتماعية وبعاداتو وتقاليده وطقوس احتفاالتو هبد تناقضا
يف األفكار( ،فالسوافة) ؿبافظوف إُف أقصى الدرجات ،ال يؤمنوف باغبب وال يتقبلوف فكرة العالقات
قبل الزواج ،بل تتزوج الفتاة من شاب دوف أف تراه أصال ،ويعد رفضها خروجا عن الطاعة وكسرا
لعادات وتقاليد األجداد ،وإذا كانت العالقة مباحة عندىم لعاشت البطلة مع زوجها حياة ىنيئة ،وما
موهتا إال تعبّب عن رفض آّتمع آنذاؾ لتلك العالقة الٍب تندرج حسبهم يف صنف احملرمات الٍب ُيبنع
فبارستها بتاتا .كما تتزوج البنت من أغنياء القبيلة الذين يبلكوف غيطاف النخيل واألغناـ إذا امتازت
جبماؿ فائق .ومنو نستطيع القوؿ بأف رؤية الراوي ؼبثل ىذه اغباالت يف زماف ومكاف معْب من البيئة
القديبة للمجتمع احمللي كانت رافضة للمعاملة السلبية من األىل خاصة من جانب عائلة البنت،
والكالـ ىنا تعميم وليس زبصيص غبالة بطلة اغبكاية ،واؼبقصود ىنا ليس استحالؿ احملرمات – بل
العكس سباما -فهو ىنا يشّب إُف أنبية رأي البنت يف اختيار شريك حياهتا "من األسس الٍب وضعها
اإلسالـ لبناء أسرة قوية متماسكة أف وبسن كل من طريف الزواج اختيار شريك حياتو ،فالزواج ليس
فقط قضية شخصية من وجهة نظر اإلسالـ ،إمبا ىو قضية اجتماعية كبى" 1ويتشكل اؼبخطط
اآليت:
زواج البنت
تزوجت البطلة من رجل َف تقم باختياره بنفسها ،بل من طرؼ األب ،ربت ضغط العادات والتقاليد
ورغبة يف عدـ اػبروج عن طاعة كبار القوـ ،وما ىجرة اغببيب إال عالمة على الفراؽ وقتل الطموح
والرغبة ،وبعد زواجها تقطعت وصاؽبا وقُتِل األمل يف نفسها ألهنا فقدت حريتها يف االختيار ،وىذا
ما فسره الراوي ّٔجرة اغببيب الطويلة .وموهتا كاف لسببْب نبا:
- 1أكرـ رضا ،على أعتاب الزواج ،ألفا للنشر والتوزيع ،اعبيزة ،مصر ،دط ،د ت ،ص.23
012
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
ىاجرت القبيلة اؼبكاف ،وىي من عادات السكاف قديبا فهم يهاجروف حْب يبوت أحد األفراد ،إال
اغببيب الذي بقي مستقرا قرب قب حبيبتو ،يزوره ويواسيو هنارا ،تأتيو حبيبتو ليال حْب يناـ ،سبلي عليو
أبيات القصيدة ،واؼبتمعن فيها يرى اغبزف واألَف الكبّبين على الفراؽ ،واغبسرة على العادات والتقاليد
الٍب قتلت فيها حبها.
موت البطلة
واعبدوؿ اآليت يبثل أبرز األبعاد الداللية الٍب مثلتها البنية العميقة للمسار السردي للنص:
أنواع األبعاد الداللية ما يجب أن يكون من ما كان في الواقع األبعاد الداللية
منظور الراوي المعاش
حسب نص الحكاية
بعد دالِف اجتماعي رفض لكل العالقات مهما التمييز بْب العالقات إف العالقات بْب الذكر
كانت صفاهتا إف كانت كانت مقبولة أو مرفوضة واألنثى
بطريقة شرعية قبل الزواج
بعد دالِف اجتماعي حق البنت الشرعي يف اغتصاب حق الفتاة يف الزواج
اختيار شريك حياهتا اختيار الزوج الذي ترى
فيو الرجل اؼبناسب ؽبا
بعد دالِف فكري دفن اؼبيت يف مكاف مرتفع دفن اؼبوتى
بعد دالِف ثقايف ىجرة األىل حْب يبوت اؽبجرة
فرد منهم يف مكاف
إقامتهم
013
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
وعند الغوص يف أعماؽ اغبكاية تتجلى لنا ظاىرة إنسانية كثّبا ما تعرض ؽبا الرواة واؼبوردوف
والشعراء الشعبيوف يف اؼبنطقة باؼبدح تارة ،وبالذـ والتقبيح تارة أخرى – أال وىي الصداقة -فػ
"الصديق وقت الضيق" وىذا بالضبط ما مثَّلو الراوي يف اؼبسار السردي للحكاية ،حْب بقت (بنت
لش ونْ َخلِ َيها
ومانَـ ْر َح ِ
شة َ ت َأل َىل َْها َال ِزْم نُـ ْقعُ ْد مع ِعي َ
عم البطلة) مع صديقتها (عيشة) "قَالَ ْ
"اخ ِد ْـ اػبِ ّْب تَػ ْلقى اػبِّب" فهذه ىي َو َح ْد َىا" ،ويقوؿ سكاف (سوؼ) يف مثل شعيب ؾبسد ؼبا سبق ْ
1
العبة من ىذه اغبكاية ،وىذا بالضبط ما أراد الراوي أف يوصلو لألجياؿ القادمة ،فما قامت بو البطلة
ونخلِي ْو
ْش َ ومانَـ ْر َحل ِ ِ
يف اغبكاية ذباه (الغوِف) وتضحيتها بأىلها ألجلو "ناَياَ َراني قَا ْع َدة َم َعا ْه َ
َو َح َد ْه" 2كاف دبثابو الدين الذي ما كاف دبقدور (الغوِف) نسيانو .والسؤاؿ ىنا :ما ىو رمز الغوؿ وما
ىي دالالتو؟
ومن صور (الغوِف) كذلك ،اإلنساف الصحراوي اؼبتدين الذي ىبشى اهلل وال يتعدى حدوده رغم كل
اؼبغريات والوساوس الشيطانية يف نفسو ،فرغم بقاءه مع البنت عيشة وحدنبا ،ما كاف عليو إال أف
وبافظ عليها وعلى شرفها ،وتلك صورة للمجتمع احمللي.
اػبّب)
الغوِف (رمز للفرد السويف ّْ
ال ينسى العشرة الطيبة ىبشى اهلل ووبافظ على حدوده يرد اػبّب ألصحابو
ولكن يف اؼبقابل ،زبدـ اؼبظاىر أحيانا ،فقد حكمت (عيشة) على (الغوِف) بأنو آذاىا وأخذ أوالدىا
شة َحا ْزنة عن ولَ ْد َىا" 1يف حْب أف (الغوِف) ت ِعي َ اح وقِ ْع َد ْ
ور ْ
الثالثة غدرا وظلما " َى َّزْه وأَدَّا ْه َم َعا ْه َ
رّب أوالدىا وأرجعهم فعل عكس ما توقعتو البطلة ،فكاف ظاىره شرا وباطنو خّبا ،فرد ؽبا صنيعها بأف ّ
يد ْرتِي ْو فِّـيَّا
ك ِخي ِر ْك لِ ِ
يت نْـ َرِج ْعلِ ْ
وحبِّ ْ ش أَوالَ ِد ْك وجاب ْ ِ ِ
ت فيَّا الع ْش َرة َ ََ
ِِ ِ
شة ران ِي َماكليت ْ ْ
ؽبا "يا ِعي َ ِ
َوجابَـل َْها أ َْوَال ْد َىا 2"...فال هبب على اإلنساف أف وبكم على أخيو من مظهره اػبارجي ،دوف العيش
معو ومعاشرتو واالطالع على اغبقيقة كاملة ،حينها يتوجب عليو ازباذ القرارات اؼبناسبة حيالو.
الغوِف (رمز لإلنساف السويف)
كثّبا ما يستعْب راوي الَباث الشفوي السويف بشخصية الغوؿ لتحقيق ىدفو وبلوغ غايتو من سرد
اغبكاية ،فهو حْب يعجز عن ذلك يستنجد ّٔذه الشخصية اػبرافية ؼبا أحدثتو من صدى يف وسط
اؼبتلقْب ،بقوهتا اعبسدية وقدرهتا على التحرؾ بسالسة فبا يسهل على الراوي سرد مسارىا يف اغبكاية.
تتحوؿ الصداقة إُف عداوة أحيانا ،ويتحوؿ الصديق اغبميم إُف عدو غادر بسبب الغّبة الٍب تولد
يف النفوس البشرية الرياء والنفاؽ ،فالصديقة الٍب كانت سندا للبطلة أصبحت عدوة ماكرة تدير ؽبا
ت َلها بِنِ ْ
ت َع ْم َها اؼبكائد حٌب تتخلص منها وتفوز بزوجها وقصرىا ،حْب أشار ؽبا الراوي يف "قَالَ ْ
ص ْر" 1وىذا طعن يف ظهر الصديق حْب يؤمنك على أسراره وحياتو. يك تَـر ْحلِي ِمن َىا ال َق ِ ِ ِ
ْ نْ َدب ْر َعل ْ َ
ولقد أظهرت لنا القراءة العمودية للحكاية بأف من ُوِظبَت نفسو دبثل ىذه الصفات ىبسر يف النهاية
عمها ِمنو" 2واؼبظلوـ ينتصر ال ت ْ ت بِنِ ْ شة لِر ِ
اجل َْها واطَّْل َق ْ وذلك حْب طُلّْقت الصديقة "رجع ْ ِ
ت عي َ َ َََ
ؿبالة ،ورجوع عيشة لزوجها يف هناية اغبكاية إال دليل على ذلك.
يقصد بذلك االعتداء عليها وعلى شرفها وعرضها ،حْب ينفرد ّٔا وتوسوس لو نفسو وشيطانو الذي
يصور لو اغبدث يف أّٔى حلة حٌب يتعدى حدود اهلل وينتهك عرضها.
الكثّب منا ال يبدي مشاعره اغبقيقية حْب يكوف برفقة شخص ما أو أشخاص معينْب ،ودبجرد
خلوتو مع نفسو تتجلى لو اغبقيقة بكامل مالؿبها ،فمهما تكن النفس البشرية قريبة من اهلل وؿبافظة
على حدودىا إال أهنا تبقى بشرية يوسوس عليها الشيطاف وتأمرىا النفس بالسوء ،فحْب زبلو النفس
مع امرأة يكوف الشيطاف ثالثهما ،فحْب كاف الذكر صغّبا مثلو الراوي يف لفظة (فنك) أحبتو البطلة
وفضلت البقاء معو ،والفنك حيواف صحراوي يعيش يف ببيئة سوؼ إُف يومنا ىذا ،معروؼ جبماؿ
مظهره ،وما إف كب وربوؿ إُف غوِف خافت منو األنثى ،وتبدلت الطمأنينة إُف خوؼ وعدـ شعور
بالراحة الٍب ما فارقتها سابقا .وىي صورة من صور آّتمعات عموما والسويف خصوصا يف نظر الراوي
ألنو ىنا يعب عن اعبماعة يف وادي سوؼ الذي تنبع منو اغبكاية وإليو .فالراوي يعرؼ حق اؼبعرفة
تدين الفراد السويف وحفاظو على حدوده الشرعية ،مثلو يف عدـ اعتداء الغوِف على البطلة عيشة،
لكن يبقى اػبوؼ موجودا وىذا ضروري حْب مثلو فرار البطلة من الغوِف ،يف نصحو لألجياؿ القادمة
بعدـ االختالء بْب اعبنسْب اؼبختلفْب حفاظا على النفس والشرؼ ومن النفوس األمارة بالسوء ومن
وساوس الشيطاف ،تصويرا دقيقا وتطبيقا حرفيا لقوؿ عمر الفاروؽ حْب قاؿ بأنو يأمن نفسو على
أمواؿ اؼبسلمْب وال يأمنها من امرأة سوداء ،يف إشارة إُف فتنة اؼبرأة .وكمكافاة للمرأة الشريفة احملافظة
شة مع زوجها وأوالدىا ت ِعي َ
تزوجت البطلة يف هناية اغبكاية وعاشت سعيدة يف قصرىا " َعا َش ْ
وعا ُشوا ال ُكل في القصر ِم ْتـ َه ْنيين"
ِ 1
جعول َْها أ ََىل َْها ال ُك ْل َ
ور ُ
ُ
البطلة عيشة
خوؼ من تعدي اغبدود باالنفراد مع الرجل شعور باألمن واألماف واغبماية والطمأنينة
تلخص اغبكاية ؾبموعة من العالقات تصور واقعا معاشا يف بيئة سوؼ قديبا ،كما ذكر الراوي
ؾبموعة من حيوانات اؼبنطقة (غزاؿ -فنك) ونبا معروفاف باغبسن واعبماؿ ،وىي صورة قصد من
خالؽبا الراوي إبداء صورة ؿبسوسة عما يرويو ،فطابع البيئة الصحراوية ظاىر يف نص اغبكاية ،فلم
يذكر حيوانا آخر بدؽبما وىذا مقصود منو .ومن العالقات يف مسار اغبكاية نذكر:
-عالقة عيشة بالغوِف :إعانة الصديق يف وقت اغباجة إُف العوف واؼبساعدة.
-عالقة الغوِف بعيشة :عدـ نكراف اعبميل رغم اؼبظهر الذي يبدي عكس ذلك.
-عالقة عيشة ببنت عمها :صداقة ووفاء ربولت إُف غدر وعداوة بفعل الغّبة.
-عالقة الزوج مع زوجتو ( ابن السلطاف مع بنت عم البطلة) :طالؽ الرجل السويف للمرأة إذا َف
تنجب ،أو أقببت اإلناث بدؿ الذكور.
-عالقة الزوج مع زوجتو (ابن السلطاف مع عيشة) :زواج سعيد يف حاؿ اقباب الذكور.
أنواع األبعاد الداللية ما يجب أن يكون من ما كان في الواقع األبعاد الداللية
منظور الراوي المعاش
حسب نص الحكاية
بعد دالِف انساين ال وبكم االنساف على وبكم الفرد السويف على اتباع اؼبظاىر
أخيو إال بعد التأكد أخيو من مظهره
وجالء الغموض
بعد دالِف انساين يبقى الصديق وفيا حب زخارؼ اغبياة وبوؿ الصداقة
لصاحبو يف ظل ظروؼ الصديق إُف عدو فيغدر
اغبياة اؼبختلفة دبن أمنو على حياتو
وأسراره
بعد دالِف أخالقي ال ينسى االنساف صنائع ينكر الفرد اػبّب اؼبقدـ لو رد اعبميل لصاحبو
اػبّب الٍب يلقاىا من صاحبو وينساه
بعد دالِف ديِب وبافظ الفرد على حدود يتبادر إُف ذىن الفرد بأف اغبفاظ على حدود اهلل
اهلل وشرعو يف النساء يتعدى حدود اهلل يف ما
حرمو اهلل
018
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
- 1صباؿ بن ؿبمد ،الزواج العريف يف ميزاف اإلسالـ ،دار الكتب العلمية ،بّبوت ،ط ،2004 ،1ص .3
021
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
القبيلة حبثا عن اؼبراعي اػبصبة -فما كاف من القافلة أف تتوقف ،بل استمرت يف مسّبىا وتركت
الولود مع وليدىا ،فولدت وؼبتو يف قطعة قماش وغبقت بالقافلة .وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ
على اؼبكانة الثانوية للمرأة يف آّتمع قديبا.
وحٌب ال نفسر كثّبا ظواىرا بعيدة عن عادة الزواج ،نقوؿ بأف البنت كانت تتزوج يف سن مبكرة جدا،
ال تتعدى سن الطفولة أحيانا ،وأعرؼ شخصيا الكثّب من العجائز الاليت تزوجن يف سن العاشرة،
وقد استغربت كثّبا من ىذه الظاىرة والٍب حاولت إهباد تفسّب ؽبا فقيل ِف أهنا تعود ألسباب ىي:
-النقص الفادح لصنف النساء يف آّتمع السويف قديبا مقارنة بالرجاؿ.
-خوؼ العائلة من بوار البنت وبقائها يف بيت أبيها.
-اغباجة والفقر للعائالت وعسر اؼبعيشة وشظف العيش ،فبا رسخ يف أذىاهنم فكرة التخلص
من البنات ،فهم يروهنا عالة عليهم.
وأخبتِب أخرى بأهنا تزوجت قبل بلوغها بسنوات ،وقد عاشت ما يقارب أربع سنوات مع زوجها قبل
أف تبلغ ورببل بعدىا.
يف حكاية (لوقبة) ظاىرة اجتماعية مهمة جدا ،أال وىي الزواج ،فقد تقدـ أخ "لوقبة" طالبا يدىا
ورانِي َحالِ ْ
ف" 1ويعلم اعبميع أف األخ ال يبكن أف يتزوج من ك َال لَ َها نِْتـ َزْو َج ْ
يف قوؿ الراوي " قَ ْ
أختو ،والسبب وراء ذكر الراوي ؽبذه النوعية من الزواج ىو التخفي وراء رمز (زواج األخ من أختو)
لكي يُظهر لنا سلبية الزواج الذي يتم بطريقة ال تأخذ فيها البنت حقها يف االستشارة وأخذ رأيها
ونصحها من جهة ،وإلضفاء طابع من اإلثارة والتشويق لدى اؼبتلقي من جهة أخرى ،فيخرج
باغبكاية إُف بر األماف باستمرار تدوؽبا عب األجياؿ .بل العكس من ذلك يتم ،حْب غصبت على
ال لها َرانِي ت لو كِي َف ْ
اش تِْت ِزَّو ْجنِي يَا أُو َخيِّي؟ قَ ْ الزواج رغم رفضها القاطع حْب ذكر الراوي "قَالَ ْ
(زوجي)ْ ،اىبَ ْط ُشوَكة ،أطْلَ ْع يا ِجبَ ْل أَطْلَ ْع" وكذلك األمر بوالدىا " َج َ
4
ال لها :يَا لُونْ َجة اىا وقَ ْ
اىا ابَّ َ
كين ُك ْنت أُبَّـيِّي ،انْ َد ْربِيلَ ْ اك لُروس الجبال .قَالَ ْ ِ يا بْـنَـ ْيتِيَ ،د ْربِيلِي َسلْف الد َ
ت لو م ْ ْ مع ْ
ِّالل ونَطْلَ ْع َ
يمي،ا ْىبَ ْط .أَطْلَ ْع يا جبل أطْلَ ْع".5 وس الجبال ،وكِي عُ ِد ْ
ت ا ْع ِم ِ
اك ُلر ِّْال ْل ونَطْلَ ْع ْم َع ْ َسلْف الد َ
زواج ابن العم من العرش من بنت عمو زواج ابن العم األصلي من بنت عمو
والعيب ىنا ليس يف الزواج من األقارب ،فحكاية (غرود عالية) تزوجت البطلة من ابن عمها ،كما أف
البنت قد تتزوج بعيدا عن صلة القرابة ،حينها قد ال ترى أىلها البتة مستقبال ،فقد ترحل مع قافلة
زوجها وقد ال تعود إُف ديارىا إال نادرا .وإمبا اػبطأ يف الطريقة الٍب يتم ّٔا الزواج:
-زواج البنت يف سن مبكرة.
-عدـ استشارة البنت يف اختيار شريك حياهتا.
-رؤية البنت بأهنا عالة على العائلة مذ والدهتا.
إف ما يثبت بأف الراوي يرفض مثل ىذه العادات والطقوس ىو عدـ اكتماؿ الزواج يف الشق األوؿ
صاحب اػبلق والتواضع سلطاف القلب والتوافق السلطاف صاحب السلطة الوحش اؼبفَبس للمرأة
وتقدير اؼبرأة والقوة واؼباؿ
-األوُف االفَباضية (السلطاف صاحب السلطة والقوة واؼباؿ) :يتصور يف ذىن القارئ ذلك الشخص
الذي يبلك كل شيء ،القصور والكنوز واعبواري ،اآلمر الناىي الذي يشّب فيُطاع.
-الثانية اغبقيقية (صاحب اػبلق والتواضع وتقدير اؼبرأة) :الرجل الذي احَبـ اؼبرأة واستشارىا وَف
يغصب عليها رأيو ،ولىب شرطها اؼبتواضع.
-ومن جهة أخرى يَباءى للمرأة صورة متوحشة للرجل الذي يرغب يف الزواج منها ،صورة وباكيها
ويصورىا الواقع اؼبعاش بسبب اغتصاب اغبق يف حرية االختيار ،فبا يرسم يف ذىنية كل أنثى مقبلة
على الزواج صورة الوحش اؼبفَبس.
-كما يبثل السلطاف ذلك الزوج أو الرجل الذي يتقدـ ػبطبة البنت فتحبو الفتاة لوجود شروطها
الظاىرية والباطنية فيو ،فتحبو وتتوؽ للزواج واالرتباط بو.
- 1أبو أنس ،الزواج أحكاـ وآداب وشبرات ،مكتبة ماجد البنكاين ،العراؽ ،2004 ،ص.13
023
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
وما يدؿ على رؤية الراوي للمنظور الثاين لشخصية (السلطاف) أنو َف يأمرىا بالزواج منو بالقوة ،بل
عكس ذلك سباما ،فرغم حاجة البطلة ؼبن وبميها فقد رفضت قبوؿ عرضو للزواج ما َف يليب شرطها
ش يتوقفوا عن ِ ِ اؼبتمثل يف وقف صيد الغزالف " قِ ْبـلَ ْ
صي ْد الغزالن" .1وما ت ،إذا ُىو يَام ْر الناس بِ ْ
استشارة الرجل للبطلة حوؿ االرتباط بو دوف عنف أو تشديد إال داللة قوية حوؿ طقوس الزواج الٍب
هبب أف تكوف موجودة يف وسط آّتمع ،والنهاية السعيدة للحكاية إال برىاف كذلك على ما سبق
ت لونجة مع السلطان في ىناء".2
وعا ْش ْ
قولو " َ
إف توافق وجهات النظر بْب صنفي آّتمع (الرجل واؼبرأة – البنت والشاب – الزوج والزوجة)
ضروري حٌب تستمر اغبياة ،فال يُعقل بأف تتزوج البنت من شاب ال تعرؼ عنو شيئا حٌب مالؿبو،
فكثّبا من النساء قديبا يف ؾبتمعنا السويف تزوجن وَف يرين أزواجهن إال حْب دخوؽبم عليهن ،فبا صور
لدى اؼبرأة فكرة سلبية عن الزوج بصفة عامة ،فهو الوحش الذي يفَبسها دبجرد دخولو عليها،
فاإلسالـ شرع للخاطب أف يرى ـبطوبتو كما شرع للمخطوبة أف تنظر إُف خطيبها ليكوف االثنْب
على بينة يف اختيار شريك اغبياة 3واتفقا على مبادئ اغبياة بينهما ،حينها زالت الصورة اؼبشوشة
حوؿ الرجاؿ من النساء حسب اغبكاية .وال يقصد الراوي من كالمو اػبلوة غّب الشرعية واالكبالؿ
اػبلقي ،بل ما يتفق مع الشرع والعادات اغبميدة .بالتاِف يبثل (السلطاف) ذلك الرجل الذي زبتاره
العائلة عن قناعة تامة دبشورة البنت الٍب ترى فيو الرجل الذي وبميها ووبَبمها ويكفل ؽبا حقوقها.
يف القصص الشعيب عامة وباوؿ الراوي إظهار السلبيات يف ؾباالت ـبتلفة ،فينقدىا ويبز أخطارىا
على آّتمع كافة ،كما يٌثِب على اؼبظاىر اإلهبابية ويعززىا .ويف حكاية (لوقبة) عاًف ظاىرة اجتماعية
انتشرت يف بيئتو وزمانو ،وتزاؿ إُف يومنا ىذا يف بعض العروش ،أال وىي الزواج .ويبكن استنتاج
وجهْب لنفس العملة من اغبكاية:
زواج البنت
-1يف سن صغّبة دوف استشارهتا واغتصاب حقوقها -2يف سن مقبولة مع اؼبشورة وضباية حقوقها
-مثلو الراوي بزواج لوقبة من السلطاف -مثلو الراوي بػػزواج األخ من لوقبة
-زواج إهبايب وببذه الراوي -زواج سليب يرفضو الراوي
-هنايتو سعيدة غالبا -هنايتو غّب مضمونة
-مت الزواج يف اؼبسار السردي للحكاية َ -ف يتم الزواج يف اؼبسار السردي للحكاية
-1زواج "لوقبة" من أخيهاَ :ف يتم الزواج وبالتاِف ىذه ظاىرة سلبية تستدعي التغيّب والنقد ،أي ال
بد من استشارة البنت اؼبقبلة على الزواج فيما ىبص مستقبلها حٌب تصل السن اغبقيقية للزواج لتكوف
قادرة على ربمل اؼبسؤولية كاملة.
-2زواج "لوقبة" من السلطاف :مت الزواج ،وبالتاِف الظاىرة إهبابية تستدعي التعزيز والثناء ،فقد
َّيب -صلى اهلل عليو وسلم -قَ َاؿَ :م ْن َكا َف يػُ ْؤِم ُن أوصانا رسولنا الكرًن ّٔنَ .ع ْن أَِيب ُىَريْػَرةَ َع ِن النِ ّْ
َّه َّن ُخلِ ْق َن ِم ْن ِضلَ ٍعَ ،وإِ َّف أ َْع َو َج َش ْي ٍء بِاللَّ ِو والْيػوِـ ْاآل ِخ ِر فَ َال يػؤِذي جاره ،واستػوصوا بِالن ِ
ّْساء َخْيػًرا ،فَِإنػ ُ
َ ُ ْ َ َُ َ ْ َ ْ ُ َ َْ
ّْس ِاء َخْيػًرا استَػو ُ ِ
صوا بالن َ
ِ
يموُ َك َس ْرتَوَُ ،وإ ْف تَػَرْكتَوُ ََفْ يَػَزْؿ أ َْع َو َج ،فَ ْ ْ
الضلَ ِع أَع َاله ،فَِإ ْف ذَىب ِ
ت تُق َُْ َ ِيف ّْ ْ ُ
باإلضافة إُف الزواج الذي مثَّل اؼبوضوع الرئيس يف اغبكاية ،قبد بْب سطورىا عدد من الدالالت
اؼبختلفة األبعاد نلخصها يف اعبدوؿ اآليت:
025
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
أنواع األبعاد الداللية ما يجب أن يكون من ما كان في الواقع األبعاد الداللية
منظور الراوي المعاش
حسب نص الحكاية
بعد دالِف اجتماعي إعطاء البنت حرية اختيار تزويج البنت دوف الزواج
الشريك استشارهتا
بعد دالِف ثقايف الطقوس اؼبصاحبة لزفاؼ طقوس الزواج
البنت من فتوؿ للشعر
والغناء واللباس
بعد دالِف ديِب قياـ أىل سوؼ بفريضة اغبج
اغبج
بعد دالِف اجتماعي العدؿ بْب الزوجات تعدد الزوجات وتفضيل تعدد الزواج
الزوجة عن الثانية
إف تعدد الزوجات لدى الرجل الواحد يف وادي سوؼ قديبا عادة كثّبة الشيوع ،فال زبلوا قبيلة إال
ووجدت رجاال تزوجوا مثُب وثالث ورباع ،وأثر ىذه الظاىرة االجتماعية موجود غبد اآلف.
والراوي يف نص اغبكاية أشار إُف أف الرجل تزوج سبع نساء وىذا يتناىف مع الشرع والقانوف ،فلماذا
ِ ِ
س ِو ْ
1
ين" ذكر الراوي ذلك رغم علمو اؼبسبق بعدـ صحة كالمو؟ " َكاي ْن َراج ْل م ْتـ َزِّو ْج َسبَـ َعة نَ َ
يُظهر لنا نص السارد أف تفضيل األوالد الذكر على اإلناث فكرة مَبسخة يف ذىنية أفراد آّتمع
قديبا ،فيمكن أف الزوجات قد أقبنب بناتا ،لكن الرجل أراد الذكر من البنْب ،فأعاد الزواج وكرره مرة
تلو األخرى بغية أف تنجب لو أحدى الزوجات الولد ،حٌب عجز عن ذلك ،ويف حقيقة األمر أنو َف
يتزوج سبعة نساء مثلما ذكر الراوي بْب سطور النص ،لكن اغبقيقة اػبفية ربت السطور أنو تزوج
أربع مرات وفق الشرع ،وىنا يبالغ السارد يف ذلك ويذكر السبعة نساء لسببْب:
-اعتقاد آّتمع السويف قديبا يف العدد سبعة ،فهو مقدس يؤثر يف النفوس من خالؿ الطقوس الٍب
تُرافقو ،فبمجرد ذكره يف موقف معْب إال وترؾ أثره يف القصص الشعيب ،فالعدد سبعة كثّبا ما ارتبط
باؼبعتقد الشعيب والذاكرة الشعبية ،فعدد األياـ سبعة ،والسماوات سبع ،وخلق الكوف يف سبعة أياـ،
وىبًب الرضيع يف اليوـ السابع تطبيقا للسنة النبوية ،ويغيب العريس عن بْب أىلو سبعة أياـ يف عاداىم
ُ
-لكي يُظهر لنا ىذه اغبقيقة يف تفضيل الذكور عن اإلناث ،فبالغ يف عدد الزوجات إُف حد كبّب،
يتوقف فيو عن الزواج ،واغبقيقة أربع زوجات وليس سبعة ،وإال ؼباذا َف يتزوج الثامنة والتاسعة ...وىنا
َف يقدر الزوج إضافة اػبامسة" .ففي كل مرة يتزوج وال وبصل على الولد الذكر ،وبقي يف سّبتو حٌب
أكمل الزوجة الرابعة ،حينها ازبذ طريقة أخرى ليبلغ مراده .وقد تُطلق اؼبرأة يف حاؿ عقرت عن
2
اإلقباب أو أقببت بناتا فقط ،وقد يتزوج عنها ،وىذا أمر عادي يف آّتمع السويف"
تعدد الزواج
- 1علي غنابزية ،ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية ،ص .524
- 2ملحق بالقصص الشعيب ،ص -ص .230-216
- 3اؼبرجع نفسو.
028
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
الرجل بالنساء يف آّتمعات احمللية القديبة مهما كانت األسباب ،وذلك طبعا لألجانب والغرباء الذين
ال تربطهم صلة الرحم أو القرابة ،فوجد من (الدبار) الشخصية الذكورية رمزا إلظهار اغبدود بْب
الرجل واؼبرأة .يؤمن أىل سوؼ بالسحر والسحرة وأصناؼ الشعوذة والتطّب" ،فنجدىم يؤمنوف بالفأؿ
ات
َّاح ْ
اؾ َسبَ ْع تُػف َ الرجل سبع تفاحات " قَالَّ ْو َّ
الدبَّ ْار َى ْ َ لدبار) (ا أعطى . 1
ويتطّبوف من نذر الشر"
َّاحة تَا ُك ْل َها" 2وىو رمز لنوع من أنواع السحر الذي عُرؼ يف و ْاع ِطي ل ُك ْل َو ْح َدة ِم ْن نَ َس ِوينِ ْ
ك تُػف َ
سوؼ قديبا ،وىو رسم ىندسي بو رموز وحروؼ غريبة ظبيت باػبوامت السبعة الٍب تساعد صاحب
اغباجة يف اغبصوؿ على حاجتو.3يف حْب (الدبار) ىو شخصية خّبة تساعد الناس يف حل
(دبػََّر) أي
(دبَّار) من الفعل َ
مشاكلهم اغبياتية ،شخصية من كبار القبيلة اؼبعروفة باغبكمة ،فلفظة َ
احب ِي َدبِّـ ْر َعلَ َّي" وىو مثل شعيب يلخص اغبّبة والغموض
ص ْنصح .ويقوؿ أىل سوؼ قديباَ " :كانَك َ
اللذاف يشعر ّٔما الفرد ،فيلجأ إُف صاحبو لينصحو ويرشده إُف الصواب.
الدبار
مشعوذ يتخذ من السحر وسيلة للكسب من كبار القوـ معروؼ باغبكمة والتجربة
وىنا مزج الراوي بْب مفهومْب لشخصية (الدبار) حْب ارتبط باػبّب تارة يف الفكر العامي الشعيب،
وبالشر تارة أخرى حْب دخل ؾباؿ الشعوذة والكهنة الذين يلجؤوف إُف السحر للوصوؿ إُف مآرّٔم.
ت ُك ْل َم َرا ِولَ ْد " 4وبلغ الرجل مراده وربققت
أقببت الزوجات السبع ذكورا " وبَـ ْعد َع ْام َجابَ ْ
أمنيتو وتغلب على النقص الذي عاىن منو لسنوات ،فناؿ الولد وابتسمت لو اغبياة أخّبا .ومن
اؼبظاىر االجتماعية اؼبنتشرة بْب أوساط آّتمع السويف قديبا التمييز العنصري بْب البنات واألوالد من
جهة ،وبْب اؼبريض والصحيح من جهة أخرى ،وقد أشار الراوي ؼبثل ىذا ربت أسطر نصو ،فاألب
ميز بْب أوالده األصحاء عن أخيهم اؼبريض الذي رمز لو بلفظة (النصيص) حْب فارؽ بينهم وبينو يف
يص، (حصان) ِغير الن ِ
وشرالْهم (ا ْشتـرى لهم) ابَّاىم ِخ ِ
ِ
َّص ْ ْ يل َُْ ْ أف اشَبى ؽبم أحصنة ما عدا البطل " َ ُ ْ َ َ
يما ا ْخ ْوتِي" 1فػ (النصيص) رمزِ ِِ ِ ِ ِ ِ
ِّصيص يِْبكي أل َُّم ْو وقَالل َْها ابَّايَا َح َق ْرني َ
وما ش َراليشي ك َ اح الن ْ
َر ْ
للمولود اؼبريض الذي يعاين عاىة جسدية أو خلقية ،أو ذلك الوليد الذي زبلف يف مبوه عن أخوتو،
وقد تكوف أمو سببا يف ذلك بسبب مرض تعاين منو أثر على صحتها وانتقل اؼبرض إُف رضيعها ،وقد
ص َو َخلَّ ْ
ت يكوف ىذا ما فسره نص اغبكاية يف أكل اؼبرأة لنصف التفاحة " كا ْن َم َرا َو ْح َدة كِلَ ْ
ت نُ ْ
مع َزة وكِلَ ْ
ت الـِ ْ
2
ُّص"
اك الن ْ
ت َى ْ صَ ،ج ْ
نُ ْ
النصيص
مولود متخلف يف مبوه بسبب مرض أمو مولود بعاىة خلقية أو جسدية معينة
إف الولد إذا كاف موسوما بعاىة أو مرض مزمن ذبده يعاين من نظرة آّتمع إليو وغالبا ما قبد أقرّٔم
إليو أكثرىم ظلما وسبييزا بينو وبْب األصحاء من األوالد.
وبالعودة إُف نص اغبكاية ،قبد أف الوالد قد أصابتو اغبّبة بسبب ابنو (النصيص) فرغم مرضو
ص ْي ُدوا والنِ ْ
صيص وضعفو اعبسدي إال أنو دائما ما يتغلب عن أخوتو األصحاء "وَكا ْن األ َْوالَ ْد يِ َ
ب يِ ْع ِر ْ
ف إِبَّ ُ
اى ْم َم ْن ُىو "ح اختبارىم إُف دفعو فبا 3 ِ
لهم)صي ْد ُى ْم" يتِ ْحاَيَ ْل ع ْنـ ُهم ويُِف ُك ْل ُه ْم (يأخذ
َ ْ
أو كما رمز لو (فالديبّب بروب) بوظيفة االنتقاؿ من فبلكة إُف فبلكة أخرى ،وىو يف اغبكاية يتنقل
بْب العاَف الواقعي وبْب عاَف الغيالف ،فما ىو الغوؿ؟ الغوؿ من الكائنات الغيبية اػبارقة الٍب ارتسمت
يف الذىنية الشعبية وعاشت يف ـبيلة الشعوب منذ أقدـ العصور على أنو كائن غريب متوحش رىيب
يف صفاتو .ولكن الغوؿ يف باطنو يبثل كثرا من اؼبعاَف اؼبعنوية أو اؼبادية أو البشرية ،ولنا تفصيل يف
ىذا.
أوساط آّتمع احمللي أال وىي إجارة اؼبلهوؼ ،ظبة ُذبِب النفس البشرية على التخلي عن كل وساوس
الشر ،فتلْب القوي الذي ُهبّب من وبتاجو ويطلب عونو فيأويو ووبميو ،وتقوي الضعيف الذي يبذؿ ما
يبلك وأكثر إليواء من استجاره .أما وجهها الثاين الذي سبثل يف ؿباولة التهاـ بطل اغبكاية " َحتَّا ْن
يف اغبكاية عدد من األبعاد الداللية مستوحاة من البنية العميقة الٍب ربتاج إُف عدد من القراءات ذات
الدراسة العمودية لنصها السري ،ونلخص يف اعبدوؿ اآليت أبرزىا:
أنواع األبعاد الداللية ما يجب أن يكون من ما كان في الواقع األبعاد الداللية
منظور الراوي المعاش
حسب نص الحكاية
بعد دالِف اجتماعي اؼبساواة يف معاملة األوالد التمييز بْب االبن اؼبريض التمييز العنصري بْب
والصحيح الذكور
بعد دالِف اجتماعي تعدد الزواج مع العدؿ بْب تعدد الزواج حبثا عن تعدد الزواج
الزوجات والرضاء بقدر الذكور وتطليق الزوجة
اهلل وقضائو العاقر أو الٍب تنجب
البنات فقط
بعد دالِف اجتماعي اؼبساواة يف اؼبعاملة يف التمييز بْب اؼبولود الذكر التمييز بْب الذكر واألنثى
إطار الشرع على األنثى
بعد دالِف ثقايف ؿباربة ىذه الفئة من اللجوء إُف الكهنة السحر
واؼبشعوذين بغرض قضاء آّتمع وعدـ اللجوء إليهم
مهما كانت األسباب حاجات معينة
آّتمع السويف ؿبافظ إُف أبعد اغبدود ،ورغم وجود عدد من العادات والتقاليد الٍب ال سبت
بصلة للدين اغبنيف ،إال أف السكاف قديبا ال يتهاونوف فيما ىبص الشرؼ والعفة ،وال ىبفى على
أحد أف اؼبناطق الصحراوية ظلت بعيدة عن االحتكاؾ باؼبدف وصخبها ،أين يكثر الناس وتتنوع
الثقافات ،فبعد الصحراء وصعوبة مناخها أدى بأىلها إُف االعتماد على أنفسهم يف كل شيء تقريبا،
فطبيعة اغبياة البدوية شكلت لزمن طويل عامل توازف بْب اإلنساف وطبيعة تبدو يف وىلتها األوُف
معادية لو أشد العداوة ،إال أنو كيفها لصاغبو واعتمد عليها يف معيشتو.1
- 1آندري روجر فوازاف ،سوؼ مونوغرافيا ،تر :أبو بكر مراد ،ص .144
033
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
يف اغبكاية لفظة (عسكر) ،فقد ربط الراوي بْب احملتل الفرنسي وآّتمع السويف فبثال يف اؼبرأة
الٍب سافر زوجها بعيدا ،واؼبعروؼ يف الوادي قديبا أف أرباب بعض العائالت يسافروف خارج الصحراء
سافِ ْر" .2واؼبرأة السوفية امرأة ماكثة يف البيت وتعرؼ كيف
َ م
ْ اْه
َ ل لكسب الرزؽ 1يف " َكايِن مرا ر ِ
اجْ ََ َ
ربافظ على نفسها وتريب أوالدىا يف غياب زوجها فال ذبد اػبيانة إليها سبيال ،3وحْب طلب منها
أفراد اعبيش احملتل (العسكر) فتح الباب ؽبم رفضت رفضا قاطعا وضحت بأوالدىا يف مقابل الشرؼ
احوا".4
ت البَاب.. .حتى قتل أوالدىا َوَر ُ والعفة "كِي َ
شافَـ ْتـ ُه ْم َس ْك َر ْ
يصور لنا اؼبقطع األوؿ من اغبكاية موقفا شهما بو الكثّب من العب حْب ضحت اؼبرأة بفلذة
كبدىا الذي تضحي بنفسها ألجلو ،ولكن حْب تعلق األمر بالشرؼ ضحت بأغلى ما سبلك يف
حياهتا ،فالولد يعوض واؼباؿ يعوض ولكن الشرؼ ىيهات ىيهات .وقد فهمت اؼبرأة الشهمة ذات
النخوة أف زوجها سافر وترؾ أمانة شبينة ،ويعلم بأف زوجتو صاحبة أمانة ،فكيف ؽبا بأف زبذلو ،وىو
الذي يتحمل مرارة الغربة عن أىلو وولده ليعيلهم ؟
ويف السياؽ ذاتو ،روى ِف الوالد أف امرأة سافر زوجها ،جاءىا رسوؿ ىببىا دبرض والدىا وأنو
عرؼ
طريح الفراش فرفضت الذىاب معو إُف بيت أبيها لعدـ مقدرهتا على أخذ اإلذف من زوجها ،ويُ َ
على اؼبرأة السوفية احملافظة أهنا ال تتعدى عتبة بيتها دوف إذف زوجها ،وعاد الرسوؿ ثانية ليخبىا بأف
اؼبريض وبتضر ،فكاف ؽبا الرد ذاتو ،وعاد مرة ثالثة ليخبىا بأف أبيها قد تويف ،فحزنت وقالت رحم
اهلل أيب ،ولكن ال أخرج من البيت فزوجي غائب .فكاف ىذا يف ميزاف حسنات والدىا الذي أحسن
- 1آندري روجر فوازاف ،سوؼ مونوغرافيا ،تر :أبو بكر مراد ،ص .159
- 2ملحق بالقصص الشعيب ،ص ص .230 - 216
- 3آندري روجر فوازاف ،سوؼ مونوغرافيا ،تر :أبو بكر مراد ،ص .159
- 4ملحق بالقصص الشعيب ،ص ص .230-216
034
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
تربيتها فغفر اهلل لو ودخل اعبنة جراء ىذه الَببية .فإذا كانت ىذه ردة فعل اؼبرأة مع والدىا احملتضر،
فلك أف تتخيل ماذا تفعل مع الغريب وأي غريب؟
فالناس ىنا وبرصوف على حفظ نسائهم وأمهاهتم وبناهتم يف البيوت وىم ال يَبددوف يف إقامة
العدؿ والقصاص فبن تسمح لو نفسو بالتطاوؿ على اغبرمة والشرؼ العائلي.1
يف اؼبتوالية السردية الثانية من اؼبسار اغبكائي ،قبد بأف الزوج الغائب قد عاد من سفره "بعد
الس َفر" 2وحكت لو زوجتو عن اغبادثة وَف يكن يبلك القدرة على أخذ حقو أَيَّامات جاء ر ِ
اجل َْها من ََّ َ َ
والقصاص من قاتل أبنائو بيده ،والسؤاؿ ىنا :ؼباذا َف يسرد لنا الراوي بأف الزوج اقتص من غريبو وأخذ
بثأره بنفسو؟ فكاف باستطاعتو أف يقوؿ بأف األب ثأر بطريقة ما من القاتل ،ولكنو َف يفعل ؟
آّتمع السويف ؾبتمع متكافل إُف أقصى الدرجات ،يقف أفراده يف صف واحد ذباه الظلم والظاؼبْب،
وىي ظبة كثّبا ما تفاخر ّٔا الشعراء واؼبوردوف من أىل اؼبنطقة ،حيث ذبدىم يعملوف كيد واحدة يف
غابات النخل ويتقاظبوف خّباهتا فيما بينهم ،وال ينسوف اؼبريض وال الفقّب وال احملتاج منهم ،ىذا يف
اعبانب االقتصادي .ويف األعراس واؼبناسبات السعيدة ال ىبتلف األمر أبدا ،فهذا يهدي أىل العرس
خروفا واآلخر ماعزا والثالث يهديهم الصوؼ والتمر وىكذا ...وىي داللة على رص الصفوؼ
ووحدة العالقات االجتماعية واالقتصادية واالنسانية .ووقفوا وقفة رجل واحد يف معاقبة اعباين
اؼبعتدي على عرض وشرؼ أخيهم احملتاج .ؽبذا أراد الراوي أف يوصل رسالة لألجياؿ مفادىا أف
آّتمع السويف دبختلف أطيافو ال يُهاف يف داره وال مالو وال شرفو ،وىذا تطبيقا لقوؿ اؼبصطفى صلى
وشَرفِ ِو فَػ ُه َو َش ِهيد ،ورده على اعبُنات
وع ْر ِض ِو َ ِِ
اهلل عليو وسلم حْب قاؿَ :م ْن َم َ
ات ُدو َف َمالو َ
- 1آندري روجر فوازاف ،سوؼ مونوغرافيا ،تر :أبو بكر مراد ،ص .159
- 2ملحق بالقصص الشعيب ،ص -ص .230 - 216
035
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
اؼبعتدين واجب على كل فرد منهم دوف استثناء .كما أف الفرد من العرش إذا تعرض ؼبواقف حرجة يف
حياتو ،سواء أكاف ذلك خسارة يف ذبارة أو تلف أصاب غلة النخيل أو موت للغنم وغّبىا ،وقف
معو أبناء عمومتو من عرشو يف ؿبنتو وساندوه وأوقفوه على رجليو مرة ثانية .ىنا وظّف الراوي
شخصية (السلطاف) لتتدخل يف الوقت اؼبناسب ،واستطاع بفضل القوة والسلطة الٍب طاؼبا امتاز ّٔا
على القصاص من القاتل ،وشخصية (السلطاف) كثّبا ما استعاف ّٔا الراوي السويف يف قصصو
الشعيب ،فرغم حياة البدو الرحل الٍب يعيشها سكاف الوادي قديبا وابتعادىم كل البعد عن اغبياة
اؼبدنية ،الٍب تعرؼ البنايات والقصور واالزدحاـ ،اؼبناسبة ؼبثل ىذه الشخصية القوية الٍب سبلك العدة
والعتاد والقصر الكبّب واغبياة اؼبتطورة مقارنة حبياة البداوة ،وذكرىا يف ىذا السياؽ كاف مقصودا من
الراوي ،فما يسمعو سكاف البادية عن ملك السلطاف وقوتو ،وحاشيتو وجيوشو ،يزرع يف نفوسهم
الفضوؿ للتعرؼ عليو ،واحَباـ مقامو.
السلطاف
حْب يعجز الراوي عن تغيّب الواقع اؼبعاش يف قبيلتو ،يسند الدور إُف شخصية غريبة يبقى باب
التكهنات حوؿ حقيقتها مفتوحا ،ف ػ (السلطاف) صاحب القصر والعدد والعدة ،يستطيع من خالؽبم
القضاء على الشر الذي سبثل يف شخصية (العسكري) ،فػػاؽبدؼ من (السلطاف) تغيّب ما عجز عن
تغيّبه الراوي من أبعاد اجتماعية ،أخالقية ،دينية ...يرى الراوي سلبياهتا يف ؾبتمعو الذي يبارس مثل
ىذه األبعاد ،وىنا يف اغبكاية أراد القضاء على من يتسببوف يف الظلم وانعداـ العدؿ واؼبساواة ،ولكن
036
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
القدرة لديو ؿبدودة يف تغيّب واقعو ،فما كاف عليو إال استدعاء الشخص القادر على التغيّب كبو
األفضل – أال وىو السلطاف .-
وبالعودة لشخصية (العسكري) ،ىذه الشخصية الٍب سبثل احملتل الفرنسي الغاشم الذي عاش فسادا
يف أرضو ،امتلك القوة والسالح استغلها يف الظلم والتعدي عن اآلخرين ،وىذا من بداية دخولو أرض
وطن الراوي ووطننا صبيعا ،وما القضاء على الشر اؼبتأصل يف ىذه الشخصية إال قضاء على اؼبستدمر
الفرنسي ،ورفض قاطع لوجوده يف أرضو ووطنو – الراوي – وىذا إف دؿ على شيء إمبا يدؿ على كره
آّتمع السويف لالحتالؿ الفرنسي وجنوده الذين وباولوف طمس عاداتو وتقاليده وبالتاِف ىويتو وإرثو
وتارىبو .أما عن اؼبرأة السوفية الشريفة ،فقد كافأىا اهلل على موقفها األخالقي ،وتضحياهتا وصبىا
بأف وىبها أوالدا آخرين ،وىذا داللة قاطعة أف اؼبظلوـ ينصره اهلل ولو بعد حْب ،وأف اؼبستعمر
سيخرج من البالد عاجال أـ آجال ،فاألجياؿ القادمة ستحمل راية اعبهاد واخراج العدو من الوطن،
الع ِس ْك ِري" ، 1وَف يكن وقت ت المرا أَوَال ْد أُ ْخ ِر ِ ِ ِ ِ
ين وشفي غَليل َْها م ْن َ ْ صلَ ْ َ ْ ومز ؽبا الراوي ب ػ ػ " َح ْ
الس ْلطَا ْن" 2بل
ت ُّ ت َحطَّانْـ َها َم َع َوقِ ْ
ت َحطَّا ْن َم ْر ْ والدهتا مع والدة زوجة السلطاف صدفة "وَكا ْن َوقِ ْ
كاف متعمدا من الراوي ،وىي عالمة على امتالؾ اعبيل القادـ القوة إلخراج اؼبستعر من الوطن،
واإليباف الراسخ بأف من دخل بالقوة ال ىبرج إال ّٔا ،وىذا حْب مت القصاص من (العسكري) بالطريقة
ذاهتا الٍب حاوؿ فيها التعدي على اؼبرأة ،وقد أبدع الراوي يف وصف ىذه اغبادثة
تشّب رموز اغبكاية إُف خبة الراوي للحياة وللمستعمر الفرنسي الذي ال ؾباؿ للمفاوضة معو
صابِْر
"اصبُػ ْر يَا َ
وللنقاش ،فالقوة وحدىا كفيلة بإخراجو مثلما دخل ّٔا بالضبط .وكما يقوؿ السكافْ :
أنواع األبعاد الداللية ما يجب أن يكون من ما كان في الواقع األبعاد الداللية
منظور الراوي المعاش
حسب نص الحكاية
ؿبافظة اؼبرأة السوفية على اؼبوازنة بْب اػبطاب تكوف
بعد دالِف اجتماعي على أساس ديِب وأخالقي شرفها وعفتها الشرؼ والعفة
ال على أساس اؼبادة واؼباؿ
آدا األمانات إُف أىلها وبافظ الفرد السويف على
بعد دالِف أخالقي وصوهنا األمانة اؼبودعة إليو األمانة
ويرجعها إُف صاحبها
بعد دالِف اقتصادي نعم للعمل الشريف كثرا ما يسافر أىل اؼبنطقة العمل وكسب العيش
والكسب اغبالؿ للمدف آّاورة للعمل
يظلم بعض الناس بعضهم الصلح والتفاىم بْب أفراد
بعد دالِف أخالقي آّتمع ما يؤدي إُف ألسباب دنيوية التعدي على حقوؽ الغّب
وحدتو وقتو
بعد دالِف أخالقي يتعاوف األفراد فيما بينهم يف الوحدة قوة ويف التعاوف والتكافل
فيما بو اػبّب للصاٌف العاـ الشتات ضعف وىواف
وبارب األىل اإلستعمار يرفض آّتمع السويف
بعد دالِف فكري ويؤمن بأف ما أخذ بالقوة وجود االحتالؿ الفرنسي رفض الظلم واالحتالؿ
ال يرد إال دبثلها يف أرضهم ووطنهم
038
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
يوظف الراوي شخصيات حيوانية للتعبّب عن أفراد آّتمع الذي يعيش فيو ،وؽبذا قبدىا ربمل
ؿبصوال أخالقيا ظاىريا ،ودالالت اجتماعية وإنسانية وثقافية باطنية ،كما ربوي ؾبموعة من اؼبفارقات
اؼبتمثلة يف اؼبتضادات اؼبختلفة األبعاد ،والستجالئها وجب اؼبقارنة بْب ثنائيات اؼبسار السردي
للنص.
يف غالب األحياف يقيس الناس القوة باغبجم والعضالت ،ومن فقد ىتْب السمتْب ُو ِسم بالضعف
وفقداف القدرة على ربمل صعاب اغبياة والطبيعة ،واؼبفارقة يف نص اغبكاية أف صاحب اغبجم الكبّب
والقوة والسرعة خرج خاِف الوفاض يف النهاية ،عاكسا توقعات اغبياة ومعطياهتا ،فقد تكسب
بعضالتك أحيانا ،ولكن بعقلك تكسب دائما .الذئب حيواف قوي البنية سريع ،وىذا ما جعل
ع ِمنِّي ُروح َىاتِلْنَا ِم ْنها
َسر ْ
تأْيف وإنِ َ القنفذ يطلب منو القياـ باؼبهمة بدال منو " َكايِ ْن نَ ْار َوَر ْاء ِّ
الس ْ
041
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
ش ْعلُوا بِيها َعافَـيَة ونِ ِش َووا البَ ِعير ونا ْكلُوه" 1وانطوت اغبيلة على الذئب وأخذ الطريق كبو َجمرة نْ َ
ط َع ِامي يب طَالَ ْع َع ِامي َىابِ ْ اح ِّ
الذ ْ غروب الشمس معتقدا أهنا نار وراء الكثباف الرملية البعيدة " َر ْ
ت َّ ِ
س" .2ويف الوقت الذي ذىب فيو الذئب إلحضار شعلة من النار الشم ْ ب اللِّ ْ
يل واتَّـ َق ْ ض َر َْحتَّى َ
ت َكا ْن الوقِ ْ ِ
اؼبزعومة ،كاف القنفذ يقطع اعبثة ويأخذىا غبفرتو ىبزهنا ليأكلها يف وقت الحق "في َىا ْذ َ
يل َح َف ْر ُح ُف َرْة س فِ ْيها فِي بِيتَ ْو َحتَّى َخلَّى ِمنَّ ْو ِغ ْير ِّ
الذ ْ
ِ
شة ُس ْق َشة ِويد ْ س ْم البَ ِع ْير ُس ْق َ
ال َق ْنـ ُفو ْد يَِق ِّ
يل".3 ص ِّ ِ ِِ
الذ ْ صغ َيرة و َدفَ ْن ف َيها نُ ْ
يف ىذا اؼبقطع السردي من اغبكاية تبدو مفارقة بْب الدور الذي لعبو اغبيواناف (القنفذ والذئب)،
فالقنفذ صغّب اغبجم ،بطيء وضعيف البنية اعبسدية ،وىو صورة عن الفرد السويف أو الصحراوي
عموما ،الذي أكسبتو البيئة الصحراوية اغبيلة والذكاء اغباد فبا أكسبو القدرة على التكيف مع بيئتو
الصعبة اؼبراس .فالعقل ىو القوة اغبقيقية الٍب سبكن صاحبها من كسب عيشو ،فالذكاء ميزة األقوياء.
وما حيلة القنفذ إال داللة على صعوبة اغبصوؿ على لقمة العيش يف الصحراء القاحلة ،خاصة عندما
ىبوض الرجل السويف رحلة الرعي باإلبل حْب يقطع مسافات طويلة حبثا عنها ،وىذا ما ؼبح إليو
ّ
ِ ِ وم ِم ْن األَيَّ ْام َكا ْن ِّ
ين،
يب وال َق ْنـ ُفود م ْتـ َرافْق ْ
الذ ْ الراوي حْب أشار إُف الرفقة بْب القنفذ والذئب "فِي يُ ْ
شوا َحتَّى لْ ُقوا بَ ِع ْير" ،1وما إشارة الراوي للجثة (اعبمل) إال رمز لإلبل الٍب تػُ َعد سفينة اغبياة
َى ْام يِم ُ
يف الصحراء والسبيل الوحيد للتنقل ،وما أكل القنفذ للجثة الٍب منحتو الغذاء واألمل يف اغبياة إال
الر َّحل ،فهو اغبيواف األكثر ربمال يف الصحراء ،واألكثر صبا
داللة على أنبية اعبمل يف حياة البدو ُّ
على العطش ،فقد يبقى حيا لشهر كامل دوف أف يشرب.
أما الذئب فيتميز بكب حجمو ،سريع وقوي البنية ،ولكن القنفذ تغلب عليو بعقلو ال جبسده ،وناؿ
حصة األسد من الغنيمة .وحاوؿ الراوي أف يُظ ِهر لألجياؿ بأف من يبلك عقال وازنا عاش واستأنس
ك ِمن د ِِ ِ ِ
اخ ْل" مثل شعيب حبياتو ،ويف ىذا الصدد يقوؿ أىل سوؼ" :يَا مَزيَّ ْن م ْن بَػَّراِ ،و ْ
ش َحال ْ ْ َ
يلخص قيمة القدرة الباطنية اؼبتمثلة يف الذكاء والقدرة على التكيف مع صعاب اغبياة والطبيعة.
أنواع األبعاد الداللية ما يجب أن يكون من ما كان في الواقع األبعاد الداللية
منظور الراوي المعاش
حسب نص الحكاية
بعد دالِف اجتماعي استغالؿ سفينة الصحراء اعبمل ىو اغبيواف األكثر اعبمل ىو سفينة الصحراء
واقتصادي (اعبمل) يف حياة السوافة قوة وصبا على التحمل يف فبا أدى إُف االعتماد عليو
الصحراء
بعد دالِف إنساين تفضيل العقل الوازف على ذكاء وحيلة السوافة أدى الذكاء
اعبسم والقوة اعبسدية ّٔم إُف حياة أيسر
بعد دالِف اجتماعي الصب على الشدائد يلينها يبلك السوافة قوة شديدة الصب والتحمل
(الدقْـلَة ُّ
والذ َّك ْار) -8الحب بين النخلة األنثى والنخلة الذكر ِّ
وللنخلة بعدين كبّبين ،بعد تارىبي وآخر ثقايف ،إضافة لكوهنا ربمل داللة اقتصادية كبّبة ،فهي
معلم من معاَف وادي سوؼ ،ربمل يف طياهتا تاريخ األجداد وذكرياهتم ،وضل الفرد السويف مرتبطا
بعاؼبها حيث وجد نفسو بشكل أو بآخر مؤثرا ومتأثرا ّٔا ،وظل غوط النخيل دبثابة اغبامي واغباضن
ومصدر العيش والوجود ،وظلت النخلة على مر العصور يف مكانة األـ واالبن الذي ىبوض من أجل
العناية ّٔا الصعاب واؼبشقات ،ويتحدى الرياح وزحف الرماؿ دفاعا عنها حٌب ال سبوت.
لألنبية واؼبكانة الكبّبين للنخلة يف قلوب وعقوؿ السوافة ،نسجوا حوؽبا حكايات ـبتلفة
األبعاد والدالالت ،منها ما يعب عن اغبالة العاطفية للنخلة وعالقتها بالنخلة الذكر (ما يسميو
السوافة ُّ
بالذ َّك ْار) ،وعالقة النخلة باإلنساف يف سباـ وتعاط غّب مسبوؽ هبعل من ىذه العالقة أسطورية
بامتياز ،ومنها الٍب تتناوؿ عالقات التضامن والتكافل بْب أفراد آّتمع ونشر احملبة والسالـ واػبّب
042
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
بينهم وبْب سكاف اؼبناطق آّاورة ؽبم ،فكل ىذه اغبكايات عملت على ترسيخ أنبية وقداسة ىذه
الشجرة اؼبباركة يف الوعي والالوعي اعبمعي والثقافة االجتماعية السوفية.
النخلة األنثى تنتج األزىار يف فصل التلقيح ،وىو يوازي فصل الربيع من كل سنة ،فالنخلة
شجرة تنتج الثمار مرة واحدة يف السنة ،ففي فصل الربيع تنتج األزىار الٍب تُلقح يف ذات الفصل،
صد بعمليةورب َ
وتبدأ الثمار تكب شيئا فشيئا حٌب فصل اػبريف الذي تصل فيو إُف هناية النضج ُ
يسميها السوافة ب ػ "ال َقطَ ْع" .وربتاج الدقلة إُف الذكر الذي يوفر ؽبا غبار الطلع الذي بفضلو تتلقح
وتدخل بعدىا مرحلة النمو ،ويف غياب "الذكار" ال تستطيع الدقلة انتاج شبار وفّب وجيد ،وقد ال تنتج
يش) ،وىو شبار غّب ملقحة ضعيفة النمو وحجمها صغّب
(الص ْ
أصال إال بغض التمر الذي يسمى ب ػ ّْ
ال يأكلها الناس بل يطعموف ّٔا حيواناهتم يف الغالب .وؽبذا ذبد غابة النخيل غالبا ما يتوسطها
"ذكار" أو اثنْب ،ومعروؼ أف يف فصل الربيع يف وادي سوؼ يكثر ىبوب الرياح خاصة يف فصل
مارس من السنة وىو فصل تلقح فيو النخيل اإلناث .يبز الراوي العالقة العاطفية بْب النخيل اإلناث
والذكور يف الغوط ،فػ (الدقلة) عروس يزفها الفالح لػ (لذكار) يف فصل الربيع من كل سنة ،فعالقة
اغبب بْب النخلتْب عالقة مستمرة طواؿ حياة النخل ،وإذا حاولنا بَبىا انقطعت النخلة عن اإلنتاج
والعطاء وكانت شبارىا ضئيلة وتساقطت أزىارىا "الحظ بأن النخلة العاشقة شرعت تسقط
043
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
أزىارىا" 1والعالقة ىنا عالقة تكامل بْب أنواع النخل ،فالدقلة وصبيع النخيل اإلناث ال تنتج سبرا إال
إذا مت تلقيحها من طرؼ النخلة الذكر ،وىذا األخّب ال ينتج الثمار بل ينتج حبوب الطلع الٍب
تستعمل يف التلقيح فقط.
تعددت العالقات الٍب رمز إليها الراوي يف اغبكاية ،وىي ثالثة أصناؼ:
صب األنثى
-عالقة النخل بعضو ببعض :وىنا سبثلت بْب الدقلة والذكار ،العالقة الٍب من خالؽبا ُزب َّ
من طرؼ الذكر الذي يوفر اللقاح.
-عالقة الفرد السويف بالغوط :وىي عالقة تكاملية تربط بْب السوافة وغابات النخل ،مفسرة اؼبكانة
التارىبية واالقتصادية الٍب تلعبها النخلة يف وسط آّتمع ،فهي إرث األجداد وثقافتهم ،وتعبّب عن
الشموخ الذي كسبو أىل اؼبنطقة إثر صراعهم مع الطبيعة ومناخها القاسي ،فالنخلة ال تُقطَع وال
ذبتث من مكاهنا وإف توقفت عن اإلنتاج لسبب أو آلخر ،وعليو أف يصب على ُش ّْحها ويواصل
رعايتها 2.يورد الفرنسي روبّب تّبيات " "Robert Thirietيف ـبطوطو "النخلة وأساطّبىا" عدة
حكايات شعبية حوؿ النخلة.
-عالقة الفالحْب بعضهم ببعض :سبيزت بالتعاوف والتشاور والعمل اؼبشَبؾ يف كل ما ىبص غوط
النخيل ،فهو مصدر رزقهم األساسي ،ىذا إضافة لكوف النخلة مباركة ربمل تاريخ األجداد ،ويف
3
النص استشار الفالح أحد زمالئو وطلب نصيحتو "توجو إلى فالح خبير يطلب نصيحتو"
وىي العالقة الٍب أراد الراوي إظهارىا ،حْب قاؿ بأف الفالح احتار للمرض الذي أصاب النخلة
وذىب الستشارة فالح خبّب "لم يعرف أي مرض أصابها فتوجو إلى فالح خبير يطلب
نصيحتو" 4وىذا إف دؿ على شيء ،إمبا يدؿ على اىتماـ السوافة بالنخلة اىتمامهم بأفراد أسرىم
وعائالهتم ،فبفضلها يعيشوف ويكسبوف قوهتم ،ويتحملوف مشقة اغبفاظ على مبوىا وحياهتا طواؿ
السنة حٌب يصل موسم اغبصاد وجِب الثمار ،حينها يتناسوف تعبهم ووبصلوف على اؼبكافأة الٍب صبوا
كثّبا ألجلها .كما يبز لنا نص اغبكاية أف العناية بالنخلة وبتاج منا الصب والقدرة واػببة يف كيفية
عالجها والعناية ّٔا ،فليس كل من يكسب ؾبموعة من النخيل يعد فالحا ،بل الفالح اغبقيقي ىو
الذي يدرؾ مكانتها وأنبيتها يف اغبياة ،ويدرؾ العالقة الدفينة بْب اإلناث والذكر ،وىو ما يدركو
الفالح اػببّب حْب يزرع لبلة ذكرا يف وسط الغابة ،ويهتم بو اىتمامو باإلناث بل أكثر.
ويتساءؿ البعض عن سبب كوف الذكر يتوسط الغابة وال يكوف يف حواشيها ،ألنو إذا توسط الغابة
استطاع تلقيح كل النخيل اإلناث ،وسهل على الفالح استغالؿ وجوده كامال ،فقد يعمل الذكار
على تلقيح النخالت لوحده حْب يطلق غبار الطلع يف ؿبيط الغابة فيلقح اإلناث بسبب الرياح واؽبواء
الذي وبيطو ّٔا ،أما إذا كاف يف حاشية الغابة وجد الفالح مشقة يف تلقيح النخيل اؼبنتج ،وما استغل
الرياح ونسمات اؽبواء كل االستغالؿ ،وىذا العمل يدركو اػببّب بالنخل وبعالقتو معها.
وقد وبتار القارئ يف كيفية ربط النخيل اإلناث والذكور بعضها ببعض عن طريق ضمادة "وبمجرد أن
قام بربط جذعي النخلة معا بضمادة قوية كانت النتيجة باىرة وعاجلة" 1واؼبقصود ىنا ىو تقريب
اإلناث من الذكر لتسهيل عملية التلقيح ،ويبكن االكتفاء بربط بعض جريد النخلتْب ببعضها ،أو
بوضع مشاريخ طلع النخلة الذكار داخل النخلة الدقلة.
التلقيح
تنقل الرياح اغببوب من الذكر إُف األنثى وضع حبوب الطلع يف وسط أزىار األنثى باليد
يذكر فالح بأنو كانت لو أربع لبالت مصطفات ،كن ينتجن شبارا وفّبة من التمر لسنوات عديدة
(نوع التمر ىو الغرس) وكاف من بْب ىذه النخالت "ذكار" ،وصادؼ أف مات الذكار بسبب ظاىرة
صعود اؼبياه فمات ،فتأثرت الثالث األخريات دبوتو وَف يعطْب شبارا كما يف السابق وأكتفْب ّٔزيل
التمر ،وحٌب ولو استعملنا التلقيح الصناعي فلن تنتج التمر كما يف حاؿ وجود الذكر قريب من
األنثى ،وكلما كاف الذكار قريبا أكثر من الدقلة كاف إنتاجها أكثر وأوفر وأجود "عندئذ قام بإعادة
ربطهما معا فتعافت النخلة العاشقة" .1يستمد األىل ىنا يف وادي سوؼ حبهم للنخلة من كوهنا
لبلة مباركة توفر ؽبم قوت يومهم ،ويعتقدوف بأف لديها وعي كاإلنساف ،فقد ظباىا الرسوؿ صلى اهلل
عليو وسلم يف قولو :أكرموا عمتكم النخلة وىذا إف دؿ على شيء ،إمبا يدؿ على مكانتها
اؼبرموقة يف اإلسالـ .ويقوؿ إبراىيم العوامر يف ذات السياؽ حوؿ مكانتها يف سوؼ إهنا تعي كما
يعي اإلنساف ،وذلك أهنا إذا َف تثمر أو تسقط شبرىا يأتيها رجل بيده فأس يتهددىا ،فيقوؿ لو آخر
2
اتركها ىذه اؼبرة وال تضرّٔا فستثمر يف اؼبرة القادمة.
يف اؼبسار السردي للحكاية عدد من األبعاد الداللية اؼبهمة رغم قصر اغبجم اغبكائي ،فقد ربط
الراوي بْب تاريخ األجداد وثقافتهم ،وبْب اغبياة الٍب يعيشها السويف آنذاؾ ،وقد سبيزت باغبفاظ على
الَباث والعناية بو ،وتقديس النخلة ليس وليد اليوـ بل مذ وطأت أقداـ السوافة أرض الوادي اىتموا
بزراعة النخلة وإنشاء الغيطاف ،وقد أشرت إُف ذلك يف اعبزء التمهيدي من البحث.
واغبكاية يف ظاىرىا عالقة عشق بْب أنواع النخل اإلناث والذكور ،لكن اغبقيقة أعمق حْب رمز
الراوي إُف عدد من الدالالت منها التعاوف بْب الفالحْب ،الذي بفضلو يبلك الفرد السويف القوة
والقدرة على العيش ،أما التشدد والفرقة فهو ضعف وفناء ،وما ربط النخلتْب بعضها ببعض إال عالمة
على التماسك والتآلف بْب الفالحْب "دبجرد أف قاـ برط جذعي النخلتْب معا بضمادة...عادت إُف
اغبياة" 1ويف حْب أصأّا اؼبرض وضعفت حْب انفصال عن بعضهما "قاـ بعد بضع سنوات بنزع
الضمادة" ،2يف إشارة منو إُف الفرقة والتشتت.
ويبكن تلخيص أىم الدالالت يف ىذا اعبدوؿ:
أنواع األبعاد الداللية ما يجب أن يكون من ما كان في الواقع األبعاد الداللية
منظور الراوي المعاش
حسب نص الحكاية
بعد دالِف ثقايف النخلة تاريخ وثقافة ورمز إرث األجداد وتارىبهم النخلة
للبيئة السوفية وجب اغبفاظ عليها
التقريب بْب الذكار عالقة تكاملية ال يبكن
بعد دالِف فكري والدقلة أو توسيطو يف الفصل بينهما للحصوؿ الدقْػلَة ُّ
بالذ َّك ْار عالقة ّْ
واقتصادي الغوط ليسهل عملية على التمر اعبيد بكمية
التلقيح جيدة
التعاوف أساس العيش تعاوف الفالحْب يف زرع
بعد دالِف اجتماعي لصعوبة اىتماـ الفرد النخل وإنشاء الغيطاف التعاوف
بالنخل لوحده واالىتماـ ّٔا
كسب الفرد السويف خبة ضرورة اكتساب اػببة يف
بعد دالِف اجتماعي واسعة يف كيفية زراعة تسيّب غابة النخيل خاصة اػببة
يف كيفية التلقيح النخل واالىتماـ بو
بعد دالِف اقتصادي يكسب السوافة قوت النخلة كانت وتضل ليومنا العمل وكسب العيش
ىذا مكسبا للرزؽ يومهم من الغيطاف ولبلها
خاتمة الفصل
كل أصناؼ القصص الشعيب يف وادي سوؼ ربمل أبعادا ودالالت ـبتلفة ،فلم يكن الراوي
يقصها عبثا بل يرمي خالؽبا برساالت لألجياؿ القادمة قصد تنبيههم دبا يراه سلبيا يف آّتمع ،ووبثهم
على تتبع إهبابيات اؼبعامالت والتواصل بْب أفراد األىل يف وادي سوؼ ،وكل حكاية رغم ظاىر
التسلية والَبفيو ،إال أف أبعادىا العميقة كثّبا ما تعلم وتثقف اؼبستمعْب من األجياؿ القادمة.
-من بْب األبعاد الداللية االجتماعية يف القصص الشعيب اؼبدروسة ،تطرؽ الراوي لعدد من القضايا
الٍب سبس آّتمع السويف ،فقد رسم مسارات سلبية منتشرة يف وسط آّتمع احمللي حذر منها ،يف
حْب قابلها دبسارات أخرى إهبابية حث على التقيد ّٔا والتمسك بكيفية ترسيخها يف عقوؿ وقلوب
األجياؿ القادمة ،وكثّبا ما تعرض الراوي للعالقات األسرية بْب الزوج وزوجتو ،وبْب البنت والعائلة
وخاصة اآلباء ،إضافة إُف تعدد الزواج وظاىرة الطالؽ وأسبابو ،واػبطبة والزواج اؼببكر للبنات.
-انصب تركيز الراوي يف أغلب اغبكايات على اعبانب االجتماعي ؼبا لو من األنبية القصوى مقارنة
ببعض األبعاد الداللية األخرى ،وىذا إف دؿ على شيء إمبا يدؿ على تعلق الرواة دبجتمعاهتم وحبهم
للتغيّب كبو األفضل بنقد الظواىر السلبية الٍب ال سبت بصلة للدين االسالمي من جهة ،وما ؽبا من
عواقب وخيمة على ترابط وتكافل األفراد من جهة أخرى ،وقد ذكر يف عدد من اغبكايات اؼبدروسة
يف اؼبدونة وغّب اؼبدروسة على الزواج ،وتطرؽ إُف كل التفاصيل احمليطة بو ،انطالقا من العالقة بْب
الشباب والبنات قبل اػبطبة وبعدىا ،مث اػبطبة وطريقة القياـ ّٔا ،وصوال إُف الزواج وطقوسو وعاداتو
وتقاليده -.كل اغبكايات دوف استثناء تعاًف قضايا ذات أبعاد ـبتلفة ،اجتماعية ،اقتصادية،
ثقافية ...ومن بْب ما لو صلة بالدالالت االجتماعية نذكر :العالقات األسرية ،اػبطبة ،الزواج ،تعدد
الزوجات ،وعالقات الذكور باإلناث والتمييز العنصري بْب الذكور ،وبْب األبناء والبنات ...أما
األبعاد الثقايف فطقوس الزواج وانتشار مظاىر السحر والشعوذة ،وتقديس العدد سبعة وما لو من
048
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
دالالت ثقافية .وكذا وجود دالالت أخالقية كغيبة والنميمة واألمانة والتعدي على حقوؽ الغّب
وكيفية رد اعبميل .إضافة إُف ما يثبت تدين آّتمع السويف وعالقتو الوثيقة بالدين اإلسالمي كاغبج
واغبفاظ على حدود اهلل وعدـ تعديها مهما كانت الظروؼ.
-هبد الدارس للحكايات الشعبية أف ىناؾ تسلسال يف اؼبسارات الداللية ،وقد يبدو يف الوىلة األوُف
أهنا عفوية ،ولكن اؼبتمعن يف البنية العميقة للحكاية هبدىا تتبع حلقة زمنية مرتبة ترتيبا منطقيا
تتماشى وعادات وتقاليد اغبياة الٍب يعيشها األىل يف "سوؼ".
-يف اغبكايات عدد من الثنائيات الضدية ،فكثّبا ما يقارف الراوي بينها يف اؼبسار العميق للحكاية،
فمثال قبده يتحدث عن الزواج ويسرد عاداتو وتقاليده والطقوس الٍب سبيزه عن باقي العالقات ،قبده
يف مقطع آخر يتطرؽ إُف الطالؽ واألسباب الٍب تؤدي بالرجل السويف تنفيذ حكمو بو على زوجتو.
كما يتحدث عن فضل التعاوف االقتصادي واالجتماعي واإلنساين بْب األفراد من جهة ،ويقارنو
بالتشتت والفرقة وما يتبعها من سلبيات .كما يسرد كثّبا العالقة بْب( :الظلم والعدؿ)( ،الفقر
والغُب)( ،الغدر والوفاء)( ،الكراىية واحملبة)( ،الذكاء والغباء) -....ربوي اؼبسارات السردية ؾبموعة
من العادات والتقاليد اؼبوروثة عب األجياؿ مثلت تاريخ األجداد من قبلنا وجب احملافظة عليها ،وباوؿ
الراوي من خالؿ قص نص اغبكاية إُف تثبيتها يف األجياؿ القادمة ،فللنخلة مثال مكانة يف تاريخ
وادي سوؼ ،مثل إرث آبائنا وتراثهم وحياهتم ،وجب على األبناء زراعتها واغبفاظ عليها والعناية ّٔا.
كما يبعث الراوي برسالة مفادىا أف أىلنا من قبلنا كانوا أناسا ؿبافظْب يعرفوف حدود اهلل فال يتعدوهنا
مهما كانت األسباب والظروؼ .أما عن الكسب والعمل فهو وسيلة للعيش يوفر من خالؽبا الرجل
قوت اليوـ لعائلتو ،فال ىبجلوا من الفقر واغباجة إذا كاف الفرد يكسب باغبالؿ ولو القليل ،فالعمل
يف "الغوط" وزراعة النخيل إرث وشرؼ ،واؽبجرة بعيدا للعمل تعد من ظبات القدامى ،وىذا يدؿ
على حب األىل آنذاؾ للعمل الشريف مهما كاف نوعو وأينما كاف ؿبلو.
051
األبعاد الداللية للحكايات الفصل الثالث
-يدعو الراوي من خالؿ اغبكايات إُف االبتعاد عن كل البدع واؼبنكرات كالسحر والشعوذة ،وإف
األخذ باألسباب يف ربقيق الغايات مشروع وؿببوب ،ولكن يكوف ذلك بالطرؽ الشرعية ال غّب،
والرضاء بقضاء اهلل وقدره واجب.
-من اؼبظاىر والقضايا الٍب يدعو الراوي الشعيب إُف التمسك ّٔا وترسيخها يف األجياؿ قبد :زرع
ظبات أخالقية ودينية وأخالقية وإنسانية مثل التعاوف بْب األفراد دبا فيو اػبّب بْب الناس كالتعاوف
والتكافل ورد اعبميل ألىلو واألمانة واغبفاظ على حدود اهلل وعدـ تعديها ،والعمل على الكسب
اغبالؿ ونبذ الفرقة والتشتت والشرور مهما كانت والكف عن الغيبة والنميمة والكالـ اؼبسيء للفرد
واعبماعة ،ورفض االستعمار وؿباربتو وعدـ التعدي على حقوؽ الغّب.
050
الفصل الرابع :البنية السردية
للحكايات
-Iالمكان.
الزمان. -II
-IIIالشخصيات.
-IVالتنـ ـ ــاص.
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
تمهيد
يف ىذا الفصل ،وبعد أف تطرقت يف سابقو إُف األبعاد الداللية للحكايات ،سأركز عملي على
البنية السردية للحكايات ،من خالؿ ذكر أنواع اؼبكاف والزماف فيها ،والتطرؽ إُف أنبية كل نوع على
حدى وعالقتو بالبيئة الصحراوية من جهة ،وبالفرد والشخصية السوفية من جهة ثانية ،كما سيكوف
ِف كالـ كثّب عن أبعاد الزماف وعالقتو بتكوين آّتمع السويف الذي يدرؾ ىذه العالقة الكامنة بينو
وبْب اؼبكاف اؼبتمثل يف الصحراء ،الزماف الذي يبثل اؼباضي واغباضر واؼبستقبل الذي يصبو الفرد
السويف بلوغو .كما سأربدث بإسهاب على الشخصيات اؼبكونة للحكايات وعالقتها باألحداث
واألدوار الٍب تقوـ ّٔا كل شخصية يف مسار اغبكايات ،فاغبدث يبثل الفعل الذي يقوـ بو
الشخصي.
وال يبكن اغبديث عن البنية السردية وصبالياهتا دوف التطرؽ إُف الرمز والصور ،فالرمز يبثل
التأويل والقراءة اػبفية للنص القصصي فبا يُعطي صبالية وبالغة فنية أكثر وأعمق للحكايات ،كما
تُعطي الصورة طابعا صباليا كذلك عن كل عالقة تربط بْب الشخصية وصورهتا بْب الواقع واػبياؿ.
وأختم الفصل بالتطرؽ إُف التناص ؼبا وبوي من دراسة صبالية عن قصد أو غّب قصد من الراوي،
فالتناص بالقرآف الكرًن أو اغبديث النبوي الشريف وما لو من دالالت دينية للشخصية السوفية ،أو
التناص األديب سواء بالَباث أو بالتاريخ أو باألسطورة ،وعالقة الراوي بو من جهة ،وما للسكاف
احملليْب من ارتباط من جهة ثانية.
052
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
-Iال ـ ـم ـك ـ ـ ـ ـ ــان:
للمكاف يف القصص الشعيب ؾبموعة من الدالالت اؼبرتبطة بواقع آّتمع الذي تنمو فيو
وتَبعرع ،فحيث يذكر الراوي صنفا من أصناؼ اؼبكاف إال وكانت لو صلة مباشرة أو غّب مباشرة
بأبعاد داللية اجتماعية ،دينية أو ثقافية ،كأف يذكر اؼبسجد مثال معبا فيو عن عالقة الفرد وآّتمع
ّٔذا اؼبكاف اؼبقدس ،ودالالتو أنو يرتبط باعبانب الديِب يف اغبياة اليومية ،أو يكتفي بذكر نوع آخر
لإلشارة إُف عادة من عادات وتقاليد اؼبنطقة كأف يتحدث عن اػبيمة أو اؼبرعى مثال .وقبل التطرؽ
إُف أصنافو -أي اؼبكاف – يف مدونة القصص ،وجب التعريف بو وبآراء الباحثْب يف ؾباؿ صبالية بنية
اؼبكاف يف السرد بصفة عامة.
إقزال ػةٌ وأم ػػاكن صب ػػع -يُع ػ َّػرؼ اؼبك ػػاف يف اؼبع ػػاجم العربي ػػة بأن ػػو " اؼبوض ػػع ،واعبم ػػع أمكن ػػة قِػ ٌ
ػداؿ أو َ
اعبمع ،ويف قوؿ :يبطل أف يكوف فعاال ألف العرب تقوؿ كن مكانك وقم مكانك واقعد مقعدؾ ،فقد
دؿ علػػى أنػػو مصػػدر مػػن مكػػاف أو موضػػع" ،1ويف ـبتػػار الصػػحاح قبػػد اؼبكػػاف واؼبكانػػة اؼبوضػػع ،2كمػػا
ورد لفظ اؼبكاف يف قاموس احمليط :اؼبكانة كاؼبكنية واؼبنزلة عند اؼبلػك ومكػن ككػرـ وسبكػن فهػو مكنػْب
3
مكناء واالسم اؼبتمكن ما يقبل اغبركات الثالثة كزيد ،واؼبكاف اؼبوضع.
تشَبؾ اؼبعاجم العربية يف أف اؼبكاف ىو اؼبوضع ،وال ىبتلف معناىا كثّبا معا ىو عليو يف القرآف الكػرًن
ت ِمن أَ ْىلِ َهـا َمكانـاً َش ْـرقِيَّا 4فاؼبكػاف عمومػا فقي قولو تعاُف﴿ :واذْ ُكر فِي ِ
الكتَ ِ
اب َم ْريَ َم إذ انْـتَبَ َذ ْ
تشّب إُف اؼبوضع اؼبمتلئ اغباوي للشيء اؼبستقر كمقعد اإلنساف من األرض وموضع قيامو.
-وإذا تطرقنػػا إُف التعريفػػات مػػن ناحيػػة االصػػطالح ،فنػػرى اختالفػػا يف مفهومػػو وشػػكلو وأصػػنافو يف
عرفػو عبػد اؼبلػػك مرتػاض بأنػػو كػل مػا عػػُب حيػزا جغرافيػا حقيقيػػا ،حيػث ينطلػػق
اػبطػاب السػردي ،فقػػد ّ
اغبيػػز يف حػػد ذاتػػو علػػى كػػل فضػػاء جغ ػرايف أو أسػػطوري ،أو كػػل مػػا يعػػُب اؼبكػػاف احملسػػوس كػػاػبطوط
واألبعاد واألحجاـ ،واألثقاؿ واألشياء آّسمة مثػل :األشػجار واألهنػار ومػا يعتػور ىػذه اؼبظػاىر اغبيزيػة
مػػن اغبركػػة أو تغػػّب .1وي ػربط كثػػّب مػػن البػػاحثْب لفػػظ اؼبكػػاف بالفضػػاء ،كمػػا يربطػػوف بينهمػػا ويأخػػذوف
اؼبنعى ذاتو يف أف الفضاء ىو ؾبموعة األماكن الروائية الٍب مت بناؤىا يف النص الروائي.2
-إف للمكاف أنبية كبّبة يف اإلنتاج األديب سواء أكاف شعرا أو نثرا ،فال زبلو أحداث مػن مكػاف
وفضاء أو حيز وبويها ،كما ال قبػد عمػال فنيػا إال وكػاف اؼبكػاف الوعػاء اغبػاوي لػو ،فاؼبكػاف يػؤدي دورا
كبّبا يف عملية اإلبداع ،ألف النص األديب البػد لػو مػن وعػاء وبتضػن أحداثػو ،فهػو األرضػية الػٍب تشػيد
عليها جزئيات العمل الروائي أو القصصي ،وىو القاعدة اؼبادة األوُف الٍب ينهض عليها النص.3
-وحػػٌب ال نطيػػل الكػػالـ يف تعريػػف اؼبكػػاف ،نقػػوؿ بأنػػو القاعػػدة الػػٍب يرتكػػز عليهػػا القصػػص بصػػفة
عامة ،وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على أنبيتو القصػوى يف عمليػة اإلبػداع األديب ،وإذا نظرنػا إُف
أصػنافو أو أنواعػػو نػػرى بػػأف االجتهػػادات كثػػّبة وـبتلفػػة يف ربديػػد أصػػناؼ للمكػػاف ،فنجػػد مػػثال اؼبكػػاف
اػبارجي أو اؼبفتوح ،اؼبكاف الػداخلي أو اؼبغلػق ،اؼبكػاف اؼبعػادي الشػبيو بالػداخلي ،اؼبكػاف العتبػة الػذي
يبثل فبرا للبطل يف اغبكايػات والروايػات ،اؼبكػاف الروائػي ...ويف ىػذا اؼبقػاؿ سػأركز عملػي علػى صػنفْب
اثن ػػْب م ػػن األم ػػاكن ،ال لش ػػيء إال ألف القص ػػص الش ػػعيب قص ػػّبة اغبج ػػم واأللف ػػاظ والعب ػػارات الس ػػردية
مقارنة بالروايات الٍب قبد فيها كل أصناؼ اؼبكاف .والنوعْب نبا :اؼبكاف اؼبفتوح ،اؼبكاف اؼبغلق.
ىػػو اؼبكػاف الػذي ال حػػدود وال معػاَف لػو ،وغالبػا مػػا يبثػل الفضػاء اعبغػرايف -1المكـان المفتـوح:
حيػزه اؼبميػػز لػو ،وىػػو اؼبكػاف الػػذي يلتقػي فيػػو النػاس ويزخػػر بأصػناؼ متنوعػػة مػن اغبركػػة ،4فيمثػل حيػزا
مكانيا خارجيا ال ربده حدود ضيقة .ومن األماكن اؼبفتوحة يف حكايات اؼبدونة نذكر:
-الصحراء:
-1عبد اؼبلك مرتاض ،ربليل اػبطاب ا لسردي معاعبة تفكيكية سيميائية مركبة (زقاؽ اؼبدف) ،ديواف اؼبطبوعات اعبامعية ،اعبزائر( ،د ط)،1995 ،
ص.245
-2أضبد مرشد ،البنية والداللة يف الرواية ،إبراىيم نصر اهلل ،اؼبؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بّبوت ،ط ،2005 ،1ص .130
- 3نبهاف حسوف سعدوف ،تشكيل اؼبكاف يف اػبطاب السردي (قراءات يف السرديات العراقية اؼبعاصرة) ،دار غيداء ،عماف ،ط ،2015 ،1ص .14
- 4عبد اغبميد بورايو ،منطق السرد (دراسات يف القصة اعبزائرية اغبديثة) ،ديواف اؼبطبوعات اعبامعية ،اعبزائر ،1997 ،ص .146
054
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
سبثل الصحراء البيئة الٍب يعيشها السكاف يف اؼبنطقة ،فرغم ظروفها الطبيعيػة القاسػية إال أف الفػرد
السويف تعايش معها وسايسها إُف أف ألفتو وأحبتو فتأقلم معهػا ،فسػادت بينػو وبػْب رماؽبػا مػودة كبػّبة،
وحوؿ أراضيها القاحلة إُف جنة خضراء.
َّ
وقصػػو للحكايػػات ،فغالبػػا مػػا تكػػوف ىػػي مسػػرح والػراوي الشػػعيب كثػّبا مػػا يتعػػرض إليهػػا يف سػػرده ّْ
األحػػداث ،ففػػي حكايػػة "غػػرود عاليػػة" جػػاءت األحػػداث وفقػػا ؼبكػػاف وقوعهػػا الصػػحراء "فــي و ِ
اح ـد َ
اسـر" 1وكػذلك األمػر بالنسػبة غبكايػة "عيشػة والغػوِف" يف الصحراء الب ِعي َدة ،مـرا ِسـمحة ي ِ ال َقبيِلة في َّ
ََ ْ َ َ
الصــحراء ر ِ
اجـ ْـل َعــايِ ْ
وىنَــاء َمـ َـع أ ََىلَ ـ ْو" ،2إذ ربػػط ال ػراوي بػػْب الصػػحراء
ش فــي َسـ َـعادة َ " َكــايِ ْن فــي َّ َ َ
واعبماؿ يف األوُف ،يف حْب ربطها بالسعادة واؽبناء يف الثانية.
وغالبػػا مػػا ي ػػذكر الصػػعوبة ال ػػٍب يتعػػرض إليه ػػا الشػػخص يف الص ػػحراء يف " ُر ْحلُــوا أ ََى ْله ــا وأ ََى ــل َع ْم َه ــا
ِ ِ ِ
َو َخلُّوىا ىي وبنت َع ْمها َوحدى ْن في َ
3
الص َح َراء َحتَّى ين في َّ احوا األوالد َسايْح ْ حراء" ،ويف " َر ُ الص َ
ـار َدة" 4وىػذا إف دؿ علػى شػيء فإمبػا يل ِّ
والدنْـيَا بَ ْ ب اللِّ ْ
ض َر ْ
اىو َ لَ ُقوا غُولِيَّة فِي َز ْي َم َرا ،قَالَ ْ
ت لَ ُه ْم َر ُ
يدؿ على وعارة التعامل مػع اؼبنػاخ والطبيعػة الصػحراوية الػٍب يشػعر سػاكنها بالوحشػة والوحػدة واػبػوؼ
يف هنارىا اغبار ومن ليلها الطويل القارس ،وىذا ما رمز لو الراوي باػبوؼ والبد يف اغبكاية.
-الخالء:
لفظػػة اػبػػالء دالػػة علػػى شػػغور اؼبنطقػػة مػػن اإلنسػػاف ،بػػل ىبػػاؼ الفػػرد مػػن دخوؽبػػا ،فهػػي أرض خاليػػة
موحشػػة ،يشػػعر فيهػػا مػػن تطؤىػػا قػػدماه بػػاػبوؼ الشػػديد ؼبػػا قػػد يصػػادفو يف طريقػػو ،فحػػْب يريػػد الػراوي
تصوير معاين الغربة والوحشة واػبوؼ يف شخص معْب يف مسار اغبكاية ،يربط بينو وبْب اػبالء ،ففي
الصـ ِـغ ْير" ،5واألمػػر ذاتػػو يف
وىــا ِّ الصـ ِـغ ْير و َشـ ُّـدوا ال َخـ َـال ْء َحتَّــى ا ْعطُـ ْ
ـش ُخ َ وىــا ِّ " ُى ِربْـ ْ
ـت لونجــة مــع ُخ َ
- 1اؼبرجع نفسو.
- 2اؼبرجع نفسو.
- 3اؼبرجع نفسو.
- 4اؼبرجع نفسو.
- 5اؼبرجع نفسو.
- 6اؼبرجع نفسو.
056
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
بســتانو نخلــة فقــدت أزىارىــا" 1وىنػػا جػػاءت الغابػػة مرتبطػػة بالنخلػػة الػػٍب ؽبػػا دالالت كبػػّبة يف منطقػػة
وادي سوؼ ؼبا ربملو من رمز للكفاح والكرـ واعبود وتراث األجداد.
-السوق:
وظف الراوي ىذا النوع من األماكن اؼبفتوحة يف حكاياتو ،ففػي حكايػة (السػارؽ واؼبلػك) مػثال ذكرىػا
فمثَّػػل ذلػػك بالسػػوؽ اليوميػػة ،أو مػػرة يف أكثػػر مػػن موضػػع ،فهػػو اؼبكػػاف الػػذي يتجمػػع فيػػو النػػاس يوميػػا َ
ـب ومجـوىرات فـي السـوق ِ
األسبوع ،أي السوؽ األسػبوعية .فػذكر يف موضػع" :دي ْـر عُ ْرَمـة نْـتَـاع ذَ َى ْ
يمــا قَالَّـو الـ َّـدبَّ ْار وجـاء الســارق للســوقِ
صـنَـ ْعتَو .دار الملـك ك َ ع والســارق يعـاود َ
صـي عليهــا بَـيَّـا ْ
وو ِّ
َ
الســوق" 3فالسػػوؽ ىػػو اؼبكػػاف الػػذي ـاى ْم ِخيـ ْـل مــن ُّ وحــب يسـ ِرق الـ َّـذىب" .2ويف آخػػر ِ
"شـ َـرال ُْه ْم ابَّـ ُ ْ َ ْ َْ
يبتاع منو الناس حاجياهتم اليوميػة مػن خضػر ومػواد غذائيػة وكماليػات اغبيػاة مػن أثػاث ووسػائل للتنقػل
وغّبىا.
-الجبال:
اعببل من األماكن اؼبفتوحة الٍب يرددىا الراوي احمللي يف قصصو وحكاياتو ،فهو وبمػل معلمػا واسػعا يف
خياؿ الراوي والسامع على حد سواء ،فحْب يذكر الراوي اعببل يف حكايتو يرسم يف ذىن اؼبسػتمع أو
القػػارئ تلػػك اؼبسػػاحة الشاسػػعة والقػػوة الػػٍب زبػوؿ للشخصػػيات اغبكائيػػة اكتسػػأّا منػػو ،وىػػذا مػػا وفرتػػو
اللفظة يف حكاية "لوقبة" حْب صعدت للجبل الذي أعطاىا القدرة على قهر الظلم بػالفرار مػن أىلهػا
ـت لهـا أختهـا وقالـت لهـا :يـا اح ْ ِ ت لُونجة اِ ِ
معـا ْه للجبـل" ،ويف " َر َ ت َ وى ْربَ ْ
وىا ُ يديها في اي ْد ُخ َ " َد َار ْ ْ
ـال .قالــت لهــاِ :مــين ُك ْنـ ِ ـاك لْــروس ِ
الجبَـ ْ ت أ ُِّمــيَ ،د ْربِيلِــي َسـل ْ
ـت ْ ِّال ْل ونَطْلَـ ْـع ْم َعـ ْ ُ ْ
ْف الــد َ لونجــة يــا بْـنَـيِّـ ْ
ت ْســلِي ْفتِيَ ،اى ْب ِطــي،
ـاك لْــروس الجبــال ،وكِــي عُـ ْد ِ
ِّال ْل ،ونَطْلَـ ْـع ْم َعـ ْ ُ ْ ْف الــد َ
ك َس ـل ْ ُوخ ْيتِــي ،انْـ َد ْربِيلَ ْأ َ
أَطْلَ ْع يا ِجبَ ْل أَطْلَ ْع .....أطْلَ ْع يا ِجبَ ْل أَطْلَ ْع".4
-2المكان المغلق:
يبثػػل اؼبكػػاف اؼبغلػػق غالبػػا اغبيػػز الػػذي وبػػوي حػػدودا مكانيػػة تعزلػػو عػػن العػػاَف اػبػػارجي ،فيكػػوف
بػػذلك أكثػػر ضػػيقا مقارنػػة باؼبكػػاف اؼبفتػػوح ،ؼبػػا يتسػػم بػػو مػػن احملدوديػػة وسبييػػز معاؼبػػو ،فهػػو إطػػار إقامػػة
الشخصيات كالبيت ،السجن ،اؼبستشفى وغّبىا كثّب.
ومن بْب ىذه األماكن قبد يف مدونة القصص الشعيب:
-الخيمة:
اػبيمة رمز من رمػوز الفػرد السػويف قػديبا ،فهػي اؼبلجػأ والبيػت ،وىػي الراحػة واألمػاف ،كلمػا ذكػر الػراوي
الصػػحراء إال ووجػػدنا اػبيمػػة (أو "العِ َّشػػة" يف اللهجػػة احملليػػة) وىػػذا لسػػهولة تركيبهػػا وتفتيتهػػا ،فالسػوافة
قػػديبا مػػن البػػدو الرحػػل الػػذين يتبعػػوف اؼبػػاء والكػػأل واؼبراعػػي اػبصػػبة النضػػرة الػػٍب تػػوفر العشػػب األخضػػر
حر الشػمس وبػرودة الليػل ،فهػي تُصػنَع مػن وبػر اإلبػل
ألغنامهم وإبلهم ،كما تعتب اؼبلجأ الذي يقيهم َّ
"عشَّة" الدالة علػى اػبيمػة حػْب قػاؿ الػراوي" :وفـي وصوؼ الغنم.ويف حكاية (غرود عالية) قبد لفظة ِ
ش يُـ ْرقُ ْد تجي ْو فِي المنَـ ْام" ،1كمػا شة يِ َخ ِّمم بِيهاُ ،كل يوم يِغَ ِّم ِ شد بِ َالصتَ ْو في ِاللِّيل يِ ِ
ض عنِيو بِ ْ ْ ْ َ ُْ الع َّ ْ
شــةـاف ِعي َ
شــة" و"كِــي َشـ ْ ـب عـ ْـن َخ ْي ِمــة ِعي َ ِ ِ ِ
قبػػدىا يف "وفــي يــوم مــن األيــام َجــاء َراجــل يِصــي ْد َعاقـ ْ
ـف ِع ْنــد َخ ْي ِم ْتـ َهــا" ،2فاػبيمػػة ربمػػل ميػػزة األلفػػة واألمػػاف الػػٍب ذبعػػل منهػػا فبيػػزة عػػن البيػػت أو الغرفػػة
َوقَـ ْ
مثال ؼبا ؽبا من بعد ثقايف وتراثي قدًن.
-البيت:
بعد هنار طويل يف العمل ،وبعد مشقة السفر ،تقصػد شخصػيات اغبكايػات البيػت لقضػاء أوقػات مػع
أفراد عائالهتا وأخذ قسط من الراحة والنوـ وغّبىا من الواجبػات اؼبنزليػة ،فالبيػت يعتػب اؼبسػت َقر األخػّب
ػوش
يف هناية اليوـ ،ويف هناية اغبكاية غالبا ما قبد مفردة البيت أو ما يدؿ عليها يف اللهجػة احملليػة (اغبُ ْ
أو الدَّار الدالة على اؼبنزؿ ال الغرفة).
ولو بدأنا حبكاية (جبه والصػيد) لوجػدنا اؼبفػردة أو مػا يػدؿ عليهػا يف عػدة مواضػع وإف أدت كلهػا
ـوش"، ِ ِ
ْح ْ رجعُـوا لل ُ
وش أ ََىل َْها"" ،وبَـ ْع َد َما ْ
ب في ُح ْ ضْ وح تَـ ْغ َ
معُب مشَبؾ يف مكاف الراحة واألماف "ت ُر ْ
يهم" .1وَف ِ ش َع ْارفِين أ َّ ِ "يـ ْقع ْد يِ ِعس علِينَا وما ي ْد ُخل ِ
وش يَ ْس َمع ف ْالح ْ وراء ُ الصي ْد َ
َن ِّ ْشي ل َداَرْه"" ،م ْ َ َ ْ ُُ
ىبتلػػف األمػػر يف حكايػػة (السػػارؽ واؼبلػػك) حػػْب قػػاؿ ال ػراوي "وىــي تَاكِـ ْـل واتَّبـ ْـع فيــو حتــى َو َّ
ص ـل َْها
اؼبعيشػػة .والقصػػر يػرتبط يف غالػػب األحيػػاف باؼبلػػك والسػػلطة وىػػذا مػػا ؼبسػػتو يف اغبكايػػات حػػْب" :قَـ ْ
ـال
وح أجمـع النــاس الكـل فـي القصــر 1 ِ السـلْطان ِلعي َ
ص ْـر؟" ،ويف "قَــال للملـك ُر ْ شـة تُروحــي َم َعايَـا لل َق َ ُّ
ِ
اب" .2واألمر ذاتو حْب ل ػ َّمح الراوي إُف شسػاعة القصػر وكػبه وكثػره غرفػو وحجراتػو وأَل ِْقي َعليهم خطَ ْ
السـ ْلطَا ْن للحـ قـال للونجـةَ :ىـا ْذ الـدِّيَ ْار ال ُك ْـل افَـ ْت ِحـي ِه ْنِ ،غي ْـر َىـا ْذ ال َّـد ْار َمــا وح ُّ يف"وقَـبَ ْـل مـا يِ ُـر ْ
يش ِم ْنـ َها".3
تَـ َق ْربِ ْ
وإذا اشػَبكت اغبكايػػات يف اؼبلػػك والسػلطة ،فإهنػا زبتلػػف يف رمزيػة القصػػر ،فقػػد يرمػز للعػػدؿ والسػػعادة
وإذا نظرنا إُف حكاية (لوقبة) مثال ،وجدنا البئر يف صور متعددة بدالالت ـبتلفة ،وإف اجتمعػت
كلها يف مصب واحد أال وىو مالمح البيئة الصحراوية .فػالبئر ىػو اؼبنبػع األساسػي للميػاه الشػروب يف
ش يوِر ْد الماء ،كِـي ِجبـ ْد ال َّـدلُو ِجبـ ْد معـا ْه َشـعرة ِط ِويلَـة ي ِ اؼبنطقػة يف "م َّرة راح ُخ ِ
اسـ ْر"،1 َ َ ْ َ ََ َ وىا ل ْلبِ ْير بِ ْ ُ
َ َْ َ
ويف موضع آخر يذكر الراوي بأف الصحراء صعبة اؼبراس ،ولو ال اآلبار اؼبنتشرة يف أراضيها ؽبلك الناس
ص ـلُوا لبيــر عَ ...حتَّــى ُو ْ ـيم وبيــر ِّ
الض ـ ْف َد ْ وســة ِوبيــرء البِ ِهـ ْ شــوا عــن بِيـ ْـر َ
الخ ْنـ ُف َ مػػن العطػػش فيقػػوؿِ " :م َ
اك تِْت َح َّو ْل لغَ َز ْالَ .خلَّى الطُِّف ْل نَـ ْعلِيـ ْو
ت لو لونجةَ :ما تَ ْش َربْ ِشي َر ْ ب ِمنَّو ،قَالَ ْ ش َر ْ الغَ َز ْال َجاء بِ ْ
ش يَ َ
ُخ ْيت ِي َرانِي نْ ِس ْ
يت نَـ ْعلَ َّي ْح َذا البِي ْـر ،تَـ ْـو انِجيـ ْبـ ُه ْم اح يِتَبَّ ْع فِي أُ ْختَ ْو .. .قَ ْ
ال لَ َها يَا أ َ ور ْ تِ ِح ْ ِ
ت الب ْير َ
ب من البِْير وِر َج ْع لها غَ َز ْال يِنُ ْط" ،2يف ىػذا اؼبقطػع مػن اغبكايػة يػذكر الػراوي بعضػا اح ْش ِر ْ ِ
ونْجيَ ،ر ْ
من أصناؼ اغبيوانات الصػحراوية ،ومػا يبيزىػا مػن قػبح تػارة ،ومػن حسػن وصبػاؿ يف أخػرى ،ومػا شػرب
األخ الصػػغّب مػػن بئػػر الغ ػزاؿ إال داللػػة علػػى تفضػػيلو لػػو عػػن بػػاقي اغبيوانػػات واغبش ػرات األخػػرى الػػٍب
تتميز بالقبح وسوء اؼبظهر .وَف ىبتلف األمر كثّبا يف حكاية (النصيص والغولية) عمػا سػبق ذكػره حػْب
يخيِّط َْهــا" 3وىنػػا ذكػػر الػراوي
ْخيَّــا ْط َ
ِّيهــا لل َ ِ ِ
ـور ُدوا المــاء ،قــال لهــا قَطْعــي الق ْربَــة واد َ
ـت لــو َىيَّــا نُـ ْ
"قَالَـ ْ
وزبػاط وُسب َػألُ باؼبػاء لتحػافظ علػى برودتػو ونقائػو مػن الشػوائب ،كمػا "الق ْربَة" الٍب تُصنَع مػن جلػد اؼبػاعز ُ ِ
من مكػاف ألنػو يبثػل القاعػدة الػٍب يبػِب عليهػا الػراوي أحػداث حكاياتػو ومسػارىا السػردي .فاؼبكػاف ذو
أنبية قصوى ألنو يبنح للروايات أعماال ـبتلفة وعليو تكوف الروايات أو القصص مرتبطة بػالواقع ،1كمػا
يلع ػػب دورا مهم ػػا وحاظب ػػا من ػػذ الق ػػدـ يف تك ػػوين حي ػػاة الن ػػاس وذبس ػػيد ىواي ػػاهتم ،وربدي ػػد تص ػػرفاهتم
وإدراكهم لألشياء ،وىذا كونو أشد التصاقا حبياهتم وأكثر تغلغال يف كيػاهنم ،ال لشػيء إال كونػو – أي
اؼبكاف -يبثل ىويتهم وتراثهم.
-IIالزمـ ـ ــان:
يكتنز الزمن أنبية كبّبة يف السرد الرتباطو الوثيق باألدب والفلسفة والعلم وبكل ما يبد لإلنساف
بصلة ،ال لشيء إال ألف العاَف الذي يفَبعو أي عمل سردي ىو دائما عاَف زماين "فالزمن يصّب زمنا
إنسانيا ماداـ ينتظم وفقا النتظاـ مبط السرد ،وأف السرد بدوره يكوف ذا معُب ماداـ يصور مالمح
التجربة الزمانية" 2وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على أنبية الزمن يف اؼبسار السردي للحكايات
والقصص والروايات على حد سواء ،فال ىبلو أي إبداع أديب من زمن كما ىو األمر عليو يف اؼبكاف.
يعد الزمن من اؼبقوالت األساسية الٍب شغلت الدارسْب واستقطبت اىتمامهم ،فاالىتماـ بفكرة
الزمن ضارب يف عمق التاريخ البشري ،قدًن قدـ اإلنساف وحديث حداثة طموحاتو وأحالمو ،فهذا
العنصر اغبيوي الذي ال ىبتلف اثناف يف مدى أنبيتو ليتسم بالضبابية والتعتيم ،لذا قبده ؿبور جداؿ
لدى الكثّب من الفالسفة واألدباء واؼبفكرين فبا صعَّب الوقوؼ على مفهوـ جامع لو.
-جػػاء يف لسػػاف العػػرب" :الػػزمن والزمػػاف :اسػػم لقليػػل الوقػػت وكثػػّبه ،ويف احملكػػم الػػزمن والزمػػاف:
العصر ،واعبمع أزمن وأزماف وأزمنة ،وأزمن الشيء :طاؿ عليو الزماف ،وأزمن باؼبكاف :أقاـ بػو زمانػاً".3
ولػػيس ببعيػػد عػػن ذلػػك ،يػػرى الزـبشػػري بػػأف الػػزمن" :مػػن زمػػن :خػػال زمػػن فػػزمن وخرجنػػا ذات الػػزمنْب،
وأزمن الشيء ،مضى عليو الزماف فهو مزمن" 1كما يتناوؿ أبو اؽبالؿ العسكري مفهوـ الزمن إذ يقوؿ:
"إف اسم الزماف يقع على كل صبع مع األوقات ،وأف الزماف أوقات متتالية ـبتلفة أو غّب ـبتلفة".2
-وعلػػى خػػالؼ اؼبفهػػوـ اللغػػوي -الػػذي اشػػَبكت فيػػو اؼبعػػاجم العربيػػة يف أنػػو وبمػػل طػػابع الوقػػت
واؼبكوث والبقاء -جاء اؼبفهوـ االصػطالحي يف رؤى كثػّبة التشػعب واالخػتالؼ ،فيمػا يػراه البػاحثوف
عن زمن القصة ،الرواية أو السرد ؼبا لو من أنبية يف تشكيل بنية النص الروائي أو القصصي.
إف الػػزمن يف أبسػػط معانيػػو ىػػو روح الوجػػود اغبػػق ونسػػيجها الػػداخلي ،فهػػو ماثػػل فينػػا حبركتػػو الالمرئيػػة،
حيث يكوف ماضيا أو حاضرا أو مستقبال ،وىذه األزمة يعيشها اإلنساف ليتشكل ّٔػا وجػوده فبػا يعػِب
أف الزمػػاف موجػػود ألف ىنػػاؾ نشػػاطا مػػا مسػػتمر مػػن العػػدـ إُف الوجػػود 3.وفبػػا ال شػػك فيػػو أف الػػزمن
موجود لكنو خفي ال نراه ،عكس ما عليو اغباؿ بالنسبة للمكاف رغػم أهنمػا يشػكالف خطػْب متػوازيْب
ال يفَبقاف ،فكػل منهمػا مكمػل ل خػر ،فػال كبػدد مكانػا إال وحػددنا زمانػو .ويػرى عبػد اؼبلػك مرتػاض
4
بأف الزمن عبارة عن مظهر نفسي ال مادي ،ؾبرد ال ؿبسوس ،يتمظهر يف األشياء آّسدة.
وكػػاف الشػػكالنيوف الػػروس ىػػم السػػباقوف لدراسػػة بنيػػة الػػزمن يف العش ػرينيات مػػن القػػرف اؼباضػػي،
وزادت ى ػػذه اغبرك ػػة يف االزدى ػػار يف الس ػػتينات عل ػػى ي ػػد جيني ػػت وت ػػودوروؼ وب ػػارت ،وق ػػد اختل ػػف
الباحثوف يف ربديد أقساـ للزمن ،فمنهم من يرى الزمن أنػو زمػن اغباضػر واؼباضػي واؼبسػتقبل كمػا أشػار
إليػػو بػػوؿ ريكػػو ( ،5 (Paul Ricoeurومػػن مػػن يعػػده :زمػػن القصػػة أو اغبكايػػة ،زمػػن الكتابػػة وزمػػن
القػراءة وىػػذا مػػا ذىػػب إليػػو تػػودوروؼ ( ،)Todorovومػػنهم مػػن يػراه علػػى أنػػو :زمػػن الكاتػػب ،زمػػن
القارئ والزمن التارىبي فيما أشار إليو غلد شتاين (.6 (Goldenstien
- 1الزـبشري ،أساس البالغة ،تح :ؿبمد باسل ،ج ،1منشورات دار الكتب العلمية ،بّبوت ،دط ،دت ،ص.423
- 2أبو ىالؿ العسكري ،الفروؽ اللغوية ،تح :ؿبمد ابراىيم سليم ،دار العلم والثقافة ،القاىرة( ،د ط)( ،د ت) ،ص .270
-3مها حسن قضراوي :الزمن يف الرواية العربية ،اؼبؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بّبوت ،ط ،2004 ،1ص.13
- 4عبد اؼبلك مرتاض ،يف نظرية الرواية (حبث يف تقنيات السرد) ،عاَف اؼبعرفة ،الكويت ،1998 ،ص .173
- 5بوؿ ريكو ،الزماف والسرد (اغببكة والسرد التارىبي) ،تر :سعيد الغامبي ،فالح رحيم ،ص .9
- 6ينظر :بوؿ ريكو ،الزماف والسرد (اغببكة والسرد التارىبي) ،تر :سعيد الغامبي ،فالح رحيم ،ص .189،188
063
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
وكبػػن يف ىػػذا اؼبقػػاـ ،ال يهمنػػا زمػػن القػػارئ أو زمػػن الكتابػػة أو اؼبشػػافهة ،بػػل مػػا يهمنػػا ىػػو زمػػن
القصة الذي يبثل "زمن وقوع األحداث اؼبروية يف القصة ،فلكل قصة بدايػة وهنايػة وىبضػع زمػن القصػة
للتتػػابع اؼبنطقػػي" 1فػػالزمن ىنػػا ىػػو الػػزمن ال ػ ُػمتَ َخيَّل مػػن ال ػراوي يف اغبكايػػة ،حيػػث تػػدور الشخصػػيات
باألحػػداث واألفعػػاؿ يف سػػياقو .وحػػٌب ال لبػػوض يف ىػػذا السػػياؽ كثػّبا ،سػػنتطرؽ إُف أسػػلوبْب مهمػػْب
من اؼبفارقة الزمنية للحكايات نبا االسَبجاع واالستباؽ.
-1االسترجاع:
رغم اختالؼ النقاد والدارسْب يف اصطالح ىذا النوع من اؼبفارقات الزمنية للمرويات بصفة
عامة (اسَبجاع ،ارتداد ،استحضار ،)...إال أهنا اشَبكت تقريبا يف اؼبفهوـ .ووبدث االسَبجاع عندما
يوقف السارد عجلة األحداث ليعود إُف الوراء مسَبجعا أحداثا ووقائع حصلت يف اؼباضي لتُحيلنا
على أحداث زبرج عن حاضر النص لَبتبط بفَبة سابقة على بداية السرد 2.وىو اسَبجاع لقصة سبت
يف زمن ما متباين عن الزمن اغباضر.3
ولالسَبجاع نوعاف نبا االسَبجاع الداخلي واالسَبجاع اػبارجي:
أ -االسترجاع الداخلي :وىو حْب يستعيد الراوي أحداثا وقعت ضمن زمن اغبكاية -أي بعد
بدايتها -ويعود بذاكرتو إليها ضمن اإلطار السردي ليكرر ذكرىا ،وىو الذي "يستعيد أحداثا وقعت
ضمن زمن اغبكاية أي بعد بدايتها" ،4فقد يتطرؽ الراوي إُف حدث معْب يف زمن معْب من اؼبسار
اغبكائي ،مث يعود إليو مرة ثانية ليُعِيد استذكاره .ويف مدونة القصص الشعيب اػباصة بالبحث ؾبموعة
من االسَبجاعات الداخلية نذكر منها:
ِ 5 ِ ِ
اب نْػَر َّجع َم ْريت"
صتَو وقَاؿ لو َح ْ اح ْهبري للطَّالب تَع َ
اعبام ْع و َحكى لَو ق ْ -مثال أولَ " :ر ْ
- 1ؿبمد بوعزة ،ربليل النص السردي (تقنيات ومفاىيم) ،منشورات االختالؼ ،اعبزائر ،ط ،2010 ،1ص .87
-2حسن حبراوي ،بنية الشكل الروائي (الفضاء ،الزمن ،الشخصية) ،ؾبمع ثقايف ،دار البيضاء ،بّبوت ،ط ،1990 ،1ص .119
- 3ميساء سليماف ،البنية السردية يف كتاب اإلمتاع واؼبؤانسة ،اؽبيأة العامة للكتاب ،دمشق ،2011 ،ص .227
- 4لطيف زيتوين ،معجم مصطلحات نقد الرواية ،دار النهار للنشر ،بّبوت ،ط ،2002 ،1ص20
- 5ملحق بالقصص الشعيب ،ص ص .230 - 216
064
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
قص الرجل
يف ىذا اؼبقطع السردي اسَبجاع داخلي ،وذلك حْب رجع الراوي باألحداث للوراء يف ّْ
حكايتو مع زوجتو للطالب ،فاغبدث ىنا وقع يف مسار اغبكاية متمثال يف اػبالؼ بْب الزوجْب وفرار
الزوجة من بيت زوجها ،وأعاد الرجل قص اغبدث طالبا عوف الطالب.
1
ب يِ َكثّْر ِخ َّبه ،لوال روبة بِ ِش َعة يف فَمو" -مثال ثاني" :ت َكلمت َجْبػَره وقَالتَ :
ص ْح َر ّْ
وىنا استعاد الراوي ذكر حدث على لساف (جبه) الٍب ربدثت عن إقامتها مع (الصيد) ،ومؤشرات
ىذا اؼبقطع الدالة على االسَبجاع الداخلي ىي صيغة اؼباضي (تكلمت) الٍب عبت عن اسَبجاع
البطلة غبدث قد وقع بالفعل وعاشتو يف زمن ماض من اغبكاية.
الشوؽ لَِر ِاج ْل َها
ت ِم ْن َ
ضْ
ِ ِ
اؾ اؼبَرا ت ْستَػ َُّب ف ْيو َحتَّا ْف ُم ْر َ وى ْ
َ
-مثال ثالث" :طَ ْاؿ غيابو ي ِ
اس ْر ََ َ
َ2 ِِ ِ
الر َج ْاؿ" وخْيػَراتَ ْو بِ َ
ْب ُك ْل ّْ يحبَّاتَو وا ْشت َهاتَو َ
ل َ
ذكر الراوي يف بداية اغبكاية العالقة اغبميمية وحب الزوجة الكبّب لزوجها ،وأهنا َف تقبل الزواج من
غّبه لتعلقها بابن عمها ،وىذا اؼبقطع يبثل إعادة ؼبا سبق ذكره ،فهو اسَبجاع داخلي.
َعطيِب نَاكِل
يشة يا بنت ِمي أ ِ ِ ِ ِ
جع ؽبا الصوت تَع الغُوِف من جديد مي مي يَا ع َ َ -مثال رابعَ :
"ر َ
3
يش ِغ ّْب ولد ُّ
السلطا ْف"... ِِ َّ ِ
وإال ْقبي نَاكلك ،قالت لو ماعْند ْ
اؼبقطع سبثيل غبدث سابق يف اؼبسار اغبكائي ،فهو اسَبجاع داخلي استذكرت فيو (عيشة) الغوِف
الذي خطف وليها ،ومن اؼبؤشرات :عاد من جديد.
ِ
"ظبعهم الن ِ
انبُوا بِ ْ
ّْصيص يِْتػ َف ْ
4
ش يَا ْكلُ ْوه" -مثال خامسْ َ :
استذكر الراوي اغبدث اؼبتمثل يف ؿباولة أكل الغولة للنصيص ،ففي اغبدث األوؿ الذي سبق ىذا
اؼبقطع فر النصيص من الغولة الٍب أكلت أخوتو ،ويف الثاين ظبعها وفر منها كذلك ،ألنو تنصت إليها
وظبعها وبالتاِف استطاع النجاة حبياتو كما نتج عن اغبدث األوؿ .فاؼبوضوع ىنا ىو ؿباولة أكل الغولة
للنصيص وفرار األخّب وقباتو ،واؼبؤشرات الدالة على االسَبجاع الداخلي :ظبعهم ،يتفانبوا.
1
صة" -مثال سادس" :قَالَت لو أوالدؾ وإال شريف ،قاؿ ؽبا شرفك وح َكت لَو ِ
الق َّ َ ْ ََ ََ ْ
اغبدث ىنا ىو قتل العسكر لألوالد وتضحية اؼبرأة بأوالدىا حفاظا على شرفها ،واستذكر الراوي ىذا
اغبدث حْب أعادت الزوجة سرد حكايتها مع العسكر لزوجها ،ومؤشرات االسَبجاع الداخلي سبثلت
يف "وحكت لو القصة".
اؼبوت كِ ْ -مثال سابع" :وَكا ْف م ِ
2
اس"
اغبر ْ
يف َّ اع و َّ
الدبَّار ْ صّب البَػيَّ ْ َ
سبثل اغبدث الرئيسي ىنا يف موت اغبراس الذين قتلهم اؼبلك ألهنم أضاعوا النعامة ،واسَبجع الراوي
ىذا اغبدث فيما بعد حْب قتل اؼبلك كل من الدبار والتاجر يف ىذا اؼبقطع ،وما يشّب إُف االسَبجاع
الداخلي ىو (كيف اغبراس) يف إشارة لوجود ىذا اغبدث فيما سبق من مسار اغبكاية.
ب -االسترجاع الخارجي :وىو عندما يعود السارد للخلف ليسرد أحداثا سابقة لبداية الرواية ،ألهنا
تعاًف أحداثا تنتظم يف سلسلة سردية تبدأ وتنتهي قبل نقطة البداية اؼبفَبضة للحكاية3ويسمى ىذا
النوع من العودة اسَبجاعا خارجيا .ألف الراوي يف وضعو السردي القائم يروي أحداثا قد جرت يف
الزمن السابق على حكايتو ،ولكنها أعيدت يف سياؽ ما ويعيد خلق تلك األحداث الٍب سبلك زمنها
اػباص يف اغبكاية 4.ويف اغبكايات ما يبثل ىذا النوع من االسَبجاع ،نذكر منها:
5 ِ ِ ِ ِ
وش أىلها" -مثال أول" :وعند العرب بَ ْكري كي تْتػ َع َارؾ َ
اؼبرا مع َراج ْلها تْػ ُروح تَغضب يف ُح ْ
إف اغبدث اؼبسَبجع ىنا خارجي ألنو وقع يف زمن خارج عن زمن اغبكاية ،وقد اسَبجعو الراوي ألداء
وظيفة معينة ،يُظ ِهر من خالؽبا الراوي كيفية معاعبة اؼبشاكل الناصبة عن العالقات الزوجية ،واؼبؤشر
الداؿ على االسَبجاع اػبارجي ىو (عند العرب بكري ،تروح).
الر ِاجل مس ِ
كْب َزَّوِاِف".1 -مثال ثانيْ ْ َّ " :
ما يبيز الرجل أنو فقّب ،ىكذا وصف الراوي زوج البطلة ،وىذا حدث وقع قبل نقطة بداية اغبكاية،
ألف الراوي َف يسبق وأف تطرؽ إليو يف اغبكاية ،بل كاف ذلك اسَبجاعا من خارجها ،فهو حدث
خارجي ال داخلي .فاؼبوضوع ىنا ىو الفقر ،والوظيفة ىي تسليط الضوء على حالة الرجل اؼبادية
الرتباط ىذه الصفة حبدث مهم أال وىو تفضي اؼبرأة البن عمها رغم فقره وحاجتو.
2
-مثال ثالثَ " :كا ْف يف َزَماف بَ ِك ِري َراجل َعايِش يف سعادة وىناء مع أ ََىلَ ْو"
ربط الراوي سعادة الرجل حبدث سبق كل األحداث ،بل وقبل بداية اغبكاية ،يف إشارة إُف االسَبجاع
اػبارجي الذي استذكر منة خاللو الراوي اغبالة العائلية الٍب كاف يعيشها الرجل مع أىلو وبناتو،
ووظيفة ذلك ىو تسليط الضوء على العائلة وخاصة البنت (عيشة) قبل اغبكاية حٌب يتسُب لنا فهم
التغيّب الذي يصيب الشخصيات يف هناية األحداث ،واؼبؤشر ىو( :كاف يف زماف بكري).
ص ْن ِمْنػ َها ومن لِ ْغَزيّْ ْل".3
نب يِْت َخ ْل َ
يبن لوقبة و َح َّ ْ
ات ْالس ْلطاَ ْف َكانَ ْن َغايْػَر ْ -مثال رابع" :نَ َس ِو ْ
ين ُّ
غّبة زوجات السلطاف من لوقبة حدث سابق اسَبجع الراوي ذكره يف صورة جديدة اتسمت
بالتخلص من البطلة وأخيها ،أما عن اؼبؤشر الداؿ على االسَبجاع اػبارجي فتمثل يف (كانن ،جنب،
يتخلصن) ،فالغّبة كانت من اؼباضي أي يف حدث سابق ،وج ّدد الراوي يف ىذا اغبدث ليكوف داال
على زمن جديد يف اغبكاية.
ِ ِ ِ
ك النّصيص وقاؿ ىذه الغُوليَّة إِ ِّْف ح َكْتلي َع َ
ليها أ ُّْمي ،ونػَبَّ ْو إخوتو".4 -مثال خامسَ " :ش ْ
يف حدث ماض قبل انطالؽ اغبكاية ،قصت األـ على النصيص حكاية الغولة اؼبتنكرة وحذرتو من
غدرىا ،فكاف ذلك دبثابة التنبيو الذي استذكره النصيص حْب رأى الغولة ،فالراوي استعاد أحداثا
وقعت قبل بداية اغبكاية ضمن إطار الفن السردي ليكرر ذكرىا يف إطار حدث جديد ،واؼبؤشر سبثل
يف (شك ،حكتلي عليها أمي).
ِ 1 -مثال سادس" :وب ِكي النَّاس ب ِك ِري أَنَّو َكايِن و ِ
اح ْد اؼبلك عنده نَعامة عزيزة عليو يَاس ْر" َْ ْ َ ْ
َ
فتعلق اؼبلك بنعامتو كاف حٌب قبل انطالؽ أحداث اغبكاية ،أي أنو حدث خارج عن مسار اغبكاية،
لكن الراوي استذكره ألداء وظيفة يظهر من خالؽبا ؼباذا يعاقب كل من يقصر يف االىتماـ بالنعامة.
2
-مثال سابع" :وكاف راجلها مسافر"
الزمن ىنا زمن ماض ،فسفر الرجل حدث خارجي مثل استذكاره من طرؼ الراوي اسَبجاعا خارجيا،
فسفر الرجل كاف سببا يف تطاوؿ العسكر على الزوجة ،فهو حدث وقع قبل نقطة بداية اغبكاية يف
األصل ،واؼبؤشر الداؿ عليو ىو (كاف).
-2االستباق:
االستباؽ ،االستشراؽ أو التوقع ىو الطرؼ الثاين من تقنيات اؼبفارقة ،وفيو يقفز الروائي إُف
اؼبستقبل ،حبيث يستبق اغبدث قبل وقوعو ،إذ يأيت دبثابة سبهيد أو توطئة ألحداث الحقة هبري
اإلعداد لسردىا من طرؼ الراوي فتكوف هنايتها يف ىذه اغبالة ،ىي ضبل القارئ على توقع حادث أو
التنبؤ دبستقبل إحدى الشخصيات" .أي القفز على فقرة ما من زمن القصة وذباوز النقطة الٍب وصل
3
إليها اػبطاب الستشراؼ مستقبل األحداث والتطلع إُف ما سيحصل من مستجدات يف الرواية"
فذكر اغبدث قبل وقوعو يف اؼبسار اغبكائي يعتب استباقا ؼبا قد وبدث ،وتنبؤا من الراوي أو السارد
ؼبستقبل الشخصيات اؼبمثلة للحكاية ،كما أف االستباؽ ىو "ـبالفة لسّب زمن السرد تقوـ على ذباوز
حاضر اغبكاية وذكر حدث َف وبن وقتو بعد" .1لالستباؽ نوعاف سبهيدي وإعالين.
أ -االستباق التمهيدي :يعتب دبثابة سبهيد أو توطئة ألحداث الحقة هبري اإلعداد لسردىا وذكر
أحداثها يف اغبكاية أو الرواية ،لتحمل اؼبستمع أو القارئ إُف توقع حدث معْب أو التكهن دبستقبل
أحدى الشخصيات ،2ويكوف عن طريق إشارة أو إوباء أو حدث معْب يف اغبكاية يرمز إُف اؼبستقبل
الذي قد وبدث .ومن اؼبدونة ؾبموعة من األمثلة نذكر منها:
الصي ْد".3
ضبُوا عند ّْ -مثال أول" :نْػ ُر ُ
وحوا نَػغَ ْ
طلبت اػبادمة من البطلة بأف يذىبا ؼبغارة الصيد بدؿ بيت أىلها ،وىذا حدث سيؤدي الحقا إُف
مهد لألحداث القادمة من خالؿ ىذا االستباؽ.
تواِف ؾبموعة من األحداث ،والراوي ىنا َّ
ِ
-مثال ثاني" :جينَا باعبَ ْاه بِ ْ
4
اؼبرا الشّْيطَاف وتَػ ْر َج ْع غبو ْش َها"
ش تَػلَ َع ْن َ
استبقت شخصية الدبار األحداث حْب توقع عودة الزوجة إُف بيتها ،فكاف ذلك تلميحا منو بقبوؽبا
عرضو واؼبوافقة عليو ،فمهد بذلك إُف األحداث الٍب ستأيت الحقا يف مسار اغبكاية.
5
ت لُْوَقبة بِْنت أ َُّمو" ف َكا ْف يِْتػَزَّو ْج ُم َوالة َىا الش َ
َّعَرة ولَو َكانَ ْ -مثال ثالثَ " :حلَ ْ
لوال استباؽ الراوي ؽبذا اغبدث التمهيدي ؼبا سارت اغبكاية ّٔذا الشكل ،فاألخ حْب أخذ رأيو ىذا،
مهد لألحداث القادمة وأعطاىا صبغة تشويقية ؼبا قد يكوف عليو اغباؿ يف قادـ األحداث ،فكاف
َّ
ذلك دبثابة االستباؽ التمهيدي.
استبقت لوقبة األحداث حْب طلبت من أخيها الصغّب سرقة اؼبشط ألهنا توقعت ما سيحدث
حينها ،ألف ىذه اػبطوة األوُف للفرار ،فمهدت بذلك إُف قادـ األحداث ولسّب خطتها بنجاح.
توقع الدبار بأف السارؽ سيعيد ما فعلو ويسرؽ مرة أخرى ،ىو توطئة ؼبا سيحدث من أحداث قادمة
يف اغبكاية ،فالتنبؤ دبا سيحدث استباؽ سبهيدي لألحداث يف زمن اؼبستقبل اػباص باغبكاية.
يعتب ىذا اغبدث استباقا سبهيديا ألف الدبار تنبأ دبا سينتج مستقبال إذا وافق اؼبلك على خطتو ،فيعتب
بذلك توطئة لقادـ األحداث يف اؼبسار اغبكائي ،وإشارة ؼبا ستسهده اغبكاية من أحداث ،وما جزـ
الدبار ويقينو دبا سيحدث إال مؤشرا على االستباؽ التمهيدي.
إف الوعود من اؼبستقبل ،والتنبؤ بيقينها والوفاء ّٔا يبثل استباقا سبهيديا يف النصوص اغبكائية ،ألهنا
إف حدثت أو َف ربدث ،فهي يف زمن اؼبستقبل ال اؼباضي ،وما وعد الزوج لزوجتو بأنو سيشَبي
ؽبا اؼبالبس الفاخرة وتعويضها عما فاهتا إال سبهيد لقادـ األحداث الٍب ستشهدىا اغبكاية.
ب -االستباق اإلعالني :كما يأيت االستباؽ كذلك على شكل إعالف ؼبا ستؤوؿ إليو مصائر بعض
الشخصيات مثل اإلشارة إُف احتماؿ مرضها ،موهتا أو زواجها ...ويسمى االستشراؽ إعالنا حْب
ىببنا صراحة دوف غموض أو إشارة عن سلسلة األحداث الٍب سيشهدىا السرد يف وقت الحق.1
ألف التلميح واإلوباء يردنا إُف االستشراؽ التمهيدي .وىنا يظهر الفرؽ جليا بْب االستباؽ التمهيدي
واالستباؽ اإلعالين ،يف أف األوؿ يتجلى عن طريق اإلشارة واإلوباء ،يف حْب يأيت الثاين صروبا
واضحا .ومن األمثلة الدالة على ىذا النوع نذكر:
ازبذت البطلة قرارا أال تنجب أوالدا يف اؼبستقبل خوفا من الغوِف ،فكاف قرارىا مهما وحاظبا ؼبا قد
يأيت من أحداث بإعالف صريح ال تلميحا يف صورة واضحة لالستباؽ اإلعالين.
ُخ ُر ْج من ال ُكوِري
وحطْ َها وأ ُ
صعة طَ َعاـُ ،
ضر قَ َ
َص ْل َهاَ ،ح ّْ
اش أ َ يت تَػ ْع ِر ْ
ؼ َو ْ -مثال ثانيَ " :كاف حبّْ ْ
دـ ،وإذا َماكِ َال ِش ر ْاه َغَزاؿ"ِ ِ
وؼ من بَعيد ،إذا َكلَى َر ْاه بِنَا ْ
3
وأُقْػعُد ُش ْ
إف يقْب الدبار دبا ستؤوؿ إليو حيلتو يف قادـ األحداث استباؽ إعالين ،فقد ذكر ذلك بصريح العبارة
البن السلطاف .فهذا اؼبقطع السردي الذي مثَّل حدثا مهما يف مسار اغبكاية توفرت فيو كل معطيات
االستباؽ اإلعالين من زمن اؼبستقبل يف اغبكاية ألف الدبار قفز بأحداث وزمن اغبكاية عن طريق
اإلعالف عن سلسلة األحداث الٍب سيشهدىا السرد اغبكائي يف وقت الحق ،كما أف النتيجة كانت
أكيدة صروبة بدوف غموض أو إّٔاـ أو شك يف وقوعها.
- 1حسن حبراوي ،بنية الشكل الروائي (الفضاء ،الزمن ،الشخصية) ،ص .137
- 2ملحق بالقصص الشعيب ،ص -ص ..230-216
- 3اؼبرجع نفسو.
071
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
الض ِم َ
يدة ،وكاف كلمة السوء ما تبأ، جرح يَػْبػَرأْ يا َجْبػَرى ،وُكل َجر ْح تَػ ْه َواه ّْ
-مثال ثالثُ " :ك ْل َ
كل يوـ تصبح يف ال َقلب َج ِد َ
1
يدة"
أخب (الصيد) بطلة اغبكاية (جبى) بأف كل اعبروح تبأ وزبتفي مع الوقت ،باستثناء الكالـ اعبارح
الذي يبقى وبفر يف القلب ويتجدد مع األياـ ،وىذا الكالـ استباؽ إعالين صريح عما ستؤوؿ إليو
حالة (الصيد) يف قادـ األياـ.
كانت الغولة متأكدة أف الغوؿ سيحاوؿ التهاـ النصيص إذا رآه عندىا ،فبا جعلها زببئو خوفا من
ردة فعلو ،وىذا اغبدث استباؽ اعالين زبطت فيو الغولة الزمن واألحداث الٍب كانت ستؤوؿ إليها
اغبكاية بصورة صروبة ال إشارات أو إوباءات كانت كافية لتنقل االستباؽ إُف اغبالة التمهيدية ال
االعالنية ،وما يثبت ذلك ىو األحداث اؼبسرودة بعد ىذا اؼبقطع.
3
-مثال خامس" :ىذه النخلة مغرمة وتكاد سبوت عشقا بالنخلة الٍب تقابلها"
-IIIالشخصيات:
سبثل الشخصيات العنصر األكثر بروزا يف اؼبسارات اغبكائية ،فال يبكن تصور حكاية أو رواية
ما دوف شخصيات ربرؾ أحداثها وتقوـ بأفعاؽبا ووظائفها ،بل إف كل الوظائف واألعماؿ يف
النصوص السردية يقف وراءىا ؾبموعة من الشخصيات والفواعل ،فوظائف بروب الواحد والثالثْب
تنقسم على سبعة شخصيات ،كل منها يقوـ بوظيفة وفعل معْب هبعل منو عنصرا فعاال يف تكوين
اغبكاية "يبثل مفهوـ الشخصية عنصرا ؿبوريا يف كل سرد ،حبيث ال يبكن تصور رواية بدوف
شخصيات" 1فهي بذلك العمود الفقري الذي ترتكز عليو كل النصوص السردية.
ينهض يف العمل السردي يوظفو دوف أف يكونو" 1وىي الٍب "تسخر إلقباز اغبدث الذي وكل
الكاتب إليها إقبازه ،وىي زبضع يف ذلك لصرامة الكاتب وتصوراتو وإيديولوجيتو أي فلسفتو يف
اغبياة" 2.كما زبتلف الشخصية حبسب مواصفاهتا لتصل إُف حد التناقض والتضارب ،ففي النظرية
السيكولوجية مثال تأخذ طابعا إنسانيا ،ويف اؼبنظور االجتماعي تتحوؿ الشخصية إُف مبط اجتماعي
يعب عن واقع طبقي ،يف حْب يعتبىا البنيويوف عالمة يتشكل مدلوؽبا من وحدة األفعاؿ اليت تنجزىا
3
يف سياؽ السرد ال خارجو.
وال ىبتلف اغباؿ عند النقاد والدارسْب الغرب الذين تعددت آرائهم عموما يف إعطاء تعريف دقيق
وشامل للشخصية ،فاختلفت وجهات نظرىم ؽبا كل حسب منطلقاتو اؼبعرفية والفكرية ،وأمثاؿ ىؤالء
قبد جّبالد برنس الذي قاؿ فيها بأهنا كائن موىوب بصفات بشرية وملتزـ بأحداث بشرية،
والشخصيات يبكن أف تكوف مهمة أو أقل أنبية ،فعالة مستقرة ،سطحية أو عميقة.4
-وبيلنا التضارب حوؿ ربديد مفهوـ الشخصية إُف تعدد أنواعها واختالؼ أصنافها عند
الدارسْب ،فمنهم من قسمها إُف شخصيات رئيسية وأخرى ثانوية ،وىذا التقسيم ال يتناسب مع
القصص الشعيب بقدر ما يكوف مالئما يف الروايات الٍب تتسم بالطوؿ يف مساراهتا وكثرة أحداثها
وتداخلها ،وىناؾ من قسمها إُف شخصيات معقدة األبعاد وأخرى مسطحة بسيطة ،كما ابتكر
فالديبّب بروب أنواعا للشخصية زبتلف باقي التصنيفات ،فقد قسم الشخصيات إُف سبعة دوائر
تلتف حوؽبا كل الوظائف واألفعاؿ ،فكل دائرة فبثلة لشخصية معينة زبتلف يف وظيفتها عن باقي
الشخصيات .وىي على النحو التاِف:5
-حقل عمل اؼبعتدي :ووظيفتو ىي إيذاء البطل أو أحد أفراد األسرة (أي الشخصية الشريرة).
-حقل عمل اؼبانح ( أو اؼب ّْزود) :ىبتب البطل ويبنحو األداة السحرية (الشخصية اؼباكبة).
ُ
-حقل عمل اؼبساعد :يساعد البطل على ذباوز األخطار وربقيق ىدفو (الشخصية اؼبساعدة)
-حقل عمل األمّبة :وىي الٍب يرغب البطل الوصوؿ إليها واالتصاؿ ّٔا (شخصية األمّبة).
-حقل عمل الطالب :ترسل البطل ألداء مهمة معينة (الشخصية اؼبرسلة).
-حقل عمل البطل ،شخصية مثابرة مغامرة تدور حوؽبا أحداث اغبكاية (الشخصية البطلة)
-حقل عمل البطل اؼبزيف :ىي الشخصية الٍب تدعي البطولة ورباوؿ عبثا االتصاؼ بصفات
البطل ،ولكن يتم الكشف عنها يف هناية اغبكاية (شخصية البطل اؼبزيف).
-فريق يرى بأف الشخصية كائن بشري :من غبم ودـ يعيش يف زماف ومكاف معينْب.
-ويرى آخروف أف الشخصية ىيكل أجوؼ ووعاء مفرغ يكتسب مدلولو من البناء القصصي.
1
-أما الفريق الثالث فيعتب أف الشخصية متكونو من عناصر ألسنية.
وما كاف أعمق من ذلك كتقسيم جولياف غريباس الذي ذكر ستة عوامل تدور حوؽبا كل
أحداث اػبطاب السردي (مرسل ،مرسل إليو ،ذات ،موضوع ،مساعد ،معارض).
-أما فيما ىبص شخصيات مدونة القصص الشعيب اػباصة بالبحث ،فقد ارتأيت تقسيمها كما
يلي :شخصيات اجتماعية ،شخصيات تارىبية ،شخصيات حيوانية وأخرى خرافية.
– 1الشخصيات االجتماعية:
ىي الشخصيات اإلنسانية ذكورية كانت أو أنثوية ،ربمل الصفة االجتماعية يف فبارسة
نشاطات اغبياة اليومية ،تربطها عالقات ذات أبعاد إنسانية ،دينية ،أخالقية ...تتمثل يف أفراد العائلة
- 1جاسم خلف إلياس ،شعرية القصة القصّبة جدا ،دار نينوي ،دمشق ،2010 ،ص .103
075
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
من الزوج ،الزوجة ،األـ ،األبناء وغّبىم .ومن بْب ىذه الشخصيات احملركة ألحداث حكايات اؼبدونة
نذكر:
-الزوج:
يتعرض راوي القصص الشعيب السويف إُف ىذه الشخصية بكثّب من النقد والتهجم تارة،
وباؼبدح والثناء تارة أخرى ،ويرتبط ذلك بسحب نوع العالقة الٍب يدرسها الراوي ،فإذا كانت العالقة
بْب الزوج وزوجتو مبنية على االحَباـ والتعاوف قبد الراوي يثِب على الزوج ويبدحو ،يف حْب إذا اتسم
الزوج بالظلم واستعباد زوجتو يأخذ الراوي منحى الذـ ونقد ىذه الظاىرة وؿباولة تغيّبىا .ويف الكثّب
من اغبكايات ال يذكر الراوي اسم الزوج ،بل يكتفي بلفظة (الزوج ،الرجل) خاصة إذا كاف موضوع
اغبكاية يرتبط بصفة أكثر باؼبرأة أو األبناء ،ويف حكايات اؼبدونة ما يثبت ذلك.
-الزوج رجل مكافح ،كثّبا ما يضحي من أجل عائلتو بالسفر بعيدا حبثا عن العمل وكسب العيش
يحوس عن ِخ ْدمة وطَال
اجل بِ ِعيد ِّ
الر ِ ِ
حٌب يوفر ألسرتو ضروريات اغبياة "بَـ ْعد الع ِر ْ
س بمدة َسافر َّ
اس ْر"" ،كاين مرى عندىا ثالثة أوالد وكان راجلها مسافر".1 ِغيابو ي ِ
َ َ
ِ -ع ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ َ
شة:
ما كانت (عيشة) لتناؿ اغبياة السعيدة يف هناية اغبكاية لوال طيبة قلبها ووفائها للغوؿ من جهة،
والبنة عمها من جهة أخرى" ،فمن يفعل اػبّب هبده" ،ىذا كانت (عيشة) تتصرؼ مع شخصيات
اغبكاية ،وقد كافأىا الراوي بأف تزوجت ابن السلطاف وعاشت معو يف القصر سعيدة ،يف صورة لرد
ت لهم نَايَا َرانِي قَا ْع َدة َم َعا ْه اعبميل الذي صنعتو مع (الغوؿ) حْب بقيت معو يف الصحراء "قَالَ ْ
ِ ِ ومانَـرحل ِ
ت ش أوالدك َرا ْه َجابَ ْ ونخلِّيو َوح َده" فلم يكن للغوؿ سوى أف "يا عيشة َرانِي ما ْكليتِ ْ
ْشي َ َ َْ
يد ْرتِي ْو فِيَّا" .1واستغلت ابنة عمها طيبتها وقامت خبداعها يت نَـر َّجع لك ِخي ِرك لِ ِ
وحبِّ ْ َ ْ
ِ ِ
فيَّا الع ْشرة َ
ت وتزوجت ابن السلطاف ،لكن (عيشة) رجعت إُف قصرىا وزوجها وقبت من مكر صديقتها " َعا َش ْ
وعا ُشوا الكل في القصر م ْتـ َه ْنيِ ْ
ين".2 ورجعُول َْها أ ََىل َْها َ
مع أوالدىا ْ
ـجــة:
-لُـ ــونْـ َ
عانت (لوقبة) من ظلم عائلتها الٍب حاولت تزوهبها رغما عنها ،فبا ّأدى ّٔا إُف اؽبرب مع أخيها
وىا وى ِربْ ْ ِ ت لُونجة اِ ِ
ت لونجة مع ُخ َ معا ْه للجبل"ُ " ،
ت َوى ْربَ ْ
وىا ُ
يديها في اي ْد ُخ َ الصغّب " َد َار ْ ْ
الخ َال ْء" .3وقد ازبذت قرارىا بالزواج من (السلطاف) الذي رأت يف شخصو الرجلالص ِغ ْير و َش ُّدوا َ
ِّ
اؼبناسب ؽبا والشريك اؼبثاِف الذي بإمكاهنا إكماؿ حياهتا معو ،يف مقابل رفضها الزواج من ابن عمها
الذي اختارتو ؽبا العائلة (رمز لو الراوي بأخيها الكبّب) ،وألهنا أصغر زوجات (السلطاف) وأصبلهن،
ْص ْن ِم ْنـ َها
وحبَّ ْن يِْت َخل َ
من لونجة َ
السلْطاَ ْن َكانَن غَايـر ْ ِ
ات يَاس ْر ْ ْ َْ ين ُّ س ِو ْ
غرف منها وكدف ؽبا اؼبكائد "نَ َ
يش َما فِ َيها َحتَّى َش ْيء...بَـ َق ْن
وما تْ َخافِ ْ اح ْن يِ َدبْ ِر ْن َعلِ َيها وقَالُول َْها ِحلِّي َّ
الد ْار َ وىاَ ،ر َ
ِ
ومن لغْ َزيِّ ْل ُخ َ
ِ
ش تُ ْخ ُر ْج" .4وألهنا كانت مسكينة وطيبة، ص ْدقَـ ْت ِهنَ ...ش ْد َىا َ
وما َخ َّال َىاّ ْ يِ َدبْ ِر ْن َعلي َها َحتَّى َ
عاشت بسالـ وسعادة مع (السلطاف) يف خاسبة اغبكاية ،واستطاعت أف تتزوج من زبتار ىي وتراه
مناسبا ،ال أف زبتار عائلتها الزوج رغما عنها وكأهنا سلعة تباع وتشَبى.
-النصيص:
ىو ذلك االبن الذي يعاين عاىة جسدية فتخلف يف النمو عن أخوتو ،وما زاد يف تدىور حالتو
اعبسدية ىو اغبالة النفسية السيئة بسبب سبييز أبيو بينو وبْب أخوتو الستة ،ففاضلهم عليو يف اؼبعاملة
يص".1 السوق ِغير الن ِ وشرالْهم ابَّ ِ
بأف "كِ ْبـ ُروا األ َْوَال ْد ِ َ ُ ْ ُ
َّص ْ ْ يل من ُّ اى ْم خ ْ
سبيز النصيص بالذكاء والقدرة على زبطي الصعاب ،واستطاع التغلب على الغيالف اللوايت كدف لو
ِ ِ ِ
ك النّصيص وقال ىذه الغُوليَّة إِلِّي ح َك ْتلي َع َ
ليها أ ُِّمي ،ونَـبَّ ْو إخوتو لكن ما الدسائس والشرور " َش ْ
الستَّة" .2فكاف ذلك سببا يف ت الغُولِيَّة وكِلَ ْ
ت إِ ُخ ِوتَ ْو ِّ وى َرب يِ ْج ِري َج ْ
ت َص َّدقُ ِوشَ ،خ َّالىا َماتْلِ َه ْ
َ
ِّصيص
بقائو على قيد اغبياة وعودتو ساؼبا إُف أىلو واعَبؼ أبوه خبطئو وتقصّبه يف حق ابنو " َخ َر ْج الن ْ
3
ِّصيص أَذْ َكى من أ َْوالَد ْه ال ُك ْل"
ف ابَّا ْه راَ ُىو الن ْ
وع َر ْ
ور َج ْع أل َْىلَ ْو َ
َ
-الفالح:
الفالح يف وادي سوؼ من بْب الشخصيات الٍب يتعرض ؽبا الرواة الشعبيوف ،سواء يف القصص
الشعيب أو يف باقي الفنوف الشفوية األخرى ،فهو رمز من رموز الكفاح والصراع مع ظروؼ الطبيعة
القاسية ،ويف حكاية (الدقلة والذكار) كاف للفالح دور يف ربريك أحداثها فرسم صورة من صور
موسم تلقيح النخيل .شخصيتنا اتسمت بعدـ القدرة على تفسّب ظاىرة تساقط األزىار الٍب عانت
منها النخلة ،فما كاف عليو إال استشارة فالح خبّب "فتوجو إلى فالح خبير يطلب نصيحتو ،فقال
لو ىذه النخلة مغرمة وتكاد تموت عشقا بالنخلة التي تقابلها" .1رغم ذلك ظل مشككا يف أمر
النصيحة وتردد وأنكر ،لكنو يف األخّب اعَبؼ بعالقة الود بْب النخلتْب و"عندئذ قام بإعادة ربطهما
2
معا فتعافت النخلة العاشقة"
-2الشخصيات التاريخية:
ىي صبيع الشخصيات ذات الطابع التارىبي ،حبيث يوظفها الراوي يف ـبيلتو ال واقعو اؼبعاش،
أي أنو ال يتعايشها بل يوظف رمزيػَّتَها بغية ربقيق ىدؼ معْب ،وتدخل ضمن ىذه النوعية من
اؼبمارسة من طرؼ اعبماعة،
الشخصيات تلك الشخوص اػبيالية البعيدة عن اغبياة االجتماعية َ
فالراوي ال يتعايش مثال مع السلطاف أو اؼبلك يف حياتو ،فهو غريب عن بيئتو الصحراوية ذات الطابع
البدوي القبلي الٍب تعتمد على اؼبراعي والَبحاؿ الدائم حبثا عن الكأل واؼباء .ونذكر ىنا بعضا منها
دوف تفصيل ألننا سنتعرؼ إليها أكثر يف قادـ الدراسة عندما نتطرؽ إُف الرمز:
-السلطان:
ما يبيز السلطاف يف أحداث القصص الشعيب ىو قدرتو الكبّبة على تغيّب مسارات اغبكايات،
ؼبا يكسبو من القوة والسلطة الكبّبين ،ففي اؼبقطع الثاين غبكاية (لوقبة) استطاع بفضل سلطتو
وقدرتو على التغيّب أف وبقق للبطلة ما كانت تبحث عنو من الراحة والطمأنينة واغبياة السعيدة حْب
واج قِ ْبـلَ ْ ِ
ت لونجة ،إذا ُىو الز ْ
ب منها َّ صلُوا إلى بِالَ ْد َشافْـ َها السلطان ،ع ْجبَاتَ ْو ،طَلَ ْ
تزوجها " َحتَّى ُو ْ
ش يتوقفوا عن ِ ِ
ت لونجة من السلطان" 3ومن صي ْد الغزالن ،قبل السلطان ،واتْـ َزَّو َج ْ يَام ْر الناس بِ ْ
ميزاتو أيضا تدينو وخلقو وحبو للخّب وعدـ استغالؿ سلطتو يف اغباؽ الضرر بالضعفاء.
كما ُوظّْفت الشخصية يف حكاية (عيشة والغوِف) وكاف ؽبا دور فعاؿ يف ربقيق العدؿ وإرساء
األمن ،فكاف القصر واعبيش والعدة والعتاد من اؼبيزات األساسية الٍب صورتو ،كما اتسم بالعدؿ واػبّب
حْب طلب السلطاف من (عيشة) أف تذىب معو للقصر وتتزوج من ابنو ،فلم هببىا على ذلك بل
سأؽبا واستشارىا ،ويف اغبكاية الكثّب من اؼبقاطع السردية الدالة على ما نقوؿ.
وَف ىبتلف األمر يف حكاية (شرؼ امرأة) عما سبق من اغبكايات ،فجاءت شخصية السلطاف
خّبة استغل سلطتو يف ربقيق العدؿ واألخذ حبق اؼبظلومْب والضعفاء ،ذلك حْب أخذ
شخصية ّْ
السلطان وقَاللها ِ
نجي ْبـلَك لها ُّ راح َ
بالقصاص من (العسكر) الذين قتلوا أبناء اؼبرأة العفيفة يف " َ
ت البَاب وأَمر السلطان العسكر الكل وطُّلِّي من الباب وبدأ يدخل في العسكر حتَّا ْن طَبَطْبَ ْ
1
بقتلو"
-الملك:
وسم الراوي اؼبلك بالشر واستغالؿ السلطة والقوة يف إغباؽ األذى بالطبقة البسيطة ،كاـ اتسم
بالثراء الفاحش يف حْب يعاين عامة الناس الفقر واغباجة ،وىذا ما حرض السارؽ على السطو وسرقة
النعامة ،فما كاف من اؼبلك أف قتل اغبرس اؼبتقاعسْب عن حراسة نعامتو ،وىي صورة للتجب والظلم،
فكيف اؼبلك أف يعتِب بنعامة بدؿ االىتماـ بعامة الناس الذين ىم بأمس اغباجة للعوف واالىتماـ،
فالقصر والوزير واػبادمة والذىب وغّبىا من عالمات الثراء الفاحش الذي يعيشو اؼبلك.
-الدبار:
كثّبا ما تدخل ىذه الشخصية يف القصص الشعيب للمنطقة ،فكلما وجد الراوي نفسو أما
موقف معْب يف بيئتو ،موقف ال يقدر على تفسّبه وإظهار سلبياتو أو إهبابياتو ،إال واستعاف بالدبار
الذي يبلك القدرة على فك مثل ىذه العقد ،فهو شخصية متلونة ربمل رمزا للخّب تارة ،ورمزا للشر
تارة أخرى .ولو بدأنا بالدبار صاحب الشخصية اػبّبة ،فجاءت حكاية (لوقبة) يف اؼبقاؿ األوؿ،
وح ال لَو َّ
الدبَّ ْار ُر ْ اح َّ
للدبَّ ْار وقَال لو َدبِّـ ْر َعلَ َّي ،قَ ْ حْب فك أسرىا من كيد زوجات السلطاف يف " َر ْ
وخلِّي ُد َّو ْارتَ ْو البَـ َّرة ،تَـ ْو يُ ْخ ُر ْج الثعبان ويدخل فيهاَ .د ْار الملك اب َّ
الد ْار َ ا ْذبَ ْح ِج َم ْل كِبِ ْير قِ َّد ْام بَ ْ
رج الُّثعبَان َوِد َخلْ ل َك ِر ْ
1
وخ ِر َجت لُونجة وقتل السلطان الثعبان" ش البِ ِع ْير ُ ِ
وخ ْ
يما قَال لو ال َدبَّار َ كَ
فالدبار يف آّتمع السويف ىو الشخص الذي يبتلك القدرة على اؼبساعدة حْب ال يقدر أحد على
تقديبها ،ؼبا لو من الذكاء والفطنة والقدرة على التملص من أصعب الظروؼ واؼبواقف ،وىذا ما كاف
يف حكاية (عيشة والغوِف) ؼبا كشف ابن السلطاف حقيقة الغزالة بفضل الدبار "قال لو الدبار كان
ش َراهِ غزال".2
ت َراهِ بن آدم ،وإذا ما َكلَْت ِ َحبِّيت تعرف ِو َ
ش أَصلها حضِّر قصعة طعام ،إذا َكلَ ْ
وبمل الدبار الصفات الدينية واألخالؽ اغبميدة فّبتبط أيبا ارتباط باؼبسجد والصالة والقرآف ،وىذا ما
اح يجري للطالبكاف عليو اغباؿ يف حكاية (جبه والصيد) حْب طلب منو الزوج اؼبساعدة يفَ " :ر ِ
العيب ،وفي القرآن "والصلح كالم ِ
ش َاب نْـ َر َجع َم ْرتِي ،قالو الطالب ما قُـ ْلتِ ْ
تع الجامع ،وقالو َح ْ
للصي ْد قَالُوا لَو السالم عليكم ،رد عليهم السالم ،وش جابكم والرا ِجل ِّ خير" ....وراح الطالب َّ
يا حمال القرآن .3"...يف حْب قبد ىذه الشخصية ربمل ظبة الشر يف ازباذ السحر والشعوذة سبيال
للكسب ومساعدة اآلخرين ،ففي حكاية (النصيص والغولية) َف هبد الرجل سبيال للحصوؿ على
األوالد إال بالذىاب للدبار ،ىذا األخّب الذي أمره بإعطاء تفاحة لكل زوجة تأكلها كاملة يف رمز
ش يِ َدبِّـ ْر َعنَّ ْو اج ْل لِ َّ
لدبَّ ْار بِ ْ الر ِ
اح َّ
لتسلم األداة السحرية ،فما كاف من الرجل سوى تنفيذ اؼبهمة " َر ْ
س ِوينِ ْ ِ ِ يب لَ ْوَال ْد ،قَالَّ ْو َّ ش يِ ِدير بِ ْ ِ
ك ات وا ْعطي ل ُك ْل َو ْح َدة م ْن نَ َ اك َسبَ ْع تُـ َّف َ
اح ْ الدبَّ ْار َى ْ ش يِج ْ ِو ْ ْ
تُـ َّف َ
احة تَا ُكل َْها" 4فرغم تقدًن اؼبساعدة إال إف طريقة تقديبها َف تأخذ منحى اػبّب والسبيل القوًن.
-3الشخصيات الحيوانية:
ال ينفصل القصص الشعيب عن مثل ىذه الشخصيات يف ربريك األحداث ،فارتباط حكاية
اغبيواف ّٔا ارتباط وثيق ،كما قبد الكثّب منها يف باقي أصناؼ القصص ،وإف كانت ذات أدوار
ثانوية.
الشخصية اغبيوانية رمزية إُف أبعد اغبدود ،فالقاص الشعيب وبركها وهبعل منها ناطقة لتؤدي
أدوارا أخرى عكس ما يبدو عليو ظاىرىا ،فهي رمز ألبعاد إنسانية ،اجتماعية أو أخالقية ،كما تعب
عن بيئة اؼبنطقة اعبغرافية واؼبناخية .ومن بْب ىذه الشخصيات نذكر دوف تفصيل:
-القنفذ:
رغم حجمو الصغّب إال أنو تغلب على رفيقو يف الفوز بالوليمة بفضل ما يبتاز بو من ذكاء
وقدرة كبّبة على اؼبكر واغبيلة ،وكثّبا ما يوظف الراوي الشعيب شخصية القنفذ يف الفيايف والصحاري
الشاسعة للتعبّب عن قدرتو على ربمل مشاؽ العيش يف مثل ىذه اؼبناطق ،وغالبا ما يتغلب على
منافسيو ذوي اإلمكانات البنيوية الكبّبة كالذئب والثعلب مثال .ففي حكاية (القنفود والذيب) افتك
القنفذ جيفة البعّب من الذئب بفضل اغبيلة والذكاء ،فما إف طلب من الذئب الذىاب إلحضار صبرة
يف ،انت أسرع
الس ْ من النار حٌب وقع األخّب يف الفخ" .قال القنفود للذيبَ :كايِ ْن نار وراء َذ ْ
اك ِّ
لوه".1 ش ْعلُوا بِ َيها عافْـيَة ونْ ُ ِ ِ
عير ونَا ْك ُ
شووا البَ ْ مرة نْ َ
مني روح َىات ْلنَا م ْنـ َها َج َ
-الذئب:
عكس ما يبدو عليو الذئب من القوة والسرعة والبنية اعبسدية ،فقد خسر الصراع مع حيواف
صغّب كالقنفذ ،فما كاف لو إال جزء من الذيل ،وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على أنبية العقل
مقارنة باعبسد ،فال يكفي أف يكوف سريعا وقويا لتستطيع العيش والبقاء يف فيايف الصحراء ،وىذا ما
صوره عليو الراوي الشعيب ،إذ وقع الذئب يف فخ القنفذ وانطوت عليو اغبيلة وبالتاِف خسر نصيبو من
الذيب يِ ِج ِري ِ
وجبَ ْد ِّ
يل من الحفرة...ال َق ْنـ ُفود :يا خسارة راحت علينا
الذ ْ غبم البعّب اؼبيت "جاء ِّ ْ
يل قِ ْس َمة أ َ
ُوخيَّا ْن".1 َزْر َدة كبيرة ،ىيا نَِق ْس ُموا ِّ
الذ ْ
-الغزال:
كباقي اغبيوانات الصحراوية (القنفذ ،الذئب ،اعبمل )...للغزاؿ ميزة ذبعلو ـبتلفا عن باقي
اغبيوانات ؼبا يتسم بو من حسن وصباؿ ،فكثّبا ما يعب الفرد السويف عن اعبماؿ فّببطو بالغزاؿ أو
الغزالة.
يف حكايات اؼبدونة ،وظف الراوي شخصية الغزاؿ يف حكاية (لوقبة) ،فربط بينو وبْب الرفق
والطيبة واإلحساس بالضعف وطلب العوف واؼبساعدة ،صفات اجتمعت يف (لغزيل) الذي عاش حالة
من التعب والعطش واػبوؼ من ىوؿ الصحراء ،وما إف وجد األماف حٌب تكالب عليو اؼبفَبسوف
الغزيِّل .ب َدا الغزيل يِنَ ِ
ِ
ادي في أُ ْختَ ْو ويقول: ش يَ َذبْ َح ْن َ َ ين بِ ْ
َّس ِو ْ
اح ْن الن َ
متمثلْب يف نسوة السلطاف " َر َ
ِ
ش يَ َذبْ ُحوه".2وىنا صور الراوي الغزاؿ بأنو ت أ ُِّمي ، .. .،لغْ َزيِّ ْل ِولْد أ َُّمك بِ ْ
يَا لُونْجة يا بِْن ْ
الشخصية األكثر ضعفا لعدـ قدرتو على دحر أعدائو ،رغم ما يكتسبو من طيبة وأمل ورمزية للخّب.
-4الشخصيات الخرافية:
-الغول:
وظف الراوي ىذه الشخصية مرات عدة ،فكلما وجد نفسو حائرا أما موقف معْب ال يقدر
اإلنساف على تغيّبه ،استنجد ّٔذا الكائن اػبرايف ليحقق لو ما يريد ،وىذا ؼبا سبلكو ىذه الشخصية
من قدرة على تغيّب اؼبسارات السردية للحكايات ،فهو ذو طابع خرايف يبكنو من توظيفو كيفما شاء،
فتارة قبد الغوؿ شخصية شريرة ،وأخرى قبده سباقا لفعل اػبّب ،وما ىذا التناقض إال صورة من صور
االضطراب الذي يعيشو الراوي الذي يعب على لساف اعبماعة الٍب يعيش فيها.
يف نصوص اغبكايات ،لعب الغوؿ دور الشخصية الشريرة مثل حكاية (النصيص) الٍب التهمت
الستَّة" ،كما حاولت جاىدة القضاء على ت إِ ُخ ِوتَ ْو ِّ ت الغُولِيَّة وكِلَ ْ
فيها الغولة أخوة البطل " َج ْ
اس ِم ْع ُهم الن ِ ِّصيص مع بِنِ ْ ِ
يص
ِّص ْ ت الغُوليَّةَ ،حتَّا ْن تْـ َف ْاى ُموا بِ ْ
ش يَا ْكلُو ْهْ ْ ، ار ْك الن ِ ْ
النصيص يف "اتْـ َع َ
ش يَا ْكلُو ْه" ،1كما قتلت الغوالة الرجل الغِب يف حكاية (امسيكا) عقابا لو على سرقة يْت َف ْاى ُموا بِ ْ
وك. ت المرة لِي َفاتَ ْ
ت ،ال ِزْم نَ َذبْ ُح ْ يس َرقِ ْالذىب "جو الغوالةَ ،ش ُّدو ْه ومرم ُدو ْه وﭬَـالُولَ ْو :إِنْ َ ِ
تِ ل َ ََْ َْ
اس ْو في دار المال اللَّي فيها اللويز".2 ِذبِ ُحو ْه َ
وعلَّـ ُڤـولَ ْو َر َ
كما كاف للغوؿ دور مناقض ؼبا عُ ِرؼ عليو عادة ،فقد كاف شخصا خّبا ال ينكر اعبميل الذي
وردا لصنيعهارّب أوالدىا واىتم ّٔم حٌب كبوا فأرجعهم ؽبا مكافأة ؽبا ّ صنعتو فيو (عيشة) ،فقد ّ
شة َرانِي َما ْكلِيتِش ْأوالَ ْ
دكَ ،جابَت فيَّا ووقفتها معو حْب كاف وحيدا يف الصحراء "قال لها يا ِعي َ
اب لَها أ َْوَالدىا َر َّجالة كِبَار".3 ِ ِِِ ِ ِِ
وحبِيت نَرجع لك خي ِرك ليد ْرتي ْو فيَّا َ
وج ْ العش َرة َ
فالغوؿ من الشخصيات اؼبوظفة بكثرة من الراوي القصصي للمنطقة ،وإف كانت أغلب أدواره شريرة
مؤذية لباقي شخصيات اغبكاية ،إال أف ؽبا أدوارا خّبة ،ربقق العدؿ وتكافئ البطل وترسي األمن.
-IVالتن ـ ـ ــاص
األخذ ،االقتباس ،اؼبتعاليات النصية ،السرقات ...أو التناص ،كلها مصطلحات تصب يف ؾبرى
واحد تقريبا ،فلفظ التناص مصطلح حديث ظهر عند النقاد والدارسْب الغربيْب ،إال أف الدراسات
القديبة عرفت نفس اؼبعُب ولكن دبصطلحات ـبتلفة ،فالشاعر قديبا كثّبا ما يتناص مع شاعر آخر
ويأخذ من نصوصو الشعرية عن قصد منو أو بصورة عفوية ،والقاص الشعيب ال ىبتلف عن الشاعر يف
األخذ من حكايات أخرى سابقة سواء أكاف االقتباس يف اؼبعاين أو يف األلفاظ حٌب يزيد يف صبالية
قصصو من جهة ،ويضفي عليها طابعا تارىبيا وأسطوريا من جهة أخرى.
يعد التناص يف القصص الشعيب ذو ذبليات كثّبة ومتنوعة ،ولو عديد الدالالت والسمات يف
اؼبسارات السردية يف النصوص اغبكائية ،فالراوي يقتبس الكثّب من التجليات للتناص الديِب ،الشعيب،
التارىبي ،األديب واألسطوري .وتتمثل ىذه التجليات إما يف األلفاظ مثل التناص الديِب يف لفظة:
الشيطاف ،اغبج ،اعبنة...والعبارات يف خيوط العنكبوت ،ويف القصص واألحداث القصصية يف كيفية
الرضاء بالقدر والنصيب ومكافأة الصابر واؼبؤمن ومعاقبة الشرير ،وأما التناص األسطوري فتمثل يف
اقتباسات األحداث وطريقة قصها يف اغبكايات ،وكذا يف الشخصيات األسطورية اػبرافية مثل
شخصية السلطاف والدبار والغوؿ...
إذا كانت جوليا كريستيفا " "Julia Krestèvaأوؿ من أطلق مصطلح التناص على النصوص
اؼبتداخلة يف هناية الستينات من القرف اؼباضي ،فإف أعالـ اؼبدرسة الشكالنية الروسية من تودوروؼ
" "Todorovوشكلوفسكي " ،"Chekloveskyإضافة إُف روالف بارت " Roland
- جوليا كريستيفا :فيلسوفة فرنسية من أصل بلغاري ،أستاذة جبامعة باريس السابعة ،ديدرو .كما درست يف عدة جامعة عاؼبية .نشرت العديد من
الدراسات يف السيميائي ات والرواية والنقد والفن والفلسفة والتحليل النفسي ،من أحباثها ومؤلفاهتا" :النص الروائي" ( ،)1970و"ثورة اللغة الشعرية"
( ،)1985و"الغريب داخلنا" ( ،)1988و"األنثوي واؼبقدس" (.)2000
086
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
"Parthesوجاؾ دريدا " "Jaque Derridaوغّبىم من علماء اؼبدارس واؼبذاىب الغربية قد
تطرقوا إُف التناص يف آرائهم ودراساهتم النقدية.
-ارتبط اؼبصطلح بالرائدة يف ؾباؿ النقد الغريب اغبديث البلغارية الفرنسية "جوليا كريستيفا" ،ىذه
األخّبة الٍب تعد أوؿ من أطلق لفظة التناص على النصوص اؼبتداخلة أو اؼبمتصة واؼبتحولة فيما بينها
لتكوف نصا جديدا .فيعتب بذلك أحد فبيزات النص األساسية الٍب ربيل على نصوص أخرى سابقة
عنها ومعاصرة ؽبا ،فَبحاؿ النصوص وتداخلها يف فضاء نص معْب تتقاطع وتتناىف فيو ملفوظات
عديدة مقتطعة من نصوص أخرى 2.لتضيف عن التناص مقرة بأنو النقل لتعبّبات سابقة أو متزامنة
وىو اقتطاع أو ربويل ،فالنصوص تتشكل من تركيبة فسيفسائية من االستشهادات ،وكل نص ىو
ربويل أو امتصاص لنصوص أخرى 3.ليستفيض بارت يف مفهوـ التناص ويضيف بأف "كل نص ىو
نسيج من االقتباسات واؼبرجعيات واألصداء ،وىذه لغات ثقافية قديبة وحديثة ،وكل نص ينتمي إُف
التناص" ،4فالتناص عملية وراثية للنصوص ،والنص اؼبتناص ال يكاد وبمل بعض صفات األصوؿ.5
اجتماعي.ولد يف 12نوفمب 1915وتُويف يف 25مارس ،1980واتسعت أعمالو ُ - روالف بارت فيلسوؼ فرنسي ،ناقد أديب ،دالِف ،ومنظر
تتوزع
لتشمل حقوالً فكرية عديدة .أثر يف تطور مدارس عدة كالبنيوية واؼباركسية وما بعد البنيوية والوجودية ،باإلضافة إُف تأثّبه يف تطور علم الداللةّ .
أعماؿ روالف بارت بْب البنيوية وما بعد البنيوية ،فلقد انصرؼ عن األوُف إُف الثانية أسوة بالعديد من فالسفة عصره ومدرستو .كما أنو يعتب من األعالـ
اؼبسمى ما بعد اغبداثة.
الكبار -إُف جانب كل من ميشيل فوكو وجاؾ دريدا وغّبىم -يف التيار الفكري ّ
- 1أضبد ناىم ،التناص يف شعر الرواد (دراسة) ،دار الشؤوف الثقافية العامة ،بغداد ،ط ،2004 ،1ص.14
- 2جوليا كريستيفا ،علم النص ،تر :فريد الزاىي ،مر :عبد اعبليل ناظم ،دار تويقاؿ للنشر ،الدار البيضاء ،ط ،1991 ،1ص .21
- 3أضبد الزعيب ،التناص نظريا وتطبيقيا ،عموف للنشر والتوزيع ،عماف ،األردف ،2000 ،ص .12 ،11
- 4اؼبرجع نفسو ،ص .12
- 5أضبد ناىم ،التناص يف شعر الرواد (دراسة) ،ص .15
087
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
وبالعودة إُف ميخائيل باختْب " "Mikhaïl Bakhtineالذي أرسى مبدأ اغبوارية
" "dialogismeالٍب تعتب "عالقات داللية بْب صبيع التعبّبات الٍب تقع ضمن دائرة التواصل
اللفظي" 1فكانت سببا يف ظهور اؼبصطلح عند جوليا كريستيفا ،إذ "يبكن قياس العالقات الٍب تربط
خطاب اآلخر خبطاب األنا بالعالقات الٍب ربدد عمليات تبادؿ اغبوار ،وتعد صبيع العالقات الٍب
تربط تعبّبا باآلخر ،وبصورة أساسية ،عالقات تناص ".2
فالتناص إذا ىو إعادة كتابة نصوص سابقة بطريقة ذبعل من النص اعبديد بعيدا عن النسخ والنقل،
بل تركيبة فسيفسائية جديدة ربمل من اؼبعُب واللفظ والعبارة ما ىو موجود يف النصوص السابقة،
وإعادة إنتاجها وؿباورهتا بصورة تتضمن زيادة يف األفكار واؼبعاين واأللفاظ فبا ىو موجود ،فتحافظ
بذلك على إنتاجية النصوص وتداخلها ببعض بصورة آنية وطبيعية.
وألف التناص يرتبط ارتباطا كامال بالنصوص وعالقتها ببعض ،ففي معاجم اللغة قبد بأف
َّص:
التناص من النص يف باب (نصص) دبعاين عدة ،ففي لساف العرب يقوؿ ابن منظور بأف "الن ُّ
ص
صاَ :ج َع َل بعضو على بعض .ونَ َّ اع نَ َّ
ص اؼبتَ َ
صا :رفعو .ونَ َّ
صو نَ ِّ
اغبديث يَػنُ ُّ
َ ص
َرفْػعُك الشَّيء ،نَ َّ
ديث :رفَػعو وأَسنَ َده إُف احملد ِ
َّث 3
الداَّبة يَػنُ ُّ
َ ص اغبَ َ َ َ ْ ُ الس ّْب" .أما يف الوسيط فيقاؿ" :نَ َّ نصاَ :رفَػ َعها يف َّصها ِّ
صى اص َغ ِرَيبوْ :
استَػ ْق َ صى َم ْسأَلَتَوُ َعن شيء حٌب استخرج كل ما عنده.نَ َّ استَػ ْق َ
ص َفالناًْ :
َعنو .ويقاؿ :نَ َّ
- ميخائيل باختْب ( 1895ػ 1975ـ) فيلسوؼ ولغوي ومنظر أديب روسي (سوفييٍب) .ولد يف مدينة أريوؿ .درس فقو اللغة وزبرج عاـ .1918
حكم يف تاريخ األدب وعلم ماوراء وعمل يف سلك التعليم وأسس «حلقة باختْب» النقدية عاـ .1921تَبلور مفهومو عن األنَببولوجية من القيم الٍب تَػتَ َّ
اللغة ومنهجية العلوـ اإلنسانية ،الٍب تقوـ على اؼببدأ اغبِواري dialogismالذي يظل السمة اؼبنهجية يف صبيع أعمالو ،أياًكاف اؼبوضوع الذي يتناولو.
- 1تزقيتاف تودوروؼ ،ميخائيل باختْب اؼببدأ اغبواري ،تر :فخري صاٌف ،اؼبؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بّبوت ،ط ،1996 ،2ص..122
- 2اؼبرجع نفسو ،ص.121
3ابن منظور ،لساف العرب ،باب (نصص) ،ص .4441
088
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
وإذا عدنا إُف الدراسات العربية القديبة لوجدنا الكثّب من مظاىر التناص يف ـبتلف النصوص
شعرية كانت أو نثرية ،ولكن االتفاؽ حوؿ مفهوـ التناص وآلياتو من الصعوبة دبا كاف ،فاؼبصطلح
ظهر وتبلور حديثا على يد األدباء الغربيْب ،رغم ذلك فالشاعر العريب قديبا كاف يتناص ويأخذ من
نصوص أخرى قصدا أو سهوا ،إذ قبده يتناص مع القرآف الكرًن ،اغبديث الشريف ،ومن الشعراء
واألدباء فيما بينهم .فال ُكتَّاب األوائل تناولوا نظرية التناص أو قدموا ؽبا وقدموىا إُف القارئ العريب َف
يعنوا بتقييم آلياهتا كما ينبغي ،وَف يقدموىا أو يكلفوا أنفسهم بشرحها وتفسّبىا للقارئ ،بل مت اػبلط
فيما بينها وبَبىا ،وىذا ما رسم صورة ـبتلطة لدى القراء بعدـ وجود فرؽ بْب التناص والتعلق النصي
2
والسرقات وغّبىا من اؼبصطلحات ،فكانت بذلك أمرا فضفاضا ال حدود فاصلة بينها.
لقد أدرؾ األدباء العرب قديبا أف التناص ظاىرة أدبية ال مفر منها يف إبداعاهتم النثرية أو
الشعرية ،ولو أف مصطلح السرقات ىو الشائع حينها ،ألف الظاىرة شديدة االتساع واالنتشار بْب
النصوص األدبية الٍب ال يقدر أحد االدعاء بالسالمة منها ،غامض عن البصّب بالصناعة األدبية مرة،
3
وأخرى فاضح ال ىبفى على اعباىل اؼبغفل.
فأثر تناص الشاعر من تراثو وموروثو كبّب يف اإلبداعات األدبية ،واألخذ من أدباء عصره
وغّبىم يف العبارات واؼبعاين ،فالنصوص متداخلة أيبا تداخل فيما بينها خاصة يف اؼبعاين واألفكار.
كاف تأثّب الدراسات الغربية واضحا يف األدباء العرب ،فنجد مثال ؿبمد مفتاح الذي أقر بأنبية
الظاىرة الٍب قاؿ فيها بأهنا وسيلة تواصل ال يبكن أف ينشأ اػبطاب اللغوي بدوهنا ،4فالتناص ىو
1
(نص) ،ص .926 -ؾبمع اللغة العربية ،اؼبعجم الوسيط ،باب ّ
- 2عصاـ حفظ اهلل واصل ،التناص الَباثي يف الشعر العريب اؼبعاصر ،دار غيداء للنشر ،عماف ،ط ،2011 ،1ص.24
- 3ابن رشيق ،العمدة يف ؿباسن الشعر وأدبو ونقده ،تح :ؿبي الدين عبد اغبميد ،دار اعبيل ،بّبوت ،ج ،2ط،1981 ،5ص .280
-4ؿبمد مفتاح ،ربليل اػبطاب الشعري (اسَباتيجية التناص) ،اؼبركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء ،ط ،1992 ،3ص .135
111
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
تعالق نصوص سابقة مع نص حديث بكيفيات ـبتلفة ،1أما ؿبمد بنيس يف كتابو اؼبوسوـ بػ ػ ػ (ظاىرة
الشعر العريب اؼبعاصر يف اؼبغرب) فإنو يأيت بثالث آليات ىي :االجَبار ،االمتصاص واغبوار ،2إذ يرى
بأف التناص ينسحب على كل نص ،شعريا كاف أو نثريا ،قديبا كاف أو حديثا .فعن طريق االجَبار
يتعامل الشاعر مع النص الغائب بوعي سكوين ،وعن طريق االمتصاص يتعامل مع النص الغائب من
منطلق اإلقرار بأنبيتو وقداستو ،يف مقابل يرى بأف اغبوار ىو اؼبرحلة األعلى يف قراءة النص الغائب.3
يف حْب يرى صالح فضل بأف التناص خروج من النص إُف نصوص أخرى غائبة وجب إحضارىا
ليكتمل النص اغباضر ،دبعُب أف النص غّب قائم بذاتو وإمبا وبتاج إُف ما ىو خارج عنو.
فتناص األفكار والثقافات أو اللغات جزء من نصوص غائبة ال يستغِب عنها النص وال يكتمل بناؤه
يف غيأّا .4فالتناص أف يتضمن نص أديب ما عبارات أو أفكار من نص أو نصوص أخرى سابقة
عليو عن طريق االقتباس ،األخذ ،التلميح أو اإلشارة وغّبىا من مالمح التناص ،حبيث يندمج مع
النص األصلي ،فيشكل نصا جديدا.
-أصناف التناص:
للتناص ؾبموعة من األنواع ،وقد اختلف الباحثوف يف تعديدىا ،فمنهم من ذكر بأهنا:5
-تناص خارجي أو مرجعي :وىو أف يتناص النص مع مرجعيات مرجعيات أدبية ،دينية...
-تناص مرحلي :اغباصل بْب نصوص جيل واحد ومرحلة زمنية واحدة لتقارب أبعاد اغبياة.
-تناص ذايت :تناص اؼببدع األديب مع نفسو (نصوصو السابقة).
ويصنفو الدكتور أضبد الزعيب ،بأنو مباشر وغّب مباشر ،فاألوؿ أف يتناص النص اعبديد مع
نصوص أخرى معروفة (دينية ،تارىبية ،ثقافية وغّبىا) ،أما الثاين أف يتناص من األفكار واؼبعاين واللغة
واألسلوب الذي اعتمده أديب معْب.1
كما يذىب الكثّب من الدارسْب إُف ذكر أصناؼ التناص بأهنا :الديِب ،األديب ،األسطوري،
الشعيب ،التارىبي ...فإذا كانت اؼبرجعيات الٍب فيها تناص مع نص من القرآف الكرًن أو اغبديث
النبوي الشريف كاف التناص ىنا دينيا ،يف حْب إذا ارتبط بتناص النصوص األدبية مع بعضها سواء
أكانت شعرية أو نثرية يف األفكار أو اؼبعاين فهو ىنا أديب .ونأخذ يف دراستنا األصناؼ اآلتية:
-1التناص الديني:
تتداخل النصوص اغبكائية مع نصوص دينية ـبتارة ،عن طريق االقتباس أو التضمْب من القرآف
الكرًن أو اغبديث النبوي الشريف أو اػبطب واألخبار الدينية وكالـ الصحابة والفضالء يف الدين
اإلسالمي ،فتتناص مع النص األصلي وتكوف نصا جديدا منسجما يأخذ طابعا وبعدا دينيا وأخالقيا
وتؤدي غرضا فنيا وفكريا .والراوي الشعيب يف اؼبنطقة َف يتخلف عن ركب اؼببدعْب يف ىذا آّاؿ ،فقد
رسم صورة للمجتمع احمللي ظباهتا األخالؽ والتمسك بالدين الفضيل ،فكاف لعباراتو اؼبنتقاة طابع
نابع من تدينو وارتباطو بالقرآف والسنة .ومن بْب األمثلة نذكر:
-يف حكاية (جبه والصيد) اقتبس الراوي آية قرآنية واضحة ،واستدؿ ّٔا سياقو اغبكائي ليظهر
لألجياؿ مدى أنبية الصلح والتسامح بْب الناس عامة وبْب األزواج خاصة" ،والصلح خير" ىكذا
جاءت كلمات الراوي دوف غموض أو إوباء ،وىذا إف دؿ على شيء ،فإمبا يدؿ على ىذه القاعدة
القرآنية يف حياتنا اليومية ،فما يقع بْب األزواج من اختالؼ يؤدي أحيانا إُف الطالؽ والتفرقة،
فالصلح بينهما على أي شيء يرضيانو أفضل من التفرقة بينهما ،قاؿ اهلل تعاُفَ :وإِ ِن ْام َرأَةُ َخافَت
ُح ِ
ض َرت ْح َخ ْيـ ٌر وأ ْ والصل ُ
ْحا ُّصل ًالحاَ بَـ ْيـنَـ ُه َما ُ
ص َ اح َعلَْي ِه َما أَ ْن يَ َّ
اضا فَ َال ُجنَ َ وزا أَو ا ْع َر ًشً من بَـ ْعلِ َها نُ ُ
الش َّح وإِ ْن تُ ْح ِسنُوا وتَـتَّـ ُقوا فَِإ َّن اهللَ َكا َن بِ َما تَـ ْع َملُو َن َخبِ ًيرا.1
س ُّ األَنْـ ُف ُ
-إف عدـ ذىاب الزوج منفردا ؼبغارة (الصيد) يؤكد على أنبية وجود األشخاص اؼبصلحْب بْب
األزواج ،فغالبا ما يكوف اؼبصلح من أىل الزوج والزوجة ،أو يكوف من األعياف كإماـ اؼبسجد مثال،
وقد مثّل عبوء الزوج لإلماـ ليلعب دور اغبكم واؼبصلح نوعا من أنواع التناص الديِب
-إف عبوء الزوج "للطالب تع اعبامع" أي إماـ اؼبسجد ال غّبه يف حكاية (جبه والصيد) ليتوسط لو
لدى زوجتو وأىلها للعودة إُف بيت زوجها فيو من الدين واألخالؽ الكثّب ،فالوساطة من حافظ
القرآف وإماـ اؼبسجد يسهل على الزوج ربقيق ىدفو ؼبا ؽبذه الشخصية من مكانة مرموقة بْب الناس
من جهة ،وما لو من الفضل والثواب عند اهلل تعاُف من جهة ثانية ،فحْب قاؿ الراوي" :قَالُوا لَو
ِ
حماَّل ال ُقرآ ْن؟" ويف ىذا تقدير ورفعة الس َالمِ ،و ْ
ش َجابْ ُكم يا ُ وعلَْي ُكم َّ
يه ْمَ :
علي ُك ْمَ ،ر َّد َعل ُ
الم ْ
الس ُ
َّ
غبافظ كتاب اهلل ،فالراوي يعلم ىذه اؼبكانة وحٌب يثبتها ويعمقها لتساىم يف تشكيل البناء الفِب
والفكري لنص اغبكاية ،تناص مع اغبديث النبوي الشريف للرسوؿ الكرًن الذي ال ينطق عن اؽبوى،
فعن أنس -رضي اهلل عنو -قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل-صلى اهلل عليو وسلم -إِ َّن هلل أَ ْىلَْي ِن ِمن النَّ ِ
اس.
ِِ 1
اصتو. الُ :ى ْم أَ ْى ُل ال ُقرآن أَ ْى ُل اهلل َ
وخ َّ ول اهلل َم ْن ُىم؟ قَ َ
قَالُوا :يَا َر ُس َ
-2التناص األدبي:
نعِب بالتناص األديب ،تداخل نصوص أدبية شعرية أو نثرية ،قديبة أو حديثة منسجمة مع سياؽ النص
األصلي ،ويعتب اؼبوروث األديب أىم اؼبرجعيات الَباثية وأقرّٔا إُف نفس اؼببدع ؼبا ؽبا من صلة وثيقة
بالفنوف األدبية من جهة ،وسهولة التناص معها فكرة أو معُب من جهة أخرى.
ومن النماذج اؼبمثلة ؽبذا النوع من التناص نذكر اعتمادا على مدونة القصص الشعيب ما يلي:
-يف حكاية (امسيكا) تناص الراوي مع اغبكاية الذائعة الصيت (علي بابا واألربعوف لصا) ،فعبارة
س ْكري يا ْام ِسي َكا" 2متناصة مع اؼبقولة اؼبشهورة يف اغبكاية الثانية "افتح يا ِ ِّ
"اتْ َحلي يا ْامسي َكا اتْ َ
سمسم" ،ففي كلتا اغبكايتْب تفتح العبارة باب كوخ مليء بالذىب يف جبل ،كما لعب الغولة دور
األربعْب لصا ،والفقّب لعب دور علي بابا الذي أصبح غنيا بعد تلك اغبادثة (أخذ الذىب من
الكوخ) .واؼبتتبع ؼبسار اغبكاية يرى بأف اغبكاية ككل متناصة مع مسار حكاية علي بابا يف صبلة من
أحداثها ،فتتبع الغوالة أثر الفقّب كتتبع اللصوص أثر علي بابا والبحث عنو ،وتكمن أنبية ىذا التناص
كوف الراوي أراد إظهار مدى التحوؿ الذي يصيب اإلنساف من حاؿ إُف حاؿ ،فكوف الفقّب ؿبتاجا
ال يعِب بالضرورة أف فقره سيستمر ،وكوف أخيو غنيا ال يسمح لو ذلك بظلم أخيو ال لسبب إال ألنو
فقّب ال يبلك اؼباؿ ،فمات يف هناية اغبكاية وتغلب الفقّب على فقره وعلى الغيالف.
1
-سنن ابن ماجه -0/67-برقم ,104وصححه األلبانً فً صحٌح ابن ماجه -0/31-برقم .067
- 2ملحق بالقصص الشعيب ،ص -ص .230-216
113
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
تتناص أصناؼ القصص الشعيب مع كثّب من أصناؼ األدب الشعيب كاغبكايات واألمثاؿ
واألساطّب واألقواؿ اؼبأثورة وغّبىا "لتؤدي غرضا فنيا أو فكريا ،ولتؤدي وظيفة أسلوبية أو موضوعية
يراىا اؼبؤلف ضرورية أو مناسبة أو منسجمة مع السياؽ الروائي الذي يقدمو" .1ويف نصوص
اغبكايات تناص الراوي مع بعض من أصناؼ الَباث الشعيب كاألمثاؿ واأللغاز الشعبية واغبكايات
والنكت .فقد مثّل الراوي اؼبرأة القبيحة بالشيطاف بل فاقتو فتنة وسوءا يف أفعاؽبا ،وىذا تقيدا باؼبثل
الشيطاف تقدر عليو
الشيطاف أستاذ الرجل وتلميذ اؼبرأة" وأيضا يف " ما ال يقدر عليو ّ
الشعيب القائل " ّ
اؼبرأة.
وبالنظر إُف مدونة القصص يتجلى لنا عدة أمثلة منها:
صر ِ
يف الكثّب من العبارات ،فلو أخذنا مثال حكاية (عيشة والغوِف) يف مقولة " َد َخل الغُولي ل َق َ
واال نِ ِجي" 2لوجدناىا متناصة مع ت ِمي أَعطينِي نَاكِ ْل َّ شة وقال لهاِ :مي ِمي يا ِعي َ
شة بِنِ ْ ِعي َ
يحة الِحس ِري والمس ِري ِر ِ
يحة ىا البِ ْش ِري"،3 ْ ْ حكاية (النصيص) يف عبارة "جاء الغُولِي وقَ ْ
ال لها ِر ِ
فالراوي كثّبا ما يكرر مثل ىذه العبارة يف عدد من اغبكايات ،خاصة إذا تعلق األمر بالغوؿ الذي
وباوؿ التهاـ إنساف ،أو الفتك بو أو أخذه .كما ىبتم الراوي حكاياتو غالبا دبقولة سجعية يصلي
فيها على النيب –صلى اهلل عليو وسلم -ويذكر فيها غابة النخل أو مكافاة اؼبستمعْب بتفاحة ،وىذا
ما استقيناه يف عدد من اغبكايات الٍب تناصت مع بعضها بعضا ،فنصوص اغبكايات اػبرافية
متداخلة مع بعضها البعض ومتناصة إُف أبعد اغبدود ،فال يبكن أف وبدد الدارس أصل اغبكاية
وربديد تارىبها ومكاهنا حٌب يتسُب لو الوصوؿ إُف النص اؼبتناص بدقة ،وىذا راجع لكوف النص
- 1أضبد الزعيب ،التناص نظريا وتطبيقيا ،ص.63
- 2ملحق بالقصص الشعيب ،ص -ص .230 - 216
- 3اؼبرجع نفسو.
114
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
اغبكائي متناص مع بعضو البعض ،فنجد نفس اغبكاية يف عدة أماكن من العاَف ،مع اختالؼ يف
طريقة حكيها أو يف العبارات اؼبكونة لو ،وأكب دليل على ذلك ىو الطريقة الٍب ىبتم ّٔا الراوي
ِ
صلُّوا عن النِّبِي وأ ْ
َص َحابَ ْو، حكايتو ،ففي حكاية (النصيص والغولية ) يقوؿُ " :خ َّراف ْتـنَا غَابَة غَابَةَ ،
احة لمن يِ ِع ْز َعلَ َّي" ،1وال ىبتلف األمر يف حكاية (لوقبة) فيختم قائالُ " :خ َّرافِ ْتـنَا غَابَة تُـ َّف ِ
احة ل َّي وتُـ َّف َ
َ
َص َحابَ ْو" ،2وأما يف حكاية (عيشة والغوِف) فهي صلُّوا َعلَى النِّبِي وأ ْ ِ
صابَّةَ ، غَابَة وفي ُك ْل َع ْام تْجينَا َ
على النحو التاِفُ " :خ َّرافِ ْتـنَا غَابة غَابة ،صلُّوا عن النِّبِي وأَصحاب ْو ،تُـ َّف ِ
احة لمن يصقر احة ل َّي وتُـ َّف َ
َ ََْ َ َ َ
ي" ،3فالتناقل الشفوي للنصوص هبعل منها مادة مرنة تتناص دوف ي ُش َو َّ
في ،وتفاحة نَـ َق ْس ُموىا ُش َو ّْ
قصد أو مقدمات.
ػبص الراوي يف حكاية (كبش لصحاب) عديد العب يف عدد من األمثاؿ الشعبية اؼبعبة عن اؼبوضوع
ستحضر من األمثاؿ الشعبية وجب أف يكوف منسجما مع لغة الراوي
َ واؼبتناسقة معو ،فالتناص الذي يُ
وثقافتو الشعبية فنيا وموضوعيا فيؤدي بذلك إُف بلورة الفكرة اؼبطروحة واؼبعُب اؼبقصود من طرؼ
الراوي .4فالرجل الذي أراد توجيو ابنو إُف الطريق الصواب والتفريق بْب الصديق اغبقيقي وصديق
5
سا ْه" ب أَبَّ ْ احب أَنْساهِ ،غير ِ
اللعب والسهر ،ػبَّص لو اؼبثل الشعيب القائلُ " :كل ِ
اك ما تَـ ْن َ صاح ْ
َ ص ْ َ ْ َ
وقد استحضره الراوي ألنو يتناسب مع مسار النص اغبكائي ،فهو مثل يلخص ذبربة اغبياة وخبهتا،
تناص أراد من خاللو الراوي ربقيق عبة ذات طابع أخالقي يهدؼ إُف الوعظ والَببية .كما تناص
الراوي باؼبثل القائل" :الصديق وقت الضيق" و"الرجاؿ تعرفها وقت اغبزة" حْب قاؿ الوالد لولده:
الش َّدة" 1يف صورة تظهر اؼبعُب اغبقيقي للصديق.
اب َوقْت ِّ
ولحبَ ْ
اب َص َح ْ
"لَ ْ
ويف حكاية (عيشة والغوِف) ،أراد الغوؿ أف يظهر للبطلة أف "من يفعل اػبّب هبد اػبّب" ،حْب
أرجع ؽبا أبناءىا وىم كبار يف صحة جيدة ،فلم يلتهمهم كما ظنت البطلة الٍب راودىا شعور بنكراف
يدي ِخ ِ
ض ّْب"، "دير اػبِّب ي ُدقُّك ِس ِ ِ
اعبميل الذي صنعتو مع الغوؿ يف تناص الراوي مع اؼبثل الشعيب ْ ْ َ َ
يت نَـ َر َّجع لَك
وحبِّ ْ بل كافأىا ورد صبيلها الذي صنعتو معو ،وذلك حْب قاؿ ؽبا" :جاب ْ ِ ِ ِ
ت فيَّا العش َرة َ ََ
يد ْرتِيو فِيَّا" 2وىو تناص مع اؼبثل الشعيب اؼبتداوؿ بْب سكاف الوادي " ِد ْير اػبِ ّْب ت ْل َقى اػبِ ّْب".
ِخي ِر ْك لِ ِ
ج -تناص اغبكايات مع األغاين الشعبية:
إف مباذج التناص من األغاين الشعبية احمللية حاضرة يف النصوص اغبكائية اؼبمثلة ؼبدونة البحث ،فهي
تعبّب عن حاالت نفسية سبر ّٔا شخصيات اغبكايات الشعبية ،فالراوي كثّبا ما يتناص أبيات شعرية
فبثلة يف أغاين شعبية معروفة يف اؼبنطقة ،عن طريق أىازيج ومواويل وترنيمات ترسم صورة الراوي بْب
الواقع من جهة ،وبْب اغبكاية من جهة ثانية.ورغم أف النصوص اغبكائية نثرية ،إال أهنا امتزجت يف
كثّب من األحياف بأغاين شعرية ،ولو نظرنا إُف حكاية (لوقبة) لوجدنا بيتا من الشعر الشعيب يتغُب بو
نسوة اؼبنطقة يف األفراح واألعراس الٍب تعب عن تزيْب العروس واالحتفاؿ بيوـ زفافها
3
ول" ول *** ر ِ
وحي يَا لِْبـنَـيَّة يَـ ْع ِط ْ
يك بِال ُقبُ ْ ال ال ُفتُ ْ
وم َاز ْ
ُ الحنَّا ْن َ
"ح ْن َ
َ
وىي تناص مع األغنية الشعبية:
وؿ
ومَزاؿ ال ُفتُ ْ
َح َّن اغبنَّاف َ
وؿوحي يَا لْبػنَػيَّة ْيع ِطيك بال َقبُ ْ
رِ
ُ
ديك للحنَّة يَػ ْع ِطيك َما تِْت َم ِّْب ِمدّْي ايِ ْ
ُّج ْار
وىا الت َّ ِ ِ
َىذه حنَّة قَابْسيَّة َجابُ َ
َح ِّْب منها يا لِْبػنَػيَّة وإف شاء اهلل ِ ْرب َم ْار
خاتمة الفصل:
إف دراسة البنية السردية للحكايات ما ىي إال حبث يف العالقات الٍب تكوهنا النصوص السردية
من حيث السطح عامة ال العمق ،أي دراسة أفقية ال عمودية تعتمد على سبييز مكونات كل عنصر
من عناصر الدراسة على حدى ،فاؼبكاف مثال ُربدَّد معاؼبو من كونو مفتوحا كالصحراء والغابات
واألسواؽ ،وأما اؼبغلق فهو كالبيت أو الغرفة والكوخ ...وىذه اؼبصطلحات الدالة على أصناؼ اؼبكاف
يستجليها الباحث من شكل النص اػبارجي دوف تعمق وتأويل ،وىذا عكس ما سبت دراستو يف
الفصل السابق حْب اتسمت الدراسة فيو على العمق والتأويل للوصوؿ إُف األبعاد الداللية اؼبكونة
لكل حكاية .وبعد دراسة ىذه العناصر (اؼبكاف ،الزماف ،الشخصيات والتناص) خرجت دبجموعة
من النتائج واؼبالحظات أنبها:
-يرتبط اؼبكاف يف اغبكايات بالبيئة الصحراوية غالبا ،فهي بيئة السكاف احملليْب منذ القدـ ،فنجد
كل ما يدؿ عليها من :البئر ،الصحراء ،الكثباف الرملية ،اػبيمة ...وىذا كوهنا أشد التصاقا حبياهتم
وأكثر تغلغال يف كياهنم ،ؼبا سبثلو من ىويتهم وتراثهم.
-إف أصناؼ اؼبكاف ليست بالضرورة موجودة على أرض الواقع ،يعيش عليها الراوي واعبماعة
كاػبيمة والبيت والسوؽ والبئر ،الٍب سبثل ضرورة من ضروريات العيش الٍب يعتمد عليها السكاف
احملليوف ،فال ذبد فردا من صباعة "سوؼ" قديبا إال ووجدت خيمتو منتصبة يف جزء معْب من اؼبنطقة،
قرب اؼبراعي واآلبار حيث يتوفر اؼباء واألراضي اػبصبة لألعشاب الٍب تعتب مصدر الغذاء الوحيد
ألغنامهم ،يف حْب قبد نوعا آخر من األماكن كالقصر مثال ،فهو صنف مغلق موجود يف مسار
اغبكاية ال يف واقع اغبياة ،إذ يلجأ الراوي إُف مثل ىذه األماكن ليضفي طابعا تشويقيا للحكاية.
-ال زبلو حكاية من زمن ،اسَبجاع كاف أو استباؽ ،فاألوؿ وباوؿ من خاللو الراوي تدارؾ ما فاتو
من السرد ،يف حْب يتوقع مستقبل اغبكاية ومسارىا السردي ،وىذا حٌب يفتح باب التوقع والتشويق
لدى اؼبستمعْب ،فبا يدفعهم إُف فتح باب ـبيلتهم ورسم صورة لنهاية اغبكاية.
117
البنية السردية للحكايات الفصل الرابع
-إف الشخصيات اؼبوظفة يف اؼبسارات اغبكائية نوعاف :واقعية يتعايش معها الراوي يوميا ،يبارس
معها نشاطات حياتو وعاداتو وتقاليده كشيخ القبيلة ،األب ،األـ ،األخوة ،إماـ اؼبسجد ،الفالح...
يف حْب قبد ىناؾ من الشخصيات ما يرظبو الراوي يف ـبيلتو فقط ،فهو ال يراه وال يعيش معو ،بل
يتعايش معو يف ـبيلتو فقط دوف واقعو ،كالسلطاف مثال ،فهو شخصية تارىبية خيالية يوظفها الراوي
ؼبا ؽبا من ظبات القوة والسلطة واعباه ،يوظفها حٌب يستفيد من ميزاهتا يف ربقيق أىداؼ معينة.
-يتناص الراوي مع موروثو وعاداتو وتقاليده ،وؽبذا قبد أصناؼ األدب الشعيب ىي األكثر مناصة
مع القصص اؼبمثلة للمدونة ،فهو يأخذ من اغبكم واألمثاؿ الشعبية بالقدر الذي يراه مناسبا
ومتناسقا مع مادتو اغبكائية ،كما يستفيد من بعض األغاين الشعبية فيوظفها يف واقع معينة من
اغبكايات ليضفي عليها طابع الفرح تارة ،كأغاين األعراس ،وطابع اغبزف واألَف تارة أخرى كما حصل
يف حكاية (غرود عالية).
-ما يبيز اغبكايات ،أف للرواة بعدا دينيا وخلقيا مقتبس من التدين الشديد واالرتباط الوثيق بالقرآف
الكرًن والسنة الشريفة ،فهو حْب يتناص مع مثل ىذه اؼبصادر الدينية يكوف على علم دبا ستضيفو
من قيمة على نصوصو ،وإف كاف التناص الديِب غالبا تناصا يف اؼبعُب فبا يعصب استجالؤه ،إذ يندر
أف قبده يقتبس من القرآف آيات كاملة ،أو أحاديث نبوية ،لكن قبده يلمح ؽبا ويصنع منها مصدرا
يثري بو قيمو الٍب يورثها يف اغبكايات اؼبختلفة.
118
الخاتمة
الخاتمة
إف البحوث اؼبيدانية الٍب تنطلق الدراسة فيها بدءا من صبع اؼبادة العلمية ،يسلط فيها الباحث
الضوء على الرواة الذين يقتبس من خالؽبم اغبكايات الٍب سبثل مدونتو الٍب يطبق عليها ؾبموعة من
اؼبناىج والنظريات ،فراوي القصص الشعيب يف منطقة وادي سوؼ بدأ يف االندثار والنسياف جراء ما
تواكبو منطقة البحث – كباقي اؼبناطق -من تطور يف وسائل التواصل واالتصاؿ من جهة ،وما تلعبو
وسائل التثقيف والتسلية من جهة أخرى ،فالقاص هبد نفسو معزوال عن آّتمع إذا ما سبسك دبا
وبملو من إرث وثقافة وعادات وتقاليد األجداد األوائل ،فحْب يلجأ إُف تلك الوسائل من رواية
شفوية للحكايات دبختلف أصنافها سواء أكانت حكايات خرافية ،شعبية ،أو حكايات حيواف
وغّبىا من أصناؼ الَباث الشفوي ،ال هبد االىتماـ بالقدر الكايف دبا يقصو ،ألف األجياؿ وجدت
متنفسا ومنبعا بديال أكثر سرعة وتطورا للحصوؿ على ما يبحثوف عنو من ثقافات قديبة زبص
ؾبتمعاهتم.
وإذا ربدثنا عن وادي سوؼ كمنطقة استطاعت اغبفاظ على قدر كبّب من تراث أجدادىا
وثقافتهم ،فإف اغبديث يطوؿ بقدر هبعل من الباحث يبزج موضوعا آخر مع موضوع الدراسة ،فعلى
سبيل اؼبثاؿ ال اغبصر ،يستطيع الباحثوف يف ؾباؿ الدراسات الشعبية والفولكلورية القياـ بدراسة
معمقة حوؿ عالقة الطقوس القديبة باالحتفاالت الشعبية الٍب وبييها سكاف اؼبنطقة كاألعراس مثال
حْب يلجأ النسوة إُف "رقصة النخ" .كما أف سبسك السكاف بكثّب من اؼبعتقدات إُف يومنا ىذا
كطقوس األعراس واالحتفاؿ باؼبولود الذكر واػبتاف والكثّب من أصناؼ الطب الشعيب وبتاج الكثّب
من الدراسة والبحث فبا هبعل من اؼبوضوع اؼبتعلق بالقصص الشعيب ىبرج عن إطاره ،فيزيح إُف
دراسات أخرى من الثقافة الشعبية .فوادي سوؼ غنية بالَباث والثقافة الشعبية أيبا غُب ،ربتاج فقط
باحثا طموحا يتحدى صعاب العمل اؼبيداين الٍب ال زبلو منها دراسة.
وإذا أردنا ربط اؼبوضوع اؼبتمثل يف القصص الشعيب وعالقتو بأبعاد اغبياة االجتماعية ،االنسانية،
الدينية ،الثقافية والفكرية للمجتمع احمللي ،فإف الباحث يلجأ إُف رسم خارطة يتبع خطواتو عليها حٌب
ال هبد نفسو ىبرج عن مسار حبثو ،وىذا لشدة التداخل بْب النصوص القصصية وتشابكها ،فلغة
100
الخاتمة
الراوي البسيطة العفوية الٍب يلقيها مشافهة ربمل من التلقائية الكثّب ،فهنا ال بد على الباحث حسن
اختيار القصص اؼبخصصة للمدونة ،وىنا وجدت نفسي أماـ عدد كبّب من القصص اؼبختلفة
األصناؼ ،اؼبتشأّة أحيانا واؼبتداخلة أحيانا أخرى ،كما أف الرواة ال يفرقوف بْب ما ىو خرايف،
شعيب ،أو حكاية حيواف يف الغالب ،فلجأت إُف اعبمع مث الدراسة كل على حدى ،مث التصنيف
واالختيار ،وىذا على أساس أي اغبكايات زبدـ موضوع دراسٍب أكثر .ويف األخّب استطعت الوصوؿ
إُف اؼبدونة اؼبناسبة الٍب طبقت عليها عددا من النظريات ( وظائف بروب ،النموذج العاملي ،اؼبربع
السيميائي )...معتدا على اؼبنهج السيميائي باألساس الذي يكفل الغوص يف أعماؽ النصوص
اغبكائية واستجالء الغموض منها وتفكيك رموزىا وعالماهتا وإشاراهتا اؼببهمة .وقد وصلت إُف عدد
من النتائج أبرزىا:
-جل أصناؼ الَباث الشفوي على فوىة الضياع واالندثار ،فال يقتصر ذلك على القصص
فحسب ،وإمبا باقي أصناؼ األدب الشعيب كاأللغاز واألمثاؿ والنكت واألغاين الشعيب ...وقد لعبت
جامعة الوادي يف السنوات القليلة اؼباضية دورا مهما يف اغبفاظ على ىذا اإلرث ،فتوجو الكثّب من
الطلبة إُف دراسة أصناؼ الثقافة الشعبية واألدب الشعيب صبعا وتصنيفا ودراسة ساىم بشكل بارز
على مزج تلك الثقافات القديبة الٍب زبص أجدادنا مع حاضرنا اليوـ من خالؿ البحوث األكاديبية
الٍب يواكبها طلبة دفعات ماسَب األدب الشعيب باعبامعة يف ىذه اؼبواسم اعبامعية.
-القصص الشعيب من أبرز أصناؼ اؼبوروثات الشفوية الٍب ربفظها ذاكرة الرواة واؼبوردين يف اؼبنطقة
إضافة إُف الشعر الشعيب الذي وبتل الريادة سواء يف االنتقاؿ حفظا ومشافهة أو تدوينا وكتابة ،أو
اىتماما من الدارسْب والباحثْب يف آّاؿ ،على غرار األستاذ الدكتور أضبد زغب .رغم ذلك بقيت
أصناؼ القصص الشعيب ؿبافظة على ىيكلها وبنيتها الٍب سبيزىا عن باقي األصناؼ.
-رغم بساطتها من اعبانب البنيوي والشكلي ،تعاًف أصناؼ اغبكايات الشعبية قضايا غاية يف
األنبية سبس آّتمع السويف بطريقة مباشرة ،فالزواج وطقوسو ،وعالقة األزواج بعضهم ببعض ،تفضيل
اؼبولود الذكر عن األنثى ،التمييز بْب األوالد وتعدد الزوجات .. .كلها قضايا ربدث عنها راوي
101
الخاتمة
القصص يف نصوصو اغبكائية ،فكلما كانت القضية اؼبعا َعبة ربمل من السمات اإلهبابية الكثّب ،عزز
وجودىا يف آّتمع وأضاؼ إليها وحث األجياؿ على التمسك ّٔا وفبارستها ،يف حْب ينقد السلبية
منها ويبز ـباطرىا على آّتمع حاضرا ومستقبال ،رافعا بذلك الستار على من يتمسكوف ّٔا
ويبارسوهنا يف أوساط آّتمع ،فيكشف حيلهم وشرىم من جهة ،ويظهر مدى زبلفهم عن الشرع
والعرؼ من جهة أخرى.
-يف القصص الشعيب بأصنافو الثالثة (اػبرايف ،الشعيب ،اغبيواف) ،مدونة البحث غنية باألبعاد
الدينية ،االجتماعية ،االنسانية والثقافية ...مصورة بذلك آّتمع السويف يف صبيع ؾباالتو اغبياتية،
ونشاطاتو اليومية وطقوسو وعاداتو وتقاليده .فكل حكاية ربمل من األبعاد الداللية الكثّب ،إذ يبقى
ؽبا بعد أساسي يعاًف قضية جوىرية يف اغبكاية ،فبزوج بعدد من األبعاد الثانوية ،فحكاية "لوقبة" مثال
يتحدث فيها راويها على الزواج بصفة رئيسية ،الزواج اؼبوجود بطقوسو حقيقة يف آّتمع ،وما يطمح
لو شخص الراوي يف ـبيلتو ،يف حْب قبد ؾبموعة من الدالالت األخرى يف وجود ظاىرة تعدد
الزوجات ،وغّبة الزوجات من الزوجة اعبديدة واألكثر صباال والٍب عادة ما تكوف اؼبفضلة واحملبوبة
أكثر من طرؼ الزوج ،وعالقة األخت بأختها وبأفراد عائلتها بصفة عامة.
-تصور أصناؼ القصص الشعيب – إضافة ألبعادىا الداللية الٍب تصور آّتمع احمللي -البيئة
الصحراوية الصعبة اؼبراس ،فال زبلو حكاية من ذكر صنف من أصناؼ اؼبكاف الداخلي أو اػبارجي
الذي يرمز للصحراء عامة باعتبار اؼبنطقة بيئة صحراوية ،فاعتماد الصحراء ،اػبيمة ،الغوط ،النخلة،
البئر ،اعبمل ،الفنك ،الغزاؿ ....وغّبىا داللة على ارتباط الراوي ببيئتو من جهة ،والتعريف ّٔا من
جهة أخرى ،فحْب يعب عن الصحراء يذكر مناخها الصعب وشدة العيش والَبحاؿ خالؽبا ،فيلجأ
سكاهنا إُف حفر اآلبار يف مساحاهتا الشاسعة فبا يسهل على عابرىا اغبصوؿ على اؼباء الذي يعتب
اغبياة يف فيافيها اػبالية.
-عالقة آّتمع احمللي بالدين عالقة وثيقة ،فهو شديد التدين واحملافظة ،ىذا ما ترمز إليو أصناؼ
التناص الديِب سواء من القرآف الكرًن أو من السنة النبوية الشريفة .ورغم وجود الكثّب من اؼبعتقدات
102
الخاتمة
الٍب ال سبت بصلة للدين كعالقة بعض السكاف بالكهنة أو اؼبشعوذين ،أو الفرح باؼبولود الذكر على
حساب األنثى الٍب يتشاءـ منها البعض فبا هبعلهم يلجؤوف إُف تعديد الزوجات ،أو تأخر اقباب
اؼبرأة أو كوهنا عاقرا ،أو تأخرىا يف الزواج ،فتلجؤوف إُف طرؽ ملتوية .رغم ذلك بقي أىل اؼبنطقة
ؿبافظْب على دينهم رغم وجود االستعمار الذي حاوؿ طمس ىذه العالقة اؼبتينة بينهم وبْب دينهم
وىويتهم.
لقد حاولت جاىدا استجالء صورة آّتمع يف القصص الشعيب يف منطقة وادي سوؼ ،من
خالؿ تطبيق نظريات اؼبنهج السيميائي لباحثْب يف آّاؿ ،انطالقا من فالديبّب بروب الذي أرسى
مبدأ الوظيفة من حيث بنية النص اػبارجي ،وبدأت يف التعمق شيئا فشيئا وصوال إُف جولياف غريباس
يف اؼبربع السيميائي ،ىذا بعد مروري دبجموعة األبعاد الداللية الٍب اعتمدت فيها باألساس على
قراءيت اػباصة الٍب أولت فيها النصوص اغبكائية معتمدا على عدد من الكتب اؼبهمة يف دراستها
للمنطقة من الناحية اعبغرافية ،التارىبية ،الثقافية واالجتماعية يف صورة كتب بعض اؼبعمرين الفرنسيْب
الذين عاشوا يف اؼبنطقة لسنوات طواؿ وأرخوا الكثّب من العادات والتقاليد والطقوس الٍب مارسها
)Eugéne أجدادنا قديبا ،ككتاب ،Le Souf-Monographie)،(Andrés –Roger Voisinوكتاب
،Aux Oasie d'Algerie et de Tunesie،(Galloisدوف نسياف كتاب اؼبؤخر ابراىيم العوامر يف
(الصروؼ يف تاريخ الصحراء وسوؼ) .رغم ذلك ،ال زبلو ؿباواليت ىذه من اػبطأ أو السهو ،فهي
قراءيت اػباصة للحكايات ،وزبتلف القراءات طبعا من باحث إُف آخر .فأقوؿ :إف اجتهدت وأصبت
فمن اهلل ،وإف أخطأت فمن نفسي والشيطاف.
واغبمد هلل رب العاؼبْب
103
ملحق
ملحق
الض ِم َ
يدة وُك ْل َجَر ْح تَػ ْه َو ْاه ّْ
105
ملحق
ضرُودْ صَاِليَة"
حكاية " ُ
"قالك كاف يف زماف بكري ،يف واحد القبيلة يف الصحراء البعيدة ،مرا ظبحة ياسر (امرأة فائقة
اعبماؿ) ،ديبا هبو الناس ىبطبوا فيها ومكانتش تقبل (َف تقبل) ،كاف قلبها معلق مع ولد عمها،
حباتو ياسر واشتهت تديو (تتزوجو) ،جاء الراجل خطبها وقري فاربتها (قرأ الفاربة) ،وعرسوا عرس
ساكت مافيو حٌب شي ،الراجل مسكْب زواِف (فقّب) ،لكن قاللها نشريلك الدنيا الكل بعد العرس،
قاللها نعوضك بعرس كبّب وتلبسي خّب اللبسة ،بعد العرس دبدة سافر الراجل بعيد وبوس (يبحث)
عن خدمة ،طاؿ غيابو ياسر وىاؾ اؼبرا تستُب فيو (تنتظر) حتاف مرضت من الشوؽ لراجلها ليحباتو
واشتهاتو (أحبتو ) وخّباتو بْب كل الرجاؿ .طوؿ غيابو واؼبرض قاعد يزيد ويزيد وزاد عنها اغبمل،
كل يوـ يفوت عليها اؼبسكينة تتوحش راجلها أكثر وسبرض أكثر وىاؾ الراجل معنو حٌب خب (الخب
عن عودتو) تقوؿ انشقت لرض وبلعاتو ،اؼبرا شدت فراش موت ،وولت تتكلم كاف بصبعبها ،حٌب
صوهتا راح (تتكلم باإلشارة) ،شهور طويلة ،وىي عن ىاؾ اغبالة ،جاء اليوـ ليبش تزيد فيو (تضع
مولودىا) ،خلط ؼبربح (جاء زوجها) وجاب معاه كل خّب ،من لبسة وصياغة وىدايا ،وكانت ىي
تولد ،بقي يستُب بش يشوفها ،حتاف ظبع صوت لعياط (البكاء) ،ماتت اؼبرا ،وماشفتش راجلها.
الصباح دفنوا اؼبرا فوؽ غرد (كثيب رمل مرتفع جدا) ،بش يشوفوىا احملبوبْب الكل (العشاؽ) ،وحٌب
كفنها خدموه من الكتاف ليجابو راجلها .رحلت القافلة وىجروا القب ،كاف راجلها قعد مث (بقى
ىناؾ) يبكي عليها ؼ النهار حذا قبىا (قرب القرب) ،ويف الليل يشد بالصتو (يأخذ فراشو) يف
العشة (اػبيمة) ىبمم بيها (يفكر فيها) .كل يوـ يغمض عنيو بش يرقد ذبيو يف اؼبناـ وتقولو:
ود َعالْيَ ْة
ْغُر ْ
1
-الحكاٌة على لسان الحاجة الزهرة زغدي 64 ,سنة’ عرش أوالد جامع ,لها ذاكرة ثرٌة بأصناف الدب الشعبً.
106
ملحق
1
-مبروكة جلولً ,من موالٌد سنة ,0841أمٌة ,من عرش المصاعبة فرقة العزازلة ,عاشت حٌاة البدو الرحل ,فً صحراء سوف الشاسعة.
107
ملحق
ك .خرجوا َخ َوالَ ْ يشي كِيما اخوِيت ،قَالَت لو أ َُّمو روح ِىز عْتػر ِ وقَالِْلو*ا ابَّايا ح َقرِين وما ِشرالِ ِ
وس(تيس) أ َ ُْ ْ ْ َُ ْ ْ َ ْْ َ َ َْ َ َ
1
-ابراهٌم بن لخضر بن محمد ,ولد بالرباح والٌة الوادي سنة ٌ,0817نمتمً إل عرش المصاعبة فرقة العزازلة ,وهو أمً ,عاش أغلب فقرات
حٌاته الحٌاة الصحراوٌة القحة ,فكان من الذٌن مارسوا األعمال الفالحٌة وزراعة النخٌل وانشاء الغٌطان.
108
ملحق
ِ
ؼ ابَّ ْاه (أَبُوه) راَ ُىو
وعَر ْ
ّْصيص َور َج ْع أل َْىلَ ْو َ
تَ .خَر ْج الن ْ
وماتَ ْ
اس َها َ ب يف البِ ّْب بَِر ْ
اس َها َحتَّا ْف ا ْشع ْل َر ْ ض ُر ْ
تُ ْ
النّْصيص أَذْ َكى من أَوالَده ال ُكلِ .
َّاحة ؼبن َّاحة ِ َّ
ِف وتُػف َ صلُّوا عن النِّْيب وأ ْ
َص َحابَ ْو ،تػُف َ وخَّرافْتػنَا َغابَة َغابَةَ ،
ْ ْ ْ ُ ْ
1
يِعِْز َعلَ َّي.
1
-
110
ملحق
وقبَةت َع ْن َش َع ْر لُ ْ َكانَت لُوَقبة بِْنت أ َُّمو ،راح يِِقيس ِيف ىا الشَّعرة عن بنػو ِ
ت لْبالَد ال ُك ْلَ ،ح ٌَّب َج ْ َ ْ ْ َ ََ َ َ َ ْ ْ ْ
ِ ف .قَالَت لو كِي َف ِ ِ ُختَ ْو ،قَ ْاؿ َؽبَا نِْتػَزْو َج ْ
ف َكا ْف ُوخيّْي؟ قَ ْاؿ ؽبا َرِاين َحال ْ اش تْت ِزَّو ْج ِِب يَا أ َ
ْ ْ ك َورِاين َحال ْ أْ
ِ نِْتػزَّوج م َوال ْة الشَّع ِرة ولو ِ
كنت إِنْ ِ
وجاءَّاس ال ُك ْلَ ،
ض ُروا الن ْ وح ْسَ ، انبُوا عن الع ِر ْ نت أ ُّْمي...تْػ َف ْ ت يا بْ ْ َ َ ْ ُ
ين يِِفْتػلُوْؽبَا (يبشطن) يف َش َع ْرَىا ويغَنُّوْؽبَا: َّس ِو ْ ِ
اح َها (يوـ قراهنا) وب َد ْف الن َ يُوـ ُم ْرَو ْ
يك بِال ُقبُ ْ
وؿ وحي يَا لِْبػنَػيَّة يَػ ْع ِط ْ وؿ *** ر ِ
ُ وم َاز ْاؿ ال ُفتُ ْ
َح ْن اغبَنَّا ْف َ
اس ِر ْؽ اؼب ْشط واطْلَ ْع فُ ْ
وؽ ْ الصغِ ّْب وقالت لو :كِي يَِولُّوا يِِفْتػلُ ِوِف يف َش ْع ِري، وىا ّْ ت ُخ َ صْ وقبة َو َّ ت لُ ْ اح َْر َ
ُ
وقبة بِْنت أ َُّم ْ ِ ِ ِ
وسَر ْؽ
ُختَ ْو َ كَ .خذي الطَُّف ْل َبر ْ
اي أ ْ ْ ش للُ ْ غبٌب َواح ُد َك َّال ْ ال ُقبَّة (السطح) وما تَػ ْعط ْيو َّ
ش ِ
يش غبٌب َواح ْد َك َّال ْ
ِ
ب ،قَ ْاؿ ؽبم َمانَػ ْعط ْ يك َر ّْ ات اؼب ْش ْط يِ ْه ِد ْ وؽ ال ُقبَة .قَالُوا لَو َى ْ وطلَ ْع فُ ْ اؼبشط ِ
وقبيعطيو ؽبا ،قَالَت ؽبم لوقبة خلُّ ِوين (اتركوين) نْػروحلَو نَايا ِْقبيب من ِعْن َده اؼبشط ِْ ِ
ْ ُ ْْ َ َ ْ ت لوقبة نَ ْ َج ْ
مع ْاه للجبل. ِ ِِ
ت َ وى ْربَ ْ
وىا ُ ت لُْوقبة ايديها يف اي ْد ُخ َ (أرجع)َ ،د َار ْ
ِ
ف الدَّْال ْؿ ونَطْلَ ْع (أصعد) ت أ ُّْميَ ،د ْربِيلي (أنزِف ِف) َس ْل ْ ت ؽبا أختها وقالت ؽبا :يا لوقبة يا بْػنَػيّْ ْ اح َْر َ
وس ُوخْي ٍِب ،انْ َد ْربِيلَ ْ اؾ لْروس اعبِب ْاؿ .قالت ؽباِ :م ْ ِ
اؾ لُْر ْ ف الدَّْال ْؿ ،ونَطْلَ ْع ْم َع ْ ك َس ْل ْ ْب ُكْنت أ َ ْم َع ْ ُ ْ َ
وقبَة يا ت ْسلِي ْف ٍِبَ ،اىْب ِطي( ،انزِف) أَطْلَ ْع يا ِجبَ ْل أَطْلَ ْعَ .جاتْػ َها أ ُْم َها وقَالَت ؽبا :يَا لُ ْ اعبباؿ ،وكِي ع ْد ِ
ُ
ِ
ف ك َس ْل ْ ْب ُكْن ِ
ت أ ُّْم ْيم ٍِب ،انْ َد ْربِيلَ ْ وس اعبباؿ ،قالت ؽبا ِم ْ اؾ لُْر ْ بْػنَػْي ٍِبَ ،د ْربِيلي َس ْل ْ
ف الدَّْال ْؿ ونَطْلَ ْع ْم َع ْ
ت ْاع ِم ْيم ٍِب (تصغّب لكلمة عمٍب)َ ،اىْب ِطي .أَطْلَ ْع يَا ِجبَ ْل اؾ لروس اعبباؿ ،وكِي ع ْد ِ
ُ الدالَ ْؿ ،ونَطْلَ ْع ْم َع ْ ُ ْ ّْ
ِ
ت روس اعبباؿ .قَالَ ْ اؾ لُ ْ مع ْ وقبَة يا بْػنَػْي ٍِبَ ،د ْربِيلي َس ْلف الدَّْالؿ ونَطْلَ ْع َاىا وقَ ْاؿ ؽبا :يَا لُ ْ أَطْلَ ْعَ .ج َ
اىا ابَّ َ
ِ
يميْ ،اىبَ ْط. وس اعبباؿ ،وكِي عُد ْ
ت ْاع ِم ِ
اؾ ُلر ْ لو ِم ْ
ْب ُكْنت أُبػَّيّْي ،انْ َد ْربِيلَ ْ
ك َس ْلف الدَّْال ْؿ ونَطْلَ ْع ْم َع ْ
111
ملحق
112
ملحق
1
-السٌدة خٌرة كشحة ,ولدت خالل ,0847بلد ٌة الرباح ,والٌة الوادي ,أمٌة ,عاشت فترة طوٌة من حٌاتها البدو الرحل ,تحفظ عددا كبٌرا من
القصص الشعبً.
113
ملحق
حكاية "امْسِيكَا"
وىا الغَِِب كِي ِِهبي اح ْد َغ ِِب ِ ِ
ك ،زوج اخوه ،و ِ ِ ك يَا َما َجاتِ ْ
اجاتِ ْ
وواح ْد فَق ّْبَ ،
َ ك َ ،كا ْف يف ْزَما ْف فَاتَ ْ ُ ْ ْ َ َ يَا َح َ
خوه ال َف ِقّب يطْلُب فِيو ِيف ْشوي ما ْكلَة (قليال من الطعاـ) ،تْػ ُقولَّو مراتَو ما نَػعطُ ِ
وشي ،وىو ي ِ
اخ ْذ َرايْػ َهاُ َ ْ ََ ْ َ ْ َْ َ ُْ ُْ ْ ْ
1
-السٌدة خٌرة كشحة ,ولدت خالل ,0847بلدٌة الرباح ,والٌة الوادي ,أمٌة ,عاشت فترة طوٌة من حٌاتها البدو الرحل ,تحفظ عددا كبٌرا من
القصص الشعبً.
114
ملحق
ِ ِ
ت يف بْ َال ِص ْة اي لَيَّ ْاـ تْ ُد ْور وتَػْنبَ ْ اضلَة َعن الػﭭَػِ ْب اؼبَْنسي اللّْي ْح َذانَا (قربنا)َ .
وى ْ ِوي ُق ِول ْل َها بَػ ْز ِعي اؼبا ْكلَة ال َف ْ
اؼ اػبُو ات ِِربْتػ َها وياَكِ ْل ِمْنػ َها العنبَ .ش ْ يك ْن (يقعد) ِويبَ ْ الػﭭَ ِػب ِعْنبة ،وَكا ْف اػبو ال َف ِقّب ِِهبي ُكل يوـ ِ
ُْْ ْ ُ ْ َ
ب ِمْنػ َها ِ ِ ِ ِ ِ الغَِِب خوه ال َف ِقّب يب ْ ِِ
ب يَاك ْل مْنها ،ويف كل مرة يْػﭭَ ّْػر ْ وح ْ ت العنبة ويَاك ْل مْنػ َها .ع ْجبَاتَ ْو َ ات رب ْ ُْ ْ َ
اش يَاكِ ْل ِ ِ ِ ف منها العنب تِتَّػﭭَّػى (زبتفي) العِْنبِة ِيف َى ْ
اض ْو اغبَ ْاؿ َوﭬػا ْؿ كي َف ْ اؾ الػﭭَ ِ ْػب المْنسيَ .غ َ ش يػُ ْﭭػطُ ْ بِ ْ
ت ُخ ْوه ِم ْن ْح َذا العِْنبَة. اح ْم َس ّْح ْ
ِ
ويِْتظَلَّ ْل مْنػ َها ونَايَا الََال؟ َر ْ
ت) الغَُوالَو ِر ْوبتَ ْو َوﭬَػالُوا: ر ِ ِ
(مشَّ ْ
ت َ اع غُ َوالَوُ .ك ْرفَ ْ
ص ْر نْػتَ ْ
ص ْل قَ َاح ال َفق ّْب َداخ ْل بْ َال ْد َخار ِْج بْ َال ْد َحتَّا ْف ِو َ َْ
ص ِريْ ،اربَلّْي يا ْام ِسي َكا اتْ َسكْري يا امسيكا.
اؼبس ِري ،اتْػ ػﭬَػ ْلعُوا يا ْح َوايِ ْج قَ ْ
ِروبَ ْة اغبَ ْس ِري و ْ
اح ْم َع ّْيب (مأل) ِ
اح َدة الدار ْم َعْبػيَة (مليئة) باللويزَ ،ر ْ
ود َخ ْل ال َفق ّْب من غّب ما يْ ُشوفُ ْوه َلو ْ
ُخ ْر ُجوا الغوالوَ ،
ِ َّ
وسو وقعد يستُب (ينتظر) وينتو يتحل (مٌب يفتح) القصر بش يهربِ .وْمبَػ ّْع ْد فَك ْر وقاؿ ك َ
يما قالوا بَػ ْرنُ َ
الغَُوال ػػةْ :ربَلّْي يا ْامسيكا ،تْ َس ْكريي يا امسيكاَ .راح ِش ِري الغَنَ ْم والبِ ػ ػﭭَػ ػػر والدّْيَ ْار وعاد غِب ياسر...
وتْ ُد ْور لَيَّ ْاـ باػبُو الغِب ويفقرِ ،وهب ْيو ُخ ْوه اللّْي كاف فَِق ّْب ويقولو :يا ُخويَا ىيا نِػ ػ ْﭭ ػ ِػس ْم أنا ويَّاؾ اؼباؿ
ػت بيو الدنيا ضاﭬَ ْك .وبَػَّرا َّبرا َ ش لِ ْدر ِاى ْم واحد كِ ِيف ْ ِ
يشوا مع بعضانا .رد عليو وﭬ ػَػالَّ ْو :الََال ،ما كبتاج ْ ونْعِ ُ
ش ِم ْن ِ ورجع ػبوه وﭬػػالَّوُ :ﭬ ػلّْي كِي َف ِ
ت َى َّكا؟ (ماذا فعلت حٌب أصبحت ىكذا) ِو ْ ت حٌب عُد ْ اش د ِر ْ
ْ ُْ َ ْ
شَ ،ر ْاؾ ِ
ك ماتْروح ْ ص َح ْ الصي َفة (كذا وكذا) .ونَايَا نَػنَ ْ وى ِذي ّْ ت؟ ﭬَػػالَّ ْو َر ِاىي َى ِذي ّْ
الصي َفة َ
ِِ ِ ِ
سح ْر خ َدم ْ
ش ُِىب ْر ُجوا ،وكِ َج ْواج (انتظر) الغُوالة بِ ْ
ِ ِ
ص ْح ما َخ َذاشي َرايَ ْو وراَ ْح لل َقص ْرَ ،ور َ ت .بِالِّ َّ ِ ِ
ما َْربيَاشي كاف ُرح ْ
وس ْو من اللُّ ِو ْيز، ِ ّْ
وع َّىب بَػ ْرنُ َ
يس ْع (بسرعة) َ خارجْب ﭬَػػالُواْ :ربَلي يا ْامسيكا ،تْ َس ْكريي يا امسيكا .دخل ف َ ْ
ِِ
ش باب القصر، ماربَلّْ ْ
ػاؿ :تْ َس ْكريي يا امسيكاْ ،ربَلّْي يا ْامسيكاْ . ات وﭬَ ْس ال َك ْل َم ْوكجي َخار ِْج َع َك ْ
(عذبوه) وﭬَػالُولَو :إِنْتِ لِ ِ
ت اؼبرة يسَرق ْ
ْ َ َ ومَرْم ُد ْوه َّ ُ
اؾ اغبالة َحتَّا ْف (إُف أف) َج ْو الغوالةَ ،شد ُّْه َ ﭬَ َػع ْد عن َى ْ
اس ْو يف دار اؼباؿ اللَّي فيها اللويز وبَػ ُقوا ِعينِ ْيو ت (اؼباضية) ،ال ِزـ نَ َذ ْحب ْ ِ ِ ِ
وعلَّػ ُﭭػولَ ْو َر َ
وؾ .ذحبُ ْوه َ ْ ُ لي َفاتَ ْ
ًب الغَُوالو َحتَّا ْف ُِىب ْرجوا، ِِ
ش بِ ْيو؟ غبػﭭَػ ْػو و ْ
اس َ َّ وؼ ِو ْ ػاؿ الزـ نػَلَ ْح ػﭭَػو ونْ ُش ْ ػص ْن.اتْػ َقلَّق َعلِ ْيو ُخ ْوه وﭬَػ ْ
يِْتبا ْﭬػ ِ
َ
115
ملحق
1
-مبروكة بنت محمد بنت ابراهٌم .ولدت بالوادي سنة ,0841تنتمً إلى عرش المصاعبة ,فرقة العزازلة ,أمٌة وام لعدد من األوالد ,تقٌم
بالرباح وتحفظ عدد كبٌرا من أصناف التراث الشفوي المنطوق.
116
ملحق
كاين مرا عندىا ثالثة أوالد وكاف راجلها مسافر ،ويوـ من األياـ جاء العسكر يف مهمة يبشوا قداـ
باب دارىا ،شافوىا (نظروا إليها) وىي تتفقد يف أوالدىا كانوا يلعبوا قداـ الباب ،راحوؽبا العسكر
(ذىبوا إليها) وؼبا شافتهم سكرت الباب(أغلقت الباب) ،قاللها العسكري حلي (افتحي) الباب وإال
نقتل لك أوالدؾ ،قالت لو ال ماكبلكش (ال أفتح لك) ،قتل ؽبا العسكري أوالدىا واحد بعد واحد
وىي رافضة ربل الباب ،وراح.
وبعد أيبات جاء راجلها من السفر وقالت لو اؼبرا األوالد وإال شريف؟ وحكت لو اؼبرا عن القصة مع
العسكر .وبعد شهور اتعينت اؼبرا (أصبحت حبلى) وجاء وقت والدهتا وتزامن مع وقت والدة زوجة
السلطاف ،راح الراجل ينادي يف الداية وىي راوبة لزوجة السلطاف ،قاؿ ؽبا دار السلطاف مازالت بعيدة
ىيا معايا لزوجٍب قبل ،راحت معاه وجابت اؼبرات واـ (توأـ) وعوضها رب عن صبىا عن أوالدىا
ليقتلهم العسكر وحافظت عن شرفها ،وحكت اؼبرا للداية عن قصتها ،وؼبا راحت الداية للسلطاف
قصت عليو اغبكاية ألف السلطاف قاللها وش ببيك (ما بك) طولٍب؟
راح السلطاف للمرا وقاللها تو قبيبلك (آتيك) العسكر يفوتوا قداـ بابك وإنت طلي (أنظري) وؼبا
تشويف ليقتل أوالدؾ طبطيب الباب (دقي الباب) ،وكاف كيما تفانبوا ،وظبع السلطاف طبطيبة (دؽ)
الباب ،قتل السلطاف العسكري وشفي غليل اؼبرا منو وعوضها رب بأوالد أخرين ،وىكا بعدما
1
حافظت عن شرفها.
حكاية "صِيشَةوالغُولِي"
ش ِيف َس َع َادة َوَىنَا ْم َع ْاى ْلو ِ ك ِيف ِزَما ْف بَ ْك ِري َكا ْف ِيف َّ ك قَالْلِ ْ
ك يَا َؾبَاتِ ْ
"يا َح َجاتِ ْ
الص ْحَرا َراج ْل َعايَ ْ
ت ِظبْ َحة َو َعاقِلَة و ِعْن َد َىا بِْنت َع َّمها يشة َكانَ ْ
ِ
ت بِْنتَ ْو الْ ِكبِ َّبة ا ْظبَ َها ِع َات وَكانَ ْ انن ِعْن َد ْه بَػنَ ْ
وَك ْ
ِمْتصاحبات وعايشات مع بػع ِ
ضاى ْن كِي َػبََو ْ
ات. َ َْ ْ َ ْ َ ْ ْ َ َْ َ
1
-الراوٌة سالمة كركوبً 67 ,سنة ,أمٌة ,حً الشوامس بالوادي ,مخطوط ,جامعة حمة لخضر بالوادي..1101-1100 ,
117
ملحق
اجر قَاؿ لِعيشة راو ِعْن ِدي اِفْػنوكو انْ ِ ِ ِ
ت عيِ َشة َواح ْد يهم ِشَّر ْبيع ف ْ ُ ْ ْ َ َْ دى ْم تَ ْ َو فشي َواح ْد النَػ ّه ْار َجا لعْن ُ
ك ِعيِ َشة أختها وبِِقي فِنَ ْ صحراوي) ْ ك (حيواف ْ ات فِنَ ْ ات َم ْ اؾ ل ْفنُوَك ْو وبَعد ايبََ ْ
واختػها واح ْد وفِرحن ِّٔ ْ ِ
َّ ْ َ َُْ َ
ص ْار غُ ِوِف َخافُو ْأى َلها َو َأى ْل يشة َو َ ك ِع َ ت ُش ُه ْور كِ ْب فِنَ ْ ِ ِ
ت اتْػَرِيب ف ْيه َو كي فَاتَ ْ ش َوقَػ ْع َد ْ ِ
َح َّي َما َمات ْ
ِ ِ ِ ِ
يشة قَالَْتػلَ ُه ْم ش يَاكِْلنَا ،أ ََماالَ ِع َ ْب َع ْ يشة الَُزْـ َعلينَا نَػَر ْحلُوا َوَلبلُ ْوه َوَرانَا َخايف ْ اىا يَا ِع َ َع ْم َها م ْنو قَال ْل َها ابّ َ
ِ وىا ْأىلَ َها بِ َّ ِ ِ
اش يػُ ُقولُو الص ْح َؿبَبَاتْشي َو ْ اعدة ْم َعاه َوَما ْنر َح ْلشي َوْلبَل ْيو (نَبكوه ) َو ْح َد ْه و َحلَلُ َ نَايَا َرِاين قَ َ
اىا انبَة ْم َع َ ت َمْتػ َف ْ ش َكانَ ْ
ِ
الص ْحَرا َعالَك ْ ت َع ْم َها َو َح ْد ِى ْن ِيف َّ ورِحلُو أىلَها وأىل عمها وخلُ ِ
وىا ىي وبِْن ْ ْ َ َ ْ ََْ َ َ َ َُ
يشة َوَما ْنر َح ْل ِشي َواَْلبَلِ َيها َو َح ْد َىا َو ْقع َد ْف َم َع الغُ ِوِف َو َح ْد ِى ْن ،و َع ْاد ت أل ََى ْل َها الَ ِزْـ نَػ ْق َع ْد ْم َع ِع َ َ ،وقَالَ ْ
يشة ْم َع ْاه لت ِم ْن الْعِ َ ت ِع َ يشة باش اَطْيبػلَو ياكِل وبع ْد ْايبَ ْ ِ الْغُ ِوِف يػر ِ ِ ِ ِ
يشة وَم ْ ات ك ْرَى ْ وح يَصي ْد وهبي لع َ َ ْ َْ ْ َ ْ َ َ َُ ْ
اشي َكا ْف وحدىا ،عالَكِش َكانت ُـبَبية بِْنت عمها عن الغُ ِوِف عاش ياكِْلها ِيف صْن ُدوؽ ،وما َزبرجه ِ
ََ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ ْ ْ ْ ََْ َ ْ ََ َ َ ْ
وح يَصي ْد. بَع ْد َما يْػ ُر ْ
س لِْب َسة ُس ْلطَا ْف َوْم َعا لَ َّمة ْ
يشة وَكا ْف الَبِ َ صي ْد عاقِب عن خيمة ِ
ع َ ْ َ ْ َ ْ َ
الر ِاجل يَّ ِ ِ
االياـ َجا واح ْد َّ ْ
ِ
َوِيف يَػ ْوـ م ْن ْ
يشة وقَ ْ ِ َكبّبة ِمن الرح ْاؿ وكِي َش ْ ِ
ص ْارْؽبَااش َ ف ع ْد َىا ِيف َخْي َمْتػ َها ونَ َش ْد َىا َع ْن َحالَْتػ َها َو َح َكْتػلَ ْو َو ْ اؼ ع َ َ َ ْ َّ َ ْ
عيشة ُكو ْف ِ اطي َماقَػْتالَ ِشي َع ْن بِْنت َع ّم َها اللّي َخبَّْتػ َها َعْنو َ :و قَ ْاؿ ُّ اَمعا الغُ ِوِف وأَى ْلها وخ ِ
الس ْلطَا ْف ل َ ََ َ ََ َْ
وحي َوال ال؟ صر تَػر ِ ِ ِ نْ ِد ْ
يك ْم َعايَا ل ْل َق ْ ُ
ت معاىا قَ ْشها وِرحلَ ِ ِ
صلُوا ت وكي َو ْ بَ ،وَىَز ْ ْ َ َ َ َ ْ ْ ِ
ت َوا ْش َعّرض َعْنػ َها والغُ ِوِف َغاي ْ يشة ْم َعاه َوقْبػلَ ْ ت ِع َ ِ
َوَراح ْ
عيشة لَِر ِاج ْل َها ت َ صر َوقَالَ ْ يشة ودارىا ِيف أَحسن ِديار الْ َق ِ
ْ َْ َْ
ِ
الس ْلطَا ْف ْم َع ع َ َ ْ َ س َو ْازَو ْج َولَ ْد ُّ ِ ِ ِ
ل ْل َقص ْر َدا ِرْؽبَا ع ْر ْ
ِ ِ صغِ َّبة ِيف َدا ِري وبنا َؽبَا َولَ ْد ُّ ِِ ِ
ت الس ْلطَا ْف قُ ْبو َو َخبَت ف َيها بِْنت َع ّم َها َع ْن َراج ْل َها َو َع َاد ْ الَ ِزْـ تْبنيلي قُ ْبو َ
اير َوُك ْل َما ِِهبي يْن ِش ْد َىا (يسأؽبا) َع ْن وجها ِيف َد ْارَىا تَػ ْلقَّى ِغ ّْب نَ َّ ِ ِ
ص َها َو َع َاد َح ْ ُك ْل َما َزبَلي اؼبَاكلَة لَز َ
ِ
يشة َولَ ْد ذَ َك ْر ت ِع َ يب َع ْاـ ِولْ َد ْ ِ
عارفة َعْنو م ْن ُى َواللّي كالَه َوبَػ ْعد ُش ُه ْور ق ِر ْ
ِ
ش ْ
ِ
االم ْر تَػ ُق ْلو َرِاين م ْ
َى َذا َ
رس كِبِ ّْب ْلو. ِ ِ ِ لَِولَ ْد ُّ
الس ْلطَا ْف َوفّْر ُحو ب ْيو َوَد ُارْوا ع ْ
وبع ْد ايبات ِمن ِوالَد ْة ِع ِ
عيشةّْش (يبحث) َع ْن َ اىا الغُ ِوِف ِيف اللّْْيل اللَّي قَػعَّ ْد يَِفت ْ يشة لولَ ْد َىا َج َ َ َ َ ْ ْ
اىا يشة َج َ يش ِع َ َصل و ِ
ين تْع ْ
ِ ِ ِ ِ
ت حتَّاف َش ْم ِر ِوبْتػ َها ِيف َى َذ ْاؾ الْ َقصر َوَد َخ ْل الْ َقصر َوكي أ ْ َ ْ بَػ ْعدما َر َّحلَ ْ
صر اماالَ يشة َع ْن أ َْىل الْ َق َ ت ِع َ ك َخافَ ْ يشة بِْنت ِمي أ َْع ِط ِيِب نَاكِ ْل َوالَّ ِقبي نَا ْكلِ ْ قَال ْل َها ِمي ِمي يَا ِع َ
ِ
يشة َح ْازنة َع ْن ِولَ ْد َىا َو ِح ْزنُوا أ َْىل ِ قَالْتػلَو ما ِعْن ِد ِ
دت ِع َ الس ْلطَا ْف َىَّزه َوأ ََداه ْم َع ْاه َوَراح َوق ْع ْ يشي ِغ ّْب َولَ ْد ُّ َْ
اؾ الغُ ِوِف َعْنػ َها َع ْاـ َما ِر َج ْع ِشي لِ َيها. اب َى ْ الس ْلطَا ْف جدَّه َوَزاد َغ ْ صر و ُّ الْ َق َ
118
ملحق
ِ
دت الس ْلطَا ْف ِيف الغَ ِزيَ ،وَز ْاد أ ََد ْاه ْم َع ْاه َوق ْع ْ يشة َولَ ْد َىا الثَ ِاين َر َجع الغُ ِوِف َوَكا ْف َولَ ْد ُّ ت ِع َ َوكي َجابَ ْ
ِ
ِعيشة ح ِزينة وقَ ِ ِ
يشة ت ِع َ ت َجابَ ْ ات َوَما قَػْتالَ ِشي بِلّْي َراه أ ََّد ْاه الغُ ِوِفَ ،وز َاد ْ الت لَراج ْل َها بِلّْي ِولَ ْد َىا َم ْ َ َ َ َ ْ
يشة بِْنت ِمي أ َْع ِط ِيِب نَاكِ ْل اع الغُ ِوِف ِمي ِمي يَا ِع َ وت انْػتَ ْ
الص ْ اؾ ُ ث وكِ ْي َجابَاتَ ْو َر َجعِْل َها َى ْ َولَ ْد َىا الثَاِلِ ْ
يشة َعلى أ ََوَال ْد َىا الس ْلطَا ْف َوَز ْاد أ ََداه ْم َع ْاه َوَز ْاد ُحَز ْف ِع َ يش ِغ ّْب َولَ ْد ُّ ك قَاتْػلَ ْو َما ِعْن ِد ِ َوالَّ ِقبي نَا ْكلِ ْ
اش يَاكِْل ُه ْم الغُ ِوِف قَالَتلِ َها بِْنت اؼ َع ْ ين أ َْلبَ ْ ُخ ِر ْ
يب أ َْوالَ ْد أ ْ
يد ِ
ش قب ْ ت َما نْ ِز َ ْ
ِ
ت َمَرض كبِ ّْب وقَالَ ْ ضْ وُم ْر ُ
ص ْر وأَلْبَ ِسي ِجلِ ْد َغَز ْاؿ َوأُقُػ َع ِدي ِيف الغَ ِزي (مكاف يصيدوف يك تَػرحلِي ِمن ىا الْ َق ِ
ْ َ
عمها نَايا َ ِ
ندبّْػ ْر َعل ْ َ ْ ََّ َ
ِ يشة براي بِنت عمها ودار ْ ِ فيو اغبيوانات) وخض ِ
الس ْلطَا ْفنت َع ّم َها َوَكا ْف َولَ ْد ُّ يما قَالَتل َها بِ ْ تكَ ت ع َ َ ْ ْ ََّ ََ َ ََ َ ْ
ِ
ص ْرت عن الْ َق ِ
يشة َوقَالُولَ ْو َراىي ُر ْحلَ ْ َ ْ اشي ِع َ صر ِيف الغَ ِزي كِي العادة ،وكِي رجع مالْ َق ِ
ْ ََْ َ ْ ََ
ِ
ب َع ْن الْ َق ْ
ِ
َغاي ْ
نت َع ّم َها َو َح َكْتلو َع ْن قِ َّ ِ ِ اح ِؽبَ ْ أَماال ر ِ ِ
يشة صْتػ َها ْم َع ِع َ اؾ الْ ُقبَّة َوأَلْقي ْربتَػ َها بِ ْ اع َها َور ْ اح َراج ْلها لداَر انْػتَ ْ َ َْ
ِ عيشة عن الْ َق ِ وكِي طَالَ ِ
نت َع ّم َها اللَّي َماقْتالَشي َع ِن َو ْ
اش الس ْلطَا ْف ْم َع بِ ْ ص ْر َو ْازَو ْج َولَ ْد ُّ ت َ َ ت غيبَ ْ ْ َ ْ
اس ْر َما ِولْ َدتْ ِشي لَ ْوالَ ْد.ْب ي ِ ِِ ِ
نت َع ّم َها ْم َع َزوج َها سن ْ َ ت بِ ْ ت َعن ِعيشة وقَػ ْع َد ْ َدبْػَر ْ
احد الْغََزالَة َغ ِريبَة ا ْؽبِيَة اؼ قَ ِطيع أَ ْغ ِزلَة ومعاه و ِ
َْ َ الس ْلطَا ْف للغَ ِزي َوِيف طَ ِري َق ْو َش ْ ْ
ِ اح َولَ ْد ُّ ين َر ْ ت َمَّرة ِو ْ َو َج ْ
ِ
يت ُخَرى ِيف الْ ُكوِري (االسطبل ) َوَراح للدَّبَ ْار وقَالَ ْو َرِاين إلْق ْ صيَّ ْد َىا َو َجابْػ َها َوَد َاىا ْم َع الْغُْزالَ ْف ْاأل ْ َأماالَ َ
نآد ْـ َ ،و َش َعَرَىا َوِج ْل َد َىا ِج ْلد َغَزالَة َغزالَة َغ ِريبة ِيف ىيَّْتػها ور ِاىي م ِهيش نُوع (مثل) ُػبْ ِرين ِرجلِيها ِرجلِْب ب ِ
ْ ْ َ ْ َْ َ َ َ ََ َ ْ ْ َ
ُخ ُر ْج ِم ْن ال ُكوِري ؼو ِ
وحطْ َها َوأ ْص َعة طَعاـ ُ ص َلها حض َّْر قَ ْ اش ا ْ يت تَػ ْع ِر ْ َ ْ ك َكاف َحبِ ْ قَالْو الدَّبَار نَايَا نَػ ُقلَ ْ
ش الْغََزاؿ َمايَ ِك ْل ِشي الطَّ َعاـ ِ ِ ِ وؼ ِمن بِعِي ْد إذا كِالَ راو ِ ِ
بن آد ْـ َوإ َذا َماكالَشي َر ْاو َغَز ْاؿ َ ،عالَك ْ َْ ْ وأُقْعد ُش ْ ْ
يما قَالَ ْو الدَّبَ ْار. ِ
اح َد ْار ك َ َاماالَ َر ْ
حٌب و ِ ِ َّت الْغََزالَة ِع َ إيش ْ ِ
اح ْد اح َور ْاو َما َكاي ْن َّ َ يشة بِاللّْي َر ُاىو َر ْ وؼ مْت َخِيب َحتَّا ْف (إُف غاية) ضن ْ َوقَػ َع ْد ُ
ت تَا ُك ْل ِم ْن ِ ِِ ِ ِ
اح ْش الْ ُك ْس ُكسي َوَر َ ْب َما كليت ْ ت َرِاين َج َعانَة َو َحابَة نَاكِ ْل الْ ُك ْس ُك ِسي ِعْندي ِسنِ ْ َوقَالَ ْ
يشة َمَّراتَ ْو فِر ِْح وفِْر ُحوا اعبِْل ْد َع ْن َوج ِه ِها و ِعَرفْػ َها ِع َ آد ْـ ِش َو ْي َش ْد َىا َوَكبَا ْؽبَا ْ الْ َقصعة عرفْػها ر ِاىي بن ِ
ْ ْ َ ََ َ َ
قصر الْغُ ِوِف يشة َع ْن الْ ْ يشة َع ْن ِح َكايَة أ َْوالَ ْد َىا ْم َع الْغُ ِوِف َوطُوؿ َغْيبَة ِع َ صر الْ ُك ْل َو َح َكتِْل ُه ْم ِع َ أ َْىل الْ َق َ
ت فِ ْيو وت ِمن نَػهار اللّْي ِغب ِ ِ ِ
ْ الص ْ ْ َ ْ يشة َر ْاو َىا ُ الس ْلطَا ْف يَا ِع َ صوتَو قَ ْاؿ ُّ ت َر َج ْع ُ َما َجاشي َوا ْهن ْار ِِف َج ْ
اؾ اش يُ ْد ُخ ْل َوكِ ْي َجا الْغُ ِوِف َى ْ ِِ ِ َغاب م ِْ ِ
اب بَ ْياع ّْمي َكا ْف ظب ْعتَ ْو افْػتَ ْح الْبَ ْ وـ قَاتْػلَ ْو َ اظب ْعنَاشي َكا ْف الْيُ ْ ْ َ
اب ُكولِِْب قَالِْل َها ك َح ْ يش َكانَ َ
ِِ
يشة ما عْند ْ وؿ في ِها قَالَْتػلَ ْو ِع َ
اؾ الْ َك ْلمة اللّْي ِديبة اي ُق ْ ِ
َ َ الْلِيلَة وقَ ْاؿ َى ْ
ك ِخ ِّب ْؾ نرج ْعلِ ْ
الْغُ ِوِف يا ِعيشة رِاين ماكِلِيتِش أَوالَ ِد ْؾ راو جابت فِيا الْعِ ْشرة (االلفة واحملبة) وحبِيت ِ
َ ْ َ َْ َ َ ْ َ َ َ َ َ
121
ملحق
ِ ِِ ِ
ت ِع َ
يشة وحو َوَزَّو َج ْ
اح الْغُوِف َع ْن ُر ْ ت عِ َ
يشة بِ ُيه ْم َوَر ْ اللّْي د ْرت ْيو فيَا َو َجابِْل َها أ َْوالَ ْد َىا َر َّجالة َكبَ ْار وف ْر َح ْ
يشة لَِر ِاج ْل َها .
ت ِع َ دىا َوُر ْج َع ْ
أَوالَ َ
ِ
اشوا الْ ُك ْل ِيف الْ َق ْ
صر دىا فَا ِر َحة وِر ْجعُوْؽبَا أ ََى ْل َها و َع ُ
ت َم َع أ َْوالَ َ اش ْ
وع َ نت َع ْم َها م ْنو َ ، ت بِ ْ َواطَّل َق ْ
احة ِمْتػهْنيِْب وخَّرفِْتػنا َغابة َغابة،صلُوا على النَِّيب وأَصحابو ،تُػ َفاحة لِيَّا وتُػ َفاحة لِلَي ي ِ ِ
صق ْر فيَا وتُػ َف َ َ ّْ َ َ َ َ ْ َ َْ َ ْ َُ َ َ َ َ َ
1
شويَا". وىا ش ّْويَا ّْ ِِ
نق ْس ُم َ
1
-الراوٌة جمعة باحدي ,عن الطالبات :وردة باحدي ,مبروكة طهراوي ,عواطف محبوب ,جامعة حمه لخضر بالوادي,1115-1114 ,
مخطوط.
120
قائمة المصادر
والمراجع
قائمة المصادر والمراجع
122
فهرس المحتويات
.15صبعية التجديد الثقافية االجتماعية ،األسطورة توثيق حضاري ،ط ،1دار كيواف للطبع،
دمشق.
.16حساف اعبيالين ،قصة العودة ،ج،1دار ىومة ،اعبزائر.2011،
.17حسن حبراوي ،بنية الشكل الروائي (الفضاء ،الزمن ،الشخصية) ،ؾبمع ثقايف ،دار البيضاء،
بّبوت ،ط.1990 ،1
.18ضبيد غبمداين ،بنية النص السردي من منظور النقد األديب ،مركز الثقافة العربية للطباعة
والنشر ،بّبوت ،ط.1991 ،1
.19حورية بن ساَف ،اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية دراسة ونصوص ،دار ىومة للطباعة والنشر،
اعبزائر.2010 ،
.21رابح العويب ،أنواع النثر الشعيب ،منشورات جامعة باجي ـبتار ،عنابة ،دط ،دت.
.21الرازي ،ـبتار الصحاح ،أعده للنشر ؿبمد ثامر ،دار مكتبة اؽبالؿ ،بّبوت ،دط ،دت.
.22ابن رشيق ،العمدة يف ؿباسن الشعر وأدبو ونقده ،تح :ؿبي الدين عبد اغبميد ،دار اعبيل،
بّبوت ،ج ،2ط.1981 ،5
.23روزالْب ليلى قريش ،القصة الشعبية اعبزائرية ذات األصل العريب ،دط ،ديواف اؼبطبوعات
اعبامعية ،اعبزائر ،1980،
.24الزـبشري ،أساس البالغة ،تح :ؿبمد باسل ،ج ،1منشورات دار الكتب العلمية ،بّبوت،
دط ،دت.
.25سامية حسن الساعايت ،الثقافة والشخصية (حبث يف علم االجتماع الثقايف) ،دار النهضة
العربية للطباعة والنشر والتوزيع ،بّبوت ،لبناف ،ط.1973 ،2
.26سعيدي ؿبمد ،األدب الشعيب بْب النظرية والتطبيق ،ديواف اؼبطبوعات
اعبامعية،اعبزائر.1998،
.27شوقي عبد اغبكيم ،الفلوكلور واألساطّب العربية ،دار ابن خلدوف للطباعة ،بّبوت ،ط،2
.1983
.28صاٌف بن ضبادي ،دراسات يف األساطّب واؼبعتقدات الغيبية ،دار بوسالمة ،تونس،ط،1
.1983
123
فهرس المحتويات
.29صفوت كماؿ ،اؼبأثورات الشعبية علم وفن ،مكتبة األسرة ،مصر،2000 ،
.31طالؿ حرب ،أولية النص ،نظريات يف النقد والقصة واألسطورة واألدب الشعيب ،اؼبؤسسة
اعبامعية للنشر ،لبناف ،ط.1999 ،1
.31عبد اغبميد بورايو .،اؼبسار السردي وتنظيم احملتوى ،السبيل للنشر والتوزيع ،اعبزائر2008 ،
األدب الشعيب اعبزائري ،دار القصبة للنشر ،اعبزائر.2007 ، .32
القصص الشعيب دبنطقة بسكرة دراسة ميدانية ،اؼبؤسسة الوطنية للكتاب، .33
اعبزائر.1984 ،
منطق السرد (دراسات يف القصة اعبزائرية اغبديثة) ،ديواف اؼبطبوعات .34
اعبامعية ،اعبزائر.1997 ،
اغبكايات اػبرافية للمغرب العريب ،وزارة الثقافة الوطنية ،اعبزائر. .35
.36عبد اغبميد يونس ،اغبكاية الشعبية ،الكاتب العريب للطباعة والنشر ،القاىرة.1968 ،
.37عبد الرضباف عيسوي ،سيكولوجية اػبرافة والتفكّب العلمي ،منشأة اؼبعارؼ ،اإلسكندرية،
.1983
.38عبد اهلل ناصح علواف ،آداب اػبطوبة والزفاؼ ،دار السالـ للطباعة والنشر ،جدة.
.39عبد اؼبلك مرتاض ،ربليل اػبطاب السردي معاعبة تفكيكية سيميائية مركبة (زقاؽ اؼبدف)،
ديواف اؼبطبوعات اعبامعية ،اعبزائر( ،د ط).1995 ،
يف نظرية الرواية (حبث يف تقنيات السرد) ،عاَف اؼبعرفة ،الكويت.1998 ، .41
.41عبد اؼبلك مرتاض ،يف نظرية الرواية (حبث يف تقنيات السرد) ،عاَف اؼبعرفة آّلس الوطِب
للثقافة والفنوف واآلداب ،الكويت.1998 ،
.42عصاـ حفظ اهلل واصل ،التناص الَباثي يف الشعر العريب اؼبعاصر ،دار غيداء للنشر ،عماف،
ط.2011 ،1
.43علي غنابزية ،ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية ،دار ىومة
،اعبزائر.2017 ،
.44غراد حسْب مهنا ،أدب اغبكاية الشعبية ،الشركة اؼبصرية للنشر ،لوقبماف ،ط.1997 ،1
124
فهرس المحتويات
.45فاروؽ خورشيد ،عاَف األدب الشعيب العجيب ،دار الشروؽ ،القاىرة ،ط ،1991 ،1ص
.130
.46فايزة ىبلف ،مناىج التحليل السيميائي ،دار اػبلدونية ،اعبزائر.2012 ،
.47فوزي العنتيل ،الفلوكلور ماىو ،مكتبة مريوِف ،القاىرة ،ط.1987 ،2
.48الفّبوز أبادي ،قاموس احمليط ،ج ،4دار العلم ،لبناف( ،د ط)( ،د ت).
.49لطيف زيتوين ،معجم مصطلحات نقد الرواية ،دار النهار للنشر ،بّبوت ،ط.1
.51ؾبمع اللغة العربية ،اؼبعجم الوسيط ،إشراؼ شوقي ضيف ،مكتبة الشروؽ الولية ،مصر،
ط.2004 ،4
.51ؿبمد بنيس ،ظاىرة الشعر العريب اؼبعاصر يف اؼبغرب (مقاربة بنيوية تكوينية) ،دار العودة،
بّبوت ،ط.1979 ،1
.52ؿبمد بوعزة ،ربليل النص السردي (تقنيات ومفاىيم) ،منشورات االختالؼ ،اعبزائر ،ط،1
.2010
.53ؿبمد بيومي خليل ،سيكولوجية العالقات األسرية ،دار قباء للنشر ،القاىرة.2000 ،
.54ؿبمد عبد الرضباف يونس ،األسطورة :مصادرىا وبعض اؼبظاىر السلبية يف توظيفها ،األؼبعية
للنشر ،قسنطينة ،ط.2014 ،1
.55ؿبمد عبد القادر الرازي ،ـبتار الصحاح ،اؼبؤسسة اغبديثة للكتاب ،طرابلس ،لبناف ،باب
الكاؼ( ،د ط)( ،د ت) ،ص .486
.56ؿبمد عزيز العرفج ،اؼبوروث الشعيب يف السرد العريب ،كتاب آّلة العربية ،الرياض1435 ،ىػػ.
.57ؿبمد غنيمي ىالؿ ،األدب اؼبقارف ،هنضة مصر ،القاىرة.2004 ،
.58ؿبمد مرتاض ،من قضايا أدب األطفاؿ دراسة تارىبية فنية ،ديواف اؼبطبوعات اعبامعية،
اعبزائر.1994 ،
.59ؿبمد مفتاح ،ربليل اػبطاب الشعري (اسَباتيجية التناص) ،اؼبركز الثقايف العريب ،الدار
البيضاء ،ط.1992 ،3
.61ؿبمد ناصر الكيالين ،سحر القصة واغبكاية ،من منشورات ارباد الكتاب العرب ،مكتبة
األسد ،دمشق.2000 ،
125
فهرس المحتويات
.61اؼبقدسي ،كشف األسرار عن حكم الطيور واألزىار ،تح :حسْب عاصي ،دار اؼبواسم
للطباعة والنشر.
.62ابن منظور ،لساف العرب ،تح :علي عبد اهلل الكبّب وؾبموعة من األساتذة ،دار اؼبعارؼ
القاىرة.1919،
.63مها حسن قضراوي :الزمن يف الرواية العربية ،اؼبؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بّبوت،
ط.2004 ،1
.64موفق رياض مقدادي ،البُب اغبكائية يف أدب األطفاؿ العريب اغبديث ،عاَف اؼبعرفة ،الكويت،
.2012
.65ميساء سليماف ،البنية السردية يف كتاب اإلمتاع واؼبؤانسة ،اؽبيأة العامة للكتاب ،دمشق،
.2011
.66نبهاف حسوف سعدوف ،تشكيل اؼبكاف يف اػبطاب السردي (قراءات يف السرديات العراقية
اؼبعاصرة) ،دار غيداء ،عماف ،ط.2015 ،1
.67نبيلة إبراىيم ،أشكاؿ التعبّب يف األدب الشعيب ،دار النهضة للطبع والنشر ،القاىرة،
دط،دت.
البطوالت العربية والذاكرة التارىبية ،اؼبكتبة األكاديبية للنشر ،القاىرة ،ط.1995 ،1 .68
قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية ،دط ،مكتبة غريب ،الفجالة ،مصر ،دت. .69
.71ناصر البقلوطي ،مقوالت يف الَباث الشعيب ،منشورات تب الزماف ،تونس.2005 ،
.71أبو ىالؿ العسكري ،الفروؽ اللغوية ،تح :ؿبمد ابراىيم سليم ،دار العلم والثقافة ،القاىرة( ،د
ط)( ،د ت).
.72ىيثم علي اغباج ،الزمن النوعي وإشكالية النوع السردي ،دار االنتشار العريب ،بّبوت ،ط،1
.2008
.73ياسْب النصّب ،اؼبساحة اؼبختفية -قراءات يف اغبكاية الشعبية ،-اؼبركز الثقايف العريب ،الدار
البيضاء ،ط.1995 ،1
-IIالمترجمة:
.1إيزايبل إبرىاردت ،عودة العاشق اؼبنفي ،ترصبة عبد القادر ميهي ،مطبعة الوليد ،الوادي.2006 ،
126
فهرس المحتويات
.2برونو بيتلهاًن ،التحليل النفسي للحكايات الشعبية ،تر :طالؿ حرب ،دار اؼبروج ،بّبوت،
.1985
.3بوؿ ريكو ،الزماف والسرد (اغببكة والسرد التارىبي) ،تر :سعيد الغامبي ،فالح رحيم ،ج ،1ط،1
دار الكتاب اعبديدة ،بّبوت.2006 ،
.4تزقيتاف تودوروؼ ،ميخائيل باختْب اؼببدأ اغبواري ،تر :فخري صاٌف ،اؼبؤسسة العربية للدراسات
والنشر ،بّبوت ،ط.1996 ،2
.5جوزيف كورتيس ،مدخل إُف السيميائية السردية واػبطابية ،تر :صباؿ حضري ،منشورات
االختالؼ ،اعبزائر العاصمة ،ط2007 ،1
.6جوليا كريستيفا ،علم النص ،تر :فريد الزاىي ،مر :عبد اعبليل ناظم ،دار تويقاؿ للنشر ،الدار
البيضاء ،ط.1991 ،1
.7جّبالد برنس ،اؼبصطلح السردي ،تر :عابد خزندار ،اؼبشروع القومي للَبصبة ،القاىرة ،ط،1
.2003
.8دانياؿ تشاندلر ،أسس السيميائية ،تر :طالؿ وىبة ،مر :ميشاؿ زكريا ،اؼبنظمة العربية للَبصبة،
بّبوت ،ط.2008 ،1
.9فريدريتش فوف ديرالين ،اغبكاية اػبرافية(نشأهتا ،مناىج دراستها وفنيتها)،ترصبة نبيلة إبراىيم،
مراجعة عز الدين إظباعيل ،مكتبة غريب ،القاىرة ،دط ،دت.
.11فالديبّب بروب ،مورفولوجيا القصة ،تر :عبد الكرًن حسن ،ظبّبة بن عمو ،شراع للنشر
والتوزيع ،دمشق ،ط.1999 ،1
–IIIاألجنبية:
1- Ahmed Najah، Le Souf des Oasie،La maison des livres 12 rue Maitre ، Ali
Boumendjel، ALGER، 1970.
2- A.J. Greimas; J.Courtés; Dictionnaire raisonné de la théorie du langage
hachette; Paris; 1993.
3- Andrés –Roger Voisin،Le Souf-Monographie،edition El-walid، El oued.
2004.
4- Eugéne Gallois،Aux Oasie d'Algerie et de Tunesie،Imprimerie M-R.
Leroy،185،rue de Vanves.
127
فهرس المحتويات
-Ivالمجالت:
.1أماين اعبندي ،حكايات اغبيواف يف الَباث اإلنساين ،األىراـ اليومي ،القاىرة ،عدد بتاريخ:
27أوت .2016
.2حامت كعب ،أنثروبولوجيا اغبكاية اػبرافية ،قراءة يف األصوؿ الفكرية والعقدية للحكاية اػبرافية،
ؾبلة كلية اآلداب واللغات ،جامعة ؿبمد خيضر ،بسكرة ،العدد ،16ديسمب .2014
.3حسن الشامي ،نظم فهرست القصص الشعيب ،ؾبلة الفنوف الشعبية ،العدد ،100ديسمب
،2015للهيأة اؼبصرية العامة للكتاب.
.4سي كبّب أضبد التجاين ،اغبكاية الشعبية يف منطقة ورقلة ،ؾبلة األثر ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة،
اعبزائر ،العدد ،19جانفي .2014
.5السيد إماـ ،مدخل إُف نظرية اغبكي ،مؤسبر أدباء مصر ،األحباث ،الدورة الثالثة والعشروف ،األمل
للطباعة والنشر ،القاىرة ،ط.2008 ،1
.6عبد اؼبلك مرتاض ،اغبكاية اػبرافية يف الغرب اعبزائري ،ؾبلة الَباث الشعيب ،بغداد ،العدد،10
.1977
.7على أضبد ؿبمد العبيدي ،اغبكاية الشعبية اؼبوصلية بْب التجنيس وتعدد األمباط ،ؾبلة دراسات
موصلية ،العدد.2009 ،2
.8فاروؽ خورشيد ،أدب األسطورة عند العرب ،سلسة عاَف اؼبعرفة ،العدد ،284الكويت2002 ،
.9قحطاف صاٌف الفالح ،األدب والسياسة ،قراءة يف قصة النمر والثعلب البن ىاروف ت215ىػ ،
ؾبلة جامعة دمشق ،آّلد ،27العدد .2011 ،2-1
.11ؿبمد رجب النجار ،حكايات اغبيواف يف الَباث العريب ،ؾبلة عاَف الفكر ،العدد ،2-1جويلية
،1995الكويت
.11مصطفى يعلى ،القصص الشعيب اؼبغريب :إشكالية التصنيف والتجنيس ،ديواف العرب :منب حر
للثقافة والفكر واألدب ،الثالثاء 28أفريل .2010
128
فهرس المحتويات
.12ناصر البقلوطي ،تدوين األدب الشعيب حفظ أـ نقض لفظ ،ؾبلة الثقافة الشعبية ،البحرين،
العدد 2012 ،17
.13يعقوب احملرقي ،دراسة اغبكاية الشعبية االفريقية ،ؾبلة الثقافة الشعبية ،البحرين ،العدد ،17
.2012
131
فهرس المحتويات
فهرس المحتويات
130
فهرس المحتويات
شكر وعرفاف
مقدمة ................................................................................أ
مدخل
نبذة عن منطقة البحث
-1اؼبوقع اعبغرايف واؼبناخ 09 ..............................................................
-2األمباط النباتية واغبيوانية09.............................................................
-3أصل تسمية اؼبنطقة10.................................................................
-4الثقافة الشعبية للسكاف12..............................................................
-5اللهجة احمللية للسكاف13...............................................................
-6األدب الشعيب السويف14...............................................................
الفصل األول
ماىية القصص الشعبي
-سبهيد17...............................................................................
-أوال :اغبكاية اػبرافية27.................................................................
-1اؼبفهوـ اغبكاية اػبرافية27..............................................................
-2اػبصائص اغبكاية اػبرافية30 ..........................................................
-3موضوعات اغبكاية اػبرافية32 ..........................................................
-4نشأة اغبكاية اػبرافية 34...............................................................
-ثانيا :اغبكاية الشعبية39.................................................................
-1اؼبفهوـ اغبكاية الشعبية39 .............................................................
-2اػبصائص اغبكاية الشعبية41 ......................................................
131
فهرس المحتويات
-اؼبتواليات السردية80...................................................................
-حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ82...........................................................
-النموذج العاملي85....................................................................
-اؼبربع السيميائي87......................................................................
ػوقبَة"87....................................................................
-4حكاية "لُػ ػ ْ
-اؼبتواليات السردية87...................................................................
-حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ 89...........................................................
-النموذج العاملي91....................................................................
-اؼبربع السيميائي92....................................................................
يص والغُولِيَّة"93........................................................... ِ
-5حكاية "النّْص ْ
-اؼبتواليات السردية93....................................................................
-عالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ95...........................................................
-النموذج العاملي97.....................................................................
-اؼبربع السيميائي97......................................................................
"شَرؼ ْامَرأَة98.................................................................
-6حكاية َ
-اؼبتواليات السردية98....................................................................
-حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ99............................................................
-النموذج العاملي101....................................................................
-اؼبربع السيميائي102....................................................................
"السا ِرؽ واؼبلِك"102...........................................................
-7حكاية َّ
َ
-اؼبتواليات السردية102...................................................................
-حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ 104...........................................................
133
فهرس المحتويات
-النموذج العاملي105...................................................................
-اؼبربع السيميائي107....................................................................
-خاسبة الفصل108 ......................................................................
الفصل الثالث
األبعاد الداللية للحكايات
سبهيد 110 ................................................................................
الصي ْد"112.................................................................
"جْبػَره و ّْ
-1حكاية َ
ود َعالْيَة"120...................................................................
-2حكاية "غُُر ْ
يشة والغُ ِوِف"125................................................................
"ع َ -3حكاية ِ
ػوقبَة"130....................................................................... -4حكاية "لُػ ػ ْ
يص والغُولِيَّة"137............................................................. ِ
-5حكاية "النّْص ْ
"شَرؼ ْامَرأَة"144.................................................................. -6حكاية َ
يب"150.............................................................. ود و ّْ
الذ ْ -7حكاية "ال َقْنػ ُف ْ
"الدقْػلَة و ُّ
الذ َّك ْار"153............................................................... -8حكاية ّْ َ
خاسبة الفصل159.........................................................................
الفصل الرابع
البنية السردية للحكايات
سبهيد163...............................................................................
-Iاؼبكاف164...........................................................................
-IIالزماف173..........................................................................
-IIIالشخصيات184...................................................................
-IVالتناص197........................................................................
134
فهرس المحتويات
135
:ملخص األطروحة
فبتطبيق اؼبنهج السيميائي أمكن الوصوؿ إُف ؾبموعة من األبعاد،يتلخص موضوع األطروحة حوؿ القصص الشعيب بأصنافو اؼبختلفة
كل ىذا من خالؿ... الثقافية والفكرية، الدينية، سواء أكن من الناحية االجتماعية،والدالالت الٍب ؽبا صلة مباشرة بأىل منطقة سوؼ
.ؾبموعة من اغبكايات الٍب مثلت مدونة البحث
... من ناحية التاريخ واعبغرافيا والعادات والتقاليد، مدخل اؼبوضوع سبحور حوؿ منطقة البحث-
. فعرفت كل منها وميزاهتا وأصنافها ومواضيعها، شعبية وحيواف، خرافية، الفصل األوؿ خصصتو للقصص بصفة عامة-
. النموذج العاملي واؼبربع السيميائي، أما الفصل الثاين فموسوـ باؼبسارات السردية للحكايات من حيث اؼبتواليات السردية-
. وكاف ذلك على مدونة البحث، ويف الفصل الثالث درست األبعاد الداللية للحكايات-
. الفصل الرابع درست فيو البنية السردية للحكايات من خالؿ اؼبكاف والزماف والشخصيات والتناص-
اؼبسار السردي، األبعاد الداللية، اؼبنهج السيميائي، اغبكاية اػبرافية، القصص الشعيب:الكلمات المفتاحية
Résumé de la thèse :
L'objet de cette thèse tourne autour de la narration populaire avec ses différentes sortes. En appliquant la
méthode sémiotique, on arrive à des dimensions et des connotations ayant un rapport direct avec le peuple de la
région Souf du côté social, religieux, culturel et intellectuel …. Tout cela à travers un ensemble de contes
représentant cette recherche.
* La préambule de l'objet se fait sur la zone de recherche, du côté de l'histoire, la géographie, les mœurs et les
traditions …
* le premier chapitre est destiné pour les contes et les fables d'une manière générale, des contes fantastiques,
populaire. On les a présenté les définitions, les caractéristiques, les sortes et les sujets.
* Dans le deuxième chapitre, on a étudié les parcours des récits à travers son enchaînement récitatif, le schéma
actantiel et le carré sémiotique.
* Pour le troisième chapitre, on a étudié les dimensions sémantique des récits.
* Dans le dernier chapitre, on a analysé la structure récitative des contes à travers espace, temps, personnages et
relation textuelle.
Les mots clés : La narration populaire, le conte fantastique, le modèle sémiotique, les dimensions sémantique
et le parcours récitatif.
Summary: The topic of this dissertation is briefly about popular anecdotage and its different classifications.
Through applying the Semiematic approach, it was possible to find out a range of dimensions and signs that are
concerned to the region of Oued-Souf, either socially, religiously, culturally, or even intellectually.. It is all
through a collection of tales that represented the blog of this dissertation.
The introductory subject of the topic focused on the research's region, in terms of history, geography,
traditions, customs..
The first chapter was devoted to deal with anecdotage in general; fairy, popular and animal-related tales.
Each type, characteristic, classification and theme of them were explained in details as well.
The second chapter examines the narrative path of the tales in terms of the narrative progression, the
operative pattern, and the Semiematic tag.
The third chapter studies the semantic dimensions of tales which have been shown in the blog of the
dissertation.
The last chapter(four) deals with the narrative structure of tales concerning the place, time, characters and
consonance.
Keywords: Popular anecdotage, fairy tale, Semiematic approach, semantic dimensions, narrative path