You are on page 1of 250

‫جامعة محمد بوضياف المسيلة‬

‫كليت‪ :‬اآلداب واللغاث‬


‫قسن‪ :‬اللغت واألدب العربي‬
‫الرقن التسلسلي‪......................:‬‬
‫رقن التسجيل‪M.LP/04/11:‬‬
‫أطروحت هقذهت لنيل شهادة دكتىر في العلىم‬
‫تخصص‪ :‬األدب العربي‬ ‫شعبت‪ :‬األدب العربي‬

‫صورة المجتمع في القصص الشعبي في منطقة‬


‫وادي سوف‬
‫– مقاربة سٌمٌائٌة ‪-‬‬

‫هن إعذاد‪ :‬هحوذ بىرينت‬


‫تاريخ الوناقشت‪.2012 1211 :‬‬
‫أهام لجنت الوناقشت الوكىنت هن السادة‪:‬‬
‫الصفة‬ ‫المؤسسة‬ ‫الرتبة العلمية‬ ‫االسم واللقب‬ ‫الرقم‬
‫رئيسا‬ ‫املدرسة العليا بوسعادة‬ ‫أستاذ‬ ‫علي بولنوار‬ ‫‪10‬‬
‫املركس الجامعي ميلة مشرفا ومقررا‬ ‫أستاذ‬ ‫عبد املالك ضيف‬ ‫‪10‬‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة املسيلة‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫بوزيد رحمون‬ ‫‪10‬‬
‫ممتحنا‬ ‫املركس الجامعي ميلة‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫سمية الهادي‬ ‫‪10‬‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة املسيلة‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫باية كاهية‬ ‫‪10‬‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة املسيلة‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫حكيم سليماني‬ ‫‪10‬‬

‫السنت الجاهعيت‪2012/2012 :‬‬


‫الشكر والعرف ان‬
‫احلمد هلل الري بفضله و منه أقف الٍىم مناقشا مىضىع حبثً و الفضل أٌضا لىالدي‬

‫اللرٌه بدعائهما تسددث خطاي‬

‫أقدم شكسي اجلصٌل إىل أستاذي القدٌس عبد املالك ضٍف على جمهىداته‬

‫الكبرية وتىجٍهاته الكثرية ومسافقته الدائمت يل إلجناش هرا البحث زاجٍا مه‬

‫املىىل أن جيعل ذلك يف مٍصان حسناته‬

‫كما أقدم شكسي كرلك إىل الصوجت الفاضلت على صربها وطٍب خاطسها‬

‫ووقىفها معً‬

‫و كل مه ساعدوً مه قسٌب أو بعٍد لٍكتمل مىضىع البحث بأدق تفاصٍله‬

‫حممد‬
‫مقدمة‬
‫هقذهت‬

‫األدب الشعيب من بْب أىم األصناؼ األدبية الٍب هتتم باؼبوروث الشفوي والَباث الشعيب الذي‬
‫يؤرخ لتاريخ األمم والشعوب‪ ،‬وإف كانت أبرز معاؼبو اؼبتمثلة يف النقل الشفوي اؼبتوارث جيال عن جيل‬
‫بدأ يف االندثار للتطور التكنولوجي يف زمننا اغباضر‪ ،‬إال أنو حافظ على خصابة مادتو النابعة من‬
‫اعبماعة الٍب يتحدث بلساهنا الراوي والقاص واؼبورد على ح ّد سواء‪ .‬فاألدب الشعيب وجو من وجوه‬
‫الَباث الذي يستغرؽ مظاىر اغبياة الشعبية‪ ،‬قديبها‪ ،‬حاضرىا ومستقبلها‪ ،‬فيبقى الكالـ طرياً ندياً‬
‫تتناقلو األلسنة وربفظو الصدور وتتسلمو األظباع واألفهاـ‪ ،‬بوصفو أمانة عزيزة وإرثاً تسري فيو أرواح‬
‫اآلباء واألجداد‪ ،‬الذين عبوا عما هبوؿ يف نفوسهم من مشاعر ورغبات ومعتقدات وأحالـ وأمنيات‬
‫طاؼبا أرادىا‪ ،‬عبوا عنها بأشعار وألغاز وأمثاؿ وخرافات وأساطّب وقصص شعيب‪.‬‬
‫ولنبدأ حيث توقفنا ‪ -‬من القصص الشعيب – الذي يعد أكثر أصناؼ األدب الشعيب انتشارا‬
‫وتوارثا عب األجياؿ‪ ،‬ال لشيء‪ ،‬إال لتأثّبه الكبّب يف نفوس اؼبستمعْب والدارسْب الذين سريعا ما‬
‫يتأثروف دبا ربملو من قيم وعب سبس جوىر اغبياة الٍب نعيش‪ ،‬فهذه قيمة خلقية تربوية ألهنا تعاًف واقعا‬
‫ُهتدر فيو النظم الَببوية واالجتماعية‪ ،‬فتحاوؿ النصوص اغبكائية معاعبتو بإظهار سلبياتو والتحذير‬
‫منها‪ ،‬فيعب من خالؽبا عن رغبة ملحة يف ربقيق عاَف يرتاح إليو ووببو النطوائو على العدالة واغبب‬
‫والتعاوف والتسامح والتكافل بْب أفراد األسرة الواحدة وبْب آّتمعات كافة‪ ،‬وىذه قيمة ترفيهية صبالية‬
‫ؼبا ربملو من تناقض بْب اعبد واؽبزؿ‪ ،‬بْب العاَف الواقع اؼبعلوـ والعاَف السحري آّهوؿ‪ ،‬فتحث على‬
‫الوعظ والعب من جهة‪ ،‬وترسم االبتسامة والفرح من جهة أخرى‪ ،‬إضافة إُف كل ىذا‪ ،‬فهي تعطي‬
‫راويها جرعة من األمل بوجود حياة أفضل لألجياؿ مستقبال‪ ،‬حياة ملؤىا اغبب والعدؿ واألمن‬
‫واالستقرار‪ .‬كل ىذا جعل من القصص الشعيب ذا أنبية كبّبة ‪ ،‬فأخذ جانبا كبّبا من اىتماـ دارسي‬
‫اؼبأثورات الشعبية الذين ُشغِفوا بو وميزوه عن باقي أصناؼ السرد الشعيب‪ ،‬ولقد اعَبض ىؤالء‬
‫الباحثْب عدد من القضايا اؼبهمة أبرزىا النقاش الدائم حوؿ التشابو واالختالؼ يف نصوص القصص‬
‫الشعيب‪ ،‬ومدى الداللة حوؿ األصل اؼبشَبؾ أو اؼبختلف ؽبا‪ ،‬كما حبثوا يف نشأهتا وأصوؽبا‪.‬‬

‫أ‬
‫هقذهت‬

‫و"وادي سوؼ" كباقي مناطق اعبزائر‪ّٔ ،‬ا من أصناؼ الفلوكلور الكثّب والكثّب‪ ،‬فالثقافة‬
‫الشعبية احمللية كانت وتزاؿ ظبة من ظبات آّتمع السويف الذي حافظ على الكثّب من عاداتو وتقاليده‬
‫وطقوسو الٍب ورثها عن األجداد‪ ،‬فالبيئة الصحراوية رباكي إُف يومنا ىذا إرث األوائل الذين لبسوا‬

‫"ال َقشَّابِيَّة" و"البَػ ْرنُوس" شتاء‪ ،‬و"ال َقْن ُد َورة" َ‬


‫و"الع َم َامة" صيفا‪ ،‬ومارسوا أعماؽبم يف غيطاف النخيل‬
‫وأفلحوا يف كسب ود الرماؿ الذىبية والكثباف الرملية والرياح وارتفاع درجة اغبرارة‪ ،‬فتحولت إُف‬
‫صديق ضبيم يكسبهم قُوَهتم ويسهل عليهم العيش يف أمن ورخاء‪ .‬كما أهنم مارسوا نشاطاهتم اليومية‬
‫رفقة أصناؼ األدب الشعيب الذي استأنسوا بو يف عملهم وسهرىم وحفالهتم‪ ،‬فتجد من األغاين‬
‫الشعبية واألىازيج والَبنيمات الكثّب الٍب يرددوهنا يف عملهم‪ ،‬خاصة يف الرعي وجِب التمور‪ ،‬كما‬
‫تصادؼ ذبمعات الناس ‪-‬يف األعراس‪ -‬وىم يستمعوف إُف شعراء اؼبنطقة –الشعبيْب‪ .-‬ويف سهراهتم‬
‫يتجمع األوالد حوؿ جدهتم ليال ربكي ؽبم ما حفظت من القصص الشعيب الٍب تثري نفوسهم‬
‫وعقوؽبم‪.‬‬
‫والسؤاؿ اؼبطروح ىو‪ :‬كيف يبكن للقصص الشعيب أف يرسم لنا حياة اعبماعة يف اؼبنطقة؟‬
‫وكيف لنا دبعرفة صورة آّتمع السويف وحياتو من خالؿ دراسة القصص الشعيب؟ ما أعطى ؼبوضوع‬
‫الدراسة اؼبوسوـ بػ ػ ػ "صورة المجتمع في القصص الشعبي في منطقة وادي سوف ‪ -‬مقاربة‬
‫سيميائية ‪ "-‬أنبية كبّبة كونو‪:‬‬
‫يعتب القصص الشعيب من بْب األصناؼ اؼبتوارثة يف منطقة البحث‪ ،‬رغم ذلك فقد بدأ يف‬
‫مرحلة االندثار والضياع وابتعاد األجياؿ على فبارستو مقارنة بباقي األصناؼ الشعبية األخرى كالشعر‬
‫الشعيب مثال الذي يالقي اىتماما أكب ودراسة أكثر من الطلبة والباحثْب بصفة عامة‪ ،‬وبو حاولت أف‬
‫أذبو بدراسٍب إُف جانب النثر ال الشعر من األدب الشعيب‪.‬‬
‫كما أف اىتمامي بالقصص الشعيب ليس وليد الصدفة أو ؿباولة مِب للحفاظ على ىذا اؼبوروث‬
‫فحسب‪ ،‬بل كاف وليد التجربة الٍب نبعت عن حب وقناعة مِب أف ىذا الصنف وبمل من القيم والعب‬
‫ما يعجز الفرد منا على تصديقو‪ ،‬لشدة ثرائو وتنوعو وأبعاده االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬اإلنسانية‪...‬‬
‫فتعمقت فيو شيئا فشيئا بتقدـ الدراسة واألحباث‪ ،‬فكانت حبوثي األوُف فيو قبل وصوِف إُف كرسي‬
‫هقذهت‬

‫اعبامعة‪ ،‬وأنا يف صغري ألفت حبثا متواضعا عن حكايات األطفاؿ‪ ،‬وحبثا آخر يف اغبكاية الشعبية يف‬
‫اعبامعة‪ ،‬وآخر يف اػبرافية حْب مناقشٍب لرسالة اؼباجستّب‪ ،‬فتكونت لدي فكرة مفادىا أف القصص‬
‫الشعيب ‪ -‬ؼبا وبملو من إرث األجداد‪ -‬كنز وجب اغبفاظ عليو بدراستو والبحث فيو ويف مقوماتو‪.‬‬
‫ولألنبية الكبّبة للموضوع كما ذكرت سالفا‪ ،‬شكل ذلك دافعا للخوض يف غماره والتعرؼ‬
‫على خباياه واستجالء غموضو الذي يسود الفلوكلور عموما وليس األدب الشعيب أو القصص فقط‪،‬‬
‫ألف طبقات آّتمع حاليا أدارت ظهرىا للثقافة الشعبية ال لسبب‪ ،‬إال كوهنا رباكي اؼباضي القدًن‬
‫اؼبتهم كونو متخلفا ومرتبطا باػبرافات واألساطّب الٍب ال سبت إُف الواقع واغبقيقة بصلة‪ ،‬ىذا ما ساىم‬
‫يف اندثاره أو يكاد‪ ،‬فهو دافع غبب اؼبعرفة من جهة‪ ،‬وما للقصص الشعيب من دور يف أوساط آّتمع‬
‫السويف قديبا مقارنة ببعض الفنوف الشعبية األخرى من جهة ثانية‪.‬‬
‫وعليو فقد كانت خطة الدراسة مكونة من مدخل وأربعة فصوؿ على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬خصصت اؼبدخل إُف نبذة عن منطقة البحث من حيث اؼبوقع اعبغرايف واؼبناخ السائد فيها‪،‬‬
‫إضافة إُف األمباط النباتية الٍب يعتمد عليها السكاف‪ ،‬سواء عن طريق زراعتها وكسب اؼباؿ منها‬
‫كغابات النخيل‪ ،‬أو النباتات الصحراوية واغبشائش الٍب تنمو يف اؼبراعي والساحات الشاسعة الٍب‬
‫مثلت الغذاء الرئيس ألغنامهم وإبلهم يف فيايف الصحراء‪ ،‬دوف أف أنسى اغبيوانات الٍب يعتمد عليها‬
‫آّتمع احمللي يف التنقل كاإلبل أو اغبيوانات الٍب يسَبزقوف منها كالغنم والضأف‪ .‬كما تطرقت إُف‬
‫أصل تسمية اؼبنطقة ب ػ (وادي سوؼ)‪ ،‬فلكل لفظ معُب منفصل عن الثاين‪ ،‬وادي من الواد والنهر‬
‫مثال أو ؽببوب الرياح الدائم اؼبشبو جبرياف الواد واؼباء‪ ،‬أما (سوؼ) فمن السيوؼ أي الكثباف الرملية‪،‬‬
‫أو تعود إُف الصوؼ الذي يغسلو النسوة جبانب النهر فسميت اؼبنطقة نسبة ؽبن‪ .‬كما أف التطرؽ إُف‬
‫الثقافة الشعبية واألدب الشعيب احمللي كاف ضرورة وجب ذكرىا يف تعديد أصناؼ األدب الشعيب‬
‫وؽبجة سكاف اؼبنطقة‪ .‬كل ىذا جاء يف اؼبدخل اؼبوسوـ ب ػ نبذة عن منطقة البحث‪.‬‬
‫‪ -‬أما الفصل األوؿ فجاء ربت عنواف‪ :‬ماىية القصص الشعبي‪.‬‬
‫وبو تركزت الدراسة على اعبانب النظري فقط‪ ،‬فحاولت اإلؼباـ بكل ما يبت بصلة ألصناؼ القصص‪،‬‬
‫فقسمتو إُف ثالثة أجزاء‪ ،‬كل جزء يركز على صنف من أصناؼ القصص الشعيب (اغبكاية اػبرافية‪،‬‬
‫هقذهت‬

‫اغبكاية الشعبية‪ ،‬حكاية اغبيواف) وكل جزء تطرقت فيو إُف اؼبفهومْب اللغوي واالصطالحي‪ ،‬إضافة‬
‫إُف اؼبيزات اػباصة واؼبوضوعات والنشأة‪ .‬وقبل ىذا كلو ػبصت يف سبهيد مطوؿ إشكاليتو تصنيف‬
‫القصص الشعيب يف كل من الدراسات الغربية‪ ،‬العربية مث اعبزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬وانطالقا من الفصل الثاين الذي تناولت فيو المسارات السردية للحكايات‪ ،‬كانت بدايٍب‬
‫للدراسة التطبيقية‪ ،‬فحاولت اإلستعانة بعض اؼبناىج والنظريات لكل حكاية على حدى‪ ،‬باتباع أربعة‬
‫خطوات ىي‪ :‬اؼبتواليات السردية‪ ،‬عالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ‪ ،‬النموذج العاملي‪ ،‬اؼبربع السيميائي‪.‬‬
‫انطالقا من البُب السطحية للحكايات متمثلة يف الوظائف اػباصة بكل متوالية وربديد ملفوظاهتا‬
‫السردية‪ ،‬وصوال إُف البنية العميقة اؼبتمثلة يف اؼبربع السيميائي عبولياف غريباس‪.‬‬
‫‪ -‬يف حْب خصصت الفصل الثالث من اػبطة إُف األبعاد الداللية للحكايات‪ ،‬درست كل حكاية‬
‫على حدى‪ ،‬وىذا يف ؿباولة مِب إُف الربط بْب اؼبسار السردي لكل حكاية وبْب األبعاد الدالية‬
‫اؼبكونة ؽبا‪ ،‬فاغبكاية الواحدة تعاًف ؾبموعة من الدالالت ولو أف موضوعها الرئيس واحد‪ .‬وللوصوؿ‬
‫إُف ىذه النقطة من الدراسة كاف لزاما فك شيفرات اغبكايات ورموزىا وإجالء الغموض من حوؽبا‪،‬‬
‫وىنا أعدد القراءات اؼبمكنة لكل عالمة ورمز موجود‪ ،‬وفق منطور القارئ وسرد الراوي واؼبقابالت‬
‫الشفوية اػباصة بكل موضوع‪ ،‬واالعتماد على عدد من الكتب واؼبراجع اؼبؤرخة لتاريخ اؼبنطقة‬
‫وتراثها‪ .‬فيمكن ذلك من الكشف على عدد من األبعاد الداللية (اجتماعية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬دينية)‬
‫‪ -‬وأما الفصل الرابع واألخّب من ىذه الدراسة فقد تناولت فيو البنية السردية للحكايات‪ ،‬من ربديد‬
‫األلفاظ الدالة على كل من اؼبكاف والزماف وذكر أنواعهما مستشهدا بأمثلة من مدونة القصص‬
‫الشعيب‪ ،‬أضفت إليها الشخصيات احملركة لكل حكاية‪ ،‬تلك الٍب تقوـ بأدوار مهمة وأساسية ال‬
‫يستغِب عنها النص السردي‪ ،‬من شخصيات اجتماعية‪ ،‬شخصيات تارىبية‪ ،‬شخصيات حيوانية‬
‫وأخرى خرافية‪ ،‬خاسبا الفصل بالتناص وأشكالو يف اؼبدونة‪ ،‬من تناص ديِب‪ ،‬أديب‪...‬‬
‫اقتضت طبيعة البحث االستعانة بعدد من اؼبناىج اؼبناسبة ؼبثل ىذه اؼبواضيع‪ ،‬فجاء اؼبنهج‬
‫التارىبي يسرد تاريخ اؼبنطقة وأصلها‪ ،‬مع سرد اؼبراحل التارىبية الٍب مرت أصناؼ القصص الشعيب عند‬
‫التطرؽ إُف أصلها ونشأهتا عب اغبضارات واغبقب التارىبية السابقة‪ .‬مث يأيت اؼبنهج البنائي‬
‫هقذهت‬

‫(اؼبورفولوجي) الذي يصف النظاـ الشكلي للحكايات من خالؿ الوظائف اؼبكونة ؽبا‪ .‬أما اؼبنهج‬
‫السيميائي فمن خالؿ اعتماد اؼبربع السيميائي ومبوذج البناء العاملي لغريباس‪.‬‬
‫وبعوف من اهلل سبحانو‪ ،‬حاولت جاىدا التغلب على الصعوبات الٍب وقفت حجرة عثرة أماـ‬
‫إقباز ىذه الدراسة‪ ،‬فمن لذة البحث تذليل اؼبشاؽ واؼبطبات‪ ،‬من خالؿ االستفادة من عدة مصادر‬
‫أنبها‪:‬‬
‫‪ -‬مدونة القصص الشعيب ّٓموعة من الرواة‪.‬‬
‫‪ -‬مورفولوجية القصة لػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػفالديبّب بروب من ترصبة عبد الكرًن حسن وظبّبة بن عمو‪.‬‬
‫‪ -‬ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية للدكتور علي غنابزية‪.‬‬
‫كما ال ىبفى حبث من بعض الصعوبات‪ ،‬خاصة تلك البحوث اؼبيدانية‪ ،‬فقد تعرضت إُف‬
‫صعوبات صبة أثناء صبعي للقصص وتدوينها‪ ،‬فالراوي أو الراوية ىبلط أحيانا يف سرد اغبكاية دبشاعره‬
‫اػباصة‪ ،‬فيتوقف ليدعو إُف الشخصية البطلة بالثناء واؼبدح‪ ،‬يف حْب يذـ الشخصيات الشريرة ويدعو‬
‫عليها بالفناء واؽبالؾ‪.‬‬
‫كما يصعب كثّبا تدوين اغبكايات باللهجة احمللية الٍب من الصعوبة دبا كاف اغبفاظ على اللغة‬
‫الٍب استقيت منها اغبكاية مشافهة من راويها‪ ،‬حبيث َف تأخذ دراسة اؼبدونة شكلها النهائي إال بعد‬
‫جهد ودراسة كبّبين‪ ،‬نظرا لتداخل الوظائف يف العديد من اغبكايات‪ ،‬وىذا راجع لصعوبة تدوين‬
‫وترصبة ما أتلقاه من أفواه الرواة إُف صبل وعبارات مفيدة على صفحات البحث‪.‬‬
‫ىذا بغض النظر على الغرابة الٍب تنتاب الكثّب من الرواة حْب اعبمع والتدوين‪.‬‬
‫كما أف قلة اؼبراجع يف ىذا الصنف والٍب تدرس ىكذا حكايات ودبنهج سيميائي قليلة‪ ،‬فبا‬
‫صعَّب اغبصوؿ عليها‪.‬‬

‫نجز‬
‫ويف األخّب‪ ،‬ال يسعِب إال أف أقدـ جزيل الشكر وكثّب الثناء لكل من وقف مساندا ِف ليُ َ‬
‫ىذا البحث بالصورة الٍب ىو عليها‪ ،‬وأخص بالذكر أستاذي الدكتور عبد اؼبالك ضيف‪ ،‬الذي َف‬
‫هقذهت‬

‫يبخل علي دبالحظاتو وتوجيهاتو القيمة الٍب أنارت الدرب أمامي‪ ،‬وعبدت طريق الوصوؿ إُف بر‬
‫األماف‪ ،‬فنعم اؼبعلم واؼبشرؼ كاف‪ ،‬وكل من أفادين بكتاب أو نصيحة‪.‬‬

‫وهللا ويل التوفيق‬


‫مدخل‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬ ‫مدخل‬

‫تتأثر – بال شك – شخصية الفرد وبالتاِف اعبماعة ببيئتها الٍب تعيشها‪ ،‬فللجغرافيا والتاريخ أثر‬
‫بارز يف األبعاد الثقافية واالجتماعية والفكرية للمجتمعات‪ ،‬ويبز ىذا يف عادات وتقاليد وكل ثقافات‬
‫السكاف‪ .‬وال زبتلف منطقة وادي سوؼ عن باقي اؼبناطق‪ ،‬فقد ظهر جليا مدى تأثر الشخصية‬
‫السوفية ببيئتها الصحراوية القاسية‪ ،‬ودبناخها الصعب اؼبراس خاصة يف الصيف حْب تشتد درجة‬
‫اغبرارة لتبلغ معدالت قياسية‪ ،‬فبا جعل الفرد السويف يكافح للتغلب على اغبرارة والرياح واعبفاؼ حٌب‬
‫ف من اغبرارة‬
‫يستطيع العيش وفبارسة نشاطاتو اليومية فيها‪ ،‬فازبذ الرماؿ صديقا بدؿ العدو‪ ،‬وكيَّ َ‬
‫مالذا للكسب والعيش‪ .‬فمارس نشاط الرعي والزراعة يف أرضها الوعرة‪ ،‬وأنشأ من لدف كثباهنا‬
‫واحات للنخيل بأصنافها الكثّبة‪ ،‬وساير حيواناهتا وجعل منها مركبا لو ومأكال‪ ،‬وملبسا يَقيو الشمس‬
‫اغبارقة يف الصيف‪ ،‬والبد القارس يف الشتاء‪.‬‬
‫فكاف اعبمل ‪ -‬الذي لقبو السكاف ىنا بسفينة الصحراء نظرا لقدرتو اػبرافية على ربمل العطش‬
‫واغبرارة والرياح الرملية القوية‪ -‬الصديق األوؿ ألىل اؼبنطقة قديبا‪ ،‬فازبذوه مركبا ؽبم‪ ،‬ومن وبره لباسا‬
‫ومسكنا‪ ،‬ومن حليبو غذاء كامال ودواء شافيا ألمراض عديدة‪ .‬أما النخلة فكانت السبب األوؿ‬
‫للرزؽ والعيش‪ ،‬فتمورىا اؼبغذية استحقت اؼبشقة الكبّبة الٍب يكابدىا الفالح لزراعتها‪ ،‬فكاف وبفر‬
‫حفرة عميقة تصل إُف عشرين مَبا‪ ،‬وبقطر يفوؽ اؼبئة مَب لغرسها يف الطبقة القريبة من اؼبياه اعبوفية‬
‫الٍب تتميز ّٔا اؼبنطقة‪ ،‬فكانت النخلة وما تزاؿ مصدر الرزؽ لكثّب من أىل ُسوؼ‪ ،‬وكاف منتوج‬
‫التمور األكثر أنبية يف ميداف التجارة‪ ،‬وكانت الواحات تتمتع بشعبية كبّبة ألهنا كانت ذبمع من ‪20‬‬
‫إُف ‪ 25‬ألف فرد يتعاونوف على العناية ّٔا‪ .‬فليس من السهل البتة إنشاء واحة يف كبد الصحراء‪،‬‬
‫وبالتاِف تُػ َعد رمزا للشموخ واؼبقاومة والعمل الشاؽ عندىم‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Eugéne Gallois،Aux Oasie d'Algerie et de Tunesie،Imprimerie M-R. Leroy،185،rue de‬‬
‫‪Vanves،p80.‬‬
‫‪7‬‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬ ‫مدخل‬

‫‪ -1‬الموقع الجغرافي والمناخ‪:‬‬


‫وادي سوؼ مدينة من مدف اعبنوب اعبزائري‪ ،‬بالتحديد يف اعبنوب الشرقي للبالد‪ ،‬دبساحة‬
‫تقدر بػػحواِف ‪ 82‬ألف كلم‪ ،2‬تتوسط ثالث شطوط رئيسية ىي‪ :‬شط ملغيغ من ناحية الشماؿ‪،‬‬
‫شط اعبريد يف الشرؽ وشط وادي ريغ يف الغرب ‪ .1‬وبدىا من الشرؽ تونس‪ ،‬ومن الغرب بسكرة‪،‬‬
‫اعبلفة وورقلة‪ ،‬ومن الشماؿ تبسة‪ ،‬خنشلة وبسكرة‪ .‬ومن اعبنوب ورقلة‪ .‬سبتد اؼبساحة الَبابية للمنطقة‬
‫‪0‬‬
‫من الشماؿ إُف اعبنوب بْب خطي طوؿ ‪ ،806‬وخطي عرض ‪.2 034 ،033‬‬
‫اؼبناخ الصحراوي ىو السائد يف اؼبنطقة‪ ،‬حبرارتو الشديدة صيفا وبرودتو شتاء‪ ،‬حيث ترتفع يف‬
‫الصيف إُف طبسْب درجة‪ ،‬وتنخفض يف الشتاء إُف الدرجة صفر‪ ،‬ويغلب عليو اغبر يف معظم شهور‬
‫السنة‪ .3‬أما الرياح فتشتهر ّٔبوب روبْب يف السنة‪ ،‬ريح جافة حارة‪ ،‬وأخرى باردة‪ ،‬فاألوُف ريح‬
‫السموـ‪ ،‬يطلق عليها سكاف اؼبنطقة "الشهيلي"‪ ،‬والثانية ريح الصبا وتسمى عندنا "ريح البحري"‬
‫ألهنا تأيت من ناحية البحر‪ ،4‬أما األمطار فهي نادرة شحيحة بسبب بعد اؼبنطقة عن البحر واعبباؿ‪.‬‬
‫تقوؿ إيزابيل إبرىاردت‪ ‬واصفة مناخ اؼبنطقة‪" :‬بالد الرمل والشمس واغبدائق العميقة والريح الٍب ذبر‬
‫سحبا من الرمل على وجو الكثباف الٍب تشكلها كيفما شاءت منذ قروف على نفس اؼبنواؿ"‪ 5‬فالرياح‬
‫دائمة اؽببوب يف اؼبنطقة مشكلة الكثباف الرملية‪.‬‬
‫‪ -2‬األنماط النباتية والحيوانية‪:‬‬
‫النخلة بأنواعها من أبرز األمباط النباتية يف الوادي‪ ،‬فهي من القدًن تعد رمزا للسكاف يفتخروف بو‪،‬‬
‫ويتوارثوف على العناية ّٔا من جيل إُف جيل‪ ،‬ومن بْب األنواع البارزة للنخل قبد‪ :‬دقلة نور‪ ،‬الغرس‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Andrés –Roger Voisin،Le Souf-Monographie،edition El-walid، El-oued،2004، p15‬‬
‫‪ - 2‬بن الساَف بن اؽبادؼ‪ ،‬سوؼ تاريخ وثقافة‪ ،‬مطبعة الوليد‪ ،‬الوادي‪ ،‬اعبزائر‪،2007،‬ص‪.14‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ص‪.46‬‬
‫‪ - 4‬ابراىيم العوامر‪ ،‬الصروؼ يف تاريخ الصحراء وسوؼ‪ ،‬تعليق اعبيالين العوامر‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬تونس‪،1977 ،‬ص‪.57‬‬
‫‪ ‬إيزابيل إبرىاردت (‪ )1904/1877‬روسية األصل‪ ،‬ولدت جبنيف يف سويسرا‪ ،‬ارتبط اظبها باؼبنطقة ارتباطا عميقا‪ ،‬حلت بالوادي سنة ‪،1899‬‬
‫اعتنقت اإلسالـ وربطتها عالقات ضبيمية بسكاف اؼبنطقة وتزوجت بشخص يسمى سليماف‪ .‬تعرضت حملاولة اغتياؿ ودخلت اؼبستشفى‪ ،‬وإلعجأّا‬
‫الكبّب باؼبنطقة وعمراهنا أطلقت عليها اسم "مدينة األلف قبة"‪.‬‬
‫‪ - 5‬إيزايبل إبرىاردت‪ ،‬عودة العاشق اؼبنفي‪ ،‬ترصبة عبد القادر ميهي‪ ،‬مطبعة الوليد‪ ،‬الوادي‪،2006 ،‬ص‪.34‬‬
‫‪8‬‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬ ‫مدخل‬

‫اؼبسوحي‪ ،‬التكرمست‪ ،‬التفزوين‪ ،‬التنسْب‪ ،‬اغبمراية‪ .. .‬ويف الكثّب من اؼبصادر اؼبؤرخة للمنطقة‪ ،‬يذكر‬
‫مؤلفوىا بأف عدد أنواع النخيل يتجاوز اؼبئة وطبسْب نوعا‪ .1‬مؤخرا راجت زراعة الزيتوف‪ ،‬ولقيت‬
‫استحسانا كبّبا عند الفالحْب‪ ،‬إضافة إُف زراعة البطاطا الٍب احتلت فيها اؼبدينة مراتب متقدمة يف‬
‫إنتاجها على اؼبستوى الوطِب‪ ،‬أما اغبشائش الٍب تنمو يف اؼبناطق الرعوية فهي كثّبة منها‪ :‬اغبلفاء‬
‫الفقاع‪ ،‬الَبثوث‪ ،‬الرمت‪ ،‬العرعار‪ ،‬الطرفاء‪ ،‬السدرة‪...‬‬
‫من أبرز اغبيوانات الٍب تعيش ب ػ "سوؼ" اعبمل‪ ،‬الذي يعْب السكاف على التنقل والَبحاؿ قديبا‪،‬‬
‫إضافة إُف حيوانات يسَبزقوف منها كالغنم والضأف واؼباعز وغّبىا‪ ،‬إضافة إُف حيوانات أخرى‬
‫كالفنك‪ ،‬األرنب‪ ،‬القنفذ‪ ،‬الشرمشاف‪ ،‬البوكشاش‪ ،‬اغبنش‪ ،‬الغزاؿ‪ ،‬الثعلب والذئب‪...‬تعيش يف الباري‬
‫الصحراوية بعيدة عن اؼبناطق العامرة بالسكاف‪.‬‬
‫‪ -3‬أصل تسمية المنطقة‪:‬‬
‫اختلف الباحثوف حوؿ أصل تسمية اؼبدينة ب ػ "وادي سوؼ"‪ ،‬فال يبكن اعبزـ بصواب رأي‬
‫ؿبدد عن آخر‪ ،‬وحٌب مؤرخو اؼبنطقة تطرقوا ّٓموعة من األقاويل واآلراء الٍب اختلفت فيما بينها أشد‬
‫االختالؼ‪ ،‬كما أف عامل الزمن بدا واضح اؼبعاَف يف ذلك‪ ،‬وكاف لطبيعة اؼبنطقة ومناخها وثقافة‬
‫سكاهنا اؼبرجع الرئيس يف التسمية‪ .‬ونعرض ىنا باختصار بعض اآلراء لبعض اؼبؤرخْب‪:‬‬
‫‪ -‬لفظة "الوادي"‪ :‬يذكر بعض الباحثْب أنو كاف يف اؼبنطقة قديبا يف اعبهة الشمالية الشرقية‬
‫هنر كبّب دائم اعبرياف‪ ،‬ىو اآلف مصدر من مصادر اؼبياه اعبوفية الٍب تتميز بكثرهتا األرض يف‬
‫"الوادي"‪ ،‬وبتوافد القبائل والعروش‪ ،‬أطلقت قبيلة "طرود‪ "‬عليها اسم الوادي نسبة لو‪ ." 2‬وىناؾ من‬
‫يرى بأف قبيلة طرود تأثروا كثّبا ّٔبوب الرياح الدائم يف اؼبكاف وكيفية طّباف اغبصى والرماؿ‪ ،‬فقالوا أف‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ahmed Najah، Le Souf des Oasie،La maison des livres 12 rue Maitre ، Ali Boumendjel،‬‬
‫‪ALGER، 1970،P56‬‬
‫‪ ‬طرود‪ :‬قبيلة حلوا باؼبكاف يف حدود‪690‬ىػ‪1292/‬ـ وأقاموا قرب مكاف يسمى اآلف "أوالد ضبد"‪ ‬ظبوا اؼبنطقة نسبة للنهر أنداؾ‪ ،‬ىذا األخّب الذي‬
‫ظل ساري التدفق حٌب القرف ‪8‬ىػ‪14/‬ـ‪.‬‬
‫‪ - 2‬العوامر‪ ،‬الصروؼ يف تاريخ الصحراء وسوؼ ‪،‬ص‪.109‬‬
‫‪01‬‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬ ‫مدخل‬

‫‪ ":‬تراب ىذا احملل كالوادي يف اعبرياف ال ينقطع"‪ ،1‬وبالتاِف فػ ػ "الوادي" ىنا تعود يف األصل إُف‬
‫الرياح‪.‬‬
‫وال زبتلف حياة األىل عن باقي حياة البدو الرحل‪ ،‬فهم يتميزوف باغبركة والنشاط الكبّبين‪ ،‬وىذه‬
‫ظبة من ظبات سكاف الصحراء الذين يتكبدوف مشقة كبّبة يف ظل الظروؼ الطبيعية القاسية‪،‬‬
‫فشبّْهوا جبرياف اؼباء يف الوادي "ما أرى ؽبؤالء القوـ انقطاعا إف ىم‬
‫فتجدىم دائمي التنقل والَبحاؿ ُ‬
‫إال كالوادي كلما أقبل منو موج إال وتاله موج آخر"‪ .2‬فهنا قبد األصل يف التسمية يعود إُف طبيعة‬
‫األىل الذين ىم بدورىم تأثروا باؼبناخ والطبيعة الصحراوية‪.‬‬
‫"س ـ ـ ــوف"‪ :‬ال زبتلف لفظة "سوؼ" عن لفظة "الوادي" يف أصل التسمية‪ ،‬فنجدىا ترجع‬
‫‪ -‬لفظة ُ‬
‫إُف الطبيعة من جهة‪ ،‬وإُف األشخاص من جهة أخرى‪ .‬وإذا سألت فردا من سكاف اؼبنطقة عن أصل‬
‫تسمية "سوؼ"‪ ،‬فسّببط إجابتو ب ػ "السيوؼ"‪ ،‬ىذه األخّبة الٍب نعِب ّٔا الكثباف الرملية يف اللهجة‬
‫احمللية‪ ،‬فالكثيب الرملي يسمى ىنا بػ ػ "السيف" واعبمع "سيوؼ" وقد ذبردت وحذفت وخففت مع‬
‫مرور الزمن وأصبحت "سوؼ"‪ ،‬وقد ارتبط ىذا الرأي بقبيلة "طرود" الٍب استقرت باؼبنطقة فقالوا‬
‫نسكن ىذه "السيوؼ"‪ ،‬ومع اغبركة الدؤوبة للقبائل والعروش "صار الذاىب واآليت يقوؿ ذاىب إُف‬
‫سوؼ أو كنت يف سوؼ"‪ .3‬كما يربطها آخروف بأهنا تعود إُف أىلها األولْب الذين عُرفوا دبالبسهم‬
‫الصوفية الٍب كانوا ينسجوهنا من صوؼ أغنامهم الٍب يربوهنا‪ .‬وقيل أيضا "ألهنا كانت ؿبال ألىل‬
‫‪4‬‬
‫وؼ"‬
‫"س ْ‬
‫الصوفة‪ ،‬ألف كل عابد من أىل التصوؼ ينقطع للعبادة فيها" ‪ .‬ويَ ُّرد بعض الباحثْب لفظة ُ‬
‫إُف أصل أمازيغي (إيسوؼ‪ Issouf/‬أو‪ )Asouf‬وىي تعِب الوادي أو النهر‪ ،‬وىذا ما ذىب إليو‬
‫الدكتور أضبد قباح الذي يرى بأف لفظة الوادي يف اللغة مرادفة للفظة (سوؼ) يف األمازيغية‪.5‬‬

‫‪ - 1‬العوامر‪ ،‬الصروؼ يف تاريخ الصحراء وسوؼ‪ ،‬ص‪.110‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ف‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Ahmed Najah، Le Souf des Oasie ،P32‬‬
‫‪00‬‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬ ‫مدخل‬

‫وتوافق كذلك يف اللهجة التارقية(‪ )Le souf mellan‬أي النهر األبيض‪ .1‬وقد يكوف معُب‬
‫(سوؼ) ذلك النهر الذي كاف هبري باؼبنطقة اؼبسمى ب ػ (‪ /Oued Izouf‬واد إيزوؼ) والذي أصبح‬
‫دفينا يف أعماؽ األرض‪ ،‬ومع الوقت وكثرة االستعماؿ تغّب اظبو إُف واد سوؼ‪.‬‬
‫الثقافة الشعبية للسكان‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ترتبط الشخصية السوفية ارتباطاً وثيقاً بالفنوف الشعبية‪ ،‬ىذه األخّبة تُ ُّ‬
‫عد انعكاسا للتأثر الكبّب‬
‫فرضو جغرافية اؼبنطقة وتارىبها على السكاف‪ ،‬فيصور من خالؽبا حياتو اليومية ومعاناتو مع‬
‫الذي تَ ُ‬
‫الطبيعة القاسية‪ ،‬فيتأثر ّٔا ويكتسب من خالؽبا ثقافات مادية وروحية وباكيها أثناء فبارسة أعمالو‪،‬‬
‫فتجد الفرد السويف يلبس لباسا تقليديا يعكس مبط العيش مع اؼبناخ الصحراوي‪ ،‬تتالءـ مع فصل من‬
‫فصوؿ السنة‪ ،‬لباسا واسعا بلوف فاتح أبيض غالبا‪ ،‬ليعكس أشعة الشمس اغبارقة يف الصيف‪،‬‬

‫و"البَػ ْرنُوس" و"ال َقشَّابِيَّة" اؼبصنوعْب من الصوؼ أو الوبر‪َ ،‬‬


‫و"العفَّا ْف" وىو حذاء مصنوع من الوبر أو‬
‫شعر اؼباعز‪ ،‬وىو خفيف دافئ يسمع بقطع الكثباف الرملية دوف الغوص فيها‪ ،‬وذلك يف فصل‬
‫الشتاء‪ .‬ويتجلى تأثّب الطبيعة كذلك يف اؼبأكوالت الشعبية الٍب تتخذ من حيوانات اؼبنطقة ومن‬
‫مناخها ونوعية أرضها الرملية أساسا ؽبا‪ ،‬فيأكلوف التمر بأنواعو واغبليب اؼبستخلص من اؼباعز والنوؽ‬
‫يف فصل الصيف‪ ،‬إضافة إُف اػببز اؼبصنوع يدويا‪ ،‬وبضر على نار اغبطب والرمل‪ ،‬يسميو السكاف ب ػ‬
‫"خبزة ملة"‪ .‬وغبوـ حيواناهتم األليفة الٍب يربوهنا‪ .‬أما يف الشتاء فيكوف األكل دظبا ليوفر طاقة أكب‬
‫ؼبقاومة البودة ومشقة العمل الناتج عن حياة الرعي‪.‬‬
‫تعرؼ "الوادي" دبدينة "األلف قبة وقبة"‪ ،‬فلم تأيت ىذه التسمية من فراغ بل لغرض معْب‪،‬‬
‫حبيث يتخذ السكاف طريقة ىندسية مبتكرة يف البناء‪ ،‬وقد أطلقتو " إيزابيل أبرىاردت" على اؼبدينة يف‬
‫سنة ‪1901‬ـ‪ ،‬واشتهر ىذا االسم إُف يومنا ىذا‪ .2‬وشكلت ىذه القباب طابعا معماريا فبيزا للمنطقة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Andrés –Roger Voisin،Le Souf-Monographie، p15‬‬
‫‪ - 2‬حساف اعبيالين‪ ،‬قصة العودة‪ ،‬ج‪،1‬دار ىومة ‪،‬اعبزائر‪،2011،‬ص‪.154‬‬
‫‪01‬‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬ ‫مدخل‬

‫من الناحيتْب اعبمالية والسياحية‪ ،‬إال أف ىناؾ ميزات أخرى مقصودة أملتها طبيعة اؼبنطقة الصحراوية‬
‫وىي‪ - :‬تعكس القباب أشعة الشمس اؼبسلطة عليها وزبفف من حدهتا‪.‬‬
‫‪ -‬سبنع تراكم ما تُطّبه الرياح من تراب فوقها‪.‬‬
‫‪ -‬كما للتجويف داخل البيت ميزة أخرى‪ ،‬فهو يوفر اؽبواء ووبسن من درجة اغبرارة داخلو‪.‬‬
‫إف اؼبتجوؿ يف أوساط آّتمع السويف‪ ،‬هبد صغاره وكباره يبارسوف نشاطات ثقافية شعبية‬
‫متنوعة بشكل يومي ومستمر‪ ،‬فإذا وجدت ؾبموعة من الشيوخ متجمعْب فتأكد أهنم يلعبوف اللعبة‬
‫الشعبية األوُف اػباصة بالكبار‪ ،‬أال وىي "اػبربقة"‪ ،‬ىذه اللعبة اؼبنتشرة يف أغلب تراب اؼبنطقة‪ ،‬ورغم‬
‫أهنا ُسب َارس من طرؼ الشيوخ الكبار غالبا‪ ،‬إال أهنا القت رواجا حٌب بْب الشباب مؤخرا‪ .‬كما تنتشر‬
‫ؾبموعة من األلعاب منها‪ :‬اػبطيوة‪ ،‬الربيعة‪ ،‬اللقفة‪ ،‬الرداية‪...‬إٍف‬
‫اللهجة المحلية للسكان‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫يقارف الكثّب من الكتاب والدارسْب يف وادي سوؼ بْب اللهجة احمللية للسكاف واللغة العربية‬
‫الفصيحة‪ ،‬فّبوف بأف األوُف تقَبب كثّبا من الفصيحة‪ ،‬ويشّب الدكتور أضبد زغب إُف التقارب‬
‫اغباصل بينهما‪ ،‬يظهر جليا يف اعبانبْب الصويت واؼبفردايت‪ 1.‬كما يشّب الباحث أضبد قباح إُف وجود‬
‫تقارب كبّب بْب ؽبجة اؼبنطقة وؽبجة أىاِف طرابلس حبكم عوامل جغرافية وتارىبية‪.2‬‬
‫وللهجة "سوؼ" عديد اؼبيزات اؼبتمثلة يف اؼبستوى الصويت‪ ،‬الصريف‪ ،‬الَبكييب والدالِف‪ .‬وكأمثلة‬
‫راسو)‪،‬خذفها إذا كانت يف وسط الكالـ مثل‪:‬‬ ‫عن ذلك نذكر‪ :‬زبفيف اؽبمزة يف مثل‪( :‬رأسو‬
‫سواؿ)‪.‬‬ ‫يػَ ِمينَة)‪ ،‬أو واوا مثل‪( :‬سؤاؿ‬ ‫لَ ِػم ْ‬
‫ْب)‪ ،‬وقد تبدؿ ياء يف مثل‪( :‬أمينة‬ ‫(األمْب‬
‫أ ََىنَّا)‪،‬‬ ‫ومن أمثلة اإلدغاـ‪ ،‬إدغاـ الالـ الساكنة يف النوف اؼبتحركة الٍب تليها يف مثل‪( :‬أ َْىلُنَا‬
‫اس َهل)‪ .‬ومن‬
‫َّ‬ ‫(افتعل‪/‬تفعل) يف فاء الفعل إذا كاف قريبا يف اؼبخرج يف مثل‪(:‬اتْ َسهل‬
‫ّ‬ ‫وإدغاـ تاء‬

‫‪ - ‬لعبة شعبية تتكوف من ؾبموعة من اغبجارة البيضاء والسوداء للتمييز بْب اؼبتنافسْب‪ ،‬ؾبموع كل واحدة منها ‪ 24‬بعدد اغبفر اػباصة بكل منها‪.‬‬
‫‪ - 1‬أضبد زغب‪ ،‬ؽبجة وادي سوؼ‪ -‬دراسة لسانية يف ضوء علم الداللة اغبديث‪ ،‬مطبعة مزوار‪ ،‬الوادي‪ ،‬ط‪ ،2012 ،1‬ص‪.18‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ahmed Najah، Le Souf des Oasie،p139‬‬
‫‪02‬‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬ ‫مدخل‬

‫اؼبي)‬ ‫ِس ّْب)‪(،‬اؼب ػ ػ ػػا‬ ‫مثل‪(:‬س ّْب‬


‫َ‬ ‫اإلمالة نذكر‪ :‬ربويل الفتحة إُف كسرة إذا غبقها ياء مد يف‬
‫الد ِوي) ‪.1‬‬
‫ّْ‬ ‫أي اؼباء‪ ،‬و(الدواء‬
‫‪ -6‬األدب الشعبي السوفي‪:‬‬
‫يف اؼبناسبات وغّبىا من أياـ السنة يف وادي سوؼ‪ ،‬كثّب من أصناؼ األدب الشعيب تُعايِش‬
‫الفرد يف فبارساتو‪ ،‬بل تعتب جزءا من حياتو اليومية العادية‪ ،‬وإذا ربدثنا عن حفل زواج‪ ،‬ذبد الرجاؿ‬
‫متجمعْب يف ساحات كبّبة – مفتوحة أو مغلوقة – ذبدىم يتفرجوف على مسرحية شعبية أو‬
‫يستمعوف إُف شاعر شعيب من شعراء اؼبنطقة اؼبعروفْب‪ ،‬ليحكي ؽبم واقع اغبياة ونبوـ واألفراد‪ ،‬وطموح‬
‫‪‬‬
‫الذي ىبلد فيو نوفمب الثورة فيقوؿ يف‬ ‫اعبماعات‪ .‬ومن بْب الشعراء الشعبيين يعد علي عناد‬
‫قصيدة وظبت بعنواف "ذكريات نوفمب" يقوؿ يف مطلعها‪:2‬‬
‫َجزايْ ِري واحد من الش َّ‬
‫ُّع َارة *** ظبعت النداء يف الراديو وأخباره‬
‫ظبعت النداء يف بالدي *** يف الراديو اؼبذيع بيو ينادي‬
‫اش َشعَّ ْل نَ َارْه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إِف عندىم غ َّبة على اعبهاد *** نوفمب كي َف ْ‬
‫يف وطَنَّا اؼبدف والبوادي *** نوفمب ضا ِوي كيف ِ‬
‫الفينَ َارة‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويتحدث الشاعر مهدي غماـ‪ ‬عن طاعة الوالدين يف قصيدة رائعة قائال يف مطلعها‪:3‬‬
‫ضبوا ص ِ‬
‫السوء َال َْهبَر ْح ُه ْم‬
‫ك َك َالـ ُّ‬
‫اغبْ ُه ْم وبَالَ ْ‬ ‫ك ال تُػْتػ ُرْؾ َوَال تْػلَ َّو ْح ُه ْم‪ ،‬كِ ْ‬
‫يف يَػغَ ْ ُ َ‬ ‫َوالْديِ ْ‬
‫إذا سألت عن الوالدين ومعزهتم *** يف عزىم كنر إِ ِّْف َمايَػ ْفنَ ْ‬
‫اش‬
‫ومايلقاش‬
‫ْ‬ ‫برضايِْتػ ُه ْم *** وإِف عصي َشاقِي‬ ‫ورب قرف رضاه َ‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬أضبد زغب‪ ،‬ؽبجة وادي سوؼ‪ -‬دراسة لسانية يف ضوء علم الداللة اغبديث‪ ،‬ص ‪.26،25،24‬‬
‫‪ -* ‬علي عناد‪ :‬ولد الشعر سنة ‪ 1928‬ببلدية الرباح والية الوادي‪ ،‬أين وتعلم وحفظ القرآف الكرًن‪ ،‬مث رحل إُف تونس حيث يعمل والده‪ ،‬وعاد‬
‫للوالية وعمل بالفالحة‪ ،‬ويقطن اليوـ يف دائرة اؼبقرف بالوالية‪ ،‬يهتم كثّبا بالقضايا العربية واالجتماعية وغّبنبا يف شعره‪.‬‬

‫‪ - 2‬بن علي ؿبمد الصاٌف‪ ،‬من روائع الشاعر الشعيب علي عناد‪ ،‬إصدار دار الثقافة والية الوادي‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص ‪.62‬‬
‫‪ ‬مهدي غماـ‪ :‬ىو ؿبمد اؼبهدي غماـ اؼبولود يف ‪ 1961/9/3‬بقرية حاسي خليفة والية الوادي رباه ابوه االمْب غماـ منذ الصغر على حب الشعر‬
‫وىذا حسب قوؿ الشاعر يف آّالس الشعرية يف اؼبناسبات مادحا والده الذي رسخ فيو حب الشعر الشعيب منذ نعومة أظافره‪.‬‬
‫‪ - 3‬مطلع قصيدة بعنواف طاعة الوالدين‪ ،‬مسجلة بالصوت‪.‬‬
‫‪03‬‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬ ‫مدخل‬

‫اش‬ ‫ِ‬
‫ماربس ْ‬
‫يب اػبّب من دعوهتم *** وانسى التعب والثقل َّ‬ ‫حاوؿ تْص ْ‬
‫اش‬ ‫ين ِمْت َخلّْ ْد يف ِذ ّْمْتػ ُه ْم *** يَانْ َد َرا تقدر َّ‬
‫وماترد ْ‬
‫ِ‬
‫عليك د ْ‬
‫اش‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ماضاقَ ْ‬
‫ومَر ْار الغ ّْب َ‬
‫يف ضبَل َها أمك ُش ُه ْور َح ّْسْتػ ُه ْم *** َ‬
‫ومن بْب األصناؼ األخرى الٍب ال ترتبط ارتباطا وثيقا باؼبناسبات‪ ،‬قبد األمثاؿ واأللغاز الشعبية الٍب‬
‫وبفظها الصغّب والكبّب من النساء والرجاؿ‪.‬‬
‫فمن بْب األلغاز نذكر‪:‬‬
‫‪ُ -‬ح َّكة لَبُّوبِيَّة مغطاىا شعر‪ ،‬تستحي من الشمس وتقابل القمر ‪ (:‬العْب البشرية)‪.‬‬
‫‪ -‬صرعِب ما صرعتو‪ ،‬صرعِب جابِب ربتو *** خرج من فص عيِب‪ ،‬نعمو ال شبحتو‪( :‬النوـ)‬
‫‪ -‬دارنا دمسة (ظلماء) ترفع طبسة‪ :‬اغبذاء حسب عدد أصابع الرجل‪.‬‬
‫‪ -‬ناقتنا باركة تتكلم بالتخميم***النواجع راحلة والسلطاف مقيم‪( :‬السبحة)‪.‬‬
‫‪ -‬توضى وما صلَّى ولبس وماخلَّى وراح وما َّ‬
‫وُف‪( :‬اؼبيت)‬
‫ومن األمثال‪:‬‬
‫‪ -‬خوذ طريق العافية ولو بعدت‪ ،‬وخوذ بنت العم ولو بارت‪ :‬للَبغيب يف زواج األقارب‬
‫– اؼبرا (اؼبرأة) قبىا راجل‪ :‬اؼبرأة يسَبىا ووبميها الرجل‪.‬‬
‫‪ -‬دار الرجاؿ مبنية ودار النساء ـبلية‪ :‬اتفاؽ الرجاؿ بناء وقوة‪ ،‬والنساء ضعف وخسارة‪.‬‬
‫‪ -‬صبي على روحي وال صب الناس علي‪ :‬داللة عن قوة التحمل والصب على الشدائد‪.‬‬
‫‪ -‬مد رجلك على قد فراشك‪ :‬أي ال تنظر إُف ماؿ ال تقدر على جلبو‪.‬‬
‫وأما القصص الشعبي فهو يقتصر غالبا على الشيوخ والعجائز‪ ،‬نظرا لعزوؼ الناس علػى ىػذا الصػنف‬
‫من األدب الشعيب‪ ،‬فهي تعاًف مواضيع تتعلق كل التعلق حبياة الفرد السويف قديبا‪ ،‬ومػن بػْب اغبكايػات‬
‫نػ ػػذكر‪ :‬لوقبػ ػػة‪ ،‬جػ ػػبه والصػ ػػيد‪ ،‬النصػ ػػيص‪ ،‬يػ ػػاراين غػ ػػوؿ‪ ،‬عػ ػػانس وأخواهتػ ػػا‪ ،‬عيشػ ػػة والغػ ػػوِف‪ ،‬القنفػ ػػود‬
‫والذيب‪...‬وغّبىا كثّب‪.‬‬

‫‪04‬‬
‫الفصل األول‬
‫ماىية القصص الشعبي‬
‫‪ -‬تمهي ـ ــد‬

‫أوال‪ -‬الحكاية الخرافية‬

‫ثانيا‪ -‬الحكاية الشعبية‬

‫ثالثا‪ -‬حكاية الحيوان‬


‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫القصص الشعيب كائن شفاؼ رقيق يقف على أبواب قلوبنا ويدؽ على نوافذ عقولنا حامال ىدايا‬
‫ضخمة‪ ،‬وبْب يديو لفائف كبّبة يريد أف يسلمها لنا‪ ،‬أمانة من تراث أجدادنا استودعوىا لنا عندىا‪،‬‬
‫تنتظر أماـ أبواب بيوتنا تستأذف الدخوؿ‪.1‬‬
‫يشتمل األدب الشعيب على أمباط عدة من النثر والشعر‪ ،‬وكل مبط ينقسم كذلك إُف أخرى فرعية‬
‫حسب اؼبوضوع واحملتوى والشكل‪ ،‬وإذا تأملنا اغبكايات مثال باعتبارىا طرازا يندرج ربت اؼبوضوع‬
‫الكبّب "األدب الشعيب" سنجد أف ىذه اغبكايات تنقسم إُف أمباط مثل‪ :‬حكايات اغبيواف‪ ،‬اإلنساف‪،‬‬
‫اعباف‪ ...‬مث قبد أف حكايات اغبيواف نفسها سوؼ تنقسم إُف حيوانات أليفة – غّب أليفة‪ ،‬ويندرج‬
‫ربت ىذا التصنيف أقساـ أخرى تبعا للعناصر األساسية اػباصة بتكوين الشكل العاـ ؽبذه‬
‫اغبكايات‪ ،‬دبعُب أنو سوؼ يكوف لدينا تصنيف عاـ شامل لكل مبط‪ ،‬مث داخل كل مبط سوؼ يكوف‬
‫‪2‬‬
‫لدينا تصنيف آخر فرعي يشتمل على موضوعات ىذا النمط‪.‬‬
‫أخذ القصص الشعيب جانبا كبّبا من اىتماـ دارسي اؼبأثورات الشعبية الذين ُشغِفوا دبا يبيزىا عن‬
‫باقي أصناؼ السرد الشعيب‪ ،‬ولقد اعَبض ىؤالء الباحثْب عدد من القضايا اؼبهمة يف ىذا آّاؿ منها‬
‫النقاش الدائم حوؿ التشابو واالختالؼ يف نصوص القصص الشعيب‪ ،‬ومدى الداللة حوؿ األصل‬
‫اؼبشَبؾ أو اؼبختلف ؽبا‪ ،‬كما حبثوا يف نشأهتا وأصوؽبا‪ ،‬ولكن أبرز ما يعَبضهم ىو إشكالية تصنيف‬
‫القصص الشعيب وإشكالية اؼبصطلح اللذاف يقفاف حجرة عثرة أماـ الباحثْب‪.‬‬

‫‪ - 1‬ؿبمد عزيز العرفج‪ ،‬اؼبوروث الشعيب يف السرد العريب‪ ،‬كتاب آّلة العربية‪ ،‬الرياض‪1435 ،‬ىػػ‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ - 2‬صفوت كماؿ‪ ،‬اؼبأثورات الشعبية علم وفن‪ ،‬مكتبة األسرة‪ ،‬مصر‪ ،2000 ،‬ص‪.56‬‬
‫‪06‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫اشكالية تصنيف القصص الشعبي‪:‬‬


‫‪ -1‬في الدراسات الغربية‬
‫يقوؿ "فالديمير بروب – ‪ "Vladimir Propp‬يف مشكلة التصنيف بأف تنوع القصص الشعيب‬
‫كاف سببا كافيا لعدـ القدرة على دراستها بشكل مباشر فبا وبتم تقسيم القصص إُف عدة أقساـ‪.‬‬
‫فالتصنيف الدقيق يعد اػبطوة األوُف يف الوصف العلمي الدقيق‪ ،‬والوصف الصحيح يؤدي إُف الدراسة‬
‫الصحيحة بالتأكيد‪ 1.‬ومنو وجب على الباحثْب الشعبيْب اتباع تصنيف مدروس للقصص الشعيب‬
‫بدؿ دراستها ككتلة واحدة وىنا كانت اإلشكالية‪ ،‬فأي تصنيف للقصص ىو األدؽ؟ وأي منهج ىو‬
‫األصوب؟ يف ظل التخبط الكبّب للباحثْب يف كيفية التصنيف‪ .‬فكانت بداية التقسيمات قد ميزت‬
‫بْب القصص العجيب وقصص اغبيواف على يد الباحث "ميلر‪ 2"Miler -‬وما ينقصو ىو عدـ إيفاء‬
‫ىذا التقسيم لكل األصناؼ دوف استثناء‪ ،‬فاغبكايات الشعبية والواقعية واالجتماعية‪ ...‬ال تنتمي‬
‫ؽبذين القسمْب‪.‬‬
‫من الباحثْب الذين تعرضوا للقصص واتبعوا تصنيفا معينا قبد الباحث األمريكي "آرني‪ -‬تومسون –‬
‫‪ "Arne-‬الذي صنف القصص من حيث احملتوى ال من حيث الشكل أو البناء‬ ‫‪Thomson‬‬

‫الَبكييب "فقد عكف على تفتيت اغبكايات إُف أجزائها الصغّبة بقصد ربديد األمباط األساسية الٍب‬
‫يندرج ربتها القصص الشعيب"‪ 3‬واتبع "آرف" طريقة أرشفة أو فهرسة اغبكايات كما يلي‪:4‬‬
‫‪ -‬قصص عن اغبيوانات ‪ -‬قصص صرفة ‪ -‬أحدوثات‪.‬‬

‫‪ - ‬فالديبّب بروب‪ )1972/1895( :‬باحث روسي من أصوؿ أؼبانية‪ ،‬أتقن اللغتْب األؼبانية والروسية وربصل على أعلى الرتب والدرجات العلمية‪،‬‬
‫ربصل على الدكتوراه يف شعبة الفلوكلور‪ ،‬والتحق جبامعة بَبوغراد (لينغراد)يف سنة ‪ .1913‬ويف عاـ ‪ 1938‬ركز بروب على الفلكلور ودافع عن‬
‫أطروحتو الٍب كانت ربت عنواف " أصل اغبكاية اػبرافية"‪ ،‬زبرج على يديو العديد من اؼبتخصصْب يف علم الفلكلور‪ ،‬صار بعضهم من العلماء اؼبرموقْب‪.‬‬
‫ورغم قلة مؤلفاتو إال أهنا تكتسي أنبية كبّبة مثل‪ :‬مورفولوجية اغبكاية اػبرافية ‪ ،1928‬اعبذور التارىبية للحكاية اػبرافية الروسية ‪ ،1946‬اؼبلحمة‬
‫البطولية الشعبية الروسية عاـ ‪.1955‬‬
‫‪ - 1‬فالديبّب بروب‪ ،‬مورفولوجيا القصة‪ ،‬تر‪ :‬عبد الكرًن حسن‪ ،‬ظبّبة بن عمو‪ ،‬شراع للنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ ،199 ،1‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 3‬نبيلة ابراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية ‪،‬دط‪ ،‬مكتبة غريب‪ ،‬الفجالة‪ ،‬مصر‪ ،‬دت‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪07‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫والقصص العجيب حسبو ينقسم إُف الفئات التالية‪( :‬العدو السحري‪ -‬الزوج أو الزوجة السحري‪-‬‬
‫اؼبهمة السحرية‪ -‬اؼبساعد السحري‪ -‬األداة السحرية‪ -‬القوة السحرية)‪ 1‬فقد ربط العجيب دبا ىو‬
‫سحري واستثُب عددا من العالقات واؼبسارات السردية الٍب وإف َف تكن سحرية إال أهنا تنتمي لعاَف‬
‫العجيب واػبياؿ‪ ،‬فكل ما يثّب الدىشة يف النفوس ىو يف اغبقيقة عاَف خياِف عجيب‪ .‬يف حْب قسم‬
‫"بول دوالري – ‪ "Paul Delarue‬القصص الشعيب حسب فهرستها كما يلي‪:2‬‬
‫أ‪ -‬حكايات خالصة‪ :‬تشتمل على كل من اغبكاية‪ :‬اػبرافية‪ -‬الواقعية‪ -‬الدينية‪ -‬األغواؿ األغبياء‪.‬‬
‫ب‪ -‬حكايات اغبيوانات‪.‬‬
‫ج‪ -‬اغبكايات اؼبرحة‪ :‬تضم عددا من اغبكايات من بينها‪ :‬القصص الٍب هتزأ من األغنياء واألقوياء‪-‬‬
‫القصص الٍب هتزأ من الفقراء والضعفاء‪ -‬القصص الٍب هتزأ من سكاف أو ساللة معينة‪...‬‬
‫أما األؼباين "فوندت ‪ "Wundt -‬فقد حاوؿ يف تقسيمو أف يلم بأكب عدد فبكن من اغبكايات‬
‫مستفيدا من الدراسات الٍب سبقتو فجاء تقسيمو بالشكل اآليت‪:3‬‬
‫‪ -‬الفابوالت اؼبيثولوجية – حكايات السحر اػبرافية الصرؼ‪.‬‬
‫‪ -‬فابوالت اغبيوانات ‪ -‬اػبرافات والفابوالت البيولوجية‪.‬‬
‫‪ -‬فابوالت أخالقية ‪ -‬حكايات أصوؿ القبائل والشعوب‪.‬‬
‫‪ -‬حكايات ىزلية خرافية وفابوالت ىزلية‪.‬‬
‫وكبن ىنا لسنا يف مقاـ نقد‪ ،‬ولكننا كباوؿ كشف االختالؼ بْب الطرؽ واؼبناىج اؼبتبعة يف التصنيف‪،‬‬
‫فمرة قبده يعتمد على اؼبوضوع أو احملتوى‪ ،‬وأخرى يعتمد على النوع والشكل‪.‬‬
‫لقد عرؼ تصنيف القصص الشعيب قفزة نوعية إثر أعماؿ اؼبدرسة الشكالنية الروسية متمثلة يف‬
‫دراسة فالديبّب بروب ومنهجو اؼبورفولوجي الذي قسم اغبكايات إُف ؾبموعة من الوظائف ال زبرج‬
‫عن إحدى وثالثْب وظيفة "فما إف يتم عد الوظائف حٌب يصبح باإلمكاف ذبميع القصص الٍب‬

‫‪ - 1‬نبيلة ابراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية‪ ،‬ص ‪28‬‬


‫‪ - 2‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬القصص الشعيب دبنطقة بسكرة دراسة ميدانية‪ ،‬اؼبؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اعبزائر‪ ،1984 ،‬ص‪.86‬‬
‫‪ - 3‬نبيلة ابراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومنسية إُف الواقعية‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪08‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫تصطف فيها نفس الوظائف‪ ،‬وبذا يبكننا اعتبارىا قصصا تنتمي إُف نفس النمط"‪ .1‬ويعد بروب أوؿ‬
‫من أرسى منهجا واضح اؼبعاَف والرؤى من خاللو وجد الدارسوف اؼبنهج الذي افتقدوه يف تصنيفاهتم‪،‬‬
‫فالتحليل اؼبورفولوجي وصف للحكايات تبعا ألجزائها اؼبكونة ؽبا‪ ،‬وعالقة ىذه األجزاء بعضها‬
‫ببعض‪ ،‬إضافة إُف عالقتها بالكل‪ 2.‬وىذا كلو يتوقف على الشكل دوف الغوص يف ؿبتوى النصوص‬
‫القصصية‪ ،‬وىذا ما كاف يعاب على اؼبنهج الوظائفي‪ ،‬حينها تعمقت دراسة "كلود ليفي ستراوس –‬
‫‪ 3"C.Lévi Strauss‬على األسطورة يف استخراج عدد من الثنائيات الضدية اؼبكونة ؽبا اتسمت‬
‫بالعمق‪ ،‬وَف ىبل كذلك من نقد الفلوكلوريْب‪.‬‬
‫‪ -2‬في الدراسات العربية‪:‬‬
‫الكثّب من الدارسْب يف السرد الشعيب تعرضوا لتصنيف القصص الشعيب بطرؽ ـبتلفة وتصنيفات‬
‫تتمايز فيما بينها من حيث الشكل واحملتوى ومن أبرزىم‪:‬‬
‫‪ -‬الباحثة اؼبصرية نبيلة إبراىيم الٍب قسمت القصص الشعيب إُف حكايات خرافية وأخرى شعبية‪،‬‬
‫وكل منها إُف ؾبموعة أخرى من التصنيفات الفرعية‪ ،‬فكاف تصنيفها األوؿ يقوـ على أساس النوع‬
‫ومنو‪ :‬اغبكاية اػبرافية‪ ،‬حكاية اغبياة اليومية وحكايات اغبيواف‪ .‬وسرعامبا تعرض ىذا التقسيم إُف‬
‫النقد والتساؤالت حوؿ مدى قدرتو على تقسيم كل أصناؼ القصص بشكل صحيح‪.‬‬
‫كما اعتمدت يف تصنيفها حسب احملتوى إُف عدة موضوعات "ومن ىنا هبدر بنا أف نصنف‬
‫اغبكايات الشعبية الٍب سبثل جوانب اغبياة اؼبختلفة حسب ؿبتواىا إُف اؼبوضوعات اآلتية‪ :‬حكايات‬

‫‪ - 1‬فالديبّب بروب‪ ،‬مورفولوجيا القصة‪ ،‬تر‪ :‬عبد الكرًن حسن‪ ،‬ظبّبة بن عمو‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪‬‬
‫وزبرج يف كلية اغبقوؽ عاـ ‪ ،1931‬مث التحق بالبعثة اعبامعية‬
‫‪ -‬كلود ليفي شَباوس‪ :‬باحث أنثروبولوجي فرنسي‪ ،‬تلقَّى تعليمو اعبامعي يف السوربوف َّ‬
‫الفرنسية يف البازيل حيث أصبح أستاذاً لعلم االجتماع يف جامعة ساو باولو يف الفَبة ‪ 1935‬ػ ‪ ،1939‬وىي الفَبة الٍب قاـ فيها بعمل أحباث حقلية‬
‫إثنوجرافية بْب قبائل البورورو يف وسط البازيل والٍب على أساسها أقاـ نظريتو يف علم األساطّب‪ ،‬ولو كتب عدة منها‪ :‬األبنية األولية لعالقات القرابة‪،‬‬
‫األنثروبولوجيا البنيوية‪ ،‬مث صدرت لو ؾبموعة من الدراسات بعنواف األساطّب أو مقدمة لعلم اؼبيثولوجيا‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫الواقع األخالقي‪ ،‬حكايات الواقع االجتماعي‪ ،‬حكايات الواقع السياسي‪ ،‬حكايات تكشف عن‬
‫‪1‬‬
‫موقف اإلنساف الشعيب من العلم الغييب‪ ،‬حكايات اؼبعتقدات مث اغبكايات اؽبزلية "‬
‫‪ -‬أما عبد الحميد يونس فقد أطلق على القصص الشعيب مصطلح اغبكايات الشعبية وذكر أنواعها‬
‫كما يلي‪ :‬حكاية اغبيواف‪ ،‬حكاية اعباف‪ ،‬حكاية الشطار‪ ،‬اغبكاية اؼبرحة‪ ،‬اغبكاية االجتماعية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫حكاية األلغاز والسّب الشعبية‪.‬‬
‫‪ -‬ونسَبسل يف كيفية تصنيف القصص الشعيب ونتعرض إُف القواعد واألسس الٍب اعتمدىا الباحثوف‪،‬‬
‫قبد أف الدكتور طالل حرب قد استخدـ مصطلح اغبكايات الشعبية بدؿ القصص الشعيب مثلو مثل‬
‫عبد اغبميد يونس‪ ،‬وقسمها إُف عدد من اغبكايات‪:‬‬
‫‪ -‬اغبكاية العجيبة ‪ -‬اغبكاية الواقعية‪.‬‬
‫‪ -‬اغبكاية التعليمية ‪ -‬اغبكاية الوعظية‪.‬‬
‫‪ -‬حكاية اؼبعتقدات ‪ -‬اغبكاية الرمزية ‪ -‬حكاية البطولة‪.‬‬
‫وقد فضل الباحث مصطلح اغبكاية العجيبة على اغبكاية اػبرافية‪ ،‬ألف مصطلح (خرافة) يتضمن‬
‫الكذب والفساد ونبا أمراف بعيداف كل البعد عن ىذا النوع من اغبكايات الٍب تشدىا رابطة منطقية‬
‫‪3‬‬
‫متينة تدفعها كبو ىدؼ ؿبدد‪ ،‬يف حْب مصطلح (عجيبة) انطالقا من بنيتها اغبافلة بالعجائب‪.‬‬
‫* من خالؿ التقسيمات السابقة نالحظ مدى التداخل بْب أصناؼ القصص الشعيب أو اغبكايات‬
‫الشعبية كما ظباىا البعض‪ ،‬فعبد اغبميد يونس وطالؿ حرب فقد قسما اغبكايات الشعبية بطريقة‬
‫مباشرة باعتماد التصنيف العاـ ؽبا دوف التطرؽ إُف التصنيفات الفرعية لكل منهما‪ ،‬فلو نظرنا إُف نبيلة‬
‫ابراىيم قبدىا قد صنفت حكاية الواقع االجتماعي (اغبكاية االجتماعية عند عبد اغبميد يونس) يف‬
‫خانة اغبكاية الشعبية‪ .‬أي تصنيف عاـ وىو اغبكاية الشعبية‪ ،‬وصنف فرعي ؽبا ىو اغبكاية‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫‪ - 1‬نبيلة ابراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومنسية إُف الواقعية ص ‪.175‬‬


‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬الكاتب العريب للطباعة والنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،1968 ،‬ص ‪.95،29‬‬
‫‪ - 3‬طالؿ حرب‪ ،‬أولية النص‪ ،‬نظريات يف النقد والقصة واألسطورة واألدب الشعيب‪ ،‬اؼبؤسسة اعبامعية للنشر‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪ ،1999 ،1‬ص ‪.126‬‬
‫‪10‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -3‬في الدراسات الجزائرية‪:‬‬


‫تعددت اؼبصطلحات واختلطت بْب العديد من الدارسْب ‪ ،‬فكل باحث يف ؾباؿ الفنوف الشعبية‬
‫صنف القصص الشعيب بطريقتو اػباصة ومنظوره اػباص ؽبا‪ ،‬كما طرحت إشكاليات كثّبة يف العديد‬
‫من اؼبلتقيات والندوات واحملاضرات‪ .‬ويف ىذا آّاؿ يرى عبد اغبميد بورايو بأف " مسألة تصنيف‬
‫‪1‬‬
‫القصص الشعيب من اؼبشاكل األساسية الٍب تعَبض دارس ىذا اللوف من أشكاؿ التعبّب"‬
‫‪ -‬وبالعودة إُف ىذه اإلشكالية ترى ليلى روزالين قريش بأف " مسألة تصنيف القصص الشعيب من‬
‫اؼبشاكل األساسية الٍب تعَبض دارس ىذا اللوف من أشكاؿ التعبّب الشعيب"‪ 2‬حبيث صنفت القصة‬
‫الشعبية تصنيفا راعت فيو‪ :‬حجم القصة‪ ،‬فكرهتا الرئيسية والشخصيات‪.‬‬
‫من حيث حجم القصة‪ :‬صنفت القصص إُف قصص طويلة وأخرى قصّبة‪.‬‬
‫أ‪ -‬القصص الطويلة‪ :‬ربوي كل من قصص البطولة واػبرافة‪ ،‬وموضوعاهتا مستوحاة من األساطّب‪،‬‬
‫الدين وعلم اعبن واغبيواف‪.‬‬
‫‪ -‬قسمت قصص البطولة إُف‪ :‬بطولة دينية ‪ ،‬بطولة وعظية‪ ،‬بطولة بدوية وأخرى حديثة‪.‬‬
‫‪ -‬قسمت اػبرافات إُف‪ :‬خرافة دينية ‪،‬خرافة اعبن ‪،‬خرافة ؿبلية ‪،‬خرافة شخصيات واقعية غّب دينية‪.‬‬
‫ب_ القصص القصّبة‪ :‬ربوي كل من اؼبوعظة والفكاىة ( قصص ألف ليلة وليلة‪ ،‬كليلة ودمنة )‬
‫وموضوعاهتا من األخالؽ والنكت اؼبشهورة‪ .‬وقسمت القصص القصّبة إُف قصص التسلية‪ ،‬قصص‬
‫التخفيف عن اؼبكبوتات وقصص ذات مغزى‪ 3.‬وفبا يعاب على تصنيف ليلى قريش أهنا أنبلت كل‬
‫من فكرة اغبكايات وشخصياهتا‪ ،‬يف حْب اىتمت باغبجم فقط "واضح أف الطوؿ أو القصر ىي‬
‫السمة الوحيدة الٍب روعيت يف ىذا التصنيف"‪.4‬‬

‫‪ - 1‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬القصص الشعيب دبنطقة بسكرة دراسة ميدانية‪ ،1984 ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ - 2‬روزالْب ليلى قريش‪ ،‬القصة الشعبية اعبزائرية ذات األصل العريب‪ ،‬دط‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪ ،‬اعبزائر ‪ ،1980،‬ص‪.89‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.96،89‬‬
‫‪ - 4‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬القصص الشعيب دبنطقة بسكرة دراسة ميدانية‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪11‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬ولقد اتبعت الدكتورة حورية بن سالم يف تقسيمها للقصص الشعيب الذي أطلقت عليو مصطلح‬
‫"اغبكاية الشعبية "من منطلق أهنا تعِب تلك القصص القصّبة الٍب التزاؿ حية ومتناقلة شفويا بْب‬
‫الناس بشكل خاص‪ ،‬من قصص اغبيواف أو الغيالف أو قصص الوقائع اليومية الٍب قد حدثت أو َف‬
‫ربدث أو ستحدث"‪ 1‬واألصناؼ ىي‪:‬‬
‫* حكاية الواقع االجتماعي الٍب تستقي موضوعاهتا من واقع الناس االجتماعي والثقايف واالقتصادي‪.‬‬
‫* حكاية اغبيواف الٍب تتفرع منها حكاية اغبيواف الشارحة وحكاية اغبيواف اػبرافية‪.‬‬
‫* حكاية اؼبعتقدات الدينية‪ :‬اؼبعتقدات الشعبية ذات األصل الديِب اؼبتعلقة باؼبعتقدات واإليباف‬
‫بالقضاء والقدر واغبساب والعقاب‪.‬‬
‫* اغبكاية اؼبرحة‪ :‬أحدوثة قصّبة منثورة ربكي نادرة مسلية تنتهي دبوقف مرح‪ ،‬تندر فيها اػبوارؽ‪،‬‬
‫تأخذ موضوعاهتا من اغبياة اليومية للمجتمع‪.2‬‬
‫* إضافة إُف‪ :‬اغبكاية اػبرافية‪ ،‬حكاية األلغاز وحكاية التواتر‪.‬‬
‫‪ -‬وقد رأى الدكتور أحمد زغب أف أفضل التقسيمات للقصص الشعيب ىو ذلك الذي اتبعو‬
‫مصطفى يعلى يف كتابو (القصص الشعيب باؼبغرب) الذي ميز بْب أربع أصناؼ تندرج ربت مصطلح‬
‫عاـ يشملها صبيعا أال وىو (القصص الشعيب)‪ ،3‬أوؽبا اغبكاية العجيبة الٍب فضلها عن مصطلح‬
‫(اغبكاية اػبرافية) ألف ىذه األخّبة ربيلنا مباشرة إُف تراثنا العريب على لساف اغبيواف مثل كليلة ودمنة‪.‬‬
‫وثانيها ىو اػبرافة الرمزية أو الفابوال‪ ،‬والثالث ىو اغبكاية الشعبية الٍب تعتمد أساسا على الواقع‬
‫االجتماعي تصوره وتنقده‪ ،‬أما اؼبصطلح الرابع فهو اغبكاية اؼبرحة أو النادرة‪.‬‬

‫‪ - 1‬حورية بن ساَف‪ ،‬اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية دراسة ونصوص‪ ،‬دار ىومة للطباعة والنشر‪ ،‬اعبزائر‪ ،2010 ،‬ص‪.74‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪ - 3‬أضبد زغب‪ ،‬األدب الشعيب الدرس والتطبيق‪ ،‬مطبعة سخري‪ ،‬الوادي ‪،‬اعبزائر‪ ،‬ط‪ ،2012 ،2‬ص‪.51‬‬
‫‪12‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬يف حْب جاءنا الباحث عبد الحميد بورايو بتصنيف ميز فيو بْب أصناؼ أساسية وأخرى متفرعة‬
‫منها‪ .‬تتمايز فيما بينها يف األصل واؼبسار التطوري والظروؼ التارىبية الٍب ساعدت على نشأهتا‪،‬‬
‫ـبتلفة يف اؼبكونات الفنية واألسلوب والوظائف‪ 1.‬ىي كما يلي‪:‬‬
‫* قصص البطولة‪ :‬ربوي كل من قصص البطولة البدوية‪ ،‬قصص اؼبغازي‪ ،‬قصص األولياء‪ ،‬قصص‬
‫الزىاد‪ ،‬قصص اػبارجْب عن القانوف‪ ،‬قصص الثوار‪.‬‬
‫* اغبكايات اػبرافية‪ :‬يندرج ربتها اغبكايات اػبرافية اػبالصة وحكايات األغواؿ األغبياء‪.‬‬
‫* اغبكايات الشعبية‪ :‬حكايات الواقع االجتماعي‪ ،‬اغبكايات احمللية‪ ،‬حكايات اغبيواف والنوادر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ويرى بأف ىذه األنواع أو الفروع ىي األكثر انتشارا يف اعبزائر‪.‬‬
‫ما يُالحظ يف تصنيف عبد اغبميد بورايو أف اغبكاية الشعبية احتوت حكاية اغبيواف‪ ،‬وىذا ما َف‬
‫يذىب إليو الكثّب من الباحثْب الذين ميزوىا عن غّبىا من اغبكايات وكانت صنفا من القصص‬
‫عامة ال اغبكاية الشعبية‪.‬‬
‫‪ ‬من خالؿ ىذه التقسيمات اؼبختلفة ظهر جليا مدى التخبط يف طرؽ التصنيف‪ ،‬فلم يستقر‬
‫الباحثوف حوؿ تصنيف بعينو فحسب‪ ،‬بل ذباوزا ذلك يف اؼبصطلحات واؼبفاىيم‪ ،‬ومنها اؼبساواة بْب‬
‫مصطلحي القصص الشعيب واغبكايات الشعبية عند باحثْب كعبد اغبميد يونس وطالؿ حرب‪ ،‬يف‬
‫حْب قبد اغبكايات الشعبية ما ىي إال صنف من القصص عند آخرين كعبد اغبميد بورايو‪ .‬إضافة‬
‫إُف تعدد اؼبصطلحات لصنف واحد‪ ،‬كأف نقوؿ‪ :‬اغبكاية اػبرافية‪ ،‬اغبكاية العجيبة أو حكاية الغيالف‬
‫أو اػبوارؽ‪ ،‬أو نقوؿ اغبكاية الشعبية‪ ،‬اغبكاية الواقعية‪ ،‬حكاية الواقع االجتماعي‪ ،‬وكلها تؤدي بنا‬
‫إُف نفس اؼبفهوـ عند عدد من دارسي السرد القصصي‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬األدب الشعيب اعبزائري‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬اعبزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫‪13‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫إف القصص الشعيب لو من الكثرة والتنوع الكثّب إُف درجة يصعب معها حصره أو دراستو‪ ،‬ؽبذا كاف‬
‫لزاما أف سبر عملية التعاطي معو دبجموعة من اؼبراحل األولية الضرورية‪ ،‬ومنها صبعو وتصنيفو وتبويبو‬
‫‪1‬‬
‫وأرشفتو قبل مقاربتو دبختلف اؼبناىج‬
‫لذلك ارتأيت أف أقسم حكايات البحث إُف ثالثة أقساـ أساسية وربت كل قسم عدد من األصناؼ‬
‫الفرعية‪ ،‬وذلك حسب اؼبًب الذي صبعتو‪.‬‬
‫حكاية الحيوان‬ ‫الحكاية الشعبية‬ ‫الحكاية الخرافية‬ ‫األصناف األساسية‬
‫القصص الشعبي‬
‫‪ -‬حكاية اغبيواف التعليلية‬ ‫‪ -‬حكاية الواقع االجتماعي‬ ‫‪ -‬حكاية الغوؿ‬
‫‪ -‬حكاية اغبيواف الرمزية‬ ‫‪ -‬حكاية الواقع األخالقي‬ ‫‪ -‬حكاية اعباف‬ ‫األصناف الفرعية‬
‫(التعليمية)‬ ‫‪ -‬حكاية الواقع السياسي‬ ‫‪ -‬حكاية السحر‬
‫الجدول رقم (‪)1‬‬

‫اغبكاية اػبرافية تعد من األصناؼ البارزة ليس يف القصص الشعيب فقط‪ ،‬وإمبا يف النثر الشعيب عامة‪،‬‬
‫إذ عبأ إليها اإلنساف وتوسع يف فبارستها على كبو جعل منها فضاء رحبا وبوي ّٔا أفكاره الٍب ما وجد‬
‫ؽبا مكانا يف حياتو الواقعية‪ ،‬ازبذ من شخصياهتا اػبيالية وأحداثها الٍب تتخذ من الرمز واػبرافة عنوانا‬
‫لتجسيد طموحاتو وآمالو‪ ،‬فتغلب دبساعدهتا على الشر واألشرار‪ ،‬وجسد ّٔا مواقف اػبّب واألخيار‪.‬‬
‫ونتعرض يف ىذا اؼبقاؿ إُف ماىية اغبكاية اػبرافية بإهباز‪ ،‬من حيث اؼبفهوـ‪ ،‬النشأة‪ ،‬اػبصائص‬
‫وموضوعاهتا‪...‬‬

‫‪ - 1‬مصطفى يعلى‪ ،‬القصص الشعيب اؼبغريب‪ :‬إشك الية التصنيف والتجنيس‪ ،‬ديواف العرب‪ :‬منب حر للثقافة والفكر واألدب‪ ،‬الثالثاء ‪ 28‬أفريل‬
‫‪.2010‬‬
‫‪14‬‬
‫أوال‪ -‬الحكاية الخرافية‬

‫مفهوم الحكاية الخرافية‬ ‫‪-1‬‬


‫خصائص الحكاية الخرافية‬ ‫‪-2‬‬
‫موضوعات الحكاية الخرافية‬ ‫‪-3‬‬
‫نشأة الحكاية الخرافية‬ ‫‪-4‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ - 1‬مفهوم الحكاية الخرافية‪:‬‬


‫ت‬‫أ‪ -‬لغة‪ :‬جاء يف لساف العرب البن منظور أف اغبكاية من الفعل (حكى)‪ ،‬فهي ‪":‬ك َق ْولَك َح َكْي ُ‬
‫كيت عنو اغبديث ِح َكايَة"‪.1‬‬ ‫ِِ‬
‫وح ُ‬‫أج َاوَزه‪َ ،‬‬
‫ت مثل قولو سواء َف َ‬‫علت مثل ف ْعلو أو قُػ ْل َ‬
‫وحاكيتُو فَ َ‬
‫فَُالناً َ‬
‫وشأَّوُ"‪ .2‬واغبكاية " ما ُوبكى ويػُ َقص‪ ،‬وقع‬ ‫وىي من قولك"حكى الشيء ِح َكايَة‪ :‬أَتَى دبثلو َ‬
‫أوزبُيِل" ‪ .‬وورد اؼبصطلح أيضا بنفس الصيغة واؼبفهوـ يف ـبتار الصحاح‪ :‬أي َ‬
‫‪3‬‬
‫الكالـ‬
‫"حكى عنو َ‬ ‫ُ‬
‫وحكى فِ ْعلو وحاكاه إذا فعل مثل فعلو‪ ،‬واحملاكاة اؼبشاكلة"‪ .4‬ىذا‬ ‫وحكاَ َْوب ُكو لَغَة‪َ ،‬‬
‫ِ ِ‬
‫َْوبكي ح َكايَة‪َ ،‬‬
‫فيما ىبص مصطلح (حكاية)‪ .‬أما مصطلح (خرافة) فقد ذُكر يف اللساف كذلك‪ ،‬فقاؿ ابن منظور‬
‫ؼ بالتحريك‪ :‬فساد العقل من الكب‪ ،‬وقد خ ِرؼ الرجل‪،‬‬ ‫ؼ اػبََر ُ‬
‫بأف أصلها من الفعل (خرؼ)" َخَر َ‬
‫ؼ‪ ،‬فسد عقلو من ِ‬
‫الك َب‪ ،‬واألنثى َخ ِرفَة وأخرفو اؽبرـ"‪.5‬ويذىب‬ ‫بالكسر‪ ،‬ىبرؼ خرفا‪ ،‬فهو َخ ِر ٌ‬
‫ؼ‪ -‬خرفا‪ :‬فسد عقلو من ِ‬
‫الك َب‪ ،‬فهو َخ ِرؼ‬ ‫ػ"خ ِر َ‬
‫الباحثوف يف ؾبمع اللغة العربية يف االذباه نفسو‪ ،‬ف ػ ػ َ‬
‫وىي خرفة"‪ .6‬وأورد ابن منظور يف اللساف أف خرافة من بِب عُذرة اختطفو اعبن‪ ،‬وحْب رجوعو إُف‬
‫قومو راح وبدثهم دبا رأى من عجيب األمور فكذبوه‪ ،‬فجرى على ألسن الناس‪ .‬وروي عن النيب‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو وسلم‪ -‬أنو قاؿ‪ ":‬وخرافة حق"‪ ،‬ويف حديث عائشة –رضي اهلل عنها‪ -‬قاؿ ؽبا النيب –‬
‫صلى اهلل عليو وسلم ‪ -‬حدثيِب‪ .‬قالت‪ :‬ما أحدثك حديث خرافة‪ .‬والراء فيو ـبففة وال تدخلو األلف‬
‫َجَروه على كل ما يكذبونو‬
‫والالـ ألنو معرفة‪ ،‬إال أنو يريد بو اػبرافات اؼبوضوعية من حديث الليل أ ْ‬
‫من األحاديث‪ 7.‬ومعُب الكالـ أف اغبكاية اػبرافية ىي عملية قص أو حكي ألحاديث تلعب فيها‬
‫شخصيات خيالية دورا مهما يف سرد أحداثها‪ ،‬من منطلق أننا ال نصدقها وال نؤمن حبدوثها الفعلي‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن منظور‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬تح‪ :‬علي عبد اهلل الكبّب وؾبموعة من األساتذة‪ ،‬دار اؼبعارؼ القاىرة‪،1919،‬مادة حكى‪،‬ص‪.954‬‬
‫‪ - 2‬ؾبمع اللغة العربية‪ ،‬اؼبعجم الوسيط‪ ،‬اشراؼ شوقي ضيف‪ ،‬مكتبة الشروؽ الولية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2004 ،4‬مادة حكى‪،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ف‪.‬‬
‫‪ - 4‬الرازي‪ ،‬ـبتار الصحاح‪ ،‬أعده للنشر ؿبمد ثامر‪ ،‬دار مكتبة اؽبالؿ‪ ،‬بّبوت‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ - 5‬ابن منظور‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬مادة خرؼ‪ ،‬ص ‪.1138‬‬
‫‪ - 6‬ؾبمع اللغة العربية‪ ،‬اؼبعجم الوسيط‪ ،‬مادة خرؼ‪ ،‬ص ‪.258‬‬
‫‪ - 7‬ابن منظور‪ ،‬لساف العرب‪،‬ص‪.1140‬‬
‫‪16‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ب‪ -‬اصطالحا‪ :‬ولتوضيح اغبكاية اػبرافية بصفة أدؽ وجب التطرؽ إُف الباحثْب يف آّاؿ الشعيب‬
‫الذين عرفوا ىذا الصنف من النثر بطريقة مفصلة‪ ،‬ويف مقدمة ىؤالء الباحثْب‪ ،‬ربدثت الباحثة نبيلة‬
‫إبراىيم فقالت‪" :‬اغبكاية اػبرافية البدائية تكونت يف األصل من أخبار مفردة‪ ،‬تُبعث من حياة‬
‫الشعوب البدائية‪ ،‬ومن تصوراهتم ومعتقداهتم‪ ،‬مث تطورت ىذه األخبار وازبذت شكال فنيا على يد‬
‫القاص الشعيب وأصبحت ؽبا قواعد وأصوؿ ؿبددة "‪ ،1‬أي أف األصل يف اغبكاية اػبرافية ىي‬
‫فبارسات األفراد يف حياهتم اليومية وطريقة تفكّبىم فبثلة مادة خاـ‪ ،‬قبل أف يصقلها الراوي يف قالب‬
‫فِب متميز‪ .‬وقد أشار الباحث فريدريتش فوندرالين إُف أف "اغبكاية اػبرافية صورة معقدة مركبة ترجع‬
‫إُف أقدـ العصور اإلنسانية وما تزاؿ نشطة كذلك يف عصرنا مستمدة منها دواعي حياهتا"‪ .2‬وبذلك‬
‫فاغبكاية اػبرافية ىي شكل فِب أديب‪ ،‬تعب عما ىبتلج يف نفس اإلنساف من رغبات يف التعبّب عن‬
‫ذاتو وعن عاؼبو اػبارجي‪ ،‬ورغم قدمها فالكثّب من آّتمعات يؤمنوف ّٔا ويعتبوهنا جزءا ال يتجزأ من‬
‫ماضيهم اؼبعب عن حضارة أجدادىم‪ .‬وىذا ما ذكرتو بالتفصيل الباحثة ليلى روزالْب قريش بأف‬
‫اغبكاية اػبرافية ما ىي إال "قصة اخَبعها اػبياؿ الشعيب وأضاؼ ؽبا جانبًا خرافيا للتعبّب عن عقيدة‬
‫خاصة يؤمن ّٔا الناس‪ ،‬أو فكرة معينة تتحمس ؽبا اعبماىّب"‪ .3‬ورغم اختالؼ التسميات من حكاية‬
‫حكاية خرافية‪ ،‬حكاية عجيبة‪ ،‬خرافة‪ ،‬أو حكاية السحر واػبوارؽ‪ ،4‬إال أهنا بقيت ؿبافظة على بنائها‬
‫بنائها وشكلها القصصي اؼبميزين‪.‬‬
‫يف كتابو (مقوالت يف الَباث الشعيب) يعرؼ الناصر البقلوطي اغبكاية اػبرافية بأهنا خطاب شفوي‬
‫‪5‬‬
‫هبمع بْب باث ومتلق هبسد من خالؽبا راويها ؾبموعة القيم الٍب تنظم عالقات أفرادىا‬

‫‪ -1‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬أشكاؿ التعبّب يف األدب الشعيب‪ ،‬دار النهضة للطبع والنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دط‪،‬دت‪،‬ص‪.56‬‬
‫‪ - 2‬فريدريتش فوف ديرالين‪ ،‬اغبكاية اػبرافية(نشأهتا‪ ،‬مناىج دراستها وفنيتها)‪،‬ترصبة نبيلة إبراىيم‪ ،‬مراجعة عز الدين إظباعيل‪ ،‬مكتبة غريب‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫دط‪،‬دت‪،‬ص‪.69‬‬
‫‪ - 3‬ليلى روزالْب قريش‪ ،‬القصة الشعبية اعبزائرية ذات األصل العريب‪ ،‬ص‪.144‬‬
‫‪ - 4‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬اغبكايات اػبرافية للمغرب العريب‪ ،‬وزارة الثقافة الوطنية‪ ،‬اعبزائر‪ ،2007 ،‬ص‪.5‬‬
‫‪ - 5‬ناصر البقلوطي‪ ،‬مقوالت يف الَباث الشعيب‪ ،‬منشورات تب الزماف‪ ،‬تونس‪ ،2005 ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪17‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫وىو ىنا يوضع العالقة بْب الراوي وبيئتو االجتماعية‪ ،‬فاغبكاية اػبرافية ما ىي إال تعبّب عن الرؤى‬
‫االجتماعية‪ ،‬كما يعرفها الدكتور عبد اغبميد بورايو بقولو‪" :‬اغبكاية اػبرافية إبداع صباِف ذو ظبات‬
‫ؿبددة‪ ،‬وقد عرفتو شعوب العاَف منذ العصور القديبة"‪ .1‬فهي ؾبموعة من حوادث جزئية ذات طابع‬
‫سحري خاص تتكوف يف النهاية لتشكل حدثا كليا‪ ،‬عاؼبها ؾبهوؿ‪ ،‬وشخصياهتا خيالية‪ ،‬كاعبن‬
‫والعفاريت والغيالف‪ .‬كما يفسر من خالؽبا اإلنساف البدائي قديبا عن الظواىر الغامضة والٍب َف هبد‬
‫ؽبا تفسّبا يُشبِع فكره كخسوؼ القمر وطلوع النهار وغروب الشمس واؼبطر واعبفاؼ وغّبىا من‬
‫ظواىر الطبيعة اؼبختلفة‪.2‬‬
‫ويتضح كالمنا حْب نتطرؽ إُف تعريف سعيدي ؿبمد ؽبا "اغبكاية اػبرافية يف األصل ىي ذبربة‬
‫وقعت لبطل‪ ،‬وبعد سلسلة من اؼبغامرات واؼبخاطرات‪ ،‬تلعب فيها اػبوارؽ دورا بارزا‪ ،‬تَبجم ىذا‬
‫الدور من خالؿ حركٍب اعبن والعفاريت والغوؿ والشيطاف واؼبغارات والودياف واغبيواف اؼبفَبس منو‬
‫واألليف الصديق اؼبساعد للبطل‪ ،‬والوحش اؼبعاكس للبطل واػبامت السحري احملوؿ اعبنة إُف جحيم‬
‫واعبحيم إُف جنة‪ ،‬والطائر الذي وبلق بالبطل إُف عاَف ؾبهوؿ‪ ،‬يقطع بو مسافات طويلة يف برىة من‬
‫‪3‬‬
‫الزمن‪"...‬‬
‫وكخالصة ؼبا سبق‪ ،‬يبكن القوؿ بأف اغبكاية اػبرافية‪ ،‬ؾبموعة من األحداث اػبيالية الواقعة يف عاَف‬
‫سحري مليء بشخصيات خارقة كاعبن والغيالف واؼبردة والعفاريت‪ ...‬يصارع فيها البطل لتحقيق‬
‫ىدفو‪ ،‬يقف أماـ ربقيقو ؾبموعة من الشخصيات اؼبعارضة‪ ،‬فيما يالقي عددا من اؼبساعدات من‬
‫خّبة‪.‬‬
‫شخصيات ّْ‬

‫‪ - 1‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬القصص الشعيب يف منطقة بسكرة‪-‬دراسة ميدانية‪ ،‬ص‪.128‬‬


‫‪ - 2‬عبد الرضباف عيسوي‪ ،‬سيكولوجية اػبرافة والتفكّب العلمي‪ ،‬منشأة اؼبعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪،1983 ،‬ص‪.12،13‬‬
‫‪ - 3‬سعيدي ؿبمد‪ ،‬األدب الشعيب بْب النظرية والتطبيق‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪،‬اعبزائر‪،1998،‬ص‪.57‬‬
‫‪18‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -2‬خصائص الحكاية الخرافية‪:‬‬


‫للحكاية اػبرافية عدد من اػبصائص الٍب سبيزىا عن باقي أصناؼ النثر الشعيب من أنبها‪:‬‬
‫‪ -‬عاَف اغبكاية اػبرافية عاَف سحري مليء باػبياؿ والال واقع‪ ،‬حبيث يبزج فيو الراوي بْب الواقع اؼبعاش‬
‫من جهة‪ ،‬واػبياؿ من جهة أخرى‪ ،‬وما ىذا التناقض إال تعبّب عن الطموحات واآلماؿ الٍب يصبو‬
‫الراوي الوصوؿ إليها‪ ،‬فما يفشل يف ربقيقو واقعيا‪ ،‬يلجأ إُف ـبيلتو وفكره حٌب وبققو ويعيشو‪.‬‬
‫فاغبكاية اػبرافية تقص حوادث خارقة منسوجة من مادة اػبياؿ احملض‪ .1‬كما أهنا سرد من نسيج‬
‫اػبياؿ‪ ،‬وال عالقة ؽبا بالواقع وال بأي حدث واقعي‪ ،‬ألهنا ُمؤلَّف قائم على اػبياؿ‪.2‬‬
‫‪ -‬تبتعد اغبكاية اػبرافية عن الزماف واؼبكاف‪ ،‬ومعُب ذلك أف" شخوص اغبكاية اػبرافية تتحرؾ يف‬
‫الزماف واؼبكاف بدوف عائق"‪ .3‬ويتضح ذلك يف وظائف فالديبّب بروب حْب أشار إُف وظيفة (انتقاؿ‬
‫إُف فبلكة أخرى) وىي الٍب يتحرؾ فيها البطل من العاَف الواقعي إُف عاَف سحري ؾبهوؿ‪ ،‬فأين يقع‬
‫ىذا العاَف‪ ،‬وأي زمن يلزـ البطل للوصوؿ إليو والعودة منو‪ ،‬فهنا يتضح كيف يعدـ الزماف واؼبكاف يف‬
‫اغبكايات اػبرافية‪.‬‬
‫‪ -‬شخصيات اغبكاية اػبرافية خيالية متسامية عن الواقع‪ ،‬ف ػ "بطل اغبكاية اػبرافية جواؿ خفيف‬
‫اغبركة‪ ،‬كما أنو يتحرؾ يف حرية مطلقة"‪ .4‬وىي بذلك شخصيات ؾبردة تدخل غمار األحداث‬
‫والصراعات دوف إحساس بالتعب أو اؼبلل‪.‬‬
‫‪ -‬رحلة البطل إُف عاَف سحري‪ ،‬حبيث ينتقل من عاَف واقعي إُف عاَف خياِف ؾبهوؿ اؼبواصفات‬
‫واؼبعاَف‪ ،‬ما يزيد من جرأتو وشجاعتو‪ ،‬فال يلبث أف يكب وىبرج إُف العواَف آّهولة‪ .5‬والبطل "ال‬
‫يكتفي برصد الواقع الذي يعاين فيو الناس من الصراعات‪ ،‬بل ينطلق من احملدود إُف الال ؿبدود"‪.6‬‬

‫‪ - 1‬عبد اؼبلك مرتاض‪ ،‬اغبكاية اػبرافية يف الغرب اعبزائري‪ ،‬ؾبلة الَباث الشعيب‪ ،‬بغداد‪ ،‬العدد‪ ،1977 ،10‬ص ‪.8‬‬
‫‪ - 2‬صبعية التجديد الثقافية االجتماعية‪ ،‬األسطورة توثيق حضاري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار كيواف للطبع‪ ،‬دمشق‪ ،2009 ،‬ص‪.42‬‬
‫‪ - 3‬حورية بن ساَف‪ ،‬اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية‪ -‬دراسة ونصوص‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ - 4‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ - 5‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬البطوالت العربية والذاكرة التارىبية‪ ،‬اؼبكتبة األكاديبية للنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،1995 ،1‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 6‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ف‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ومن ىنا كاف لبطل اغبكاية اػبرافية طبيعة خاصة ينفرد ّٔا‪ ،‬فهو اؼبتنقل خبفة وسهولة كبّبتْب بْب عاَف‬
‫آّهوؿ واؼبعلوـ لتقارّٔما لديو‪ ،‬فيحقق بذلك اؼبعجزات‪.‬‬
‫‪ -‬اغبكاية اػبرافية مليئة بالرموز‪ ،‬ومن أبرزىا (اؼبسخ ‪-‬التحوؿ) الذي هبعل من شخصياهتا تتحوؿ من‬
‫كائن إُف آخر‪ ،‬ففي حكاية "لوقبة" مثال ربوؿ الولد الصغّب إُف غزاؿ بفعل اؼباء الذي شربو من‬
‫البئر‪" .‬ولعلو من الصور اؼبألوفة يف اغبكاية اػبرافية أف اؼبرأة اعبميلة الطيبة يف وسعها أف ربوؿ الرجل‬
‫اؼبمسوخ يف صورة حيواف إُف رجل صبيل تتزوج بو"‪ .1‬كما قبد رموزا تبدو يف الوىلة األوُف منافية لواقع‬
‫اغبكاية‪ ،‬إال أف فك شيفرهتا هبعلها ترتبط بالواقع كل االرتباط‪ .‬ومن الصور كذلك‪ ،‬صورة اؼبمنوع أو‬
‫احملرـ الذي ال وبق للبطل أف ىبَبقو‪.‬‬
‫ومع ذلك قبد اإلنساف يف اغبكاية اػبرافية ال يقتنع بواقعو حبكم أنو شغوؼ ؿبب لكشف األسرار‬
‫واخَباؽ احملظور‪ 2.‬وما رمز السلطاف واألمّب واؼبلك إال بدائل عن شخصيات أخرى نتعايش معها‬
‫‪3‬‬
‫وكبتك ّٔا يوميا كاألب واألـ وغّبنبا‪.‬‬
‫‪ -‬تتَّبع قواعد بناء ؿبددة وثابتة‪ :‬يف كتابو «اغبكاية اػبرافية» الذي قامت بَبصبتو الدكتورة نبيلة‬
‫إبراىيم‪ ،‬ربدث (فريدريتش فوف ديرالين) عن كيفية بناء اغبكاية اػبرافية‪ ،‬وأشار لتلك العبارات‬
‫وزبتَم ّٔا "إف اغبكاية اػبرافية ال تبدأ فجأة باغبركة كما أهنا ال تنتهي فجأة‪ ،‬وقد‬‫والصيغ الٍب تبدأ ُ‬
‫ألفنا سباما «قانوف البداية» ىذا و«قانوف النهاية» إُف درجة أننا قلَّما نتصور غّبنبا‪ .‬فاغبكاية اػبرافية‬
‫نادرا ما تنتهي فجأة خبطبة وزواج البطل ‪ ،‬فاغبكاية اػبرافية ال تبدأ فجأة باغبركة بل ؽبا قانوف للبداية‬
‫‪4‬‬
‫قصر تُستَفتُح‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫أو‬ ‫وؿ‬‫ُ‬‫ط‬‫َ‬‫ت‬ ‫ات‬‫ر‬ ‫عبا‬ ‫من‬ ‫تتألف‬ ‫الٍب‬ ‫اؼبسجوعة‬ ‫اؼبقدمة‬ ‫تلك‬ ‫يف‬ ‫ىذا‬ ‫ويتضح‬ ‫آخر للنهاية‪.‬‬
‫تُستَفتُح ّٔا اغبكاية اػبرافية‪ ،‬ىذا ما يسمى باالستهالؿ أو اؼبقدمة االستهاللية‪.‬‬

‫‪ - 1‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬أشكاؿ التعبّب يف األدب الشعيب‪ ،‬ص‪.66‬‬


‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.67،66‬‬
‫‪ - 3‬برونو بيتلهاًن‪ ،‬التحليل النفسي للحكايات الشعبية‪ ،‬تر‪ :‬طالؿ حرب‪ ،‬دار اؼبروج‪ ،‬بّبوت‪ ،1985 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 4‬موفق رياض مقدادي‪ ،‬البُب اغبكائية يف أدب األطفاؿ العريب اغبديث‪ ،‬عاَف اؼبعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،2012 ،‬ص‪.127‬‬
‫‪20‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬الشخوص الرئيسية السبعة‪ :‬ترى الباحثة نبيلة إبراىيم أف اغبكاية اػبرافية تتميز بشخوصها السبعة‬
‫الٍب ال زبرج عنها كل حكاية وىي‪ :‬الشخصية الشريرة الٍب تؤذي البطل‪ ،‬الشخصية اؼبساعدة الٍب‬
‫تساعد البطل يف القضاء على الشر‪ ،‬الشخصية اؼباكبة الٍب زبتب البطل وهتبو األداة السحرية‪ ،‬شخصية‬
‫األمّبة أو الزوجة بصفة عامة‪ ،‬الشخصية الٍب تُبعد البطل يف بداية اغبكاية‪ ،‬شخصية البطل‪ ،‬شخصية‬
‫البطل اؼبزيف‪.1‬‬
‫‪ -3‬موضوعات الحكاية الخرافية‪:‬‬
‫يف تصنيف القصص الشعيب يالقي الباحث صعوبة بالغة يف اتباع طريقة ؿبددة يف اختيار منهج واضح‬
‫للتصنيف‪ ،‬وىذا راجع لتداخل أصناؼ القصص فيما بينها من جهة‪ ،‬واختالؼ الدارسْب يف ؾباؿ‬
‫األدب الشعيب حوؿ اؼببادئ الٍب يبكن االعتمادي عليها يف التصنيف كما ذكرنا سابقا‪ .‬والصعوبة‬
‫نفسها هبدىا الباحث يف مواضيع الصنف الواحد من القصص‪ ،‬باعتبار ىذا األخّب ىو الباب الكبّب‬
‫الذي تندرج ربتو أنواع اغبكايات (اػبرافية‪ ،‬الشعبية الواقعية واغبيواف)‪ ،‬وبعد صبعي ودراسٍب ؼبدونة‬
‫ربوي أكثر من عشرين حكاية خرافية "سوفية"‪ ،‬وجدت أهنا ال زبرج تقريبا عن السحر أو اعبن أو‬
‫الغوؿ‪ .‬وبالتاِف ارتأيت اختيار مواضيع اغبكاية اػبرافية على ىذا األساس‪.‬‬
‫أ‪ -‬حكاية الغول‪" :‬الغوؿ" شخصية خرافية كثّبا ما استعاف ّٔا راوي اغبكاية اػبرافية ليس يف اؼبنطقة‬
‫فحسب‪ ،‬بل يف كافة األرجاء على حد سواء‪ ،‬وكانت خرافات الغيالف منتشرة بكثرة شديدة يف‬
‫اعبزيرة العربية وكثّب من البقاع‪ .2‬يصور الراوي الشعيب "السويف" صراعا بْب ىذا الكائن الغريب‬
‫والكائن البشري الذي رغم ضعف البنية اعبسدية إال أنو يتغلب غالبا على الغوؿ الذي يتصف بصفة‬
‫الغباء‪ ،‬فبذكاء البطل يف اغبكاية يقتل الغوؿ أو يفر منو‪ .‬وقد أطلق عبد اغبميد بورايو على ىذا النوع‬
‫من اغبكايات اػبرافية اسم "حكاية األغواؿ األغبياء"‪،3‬يف إشارة إُف اهنزاـ الغوؿ يف النهاية بسبب‬
‫غبائو وعدـ مقدرتو على ؾباراة البطل البشري اؽبزيل البنية‪ ،‬رغم ما يتمتع بو من قوة مورفولوجية‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية‪ ،‬ص‪.42،41‬‬


‫‪ - 2‬شوقي عبد اغبكيم‪ ،‬الفلوكلور واألساطّب العربية‪ ،‬دار ابن خلدوف للطباعة‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،1983 ،2‬ص ‪.141‬‬
‫‪ - 3‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬األدب الشعيب اعبزائري‪ ،‬ص‪.166‬‬
‫‪21‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ىائلة‪ .‬كما يبتعد راوي ىذا الصنف من اغبكايات اػبرافية عن االستعانة بالسحر والسحرة فيها‬
‫و"زبلو من التحوالت السحرية الٍب نعثر عليها يف اغبكاية اػبرافية اػبالصة"‪.1‬‬
‫ب‪ -‬حكاية الجان‪ :‬يف ىذا الصنف قبد أحداثها تدور دائما يف بالد بعيدة كل البعد عن عاَف‬
‫الواقع‪ ،‬فقد قبد شخصية اعبن ؾبسدة تلعب دورا مهما يف اغبكاية‪ ،‬فقد يهب البطل أداة سحرية‬
‫تساعده يف ربقيق مبتغاه‪ .‬وقد عرؼ العرب األفكار واؼبعتقدات اػبرافية عن اعباف من بالد اليمن‬
‫‪2‬‬
‫لقرّٔا من اؽبند وفارس بالبحر األضبر ومن مث انتشرت بأوروبا‪.‬‬
‫وقد يكوف أبطاؿ حكايات اعباف شخصيات ال أظباء ؽبا‪ ،‬كأف نطلق لقب اؼبلك أو العجوز أو‬
‫األمّبة ونكتفي ّٔذا القدر دوف التفصيل‪ .3‬ففي ىذا الصنف ال قبد البطل يقوـ بكل األعماؿ اػبارقة‬
‫بنفسو وإمبا دبساعدة شخصية اعبن‪ ،‬ىذه األخّبة الٍب سبد يد اؼبساعدة لو وتكوف دافعا وراء البطل‬
‫للوصوؿ إُف اؽبدؼ‪" ،‬واعباف كائن خارؽ غّب منظور يف العادة‪ ،‬وىو إما خّب معْب وإما شرير خبيث‬
‫‪4‬‬
‫وإما شقي ساخر"‬
‫ج‪ -‬حكاية السحر‪ :‬عكس اؼبواضيع السابقة‪ ،‬يتصف الكائن البشري بالسحر‪ ،‬وسبثل شخصية‬
‫"الستُّوتَة" ‪ -‬اؼبوجودة يف كثّب من اغبكايات اػبرافية يف اعبزائر‪ -‬أبرز شخصية قائمة ّٔذا الدور‪ ،‬فهي‬
‫َّ‬
‫الٍب تساىم يف سحر الفتاة اعبميلة‪ ،‬وتلعب العجوز القبيحة الدور ذاتو حْب تكيد اغبِيَ َل للفتاة‬
‫اعبميلة لتُنزؽبا من أعلى الشجرة ِغ َّبة وحسدا منها ومن صباؽبا وتغرس دبوسا يف رأسها‪-‬يف حكاية‬
‫الليمونات الثالثة‪ -‬كما سبيل زوجة األب الغيور اؼبضمرة للشر‪ ،‬إُف استعماؿ السحر أحيانا للكيد من‬
‫أبناء وبنات زوجها من الزوجة األوُف‪.‬‬
‫وقد يبز السحر يف ربوؿ اإلنساف إُف حيواف عن طريق "اؼبسخ" (‪ )Métamorphose‬الذي‬
‫ستخدـ الطقوس السحرية ؽبذا الغرض‪( ،‬حكاية "لوقبة")‪ .‬فقد ربط اػبياؿ الشعيب بْب‬
‫غالبا ما تُ َ‬

‫‪ - 1‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬األدب الشعيب اعبزائري‪ ، ،‬ص‪.168‬‬


‫‪ - 2‬شوقي عبد اغبكيم‪ ،‬الفلوكلور واألساطّب العربية‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪ - 3‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪22‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫الشخصيات البشرية واػبيالية بالسحر‪ ،‬فالساحر يستطيع حبكم قواه اػبارقة أف يستدعي الوحش‬
‫‪1‬‬
‫لتدمّب ما يريد أو إلخافة شخص ما أو مدينة معينة‪.‬‬
‫‪ -4‬نشأة الحكاية الخرافية‪:‬‬
‫إف صلة الَباث باألمم صلة حتمية‪ ،‬ألف الَباث نتاج عمل صباعي بشري سابق‪ ،‬وبديهي أف األمة‬
‫الٍب سبتلك تراثا ضخما ىي أمة عريقة‪ ،‬واغبكاية اػبرافية جزء ال يتجزأ من الَباث الشعيب اؼبوغل يف‬
‫القدـ تعكس بصدؽ تاريخ آّتمعات‪ 2‬لذا فهي تتشابو يف أغلب بقاع العاَف‪ ،‬ويتفق جل دارسي‬
‫األدب الشعيب السردي أف أصوؿ اغبكاية اػبرافية اؼبتداولة يف كل ثقافات العاَف أصوؿ مشَبكة تغور‬
‫يف أعماؿ األزمنة السحيقة‪ 3.‬وفبا الشك فيو أف ربديد البعد الزمِب للحكاية اػبرافية ىو ربديد زمن‬
‫وجود اإلنساف على وجو البسيطة‪ ،‬فمذ ُوِجد اإلنساف على األرض وىو يعب عما هبوؿ يف خاطره من‬
‫رغبات وأماين يطمع وصوؽبا‪ ،‬وعن آالـ وأحزاف يسعى ذباوزىا‪ .‬وىذا ما ذىب إليو الكثّب من‬
‫الباحثْب مثل فريدريتش فوندرالين الذي سبسك بفكرة قدـ اغبكاية اػبرافية يف التاريخ البشري حٌب أنو‬
‫َف يستطع ربديد زماف نشأهتا نظرا لعراقتها التارىبية " إف اغبكاية اػبرافية ترجع بنا إُف عصور تسبق‬
‫كل تاريخ مدوف‪ ،‬كما أهنا ترجع بنا إُف بداية الفن الشعري إُف عاَف آخر من الفكر واالعتقاد واغبق‬
‫والدين"‪.4‬‬
‫وعن التشابو الكبّب يف اؼبسار السردي للحكايات حوؿ العاَف يرى األخواف األؼبانياف (جرًن) أف‬
‫اغبكايات الٍب صبعوىا يف ـبتلف مناطق أوربا متشأّة‪ ،‬وأف عامل اؽبجرة ىو الذي لعب الدور الرئيس‬
‫يف ىذا التشابو‪ .5‬وجاء بعدىم العاَف "تيودور بنفي" لينفي ىذه النظرية ويؤكد بأف اؼبوطن األصل‬
‫للحكايات ىي اؽبند‪ 6.‬وىذا ما ذىب إليو "ثيودور بنفي" الذي أرجع صبيع اغبكايات إُف أصل واحد‬

‫‪ - 1‬فاروؽ خورشيد‪ ،‬عاَف األدب الشعيب العجيب‪ ،‬دار الشروؽ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،1991 ،1‬ص ‪.130‬‬
‫‪ - 2‬بولرباح عثماين‪ ،‬دراسات نقدية يف األدب الشعيب‪ ،‬الرابطة الوطنية لألدب الشعيب‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ص‪.12‬‬
‫‪ - 3‬ناصر البقلوطي‪ ،‬تدوين األدب الشعيب حفظ أـ نقض لفظ‪ ،‬ؾبلة الثقافة الشعبية‪ ،‬البحرين‪ ،‬العدد ‪ ،2012 ،17‬ص‪.16‬‬
‫‪ - 4‬فريدريتش فوف ديرالين‪ ،‬اغبكاية اػبرافية(نشأهتا‪ ،‬مناىج دراستها وفنيتها)‪،‬ترصبة نبيلة ابراىيم‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ - 5‬أضبد علي مرسي‪ ،‬مقدمة يف الفلوكلور‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط ‪ ،1987 ،3‬ص‪.250‬‬
‫‪ - 6‬أضبد علي مرسي‪ ،‬مقدمة يف الفلوكلور‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫‪23‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫واحد وىو اؽبند يف نظريتو (اؼبستهندين)‪ ،1‬يف حْب ترى نظرية (اؼبيثولوجيا الشمسية) الٍب تزعمها‬
‫"ماكس مولر" أف كل اغبكايات واػبرافات واألساطّب عبارة عن مرض لغوي أصاب اللغة األـ‬
‫ّٓموعة اللغات اؽبندو أوربية ونشرت الصراع بْب أبطاؿ اغبكاية والغيالف مثال أنو صراع بْب الشمس‬
‫‪2‬‬
‫والقمر أو الضوء والظلمة‪.‬‬
‫بينما يرى صاٌف بن ضبادي أف "اػبرافات الشعبية قديبة قدـ اإلنساف على وجو البسيطة‪ ،‬وتعود‬
‫إُف أقدـ العصور البشرية"‪ 3‬وىذا يظهر العالقة الدفينة بْب اغبكاية اػبرافية واألسطورة‪ ،‬ألف ىذه‬
‫األخّبة كذلك ترجع إُف اغبياة البدائية األوُف‪ ،‬الٍب كاف يعيشها اإلنساف بالتوازي مع اغبيوانات البية‬
‫يف الغابات‪ ،‬وما يالحظو من تغّب للكوف وللطبيعة من حولو فحاوؿ تفسّب ىذه الظواىر‪ .‬لقد كانت‬
‫اغبكاية اػبرافية ترتبط دائما باألساطّب‪ .4‬ومن ىنا بدأ ىذا الفن يف النشأة ليكوف أقدـ األصناؼ‬
‫الشعبية واألشكاؿ التعبّبية فبثال يف ذلك الزمن البعيد بداية رحلة اإلنساف اؼبستمرة يف ؿباولة إهباد‬
‫االنسجاـ مع كل ما وبيط بو من مظاىر الطبيعة اؼبختلفة‪.5‬‬
‫إف التشابو اغباصل للحكاية اػبرافية يف كل البقاء يردىا إُف أصل واحد‪ ،‬فرغم ما يفصل‬
‫بعضها عن بعض من مسافات زمنية ومكانية بعيدة قبدىا تتشابو ألسباب ىي‪:6‬‬
‫‪ -‬سباثل األفكار األساسية عند الشعوب‪.‬‬
‫‪ -‬سباثل وسيلتهم يف عرض شخصيات بعينها‪.‬‬
‫‪ -‬وجود نفس الوقائع لديهم‪.‬‬
‫‪ -‬التماثل يف طرائق حلوؿ الوقائع لدى الشعوب‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسن الشامي‪ ،‬نظم فهرست القصص الشعيب‪ ،‬ؾبلة الفنوف الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،100‬ديسمب ‪ ،2015‬للهيأة اؼبصرية العامة للكتاب‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ف‪.‬‬
‫‪ - 3‬صاٌف بن ضبادي‪ ،‬دراسات يف األساطّب واؼبعتقدات الغيبية‪ ،‬دار بوسالمة ‪،‬تونس‪،‬ط‪ ،1983 ،1‬ص‪.123‬‬
‫‪ - 4‬فريدريتش فوف ديرالين‪ ،‬اغبكاية اػبرافية(نشأهتا‪ ،‬مناىج دراستها وفنيتها)‪،‬ترصبة نبيلة ابراىيم‪ ،‬ص‪11‬‬
‫‪ - 5‬حامت ك عب‪ ،‬أنثروبولوجيا اغبكاية اػبرافية‪ ،‬قراءة يف األصوؿ الفكرية والعقدية للحكاية اػبرافية‪ ،‬ؾبلة كلية اآلداب واللغات‪ ،‬جامعة ؿبمد خيضر ‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،‬العدد ‪ ،16‬ديسمب ‪ ،2014‬ص‪.184‬‬
‫‪ - 6‬فريدريتش فوف ديرالين‪ ،‬اغبكاية اػبرافية(نشأهتا‪ ،‬مناىج دراستها وفنيتها)‪،‬ترصبة نبيلة ابراىيم‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪24‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ويف ؿباولة منا إُف معرفة فَبة زمنية أو مكانية لنشأة اغبكاية اػبرافية وجدنا أهنا ال ترجع بنا إُف‬
‫األزمنة اؼباضية فقط‪ ،‬فما نعده اليوـ قديبا موغال يف القدـ ما يزاؿ حٌب اليوـ يف بعض اغبضارات‬
‫البدائية مضموف الفكر والعقيدة‪ .1‬فاػبرافات الٍب وصلتنا يعود بعضها إُف ما قبل األلف الثالثة قبل‬
‫ميالد اؼبسيح‪ -‬عليو السالـ‪ -‬أي يعود إُف فجر اغبضارات اإلنسانية الكبى‪ ،2‬وىذا ما ذىب إليو‬
‫(فريدريتش فوف ديرالين) حْب أقر بوجود اغبكاية اػبرافية عند أقدـ اغبضارات البشرية كشعوب اؽبند‬
‫والعرب وموىبتهم الكبّبة يف خلق تلك اغبكايات وصياغتها يف أكمل صورة فنية‪" 3‬فنحن مبلك‬
‫حكايات خرافية لبابل ومصر يرجع تارىبها إُف ما قبل ثالثة آالؼ سنة قبل اؼبسيح‪ ،‬كما أف أقدـ‬
‫خرافات اؽبند والصْب نشأت يف األلفي سنة قبل اؼبيالد‪ ،‬مث تبع ذلك ظهور بوادر للحكايات اػبرافية‬
‫عند اليهود وبالد اإلغريق"‪.4‬‬
‫ويذىب الدكتور أضبد كماؿ زكي إُف أف اغبكاية اػبرافية ذات أصوؿ عربية‪ ،‬ويستدؿ على‬
‫ذلك باكتسأّا شهرة واسعة يف العصور الوسطى وتأثّبىا يف نتاج األوربيْب طواؿ عصر النهضة وبعده‬
‫"ومن احملتمل أف نعثر على أصوؿ اػبرافات إذا أخذنا بوجهة النظر العربية الٍب تقر بأف البشر صبيعا‬
‫عاشوا أوؿ ما عاشوا يف صعيد واحد ‪ -‬لعلو أرض اعبزيرة أو لعلو الشاـ أو لعلو اليمن– قبل أف‬
‫يتفرقوا‪ ،‬وحيث ُوِجدوا ُوِجدت الشائعات وما بُب عليها من حكايات خرافية"‪.5‬‬
‫وقد أشار عبد اغبميد يونس إُف وجود جذورىا يف تاريخ العرب قديبا فقاؿ بأف "يف األدب‬
‫العريب طائفة من اؼبصطلحات تؤكد وجود القصص كعنصر أساسي من عناصر التعبّب األديب من‬
‫اعباىلية إُف ىذا العصر الذي نعيش فيو"‪.6‬‬

‫‪ - 1‬فريدريتش فوف ديرالين‪ ،‬اغبكاية اػبرافية(نشأهتا‪ ،‬مناىج دراستها وفنيتها)‪،‬ترصبة نبيلة ابراىيم‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ - 2‬صاٌف بن ضبادي‪ ،‬دراسات يف األساطّب واؼبعتقدات الغيبية‪،‬ص‪.123‬‬
‫‪ - 3‬فريدريتش فوف ديرالين‪ ،‬اغبكاية اػبرافية(نشأهتا‪ ،‬مناىج دراستها وفنيتها)‪،‬ترصبة نبيلة ابراىيم‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.11،10‬‬
‫‪ - 5‬أضبد كماؿ زكي‪ ،‬األساطّب تراث اإلنسانية‪ ،‬اؽبيأة اؼبصرية العامة للكتاب‪ ،‬مصر‪ ،2002،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 6‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪25‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫فرغم وجود مصطلح (‪ ) mythos‬يف اغبضارة اليونانية القديبة والٍب تعِب خرافة‪ ،‬إال أف‬
‫‪1‬‬
‫أشكاؿ السرد العريب قديبا حوت ؾبموعة من اؼبصطلحات الٍب تشّب إُف مكانة اغبكاية اػبرافية‪.‬‬
‫وحٌب ال نطيل البحث أكثر يف نشأة اغبكاية اػبرافية‪ ،‬الٍب من اؼبستحيل ربديد فَبة زمانية أو‬
‫مكانية ؽبا‪ ،‬فقد أقر (فوندرالين) بصعوبة اإلجابة عن ىذا السؤاؿ حْب قاؿ‪" :‬السؤاؿ عن أصل‬
‫اغبكاية اػبرافية أو أصوؽبا من الصعوبة دبكاف اإلجابة عنو‪ ،‬أو ىي تستحيل على اإلطالؽ‪ ،‬فلن قبد‬
‫ص ُدؽ بالنسبة لكل اغبكايات اػبرافية"‪.2‬‬
‫إجابة واحدة تَ ْ‬

‫‪ - 1‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬ص ‪.9‬‬


‫‪ - 2‬فريدريتش فوف ديرالين‪،‬اغبكاية اػبرافية(نشأهتا‪،‬مناىج دراستها وفنيتها)‪،‬تر‪ :‬نبيلة ابراىيم‪،‬ص‪.72‬‬
‫‪26‬‬
‫ثانيا‪ -‬الحكاية الشعبية‬
‫مفهوم الحكاية الشعبية‬ ‫‪-1‬‬
‫خصائص الحكاية الشعبية‬ ‫‪-2‬‬
‫موضوعات الحكاية الشعبية‬ ‫‪-3‬‬
‫نشأة الحكاية الشعبية‬ ‫‪-4‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫اغبكاية الشعبية حكاية الواقع‪ ،‬حكاية اغبياة اليومية‪ ،‬اغبكاية الٍب يعاًف ّٔا الراوي الواقع‬
‫بأسلوب واقعي بعيد عن استخداـ الرمز واػبياؿ‪ ،‬تنقد مشاكل اعبماعة بأسلوب سهل وعبارات‬
‫بسيطة بعيدة عن التعقيد‪ .‬وىي تعب عن ذبارب الشعوب وخباهتا ووجداهنا اعبمعي‪ ،‬فهي خياؿ‬
‫عفوي جامح صوب األحالـ واؼبُب اعبميلة‪ .1‬وللتعرؼ أكثر عن ىذا الصنف من القصص الشعيب‬
‫ؼبدونة البحث‪ ،‬وجب تعريفها وإبراز رأي الباحثْب فيما ىبص نشأهتا‪ ،‬موضوعات دراستها‬
‫وخصائصها الٍب جعلت منها صنفا بارزا يف السرد الشفوي‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم الحكاية الشعبية‪:‬‬
‫تتخذ اغبكاية الشعبية موضوعاهتا من مسائل العالقات االجتماعية واألسرية واألخالقية‬
‫والدينية‪ ،‬والعناصر القصصية الٍب تستخدمها اغبكاية الشعبية معروفة لنا صبيعاً؛ وذلك مثل زوجة‬
‫األب اغبقود وغّبة الشقيقات يف األسرة من البنت الصغرى الٍب تكوف يف العادة األصبل واألحب‪ ،‬أو‬
‫غّبة األشقاء من شقيقهم األصغر اؼبفضل لدى األب‪ ،‬ونقد اعبوانب األخالقية واإلنسانية‪ ،‬وما إُف‬
‫ذلك‪.‬‬
‫واغبكاية الشعبية واقعية إُف أبعد حد وزبلو من التأمالت الفلسفية واؼبيتافيزيقية ‪ ،‬مركزة على‬
‫أدؽ تفاصيل اغبياة اليومية ونبومها‪ .‬وىي رغم استخدامها لعناصر التشويق‪ ،‬إال أهنا ال تقصد إُف‬
‫إّٔار السامع باألجواء الغريبة أو األعماؿ اؼبستحيلة‪ ،‬ويبقى أبطاؽبا أقرب إُف الناس العاديْب‪ ،‬الذين‬
‫نصادفهم يف سعينا اليومي‪ .‬فهي تتخذ من واقع الناس االجتماعي والنفسي واإلنساين‪ .. .‬موضوعا‬
‫ؽبا‪ ،‬معتمدة اؼبوضوعية والواقعية يف تناوؿ تلك اؼبواضيع الٍب تربطها البيئة االجتماعية‪ ،‬وبشخوص‬
‫واقعية يكاد اؼبستمع أف يعرفها‪ ،‬ووبس دبعاناهتا‪ ،‬وغالبا ما تقدمها مبط ىذه اغبكايات من خالؿ‬
‫مفارقات اجتماعية سبثل ربديا للبطل الذي يسعى إُف إلغائها‪ ،‬دوف تدخل عناصر غيبية‪ ،‬ولذلك‬
‫فاغبدث يف حكايات ىذا النمط يتميز بالواقعية حبيث أنو إذا َف يكن قد وقع فعال ‪ ،‬فإنو فبكن‬

‫‪ - 1‬ؿبمد عبد الرضباف يونس‪ ،‬األسطورة‪ :‬مصادرىا وبعض اؼبظاىر السلبية يف توظيفها‪ ،‬األؼبعية للنشر‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬ط‪ ،2014 ،1‬ص‪.76‬‬
‫‪28‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫الوقوع‪ .‬وىي بذلك خلق حر للخياؿ الشعيب ينسجو حوؿ حوادث مهمة وشخوص ومواقع تارىبية‬
‫تتطور مع العصور حبيث تنقل شفاىيا‪ ،‬فهي بذلك واقعية إُف أبعد اغبدود‪.‬‬
‫عرؼ الدارسوف للحكاية الشعبية بأهنا اغبكاية األكثر واقعية من بْب أصناؼ القصص الشعيب‪،‬‬
‫وىذا راجع الرتباطها الوثيق دبعاعبة اؼبشكالت الٍب تواجو اعبماعات بطريقة بعيدة عن استخداـ‬
‫الشخصيات اػبارقة والعجيبة‪ ،‬وإف وجدت فتكوف لغرض ىبتلف عما ىي عليو يف اغبكاية اػبرافية‬
‫مثال‪ ،‬وسنشرح ىذا بالتفصيل يف اعبانب التطبيقي للبحث‪ .‬تقوؿ الباحثة نبيلة إبراىيم بأف اغبكاية‬
‫الشعبية ىي "حكاية يصدقها الشعب بوصفها حقيقة‪ ،‬وىي تتطور مع العصور وتتداوؿ شفاىة‪ ،‬كما‬
‫أهنا زبتص باغبوادث التارىبية الصرفة‪ ،‬أو باألبطاؿ الذين يصنعوف التاريخ"‪ 1‬والواقعية ىي اغبقيقة‪،‬‬
‫الٍب ال هبد ناقلوىا وسامعوىا صلة بينها والرمز واػبياؿ‪ .‬وتعود الباحثة لتفصل يف موضوعها الذي‬
‫يتداوؿ مشافهة‪ ،‬وكيف أف الناس يصدقوف حوادثها‪ ،‬فاغبدث يهم الشعب سواء سبثلت يف نطاؽ‬
‫ضيق كاألسرة أو القبيلة‪ ،‬أو يف نطاؽ واسع يشمل الشعب بأسره‪ 2.‬وسلك الدكتور عبد اغبميد‬
‫يونس نفس اؼبنهج رغم أنو أطلق عليها اسم "اغبكاية االجتماعية" إال أف تعريفو ؽبا كاف يف نفس‬
‫صياغ نبيلة إبراىيم‪ ،‬إذ يرى بأهنا تتخذ منهجا اجتماعيا تدرس فيو سلوؾ الفرد واعبماعات بقصد‬
‫النقد البناء واإلصالح اإلهبايب للقضايا‪ ،‬بعيدا عن اؼببالغة والشخصيات اػبيالية‪ ،‬فَبسم لنا مباذج‬
‫بشرية دالة عن طبقة أو حرفة أو ضرب من ضروب اغبياة‪.3‬‬
‫ويف ذات السياؽ‪ ،‬عبت حورية بن ساَف يف دراستها للحكاية الشعبية البجاوية‪ ،‬عن حكاية‬
‫الواقع االجتماعي‪ ،‬وىنا قبد أنفسنا مع سباثل يف اؼبفاىيم السابقة لكن ؼبصطلح جديد‪ ،‬فجردت ىذا‬
‫الصنف من اػبياؿ غالبا ومتنت عالقتها بالواقع االجتماعي‪ ،‬الديِب أو السياسي للجماعة‬
‫"فاغبكاية الشعبية تستقي موضوعاهتا من واقع الناس وحياهتم‪ ،‬فهي تتحدث عن واقع بيئتها‬
‫دبختلف أبعادىا‪ :‬االجتماعية‪ ،‬االقتصادية والفالحية‪ ...‬ومن ىنا فإهنا تكتسي طابع النحلية‬

‫‪ - 1‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬أشكاؿ التعبّب يف األدب الشعيب‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬ص‪.88،87،‬‬
‫‪31‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫واالقليمية‪ ،‬كما أف ىذه الواقعية تتسم باؼبوضوعية يف نقل األحداث ويتخللها من حْب إُف آخر‬
‫خياؿ‪ ،‬لكنو يبقى دائما خياال مقبوال"‪ .1‬إف العامل اؼبشَبؾ بْب ىذه التعريفات ىو واقعية اغبكاية‬
‫الشعبية وارتباطها بقضايا آّتمع‪ ،‬دراسة هتدؼ إُف اإلصالح جبوانبو اؼبختلفة‪ ،‬حيث يكوف اتصاؽبا‬
‫باػبياؿ إف وجد‪ ،‬فبصورة مقبولة‪.‬‬
‫‪ -2‬خصائص الحكاية الشعبية‪:‬‬
‫للحكاية الشعبية عدد من اؼبيزات من حيث الشكل واؼبضموف والشخصيات وكذا مسارىا‬
‫السردي وىي كاآليت‪:‬‬
‫‪ -‬تعاًف اغبكاية الشعبية موضوعا واقعيا بطريقة واقعية بعيدة عن الرمز واػبياؿ‪ ،‬فالعاَف ىنا عاَف معلوـ‬
‫يعايشو اؼبستمع والقارئ ؽبا يوميا‪ ،‬فال يبكن لبطل اغبكاية ىنا أف ينتقل من عاَف واقعي إُف عاَف‬
‫سحري ؾبهوؿ‪ .‬فنجد شخصية البطل يف اغبكاية الشعبية تنمو من الداخل‪ ،‬حبيث يشعر باػبطر‬
‫الذي يتهدده من حولو‪ ،‬فيحاوؿ استكشافو داخل نفسو وعالقتو دبصّبه‪ .‬فهو يكشف لنا ذبربة‬
‫إنسانية قد نعيشها يف عاؼبنا الواقعي‪ ،‬وىو أسّب القيود الٍب تكبلو‪.2‬‬
‫‪ -‬للحكاية الشعبية زماف ومكاف تدور فيو أحداثها‪ 3.‬ويظهر من خالؿ سّب األحداث حْب قبد‬
‫شخصيات اغبكاية تتحرؾ يف فضاء زماين ومكاين معلومْب‪ ،‬حبيث يبارسوف نشاطهم بطريقة طبيعية‪.‬‬
‫‪ -‬شخصيات اغبكاية الشعبية شخصيات واقعية‪ ،‬مبارس نشاطاتنا معها يوميا بصفة عادية‪ ،‬فبطلها‬
‫من البشر بصفات بشرية عادية غّب خارقة‪ .‬فالبطل ال يتعامل مع مثل ىذه الشخوص ألنو يعيش يف‬
‫جو واقعي يؤخذ مأخذ اغبقيقة يف الغالب‪ .‬وىذا ال يعِب أنو ال يتعامل أبدا مع قوى وأشكاؿ من‬
‫العاَف آّهوؿ‪ ،‬بل قبده يستعْب بأصناؼ السحر ويعتقد بوجود القوى الشيطانية الٍب تسكن عاؼبو‬
‫اؼبرئي ولكن بطريقة ـبتلفة‪ .‬فهو ال ينغمس كل االنغماس يف العاَف العجائيب السحري آّهوؿ‪ ،‬فتلك‬

‫‪ - 1‬حورية بن ساَف‪ ،‬اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية‪ ،‬دراسة نصوص‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الواقعية إُف الرومانسية‪ ،‬ص‪125 ،124‬‬
‫‪ - 3‬على أضبد ؿبمد العبيدي‪ ،‬اغبكاية الشعبية اؼبوصلية بْب التجنيس وتعدد األمباط‪ ،‬ؾبلة دراسات موصلية‪ ،‬العدد‪ ،2009 ،2‬ص ‪.85‬‬
‫‪30‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫اؼبخلوقات الغيبية تعتب قوى منعزلة عن حياتو الواقعية توظف باعتبارىا رموزا تصل بالبطل إُف اغبقيقة‬
‫الٍب هبهلها‪.1‬‬
‫من بْب اؼبيزات نذكر أيضا وباختصار‪:2‬‬
‫‪ -‬اغبكاية الشعبية تعيد ذكر اؼبواقف الٍب حدثت أو يبكن أف ربدث يف الواقع‪.‬‬
‫‪ -‬تنمو شخصية البطل من الداخل‪ ،‬دبعُب أف األحداث اؼبعاعبة ىي الٍب تزيد من قوتو وبراعتو‪،‬‬
‫فتنتهي بتأكيد وجود الشر يف حياة اإلنساف‪.‬‬
‫‪ -‬بنيتها بسيطة‪ ،‬وبطلها على وعي تاـ دبا يدور حولو من خطر فبا يثّب يف نفسو الفزع والرىبة‪.‬‬
‫‪ -3‬مواضيع الحكاية الشعبية‪:‬‬
‫أ‪ -‬حكاية الواقع االجتماعي‪ :‬ربرص اعبماعات الشعبية على بناء روابط اجتماعية متينة‪ ،‬تزيد من‬
‫توطيد العالقات فيما بينهم‪ ،‬فنجد ىذا النوع من اغبكايات يتخذ مادتو اػباـ من واقع الناس‬
‫االجتماعي والنفسي‪ ،‬الذي تربطو البيئة االجتماعية بأشخاص يكاد يدركهم اؼبستمع‪ 3.‬فينقد الراوي‬
‫من خالؽبا الظواىر السلبية يف آّتمع حٌب يتخلص منها‪ ،‬وباؼبقابل ّْ‬
‫يرغب األفراد يف ترسيخ اؼببادئ‬
‫اغبميدة حٌب يتسُب ؽبم العيش يف طمأنينة‪ ،‬كما أهنا ال تكتفي بالنقد فحسب‪ ،‬بل تبز مواقع اػبطأ‬
‫وكيفية إصالحو حٌب يتسُب ؽبم العيش يف أمن بعيدا عن اآلفات الٍب تنخر جسد آّتمع‪.‬‬
‫إف من أبرز ما تعاعبو ىذه اغبكايات من مواضيع اجتماعية العالقات األسرية كالزواج‪ ،‬فمثال‬
‫وباوؿ الزوج إظهار سلبيات زوجتو لصهره الذي ىو عمو‪ ،‬فدعاه إليو يف مأدبة عشاء وانتظرا طويال‬
‫ولكن الزوجة كانت نائمة يف اؼبطبخ بدؿ إعداد العشاء‪ ،‬وىكذا طلق الرجل ابنة عمو دوف مشاكل‬
‫القتناع العم بأف ابنتو ربتاج تربية قبل تزوهبها‪ .‬كما هتتم حكاية الواقع االجتماعي بطبقات آّتمع‪،‬‬
‫ونظرة األغنياء إُف الفقراء احملتاجْب‪ ،‬تلك النظرة السلبية الٍب ولدت طبقية قسمت آّتمع إُف‬
‫قسمْب‪ .‬واؼبشاكل اؼبصاحبة للورثة يف تقسيم الَبكة واإلرث‪ ...‬وغّبىا من اؼبشاكل االجتماعية‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومنسية إُف الواقعية‪ ،‬ص‪.126 ،125‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬أضبد زغب‪ ،‬األدب الشعيب الدرس والتطبيق‪ ،‬ص ‪.65،66-،64‬‬
‫‪ - 3‬سي كبّب أضبد التجاين‪ ،‬اغبكاية الشعبية يف منطقة ورقلة‪ ،‬ؾبلة األثر‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬العدد ‪ ،19‬جانفي ‪ ،2014‬ص‪.132‬‬
‫‪31‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ب‪ -‬حكاية الواقع األخالقي‪ :‬األخالؽ ىي اؼبرآة العاكسة للمجتمعات‪ ،‬فإذا أراد الواحد منا معرفة‬
‫التطور الفكري والنضج العقلي عبماعة ما‪ ،‬فلينظر إُف أخالؽ أفرادىا‪ .‬يقوؿ أضبد شوقي‪:‬‬
‫إمبا األمم األخالؽ ما بقيت *** فإف ىم ذىبت أخالقهم ذىبوا‬
‫صالح أمرؾ لألخالؽ مرجعو *** فقوـ النفس باألخالؽ تستقم‬
‫األخالؽ ىي العمود الفقري الذي تقوـ عليو األمم‪ ،‬وىذا ما جعل رواة السرد الشفوي الشعيب‬
‫يهتموف دبثل ىذه اؼبواضيع‪ ،‬فكرموا مكارـ األخالؽ وذموا مساوئها‪ ،‬وعاعبوا القضايا األخالقية‬
‫واإل نسانية الٍب انتشرت يف ؾبتمعاهتم‪ .‬وال هتتم حكايات الواقع األخالقي بإبراز العيوب األخالقية‬
‫فحسب‪ ،‬ولكنها تشّب من ناحية أخرى إُف بعض القيم اإلهبابية الٍب يراىا الشعب مؤدية إُف اغبياة‬
‫اؽبادئة الٍب يبكن أف يعيشها الفرد يف تفائل تاـ‪.1‬‬
‫ومن اؼبواضيع الٍب تتناوؽبا ىذه اغبكايات منتقدة إياىا وؿباولة إصالحا‪ :‬الظلم‪ ،‬الغدر‪ ،‬العداوة‪،‬‬
‫انتشار النزعة اؼبادية بْب أفراد آّتمع الواحد‪ ...‬يف حْب ربث على التحلي بالعدؿ والوفاء واػبوة‬
‫وتغليب النزعة اإلنسانية بْب األفراد وآّتمعات‪ .‬وسنتحدث بالتفصيل عنها وأكثر يف اعبزء التطبيقي‪.‬‬
‫ج‪ -‬حكاية الواقع السياسي‪ :‬يندمج الفرد مع حياتو اػبارجية‪ ،‬فيتأثر ّٔا ويؤثر عليها بأشكاؿ سردية‬
‫شعبية ـبتلفة‪ ،‬أبرزىا حكاية الواقع السياسي الٍب تسلط الضوء على عالقة السيد باؼبسيَّد‪ ،‬واغباكم‬
‫باحملكوـ‪ ،‬واألمّب بشعبو ومدينتو‪ ،‬وقد استقيت من راوية باؼبنطقة أثناء صبع مدونة البحث حكاية‬
‫تسرد أحداث صراع بْب سارؽ من بسطاء الشعب وملكو الذي يعتلي ىرـ اغبكم‪ ،‬سنعرضها‬
‫بالتفصيل يف اعبزء التطبيقي‪ .‬وعالقة اغباكم اؼبتسلط بشعبو الذي شاء أف يتخلص من الشيوخ‬
‫اغبكماء بلده‪ ،‬بأف أمر كل شاب بقتل أبيو‪ ،‬وىذه من بْب العالقات الٍب تربط الشعوب دبن‬
‫وبكمها‪ 2‬كما أف نقد الراوي للحاكم يف ظل نظاـ سياسي معْب‪ ،‬ينبع من حبو للتغيّب كبو األفضل‬
‫"وإذا كاف اإلنساف الشعيب يبز يف صدؽ ما يلمسو من عيب يف ظل النظاـ السياسي الذي يعيش‬

‫‪ - 1‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومنسية إُف الواقعية‪ ،‬ص ‪.175‬‬


‫‪- 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪32‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫فيو‪ ،‬فهو يف الوقت نفسو ال ينكر اؼبكاسب الٍب حصل عليها يف ظل ىذا النظاـ"‪ 1‬واغبكايات يف‬
‫ىذا آّاؿ كثّبة يف أدبنا الشعيب العريب‪ .‬فاغبكايات ذبمع بْب سيطرة األسرة ببنائها اؽبرمي وبْب نشوء‬
‫النظاـ االقطاعي اؼبتمثل يف اغباكم أو السلطاف أو اؼبلك‪ ،‬فما كاف من اغبكايات إال أف ضبلت ظاىرة‬
‫‪2‬‬
‫الصداـ بْب ىذين اؼبكونْب الرئيسْب للمجتمعات أال وىي الشعب والسلطاف‪.‬‬
‫‪ -4‬نشأة الحكاية الشعبية‪:‬‬
‫َف يستطع الباحثوف ربديد اؼبصدر التارىبي أو اعبغرايف للحكايات الشعبية نظرا لَبحاؽبا وتغّبىا‬
‫اؼبستمر يف الزماف واؼبكاف‪ ،‬فهي عابرة للحدود وأىم اؼبؤثرات الٍب منحتها شكلها اؼبتداوؿ ىي الزمن‪،‬‬
‫القوافل‪ ،‬واالستعمار والغزوات خالؿ آالؼ السنْب‪ ،‬وىي الٍب صقلت اللغات والشعوب والتواريخ‬
‫‪3‬‬
‫واألفكار فنقلت قيم آّتمع ومعارفو وحكمتو يف أوساط اؼبتلقْب‪.‬‬
‫اغبكاية الشعبية ليست حديثة النشأة‪ ،‬بل ىي عريقة وموغلة يف القدـ‪ ،‬ولكن إذا قارناىا مع‬
‫الصنف األوؿ ‪ -‬أال وىو اغبكاية اػبرافية – فيمكن القوؿ بأهنا – أي اغبكاية الشعبية – قد نشأت‬
‫يف فَبة زمنية تليها‪ ،‬وىذا راجع لتطور الفكر البشري البدائي الذي آمن حبقيقة األساطّب واػبرافات‪،‬‬
‫واستمد شخصيات خارقة كالعفاريت واعبن والغوؿ يف تفسّب الظواىر احمليطة بو‪ ،‬وإهباد القدرة الٍب‬
‫افتقدىا يف معاعبة مشكالت حياتو اليومية‪ .‬فبفعل عوامل التغيّب الٍب تعَبي حياة اعبماعة‪ ،‬من‬
‫النواحي االجتماعية‪ ،‬الدينية والسياسية‪ ،‬فهذا البد أف تعب عنو يف أشكاؿ تعبّبىا ويَبتب عنو إدراؾ‬
‫بعدـ قدرة األشكاؿ القديبة عن التعبّب دبا ىبتلج يف نفوس أفرادىا‪ ،‬تغيّب يصيب الشكل واؼبضموف‬
‫معا‪ 4.‬وال يعتب ىذا التغيّب سلبا‪ ،‬بل العكس من ذلك سباما‪ ،‬فهو قدرة على خلق شكل فِب جديد‬
‫استجابة لنمو مقدرهتا الفنية‪ 5.‬وكبن ىنا ال نعيب الفكر اإلنساين القدًن‪ ،‬وقبرده من قدراتو الفنية‬

‫‪ - 1‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومنسية إُف الواقعية‪ ،‬ص ‪.193‬‬


‫‪ - 2‬ياسْب النصّب‪ ،‬اؼبساحة اؼبختفية‪ -‬قراءات يف اغبكاية الشعبية‪ ،-‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،1995 ،1‬ص ‪.11،10‬‬
‫‪ - 3‬يعقوب احملرقي‪ ،‬دراسة اغبكاية الشعبية االفريقية ‪ ،‬ؾبلة الثقافة الشعبية‪ ،‬البحرين‪ ،‬العدد ‪،2012 ،17‬ص ‪.73‬‬
‫‪ - 4‬نبيلة ابراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومنسية إُف الواقعية‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ف‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫اػبارقة يف اإلبداع الفِب واألديب‪ ،‬وإمبا نفسر قدرة الفرد البشري على التكيف مع ظروؼ حياتو‪،‬‬
‫وبالتاِف اكتساب كفاءات جديدة سبده باعبرأة الفنية يف اإلبداع‪.‬‬
‫وما يزيدنا حجة أف اغبكاية الشعبية وليدة إبداعات شعبية سابقة‪ ،‬الكالـ الذي ذكرتو الدكتورة‬
‫غراء حسْب مهنا أف مصدر اغبكاية الشعبية حكايات أخرى تروى من سنوات سبقتها حبقب تارىبية‬
‫كبّبة‪ ،‬قد تكوف ىذه اؼبصادر عبارة عن أساطّب أو أفكار أو معتقدات قديبة‪ ،‬ولكن ال نعرؼ مٌب‬
‫وأين ولدت ىذه اغبكايات‪ ،‬ومادامت تعيش يف كل مكاف وكل زماف دوف ربديد‪ ،‬فهي تعبّب عن‬
‫‪1‬‬
‫تعاقب األفكار وتغّبىا يف الفكر البشري الذي تعد شبارا لتأمالتو وذباربو اغبياتية‪.‬‬
‫َف يتمكن الباحثوف من ربديد الفَبة الزمنية للحكاية اػبرافية وال مكاف نشأهتا‪ ،‬يبكننا القوؿ بأف‬
‫اغبكاية الشعبية نتاج إنساين ىبضع ؼبعادلة اغبركة اغبياتية والعالقات التجديدية الٍب طرأت على‬
‫األمباط الشعبية الٍب سبقتها نتيجة تطور الفكر البشري‪ ،‬فالفرد يؤسس شبكة لعالقاتو مع احمليط‬
‫اػبارجي من جهة‪ ،‬ومع اعبماعة الٍب يعايشها من جهة أخرى‪ ،‬فيستقبل صور ؿباكاتو اليومية حبسب‬
‫القدرة الداخلية الٍب اكتسبها وطورىا مع الزمن‪ ،‬وبالتاِف تأقلم مع معطيات جديدة رظبتها الطبيعة‬
‫والثقافة على حد سواء‪.‬‬

‫‪ - 1‬غراد حسْب مهنا‪ ،‬أدب اغبكاية الشعبية‪ ،‬الشركة اؼبصرية للنشر‪ ،‬لوقبماف‪ ،‬ط‪ ،1997 ،1‬ص ‪.6‬‬
‫‪34‬‬
‫ثالثا‪ -‬حكاية الحيوان‬
‫مفهوم حكاية الحيوان‬ ‫‪-1‬‬
‫خصائص حكاية الحيوان‬ ‫‪-2‬‬
‫أنواع حكاية الحيوان‬ ‫‪-3‬‬
‫نشأة حكاية الحيوان‬ ‫‪-4‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫حكاية اغبيواف مبط من أمباط السرد الشعيب مبا وترعرع منذ فجر اإلنساف األوؿ فتناقلتو األلسن‬
‫وسافر عب الذاكرة البشرية من جيل إُف جيل‪ ،‬وما يزاؿ الكثّب منا وبتفظ يف ذاكرتو بكثّب من‬
‫اغبكايات اغبيوانية‪ ،‬وتعتب النواة اغبقيقية للقصص بصفة عامة "فاإلنساف عاش يف الغابة ويف‬
‫الكهوؼ قبل أف يستقر يف التجمعات السكانية األوُف‪ ،‬قد أثرت عليو حياة الغابة اؼبعقدة الضاجة‪،‬‬
‫فخلق أوؿ الرسوـ وأوؿ اغبكايات"‪.1‬‬
‫‪ -1‬مفهوم حكاية الحيوان‪:‬‬
‫عندما نقوؿ حكاية اغبيواف‪ ،‬يبكن أف نقوؿ بأف اغبيوانات ىي الشخصيات الرئيسية احملركة‬
‫ألحداثها‪ ،‬وقد اختلف الباحثوف يف تسميتها مثل‪ :‬قصة اغبيواف‪ ،‬اػبرافة الرمزية‪ ،‬فابوال‪ ...‬رغم وجود‬
‫اختالؼ بسيط بينها‪ .‬وىي اغبكاية الٍب تلبس اغبيواف خصائص بشرية ذبعل منو قادرا على النطق‬
‫والتفكّب اؼبنطقي العقلي حبيث تبدو عليها اؼبالمح البشرية مع االحتفاظ خبصوصيتها‪ .‬وىي حكاية‬
‫ذات مغزى خلقي تربوي‪ ،‬ذبعل من اؼبتلقي يأخذ عبة‪ ،‬قد يصرح ّٔا وقد تكوف ضمنية يستنتجها‬
‫اؼبتلقي من خالؿ اغبكاية ألف اؽبدؼ الرئيس منها ىو الَببية والتعليم األخالقي‪.‬‬
‫يف كتابو "اغبكاية الشعبية"‪ ،‬يعرؼ الدكتور عبد اغبميد يونس حكاية اغبيواف بأهنا "شكل‬
‫قصصي يقوـ اغبيواف بو بالدور الرئيسي"‪ .2‬وىذا كالـ بديهي‪ ،‬ألف اؼبسار السردي ؽبذا الصنف من‬
‫القصص يقوـ على لساف اغبيواف‪ ،‬فالشخصيات حيوانية ناطقة‪ ،‬تلعب الدور اؼبهم واألساسي يف‬
‫ربريك ؾبريات األحداث‪ .‬وغّب بعيد عن ىذا التعريف يصرح فوزي العنتيل بأهنا قصة تكوف فيها‬
‫اغبيوانات ىي الشخصيات الرئيسية وتعد من أقدـ أشكاؿ اغبكايات الشعبية‪ ،‬إف َف تكن أقدمها‬
‫على اإلطالؽ‪ ،‬وقد وجدت يف كل مكاف يف العاَف يف صبيع مستويات الثقافة‪ ،‬وىي يف صورهتا‬
‫البسيطة ؿباولة لتفسّب خصائص وعادات اغبيوانات اؼبختلفة‪.3‬‬

‫‪ - 1‬ؿبمد ناصر الكيالين‪ ،‬سحر القصة واغبكاية‪ ،‬من منشورات ارباد الكتاب العرب‪ ،‬مكتبة األسد‪ ،‬دمشق‪ ،2000 ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ - 2‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ - 3‬فوزي العنتيل‪ ،‬الفلوكلور ماىو‪ ،‬مكتبة مريوِف ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،1987 ،2‬ص‪.176،175‬‬
‫‪36‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ويف السرد الشعيب وباوؿ الراوي إيصاؿ فكرة معينة ؼبعاعبة قضية مهمة‪ ،‬وحكاية اغبيواف من أبرز ىذه‬
‫األصناؼ فتعد القناة الٍب تعب من خالؽبا األخالؽ والنصائح والتجارب إُف اعبمهور اؼبستمع عن‬
‫طريق ألسن اغبيواف‪.1‬‬
‫إف البحث يف حكاية اغبيواف يوصلنا إُف أف اغبيواف يف اغبكاية وسيلة لتفسّب الظواىر اؼبتعلقة بعاَف‬
‫اغبيواف من جهة كاألحجاـ واأللواف واؼبواصفات‪ ،‬وتفسّب الظواىر الطبيعية واالجتماعية وعالقة‬
‫اغبيواف ّٔا من جهة أخرى‪ 2.‬فاغبيواف يلعب الدور الرئيس يف اغبكاية مثلما كانت اآلؽبة وأنصاؼ‬
‫اآلؽبة تلعب دور البطولة يف أساطّب اػبلق والتكوين‪ .‬وربط اغبكاية باألسطورة ما ىو إال برىاف على‬
‫قدـ ىذا الصنف من القصص الشعيب‪ ،‬وقد عُب الدارسوف دبحاولة الكشف عن العالقة الٍب تربط‬
‫بينها واألسطورة‪ ،‬فكادوا هبمعوف أهنا يف جذور ما نطقت بو األساطّب وأف الكثّب من األساطّب‬
‫جسدت القوى اغبيوانية وبعدىا التارىبي يف أحداثها‪ ،‬فال ىبلو حبث أو مقاؿ يف حكاية اغبيواف‪ ،‬إال‬
‫وتطرؽ إُف عالقتها باألسطورة من الناحيتْب التارىبية والفكرية‪.‬‬
‫وفبا سبق يبكن القوؿ بأف حكاية اغبيواف ىي صنف من أقدـ أصناؼ القصص الشعيب حٌب أف‬
‫كثّب من الدارسْب للسرد الشفوي الشعيب يربطوهنا باألسطورة‪ ،‬حكاية ذبري على لساف اغبيواف الذي‬
‫يعلب دور البطولة فيها‪ ،‬وباوؿ راويها من خالؽبا إيصاؿ فكرة معينة أو تفسّب ظاىرة ؽبا عالقة‬
‫باغبيواف‪ ،‬ىذا األخّب الذي تربطو عالقة ضبيمية باإلنساف‪ ،‬ذات عناصر ؿبددة‪ ،‬شديدة القصر مقارنة‬
‫بباقي أصناؼ القصص السابق ذكرىا‪ ،‬يتكوف بناؤىا من قسمْب اثنْب‪ ،‬تعرض يف األوُف حادثة‬
‫معينة‪ ،‬ويف الثانية على اؼبوقف األخالقي التعليمي‪.‬‬
‫‪ -2‬خصائص حكاية الحيوان‪:‬‬
‫يف أغلب اغبكايات اغبيوانية الٍب صبعتها من أفواه الرواة يف اؼبنطقة‪ ،‬قسمتها إُف جانبْب اثنْب‪،‬‬
‫األوؿ بنائي‪ ،‬والثاين فِب ركزت فيو على اؼبضموف‪.‬‬

‫‪ - 1‬حورية بن ساَف‪ ،‬اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية دراسة ونصوص‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ - 2‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪37‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫أ‪ -‬اؼبستوى البنائي‪ :‬تأخذ حكاية اغبيواف بناء ؿبددا وبسيطا يتكوف من قسمْب‪:‬‬
‫‪ -‬الغرض القصصي للحدث‪ :‬ويتمثل يف السرد وذكر تفاصيل أحداث اغبكاية‪.‬‬
‫‪ -‬احملصوؿ األخالقي‪ :‬ويبثل القيمة التعليمية اػبلقية أو اؽبدؼ األخالقي بصورة مركزة‪ .‬ويتجسد غالبا‬
‫يف قوؿ مأثور أو حكمة أو مثل شعيب معْب هبسد تلك اغبصيلة األخالقية‪ ،‬فحكاية اغبيواف‬
‫"تستهدؼ غاية أخالقية وىي قصّبة تقوـ بأحداثها حيوانات تتحدث وتتصرؼ كاإلنساف وربتفظ‬
‫‪1‬‬
‫بذلك بسماهتا اغبيوانية وتقصد إُف مغزى أخالقي"‬
‫ب‪ -‬مستوى السمات الفنية‪ :‬غبكاية اغبيواف العديد من السمات الٍب سبيزىا عن غّبىا من أنواع‬
‫القصص الشعيب‪ ،‬وىذه بعض من تلك اػبصائص‪:‬‬
‫‪ -‬تتسم غالبا ببساطة اغببكة الفنية "فحكايات اغبيواف قصّبة بالقياس إُف غّبىا وعناصرىا قليلة‬
‫يبكن أف يضم بعضها إُف بعض فتظهر يف صورة سلسلة متواصلة ذات حلقات"‪ 2‬مع تركيزىا على‬
‫ىدؼ ؿبدد بعدد قليل من الشخصيات (شخصيتاف أو ثالثة على األكثر) يف جل اغبكايات‪.‬‬
‫‪ -‬تبتعد عن التقسيم الثالثي اؼبعروؼ يف أنواع أخرى للقصص من مقدمة أو سبهيد‪ ،‬عقدة وخاسبة‪.‬‬
‫‪ -‬كما أهنا ال تبدأ وال زبتم بعبارات طقوسية معينة مثل (حاجيتك ماجيتك‪ ،‬خرافتنا غابة غابة يف‬
‫كل عاـ ذبينا صابة‪ )....‬ىذه العبارات الٍب قبدىا يف اغبكاية اػبرافية‪.‬‬
‫‪ -‬الرمز‪ :‬يعتب من بْب اػبصائص اؼبهم لكوف اغبكاية تقوـ عليو ليحيلنا إُف قراءة وتأمل ما وراء النص‬
‫والتطلع إُف اؼبعُب اػبفي فيها‪ ،‬فالرمز تعبّب غّب مباشر عن النواحي النفسية اؼبستثمرة الٍب ال تقوى‬
‫‪3‬‬
‫على أدائها اللغة يف دالالهتا العضوية‪.‬‬
‫‪ -‬شخصياهتا حيوانية يف الغالب‪ ،‬أي أف اغبيواف يلعب دور البطولة فيها فكانت "معظم الشخصيات‬
‫يف العادة من اغبيوانات الٍب تتكلم وتتصرؼ كاآلدميْب إُف درجة يتبْب منها الرواة الذين وبكموف‬

‫‪ - 1‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ - 3‬ؿبمد مرتاض‪ ،‬من قضايا أدب األطفاؿ دراسة تارىبية فنية‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪ ،‬اعبزائر‪ ،1994 ،‬ص‪.93‬‬
‫‪38‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫القصص بكل جدية ليست لديهم فكرة واضحة عن اغبد الفاصل بْب اإلنساف واغبيواف‪ ،‬فهو حيواف‬
‫‪1‬‬
‫يف صبلة وإنساف يف اعبملة التالية‪ ،‬دوف حاجة إُف أف يكوف ىذا التحوؿ مصحوبا بشعائر خاصة"‬
‫كما قبد شخصيات أخرى مثل‪ :‬اإلنساف‪ ،‬نبات‪ ...‬فهي تكتفي بذكر نوع الشخصية وال هتتم‬
‫بالتفاصيل األخرى‪ .‬مثل‪ :‬تذكر نوع الشخصية على أنو إنساف يف شكل رجل أو امرأة‪ ،‬أو صفتو‬
‫العمرية (شيخ‪ ،‬ولد)‪ ،‬أو فقّب‪ ،‬غِب‪ ،‬ذكي‪ ...‬أو مهنتو‪ :‬فالح‪ ،‬تاجر‪ ،‬حطاب‪ .. .‬وال تدخل يف‬
‫التفاصيل الداخلية األخرى مثل تفاصيل العائلة وعدد أفرادىا‪ .. .‬كما أف عالقة الشخصيات بعضها‬
‫ببعض عالقة بسيطة سبتاز بالسطحية‪ ،‬بعيدة عن الغموض والعمق‪.‬‬
‫‪ -3‬أنواع حكاية الحيوان‪:‬‬
‫َف ىبتلف الدارسوف غبكاية اغبيواف كثّبا يف ذكر أنواعها‪ ،‬فنجد عبد اغبميد يونس وعبد الرضباف‬
‫الساريسي وغّبنبا قد قسما حكاية اغبيواف إُف قسمْب نبا‪:‬‬
‫أ‪ -‬حكاية الحيوان الشارحة (المفسرة)‪ :‬وىي تفسر بعض مظاىر الطبيعة عامة وصفات اغبيواف‬
‫خاصة‪ ،‬وأطلق عليها الدكتور أضبد زغب اسم (حكاية اغبيواف التعليلية) الٍب هتدؼ إُف تفسّب ظاىرة‬
‫‪2‬‬
‫طبيعية مرتبطة باغبيوانات مثل ؼباذا ال تطّب الدجاجة رغم جناحيها؟ وؼباذا صوت البومة مزعج؟‪.. .‬‬
‫كما رباوؿ تفسّب شكل اغبيوانات ولوهنا وصفاهتا‪ .‬واغبكاية التعليلية ىي صورة أولية ؿباولة أسطورية‬
‫لتفسّب طباع اغبيوانات تتناسب والفكر البشري القدًن‪ ،‬ال يعِب بالضرورة أف يكوف البطل فيها‬
‫حيوانا‪ ،‬بل تتعداه إُف اعبماد والنبات‪ ،3‬وبو تفسر بعض الظواىر الطبيعية وحٌب الشخصية اؼبعنوية‬
‫كالصدؽ والكذب واغبظ‪.‬‬
‫والعرب يف العصر اعباىلي كانت ؽبم حكاياهتم الشارحة من عاَف اغبيواف‪ ،‬مثلت جزءا من تراثهم‬
‫ومعتقداهتم الدينية‪ ،‬فحكاية اؽبدىد الذي منحو النيب نوح عرفو التاجي تقديرا لوفائو‪ ،‬والغراب الذي‬

‫‪ - 1‬أماين اعبندي‪ ،‬حكايات اغبيواف يف الَباث اإلنساين‪ ،‬األىراـ اليومي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬عدد بتاريخ‪27 :‬أوت ‪ ،2016‬ص ‪.4‬‬
‫‪ - 2‬أضبد زغب ‪ ،‬األدب الشعيب الدرس والتطبيق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ - 3‬ؿبمد رجب النجار‪ ،‬حكايات اغبيواف يف الَباث العريب‪ ،‬ؾبلة عاَف الفكر‪ ،‬العدد ‪ ،2-1‬جويلية ‪ ،1995‬الكويت‪ ،‬ص ‪188‬‬
‫‪41‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫دعا عليو بسواد اللوف بعد أف كاف أبيض ألنو َف يعد ليبشره بظهور الب بعد أف توقف الطوفاف‬
‫وتطهرت األرض‪.1‬‬
‫ب‪ -‬حكاية الحيوان الرمزية‪ :‬يف السرد الشفوي للمنطقة‪ ،‬تتناقل مثل ىذه اغبكايات كثّبا مقارنة‬
‫بالصنف األوؿ الذي يسبقها حبقب تارىبية ارتبطت باألساطّب‪ ،‬ويطلق عليها باحثوف اسم حكاية‬
‫اغبيواف اػبرافية‪ ،‬وىي سرد مكثف يضطلع دبهمة تعليمية ومضامْب أخالقية على شدة قصرىا‬
‫وؿبدودية أدائها‪ ،‬هتدؼ إُف مغزى تعليمي عن طريق تشخيص اغبيوانات‪ ،2‬والعالقة بْب شخصياهتا‬
‫القليلة بسيطة ال ترتقي للتعقيد اؼبعروؼ يف اغبكاية اػبرافية بالدرجة األوُف‪ .‬ويعرفها فوزي العنتيل‬
‫بأهنا‪" :‬حكاية من حكايات اغبيواف تشتمل على موعظة أخالقية‪ ،‬وىي قصّبة تظهر فيها اغبيوانات‬
‫يف صورة شخصيات تتحدث وتتصرؼ كاآلدميْب ولو أهنا يف العادة ربتفظ خبصائصها اغبيوانية وؽبا‬
‫حبكم أغراضها اذباه أخالقي"‪.3‬‬
‫يف ىذا الصنف من حكاية اغبيواف يوظف الراوي الشخصيات اغبيوانية بطريقة ذكية‪ ،‬فحجم‬
‫اغبيواف وبنيتو اعبسدية ال تعب دائما عن القوة‪ ،‬فرغم صغر حجم "القنفذ" يتغلب على "الذئب"‬
‫بالدىاء وقوة العقل ال اعبسد (حكاية القنفود والذيب)‪ ،‬واػبالصة التعليمية واحملصوؿ األخالقي‬
‫ِ‬
‫ود إِ ِّْف ِرب ْقَرْه يِ ْع ِم ْ‬
‫يك"‪.‬‬ ‫للحكاية يتلخص يف اؼبثل الشعيب السائد يف اؼبنطقة "العُ ْ‬
‫وما يبيزىا كذلك ىو انقالب األدوار الٍب تلعبها الشخصيات‪ ،‬فيتحوؿ اؼبعتدي إُف ضحية‬
‫والضحية إُف معتدي‪ ،‬فالذئب الذي انقض على الكلب اؽبزيل أماـ بيت صاحبو َف يفَبسو‪ ،‬بفعل‬
‫اغبيلة اؼبدبرة من الكلب الذي طلب مهلة حٌب يأكل ويسمن من فتات الوليمة الٍب سيقيمها صاحبو‬
‫بعد أياـ قالئل‪ ،‬وبعدىا يأيت راضيا ومقرا حبق الذئب يف افَباسو‪ ،‬وحْب انتهاء الفَبة احملددة رجع‬
‫الذئب ليجد فريستو فوؽ سطح البيت‪ ،‬حينها قاؿ لو الكلب‪ :‬إذا وجدتِب مرة أخرى فال تضيع‬

‫‪ - 1‬ؿبمد رجب النجار‪ ،‬حكايات اغبيواف يف الَباث العريب‪ ،‬ص‪189‬‬


‫‪ - 2‬أضبد زغب ‪ ،‬األدب الشعيب الدرس والتطبيق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ - 3‬فوزي العنتيل‪ ،‬الفلوكلور ما ىو‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪40‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرصة على نفسك‪ .‬وىذه حوصلة خبة عاشها الفرد يف اغبياة‪ ،‬ورأى بأف "عصفورا يف يده أفضل‬
‫من عشرة على الشجرة" ومن "سبقك بليلة سبقك حبيلة"‪.‬‬
‫وىذا النوع من القصص كاف وليد النوع السابق وتطور عنو ونشأ متأثرا بو‪ ،‬فاغبيواف قديبا كاف معلما‬
‫ومعبودا يف اغبد نفسو ما ساعد يف ربويل اغبكايات التعليلية إُف تعليمية (أي رمزية) ربمل مغزى‬
‫أخالقيا أو درسا اجتماعيا أو ىدفا تربويا فانتقلت بذلك من الطور األسطوري إُف الفن األديب‪.1‬‬
‫‪ -4‬نشأة حكاية الحيوان‪:‬‬
‫حكاية اغبيواف من األمباط القصصية الضاربة اعبذور يف الَباث السردي‪ ،‬تُعزى فيها األفعاؿ واألقواؿ‬
‫إُف اغبيواف بقصد التهذيب اػبلقي والَببوي‪ ،‬أو اإلصالح االجتماعي أو النقد السياسي‪ ،‬فضال عن‬
‫اإلمتاع الفِب الذي ربققو غرائبية اغبيوانات يف اؼبسار السردي للحكاية‪ ،‬وامتالكها القدرة على‬
‫‪2‬‬
‫اإلدىاش واإلثارة ومن مث الوصوؿ إُف قلب القارئ وعقلو‪.‬‬
‫وقد تكوف حكاية اغبيواف من أقدـ أصناؼ القصص الشعيب ألف عالقة اإلنساف باغبيواف قديبة‬
‫قدـ اإلنساف نفسو على وجو البسيطة‪ ،‬ألنو مارس نشاطات حياتو جبانب اغبيوانات فكانت جزءا‬
‫من حياتو اليومية يتعايش معها ويستفيد منها يف شٌب آّاالت‪ ،‬وبدأت ىذه العالقة مذ بدأ اػبلق‪،‬‬
‫واؼبتصفح للتاريخ اإلسالمي يَباءى لو ذلك بوضوح (غراب قابيل‪ ،‬حوت يونس‪ ،‬بقرة بِب‬
‫إسرائيل‪ .)...‬وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على قدـ نشأهتا الضارب يف عمق التاريخ البشري‪،‬‬
‫فكانت بذلك دافعا لينشئ قصصا وباكيها‪ ،‬وىي بذلك "تعد من أقدـ – إف َف تكن األقدـ – أمباط‬
‫القص أو اغبكي الشعيب الذي اليزاؿ نابعا باغبياة – تذوقا واستلهاما – حٌب اليوـ"‪.3‬‬
‫ويربط الكثّب من الدارسْب اليوـ نشأة حكاية اغبيواف باألسطورة‪ ،‬وىذا ما يبز عراقتها الساحقة‪،‬‬
‫بل وولدت من رضبها وتطورت ونتجت بشكل أديب متميز عن باقي أشكاؿ التعبّب السردي الشعيب‪.4‬‬

‫‪ - 1‬ؿبمد رجب النجار‪ ،‬حكايات اغبيواف يف الَباث العريب‪ ،‬ص‪.189‬‬


‫‪ - 2‬قحطاف صاٌف الفالح‪ ،‬األدب والسياسة ‪ ،‬قراءة يف قصة النمر والثعلب البن ىاروف ت‪215‬ىػ ‪ ،‬ؾبلة جامعة دمشق‪ ،‬آّلد ‪ ،27‬العدد ‪،2-1‬‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.77،76‬‬
‫‪ - 3‬ؿبمد رجب النجار‪ ،‬حكايات اغبيواف يف الَباث العريب‪ ،‬ص ‪.187‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.187‬‬
‫‪41‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫ويلعب اغبيواف دورا كبّبا يف األساطّب كما يف اغبكايات الشعبية‪ ،‬وخاصة أساطّب الشعوب البدائية‬
‫حيث يتخذ البطل صورة اغبيواف يف حْب يفكر وينطق ويبلك سلوكا بشريا‪ .‬وال تتوقف العالقة بينهما‬
‫عند ىذا اغبد‪ ،‬بل تعدت ذلك يف أف كالنبا يفسر ظواىر َف يقدر العقل البشري القدًن على إهباد‬
‫تفسّب واقعي ؽبا‪ ،‬وؽبذا وجدنا اآلؽبة يف عدد من األساطّب تتخذ من شكل اغبيوانات رمزا ليظهر قوهتا‬
‫وبعدىا اػبالد يف الوجود‪ ،‬كما تعتمد حكاية اغبيواف على الرمز بوصفو وسيلة فنية يتمكن السارد من‬
‫خاللو على النصح والوعظ واإلرشاد بطرؽ غّب مباشرة ‪ ،‬ويتضح ذلك يف حكايات "كليلة ودمنة"‬
‫الٍب لعب فيها اغبيواف دور البطولة‪ ،‬وىو الكتاب الذي ذاع صيتو يف وسط الساحة األدبية منذ‬
‫القدًن‪ ،‬ويعود أصلو إُف اؽبند الذي صبع فيو "بيدبا" أروع فنوف اغبكمة واألدب والسياسة واألخالؽ‬
‫والعب واألمثاؿ على لساف اغبيواف‪.‬‬
‫يف كتابو "األدب اؼبقارف"‪ ،‬ربدث الدكتور غنيمي ىالؿ عن حكاية اغبيواف وعن عالقتها‬
‫باألدب العريب‪ ،‬ومدى تأثّب كتاب كليلة ودمنة على األدب عامة والعريب خاصة "كانت ترصبة عبد‬
‫اهلل بن اؼبقفع سببا يف خلق ىذا اعبنس األديب (أي حكاية اغبيواف) اعبديد يف اللغة العربية‪ ،‬ذلك أف‬
‫حكايات اغبيواف يف األدب العريب القدًن قبل كليلة ودمنة كانت إما شعبية فطرية تشرح ما بْب العامة‬
‫من أمثاؿ‪ ،‬وإما مقتبسة من كتب العهد القدًن‪ ،‬أي ذات طابع ديِب يتصل بالعقائد‪ ،‬وأما ما عدا‬
‫ىذين فمتأخر عن كليلة ودمنة ومتأثر بو"‪ 1‬فكلما تطرقنا إُف حكاية اغبيواف ارتبطت مباشرة بكتاب‬
‫كليلة ودمنة‪ ،‬وأصلو اؽبندي أو ترصبتو العربية البن اؼبقفع‪.‬‬
‫ويُ ِرجع الدكتور عبد اغبميد يونس أصل حكاية اغبيواف إُف صبيع اغبضارات القديبة ألهنا‬
‫"ترد على ألسنة اعبميع دوف استثناء‪ ،‬إهنا موجودة يف كل بيئة وعند كل أمة وبْب ـبتلف األجياؿ‬
‫والطبقات‪ ،‬وقد استطاعت أف ربتل مكانا ظاىرا بْب األشكاؿ القصصية فيما يسمى باألدب اؼبثقف‬
‫أو األدب الرفيع"‪ .2‬وأشار اؼبقدسي إُف التضارب حوؿ مكاف نشأة حكايات اغبيواف‪ ،‬ففي القدًن‬
‫ردىا الباحثوف األوربيوف إُف اليونانيْب‪ ،‬إال أف الباحثْب اؼبعاصرين اؼبهتمْب بأصوؿ اآلداب الشعبية‬

‫‪ - 1‬ؿبمد غنيمي ىالؿ‪ ،‬األدب اؼبقارف‪ ،‬هنضة مصر‪ ،‬القاىرة‪ ،2004 ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪ - 2‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪42‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫العاؼبية نسبوا نشأهتا إُف الشرؽ‪ 1.‬وعن ظهورىا يف اؽبند‪ ،‬ربدث غنيمي ىالؿ عن كتب حوت يف‬
‫طياهتا حكايات للحيواف‪ ،‬بداية من كتاب (جاتاكا) وصوال إُف (ىيتوباديسيا) الٍب انفردت بطابع فِب‬
‫يف طريقة تقديبها للحكايات‪ .‬كما ال يبكن إغفاؿ التأثّب العريب يف حكاية اغبيواف‪ ،‬تأثّب انقسم‬
‫عبزأين‪ -:‬نقل األديب العريب للمأثور اؽبندي أو الفارسي إُف اؼبأثور العاؼبي كلو‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬إبداع العرب أنفسهم يف ىذا اؼبيداف إضافة وتضمينا ورمزا‪.‬‬
‫وحوؿ التضارب يف أصل حكاية اغبيواف‪ ،‬لبتم دبا ذكرتو الدكتورة أماين اعبندي يف مقاؽبا "يف‬
‫حكايات اغبيواف يف الَباث اإلنساين"‪" :‬إف اغبكاية على لساف اغبيواف عرفتها اغبضارات القديبة جدا‬
‫مثل اغبضارة اؼبصرية يف حكاية (السبع والفأر) الٍب وجدت يف أوراؽ البدي الٍب تعود إُف القرف‬
‫الثامن عشر قبل اؼبيالد‪ ،‬يف حْب تعود حكايات (إيسوب) اليونانية إُف القرف السادس قبل اؼبيالد‪،‬‬
‫ويرى بعض اؼبؤرخْب قد كتبت يف حكاية اغبيواف يف (تناسخ بوذا) ويف العصور اغبديثة كتب‬
‫"الفونتْب" (كاتب فرنسي ‪ )1696-1620‬حكاياتو الٍب استمدىا من كليلة ودمنة (إيسوب‬
‫ولقماف)‪ ،‬مث كتب "ؿبمد عثماف جالؿ" ديواف "العيوف اليواقظ يف األمثاؿ واؼبواعظ" الذي اشتمل‬
‫‪3‬‬
‫على مئٍب قصة شعرية أغلبها على ألسنة اغبيوف"‬

‫‪ - 1‬اؼبقدسي‪ ،‬كشف األسرار عن حكم الطيور واألزىار‪ ،‬تح‪ :‬حسْب عاصي‪ ،‬دار اؼبواسم للطباعة والنشر‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ - 2‬فاروؽ خورشيد‪ ،‬أدب األسطورة عند العرب‪ ،‬سلسة عاَف اؼبعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،284‬الكويت‪ ،2002 ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪ - 3‬أماين اعبندي‪ ،‬حكايات اغبيواف يف الَباث اإلنساين‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪43‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫خاتمة الفصل‪:‬‬
‫‪ -1‬من خالؿ التطرؽ ّٓموعة من اؼبراجع يف األدب الشعيب عامة ويف القصص الشعيب باػبصوص‪،‬‬
‫وبعد ؿباولة إؼباـ معلومات كافية ألصناؼ القصص الثالثة (اغبكاية اػبرافية‪ -‬اغبكاية الشعبية –‬
‫حكاية اغبيواف ) خرجت دبجموعة من اؼبالحظات أنبها‪:‬‬
‫‪ -‬ىبتلف تصنيف القصص الشعيب من باحث آلخر‪ ،‬وحينما أجد تعريفا خاصا بصنف معْب‪ ،‬أجد‬
‫نفس التعريف تقريبا بصنف آخر‪ ،‬كما وجدت تعريفات ـبتلفة لنفس اؼبصطلح‪ ،‬وىذا راجع‬
‫إلشكالية التصنيف يف حد ذاهتا‪ ،‬سواء يف أدبنا العريب أو يف األدب الغريب‪.‬‬
‫‪ -‬بعيدا عن إشكالية التصنيف‪ ،‬ىناؾ أيضا إشكالية اؼبصطلح الٍب اعَبضتِب يف ىذا اعبزء النظري من‬
‫البحث‪ ،‬ففي التصنيف مثال وجدت من يستعمل مصطلح (أنواع – موضوعات – أصناؼ) كما يف‬
‫تصنيف مواضيع كل نوع من القصص وجدت إشكالية عويصة‪ ،‬ففي موضوعات اغبكاية اػبرافية‬
‫(حكاية اعباف مثال) ىناؾ من يصنفها كنوع خاص من القصص الشعيب وليس اغبكاية اػبرافية‪،‬‬
‫ونفس الشيء يف اغبكاية الشعبية الٍب قسمتها إُف ( واقعية اجتماعية – واقعية أخالقية – واقعية‬
‫سياسية) فهناؾ من الدارسْب من يبيز الواقعية االجتماعية على أهنا نفسها اغبكاية الشعبية‪ ،‬كما يف‬
‫تصنيف القصص الشعيب الٍب يطلق عليو آخروف مصطلح اغبكايات الشعبية‪.‬‬
‫‪ -‬ارتباط القصص الشعيب باألسطورة وثيق جدا‪ ،‬وأخص بالذكر حكاية اغبيواف الشارحة واغبكاية‬
‫اػبرافية‪ ،‬اللتْب تعداف وليديت األسطورة‪ ،‬سواء من الناحية التارىبية أو الفنية‪.‬‬
‫‪ -2‬زبتلف األصناؼ الثالثة اػباصة باألدب الشعيب يف اػبصائص‪ ،‬ولو دققنا النظر لوجدنا ؾبموعة‬
‫من الفوارؽ بينها سواء من ناحية الشكل‪ ،‬اؼبضموف‪ ،‬الشخصيات يف عددىا ومواصفاهتا ونوعها‪...‬‬
‫ومنو نلخص أنبها يف اعبدوؿ التاِف‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫أىم الفوارق بين أصناف القصص الثالثة‪:‬‬


‫حكاية الحيوان‬ ‫الحكاية الشعبية‬ ‫الحكاية الخرافية‬
‫شخصية حيوانية تنطق بلساف‬ ‫شخصية انسانية عادية ال سبلك‬ ‫شخصية إنسانية ربركها قوى‬
‫بطل الحكاية‬
‫اإلنساف‬ ‫حرية مطلقة (مقيدة) ولديها زماف‬ ‫خارجية خارقة بكل حرية يف الزماف‬
‫ومكاف معلومْب‬ ‫واؼبكاف‬
‫قليلة ال تتعدى شخصيتْب‬ ‫أقل عددا وشخصياهتا من اإلنساف‬ ‫عددىا كبّب ومتنوعة هبتمع يف‬
‫الشخصيات األخرى‬
‫حيوانيتْب أو ثالثة غالبا‬ ‫ال الوحوش‬ ‫الدوائر السبع الفاعلة مثل الغوؿ‪.‬‬
‫اعبن‪ .‬العفاريت‬
‫بناء بسيط يهدؼ إُف غاية‬ ‫واقعية موضوعية تذكر موقفا من‬ ‫مركبة وخيالية مليئة بالسحر‬
‫بنية الحكاية‬
‫أخالقية بلساف اغبيواف‬ ‫مواقف اغبياة الٍب حدثت أو يبكن‬ ‫والعجائب‬
‫أف ربدث‬
‫تنتهي غالبا بتبادؿ األدوار فيتحوؿ‬ ‫تنتهي بتأكيد وجود الشر يف اغبياة‬ ‫تنتهي غالبا بالقضاء على الشر‬
‫نهاية الحكاية‬
‫اؼبعتدي إُف ضحية والضحية إُف‬ ‫ألف البطل ينتصر على الشخصية‬
‫معتدي‬ ‫الشريرة‬
‫ذبمع بْب ؾبموعة من القيم‪:‬‬ ‫ذات طابع جدي لعدـ وجود‬ ‫ذبمع بْب اعبد واؽبزؿ فهي جدية‬
‫طابع الحكاية‬
‫خلقية‪ ،‬تربوية أو تعليمية‪.‬‬ ‫شخصيات أو أحداث ذبعل منها‬ ‫ؼبعاعبتها قضية مهمة وىزلية‬
‫ىزلية‬ ‫الحتوائها على العائب‬
‫رمزية نطق اغبيواف الذي يلعب دور‬ ‫ال ربوي الرمز جبميع أنواعو ما‬ ‫يتمثل يف اؼبسخ أو التحوؿ‪ ،‬أو‬
‫الرمز‬
‫اإلنساف بصفات خلقية حيوانية‬ ‫هبعلها واقعية ألبعد اغبدود‪.‬‬ ‫اخَباؽ اؼبمنوع واحملرـ‪ ،‬كما يظهر‬
‫للتعبّب عن نواحي نفسية‬ ‫يف الشخصيات والفواعل الرمزية‬
‫الجدول رقم (‪)2‬‬
‫‪َ -‬ف ىبلق الراوي الشعيب أصناؼ السرد الشفوي عموما والقصص الشعيب خصوصا عبثا‪ ،‬بل أراد منها‬
‫أف تنقل ؾبموعة من األفكار إُف األجياؿ القادمة وكما يقاؿ "القصص الشعيب رسالة من األمس‪ ،‬تُ َروى‬
‫اليوـ من أجل الغد" وتشَبؾ أصناؼ القصص الشعيب يف ؾبموعة من الوظائف نلخصها فيما يلي‪:‬‬
‫وظائف القصص الشعبي‪:‬‬
‫* على اؼبستوى الَببوي األخالقي‪ :‬تتناوؿ اغبكايات غالبا واقعا ُهتدر فيو النظم الَببوية واالجتماعية‪،‬‬
‫فتحاوؿ معاعبتو بإظهار سلبياتو والتحذير منها بطريقة غّب مباشرة‪ ،‬فاهنزاـ قوى الشر ما ىو إال نقد‬
‫ورفض لتلك النظم‪ ،‬فهي تؤدي دورا ىاما يف التعبّب عن اعبوانب غّب السوية يف آّتمع‪ ،‬فهي ّٔذا‬
‫تعمل على خلق التوازف االجتماعي أو األخالقي‪ ،‬فيعب من خالؽبا عن رغبة ملحة يف ربقيق عاَف‬
‫‪45‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫يرتاح إليو ووببو النطوائو على العدالة واغبب والتعاوف والتسامح والتكافل بْب أفراد األسرة الواحدة‪،‬‬
‫وبْب آّتمعات‪ .1‬وحكاية اغبيواف ىي أكثر األصناؼ الٍب تظهر مثل ىذه الوظائف‪.‬‬
‫* على اؼبستوى النفسي الداخلي‪ :‬ذبيب أصناؼ القصص الشعيب عن أسئلة اإلنساف يف اغبياة‪.‬‬
‫فاغبكاية اػبرافية مثال تقدـ لو جوابا شافيا عن اؼبصّب والوجود ف ػ "الوسائل السحرية ربث اإلنساف‬
‫على عدـ االنشغاؿ باؼبصّب انشغاال يعطلو عن اغبركة‪ ،‬وعلى أف يعيش خفيفا يف األجواء السحرية‬
‫الٍب ىي ضرورية للحياة"‪ ،2‬وىذا ما أدى باإلنساف أف يؤمن ّٔا إيبانا راسخا‪ .‬ورمزية حكاية اغبيواف‬
‫وشخصياهتا الناطقة توفر لو مالذا من خاللو وباكي شعوره الداخلي الراغب يف التغيّب‪ .‬أما اغبكاية‬
‫الشعبية فتحاكي واقعو وحياتو اليومية االجتماعية‪ ،‬األخالقية والسياسية‪ ،‬ويعب من خالؽبا عما هبوؿ‬
‫يف نفسو من رغبات وطموحات‪.‬‬
‫* على اؼبستوى الواقعي‪ :‬أحيط اإلنساف قديبا ببيئة وؿبيط مثقلْب بالتساؤالت الٍب سكنت النفوس‬
‫البشرية‪ ،‬فلجأ إُف تفسّب الظواىر الطبيعية عن طريق حكاية اغبيواف الشارحة أو التعليلية يف ظل‬
‫غياب التفسّبات العلمية ؽبا‪ ،‬ونسج من تفكّبه حكايات أشبعت حّبة الزمت ذىنيتو وتفكّبه‪،‬‬
‫وأخرجتو من نفق مظلم مليء بالغموض‪ ،‬فألغى بذلك عاؼبو الواقعي‪ ،‬وحل ؿبلو عاَف مليء بالسحر‬
‫والتفاؤؿ‪ ،‬فعاش بعيدا عن انشغاالت احمليط وتساؤالتو‪ .3‬وقد يبدو للوىلة األوُف أف اغبكاية اػبرافية‬
‫بعيدة عن الواقع الحتوائها على اػبياؿ والسحر وشخصيات خارقة‪ ،‬إال أف ذلك اػبياؿ يُراد بو ربقيق ما‬
‫يطمح إليو الراوي‪ ،‬ودبا أنو َف يقدر أف يغّبه‪ ،‬استعاف بشخصيات خيالية للتغلب على ذلك الظلم أو‬
‫الشر يف ـبيلتو‪ .‬وبالتاِف أظهر لألجياؿ القادمة وجهة نظره للواقع الذي وبب‪.‬‬

‫‪ - 1‬رابح العويب‪ ،‬أنواع النثر الشعيب‪ ،‬منشورات جامعة باجي ـبتار‪ ،‬عنابة‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ - 2‬أضبد زغب‪ ،‬األدب الشعيب‪ -‬الدرس والتطبيق‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ - 3‬رابح العويب‪ ،‬أنواع النثر الشعيب‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪46‬‬
‫ماىية القصص الشعبي‬ ‫الفصل األول‬

‫* على اؼبستوى الَبفيهي اعبماِف‪ :‬غالبا ما نربط بْب التسلية والَبفيو باألطفاؿ الصغار‪ ،‬فالطفل حْب‬
‫فقد وسائل التسلية‪ ،‬كانت اعبدة ىي األنسب للَبفيو عن نفسو‪ ،‬ألف القصص الشعبية ربمل فكرة‬
‫أخالقية وتربوية واجتماعية يف قالب ترفيهي يسعى إُف اؼبتعة والَبويح عن النفس بفعل طابعها اؽبزِف‬
‫اؼبفعم بالتشويق واإلثارة واػبوارؽ‪ ،‬فاغبكايات دبختلف أنواعها تعد من أنسب القصص لألطفاؿ يف‬
‫‪1‬‬
‫مراحل حياهتم اؼبختلفة ألهنا ربافظ على تسلسل أحداثها فبا يساعدىم على فهمها والتواصل معها‬
‫وىذا جانب مهم من الوظائف‪ ،‬ألنو لوال التشويق ؼبا استطاع الراوي نقل رسالتو عب األجياؿ كل‬
‫ىذه اؼبدة‪ ،‬وحْب يشعر الواحد منا باإلثارة وحب اؼبعرفة واالطالع‪ ،‬يسلك كل الدروب لكسر تلك‬
‫طرح يف ـبيلتو حوؿ مستقبل البطل وشخصيات اغبكاية يف مسارىا السردي‪ .‬فأىم‬
‫التساؤالت الٍب تُ َ‬
‫الوظائف الٍب تنهض ّٔا اغبكاية الشعبية مثال ىي الوظيفة الَبفيهية‪ ،‬إذ تروى اغبكاية بعد الفراغ من‬
‫‪2‬‬
‫العمل يف معظم األحياف فهي تتصل دائما بتوجيو الفراغ"‬
‫يف حْب يتسم اعبانب اعبماِف للقصص يف كيفية بنائها من حيث الشكل واحملتوى على حد سواء‪،‬‬
‫فكيف لشكل سردي شعيب شفوي أف وبافظ على ظباتو رغم األجياؿ الساحقة يف التاريخ‪ ،‬فلو‬
‫كانت بسيطة بعيدة عن اعبماؿ الفِب ؼبا حافظت على مكانتها يف وسط الشعب كل ىذه اؼبدة‪.‬‬

‫‪ - 1‬موفق رياض مقدادي‪ ،‬البُب اغبكائية يف أدب األطفاؿ العريب اغبديث‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪ - 2‬أضبد مرسي‪ ،‬األدب الشعيب وفنونو‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المسارات السردية للحكايات‬

‫والصي ْد"‬
‫"ج ْبـ َره ِّ‬
‫‪ -1‬حكاية َ‬
‫‪ -2‬حكاية "غُ ُرو ْد َعالْيَة"‬
‫"عي َشة والغُولِي"‬ ‫‪ -3‬حكاية ِ‬
‫حكاية "لُـ ــونْ َجة"‬ ‫‪-4‬‬
‫يص والغُولِيَّة"‬ ‫ِ‬
‫حكاية "النِّص ْ‬ ‫‪-5‬‬
‫حكاية " َش َرف ْام َرأَة"‬ ‫‪-6‬‬
‫والملِك"‬ ‫"السا ِرق َ‬ ‫حكاية َّ‬ ‫‪-7‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫ارتأيت أف تتم دراسٍب للحكايات يف ىذا الفصل بتحليل البامج السردية لكل حكاية على حده‬
‫باتباع ؾبموعة من النظريات السيميائية انطالقا من نظرية فالديبّب بروب حوؿ الوظائف اؼبتناثرة يف‬
‫سطح النصوص اغبكائية‪ ،‬وصوال إُف أىم دراسات جولياف غريباس متمثلة يف النموذج العاملي واؼبربع‬
‫السيميائي‪ ،‬مرورا بتحليل اؼبتواليات السردية وشرح حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ لكل مقطع على حده‪،‬‬
‫يليو رسم البياف اػبطي للمسار ككل‪.‬‬
‫‪ ‬ومنو نلخص اػبطوات اؼبتبعة يف ربليل كل حكاية كاآليت‪:‬‬
‫اؼبتواليات السردية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫عالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫النموذج العاملي‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫اؼبربع السيميائي‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫انطالقا من البُب السطحية فبثلة يف الوظائف الٍب ربويها كل متوالية سردية‪ ،‬سأشرح العالقة الٍب تربط‬
‫ىذه اؼبقاطع بعضها ببعض بطريقة تتميز ببعض العمق مقارنة باستخراج الوظائف وسبييز اؼبتواليات‪،‬‬
‫يلي ذلك دراسات جولياف غريباس الٍب تتميز بالعمق والقراءة بْب نصوص وأسطر حكايات اؼبدونة‪.‬‬
‫‪ -‬صبع "فالديبّب بروب "‪Vladimir Prop‬بْب عدد من القيم الثابتة والقيم اؼبتغّبة يف‬
‫مدونة روسية من مائة حكاية خرافية‪ ،‬وذلك حْب دراستو للبنية الشكلية للنصوص اغبكائية‪ ،‬وىو‬
‫بذلك فتح الطريق على مصراعيو كبو الدراسات احملايثة للنصوص األدبية بعيدا عن كل اؼبؤثرات‬
‫اػبارجية‪ ،‬حبيث تكوف الدراسة داخلية ربدد مكوناهتا ووحداهتا األساسية وعالقتها بعضها ببعض‪،1‬‬
‫وكاف األساس الذي انبنت عليو معظم الدراسات واألحباث الٍب تناولت تركيب اغبكي‪ .‬وقبل التطرؽ‬
‫إُف معُب اؼبنهج الوظائفي أو اؼبورفولوجي‪ ،‬كاف لزاما التعريف بكلمة (مورفولوجيا) الٍب تعِب "دراسة‬

‫‪ - 1‬السيد إماـ‪ ،‬مدخل إُف نظرية اغبكي‪ ،‬مؤسبر أدباء مصر‪ ،‬األحباث‪ ،‬الدورة الثالثة والعشروف‪ ،‬األمل للطباعة والنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪،2008 ،1‬‬
‫ص‪.43‬‬
‫‪51‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫األشكاؿ ويف علم النبات فإهنا تنطوي على دراسة األجزاء اؼبكونة للبنية‪ ،‬وعالقة ىذه األجزاء بعضها‬
‫‪1‬‬
‫ببعض‪ ،‬وعالقة كل جزء منها بآّموع‪ ،‬وبشكل آخر فإهنا تعِب دراسة بنية البنية"‬

‫وأما اؼبقصود باؼبنهج اؼبورفولوجي للحكاية ىو الكشف عن آليات الربط بْب الوظائف اؼبوجودة‬
‫يف القصة ودراسة عالقة بعضها ببعض‪ ،‬وقد عرؼ بروب التحليل اؼبورفولوجي بأنو "وصف للحكاية‬
‫وفقا ألجزاء ؿبتواىا‪ ،‬وعالقة ىذه األجزاء بعضها ببعض‪ ،‬مث عالقتها بآّموع"‪ .2‬واعتمد بروب يف‬
‫دراستو على مدونة روسية صبعت مائة حكاية‪ ،‬واكتشف بأهنا تتكوف من قيم ثابتة ‪valeurs‬‬
‫‪ constantes‬وقيم متغّبة ‪ valeurs variables‬يف كل اغبكايات‪ ،‬وتتمثل القيم اؼبتغّبة يف أظباء‬
‫الشخصيات وصفاهتا ومالؿبها من جهة‪ ،‬وطريقة قياـ ىذه األخّبة باألفعاؿ من جهة أخرى‪ ،‬أي‬
‫‪.3‬‬
‫كيفية أدائها للوظيفة‪ ،‬أما الثابتة فتتمثل يف األفعاؿ الٍب تقوـ ّٔا ىذه الشخصيات‬

‫وأطلق على القيم الثابتة اسم الوحدة الوظيفية‪ ،‬وىي عمل الفاعل معرفا من حيث معناه يف سّب‬
‫اغبكاية‪ ،‬وىي الوحدة األساسية اؼبكونة للحكاية‪ .‬ويعرفها بروب بقولو "ونعِب بالوظيفة ما تقوـ بو‬
‫الشخصية من فعل ؿبدد من منظور داللتو يف سب اغببكة"‪ .4‬وال زبرج عدد الوظائف يف النصوص‬
‫اغبكائية عن واحد وثالثْب وظيفة ىي كاآليت‪:‬‬

‫‪ -‬تبدأ القصة يف الغالب باالستفتاح أو كما ظباىا بروب باغبالة البدئية "ىذا وتبدأ القصة يف العادة‬
‫‪5‬‬
‫بعرض اغبالة البدئية ‪ situation initiale‬إذ يتم تعداد أفراد العائلة أو يكتفى بالتعريف بالبطل"‬

‫وتلي االفتتاح الوظائف التالية‪:‬‬

‫‪ -0‬ابتعاد"‪ :"éloignement‬كأف يغيب أحد األفراد عن اؼبنزؿ للعمل أو اغبج مثال‪.‬‬

‫‪ - 1‬فالديبّب بروب‪ ،‬مورفولوجية القصة‪ ،‬تر‪ :‬عبد الكرًن حسن‪ ،‬ظبّبة بن عمو‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ - 2‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية‪،‬ص‪.25‬‬
‫‪ - 3‬فالديبّب بروب‪ ،‬مورفولوجية القصة‪ ،‬تر‪ :‬عبد الكرًن حسن‪ ،‬ظبّبة بن عمو‪،‬ص‪.37‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪50‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -1‬منع "‪ :"interdiction‬يكوف يف صورة إلزاـ أو نصح أو اقَباح‪.‬‬


‫‪ -2‬خرؽ اؼبنع"‪:"transegression‬وىي ارتكاب احملظور‪ ،‬وتظهر الشخصية الشريرة للعلن‪.‬‬
‫‪ -4‬استخبار"‪ :"interrogation‬يكوف على شكل أسئلة من اؼبعتدي موجهة إُف الضحية مثال‪.‬‬
‫‪ -4‬اخبار"‪ :"information‬يتلقى اؼبعتدي معلومات عن ضحيتو‪.‬‬
‫‪ -5‬خداع "‪:"tromperie‬رباوؿ الشخصية الشريرة أف زبدع ضحيتها وىي متنكرة غالبا‪.‬‬

‫‪ -7‬تواطؤ عفوي"‪ :"complicite‬تستسلم الضحية للخديعة اؼبدبرة من الشخصية الشريرة‪.‬‬

‫‪ -8‬إساءة"‪:"méfait‬يقوـ اؼبعتدي بإغباؽ الضرر بفرد من العائلة مثال‪.‬‬

‫* كما يبكن أف ربل ؿبل ىذه الوظيفة وظيفة أخرى تتمثل يف شعور أحد أفراد األسرة بػنقص‪ ،‬أو‬
‫(حاجة‪ :)manque/‬أو أف ىناؾ شيء ما ينقصو يف حياتو‪ .‬ومنو القضاء على ىذا النقص‪.‬‬

‫‪ -9‬الوساطة "‪:"médiation‬استدعاء للعوف وخاللو يتعرؼ البطل على الضرر‪ ،‬ويطلب منو إصالحو‪.‬‬
‫‪ -10‬الفعل اؼبعاكس"‪ :" début de l'action contraire‬أي قبوؿ البطل إصالح الضرر‪.‬‬
‫‪ -11‬رحيل "‪ :"départ‬فيها يَبؾ البطل منزلو وأسرتو ألداء اؼبهمة‪.‬‬
‫‪ -12‬اختبار‪ :‬أو أوُف وظائف اؼبانح"‪."première fonction du donateur‬‬
‫‪ -13‬رد فعل البطل"‪ :"réaction du héro‬يستجيب البطل للمساعدة الٍب قدمت لو‪.‬‬
‫‪ -14‬تلقي األداة السحرية"‪:"Réception de l'objet magique‬خامت أو كلمات يف شكل نصيحة‪.‬‬
‫‪ -15‬االنتقاؿ بْب فبلكتْب" ‪ :"Déplacement dans l'espace entre deux‬تتمثل يف حركة البطل‪.‬‬
‫‪ -16‬معركة"‪ :"comba‬صراع البطل مع الشرير‪.‬‬
‫‪ -17‬ظبة"‪ :"marque‬يصاب البطل جبروح جراء صراعة مع الشخصية الشريرة‪.‬‬
‫‪ -18‬انتصار"‪ :"victoire‬وفيها ينتصر البطل ويهزـ الشرير إما بالفرار أو اؼبوت‪.‬‬
‫‪ -19‬إصالح"‪:"Réparation‬حبيث يزوؿ خطر الشخصية الشريرة ووبصل البطل على مراده‪.‬‬
‫‪ -20‬العودة"‪ :"retoure‬يتخذ البطل طريقو قافال إُف بلده وبيتو‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -21‬مطاردة"‪ :"poursuite‬الشخصية الشريرة األوُف أو شخصية شريرة أخرى تتقفى أثر البطل‪.‬‬
‫‪ -22‬قبدة"‪ "secours‬البطل‪ :‬أو ىروبو من اؼبتقفْب ألثره‪.1‬‬
‫‪ -23‬الوصوؿ متنكرا"‪ :"arrivée incognito‬دوف أف يتم التعرؼ على البطل‪.‬‬
‫‪ -24‬اؼبزاعم الباطلة" ‪ :"Prétentions mensongères‬يدعي البطل اؼبزيف القياـ باؼبهمة‪.‬‬
‫‪ -25‬مهمة صعبة"‪ :"tâche difficile‬فيها يكلف البطل دبهمة صعبة‪.‬‬
‫‪ -26‬اؼبهمة اؼبنجزة"‪ :"tâche accomplie‬ينفذ البطل ما طلب منو بنجاح‪.‬‬
‫‪ -27‬التعرؼ"‪:"reconnaissance‬وذلك عن طريق عالمة أو ندبة‪.‬‬
‫‪ -28‬اكتشاؼ"‪ :"découvert‬غالبا ما ترتبط ىذه الوظيفة بالٍب سبقتها‪.‬‬
‫‪ -29‬التجلي"‪ :"Transfiguration‬كأف يتغّب يف الشكل نتيجة فعل األداة السحرية‪.‬‬
‫‪ -30‬عقاب"‪ :"Punition‬زبتلف من حكاية ألخرى‪ ،‬فقد يقتل برصاصة أو يطرد من اؼبدينة‪.‬‬
‫‪ -31‬زواج" ‪ :"mariage‬فيها يتزوج البطل أو يعتلي العرش أو يتوج ّٔما معا‪.2‬‬
‫‪ -‬اعتمدت باألساس يف ربليل حكايات اؼبدونة على وظائف بروب‪ ،‬وقمت بتقطيع اؼبسارات‬
‫السردية لكل حكاية على حدى إُف مقاطع سردية‪ ،‬وبوي كل مقطع متوالية سردية واحدة‪ ،‬واؼبقصود‬
‫باؼبتوالية ىو بداية اغبكاية بوضعية افتتاحية سبثل استقرارا أوليا مرورا باضطراب وربوؿ مث حل يف‬
‫النهاية‪ ،‬وىو يبثل استقرارا نسبيا جديدا أطلق عليو عبد اغبميد بورايو بأنو هبسد قصة دنيا‪ .3‬وربوي‬
‫اغبكاية على أكثر من متوالية سردية واحدة غالبا‪ ،‬وىكذا فإف كل متوالية تبدأ باستقرار مث تنتهي‬
‫باستقرار نسيب جديد ىبتلف عن األوُف‪ .‬والوظيفة كما عرفناىا سابقا من أبرز مكونات اغبكاية‪،‬‬
‫تنتمي إُف مقطع سردي يبثل قاعدة اغبكاية‪ ،‬ويبكن ربديده على أنو تطور منطقي خطي بْب ثالث‬

‫‪ - 1‬للتوسع أكثر ينظر‪ :‬فالديبّب بروب‪ ،‬مورفولوجية القصة‪ ،‬تر‪ :‬عبد الكرًن حسن‪ ،‬ظبّبة بن عمو‪،‬ص‪55...48‬‬
‫‪ - 2‬للتوسع أكثر ينظر‪ :‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.56.55‬‬
‫‪ - 3‬عبد اغبميد بورايو‪. ،‬اؼبسار السردي وتنظيم احملتوى‪ ،‬السبيل للنشر والتوزيع‪ ،‬اعبزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪52‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أزمنة وطبس مراحل‪ ،‬بداية من الوضعية االفتتاحية ‪ ،‬وتنتهي بالوضعية النهائية‪ ،‬وتتخللها ؾبموعة من‬
‫الوظائف ىي على الشكل اآليت‪:1‬‬
‫أ‪ -‬ما قبل‪ -1 :‬وضعية افتتاحية‪ :‬سبثل حالة االستقرار‪.‬‬
‫ب‪-‬أثنػ ػ ػ ػ ػ ػػاء‪ -2 :‬اضطراب‪ :‬تغّب يصيب العالقات ليحدث فقداف توازف‪.‬‬
‫‪ -3‬ربوؿ‪ :‬فعل صادر من أحد األطراؼ اؼبسانبة يف الوضعية األوُف‪.‬‬
‫‪ -4‬حل‪ :‬نوعية التحوؿ الناتج عن تغّب العالقة السابقة‪.‬‬
‫ج‪ -‬ما بعد‪ -5 :‬وضعية هنائية‪ :‬استقرار جديد‪.‬‬
‫‪ -‬واستكماال لدراسٍب للحكايات تعرضت للنموذج العاملي الذي يكشف من خاللو "أعبّبداس‬
‫جولياف غريباس"‪ ،)Greimas A.J( ‬مدى أنبية العامل يف اؼبسار السردي اغبكايات‪ ،‬ويرى بأف‬
‫"بروب" أوضح مفهوـ العوامل دوف أف يضع اؼبصطلح نفسو‪ ،‬وخاصة عندما وزع الوظائف على سبع‬
‫شخصيات أساسية‪ ،‬وىي الٍب اعتبىا دبثابة عوامل‪.2‬‬
‫واؼبالحظ أف غريباس َف يأت بنظريتو من فراغ‪ ،‬بل استفاد من آراء الباحثْب فبن سبقوه يف الدراسات‬
‫األنثروبولوجية واللسانية‪ ،‬إذ يقوـ النموذج العاملي على ستة عوامل تنتظم يف ؿباور ثالثة‪ .‬والعامل‬
‫عند غريباس ىو‪" :‬دور تقوـ بو الشخصية يف ؾبرى الفعل"‪ ،3‬وقد يكوف فرديا أو صباعيا‪ ،‬إنسانا‪،‬‬
‫حيوانا أو فكرة ؾبردة‪ ،‬مذكورا أو يستنتج من خالؿ اغبكي‪ ،‬حبسب سبوضعو يف اؼبسار السردي‬
‫للحكي‪ .4‬وىذه العوامل الستة على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬الفاعل "‪ :"Actant‬ويقوـ بالعمل للحصوؿ على الشيء الذي يرغب فيو‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبوضوع"‪ :"Le sujet‬ىو الذي تتجو إليو رغبة الذات‪ ،‬أي الشيء اؼبراد ربقيقو‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد اغبميد بورايو‪. ،‬اؼبسار السردي وتنظيم احملتوى‪ ،‬ص ‪24‬‬


‫‪ ‬أليجراد جولياف غريباس‪ ) 1992-1917( :‬عاَف لساين وسيميائي كبّب‪ ،‬يعد من مؤسسي السيمياء البنيوية انطالقا من الدراسات اللسانية لدي‬
‫سوسّب و يلمس ليف‪ ،‬وىو من رواد مدرسة باريس السيميائية لنظريتو يف السيمياء اؼبتمثلة يف اؼبربع السيميائي ومبوذج البناء العاملي الذي اعتب من أبرز‬
‫الدراسات السيميائية اغبديثة‪.‬‬
‫‪ - 2‬ضبيد غبمداين‪ ،‬بنية النص السردي من منظور النقد األديب‪ ،‬مركز الثقافة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،1991 ،1‬ص‪.33‬‬
‫‪ - 3‬السيد إماـ‪ ،‬مدخل إُف نظرية اغبكي‪ ،‬مؤسبر أدباء مصر‪ ،‬األحباث‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ - 4‬السعيد بوطاجْب‪ ،‬اإلشتغاؿ العاملي دراسة سيميائية‪ ،‬منشورات االختالؼ‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ط‪ ،2000 ،1‬ص ‪.16‬‬
‫‪53‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬اؼبرسل"‪ :"Le destinateur‬وىو الذي ىبلق اؼبوضوع وهبعل الذات ترغب يف شيء ما‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبرسل إليو"‪ :"Le destinataire‬يتجو إليو العمل اؼبنجز من طرؼ اؼبرسل‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبساعد "‪ :"L'adjuvant‬ىو الدور الذي تتقمصو الشخوص الواقفة إُف جانب الذات الفاعلة‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبعارض"‪ :"L'opposant‬يبثل ىذا الدور العاملي كل من يقف يف طريق الفاعل معيقا لو‪.‬‬
‫وتنتظم العوامل الستة السابقة حوؿ ثالث ؿباور أساسية على النحو اآليت‪:1‬‬
‫أ‪ -‬عالقة الرغبة"‪:"Relation de désir‬تربط الذات واؼبوضوع عالقة إصرار قائمة على اإلقباز‪.‬‬
‫ب‪ -‬عالقة التواصل"‪ :"Relation de communication‬يربط بْب اؼبرسل واؼبرسل إليو‪.‬‬
‫ج‪ -‬عالقة الصراع "‪ :"Relation de lutte‬يضم كل من عاملي اؼبساعدين واؼبعارضْب‪.‬‬
‫وذبدر اإلشارة إُف أف األدوار العاملية ال يقابلها قائم بالفعل مشخص دائما‪ ،‬إذ قد يكوف حيوانا أو‬
‫صبادا أو أي شيء آخر‪ ،‬كما أف الدور الواحد قد تتقاظبو صبلة من القائمْب‪ ،‬والعكس كذلك‪ ،‬فقد‬
‫قبد اؼبرسل إليو ىو نفسو الفاعل‪ ،‬أي أف الشخصية الواحدة قد تلعب دورىا يف عاملْب اثنْب‪.‬‬
‫ومنو كبصل على الشكل التوضيحي للنموذج العاملي‪:‬‬
‫اؼبرسل إليو‬ ‫اؼبوضوع‬ ‫(ؿبور التواصل) ِ‬
‫اؼبرسل‬
‫َ‬
‫ؿبور‬
‫الرغبة‬
‫اؼبعارض‬ ‫ال ػ ػ ػ ػػذات‬ ‫(ؾبور الصراع) اؼبساعد‬
‫‪ -‬إضافة إُف النموذج العاملي‪ ،‬فقد أبدع غريباس يف إنشاء اؼبربع السيميائي الذي يعد وسيلة لتحليل‬
‫األبعاد الداللية اؼبزدوجة بعمق أكب‪ .‬فهو يضع خارطة للوصل والفصل بْب السمات الداللية يف‬
‫النص‪ .2‬وقد حاوؿ جولياف غريباس من خاللو الربط بْب ما ىو جلي يف النص‪ ،‬وما مت السكوت عنو‬

‫‪ - 1‬ضبيد غبمداين‪ ،‬بننية النص السردي من منظور النقد األديب‪ ،‬ص‪.36‬‬


‫‪ ‬الشكل رقم (‪ )1‬مقتبس من‪ :‬السعيد بوطاجْب‪ ،‬االشتغاؿ العاملي دراسة سيميائية‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 2‬دانياؿ تشاندلر‪ ،‬أسس السيميائية‪ ،‬تر‪ :‬طالؿ وىبة‪ ،‬مر‪ :‬ميشاؿ زكريا‪ ،‬اؼبنظمة العربية للَبصبة‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.186‬‬
‫‪54‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أو تناسيو‪ .‬فكاف بذلك ذو درجة كبّبة من األنبية يف اغبقل السيميائي‪ ،‬فهو "يتحكم يف البنية‬
‫العميقة حْب ربديده لعالقات التضاد والتناقض اؼبولدة للصراع الدينامي اؼبوجود على سطح النص"‪.1‬‬
‫ويعرؼ الدكتور عبد اغبميد بورايو اؼبربع السيميائي بأنو "صياغة منطقية قائمة على مبذجة العالقات‬
‫األولية (أو التأسيسية) للداللة القاعدية الٍب تتلخص يف مقوالت‪ :‬التناقض والتقابل والتالزـ‪ ،‬فهو‬
‫مبوذج توليدي ينظم الداللة ويكشف عن آلية انتاجها عب ما يسمى بالَبكيب األساسي (أو‬
‫القاعدي) للمعُب"‪ .2‬وفيما يلي ـبطط اؼبربع السيميائي‪:‬‬
‫عالقة تض ػ ػ ػػاد‬
‫س‪1‬‬ ‫س‪0‬‬

‫عالقة استتباع‬
‫تناقض‬ ‫عالقة‬

‫س‪0‬‬ ‫ال‬ ‫س‪1‬‬ ‫ال‬

‫‪ -‬عالقة التض ػ ػ ػػاد‪ :‬وىي كلمات باؼبقاربة مع بعضها البعض‪ ،‬متدرجة من حيث البعد الضمِب نفسو‪،‬‬
‫وىي تناقضات منطقية تدرهبية‪ 3.‬وتكوف بْب ‪‬س‪ 1‬وس‪2‬‬
‫‪ -‬عالقة التناقض‪ :‬ليست إال جنسا من عالقة التضاد‪ ،4‬وىي عالقة تُبُب فيها ثنائيات داللية‬
‫متناقضة العناصر‪ ،‬تقوـ بْب كل من‪ :‬س‪ 1‬وال س‪ 1‬وبْب ‪‬س‪ 2‬وال س‪.2‬‬
‫‪ -‬عالقة االستتباع (التشاكل)‪ :‬يقوؿ غريباس وىو أوؿ من صاغ ىذا اؼبفهوـ اإلجرائي بأف "التشاكل‬
‫يؤدي إُف ذبلية الغموض عن ملفوظ معْب"‪ .5‬و ّْ‬
‫يبكن من اكتشاؼ بعض اعبوانب العميقة يف النص‪.‬‬

‫‪ - 1‬دانياؿ تشاندلر‪ ،‬أسس السيميائية‪ ،‬تر‪ :‬طالؿ وىبة‪ ،‬مر‪ :‬ميشاؿ زكريا‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫‪ - 2‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬اؼبسار السردي وتنظيم احملتوى‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ ‬ىذا اعبدوؿ مقتبس من‪ :‬فيصل األضبر‪ ،‬معجم السيميائيات‪ ،‬منشورات االختالؼ‪ ،‬اعبزائر العاصمة‪ ،‬ط‪ ،2010 ،1‬ص ‪.231‬‬
‫‪ - 3‬دانياؿ تشاندلر‪ ،‬أسس السيميائية‪ ،‬تر‪ :‬طالؿ وىبة‪ ،‬ص ‪.162‬‬
‫‪ - 4‬جوزيف كورتيس‪ ،‬مدخل إُف السيميائية السردية واػبطابية‪ ،‬تر‪ :‬صباؿ حضري‪ ،‬منشورات االختالؼ‪ ،‬اعبزائر العاصمة‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص ‪.90‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪55‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ىنا أكوف قد وصلت إُف اؼبرحلة األخّبة من دراسة اغبكايات بدءا من الدراسة السطحية متمثلة‬
‫يف اؼبتواليات السردية وربديد الوظائف اػباصة بكل منها‪ ،‬مث ربديد عالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ‬
‫بدرجة تتسم ببعض من العمق كمرحلة ثانية‪ ،‬وصوال إُف عمق النص بتطبيق النموذج العاملي واؼبربع‬
‫السيميائي كمرحلة ثالثة ورابعة على التواِف‪.‬‬

‫والصي ْد"‬ ‫‪ -1‬حكاية َ‬


‫"ج ْبـ َره ِّ‬
‫‪ ‬المتواليات السردية‪:‬‬
‫يف اعبدوؿ اآليت قسمت كل حكاية إُف مقاطع سردية‪ ،‬وكل مقطع سردي إُف وظائف حسب‬
‫األصناؼ (وظائف االضطراب‪ ،‬وظائف التحوؿ‪ ،‬وظائف اغبل)‪ ،‬كما ربوي كل وظيفة على ملفوظها‬
‫السردي الداؿ عليها يف مسار اغبكاية‪.‬‬
‫حكاية "جبه والصيد" ذات طابع خياِف فبا هبعلها من أصناؼ اغبكايات اػبرافية‪ ،‬ؼبا ؽبا عالقة بْب‬
‫"الصي ْد"‪ .‬وربوي اغبكاية يف مسارىا‬
‫البشر واغبيواف اؼبتمثل يف (األسد) أو ما يسميو أىل سوؼ بػ ّْ‬
‫السردي ؾبموعة من الوظائف ذات البُب الشكلية أو السطحية يف النص اؼبسرود‪.‬‬
‫‪ -‬الوضعية االفتتاحية‪ :‬تبدأ اغبكاية باغبالة البدئية"‪ "Situation Initiale‬أو ما يُطلَق عليها‬
‫بالوظيفة صفر أو الوضع االبتدائي‪ ،‬إذ يتم تعداد أفراد العائلة أو يكتفي الراوي بالتعريف بالبطل ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وىي يف اغبكاية كما يلي‪َ " :‬كايِ ْن َمَرا َعايْ َشة مع َر ِاج ْل َها‪.....‬معاىم خديبة"‪.‬‬
‫الملفوظات السردية‬ ‫شرح الوظائف‬ ‫الوظائف‬ ‫أصنافها‬ ‫المتواليات‬

‫‪"-‬تعاركت اؼبرا مع راجلها‬ ‫‪ -‬ضرب الزوج لزوجتو‬ ‫‪ -‬إساءة‬ ‫* اضطراب‬


‫وضرّٔا"‬ ‫وإغضابو ؽبا"‬
‫‪" -‬مشت جبه واػبدامة ؼبغارة‬ ‫‪ -‬ذىاب جبه وخادمتها‬ ‫‪ -‬ابتعاد‬ ‫اؼبقطع ‪I‬‬
‫الصيد وقالولو نكونوا عنده ضياؼ‬ ‫"الصيد"‬
‫إُف ّْ‬
‫وح ْو وتَػ َو َّحش َم ْرتَو"‬
‫ت ُر َ‬
‫"ضاقَ ْ‬
‫‪َ -‬‬ ‫‪ -‬احساس الرجل أنو‬ ‫‪ -‬شعور‬

‫‪ - 1‬فالديبّب بروب‪ ،‬مورفولوجية القصة‪ ،‬تر‪:‬عبد الكرًن حسن‪ ،‬ظبّبة بن عمو‪،‬ص‪.43‬‬


‫‪56‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بالنقص‬ ‫* ربوؿ‬
‫ِ‬ ‫‪"-‬ر ِ‬
‫مع"‬ ‫اح ْهب ِري للطَّال ْ‬
‫ب تَ ْع اعبَاَ ْ‬ ‫َْ‬ ‫‪ -‬ذىاب الزوج للطالب‬ ‫‪ -‬انطالؽ‬
‫‪"-‬قالو الطالب كاش ما جبتلها‬ ‫‪ -‬سؤاؿ الطالب للرجل‬ ‫‪ -‬استخبار‬
‫ىدية"‬ ‫حوؿ اؽبدية‬
‫‪"-‬قالو الراجل انػَ َعم ِجْبتِْلها ثوب‬ ‫‪ -‬جواب الرجل عن‬ ‫‪ -‬اخبار‬
‫َحر ْير"‬ ‫استفسار الطالب‬
‫ِ‬ ‫‪" -‬مشا َّ ِ‬
‫للصي ْد"‬
‫ب ّْ‬‫الراج ْل والطَّال ْ‬ ‫ََ‬ ‫‪ -‬رحيل الرجل رفقة‬ ‫‪-‬رحيل‬ ‫اؼبتوالية‬
‫الطالب ؼبغارة الصيد‬ ‫السردية‬
‫اؼبرا تَػ ْر َجع لبِْيتَػ َها"‬ ‫ِ‬
‫ت َ‬ ‫‪" -‬قْبػلَ ْ‬ ‫‪ -‬عودة الرجل والزوجة‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫األوُف‬
‫للبيت‬
‫ُّوب تَ ْع اغبَ ِر ْير"‬
‫اىا الث ْ‬
‫"أعطَ َ‬
‫‪ْ -‬‬ ‫‪ -‬إرضاء الزوج زوجتو‬ ‫‪ -‬اصالح‬
‫والصلح بينهما‬ ‫اإلساءة‬ ‫* حل‬

‫‪"-‬لو كاف مش روبة فمو الكريهة"‬ ‫‪ -‬شعور الصيد بنقص‬ ‫‪ -‬حاجة‬ ‫* اضطراب‬
‫إثر كالـ البطلة فيو‬
‫‪"-‬رجع للمغارة منكد وقلبو‬ ‫‪ -‬ذىاب الصيد حزينا‬ ‫‪ -‬ابتعاد‬
‫ؾبروح"‬ ‫إُف مغارتو‬
‫يك"‬ ‫‪ِ "-‬وش إِ ِّْف يف إِ ِ‬
‫يد ْ‬ ‫‪ -‬استخبار ‪ -‬سؤاؿ الصيد عن ماىية‬
‫ْ‬
‫ما ربملو جبه‬
‫اؼبقطع ‪II‬‬
‫ب بِ ْيو"‬
‫اش كبطّْ ْ‬
‫اس بَ ْ‬
‫‪"-‬فَ ْ‬ ‫"للصي ْد"‬
‫‪ -‬جواب جبه ّْ‬ ‫‪ -‬إخبار‬
‫ُض ِربيِِب بيو عن َر ِاسي"‬
‫‪"-‬أ ُ‬ ‫‪ -‬طلب الصيد بأف‬ ‫‪ -‬منع‬ ‫* ربوؿ‬
‫ضرب بالفأس على رأسو‬
‫يُ َ‬
‫اؼبتوالية‬
‫اس ْو وذبََر ْح"‬
‫"ض ُربَاتَو َعن َر َ‬
‫‪ُ -‬‬ ‫‪ -‬الرفض مث القبوؿ من‬ ‫‪ -‬خرؽ اؼبنع‬
‫السردية‬
‫"جبه"‬
‫الثانية‬
‫ت ِربَطّْب وىو َراح‬
‫اح ْ‬
‫ِ‬
‫‪"-‬ىي َر َ‬ ‫‪ -‬ذىاب كل منهما إُف‬ ‫‪ -‬رحيل‬

‫‪57‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫صيّْ ْد"‬‫ِ‬
‫يَ‬ ‫طريقو‬
‫‪"-‬تِنِ ْش َده َو ِاشي بػََرا َج ْرِح ْ‬
‫ك"‬ ‫‪ -‬سؤاؿ جبه عن حالة‬ ‫‪ -‬استخبار‬
‫الصيد‬
‫اس بػََرا‪"....‬‬
‫‪"-‬قَالَْلها اعبََرح بال َف ْ‬ ‫‪ -‬جواب الصيد عببه‬ ‫‪ -‬إخبار‬
‫‪"-‬وأنقض عليها الكالـ"‬ ‫‪-‬التأثر النفسي الكبّب‬ ‫‪ -‬عقاب‬ ‫* حل‬
‫عببه فبا قالتو يف الصيد‬

‫‪ ‬حالتي االتصال واالنفصال في المتواليات‪:‬‬


‫بدأ مسار اغبكاية من الوضعية االفتتاحية الٍب مثلت حالة االستقرار الرئيسي يف سرد العالقة بْب‬
‫البطلة جبه وزوجها‪ ،‬إُف أف زباصم االثناف وقررت األوُف الفرار واللجوء إُف "الصيد"‪.‬‬
‫‪ -‬المقطع األول‪:‬‬
‫مثلت اإلساءة الٍب قاـ ّٔا الزوج ذباه زوجتو منعرجا يف مسار اغبكاية السردي‪ ،‬فكاف كافيا بأف يفك‬
‫االستقرار اغباصل بْب الزوجْب‪ .‬وما زاد من االضطراب ىو ىرب الزوجة ؼبغارة الصيد بدؿ الذىاب‬
‫إُف بيت أبيها‪ ،‬فاللجوء إُف ىذه الشخصية مثَّل العالمة الفارقة يف نظر الراوي‪ ،‬ألف األىل قد‬
‫يرجعوف ابنتهم إُف بيت الزوجية بالقوة غالبا وإف َف ترغب ىي بذلك‪ .‬وال تتوقف اغبكاية ىنا بل‬
‫حصل ربوؿ يف اؼبسار حْب ندـ الزوج على صنيعو‪ ،‬وىذا ما كانت تصبو إليو جبه حْب فرت إُف‬
‫سرعت من ربرؾ‬ ‫الصيد اؼبوسوـ باغبكمة والعفة واؼبكانة الرفيعة يف القبيلة‪ ،‬فاغباجة والشعور بالنقص َّ‬
‫الزوج الذي طلب مساعدة الطالب الذي لعب دور الشخصية اؼبساعدة حْب انطلقا االثنْب إلرجاع‬
‫الزوجة إُف بيتها‪ ،‬وإصالح ذات البْب وجب اػبواطر وعودة العالقة إُف حالتها الطبيعية‪ ،‬فيحقق بذلك‬
‫التحوؿ من حالة االنفصاؿ إُف حالة االتصاؿ من جديد وىذا حْب رجعت الزوجة إُف زوجها‬
‫وإصالح اإلساءة‪.‬‬
‫أما حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ بْب الزوجْب فكانت على النحو اآليت‪:‬‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫البطلة "جبه" (حالة استفتاحية)‬ ‫الزوج‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫البطلة "جبه" (حالة سبهيدية)‬ ‫الزوج‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫البطلة "جبه" (حالةهنائية)‬ ‫الزوج‬
‫‪58‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬المقطع الثاني‪:‬‬
‫ض ِرب‬
‫دائما ما تنتهي حالة االستقرار النسيب اعبديد حبالة من االضطراب اعبديد‪ ،‬وىذا ما كاف حْب ُ‬
‫االستقرار اعبديد – بعودة جبه إُف بيت زوجها – بسماع "الصيد" للحوار الذي جرى بْب الزوجْب‪،‬‬
‫فكانت ردة فعلو البائسة وعودتو إُف مغارتو حزينا نوعا من االضطراب الذي زعزع حالة السكينة‬
‫واالستقرار يف اغبكاية‪ .‬وما كانت وظيفتا االستخبار واإلخبار يف ىذا اؼبقطع إال ردة فعل من الصيد‬
‫سبهيدا لعقاب "جبه" دبا يناسب فعلتها صنيع ما قدمو ؽبا حْب عبأت إليو‪ ،‬وضرب البطلة للصيد‬
‫على رأسو َف يؤؼبو قدر األَف الذي سببو كالمها اعبارح لو‪:‬‬
‫جر َح يَػْبػَرا يا َجْبػَره‬
‫ُكل َ‬
‫الض ِم َ‬
‫يدة‬ ‫وكل َجَر ْح تَػ ْه َواه ّْ‬
‫السوء ما تَبا‬ ‫ِغ ّْب َكلمة ُّ‬
‫صبَح يف ال َقلب ِج ِد َ‬
‫يدة‬ ‫كل يوـ تُ ْ‬
‫وبالفعل انتهت اغبكاية يف حالة استقرار جديد ولكن بكيفية زبتلف عن سابقو‪ ،‬فكاف تأثّب كالـ‬
‫الصيد كبّبا يف نفسية جبه الٍب ندمت على ما قالتو يف حقو رغم وجوده‪ ،‬إال أنو كاف واجبا عليها أف‬
‫تسَبه وتذكر حسناتو ال سيئاتو‪ ،‬فكانت وظيفة العقاب ّٔذا الشكل‪.‬‬
‫وعالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ اؼبمثلة ؽبذا اؼبقطع ىي كاآليت‪:‬‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫الصيد (حالة أولية)‬ ‫جبه‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫الصيد (حالة ختامية)‬ ‫جبه‬
‫وأما فيما ىبص اؼبسار اػبطي للحكاية فجاء على النحو التاِف‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬سبثيل خطي لعالقة "جبه" بزوجها‬


‫وضعية افتتاحية ‪ ....................................................... .‬وضعية ختامية‬
‫اضطراب>ربوؿ>حل (اؼبقطع ‪)I‬‬

‫اضطراب>ربوؿ>حل (اؼبقطع ‪)II‬‬


‫إف العالقة بْب بطلة اغبكاية وزوجها انطلقت من وضعية افتتاحية سرد فيها الراوي حالة الود‬
‫والطمأنينة بْب الزوجْب‪ ،‬وانتهت ىذه اغبالة حْب ضرب الزوج زوجتو وفرت من البيت كبو مغارة‬
‫"الصيد" وىنا حالة من الال استقرار يف العالقة الزوجية‪ ،‬ورغم انتهاء اغبكاية يف وضعيتها اػبتامية‬
‫برجوع العالقة لسابق عهدىا‪ ،‬وىذا ما يفسره التخبط اغباصل يف اؼبسار اػبطي‪ ،‬تارة نزوؿ وأخرى يف‬
‫حالة صعود‪ ،‬مع العلم أف عالقة جبه والصيد كانت معاكسة ؼبا ىي عليو بْب جبه وزوجها‪ ،‬فحالٍب‬
‫االتصاؿ واالنفصاؿ ىنا متعاكستْب‪ .‬فإذا نظرنا لعالقة جبه وزوجها أمكن القوؿ بأف الوضعية‬
‫اػبتامية تكوف يف نفس اػبط واؼبستوى مع الوضعية االفتتاحية‪ ،‬ألف البداية كانت بوجود الزوجة يف‬
‫بيت زوجها والنهاية كذلك‪ .‬وإذا نظرنا إُف اؼبسار اػبطي من جهة معاكسة – أي عالقة جبه‬
‫والصيد ‪ -‬تكوف الوضعية اػبتامية أسفل من الوضعية االفتتاحية‪ ،‬ألف يف اؼبقطع األوؿ كانت ذبمعها‬
‫عالقة متينة مبنية على الثقة واألماف والكالـ اغبسن‪ ،‬يف حْب انتهت العالقة بينهما يف وضعيتها‬
‫اػبتامية نظرا ؼبا مت سرده يف اغبكاية‪ .‬وىنا يكوف التمثيل اػبطي كاآليت‪:‬‬
‫‪ -‬سبثيل خطي لعالقة "جبه" ب ػ ػ "الصيد"‬
‫وضعية افتتاحية‬
‫اضطراب>ربوؿ>حل (اؼبقطع ‪)I‬‬

‫اضطراب>ربوؿ>حل (اؼبقطع ‪)II‬‬

‫وضعية ختامية‬

‫‪60‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬النموذج العاملي‪:‬‬
‫قبل ربديد النموذج العاملي للحكاية وجب ربديد كل العوامل اؼبكونة لو‪ ،‬والٍب جاءت يف اغبكاية‬
‫على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل‪ :‬زوج "جبه"‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل إليو‪ :‬األزواج عامة‪.‬‬
‫"الصي ْد"‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبساعد‪ :‬اػبادمة ‪ّْ ،‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبعارض‪ :‬لساف "جبه"‬
‫‪ -‬اؼبوضوع‪ :‬جعل الزوج وبس خبطئو‪.‬‬
‫‪ -‬الذات أو الفاعل‪" :‬جبه"‬
‫وىذه العوامل الستة مقسمة على احملاور الثالث اؼبكونة للنموذج العاملي كما يلي‪:‬‬
‫األزواج‬ ‫جعل الزوج وبس خبطئو ويندـ‬ ‫الزوج‬

‫لساف جبه‬ ‫جبه‬ ‫اػبادمة‪ ،‬الصيد‬


‫لقد حاولت بطلة اغبكاية (جبه) فبثلة يف ذات النموذج أف تتصل دبوضوعو الذي كانت يف البداية‬
‫متصلة بو وانفصلت عنو يف اؼبرحلة االفتتاحية للحكاية‪ ،‬وىو أف ذبعل زوجها وبس خبطئو ذباىها‬
‫ت َجْبػَره واػبَ َّد َامة ؼبغارة‬ ‫ِ‬
‫ويندـ عنو‪ ،‬وىذا حْب فرت من بيت الزوجية واذبهت إُف مغارة (الصيد) "م َش ْ‬
‫الصيد وقَالُولَو ن ُكونُوا ِعْندؾ ِضيَاؼ"‪ ،1‬وكاف الزوج ىنا دبثابة العامل اؼبرسل واحملفز الذي أثر يف‬
‫ّْ‬
‫الذات لكي تتصل باؼبوضوع‪ ،‬أي أف العالقة بْب الذات وموضوعها عالقة انفصاؿ‪ ،‬والذات ىنا‬
‫رباوؿ االتصاؿ دبوضوع القيمة‪ .‬وما يؤكد ىذا الكالـ أخذ (جبه) اذباه اؼبغارة بدؿ اذباه بيت أىلها‪،‬‬
‫ألف من عادات أىل اؼبنطقة عندما ترجع البنت إُف بيت أىلها غاضبة من زوجها‪ ،‬يُ ِرجعوهنا بالقوة‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪61‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ولو كانت مظلومة‪ ،‬فهم يفضلوف أي شيء‪ ،‬على أف هترب ابنتهم من بيت زوجها‪ ،‬و(جبه) تعرؼ‬
‫أهنا لو ىربت إُف أىلها ؼبا اعتب زوجها وندـ‪ ،‬ألنو يعلم بأهنا ستعود دوف أف يتصل ىو ّٔا أو بأىلها‬
‫حٌب‪ .‬أما إذا فرت للصيد اؼبعروؼ بالقوة واعباه واغبكمة والشرؼ وغّبىا من الصفات اغبسنة‪ ،‬لوفر‬
‫ؽبا اغبماية واألماف الالزمْب من ردة فعل زوجها أو أىلها‪ ،‬وىذا ما سيجعل زوجها يندـ ويراجع قراره‬
‫ويقرر عدـ ضرّٔا وصيانة حقوقها قبل أف ترجع معو‪ ،‬وىذا ما أقرتو أسطر اغبكاية يف ثناياىا حْب‬
‫الصي ْد إذا تَػ َقْبلي تَػَر ْجعِي‬
‫طلب (الصيد) األخذ برأي (جبه) يف الرجوع من عدمو مع زوجها "قَالَ ْلها ّْ‬
‫قِْبػلَت"‪ ،1‬ىذا األخّب الذي أخذ اؽبدايا واعباه معو – الطالب – حٌب يسَبضي زوجتو للعودة معو‪.‬‬
‫و(جبه) ىنا وىي رباوؿ االتصاؿ دبوضوع النموذج وربقيق مرادىا لقيت مساعدة من خادمتها ومن‬
‫(الصيد) اللذين مثال العامل اؼبساعد ؽبا‪ ،‬يف حْب لعب لساهنا الطويل دور العامل اؼبعارض يف ربقيق‬
‫عجب‪ .‬وىذا‬‫ىدفها على أكمل صورة فبكنة‪ ،‬وىذا حْب ربدثت يف غيبة (الصيد) وقالت فيو ماال ي ِ‬
‫ُ‬
‫رد اعبميل ألىلو بدؿ التحدث يف غيبتهم دبا ال يعجبهم‪ ،‬فالكالـ‬
‫ما رفضو الراوي الذي أكد على ّ‬
‫جرحو أعمق من الضرب غالبا‪.‬‬
‫ضمد‪ ،‬إال كلمة السوء الٍب تبقى‬
‫فعب عنو الراوي بأبيات شعرية عميقة اؼبعُب‪ ،‬فكل اعبروح تبأ وتٌ َّ‬
‫ّ‬
‫ربفر أعمق فأعمق يف القلب‪ ،‬فال تبأ أبدا‪.‬‬
‫جر َح يَػْبػَرا يا َجْبػَره‬
‫ُكل َ‬
‫الض ِم َ‬
‫يدة‬ ‫وكل َجَر ْح تَػ ْه َواه ّْ‬
‫السوء ما تَبا‬ ‫ِغ ّْب َكلمة ُّ‬
‫ِ ِ ‪2‬‬
‫يدة‬
‫صبَح يف ال َقلب جد َ‬ ‫كل يوـ تُ ْ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬المربع السيميائي‪:‬‬
‫وبدد اؼبربع األبعاد الداللية الرئيسة الٍب تعاعبها اغبكاية بدرجة كبّبة من العمق‪ ،‬فراوي اغبكاية ال‬
‫يقصد من قص اغبكايات شخصا بعينو غالبا‪ ،‬وإمبا يرمي بناظريو بعيدا ليحقق ما يصبو إليو أال وىو‬
‫معاعبة الظواىر االجتماعية واألخالقية واإلنسانية بطريقة مليئة بالرمز والصورة‪ ،‬وىذا ألنو غالبا ما‬
‫يعجز عن التغيّب كبو األفضل يف واقعو اؼبعاش‪ ،‬يلجأ إُف ـبيلتو ويستعْب بالرمز تارة والصورة تارة‬
‫أخرى ليحقق مراده‪ .‬وللوصوؿ إُف ىذا البعد الدالِف وجب االستعانة باؼبربع السيميائي الذي يرفع‬
‫الستار عن الغموض واإلّٔاـ الذي تفنن الراوي إبداعو يف النصوص اغبكائية‪.‬‬
‫وما حكاية (جبه والصيد) إال مبوذج فقط عن تلكم الظواىر اؼبنتشرة يف زماف ومكاف الراوي السويف‬
‫حينها‪ ،‬فاغبكاية تعاًف ؾبموعة من الظواىر‪ -‬نستفيض يف تفسّبىا يف الفصل الثالث – لعل أبرزىا‬
‫ظاىرتْب أساسيتْب احدانبا اجتماعية سبثلت يف ظلم اؼبرأة يف صوره اؼبختلفة من طرؼ الرجاؿ عموما‬
‫واألزواج خصوصا‪ ،‬والثانية أخالقية سبثلت يف ظاىرة الغيبة والكالـ السيء والذميم‪.‬‬
‫‪ -‬الظاىرة االجتماعية‪ :‬ظلم اؼبرأة‬
‫عالقة تضـــــــاد‬
‫عدل‬ ‫ظلم‬
‫عالقة استتباع‬

‫تناقض‬ ‫عالقة‬

‫ال ظلم‬ ‫ال عدل‬

‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬بْب ‪‬ظلم‪ ،‬عدؿ‪ – ‬وبْب ‪‬العدؿ‪ ،‬ال ظلم‪.‬‬


‫‪ -‬عالقة تناقض‪ :‬بْب ‪‬ظلم‪ ،‬ال ظلم‪ ، ‬عدؿ‪ ،‬ال عدؿ‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة استتباع‪ :‬بْب ‪‬ظلم‪ ،‬ال عدؿ‪ ، ‬عدؿ‪ ،‬ال ظلم‪.‬‬
‫وحٌب ال نطيل الكالـ يف ىذا اؼبقاـ – التفصيل يف الفصل الثالث – نتحدث عن ثنائية (ظلم‬
‫‪‬عدؿ) بصورة عامة ال مفصلة ونذكر بعضا من أنواع الظلم اؼبوجو من فئة الرجاؿ كبو النساء كػ (‬

‫‪63‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ضرب الزوجة‪ ،‬ىضم حقها يف اإلرث‪ ،‬اضطهادىا واحتقارىا‪ )...‬ولبتصر الكالـ بالقوؿ بأف اؼبرأة‬
‫تعيش دورا ثانويا يف آّتمع السويف قديبا رغم ما تقدمو من تضحيات‪ ،‬وؽبذا الكالـ أصناؼ متعددة‬
‫من الظلم‪ ،‬وقد أشار الراوي بوضوح إُف بعضها‪ ،‬ورمز إُف أخرى ربت معاين نص اغبكاية‪ .‬والعكس‬
‫من ذلك حْب أطاؿ الكالـ عن أنبية العدؿ يف حياة الناس عموما‪ ،‬وبْب الرجل واؼبرأة خصوصا‪.‬‬
‫‪ -‬الظاىرة األخالقية‪ :‬الكالـ بالسوء يف غيبة اآلخرين‪.‬‬
‫عالقة تضـــــــاد‬
‫مدح‬ ‫ذم‬

‫عالقة استتباع‬
‫تناقض‬ ‫عالقة‬

‫ال ذم‬ ‫ال مدح‬


‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬بْب ‪‬ذـ‪ ،‬مدح‪ – ‬وبْب ‪‬ال مدح‪ ،‬ال ذـ‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة تناقض‪ :‬بْب ‪‬ذـ‪ ،‬ال ذـ‪ ، ‬مدح‪ ،‬ال مدح‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة استتباع‪ :‬بْب ‪‬ذـ‪ ،‬ال مدح‪ ، ‬مدح‪ ،‬ال ذـ‪.‬‬
‫‪ -2‬حكاية " غُ ُرو ْد َعالْيَة"‬
‫‪ ‬المتواليات السردية‪:‬‬
‫ربتوي حكاية "غُُرود َعالْيَة" موقفا استفتاحيا ومتواليْب سرديتْب أما االستفتاح فتمثل يف قوؿ الراوي‪:‬‬
‫س كِبِ ّْب وتَػلَْب ِسي ِخ ّْب اللّْْب َسة"‪.1‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫لك َكا ْف يف َزَماف بَك ِري" إُف قولو‪ " :‬بع ِر ْ‬
‫" قَاّْ ْ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪..230-216‬‬


‫‪64‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الملفوظات السردية‬ ‫شرح الوظائف‬ ‫الوظائف‬ ‫أصناف‬ ‫المتواليات‬


‫الوظائف‬ ‫السردية‬
‫‪" -‬كل يوـ يفوت عليها اؼبسكينة‬ ‫‪ -‬شعور الزوجة بنقص‬ ‫‪ -‬حاجة‬ ‫* اضطراب‬
‫تتوحش راجلها أكثر"‬ ‫بسبب الغياب الطويل‬
‫لزوجها‬
‫اب َم َع ْاه اػبِ ّْب"‬ ‫ِ‬
‫وج ْ‬ ‫‪ -‬عودة الزوج من سفره ‪َ -‬خلَ ْط ل ْمَربَح َ‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫* ربوؿ‬ ‫اؼبقطع ‪I‬‬
‫ين ِىي؟"‬ ‫‪ "-‬قاؿ ؽبم ِو ْ‬ ‫‪ -‬سؤاؿ الزوج عن مكاف‬ ‫‪ -‬استخبار‬
‫زوجتو‬ ‫اؼبتوالية‬
‫‪ " -‬قَالُوا لو َر ِاىي تُولَد"‬ ‫‪ -‬جاوبوه أهنا تلد‬ ‫‪ -‬إخبار‬ ‫السردية‬
‫‪ -‬صراع الزوجة مع اؼبرض ‪ " -‬واؼبرض قَ ِ‬
‫اع ْد يِ ِزي ْد ويزيد"‬ ‫‪ -‬صراع‬ ‫األوُف‬
‫‪ -‬رحيل حتمي يف موت ‪" -‬ماتت اؼبرا‪ ،‬وماشفتش راجلها"‬ ‫‪ -‬رحيل‬ ‫* ح ػ ػ ػ ػػل‬
‫بطلة اغبكاية‬ ‫حتمي‬

‫‪ " -‬يبكي عليها ؼ النهار حذا‬ ‫‪ -‬حزف الزوج الشديد‬ ‫‪ -‬حاجة‬ ‫* اضطراب‬
‫قبىا"‬ ‫بسبب وفاة زوجتو‬
‫‪ -‬ىجرة القافلة وبقاء ‪ " -‬رحلت القافلة وىجروا القب‪،‬‬ ‫‪ -‬رحيل‬ ‫* ربوؿ‬ ‫اؼبقطع ‪II‬‬
‫كاف راجلها قعد مث"‬ ‫الزوج قرب القب‬
‫‪ -‬انتقاؿ بْب ‪ -‬اؼبناـ الذي يراود الزوج ‪ " -‬كل يوـ يغمض عنيو بش‬
‫يرقد ذبيو يف اؼبناـ"‬ ‫كل ليلة‬ ‫فبلكتْب‬
‫ب َع ْن قَػ ِْبي ِد َيرْه اثْنِيَ ْو"‬
‫‪ " -‬اَ ْع ُق ْ‬ ‫‪ -‬طلب الزوجة من‬ ‫‪ -‬منع‬ ‫اؼبتوالية‬
‫زوجها زيارة القب لشدة‬ ‫السردية‬
‫لوحشتها‬ ‫الثانية‬
‫‪ "-‬يبكي عليها ؼ النهار حذا‬ ‫‪ -‬زيارة الزوج للقب‬ ‫‪ -‬خرؽ اؼبنع‬
‫قبىا‪ ،‬ويف الليل يشد بالصتو يف‬
‫العشة ىبمم بيها"‬
‫‪ -‬عبارات ضمنية َف يصرح ّٔا‬ ‫‪ -‬عودة الزوج إُف القب‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫* ح ػ ػ ػ ػػل‬
‫راوي اغبكاية‬ ‫ومالزمتو لو‬

‫‪65‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬حالتي االتصال واالنفصال في المتواليات‪:‬‬


‫‪" -‬غرود عالية" حكاية ذات بعد تراثي ضارب يف عمق التاريخ احمللي للمنطقة‪ ،‬يرويها الكثّب من‬
‫السكاف ووبفظوهنا صغارا وكبارا – وإف اختلفت قليال – وىذا من ظبات الَباث الشفوي اؼبتناقل‬
‫مشافهة بْب األجياؿ‪ .‬مثلت يف وضعيتها االفتتاحية حالة من االستقرار التاـ عب فيو الراوي عن صباؿ‬
‫البطلة وهتافت اػبطاب عليها‪ ،‬إال أهنا أحبت ابن عمها وىامت يف حبو‪ ،‬وقد حاوؿ الراوي أف يُ ِبز‬
‫ىذه اغبادثة أكثر من أي شيء آخر‪ ،‬فالعالقة كانت عالقة حب بْب أبناء العمومة‪.‬‬
‫‪ -‬المقطع األول‪:‬‬
‫انتقلت حالة االستقرار اؼبتمثلة يف زواج احملبوبْب إُف حالة من الال استقرار سببو االفتقار الذي أصاب‬
‫الزوجة لغياب زوجها الطويل الذي أثار االستغراب واغبّبة يف نفسها‪ ،‬فزاد شوقها إليو يوما بعد يوـ‪،‬‬
‫ِ ِ ِ‬
‫يحبَّاتَو‬ ‫ت ِم ْن َ‬
‫الشوؽ لَراج ْل َها ل َ‬ ‫ضْ‬‫قصو " َحتَّا ْف ُم ْر َ‬
‫عب عنو الراوي يف عبارات كثّبة أثناء ّْ‬ ‫وىذا ما َّ‬
‫اع ْد يِ ِزي ْد ويزيد"‪ " ،‬كل يوـ يفوت عليها اؼبسكينة تتوحش راجلها‬ ‫وا ْشتِهاِتَو"‪ " ،‬طََّو ْؿ ِغيابو واؼبرض قَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أكثر وسبرض أكثر"‪ .1‬وحْب جاء الفرج بعودة الزوج من غربتو‪ ،‬ربوؿ اؼبسار اغبكائي إُف صراع كبّب‬
‫بْب الزوجة واؼبرض الذي تغلب عليها وسبكن منها ففارقت اغبياة‪ .‬فالعالقة بْب الزوجْب ربولت من‬
‫عالقة اتصاؿ إُف عالقة انفصاؿ يف هناية ىذا اؼبقطع‪.‬‬
‫عالقة انفصاؿ(‪)‬‬
‫الزوج (حالة استفتاحية)‬ ‫الزوجة‬
‫عالقة اتصاؿ(‪)‬‬
‫الزوج (حالة سبهيدية)‬ ‫الزوجة‬
‫عالقة انفصاؿ(‪)‬‬
‫الزوج (حالة هنائية)‬ ‫الزوجة‬
‫‪ -‬المقطع الثاني‪:‬‬
‫يف اؼبتوالية السردية الثانية تعلق االضطراب حبالة الزوج الذي بقي وحيدا حْب دخل حالة من عدـ‬
‫الوجود والبعد عن اغبياة الطبيعية ؼباَّ فارقت زوجتو اغبياة‪ ،‬فأحس بفراغ كبّب يف حياتو فبا جعل القافلة‬
‫هتجر مكاف القب‪ ،‬فكاف الزوج يف حالة اتصاؿ دائم مع زوجتو رغم وفاهتا‪ ،‬فكاف يبتعد عن القب مرة‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 -216‬‬


‫‪66‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويقَبب منو أخرى "كاف راجلها قعد مث يبكي عليها ؼ النهار حذا قبىا‪ ،‬ويف الليل يشد بالصتو يف‬
‫‪1‬‬
‫العشة ىبمم بيها"‬
‫عالقة انفصاؿ (‪)‬‬
‫الزوجة (حالة أولية)‬ ‫الزوج‬
‫عالقة اتصاؿ(‪)‬‬
‫الزوجة (حالة ختامية)‬ ‫الزوج‬
‫من خالؿ ربليل اؼبتواليتْب السرديتْب وعالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ أمكن سبثيل اؼبسار اغبكائي اػبطي‬
‫للحكاية كما يلي‪:‬‬
‫وضعية افتتاحية‬
‫اضطراب>ربوؿ>حل (اؼبقطع ‪)I‬‬

‫اضطراب>ربوؿ>حل>وضعية ختامية (اؼبقطع ‪)II‬‬


‫فانطالؽ اغبكاية من حالة استقرار سبثل يف زواج البنت من ابن عمها‪ ،‬مث التحوؿ إُف حالة من‬
‫الال استقرار كانت نتيجتو الرحيل اغبتمي دبوت الزوجة يف هناية اؼبقطع األوؿ‪ ،‬ويتحوؿ اؼبسار‬
‫اغبكائي إُف حالة الزوج الذي حرص على مرافقة زوجتو حٌب وىي يف قبىا‪ ،‬وىنا كانت الوضعية‬
‫اػبتامية للحكاية‪ ،‬حْب طلبت الزوجة من زوجها أف يبقى يتفقدىا ويكثر من زيارهتا يف وحشتها‬
‫ووحدهتا‪.‬‬
‫يَا َغلِيَّا‬
‫احلَ ْو َى ِّبيَ ْو‬
‫الر ْ‬
‫ص ْن َو َّ‬ ‫ِش ْد ّْ‬
‫الر َ‬
‫ب َع ْن قَػ ِْبي ِديَرْه اثْنِيَ ْو‬ ‫اَ ْع ُق ْ‬
‫ض تُػ ْربٍِْب الَ َحْت ِػِب‬ ‫يف لَْبػيَ ْ‬
‫الس ْ‬‫ِين ّْ‬
‫‪2‬‬
‫وت فِ َيها َجاتْ ِػِب‬ ‫ود َعالْيَ ْو‪َ ،‬والْ ُم ْ‬‫ْغ ُر ْ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬النموذج العاملي‪:‬‬
‫ركزت حكاية غرود عالية على شخصيتْب رئيسيتْب نبا الزوجة وابن عمها (زوجها)‪ ،‬ودبا أف العامل‬
‫أكثر مشولية من الشخصية‪ ،‬ألنو قد يكوف شخصية متحركة ناطقة كاغبيوف أو اإلنساف مثال‪ ،‬وقد‬
‫يكوف شيئا معنويا أو ماديا كالذكاء والفطنة أو خاسبا سحريا أو عصا‪ .‬والعوامل على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل‪ :‬سفر الزوج حبثا عن عمل‪ - .‬العامل اؼبرسل إليو‪ :‬الزوج الفقّب‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبوضوع‪ :‬انتظار زوجها الغائب‪ - .‬العامل الذات‪ :‬الزوجة‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبساعد‪ :‬حب الزوجْب لبعضهما‪ - .‬العامل اؼبعارض‪ :‬اؼبرض الشديد‪.‬‬
‫الزوج الفقّب‬ ‫انتظار الزوج الغائب‬ ‫سفر الزوج‬

‫اؼبرض الشديد‬ ‫الزوجة‬ ‫حب الزوجْب لبعضهما‬


‫إف الذات الفاعلة فبثلة يف بطلة اغبكاية (الزوجة)‪ ،‬كانت يف حالة انفصاؿ عن اؼبوضوع أال وىو‬
‫انتظارىا لزوجها الغائب‪ ،‬وطوؿ مدة غياب الزوج كانت يف صراع طويل مع اؼبرض حٌب تتصل‬
‫باؼبوضوع‪ ،‬ىذا األخّب الذي كانت متصلة بو يف بداية اغبكاية‪ ،‬ولكن السبب وراء ربقق اؼبرسل الذي‬
‫حث الذات على الرغبة يف اؼبوضوع ىو نظرة آّتمع للفقّب‪ ،‬تلك النظرة الٍب تصور صورة من صور‬
‫العنصرية حْب يبيز أفراد آّتمع الناس حسب مقدار اؼباؿ الذي يكسبونو‪ ،‬ما اضطر الزوج للسفر حبثا‬
‫عن عمل يكسب منو ماال يعوض لزوجتو ما َف يوفره لو يف زواجهما‪ ،‬ويغّب نظرة آّتمع لو ولزوجتو‬
‫الٍب ضحت يف سبيل حبها لو حٌب تتزوجو‪ .‬ولكن لعب اؼبرض العامل اؼبعارض لتحقيق رغبة الزوجة‬
‫حٌب ترى زوجها ؾبددا‪ ،‬فتغلب عليها وماتت وبالتاِف انفصلت عن موضوع اغبكاية‪.‬‬
‫‪ ‬المربع السيميائي‪:‬‬
‫يتكوف اؼبربع السيميائي اػباص باغبكاية من أربعة أبعاد داللية أنبها (الشوؽ) الذي من خاللو‬
‫تُستنتَج باقي األبعاد‪ ،‬فشوؽ الزوجة لزوجها الغائب كاف دبثابة عامل اغبسم الذي تطور من خاللو‬

‫‪68‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مسار اغبكاية‪ ،‬وما يتضاد معو ىو (آّافاة)‪ ،‬الٍب مثلت ثنائية ضدية ذات بعد دالِف انساين رسم من‬
‫خالؽبا الراوي مبوذجا للتضحية من الزوجة من جهة‪ ،‬حْب رفضت كل اػبُطّاب الذي تقدموا إليها‪،‬‬
‫ومن الزوج من جهة أخرى حْب اتبع طريق آّهوؿ وسافر حبثا عن عمل حٌب يعوض لزوجتو ما‬
‫ُح َرمت منو‪.‬‬
‫عالقة تضـــــــاد‬
‫مجافاة‬ ‫شوق‬

‫عالقة استتباع‬
‫تناقض‬ ‫عالقة‬

‫ال شوق‬ ‫ال مجافاة‬


‫والعالقات تكوف على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬بْب ‪‬شوؽ‪ ،‬ؾبافاة‪ – ‬وبْب ‪‬ال ؾبافاة‪ ،‬ال شوؽ‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة تناقض‪ :‬بْب ‪‬شوؽ‪ ،‬ال شوؽ‪ ، ‬ؾبافاة‪ ،‬ال ؾبافاة‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة استتباع‪ :‬بْب ‪‬شوؽ‪ ،‬ال ؾبافاة‪ ، ‬ؾبافاة‪ ،‬ال شوؽ‪.‬‬
‫شة والغُولِي"‬
‫‪ -3‬حكاية " ِعي َ‬
‫‪ ‬المتواليات السردية‪:‬‬
‫انطلقت اغبكاية من موقف استفتاحي سرد فيو الراوي حالة (عيشة) وما يبيزىا من صباؿ‪ ،‬وعائلتها‬
‫ض ِه ْن كي‬
‫مع َبع ْ‬
‫ات َ‬
‫عادة‪.....‬عايْ َش ْ‬
‫َ‬ ‫وعائلة عمها وبناتو " كاف يف الصحراء راجل عايش يف س‬
‫ات"‪ .1‬وأما باقي اغبكاية فقد مثل طبس متواليات سردية‪ .،‬لكل منها ؾبموعة من الوظائف‬ ‫ػبََو ْ‬
‫مقسمة بْب االضطراب‪ ،‬التحوؿ واغبل‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪71‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الملفوظات السردية‬ ‫شرح الوظائف‬ ‫الوظائف‬ ‫أصناف‬ ‫المتواليات‬


‫الوظائف‬ ‫السردية‬
‫يشة راَ ِىو ِعْن ِدي فُػنُوَكة"‬
‫‪" -‬قاؿ لعِ َ‬ ‫‪ -‬خداع التاجر عيشة‬ ‫‪ -‬خداع‬ ‫* اضطراب‬
‫حوؿ بيعو لألفناؾ‬ ‫اؼبقطع ‪I‬‬
‫يشة و ِ‬
‫اح ْد"‬ ‫"شر ِ‬ ‫ِ‬
‫تع َ َ‬ ‫‪َْ -‬‬ ‫‪ -‬شراء عيشة للفنك‬ ‫‪ -‬البداع‬
‫‪ -‬طلب األب من عيشة ‪" -‬الزـ علينا نرحلوا ولبلوه رانا‬ ‫‪ -‬منع‬ ‫* ربوؿ‬ ‫اؼبتوالية‬
‫خايفْب ياكلنا"‬ ‫أف ترحل معهم‬ ‫السردية‬
‫وم ْالبَلّْ ِ‬
‫يش‬ ‫‪ -‬خرؽ اؼبنع ‪ -‬رفض عيشة واصرارىا ‪" -‬نَايَا َرِاين قَ ْ‬
‫اع َدة َم َعاه َ‬ ‫األوُف‬
‫َو َح َده"‬ ‫على البقاء مع الغوِف‬
‫‪" -‬رحلُوا أَى ْلها وخلُّ ِ‬
‫وىا ىي ِوبِ ْ‬
‫نت‬ ‫ْ ََ َ َ‬ ‫‪ -‬ىجرة العائلة وبقاء‬ ‫‪ -‬رحيل‬ ‫* حل‬
‫َع ْم َها"‬ ‫عيشة مع الغوِف‬

‫ت ِم ْن‬ ‫وملَّ ْ‬
‫يشة َ‬ ‫‪" -‬كِ ْرَىت ِع َ‬ ‫‪ -‬شعور عيشة باؼبلل من‬ ‫‪ -‬حاجة‬ ‫* اضطراب‬
‫البَقاَء َم َعاه"‬ ‫البقاء مع الغوِف‬ ‫اؼبقطع ‪II‬‬
‫خي ِمْتها ونَ َش ْد َىا‬ ‫‪" -‬وقَ ْ ِِ‬
‫ف عن ْد ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ -‬قدوـ السلطاف وسؤالو‬ ‫‪ -‬استخبار‬ ‫* ربوؿ‬
‫َع ْن َحا ْؽبَا"‬ ‫عن حاؿ عيشة‬ ‫اؼبتوالية‬
‫صَرا ْؽبَا "‬
‫ش َ‬ ‫ت لَو َو ْ‬ ‫"ح َك ْ‬
‫‪َ -‬‬ ‫‪ -‬إجابة عيشة للسلطاف‬ ‫‪ -‬إخبار‬ ‫السردية‬
‫قصَر"‬ ‫‪" -‬راح ِ‬
‫ت عيشة معاه ل ْل َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫‪ -‬ذىاب عيشة للقصر‬ ‫‪ -‬رحيل‬ ‫* حل‬ ‫الثانية‬
‫‪" -‬تَػَزّوج ولد السطاف من عيشة"‬ ‫‪ -‬زواج عيشة‬ ‫‪ -‬زواج‬

‫‪"-‬جاء الغُ ِوِف يف اللّْيل لل َق َ‬


‫صر"‬ ‫‪ -‬قدوـ الغوِف إُف القصر‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫* اضطراب‬
‫"ىَّزه واََّداه َم َعاه"‬
‫‪َ -‬‬ ‫‪ -‬أخذ الغوِف ألبناء‬ ‫‪ -‬إساءة‬ ‫* ربوؿ‬
‫عيشة الثالثة‬
‫‪" -‬وقَػ ْع َدت ِعي َشة َح ْازنَة َعن‬ ‫‪ -‬حزف عيشة لفقداف‬ ‫‪ -‬حاجة‬ ‫اؼبقطع ‪III‬‬
‫َولَ ْد َىا"‬ ‫أبنائها ومرضها‬
‫صر‬ ‫"ندبػّْر علِ ْ ِ ِ‬
‫يك تَػَر ْحلي من ال َق َ‬ ‫‪ -‬خدعة ابنة العم لعيشة ‪َ ْ َ -‬‬ ‫‪ -‬خداع‬ ‫اؼبتوالية‬
‫يشة بػر ِ‬ ‫‪" -‬خض ِ‬
‫ت‬‫اي بِن ْ‬ ‫ت ع َ َْ ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫‪ -‬انطواء اغبيلة على‬ ‫‪ -‬البداع‬ ‫السردية‬
‫يما قَالَتِْل َها"‬‫عمها ودار ِ‬
‫تك َ‬ ‫ََْ َ َ ْ‬ ‫عيشة‬ ‫الثالثة‬
‫‪" -‬رحلت عيشة من القصر"‬ ‫‪ -‬رحيل عيشة يف شكل‬ ‫‪ -‬انطالؽ‬
‫‪70‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫غزالة كبو آّهوؿ‬ ‫* حل‬


‫اشي ِع َ‬
‫يشة"‬ ‫‪"-‬رجع مالْ َق ِ‬
‫ََ َ‬ ‫‪ -‬عودة ابن السلطاف من‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫* اضطراب‬
‫الصيد‬ ‫اؼبقطع ‪4‬‬
‫ت ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪"-‬قَالَت لَو َراىي َر َحلَ ْ‬ ‫‪ -‬خدعة ابنة عم عيشة‬ ‫‪ -‬خداع‬ ‫* ربوؿ‬
‫صر"‬‫ال َق َ‬ ‫لولد السلطاف‬ ‫اؼبتوالية‬
‫‪ -‬وظيفة ضمنية غّب مصرح ّٔا‬ ‫‪ -‬تصديق ابن السلطاف‬ ‫‪ -‬تواطؤ‬ ‫السردية‬
‫من طرؼ الراوي‬ ‫لبنت عم زوجتو‬ ‫عفوي‬ ‫الرابعة‬
‫‪"-‬تزوج ولد السلطاف من بنت‬ ‫‪ -‬زواج ابن السلطاف من‬ ‫* حل‬
‫عم عيشة"‬ ‫بنت عم عيشة‬ ‫‪ -‬زواج‬
‫للصي ْد‪...‬‬
‫السلطاف ّْ‬ ‫‪"-‬خرج َولَ ْد ُّ‬ ‫‪ -‬خروج ابن السلطاف‬ ‫‪ -‬رحيل‬ ‫* اضطراب‬
‫اؼ و ِ‬
‫اح ْد الغََزالة غ ِريبَة"‬ ‫وش ْ َ‬ ‫َ‬ ‫للصيد وحملو للغزالة‬ ‫اؼبقطع ‪5‬‬
‫وج ْأّاَ َم َعاه"‬
‫"صيَّدىا َ‬ ‫‪َ -‬‬ ‫‪ -‬التنكر ‪ -‬عودة عيشة للقصر متنكرة‬ ‫* ربوؿ‬
‫وعَرفْػ َها‬ ‫ِِ‬
‫اس َها َ‬ ‫عن َر ْ‬
‫‪ -‬معرفة ابن السلطاف ‪"-‬كبََّْل َها اعبلد ْ‬ ‫‪ -‬التعرؼ‬ ‫اؼبتوالية‬
‫ِعيشة"‬ ‫لعيشة اؼبتنكرة‬ ‫السردية‬
‫اؾ اللّْيلَة"‬‫"جا الغُ ِوِف َى ْ‬
‫‪َ -‬‬ ‫‪ -‬عودة الغوِف للقصر‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫اػبامسة‬
‫"جابػَْلها أ َْوَال ْدىا كِِبوا َر َّجالة"‬
‫‪ -‬مكافأة ‪ -‬عودة األوالد إُف عيشة ‪َ -‬‬
‫ِ‬
‫يشة بِ ُيهم َ‬
‫وزَّو َجْتػ ُهم"‬ ‫ت ِع َ‬ ‫‪ "-‬ف ْر َح ْ‬ ‫‪ -‬فرح عيشة بعودة‬ ‫‪ -‬القضاء‬ ‫* حل‬
‫أبنائها ؽبا‬ ‫على النقص‬
‫ت َع ْم َها ِمنَّو"‬ ‫‪"-‬اتْطَْل َق ِ‬
‫ت بِن ْ‬‫ْ‬ ‫‪ -‬تطليق ابن السلطاف‬ ‫‪ -‬عقاب‬
‫لبنت عم عيشة‬
‫‪ ‬حالتي االتصال واالنفصال في المتواليات‪:‬‬
‫مثَّل اؼبوقف االستفتاحي للحكاية حالة من االستقرار الثابت الذي انطلقت منو اغبكاية حْب‬
‫يشة" يف سعادة مع أفراد عائلتها الٍب بادلتها مشاعر اغبب والوفاء‪ ،‬ذلك حْب ذكر‬ ‫عاشت البطلة ِ‬
‫"ع َ‬
‫ات مع بعضاىن كي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الراوي بأف ِ‬
‫وعايْ َش ْ‬
‫احبَات َ‬
‫ص ْ‬‫يشة كانت ظبْ َحة وعاقلة وعندىا بنت عمها مْت َ‬
‫"ع َ‬
‫األخوات"‪ ،1‬ولكن ىذا االستقرار سرعاف ما فتئ حْب دخل التاجر وعرض بيعهن األفناؾ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪71‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬المقطع األول‪:‬‬
‫سادت حالة من االضطراب العائلة وخصوصا "عيشة" حْب عرض عليهن التاجر الفنك للبيع‪ ،‬وما‬
‫إف ربوؿ ىذا األخّب إُف غوؿ‪ ،‬ارتبكت العائلة وانقضت حالة السكوف والسعادة وربولت إُف حالة‬
‫من الشتات والفرقة‪ ،‬ألف عيشة رفضت الرحيل وفضلت البقاء مع الغوؿ برفقة ابنة عمها الوفية‪.‬‬
‫فلعب التاجر دور اؼبخادع الشرير وسقطت البطلة الضحية يف شراكو وَف ذبد سوى بنت عمها لتبقى‬
‫معها وفاءا منها للغوؿ الذي رافقها يف صباه وترعرع جبانبها حْب كاف فنكا فما استطاعت التخلي‬
‫عنو‪ .‬وىنا كانت العالقة بْب البطلة واألىل عالقة انفصاؿ بعد أف كانت يف اتصاؿ دائم‪ ،‬يف حْب‬
‫بقيت وفية مع الغوؿ يف االتصاؿ بو‪ ،‬وموضوع القيمة ىنا ىو الوفاء‪.‬‬
‫‪ -‬فكانت العالقة بْب عيشة واألىل كما يلي‪:‬‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫األىل (حالة أولية)‬ ‫عيشة‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫األىل (حالة ختامية)‬ ‫عيشة‬
‫‪ -‬يف حْب جاءت العالقة بْب عيشة من جهة والغوِف وابنة عمها من جهة أخرى كما يلي‪:‬‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫الغوؿ‪ ،‬بنت عمها‬ ‫عيشة‬
‫‪ -‬المقطع الثاني‪:‬‬
‫اختلف األمر يف اؼبتوالية الثانية فبا كاف عليو يف اؼبتوالية األوُف‪ ،‬فقد سادت عيشة حالة من اؼبلل‬
‫تسببت يف ىجرهتا للغوؿ‪ ،‬فانفصلت عنو وازبذت طريقها لبناء حياهتا يف القصر‪ ،‬وىنا اتصلت‬
‫دبوضوع قيمة جديد وىو ابن السلطاف الذي عرض عليها الزواج‪ ،‬رغم ذلك بقيت عالقتها مستمرة‬
‫ومتصلة بابنة عمها الٍب رافقتها إُف القصر‪ .‬فاضطراب االستقرار سببو ملل عيشة من اخفاء بنت‬
‫عمها عن الغوؿ‪ ،‬والتحوؿ كاف سببو قدوـ السلطاف الذي رحلت معو إُف قصره‪.‬‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫ابن السلطاف‬ ‫عيشة‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫الغوؿ‬ ‫عيشة‬

‫‪72‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬المقطع الثالث والرابع‪:‬‬


‫سادت حالة من االستقرار القصر حْب أقببت عيشة أوالدا‪ ،‬ولكن قدوـ الغوؿ إُف القصر اضطرب‬
‫االستقرار وربوؿ إُف حالة من الال استقرار ؼبا خطف أوالدىا فبا سبب حالة من االفتقار‪ ،‬فاستغلت‬
‫صر‪.. .‬‬ ‫ندبػّْر علِ ْ ِ ِ‬
‫يك تَػَر ْحلي من ال َق َ‬ ‫ابنة عمها الوضع وخدعتها ففرت البطلة من القصر متنكرة َ ْ َ‬
‫يما قَالَتِْل َها‪...‬رحلت عيشة من القصر"‪ ،1‬فتحوؿ الصديق‬‫يشة بػراي بِنِت عمها ودار ْ ِ‬
‫تكَ‬ ‫ت ع َ َْ ْ ْ َ ْ َ َ َ‬
‫خض ِ‬
‫َ َ ْ‬
‫اػبّب إُف شرير غادر‪ ،‬فانفصلت عيشة عن موضوع القيمة أال وىو الزواج من ابن‬
‫إُف عدو‪ ،‬و ّْ‬
‫السلطاف والعيش معو يف سعادة‪ .‬فبنت العم ىي الذات الفاعلة واؼبوضوع ىو الزوج‪ ،‬والشخصية‬
‫الشريرة ىي ابنة العم والغوؿ‪.‬‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫ابن السلطاف‪ ،‬األوالد‬ ‫عيشة‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫ابن السلطاف‬ ‫بنت العم‬
‫‪ -‬المقطع الخامس‪:‬‬
‫كاف ال بد أف يناؿ كلّّ جزاء صنيعو‪ ،‬فمن يعمل اػبّب يناؿ اػبّب‪ ،‬ومن يعمل الشر يناؿ مثيلو‪.‬‬
‫وبعد أف بدأت اؼبتوالية اػبامسة حبالة استقرار جديد غّب متوقع حْب تزوجت بنت العم من زوج‬
‫صديقتها‪ ،‬بعد مكيدة مدبرة‪ ،‬انقلب السحر على الساحر يف هناية اغبكاية‪ ،‬فمثل ذىاب ابن‬
‫السلطاف إُف الصيد نوعا من االضطراب حينما اصطاد الغزالة الغريبة‪ ،‬فمثلت عودة اؼبتنكر إُف القصر‬
‫ربوال يف اؼبسار اغبكائي‪ ،‬وبعد التعرؼ عليها وجالء الغموض واستجالء اغبقيقة‪ ،‬عوقبت الشخصية‬
‫الشريرة اؼبتمثلة يف بنت العم بالطالؽ‪ ،‬ورجعت البطلة إُف زوجها وقصرىا‪ .‬أما التحوؿ الثاين واؼبهم‬
‫كبىم أرجعهم إُف أمهم يف صورة معبة عن الوفاء ورد‬
‫ىو عودة الغوؿ واألبناء معو بعد أف رباىم و ّ‬
‫اعبميل‪ ،‬عكس بنت العم الٍب صورت لنا مظهرا من مظاىر الغدر واػبيانة‪.‬‬
‫فموضوع القيمة ىنا ىو الغدر والوفاء من جهة‪ ،‬والعودة إُف الزوج والبيت من جهة أخرى‪،‬‬
‫فاتصلت البطلة باؼبوضوع األوؿ‪ ،‬وانفصلت عن الثاين‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪73‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫ابن السلطاف‪ ،‬األوالد‬ ‫عيشة‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫بنت عمها‬ ‫عيشة‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫ابن السلطاف‬ ‫بنت العم‬
‫و‪.‬خ‬ ‫وعليو أمكن رسم اؼبسار اػبطي للحكاية ككل على النحو اآليت‪:‬‬

‫ض>ت>ح (ـ ‪)5‬‬ ‫و‪.‬ؼ ‪ ............... .‬ض>ت>ح (ـ ‪................... .)II‬‬

‫ض>ت>ح (ـ ‪)3‬‬ ‫ض>ت>ح (ـ ‪)I‬‬

‫ض>ت>ح (ـ ‪)4‬‬
‫انطالؽ اغبكاية من حالة استقرار تاـ سبثل يف عيش البطلة يف سعادة يف الوضعية االفتتاحية‪ ،‬مث بعد‬
‫ذلك ينزؿ اؼبنحُب اػبطى للوصوؿ إُف حالة من استقرار نسيب جديد ىبتلف عن االستقرار األوؿ‪،‬‬
‫سبثل يف رحيل األىل عن (عيشة)‪ ،‬مث بعد ذلك يصعد اؼبسار وصوال إُف استقرار جديد شبيو باألوؿ‬
‫الختالؼ اؼبكاف حْب عاشت البطلة يف سعادة‪ ،‬وأما يف اؼبقطع الثالث والرابع فسادت حالة من الال‬
‫استقرار سبثل يف ربوؿ السعادة واللحمة إُف شقاء وفرقة‪ ،‬وانتهت اغبكاية يف وضعية ختامية مليئة‬
‫بالسعادة بعد رجوع اؼبياه إُف ؾبراىا الطبيعي ونالت البطلة الشكر والثناء ورد اعبميل من الغوؿ‪،‬‬
‫وعوقبت بنت عمها الٍب غدرت ّٔا وخانتها‪.‬‬
‫‪ -‬النموذج العاملي‪:‬‬
‫جاءت العوامل الستة اؼبكونة للنموذج كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل‪ :‬عائلة عيشة‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل إليو‪ :‬األصدقاء فيما بينهم‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبساعد‪ :‬الغوؿ ‪ ،‬السلطاف‪ ،‬ابن السلطاف‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬العامل اؼبعارض‪ :‬الغوؿ‪ ،‬ابنة عم "عيشة"‬


‫‪ -‬اؼبوضوع‪ :‬الوفاء للصديق‪.‬‬
‫يشة"‪.‬‬ ‫‪ -‬الذات أو الفاعل‪ِ :‬‬
‫"ع َ‬
‫األصدقاء عامة‬ ‫الوفاء للصديق‬ ‫العائلة‬

‫الغوؿ‪ ،‬ابنة عم عيشة‬ ‫عيشة‬ ‫الغوؿ‪ ،‬السلطاف‪ ،‬ابن السلطاف‬


‫كثّبا ما تتأثر النفوس البشرية بالضغوطات اؼبطبقة عليهم من طرؼ ذويهم‪ ،‬وىذا ما كاف مع الذات‬
‫الفاعلة يف اغبكاية (عيشة) حْب لعبت عائلتها دور اؼبرسل الذي حفزىا على االتصاؿ بقيمة اؼبوضوع‬
‫حْب طلب منها أىلها ترؾ الغوؿ وشأنو "الزـ علينا نرحلوا ولبلوه رانا خايفْب ياكلنا"‪ 1‬ولكنها‬
‫وم ْالبَلّْ ِ‬
‫يش َو َح َده"‪ ،2‬وىنا يتضح بأف الذات‬ ‫رفضت وأصرت على البقاء معو "نَايَا َرِاين قَ ْ‬
‫اع َدة َم َعاه َ‬
‫واؼبوضوع اؼبمثلْب حملور الرغبة كانا يف حالة انفصاؿ‪ ،‬وحبثت الذات على االتصاؿ دبوضوعها وحققت‬
‫رد الغوؿ اعبميل لصاحبتو عيشة يف هناية‬
‫مرادىا‪ .‬ويتحقق الوفاء يف الوجو الثاين لنفس العملة حْب ّ‬
‫اغبكاية ؼبا أرجع ؽبا أوالدىا " َجابَػ ْلها أ َْوَال ْدىا كِِبوا َر َّجالة"‪.3‬‬
‫يف ؾبمل اغبكاية تلقت عيشة اؼبساعدة من عدة عوامل مثلتها شخصيات متحركة يف اؼبسار اغبكائي‬
‫يف الغوؿ‪ ،‬السلطاف وابنو الذي تزوجها‪ ،‬أما بنت عمها فقد غدرهتا بعد أف كانت أقرب الناس إليها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات"‪ 4‬ربولت إُف أكب الفواعل‬‫ض ِه ْن كي ػبََو ْ‬
‫مع َبع ْ‬ ‫احبِات و َعايْ َش ْ‬
‫ات َ‬ ‫ص ْ‬‫"وعن ْدىا بِنت َع ْمها مْت َ‬
‫اؼبعارضْب إليها‪ ،‬وىذا عكس شخصية الغوؿ‪.‬‬

‫‪ -1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬المربع السيميائي‪:‬‬
‫يبدو جليا موضوع اغبكاية اؼبتمثل يف الوفاء‪ ،‬ىذا البعد الدالِف الذي أبدر يف تصويره راوي اغبكاية‬
‫حْب شخص لنا الغوؿ يف صورتْب متناقضتْب رغم الظاىر الذي يبدو عليو يف الوىلة األوُف‪ ،‬وىذا‬
‫معاكس سباما لبنت عم البطلة عيشة الٍب كاف من اؼبفروض أف تكوف صديقا حقيقيا تقف مع‬
‫صديقتها يف ؿبنتها‪ ،‬ولكنها كانت عكس ذلك سباما‪.‬‬
‫والصورة ىنا (الغوؿ‪ -‬بنت العم) ؽبا وجهاف‪ ،‬أحدنبا ظاىري افتتاحي يف اغبكاية‪ ،‬والثاين حقيقي‬
‫تمت بو اغبكاية‪ ،‬وىي من صور الثنائية الضدية (خّب – شر)‪ .‬وىذا إف دؿ على شيء‪،‬‬ ‫وباطِب ُخ َ‬
‫فإمبا يدؿ على عدـ اغبكم على ظاىر األشياء من خالؿ الفرد الذي يتسرع يف أحكامو وقراراتو من‬
‫ظاىر األمور‪ ،‬وىذا لب الكالـ الذي قصر الراوي اظهاره يف صورة الصداقة والوفاء للصديق أو الغدر‬
‫بو‪ .‬ومنو يكوف اؼبربع على النحو اآليت‪:‬‬
‫عالقة تضـــــــاد‬
‫غدر‬ ‫وفاء‬
‫عالقة استتباع‬

‫تناقض‬ ‫عالقة‬

‫ال وفاء‬ ‫ال غدر‬


‫والعالقات تكوف على الشكل التاِف‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬بْب ‪‬وفاء‪ ،‬غدر‪ – ‬وبْب ‪‬ال غدر‪ ،‬ال وفاء‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة تناقض‪ :‬بْب ‪‬وفاء‪ ،‬ال وفاء‪ ، ‬غدر‪ ،‬ال غدر‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة استتباع‪ :‬بْب ‪‬وفاء‪ ،‬ال غدر‪ ، ‬غدر‪ ،‬ال وفاء‪.‬‬
‫‪ -4‬حكاية " لُـ ــونْ َجة"‬
‫‪ ‬المتواليات السردية‪:‬‬
‫ربوي اغبكاية مقطعْب يبثالف اؼبتواليتْب السرديتْب إضافة إُف اؼبوقف االستفتاحي جاءت كما يلي‪:‬‬

‫‪76‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ِ‬ ‫‪ -‬الوضعية االفتتاحية‪" :‬كاِين ب ِك ِري بِنِ ِ‬


‫ُختَ ْو"‪.‬‬
‫وقبَة أ ْ‬ ‫ت ظبْ َحة يَاس ْر يِ َس ُم َ‬
‫وىا لُوقبَة‪َ ....‬ع ْن َش َع ْر لُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬
‫الملفوظات السردية‬ ‫شرح الوظائف‬ ‫الوظائف‬ ‫أصناف‬ ‫المتواليات‬
‫الوظائف‬ ‫السردية‬
‫ِ‬ ‫"قَ ْاؿ َؽبَا نِْتػَزْو َج ْ‬
‫ورِاين َحال ْ‬
‫ف"‬ ‫ك َ‬ ‫‪ -‬طلب األخ الزواج من‬ ‫‪ -‬منع‬ ‫* اضطراب‬
‫بطلة اغبكاية "لوقبة"‬
‫قَالَت لو كِي َف ِ‬ ‫اؼبقطع ‪I‬‬
‫اش تْت ِزَّو ْج ِِب يَا أ َ‬
‫ُوخيّْي‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫‪ -‬رفض األخت الزواج‬ ‫‪ -‬خرؽ اؼبنع‬
‫من أخيها الكبّب‬
‫َّع ِرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َكا ْف نْتػَزَّو ْج ُم َوال ْة الش َ‬
‫َحال ْ‬ ‫شعور البطلة باالضطهاد‬ ‫‪ -‬شعور‬
‫* ربوؿ‬ ‫اؼبتوالية‬
‫ِ ِ‬
‫ولو كنت إِنْت يا بْ ْ‬
‫نت أ ُّْمي‬ ‫والظلم من أىلها‬ ‫بالنقص‬ ‫السردية‬
‫"اس ِر ْؽ اؼب ْشط واطْلَ ْع فُ ْ‬
‫وؽ ال ُقبَّة"‬ ‫‪ -‬خطة لوقبة وأخوىا‬ ‫‪ -‬خداع‬ ‫األوُف‬
‫ْ ُ‬
‫قصد اؽبرب من البيت‬
‫نَايا ِْقبيب من ِعْن َده اؼبشط ِْ‬
‫وقبي"‬ ‫‪ -‬البداع األىل‬ ‫‪ -‬البداع‬
‫َ ْ‬
‫* حل‬
‫الصغِ ّْب‬
‫وىا ّْ‬‫ت لوقبة مع ُخ َ‬ ‫وى ِربْ ْ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬ىروب لوقبة وأخوىا‬ ‫‪ -‬انطالؽ‬
‫اج"‬
‫الزو ْ‬
‫ب منها َّ‬
‫"طَلَ ْ‬ ‫‪ -‬طلب السلطاف الزواج‬ ‫‪ -‬وساطة‬ ‫* اضطراب‬
‫من لوقبة‬
‫ت لوقبة"‬ ‫ِ‬
‫"قْبػلَ ْ‬ ‫‪ -‬قبوؿ لوقبة لعرض‬ ‫‪ -‬الفعل‬ ‫اؼبقطع ‪II‬‬
‫السلطاف‬ ‫اؼبعاكس‬
‫ِ‬
‫ش يتوقفوا‬ ‫"إذا ُىو يَام ْر الناس بِ ْ‬ ‫‪ -‬القضاء‬
‫‪ -‬زواج لوقبة بإرادهتا‬
‫عن ِصي ْد الغزالف"‬ ‫ربت شروطها‬ ‫على النقص‬
‫الس ْلطَا ْف للحج"‬ ‫وح ُّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬رحيل ‪ -‬ذىاب السلطاف للحج‬
‫"ي ُر ْ‬ ‫* ربوؿ‬
‫يش ِمْنػ َها"‬
‫َّار َما تَػ َق ْربِ ْ‬
‫ِ‬
‫‪ -‬منع السلطاف لوقبة من "غ ّْب َىا ْذ الد ْ‬ ‫‪ -‬منع‬
‫فتح الغرفة‬
‫اح ْن يِ َدبْ ِر ْف َعلِ َيها وقَالُوْؽبَا ِحلّْي‬
‫"ر َ‬
‫َ‬ ‫‪ -‬مكيدة النسوة للوقبة‬ ‫‪ -‬خداع‬
‫َّار"‬
‫الد ْ‬
‫ص ْدقَػْت ِه ْن"‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫"بػَ َق ْن ي َدبْ ِر ْف َعل َيها َح ٌَّب َ‬ ‫‪ -‬وقوع البطلة يف فخ‬ ‫‪ -‬تواطؤ ع‬ ‫اؼبتوالية‬
‫النسوة‬ ‫السردية‬
‫َّار‬ ‫ت لوقبة َحلَّ ْ‬
‫ت الد ْ‬ ‫اح ْ‬
‫"ر َ‬
‫َ‬ ‫‪ -‬خرؽ اؼبنع ‪ -‬فتح البطلة للغرفة رغم‬
‫‪77‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ت"‬ ‫ود ْخلَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫منعها من السلطاف‬ ‫الثانية‬


‫ين بِ ْ‬
‫ش يَ َذ ْحبَ ْن‬ ‫َّس ِو ْ‬
‫اح ْن الن َ‬ ‫" َر َ‬ ‫‪ -‬سجن لوقبة وقتل‬ ‫‪ -‬إساءة‬
‫الغَِزيّْل"‬ ‫النسوة للغزاؿ‬
‫الس ْلطَا ْف من اغبج"‬ ‫"جاء ُّ‬ ‫َ‬ ‫‪ -‬رجوع السلطاف‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫* حل‬
‫وخ ِر َجت لُوقبة"‬ ‫" ُ‬ ‫‪ -‬فك قيد لوقبة‬ ‫‪ -‬إصالح‬
‫ات"‬ ‫" وطَلَّ ْق نَ َس ِوينَ ْو ُػبَُر ْ‬ ‫‪ -‬تطليق الزوجات‬ ‫‪ -‬عقاب‬
‫ت مع السلطاف يف ىناء"‬ ‫"عا ْش ْ‬
‫َ‬ ‫‪ -‬حياة سعيدة للبطلة‬ ‫‪ -‬مكافأة‬

‫‪ ‬حالتي االتصال واالنفصال في المتواليات‪:‬‬


‫‪ -‬يف البداية انطلقت اغبكاية يف مسارىا من حالة استقرار تاـ حْب فبثال اؼبرحلة االفتتاحية‪ ،‬فوصف‬
‫الراوي اغبالة العامة للبطلة "لوقبة" وما وبيط ّٔا من أفراد العائلة وطريقة اؼبعيشة الٍب سبارسها يف حياهتا‬
‫اليومية‪ ،‬وبدأ ىذا االستقرار يف الزعزعة شيئا فشيئا لِػما رأى من وقع وتأثّب الشعرة يف نفسية األخ‬
‫الكبّب الذي قرر الزواج بصاحبة الشعرة مهما كاف نسبها‪.‬‬
‫‪ -‬المقطع األول‪:‬‬
‫يبثل االضطراب يف اغبكايات دائما التغّب الذي يصيب العالقات بْب شخصيات اغبكاية ليكوف‬
‫سببا يف فقداف التوازف الذي بدأت فيو اغبكاية‪ .‬ويف حكايتنا سبثل االضطراب حْب طلب األخ الكبّب‬
‫من أختو أف تتزوجو وقد رفضت األخّبة وأصرت على عدـ الزواج بو فبا أحدث حالة من الال استقرار‬
‫يف اؼبسار السردي‪ ،‬والعالقة ىنا عالقة انفصاؿ بْب األخ وأختو‪ ،‬وحبث األخ على االتصاؿ‪ ،‬يف حْب‬
‫أصرت البطلة على االستمرار يف اغبالة األوُف واألصلية والٍب تتميز بالواقع واؼبنطق الذي يرفض ىذه‬
‫الطريقة يف الزواج‪ ،‬أال وىي حالة االنفصاؿ‪ .‬وقد سببت حالة االضطراب ىذه يف ربوؿ البطلة من‬
‫خالؿ مبو حالة من الشعور بالنقص واالضطهاد وعدـ توفر اغبماية الالزمة من األىل عامة واألب‬
‫خاصة الذي كاف من اؼبفَبض أف يكوف السند الذي ترتكز عليو ابنتو وتتخذه مرجعها األساس يف‬
‫حرية اختيار شريك اغبياة‪ ،‬فما كاف من "لوقبة" إال ازباذ وسيلة اػبداع للتملص من ىذا الواقع‪،‬‬

‫‪78‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وصوال إُف اغبل والفرج الذي َف ذبد مفرا غّبه يف اؽبروب من األىل وازباذ طريق ؾبهوؿ العواقب‪ ،‬وقد‬
‫مثل ىذا حالة من االستقرار النسيب اعبديد‪.‬‬
‫وتلخيصا ؼبا سبق نرمز لعالقة االتصاؿ واالنفصاؿ يف ىذا اؼبقطع كما يلي‪:‬‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫األخت (حالة استفتاحية)‬ ‫األخ‬
‫ؿباولة االتصاؿ(‪)‬‬
‫األخت (حالة سبهيدية)‬ ‫األخ‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫األخت (حالة هنائية)‬ ‫األخ‬
‫‪ -‬المقطع الثاني‪:‬‬
‫زبلصت "لوقبة" من أخيها وانتقلت من فبلكة إُف فبلكة أخرى حْب رمز إليها فالديبّب برب بوظيفة‬
‫انتقاؿ‪ ،‬فاؽبروب من الواقع سبثل يف فرار البطلة من أىلها وأخيها ومن قبيلتها‪ ،‬مثَّل اؼبملكة األوُف‪،‬‬
‫وأما الثانية الٍب انتقلت إليها فقد مثَّلت بالد السلطاف‪ ،‬وللمقارنة ىنا قبد بأف الراوي انتقل من عاؼبو‬
‫الواقعي إُف عاَف اػبياؿ والطموح واألمل الذي َف هبد وسيلة أخرى لتحقيقو سوى خيالو ومفكرتو‪.‬‬
‫وما لقاء بطلتنا مع السلطاف وطلب زواج األخّب منها إال ضرب غبالة االستقرار النسيب الذي انتهت‬
‫فيو اؼبتوالية األوُف‪ ،‬وكاف ؽبذا الزواج أثر كبّب يف "لوقبة" الٍب من خاللو قضت على النقص الذي سببو‬
‫ؽبا أىلها وعاداهتم الظاؼبة‪ .‬وىنا مت االتصاؿ بْب "لوقبة" والسلطاف بعد أف كانا يف حالة انفصاؿ‪.‬‬
‫وقد لعبت زوجات السلطاف دورا مهما يف ؿباولة التفريق بْب الزوجْب إال أف ؿباوالهتم باءت بالفشل‬
‫وانقلب السحر على الساحر حْب نلن الطالؽ كعقوبة ؽبن على كيدىن بلوقبة‪ ،‬ىذا حْب عودة‬
‫السلطاف من اغبج وأصلح اإلساءة الٍب قامت ّٔا نسوتو‪ ،‬وعاقبهن وعاش مع لوقبة حياة سعيدة‪.‬‬
‫والعالقة ىنا كما يلي‪:‬‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫لوقبة (حالة أولية)‬ ‫السلطاف‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫لوقبة (حالة ختامية)‬ ‫السلطاف‬
‫ويبكن سبثيل اؼبسار اغبكائي اػبطي للحكاية كما يلي‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وضعية افتتاحية‬
‫اضطراب>ربوؿ>حل (اؼبقطع ‪)I‬‬

‫اضطراب>ربوؿ>حل>وضعية ختامية (اؼبقطع ‪)II‬‬


‫إف اؼبسار اػبطي للحكاية يف نزوؿ مستمر انطالقا من الوضعية االفتتاحية وصوال إُف الوضعية‬
‫اػبتامية‪ ،‬وىذا راجع لكوف العالقة الٍب تربط "لوقبة" بأخيها يف الوضعية االفتتاحية زبتلف عنها يف‬
‫اؼبتوالية األوُف‪ ،‬كما زبتلف كل االختالؼ عن عالقتها بالسلطاف يف اؼبتوالية الثانية‪ .‬فالزواج يف اؼبقطع‬
‫األوؿ َف يتم أما يف اؼبقطع الثاين فقد مت وبالَباضي بْب الطرفْب‪ ،‬فكانت الوضعية اػبتامية سعيدة‬
‫وىنيئة للبطلة‪.‬‬
‫‪ ‬النموذج العاملي‪:‬‬
‫كانت العوامل الستة اؼبمثلة للنموذج اػباص حبكاية (لوقبة) كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل‪ :‬الظلم العائلي‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل إليو‪ :‬البنات العازبات‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبساعد‪ :‬األخ الصغّب‪ ،‬السلطاف‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبعارض‪ :‬عائلة لوقبة‪ ،‬األخ الكبّب‪ ،‬نسوة السلطاف‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبوضوع‪ :‬حرية اختيار شريك اغبياة‬
‫‪ -‬الذات أو الفاعل‪" :‬لوقبة"‬
‫ومنو يكوف النموذج على الشكل اؼبوضح‪:‬‬
‫البنات العازبات‬ ‫حرية اختيار الشريك‬ ‫الظلم العائلي‬

‫العائلة‪ ،‬األخ الكبّب‪ ،‬النسوة‬ ‫لوقبة‬ ‫األخ الصغّب‪ ،‬السلطاف‬

‫‪80‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عرض لنا الراوي البطلة (لوقبة) كصورة مصغرة ؼبا تعانيو طبقة البنات عموما من اضطهاد وظلم يف‬
‫ِ‬ ‫كيفية زواجهن واختيارىن لشريك حياهتن‪ ،‬عبت عنو اغبكاية يف‪ " :‬قَ ْاؿ َؽبَا نِْتػَزْو َج ْ‬
‫ف‪.‬‬‫ك َورِاين َحال ْ‬
‫ف َكا ْف نِْتػزَّوج م َوال ْة الشَّع ِرة ولو ِ‬
‫كنت إِنْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قَالَت لو كِي َف ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ُوخيّْي؟ قَ ْاؿ ؽبا َرِاين َحال ْ‬
‫اش تْت ِزَّو ْج ِِب يَا أ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫نت أ ُّْمي"‪ .1‬فكاف ىذا اؼبوضوع الذي أرادت بطلتنا االتصاؿ بو والذي ىو يف األصل مفصوؿ‬
‫ياِ بْ ْ‬
‫عن كل البنات ليس يف سن الزواج فحسب‪ ،‬بل حٌب يف سن مبكرة قد ال تتعدى أحيانا سن‬
‫الطفولة‪ ،‬وىذا إف دؿ على شيء ‪ ،‬فإمبا يدؿ على حجم تفشي الظاىرة يف آّتمع السويف قديبا‪،‬‬
‫ولعب ىنا الظلم العائلي دور اؼبرسل الذي وبث الفاعل لالتصاؿ باؼبوضوع (أي لوقبة وحرية اختيار‬
‫الزوج) فاستشارة البنت يف أمور حياهتا اػباصة ضرورة قصوى وأكيدة‪ ،‬واالبتعاد عنها وهتميشها يؤدي‬
‫يف الكثّب من األحياف إُف ما ال ُوب َمد عقباه‪ .‬وخالؿ ىذه الرحلة الٍب تبحث فيها لوقبة عن اإلنصاؼ‬
‫واغبماية ‪ ،‬تتلقى الذات ؾبموعة من الصعاب متمثلة يف عدد من اؼبعارضْب ىم أخوىا‪ ،‬عائلتها‪،‬‬
‫نسوة السلطاف‪ ،‬وخالؼ ذلك تلقت مساعدة من أخيها الصغّب والسلطاف الذي مثل الطريقة اؼبثلى‬
‫‪2‬‬
‫ت لوقبة مع السلطاف يف ىناء"‬
‫"عا ْش ْ‬
‫للزواج حسب رأي الراوي‪ ،‬وىذا ما أشار إليو من خالؿ قولو‪َ :‬‬
‫‪ ‬المربع السيميائي‪:‬‬
‫يتكوف اؼبربع اػباص باغبكاية من بعد دالِف رئيسي أال وىو (اغبرية)‪ ،‬أي حرية اختيار الشريك‪،‬‬
‫واغبرية ىنا ليست مطلقة بالطبع‪ ،‬بل ما يتماشى والشرع‪ .‬فاستشارة البنت واجبة ويف سن مناسبة‬
‫حٌب تكوف ؽبا القدرة الكافية على التمييز وربمل مشاؽ اغبياة الزوجية ومسؤولياهتا‪ .‬وما يتضاد مع‬
‫اغبرية ىو (الكبت)‪ ،‬وىذا يف اغبقيقة ما تطرؽ إليو الراوي وعايشتو وأراد تغيّبه يف واقعو وحياتو‬
‫اليومية‪ ،‬وعندما عجز عن ذلك استنجد بشخصية خارجية خيالية حققت لو مراده (أال وىي‬
‫شخصية السلطاف) فالكبت يف الواقع موجود‪ ،‬واغبرية وجدت فقط يف ـبيلة الراوي‪ ،‬فالكبت ىو‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪..230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫البعد الدالِف األصلي‪ ،‬وأما باقي األبعاد اؼبتشكلة من خالؿ العالقات ما ىي إال تكملة ؼبا يطمح‬
‫إليو الراوي الشعيب‪ .‬وبالتاِف تكوف أبعاد اؼبربع كما يلي‪:‬‬
‫عالقة تضـــــــاد‬
‫حرٌة‬ ‫كبت‬

‫عالقة استتباع‬
‫تناقض‬ ‫عالقة‬

‫ال كبت‬ ‫ال حرٌة‬


‫والعالقات تكوف على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬بْب ‪‬كبت‪ ،‬حرية‪ – ‬وبْب ‪‬ال حرية‪ ،‬ال كبت‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة تناقض‪ :‬بْب ‪‬كبت‪ ،‬ال كبت‪ ، ‬حرية‪ ،‬ال حرية‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة استتباع‪ :‬بْب ‪‬كبت‪ ،‬ال حرية‪ ، ‬حرية‪ ،‬ال كبت‪.‬‬
‫يص والغُولِيَّة"‬ ‫ِ‬
‫‪ -5‬حكاية ‪":‬النِّص ْ‬
‫‪ ‬المتواليات السردية‪:‬‬

‫تبدأ اغبكاية كباقي اغبكايات دبوقف افتتاحي ذكر فيو الراوي حاؿ الرجل الذي تزوج سبع نساء‬
‫ِ‬
‫اجابُ َوال ِش األ َْوَال ْد"‪ ،1‬ويليو متواليات‬ ‫َّس ِو ْ‬
‫ين َم َ‬ ‫اؾ الن َ‬ ‫ولكنهن َف ينجنب " َراج ْل مْتػَزّْو ْج َسبَػ َعة نَ َس ِو ْ‬
‫ين‪َ ،‬وَى ْ‬
‫سردية فبثلة يف اعبدوؿ اآليت‪:‬‬

‫الملفوظات السردية‬ ‫شرح الوظائف‬ ‫الوظائف‬ ‫أصناف‬ ‫المتواليات‬


‫الوظائف‬ ‫السردية‬
‫‪ -‬ضمنية َف يصرح ّٔا الراوي‬ ‫‪ -‬إحساس ‪ -‬رغبة الرجل يف اغبصوؿ‬ ‫* اضطراب‬
‫على األوالد‬ ‫بنقص‬
‫الر ِاج ْل لِ َّ‬
‫لدبَّ ْار "‬ ‫اح َّ‬
‫"ر ْ‬
‫‪َ -‬‬ ‫‪ -‬انطالؽ ‪ -‬ذىاب الرجل للدبار‬ ‫* ربوؿ‬ ‫اؼبقطع ‪I‬‬
‫ات و ْاع ِطي‬
‫َّاح ْ‬
‫اؾ َسبَ ْع تػُف َ‬
‫‪َ "-‬ى ْ‬ ‫‪ -‬تسلم الرجل للتفاحات‬ ‫‪ -‬األداة‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪82‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫َّاحة تَا ُك ْل َها"‬


‫ل ُك ْل َو ْح َدة تُػف َ‬ ‫السبع‬ ‫السحرية‬
‫الر ِاج ْل ل ُك ْل َمَرا‬ ‫اؾ َّ‬‫‪" -‬أ َْعطَى َى ْ‬ ‫‪ -‬طلب الرجل من‬ ‫‪ -‬منع‬ ‫اؼبتوالية‬
‫َّاحة تَاكِْلها"‬
‫تػُف َ‬ ‫الزوجات أكل التفاحة‬ ‫السردية‬
‫َّاحة َكا ْف‬ ‫ِ‬
‫ت ُك ْل َو ْح َدة تػُف َ‬ ‫‪" -‬كلَ ْ‬ ‫‪ -‬واحدة َف تأكل‬ ‫‪ -‬خرؽ اؼبنع‬ ‫األوُف‬
‫ص"‬ ‫ِ‬
‫ت نُ ْ‬ ‫َمَرا َو ْح َدة كلَ ْ‬ ‫التفاحة كاملة‬
‫ت ُك ْل َمَرا ِولَ ْد‬ ‫‪" -‬بػَ ْعد َع ْاـ َجابَ ْ‬ ‫‪ -‬إقباب النسوة لألوالد‬ ‫‪ -‬القضاء‬
‫يص "‬ ‫ِ‬
‫ت النّص ْ‬ ‫ك ال َػمَرا َجابَ ْ‬‫ِغ ّْب َى ْ‬ ‫على النقص‬ ‫* حل‬

‫يل ِغ ّْب‬ ‫‪ِ " -‬شرا ْؽبم ابَّ ِ‬


‫اى ْم خ ْ‬ ‫َ ُْ ُ‬ ‫‪ -‬شعور النصيص بالنقص‬ ‫‪-‬حاجة‬ ‫* اضطراب‬
‫يص "‬ ‫ِ‬ ‫لعدـ حصولو على حصاف‬
‫النَّص ْ‬
‫ْب يف‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬رحيل األوالد إُف‬
‫احوا األوالد َس ْاوب ْ‬ ‫‪َ " -‬ر ُ‬ ‫‪ -‬ابتعاد‬ ‫اؼبقطع ‪II‬‬
‫الص َحَراء"‬
‫َّ‬ ‫الصحراء‬
‫وـ"‬ ‫ِِ‬ ‫‪ -‬ظهور غولة متنكرة‬
‫‪َ " -‬ىيُّوا ْارقُ ُدوا عْندي اليُ ْ‬ ‫‪ -‬خداع‬ ‫* ربوؿ‬
‫ك النّصيص وقاؿ ىذه‬ ‫‪َ " -‬ش ْ‬ ‫‪ -‬البداع األوالد عدا‬ ‫‪ -‬البداع‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫النصيص‬
‫ليها أ ُّْمي"‬‫الغُوليَّة إِ ِّْف ح َكْتلي َع َ‬ ‫اؼبتوالية‬
‫ِ‬
‫ت إِ ُخ ِوتَ ْو ّْ‬
‫الستَّة"‬ ‫ت الغُولةكلَ ْ‬ ‫‪ -‬أكل الغولة لألوالد ‪َ -‬ج ْ‬ ‫‪ -‬إساءة‬ ‫السردية‬
‫ت َىَرب ِ ْهب ِري"‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬ىرب النصيص من الغولة ‪َ " -‬خ َّالىا َماتْل َه ْ‬ ‫‪ -‬انطالؽ‬ ‫* حل‬ ‫الثانية‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬‫يص مع بِن ْ‬ ‫‪" -‬اتْػ َع َارْؾ النّْص ْ‬ ‫‪ -‬معركة بْب النصيص‬ ‫‪ -‬صراع‬ ‫* اضطراب‬
‫الغُولِيَّة"‬ ‫وبنت الغولة‬
‫انبُوا بِ ْ‬
‫ش يَا ْكلُ ْوه"‬ ‫‪َ " -‬حتَّا ْف تْػ َف ْ‬ ‫‪ -‬اتفاؽ الغوالة على أكل‬ ‫‪ -‬إساءة‬ ‫* ربوؿ‬ ‫اؼبقطع ‪III‬‬
‫النصيص‬
‫‪َ " -‬غافَػ ْل َها النصيص و َذ َْحب َها"‬ ‫‪ -‬ذبح النصيص للغولة‬ ‫‪ -‬انتصار‬
‫‪"-‬لِبس ِجلِ ْدىا وطَبخها يف ِ‬
‫الق ْد َرة‬ ‫‪ -‬خدعة النصيص باعبلد‬ ‫‪ -‬خداع‬
‫َ َْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت الغُولَّية وقالت ذ َْحبت ْيو"‬ ‫‪ُ " -‬ر ْج َع ْ‬ ‫‪ -‬تصديق الغولة للخدعة‬ ‫‪ -‬البداع‬ ‫اؼبتوالية‬
‫َّار‪"..‬‬ ‫ِ‬
‫ت الن ْ‬ ‫ت الغُوليَّة َش ْعلَ ْ‬‫اح ْ‬‫‪َ " -‬ر َ‬ ‫‪ -‬صراع النصيص والغولة‬ ‫‪ -‬صراع‬ ‫السردية‬
‫ت"‬ ‫ِ‬
‫وماتَ ْ‬ ‫اس َها َ‬ ‫‪َ " -‬حتَّا ْف ا ْشع ْل َر ْ‬ ‫‪ -‬موت الغولة‬ ‫‪ -‬انتصار‬ ‫الثالثة‬
‫ور َج ْع أل َْىلَ ْو"‬
‫ّْصيص َ‬
‫‪َ " -‬خَر ْج الن ْ‬ ‫‪ -‬رجوع النصيص ألىلو‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫* حل‬
‫ّْصيص أَذْ َكاىم"‬ ‫ؼ ابَّ ْاه بالن ْ‬ ‫‪َ " -‬عَر ْ‬ ‫‪-‬اعَباؼ األب بالنصيص‬ ‫‪ -‬مكافأة‬
‫‪83‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬عالقتي االتصال واالنفصال‪:‬‬


‫‪ -‬المقطع األول‪:‬‬

‫مثلت حالة االفتقار الٍب عاشها الرجل نوعا من االضطراب الذي كسر حالة االستقرار يف بدية‬
‫اغبكاية‪ ،‬حْب شعر حباجة إُف إقباب زوجاتو األوالد‪ ،‬فالرغبة يف اغبصوؿ على الولد جعلتو يتحرؾ‬
‫عب عنو الراوي بذىاب الرجل‬‫للبحث عن الطريقة الناجعة والفعالة كي يتحقق مبتغاه‪ ،‬وىذا ما َّ‬
‫ش يِ ِدير بِ ْ ِِ‬ ‫الر ِاج ْل لِ َّ‬
‫لدبَّ ْار بِ ْ ِ‬
‫يب لَ ْوَال ْد"‪ ،1‬وما إف أقببت الزوجات حٌب‬
‫ش هب ْ‬ ‫ش ي َدبػّْ ْر َعن َّْو ِو ْ ْ‬ ‫اح َّ‬
‫للدبار " َر ْ‬
‫اتصل الرجل دبوضوع قيمتو وحصل على الولد‪ ،‬الذي كاف يف األصل منفصال عنو‪ ،‬وبالتاِف قضى‬
‫على حالة‪ .‬النقص الٍب الزمتو زمنا طويال‪.‬‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫األوالد (حالة أولية)‬ ‫الرجل‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫األوالد (حالة ختامية)‬ ‫الرجل‬
‫‪ -‬المقطع الثاني‪:‬‬

‫يف اؼبتوالية السردية الثانية ربولت الذات إُف النصيص بدؿ والده‪ ،‬فلعب النصيص دور الفاعل الذي‬
‫كسر حالة االستقرار حْب كاف حباجة إُف اإلنصاؼ واؼبساواة مع أخوتو من طرؼ أبيو الذي ميز بينو‬
‫اخ ْوِيت"‪ 2‬ويف ؿباولتو إثبات‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يما ْ‬ ‫ّْصيص يْبكي أل َُّم ْو وقَال ْل َها ابَّايَا َح َق ْرِين َ‬
‫وما شَراليشي ك َ‬ ‫اح الن ْ‬
‫"ر ْ‬
‫وبينهم َ‬
‫ذاتو ألبيو تعرض النصيص إُف شخصيات شريرة سبثلت يف الغولة الٍب التهمت أخوتو الستة يف حْب‬
‫استطاع ىو الفرار دبساعدة أمو الٍب سبقت ونبهتو من مكائد الغولة‪ .‬فالذات الفاعلة ىنا ىو‬
‫"النصيص" وموضوع القيمة ىو الفرار من الغولة‪ ،‬فكانت حالة االتصاؿ بينهما عالمة لذكاء‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك النّصيص وقاؿ ىذه الغُوليَّة إِ ِّْف ح َكْتلي َع َ‬
‫ليها‬ ‫"ش ْ‬
‫عب عنها الراوي َ‬ ‫النصيص وقدرتو العقلية الٍب َّ‬
‫وىَرب ِ ْهب ِري"‪.1‬‬ ‫ِ‬
‫ت َ‬ ‫ص َّدقُ ِوش‪َ ،‬خ َّالىا َماتْل َه ْ‬
‫أ ُّْمي‪ ،‬ونَػبَّ ْو إخوتو لكن ما َ‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫اؽبرب من الغولة‬ ‫األخوة الست‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫اؽبرب من الغولة‬ ‫النصيص‬
‫‪ -‬المقطع الثالث‪:‬‬

‫دخل النصيص يف صراع مع الغولة الثانية وابنتها فبا كسر حالة االستقرار النسيب اعبديد الذي انتهت‬
‫عليو اؼبتوالية السابقة‪ ،‬حْب وصل للغولة وخبأتو عندىا وضبتو من زوجها الغوؿ‪ .‬وما زاد يف ربوؿ ىذا‬
‫االضطراب ىو اتفاؽ الغوالة على أكل النصيص الذي تنبو للمكيدة وزبلص من الغولة مستخدما‬
‫ذكاءه‪ ،‬فالنصيص ىو الذات دائما‪ ،‬وأما الغولة فقد مثلت الشخصية الشريرة الٍب حاولت أكلو‪ ،‬أما‬
‫موضوع القيمة ىنا فتمثل يف التغلب على الغولة‪ .‬وعاد إُف أىلو واتصل دبوضوع اغبكاية الرئيس "‬
‫ده ال ُك ْل"‪.2‬‬
‫ّْصيص أَذْ َكى من أ َْوالَ ْ‬
‫ؼ ابَّ ْاه (أَبُوه) راَ ُىو الن ْ‬
‫وعَر ْ‬
‫ّْصيص َور َج ْع أل َْىلَ ْو َ‬
‫َخَر ْج الن ْ‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫التغلب على الغولة‬ ‫النصيص‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫إثبات الذات‬ ‫النصيص‬
‫ومنو أمكن رسم اؼبسار اػبطي للحكاية ككل على النحو اآليت‪:‬‬

‫و‪.‬ؼ‪ ................................................. .‬ض>ت>ح > و‪.‬خ (ـ ‪)III‬‬

‫ض>ت>ح (ـ ‪)I‬‬

‫ض>ت>ح (ـ ‪)II‬‬

‫‪ - 1‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إف وصوؿ اؼبنحُب اػبطي إُف مستوى الوضعية االفتتاحية ىو عودة االستقرار إُف حالتو الطبيعية‬
‫بإثبات النصيص لذاتو واعَباؼ والده بأنو األذكى بْب أخوتو رغم عاىتو اعبسدية‪.‬‬
‫‪ ‬النموذج العاملي‪:‬‬
‫من خالؿ تتبع اؼبسار اغبكائي أمكن رسم النموذج وعواملو كما يلي‪:‬‬
‫العائلة‬ ‫إثبات الذات‬ ‫األب‬

‫الغولة‪ ،1‬الغولة‪2‬‬ ‫النصيص‬ ‫األـ‪ ،‬الغولة‪2‬‬


‫لعب األب دور اؼبرسل الذي أثر يف النصيص الذي حاوؿ إثبات ذاتو وبأف العاىة اعبسدية ال تقف‬
‫حاجزا أماـ اإلمكانات والقدرات الذاتية‪ ،‬فالنصيص يف بداية اغبكاية كاف يف حالة انفصاؿ عن‬
‫اؼبوضوع واستطاع االتصاؿ بو دبساعدة أمو والغولة الثانية الٍب لعبت دور الشخصية اػبّبة يف ىذا‬
‫اؼبكاف‪ ،‬يف حْب تعرض إُف ؾبموعة من الصعوبات سبثلت يف عوامل معارضة (الغولة ‪.)1.2‬‬
‫ويهدؼ الراوي إُف تغيّب نظرة آّتمع بصفة عامة‪ ،‬والعائلة بصفة خاصة الٍب تتخذ من اؼبظهر‬
‫اػبارجي للفرد قاعدة يف اؼبعامالت‪ ،‬والتمييز العنصري الذي يرتكز على الفصل بْب أفراد العائلة‬
‫الواحدة من حيث شكلهم ال قلؤّم وعقوؽبم‪ ،‬بل األكثر من ذلك يهدؼ الراوي‪ ،‬فمعاملة مثل ىذه‬
‫اغباالت وجب أف تكوف أكثر حرصا ومتابعة وحنانا عليها‪ ،‬فهم حباجة إُف رعاية أكثر من غّبىم‪.‬‬
‫‪ ‬المربع السيميائي‪:‬‬
‫إف الكالـ عن اؼبربع السيميائي يبتاز بالعمق وكشف خبايا النصوص بقراءة ما بْب األسطر والعبارات‬
‫اؼبكونة لنص اغبكاية‪ .‬واغبكاية اؼبوسومة ب ػ (النصيص والغولية) رباكي واقعا اجتماعيا بظواىر سلبية‬
‫انتشرت يف وسط أفراده حْب ميزوا فيما بينهم حبكم الظاىر اػبارجي ال الباطِب‪ ،‬فاالحتكاـ ؼبثل ىذه‬
‫القوانْب اػباطئة أوجب على الراوي الشعيب نقدىا ومعاعبتها‪ ،‬فقد ميز األب بْب أوالده وعاملهم‬
‫معاملة ـبتلفة‪ ،‬مثل نظرة آّتمع السلبية ذباه أفراد مثل النصيص مثلتها نظرة األخوة إُف أخيهم‪ ،‬نظرة‬

‫‪86‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مزدرية يبلؤىا اغبقد والبغضاء‪ ،‬ال لشيء إُف ألنو ينقصو عضو من أعضائو أو عاىة جسدية أو زبلف‬
‫عقلي وجسدي وغّبىا من األمراض الٍب تنشأ يف زمن قد مضى‪.‬‬
‫ومنو أمكن القوؿ بأف الراوي ركز على بعد دالِف رئيس يف اغبكاية أال وىو التمييز العنصري بْب‬
‫األفراد يف آّتمع السويف القدًن‪ ،‬وعليو يكوف اؼبربع على الشاكلة التالية‪:‬‬
‫عالقة تضـــــــاد‬
‫انصاف‬ ‫تمٌٌز‬

‫عالقة استتباع‬
‫تناقض‬ ‫عالقة‬

‫ال تمٌٌز‬ ‫ال انصاف‬


‫والعالقات تكوف على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬بْب ‪‬سبييز‪ ،‬إنصاؼ‪ – ‬وبْب ‪‬ال سبييز‪ ،‬ال إنصاؼ‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة تناقض‪ :‬بْب ‪‬سبييز‪ ،‬ال سبييز‪ ، ‬إنصاؼ‪ ،‬ال إنصاؼ‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة استتباع‪ :‬بْب ‪‬سبييز‪ ،‬ال إنصاؼ‪ ، ‬إنصاؼ‪ ،‬ال سبييز‪.‬‬
‫وذكرت ىنا (سبييز‪ -‬انصاؼ) ال (سبييز – مساواة)‪ ،‬ألف الواجب علينا اإلنصاؼ والعدؿ بْب األفراد‬
‫ال اؼبساواة بينهم‪ ،‬فالعدؿ ىو األساس‪ ،‬واؼبساواة ال تكفل حقوؽ ىذه الطبقة اػباصة كاملة‪ ،‬وإمبا‬
‫تساويهم بباقي األفراد األصحاء وىذا خطأ‪ ،‬فهم حباجة أكثر من غّبىم للحماية واالىتماـ‪،‬‬
‫فباإلنصاؼ كبميهم ونرعى حقوقهم‪.‬‬
‫‪ -6‬حكاية "شرف امرأة"‬
‫‪ ‬المتواليات السردية‪:‬‬
‫َف يسَبسل الراوي كثّبا يف ذكر التفاصيل اػباصة باؼبرأة‪ ،‬بل اكتفى بذكر عدد أوالدىا وسفر زوجها‬
‫فقط‪ ،‬لتبدأ اغبكاية يف اغبركة بقدوـ العسكر يف اؼبتوالية األوُف‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الملفوظات السردية‬ ‫شرح الوظائف‬ ‫الوظائف‬ ‫أصناف‬ ‫المتواليات‬


‫الوظائف‬ ‫السردية‬
‫‪" -‬قَالَْل َها ِح ْلّي الباب وإال نػُ ْقتُػلّْ ْ‬
‫ك‬ ‫‪ -‬طلب العسكر للمرأة‬ ‫‪ -‬منع‬ ‫* اضطراب‬
‫ِولْ ِد ْؾ"‬ ‫فتح باب البيت‬ ‫اؼبقطع ‪I‬‬
‫‪"-‬قالت لو الال ِْ ِ‬
‫ش"‬ ‫ماكبلَّك ْ‬ ‫‪ -‬خرؽ اؼبنع ‪ -‬رفض اؼبرأة فتح الباب‬ ‫اؼبتوالية السردية‬
‫للعسكر‬ ‫* ربوؿ‬ ‫األوُف‬
‫"حٌب قَػتَل األ َْوَالد الثَّالثَة"‬‫‪َّ -‬‬ ‫‪ -‬قتل العسكر لألوالد‬ ‫‪ -‬إساءة‬
‫وز ْاد عْنػ َها‬ ‫ِِ‬
‫اؼبرا َع ْن أ َْوَال ْدىاَ َ‬
‫ت َ‬ ‫‪"-‬ح ْزن ْ‬ ‫‪ -‬حزف اؼبرأة لفقداف‬ ‫‪ -‬إحساس‬
‫َر ِاج ْلها ْم َسافِْر"‬ ‫أوالدىا الثالثة‬ ‫بالنقص‬ ‫* حل‬
‫ين َج ْو"‬‫احوا من ِو ْ‬ ‫"ر ُ‬ ‫‪َ-‬‬ ‫‪ -‬ذىاب العسكر‬ ‫‪ -‬رحيل‬

‫ات َجاء َر ِاج ْل َها"‬ ‫‪" -‬بػَ ْعد أَيَّ َام ْ‬ ‫‪ -‬رجوع الزوج من سفره‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫* اضطراب‬
‫اؿ ؽبا ِويْنػ ُهم األ َْوَال ْد"‬ ‫‪"-‬قَ َ‬ ‫‪ -‬استخبار ‪ -‬سؤاؿ الزوج عن أبنائو‬ ‫اؼبقطع ‪II‬‬
‫صة"‬ ‫‪"-‬ح َكت لَو ِ‬
‫الق َّ‬ ‫‪ -‬جواب الزوجة لزوجها‬ ‫‪ -‬إخبار‬
‫َ ْ ُ‬
‫ِ‬
‫ضها‬ ‫‪ِ "-‬ولْ َدت اؼبََرا أَكثَر م ْن ولَد َ‬
‫وع َّو ْ‬ ‫‪ -‬القضاء ‪ -‬اقباب اؼبرأة لألوالد مرة‬ ‫* ربوؿ‬ ‫اؼبتوالية السردية‬
‫ب"‬ ‫َر ّْ‬ ‫أخرى‬ ‫على النقص‬ ‫الثانية‬
‫يكي طََّولٍِْب"‬ ‫السلطَا ْف ِوش بِ ِ‬ ‫"سأ ْؽبا ُّ‬
‫ْ‬ ‫‪َ -‬‬ ‫‪ -‬استفسار السلطاف‬ ‫‪ -‬استخبار‬
‫صار"‬ ‫ش َ‬ ‫‪"-‬قالت لو ِو ْ‬ ‫لتأخر الداية‬
‫ِ ِ‬
‫‪"-‬كْت ُشوف ْيو طَبِطِْيب البَ ْ‬
‫اب"‬ ‫‪ -‬اخبار ‪ -‬جواب الداية للسلطاف‬
‫الع ْس َكر"‬ ‫ِ ِ‬
‫‪"-‬بَدى ي َد ّْخل يف َ‬ ‫‪ -‬خدعة السلطاف‬ ‫‪ -‬خداع‬ ‫* حل‬
‫‪"-‬أمر السلطاف بقتلو"‬ ‫‪ -‬وقوع العسكر يف الفخ‬ ‫‪ -‬البداع‬
‫‪ -‬قتل السلطاف للعسكر‬ ‫‪ -‬عقاب‬

‫‪ ‬حالتي االتصال واالنفصال‪:‬‬


‫‪ -‬المقطع األول‪:‬‬
‫كانت اؼبرأة تعيش حالة من االستقرار التاـ مع أوالدىا‪ ،‬وبقدوـ العسكر اختل بسبب طلب‬
‫العسكر الدخوؿ إُف البيت‪ ،‬وىنا رفضت اؼبرأة فقتل العسكر أوالدىا فانفصلت اؼبرأة عن موضوع‬
‫قيمتها أال وىو األوالد‪ ،‬فلعب العسكر دور الشخصية الشريرة الٍب سبب حالة من االفتقار للمرأة‬
‫‪88‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اؼبرا َع ْن أَْوَال ْدىاَ َوز ْاد عْنػ َها َر ِاج ْلها ْم َسافِْر"‪ .1‬فالذات الفاعلة ىنا ىي اؼبرأة‪ ،‬واؼبوضوع ىو‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫ِِ‬
‫"ح ْزن ْ‬
‫وأما الشخصية الشريرة فقد مثلها الراوي بالعسكر‪ .‬ومنو كانت عالقة االتصاؿ واالنفصاؿ‬ ‫األوالد‪،‬‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫األوالد (حالة افتتاحية)‬ ‫اؼبرأة‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫األوالد (حالة هنائية)‬ ‫اؼبرأة‬
‫‪ -‬المقطع الثاني‪:‬‬
‫تبدأ اؼبتوالية الثانية حيث انتهت األوُف‪ ،‬حبالة جديدة سبثلت يف فقداف اؼبرأة ألوالدىا الثالثة‪،‬‬
‫وبعودة زوجها من سفره اتصلت اؼبرأة دبوضع قيمتها األوؿ يف إقباب األوالد‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫ساعدىا السلطاف يف األخذ بالثأر والقصاص من قاتل أفالذ كبدىا‪ ،‬وىنا اتصلت دبوضع قيمة جديد‬
‫متمثال يف الثأر‪ .‬فقد لعب كل من الزوج والداية والسلطاف دور الشخصيات اؼبساعدة يف اتصاؿ اؼبرأة‬
‫دبوضوعي القيمة يف اؼبتوالية‪.‬‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫األوالد (حالة ختامية)‬ ‫اؼبرأة‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫الثأر والقصاص (حالة ختامية)‬ ‫اؼبرأة‬
‫وفيما ىبص اؼبسار اػبطي جاء على النحو التاِف‪:‬‬
‫و‪.‬ؼ‪ ............................................... .‬ض>ت>ح>و‪.‬خ (ـ ‪)II‬‬

‫ض>ت>ح (ـ ‪)I‬‬
‫انطالؽ اغبكاية من حالة االستقرار اؼبتمثل يف وجود األوالد جبانب أمهم‪ ،‬وما نزوؿ اؼبنحُب إال‬
‫النفصاؿ الذات الفاعلة (األـ) عن أوالدىا يف اؼبتوالية السردية األوُف‪ .‬أما يف الثانية فقد عادت إُف‬
‫حالة االتصاؿ من جديد بْب األـ وأوالدىا‪ ،‬وىذا ما كاف يف اغبالة اػبتامية من اتصاؿ األـ موضوع‬
‫القيمة األوؿ (األوالد)‪ ،‬وموضوع القيمة الثاين (القصاص)‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪011‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬النموذج العاملي‪:‬‬
‫ىذه ىي العوامل الست اؼبكونة للنموذج العاملي اػباص باغبكاية‪:‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل‪ :‬ظلم االحتالؿ واالستبداد‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل إليو‪ :‬أىل اؼبنطقة‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبساعد‪ :‬الزوج‪ ،‬الداية‪ ،‬السلطاف‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبعارض‪ :‬العسكر‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبوضوع‪ :‬الشرؼ والعفة‪.‬‬
‫‪ -‬الذات أو الفاعل‪ :‬اؼبرأة‪.‬‬
‫أىل اؼبنطقة‬ ‫الشرؼ والعفة‬ ‫ظلم االحتالؿ واالستبداد‬

‫العسكر‬ ‫اؼبرأة‬ ‫الزوج‪ ،‬الداية‪ ،‬السلطاف‬


‫مثل الظلم اؼبسلط من العسكر الدافع للمرأة السوفية أف تتمسك برفضها لوجوده وؿباربتو‪ ،‬وقد صور‬
‫الراوي ؽبذا الرفض القاطع للمرأة بتلبية طلب العسكر حْب أرادوا االعتداء عليها " قَالَْل َها ِح ْلّي الباب‬
‫ك ِولْ ِد ْؾ‪ ،‬قالت لو الال ِْ ِ‬
‫حٌب قَػتَل األ َْوَالد الثَّالثَة"‪ 1‬وما تضحية اؼبرأة بأوالدىا إال‬ ‫ماكبلَّك ْ‬
‫ش‪َّ ،‬‬ ‫وإال نػُ ْقتُػلّْ ْ‬
‫حفاظا على شرفها وعفتها‪ ،‬وما اقبأّا ألوالد آخرين إال استمرار لالتصاؿ دبوضوع القيمة اغبقيقي‬
‫للحكاية‪ ،‬وقد استعاف الراوي بشخصية (السلطاف) لتتمكن اؼبرأة من ربقيق العدالة والقصاص من‬
‫العامل اؼبعادي اؼبتمثل يف العسكر‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪010‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬المربع السيميائي‪:‬‬
‫وعليو يكوف اؼبربع كما يلي‪:‬‬
‫عالقة تضـــــــاد‬
‫حرٌة‬ ‫احتالل‬

‫عالقة استتباع‬
‫تناقض‬ ‫عالقة‬

‫ال احتالل‬ ‫ال حرٌة‬

‫تتشكل من خالؿ اؼبربع السيميائي ؾبموعة من العالقات على النحو اآليت‪:‬‬


‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬بْب ‪‬احتالؿ‪ ،‬حرية‪ – ‬وبْب ‪‬ال حرية‪ ،‬ال احتالؿ‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة تناقض‪ :‬بْب ‪‬احتالؿ‪ ،‬ال احتالؿ‪ ، ‬حرية‪ ،‬ال حرية‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة استتباع‪ :‬بْب ‪‬احتالؿ‪ ،‬ال حرية‪ ، ‬حرية‪ ،‬ال احتالؿ‪.‬‬
‫إف العالقة بْب (االحتالؿ والظلم) متضادة مع (اغبرية والعدؿ) فهما متطابقاف بالنسبة ألىل اؼبنطقة‪،‬‬
‫الذين يروف وجود االحتالؿ – الذي مثلو الراوي بلفظة عسكر – ىو الظلم‪ ،‬وأما العدؿ فلن يتحقق‬
‫إال بوجود اغبرية – أي خروج االستعمار‪ -‬وقد مثل الراوي ؽبذا بلفظة السلطاف الذي يتحقق معو‬
‫العدؿ ؼبا يبيزه من قوة وسلطة‪.‬‬
‫"السا ِرق وال ـ َـمــلِك"‬
‫‪ -7‬حكاية َّ‬
‫‪ ‬المتواليات السردية‪:‬‬
‫للحكاية موقف افتتاحي وثال ث متواليات سردية جاءت على النحو اآليت‪:‬‬
‫الملفوظات السردية‬ ‫شرح الوظائف‬ ‫الوظائف‬ ‫أصناف‬ ‫المتواليات‬
‫الوظائف‬ ‫السردية‬
‫‪َ " -‬حَز ْف اؼبلك وقَػتَػ ْل ُهم ال ُك ْل"‬ ‫‪ -‬حزف وغضب اؼبلك‬ ‫‪ -‬حاجة‬ ‫* اضطراب‬
‫لسرقة النعامة‬
‫وى َّكا بَ َدا اؼبلك رحلة طويلة‬
‫‪َ "-‬‬ ‫‪ -‬رحلة اؼبلك حبثا عن‬ ‫‪ -‬انطالؽ‬ ‫* ربوؿ‬ ‫اؼبقطع ‪I‬‬
‫‪011‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يف البحث عن نعامتو العزيزة"‬ ‫نعامتو‬


‫‪-‬وضيفة ضمنية َف يصرح ّٔا الراوي‬ ‫‪ -‬تنصت السارؽ للملك‬ ‫‪ -‬استخبار‬ ‫اؼبتوالية‬
‫‪ -‬معرفة السارؽ للحيلة ‪"-‬شاؼ السارؽ كيفاش اؼبلك‬ ‫‪ -‬إخبار‬ ‫السردية‬
‫ينصب لو حٌب وبكمو"‬ ‫اؼبدبرة من اؼبلك والدبار‬ ‫األوُف‬
‫‪"-‬جاب الَبعايِر ودىن كِ ِ‬
‫رعي ِه ْن‪..‬‬ ‫‪ -‬حيلة السارؽ‬ ‫‪ -‬خداع‬
‫َ ْ َ ْ ََ ْ‬
‫حصوؿ السارؽ على الذىب ‪" -‬سرؽ الذىب اؼبوجود يف الدار‬ ‫‪-‬البداع‬
‫‪" -‬قتل اؼبلك اغبراس والدبار"‬ ‫‪ -‬قتل اؼبلك للدبار‬ ‫‪ -‬عقاب‬ ‫* حل‬

‫وش‬
‫اخلَة ُح ْ‬ ‫َّامة َد ْ‬
‫ت اػبَد َ‬ ‫اح ْ‬
‫‪ -‬حبث اػبادمة عن بيت ‪َ " -‬ر َ‬ ‫‪ -‬انطالؽ‬ ‫* اضطراب‬
‫وش"‬ ‫َخ ْار َجة ُح ْ‬ ‫السارؽ‬ ‫اؼبقطع ‪II‬‬
‫ت َؽبا ما ِعْن َد ْك ِ‬
‫ش‬ ‫ت أ َُّمو قَالَ ْ‬‫‪ -‬سؤاؿ اػبادمة لألـ ‪" -‬لََق ْ‬ ‫‪ -‬استخبار‬
‫ُم ْخ نػَ َع َامة؟"‬ ‫اؼبتوالية‬
‫ت ؽبا ِعنِ ْدنَا"‬ ‫‪ " -‬قَالَ ْ‬ ‫‪ -‬إجابة األـ للخادمة‬ ‫‪ -‬إخبار‬ ‫السردية‬
‫حٌب تُ ُذوقِ ْيو"‬
‫ْش َّ‬ ‫ص ْدقَك ِ‬ ‫‪ -‬حيلة السارؽ للخادمة ‪ " -‬ما نْ َ‬ ‫‪ -‬خداع‬ ‫* ربوؿ‬ ‫الثانية‬
‫‪َ " -‬خ ْر َجت اػبدامة لِ َس ْاهنا"‬ ‫‪ -‬البداع اػبادمة باغبيلة‬ ‫‪ -‬البداع‬
‫لسانْػ َها"‬ ‫ض ْلها َّ ِ‬
‫السار ْؽ َ‬ ‫‪ "-‬قَ َّ‬ ‫‪ -‬قطع السارؽ للساهنا‬ ‫‪ -‬إساءة‬
‫ت لَ ْو"‬‫وش َك ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ت لِْل َملِ ْ‬ ‫اح ْ‬
‫‪ -‬عودة اػبادمة للملك ‪َ " -‬ر َ‬ ‫‪ -‬عودة‬ ‫* حل‬

‫ْما ْف‬ ‫‪ "-‬أَيَّس الَ ِم ْ ِ‬


‫لك م ْن َحك َ‬ ‫ْ‬ ‫‪ -‬يأس اؼبلك من‬ ‫‪ -‬افتقار‬ ‫* اضطراب‬
‫السا ِر ْؽ"‬
‫َّ‬ ‫اإلطاحة بالسارؽ‬ ‫اؼبقطع ‪III‬‬
‫ِ‬
‫س َعن َدبَّ ْار"‬ ‫الوِز ْير وب ّْو ْ‬
‫اح َ‬ ‫‪َ " -‬ر ْ‬ ‫‪ -‬حبث الوزير عن دبار‬ ‫‪ -‬انطالؽ‬ ‫* ربوؿ‬
‫‪َ "-‬م ْن ِِهبْيبلِي ال َس َارؽ نْػَزْو َج ْو بِْن ٍِب"‬ ‫‪ -‬حيلة الدبار واؼبلك‬ ‫‪ -‬خداع‬ ‫اؼبتوالية‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وج ْو بنتو"‬ ‫َّاـ النَّاس ي ْز َ‬ ‫‪ِ " -‬وع َده قُد ْ‬ ‫‪ -‬وقوع اؼبلك يف حيلتو‬ ‫‪ -‬البداع‬ ‫السردية‬
‫لذكاء السارؽ‬ ‫الثالثة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َو ْع َد ْه‬
‫ش اؼبلك َىبْل ْ‬ ‫‪" -‬ما قْد ِر ْ‬ ‫‪ -‬زواج السارؽ من بنت‬ ‫‪ -‬مكافأة‬ ‫* حل‬
‫وزْو َجو بِْنتَ ْو"‬
‫َ‬ ‫اؼبلك‬

‫‪012‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬حالتي االتصال واالنفصال في المتواليات‪:‬‬


‫‪ -‬المقطع األول والثاني‪:‬‬
‫بدأت اغبكاية الشعبية الٍب بْب أيدينا من حالة استقرار سبثل يف اؼبوقف االفتتاحي الذي سرد لنا‬
‫العالقة بْب اؼبلك ونعامتو الٍب يعاقب كل من يتهاوف يف العناية ّٔا " َكايِ ْن َملِ ْ‬
‫ك ِعْن َد ْه نَػ َع َامة َع ِز َيزة‬
‫اس ُوبُْر ُسوا فِ ْيها"‪ ،1‬وقد ربوؿ ىذا االستقرار التاـ إُف حالة من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عليو يَاس ْر‪،‬حٌب أنو كاف َداي ِرْؽبَا ُحَّر ْ‬
‫الال‪ -‬استقرار سببو االضطراب الذي حدث لسرقة النعامة وحالة اغبزف والغضب الشديدين للملك‪.‬‬
‫فتحولت بذلك حالة االتصاؿ إُف حالة انفصاؿ بْب اؼبلك ونعامتو‪ ،‬يف حْب حدث العكس بْب‬
‫السارؽ والنعامة‪ ،‬الذي اتصل دبوضوع قيمتو (اغبصوؿ على النعامة) بفضل ذكائو وانطواء حيلتو على‬
‫اؼبلك وحراسو‪.‬‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫النعامة (حالة افتتاحية)‬ ‫اؼبلك‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫النعامة (حالة هنائية)‬ ‫اؼبلك‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫النعامة (حالة بدئية)‬ ‫السارؽ‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫النعامة (حالة هنائية)‬ ‫السارؽ‬
‫فتكونت لنا حالة استقرار جديد سرعاف ما ربولت إُف عدـ استقرار يف اؼبتوالية الثالثة‪.‬‬
‫‪ -‬المقطع الثالث‪:‬‬
‫استمرت رحلة حبث اؼبلك عن نعامتو‪ ،‬فاتصل بدبار جديد يفك اللغز‪ ،‬فما كاف من الدبار إال‬
‫التضحية بابنتو‪ ،‬فقنوط اؼبلك جره للوقوع يف فخ السارؽ ؾبددا‪ ،‬فزوجو ابنتو واستعاد نعامتو‪ ،‬وربولت‬
‫وى َّكا َر َّج ْع ا َّ‬
‫‪2‬‬
‫لس َارؽ النعامة للملك وتزوج بنتو"‬ ‫حالة االنفصاؿ إُف حالة اتصاؿ من جديد" َ‬
‫وىنا لعب كل من اؼبلك والسارؽ دور الفاعلْب الذين يريداف االتصاؿ دبوضوع قيمة خاص‪،‬‬
‫فاؼبلك أراد استعادة نعامتو‪ ،‬يف حْب سبثل موضوع السارؽ يف الزواج من بنت اؼبلك‪ ،‬فكانت على‬
‫النحو التاِف‪:‬‬
‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪- 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪013‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫النعامة (حالة ختامية)‬ ‫اؼبلك‬
‫يف حْب انعكس الوضع بالنسبة للسارؽ الذي انفصل عن العامة واتصل ببنت اؼبلك‪.‬‬
‫حالة انفصاؿ(‪)‬‬
‫النعامة (حالة ختامية)‬ ‫السارؽ‬
‫حالة اتصاؿ(‪)‬‬
‫بنت اؼبلك (حالة ختامية)‬ ‫السارؽ‬
‫وعليو أمكن رسم اؼبسار اػبطي للحكاية ككل على النحو اآليت‪:‬‬
‫و‪.‬ؼ‪ .............................................. .‬ض>ت>ح > و‪.‬خ (ـ ‪)III‬‬

‫ض>ت>ح (ـ ‪)I‬‬

‫ض>ت>ح (ـ ‪)II‬‬

‫‪ ‬النموذج العاملي‪:‬‬
‫يتسم النموذج العاملي بالعمق مقارنة بعالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ يف كل متوالية‪ ،‬أو باؼبسار‬
‫اػبطي للحكاية ككل‪ ،‬وبالتاِف إذا قلنا أف موضوع اغبكاية ىو سرقة النعامة فإف دراستنا تكوف أكثر‬
‫سطحية فبا قد يكوف عليو اؽبدؼ اغبقيقي للراوي الشعيب‪ ،‬فالعالقة بْب اغباكم واحملكوـ ليست عالقة‬
‫سرقة أو زواج ‪-‬رغم أف ىذا ما أشار إليو الراوي يف عباراتو‪ -‬بل العالقة بينهما تعاًف قضايا اغبكم‬
‫والسلطة وتطبيق العدؿ بْب الناس‪ ،‬فاؼبلك يبدو ظاؼبا لرعيتو‪ ،‬وىذا ما أشار إليو الراوي يف طريقة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضَرْر"‪.1‬‬ ‫معاملتو غبراسو "حٌب أنو كاف َداي ِرْؽبَا ُحَّر ْ‬
‫اس ُوبُْر ُسوا ف ْيها ويقتلهم َكا ْف يَػ ْل َح ْق بيها َ‬
‫وما تغلب السارؽ على اؼبلك وسرقة نعامتو وتزوج ابنتو وعدـ سبكن اؼبلك دبا يبلك من حرس‬
‫من اؼبسك بالسارؽ ومعاقبتو إال رمز تعمد الراوي االطناب يف ذكره‪ ،‬فقد تغلب السارؽ على ملكو‬
‫أكثر من مرة وباءت كل ؿباوالت اؼبلك بالفشل " عفسن البػعايِر عن عرِمة الذىب ولَصق ِيف َك ِ‬
‫رعي ِه ْن‬ ‫َْ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ ْ‬
‫وى َّكا قَػتَل اؼبلك اغبُراس‬ ‫ب اؼبوجود يف َّ‬
‫الدار‪َ ،‬‬ ‫اؼباؿ و َّ‬
‫الذ َى ْ‬ ‫الس َارؽ ُك ْل ْ‬
‫ب"‪َ " ،‬ى ْربُوا اغبَُّراس و َسَرؽ َّ‬ ‫َّ‬
‫الذ َى ْ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ‪-‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪014‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َارؽ النعامة للملك وتزوج بنتو"‪،1‬‬ ‫ف َو ْع َد ْه َوزْو َجو بِْنتَ ْو‪َ ،‬‬
‫وى َّكا َر َّج ْع َّ‬ ‫والدبَّار"‪" ،‬ما قْد ِر ْ‬
‫ش اؼبلك َىبْل ْ‬
‫وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على رفض الراوي لطريقة معاملة اؼبلك لرعيتو‪.‬‬
‫فاؼبلك يف اغبكاية ىو شيخ القبيلة وكبّبىا‪ ،‬وىو اآلمر الناىي فيها‪ ،‬وىذا ليس دبشكلة أبدا حسب‬
‫رأي الراوي‪ ،‬فال بد من وجود كبّب للقبيلة لتنظيم شؤوهنا والشهر على راحة أىلها وحل مشاكلها‬
‫ونبومها ومساعدة من وبتاج اؼبساعدة وقضاء حاجة من لديو حاجة‪ ،‬لكن اػبلل يف عدـ تطبيق كل‬
‫ىذا‪ ،‬أو تطبيقو بشكل غّب صحيح‪ ،‬فبا يسبب الفرقة والشتات بْب أفراد القبيلة‪.‬‬
‫وىذه ىي العوامل الست اؼبكونة للنموذج العاملي‪:‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل‪ :‬ظلم اؼبلك لرعيتو‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبرسل إليو‪ :‬شيخ القبيلة وكبّبىا‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبساعد‪ :‬األوالد‪ ،‬اإلبل‪.‬‬
‫‪ -‬العامل اؼبعارض‪ :‬اؼبلك‪ ،‬اغبراس‪ ،‬الدبار‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبوضوع‪ :‬تطبيق العدؿ‬
‫‪ -‬الذات أو الفاعل‪ :‬السارؽ‬
‫شيخ القبيلة وكبّبىا‬ ‫تطبيق العدؿ‬ ‫الظلم‬

‫اؼبلك‪ ،‬اغبراس‪ ،‬الدبار‬ ‫السارؽ‬ ‫األوالد الصغار‪ ،‬األبل‬

‫فقد لعب ظلم اؼبلك لرعيتو دور اؼبرسل الذي أثر يف السارؽ ليتصل باؼبوضوع أال وىو تطبيق‬
‫العدؿ‪ ،‬الذي كاف يف األصل منفصال عنو‪ ،‬وقد قبح يف ذلك يف األخّب ؼبا اعَبؼ اؼبلك بالسارؽ‬
‫وزوجو ابنتو واستعاد نعامتو‪ ،‬الٍب مثلت السلطة‪ ،‬ألف تعلقو ّٔا شديد‪ ،‬وكانت اػباسبة بأف استعادىا‬
‫ولكن بشكل جديد يبتاز بالعدؿ واإلنصاؼ بْب أىل القبيلة‪ ،‬ألنو زبلى عن ابنتو وزوجها للسارؽ يف‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ‪-‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪015‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إشارة من الراوي بعودة اغبكم لصاحبو ولكن بطريقة إهبابية حْب اعَبؼ بأخطائو‪ ،‬وقد استفاد‬
‫السارؽ من مساعدة األوالد واألىل يف حْب اعَبض طريقو كل من اؼبلك وحرسو‪.‬‬
‫‪ ‬المربع السيميائي‪:‬‬
‫وباكي اؼبربع ؾبموعة من العالقات الٍب تتكوف من خالؿ أبعاد داللية يرظبها اؼبسار السردي‬
‫للحكايات‪ ،‬واغبكاية الٍب بْب أيدينا هتدؼ إُف تطبيق العدؿ واإلنصاؼ يف العالقة بْب شيخ القبيلة‬
‫وكبّبىا واألىاِف‪ ،‬وعالقة االتصاؿ واالنفصاؿ مهمة ؼبعرفة البعد الدالِف الرئيس‪ ،‬فكيف بدأت‬
‫تمت‪ ،‬ىنا نقوؿ بأف البعد الدالِف للحكاية ىو الظلم‪ ،‬أي ظلم قائد القبيلة كبّبىا‬
‫اغبكاية وكيف ُخ َ‬
‫لألىل حْب استغل مكانتو فيها ليتسلط على األىل ويهضم حقوقهم‪ ،‬وما يتضاد معو ىو الدؿ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫واإلنصاؼ حْب ختم الراوي اغبكاية بزواج السارؽ وعودة النعامة ؼبلكها "ما قْد ِر ْ‬
‫ش اؼبلك َىبْل ْ‬
‫الس َارؽ النعامة للملك وتزوج بنتو"‪ 1‬وىي رمز لعودة السكينة واألماف‬ ‫َو ْع َد ْه َوزْو َجو بِْنتَ ْو‪َ ،‬‬
‫وى َّكا َر َّج ْع َّ‬
‫وهناية الصراع بْب األىل وكبّبىم‪.‬‬

‫‪ -‬وعليو يكوف اؼبربع كما يلي‪:‬‬


‫عالقة تضـــــــاد‬
‫عدل‬ ‫ظلم‬
‫عالقة استتباع‬

‫تناقض‬ ‫عالقة‬

‫ال ظلم‬ ‫ال عدل‬

‫تتشكل من خالؿ اؼبربع السيميائي ؾبموعة من العالقات على النحو اآليت‪:‬‬


‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬بْب ‪‬ظلم‪ ،‬عدؿ‪ – ‬وبْب ‪‬العدؿ‪ ،‬ال ظلم‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة تناقض‪ :‬بْب ‪‬ظلم‪ ،‬ال ظلم‪ ، ‬عدؿ‪ ،‬ال عدؿ‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة استتباع‪ :‬بْب ‪‬ظلم‪ ،‬ال عدؿ‪ ، ‬عدؿ‪ ،‬ال ظلم‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪016‬‬
‫المسارات السردية للحكايات‬ ‫الفصل الثاني‬

‫خاتمة الفصل‪:‬‬
‫يف خاسبة ىذا الفصل خرجت دبجموعة من النتائج واالستنتاجات أنبها‪:‬‬

‫‪ -‬يف اغبكاية اػبرافية يكوف عدد الوظائف اؼبمثلة لكل متوالية سردية أكثر فبا ىو عليو يف اغبكاية‬
‫الشعبية‪ ،‬نظرا الحتوائها عددا أكثر من الشخصيات‪ ،‬ىذه األخّبة الٍب تقوـ بالوظائف يف اؼبسار‬
‫السردي للحكاية‪ ،‬وبالتاِف كلما زاد عدد الشخصيات زاد عدد الوظائف يف كل متوالية‪.‬‬

‫‪ -‬سبثل وظيفة (حاجة أو شعور بالنقص أو افتقار) ركيزة أساسية يف التكوين الوظائفي غبكايات‬
‫اؼبدونة‪ ،‬فلم تأيت ىذه الوظيفة ‪-‬رغم اختالؼ تسميتها وطريقة القياـ ّٔا‪ -‬عبثا‪ ،‬فدالالهتا قوية يف‬
‫تكوين شخصية الفرد السويف الذي من طبعو ربدي الصعاب من قساوة الطبيعة والظروؼ اؼبناخية‬
‫وصعوبة كسب القوت والعيش‪ ،‬إال أنو غالبا ما يتغلب عليها رغم نقص اإلمكانات‪ ،‬فاغباجة وإف‬
‫بدت بسيطة يف نصوص اغبكايات‪ ،‬إال أف الفرد السويف متعايش معها يف واقعو وحياتو اليومية‪.‬‬

‫‪ -‬العامل أكثر اتساعا ومشولية من الشخصية‪ ،‬فالعامل قد يكوف إنسانا‪ ،‬حيوانا أو بعدا معنويا أو‬
‫ماديا‪ ،‬يف حْب تبقى الشخصية متحركة ناطقة ؿبافظة على بعدىا اإلنساين أو اغبيواين غالبا‪ ،‬واؼبقارنة‬
‫بْب كل من الشخصية والعامل يف أصناؼ القصص اؼبكونة للمدونة‪ ،‬نرى بأف األوُف – أي‬
‫الشخصية – لعبت دورا أكبا يف اؼبسار السردي للحكايات‪ .‬فقد تنوعت الشخصيات (العائلة‪،‬‬
‫الزوج‪ ،‬األب‪ ،‬الصيد‪ ،‬الغوؿ‪ ،)....‬يف حْب قبد من العوامل القليلة (اغبب‪ ،‬اؼبرض‪ ،‬الظلم‪.)..‬‬

‫‪ -‬سبثل بنية التضاد يف مسار اغبكايات رمزا من الرموز اؼبمثلة للثنائية الضدية الرئيسية (خّب‪-‬شر)‪،‬‬
‫ففي كل اغبكايات قبد بأف الراوي ينقد ويعاًف ظاىرة اجتماعية‪ ،‬إنسانية‪ ،‬أخالقية‪ ....‬قد تفشت يف‬
‫آّتمع حينها‪ ،‬ظاىرة سلبية مثلت جزءا من البعد الثاين (شر) يف‪( :‬الظلم‪ ،‬الغدر‪ ،‬الكبت‪ ،‬التمييز‪،‬‬
‫االحتالؿ)‪ ،‬وىي يف اغبقيقة الظاىرة اؼبوجودة يف واقع الراوي‪ ،‬وأما البعد الثاين اؼبمثل ل ػ (خّب)‪ ،‬فهو‬
‫مرسخ يف خيالو وما يصبو إليو يف اؼبستقبل (عدؿ‪ ،‬وفاء‪ ،‬حرية‪ ،‬إنصاؼ‪.)...‬‬

‫‪017‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫األبعاد الداللية للحكايات‬

‫والصي ْد"‬
‫"ج ْبـ َره ِّ‬
‫‪ -1‬حكاية َ‬
‫‪ -2‬حكاية "غُ ُرو ْد َعالْيَة"‬
‫"عي َشة والغُولِي"‬ ‫‪ -3‬حكاية ِ‬
‫حكاية "لُـ ــونْ َجة"‬ ‫‪-4‬‬
‫يص والغُولِيَّة"‬ ‫ِ‬
‫حكاية "النِّص ْ‬ ‫‪-5‬‬
‫حكاية " َش َرف ْام َرأَة"‬ ‫‪-6‬‬
‫يب"‬ ‫حكاية "ال َق ْنـ ُفو ْد ِّ‬
‫والذ ْ‬ ‫‪-7‬‬
‫"الدقْـلَة َو ُّ‬
‫الذ َّك ْار"‬ ‫حكاية ِّ‬ ‫‪-8‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫ىذا الفصل امتداد للفصل السابق يف كيفية دراستو للبنية العميقة للحكايات‪ ،‬وقد استنتجت‬
‫األبعاد الداللية من خالؿ الثنائيات الضدية الٍب تطرؽ إليها كلود ليف سَباوس‪ ‬حْب دراستو‬
‫لألساطّب‪ ،‬الٍب وجد بأهنا ربوي عددا ال متناىيا من اؼبتضادات على شكل ثنائيات ضدية‪ ،‬وقد‬
‫الحظت بأف كل الثنائيات وغّبىا ما ىي إال صورة من الصور احملدودة لألبعاد الداللية التالية‪:‬‬
‫اجتماعية‪ ،‬إنسانية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬دينية‪ ،‬أخالقية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬فكرية أو سياسية‪ ،‬كما قد قبدىا مزهبا بْب‬
‫الدينية واألخالقية‪ ،‬أو بْب االجتماعية واإلنسانية أو الفكرية الفلسفية‪.‬‬

‫يف الفصل اآليت‪ ،‬درست كل حكاية على حدى‪ ،‬وىذا يف ؿباولة مِب إُف الربط بْب اؼبسار السردي‬
‫لكل حكاية وبْب األبعاد الدالة اؼبكونة ؽبا‪ ،‬تلك األبعاد الٍب يرظبها الراوي ربت أسطر اغبكاية وبْب‬
‫ثنايا ألفاظو الٍب يرويها مشافهة للمستمعْب وللدارسْب ؽبذا الصنف من األدب الشعيب‪ ،‬فاغبكاية‬
‫الواحدة تعاًف ؾبموعة من الدالالت ولو أف موضوعها الرئيس واحد‪ ،‬إال أف الراوي وبيطها بعدد‬
‫ؿبدود من القضايا الٍب ؽبا صلة دبوضوعها الرئيس‪ ،‬فمثال يف حكاية "لوقبة" يعاًف الراوي قضية‬
‫اجتماعية مهمة أال وىي الزواج‪ ،‬إال أف اؼبتمعن بْب سطورىا هبد دالالت أخرى مهمة مثل‪ :‬بعد ديِب‬
‫متمثل يف اغبج‪ ،‬بعد اجتماعي متمثل يف تعدد الزوجات‪ ،‬بعد إنساين متمثل يف الظلم واغتصاب‬
‫حقوؽ البنت من العائلة‪.‬‬

‫وحٌب أمتلك القدرة على ربديد دالالت كل حكاية يف بنيتها العميقة‪ ،‬وجب ربديد رموز‬
‫وشيفرات كل حكاية لتحليلها وفك رمزىا وإجالء الغموض من حوؽبا‪ ،‬وىنا أعدد القراءات اؼبمكنة‬
‫لكل عالمة ورمز موجود‪ ،‬وفق منطور القارئ وسرد الراوي واؼبقابالت الشفوية اػباصة بكل موضوع‬
‫واالعتماد على عدد من الكتب واؼبراجع اؼبؤرخة لتاريخ اؼبنطقة‪ .‬بعد ذلك أعدد األبعاد الداللية لكل‬
‫‪‬‬
‫وزبرج يف كلية اغبقوؽ عاـ ‪ ،1931‬مث التحق بالبعثة اعبامعية‬ ‫‪ -‬كلود ليفي شَباوس‪ :‬باحث أنثروبولوجي فرنسي‪ ،‬تلقَّى تعليمو اعبامعي يف السوربوف َّ‬
‫الفرنسية يف البازيل حيث أصبح أستاذاً لعلم االجتماع يف جامعة ساو باولو يف الفَبة ‪ 1935‬ػ ‪ ،1939‬وىي الفَبة الٍب قاـ فيها بعمل أحباث حقلية‬
‫إثنوجرافية بْب قبائل البورورو يف وسط البازيل والٍب على أساسها أقاـ نظريتو يف علم األساطّب‪ ،‬ويعد من أبرز أعمدة الفكر البنيوي‪ ،‬ولو كتب عدة‬
‫منها‪ :‬األبنية األولية لعالقات القرابة‪ ،‬األنثروبولوجيا البنيوية‪ ،‬مث صدرت لو ؾبموعة من الدراسات بعنواف األساطّب أو مقدمة لعلم اؼبيثولوجيا‪.‬‬
‫‪001‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫حكاية وأصنف نوعها من بْب األصناؼ اؼبذكورة سابقا‪ ،‬وأذكر رأي الراوي يف الواقع اؼبعاش‪ ،‬ومنظوره‬
‫ؼبا يراه مناسبا يف اؼبستقبل‪.‬‬

‫وقبل اػبوض يف غمار النصوص السردية غبكايات اؼبدونة اؼبدروسة‪ ،‬نتوقف عند البنية العميقة الٍب‬
‫غالبا ما تأيت يف صورة معاكسة للمكونات السطحية للنص حبيث يصبح العمق مرىونا دبفهوـ‬
‫الداللة‪ 1‬الٍب بفضلها نتعمق يف داخل النص الذي يفضي بدوره إُف عدد من الثنائيات اؼبتقابلة فيما‬
‫بينها لتعكس لنا األبعاد الداللية وبالتاِف البنية العميقة‪ .‬فعلم الداللة يدرس قضية اؼبعُب يف تطوراتو‬
‫وتغّباتو وبنيتو‪ 2‬ؤّذا تتحدد لنا مدلوالت النصوص وتطوراهتا وفق تسلسل زمِب منطقي‪.‬‬

‫‪A.J. Greimas; J.Courtés; Dictionnaire raisonné de la théorie du langage hachette; Paris; - 1‬‬
‫‪1993; p295.‬‬
‫‪ - 2‬فايزة ىبلف‪ ،‬مناىج التحليل السيميائي‪ ،‬دار اػبلدونية‪ ،‬اعبزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪000‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫صي ْد"‬
‫"ج ْبـ َره وال ِّ‬
‫‪ -1‬حكاية َ‬
‫كثّبا ما تُضطَهد اؼبرأة يف آّتمع السويف قديبا ‪ -‬واغبديث ىنا عن اؼبرأة اؼبتزوجة – فال يقتصر‬
‫دورىا يف القياـ باؼبهاـ االجتماعية يف الَببية والقياـ بالواجبات اؼبنزلية والزوجية‪ ،‬فهي ترعى الغنم‬
‫وتسقي الزوع وتنسج‪ ...‬إذ تلعب دورا اقتصاديا ىاما تقدمو يف غفلة من آّتمع مع عدـ االعَباؼ‬
‫بذلك يف معظم األحياف من الرجاؿ‪ 1‬وخصوصا من الزوج الذي يفَبض بو أف وبميها ويسندىا حْب‬
‫تتعرض ؼبثل ىذه اإلىانات‪ .‬لكن العكس من ذلك الذي وبدث سباـ‪ ،‬فالزوجة ال تأكل يف حضور‬
‫زوجها‪ ،‬وإذا ذبرأت على طلب شيء ما قد يكوف ذلك سببا يف طالقها‪ 2‬ألف معاقبتها بالعتاب‬
‫والتوبيخ أصبح شيئا عاديا ومألوفا عند الكثّب من العائالت واألسر آنذاؾ‪.‬‬

‫وألف النساء يتزوجن يف سن مبكرة جدا وحٌب قبل البلوغ يف عديد اؼبرات‪ ،‬وقد يكوف بيت‬
‫زوجها يف مكاف بعيد جدا عن بيت أىلها فبا يؤدي إُف غيأّا عنهم سنوات طويلة‪ ،3‬فال تتعود‬
‫الزوجة على بيت زوجها الذي ىو يف األصل بيت العائلة الكبّبة ألف الشاب إذا تزوج بقي يف بيت‬
‫أبيو سنوات طويلة فبا يزيد من مسؤوليات الزوجة ذباه زوجها وأىلو‪ ،‬فتجد من اؽبروب سبيال وـبرجا‬
‫من الظلم واالحتقار الذي تتعايش معو كل يوـ‪.‬‬

‫يصور الراوي ىذه الظاىرة يف حكاية (جبه)الٍب فرت من بيت زوجها بعد أف أغضبها‬
‫‪4‬‬ ‫ت الَمرا مع ر ِ‬
‫اجل َْها" فاليتيمة َف ذبد ؽبا مفرا سوى بيت ّْ‬
‫(الصي ْد)‪ ،‬فمن ىو ىذا األخّب؟ وما‬ ‫"تْـ َع ْارَك ْ َ َ َ َ َ‬
‫رمزيتو يف اؼبسار السردي للحكاية؟‬

‫إف أكثر ما ىبشاه األب حْب يزوج ابنتو ىو أف تعود إليو ىاربة من بيت زوجها أو مطلقة‪،‬‬
‫ففي اغبكاية رمز الراوي إُف البطلة بأهنا يتيمة‪ ،‬وىو ىنا ال يقصد اليتم دبعناه اللغوي أو االصطالحي‬

‫‪ - 1‬علي غنابزية‪ ،‬ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية‪ ،‬دار ىومة ‪ ،‬اعبزائر‪ ،2017 ،‬ص ‪534‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ .‬ف‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.535‬‬
‫‪ - 4‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪001‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الذي يفسر بفقداف أحد الوالدين أو كالنبا‪ ،‬كال‪ ،‬وإمبا يقصد أف البطلة َف ذبد أحدا من عائلتها‬
‫تستند عليو يف ؿبنتها ويقف جبانبها مساعدا ؽبا ومؤازرا‪ ،‬واليتم ىنا سبثل يف تلك العادات والتقاليد‬
‫ضَرب اؼبرأة أو الزوجة وهتاف ألتفو‬
‫القاسية الٍب كبلت اؼبرأة السوفية وسلبتها حقوقها اؼبشروعة‪ .‬فقد تُ ْ‬
‫األسباب‪ ،‬وقد تُطلق إذا كانت عقيما أو تنجب البنات بدؿ الذكور‪.1‬‬

‫اليتم‬

‫العادات والتقاليد الظاؼبة واؽباضمة غبقوؽ اؼبرأة‬ ‫رفض أفراد العائلة مساندة البنت‬

‫وبالعودة إُف نص اغبكاية قبد أف (جبه) قد ىربت مع خادمتها من بيت زوجها إُف بيت‬
‫الصي ْد – تعِب األسد‪ ،‬وىي ليومنا ىذا يطلقها األب على ابنو‬
‫(الصيد)‪ ،‬وىذه اللفظة األخّبة – ّْ‬
‫الصغّب تفاخرا بو ومدحا لو ليكوف كاألسد يف القوة والشجاعة حْب يكب‪.‬‬

‫(الصي ْد) يف صورتو الظاىرية يعِب القوة واعببوت واؼبلك والسيطرة‪ ،‬ذلك الرجل الذي يَببع على‬
‫ّْ‬
‫مكانة مرموقة يف آّتمع بسبب مالو غالبا‪ ،‬فقد يبلك غابات النخيل وقطيع اإلبل واألغناـ وذرية‬
‫كثّبة من الشباب والكهوؿ وبيطوف بو ويعملوف يف أرضو وغنمو وغاباتو‪ ،‬كما قد يكوف متزوجا‬
‫ألكثر من امرة واحدة‪ .‬أما يف صورتو الباطنية‪ ،‬فقد يكوف معروفا بالكرـ والشجاعة وحفظ األمانة‬
‫والعدؿ "معروؼ بالرجلة والنيف كما قالت ِف الراوية"‪ ،‬فهو ىنا يبثل وجهْب لعملة واحدة (شخصية‬
‫خّبة متواضعة وأخرى شريرة متكبة)‪.‬‬

‫الصي ْد‬
‫ّْ‬

‫اؼبلك واعببوت والسيطرة بسبب اؼباؿ‬ ‫ظبات الشجاعة والكرـ واألمانة والعدؿ‬
‫(شخصية شريرة)‬ ‫(شخصية خّبة)‬

‫‪ - 1‬علي غنابزية‪ ،‬ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية‪ ،‬ص ‪.536‬‬
‫‪002‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫اف"‪ 1‬واستقبلهم‬ ‫ضيَ ْ‬ ‫بش ي ُكونُوا عنده ِ‬ ‫ِ‬ ‫" ِم َ‬


‫الصي ْد وطَلَبُوا منَّو ْ َ‬ ‫ارة ِّ‬
‫ت جبره والخدامة للغابة لمغْ َ‬ ‫ش ْ‬
‫ين‪ُ ،‬كل‬ ‫ِ‬ ‫الصيد حبفاوة بالغة وأحسن مثواىم وأكرمهم "قَالَل ُْه ْم َم َر ْحبَا بِي ُك ْم ت َف ْ‬
‫اس والع ْ‬ ‫الر ْ‬ ‫لوا عن َّ‬ ‫ضُ‬
‫يجيبِل ُْه ْم وعُ ُم َرْه َما قَـ َّرب ِم ْنـ ُه ْم"‪ 2‬وىذه صورة للكرـ الذي يُعرؼ بو أىل البادية يف‬ ‫وم يِ ِ‬
‫صي ْد ِو ْ‬ ‫يُ ْ‬
‫سوؼ قديبا‪ ،‬فالضيف عندىم ضيافتو واجبة لثالثة أياـ‪ ،‬فيذبح لو اؼبضيف من غنمو ويُش ِربُو من‬
‫سكنو خيمتو‪ ،‬وقد أشار الراوي إُف مدة سبعة أياـ "وبَـ ُقوا ِع ْن َد ْه َسبَ ْع أَيَّ ْام"‪ 3‬وىذا‬ ‫حليب نوقو وي ِ‬
‫ُ‬
‫تقديسا للعدد سبعة الذي يأخذ أبعادا ثقافية وفكرية كثّبة عندىم‪.‬‬

‫ورغم أف (الصيد) كاف وحيدا‪ ،‬إال أنو َف يفكر قط يف أف يلمس البنت أو يتعدى عليها‪ ،‬رمزا‬
‫لألخالؽ اغبميدة والتدين الشديد الذي عُ ِر َ‬
‫ؼ عند سكاف البوادي من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فهي‬
‫إشارة إُف أف الرجل إذا تزوج ابتعد عن أىلو سبعة أياـ كاملة تقيدا بالعادات والتقاليد اؼبوروثة عب‬
‫األجياؿ يف اؼبنطقة‪ ،‬وإذا دخل بيت األىل دخلو ليال وخرج منو فجرا‪ ،‬ىذا ألنو يتزوج يف بيت العائلة‬
‫وال ينفرد وحيدا‪ ،‬وىي كذلك من عادات األىل ىنا‪ ،‬قديبا بالطبع‪.‬‬

‫حبيث "يتحاشى الزوج أىلو سبعة أياـ كاملة يف عرسة"‪.4‬‬

‫ِ‬
‫وم الصباح بَ ْك ِري يِصي ْد ويَـ ْر َج ْع عُ ُق ْ‬
‫ب‬ ‫ويف إشارة لكالمنا يف نص اغبكاية قاؿ الراوي‪" :‬يُ ْخ ُر ْج ُك ْل يُ ْ‬
‫‪5‬‬
‫يل"‬
‫اللّ ْ‬
‫العدد سبعة (‪)7‬‬

‫ابتعاد الزوج عن بيت أىلو‬ ‫رمز للكرـ وحسن الضيافة‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪ .230-216‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬بن ساَف بن ىادؼ‪ ،‬سوؼ تاريخ وثقافة‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫‪ - 5‬ملحق بالقصص الشعيب ‪ ،‬ص ص ‪230-216‬‬
‫‪003‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ونسَبسل يف البنية العميقة للحكاية يف جزئها الثاين الذي بدأ حْب ندـ الزوج عن إغضاب زوجتو فبا‬
‫اب نَِر َّج ْع َم ْرتِي"‪.1‬‬ ‫ب َو َح َكالَ ْو قِ ْ‬
‫صتَو وقَالَّ ْو َح ْ‬
‫ِ ِ‬
‫تسبب يف ىرؤّا "راَ ْح للَّطال ْ‬
‫ففي الكثّب من مواقف اغبياة ومشاكلها يستنجد الناس بالكبار من القبيلة وشيوخها "فهم الذين‬
‫ب) الشخصية اؼبتدينة‪ ،‬كما قد يبثل إماـ مسجد‬ ‫يتحكموف يف زمامها"‪ 2‬وقد رمز لو الراوي ب ػ (الطَّالِ‬
‫ْ‬
‫يف بعض األحياف‪.‬‬

‫الطالب‬

‫إماـ اؼبسجد‬ ‫الشيخ الرئيس الذي يدير شؤوف القبيلة‬

‫وما يُظ ِهر تدين شخصية (الطالب) ىو رده على الزوج "والصلح خّب"‪ ،‬أما الكرـ فهو ظبة أىل‬
‫ب ِج ْبتِل َْها‬ ‫ِ‬
‫(سوؼ) الذي ؼبح لو الراوي باؽبدية الٍب ّٔا يطيب اػباطر وتطهر اعبراح "قَالَّ ْو الطَّال ْ‬
‫َى ِديَّة‪.. .‬ثُ ْ‬
‫وب َح ِر ْير"‪.3‬‬

‫ب لِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫مث انطلقا إُف (الصيد) إلرجاع الزوجة إُف بيتها " ِ‬
‫وم ِشي َّ ِ‬
‫الراج ْل والطَّال ْ‬
‫‪4‬‬
‫لسبَ ْع"‬

‫إف قعود (الصيد) أما مدخل مغارتو داللة على أخالقو اغبميدة‪ ،‬فهو يعرؼ أنو إذا دخل إُف اؼبغارة‬
‫فقد ُىب ِطئ البعض يف فهمو ويتهم البطلة يف عفتها ويتهمها يف شرفها‪ ،‬فبقى جالسا خارجا حاميا ؽبا‬
‫‪5‬‬
‫اب الَمغَ َارة"‬ ‫ولشرفها "لْ ُقوا ّْ ِ ِ‬
‫الصي ْد قَاع ْد ح َذا بَ ْ‬
‫الصي ْد‬
‫ّْ‬

‫شخصية ربمي اؼبرأة من كيد الكائدين‬ ‫شخصية ؿبافظة على حدود اهلل‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب ‪ ،‬ص ص ‪230-216‬‬


‫‪ - 2‬علي غنابزية‪ ،‬ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية‪ ،‬ص ‪.440‬‬
‫‪ - 3‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪004‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ربط الراوي بْب ثنائيتْب ضديتْب نبا (القرآف‪ -‬الشيطاف) وىذا كي يظهر لنا الراوي الصراع‬
‫اؼبستمر والدائم بْب اػبّب والشر‪ ،‬صراع مستمر حٌب يرث اهلل األرض ومن عليها‪ ،‬وقد سبثل الصراع يف‬

‫اؼبسار اغبكائي يف النص‪ ،‬إذ قرف بْب القرآف والصلح والرضى يف " ِو ْ‬
‫ش َجابْ ُك ْم يَا َح َملة ال ُقرآن"‪ 1‬أما‬
‫الم َرا الشيطان وترجع"‪ 2‬رغم ذلك َف‬ ‫الشيطاف فقد ربط بينو وبْب الغضب واللعنة " ِجينَا بِ ْ‬
‫ش تَـلَ َع ْن َ‬
‫يوافق (الصيد) على طلب الزوج إال بعد استشارة صاحبة الرأي والقرار رغم حضور شخصية الطالب‬
‫اؼبوسومة بالدين واألخالؽ والقرآف‪ ،‬ف ػ (جبه) ىي صاحبة الرأي والقرار‪ ،‬فهي اؼبسؤولة األوُف واألخّبة‬
‫الصي ْد َرانِي ُم َوافَ ْق لَ ِك ْن َال ِزْم نِْن ِش ْد َىا"‪.3‬‬ ‫على ازباذ قراراهتا اؼبصّبية يف اغبياة "قَ ْ‬
‫ال ِّ‬

‫من مالمح ىذه الصورة يف نص اغبكاية‪ ،‬ىو تقدـ الرجل رفقة الطالب اؼبوسوـ باػبلق اغبميد‬
‫الذي وبفظ كتاب اهلل ويتبع سبيلو‪ ،‬وىذه صورة من صور تقدـ الشاب حْب ىبطب فتاة من أبيها‪،‬‬
‫صورة وببذ الراوي بلوغها يف وسط آّتمع‪ ،‬لكن عكس ذلك ما ينتشر غالبا‪ ،‬حْب قبد اؼباؿ ىو‬
‫اؼبقياس الرئيس يف اػبطوبة‪ ،‬فأىل الفتاة يفضلوف صاحب اؼباؿ الوفّب على صاحب اػبلق‪ ،‬وكالمنا‬
‫ىنا ال نعيب بو أصحاب اؼباؿ واألغنياء من األىل‪ ،‬بل نقوؿ بأف اؼباؿ ىو اؼبقياس وليس األخالؽ‪،‬‬
‫فهذا الدكتور علي غنابزية يف كتابو "ؾبتمع وادي سوؼ" قد أشار إُف ذلك حْب قاؿ بأف "الرجل‬
‫يتقدـ إُف البنت وقد يكوف يكبىا دبرحلة مهمة من العمر خاصة إذا كاف يبلك غابة لبل أو تاجر‬
‫‪4‬‬
‫ثري"‬

‫اػباطب‬

‫صاحب ماؿ‬ ‫صاحب خلق ودين‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬علي غنابزية‪ ،‬ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية‪ ،‬ص ‪.529‬‬
‫‪005‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وقد فضل الراوي صاحب اػبلق والدين وإف كاف فقّبا على الرجل الغِب‪ ،‬فالناس يؤمنوف بأف اهلل ىو‬
‫اؽبادي‪ ،‬وال يثقوف بأنو ىو الرزاؽ وحده تعاُف‪ ،‬والكالـ ىنا موجو ألىل العروس‪ ،‬الذين إذا تقدـ‬
‫إليهم رجل فقّب وكاف صاحب خلق ودين‪ ،‬ما أرادوه زوجا البنتهم حبجة فقره‪ .‬يف حْب يفضلوف الغِب‬
‫ولو سيء خلقو‪ ،‬سيقولوف‪" :‬يهديو اهلل"‪ .‬فاؼبمايزة بْب اػبطاب شائعة يف أوساط سوؼ قديبا‪،‬‬
‫فالفقّب ال يرزقو اهلل‪ ،‬يف حْب الغِب يهديو اهلل ‪ ‬وىذا إف دؿ على شيء‪ ،‬إمبا يدؿ على العادة‬
‫اؼبنتشرة آنذاؾ يف وادي سوؼ‪ ،‬حْب تتزوج البنت رجال غنيا يكبىا سنا طمعا يف اغبياة اؽبنيئة‬
‫والسعيدة معو لتوفر اؼباؿ الذي يسهل عليها حياة الَبؼ‪.‬‬

‫وما وببذه الراوي ىو استشارة البنت يف شؤوف حياهتا الصغّبة والكبّبة خاصة يف اختيار شريك‬
‫اغبياة‪ ،‬ألف الواقع وباكي عكس ذلك سباما‪ ،‬فكثّبا ما تتم اػبطبة بْب األولياء بدوف علم أصحاب‬
‫الشأف أال وىو الولد والبنت‪ ،‬بل نبا آخر من يعلما باألمر‪ .1‬وىذا ما يؤدي إُف مستقبل غامض‬
‫وينذر باؼبشاكل الزوجية ألف ىذه العادة يف اػبطبة ال تبشر بالتوافق التاـ بْب الزوجْب‪.‬‬

‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وش ُكَر ْ‬
‫اؼبرا ورجعت ل َد ْارَىا ُ‬
‫ت َ‬ ‫رجعت الزوجة إُف بيت زوجها وطويا صفحة اػبالؼ بينهما "قْبػلَ ْ‬
‫الصي ْد"‪ 2‬وسهرا حوؿ إبريق من الشاي‪ ،‬ىذه العادة اؼبنتشرة يف كل بيت سويف "فوادي سوؼ كلها‬ ‫ّْ‬
‫تشرب الشاي وىو منتشر يف كل األماكن والديار‪ ،‬وإذا دخلت أي باب فإف أىلو ال يسألونك ماذا‬
‫تشرب‪ ،‬بل يقدموف لك صينية الشاي مباشرة"‪ 3‬ويزاؿ الشاي إُف يومنا ىذا من أبرز ما يبيز مائدة‬
‫العائلة يف اؼبساء ويف السهرات سواء حوؿ كانوف اعبمر أو حوؿ مائدة داخل الغرؼ‪ .‬حينها مدحت‬
‫البطلة آويها أيبا مدح وأيبا ثناء "المرا تُ ْش ُكر وتعِا ِو ْد قَ َد ِ‬
‫اش خ ْير َجابِل َْها وقَ َّد ْ‬
‫اش ُم ْحتَ ِرْم َها‪ ،4"...‬وَف‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬
‫تدر بأف (الصيد) يسمع كالمها حينما ذكرت أحد خصالو السيئة‪.‬‬

‫‪ - 1‬علي غنابزية‪ ،‬ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية‪ ،‬ص ‪.526‬‬
‫‪ - 2‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230-216‬‬
‫‪ - 3‬حساف اعبيالين‪ ،‬قصة العودة‪ ،‬ص ‪.227‬‬
‫‪ - 4‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230-216‬‬
‫‪006‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫اعة" أي أف للجدراف أذاف‪ ،‬فال تتحدث دبا وبدث لك اؼبشاكل‬


‫يقوؿ أىل (سوؼ) قديبا "اغبُيُو ْط َظبَّ َ‬
‫أو تقوؿ شيئا سيئا يف أحد‪ ،‬فقد يسمع كالمك ويصلو غيبتك لو بأي طريقة‪ ،‬مثل شعيب يلخص‬
‫اغبالة الٍب وقعت فيها بطلة اغبكاية دوف أف تدري‪ ،‬وىذا تطبيقا غبديث النيب الكرًن ‪-‬صلى اهلل عليو‬
‫ت‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وسلم‪ -‬حْب قاؿ‪َ  :‬م ْن كا َف يػُ ْؤم ُن باهلل واليَػ ْوـ اآلخر فَػ ْليَػ ُقل َخْيػًرا أو ليَص ُم ْ‬

‫يف مقابل فرحو الشديد باؼبديح‪ ،‬حزف (الصيد) حزنا كبّبا على ما ظبعو من (جبه) حْب ذمتو‪ ،‬فثنائية‬
‫(فرح‪-‬حزف) صورت الشخصية السوفية الٍب ال تتأثر باؼباديات كثّبا مقارنة بالكالـ اعبارح‪ ،‬فما ضاع‬
‫من ماديات قد نسَبجعو من جديد‪ ،‬أما الكالـ اعبارح فهو قاتل ال يصلحو اؼباؿ‪ ،‬والراوي ػبص ىذه‬
‫اػبصاؿ باألبيات الشعرية الٍب أبدع فيها بتصوير خلق سيء وجب التخلص منو (الغيبة والنميمة)‪:‬‬

‫ُك ْل َجَر ْح يَػ ِْبى يَا َجْبػَره (كل اعبراح تبؤ)‬

‫ضمد)‬ ‫الض ِم َ‬
‫يدة (كل اعبراح تٌ َّ‬ ‫وُك ْل َجَر ْح تَػ ْه َو ْاه ّْ‬

‫َكا ْف َك ْل ِمة ُّ‬


‫السوء َما تَػْبػَرى (إال كلمة السوء ال تبؤ)‬

‫صبَ ْح ِيف ال َق ْلب ِج ِد َ‬


‫يدة (كل يوـ تتجدد يف القب)‬ ‫وـ تُ ْ‬
‫ُك ْل يُ ْ‬
‫ػبص الراوي يف ىذه اغبكاية عددا من األبعاد الداللية اؼبختلفة‪ ،‬وىذا انطالقا من البنية العميقة‬
‫للنص السري الٍب ارتكزت حوؿ العالقة بْب الشخصيات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬جبه وزوجها‪ :‬كانت عالقة اتصاؿ مث انفصاؿ مث اتصاؿ من جديد‪ ،‬وىي صورة للعالقات الزوجية‬
‫بْب أفراد آّتمع السويف‪ ،‬وطريقة معاملة الرجاؿ للنساء بصفة عامة‪.‬‬

‫‪ -‬جبه والصيد‪ :‬رمز للفرد السويف صاحب اػبلق اغبميد‪ ،‬الرجل الذي يوفر األمن والطمأنينة للمرأة‬
‫السوفية الٍب عانت من اضطهاد جنس الرجاؿ عامة والزوج بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪007‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬الزوج والطالب‪ :‬وىي العالقة الٍب تلخص كيفية اػبطوبة وكيفية اختيار العائلة للزوج اؼبناسب‬
‫البنتهم حسب رأيهم‪ ،‬واؼبفاضلة بْب الرجل الغِب والفقّب‪.‬‬

‫يف اعبدوؿ اآليت‪ ،‬نلخص األبعاد الداللية اؼبوجودة يف اؼبسار السردي للحكاية‪:‬‬

‫أنواع األبعاد الداللية‬ ‫ما يجب أن يكون من‬ ‫ما كان في الواقع‬ ‫األبعاد الداللية‬
‫منظور الراوي‬ ‫المعاش‬
‫حسب نص الحكاية‬
‫تفضيل العائلة للرجل الغِب اؼبوازنة بْب اػبطاب تكوف‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫ولو كاف سيء اػبلق على على أساس ديِب وأخالقي‬ ‫اػبطبة‬
‫حساب الفقّب وإف كاف ال على أساس اؼبادة واؼباؿ‬
‫صاحب خلق ضبيد‬
‫تتزوج البنت يف سن‬ ‫تزويج البنات وىن صغار‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫مناسبة لتكوف كفأة‬ ‫وأحيانا قبل بلوغهن‬ ‫الزواج اؼببكر‬
‫لتحمل اؼبسؤولية‬
‫معاملة الزوجة معاملة‬ ‫الصراع بْب الزوجْب‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫حسنة يف إطار الشرع‬ ‫بسبب احتقار الزوجة‬ ‫العالقات الزوجية‬
‫والدين‬ ‫وظلمها من طرؼ الزوج‬
‫االبتعاد عن ىذه السمة‬ ‫اغبديث بالسوء ودبا ال‬ ‫الغيبة والنميمة‬
‫السيئة واحملرمة ؼبا ذبلبو من بعد دالِف ديِب – أخالقي‬ ‫وبب الشخص الغائب‬
‫مشاكل وصراع بْب األطراؼ‬
‫بعد دالِف ثقايف‬ ‫لو بعد طقوسي واعتقاد‬ ‫العدد سبعة (‪)7‬‬
‫تراثي هبعلو مقدسا‬

‫‪008‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -2‬حكاية " غُ ُرود عـ ـ ــالية"‬


‫كثّبا ما تغُب الفنانوف الشعبيوف للمنطقة بالنص الشعري غبكاية "غرود عالية"‪ ،‬فقد أخذت‬
‫طابعا نفسيا يف سكاهنا الذين اعتقدوا بوجودىا يف زمن قد مضى‪ ،‬رباكي عالقة حب غرامية بْب‬
‫شاب وفتاة يف حياة البدو الرحل قديبا‪ ،‬وأظهرىا لنا الفناف يف قالب موسيقي صبيل‪.‬‬

‫وحٌب ال نلج ىذا آّاؿ كثّبا‪ ،‬كباوؿ اكتشاؼ األبعاد الداللية ؼبسارىا السردي من خالؿ قراءة‬
‫البنية العميقة ؽبا‪ ،‬فمن القراءة األولية للحكاية تظهر عدة رموز ومظاىر اجتماعية وجب الوقوؼ‬
‫عندىا‪:‬‬

‫‪ -‬اغبب ومدى تقبل الطبقة االجتماعية ؼبثل ىذه العالقات بْب صنفي آّتمع‪.‬‬
‫‪ -‬الزواج وطريقتو وعاداتو وتقاليده‪.‬‬

‫يف اغبكاية مفارقة عجيبة صبعت بْب ؾبموعة بْب اؼبتضادات أنبها‪( :‬اغبب ≠ الكره )‪( ،‬الزواج‬
‫≠ العنوسة )‪( ،‬اؼبوت ≠ اغبياة )‪.‬‬

‫ولو بدأنا باغبب‪ ،‬يبكن القوؿ بأنو ظاىرة اجتماعية ال زبلو منها صباعة‪ ،‬لكن تقبل األفراد ؼبثل‬
‫ىذه اغباالت اإلنسانية يفرؽ كثّبا يف كيفية انتشاره من عدمو‪ .‬وأما الزواج فهو الرابط الذي يتوج بعد‬
‫العالقة اغبميمية الٍب تربط بْب الشاب والفتاة‪ ،‬أو بْب الذكر واألنثى بصفة أعم وأمشل‪ ،‬ورغم‬
‫اختالؼ طقوس الزواج وعاداتو من منطقة إُف أخرى‪ ،‬ومن بيئة إُف بيئة زبتلف عنها‪ ،‬إال أف العامل‬
‫اؼبشَبؾ بْب آّتمعات ىو وجوده كظاىرة اجتماعية إنسانية تربط بْب اعبنسْب من الناس‪.‬‬

‫وبالعودة إُف مسار اغبكاية‪ ،‬الحظت مفارقة يف العالقة بْب بطلة النص وحبيبها الذي عشقتو حٌب‬
‫اؽبياـ‪ ،‬فكيف يُع َقل ؼبثل ىذا اإلحساس الصادؽ أف تنتهي باؼبوت بعد كل األحداث والتضحيات‪،‬‬
‫والصراع بْب اغببيبْب وأىل اؼبنطقة الذين كثّبا ما يعارضوف مثل ىذه العالقات؟‪‬‬

‫نستطيع اؼبقارنة بْب مسارين رئيسْب للحكاية‪:‬‬


‫‪011‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫موت‬ ‫زواج‬ ‫حب‬ ‫‪ -1‬مسار ظاىري صبع بْب األبعاد الداللية التالية‪:‬‬

‫َف يتم الزواج‬ ‫رفض للعالقة‬ ‫‪ -2‬مسار باطِب صبع بْب األبعاد اآلتية‪ :‬حب‬

‫فلو بدأنا باؼبسار األفقي‪ :‬أحبت الفتاة ابن عمها الذي ضحت ألجلو بالغاِف والنفيس‪ ،‬فقد‬
‫يجو النَّاس‬ ‫ِ‬
‫يما ُ‬ ‫اعَبضت إرادة أىلها ووقفت رافضة للخطاب الذين هتافتوا عليها رغم كل مغرياهتم "د َ‬
‫ش تَـ ْقبَ ْل"‪ 1‬رغم فقرىا اؼبدقع استغنت عن كل زخارؼ اغبياة مقابل الزواج بابن‬ ‫ومكاَنَـ ْت ِ‬ ‫ِ‬
‫يُ ُخطْبُوا ف َيها َ‬
‫س َساكِ ْ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫اجل َخطَْبـ َها وقَ ِري فَاتْ ِح ْتـ َها (قرأ الفاتحة)‪َ ،‬‬
‫وع ْر ُسوا ع ِر ْ‬
‫الر ِ‬
‫عمها‪ ،‬وكاف ؽبا ما أرادت " َجا َّ‬
‫َمافِي ْو َحتَّى َش ْي"‪ ، 2‬فمن اغبب تولد التضحية ليتوج بالزواج‪.‬‬
‫الصبر والتضحية‬
‫الزواج‬ ‫اغبب‬

‫بمدة‬
‫س َّ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ىاجر الزوج للعمل خارج القبيلة مثلو مثل الكثّب من سكاف (سوؼ) قديبا‪" 3‬بـ ْعد العِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫س َع ْن ِخ ْد َمةّ"‪ 4‬ألنو فقّب فقد وعد زوجتو بإكماؿ كل متطلبات بيتها‬ ‫سافَـر َّ ِ ِ‬
‫الراج ْل بِعي ْد يٍ َح ِّو ْ‬ ‫َ ْ‬
‫‪5‬‬
‫سة"‬ ‫ِ ِ ِّ‬ ‫ك بِ ِع ِر ْ ِِ‬ ‫ِ‬
‫الدنْـيَا ال ُك ْل بَـ ْع ْد الع ِر ْ‬
‫ك ِّ‬ ‫"قَالَ ْل َها نِ ْش ِريلِ ْ‬
‫س كب ْير وتَـلَْبسي خ ْير الل ْب َ‬ ‫ضْ‬ ‫س‪ ،‬قَالَ ْل َها نْـ َع ْو َ‬
‫ال غيابو ي ِ‬
‫اك‬
‫وى ْ‬
‫اس ْر َ‬ ‫ولكن غياب اغببيب طاؿ وطاؿ فمرضت العاشقة أصبحت طروبة الفراش "طَ ْ َ َ َ‬
‫الر َج ْ‬
‫ال‪.‬‬ ‫ين ُك ْل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ضْ ِ‬ ‫الم َرا تِ ْستَـنَّى فِي ْو َحتَّا ْن ُم ْر َ‬
‫يحبَّاتَو وا ْشت َهاتَو و َخ ْيـ َراتَ ْو ب َ‬
‫ت م ْن ال َشوق ل َراج ْل َها ل َ‬ ‫َ‬
‫اع ْد يِ ِزي ْد ويزيد"‪.6‬‬ ‫طََّو ْل ِغيابو والمرض قَ ِ‬
‫َ‬
‫ىجرة‬
‫شوؽ ومرض‬ ‫زواج‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬بن ساَف بن ىادؼ ‪ ،‬سوؼ تاريخ وثقافة‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫‪ - 4‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 6‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪010‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وإذا بالزوج يرجع من سفره بعد أف وصلت درجة اليأس باألىل أقصاىا‪ ،‬وناؿ اؼبرض من زوجتو‬
‫وى َدايَا"‪ 1‬وألهنا كانت تلد مولودىا‬ ‫اب معا ْه ُكل ِخير‪ ،‬من لِْبسة ِ‬
‫وصيَاغَة َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وج ْ َ َ‬ ‫شدة أؼبا " َخلَ ْط ل ْم َربَح َ‬
‫ت ِىي تُولَد‪،‬‬
‫َف يقدر الزوج العائد من سفره أف يرى زوجتو حٌب فارقت اغبياة وىي على حالتها " َكانَ ْ‬
‫‪2‬‬
‫ص ْوت لِ ْعيَا ْط"‬ ‫ِِ‬ ‫ش يِ ُ‬
‫شوفْـ َها ‪َ ،‬حتَّا ْن سم ْع َ‬ ‫بِِقي يِ ْستَـنَّى بِ ْ‬
‫طول الغياب‬
‫فراؽ وموت‬ ‫شوؽ ومرض‬

‫فبا سبق يبكن رسم اؼبخطط التوضيحي اآليت‪:‬‬


‫المرض‬ ‫غياب‬ ‫العمل‬ ‫التضحية‬
‫الموت‬ ‫الشوؽ‬ ‫ىجرة‬ ‫زواج‬ ‫حب‬

‫ولكن العارؼ بآّتمع السويف وخبباياه االجتماعية وبعاداتو وتقاليده وطقوس احتفاالتو هبد تناقضا‬
‫يف األفكار‪( ،‬فالسوافة) ؿبافظوف إُف أقصى الدرجات‪ ،‬ال يؤمنوف باغبب وال يتقبلوف فكرة العالقات‬
‫قبل الزواج‪ ،‬بل تتزوج الفتاة من شاب دوف أف تراه أصال‪ ،‬ويعد رفضها خروجا عن الطاعة وكسرا‬
‫لعادات وتقاليد األجداد‪ ،‬وإذا كانت العالقة مباحة عندىم لعاشت البطلة مع زوجها حياة ىنيئة‪ ،‬وما‬
‫موهتا إال تعبّب عن رفض آّتمع آنذاؾ لتلك العالقة الٍب تندرج حسبهم يف صنف احملرمات الٍب ُيبنع‬
‫فبارستها بتاتا‪ .‬كما تتزوج البنت من أغنياء القبيلة الذين يبلكوف غيطاف النخيل واألغناـ إذا امتازت‬
‫جبماؿ فائق‪ .‬ومنو نستطيع القوؿ بأف رؤية الراوي ؼبثل ىذه اغباالت يف زماف ومكاف معْب من البيئة‬
‫القديبة للمجتمع احمللي كانت رافضة للمعاملة السلبية من األىل خاصة من جانب عائلة البنت‪،‬‬
‫والكالـ ىنا تعميم وليس زبصيص غبالة بطلة اغبكاية‪ ،‬واؼبقصود ىنا ليس استحالؿ احملرمات – بل‬
‫العكس سباما‪ -‬فهو ىنا يشّب إُف أنبية رأي البنت يف اختيار شريك حياهتا "من األسس الٍب وضعها‬
‫اإلسالـ لبناء أسرة قوية متماسكة أف وبسن كل من طريف الزواج اختيار شريك حياتو‪ ،‬فالزواج ليس‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪011‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫فقط قضية شخصية من وجهة نظر اإلسالـ‪ ،‬إمبا ىو قضية اجتماعية كبى"‪ 1‬ويتشكل اؼبخطط‬
‫اآليت‪:‬‬

‫َف يتم الزواج‬ ‫رفض للعالقة‬ ‫حب‬

‫العالقات بْب صنفي آّتمع (اغبب)‬

‫مسموحة بعد الزواج‬ ‫مرفوضة قبل الزواج‬

‫ومنو نستخلص ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬زواج البنت تتم غالبا من الغِب ال من الفقّب‪.‬‬

‫‪ -‬الزواج يتم من غّب استشارة البنت يف اختيار شريكها‪.‬‬

‫‪ -‬رفض آّتمع للعالقات مهما كانت صفاهتا إف كانت قبل الزواج‪.‬‬

‫زواج البنت‬

‫رجل قريب دوف االستشارة‬ ‫رجل غِب بعيد القرابة‬

‫تزوجت البطلة من رجل َف تقم باختياره بنفسها‪ ،‬بل من طرؼ األب‪ ،‬ربت ضغط العادات والتقاليد‬
‫ورغبة يف عدـ اػبروج عن طاعة كبار القوـ‪ ،‬وما ىجرة اغببيب إال عالمة على الفراؽ وقتل الطموح‬
‫والرغبة‪ ،‬وبعد زواجها تقطعت وصاؽبا وقُتِل األمل يف نفسها ألهنا فقدت حريتها يف االختيار‪ ،‬وىذا‬
‫ما فسره الراوي ّٔجرة اغببيب الطويلة‪ .‬وموهتا كاف لسببْب نبا‪:‬‬

‫‪ - 1‬أكرـ رضا‪ ،‬على أعتاب الزواج‪ ،‬ألفا للنشر والتوزيع‪ ،‬اعبيزة‪ ،‬مصر‪ ،‬دط‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪012‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬زواجها فبن َف ترغب فيو رمز لو الراوي دبرض البطلة‪.‬‬


‫‪ -‬شوقها الكبّب غببيبها يف رمز ىجرتو‪.‬‬

‫ىاجرت القبيلة اؼبكاف‪ ،‬وىي من عادات السكاف قديبا فهم يهاجروف حْب يبوت أحد األفراد‪ ،‬إال‬
‫اغببيب الذي بقي مستقرا قرب قب حبيبتو‪ ،‬يزوره ويواسيو هنارا‪ ،‬تأتيو حبيبتو ليال حْب يناـ‪ ،‬سبلي عليو‬
‫أبيات القصيدة‪ ،‬واؼبتمعن فيها يرى اغبزف واألَف الكبّبين على الفراؽ‪ ،‬واغبسرة على العادات والتقاليد‬
‫الٍب قتلت فيها حبها‪.‬‬

‫موت البطلة‬

‫زوج ظاَف‬ ‫عادات وتقاليد قاسية‬

‫واعبدوؿ اآليت يبثل أبرز األبعاد الداللية الٍب مثلتها البنية العميقة للمسار السردي للنص‪:‬‬

‫أنواع األبعاد الداللية‬ ‫ما يجب أن يكون من‬ ‫ما كان في الواقع‬ ‫األبعاد الداللية‬
‫منظور الراوي‬ ‫المعاش‬
‫حسب نص الحكاية‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫رفض لكل العالقات مهما التمييز بْب العالقات إف‬ ‫العالقات بْب الذكر‬
‫كانت صفاهتا إف كانت كانت مقبولة أو مرفوضة‬ ‫واألنثى‬
‫بطريقة شرعية‬ ‫قبل الزواج‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫حق البنت الشرعي يف‬ ‫اغتصاب حق الفتاة يف‬ ‫الزواج‬
‫اختيار شريك حياهتا‬ ‫اختيار الزوج الذي ترى‬
‫فيو الرجل اؼبناسب ؽبا‬
‫بعد دالِف فكري‬ ‫دفن اؼبيت يف مكاف مرتفع‬ ‫دفن اؼبوتى‬
‫بعد دالِف ثقايف‬ ‫ىجرة األىل حْب يبوت‬ ‫اؽبجرة‬
‫فرد منهم يف مكاف‬
‫إقامتهم‬
‫‪013‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -3‬حكاية "عيشة والغولي"‬


‫ربمل اغبكاية عددا كبّبا من األبعاد اؼبختلفة الدالالت بْب سطورىا‪ ،‬مصورة الكثّب من عادات‬
‫وتقاليد آّتمع السويف‪ ،‬وصفات الفرد الٍب يتميز ّٔا عن باقي األفراد يف طريقة تعاملو مع من حولو‬
‫ومدى تقبلو للظواىر الٍب ربيطو‪.‬‬

‫وعند الغوص يف أعماؽ اغبكاية تتجلى لنا ظاىرة إنسانية كثّبا ما تعرض ؽبا الرواة واؼبوردوف‬
‫والشعراء الشعبيوف يف اؼبنطقة باؼبدح تارة‪ ،‬وبالذـ والتقبيح تارة أخرى – أال وىي الصداقة‪ -‬فػ‬
‫"الصديق وقت الضيق" وىذا بالضبط ما مثَّلو الراوي يف اؼبسار السردي للحكاية‪ ،‬حْب بقت (بنت‬
‫لش ونْ َخلِ َيها‬
‫ومانَـ ْر َح ِ‬
‫شة َ‬ ‫ت َأل َىل َْها َال ِزْم نُـ ْقعُ ْد مع ِعي َ‬
‫عم البطلة) مع صديقتها (عيشة) "قَالَ ْ‬
‫"اخ ِد ْـ اػبِ ّْب تَػ ْلقى اػبِّب" فهذه ىي‬ ‫َو َح ْد َىا" ‪ ،‬ويقوؿ سكاف (سوؼ) يف مثل شعيب ؾبسد ؼبا سبق ْ‬
‫‪1‬‬

‫العبة من ىذه اغبكاية‪ ،‬وىذا بالضبط ما أراد الراوي أف يوصلو لألجياؿ القادمة‪ ،‬فما قامت بو البطلة‬
‫ونخلِي ْو‬
‫ْش َ‬ ‫ومانَـ ْر َحل ِ‬ ‫ِ‬
‫يف اغبكاية ذباه (الغوِف) وتضحيتها بأىلها ألجلو "ناَياَ َراني قَا ْع َدة َم َعا ْه َ‬
‫َو َح َد ْه"‪ 2‬كاف دبثابو الدين الذي ما كاف دبقدور (الغوِف) نسيانو‪ .‬والسؤاؿ ىنا‪ :‬ما ىو رمز الغوؿ وما‬
‫ىي دالالتو؟‬

‫اػبّب الذي ال ينسى صنيع الناس لو من‬


‫مثَّل (الغوؿ) ذلك الفرد من صباعة (سوؼ)‪ ،‬اإلنساف ّْ‬
‫أفعاؿ اػبّب‪ ،‬وإغاثتو وقت الشدة واغباجة‪ ،‬فهو صورة للفرد السويف اؼبمثل للجماعة يف إرجاع اػبّب‬
‫ألىلو‪ ،‬وعدـ نكراف اعبميل ؼبن صنعو معو يف وقتها اؼبناسب‪ ،‬وال يَبدد يف رد االعتبار والشكر والثناء‬
‫وىذا أضعف اإليباف‪ .‬كما أنو – الغوِف‪ -‬يرمز إُف ضمّب اإلنساف السويف األصيل‪ ،‬الذي ال يَبدد‬
‫البتة يف نشر قيم اػبّب يف وسط اعبماعة‪ ،‬فما إف وجد ؿبتاجا إال أعانو على قضاء حاجتو وأغاثو‬
‫وآواه حٌب يستقر بو اغباؿ إُف األفضل‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو ‪.‬‬
‫‪014‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ومن صور (الغوِف) كذلك‪ ،‬اإلنساف الصحراوي اؼبتدين الذي ىبشى اهلل وال يتعدى حدوده رغم كل‬
‫اؼبغريات والوساوس الشيطانية يف نفسو‪ ،‬فرغم بقاءه مع البنت عيشة وحدنبا‪ ،‬ما كاف عليو إال أف‬
‫وبافظ عليها وعلى شرفها‪ ،‬وتلك صورة للمجتمع احمللي‪.‬‬

‫اػبّب)‬
‫الغوِف (رمز للفرد السويف ّْ‬

‫ال ينسى العشرة الطيبة ىبشى اهلل ووبافظ على حدوده‬ ‫يرد اػبّب ألصحابو‬
‫ولكن يف اؼبقابل‪ ،‬زبدـ اؼبظاىر أحيانا‪ ،‬فقد حكمت (عيشة) على (الغوِف) بأنو آذاىا وأخذ أوالدىا‬
‫شة َحا ْزنة عن ولَ ْد َىا"‪ 1‬يف حْب أف (الغوِف)‬ ‫ت ِعي َ‬ ‫اح وقِ ْع َد ْ‬
‫ور ْ‬
‫الثالثة غدرا وظلما " َى َّزْه وأَدَّا ْه َم َعا ْه َ‬
‫رّب أوالدىا وأرجعهم‬ ‫فعل عكس ما توقعتو البطلة‪ ،‬فكاف ظاىره شرا وباطنو خّبا‪ ،‬فرد ؽبا صنيعها بأف ّ‬
‫يد ْرتِي ْو فِّـيَّا‬
‫ك ِخي ِر ْك لِ ِ‬
‫يت نْـ َرِج ْعلِ ْ‬
‫وحبِّ ْ‬ ‫ش أَوالَ ِد ْك وجاب ْ ِ ِ‬
‫ت فيَّا الع ْش َرة َ‬ ‫ََ‬
‫ِِ ِ‬
‫شة ران ِي َماكليت ْ ْ‬
‫ؽبا "يا ِعي َ ِ‬

‫َوجابَـل َْها أ َْوَال ْد َىا‪ 2"...‬فال هبب على اإلنساف أف وبكم على أخيو من مظهره اػبارجي‪ ،‬دوف العيش‬
‫معو ومعاشرتو واالطالع على اغبقيقة كاملة‪ ،‬حينها يتوجب عليو ازباذ القرارات اؼبناسبة حيالو‪.‬‬
‫الغوِف (رمز لإلنساف السويف)‬

‫باطنو خّب غالبا‬ ‫ظاىره شر أحيانا‬

‫كثّبا ما يستعْب راوي الَباث الشفوي السويف بشخصية الغوؿ لتحقيق ىدفو وبلوغ غايتو من سرد‬
‫اغبكاية‪ ،‬فهو حْب يعجز عن ذلك يستنجد ّٔذه الشخصية اػبرافية ؼبا أحدثتو من صدى يف وسط‬
‫اؼبتلقْب‪ ،‬بقوهتا اعبسدية وقدرهتا على التحرؾ بسالسة فبا يسهل على الراوي سرد مسارىا يف اغبكاية‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪015‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تتحوؿ الصداقة إُف عداوة أحيانا‪ ،‬ويتحوؿ الصديق اغبميم إُف عدو غادر بسبب الغّبة الٍب تولد‬
‫يف النفوس البشرية الرياء والنفاؽ‪ ،‬فالصديقة الٍب كانت سندا للبطلة أصبحت عدوة ماكرة تدير ؽبا‬
‫ت َلها بِنِ ْ‬
‫ت َع ْم َها‬ ‫اؼبكائد حٌب تتخلص منها وتفوز بزوجها وقصرىا‪ ،‬حْب أشار ؽبا الراوي يف "قَالَ ْ‬
‫ص ْر"‪ 1‬وىذا طعن يف ظهر الصديق حْب يؤمنك على أسراره وحياتو‪.‬‬ ‫يك تَـر ْحلِي ِمن َىا ال َق ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫نْ َدب ْر َعل ْ َ‬
‫ولقد أظهرت لنا القراءة العمودية للحكاية بأف من ُوِظبَت نفسو دبثل ىذه الصفات ىبسر يف النهاية‬
‫عمها ِمنو"‪ 2‬واؼبظلوـ ينتصر ال‬ ‫ت ْ‬ ‫ت بِنِ ْ‬ ‫شة لِر ِ‬
‫اجل َْها واطَّْل َق ْ‬ ‫وذلك حْب طُلّْقت الصديقة "رجع ْ ِ‬
‫ت عي َ َ‬ ‫َََ‬
‫ؿبالة‪ ،‬ورجوع عيشة لزوجها يف هناية اغبكاية إال دليل على ذلك‪.‬‬

‫بنت عم البطلة (رمز لألبعاد اإلنسانية اؼبعنوية)‬

‫العداوة والغدر‬ ‫الصداقة والوفاء‬


‫(بفعل الغّبة)‬ ‫(بفعل القرابة الدموية أو اؼبعاشرة اغبياتية)‬
‫إف فرار البطلة كبو القصر رمز للخوؼ اؼبتأصل يف نفس اؼبرأة من الرجل حْب ينفرد ّٔا‪ ،‬فقد فضلت‬
‫ونخلِي ْو َو َح َد ْه"‪ 3‬لكن حْب كبت شعرت‬
‫ْش َ‬‫ومانَـ ْر َحل ِ‬ ‫ِ‬
‫البطلة البقاء مع الغوِف "ناَياَ َراني قَا ْع َدة َم َعا ْه َ‬
‫باػبوؼ منو مع مرور الوقت‪ ،‬رمز ؽبا الراوي ببنت العم الٍب كانت ـبتبئة يف صندوؽ ال تظهر إال‬
‫حْب يغادر الغوِف اؼبكاف‪ ،‬وىذا داللة على اػبوؼ الذي يسكن نفس األنثى حْب يقَبب منها‬
‫الرجل‪ ،‬وحْب يغادر تشعر بالراحة والطمأنينة حينها تظهر وزبرج لتمارس نشاط حياهتا اليومي‬
‫اش يَاكِل َْها"‪ 4‬خوفا من أف يأكلها‪ ،‬ىكذا ذكرىا الراوي‪،‬‬
‫ص ْن ُدوق َع ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت َم ِخ ْبـيَة بِنِ ْ‬
‫ت َع ْم َها في ُ‬ ‫" َكانَ ْ‬
‫وال يقصد االفَباس اللغوي الذي يلتهم فيو الغوِف جسدىا حٌب يسد رمق اعبوع الذي وبس بو‪ ،‬بل‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪016‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يقصد بذلك االعتداء عليها وعلى شرفها وعرضها‪ ،‬حْب ينفرد ّٔا وتوسوس لو نفسو وشيطانو الذي‬
‫يصور لو اغبدث يف أّٔى حلة حٌب يتعدى حدود اهلل وينتهك عرضها‪.‬‬

‫الكثّب منا ال يبدي مشاعره اغبقيقية حْب يكوف برفقة شخص ما أو أشخاص معينْب‪ ،‬ودبجرد‬
‫خلوتو مع نفسو تتجلى لو اغبقيقة بكامل مالؿبها‪ ،‬فمهما تكن النفس البشرية قريبة من اهلل وؿبافظة‬
‫على حدودىا إال أهنا تبقى بشرية يوسوس عليها الشيطاف وتأمرىا النفس بالسوء‪ ،‬فحْب زبلو النفس‬
‫مع امرأة يكوف الشيطاف ثالثهما‪ ،‬فحْب كاف الذكر صغّبا مثلو الراوي يف لفظة (فنك) أحبتو البطلة‬
‫وفضلت البقاء معو‪ ،‬والفنك حيواف صحراوي يعيش يف ببيئة سوؼ إُف يومنا ىذا‪ ،‬معروؼ جبماؿ‬
‫مظهره‪ ،‬وما إف كب وربوؿ إُف غوِف خافت منو األنثى‪ ،‬وتبدلت الطمأنينة إُف خوؼ وعدـ شعور‬
‫بالراحة الٍب ما فارقتها سابقا‪ .‬وىي صورة من صور آّتمعات عموما والسويف خصوصا يف نظر الراوي‬
‫ألنو ىنا يعب عن اعبماعة يف وادي سوؼ الذي تنبع منو اغبكاية وإليو‪ .‬فالراوي يعرؼ حق اؼبعرفة‬
‫تدين الفراد السويف وحفاظو على حدوده الشرعية‪ ،‬مثلو يف عدـ اعتداء الغوِف على البطلة عيشة‪،‬‬
‫لكن يبقى اػبوؼ موجودا وىذا ضروري حْب مثلو فرار البطلة من الغوِف‪ ،‬يف نصحو لألجياؿ القادمة‬
‫بعدـ االختالء بْب اعبنسْب اؼبختلفْب حفاظا على النفس والشرؼ ومن النفوس األمارة بالسوء ومن‬
‫وساوس الشيطاف‪ ،‬تصويرا دقيقا وتطبيقا حرفيا لقوؿ عمر الفاروؽ حْب قاؿ بأنو يأمن نفسو على‬
‫أمواؿ اؼبسلمْب وال يأمنها من امرأة سوداء‪ ،‬يف إشارة إُف فتنة اؼبرأة‪ .‬وكمكافاة للمرأة الشريفة احملافظة‬
‫شة مع زوجها وأوالدىا‬ ‫ت ِعي َ‬
‫تزوجت البطلة يف هناية اغبكاية وعاشت سعيدة يف قصرىا " َعا َش ْ‬
‫وعا ُشوا ال ُكل في القصر ِم ْتـ َه ْنيين"‬
‫ِ ‪1‬‬
‫جعول َْها أ ََىل َْها ال ُك ْل َ‬
‫ور ُ‬
‫ُ‬
‫البطلة عيشة‬

‫خوؼ من تعدي اغبدود باالنفراد مع الرجل‬ ‫شعور باألمن واألماف واغبماية والطمأنينة‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪017‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تلخص اغبكاية ؾبموعة من العالقات تصور واقعا معاشا يف بيئة سوؼ قديبا‪ ،‬كما ذكر الراوي‬
‫ؾبموعة من حيوانات اؼبنطقة (غزاؿ ‪ -‬فنك) ونبا معروفاف باغبسن واعبماؿ‪ ،‬وىي صورة قصد من‬
‫خالؽبا الراوي إبداء صورة ؿبسوسة عما يرويو‪ ،‬فطابع البيئة الصحراوية ظاىر يف نص اغبكاية‪ ،‬فلم‬
‫يذكر حيوانا آخر بدؽبما وىذا مقصود منو‪ .‬ومن العالقات يف مسار اغبكاية نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬عالقة عيشة بالغوِف‪ :‬إعانة الصديق يف وقت اغباجة إُف العوف واؼبساعدة‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة الغوِف بعيشة‪ :‬عدـ نكراف اعبميل رغم اؼبظهر الذي يبدي عكس ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة عيشة ببنت عمها‪ :‬صداقة ووفاء ربولت إُف غدر وعداوة بفعل الغّبة‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة الزوج مع زوجتو ( ابن السلطاف مع بنت عم البطلة)‪ :‬طالؽ الرجل السويف للمرأة إذا َف‬
‫تنجب‪ ،‬أو أقببت اإلناث بدؿ الذكور‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة الزوج مع زوجتو (ابن السلطاف مع عيشة)‪ :‬زواج سعيد يف حاؿ اقباب الذكور‪.‬‬

‫أنواع األبعاد الداللية‬ ‫ما يجب أن يكون من‬ ‫ما كان في الواقع‬ ‫األبعاد الداللية‬
‫منظور الراوي‬ ‫المعاش‬
‫حسب نص الحكاية‬
‫بعد دالِف انساين‬ ‫ال وبكم االنساف على‬ ‫وبكم الفرد السويف على‬ ‫اتباع اؼبظاىر‬
‫أخيو إال بعد التأكد‬ ‫أخيو من مظهره‬
‫وجالء الغموض‬
‫بعد دالِف انساين‬ ‫يبقى الصديق وفيا‬ ‫حب زخارؼ اغبياة وبوؿ‬ ‫الصداقة‬
‫لصاحبو يف ظل ظروؼ‬ ‫الصديق إُف عدو فيغدر‬
‫اغبياة اؼبختلفة‬ ‫دبن أمنو على حياتو‬
‫وأسراره‬
‫بعد دالِف أخالقي‬ ‫ال ينسى االنساف صنائع‬ ‫ينكر الفرد اػبّب اؼبقدـ لو‬ ‫رد اعبميل لصاحبو‬
‫اػبّب الٍب يلقاىا‬ ‫من صاحبو وينساه‬
‫بعد دالِف ديِب‬ ‫وبافظ الفرد على حدود‬ ‫يتبادر إُف ذىن الفرد بأف‬ ‫اغبفاظ على حدود اهلل‬
‫اهلل وشرعو يف النساء‬ ‫يتعدى حدود اهلل يف ما‬
‫حرمو اهلل‬
‫‪018‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -4‬حكاية "لـ ـ ــونجة"‬


‫زبتلف عادات وتقاليد الزواج من منطقة إُف أخرى‪ ،‬فالزواج نظاـ اجتماعي يتنوع بتنوع‬
‫الثقافات‪ ،‬ولكن ما تشَبؾ فيو ىو أنو ذو شأف عظيم ومنزلة رفيعة وفقو دقيق يبْب كل ما ىبتص‬
‫بأمره‪ ،‬ويشرع ويقنن لو كل صغّبة وكبّبة‪ ،‬من بداية اػبطوبة إُف اؼبعاشرة الزوجية وتكوين األسرة‪.1‬‬
‫حْب قراءيت السطحية للحكاية "لوقبة" تبادر إُف ذىِب تساؤالت كثّبة‪ ،‬فهل يُعقل أف يطلب‬
‫األخ يد أختو للزواج؟‪ ‬غّب معقوؿ وغّب معقوؿ البتة حٌب يف بيئة غربية‪ ‬فكيف يبكن أف يكوف يف‬
‫بيئة عربية مسلمة متدينة‪‬؟‬
‫وكيف (للسلطاف ) أف يعيش مع البدو الرحل؟‪ ‬ىل عرؼ سكاف اؼبنطقة الصحراويْب الذين‬
‫يعيشوف من األغناـ واؼباعز واعبماؿ واؼبراعي واألمطار وغابات النخيل وبْب الكثباف الرملية‬
‫السلطاف؟‪ ‬وىل كانت حياهتم فبزوجة بالقصور والوزراء واغباشية الٍب ال تتخلف عن مواكبة‬
‫السلطاف؟‪ ‬ال‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬فكيف للراوي الشعيب أف يوظف مثل ىذه األلفاظ واؼبصطلحات وغّبىا الكثّب يف سرده‬
‫القصصي؟ وكيف تتبادر إُف الذىن كل ىذه التساؤالت وَف تتجاوز قراءتنا للنص سطحو؟‬
‫لقد حاولت جاىدا اإلجابة عن تساؤاليت بقراءات عدة لنص اغبكاية‪ ،‬وراجعت كتبا عن عادات‬
‫وتقاليد وطقوس السكاف قديبا‪ ،‬وربدثت مع شيوخ كبار وعجائز حيث أقيم‪ ،‬فوقفت عند نقاط بارزة‬
‫حوؿ الزواج يف آّتمع السويف قديبا‪ ،‬وكيف كانت اؼبرأة تُزؼ إُف زوجها‪ ،‬ومعاملة الصنف األوؿ –‬
‫أال وىم الرجاؿ – ؽبا‪.‬‬
‫يف مقابلة شفوية مع عجوز طاعنة يف السن‪ ،‬ذكرت ِف بأهنا كانت شاىدة على حادثة قديبا‪،‬‬
‫تلخص اؼبعاملة القاسية الٍب تالقيها اؼبرأة من الرجاؿ‪ ،‬فقد صادؼ أف ولدت امرأة ‪ -‬يف طريق ىجرة‬

‫‪ - 1‬صباؿ بن ؿبمد‪ ،‬الزواج العريف يف ميزاف اإلسالـ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص ‪.3‬‬
‫‪021‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫القبيلة حبثا عن اؼبراعي اػبصبة‪ -‬فما كاف من القافلة أف تتوقف‪ ،‬بل استمرت يف مسّبىا وتركت‬
‫الولود مع وليدىا‪ ،‬فولدت وؼبتو يف قطعة قماش وغبقت بالقافلة‪ .‬وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ‬
‫على اؼبكانة الثانوية للمرأة يف آّتمع قديبا‪.‬‬
‫وحٌب ال نفسر كثّبا ظواىرا بعيدة عن عادة الزواج‪ ،‬نقوؿ بأف البنت كانت تتزوج يف سن مبكرة جدا‪،‬‬
‫ال تتعدى سن الطفولة أحيانا‪ ،‬وأعرؼ شخصيا الكثّب من العجائز الاليت تزوجن يف سن العاشرة‪،‬‬
‫وقد استغربت كثّبا من ىذه الظاىرة والٍب حاولت إهباد تفسّب ؽبا فقيل ِف أهنا تعود ألسباب ىي‪:‬‬
‫‪ -‬النقص الفادح لصنف النساء يف آّتمع السويف قديبا مقارنة بالرجاؿ‪.‬‬
‫‪ -‬خوؼ العائلة من بوار البنت وبقائها يف بيت أبيها‪.‬‬
‫‪ -‬اغباجة والفقر للعائالت وعسر اؼبعيشة وشظف العيش‪ ،‬فبا رسخ يف أذىاهنم فكرة التخلص‬
‫من البنات‪ ،‬فهم يروهنا عالة عليهم‪.‬‬
‫وأخبتِب أخرى بأهنا تزوجت قبل بلوغها بسنوات‪ ،‬وقد عاشت ما يقارب أربع سنوات مع زوجها قبل‬
‫أف تبلغ ورببل بعدىا‪.‬‬
‫يف حكاية (لوقبة) ظاىرة اجتماعية مهمة جدا‪ ،‬أال وىي الزواج‪ ،‬فقد تقدـ أخ "لوقبة" طالبا يدىا‬

‫ورانِي َحالِ ْ‬
‫ف"‪ 1‬ويعلم اعبميع أف األخ ال يبكن أف يتزوج من‬ ‫ك َ‬‫ال لَ َها نِْتـ َزْو َج ْ‬
‫يف قوؿ الراوي " قَ ْ‬

‫أختو‪ ،‬والسبب وراء ذكر الراوي ؽبذه النوعية من الزواج ىو التخفي وراء رمز (زواج األخ من أختو)‬
‫لكي يُظهر لنا سلبية الزواج الذي يتم بطريقة ال تأخذ فيها البنت حقها يف االستشارة وأخذ رأيها‬
‫ونصحها من جهة‪ ،‬وإلضفاء طابع من اإلثارة والتشويق لدى اؼبتلقي من جهة أخرى‪ ،‬فيخرج‬
‫باغبكاية إُف بر األماف باستمرار تدوؽبا عب األجياؿ‪ .‬بل العكس من ذلك يتم‪ ،‬حْب غصبت على‬
‫ال لها َرانِي‬ ‫ت لو كِي َف ْ‬
‫اش تِْت ِزَّو ْجنِي يَا أُو َخيِّي؟ قَ ْ‬ ‫الزواج رغم رفضها القاطع حْب ذكر الراوي "قَالَ ْ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪020‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫نت أ ُِّمي"‪ 1‬واؼبقصود ىنا ىو غالبا زواج األقارب‬ ‫كنت إِنْ ِ‬


‫ت ياِ بْ ْ‬ ‫الش َع ِرة ولو ِ‬
‫وال ْة َّ‬ ‫َحالِ ْ‬
‫ف َكا ْن نِْتـ َزَّو ْج ُم َ‬
‫من أبناء العمومة األصليْب أو الفرعيْب من العرش نفسو‪ ،‬وقد كانت البنت حْب والدهتا ُزبطب البن‬
‫عمها‪ .‬وقد أخبتِب عجوز بأف اعبميع ينتظر حْب والدة األـ‪ ،‬فإف ولدت ذكرا قامت األفراح‬
‫والزغاريد‪ ،‬وتكب أكثر يف ختانو‪ .‬وإف ولدت بنتا حزنوا وخطبوىا لفالف ابن عمها (يف اللهجة احمللية‪:‬‬
‫وىا) وتُشهر يف وسط القبيلة بأف فالنة ُظبّْيت لفالف‪.‬‬
‫يقولوا نْ َس ُّم َ‬
‫وبالعودة لنص اغبكاية قبد بأف العرس يُقاـ رغم رفض بطلة اغبكاية للزواج ما يُؤكده ىرؤّا الداؿ‬
‫معا ْه للجبل"‪ 2‬علما أف عائلتها‬ ‫ِ‬ ‫ت لُونجة اِ ِ‬
‫ت َ‬‫وى ْربَ ْ‬
‫وىا ُ‬
‫يديها في اي ْد ُخ َ‬ ‫على رفضها لالرتباط " َد َار ْ ْ‬
‫الٍب من اؼبفروض أف تعود الفرد على اغبياة آّتمعية اؼببنية على األخذ والعطاء وتنمية فكره بطريقة ال‬
‫شعورية غبياة زوجية مستقبلية مرضية ومروبة‪ 3‬وباػبصوص والديها وأخص بالذكر أكثر والدىا‪ ،‬كانوا‬
‫موافقوف على الزواج حْب طلبوا منها العودة فجاءىا أخوىا "جاىا ُخ ِ‬
‫وىا لي بِ ْ‬
‫ش يِْتـ َزَّو ْج َها وقال لها‪:‬‬ ‫ََ َ‬
‫ت‬‫ين ُكنِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُوخ ْيتِي‪َ ،‬د ْربِيلِي َسلْفء الد َ‬
‫ِّال ْل ونَطْلَ ْع َم َع ْ‬
‫وس الجبال‪ ،‬قالت لها م ْ‬ ‫اك ُلر ْ‬ ‫يا لونجة يا أ َ‬
‫يجلِي‬
‫ت ْار ِو ْ‬ ‫وس الجبال‪ ،‬وكِي عُ ِد ْ‬ ‫اك ل ُْر ْ‬ ‫ِّال ْل‪ ،‬ونَطْلَ ْع ْم َع ْ‬
‫ك َسلْف الد َ‬ ‫ُوخيِّي‪ ،‬انْ َد ْربِيلَ ْ‬
‫أ َ‬

‫(زوجي)‪ْ ،‬اىبَ ْط ُشوَكة‪ ،‬أطْلَ ْع يا ِجبَ ْل أَطْلَ ْع" وكذلك األمر بوالدىا " َج َ‬
‫‪4‬‬
‫ال لها‪ :‬يَا لُونْ َجة‬ ‫اىا وقَ ْ‬
‫اىا ابَّ َ‬
‫ك‬‫ين ُك ْنت أُبَّـيِّي‪ ،‬انْ َد ْربِيلَ ْ‬ ‫اك لُروس الجبال‪ .‬قَالَ ْ ِ‬ ‫يا بْـنَـ ْيتِي‪َ ،‬د ْربِيلِي َسلْف الد َ‬
‫ت لو م ْ‬ ‫ْ‬ ‫مع ْ‬
‫ِّالل ونَطْلَ ْع َ‬
‫يمي‪،‬ا ْىبَ ْط‪ .‬أَطْلَ ْع يا جبل أطْلَ ْع"‪.5‬‬ ‫وس الجبال‪ ،‬وكِي عُ ِد ْ‬
‫ت ا ْع ِم ِ‬
‫اك ُلر ْ‬‫ِّال ْل ونَطْلَ ْع ْم َع ْ‬ ‫َسلْف الد َ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬ؿبمد بيومي خليل‪ ،‬سيكولوجية العالقات األسرية‪ ،‬دار قباء للنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،2000 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ - 4‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪021‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫زواج األخ من أختو‬

‫زواج ابن العم من العرش من بنت عمو‬ ‫زواج ابن العم األصلي من بنت عمو‬

‫والعيب ىنا ليس يف الزواج من األقارب‪ ،‬فحكاية (غرود عالية) تزوجت البطلة من ابن عمها‪ ،‬كما أف‬
‫البنت قد تتزوج بعيدا عن صلة القرابة‪ ،‬حينها قد ال ترى أىلها البتة مستقبال‪ ،‬فقد ترحل مع قافلة‬
‫زوجها وقد ال تعود إُف ديارىا إال نادرا‪ .‬وإمبا اػبطأ يف الطريقة الٍب يتم ّٔا الزواج‪:‬‬
‫‪ -‬زواج البنت يف سن مبكرة‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ استشارة البنت يف اختيار شريك حياهتا‪.‬‬
‫‪ -‬رؤية البنت بأهنا عالة على العائلة مذ والدهتا‪.‬‬
‫إف ما يثبت بأف الراوي يرفض مثل ىذه العادات والطقوس ىو عدـ اكتماؿ الزواج يف الشق األوؿ‬

‫الص ِغ ْير و َش ُّدوا َ‬


‫الخ َال ْء"‪ 1‬ولو أف‬ ‫وىا ِّ‬ ‫وى ِربْ ْ‬
‫ت لونجة مع ُخ َ‬ ‫من اغبكاية‪ ،‬حْب ىربت (لوقبة) " ُ‬
‫الراوي استحسن ىذا الزواج لتم بالفعل وانتهت اغبكاية‪.‬‬
‫يف اؼبقطع السردي الثاين للحكاية الذي يبدأ من ىروب البطلة حٌب هنايتها‪ ،‬قبد بأف الزواج قد مت‬
‫فعال‪ ،‬بعد أف وافقت (لوقبة) على الزواج من (السلطان)‪ .‬فقد طلب (السلطاف) لوقبة بأف يتزوجها‬
‫واج"‪ 2‬وقبلت البنت بشرط ووافق عليو السلطاف‬ ‫ِ‬
‫الز ْ‬
‫ب منها َّ‬
‫حْب قاؿ " َشافْـ َها السلطان‪ ،‬ع ْجبَاتَ ْو‪ ،‬طَلَ ْ‬
‫ش يتوقفوا عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتزوجا " قِ ْبـلَ ْ‬
‫ت‬
‫صي ْد الغزالن‪ ،‬قبل السلطان‪ ،‬واتْـ َزَّو َج ْ‬ ‫ت‪ ،‬إذا ُىو يَام ْر الناس بِ ْ‬
‫لونجة من السلطان"‪.3‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪022‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬فهل حقيقة كاف السلطاف يعيش باعبوار؟‪‬‬


‫لقد مثلت شخصية (السلطاف) الزوج اؼبثاِف لدى الراوي‪ ،‬وبالتاِف الطريقة اؼبقبولة للزواج عنده‪،‬‬
‫والعادة والتقليد اؼبناسبْب ؼبثل ىذه الطقوس االجتماعية عن طريق اػبطبة الٍب يتعرؼ فيها اػباطباف‬
‫ويتشاوراف فيما بينهما ويتشارطاف فيكوف الزواج على بصّبة فبا يدعونبا إُف االقَباف‪ .1‬فمثل ذلك‬
‫مفارقتْب عجيبتْب نبا‪:‬‬
‫السلطاف‬

‫صاحب اػبلق والتواضع‬ ‫سلطاف القلب والتوافق‬ ‫السلطاف صاحب السلطة الوحش اؼبفَبس للمرأة‬
‫وتقدير اؼبرأة‬ ‫والقوة واؼباؿ‬

‫‪ -‬األوُف االفَباضية (السلطاف صاحب السلطة والقوة واؼباؿ)‪ :‬يتصور يف ذىن القارئ ذلك الشخص‬
‫الذي يبلك كل شيء‪ ،‬القصور والكنوز واعبواري‪ ،‬اآلمر الناىي الذي يشّب فيُطاع‪.‬‬
‫‪ -‬الثانية اغبقيقية (صاحب اػبلق والتواضع وتقدير اؼبرأة)‪ :‬الرجل الذي احَبـ اؼبرأة واستشارىا وَف‬
‫يغصب عليها رأيو‪ ،‬ولىب شرطها اؼبتواضع‪.‬‬
‫‪ -‬ومن جهة أخرى يَباءى للمرأة صورة متوحشة للرجل الذي يرغب يف الزواج منها‪ ،‬صورة وباكيها‬
‫ويصورىا الواقع اؼبعاش بسبب اغتصاب اغبق يف حرية االختيار‪ ،‬فبا يرسم يف ذىنية كل أنثى مقبلة‬
‫على الزواج صورة الوحش اؼبفَبس‪.‬‬
‫‪ -‬كما يبثل السلطاف ذلك الزوج أو الرجل الذي يتقدـ ػبطبة البنت فتحبو الفتاة لوجود شروطها‬
‫الظاىرية والباطنية فيو‪ ،‬فتحبو وتتوؽ للزواج واالرتباط بو‪.‬‬

‫‪ - 1‬أبو أنس‪ ،‬الزواج أحكاـ وآداب وشبرات‪ ،‬مكتبة ماجد البنكاين‪ ،‬العراؽ‪ ،2004 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪023‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وما يدؿ على رؤية الراوي للمنظور الثاين لشخصية (السلطاف) أنو َف يأمرىا بالزواج منو بالقوة‪ ،‬بل‬
‫عكس ذلك سباما‪ ،‬فرغم حاجة البطلة ؼبن وبميها فقد رفضت قبوؿ عرضو للزواج ما َف يليب شرطها‬
‫ش يتوقفوا عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اؼبتمثل يف وقف صيد الغزالف " قِ ْبـلَ ْ‬
‫صي ْد الغزالن"‪ .1‬وما‬ ‫ت‪ ،‬إذا ُىو يَام ْر الناس بِ ْ‬
‫استشارة الرجل للبطلة حوؿ االرتباط بو دوف عنف أو تشديد إال داللة قوية حوؿ طقوس الزواج الٍب‬
‫هبب أف تكوف موجودة يف وسط آّتمع‪ ،‬والنهاية السعيدة للحكاية إال برىاف كذلك على ما سبق‬
‫ت لونجة مع السلطان في ىناء"‪.2‬‬
‫وعا ْش ْ‬
‫قولو " َ‬
‫إف توافق وجهات النظر بْب صنفي آّتمع (الرجل واؼبرأة – البنت والشاب – الزوج والزوجة)‬
‫ضروري حٌب تستمر اغبياة‪ ،‬فال يُعقل بأف تتزوج البنت من شاب ال تعرؼ عنو شيئا حٌب مالؿبو‪،‬‬
‫فكثّبا من النساء قديبا يف ؾبتمعنا السويف تزوجن وَف يرين أزواجهن إال حْب دخوؽبم عليهن‪ ،‬فبا صور‬
‫لدى اؼبرأة فكرة سلبية عن الزوج بصفة عامة‪ ،‬فهو الوحش الذي يفَبسها دبجرد دخولو عليها‪،‬‬
‫فاإلسالـ شرع للخاطب أف يرى ـبطوبتو كما شرع للمخطوبة أف تنظر إُف خطيبها ليكوف االثنْب‬
‫على بينة يف اختيار شريك اغبياة‪ 3‬واتفقا على مبادئ اغبياة بينهما‪ ،‬حينها زالت الصورة اؼبشوشة‬
‫حوؿ الرجاؿ من النساء حسب اغبكاية‪ .‬وال يقصد الراوي من كالمو اػبلوة غّب الشرعية واالكبالؿ‬
‫اػبلقي‪ ،‬بل ما يتفق مع الشرع والعادات اغبميدة‪ .‬بالتاِف يبثل (السلطاف) ذلك الرجل الذي زبتاره‬
‫العائلة عن قناعة تامة دبشورة البنت الٍب ترى فيو الرجل الذي وبميها ووبَبمها ويكفل ؽبا حقوقها‪.‬‬
‫يف القصص الشعيب عامة وباوؿ الراوي إظهار السلبيات يف ؾباالت ـبتلفة‪ ،‬فينقدىا ويبز أخطارىا‬
‫على آّتمع كافة‪ ،‬كما يٌثِب على اؼبظاىر اإلهبابية ويعززىا‪ .‬ويف حكاية (لوقبة) عاًف ظاىرة اجتماعية‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل ناصح علواف‪ ،‬آداب اػبطوبة والزفاؼ‪ ،‬دار السالـ للطباعة والنشر‪ ،‬جدة‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪024‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫انتشرت يف بيئتو وزمانو‪ ،‬وتزاؿ إُف يومنا ىذا يف بعض العروش‪ ،‬أال وىي الزواج‪ .‬ويبكن استنتاج‬
‫وجهْب لنفس العملة من اغبكاية‪:‬‬
‫زواج البنت‬

‫‪ -1‬يف سن صغّبة دوف استشارهتا واغتصاب حقوقها ‪ -2‬يف سن مقبولة مع اؼبشورة وضباية حقوقها‬
‫‪ -‬مثلو الراوي بزواج لوقبة من السلطاف‬ ‫‪ -‬مثلو الراوي بػػزواج األخ من لوقبة‬
‫‪ -‬زواج إهبايب وببذه الراوي‬ ‫‪ -‬زواج سليب يرفضو الراوي‬
‫‪ -‬هنايتو سعيدة غالبا‬ ‫‪ -‬هنايتو غّب مضمونة‬
‫‪ -‬مت الزواج يف اؼبسار السردي للحكاية‬ ‫‪َ -‬ف يتم الزواج يف اؼبسار السردي للحكاية‬

‫‪ -1‬زواج "لوقبة" من أخيها‪َ :‬ف يتم الزواج وبالتاِف ىذه ظاىرة سلبية تستدعي التغيّب والنقد‪ ،‬أي ال‬
‫بد من استشارة البنت اؼبقبلة على الزواج فيما ىبص مستقبلها حٌب تصل السن اغبقيقية للزواج لتكوف‬
‫قادرة على ربمل اؼبسؤولية كاملة‪.‬‬
‫‪ -2‬زواج "لوقبة" من السلطاف‪ :‬مت الزواج‪ ،‬وبالتاِف الظاىرة إهبابية تستدعي التعزيز والثناء‪ ،‬فقد‬
‫َّيب‪ -‬صلى اهلل عليو وسلم‪ -‬قَ َاؿ‪َ  :‬م ْن َكا َف يػُ ْؤِم ُن‬ ‫أوصانا رسولنا الكرًن ّٔن‪َ .‬ع ْن أَِيب ُىَريْػَرةَ َع ِن النِ ّْ‬
‫َّه َّن ُخلِ ْق َن ِم ْن ِضلَ ٍع‪َ ،‬وإِ َّف أ َْع َو َج َش ْي ٍء‬ ‫بِاللَّ ِو والْيػوِـ ْاآل ِخ ِر فَ َال يػؤِذي جاره‪ ،‬واستػوصوا بِالن ِ‬
‫ّْساء َخْيػًرا‪ ،‬فَِإنػ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َ َُ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ َْ‬
‫ّْس ِاء َخْيػًرا ‪‬‬ ‫استَػو ُ ِ‬
‫صوا بالن َ‬
‫ِ‬
‫يموُ َك َس ْرتَوُ‪َ ،‬وإ ْف تَػَرْكتَوُ ََفْ يَػَزْؿ أ َْع َو َج‪ ،‬فَ ْ ْ‬
‫الضلَ ِع أَع َاله‪ ،‬فَِإ ْف ذَىب ِ‬
‫ت تُق ُ‬‫َْ َ‬ ‫ِيف ّْ ْ ُ‬
‫باإلضافة إُف الزواج الذي مثَّل اؼبوضوع الرئيس يف اغبكاية‪ ،‬قبد بْب سطورىا عدد من الدالالت‬
‫اؼبختلفة األبعاد نلخصها يف اعبدوؿ اآليت‪:‬‬

‫‪025‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أنواع األبعاد الداللية‬ ‫ما يجب أن يكون من‬ ‫ما كان في الواقع‬ ‫األبعاد الداللية‬
‫منظور الراوي‬ ‫المعاش‬
‫حسب نص الحكاية‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫إعطاء البنت حرية اختيار‬ ‫تزويج البنت دوف‬ ‫الزواج‬
‫الشريك‬ ‫استشارهتا‬
‫بعد دالِف ثقايف‬ ‫الطقوس اؼبصاحبة لزفاؼ‬ ‫طقوس الزواج‬
‫البنت من فتوؿ للشعر‬
‫والغناء واللباس‬
‫بعد دالِف ديِب‬ ‫قياـ أىل سوؼ بفريضة‬ ‫اغبج‬
‫اغبج‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫العدؿ بْب الزوجات‬ ‫تعدد الزوجات وتفضيل‬ ‫تعدد الزواج‬
‫الزوجة عن الثانية‬

‫‪ -5‬حكاية "النصيص والغولية"‬


‫إف القراءة العمودية للحكاية تؤدي إُف فك شيفرة ؾبموعة من الرموز‪:‬‬
‫ِ ِ‬
‫‪ -‬زواج الرجل من سبعة نساء ‪َ ":‬كاي ْن َراج ْل مْتػَزّْو ْج َسبَػ َعة نَ َس ِو ْ‬
‫ين"‬
‫اح‬ ‫وال ِ‬
‫ش األ َْوَال ْد‪َ ،‬ر ْ‬ ‫اجابُ َ‬ ‫َّس ِو ْ‬
‫ين َم َ‬ ‫اك الن َ‬ ‫‪ -‬فضَّل الرجل األوالد الذكور على البنات‪َ " :‬و َى ْ‬
‫‪1‬‬ ‫ش يِ ِدير بِ ْ ِ‬
‫ش يِج ْ‬
‫يب لَ ْوَال ْد"‬ ‫ش يِ َدبِّـ ْر َعنَّ ْو ِو ْ ْ‬ ‫اج ْل لِ َّ‬
‫لدبَّ ْار بِ ْ‬ ‫الر ِ‬
‫َّ‬
‫‪ -‬العدد سبعة وصبغتو اؼبعتقدية‪ :‬سبع نساء‪ -‬سبع تفاحات‪ ،‬سبعة أوالد‪.‬‬
‫‪ -‬شخصية الدبار‪ :‬ىذه الشخصية الٍب كثّبا ما يستعْب ّٔا راوي القصص احمللي يف حكاياتو‪.‬‬
‫‪ -‬تفصيل الوالد لألبناء األصحاء على اؼبريض‪ :‬حْب ميز بْب أوالده وبْب بطل اغبكاية‪.‬‬
‫‪ -‬إضافة إُف رمز (الغوِف – الغولية ) جبميع شخصياهتا يف اغبكاية‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230-216‬‬


‫‪026‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إف تعدد الزوجات لدى الرجل الواحد يف وادي سوؼ قديبا عادة كثّبة الشيوع‪ ،‬فال زبلوا قبيلة إال‬
‫ووجدت رجاال تزوجوا مثُب وثالث ورباع‪ ،‬وأثر ىذه الظاىرة االجتماعية موجود غبد اآلف‪.‬‬
‫والراوي يف نص اغبكاية أشار إُف أف الرجل تزوج سبع نساء وىذا يتناىف مع الشرع والقانوف‪ ،‬فلماذا‬
‫ِ ِ‬
‫س ِو ْ‬
‫‪1‬‬
‫ين"‬ ‫ذكر الراوي ذلك رغم علمو اؼبسبق بعدـ صحة كالمو؟ " َكاي ْن َراج ْل م ْتـ َزِّو ْج َسبَـ َعة نَ َ‬
‫يُظهر لنا نص السارد أف تفضيل األوالد الذكر على اإلناث فكرة مَبسخة يف ذىنية أفراد آّتمع‬
‫قديبا‪ ،‬فيمكن أف الزوجات قد أقبنب بناتا‪ ،‬لكن الرجل أراد الذكر من البنْب‪ ،‬فأعاد الزواج وكرره مرة‬
‫تلو األخرى بغية أف تنجب لو أحدى الزوجات الولد‪ ،‬حٌب عجز عن ذلك‪ ،‬ويف حقيقة األمر أنو َف‬
‫يتزوج سبعة نساء مثلما ذكر الراوي بْب سطور النص‪ ،‬لكن اغبقيقة اػبفية ربت السطور أنو تزوج‬
‫أربع مرات وفق الشرع‪ ،‬وىنا يبالغ السارد يف ذلك ويذكر السبعة نساء لسببْب‪:‬‬
‫‪ -‬اعتقاد آّتمع السويف قديبا يف العدد سبعة‪ ،‬فهو مقدس يؤثر يف النفوس من خالؿ الطقوس الٍب‬
‫تُرافقو‪ ،‬فبمجرد ذكره يف موقف معْب إال وترؾ أثره يف القصص الشعيب‪ ،‬فالعدد سبعة كثّبا ما ارتبط‬
‫باؼبعتقد الشعيب والذاكرة الشعبية‪ ،‬فعدد األياـ سبعة‪ ،‬والسماوات سبع‪ ،‬وخلق الكوف يف سبعة أياـ‪،‬‬
‫وىبًب الرضيع يف اليوـ السابع تطبيقا للسنة النبوية‪ ،‬ويغيب العريس عن بْب أىلو سبعة أياـ يف عاداىم‬
‫ُ‬
‫‪ -‬لكي يُظهر لنا ىذه اغبقيقة يف تفضيل الذكور عن اإلناث‪ ،‬فبالغ يف عدد الزوجات إُف حد كبّب‪،‬‬
‫يتوقف فيو عن الزواج‪ ،‬واغبقيقة أربع زوجات وليس سبعة‪ ،‬وإال ؼباذا َف يتزوج الثامنة والتاسعة‪ ...‬وىنا‬
‫َف يقدر الزوج إضافة اػبامسة‪" .‬ففي كل مرة يتزوج وال وبصل على الولد الذكر‪ ،‬وبقي يف سّبتو حٌب‬
‫أكمل الزوجة الرابعة‪ ،‬حينها ازبذ طريقة أخرى ليبلغ مراده‪ .‬وقد تُطلق اؼبرأة يف حاؿ عقرت عن‬
‫‪2‬‬
‫اإلقباب أو أقببت بناتا فقط‪ ،‬وقد يتزوج عنها‪ ،‬وىذا أمر عادي يف آّتمع السويف"‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬علي غنابزية‪ ،‬ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية‪ ،‬ص ‪.536‬‬
‫‪027‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تعدد الزواج‬

‫الزوجة تنجب البنات فقط‬ ‫الزوجة عاقر‬


‫حْب شعر الرجل بنقص يف نفسو وحاجة للذكر الذي يراه السند والظهر الذي يستند عليو‪ ،‬والنسل‬
‫الذي وبفظ بو نسلو واظبو وعائلتو‪ ،‬وىو الوريث الشرعي للماؿ ولغابة النخيل واغبيوانات من اإلبل‬
‫والغنم وغّبىا من اإلرث‪ ،‬فقديبا تتم إجراءات البيع والتقسيم أو التصدؽ واؽببة للمّباث بقصد منع‬
‫اؼبرأة من حقها الشرعي للمّباث حبجة أف اؼباؿ يستفيد منو الصهر الذي يبقى غريبا عن العائلة رغم‬
‫الر ِ‬
‫اج ْل‬ ‫اح َّ‬
‫‪1‬‬
‫ذلك ‪ .‬كل ىذا جعل من الرجل هبد يف حبثو عن الطرؽ الٍب تؤدي بو إُف الولد " َر ْ‬
‫ات وا ْع ِطي ل ُك ْل‬ ‫اك َسبَ ْع تُـ َّف َ‬
‫اح ْ‬ ‫يب لَ ْوَال ْد‪ ،‬قَالَّ ْو َّ‬
‫الدبَّ ْار َى ْ‬ ‫ش يِ ِدير بِ ْ ِ‬
‫ش يِج ْ‬ ‫ش يِ َدبِّـ ْر َعنَّ ْو ِو ْ ْ‬ ‫لِ َّ‬
‫لدبَّ ْار بِ ْ‬
‫اك َّ ِ‬ ‫س ِوينِ ْ‬ ‫ِ‬
‫احة"‪ 2‬وىذه من عادات‬ ‫الراج ْل ل ُك ْل َم َرا تُـ َّف َ‬ ‫ك تُـ َّف َ‬
‫احة تَا ُكل َْها‪ .‬أَ ْعطَى َى ْ‬ ‫َو ْح َدة م ْن نَ َ‬
‫اعباىلية‪ ،‬فكيف البن آدـ أف يعَبض على قضاء اهلل وقدره‪ ،‬ونسي آّتمع عموما والرجاؿ خصوصا‬
‫شر بأنثى‪.‬‬
‫أف رسولنا الكرًن –صلى اهلل عليو وسلم‪ -‬قاؿ‪ :‬خيركم من ب ّ‬
‫عجز الرجل عن اقباب الذكور بالطريقة الشرعية – أال وىي الزواج – ازبذ سبيال آخر ينايف‬
‫ش يِ َدبِّـر َعنَّ ْو ِو ْ ِ‬
‫ش يِد ْير َ‬
‫(ما َذا‬ ‫اج ْل لِ َّ‬
‫لدبَّ ْار بِ ْ ْ‬
‫الر ِ‬
‫اح َّ‬
‫الشرع‪ ،‬فػ "الدبار" وسيلة للقضاء على النقص " َر ْ‬
‫يـ ْفعل) بِ ْ ِ‬
‫ش يِج ْ‬
‫يب لَ ْوَال ْد"‪ 3‬ىذا األخّب الذي أعطاه اؼبفتاح السري لكي تنجب الزوجات الذكور‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫فمن ىو الدبار ىذا ؟‬
‫يف حكايات كثّبة قبد شخصية (الستوتة) شرية تؤذي البطل يف مسار اغبكاية بشٌب الطرؽ وأمثلة‬
‫ذلك كثّبة يف السرد القصصي اعبزائري‪ .‬وما منع الراوي من ذكرىا بدؿ ( الدبار) ىو عدـ احتكاؾ‬

‫‪ - 1‬علي غنابزية‪ ،‬ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية‪ ،‬ص ‪.524‬‬
‫‪ - 2‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ‪ -‬ص ‪.230-216‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪028‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الرجل بالنساء يف آّتمعات احمللية القديبة مهما كانت األسباب‪ ،‬وذلك طبعا لألجانب والغرباء الذين‬
‫ال تربطهم صلة الرحم أو القرابة‪ ،‬فوجد من (الدبار) الشخصية الذكورية رمزا إلظهار اغبدود بْب‬
‫الرجل واؼبرأة‪ .‬يؤمن أىل سوؼ بالسحر والسحرة وأصناؼ الشعوذة والتطّب‪" ،‬فنجدىم يؤمنوف بالفأؿ‬
‫ات‬
‫َّاح ْ‬
‫اؾ َسبَ ْع تُػف َ‬ ‫الرجل سبع تفاحات " قَالَّ ْو َّ‬
‫الدبَّ ْار َى ْ‬ ‫َ‬ ‫لدبار)‬ ‫(ا‬ ‫أعطى‬ ‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫ويتطّبوف من نذر الشر"‬
‫َّاحة تَا ُك ْل َها"‪ 2‬وىو رمز لنوع من أنواع السحر الذي عُرؼ يف‬ ‫و ْاع ِطي ل ُك ْل َو ْح َدة ِم ْن نَ َس ِوينِ ْ‬
‫ك تُػف َ‬
‫سوؼ قديبا‪ ،‬وىو رسم ىندسي بو رموز وحروؼ غريبة ظبيت باػبوامت السبعة الٍب تساعد صاحب‬
‫اغباجة يف اغبصوؿ على حاجتو‪.3‬يف حْب (الدبار) ىو شخصية خّبة تساعد الناس يف حل‬
‫(دبػََّر) أي‬
‫(دبَّار) من الفعل َ‬
‫مشاكلهم اغبياتية‪ ،‬شخصية من كبار القبيلة اؼبعروفة باغبكمة‪ ،‬فلفظة َ‬
‫احب ِي َدبِّـ ْر َعلَ َّي" وىو مثل شعيب يلخص اغبّبة والغموض‬
‫ص ْ‬‫نصح‪ .‬ويقوؿ أىل سوؼ قديبا‪َ " :‬كانَك َ‬
‫اللذاف يشعر ّٔما الفرد‪ ،‬فيلجأ إُف صاحبو لينصحو ويرشده إُف الصواب‪.‬‬
‫الدبار‬

‫مشعوذ يتخذ من السحر وسيلة للكسب من كبار القوـ معروؼ باغبكمة والتجربة‬

‫وىنا مزج الراوي بْب مفهومْب لشخصية (الدبار) حْب ارتبط باػبّب تارة يف الفكر العامي الشعيب‪،‬‬
‫وبالشر تارة أخرى حْب دخل ؾباؿ الشعوذة والكهنة الذين يلجؤوف إُف السحر للوصوؿ إُف مآرّٔم‪.‬‬
‫ت ُك ْل َم َرا ِولَ ْد "‪ 4‬وبلغ الرجل مراده وربققت‬
‫أقببت الزوجات السبع ذكورا " وبَـ ْعد َع ْام َجابَ ْ‬
‫أمنيتو وتغلب على النقص الذي عاىن منو لسنوات‪ ،‬فناؿ الولد وابتسمت لو اغبياة أخّبا‪ .‬ومن‬

‫‪ - 1‬بن ساَف بن ىادؼ‪ ،‬سوؼ تاريخ وثقافة‪ ،‬ص ‪.164‬‬


‫‪ - 2‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪ - 3‬بن ساَف بن ىادؼ‪ ،‬سوؼ تاريخ وثقافة‪ ،‬ص ‪.166‬‬
‫‪ - 4‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪031‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫اؼبظاىر االجتماعية اؼبنتشرة بْب أوساط آّتمع السويف قديبا التمييز العنصري بْب البنات واألوالد من‬
‫جهة‪ ،‬وبْب اؼبريض والصحيح من جهة أخرى‪ ،‬وقد أشار الراوي ؼبثل ىذا ربت أسطر نصو‪ ،‬فاألب‬
‫ميز بْب أوالده األصحاء عن أخيهم اؼبريض الذي رمز لو بلفظة (النصيص) حْب فارؽ بينهم وبينو يف‬
‫يص‪،‬‬ ‫(حصان) ِغير الن ِ‬
‫وشرالْهم (ا ْشتـرى لهم) ابَّاىم ِخ ِ‬
‫ِ‬
‫َّص ْ‬ ‫ْ‬ ‫يل َ‬‫ُْ ْ‬ ‫أف اشَبى ؽبم أحصنة ما عدا البطل " َ ُ ْ َ َ‬
‫يما ا ْخ ْوتِي"‪ 1‬فػ (النصيص) رمز‬‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّصيص يِْبكي أل َُّم ْو وقَالل َْها ابَّايَا َح َق ْرني َ‬
‫وما ش َراليشي ك َ‬ ‫اح الن ْ‬
‫َر ْ‬
‫للمولود اؼبريض الذي يعاين عاىة جسدية أو خلقية‪ ،‬أو ذلك الوليد الذي زبلف يف مبوه عن أخوتو‪،‬‬
‫وقد تكوف أمو سببا يف ذلك بسبب مرض تعاين منو أثر على صحتها وانتقل اؼبرض إُف رضيعها‪ ،‬وقد‬

‫ص َو َخلَّ ْ‬
‫ت‬ ‫يكوف ىذا ما فسره نص اغبكاية يف أكل اؼبرأة لنصف التفاحة " كا ْن َم َرا َو ْح َدة كِلَ ْ‬
‫ت نُ ْ‬
‫مع َزة وكِلَ ْ‬
‫ت الـِ ْ‬
‫‪2‬‬
‫ُّص"‬
‫اك الن ْ‬
‫ت َى ْ‬ ‫ص‪َ ،‬ج ْ‬
‫نُ ْ‬
‫النصيص‬

‫مولود متخلف يف مبوه بسبب مرض أمو‬ ‫مولود بعاىة خلقية أو جسدية معينة‬

‫إف الولد إذا كاف موسوما بعاىة أو مرض مزمن ذبده يعاين من نظرة آّتمع إليو وغالبا ما قبد أقرّٔم‬
‫إليو أكثرىم ظلما وسبييزا بينو وبْب األصحاء من األوالد‪.‬‬

‫وبالعودة إُف نص اغبكاية‪ ،‬قبد أف الوالد قد أصابتو اغبّبة بسبب ابنو (النصيص) فرغم مرضو‬

‫ص ْي ُدوا والنِ ْ‬
‫صيص‬ ‫وضعفو اعبسدي إال أنو دائما ما يتغلب عن أخوتو األصحاء "وَكا ْن األ َْوالَ ْد يِ َ‬
‫ب يِ ْع ِر ْ‬
‫ف إِبَّ ُ‬
‫اى ْم َم ْن ُىو‬ ‫"ح‬ ‫اختبارىم‬ ‫إُف‬ ‫دفعو‬ ‫فبا‬ ‫‪3‬‬ ‫ِ‬
‫لهم)صي ْد ُى ْم"‬ ‫يتِ ْحاَيَ ْل ع ْنـ ُهم ويُِف ُك ْل ُه ْم (يأخذ‬
‫َ ْ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪030‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الذكِي‪ ،‬وبِ َعثْـ ُه ْم َ‬


‫للخ َال ْء"‪ 1‬وىنا بدا بطل حكايتنا يف اغبركة والتنقل بْب عاؼبي الواقع واػبياؿ‪،‬‬ ‫يه ْم َّ‬
‫فُ‬
‫ِ‬

‫أو كما رمز لو (فالديبّب بروب) بوظيفة االنتقاؿ من فبلكة إُف فبلكة أخرى‪ ،‬وىو يف اغبكاية يتنقل‬
‫بْب العاَف الواقعي وبْب عاَف الغيالف‪ ،‬فما ىو الغوؿ؟ الغوؿ من الكائنات الغيبية اػبارقة الٍب ارتسمت‬
‫يف الذىنية الشعبية وعاشت يف ـبيلة الشعوب منذ أقدـ العصور على أنو كائن غريب متوحش رىيب‬
‫يف صفاتو‪ .‬ولكن الغوؿ يف باطنو يبثل كثرا من اؼبعاَف اؼبعنوية أو اؼبادية أو البشرية‪ ،‬ولنا تفصيل يف‬
‫ىذا‪.‬‬

‫الخير تَـ ْل َقى ِ‬


‫الخ ْير"‪ ،‬واعبزاء من صنف العمل كما يقاؿ‪ ،‬فهذا ما حرصت‬ ‫ِ ِ‬
‫يقوؿ أىل سوؼ‪" :‬د ْير ْ‬
‫اغبكاية على إظهاره على لساف راويها‪ ،‬فاألخوة ظلموا أخاىم واحتقروه واعتدوا عليو وميزوه على‬
‫أنفسهم ؼبرضو ولضعف جسده‪ ،‬رغم ذلك َف يبادؽبم (النصيص) اؼبشاعر ذاهتا‪ ،‬بل حرص على‬
‫ص َّدقُ ِوش" فقابل الشر باػبّب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫إيقاظهم وتنبيههم من خطر الغولة اؼبَبصدة ؽبم "ونَـبَّ ْو إخوتو لكن ما َ‬
‫وىي ظبة من ظبات الكرماء واألخيار من الناس‪ .‬لكن األخوة طغت على نفوسهم السذاجة والغباء‬
‫وحقدىم ألخيهم‪ ،‬فكانت سببا يف غدر الغولة ّٔم‪ ،‬وىنا مثلت األخّبة رمزا للعقوبة واعبزاء ؼبن‬
‫ت الغُولِيَّة‬‫يتمادى يف الظلم واالعتداء‪ ،‬وقد صورتو اغبكاية بأف أكلت الغولة أولئك الظاؼبْب " َج ْ‬
‫الستَّة"‪ 2‬أما النصيص فقد ىرب وقاده قدره أف وجد غولة أخرى يف طريقو " َى ْاو‬ ‫وكِلَ ْ‬
‫ت إِ ُخ ِوتَ ْو ِّ‬
‫يف تَـلَ ْح َقو الغولية حتى وصل لبيت غولية أخرى َد َّساتَ ْو ( َخبَّأَتْوُ) ِعنِ ْد َىا‪،‬‬
‫َّصيص يِ ْج ٍري َخِا ْ‬
‫الن ْ‬
‫ص َعة َع ْن الغُولِي يِ ُ‬
‫شوفَ ْو يَا ْكلَ ْو"‪ ،3‬وىنا مثلت الغولة رمزا للخّب عكس ما رمزت لو‬ ‫َد ْرقَاتَ ْو تَ ِح ْ‬
‫ت ال َق ْ‬
‫الغولة األوُف الٍب مثلت الشر اؼبَبصد بالنصيص‪ .‬وقد رمزت الغولة الثانية إُف ظبة كثّبا ما قبدىا يف‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪031‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أوساط آّتمع احمللي أال وىي إجارة اؼبلهوؼ‪ ،‬ظبة ُذبِب النفس البشرية على التخلي عن كل وساوس‬
‫الشر‪ ،‬فتلْب القوي الذي ُهبّب من وبتاجو ويطلب عونو فيأويو ووبميو‪ ،‬وتقوي الضعيف الذي يبذؿ ما‬
‫يبلك وأكثر إليواء من استجاره‪ .‬أما وجهها الثاين الذي سبثل يف ؿباولة التهاـ بطل اغبكاية " َحتَّا ْن‬

‫يص يْت َف ْاى ُموا بِ ْ‬


‫ش يَا ْكلُو ْه"‪ 1‬فقد رمز بو الراوي إُف الغدر‪،‬‬ ‫اس ِم ْع ُهم الن ِ‬ ‫تْـ َف ْاى ُموا بِ ْ‬
‫ِّص ْ‬ ‫ش يَا ْكلُو ْه‪ْ ْ ،‬‬
‫فآّّب قد ربيلو نفسو البشرية إُف الغدر دبن استأمنو‪ ،‬فيظهر ما يف النفس من وساوس شيطانية ونفس‬
‫َّأمارة بالسوء‪ .‬ودبقابلة النص السردي مع واقع آّتمع آنذاؾ‪ ،‬قبد أف سكاف اؼبنطقة يتمايزوف فيما‬
‫ت‬‫َّار وقِ ْع َد ْ‬ ‫ت الغُولِيَّة َش ْعلَ ْ‬
‫ت الن ْ‬ ‫اح ْ‬
‫بينهم وىذه صفة البشر عامة‪ ،‬فتغلب النصيص على الغولة " َر َ‬
‫ِ‬
‫ت"‪ 2‬ىو كسر للعادات والتقاليد الٍب ميز فيها‬ ‫وماتَ ْ‬
‫اس َها َ‬ ‫ب في البِ ْير بَِر ْ‬
‫اس َها َحتَّا ْن ا ْشع ْل َر ْ‬ ‫ض ُر ْ‬
‫تُ ْ‬
‫األفراد بْب األوالد يف آّتمع عامة والعائلة الواحدة خاصة‪ ،‬حْب ميزوا بْب األخ السقيم والعليل‪ ،‬وما‬
‫اعَباؼ الوالد يف هناية اغبكاية بقوة ابنو اؼبريض إال رفض لتلك الطريقة اػباطئة يف اؼبعاملة " َخ َر ْج‬

‫ِّصيص أَذْ َكى من أ َْوالَد ْه ال ُك ْل"‪.3‬‬


‫ف ابَّا ْه (أَبُوه) راَ ُىو الن ْ‬
‫وع َر ْ‬
‫ور َج ْع أل َْىلَ ْو َ‬
‫ِّصيص َ‬
‫الن ْ‬

‫ونلخص ىنا ما رمز لو الغوؿ يف اغبكاية‪ :‬الغوؿ‬

‫العادات والتقاليد اػباطئة‬ ‫الغدر‬ ‫إجارة اؼبلهوؼ‬ ‫العقوبة واعبزاء‬

‫يف اغبكاية عدد من األبعاد الداللية مستوحاة من البنية العميقة الٍب ربتاج إُف عدد من القراءات ذات‬
‫الدراسة العمودية لنصها السري‪ ،‬ونلخص يف اعبدوؿ اآليت أبرزىا‪:‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪032‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أنواع األبعاد الداللية‬ ‫ما يجب أن يكون من‬ ‫ما كان في الواقع‬ ‫األبعاد الداللية‬
‫منظور الراوي‬ ‫المعاش‬
‫حسب نص الحكاية‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫اؼبساواة يف معاملة األوالد‬ ‫التمييز بْب االبن اؼبريض‬ ‫التمييز العنصري بْب‬
‫والصحيح‬ ‫الذكور‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫تعدد الزواج مع العدؿ بْب‬ ‫تعدد الزواج حبثا عن‬ ‫تعدد الزواج‬
‫الزوجات والرضاء بقدر‬ ‫الذكور وتطليق الزوجة‬
‫اهلل وقضائو‬ ‫العاقر أو الٍب تنجب‬
‫البنات فقط‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫اؼبساواة يف اؼبعاملة يف‬ ‫التمييز بْب اؼبولود الذكر‬ ‫التمييز بْب الذكر واألنثى‬
‫إطار الشرع‬ ‫على األنثى‬
‫بعد دالِف ثقايف‬ ‫ؿباربة ىذه الفئة من‬ ‫اللجوء إُف الكهنة‬ ‫السحر‬
‫واؼبشعوذين بغرض قضاء آّتمع وعدـ اللجوء إليهم‬
‫مهما كانت األسباب‬ ‫حاجات معينة‬

‫‪ -6‬حكاية "شرف المرأة"‬

‫آّتمع السويف ؿبافظ إُف أبعد اغبدود‪ ،‬ورغم وجود عدد من العادات والتقاليد الٍب ال سبت‬
‫بصلة للدين اغبنيف‪ ،‬إال أف السكاف قديبا ال يتهاونوف فيما ىبص الشرؼ والعفة‪ ،‬وال ىبفى على‬
‫أحد أف اؼبناطق الصحراوية ظلت بعيدة عن االحتكاؾ باؼبدف وصخبها‪ ،‬أين يكثر الناس وتتنوع‬
‫الثقافات‪ ،‬فبعد الصحراء وصعوبة مناخها أدى بأىلها إُف االعتماد على أنفسهم يف كل شيء تقريبا‪،‬‬
‫فطبيعة اغبياة البدوية شكلت لزمن طويل عامل توازف بْب اإلنساف وطبيعة تبدو يف وىلتها األوُف‬
‫معادية لو أشد العداوة‪ ،‬إال أنو كيفها لصاغبو واعتمد عليها يف معيشتو‪.1‬‬

‫‪ - 1‬آندري روجر فوازاف‪ ،‬سوؼ مونوغرافيا‪ ،‬تر‪ :‬أبو بكر مراد‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪033‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يف اغبكاية لفظة (عسكر)‪ ،‬فقد ربط الراوي بْب احملتل الفرنسي وآّتمع السويف فبثال يف اؼبرأة‬
‫الٍب سافر زوجها بعيدا‪ ،‬واؼبعروؼ يف الوادي قديبا أف أرباب بعض العائالت يسافروف خارج الصحراء‬
‫سافِ ْر"‪ .2‬واؼبرأة السوفية امرأة ماكثة يف البيت وتعرؼ كيف‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫ْه‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫لكسب الرزؽ‪ 1‬يف " َكايِن مرا ر ِ‬
‫اج‬‫ْ ََ َ‬
‫ربافظ على نفسها وتريب أوالدىا يف غياب زوجها فال ذبد اػبيانة إليها سبيال‪ ،3‬وحْب طلب منها‬
‫أفراد اعبيش احملتل (العسكر) فتح الباب ؽبم رفضت رفضا قاطعا وضحت بأوالدىا يف مقابل الشرؼ‬
‫احوا"‪.4‬‬
‫ت البَاب‪.. .‬حتى قتل أوالدىا َوَر ُ‬ ‫والعفة "كِي َ‬
‫شافَـ ْتـ ُه ْم َس ْك َر ْ‬

‫يصور لنا اؼبقطع األوؿ من اغبكاية موقفا شهما بو الكثّب من العب حْب ضحت اؼبرأة بفلذة‬
‫كبدىا الذي تضحي بنفسها ألجلو‪ ،‬ولكن حْب تعلق األمر بالشرؼ ضحت بأغلى ما سبلك يف‬
‫حياهتا‪ ،‬فالولد يعوض واؼباؿ يعوض ولكن الشرؼ ىيهات ىيهات‪ .‬وقد فهمت اؼبرأة الشهمة ذات‬
‫النخوة أف زوجها سافر وترؾ أمانة شبينة‪ ،‬ويعلم بأف زوجتو صاحبة أمانة‪ ،‬فكيف ؽبا بأف زبذلو‪ ،‬وىو‬
‫الذي يتحمل مرارة الغربة عن أىلو وولده ليعيلهم ؟‪‬‬

‫ويف السياؽ ذاتو‪ ،‬روى ِف الوالد أف امرأة سافر زوجها‪ ،‬جاءىا رسوؿ ىببىا دبرض والدىا وأنو‬
‫عرؼ‬
‫طريح الفراش فرفضت الذىاب معو إُف بيت أبيها لعدـ مقدرهتا على أخذ اإلذف من زوجها‪ ،‬ويُ َ‬
‫على اؼبرأة السوفية احملافظة أهنا ال تتعدى عتبة بيتها دوف إذف زوجها‪ ،‬وعاد الرسوؿ ثانية ليخبىا بأف‬
‫اؼبريض وبتضر‪ ،‬فكاف ؽبا الرد ذاتو‪ ،‬وعاد مرة ثالثة ليخبىا بأف أبيها قد تويف‪ ،‬فحزنت وقالت رحم‬
‫اهلل أيب‪ ،‬ولكن ال أخرج من البيت فزوجي غائب‪ .‬فكاف ىذا يف ميزاف حسنات والدىا الذي أحسن‬

‫‪ - 1‬آندري روجر فوازاف‪ ،‬سوؼ مونوغرافيا‪ ،‬تر‪ :‬أبو بكر مراد‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫‪ - 2‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪ - 3‬آندري روجر فوازاف‪ ،‬سوؼ مونوغرافيا‪ ،‬تر‪ :‬أبو بكر مراد‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫‪ - 4‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230-216‬‬
‫‪034‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تربيتها فغفر اهلل لو ودخل اعبنة جراء ىذه الَببية‪ .‬فإذا كانت ىذه ردة فعل اؼبرأة مع والدىا احملتضر‪،‬‬
‫فلك أف تتخيل ماذا تفعل مع الغريب وأي غريب؟‪‬‬

‫فالناس ىنا وبرصوف على حفظ نسائهم وأمهاهتم وبناهتم يف البيوت وىم ال يَبددوف يف إقامة‬
‫العدؿ والقصاص فبن تسمح لو نفسو بالتطاوؿ على اغبرمة والشرؼ العائلي‪.1‬‬

‫يف اؼبتوالية السردية الثانية من اؼبسار اغبكائي‪ ،‬قبد بأف الزوج الغائب قد عاد من سفره "بعد‬
‫الس َفر"‪ 2‬وحكت لو زوجتو عن اغبادثة وَف يكن يبلك القدرة على أخذ حقو‬ ‫أَيَّامات جاء ر ِ‬
‫اجل َْها من َّ‬‫َ َ َ‬
‫والقصاص من قاتل أبنائو بيده‪ ،‬والسؤاؿ ىنا‪ :‬ؼباذا َف يسرد لنا الراوي بأف الزوج اقتص من غريبو وأخذ‬
‫بثأره بنفسو؟ فكاف باستطاعتو أف يقوؿ بأف األب ثأر بطريقة ما من القاتل‪ ،‬ولكنو َف يفعل ‪‬؟‬

‫آّتمع السويف ؾبتمع متكافل إُف أقصى الدرجات‪ ،‬يقف أفراده يف صف واحد ذباه الظلم والظاؼبْب‪،‬‬
‫وىي ظبة كثّبا ما تفاخر ّٔا الشعراء واؼبوردوف من أىل اؼبنطقة‪ ،‬حيث ذبدىم يعملوف كيد واحدة يف‬
‫غابات النخل ويتقاظبوف خّباهتا فيما بينهم‪ ،‬وال ينسوف اؼبريض وال الفقّب وال احملتاج منهم‪ ،‬ىذا يف‬
‫اعبانب االقتصادي‪ .‬ويف األعراس واؼبناسبات السعيدة ال ىبتلف األمر أبدا‪ ،‬فهذا يهدي أىل العرس‬
‫خروفا واآلخر ماعزا والثالث يهديهم الصوؼ والتمر وىكذا‪ ...‬وىي داللة على رص الصفوؼ‬
‫ووحدة العالقات االجتماعية واالقتصادية واالنسانية‪ .‬ووقفوا وقفة رجل واحد يف معاقبة اعباين‬
‫اؼبعتدي على عرض وشرؼ أخيهم احملتاج‪ .‬ؽبذا أراد الراوي أف يوصل رسالة لألجياؿ مفادىا أف‬
‫آّتمع السويف دبختلف أطيافو ال يُهاف يف داره وال مالو وال شرفو‪ ،‬وىذا تطبيقا لقوؿ اؼبصطفى صلى‬
‫وشَرفِ ِو فَػ ُه َو َش ِهيد‪ ،‬ورده على اعبُنات‬
‫وع ْر ِض ِو َ‬ ‫ِِ‬
‫اهلل عليو وسلم حْب قاؿ‪َ  :‬م ْن َم َ‬
‫ات ُدو َف َمالو َ‬

‫‪ - 1‬آندري روجر فوازاف‪ ،‬سوؼ مونوغرافيا‪ ،‬تر‪ :‬أبو بكر مراد‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫‪ - 2‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪035‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫اؼبعتدين واجب على كل فرد منهم دوف استثناء‪ .‬كما أف الفرد من العرش إذا تعرض ؼبواقف حرجة يف‬
‫حياتو‪ ،‬سواء أكاف ذلك خسارة يف ذبارة أو تلف أصاب غلة النخيل أو موت للغنم وغّبىا‪ ،‬وقف‬
‫معو أبناء عمومتو من عرشو يف ؿبنتو وساندوه وأوقفوه على رجليو مرة ثانية‪ .‬ىنا وظّف الراوي‬
‫شخصية (السلطاف) لتتدخل يف الوقت اؼبناسب‪ ،‬واستطاع بفضل القوة والسلطة الٍب طاؼبا امتاز ّٔا‬
‫على القصاص من القاتل‪ ،‬وشخصية (السلطاف) كثّبا ما استعاف ّٔا الراوي السويف يف قصصو‬
‫الشعيب‪ ،‬فرغم حياة البدو الرحل الٍب يعيشها سكاف الوادي قديبا وابتعادىم كل البعد عن اغبياة‬
‫اؼبدنية‪ ،‬الٍب تعرؼ البنايات والقصور واالزدحاـ‪ ،‬اؼبناسبة ؼبثل ىذه الشخصية القوية الٍب سبلك العدة‬
‫والعتاد والقصر الكبّب واغبياة اؼبتطورة مقارنة حبياة البداوة‪ ،‬وذكرىا يف ىذا السياؽ كاف مقصودا من‬
‫الراوي‪ ،‬فما يسمعو سكاف البادية عن ملك السلطاف وقوتو‪ ،‬وحاشيتو وجيوشو‪ ،‬يزرع يف نفوسهم‬
‫الفضوؿ للتعرؼ عليو‪ ،‬واحَباـ مقامو‪.‬‬

‫السلطاف‬

‫زعيم القبيلة وكبّبىا‬ ‫كل أىل القبيلة‬ ‫أبناء العمومة من العرش‬

‫حْب يعجز الراوي عن تغيّب الواقع اؼبعاش يف قبيلتو‪ ،‬يسند الدور إُف شخصية غريبة يبقى باب‬
‫التكهنات حوؿ حقيقتها مفتوحا‪ ،‬ف ػ (السلطاف) صاحب القصر والعدد والعدة‪ ،‬يستطيع من خالؽبم‬
‫القضاء على الشر الذي سبثل يف شخصية (العسكري)‪ ،‬فػػاؽبدؼ من (السلطاف) تغيّب ما عجز عن‬
‫تغيّبه الراوي من أبعاد اجتماعية‪ ،‬أخالقية‪ ،‬دينية‪ ...‬يرى الراوي سلبياهتا يف ؾبتمعو الذي يبارس مثل‬
‫ىذه األبعاد‪ ،‬وىنا يف اغبكاية أراد القضاء على من يتسببوف يف الظلم وانعداـ العدؿ واؼبساواة‪ ،‬ولكن‬

‫‪036‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫القدرة لديو ؿبدودة يف تغيّب واقعو‪ ،‬فما كاف عليو إال استدعاء الشخص القادر على التغيّب كبو‬
‫األفضل – أال وىو السلطاف ‪.-‬‬

‫وبالعودة لشخصية (العسكري)‪ ،‬ىذه الشخصية الٍب سبثل احملتل الفرنسي الغاشم الذي عاش فسادا‬
‫يف أرضو‪ ،‬امتلك القوة والسالح استغلها يف الظلم والتعدي عن اآلخرين‪ ،‬وىذا من بداية دخولو أرض‬
‫وطن الراوي ووطننا صبيعا‪ ،‬وما القضاء على الشر اؼبتأصل يف ىذه الشخصية إال قضاء على اؼبستدمر‬
‫الفرنسي‪ ،‬ورفض قاطع لوجوده يف أرضو ووطنو – الراوي – وىذا إف دؿ على شيء إمبا يدؿ على كره‬
‫آّتمع السويف لالحتالؿ الفرنسي وجنوده الذين وباولوف طمس عاداتو وتقاليده وبالتاِف ىويتو وإرثو‬
‫وتارىبو‪ .‬أما عن اؼبرأة السوفية الشريفة‪ ،‬فقد كافأىا اهلل على موقفها األخالقي‪ ،‬وتضحياهتا وصبىا‬
‫بأف وىبها أوالدا آخرين‪ ،‬وىذا داللة قاطعة أف اؼبظلوـ ينصره اهلل ولو بعد حْب‪ ،‬وأف اؼبستعمر‬
‫سيخرج من البالد عاجال أـ آجال‪ ،‬فاألجياؿ القادمة ستحمل راية اعبهاد واخراج العدو من الوطن‪،‬‬
‫الع ِس ْك ِري"‪ ، 1‬وَف يكن وقت‬ ‫ت المرا أَوَال ْد أُ ْخ ِر ِ ِ ِ ِ‬
‫ين وشفي غَليل َْها م ْن َ‬ ‫ْ‬ ‫صلَ ْ َ ْ‬ ‫ومز ؽبا الراوي ب ػ ػ " َح ْ‬
‫الس ْلطَا ْن"‪ 2‬بل‬
‫ت ُّ‬ ‫ت َحطَّانْـ َها َم َع َوقِ ْ‬
‫ت َحطَّا ْن َم ْر ْ‬ ‫والدهتا مع والدة زوجة السلطاف صدفة "وَكا ْن َوقِ ْ‬
‫كاف متعمدا من الراوي‪ ،‬وىي عالمة على امتالؾ اعبيل القادـ القوة إلخراج اؼبستعر من الوطن‪،‬‬
‫واإليباف الراسخ بأف من دخل بالقوة ال ىبرج إال ّٔا‪ ،‬وىذا حْب مت القصاص من (العسكري) بالطريقة‬
‫ذاهتا الٍب حاوؿ فيها التعدي على اؼبرأة‪ ،‬وقد أبدع الراوي يف وصف ىذه اغبادثة‬

‫تشّب رموز اغبكاية إُف خبة الراوي للحياة وللمستعمر الفرنسي الذي ال ؾباؿ للمفاوضة معو‬
‫صابِْر‬
‫"اصبُػ ْر يَا َ‬
‫وللنقاش‪ ،‬فالقوة وحدىا كفيلة بإخراجو مثلما دخل ّٔا بالضبط‪ .‬وكما يقوؿ السكاف‪ْ :‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪037‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تَػنَ ْاؿ اػبِّب" و ِ‬


‫"د ْير اػبِ ّْب تَػ ْل َقى اػبِ ّْب" و"يَا قَاتِ ْل ُّ‬
‫وح" وىي أمثلة شعبية ترمز ؼبا سبق‪ ،‬فاهلل‬ ‫وح ِو ْ‬
‫ين تُػ ُر ْ‬ ‫الر ْ‬ ‫ْ‬
‫تعاُف يبهل وال يهمل‪.‬‬

‫ونلخص األبعاد يف اعبدوؿ اآليت‪:‬‬

‫أنواع األبعاد الداللية‬ ‫ما يجب أن يكون من‬ ‫ما كان في الواقع‬ ‫األبعاد الداللية‬
‫منظور الراوي‬ ‫المعاش‬
‫حسب نص الحكاية‬
‫ؿبافظة اؼبرأة السوفية على اؼبوازنة بْب اػبطاب تكوف‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫على أساس ديِب وأخالقي‬ ‫شرفها وعفتها‬ ‫الشرؼ والعفة‬
‫ال على أساس اؼبادة واؼباؿ‬
‫آدا األمانات إُف أىلها‬ ‫وبافظ الفرد السويف على‬
‫بعد دالِف أخالقي‬ ‫وصوهنا‬ ‫األمانة اؼبودعة إليو‬ ‫األمانة‬
‫ويرجعها إُف صاحبها‬
‫بعد دالِف اقتصادي‬ ‫نعم للعمل الشريف‬ ‫كثرا ما يسافر أىل اؼبنطقة‬ ‫العمل وكسب العيش‬
‫والكسب اغبالؿ‬ ‫للمدف آّاورة للعمل‬
‫يظلم بعض الناس بعضهم الصلح والتفاىم بْب أفراد‬
‫بعد دالِف أخالقي‬ ‫آّتمع ما يؤدي إُف‬ ‫ألسباب دنيوية‬ ‫التعدي على حقوؽ الغّب‬
‫وحدتو وقتو‬
‫بعد دالِف أخالقي‬ ‫يتعاوف األفراد فيما بينهم‬ ‫يف الوحدة قوة ويف‬ ‫التعاوف والتكافل‬
‫فيما بو اػبّب للصاٌف العاـ‬ ‫الشتات ضعف وىواف‬
‫وبارب األىل اإلستعمار‬ ‫يرفض آّتمع السويف‬
‫بعد دالِف فكري‬ ‫ويؤمن بأف ما أخذ بالقوة‬ ‫وجود االحتالؿ الفرنسي‬ ‫رفض الظلم واالحتالؿ‬
‫ال يرد إال دبثلها‬ ‫يف أرضهم ووطنهم‬

‫‪038‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يب"‬ ‫‪ -7‬حكاية "الـ ـ َڤـ ْنـ ُفود ِّ‬


‫والذ ْ‬
‫كثّبا ما نسج اػبياؿ الشعيب السويف حكايات على لساف اغبيواف الصحراوي‪ ،‬الذي يتميز عن‬
‫باقي اغبيوانات يف بيئات أخرى كونو يعيش يف بيئة ذات طبيعة قاسية‪ ،‬فال قبد الراوي إطالقا‬
‫يشخص حيوانات من بيئات أخرى يف حكاياتو‪ ،‬وىذا ألهنا سبثيل للحياة البشرية وواقعها االجتماعي‬
‫والثقايف والبيئي وغّبىا‪ ،‬وىذا ما جعل من ىذه الشخصيات اغبيوانية سبتاز بالقوة والصب على ربمل‬
‫صعاب اغبياة إثر قلة الطعاـ والفرائس وموارد اؼبياه‪ ،‬فلكل حيواف داللة سبيزه عن باقي اغبيوانات‪،‬‬
‫فمثال قبد الغزاؿ الذي يتميز بالسرعة والقدرة على ربمل العطش واغبسن واعبماؿ‪ ،‬كما وبمل بعدا‬
‫دالليا يرمز للباءة واػبّب‪ ،‬أما الثعلب فهو معروؼ باغبيلة واؼبكر‪ ،‬رغم ذلك كثّبا ما قبده يف مسار‬
‫اغبكايات تنطوي عليو اغبيلة وىبرج مهزوما يف هنايتها‪.‬‬

‫يوظف الراوي شخصيات حيوانية للتعبّب عن أفراد آّتمع الذي يعيش فيو‪ ،‬وؽبذا قبدىا ربمل‬
‫ؿبصوال أخالقيا ظاىريا‪ ،‬ودالالت اجتماعية وإنسانية وثقافية باطنية‪ ،‬كما ربوي ؾبموعة من اؼبفارقات‬
‫اؼبتمثلة يف اؼبتضادات اؼبختلفة األبعاد‪ ،‬والستجالئها وجب اؼبقارنة بْب ثنائيات اؼبسار السردي‬
‫للنص‪.‬‬

‫يف غالب األحياف يقيس الناس القوة باغبجم والعضالت‪ ،‬ومن فقد ىتْب السمتْب ُو ِسم بالضعف‬
‫وفقداف القدرة على ربمل صعاب اغبياة والطبيعة‪ ،‬واؼبفارقة يف نص اغبكاية أف صاحب اغبجم الكبّب‬
‫والقوة والسرعة خرج خاِف الوفاض يف النهاية‪ ،‬عاكسا توقعات اغبياة ومعطياهتا‪ ،‬فقد تكسب‬
‫بعضالتك أحيانا‪ ،‬ولكن بعقلك تكسب دائما‪ .‬الذئب حيواف قوي البنية سريع‪ ،‬وىذا ما جعل‬
‫ع ِمنِّي ُروح َىاتِلْنَا ِم ْنها‬
‫َسر ْ‬
‫تأْ‬‫يف وإنِ َ‬ ‫القنفذ يطلب منو القياـ باؼبهمة بدال منو " َكايِ ْن نَ ْار َوَر ْاء ِّ‬
‫الس ْ‬

‫‪041‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ش ْعلُوا بِيها َعافَـيَة ونِ ِش َووا البَ ِعير ونا ْكلُوه"‪ 1‬وانطوت اغبيلة على الذئب وأخذ الطريق كبو‬ ‫َجمرة نْ َ‬
‫ط َع ِامي‬ ‫يب طَالَ ْع َع ِامي َىابِ ْ‬ ‫اح ِّ‬
‫الذ ْ‬ ‫غروب الشمس معتقدا أهنا نار وراء الكثباف الرملية البعيدة " َر ْ‬
‫ت َّ ِ‬
‫س"‪ .2‬ويف الوقت الذي ذىب فيو الذئب إلحضار شعلة من النار‬ ‫الشم ْ‬ ‫ب اللِّ ْ‬
‫يل واتَّـ َق ْ‬ ‫ض َر ْ‬‫َحتَّى َ‬
‫ت َكا ْن‬ ‫الوقِ ْ‬ ‫ِ‬
‫اؼبزعومة‪ ،‬كاف القنفذ يقطع اعبثة ويأخذىا غبفرتو ىبزهنا ليأكلها يف وقت الحق "في َىا ْذ َ‬
‫يل َح َف ْر ُح ُف َرْة‬ ‫س فِ ْيها فِي بِيتَ ْو َحتَّى َخلَّى ِمنَّ ْو ِغ ْير ِّ‬
‫الذ ْ‬
‫ِ‬
‫شة ُس ْق َشة ِويد ْ‬ ‫س ْم البَ ِع ْير ُس ْق َ‬
‫ال َق ْنـ ُفو ْد يَِق ِّ‬
‫يل"‪.3‬‬ ‫ص ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫الذ ْ‬ ‫صغ َيرة و َدفَ ْن ف َيها نُ ْ‬

‫يف ىذا اؼبقطع السردي من اغبكاية تبدو مفارقة بْب الدور الذي لعبو اغبيواناف (القنفذ والذئب)‪،‬‬
‫فالقنفذ صغّب اغبجم‪ ،‬بطيء وضعيف البنية اعبسدية‪ ،‬وىو صورة عن الفرد السويف أو الصحراوي‬
‫عموما‪ ،‬الذي أكسبتو البيئة الصحراوية اغبيلة والذكاء اغباد فبا أكسبو القدرة على التكيف مع بيئتو‬
‫الصعبة اؼبراس‪ .‬فالعقل ىو القوة اغبقيقية الٍب سبكن صاحبها من كسب عيشو‪ ،‬فالذكاء ميزة األقوياء‪.‬‬

‫ود (رمز لإلنساف السويف الذي يتميز ب ػ ػػ)‬


‫ال َقْنػ ُف ْ‬

‫التكيف مع قساوة الصحراء‬ ‫اغبيلة والذكاء‬

‫وما حيلة القنفذ إال داللة على صعوبة اغبصوؿ على لقمة العيش يف الصحراء القاحلة‪ ،‬خاصة عندما‬
‫ىبوض الرجل السويف رحلة الرعي باإلبل حْب يقطع مسافات طويلة حبثا عنها‪ ،‬وىذا ما ؼبح إليو‬
‫ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫وم ِم ْن األَيَّ ْام َكا ْن ِّ‬
‫ين‪،‬‬
‫يب وال َق ْنـ ُفود م ْتـ َرافْق ْ‬
‫الذ ْ‬ ‫الراوي حْب أشار إُف الرفقة بْب القنفذ والذئب "فِي يُ ْ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪040‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫شوا َحتَّى لْ ُقوا بَ ِع ْير"‪ ،1‬وما إشارة الراوي للجثة (اعبمل) إال رمز لإلبل الٍب تػُ َعد سفينة اغبياة‬
‫َى ْام يِم ُ‬
‫يف الصحراء والسبيل الوحيد للتنقل‪ ،‬وما أكل القنفذ للجثة الٍب منحتو الغذاء واألمل يف اغبياة إال‬
‫الر َّحل‪ ،‬فهو اغبيواف األكثر ربمال يف الصحراء‪ ،‬واألكثر صبا‬
‫داللة على أنبية اعبمل يف حياة البدو ُّ‬
‫على العطش‪ ،‬فقد يبقى حيا لشهر كامل دوف أف يشرب‪.‬‬

‫البَعِ ّْب (رمز لإلنساف السويف الذي يتميز ب ػ ػ ػ )‬

‫القدرة على العيش وكسب الغذاء‬ ‫الصب وربمل صعوبة الطبيعة‬

‫أما الذئب فيتميز بكب حجمو‪ ،‬سريع وقوي البنية‪ ،‬ولكن القنفذ تغلب عليو بعقلو ال جبسده‪ ،‬وناؿ‬
‫حصة األسد من الغنيمة‪ .‬وحاوؿ الراوي أف يُظ ِهر لألجياؿ بأف من يبلك عقال وازنا عاش واستأنس‬
‫ك ِمن د ِ‬‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اخ ْل" مثل شعيب‬ ‫حبياتو‪ ،‬ويف ىذا الصدد يقوؿ أىل سوؼ‪" :‬يَا مَزيَّ ْن م ْن بَػَّرا‪ِ ،‬و ْ‬
‫ش َحال ْ ْ َ‬
‫يلخص قيمة القدرة الباطنية اؼبتمثلة يف الذكاء والقدرة على التكيف مع صعاب اغبياة والطبيعة‪.‬‬

‫أنواع األبعاد الداللية‬ ‫ما يجب أن يكون من‬ ‫ما كان في الواقع‬ ‫األبعاد الداللية‬
‫منظور الراوي‬ ‫المعاش‬
‫حسب نص الحكاية‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫استغالؿ سفينة الصحراء اعبمل ىو اغبيواف األكثر اعبمل ىو سفينة الصحراء‬
‫واقتصادي‬ ‫(اعبمل) يف حياة السوافة قوة وصبا على التحمل يف فبا أدى إُف االعتماد عليو‬
‫الصحراء‬
‫بعد دالِف إنساين‬ ‫تفضيل العقل الوازف على‬ ‫ذكاء وحيلة السوافة أدى‬ ‫الذكاء‬
‫اعبسم والقوة اعبسدية‬ ‫ّٔم إُف حياة أيسر‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫الصب على الشدائد يلينها‬ ‫يبلك السوافة قوة شديدة‬ ‫الصب والتحمل‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪041‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫على ربمل صعاب الطبيعة‬


‫إمكانية أىل البدو على‬ ‫يبلك السكاف قدرة كبّبة‬
‫بعد دالِف انساين‬ ‫تكييف سلبيات الطبيعة‬ ‫على التكيف يف الصحراء‬ ‫التكيف مع الطبيعة‬
‫وربويلها إُف إهبابيات‬ ‫وتكييف مصاعبها‬ ‫الصحراوية‬

‫(الدقْـلَة ُّ‬
‫والذ َّك ْار)‬ ‫‪ -8‬الحب بين النخلة األنثى والنخلة الذكر ِّ‬

‫عبت العديد من اغبكايات عن ـبتلف اعبوانب االجتماعية واالقتصادية والثقافية والدينية‬


‫للمجتمع السويف‪ ،‬وسانبت يف رص صفوؼ اعبماعة السوفية وحافظت عليها من التفرقة‪ ،‬حيث‬
‫كانت اغبكايات مصدر إبداع اعبماعة وعامل ؿبافظة على وحدهتا‪ ،‬كوهنا ذبمع أفراد العائالت‬
‫بعضها ببعض‪ ،‬واغبكاية الٍب بْب أيدينا ربطت بْب الفرد السويف وغابة النخيل أو الواحة والٍب أُطلِق‬
‫اظبها على اعبهة اعبنوب شرقية من اعبزائر الٍب ذبمع بْب تقرت والوادي ووادي ريغ – أي الواحات–‬

‫وللنخلة بعدين كبّبين‪ ،‬بعد تارىبي وآخر ثقايف‪ ،‬إضافة لكوهنا ربمل داللة اقتصادية كبّبة‪ ،‬فهي‬
‫معلم من معاَف وادي سوؼ‪ ،‬ربمل يف طياهتا تاريخ األجداد وذكرياهتم‪ ،‬وضل الفرد السويف مرتبطا‬
‫بعاؼبها حيث وجد نفسو بشكل أو بآخر مؤثرا ومتأثرا ّٔا‪ ،‬وظل غوط النخيل دبثابة اغبامي واغباضن‬
‫ومصدر العيش والوجود‪ ،‬وظلت النخلة على مر العصور يف مكانة األـ واالبن الذي ىبوض من أجل‬
‫العناية ّٔا الصعاب واؼبشقات‪ ،‬ويتحدى الرياح وزحف الرماؿ دفاعا عنها حٌب ال سبوت‪.‬‬

‫لألنبية واؼبكانة الكبّبين للنخلة يف قلوب وعقوؿ السوافة‪ ،‬نسجوا حوؽبا حكايات ـبتلفة‬
‫األبعاد والدالالت‪ ،‬منها ما يعب عن اغبالة العاطفية للنخلة وعالقتها بالنخلة الذكر (ما يسميو‬
‫السوافة ُّ‬
‫بالذ َّك ْار)‪ ،‬وعالقة النخلة باإلنساف يف سباـ وتعاط غّب مسبوؽ هبعل من ىذه العالقة أسطورية‬
‫بامتياز‪ ،‬ومنها الٍب تتناوؿ عالقات التضامن والتكافل بْب أفراد آّتمع ونشر احملبة والسالـ واػبّب‬

‫‪042‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫بينهم وبْب سكاف اؼبناطق آّاورة ؽبم‪ ،‬فكل ىذه اغبكايات عملت على ترسيخ أنبية وقداسة ىذه‬
‫الشجرة اؼبباركة يف الوعي والالوعي اعبمعي والثقافة االجتماعية السوفية‪.‬‬

‫للنخلة نوعاف‪ :‬لبلة أنثى تسمى ب ػ (الدقلة)‪ ،‬وذكر يسمى ب ػ َّ‬


‫(الذكار)‪ ،‬وعلى ىذا األساس‬
‫يعتقد العديد من السوافة قديبا بوجود عالقة حب بْب ىتْب الشجرتْب‪ ،‬ونص اغبكاية الٍب بْب أيدينا‬
‫وباوؿ من خاللو الراوي إظهار عدد من األبعاد االقتصادية واالجتماعية والثقافية من خالؿ عالقة‬
‫عاطفية ذبمع بْب "الدقلة" و"الذكار"‪ ،‬وبناء على ىذا االعتقاد فهم يروف بأف النخلة العاشقة – أي‬
‫الدقلة– تضعف ويقل إنتاجها بشكل واضح وبأهنا سبيل جبذعها وبطلعها كبو النخلة اؼبعشوقة – أي‬
‫الذكار‪ -‬وغالبا ما تسقط أزىارىا وال يستطيع الفالح أف يوقف ىذا التساقط حٌب بالتلقيح اليدوي‪.‬‬

‫النخلة األنثى تنتج األزىار يف فصل التلقيح‪ ،‬وىو يوازي فصل الربيع من كل سنة‪ ،‬فالنخلة‬
‫شجرة تنتج الثمار مرة واحدة يف السنة‪ ،‬ففي فصل الربيع تنتج األزىار الٍب تُلقح يف ذات الفصل‪،‬‬
‫صد بعملية‬‫ورب َ‬
‫وتبدأ الثمار تكب شيئا فشيئا حٌب فصل اػبريف الذي تصل فيو إُف هناية النضج ُ‬
‫يسميها السوافة ب ػ "ال َقطَ ْع"‪ .‬وربتاج الدقلة إُف الذكر الذي يوفر ؽبا غبار الطلع الذي بفضلو تتلقح‬
‫وتدخل بعدىا مرحلة النمو‪ ،‬ويف غياب "الذكار" ال تستطيع الدقلة انتاج شبار وفّب وجيد‪ ،‬وقد ال تنتج‬
‫يش)‪ ،‬وىو شبار غّب ملقحة ضعيفة النمو وحجمها صغّب‬
‫(الص ْ‬
‫أصال إال بغض التمر الذي يسمى ب ػ ّْ‬
‫ال يأكلها الناس بل يطعموف ّٔا حيواناهتم يف الغالب‪ .‬وؽبذا ذبد غابة النخيل غالبا ما يتوسطها‬
‫"ذكار" أو اثنْب‪ ،‬ومعروؼ أف يف فصل الربيع يف وادي سوؼ يكثر ىبوب الرياح خاصة يف فصل‬
‫مارس من السنة وىو فصل تلقح فيو النخيل اإلناث‪ .‬يبز الراوي العالقة العاطفية بْب النخيل اإلناث‬
‫والذكور يف الغوط‪ ،‬فػ (الدقلة) عروس يزفها الفالح لػ (لذكار) يف فصل الربيع من كل سنة‪ ،‬فعالقة‬
‫اغبب بْب النخلتْب عالقة مستمرة طواؿ حياة النخل‪ ،‬وإذا حاولنا بَبىا انقطعت النخلة عن اإلنتاج‬
‫والعطاء وكانت شبارىا ضئيلة وتساقطت أزىارىا "الحظ بأن النخلة العاشقة شرعت تسقط‬

‫‪043‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أزىارىا"‪ 1‬والعالقة ىنا عالقة تكامل بْب أنواع النخل‪ ،‬فالدقلة وصبيع النخيل اإلناث ال تنتج سبرا إال‬
‫إذا مت تلقيحها من طرؼ النخلة الذكر‪ ،‬وىذا األخّب ال ينتج الثمار بل ينتج حبوب الطلع الٍب‬
‫تستعمل يف التلقيح فقط‪.‬‬

‫تعددت العالقات الٍب رمز إليها الراوي يف اغبكاية‪ ،‬وىي ثالثة أصناؼ‪:‬‬

‫صب األنثى‬
‫‪ -‬عالقة النخل بعضو ببعض‪ :‬وىنا سبثلت بْب الدقلة والذكار‪ ،‬العالقة الٍب من خالؽبا ُزب َّ‬
‫من طرؼ الذكر الذي يوفر اللقاح‪.‬‬

‫‪ -‬عالقة الفرد السويف بالغوط‪ :‬وىي عالقة تكاملية تربط بْب السوافة وغابات النخل‪ ،‬مفسرة اؼبكانة‬
‫التارىبية واالقتصادية الٍب تلعبها النخلة يف وسط آّتمع‪ ،‬فهي إرث األجداد وثقافتهم‪ ،‬وتعبّب عن‬
‫الشموخ الذي كسبو أىل اؼبنطقة إثر صراعهم مع الطبيعة ومناخها القاسي‪ ،‬فالنخلة ال تُقطَع وال‬
‫ذبتث من مكاهنا وإف توقفت عن اإلنتاج لسبب أو آلخر‪ ،‬وعليو أف يصب على ُش ّْحها ويواصل‬
‫رعايتها‪ 2.‬يورد الفرنسي روبّب تّبيات "‪ "Robert Thiriet‬يف ـبطوطو "النخلة وأساطّبىا" عدة‬
‫حكايات شعبية حوؿ النخلة‪.‬‬

‫‪ -‬عالقة الفالحْب بعضهم ببعض‪ :‬سبيزت بالتعاوف والتشاور والعمل اؼبشَبؾ يف كل ما ىبص غوط‬
‫النخيل‪ ،‬فهو مصدر رزقهم األساسي‪ ،‬ىذا إضافة لكوف النخلة مباركة ربمل تاريخ األجداد‪ ،‬ويف‬
‫‪3‬‬
‫النص استشار الفالح أحد زمالئو وطلب نصيحتو "توجو إلى فالح خبير يطلب نصيحتو"‬

‫وىي العالقة الٍب أراد الراوي إظهارىا‪ ،‬حْب قاؿ بأف الفالح احتار للمرض الذي أصاب النخلة‬
‫وذىب الستشارة فالح خبّب "لم يعرف أي مرض أصابها فتوجو إلى فالح خبير يطلب‬
‫نصيحتو"‪ 4‬وىذا إف دؿ على شيء‪ ،‬إمبا يدؿ على اىتماـ السوافة بالنخلة اىتمامهم بأفراد أسرىم‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Robert Thiriet; Le Palmier; ses Légendes (manuscrie); 1929; p 16.‬‬
‫‪ - 3‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪044‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وعائالهتم‪ ،‬فبفضلها يعيشوف ويكسبوف قوهتم‪ ،‬ويتحملوف مشقة اغبفاظ على مبوىا وحياهتا طواؿ‬
‫السنة حٌب يصل موسم اغبصاد وجِب الثمار‪ ،‬حينها يتناسوف تعبهم ووبصلوف على اؼبكافأة الٍب صبوا‬
‫كثّبا ألجلها‪ .‬كما يبز لنا نص اغبكاية أف العناية بالنخلة وبتاج منا الصب والقدرة واػببة يف كيفية‬
‫عالجها والعناية ّٔا‪ ،‬فليس كل من يكسب ؾبموعة من النخيل يعد فالحا‪ ،‬بل الفالح اغبقيقي ىو‬
‫الذي يدرؾ مكانتها وأنبيتها يف اغبياة‪ ،‬ويدرؾ العالقة الدفينة بْب اإلناث والذكر‪ ،‬وىو ما يدركو‬
‫الفالح اػببّب حْب يزرع لبلة ذكرا يف وسط الغابة‪ ،‬ويهتم بو اىتمامو باإلناث بل أكثر‪.‬‬

‫النخلة الذكر ( ُّ‬


‫الذ َّك ْار)‬

‫يكوف ألقرب ما يبكن من األنثى‬ ‫يتوسط غابة النخل‬

‫ويتساءؿ البعض عن سبب كوف الذكر يتوسط الغابة وال يكوف يف حواشيها‪ ،‬ألنو إذا توسط الغابة‬
‫استطاع تلقيح كل النخيل اإلناث‪ ،‬وسهل على الفالح استغالؿ وجوده كامال‪ ،‬فقد يعمل الذكار‬
‫على تلقيح النخالت لوحده حْب يطلق غبار الطلع يف ؿبيط الغابة فيلقح اإلناث بسبب الرياح واؽبواء‬
‫الذي وبيطو ّٔا‪ ،‬أما إذا كاف يف حاشية الغابة وجد الفالح مشقة يف تلقيح النخيل اؼبنتج‪ ،‬وما استغل‬
‫الرياح ونسمات اؽبواء كل االستغالؿ‪ ،‬وىذا العمل يدركو اػببّب بالنخل وبعالقتو معها‪.‬‬

‫وقد وبتار القارئ يف كيفية ربط النخيل اإلناث والذكور بعضها ببعض عن طريق ضمادة "وبمجرد أن‬
‫قام بربط جذعي النخلة معا بضمادة قوية كانت النتيجة باىرة وعاجلة"‪ 1‬واؼبقصود ىنا ىو تقريب‬
‫اإلناث من الذكر لتسهيل عملية التلقيح‪ ،‬ويبكن االكتفاء بربط بعض جريد النخلتْب ببعضها‪ ،‬أو‬
‫بوضع مشاريخ طلع النخلة الذكار داخل النخلة الدقلة‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪045‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫التلقيح‬

‫تنقل الرياح اغببوب من الذكر إُف األنثى‬ ‫وضع حبوب الطلع يف وسط أزىار األنثى باليد‬

‫يذكر فالح بأنو كانت لو أربع لبالت مصطفات‪ ،‬كن ينتجن شبارا وفّبة من التمر لسنوات عديدة‬
‫(نوع التمر ىو الغرس) وكاف من بْب ىذه النخالت "ذكار"‪ ،‬وصادؼ أف مات الذكار بسبب ظاىرة‬
‫صعود اؼبياه فمات‪ ،‬فتأثرت الثالث األخريات دبوتو وَف يعطْب شبارا كما يف السابق وأكتفْب ّٔزيل‬
‫التمر‪ ،‬وحٌب ولو استعملنا التلقيح الصناعي فلن تنتج التمر كما يف حاؿ وجود الذكر قريب من‬
‫األنثى‪ ،‬وكلما كاف الذكار قريبا أكثر من الدقلة كاف إنتاجها أكثر وأوفر وأجود "عندئذ قام بإعادة‬
‫ربطهما معا فتعافت النخلة العاشقة"‪ .1‬يستمد األىل ىنا يف وادي سوؼ حبهم للنخلة من كوهنا‬
‫لبلة مباركة توفر ؽبم قوت يومهم‪ ،‬ويعتقدوف بأف لديها وعي كاإلنساف‪ ،‬فقد ظباىا الرسوؿ صلى اهلل‬
‫عليو وسلم يف قولو‪ :‬أكرموا عمتكم النخلة‪ ‬وىذا إف دؿ على شيء‪ ،‬إمبا يدؿ على مكانتها‬
‫اؼبرموقة يف اإلسالـ‪ .‬ويقوؿ إبراىيم العوامر يف ذات السياؽ حوؿ مكانتها يف سوؼ إهنا تعي كما‬
‫يعي اإلنساف‪ ،‬وذلك أهنا إذا َف تثمر أو تسقط شبرىا يأتيها رجل بيده فأس يتهددىا‪ ،‬فيقوؿ لو آخر‬
‫‪2‬‬
‫اتركها ىذه اؼبرة وال تضرّٔا فستثمر يف اؼبرة القادمة‪.‬‬

‫يف اؼبسار السردي للحكاية عدد من األبعاد الداللية اؼبهمة رغم قصر اغبجم اغبكائي‪ ،‬فقد ربط‬
‫الراوي بْب تاريخ األجداد وثقافتهم‪ ،‬وبْب اغبياة الٍب يعيشها السويف آنذاؾ‪ ،‬وقد سبيزت باغبفاظ على‬
‫الَباث والعناية بو‪ ،‬وتقديس النخلة ليس وليد اليوـ بل مذ وطأت أقداـ السوافة أرض الوادي اىتموا‬
‫بزراعة النخلة وإنشاء الغيطاف‪ ،‬وقد أشرت إُف ذلك يف اعبزء التمهيدي من البحث‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬ابراىيم العوامر‪ ،‬الصروؼ يف تاريخ الصحراء وسوؼ‪ ،‬ص ‪75‬‬
‫‪046‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫واغبكاية يف ظاىرىا عالقة عشق بْب أنواع النخل اإلناث والذكور‪ ،‬لكن اغبقيقة أعمق حْب رمز‬
‫الراوي إُف عدد من الدالالت منها التعاوف بْب الفالحْب‪ ،‬الذي بفضلو يبلك الفرد السويف القوة‬
‫والقدرة على العيش‪ ،‬أما التشدد والفرقة فهو ضعف وفناء‪ ،‬وما ربط النخلتْب بعضها ببعض إال عالمة‬
‫على التماسك والتآلف بْب الفالحْب "دبجرد أف قاـ برط جذعي النخلتْب معا بضمادة‪...‬عادت إُف‬
‫اغبياة"‪ 1‬ويف حْب أصأّا اؼبرض وضعفت حْب انفصال عن بعضهما "قاـ بعد بضع سنوات بنزع‬
‫الضمادة"‪ ،2‬يف إشارة منو إُف الفرقة والتشتت‪.‬‬
‫ويبكن تلخيص أىم الدالالت يف ىذا اعبدوؿ‪:‬‬
‫أنواع األبعاد الداللية‬ ‫ما يجب أن يكون من‬ ‫ما كان في الواقع‬ ‫األبعاد الداللية‬
‫منظور الراوي‬ ‫المعاش‬
‫حسب نص الحكاية‬
‫بعد دالِف ثقايف‬ ‫النخلة تاريخ وثقافة ورمز‬ ‫إرث األجداد وتارىبهم‬ ‫النخلة‬
‫للبيئة السوفية‬ ‫وجب اغبفاظ عليها‬
‫التقريب بْب الذكار‬ ‫عالقة تكاملية ال يبكن‬
‫بعد دالِف فكري‬ ‫والدقلة أو توسيطو يف‬ ‫الفصل بينهما للحصوؿ‬ ‫الدقْػلَة ُّ‬
‫بالذ َّك ْار‬ ‫عالقة ّْ‬
‫واقتصادي‬ ‫الغوط ليسهل عملية‬ ‫على التمر اعبيد بكمية‬
‫التلقيح‬ ‫جيدة‬
‫التعاوف أساس العيش‬ ‫تعاوف الفالحْب يف زرع‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫لصعوبة اىتماـ الفرد‬ ‫النخل وإنشاء الغيطاف‬ ‫التعاوف‬
‫بالنخل لوحده‬ ‫واالىتماـ ّٔا‬
‫كسب الفرد السويف خبة ضرورة اكتساب اػببة يف‬
‫بعد دالِف اجتماعي‬ ‫واسعة يف كيفية زراعة تسيّب غابة النخيل خاصة‬ ‫اػببة‬
‫يف كيفية التلقيح‬ ‫النخل واالىتماـ بو‬
‫بعد دالِف اقتصادي‬ ‫يكسب السوافة قوت النخلة كانت وتضل ليومنا‬ ‫العمل وكسب العيش‬
‫ىذا مكسبا للرزؽ‬ ‫يومهم من الغيطاف ولبلها‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪047‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫خاتمة الفصل‬
‫كل أصناؼ القصص الشعيب يف وادي سوؼ ربمل أبعادا ودالالت ـبتلفة‪ ،‬فلم يكن الراوي‬
‫يقصها عبثا بل يرمي خالؽبا برساالت لألجياؿ القادمة قصد تنبيههم دبا يراه سلبيا يف آّتمع‪ ،‬ووبثهم‬
‫على تتبع إهبابيات اؼبعامالت والتواصل بْب أفراد األىل يف وادي سوؼ‪ ،‬وكل حكاية رغم ظاىر‬
‫التسلية والَبفيو‪ ،‬إال أف أبعادىا العميقة كثّبا ما تعلم وتثقف اؼبستمعْب من األجياؿ القادمة‪.‬‬

‫ومن بْب ما استنتجتو من اؼبسارات السردية للحكايات‪:‬‬

‫‪ -‬من بْب األبعاد الداللية االجتماعية يف القصص الشعيب اؼبدروسة‪ ،‬تطرؽ الراوي لعدد من القضايا‬
‫الٍب سبس آّتمع السويف‪ ،‬فقد رسم مسارات سلبية منتشرة يف وسط آّتمع احمللي حذر منها‪ ،‬يف‬
‫حْب قابلها دبسارات أخرى إهبابية حث على التقيد ّٔا والتمسك بكيفية ترسيخها يف عقوؿ وقلوب‬
‫األجياؿ القادمة‪ ،‬وكثّبا ما تعرض الراوي للعالقات األسرية بْب الزوج وزوجتو‪ ،‬وبْب البنت والعائلة‬
‫وخاصة اآلباء‪ ،‬إضافة إُف تعدد الزواج وظاىرة الطالؽ وأسبابو‪ ،‬واػبطبة والزواج اؼببكر للبنات‪.‬‬

‫‪ -‬انصب تركيز الراوي يف أغلب اغبكايات على اعبانب االجتماعي ؼبا لو من األنبية القصوى مقارنة‬
‫ببعض األبعاد الداللية األخرى‪ ،‬وىذا إف دؿ على شيء إمبا يدؿ على تعلق الرواة دبجتمعاهتم وحبهم‬
‫للتغيّب كبو األفضل بنقد الظواىر السلبية الٍب ال سبت بصلة للدين االسالمي من جهة‪ ،‬وما ؽبا من‬
‫عواقب وخيمة على ترابط وتكافل األفراد من جهة أخرى‪ ،‬وقد ذكر يف عدد من اغبكايات اؼبدروسة‬
‫يف اؼبدونة وغّب اؼبدروسة على الزواج‪ ،‬وتطرؽ إُف كل التفاصيل احمليطة بو‪ ،‬انطالقا من العالقة بْب‬
‫الشباب والبنات قبل اػبطبة وبعدىا‪ ،‬مث اػبطبة وطريقة القياـ ّٔا‪ ،‬وصوال إُف الزواج وطقوسو وعاداتو‬
‫وتقاليده‪ -.‬كل اغبكايات دوف استثناء تعاًف قضايا ذات أبعاد ـبتلفة‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬اقتصادية‪،‬‬
‫ثقافية‪ ...‬ومن بْب ما لو صلة بالدالالت االجتماعية نذكر‪ :‬العالقات األسرية‪ ،‬اػبطبة‪ ،‬الزواج‪ ،‬تعدد‬
‫الزوجات‪ ،‬وعالقات الذكور باإلناث والتمييز العنصري بْب الذكور‪ ،‬وبْب األبناء والبنات‪ ...‬أما‬
‫األبعاد الثقايف فطقوس الزواج وانتشار مظاىر السحر والشعوذة‪ ،‬وتقديس العدد سبعة وما لو من‬

‫‪048‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫دالالت ثقافية‪ .‬وكذا وجود دالالت أخالقية كغيبة والنميمة واألمانة والتعدي على حقوؽ الغّب‬
‫وكيفية رد اعبميل‪ .‬إضافة إُف ما يثبت تدين آّتمع السويف وعالقتو الوثيقة بالدين اإلسالمي كاغبج‬
‫واغبفاظ على حدود اهلل وعدـ تعديها مهما كانت الظروؼ‪.‬‬

‫‪ -‬هبد الدارس للحكايات الشعبية أف ىناؾ تسلسال يف اؼبسارات الداللية‪ ،‬وقد يبدو يف الوىلة األوُف‬
‫أهنا عفوية‪ ،‬ولكن اؼبتمعن يف البنية العميقة للحكاية هبدىا تتبع حلقة زمنية مرتبة ترتيبا منطقيا‬
‫تتماشى وعادات وتقاليد اغبياة الٍب يعيشها األىل يف "سوؼ"‪.‬‬

‫‪ -‬يف اغبكايات عدد من الثنائيات الضدية‪ ،‬فكثّبا ما يقارف الراوي بينها يف اؼبسار العميق للحكاية‪،‬‬
‫فمثال قبده يتحدث عن الزواج ويسرد عاداتو وتقاليده والطقوس الٍب سبيزه عن باقي العالقات‪ ،‬قبده‬
‫يف مقطع آخر يتطرؽ إُف الطالؽ واألسباب الٍب تؤدي بالرجل السويف تنفيذ حكمو بو على زوجتو‪.‬‬
‫كما يتحدث عن فضل التعاوف االقتصادي واالجتماعي واإلنساين بْب األفراد من جهة‪ ،‬ويقارنو‬
‫بالتشتت والفرقة وما يتبعها من سلبيات‪ .‬كما يسرد كثّبا العالقة بْب‪( :‬الظلم والعدؿ)‪( ،‬الفقر‬
‫والغُب)‪( ،‬الغدر والوفاء)‪( ،‬الكراىية واحملبة)‪( ،‬الذكاء والغباء)‪ -....‬ربوي اؼبسارات السردية ؾبموعة‬
‫من العادات والتقاليد اؼبوروثة عب األجياؿ مثلت تاريخ األجداد من قبلنا وجب احملافظة عليها‪ ،‬وباوؿ‬
‫الراوي من خالؿ قص نص اغبكاية إُف تثبيتها يف األجياؿ القادمة‪ ،‬فللنخلة مثال مكانة يف تاريخ‬
‫وادي سوؼ‪ ،‬مثل إرث آبائنا وتراثهم وحياهتم‪ ،‬وجب على األبناء زراعتها واغبفاظ عليها والعناية ّٔا‪.‬‬
‫كما يبعث الراوي برسالة مفادىا أف أىلنا من قبلنا كانوا أناسا ؿبافظْب يعرفوف حدود اهلل فال يتعدوهنا‬
‫مهما كانت األسباب والظروؼ‪ .‬أما عن الكسب والعمل فهو وسيلة للعيش يوفر من خالؽبا الرجل‬
‫قوت اليوـ لعائلتو‪ ،‬فال ىبجلوا من الفقر واغباجة إذا كاف الفرد يكسب باغبالؿ ولو القليل‪ ،‬فالعمل‬
‫يف "الغوط" وزراعة النخيل إرث وشرؼ‪ ،‬واؽبجرة بعيدا للعمل تعد من ظبات القدامى‪ ،‬وىذا يدؿ‬
‫على حب األىل آنذاؾ للعمل الشريف مهما كاف نوعو وأينما كاف ؿبلو‪.‬‬

‫‪051‬‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -‬يدعو الراوي من خالؿ اغبكايات إُف االبتعاد عن كل البدع واؼبنكرات كالسحر والشعوذة‪ ،‬وإف‬
‫األخذ باألسباب يف ربقيق الغايات مشروع وؿببوب‪ ،‬ولكن يكوف ذلك بالطرؽ الشرعية ال غّب‪،‬‬
‫والرضاء بقضاء اهلل وقدره واجب‪.‬‬

‫‪ -‬من اؼبظاىر والقضايا الٍب يدعو الراوي الشعيب إُف التمسك ّٔا وترسيخها يف األجياؿ قبد‪ :‬زرع‬
‫ظبات أخالقية ودينية وأخالقية وإنسانية مثل التعاوف بْب األفراد دبا فيو اػبّب بْب الناس كالتعاوف‬
‫والتكافل ورد اعبميل ألىلو واألمانة واغبفاظ على حدود اهلل وعدـ تعديها‪ ،‬والعمل على الكسب‬
‫اغبالؿ ونبذ الفرقة والتشتت والشرور مهما كانت والكف عن الغيبة والنميمة والكالـ اؼبسيء للفرد‬
‫واعبماعة‪ ،‬ورفض االستعمار وؿباربتو وعدـ التعدي على حقوؽ الغّب‪.‬‬

‫‪050‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬البنية السردية‬
‫للحكايات‬

‫‪-I‬المكان‪.‬‬
‫الزمان‪.‬‬ ‫‪-II‬‬

‫‪ -III‬الشخصيات‪.‬‬
‫‪ -IV‬التنـ ـ ــاص‪.‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫تمهيد‬
‫يف ىذا الفصل‪ ،‬وبعد أف تطرقت يف سابقو إُف األبعاد الداللية للحكايات ‪ ،‬سأركز عملي على‬
‫البنية السردية للحكايات‪ ،‬من خالؿ ذكر أنواع اؼبكاف والزماف فيها‪ ،‬والتطرؽ إُف أنبية كل نوع على‬
‫حدى وعالقتو بالبيئة الصحراوية من جهة‪ ،‬وبالفرد والشخصية السوفية من جهة ثانية‪ ،‬كما سيكوف‬
‫ِف كالـ كثّب عن أبعاد الزماف وعالقتو بتكوين آّتمع السويف الذي يدرؾ ىذه العالقة الكامنة بينو‬
‫وبْب اؼبكاف اؼبتمثل يف الصحراء‪ ،‬الزماف الذي يبثل اؼباضي واغباضر واؼبستقبل الذي يصبو الفرد‬
‫السويف بلوغو‪ .‬كما سأربدث بإسهاب على الشخصيات اؼبكونة للحكايات وعالقتها باألحداث‬
‫واألدوار الٍب تقوـ ّٔا كل شخصية يف مسار اغبكايات‪ ،‬فاغبدث يبثل الفعل الذي يقوـ بو‬
‫الشخصي‪.‬‬

‫وال يبكن اغبديث عن البنية السردية وصبالياهتا دوف التطرؽ إُف الرمز والصور‪ ،‬فالرمز يبثل‬
‫التأويل والقراءة اػبفية للنص القصصي فبا يُعطي صبالية وبالغة فنية أكثر وأعمق للحكايات‪ ،‬كما‬
‫تُعطي الصورة طابعا صباليا كذلك عن كل عالقة تربط بْب الشخصية وصورهتا بْب الواقع واػبياؿ‪.‬‬
‫وأختم الفصل بالتطرؽ إُف التناص ؼبا وبوي من دراسة صبالية عن قصد أو غّب قصد من الراوي‪،‬‬
‫فالتناص بالقرآف الكرًن أو اغبديث النبوي الشريف وما لو من دالالت دينية للشخصية السوفية‪ ،‬أو‬
‫التناص األديب سواء بالَباث أو بالتاريخ أو باألسطورة‪ ،‬وعالقة الراوي بو من جهة‪ ،‬وما للسكاف‬
‫احملليْب من ارتباط من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪052‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -I‬ال ـ ـم ـك ـ ـ ـ ـ ــان‪:‬‬

‫للمكاف يف القصص الشعيب ؾبموعة من الدالالت اؼبرتبطة بواقع آّتمع الذي تنمو فيو‬
‫وتَبعرع‪ ،‬فحيث يذكر الراوي صنفا من أصناؼ اؼبكاف إال وكانت لو صلة مباشرة أو غّب مباشرة‬
‫بأبعاد داللية اجتماعية‪ ،‬دينية أو ثقافية‪ ،‬كأف يذكر اؼبسجد مثال معبا فيو عن عالقة الفرد وآّتمع‬
‫ّٔذا اؼبكاف اؼبقدس‪ ،‬ودالالتو أنو يرتبط باعبانب الديِب يف اغبياة اليومية‪ ،‬أو يكتفي بذكر نوع آخر‬
‫لإلشارة إُف عادة من عادات وتقاليد اؼبنطقة كأف يتحدث عن اػبيمة أو اؼبرعى مثال‪ .‬وقبل التطرؽ‬
‫إُف أصنافو ‪ -‬أي اؼبكاف – يف مدونة القصص‪ ،‬وجب التعريف بو وبآراء الباحثْب يف ؾباؿ صبالية بنية‬
‫اؼبكاف يف السرد بصفة عامة‪.‬‬

‫إقزال ػةٌ وأم ػػاكن صب ػػع‬ ‫‪ -‬يُع ػ َّػرؼ اؼبك ػػاف يف اؼبع ػػاجم العربي ػػة بأن ػػو " اؼبوض ػػع‪ ،‬واعبم ػػع أمكن ػػة قِػ ٌ‬
‫ػداؿ أو َ‬
‫اعبمع‪ ،‬ويف قوؿ‪ :‬يبطل أف يكوف فعاال ألف العرب تقوؿ كن مكانك وقم مكانك واقعد مقعدؾ‪ ،‬فقد‬
‫دؿ علػػى أنػػو مصػػدر مػػن مكػػاف أو موضػػع"‪ ،1‬ويف ـبتػػار الصػػحاح قبػػد اؼبكػػاف واؼبكانػػة اؼبوضػػع‪ ،2‬كمػػا‬
‫ورد لفظ اؼبكاف يف قاموس احمليط‪ :‬اؼبكانة كاؼبكنية واؼبنزلة عند اؼبلػك ومكػن ككػرـ وسبكػن فهػو مكنػْب‬
‫‪3‬‬
‫مكناء واالسم اؼبتمكن ما يقبل اغبركات الثالثة كزيد‪ ،‬واؼبكاف اؼبوضع‪.‬‬
‫تشَبؾ اؼبعاجم العربية يف أف اؼبكاف ىو اؼبوضع‪ ،‬وال ىبتلف معناىا كثّبا معا ىو عليو يف القرآف الكػرًن‬
‫ت ِمن أَ ْىلِ َهـا َمكانـاً َش ْـرقِيَّا‪ 4‬فاؼبكػاف عمومػا‬ ‫فقي قولو تعاُف‪﴿ :‬واذْ ُكر فِي ِ‬
‫الكتَ ِ‬
‫اب َم ْريَ َم إذ انْـتَبَ َذ ْ‬
‫تشّب إُف اؼبوضع اؼبمتلئ اغباوي للشيء اؼبستقر كمقعد اإلنساف من األرض وموضع قيامو‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا تطرقنػػا إُف التعريفػػات مػػن ناحيػػة االصػػطالح‪ ،‬فنػػرى اختالفػػا يف مفهومػػو وشػػكلو وأصػػنافو يف‬
‫عرفػو عبػد اؼبلػػك مرتػاض بأنػػو كػل مػا عػػُب حيػزا جغرافيػا حقيقيػػا‪ ،‬حيػث ينطلػػق‬
‫اػبطػاب السػردي‪ ،‬فقػػد ّ‬
‫اغبيػػز يف حػػد ذاتػػو علػػى كػػل فضػػاء جغ ػرايف أو أسػػطوري‪ ،‬أو كػػل مػػا يعػػُب اؼبكػػاف احملسػػوس كػػاػبطوط‬

‫‪ - 1‬ابن منظور‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬مادة (مكن)‪ ،‬ص ‪.4250‬‬


‫‪ - 2‬ؿبمد عبد القادر الرازي‪ ،‬ـبتار الصحاح‪ ،‬اؼبؤسسة اغبديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبناف‪ ،‬باب الكاؼ‪( ،‬د ط)‪( ،‬د ت)‪ ،‬ص ‪.486‬‬
‫‪ - 3‬الفّبوز أبادي‪ ،‬قاموس احمليط‪ ،‬ج‪ ،4‬دار العلم‪ ،‬لبناف‪( ،‬د ط)‪( ،‬د ت)‪ ،‬ص ‪.272‬‬
‫‪ - 4‬سورة مرًن‪ ،‬اآلية‪.16:‬‬
‫‪053‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫واألبعاد واألحجاـ‪ ،‬واألثقاؿ واألشياء آّسمة مثػل‪ :‬األشػجار واألهنػار ومػا يعتػور ىػذه اؼبظػاىر اغبيزيػة‬
‫مػػن اغبركػػة أو تغػػّب‪ .1‬وي ػربط كثػػّب مػػن البػػاحثْب لفػػظ اؼبكػػاف بالفضػػاء‪ ،‬كمػػا يربطػػوف بينهمػػا ويأخػػذوف‬
‫اؼبنعى ذاتو يف أف الفضاء ىو ؾبموعة األماكن الروائية الٍب مت بناؤىا يف النص الروائي‪.2‬‬
‫‪ -‬إف للمكاف أنبية كبّبة يف اإلنتاج األديب سواء أكاف شعرا أو نثرا‪ ،‬فال زبلو أحداث مػن مكػاف‬
‫وفضاء أو حيز وبويها‪ ،‬كما ال قبػد عمػال فنيػا إال وكػاف اؼبكػاف الوعػاء اغبػاوي لػو‪ ،‬فاؼبكػاف يػؤدي دورا‬
‫كبّبا يف عملية اإلبداع‪ ،‬ألف النص األديب البػد لػو مػن وعػاء وبتضػن أحداثػو‪ ،‬فهػو األرضػية الػٍب تشػيد‬
‫عليها جزئيات العمل الروائي أو القصصي‪ ،‬وىو القاعدة اؼبادة األوُف الٍب ينهض عليها النص‪.3‬‬
‫‪ -‬وحػػٌب ال نطيػػل الكػػالـ يف تعريػػف اؼبكػػاف‪ ،‬نقػػوؿ بأنػػو القاعػػدة الػػٍب يرتكػػز عليهػػا القصػػص بصػػفة‬
‫عامة‪ ،‬وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على أنبيتو القصػوى يف عمليػة اإلبػداع األديب‪ ،‬وإذا نظرنػا إُف‬
‫أصػنافو أو أنواعػػو نػػرى بػػأف االجتهػػادات كثػػّبة وـبتلفػػة يف ربديػػد أصػػناؼ للمكػػاف‪ ،‬فنجػػد مػػثال اؼبكػػاف‬
‫اػبارجي أو اؼبفتوح‪ ،‬اؼبكاف الػداخلي أو اؼبغلػق‪ ،‬اؼبكػاف اؼبعػادي الشػبيو بالػداخلي‪ ،‬اؼبكػاف العتبػة الػذي‬
‫يبثل فبرا للبطل يف اغبكايػات والروايػات‪ ،‬اؼبكػاف الروائػي‪ ...‬ويف ىػذا اؼبقػاؿ سػأركز عملػي علػى صػنفْب‬
‫اثن ػػْب م ػػن األم ػػاكن‪ ،‬ال لش ػػيء إال ألف القص ػػص الش ػػعيب قص ػػّبة اغبج ػػم واأللف ػػاظ والعب ػػارات الس ػػردية‬
‫مقارنة بالروايات الٍب قبد فيها كل أصناؼ اؼبكاف‪ .‬والنوعْب نبا‪ :‬اؼبكاف اؼبفتوح‪ ،‬اؼبكاف اؼبغلق‪.‬‬
‫ىػػو اؼبكػاف الػذي ال حػػدود وال معػاَف لػو‪ ،‬وغالبػا مػػا يبثػل الفضػاء اعبغػرايف‬ ‫‪ -1‬المكـان المفتـوح‪:‬‬
‫حيػزه اؼبميػػز لػو‪ ،‬وىػػو اؼبكػاف الػػذي يلتقػي فيػػو النػاس ويزخػػر بأصػناؼ متنوعػػة مػن اغبركػػة‪ ،4‬فيمثػل حيػزا‬
‫مكانيا خارجيا ال ربده حدود ضيقة‪ .‬ومن األماكن اؼبفتوحة يف حكايات اؼبدونة نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬الصحراء‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد اؼبلك مرتاض‪ ،‬ربليل اػبطاب ا لسردي معاعبة تفكيكية سيميائية مركبة (زقاؽ اؼبدف)‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪ ،‬اعبزائر‪( ،‬د ط)‪،1995 ،‬‬
‫ص‪.245‬‬
‫‪ -2‬أضبد مرشد‪ ،‬البنية والداللة يف الرواية‪ ،‬إبراىيم نصر اهلل‪ ،‬اؼبؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص ‪.130‬‬
‫‪ - 3‬نبهاف حسوف سعدوف‪ ،‬تشكيل اؼبكاف يف اػبطاب السردي (قراءات يف السرديات العراقية اؼبعاصرة)‪ ،‬دار غيداء‪ ،‬عماف‪ ،‬ط‪ ،2015 ،1‬ص ‪.14‬‬
‫‪ - 4‬عبد اغبميد بورايو‪ ،‬منطق السرد (دراسات يف القصة اعبزائرية اغبديثة)‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪ ،‬اعبزائر‪ ،1997 ،‬ص ‪.146‬‬
‫‪054‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫سبثل الصحراء البيئة الٍب يعيشها السكاف يف اؼبنطقة‪ ،‬فرغم ظروفها الطبيعيػة القاسػية إال أف الفػرد‬
‫السويف تعايش معها وسايسها إُف أف ألفتو وأحبتو فتأقلم معهػا‪ ،‬فسػادت بينػو وبػْب رماؽبػا مػودة كبػّبة‪،‬‬
‫وحوؿ أراضيها القاحلة إُف جنة خضراء‪.‬‬
‫َّ‬
‫وقصػػو للحكايػػات‪ ،‬فغالبػػا مػػا تكػػوف ىػػي مسػػرح‬ ‫والػراوي الشػػعيب كثػّبا مػػا يتعػػرض إليهػػا يف سػػرده ّْ‬
‫األحػػداث‪ ،‬ففػػي حكايػػة "غػػرود عاليػػة" جػػاءت األحػػداث وفقػػا ؼبكػػاف وقوعهػػا الصػػحراء "فــي و ِ‬
‫اح ـد‬ ‫َ‬
‫اسـر"‪ 1‬وكػذلك األمػر بالنسػبة غبكايػة "عيشػة والغػوِف" يف‬ ‫الصحراء الب ِعي َدة‪ ،‬مـرا ِسـمحة ي ِ‬ ‫ال َقبيِلة في َّ‬
‫ََ ْ َ‬ ‫َ‬
‫الصــحراء ر ِ‬
‫اجـ ْـل َعــايِ ْ‬
‫وىنَــاء َمـ َـع أ ََىلَ ـ ْو"‪ ،2‬إذ ربػػط ال ػراوي بػػْب الصػػحراء‬
‫ش فــي َسـ َـعادة َ‬ ‫" َكــايِ ْن فــي َّ َ َ‬
‫واعبماؿ يف األوُف‪ ،‬يف حْب ربطها بالسعادة واؽبناء يف الثانية‪.‬‬
‫وغالبػػا مػػا ي ػػذكر الصػػعوبة ال ػػٍب يتعػػرض إليه ػػا الشػػخص يف الص ػػحراء يف " ُر ْحلُــوا أ ََى ْله ــا وأ ََى ــل َع ْم َه ــا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َخلُّوىا ىي وبنت َع ْمها َوحدى ْن في َ‬
‫‪3‬‬
‫الص َح َراء َحتَّى‬ ‫ين في َّ‬ ‫احوا األوالد َسايْح ْ‬ ‫حراء" ‪ ،‬ويف " َر ُ‬ ‫الص َ‬
‫ـار َدة"‪ 4‬وىػذا إف دؿ علػى شػيء فإمبػا‬ ‫يل ِّ‬
‫والدنْـيَا بَ ْ‬ ‫ب اللِّ ْ‬
‫ض َر ْ‬
‫اىو َ‬ ‫لَ ُقوا غُولِيَّة فِي َز ْي َم َرا‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫ت لَ ُه ْم َر ُ‬
‫يدؿ على وعارة التعامل مػع اؼبنػاخ والطبيعػة الصػحراوية الػٍب يشػعر سػاكنها بالوحشػة والوحػدة واػبػوؼ‬
‫يف هنارىا اغبار ومن ليلها الطويل القارس‪ ،‬وىذا ما رمز لو الراوي باػبوؼ والبد يف اغبكاية‪.‬‬
‫‪ -‬الخالء‪:‬‬
‫لفظػػة اػبػػالء دالػػة علػػى شػػغور اؼبنطقػػة مػػن اإلنسػػاف‪ ،‬بػػل ىبػػاؼ الفػػرد مػػن دخوؽبػػا‪ ،‬فهػػي أرض خاليػػة‬
‫موحشػػة‪ ،‬يشػػعر فيهػػا مػػن تطؤىػػا قػػدماه بػػاػبوؼ الشػػديد ؼبػػا قػػد يصػػادفو يف طريقػػو‪ ،‬فحػػْب يريػػد الػراوي‬
‫تصوير معاين الغربة والوحشة واػبوؼ يف شخص معْب يف مسار اغبكاية‪ ،‬يربط بينو وبْب اػبالء‪ ،‬ففي‬
‫الصـ ِـغ ْير"‪ ،5‬واألمػػر ذاتػػو يف‬
‫وىــا ِّ‬ ‫الصـ ِـغ ْير و َشـ ُّـدوا ال َخـ َـال ْء َحتَّــى ا ْعطُـ ْ‬
‫ـش ُخ َ‬ ‫وىــا ِّ‬ ‫" ُى ِربْـ ْ‬
‫ـت لونجــة مــع ُخ َ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 5‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪055‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ـيه ْم ال َّـذكِي‪ ،‬وبِ َعـثْـ ُه ْم َ‬


‫للخ َـال ْء"‪ .1‬فحػْب نػرى الصػعوبات والعراقيػل الػٍب‬ ‫ِ‬ ‫ب يِ ْع ِر ْ‬
‫ف إِبَّ ُ‬
‫ـاى ْم َم ْـن ُىـو ف ُ‬ ‫" َح ْ‬
‫لقتها شخصيات اغبكايتْب ندرؾ مدى داللة اللفظة يف السرد الشفوي للمنطقة‪.‬‬
‫‪ -‬القبيلة‪:‬‬
‫القبيلة من األماكن اؼبفتوحة الٍب يتعدد ذكرىا يف أصناؼ القصص الشػعيب احمللػي‪ ،‬فهػي سبثػل مركػزا مػن‬
‫كرت القبيلة يف عدد من اغبكايػات كقػوؿ الػراوي يف‬ ‫مراكز التجمعات الدائمة لألىل والسكاف‪ .‬وقد ذُ َ‬
‫ِ‬
‫حكاية "غرود عالية"‪" :‬كان في َزَمان بَ ْكـ ِري‪ ،‬فَـي َواحـ ْد ال َقبِيلَـة فِـي الصـحراء البعيـدة" ‪ ،‬و"نَ َ‬
‫‪2‬‬
‫ـادى‬
‫السارق‬
‫ك من َح ْك َمان َّ‬‫س الملِ ْ‬
‫ع ال َقبيلَة" يف حكاية "شرؼ امرأة‪ ،‬وكذلك يف "أَيَّ ْ‬
‫الدايَة تَا ْ ِ‬
‫الس ْلطَان َّ‬
‫ُّ‬
‫الوِزير يِ ِج ْيبلَـو َدبَّـار مـن خـارج ال َقبِيلَـة"‪ ،3‬فالقبيلػة سبثػل اؼبكػاف الػذي يسػكنو أىػل سػوؼ‬
‫وطَلَب من َ‬
‫قػػديبا‪ ،‬فيشػػعروف فيػػو بالطمأنينػػة واألمػػاف كمػػا يف حكايػػة(جبه والصػػيد) حػػْب قػػاؿ الػراوي‪َ " :‬كــايِ ْن َمـ َـرا‬
‫‪4‬‬ ‫شة في ال َقبِيلَة ِىي ور ِ‬
‫اجل َْها لَبَاس َع ْنـ ُه ْم"‬ ‫َعايْ َ‬
‫َ‬
‫‪ -‬الغابة‪:‬‬
‫يف القصػػص الشػػعيب احمللػػي ؽبػػا ؾبموعػػة مػػن الػػدالالت زبتلػػف مػػن حكايػػة إُف أخػػرى ومػػن موقػػف إُف‬
‫آخػػر‪ ،‬فتػػارة تػػدؿ علػػى كسػػب الػػرزؽ حيػػث وبتطػػب فيهػػا الفػػرد " ِومــن غُـ ْدوة تَ َالقَــى مــع جب ــره ِ‬
‫وىــي‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫تحطِّ ْ‬ ‫تحطِّ ْ‬
‫‪5‬‬
‫اح‬
‫ـب" ‪ ،‬وأخػرى تػدؿ علػى الصػيد فيتغػذى منهػػا " َوَر ْ‬ ‫ـوم َج ْبـ َـره تُـ ُـروح َ‬
‫ـب" و" ُك ْـل يُ ْ‬ ‫َرايْ َحـة َ‬
‫الصــي ْد يِ َ‬
‫ص ـيِّ ْد فــي الغَابَــة"‪ ،6‬وأخػػرى تػػدؿ علػػى اػبػػوؼ والوحشػػة حػػْب يسػػّب فيهػػا لػػيال‪ .‬ويف حكايػػة‬ ‫ِّ‬
‫(الدقلػػة والػػذكار) تطػػرؽ الكاتػػب إُف غابػػة النخيػػل وظباىػػا البسػػتاف يف "يحكــى أن فالحــا الحــظ فــي‬

‫‪ - 1‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 6‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪056‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫بســتانو نخلــة فقــدت أزىارىــا"‪ 1‬وىنػػا جػػاءت الغابػػة مرتبطػػة بالنخلػػة الػػٍب ؽبػػا دالالت كبػػّبة يف منطقػػة‬
‫وادي سوؼ ؼبا ربملو من رمز للكفاح والكرـ واعبود وتراث األجداد‪.‬‬
‫‪ -‬السوق‪:‬‬
‫وظف الراوي ىذا النوع من األماكن اؼبفتوحة يف حكاياتو‪ ،‬ففػي حكايػة (السػارؽ واؼبلػك) مػثال ذكرىػا‬
‫فمثَّػػل ذلػػك بالسػػوؽ اليوميػػة‪ ،‬أو مػػرة يف‬ ‫أكثػػر مػػن موضػػع‪ ،‬فهػػو اؼبكػػاف الػػذي يتجمػػع فيػػو النػػاس يوميػػا َ‬
‫ـب ومجـوىرات فـي السـوق‬ ‫ِ‬
‫األسبوع‪ ،‬أي السوؽ األسػبوعية‪ .‬فػذكر يف موضػع‪" :‬دي ْـر عُ ْرَمـة نْـتَـاع ذَ َى ْ‬
‫يمــا قَالَّـو الـ َّـدبَّ ْار وجـاء الســارق للســوق‬‫ِ‬
‫صـنَـ ْعتَو‪ .‬دار الملـك ك َ‬ ‫ع والســارق يعـاود َ‬
‫صـي عليهــا بَـيَّـا ْ‬
‫وو ِّ‬
‫َ‬
‫الســوق"‪ 3‬فالسػػوؽ ىػػو اؼبكػػاف الػػذي‬ ‫ـاى ْم ِخيـ ْـل مــن ُّ‬ ‫وحــب يسـ ِرق الـ َّـذىب"‪ .2‬ويف آخػػر ِ‬
‫"شـ َـرال ُْه ْم ابَّـ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫يبتاع منو الناس حاجياهتم اليوميػة مػن خضػر ومػواد غذائيػة وكماليػات اغبيػاة مػن أثػاث ووسػائل للتنقػل‬
‫وغّبىا‪.‬‬
‫‪ -‬الجبال‪:‬‬
‫اعببل من األماكن اؼبفتوحة الٍب يرددىا الراوي احمللي يف قصصو وحكاياتو‪ ،‬فهو وبمػل معلمػا واسػعا يف‬
‫خياؿ الراوي والسامع على حد سواء‪ ،‬فحْب يذكر الراوي اعببل يف حكايتو يرسم يف ذىن اؼبسػتمع أو‬
‫القػػارئ تلػػك اؼبسػػاحة الشاسػػعة والقػػوة الػػٍب زبػوؿ للشخصػػيات اغبكائيػػة اكتسػػأّا منػػو‪ ،‬وىػػذا مػػا وفرتػػو‬
‫اللفظة يف حكاية "لوقبة" حْب صعدت للجبل الذي أعطاىا القدرة على قهر الظلم بػالفرار مػن أىلهػا‬
‫ـت لهـا أختهـا وقالـت لهـا‪ :‬يـا‬ ‫اح ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت لُونجة اِ ِ‬
‫معـا ْه للجبـل"‪ ،‬ويف " َر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وى ْربَ ْ‬
‫وىا ُ‬ ‫يديها في اي ْد ُخ َ‬ ‫" َد َار ْ ْ‬
‫ـال‪ .‬قالــت لهــا‪ِ :‬مــين ُك ْنـ ِ‬ ‫ـاك لْــروس ِ‬
‫الجبَـ ْ‬ ‫ت أ ُِّمــي‪َ ،‬د ْربِيلِــي َسـل ْ‬
‫ـت‬ ‫ْ‬ ‫ِّال ْل ونَطْلَـ ْـع ْم َعـ ْ ُ ْ‬
‫ْف الــد َ‬ ‫لونجــة يــا بْـنَـيِّـ ْ‬
‫ت ْســلِي ْفتِي‪َ ،‬اى ْب ِطــي‪،‬‬
‫ـاك لْــروس الجبــال‪ ،‬وكِــي عُـ ْد ِ‬
‫ِّال ْل‪ ،‬ونَطْلَـ ْـع ْم َعـ ْ ُ ْ‬ ‫ْف الــد َ‬
‫ك َس ـل ْ‬ ‫ُوخ ْيتِــي‪ ،‬انْـ َد ْربِيلَ ْ‬‫أ َ‬
‫أَطْلَ ْع يا ِجبَ ْل أَطْلَ ْع‪ .....‬أطْلَ ْع يا ِجبَ ْل أَطْلَ ْع"‪.4‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪057‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -2‬المكان المغلق‪:‬‬
‫يبثػػل اؼبكػػاف اؼبغلػػق غالبػػا اغبيػػز الػػذي وبػػوي حػػدودا مكانيػػة تعزلػػو عػػن العػػاَف اػبػػارجي‪ ،‬فيكػػوف‬
‫بػػذلك أكثػػر ضػػيقا مقارنػػة باؼبكػػاف اؼبفتػػوح‪ ،‬ؼبػػا يتسػػم بػػو مػػن احملدوديػػة وسبييػػز معاؼبػػو‪ ،‬فهػػو إطػػار إقامػػة‬
‫الشخصيات كالبيت‪ ،‬السجن‪ ،‬اؼبستشفى وغّبىا كثّب‪.‬‬
‫ومن بْب ىذه األماكن قبد يف مدونة القصص الشعيب‪:‬‬
‫‪ -‬الخيمة‪:‬‬
‫اػبيمة رمز من رمػوز الفػرد السػويف قػديبا‪ ،‬فهػي اؼبلجػأ والبيػت‪ ،‬وىػي الراحػة واألمػاف‪ ،‬كلمػا ذكػر الػراوي‬
‫الصػػحراء إال ووجػػدنا اػبيمػػة (أو "العِ َّشػػة" يف اللهجػػة احملليػػة) وىػػذا لسػػهولة تركيبهػػا وتفتيتهػػا‪ ،‬فالسػوافة‬
‫قػػديبا مػػن البػػدو الرحػػل الػػذين يتبعػػوف اؼبػػاء والكػػأل واؼبراعػػي اػبصػػبة النضػػرة الػػٍب تػػوفر العشػػب األخضػػر‬
‫حر الشػمس وبػرودة الليػل‪ ،‬فهػي تُصػنَع مػن وبػر اإلبػل‬
‫ألغنامهم وإبلهم‪ ،‬كما تعتب اؼبلجأ الذي يقيهم َّ‬
‫"عشَّة" الدالة علػى اػبيمػة حػْب قػاؿ الػراوي‪" :‬وفـي‬ ‫وصوؼ الغنم‪.‬ويف حكاية (غرود عالية) قبد لفظة ِ‬

‫ش يُـ ْرقُ ْد تجي ْو فِي المنَـ ْام"‪ ،1‬كمػا‬ ‫شة يِ َخ ِّمم بِيها‪ُ ،‬كل يوم يِغَ ِّم ِ‬ ‫شد بِ َالصتَ ْو في ِ‬‫اللِّيل يِ ِ‬
‫ض عنِيو بِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ُْ‬ ‫الع َّ‬ ‫ْ‬
‫شــة‬‫ـاف ِعي َ‬
‫شــة" و"كِــي َشـ ْ‬ ‫ـب عـ ْـن َخ ْي ِمــة ِعي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫قبػػدىا يف "وفــي يــوم مــن األيــام َجــاء َراجــل يِصــي ْد َعاقـ ْ‬
‫ـف ِع ْنــد َخ ْي ِم ْتـ َهــا"‪ ،2‬فاػبيمػػة ربمػػل ميػػزة األلفػػة واألمػػاف الػػٍب ذبعػػل منهػػا فبيػػزة عػػن البيػػت أو الغرفػػة‬
‫َوقَـ ْ‬
‫مثال ؼبا ؽبا من بعد ثقايف وتراثي قدًن‪.‬‬
‫‪ -‬البيت‪:‬‬
‫بعد هنار طويل يف العمل‪ ،‬وبعد مشقة السفر‪ ،‬تقصػد شخصػيات اغبكايػات البيػت لقضػاء أوقػات مػع‬
‫أفراد عائالهتا وأخذ قسط من الراحة والنوـ وغّبىا من الواجبػات اؼبنزليػة‪ ،‬فالبيػت يعتػب اؼبسػت َقر األخػّب‬
‫ػوش‬
‫يف هناية اليوـ‪ ،‬ويف هناية اغبكاية غالبا ما قبد مفردة البيت أو ما يدؿ عليها يف اللهجػة احملليػة (اغبُ ْ‬
‫أو الدَّار الدالة على اؼبنزؿ ال الغرفة)‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪058‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ولو بدأنا حبكاية (جبه والصػيد) لوجػدنا اؼبفػردة أو مػا يػدؿ عليهػا يف عػدة مواضػع وإف أدت كلهػا‬
‫ـوش"‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْح ْ‬ ‫رجعُـوا لل ُ‬
‫وش أ ََىل َْها"‪" ،‬وبَـ ْع َد َما ْ‬
‫ب في ُح ْ‬ ‫ضْ‬ ‫وح تَـ ْغ َ‬
‫معُب مشَبؾ يف مكاف الراحة واألماف "ت ُر ْ‬
‫يهم"‪ .1‬وَف‬ ‫ِ‬ ‫ش َع ْارفِين أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫"يـ ْقع ْد يِ ِعس علِينَا وما ي ْد ُخل ِ‬
‫وش يَ ْس َمع ف ْ‬‫الح ْ‬ ‫وراء ُ‬ ‫الصي ْد َ‬
‫َن ِّ‬ ‫ْشي ل َداَرْه"‪" ،‬م ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ‬
‫ىبتلػػف األمػػر يف حكايػػة (السػػارؽ واؼبلػػك) حػػْب قػػاؿ ال ػراوي "وىــي تَاكِـ ْـل واتَّبـ ْـع فيــو حتــى َو َّ‬
‫ص ـل َْها‬

‫الخ َّد َامــة َدا ْخل ـةَ حـ ْ‬


‫ـوش‬ ‫ـت َ‬ ‫احـ ْ‬
‫ـارق"‪َ " ،‬ر َ‬
‫السـ ْ‬
‫لحــوش َّ‬ ‫وىــا ْن َع ْارفَــات الطِّريــق ُر ُج َعـ ْـن ُ‬
‫لحو َشــو"‪ ،‬ويف " َ‬
‫ُ‬
‫ـار ْق"‪ ، 2‬فالبيػػت ىػػو اؼبػػالذ األخػػّب الػػذي هبػػد فيػػو صػػاحبو‬
‫السـ َ‬
‫ـوش َّ‬
‫وصـلَت ُحـ ْ‬
‫ـوش‪َ ،‬حتــى ْ‬
‫ارجــة ُحـ ْ‬
‫َخ َ‬
‫الراحة واألماف واؼبكاف الذي ينفصل فيو ساكنو عن مشاغل اغبياة بعد تعب ومشقة العمل‪.‬‬
‫وما للبيت من أبعاد ـبتلفة‪ ،‬من أمػن وضبايػة وراحػة واسػتقرار‪ ... .‬صبعهػا راوي حكايػة (شػرؼ امػرأة)‬
‫حػػْب لعػػب البيػػت دور اعبػػدار الفاصػػل بػػْب اغبيػػاة واؼبػػوت‪ ،‬وبػػْب الشػػرؼ والعفػػة مػػن جهػػة‪ ،‬وانتهػػاؾ‬
‫األع ػراض واغبرمػػات مػػن جهػػة أخػػرى‪ ،‬كػػل ىػػذا حػػْب اختبػػأت اؼب ػرأة بػػْب جػػدراف بيتهػػا فحماىػػا مػػن‬
‫الع ْس َكر قُ َدام بِي ْتها تِْتـ َف َّق ْد‬
‫وىا َ‬
‫العسكر الظاَف الذي أراد التعدي على شرفها وانتهاؾ عرضها يف " َشافُ َ‬
‫اب البِ ْ‬
‫يت"‪.3‬‬ ‫في أوالدىا‪...‬كي َشافَـ ْتـ ُهم َس ْك َرت بَ ْ‬
‫‪ -‬القصر‪:‬‬
‫القصػػر مػػن بػػْب األلفػػاظ الػػٍب يػػذكرىا ال ػراوي يف مسػػار اغبكايػػات الشػػعبية‪ ،‬ولكػػن الس ػؤاؿ‪ :‬ىػػل فعػػال‬
‫يوجػد قصػػور يف اؼبنطقػػة قػػديبا حبيػث يتعامػػل معهػػا الػراوي ّٔػذه الطريقػػة؟ إف اللفظػػة ينسػػجها الػراوي يف‬
‫ـبيلتػػو ال واقعػػو الػ ػ ُػمعاش‪ ،‬ألهنػػا مرتبطػػة باؼبلػػك والسػػلطاف وىػػذا كػػذلك غػػّب متطػػابق مػػع حيػػاة البػػدو‬
‫الرحل‪ ،‬رغم ذلك فهي من بْب أنواع األماكن اؼبغلقة اؼبوجودة يف اغبكايات‪.‬‬
‫يشػػكل القصػػر نوعػػا مػػن أنػواع البيػػوت‪ ،‬لكػػن مػػا يبيػػزه رونقػػو اعبميػػل وحسػػن نظامػػو ؤّػػاء عمرانػػو‪ ،‬فهػػو‬
‫يزخر بكل أصناؼ اغبياة الرغيدة عكس ما ىو عليو اغباؿ يف البيوت الٍب غالبا ما ترمز للفقر وتواضع‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪061‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫اؼبعيشػػة‪ .‬والقصػػر يػرتبط يف غالػػب األحيػػاف باؼبلػػك والسػػلطة وىػػذا مػػا ؼبسػػتو يف اغبكايػػات حػػْب‪" :‬قَـ ْ‬
‫ـال‬
‫وح أجمـع النــاس الكـل فـي القصــر‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫السـلْطان ِلعي َ‬
‫ص ْـر؟" ‪ ،‬ويف "قَــال للملـك ُر ْ‬ ‫شـة تُروحــي َم َعايَـا لل َق َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫اب"‪ .2‬واألمر ذاتو حْب ل ػ َّمح الراوي إُف شسػاعة القصػر وكػبه وكثػره غرفػو وحجراتػو‬ ‫وأَل ِْقي َعليهم خطَ ْ‬
‫السـ ْلطَا ْن للحـ قـال للونجـة‪َ :‬ىـا ْذ الـدِّيَ ْار ال ُك ْـل افَـ ْت ِحـي ِه ْن‪ِ ،‬غي ْـر َىـا ْذ ال َّـد ْار َمــا‬ ‫وح ُّ‬ ‫يف"وقَـبَ ْـل مـا يِ ُـر ْ‬
‫يش ِم ْنـ َها"‪.3‬‬
‫تَـ َق ْربِ ْ‬
‫وإذا اشػَبكت اغبكايػػات يف اؼبلػػك والسػلطة‪ ،‬فإهنػا زبتلػػف يف رمزيػة القصػػر‪ ،‬فقػػد يرمػز للعػػدؿ والسػػعادة‬

‫وعا ُشوا الكل في القصر م ْتـ َه ْنيِ ْ‬


‫ـين"‪ 4‬ألف السػلطاف‬ ‫َىلها َ‬
‫ورجعُولْها أ َ‬
‫ارحة ْ‬
‫وعا َشت مع أوالدىا فَ َ‬
‫يف " َ‬
‫حقق مػا َف يقػدر الػراوي أف وبققػو يف واقعػو اؼبعػاش‪ ،‬كمػا قػد يرمػز للظلػم يف حكايػة (السػارؽ واؼبلػك)‬
‫مثال حْب تسلط اؼبلك وزبب على رعيتو واستغل القصر والسلطة يف ظلم العباد‪.‬‬
‫‪ -‬المسجد‪:‬‬
‫ىػو اؼبكػاف األقػرب هلل واألفضػل للعبػادة وأداء الصػالة‪ ،‬ويلعػب دورا مهمػا يف الظػروؼ الصػعبة الػٍب يبػر‬
‫ّٔا الفرد وآّتمع على حد سواء‪ ،‬فقد يلجأ إُف إمامة الناس ليحل ؽبػم مشػاكلهم ويعيػنهم علػى قضػاء‬
‫حاجػػاهتم‪ ،‬وىػػذا مػػا كػػاف فعػػال حينمػػا اسػػتنجد الرجػػل بالطالػػب يف حكايػػة (جػػبه والصػػيد) لّبجػػع لػػو‬
‫صــتو وقَالــو َحــاب نرجــع َم ْرتِــي"‪ 5‬ولػػو أف‬
‫ـامع وح َكــى لــو قِ ْ‬
‫الجـ َ‬
‫ـب تَــع َ‬
‫ِ‬
‫اح يجـ ِري للطَّالـ ْ‬
‫زوجتػػو يف‪َ " :‬ر ْ‬
‫اؼبسجد ىنا جاء باللهجة احمللية (اعبَ َام ْع)‪.‬‬
‫‪ -‬البئر‪:‬‬
‫مػػا يبيػػز اؼبنػػاطق الصػػحراوية وجػػود اآلبػػار مَباميػػة ىنػػا وىنػػاؾ يف مسػػاحاهتا الشاسػػعة‪ ،‬فػػالبئر ىػػو اؼبػػورد‬
‫األساسػػي للميػػاه يف البيئػػة‪ ،‬وكثػّبا مػػا وظػَّػف الػراوي ىػػذا النػػوع مػػن األمػػاكن اؼبغلقػػة يف الػَباث الشػػفوي‬
‫سواء أكاف شعرا أو نثرا‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪060‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وإذا نظرنا إُف حكاية (لوقبة) مثال‪ ،‬وجدنا البئر يف صور متعددة بدالالت ـبتلفة‪ ،‬وإف اجتمعػت‬
‫كلها يف مصب واحد أال وىو مالمح البيئة الصحراوية‪ .‬فػالبئر ىػو اؼبنبػع األساسػي للميػاه الشػروب يف‬
‫ش يوِر ْد الماء‪ ،‬كِـي ِجبـ ْد ال َّـدلُو ِجبـ ْد معـا ْه َشـعرة ِط ِويلَـة ي ِ‬ ‫اؼبنطقػة يف "م َّرة راح ُخ ِ‬
‫اسـ ْر"‪،1‬‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫وىا ل ْلبِ ْير بِ ْ ُ‬
‫َ َْ َ‬
‫ويف موضع آخر يذكر الراوي بأف الصحراء صعبة اؼبراس‪ ،‬ولو ال اآلبار اؼبنتشرة يف أراضيها ؽبلك الناس‬
‫ص ـلُوا لبيــر‬ ‫ع‪َ ...‬حتَّــى ُو ْ‬ ‫ـيم وبيــر ِّ‬
‫الض ـ ْف َد ْ‬ ‫وســة ِوبيــرء البِ ِهـ ْ‬ ‫شــوا عــن بِيـ ْـر َ‬
‫الخ ْنـ ُف َ‬ ‫مػػن العطػػش فيقػػوؿ‪ِ " :‬م َ‬
‫اك تِْت َح َّو ْل لغَ َز ْال‪َ .‬خلَّى الطُِّف ْل نَـ ْعلِيـ ْو‬
‫ت لو لونجة‪َ :‬ما تَ ْش َربْ ِشي َر ْ‬ ‫ب ِمنَّو ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫ش َر ْ‬ ‫الغَ َز ْال َجاء بِ ْ‬
‫ش يَ َ‬
‫ُخ ْيت ِي َرانِي نْ ِس ْ‬
‫يت نَـ ْعلَ َّي ْح َذا البِي ْـر ‪ ،‬تَـ ْـو انِجيـ ْبـ ُه ْم‬ ‫اح يِتَبَّ ْع فِي أُ ْختَ ْو‪ .. .‬قَ ْ‬
‫ال لَ َها يَا أ َ‬ ‫ور ْ‬ ‫تِ ِح ْ ِ‬
‫ت الب ْير َ‬
‫ب من البِْير وِر َج ْع لها غَ َز ْال يِنُ ْط"‪ ،2‬يف ىػذا اؼبقطػع مػن اغبكايػة يػذكر الػراوي بعضػا‬ ‫اح ْش ِر ْ‬ ‫ِ‬
‫ونْجي‪َ ،‬ر ْ‬
‫من أصناؼ اغبيوانات الصػحراوية‪ ،‬ومػا يبيزىػا مػن قػبح تػارة‪ ،‬ومػن حسػن وصبػاؿ يف أخػرى‪ ،‬ومػا شػرب‬
‫األخ الصػػغّب مػػن بئػػر الغ ػزاؿ إال داللػػة علػػى تفضػػيلو لػػو عػػن بػػاقي اغبيوانػػات واغبش ػرات األخػػرى الػػٍب‬
‫تتميز بالقبح وسوء اؼبظهر‪ .‬وَف ىبتلف األمر كثّبا يف حكاية (النصيص والغولية) عمػا سػبق ذكػره حػْب‬
‫يخيِّط َْهــا"‪ 3‬وىنػػا ذكػػر الػراوي‬
‫ْخيَّــا ْط َ‬
‫ِّيهــا لل َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ـور ُدوا المــاء‪ ،‬قــال لهــا قَطْعــي الق ْربَــة واد َ‬
‫ـت لــو َىيَّــا نُـ ْ‬
‫"قَالَـ ْ‬
‫وزبػاط وُسب َػألُ باؼبػاء لتحػافظ علػى برودتػو ونقائػو مػن الشػوائب‪ ،‬كمػا‬ ‫"الق ْربَة" الٍب تُصنَع مػن جلػد اؼبػاعز ُ‬ ‫ِ‬

‫وصـلُوا للبِيـ ْـر‪،‬‬


‫صػور لنػػا الػراوي البئػػر كأنػػو حبػػل النجػػاة الػػذي يتمسػػك بػو كػػل مػػن يعػػب الصػػحراء يف‪ْ " :‬‬
‫الحــي ْط‪،‬‬‫ـال للغُولِيَّــة َكــا ْن حبِّيتِينِــي نُ ْخــرج َشـ ْـعلِي النَّــار احـ َذ البِيــر حتَّــا ْن يحمــى ِ‬ ‫ـيص وقَـ ْ‬ ‫َد َخــل الن ِ‬
‫ْ َ ََْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ِّصـ ْ‬ ‫ْ‬
‫ت‬‫ـار وقِ ْعـ َد ْ‬ ‫ـت الغُولِيَّـة َشـ ْـعلَ ْ‬
‫ت النَّـ ْ‬ ‫احـ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اىــو يَ ْح َمـى المــاء تَـ ْـع البيـ ْـر نُ ْخ ُـر ْج ن ْجـ ِري‪َ ،‬ر َ‬
‫ـك َر ُ‬ ‫ض ُـربِي ْو بَِر َ‬
‫اسـ ْ‬ ‫اْ‬
‫ِ‬
‫ت"‪ ،4‬وىذا حْب قبا (النصيص) من كيد الغولة‪.‬‬ ‫وماتَ ْ‬‫اس َها َ‬ ‫ب في البِ ْير بَِر ْ‬
‫اس َها َحتَّا ْن ا ْشع ْل َر ْ‬ ‫ض ُر ْ‬ ‫تُ ْ‬
‫‪ -‬يف اغبكايػات عديػد األلفػاظ الدالػة علػى األمػاكن اؼبغلقػة أو اؼبفتوحػة‪ ،‬فمػثال قبػد‪ :‬القػب‪ ،‬الغرفػػة‪،‬‬
‫القبة‪ ،‬االسػطبل‪ ،‬اؼبغػارة‪ ،‬ربػت القصػعة‪ ،‬فػوؽ القبػة‪ ،‬اؼبرعػى‪ ،‬الػدار‪ ....‬وغّبىػا كثػّب‪ ،‬فػال زبلػو حكايػة‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪061‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫من مكػاف ألنػو يبثػل القاعػدة الػٍب يبػِب عليهػا الػراوي أحػداث حكاياتػو ومسػارىا السػردي‪ .‬فاؼبكػاف ذو‬
‫أنبية قصوى ألنو يبنح للروايات أعماال ـبتلفة وعليو تكوف الروايات أو القصص مرتبطة بػالواقع‪ ،1‬كمػا‬
‫يلع ػػب دورا مهم ػػا وحاظب ػػا من ػػذ الق ػػدـ يف تك ػػوين حي ػػاة الن ػػاس وذبس ػػيد ىواي ػػاهتم‪ ،‬وربدي ػػد تص ػػرفاهتم‬
‫وإدراكهم لألشياء‪ ،‬وىذا كونو أشد التصاقا حبياهتم وأكثر تغلغال يف كيػاهنم‪ ،‬ال لشػيء إال كونػو – أي‬
‫اؼبكاف‪ -‬يبثل ىويتهم وتراثهم‪.‬‬
‫‪ -II‬الزمـ ـ ــان‪:‬‬

‫يكتنز الزمن أنبية كبّبة يف السرد الرتباطو الوثيق باألدب والفلسفة والعلم وبكل ما يبد لإلنساف‬
‫بصلة‪ ،‬ال لشيء إال ألف العاَف الذي يفَبعو أي عمل سردي ىو دائما عاَف زماين "فالزمن يصّب زمنا‬
‫إنسانيا ماداـ ينتظم وفقا النتظاـ مبط السرد‪ ،‬وأف السرد بدوره يكوف ذا معُب ماداـ يصور مالمح‬
‫التجربة الزمانية"‪ 2‬وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على أنبية الزمن يف اؼبسار السردي للحكايات‬
‫والقصص والروايات على حد سواء‪ ،‬فال ىبلو أي إبداع أديب من زمن كما ىو األمر عليو يف اؼبكاف‪.‬‬

‫يعد الزمن من اؼبقوالت األساسية الٍب شغلت الدارسْب واستقطبت اىتمامهم‪ ،‬فاالىتماـ بفكرة‬
‫الزمن ضارب يف عمق التاريخ البشري‪ ،‬قدًن قدـ اإلنساف وحديث حداثة طموحاتو وأحالمو‪ ،‬فهذا‬
‫العنصر اغبيوي الذي ال ىبتلف اثناف يف مدى أنبيتو ليتسم بالضبابية والتعتيم‪ ،‬لذا قبده ؿبور جداؿ‬
‫لدى الكثّب من الفالسفة واألدباء واؼبفكرين فبا صعَّب الوقوؼ على مفهوـ جامع لو‪.‬‬

‫‪ -‬جػػاء يف لسػػاف العػػرب‪" :‬الػػزمن والزمػػاف‪ :‬اسػػم لقليػػل الوقػػت وكثػػّبه‪ ،‬ويف احملكػػم الػػزمن والزمػػاف‪:‬‬
‫العصر‪ ،‬واعبمع أزمن وأزماف وأزمنة‪ ،‬وأزمن الشيء‪ :‬طاؿ عليو الزماف‪ ،‬وأزمن باؼبكاف‪ :‬أقاـ بػو زمانػاً"‪.3‬‬
‫ولػػيس ببعيػػد عػػن ذلػػك‪ ،‬يػػرى الزـبشػػري بػػأف الػػزمن‪" :‬مػػن زمػػن‪ :‬خػػال زمػػن فػػزمن وخرجنػػا ذات الػػزمنْب‪،‬‬

‫‪ - 1‬ضبيد غبميداين‪ ،‬بنية النص السردي‪ ،‬ص ‪.272‬‬


‫‪ - 2‬بوؿ ريكو‪ ،‬الزماف والسرد (اغببكة والسرد التارىبي)‪ ،‬تر‪ :‬سعيد الغامبي‪ ،‬فالح رحيم‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دار الكتاب اعبديدة‪ ،‬بّبوت‪ ،2006 ،‬ص‬
‫‪.20‬‬
‫‪ - 3‬ابن منظور‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬مادة (زمن)‪ ،‬ص ‪.1867‬‬
‫‪062‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وأزمن الشيء‪ ،‬مضى عليو الزماف فهو مزمن"‪ 1‬كما يتناوؿ أبو اؽبالؿ العسكري مفهوـ الزمن إذ يقوؿ‪:‬‬
‫"إف اسم الزماف يقع على كل صبع مع األوقات‪ ،‬وأف الزماف أوقات متتالية ـبتلفة أو غّب ـبتلفة"‪.2‬‬
‫‪ -‬وعلػػى خػػالؼ اؼبفهػػوـ اللغػػوي ‪ -‬الػػذي اشػػَبكت فيػػو اؼبعػػاجم العربيػػة يف أنػػو وبمػػل طػػابع الوقػػت‬
‫واؼبكوث والبقاء‪ -‬جاء اؼبفهوـ االصػطالحي يف رؤى كثػّبة التشػعب واالخػتالؼ ‪ ،‬فيمػا يػراه البػاحثوف‬
‫عن زمن القصة‪ ،‬الرواية أو السرد ؼبا لو من أنبية يف تشكيل بنية النص الروائي أو القصصي‪.‬‬
‫إف الػػزمن يف أبسػػط معانيػػو ىػػو روح الوجػػود اغبػػق ونسػػيجها الػػداخلي‪ ،‬فهػػو ماثػػل فينػػا حبركتػػو الالمرئيػػة‪،‬‬
‫حيث يكوف ماضيا أو حاضرا أو مستقبال‪ ،‬وىذه األزمة يعيشها اإلنساف ليتشكل ّٔػا وجػوده فبػا يعػِب‬
‫أف الزمػػاف موجػػود ألف ىنػػاؾ نشػػاطا مػػا مسػػتمر مػػن العػػدـ إُف الوجػػود‪ 3.‬وفبػػا ال شػػك فيػػو أف الػػزمن‬
‫موجود لكنو خفي ال نراه‪ ،‬عكس ما عليو اغباؿ بالنسبة للمكاف رغػم أهنمػا يشػكالف خطػْب متػوازيْب‬
‫ال يفَبقاف‪ ،‬فكػل منهمػا مكمػل ل خػر‪ ،‬فػال كبػدد مكانػا إال وحػددنا زمانػو‪ .‬ويػرى عبػد اؼبلػك مرتػاض‬
‫‪4‬‬
‫بأف الزمن عبارة عن مظهر نفسي ال مادي‪ ،‬ؾبرد ال ؿبسوس‪ ،‬يتمظهر يف األشياء آّسدة‪.‬‬
‫وكػػاف الشػػكالنيوف الػػروس ىػػم السػػباقوف لدراسػػة بنيػػة الػػزمن يف العش ػرينيات مػػن القػػرف اؼباضػػي‪،‬‬
‫وزادت ى ػػذه اغبرك ػػة يف االزدى ػػار يف الس ػػتينات عل ػػى ي ػػد جيني ػػت وت ػػودوروؼ وب ػػارت‪ ،‬وق ػػد اختل ػػف‬
‫الباحثوف يف ربديد أقساـ للزمن‪ ،‬فمنهم من يرى الزمن أنػو زمػن اغباضػر واؼباضػي واؼبسػتقبل كمػا أشػار‬
‫إليػػو بػػوؿ ريكػػو (‪ ،5 (Paul Ricoeur‬ومػػن مػػن يعػػده‪ :‬زمػػن القصػػة أو اغبكايػػة‪ ،‬زمػػن الكتابػػة وزمػػن‬
‫القػراءة وىػػذا مػػا ذىػػب إليػػو تػػودوروؼ (‪ ،)Todorov‬ومػػنهم مػػن يػراه علػػى أنػػو‪ :‬زمػػن الكاتػػب‪ ،‬زمػػن‬
‫القارئ والزمن التارىبي فيما أشار إليو غلد شتاين (‪.6 (Goldenstien‬‬

‫‪ - 1‬الزـبشري‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬تح‪ :‬ؿبمد باسل‪ ،‬ج‪ ،1‬منشورات دار الكتب العلمية‪ ،‬بّبوت‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.423‬‬
‫‪ - 2‬أبو ىالؿ العسكري‪ ،‬الفروؽ اللغوية‪ ،‬تح‪ :‬ؿبمد ابراىيم سليم‪ ،‬دار العلم والثقافة‪ ،‬القاىرة‪( ،‬د ط)‪( ،‬د ت)‪ ،‬ص ‪.270‬‬
‫‪ -3‬مها حسن قضراوي‪ :‬الزمن يف الرواية العربية‪ ،‬اؼبؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.13‬‬
‫‪ - 4‬عبد اؼبلك مرتاض‪ ،‬يف نظرية الرواية (حبث يف تقنيات السرد)‪ ،‬عاَف اؼبعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،1998 ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪ - 5‬بوؿ ريكو‪ ،‬الزماف والسرد (اغببكة والسرد التارىبي)‪ ،‬تر‪ :‬سعيد الغامبي‪ ،‬فالح رحيم‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ - 6‬ينظر‪ :‬بوؿ ريكو‪ ،‬الزماف والسرد (اغببكة والسرد التارىبي)‪ ،‬تر‪ :‬سعيد الغامبي‪ ،‬فالح رحيم‪ ،‬ص ‪.189،188‬‬
‫‪063‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وكبػػن يف ىػػذا اؼبقػػاـ‪ ،‬ال يهمنػػا زمػػن القػػارئ أو زمػػن الكتابػػة أو اؼبشػػافهة‪ ،‬بػػل مػػا يهمنػػا ىػػو زمػػن‬
‫القصة الذي يبثل "زمن وقوع األحداث اؼبروية يف القصة‪ ،‬فلكل قصة بدايػة وهنايػة وىبضػع زمػن القصػة‬
‫للتتػػابع اؼبنطقػػي"‪ 1‬فػػالزمن ىنػػا ىػػو الػػزمن ال ػ ُػمتَ َخيَّل مػػن ال ػراوي يف اغبكايػػة‪ ،‬حيػػث تػػدور الشخصػػيات‬
‫باألحػػداث واألفعػػاؿ يف سػػياقو‪ .‬وحػػٌب ال لبػػوض يف ىػػذا السػػياؽ كثػّبا‪ ،‬سػػنتطرؽ إُف أسػػلوبْب مهمػػْب‬
‫من اؼبفارقة الزمنية للحكايات نبا االسَبجاع واالستباؽ‪.‬‬
‫‪ -1‬االسترجاع‪:‬‬
‫رغم اختالؼ النقاد والدارسْب يف اصطالح ىذا النوع من اؼبفارقات الزمنية للمرويات بصفة‬
‫عامة (اسَبجاع‪ ،‬ارتداد‪ ،‬استحضار‪ ،)...‬إال أهنا اشَبكت تقريبا يف اؼبفهوـ‪ .‬ووبدث االسَبجاع عندما‬
‫يوقف السارد عجلة األحداث ليعود إُف الوراء مسَبجعا أحداثا ووقائع حصلت يف اؼباضي لتُحيلنا‬
‫على أحداث زبرج عن حاضر النص لَبتبط بفَبة سابقة على بداية السرد‪ 2.‬وىو اسَبجاع لقصة سبت‬
‫يف زمن ما متباين عن الزمن اغباضر‪.3‬‬
‫ولالسَبجاع نوعاف نبا االسَبجاع الداخلي واالسَبجاع اػبارجي‪:‬‬
‫أ‪ -‬االسترجاع الداخلي‪ :‬وىو حْب يستعيد الراوي أحداثا وقعت ضمن زمن اغبكاية‪ -‬أي بعد‬
‫بدايتها ‪ -‬ويعود بذاكرتو إليها ضمن اإلطار السردي ليكرر ذكرىا‪ ،‬وىو الذي "يستعيد أحداثا وقعت‬
‫ضمن زمن اغبكاية أي بعد بدايتها"‪ ،4‬فقد يتطرؽ الراوي إُف حدث معْب يف زمن معْب من اؼبسار‬
‫اغبكائي‪ ،‬مث يعود إليو مرة ثانية ليُعِيد استذكاره‪ .‬ويف مدونة القصص الشعيب اػباصة بالبحث ؾبموعة‬
‫من االسَبجاعات الداخلية نذكر منها‪:‬‬
‫ِ ‪5‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب نْػَر َّجع َم ْريت"‬
‫صتَو وقَاؿ لو َح ْ‬ ‫اح ْهبري للطَّالب تَع َ‬
‫اعبام ْع و َحكى لَو ق ْ‬ ‫‪ -‬مثال أول‪َ " :‬ر ْ‬

‫‪ - 1‬ؿبمد بوعزة‪ ،‬ربليل النص السردي (تقنيات ومفاىيم)‪ ،‬منشورات االختالؼ‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ط‪ ،2010 ،1‬ص ‪.87‬‬
‫‪ -2‬حسن حبراوي‪ ،‬بنية الشكل الروائي (الفضاء‪ ،‬الزمن‪ ،‬الشخصية)‪ ،‬ؾبمع ثقايف‪ ،‬دار البيضاء‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،1990 ،1‬ص ‪.119‬‬
‫‪ - 3‬ميساء سليماف‪ ،‬البنية السردية يف كتاب اإلمتاع واؼبؤانسة‪ ،‬اؽبيأة العامة للكتاب‪ ،‬دمشق‪ ،2011 ،‬ص ‪.227‬‬
‫‪ - 4‬لطيف زيتوين‪ ،‬معجم مصطلحات نقد الرواية‪ ،‬دار النهار للنشر‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،2002 ،1‬ص‪20‬‬
‫‪ - 5‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪064‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫قص الرجل‬
‫يف ىذا اؼبقطع السردي اسَبجاع داخلي‪ ،‬وذلك حْب رجع الراوي باألحداث للوراء يف ّْ‬
‫حكايتو مع زوجتو للطالب‪ ،‬فاغبدث ىنا وقع يف مسار اغبكاية متمثال يف اػبالؼ بْب الزوجْب وفرار‬
‫الزوجة من بيت زوجها‪ ،‬وأعاد الرجل قص اغبدث طالبا عوف الطالب‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ب يِ َكثّْر ِخ َّبه‪ ،‬لوال روبة بِ ِش َعة يف فَمو"‬ ‫‪ -‬مثال ثاني‪" :‬ت َكلمت َجْبػَره وقَالت‪َ :‬‬
‫ص ْح َر ّْ‬
‫وىنا استعاد الراوي ذكر حدث على لساف (جبه) الٍب ربدثت عن إقامتها مع (الصيد)‪ ،‬ومؤشرات‬
‫ىذا اؼبقطع الدالة على االسَبجاع الداخلي ىي صيغة اؼباضي (تكلمت) الٍب عبت عن اسَبجاع‬
‫البطلة غبدث قد وقع بالفعل وعاشتو يف زمن ماض من اغبكاية‪.‬‬
‫الشوؽ لَِر ِاج ْل َها‬
‫ت ِم ْن َ‬
‫ضْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؾ اؼبَرا ت ْستَػ َُّب ف ْيو َحتَّا ْف ُم ْر َ‬ ‫وى ْ‬
‫َ‬
‫‪ -‬مثال ثالث‪" :‬طَ ْاؿ غيابو ي ِ‬
‫اس ْر‬ ‫ََ َ‬
‫‪َ2‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الر َج ْاؿ"‬ ‫وخْيػَراتَ ْو بِ َ‬
‫ْب ُك ْل ّْ‬ ‫يحبَّاتَو وا ْشت َهاتَو َ‬
‫ل َ‬
‫ذكر الراوي يف بداية اغبكاية العالقة اغبميمية وحب الزوجة الكبّب لزوجها‪ ،‬وأهنا َف تقبل الزواج من‬
‫غّبه لتعلقها بابن عمها‪ ،‬وىذا اؼبقطع يبثل إعادة ؼبا سبق ذكره‪ ،‬فهو اسَبجاع داخلي‪.‬‬
‫َعطيِب نَاكِل‬
‫يشة يا بنت ِمي أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫جع ؽبا الصوت تَع الغُوِف من جديد مي مي يَا ع َ َ‬ ‫‪ -‬مثال رابع‪َ :‬‬
‫"ر َ‬
‫‪3‬‬
‫يش ِغ ّْب ولد ُّ‬
‫السلطا ْف‪"...‬‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫وإال ْقبي نَاكلك‪ ،‬قالت لو ماعْند ْ‬
‫اؼبقطع سبثيل غبدث سابق يف اؼبسار اغبكائي‪ ،‬فهو اسَبجاع داخلي استذكرت فيو (عيشة) الغوِف‬
‫الذي خطف وليها‪ ،‬ومن اؼبؤشرات‪ :‬عاد من جديد‪.‬‬
‫ِ‬
‫"ظبعهم الن ِ‬
‫انبُوا بِ ْ‬
‫ّْصيص يِْتػ َف ْ‬
‫‪4‬‬
‫ش يَا ْكلُ ْوه"‬ ‫‪ -‬مثال خامس‪ْ َ :‬‬
‫استذكر الراوي اغبدث اؼبتمثل يف ؿباولة أكل الغولة للنصيص‪ ،‬ففي اغبدث األوؿ الذي سبق ىذا‬
‫اؼبقطع فر النصيص من الغولة الٍب أكلت أخوتو‪ ،‬ويف الثاين ظبعها وفر منها كذلك‪ ،‬ألنو تنصت إليها‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪065‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وظبعها وبالتاِف استطاع النجاة حبياتو كما نتج عن اغبدث األوؿ‪ .‬فاؼبوضوع ىنا ىو ؿباولة أكل الغولة‬
‫للنصيص وفرار األخّب وقباتو‪ ،‬واؼبؤشرات الدالة على االسَبجاع الداخلي‪ :‬ظبعهم‪ ،‬يتفانبوا‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫صة"‬ ‫‪ -‬مثال سادس‪" :‬قَالَت لو أوالدؾ وإال شريف‪ ،‬قاؿ ؽبا شرفك وح َكت لَو ِ‬
‫الق َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫اغبدث ىنا ىو قتل العسكر لألوالد وتضحية اؼبرأة بأوالدىا حفاظا على شرفها‪ ،‬واستذكر الراوي ىذا‬
‫اغبدث حْب أعادت الزوجة سرد حكايتها مع العسكر لزوجها‪ ،‬ومؤشرات االسَبجاع الداخلي سبثلت‬
‫يف "وحكت لو القصة"‪.‬‬
‫اؼبوت كِ ْ‬ ‫‪ -‬مثال سابع‪" :‬وَكا ْف م ِ‬
‫‪2‬‬
‫اس"‬
‫اغبر ْ‬
‫يف َّ‬ ‫اع و َّ‬
‫الدبَّار ْ‬ ‫صّب البَػيَّ ْ‬ ‫َ‬
‫سبثل اغبدث الرئيسي ىنا يف موت اغبراس الذين قتلهم اؼبلك ألهنم أضاعوا النعامة‪ ،‬واسَبجع الراوي‬
‫ىذا اغبدث فيما بعد حْب قتل اؼبلك كل من الدبار والتاجر يف ىذا اؼبقطع‪ ،‬وما يشّب إُف االسَبجاع‬
‫الداخلي ىو (كيف اغبراس) يف إشارة لوجود ىذا اغبدث فيما سبق من مسار اغبكاية‪.‬‬
‫ب‪ -‬االسترجاع الخارجي‪ :‬وىو عندما يعود السارد للخلف ليسرد أحداثا سابقة لبداية الرواية‪ ،‬ألهنا‬
‫تعاًف أحداثا تنتظم يف سلسلة سردية تبدأ وتنتهي قبل نقطة البداية اؼبفَبضة للحكاية‪3‬ويسمى ىذا‬
‫النوع من العودة اسَبجاعا خارجيا‪ .‬ألف الراوي يف وضعو السردي القائم يروي أحداثا قد جرت يف‬
‫الزمن السابق على حكايتو‪ ،‬ولكنها أعيدت يف سياؽ ما ويعيد خلق تلك األحداث الٍب سبلك زمنها‬
‫اػباص يف اغبكاية‪ 4.‬ويف اغبكايات ما يبثل ىذا النوع من االسَبجاع‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪5‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وش أىلها"‬ ‫‪ -‬مثال أول‪" :‬وعند العرب بَ ْكري كي تْتػ َع َارؾ َ‬
‫اؼبرا مع َراج ْلها تْػ ُروح تَغضب يف ُح ْ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪- 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬ىيثم علي اغباج‪ ،‬الزمن النوعي واشكالية النوع السردي‪ ،‬دار االنتشار العريب‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص ‪.63‬‬
‫‪ - 4‬ميساء سليماف‪ ،‬البنية السردية يف كتاب اإلمتاع واؼبؤانسة‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪ - 5‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪066‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫إف اغبدث اؼبسَبجع ىنا خارجي ألنو وقع يف زمن خارج عن زمن اغبكاية‪ ،‬وقد اسَبجعو الراوي ألداء‬
‫وظيفة معينة‪ ،‬يُظ ِهر من خالؽبا الراوي كيفية معاعبة اؼبشاكل الناصبة عن العالقات الزوجية‪ ،‬واؼبؤشر‬
‫الداؿ على االسَبجاع اػبارجي ىو (عند العرب بكري‪ ،‬تروح)‪.‬‬
‫الر ِاجل مس ِ‬
‫كْب َزَّوِاِف"‪.1‬‬ ‫‪ -‬مثال ثاني‪ْ ْ َّ " :‬‬
‫ما يبيز الرجل أنو فقّب‪ ،‬ىكذا وصف الراوي زوج البطلة‪ ،‬وىذا حدث وقع قبل نقطة بداية اغبكاية‪،‬‬
‫ألف الراوي َف يسبق وأف تطرؽ إليو يف اغبكاية‪ ،‬بل كاف ذلك اسَبجاعا من خارجها‪ ،‬فهو حدث‬
‫خارجي ال داخلي‪ .‬فاؼبوضوع ىنا ىو الفقر‪ ،‬والوظيفة ىي تسليط الضوء على حالة الرجل اؼبادية‬
‫الرتباط ىذه الصفة حبدث مهم أال وىو تفضي اؼبرأة البن عمها رغم فقره وحاجتو‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬مثال ثالث‪َ " :‬كا ْف يف َزَماف بَ ِك ِري َراجل َعايِش يف سعادة وىناء مع أ ََىلَ ْو"‬
‫ربط الراوي سعادة الرجل حبدث سبق كل األحداث‪ ،‬بل وقبل بداية اغبكاية‪ ،‬يف إشارة إُف االسَبجاع‬
‫اػبارجي الذي استذكر منة خاللو الراوي اغبالة العائلية الٍب كاف يعيشها الرجل مع أىلو وبناتو‪،‬‬
‫ووظيفة ذلك ىو تسليط الضوء على العائلة وخاصة البنت (عيشة) قبل اغبكاية حٌب يتسُب لنا فهم‬
‫التغيّب الذي يصيب الشخصيات يف هناية األحداث‪ ،‬واؼبؤشر ىو‪( :‬كاف يف زماف بكري)‪.‬‬
‫ص ْن ِمْنػ َها ومن لِ ْغَزيّْ ْل"‪.3‬‬
‫نب يِْت َخ ْل َ‬
‫يبن لوقبة و َح َّ ْ‬
‫ات ْ‬‫الس ْلطاَ ْف َكانَ ْن َغايْػَر ْ‬ ‫‪ -‬مثال رابع‪" :‬نَ َس ِو ْ‬
‫ين ُّ‬
‫غّبة زوجات السلطاف من لوقبة حدث سابق اسَبجع الراوي ذكره يف صورة جديدة اتسمت‬
‫بالتخلص من البطلة وأخيها‪ ،‬أما عن اؼبؤشر الداؿ على االسَبجاع اػبارجي فتمثل يف (كانن‪ ،‬جنب‪،‬‬
‫يتخلصن)‪ ،‬فالغّبة كانت من اؼباضي أي يف حدث سابق‪ ،‬وج ّدد الراوي يف ىذا اغبدث ليكوف داال‬
‫على زمن جديد يف اغبكاية‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك النّصيص وقاؿ ىذه الغُوليَّة إِ ِّْف ح َكْتلي َع َ‬
‫ليها أ ُّْمي‪ ،‬ونػَبَّ ْو إخوتو"‪.4‬‬ ‫‪ -‬مثال خامس‪َ " :‬ش ْ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪067‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫يف حدث ماض قبل انطالؽ اغبكاية‪ ،‬قصت األـ على النصيص حكاية الغولة اؼبتنكرة وحذرتو من‬
‫غدرىا‪ ،‬فكاف ذلك دبثابة التنبيو الذي استذكره النصيص حْب رأى الغولة‪ ،‬فالراوي استعاد أحداثا‬
‫وقعت قبل بداية اغبكاية ضمن إطار الفن السردي ليكرر ذكرىا يف إطار حدث جديد‪ ،‬واؼبؤشر سبثل‬
‫يف (شك‪ ،‬حكتلي عليها أمي)‪.‬‬
‫ِ ‪1‬‬ ‫‪ -‬مثال سادس‪" :‬وب ِكي النَّاس ب ِك ِري أَنَّو َكايِن و ِ‬
‫اح ْد اؼبلك عنده نَعامة عزيزة عليو يَاس ْر"‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫فتعلق اؼبلك بنعامتو كاف حٌب قبل انطالؽ أحداث اغبكاية‪ ،‬أي أنو حدث خارج عن مسار اغبكاية‪،‬‬
‫لكن الراوي استذكره ألداء وظيفة يظهر من خالؽبا ؼباذا يعاقب كل من يقصر يف االىتماـ بالنعامة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬مثال سابع‪" :‬وكاف راجلها مسافر"‬
‫الزمن ىنا زمن ماض‪ ،‬فسفر الرجل حدث خارجي مثل استذكاره من طرؼ الراوي اسَبجاعا خارجيا‪،‬‬
‫فسفر الرجل كاف سببا يف تطاوؿ العسكر على الزوجة‪ ،‬فهو حدث وقع قبل نقطة بداية اغبكاية يف‬
‫األصل‪ ،‬واؼبؤشر الداؿ عليو ىو (كاف)‪.‬‬
‫‪ -2‬االستباق‪:‬‬

‫االستباؽ‪ ،‬االستشراؽ أو التوقع ىو الطرؼ الثاين من تقنيات اؼبفارقة‪ ،‬وفيو يقفز الروائي إُف‬
‫اؼبستقبل‪ ،‬حبيث يستبق اغبدث قبل وقوعو‪ ،‬إذ يأيت دبثابة سبهيد أو توطئة ألحداث الحقة هبري‬
‫اإلعداد لسردىا من طرؼ الراوي فتكوف هنايتها يف ىذه اغبالة‪ ،‬ىي ضبل القارئ على توقع حادث أو‬
‫التنبؤ دبستقبل إحدى الشخصيات‪" .‬أي القفز على فقرة ما من زمن القصة وذباوز النقطة الٍب وصل‬
‫‪3‬‬
‫إليها اػبطاب الستشراؼ مستقبل األحداث والتطلع إُف ما سيحصل من مستجدات يف الرواية"‬
‫فذكر اغبدث قبل وقوعو يف اؼبسار اغبكائي يعتب استباقا ؼبا قد وبدث‪ ،‬وتنبؤا من الراوي أو السارد‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬حسن حبراوي‪ ،‬بنية الشكل الروائي (الفضاء‪ ،‬الزمن‪ ،‬الشخصية)‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪068‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ؼبستقبل الشخصيات اؼبمثلة للحكاية‪ ،‬كما أف االستباؽ ىو "ـبالفة لسّب زمن السرد تقوـ على ذباوز‬
‫حاضر اغبكاية وذكر حدث َف وبن وقتو بعد"‪ .1‬لالستباؽ نوعاف سبهيدي وإعالين‪.‬‬

‫أ‪ -‬االستباق التمهيدي‪ :‬يعتب دبثابة سبهيد أو توطئة ألحداث الحقة هبري اإلعداد لسردىا وذكر‬
‫أحداثها يف اغبكاية أو الرواية‪ ،‬لتحمل اؼبستمع أو القارئ إُف توقع حدث معْب أو التكهن دبستقبل‬
‫أحدى الشخصيات‪ ،2‬ويكوف عن طريق إشارة أو إوباء أو حدث معْب يف اغبكاية يرمز إُف اؼبستقبل‬
‫الذي قد وبدث‪ .‬ومن اؼبدونة ؾبموعة من األمثلة نذكر منها‪:‬‬

‫الصي ْد"‪.3‬‬
‫ضبُوا عند ّْ‬ ‫‪ -‬مثال أول‪" :‬نْػ ُر ُ‬
‫وحوا نَػغَ ْ‬

‫طلبت اػبادمة من البطلة بأف يذىبا ؼبغارة الصيد بدؿ بيت أىلها‪ ،‬وىذا حدث سيؤدي الحقا إُف‬
‫مهد لألحداث القادمة من خالؿ ىذا االستباؽ‪.‬‬
‫تواِف ؾبموعة من األحداث‪ ،‬والراوي ىنا َّ‬
‫ِ‬
‫‪ -‬مثال ثاني‪" :‬جينَا باعبَ ْاه بِ ْ‬
‫‪4‬‬
‫اؼبرا الشّْيطَاف وتَػ ْر َج ْع غبو ْش َها"‬
‫ش تَػلَ َع ْن َ‬

‫استبقت شخصية الدبار األحداث حْب توقع عودة الزوجة إُف بيتها‪ ،‬فكاف ذلك تلميحا منو بقبوؽبا‬
‫عرضو واؼبوافقة عليو‪ ،‬فمهد بذلك إُف األحداث الٍب ستأيت الحقا يف مسار اغبكاية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ت لُْوَقبة بِْنت أ َُّمو"‬ ‫ف َكا ْف يِْتػَزَّو ْج ُم َوالة َىا الش َ‬
‫َّعَرة ولَو َكانَ ْ‬ ‫‪ -‬مثال ثالث‪َ " :‬حلَ ْ‬

‫لوال استباؽ الراوي ؽبذا اغبدث التمهيدي ؼبا سارت اغبكاية ّٔذا الشكل‪ ،‬فاألخ حْب أخذ رأيو ىذا‪،‬‬
‫مهد لألحداث القادمة وأعطاىا صبغة تشويقية ؼبا قد يكوف عليو اغباؿ يف قادـ األحداث‪ ،‬فكاف‬
‫َّ‬
‫ذلك دبثابة االستباؽ التمهيدي‪.‬‬

‫‪ - 1‬لطيف زيتوين‪ ،‬معجم مصطلحات نقد الرواية ‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫‪ - 2‬حسن حبراوي‪ ،‬بنية الشكل الروائي (الفضاء‪ ،‬الزمن‪ ،‬الشخصية)‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ - 3‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪071‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫غبٌب‬ ‫ِ‬ ‫اس ِر ْؽ اؼب ْشط واطْلَ ْع فُ ْ‬


‫وؽ ال ُقبَّة وما تَػ ْعط ْيو َّ‬ ‫ْ‬ ‫‪ -‬مثال رابع‪" :‬كِي يَِولُّوا يِِفْتػلُ ِوِف يف َش ْع ِري‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وقبة بِْن ْ‬ ‫َواح ُد َك َّال ْ‬
‫‪1‬‬
‫ك"‬ ‫ت أ َُّم ْ‬ ‫ش للُ ْ‬

‫استبقت لوقبة األحداث حْب طلبت من أخيها الصغّب سرقة اؼبشط ألهنا توقعت ما سيحدث‬
‫حينها‪ ،‬ألف ىذه اػبطوة األوُف للفرار‪ ،‬فمهدت بذلك إُف قادـ األحداث ولسّب خطتها بنجاح‪.‬‬

‫الس َارؽ َيعا ِوْد َ‬


‫صنَػ ْعتَ ْو"‪.2‬‬ ‫‪ -‬مثال خامس‪" :‬و َّ‬

‫توقع الدبار بأف السارؽ سيعيد ما فعلو ويسرؽ مرة أخرى‪ ،‬ىو توطئة ؼبا سيحدث من أحداث قادمة‬
‫يف اغبكاية‪ ،‬فالتنبؤ دبا سيحدث استباؽ سبهيدي لألحداث يف زمن اؼبستقبل اػباص باغبكاية‪.‬‬

‫ك‬ ‫‪ -‬مثال سادس‪ " :‬راح الوِزير ِوبوس عن دبار ِ‬


‫معاه للملك‪ ،‬وقاؿ للملك َْكب ُك ْملَ ْ‬ ‫و‬ ‫اب‬‫وج‬ ‫ح‬‫ظب‬
‫َ ْ َ ْ ّْ ْ َ َ َّ ْ ْ َ َ َ‬
‫َ‬
‫تض ّْحي بِبِْنتَ ْ‬
‫‪3‬‬
‫ك"‬ ‫بالص ْح الَْزَمك َ‬
‫السارؽ َّ‬
‫َّ‬

‫يعتب ىذا اغبدث استباقا سبهيديا ألف الدبار تنبأ دبا سينتج مستقبال إذا وافق اؼبلك على خطتو‪ ،‬فيعتب‬
‫بذلك توطئة لقادـ األحداث يف اؼبسار اغبكائي‪ ،‬وإشارة ؼبا ستسهده اغبكاية من أحداث‪ ،‬وما جزـ‬
‫الدبار ويقينو دبا سيحدث إال مؤشرا على االستباؽ التمهيدي‪.‬‬

‫س كِبِ ّْب "‬ ‫الدنْػيا ال ُكل بػع ْد العِ ِرس‪ ،‬ونْػعوض ْ ِ ِ‬


‫ك بع ِر ْ‬ ‫‪ -‬مثال سابع‪" :‬لكن قَالَْل َها نِ ْش ِريلِ ْ‬
‫‪4‬‬
‫ْ َْ َ‬ ‫ك ّْ َ ْ َ ْ‬

‫إف الوعود من اؼبستقبل‪ ،‬والتنبؤ بيقينها والوفاء ّٔا يبثل استباقا سبهيديا يف النصوص اغبكائية‪ ،‬ألهنا‬
‫إف حدثت أو َف ربدث‪ ،‬فهي يف زمن اؼبستقبل ال اؼباضي‪ ،‬وما وعد الزوج لزوجتو بأنو سيشَبي‬
‫ؽبا اؼبالبس الفاخرة وتعويضها عما فاهتا إال سبهيد لقادـ األحداث الٍب ستشهدىا اغبكاية‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪070‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ب‪ -‬االستباق اإلعالني‪ :‬كما يأيت االستباؽ كذلك على شكل إعالف ؼبا ستؤوؿ إليو مصائر بعض‬
‫الشخصيات مثل اإلشارة إُف احتماؿ مرضها‪ ،‬موهتا أو زواجها‪ ...‬ويسمى االستشراؽ إعالنا حْب‬
‫ىببنا صراحة دوف غموض أو إشارة عن سلسلة األحداث الٍب سيشهدىا السرد يف وقت الحق‪.1‬‬
‫ألف التلميح واإلوباء يردنا إُف االستشراؽ التمهيدي‪ .‬وىنا يظهر الفرؽ جليا بْب االستباؽ التمهيدي‬
‫واالستباؽ اإلعالين‪ ،‬يف أف األوؿ يتجلى عن طريق اإلشارة واإلوباء‪ ،‬يف حْب يأيت الثاين صروبا‬
‫واضحا‪ .‬ومن األمثلة الدالة على ىذا النوع نذكر‪:‬‬

‫اش يَاكِْل ُهم الغُ ِوِف"‬ ‫ِ‬


‫يد ِِ‬ ‫‪ -‬مثال أول‪" :‬قَالَ ِ‬
‫ُخ ِر ْ‬ ‫اي مانْ ِز ْ‬
‫‪2‬‬
‫ين لبَاؼ َع ْ‬ ‫يب أ َْوَالد أ ْ‬
‫ش قب ْ‬ ‫وج ْ‬
‫ت منَّا َ‬
‫ْ‬

‫ازبذت البطلة قرارا أال تنجب أوالدا يف اؼبستقبل خوفا من الغوِف‪ ،‬فكاف قرارىا مهما وحاظبا ؼبا قد‬
‫يأيت من أحداث بإعالف صريح ال تلميحا يف صورة واضحة لالستباؽ اإلعالين‪.‬‬

‫ُخ ُر ْج من ال ُكوِري‬
‫وحطْ َها وأ ُ‬
‫صعة طَ َعاـ‪ُ ،‬‬
‫ضر قَ َ‬
‫َص ْل َها‪َ ،‬ح ّْ‬
‫اش أ َ‬ ‫يت تَػ ْع ِر ْ‬
‫ؼ َو ْ‬ ‫‪ -‬مثال ثاني‪َ " :‬كاف حبّْ ْ‬
‫دـ‪ ،‬وإذا َماكِ َال ِش ر ْاه َغَزاؿ"‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وؼ من بَعيد‪ ،‬إذا َكلَى َر ْاه بِنَا ْ‬
‫‪3‬‬
‫وأُقْػعُد ُش ْ‬

‫إف يقْب الدبار دبا ستؤوؿ إليو حيلتو يف قادـ األحداث استباؽ إعالين‪ ،‬فقد ذكر ذلك بصريح العبارة‬
‫البن السلطاف‪ .‬فهذا اؼبقطع السردي الذي مثَّل حدثا مهما يف مسار اغبكاية توفرت فيو كل معطيات‬
‫االستباؽ اإلعالين من زمن اؼبستقبل يف اغبكاية ألف الدبار قفز بأحداث وزمن اغبكاية عن طريق‬
‫اإلعالف عن سلسلة األحداث الٍب سيشهدىا السرد اغبكائي يف وقت الحق‪ ،‬كما أف النتيجة كانت‬
‫أكيدة صروبة بدوف غموض أو إّٔاـ أو شك يف وقوعها‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسن حبراوي‪ ،‬بنية الشكل الروائي (الفضاء‪ ،‬الزمن‪ ،‬الشخصية)‪ ،‬ص ‪.137‬‬
‫‪ - 2‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪..230-216‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪071‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الض ِم َ‬
‫يدة‪ ،‬وكاف كلمة السوء ما تبأ‪،‬‬ ‫جرح يَػْبػَرأْ يا َجْبػَرى‪ ،‬وُكل َجر ْح تَػ ْه َواه ّْ‬
‫‪ -‬مثال ثالث‪ُ " :‬ك ْل َ‬
‫كل يوـ تصبح يف ال َقلب َج ِد َ‬
‫‪1‬‬
‫يدة"‬

‫أخب (الصيد) بطلة اغبكاية (جبى) بأف كل اعبروح تبأ وزبتفي مع الوقت‪ ،‬باستثناء الكالـ اعبارح‬
‫الذي يبقى وبفر يف القلب ويتجدد مع األياـ‪ ،‬وىذا الكالـ استباؽ إعالين صريح عما ستؤوؿ إليو‬
‫حالة (الصيد) يف قادـ األياـ‪.‬‬

‫ص َعة َع ْن الغُ ِوِف"‪.2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫‪ -‬مثال رابع‪" :‬وصل لبيت غولية أخرى َد َّساتَ ْو عن ْد َىا‪َ ،‬د ْرقَاتَ ْو َرب ْ‬
‫ت ال َق ْ‬

‫كانت الغولة متأكدة أف الغوؿ سيحاوؿ التهاـ النصيص إذا رآه عندىا‪ ،‬فبا جعلها زببئو خوفا من‬
‫ردة فعلو‪ ،‬وىذا اغبدث استباؽ اعالين زبطت فيو الغولة الزمن واألحداث الٍب كانت ستؤوؿ إليها‬
‫اغبكاية بصورة صروبة ال إشارات أو إوباءات كانت كافية لتنقل االستباؽ إُف اغبالة التمهيدية ال‬
‫االعالنية‪ ،‬وما يثبت ذلك ىو األحداث اؼبسرودة بعد ىذا اؼبقطع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬مثال خامس‪" :‬ىذه النخلة مغرمة وتكاد سبوت عشقا بالنخلة الٍب تقابلها"‬

‫ب ىذا اغبدث‪ ،‬أكدت حسن توقع الفالح دبصّب‬ ‫ِ‬


‫إف النتيجة الٍب آلت إليها أحداث اغبكاية َعق َ‬
‫النخلة اؼبريضة مستقبال بعد ربطها بالنخلة الٍب تقابلها‪ ،‬وىذا استباؽ اعالين ؼبا شهده اغبدث من‬
‫قفز يف زمن اغبكاية من اغباضر إُف اؼبستقبل‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪072‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -III‬الشخصيات‪:‬‬

‫سبثل الشخصيات العنصر األكثر بروزا يف اؼبسارات اغبكائية‪ ،‬فال يبكن تصور حكاية أو رواية‬
‫ما دوف شخصيات ربرؾ أحداثها وتقوـ بأفعاؽبا ووظائفها‪ ،‬بل إف كل الوظائف واألعماؿ يف‬
‫النصوص السردية يقف وراءىا ؾبموعة من الشخصيات والفواعل‪ ،‬فوظائف بروب الواحد والثالثْب‬
‫تنقسم على سبعة شخصيات‪ ،‬كل منها يقوـ بوظيفة وفعل معْب هبعل منو عنصرا فعاال يف تكوين‬
‫اغبكاية "يبثل مفهوـ الشخصية عنصرا ؿبوريا يف كل سرد‪ ،‬حبيث ال يبكن تصور رواية بدوف‬
‫شخصيات"‪ 1‬فهي بذلك العمود الفقري الذي ترتكز عليو كل النصوص السردية‪.‬‬

‫ص اإلنسا ُف و َغ ِّْبه‪ُ ،‬م َذكر‪،‬‬


‫"صبَاعة َش ْخ ِ‬
‫‪ -‬جاءت يف اؼبعاجم العربية أهنا من (شخص)‪ ،‬فالشخص َ‬
‫وش َخاص"‪ ، 2‬كما أف اللفظة وردت يف القاموس احمليط للفّبوز بأف‬ ‫وشخوص ِ‬
‫واعبَ ْم ُع أ ْش َخاص ُ ُ‬
‫ص َك َمنَ َع‪،‬‬
‫وش َخ َ‬ ‫وش ُخوص وأَ ْش َخاص‪َ ،‬‬ ‫اف و َغ ِّْبه تَراهُ ِمن بػُ ْعد‪ ،‬ج‪ :‬أَ ْش ُخص ُ‬
‫"الشَّخص سواد اإلنس ِ‬
‫ُ ََ ُ َ‬
‫فع بصره‪ ،‬فتح عينيو"‪ .3‬فالشخص من اإلنساف وىي مفرد لألشخاص‪.‬‬
‫خوصا‪ْ :‬ارتَ َ‬
‫ُش ً‬
‫‪ -‬أما من الناحية االصطالحية‪ ،‬فقد اختلف الباحثوف أيبا اختالؼ يف ربديد مفهومها‪،‬‬
‫فاختلفت وتعددت باختالؼ وتعدد اؼبذاىب واألفكار والثقافات‪ ،‬واختالؼ اؼبشارب الٍب يستقي‬
‫منها الباحثوف مادهتم‪ ،‬فهو "مفهوـ معقد متغّب يصعب على الباحثْب فيو أف يتوصلوا إُف إطار ثابت‬
‫ينتظم صبيع مقوماتو‪ ،‬أف يتفقوا على تعريف ثابت لو‪ ،‬وؽبذا اختلفت وجهات نظر العلماء الذين‬
‫يتناولوف بالبحث موضوع الشخصية وتنوعت تفسّباهتم وتباينت طرؽ دراستهم ؽبا"‪ 4‬سواء الباحثوف‬
‫العرب أو الغرب على حد سواء‪ .‬فنجد مثال عبد اؼبالك مرتاض الذي يعرفها يف قولو‪" :‬أهنا كائن حي‬

‫‪ - 1‬ؿبمد بوعزة‪ ،‬ربليل النص السردي (تقنيات ومفاىيم)‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪ - 2‬ابن منظور‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬مادة‪( :‬شخص)‪ ،‬ص ‪.2211‬‬
‫‪ - 3‬الفّبوز أبادي‪ ،‬القاموس احمليط‪ ،‬مادة (شخص)‪ ،‬ص ‪.621‬‬
‫‪ - 4‬سامي ة حسن الساعايت‪ ،‬الثقافة والشخصية (حبث يف علم االجتماع الثقايف)‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بّبوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪ ،1973‬ص ‪.116‬‬
‫‪073‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ينهض يف العمل السردي يوظفو دوف أف يكونو"‪ 1‬وىي الٍب "تسخر إلقباز اغبدث الذي وكل‬
‫الكاتب إليها إقبازه‪ ،‬وىي زبضع يف ذلك لصرامة الكاتب وتصوراتو وإيديولوجيتو أي فلسفتو يف‬
‫اغبياة"‪ 2.‬كما زبتلف الشخصية حبسب مواصفاهتا لتصل إُف حد التناقض والتضارب‪ ،‬ففي النظرية‬
‫السيكولوجية مثال تأخذ طابعا إنسانيا‪ ،‬ويف اؼبنظور االجتماعي تتحوؿ الشخصية إُف مبط اجتماعي‬
‫يعب عن واقع طبقي‪ ،‬يف حْب يعتبىا البنيويوف عالمة يتشكل مدلوؽبا من وحدة األفعاؿ اليت تنجزىا‬
‫‪3‬‬
‫يف سياؽ السرد ال خارجو‪.‬‬

‫وال ىبتلف اغباؿ عند النقاد والدارسْب الغرب الذين تعددت آرائهم عموما يف إعطاء تعريف دقيق‬
‫وشامل للشخصية‪ ،‬فاختلفت وجهات نظرىم ؽبا كل حسب منطلقاتو اؼبعرفية والفكرية‪ ،‬وأمثاؿ ىؤالء‬
‫قبد جّبالد برنس الذي قاؿ فيها بأهنا كائن موىوب بصفات بشرية وملتزـ بأحداث بشرية‪،‬‬
‫والشخصيات يبكن أف تكوف مهمة أو أقل أنبية‪ ،‬فعالة مستقرة‪ ،‬سطحية أو عميقة‪.4‬‬

‫‪ -‬وبيلنا التضارب حوؿ ربديد مفهوـ الشخصية إُف تعدد أنواعها واختالؼ أصنافها عند‬
‫الدارسْب‪ ،‬فمنهم من قسمها إُف شخصيات رئيسية وأخرى ثانوية‪ ،‬وىذا التقسيم ال يتناسب مع‬
‫القصص الشعيب بقدر ما يكوف مالئما يف الروايات الٍب تتسم بالطوؿ يف مساراهتا وكثرة أحداثها‬
‫وتداخلها‪ ،‬وىناؾ من قسمها إُف شخصيات معقدة األبعاد وأخرى مسطحة بسيطة‪ ،‬كما ابتكر‬
‫فالديبّب بروب أنواعا للشخصية زبتلف باقي التصنيفات‪ ،‬فقد قسم الشخصيات إُف سبعة دوائر‬
‫تلتف حوؽبا كل الوظائف واألفعاؿ‪ ،‬فكل دائرة فبثلة لشخصية معينة زبتلف يف وظيفتها عن باقي‬
‫الشخصيات‪ .‬وىي على النحو التاِف‪:5‬‬

‫‪ -‬حقل عمل اؼبعتدي‪ :‬ووظيفتو ىي إيذاء البطل أو أحد أفراد األسرة (أي الشخصية الشريرة)‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اؼبالك مرتاض‪ ،‬ربليل اػبطاب السردي‪ ،‬ص ‪.126‬‬


‫‪- 2‬عبد اؼبلك مرتاض‪ ،‬يف نظرية الرواية (حبث يف تقنيات السرد)‪ ،‬عاَف اؼبعرفة آّلس الوطِب للثقافة والفنوف واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،1998 ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 3‬ؿبمد بوعزة‪ ،‬ربليل النص السردي (تقنيات ومفاىيم)‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬جّبالد برنس‪ ،‬اؼبصطلح السردي‪ ،‬تر‪ :‬عابد خزندار‪ ،‬اؼبشروع القومي للَبصبة‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص ‪.43،42‬‬
‫‪ - 5‬ينظر‪ :‬فالديبّب بروب‪ ،‬مورفولوجية القصة‪ ،‬تر‪ :‬عبد الكرًن حسن‪ ،‬ظبّبة بن عمو‪ ،‬ص ‪.98،97‬‬
‫‪074‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -‬حقل عمل اؼبانح ( أو اؼب ّْزود)‪ :‬ىبتب البطل ويبنحو األداة السحرية (الشخصية اؼباكبة)‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬حقل عمل اؼبساعد‪ :‬يساعد البطل على ذباوز األخطار وربقيق ىدفو (الشخصية اؼبساعدة)‬
‫‪ -‬حقل عمل األمّبة‪ :‬وىي الٍب يرغب البطل الوصوؿ إليها واالتصاؿ ّٔا (شخصية األمّبة)‪.‬‬
‫‪ -‬حقل عمل الطالب‪ :‬ترسل البطل ألداء مهمة معينة (الشخصية اؼبرسلة)‪.‬‬
‫‪ -‬حقل عمل البطل‪ ،‬شخصية مثابرة مغامرة تدور حوؽبا أحداث اغبكاية (الشخصية البطلة)‬
‫‪ -‬حقل عمل البطل اؼبزيف‪ :‬ىي الشخصية الٍب تدعي البطولة ورباوؿ عبثا االتصاؼ بصفات‬
‫البطل‪ ،‬ولكن يتم الكشف عنها يف هناية اغبكاية (شخصية البطل اؼبزيف)‪.‬‬

‫وىناؾ من قسمها كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬فريق يرى بأف الشخصية كائن بشري‪ :‬من غبم ودـ يعيش يف زماف ومكاف معينْب‪.‬‬
‫‪ -‬ويرى آخروف أف الشخصية ىيكل أجوؼ ووعاء مفرغ يكتسب مدلولو من البناء القصصي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬أما الفريق الثالث فيعتب أف الشخصية متكونو من عناصر ألسنية‪.‬‬

‫وما كاف أعمق من ذلك كتقسيم جولياف غريباس الذي ذكر ستة عوامل تدور حوؽبا كل‬
‫أحداث اػبطاب السردي (مرسل‪ ،‬مرسل إليو‪ ،‬ذات‪ ،‬موضوع‪ ،‬مساعد‪ ،‬معارض)‪.‬‬

‫‪ -‬أما فيما ىبص شخصيات مدونة القصص الشعيب اػباصة بالبحث‪ ،‬فقد ارتأيت تقسيمها كما‬
‫يلي‪ :‬شخصيات اجتماعية‪ ،‬شخصيات تارىبية‪ ،‬شخصيات حيوانية وأخرى خرافية‪.‬‬

‫‪ – 1‬الشخصيات االجتماعية‪:‬‬

‫ىي الشخصيات اإلنسانية ذكورية كانت أو أنثوية‪ ،‬ربمل الصفة االجتماعية يف فبارسة‬
‫نشاطات اغبياة اليومية‪ ،‬تربطها عالقات ذات أبعاد إنسانية‪ ،‬دينية‪ ،‬أخالقية‪ ...‬تتمثل يف أفراد العائلة‬

‫‪ - 1‬جاسم خلف إلياس‪ ،‬شعرية القصة القصّبة جدا‪ ،‬دار نينوي‪ ،‬دمشق‪ ،2010 ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪075‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫من الزوج‪ ،‬الزوجة‪ ،‬األـ‪ ،‬األبناء وغّبىم‪ .‬ومن بْب ىذه الشخصيات احملركة ألحداث حكايات اؼبدونة‬
‫نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬الزوج‪:‬‬

‫يتعرض راوي القصص الشعيب السويف إُف ىذه الشخصية بكثّب من النقد والتهجم تارة‪،‬‬
‫وباؼبدح والثناء تارة أخرى‪ ،‬ويرتبط ذلك بسحب نوع العالقة الٍب يدرسها الراوي‪ ،‬فإذا كانت العالقة‬
‫بْب الزوج وزوجتو مبنية على االحَباـ والتعاوف قبد الراوي يثِب على الزوج ويبدحو‪ ،‬يف حْب إذا اتسم‬
‫الزوج بالظلم واستعباد زوجتو يأخذ الراوي منحى الذـ ونقد ىذه الظاىرة وؿباولة تغيّبىا‪ .‬ويف الكثّب‬
‫من اغبكايات ال يذكر الراوي اسم الزوج‪ ،‬بل يكتفي بلفظة (الزوج‪ ،‬الرجل) خاصة إذا كاف موضوع‬
‫اغبكاية يرتبط بصفة أكثر باؼبرأة أو األبناء‪ ،‬ويف حكايات اؼبدونة ما يثبت ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬الزوج رجل مكافح‪ ،‬كثّبا ما يضحي من أجل عائلتو بالسفر بعيدا حبثا عن العمل وكسب العيش‬
‫يحوس عن ِخ ْدمة وطَال‬
‫اجل بِ ِعيد ِّ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫حٌب يوفر ألسرتو ضروريات اغبياة "بَـ ْعد الع ِر ْ‬
‫س بمدة َسافر َّ‬
‫اس ْر"‪" ،‬كاين مرى عندىا ثالثة أوالد وكان راجلها مسافر"‪.1‬‬ ‫ِغيابو ي ِ‬
‫َ َ‬

‫(ر ِاج ْل َها) يف " َكايِ ْن‬


‫‪ -‬ويف حكاية (جبه والصيد) قبد أف الراوي قد اكتفى باإلشارة إُف الزوج بكلمة َ‬
‫وح ْو"‪ 2‬ألف اؼبوضوع ذو صلة‬ ‫ب َّ ِ‬ ‫شة ىي ِ‬
‫ت ُر َ‬‫وضاقَ ْ‬
‫اسو َ‬‫الراج ْل في َر َ‬ ‫ضر ْ‬
‫وراج ْل َها" ويف " َ‬
‫َ‬ ‫َم َرا َعايْ َ‬
‫مباشرة بالبطلة (جبه)‪ ،‬أكثر فبا ىو عليو اغباؿ مع زوجها‪ ،‬رغم ذلك ذكر بعض صفات الزوج الذي‬
‫يتسم بالعصبية وسرعة الغضب فبا هبعلو يقسو على زوجتو ألتفو األسباب‪ ،‬فقذ يضرّٔا أحيانا‬
‫وض َربْـ َها"‪ ،3‬وقد يراجع الزوج نفسو ويعَبؼ خبطئو يف حق زوجتو‪،‬‬ ‫والر ِ‬
‫اجل َ‬‫"تَعاَرْكت الَ َم َرا ىي َّ‬
‫فيتخذ األسباب لّباضيها ويكسب ُوَّدىا‪ ،‬فيقدـ ؽبا اؽبدايا ويطلب منها الصفح والسماح‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪076‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫جبتِل َْها ثُوب َح ِرير"‪ .1‬وقد يطلقها أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اب نَِر َّجع َم ْرتي‪ ...‬قالَو ْ‬ ‫الج َامع وقَالَّو َح ْ‬ ‫اح للطَّال ْ‬
‫ب تَع َ‬ ‫" َر ْ‬
‫ِ ِ‬
‫وال ِ‬
‫ش‬ ‫اجابُ َ‬ ‫َّس ِو ْ‬
‫ين َم َ‬ ‫اك الن َ‬ ‫س ِو ْ‬
‫ين‪َ ،‬و َى ْ‬ ‫يتزوج عليها لغرض إقباب األوالد " َكاي ْن َراج ْل م ْتـ َزِّو ْج َسبَـ َعة نَ َ‬
‫ش يِ ِدير بِ ْ ِ‬
‫ش يِج ْ‬
‫يب لَ ْوَال ْد"‪ 2‬وذلك يف حكاية‬ ‫ش يِ َدبِّـ ْر َعنَّ ْو ِو ْ ْ‬ ‫اج ْل لِ َّ‬
‫لدبَّ ْار بِ ْ‬ ‫الر ِ‬
‫اح َّ‬
‫األ َْوَال ْد‪َ ،‬ر ْ‬
‫(النصيص والغولية)‪ .‬وعكس ذلك سباما‪ ،‬فالزوج يف حكاية (غرود عالية) اتسم بالوفاء رغم الفراؽ‬
‫لها قَـ َعد ثَ ْم يِْب ِكي عليها‬ ‫األبدي‪ ،‬فيقرر إكماؿ حياتو وحيدا بعد موت زوجتو فالزـ قبىا "كان ِ‬
‫راج َ‬
‫شة يِ َخ ِّم ِم بها"‪.3‬‬
‫الع َّ‬ ‫فِي النَّهاَر َح َذا قَبِ ْرىا‪ ،‬وفي الليل يِ ِش ْد بََال ْ‬
‫صتِو في ِ‬

‫‪َ -‬ج ـ ـ ْبـ ـ َره‪:‬‬

‫(الصْيد) الذي مثَّل‬


‫(جْبػَره) ىي تلك الزوجة اليتيمة الٍب قسى عليها زوجها فبا اضطرىا للهرب إُف ّْ‬ ‫َ‬
‫ص ْتنا ال عندىا أىل وال أ ََّمالِي وما‬
‫وحدة اإلنقاذ الٍب تلجأ إليها وتطلب عوهنا "والـمرا تع قِ ِ‬
‫ََ‬
‫ِ‬
‫وح"‪ ،4‬وَف يكن الراوي ليسرد حالتها أكثر ألف ما يرمي إليو ليس اغبالة العائلية أو‬
‫ين تْـ ُر ْ‬ ‫عنِ ْد َى ْ‬
‫اش ِو ْ‬
‫االجتماعية‪ ،‬بل ما ذبنيو على نفسها بسبب طوؿ لساهنا‪ ،‬ف ػ (جبه) كاف ؽبا خادمة تستشّبىا‬
‫دؿ على شيء فإمبا يدؿ على حالتها االجتماعية اعبيدة‬
‫وتطلب مساعدىا عند اغباجة‪ ،‬وىذا إف ّ‬
‫الصيد"‪ .5‬وجدت (جبه) من (الصيد)‬
‫ضبُوا عند ِّ‬
‫وحوا نَـغَ ْ‬
‫الخادمة تَا ْع َها قَالت لها ُنر ُ‬
‫" َدبَّْرت َع ْنـ َها َ‬
‫كل الَبحيب واألمن والراحة‪ ،‬ولكنها َف سبسك لساهنا حْب سأؽبا زوجها عنو بعد عودهتا لبيتها‬
‫س علينا‪...‬لوال ريحة بشعة‬ ‫ِِ‬ ‫"الـ َمرا تُ ْش َكر وتَعا ِود‪ ،‬وقَ َّداش محترمنا وما يْ ِه ِّز ِ‬
‫ش عينو فينا ويقعد يع ْ‬
‫‪6‬‬
‫في فمو" فما إف ظبعها الصيد حٌب انقلبت حالتو‪ّ ،‬‬
‫ورد عليها كالمها يف هناية اغبكاية‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 5‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 6‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪077‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ِ -‬ع ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ َ‬
‫شة‪:‬‬

‫ما كانت (عيشة) لتناؿ اغبياة السعيدة يف هناية اغبكاية لوال طيبة قلبها ووفائها للغوؿ من جهة‪،‬‬
‫والبنة عمها من جهة أخرى‪" ،‬فمن يفعل اػبّب هبده"‪ ،‬ىذا كانت (عيشة) تتصرؼ مع شخصيات‬
‫اغبكاية‪ ،‬وقد كافأىا الراوي بأف تزوجت ابن السلطاف وعاشت معو يف القصر سعيدة‪ ،‬يف صورة لرد‬
‫ت لهم نَايَا َرانِي قَا ْع َدة َم َعا ْه‬ ‫اعبميل الذي صنعتو مع (الغوؿ) حْب بقيت معو يف الصحراء "قَالَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومانَـرحل ِ‬
‫ت‬ ‫ش أوالدك َرا ْه َجابَ ْ‬ ‫ونخلِّيو َوح َده" فلم يكن للغوؿ سوى أف "يا عيشة َرانِي ما ْكليتِ ْ‬
‫ْشي َ‬ ‫َ َْ‬
‫يد ْرتِي ْو فِيَّا"‪ .1‬واستغلت ابنة عمها طيبتها وقامت خبداعها‬ ‫يت نَـر َّجع لك ِخي ِرك لِ ِ‬
‫وحبِّ ْ َ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫فيَّا الع ْشرة َ‬
‫ت‬ ‫وتزوجت ابن السلطاف‪ ،‬لكن (عيشة) رجعت إُف قصرىا وزوجها وقبت من مكر صديقتها " َعا َش ْ‬
‫وعا ُشوا الكل في القصر م ْتـ َه ْنيِ ْ‬
‫ين"‪.2‬‬ ‫ورجعُول َْها أ ََىل َْها َ‬
‫مع أوالدىا ْ‬

‫ـجــة‪:‬‬
‫‪ -‬لُـ ــونْـ َ‬
‫عانت (لوقبة) من ظلم عائلتها الٍب حاولت تزوهبها رغما عنها‪ ،‬فبا ّأدى ّٔا إُف اؽبرب مع أخيها‬
‫وىا‬ ‫وى ِربْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت لُونجة اِ ِ‬
‫ت لونجة مع ُخ َ‬ ‫معا ْه للجبل"‪ُ " ،‬‬
‫ت َ‬‫وى ْربَ ْ‬
‫وىا ُ‬
‫يديها في اي ْد ُخ َ‬ ‫الصغّب " َد َار ْ ْ‬
‫الخ َال ْء"‪ .3‬وقد ازبذت قرارىا بالزواج من (السلطاف) الذي رأت يف شخصو الرجل‬‫الص ِغ ْير و َش ُّدوا َ‬
‫ِّ‬
‫اؼبناسب ؽبا والشريك اؼبثاِف الذي بإمكاهنا إكماؿ حياهتا معو‪ ،‬يف مقابل رفضها الزواج من ابن عمها‬
‫الذي اختارتو ؽبا العائلة (رمز لو الراوي بأخيها الكبّب)‪ ،‬وألهنا أصغر زوجات (السلطاف) وأصبلهن‪،‬‬
‫ْص ْن ِم ْنـ َها‬
‫وحبَّ ْن يِْت َخل َ‬
‫من لونجة َ‬
‫السلْطاَ ْن َكانَن غَايـر ْ ِ‬
‫ات يَاس ْر ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ين ُّ‬ ‫س ِو ْ‬
‫غرف منها وكدف ؽبا اؼبكائد "نَ َ‬
‫يش َما فِ َيها َحتَّى َش ْيء‪...‬بَـ َق ْن‬
‫وما تْ َخافِ ْ‬ ‫اح ْن يِ َدبْ ِر ْن َعلِ َيها وقَالُول َْها ِحلِّي َّ‬
‫الد ْار َ‬ ‫وىا‪َ ،‬ر َ‬
‫ِ‬
‫ومن لغْ َزيِّ ْل ُخ َ‬
‫ِ‬
‫ش تُ ْخ ُر ْج"‪ .4‬وألهنا كانت مسكينة وطيبة‪،‬‬ ‫ص ْدقَـ ْت ِهن‪َ ...‬ش ْد َىا َ‬
‫وما َخ َّال َىاّ ْ‬ ‫يِ َدبْ ِر ْن َعلي َها َحتَّى َ‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪078‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫عاشت بسالـ وسعادة مع (السلطاف) يف خاسبة اغبكاية‪ ،‬واستطاعت أف تتزوج من زبتار ىي وتراه‬
‫مناسبا‪ ،‬ال أف زبتار عائلتها الزوج رغما عنها وكأهنا سلعة تباع وتشَبى‪.‬‬

‫‪ -‬النصيص‪:‬‬

‫ىو ذلك االبن الذي يعاين عاىة جسدية فتخلف يف النمو عن أخوتو‪ ،‬وما زاد يف تدىور حالتو‬
‫اعبسدية ىو اغبالة النفسية السيئة بسبب سبييز أبيو بينو وبْب أخوتو الستة‪ ،‬ففاضلهم عليو يف اؼبعاملة‬
‫يص"‪.1‬‬ ‫السوق ِغير الن ِ‬ ‫وشرالْهم ابَّ ِ‬
‫بأف "كِ ْبـ ُروا األ َْوَال ْد ِ َ ُ ْ ُ‬
‫َّص ْ‬ ‫ْ‬ ‫يل من ُّ‬ ‫اى ْم خ ْ‬
‫سبيز النصيص بالذكاء والقدرة على زبطي الصعاب‪ ،‬واستطاع التغلب على الغيالف اللوايت كدف لو‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك النّصيص وقال ىذه الغُوليَّة إِلِّي ح َك ْتلي َع َ‬
‫ليها أ ُِّمي‪ ،‬ونَـبَّ ْو إخوتو لكن ما‬ ‫الدسائس والشرور " َش ْ‬
‫الستَّة"‪ .2‬فكاف ذلك سببا يف‬ ‫ت الغُولِيَّة وكِلَ ْ‬
‫ت إِ ُخ ِوتَ ْو ِّ‬ ‫وى َرب يِ ْج ِري َج ْ‬
‫ت َ‬‫ص َّدقُ ِوش‪َ ،‬خ َّالىا َماتْلِ َه ْ‬
‫َ‬
‫ِّصيص‬
‫بقائو على قيد اغبياة وعودتو ساؼبا إُف أىلو واعَبؼ أبوه خبطئو وتقصّبه يف حق ابنو " َخ َر ْج الن ْ‬
‫‪3‬‬
‫ِّصيص أَذْ َكى من أ َْوالَد ْه ال ُك ْل"‬
‫ف ابَّا ْه راَ ُىو الن ْ‬
‫وع َر ْ‬
‫ور َج ْع أل َْىلَ ْو َ‬
‫َ‬

‫‪ -‬الفالح‪:‬‬

‫الفالح يف وادي سوؼ من بْب الشخصيات الٍب يتعرض ؽبا الرواة الشعبيوف‪ ،‬سواء يف القصص‬
‫الشعيب أو يف باقي الفنوف الشفوية األخرى‪ ،‬فهو رمز من رموز الكفاح والصراع مع ظروؼ الطبيعة‬
‫القاسية‪ ،‬ويف حكاية (الدقلة والذكار) كاف للفالح دور يف ربريك أحداثها فرسم صورة من صور‬
‫موسم تلقيح النخيل‪ .‬شخصيتنا اتسمت بعدـ القدرة على تفسّب ظاىرة تساقط األزىار الٍب عانت‬
‫منها النخلة‪ ،‬فما كاف عليو إال استشارة فالح خبّب "فتوجو إلى فالح خبير يطلب نصيحتو‪ ،‬فقال‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪081‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫لو ىذه النخلة مغرمة وتكاد تموت عشقا بالنخلة التي تقابلها"‪ .1‬رغم ذلك ظل مشككا يف أمر‬
‫النصيحة وتردد وأنكر‪ ،‬لكنو يف األخّب اعَبؼ بعالقة الود بْب النخلتْب و"عندئذ قام بإعادة ربطهما‬
‫‪2‬‬
‫معا فتعافت النخلة العاشقة"‬

‫‪ -2‬الشخصيات التاريخية‪:‬‬

‫ىي صبيع الشخصيات ذات الطابع التارىبي‪ ،‬حبيث يوظفها الراوي يف ـبيلتو ال واقعو اؼبعاش‪،‬‬
‫أي أنو ال يتعايشها بل يوظف رمزيػَّتَها بغية ربقيق ىدؼ معْب‪ ،‬وتدخل ضمن ىذه النوعية من‬
‫اؼبمارسة من طرؼ اعبماعة‪،‬‬
‫الشخصيات تلك الشخوص اػبيالية البعيدة عن اغبياة االجتماعية َ‬
‫فالراوي ال يتعايش مثال مع السلطاف أو اؼبلك يف حياتو‪ ،‬فهو غريب عن بيئتو الصحراوية ذات الطابع‬
‫البدوي القبلي الٍب تعتمد على اؼبراعي والَبحاؿ الدائم حبثا عن الكأل واؼباء‪ .‬ونذكر ىنا بعضا منها‬
‫دوف تفصيل ألننا سنتعرؼ إليها أكثر يف قادـ الدراسة عندما نتطرؽ إُف الرمز‪:‬‬

‫‪ -‬السلطان‪:‬‬

‫ما يبيز السلطاف يف أحداث القصص الشعيب ىو قدرتو الكبّبة على تغيّب مسارات اغبكايات‪،‬‬
‫ؼبا يكسبو من القوة والسلطة الكبّبين‪ ،‬ففي اؼبقطع الثاين غبكاية (لوقبة) استطاع بفضل سلطتو‬
‫وقدرتو على التغيّب أف وبقق للبطلة ما كانت تبحث عنو من الراحة والطمأنينة واغبياة السعيدة حْب‬
‫واج قِ ْبـلَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ت لونجة‪ ،‬إذا ُىو‬ ‫الز ْ‬
‫ب منها َّ‬ ‫صلُوا إلى بِالَ ْد َشافْـ َها السلطان‪ ،‬ع ْجبَاتَ ْو‪ ،‬طَلَ ْ‬
‫تزوجها " َحتَّى ُو ْ‬
‫ش يتوقفوا عن ِ‬ ‫ِ‬
‫ت لونجة من السلطان"‪ 3‬ومن‬ ‫صي ْد الغزالن‪ ،‬قبل السلطان‪ ،‬واتْـ َزَّو َج ْ‬ ‫يَام ْر الناس بِ ْ‬
‫ميزاتو أيضا تدينو وخلقو وحبو للخّب وعدـ استغالؿ سلطتو يف اغباؽ الضرر بالضعفاء‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪080‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫كما ُوظّْفت الشخصية يف حكاية (عيشة والغوِف) وكاف ؽبا دور فعاؿ يف ربقيق العدؿ وإرساء‬
‫األمن‪ ،‬فكاف القصر واعبيش والعدة والعتاد من اؼبيزات األساسية الٍب صورتو‪ ،‬كما اتسم بالعدؿ واػبّب‬
‫حْب طلب السلطاف من (عيشة) أف تذىب معو للقصر وتتزوج من ابنو‪ ،‬فلم هببىا على ذلك بل‬
‫سأؽبا واستشارىا‪ ،‬ويف اغبكاية الكثّب من اؼبقاطع السردية الدالة على ما نقوؿ‪.‬‬

‫وَف ىبتلف األمر يف حكاية (شرؼ امرأة) عما سبق من اغبكايات‪ ،‬فجاءت شخصية السلطاف‬
‫خّبة استغل سلطتو يف ربقيق العدؿ واألخذ حبق اؼبظلومْب والضعفاء‪ ،‬ذلك حْب أخذ‬
‫شخصية ّْ‬
‫السلطان وقَاللها ِ‬
‫نجي ْبـلَك‬ ‫لها ُّ‬ ‫راح َ‬
‫بالقصاص من (العسكر) الذين قتلوا أبناء اؼبرأة العفيفة يف " َ‬
‫ت البَاب وأَمر السلطان‬ ‫العسكر الكل وطُّلِّي من الباب وبدأ يدخل في العسكر حتَّا ْن طَبَطْبَ ْ‬
‫‪1‬‬
‫بقتلو"‬

‫‪ -‬الملك‪:‬‬

‫وسم الراوي اؼبلك بالشر واستغالؿ السلطة والقوة يف إغباؽ األذى بالطبقة البسيطة‪ ،‬كاـ اتسم‬
‫بالثراء الفاحش يف حْب يعاين عامة الناس الفقر واغباجة‪ ،‬وىذا ما حرض السارؽ على السطو وسرقة‬
‫النعامة‪ ،‬فما كاف من اؼبلك أف قتل اغبرس اؼبتقاعسْب عن حراسة نعامتو‪ ،‬وىي صورة للتجب والظلم‪،‬‬
‫فكيف اؼبلك أف يعتِب بنعامة بدؿ االىتماـ بعامة الناس الذين ىم بأمس اغباجة للعوف واالىتماـ‪،‬‬
‫فالقصر والوزير واػبادمة والذىب وغّبىا من عالمات الثراء الفاحش الذي يعيشو اؼبلك‪.‬‬

‫‪ -‬الدبار‪:‬‬

‫كثّبا ما تدخل ىذه الشخصية يف القصص الشعيب للمنطقة‪ ،‬فكلما وجد الراوي نفسو أما‬
‫موقف معْب يف بيئتو‪ ،‬موقف ال يقدر على تفسّبه وإظهار سلبياتو أو إهبابياتو‪ ،‬إال واستعاف بالدبار‬
‫الذي يبلك القدرة على فك مثل ىذه العقد‪ ،‬فهو شخصية متلونة ربمل رمزا للخّب تارة‪ ،‬ورمزا للشر‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪081‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫تارة أخرى‪ .‬ولو بدأنا بالدبار صاحب الشخصية اػبّبة‪ ،‬فجاءت حكاية (لوقبة) يف اؼبقاؿ األوؿ‪،‬‬
‫وح‬ ‫ال لَو َّ‬
‫الدبَّ ْار ُر ْ‬ ‫اح َّ‬
‫للدبَّ ْار وقَال لو َدبِّـ ْر َعلَ َّي‪ ،‬قَ ْ‬ ‫حْب فك أسرىا من كيد زوجات السلطاف يف " َر ْ‬
‫وخلِّي ُد َّو ْارتَ ْو البَـ َّرة‪ ،‬تَـ ْو يُ ْخ ُر ْج الثعبان ويدخل فيها‪َ .‬د ْار الملك‬ ‫اب َّ‬
‫الد ْار َ‬ ‫ا ْذبَ ْح ِج َم ْل كِبِ ْير قِ َّد ْام بَ ْ‬
‫رج الُّثعبَان َوِد َخلْ ل َك ِر ْ‬
‫‪1‬‬
‫وخ ِر َجت لُونجة وقتل السلطان الثعبان"‬ ‫ش البِ ِع ْير ُ‬ ‫ِ‬
‫وخ ْ‬
‫يما قَال لو ال َدبَّار َ‬ ‫كَ‬
‫فالدبار يف آّتمع السويف ىو الشخص الذي يبتلك القدرة على اؼبساعدة حْب ال يقدر أحد على‬
‫تقديبها‪ ،‬ؼبا لو من الذكاء والفطنة والقدرة على التملص من أصعب الظروؼ واؼبواقف‪ ،‬وىذا ما كاف‬
‫يف حكاية (عيشة والغوِف) ؼبا كشف ابن السلطاف حقيقة الغزالة بفضل الدبار "قال لو الدبار كان‬
‫ش َراهِ غزال"‪.2‬‬
‫ت َراهِ بن آدم‪ ،‬وإذا ما َكلَْت ِ‬ ‫َحبِّيت تعرف ِو َ‬
‫ش أَصلها حضِّر قصعة طعام‪ ،‬إذا َكلَ ْ‬

‫وبمل الدبار الصفات الدينية واألخالؽ اغبميدة فّبتبط أيبا ارتباط باؼبسجد والصالة والقرآف‪ ،‬وىذا ما‬
‫اح يجري للطالب‬‫كاف عليو اغباؿ يف حكاية (جبه والصيد) حْب طلب منو الزوج اؼبساعدة يف‪َ " :‬ر ِ‬
‫العيب‪ ،‬وفي القرآن "والصلح‬ ‫كالم ِ‬
‫ش َ‬‫اب نْـ َر َجع َم ْرتِي‪ ،‬قالو الطالب ما قُـ ْلتِ ْ‬
‫تع الجامع‪ ،‬وقالو َح ْ‬
‫للصي ْد قَالُوا لَو السالم عليكم‪ ،‬رد عليهم السالم‪ ،‬وش جابكم‬ ‫والرا ِجل ِّ‬ ‫خير"‪ ....‬وراح الطالب َّ‬
‫يا حمال القرآن‪ .3"...‬يف حْب قبد ىذه الشخصية ربمل ظبة الشر يف ازباذ السحر والشعوذة سبيال‬
‫للكسب ومساعدة اآلخرين‪ ،‬ففي حكاية (النصيص والغولية) َف هبد الرجل سبيال للحصوؿ على‬
‫األوالد إال بالذىاب للدبار‪ ،‬ىذا األخّب الذي أمره بإعطاء تفاحة لكل زوجة تأكلها كاملة يف رمز‬
‫ش يِ َدبِّـ ْر َعنَّ ْو‬ ‫اج ْل لِ َّ‬
‫لدبَّ ْار بِ ْ‬ ‫الر ِ‬
‫اح َّ‬
‫لتسلم األداة السحرية‪ ،‬فما كاف من الرجل سوى تنفيذ اؼبهمة " َر ْ‬
‫س ِوينِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب لَ ْوَال ْد‪ ،‬قَالَّ ْو َّ‬ ‫ش يِ ِدير بِ ْ ِ‬
‫ك‬ ‫ات وا ْعطي ل ُك ْل َو ْح َدة م ْن نَ َ‬ ‫اك َسبَ ْع تُـ َّف َ‬
‫اح ْ‬ ‫الدبَّ ْار َى ْ‬ ‫ش يِج ْ‬ ‫ِو ْ ْ‬
‫تُـ َّف َ‬
‫احة تَا ُكل َْها"‪ 4‬فرغم تقدًن اؼبساعدة إال إف طريقة تقديبها َف تأخذ منحى اػبّب والسبيل القوًن‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ص‬
‫‪082‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -3‬الشخصيات الحيوانية‪:‬‬

‫ال ينفصل القصص الشعيب عن مثل ىذه الشخصيات يف ربريك األحداث‪ ،‬فارتباط حكاية‬
‫اغبيواف ّٔا ارتباط وثيق‪ ،‬كما قبد الكثّب منها يف باقي أصناؼ القصص‪ ،‬وإف كانت ذات أدوار‬
‫ثانوية‪.‬‬

‫الشخصية اغبيوانية رمزية إُف أبعد اغبدود‪ ،‬فالقاص الشعيب وبركها وهبعل منها ناطقة لتؤدي‬
‫أدوارا أخرى عكس ما يبدو عليو ظاىرىا‪ ،‬فهي رمز ألبعاد إنسانية‪ ،‬اجتماعية أو أخالقية‪ ،‬كما تعب‬
‫عن بيئة اؼبنطقة اعبغرافية واؼبناخية‪ .‬ومن بْب ىذه الشخصيات نذكر دوف تفصيل‪:‬‬

‫‪ -‬القنفذ‪:‬‬

‫رغم حجمو الصغّب إال أنو تغلب على رفيقو يف الفوز بالوليمة بفضل ما يبتاز بو من ذكاء‬
‫وقدرة كبّبة على اؼبكر واغبيلة‪ ،‬وكثّبا ما يوظف الراوي الشعيب شخصية القنفذ يف الفيايف والصحاري‬
‫الشاسعة للتعبّب عن قدرتو على ربمل مشاؽ العيش يف مثل ىذه اؼبناطق‪ ،‬وغالبا ما يتغلب على‬
‫منافسيو ذوي اإلمكانات البنيوية الكبّبة كالذئب والثعلب مثال‪ .‬ففي حكاية (القنفود والذيب) افتك‬
‫القنفذ جيفة البعّب من الذئب بفضل اغبيلة والذكاء‪ ،‬فما إف طلب من الذئب الذىاب إلحضار صبرة‬
‫يف‪ ،‬انت أسرع‬
‫الس ْ‬ ‫من النار حٌب وقع األخّب يف الفخ‪" .‬قال القنفود للذيب‪َ :‬كايِ ْن نار وراء َذ ْ‬
‫اك ِّ‬
‫لوه"‪.1‬‬ ‫ش ْعلُوا بِ َيها عافْـيَة ونْ ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫عير ونَا ْك ُ‬
‫شووا البَ ْ‬ ‫مرة نْ َ‬
‫مني روح َىات ْلنَا م ْنـ َها َج َ‬
‫‪ -‬الذئب‪:‬‬

‫عكس ما يبدو عليو الذئب من القوة والسرعة والبنية اعبسدية‪ ،‬فقد خسر الصراع مع حيواف‬
‫صغّب كالقنفذ‪ ،‬فما كاف لو إال جزء من الذيل‪ ،‬وىذا إف دؿ على شيء فإمبا يدؿ على أنبية العقل‬
‫مقارنة باعبسد‪ ،‬فال يكفي أف يكوف سريعا وقويا لتستطيع العيش والبقاء يف فيايف الصحراء‪ ،‬وىذا ما‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪.230-216‬‬


‫‪083‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫صوره عليو الراوي الشعيب‪ ،‬إذ وقع الذئب يف فخ القنفذ وانطوت عليو اغبيلة وبالتاِف خسر نصيبو من‬
‫الذيب يِ ِج ِري ِ‬
‫وجبَ ْد ِّ‬
‫يل من الحفرة‪...‬ال َق ْنـ ُفود‪ :‬يا خسارة راحت علينا‬
‫الذ ْ‬ ‫غبم البعّب اؼبيت "جاء ِّ ْ‬
‫يل قِ ْس َمة أ َ‬
‫ُوخيَّا ْن"‪.1‬‬ ‫َزْر َدة كبيرة‪ ،‬ىيا نَِق ْس ُموا ِّ‬
‫الذ ْ‬
‫‪ -‬الغزال‪:‬‬

‫كباقي اغبيوانات الصحراوية (القنفذ‪ ،‬الذئب‪ ،‬اعبمل‪ )...‬للغزاؿ ميزة ذبعلو ـبتلفا عن باقي‬
‫اغبيوانات ؼبا يتسم بو من حسن وصباؿ‪ ،‬فكثّبا ما يعب الفرد السويف عن اعبماؿ فّببطو بالغزاؿ أو‬
‫الغزالة‪.‬‬
‫يف حكايات اؼبدونة‪ ،‬وظف الراوي شخصية الغزاؿ يف حكاية (لوقبة)‪ ،‬فربط بينو وبْب الرفق‬
‫والطيبة واإلحساس بالضعف وطلب العوف واؼبساعدة‪ ،‬صفات اجتمعت يف (لغزيل) الذي عاش حالة‬
‫من التعب والعطش واػبوؼ من ىوؿ الصحراء‪ ،‬وما إف وجد األماف حٌب تكالب عليو اؼبفَبسوف‬
‫الغزيِّل‪ .‬ب َدا الغزيل يِنَ ِ‬
‫ِ‬
‫ادي في أُ ْختَ ْو ويقول‪:‬‬ ‫ش يَ َذبْ َح ْن َ َ‬ ‫ين بِ ْ‬
‫َّس ِو ْ‬
‫اح ْن الن َ‬
‫متمثلْب يف نسوة السلطاف " َر َ‬
‫ِ‬
‫ش يَ َذبْ ُحوه"‪.2‬وىنا صور الراوي الغزاؿ بأنو‬ ‫ت أ ُِّمي‪ ، .. .،‬لغْ َزيِّ ْل ِولْد أ َُّمك بِ ْ‬
‫يَا لُونْجة يا بِْن ْ‬
‫الشخصية األكثر ضعفا لعدـ قدرتو على دحر أعدائو‪ ،‬رغم ما يكتسبو من طيبة وأمل ورمزية للخّب‪.‬‬
‫‪ -4‬الشخصيات الخرافية‪:‬‬
‫‪ -‬الغول‪:‬‬

‫وظف الراوي ىذه الشخصية مرات عدة‪ ،‬فكلما وجد نفسو حائرا أما موقف معْب ال يقدر‬
‫اإلنساف على تغيّبه‪ ،‬استنجد ّٔذا الكائن اػبرايف ليحقق لو ما يريد‪ ،‬وىذا ؼبا سبلكو ىذه الشخصية‬
‫من قدرة على تغيّب اؼبسارات السردية للحكايات‪ ،‬فهو ذو طابع خرايف يبكنو من توظيفو كيفما شاء‪،‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو ‪.‬‬
‫‪084‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫فتارة قبد الغوؿ شخصية شريرة‪ ،‬وأخرى قبده سباقا لفعل اػبّب‪ ،‬وما ىذا التناقض إال صورة من صور‬
‫االضطراب الذي يعيشو الراوي الذي يعب على لساف اعبماعة الٍب يعيش فيها‪.‬‬

‫يف نصوص اغبكايات‪ ،‬لعب الغوؿ دور الشخصية الشريرة مثل حكاية (النصيص) الٍب التهمت‬
‫الستَّة"‪ ،‬كما حاولت جاىدة القضاء على‬ ‫ت إِ ُخ ِوتَ ْو ِّ‬ ‫ت الغُولِيَّة وكِلَ ْ‬
‫فيها الغولة أخوة البطل " َج ْ‬
‫اس ِم ْع ُهم الن ِ‬ ‫ِّصيص مع بِنِ ْ ِ‬
‫يص‬
‫ِّص ْ‬ ‫ت الغُوليَّة‪َ ،‬حتَّا ْن تْـ َف ْاى ُموا بِ ْ‬
‫ش يَا ْكلُو ْه‪ْ ْ ،‬‬ ‫ار ْك الن ِ ْ‬
‫النصيص يف "اتْـ َع َ‬
‫ش يَا ْكلُو ْه"‪ ،1‬كما قتلت الغوالة الرجل الغِب يف حكاية (امسيكا) عقابا لو على سرقة‬ ‫يْت َف ْاى ُموا بِ ْ‬
‫وك‪.‬‬ ‫ت المرة لِي َفاتَ ْ‬
‫ت ‪ ،‬ال ِزْم نَ َذبْ ُح ْ‬ ‫يس َرقِ ْ‬‫الذىب "جو الغوالة‪َ ،‬ش ُّدو ْه ومرم ُدو ْه وﭬَـالُولَ ْو‪ :‬إِنْ َ ِ‬
‫تِ ل َ‬ ‫ََْ‬ ‫َْ‬
‫اس ْو في دار المال اللَّي فيها اللويز"‪.2‬‬ ‫ِذبِ ُحو ْه َ‬
‫وعلَّـ ُڤـولَ ْو َر َ‬
‫كما كاف للغوؿ دور مناقض ؼبا عُ ِرؼ عليو عادة‪ ،‬فقد كاف شخصا خّبا ال ينكر اعبميل الذي‬
‫وردا لصنيعها‬‫رّب أوالدىا واىتم ّٔم حٌب كبوا فأرجعهم ؽبا مكافأة ؽبا ّ‬ ‫صنعتو فيو (عيشة)‪ ،‬فقد ّ‬
‫شة َرانِي َما ْكلِيتِش ْأوالَ ْ‬
‫دك‪َ ،‬جابَت فيَّا‬ ‫ووقفتها معو حْب كاف وحيدا يف الصحراء "قال لها يا ِعي َ‬
‫اب لَها أ َْوَالدىا َر َّجالة كِبَار"‪.3‬‬ ‫ِ ِِِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫وحبِيت نَرجع لك خي ِرك ليد ْرتي ْو فيَّا َ‬
‫وج ْ‬ ‫العش َرة َ‬
‫فالغوؿ من الشخصيات اؼبوظفة بكثرة من الراوي القصصي للمنطقة‪ ،‬وإف كانت أغلب أدواره شريرة‬
‫مؤذية لباقي شخصيات اغبكاية‪ ،‬إال أف ؽبا أدوارا خّبة‪ ،‬ربقق العدؿ وتكافئ البطل وترسي األمن‪.‬‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪085‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -IV‬التن ـ ـ ــاص‬

‫األخذ‪ ،‬االقتباس‪ ،‬اؼبتعاليات النصية‪ ،‬السرقات‪ ...‬أو التناص‪ ،‬كلها مصطلحات تصب يف ؾبرى‬
‫واحد تقريبا‪ ،‬فلفظ التناص مصطلح حديث ظهر عند النقاد والدارسْب الغربيْب‪ ،‬إال أف الدراسات‬
‫القديبة عرفت نفس اؼبعُب ولكن دبصطلحات ـبتلفة‪ ،‬فالشاعر قديبا كثّبا ما يتناص مع شاعر آخر‬
‫ويأخذ من نصوصو الشعرية عن قصد منو أو بصورة عفوية‪ ،‬والقاص الشعيب ال ىبتلف عن الشاعر يف‬
‫األخذ من حكايات أخرى سابقة سواء أكاف االقتباس يف اؼبعاين أو يف األلفاظ حٌب يزيد يف صبالية‬
‫قصصو من جهة‪ ،‬ويضفي عليها طابعا تارىبيا وأسطوريا من جهة أخرى‪.‬‬

‫يعد التناص يف القصص الشعيب ذو ذبليات كثّبة ومتنوعة‪ ،‬ولو عديد الدالالت والسمات يف‬
‫اؼبسارات السردية يف النصوص اغبكائية‪ ،‬فالراوي يقتبس الكثّب من التجليات للتناص الديِب‪ ،‬الشعيب‪،‬‬
‫التارىبي‪ ،‬األديب واألسطوري‪ .‬وتتمثل ىذه التجليات إما يف األلفاظ مثل التناص الديِب يف لفظة‪:‬‬
‫الشيطاف‪ ،‬اغبج‪ ،‬اعبنة‪...‬والعبارات يف خيوط العنكبوت‪ ،‬ويف القصص واألحداث القصصية يف كيفية‬
‫الرضاء بالقدر والنصيب ومكافأة الصابر واؼبؤمن ومعاقبة الشرير‪ ،‬وأما التناص األسطوري فتمثل يف‬
‫اقتباسات األحداث وطريقة قصها يف اغبكايات‪ ،‬وكذا يف الشخصيات األسطورية اػبرافية مثل‬
‫شخصية السلطاف والدبار والغوؿ‪...‬‬

‫‪ -‬التناص في الدراسات الغربية‪:‬‬

‫إذا كانت جوليا كريستيفا "‪ "Julia Krestèva‬أوؿ من أطلق مصطلح التناص على النصوص‬
‫اؼبتداخلة يف هناية الستينات من القرف اؼباضي‪ ،‬فإف أعالـ اؼبدرسة الشكالنية الروسية من تودوروؼ‬
‫"‪ "Todorov‬وشكلوفسكي "‪ ،"Cheklovesky‬إضافة إُف روالف بارت " ‪Roland‬‬

‫‪ - ‬جوليا كريستيفا‪ :‬فيلسوفة فرنسية من أصل بلغاري‪ ،‬أستاذة جبامعة باريس السابعة‪ ،‬ديدرو‪ .‬كما درست يف عدة جامعة عاؼبية‪ .‬نشرت العديد من‬
‫الدراسات يف السيميائي ات والرواية والنقد والفن والفلسفة والتحليل النفسي‪ ،‬من أحباثها ومؤلفاهتا‪" :‬النص الروائي" (‪ ،)1970‬و"ثورة اللغة الشعرية"‬
‫(‪ ،)1985‬و"الغريب داخلنا" (‪ ،)1988‬و"األنثوي واؼبقدس" (‪.)2000‬‬
‫‪086‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ "Parthes‬وجاؾ دريدا "‪ "Jaque Derrida‬وغّبىم من علماء اؼبدارس واؼبذاىب الغربية قد‬
‫تطرقوا إُف التناص يف آرائهم ودراساهتم النقدية‪.‬‬

‫التناص من اؼبصطلح اإلقبليزي (‪ ،)Intertextuality‬و(‪ )Intertextualité‬بالفرنسية‪ ،‬فاؼبصطلح‬


‫مكوف من جزئْب‪ "inter" :‬وتعِب التبادؿ‪ "texte" ،‬وتعِب النص‪ ،‬وىي مشتقة من الفعل الالتيِب‬
‫‪1‬‬
‫"‪ "textere‬وتعِب نسخ أو حبك‪ ،‬وبالتاِف يصبح اؼبعُب‪ :‬التبادؿ النصي‪.‬‬

‫‪ -‬ارتبط اؼبصطلح بالرائدة يف ؾباؿ النقد الغريب اغبديث البلغارية الفرنسية "جوليا كريستيفا"‪ ،‬ىذه‬
‫األخّبة الٍب تعد أوؿ من أطلق لفظة التناص على النصوص اؼبتداخلة أو اؼبمتصة واؼبتحولة فيما بينها‬
‫لتكوف نصا جديدا‪ .‬فيعتب بذلك أحد فبيزات النص األساسية الٍب ربيل على نصوص أخرى سابقة‬
‫عنها ومعاصرة ؽبا‪ ،‬فَبحاؿ النصوص وتداخلها يف فضاء نص معْب تتقاطع وتتناىف فيو ملفوظات‬
‫عديدة مقتطعة من نصوص أخرى‪ 2.‬لتضيف عن التناص مقرة بأنو النقل لتعبّبات سابقة أو متزامنة‬
‫وىو اقتطاع أو ربويل‪ ،‬فالنصوص تتشكل من تركيبة فسيفسائية من االستشهادات‪ ،‬وكل نص ىو‬
‫ربويل أو امتصاص لنصوص أخرى‪ 3.‬ليستفيض بارت يف مفهوـ التناص ويضيف بأف "كل نص ىو‬
‫نسيج من االقتباسات واؼبرجعيات واألصداء‪ ،‬وىذه لغات ثقافية قديبة وحديثة‪ ،‬وكل نص ينتمي إُف‬
‫التناص"‪ ،4‬فالتناص عملية وراثية للنصوص‪ ،‬والنص اؼبتناص ال يكاد وبمل بعض صفات األصوؿ‪.5‬‬

‫اجتماعي‪.‬ولد يف ‪ 12‬نوفمب ‪ 1915‬وتُويف يف ‪ 25‬مارس ‪ ،1980‬واتسعت أعمالو‬ ‫ُ‬ ‫‪ - ‬روالف بارت فيلسوؼ فرنسي‪ ،‬ناقد أديب‪ ،‬دالِف‪ ،‬ومنظر‬
‫تتوزع‬
‫لتشمل حقوالً فكرية عديدة‪ .‬أثر يف تطور مدارس عدة كالبنيوية واؼباركسية وما بعد البنيوية والوجودية‪ ،‬باإلضافة إُف تأثّبه يف تطور علم الداللة‪ّ .‬‬
‫أعماؿ روالف بارت بْب البنيوية وما بعد البنيوية‪ ،‬فلقد انصرؼ عن األوُف إُف الثانية أسوة بالعديد من فالسفة عصره ومدرستو‪ .‬كما أنو يعتب من األعالـ‬
‫اؼبسمى ما بعد اغبداثة‪.‬‬
‫الكبار ‪ -‬إُف جانب كل من ميشيل فوكو وجاؾ دريدا وغّبىم ‪ -‬يف التيار الفكري ّ‬
‫‪ - 1‬أضبد ناىم‪ ،‬التناص يف شعر الرواد (دراسة)‪ ،‬دار الشؤوف الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.14‬‬
‫‪ - 2‬جوليا كريستيفا‪ ،‬علم النص‪ ،‬تر‪ :‬فريد الزاىي‪ ،‬مر‪ :‬عبد اعبليل ناظم‪ ،‬دار تويقاؿ للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،1991 ،1‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 3‬أضبد الزعيب‪ ،‬التناص نظريا وتطبيقيا‪ ،‬عموف للنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،2000 ،‬ص ‪.12 ،11‬‬
‫‪ - 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 5‬أضبد ناىم‪ ،‬التناص يف شعر الرواد (دراسة)‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪087‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وبالعودة إُف ميخائيل باختْب "‪ "Mikhaïl Bakhtine‬الذي أرسى مبدأ اغبوارية‬
‫"‪ "dialogisme‬الٍب تعتب "عالقات داللية بْب صبيع التعبّبات الٍب تقع ضمن دائرة التواصل‬
‫اللفظي"‪ 1‬فكانت سببا يف ظهور اؼبصطلح عند جوليا كريستيفا‪ ،‬إذ "يبكن قياس العالقات الٍب تربط‬
‫خطاب اآلخر خبطاب األنا بالعالقات الٍب ربدد عمليات تبادؿ اغبوار‪ ،‬وتعد صبيع العالقات الٍب‬
‫تربط تعبّبا باآلخر‪ ،‬وبصورة أساسية‪ ،‬عالقات تناص "‪.2‬‬

‫فالتناص إذا ىو إعادة كتابة نصوص سابقة بطريقة ذبعل من النص اعبديد بعيدا عن النسخ والنقل‪،‬‬
‫بل تركيبة فسيفسائية جديدة ربمل من اؼبعُب واللفظ والعبارة ما ىو موجود يف النصوص السابقة‪،‬‬
‫وإعادة إنتاجها وؿباورهتا بصورة تتضمن زيادة يف األفكار واؼبعاين واأللفاظ فبا ىو موجود‪ ،‬فتحافظ‬
‫بذلك على إنتاجية النصوص وتداخلها ببعض بصورة آنية وطبيعية‪.‬‬

‫‪ -‬التناص في الدراسات العربية‪:‬‬

‫وألف التناص يرتبط ارتباطا كامال بالنصوص وعالقتها ببعض‪ ،‬ففي معاجم اللغة قبد بأف‬
‫َّص‪:‬‬
‫التناص من النص يف باب (نصص) دبعاين عدة‪ ،‬ففي لساف العرب يقوؿ ابن منظور بأف "الن ُّ‬
‫ص‬
‫صا‪َ :‬ج َع َل بعضو على بعض‪ .‬ونَ َّ‬ ‫اع نَ َّ‬
‫ص اؼبتَ َ‬
‫صا‪ :‬رفعو‪ .‬ونَ َّ‬
‫صو نَ ِّ‬
‫اغبديث يَػنُ ُّ‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫َرفْػعُك الشَّيء‪ ،‬نَ َّ‬
‫ديث‪ :‬رفَػعو وأَسنَ َده إُف احملد ِ‬
‫َّث‬ ‫‪3‬‬
‫الداَّبة يَػنُ ُّ‬
‫َ‬ ‫ص اغبَ َ َ َ ْ ُ‬ ‫الس ّْب" ‪ .‬أما يف الوسيط فيقاؿ‪" :‬نَ َّ‬ ‫نصا‪َ :‬رفَػ َعها يف َّ‬‫صها ِّ‬
‫صى‬ ‫اص َغ ِرَيبو‪ْ :‬‬
‫استَػ ْق َ‬ ‫صى َم ْسأَلَتَوُ َعن شيء حٌب استخرج كل ما عنده‪.‬نَ َّ‬ ‫استَػ ْق َ‬
‫ص َفالناً‪ْ :‬‬
‫َعنو‪ .‬ويقاؿ‪ :‬نَ َّ‬

‫‪ - ‬ميخائيل باختْب (‪ 1895‬ػ ‪ 1975‬ـ) فيلسوؼ ولغوي ومنظر أديب روسي (سوفييٍب)‪ .‬ولد يف مدينة أريوؿ‪ .‬درس فقو اللغة وزبرج عاـ ‪.1918‬‬
‫حكم يف تاريخ األدب وعلم ماوراء‬ ‫وعمل يف سلك التعليم وأسس «حلقة باختْب» النقدية عاـ‪ .1921‬تَبلور مفهومو عن األنَببولوجية من القيم الٍب تَػتَ َّ‬
‫اللغة ومنهجية العلوـ اإلنسانية‪ ،‬الٍب تقوـ على اؼببدأ اغبِواري ‪ dialogism‬الذي يظل السمة اؼبنهجية يف صبيع أعمالو‪ ،‬أياًكاف اؼبوضوع الذي يتناولو‪.‬‬
‫‪ - 1‬تزقيتاف تودوروؼ‪ ،‬ميخائيل باختْب اؼببدأ اغبواري‪ ،‬تر‪ :‬فخري صاٌف‪ ،‬اؼبؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،1996 ،2‬ص‪..122‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ 3‬ابن منظور‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬باب (نصص)‪ ،‬ص ‪.4441‬‬
‫‪088‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫النص‪ :‬صيغة الكالـ األصلية‬


‫اص ال َقوـ‪ :‬ازدضبُوا‪َّ .‬‬
‫اصو‪ .‬تَػنَ َ‬
‫نصو و َغريبو نَ َّ‬
‫ص اؼبتَاع‪َّ :‬‬
‫ص َ‬
‫عليو ونَاقَ َشو‪ .‬نَ َّ‬
‫الٍب وردت من اؼبؤلف"‪ .1‬فالنص يف اللغة إذا من الرفع واإلظهار واالستقصاء واعبمع‪.‬‬

‫وإذا عدنا إُف الدراسات العربية القديبة لوجدنا الكثّب من مظاىر التناص يف ـبتلف النصوص‬
‫شعرية كانت أو نثرية‪ ،‬ولكن االتفاؽ حوؿ مفهوـ التناص وآلياتو من الصعوبة دبا كاف‪ ،‬فاؼبصطلح‬
‫ظهر وتبلور حديثا على يد األدباء الغربيْب‪ ،‬رغم ذلك فالشاعر العريب قديبا كاف يتناص ويأخذ من‬
‫نصوص أخرى قصدا أو سهوا‪ ،‬إذ قبده يتناص مع القرآف الكرًن‪ ،‬اغبديث الشريف‪ ،‬ومن الشعراء‬
‫واألدباء فيما بينهم‪ .‬فال ُكتَّاب األوائل تناولوا نظرية التناص أو قدموا ؽبا وقدموىا إُف القارئ العريب َف‬
‫يعنوا بتقييم آلياهتا كما ينبغي‪ ،‬وَف يقدموىا أو يكلفوا أنفسهم بشرحها وتفسّبىا للقارئ‪ ،‬بل مت اػبلط‬
‫فيما بينها وبَبىا‪ ،‬وىذا ما رسم صورة ـبتلطة لدى القراء بعدـ وجود فرؽ بْب التناص والتعلق النصي‬
‫‪2‬‬
‫والسرقات وغّبىا من اؼبصطلحات‪ ،‬فكانت بذلك أمرا فضفاضا ال حدود فاصلة بينها‪.‬‬

‫لقد أدرؾ األدباء العرب قديبا أف التناص ظاىرة أدبية ال مفر منها يف إبداعاهتم النثرية أو‬
‫الشعرية‪ ،‬ولو أف مصطلح السرقات ىو الشائع حينها‪ ،‬ألف الظاىرة شديدة االتساع واالنتشار بْب‬
‫النصوص األدبية الٍب ال يقدر أحد االدعاء بالسالمة منها‪ ،‬غامض عن البصّب بالصناعة األدبية مرة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وأخرى فاضح ال ىبفى على اعباىل اؼبغفل‪.‬‬

‫فأثر تناص الشاعر من تراثو وموروثو كبّب يف اإلبداعات األدبية‪ ،‬واألخذ من أدباء عصره‬
‫وغّبىم يف العبارات واؼبعاين‪ ،‬فالنصوص متداخلة أيبا تداخل فيما بينها خاصة يف اؼبعاين واألفكار‪.‬‬

‫كاف تأثّب الدراسات الغربية واضحا يف األدباء العرب‪ ،‬فنجد مثال ؿبمد مفتاح الذي أقر بأنبية‬
‫الظاىرة الٍب قاؿ فيها بأهنا وسيلة تواصل ال يبكن أف ينشأ اػبطاب اللغوي بدوهنا‪ ،4‬فالتناص ىو‬

‫‪1‬‬
‫(نص)‪ ،‬ص ‪.926‬‬ ‫‪ -‬ؾبمع اللغة العربية‪ ،‬اؼبعجم الوسيط‪ ،‬باب ّ‬
‫‪ - 2‬عصاـ حفظ اهلل واصل‪ ،‬التناص الَباثي يف الشعر العريب اؼبعاصر‪ ،‬دار غيداء للنشر‪ ،‬عماف‪ ،‬ط‪ ،2011 ،1‬ص‪.24‬‬
‫‪ - 3‬ابن رشيق‪ ،‬العمدة يف ؿباسن الشعر وأدبو ونقده‪ ،‬تح‪ :‬ؿبي الدين عبد اغبميد‪ ،‬دار اعبيل‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪،1981 ،5‬ص ‪.280‬‬
‫‪ -4‬ؿبمد مفتاح‪ ،‬ربليل اػبطاب الشعري (اسَباتيجية التناص)‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،1992 ،3‬ص ‪.135‬‬
‫‪111‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫تعالق نصوص سابقة مع نص حديث بكيفيات ـبتلفة‪ ،1‬أما ؿبمد بنيس يف كتابو اؼبوسوـ بػ ػ ػ (ظاىرة‬
‫الشعر العريب اؼبعاصر يف اؼبغرب) فإنو يأيت بثالث آليات ىي‪ :‬االجَبار‪ ،‬االمتصاص واغبوار‪ ،2‬إذ يرى‬
‫بأف التناص ينسحب على كل نص‪ ،‬شعريا كاف أو نثريا‪ ،‬قديبا كاف أو حديثا‪ .‬فعن طريق االجَبار‬
‫يتعامل الشاعر مع النص الغائب بوعي سكوين‪ ،‬وعن طريق االمتصاص يتعامل مع النص الغائب من‬
‫منطلق اإلقرار بأنبيتو وقداستو‪ ،‬يف مقابل يرى بأف اغبوار ىو اؼبرحلة األعلى يف قراءة النص الغائب‪.3‬‬
‫يف حْب يرى صالح فضل بأف التناص خروج من النص إُف نصوص أخرى غائبة وجب إحضارىا‬
‫ليكتمل النص اغباضر‪ ،‬دبعُب أف النص غّب قائم بذاتو وإمبا وبتاج إُف ما ىو خارج عنو‪.‬‬

‫فتناص األفكار والثقافات أو اللغات جزء من نصوص غائبة ال يستغِب عنها النص وال يكتمل بناؤه‬
‫يف غيأّا‪ .4‬فالتناص أف يتضمن نص أديب ما عبارات أو أفكار من نص أو نصوص أخرى سابقة‬
‫عليو عن طريق االقتباس‪ ،‬األخذ‪ ،‬التلميح أو اإلشارة وغّبىا من مالمح التناص‪ ،‬حبيث يندمج مع‬
‫النص األصلي‪ ،‬فيشكل نصا جديدا‪.‬‬

‫‪ -‬أصناف التناص‪:‬‬

‫للتناص ؾبموعة من األنواع‪ ،‬وقد اختلف الباحثوف يف تعديدىا‪ ،‬فمنهم من ذكر بأهنا‪:5‬‬

‫‪ -‬تناص خارجي أو مرجعي‪ :‬وىو أف يتناص النص مع مرجعيات مرجعيات أدبية‪ ،‬دينية‪...‬‬
‫‪ -‬تناص مرحلي‪ :‬اغباصل بْب نصوص جيل واحد ومرحلة زمنية واحدة لتقارب أبعاد اغبياة‪.‬‬
‫‪ -‬تناص ذايت‪ :‬تناص اؼببدع األديب مع نفسو (نصوصو السابقة)‪.‬‬

‫‪ - 1‬ؿبمد مفتاح‪ ،‬ربليل اػبطاب الشعري (اسَباتيجية التناص)‪ ،‬ص ‪.221‬‬


‫‪ - 2‬ؿبمد بنيس‪ ،‬ظاىرة الشعر العريب اؼبعاصر يف اؼبغرب (مقاربة بنيوية تكوينية)‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪ ،1979 ،1‬ص‪.253‬‬
‫‪ - 3‬عصاـ حفظ اهلل واصل‪ ،‬التناص الَباثي يف الشعر العريب اؼبعاصر‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 4‬أضبد الزعيب‪ ،‬التناص نظريا وتطبيقيا‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ - 5‬أضبد ناىم‪ ،‬التناص يف شعر الرواد (دراسة)‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪110‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ويصنفو الدكتور أضبد الزعيب‪ ،‬بأنو مباشر وغّب مباشر‪ ،‬فاألوؿ أف يتناص النص اعبديد مع‬
‫نصوص أخرى معروفة (دينية‪ ،‬تارىبية‪ ،‬ثقافية وغّبىا)‪ ،‬أما الثاين أف يتناص من األفكار واؼبعاين واللغة‬
‫واألسلوب الذي اعتمده أديب معْب‪.1‬‬

‫كما يذىب الكثّب من الدارسْب إُف ذكر أصناؼ التناص بأهنا‪ :‬الديِب‪ ،‬األديب‪ ،‬األسطوري‪،‬‬
‫الشعيب‪ ،‬التارىبي‪ ...‬فإذا كانت اؼبرجعيات الٍب فيها تناص مع نص من القرآف الكرًن أو اغبديث‬
‫النبوي الشريف كاف التناص ىنا دينيا‪ ،‬يف حْب إذا ارتبط بتناص النصوص األدبية مع بعضها سواء‬
‫أكانت شعرية أو نثرية يف األفكار أو اؼبعاين فهو ىنا أديب‪ .‬ونأخذ يف دراستنا األصناؼ اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬التناص الديني‪:‬‬

‫تتداخل النصوص اغبكائية مع نصوص دينية ـبتارة‪ ،‬عن طريق االقتباس أو التضمْب من القرآف‬
‫الكرًن أو اغبديث النبوي الشريف أو اػبطب واألخبار الدينية وكالـ الصحابة والفضالء يف الدين‬
‫اإلسالمي‪ ،‬فتتناص مع النص األصلي وتكوف نصا جديدا منسجما يأخذ طابعا وبعدا دينيا وأخالقيا‬
‫وتؤدي غرضا فنيا وفكريا‪ .‬والراوي الشعيب يف اؼبنطقة َف يتخلف عن ركب اؼببدعْب يف ىذا آّاؿ‪ ،‬فقد‬
‫رسم صورة للمجتمع احمللي ظباهتا األخالؽ والتمسك بالدين الفضيل‪ ،‬فكاف لعباراتو اؼبنتقاة طابع‬
‫نابع من تدينو وارتباطو بالقرآف والسنة‪ .‬ومن بْب األمثلة نذكر‪:‬‬

‫أ‪ -‬تناص من القرآف الكرًن‪:‬‬

‫‪ -‬يف حكاية (جبه والصيد) اقتبس الراوي آية قرآنية واضحة‪ ،‬واستدؿ ّٔا سياقو اغبكائي ليظهر‬
‫لألجياؿ مدى أنبية الصلح والتسامح بْب الناس عامة وبْب األزواج خاصة‪" ،‬والصلح خير" ىكذا‬
‫جاءت كلمات الراوي دوف غموض أو إوباء‪ ،‬وىذا إف دؿ على شيء‪ ،‬فإمبا يدؿ على ىذه القاعدة‬
‫القرآنية يف حياتنا اليومية‪ ،‬فما يقع بْب األزواج من اختالؼ يؤدي أحيانا إُف الطالؽ والتفرقة‪،‬‬

‫‪ - 1‬أضبد الزعيب‪ ،‬التناص نظريا وتطبيقيا‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫‪111‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫فالصلح بينهما على أي شيء يرضيانو أفضل من التفرقة بينهما‪ ،‬قاؿ اهلل تعاُف‪َ  :‬وإِ ِن ْام َرأَةُ َخافَت‬
‫ُح ِ‬
‫ض َرت‬ ‫ْح َخ ْيـ ٌر وأ ْ‬ ‫والصل ُ‬
‫ْحا ُّ‬‫صل ً‬‫الحاَ بَـ ْيـنَـ ُه َما ُ‬
‫ص َ‬ ‫اح َعلَْي ِه َما أَ ْن يَ َّ‬
‫اضا فَ َال ُجنَ َ‬ ‫وزا أَو ا ْع َر ً‬‫شً‬ ‫من بَـ ْعلِ َها نُ ُ‬
‫الش َّح وإِ ْن تُ ْح ِسنُوا وتَـتَّـ ُقوا فَِإ َّن اهللَ َكا َن بِ َما تَـ ْع َملُو َن َخبِ ًيرا‪.1‬‬
‫س ُّ‬ ‫األَنْـ ُف ُ‬
‫‪ -‬إف عدـ ذىاب الزوج منفردا ؼبغارة (الصيد) يؤكد على أنبية وجود األشخاص اؼبصلحْب بْب‬
‫األزواج‪ ،‬فغالبا ما يكوف اؼبصلح من أىل الزوج والزوجة‪ ،‬أو يكوف من األعياف كإماـ اؼبسجد مثال‪،‬‬
‫وقد مثّل عبوء الزوج لإلماـ ليلعب دور اغبكم واؼبصلح نوعا من أنواع التناص الديِب‬

‫ِ‬ ‫اب َنر َّجع َم ْرتِي‪ ،‬قَ ْ‬


‫ال لو الطَّا ْ‬
‫لب ماَ‬ ‫وحكاَلوَ قِ ْ‬
‫صتَو وقال لو َح ْ‬ ‫اح يِ ْج ِري للطَّ ْ‬
‫الب تع الجامع َ‬ ‫" َر ْ‬
‫يب"‪ 2‬كما لعبت شخصية (الصيد) الدور ذاتو ؼبا ؽبا من رموز اغبكمة والقوة واعباه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ق ْلتِ ْ‬
‫ش َك ْالم الع ْ‬
‫فأصبح اغبوار بْب كل من الطالب والصيد‪ ،‬يف حْب تغاضى الراوي عن الزوج والزوجة‪ ،‬فالرأي أصبح‬
‫للحكماء واؼبصلحْب اؼبكلفْب حبل ىذه اؼبشكلة الزوجية‪ ،‬وىذا إف دؿ على شيء‪ ،‬فإمبا يدؿ على‬
‫أنبية وجود اغبكم واؼبصلح لكل اؼبشاكل الزوجية‪ ،‬وىذه صورة من صور التناص الديِب من القرآف‬
‫وح َك ًما ِم ْن أ َْىلِ َها إِ ْن‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الكرًن يف قوؿ اهلل تعاُف‪ :‬وإِ ْن خ ْفتُ ْم ش َقا َق بَـ ْين ِه َما فَابْـ َعثُوا َح َك ًما م ْن أ َْىلو َ‬
‫يما َخبِ َيرا‪‬‬ ‫ِ‬
‫ص َال ًحا يُـ َوفِّق اهلل بَـ ْيـنَـ ُه َما إِ َّن اهلل َكا َن َعل ً‬
‫يُ ِري َدا إِ ْ‬
‫‪3‬‬

‫ب‪ -‬تناص من اغبديث النبوي الشريف‬

‫‪ -‬إف عبوء الزوج "للطالب تع اعبامع" أي إماـ اؼبسجد ال غّبه يف حكاية (جبه والصيد) ليتوسط لو‬
‫لدى زوجتو وأىلها للعودة إُف بيت زوجها فيو من الدين واألخالؽ الكثّب‪ ،‬فالوساطة من حافظ‬
‫القرآف وإماـ اؼبسجد يسهل على الزوج ربقيق ىدفو ؼبا ؽبذه الشخصية من مكانة مرموقة بْب الناس‬
‫من جهة‪ ،‬وما لو من الفضل والثواب عند اهلل تعاُف من جهة ثانية‪ ،‬فحْب قاؿ الراوي‪" :‬قَالُوا لَو‬

‫‪ - 1‬سورة النساء‪ .،‬اآلية‪.128 :‬‬


‫‪ - 2‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص ص ‪،.230-216‬‬
‫‪ - 3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.35‬‬
‫‪112‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ِ‬
‫حماَّل ال ُقرآ ْن؟" ويف ىذا تقدير ورفعة‬ ‫الس َالم‪ِ ،‬و ْ‬
‫ش َجابْ ُكم يا ُ‬ ‫وعلَْي ُكم َّ‬
‫يه ْم‪َ :‬‬
‫علي ُك ْم‪َ ،‬ر َّد َعل ُ‬
‫الم ْ‬
‫الس ُ‬
‫َّ‬
‫غبافظ كتاب اهلل‪ ،‬فالراوي يعلم ىذه اؼبكانة وحٌب يثبتها ويعمقها لتساىم يف تشكيل البناء الفِب‬
‫والفكري لنص اغبكاية‪ ،‬تناص مع اغبديث النبوي الشريف للرسوؿ الكرًن الذي ال ينطق عن اؽبوى‪،‬‬
‫فعن أنس ‪-‬رضي اهلل عنو‪ -‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل‪-‬صلى اهلل عليو وسلم‪ -‬إِ َّن هلل أَ ْىلَْي ِن ِمن النَّ ِ‬
‫اس‪.‬‬
‫ِِ ‪1‬‬
‫اصتو‪.‬‬ ‫ال‪ُ :‬ى ْم أَ ْى ُل ال ُقرآن أَ ْى ُل اهلل َ‬
‫وخ َّ‬ ‫ول اهلل َم ْن ُىم؟ قَ َ‬
‫قَالُوا‪ :‬يَا َر ُس َ‬

‫‪ -2‬التناص األدبي‪:‬‬

‫نعِب بالتناص األديب‪ ،‬تداخل نصوص أدبية شعرية أو نثرية‪ ،‬قديبة أو حديثة منسجمة مع سياؽ النص‬
‫األصلي‪ ،‬ويعتب اؼبوروث األديب أىم اؼبرجعيات الَباثية وأقرّٔا إُف نفس اؼببدع ؼبا ؽبا من صلة وثيقة‬
‫بالفنوف األدبية من جهة‪ ،‬وسهولة التناص معها فكرة أو معُب من جهة أخرى‪.‬‬

‫ومن النماذج اؼبمثلة ؽبذا النوع من التناص نذكر اعتمادا على مدونة القصص الشعيب ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يف حكاية (امسيكا) تناص الراوي مع اغبكاية الذائعة الصيت (علي بابا واألربعوف لصا)‪ ،‬فعبارة‬
‫س ْكري يا ْام ِسي َكا"‪ 2‬متناصة مع اؼبقولة اؼبشهورة يف اغبكاية الثانية "افتح يا‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫"اتْ َحلي يا ْامسي َكا اتْ َ‬
‫سمسم"‪ ،‬ففي كلتا اغبكايتْب تفتح العبارة باب كوخ مليء بالذىب يف جبل‪ ،‬كما لعب الغولة دور‬
‫األربعْب لصا‪ ،‬والفقّب لعب دور علي بابا الذي أصبح غنيا بعد تلك اغبادثة (أخذ الذىب من‬
‫الكوخ)‪ .‬واؼبتتبع ؼبسار اغبكاية يرى بأف اغبكاية ككل متناصة مع مسار حكاية علي بابا يف صبلة من‬
‫أحداثها‪ ،‬فتتبع الغوالة أثر الفقّب كتتبع اللصوص أثر علي بابا والبحث عنو‪ ،‬وتكمن أنبية ىذا التناص‬
‫كوف الراوي أراد إظهار مدى التحوؿ الذي يصيب اإلنساف من حاؿ إُف حاؿ‪ ،‬فكوف الفقّب ؿبتاجا‬
‫ال يعِب بالضرورة أف فقره سيستمر‪ ،‬وكوف أخيو غنيا ال يسمح لو ذلك بظلم أخيو ال لسبب إال ألنو‬
‫فقّب ال يبلك اؼباؿ‪ ،‬فمات يف هناية اغبكاية وتغلب الفقّب على فقره وعلى الغيالف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجه ‪-0/67-‬برقم ‪ ,104‬وصححه األلبانً فً صحٌح ابن ماجه ‪ -0/31-‬برقم ‪.067‬‬
‫‪ - 2‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬
‫‪113‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -3‬تناص األدب الشعبي‪:‬‬

‫تتناص أصناؼ القصص الشعيب مع كثّب من أصناؼ األدب الشعيب كاغبكايات واألمثاؿ‬
‫واألساطّب واألقواؿ اؼبأثورة وغّبىا "لتؤدي غرضا فنيا أو فكريا‪ ،‬ولتؤدي وظيفة أسلوبية أو موضوعية‬
‫يراىا اؼبؤلف ضرورية أو مناسبة أو منسجمة مع السياؽ الروائي الذي يقدمو"‪ .1‬ويف نصوص‬
‫اغبكايات تناص الراوي مع بعض من أصناؼ الَباث الشعيب كاألمثاؿ واأللغاز الشعبية واغبكايات‬
‫والنكت‪ .‬فقد مثّل الراوي اؼبرأة القبيحة بالشيطاف بل فاقتو فتنة وسوءا يف أفعاؽبا‪ ،‬وىذا تقيدا باؼبثل‬
‫الشيطاف تقدر عليو‬
‫الشيطاف أستاذ الرجل وتلميذ اؼبرأة" وأيضا يف " ما ال يقدر عليو ّ‬
‫الشعيب القائل " ّ‬
‫اؼبرأة‪.‬‬
‫وبالنظر إُف مدونة القصص يتجلى لنا عدة أمثلة منها‪:‬‬

‫أ‪ -‬تناص اغبكايات فيما بينها‪:‬‬

‫صر‬ ‫ِ‬
‫يف الكثّب من العبارات‪ ،‬فلو أخذنا مثال حكاية (عيشة والغوِف) يف مقولة " َد َخل الغُولي ل َق َ‬
‫واال نِ ِجي"‪ 2‬لوجدناىا متناصة مع‬ ‫ت ِمي أَعطينِي نَاكِ ْل َّ‬ ‫شة وقال لها‪ِ :‬مي ِمي يا ِعي َ‬
‫شة بِنِ ْ‬ ‫ِعي َ‬
‫يحة الِحس ِري والمس ِري ِر ِ‬
‫يحة ىا البِ ْش ِري"‪،3‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫حكاية (النصيص) يف عبارة "جاء الغُولِي وقَ ْ‬
‫ال لها ِر ِ‬
‫فالراوي كثّبا ما يكرر مثل ىذه العبارة يف عدد من اغبكايات‪ ،‬خاصة إذا تعلق األمر بالغوؿ الذي‬
‫وباوؿ التهاـ إنساف‪ ،‬أو الفتك بو أو أخذه‪ .‬كما ىبتم الراوي حكاياتو غالبا دبقولة سجعية يصلي‬
‫فيها على النيب –صلى اهلل عليو وسلم‪ -‬ويذكر فيها غابة النخل أو مكافاة اؼبستمعْب بتفاحة‪ ،‬وىذا‬
‫ما استقيناه يف عدد من اغبكايات الٍب تناصت مع بعضها بعضا‪ ،‬فنصوص اغبكايات اػبرافية‬
‫متداخلة مع بعضها البعض ومتناصة إُف أبعد اغبدود‪ ،‬فال يبكن أف وبدد الدارس أصل اغبكاية‬
‫وربديد تارىبها ومكاهنا حٌب يتسُب لو الوصوؿ إُف النص اؼبتناص بدقة‪ ،‬وىذا راجع لكوف النص‬
‫‪ - 1‬أضبد الزعيب‪ ،‬التناص نظريا وتطبيقيا‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ - 2‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫اغبكائي متناص مع بعضو البعض‪ ،‬فنجد نفس اغبكاية يف عدة أماكن من العاَف‪ ،‬مع اختالؼ يف‬
‫طريقة حكيها أو يف العبارات اؼبكونة لو‪ ،‬وأكب دليل على ذلك ىو الطريقة الٍب ىبتم ّٔا الراوي‬
‫ِ‬
‫صلُّوا عن النِّبِي وأ ْ‬
‫َص َحابَ ْو‪،‬‬ ‫حكايتو‪ ،‬ففي حكاية (النصيص والغولية ) يقوؿ‪ُ " :‬خ َّراف ْتـنَا غَابَة غَابَة‪َ ،‬‬
‫احة لمن يِ ِع ْز َعلَ َّي"‪ ،1‬وال ىبتلف األمر يف حكاية (لوقبة) فيختم قائال‪ُ " :‬خ َّرافِ ْتـنَا غَابَة‬ ‫تُـ َّف ِ‬
‫احة ل َّي وتُـ َّف َ‬
‫َ‬
‫َص َحابَ ْو"‪ ،2‬وأما يف حكاية (عيشة والغوِف) فهي‬ ‫صلُّوا َعلَى النِّبِي وأ ْ‬ ‫ِ‬
‫صابَّة‪َ ،‬‬ ‫غَابَة وفي ُك ْل َع ْام تْجينَا َ‬
‫على النحو التاِف‪ُ " :‬خ َّرافِ ْتـنَا غَابة غَابة‪ ،‬صلُّوا عن النِّبِي وأَصحاب ْو‪ ،‬تُـ َّف ِ‬
‫احة لمن يصقر‬ ‫احة ل َّي وتُـ َّف َ‬
‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ي"‪ ،3‬فالتناقل الشفوي للنصوص هبعل منها مادة مرنة تتناص دوف‬ ‫ي ُش َو َّ‬
‫في‪ ،‬وتفاحة نَـ َق ْس ُموىا ُش َو ّْ‬
‫قصد أو مقدمات‪.‬‬

‫ب‪ -‬تناص نصوص اغبكايات مع األمثاؿ الشعبية‪:‬‬

‫ػبص الراوي يف حكاية (كبش لصحاب) عديد العب يف عدد من األمثاؿ الشعبية اؼبعبة عن اؼبوضوع‬
‫ستحضر من األمثاؿ الشعبية وجب أف يكوف منسجما مع لغة الراوي‬
‫َ‬ ‫واؼبتناسقة معو‪ ،‬فالتناص الذي يُ‬
‫وثقافتو الشعبية فنيا وموضوعيا فيؤدي بذلك إُف بلورة الفكرة اؼبطروحة واؼبعُب اؼبقصود من طرؼ‬
‫الراوي‪ .4‬فالرجل الذي أراد توجيو ابنو إُف الطريق الصواب والتفريق بْب الصديق اغبقيقي وصديق‬
‫‪5‬‬
‫سا ْه"‬ ‫ب أَبَّ ْ‬ ‫احب أَنْساه‪ِ ،‬غير ِ‬
‫اللعب والسهر‪ ،‬ػبَّص لو اؼبثل الشعيب القائل‪ُ " :‬كل ِ‬
‫اك ما تَـ ْن َ‬ ‫صاح ْ‬
‫َ‬ ‫ص ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫وقد استحضره الراوي ألنو يتناسب مع مسار النص اغبكائي‪ ،‬فهو مثل يلخص ذبربة اغبياة وخبهتا‪،‬‬
‫تناص أراد من خاللو الراوي ربقيق عبة ذات طابع أخالقي يهدؼ إُف الوعظ والَببية‪ .‬كما تناص‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230 - 216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 4‬أضبد الزعيب‪ ،‬التناص نظريا وتطبيقيا‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪ - 5‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬
‫‪115‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الراوي باؼبثل القائل‪" :‬الصديق وقت الضيق" و"الرجاؿ تعرفها وقت اغبزة" حْب قاؿ الوالد لولده‪:‬‬
‫الش َّدة"‪ 1‬يف صورة تظهر اؼبعُب اغبقيقي للصديق‪.‬‬
‫اب َوقْت ِّ‬
‫ولحبَ ْ‬
‫اب َ‬‫ص َح ْ‬
‫"لَ ْ‬
‫ويف حكاية (عيشة والغوِف)‪ ،‬أراد الغوؿ أف يظهر للبطلة أف "من يفعل اػبّب هبد اػبّب"‪ ،‬حْب‬
‫أرجع ؽبا أبناءىا وىم كبار يف صحة جيدة‪ ،‬فلم يلتهمهم كما ظنت البطلة الٍب راودىا شعور بنكراف‬
‫يدي ِخ ِ‬
‫ض ّْب"‪،‬‬ ‫"دير اػبِّب ي ُدقُّك ِس ِ‬ ‫ِ‬
‫اعبميل الذي صنعتو مع الغوؿ يف تناص الراوي مع اؼبثل الشعيب ْ ْ َ َ‬
‫يت نَـ َر َّجع لَك‬
‫وحبِّ ْ‬ ‫بل كافأىا ورد صبيلها الذي صنعتو معو‪ ،‬وذلك حْب قاؿ ؽبا‪" :‬جاب ْ ِ ِ ِ‬
‫ت فيَّا العش َرة َ‬ ‫ََ‬
‫يد ْرتِيو فِيَّا"‪ 2‬وىو تناص مع اؼبثل الشعيب اؼبتداوؿ بْب سكاف الوادي " ِد ْير اػبِ ّْب ت ْل َقى اػبِ ّْب"‪.‬‬
‫ِخي ِر ْك لِ ِ‬
‫ج‪ -‬تناص اغبكايات مع األغاين الشعبية‪:‬‬
‫إف مباذج التناص من األغاين الشعبية احمللية حاضرة يف النصوص اغبكائية اؼبمثلة ؼبدونة البحث‪ ،‬فهي‬
‫تعبّب عن حاالت نفسية سبر ّٔا شخصيات اغبكايات الشعبية‪ ،‬فالراوي كثّبا ما يتناص أبيات شعرية‬
‫فبثلة يف أغاين شعبية معروفة يف اؼبنطقة‪ ،‬عن طريق أىازيج ومواويل وترنيمات ترسم صورة الراوي بْب‬
‫الواقع من جهة‪ ،‬وبْب اغبكاية من جهة ثانية‪.‬ورغم أف النصوص اغبكائية نثرية‪ ،‬إال أهنا امتزجت يف‬
‫كثّب من األحياف بأغاين شعرية‪ ،‬ولو نظرنا إُف حكاية (لوقبة) لوجدنا بيتا من الشعر الشعيب يتغُب بو‬
‫نسوة اؼبنطقة يف األفراح واألعراس الٍب تعب عن تزيْب العروس واالحتفاؿ بيوـ زفافها‬
‫‪3‬‬
‫ول"‬ ‫ول *** ر ِ‬
‫وحي يَا لِْبـنَـيَّة يَـ ْع ِط ْ‬
‫يك بِال ُقبُ ْ‬ ‫ال ال ُفتُ ْ‬
‫وم َاز ْ‬
‫ُ‬ ‫الحنَّا ْن َ‬
‫"ح ْن َ‬
‫َ‬
‫وىي تناص مع األغنية الشعبية‪:‬‬

‫وؿ‬
‫ومَزاؿ ال ُفتُ ْ‬
‫َح َّن اغبنَّاف َ‬
‫وؿ‬‫وحي يَا لْبػنَػيَّة ْيع ِطيك بال َقبُ ْ‬
‫رِ‬
‫ُ‬
‫ديك للحنَّة يَػ ْع ِطيك َما تِْت َم ِّْب‬ ‫ِمدّْي ايِ ْ‬
‫ُّج ْار‬
‫وىا الت َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َىذه حنَّة قَابْسيَّة َجابُ َ‬
‫َح ِّْب منها يا لِْبػنَػيَّة وإف شاء اهلل ِ ْرب َم ْار‬

‫‪ - 1‬ملحق بالقصص الشعيب‪ ،‬ص‪ -‬ص ‪.230-216‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫خاتمة الفصل‪:‬‬
‫إف دراسة البنية السردية للحكايات ما ىي إال حبث يف العالقات الٍب تكوهنا النصوص السردية‬
‫من حيث السطح عامة ال العمق‪ ،‬أي دراسة أفقية ال عمودية تعتمد على سبييز مكونات كل عنصر‬
‫من عناصر الدراسة على حدى‪ ،‬فاؼبكاف مثال ُربدَّد معاؼبو من كونو مفتوحا كالصحراء والغابات‬
‫واألسواؽ‪ ،‬وأما اؼبغلق فهو كالبيت أو الغرفة والكوخ‪ ...‬وىذه اؼبصطلحات الدالة على أصناؼ اؼبكاف‬
‫يستجليها الباحث من شكل النص اػبارجي دوف تعمق وتأويل‪ ،‬وىذا عكس ما سبت دراستو يف‬
‫الفصل السابق حْب اتسمت الدراسة فيو على العمق والتأويل للوصوؿ إُف األبعاد الداللية اؼبكونة‬
‫لكل حكاية‪ .‬وبعد دراسة ىذه العناصر (اؼبكاف‪ ،‬الزماف‪ ،‬الشخصيات والتناص) خرجت دبجموعة‬
‫من النتائج واؼبالحظات أنبها‪:‬‬

‫‪ -‬يرتبط اؼبكاف يف اغبكايات بالبيئة الصحراوية غالبا‪ ،‬فهي بيئة السكاف احملليْب منذ القدـ‪ ،‬فنجد‬
‫كل ما يدؿ عليها من‪ :‬البئر‪ ،‬الصحراء‪ ،‬الكثباف الرملية‪ ،‬اػبيمة‪ ...‬وىذا كوهنا أشد التصاقا حبياهتم‬
‫وأكثر تغلغال يف كياهنم‪ ،‬ؼبا سبثلو من ىويتهم وتراثهم‪.‬‬

‫‪ -‬إف أصناؼ اؼبكاف ليست بالضرورة موجودة على أرض الواقع‪ ،‬يعيش عليها الراوي واعبماعة‬
‫كاػبيمة والبيت والسوؽ والبئر‪ ،‬الٍب سبثل ضرورة من ضروريات العيش الٍب يعتمد عليها السكاف‬
‫احملليوف‪ ،‬فال ذبد فردا من صباعة "سوؼ" قديبا إال ووجدت خيمتو منتصبة يف جزء معْب من اؼبنطقة‪،‬‬
‫قرب اؼبراعي واآلبار حيث يتوفر اؼباء واألراضي اػبصبة لألعشاب الٍب تعتب مصدر الغذاء الوحيد‬
‫ألغنامهم‪ ،‬يف حْب قبد نوعا آخر من األماكن كالقصر مثال‪ ،‬فهو صنف مغلق موجود يف مسار‬
‫اغبكاية ال يف واقع اغبياة‪ ،‬إذ يلجأ الراوي إُف مثل ىذه األماكن ليضفي طابعا تشويقيا للحكاية‪.‬‬

‫‪ -‬ال زبلو حكاية من زمن‪ ،‬اسَبجاع كاف أو استباؽ‪ ،‬فاألوؿ وباوؿ من خاللو الراوي تدارؾ ما فاتو‬
‫من السرد‪ ،‬يف حْب يتوقع مستقبل اغبكاية ومسارىا السردي‪ ،‬وىذا حٌب يفتح باب التوقع والتشويق‬
‫لدى اؼبستمعْب‪ ،‬فبا يدفعهم إُف فتح باب ـبيلتهم ورسم صورة لنهاية اغبكاية‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫البنية السردية للحكايات‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -‬إف الشخصيات اؼبوظفة يف اؼبسارات اغبكائية نوعاف‪ :‬واقعية يتعايش معها الراوي يوميا‪ ،‬يبارس‬
‫معها نشاطات حياتو وعاداتو وتقاليده كشيخ القبيلة‪ ،‬األب‪ ،‬األـ‪ ،‬األخوة‪ ،‬إماـ اؼبسجد‪ ،‬الفالح‪...‬‬
‫يف حْب قبد ىناؾ من الشخصيات ما يرظبو الراوي يف ـبيلتو فقط‪ ،‬فهو ال يراه وال يعيش معو‪ ،‬بل‬
‫يتعايش معو يف ـبيلتو فقط دوف واقعو‪ ،‬كالسلطاف مثال‪ ،‬فهو شخصية تارىبية خيالية يوظفها الراوي‬
‫ؼبا ؽبا من ظبات القوة والسلطة واعباه‪ ،‬يوظفها حٌب يستفيد من ميزاهتا يف ربقيق أىداؼ معينة‪.‬‬

‫‪ -‬يتناص الراوي مع موروثو وعاداتو وتقاليده‪ ،‬وؽبذا قبد أصناؼ األدب الشعيب ىي األكثر مناصة‬
‫مع القصص اؼبمثلة للمدونة‪ ،‬فهو يأخذ من اغبكم واألمثاؿ الشعبية بالقدر الذي يراه مناسبا‬
‫ومتناسقا مع مادتو اغبكائية‪ ،‬كما يستفيد من بعض األغاين الشعبية فيوظفها يف واقع معينة من‬
‫اغبكايات ليضفي عليها طابع الفرح تارة‪ ،‬كأغاين األعراس‪ ،‬وطابع اغبزف واألَف تارة أخرى كما حصل‬
‫يف حكاية (غرود عالية)‪.‬‬

‫‪ -‬ما يبيز اغبكايات‪ ،‬أف للرواة بعدا دينيا وخلقيا مقتبس من التدين الشديد واالرتباط الوثيق بالقرآف‬
‫الكرًن والسنة الشريفة‪ ،‬فهو حْب يتناص مع مثل ىذه اؼبصادر الدينية يكوف على علم دبا ستضيفو‬
‫من قيمة على نصوصو‪ ،‬وإف كاف التناص الديِب غالبا تناصا يف اؼبعُب فبا يعصب استجالؤه‪ ،‬إذ يندر‬
‫أف قبده يقتبس من القرآف آيات كاملة‪ ،‬أو أحاديث نبوية‪ ،‬لكن قبده يلمح ؽبا ويصنع منها مصدرا‬
‫يثري بو قيمو الٍب يورثها يف اغبكايات اؼبختلفة‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬

‫إف البحوث اؼبيدانية الٍب تنطلق الدراسة فيها بدءا من صبع اؼبادة العلمية‪ ،‬يسلط فيها الباحث‬
‫الضوء على الرواة الذين يقتبس من خالؽبم اغبكايات الٍب سبثل مدونتو الٍب يطبق عليها ؾبموعة من‬
‫اؼبناىج والنظريات‪ ،‬فراوي القصص الشعيب يف منطقة وادي سوؼ بدأ يف االندثار والنسياف جراء ما‬
‫تواكبو منطقة البحث – كباقي اؼبناطق‪ -‬من تطور يف وسائل التواصل واالتصاؿ من جهة‪ ،‬وما تلعبو‬
‫وسائل التثقيف والتسلية من جهة أخرى‪ ،‬فالقاص هبد نفسو معزوال عن آّتمع إذا ما سبسك دبا‬
‫وبملو من إرث وثقافة وعادات وتقاليد األجداد األوائل‪ ،‬فحْب يلجأ إُف تلك الوسائل من رواية‬
‫شفوية للحكايات دبختلف أصنافها سواء أكانت حكايات خرافية‪ ،‬شعبية‪ ،‬أو حكايات حيواف‬
‫وغّبىا من أصناؼ الَباث الشفوي‪ ،‬ال هبد االىتماـ بالقدر الكايف دبا يقصو‪ ،‬ألف األجياؿ وجدت‬
‫متنفسا ومنبعا بديال أكثر سرعة وتطورا للحصوؿ على ما يبحثوف عنو من ثقافات قديبة زبص‬
‫ؾبتمعاهتم‪.‬‬
‫وإذا ربدثنا عن وادي سوؼ كمنطقة استطاعت اغبفاظ على قدر كبّب من تراث أجدادىا‬
‫وثقافتهم‪ ،‬فإف اغبديث يطوؿ بقدر هبعل من الباحث يبزج موضوعا آخر مع موضوع الدراسة‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل اؼبثاؿ ال اغبصر‪ ،‬يستطيع الباحثوف يف ؾباؿ الدراسات الشعبية والفولكلورية القياـ بدراسة‬
‫معمقة حوؿ عالقة الطقوس القديبة باالحتفاالت الشعبية الٍب وبييها سكاف اؼبنطقة كاألعراس مثال‬
‫حْب يلجأ النسوة إُف "رقصة النخ"‪ .‬كما أف سبسك السكاف بكثّب من اؼبعتقدات إُف يومنا ىذا‬
‫كطقوس األعراس واالحتفاؿ باؼبولود الذكر واػبتاف والكثّب من أصناؼ الطب الشعيب وبتاج الكثّب‬
‫من الدراسة والبحث فبا هبعل من اؼبوضوع اؼبتعلق بالقصص الشعيب ىبرج عن إطاره‪ ،‬فيزيح إُف‬
‫دراسات أخرى من الثقافة الشعبية‪ .‬فوادي سوؼ غنية بالَباث والثقافة الشعبية أيبا غُب‪ ،‬ربتاج فقط‬
‫باحثا طموحا يتحدى صعاب العمل اؼبيداين الٍب ال زبلو منها دراسة‪.‬‬
‫وإذا أردنا ربط اؼبوضوع اؼبتمثل يف القصص الشعيب وعالقتو بأبعاد اغبياة االجتماعية‪ ،‬االنسانية‪،‬‬
‫الدينية‪ ،‬الثقافية والفكرية للمجتمع احمللي‪ ،‬فإف الباحث يلجأ إُف رسم خارطة يتبع خطواتو عليها حٌب‬
‫ال هبد نفسو ىبرج عن مسار حبثو‪ ،‬وىذا لشدة التداخل بْب النصوص القصصية وتشابكها‪ ،‬فلغة‬
‫‪100‬‬
‫الخاتمة‬

‫الراوي البسيطة العفوية الٍب يلقيها مشافهة ربمل من التلقائية الكثّب‪ ،‬فهنا ال بد على الباحث حسن‬
‫اختيار القصص اؼبخصصة للمدونة‪ ،‬وىنا وجدت نفسي أماـ عدد كبّب من القصص اؼبختلفة‬
‫األصناؼ‪ ،‬اؼبتشأّة أحيانا واؼبتداخلة أحيانا أخرى‪ ،‬كما أف الرواة ال يفرقوف بْب ما ىو خرايف‪،‬‬
‫شعيب‪ ،‬أو حكاية حيواف يف الغالب‪ ،‬فلجأت إُف اعبمع مث الدراسة كل على حدى‪ ،‬مث التصنيف‬
‫واالختيار‪ ،‬وىذا على أساس أي اغبكايات زبدـ موضوع دراسٍب أكثر‪ .‬ويف األخّب استطعت الوصوؿ‬
‫إُف اؼبدونة اؼبناسبة الٍب طبقت عليها عددا من النظريات ( وظائف بروب‪ ،‬النموذج العاملي‪ ،‬اؼبربع‬
‫السيميائي‪ )...‬معتدا على اؼبنهج السيميائي باألساس الذي يكفل الغوص يف أعماؽ النصوص‬
‫اغبكائية واستجالء الغموض منها وتفكيك رموزىا وعالماهتا وإشاراهتا اؼببهمة‪ .‬وقد وصلت إُف عدد‬
‫من النتائج أبرزىا‪:‬‬
‫‪ -‬جل أصناؼ الَباث الشفوي على فوىة الضياع واالندثار‪ ،‬فال يقتصر ذلك على القصص‬
‫فحسب‪ ،‬وإمبا باقي أصناؼ األدب الشعيب كاأللغاز واألمثاؿ والنكت واألغاين الشعيب‪ ...‬وقد لعبت‬
‫جامعة الوادي يف السنوات القليلة اؼباضية دورا مهما يف اغبفاظ على ىذا اإلرث‪ ،‬فتوجو الكثّب من‬
‫الطلبة إُف دراسة أصناؼ الثقافة الشعبية واألدب الشعيب صبعا وتصنيفا ودراسة ساىم بشكل بارز‬
‫على مزج تلك الثقافات القديبة الٍب زبص أجدادنا مع حاضرنا اليوـ من خالؿ البحوث األكاديبية‬
‫الٍب يواكبها طلبة دفعات ماسَب األدب الشعيب باعبامعة يف ىذه اؼبواسم اعبامعية‪.‬‬
‫‪ -‬القصص الشعيب من أبرز أصناؼ اؼبوروثات الشفوية الٍب ربفظها ذاكرة الرواة واؼبوردين يف اؼبنطقة‬
‫إضافة إُف الشعر الشعيب الذي وبتل الريادة سواء يف االنتقاؿ حفظا ومشافهة أو تدوينا وكتابة‪ ،‬أو‬
‫اىتماما من الدارسْب والباحثْب يف آّاؿ‪ ،‬على غرار األستاذ الدكتور أضبد زغب‪ .‬رغم ذلك بقيت‬
‫أصناؼ القصص الشعيب ؿبافظة على ىيكلها وبنيتها الٍب سبيزىا عن باقي األصناؼ‪.‬‬
‫‪ -‬رغم بساطتها من اعبانب البنيوي والشكلي‪ ،‬تعاًف أصناؼ اغبكايات الشعبية قضايا غاية يف‬
‫األنبية سبس آّتمع السويف بطريقة مباشرة‪ ،‬فالزواج وطقوسو‪ ،‬وعالقة األزواج بعضهم ببعض‪ ،‬تفضيل‬
‫اؼبولود الذكر عن األنثى‪ ،‬التمييز بْب األوالد وتعدد الزوجات‪ .. .‬كلها قضايا ربدث عنها راوي‬
‫‪101‬‬
‫الخاتمة‬

‫القصص يف نصوصو اغبكائية‪ ،‬فكلما كانت القضية اؼبعا َعبة ربمل من السمات اإلهبابية الكثّب‪ ،‬عزز‬
‫وجودىا يف آّتمع وأضاؼ إليها وحث األجياؿ على التمسك ّٔا وفبارستها‪ ،‬يف حْب ينقد السلبية‬
‫منها ويبز ـباطرىا على آّتمع حاضرا ومستقبال‪ ،‬رافعا بذلك الستار على من يتمسكوف ّٔا‬
‫ويبارسوهنا يف أوساط آّتمع‪ ،‬فيكشف حيلهم وشرىم من جهة‪ ،‬ويظهر مدى زبلفهم عن الشرع‬
‫والعرؼ من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬يف القصص الشعيب بأصنافو الثالثة (اػبرايف‪ ،‬الشعيب‪ ،‬اغبيواف)‪ ،‬مدونة البحث غنية باألبعاد‬
‫الدينية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬االنسانية والثقافية‪ ...‬مصورة بذلك آّتمع السويف يف صبيع ؾباالتو اغبياتية‪،‬‬
‫ونشاطاتو اليومية وطقوسو وعاداتو وتقاليده‪ .‬فكل حكاية ربمل من األبعاد الداللية الكثّب‪ ،‬إذ يبقى‬
‫ؽبا بعد أساسي يعاًف قضية جوىرية يف اغبكاية‪ ،‬فبزوج بعدد من األبعاد الثانوية‪ ،‬فحكاية "لوقبة" مثال‬
‫يتحدث فيها راويها على الزواج بصفة رئيسية‪ ،‬الزواج اؼبوجود بطقوسو حقيقة يف آّتمع‪ ،‬وما يطمح‬
‫لو شخص الراوي يف ـبيلتو‪ ،‬يف حْب قبد ؾبموعة من الدالالت األخرى يف وجود ظاىرة تعدد‬
‫الزوجات‪ ،‬وغّبة الزوجات من الزوجة اعبديدة واألكثر صباال والٍب عادة ما تكوف اؼبفضلة واحملبوبة‬
‫أكثر من طرؼ الزوج‪ ،‬وعالقة األخت بأختها وبأفراد عائلتها بصفة عامة‪.‬‬
‫‪ -‬تصور أصناؼ القصص الشعيب – إضافة ألبعادىا الداللية الٍب تصور آّتمع احمللي‪ -‬البيئة‬
‫الصحراوية الصعبة اؼبراس‪ ،‬فال زبلو حكاية من ذكر صنف من أصناؼ اؼبكاف الداخلي أو اػبارجي‬
‫الذي يرمز للصحراء عامة باعتبار اؼبنطقة بيئة صحراوية‪ ،‬فاعتماد الصحراء‪ ،‬اػبيمة‪ ،‬الغوط‪ ،‬النخلة‪،‬‬
‫البئر‪ ،‬اعبمل‪ ،‬الفنك‪ ،‬الغزاؿ‪ ....‬وغّبىا داللة على ارتباط الراوي ببيئتو من جهة‪ ،‬والتعريف ّٔا من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬فحْب يعب عن الصحراء يذكر مناخها الصعب وشدة العيش والَبحاؿ خالؽبا‪ ،‬فيلجأ‬
‫سكاهنا إُف حفر اآلبار يف مساحاهتا الشاسعة فبا يسهل على عابرىا اغبصوؿ على اؼباء الذي يعتب‬
‫اغبياة يف فيافيها اػبالية‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة آّتمع احمللي بالدين عالقة وثيقة‪ ،‬فهو شديد التدين واحملافظة‪ ،‬ىذا ما ترمز إليو أصناؼ‬
‫التناص الديِب سواء من القرآف الكرًن أو من السنة النبوية الشريفة‪ .‬ورغم وجود الكثّب من اؼبعتقدات‬

‫‪102‬‬
‫الخاتمة‬

‫الٍب ال سبت بصلة للدين كعالقة بعض السكاف بالكهنة أو اؼبشعوذين‪ ،‬أو الفرح باؼبولود الذكر على‬
‫حساب األنثى الٍب يتشاءـ منها البعض فبا هبعلهم يلجؤوف إُف تعديد الزوجات‪ ،‬أو تأخر اقباب‬
‫اؼبرأة أو كوهنا عاقرا‪ ،‬أو تأخرىا يف الزواج‪ ،‬فتلجؤوف إُف طرؽ ملتوية‪ .‬رغم ذلك بقي أىل اؼبنطقة‬
‫ؿبافظْب على دينهم رغم وجود االستعمار الذي حاوؿ طمس ىذه العالقة اؼبتينة بينهم وبْب دينهم‬
‫وىويتهم‪.‬‬
‫لقد حاولت جاىدا استجالء صورة آّتمع يف القصص الشعيب يف منطقة وادي سوؼ‪ ،‬من‬
‫خالؿ تطبيق نظريات اؼبنهج السيميائي لباحثْب يف آّاؿ‪ ،‬انطالقا من فالديبّب بروب الذي أرسى‬
‫مبدأ الوظيفة من حيث بنية النص اػبارجي‪ ،‬وبدأت يف التعمق شيئا فشيئا وصوال إُف جولياف غريباس‬
‫يف اؼبربع السيميائي‪ ،‬ىذا بعد مروري دبجموعة األبعاد الداللية الٍب اعتمدت فيها باألساس على‬
‫قراءيت اػباصة الٍب أولت فيها النصوص اغبكائية معتمدا على عدد من الكتب اؼبهمة يف دراستها‬
‫للمنطقة من الناحية اعبغرافية‪ ،‬التارىبية‪ ،‬الثقافية واالجتماعية يف صورة كتب بعض اؼبعمرين الفرنسيْب‬
‫الذين عاشوا يف اؼبنطقة لسنوات طواؿ وأرخوا الكثّب من العادات والتقاليد والطقوس الٍب مارسها‬
‫)‪Eugéne‬‬ ‫أجدادنا قديبا‪ ،‬ككتاب ‪ ،Le Souf-Monographie)،(Andrés –Roger Voisin‬وكتاب‬
‫‪ ،Aux Oasie d'Algerie et de Tunesie،(Gallois‬دوف نسياف كتاب اؼبؤخر ابراىيم العوامر يف‬
‫(الصروؼ يف تاريخ الصحراء وسوؼ)‪ .‬رغم ذلك‪ ،‬ال زبلو ؿباواليت ىذه من اػبطأ أو السهو‪ ،‬فهي‬
‫قراءيت اػباصة للحكايات‪ ،‬وزبتلف القراءات طبعا من باحث إُف آخر‪ .‬فأقوؿ‪ :‬إف اجتهدت وأصبت‬
‫فمن اهلل‪ ،‬وإف أخطأت فمن نفسي والشيطاف‪.‬‬
‫واغبمد هلل رب العاؼبْب‬

‫‪103‬‬
‫ملحق‬
‫ملحق‬

‫حكاية " َج ْبرَه والصِّيدْ"‬


‫صْتنا ال عندىا أىل وال أ ََّم ِاِف‬ ‫" َكايِن مرا عاي َشة مع ر ِاج ْلها لباس عليهم ومعاىم خديبة‪ ،‬والػمرا تع قِ ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ََ َ ْ‬
‫ِِ‬
‫وح‪ ،‬يف يوـ من األياـ‪ ،‬تعاركت اؼبرا مع راجلها وضرّٔا‪َ ،‬دبَّْرت َعْنػ َها اػبَادمة‬ ‫اش ِو ْ‬
‫ين تْػ ُر ْ‬ ‫وما عن ْد َى ْ‬
‫بش‬ ‫ِ‬ ‫ضبوا عند ّْ ِ‬
‫الصي ْد وطَلَبُوا منَّو ْ‬ ‫ت جبه واػبدامة للغابة ؼب ْغ َارة ّْ‬ ‫الصيد‪ ،‬م َش ْ‬ ‫وحوا نَػغَ ْ ُ‬ ‫اع َها قَالت ؽبا ُنر ُ‬‫تَ ْ‬
‫ْب‪ُ ،‬كل يوـ يِ ِ‬
‫صي ْد ِو ْهبيبِْل ُه ْم وعُ ُمَرْه َما‬ ‫ُْ‬ ‫اس والعِ ْ‬‫الر ْ‬‫ض ُلوا عن َّ‬ ‫يَ ُكونُوا عنده ِضيَاؼ‪ ،‬قَالَْل ُه ْم َمَر ْحبَا بِي ُك ْم ت َف ْ‬
‫الر ِاج ْل يف‬ ‫ب َّ‬
‫ضر ْ‬ ‫يل‪ ،‬وبعد أيبات َ‬ ‫ب اللّ ْ‬
‫ِِ‬
‫وـ الصباح بَ ْك ِري يصي ْد ويػَْر َج ْع عُ ُق ْ‬
‫ِ‬
‫قَػَّرب مْنػ ُه ْم‪ ،‬كاف ُىبُْر ْج ُك ْل يُ ْ‬
‫اح هب ِري‬ ‫وح ْو‪ ،‬وتوحش مرتو واستعرؼ بغلطتو‪ ،‬وقاؿ الزمِب نرجع مريت ونراضيها‪َ ،‬ر ْ‬ ‫ت ُر َ‬ ‫وضاقَ ْ‬
‫اسو َ‬ ‫َر َ‬
‫كالـ العِيب‪ ،‬ويف‬ ‫صتو وقَالو َحاب نرجع َم ْرِيت‪ ،‬قالو الطالب ما قُػ ْلتِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش َ‬ ‫ب تَع اعبَ َامع وح َكى لو ق ْ‬ ‫للطَّال ْ‬
‫القرآف "والصلح خّب"‪ ،‬قالو الطالب كاش ما جبتلها ىدية‪ ،‬قالو الراجل انَػ َعم ِجْبتِْلها ثوب َحر ْير ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫مشا َّ ِ‬
‫للصي ْد‪ ،‬قَالُوا لَو السالـ عليكم‪ ،‬رد عليهم السالـ‪ ،‬وش جابكم يا ضباؿ‬ ‫ب ّْ‬‫الراج ْل والطَّال ْ‬ ‫ََ‬
‫الصي ْد َرِاين ُم َوافَ ْق‬
‫ش تَػلَ َع ْن اؼبَرا الشيطاف وترجع لبيت راجلها‪ ،‬قَ ْاؿ ّْ‬ ‫ْ‬ ‫القرآف؟ قاؿ لو الطالب‪ِ :‬جينَا بِ‬
‫َ‬
‫ُّوب تَ ْع اغبَ ِر ْير ورجعت‬‫اىا الث ْ‬ ‫لَ ِك ْن َال ِزْـ نِْن ِش ْد َىا‪ ،‬راح الصيد وشاور جبه وقبلت ترجع غبوشها‪ْ ،‬‬
‫أعطَ َ‬
‫معاه‪ .‬وىاـ قاعدين يشربوا يف التاي ويتحدثوا عن الصيد وكيفاش استهلى فيهم‪ ،‬ال َػمرا تُ ْش َكر وتَعا ِود‪،‬‬
‫وما يَ ْد ُخ ْل ِشي َلداَ ْره‪ ،‬لوال روبة‬ ‫وقَدَّاش ؿبَبمنا وما ي ِهّْز ِش عينو فينا ويقعد يِعِس علينا‪ ،‬يػ ْقع ْد يِعِ ِ‬
‫س علينَا َ‬
‫ْ‬ ‫ُُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫يهم‪ ،‬رجع الصيد للمغارة منكد وقلبو‬ ‫ِ‬ ‫ش َع ْارفِْب أَ َّف ّْ‬ ‫ِ‬
‫وش يَ ْس َمع ف ْ‬‫الصي ْد َوراء اغبُ ْ‬ ‫بشعة يف فمو‪ ،‬وم ْ‬
‫ؾبروح من كالـ جبه عليو‪ ،‬ويوـ من األياـ راحت جبه للغابة اربطب‪ ،‬اتالقت مع الصيد شكراتو‬
‫ب بِ ْيو‪ ،‬قاؿ ؽبا أ ُ‬
‫ُض ِربيِِب بيو‬ ‫اش كبطّْ ْ‬
‫اس بَ ْ‬
‫وقالت لو بارؾ اهلل فيك‪ ،‬قاؿ ؽبا وش يف ايديك؟ قالت لو‪ :‬فَ ْ‬
‫اس ْو‬ ‫ِ‬
‫ض ُربَاتَو َعن َر َ‬
‫عن َراسي‪ ،‬قالت لو جبه ال‪ ،‬بعد اػبّب ليدرتو فينا!! قاؿ ؽبا أضربيِب وأصر عليها‪ُ ،‬‬
‫صيّْ ْد‪ ،‬وبعد أياـ‪ ،‬تالقت معاه من جديد‪ ،‬راحت بش تِنِ ْش َده‬ ‫وذبرح‪ِ ،‬ىي راح ِ‬
‫ت ربَطّْب وىو َراح يِ َ‬
‫ََ ْ‬ ‫ََ ْ‬
‫ك؟ قاؿ ؽبا الصيد‪:‬‬‫َو ِاشي بَػَرا َج ْرِح ْ‬
‫ُك ْل َجَر ْح يػَ ِْبى يَا َجْبػَره‬

‫الض ِم َ‬
‫يدة‬ ‫وُك ْل َجَر ْح تَػ ْه َو ْاه ّْ‬
‫‪105‬‬
‫ملحق‬

‫َكا ْف َك ْل ِمة ُّ‬


‫السوء َما تَػْبػَرى‬
‫ِِ‬
‫صبَ ْح ِيف ال َق ْلب جد َ‬
‫يدة‬ ‫وـ تُ ْ‬ ‫ُك ْل يُ ْ‬
‫‪1‬‬
‫وأنقض عليها الكالـ وتأثرت جبه وعرفت روحها غلطت مع الصيد‪".‬‬

‫ضرُودْ صَاِليَة"‬
‫حكاية " ُ‬
‫"قالك كاف يف زماف بكري‪ ،‬يف واحد القبيلة يف الصحراء البعيدة‪ ،‬مرا ظبحة ياسر (امرأة فائقة‬
‫اعبماؿ)‪ ،‬ديبا هبو الناس ىبطبوا فيها ومكانتش تقبل (َف تقبل)‪ ،‬كاف قلبها معلق مع ولد عمها‪،‬‬
‫حباتو ياسر واشتهت تديو (تتزوجو)‪ ،‬جاء الراجل خطبها وقري فاربتها (قرأ الفاربة)‪ ،‬وعرسوا عرس‬
‫ساكت مافيو حٌب شي‪ ،‬الراجل مسكْب زواِف (فقّب)‪ ،‬لكن قاللها نشريلك الدنيا الكل بعد العرس‪،‬‬
‫قاللها نعوضك بعرس كبّب وتلبسي خّب اللبسة‪ ،‬بعد العرس دبدة سافر الراجل بعيد وبوس (يبحث)‬
‫عن خدمة‪ ،‬طاؿ غيابو ياسر وىاؾ اؼبرا تستُب فيو (تنتظر) حتاف مرضت من الشوؽ لراجلها ليحباتو‬
‫واشتهاتو (أحبتو ) وخّباتو بْب كل الرجاؿ‪ .‬طوؿ غيابو واؼبرض قاعد يزيد ويزيد وزاد عنها اغبمل‪،‬‬
‫كل يوـ يفوت عليها اؼبسكينة تتوحش راجلها أكثر وسبرض أكثر وىاؾ الراجل معنو حٌب خب (الخب‬
‫عن عودتو) تقوؿ انشقت لرض وبلعاتو‪ ،‬اؼبرا شدت فراش موت‪ ،‬وولت تتكلم كاف بصبعبها‪ ،‬حٌب‬
‫صوهتا راح (تتكلم باإلشارة)‪ ،‬شهور طويلة‪ ،‬وىي عن ىاؾ اغبالة‪ ،‬جاء اليوـ ليبش تزيد فيو (تضع‬
‫مولودىا)‪ ،‬خلط ؼبربح (جاء زوجها) وجاب معاه كل خّب‪ ،‬من لبسة وصياغة وىدايا‪ ،‬وكانت ىي‬
‫تولد‪ ،‬بقي يستُب بش يشوفها ‪ ،‬حتاف ظبع صوت لعياط (البكاء)‪ ،‬ماتت اؼبرا‪ ،‬وماشفتش راجلها‪.‬‬
‫الصباح دفنوا اؼبرا فوؽ غرد (كثيب رمل مرتفع جدا)‪ ،‬بش يشوفوىا احملبوبْب الكل (العشاؽ)‪ ،‬وحٌب‬
‫كفنها خدموه من الكتاف ليجابو راجلها‪ .‬رحلت القافلة وىجروا القب‪ ،‬كاف راجلها قعد مث (بقى‬
‫ىناؾ) يبكي عليها ؼ النهار حذا قبىا (قرب القرب)‪ ،‬ويف الليل يشد بالصتو (يأخذ فراشو) يف‬
‫العشة (اػبيمة) ىبمم بيها (يفكر فيها)‪ .‬كل يوـ يغمض عنيو بش يرقد ذبيو يف اؼبناـ وتقولو‪:‬‬
‫ود َعالْيَ ْة‬
‫ْغُر ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الحكاٌة على لسان الحاجة الزهرة زغدي‪ 64 ,‬سنة’ عرش أوالد جامع‪ ,‬لها ذاكرة ثرٌة بأصناف الدب الشعبً‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫ملحق‬

‫وت فِ َيها َجاتْ ِػِب‬ ‫ود َعالْيَ ْو‪َ ،‬والْ ُم ْ‬ ‫ْغُر ْ‬


‫ب َز َارتْ ِػِب‬ ‫ما ص ب ِ‬
‫ت نَاسي ْوالَ ْعَر ْ‬ ‫َ ُْ ْ‬
‫ِ‬
‫ت‬‫َجلي َسبَّ ْ‬ ‫أْ‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫ت هللْ ْو َػبْلي َق ْو تْػلَ َّم ْ‬ ‫أنا َس ْر ْ‬
‫ت‬
‫ص َّم ْ‬ ‫يف َع ِّْب َ‬ ‫يح ْو كِ ْ‬ ‫الصح َ‬
‫لَرض ْ ِ‬
‫ْ ْ ّ‬
‫ب نَطْ َحْت ِػِب‬ ‫ِ‬
‫يت ثَايْػَرْه َكا ْف َػبْ َش ْ‬ ‫ج ْ‬
‫الَ نػَيَّ ْس َها‬
‫ْوالَ ِى َّي ْمنَ َام ْو َس ْاىلَ ْو ْلبََّر ْس َها‬
‫ب َم ْن قَ ْاؿ َك َّس ْوتَ ْو نػَْلبَ ْس َها‬ ‫ْك َذ ْ‬
‫وؿ الَ لَْزَمْت ِػِب‬ ‫اعبَ ْه ْل َونْػ ُق ْ‬‫ْىبُ ْش ِػِب ْ‬
‫َك َّس ْوتَ ْو َشا ِر َيها‬
‫وس ْو فِ َيها‬ ‫وؽ َدافَ ْع فْػلُ َ‬ ‫الس ْ‬‫ْم َن ُّ‬
‫ك طََّو ْؿ ْذ َر ْاعتَ ْو فِ َيها‬ ‫َحض َّْر َم ْل ْ‬
‫ات َوافْػيَ ْو ْملَْي َح ْو َسْتػَرتْ ِػِب‬ ‫َج ْ‬
‫ت قْػبَالَ ْو‬ ‫طُْر ْ‬
‫الر َجالَ ْو‬ ‫ت ْم َن َّ‬ ‫ْوِين نػَ ْف َح ٍِب طَ َار ْ‬
‫اػبَ ْد َنبَّالَ ْو‬ ‫ت َد ْم َع ْو َعلَى ْ‬ ‫َس ْقطَ ْ‬
‫يل َما َرَّدتْ ِػِب‬ ‫السابػ َقو فَ ِْ‬
‫اػب ْ‬ ‫َو َّ ْ ْ‬
‫قَػ ْلِيب َحايػَْر‬
‫ْوالَ َم ْن ْح َدايَا ْكبَ ْدثَ ْو بػَ ْغ َمايػَْر‬
‫ج ِ‬
‫وج ْس َدايػَْر‬ ‫ْب ُز ْ‬ ‫ات م ْيت ٍِب َكا ْف بِ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫يت ْوالَ لَ ْمدينَ ْو َجاتْ ِػِب‬ ‫ِ‬
‫الَ ْمش ْ‬
‫اشي‬ ‫يا ّْاِف م ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اغبَاشي‬ ‫يل ْ‬ ‫َسل ْم َعلّْى غََّرْد ْمث ْ‬
‫اشي‬ ‫ِيف ظَْن ٍِب ماز ْاؿ ما وفَّ ِ‬
‫ََ َ َ‬
‫الر َج ْل َما َم َشْت ِػِب‬ ‫ْعلَ َّي َغَّرْد َو ْ‬
‫يَا َغلِيَّا‬
‫احلَ ْو َى ِّْبيَ ْو‬ ‫الر ْ‬‫ص ْن َو َّ‬ ‫الر َ‬
‫َش ْد ْ‬
‫ب َع ْن قَػ ِْبي ِد َيرْه اثْنِيَ ْو‬ ‫اَ ْع ُق ْ‬
‫ض تػُْربٍِْب الَ َحْت ِػِب‬ ‫يف لَْبػيَ ْ‬
‫الس ْ‬ ‫ِين ّْ‬
‫‪1‬‬
‫وت فِ َيها َجاتْ ِػِب‬ ‫ود َعالْيَ ْو‪َ ،‬والْ ُم ْ‬ ‫ْغُر ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مبروكة جلولً‪ ,‬من موالٌد سنة ‪ ,0841‬أمٌة‪ ,‬من عرش المصاعبة فرقة العزازلة‪ ,‬عاشت حٌاة البدو الرحل‪ ,‬فً صحراء سوف الشاسعة‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫ملحق‬

‫حكاية "ال َق ِنفُودْ والذِّيبْ"‬


‫"يف يوـ من األياـ كاف الذيب والقنفود مَبافقْب‪،‬ىاـ يبشوا حٌب لقوا بعّب ميت‪،‬قاؿ القنفود‬
‫للذيب‪:‬كاين نار وراء ذاؾ السيف‪ ،‬انت أسرع مِب روح ىاتلنا منها صبرة نشعلوا بيها عافية ونشووا‬
‫البعّب وناكلوه‪ .‬راح الذيب طالع عامي ىابط عامي حٌب ضرب الليل واتقتالشمس‪ ،‬ورجع يبشي ميت‬
‫من التعب‪.‬‬
‫يف ىاذ الوقت كاف القنفود يقسم ؼ البعّب سقشة سقشة ويدس فيها يف بيتو حٌب خلى منو غّب‬
‫الذيل حفر حفرة صغّبة ودفن فيها نص الذيل‪ .‬وصل الذيب ‪،‬قاؿ لو القنفود اجري يا الذيب البعّب‬
‫غطس‪ .‬جاء الذيب هبري وجبد الذيل من اغبفرة‪...‬القنفود‪ :‬يا خسارة راحت علينا زردة كبّبة ىيا‬
‫نقسموا الذيل قسمة أوخياف‪.‬بعد أيبات تالقوا من جديد‪ ،‬قاؿ الذيب للقنفود‪ :‬واشي ىاذا كل يوـ‬
‫‪1‬‬
‫نفوت عن حوشك نكرؼ روبة الشواء؟ رد عليو القنفود‪ :‬ىذا نص الذيل راين نقاسط فيو"‬
‫حكاية "النِّصِيصْ والغُولِيَّة"‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجاتِ ْ‬ ‫"يَا َح َجاتِ ْ‬
‫ين‬‫َّس ِو ْ‬‫اؾ الن َ‬ ‫ين‪َ ،‬وَى ْ‬ ‫ك َمَّرة بَك ِري َكاي ْن َراج ْل مْتػَزّْو ْج َسبَػ َعة نَ َس ِو ْ‬ ‫ك‪ ،‬قَالّْ ْ‬ ‫ك يَا َم َ‬
‫لدبَّار بِش يِ َدبّْػر عنَّو ِو ِ‬ ‫ماجاب َوال ِش األَوَالد (َف يػْن ِجنب لو)‪ ،‬راح َّ ِ ِ‬
‫ش‬ ‫ش يِد ْير ( َما َذا يَػ ْف َعل) بِ ْ‬ ‫الراج ْل ل َّ ْ ْ ْ َ ْ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َُ‬
‫َّاحة تَا ُك ْل َها‪ .‬أ َْعطَى‬‫ك تػُف َ‬ ‫ات و ْاع ِطي ل ُك ْل َو ْح َدة ِم ْن نَ َس ِوينِ ْ‬ ‫َّاح ْ‬
‫اؾ َسبَ ْع تُػف َ‬ ‫يب لَ ْوَال ْد‪ ،‬قَالَّ ْو َّ‬
‫الدبَّ ْار َى ْ‬ ‫هب ْ‬
‫ِِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اؾ َّ ِ‬
‫ص‪،‬‬ ‫ت نُ ْ‬ ‫ص َو َخلَّ ْ‬‫ت نُ ْ‬ ‫َّاحة َكا ْف َمَرا َو ْح َدة كلَ ْ‬ ‫ت ُك ْل َو ْح َدة تُػف َ‬‫َّاحة‪ ،‬كلَ ْ‬ ‫الراج ْل ل ُك ْل َمَرا (مرأة) تُػف َ‬ ‫َى ْ‬
‫ك ال َػمَرا‬ ‫ت كل امرأة ولد) ِغ ّْب َى ْ‬ ‫ت ُك ْل َمَرا ِولَ ْد (أ َْقبَبَ ْ‬ ‫ُّص‪ ،‬وبَػ ْعد َع ْاـ َجابَ ْ‬
‫اؾ الن ْ‬ ‫ت َى ْ‬ ‫ِ‬
‫معَزة وكلَ ْ‬‫ت الػِ ْ‬ ‫َج ْ‬
‫يص‪.‬‬ ‫جاب ْ ِ‬
‫ت النّص ْ‬ ‫ََ‬
‫ّْصيص يِْب ِكي أل َُّم ْو‬
‫اح الن ْ‬ ‫يص‪َ ،‬ر ْ‬
‫ِ‬
‫صاف) غ ّْب النَّص ْ‬
‫ِ‬ ‫وشرا ْؽبم (ا ْشتَػرى ؽبم) ابَّاىم ِخ ِ‬
‫يل (ح َ‬ ‫ُْ ْ‬
‫ِ‬
‫كْبػ ُروا األ َْوَال ْد َ ُ ْ َ‬
‫ِ‬

‫ك‪ .‬خرجوا‬ ‫َخ َوالَ ْ‬ ‫يشي كِيما اخوِيت‪ ،‬قَالَت لو أ َُّمو روح ِىز عْتػر ِ‬ ‫وقَالِْلو*ا ابَّايا ح َقرِين وما ِشرالِ ِ‬
‫وس(تيس) أ َ‬ ‫ُْ ْ ْ َُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْْ‬ ‫َ َ َْ َ َ‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬ابراهٌم بن لخضر بن محمد‪ ,‬ولد بالرباح والٌة الوادي سنة ‪ٌ,0817‬نمتمً إل عرش المصاعبة فرقة العزازلة‪ ,‬وهو أمً‪ ,‬عاش أغلب فقرات‬
‫حٌاته الحٌاة الصحراوٌة القحة‪ ,‬فكان من الذٌن مارسوا األعمال الفالحٌة وزراعة النخٌل وانشاء الغٌطان‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫ملحق‬

‫صيص يتِ ْحاَيَ ْل عْنػ ُهم ويُِف ُك ْل ُه ْم‬ ‫ِ‬


‫صْي ُدوا والن ْ‬ ‫يص‪ .‬وَكا ْف األ َْوالَ ْد يِ َ‬
‫ِ‬
‫اى ْم النّْص ْ‬ ‫وخَر ْج ْم َع ُ‬ ‫للصي ْد‪َ ،‬‬ ‫األ َْوالد ّْ‬
‫ْب‬
‫اوب ْ‬ ‫الذكِي‪ ،‬وبِعثْػهم للخ َالء‪ .‬راحوا األوالد س ِْ‬ ‫اىم َم ْن ُىو فِ ُيهم َّ‬ ‫(يأخذ ؽبم) ِصي ْد ُىم‪ ،‬حب يِ ْع ِر ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ؼ إبَّ ُ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫(تَائِ ِهْب) يف َّ‬
‫الدنْػيَا بَ ْارَدة‪َ ،‬ىيُّوا‬ ‫يل و ّْ‬‫ب اللّْ ْ‬ ‫ضَر ْ‬
‫ت َؽبُ ْم َر ُاىو َ‬ ‫الص َحَراء َح ٌَّب لَ ُقوا غُوليَّة ِيف َز ْي َمَرا‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫صيص َماكِالَش ِي‪َ ،‬ح َف ْر ُح ِفرة‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الع َش ْاء وكلُوا غ ّْب الّْن ْ‬
‫ت ؽبُ ْم َ‬ ‫الصباَح ُرو ُحوا‪َ ،‬حطَّ ْ‬ ‫وـ ويف ُّ‬ ‫ِِ‬
‫ْارقُ ُدوا عْندي اليُ ْ‬
‫ك النّصيص وقاؿ ىذه الغُولِيَّة‬ ‫ش يُِرقْ ُدوا‪َ ،‬ش ْ‬ ‫ِ‬
‫ت َؽبُم الغُوليَّة اغبَ ِر ْير و َغطَّْتػ ُهم بِ ْ‬ ‫الع َش ْاء‪ ،‬فَػ ْر َش ْ‬
‫ِ ِ‬
‫ودفَ ْن ف َيها َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت إِ ُخ ِوتَ ْو‬ ‫ت الغُوليَّة وكلَ ْ‬ ‫وىَرب ِ ْهب ِري‪َ ،‬ج ْ‬ ‫ت (يف َغ ْفلَة منها) َ‬ ‫ليها أ ُّْمي‪َ ،‬خ َّالىا َماتْل َه ْ‬ ‫إِ ِّْف ح َكْتلي َع َ‬
‫ِ‬
‫َش تَػلَ ْح َقو الغولية حٌب وصل لبيت غولية أخرى َد َّساتَ ْو ( َخبَّأَتْوُ)‬ ‫يف أ ْ‬ ‫َّصيص ِ ْهب ٍري َخا ْ‬ ‫الستَّة‪َ .‬ى ْاو الن ْ‬ ‫ّْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ص َعة َعن الغُ ِوِف أ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اؼبس ِري‬ ‫َش ي ُشوفَ ْو يَا ْكلَ ْو‪ ،‬جاء الغُ ِوِف وقَ ْاؿ ؽبا ِروبة اغب ْس ِري و ْ‬ ‫ت ال َق ْ ْ‬ ‫عن ْد َىا‪َ ،‬د ْرقَاتَ ْو َرب ْ‬
‫اش وقَػ َع ْد‬ ‫ص ْدقَػ َه ِ‬‫ت لو ما َكايِ ْن َح ٌَّب بِ ْش ِري َكايِ ْن َكا ْف اللَّ َح ْم يُطْبُ ْخ‪ ،‬ما َ‬ ‫ين‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫ِر ِوبة ىا البِ ْش ِري ِو ْ‬
‫الصح م ْالبَرجاش حتَّا ْف تُ ِ‬ ‫ت ال َق ْ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫يَِقّْرر (ب ِقي يستج ِو ِ‬
‫وع ْدِين‬ ‫ص َعة ب َّ ْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ت لو َكايِ ْن بَ َش ْر رب ْ‬ ‫ب) فيها َحتَّا ْف قَالَ ْ‬ ‫ْ َ َ َ َْ ْ ُ‬
‫ش‬ ‫انبُوا بِ ْ‬ ‫ت الغُولِيَّة‪َ ،‬حتَّا ْف تْػ َف ْ‬ ‫ِ‬
‫يص مع بِن ْ‬ ‫ِ‬
‫ات‪ ،‬تْػ َع َارْؾ النّْص ْ‬
‫ِ‬
‫يص مع الغُوليَّة أََّيبَ ْ‬ ‫ِ‬
‫اش النّْص ْ‬ ‫اش‪َ ،‬ع ْ‬
‫ِ‬
‫َم ْاسب َّس ْ‬
‫النصيص مع بِْنت‬ ‫ِ‬ ‫يا ْكلُوه‪ِْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ت الغُوليَّة والغُ ِوِف َوقَػ َع ْد‬
‫وـ ُخ ْر َج ْ‬ ‫انبُوا بِ ْ‬
‫ش يَا ْكلُوْه‪ ،‬ويف يُ ْ‬ ‫يص يْت َف ْ‬
‫اظب ْع ُه ْم النّْص ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫الغُوليَّة و َّح ْدىم يف البِيت‪َ ،‬غافَػ ْلها النصيص و َذ َحبها ِولِب ِ ِ‬
‫س جل ْد َىا وطَبَ ْخ غبَ ْم َها يف الق ْد َرة‪ُ ،‬ر ْج َع ْ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُْ‬
‫ت الغُوليّة اللَّ َح ْم تَ ْع بِنِْتػ َها وطَلَ ْع النّْصيص فُ ْ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ع)‬‫وؽ ال َقبَّة ونَ ْح ( َنز َ‬ ‫الغُولَّية وقالت ذ َْحبت ْيو َرَّْوبتينَا من َّْو‪َ ،‬كلَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يش َم َعايَا‪،‬‬‫ات (اؼباضي) وع ْ‬ ‫ّْصيص‪ ،‬ىيَّا نَػْن ُسوا لي َف ْ‬‫ت لو الغُوليَّة َخ َد َعْت ِِب يا الن ْ‬ ‫جل ْد الغُوليَّة َورَم ْاه‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫ت لو‬ ‫ت الغُولية‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ت لو َىيَّا نُ ْورُدوا (نَِرُد) اؼباء‪ ،‬قاؿ ؽبا قَطْعي الق ْربَة و ّْاد َيها ل ْل َخيَّا ْط ىبَيّْطْ َها‪َ ،‬ر َ‬
‫اح ْ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ت الغُولية وىي ْربَا ِوْز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحوا نِْر ُحوا‪ ،‬قَالَْل َها قَطْعِي ُّ‬
‫ت الغُوليَّة‪ ....‬ت ْعبَ ْ‬ ‫اح ْ‬‫للخيَّا ْط‪َ ،‬ر َ‬
‫الرقْػ َعة و ّْاد َيها َ‬ ‫ىيَّا انْػ ُر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يص‬ ‫ِ‬
‫وصلُوا للبِ ّْب‪َ ،‬د َخ ْل النّْص ْ‬ ‫ّْصيص َحتَّا ْف (حٌب) ْ‬ ‫ت) الغُوليَّة َال ْح َقة الن ْ‬ ‫ت (بَقيَ ْ‬ ‫(تُالَ ِح ْق) ف ْيو‪ ،‬ق ْع َد ْ‬
‫ب) البِ ّْب َحتَّا ْف َْوب َمى اغبِي ْط (يَ ْس َخ ْن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح َذ (قُػ ْر َ‬ ‫وقَ ْاؿ للغُوليَّة َكا ْف َحبّْيت ِيِب ُلبُْر ْج َش ْعلي (أَ ْشعلي) الن ْ‬
‫َّار ْ‬
‫ك راىو َوبمى اؼباء تَع الِبّب ُلبْرج ِقب ِري‪ ،‬راحت الغُولِيَّة شعلَت الن ِ‬ ‫اعبِ َدار)‪ِ ْ ،‬‬
‫ت‬‫َّار وق ْع َد ْ‬
‫َْ ْ ْ‬ ‫ْ ْ ُْ ْ َ َ ْ‬ ‫اس ْ َ ُ ْ َ‬ ‫اض ُربِ ْيو بَر َ‬
‫‪111‬‬
‫ملحق‬

‫ِ‬
‫ؼ ابَّ ْاه (أَبُوه) راَ ُىو‬
‫وعَر ْ‬
‫ّْصيص َور َج ْع أل َْىلَ ْو َ‬
‫ت‪َ .‬خَر ْج الن ْ‬
‫وماتَ ْ‬
‫اس َها َ‬ ‫ب يف البِ ّْب بَِر ْ‬
‫اس َها َحتَّا ْف ا ْشع ْل َر ْ‬ ‫ض ُر ْ‬
‫تُ ْ‬
‫النّْصيص أَذْ َكى من أَوالَده ال ُكل‪ِ .‬‬
‫َّاحة ؼبن‬ ‫َّاحة ِ َّ‬
‫ِف وتُػف َ‬ ‫صلُّوا عن النِّْيب وأ ْ‬
‫َص َحابَ ْو‪ ،‬تػُف َ‬ ‫وخَّرافْتػنَا َغابَة َغابَة‪َ ،‬‬
‫ْ ْ ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫‪1‬‬
‫يِعِْز َعلَ َّي‪.‬‬

‫حكاية "الدِّقِلَة والذُّكَّارْ"‬


‫اغبب بْب النخلة األنثى والنخلة الذكر‬
‫النخلة نوعاف‪ :‬ذكر ويسمى "الذ ّكار" وأنثى وتسمى "دقلة"‪ .‬وعلى ىذا األساس يعتقد العديد من‬
‫السوافة قديبا بوجود عالقة العشق واغبب بينهما‪ .‬وبناء على ىذا االعتقاد‪ " ،‬فهم يرووف بأف النخلة‬
‫ويقل إنتاجها بشكل واضح وبأهنا سبيل جبذعها وبطلعها كبو النخلة اؼبعشوقة‪ ،‬وغالبا‬
‫العاشقة تضعف ّ‬
‫أزىار النخلة العاشقة تسقط وال يستطيع التلقيح االصطناعي أف يوقف ىذا التساقط‪ .‬وبكى أف‬
‫فالحا الحظ يف بستانو لبلة فقدت أزىارىا وَف يعرؼ أي مرض أصأّا‪ ،‬فتوجو إُف فالح خبّب‬
‫يطلب نصيحتو‪ .‬فجاء ىذا األخّب ورأى النخلة وقاؿ لو‪ :‬ىذه النخلة مغرمة وتكاد سبوت عشقا‬
‫بضمادة قوية‪ ،‬كانت النتيجة باىرة‬
‫بالنخلة الٍب تقابلها‪ .‬ودبجرد أف قاـ بربط جذعي النخلتْب معا ّ‬
‫وعاجلة‪ ،‬فبعد م ّدة‪ ،‬عادت النخلة العاشقة إُف اغبياة حيث َف تعد أزىارىا تتساقط وأعطت إنتاجا‬
‫معتبا‪ .‬ونظرا ألف صاحب البستاف ظل متشككا يف أمر قصة اغبب بْب النخلتْب‪ ،‬فقد قاـ بعد بضعة‬
‫الضمادة وقت خروج أزىار الطلع لّبى ما إذا كانت خبة الفالح صحيحة أـ‬
‫سنوات بتجريب نزع ّ‬
‫وحل ّٔا نفس اؼبرض الذي أصأّا من‬
‫ال‪ .‬ولكنو الحظ بأف النخلة العاشقة شرعت تسقط أزىارىا ّ‬
‫قبل‪ .‬عندئذ‪ ،‬قاـ بإعادة ربطهما معا فتعافت النخلة العاشقة‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬
‫‪110‬‬
‫ملحق‬

‫حكاية "لُو ِنجَة"‬


‫وىا لِْلبِ ّْب‬ ‫ِ‬ ‫"حاجات ُكم يا ماجات ُكم‪ ،‬كايِن بكري بنِ ِ‬
‫اح ُخ َ‬ ‫وقبَة‪َ ،‬مَّرة َر ْ‬
‫وىا لُ ْ‬ ‫ت ظبْ َحة (صبيلة) يَاس ْر يِ َس ُّم َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ ْ َ َ َْ ْ َ ْ َ‬
‫الدلُو ِجب ْد معاه َشعرة ِط ِويلَة ي ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّعَرة ولَو‬ ‫ف َكا ْف يِْتػَزَّو ْج ُم َوالة َىا الش َ‬ ‫اس ْر‪َ ،‬حلَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ش يُورْد اؼباء‪ ،‬كي جبَ ْد َّ َ ْ َ ْ ََ‬
‫بِ ْ ِ‬

‫وقبَة‬‫ت َع ْن َش َع ْر لُ ْ‬ ‫َكانَت لُوَقبة بِْنت أ َُّمو‪ ،‬راح يِِقيس ِيف ىا الشَّعرة عن بنػو ِ‬
‫ت لْبالَد ال ُك ْل‪َ ،‬ح ٌَّب َج ْ‬ ‫َ ْ ْ َ ََ َ َ َ ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ف‪ .‬قَالَت لو كِي َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُختَ ْو‪ ،‬قَ ْاؿ َؽبَا نِْتػَزْو َج ْ‬
‫ف َكا ْف‬ ‫ُوخيّْي؟ قَ ْاؿ ؽبا َرِاين َحال ْ‬ ‫اش تْت ِزَّو ْج ِِب يَا أ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ك َورِاين َحال ْ‬ ‫أْ‬
‫ِ‬ ‫نِْتػزَّوج م َوال ْة الشَّع ِرة ولو ِ‬
‫كنت إِنْ ِ‬
‫وجاء‬‫َّاس ال ُك ْل‪َ ،‬‬
‫ض ُروا الن ْ‬ ‫وح ْ‬‫س‪َ ،‬‬ ‫انبُوا عن الع ِر ْ‬ ‫نت أ ُّْمي‪...‬تْػ َف ْ‬ ‫ت يا بْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ين يِِفْتػلُوْؽبَا (يبشطن) يف َش َع ْرَىا ويغَنُّوْؽبَا‪:‬‬ ‫َّس ِو ْ‬ ‫ِ‬
‫اح َها (يوـ قراهنا) وب َد ْف الن َ‬ ‫يُوـ ُم ْرَو ْ‬
‫يك بِال ُقبُ ْ‬
‫وؿ‬ ‫وحي يَا لِْبػنَػيَّة يَػ ْع ِط ْ‬ ‫وؿ *** ر ِ‬
‫ُ‬ ‫وم َاز ْاؿ ال ُفتُ ْ‬
‫َح ْن اغبَنَّا ْف َ‬
‫اس ِر ْؽ اؼب ْشط واطْلَ ْع فُ ْ‬
‫وؽ‬ ‫ْ‬ ‫الصغِ ّْب وقالت لو‪ :‬كِي يَِولُّوا يِِفْتػلُ ِوِف يف َش ْع ِري‪،‬‬ ‫وىا ّْ‬ ‫ت ُخ َ‬ ‫صْ‬ ‫وقبة َو َّ‬ ‫ت لُ ْ‬ ‫اح ْ‬‫َر َ‬
‫ُ‬
‫وقبة بِْنت أ َُّم ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسَر ْؽ‬
‫ُختَ ْو َ‬ ‫ك‪َ .‬خذي الطَُّف ْل َبر ْ‬
‫اي أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ش للُ ْ‬ ‫غبٌب َواح ُد َك َّال ْ‬ ‫ال ُقبَّة (السطح) وما تَػ ْعط ْيو َّ‬
‫ش‬ ‫ِ‬
‫يش غبٌب َواح ْد َك َّال ْ‬
‫ِ‬
‫ب‪ ،‬قَ ْاؿ ؽبم َمانَػ ْعط ْ‬ ‫يك َر ّْ‬ ‫ات اؼب ْش ْط يِ ْه ِد ْ‬ ‫وؽ ال ُقبَة‪ .‬قَالُوا لَو َى ْ‬ ‫وطلَ ْع فُ ْ‬ ‫اؼبشط ِ‬

‫وقبي‬‫عطيو ؽبا‪ ،‬قَالَت ؽبم لوقبة خلُّ ِوين (اتركوين) نْػروحلَو نَايا ِْقبيب من ِعْن َده اؼبشط ِْ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ ْْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ت لوقبة نَ ْ‬ ‫َج ْ‬
‫مع ْاه للجبل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ت َ‬ ‫وى ْربَ ْ‬
‫وىا ُ‬ ‫ت لُْوقبة ايديها يف اي ْد ُخ َ‬ ‫(أرجع)‪َ ،‬د َار ْ‬
‫ِ‬
‫ف الدَّْال ْؿ ونَطْلَ ْع (أصعد)‬ ‫ت أ ُّْمي‪َ ،‬د ْربِيلي (أنزِف ِف) َس ْل ْ‬ ‫ت ؽبا أختها وقالت ؽبا‪ :‬يا لوقبة يا بْػنَػيّْ ْ‬ ‫اح ْ‬‫َر َ‬
‫وس‬ ‫ُوخْي ٍِب‪ ،‬انْ َد ْربِيلَ ْ‬ ‫اؾ لْروس اعبِب ْاؿ‪ .‬قالت ؽبا‪ِ :‬م ْ ِ‬
‫اؾ لُْر ْ‬ ‫ف الدَّْال ْؿ‪ ،‬ونَطْلَ ْع ْم َع ْ‬ ‫ك َس ْل ْ‬ ‫ْب ُكْنت أ َ‬ ‫ْم َع ْ ُ ْ َ‬
‫وقبَة يا‬ ‫ت ْسلِي ْف ٍِب‪َ ،‬اىْب ِطي‪( ،‬انزِف) أَطْلَ ْع يا ِجبَ ْل أَطْلَ ْع‪َ .‬جاتْػ َها أ ُْم َها وقَالَت ؽبا‪ :‬يَا لُ ْ‬ ‫اعبباؿ‪ ،‬وكِي ع ْد ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ف‬ ‫ك َس ْل ْ‬ ‫ْب ُكْن ِ‬
‫ت أ ُّْم ْيم ٍِب‪ ،‬انْ َد ْربِيلَ ْ‬ ‫وس اعبباؿ‪ ،‬قالت ؽبا ِم ْ‬ ‫اؾ لُْر ْ‬ ‫بْػنَػْي ٍِب‪َ ،‬د ْربِيلي َس ْل ْ‬
‫ف الدَّْال ْؿ ونَطْلَ ْع ْم َع ْ‬
‫ت ْاع ِم ْيم ٍِب (تصغّب لكلمة عمٍب)‪َ ،‬اىْب ِطي‪ .‬أَطْلَ ْع يَا ِجبَ ْل‬ ‫اؾ لروس اعبباؿ‪ ،‬وكِي ع ْد ِ‬
‫ُ‬ ‫الدالَ ْؿ‪ ،‬ونَطْلَ ْع ْم َع ْ ُ ْ‬ ‫ّْ‬
‫ِ‬
‫ت‬ ‫روس اعبباؿ‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫اؾ لُ ْ‬ ‫مع ْ‬ ‫وقبَة يا بْػنَػْي ٍِب‪َ ،‬د ْربِيلي َس ْلف الدَّْالؿ ونَطْلَ ْع َ‬‫اىا وقَ ْاؿ ؽبا‪ :‬يَا لُ ْ‬ ‫أَطْلَ ْع‪َ .‬ج َ‬
‫اىا ابَّ َ‬
‫ِ‬
‫يمي‪ْ ،‬اىبَ ْط‪.‬‬ ‫وس اعبباؿ‪ ،‬وكِي عُد ْ‬
‫ت ْاع ِم ِ‬
‫اؾ ُلر ْ‬ ‫لو ِم ْ‬
‫ْب ُكْنت أُبػَّيّْي‪ ،‬انْ َد ْربِيلَ ْ‬
‫ك َس ْلف الدَّْال ْؿ ونَطْلَ ْع ْم َع ْ‬
‫‪111‬‬
‫ملحق‬

‫ُوخْي ٍِب‪َ ،‬د ْربِيلِي َس ْلفء الدَّْال ْؿ‬


‫ش يِْتػَزَّو ْج َها وقاؿ ؽبا‪ :‬يا لوقبة يا أ َ‬
‫وىا ِِف بِ ْ‬ ‫أَطْلَ ْع يا جبل أطْلَ ْع‪َ .‬ج َ‬
‫اىا ُخ َ‬
‫وس‬ ‫ُوخيّْي‪ ،‬انْ َد ْربِيلَ ْ‬ ‫اؾ لروس اعبباؿ‪ ،‬قالت ؽبا ِم ْ ِ‬
‫اؾ لُْر ْ‬ ‫ك َس ْلف الدَّْال ْؿ‪ ،‬ونَطْلَ ْع ْم َع ْ‬ ‫تأ َ‬ ‫ْب ُكن ْ‬ ‫ونَطْلَ ْع َم َع ْ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬‫وى ِربْ ْ‬
‫ت ْارِو ْهبلي (زوجي)‪ْ ،‬اىبَ ْط ُشوَكة‪ .‬أطْلَ ْع يا جبَ ْل أَطْلَ ْع‪ .‬أيَّ ُسواَ أ ََى ْل َها مْنػ َها ‪ُ ،‬‬ ‫اعبباؿ‪ ،‬وكِي عُد ْ‬
‫وسة (اػبنفساء)‬ ‫ِ‬ ‫وش ُّدوا اػب َالء ح ٌَّب ْاعطُش خوىا ّْ ِ ِ‬ ‫الصغِ ّْب َ‬
‫الصغ ّْب‪،‬م َشوا عن ب ّْب اػبَْنػ ُف َ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫وىا ّْ‬ ‫لوقبة مع ُخ َ‬
‫الض ْف َد ْع‪ ...‬ح ٌَّب وصلُوا لبّب الغَز ْاؿ جاء بِش ي َشر ِ‬ ‫ِِ‬
‫ت لو لوقبة‪:‬‬ ‫ب منَّو ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫َ َ ْ َ َْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫يم (اغبمار) وبّب ّْ‬ ‫ِوبّب البه ْ‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُخْي ٍِب‬
‫ُختَ ْو‪ .. .‬قَ ْاؿ َؽبَا يَا أ َ‬ ‫اح يِتَبَّ ْع ِيف أ ْ‬
‫ت البِ ّْب َور ْ‬ ‫َما تَ ْشَربْشي َر ْاؾ تْت َح َّو ْؿ لغََز ْاؿ‪َ .‬خلَّى الطُّف ْل نَػ ْعل ْيو رب ْ‬
‫ب من البِ ّْب وِر َج ْع ؽبا َغَز ْاؿ يِنُ ْط‪.‬‬ ‫رِاين نْ ِسيت نَػعلَي ح َذا البِّب (قرب البئر)‪ ،‬تَػو ِاقبيبػهم ِْ‬
‫اح ْش ِر ْ‬‫وقبي‪َ ،‬ر ْ‬ ‫ْ ُْْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َّ ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راحت ِىي وايَّاه د ِ‬
‫صلُوا إُف بالَ ْد َشافْػ َها السلطاف‪ ،‬ع ْجبَاتَ ْو‪ ،‬طَلَ ْ‬ ‫ْب بْ َال ْد‪َ ...‬ح ٌَّب ُو ْ‬
‫ْب بْالَ ْد َخ ْارج ْ‬
‫اخل ْ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ََ ْ‬
‫ت لوقبة من السلطاف‪ ،‬وكاف ىو متزوج ياسر نساوين‪...‬‬ ‫الزو ِ‬
‫ت‪ ،‬اتْػَزَّو َج ْ‬ ‫اج قْبػلَ ْ‬‫منها َّ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ْلطَا ْف للحج قاؿ للوقبة‪َ :‬ىا ْذ الدّْيَ ْار ال ُك ْل افَػْتحي ِه ْن‪ ،‬غ ّْب َىا ْذ الد ْ‬
‫َّار‬ ‫وح ُّ‬ ‫َجاء َم ْوس ْم اغبَ ْج وقَػبَ ْل ما يُِر ْ‬
‫الس ْلطاَ ْف َكانَن َغايػر ْ ِ‬ ‫ما تَػ َقربِ ِ‬
‫نب‬
‫وح َّ ْ‬
‫من لوقبة َ‬ ‫ات يَاس ْر ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ين ُّ‬ ‫الس ْلطَا ْف للحج‪ .‬نَ َس ِو ْ‬ ‫اح ُّ‬ ‫يش مْنػ َها‪َ ،‬ور ْ‬ ‫َ ْ ْ‬
‫يش َما فِ َيها َح ٌَّب‬ ‫ِ‬
‫وما ْزبَاف ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ْن يِ َدبْ ِر ْف َعل َيها وقَالُوْؽبَا حلّْي الد ْ‬
‫َّار َ‬ ‫وىا‪َ ،‬ر َ‬
‫ِ‬
‫ص ْن مْنػ َها ومن ل ْغَزيّْ ْل ُخ َ‬
‫يِْتخ ْل ِ‬
‫َ َ‬
‫ت فِ َيها ثػُ ْعبَا ْف كِ ِبّب‬ ‫شيء‪...‬بػ َقن يِ َدب ِر ْف علِيها ح ٌَّب ص ْدقَػْت ِهن‪ ،‬راحت لوقبة حلَّت الدَّار ودخلَ ِ‬
‫ت ل َق ْ‬‫َ ْ ْ ُْ ْ‬ ‫َْ َ ْ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُختَ ْو ويقوؿ‪ :‬يَا‬ ‫ش يَ َذ ْحبَ ْن الغَزيّْل‪ .‬بَ َدا الغزيل يِنَادي يف أ ْ‬ ‫ين بِ ْ‬‫َّس ِو ْ‬
‫اح ْن الن َ‬
‫ش ُزبُْر ْج‪َ .‬ر َ‬ ‫وما َخ َّال َىاّ ْ‬
‫َش ْد َىا َ‬
‫ت (اؼباء فيها يغلي)‪ ،‬لِ ْغَزيّْ ْل ِولْد‬ ‫ِ‬
‫ت) والطّْنَاج ْر َغلَ ْ‬
‫ّْد ْ‬
‫ت (السكاكْب ُحد َ‬
‫ضْ‬
‫وقبة يا بِْنت أ ُّْمي‪ ،‬لُ َّػم ِ‬
‫ػاس ْاسب َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫لُ ْ‬
‫الس ْلطَا ْف ِيف بَطِِْب والثػ ُّْعبَاف ِمْتػ َو ّْس ْدِين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُوخيّْي‪ِ ،‬ولْ ْد ُّ‬
‫ت لو لُوقبَة‪ :‬يا ل ْغَزيّْ ْل يا أ َ‬ ‫أ َُّمك بِ ْ‬
‫ش يَ َذ ْحبُوه‪ .‬قَالَ ْ‬
‫وح‬ ‫للدبَّ ْار وقَاؿ لو َدبّْػ ْر َعلَ َّي‪ ،‬قَ ْاؿ لَو َّ‬
‫اح َّ‬ ‫الس ْلطَا ْف من اغبج ولْ ِقي لُ ْ ِ‬
‫الدبَّ ْار ُر ْ‬ ‫َّار‪َ ،‬ر ْ‬
‫ت الد ْ‬
‫وقبَة ُدخلَ ْ‬ ‫َجاء ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يما‬ ‫وخلّْي ُد َّو ْارتَ ْو البَػَّرة‪ ،‬تَػ ْو ُىبُْر ْج الثعباف ويدخل فيها‪َ .‬د ْار اؼبلك ك َ‬‫َّار َ‬
‫اب الد ْ‬ ‫ا ْذبَ ْح صبَ ْل كبِ ّْب قد ْ‬
‫َّاـ بَ ْ‬
‫الدبَّار وخرج الُّثعباف وِدخل ْل َك ِر ِ‬
‫وخ ِر َجت لُوقبة وقتل اؼبلك الثعباف وطَلَّ ْق نَ َس ِوينَ ْو‬ ‫ش البِع ّْب ُ‬‫َ ْ َ َ َ ْ ْ‬ ‫قَاؿ لو َ‬

‫‪112‬‬
‫ملحق‬

‫صلُّوا َعلَى النِّْيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫صابَّة‪َ ،‬‬
‫اش مع لوقبة يف ىناء‪ُ .‬خَّرافْتػنَا َغابَة َغابَة ويف ُك ْل َع ْاـ ْذبينَا َ‬
‫وع ْ‬
‫ات َ‬
‫ُػبَُر ْ‬
‫‪1‬‬
‫َص َحابَ ْو‪".‬‬
‫وأ ْ‬

‫حكاية "السَّارِق والمَلِك"‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫"وبكي الناس بكري أنو َكايِن ملِ ْ ِ‬


‫ك عْن َد ْه نَػ َع َامة َع ِز َيزة عليو يَاس ْر‪،‬حٌب أنو كاف َداي ِرْؽبَا ُحَّر ْ‬
‫اس ُوبُْر ُسوا‬ ‫ْ َ‬
‫فِ ْيها ويقتلهم كاف يلحق بيها ضرر‪ ،‬وكانت ىاذي النعامة ربب تاكل الفوؿ‪.‬‬
‫يف يوـ من األياـ جاء سارؽ حاب يسرؽ النعامة‪.‬جاب معاه حفنة فوؿ وقرب منها يف غفلة من‬
‫اغبراس وبدا يرميلها ؼ الفوؿ وىي تاكل واتبع فيو حٌب وصلها غبوشو‪ .‬رجع اغبراس للملك وخبوه‬
‫بلي النعامة اتقت‪َ ،‬حَز ْف اؼبلك وقَػتَػ ْل ُهم ال ُك ْل‪ .‬وىكا بَ َدا اؼبلك رحلة طويلة يف البحث عن نعامتو‬
‫العزيزة‪ .‬راح اؼبلك للدبار وقالو دبر عِب‪ .‬قالو الدبار‪:‬دير عرمة نتاع ذىب وؾبوىرات يف السوؽ ووصي‬
‫عليها بياع والسارؽ يعاود صنعتو‪ .‬دار اؼبلك كيما قالو الدبار وجاء السارؽ للسوؽ وحب يسرؽ‬
‫الذىب‪ ،‬راح جاب الَبعايِر ودىن كِ ِ‬
‫رعي ِه ْن َّ‬
‫بالص َمغ وطلقهن عن عرمة الذىب‪ ،‬ىرب البياع وعفسن‬ ‫َ ْ َ ْ ََ ْ‬
‫البعاير عن عرمة الذىب ولصق يف كراعاهتن الذىب‪ ،‬وىاف عارفات الطريق رجعن غبوش السارؽ‪،‬و‬
‫كاف مصّب البياع والدبار اؼبوت كيف اغبراس‪.‬راح اؼبلك لدبار أخر وقاؿ لو دبر عِب‪،‬قاؿ لو الدبار‬
‫ابِب يف العرؽ دار صغّبة وعبيها بالدراىم والذىب ودير عليها حراس وبرسوىا درقة‪ ،‬والسارؽ يعاود‬
‫صنعتو‪ .‬شاؼ السارؽ كيفاش اؼبلك ينصب لو حٌب وبكمو‪ .‬ويف ىاذ اؼبرة جاب ياسر ذر وكراىم‬
‫وأعطى لكل واحد منهم ّٔيم وقاؿ ؽبم حوطوا عن الدار وبعدما نعطيكم اإلشارة كل واحد منكم‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬السٌدة خٌرة كشحة‪ ,‬ولدت خالل ‪ ,0847‬بلد ٌة الرباح‪ ,‬والٌة الوادي‪ ,‬أمٌة‪ ,‬عاشت فترة طوٌة من حٌاتها البدو الرحل‪ ,‬تحفظ عددا كبٌرا من‬
‫القصص الشعبً‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫ملحق‬

‫وى ْربُوا اغبَُّراس و َسَرؽ السارؽ‬


‫يشعل ذيل ّٔيمو ويطلقو جهة الدار‪.‬مت األمر كيما خطط لو السارؽ‪َ ،‬‬
‫كل اؼباؿ والذىب اؼبوجود يف الدار‪ ،‬وىكا قتل اؼبلك اغبراس والدبار‪ .‬زاد راح اؼبلك لدبار أخر‪ ،‬قاؿ‬
‫وش‬
‫اخلَة ُح ْ‬ ‫َّامة َد ْ‬
‫ت اػبَد َ‬ ‫اح ْ‬
‫لو الدبار ابعث خدامة تدور اغبيشاف وربوس من عنده مخ نعامة‪َ .‬ر َ‬
‫ت ؽبا‬ ‫ت َؽبا ما ِعْن َد ْك ِ‬
‫ش ُم ْخ نَػ َع َامة؟ قَالَ ْ‬ ‫ت أ َُّمو قَالَ ْ‬
‫وش‪ ،‬حٌب وصلت حوش السارؽ‪،‬لََق ْ‬
‫َخ ْار َجة ُح ْ‬
‫ِعنِ ْدنَا واعطت منو للخدامة‪.‬خبروج اػبدامة لقت السارؽ داخل يف عتبة الباب‪ ،‬قاؿ ؽبا وش ىازه يف‬
‫يديك؟ قالت لو اػبدامة مخ نعامة بش نديو للمريض‪،‬قاؿ ؽبا السارؽ‪ :‬بالصح مخ النعامة ما يتكلش‬
‫السا ِر ْؽ‬ ‫َّامي‪َ ،‬خ ْر َجت اػبدامة لِ َس ْاهنا وجت بش تذوؽ اؼبخ قَ َّ‬
‫ض ْلها َّ‬ ‫حٌب تُ ُذوقِيو قُد ِ‬
‫ْ‬ ‫ص ْدقَك ِ‬
‫ْش َّ‬ ‫وأنا ما نْ َ‬
‫ت لِْل َملِ ْ‬
‫ك‬ ‫اح ْ‬
‫لسانْػ َها حٌب ما تشكيش بيو للملك‪.‬دارت اػبدامة عالمة من دمها عن باب السارؽ َور َ‬
‫َ‬
‫ت لَ ْو‪ .‬بعث اؼبلك حراسو غبوش السارؽ شوي لقوا كل البيوت فيها عالمة من الدـ‪.‬‬
‫وش َك ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫أَيَّس الَ ِم ْ ِ‬
‫الوِز ْير وب ّْو ْ‬
‫س َعن‬ ‫اح َ‬‫السا ِر ْؽ وطلب من الوزير هبيبلو دبار من خارج البالد‪َ .‬ر ْ‬
‫ْما ْف َّ‬
‫لك م ْن َحك َ‬ ‫ْ‬
‫َدبَّ ْار ِظبَ ْح وجابو معاه للملك‪ ،‬وقاؿ للملك كبكملك السارؽ بالصح الزمك تضحي ببنتك‪ .‬روح‬
‫َّع َامة نْػَزْو َج ْو بِْن ٍِب‪.‬دار اؼبلك‬ ‫ِِ ِ‬
‫أصبع الناس الكل والقي عليهم خطاب وقوؿ ؽبم َم ْن هبْيبلي َس َارؽ النػ َ‬
‫كيما قاؿ لو الدبار وكاف السارؽ من بْب الناس يسمع خطاب اؼبلك‪ .‬استغل السارؽ الفرصة وراح‬
‫وج ْو بنتو‪ ،‬قاؿ لو السارؽ‬ ‫ِ‬
‫َّاـ النَّاس ي ْز َ‬
‫ك قُد ْ‬ ‫للملك قداـ الناس وقاؿ لو نايا قبيبلك السارؽ‪ِ ،‬و ِع َده اؼبلِ ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َارؽ النعامة‬ ‫ف َو ْع َد ْه َوزْو َجو بِْنتَ ْو‪َ ،‬‬
‫وى َّكا َر َّج ْع َّ‬ ‫آين قدامك نايا ىو السارؽ‪ ِ.‬ما قْد ِر ْ‬
‫ش اؼبلك َىبْل ْ‬
‫‪1‬‬
‫للملك وتزوج بنتو‪".‬‬

‫حكاية "امْسِيكَا"‬
‫وىا الغَِِب كِي ِِهبي‬ ‫اح ْد َغ ِِب ِ ِ‬
‫ك‪ ،‬زوج اخوه‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك يَا َما َجاتِ ْ‬
‫اجاتِ ْ‬
‫وواح ْد فَق ّْب‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ك ‪َ ،‬كا ْف يف ْزَما ْف فَاتَ ْ ُ ْ ْ َ َ‬ ‫يَا َح َ‬
‫خوه ال َف ِقّب يطْلُب فِيو ِيف ْشوي ما ْكلَة (قليال من الطعاـ)‪ ،‬تْػ ُقولَّو مراتَو ما نَػعطُ ِ‬
‫وشي‪ ،‬وىو ي ِ‬
‫اخ ْذ َرايْػ َها‬‫ُ َ‬ ‫ْ ََ ْ َ ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُْ ُْ ْ ْ‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬السٌدة خٌرة كشحة‪ ,‬ولدت خالل ‪ ,0847‬بلدٌة الرباح‪ ,‬والٌة الوادي‪ ,‬أمٌة‪ ,‬عاشت فترة طوٌة من حٌاتها البدو الرحل‪ ,‬تحفظ عددا كبٌرا من‬
‫القصص الشعبً‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫ملحق‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت يف بْ َال ِص ْة‬ ‫اي لَيَّ ْاـ تْ ُد ْور وتَػْنبَ ْ‬ ‫اضلَة َعن الػﭭَػِ ْب اؼبَْنسي اللّْي ْح َذانَا (قربنا)‪َ .‬‬
‫وى ْ‬ ‫ِوي ُق ِول ْل َها بَػ ْز ِعي اؼبا ْكلَة ال َف ْ‬
‫اؼ اػبُو‬ ‫ات ِِربْتػ َها وياَكِ ْل ِمْنػ َها العنب‪َ .‬ش ْ‬ ‫يك ْن (يقعد) ِويبَ ْ‬ ‫الػﭭَ ِػب ِعْنبة‪ ،‬وَكا ْف اػبو ال َف ِقّب ِِهبي ُكل يوـ ِ‬
‫ُْْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ب ِمْنػ َها‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الغَِِب خوه ال َف ِقّب يب ْ ِِ‬
‫ب يَاك ْل مْنها‪ ،‬ويف كل مرة يْػﭭَ ّْػر ْ‬ ‫وح ْ‬ ‫ت العنبة ويَاك ْل مْنػ َها‪ .‬ع ْجبَاتَ ْو َ‬ ‫ات رب ْ‬ ‫ُْ ْ َ‬
‫اش يَاكِ ْل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ف منها العنب تِتَّػﭭَّػى (زبتفي) العِْنبِة ِيف َى ْ‬
‫اض ْو اغبَ ْاؿ َوﭬػا ْؿ كي َف ْ‬ ‫اؾ الػﭭَ ِ ْػب المْنسي‪َ .‬غ َ‬ ‫ش يػُ ْﭭػطُ ْ‬ ‫بِ ْ‬
‫ت ُخ ْوه ِم ْن ْح َذا العِْنبَة‪.‬‬ ‫اح ْم َس ّْح ْ‬
‫ِ‬
‫ويِْتظَلَّ ْل مْنػ َها ونَايَا الََال؟ َر ْ‬
‫ت) الغَُوالَو ِر ْوبتَ ْو َوﭬَػالُوا‪:‬‬ ‫ر ِ ِ‬
‫(مشَّ ْ‬
‫ت َ‬ ‫اع غُ َوالَو‪ُ .‬ك ْرفَ ْ‬
‫ص ْر نْػتَ ْ‬
‫ص ْل قَ َ‬‫اح ال َفق ّْب َداخ ْل بْ َال ْد َخار ِْج بْ َال ْد َحتَّا ْف ِو َ‬ ‫َْ‬
‫ص ِري‪ْ ،‬اربَلّْي يا ْام ِسي َكا اتْ َسكْري يا امسيكا‪.‬‬
‫اؼبس ِري‪ ،‬اتْػ ػﭬَػ ْلعُوا يا ْح َوايِ ْج قَ ْ‬
‫ِروبَ ْة اغبَ ْس ِري و ْ‬
‫اح ْم َع ّْيب (مأل)‬ ‫ِ‬
‫اح َدة الدار ْم َعْبػيَة (مليئة) باللويز‪َ ،‬ر ْ‬
‫ود َخ ْل ال َفق ّْب من غّب ما يْ ُشوفُ ْوه َلو ْ‬
‫ُخ ْر ُجوا الغوالو‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫وسو وقعد يستُب (ينتظر) وينتو يتحل (مٌب يفتح) القصر بش يهرب‪ِ .‬وْمبَػ ّْع ْد فَك ْر وقاؿ ك َ‬
‫يما قالوا‬ ‫بَػ ْرنُ َ‬
‫الغَُوال ػػة‪ْ :‬ربَلّْي يا ْامسيكا‪ ،‬تْ َس ْكريي يا امسيكا‪َ .‬راح ِش ِري الغَنَ ْم والبِ ػ ػﭭَػ ػػر والدّْيَ ْار وعاد غِب ياسر‪...‬‬
‫وتْ ُد ْور لَيَّ ْاـ باػبُو الغِب ويفقر‪ِ ،‬وهب ْيو ُخ ْوه اللّْي كاف فَِق ّْب ويقولو‪ :‬يا ُخويَا ىيا نِػ ػ ْﭭ ػ ِػس ْم أنا ويَّاؾ اؼباؿ‬
‫ػت بيو الدنيا‬ ‫ضاﭬَ ْ‬‫ك‪ .‬وبَػَّرا َّبرا َ‬ ‫ش لِ ْدر ِاى ْم واحد كِ ِيف ْ‬ ‫ِ‬
‫يشوا مع بعضانا‪ .‬رد عليو وﭬ ػَػالَّ ْو‪ :‬الََال‪ ،‬ما كبتاج ْ‬ ‫ونْعِ ُ‬
‫ش ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ورجع ػبوه وﭬػػالَّو‪ُ :‬ﭬ ػلّْي كِي َف ِ‬
‫ت َى َّكا؟ (ماذا فعلت حٌب أصبحت ىكذا) ِو ْ‬ ‫ت حٌب عُد ْ‬ ‫اش د ِر ْ‬
‫ْ‬ ‫ُْ َ ْ‬
‫ش‪َ ،‬ر ْاؾ‬ ‫ِ‬
‫ك ماتْروح ْ‬ ‫ص َح ْ‬ ‫الصي َفة (كذا وكذا)‪ .‬ونَايَا نَػنَ ْ‬ ‫وى ِذي ّْ‬ ‫ت؟ ﭬَػػالَّ ْو َر ِاىي َى ِذي ّْ‬
‫الصي َفة َ‬
‫ِِ ِ ِ‬
‫سح ْر خ َدم ْ‬
‫ش ُِىب ْر ُجوا‪ ،‬وكِ َج ْو‬‫اج (انتظر) الغُوالة بِ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْح ما َخ َذاشي َرايَ ْو وراَ ْح لل َقص ْر‪َ ،‬ور َ‬ ‫ت‪ .‬بِالِّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ما َْربيَاشي كاف ُرح ْ‬
‫وس ْو من اللُّ ِو ْيز‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّْ‬
‫وع َّىب بَػ ْرنُ َ‬
‫يس ْع (بسرعة) َ‬ ‫خارجْب ﭬَػػالُوا‪ْ :‬ربَلي يا ْامسيكا‪ ،‬تْ َس ْكريي يا امسيكا‪ .‬دخل ف َ‬ ‫ْ‬
‫ِِ‬
‫ش باب القصر‪،‬‬ ‫ماربَلّْ ْ‬
‫ػاؿ‪ :‬تْ َس ْكريي يا امسيكا‪ْ ،‬ربَلّْي يا ْامسيكا‪ْ .‬‬ ‫ات وﭬَ ْ‬‫س ال َك ْل َم ْ‬‫وكجي َخار ِْج َع َك ْ‬
‫(عذبوه) وﭬَػالُولَو‪ :‬إِنْتِ لِ ِ‬
‫ت اؼبرة‬ ‫يسَرق ْ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ومَرْم ُد ْوه َّ ُ‬
‫اؾ اغبالة َحتَّا ْف (إُف أف) َج ْو الغوالة‪َ ،‬شد ُّْه َ‬ ‫ﭬَ َػع ْد عن َى ْ‬
‫اس ْو يف دار اؼباؿ اللَّي فيها اللويز وبَػ ُقوا ِعينِ ْيو‬ ‫ت (اؼباضية)‪ ،‬ال ِزـ نَ َذ ْحب ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وعلَّػ ُﭭػولَ ْو َر َ‬
‫وؾ‪ .‬ذحبُ ْوه َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫لي َفاتَ ْ‬
‫ًب الغَُوالو َحتَّا ْف ُِىب ْرجوا‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫ش بِ ْيو؟ غبػﭭَػ ْػو و ْ‬
‫اس َ َّ‬ ‫وؼ ِو ْ‬ ‫ػاؿ الزـ نػَلَ ْح ػﭭَػو ونْ ُش ْ‬ ‫ػص ْن‪.‬اتْػ َقلَّق َعلِ ْيو ُخ ْوه وﭬَػ ْ‬
‫يِْتبا ْﭬػ ِ‬
‫َ‬
‫‪115‬‬
‫ملحق‬

‫وؾ بِ َّ‬ ‫وكِي خرجوا دخل َلدار ْ ِِ‬


‫الص ْح َما‬ ‫ك َر ُاىم ياذُ ْ‬ ‫اس ُخوه ْم َعلَّػ ػ ػ ػﭫْ‪ ،‬ﭬَػػالَّ ْو‪:‬يا أ َ‬
‫ُوخيّْي ُﭬ ػْتػلَ ْ‬ ‫اؼباؿ ولقي َر ْ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫اس تْػ َه ْز‬ ‫ِ‬ ‫َخ ِذيتِ ْ ِ‬
‫وخَر ْج‪ ،‬وكي َج ْو الغوالو لْػﭭَػ ْػو الر ْ‬ ‫اس ُخ ْوه َ‬ ‫ش َرايي (َف تأخذ برأيي)‪َ .‬ى ْز (أخذ) اللويز َور ْ‬
‫الزـ نْػتَْبعوا اعبَُّره بِ ْ‬
‫ش نَػ ْل ػ ُﭭ ػوا السارؽ ِونْػ َوُّرولَ ْو (يلقى جزاؤه)‪ .‬تَػْبػعُوا اعبَُّرة نْػتَ ْ‬
‫اع‬ ‫اؼبرة ْ‬
‫ص‪ ،‬ﭬ ػػالُوا َى َّ‬
‫واللويز نْػ ُق ْ‬
‫ﭪ (يسوؽ) فِي ِه ْن‬ ‫ويسو ْ‬
‫ُ‬ ‫الة‬ ‫و‬‫َ‬ ‫بالغ‬
‫ُ‬ ‫يْب‬
‫ْ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫يش ِْقبمل (إحدى عشر صبال) َى ّْازين َغرايِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ا َّلر ِاجل بِػػاح ِ‬
‫د‬ ‫ْ ْ‬
‫اىا (مألىا) بالتِِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نب َعْنجالَ ْو‬ ‫اؾ الراجل بَ ِاين َد ْار باغبديد َ‬
‫وعبَّ َ‬ ‫اح َى ْ‬ ‫ص َورة بِش َعة يَاس ْر‪َ .‬ر ْ‬
‫ثالث غُوالَو ِيف ُ‬
‫ضيّْػ ْفنَا ِعْن ِد ْؾ‪.‬‬
‫اؼ َ‬
‫ضيَ ْ‬‫وصلُوا الغُوالو لداره وﭬَػػالُولَ ْو َرانَا ْ‬ ‫ػوه (يلحقوا بو)‪ْ .‬‬ ‫ش يَػلَ ْحػ ُﭭػ ْ‬ ‫(ألنو) َعَرفْػ ُه ْم بِ ْ‬
‫َش يُ ِس ْرقُوىا‪ ،‬وراح لِْن َس ْاه (زوجاتو) وﭬَػالِْل ِه ْن‬ ‫ِ‬
‫الراج ْل وﭬَ ػػال ْل ُهم ُحطُّوا (ضعوا) َغَرايِْرُك ْم يف ال ّدار أ ْ‬
‫عرفْػهم َّ ِ‬
‫ََ ُ‬
‫ِ‬ ‫طَيِنب الع ِشي والتَّاي و ُّاد ِ‬
‫الذ ْر (بعثن األوالد)‬ ‫ين الغََرايِْر يِْت َح ْرك ْن‪َ ،‬خافَ ْن َ‬
‫ود َّز ْف ّْ‬ ‫َّس ِو ْ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫وى‬ ‫ْ‬ ‫ْْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معاى ْم َحتَّا ْف‬
‫ػصر (سهر) ُ‬ ‫ين وﭬ َّ‬‫ود َّخل الغوالو الثالثة ُػبْر ْ‬ ‫ود َّخ ْل الغَرايِْر لدار اغبَدي ْد َ‬ ‫اى ْم‪ .‬جاء الراج ْل َ‬ ‫لبَّ ُ‬
‫ص َّدقْنا‪ ،‬بعدما يروح يػُْرُﭬػ ْد نػُُﭭػْتػلُوه من غّب ما يَػ ْفطَ ْن‬
‫اجل َ‬
‫الر ْ‬ ‫ػب (تأخر) اغباؿ‪ ،‬فرحوا الغوالة وﭬَػالوا َّ‬ ‫َعػﭭَّ ْ‬
‫وس َّك ْر الباب‬ ‫ؼ ِوﭬِ ػػي ْد َ‬
‫نروح نػُْرُﭬ ػ ْد‪ ،‬وكي َع ْاد َخار ْج َشعَّ ْل فيها عُُر ْ‬
‫بينا (يعرفنا)‪ .‬ﭬَػػال ْلهم الراجل الزـ ْ‬
‫ِ‬
‫الصْبحة‬ ‫خالص بَطَّْلنا بطَّْلنا (انتهينا)‪ ...‬ومن غُ ُد َوه َّ‬ ‫ْ‬ ‫ادوا الغوالو َيعْيطوا‬ ‫لت الدار بِلّْي فيها‪َ ،‬‬
‫وع ُ‬ ‫وش ْع ْ‬
‫وغنِمو وبػﭭَ َّػره وراح ِس َكن يف قَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْر‬ ‫ْ‬ ‫ػاىم َعادوا ْرَم ْاد‪َ ،‬ى ْز عايِْلتَو وعايل ْة ُخ ْوه َ ْ ْ ْ‬ ‫َح ْل الراجل دار اغبديد لْػﭭَ ُ‬
‫َّاحة لْ ُك ْل من يَ ْس َم ْع‬ ‫ِ‬ ‫الغوالو‪ِ .‬‬
‫ي وتُػف َ‬
‫َّاحة لْوالْ َد َّ‬
‫ِف وتُػف َ‬
‫َّاحة َّ‬
‫صابَو‪ ،‬تُػف َ‬
‫وخَّرفْتػنَا َغابَو َغابَو ‪ُ ،‬ك ْل َع ْاـ ْذبينا َ‬
‫ُ‬
‫ِ ‪1‬‬
‫يف‪.‬‬‫َّ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مبروكة بنت محمد بنت ابراهٌم‪ .‬ولدت بالوادي سنة ‪ ,0841‬تنتمً إلى عرش المصاعبة‪ ,‬فرقة العزازلة‪ ,‬أمٌة وام لعدد من األوالد‪ ,‬تقٌم‬
‫بالرباح وتحفظ عدد كبٌرا من أصناف التراث الشفوي المنطوق‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫ملحق‬

‫حكاية "شرف امرأة"‬

‫كاين مرا عندىا ثالثة أوالد وكاف راجلها مسافر‪ ،‬ويوـ من األياـ جاء العسكر يف مهمة يبشوا قداـ‬
‫باب دارىا‪ ،‬شافوىا (نظروا إليها) وىي تتفقد يف أوالدىا كانوا يلعبوا قداـ الباب‪ ،‬راحوؽبا العسكر‬
‫(ذىبوا إليها) وؼبا شافتهم سكرت الباب(أغلقت الباب)‪ ،‬قاللها العسكري حلي (افتحي) الباب وإال‬
‫نقتل لك أوالدؾ‪ ،‬قالت لو ال ماكبلكش (ال أفتح لك)‪ ،‬قتل ؽبا العسكري أوالدىا واحد بعد واحد‬
‫وىي رافضة ربل الباب‪ ،‬وراح‪.‬‬
‫وبعد أيبات جاء راجلها من السفر وقالت لو اؼبرا األوالد وإال شريف؟ وحكت لو اؼبرا عن القصة مع‬
‫العسكر‪ .‬وبعد شهور اتعينت اؼبرا (أصبحت حبلى) وجاء وقت والدهتا وتزامن مع وقت والدة زوجة‬
‫السلطاف‪ ،‬راح الراجل ينادي يف الداية وىي راوبة لزوجة السلطاف‪ ،‬قاؿ ؽبا دار السلطاف مازالت بعيدة‬
‫ىيا معايا لزوجٍب قبل‪ ،‬راحت معاه وجابت اؼبرات واـ (توأـ) وعوضها رب عن صبىا عن أوالدىا‬
‫ليقتلهم العسكر وحافظت عن شرفها‪ ،‬وحكت اؼبرا للداية عن قصتها‪ ،‬وؼبا راحت الداية للسلطاف‬
‫قصت عليو اغبكاية ألف السلطاف قاللها وش ببيك (ما بك) طولٍب؟‬
‫راح السلطاف للمرا وقاللها تو قبيبلك (آتيك) العسكر يفوتوا قداـ بابك وإنت طلي (أنظري) وؼبا‬
‫تشويف ليقتل أوالدؾ طبطيب الباب (دقي الباب)‪ ،‬وكاف كيما تفانبوا‪ ،‬وظبع السلطاف طبطيبة (دؽ)‬
‫الباب‪ ،‬قتل السلطاف العسكري وشفي غليل اؼبرا منو وعوضها رب بأوالد أخرين‪ ،‬وىكا بعدما‬
‫‪1‬‬
‫حافظت عن شرفها‪.‬‬

‫حكاية "صِيشَةوالغُولِي"‬

‫ش ِيف َس َع َادة َوَىنَا ْم َع ْاى ْلو‬ ‫ِ‬ ‫ك ِيف ِزَما ْف بَ ْك ِري َكا ْف ِيف َّ‬ ‫ك قَالْلِ ْ‬
‫ك يَا َؾبَاتِ ْ‬
‫"يا َح َجاتِ ْ‬
‫الص ْحَرا َراج ْل َعايَ ْ‬
‫ت ِظبْ َحة َو َعاقِلَة و ِعْن َد َىا بِْنت َع َّمها‬ ‫يشة َكانَ ْ‬
‫ِ‬
‫ت بِْنتَ ْو الْ ِكبِ َّبة ا ْظبَ َها ِع َ‬‫ات وَكانَ ْ‬ ‫انن ِعْن َد ْه بَػنَ ْ‬
‫وَك ْ‬
‫ِمْتصاحبات وعايشات مع بػع ِ‬
‫ضاى ْن كِي َػبََو ْ‬
‫ات‪.‬‬ ‫َ َْ ْ َ ْ َ ْ ْ َ َْ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الراوٌة سالمة كركوبً‪ 67 ,‬سنة‪ ,‬أمٌة‪ ,‬حً الشوامس بالوادي‪ ,‬مخطوط‪ ,‬جامعة حمة لخضر بالوادي‪..1101-1100 ,‬‬
‫‪117‬‬
‫ملحق‬

‫اجر قَاؿ لِعيشة راو ِعْن ِدي اِفْػنوكو انْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت عيِ َشة َواح ْد‬ ‫يهم ِشَّر ْ‬‫بيع ف ْ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫دى ْم تَ ْ‬ ‫َو فشي َواح ْد النَػ ّه ْار َجا لعْن ُ‬
‫ك ِعيِ َشة‬ ‫أختها وبِِقي فِنَ ْ‬ ‫صحراوي) ْ‬ ‫ك (حيواف ْ‬ ‫ات فِنَ ْ‬ ‫ات َم ْ‬ ‫اؾ ل ْفنُوَك ْو وبَعد ايبََ ْ‬
‫واختػها واح ْد وفِرحن ِّٔ ْ ِ‬
‫َّ ْ َ‬ ‫َُْ َ‬
‫ص ْار غُ ِوِف َخافُو ْأى َلها َو َأى ْل‬ ‫يشة َو َ‬ ‫ك ِع َ‬ ‫ت ُش ُه ْور كِ ْب فِنَ ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت اتْػَرِيب ف ْيه َو كي فَاتَ ْ‬ ‫ش َوقَػ ْع َد ْ‬ ‫ِ‬
‫َح َّي َما َمات ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يشة قَالَْتػلَ ُه ْم‬ ‫ش يَاكِْلنَا ‪،‬أ ََماالَ ِع َ‬ ‫ْب َع ْ‬ ‫يشة الَُزْـ َعلينَا نَػَر ْحلُوا َوَلبلُ ْوه َوَرانَا َخايف ْ‬ ‫اىا يَا ِع َ‬ ‫َع ْم َها م ْنو قَال ْل َها ابّ َ‬
‫ِ‬ ‫وىا ْأىلَ َها بِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اش يػُ ُقولُو‬ ‫الص ْح َؿبَبَاتْشي َو ْ‬ ‫اعدة ْم َعاه َوَما ْنر َح ْلشي َوْلبَل ْيو (نَبكوه ) َو ْح َد ْه و َحلَلُ َ‬ ‫نَايَا َرِاين قَ َ‬
‫اىا‬ ‫انبَة ْم َع َ‬ ‫ت َمْتػ َف ْ‬ ‫ش َكانَ ْ‬
‫ِ‬
‫الص ْحَرا َعالَك ْ‬ ‫ت َع ْم َها َو َح ْد ِى ْن ِيف َّ‬ ‫ورِحلُو أىلَها وأىل عمها وخلُ ِ‬
‫وىا ىي وبِْن ْ‬ ‫ْ َ َ ْ ََْ َ َ َ‬ ‫َُ‬
‫يشة َوَما ْنر َح ْل ِشي َواَْلبَلِ َيها َو َح ْد َىا َو ْقع َد ْف َم َع الغُ ِوِف َو َح ْد ِى ْن ‪ ،‬و َع ْاد‬ ‫ت أل ََى ْل َها الَ ِزْـ نَػ ْق َع ْد ْم َع ِع َ‬ ‫‪َ ،‬وقَالَ ْ‬
‫يشة ْم َع ْاه‬ ‫لت ِم ْن الْعِ َ‬ ‫ت ِع َ‬ ‫يشة باش اَطْيبػلَو ياكِل وبع ْد ْايبَ ْ ِ‬ ‫الْغُ ِوِف يػر ِ ِ ِ ِ‬
‫يشة وَم ْ‬ ‫ات ك ْرَى ْ‬ ‫وح يَصي ْد وهبي لع َ َ ْ َْ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َُ ْ‬
‫اشي َكا ْف‬ ‫وحدىا ‪ ،‬عالَكِش َكانت ُـبَبية بِْنت عمها عن الغُ ِوِف عاش ياكِْلها ِيف صْن ُدوؽ ‪ ،‬وما َزبرجه ِ‬
‫ََ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫ْ ْ ْ ََْ َ ْ‬ ‫ََ َ َ ْ‬
‫وح يَصي ْد‪.‬‬ ‫بَع ْد َما يْػ ُر ْ‬
‫س لِْب َسة ُس ْلطَا ْف َوْم َعا لَ َّمة‬ ‫ْ‬
‫يشة وَكا ْف الَبِ‬ ‫َ‬ ‫صي ْد عاقِب عن خيمة ِ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الر ِاجل يَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫االياـ َجا واح ْد َّ ْ‬
‫ِ‬
‫َوِيف يَػ ْوـ م ْن ْ‬
‫يشة وقَ ْ ِ‬ ‫َكبّبة ِمن الرح ْاؿ وكِي َش ْ ِ‬
‫ص ْارْؽبَا‬‫اش َ‬ ‫ف ع ْد َىا ِيف َخْي َمْتػ َها ونَ َش ْد َىا َع ْن َحالَْتػ َها َو َح َكْتػلَ ْو َو ْ‬ ‫اؼ ع َ َ‬ ‫َ ْ َّ َ ْ‬
‫عيشة ُكو ْف‬ ‫ِ‬ ‫اطي َماقَػْتالَ ِشي َع ْن بِْنت َع ّم َها اللّي َخبَّْتػ َها َعْنو ‪َ :‬و قَ ْاؿ ُّ‬ ‫اَمعا الغُ ِوِف وأَى ْلها وخ ِ‬
‫الس ْلطَا ْف ل َ‬ ‫ََ َ ََ‬ ‫َْ‬
‫وحي َوال ال؟‬ ‫صر تَػر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫نْ ِد ْ‬
‫يك ْم َعايَا ل ْل َق ْ ُ‬
‫ت معاىا قَ ْشها وِرحلَ ِ‬ ‫ِ‬
‫صلُوا‬ ‫ت وكي َو ْ‬ ‫ب‪َ ،‬وَىَز ْ ْ َ َ َ َ ْ ْ‬ ‫ِ‬
‫ت َوا ْش َعّرض َعْنػ َها والغُ ِوِف َغاي ْ‬ ‫يشة ْم َعاه َوقْبػلَ ْ‬ ‫ت ِع َ‬ ‫ِ‬
‫َوَراح ْ‬
‫عيشة لَِر ِاج ْل َها‬ ‫ت َ‬ ‫صر َوقَالَ ْ‬ ‫يشة ودارىا ِيف أَحسن ِديار الْ َق ِ‬
‫ْ َْ َْ‬
‫ِ‬
‫الس ْلطَا ْف ْم َع ع َ َ ْ َ‬ ‫س َو ْازَو ْج َولَ ْد ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ل ْل َقص ْر َدا ِرْؽبَا ع ْر ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صغِ َّبة ِيف َدا ِري وبنا َؽبَا َولَ ْد ُّ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ت‬ ‫الس ْلطَا ْف قُ ْبو َو َخبَت ف َيها بِْنت َع ّم َها َع ْن َراج ْل َها َو َع َاد ْ‬ ‫الَ ِزْـ تْبنيلي قُ ْبو َ‬
‫اير َوُك ْل َما ِِهبي يْن ِش ْد َىا (يسأؽبا) َع ْن‬ ‫وجها ِيف َد ْارَىا تَػ ْلقَّى ِغ ّْب نَ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َها َو َع َاد َح ْ‬ ‫ُك ْل َما َزبَلي اؼبَاكلَة لَز َ‬
‫ِ‬
‫يشة َولَ ْد ذَ َك ْر‬ ‫ت ِع َ‬ ‫يب َع ْاـ ِولْ َد ْ‬ ‫ِ‬
‫عارفة َعْنو م ْن ُى َواللّي كالَه َوبَػ ْعد ُش ُه ْور ق ِر ْ‬
‫ِ‬
‫ش ْ‬
‫ِ‬
‫االم ْر تَػ ُق ْلو َرِاين م ْ‬
‫َى َذا َ‬
‫رس كِبِ ّْب ْلو‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لَِولَ ْد ُّ‬
‫الس ْلطَا ْف َوفّْر ُحو ب ْيو َوَد ُارْوا ع ْ‬
‫وبع ْد ايبات ِمن ِوالَد ْة ِع ِ‬
‫عيشة‬‫ّْش (يبحث) َع ْن َ‬ ‫اىا الغُ ِوِف ِيف اللّْْيل اللَّي قَػعَّ ْد يَِفت ْ‬ ‫يشة لولَ ْد َىا َج َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ْ‬
‫اىا‬ ‫يشة َج َ‬ ‫يش ِع َ‬ ‫َصل و ِ‬
‫ين تْع ْ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت حتَّاف َش ْم ِر ِوبْتػ َها ِيف َى َذ ْاؾ الْ َقصر َوَد َخ ْل الْ َقصر َوكي أ ْ َ ْ‬ ‫بَػ ْعدما َر َّحلَ ْ‬
‫صر اماالَ‬ ‫يشة َع ْن أ َْىل الْ َق َ‬ ‫ت ِع َ‬ ‫ك َخافَ ْ‬ ‫يشة بِْنت ِمي أ َْع ِط ِيِب نَاكِ ْل َوالَّ ِقبي نَا ْكلِ ْ‬ ‫قَال ْل َها ِمي ِمي يَا ِع َ‬
‫ِ‬
‫يشة َح ْازنة َع ْن ِولَ ْد َىا َو ِح ْزنُوا أ َْىل‬ ‫ِ‬ ‫قَالْتػلَو ما ِعْن ِد ِ‬
‫دت ِع َ‬ ‫الس ْلطَا ْف َىَّزه َوأ ََداه ْم َع ْاه َوَراح َوق ْع ْ‬ ‫يشي ِغ ّْب َولَ ْد ُّ‬ ‫َْ‬
‫اؾ الغُ ِوِف َعْنػ َها َع ْاـ َما ِر َج ْع ِشي لِ َيها‪.‬‬ ‫اب َى ْ‬ ‫الس ْلطَا ْف جدَّه َوَزاد َغ ْ‬ ‫صر و ُّ‬ ‫الْ َق َ‬

‫‪118‬‬
‫ملحق‬

‫ِ‬
‫دت‬ ‫الس ْلطَا ْف ِيف الغَ ِزي‪َ ،‬وَز ْاد أ ََد ْاه ْم َع ْاه َوق ْع ْ‬ ‫يشة َولَ ْد َىا الثَ ِاين َر َجع الغُ ِوِف َوَكا ْف َولَ ْد ُّ‬ ‫ت ِع َ‬ ‫َوكي َجابَ ْ‬
‫ِ‬
‫ِعيشة ح ِزينة وقَ ِ ِ‬
‫يشة‬ ‫ت ِع َ‬ ‫ت َجابَ ْ‬ ‫ات َوَما قَػْتالَ ِشي بِلّْي َراه أ ََّد ْاه الغُ ِوِف‪َ ،‬وز َاد ْ‬ ‫الت لَراج ْل َها بِلّْي ِولَ ْد َىا َم ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ‬
‫يشة بِْنت ِمي أ َْع ِط ِيِب نَاكِ ْل‬ ‫اع الغُ ِوِف ِمي ِمي يَا ِع َ‬ ‫وت انْػتَ ْ‬
‫الص ْ‬ ‫اؾ ُ‬ ‫ث وكِ ْي َجابَاتَ ْو َر َجعِْل َها َى ْ‬ ‫َولَ ْد َىا الثَاِلِ ْ‬
‫يشة َعلى أ ََوَال ْد َىا‬ ‫الس ْلطَا ْف َوَز ْاد أ ََداه ْم َع ْاه َوَز ْاد ُحَز ْف ِع َ‬ ‫يش ِغ ّْب َولَ ْد ُّ‬ ‫ك قَاتْػلَ ْو َما ِعْن ِد ِ‬ ‫َوالَّ ِقبي نَا ْكلِ ْ‬
‫اش يَاكِْل ُه ْم الغُ ِوِف قَالَتلِ َها بِْنت‬ ‫اؼ َع ْ‬ ‫ين أ َْلبَ ْ‬ ‫ُخ ِر ْ‬
‫يب أ َْوالَ ْد أ ْ‬
‫يد ِ‬
‫ش قب ْ‬ ‫ت َما نْ ِز َ ْ‬
‫ِ‬
‫ت َمَرض كبِ ّْب وقَالَ ْ‬ ‫ضْ‬ ‫وُم ْر ُ‬
‫ص ْر وأَلْبَ ِسي ِجلِ ْد َغَز ْاؿ َوأُقُػ َع ِدي ِيف الغَ ِزي (مكاف يصيدوف‬ ‫يك تَػرحلِي ِمن ىا الْ َق ِ‬
‫ْ َ‬
‫عمها نَايا َ ِ‬
‫ندبّْػ ْر َعل ْ َ ْ‬ ‫ََّ َ‬
‫ِ‬ ‫يشة براي بِنت عمها ودار ْ ِ‬ ‫فيو اغبيوانات) وخض ِ‬
‫الس ْلطَا ْف‬‫نت َع ّم َها َوَكا ْف َولَ ْد ُّ‬ ‫يما قَالَتل َها بِ ْ‬ ‫تكَ‬ ‫ت ع َ َ ْ ْ ََّ ََ َ‬ ‫ََ َ ْ‬
‫ِ‬
‫ص ْر‬‫ت عن الْ َق ِ‬
‫يشة َوقَالُولَ ْو َراىي ُر ْحلَ ْ َ ْ‬ ‫اشي ِع َ‬ ‫صر ِيف الغَ ِزي كِي العادة‪ ،‬وكِي رجع مالْ َق ِ‬
‫ْ ََْ َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ِ‬
‫ب َع ْن الْ َق ْ‬
‫ِ‬
‫َغاي ْ‬
‫نت َع ّم َها َو َح َكْتلو َع ْن قِ َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اح ِؽبَ ْ‬ ‫أَماال ر ِ ِ‬
‫يشة‬ ‫صْتػ َها ْم َع ِع َ‬ ‫اؾ الْ ُقبَّة َوأَلْقي ْربتَػ َها بِ ْ‬ ‫اع َها َور ْ‬ ‫اح َراج ْلها لداَر انْػتَ ْ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫عيشة عن الْ َق ِ‬ ‫وكِي طَالَ ِ‬
‫نت َع ّم َها اللَّي َماقْتالَشي َع ِن َو ْ‬
‫اش‬ ‫الس ْلطَا ْف ْم َع بِ ْ‬ ‫ص ْر َو ْازَو ْج َولَ ْد ُّ‬ ‫ت َ َ‬ ‫ت غيبَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫اس ْر َما ِولْ َدتْ ِشي لَ ْوالَ ْد‪.‬‬‫ْب ي ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫نت َع ّم َها ْم َع َزوج َها سن ْ َ‬ ‫ت بِ ْ‬ ‫ت َعن ِعيشة وقَػ ْع َد ْ‬ ‫َدبْػَر ْ‬
‫احد الْغََزالَة َغ ِريبَة ا ْؽبِيَة‬ ‫اؼ قَ ِطيع أَ ْغ ِزلَة ومعاه و ِ‬
‫َْ َ‬ ‫الس ْلطَا ْف للغَ ِزي َوِيف طَ ِري َق ْو َش ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫اح َولَ ْد ُّ‬ ‫ين َر ْ‬ ‫ت َمَّرة ِو ْ‬ ‫َو َج ْ‬
‫ِ‬
‫يت‬ ‫ُخَرى ِيف الْ ُكوِري (االسطبل ) َوَراح للدَّبَ ْار وقَالَ ْو َرِاين إلْق ْ‬ ‫صيَّ ْد َىا َو َجابْػ َها َوَد َاىا ْم َع الْغُْزالَ ْف ْاأل ْ‬ ‫َأماالَ َ‬
‫نآد ْـ ‪َ ،‬و َش َعَرَىا َوِج ْل َد َىا ِج ْلد َغَزالَة‬ ‫َغزالَة َغ ِريبة ِيف ىيَّْتػها ور ِاىي م ِهيش نُوع (مثل) ُػبْ ِرين ِرجلِيها ِرجلِْب ب ِ‬
‫ْ ْ َ ْ َْ‬ ‫َ َ َ ََ َ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ُخ ُر ْج ِم ْن ال ُكوِري‬ ‫ؼو ِ‬
‫وحطْ َها َوأ ْ‬‫ص َعة طَعاـ ُ‬ ‫ص َلها حض َّْر قَ ْ‬ ‫اش ا ْ‬ ‫يت تَػ ْع ِر ْ َ ْ‬ ‫ك َكاف َحبِ ْ‬ ‫قَالْو الدَّبَار نَايَا نَػ ُقلَ ْ‬
‫ش الْغََزاؿ َمايَ ِك ْل ِشي الطَّ َعاـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وؼ ِمن بِعِي ْد إذا كِالَ راو ِ‬ ‫ِ‬
‫بن آد ْـ َوإ َذا َماكالَشي َر ْاو َغَز ْاؿ ‪َ ،‬عالَك ْ‬ ‫َْ ْ‬ ‫وأُقْعد ُش ْ ْ‬
‫يما قَالَ ْو الدَّبَ ْار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اح َد ْار ك َ‬ ‫َاماالَ َر ْ‬
‫حٌب و ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّت الْغََزالَة ِع َ‬ ‫إيش ْ ِ‬
‫اح ْد‬ ‫اح َور ْاو َما َكاي ْن َّ َ‬ ‫يشة بِاللّْي َر ُاىو َر ْ‬ ‫وؼ مْت َخِيب َحتَّا ْف (إُف غاية) ضن ْ‬ ‫َوقَػ َع ْد ُ‬
‫ت تَا ُك ْل ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ْ‬‫ش الْ ُك ْس ُكسي َوَر َ‬ ‫ْب َما كليت ْ‬ ‫ت َرِاين َج َعانَة َو َحابَة نَاكِ ْل الْ ُك ْس ُك ِسي ِعْندي ِسنِ ْ‬ ‫َوقَالَ ْ‬
‫يشة َمَّراتَ ْو فِر ِْح وفِْر ُحوا‬ ‫اعبِْل ْد َع ْن َوج ِه ِها و ِعَرفْػ َها ِع َ‬ ‫آد ْـ ِش َو ْي َش ْد َىا َوَكبَا ْؽبَا ْ‬ ‫الْ َقصعة عرفْػها ر ِاىي بن ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ ََ َ َ‬
‫قصر الْغُ ِوِف‬ ‫يشة َع ْن الْ ْ‬ ‫يشة َع ْن ِح َكايَة أ َْوالَ ْد َىا ْم َع الْغُ ِوِف َوطُوؿ َغْيبَة ِع َ‬ ‫صر الْ ُك ْل َو َح َكتِْل ُه ْم ِع َ‬ ‫أ َْىل الْ َق َ‬
‫ت فِ ْيو‬ ‫وت ِمن نَػهار اللّْي ِغب ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫الص ْ ْ َ ْ‬ ‫يشة َر ْاو َىا ُ‬ ‫الس ْلطَا ْف يَا ِع َ‬ ‫صوتَو قَ ْاؿ ُّ‬ ‫ت َر َج ْع ُ‬ ‫َما َجاشي َوا ْهن ْار ِِف َج ْ‬
‫اؾ‬ ‫اش يُ ْد ُخ ْل َوكِ ْي َجا الْغُ ِوِف َى ْ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َغاب م ِْ ِ‬
‫اب بَ ْ‬‫ياع ّْمي َكا ْف ظب ْعتَ ْو افْػتَ ْح الْبَ ْ‬ ‫وـ قَاتْػلَ ْو َ‬ ‫اظب ْعنَاشي َكا ْف الْيُ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫اب ُكولِِْب قَالِْل َها‬ ‫ك َح ْ‬ ‫يش َكانَ َ‬
‫ِِ‬
‫يشة ما عْند ْ‬ ‫وؿ في ِها قَالَْتػلَ ْو ِع َ‬
‫اؾ الْ َك ْلمة اللّْي ِديبة اي ُق ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الْلِيلَة وقَ ْاؿ َى ْ‬
‫ك ِخ ِّب ْؾ‬ ‫نرج ْعلِ ْ‬
‫الْغُ ِوِف يا ِعيشة رِاين ماكِلِيتِش أَوالَ ِد ْؾ راو جابت فِيا الْعِ ْشرة (االلفة واحملبة) وحبِيت ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ َ َ‬

‫‪121‬‬
‫ملحق‬

‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ت ِع َ‬
‫يشة‬ ‫وحو َوَزَّو َج ْ‬
‫اح الْغُوِف َع ْن ُر ْ‬ ‫ت عِ َ‬
‫يشة بِ ُيه ْم َوَر ْ‬ ‫اللّْي د ْرت ْيو فيَا َو َجابِْل َها أ َْوالَ ْد َىا َر َّجالة َكبَ ْار وف ْر َح ْ‬
‫يشة لَِر ِاج ْل َها ‪.‬‬
‫ت ِع َ‬ ‫دىا َوُر ْج َع ْ‬
‫أَوالَ َ‬
‫ِ‬
‫اشوا الْ ُك ْل ِيف الْ َق ْ‬
‫صر‬ ‫دىا فَا ِر َحة وِر ْجعُوْؽبَا أ ََى ْل َها و َع ُ‬
‫ت َم َع أ َْوالَ َ‬ ‫اش ْ‬
‫وع َ‬ ‫نت َع ْم َها م ْنو ‪َ ،‬‬ ‫ت بِ ْ‬ ‫َواطَّل َق ْ‬
‫احة‬ ‫ِمْتػهْنيِْب وخَّرفِْتػنا َغابة َغابة‪،‬صلُوا على النَِّيب وأَصحابو‪ ،‬تُػ َفاحة لِيَّا وتُػ َفاحة لِلَي ي ِ ِ‬
‫صق ْر فيَا وتُػ َف َ‬ ‫َ ّْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َْ‬ ‫َ ْ َُ َ َ َ َ َ‬
‫‪1‬‬
‫شويَا‪".‬‬ ‫وىا ش ّْويَا ّْ‬ ‫ِِ‬
‫نق ْس ُم َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الراوٌة جمعة باحدي‪ ,‬عن الطالبات‪ :‬وردة باحدي‪ ,‬مبروكة طهراوي‪ ,‬عواطف محبوب‪ ,‬جامعة حمه لخضر بالوادي‪,1115-1114 ,‬‬
‫مخطوط‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ ‬القرآف الكرًن برواية ورش عن نافع‪.‬‬


‫‪ -‬أوال‪ :‬المص ـ ــادر‪:‬‬
‫‪.1‬رواة القصص الشعبي‪ :‬صبعة باحدي ‪ -‬خّبة كشحة – جلوِف مبوكة – إبراىيم بوذينة – ساؼبة‬
‫كركويب‪ -‬ىاجرة ذىيب‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬المراجع‪:‬‬
‫‪ -I‬العربية‪:‬‬
‫‪.1‬إبراىيم العوامر‪ ،‬الصروؼ يف تاريخ الصحراء وسوؼ‪ ،‬تعليق اعبيالين العوامر‪ ،‬الدار التونسية‬
‫للنشر‪ ،‬تونس‪.1977 ،‬‬
‫‪.2‬أضبد الزعيب‪ ،‬التناص نظريا وتطبيقيا‪ ،‬عموف للنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪.2000 ،‬‬
‫األدب الشعيب الدرس والتطبيق‪ ،‬مطبعة سخري‪ ،‬الوادي ‪،‬اعبزائر‪ ،‬ط‪.2012 ،2‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ؽبجة وادي سوؼ‪ -‬دراسة لسانية يف ضوء علم الداللة اغبديث‪ ،‬مطبعة مزوار‪ ،‬الوادي‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ط‪.2012 ،1‬‬
‫‪.5‬أضبد علي مرسي‪ ،‬مقدمة يف الفلوكلور‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط ‪.1987 .،3‬‬
‫‪.6‬أضبد كماؿ زكي‪ ،‬األساطّب تراث اإلنسانية‪ ،‬اؽبيأة اؼبصرية العامة للكتاب‪ ،‬مصر‪.2002،‬‬
‫‪.7‬أضبد مرشد‪ ،‬البنية والداللة يف الرواية‪ ،‬إبراىيم نصر اهلل‪ ،‬اؼبؤسسة العربية للدراسات والنشر‪،‬‬
‫بّبوت‪ ،‬ط‪.2005 ،1‬‬
‫‪.8‬أضبد ناىم‪ ،‬التناص يف شعر الرواد (دراسة)‪ ،‬دار الشؤوف الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬
‫‪.9‬أكرـ رضا‪ ،‬على أعتاب الزواج‪ ،‬ألفا للنشر والتوزيع‪ ،‬اعبيزة‪ ،‬مصر‪ ،‬دط‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ .11‬أبو أنس‪ ،‬الزواج أحكاـ وآداب وشبرات‪ ،‬مكتبة ماجد البنكاين‪ ،‬العراؽ‪.2004 ،‬‬
‫‪ .11‬بن الساَف بن اؽبادؼ‪ ،‬سوؼ تاريخ وثقافة‪ ،‬مطبعة الوليد‪ ،‬الوادي‪ ،‬اعبزائر‪.2007،‬‬
‫‪ .12‬بولرباح عثماين‪ ،‬دراسات نقدية يف األدب الشعيب‪ ،‬الرابطة الوطنية لألدب الشعيب‪ ،‬اعبزائر‪،‬‬
‫ط‪.2009 ،1‬‬
‫‪ .13‬جاسم خلف إلياس‪ ،‬شعرية القصة القصّبة جدا‪ ،‬دار نينوي‪ ،‬دمشق‪.2010 ،‬‬
‫‪ .14‬صباؿ بن ؿبمد‪ ،‬الزواج العريف يف ميزاف اإلسالـ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬

‫‪122‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪ .15‬صبعية التجديد الثقافية االجتماعية‪ ،‬األسطورة توثيق حضاري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار كيواف للطبع‪،‬‬
‫دمشق‪.‬‬
‫‪ .16‬حساف اعبيالين‪ ،‬قصة العودة‪ ،‬ج‪،1‬دار ىومة ‪،‬اعبزائر‪.2011،‬‬
‫‪ .17‬حسن حبراوي‪ ،‬بنية الشكل الروائي (الفضاء‪ ،‬الزمن‪ ،‬الشخصية)‪ ،‬ؾبمع ثقايف‪ ،‬دار البيضاء‪،‬‬
‫بّبوت‪ ،‬ط‪.1990 ،1‬‬
‫‪ .18‬ضبيد غبمداين‪ ،‬بنية النص السردي من منظور النقد األديب‪ ،‬مركز الثقافة العربية للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪.1991 ،1‬‬
‫‪ .19‬حورية بن ساَف‪ ،‬اغبكاية الشعبية يف منطقة جباية دراسة ونصوص‪ ،‬دار ىومة للطباعة والنشر‪،‬‬
‫اعبزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ .21‬رابح العويب‪ ،‬أنواع النثر الشعيب‪ ،‬منشورات جامعة باجي ـبتار‪ ،‬عنابة‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬

‫‪ .21‬الرازي‪ ،‬ـبتار الصحاح‪ ،‬أعده للنشر ؿبمد ثامر‪ ،‬دار مكتبة اؽبالؿ‪ ،‬بّبوت‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ .22‬ابن رشيق‪ ،‬العمدة يف ؿباسن الشعر وأدبو ونقده‪ ،‬تح‪ :‬ؿبي الدين عبد اغبميد‪ ،‬دار اعبيل‪،‬‬
‫بّبوت‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪.1981 ،5‬‬
‫‪ .23‬روزالْب ليلى قريش‪ ،‬القصة الشعبية اعبزائرية ذات األصل العريب‪ ،‬دط‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات‬
‫اعبامعية‪ ،‬اعبزائر ‪،1980،‬‬
‫‪ .24‬الزـبشري‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬تح‪ :‬ؿبمد باسل‪ ،‬ج‪ ،1‬منشورات دار الكتب العلمية‪ ،‬بّبوت‪،‬‬
‫دط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ .25‬سامية حسن الساعايت‪ ،‬الثقافة والشخصية (حبث يف علم االجتماع الثقايف)‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بّبوت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪.1973 ،2‬‬
‫‪ .26‬سعيدي ؿبمد‪ ،‬األدب الشعيب بْب النظرية والتطبيق‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات‬
‫اعبامعية‪،‬اعبزائر‪.1998،‬‬
‫‪ .27‬شوقي عبد اغبكيم‪ ،‬الفلوكلور واألساطّب العربية‪ ،‬دار ابن خلدوف للطباعة‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪.1983‬‬
‫‪ .28‬صاٌف بن ضبادي‪ ،‬دراسات يف األساطّب واؼبعتقدات الغيبية‪ ،‬دار بوسالمة ‪،‬تونس‪،‬ط‪،1‬‬
‫‪.1983‬‬
‫‪123‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪ .29‬صفوت كماؿ‪ ،‬اؼبأثورات الشعبية علم وفن‪ ،‬مكتبة األسرة‪ ،‬مصر‪،2000 ،‬‬
‫‪ .31‬طالؿ حرب‪ ،‬أولية النص‪ ،‬نظريات يف النقد والقصة واألسطورة واألدب الشعيب‪ ،‬اؼبؤسسة‬
‫اعبامعية للنشر‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬
‫‪ .31‬عبد اغبميد بورايو‪ .،‬اؼبسار السردي وتنظيم احملتوى‪ ،‬السبيل للنشر والتوزيع‪ ،‬اعبزائر‪2008 ،‬‬
‫األدب الشعيب اعبزائري‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬اعبزائر‪.2007 ،‬‬ ‫‪.32‬‬
‫القصص الشعيب دبنطقة بسكرة دراسة ميدانية‪ ،‬اؼبؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬‬ ‫‪.33‬‬
‫اعبزائر‪.1984 ،‬‬
‫منطق السرد (دراسات يف القصة اعبزائرية اغبديثة)‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات‬ ‫‪.34‬‬
‫اعبامعية‪ ،‬اعبزائر‪.1997 ،‬‬
‫اغبكايات اػبرافية للمغرب العريب‪ ،‬وزارة الثقافة الوطنية‪ ،‬اعبزائر‪.‬‬ ‫‪.35‬‬

‫‪ .36‬عبد اغبميد يونس‪ ،‬اغبكاية الشعبية‪ ،‬الكاتب العريب للطباعة والنشر‪ ،‬القاىرة‪.1968 ،‬‬
‫‪ .37‬عبد الرضباف عيسوي‪ ،‬سيكولوجية اػبرافة والتفكّب العلمي‪ ،‬منشأة اؼبعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.1983‬‬
‫‪ .38‬عبد اهلل ناصح علواف‪ ،‬آداب اػبطوبة والزفاؼ‪ ،‬دار السالـ للطباعة والنشر‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ .39‬عبد اؼبلك مرتاض‪ ،‬ربليل اػبطاب السردي معاعبة تفكيكية سيميائية مركبة (زقاؽ اؼبدف)‪،‬‬
‫ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪ ،‬اعبزائر‪( ،‬د ط)‪.1995 ،‬‬
‫يف نظرية الرواية (حبث يف تقنيات السرد)‪ ،‬عاَف اؼبعرفة‪ ،‬الكويت‪.1998 ،‬‬ ‫‪.41‬‬
‫‪ .41‬عبد اؼبلك مرتاض‪ ،‬يف نظرية الرواية (حبث يف تقنيات السرد)‪ ،‬عاَف اؼبعرفة آّلس الوطِب‬
‫للثقافة والفنوف واآلداب‪ ،‬الكويت‪.1998 ،‬‬
‫‪ .42‬عصاـ حفظ اهلل واصل‪ ،‬التناص الَباثي يف الشعر العريب اؼبعاصر‪ ،‬دار غيداء للنشر‪ ،‬عماف‪،‬‬
‫ط‪.2011 ،1‬‬
‫‪ .43‬علي غنابزية‪ ،‬ؾبتمع وادي سوؼ من االحتالؿ الفرنسي إُف بداية الثورة التحريرية‪ ،‬دار ىومة‬
‫‪ ،‬اعبزائر‪.2017 ،‬‬
‫‪ .44‬غراد حسْب مهنا‪ ،‬أدب اغبكاية الشعبية‪ ،‬الشركة اؼبصرية للنشر‪ ،‬لوقبماف‪ ،‬ط‪.1997 ،1‬‬

‫‪124‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪ .45‬فاروؽ خورشيد‪ ،‬عاَف األدب الشعيب العجيب‪ ،‬دار الشروؽ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،1991 ،1‬ص‬
‫‪.130‬‬
‫‪ .46‬فايزة ىبلف‪ ،‬مناىج التحليل السيميائي‪ ،‬دار اػبلدونية‪ ،‬اعبزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ .47‬فوزي العنتيل‪ ،‬الفلوكلور ماىو‪ ،‬مكتبة مريوِف ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪.1987 ،2‬‬
‫‪ .48‬الفّبوز أبادي‪ ،‬قاموس احمليط‪ ،‬ج‪ ،4‬دار العلم‪ ،‬لبناف‪( ،‬د ط)‪( ،‬د ت)‪.‬‬
‫‪ .49‬لطيف زيتوين‪ ،‬معجم مصطلحات نقد الرواية‪ ،‬دار النهار للنشر‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .51‬ؾبمع اللغة العربية‪ ،‬اؼبعجم الوسيط‪ ،‬إشراؼ شوقي ضيف‪ ،‬مكتبة الشروؽ الولية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫ط‪.2004 ،4‬‬
‫‪ .51‬ؿبمد بنيس‪ ،‬ظاىرة الشعر العريب اؼبعاصر يف اؼبغرب (مقاربة بنيوية تكوينية)‪ ،‬دار العودة‪،‬‬
‫بّبوت‪ ،‬ط‪.1979 ،1‬‬
‫‪ .52‬ؿبمد بوعزة‪ ،‬ربليل النص السردي (تقنيات ومفاىيم)‪ ،‬منشورات االختالؼ‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ .53‬ؿبمد بيومي خليل‪ ،‬سيكولوجية العالقات األسرية‪ ،‬دار قباء للنشر‪ ،‬القاىرة‪.2000 ،‬‬
‫‪ .54‬ؿبمد عبد الرضباف يونس‪ ،‬األسطورة‪ :‬مصادرىا وبعض اؼبظاىر السلبية يف توظيفها‪ ،‬األؼبعية‬
‫للنشر‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬ط‪.2014 ،1‬‬
‫‪ .55‬ؿبمد عبد القادر الرازي‪ ،‬ـبتار الصحاح‪ ،‬اؼبؤسسة اغبديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبناف‪ ،‬باب‬
‫الكاؼ‪( ،‬د ط)‪( ،‬د ت)‪ ،‬ص ‪.486‬‬
‫‪ .56‬ؿبمد عزيز العرفج‪ ،‬اؼبوروث الشعيب يف السرد العريب‪ ،‬كتاب آّلة العربية‪ ،‬الرياض‪1435 ،‬ىػػ‪.‬‬
‫‪ .57‬ؿبمد غنيمي ىالؿ‪ ،‬األدب اؼبقارف‪ ،‬هنضة مصر‪ ،‬القاىرة‪.2004 ،‬‬
‫‪ .58‬ؿبمد مرتاض‪ ،‬من قضايا أدب األطفاؿ دراسة تارىبية فنية‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪،‬‬
‫اعبزائر‪.1994 ،‬‬
‫‪ .59‬ؿبمد مفتاح‪ ،‬ربليل اػبطاب الشعري (اسَباتيجية التناص)‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ط‪.1992 ،3‬‬
‫‪ .61‬ؿبمد ناصر الكيالين‪ ،‬سحر القصة واغبكاية‪ ،‬من منشورات ارباد الكتاب العرب‪ ،‬مكتبة‬
‫األسد‪ ،‬دمشق‪.2000 ،‬‬

‫‪125‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪ .61‬اؼبقدسي‪ ،‬كشف األسرار عن حكم الطيور واألزىار‪ ،‬تح‪ :‬حسْب عاصي‪ ،‬دار اؼبواسم‬
‫للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ .62‬ابن منظور‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬تح‪ :‬علي عبد اهلل الكبّب وؾبموعة من األساتذة‪ ،‬دار اؼبعارؼ‬
‫القاىرة‪.1919،‬‬
‫‪ .63‬مها حسن قضراوي‪ :‬الزمن يف الرواية العربية‪ ،‬اؼبؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بّبوت‪،‬‬
‫ط‪.2004 ،1‬‬
‫‪ .64‬موفق رياض مقدادي‪ ،‬البُب اغبكائية يف أدب األطفاؿ العريب اغبديث‪ ،‬عاَف اؼبعرفة‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ .65‬ميساء سليماف‪ ،‬البنية السردية يف كتاب اإلمتاع واؼبؤانسة‪ ،‬اؽبيأة العامة للكتاب‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ .66‬نبهاف حسوف سعدوف‪ ،‬تشكيل اؼبكاف يف اػبطاب السردي (قراءات يف السرديات العراقية‬
‫اؼبعاصرة)‪ ،‬دار غيداء‪ ،‬عماف‪ ،‬ط‪.2015 ،1‬‬
‫‪ .67‬نبيلة إبراىيم‪ ،‬أشكاؿ التعبّب يف األدب الشعيب‪ ،‬دار النهضة للطبع والنشر‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫دط‪،‬دت‪.‬‬
‫البطوالت العربية والذاكرة التارىبية‪ ،‬اؼبكتبة األكاديبية للنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪.1995 ،1‬‬ ‫‪.68‬‬
‫قصصنا الشعيب من الرومانسية إُف الواقعية ‪،‬دط‪ ،‬مكتبة غريب‪ ،‬الفجالة‪ ،‬مصر‪ ،‬دت‪.‬‬ ‫‪.69‬‬
‫‪ .71‬ناصر البقلوطي‪ ،‬مقوالت يف الَباث الشعيب‪ ،‬منشورات تب الزماف‪ ،‬تونس‪.2005 ،‬‬

‫‪ .71‬أبو ىالؿ العسكري‪ ،‬الفروؽ اللغوية‪ ،‬تح‪ :‬ؿبمد ابراىيم سليم‪ ،‬دار العلم والثقافة‪ ،‬القاىرة‪( ،‬د‬
‫ط)‪( ،‬د ت)‪.‬‬
‫‪ .72‬ىيثم علي اغباج‪ ،‬الزمن النوعي وإشكالية النوع السردي‪ ،‬دار االنتشار العريب‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ .73‬ياسْب النصّب‪ ،‬اؼبساحة اؼبختفية‪ -‬قراءات يف اغبكاية الشعبية‪ ،-‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ط‪.1995 ،1‬‬
‫‪ -II‬المترجمة‪:‬‬
‫‪.1‬إيزايبل إبرىاردت‪ ،‬عودة العاشق اؼبنفي‪ ،‬ترصبة عبد القادر ميهي‪ ،‬مطبعة الوليد‪ ،‬الوادي‪.2006 ،‬‬
‫‪126‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪.2‬برونو بيتلهاًن‪ ،‬التحليل النفسي للحكايات الشعبية‪ ،‬تر‪ :‬طالؿ حرب‪ ،‬دار اؼبروج‪ ،‬بّبوت‪،‬‬
‫‪.1985‬‬
‫‪.3‬بوؿ ريكو‪ ،‬الزماف والسرد (اغببكة والسرد التارىبي)‪ ،‬تر‪ :‬سعيد الغامبي‪ ،‬فالح رحيم‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،1‬‬
‫دار الكتاب اعبديدة‪ ،‬بّبوت‪.2006 ،‬‬
‫‪.4‬تزقيتاف تودوروؼ‪ ،‬ميخائيل باختْب اؼببدأ اغبواري‪ ،‬تر‪ :‬فخري صاٌف‪ ،‬اؼبؤسسة العربية للدراسات‬
‫والنشر‪ ،‬بّبوت‪ ،‬ط‪.1996 ،2‬‬
‫‪ .5‬جوزيف كورتيس‪ ،‬مدخل إُف السيميائية السردية واػبطابية‪ ،‬تر‪ :‬صباؿ حضري‪ ،‬منشورات‬
‫االختالؼ‪ ،‬اعبزائر العاصمة‪ ،‬ط‪2007 ،1‬‬
‫‪.6‬جوليا كريستيفا‪ ،‬علم النص‪ ،‬تر‪ :‬فريد الزاىي‪ ،‬مر‪ :‬عبد اعبليل ناظم‪ ،‬دار تويقاؿ للنشر‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ط‪.1991 ،1‬‬
‫‪.7‬جّبالد برنس‪ ،‬اؼبصطلح السردي‪ ،‬تر‪ :‬عابد خزندار‪ ،‬اؼبشروع القومي للَبصبة‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2003‬‬
‫‪ .8‬دانياؿ تشاندلر‪ ،‬أسس السيميائية‪ ،‬تر‪ :‬طالؿ وىبة‪ ،‬مر‪ :‬ميشاؿ زكريا‪ ،‬اؼبنظمة العربية للَبصبة‪،‬‬
‫بّبوت‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫‪.9‬فريدريتش فوف ديرالين‪ ،‬اغبكاية اػبرافية(نشأهتا‪ ،‬مناىج دراستها وفنيتها)‪،‬ترصبة نبيلة إبراىيم‪،‬‬
‫مراجعة عز الدين إظباعيل‪ ،‬مكتبة غريب‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ .11‬فالديبّب بروب‪ ،‬مورفولوجيا القصة‪ ،‬تر‪ :‬عبد الكرًن حسن‪ ،‬ظبّبة بن عمو‪ ،‬شراع للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬
‫‪ –III‬األجنبية‪:‬‬
‫‪1- Ahmed Najah، Le Souf des Oasie،La maison des livres 12 rue Maitre ، Ali‬‬
‫‪Boumendjel، ALGER، 1970.‬‬
‫‪2- A.J. Greimas; J.Courtés; Dictionnaire raisonné de la théorie du langage‬‬
‫‪hachette; Paris; 1993.‬‬
‫‪3- Andrés –Roger Voisin،Le Souf-Monographie،edition El-walid، El oued.‬‬
‫‪2004.‬‬
‫‪4- Eugéne Gallois،Aux Oasie d'Algerie et de Tunesie،Imprimerie M-R.‬‬
‫‪Leroy،185،rue de Vanves.‬‬

‫‪127‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪ -Iv‬المجالت‪:‬‬
‫‪ .1‬أماين اعبندي‪ ،‬حكايات اغبيواف يف الَباث اإلنساين‪ ،‬األىراـ اليومي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬عدد بتاريخ‪:‬‬
‫‪27‬أوت ‪.2016‬‬
‫‪ .2‬حامت كعب‪ ،‬أنثروبولوجيا اغبكاية اػبرافية‪ ،‬قراءة يف األصوؿ الفكرية والعقدية للحكاية اػبرافية‪،‬‬
‫ؾبلة كلية اآلداب واللغات‪ ،‬جامعة ؿبمد خيضر ‪ ،‬بسكرة‪ ،‬العدد ‪ ،16‬ديسمب ‪.2014‬‬
‫‪ .3‬حسن الشامي‪ ،‬نظم فهرست القصص الشعيب‪ ،‬ؾبلة الفنوف الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،100‬ديسمب‬
‫‪ ،2015‬للهيأة اؼبصرية العامة للكتاب‪.‬‬
‫‪ .4‬سي كبّب أضبد التجاين‪ ،‬اغبكاية الشعبية يف منطقة ورقلة‪ ،‬ؾبلة األثر‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪،‬‬
‫اعبزائر‪ ،‬العدد ‪ ،19‬جانفي ‪.2014‬‬
‫‪ .5‬السيد إماـ‪ ،‬مدخل إُف نظرية اغبكي‪ ،‬مؤسبر أدباء مصر‪ ،‬األحباث‪ ،‬الدورة الثالثة والعشروف‪ ،‬األمل‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫‪ .6‬عبد اؼبلك مرتاض‪ ،‬اغبكاية اػبرافية يف الغرب اعبزائري‪ ،‬ؾبلة الَباث الشعيب‪ ،‬بغداد‪ ،‬العدد‪،10‬‬
‫‪.1977‬‬
‫‪ .7‬على أضبد ؿبمد العبيدي‪ ،‬اغبكاية الشعبية اؼبوصلية بْب التجنيس وتعدد األمباط‪ ،‬ؾبلة دراسات‬
‫موصلية‪ ،‬العدد‪.2009 ،2‬‬
‫‪ .8‬فاروؽ خورشيد‪ ،‬أدب األسطورة عند العرب‪ ،‬سلسة عاَف اؼبعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،284‬الكويت‪2002 ،‬‬
‫‪ .9‬قحطاف صاٌف الفالح‪ ،‬األدب والسياسة ‪ ،‬قراءة يف قصة النمر والثعلب البن ىاروف ت‪215‬ىػ ‪،‬‬
‫ؾبلة جامعة دمشق‪ ،‬آّلد ‪ ،27‬العدد ‪.2011 ،2-1‬‬
‫‪ .11‬ؿبمد رجب النجار‪ ،‬حكايات اغبيواف يف الَباث العريب‪ ،‬ؾبلة عاَف الفكر‪ ،‬العدد ‪ ،2-1‬جويلية‬
‫‪ ،1995‬الكويت‬
‫‪ .11‬مصطفى يعلى‪ ،‬القصص الشعيب اؼبغريب‪ :‬إشكالية التصنيف والتجنيس‪ ،‬ديواف العرب‪ :‬منب حر‬
‫للثقافة والفكر واألدب‪ ،‬الثالثاء ‪ 28‬أفريل ‪.2010‬‬
‫‪128‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪ .12‬ناصر البقلوطي‪ ،‬تدوين األدب الشعيب حفظ أـ نقض لفظ‪ ،‬ؾبلة الثقافة الشعبية‪ ،‬البحرين‪،‬‬
‫العدد ‪2012 ،17‬‬
‫‪ .13‬يعقوب احملرقي‪ ،‬دراسة اغبكاية الشعبية االفريقية ‪ ،‬ؾبلة الثقافة الشعبية‪ ،‬البحرين‪ ،‬العدد ‪،17‬‬
‫‪.2012‬‬

‫‪131‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫فهرس المحتويات‬

‫‪130‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫شكر وعرفاف‬
‫مقدمة ‪................................................................................‬أ‬
‫مدخل‬
‫نبذة عن منطقة البحث‬
‫‪ -1‬اؼبوقع اعبغرايف واؼبناخ ‪09 ..............................................................‬‬
‫‪ -2‬األمباط النباتية واغبيوانية‪09.............................................................‬‬
‫‪ -3‬أصل تسمية اؼبنطقة‪10.................................................................‬‬
‫‪ -4‬الثقافة الشعبية للسكاف‪12..............................................................‬‬
‫‪ -5‬اللهجة احمللية للسكاف‪13...............................................................‬‬
‫‪ -6‬األدب الشعيب السويف‪14...............................................................‬‬
‫الفصل األول‬
‫ماىية القصص الشعبي‬
‫‪ -‬سبهيد‪17...............................................................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬اغبكاية اػبرافية‪27.................................................................‬‬
‫‪ -1‬اؼبفهوـ اغبكاية اػبرافية‪27..............................................................‬‬
‫‪ -2‬اػبصائص اغبكاية اػبرافية‪30 ..........................................................‬‬
‫‪ -3‬موضوعات اغبكاية اػبرافية‪32 ..........................................................‬‬
‫‪ -4‬نشأة اغبكاية اػبرافية ‪34...............................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬اغبكاية الشعبية‪39.................................................................‬‬
‫‪ -1‬اؼبفهوـ اغبكاية الشعبية‪39 .............................................................‬‬
‫‪ -2‬اػبصائص اغبكاية الشعبية‪41 ......................................................‬‬
‫‪131‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪ -3‬موضوعات اغبكاية الشعبية‪42 ......................................................‬‬


‫‪ -4‬نشأة اغبكاية الشعبية ‪44............................................................‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬اغبكاية اغبيواف‪47.............................................................‬‬
‫‪ -1‬اؼبفهوـ اغبكاية اغبيواف‪47...........................................................‬‬
‫‪ -2‬اػبصائص اغبكاية اغبيواف‪48 ........................................................‬‬
‫‪ -3‬أنواع اغبكاية اغبيواف‪50 ............................................................‬‬
‫‪ -4‬نشأة اغبكاية اغبيواف‪52.............................................................‬‬
‫خاسبة الفصل ‪55.......................................................................‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المسارات السردية للحكايات‬
‫سبهيد‪60...............................................................................‬‬
‫الصي ْد"‪67..............................................................‬‬
‫"جْبػَره و ّْ‬
‫‪ -1‬حكاية َ‬
‫‪ -‬اؼبتواليات السردية‪76....................................................................‬‬
‫‪ -‬حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ‪69............................................................‬‬
‫‪ -‬النموذج العاملي‪72......................................................................‬‬
‫‪ -‬اؼبربع السيميائي‪74......................................................................‬‬
‫ود َعالْيَة"‪75................................................................‬‬
‫‪ -2‬حكاية "غُُر ْ‬
‫‪ -‬اؼبتواليات السردية‪75....................................................................‬‬
‫‪ -‬حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ‪77............................................................‬‬
‫‪ -‬النموذج العاملي‪79......................................................................‬‬
‫اؼبربع السيميائي‪79.........................................................................‬‬
‫يشة والغُ ِوِف"‪80..............................................................‬‬ ‫‪ -3‬حكاية ِ‬
‫"ع َ‬
‫‪132‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪ -‬اؼبتواليات السردية‪80...................................................................‬‬
‫‪ -‬حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ‪82...........................................................‬‬
‫‪ -‬النموذج العاملي‪85....................................................................‬‬
‫‪ -‬اؼبربع السيميائي‪87......................................................................‬‬
‫ػوقبَة"‪87....................................................................‬‬
‫‪ -4‬حكاية "لُػ ػ ْ‬
‫‪ -‬اؼبتواليات السردية‪87...................................................................‬‬
‫‪ -‬حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ ‪89...........................................................‬‬
‫‪ -‬النموذج العاملي‪91....................................................................‬‬
‫‪ -‬اؼبربع السيميائي‪92....................................................................‬‬
‫يص والغُولِيَّة"‪93...........................................................‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -5‬حكاية "النّْص ْ‬
‫‪ -‬اؼبتواليات السردية‪93....................................................................‬‬
‫‪ -‬عالقٍب االتصاؿ واالنفصاؿ‪95...........................................................‬‬
‫‪ -‬النموذج العاملي‪97.....................................................................‬‬
‫‪ -‬اؼبربع السيميائي‪97......................................................................‬‬
‫"شَرؼ ْامَرأَة‪98.................................................................‬‬
‫‪ -6‬حكاية َ‬
‫‪ -‬اؼبتواليات السردية‪98....................................................................‬‬
‫‪ -‬حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ‪99............................................................‬‬
‫‪ -‬النموذج العاملي‪101....................................................................‬‬
‫‪ -‬اؼبربع السيميائي‪102....................................................................‬‬
‫"السا ِرؽ واؼبلِك"‪102...........................................................‬‬
‫‪ -7‬حكاية َّ‬
‫َ‬
‫‪ -‬اؼبتواليات السردية‪102...................................................................‬‬
‫‪ -‬حالٍب االتصاؿ واالنفصاؿ ‪104...........................................................‬‬

‫‪133‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪ -‬النموذج العاملي‪105...................................................................‬‬
‫‪ -‬اؼبربع السيميائي‪107....................................................................‬‬
‫‪ -‬خاسبة الفصل‪108 ......................................................................‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫األبعاد الداللية للحكايات‬
‫سبهيد ‪110 ................................................................................‬‬
‫الصي ْد"‪112.................................................................‬‬
‫"جْبػَره و ّْ‬
‫‪ -1‬حكاية َ‬
‫ود َعالْيَة"‪120...................................................................‬‬
‫‪ -2‬حكاية "غُُر ْ‬
‫يشة والغُ ِوِف"‪125................................................................‬‬
‫"ع َ‬‫‪ -3‬حكاية ِ‬
‫ػوقبَة"‪130.......................................................................‬‬ ‫‪ -4‬حكاية "لُػ ػ ْ‬
‫يص والغُولِيَّة"‪137.............................................................‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -5‬حكاية "النّْص ْ‬
‫"شَرؼ ْامَرأَة"‪144..................................................................‬‬‫‪ -6‬حكاية َ‬
‫يب"‪150..............................................................‬‬ ‫ود و ّْ‬
‫الذ ْ‬ ‫‪ -7‬حكاية "ال َقْنػ ُف ْ‬
‫"الدقْػلَة و ُّ‬
‫الذ َّك ْار"‪153...............................................................‬‬ ‫‪ -8‬حكاية ّْ َ‬
‫خاسبة الفصل‪159.........................................................................‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫البنية السردية للحكايات‬
‫سبهيد‪163...............................................................................‬‬
‫‪ -I‬اؼبكاف‪164...........................................................................‬‬
‫‪ -II‬الزماف‪173..........................................................................‬‬
‫‪ -III‬الشخصيات‪184...................................................................‬‬
‫‪ -IV‬التناص‪197........................................................................‬‬
‫‪134‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫خاسبة الفصل‪208 .........................................................................‬‬


‫اػباسبة‪211................................................................................‬‬
‫ملحق ‪216................................................................................‬‬
‫قائمة اؼبصادر واؼبراجع‪232.................................................................‬‬
‫فهرس اؼبوضوعات‪241.....................................................................‬‬

‫‪135‬‬
:‫ملخص األطروحة‬
‫ فبتطبيق اؼبنهج السيميائي أمكن الوصوؿ إُف ؾبموعة من األبعاد‬،‫يتلخص موضوع األطروحة حوؿ القصص الشعيب بأصنافو اؼبختلفة‬
‫ كل ىذا من خالؿ‬...‫ الثقافية والفكرية‬،‫ الدينية‬،‫ سواء أكن من الناحية االجتماعية‬،‫والدالالت الٍب ؽبا صلة مباشرة بأىل منطقة سوؼ‬
.‫ؾبموعة من اغبكايات الٍب مثلت مدونة البحث‬
...‫ من ناحية التاريخ واعبغرافيا والعادات والتقاليد‬،‫ مدخل اؼبوضوع سبحور حوؿ منطقة البحث‬-
.‫ فعرفت كل منها وميزاهتا وأصنافها ومواضيعها‬،‫ شعبية وحيواف‬،‫ خرافية‬،‫ الفصل األوؿ خصصتو للقصص بصفة عامة‬-
.‫ النموذج العاملي واؼبربع السيميائي‬،‫ أما الفصل الثاين فموسوـ باؼبسارات السردية للحكايات من حيث اؼبتواليات السردية‬-
.‫ وكاف ذلك على مدونة البحث‬،‫ ويف الفصل الثالث درست األبعاد الداللية للحكايات‬-
.‫ الفصل الرابع درست فيو البنية السردية للحكايات من خالؿ اؼبكاف والزماف والشخصيات والتناص‬-
‫ اؼبسار السردي‬،‫ األبعاد الداللية‬،‫ اؼبنهج السيميائي‬،‫ اغبكاية اػبرافية‬،‫ القصص الشعيب‬:‫الكلمات المفتاحية‬
Résumé de la thèse :
L'objet de cette thèse tourne autour de la narration populaire avec ses différentes sortes. En appliquant la
méthode sémiotique, on arrive à des dimensions et des connotations ayant un rapport direct avec le peuple de la
région Souf du côté social, religieux, culturel et intellectuel …. Tout cela à travers un ensemble de contes
représentant cette recherche.
* La préambule de l'objet se fait sur la zone de recherche, du côté de l'histoire, la géographie, les mœurs et les
traditions …
* le premier chapitre est destiné pour les contes et les fables d'une manière générale, des contes fantastiques,
populaire. On les a présenté les définitions, les caractéristiques, les sortes et les sujets.
* Dans le deuxième chapitre, on a étudié les parcours des récits à travers son enchaînement récitatif, le schéma
actantiel et le carré sémiotique.
* Pour le troisième chapitre, on a étudié les dimensions sémantique des récits.
* Dans le dernier chapitre, on a analysé la structure récitative des contes à travers espace, temps, personnages et
relation textuelle.
Les mots clés : La narration populaire, le conte fantastique, le modèle sémiotique, les dimensions sémantique
et le parcours récitatif.
Summary: The topic of this dissertation is briefly about popular anecdotage and its different classifications.
Through applying the Semiematic approach, it was possible to find out a range of dimensions and signs that are
concerned to the region of Oued-Souf, either socially, religiously, culturally, or even intellectually.. It is all
through a collection of tales that represented the blog of this dissertation.
 The introductory subject of the topic focused on the research's region, in terms of history, geography,
traditions, customs..
 The first chapter was devoted to deal with anecdotage in general; fairy, popular and animal-related tales.
Each type, characteristic, classification and theme of them were explained in details as well.
 The second chapter examines the narrative path of the tales in terms of the narrative progression, the
operative pattern, and the Semiematic tag.
 The third chapter studies the semantic dimensions of tales which have been shown in the blog of the
dissertation.
 The last chapter(four) deals with the narrative structure of tales concerning the place, time, characters and
consonance.
Keywords: Popular anecdotage, fairy tale, Semiematic approach, semantic dimensions, narrative path

You might also like