Professional Documents
Culture Documents
: ﻣﻠﺧص اﻟﺑﺣث
ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻬدف إﻟﯾﻪ، إن اﻟﻣﺗﺄﻣل ﻵﯾﺎت اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﯾﺟد ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﻔردة ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘرآﻧﻲ
وﺗﻠك رﺳﺎﻟﺔ دﻋوﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﻬﺞ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم وﻣﻧﻬﺎ، إﯾﺻﺎل ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻌﻘﯾدة واﻹﯾﻣﺎن اﻟﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ
ﻣن ﻫﻧﺎ ﺟﺎء ﻋﻧوان اﻟﺑﺣث )اﻹﻋﺟﺎز اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة. اﻟﻘﺻص اﻟﻘرآﻧﻲ
ﺟﺎء اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ﺑﻌﻧوان. ﺳورة اﻟﺑﻘرة أﻧﻣوذﺟﺎً( واﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ ﺗوطﺋﺔ وﺧﻣﺳﺔ ﻣﺑﺎﺣث-واﻟﻣوت
)ﻗﺻﺔ اﺗﺧﺎذ ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل اﻟﻌﺟل ﻣﻌﺑوداً( أﻣﺎ اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻛﺎن ﺑﻌﻧوان )ﻗﺻﺔ اﻟﺑﻘرة( واﻟﻣﺑﺣث
( وﻓﻲ اﻟﻣﺑﺣث اﻟراﺑﻊ )ﻗﺻﺔ اﻟرﺟل اﻟذي ﻣر اﻟﺛﺎﻟث ﺗﺿﻣن )ﻗﺻﺔ اﻟذي ﺣﺎج إﺑراﻫﯾم
. ( ﻓﻲ ﻣﻧﺎﺟﺎﺗﻪ ﻟرﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻗرﯾﺔ( وﺟﺎء اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺧﺎﻣس ﺑﻌﻧوان )ﻗﺻﺔ ﻧﺑﻲ اﷲ إﺑراﻫﯾم
١٨٨
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
اﻟﻣﻘدﻣﺔ :
رب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن واﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋﻠﻰ أﻓﺻﺢ اﻟﻔﺻﺣﺎء ٕواﻣﺎم اﻟﺑﻠﻐﺎء ﺳﯾدﻧﺎ ﻣﺣﻣد
اﻟﺣﻣد ﷲ ّ
وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺣﺑﻪ أﺟﻣﻌﯾن .
أﻣﺎ ﺑﻌد ...
ﻓﯾﺑﻘﻰ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻣﻧﻬل اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟﺗﻌﻠم ﻣﺗﺟدداً ﻓﻲ ﻛل زﻣﺎن وﻣﻛﺎن .وﯾﻌﺟز اﻟﻠﺳﺎن
ﻋن وﺻﻔﻪ ،وﺗﻌﺟز اﻷﻗﻼم ﻋن أدراك ﻣﻌﺎﻧﯾﻪ وﻣﺟﺎراة ﻟﻛﻠﻣﺎﺗﻪ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ :
ﺗوطﺋﺔ :
ﻧﺗﻧﺎول ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺗوطﺋﺔ اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﻌﻧوان ﻟﻐﺔ واﺻطﻼﺣﺎً ،وﻫﻲ ﺗﺗوزع ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ
ﻣﻔﺎﻫﯾم رﺋﯾﺳﺔ ﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﺑﺎﻵﺗﻲ :
.١اﻹﻋﺟﺎز .
.٢اﻟﺑﻼﻏﺔ .
.٣اﻟﻌﻘﯾدة .
١٨٩
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
اﻟﻠﻔظ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم وذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺳورة اﻟﻌﻧﻛﺑوت ،ﻣن اﻵﯾﺔ ، ٢٢ :وﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺳورة ﺳﺑﺄ ،ﻣن اﻵﯾﺔ . ٥ :
أﻣﺎ اﻹﻋﺟﺎز اﺻطﻼﺣﺎً :ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻹﻋﺟﺎز ﻓﻲ اﻟﻣﻔﻬوم اﻻﺻطﻼﺣﻲ "أن ﯾؤدى اﻟﻣﻌﻧﻰ
)(٣
وأﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﺑﻪ ﻓﻣﻌﻧﺎﻩ ﺑطرﯾق ﻫو أﺑﻠﻎ ﻣن ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ ﻋداﻩ ﻣن اﻟطرق"
)(٤
. "ارﺗﻘﺎؤﻩ ﻓﻲ اﻟﺑﻼﻏﺔ إﻟﻰ أن ﯾﺧرج ﻋن طوق اﻟﺑﺷر وﯾﻌﺟزﻫم ﻋن ﻣﻌﺎرﺿﺗﻪ"
وﻣن طرق اﻹﻋﺟﺎز اﻟﺑﻼﻏﻲ -اﻹﻋﺟﺎز ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻷﻓﻛﺎر ﻓﺿﻼ ﻋن اﻹﻋﺟﺎز
)(٥
. اﻟرﺋﯾس وﻫو اﻹﻋﺟﺎز اﻟذي ﺗﺗﺟﺳد ﻓﯾﻪ اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ
) (١ﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﻠﻐﺔ ،أﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس ) ٢٣٢/٤ :ﻣﺎدة :ﻋﺟز( ،وﯾﻧظر :اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﻣﺣﯾط ،اﻟﻔﯾروزآﺑﺎدي :
) ٦٦٤/١ﻣﺎدة :ﻋﺟز( ،وﯾﻧظر :اﻟﻣﺻﺑﺎح اﻟﻣﻧﯾر ،اﻟﻔﯾوﻣﻲ ) ٣٩٣/٢ :ﻣﺎدة :ﻋﺟز( .
) (٢ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب . ٣٧٠/٥ :
) (٣اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ،ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﻠﻲ اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ . ٤٧ :
) (٤اﻟﻛﻠﯾﺎت ،اﻟﻛﻔوي . ١٤٩/١ :
) (٥ﯾﻧظر :اﻹﻋﺟﺎز اﻟﻘﺻﺻﻲ ﻓﻲ اﻟﻘرآن ،د .ﺳﻌﯾد ﻋطﯾﺔ ﻋﻠﻲ ﻣطﺎع ،ص . ٢٥٢-٢٥١
) (٦ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ) ٤١٩/٨ :ﻣﺎدة :ﺑﻠﻎ( .
١٩٠
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
وﺑذﻟك ﻧﺟد ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻠﻐوي ﺑﺄن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻟﻐﺔ :اﻟوﺻول واﻻﻧﺗﻬﺎء اﻟﻰ
اﻟﺷﻲء اﻟﻣراد .
أﻣﺎ اﻟﺑﻼﻏﺔ اﺻطﻼﺣﺎً :ﺗﻌرف اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻲ اﺻطﻼح اﻟﺑﻼﻏﯾﯾن ﺑﺄﻧﻬﺎ :ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﻛﻼم
)(١
. ﻟﻣﻘﺗﺿﻰ ﺣﺎل اﻟﺧطﺎب ﻣﻊ ﻓﺻﺎﺣﺗﻪ وﯾوﺻف ﺑﻬﺎ اﻟﻛﻼم واﻟﻣﺗﻛﻠم
وﻗد ﻓﺻل اﻹﻣﺎم اﻟزرﻛﺷﻲ اﻟﻘول ﻓﻲ إﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗﺄﻟﯾف اﻟﺧﺎص ﺑﻪ ﻻ
ﻣطﻠق اﻟﺗﺄﻟﯾف ،وأن وﺟﻪ اﻹﻋﺟﺎز ﻓﯾﻪ ﻣن ﺟﻬﺔ اﻟﺑﻼﻏﺔ ؛ إذ ﻓﯾﻪ ﻟﻔظ ﺣﺎﻣل وﻣﻌﻧﻰ ﺑﻪ ﻗﺎﺋم
)(٢
. ورﺑﺎط ﻟﻪ ﻧﺎظم وﻫذا ﻏﺎﯾﺔ اﻹﻋﺟﺎز
) (١ﯾﻧظر :ﻋروس اﻷﻓراح ﻓﻲ ﺷرح ﺗﻠﺧﯾص اﻟﻣﻔﺗﺎح ،ﺑﻬﺎء اﻟدﯾن اﻟﺳﺑﻛﻲ . ٣٤/١ :
) (٢ﯾﻧظر :اﻟﺑرﻫﺎن ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﻘرآن ، ١١١-١١٠ ، ١٠٥/٢ :إﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن واﻟﺑﻼﻏﺔ اﻟﻧﺑوﯾﺔ ،ﻣﺻطﻔﻰ
ﺻﺎدق اﻟراﻓﻌﻲ . ١٣٤ ، ١٢٠ :
) (٣ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ] ٢٩٦/٣ :ﻣﺎدة :ﻋﻘد[ .
) (٤ﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﻠﻐﺔ ] ٨٦/٤ :ﻣﺎدة :ﻋﻘد[ ،وﯾﻧظر :اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﻣﺣﯾط ] ٣٨٣/١ :ﻣﺎدة :ﻋﻘد[ .
) (٥ﯾﻧظر :اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺳﻠف اﻟﺻﺎﻟﺢ )أﻫل اﻟﺳﻧﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ( ،ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻷﺛري . ١١/١ :
) (٦ﯾﻧظر :اﻟﻌﻘﯾدة اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم :د .ﻣﺣﻣد ﻋﯾﺎش اﻟﻛﺑﯾﺳﻲ . ٣٧-٢٩ :
١٩١
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
وﻣﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن أﺛر اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻘرآﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺳﻠوك اﻟﻔرد واﻟﺑﻧﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ "وﻻ ﯾﻔوﺗﻧﺎ أن
ﻧذﻛر اﻷﺛر اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﻧﺟم ﻋن ﺗوﺣﯾد ﻣﺻدر اﻟﺗﻠﻘﻲ ﻟدى اﻷﻣﺔ وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣﺑﺎدﺋﻬﺎ اﻷوﻟﻰ
)(١
. وﻣﻧطﻠﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ...ﻣﻧﺣﻬم ﻫذا وﺣدة ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻷﻫم ﻣن ﻣﯾﺎدﯾﻧﻬم اﻟﻔﻛرﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ"
)(٢
وﻗد ﻋرض اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم اﻟﻌﻘﯾدة وﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻬﺎ ﻣن ﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻌﺑﺎدة ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب ﻣﺗﻧوﻋﺔ
" .وﻗد ﻋﺑر اﻟﻘرآن ﻋن اﻟﻌﻘﯾدة ﺑﺎﻹﯾﻣﺎن وﻋن اﻟﺷرﯾﻌﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﺻﺎﻟﺢ ،وﺟﺎء ذﻟك ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن
آﯾﺎﺗﻪ اﻟﺻرﯾﺣﺔ ...وﻣن ﻫﻧﺎ ﻟم ﯾﻛن اﻹﺳﻼم ﻋﻘﯾدة ﻓﻘط ،وﻟم ﺗﻛن ﻣﻬﻣﺗﻪ ﺗﻧظﯾم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن
اﻹﻧﺳﺎن ورﺑﻪ ﻓﻘط ٕ ،واﻧﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻘﯾدة وﻛﺎن ﺷرﯾﻌﺔ ﺗوﺟﻪ اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﻧواﺣﻲ اﻟﺧﯾر ﻓﻲ
اﻟﺣﯾﺎة") (٣وﻣن ﻫﻧﺎك ﯾظﻬر اﺛر ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻘرآن ﻋﻧد اﻟﻣﺧﺎطب ﻷن ﻓﻲ آﯾﺎﺗﻪ ﻣﺎ ﻫو ﻗطﻌﻲ اﻟدﻻﻟﺔ ﻻ
ﯾﺣﺗﻣل ﻣﻌﻧﯾﯾن ﻓﺄﻛﺛر ...وﻣﺎ ﻫو ﻏﯾر ﻗطﻌﻲ ﻓﻲ دﻻﻟﺗﻪ ﻣﺣﺗﻣﻼً ﻟﻣﻌﻧﯾﯾن ﻓﺄﻛﺛر ،واﻟﺻﻧف اﻟﺛﺎﻧﻲ
)(٤
.
ﻻ ﯾﺻﺢ أن ﯾﺗﺧذ دﻟﯾﻼً ً◌ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﯾدة ،ﯾﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻛرﻫﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎﻓر
وﻗد ﺗﻧوﻋت اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﻋرﺿﺗﻬﺎ ﺳورة اﻟﺑﻘرة ﺑﯾن اﻟﻌﺑﺎدات واﻟﻣﻌﺎﻣﻼت واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت
واﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ إﻻ أن اﻟذي ﯾدﻋو اﻟﻰ اﻟﺗﻣﺳك ﺑﻬﺎ ﻫو اﻻﯾﻣﺎن وﺗوﺣﯾد اﷲ .
وﻣن اﻟﻘﺻص اﻟﺗﻲ ﺗدﻋو إﻟﻰ وﺣداﻧﯾﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻗدرﺗﻪ :ﻗﺻص اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت ﻓﻘد
ﺷﻛﻠت ﻟﻣﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺻص اﻟواردة ﻓﻲ ﺳورة اﻟﺑﻘرة ﻟذا ﻛﺎﻧت ﻣوطن اﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﺣﻠﯾل .
١٩٢
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
ﺳورة اﻟﺑﻘرة ،اﻵﯾﺎت . ٥٦-٥١ :
ﻧﺟد ﻣن ﺧﻼل ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﯾن ﻋﻘﯾدة "اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت" اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻓﻲ ﺳﯾﺎق
اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل وﺟود ﻋدة ﻓﻧون ﺑﻼﻏﯾﺔ ﺗﺷﻛل ﺑﻣﺟﻣﻠﻬﺎ )اﻹﻋﺟﺎز اﻟﺑﻼﻏ ﱠﻲ( ﻓﻲ اطﺎر
ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ .وأول ﻫذﻩ اﻟﻔﻧون "اﻹﯾﺟﺎز" وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ … وﻫو
إﯾﺟﺎز ﺑﺎﻟﺣذف ،اذ ﺣذف اﻟﻣﺳﻧد اﻟﻔﻌﻠﻲ "اذﻛر" أي ﺗﻘدﯾرﻩ )واذﻛر ﯾﺎ ﻣﺣﻣد اذ واﻋدﻧﺎ(...
)(١
، واﻹﯾﺟﺎز ﻋﻧد اﻟﺑﻼﻏﯾﯾن ﻫو "أداء اﻟﻣﻘﺻود ﻣن اﻟﻛﻼم ﺑﺄﻗل ﻣن ﻋﺑﺎرات ﻣﺗﻌﺎرف اﻷوﺳﺎط"
وﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻹﯾﺟﺎز ﺗﺗﺟﻠﻰ اﻟﻣﻧﺔ ﻣن اﷲ )ﺗﺑﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ( ﻋﻠﻰ ﻧﺑﯾﻪ ﻣوﺳﻰ وﻛذﻟك
ﺗذﻛﯾر ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل ﺑﻧﻌﻣﺔ اﷲ وﻋﻔوﻩ ﻋن ﺟرﻣﻬم اﻟﻌظﯾم ﺑﻌﺑﺎدة ﻏﯾرﻩ واﻟﻣراد ﺑﺎﻟﻣواﻋدة اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت
ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻬل اﻟﻘﺻﺔ أن اﷲ أﻣر ﻣوﺳﻰ أن ﯾﻧﻘطﻊ أرﺑﻌﯾن ﻟﯾﻠﺔ ﻟﻣﻧﺎﺟﺎﺗﻪ ٕواطﻼق
)(٢
،وﻗد ﺗﻛرر اﻹﯾﺟﺎز ﻓﻲ اﻟوﻋد ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﻣر ﺗﺷرﯾف ﻟﻣوﺳﻰ ووﻋد ﻟﻪ ﺑﻛﻼم اﷲ
ﻋدة ﻣواﺿﻊ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ وذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ . ، ، :وﻫذﻩ
ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻘﺻد اﻹﯾﺟﺎز اﻟﺑدﯾﻊ ،وﺗﻧﺑﯾﻪ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ إﻟﻰ أﻫﻣﯾﺔ اﻷﻣر اﻟذي اﺳﺗدﻋﻰ ﻫذا اﻹﯾﺟﺎز ﻓﻬﻲ
ﻣواطن اﻟذﻛرى واﻟﻣوﻋظﺔ .وﻗد ﻗﺎل ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ )ت ٤٧١ﻫـ( ﻋن اﻹﯾﺟﺎز " :ﺑﺎب دﻗﯾق
اﻟﻣﺳﻠك ،ﻟطﯾف اﻟﻣﺄﺧذ ،ﻋﺟﯾب اﻷﻣر ،ﺷﺑﯾﻪ ﺑﺎﻟﺳﺣر ،ﻓﺈﻧك ﺗرى ﺑﻪ ﺗرك اﻟذﻛر ،أﻓﺻﺢ ﻣن
اﻟذﻛر ،واﻟﺻﻣت ﻋن اﻹﻓﺎدة ،أزﯾد ﻣن اﻹﻓﺎدة ،وﺗﺟدك أﻧطق ﻣﺎ ﺗﻛون إذا ﻟم ﺗﻧطق ،وأﺗم ﻣﺎ
)(٣
ﺗﻛون ﺑﯾﺎﻧﺎ إذا ﻟم ﺗُﺑن" .
وﻣن ﺟﻣﺎﻟﯾﺎت اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻘرآﻧﻲ ﻟﻸدوات –أدوات اﻟﻌطف– أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺗﻌﺑﯾر اﻟﺑﻼﻏﯾﯾن
أدوات اﻟوﺻل – اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻷداة )ﺛم( اﻟﺗﻲ ﺗﻔﯾد اﻟﺗرﺗﯾب اﻟﻣﺗراﺧﻲ وذﻟك ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ ﺗرﺗﯾب ﻓﻲ
)(٤
،إذ اﺳﺗﻌﻣل اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ اﻷداة )ﺛم( ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ درﺟﺎت ﻋظم ﻫذﻩ اﻷﺣوال
ﺗﻌﺎﻟﻰ ... :وﻗوﻟﻪ ... :وﻗوﻟﻪ ، ... :ﻓﻘد
ﺗﻛررت ﺛﻼث ﻣرات ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ... :ﻟﺗراﺧﻲ ﻣرﺗﺑﺔ اﻟﻌﻔو
اﻟﻌظﯾم ﻋن ﻋظﯾم ﺟرﻣﻬم ﻓروﻋﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻘﺎم ﻣﻘﺎم اﻟﺗراﺧﻲ إن ﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧﺗﻪ ﻫذﻩ اﻟﺟﻣل ﻋظﺎﺋم
١٩٣
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
)(١
" ،ﻣﻣﺎ ﯾدل أﻣور ﻓﻲ اﻟﺧﯾر وﺿدﻩ ﺗﻧﺑﯾﻬﺎً ﻋﻠﻰ ﻋظم ﺳﻌﺔ رﺣﻣﺔ اﷲ ﺑﻬم ﻗﺑل اﻟﻣﻌﺻﯾﺔ وﺑﻌدﻫﺎ
ﻋﻠﻰ ﻟطف اﻟﺧطﺎب ورﻗﺔ ﻣﺳﺗواﻩ ،وﯾدل ﻋﻠﻰ رﺣﻣﺔ اﻟرﺑوﺑﯾﺔ ﻣﻘﺎﺑل اﻷﻓﻌﺎل اﻟرذﯾﻠﺔ اﻟﻣﺗواﻟﯾﺔ"). (٢
وﻧﻠﺣظ ﺑﻼﻏﺔ اﻟﺗﻛرار ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :وﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
إذ ﺗﻛرر)اﺗﺧﺎذ اﻟﻌﺟل( ﻓﻲ ﻣوﺿﻌﯾن وﻗد ذﻛر
اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك ﻓﻘﺎل :وﺟﺎء اﻟﺗرﺗﯾب ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم اﻟﺳﺑب وﻫو ذﻛر ﺻﻔﺔ اﻟظﻠم
ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ :ﺛم ذﻛر اﺗﺧﺎذ اﻟﻌﺟل ﺣﺳب ﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ اﻟﺳﯾﺎق.
وﻣن اﻟﻔﻧون اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم ﺗوظﯾﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب اﻟﻘﺻﺻﻲ )اﻟﺗرﺟﻲ( وﻫو اﺳﻠوب
إﻧﺷﺎﺋﻲ ﻏﯾر طﻠﺑﻲ وأداﺗﻪ اﻟﻣﺷﻬورة )ﻟﻌل( وﻫذا ﻣﺎﻧراﻩ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ– :
أﻣﺎ ﻗوﻟﻪ ... :ﻓﻘد وردت ﻓﻲ ﻣوﺿﻌﯾن واﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺑﻼﻏﻲ
اﻟذي ﺧرج إﻟﯾﻪ اﻟﺗرﺟﻲ ﻫو "رﺟﺎء ﻟﺣﺻول ﺷﻛرﻛم ،وﻋدل ﻋن ﻻم اﻟﺗﻌﻠﯾل إﯾﻣﺎء إﻟﻰ أن ﺷﻛرﻛم
)(٣
وﻫذا ﻣن ﺑدﯾﻊ ﻟﻐﺔ ﻣﻊ ذﻟك أﻣر ﯾﺗطرﻗﻪ اﺣﺗﻣﺎل اﻟﺗﺧﻠف ﻓذﻛر اﻟرﺟﺎء دون ﺣرف اﻟﺗﻌﻠﯾل"
اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘرآﻧﻲ ،وﻣن ﺑدﯾﻊ اﻟﻧظم ﻓن اﻹطﻧﺎب اﯾﺿﺎ ﻟﺑﯾﺎن رﺟﺎء اﻟداﻋﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻣدﻋو اﻟدﻋوة
ﻟذﻟك أطﻧب ﻓﯾﻪ .وﻧﺟد ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗوازن اﻟﻠﻔظﻲ ﻓﻲ ﻧﺳﺞ وﺑﻧﺎء اﻟﻘﺻﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق ﺗﻣﺛل
ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ )ﺗﺑﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ( :ﺛم ﺧﺗم ﺑﻘوﻟﻪ :
، ذﻟك اﻹﯾﻘﺎع اﻟذي ﯾﺣدﺛﻪ اﻟﺗﻌﺑﯾر
اﻟﻘرآﻧﻲ ﻹﺛﺎرة ﺣس اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ وﺗرﺳﯾﺦ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ﻓﻣرة ﺑﻌد اﻟﻌﻔو واﻟﻣﻧﺔ ﻣن اﷲ وﻣرة ﺑﻌد
اﻟﺑﻌث وﻛﻼﻫﻣﺎ ﻧﻌﻣﺔ ﺗﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺷﻛر .
وﻧﺟد ﻓﻲ إطﺎر ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﺑرو اًز ﻟﻸﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎﺋﯾﺔ اﻟطﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻور ﻋﻘﯾدة )اﻟﺣﯾﺎة
واﻟﻣوت( وﺑﺧﺎﺻﺔ أﺳﻠوﺑﻲ )اﻟﻧداء واﻷﻣر( إذ ﻧﺟد اﻟﻧداء ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ : واﻷداة
اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻫﻲ )ﯾﺎ( وﻫﻲ "ﺣرف ﻣن ﺣروف اﻟﺗﻧﺑﯾﻪ ...ﻓﺗﻛون ﺗﺎرة ﻟﻧداء اﻟﻘرﯾب وﺗﺎرة ﻟﻧداء اﻟوﺳط
)(٤
.أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ واﻟﺑﻌﯾد ...وﺣﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﺻل أن ﺗﻛون ﻟﻠﺑﻌﯾد ﻟﺟواز ﻣد اﻟﺻوت ﺑﺎﻷﻟف ﻣﺎ ﺷﺋت"
ﻟﻠﻣﻧﺎدى ﻓﻬم ﻗوم ﻣوﺳﻰ )ﺑﻧو إﺳراﺋﯾل( وﻛذﻟك ﻧﺟد اﻟﻧداء ،ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ :
١٩٤
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
ﻧداء اﻟﻘوم ﻟﻣوﺳﻰ إذ ﺗﺟﺳد أﺳﻠوب اﻟﺣوار ﻣن ﺧﻼل أﺳﻠوب اﻟﻧداء ،واﻟﻧداء
ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻌﯾل اﻟﺣوار ﺑﯾن اﻟداﻋﻲ )ﻣوﺳﻰ( واﻟﻣدﻋوﯾن )ﺑﻧو إﺳراﺋﯾل( وﺻوﻻً اﻟﻰ اﻟرﺳﺎﻟﺔ
اﻟﻧداﺋﯾﺔ .
وﻣن أﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎء اﻟطﻠﺑﻲ اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻓﻲ ﻣﻌرض اﻟﻘﺻﺔ اﻟﻘرآﻧﯾﺔ )أﺳﻠوب اﻷﻣر( ﻣرة
ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ... :وﻣرة ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ... :وﻗد ﺟﺎء أﺳﻠوب اﻷﻣر ﻓﻲ ﻛﻼ
اﻟﻣوﺿﻌﯾن ﺑﺻﯾﻐﺔ ﻓﻌل اﻷﻣر وﻏرﺿﻬﻣﺎ اﻟﻣﺟﺎزي ﻓﻲ ﺳﯾﺎق اﻟﺧطﺎب اﻟﻘﺻﺻﻲ )اﻟﻧﺻﺢ
واﻹرﺷﺎد( وﻫو ﯾﻧﺎﺳب ﺳﯾﺎق اﻟﺳورة واﻟﻘﺻﺔ وﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﻠﻘﻲ اﻟدﻋوة .وﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق ﻧﻔﺳﻪ اﺷﺗﻣل
اﻟﺧطﺎب اﻟﻘﺻﺻﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﻠوب )اﻹطﻧﺎب( ،و"اﻋﻠم أن اﻹطﻧﺎب واد ﻣن أودﯾﺔ
اﻟﺑﻼﻏﺔ ،وﻻ ﯾرد إﻻ ﻓﻲ اﻟﻛﻼم اﻟﻣؤﺗﻠف ،وﻻ ﯾﺧﺗص ﺑﺎﻟﻣﻔردات ،ﱠ
ﻷن ﻣﻌﻧﺎﻩ ﻻ ﯾﺟﻌل إﻻ ﻓﻲ
)(١
.وﻫو ﻓﻲ اﺻطﻼح اﻟﺑﻼﻏﯾﯾن "زﯾﺎدة اﻟﻠﻔظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻟﻔﺎﺋدة ﺟدﯾدة ﻣن ﻏﯾر اﻷﻣور اﻟﻣرﻛﺑﺔ"
)(٢
،ودﻻﻟﺗﻪ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﻟﻐرض اﻟﺗوﺻﯾف واﻟﺑﯾﺎن ﻣن أﺟل إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺣﺟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﻠﻔﯾن ﺗردﯾد"
ﻣن ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل ،وﻫو ﻓن ﯾﻐﻠب ﻋﻠﻰ اﻵﯾﺎت اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ﻋﻣوﻣﺎً ،وﻫو ﻣﺗﺣﻘق ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :ﻣن
ﺑﻌد" اﻟﺗﻲ ﺗﻛررت ﺛﻼث ﻣرات ،وﻟﻬذا اﻟﺗﻛرار أﺛرﻩ ﻓﻲ ﺷد اﻧﺗﺑﺎﻩ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،وﻧﺟد ﺑﻌد ذﻟك ﻋﻠﻰ
ﻣﺳﺗوى اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻘﺻﺻﻲ ﱠ
أن ﺷﺧوص اﻟﻘﺻﺔ ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﺷﺧﺻﯾﺗﯾن ﻫﻣﺎ ﻣوﺳﻰ ﺑوﺻﻔﻪ
ﻧﺑﯾﺎً ﻣرﺳﻼً ﻣن اﷲ وﺑﻧو إﺳراﺋﯾل ،اﻟﻘوم اﻟﻣرﺳل إﻟﯾﻬم ،ورﺳﺎﻟﺗﻪ ﻫﻲ اﻟدﻋوة إﻟﻰ ﻋﺑﺎدة اﷲ
، أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﺣداث ﻓﻬﻲ ﺗﺑدأ ﺑﺎﻟﺣدث اﻟرﺋﯾﺳﻲ وﻫو اﺗﺧﺎذ ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل )اﻟﻌﺟل( ﻣﻌﺑوداً
ﻟﻬم أﺛﻧﺎء ﻏﯾﺎب اﻟداﻋﯾﺔ واﻟﻧﺑﻲ ﻣوﺳﻰ أرﺑﻌﯾن ﻟﯾﻠﺔ ﻟﻣﻧﺎﺟﺎة رﺑﻪ ،وﺑﻌد ذﻟك ﻋﻔو اﷲ
ﻋﻧﻬم وﺗرﺑﯾﺗﻬم وﻛذﻟك ﺟﺣودﻫم ﻟﻧﻌﻣﺔ اﷲ اﻟﺗﻲ أﻧﻌﻣﻬﺎ ﻋﻠﯾﻬم وﻫﻲ )اﻟﻌﻔو( وﻫذا واﺿﺢ ﻓﻲ طﻠﺑﻬم
ﻣن اﻟداﻋﯾﺔ رؤﯾﺔ اﷲ )ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ( وﺑﻌدﻫﺎ ﻋﻘوﺑﺔ اﷲ ﻟﻬم ﺑﺄﺧذﻫم ﺑﺎﻟﺻﺎﻋﻘﺔ ،وﻫذا اﻟﺣدث
ﯾﻣﺛل اﻟطرف اﻷول ﻣن ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت أي )اﻟﻣوت( ﺑﻌد ذﻟك ﯾﺄﺗﻲ اﻟطرف اﻟﺛﺎﻧﻲ وﻫو
)اﻟﺣﯾﺎة( ﻣن ﺧﻼل ﺑﻌﺛﻬم ﺑﻌد اﻟﻣوت وﻫذا ﻣﺗﺟﺳد ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ :
. ...
ﻟﻘد ﺗﻣﺛﻠت ﻣﺣﺎور اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﺿﻣن ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ﻓﻲ ﺗرﺳﯾﺦ ﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﻌﻘﯾدة ﻋﻧد
اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ :
.١اﻟﻣﻧﺔ واﻟﻔﺿل ﻣن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺑﺎدﻩ )ﺑﻌﺛﻪ ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل( إﻗ ار اًر ﻟوﺣداﻧﯾﺗﻪ وﻗدرﺗﻪ
ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء .
١٩٥
… اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
. : وﻗوﻟﻪ : اﻟﺛواب واﻟﻌﻘﺎب ﺑﯾن ﻗوﻟﻪ.٢
إﻗرار طﺎﻋﺔ اﻟﺧﻠق ﻟﻠﺧﺎﻟق ﱠ.٣
ﻷن أﻋظم اﻟﻧﻌم ﻫﻲ اﻟﻬداﯾﺔ ودوام ﺷﻛر اﻟﻣﻧﻌم ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻣﻪ ظﺎﻫرة
. وﺑﺎطﻧﺔ
: اﻵﯾﺎت، ﺳورة اﻟﺑﻘرة
. ٧٣-٦٧
إذ ﻧﺟد أن، ﻟﻘد اﺗﺧذت ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ اﻟوﺻف اﻟﺟدﻟﻲ ﺳﺑﯾﻼً ﻟوﺻف اﻟﺣﻘﺎﺋق واﻟوﻗﺎﺋﻊ
ﺟﺎء ﻋن طرﯾق اﻟﺟدل اﻟذي دار ﺑﯾن ﻣوﺳﻰ وﺻف اﻟﺧطﺎب ﻟﺑﻘرة ﻗوم ﻣوﺳﻰ
وﻫﻧﺎك ﻗﺻد آﺧر ﻣن ﻫذا اﻟﺧطﺎب اﻟﻘﺻﺻﻲ ﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺑﯾﺎن ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻧﻔوس ﻗوم، وﻗوﻣﻪ
اﻟذي،(١) وﻫو ﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟدل، ﺑﻣﺎ ﯾﺗﺻﻔون ﺑﻪ ﻣن اﻟﻌﻧت واﻟﻌﻧﺎد وﺳوء اﻷدب ﻣوﺳﻰ
ﱠ، ﺗم ﺗﺻوﯾرﻩ ﻓﻲ ﻣﺷﺎﻫد ﻗﺻﺻﯾﺔ
إن اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﻟﻸﺳﻠوب اﻟﻘﺻﺻﻲ ﺟﺎء
ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن ﻣﺗﻌﺔ اﻟﺳرد وﺟﻣﺎل اﻹﯾﻘﺎع، ﻷﻏراض وﻣﻘﺎﺻد ﻣﻧﻬﺎ ﻷﻧﱠﻪ "ﻣﻣﺎ ﺗﺄﻟﻔﻪ اﻟﻧﻔس اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
ٕواﻧﻣﺎ ﯾرﺳم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺑﺷﻛل ﻣﺣﺳوس ﻣﺷﺎﻫد ﻗرﯾب أﺷد، (٢)" وﻷﱠﻧﻪ ﻻ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟرﯾد اﻟﺗﻘرﯾري،
و ﻧﺟد ﻛذﻟك "إن اﻟﻘﺻﺔ اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺟوﻫرﻫﺎ – ﺗﻌد أﺳﻠوﺑﺎً ﺗرﺑوﯾﺎً ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ، اﻟﻘرب ﻣن اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ
١٩٦
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
اﻟﺗﺣﺳﯾس ،واﻹﺛﺎرة واﻟﺗﺷوﯾق ،وﻫﻲ ﻣظﺎﻫر ﻣﺣﻣوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻐﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﻧزع ﺗرﺑوي
،ﻓﺿﻼً ﻋن أﻧﻬﺎ ﺗﺗﺣﻠﻰ ﺑﻣواﺻﻔﺎت اﻟﻣروﻧﺔ واﻟﻘﺎﺑﻠﯾﺔ واﻻﺳﺗدﻋﺎء") ، (١وﻧﺟد ﻋﻧد ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ ﺧطﺎب
ﻗﺻﺔ اﻟﺑﻘرة ﻟﻣﻌرﻓﺔ أﺛر اﻹﻋﺟﺎز اﻟﺑﻼﻏ ﱠﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻌﻘﯾدة ﺑروز ﻣوﺿوع )اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت(
واﻋﺗﻣﺎدﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻓﻧون ﺑﻼﻏﯾﺔ أوﻟﻬﺎ – ﻓن اﻹﯾﺟﺎز اﻟذي ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
... وﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ، : إذ ﺣذف اﻟﺧطﺎب
اﻟﻘرآﻧﻲ اﻟﻣﺳﻧد اﻟﻔﻌﻠﻲ )اﻻﻣر( ﻣن ﺑﺎب اﻻﯾﺟﺎز اﻟﺗﻘدﯾري ﻓﺗﻛون )إذ( ظرف زﻣﺎن ﻣﻔﻌوﻻً ﻓﯾﻪ
)(٢
.وﻫذا واﻟﺗﻘدﯾر " :أي واذﻛروا ﯾﺎ ﺑﻧﻲ اﺳراﺋل إذ ﻗﺗﻠﺗﻬم ﻧﻔﺳﺎً أي اذﻛروا وﻗت ﻗﺗل ﻫذﻩ اﻟﻧﻔس"
وﺑﻧﺎؤﻩ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن اﻷول ﻣﺗﻣﺛﻼ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ :
ُ اﻟﻔن ﯾﺗﻛرر ﻓﻲ ﺧﺗﺎم اﻟﻘﺻﺔ
،وﻛﺎن ﺣﻘﻪ أن ﯾﻛون أوﻻً ﻷن ﺳﺑب اﻟطﻠب ﻓﻲ ذﺑﺢ اﻟﺑﻘرة ﻫو ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻘﺎﺗل إذ ﻣﺎ ﺟرى ﻣن
ﺧطﺎب وﺗﻛﻠﯾف ﻫو ﻣن أﺟل ﻗوﻟﻪ :ﻓﻬو ٕوان ﻛﺎن ﻣﺗﺄﺧ اًر ﻓﻲ اﻟﺗرﺗﯾب
اﻟﺣدﺛﻲ إﻻ إﻧﻪ ﻫو ﻧواة اﻟﺣدث وﻫذا وﺟﻪ ﻣن وﺟوﻩ اﻟﺳرد اﻟﻘﺻﺻﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘرآﻧﻲ .ﱠ
إن ﻟﻬذا
اﻟﺣذف ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺧطﺎب اﻟدﻋوي ﺑﻼﻏﺔ وأﺛ اًر ﻓﻲ اﻟﺗﻠﻘﻲ ﻷﻧﻪ ﯾدﻋو إﻟﻰ إﺛﺎرة اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ وﯾﺑﻌث
روح اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋن اﻟﻣﺣذوف .وﺗﺗواﺷﺞ ﻣﻊ ﻓن اﻹﯾﺟﺎز – ﻓﻧون أﺧرى – ﺗﻌﻣق اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ،
وﻣﻧﻬﺎ ﻓن اﻟﺗﻛرار وﻫو ظﺎﻫرة واﺿﺣﺔ ﻓﻲ ﻗﺻﺔ اﻟﺑﻘرة "وﻫو أﺑﻠﻎ ﻣن اﻟﺗﺄﻛﯾد ،وﻫو ﻣن ﻣﺣﺎﺳن
)(٣
وﻫو وﺟﻪ ﻣن وﺟوﻩ اﻟﺑﻼﻏﺔ وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧطق ﺑﻪ اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﯾﺻور ﻓﯾﻪ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻔﺻﺎﺣﺔ"
)(٤
" ،وﺛﻣﺔ وﯾﺿﻔﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣرة اﻟﺗﻲ ﺑدورﻫﺎ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺳﺄﻟﺗﻲ اﻹﻓﻬﺎم واﻟﺗوﻛﯾد
أﺷﻛﺎل ﻣﺗﻌددة ﻟﻠﺗﻛرار ،وﻫذﻩ اﻷﺷﻛﺎل ﻻ ﺗﻘوم ﺑوظﯾﻔﺔ واﺣدة ٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑوظﺎﺋف ﻣﺗﻌددة ،وﻣن
)(٥
،وﻋﻠﻰ ﻫذا ﯾﺗوزع ﻫذﻩ اﻟوظﺎﺋف ﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﺎﻹﯾﻘﺎع وﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﺎﻟوﺻف وﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد"
ﻓن اﻟﺗﻛرار ﺑﯾن اﻟﻣﻔردات واﻟﺗراﻛﯾب ﻓﻣن اﻟﻣﻔردات اﻟﻣﻛررة )إذ( ﻓﻘد ﺗﻛررت ﻣرﺗﯾن ﻟﺑﯾﺎن زﻣﺎن
اﻟﺣدث ،وﻓﻲ اﻟﻣﻔردات ﻛذﻟك ﻧﺟد ﺗﻛرار ﻣﻔردة )ﺑﻘرة( ﺧﻣس ﻣرات ،أرﺑﻊ ﻣﻧﻬﺎ ﺟﺎءت ﺑﺻﯾﻐﺔ
اﻟﺗﻧﻛﯾر وواﺣدة ﻣﻌرﻓﺔ ﺑﺄل ،وﯾﻌود اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﻧﻛﯾر ،وﻫو أﺳﻠوب ﺑﻼﻏﻲ ،إﻻ أن اﷲ
ﻋﻧدﻣﺎ طﻠب ﻣن ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل ذﺑﺢ ﺑﻘرة ﻟم ﯾرد ﺑﻘرة ﺧﺎﺻﺔ ذات ﺧواص ﻣﺣددة ٕواﻧﻣﺎ أراد
١٩٧
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
أن ﺗﻛون ﺑﻘرة ﻓﻘط ،ﻓﻘﺻد اﻟﻌﻣوم أي ﻋﻣوم اﻟﺟﻧس وﻟﯾس ﺧواﺻﻪ وﻟﻛن اﻟﻣﺟﺎدﻟﺔ وﻋدم اﻻﻣﺗﺛﺎل
ﻣن ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل ﻟﻧﺑﯾﻬم واﻻﺳﺗﺧﻔﺎف ﺑﺎﻟﺷرﯾﻌﺔ ﻛل ذﻟك ﺟﻌﻠﻬم ﯾﺳﺄﻟون أﺳﺋﻠﺔ ﻛﺛﯾرة ﻋن اﻟﺑﻘرة اﻟﻣراد
ذﺑﺣﻬﺎ وﺑﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎﻫﯾﺗﻬﺎ اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻓﻬم ﻏﯾر ﻣﺄﻣورﯾن ﺑﺻﻔﺔ ﻣﻘﯾدة ﻷﻧﻬم ﻛﻠﻔوا ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب ﺑذﺑﺢ ﺑﻘرة
)(١
.وﻛﺎن ﺳﺑب ﻫذا اﻟطﻠب ﱠ
أن ﺑﻧﻲ ،وﻟم ﯾذﻛر ﻣن ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ أن ﺗﻛون ﺻﻔراء ﻓﺎﻗﻌﺔ وﻻ ﻏﯾر ذﻟك
إﺳراﺋﯾل أﺻﺑﺣوا ﯾوﻣﺎً ﻋﻠﻰ ﻗﺗﯾل ﺑﯾن أظﻬرﻫم ﻓﺗﺑﺎدﻟوا ﻓﯾﻪ اﻻﺗﻬﺎم واﻟﺗﻧﺻل وﻫذا واﺿﺢ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ :
، أي ﻧﻔس اﻟﻘﺗﯾل ،وﻗد اﺷﺗﺑﻪ ﻋﻠﯾﻬم أﻣر اﻟﻘﺎﺗل ،وﻟم ﺗﻛن اﻟﻘﺳﺎﻣﺔ ﻗد ﻧزﻟت
ٍ
ﻋﻧدﺋذ ﺳﺄﻟوا ﻣوﺳﻰ أن ﯾﺑﯾن ﻋﻠﯾﻬم وﻫﻲ أن ﯾﻘول اﻟﻘﺗﯾل –ﺑﻌد إﺣﯾﺎﺋﻪ -دﻣﻲ ﻋﻧد ﻓﻼن
ﻟﻬم ذﻟك ﻓﺟﺎء اﻟﺟواب وﻫو ﻣن ﺑدﯾﻊ اﻟﺧطﺎب اﻟﻘﺻﺻﻲ ﺑﺗﺄﺧﯾر اﻟﺳﺑب :
وﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺑب :
وأﺻل اﻟﻔﻌل )ادارأﺗم( ")ﺗدارأﺗم( ،ﺛم ﻗﻠﺑت اﻟﺗﺎء داﻻً ﻓﺄدﻏﻣت ﻓﻲ اﻟدال اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﯾﻪ دﻻﻟﺔ اﻟﺳرﻋﺔ
واﺧﺗﺻﺎر اﻟﺣدث ،واﻟﻣﻠﺣوظ أن ﻫذا اﻹدﻏﺎم ﯾوﺣﻲ ﺑﺷدة اﻟﺗداﻓﻊ واﻟﺗﺧﺎﺻم ،وﺑﻠﺻوق اﻟﺟﺳوم
)(٢
ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﻧﻘل ﻣوﺳﻰ وﺗﺑﺎﻋدﻫﺎ ،وﺣب دﻓﻊ اﻟﺗﻬﻣﺔ ﻣن اﻟداﺧل واﻗﺗﻼع اﻟﺷﻛوك واﻟﻣﺧﺎوف"
أﺻر ﺟﻌﻠوا ﯾراﺟﻌوﻧﻪ وﯾطﻠﺑون ّ ﻟﻬم أﻣر اﷲ ﺑذﺑﺢ ﻫذﻩ اﻟﺑﻘرة ظﻧوﻩ ﯾﺳﺧر ﻣﻧﻬم ﻓﻠﻣﺎ
ﺻﻔﺗﻬﺎ ﺛم ﻟوﻧﻬﺎ ﺣﺗﻰ اﻧﺗﻬوا إﻟﻰ طﻠب ﺗﻌﯾﯾﻧﻬﺎ ﺑﻌﯾﻧﻬﺎ ﺑدﻻﻟﺔ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
وﻛﺎن ﺣﻛم اﷲ أن ﯾﺿرﺑوا اﻟﻘﺗﯾل ﺑﺑﻌض ﻟﺣﻣﻬﺎ ﻓﺄﺣﯾﺎ اﷲ ذﻟك اﻟﻘﺗﯾل ﻓﺳﻣﻰ ﻣن ﻗﺗﻠﻪ
ِ
ﻟﻌﺑﺎدﻩ ﻋن ﻗدرﺗﻪ ﻓﻲ اﻹﺣﯾﺎء ،ﻓﻛﺎﻧت ﺗﻠك آﯾﺔ ﻣن آﯾﺎت اﷲ اﻟﺗﻲ ﯾؤﯾد ﺑﻬﺎ أﻧﺑﯾﺎءﻩ ،وﯾﻛﺷف ﺑﻬﺎ
)(٣
،وﻟﻬذا ﺗﺑﯾن "أن أﻣرﻫم ﺑﻬﺎﺗﻪ اﻟﺻﻔﺎت ﻛﻠﻬﺎ ﻫو ﺗﺷرﯾﻊ طﺎرئ ﻗﺻد ﻣﻧﻪ ﺗﺄدﯾﺑﻬم ﻋﻠﻰ واﻹﻣﺎﺗﺔ
ﺳؤاﻟﻬم ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﺳؤاﻟﻬم ﻟﻠﻣطل واﻟﺗﻧﺻل ﻓطﻠب ﺗﻠك اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻣﺷﻘﺔ ﻋﻠﯾﻬم ﺗﺄدﯾب ﻋﻠﻰ ﺳوء
اﻟﺧﻠق واﻟﺗذرع ﻟﻠﻌﺻﯾﺎن ٕ ،وان ﻛﺎن ﺳؤاﻻً ﻧﺎﺷﺋﺎً ﻋن ظﻧﻬم أن اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻬﺎﺗﻪ اﻟﺑﻘرة ﯾﻘﺗﺿﻲ أن ﯾراد
ﻣﻧﻬﺎ ﺻﻔﺎت ﻧﺎدرة ﻛﻣﺎ ﻫو ظﺎﻫر ...ﻓﺗﻛﻠﯾﻔﻬم ﺑﻬﺎﺗﻪ اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻌﺳﯾر وﺟودﻫﺎ ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ﺗﺄدﯾب
ﻋﻠﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺳوء ﻓﻬﻣﻬم ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻛﻣﺎ ﯾؤدب طﺎﻟب اﻟﻌﻠم إذا ﺳﺄل ﺳؤاﻻً ﻻ ﯾﻠﯾق ﺑرﺗﺑﺗﻪ ﻓﻲ
)(٤
. اﻟﻌﻠم"
١٩٨
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
وﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺗﻛرار اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق – ﺗﻛرار اﻟﺗراﻛﯾب -وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ
ﻗوﻟﻪ )ﺗﺑﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ( ، :ﻓﻘد ﺗﻛررت ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرة ﺛﻼث
ﻣرات .
ٕوان ﻫذا اﻟﺗﻛرار اﻟﺗرﻛﯾﺑﻲ ﻓﯾﻪ إﯾﻘﺎع ﺟدﻟﻲ ﯾﻛﺷف ﻋن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻬﺎون ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ
ﻟﻠطﺎﻋﺔ ﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺟرس اﻟﻠﻔظﻲ اﻟﻣﺗﻛرر .وﻫو ﻣن ﺑدﯾﻊ ﻟﻐﺔ اﻟﺗﺻوﯾر ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘرآﻧﻲ "ﻻ
ﯾﺗﻘﯾد أو ﯾﻠﺗزم طرﯾﻘﺎً واﺣداً ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر ،ﺑل ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﺗﻔﻧن ﻓﻲ إﺧراج اﻟﻘول ﻓﻲ ﻋرض ﺷﺎﺋق
وأﺳﻠوب ﻣﺛﯾر ،وﻗوة ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺎن ﯾﺗوﺧﺎﻫﺎ ﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘرآن ﻗﺻد اﻟﺗدﻗﯾق ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰٕ ،واﺑراز ﻣﻌﺎﻟم
اﻟﺟﻣﺎل ،وﺗﺣرﯾك اﻟﻧﻔس ﻟﺗﻌﻲ ﻣﺎ ﺗﺳﻣﻊ وﺗدرك ﻣﺎ ﯾﻘﺎل") (١وﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﺗﻛرار ﺗﺗﺟﺳد ﻟﻧﺎ ﻋدة
دﻻﻻت :ﻣﻧﻬﺎ إن ﻫذا اﻟﺗﻛرار اﻟﻧﻣطﻲ ﻫو ﺑﯾﺎن ﻟﺣﺎل ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل ﻓﻲ ﻛﺛرة اﻟﺳؤال ﺑﻐﯾر ﻓﺎﺋدة أو
ﺣﻛﻣﺔ ؛ ﻻن ﺟﻧﺎﯾﺔ اﻟﻘﺗل أﻛﺑر ﻣن أي ﺳؤال ،وﻣﻧﻬﺎ أﯾﺿﺎً ﺷدة اﻹﻟﺣﺎح ﻣن ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل ﻋﻠﻰ
ﻧﺑﯾﻬم ﻣوﺳﻰ ٕ واﺛﻘﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟدﻋوة ،ورﺑﻣﺎ ﻗﺻد ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻌﺟﯾز أو اﻻﺳﺗﺧﻔﺎف ﺑﺎﻟﺷرﯾﻌﺔ ،إﻻ أن
رد ﻣوﺳﻰ وﺻﺑرﻩ ﻋﻠﯾﻬم أدى ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺻﻠﺔ اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ اﻟﻰ اﻣﺗﺛﺎل ﻫؤﻻء اﻟﻘوم ﻣﻊ ﻋدم
رﻏﺑﺗﻬم اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻻﻣﺗﺛﺎل واﻟطﺎﻋﺔ ،ﻟذﻟك ﻛﺷف ﻫذا اﻟﺗﻛرار اﻟﺗرﻛﯾﺑﻲ ﻋن ﺳﻌﺔ اﻟﺗﺣﻣل
ﻋﻧد اﻷﻧﺑﯾﺎء واﻟرﺳل وﻣﻧﻬم ﻣوﺳﻰ ﻓﻲ إﺑﻼغ ﺣﻛم اﷲ واﻟرﻓق ﺑﺎﻟﺧﻠق ﺑﺣﺳن اﻻﺳﺗﻣﺎع
إﻟﯾﻬم ،و ﱠ
أن ﻫذا اﻟﺗﻛرار اﻟﺑﺎرز ﻓﻲ ﻗﺻﺔ اﻟﺑﻘرة ﯾؤﻛد إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺣﺟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﺿﯾن واﻟﻣﻧﻛرﯾن إﻟﻰ
ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ،ﻟذا ﺧﺗﻣت اﻟﻘﺻﺔ ﺑذﻛر ﺻﻔﺔ اﻟﺗﻌﻘل واﻟﺗدﺑر ﺑﻘوﻟﻪ :ﻓﺎﻟﻌﺑرة
ﺑﯾﺎن أن اﻷﺣﻛﺎم واﻟﺗﻛﺎﻟﯾف ﻣﺣورﻫﺎ اﻟﻌﻘل وﻻ ﯾدرك ﺣﻛﻣﻬﺎ وأﺳرارﻫﺎ إﻻ اﻟﻌﻘﻼء ﻣن اﻟﻧﺎس ،
وﻛذﻟك ﻛﺷف ﻫذا اﻟﺗﻛرار ﻋن ﺧﻠﺟﺎت اﻟﻘوم ﻓﻲ ﻣﺟﺎدﻟﺔ ﻣوﺳﻰ .
وﻣن اﻟﺗﻛ اررات اﻷﺧرى ﺗﻛرار اﻟﻔﻌل )ﻗﺎل( اﻟذي ﯾﺣﻣل زﻣن اﻟﻣﺿﻲ ،إذ ﺗﻛرر ﺧﻣس
ﻣرات وﻫو ﯾﻧﺎﺳب ﺟو اﻟﻘﺻﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺳرد أﺣداث ﻣﺎﺿﯾﺔ ،ﻓﺿﻼً ﻋن ﻛوﻧﻪ ﯾﺷﻛل ﻟﻐﺔ
اﻟﺣوار ﺑﯾن اﻟداﻋﯾﺔ واﻟﻣدﻋوﯾن .وﻣﺎ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺣوار اﻟﻘرآﻧﻲ إﻻ رد اﻟﻌﻘل إﻟﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻣﻧظم اﻟﻬﺎدئ
)(٢
،وﻫو ﻋﻧﺻر أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻘﺻص ،ﯾرﺳم اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت ،وﺑﯾﺎن ﻓﺳﺎد ﻣوﻗف اﻟﺧﺻم
وﯾﺑﯾن أدوراﻫﺎ وﻗﯾﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﺣدث ،وﻧﺣن ﻋﻧدﻣﺎ ﻧذﻛر ﻫذﻩ اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﺻﺔ ﻟﯾس ﻋﻠﻰ
ّ
اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻛﺗﺎب ﻗﺻص ﻓـ"اﻟﻘرآن ﻟﯾس ﻛﺗﺎب ﻗﺻص ٕواﻧﻣﺎ ﻫو ﻛﺗﺎب دﻋوة وﺗﺷرﯾﻊ ،
ﻓﺈذا ﺟﺎء ﺑﺎﻟﻘﺻﺔ ﻓﺈﻧﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﻟدﻋوة إﻟﻰ اﻹﯾﻣﺎن ﺑﺎﷲ ،وﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ وﺣدة اﻟدﻋوة
ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗﻌدد اﻷﻧﺑﯾﺎء واﺧﺗﻼف اﻷزﻣﻧﺔ واﻷﻣﻛﻧﺔ واﻷﻗوام ،وﻋﻠﻰ رﻏم ﺗطور اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف ﻣن
١٩٩
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
دﻋوة إﻟﻰ أﺧرى ﺣﺗﻰ اﻛﺗﻣﻠت ﺑﺎﻟدﻋوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ") ، (١وﻟﻛن ﻧﻘل ﻟﻧﺎ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم اﻟﻌﻘﯾدة ﻓﻲ ﻟﻐﺔ
اﻟﺣوار اﻟﻘﺻﺻﻲ.
وﻣن اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻲ ﺷﻛﻠت ﺧطﺎب ﻗﺻﺔ اﻟﺑﻘرة ﺿﻣن ﻋﻘﯾدة )اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت( -أﺳﻠوب
اﻟﺗوﻛﯾد -اﻟذي ﯾﻌ ﱞد أﺳﻠوﺑﺎً ﺧﺑرﯾﺎً ،إذ أُﻛد اﻟﺧطﺎب اﻟﻘﺻﺻﻲ اﻟﻘرآﻧﻲ ﺿﻣن ﻗﺻﺔ اﻟﺑﻘرة ﺑﻌدة
)إن( وذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ )ﺗﺑﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ( :ﻟﺗﺄﻛﯾد اﻷﻣر
ﺗوﻛﯾدات ﻟﻠﺧﺑر ،أُﻛد ﺑـ ﱠ
ﺑذﺑﺢ اﻟﺑﻘرة ،وﻧوﻋﻪ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﻘﺎء اﻟﺧﺑر وﺣﺎل اﻟﻣﺧﺎطب ) ،طﻠﺑﻲ( ﻓﻲ ﺣﯾن أُﻛد ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ آﺧر
ﺑـ )إﱠﻧﺎ( أي ﱠ
)إن +ﻧﺎ( ﻣﺗﺻﻼً ﺑﺿﻣﯾر )ﻧﺎ( ﻣﻊ اﻟﻼم اﻟﻣزﺣﻠﻘﺔ وذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ
وأﻛد ﺑـ )إﱠﻧﻪ( أي :ﱠ
)إن+اﻟﻬﺎء( ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻣواﺿﻊ وذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
وأُﻛد ﺑـ )إﱠﻧﻬﺎ( أي ) :إن+اﻟﻬﺎء( اﻟﻣؤﻧﺛﺔ وﻗد ﺗﻛررت أﯾﺿﺎً ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻣواﺿﻊ ﻓﻲ
ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، :وﻧﺟد ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﺗوﻛﯾدات أن أﻏﻠﺑﻬﺎ ﺟﺎءت ﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺿﻣﯾر
ﺳواء أﻛﺎن )اﻟﻬﺎء( أم )ﻧﺎ( إذ ﯾوظف اﻟﺿﻣﯾر ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻘرآﻧﻲ ﻟﻣﻘﺎﺻد اﺑﻼﻏﯾﺔ ﻓﺎﻟﺿﻣﯾر
)اﻟﻬﺎء( ﯾﻌود ﻋﻠﻰ ﻟﻔظ اﻟﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﺗﻘدم وذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻫو ﻣﺗﺻل
ـ)إن( ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ :وﻣﺟﻲء اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻘرآﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺻورة ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﺿﻣﯾر
ﺑ ﱠ
وﻣرﺟﻌﻪ ﯾؤدي اﻟﻰ اﻹﯾﺟﺎز وﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻧﺷﯾط اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣرﺟﻊ اﻟﺿﻣﯾر ﻓﻣرﺟﻊ اﻟﺿﻣﯾر
ﻫو ﻟﻔظ اﻟﺟﻼﻟﺔ )اﷲ( ﻓﺎﻟﺳﯾﺎق ﺑﻌدﻫﺎ ﻋدل ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﻪ ﻣوﺳﻰ ﻟﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ
اﻟﻌدول ﻋن اﻻﺳم اﻟظﺎﻫر إﻟﻰ اﻟﻣﺿﻣر ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻣواﺿﻊ ،ﻓﻔﻲ
ذﻟك دﻻﻟﺔ اﻟﺳرﻋﺔ ﻓﻲ اﻹﺑﻼغ وﺗﻌﻠﯾم اﻟﻣﻛﻠف)اﻻﻣﺗﺛﺎل واﻟطﺎﻋﺔ( .أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎل أداة
اﻟﺗوﻛﯾد )إن( ﻣﺗﺻﻼً ﻣﻌﻬﺎ )ﻧﺎ( ﺑوﺻﻔﻪ ﺿﻣﯾ اًر ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟري ﻣﺟرى اﻟﻘﺳم ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل وذﻟك
واﺿﺢ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻓﺎﻟﺿﻣﯾر )اﻟﻬﺎء( ﻓﻲ )ﺑﻌﺿﻬﺎ( ﻻ ﯾﻌود إﻟﻰ
أﻗرب ﻣذﻛور وﻫو )ﻧﻔﺳﺎً( ٕواﻧﻣﺎ ﯾﻌود إﻟﻰ اﻟﺑﻘرة ،إذ ﯾﺗطﻠب إرﺟﺎع اﻟﺿﻣﯾر ﻗد اًر ﻣن ﺷﺣذ اﻟذاﻛرة
وﺑﺧﺎﺻﺔ أن اﻟﻘﺗﯾل ﻛﺎن )ﻧﻔﺳﺎً( ﺑﻠﻔظ ﻣﻔرد ﯾﺗﻔق إﻓراداً وﺗﺄﻧﯾﺛﺎً ﻣﻊ اﻟﺿﻣﯾر ﻓﻲ )ﺑﻌﺿﻬﺎ( ﻏﯾر أن
اﻟﻔﻌل )اﺿرﺑوﻩ( أﺿﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔس اﻟﻣﻘﺗوﻟﺔ ﻣن اﻟﺗذﻛﯾر ﻣﺎ ﯾﺣول ﺑﯾﻧﻬﺎ وﺑﯾن أن ﺗﻛون ﻣرﺟﻌﺎً ﻓﻲ
)ﺑﻌﺿﻬﺎ( .وﺑذا ﯾﻌود اﻟﺿﻣﯾر إﻟﻰ اﻟﺑﻘرة وﯾﻛون اﻟﻣﻌﻧﻰ :ﻓﻘﻠﻧﺎ اﺿرﺑوا اﻟﻘﺗﯾل ﺑﺑﻌض اﻟﺑﻘرة
.ووﺟود ﺣرف اﻟﻔﺎء ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ :دﻻﻟﺔ اﻟﺳرﻋﺔ ﻣرة اﺧرى ﯾﻧﺎﺳﺑﻪ ذﻛر )(٢
اﻟﻣذﺑوﺣﺔ
٢٠٠
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
اﻟﺿﻣﺎﺋر ﻹﻗرار ﻋﻘﯾدة )اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت( ٕواظﻬﺎر اﻟﺣق .وﻗد ﺟﺎء اﻟﻔﻌل )ﻗﺗﻠﺗم( ﻣﺳﻧداً اﻟﻰ ﺿﻣﯾر
اﻟﺟﻣﻊ واﻟﻘﺎﺗل واﺣد ﻓﻬذا ﻣن ﺑﺎب اطﻼق اﻟﻣﻔرد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺛﻧﻰ واﻟﺟﻣﻊ وﺑﺎﻟﻌﻛس وﯾﻌد اﻟﺗﻔﺎﺗﺎً ﻓﻌﻠﯾﺎً إذ
اﻧﺗﻘل ﻣن اﻟﻣﻔرد إﻟﻰ ﺻﯾﻐﺔ اﻟﺟﻣﻊ .
وﻣن ﺑدﯾﻊ اﻟﻧظم اﻟﻘرآﻧﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧطﺎب اﻟﻘﺻﺻﻲ أﯾﺿﺎً اﺳﻠوب اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ ﻣطﻠﻊ
اﻟﻘﺻﺔ وذﻟك ﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :إذ اﺳﺗﻔﻬم ﺑﺎﻟﺣرف )اﻟﻬﻣزة(
"وﻗﺻد ﻣﻧﻪ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟذا ﻓﻬو اﺳﺗﻔﻬﺎم ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟظﻧﻬم ﱠ
أن اﻷﻣر ﺑذﺑﺢ ﺑﻘرة ﻟﻼﺳﺗﺑراء ﻣن دم ﻗﺗﯾل
ﻛﺎﻟﻠﻌب وﺗﺗﺧذﻧﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ") . (١وﻣن ﺑدﯾﻊ ﻟﻐﺔ اﻟﺗﻧزﯾل اﻟﻌدول ﻓﻲ طرﯾق اﻟﺧطﺎب رداً ﻟﺟواﺑﻬم
ﻓﻘد ) ( ﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﺎﺻﻠﺔ اﻻﯾﺔ ﺑذﻛر ﺻﻔﺔ اﻟﺟﻬل دون ﺻﻔﺔ اﻻﺳﺗﻬزاء ﻓﻠم
ﯾﻘل ﻣﺛﻼ :ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻬزﺋﯾن ﻓﺟﺎء اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘراﻧﻲ ﺑﻘوﻟﻪ :
، وذﻟك ﻷن اﻟﺟﺎﻫل ﻣﺳﺗﻬزئ وﺧﻠق اﻷﻧﺑﯾﺎء واﻟﻣرﺳﻠﯾن اﻟﺗﻌﻠﯾم واﻹﺑﻼغ ﺗﻌرﯾﺿﺎً
ﺑﺳوء ﻗوﻟﻬم .وأن أﺳوأ ﺻﻔﺎت اﻟﺟﺎﻫﻠﯾن ﻫﻲ اﻻﺳﺗﻬزاء وﻋدم اﻟطﺎﻋﺔ .وﻧﺟد أﺳﻠوب اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم
ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ) :ﻣﺎ ﻫﻲ -ﻣﺎ ﻟوﻧﻬﺎ -ﻣﺎ ﻫﻲ( .إذ اﺳﺗﻌﻣل اﻟﺧطﺎب اﺳم اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم )ﻣﺎ( ﻓﻲ
ﺛﻼﺛﺔ ﻣواﺿﻊ ،ﻓﻔﻲ اﻷوﻟﻰ " :ﺣﻛﻰ ﺳؤاﻟﻬم ﺑﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳؤال ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﻼم اﻟﻌرب وﻫو اﻟﺳؤال
ﻋن اﻟﺻﻔﺔ ﱠ
ﻷن )ﻣﺎ( ﯾﺳﺄل ﺑﻬﺎ ﻋن اﻟﺻﻔﺔ" وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ "ﺳﺄﻟوا ﺑﻣﺎ ﻋن ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻠون وﺟﻧﺳﻪ ﻷﻧﻪ
ﺛﺎﻧﻲ ﺷﻲء ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻪ أﻏراض اﻟراﻏﺑﯾن ﻓﻲ اﻟﺣﯾوان") .(٢وﻣﻣﺎ ﯾطﺎﻟﻌﻧﺎ ﺑﻪ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘرآﻧﻲ ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻧﺎﺳق
اﻻﺳﺗﻔﻬﺎﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺻﺔ اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ﻓﻘد ورد ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺗﯾب اﻵﺗﻲ ) :ﻣﺎ ﻫﻲ؟ ﻣﺎ ﻟوﻧﻬﺎ؟ ﻣﺎ ﻫﻲ؟( ﻛﻠﻪ ﻋﻠﻰ
ﺳﺑﯾل اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻ ﻣﺟﺎز ﻓﯾﻪ ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﺗﺎﺑﻊ ﻧﺟد "ﺳؤاﻻً ﻋﺎﻣﺎً ﻋن اﻟﺑﻘرة ،ﺛم ﺳؤاﻻً ﺧﺎﺻﺎً ﻋن ﻟوﻧﻬﺎ ،
ﺛم ﻋودة إﻟﻰ ﺳؤال ﻋﺎم ﻋﻧﻬﺎ ،ﻫذا اﻟﺗﻛرار ﻓﯾﻪ دﻻﻟﺔ واﺿﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺟﺎﺟﺔ ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل وﺗﻠﻛﺋﻬم ﻓﯾﻣﺎ
ﯾطﻠب ﻣﻧﻬم ﻣن أواﻣر وﻧواﻩ وﺗﻛﺎﻟﯾف"). (٣
وﻣن أﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺷﺎء اﻟطﻠﺑﻲ أﯾﺿﺎً – أﺳﻠوب اﻷﻣر -وذﻟك ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
، - -ﻓدﻻﻟﺔ اﻟﻔﻌل )ادع( اﻟدﻋﺎء إذ "ﯾﺣﺗﻣل أن ﯾراد ﻣﻧﻪ اﻟدﻋﺎء اﻟذي ﻫو طﻠب
ﺑﺧﺿوع وﺣرص ﻋﻠﻰ إﺟﺎﺑﺔ اﻟﻣطﻠوب ﻓﯾﻛون ﻓﻲ اﻟﻛﻼم رﻏﺑﺗﻬم ﻓﻲ ﺣﺻول اﻟﺑﯾﺎن ﻟﺗﺣﺻﯾل
٢٠١
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
)(١
وﻗد ﺟﺎء ﻫذا اﻟﻔﻌل ﺑﺻﯾﻐﺔ ﻓﻌل اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻣرﺟوة ﻣن ذﺑﺢ ﺑﻘرة ﻣﺳﺗوﻓﯾﺔ ﻟﻠﺻﻔﺎت اﻟﻣطﻠوﺑﺔ"
اﻷﻣر وﻛذﻟك اﻟﻔﻌل )اﻓﻌﻠوا – واﺿرﺑوﻩ( .
وﻣن اﻟﻔﻧون اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺛرت اﻹﻋﺟﺎز اﻟﺑﻼﻏ ﱠﻲ ﻓﻲ ﻗﺻﺔ اﻟﺑﻘرة -ﻓن اﻻﺳﺗﻌﺎرة -وﻫو
اﺣد ﻓﻧون ﻋﻠم اﻟﺑﯾﺎن وﻧﺟدﻩ ﻣﺎﺛﻼً ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ . : ﻧﺟد ﻣن
ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺧطﺎب اﻟﻌدول ﻋن ﻗوﻟﻪ " :ﻗﺎﻟوا اﻵن ﺟﺎء اﻟﺣق" وﻋﺑروا ﻋﻧﻪ ﺑﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
ﻫذا ﯾﻛﺷف ﻋن اﻟﺷك اﻟذي ﻛﺎن ﻓﻲ ﺻدورﻫم ﻣن أﻗوال ﻣوﺳﻰ
ﻟﻬم ﻓﻛﺄﻧﻪ اﻵن ﺟﺋت وﻟﯾس ﻗﺑل ،وﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺗﻠﻣس ﺗﺣدﯾد أرﻛﺎن ﻫذﻩ اﻻﺳﺗﻌﺎرة ﺑﺎﻵﺗﻲ
:
اﻟﻣﺳﺗﻌﺎر ﻟﻪ )اﻟﺣق( .
اﻟﻣﺳﺗﻌﺎر ﻣﻧﻪ ﻣﺣذوف ﺗﻘدﯾرﻩ ) :ﺷﻲء( .
اﻟﻘرﯾﻧﺔ :اﻟﻔﻌل )ﺟﺋت(.
اﻟﺟﺎﻣﻊ :ﺣﺻول اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ وﺗﺣﻘق اﻷﻣر .
ﱠ
إن ﻟﻔظ )اﻟﺣق( أﻣر ﻣﻌﻧوي ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ أن ﯾﻘوم ﺑﻔﻌل اﻟﻣﺟﻲء ﻓﺎﻟﺣق ﻟم ﯾﺎت ﺑل ﺟﻲء
ﺑﻪ،ﻓﻘد ﺷﺑﻪ اﻟﺣق ﺑﺷﺊ ﻣﺣﺳوس ﻣﺎدي ﯾﻣﻛن ان ﯾؤﺗﻰ ﺑﻪ ،وﺣذف اﻟﻣﺷﺑﻪ ﺑﻪ ودل ﻋﻠﯾﻪ ﻻزﻣﻪ
)ﺟﺋت( ﻓﻬﻲ اﺳﺗﻌﺎرة ﻣﻛﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻟﻔظ )اﻟﺣق( ،و ﻫذا ﯾرﺳم ﻟﻧﺎ ﺻورة ﻓﻧﯾﺔ راﺋﻌﺔ وﻣﺷﻬداً ﺣرﻛﯾﺎً
)(٢
. ﻷﻣر ﻣﻌﻧوي ،واﻟﺣق اﻟﻣراد ﻣﻧﻪ اﻟﺣق اﻟواﺿﺢ ٕواﻻ ﻓﺈﻧﻪ ﻗد ﺟﺎءﻫم ﺑﺎﻟﺣق اﺑﺗداء
وﻓﻲ إطﺎر ﻋﻠم اﻟﺑدﯾﻊ ﯾطﺎﻟﻌﻧﺎ ﻓن ﻣن ﻓﻧوﻧﻪ ذو ﺗﺷﻛﯾل ﻣﻌﻧوي وﻫو ﻓن )اﻟطﺑﺎق( وﻧوﻋﻪ
)طﺑﺎق ﺧﻔﻲ( وذﻟك ﻣﺎ ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻓﺎﻟﻣﺳﻧد
اﻟﻔﻌﻠﻲ )ﻓذﺑﺣوﻫﺎ( ﯾﺣﯾﻠﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطرف اﻷول ﻣن اﻟطﺑﺎق اﻟﺧﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾر )ﻓذﺑﺣوﻫﺎ ،ﻓﻌﻠوا( أو
)رﻏﺑوا ﻓﻲ اﻟﻔﻌل( ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟد اﻟطرف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﻘد اًر ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ :ﻋﻠﻰ
ﺗﻘدﯾر ) :ﻟم ﯾرﻏﺑوا ﺑﺎﻟﻔﻌل( ودﻻﻟﺔ ﻫذا اﻟﺻراع اﻟﺿدي ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺧطﺎب ﯾؤﻛد ﻋدم اﻟرﻏﺑﺔ
ﻓﻲ اﻻﻣﺗﺛﺎل ﻟﺷرع اﷲ وﻟﻠرﺳﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻣﻠﻬﺎ اﻟﻧﺑ ﱡﻲ وﻓﻲ ذﻟك دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ "اﺳﺗﺛﻘﺎل ﻻﺳﺗﻘﺻﺎﺋﻬم،
واﺳﺗﺑطﺎن ﻟﻬم ،وأﻧﻬم ﻟﺗطوﯾﻠﻬم اﻟﻣﻔرط وﻛﺛرة اﺳﺗﻛﺷﺎﻓﻬم ﻣﺎ ﻛﺎدوا ﯾذﺑﺣوﻧﻬﺎ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻧﺗﻬﻲ
)(٣
. ﺳؤاﻻﺗﻬم ،وﻣﺎ ﻛﺎد ﯾﻧﻘطﻊ ﺧﯾط إﺳﻬﺎﺑﻬم ﻓﯾﻬﺎ ،وﺗﻌﻣﯾﻘﻬم"
٢٠٢
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
وﻣن ﺟﻣﺎﻟﯾﺎت ﺻور اﻟﺗﻘﺎﺑل ﺑﯾن ﺗﻧﺎوب اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻻﺳﻣﯾﺔ واﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻣﺳﻧد
واﻟﻣﺳﻧد إﻟﯾﻪ ﻗوﻟﻪ ... :وﺑﯾن ﻗوﻟﻪ :
ٍ
ﻓﺎﻋل ﻓﻲ أن اﻟﻣﺳﻧد ورد ﻣرة ﻓﻌﻼً ﻣﺿﺎرﻋﺎً )ﯾﺄﻣرﻛم( وورد ﻣرة أﺧرى اﺳم
ﻗوﻟﻪ ) :ﻣﺧرج( .وﻫﻧﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻛل ﺣدث ،ﻓﺎﻟﺗﻛﺎﻟﯾف واﻷواﻣر ﻣن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺗﺟددة ﻣﻊ
ﺗﺟدد ﺣﯾﺎة اﻟﻧﺎس وأﻣﺎ اﻟﺣق ﻓﻬو ﺛﺎﺑت ظﺎﻫر ٕوان اﻣﺗد زﻣن اﻟظﻠم واﻟطﻐﯾﺎن ﻟذا ﻋﺑر ﻋﻧﻪ ﺑﺎﻟﺟﻣﻠﺔ
اﻻﺳﻣﯾﺔ ،وﺑﻌد ذﻟك ﻧرﯾد أن ﻧﺑﯾﱠن ﻣوطن اﻟﻌﻘﯾدة ﺑﺷﻛﻠﻪ اﻟﻌﺎم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ :
.١اﻷﻣر ﻣن اﷲ )ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ( وﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣﺧﺎطب وطﺎﻋﺗﻪ .
.٢اﻟﺻﺑر ﻋﻠﻰ ﺟدال ﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل وﺗﺑﻠﯾﻐﻬم .
.٣ﻗدرة اﻹﺣﯾﺎء ﺑﻌد زوال اﻟﺣﯾﺎة ٕواﺛﺑﺎت اﻟﺣق ورد اﻟﻣظﺎﻟم .
وﻣن ﻣواطن اﻟﻌﻘﯾدة أﯾﺿﺎ وﻟﻛن ﺑﺷﻛﻠﻬﺎ اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﻲ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ :
.١إﺑراز ﺟﺎﻧب اﻟوﻻء واﻟطﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻷﻧﺑﯾﺎء واﻟﻣرﺳﻠﯾن وﺗﺑﻠﯾﻐﻬم أﻗواﻣﻬم .
.٢أﺑرز اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﻓﻲ ﻗﺻﺔ ﻣوﺳﻰ وﺑﻧﻲ إﺳراﺋﯾل ﺣب اﻷﻧﺑﯾﺎء واﻟﻣرﺳﻠﯾن
ﻷﻗواﻣﻬم وﺗﻣﺎدي اﻷﻗوام ﻓﻲ ﻋدم اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ واﻻﻣﺗﺛﺎل .
.٣ﺗﺄﯾﯾد اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺣق ٕواظﻬﺎرﻩ ٕوان ﻛﺎن اﻟﺳﺑب ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﺻورﻩ اﻹﻧﺳﺎن وﻫو ﺟزء ﻣن
اﻟﺑﻘرة اﻟﻣذﺑوﺣﺔ ،دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗدرة اﷲ وﺣدﻩ.
.٤ﻗدرة اﻹﺣﯾﺎء ﺑﻌد زوال اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﻣﺷﻬد ﺗﻌﺎﯾﻧﻪ اﻟﻧﺎس ﺑﻐﯾﺔ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺣﺟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻛرﯾن.
٢٠٣
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
إذ ﯾطﺎﻟﻌﻧﺎ اﺳﻠوب اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم اﻟﻣﺟﺎزي ﺑﻘوﻟﻪ ... :واﻟﻣراد اﻟﺗﻌﺟﯾب ﻓﻬو
)(١
،وﺳر اﻻﻓﺗﺗﺎح ﺑﺎﻻﺳﺗﻔﻬﺎم دون ﻏﯾرﻩ ،أن ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ "ﺗﻌﺟب ﻣن ﻣﺣﺎﺟﺟﺔ اﻟﻧﻣرود وﺣﻣﺎﻗﺗﻪ"
اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﺗﺣرك أﺣﺎﺳﯾس اﻟﻣﺧﺎطب إﻟﻰ اﺳﺗﺣﺿﺎر اﻟﺻورة واﺳﺗﻌداد اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻟﺗﺻور ﻣﺷﻬد
اﻷﺣداث ﺑﻔﺎﻋﻠﯾﺔ اﻟﺗﻠﻘﻲ ،ﻗﺎل اﻟﻘرطﺑﻲ" :ﻓﻬو ﻛﻠﻪ ﺗﻌﻠﯾم ﻣن اﷲ اﻟﺳؤال واﻟﺟواب واﻟﻣﺟﺎدﻟﺔ ﻓﻲ
اﻟدﯾن ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾظﻬر اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﺣق واﻟﺑﺎطل اﻻ ﺑظﻬور ﺣﺟﺔ اﻟﺣق ودﺣض ﺣﺟﺔ اﻟﺑﺎطل"). (٢
وﻣن ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘرآﻧﻲ ﻓﻲ دﻻﻟﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻗوﻟﻪ ... :و "اﻟرؤﯾﺔ ﻫﻧﺎ رؤﯾﺔ
ﻋﻠﻣﯾﺔ وﻣﻌﻧﻰ )اﻟم ﺗر( أﻟم ﺗﻌﻠم اذ ﻧزﻟت اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣﻧزﻟﺔ اﻟرؤﯾﺔ اﻟﺑﺻرﯾﺔ ﻣن ﻗﺑﯾل ﺗﺷﺑﯾﻪ
اﻟﻣﻌﻧوي ﺑﺎﻟﺣﺳﻲ ﻟﻘوة ظﻬور اﻟﺣﺳﯾﺎت أﻛﺛر ﻣن اﻟﻣﻌﻧوﯾﺎت ﻟﯾﺗوﺻل ﻣن ﻫذا اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ إﻟﻰ إﺛﺑﺎت
)(٣
وﺗﻣﺛل اﻹﻋﺟﺎز اﻟﺑﻼﻏ ﱠﻲ ﻓﻲ أﻣرﯾن :اﻷول :إﺛﺑﺎت ﻋﻘﯾدة ﺗﻠك اﻟﻘﺻﺔ ٕواظﻬﺎرﻫﺎ ﻟﻐراﺑﺗﻬﺎ"
)اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت( وﻗد ﺗﻣﺛﻠت ﻓﻲ ﺑﻼﻏﺔ اﻻﺳﻠوب اﻟﺧﺑري اﻻﺑﺗداﺋﻲ ﺑﻘوﻟﻪ :
، ﻣﻊ اﺳﺗﺷﻌﺎر اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺿﺎرع اﻟﻣﺗﺟدد ﻣﻊ ﻣﺷﺎﻫد اﻟﺣﯾﺎة ،أﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ اﻟﺻراع اﻟﺿدي اﻟذي ﺑﯾن ﻟﻔظﻲ )ﯾﺣﯾﻲ وﯾﻣﯾت( إذ ﺗﻣﺛل اﻟطرف اﻷول ﻟﻠطﺑﺎق ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ
:ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﺟﺳد اﻟطرف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ . :
وﻣن ﻟطﺎﺋف اﻟﺗﻌﺑﯾر ﺑﻼﻏﺔ اﺳوب اﻟﻘﺻر ﻓﻠم ﯾﻘل ﻣﺛﻼ ) :ﯾﺣﯾﻲ وﯾﻣﯾت رﺑﻲ( " ،واﻟﻔرق
ﻛﺑﯾر ﻓﻘوﻟﻪ " :رﺑﻲ اﻟذي ﯾﺣﯾﻲ وﯾﻣﯾت" ﯾﻔﯾد أﻧﻪ ﻻﻣﺣﻲ وﻻ ﻣﻣﯾت إﻻ اﷲ ،وﻟو ﻗﯾل :ﯾﺣﯾﻲ
وﯾﻣﯾت رﺑﻲ ﻟﻛﺎن اﻟﻣﻌﻧﻰ أن اﷲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻹﺣﯾﺎء واﻹﻣﺎﺗﺔ وﻻ ﻣﺎﻧﻊ ان ﯾﻘدر ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ﻏﯾرﻩ").(٤
ﻓﺟﺎء اﻟﺟواب ﻣﺗﻣﺛﻼً ﻓﻲ ﺑﻼﻏﺔ ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﻧد إﻟﯾﻪ اﻻﺳﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻧد اﻟﻔﻌﻠﻲ وﻣﺛﻠﻪ ﻗوﻟﻪ :
ﺗﻌﺑﯾ اًر ﻋن ﻗدرﺗﻪ وﻏرورﻩ ﻓﯾﻣﺎ زﻋم اﻧﻪ ﯾﻐﯾر اﻷﺣداث ﻣن اﻟﺣﯾﺎة إﻟﻰ
اﻟﻣوت واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎﺗﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر إرادﺗﻪ وﻗوﺗﻪ اﻟذاﺗﯾﺔ ،ﻟذا ﺗﻘدم اﻟﻣﺳﻧد إﻟﯾﻪ اﻻﺳﻣﻲ ،وﻏﻔل
ﻋن ﻗﺻد إﺑراﻫﯾم ﻓﻲ دﻋوﺗﻪ إﻟﻰ وﺣداﻧﯾﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ) :رﺑﻲ( اﻟذي ﻻ
ﯾﻌﺗرﯾﻪ اﻟﺗﻐﯾر وﻻ ﺗﻘﻠب اﻷزﻣﺎن ﺑﺧﻼف اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻬو ﻣﺧﻠوق ورﺑﻪ اﻟﺧﺎﻟق .
٢٠٤
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
وﻣن ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎق ﺑﻼﻏﺔ اﻹدﻣﺎج ﺗﻣﻬﯾداً إﻟﻰ ذﻛر اﻟﺑﻌث واﻟﻧﺷور ﺗﻣﺛل "ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم
اﻻﺳﺗدﻻل ﺑﺧﻠق اﻟﺣﯾﺎة إدﻣﺎج ﻻﺛﺑﺎت اﻟﺑﻌث ﻷن اﻟذي ﺣﺎج اﺑراﻫﯾم ﻛﺎن ﻣن ﻋﺑدة اﻷﺻﻧﺎم ﻓﻬم
ﯾﻧﻛرون اﻟﺑﻌث ...ﻓﻔﻲ اﻹﺣﯾﺎء واﻹﻣﺎﺗﺔ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﻓﺎﻋل ﻏﯾر اﻟﺑﺷر ﻓﺎﷲ ﻫو اﻟذي
)(١
. ﯾﺣﯾﻲ وﯾﻣﯾت"
اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻧﺗﻘﺎل اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﺟﺟﺔ ﻣن اﻻﺳﺗدﻻل ﻋﻠﻰ وﺣداﻧﯾﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ
وﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﯾﺎء واﻹﻣﺎﺗﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﺗدﻻل اﻟﻛوﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺧﻠق دون ﻣﺟﺎدﻟﺔ اﻟﻧﻣرود ﻓﻲ زﻋﻣﻪ،
ﻓﺟﺎء اﻻﺳﻠوب اﻟﺧﺑري ﻣؤﻛداً ﺑـ)إن( ﻣﻊ إظﻬﺎر ﻟﻔظ اﻟﺟﻼﻟﺔ ﻓﻛل ذﻟك أدﻋﻰ إﻟﻰ ﺗﻘوﯾﺔ اﻟﺣﺟﺔ ﻓﻲ
اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ،وﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ :
.
ﺛﺎﻟﺛﺎً :إﺛﺑﺎت أن اﻟﻛون وﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺧﺎﺿﻊ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻣﺳﺧر ﺑﺄﻣرﻩ وﺣدﻩ ﻓﻘد ﺟﺎء ﺑﺎﻟﻣﺳﻧد
اﻟﻔﻌﻠﻲ اﻟذي ﯾﻔﯾد اﻟﺗﺟدد واﻻﺳﺗﻣرار ﻣﻊ ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﻧد اﻻﺳﻣﻲ وﺗﻛﻣن داﺋرة اﻟﺧطﺎب ﻓﻲ ﺗﺛﺑﯾت
اﻟﻌﻘﯾدة ﺑﺄﺳﻠوب اﻷﻣر )ﻓﺄت ﺑﻬﺎ( اﻟﻣراد ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻌﺟﯾز ،وﻫﻧﺎ ﻧﻘف ﻋﻧد أﺛر اﻟﺧطﺎب اﻟﺑﻼﻏﻲ ﻓﻲ
ﺗرﺳﯾﺦ اﻟﻌﻘﯾدة وﻗدرة اﷲ ﻋﻠﻰ ﺗﺳﺧﯾر اﻟﻛون وﻗدرﺗﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻹﯾﺟﺎد واﻹﻧﻌﺎم .
وﺟﺎء اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﺗﻘرﯾ اًر ﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻗوﻟﻪ :ﺛم ﺧﺗﻣت اﻟﻘﺻﺔ
اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ﺑﻘوﻟﻪ ، :ﺑﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻷﺳﻠوب اﻟﺧﺑري اﻻﺑﺗداﺋﻲ ﺑﺗﻘدﯾم
اﻟﻣﺳﻧد إﻟﯾﻪ اﻻﺳﻣﻲ )واﷲ( ﻷﻧﻪ أوﻗﻊ ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻟﻣﺧﺎطب ﺗﻘرﯾ اًر ﻟﺳوء اﻟﺻﻔﺎت وﻫﻲ اﻟظﻠم ﻷن
أﺷد أﻧواع اﻟظﻠم ﻫو ظﻠم اﻹﻧﺳﺎن ﻧﻔﺳﻪ ﻣﻊ ﺧﺎﻟﻘﻪ واﻟﻣﻌﻧﻰ "أي ﻻ ﯾﻠﻬﻣﻬم اﻟﺣﺟﺔ واﻟﺑﯾﺎن ﻓﻲ ﻣﻘﺎم
اﻟﻣﻧﺎظرة واﻟﺑرﻫﺎن ﺑﺧﻼف أوﻟﯾﺎﺋﻪ اﻟﻣﺗﻘﯾن") ،(٢وﻓﯾﻪ ﺑﯾﺎن ﻟﻔﺿﯾﻠﺔ اﻹﯾﻣﺎن واﻟﺗوﺣﯾد .وﻣن ﺑدﯾﻊ
اﻟﺗﻌﺑﯾر "إﯾﺛﺎر ذﻛر إﺑراﻫﯾم ﺑﺎﺳﻣﻪ اﻟظﺎﻫر ﻓﻲ اﻟﻣوﺿﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ واﻟﺛﺎﻟث وطﻲ اﺳم اﻟذي ﺣﺎج ﻟﻠﺗﻧوﯾﻪ
ﺑرﻓﻌﺔ ﺷﺄن إﺑراﻫﯾم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم واﺣﺗﻘﺎر اﻟذي ﻛﻔر").(٣
وﺗﺗﺟﺳد ﻣﺣﺎور اﻟﻌﻘﯾدة ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺣﺎﺟﺟﺔ ﺑﺎﻵﺗﻲ:
.١وﺣداﻧﯾﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ دﻋوة اﻷﻧﺑﯾﺎء واﻟﻣرﺳﻠﯾن ﻟﻠﻣﻧﻛرﯾن ﺑﺎﻻﺳﺗدﻻل واﻟﻣﻧﺎظرة.
.٢إﻗرار ﺳﺑﯾل اﻟطﺎﻋﺔ واﻟوﻻء ﻷﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﻋﻼﻣﺎت اﻹﯾﻣﺎن ،أﻣﺎ اﻹﻋراض واﻟﺟﺣود ﻓﻬﻣﺎ ﺳﺑﯾل
اﻟطرف اﻵﺧر اﻟﺟﺎﺣد ﻟﻧﻌم اﷲ.
.٣إﺛﺑﺎت أن اﻟﻛون وﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺧﺎﺿﻊ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻣﺳﺧر ﺑﺄﻣرﻩ وﺣدﻩ.
٢٠٥
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
.
إذن اﻟﻘﺻﺔ ﻫﻲ ﻣرور أﺣد اﻟﺻﺎﻟﺣﯾن ﺑﻘرﯾﺔ ﺧﺎوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋروﺷﻬﺎ ،وﻫو )ﻋزﯾر( اﻟذي
أﻣﺎﺗﻪ اﷲ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎم ﺛم ﺑﻌﺛﻪ ﺑﻌد ذﻟك ،ﻧﺟد أن اﻟﻘﺻﺔ ﺑدأت ﺑﻣرور ﻫذا اﻟﻌﺑد اﻟﺻﺎﻟﺢ ﺑﺎﻟﻘرﯾﺔ
اﻟﺧﺎوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋروﺷﻬﺎ ﻣﺗﺳﺎﺋﻼً ﻣﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ﻓﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺗﺣﺎور ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻋن اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﯾﻲ ﺑﻬﺎ
اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻘرﯾﺔ ﺑﻌد ﻣوﺗﻬﺎ وﻓﻧﺎﺋﻬﺎ ،ﺛم إﻣﺎﺗﺗﻪ ٕواﺣﯾﺎؤﻩ )أي اﻟﻣﺗﺳﺎﺋل( ﻟﯾﺷﺎﻫد ذﻟك وﺑﻌد ذﻟك
اﺗﺧﺎذﻩ آﯾﺔ ﻟﻠﻧﺎس) . (١وﻗد ﺣﻣﻠت اﻟﻘﺻﺔ ﺑﯾن دﻓﺗﯾﻬﺎ ﻋدة ﻓﻧون ﺑﻼﻏﯾﺔ ﺷﻛﻠت أﺑﻌﺎد اﻟﻘﺻﺔ ،إذ
ﻧﺟد أﺳﻠوب اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :اﻟﺳؤال ﺑـ )أﻧﻰ(
)(٢
ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﻓﻘد ﺣﻘق اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﺑﻘوﻟﻪ ) :أﻧﻰ( ﻣﻌﻧﻰ اﻻﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﻣﺷوب ﺑﺎﻟﺗﻌﺟب واﻟﺣﯾرة
"اﻻﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﻟﻌظم اﻷﻣر وارﺗﻘﺎﺋﻪ ﻓوق اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺑﺷري واﻟﻘﺎﻧون اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟذي ﻻ ﯾدرك ﻛﻧﻪ اﻷﻣور
)(٣
،واﻟﺷﻲء اﻟﻣﺳﺗﻔﻬم ﻋﻧﻪ ﻫو أﻣر اﻟﻐﯾﺑﯾﺔ وﯾﺗﻌﺳر ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻬﻣﻬﺎ واﺳﺗﺟﻼؤﻫﺎ ﻣﺎداﻣت ﻓﻲ ﻋﻠم اﷲ"
ﻋظﯾم ﻓﺎﻟﻧظرة اﻟﺳطﺣﯾﺔ إﻟﻰ اﻷﺷﯾﺎء ﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﻋﺗداد ﺑﻬﺎ ﻣﻊ ﻗدرة اﷲ )ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ( ﻓﺎﻟرﺟل
ﻧظر إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻘرﯾﺔ اﻟﺧﺎوﯾﺔ ﻓﻠم ﯾﺗوﻗﻊ ﻋﻠﻰ وﻓق ﻫذﻩ اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻬﺎ ﺗرﺟﻊ ﻫذﻩ اﻟﻘرﯾﺔ ﺑﻌد
ﻣوﺗﻬﺎ ﻫذا اﻟﻣوت اﻟﺣﺳﻲ "ﻓﺎﺳﺗﺑﻌد أن ﯾﻌﯾدﻫﺎ اﷲ وأﻫﻠﻬﺎ ﻟﻠﺣﯾﺎة ﻓﺄﻣﺎﺗﻪ اﷲ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎم ،وﻣﻌﻧﻰ ﻫذا
)(٤
.ﻓﺑﯾن اﷲ ﻗدرﺗﻪ وﺟﺑروﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔرد أﻧﻪ ذاق اﻟﻣوت وﻋﺎﻧﻰ ﺣﻘﯾﻘﺗﻪ ،وﻫذا ﻫو "ﺣق اﻟﯾﻘﯾن"
: ﻗوﻟﻪ ﺑدﻻﻟﺔ اﻟﻘدرة ﺑﻬذﻩ
... إﻟﻰ آﺧر اﻵﯾﺔ ﻓﻌﻠم ﺑﻌد ﺳؤاﻟﻪ ﻫذا ﻗدرة اﷲ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﯾﺎء اﻟﻌظﯾم اﻟﺧﺎص ﺑﻪ ،
٢٠٦
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
ﺑوﺻﻔﻪ اﻟﺧﺎﻟق وﺑﻌد ذﻟك ﺗﺑﻊ ﻫذا اﻟدﻟﯾل أي )اﻹﻣﺎﺗﺔ( ﺳؤال اﻟﺧﺎﻟق ﻟﻪ ﺑﻌد )اﻹﺣﯾﺎء( وذﻟك ﻓﻲ
ﻗوﻟﻪ ﻓﺟﺎء ﺟواﺑﻪ وﺑﻌد ﻫذا اﻟﺟواب ﯾﺑﯾن اﷲ
ﺑﺄﻧﻪ ﻟﺑث ﻣﺋﺔ ﻋﺎم ،وﻗدم ﻟﻪ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك إذ اﻟطﻌﺎم واﻟﺷراب ﻟم ﯾﺗﺄﺛ ار ﺑﺎﻟظروف اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ وﻻ
اﻟظروف اﻷﺧرى ﻋﻣوﻣﺎً ،إذ ﺗوﻗﻔت اﻷﻋراض ،إﻧﻬﺎ اﻟﻘدرة اﻟرﺑﺎﻧﯾﺔ ﺛم ﺳﯾﺎق اﻵﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻘدان
)اﻟﺣﻣﺎر( اﻟﻠﺣم ﻓﺄﺻﺑﺢ ﻋظﺎﻣﺎً ﻓﻘط دون اﻟرﺟل ﻓﻘﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ :
وﻗد ﺟﺎء ﻫذا اﻟدﻟﯾل ﺑﺄﺳﻠوﺑﻲ اﻷﻣر واﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ) :اﻧظر/
وﻛﯾف( وﻗد اﻗﺗرﻧت اﻷدﻟﺔ ﺑﺿﻣﯾر اﻟﺟﻣﻊ )ﻧﺣن( اﻟﻣﺳﺗﺗر دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻌظﯾم اﷲ ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ
ﺑﯾﺎن ﻫذﻩ اﻟﻘدرة ،وذﻛر اﻟطﻌﺎم واﻟﺷراب واﻟﺣﻣﺎر واﻟﻌظﺎم ﺗﻌد ﺑراﻫﯾن ﺣﺳﯾﺔ ﻹﺛﺑﺎت ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻹﺣﯾﺎء
واﻹﻣﺎﺗﺔ ،وﻫذا ﯾدﺧل أﯾﺿﺎً ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟوﺻف إﻻ أﻧﻪ )اﺳﺗدﻻل ﺑﺎﻟﺣدث( " ،ﻓﺎﻟﺣدث ﻫو ﻓﻌل
)(١
،وﻧﻠﺣظ اﻟﺗﻧﺳﯾق اﻟﻠﻔظﻲ ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب وﻗﻊ ﻓﻲ زﻣن ﻣﺎ ،ﻓردﯾﺎً ﻛﺎن ذﻟك اﻟﻔﻌل أو ﺟﻣﺎﻋﯾﺎً"
وﻗوﻟﻪ : اﻟﻘرآﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻛرار اﻟذي ﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
وﻗوﻟﻪ :ﻓﻬو ﯾﺣدث ﻧوﻋﺎً ﻣن اﻹﯾﻘﺎع ﻓﻲ ﺗﻧﺑﯾﻪ
ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻌﻘﯾدة ﻣﻊ ﺗﻧوع اﻟﻣﺷﺎﻫد ﺑﯾن اﻟﺑﻌث ﺑﻌد اﻟﻣوت ،واﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟطﻌﺎم واﻟﺷراب دون ﺗﺄﺛﯾر ﻣﻊ
ﺳرﻋﺔ ﺗﻐﯾرﻩ وﻓﺳﺎدﻩ واﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﻌظﺎم ﻛﯾف ﺗﺣﯾﺎ وﺗﻛﺳﺎ ﻟﺣﻣﺎً .
.
٢٠٧
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
وﻣن ﺑدﯾﻊ اﻟﻘﺻﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ورود ﻗﺻﺔ اﻟذي ﺣﺎج إﺑراﻫﯾم ﻓﻲ رﺑﻪ ،وﺟﺎء ﺑﻌدﻫﺎ ﻗﺻﺔ اﻟرﺟل
اﻟذي ﻣر ﻋﻠﻰ ﻗرﯾﺔ ﺛم أﺗﺑﻌﻪ ﺑﻘﺻﺔ إﺑراﻫﯾم ﻓـ "ﻫذﻩ اﻵﯾﺎت اﻟﺛﻼث ﺗﺗﻧﺎول ﻣوﺿوﻋﺎً واﺣداً ﻓﻲ
ﺟﻣﻠﺗﻪ :ﺳر اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت وﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت وﻫﻲ ﺑﻬذا ﺗؤﻟف ﺟﺎﻧﺑًﺎ ﻣن ﺟواﻧب اﻟﺗﺻور اﻹﺳﻼﻣﻲ
ﯾﺿﺎف إﻟﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﻗررﺗﻬﺎ اﻵﯾﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﻧذ ﻣطﻠﻊ ﻫذا اﻟﺟزء"). (١
ﻓﻘد ﺟﺎء اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎن إﺑراﻫﯾم وﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﺳﻠوب اﻟﻧداء وﻧوﻋﻪ ﻧداء
اﻹﯾﺟﺎز إذ ﺣذف ﺣرف اﻟﻧداء )ﯾﺎ( اﻟﺗﻘدﯾر )ﯾﺎ ِ
رب( ﻣﻊ ﺗواﺷﺞ أﺳﻠوب اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺑدأ اﻟﺣدث وﺗﺑدأ اﻟﻘﺻﺔ اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺟﺳﯾد ﻣﻌﺎﻟم
اﻟﻌﻘﯾدة وﺑؤرﺗﻬﺎ اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت ،وﯾﺄﺗﻲ أﺳﻠوب اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ ﺟواب ﺳؤال إﺑراﻫﯾم اﻟﻣﺗرﺗب
ﻋﻠﻰ ﺳؤاﻟﻪ ﺑﺄﺳﻠوب اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم أﯾﺿﺎ وﻫو ﺗﻧﺎظر ﺟﻣﯾل ﺗﻣﺛل ﺑﻘوﻟﻪ ﻓﺟﺎء
اﻟﺟواب ﺑﻘوﻟﻪ . وﻣن ﺑﻼﻏﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘرآﻧﻲ طرﯾق اﻟﺟواب ﺑـ )ﺑﻠﻰ(
دون )ﻧﻌم( ﻷن ﻧﻔﻲ اﻟﻧﻔﻲ إﺛﺑﺎت واﻟﺗﻘدﯾر ﺑﻠﻰ آﻣﻧت ﺑﺧﻼف )ﻧﻌم( ﻓﻬﻲ ﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣﻧﻔﻲ "ﻟﯾزﯾد
)(٢
.وﻧﺟد ﺳﻛوﻧﺎً وطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ ﺑﻣﺿﺎﻣﺔ ﻋﻠم اﻟﺿرورة ﻋﻠم اﻻﺳﺗدﻻل وﺗظﺎﻫر اﻷدﻟﺔ أﺳﻛن ﻟﻠﻘﻠوب"
اﻟﺗﺟرﺑﺔ واﻟﺑرﻫﺎن ﻣﻊ اﻟﺧﻠﯾل ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم ﺗﻣﺛﻠت ﺑﺄﺳﻠوب اﻷﻣر أﻣر اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﺛم ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ أي "أﻣﻠﻬن ﻣن اﻟﺻور أي
)(٣
ﺛم ﺟﺎء اﻟﺑﯾﺎن اﻟﻘرآﻧﻲ ﻟﻠﺗﻣﻬﯾد ﺑﺎن اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ )اﻹﺣﯾﺎء اﻟﻣﯾل ،وﻗﯾل ﻗطﻌﻬن ﺻوﺗﻪ ﺻوت"
واﻹﻣﺎﺗﺔ( ﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺎﷲ وﺣدﻩ أي إﺣﯾﺎء اﻟﻣﯾت وﺑث اﻟروح ﻓﯾﻪ ﻓﻘﺎل
وﻣﺎ ﻋﻠﯾك اﻻ اﻟدﻋوة ﻷﺟزاء ،اﻟﻠﺣم اﻟﻣوزﻋﺔ ﻋﻠﻰ
أطراف اﻟﺟﺑﺎل ،واﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺗﺻور ﻣﻧﻬﺎ ﺣﯾﺎة وﻻ ﺣرﻛﺔ ،وﻣن ﺑدﯾﻊ اﻟﻧظم ﻓﻲ اﻹﻋﺟﺎز اﻟﺑﻼﻏﻲ
ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ أﺳﻠوب اﻷﻣر ﺑﻘوﻟﻪ ﻓﻘد ذﻛر ﻛل ﺟﺑل ﻟﯾدل
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ أﻣر ﺑﺟﻌل ﻛل ﺟزء ﻣن أﺟزاء اﻟطﯾر ﻋﻠﻰ ﺟﺑل ؛ ﻷن وﺿﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺑﺎل أﺑﻠﻎ ﻓﻲ
ﺗﻔرﯾق ﺗﻠك اﻷﺟزاء ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻓرﻗت ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻣن أﺟﺳﺎدﻫﺎ وﺑوﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ أﻣﻛﻧﺔ ﻣﺗﺑﺎﻋدة وﻋﺳرة اﻟﺗﻧﺎول
ﺛم ﺟﺎء اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘرآﻧﻲ ﺑﻘوﻟﻪ دون ﻗوﻟﻪ ،طﯾراﻧﺎً أو طﯾو اًر أﻣﺎ
ﻗوﻟﻪ ) :ﺳﻌﯾﺎً( ﻓﻬو أﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻹﻋﺟﺎز واﻟﻘدرة اﻹﻟﻬﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺣﯾﺎة دﺑت ﻓﻲ ﻗطﻊ اﻟﻠﺣم
اﻟﻣﻧﺗﺷرة ﻋﻠﻰ ﻛل ﺟﺑل "واﻟﺳﻌﻲ ﻣن أﻧواع اﻟﻣﺷﻲ ﻻ ﻣن أﻧواع اﻟطﯾران ،ﻓﺟﻌل ذﻟك آﯾﺔ ﻋﻠﻰ
٢٠٨
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
)(١
.وﻣﺎ ذﻟك إﻻ أﻧﻬن أﻋﯾدت إﻟﯾﻬن ﺣﯾﺎة ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﺋﻼ ﯾظن أﻧﻬن ﻟم ﯾﻣﺗن ﺗﻣﺎﻣﺎً"
ﻟﺑﯾﺎن ﻣﺎ ﺳﺄﻟت وطﻠﺑت ،ﺗﻘرﯾ اًر ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ . :
٢٠٩
اﻟﺑﻼﻏﻲ وأﺛرﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت …
ﱠ اﻹﻋﺟﺎز
.١٣اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻟﻣﻌﻧﻰ ،د .ﻓﺎﺿل ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺳﺎﻣراﺋﻲ ،دار اﺑن ﺣزم ،ﺑﯾروت-ﻟﺑﻧﺎن ،ط، ١
١٤٢١ﻫـ٢٠٠٠-م .
.١٤ﺣﺎﺷﯾﺔ اﻟﺟﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻼﻟﯾن اﻟﻣﺳﻣﺎة ﺑﺎﻟﻔﺗوﺣﺎت اﻹﻟﻬﯾﺔ ﺑﺗوﺿﯾﺢ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺟﻼﻟﯾن ﻟﻠدﻗﺎﺋق
اﻟﺧﻔﯾﺔ ،ﺳﻠﯾﻣﺎن ﺑن ﻋﻣر ،ﻣﻊ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺟﻼﻟﯾن اﻟﻣذﻛور )وأﯾﺿﺎً إﻣﻼء ﻣﺎ ﻣن ﺑﻪ اﻟرﺣﻣن ﻣن
وﺟوﻩ اﻷﻋراب واﻟﻘراءات ﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘرآن ،ﻣﺣب اﻟدﯾن أﺑﻲ اﻟﺑﻘﺎء ﻋﺑد اﷲ ﺑن اﻟﺣﺳﯾن ﺑن
ﻋﺑد اﷲ اﻟﻌﻛﺑري رﺣﻣﻪ اﷲ( ﯾﻠﯾﻪ ﺗﻌﻠﯾﻘﺎت اﻟﺷﯾﺦ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن اﻟﺟزﯾري ،ﻣطﺑﻌﺔ ﻣﺻطﻔﻰ
ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﺑﻣﺻر ١٣٥٢ ،ﻫـ١٩٣٣/م .
.١٥ﺧطرات ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ،د .ﻓﺎﺧر اﻟﯾﺎﺳري ،دار اﻟﺷؤون اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،اﻟﻌراق-ﺑﻐداد ،
٢٠٠٨م .
.١٦دراﺳﺎت ﻓﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،د .أﺣﻣد ﯾﺎﺳوف ،دار اﻟﻣﻛﺗﺑﻲ ،ﺳورﯾﺔ-دﻣﺷق ،ط، ١
١٤٢٧ﻫـ٢٠٠٦-م .
.١٧دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز ،ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر ﺑن ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ )ت ٤٧١ﻫـ( ،ﻣﻧﺷورات ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ
ﺑﯾﺿون ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﺑﯾروت-ﻟﺑﻧﺎن ،ط١٤٢٢ ، ١ﻫـ٢٠٠١-م .
.١٨رﺻف اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺷرح ﺣروف اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،أﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد اﻟﻧور اﻟﻣﺎﻟﻘﻲ )ت٧٠٢ﻫـ( ،دار
اﻟﻘﻠم-دﻣﺷق ،ط١٤٢٣ ، ٣ﻫـ٢٠٠٢-م ،ﺗﺣﻘﯾق د .أﺣﻣد ﻣﺣﻣد اﻟﺧراط .
.١٩ﺻﻔوة اﻟﺗﻔﺎﺳﯾر ،ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ اﻟﺻﺎﺑوﻧﻲ ،دار اﺣﯾﺎء اﻟﺗراث ،ﺑﯾروت – ﻟﺑﻧﺎن ،ط، ١
١٤٢٥ﻫـ٢٠٠٤-م .
.٢٠اﻟطراز ﻷﺳرار اﻟﺑﻼﻏﺔ وﻋﻠوم ﺣﻘﺎﺋق اﻹﻋﺟﺎز ،ﯾﺣﯾﻰ ﺑن ﺣﻣزة ﺑن ﻋﻠﻲ ﺑن اﺑراﻫﯾم اﻟﻌﻠوي
اﻟﯾﻣﻧﻲ ،ﺗﺣﻘﯾق :د .ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻫﻧداوي ،اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ ،ﺻﯾدا-ﺑﯾروت ،ط،١
١٤٢٣ﻫـ٢٠٠٢-م .
.٢١اﻟﻌﻘﯾدة اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،د .ﻣﺣﻣد ﻋﯾﺎش اﻟﻛﺑﯾﺳﻲ ،ﻣطﺑﻌﺔ ﺣﺳﺎم ،
ﺑﻐداد ،ط١٩٩٥ ، ١م .
.٢٢ﻓﻲ ظﻼل اﻟﻘرآن ،ﺳﯾد ﻗطب )ت١٩٦٦م( ،دار إﺣﯾﺎء اﻟﺗراث ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ،
ط١٩٧١ ، ٧م .
.٢٣اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﻣﺣﯾط ،ﻣﺣﻣد ﺑن ﯾﻌﻘوب اﻟﻔﯾروزآﺑﺎدي ،ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،ﺑﯾروت ،
د.ط ،د.ت .
.٢٤اﻟﻘرآن واﻟﻧظر اﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻓﺎطﻣﺔ اﺳﻣﺎﻋﯾل ،اﻟﻣﻌﻬد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﻔﻛر اﻻﺳﻼﻣﻲ ،ﻫﯾرﻧدن ،
ﻓرﺟﯾﻧﯾﺎ ،اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻻﻣرﯾﻛﯾﺔ ١٤٠١ ،ﻫـ١٩٨١-م .
٢١٠
ﻣﺎزن ﻣوﻓق و ﻣﻌن ﺗوﻓﯾق
.٢٥اﻟﻛﺷﺎف ﻋن ﺣﻘﺎﺋق اﻟﺗﻧزﯾل ﻋﯾون اﻷﻗﺎوﯾل ﻓﻲ وﺟوﻩ اﻟﺗﺄوﯾل ،أﺑو اﻟﻘﺎﺳم ﺟﺎر اﷲ ﻣﺣﻣود ﺑن
ﻋﻣر اﻟزﻣﺧﺷري اﻟﺧوارزﻣﻲ )٥٣٨-٤٦٧ﻫـ( ،اﻋﺗﻧﻰ ﺑﻪ وﺧرج أﺣﺎدﯾﺛﻪ وﻋﻠق ﻋﻠﯾﻪ :ﺧﻠﯾل
ﻣﺄﻣون ﺷﯾﺣﺎ ،دار اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ﺑﯾروت-ﻟﺑﻧﺎن ،ط٢٠٠٢-١٤٢٣ ، ١م .
.٢٦اﻟﻛﻠﯾﺎت )ﻣﻌﺟم ﻓﻲ اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت واﻟﻔروق اﻟﻠﻐوﯾﺔ( ،أﺑو اﻟﺑﻘﺎء اﻟﻛﻔوي ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋدﻧﺎن
دروﯾش وﻣﺣﻣد اﻟﻣﺻري ،ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،ﺑﯾروت ١٤١٩ ،ﻫـ١٩٩٨-م .
.٢٧ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ،ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﻛرم ﺑن ﻣﻧظور اﻻﻓرﯾﻘﻲ اﻟﻣﺻري )ت٧١١ﻫـ( ،دار ﺻﺎدر ،
ﺑﯾروت ،ط ، ١د.ت .
.٢٨ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳرد اﻻﻋﺟﺎزي ﻓﻲ اﻟﻘﺻﺔ اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ،د .ﺷﺎرف ﻣﯾزاري ،ﻣﻧﺷورات اﺗﺣﺎد اﻟﻛﺗﺎب
اﻟﻌرب ،دﻣﺷق ٢٠٠١ ،م .
.٢٩اﻟﻣﺻﺑﺎح اﻟﻣﻧﯾر ،أﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﻠﻲ اﻟﻣﻘري اﻟﻔﯾوﻣﻲ ،اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﺑﯾروت ،د.ط،
د.ت .
.٣٠ﻣﻔﺗﺎح اﻟﻌﻠوم ،أﺑو ﯾﻌﻘوب ﯾوﺳف ﺑن أﺑﻲ ﺑﻛر ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﻠﻲ اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ )ت ٦٢٦ﻫـ( ،
ﺿﺑطﻪ وﺷرﺣﻪ :ﻧﻌﯾم زرزور ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﺑﯾروت-ﻟﺑﻧﺎن ،ط١٤٠٣ ، ١ﻫـ-
١٩٨٣م .
.٣١اﻟﻣﻔردات ﻓﻲ ﻏرﯾب اﻟﻘرآن ،ﻟﻠراﻏب اﻻﺻﻔﻬﺎﻧﻲ )ت ٥٠٢ﻫـ( ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻣﺣﻣد ﺳﯾد ﻛﯾﻼﻧﻲ
،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ ،ﺑﯾروت-ﻟﺑﻧﺎن )د.ت( .
.٣٢ﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﻠﻐﺔ ،أﺑﻲ اﻟﺣﺳن أﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس ﺑن زﻛرﯾﺎ ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ﻣﺣﻣد ﻫﺎرون،
دار اﻟﺟﯾل ،ﺑﯾروت-ﻟﺑﻧﺎن ،ط١٤٢٠ ، ٢ﻫـ١٩٩٩-م .
.٣٣ﻣن ﺑﻼﻏﺔ اﻟﻘرآن ،أﺣﻣد أﺣﻣد ﺑدوي ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ) ،د.ط( ) ،د.ت( .
.٣٤اﻟﻧص اﻟﻘرآﻧﻲ ﻣن اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم ،وﻟﯾد ﻣﻧﯾر ،اﻟﻣﻌﻬد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﻔﻛر اﻻﺳﻼﻣﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة
،ط١٤١٨ ، ١ﻫـ١٩٩٧-م .
.٣٥اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﻋﻘﯾدة اﻟﺳﻠف اﻟﺻﺎﻟﺢ )أﻫل اﻟﺳﻧﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ( ،ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻷﺛري ،
ﻣراﺟﻌﺔ وﺗﻘدﯾم :ﺻﺎﻟﺢ ﺑن ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز آل اﻟﺷﯾﺦ ،و ازرة اﻟﺷؤون اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ واﻻوﻗﺎف واﻟدﻋوة
،اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ ،ط١٤٢٢ ، ١ﻫـ .
.٣٦اﻟوﺻف ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،د .ﻣوﺳﻰ ﺳﻠوم ﻋﺑﺎس ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﺑﯾروت-ﻟﺑﻧﺎن ،
ط١٤٢٨ ، ١ﻫـ٢٠٠٧-م .
٢١١