You are on page 1of 187

‫( مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء )‬

‫عن األصل التاريخى لتقسيم العالم فى عصر الخلفاء الى ( دار السالم ودار الحرب ) الجزء‬
‫األول‬
‫الكتاب كامال‬
‫الفهرس‬
‫هذا الكتاب‬
‫مقدمة الكتاب‬
‫الفصل األول ‪ :‬مسلسل الدماء فى الخالفة األموية‬
‫رحلة الشتاء والصيف ( التجارة الشرقية ) أساس الصراع العالمى من قريش وحتى اآلن‬
‫غزو (القسطنطينية ) من معاوية الى السلطان دمحم الفاتح العثمانى ( أوال ‪ :‬معاوية وحصار‬
‫القسطنطينية عام ‪ 05 / 94‬ـ ثانيا ‪ :‬كيد البيزنطيين لألمويين فى شمال أفريقيا ـ ثالثا ‪:‬‬
‫محاولة األمويين األخيرة الحتالل القسطنطينية ـ رابعا ‪ :‬كيد البيزنطيين للعرب مع بداية‬
‫العصر العباسى ـخامسا ‪ :‬الرد على البيزنطيين بتقوية ( الحرب الفكرية ) أمال فى فتح‬
‫القسطنطينية ـ أخيرا ‪ :‬أثر تلك الحرب الفكرية فى فتح القسطنطينية‬
‫دور معاوية ‪ ( :‬مقدمة ‪ .‬أوال ‪:‬الخليفة معاوية يتابع الحمالت فى الشتاء والصيف على غرار‬
‫رحلتى الشتاء والصيف ـ ثانيا ‪ :‬الجهاد القرشى مع الخارج ( دار الحرب ) ال يعوق القتال‬
‫فى الداخل ( دار السلم ) ـ ثالثا ‪ :‬الوصول لمنبع التجارة الشرقية ـ رابعا ‪ :‬الجهاد القُرشى‬
‫األموى فى سبيل السلطان وليس فى سبيل هللا جل وعال )‬

‫مسلمة بن عبد الملك نموذج للجهاد األموى ‪ :‬جهاد فى سبيل الشيطان ‪ ( :‬مقدمة ‪ .‬أوال ‪:‬‬
‫لمحة عن مسلمة بن عبد الملك ـ ثانيا ‪ :‬غزوات مسلمة بن عبد الملك ضد البيزنطيين‬
‫وتوسعه شرقا فى الطريق للهند ـ ثالثا ‪ :‬مسلمة يحارب فى الداخل أيضا ـ رابعا ‪ :‬إستمرار‬
‫الجهاد األموى فى إتجاه الهند والصين‪ :‬منبع التجارة الشرقية ) ‪.‬‬

‫عمر بن عبد العزيز ‪ :‬فريد عصره ‪":‬عصر تقسيم العالم الى معسكرين" ( مقدمة ـ أوال ـ‬
‫كيف وصل هذا الرجل المتفرد الى العرش األموى ؟ ثانيا ‪ :‬عمر بن عبد العزيز فى خالفته ـ‬
‫وبدأ مبكرا بتطبيق العدل والسالم ‪ :‬العدل ‪ :‬رد المظالم ـ السالم ووقف الحروب ـ مع‬
‫األمويين ـ سبب قتل عمر بن عبد العزيز )‬

‫أواخر الدولة األموية ‪ :‬مسلسل الدم داخليا وخارجيا فى ‪ 71‬عاما فقط ‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء قبيل سقوط الدولة األموية ( ‪) 721 : 771‬‬


‫مسلسل الدماء بين ( المسلمين فى دار السالم ) فى خالفة مروان بن دمحم (‪) 732 : 721‬‬
‫الفصل الثانى ‪ :‬مسلسل الدماء فى الخالفة العباسية‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة السفاح العباسى ( ‪ 732‬ـ ‪) 731‬‬
‫مسلسل الدماء فى عشر سنوات من خالفة أبى جعفر المنصور ( ‪) 790 : 731‬‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة ابى جعفر المنصور من عام ‪ 791‬الى وفاته فى ‪701‬‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة المهدى العباسى ( ‪) 714 : 701‬‬


‫مسلسل الدماء فى خالفة الهادى العباسى ( ‪) 715 : 714‬‬
‫مسلسل الدماء ‪:‬الخيزران تقتل زوجها الخليفة المهدى ثم تقتل ابنها الخليفة الهادى‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة الرشيد ‪ :‬الرشيد بين االسراف فى النساء واالسراف فى الدماء‬
‫موجز أنباء مسلسل الدماء فى خالفة الرشيد (‪)743 : 715‬‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة ( األمين ) العباسى (الخليفة الشاذ التافه )‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ( ‪ ) 271 :741‬أوال ‪ :‬شخصية المأمون ‪:‬‬
‫مسلسل الدماء بين المأمون وأهله العباسيين والبغداديين‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ( ‪ : ) 271 :741‬بين المأمون والعرب‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ( ‪ : ) 271 :741‬بين المأمون والعلويين‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ( ‪ ) 271 :741‬بين المأمون وبالد الشرق‬
‫المأمون ومسلسل الدماء فى مصر‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون‪:‬زيادة هللا األغلبى فى شمال أفريقيا بين حرب الداخل‬
‫والخارج‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ‪ :‬الهجوم على البيزنطيين (دار الحرب )‬

‫هذا الكتاب‬
‫يتغنون بما يسمونه بالخالفة االسالمية ‪ ،‬وهى فى الحقيقة خالفة شيطانية نشرت حمامات‬
‫الدم فى العالم ‪ ،‬والذين يتغنون بها هم سفاكو دماء ‪ .‬لتبرئة االسالم من شرورهم ننشر هذا‬
‫الكتاب ‪ ،‬نبدأ بالجزء األول عن الدولة األموية والعصر العباسى األول ‪.‬‬
‫مقدمة الكتاب‬
‫أوال ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ سبق لنا نشر مقاالت كتاب المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين ‪ ،‬وفيه تحليل‬
‫الفتوحات والفتنة الكبرى ‪ ،‬ثم تاله مقاالت كتاب عن مأساة كربالء ‪ ،‬ثم مقاالت كتاب عن‬
‫الفتنة الكبرى الثانية من مقتل الحسين الى مقتل ابن الزبير ‪ .‬موجز ما سبق أن الفتوحات ـ‬
‫أكبر جريمة إرتكبها الصحابة ـ قد أنتجت الفتنة الكبرى ‪ ،‬وهذه الفتنة الكبرى أنتجت مأساة‬
‫كربالء ثم الفتنة الكبرى الثانية ‪ .‬وال يزال المسلمون المعاصرون يعيشون تلك المآسى ألنه‬
‫تأسست عليها اديان أرضية تجعلهم يتقاتلون فيما بينهم فى حروب مذهبية ‪ ،‬نراها اآلن بين‬
‫سنّة والشيعة ‪ .‬هذا فيما يخص العالقات بين المسلمين وحروبهم المذهبية ‪.‬‬‫ال ُّ‬
‫‪ 2‬ـ وهناك أثر عالمى للفتوحات ‪ ،‬وهو تلك الحرب العالمية الدينية بين المسلمين واألوربيين‬
‫ـ ويمثلهم الروم أساسا ـ فى القرن األول الهجرى ‪ .‬الفتوحات التى دمرت االمبراطورية‬
‫الفارسية الشرقية ‪ ،‬وقلّصت االمبراطورية الرومية البيزنطية ـ كانت تحوال هائال فى التاريخ‬
‫العالمى ‪ ،‬أحدثته قريش واألعراب ‪ ،‬واستمر هذا التحول يقسم الصراع العالمى الى صراع‬
‫بين امبراطوريتين ( عربية مسلمة ) و ( نصرانية رومية ) ‪ .‬ولقد كان الصراع عالميا‬
‫وعلمانيا بين الفرس والروم لذا كان ممكنا إنهاؤه ‪ .‬ولكنه تحول الى صراع دينى بين قريش‬
‫التى تحمل إسم االسالم ‪ ،‬وتتهم اآلخر ( المسيحى ) بالكفر توطئة لتبرير الهجوم عليهم‬
‫وإحتالل ما تحت أيديهم ‪ ،‬بل وغزو وحصار عاصمتهم القسطنطينية ‪ .‬ولذا إستمرت الحروب‬
‫سس له تعبير ال يزال‬‫بين ( المسلمين و األوربييين ) ألنها تأسست على دين أرضى ‪ ،‬وتأ ّ‬
‫سنّى ‪ :‬دار السالم ودار الحرب ‪،‬‬
‫ساريا هو تقسيم العالم الى معسكرين ‪ ،‬هو التعبير الفقهى ال ُّ‬
‫أو دار االسالم ودار الكفر ‪ .‬هذا من وجهة نظر المسلمين ‪ ،‬يعتبرون أنفسهم دار السالم‬
‫والسالم وااليمان ويعتبرون المعسكر اآلخر دار الكفر والحرب ‪ .‬والطرف اآلخر ( الروم )‬
‫يعتبر الخصم العربى المسلم كافرا ‪.‬‬
‫‪ 3‬ــ باالضافة الى إستمرارية الصراع بين الشرق المسلم والغرب المسيحى ( حتى اآلن )‬
‫فقد ترتب عليه فى الداخل ‪ :‬إضطهاد النصارى ( المسيحيين ) داخل ما يسمى بدار السالم ‪،‬‬
‫وهم أهل البالد األصليين وكانوا فى القرون األولى من الهجرة األغلبية من السكان ‪ .‬وعقوبة‬
‫من يرتد عن االسالم بالقتل على إعتبار أنه خائن وينتمى للمعسكر المعادى ‪ ،‬وهذا مع‬
‫استمرار الحرب الداخلية داخل ( دار السالم ) حربا مذهبية ‪.‬‬
‫‪ 9‬ــ الغريب أن المؤمنين فى مكة ــ وهم تحت إضطهاد قريش ـ كانوا يتابعون صراع الروم‬
‫والفرس ‪ ،‬ويتمنون نُصرة الروم ‪ ،‬بينما كان عُتاة قريش يتمنون نُصرة الفرس ‪ .‬وإستبشرت‬
‫قريش بانتصار الفرس ‪ ،‬وحزن المؤمنون لهزيمة الروم ألنهم أهل كتاب ‪ .‬ونزل قول رب‬
‫سيَ ْغ ِلبُ َ‬
‫ون‬ ‫ض َوهُ ْم ِم ْن بَ ْع ِد َ‬
‫غلَبِ ِه ْم َ‬ ‫الرو ُم (‪ )2‬فِي أ َ ْدنَى األ َ ْر ِ‬ ‫غ ِلبَتْ ُّ‬ ‫العزة جل وعال ‪( :‬الم (‪ُ )7‬‬
‫ص ُر‬ ‫ون (‪ِ )9‬بنَص ِْر ه ِ‬
‫َّللا يَن ُ‬ ‫ح ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ‬ ‫ّلِل األ َ ْم ُر ِم ْن قَ ْب ُل َو ِم ْن بَ ْع ُد َويَ ْو َمئِ ٍذ يَ ْف َر ُ‬ ‫سنِ َ‬
‫ين ِ ه ِ‬ ‫ض ِع ِ‬ ‫(‪ )3‬فِي ِب ْ‬
‫اس ال يَ ْعلَ ُم َ‬
‫ون‬ ‫َّللاُ َو ْع َد ُه َولَ ِك هن أَ ْكثَ َر النه ِ‬
‫ف ه‬ ‫َّللا ال يُ ْخ ِل ُ‬
‫الر ِحي ُم (‪َ )0‬و ْع َد ه ِ‬ ‫يز ه‬ ‫َم ْن يَشَا ُء َوهُ َو ا ْل َع ِز ُ‬
‫(‪ )1‬الروم ) ‪ .‬أخبر جل وعال يبشر المؤمنين مقدما بنصرة الروم وعدا منه ‪ ،‬وتحقق هذا‬
‫الوعد ‪ ،‬وانتصر الروم فعال بقيادة هرقل ‪ ،‬وغرق اسطول الفرس وتفرق جيش كسرى ‪ .‬بعد‬
‫موت النبى عليه السالم قادت قريش المسلمين ومعها قوة األعراب الحربية ‪ ،‬فأشعلت حربا‬
‫عالمية ـ هى أطول حرب عالمية فى التاريخ ‪ ،‬بدأت بخالفة أبى بكر ‪..‬وال تزال تقوم بها‬
‫داعش ‪ .‬بدأ العرب الحرب ‪ ،‬هاجموا االمبراطوريتين العظميين ( الفرس والروم ) فى نفس‬
‫الوقت ‪ ،‬دمروا مبراطورية الفرس وتجاوزوها شرقا ‪ ،‬وإستحوذوا من االمبراطورية‬
‫البيزنطية على الشام ومصر وشمال أفريقيا ‪ ،‬ودمروا اسطولها فى البحر المتوسط ‪،‬‬
‫وتوسعوا الى المحيط األطلنطى ‪ ،‬ثم عبروا الى اسبانيا ووصلوا الى جنوب فرنسا ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ وتواصلت الحرب بين قريش والروم فى دول الراشدين واألمويين والعباسيين عبر ما‬
‫كان يسمى ب ( الثغور ) أو النقاط الحربية على التخوم بين العرب والروم فى آسيا الصغرى‬
‫أو ما يعرف اآلن بتركيا ـ هذا مع استمرار الحروب فى أقصلى الغرب فى اسبانيا وفى أقصى‬
‫الشرق فى آسيا الوسطى ‪ ،‬ومع إستمرار الحروب األهلية داخل ( دار السالم ) أو معسكر‬
‫المسلمين ‪ ،‬من الفتنة الكبرى األولى والثانية وثورات الخوارج والشيعة وسقوط الدولة‬
‫األموية وتأسيس الدولة العباسية ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ وضعفت قريش ُممثلة فى خلفائها العباسيين فقام عنها بإدارة الصراع مع البيزنطيين‬
‫قادة آسيويون تحكموا فى الخالفة العباسية كان أهمهم األتراك السالجقة ‪ .‬وبعد إنتهاء عصر‬
‫الخلفاء العباسيين األقوياء وفى العصر العباسى الثانى بدأت الكفة تميل ناحية البيزنطيين ‪،‬‬
‫وإستمر ميلها نحوهم الى درجة أنهم بدأوا حركة إسترداد لما إستولى عليه العرب منهم ‪،‬‬
‫ووصلت غاراتهم الى حلب وشمال العراق ‪ ،‬بعد أن كان العرب يحاصرون القسطنطينية‬
‫مرتين فى الدولة األموية ‪.‬‬
‫‪ 1‬ــ وأصاب االجهاد البيزنطيين والمسلمين معا فدخلت اوربا بزعامة البابوية فى الحروب‬
‫الصليبية والتى احتلت بيت المقدس وأسست ممالك لها فى الشام وآسيا الصغرى ‪ ،‬مع‬
‫حمالت صليبية لمصر ‪ .‬وبعد مالحم حربية تمكن المماليك من إجتثاث الوجود الصليبى ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ بضعف المماليك ظهر العثمانيون فى مناطق الثغور ــ او الجهاد فى آسيا الصغرى ـ‬
‫وبإحياء الجهاد توسعوا على حساب البيزنطيين حتى إستولوا على القسطنطينية نفسها ‪،‬‬
‫وتوسعوا فى أوربا الشرقية والجنوبية من حدود فيننا الى البلقان واليونان ‪ ،‬ثم ضموا اليها‬
‫العراق والشام ومصر وشمال أفريقيا بدون المغرب ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ثم ما لبث أن دخل العثمانيون فى دور الضعف ــ الى أن حوصروا بين روسيا من‬
‫الشرق وأوربا من الغرب ‪ ،‬وبدأت حركة إسترداد مسيحية فى إسبانيا قامت بتقليص الوجود‬
‫العربى الى أن إجتثته تماما ‪ ،‬وواصلت الهجوم على موانى المسلمين فى شمال افريقيا‬
‫ونقلت الم عارك الى داخلهم ‪ ،‬وحاولت الوصول الى الهند لتكسر إحتكار المسلمين للتجارة‬
‫الشرقية ولتتحالف مع المملكة المسيحية فى الحبشة لتغزو مكة والمدينة ‪ .‬ونتج عن هذه‬
‫المحاوالت الكشوف الجغرافية وبدء حركة إستعمار لم تقتصر على العالم الجديد ‪ ،‬بل إمتدت‬
‫الى بالد المسلمين نفسها ‪ ،‬ولم تقتصر على اسبانيا والبرتغال بل انضم اليها انجلترة وفرنسا‬
‫وهولندة ثم أيطاليا ‪.‬‬
‫‪ 75‬ـ وقع المسلمون تحت إستعمار أوربا المسيحية فى وقت أصبحت فيه الدولة العثمانية (‬
‫رجل أوربا المريض ) الذى يتسابق األوربيون على نهش ممتلكاته ‪ .‬وحاول الوالى دمحم على‬
‫با شا إحياء الدولة العثمانية فكسرته أوربا ‪ ،‬فقنع بمصر له ولذريته ‪ ،‬ولكنه ترك مشروعا‬
‫لليقظة باألخذ عن أوربا ‪ ،‬بينما ظهرت الوهابية فى الجزيرة العربية تستعيد أسوأ ما فى‬
‫تاريخ وتراث المسلمين ‪ ،‬ظهر فى الدولة السعودية األولى والتى قضى عليها دمحم على عام‬
‫‪ ، 7171‬ثم أعيد قيامها وانهارت ثم أعاد تأسيسها عبد العزيز آل سعود ‪ ،‬وأعطاها إسم‬
‫إسرته عام ‪. 7432‬‬
‫‪ 77‬ــ أدت الظروف االقليمية والدولية والبترولية الى أن تنشر الدولة السعوية وهابيتها على‬
‫المسوغ الدينى للسلطان القائم لكى يستمر فى الحكم ‪ ،‬كما‬
‫ّ‬ ‫أنها االسالم ‪ ،‬والوهابية تعطى‬
‫المسوغ الدينى لمن يثور عليه ‪ ،‬بمجرد التكفير ‪ .‬ولذا أنتجت الوهابية أنظمة حكم‬
‫ّ‬ ‫تعطى‬
‫وأنتجت أيضا الثائرين عليها ‪ ،‬وهؤالء وهابيون وأولئك وهابيون ‪ .‬ونشرت الوهابية‬
‫حمامات الدم فيما بينها وبين الشيعة ( حروب مذهبية ) وفيما بينها وبين الغرب ( حروب‬
‫دينية ) وفيما بين أجنحتها المختلفة ( سعوديون وإخوان نجديون فى عهد عبد العزيز ‪،‬‬
‫سعوديون وإخوان مسلمون فيما بعد ‪ /‬سعوديون والقاعدة ‪ /‬سعوديون وداعش ‪ /‬داعش‬
‫والنصرة ‪..‬الخ ) ‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬‬
‫فيما يخص موضوعنا عن دار السالم ودار الحرب ‪ ،‬فقد أعادته الوهابية على المستوى‬
‫النظرى والمستوى العملى ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ فى المستوى النظرى نقرأ هذه الفتوى الوهابية ‪ ( :‬ما معنى دار حرب و دار السلم؟‪:‬‬
‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وصحبه أما بعد‪:‬‬
‫فقد عهرف الفقهاء دار اإلسالم ودار الحرب بتعريفات وضوابط متعددة يمكن تلخيصها فيما‬
‫يلي‪ ،‬دار اإلسالم هي‪ :‬الدار التي تجري فيها األحكام اإلسالمية‪ ،‬وتحكم بسلطان المسلمين‪،‬‬
‫وتكون المنعة والقوة فيها للمسلمين‪ .‬ودار الحرب هي‪ :‬الدار التي تجري فيها أحكام الكفر‪،‬‬
‫أو تعلوها أحكام الكفر‪ ،‬وال يكون فيها السلطان والمنعة بيد المسلمين‪.‬‬
‫قال اإلمام أبو يوسف صاحب أبي حنيفة‪ :‬تعتبر الدار دار إسالم بظهور أحكام اإلسالم فيها‪،‬‬
‫وإن كان ُج ُّل أهلها من الكفار‪.‬وتعتبر الدار دار كفر لظهور أحكام الكفر فيها‪ ،‬وإن كان جل‬
‫أهلها من المسلمين‪ .‬المبسوط للسرخي ‪.799/75‬‬
‫وقال اإلمام ابن القيم‪ :‬دار اإلسالم هي التي نزلها المسلمون‪ ،‬وجرت عليها أحكام اإلسالم‪،‬‬
‫وما لم يجر عليه أحكام اإلسالم لم يكن دار إسالم وإن الصقها‪ .‬أحكام أهل الذمة ‪.211/7‬‬
‫ويقول اإلمام ابن مفلح‪ :‬فكل دار غلب عليها أحكام المسلمين فدار اإلسالم‪ ،‬وإن غلب عليها‬
‫أحكام الكفر فدار الكفر‪ ،‬وال دار لغيرهما‪ .‬اآلداب الشرعية ‪.273/7‬‬
‫إذا عرفت هذا استطعت التمييز بين دولة وأخرى من حيث كونها دار إسالم‪ ،‬أو دار حرب‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪) .‬‬
‫&‪http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa‬‬
‫‪Option=FatwaId&Id=7517‬‬
‫نالحظ اآلتى على الفتوى ‪:‬‬
‫‪ 7 / 7‬ـ أنها تخلو من أى آية قرآنية ‪ ،‬أو حتى أى حديث من أحاديثهم ‪ .‬وهم يعلمون أنه لم‬
‫ترد أحاديث فى موضوع دار االسالم ودار الكفر‪ .‬هى مجرد آراء فقهية تع ّبر عن ظروف‬
‫عصرها ‪.‬‬
‫سنّى لتكفير أى مجتمع وأى دولة ‪ ،‬لمجرد الخالف‬ ‫‪ 2 / 7‬ـ إنها تعطى المسوغ الشرعى ال ُّ‬
‫سوغ الهجوم واالحتالل ‪ .‬وبالتكفير قامت قريش بالفتوحات ‪ ،‬وبالتكفير‬ ‫المذهبى ‪ ،‬والتكفير يُ ّ‬
‫سست ( داعش ) دولتها‬ ‫قام آل سعود بإقامة دولتهم وإحتالل ما ليس لهم ‪ ،‬وبالتكفير أ ّ‬
‫المؤقتة الحالية ‪ ،‬وبالتكفير تسعى منظمات الوهابية ما ظهر منها وما بطن الوثوب للحكم ‪.‬‬
‫والفتوى فى سطرها األخير تعطى القارىء حق الحكم على أى دولة بما يشاء ‪.‬‬
‫‪ 3 /7‬ـ إذا كان التكفير وجهة نظر خالفية فى داخل دول المسلمين ( أو فى داخل دار االسالم‬
‫والسالم ) فإنه ليس كذلك ‪ .‬فالجميع يتفقون على تكفير الغرب المسيحى ‪ .‬وهو ليس مجرد‬
‫أحكام فقهية بل قرون من الصراع المسلح بأنهار من الدماء ‪ ،‬وإحتالالت وإستردادات ‪،‬‬
‫وسبى وسلب وقتل لألسرى بال رحمة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ على المستوى العملى الواقعى فى عصرنا ‪:‬‬
‫‪ 7 / 2‬ـ المملكة السعودية بحدودها الحالية أسسها عبد العزيز آل سعود بسيوف االخوان ‪.‬‬
‫وهم ُجند من األعراب المتوحشين علمهم الوهابية على انها االسالم ‪ .‬واضطرت ظروف‬
‫السياسة عبد العزيز الى التعامل مع ( مصر ) و ( إنجلترة ) ‪ ،‬وهذا فى التشريع الوهابى ــ‬
‫الذى تعلمه االخوان ــ كُفر بُواح ‪ .‬لذا بدأت معارضتهم لعبد العزيز ‪ ،‬وتصاعدت الى تكفيره‬
‫وحربه ‪ .‬وقد قضى عليهم فى موقعة السبلة عام ‪ ، 7435‬بعد أن أنشأ االخوان المسلمين‬
‫المصريين بديال عنهم عام ‪ . 7421‬يهمنا هنا هو ‪ :‬أول بنود معارضتهم له فى مؤتمر‬
‫االرطاوية في ديسمبر ‪ ، :7421‬وهو إرسال ولده سعود الي مصر و ولده فيصل الي لندن‬
‫وهما من بالد الشرك ‪ .‬طبقا للوهابية فمصر بلد المشركين ( حرب مذهبية ) وبريطانيا بلد‬
‫الكفار ( حرب دينية ) ‪ ،‬وهذا تطبيق عملى لشريعة تقسيم العالم الى معسكرى االيمان والكفر‬
‫‪ .‬تقسيم يبدا بالقسمة علىى إثنين ( المسلمون و النصارى ) بالحرب الدينية ثم ينتهى الى‬
‫تقسيم آخر داخل ( دار االسالم ودار الكفر ) بالحرب المذهبية ‪ . .‬ثم تقسيم أصغر داخل‬
‫سنّى ثم داخل الوهابية ‪ .‬واالخوان النجديون ما لبث أن حاربوا استاذهم عبد العزيز‬
‫المذهب ال ُّ‬
‫واقاموا مذابح للوهابيين التابعين له ‪.‬‬
‫‪ : 2 / 2‬ـ أسس عبد العزيز االخوان المسلمين فى مصر وحظر عليهم العمل فى بالده كى ال‬
‫يكرر تجربة االخوان النجديين ‪ ،‬ونجح حسن البنا فى إنشاء ‪ 05‬الف فرع لالخوان فى‬
‫العمران المصرى وتأسيس جيش سرى له وتنظيمات دولية له ‪ ،‬وأسهم فى إشعال ثورة‬
‫الميثاق فى اليمن لصالح عبد العزيز ‪ ،‬ونجح فى التسلل للجيش المصرى ‪ ،‬وفيما بعد قامت‬
‫حركة الجيش بتأييد االخوان ‪ ،‬ثم اختلف االخوان مع عبد الناصر فعصف بهم عبد الناصر ‪،‬‬
‫وهرب معظمهم الى السعودية بعد موت عبد العزيز ‪ .‬وقاموا بتطوير الوهابية ونشرها ‪،‬‬
‫ولكن أسهموا فى تحويل بعض الوهابيين الى معارضة لألسرة السعودية ‪ .‬فبدأت الخصومة‬
‫بين االخوان المسلمين وسادتهم آل سعود ‪ .‬وكانت المعارضة السعودية فى أواخر القرن‬
‫الماضى بعد حرب الخليج بتأثير االخوان المسلمين ‪ ،‬وشرحنا هذا فى مقاالت كتابنا (‬
‫المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين ) ‪ .‬يهمنا أن هذه المعارضة هى‬
‫التى أنتجت أسامة بن الدن وتنظيم القاعدة ال ُمنشأ عام ‪ 7441‬للجهاد ضد ( اليهود‬
‫والصليبيين ) ‪ ،‬طبقا لشريعة دار االسالم ودار الحرب ‪ .‬واستهدفت القاعدة الغرب األوربى‬
‫واألمريكى بهجمات إنتحارية ‪ ،‬وعندما تباطأ جهادها الوهابى السلفى نهضت داعش‬
‫وأخواتها تحارب فى جبهتين ‪ :‬ضد الغرب ‪ ،‬وضد الشيعة معا ‪.‬‬
‫أخيرا ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ ال نم ٌّل من تكرار أن االسالم هو دين اسالم وان القتال فيه دفاعى لرد العدوان بمثله‬
‫ويتوقف الرد بتوقف العدوان ( البقرة ‪ ) 749 : 745‬وأنه يتوجب معاملة الذين ال يعتدون‬
‫على دولة االسالم بالبر والقسط والعدل ( الممتحنة ‪ ) 4 : 1‬وأن قريش غيّرت هذا التشريع‬
‫االسالم بجريمة الفتوحات ‪ ،‬وجعلت تكفير الغير مسوغا للهجوم عليه واستحالل أرضه وماله‬
‫وعرضه ‪ .‬وأصبح التكفير سالحا داخليا استخدمه األعراب الخوارج ضد قريش بمثل ما‬
‫استخدمه إخوان عبد العزيز ضده ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ونقول أيضا أن تشريع ( دار السالم واالسالم ودار الكفر والحرب ) ال أصل له حتى فى‬
‫التشريعات الفقهية الشفوية فى العصر األموى ‪ .‬أى تم إستحداث تشريعها فى العصر‬
‫العباسى ‪ .‬وبالتالى فهى نتاج عصرها حيث ساد تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين حربا‬
‫دينية‪ ،‬وإستلزمت هذه الحرب الدينية ال ُمعاشة تأطيرا فقهيا يواكبها ويؤيدها ويسوغها‪،‬‬
‫وقامت الدولة الدولة السعودية بإحيائه فى عصرنا على المستويين النظرى والعملى ‪ ،‬ويتم‬
‫تطبيقه اآلن فى حمامات دم ضحاياها أالن بلغوا عدة ماليين منذ ظهور الوهابية وحتى اآلن ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وفى كتابنا هذا ‪ ،‬نستعرض سجاالت الحروب بين قريش والروم البينزنطيين ‪ ،‬على‬
‫المستوى العسكرى والمستوى االنسانى أيضا ‪ ..‬الثبات أن‪:‬‬
‫‪ : 7 / 3‬هذه الحروب كانت األرضية التى نشأ عليها تشريع ( دار الحرب ‪ /‬دار االسالم‬
‫ودار الكفر ) ‪.‬‬
‫‪ : 2 / 3‬وأن الدين األرضى مملوك ألصحابه ‪ ،‬هم الذين يملكون التشريع فيه طبقا ألهوائهم‪.‬‬
‫‪ : 3 / 3‬وللتأكيد على أن دين هللا جل وعال وهو السالم ال شأن له بهذا الهجص الدموى ‪.‬‬
‫‪ : 9 / 3‬أن الفتوحات العربية التى قام بها الخلفاء ( الراشدون ‪ /‬الفاسقون ) هو أفظع‬
‫خطيئة ‪ ،‬اضاعت االسالم ‪ ،‬واضاعت المسلمين ‪ ،‬وال يزالون يدفعون ثمنها حتى االن حروبا‬
‫أهلية ‪.‬‬
‫‪ : 0 / 3‬فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫وهللا جل وعال هو المستعان ‪.‬‬

‫الفصل األول‬
‫رحلة الشتاء والصيف ( التجارة الشرقية ) أساس الصراع العالمى من قريش وحتى اآلن‬
‫مقدمة‬
‫‪ 7‬ـ نريد التذكير والتأكيد على أن قيام دين أرضى بإسباغ مشروعية دينية على الصراع‬
‫السياسى والحربى يجعله مستمرا طالما بقى هذا الدين األرضى مسيطرا ‪ .‬ولهذا إستمر‬
‫صراع الشرق ( المسلم ) مع الغرب ( المسيحى ) فى حروب دينية استمرت قرونا ترعاها (‬
‫الخالفة ) والكنيسة ‪ .‬ما عدا ذلك ‪ ،‬فكل الصراعات الدولية واالقليمية والمحلية ( العلمانية )‬
‫تنتهى وتصبح تاريخا ماضيا ‪ ،‬بل قد تتحول الى عالقات صداقة وتحالف ‪ ،‬أو العكس (‬
‫ألمانيا وفرنسا وانجلترة وايطاليا ) ( اليابان وأمريكا ) ( أمريكا واالتحاد السوفيتى قبل وبعد‬
‫الحرب العالمية الثانية )‪ .‬تظل فى إطار العالقات المتغيرة حسب المصلحة ‪ .‬يختلف الحال لو‬
‫تدخل الدين األرضى فيحولها الى عالقات حرب متصلة عبر القرون ‪ ،‬سواء كانت حربا دولية‬
‫دينية ( دار السالم ودار الحرب ) أو حربا مذهبية داخلية ( السنة والشيعة ‪ ،‬الخوارج ‪..‬الخ )‬
‫‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ هذا التذكير للتأكيد على حجم الجريمة الكبرى التى إقترفها أبو بكر وعمر وعثمان‬
‫واألمويون فى فتح صفحة الحرب الدينية بين ( المسلمين ) واألوربيين المسيحيين ‪ ،‬تلك‬
‫سنّى الوهابى بالذات ‪ ،‬وحصره كما‬‫الحرب التى لم تنته ‪ ،‬ولن تنتهى إال بزوال هيمنة الدين ال ُّ‬
‫حاصرت أوربا المسيحية داخل الكنائس وحظرت عليها التجول فى الحياة السياسية ‪.‬‬
‫أوال ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ جذور الفتوحات التى إقترفها الخلفاء ترجع الى التجارة الشرقية ( رحلة الشتاء والصيف‬
‫) التى إحتكرتها قريش بزعامة األمويين فى الجاهلية ‪ ،‬والتى بسببها عارض األمويون‬
‫االسالم ‪ ،‬ثم بسببها إضطروا للدخول فى االسالم مؤخرا قبيل موت النبى ‪ ،‬ثم إستغلوه من‬
‫خالل الخلفاء الفاسقين فى الفتوحات خدمة لهدفهم ليس فقط فى إقامة امبراطورية ‪ ،‬بل أيضا‬
‫فى السيطرة على التجارة الشرقية ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ كات التباعد هائال بين الشرق األقصى والهند من ناحية وأوربا ( واالمبراطورية‬
‫البيزنطية ) من ناحية أخرى ‪ .‬كان هذا التباعد يجعل االتصال التجارى بين الشرق وأوربا‬
‫متعذرا ‪ ،‬زاد منه خطورة الطريق البرى عبر االستبس األسيوى من أواسط آسيا الى أوربا‬
‫الشرقية ‪ ،‬كما زاد من تعذره تلك الحروب المتصلة بين القوتين العظميين وقتها ( الفرس‬
‫والروم ) ‪ ،‬وتركز هذا الصراع فى المنطقة الوسطى من العالم ( أو ما يعرف اآلن بالرافدين‬
‫والشام وآسيا الصغرى ) ‪ .‬بهذا أصبح الطريق الوحيد ال ُمتاح للتجارة الشرقية هو من الهند‬
‫والصين بحرا الى اليمن ‪ ،‬ومنها عبر القوافل الى الشام حيث تسيطر االمبراطورية البيزنطية‬
‫‪ ،‬ومن موانى الشان تنتقل الى أوربا ‪ .‬العقبة الوحيدة فى هذا الطريق هو عدم األمن فى‬
‫الصحراء حيث تحترف القبائل االغارات سبيال للعيش ‪ .‬وهنا حدث االنقالب فى مكة وقريش‬
‫صى ) الذى قضى شطرا من عمره فى الشام ‪ ،‬وأدرك أهمية موقع ( مكة )‬ ‫والذى أحدثه ( قُ ّ‬
‫والبيت الحرام فى جعل مكة والبيت الحرام مركزا للتجارة الشرقية عبر الصحراء والقوافل‬
‫فى رحلتى الشتاء والصيف ‪ .‬ومن هنا ظهر االيالف ‪ ،‬وهو عقد إتفاقات مع القبائل فى طريق‬
‫التجارة من مكة الى الشام ومن مكة الى اليمن ‪ ،‬على أن تحمى القوافل فى رحلتى الشتاء‬
‫والصيف ‪ ،‬مقابل رعاية أوثانها داخل الحرم المكى ‪ ،‬ثم إيالف آخر بين قريش فى أن ينقسم‬
‫رأس مال التجارة على أسهم ‪ ،‬وتتقسم االرباح حسب األسهم ‪ .‬وتقاسم أبناء قصى ركنى‬
‫النفوذ ‪ ،‬قام بنو أمية بن عبد شمس بن عبد مناف باالشراف على الجانب التجارى وقام‬
‫بنوهاشم بن عبد مناف باالشراف على البيت ورعاية الحجاج ‪ .‬وبنزول القرآن ــ والدعوة‬
‫الى تنقية ملة ابراهيم من الموروثات الشركية ومنها تطهير البيت الحرام من رجس األوثان‬
‫ــ وقف األمويون ضد االسالم حماية لمصالحهم التجارية وعالقاتهم بالقبائل ‪ ،‬كانت‬
‫معارضتهم إقتصادية بحتة مع علمهم بأن القرآن هدى ( القصص ‪ / 01‬الواقعة ‪12 : 17‬‬
‫)‪ .‬وأخرجت قريش المؤمنين من ديارهم وأموالهم وورثت أسهمهم فى التجارة ‪ ،‬بل تابعت‬
‫الهجوم على المؤمنين فى المدينة وقت أن كان المؤمنون ممنوعين من رد االعتداء ‪ ،‬فلما‬
‫نزل لهم اإلذن برد االعتداء كانت موقعة بدر ليحصل المؤمنون على حقهم الذى صادرته‬
‫قريش فى تجارتها الشرقية ‪ .‬ومع تواصل الصراع الحربى بين النبى وقريش أدركت قبائل‬
‫العرب كيف كانت قريش تخدعهم ‪ ،‬وبدأ االسالم بمعنى السالم ينتشر ومعه االدراك بعبثية‬
‫تقديس البشر والحجر ‪ ،‬وشعرت قريش بأن االسالم هو الذى سيكتسح الساحة فسارعت‬
‫بركاب قطار االسالم ‪ ،‬منتهزة فرصة أن أهم الفاعلين فيه هم القرشيون المهاجرون ‪.‬‬
‫وبموت النبى تخالف القرشيون جميعا ‪ ،‬وأدرك األعراب عودة نفوذ قريش فثاروا فى حرب‬
‫الردة ‪ ،‬وأخمدتها قريش ‪ ،‬وحتى ال تتكر ثوراتهم أقنعتهم قريش بأن المجال واسع أمام‬
‫نشاطهم الحربى بالجهاد ضد ( الكفار ) ‪ ،‬وبهذا غ ّيرت قريش تشريع القتال من الدفاع الى‬
‫الهجوم واالحتالل والظلم ‪ .‬وبالفتوحات أقامت أمبراطوريتها ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ويالحظ أن إتجاه الفتوحات سار فى ناحيتين ‪ ،‬هما معا طريق التجارة بين الشرق‬
‫اآلسيوى والغرب األوربى ‪ ،‬أى باالستيالء على الشام وسواحل البحر المتوسط والبحر‬
‫األحمر ‪ ،‬واالستيالء على العراق وايران وأواسط آسيا ‪ .‬وبهذا وقع طريقا التجارة الشرقية‬
‫تحت سيطرة قريش المباشرة ‪ .‬أصبح البحر األحمر بحيرة مقفولة ‪ ،‬كما أصبح البحر‬
‫المتوسط تحت السيطرة بعد تحطيم االسطول البيزنطى فى موقعة ذات الصوارى عام ‪. 30‬‬
‫وأصبحت قريش هى المنفذ الوحيد ألوربا فى الحصول على التجارة الشرقية ‪ .‬وفقد البيت‬
‫الحرام أهميته التجارية بالنسبة لألمويين ‪ ،‬وحين سيطر عليه ابن الزبير وجعل من الحج‬
‫وسيلة للدعاية ضد األمويين سارع عبد الملك بن مروان بتأسيس المسجد األقصى فى القدس‬
‫بديال عنه ألهل الشام ‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ وفى سجاالت الحرب بين العرب ( المسلمين ) القوة الشرقية و البيزنطيين ( القوة‬
‫الغربية ) نمت وإزدهرت الموانى االيطالية كوسيط فى نقل التجارة الشرقية من العرب الى‬
‫أوربا ‪ ،‬وتحولت جنوة والبندقية الى إمارات قوية بأساطيل تجارية وعسكرية ‪ ،‬وسيطرت‬
‫على السواحل االيطالية لتحمى نقل البضائع من موانى االسكندرية والشام اليها ‪ ،‬ثم منها الى‬
‫الداخل األوربى ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وضعف الخلفاء العباسيون وسيطرت عليهم قوى آتية من الشرق كان آخرهم األتراك‬
‫السالجقة ‪ .‬وتابع السالجقة الجهاد ضد البيزنطيين ‪ ،‬وقد سيطروا على معظم آسيا الصغرى‬
‫‪ ،‬واستطاع السلطان السلجوقى الب ارسالن هزيمة البيزنطيين هزيمة ساحقة موجعة وأن‬
‫يأسر االمبراطور فى موقعة مالذكرد عام ‪ ، 7517‬وبها تم انهاء هيبة بيزنطة وفتح الدور‬
‫الوربا وكنيسة روما لتدخل فى الصراع ( المسلم ‪ /‬المسيحى ) ‪ .‬وبدأت الحملة الصليبية‬
‫االولى باالستيالء على القسطنطينية نفسها عام ‪ . 7544 : 7541‬وقضت الحمالت‬
‫الصليبية على النفوذ السلجوقى فى آسيا الصغرى والشام وأسسوا ممالك لهم فى المنطقة ‪،‬‬
‫أهمها مملكة بيت المقدس ‪ ،‬وتابع الزنكيون ( عماد الدين زنكى ) ثم ( نور الين زنكى )‬
‫مقاومة الصليبيين ‪ ،‬ثم ورث صالح الدين األيوبى هذا الجهاد ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وفى خضم المعارك الحربية لم يكن العامل التجارى غائبا ‪ .‬خصوصا مع التفوق الواضح‬
‫البحرى للصليبيين ‪ .‬ومع عقد هدنة بين صالح الدين والصليبيين فإن رينو دى شاتيو أو (‬
‫إرناط ) صاحب خصن الكرك ( او االردن ) نكث بالعهد وهاجم القوافل ‪ ،‬بل إنه أع ّد حملة‬
‫بحرية لتخترق البحر األحمر وتهاجم جدة ثم مكة والمدينة ‪ .‬وفي عام (‪011‬هـ) شرع‬
‫أرناط في بناء سفن نقلها إلى ساحل البحر األحمر مفككة على ظهور الجمال وعبر بها‬
‫األراضي العربية كانها قافلة تجارية عابرة ‪ ،‬ولم يكن للصليبيين وجود في البحر األحمر قبل‬
‫هذا‪ ،‬وباغت الم سلمين في ديارهم على حين غفلة؛ فقتل‪ ،‬ونهب‪ ،‬وسلب‪ ،‬وأسر‪ ،‬ثم توجه إلى‬
‫أرض الحجاز وسار باتجاه المدينة المنورة مرة أخرى حتى وصل إلى رابغ‪ ، ،‬وأسرع قائد‬
‫األسطول حسام الدين لؤلؤ بارسال حملة بحرية فى رمضان ‪ 011‬هـ= يناير سنة‪ 7713‬م‬
‫إلى قلعة أيلة واستولت على مراكب العدو برمتها‪ ،‬وقتلت أكثر مقاتليها ‪ ،‬وأرسل حملة أخرى‬
‫الى ميناء عيذاب بالبحر األحمر ‪ ،‬وأطلقت المأسورين من المسلمين فيها ‪ ،‬وأدركت حملة‬
‫ارناط قبل وصولها المدينة فقتلوا معظمهم وأسروا الباقين‪ .‬وأمر صالح الدين بقتل األسرى‬
‫علنا ‪ ،‬أما أرناط فقد استطاع الهرب ‪ ،‬الى أن قتله صالح الدين بيده بعد أن وقع أسيرا فى‬
‫موقعة حطين ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ كانت االمبراطورية البيزنطية قد إنتقلت الى متحف التاريخ ‪ ،‬واستولى السلطان‬
‫العثمانى دمحم الفاتح على القسطنطينية عام ‪، 7903‬وحول كنيستها الشهيرة آيا صوفيا الى‬
‫مسجد ‪ ،‬وتحولت الى عاصمة لدار السالم واالسالم ( اسالمبول ) ضد دار الحرب والكفر فى‬
‫أواسط أوربا وشرقها ‪ ،‬وبالتالى إنتقل قطب الصراع الى أسبانيا ‪ ،‬التى توحدت بزواج‬
‫ايزابيال وفريدناند عام ‪ 7914‬ـ وكان اول اعمالهما عام ‪ 7942‬هو اسقاط غرناطة وطرد‬
‫المسلمين منها وارسال رحلة كولومبوس ‪ .‬ثم تم كشف رأس الرجاء الصالح ‪ 7941‬وبعده‬
‫توسعوا الى الهند وشرق آسيا ‪ .‬وبهذا دخل الغرب األوربى عصر الكشوف الجغرافية‬
‫واالستعمار للعالم الجديد والقديم على السواء ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ خالل قرون مضت كانت أوربا قد أدمنت السلع الشرقية ‪ ،‬وأهمها البهارات ( التوابل )‬
‫‪ ،‬والعقاقير ( األفيون بالذات ) والعطور‪ .‬وبلغت شهرتها اآلفاق ؛ كان ‪ :‬كيس البهار‬
‫يساوى وزنه فضة ‪ ،‬وكان الرجل األوربى الثرى يطلق عليه لقب كيس بهار ‪ ،‬وكان البهار‬
‫أثمن هدية للعروسين ‪ .‬إرتفعت أسعار تلك السلع إرتفاعا باهظا مع تعاظم الطلب عليها بسبب‬
‫الجمارك الباهظة التى كان يفرضها المماليك‪ ،‬وكانوا يفرضونها مرتين ‪ ،‬من وصولها الى‬
‫موانيهم فى البحر األحمر ‪ ،‬ومن تصديرها الى أوربا فى االسكندرية ودمياط ‪ ،‬ثم تكلفة النقل‬
‫والتجارة عبر إمارتى البندقية وجنوة ‪ ،‬وبسبب االرباح الهائلة لتلك التجارة الشرقية والتى‬
‫إحتكرتها البندقية و وجنوة فقد إزدهرتا إزدهارا فاحشا على حساب بقية البلدان األوربية ‪.‬‬
‫ومن هنا نشأت الحاجة الى الوصول الى الهند عبر طريق آخر غير هذا الطريق الذى يسيطر‬
‫عليه المسلمون ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ وكالعادة تعانق العامل الدينى والتجارى فى هذا الصراع ‪ .‬أصبح من عوامل الكشوف‬
‫الجغرافية ‪ :‬التخلص من الجمارك الباهظة التى كان يفرضها المماليك وضرب إحتكار البندقية‬
‫فى نقل التجارة الشرقية ‪ ،‬واضيف اليه تحويل السكان الى المسيحية ‪ ،‬والتعاون مع مملكة‬
‫الحبشة المسيحية لضرب االسالم فى العُمق ‪ .‬وبزول بيزنطة وإنحسار دور كنيستها الشرقية‬
‫المذهبية برزت المذهبية الكاثولوكية فى تحالف الكرسى البابوى فى روما مع اسبانيا‬
‫وتخول للبرتغال‬
‫ّ‬ ‫والبرتغال المتعصبتين للكاثولوكية ‪ .‬وصدرت المراسيم البابوية تبيح‬
‫واسبانيا ملكية ما يكتشفونه ‪ ،‬وتوجب عليهم الجهاد ضد ما اسموه بطاعون االسالم ‪،‬‬
‫وتعطى المجاهدين الصليبيين صكوك الغفران والتمتع بالجنة ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ومضى كولومبوس بسفنه فى المحيط األطلنطى ليصل الى الهند من الناحية الغربية‬
‫بإعتبار كروية األرض فوصل الى العالم الجديد وظنّه الهند فأطلق على سكانه ( الهنود‬
‫الحمر ) ‪ .‬ثم تتابعت الكشوف ليدرك األوربيون أنهم بإزاء عالم جديد ‪ ،‬ودخل فى الكشوف‬
‫انجلترة وفرنسا ‪ ،‬وامتدت الكشوفات لتتحول الى إستعمار إستيطانى ‪ ،‬ثم إمتد الى العالم‬
‫اآلسيوى القديم فى الفلبين وجزر الهند الشرقية ( أندونيسيا ) ووصلت اوربا الى الشرق‬
‫اآلسيوى واستولت بريطانيا على الهند عبر ( شركة الهند الشرقية )‪ ،‬ولم تستطع السيطرة‬
‫على العمالق الصينى فقامت بتخديره باألفيون ‪ ،‬وفرضت عليه تدخين وإدمان األفيون فى‬
‫حربى األفيون أألولى ( ‪ ) 7192 : 7195‬والثانية ( ‪ . ) 7115 : 7101‬بدأت أسبانيا‬
‫والبرتغال الكشوف الجغرافية وأنتهى األمر باالمبراطورية البريطانية التى ال تغيب عنها‬
‫الشمس بسبب سيطرتها على التجارة الشرقية ‪ ،‬ومركزها الهند التى كانت (د ُّرة التاج‬
‫البريطانى ) ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ التطرف األسبانى البرتغالى فى سفك الدماء والتعصب الدينى لديهما مع قلة عدد سكانهما‬
‫أخرجهما مبكرا من الصراع األوربى حول إستعمار العالم الجديد والقديم ‪ ،‬خصوصا بعد قيام‬
‫انجلترة بتدمير االسطول البرتغالى السبانى ( األرمادا ) فى اغسطس عام ‪ ، 7011‬وبهذا‬
‫خرجت اسبانيا والبرتغال من ميدان التنافس فى التجارة الشرقية ‪ .‬ولكن قبل أن نغادرهما‬
‫نتذكر الحملة الصليبية البرتغالية لهدم الكعبة ونبش قبر النبى فى المدينة ثم الزحف منها الى‬
‫تبوك والقدس ‪ .‬كان هذا فى عهد السلطان الغورى المملوكى ‪ .‬وقد استعان البرتغاليون في‬
‫حمالتهم باليهود الذين استخدموا كجواسيس ‪ ،‬وقد ساعدهم في ذلك معرفتهم باللغة العربية‪،‬‬
‫وعلى سبيل المثال فقد ارسل ملك البرتغال يوحنا الثاني خادمه الخاص ومعه رفيق آخر‬
‫يهودي الى مصر والهند والحبشة وكان من نتائج رحلتها تقديمها تقرير يتضمن بعض‬
‫الخرائط العربية عن المحيط الهندي ‪.‬وذكر ابن اياس إنه في زمن الشريف بركات قد ارتاب‬
‫في ثالثة أشخاص تسللوا إلى مكة المكرمة وكانوا يحومون حول المسجد الحرام متظاهرين‬
‫بأنهم مسلمون‪ ،‬و يرتدون زي العثمانيين‪ ،‬و يتكلمون العربية والتركية‪ .‬فأمر بالقبض عليهم‪.‬‬
‫وبالكشف على أجسامهم اتضح أنهم مسيحيون ألنهم كانوا بغير ختان‪ .‬وباستجوابهم اتضح‬
‫أنهم جواسيس برتغاليون بعثت بهم سلطات لشبونة ليعملوا أدالء للجيش البرتغالي الصليبي‬
‫عند دخوله مكة "و قد وضعوهم في الحديد و بعث بهم إلى السلطان الغوري" ‪ .‬و قد وقع‬
‫هذا الحادث في عام ‪.7075‬‬
‫وكان السلطان الغوري قد انهزم حربيا أمام البرتغال فى البحر األحمر‪ .‬وكان البرتغاليون بعد‬
‫وصولهم إلى الهند قد نقلوا جزءاً من نشاطهم الحربي إلى منطقة الخليج العربي وبحر العرب‬
‫واستولوا على مسقط وهرمز و البحرين وقلهات على ساحل عمان ‪ ،‬و قربات ‪ ،‬و صحار ‪،‬‬
‫وحور و غيرها وجزيرة سقطرى وضربوا ساحل عمان ‪ .‬و فشلوا في احتالل عدن‪ ،‬نجحوا‬
‫في دخول البحر األحمر‪ .‬وبعد أن ضربوا بعض الجزر القريبة من مدخله الجنوبي وبعض‬
‫ثغوره اتجهوا عام ‪7071‬م الحتالل جدة وفشلوا ‪ ،‬ثم فشلوا ثانيا عام ‪ 7025‬بع سقوط‬
‫الدولة المملوكية عام ‪. 7071‬‬
‫‪ 4‬ـ وحاول السلطان العثمانى سليمان القانونى ضرب البرتغاليين بإرسال حملة كبرى عام‬
‫‪7031‬م ‪ ،‬و قد نجحت هذه الحملة في االستيالء على عدن‪ ،‬و فشلت في ضرب البرتغاليين‬
‫في الهند‪ .‬ورد البرتغاليين على الدولة العثمانية بحملة بحرية كبرى دخلت البحر األحمر‬
‫واتجهت إلى ميناء السويس‪ ،‬وهي مقر القاعدة العثمانية البحرية‪ .‬ولكنها ولت مدبرة على‬
‫أعقابها بعد أن تبين لها أن األسطول العثماني في حالة تأهب‪ .‬وقررت الدولة العثمانية وضع‬
‫خطة جديدة لحماية الواليات العربية الخاضعة لها ‪ ،‬و تتمثل هذه الخطة في اتخاذ عدن‪ -‬وهي‬
‫البوابة الكبرى للبحر األحمر ‪ -‬خط دفاع وقاعدة عسكرية لضرب المراكز البرتغالية في شرق‬
‫الجزيرة العربية و للسيطرة على البحر األحمر‪ ،‬وزيادة نشاط الترسانة البحرية في السويس‬
‫في بناء سفن حربية جديدة وعديدة‪ .‬تنفيذا لهذا المخطط العكسري قررت الدولة ‪ ،‬كإجراء‬
‫أمن داخلي وخارجي‪ ،‬إغالق البحر األحمر في وجه السفن البرتغالية‪ ،‬ثم عممت هذا المبدأ‬
‫على جميع السفن المسيحية‪ .‬فكان ال يسمح لها باإلبحار بالبحر األحمر فيما وراء ثغر المخا‬
‫جنوبي ثغر الحديدة في اليمن‪ ،‬فتفرغ شحناتها ويعاد شحن حموالتها على سفن إسالمية‬
‫تجوب أنحاء البحر األحمر و تتردد على ثغوره وموانئه‪.‬‬
‫‪ 75‬ـ وانتهى دور التجارة الشرقية التى كانت تسيطر عليها قريش ‪ ،‬ثم استولت عليها أوربا‬
‫‪ ،‬وح ّل محل التجارة الشرقية حاليا ـ تجارة البترودوالر ‪ .‬وعاد الصراع ــ معقدا بالغ التعقيد‬
‫ــ بين الطرفين يتداخل فيه ويتشابك مصالح السياسة واالقتصاد مع تغلغل النفوذ السعودى‬
‫الوهابى بعمالئه ( الطابور الخامس ) داخل (معسكر الكفر ودار الحرب ) ‪ ،‬ويتعين على‬
‫امريكا والغرب أن تحارب االرهاب ( اللوجيستى فقط ) داخل اراضيها مع المحافظة على‬
‫استمرار ثقافته ودعوته الوهابية حرصا على إقتصادها الذى يعتمد على نفط الخليح الوهابى‬
‫‪ .‬تأخذ من الوهابية نفطها مع التقليل بقدر االمكان من خطورة إرهابها ‪ .‬لُعبة بالغة التعقيد ‪،‬‬
‫ويدفع أهوالها الفقراء والمستضعفون فى دار هذا ودار ذاك ‪.‬‬
‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬
‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬
‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫غزو (القسطنطينية ) من معاوية الى السلطان دمحم الفاتح العثمانى‬


‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ كانت قرية للصيادين اسمها بيزنطة ‪ ،‬ثم جعلها االمبراطور قسطنطين عاصمة‬
‫االمبراطورية الرومانية الشرقية عام من ‪ ، 330‬وسماها القسطنطينية ‪ ،‬وجعلها مقر‬
‫الكنيسة الشرقية االرثوذكسية ‪ ،‬وكانت كنسيتها آياصوفيا آية فى المعمار الدينى ‪ .‬وعاشت‬
‫عصرها الذهبى ‪ ،‬وصارت مطمح األمويين فى االستيالء عليها بإعتبارها مركز المعسكر‬
‫اآلخر المعادى ‪ .‬وفشلت حملتان أمويتان فى غزوها ‪ ،‬وظلت القسطنطينية تمثل مركز‬
‫المواجهة ضد المسلمين فى العصر العباسى فى مصطلح ( دار السالم واالسالم ضد دار‬
‫الحرب والكفر ) ‪ ،‬الى أن انتهى األمر بأن فتحها السلطان العثمانى دمحم الفاتح عام ‪، 7903‬‬
‫واطلق عليها إسم إسالمبول ‪ ،‬أو دار االسالم ‪ .‬ثم بعد سقوط الخالفة العثمانية وتولى‬
‫أتاتورك بعلمانيته المتطرفة أطلق عليها إسم إستانبول ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وألنها حرب دينية فى األساس فقد إستمر ُحلم االستيالء على القسطنطينية مسيطرا على‬
‫الخلفاء القرشيين العباسيين بعد فشل أبناء عمومتهم الخلفاء األمويون فى االستيالء عليها ‪.‬‬
‫ولقد تحولت الحروب الدينية بين العباسيين والبيزنطيين الى معارك برية بعيدا عن حصار‬
‫القسطنطينية نفسها ‪ ،‬وكانت للعباسيين الغلبة فى المعارك فى عصر قوتهم فى الدولة‬
‫العباسية األولى ‪ ،‬ثم بضعف الخلفاء العباسيين بدأت الكفة تميل نحو البيزنطيين حتى لقد‬
‫بدأوا حرب إسترداد وصلت الى شمال الشام والعراق ‪ .‬وهذه االنتكاسات الحربية زادت من‬
‫تأكيد ال ُحلم باالستيالء على القسطنطينية ‪ .‬وكانت ـ من خالل األساطير الدينية التى لبست‬
‫محرض للسلطان العثمانى دمحم الفاتح على تحقيق‬ ‫ّ‬ ‫ثوب األحاديث والروايات التاريخية ــ أكبر‬
‫الحلم ‪.‬‬
‫‪ 3‬ــ ونعطى بعض التفصيالت ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬معاوية وحصار القسطنطينية عام ‪05 / 94‬‬


‫‪ 7‬ـ يقول ابن األثير ‪ ( :‬في هذه السنة‪ ،‬وقيل‪ :‬سنة خمسين‪ ،‬س ّير معاوية جيشا ً كثيفا ً إلى بالد‬
‫الروم للغزاة ‪ ،‬وجعل عليهم سفيان بن عوف وأمر ابنه يزيد بالغزاة معهم‪ ،‬فتثاقل واعتل‪،‬‬
‫فأمسك عنه أبوه ) ‪ ( ..‬ثم أقسم عليه ليلحقن بسفيان في أرض الروم ليصيبه ما أصاب‬
‫الناس‪ ،‬فسار ومعه جمع كثير أضافهم إليه أبوه‪ ،‬وكان في الجيش ابن عباس وابن عمر‬
‫وابن الزبير وأبو أيوب األنصاري وغيرهم وعبد العزيز ابن زرارة الكالبي‪ ،‬فأوغلوا في بالد‬
‫الروم حتى بلغوا القسطنطينية‪ ،‬فاقتتل المسلمون والروم في بعض األيام واشتدت الحرب‬
‫بينهم‪. ) ..‬‬
‫‪ 2‬ـ وفشل الجيش األموى وعاد ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬كيد البيزنطيين لألمويين فى شمال أفريقيا‬


‫‪ 7‬ـ استطاع عقبة بن نافع طرد البيزنطيين من مساحات كثيرة من شمال أفريقيا ‪ .‬وكان‬
‫كسيلة زعيم البربر ( األمازيغ ) قد اسلم وانضم بقومه للعرب ‪ ،‬ولكن عقبة بن نافع أهانه ‪،‬‬
‫فتحالف سرا مع الروم ‪ ،‬وإستطاع كسيلة ومعه الروم هزيمة العرب وقتل عقبة بن نافع عام‬
‫‪ ، 13‬ودخل القيروان ‪ .‬فأرسل عبد الملك بن مروان قائدا جديدا هو زهير بن قيس البلوى ـ‬
‫وكان مقيما ً ببرقة مرابطا فيها ‪ .‬وتقدم زهير بن قيس بجيشه فواجهه كسيلة بجمع من البربر‬
‫والروم ‪ ،‬وبعد صدام حربى مروع إنتصر العرب ولقى كسيلة حتفه ‪ ،‬ومعه أعيان البربر‬
‫والروم ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وانتهز االمبراطور البيزنطى خروج زهير بن قيس بجنده من برقة الى القيروان وتركه‬
‫برقة خالية من الجنود ـ فارسل حملة بحرية قوية من جزيرة صقلية ‪ ،‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫وأغاروا على برقة‪ ،‬فأصابوا منها سبيا ً كثيراً‪ ،‬وقتلوا ونهبوا‪ ،‬ووافق ذلك قدوم زهير من‬
‫إفريقية إلى برقة‪ ،‬فأخبر الخبر‪ ،‬فأمر العسكر بالسرعة والجد في قتالهم‪ ،‬ورحل هو ومن‬
‫معه‪ ،‬وكان الروم خلقا ً كثيراً‪ ،‬فلما رآه المسلمون استغاثوا به فلم يمكنه الرجوع ‪ ،‬وباشر‬
‫القتال واشتد األمر وعظم الخطب ‪ ،‬وتكاثر الروم عليهم ‪ ،‬فقتلوا زهيرا ً وأصحابه ولم ينج‬
‫منهم أحد‪ ،‬وعاد الروم بما غنموا إلى القسطنطينية‪) .‬‬
‫‪ 3‬ــ وأرسل عبد الملك بن مروان إلى إفريقية حسان بن النعمان الغساني بجيش ( لم‬
‫يدخل إفريقية قط جيش مثله‪.‬فلما ورد القيروان تجهز منها وسار إلى قرطاجنة ( تونس اآلن‬
‫)‪ ،‬وكان صاحبها أعظم ملوك إفريقية‪ ،‬ولم يكن المسلمون قط حاربوها‪ ،‬فلما وصل إليها رأى‬
‫بها من الروم والبربر ماال يحصى كثرةً‪ ،‬فقتلهم وحصرهم وقتل منهم كثيراً‪ ،‬فلما رأوا ذلك‬
‫اجتمع رأيهم على الهرب‪ ،‬فركبوا في مراكبهم وسار بعضهم إلى صقلية وبعضهم إلى‬
‫األندلس‪ ،‬ودخلها حسان بالسيف فسبى ونهب وقتلهم قتالً ذريعا ً وأرسل الجيوش فيما حولها‪،‬‬
‫فأسرعوا إليه خوفاً‪ ،‬فأمرهم فهدموا من قرطاجنة ما قدروا عليه‪.‬ثم بلغه أن الروم والبربر قد‬
‫اجمعوا له في صطفورة وبنزرت‪ ،‬وهما مدينتان‪ ،‬فسار إليهم وقاتلهم ولقي منهم شدةً وقوة‪،‬‬
‫فصبر لهم المسلمون‪ ،‬فانهزمت الروم وكثر اقتل فيهم واستولوا على بالدهم‪ ،‬ولم يترك‬
‫حسان موضعا ً من بالدهم إال وطئة‪ ،‬وخافه أهل إفريقية خوفا ً شديداً ‪) .‬‬
‫‪ 9‬ـ أدى هذا الى معاودة األمويين محاولة فتح القسطنطينية ‪ ،‬لبتر ( رأس األفعى ) أو (‬
‫مركز دار الحرب والكفر ) فى دينهم األرضى العملى ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬محاولة األمويين األخيرة الحتالل القسطنطينية‬

‫‪ 7‬ـ كان فتح االندلس مع عام ‪ ، 42‬وبه طالت المسافة بين دمشق واسبانيا ‪ ،‬وكان ممكنا أن‬
‫ينتهز الروم الفرصة باالغارة البحرية على المسلمين فى الشمال األفريقى ‪ ،‬لذا كان ضرورة‬
‫فتح القسطنطينية ‪ ،‬وجرت محاولة لهذا فى عام ‪ 41‬فى خالفة سليمان بن عبد الملك ‪.‬‬
‫وكانت الحملة بقيادة مسلمة بن عبد الملك أعظم قائد أموى وقتها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وقد اختط مسلمة خطة جديدة في ذلك الحصار ‪ ،‬تفادى فيها أخطاء حملة معاوية‬
‫السابقة التى تعجلت الرحيل والعودة ‪ ،‬إذ أقام بتخرين الطعام والمؤن وأقام بيوتا من خشب‬
‫للجيش وأمرهم بأن يزرعوا ويأكلوا مما يزرعون ومما يصيبون من الغارات وذلك حتي‬
‫يستمر الحصار أطول مدة ممكنة ‪ .‬وفي نفس الوقت الذي ضمن فيه إمدادات الجيش أقام‬
‫العسكر حول أسوار القسطنطينية يشددون عليها الحصار ‪ ،‬وجعل علي مقدمة الجيش قوادا‬
‫مهرة مثل خالد بن بعدان ومجاهد بن جبر وعبد هللا زكريا ‪ .‬واضطر الروم ألن يعرضوا‬
‫الجزية دينارا عن كل شخص في مقابل إنهاء الحصار ولكن رفض مسلمة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وحدث أثناء ذلك أن مات ملك الروم فاستمال الروم إليهم القائد الرومي إليون ‪ ،‬وقد كان‬
‫ثائرا علي الملك السابق ومناصرا لمسلمة ومتحالفا معه في حصار القسطنطينية‪ .‬وحدث‬
‫التحالف السري الجديد بين الروم وإليون من وراء ظهر مسلمة الذي كان يثق في إليون وال‬
‫يتصور أنه سيخونه ‪ ،‬وع ّد المؤرخون ذلك خطأ من جانب مسلمة ألن الذي يخون قومه ال‬
‫يستبعد عليه أن يخون حليفه‪ .‬وكان أعيان القسطنطينية قد وعدوا إليون بالملك إذا تمكن من‬
‫صرف المسلمين عن حصار مدينتهم‪ ،‬فاقنع إليون مسلمة بأن يعطي المؤن للروم في مقابل‬
‫أن يعطيه الروم الطاعة وانتقلت المؤن ألهل القسطنطينية وهم تحت الحصار والجوع ‪،‬‬
‫ففوجيء مسلمة بإليون ينضم إليهم بعد أن نقل كل مؤن الجيش المسلم ‪ ،‬وأصبح الروم في‬
‫قوة وشبع بينما أصبح مسلمة وجيشه في خوف وجوع خصوصا وقد حل الشتاء فاضطر‬
‫الجيش ألكل الدواب وأصول الشجر‪ ،‬وساءت األحوال حتي تولي عمر بن عبد العزيز عام‬
‫‪ ، 44‬فأمر مسلمة بالرجوع عن حصار القسطنطينية‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬كيد البيزنطيين للعرب مع بداية العصر العباسى‬


‫‪ 7‬ـ انتهز البيزنطيون سقوط الدولة األموية عام ‪ ، 732‬وإنشغال العباسيين بتأسيس ُملكهم‬
‫الجديد فأغاروا عام ‪ 733‬تحت قيادة االمبراطور قسطنطين‪ ،‬على ملطية وملكوها ‪ ،‬تقول‬
‫الرواية ‪ ( :‬في هذه السنة أقبل قسطنطين‪ ،‬ملك الروم‪ ،‬إلى ملطية وكمخ‪ ،‬فنازل كمخ‪ ،‬فأرسل‬
‫أهلها إلى أهل ملطية يستنجدونهم‪ ،‬فسار إليهم منها ثمانمائة مقاتل‪ ،‬فقاتلهم الروم‪ ،‬فانهزم‬
‫المسلمون‪ ،‬ونازل الروم ملطسة وحصروها‪ ،‬والجزيرة يومئذ مفتونة بما ذكرناه‪ ،‬وعاملها‬
‫موسى بن كعب بحران‪ .‬فأرسل قسطنطين إلى أهل ملطية‪ :‬إني لم أحصركم إال على علم من‬
‫المسلمين واختالفهم‪ ،‬فلكم األمان وعودون إلى بالد المسلمين حتى أحترث ملطية‪ .‬فلم‬
‫يجيبوه إلى ذلك‪ ،‬فنصب المجانيق‪ ،‬فأذعنوا وسلموا البالد على األمان وانتقلوا إلى بالد‬
‫اإلسالم وحملوا ما أمكنهم حمله‪ ،‬وما لم قدروا على حمله ألقوه في اآلبار والمجاري‪ .‬فلما‬
‫ساروا عنها أخربها الروم ورحلوا عنها عائدين‪ ،‬وتفرق أهلها في بالد الجزيرة‪ ،‬وسار ملك‬
‫الروم إلى قاليقال فنزل مرج الخصي‪ ،‬وأرسل كوشان األرمني فحصرها‪ ،‬فنقب إخوان من‬
‫األرمن من أهل المدينة ردما ً كان في سورها‪ ،‬فدخل كوشان ومن معه المدينة وغلبوا عليها‬
‫وقتلوا رجالها وسبوا النساء وساق القائم إلى ملك الروم‪. ) .‬‬
‫‪ 2‬ـ المستفاد من الرواية السابقة ‪ :‬تبادل الفريقين القتل والسلب والسبى ‪ ،‬وتقسيم العالم‬
‫الى معسكرين ‪ ،‬فاالمبراطور إتفق مع أهل ملطية المسلمين على تسليم ملطية والرحيل عنها‬
‫الى بالد االسالم ‪( :‬فأذعنوا وسلموا البالد على األمان وانتقلوا إلى بالد اإلسالم ) ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬الرد على البيزنطيين بتقوية ( الحرب الفكرية ) أمال فى فتح القسطنطينية‬
‫‪ 7‬ـ شهد العصر العباسى متغيرات شتى ‪ ،‬منها الدخول فى عصر التدوين وإزدهار التأليف‬
‫واالختالق فى الحديث ‪ ،‬وتأسيس األديان األرضية بكتب أحاديث وفقه ‪ ،‬هذا مع ‪ ،‬إنتقال‬
‫العاصمة من دمشق الى بغداد شرقا ‪ ،‬بمعنى أن تتجه األنظار أكثر ناحية الشرق ‪ ،‬خصوصا‬
‫وأن الدولة العباسية قامت على أكتاف الفُرس وتش ّبه خلفاؤها باألكاسرة ‪ ،‬وفى تركيزهم على‬
‫الشرق أضاعوا األندلس ثم المغرب ـ مبكرا ‪ .‬وهذا التركيز على الشرق حصر الصراع‬
‫العسكرى مع القسطنطينية على التخوم بين االمبراطوريتين العباسية والبيزنطية ‪ ،‬فظلت‬
‫القسطنطينية بمأمن من محاوالت الغزو ‪ .‬هذا اإلخفاق العباسى فى تحقيق ال ُحلم بفتح‬
‫حرض على فتح القسطنطينية ‪،‬‬ ‫القسطنطينية أ ّجج فى إختالق روايات حديث وتاريخ ت ُ ّ‬
‫وتضيفها الى محاولة معاوية غزو القسطنطينية ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إنتهزوا وجود أبى أيوب األنصارى فى جيش يزيد بن معاوية فزعموا أنه ‪ ( :‬توفي أبو‬
‫أيوب األنصاري عند القسطنطينية فدفن بالقرب من سورها‪ ،‬فأهلها يستسقون به‪ ،‬وكان قد‬
‫شهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع رسول هللا‪ ،‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وشهد صفين مع علي وغيرها من‬
‫حروبه‪ ( ).‬وقيل إن الروم قالت للمسلمين في صبيحة دفنهم ألبي أيوب‪" :‬لقد كان لكم الليلة‬
‫شأن"‪ ،‬قالوا‪" :‬هذا رجل من أكابر أصحاب نبينا وأقدمهم إسالماً‪ ،‬وقد دفناه حيث رأيتم‪،‬‬
‫ووهللا لئن نبش ال ضرب لكم بناقوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة"‪ ( ، ") .‬وكان ابو‬
‫جيش متوج ٍه لفتح القسطنطينية‪ ،‬يقوده يزيد بن معاوية في زمن‬ ‫ٍ‬ ‫ايوب األنصارى في‬
‫خالفة معاوية بن أبي سفيان‪ ،‬فمرض أبو أيوب‪ ،‬فدخل عليه يزي ٌد يعوده فقال‪" :‬ما حاجتك؟"‪،‬‬
‫سغ في أرض العدو ما وجدت مساغاً‪ ،‬فإذا لم تجد‬ ‫قال‪" :‬حاجتي إذا أنا مت فاركب‪ ،‬ثم ُ‬
‫مساغا ً فادفني ثم ارجع"‪ ،‬فتوفي أبو أيوب‪ ،‬ففعل الجيش ذلك‪ ،‬ودفنوه بالقرب من‬
‫أثر القبر‪ ،‬وقبره‬‫القسطنطينية‪ ،‬وأمر يزيد بالخيل فجعلت تقبل وتدبر على قبره‪ ،‬حتى عفا َ‬
‫هنالك يستسقي به الروم إذا قحطوا ) ‪ .‬الرواية فيها تضارب ‪ ،‬إذ كيف يزول أثر القبر ‪ ،‬ثم‬
‫يكون بعدها معروفا ؟ وكيف يتبرك به مسيحيو القسطنطينية ويستسقون به ؟ ‪ .‬الثابت أن أبا‬
‫ايوب األنصارى عاش بعد حصار القسطنطينية الذى كان بين عام ‪ . 05 ، 94‬مات فى اعوام‬
‫مختلف فيها ‪ ،‬ما بين ‪ . 09 : 02‬واألرجح موته فى ‪. 02‬‬
‫َّللا ْب ُن ُم َح هم ِد ب ِْن أَ ِبي‬ ‫‪ 3‬ـ ووضعوا حديثا جعلوا له إسنادا يقول فى مسند أحمد ‪َ ( :‬ح هدثَنَا َ‬
‫ع ْب ُد ه ِ‬
‫ب‪ ،‬قَا َل َح هدثَنِي‬ ‫ش ْيبَةَ‪ ،‬قَا َل َح ّدثَنَا َز ْي ُد ْبنُ ا ْل ُحبَا ِ‬‫َّللا ب ِْن ُم َح هم ِد ب ِْن أَبِي َ‬ ‫ع ْب ِد ه ِ‬‫س ِم ْعتُهُ أَنَا ِم ْن َ‬ ‫ش ْيبَةَ‪َ ،‬و َ‬ ‫َ‬
‫ي‬‫س ِم َع النه ِب ه‬‫ي‪ ،‬ع َْن أَ ِبي ِه‪ ،‬أَنههُ َ‬ ‫َّللا ْبنُ ِبش ٍْر ا ْل َخثْعَ ِم ُّ‬
‫ع ْب ُد ه ِ‬‫ي‪ ،‬قَا َل َح هدثَ ِني َ‬ ‫ير ِة ا ْل َمعَا ِف ِر ُّ‬
‫ا ْل َو ِلي ُد ْبنُ ا ْل ُم ِغ َ‬
‫ْش )‪ .‬والنبى عليه‬ ‫ْش ذَ ِلكَ ا ْل َجي ُ‬ ‫ير أَ ِمي ُر َها َولَنِ ْع َم ا ْل َجي ُ‬‫س َط ْن ِطينِيهةُ فَلَنِ ْع َم ْاأل َ ِم ُ‬‫ملسو هيلع هللا ىلص يَقُو ُل‪ :‬لَت ُ ْفتَ َح هن ا ْلقُ ْ‬
‫السالم لم يكن يعلم الغيب ‪ ،‬ولم يكن له أن يتحدث فيه‪(:‬األنعام ‪ ( ) 05‬األعراف ‪ )711‬وما‬
‫كان يدرى ما يُفع ُل أو بغيره ( األحقاف )‪.‬‬
‫‪ 9‬ــ ووضع البخارى حديثا يقول ‪( :‬أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم )‪.‬‬
‫والنبى عليه السالم ال يعلم غيب الغفران ‪ ،‬وال يملك الغفران ألحد ‪ ،‬وقد قال له رب العزة جل‬
‫ّلِل َما‬ ‫علَي ِْه ْم أَ ْو يُعَ ِذّبَ ُه ْم فَ ِإنه ُه ْم َ‬
‫ظا ِل ُم َ‬
‫ون (‪َ )721‬و ِ ه ِ‬ ‫ش ْي ٌء أَ ْو يَت ُ َ‬
‫وب َ‬ ‫ْس لَكَ ِم ْن األ َ ْم ِر َ‬
‫وعال ‪ ( :‬لَي َ‬
‫غفُو ٌر َر ِحي ٌم (‪ )724‬آل‬ ‫َّللاُ َ‬
‫ِب َم ْن يَشَا ُء َو ه‬ ‫ض يَ ْغ ِف ُر ِل َم ْن يَشَا ُء َويُعَذّ ُ‬
‫ت َو َما فِي األ َ ْر ِ‬ ‫س َم َوا ِ‬
‫فِي ال ه‬
‫عمران )‪ .‬ولكن الملفت للنظر قول ذلك الحديث المصنوع (أول جيش من أمتي )‪ ،‬ذلك أن‬
‫سس مقولة (أ ُ ّمة دمحم ) التى تعيش فى دار السالم ‪،‬‬‫تقسيم العالم الى دار السالم ودار الحرب أ ّ‬
‫فى مواجهة (أ ُ ّمة المسيح ) التى تعيش فى دار الحرب ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ وإخترع البخارى ( ت ‪ ) 201‬شخصية لم ترد من قبل فى الصحابيات فى الطبقات‬
‫الكبرى البن سعد ت ‪ ، 235‬وهى شخصية ( أم حرام بنت ملحان ) وبنى عليها طعنا حقيرا‬
‫فى خاتم النبيين ‪ ،‬عليهم السالم ـ يزعم فيه أن النبى كان ‪ (( :‬كان رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص يدخل على‬
‫أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت وما‬
‫يضحكك يا رسول هللا؟ قال (ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل هللا يركبون ثبج هذا‬
‫البحر ملوكا على األسرة أو مثل الملوك على األسرة)‪ .‬شك إسحاق قالت فقلت يا رسول هللا‬
‫ادع هللا أن يجعلني منهم فدعا لها رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص قال (أنت من األولين)‪ .‬فركبت البحر في‬
‫زمان معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت‪.) ..‬‬
‫وقد حللنا هذا الحديث الحقير فى كتابنا ( القرآن وكفى ) ولكن ما يهمنا هنا أن الحديث‬
‫إنتشر ‪ ،‬وابتلع الناس االهانة التى وجهها البخارى لشخص النبى عليه السالم فى مقدمة‬
‫الحديث ‪ ،‬وهللوا لما جاء فيه من غزو بحرى للروم ‪ ،‬مفهوم أنه غزو للقسطنطينية ‪ .‬هذا مع‬
‫أنهم ــ فى تناقض مفضوح ـ قالوا انها ماتت فى عصر عثمان فكيف تحضر عصر معاوية ؟ ‪.‬‬
‫ولكن بإستمرار الشحن االعالمى الدينى لفتح القسطنطينية أصبحت شخصية أم حرام بنت‬
‫سنّى األرضى ‪ .‬وفيما بعد‬‫ملحان حيّة فى الوجدان ‪ ،‬خصوصا مع تقديس البخارى فى الدين ال ُّ‬
‫زعموا لها قبرا هناك ‪ ،‬وأقيم عليه مسجد عام ‪ 7115‬برعاية شيخ يسمى حسن الصالحة ‪!!.‬‬
‫أخيرا ‪ :‬أثر تلك الحرب الفكرية فى فتح القسطنطينية‬
‫‪ 7‬ـ لسنا فى معرض التفصيل لفتح السلطان العثمانى دمحم الفاتح القسطنطينيةعام ‪، 7903‬‬
‫ولكن نؤكد على أنه بالتوازى مع االستعداد العسكرى للحملة العثمانية ( ربع مليون جندى‬
‫على أعلى تدريب وتسليح ‪ ،‬وأقوى مدفعية فى وقتها مع اسطول ضخم ب ‪ 955‬سفينة ) فقد‬
‫كان االعداد الدينى على أعلى مستوى ‪ ،‬وتمثل فى اآلتى ‪ :‬جيش من الشيوخ والقُصّاص‬
‫س َط ْن ِطينِيهةُ‬
‫لتحميس الجنود ‪ ،‬وتالوة األحاديث على مسامعهم ‪ ،‬وأهمها حديث ‪( :‬لئَت ُ ْفتَ َح هن ا ْلقُ ْ‬
‫ْش ) ‪،‬ثم خدعة هائلة ‪ ،‬وهى إكتشاف قبر ( أبى‬ ‫ْش ذَ ِلكَ ا ْل َجي ُ‬ ‫ير أَ ِم ُ‬
‫يرهَا َولَنِ ْع َم ا ْل َجي ُ‬ ‫فَلَنِ ْع َم ْاأل َ ِم ُ‬
‫أيوب األنصارى ) عند أسوار القسطنطينية قبيل الهجوم‪!.‬؟ وبعدها خطب السلطان دمحم فيهم‬
‫خطبة قوية حثهم فيها على الجهاد وطلب النصر أو الشهادة‪ ،‬وذكّرهم فيها بالتضحية وصدق‬
‫القتال عند اللقاء‪ ،‬وقرأ عليهم اآليات القرآنية التي تحث على ذلك‪ ،‬كما ذكر لهم أحاديث (‬
‫الجهاد ) وتلك التى تبشر بفتح القسطنطينية وفضل الجيش الفاتح لها وأميره‪ ،‬وما في فتحها‬
‫من عز لإلسالم والمسلمين‪ ،‬وبدأ الهجوم بالتكبير والتهليل ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ولنتذكر أن القسطنطينية وقتها كانت رأسا كبيرا بال جسد ‪ ،‬لم يبق لها ممالك تُذكر ‪،‬‬
‫وكانت فى خصومة مع البابا الكاثوليكى ‪ ،‬ولكنها ظلت محتفظة بمكانتها الدينية كمركز‬
‫للكنيسة الشرقية ‪ ،‬وبموقعها البحرى الحصين ‪ .‬وكان وجودها يفصل ممتلكات العثمانيين‬
‫ويقف حائال دون توسعهم فى أوربا ‪ .‬وبفتحها تمكن السلطان دمحم الفاتح من التوسع فى‬
‫شرق أوربا وتوحيد األناضول ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وألنها حرب دينية بين معسكرين دينيين ترسخت بعد قرون ــ فال مجال فيها للتراجع أو‬
‫االستسالم ‪ ،‬سواء من جانب االمبراطور أو من السلطان ‪ .‬لقد استمات اإلمبراطور البيزنطي‬
‫في إسترضاء السلطان ورشوة كبار أتباعه لصرفه عن غزو القسطنطينية ‪ ،‬فلما يأس طلب‬
‫المساعدات من دول اوربا ‪ ،‬وعرض على بابا روما توحيد الكنيستين الشرقية البيزنطية‬
‫الكاثولوكية ‪ .‬وبعث البابا مندوبا الى القسطنطينية خطب فى كنيسة آيا صوفيا معلنا توحيد‬
‫ضل‬‫الكنيستين بما يعنى تبعية كنيسة بيزنطة الى روما فأغضب هذا جمهور االرثوذكس ‪ ،‬وف ّ‬
‫بعضهم عمامة العثمانيين على بابا روما ‪ .‬وفي يوم ‪ 24‬مايو سنة‪ 1453‬م‪ ،‬الموافق ‪15‬‬
‫جمادى األولى سنة‪ 857‬هـ‪ ،‬أرسل السلطان دمحم إلى اإلمبراطور قسطنطين رسالة دعاه فيها‬
‫إلى تسليم المدينة دون إراقة دماء‪ ،‬وعرض عليه تأمين خروجه وعائلته وأعوانه وكل من‬
‫يرغب من سكان المدينة إلى حيث يشاؤون بأمان‪ ،‬وأن تحقن دماء الناس في المدينة وال‬
‫يتعرضوا ألي أذى وأعطاهم الخيار بالبقاء في المدينة أو الرحيل عنها‪ ،‬ولما وصلت الرسالة‬
‫إلى اإلمبراطور جمع المستشارين وعرض عليهم األمر‪ ،‬فمال بعضهم إلى التسليم وأصر‬
‫آخرون على استمرار الدفاع عن المدينة حتى الموت‪ ،‬فمال االمبراطور إلى رأي القائلين‬
‫بالقتال حتى آخر لحظة‪ ،‬فرد االمبراطور رسول الفاتح برسالة قال فيها إنه يشكر هللا إذ جنح‬
‫السلطان إلى السلم وأنه يرضى أن يدفع له الجزية أما القسطنطينية فإنه أقسم أن يدافع عنها‬
‫إلى آخر نفس في حياته فإما أن يحفظ عرشه أو يُدفن تحت أسوارها‪ ،‬فلما وصلت الرسالة‬
‫إلى الفاتح قال ‪ ( :‬حسنا ً عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر‬
‫)‬
‫‪ 9‬ـ وألنها حرب دينية بين معسكرين دينيين ترسخت بعد قرون ــ فقد واصل العثمانيون‬
‫حصارهم ‪ ،‬وبعد ‪ 03‬يوما من الحصار إقتحم العثمانيون القسطنطينية وهم يهللون ويكبرون‬
‫‪ ،‬وقُتل األمبراطور دفاعا عن مدينته ودخل الفاتح فأوقف السلب والنهب ‪ ،‬ودخل كنيسة آيا‬
‫صوفيا ‪ ،‬أعلن تأمين أهل المدينة وحريتهم الدينية والمدنية ‪ .‬وأعلن كثير منهم إسالمهم ‪،‬‬
‫وباألذان تحولت الكنيسة الى مسجد‪ .‬وأطلق على القسطنطينية ( إسالمبول ) أى ( دار‬
‫االسالم )‪!.‬‬
‫‪ 0‬ـ وألنها حرب دينية بين معسكرين دينيين ترسخت بعد قرون ــ فإن السلطان دمحم الفاتح‬
‫أمر السلطان ببناء مسجد بالقرب من قبر أبى أيوب األنصارى عام ‪ ، 7901‬وصار هذا‬
‫المسجد مركزا لتقليد السلطنة العثمانية لكل سلطان جديد ‪ ،‬حيث يتقلد فيه كل سلطان‬
‫جديد سيف جده ( عثمان "الغازى األول " ) ‪ .‬فقد تأسست دولة العثمانيين وشهرتهم على (‬
‫سنّى )‪.‬‬
‫الغزو وفق التشريع ال ُّ‬
‫‪ 1‬ــ وألنها حرب دينية بين معسكرين دينيين ترسخت بعد قرون ــ فقد حاول البابا بيوس‬
‫الثانى أن يقنع السلطان دمحم الفاتح باعتناق المسيحية ووعده بأنه بالغفران والجنة ‪ ،‬فلما‬
‫فشل حاول إستثارة أوربا لحرب صليبية ضد العثمانيين ‪ ،‬وفشل أيضا ‪.‬‬
‫‪ 1‬ــ وال تزال هذه الحرب الدينية مشتعلة بين الوهابية والغرب المسيحى ‪..‬‬
‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬
‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَا ِتلُ َ‬
‫ون ِفي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫دور معاوية ‪:‬‬


‫مقدمة‬
‫‪ 7‬ـ تعاون بنو عبد مناف ( الهاشميون واألمويون ) فى إستغالل البيت الحرام فى االيالف‬
‫ورحلتى الشتاء والصيف وإحتكار نقل التجارة الشرقية العالمية بين الهند وأوربا عبر اليمن‬
‫والشام ‪ .‬ونزل القرآن باالسالم على النبى الهاشمى فحدث الخالف والصراع بين بنى هاشم‬
‫وبنى أمية ‪ ،‬ويرز هذا فى حربى بدر و أ ُحد والخندق ‪ .‬ثم قام األمويون بعد إسالمهم المتاخر‬
‫وبعد موت النبى بتوجيه الخلفاء ( الراشدين ) للفتوحات ‪ ،‬وكانوا القادة لهذه الفتوحات فى‬
‫الشام ‪ ،‬حيث كانت أعين األمويين مفتوحة على مصراعيها على أهمية الشام وجبهة‬
‫البيزنطيين ‪ ،‬ومعهم قبيلة كلب العربية التى كانت حليفا لهم فى الجاهلية ‪ ،‬وكانت التى‬
‫تحرس قوافلهم فى الشام ‪ .‬ولم يكن مستغربا أن يستحوذ معاوية على حكم الشام كله ‪ ،‬ويظل‬
‫فيه دون أن يعزله عمر بن الخطاب الذى عزل الكثيرين ومنهم سعد بن أبى وقاص الذى د ّمر‬
‫امبراطورية كسرى ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ما نريد التذكير به هنا أن معاوية فى واليته على الشام وفى خالفته جعل ( الجهاد‬
‫القُرشى ) وسيلة يصل بها الى أحقيته فى الخالفة وتوريثها لذريته ‪ ،‬ووساما يضعه على‬
‫صدره فى تنافسه مع بنى عمه الهاشميين ‪ ،‬وخصوصا (على بن أبى طالب ) الذى جلس فى‬
‫المدينة ‪ ،‬يستمتع بثمار الجهاد القرشى من أموال وسبايا ‪ ،‬ينجب منهن ذرية لم ينجح ابن‬
‫سعد ـ فى طبقاته الكبرى ـ فى التعرف عليهم بالكامل ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ معاوية فى واليته على الشام إفتتح قبرص عام ‪ ، 21‬لتكون موطأ قدم له ضد‬
‫القسطنطينية ‪ ،‬تقول الرواية البن كثير‪ ( :‬وافتتح في سنة سبع وعشرين جزيرة قبرص ‪،‬‬
‫وسكنها المسلمون قريبا ً من ستين سنة في أيامه ومن بعده‪ ،‬ولم تزل الفتوحات والجهاد‬
‫قائما ً على ساقه في أيامه في بالد الروم والفرنج وغيرها‪. ) .‬‬
‫وتوقفت فتوحات معاوية فى الفتنة الكبرى ‪ ،‬وحاول امبرطور بيزنطة إستغالل الموقف فهدده‬
‫معاوية ‪ ،‬يقول ابن كثير ‪ ( :‬فلما كان من أمره وأمر أمير المؤمنين علي ما كان لم يقع في‬
‫تلك األيام فتح بالكلية‪ ،‬ال على يديه وال على يدي علي‪ ،‬وطمع في معاوية ملك الروم بعد أن‬
‫كان قد أخشاه وأذله‪ ،‬وقهر جنده ودحرهم‪ .‬فلما رأى ملك الروم اشتغال معاوية بحرب علي‬
‫تدانى إلى بعض البالد في جنود عظيمة وطمع فيه‪ ،‬فكتب معاوية إليه‪ " :‬وهللا لئن لم تنته‬
‫وترجع إلى بالدك يا لعين ألصطلحن أنا وابن عمي عليك وألخرجنك من جميع بالدك‪،‬‬
‫وألضيقن عليك األرض بما رحبت‪!".‬فعند ذلك خاف ملك الروم وانكف وبعث يطلب الهدنة‪. .‬‬
‫‪ 9‬ــ وتولى معاوية الخالفة فأشعل ( الجهاد القرشى ) شرقا وغربا ‪ ،‬برا وبحرا ‪ ،‬مع حربه‬
‫الداخلية ضد الخوارج ‪ .‬يقول عنه ابن كثير ‪ ( :‬فلم يزل مستقالً باألمر في هذه المدة إلى هذه‬
‫السنة التي كانت فيها وفاته‪ ،‬والجهاد في بالد العدو قائم‪ ،‬وكلمة هللا عالية‪ .‬والغنائم ترد إليه‬
‫من أطراف األرض ‪ ( ) .‬قالوا‪ :‬وكان عام غزوة المضيق ‪ -‬يعني‪ :‬مضيق القسطنطينية ‪ -‬في‬
‫سنة ثنتين وثالثين في أيامه‪ ،‬وكان هو األمير على الناس عامئذ‪ .‬ثم قُتل علي‪ ،‬فاستقل‬
‫معاوية باألمر سنة إحدى وأربعين‪ ،‬وكان يغزو الروم في كل سنة مرتين‪ ،‬مرة في الصيف‬
‫ومرة في الشتاء‪ .. () ..‬لما قتل عثمان لم يكن للناس غازية تغزو‪ ،‬حتى كان عام الجماعة‬
‫شتُّوا بأرض الروم‪،‬‬ ‫فأغزا معاوية أرض الروم ست عشرة غزوة‪ ،‬تذهب سرية في الصيف ويُ َ‬
‫ثم تقفل وتعقبها أخرى‪ .‬وكان في جملة من أغزى ابنه يزيد ومعه خلق من الصحابة‪ ،‬فجاز‬
‫بهم الخليج‪ ،‬وقاتلوا أهل القسطنطينية على بابها‪ ،‬ثم قفل بهم راجعا ً إلى الشام‪ ،‬وكان آخر ما‬
‫أوصى به معاوية أن قال‪ :‬شد خناق الروم‪. )..‬‬
‫‪ 0‬ـ ونعطى بعض التفصيالت والتحليالت ‪:‬‬
‫أوال ‪:‬‬
‫الخليفة معاوية يتابع الحمالت فى الشتاء والصيف على غرار رحلتى الشتاء والصيف ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ عام ‪ : 92‬تقول الرواية البن األثير ‪ ( :‬في هذه السنة غزا المسلمون الالن وغزوا الروم‬
‫أيضا ً فهزموهم هزيمةً منكرة وقتلوا جماعة من بطارقتهم‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ عام ‪ ( : 93‬في هذه السنة غزا بسر بن أبي أرطأة الروم وشتا بأرضهم حتى بلغ‬
‫القسطنطينية ‪) ...‬‬
‫‪ 3‬ـ عام ‪ ( : 99‬في هذه السنة دخل المسلمون مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بالد الروم‬
‫وشتوا بها‪ ،‬وغزا بسر بن أبي أرطأة في البحر‪ ) .‬هنا جمع فى عام واحد بين الغزو البرى‬
‫والبحرى ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ عام ‪ ( : 91‬في هذه السنة كان مشتى مالك بن عبد هللا بأرض الروم‪ ،‬وقيل‪ :‬بل كان ذلك‬
‫عبد الرحمن بن خالد بن الوليد‪ ،‬وقيل‪ :‬بل كان مالك بن هبيرة السكوني‪.).‬‬
‫‪ 0‬ـ عام ‪ ( : 91‬في هذه السنة كان مشتى مالك بن هبيرة بأرض الروم‪ ،‬ومشتى عبد‬
‫الرحمن القيني بأنطاكية‪ ).‬حملتان فى عام واحد ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ عام ‪ ( : 94‬فيها كان مشتى مالك بن هبيرة بأرض الروم‪ .‬وفيها كانت غزوة فضالة ابن‬
‫عبيد حزة وشتا بها‪ ،‬وفتحت على يده‪ ،‬وأصاب فيها شيئا ً كثيرا ً‪ .‬وفيها كانت صائفة عبد هللا‬
‫بن كرز البجلي‪ .‬وفيها كانت غزوة يزيد بن شجرة الرهاوي في البحر فشتا بأهل الشام‪.‬‬
‫وفيها كانت غزوة عقبة بن نافع البحر فشتا بأهل مصر ‪ ).‬حمالت شتوية وصيفية وبرية‬
‫وبحرية ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ حصار القسطنطينية عام ‪ 94‬أو ‪ 05‬وأرغم معاوية ابنه يزيد على المشاركة فى هذا‬
‫الجهاد ( القرشى ) توطئة العداده للتوريث‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ عام ‪ ( : 05‬فيها كانت غزوة بسر بن أبي أرطأة وسفيان بن عوف األزدي أرض الروم‪،‬‬
‫وغزوة فضالة بن عبيد األنصاري في البحر‪ ).‬حملة بحرية وأخرى برية ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ عام ‪ ( : 07‬وفيها كان مشتى فضالة بن عبيد بأرض الروم‪ ،‬وغزوة بسر بن أبي أرطأة‬
‫الصائفة‪ ).‬حملة شتوية وأخرى صيفية ‪.‬‬
‫‪ 75‬ـ عام ‪ ( : 02‬فيها كانت غزوة سفيان بن عوف األسدي الروم وشتى بأرضهم‪ ،‬وتوفي‬
‫بها في قول‪ ،‬فاستخلف عبد هللا بن مسعدة الفزاري‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الذي شتى هذه السنة بأرض‬
‫الروم بسر بن أبي أرطأة ومعه سفيان بن عوف‪ ،‬وغزا الصائفة هذه السنة دمحم بن عبد هللا‬
‫الثقفي‪ ) .‬بسبب كثرة الحمالت وتعدد القادة يحدث الخلط فى الروايات ‪.‬‬
‫‪ 77‬ـ عام ‪ ( : 03‬فيها كان مشتى عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي بأرض الروم‪ .‬وفيها‬
‫فتحت رودس‪ ،‬جزيرة في البحر‪ ،‬فتحها جنادة بن أمية األزدي ونزلها المسلمون وهم على‬
‫حذر من الروم‪ ،‬وكانوا أشد شيء على الروم يعترضونهم في البحر فيأخذون سفنهم‪ ،‬وكان‬
‫معاوية يدر لهم العطاء‪ ،‬وكان العدو قد خافهم‪ ) .‬إمتدت الفتوحات البحرية الى جزيرة رودس‬
‫فى البحر المتوسط فى حصار ألوربا جنوبا باالضافة الى حصار البيزنطيين فى شرق البحر‬
‫المتوسط ‪ ،‬وتوالى حمالت الشتاء والصيف البرية عليهم ‪.‬‬
‫‪ 72‬ـ عام ‪ ( : 09‬ذكر غزوة الروم وفتح جزيرة أرواد‪ :‬فيها كان مشتى دمحم بن مالك بأرض‬
‫الروم‪ ،‬وصائفة معن بن يزيد السلمي‪.‬وفيها فتح المسلمون ومقدمهم جنادة بن أبي أمية‬
‫جزيرة أرواد قريب القسطنطينية‪ ،‬فأقاموا بها سبع سنين‪ ،‬وكان معهم مجاهد بن جبر‪ ،‬فلما‬
‫مات معاوية وولي ابنه يزيد أمرهم بالعود فعادوا‪. ).‬‬
‫‪ 73‬ــ عام ‪ ( : 01‬فيها كان مشتى جنادة بن أبي أمية بأرض الروم‪ ،‬وقيل‪ :‬عبد الرحمن ابن‬
‫مسعود‪ .‬وقيل‪ :‬غزا فيها في البحر يزيد بن شجرة‪ ،‬وفي البر عياض بن الحارث ‪) .‬‬
‫‪ 79‬ـ عام ‪ ( : 01‬فيها كان مشتى عبد هللا بن قيس بأرض الروم‪. ).‬‬
‫‪ 70‬ــ عام ‪ ( : 01‬في هذه السنة غزا مالك بن عبد هللا الخثعمي أرض الروم وعمرو بن‬
‫يزيد الجهني في البحر‪ ،‬وقيل‪ :‬جنادة بن أبي أمية‪) .‬‬
‫‪ 71‬ــ عام ‪ ( : 04‬في هذه السنة كان مشتى عمرو بن مرة الجهني بأرض الروم البر‪ ،‬وغزا‬
‫في البحر جندة بن أبي أمية‪ ،‬وقيل‪ :‬لم يكن في البحر غزوة هذه السنة‪ .‬وفيها غزا‬
‫المسلمون حصن كمخ ومعهم عمير بن الحباب السلمي‪ ،‬فصعد عمير السور ولم يزل يقاتل‬
‫عليه وحده حتى كشف الروم فصعد المسلمون‪ ،‬ففتحه بعمير‪ ،‬وبذلك كان يفتخر ويفخر له‬
‫بذلك‪) .‬‬
‫‪ 71‬ــ عام ‪ ( : 15‬في هذه السنة كانت غزوة مالك بن عبد هللا سورية ودخول جنادة‬
‫رودس وهدمه مدينتها في قول بعضهم وفيها توفي معاوية بن أبي سفيان‪) !. .‬‬
‫ويالحظ التقدم فى الحمالت البرية والفتوحات البحرية صيفا وشتاء نحو عاصمة البيزنطيين‬
‫نفسها ‪ :‬القسطنطينية ‪ ،‬أى نحن هنا أمام خطة يتم تنفيذها على مراحل لتدمير االمبراطورية‬
‫البيزنطية كما حدث مع االمبراطورية الكسروية وعاصمتها المدائن ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الجهاد القرشى مع الخارج ( دار الحرب ) ال يعوق القتال فى الداخل ( دار السلم )‬
‫‪ 7‬ـ فى هذا كله كان معاوية يواجه الخوارج ‪ .‬مثال فى عام ‪ ( : 92‬في هذه السنة غزا‬
‫المسلمون الالن وغزوا الروم أيضا ً فهزموهم هزيمةً منكرة وقتلوا جماعة من بطارقتهم‪).‬‬
‫‪ .‬وبعده فى أحداث نفس العام ‪. ( :‬ذكر الخبر عن تحرك الخوارج ) ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فى عام ‪ ( : 93‬في هذه السنة غزا بسر بن أبي أرطأة الروم وشتا بأرضهم حتى بلغ‬
‫القسطنطينية ‪ )..‬وبعده فى أحداث نفس العام ‪.. ( :‬ذكر مقتل المستورد الخارجي ) ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ عام ‪ ( : 02‬فيها كانت غزوة سفيان بن عوف األسدي الروم وشتى بأرضهم‪ ،‬وتوفي‬
‫بها في قول‪ ،‬فاستخلف عبد هللا بن مسعدة الفزاري‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الذي شتى هذه السنة بأرض‬
‫الروم بسر بن أبي أرطأة ومعه سفيان بن عوف‪ ،‬وغزا الصائفة هذه السنة دمحم بن عبد هللا‬
‫الثقفي‪ ) .‬وبعده فى أحداث نفس العام ‪. ( :‬ذكر خروج زياد بن خراش العجلي‪ ) :‬و ( ‪.‬ذكر‬
‫خروج معاذ الطائي‪.) :‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الوصول لمنبع التجارة الشرقية‬
‫هذه الحمالت البرية والبحرية فى آسيا الصغرى والبحر المتوسط واكبتها ـ فى خالفة معاوية‬
‫ـ حمالت أخرى إتجهت من الشرق اآلسيوى جنوبا الى الهند منبع التجارة الشرقية بعد‬
‫إخضاع أفغانستان وهى بوابة الهند ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ عام ‪ 93 :‬بدء فتح ما يعرف اآلن بأفغانستان ‪. ( :‬ذكر عود عبد الرحمن إلى والية‬
‫سجستان‪ :‬في هذه السنة استعمل عبد هللا بن عامر عبد الرحمن بن سمرة على سجستان‪،‬‬
‫فأتاها وعلى شرطته عباد بن الحصين الحبطي ومعه من األشراف عمرو بن عبيد هللا بن‬
‫معمر وغيره‪ ،‬فكان يغزو البلد قد كفر أهله فيفتحه‪ ،‬حتى بلغ كابل فحصرها أشهرا ً ونصب‬
‫عليها مجانيق فثلمت سورها ثلمةً عظيمة‪ ،‬فبات عليها عباد بن الحصين ليلةً يطاعن‬
‫المشركين حتى أصبح فلم يقدروا على سدها وخرجوا من الغد يقاتلون فهزمهم المسلمون‬
‫ودخلوا البلد عنوةً‪ ،‬ثم سار إلى بست ففتحها عنوةً‪ ،‬وسار إلى زران فهرب أهلها وغلب‬
‫عليها‪ ،‬ثم سار إلى خشك فصالحه أهلها‪ ،‬ثم أتى الرخج فقاتلوه فظفر بهم وفتحها‪ ،‬ثم سار‬
‫إلى زابلستان‪ ،‬وهي غزنة وأعمالها‪ ،‬فقاتله أهلها‪ ،‬وقد كانوا نكثوا‪ ،‬ففتحها‪ ،‬وعاد إلى كابل‬
‫وقد نكث أهلها ففتحها‪ ) .‬بعدها غزو الهند أو شمال الهند ‪ ،‬أو ( السند ) ‪ .‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫‪.‬ذكر غزوة السند‪ :‬استعمل عبد هللا بن عامر على ثغر الهند عبد هللا بن سوار العبدي‪ ،‬ويقال‬
‫واله معاوية من قبله‪ ،‬فغزا القيقان فأصاب مغنما ً ‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ عام ‪ 99‬غزو الهند ‪ ( : .‬ذكر غزو المهلب السند‪:‬وفيها غزا المهلب بن أبي صفرة‬
‫ثغر السند فأتى بنة واألهور‪ ،‬وهما بين الملتان وكابل‪ ،‬فلقيه العدو وقاتله‪ ،‬ولقي المهلب‬
‫ببالد القيقان ثماية عشر فارسا ً من الترك فقاتلوه فقتلوا جميعا ً ‪. ) .‬‬
‫رابعا ‪ :‬الجهاد القُرشى األموى فى سبيل السلطان وليس فى سبيل هللا جل وعال ‪:‬‬
‫سلطة ‪ .‬حرص فيه معاوية على‬ ‫‪ 7‬ـ كل هذا التعب فى سبيل ال ُملك والسلطان والثروة وال ُّ‬
‫إغراق الحسن بن على فى المال ـ وكان المفترض أن يلى الحسن الخالفة بعده ‪ .‬ولكن‬
‫سم بمؤامرة نفذتها زوجة الحسن نفسها ‪ ،‬وهى بنت األشعث بن‬ ‫سرعان ما قتله معاوية بال ّ‬
‫قيس ‪ .‬وكان الحسن بن على ُمدمنا للزواج ‪ ،‬يتزوج ويطلق ‪ .‬وفى نفس الفخ أغرق معاوية‬
‫الحسين فى األ موال ‪ ،‬بل أغرق ابن الزبير حتى يكبح طموحه وتآمره ‪ .‬رأى معاوية أن تعبه‬
‫فى الجهاد القرشى يجب أن يكون من نصيب ذريته ‪ ،‬وابنه يزيد ‪ .‬ليس هذا جهادا فى سبيل‬
‫رب العزة جل وعال ‪ .‬فالجهاد فى سبيله جل وعال هو ببذل النفس والمال دفاعا وليس‬
‫إعتداءا ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الطريف أن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد لمع نجمه ــ مبكرا ــ فى الجهاد القُرشى ضد‬
‫الروم ‪ ،‬وخشى معاوية أن يكون هذا خطرا على تخطيط معاوية فى التوريث ‪ ،‬فكان ال بد‬
‫من التخلص ــ مبكرا ــ من هذا البطل القرشى الذى بدأ يستعيد شُهرة أبيه ويكون منافسا‬
‫سم ‪ ،‬كما قتل من قبل‬‫لمعاوية كما كان أبوه من قبل وكانت الطريقة ال ُملى لمعاوية هى قتله بال ُّ‬
‫خالد بن الوليد واألشتر النخعى واألشعث بن قيس والحسن بن على ‪ .‬مات عبد الرحمن بن‬
‫سم ‪ .‬تقول الرواية عن أحداث عام ‪ ( : 91‬وفيها انصرف عبد‬ ‫خالد بن الوليد شابا ‪ ،‬بال ُّ‬
‫الرحمن بن خالد من بالد الروم إلى حمص ومات‪.).‬‬
‫وتستطرد الرواية تحت عنوان ‪. ( :‬ذكر وفاة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد‪ :‬وكان سبب‬
‫موته أنه كان قد عظم شأنه عند أهل الشام ومالوا إليه لما عندهم من آثار أبيه ولغنائه في‬
‫بالد الروم ولشدة بأسه‪ ،‬فخافه معاوية وخشي على نفسه منه ‪ ،‬وأمر ابن أثال النصراني أن‬
‫يحتال في قتله وضمن له أن يضع عنه خراجه ما عاش وأن يوليه جباية خراج حمص‪ .‬فلما‬
‫قدم عبد الرحمن من الروم دس إليه ابن أثال شربةً مسمومة مع بعض مماليكه‪ ،‬فشربها‪،‬‬
‫فمات بحمص‪ ،‬فوفى له معاوية بما ضمن له‪. ) .‬‬
‫طرفة ‪ ( :‬وقدم خالد بن عبد الرحمن بن خالد المدينة فجلس يوما ً‬‫ثم يذكر ابن األثير هذه ال ُ‬
‫إلى عروة بن الزبير‪ ،‬فقال له عروة ما فعل ابن أثال؟ فقام من عنده وسار إلى حمص فقتل‬
‫ابن أثال‪ ،‬فحمل إلى معاوية‪ ،‬فحبسه أياما ً ثم غرمه ديته‪ ،‬ورجع خالد إلى المدينة فأتى عروة‪،‬‬
‫فقال عروة‪ :‬ما فعل ابن أثال؟ فقال‪ :‬قد كفيتك ابن أثال‪ ،‬ولكن ما فعل ابن جرموز؟ يعني قاتل‬
‫الزبير‪ ،‬فسكت عروة‪.) .‬‬
‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬
‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخبِي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ إِاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫سبِي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫مسلمة بن عبد الملك نموذج للجهاد األموى ‪ :‬جهاد فى سبيل الشيطان‬

‫مقدمة‬
‫‪ 7‬ـ قلنا إن الجهاد األموى تحددت مسيرته فى خالفة معاوية بأنه ‪ ( :‬خارجيا ) ‪ :‬ضد‬
‫االمبراطورية البيزنطية ومعسكر الكفر والحرب ( غربا )‪ ،‬والتوسع ( شرقا ) للوصول الى‬
‫الهند منبع التجارة الشرقية ‪ .‬وأنه ‪ ( :‬داخليا ) ضد أى حركة معارضة للحكم األموى‪ .‬وكان‬
‫الخوارج هم المعارضة المسلحة ضد األمويين فى خالفة معاوية ‪ .‬على نفس المنهج سارت‬
‫الدولة األموية تحت حكم بنى مروان بن الحكم‪ .‬وكان األمير األموى مسلمة بن عبد الملك بن‬
‫مروان أبرز من طبّق هذا المنهج ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬لمحة عن مسلمة بن عبد الملك‬
‫‪ 7‬ـ كان مسلمة أفضل ابناء عبد الملك سياسيا وحربيا ‪،‬ووعلى فراش الموت أوصى عبد‬
‫الملك أوالده فقال ‪ ..( :‬وانظروا مسلمة فاصدروا عن رأيه فإنه نابكم الذي عنه تفترون‪،‬‬
‫ومجنكم الذي عنه ترمون‪ ، ) .‬ولكن لم يجرؤ عبد الملك على تعيينه لوالية العهد ألن أمه لم‬
‫تكن عربية حرة ‪ ،‬بل كانت من السبى ‪ ( ،‬الرومى غالبا ) ‪ ،‬وإذا ص ّح هذا فإن مسلمة كان‬
‫يحارب بضراوة أخواله البيزنطيين عالما بهذا ‪ ،‬وهذا يدخل فى موضوع العالقات االنسانية‬
‫التى جدّت على هامش الصراع الحربى بين المعسكرين‪ ،‬وتشمل األسرى والسبى والعالقات‬
‫االجتماعية ‪ ،‬وسنتوقف معها فى فصل خاص ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وكان مسلمة نعم الناصح األمين إلخوته الصغار من الخلفاء ‪ ..‬وقد كان إلي جانب يزيد‬
‫ثم هشام يشير عليهما ويقود الجيوش يحارب أعداء األمويين في الداخل والخارج‪ ،‬في‬
‫العراق حين قاتل يزيد بن المهلب الثائر علي األمويين وفي الشمال والشرق حين جاهد الروم‬
‫والخرز والترك واألرمن‪.‬وفي خالفة هشام كان الوالي علي الجزيرة وأرمينيا وأذربيجان إلي‬
‫أن عزله هشام وولي مكانه مروان بن دمحم سنة‪779‬هـ‬
‫ثانيا ‪ :‬غزوات مسلمة بن عبد الملك ضد البيزنطيين وتوسعه شرقا فى الطريق للهند‬
‫‪ 7‬ـ أقام الروم سالسل من الحصون والمدن الحربية فى آسيا الصغرى فى مناطق المواجهة‬
‫مع األمويين ‪ ،‬وحولها دارت المعارك التى برز فيها مسلمة بن عبد الملك ‪.‬‬
‫وأول غزوة غزاها مسلمة كانت سنة ‪ 11‬هـ في أرض الروم ‪ ،‬وقد فتح حصن بوق وحصن‬
‫األخرم ‪ ،‬واستمر مسلمة يغزو الروم في نفس العام ففتح حصن تولو وبحيرة الفرسان وبلغ‬
‫عسكره فلورنس وسوسنة في المعيصة‪ ،‬وسبي وأسر وأنهك الروم ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ولكى يتفرغ مسلمة بعض الوقت للتوسع العسكرى فى الشرق اآلسيوى وأواسط آسيا‬
‫فقد عزم على ان يؤهل ابن أخيه العباس ليتولى مكانه فى حرب الروم فى آسيا الصغرى ‪.‬‬
‫وفي سنة ‪11‬هـ قام بغزوتين ‪ ،‬في المرة األولي صحب ابن أخيه العباس بن الوليد بن عبد‬
‫الملك وربما خاف علي ابن أخيه الخليفة فاكتفي بالمرابطة في تطوانة ليدربه ‪ ،‬ولكنه في‬
‫المرة الثانية صحب معه ابن أخيه العباس ودخل في حرب ضارية مع الروم وفتح تطوانة‬
‫والحوصة وقتل من الروم خمسين ألفا‪.‬وبذلك أحسن مسلمة تدريب ابن أخيه العباس بن‬
‫الوليد بعد تلك التجربة ‪ .‬وقد شهد عام ‪11‬هـ غزوتين قام بهما مسلمة ومعه العباس ‪،‬‬
‫وهزم فيهما الروم وفي الغزوة الثانية فتح ثالثة حصون‪.‬‬
‫‪ 3‬ــ وكانت سنة ‪14‬هـ حافلة في سجل مسلمة الحربي ضد الروم ‪ ،‬كان ابن أخيه قد أصبح‬
‫كفؤا للقيادة ‪ ،‬فأوكل إليه مسلمة فتح اذروليه وهزم العباس بن الوليد جيش الروم بينما فتح‬
‫مسلمة حصن عمورية وهزم جيشا روميا عندها ‪ ،‬وفتح مدينتي هرقلة وقونية ‪ ،‬بينما كان‬
‫العباس بن الوليد يتوغل بجيشه من ناحية البندون‪.‬وبعد أن إطمأن مسلمة لكفاءة ابن أخيه‬
‫العباس فى مواجهة وهزيمة الروم فى األناضول وآسيا الصغرى فقد تحرك مسلمة فى نفس‬
‫العام بجيش قوي إلي ناحية الشرق اآلسيوى فهزم الترك في أذربيجان وفتح حصونا ومدائن‬
‫أضافها للدولة األموية‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ثم أصبح مسلمة يوزع وقته بين الشرق اآلسيوى و األناضول يحارب هنا وهناك ‪.‬‬
‫في سنة ‪ 45‬هـ عاد يغزو الروم فى آسيا الصغري فاستولي علي عدة قالع وحصون شمال‬
‫ديار بكر‪ ،‬وبلغ عدد الحصون التي استولي عليها في هذا العام خمسة حصون‪.‬‬
‫ثم عاد يغزو الشرق اآلسيوى في سنة‪ 47‬هـ ‪ ،‬حيث توجه مسلمة بجيش إلي أذربيجان‬
‫فوصل إلي بحرها وافتتح المدن والحصون المتاخمة لمدينة الباب في أرمينية‪.‬‬
‫وفي سنة‪42‬هـ عاود مسلمة غزو الروم ففتح ثالثة حصون وأجلي أهل سوسنة والروم‬
‫عنها وطردهم إلي بالدهم‪.‬‬
‫وفي سنة ‪43‬هـ غزا مسلمة الروم ففتح حصن الحديد وقلعة غزالة‪.‬‬
‫وفي سنة ‪49‬هـ جمع مسلمة بين الجهاد والحج فقد غزا أرض الروم ثم خرج من الروم‬
‫قاصدا الحج ومعه أعيان جيشه ثم عاد بعد الحج إلي الثغور حيث الجهاد‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 40‬هـ فتح مسلمة مدينة الباب في أرمينية ‪ ،‬وقد هدمها بسبب قوة ومناعة‬
‫حصونها التي أرهقت المسلمين ‪ ،‬ثم أعاد بناءها بنفسه بعد ذلك بتسعة أعوام‪.‬‬
‫وفي سنة ‪41‬هـ اتجه مسلمة إلي البيزنطيين فى آسيا الصغري ففتح مدينة الصغالية وقام‬
‫بغارة سريعة علي المنطقة القريبة من القسطنطينية فوقع في كمين وحاصره الروم بجيش‬
‫ضخم وكان جيش مسلمة أقل عددا ولكن استطاع مسلمة أن يهزم الروم وقائدهم برجان‬
‫ففرت أمامه جموع الروم‪.‬‬
‫وفي سنة ‪41‬هـ غزا مسلمة بعض الحصون الرومية واستطاع أن يفتح منها حصني الحديد‬
‫وسروا‪ ،‬وأقام الشتاء في ضواحي الروم‪.‬‬
‫وفي سنة‪41‬هـ كان حصاره لمدينة القسطنطينية‪ .‬وقد عرضنا لذلك ‪.‬‬
‫بعد حصار القسطنطينية تولي إمارة أرمينية وأذربيجان في خالفة أخيه هشام ‪.‬‬
‫وغزا سنة ‪751‬هـ قيسارية وفتحها عنوة ‪.‬‬
‫وفي سنة ‪751‬هـ غزا قيسونة وحصونها وانتشر جيشه في الجزء الذي لم يتم فتحه في‬
‫أذربيجان واستمرت غزواته ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬مسلمة يحارب فى الداخل أيضا‬
‫‪ 7‬ـ ضد بنى المهلب‬
‫إشتهر المهلب بن أبى صفرة األزدى ( اليمنى القحطانى ) أوال فى حرب الخوارج فى‬
‫المشرق فى الفتنة الكبرى الثانية ‪ ،‬ثم إنضم الى األمويين بعد مقتل ابن الزبير ‪ ،‬وقاد حروب‬
‫األمويين فى المشرق ‪ ،‬عينه الحجاج على خراسان عام ‪ ، 11‬وفتح بالد ما وراء النهر‪،‬‬
‫ومنها الصغد وخوارزم وجرجان وطبرستان ومات عام ‪ ، 12‬وإكتسب أبناؤه شهرة بعده‬
‫خصوصا يزيد بن المهلب ‪ .‬والمهلب ينتمى الى القبائل اليمنية وكان هناك تنافس بين قبائل (‬
‫مضر ) وقبائل اليمن ‪ ،‬وحرص عبد الملك بن مروان على التوازن بينهما وإستخدام‬
‫تنافسهما لصالحه ‪ .‬وبعد موت عبد الملك زاد نفوذ الحجاج وقبائل ُمضر ‪ ،‬وقام الحجاج‬
‫بسجن آل المهلب وتعذيبهم ‪ ،‬وهرب يزيد من السجن قبيل وفاة عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬خوفا‬
‫من أن يتولى يزيد بن عبد الملك الخالفة ‪ ،‬وكان بينهما عداء شخصى باالضافة الى أن يزيد‬
‫بن عبد الملك كان صهر الحجاج بن يوسف ‪ .‬ودخل يزيد بن المهلب البصرة وخلع يزيد بن‬
‫عبد الملك ‪ ،‬وأحرز يزيد بن المهلب إنتصارات جزئية وتجمع حوله اآلالف من األنصار ألنه‬
‫كان يوزع الذهب بينما كان الوالى األموى شحيحا بخيال ‪ .‬تحرك يزيد بن عبد الملك سريعا ‪،‬‬
‫تقول الرواية ‪ (:‬جهز أخاه مسلمة بن عبد الملك وابن أخيه العابس بن الوليد بن عبد الملك‬
‫في سبعين ألف مقاتل من أهل الشام والجزيرة‪ ،‬وقيل‪ :‬كانوا ثمانين ألفاً‪ ،‬فساروا إلى العراق‪.‬‬
‫‪ ..‬ولما سمع أصحاب بن المهلب وصول مسلمة وأهل والشام راعهم ذلك‪ ،‬فبلغ ابن المهلب‪،‬‬
‫فخطب الناس وقال‪ :‬قد رأيت أهل العسكر وخوفهم‪ ،‬يقولون‪ :‬جاء أهل الشام ومسلمة‪ ،‬موما‬
‫أهل الشام؟ هل هم إال تسعة أسياف‪ ،‬سبعة منها إلي وسيفان علي؟ وما مسلمة إال جرادة‬
‫صفراء‪ ،‬أتاكم في برابرة وجرامقة وجراجمة وأنباط وأبناء فالحين وأوباش وأخالط‪،‬‬
‫أوليسوا بشرا ً بألمون كما تألمون‪ ،‬وترجون من هللا ما ال يرجون؟ ) ودارت موقعة العقر عام‬
‫‪ ، 752‬وانهزم فيها ابن المهلب ‪ ،‬وتولى مسلمة بن عبد الملك العراق وخراسان ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ضد الخوارج ‪ ،‬قتل شوذب الخارجى عام ‪: 757‬‬
‫إلتزم الخوارج الهدوء فى خالفة عمر بن عبد العزيز بعد المناظرة التى قامت بينهما والتى‬
‫أدت الى قيام األمويين بإغتيال عمر بن عبد العزيز بالسم خوفا من تأثره بمنطق الخوارج‬
‫الرافض لتوارث العهد ‪ .‬ونقض والى الكوفة األموى الهدنة مع الخوارج فهزمه الخوارج‬
‫بزعامة شوذب ‪ ،‬وهزم الخوارج حمالت متفرقة لألمويين ‪ .‬ومع هذا لم يدخل الخوارج‬
‫الكوفة ‪ ،‬وظل مقامهم بجانبها مخيفا ألهل الكوفة فجاءهم مسلمة‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬وأقام‬
‫الخوارج بمكانهم حتى دخل مسلمة بن عبد الملك الكوفة‪ ،‬فشكا إليه أهل الكوفة مكان شوذب‬
‫وخوفوه منه‪ ،‬فأرسل إليه مسلمة سعيد بن عمرو الحرشي‪ ،‬وكان فارساً‪ ،‬في عشرة آالف‪،‬‬
‫فأتاه وهو بمكانه‪ ،‬فرأى شوذب وأصحابه ما ال قبل لهم به‪ ،‬فقال ألصحابه‪ :‬من كان يريد‬
‫الشهادة فقد جاءته‪ ،‬ومن كان يريد الدنيا فقد ذهبت‪ .‬فكسروا أغماد سيوفهم وحملوا فكشفوا‬
‫سعيدا ً وأصحابه مراراً حتى خاف سعيد الفضيحة‪ ،‬فوبخ أصحابه وقال‪ :‬من هذه الشرذمة ال‬
‫أب لكم تفرون! يا أهل الشام يوما ً كأيامكم! فحملوا عليهم فطحنوهم طحنا ً وقتلوا بسطاماً‪،‬‬
‫وهو شوذب‪ ،‬وأصحابه‪.) .‬‬
‫رابعا ‪ :‬إستمرار الجهاد األموى فى إتجاه الهند والصين ( منبع التجارة الشرقية ) ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ بعد آل المهلب قام قتيبة بن مسلم بمتابعة الجهاد األموى فى وسط آسيا الى أن وصل‬
‫تخوم الصين ‪ .‬تقول الرواية فى أحداث عام ‪. ( : 41‬ذكر فتح قتيبة مدينة كاشغر‪ :‬وفي هذه‬
‫السنة غزا قتيبة كاشغر‪ ،‬فسار وحمل مع الناس عياالتهم ليضعهم بسمرقند‪ ،‬فلما عبر النهر‬
‫استعمل رجالً على معبر النهر ليمنع من يرجع إال بجواز منه‪ ،‬ومضى إلى فرغانة وأرسل‬
‫عصام من يسهل الطريق إلى كاشغر وهي أدنى مدائن الصين وبعث جيشا ً مع كبير‬ ‫ٍ‬ ‫إلى شعب‬
‫بن فالن إلى كاشغر‪ ،‬فغنم وسبى سبياً‪ ،‬فختم أعناقهم وأوغل حتى بلغ قريب لصين‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى نفس العام ‪ 14‬الذى استولى فيه قتيبة على ( بخارى ) إستولى الشاب دمحم بن‬
‫القاسم الثقفى ابن عم الحجاج بن يوسف ـ على السند ‪ ،‬وقتل ملكهم ذاهر‪ .‬ثم توسع فى‬
‫الهند بعدها ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬فلما قتل ذاهر غلب دمحم على بالد السند وفتح مدينة "راور"‬
‫عنوةً‪ ،‬وكان بها امرأة لذاهر فخافت أن تؤخذ فأحرقت نفسها وجواريها وجميع مالها‪ .‬ثم‬
‫سار إلى " برهمناباذ " العتيقة ‪ ..‬وكان المنهزمون من الكفار بها‪ ،‬فقاتلوه ففتحها دمحم عنوةً‬
‫وقتل بها بشراً كثيراً وخربت‪ .‬وسار يريد "الرور" و " بغرور" فلقيه أهل "ساوندرى "‬
‫فطلبوا األمان فأعطاهم إياه واشترط عليهم ضيافة المسلمين‪ ،‬ثم أسلم أهلها بعد ذلك‪ .‬ثم تقدم‬
‫إلى " بسمد " وصالح أهلها‪ ،‬ووصل إلى " الرور" ‪ ،‬وهي من مدائن السند على جبل‪،‬‬
‫فحصرهم شهوراً فصالحوه‪ ،‬وسار إلى" السكة " ففتحها‪ ،‬ثم قطع نهر بياس إلى "الملتان‬
‫" فقاتله أهلها وانهزموا‪ ،‬فحصرهم دمحم فجاءه إنسان ودله على قطع الماء الذي يدخل‬
‫المدينة فقطعه‪ ،‬فعطشوا فألقوا بأيديهم ونزلوا على حكمه‪ ،‬فقتل المقاتلة وسبى الذرية وسدنة‬
‫البلد‪ ،‬وهم ستة آالف‪ ،‬وأصابوا ذهبا ً كثيراً‪ ،‬فجمع في بيت طوله عشرة أذرع وعرضه ثمانية‬
‫أذرع يلقى إليه من كوة في وسطه‪ ،‬فسميت الملتان فرج بيت الذهب‪ ،‬والفرج الثغر ‪ ..‬ونظر‬
‫الحجاج في النفقة على ذلك الثغر فكانت ستين ألف ألف درهم‪ ،‬ونظر في الذي حمل فكان‬
‫مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف‪ ،‬فقال‪ :‬ربحنا ستين ألفا ً‪.)..‬‬
‫ص السابق نفهم دين السنيين المعتدى ‪ ،‬فأصحاب البالد ال ُمسالمون الذين يتعرضون‬ ‫من النّ ّ‬
‫لإلعتداء هم الكفار ‪ ،‬أى إتهموهم بلكفر مسوغا الحتالل بالدهم وسلب أموالهم وسبى نسائهم‬
‫‪ .‬والمعتدون الكفار فى الحقيقة هم األمويون الذين جاءوا من الجزيرة العربية ليقتلوا‬
‫ويسلبوا وينهبوا ويسبوا ‪ .‬والمال هو االله األعظم لديهم ‪( :،‬ونظر الحجاج في النفقة على‬
‫ذلك الثغر فكانت ستين ألف ألف درهم‪ ،‬ونظر في الذي حمل فكان مائة ألف ألف وعشرين‬
‫ألف ألف‪ ،‬فقال‪ :‬ربحنا ستين ألفا ً‪ .)..‬والمحصلة هى كم أنفق الحجاج الثقفى اآلتى من‬
‫الجزيرة العربية على هذه الحملة على الهند ‪ ،‬وكم كسب ‪ ،‬وليس مهما عدد الضحايا من‬
‫القتلى والسبى ‪!!..‬‬
‫‪ 3‬ـ وألن المال هو المعبود األعظم لألمويين فى هذه الحرب التى جعلوها ( دار السالم‬
‫والسالم ضد دار الكفر والحرب ) فال بأس من قراءة هذه الرواية عن صاحبنا األمير مسلمة‬
‫ابن عبد الملك‪ .‬تحت عنوان ‪. ( :‬ذكر عزل مسلمة عن العراق وخراسان ووالية ابن هبيرة‪:‬‬
‫) تقول الرواية ‪ ( :‬وكان سبب ذلك أنه ولي العراق وخراسان‪ ،‬فلم يرفع من الخراج شيئاً‪،‬‬
‫واستحيا يزيد بن عبد الملك أن يعزله فكتب إليه‪ :‬استخلف على عملك وأقبل‪ . ) .‬رأى مسلمة‬
‫أن كل فتوحاته التى مألت خزائن أخيه يزيد بن عبد الملك لم يأخذ منها ما ينبغى له ‪،‬‬
‫فاستحوذ لنفسه على خراج نصف االمبراطورية ( العراق وخراسان ) ‪ .‬وألن المال هو‬
‫المعبود األعظم ‪ ،‬وألنهم ال يقاتلون فى سبيل هللا جل وعال بل فى سبيل الشيطان فإن الخليفة‬
‫الماجن ( يزيد بن عبد الملك صاحب سالمة وحبابة والذى ال يفيق من الخمر ) صحا وقرر‬
‫عزل مسلمة ‪.‬‬
‫ومات مسلمة عام ‪ ، 725‬ويقال عام ‪ . 727‬بعد أن قتل وسبى عشرات األلوف ‪..‬‬
‫‪ 9‬ـ وال تزال هذه الحرب الدينية مشتعلة بين الوهابية والغرب المسيحى ‪..‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫عمر بن عبد العزيز ‪ :‬فريد عصره ( عصر تقسيم العالم الى معسكرين )‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫‪ 7‬ـ وسط بحور الدماء فى الصراع بين ( العرب ) وغيرهم شرقا فى آسيا وغربا ( دار‬
‫الحرب ) ‪ ،‬وفى صراع األمويين مع خصومهم فى الداخل ( فى دار السالم ) ظهر على‬
‫السطح شخصية فذّة تثبت إمكانية االصالح ‪ .‬جاء عمر بن عبد العزيز ‪ :‬فريد عصره ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ هو فريد عصره ألنه من الصعب جدا القيام بإصالح وأنت قائد لقلعة تم تأسيسها على يد‬
‫الخلفاء الفاسقين أصحاب الفتوحات ‪ ،‬من عظام وأشالء ودماء مئات األلوف من البشر ‪ ،‬وتم‬
‫تسويغ ذلك بالدين ‪ ،‬فكيف يمكن بالدين أن تُصلح هرما من الظلم والبغى ؟ ثم إن هذا الهرم‬
‫كان متسقا مع ثقافة العصور الوسطى وجهالتها ‪ ،‬تلك الثقافة التى آمن بها أولئك الخلفاء‬
‫الفاسقون وبها تمكنوا من تغييب شريعة االسالم ‪ ،‬وإحالل شريعة العصور الوسطى تحت‬
‫إسم االسالم ‪.‬‬

‫من السهل على الفرد العادى المسئول عن نفسه تطبيق االسالم عقيدة وشريعة‪ .‬أن يطهر‬
‫قلبه من تقديس البشر ‪ ،‬ألن كل البشر يتبولون ويتغوطون ويبكون ويصرخون ويمرضون‬
‫ويموتون ‪ ،‬ومن السهل عليه أن يطبق االسالم سالما وإحسانا فى تعامله مع الناس ‪ ،‬بأن‬
‫يخاطب جانب الخير فى كل الناس ‪ ،‬وبأن يرد السيئة بالتى هى أحسن فإذا بخصمه يضطر‬
‫س ِّيئَةُ ا ْدفَ ْع ِباله ِتي ِه َ‬
‫ي‬ ‫سنَةُ َوال ال ه‬
‫ستَ ِوي ا ْل َح َ‬
‫ولى حميم ‪َ ( :‬وال تَ ْ‬ ‫الى أن يتراجع ويتصرف كأنه ّ‬
‫ي َح ِمي ٌم (‪ )39‬فصلت )‪ .‬ولكن من الصعب جدا أن‬ ‫َاوةٌ كَأَنههُ َو ِل ٌّ‬
‫عد َ‬ ‫أَحْ َ‬
‫س ُن فَ ِإذَا الهذِي بَ ْينَكَ َوبَ ْينَهُ َ‬
‫تقوم بإصالح قلعة تأسست من الظلم ‪ .‬هى معركة إنتحارية ‪ ،‬نتيجتها حاسمة ‪ ،‬أن القلعة‬
‫ستقتلك ‪ ،‬وتعود الى سيرتها األولى ‪ .‬هذا بإيجاز هى ملحمة هذا الرجل الرائع عمر بن عبد‬
‫العزيز ‪ ،‬الذى ظلموه فجعلوه خامس الخلفاء الراشدين ‪ ،‬وهو ال ينتمى اليهم ‪ ،‬فهم خلفاء‬
‫رواد البغى والظلم والفتوحات التى أسبغوا عليها إسم االسالم‬ ‫فاسقون ‪ ،‬بل أفظع ‪ ،‬ألنهم ّ‬
‫ظلما وزورا وفجورا ‪ .‬من الظلم وضع عمر بن عبد العزيز مع أولئك الخلفاء الفاسقين ‪ ،‬ال‬
‫فارق بين الراشدين أو األمويين ‪ .‬لذا فهو فريد عصره ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تنقية الروايات المكتوبة فى ( سيرة عمر بن عبد العزيز ) عمل علمى ثقيل ولذيذ ‪،‬‬
‫فالروايات عنه تكاثرت بمرور القرون ‪ ،‬وفيها الخيالى وفيها الواقعى ‪ ،‬وفيها التضارب ‪،‬‬
‫وفيها خرافات العلم بالغيب ‪ ،‬وفيها المبالغات ‪ ،‬وفيها ما يتفق مع ثقافة العصر ‪ .‬شخصية‬
‫عمر بن عبد العزيز المتفردة ـ والتى لم يسبقها أحد ولم يلحقها أحد ـ كانت ُمغرية للقُصّاص‬
‫وللوعّاظ فى العصر العباسى ‪ ،‬وهو عصر التدوين ‪ ،‬فالذى يريد االحتجاج على ظلم الخلفاء‬ ‫ُ‬
‫العباسيين فى عصره يؤلف قصة عن عمر بن عبد العزيز تخاطب الخليفة الظالم وتعظه ‪،‬‬
‫وتقول له بطريق غير مباشر ‪( :‬إنك أيها الخليفة العباسى الهاشمى لم تصل الى عدل ذلك‬
‫الخليفة األموى )‪ .‬ووصلت جاذبية عمر بن عبد العزيز الى فقهاء العصر العباسى ‪ ،‬فنسبوا‬
‫له أقواال فى مسائل فقهية لم تكن متداولة أو حتى لم تكن معروفة فى العصر األموى ‪ ،‬ولم‬
‫يكن لديه متسع من الوقت ــ فى حكمه القصير ووسط مسئولياته الضخمة ــ أن يتحدث‬
‫فيها‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ لسنا هنا فى معرض التفصيل ‪ ،‬ولكن نستشهد ببعض الروايات الكاذبة التى ذكرها ابن‬
‫سعد فى الطبقات الكبرى فى ترجمته لعمر بن عبد العزيز ‪ ( :‬قال عمر بن الخطاب ليت‬
‫شعري من ذو الشين من ولدي الذي يملؤها عدال كما ملئت جورا ) ( قال رايت في المنام‬
‫رجال قاعدا عن يمينه رجل وعن شماله رجل اذ اقبل عمر بن عبد العزيز فاراد ان يجلس‬
‫بين الذي عن يمينه وبينه قال فلصق بصاحبه فدار فاراد ان يجلس بينه وبين الذي عن‬
‫يساره فلصق به فجذبه االوسط فاقعده في حجره قال قلت من هذا قالوا هذا رسول هللا وهذا‬
‫ابو بكر وهذا عمر ) ( كنت اسمع بن عمر كثيرا يقول ليت شعري من هذا الذي من ولد‬
‫عمر في وجهه عالمة يمال االرض عدال ) ( قال ابن عمر انا كنا نتحدث ان هذا االمر ال‬
‫ينقضي حتى يلي هذه االمة رجل من ولد عمر يسير فيها بسيرة عمر بوجهه شامة قال حتى‬
‫جاء هللا بعمر بن عبد العزيز وامه ام عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب قال يزيد ضربته‬
‫دابة من دواب ابيه فشجته قال فجعل ابوه يمسح الدم ويقول سعدت ان كنت اشج بني امية ‪.‬‬
‫) ( قال سمعت سعيد بن المسيب وساله رجل فقال له يا ابا دمحم من المهدي فقال له سعيد‬
‫ادخلت دار مروان قال ال قال فادخل دار مروان تر المهدي قال فاذن عمر بن عبد العزيز‬
‫للناس فانطلق الرجل حتى دخل دار مروان فراى االمير والناس مجتمعين ثم رجع الى سعيد‬
‫بن المسيب فقال يا ابا دمحم دخلت دار مروان فلم ار احدا اقول هذا المهدي فقال له سعيد بن‬
‫المسيب وانا اسمع هل رايت االشج عمر بن عبد العزيز القاعد على السرير قال نعم قال فهو‬
‫المهدي ) ( سمعت دمحم بن علي يقول النبي منا والمهدي من بني عبد شمس وال نعلمه اال‬
‫عمر بن عبد العزيز ) ( قال قلت لدمحم بن علي ان الناس يزعمون ان فيكم مهديا فقال ان‬
‫ذاك كذاك ولكنه من بني عبد شمس قال كانه عنى عمر بن عبد العزيز ) ( حدثنا مالك بن‬
‫دينار قال لما استعمل عمر بن عبد العزيز على الناس قالت رعاء الشاء في رؤوس الجبال‬
‫من هذا العبد الصالح الذي قام على الناس قيل لهم وما علمكم بذاك قالوا انه اذا قام على‬
‫الناس خليفة عدل كفت الذئاب عن شائنا ) ( راع كان لدمحم بن ابي عيينة قال كنا نرعى‬
‫الشاء بكرمان في خالفة عمر بن عبد العزيز فكانت الشاء والذئاب والوحش ترعى في‬
‫موضع واحد فبينا نحن ذات ليلة اذ عرض الذئب لشاة فقلنا ما ارى الرجل الصالح اال قد هلك‬
‫) ( قالت فاطمة بنت عبد الملك‪ ،‬رحمها هللا‪ ،‬امرأة عمر‪ :‬لما مرض عمر اشتد قلقه ليلة‪،‬‬
‫فسهرنا معه‪ ،‬فلما أصبحنا أمرت وصيفا ً له يقال له مرثد ليكون عنده‪ ،‬فإن كانت له حاجة‬
‫كنت قريبا ً منه‪ ،‬ثم نمنا‪ ،‬فلما انتفخ النهار استيقظت فتوجهت إليه فرأيت مرثدا ً خارجا ً من‬
‫البيت نائماً‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما أخرجك؟ قال‪ :‬هو أخرجني‪ ،‬وقال لي‪ :‬إني أرى شيئا ً ما هو بإنس‬
‫وال جن‪ ،‬فخرجت فسمعته يتلو{ ‪:‬تلك الدار اآلخرة نجعلها للذين ال يريدون علوا ً في األرض‬
‫وال فسادا ً والعاقبة للمتقين }القصص‪ .13 :‬قالت‪ :‬فدخلت فوجدته بعدما دخلت قد وجه نفسه‬
‫للقبلة وهو ميت‪ ( ) .‬بينما نحن نسوي التراب على قبر عمر بن عبد العزيز اذ سقط علينا‬
‫رق من السماء فيه مكتوب بسم ميحرلا نمحرلا هللا امان من هللا لعمر بن عبد العزيز من النار ‪.‬‬
‫)‪.‬‬

‫أوال ـ كيف وصل هذا الرجل المتفرد الى العرش األموى ؟‬

‫‪ 7‬ـ كان مستحيال أن يلى الخالفة شخص خارج أبناء عبد الملك بن مروان ‪ .‬عبد الملك هذا‬
‫بجبروته قتل عمرو بن سعيد األشدق لكى يجعل الخالفة فى أوالده ‪ ،‬ولنفس السبب كان على‬
‫وشك التخلص من اخيه عبد العزيز ‪ .‬فكيف يصل ( عمر بن عبد العزيز بن مروان ) للحكم‬
‫فى وجود أبناء عبد الملك ؟ والذى لم يصل اليه مسلمة ‪ ،‬وهو أنجب أبناء عبد الملك ‪.‬؟!‪..‬‬
‫الجواب فى الخليفة سليمان بن عبد الملك ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ وقف عمر بن عبد العزيز ضد ابن عمه الخليفة الوليد بن عبد الملك حين أراد خلع أخيه‬
‫سليمان من والية العهد ‪ ،‬وتعرض عمر لألذى والسجن بسبب موقفه هذا ‪ .‬وكان الوليد قد‬
‫حاول إرغام سليمان على التنزل فرفض ‪ ،‬وأيّد الوالة األقوياء خلع سليمان ‪ ،‬وأهمهم الحجاج‬
‫بن يوسف وآله ‪ ،‬وقتيبة بن مسلم الباهلى الفاتح فى تخوم الصين ‪ ،‬وعبد العزيز بن موسى‬
‫بن نصير الذى و ّطد حكم األمويين فى االندلس ‪ .‬بعد أن إستوثق الخليفة الوليد من تأييد كبار‬
‫دولته أرسل الى سليمان ليأتيه ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬فكتب الوليد إلى سليمان يأمره بالقدوم‬
‫عليه‪ ،‬فأبطأ‪ ،‬فعزم الوليد على المسير إليه ليخلعه ‪..‬فمات قبل أن يسير إليه‪ .) .‬وعن موت‬
‫الوليد المفاجىء وتولية سليمان تقول الرواية عن أحداث عام ‪ ( : 41‬وفي هذه السنة بويع‬
‫سليمان بن عبد الملك في اليوم الذي توفي فيه الوليد وهو بالرملة‪. ).‬‬

‫‪ 3‬ـ البالط األموى تخصص فى فنون التآمر من عهد معاوية ‪ ،‬وكان التخلص من الخصوم‬
‫سم وغيره ايسر وسيلة ‪ ،‬ووصل هذا الى داخل البيت األموى نفسه ‪ ،‬بقتل معاوية الثانى‬‫بال ُّ‬
‫‪ ،‬ثم بقتل مروان بن الحكم ‪ ،‬وبهذا مات فجأة الخليفة الوليد ‪ ،‬وهو على وشك عزل أخيه‬
‫سليمان ‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ سليمان بن عبد الملك كان عريقا فى التآمر ‪ ،‬وكان حقودا محبا لإلنتقام ‪ ،‬وبينما كافأ ابن‬
‫عمه عمر بن عبد العزيز فإنه إفتتح خالفته باالنتقام من الوالة الذين أيدوا خلعه ‪ .‬ونجا‬
‫الحجاج من إنتقامه ‪ ،‬إذ مات قبل أن يتولى سليمان الحكم ‪ ،‬فلم يجد سليمان وسيلة سوى‬
‫االنتقام من آل الحجاج ‪ ،‬فسلّط عليهم خصومهم من آل المهلب ‪ .‬تقول الرواية عن عام ‪41‬‬
‫أول حكم سليمان بن عبد الملك ‪( :‬وفيها عزل سليمان يزيد بن أبي مسلم عن العراق‬
‫واستعمل يزيد بن المهلب ‪ ،‬وجعل صالح بن عبد الرحمن على الخراج ‪ ،‬وأمره بقتل بني‬
‫عقيل وبسط العذاب عليهم وهم أهل الحجاج‪ ،‬فكان يعذبهم ويلي عذابهم عبد الملك بن‬
‫المهلب )‪ .‬ووصل إنتقامه الى أقصى الشرق فقتل ــ بمؤامرة ـ قتيبة بن مسلم أكبر قائد‬
‫فى أقصى الشرق عام ‪ . 41‬وقتل عبد العزيز بن موسى بن نصير فى األندلس فى أقصى‬
‫الغرب عام ‪. 41‬‬

‫‪ 0‬ـ وسليمان بن عبد الملك ـ فى عراقته بالتآمر ـ إكتشف حركة الشيعة الكيسانية السرية ‪،‬‬
‫وإستدعى أبا هاشم عبد هللا بن دمحم بن الحنفية ( حفيد على بن أبى طالب ) و ( أكرمه وقضى‬
‫حوائجه ) ثم وضع له فى الطريق (من وقف على طريقه فس ّمه في لبن‪ . ) .‬ولما أحس‬
‫سم وأيقن موته سار الى ابن عمه ( دمحم بن على بن عبد هللا بن عباس ) وأفضى‬ ‫أبوهاشم بال ّ‬
‫اليه بأسرار التنظيم العنقودى ‪ ،‬وكلفه بتولى أمره ‪ .‬وهذا التنظيم العنقودى الذى كان يدعو‬
‫سرا الى ( الرضى من آل دمحم) هو الذى تمكن فى النهاية من إسقاط الدولة األموية ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ودفع سليمان الثمن مبكرا ‪ .‬فى عام ‪ ، 41‬تقول الرواية ‪ ( :‬بايع سليمان إلبنه أيوب‬
‫بوالية العهد‪ ،‬فمات أيوب قبل أبيه ) ‪ .‬مات هذا الشاب مبكرا ‪ ،‬ثم ما لبث أن لحقه أبوه‬
‫الخليفة سليمان عام ‪ ، 44‬تقول الرواية ‪( :‬في هذه السنة توفي سليمان بن عبد الملك بن‬
‫مروان لعشر بقين من صفر‪ ،‬فكانت خالفته سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام‪ ،...‬فتكون‬
‫سم الذى سقاه لضحاياه‪ ،‬فكان إنتقامه‬ ‫أحس بال ُّ‬
‫ّ‬ ‫واليته سنتين وثمانية أشهر إال خمسة أيام ) ‪.‬‬
‫األخير بأن يجعل ولى عهده (عمر بن عبد العزيز)‪ .‬وبهذا تولى عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬وتحقق‬
‫المستحيل ‪!!.‬‬

‫‪ 1‬ـ وحاول عمر بن عبد العزيز تحقيق مستحيل آخر ‪ ،‬هو إصالح قلعة الظلم التى أسسها‬
‫سم عام ‪ ، 757‬تقول الرواية ‪:‬‬ ‫الخلفاء الفاسقون ‪ ،‬فلقى عمر بن عبد العزيز حتفه أيضا بال ّ‬
‫( توفي عمر بن عبد العزيز في رجب سنة إحدى ومائة‪ ( ) ..‬مات عمر بن عبد العزيز‬
‫لعشر ليال بقين من رجب سنة احدى ومائة وهو ابن تسع وثالثين سنة واشهر وكانت‬
‫خالفته سنتين وخمسة اشهر ‪ . ) .‬كانت خالفة سليمان سنتين وثمانية أشهر إال خمسة أيام )‬
‫‪.‬وكانت خالفة عمر بن عبد العزيز (سنتين وخمسة اشهر ) ‪ ،‬وكالهما مات فى شبابه‬
‫‪..‬مسموما ‪..‬‬

‫ثانيا ‪ :‬عمر بن عبد العزيز فى خالفته ‪:‬‬

‫‪ 7‬ـ وضع منهاجه السياسى فى أول خطبة له قالها فى عبارات قصيرة واضحة ‪ ،‬تقول‬
‫الرواية ‪ ( :‬خرج الى المسجد فصعد المنبر فحمد هللا واثنى عليه ثم قال اما بعد فانه ليس‬
‫بعد نبيكم نبي ‪ ،‬وال بعد الكتاب الذي انزل عليه كتاب ‪ .‬اال ان ما احل هللا حالل الى يوم‬
‫القيامة وما حرم هللا حرام الى يوم القيامة ‪ .‬اال اني لست بقاض ولكني منفذ ‪ .‬اال اني لست‬
‫بمبتدع ولكني متبع ‪ .‬اال انه ليس الحد ان يطاع في معصية هللا ‪ .‬اال اني لست بخيركم ‪،‬‬
‫ولكني رجل منكم ‪ ،‬غير ان هللا جعلني اثقلكم حمال ) ‪ .‬لم يكن وقتها كالم عن مصدر آخر‬
‫غير القرآن الكريم ‪ ،‬هذا من الناحية الدينية ‪ ،‬أما من من الناحية السياسية االسالمية فال‬
‫طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ‪ .‬وأكد على ذلك ‪ ( :‬قام في مسجد دمشق ثم نادى باعلى‬
‫صوته ‪ :‬ال طاعة لنا في معصية هللا )‪.‬وأرسل كتابا بنسخة واحدة لكل الوالة ‪ .‬وبدأ مبكرا‬
‫بتطبيق العدل والسالم ‪:‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العدل‬

‫‪ 7‬ـ كتب عمر إلى والى الكوفة ‪ ( :‬أما بعد فإن أهل الكوفة قد أصابهم بالء وشدة وجور في‬
‫أحكام هللا وسنة خبيثة سنها عليهم عمال السوء‪ ،‬وإن قوام الدين العدل واإلحسان ‪ ) ..‬ومنع‬
‫أشكاال من الضرائب ‪ :‬فقال ‪ ( :‬وال تأخذن أجور الضرابين وال هدية النوروز والمهرجان‬
‫وال ثمن الصحف‪ ،‬وال أجور الفتوح وال أجور البيوت‪ ،‬وال درهم النكاح‪ ،‬وال خراج على من‬
‫أسلم من أهل األرض ‪ ) ..‬الى أن قال له ‪ ..( :‬وال تعجل بقطع وال صلب حتى تراجعني فيه‬
‫‪ ، )..‬كان للوالى األموى قتل من يشاء أخذا بسنة زياد وابن زياد والحجاج ‪ .‬فمنع ذلك عمر‬
‫بن عبد العزيز ‪.‬‬
‫وكتب الى والى المدينة بالمساواة بين األمويين وبقية الناس ‪ .. ( :‬وال يكن احد من الناس‬
‫اثر عندك من احد ‪ ،‬وال تقولن هؤالء من اهل بيت امير المؤمنين ‪ ،‬فان اهل بيت امير‬
‫المؤمنين وغيرهم عندي اليوم سواء‪ .‬بل انا احرى ان اظن باهل بيت امير المؤمنين انهم‬
‫يقهرون من نازعهم‪.) .‬‬
‫‪ 2‬ـ واستبشر أهل البالد المفتوحة خيرا ‪ .‬قال أهل سمرقند للوالى سليمان بن السرى ‪( :‬‬
‫قتيبة ظلمنا وغدر بنا فأخذ بالدنا‪ ،‬وقد أظهر هللا العدل واإلنصاف فأذن لنا فليقدم منا وفد‬
‫على أمير المؤمنين‪ .‬فأذن لهم‪ ،‬فوجهوا وفداً إلى عمر‪ ) .‬وقابل الوفد الخليفة عمر ‪ ،‬فكتب‬
‫عمر إلى سليمان‪ ( :‬إن أهل سمرقند شكوا ظلما ً وتحامالً من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من‬
‫أرضهم‪ ،‬فإذا أتاك كتابي فأجلس لهم القاضي فلينظر في أمرهم‪ ،‬فإن قضى لهم فأخرج العرب‬
‫إلى معسكرهم كما كانوا قبل أن يظهر عليهم قتيبة‪ ) .‬وحكم القاضى بخروج عرب سمرقند‬
‫الى معسكرهم ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وتوافدت الوفود من البالد على دمشق ترجو االنصاف ‪ ،‬فكان ينصفهم ويقول لهم ‪( :‬‬
‫الحقوا ببالدكم فاني اذكركم امصاركم وانساكم عندي اال من ظلمه عامل فليس عليه مني اذن‬
‫فلياتني ) ‪ ،‬وظل هذا التوافد الى آخر عهده ‪ ،‬ففى آخر خطبة قال للناس ‪ ( :‬ايها الناس‬
‫الحقوا ببالدكم فاني اذكركم في بالدكم وانساكم عندي ‪ .‬اال واني قد استعملت عليكم رجاال ال‬
‫اقول هم خياركم ولكنهم خير ممن هو شر منهم ‪ ،‬فمن ظلمه عامله بمظلمة فال اذن له علي)‬
‫أى أن يأتى ويدخل بال إستئذان ‪.‬‬

‫‪ 9‬ــ وتقول الرواية ‪ ( :‬لما ولي عمر بن عبد العزيز وضع المكس عن كل ارض ووضع‬
‫الجزية عن كل مسلم ) كان األمويون يأخذون الجزية من أهل البالد المفتوحة حتى من أسلم‬
‫منهم ‪ ،‬فمنع ذلك ‪ ،‬وكتب اليه ابن شريح والى مصر ‪ ( :‬ان اهل الذمة قد اسرعوا في‬
‫االسالم وكسروا الجزية ‪ ،‬فكتب اليه عمر اما بعد فان هللا بعث دمحما داعيا ولم يبعثه جابيا‬
‫فاذا اتاك كتابي هذا فان كان من اهل الذمة اسرعوا في االسالم وكسروا الجزية فاطو كتابك‬
‫واقبل ) أى عزله ‪ .‬ورفض عمر إمتحان من أسلم بالختان ‪ ،‬وقال ‪ ( :‬انا اردهم عن االسالم‬
‫بالختان ؟ ‪ ..‬لو اسلموا فحسن اسالمهم كانوا الى الطهرة اسرع ‪ ..‬فاسلم على يده نحو من‬
‫اربعة االف )‪ .‬وولى على شمال أفريقيا ( إسماعيل بن عبد هللا ‪ ،..‬وكان حسن السيرة‪،‬‬
‫فاسلم البربر في أيامه جميعهم‪) .‬‬
‫ثالثا ‪ :‬رد المظالم ‪:‬‬

‫إستأثر بنو أمية بالضياع ‪ ،‬وإغتصبوا األموال والعقارات من أصحابها ‪ ،‬ولتحقيق العدل كان‬
‫التحدى األكبر فى إرجاع هذا كله الى بيت المال سواء كان مسلوبا فى عهد معاوية أو بعده‬
‫‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ وبدأ عمر بنفسه وزوجته بمجرد بيعته ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬فلما استقرت البيعة لعمر بن‬
‫عبد العزيز قال ألمرأته فاطمة بنت عبد الملك‪ :‬أن أردت صحبتي فردي ما معك من مال‬
‫وحلى وجوهر إلى بيت مال المسلمين فإنه لهم‪ ،‬فإني ال أجتمع أنا وأنت وهو في بيت واحد‪.‬‬
‫فرددته جميعه‪ ( ).‬ان عمر بن عبد العزيز لما استخلف نظر الى ما كان له من عبد والى‬
‫لباسه وعطره واشياء من الفضول فباع كل ما كان به عنه غنى فبلغ ثالثة وعشرين الف‬
‫دينار فجعله في السبيل ) ( لما رد عمر بن عبد العزيز المظالم قال انه لينبغي ان ال ابدا‬
‫باول من نفسي فنظر الى ما في يديه من ارض او متاع فخرج منه حتى نظر الى فص خاتم‬
‫فقال هذا مما كان الوليد بن عبد الملك اعطانيه مما جاءه من ارض المغرب فخرج منه )‬
‫(رايت عمر بن عبد العزيز بدا باهل بيته فرد ما كان بايديهم من المظالم ‪ ،‬ثم فعل بالناس‬
‫بعد ‪).‬‬

‫‪ 2‬ـ وشمل هذا كل المظالم القديم منها والحديث ‪ ( :‬ما زال عمر بن عبد العزيز يرد المظالم‬
‫من لدن معاوية الى ان استخلف‪ ،‬اخرج من ايدي ورثة معاوية ويزيد بن معاوية حقوقا ‪).‬‬
‫وشمل هذا كل الواليات ‪ ( :‬كتب الينا عمر بن عبد العزيز بالعراق في رد المظالم الى اهلها‬
‫فرددناها )‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ولم يكن المظلوم محتاجا إلثبات قاطع ‪ ( :‬وكان عمر يرد المظالم الى اهلها بغير البينة‬
‫القاطعة كان يكتفي بايسر ذلك اذا عرف وجها من مظلمة الرجل ردها عليه ولم يكلفه تحقيق‬
‫البينة لما كان يعرف من غشم الوالة ) ‪.‬‬

‫‪ 9‬ــ وإذا مات صاحب الحق يعطيه لورثته سواء كان صاحب الحق مسلما أو غير مسلم ‪،‬‬
‫فكتب الى والى المدينة ‪ ( :‬ان استبرىء الدواوين فانظر الى كل جور جاره من قبلي من‬
‫حق مسلم او معاهد فرده عليه فان كان اهل تلك المظلمة قد ماتوا فادفعه الى ورثتهم )‪،‬‬
‫واستمر يعيد الحقوق ألصحابها الى أن مات ‪ ( :‬ما زال عمر بن عبد العزيز يرد المظالم منذ‬
‫يوم استخلف الى يوم مات )‪,‬‬

‫‪ 0‬ـ هذا باالضافة الى إصالحات فى احوال المساجين وبناء خانات ألبناء السبيل ‪ ،‬وترك سب‬
‫( علي بن ابى طالب ) على المنابر ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬السالم ووقف الحروب ‪:‬‬

‫‪ 7‬ـ بدأ خالفته بعودة جيش مسلمة الذى كان يحاصر القسطنطينة ‪ ،‬وأن ينسحب من أرض‬
‫الروم ‪.‬وأمر أهل طرندة بالقفول عنها إلى ملطية‪ .‬وكانت طرندة تتبع الروم ‪ ،‬وقد استولى‬
‫عليها األمويون وأسكنوها مقاتلين عام ‪ ، 13‬فأمرهم عمر بن عبد العزيز باالنسحاب منها ‪.‬‬
‫أى أوقف الحرب بين ( دار السالم ضد دار الحرب ) ‪.‬‬
‫ونفس الحال فى الشرق ‪ ،‬أوقف الحروب هناك ‪ ،‬و ( كتب عمر بن عبد العزيز إلى ملوك‬
‫السند يدعوهم إلى اإلسالم على أن يملكهم بالدهم ولهم ما للمسلمين وعليهم ما على‬
‫المسلمين‪ ،‬وقد كانت سيرته بلغتهم‪ ،‬فأسلم جيشه بن ذاهر‪ ،‬والملوك تسموا له بأسماء‬
‫العرب‪ .. .‬وبقي ملوك السند مسلمين على بالدهم أيام عمر ويزيد ابن عبد الملك‪ ،‬فلما كان‬
‫أيام هشام ارتدوا عن اإلسالم )‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وهو إختيار للسالم قائم على القوة ‪ ،‬وليس الضعف ‪ ،‬وعندما أغار ( الترك على‬
‫أذربيجان فقتلوا من المسلمين جماعة‪ ،‬فوجه عمر حاتم بن النعمان الباهلي فقتل أولئك الترك‬
‫ولم يفلت منهم إال اليسير‪ ،‬وقدم على عمر منهم بخمسن أسيراً )‬
‫رابعا ‪ :‬مع األمويين‬

‫‪ 7‬ـ إعترضوا فهددهم بالتنازل عن الخالفة وأن يُرجعها شورى ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬جاء بنو‬
‫مروان الى عمر فقالوا انك قصرت بنا عما كان بنا من قبلك وعاتبوه‪ ،‬فقال ‪ :‬لئن عدتم لمثل‬
‫هذا المجلس الشدن ركابي ثم القدمن المدينة والجعلنها او اصيرها شورى ) ‪ ..‬ووسطوا‬
‫عمته فلم تنجح وساطتها عنده ‪ .‬وكان أحيانا يهددهم بالقتل ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬اتى عمر‬
‫بن عبد العزيز كتاب من بعض بني مروان فاغضبه فاستشاط غضبا ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬ان هلل في‬
‫بني مروان ذبحا وايم هللا لئن كان ذاك الذبح على يدي ‪ .. ".‬فلما بلغهم ذلك كفوا ‪ ،‬وكانوا‬
‫يعلمون صرامته وانه إذا وقع في امر مضى فيه )‪.‬‬

‫‪ 2‬ــ وواقع األمر أنه كان يتحاشى أن يلجأ الى سفك الدماء ‪ .‬وقد طلب منه ابنه عبد الملك‬
‫أن يقيم العدل بالقوة ‪ ،‬فقال له ‪ ( :‬يا بني إن بادهت الناس بما تقول أحوجوني إلى السيف ‪،‬‬
‫وال خير في خير ال يحيا إال بالسيف ‪!.).‬‬

‫أخيرا ‪ :‬سبب قتل عمر بن عبد العزيز‬

‫‪ 7‬ـ خرج شوذب الخارجي ‪ ،‬وأمر عمر بعدم التعرض له طالما لم يسفكوا دما ‪ ، ،‬ودعاه‬
‫عمر الى المناظرة وكتب له ‪ :‬بلغني أنك خرجت غضبا ً هلل ولرسوله ولست أولى بذلك مني‪،‬‬
‫فهلم إلي أناظرك‪ ،‬فإن كان الحق بأيدينا دخلت فيما دخل الناس‪ ،‬وإن كان في يدك نظرنا في‬
‫أمرك‪.‬فكتب بسطام إلى عمر‪ :‬قد أنصفت وقد بعثت إليك رجلين يدارسانك ويناظرنك‪.).‬‬

‫‪ 2‬ـ وقد أفحمهما عمر فى البداية ‪ ،‬إال إنه عجز عن الرد حين حاججوه فى والية يزيد بن‬
‫عبد الملك بعده بال شورى من المسلمين ‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬قال اليشكري‪ :‬أرأيت رجالً ولي‬
‫قوما ً وأموالهم فعدل فيها ثم صيرها بعده إلى رجل غير مأمون‪ ،‬أتراه أدى الحق الذي يلزمه‬
‫هلل‪ ،‬عز وجل‪ ،‬أو تراه قد سلم؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬أفتسلم هذا األمر إلى يزيد من بعدك وأنت تعرف‬
‫أنه ال يقوم فيه بالحق؟ قال‪ :‬إنما واله غيري والمسلمون أولى بما يكون منهم فيه بعدي‪.‬‬
‫قال‪ :‬أفترى ذلك من صنع من واله حقاً؟ فبكى عرم وقال‪ :‬أنظراني ثالثا ً‪ .. .‬فكان عمر بن‬
‫عبد العزيز يقول‪ :‬أهلكني أمر يزيد وخصمت فيه‪ ،‬فأستغفر هللا‪ ).‬تقول الرواية ‪ ( :‬فخاف بنو‬
‫أمية أن يخرج ما بأيديهم من األموال وأن يخلع يزيد والية العهد‪ ،‬فوضعوا على عمر من‬
‫سقاه سماً‪ ،‬فلم يلبث بعد ذلك إال ثالثا ً حتى مرض ومات ‪) .‬‬

‫أواخر الدولة األموية ‪ :‬مسلسل الدماء داخليا وخارجيا فى ‪ 71‬عاما فقط ‪!.‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫كانت خالفة عمر بن عبد العزيز لمحة ضوء بزغت فى ظالم الخالفة ‪ ،‬ودليال على إمكانية‬
‫االصالح االسالمى القائم على العدل والحرية والسالم ‪ ،‬ودليال آخر على أن الظلم فى الداخل‬
‫يؤدى الى حروب داخلية وخارجية‪ .‬بموت عمر بن عبد العزيز عاد الظلم والحروب على كل‬
‫المستويات ‪ ( :‬خارجيا ) فى الغرب ضد بيزنطة وأوربا ‪ ،‬فى الشرق اآلسيوى ‪ ،‬و( داخليا )‬
‫فى حروب متنوعة بين القبائل ‪ ،‬وضد الخوارج ‪ ،‬وأثناء هذا كانت الدعوة السرية للرضى‬
‫من آل دمحم تنتشر وتتمدد فى خراسان‬
‫‪ 2‬ـ نعطى نشرة أخبار سريعة لمسلسل الدماء من عام ‪ 757‬الى عام ‪771‬‬
‫عام ‪: 757‬‬
‫‪ 7‬ـ موت دمحم بن مروان ( أخو عبد الملك‪ ،‬وكان قد ولي الجزيرة وأرمينية وأذربيجان‪ ،‬وغزا‬
‫الروم وأهل أرمينية عدة دفعات ‪ ) .‬وابنه مروان بن دمحم واصل بعده نفس الحروب ثم صار‬
‫آخر خلفاء بنى أمية ‪.‬‬
‫عام ‪: 752‬‬
‫‪ 7‬ـ مقتل يزيد بن المهلب وآله فى موقعة العقر ‪ ،‬ثار ابن المهلب على الخليفة يزيد بن عبد‬
‫الملك بسبب خصومة شخصية بينهما وبسبب عداء قديم للحجاج بن يوسف وآله وهم أصهار‬
‫الخليفة يزيد ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ غزو الترك وهزيمتهم فى سمرقند‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزو الصغد ‪ ،‬وهزيمتهم ‪ ( ،‬وكانوا قد نقضوا العهد وأعانوا الترك على المسلمين‪ ،‬فقال‬
‫الناس لسعيد‪ :‬إنك قد تركت الغزو وقد أغار الترك وكفر أهل الصغد‪ .‬فقطع النهر وقصد‬
‫الصغد‪ ،‬فلقيه الترك وطائفة من الصغد فهزمهم المسلمون ‪) .‬‬
‫‪ 9‬ـ قبض سعيد خذينة والى خراسان على بعض دُعاة بنى العباس ‪ ،‬ثم أطلق سراحهم ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ ( غزا عمر بن هبيرة الروم من ناحية أرمينية وهو على الجزيرة قبل أن يلي العراق‪،‬‬
‫فهزمهم وأسر منهم خلقا ً كثيراً وقتل سبعمائة أسير‪ ( ) .‬وغزا عباس بن الوليد بن عبد الملك‬
‫الروم فافتتح دلسة‪) .‬‬
‫عام ‪753‬‬
‫‪ 7‬ـ تولى سعيد الحرشي خراسان ‪ ،‬وعزل سعيد خدينة عنها ‪ ،‬وكان خدينة وقتها يغزو‬
‫سمرقند ‪ ،‬وتولى الحرشى الحرب ‪ ( ،‬فلما سمع أهل الصغد بقدوم الحرشي خافوا على‬
‫نفوسهم ألنهم كانوا قد أعانوا لترك أيام خذينة‪ ،‬فاجتمع عظماؤهم على الخروج من بالدهم‪.‬‬
‫) وذهبوا الى (حجندة )‬
‫‪ 2‬ـ ( أغارت الترك على الالن )‪ .‬و ( غزا العباس بن الوليد الروم ففتح مدينة يقال لها‬
‫دلسة‪) .‬‬
‫عام ‪: 759‬‬
‫‪ 7‬ـ حرب الحرشى والصغد‪ :‬وهزمهم الحرشى (فقتلوا عن آخرهم‪ ،‬وكانوا ثالثة آالف‪ ،‬وقيل‬
‫سبعة آالف‪ ،‬واصطفى أموال الصغد وذراريهم‪ ،‬وأخذ منها ما أعجبه ‪ () .‬وسار الحرشي إلى‬
‫كش وصالحوه على عشرة آالف رأس‪ ،‬وقيل ستة آالف رأس‪ .‬وسار إلى زلرنج‪ ،‬فوافاه كتاب‬
‫ابن هبيرة بإطالق ديوشتى‪ ،‬فقتله وصلبه وولى نصر بن سيار قبض صلح كش‪ ،‬واستعمل‬
‫سليمان بن أبي السري على كش ونسف حربها وخراجها‪ .‬وكانت خزائن منيعة‪ ) .‬وكان اسم‬
‫ملكها سبغرى‪ ،‬وقد خدعه الحرشى باألمان ثم قتله وصلبه بعد ان استولى على خزائنه ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الخزر يهزمون األمويين ‪ ( .‬دخل جيش للمسلمين بالد الخزر من أرمينية‪..‬فاجتمعت‬
‫الخزر في جمع كثير وأعانهم قفجان وغيرهم من أنواع الترك فلقوا المسلمين في مكان‬
‫يعرف بمرج الحجارة فاقتتلوا هنالك قتاالً شديداً‪ ،‬فقتل من المسلمين بشر كثير واحتوت‬
‫الخزر على عسكرهم وغنموا جميع ما فيه‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ طمع الخزر فى مزيد من االنتصار ‪ ،‬فأرسل الخليفة يزيد بن عبد الملك جيشا كثيفا‬
‫يقوده الجراح الحكمى وواله أرمينيا ‪ .. ( ،‬وسار الخزر إليه وعليهم ابن ملكهم فالتقوا عند‬
‫نهر الران واقتتلوا قتاالً شديداً‪ ،‬وحرض الجراح أصحابه‪ ،‬واشتد القتال‪ ،‬فظفروا بالخزر‬
‫وهزموهم وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون‪ ،‬فقتل منهم خلق كثير‪ ،‬وغنم المسلمون جميع‬
‫ما معهم وساروا حتى نزلوا على حصن يعرف بالحصين فنزل أهله باألمان على مال‬
‫يحملونه‪ ،‬فأجابهم ونقلهم عنها‪.‬ثم سار إلى مدينة يقال لها يرغوا‪ ،‬فأقام عليها ستة أيام‪،‬‬
‫وهو مجد في قتلهم‪ ،‬فطلبوا األمان‪ ،‬فأمنهم وتسلم حصنهم ونقلهم منه‪.‬ثم سار الجراح إلى‬
‫بلنجر ‪.‬وهو حصن مشهور من حصونهم )واستولى الحكمى عليه ‪..( ،‬ثم إن الخزر انهزموا‬
‫واستولى المسلمون على الحصن عنوة وغنموا جميع ما فيه في ربيع األول فأصاب الفارس‬
‫ثالثمائة دينار‪ ،‬وكانوا بضعة وثالثين دينار‪ ،‬وكانوا بضعة وثالثين ألفا ً‪.‬ثم إن الجراح أخذ‬
‫أوالد صاحب بلنجر وأهله وأرسل إليه فأحضره ورد إليه أمواله وأهله وحصنه وجعله عينا ً‬
‫لهم يخبرهم بما يفعله الكفار‪)...‬‬
‫عام ‪750‬‬
‫‪ 7‬ـ حركات للخوارج تم وأدها ‪ :‬عقفان فى خراسان ‪ ،‬ومسعود العبدى فى البحرين ‪.‬‬
‫ومصعب بن دمحم الوالى فى الموصل ‪,‬‬
‫‪ 2‬ـ غزا الجراح الحكمي الالن حتى حاز ذلك إلى مدائن وحصون وراء بلنجر ففتح بعض‬
‫ذلك وأصاب غنائم كثيرة‪.‬غزا سعيد بن عبد الملك أرض الورم‪ ،‬فبعث سرية في نحو ألف‬
‫مقاتل فأصيبوا جميعا ً‪ .‬وغزا مسلم بن سعيد الكالبي أمير خراسان الترك بما وراء النهر‪ ،‬فلم‬
‫يفتح شيئا ً وقفل‪ .‬وغزا مسلم أفشين فصالح أهلها على ستة آالف رأس ودفع إليه القلعة‪،‬‬
‫وغزا مروان بن دمحم الصائفة اليمنى فافتتح قونية من أرض الروم وكمخ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ومات يزيد بن عبد الملك حزنا على محظيته حبابة ‪ ،‬وتولى بعده أخوه هشام ‪ ،‬وعين‬
‫الخليفة الجديد خالد القسرى على العراق ‪ ،‬أى النصف الشرقى من االمبراطورية األموية ‪. .‬‬
‫عام ‪: 751‬‬
‫‪ 7‬ـ حرب بين قبائل مضر وقبائل اليمن فى بلخ ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وغزا مسلم بن سعيد الكالبى الترك ‪.‬وولى خالد القسرى أخاه ( اسد القسرى ) على‬
‫خراسان ‪ ،‬وع ّين أسد القسرى على سمرقند ( الحسن الكندى ) ‪,‬قيل للحسن الكندى ‪(:‬إن‬
‫األتراك قد أتوك في سبعة آالف‪ .‬فقال‪ :‬ما أتونا‪ ،‬نحن أتيناهم وغلبناهم على بالدهم‬
‫واستعبدناهم )‬
‫‪ 3‬ـ غزا سعيد بن عبد الملك الصائفة‪ .‬وغزا الجراح بن عبد هللا الالن فصالح أهلها فأدوا‬
‫الجزية‪.‬‬
‫عام ‪: 751‬‬
‫‪ 7‬ـ حرب الهند ‪ :‬كان جيشبه بن ذاهر ملك السند قد أسلم وتملك بلده بإتفاق مع عمر بن عبد‬
‫العزيز ‪ .‬ولم يعترف خالد القسرى بهذا فأرسل الجنيد واليا للسند ‪ ،‬فتصدى له الملك الهندى‬
‫وقال له ‪ ( :‬إننا مسلمون‪ ،‬فقد استعملني الرجل الصالح‪ ،‬يعنى عمر بن عبد العزيز‪ ،‬على‬
‫بالدي ولست آمنك )‪ ،‬فأعطاه رهنا ً وأخذ منه رهنا ً بما على بالده من الخراج ‪ .‬ثم نكث الجنيد‬
‫بعهده ( فأتى الهند فجمع جموعا ً وأخذ السفن ) وقتل ملك الهند ‪ ( ،‬وهرب أخوه "صصه "‬
‫إلى العراق ليشكو غدر الجنيد‪ ،‬فخدعه الجنيد حتى جاء إليه فقتله‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ وغزا الجنيد الكيرج‪ ،‬وكانوا قد نقضوا‪ ،‬ففتحها عنوةً وفتح أزين والمالبة وغيرهما من‬
‫ذلك الثغر‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزوة عنبسة الفرنج باألندلس‪.. ( :‬ونازل مدينة قرقسونة وحصر أهلها‪ ،‬فصالحوه على‬
‫نصف أعمالها وعلى جميع ما في المدينة من أسرى المسلمين وأسالبهم وأن يعطوا الجزية‬
‫ويلتزموا بأحكام الذمة من محاربة من حاربه المسلمون وسالمة من سالموه‪ ،‬فعاد عنهم‬
‫عنبسة‪) .‬‬
‫‪ 9‬ـ غزا أسد القسرى بالد الغور‪ (،‬جبال هراة ) وقد أخفى اهلها كنوزهم فى كهف ( ليس‬
‫إليه طريق‪ ،‬فأمر أسد باتخاذ توابيت ووضع فيها الرجال ودالها بسالسل فاستخرجوا ما‬
‫قدروا عليه‪ ) .‬وغزا أسد جبال نمرون ملك غرشس مما يلي جبال الطالقان‪ ،‬فصالحه نمرون‬
‫وأسلم على يده ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ والى خراسان أسد القسرى إعتقل بعض دعاة العباسيين فقطع أيدى بعضهم وصلب‬
‫البعض اآلخر‬
‫‪ 1‬ـ عزل الجراح بن عبد هللا الحكمي عن أرمينية وأذربيجان وتولى مسلمة بن عبد الملك‪،‬‬
‫فاستعمل عليها مسلمة الحارث ابن عمرو الطائي‪ ،‬فافتتح من بلد الترك رستاقا ً وقرى كثيرة ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أسد القسرى يقوم بتوطين الجند فى (بلخ ) ‪.‬‬
‫عام ‪751‬‬
‫‪ 7‬ـ غزوة الختل والغور‪ ( :‬وانهزم المشركون وحوى المسلمون عسكرهم وظهروا على‬
‫البالد وأسروا وسبوا وغنموا‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ ( غزا مسلمة بن عبد الملك الروم مما يلي الجزيرة ففتح قياسرية‪ ،‬وهي مدينة‬
‫مشهورة‪ ( ) .‬غزا إبراهيم بن هشام ففتح حصنا ً الروم‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ ( سار ابن خاقان ملك الترك إلى أذربيجان فحصر بعض مدنها‪ ،‬فسار إليه الحارث ابن‬
‫عمرو الطائي فالتقوا فاققتلوا فانهزم الترك وتبعهم الحاث حتى عبر نهر أس‪ ،‬فعاد إليه ابن‬
‫خاقان فعادو الحرب أيضاً‪ ،‬فانهزم ابن خاقان وقتل من الترك خلق كثير‪) .‬‬
‫‪ 9‬ـ حركة للخوارج فى اليمن تزعمها ( عباد الرعيني ) فقتله أميرها يوسف بن عمر وقتل‬
‫أصحابه‪ .‬وكانوا ثالثمائة‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ غزا معاوية بن هشام بن عبد الملك قبرس‪ ،‬وغزا في البر مسلمة بن عبد الملك بن‬
‫مروان‪.‬‬
‫عام ‪754‬‬
‫‪ 7‬ـ أسد القسرى يقتل عشرة من دعاة بنى العباس‬
‫‪ 2‬ــ عزل خالد وأخيه أسد القسرى عن خراسان بسبب تعصبها للقبائل اليمنية ‪ ،‬وتولى‬
‫أشرس السلمى خراسان ‪.‬‬
‫‪3‬ـ غزا عبد هللا بن عقبة الفهري في البحر‪ ،‬وغزا معاوية ابن هشام أرض الروم ففتح حصنا ً‬
‫يقال له طيبة ‪.‬‬
‫‪ 9‬ــ غزا مسلمة بن عبد الملك الترك من ناحية أذربيجان فغنم وسبى وعاد سالما ً‪.‬‬
‫‪ 0‬ــ وفيها غزا بشر بن صفوان عامل إفريقية جزيرة صقلية فغنم شيئا ً كثيراً‬
‫عام ‪775‬‬
‫‪ 7‬ـ أشرس يدعو أهل سمرقند الى االسالم وأن يضع عنهم الجزية ‪ ،‬فأسلم كثيرون فأعادوا‬
‫فرض الجزية عليهم ‪ ،‬فارتدوا ‪.‬فاشتعلت الحرب سجاال بين ( المسلمين ) وانتصر األمويون‬
‫فى النهاية (‪ ،‬فحملوا على العدو فقاتلوهم فكشفوهم وركبهم المسلمون يقتلونهم حتى‬
‫حجزهم الليل وتفرق العدو‪ ،‬وأتى أشرس بخارى فحصر أهلها‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ حاصر خاقان الترك كمرجة بمن فيها من العرب ‪ ،‬ودارت معارك أسوارها ‪ ( ،‬وكانت مدة‬
‫حصار كمرجة ثمانية وخمسين يوما ً )‬
‫‪ 3‬ـ أرتد أهل كردر‪ ،‬فأرسل إليهم أشرس جندا ً فظفروا بهم ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ غزا مسلمة الترك من باب الالن‪ ،‬فلقي خاقان في جموعه فاقتتلوا قريبا ً من شهر‬
‫وأصابهم مطر شديد‪ ،‬فانهزم خاقان وانصرف ورجع مسلمة فسلك على مسلك ذي القرنين‪.‬‬
‫‪ 0‬ــ غزا معاوية الروم ففتح صملة‪ .‬وفيها غزا الصائفة عبد هللا بن عقبة الفهري‪ ،‬وكان‬
‫على جيش البحر عبد الرحمن بن معاوية بن حديج ‪.‬‬
‫عام ‪777‬‬
‫‪ 7‬ـ عزل أشرس عن خراسان واستعمال الجنيد ‪ ،‬والجنيد يقاتل خاقان الترك ويهزمه ‪،:‬‬
‫وكان الجنيد يتعصب لقومه من قبائل مضر ‪ .‬وكان التعصب القبلى سائدا بين العرب فى‬
‫خراسان ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ غزا معاوية بن هشام الصائفة اليسرى‪ ،‬وغزا سعيد بن هشام الصائفة اليمنى حتى أتى‬
‫قيسارية‪ ،‬وغزا في البحر عبد هللا بن أبي مريم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ سارت الترك إلى أذربيجان فلقيهم الحارث ابن عمرو فهزمهم‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ عزل مسلمة عن أرمينية وتولى الجراح الحكمى مكانه ‪ ،‬فدخل بالد الخزر من ناحية‬
‫تفليس وفتح مدينتهم البيضاء وانصرف سالما ً‪ ( ، .‬فجمعت الخزر وحشدت وسارت إلى بالد‬
‫اإلسالم‪ ،‬وكان ذلك سبب قتل الجراح‪) .‬‬
‫عام ‪772‬‬
‫‪ 7.‬ـ إتحد الخزر والترك وهزموا وقتلوا الجراح الحكم ‪ ،‬وتوغلوا حتى قاربوا الموصل ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الجنيد يغزو طخارستان ‪ ،‬ومعارك متصلة مع الترك انتهت بأن ( سار المسلمون فدخلوا‬
‫بخارى يوم المهرجان )‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزا معاوية بن هشام الصائفة فافتتح خرشنة‪.‬‬
‫عام ‪773‬‬
‫‪ 7‬ـ ( وفيها فرق مسلمة الجيوش ببالد خاقان ففتحت مدائن وحصون على يديه وقتل منهم‬
‫وأسر وسبى وأحرق ودان له من وراء جبال بلنجر‪ ،‬وقتل ابن خاقان‪ ،‬فاجتمعت تلك األمم‬
‫جميعها الخزر وغيرهم عليه في جمع ال يعلم عددهم إال هللا تعالى‪ ،‬وقد جاز مسلمة بلنجر‬
‫فلما بلغه خبرهم أمر أصحابه فأوقدوا النيران ثم ترك خيامهم وأثقالهم وعاد هو وعسكره‬
‫جريدة‪ ،‬وقدم الضعفاء وأخر الشجعان‪ ،‬وطووا المراحل كل مرحلتين في مرحلة حتى وصل‬
‫إلى الباب واألبواب في آخر رمق‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ هزيمة عبد الرحمن الغافقى أمير األندلس فى ( توربواتييه ) ‪ ( :‬فغزا إفرنجة وأوغل‬
‫في أرضهم وغنم غنائم كثيرة‪ ،‬وكان فيما أصاب رجل من ذهب مفصصة بالدر والياقوت‬
‫والزمرد‪ ،‬فكسرها وقسمها في الناس‪ .. .‬ثم خرج غازيا ً ببالد الفرنج هذه السنة‪ .. ،‬فقتل‬
‫هو ومن معه شهداء‪).‬‬
‫‪ 3‬ـ عبيد هللا بن الحبحاب‪ ،‬يغزو السودان ‪ .. ( :‬وسيرهم إلى أرض السودان فظفر بهم‬
‫ظفرا ً لم يظفر أحد مثله وأصاب ما شاء‪ ،‬ثم غزا البحر ثم انصرف‪).‬‬
‫‪ 9‬ـ غزا معاوية بن هشام أرض الروم فرابط من ناحية مرعش ثم رجع‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ الجنيد يقتل احد دعاة العباسيين ‪.‬‬
‫عام ‪779‬‬
‫‪ 7‬ـ الخليفة هشام يولى مروان بن دمحم أرمينية وأذربيجان‪ :‬ومروان يسير بجيش من ‪725‬‬
‫الفا ‪ ،‬وخدع ملك الخزر بأنه يريد الصلح ‪ ،‬ودخل بالده ‪ ،‬فانسحب ملك الخزر شرقا ( ودخل‬
‫مروان البالد وأوغل فيها وأخربها وغنم وسبى وانتهى إلى آخرها وأقام فيها عدة أيام حتى‬
‫أذلهم وانتقم منهم‪ ،‬ودخل بالد ملك السرير فأوقع بأهله وفتح قالعا ً ودان له الملك وصالحه‬
‫على ألف رأس وخمسمائة غالم وخمسمائة جارية سود الشعور ومائة ألف مدي ٍ تحمل إلى‬
‫الباب‪ ،‬وصالح مروان أهل تومان على مائة رأس نصفين‪ ،‬وعشرين ألف مدي‪ ،‬ثم دخل‬
‫أرض زريكران‪ ،‬فصالحه ملكها‪ ،‬ثم أتى إلى أرض خمزين‪ ،‬فأبى حمزين أن يصالحه‪،‬‬
‫فحصرهم فافتتح حصنهم‪ ،‬ثم أتى سغدان فافتتحها صلحا ً ووظف على طيرشانشاه عشرة‬
‫آالف مدي كل سنة تحمل إلى الباب‪ ،‬ثم نزل على قلعة صاحب اللكز‪ ،‬وقد امتنع من أداء‬
‫راع بسهم هو ال يعرفه‪ ،‬فصالح أهل اللكز‬
‫الوظيفة‪ ،‬فخرج ملك اللكز يريد ملك الخزر‪ ،‬فقتله ٍ‬
‫مروان‪،‬واستعمل عليهم عامالً‪ ،‬وسار إلى قلعة شروان‪ ،‬وهي على البحر‪ ،‬فأذعن بالطاعة‪،‬‬
‫وسار إلى الدوداني فأقلع بهم ثم عاد‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ غزا معاوية بن هشام الصائفة اليسرى‪ ،‬فأصاب ربض أقرن‪ ،‬وإن عبد هللا البطال التقى‬
‫هو وقسطنطين في جمع‪ ،‬فهزمهم البطال وأسر قسطنطسن‪ .‬وغزا سليمان بن هشام الصائفة‬
‫اليمنى‪ ،‬فبلغ قيسارية‪.‬‬
‫عام ‪770‬‬
‫‪ 7‬ـ غزا معاوية بن هشام أرض الروم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وغزا عبد الملك بن قطن عامل األندلس أرض البشكنس وعاد سالما ً‪.‬‬
‫عام ‪771‬‬
‫‪ 7‬ـ غزا معاوية بن عبد الملك أرض الروم الصائفة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ثورة الحارث بن سريج بخراسان‪:‬إنشقّ عن األمويين ‪ ،‬وحاربوه وانهزم (فاقتتلوا قتاالً‬
‫شديداً‪ ،‬فانهزم أصحاب الحارث فغرق منهم بشر كثير في أنهار مرو وفي النهر األعظم‬
‫ومضت الدهاقين إلى بالدهم‪ ،‬وغرق خازم بن عبد هللا ابن خازم‪ ،‬وكان مع الحارث‪ ،‬وقتل‬
‫أصحاب الحارث قتالً ذريعاً‪.. ،‬واجتمع إلى الحارث زهاء ثالثة أالف‪).‬‬
‫‪ 3‬ـ ( سير ابن الحبحاب جيشا ً إلى صقلية‪ ،‬فلقيهم مراكب الروم فاقتتلوا قتاالً شديداً‪،‬‬
‫فانهزمت الروم‪ ،‬وكانوا قد أسوا جماعة من المسلمين‪ ،‬منهم عبد الرحمن بن زياد‪ ،‬فبقي‬
‫أسيراً إلى سنة إحدى وعشرين ومائة‪ ،‬وفيها سير ابن الحبحاب أيضا ً جيشا ً إلى السوس‬
‫وأرض السودان فغنموا وظفروا وعادوا‪ .‬وفيها استعمل عبد هللا بن الحبحاب عطية بن‬
‫الحجاج القيسي على األندلس‪ ،‬فسار إليها ووليها في شوال من هذه السنة وعزل عبد الملك‬
‫ابن قطن‪ ،‬وكان له كل سنة غزاة‪ ،‬وعو الذي افتتح جليقية والبتة وغيرهما )‪.‬‬
‫عام ‪771‬‬
‫‪ 7‬ـ ( غزا معاويةً بن هشام الصائفة اليسرى‪ ،‬وغزا سليمان بن هشام الصائفة اليمنى من‬
‫نحو الجزيرة‪ ،‬وفرق سراياه في أرض الروم‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ ( بعث مروان بن دمحم‪ ،‬وهو على أرمينية‪ ،‬بعثين‪ ،‬وافتحح أحدهما حصونا ً ثالثة من‬
‫الالن‪ ،‬نزل اآلخر على تومانشاه فنزل أهلها على الصلح‪).‬‬
‫‪ 3‬ـ والية ابن الحبحاب أفريقيا ( شمال أفريقيا ) واألندلس ‪( .‬وبعث حبيب بن أبي عبيدة بن‬
‫عقبة بن نافع غازيا ً إلى المغرب‪ ،‬فبلغ السوس األقصى وأرض السودان فلم يقالتله أحد إال‬
‫ظهر عليه‪ ،‬وأصاب من الغنائم والسبي أمرا ً عظيماً‪ ،‬فملئ المغرب منه رعباً‪ ،‬وأصاب في‬
‫السبي جارتيتين من البربر ليس لكل واحدة منهما غير ثدي واحد‪ ،‬ورجع سالما ً‪ .‬وسير جيشا ً‬
‫في البحر سنة سبع عشرة إلى حزيرة الردانية‪ ،‬ففتحوا منها ونهبوا وغنموا وعادوا‪ .‬ثم‬
‫سيره غازبا ً إلى جزيرة صقلية سنة اثنتين وعشرين ومائة ومعه ابنه عبد الرحمن بن حبيب‪،‬‬
‫فلما نزل بأرضها وجه عبد الرحمن على الخيل فلم يلقه أحد إال هزمه عبد الرحمن‪ ،‬فظفر‬
‫ظفرا ً لم ير مثله‪ ،‬حتى نزل على مدينة سرقوسة‪ ،‬وهي من أعظم مدن صقلية‪ ،‬فقاتلوه‬
‫فهزمهم وحصرهم‪ ،‬فصالحوه على الجزية‪ ،‬وعاد إلى أبيه‪) ،‬‬
‫‪ 9‬ـ ثورة البربر ألن والى طنجة اسماعيل بن عبيد هللا بن الحبحاب إعتبر البربر فيئا‬
‫للمسلمين ‪ ( :‬فأساء السيرة وتعدى وأراد أن يخمس مسلمي البربر‪ ،‬وزعم أنهم فيء‬
‫للمسلمين‪ ،‬وذلك شيء لم يرتكبه أحد قبله‪ ،‬فلما سمع البربر بمسير حبيب بن أبي عبيدة إلى‬
‫صقلية بالعساكر طمعوا ونقضوا الصلح على ابن الحبحاب وتداعت عليه بأسرها ملمها‬
‫وكافرها‪ ،‬وعظم البالء‪ ،‬وقدم من بطنجة من البربر على أنفسهم ميسرة السقاء قم‬
‫المغدوري‪ ،‬وكان خارجيا ً صفريا ً وسقاء‪ ،‬وقصدوا طنجة‪ ،‬فقاتلهم عمر بن عبد هللا فقتلوه‬
‫واستولوا على طنجة وبايعوا ميسرة بالخالفة وخوطب بأمير المؤمنين وكثر جمعه من البربر‬
‫وقوي أمره بنواحي طنجة‪ .‬وظهر في ذلك الوقت جماعة بإفريقية فأظهروا مقالة الخوارج ‪.‬‬
‫) واصطدم العرب والبربر فى معركة ( غزوة األشراف ) التى انهزم فيها العرب هزيمة‬
‫قاسية ‪ ،‬ووصلت األنباء الى األندلس فثاروا على واليهم ‪ ،‬وبعث هشام بجيش يقوده كلثوم‬
‫ابن عياض القشيرى ‪ ،‬فانهزم وتفرق من بقى من جيشه ‪ ( ،‬فلما ضعفت العرب بهذه الوقعة‬
‫ظهر إنسان يقال له عكاشة بن أيوب الفزاري بمدينة قابس‪ ،‬وهو على رأي الخوارج‬
‫الصفرية‪ ،‬فسار إليه جيش من القيروان فاقتتلوا قتاالً شديداً‪ ،‬فانهزم عسكر القيروان‪ ،‬فخرج‬
‫إليه عسكر آخر فانهزم عكاشة بعد قتال شديد وقتل كثير من أصحابه‪ ،‬ولحق عكاشة ببالد‬
‫الرمل‪ .‬فلما بلغ هشام بن عبد الملك قتل كلثوم بعث أميراً على إفريقية حنظلة ابن صفوان‬
‫الكلبي‪ ،‬فوصلها في ربيع اآلخر سنة أربع وعشرين ومائة‪ ،‬فلم يمكث بالقيروان إال يسيرا ً‬
‫حتى زحف إليه عكاشة الخارجي في جمع عظيم من البربر ‪ ) ...‬وفى النهاية انهزم البربر‬
‫والخوارج ‪( :‬هزم الخوارج والبربر ونصر العرب‪ ،‬وكثر القتل في البربر وتبعوهم إلى‬
‫جلوالء يقتلون ‪..‬فقيل‪ :‬لم يقتل بالمغرب أكثر من هذه القتلة‪ ،‬فإن حنظلة أمر بإحصاء القتلى‪،‬‬
‫فعجز الناس عن ذلك حتى عدوهم بالقصب‪ ،‬فكانت عدة القتلى مائة ألف وثمانين ألفا‪) .‬‬
‫مالحظة ‪:‬‬
‫قارن بين عدد القتلى فى الحرب العالمية األولى ‪ ،‬وتلك الحروب التى تسبب فيها األمويون‬
‫خالل ‪ 71‬عاما ‪ .‬عدد قتلى الحرب العالمية الثانية حوالى ‪ 15‬مليونا ‪ .‬ربما يصل عدد القتلى‬
‫هنا بضع مئات من األلوف ‪ ،‬ولكن الفارق فى نوعية االسلحة ‪ .‬كان السالح فرديا ‪ ( ،‬سيف‬
‫مقابل سيف مثال ) ‪ ،‬أما فى الحروب الحديثة فالطائرة يمكن أن تقتل آالفا مؤلفة ‪ .‬وبالتالى لو‬
‫كان لألمويين نفس التسليح الحالى لتضاعف القتلى الى عشرات الماليين ‪ .‬هذا باالضافة الى‬
‫أن الحرب العالمية األولى والثانية كانتا حربا علمانية ‪ ،‬قامت وتوقفت ‪ ،‬بل أصبح الخصوم‬
‫خلفاء وأصدقاء تبعا لتغير المصالح ‪ .‬أما الحرب التى أشعلها الصحابة وتابعها األمويون‬
‫والعباسيون والعثمانيون فهى الحرب العالمية التى ال تنتهى طالما بقى دينها األرضى‬
‫مسيطرا ‪.‬وال تزال هذه الحرب الدينية مشتعلة بين الوهابية والغرب المسيحى ‪..‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخبِي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ إِاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬اله ِذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء قبيل سقوط الدولة األموية ( ‪) 721 : 771‬‬


‫مقدمة ‪:‬‬
‫تتابع مسلسل الدماء فى عالقة ( دار السالم ) بدار الحرب ‪ :‬مع أوربا وأقصى الشرق ‪ ،‬وفى‬
‫نفس الوقت تتابع مسلسل الدماء داخل ( دار السالم ) ‪ ،‬فى قتال األمويين مع خصومهم من‬
‫الخوارج وغيرهم ‪ ،‬بل وصل االقتتال الى البيت األموى ‪ ،‬وبعد أن كان القتل يتم سرا‬
‫سم ‪ ،‬أصبح القتال علنيا عسكريا ‪ ،‬وفى نفس الوقت كانت الدعوة السرية لبنى‬ ‫بمؤامرة وبال ُّ‬
‫العباس آتت أُكلها ‪ ،‬فظهرت فجأة بجيش يقوده أبو مسلم الخراسانى ‪ ،‬فاجأ مروان بن دمحم‬
‫آخر الخلفاء األمويين ‪ ،‬والذى كان منهمكا فى حروب داخلية ( فى دار السالم ) وحروب‬
‫خارجية مع ( دار الحرب ) ‪ ،‬فوجىء بالمارد العباسى الذى هزمه وقتله وقتل من وجدهم من‬
‫األمويين ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ نعطى بعض التفصيالت لمسلسل الدماء فى عناوين سريعة من عام ‪ 771‬الى تولى‬
‫مروان بن دمحم آخر خلفاء بنى أمية فى دمشق‪:‬‬
‫عام ‪: 771‬‬
‫‪ 7‬ـ ( غزا معاوية وسليمان ابنا هشام بن عبد الملك أرض الروم‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ ( غزا مروان بن دمحم بن مروان من أرمينية ودخل أرض ورنيس إلى الخزر ونزل‬
‫حصنه‪ ،‬فحصره مروان ونصب عليه المجانيق‪ ،‬فقتل ورنيس‪ ،‬قتله بعض من اجتاز به‬
‫وأرسل رأسه إلى مروان‪ ،‬فنصبه ألهل حصنه‪ ،‬فنزلوا على حكمه‪ ،‬فقتل المقاتلة وسبى‬
‫الذرية‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ عودة الحارث بن سريج للثورة على االمويين ‪ :‬نزل الوالى على خراسان ( أسد بن‬
‫عبد هللا القسرى ) بلخ ‪ ،‬وارسل جيشا يقوده جديع الكرمانى فحاصر الحارث فى قلعته فى‬
‫طخارستان ‪ ،‬ومنعهم الطعام والشراب ‪ ،‬فاستسلموا ‪ ،‬تقول الرواية عن مصير أتباع ابن‬
‫سريج ‪ ( :‬فقتل بني برزى وسبى عامة أهله من العرب والموالي والذرادي وباعهم فيمن‬
‫يزيد ( اى فى مزاد ) في سوق بلخ ‪ ) .‬وهرب الحارث بن سريج ‪ .‬وبناء على أمر الوالى‬
‫أرسل الكرمانى خمسين من كبار األسرى الى الوالى أسد القسرى ‪ ،‬تقول الرواية عن‬
‫مصيرهم ‪ ( :‬فحملوا إليه‪ ،‬فقتلهم ‪ .‬وكتب إلى الكرماني أن يجعل الذين بقوا عنده أثالثاً‪،‬‬
‫فثلث يقتلهم‪ ،‬وثلث يقطع أيديهم وأرجلهم‪ ،‬وثلث يقطع أديهم‪ ،‬ففعل ذلك الكرماني وأخرج‬
‫أثقالهم فباعها‪) .‬‬
‫‪ 9‬ـ بعدها واصل أسد القسرى الغزو ‪ ( :‬واتخذ أسد ميدنة بلخ داراً‪ ،‬ونقل إليها الدواوين‪ ،‬ثم‬
‫غزا طخارستان ‪ ...‬فغنم وسبى‪.) .‬‬
‫‪ 0‬ـ ارسل بكير بن هامان ــ القائم على الدعوة العباسية السرية ــ عمار بن يزيد إلى خراسان‬
‫داعية ‪ ،‬فنزل مرو وغيّر اسمه وتسمى بخداش‪ ،‬ودعا إلى دمحم بن علي‪ ،‬فسارع إليه الناس‬
‫وتحول الى دين الخرمية الفارسى ودعا اليه واباح الزنا وأبطل‬
‫ّ‬ ‫وأطاعوه‪ ،‬ثم غيّر ما دعاهم‬
‫الصالة والصيام والحج ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬ورخص لبعضهم في نساء بعض‪ ،‬وقال لهم‪ :‬إنه‬
‫ال صوم وال صالة وال حج‪ ( )،‬وكان خداش نصرانيا ً بالكوفة فأسلم ولحق بخراسان‪.‬‬
‫وكان ممن اتبعه على مقالته مالك الهيثم‪ ،‬والحريش بن سليم األعجمي وغيرهما ‪ ..‬فبلغ‬
‫خبره أسد بن عبد هللا‪ ،‬فظفر به‪ ،‬فأغلظ القول ألسد‪ ،‬فقطع لسانه وسمل عينيه ) وقتل أسد‬
‫إثنين آخرين ‪.‬‬
‫عام ‪774‬‬
‫‪ 7‬ـ قتل خاقان الترك بعد معرك طاحنة وتحرير سبى المسلمين فى معسكره‬
‫‪ 2‬ـ ‪:‬هزيمة الخوارج ‪ :‬هزيمة بهلول الخارجى الذى ثار على خالد القسرى ‪( :‬فلما قُتل‬
‫بهلول خرج عمرو اليشكري فلم يلبث أن قتل‪.‬وخرج البختري صاحب األشهب‪ ،‬وبهذا كان‬
‫يعرف‪ ،‬على خالد في ستين‪ ،‬فوجه إليه خالد السمط بن مسلم البجلي في أربعة آالف‪ ،‬قالتقوا‬
‫بناحية الفرات‪ ،‬فانهزمت الخوارج‪ ،‬فتقالهم عبيد أهل الكوفة وسفلتهم فرموهم بالحجارة‬
‫حتى قتلوهم‪.‬ثم خرج وزير السختياني على خالد بالحيرة في نفر‪ ،‬فجعل ال يمر بقرية إال‬
‫أحرقها‪ ،‬وال يلقى أحداً إال قتله‪ ،‬وغلب على ما هنالك وعلى بيت المال‪ ،‬فوجه إليه خالد جندا ً‬
‫فقاتلوا عامة أصحابه وأثخن بالجراح‪ ،‬وأتي به خالد‪ ،‬وأقبل على خالد فوعظه‪ ،‬فأعجب خالدا ً‬
‫ما سمع منه فلم يقتله وحبسه عنده‪ ،‬وكان يؤتى به في الليل فيحادثه‪ .‬فسعي بخالد إلى هشام‬
‫وقيل‪ :‬أخذ حوريا ً قد قتل وحرق وأباح ألموال فجعله سميراً‪ ،‬فغضب هشام وكتب إليه يأمره‬
‫بقتله‪ ،‬وكان خالد يقول‪ :‬إني أنفس به عن الموت‪ ،‬فأخر قتله‪ ،‬فكتب إليه هشام ثانيا ً يذمه‬
‫ويأمره بقتله وإحراقه‪ ،‬فقتله وأحرقه ونفراً معه‪ ،‬ولم يزل يتلو القرآن حتى مات وهو‬
‫يقرأ(قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون[ }التوبة‪ .) 17 :‬وخرج الصحارى بن شبيب ‪،‬‬
‫فهزمه خالد القسرى ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزو أس ٍد بالد الختل بالقرب من الصين ‪ ..( :‬وفرق أسد العسكر في أودية الختل فمأل‬
‫أيديهم من الغنائم والسبي ‪ ( ، ) .‬وهرب أهله إلى الصين‪).‬‬
‫‪ 9‬ـ و غزا الوليد بن القعقاع أرض الروم‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ وغزا مروان بن دمحم أرمينية فدخل بالد الالن وسار فيها حتى خرج منها إلى بالد الخزر‬
‫فمر ببلنجر وسمندر وانتهى إلى البيضاء التي يكون فيها خاقان‪ ،‬فهرب خاقان منه‪.‬‬
‫عام ‪725‬‬
‫‪ 7‬ـ وفاة أسد بن عبد هللا والى خراسان ‪ ،‬وتعيين نصر بن سيار فى العام التالى ‪ .‬وقد مدح‬
‫دهقان هراة ( أسد بن عبد هللا القسرى ) فكان مما قاله له ‪( :‬ومن يُمن نقيبتك أنك لقيت‬
‫خاقان وهو في مائة ألف ومعه الحارث بن سريج فهزمته وقتلته وقتلت أصحابه وأبحت‬
‫عسكره‪ ) ،‬هذه هى ثقافة العصر ‪ ،‬القتل العام والسبى العام ‪ ،‬وهذا الدهقان الفارسى جاء‬
‫بهدية الى أسد ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ،( :‬فقدم عليه في المهرجان ومعه من الهدايا والتحف ما لم‬
‫يحمل غيره مثله‪ ،‬وكانت قيمة الهدية ألف ألف‪ ، ) .‬وهذه الهدية من عرق الفالحين الذين‬
‫كان هذا الدهقان يمصّ دماءهم ليعطى هدايا ألسد وأمثاله ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ عزل خالد بن عبد هللا القسري ( زعيم القبائل اليمنية )عن العراق ووالية يوسف بن‬
‫عمر الثقفي ( ال ُمضرى ) مكانه‪ .‬وفيما بعد عام ‪ 721‬ـ وفى خالفة الوليد بن يزيد ـ كان قتل‬
‫خالد القسرى بعد تعذيبه وإهانته ‪ ،‬فتصاعد الصراع القبلى بين قبائل اليمن وقبائل مضر ‪،‬‬
‫خصوصا مع تعيين نصر بن سيار على خراسان ‪ ،‬وهو من قبائل ( ُمضر )‪ ،‬فتعصّب نصر بن‬
‫سيار لقومه من ( ُمضر ) ولم يعين فى واليات خراسان أحدا إال من ( ُمضر ) ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزا سليمان بن هشام بن عبد الملك الصائفة وافتتح سندرة‪.‬‬
‫‪ 9‬ــ غزا إسحاق بن سلم العقيلي تونشاه وافتتح قالعها وخرب أرضها‪.‬‬

‫عام ‪727‬‬
‫‪ 7‬ـ غزا مسلمة بن هشام الروم فافتتح بها مطامير‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ثالث غزوات لنصر بن سيار فيما وراء النهر ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزو مروان بن دمحم بن مروان من ارمينيا الى طبرستان‬
‫‪ 9‬ـ غزا مسلمة بن هشام الروم فافتتح بها مطامير‬
‫‪ 0‬ـ وثار زيد بن علي زين العابدين بن الحسين ‪ .‬كان الخليفة هشام قد أهان زيد بن على ‪،‬‬
‫وأهانه أيضا الوالى خالد القسرى ‪ ،‬فالتف حول زيد شيعة الكوفة يدعونه الى الثورة‬
‫والخروج على األمويين ‪ ،‬وبرغم النصائح إستجاب لهم ‪ ،‬وثار فى العام ‪ 722‬التالى وقتلوه ‪.‬‬
‫عام ‪722‬‬
‫‪ 7‬ـ قتل عبد هللا الب ّطال أشهر جنود األمويين فى حرب الروم البيزنطيين ‪ ،‬وكانت تُقال عنه‬
‫حكايات فى ( بطوالته ) فأطلقوا عليه ( الب ّ‬
‫طال ) صيغة مبالغة من (البطل ) واسمه الحقيقى‬
‫عبد هللا أبو الحسين األنطاكي ‪ .‬وقتل الروم معه جماعة من أصحابه ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ قتل زيد بن على بن الحسين وهزيمته بعد ان تخلى عنه معظم أتباعه ‪.‬‬
‫عام ‪723‬‬
‫‪ 7‬ـ اضطرابات فى االندلس ‪ :‬إنعكاسا لما حدث للبربر عام ‪ . 771‬خلع اهل االندلس الوالى‬
‫عقبة بن الحجاج وولوا عبد الملك بن قطن ( للمرة الثانية )‪ .‬وحاصر البربر فى افريقيا‬
‫الوالى االموى بلج العبسى فاستغاث بعبد الملك بن قطن ان يعينه على الهرب الى االندلس‬
‫فرفض أبن قطن ‪ ،‬ثم إضطر ابن قطن لنجدة بلج وادخله االندلس بجنوده ‪ ،‬وكانوا فى اسوأ‬
‫حصار ‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬وشرط عليهم أن يقيموا سنة ويرجعوا إلى إفريقية‪ ،‬فأجابوه إلى‬
‫ذلك )‪ .‬وقاتل بلج جمعا من البربر فى شدونة االندلسية‪ ،‬وأهلكوهم وسلبوهم ‪ ،‬تقول الرواية‬
‫‪ ( :‬وقصدوا جمعا ً من البربر بشدونة فقاتلوهم فظفروا بالبربر فأهلكوهم وغنموا مالهم‬
‫ودوابهم وسالحهم‪ ،‬فصلحت أحوال أصحاب بلج وصار لهم دواب يركبونها‪ ).‬وطلب عبد‬
‫الملك والى االندلس من بلج الرحيل الى أفريقيا ‪ ،‬وتنازع معه ‪ ،‬وانتهى األمر بالقتال ‪،‬‬
‫وانهزم عبد الملك بن قطن ‪ ،‬وقتله بلج وصلبه‪ ،‬وتولى االندلس مكانه‪ .‬وكان عبد الملك بن‬
‫قطن فى التسعين من عمره حين مقتله‪ ،‬وهرب ولداه قطن وأمية‪ ،‬فلحق أحدهما بماردة‬
‫واآلخر بسرقسطة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ غزا نصر بن سيار فرغانة غزوته الثانية‪.‬‬
‫عام ‪729‬‬
‫‪ 7‬ـ بداية ظهور أبى مسلم الخراسانى قائد جيش العباسيين الذى أسقط الولة األموية عام‬
‫‪. 732‬‬
‫‪ 2‬ـ الحرب فى االندلس ( بين بلج وابني عبد الملك ‪ ،‬ووفاة بلج ووالية ثعلبة بن سالمة‬
‫األندلس ) ‪ :‬تحالف مع إبنى عبد الملك بن قطن جموع من البربر والعرب وكانوا مائة ألف‬
‫مقاتل‪ ،‬فسمع بهم بلج والذين معه فسار إليهم‪ ،‬والتقوا واقتتلو تقاالً شديداً‪ ،‬وجرح بلج‬
‫جراحات‪ ،‬ثم ظفر بابني عبد الملك والبربر ومن معهم وقتل منهم فأكثر ‪ ،‬وعاد إلى قرطبة‬
‫مظفراً منصوراً‪ ،‬فبقي سبعة أيام‪ ،‬ومات من الجراحات التي فيه‪ .‬وعين مكانه ثعلبة العجلى ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وثارت في أيامه البربر بناحية ماردة‪ ،‬فغزاهم ثعلبة العجلى فقتل فيهم فأكثر‪ ،‬وأسر‬
‫منهم ألف رجل وأتى بهم إلى قرطبة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزا سليمان بن هشام الصائفة‪ ،‬فلقي أليون ملك الروم فغنم‪.‬‬
‫عام ‪720‬‬
‫‪ 7‬ـ وفاة الخليفة هشام بن عبد الملك وتولى ابن أخيه الوليد بن يزيد ‪ ،‬ونهاية عهد‬
‫االستقرار فى البيت األموى ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وأمر الخليفة الجديد ( الماجن الملحد ) الوليد بن يزيد والى خراسان نصر بن سيار أن‬
‫يحمل اليه ( ما قدر عليه من الهدايا واألموال‪ )،‬و( أن يتخذ له برابط وطنابير وأباريق ذهب‬
‫وفضة‪ ،‬وأن يجمع له كل صناجه بخراسان‪ ،‬وكل بازي وبرذون فاره‪ ،‬ثم يسير بكل ذلك‬
‫بنفسه في وجوه أهل خراسان‪ .).‬ونفّذ الوالى األمر ‪ ،‬وسار بالهدايا ومن معه فبلغه فى‬
‫الطريق قتل الخليفة الوليد فرجع بما معه ومن معه ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين فى خراسان ‪ .‬كان يحيى قد هرب الى خراسان‬
‫بعد فشل ثورة ابيه ومقتله ‪ ،‬واستخفى عند الحريش بن عمر ‪ ،‬فبلغ ذلك والى العراق الذى‬
‫تتبعه خراسان ‪ ،‬وهو يوسف بن عمر ( وهو الذى هزم زيد بن على بن الحسين ) فأمر والى‬
‫خراسان نصر بن سيار فضرب الحريش ستمائة سوط ‪ ،‬وتحمل الحريش ورفض أن يدل على‬
‫يحيى ‪ ،‬ولكن إبنا للحريث خاف على أبيه من القتل بالسوط فأقر بمكان يحيى فاعتقله نصر ‪،‬‬
‫ولكن الخليفة الوليد أمر باطالق سراح يحيى ‪ .‬وسار يحيى ثم جمع أنصارا وثار بهم ‪،‬‬
‫وانتهى أمره بالهزيمة والقتل ‪ ،‬وامر الخليفة الوليد بإحراق جثة زيد بن على بن الحسين‬
‫صلب بالجوزجان‪ ،‬فلم يزل‬ ‫والد يحيى ‪ ،‬ونثر رماده فى الفرات ‪( ،‬وأما يحيى ‪ ،‬فإنه لما قتل ُ‬
‫مصلوبا ً حتى ظهر أبو مسلم الخرساني وأستولى على خراسان‪ ،‬فأنزله وصلى عليه ودفنه ‪،‬‬
‫وامربالنياحة عليه في خراسان‪ ،‬واخذ ابو مسلم ديوان بني أمية ‪ ،‬وعرف منه أسماء من‬
‫حضر قتل يحيى‪ ،‬فمن كان حيا ً قتله ‪،‬ومن كان ميتا ً خلفه في أهله بسوء‪. ).‬‬
‫‪ 9‬ـ ( خرجت الروم إلى زبطرة‪ ،‬وهو حصن قديم كان افتتحه حبيب بن مسلمة القهري‪،‬‬
‫فأخربته الروم اآلن‪ ،‬فبنى بناء غير محكم‪ ،‬فعاد الروم وأخربوه أيام مروان بن دمحم ‪..‬ثم بناه‬
‫الرشيد وشحنه بالرجال‪ ،‬فلما كانت خالفة المأمون طرقه الروم فشعثوه‪ ،‬فأمر المأمون برمته‬
‫وتحصينه‪ ،‬ثم قصده الروم أيام المعتصم ‪) ..‬‬
‫‪ 0‬ـ غزا الغمر بن يزيد بن عبد الملك ‪.‬‬
‫عام ‪721‬‬
‫‪ 7‬ـ ‪ .‬قتل خالد بن عبد هللا القسرى ‪ ،‬والى العراق السابق وزعيم قبائل اليمن ‪ ،:‬وكان قتله‬
‫دخوال فى صراع قبائل مضر مع قبائل اليمن ‪ ،‬وتداخل هذا الصراع مع صراعات البيت‬
‫األموى فأضعفه‪ ،‬وكان خالد القسرى متهما فى دينه ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ قتل الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك ‪ ،‬قتله ابن عمه يزيد الثالث ( يزيد بن الوليد بن‬
‫عبد الملك ) وتولى مكانه ‪ .‬تقول الرواية ( وكان سبب قتله ما تقدم ذكره من خالعته‬
‫ومجانته‪ ،‬فلما ولي الخالفة لم يزد من الذي كان فيه من اللهو واللذة والركوب للصيد وشرب‬
‫النبيذ ومنادمة الفساق إال تمادياً‪ ،‬فثقل ذلك على رعيته وجنده وكرهوا أمره‪ ،‬وكان أعظمه ما‬
‫جنى على نفسه إفساده بني عميه هشام والوليد‪ ،‬فإنه أخذ سليمان بن هشام فضربه مائة‬
‫سوط وحلق رأسه ولحيته وغربه إلى عمان من أرض الشام فحبسه بها‪ ،‬فلم يزل محبوسا ً‬
‫حتى قتل الوليد ‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ اضطراب أمر بني أمية‪ ( :‬وثوب سليمان بن هشام بن عبد الملك بعد قتل الوليد بعمان‪،‬‬
‫وكان قد حبسه الوليد بها‪ ،‬فخرج من الحبس وأخذ ما كان بها من األموال وأقبل إلى دمشق‬
‫وجعل يلعن الوليد ويعبه بالكفر‪ ( ) .‬خالف أهل حمص‪ :‬لما قتل الوليد أغلق أهل حمص‬
‫أبوابها وأقاموا النوائح والبواكي عليه‪ ( ) ... ،‬خالف أهل فلسطين‪ :‬وثب أهل فلسطين على‬
‫عاملهم سعيد بن عبد الملك فطردوه‪ ،‬وكان قد استعمله عليهم الوليد‪ ،‬وأحضروا يزيد بن‬
‫سليمان بن عبد الملك فجعلوه عليهم وقالوا له‪ :‬إن أمير المؤمنين قد قتل فتول أمرنا‪ .‬فةليهم‬
‫عزل الخليفة الجديد ( يزيد بن الوليد ) يوسف‬‫ودعا الناس إلى قتال يزيد‪ ،‬فأجابوه‪ ( ) ...‬و ٌ‬
‫ابن عمر على العراق وولي منصور بن جمهور‪ ،‬فامتنع نصر بن سيار والى خراسان من‬
‫االعتراف به ) ( نشوب الحرب بين أهل اليمامة وواليهم األموى وهزموه فهرب ‪ ،‬وتجددت‬
‫الحروب بين القبائل هناك فيما يسمى بيوم الفلج األول والفلج الثانى ‪ ،‬واستمرت القالقل الى‬
‫أن جاءت الدولة العباسية ) ( وعزل الخليفة يزيد الثالث منصور بن جمهور عن العراق‬
‫وولى مكانه إبنا لعمر بن عبد العزيز ‪ ،‬هو عبد هللا ‪ ،‬وقال له ( سر إلى العراق فإن أهله‬
‫بميلون إلى أبيك‪ ،) .‬وحاول إرضاء أهل العراق فثار عليه قواده من أهل الشام ‪ ( ،‬وثار‬
‫غوغاء الناس من الفريقين فأصيب منهم رهط لم يعرفوا‪ ( ) .‬وسقطت خراسان فى حروب‬
‫قبلية بين القبائل النزارية المضرية يتزعمها نصر بن سيار والقبائل اليمنية القحطانية‬
‫يتزعمها الكرمانى ‪ ( ) .‬وطلب الحارث بن سريج األمان فأعطوه األمان وكان الجئا عند‬
‫الترك اثنتي عشرة سنة‪ ،‬وعاد إلى خراسان‪.‬وتحالف مع نصر بن سيار )‬
‫‪ 9‬ـ فى االضطراب الذى كان فى ( شمال ) أفريقيا واألندلس التابع لها ‪( :‬ثار بعبد الرحمن‬
‫جماعة من العرب والبربر ثم قتل بعد ذلك‪ .‬فممن خرج عليه عروة بن الوليد الصدفي‬
‫واستولى على تونس‪ ،‬وقام أبو عطاف عمران بن عطاف األزدي فنزل بطيفاس‪ ،‬وثارت‬
‫البرر بالجبال‪ ،‬وخرج عليه ثابت الصنهاجي بباجة فأخذها‪ )...‬واستمر االضطراب فيها من‬
‫طرابلس (فى ليبيا اآلن ) الى االندلس ‪ ،‬من هذا الوقت الى أن هرب اليها عبد الرحمن‬
‫األموى ( الداخل ) أو ( صقر قريش ) فدخل باألندلس عصرا جديدا ‪.‬‬
‫‪ 0‬ــ ومرض الخليفة الجديد الشاب يزيد بن الوليد ( فجأة ) فعهد بالخالفة ألخيه ابراهيم بن‬
‫الوليد ‪ ،‬ورفض والى أرمينية القوى مروان بن دمحم بن مروان االعتراف بهذا فجاء بجيشه‬
‫بحجة الدفاع عن حق أبناء الخليفة المقتول الوليد بن يزيد ‪ .‬ومات الخليفة يزيد الثالث بعد‬
‫أن حكم ستة أشهر ‪( . !.‬فلما مات يزيد بن الوليد قام باألمر بعده أخوه إبراهيم‪ ،‬غير أنه لم‬
‫يتم له األمر‪ ،‬فكان يسلم عليه تارة بالخالفة وتارة باإلمارة وتارة ال يسلم عليه بواحدة‬
‫منهما‪ ،‬فمكث أربعة أشهر‪ ..‬ثم سار إليه مروان بن دمحم فخلعه ‪. ).‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخبِي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ إِاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫سبِي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫مسلسل الدماء بين (المسلمين فى دار السالم) فى خالفة مروان بن دمحم (‪) 732 : 721‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫توقفت مؤقتا حرب ( دار السالم ) لدار الحرب والكفر ألن قادة (دار السالم ) ــ وهم أساس‬
‫البالء ــ دخلوا فى حروب متصلة مروعة ‪ ،‬ومن ُحسن حظهم أن دار الكفر لم ينتهزوها‬
‫فرصة لإلنتقام ورد العدوان ‪ .‬واألبطال الفاعلون فى مسلسل الدماء كانوا من األمويين وبنى‬
‫عمومتهم العباسيين ‪ ،‬وهم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ مروان بن دمحم بن مروان ‪ ،‬والى أرمينية والجزيرة القوى ‪ ،‬وكان صلبا عنيفا داهية ‪،‬‬
‫وقد كان لقبه ( مروان الحمار ) بسبب صبره ‪ .‬وتولى الخالفة فى وقت تداعى الدولة فلم‬
‫تنفعه شدته وال حنكته ‪ ،‬خصوصا وأنه تمتع بأهم رذائل خلفاء بنى أمية ‪ ،‬وهى القسوة‬
‫المفرطة والتعصب القبلى لفريق ضد فريق ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ثم سليمان بن هشام بن عبد الملك ‪ ،‬وهو شخصية درامية قضى الشطر األول من عمره‬
‫يقاتل ضد البيزنطيين ‪ ،‬ثم أهانه الخليفة الوليد بن يزيد ( الماجن ) ‪ ،‬تقول الرواية فى سبب‬
‫قتل الخليفة الوليد بن يزيد ( الماجن ) عام ‪ ( :721‬وكان سبب قتله ما تقدم ذكره من‬
‫خالعته ومجانته‪ ،‬فلما ولي الخالفة لم يزد من الذي كان فيه من اللهو واللذة والركوب للصيد‬
‫وشرب النبيذ ومنادمة الفساق إال تمادياً‪ ،‬فثقل ذلك على رعيته وجنده وكرهوا أمره‪ ،‬وكان‬
‫أعظمه ما جنى على نفسه إفساده بني عميه هشام والوليد‪ ،‬فإنه أخذ سليمان بن هشام‬
‫فضربه مائة سوط وحلق رأسه ولحيته وغربه إلى عمان من أرض الشام فحبسه بها‪ ،‬فلم‬
‫يزل محبوسا ً حتى قتل الوليد ‪ . ) .‬إنضم سليمان بن هشام الى يزيد بن الوليد ( ولقبه يزيد‬
‫الناقص ‪ ،‬ألنه أنقص عطاء الناس ‪ ،‬بأن خصم الزيادة التى زادها الوليد الماجن ) وقتلوا‬
‫الوليد (الماجن) وحبسوا ولديه ( الحكم وعثمان ) ‪ ،‬وبعد الموت المفاجىء ليزيد الناقص‬
‫وتولى أخيه ابراهيم الخالفة كان سليمان بن هشام هو القائد الحربى البراهيم ‪ ،‬الذى واجه‬
‫الثائر مروان بن دمحم حين جاء بجيشه من أرمينيا والجزيرة مدافعا عن حق ابنى الوليد ابن‬
‫يزيد الماجن المقتول ( الحكم وعثمان )‪ .‬وانتهى األمر بسليمان بن هشام هذا وقد وبايع‬
‫الضحاك الخارجى الذى استولى على الكوفة‪ .‬ثم قتله الخليفة العباسى السفاح ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أبطال االنتصار هم العباسيون فى قيادتهم السياسية ‪ ( ،‬ابراهيم االمام ‪ ،‬ثم السفاح أول‬
‫خليفة عباسى )‪ ،‬واألبطال العسكريون‪ (:‬أبو مسلم الخراسانى ) وقحطبة بن شبيب ‪ ،‬وابنه‬
‫الحسن ‪ ،‬وعلى بن عبد هللا العباسى وصالح العباسى ‪،‬الذين هزموا مروان بن دمحم ‪ ،‬ثم قتلوه‬
‫وأسقطوا الدولة األموية ‪.‬‬
‫ونعطى موجز األنباء لمسلسل الدماء ( الداخلى ) من عام ‪. 732 : 721‬‬
‫عام ‪721‬‬
‫‪ 7‬ـ مروان بن دمحم حاكم أرمينية القوى ثار على ( يزيد ) الناقص ‪ ،‬وجاء بجنه مطالبا بحق‬
‫ابنى الوليد بن يزيد المقتول ‪ ،‬وهما ( الحكم وعثمان ) ‪ ،‬وحاصر مروان قنسرين فنزلوا‬
‫على طاعته‪ ،‬ثم حاصر حمص فبايعوه وساروا معه قاصدين دمشق‪ ،‬ومعهم جند الجزيرة‬
‫وجند قنسرين‪ ...‬فتوجه مروان إلى دمشق في ثمانين ألفاً‪ ،‬وتقاتل مع جيش إبراهيم بن‬
‫الوليد بن هشام بن عبد الملك الذى يقوده سليمان بن هشام بن عبد الملك بلغ مائة وعشرين‬
‫ألفاً‪ ،‬فانهزم سليمان بن هشام ‪ ،‬وقتل من عسكره نحو ثمانية عشر ألفا ً وأسر منهم مثلهم‬
‫‪..‬وأما سليمان بن هشام وبقية أصحابه فإنهزمزا ولحقوا بدمشق ‪ ،‬وقرروا قتل ابنى الوليد‬
‫بن يزيد ( الحكم وعثمان ) خوفا من ان يغلب مروان فينتقما ممن قتل أباهما ‪ .‬وتولى قتلهما‬
‫فى السجن يزيد بن خالد بن عبد هللا القسري‪ ،‬فقتلهما وقتل معهما يوسف بن عمر ‪ -‬وكان‬
‫مسجونا ً معهما ‪ -‬وكان يوسف بن عمر هذا هو والى العراق من قبل ‪ ،‬وهو الذى قام من قبل‬
‫بتعذيب وقتل خالد القسرى ‪ .‬وبمقتل ابنى الوليد الماجن أُتيح لمروان أن يطلب الخالفة لنفسه‬
‫‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ واقترب مروان بجيشه من دمشق فهرب الخليفة ابراهيم بن الوليد ‪ ،‬بينما استحوذ‬
‫ففرق منه على الجنود وهرب من دمشق ‪.‬‬ ‫سليمان بن هشام على بيت المال فى دمشق ّ‬
‫وبويع مروان بالخالفة بعد دخوله دمشق ‪ .‬وعيّن والة من قبله ‪ .‬وسار موالى الوليد بن يزيد‬
‫( الماجن المقتول ) الى قبر ( يزيد الناقص ) فنبشوه وصلبوا جثته على باب الجابية إنتقاما‬
‫لقتله ( الوليد الماجن ) ‪.‬‬
‫وطلب ابراهيم الخليفة السابق وسليمان بن هشام قائده العسكرى األمان من مروان فأ ّمنهما‬
‫وأكرمهما ‪ ،‬وجعلهما الى جانبه ‪ .‬ثم ثار أهل الشام على مروان بعد أن بايعوه‬
‫‪ 3‬ـ ثارت حمص فحاصرها مروان وهزمها ‪ ( .‬وقتل مروان جماعةً من أسرائهم‪ ،‬وصلب‬
‫خمسمائة من القتلى حول المدينة ‪.) .‬‬
‫‪ 9‬ـ ثارت دمشق والغوطة بقيادة يزيد بن خالد القسرى ‪ ،‬وهزمهم جيش مروان وقتل يزيد‬
‫القسرى ‪ ( :‬واستباح أهل مروان عسكرهم وأحرقوا المزة وقرى من اليمانية‪ ،‬وأخذ يزيد بن‬
‫خالد فقتل‪ ،‬وبعث زامل برأسه إلى مروان بحمص‪).‬‬
‫‪ 0‬ـ وخرج ثابت بن نعيم في أهل فلسطين على الخليفة وأتوا طبرية فحاصروها‪ ،‬فبعث‬
‫الخليفة إليهم جيشا ً فأجلوهم عنها واستباحوا عسكرهم‪ ،‬وفر ثابت بن نعيم هاربا ً إلى فلسطين‬
‫فاتبعه األمير أبو الورد فهزمه ثانية وتفرق عنه أصحابه‪ ،‬وأسر أبو الورد ثالثة من أوالده‬
‫فبعث بهم إلى الخليفة ‪ .‬وتم أسر ثابت بن نعيم ‪ ،‬فقطع مروان يديه ورجليه‪ ،‬وكذلك جماعة‬
‫كانوا معه‪ ،‬ثم صلبهم على ابواب دمشق‪ (:‬فأمر به وبأوالده الثالثة فقطعت أيديهم وأرجلهم‬
‫و ُحملوا إلى دمشق فألقوا على باب المسجد‪ ،‬ثم صلبهم على أبواب دمشق‪) .‬‬
‫‪ 1‬ــ إستأذن سليمان بن هشام من الخليفة مروان أن يستريح فى الرصافة ‪ ،‬فأذن له‪ .‬وأقام‬
‫سليمان بالرصافة ‪ ،‬وانضم الى سليمان عشرة آالف من فرسان مروان وثار بهم على‬
‫مروان معلنا خلعه ‪ ،‬وسار بهم سليمان الى قنسرين‪ ،‬وإنضم اليه كثيرون من أهل الشام ‪،‬‬
‫كما إنضم اليه حوالى ‪ 15‬ألفا من جيش ابن هبيرة الذى كان مروان قد أرسله لقتال‬
‫الضحاك الخارجى فى الكوفة‪ .‬وقاتل مروان جيش سليمان بن هشام فهزمه ‪ ،‬وهرب سليمان‬
‫بن هشام الى حمص ‪ ،‬ولجأ اليه من بقى من جيشه ‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬واجتمع إلى سليمان‬
‫نحوا من سبعين ألفا ً من أهل الشام والذكوانية وغيرهم‪ ،‬وعسكر بقرية خساف من أرض‬
‫قنسرين‪ ،‬وأتاه مروان فواقعه عند وصوله‪ ،‬فاشتد بينهم القتال‪ ،‬وانهزم سليمان ومن معه‪،‬‬
‫واتبتعهم خيل مروان تقتل وتأسر‪ ،‬واستباحوا معسكرهم‪ ،‬ووقف مروان موقفا ً ووقف ابناه‬
‫موقفين‪ ،‬ووقف كوثر صاحب شرطته موقفاً‪ ،‬وأمرهم أن ال يؤتوا بأسير إال قتلوه إال عبداً‬
‫مملوكا ً‪ .‬فأحصي من قتالهم يومئذ نيف على ثالثين ألف قتيل‪ ،‬وقتل إبراهيم بن سليمان‬
‫وأكثر ولده‪ ،‬وخالد بن هشام المخزومي خال هشام ابن عبد الملك‪ ،‬وادعى كثير من األسراء‬
‫للجند أنهم عبيد‪ ،‬فكف عن قتلهم وأمر ببيعهم فيمن يزيد ( أى فى المزاد ) مع من أصيب من‬
‫عسكرهم‪ .‬وهرب سليمان إلى حمص‪ ،‬وانضم إليه من أفلت ممن كان معه‪ ،‬فعسكر بها )‬
‫وسار اليه مروان بن دمحم ( وانهزم أصحاب سليمان‪ ،‬وقتل منهم نحو من ستة آالف ) ( فلما‬
‫بلغ سليمان هزيمتهم خلف أخاه سعيداً بحمص ‪ ..‬ونزل مروان على حمص فحصر أهلها‬
‫عشرة أشهر ونصب عليهم نيفا ً وثمانين منجنيقا ً يرمى بها الليل والنهار‪ ،‬وهم يخرجون إليه‬
‫كل يوم فيقاتلونه‪ ،‬وربما بيتوا نواحي عسكره‪ .‬فلما تتابع عليهم البالء طلبوا األمان‪) ..‬‬
‫‪ 1‬ــ وثار بالكوفة عبد هللا بن معاوية بن عبد هللا بن جعفر بن أبى طالب ‪ .‬انتهز الشيعة فى‬
‫الكوفة ضعف الوالى عبد هللا بن عمر بن عبد العزيز فدعوا الى خالفة (عبد هللا بن معاوية )‬
‫وانهزم عبد هللا بن معاوية ‪ ،‬وأعطاه عبد هللا بن عمر أمانا فغادر الى المدائن‪ ،‬فأتاه قوم من‬
‫أهل الكوفة‪ ،‬فخرج بهم فغلب على حلوان والجبال وهمذان وأصبهان والري‪ ،‬وخرج إليه‬
‫عبيد أهل الكوفة‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ وبعودة الحارث بن سريج الى ( مرو ) فى وقت الصراع بين نصر بن سيار والكرمانى‬
‫بدأ يُع ُّد للثورة مرة أخرى بحجة األمر بالمعروف والنهى عن المنكر ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وكان الضحاك الخارجى قد استولى على الكوفة وهزم واليها عبد هللا بن عمر بن عبد‬
‫العزيز ‪ ،‬وبايع ابن عمر بن عبد العزيز الضحاك الخارجى بالخالفة ‪ ،‬وقدم الى الكوفة أيضا‬
‫سليمان بن هشام بن عبد الملك هاربا بعد هزيمته من مروان ‪ ،‬فبايع الضحاك الخارجى ‪.‬‬
‫فقال الشاعر ساخرا ‪ :‬ألم تر هللا أظهر دينه ** وصلّت قريش خلف بكر بن وائل‪.‬‬
‫عام ‪721‬‬
‫‪ 7‬ـ قتل الحارث سريج وسط صراع الكرمانى ونصر بن سيار ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وألقى ابراهيم االمام ( صاحب الدعوة العباسية ) أوامره ألبى مسلم الخراسانى ‪( :‬‬
‫احفظ وصيتي‪ ،‬انظر هذا الحي من اليمن فالزمهم واسكن بين أظهرهم‪ ،‬فإن هللا ال يتم هذا‬
‫األمر إال بهم‪ ،‬فاتهم ربيعة في أمرهم‪ ،‬وأما مضر فإنهم العدو القريب الدار‪ ،‬واقتل من شككت‬
‫فيه‪ ،‬وإن استطعت أن ال تدع بخراسان من يتكلم بلعربية فافعل‪ ،‬وأيما غالم بلغ خمسة أشبار‬
‫تتهمه فاقتله‪ . ) .‬كانت قبائل اليمن منحرفة عن األمويين وقتها ‪ ،‬بينما لم تكن قبائل ربيعة (‬
‫النزارية ) مخلصة للدعوة ‪ ،‬وكانت قبائل مضر النزارية فى معظمها مع األمويين ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ مع الخوارج ‪ :‬وارسل مروان فرقة قتلت الضحاك وستة آالف كانوا معه ‪ .‬وبايع‬
‫الخوارج بعده الخيبرى ‪ ،‬وكان معه سليمان بن هشام األموى فى أكثر من ثالثة آالف من‬
‫أهل بيته ومواليه ‪ .‬وانهزم مروان أمام الخبيرى ‪.‬ثم لم يلبث الخيبرى أن قُتل‬
‫وظهر أبو حمزة الخارجى ‪ ،‬واسمه ( المختار بن عوف األزدي السلمي البصري‪ ،‬وكان أول‬
‫مرة أنه كان من الخوارج اإلباضية‪ ،‬يوافي كل سنة مكة يدعو الناس إلى خالف مروان بن‬
‫دمحم‪ ،‬فلم يزل كذلك حتى وافى عبد هللا بن يحيى المعروف بطالب الحق في آخر سنة ثمان‬
‫وعشرين‪ ،‬فقال له‪ :‬يا رجل أسمع كالما ً حسنا ً وأراك تدعوا إلى حق‪ ،‬فانطلق معي فإني رجل‬
‫مطاع في قومه‪ .‬فخرج حتى ورد حضرموت‪ ،‬فبايعه أو حمزة على الخالفة ودعا إلى خالف‬
‫مروان وآل مروان‪) .‬‬
‫عام ‪724‬‬
‫‪ 7.‬ـ بعد قتل الخيبرى فى العراق بايع الخوارج شيبان بن عبد العزيز أبو الدلف اليشكري‪،‬‬
‫وبنصيحة سليمان بن هشام انسحب الخوارج من الكوفة الى الموصل ‪ ،‬وانضم اليهم أهل‬
‫الموصل ضد مروان بن دمحم ‪ ( .‬فأقام مروان ستة أشهر يقاتلهم‪ ،‬وقيل تسعة أشهر‪.‬‬
‫وأتي مروان بابن أخ لسليمان بن هشام يقال له أمية بن معاوية بن هشام‪ ،‬وكان مع عمه‬
‫سليمان في عسكر شيبان أسيراً‪ ،‬فقطع يديه وضرب عنقه‪ ،‬وعمه ينظر إليه‪ ) .‬وتتابعت‬
‫فصول المعارك بين مروان األموى وشيبان الخارجى الى أن هزمه مروان فهرب شيبان الى‬
‫إلى سجستان ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ مقتل الكرماني بعد أن قتل الحارث بن سريج ‪ ،‬وذلك فى إطار الصراع المسلح بينه‬
‫وبين نصر بن سيار ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وفوجىء العرب فى خراسان بظهور أبى مسلم وكثرة أتباعه وظهور دعوته فتعاقدوا‬
‫على حربه ‪ .‬وانتصر أبو مسلم على من حاربه منهم ‪ ،‬وظهر عبد هللا بن معاوية بن جعفر‬
‫وغلب فى ارض فارس ‪ ،‬فحاربه وغلبه ابو مسلم وقتله ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ واستولى ابو حمزة الخارجى على المدينة ومكة ‪.‬‬
‫عام ‪735‬‬
‫‪ 7‬ـ دخول أبي مسلم مرو والبيعة بها ‪ ،‬وقد بايعه على بن الكرمانى زعيم قبائل اليمن بعد‬
‫مقتل ابيه ‪ ،‬ورفض نصر بن سيار البيعة وهرب من مرو الى سرخس ‪ .‬ورفض شيبان‬
‫الخارجى البعة فقاتله ابو مسلم وهزمه وقتله ‪ .‬ولم يلبث أبو مسلم أن قتل عليا بن الكرمانى‬
‫وكبار أتباعه ‪ ،‬وغلب أبو مسلم على خراسان‪ ،‬وبعث العمال على البالد‪ ،‬وبعث قحطبة بن‬
‫أبى شبيب إلى طوس فهزمهم‪ ،‬وكان من مات منهم في الزحام أكثر ممن قتل‪ ،‬فبلغ عدة‬
‫القتلى بضعة عشر ألفا ً‪ .‬وبعث جيشا الى نيسابور وقاتل تميم بن نصر بن سيار وهزمه‬
‫وقتله ‪ ،‬وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة واستبيح عسكرهم‪ ،‬وكان عدة من معه ثالثين ألفاً‪،‬‬
‫وبلغ الخبر نصر بن سيار بنيسابور بقتل ابنه‪.‬ولما استولى قحطبة على عسكرهم سار هو‬
‫إلى نيسابور‪ ،‬وبلغ ذلك نصر بن سيار فهرب منها فيمن معه فنزل قومس‪ ،‬وتفرق عنه‬
‫أصحابه فسار إلى نباتة بن حنظلة بجرجان‪ ،‬وقدم قحطبة نيسابور بجنوده فأقام بها رمضان‬
‫وشوال‪ .‬ثم قاتل وقتل نباته بن حنظلة والى جرجان‬
‫‪ 2‬ــ أبو حمزة الخارجى يهزم أهل المدينة عندما عصوا اوامره ‪ .‬وكان عدة القتلى سبعمائة‪.‬‬
‫وأقام أبو حمزة بالمدينة ثالثة أشهر‪ .‬وخرج أبو حمزة لقتال مروان فهزمه مروان وقتله ‪ .‬ثم‬
‫قُتل عبد هللا بن يحيى ( طالب الحق ) ‪ ( :‬وحمل رأسه إلى مروان بالشام )‬
‫‪ 3‬ــ واوقع قحطبة بن شبيب بأهل جرجان‪:‬‬
‫عام ‪737‬‬
‫‪ 7‬ـ فى معارك متصلة ‪ :‬دخول قحطبة الرى ثم اصفهان ثم نهاوند وفتح شهرزور‪ :‬ومسير‬
‫قحطبة إلى ابن هبيرة بالعراق وهروب ابن هبيرة إلى الكوفة لقحطبة‪ ،‬وقطع قحطبة الفرات‬
‫‪ ،‬ثم سار يريد الكوفة حتى أنتهى إلى الموضع الذي فيه ابن هبيرة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الوليد بن عروة السعدي‪ ،‬دخل ( المدينة ) وانتقم من خصومه ( فقتل منهم مقتلةً‬
‫عظيمةً وبقر بطون نسائهم وقتل الصبيان وحرق من قدر عليه منهم‪).‬‬
‫عام ‪: 732‬‬
‫‪ 7‬ـ هلك قحطبة بن شبيب بعد أن هزم ابن هبيرة ‪ ،‬وتولى الحسن مكان أبيه قحطبة‬
‫‪ 2‬ـ وفى الكوفة انضم دمحم بن خالد القسرى للدعوة الجديدة ‪ ،‬ودخلت الكوفة فى الدعوة ‪،‬‬
‫وفيها كان إعالن الدولة العباسية ‪ ،‬ومبايعة أول خليفة ‪ ،‬وهو أبو العباس عبد هللا بن دمحم بن‬
‫علي بن عبد هللا بن عباس‪ ،‬وأصبح لقبه ( السفاح ) بسبب المجازر فى عهده ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ هزيمة مروان بن دمحم فى موقعة الزاب ‪ ،‬وكانت عصبيته ضد قبائل اليمن من أسباب‬
‫تخليهم عنه فى المعركة ‪ ،‬تقول الرواية ( واشتد بينهم القتال‪ .‬فقال مروان لقضاعة‪ :‬انزلوا‪.‬‬
‫فقالوا‪ :‬قل لبني سليم فلينزلوا‪ .‬فأرسل إلى السكاسك أن احملوا‪ .‬فقالوا‪ :‬قل لبني عامر‬
‫فليحملوا‪ .‬فأرسل إلى السكون أن احملوا‪ ،‬فالوا‪ :‬قل لغطفان فليحملوا‪ .‬فقال لصاحب شرطته‪:‬‬
‫انزل‪ .‬فقال‪ :‬وهللا ما كنت ألحعل نفسي غرضا ً‪ .‬قال‪ :‬أما وهللا ألسؤنك! فقال‪ :‬وددت وهللا أنك‬
‫قدرت على ذلك‪ ) .‬ولجأ مروان الى حيلة المال ‪ ..( :‬فأمر باألموال فأخرجت‪ ،‬وقال للناس‪:‬‬
‫اصبروا وقاتلوا فهذه األموال لكم‪ .‬فجعل ناس من الناس يصيبون من ذلك‪ ،‬فقيل له‪ :‬إن‬
‫الناس قد مالوا على هذا المال وال نأمنهم أن يذهبوا به‪ .‬فأرسل إلى ابنه عبد هللا‪ :‬أن سر في‬
‫أصحابك إلى قوم عسكرك فاقتل من أخذ من المال وامنعهم‪. ) .‬‬
‫‪ 9‬ـ كان مروان قد علم أن ابراهيم بن دمحم بن على بن عبد هللا بن عباس هو إمام الدعوة ‪،‬‬
‫فحبسه ‪ ،‬ثم قتل فى السجن ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ قتل مروان بن دمحم بن الحكم فى أخر معركة له فى ابوصير بمصر ‪ ،‬وكان مروان قد‬
‫واصل الهرب وخلفه جيوش العباسيين ‪ ،‬من الموصل‪ (:‬وسبّه أهل الموصل‪ ،‬وقالوا‪ :‬ياجعدي‬
‫! يا معطل‪ ..‬الحمد هلل الذي أزال سلطانكم وذهب بدولتكم! الحمد هلل الذي أتانا بأهل بيت‬
‫نبينا! ) ( ومضى مروان إلى حمص‪ ،‬فلقيه أهلها بالسمع والطاعة‪ ،‬فأقام بها يومين أو‬
‫ثالثة ثم سار منها‪ .‬فلما رأوا قلة ممن معه طمعوا فيه وقالوا‪ :‬مرعوب منهزم؛ فاتبعوه بعدما‬
‫رحل عنهم فلحقوه على أميال‪ .‬فلما رأى غبرة الخيل كمن لهم‪ ،‬فلما جاوزوا الكمين صافهم‬
‫مروان فيمن معه وناشدهم‪ ،‬فأبوا إال قتاله‪ ،‬فقاتلهم وأتاهم الكمين من خلفهم‪ ،‬فانهزم أهل‬
‫حمص وقتلوا حتى انتهوا إلى قريب المدينة‪ ( ) .‬وأتى مروان دمشق وعليها الوليد بن‬
‫معاوية بن مروان‪ ،‬فخلفه بها وقال‪ :‬قاتلهم حتى يجتمع أهل الشام‪ ) .‬وطارده جيش‬
‫العباسيين الى مصر‪ ( ،‬وحملوا على أصحاب مروان فانهزموا‪ ،‬وحمل رجل من أهل الكوفة‬
‫كان يبيع الرمان فاحتز رأسه‪ ،‬فأخذه عامر فبعث به إلى أبي عون‪ ،‬وبعثه أبو عون إلى‬
‫صالح‪ .‬فلما وصل إليه أمر أن يقص لسانه‪ ،‬فانقطع لسانه‪ ،‬فأخذه هر‪ ،‬فقال صالح‪ :‬ماذا ترينا‬
‫األيام من العجائب والعبر! هذا لسان مروان قد أخذه هر " ‪ . !.‬وسيره صالح إلى أبي‬
‫العباس السفاح‪.‬وكان قتله لليلتين بقيتا من ذي الحجة‪ ،‬ورجع صالح إلى الشام وخلف أبا‬
‫عون بمصر وسلم إليه السالح واألموال والرقيق‪.‬ولما وصل الرأس إلى السفاح كان بالكوفة‪،‬‬
‫فلما رآه سجد ثم رفع رأسه فقال‪ :‬الحمد هللا الذي أظهرني عليك وأظفرني بك ولم يبق ثأري‬
‫قبلك وقبل رهطك أعداء الدين! )‬
‫‪ 1‬ـ قتل العباسيين لبني أمية‪:‬‬
‫دخل سديف على السفاح وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك وقد أكرمه‪ ،‬فقال سديف‬
‫شعرا فى التحريض على بنى أمية ‪ ،‬فقتل السفاح ( سليمان بن هشام )‪ .‬ودخل شبل بن عبد‬
‫هللا على ( عبد هللا بن علي ) وعنده من بني أمية نحو تسعين رجالً على الطعام‪ ،‬فأقبل‬
‫عليه شبل فقال شعرا يثير الحقد على بنى أمية وما فعلوه مع الحسين وبنى هاشم ‪ ،‬فأمر عبد‬
‫ضربوا بالعُمد حتى قتلوا‪ ،‬وبسط عليهم األنطاع فأكل‬ ‫هللا العباسى بقتل ضيوفه األمويين ( ف ُ‬
‫الطعام عليها وهو يسمع أنين بعهم حتى ماتوا جيمعا ً‪ ( ، ) .‬وأمر عبد هللا ابن علي بنبش‬
‫قبور بني أمية بدمشق‪ ،‬فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان‪ ،‬فلم يجدوا فيه إال خيطا ً مثل‬
‫الهباء‪ ،‬ونبش قبر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فوجدوا فيه حطاما ً كأنه الرماد‪ ،‬ونبش قبر‬
‫عبد الملك فإنه وجد صحيحا ً لم يبل منه إال أرنبة أنفه‪ ،‬فضربه بالسياط وصلبه وحرقه وذراه‬
‫في الريح‪ .‬وتتبع بني امية من أوالد الخلفاء وغيرهم فأخذهم‪ ،‬ولم يفلت منهم إال رضيع أو‬
‫من هرب إلى األندلس ‪ ..‬واستصفى كل شيء لهم من مال وغير ذلك ‪ ( ).‬وقتل سليمان بن‬
‫علي بن عبد هللا بن عباس بالبصرة أيضا ً جماعةً من بني أمية عليهم الثياب الموشية‬
‫المرتفعة وأمر بهم فجروا بأرجلهم فألقوا على الطريق فأكلتهم الكالب‪ .‬فلما رأى بنو أمية‬
‫ذلك اشتد خوفهم وتشتت شملهم واختفى من قدر على االختفاء‪) .‬‬
‫‪ 1‬ـ ما سبق نقلناه موجزا من تاريخ الكامل البن األثير ‪ .‬وننقل بعض ما أورده ( ابن كثير )‬
‫فى حصار العباسيين لدمشق ‪ .‬فقائد الجيش العباسى ( عبد هللا بن على ) حين إفتتحها (‬
‫فقتل من أهلها خلقا ً كثيراً وأباحها ثالث ساعات‪ ،‬وهدم سورها‪ .‬ويقال‪ :‬إن أهل دمشق لما‬
‫حاصرهم عبد هللا اختلفوا فيما بينهم‪ ،‬ما بين عباسي وأموي‪ ،‬فاقتتلوا فقتل بعضهم بعضاً‪،‬‬
‫وقتلوا نائبهم ثم سلموا البلد ‪ ..‬ثم أبيحت دمشق ثالث ساعات حتى قيل‪ :‬إنه قتل بها في هذه‬
‫المدة نحواً من خمسين ألفا ً‪ ( ) .‬وأن البلد كان قد حصنه نائب مروان تحصينا ً عظيماً‪ ،‬ولكن‬
‫اختلف أهلها فيما بينهم بسبب اليمانية والمضرية‪ ،‬وكان ذلك بسبب الفتح‪ ،‬حتى إنهم جعلوا‬
‫في كل مسجد محرابين للقبلتين حتى في المسجد الجامع منبرين‪ ،‬وإمامين يخطبان يوم‬
‫الجمعة على المنبرين ‪ ( ،)..‬وذكر في ترجمة دمحم بن سليمان بن عبد هللا النوفلي قال‪ :‬كنت‬
‫مع عبد هللا بن علي أول ما دخل دمشق‪ ،‬دخلها بالسيف‪ ،‬وأباح القتل فيها ثالث ساعات‪،‬‬
‫وجعل جامعها سبعين يوما ً إسطبالً لدوابه وجماله‪..‬ثم تتبع عبد هللا بن علي بني أمية من‬
‫أوالد الخلفاء وغيرهم‪ ،‬فقتل منهم في يوم واحد اثنين وتسعين ألفا ً عند نهر بالرملة‪ ،‬وبسط‬
‫عليهم األنطاع ومد عليهم سماطا ً فأكل وهم يختلجون تحته ‪..‬وأرسل امرأة هشام بن عبد‬
‫الملك وهي‪ :‬عبدة بنت عبد هللا بن يزيد بن معاوية صاحبة الخال‪ ،‬مع نفر من الخراسانية إلى‬
‫البرية ماشية حافية حاسرة على وجهها وجسدها وثيابها ثم قتلوها‪ .‬ثم أحرق ما وجد من‬
‫عظم ميت منهم‪) .‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَا ِتلُ َ‬
‫ون ِفي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫سبِي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫الفصل الثانى ‪ :‬مسلسل الدماء فى الخالفة العباسية‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة السفاح العباسى ( ‪ 732‬ـ ‪) 731‬‬


‫‪ 7‬ـ فى معسكر ‪ (:‬دار السالم ‪ /‬الخالفة القرشية ) دمر العباسيون دولة ابناء عمومتهم‬
‫األمويين ‪ .‬وكان السفاح هو لقب أول خليفة عباسى ‪ ،‬وخالل السنوات األربع ــ التى حكمها‬
‫هذا السفاح ـ بلغ عدد القتلى رقما مهوال يمكن تصوره من التمعن فى هذا المقال ‪ .‬وتوزع‬
‫القتلى بين معسكر ( دار السالم ) ومعسكر ( دار الحرب ) ‪ .‬هذا مع قيام الدولة العباسية‬
‫على دعوة دينية ‪ ،‬صنعوا من أجلها أحاديث ( نبوبة ) تبشّر مقدما بخلفائهم واستمرار‬
‫الخالفة العباسية الى قيام الساعة ‪ .‬ولم يتورع ابن الجوزى ( فى المنتظم ) وابن كثير ( فى‬
‫البداية والنهاية ) والسيوطى ( فى تاريخ الخلفاء ) من ترديد تلك األحاديث ‪.‬‬
‫‪ 2‬ــ انتهى موضوع حصار القسطنطسنية من األجندة العباسية ‪ ،‬وتحول الصراع الى معارك‬
‫مستمرة على التخوم بين ( دار السالم ) و ( دار الحرب ) ‪ .‬وفى العصر العباسى األول كانت‬
‫الغلبة للعباسيين ‪ ،‬ثم تحول الى صالح البيزنطيين فى العصر العباسى الثانى ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تحول مركز الخالفة العباسية الى العراق ‪ ،‬وإسهام الفُرس فى تأسيسها جعل العباسيين‬
‫يولون وجوههم أكثر شطر آسيا حتى ضاعت منهم األندلس ثم المغرب ‪ ،‬ثم تونس ‪ ..‬وجعلهم‬
‫يتشبهون باألكاسرة ويتأثرون أكثر بالثقافة الفارسية ‪ .‬ومن الطبيعى أن يظهر هذا أكثر بعد‬
‫مرحلة التأسيس والتوطيد ‪ ،‬أى بعد انقضاء خالفة السفاح وأبى جعفر المنصور ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ فى مرحلة التأسيس والتوطيد تفوق العباسيون على بنى عمومتهم األمويين فى القسوة‬
‫والوحشية فى تعاملهم مع الثائرين عليهم ‪ ،‬حتى لو كان من العلويين الهاشميين ‪ .‬وتفوقوا‬
‫عليهم فى نكث العهود والتخلص من أقرب اتباعهم لينفرد الخليفة بالسلطة ‪ .‬ووصل‬
‫الصراع مبكرا الى داخل البيت العباسى ـ فى خالفة ابى جعفر المنصور ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ كان شعار العباسيين السواد ‪ ،‬جعلوا أعالمهم سوداء ُحزنا على من قتلهم األمويون من‬
‫الهاشميين ‪ ،‬لذا كان يطلق عليهم وعلى جيوشهم ( المسودة )‪ .‬وفى المقابل كان من يثور‬
‫عليهم يرفع راية بيضاء ‪ ،‬ويقال عنه إنه (بيّض ) أى رفع البياض ثائرا على ( المسودة )‪.‬‬
‫ونعطى بعض التفاصيل فى خالفة السفاح العباسى ‪ ،‬حسب تتابع السنين ‪:‬‬
‫‪ 732‬عام سقوط الدولة األموية ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ فى هذا العام تقلبت األحوال بقواد مروان بن دمحم بعد هزيمته ومقتله ‪ ،‬منهم من رفع‬
‫البياض ( ب ّيض ) متحديا العباسيين ‪ ،‬فانهزم ‪ ،‬ومنهم من انضم للعباسيين ‪ ،‬ثم عاد وثار‬
‫عليهم ‪ ،‬ونفس الحال مع بعض المدن فى الشام وهى مركز األمويين وشيعتهم ‪.‬‬
‫خاف حبيب بن مرة المرى من انتقام العباسيين ـ وكان من قواد مروان ــ فثار عليهم‬
‫واتبعته بعض من قبائل قيس وغيرهم ‪ ،‬فحاربه القائد عبد هللا بن على العباسى ‪ ،‬ثم صالحه‬
‫ليتفرغ لقتال ابى الورد الكالبى واهل دمشق ‪.‬‬
‫أبو الورد الكالبى كان من قواد مروان ‪ ،‬وقد بايع للعباسيين ‪ ،‬ثم إنقلب عليهم ورفع الشعار‬
‫األبيض وانضمت اليه مدينة قنسرين ‪ ،‬ثم مدينة دمشق وقام أهلها بقتال الوالى العباسى‬
‫(وقتلوا من أصحابه مقتلةً عظيمة ) ‪ ،‬وانضم الى أبى الورد أهالى حمص وتدمر ‪ ،‬وقادهم‬
‫حفيد لمعاوية بن أبى سفيان جعلوه ( السفيانى المنتظر )‪ .!.‬وهزموا القائد العباسى عبد‬
‫الصمد بن على وقتلوا ألوفا من جيشه ‪ ،‬فهرب الى أخيه عبد هللا بن على ‪ .‬وتولى قتالهم‬
‫عبد هللا بن على بنفسه ‪ ،‬فهزمهم وبايعوه ‪ ،‬ثم تحرك نحو دمشق فهرب معظم أهلها ‪،‬‬
‫فدخلها بال قتال ‪ ،‬وبايعه من فيها‪.‬‬
‫وخلع أهل الجزية الخليفة السفاح ورفعوا الراية البيضاء ( راية الثورة ) وتمكن ابو جعفر (‬
‫الذى تولى الخالفة باسم المنصور ) من إخضاعهم بعد عدة معارك ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ كان يزيد بن هبيرة والى العراق لمروان ـ وقبل هزيمة مروان فى موقعة الزاب ــ انهزم‬
‫ابن هبيرة أمام قحطبة بن شبيب القائد العباسى فانسحب الى واسط وتحصن بها ومعه‬
‫خزائن األموال ‪ .‬ثم بعث الداعية العباسى أبو سلمة الخالل بجيش يقوده الحسن بن قحطبة‬
‫فلقى جيش ابن هبيرة وهزمه ‪ ،‬فرجع ابن هبيرة الى واسط ‪ ،‬فحاصره فيها العباسيون ‪.‬‬
‫وطال عليهم الحصار وعلموا بمقتل مروان وحدث نزاع بين اليمانية والنزارية من جنود‬
‫يزيد بن هبيرة فطلب الصلح مع عقد األمان من أبى جعفر ( المنصور ) ‪ .‬وكتب له أبو جعفر‬
‫عهد أمان ‪ ( : ،‬وكتب به كتابا ً ‪ ،‬مكث ابن هبيرة يشاور فيه العلماء أربعين يوما ً حتى رضيه‬
‫‪ ،‬فأنفذه إلى أبي جعفر‪ ،‬فأنفذه أبو جعفر إلى أخيه السفاح فأمره بأمضائه‪ ) ...‬ووفد ابن‬
‫هبيرة على أبى جعفر بألف وثلثمائة من أتباعه يحيطون به ‪ .‬ثم صار أبو جعفر يخفّض عدد‬
‫حراس ابن هبيرة حتى أصبحوا ثالثة ‪ ،‬ثم جاء أمر السفاح ألخيه أبى جعفر بقتل ابن هبيرة ‪،‬‬
‫وخر ابن هبيرة ساجدا حين دخلوا ليقتلوه ‪ ،‬فقتلوه ساجدا ‪ .‬وضاع‬‫ّ‬ ‫استخالص أمواله ‪.‬‬
‫األمان المكتوب هباءا منثورا ‪!.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ وتخلص السفاح من إثنين من دعاته ‪ ،‬وهما أبو سلمة الخالل وسليمان بن كثير ‪ ،‬أمر‬
‫السفاح قائده أبا مسلم بإغتيالهما ‪ .‬وقتلهما ابو مسلم ‪ .‬وفيما بعد قتل ابو جعفر المنصور أبا‬
‫مسلم الخراسانى‪ .‬وأمر أبو مسلم بقتل والة فارس الذين عينهم أبو سلمة الخالل ‪ .‬وقام بذلك‬
‫دمحم بن األشعث الوالى الجديد الذى عينه أبو مسلم ‪ .‬والعادة السيئة للمستبد انه عندما يصل‬
‫الى الحكم يبادر بقتل أعوانه الذين ساعدوه على الوصول للحكم حتى ال يشاركه احد فى‬
‫سلطانه‪ .‬هى عادة سيئة فى الشرق وفى الغرب ‪ ،‬ولكن من العار أن تأتى م ّمن يزعم الخالفة‬
‫والهداية ‪.‬‬
‫‪ 9‬ــ مذبحة الموصل ‪ :‬كره أهل الموصل الوالى العباسى دمحم بن صول ألنه من الموالى وليس‬
‫عربيا ‪ ،‬فأخرجوه عنهم ‪ .‬وهم لم يخلعوا الطاعة‪ .‬ولكن السفاح أرسل اليهم أخاه يحيى‬
‫بجيش من ‪ 72‬الفا ‪ .‬ودخل يحيى العباسى الموصل بال مقاومة من أهلها ‪ .‬ثم إرتكب فيها‬
‫مذبحة مروعة شملت األطفال والنساء ‪ .‬تقول الرواية عن دخوله الموصل سلميا ‪ ( :‬فنزل‬
‫قصر اإلمارة بجانب مسجد الجامع‪ ،‬ولم يظهر ألهل الموصل شيئا ً ينكرونه ولم يعترض فيما‬
‫يفعلونه‪ ،‬ثم دعاهم فقتل منهم أثني عشر رجالً‪ ،‬فنفر أهل البلد وحملوا السالح‪ ،‬فأعطاهم‬
‫األمان‪ ،‬وأمر فنودي‪ :‬من دخل الجامع فهو آمن؛ فأتاه الناس يهرعون إليه‪ ،‬فأقام يحيى‬
‫الرجال على أبواب الجمع‪ ،‬فقتلوا الناس قتالً ذريعا ً أسرفوا فيه‪ ،‬فقيل‪ :‬إنه قتل فيه أحد عشر‬
‫ألفا ً ممن له خاتم وممن ليس له خاتم خلقا ً كثيرا ً‪ .‬فلما كان الليل سمع يحيى صراخ النساء‬
‫الالتي قتل رجالهن‪ ،‬فسأل عن ذلك الصوت فأخبر به‪ ،‬فقال‪ :‬إذا كان الغد فاقتلوا النساء‬
‫والصبيان‪ .‬ففعلوا ذلك‪ ،‬وقتل منهم ثالثة أيام‪ ،‬وكان في عسكره قائد معه أربعة آالف زنجي‪،‬‬
‫فأخذوا النساء قهراً ( أى إغتصبوهن ) ‪ .‬فلما فرغ يحيى من قتل أهل الموصل في اليوم‬
‫الثالث ركب اليوم الرابع وبين يديه الحراب والسيوف المسلولة‪ ،‬فاعترضته امرأة وأخذت‬
‫بعنان دابته‪ ،‬فأراد أصحابه قتلها فنهاهم عن ذلك‪ ،‬فقالت له‪ :‬ألست من بني هشام؟ ألست ابن‬
‫عم رسول هللا‪ ،‬ملسو هيلع هللا ىلص؟ أما تأنف للعربيات المسلمات أن ينكحهن الزنج؟ فأمسك عن جوابها‬
‫وسيّر معها من يبلغها مأمنها‪ ،‬وقد عمل كالمها فيه‪ .‬فلما كان الغد جمع الزنج للعطاء‪،‬‬
‫فاجتمعوا‪ ،‬فأمر بهم فقتلوا عن آخرهم‪ . ) .‬نترك للقارىء التأمل بحسرة فى هذه المصيبة‬
‫العباسية ‪!!.‬‬
‫عام ‪733‬‬
‫‪ 7‬ـ ( قتل داود بن علي من ظفر به من بني أمية بمكة والمدينة‪ ،‬ولما أراد قتلهم قال له عبد‬
‫هللا بن الحسن بن الحسن‪" :‬يا أخي إذا قتلت هؤالء فمن تباهي بملكه؟ أما يكفيك أن يروك‬
‫غاديا ً ورائحا ً فيما يذلهم ويسؤهم؟ " ‪ .‬فلم يقبل منه وقتلهم‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ إعادة فتح شمال أفريقيا ‪ (:‬توجه دمحم بن األشعث إلى إفريقية فقاتل أهلها قتاالً شديداً‬
‫حتى فتحها‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ ثورة على الظلم العباسى ‪ ( :‬خرج شريك بن شيخ المهري ببخارى على أبي مسلم ونقم‬
‫عليه‪ ،‬وقال‪ " :‬ما على هذا اتبعنا آل دمحم‪ ،‬أن نسفك الدماء وأن يعمل بغير الحق! " ‪ .‬وتبعه‬
‫على رأيه أكثر من ثالثين ألفاً‪ ،‬فوجه إليه أبو مسلم زياد بن صالح الخزاعي فقاتله‪ ،‬وقتله‬
‫زياد‪ .) .‬هذا خبر آخر يستحق التأمل ‪!.‬‬
‫‪ 9‬ـ قتل بعد إعطاء األمان ‪ ( :‬قتل عبد الرحمن بن يزيد بن المهلب بالموصل‪ ،‬قتله سليمان‬
‫الذي يقال له األسود بأمان كتبه له‪ .) .‬كتب له أمانا ‪ ،‬ثم نكث بالعهد و قتله ‪!.‬‬
‫‪ 0‬ـ غزو وحروب مع دار الحرب ( بيزنطة ) ‪ :‬توجه ( صالح بن علي سعيد بن عبد هللا‬
‫ليغزو الصائفة وراء الدروب‪ ) .‬وحاصر قسطنطين البيزنطى ( ملطية ) بعد أن هزم جيشا‬
‫عباسيا ‪ ،‬وطلب من أهل ملطية الجالء عنها والعودة الى ( بالد المسلمين ) فرفضوا ثم‬
‫أذعنوا ‪ .. ( :‬فأرسل قسطنطين إلى أهل ملطية‪ :‬إني لم أحصركم إال على علم من المسلمين‬
‫واختالفهم‪ ،‬فلكم األمان وعودون إلى بالد المسلمين حتى أحترث ملطية‪ .‬فلم يجيبوه إلى ذلك‪،‬‬
‫فنصب المجانيق‪ ،‬فأذعنوا ‪ ،‬وسلموا البالد على األمان وانتقلوا إلى بالد اإلسالم وحملوا ما‬
‫أمكنهم حمله‪ ،‬وما لم يقدروا على حمله ألقوه في اآلبار والمجاري‪ .‬فلما ساروا عنها أخربها‬
‫الروم ورحلوا عنها عائدين‪ ،‬وتفرق أهلها في بالد الجزيرة‪ .) .‬هذا ما يذكره ابن األثير فى‬
‫تاريخه الكامل ‪ .‬ويقول ابن الجوزى فى تاريخ المنتظم ‪ (:‬أقبل طاغية الروم فنزل على‬
‫ملطية فقاتلوه ً‬
‫قتاال شديدًا ثم نزلوا على أمان ‪ ،‬فهدم المدينة والمسجد الجامع ودار اإلمارة ‪،‬‬
‫ووجه مع المسلمين ً‬
‫خيال حتى بلغتهم مأمنهم‪ . ) .‬لم يغدر بهم ‪!.‬‬
‫‪ 1‬ـ حرب أخرى مع ( دار الحرب ) فى أقصى الشرق ‪ :‬القائد العباسى يحاصر عاصمة (‬
‫الختل ) ويرحل عنها صاحبها الى فرغانة ‪.. ( ،‬حتى انتهوا إلى أرض فرغانة‪ ،‬ثم دخلوا بلد‬
‫الترك وانتهوا إلى ملك الصين‪ ،‬وأخذ أبو داود من ظفر به منهم فبعث بهم إلى أبي مسلم‪) .‬‬
‫‪ 1‬ــ زياد بن صالح يهزم جيشا لملك الشاش وملك الصين ( فالتقوا على نهر طراز فظفر‬
‫بهم المسلمون وقتلوا منهم زهاء خمسين ألفا ً وأسروا نحو عشرين ألفا ً وهرب الباقون إلى‬
‫الصين ‪) .‬‬
‫عام ‪: 739‬‬
‫‪ 7‬ـ إنشقّ بسام بن ابراهيم عن السفاح ومعه جماعة فأرسل اليهم السفاح خازم بن خزيمة‬
‫فقتله وأصحابه ‪ ،‬وفى الطريق لقى خازم جماعة من بنى الحارث أخوال السفاح ‪ ،‬فتشاتم‬
‫معهم ‪ ،‬فقتلهم ونهب أموالهم ‪ ،‬وكاد السفاح أن يقتله ‪ ،‬ثم إختار أن يبعثه لقتال الخوارج فى‬
‫عُمان وجزيرة بركاوان ‪ .‬ورسى خازم بسفنه على جزيرة بركوان وهاجم قائد الخوارج‬
‫صفرية يتزعمهم الجلندى ‪ ،‬فهزمهم‬ ‫شيبان وهزمه فهرب الى عُمان ‪ ،‬وفيها خوارج من ال ُ‬
‫خازم (فحمل عليهم خازم وأصحابه فوضعوا فيهم السيف فقتلوهم وقتلوا الجلندى فيمن قتل‪،‬‬
‫وبلغ عدة القتلى عشرة آالف‪ ،‬وبعث برؤوسهم إلى البصرة‪ ،‬فأرسلها سليمان إلى السفاح )‬
‫‪ 2‬ـ غزو ( كش ) ‪ :‬كان ملكها األخريد على الطاعة ‪ ،‬ولكن طمع العباسيون فى ثروته ‪،‬‬
‫فأرسلوا اليه حملة يقودها خالد بن ابراهيم ‪ ،‬فقتلوا الملك ( االخريد ) ‪ ( :‬فقتل االخريد‬
‫ملكها‪ ،‬وهو سامع مطيع‪ ،‬وقتل أصحابه ‪ ،‬وأخذ منهم من األواني الصينية المنقوشة المذهبة‬
‫ما لم ير مثلها‪ ،‬ومن السروج ومتاع الصين كله من الديباج والطرف شيئا ً كثيراً فحمله إلى‬
‫أبي مسلم وهو بسمرقند‪ ،‬وقتل عدة من دهاقينهم‪ ،‬واستخلف ( طاران ) أخا األخريد وملّكه‬
‫على كش؛ وانصرف أبو مسلم إلى مرو بعد أن قتل في أهل الصغد وبخارى ‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ كان منصور بن جمهور مستوليا على ( السند ) فأرسل السفاح حملة هزمته وقتلته‪.‬‬
‫عام ‪730‬‬
‫ق عن السفاح القائد زياد بن صالح ‪ ،‬وراء النهر‪ ،‬فسار أبو مسلم من مرو مستعداً‬
‫‪ 7‬ـ إنش ّ‬
‫للقائه‪ ،‬وتخلى عن زياد بعض قواده وانضموا الى أبى مسلم ‪ ،‬فهرب زياد الى دهقان هناك ‪،‬‬
‫فقتله الدهقان ‪ ،‬وبعث برأسه الى أبى مسلم ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ غزا عبد هللا بن حبيب جزيرة صقلية وغنم بها وسبى وظفر بها ما لم يظفره أحد قبله‬
‫بعد أن غزا تلمسان‪ .‬ووقعت الفتنة بين العباسيين والبربر فاستعاد الروم صقلية ( وعمروها‬
‫افيها الحصون والمعاقل وصاروا يخرجون كل عام مراكب تطوف بالجزيرة وتذب عنها‪،‬‬
‫وربما طارقوا تجاراً من المسلمين فيأخذونهم‪) .‬‬
‫عام ‪: 731‬‬
‫موت السفاح ‪( :‬وكان له يوم مات ثالث وثالثون سنة‪ ،‬وقيل‪ :‬ست وثالثون‪ ،‬وقيل‪ :‬ثمان‬
‫وعشرون سنة‪ .‬وكانت واليته من لدن قتل مروان إلى أن توفي أربع سنين )‪ .‬هل هى موتة‬
‫طبيعية ؟‬
‫الغريب أنه بموت السفاح كان العهد ألخيه أبى جعفر المنصور ثم من بعده لموسى بن‬
‫عيسى مكتوبا وفى يد موسى بن عيسى ‪ ،‬فتمت البيعة لهما سريعا ‪ ،‬يقول ابن الجوزى ‪( :‬‬
‫عقد أبو العباس ألخيه أبي جعفر بالخالفة من بعده وجعله ولي عهده ومن بعد أخيه جعفر‬
‫عيسى بن موسى بن دمحم بن علي ‪ ،‬وكتب العهد بذلك وصيره في ثوب وختم عليه بخاتمه‬
‫وخواتيم أهل بيته ‪ ،‬ودفعه إلى عيسى بن موسى‪).‬‬
‫كان ابو جعفر هو األخ األكبر للسفاح ‪ ،‬وتقدمه السفاح ألن أمه كانت عربية بينما كانت أم‬
‫أبى جعفر جارية ‪ ،‬وأبو جعفر ( المنصور ) أشد خلفاء بنى العباس دهاءا ومكرا وأعرقهم‬
‫وأعرفهم بالتآمر ونكث العهود ‪ .‬لذا ال نستبعد أن يكون قد قنل أخاه األصغر سريعا ‪ ،‬وساعده‬
‫فى التآمر عيسى بن موسى ‪ ،‬الذى كوفىء ( مؤقتا ) بوالية العهد بعد أبى جعفر ‪ ،‬ثم قهره‬
‫أبو جعفر و خلعه من والية العهد ‪.‬‬
‫ونلتقى بأبى جعفر المنصور ومسلسل الدماء ‪.‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪َ ( :‬يا أَ ُّي َها النه ُ‬
‫اس ِإنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َج َع ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخبِي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ إِاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُمبِ ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان إِنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَتهبِعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَا ِتلُ َ‬
‫ون ِفي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء فى عشر سنوات من خالفة أبى جعفر المنصور ( ‪) 790 : 731‬‬
‫عام ‪701‬‬
‫تخوفه‬
‫‪ 7‬ـ حين بويع بالخالفة عام ‪ ، 731‬أظهر ابوجعفر المنصور ألبى مسلم الخراسانى ّ‬
‫من عمه ( عبد هللا بن على ) فقال له ابو مسلم ‪ ( :‬ال تخفه فأنا أكفيكه إن شاء هللا‪ ،‬وإنما‬
‫عامة جنده ومن معه أهل خراسان وهم ال يعصونني‪ .) .‬عبد هللا بن على هو األحق بالخالفة‬
‫ألنه مع أبى مسلم الخراسانى أسسا ُملك بنى العباس ‪ ،‬وألن أبا جعفر المنصور ـ فى تصورنا‬
‫ـ هو الذى تخلص من اخيه السفاح بالسم وبالتعاون مع عيسى بن موسى ابن أخيه ـ‬
‫فالمنتظر ان يخشى من عمه القوى عبد هللا بن على ولذا اراد ان يستعين عليه مقدما بقائد‬
‫يوازيه فى المقدرة الحربية وهو ابو مسلم الخراسانى ‪.‬‬
‫وكان عبد هللا بن على يقود جيشا ليغزو الروم ‪ ،‬فلما بلغه موت السفاح والبيعة ألبى جعفر‬
‫رجع بالجيش وبايع لنفسه ‪ .‬كان عبد هللا بن على هو والى الشام ‪ ،‬بينما كان عيسى بن‬
‫موسى هو والى الكوفة عاصمة العباسيين وقتها ‪ ،‬لذا سلّم عيسى بن موسى كل خزائن‬
‫األموال والدواوين لرفيقه فى المؤامرة أبى جعفر المنصور ‪.‬‬
‫عام ‪: 731‬‬
‫‪ 7‬ـ خطب عبد هللا بن على فى جيشه معلنا أن السفاح وعد بأن يكون ولى عهده هو من‬
‫يهزم مروان بن دمحم ‪ ،‬وأنه صاحب الحق فى الخالفة ‪ ،‬ووافقه جيشه ‪.‬وسار بجيشه فحاصر‬
‫والى حران الذى عينه أبو جعفر المنصور ‪ ،‬فأرسل أبو جعفر المنصور أبا مسلم الخراسانى‬
‫‪ .‬وعندما علم عبد هللا بن على بقدوم أبى مسلم لحربه خشى من الجنود الخراسانيين فى‬
‫جيشه أن ينضموا لسيدهم أبى مسلم الخراسانى فاقام لهم مذبحة وقتل منهم ‪ 71‬ألفا ‪.‬‬
‫وانسحب عبد هللا الى نصيبين وحاصرها ‪ ،‬وأرسل ابو جعفر المنصور بالحسن بن قحطبة‬
‫بجيش يساعد أبا مسلم الخراسانى ‪ .‬وكى يخدع عبد هللا بن على‪ ،‬فقد بعث ابن قحطبة الى‬
‫عبد هللا يقول له ‪ ( :‬إني لم أومر بقتالك ولكن أمير المؤمنين والني الشام فأنا أريدها‪ .‬فقال‬
‫من كان مع عبد هللا من أهل الشام لعبد هللا‪ :‬كيف نقيم معك وهذا يأتي بالدنا فيقتل من قدر‬
‫عليه من رجالنا ويسبي ذرارينا؟ ولكن نخرج إلى بالدنا فمنعه ونقاتله‪ .‬فقال لهم عبد هللا‪ :‬إنه‬
‫وهللا ما يريد الشام وما توجه إال لقتالكم‪ ،‬وإن أقمتم ليأتينكم‪ .‬فأبوا إال المسير إلى الشام‪،‬‬
‫وأبو مسلم قريب منهم‪ ،‬فارتحل عبد هللا نحو الشام‪ ،‬وتحول أبو مسلم فنزل في معسكر عبد‬
‫غور ما حوله من المياه وألقى فيها الجيف‪ .‬وبلغ عبد هللا ذلك فقال‬ ‫هللا بن علي في موضعه و ّ‬
‫ألصحابه‪ :‬ألم أقل لكم؟‪.. !.‬فاقتتلوا خمسة أشهر ) ‪ .‬وفى النهاية انهزم جيش عبد هللا وهرب‬
‫‪ ،‬ولحق بأخيه سليمان بن على والى البصرة فتوارى عنده‪ .‬ثم فى عام ‪ 731‬أخذوا له‬
‫األمان من المنصور ‪ ،‬وبايع المنصور ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ بقى أن يتخلص ابو جعفر المنصور من أبى مسلم الخراسانى ‪ ،‬وكان أبو جعفر يستثقل‬
‫نفوذ أبى مسلم ويخشاه ‪ ،‬وينقم عليه أنه ( أبو مسلم ) ال يعطى أبا جعفر حقه من التعظيم ‪.‬‬
‫وكان أبو مسلم كريما بينما كان ابو جعفر حريصا ‪ ،‬فإكتسب أبو مسلم الكثير من األنصار‬
‫على حساب أبى جعفر ‪ .‬وخطط ابو جعفر لإليقاع به بأن واله مصر والشام بما يعنى عزله‬
‫من خراسان وهى موطنه واساس قوته ‪ ،‬فرفض أبو مسلم وغضب ‪ ،‬وسار الى خراسان‬
‫ُمغاضبا ‪ ،‬فكتب اليه ابو جفر يأمره بالمجىء اليه فرفض ‪ .‬وتوالت الرسل بين ابى جعفر‬
‫وابى مسلم ‪ ،‬وقيل ألبى مسلم من واحد من أتباعه إنه هو الذى أمرهم بطاعة بنى العباس ‪،‬‬
‫وادرك ابو مسلم تصميم المنصور على تسليمه ‪ ،‬وكان أبو مسلم قد ترك نائبا عنه يحكم‬
‫خراسان ‪ ،‬فجعله المنصور ذلك النائب واليا على خراسان مكان أبى مسلم ‪ ،‬وكتب الوالى‬
‫الجديد ألبى مسلم ‪ ( :‬إنا لم نخرج لمعصية خلفاء هللا وأهل بيت نبيه‪ ،‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فال تخالفن إمامك‬
‫وال ترجعن إال بإذنه‪ ).‬فرضى ابو مسلم بالرجوع ألبى جعفر ‪ ،‬ووفد الى المدائن فى ثالثة‬
‫آالف من أتباعه‪ .‬وأمر ابو جعفر أن يتلقاه الهاشميون وكبار القوم بالترحيب ليشعر باألمن ‪.‬‬
‫ودخل أبو مسلم على الخليفة ‪ ،‬وكان قد أع ّد رجاال لقتله فقتلوه‪ .‬تقول الرواية‪ (:‬وكان أبو‬
‫مسلم قد قتل في دولته ستمائة ألف صبرا ً‪. ) .‬‬
‫‪ 9‬ـ ثورة سنباذ بخراسان يطلب بدم أبي مسلم ‪ :‬كان مجوسيا من أتباع أبى مسلم ‪ ،‬وكثر‬
‫أتباعه ( وغلب على نيسابور وقومس والري‪ ،‬وتسمى فيوز أصبهبذ‪ .،‬فلما صار بالري أخذ‬
‫خزائن أبي مسلم‪ ،..،‬وسبى الحرم‪ ،‬ونهب األموال ولم يعرض للتجار‪ ،‬وكان يظهر أنه يقصد‬
‫الكعبة ويهدمها‪ .‬فوجه إليه المنصور جمهور بن مرار العجلي في عشرة آالف فارس‪ ،‬فالتقوا‬
‫بين همذان والري على طرف المفازة‪ ،‬وعزم جمهور على مطاولته‪ ،‬فلما التقوا قدم سنباذ‬
‫السبايا من النساء المسلمات على الجمال‪ ،‬فلما رأين عسكر المسلمين قمن في المحامل‬
‫ونادين‪ :‬وادمحماه! ذهب اإلسالم! ووقعت الريح في أثوابهن فنفرت اإلبل وعادت على عسكر‬
‫سنباذ‪ ،‬فتفرق العسكر وكان ذلك سبب الهزيمة‪ ،‬وتبع المسلمون اإلبل ووضعوا السيوف في‬
‫المجوس ومن معهم فقتلوهم كيف شاؤوا‪ ،‬وكان عدد القتلى نحوا ً من ستين ألفاً‪ ،‬وسبى‬
‫ذراريهم ونساءهم‪ ،‬ثم قتل سنباذ بين طبرستان وقومس‪).‬‬
‫‪ 0‬ـ ثورة الخارجى ‪ :‬ملبد بن حرملة الشيبانى فى الجزيرة ‪ ،‬وقد هزم عدة جيوش للمنصور‬
‫‪ ،‬ثم أعطوه مائة ألف درهم على أن يكف عنهم ‪ .‬ثم هزمه العباسيون فى العام التالى ‪731‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ويقول ابن األثير ‪ ( :‬ولم يكن للناس هذه السنة صائفة لشغل السلطان بحرب سنباذ‪ ).‬أى‬
‫إنشغل المنصور عن ارسال حملة صيفية للروم هذا العام ‪ .‬أى اصبحت الحمالت (عادة )‬
‫سنوية ضد ( دار الحرب ) ‪ ،‬فى الصيف وربما فى الشتاء ‪ ،‬مثل رحلتى الشتاء والصيف‪ .‬ال‬
‫يتركونها إال عند إنشغالهم بالقتال الداخلى داخل ( دار السالم )‪.‬‬
‫عام ‪: 731‬‬
‫‪ 7‬ـ ثورة جمهور بن مرار العجلي فى منطقى الرى الفارسية ‪ :‬استولى جمهور على خزائن‬
‫أبى مسلم ولم يبعث بها الى المنصور ‪ ،‬فأرسل المنصور جيشا يقوده دمحم بن األشعث قام‬
‫بمطاردة جمهور من الرى الى أصبهان ‪ ،‬والتقى الجيشان فانهزم جمهور وهرب الى‬
‫أذربيجان ‪ ،‬ثم قتله جنوده وبعثوا برأسه الى المنصور ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ قاد ثالثة من أمراء البيت العباسى ( الصائفة ) فدخلوا ملطية التى كان قد أخربها الروم ‪،‬‬
‫فأصلحوا سورها ‪.‬‬
‫عام ‪734‬‬
‫‪ 7‬ـ بعد فراغهم من عمارة ملطية دخل العباسيون غزاة فى أرض الروم ‪ ،‬يقول ابن األثير ‪:‬‬
‫( ثم غزوا الصائفة من درب الحدث فوغال في أرض الروم‪ ،‬وغزا مع صالح أختاه أم عيسى‬
‫ولبابة بنتا علي‪ ،‬وكانتا نذرتا إن زال ملك بني أمية أن تجاهدا في سبيل هللا‪ .‬وغزا من درب‬
‫ملطية جعفر بن حنظلة المرهاني‪ ).‬وحدث تبادل لألسرى بين الروم والعباسيين ‪ ،‬ويقول ابن‬
‫األثير ( ولم يكن بعد ذلك صائفة فيما قيل إال سنة ست وأربعين‪ ،‬الشتغال المنصور بابني‬
‫عبد هللا بن الحسن بن الحسن بن علي‪ ) .‬أى إن الحروب داخل ( دار السالم ) تعيق‬
‫إستمرار الحروب ضد ( دار الحرب ) ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ دخول عبد الرحمن بن معاوية ( عبد الرحمن الداخل ‪ :‬صقر قريش ) إلى األندلس‪:‬هرب‬
‫من مذابح العباسيين ألمويين ‪ ،‬واستمر فى الهرب الى أن دخل األندلس وأقام بها دولته‬
‫فكف عنه ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األموية ‪ ،‬وعجز المنصور عن مالحقته‬
‫‪ 2‬ـ أمر المنصور بحبس عمه عبد هللا بعد أن أعطاه األمان‪.‬‬
‫عام ‪795‬‬
‫‪ 7‬ـ تعمير ملطية بالجنود والسالح والذخائر ‪ ،‬وتعمير المصيصة‪.‬‬
‫عام ‪797‬‬
‫‪ 7‬ـ خروج الرواندية ( من أتباع أبى مسلم )على المنصور وكادوا أن يقتلوه ‪ ،‬لوال أن أنقذه‬
‫معن بن زائدة ‪ ،‬وكان من قواد األمويين وهاربا من المنصور ‪ ،‬ورضى عنه المنصور وواله‬
‫اليمن ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ثورة عبد الجبار بخراسان ‪ :‬وقد قتل بعض القواد فى جيشه ‪ ،‬فأراد المنصور إخراجه‬
‫من خراسان بأن يرسل اليه جيشا من عنده لحرب الروم فرفض متعلال بالخوف من ضياع‬
‫خراسان ‪ ،‬ورفض أيضا أن يرسل اليه المنصور جيشا ‪ ،‬فعلم المنصور أنه عازم على (‬
‫الخالف ) ‪ ،‬فأرسل اليه جيشا يقوده ابنه المهدى‪ .‬وإنضم أهل مرو الى المهدى وحاربوا عبد‬
‫الجبار ووقع فى األسر (‪ ..‬فاخذه أسيراً‪ ،‬فلما قدم خازم أتاه به فألبسه جبة صوف وحمله‬
‫على بعير وجعل وجهه مما يلي عجز البعير وحمله إلى المنصور ومعه ولده وأصحابه‪،‬‬
‫فبسط عليهم العذاب حتى استخرج منهم األموال‪ ،‬ثم أمر فقطعت يدا عبد الجبار ورجاله‬
‫وضرب عنقه‪ ،‬وأمر بتسيير ولده إلى دهلك ‪ ،‬وهي جزيرة باليمن‪ ،‬فلم يزالوا بها حتى أغار‬
‫عليهم الهند فسبوهم فيمن سبوا ثم فودوا بعد ذلك‪ .).‬وفتح العباسيون بعدها طبرستان ‪.‬‬
‫عام ‪792‬‬
‫‪ 7‬ـ ثورة عيينة بن موسى فى السند ‪ ،‬وعزله وتولية العتكى مكانه‬
‫‪ 2‬ـ نكث االصبهذ عهده مع العباسيين‪ ،‬وقتل المسلمين فى بالده ‪،‬فأرسل اليه المنصور جيشا‬
‫يقوده ابو الخصيب الذى إحتال على األصبهذ ‪ ،‬ودخل الجيش حصن األصبهذ ‪ ( :‬فقتلوا من‬
‫في الحصن من المقاتلة وسبوا الذرية ‪ ...‬وكان مع األصبهببذ سم فشربه فمات ‪).‬‬
‫عام ‪793‬‬
‫ثورة الديلم فى الشرق الفارسى ‪ ( :‬ثار الديلم بالمسلمين فقتلوا منهم مقتلةً عظيمة‪ ،‬فبلغ‬
‫ذلك المنصور فندب الناس إلى قتال الديلم وجهادهم‪ ).‬وسار هذا الجيش فى العام التالى يقوده‬
‫ابن السفاح‪.‬‬
‫عام ‪: 799‬‬
‫بدء ثورة ( دمحم النفس الزكية ‪ :‬دمحم بن عبد هللا بن الحسن بن على بن أبى طالب )‬
‫‪ 7‬ـ حين إضطرب أمر مروان بن دمحم األموى تشاور الهاشميون فى مكة فيمن يولونه‬
‫الخالفة ‪ ،‬واتفقوا على البيعة لدمحم النفس الزكية‪ .‬إشترك العباسيون فى هذا اللقاء السرى‬
‫وبايعوا دمحما النفس الزكية ‪ ،‬دون أن يقولوا لبنى عمومتهم العلويين أن هناك دعوة لهم‬
‫تتحرك فى خراسان ‪ .‬بعد تولى السفاح قام ابو جعفر بالحج الى مكة عام ‪ 731‬وأقلقه أن‬
‫بعض بنى هاشم قد تخلف عن استقباله ولم يبايعه ‪ ،‬ومنهم دمحم النفس الزكية وأخوه ابراهيم‬
‫‪ ،‬وسأل عنهما فلم يجد إجابة ترضيه ‪ .‬كان مهما عنده بعد أن تولى الخالفة أن يأتى اليه دمحم‬
‫النفس الزكية ويبايعه هو وأخوه ابراهيم ‪ .‬ودارت مراسالت وحروب تجسس خفية متبادلة‬
‫بين المنصور وآل دمحم النفس الزكية وأتباعه للعثور على دمحم واالتيان به آمنا ليبايع‬
‫وسب ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المنصور ‪ ،‬وبال جدوى ‪.‬وبذل المنصور أمواال فرقها فى العلويين وقتل وحبس وشتم‬
‫وايضا بال جدوى ‪ ،‬ونجح دمحم النفس الزكية من االفالت من المطاردة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى النهاية أمر المنصور بحبس آل دمحم النفس الزكية‪ ( :‬وكانوا‪ :‬عبد هللا بن الحسن‬
‫بن الحسن بن علي‪ ،‬والحسن وإبراهيم ابني الحسن بن الحسن‪ ،‬وجعفر بن الحسن بن‬
‫الحسن‪ ،‬وسليمان وعبد هللا ابني داود بن الحسن بن الحسن‪ ،‬ودمحم وإسماعيل وإسحاق بني‬
‫إبراهيم بن الحسن بن الحسن‪ ،‬وعباس بن الحسن بن الحسن بن علي‪ ،‬وموسى ابن عبد هللا‬
‫بن الحسن بن الحسن‪ .‬فلما حبسهم لم يكن فيهم علي بن الحسن بن الحسن بن علي العابد‪.‬‬
‫فلما كان الغد بعد الصبح إذ قد أقبل رجل متلفف‪ ،‬فقال له رياح‪ :‬مرحبا ً بك‪ ،‬ما حاجتك؟ قال‪:‬‬
‫جئتك لتحبسني مع قومي‪ ،‬فإذا هو علي بن الحسن بن الحسن‪ ،‬فحبسه معهم) و ُحملوا الى‬
‫العراق ‪( :‬وجعلت القيود والسالسل في أرجلهم وأعناقهم‪ ،‬وجعلهم في محامل بغير وطاء )‬
‫( ثم إن المنصور أودعهم بقصر ابن هبيرة شرقي الكوفة‪ ،‬وأحضر المنصور دمحم بن إبراهيم‬
‫بن الحسن‪ ،‬وكان أحسن الناس صورةً‪ ،‬فقال له‪ :‬أنت الديباج األصغر؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬ألقتلنك‬
‫قتلةً لم أقتلها أحداً! ثم أمر به فبني عليه أسطوانة وهو حي فمات فيها‪ .‬وكان إبراهيم بن‬
‫الحسن أول من مات منهم‪ ،‬ثم عبد هللا بن الحسن ‪( )..‬وقيل‪ :‬إن المنصور أمر بهم فقتلوا ) ‪.‬‬
‫عام ‪ : 790‬الحرب بين النفس الزكية والعباسيين‬
‫‪ 7‬ـ إستعمل ابو جعفر المنصور الخداع ‪ ،‬فجعل قواده العسكرييين يرسلون الى دمحم النفس‬
‫الزكية للظهور والثورة ويعدونه باالنضمام اليه ‪ ،‬وإغتر دمحم النفس الزكية بهذا فدخل المدينة‬
‫وغلب عليها وأسر عمالء العباسيين فيه ‪ ،‬وأفتى مالك بن أنس ألهل المدينة أنهم بايعوا‬
‫العباسيين ُمكرهين فال عليهم إن رجعوا عن بيعتهم وبايعوا النفس الزكية ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وشاور ابو جعفر المنصور عمه عبد هللا بن على ــ وهو محبوس ـ وشاور آخرين ‪،‬‬
‫وكان موجز نصائحهم أن النفس الزكية مهزوم طالما بقى فى الحجاز ‪ ،‬وأرسل المنصور‬
‫رسالة الى النفس الزكية يعرض عليه األموال واألمان إن بايع ‪( :‬ولك عهد هللا وميثاقه وذمة‬
‫رسوله أن أؤمنك وجميع ولدك وإخوتك وأهل بيتك ومن اتبعكم على دمائكم وأموالكم‪،‬‬
‫وأسوغك ما أصبت من دم أو مال‪ ،‬وأعطيك ألف ألف درهم وما سألت من الحوائج‪ ،‬وأنزلك‬
‫من البالد حيث شئت‪ ،‬وأن أطلق من في حبسي من أهل بيتك‪ ،‬وأن أؤمن كل من جاءك‬
‫وبايعك واتبعك أو دخل في شيء من أمرك ثم ال أتبع أحداً منهم بشيء كان منه أبداً‪ ،‬فإن‬
‫أردت أن تتوثق لنفسك فوجه إلي من أحببت يأخذ لك من األمان والعهد والميثاق ما تتوثق‬
‫به‪ ،‬والسالم‪ ) .‬ور ّد عليه برسالة ‪ ،‬يقول في بعضها ‪ ( :‬وأنا أعرض عليك من األمان مثل‬
‫ما عرضت علي ‪ ..‬وأنا أولى باألمر منك وأوفى بالعهد‪ ،‬ألنك أعطيتني من األمان والعهد ما‬
‫أعطيته رجاالً قبلي‪ ،‬فأي األمانات تعطيني؟ أمان ابن هبيرة أم أمان عمك عبد هللا بن علي أم‬
‫أمان أبي مسلم؟ ) ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أرسل المنصور أبن أخيه وولى عهده عيسى بن موسى فى حملة الى المدينة لقتال دمحم‬
‫النفس الزكية ‪ ( ،‬وقال المنصور لما سار عيسى‪ " :‬ال أبالي أيهما قتل صاحبه"‪ .).‬وحين‬
‫إقترب الجيش العباسى إستشار دمحم النفس الزكية أصحابه فى خطة الحرب فإختلفوا ‪ ،‬وقبيل‬
‫المعركة أذن لمن يشاء من أهل المدينة أن يخرج عنها ‪ ،‬فخرج معظم الناس ‪ ،‬وظل هو فى‬
‫شرذمة قليلة ‪ .‬وأرسل عيسى بن موسى قائد الجيش العباسى لدمحم يقول له ‪ :‬أن المنصور قد‬
‫آمنه وأهله ‪ ،‬فرفض ‪ ،‬فقال عيسى ( ليس بيننا وبينه إال القتال )‪ .‬وصمد دمحم النفس الزكية‬
‫وأصحابه فى القتال ‪ ،‬وحاقت بهم الهزيمة ‪ ،‬وقُتل دمحم وجىء برأسه الى عيسى بن موسى ‪،‬‬
‫فأرسل رأسه الى أبى جعفر المنصور ( فأمر المنصور فطيف برأس دمحم في الكوفة وسيره‬
‫إلى اآلفاق‪ ( . ) .‬وكان قتل دمحم وأصحابه يوم االثنين بعد العصر ألربع عشرة خلت من شهر‬
‫رمضان‪ . ) .‬وصلب عيسى بن موسى من بقى من أصحاب دمحم ‪ .( :‬وأخذ أصحاب دمحم‬
‫فصلبهم ما بين ثنية الوداع إلى دار عمر بن عبد العزيز صفين ) وصادر عيسى بن موسى‬
‫أموال بنى الحسن ‪.‬‬
‫هزيمة ومقتل ابراهيم أخ دمحم النفس الزكية ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ تواعد األخوان على الثورة فى وقت واحد ‪ ،‬أحدهما فى المدينة واآلخر فى العراق ‪.‬‬
‫وهرب ابراهيم متنقال بين البالد تطارده عيون أبى جعفر المنصور ‪ ،‬ثم دخل البصرة وغلب‬
‫عليها ‪ ( ،‬فصفت له البصرة‪ ،‬ووجد في بيت مالها ألفي ألف درهم‪ ،‬فقوي بذلك وفرض‬
‫ألصحابه لكل رجل خمسين خمسين‪ ).‬وجاءه نبأ هزيمة أخيه دمحم ومقتله فسار على رأس‬
‫جيش لمقاتلة المنصور ‪ ،‬وكان ( وكان المنصور بظاهر الكوفة‪..‬في قل ٍة من العساكر ‪) .‬‬
‫واستنجد المنصور بعساكره فأتوه ‪ ،‬وولى عليهم عيسى بن موسى وابن قحطبة ‪ ،‬واصطدم‬
‫الجيشان ‪ ،‬وانتصر جيش ابراهيم فى البداية ‪ ،‬وهرب ابن قحطبة وثبت عيسى بن موسى ‪،‬‬
‫وانتهت الحرب بهزيمة ابراهيم وقتله ‪ ( .‬وحمل رأس إبراهيم إلى المنصور فوضع بين يديه‪،‬‬
‫فلما رآه بكى حتى خرجت دموعه على خد إبراهيم ثم قال‪ :‬أما وهللا إني كنت لهذا كارها ً!‬
‫ولكنك ابتليت بي وابتليت بك! )‪.‬‬
‫‪ 9‬ــ ( خرجت الترك والخزر بباب األبواب فقتلوا من المسلمين بأرمينية جماعة كثيرة‪) .‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس ِإنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َج َع ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَ َبا ِئ َل ِلتَ َع َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْل َعالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُمبِ ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان إِنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَتهبِعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة ابى جعفر المنصور من عام ‪ 791‬الى وفاته فى ‪701‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ إشتهر أبوجعفر المنصور بنقض عهوده ‪ ،‬يعطى األمان ثم ينفضه ‪ .‬وليس هذا من‬
‫صفات المؤمنين بل هى من سمات الكافرين ( المؤمنون ‪ ،1‬األنعام ‪ 702‬االسراء ‪،39‬‬
‫النحل ‪ ، 47‬التوبة ‪ ، 75 : 1‬الرعد ‪ .) 20 / 25‬وقد عرضنا لنماذج من غدره بمن‬
‫أعطاهم األمان ‪.‬‬
‫ودفع عبد هللا بن المقفع حياته ثمنا لغدر المنصور ‪ ،‬قتلوه بعد تعذيب هائل عام ‪ ، 799‬ألنه‬
‫كتب صيغة مشددة فى كتاب األمان الذى كان لعبد هللا بن على العباسى ‪ .‬تقول الرواية ‪:‬‬
‫(وكان ابن المقفع قد كتب كتاب أمير المؤمنين لعبد هللا بن علي ‪ ،‬وكتب فيه‪ " :‬ومتى غدر‬
‫أمير المؤمنين بع ّمه عبد هللا فنساؤه طوالق ودوابه حبس وعبيده أحرار والمسلمون في ح ّل‬
‫من بيعته "‪ .‬فاشتد ذلك على المنصور فكتب إلى سفيان بن معاوية وهو أمير البصرة فقتله‪.‬‬
‫) وفى روايات أخرى أكثر تفصيال ‪ ( :‬لما قرأ المنصور األيمان الذي كتبه ابن المقفع قال‪" :‬‬
‫من كتب هذا " ؟ فقيل‪ " :‬رجل يقال له عبد هللا بن المقفع يكتب لعميك سليمان وعيسى‬
‫ابني علي بالبصرة " ‪ .‬فكتب إلى عامله بالبصرة‪ " :‬ال يفلتنك ابن المقفع حتى تقتله "‪.‬‬
‫فاستأذن يو ًما عليه مع وجوه أهل البصرة فأخر سفيان إذنه وأذن لمن كان معه قبله ثم أذن‬
‫له فلما صار بالدهلز عدل به إلى حجرة فقتل فيها وخرج القوم فرأوا غلمانه فسألوهم عنه‬
‫فقيل‪ :‬دخل بعدكم فخاصم سليمان وعيسى ابنا علي سفيان بن معاوية المهلبي وأشخصاه إلى‬
‫المنصور وقامت البينة العادلة بأن ابن المقفع دخل دار سفيان سلي ًما ولم يخرج منها‪ .‬فقال‬
‫المنصور‪ :‬أنا أنظر في هذا وأقيده به‪ .‬ووعدهم الغد فجاء سليمان ً‬
‫ليال فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‬
‫اتق هللا في صنيعك ومتبع أمرك أن تجري قتله علي‪ .‬قال‪ :‬ال ترع واحضر‪ .‬فحضر وقامت‬
‫البينة‪ .‬فقال المنصور‪ " :‬أرأيتم إن قتلت سفيان بن معاوية بابن المقفع ثم خرج ابن المقفع‬
‫عليكم من هذا الباب وأومأ إلى باب خلفه من ينصب لي نفسه حتى أقتله مكان سفيان‪".‬؟‬
‫فرجعوا كلهم عن الشهادة واندفع األمر‪ ) .‬وعن كيفية قتله يروى المدائنى أنه كانت هناك‬
‫خصومة بين ابن المقفع وسفيان المهلبى والى الكوفة ‪ ،‬فانتهزها فرصة ليقتل ابن المقفع‬
‫بعد تعذيب هائل بقطع أعضائه حيّا وحرقها بالنار ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬فأمر بتنور فسجر‬
‫عضوا قال‪ :‬ألقوه في النار‪.‬فيلقونه وهو‬
‫ً‬ ‫حتى إذا حمي أمر أن تقطع أعضاؤه‪ ،‬فكلما قطعوا‬
‫ينظر إليه حتى أتى على جميع جسده ‪ .‬ثم أطبق التنور‪ ).. .‬وكان ابن المقفع آية فى الذكاء‬
‫والفصاحة والحكمة ‪ !.‬وهو من ترجم أو كتب ( كليلة ودمنة ) مأله حكمة بصورة رمزية ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ واشتهر المنصور بحرصه على المال ‪ ،‬حتى أطلقوا عليه لقب ( أبو الدوانيق ) والدانق‬
‫هو أصغر جزء من الدرهم ‪ ،‬وهذا ألنه كان يحاسب والته ويدقق معهم على كل درهم ‪.‬‬
‫وبسبب حرصه يمكن تفسير معظم حركات التمرد فى عصره ‪ ،‬وقد سبق أن عالقته ساءت‬
‫بأبى مسلم الخراسانى ‪ ،‬ومن أسبابها طمع المنصور فى ثروة أبى مسلم ‪ .‬وهذا األبو مسلم‬
‫جمع كنوزا هائلة خالل إستيالئه على أقاليم الشرق من تخوم الصين الى خراسان ‪ ،‬واحتفظ‬
‫بها لنفسه ‪ .‬وعندما هزم أبو مسلم ( عبد هللا بن على ) واستولى على معسكره ‪ ،‬وجد فيه‬
‫كثيرا ) ‪ ،‬ومعروف أن عبد هللا بن على استولى‬
‫وجوهرا ً‬
‫ً‬ ‫كثيرا‬
‫كما تقول الرواية ( متاعًا ً‬
‫عليها من معسكر مروان بن دمحم بعد أن هزمه فى موقعة الزاب ‪ ،‬واستولى أيضا على كنوز‬
‫بنى امية فى دمشق وغيرها‪ .‬كل هذا وقع فى يد أبى مسلم الخراسانى بعد أن هزم عبد هللا ‪.‬‬
‫وقبل أن يهنأ أبو مسلم بهذه الغنائم ‪ ،‬اسرع أبو جعفر المنصور فأرسل ماله أبا الخصيب‬
‫ليحصى تلك األموال ‪ ،‬فغضب أبو مسلم وشتم أبا جعفر ‪ ،‬وه ّم بقتل أبى الخصيب ‪.‬‬
‫وبمقتل أبى مسلم الخراسانى أرسل المنصور الى نائب أبي مسلم على أمواله وحواصله‬
‫بكتاب على لسان أبي مسلم أن يقدم بجميع ما عنده من الحواصل والذخائر واألموال‬
‫والجواهر‪ ،‬وختم الكتاب بخاتم أبي مسلم‪ ،‬بكماله مطبوعا ً بكل فص الخاتم‪ ،‬فلما رآه الخازن‬
‫استراب في األمر‪ ،‬وقد كان أبي مسلم قبيل قدومه على المنصور قد قال لخازنه‪ " :‬إذا جاءك‬
‫كتابي فإن رأيته مختوما ً بنصف الفص فامض لما فيه ‪ ..‬وإذا جاءك الكتاب مختوما ً عليه‬
‫بكماله‪ ،‬فال تقبل وال تمض ما فيه‪ " .‬فامتنع عند ذلك خازنه أن يقبل ما بعث به المنصور‪،‬‬
‫فأرسل المنصور بعد ذلك إليه من أخذ جميع ذلك وقتل ذلك الرجل الخازن‪.‬‬
‫وظلت بقية تركة أبى مسلم فى خراسان سببا من أسباب الفتنة ‪ .‬فهذا السنباذ فى خراسان‬
‫استولى على خزائن أبى مسلم الموجودة فى الرى ‪ ،‬فبعث له المنصور بجيش يقوده جمهور‬
‫بن مرار العجلى فهزم سنباذ ‪ .‬ثم استولى جمهور بن مرار العجلى على هذه الخزائن فى‬
‫الرى وطمع فيها فخرج على سيده أبى جعفر المنصور ‪ ،‬وانتهى األمر بقتله ‪ .‬وعبد الجبار‬
‫طمع فى ثراء خراسان وما تركه أبو مسلم فيها ‪ ،‬وه ّم بالثورة ‪ ،‬وانتهى األمر بأسره‬
‫وارساله الى المنصور ‪( :‬فبسط عليهم العذاب حتى استخرج منهم األموال ) ‪.‬‬
‫وكان يكفى إتهام أحدهم بالثراء وجمع المال وتخبئته ليقع بين براثن المنصور ‪ ،‬وهذا كان‬
‫مصير خالد أخى أبي أيوب باألهواز ‪ ،‬أخبروا المنصور أنه قد ( جمع ً‬
‫ماال عظي ًما فغضب‬
‫عليه المنصور فحبسه وحبس أخاه خالدًا وبني خيه وقطع أيدي بني أخيه وقتلهم ‪. ) .‬‬
‫وقبيل شهور من موته عام ‪ ، 701‬فرض المنصور على ( خالد بن برمك ) ‪ 3‬مليون درهم ‪،‬‬
‫بال ذنب إقترفه ابن برمك ‪ .‬تقول الرواية عن المنصور إنه ‪( :‬ألزم خالد بن برمك ثالثة آالف‬
‫ألف درهم‪ ،‬وأجله ثالثة أيام‪ ،‬فإن أحضر المال وإال قتله ) فاستدان ابنه يحيى االموال لينقذ‬
‫أباه ‪ .‬فجمع معظم المال ‪ (،‬قال‪ :‬فجمعنا في يومين ألفي ألف وسبعمائة ألف‪ ،‬وبقي ثالثمائة‬
‫ألف تبطل الجميع بتعذرها ‪.)..‬ثم ثار أهل الموصل والجزيرة فاضطر المنصور أن يعفو عن‬
‫بقية المال ( ‪ 355‬الف ) وأن يعين خالد البرمكى على الموصل وابنه يحيى على آذربيجان ‪.‬‬
‫فى موضوع األموال كان ابو جعفر المنصور ال تأخذه لومة الئم ‪ .‬ألن المال كان معبوده‬
‫األعظم ‪ ،‬وفى المال كان جهاده األكبر ‪.‬‬
‫ونعطى تفاصيل أخرى عن جهاد أبى جعفر المنصور فى السنوات الباقية من خالفته ومن‬
‫حياته ‪.‬‬
‫عام ‪791‬‬
‫‪ :7‬انتقال المنصور إلى بغداد‬
‫‪ 2‬ـ غزا الصائفة هذه السنة جعفر بن حنظلة البهراني‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ( غزا مالك بن عبد هللا الخثعمي‪ ،‬الذي يقال له مالك الصوائف‪ ،‬وهو من أهل فلسطين‪،‬‬
‫بالد الروم فغنم غنائم كثيرة ثم قفل‪ ،‬فلما كان من درب الحدث على خمسة عشر ميالً بموضع‬
‫يدعى الرهوة نزل بها ثالثا ً وباع الغنائم وقسم سهام الغنيمة‪ ،‬فسميت تلك الرهوة رهوة‬
‫مالك‪ ،) .‬أى غزوة سلب ونهب كالعادة ‪.‬‬
‫عام ‪: 791‬‬
‫‪ 7‬ـ ( أغار أسترخان الخوارزمي في جمع من الترك على المسلمين بناحية أرمينية وسبى‬
‫من المسلمين وأهل الذمة خلقا ً ودخلوا تفليس‪ ،‬وكان حرب مقيما ً بالموصل في ألفين من‬
‫الجند لمكان الخوارج الذين بالجزية‪ ،‬وسير المنصور إلى محاربة الترك جبرائيل بن يحيى‬
‫ق‬
‫وحرب بن عبد هللا‪ ،‬فقاتلوهم‪ ،‬فهزم جبرائيل وقتل حرب‪ ،‬وقتل من أصحاب جبرائيل خل ٌ‬
‫كثير‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ بعد أن أبلى ولى العهد عيسى بن موسى بالءا حسنا عزله ع ُّمه ابو جعفر المنصور‬
‫وولى ابنه المهدى مكانه وليا للعهد ‪ .‬فى البداية طلب منه المنصور التنازل عن والية العهد‬
‫فقال ‪ ( :‬يا أمير المؤمنين كيف باأليمان علي وعلى المسلمين من العتق والطالق وغير ذلك؟‬
‫ليس إلى الخلع سبيل!) ‪ .‬فتعرض عيسى الى سلسلة من االهانات والتهديد بالموت‬
‫ومحاوالت القتل ‪ ،‬ثم إستسلم فى النهاية وتنازل مقابل مال ( قدره أحد عشر ألف ألف درهم‬
‫له وألوالده وأشهد على نفسه بالخلع‪ . ).‬المال هو معبودهم األعظم ‪!!.‬‬
‫‪ 3‬ـ إغتيال عبد هللا بن على بعد إعطائه األمان ‪ :‬كان المنصور قد أمر عيسى بن موسى أن‬
‫يقتل عمه عبد هللا بن على ‪ ،‬وسافر المنصور الى مكة ‪ .‬وكتب وهو فى الطريق يستعلم من‬
‫عيسى هل قتل عبد هللا أم ال ‪ ،‬فكتب اليه أنه قد قتله‪ .‬ولكن عيسى لم يقتله ‪،‬أخفاه عنده خوفا‬
‫من مكر عمه أبى جعفر‪ .‬ورجع المنصور فأوعز الى أعمامه أُخوة عبد هللا بن على أن‬
‫يشفعوا فى عبد هللا بن على ‪ ،‬فى مجلس عام ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬فلما قدم المنصور وضع‬
‫يحركهم على الشفاعة في أخيهم عبد هللا‪ ،‬ففعلوا وشفعوا‪ ،‬فشفعهم ) أى‬ ‫على أعمامه من ّ‬
‫إستجاب لهم وعفا عن عبد هللا ( وقال لعيسى‪ :‬إني كنت دفعت إليك عمي وعمك عبد هللا‬
‫ليكون في منزلك‪ ،‬وقد كلمني عمومتك فيه‪ ،‬وقد صفحت عنه فأتنا به‪ .‬قال‪ :‬يا أمير المؤمنين‬
‫ألم تأمرني بقتله؟ فقتلته! قال‪ :‬ما أمرتك! قال‪ :‬بلى أمرتني‪ .‬قال‪ :‬ما أمرتك إال بحبسه وقد‬
‫كذبت! ثم قال المنصور لعمومته‪ :‬إن هذا قد أقر لكم بقتل أخيكم‪ ،‬قالوا‪ :‬فادفعه إلينا نقيده به‪.‬‬
‫فسلمه إليهم‪ )،‬أى أعطاهم عيسى بن موسى ليقتلوه قصاصا ‪ ،‬وفعال كادوا يقتلونه ‪ ،‬تقول‬
‫الرواية ‪ ( :‬وخرجوا به إلى الرحبة‪ ،‬واجتمع الناس وشهر األمر‪ ،‬وقام أحدهم ليقتله‪ ،‬فقال له‬
‫عيسى‪ :‬أفاعل أنت؟ قال‪ :‬إي وهللا! قال‪ :‬ردوني إلى أمير المؤمنين‪ .‬فردوه إليه‪ .‬فقال له‪ :‬إنما‬
‫أردت بقتله أن تقتلني‪ .‬هذا عمك حي سوي‪ .‬قال‪ :‬ائتنا به‪ .‬فأتاه به‪ .‬قال‪ :‬يدخل حتى أرى‬
‫رأيي؛ ثم انصرفوا‪ )،‬ونجا عيسى بن موسى ‪ .‬وعاد عبد هللا بن على الى سجن خاص فقتله‬
‫ابو جعفر المنصور بطريقة عجيبة ‪ ،‬بنى له بيتا اساسه من ملح ‪ ،‬وأجرى عليه الماء‬
‫فاغرقه ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬ثم أمر به فجعل في بيت أساسه ملح وأجرى الماء في أساسه‬
‫فسقط عليه‪ ،‬فمات‪) .‬‬
‫عام ‪: 791‬‬
‫‪ 7‬ـ ثورة الخارجى ابن مجالد الهمدانى ‪ ،‬واهل الموصل ‪ ( ،‬فخرج إليه عسكر الموصل‪،‬‬
‫وعليها الصقر بن نجدة‪ ،‬وكان قد وليها بعد حرب بن عبد هللا‪ ،‬فالتقوا واقتتلوا وانهزم عسكر‬
‫الموصل على الجسر‪ ،‬وأحرق الخوارج أصحاب حسان السوق هناك ونهبوه‪ . ) .‬وانضم أهل‬
‫الموصل الى الثورة ‪ ،‬ولم ينسوا ما فعله بهم العباسيون ‪ ،‬واستشار المنصور الفقهاء ـ‬
‫ومعهم أبو حنيفة ‪ ،‬وقد وافق ( فقهاء السلطة ) أبا جعفر المنصور على قتل أهل الموصل ‪،‬‬
‫ولم يوافقه أبوحنيفة ‪ .‬كانت حجة المنصور أن أهل الموصل سلّموا للمنصور أنهم غذا ثاروا‬
‫عليه تكون دماؤهم وأموالهم حالال له ‪ .‬ورفض ابو حنيفة هذه ال ُحجة ‪ ،‬ألنهم ال يملكون‬
‫التفريط فى حياتهم وال فى أموالهم ‪ ،‬بدليل أن المرأة ال تملك جسدها ــ فى الشرع ــ حتى‬
‫تتصرف فيه بالزنا‪ .‬وأُفحم المنصور ‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬وعزم المنصور على إنفاذ الجيوش‬
‫إلى الموصل والفتك بأهلها‪ ،‬فأحضر أبا حنيفة‪ ،‬وابن أبي ليلى‪ ،‬وابن شبرمة‪ ،‬وقال لهم‪ :‬إن‬
‫ي‪ ،‬فإن فعلوا حلت دماؤهم وأموالهم‪ ،‬وقد‬ ‫أهل الموصل شرطوا إلي أنهم ال يخرجون عل ّ‬
‫خرجوا‪ .‬فسكت أبو حنيفة وتكلم الرجالن وقاال‪ :‬رعيتك‪ ،‬فإن عفوت فأهل ذلك أنت‪ ،‬وإن‬
‫عاقبت فبما يستحقون‪ .‬فقال ألبي حنيفة‪ :‬أراك سكت يا شيخ؟ فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين أباحوك‬
‫ما ال يملكون‪ !.‬أرأيت لو أن امرأة أباحت فرجها بغير عقد نكاح وملك يمين أكان يجوز أن‬
‫توطأ؟ قال‪ :‬ال!‪ .‬وكف عن أهل الموصل ‪ .‬وأمر أبا حنيفة وصاحبيه بالعود إلى الكوفة‪. ) .‬‬
‫ونقم المنصور على أبى حنيفة ‪ ،‬وقتله بالسم عام ‪. 705‬‬
‫‪2‬ـ ولّى أبو جعفر المنصور ( األغلب بن سالم ) قائدا على الجيش وواله ( أفريقيا ) ‪،‬‬
‫وخرج الحسن بن حرب فى تونس ‪ ،‬فحاربه األغلب ‪ ،‬وانتهى األمر بقتل األغلب وقتل الحسن‬
‫بن حرب ‪!!.‬‬
‫عام ‪: 794‬‬
‫‪ 7‬ـ ( غزا العباس بن دمحم الصائفة أرض الروم ومعه الحسن بن قحطبة ودمحم بن األشعث‪،‬‬
‫فمات دمحم في الطريق‪).‬‬
‫عام ‪705‬‬
‫‪ 7‬ـ ثورة أستاذ سيس فى ( هراة وباذغيس وسجستان وغيرها من خراسان‪ ،‬وكان فيما قيل‬
‫في ثالثمائة ألف مقاتل‪ ،‬فغلبوا على عامة خراسان‪ ،‬وساروا حتى التقوا هم وأهل مرو الروذ‪،‬‬
‫فخرج إليهم األجشم المروروذي في أهل مرو الروذ فقاتلوه قتاالً شديداً‪ ،‬فقتل األجشم وكثر‬
‫القتل في أصحابه وهزم عدة من القواد ) وأرسل اليهم المنصور ابنه ولى عهده المهدى‬
‫ومعه القائد خازم بن خزيمة ‪ ،‬وفى النهاية انهزم استاذسيس ‪ ،‬يقول ابن األثير ‪ ( :‬فهزموهم‬
‫ووضعوا فيهم السيوف‪ ،‬فقتلهم المسلمون فأكثروا‪ ،‬وكان عدد من قتل سبعين ألفاً‪ ،‬وأسروا‬
‫أربعة عشر ألفاً‪ ،‬ونجا أستاذ سيس إلى جبل في نفر يسير‪ ،‬فحصرهم خازم وقتل األسرى‪،‬‬
‫ووافاه أبو عون وعمرو ابن سلم ومن معهما‪ ،‬فنزل أستاذ سيس على حكم أبي عون‪ ،‬فحكم‬
‫أن يوثق أستاذ سيس وبنوه وأهل بيته بالحديد‪ ،‬وأن يعتق الباقون وهم ثالثون ألفا ً ‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ (ولم يكن للناس في هذه السنة صائفة )‬
‫عام ‪: 707‬‬

‫‪ 7‬ـ سار عقبة بن سلم من البصرة‪ -‬واستخلف عليها نافع بن عقبة‪ -‬إلى البحرين‪ ،‬فقتل‬
‫سليمان بن حكيم وسبى أهل البحرين وأنفذ بعض السبي واألسارى إلى المنصور‪ ،‬فقتل‬
‫بعضهم ووهب الباقين للمهدي‪ ).‬السبى كان مشروعا فى االقتتال داخل ( دار السالم ) وليس‬
‫فقط ( دار الحرب ) ‪ ،‬وكذلك قتل األسرى ‪!.‬‬

‫‪ 2‬ـ وكان المنصور قد استعمل معن بن زائدة على اليمن‪ ،‬لما بلغه من االختالف هناك‪. ،‬‬
‫فسار إليه وأصلحه‪ .‬وقصده الناس من أقطار األرض الشتهار جوده‪ ،‬ففرق فيهم األموال‪،‬‬
‫فسخط عليه المنصور‪،‬ثم واله سجستان ‪ .‬وفتح معن زابلستان ( وأصاب سبيا ً كثيرا ً ‪) .‬‬
‫وقتل بعض الخوارج معن بن زائدة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزا الصائفة عبد الوهاب بن إبراهيم العباسى‬
‫‪ 9‬ـ إضطرابات فى شمال أفريقيا استمرت من هذا العام ‪ 707‬حتى عام ‪701‬‬
‫تعددت فيها المعارك من طرابلس الغرب الى طنجة والقيروان ‪ ،‬وشارك فيها فرقاء‬
‫متشاكسون من العباسيين والعرب وقبائل األمازيغ (البربر )‪ ،‬والخوارج االباضية‬
‫والخوارج الصفرية وتعددت أسماء القادة من كل طرف فى صراع معقد مركب ‪ ،‬تقول‬
‫الرواية ( كان بين الخوارج والجنود ( العباسيين ) من لدن عمر بن حفص إلى انقضاء‬
‫أمرهم ثالثمائة وخمس وسبعون وقعة‪ ) .‬هذا بين العباسيين والخوارج فقط ‪ .‬ونستدل علي‬
‫عُنف المعارك ووحشيتها ببعض السطور ‪ ،‬مثل ‪( :‬فلما سمع أبو قرة بمسير عمر بن حفص‬
‫سار هو إلى طبنة فحصرها‪ ،‬فخرج إليه من بها من العساكر وقاتلوه‪ ،‬فانهزم منهم وقتل من‬
‫عسكره خلق كثير )( وأما أبو حاتم فإنه لما حصر القيروان كثر جمعه والزم حصارها ‪ ..‬فدام‬
‫الحصار ثمانية أشهر‪ ،‬وكان الجند يخرجون فيقاتلون الخوارج طرفي النهار حتى جهدهم‬
‫الجوع وأكلوا دوابهم وكالبهم ولحق كثير من أهلها بالبربر ولم يبق غير دخول الخوارج‬
‫إليها‪ ،‬فأتاهم الخبر بوصول عمر بن حف من طبنة‪ ،‬فنزل الهريش‪ ،‬وهو في سبعمائة فارس‪،‬‬
‫فزحف الخوارج إليه بأجمعهم وتركوا القيروان‪ ،‬فلما فارقوها سار عمر إلى تونس‪ ،‬فتبعه‬
‫البربر‪ ،‬فعاد إلى القيروان مجدا ًد وأدخل إليها ما يحتاج من طعام ودواب وحطب وغير ذلك‪،‬‬
‫ووصل أبو حاتم والبربر إليه فحصروه‪ ،‬فطال الحصار حتى أكلوا دوابهم‪ ،‬وفي كل يوم يكون‬
‫بينهم قتال وحرب‪ ،‬فلما ضاق األمر بعمر وبمن معه قال لهم‪ :‬الرأي أن أخرج من الحصار‬
‫وأغير على بالد البربر وأحمل إليكم الميرة‪( ) .‬وفتحت له القيروان‪ ،‬وخرج أكثر الجند إلى‬
‫طبنة‪ ،‬وأحرق أبو حاتم أبواب القيروان وثلم سورها ) (لما بلغ المنصور ما حل بعمر بن‬
‫حفص من الخوارج جهز يزيد بن حاتم ابن قبيصة بن أي صفرة في ستين ألف فارس‬
‫وسيره إلى إفريقية‪ ،‬فوصلها سنة أربع وخمسين ومائة ‪ ...‬فالتقوا في ربيع األول سنة خمس‬
‫وخمسين‪ ،‬فاقتتلوا أشد قتال‪ ،‬فانهزمت البربر وقتل أبو حاتم وأهل نجدته‪ ،‬وطلبهم يزيد في‬
‫كل سهل وجبل فقتلهم قتالً ذريعاً‪ ،‬وكان عدة من قتل في المعركة ثالثين ألفا ً‪ ..‬وجعل آل‬
‫المهلب يقتلون الخوارج ويقولون‪ :‬يا لثارات عمر بن حفص! وأقام شهراً يقتل الخوارج‪ ،‬ثم‬
‫رحل إلى القيروان ) ( ‪ ..‬فسير إليهم يزيد بن حاتم جيشا ً فحصروا البربر وظفروا بهم‬
‫وقتلوا منهم خلقا ً كثيراً‪ ،‬وهرب عبد الرحمن وقتل جميع من كان معه ‪..( ) .‬انتقضت‬
‫ورفجومة سنة أربع وستين ومائة بأرض الزاب وعليها أيوب الهواري‪ ،‬فسير إليهم عسكرا ً‬
‫كثيراً‪ ،‬واستعمل عليهم يزيد بن مجزاء المهلبي‪ ،‬فالتقوا واقتتلوا‪ ،‬فانهزم يزيد وقتل كثير من‬
‫أصحابه‪ ،‬وقتل المخارق بن غفار صاحب الزاب‪ ،‬فولي مكانه المهلب بن يزيد المهلبي‬
‫وأمدهم يزيد بن حاتم بجمع كثير‪ ،‬واستخمل عليهم العالء بن سعيد المهلبي‪ ،‬وانضم إليهم‬
‫المنهزمون ولقوا ورفجومة واقتتلوا‪ ،‬واشتد القتال‪ ،‬فانهزمت البربر وأيوب وقتلوا بكل مكان‬
‫حتى أتي على آخرهم‪( ) .‬ثم ثار ‪..‬أبو يحيى بن فانوس الهواري بناحية طرابلس‪ ،‬فاجتمع‬
‫عليه كثر من البربر‪ ،‬وكان عسكر ليزيد بن حاتم مع عامل البلد‪ ،‬فخرج العامل والجيش معه‪،‬‬
‫فالتقوا على شاطئ البحر من أرض هوارة‪ ،‬فاقتتلوا قتاالً شديداً‪ ،‬فانهزم أبو يحيى بن فانوس‬
‫وقتل عامة أصحابه ‪( )..‬أنكرت الخوارج الصفرية المجتمعة بمدينة سجلماسة على أميرهم‬
‫عيسى بن جرير أشياء‪ ،‬فشدوه وثاقاً‪ ،‬وجعلوه على رأس الجبل‪ ،‬فلم يزل كذلك حتى مات‪،‬‬
‫وقدموا على أنفسهم أبا القاسم سمكو بن واسول المكناسي جد مدرار )‬
‫عام ‪702‬‬
‫‪ 7‬ـ غزا حميد بن قحطبة (كابل )‪ ، .‬وكان قد استعمله المنصور على خراسان سنة إحدى‬
‫‪.‬وخمسين‬
‫‪ 2‬ـ غزا الصائفة عبد الوهاب بن إبراهيم العباسى ‪.‬‬

‫عام ‪: 703‬‬
‫غزا الصائفة معيوف بن يحيى الحجوري فوصل إلى حصن من حصون الروم ليالً وأهله‬
‫نيام‪ ،‬فسبى وأسر من كان فيه‪ ،‬ثم قصد الالذقية الخراب فسبى منها ستة آالف رأس سوى‬
‫الرجال البالغين‪.‬‬

‫عام ‪700‬‬
‫‪ 7‬ـ خدع المنصور أهل البصرة وأهل الكوفة‪ .‬أراد أن يعرف عددهم ‪ ،‬فأمر بتفريق خمسة‬
‫دراهم على كل فرد ‪ ،‬وتسجيل أسمائهم ‪ ،‬فجاءوا وتسلموا المال ولم يتخلف منهم أحد ‪ ،‬فلما‬
‫عرف أسماءهم وعددهم أمر بأن يدفع كل منهم جباية أربعين درهما الفرد ‪ ،‬فقال الشاعر‪:‬‬
‫يا لقومي ما لقينا ** من أمير المؤمنينا‬

‫سم الخمسة فينا ** وجبانا األربعينا‬


‫ق ّ‬
‫‪ 2.‬ـ طلب ملك الروم الصلح إلى المنصور على أن يؤدي إليه الجزية‬
‫‪ 3‬ــ غزا الصائفة يزيد بن أسيد السلمي‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ بتهمة الزندقة قتل والى الكوفة دمحم بن سليمان العباسى الداعية العباسى عبد الكريم بن‬
‫ضاع ) ‪ ،‬تقول الرواية‬ ‫ابى العوجاء ( عميل أبى جعفر المنصور ) وشهرته ( عبد الكريم الو ّ‬
‫‪ ( :‬وكان ابن أبي العوجاء قد أرسل إلى دمحم بن سليمان يسأله أن يؤخره ثالثة أيام‪ ،‬ويعطيه‬
‫مائة ألف‪ ) ،‬أى الى أن يصل موضوعه الى ابى جعفر المنصور‪ .‬ورفض دمحم بن سليمان ‪،‬‬
‫ضاع ‪ ( :‬فلما أيقن أنه مقتول قال‪ :‬وهللا لقد‬‫وبادر بقتله ‪ .‬تقول الرواية عن عبد الكريم الو ّ‬
‫وضعت فيكم أربعة آالف حديث حللت فيها الحرام‪ ،‬وحرمت فيها الحالل‪ ،‬وهللا لقد فطرتكم يوم‬
‫صومكم‪ ،‬وصومتكم يوم فطركم؛ فقتل‪ ( ) .‬وورد كتاب المنصور إلى دمحم يأمره بالكف عنه‪،‬‬
‫فوصل وقد قتله‪ ،‬فلما بلغ قتله المنصور غضب‪ ،‬وقال‪ :‬وهللا لقد هممت أن أقيده به! ) أى‬
‫ضاع ‪ ،‬والوالى الشاب‬ ‫كان المنصور على وشك أن يقتل ابن عمه قصاصا ألنه قتل هذا الو ّ‬
‫العباسى دمحم بن سليمان لم يكن يعلم بالصلة الوثيقة بين ابن أبى العوجاء والخليفة أبى جعفر‬
‫المنصور ‪ .‬فقد كان للمنصور مجموعة من الفقهاء وصانعى األحاديث يعملون فى الدعاية‬
‫للدولة العباسية‪ ،‬وهم الذين وضعوا أحاديث فى عبقرية عبد هللا بن عباس ‪ ،‬وفى غيبيات‬
‫يزعمون فيها أن النبى بشّر ببنى العباس وخالفتهم التى تستمر الى قيام الساعة ‪ ،‬وفيها‬
‫الحديث عن أسماء خلفاء بنى العباس ‪ .‬ولقد عزل المنصور ابن عمه دمحم بن سليمان عن‬
‫الكوفة عقابا له على قتله ابن أبى العوجاء‪.‬‬

‫عام ‪701‬‬
‫( غزا الصائفة زفر بن عاصم الهاللي‪).‬‬

‫عام ‪701‬‬

‫‪ 7‬ـ ( غزا الصائفة يزيد بن أسيد السلمي‪ ،‬فوجه سنانا ً مولى البطال إلى حصن‪ ،‬فسبى وغنم‬
‫‪).‬‬

‫عام ‪701‬‬

‫‪ 2‬ـ موت المنصور وتولى ابنه المهدى‪.‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس ِإنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَ َبا ِئ َل ِلتَ َع َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْل َعالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪َ ( :‬يا أَ ُّي َها الهذِي َن‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُمبِ ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان إِنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَتهبِعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَا ِتلُ َ‬
‫ون ِفي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة المهدى العباسى ( ‪) 714 : 701‬‬


‫مقدمة عن مستجدات الخليفة المهدى ‪:‬‬
‫‪ 7‬ــ بعد أبيه الطاغية الذى و ّطد الدولة العباسية جاء دور ابنه المهدى ليُريح الناس بعد‬
‫وحشية أبيه المنصور ‪ .‬خلف له ابوه ثروة بمئات الماليين فقام بتوزيعها بكرم غير مسبوق‬
‫‪ ،‬تقول الرواية عنه عام ‪ ( : 715‬مات المنصور وفي بيت المال شيء لم يجمعه خليقة قط‬
‫مائة ألف ألف درهم وستون ألف ألف درهم فلما صارت الخالفة إلى المهدي قسم ذلك وأنفقه‬
‫) ( وقسم ماالً عظيماً‪ ،‬وكان معه من العراق ثالثون ألف ألف درهم‪ ،‬ووصل إليه من مصر‬
‫ثالثمائة ألف دينار‪ ،‬ومن اليمن مائتا ألف دينار‪ ،‬ففرق ذلك كله‪ ،‬وفرق مائة ألف ثوب‬
‫كثيرا فذكر أنه قسم في تلك‬ ‫وخمسين ألف ثوب ) ( وقسم المهدي في أهل مكة والمدينة ً‬
‫ماال ً‬
‫السفرة ثالثين ألف ألف درهم حملت معه ووصل يه من مصر ثالثة مائة ألف دينار ومن‬
‫اليمن مائتا ألف دينار قسم كل ذلك كله وفرق من الثياب مائة ألف ثوب وخمسين ألف ثوب ‪.‬‬
‫ورد المهدي على أهل بيته وغيرهم قطائعهم التي كانت مقبوضة عنهم ‪. ) .‬‬
‫وعفا عن كثيرين من ضحايا ابيه ‪ ،‬تقول الرواية عنه عام ‪ (:704 :‬وفيها أطلق المهدي‬
‫من كان في حبوس المنصور‪ ،‬إال من كان عنده تبعة من دم أو مال‪ ،‬أو من يسعى في األرض‬
‫بالفساد‪ .).‬كما قام بإصالحات الطرق وفى مكة والمدينة والمسجد الحرام ورعاية المساجين ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ هو بهذا يقترب مما عمله الخليفة الوليد بن عبد الملك ـ والذى جاء أيضا بعد طغيان‬
‫ووحشية ابيه عبد الملك بن مروان ‪ .‬ولكن يختلف الحال بين الدولتين األموية والعباسية ‪.‬‬
‫الدولة األموية كانت عسكرية عربية قبلية ( نسبة للقبيلة ) ‪ ،‬وإستغالل الدين فيها كان بسيطا‬
‫ال يتعدى الجبرية التى عرفتها قريش والتى كانت تبرر معاصيها بأنها إرادة هللا ‪.‬‬
‫سس فيها أبو جعفر المنصور مالمح الدولة الدينية ‪ ،‬ليس فقط‬ ‫أما الدولة العباسية فقد أ ّ‬
‫بإعالنه أنه خليفة هللا وأنه يحكم باسم هللا وأنه سلطان هللا فى أرضه ‪ ،‬ولكن أيضا فى‬
‫إعتماده على فقهاء تابعين له يسبكون له األحاديث ‪ ،‬وهو نفسه كان فقيها من أصحاب‬
‫وكون منهم ( ميليشيات ) مدنية تخترع األحاديث‬ ‫الحديث ‪ ،‬وخالط هذا الصنف من البشر ‪ّ ،‬‬
‫فى دولة بنى العباس ‪ ،‬وأذاعوا أحاديث عن إبنه ( المهدى ) باسمه وصفته ‪ .‬وبدأ بهذا‬
‫تلقيب الخليفة العباسى بلقب كهنوتى ( المهدى ) ( الهادى ) ( الرشيد ) ثم ‪ (:‬المعتصم باهلل‬
‫) ( الواثق باهلل ) ( المتوكل على هللا )‪..‬الخ ‪ .‬ولم يكن هذا معروفا فى الدولة األموية ‪.‬‬
‫وبلقبه الكهنوتى واألحاديث التى صيغت من أجله بدأ الخليفة ( المهدى ) يخفى إدمانه للخمر‬
‫والنساء بوظيفة جديدة أعطاها لنفسه بإعتباره حامى الدين ‪ ،‬وهى قتل ( الزنادقة )‪.‬‬
‫مسلسل الدماء فى قتل الزنادقة‬
‫‪ 7‬ـ كان قتل الزنادقة عمال سياسيا ‪ .‬بعد أن قتل المنصور ( أبا مسلم الخراسانى ) ثار أتباعه‬
‫فى خراسان فى عهد المنصور والمهدى ومن جاء بعدهما ‪ ،‬وكان ألبى مسلم أتباعه داخل‬
‫البالط العباسى ‪ ،‬عملوا جواسيس للثوار الخراسانيين ‪ .‬ولهذا إقترن فى الدولة العباسية فى‬
‫هذه الفترة إرسال جيوش لمحاربة الثائرين الفرس ‪ ،‬بمالحقة أنصارهم وجواسيسهم فى‬
‫بغداد وما حولها ‪ ،‬وبدال من قتلهم قتال مجردا كما كان يفعل السابقون من األمويين وحتى‬
‫سنّى ‪،‬‬
‫أبى جعفر المنصور ‪ ،‬إخترع ( المهدى ) بلقبه الكهنوتى أن يقتلهم بسيف الشرع ال ّ‬
‫ومن ثم كان إختراع ما عُرف فيما بعد ب ( حد الردة ) ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ والغريب أن البالط العباسى عاش فيه ملحدون حقيقيون كانوا يفخرون بإلحادهم‬
‫يعتبرونه نوعا من التمدن والتحضر ‪ ،‬وتمتعوا برعاية المهدى ألن والءهم كان لدولته بال‬
‫أدنى شك ‪ ،‬ومن هؤالء كان مطيع بن إياس وحماد عجرد ويحيى بن زياد‪ .‬زذكر ابن قتيبة‬
‫في " طبقات الشعراء " قال‪ :‬كان بالكوفة ثالثة يقال لهم الحمادون‪ :‬حماد عجرد وحماد‬
‫الراوية وحماد بن الزبرقان النحوي وكانوا يتعاشرون وكانوا كلهم يرمون بالزندقة ‪ ) .‬لم‬
‫يتعرضوا للقتل ‪ ،‬بينما تعرض آخرون لمسلسل سفد الدماء ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وفى عام ‪ ، 717‬وعندما ساءت عالقة المهدى بوزيره أبى عبد هللا أمر بقتل ابن الوزير‬
‫بتهمة الزندقة ‪.‬وكان هذا بتدبير الربيع حاجب المهدى والمنافس للوزير أبى عبد هللا ‪ ،‬فأقنع‬
‫المهدى بأن ابن الوزير له عالقة بحريم المهدى ‪ ،‬تقول الرواية إن المهدى إمتحن دمحما ابن‬
‫الوزير فى حفظ القرآن فلم يجده يحفظ القرآن المهدى ‪ ( :‬فقال ألبيه‪ :‬ألم تعلمني أن ابنك‬
‫يحفظ القرآن؟ قال‪ :‬بلى ولكنه فارقني منذ سنين‪ ،‬وقد نسي‪ .‬قال‪ :‬فقم فتقرب إلى هللا بدمه‪،‬‬
‫فقام ليقتل ولده‪ ،‬فعثر فوقع‪ ،‬فقال العباس بن دمحم‪ :‬إن رأيت أن يعفي الشيخ‪ ،‬فافعل‪ .‬فأمر‬
‫بابنه فضربت عنقه‪. ) !.‬‬
‫‪ 9‬ـ فى عام ‪ ، 713‬وفى جهيزه لغزو الروم ومصاحبته البنه هارون ( الرشيد ) وحين وصل‬
‫(حلب ) أمر المهدى بجمع الزنادقة وقتلهم ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ وفى عام ‪ ( 711‬اضطربت خراسان على المسيب بن زهير‪ ،‬فوالها الفضل بن سليمان‬
‫الطوسي أبا العباس‪ ،‬وأضاف إليه سجستان‪ ،‬فاستخلف على سجستان تميم بن سعيد بن‬
‫دعلج‪ ) .‬هذا االضطراب جاء نقمة على كثيرين فى العراق ‪ ،‬إتهموهم بالزندقة ‪ ،‬ومنهم ‪:‬‬
‫( داود بن روح بن حاتم‪ ،‬وإسماعيل بن مجالد‪ ،‬ودمحم بن أبي أيوب المكي‪ ،‬ودمحم بن طيفور)‬
‫‪ 1‬ـ وفى هذه السنة قتل المهدى الشاعر المشهور بشار بن برد ‪ ،‬وكان بشار وقتها فى أرذل‬
‫العمر ‪ .‬كان بشار متمتعا بالحظوة ‪ ،‬ولكن لسانه إنطلق فى هجاء المهدى‪ .‬عن سطوة الوزير‬
‫يعقوب بن داود فى خالفة المهدى ومجون المهدى قال بشار بن برد‪:‬‬
‫إن الخليفة يعقوب ابن داود‬ ‫ّ‬ ‫بني أميّةً هبّوا طال نومكم **‬
‫ضاعت خالفتكم يا قوم فالتمسوا ** خليفة هللا بين النّاي والعود‬
‫وقال فى مجون المهدى ‪:‬‬
‫خليفة يزني بعماته ** يلعب بالدبوق والصولجان‬
‫أبدلنا هللا به غيره ** ودس موسى في حر الخيزران‬
‫( الحر ) هو العضو الجنسى للمرأة ‪ .‬والحيزران هى زوجة المهدى ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ فى عام ‪ . 711‬تقول الرواية ‪ ( :‬ج ّد المهدي في طلب الزنادقة‪ ،‬فأخذ يزيد بن الفيض‪،‬‬
‫فأقر‪ ،‬فحبس‪ ،‬فهرب‪ ،‬فلم يقدر عليه‪ .‬وكان المتولي ألمر الزنادقة الكلوذاني‪).‬‬
‫‪ 1‬ـ وفى عام ‪ ( : 711‬مات عمر الكلوذاني‪ ،‬صاحب الزنادقة‪ ،‬وولي مكانه دمحم بن عيسى‬
‫بن حمدوية‪ ،‬فقتل من الزنادقة خلقا ً كثيرا ) وارتبط هذا بحملة أرسلها المهدى الى طبرستان‬
‫( وفيها سير المهدي سعيدا ً الحرشي في أربعين ألفا ً إلى طبرستانً ‪ ،) .‬أى حارب المهدى‬
‫عسكريا فى طبرستان ‪ ،‬وتتبع عمالء العدو بالزندقة ‪ .‬وظلت حروب المهدى مع الفرس حتى‬
‫سنة وفاته عام ‪ 714‬حين ‪ ( :‬خروج المهدي في المحرم إلى ما سبذان ) ‪.‬‬

‫مسلسل الدماء بين الداخل ( دار السالم ) والخارج ( دار الحرب )‬


‫عام ‪701‬‬
‫مات المنصور فى طريقه الى مكة وبويع المهدى ‪.‬‬
‫‪.‬وغزا الصائفة معيوف بن يحيى من درب الحدث‪ ،‬فلقي العدو‪ ،‬فاقتتلوا‪ ،‬ثم تحاجزوا‪.‬‬
‫عام ‪ : 704‬ثورة المقنع الخراسانى‬
‫ظهر المقنع بخراسان‪ ،‬وكان رجالً أعور‪ ،‬قصيراً‪ ،‬من أهل مرو‪ ،‬ويسمى حكيماً‪ ،‬وكان اتخذ‬
‫وجها ً من ذهب فجعله على وجهه لئال يُرى‪ ،‬فسمي المقنع وادعى األلوهية‪..‬وكان يقول‪ :‬إن‬
‫هللا خلق آدم‪ ،‬فتحول في صورته‪ ،‬ثم في صورة نوح‪،‬وهكذا إلى أبي مسلم الخراساني ‪ ،‬ثم‬
‫تحول إلى هاشم‪ ،‬وهاشم‪ ،‬في دعواه‪ ،‬هو المقنع‪ ،‬ويقول بالتناسخ؛ وتابعه خلق من ضالل‬
‫الناس وكانوا يسجدون له من أي النواحي كانوا‪ ،‬وكانوا يقولون في الحرب‪ :‬يا هاشم أعنا‪.‬‬
‫واجتمع إليه خلق كثير‪ ،‬وتحصنوا في قلعة بسنام‪ ،‬وسنجردة‪ ،‬وهي من رساتيق كش‪،‬‬
‫وظهرت المبيظة ببخارى والصغد معاونين له‪ ،‬وأعانه كفار األتراك‪ ،‬وأغاروا على أموال‬
‫المسلمين‪ .‬وكان يعتقد أن أبا مسلم أفضل من النبي‪ ،‬ملسو هيلع هللا ىلص‪....‬واجتمعوا بكش‪ ،‬وغلبوا على‬
‫بعض قصورها‪ ،‬وعلى قلعة نواكث‪ ،‬وحاربهم أبو النعمان‪ ،‬والجنيد‪ ..‬وقتلوا حسان بن تميم‬
‫بن نصر بن سيار‪ ،‬ودمحم بن نصر وغيرهما‪ .‬وأنفذ إليهم جبرائيل بن يحيى وأخاه يزيد ‪. )..‬‬
‫عام ‪715‬‬
‫خرج يوسف بن إبراهيم‪ ،‬المعروف بالبرم‪ ،‬بخراسان‪ ،‬منكرا ً هو ومن معه على المهدي‬
‫سيرته التي يسر بها‪ ،‬واجتمع معه بشر كثير‪ ،‬فتوجه إليه يزيد بن مزيد الشيباني‪ ،‬وهو ابن‬
‫أخي معن بن زائدة‪ ،‬فلقه‪ ،‬فاقتتال‪ ،‬حتى صارا إلى المعانقة‪ ،‬فأسره يزيد بن مزبد وبعث به‬
‫إلى المهدي‪ ،‬وبعث معه وجوه أصحابه‪ .. ،‬وقطعت يدا يوسف ورجاله‪ ،‬وقتل هو وأصحابه‪،‬‬
‫وصلبوا على الجسر‪.‬‬

‫عام ‪ : 715‬فتح مدينة باربد بالهند‬


‫‪ 7‬ـ كان المهدي قد سير‪ ،‬سنة ‪ ،704‬جيشا ً في البحر‪ ،‬وعليهم عبد الملك بن شهاب‬
‫المسمعي إلى بالد الهند في جمع كثير من الجند والمتطوعة‪ ،‬وفيهم الربيع بن صبيح‪،‬‬
‫فساروا حتى نزلوا على باربد‪ ،‬فلما نازلوها حصروها من نواحيها‪ ،‬وحرص الناس بعضهم‬
‫بعضا ً على الجهاد‪ ،‬وضايقوا أهلها‪ ،‬ففتحها هللا عليهم هذه السنة عنوةً واحتمى أهلها بالبلد‬
‫الذي لهم‪ ،‬فأحرقه المسلمون عليهم‪ ،‬فاحترق بعضهم‪ ،‬وقتل الباقون‪ ،‬واستشهد من المسلمين‬
‫بضعةٌ وعشرون رجالً‪ ،‬وأفاءها هللا عليهم‪ ،‬فهاج عليهم البحر‪ ،‬فأقاموا إلى أن يطيب‪،‬‬
‫فأصابهم مرض في أفواههم‪ ،‬فمات منهم نحو من ألف رجل فيهم الربيع بن صبيح‪ ،‬ثم‬
‫رجعوا‪.‬‬
‫فلما بلغوا ساحالً من فارس يقال له بحر حمران عصفت بهم الريح ليالً‪ ،‬فانكسر عامة‬
‫مراكبهم‪ ،‬فغرق البعض‪ ،‬ونجا البعض‪ ( .‬من الممكن تفسيره باالنتقام االلهى )‬
‫‪ 2‬ـ غزا ثمامة بن العبس الصائفة‪ ،‬وغزا الغمر بن العباس الخثعمي بحر الشام‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وفيها خرج عبد السالم الخارجي بنواحي الموصل‪.‬‬
‫عام ‪: 717‬‬
‫‪ 7‬ـ هالك المقنع‪:‬‬
‫سار معاذ بن مسلم وجماعة من القواد والعساكر إلى المقنع‪ ،‬وعلى مقدمته سعيد الحرشي‪،‬‬
‫‪ ..‬وأوقعوا بأصحاب المقنع‪ ،‬فهزموهم‪ ،‬فقصد المنهزمون إلى المقنع بسنام فعمل خندقها‬
‫وحصنها‪ ،‬وأتاهم معاذ فحاربهم ‪ ....‬وطال الحصار على المقنع‪ ،‬فطلب أصحابه األمان سراً‬
‫منه‪ ،‬فأجابهم الحرشي إلى ذلك‪ ،‬فخرج نحو ثالثين ألفاً‪ ،‬وبقي معه زهاء ألفين من أرباب‬
‫البصائر‪ .‬وتحول رجاء بن معاذ وغيره فنزلوا خندق المقنع في أصل القلعة‪ ،‬وضايقوه‪.‬‬
‫فلما أيقن بالهالك جمع نساءه وأهله‪ ،‬وسقاهم السم‪ ،‬فأتى عليهم‪ ،‬وأمر أن يحرق هو بالنار‬
‫لئال يقدر على جثته؛ وقيل‪ :‬بل أحرق كل ما في قلعته من دابة وثوب وغير ذلك‪ ،‬ثم قال‪ :‬من‬
‫أحب أن يرتفع معي إلى السماء فليلق نفسه معي في هذه النار! وألقى بنفسه مع أهله‪،‬‬
‫ونسائه‪ ،‬وخواصه‪ ،‬فاحترقوا‪ ،‬ودخل العسكر القلعة‪ ،‬فوجدوها خالية خاوية‪ .‬وكان ذلك مما‬
‫زاد في افتتان من بقي من أصحابه‪ ،‬والذين يسمون المبيضة بما وراء النهر من أصحابه‪ ،‬إال‬
‫أنهم يسرون اعتقادهم ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ المهدى يحاول غزو االندلس ويفشل ‪:‬‬
‫أرسل المهدى ( عبد الرحمن بن حبيب الفهري) ( ولقبه الصقلبى) من إفريقية فنزل‬
‫األندلس محاربا ً لهم‪ ،‬ليدخلوا في الطاعة للدولة العباسية‪ ،‬وكان عبوره في ساحل تدمير‪،‬‬
‫وكاتب سليمان بن يقظان بالدخول في أمره‪ ،‬ومحاربة عبد الرحمن األموي‪ ،‬والدعاء إلى‬
‫طاعة المهدي‪ .‬وكان سليمان ببرشلونة‪ ،‬فلم يجبه‪ ،‬فاغتاظ عليه‪ ،‬وقصد بلده فيمن معه من‬
‫البربر‪ ،‬فهزمه سليمان‪ ،‬وسار عبد الرحمن األموي نحوه في العدد والعدة‪ ،‬وأحرق السفن‬
‫تضييقا ً على الصقلبي في الهرب‪ ،‬فقصد الصقلبي جبالً منيعا ً بناحية بلنسية‪ ،‬فبذل األموي‬
‫ألف دينار لمن أتاه برأسه‪ ،‬فاغتاله رجل من البربر ‪ ،‬وحمل رأسه إلى عبد الرحمن‪ ،‬فأعطاه‬
‫ألف دينار‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزا الصائفة ثمامة بن الوليد‪ ،‬فنزل بدابق‪ ،‬وجاشت الروم مع ميخائيل في ثمانين ألفاً‪،‬‬
‫فأتى عمق مرعش‪ ،‬فقتل‪ ،‬وسبى‪ ،‬وغنم‪ ،‬وأتى مرعش فحاصرها‪ ،‬فقاتلهم‪ ،‬فقتل من‬
‫المسلمين عدة كثيرة‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ وفيها غزا الغمر بن العباس في البحر‪.‬‬
‫عام ‪712‬‬
‫‪ 7‬ـ قتل الخارجى (عبد السالم بن هاشم اليشكري ) بقنسرين‪ ،‬وكان قد خرج بالجزيرة‪،‬‬
‫فاشتدت شوكته‪ ،‬وكثر أتباعه‪ ،‬وهزم قادة للمهدى ‪ ،‬فأرسل المهدى جيشا هزم عبد السالم‪،‬‬
‫فهرب ‪ ،‬وقتلوه فى قنسرين ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ خرجت الروم إلى الحدث‪ ،‬فهدموا سورها‪.‬‬
‫‪ 3‬ــ غزا الصائفة السحن بن قحطبة في ثمانين ألف مرتزق سوى المتطوعة‪ ،‬فبلغ حمة‬
‫أذرولية‪ ،‬وأكثر التحريق والتخريب في بالد الروم‪ ،‬ولم يفتح حصناً‪ ،‬وال لقي جمعاً‪ ،‬وسمته‬
‫الروم التنين‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ غزا يزيد بن أسيد السلمي من ناحية قاليقال‪ ،‬فغنم‪ ،‬وافتتح ثالثة حصون‪ ،‬وسبى‪ (.‬واضح‬
‫أن السبى كان هدفا اساسا لدى أهل ( دار السالم ) ألن نساء الروم مشهورات بالجمال ‪ .‬لهذا‬
‫إتجهت الغزوات الى حيث توجد الشقراروات الجميالت فى آسيا وفى أوربا ‪ .‬لم تتجه الى‬
‫شرق أفريقيا ‪ ،‬وهى األقرب الى العرب ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ خرجت الخوارج المحمرة بجرجان‪ ،‬عليهم رجل اسمه عبد القهار‪ ،‬فغلب عليها‪ ،‬وقتل‬
‫بشرا ً كثيراً‪ ،‬فغزاه عمر بن العالء من طبرستان‪ ،‬فقتله عمر وأصحابه‪،‬‬
‫عام ‪713‬‬
‫تجهز المهدي لغزو الروم‪ ،‬فأرسل جيشا يقوده ابنه هارون ( الرشيد ) وشيعه المهدى ‪،‬‬
‫ثم سار هارون‪ ،‬ومعه كبار القواد ‪ ،‬فنزلوا على حصن سمالوا‪ ،‬فحصره هارون ثمانية‬
‫وثالثين يوما ً ونصب عليه المجانيق‪ ( ،‬ففتحه هللا عليهم باألمان‪ ،‬ووفى لهم‪ ،‬وفتحوا فتوحا ً‬
‫كثيرة‪) .‬‬
‫عام ‪719‬‬
‫غزا عبد الكبير بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب من درب الحدث‪ ،‬فأتاه‬
‫ميخائيل البطريق‪ ،‬وطاراذ األرمني البطريق في تسعين ألفاً‪ ،‬فخاف عبد الكبير‪ ،‬ومنع الناس‬
‫من القتال‪ ،‬ورجع بهم‪ ،‬فأراد المهدي قتله‪ ،‬فشفع فيه فحبسه‪.‬‬
‫عام ‪710‬‬
‫تقول الرواية ‪ ( :‬سير المهدي ابنه الرشيد لغزو الروم صائفة‪ ،‬في جمادى اآلخرة‪ ،‬في‬
‫خمسة وتسعين ألفا ً وتسعمائة وثالثة وتسعين رجالً‪ ،‬ومعه الربيع‪ ،‬فوغل هارون في بالد‬
‫الروم‪ ،‬ولقيه عسكر لقيظا ً قومس القوامسة‪ ،‬فبارزه يزيد بن مزيد الشيباني فأثخنه يزيد‬
‫وانهزمت الروم‪ ،‬وغلب يزيد على عسكرهم‪ .‬وساروا إلى الدمستق‪ ،‬وهو صاحب المسالح‪،‬‬
‫فحمل لهم مائة ألف دينار وثالثة وتسعين ألفا ً وأربعمائة وخمسين ديناراً‪ ،‬ومن الورق أحداً‬
‫وعشرين ألف ألف درهم وأربعة عشر ألفا ً وثمانمائة درهم‪ .‬وسار الرشيد حتى بلغ خليج‬
‫القسطنطينية‪ ،‬وصاحب الروم يومئ ٍذ عطسة امرأة أليون‪ ،‬وذلك أن ابنها كان صغيرا ً قد هلك‬
‫أبوه وهو في حجرها‪ ،‬فجرى الصلح بينها وبين الرشيد على الفدية‪ ،‬وأن تقيم له األدالء‬
‫واألسواق في الطريق‪ ،‬وذلك أنه دخل مدخالً ضيقا ً مخوفاً‪ ،‬فأجابته إلى ذلك‪ ،‬ومقدار الفدية‬
‫سبعون ألف دينار كل سنة‪ ،‬ورجع عنها‪ .‬وكانت الهدنة ثالث سنين‪ ،‬وكان مقدار ما غنم‬
‫المسلمون إلى أن اصطلحوا خمسة آالف رأس سبي رأس وستمائة وثالثة وأربعين رأساً؛‬
‫ومن الدواب الذلل بأدواتها عشرين ألف رأس‪ ،‬وذبح من البقر مائة ألف رأس‪ ،‬وقتل من‬
‫الروم‪ ،‬في الوقائع‪ ،‬أربعة وخمسون ألفاً‪ ،‬وقتل من األسارى صبرا ً ألفان وتسعون أسيرا ً‪).‬‬
‫الحظ تعداد رءوس السبى مثل رءوس األنعام ‪ .‬والحظ قتل األسرى صبرا ‪ ،‬أى تركهم‬
‫يموتون جوعا وعطشا وبردا ‪!!.‬‬
‫عام ‪711‬‬
‫ولم يكن في هذه السنة صائفة‪ ،‬للهدنة التي كانت فيها‪.‬‬
‫عام ‪711‬‬
‫‪ 7‬ـ سار موسى الهادي إلى جرجان في جمع كثير وجهاز لم يتجهز أحد بمثله لمحاربة ونداد‬
‫هرمز‪ ،‬وشروين‪ ،‬صاحبي طبرستان ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أفسد العرب في بادية البصرة بين اليمامة والبحرين‪ (،‬أى منطقة نجد اآلن ) ‪ ،‬وقطعوا‬
‫الطريق‪ ،‬وانتهكوا المحارم‪ ،‬وتركوا الصالة‪ ،‬فأرسل المهدي إليهم جيشاً‪ ،‬فقاتلهم‪ ،‬واشتد‬
‫القتال‪ ،‬وصبر العرب‪ ،‬فظفروا‪ ،‬وقتلوا عامة العسكر المنفذ إليهم‪ ،‬فقويت شوكتهم وزاد‬
‫شرهم‪.‬‬
‫عام ‪711‬‬
‫‪ 7‬ـ في رمضان‪ ،‬نقض الروم الصلح الذي كان بينهم وبين المسلمين‪ ،‬وكان من أوله إلى أن‬
‫نقضوه اثنان وثالثون شهراً‪ ،‬فوجه علي بن سليمان‪ ،‬وهو على الجزيرة وقنسرين‪ ،‬يزيد بن‬
‫البدر بن البطال في خيل‪ ،‬فغنموا وظفروا‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ خرج بأرض الموصل خارجي اسمه ياسين من بني تميم‪ ،‬فخرج إليه عسكر الموصل‪،‬‬
‫فهزمهم‪ ،‬وغلب على أكثر ديار ربيعة والجزيرة‪ ،‬وكان يميل إلى مقالة صالح بن مسرح‬
‫الخارجي‪ ،‬فوجه إليه المهدي أبا هريرة دمحم بن فروخ القائد وهرثمة بن أعين مولى بني‬
‫ضبة‪ ،‬فحارباه‪ ،‬فصبر لهما‪ ،‬حتى قتل وعدة من أصحابه‪ ،‬وانهزم الباقون‪.‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة الهادى العباسى ( ‪) 715 : 714‬‬


‫حكم الهادى حوالى عام وثالثة أشهر‪ ،‬ولكن مسلسل الدماء لم ينقطع خالل هذه األشهر ‪،‬‬
‫بسبب االتهام بالزندقة داخل ( دار السالم ) مع استمرار الحرب فى الداخل والخارج ‪.‬‬
‫عام ‪ 714‬فى خالفة الهادى ( الثورة واالنتقام بتهمة الزندقة )‬
‫‪ 7‬ـ ثورة (الحسين بن علي الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب )‬
‫وعقوبة أقاربه فى بغداد بالقتل بتهمة الزندقة ‪.‬‬
‫وكان السبب أن الوالى على المدينة عمر العمرى ( من نسل عمر بن الخطاب ) عاقب ( أبا‬
‫الزفت الحسن بن دمحم بن عبد هللا بن الحسن) واصحابه بسبب شرب الخمر ( فضربوا‬
‫جميعأن وجعل في أعناقهم حبال‪ ،‬وطيف بهم في المدينة‪ ) .‬ولم يقبل شفاعة الحسين بن على‬
‫ابن الحسن ‪ .‬وتفاقم األمر الى ثورة العلويين بالمدينة تعصبا للفاسقين منهم ‪ ،‬وتزعم الثورة‬
‫الحسين بن على الحسنى ‪ (.‬وخرجوا آخر الليل‪ ،‬وجاء يحيى حتى ضرب على العمري باب‬
‫داره‪ ،‬فلم يجده‪ ( ،‬وجاءوا فاقتحموا المسجد وقت الصبح‪ .‬فلما صلى الحسين الصبح أتاه‬
‫الناس‪ ،‬فبايعوه على كتاب هللا وسنة نبيه للمرتضى من آل دمحم ‪. ).‬‬
‫واحتلوا مسجد المدينة ( وجعلوه مسجد ضرار ) يأكلون فيه ويشربون ويبولون ويتغوطون ‪،‬‬
‫وجعلوه مركزا حربيا ‪ ،‬حيث دارت الحرب بينهم وبين الوالى العباسى ‪ ،‬وقد هزموه ونهبوا‬
‫بيت المال ‪ ،‬وقاتلهم شيعة بنى العباس فى المدينة ‪ ،‬واستمر القتال بينهم شديدا ومتقطعا ‪،‬‬
‫وعاداهم أهل المدينة فارتحلوا عنها الى مكة تشيعهم لعنات أهل المدينة‪ .‬تقول الرواية عن‬
‫زعيم الثورة الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب‪ ( :‬ولما فارق‬
‫المدينة قال‪ :‬يا أهل المدينة! ال خلف هللا عليكم بخير‪ .‬فقالوا‪ :‬بل أنت ال خلف هللا عليك وال‬
‫ردك علينا! ) ( وكان أصحابه يحدثون ( أى يبولون ويتغوطون ) في المسجد‪ ،‬فغسله أهل‬
‫المدينة‪.).‬‬
‫وانتقل الحسين بن على الحسنى بمن معه الى مكة وقت موسم الحج لينتهك حرمتها بالقتال‬
‫وفى الشهر الحرام ‪ .‬وكان وقتها قد أتى الحجاج الى مكة ومنهم أمراء من البيت العباسى ‪.‬‬
‫وبسبب قلة من معه فقد أحدث فتنة إضافية ‪ ،‬هى دعوة العبيد للخروج على أسيادهم واللحاق‬
‫به ‪ ،‬ووعدهم بالحرية ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬ولما أتى الحسين مكة أمر فنودي‪ " :‬أيما عبد أتانا‬
‫فهو ُح ُّر‪ ، " .‬فأتاه العبيد‪ ( . ) .‬فانتهى الخبر إلى الهادي‪ ،‬وكان قد حج تلك السنة رجال من‬
‫أهل بيته‪ ،‬منهم‪ :‬سليمان بن المنصور‪ ،‬ودمحم بن سليمان بن علي‪ ،‬والعباس بن دمحم بن علي‪،‬‬
‫وموسى وإسماعيل ابنا عيسى بن موسى‪ ،‬فكتب الهادي إلى دمحم بن سليمان بتوليته على‬
‫الحرب‪ ) .‬ولحق بالعباسيين الفرقة المسلحة التى تصحب الحجاج لحمايتهم من غارات‬
‫األعراب ‪ ،‬وانضم اليهم شيعتهم العباسيون فى مكة‪ .‬ودار القال فى مكة وقت شعائر الجج ‪،‬‬
‫تقول الرواية ‪ ( :‬ثم إنهم اقتتلوا يوم التروية‪ ،‬فانهزم أصحاب الحسين‪ ) .‬وقُتل الحسين‬
‫الحسنى ‪ ( .‬وأفلت من المنهزمين إدريس بن عبد هللا بن الحسن بن الحسن بن علي‪ ،‬فأتى‬
‫مصر ) ومنها الى المغرب ‪ ،‬وأقام له البربر دولة األدارسة ‪ ،‬وارسل اليه الرشيد من إغتاله‬
‫( ولما مات إدريس بن عبد هللا خلف مكانه إبنه إدريس ‪. ) .‬‬
‫القتل بالزندقة ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ وكالعادة فإن أى ثورة يتبعها وقتها مالحقة أنصار تلك الثورة فى بغداد بتهمة الزندقة ‪،‬‬
‫سمعة‬ ‫مع دعاية تشويه لسمعتهم ‪ ،‬أى إغتيال مادى بالقتل ‪ ،‬مع إغتيال معنوى للشخصية وال ُّ‬
‫‪ .‬وبسبب ثورة العلويين فى الحجاز ( مكة والمدينة ) فقد تعرض أقاربهم المتعاطفون معهم‬
‫سمعة ‪ .‬ومات أولئك الضحايا‬ ‫فى بغداد لإلتهام بالزندقة ‪ ،‬وما يعنى ذلك من قتل وتشويه لل ُّ‬
‫سسه من‬ ‫قتال ‪ ،‬وظلت التهم الصقة بهم كما أذاعها الجهاز الدعائى للدولة العباسية ‪ ،‬والذى أ ّ‬
‫قبل ابوجعفر المنصور ( جد الخليفة الهادى ) ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وتقول الرواية إن المهدى أوصى ابنه الهادى بتتبع الزنادقة ‪( :‬وكان المهدي قد قال‬
‫للهادي يومأن وقد قدم إليه زنديق‪ ،‬فقتله‪ ،‬وأمر بصلبه‪ :‬يا بني‪ ،‬إذا صار األمر إليك فتجرد‬
‫لهذه العصابة‪ ،‬يعني أصحاب ماني‪ ،‬فإنها تدعوالناس إلى ظاهر حسن كاجتناب الفواحش‪،‬‬
‫والزهد في الدنيأن والعمل لآلخرة‪ ،‬ثم تخرجها من هذا إلى تحريم اللحوم‪ ،‬ومس الماء‬
‫الطهور‪ ،‬وترك قتل الهوام تحرجأن ثم تخرجها إلى عبادة اثنين‪ :‬أحدهما النور‪ ،‬واآلخر‬
‫الظلمة‪ ،‬ثم تبيح بعد هذا نكاح األخوات والبنات‪ ،‬واالغتسال بالبول‪ ،‬وسرقة األطفال من‬
‫الطرق‪ ،‬لتنقذهم من ضالل الظلمة إلى هداية النور‪ ،‬فارفع فيها الخشب وجرد السيف فيهأن‬
‫وتقرب بأمرها إلى هللا‪ ،‬فإني رأيت جدي العباس‪ ،‬رضي هللا عنه‪ ،‬في المنام قلدني سيفين‬
‫لقتل أصحاب االثنين‪ .) .‬وما بين السطور نفهم طبيعة التربص وتلفيق االتهام لمن تريد‬
‫السلطة العباسية قتله بتهمة الزندقة ‪ ،‬فمن يدعو الجتناب الفواحش والزهد فى الدنيا والعمل‬
‫لآلخرة متهم بالدخول فى أول باب من أبواب الزندقة‪.‬‬
‫وحيث ال يوجد نظام قضائى سياسى من األصل وحيث يكون من حق ( الخليفة المتأله ) أن‬
‫يقتل من يشاء بسيف الشرع فإن تطبيق قتل الزنديق يمكن تطبيقها على الجميع ‪ ،‬ويكون‬
‫سهال تشويه سُمعته ‪ ،‬كما يكون هذا نيشانا على صدر الخليفة المتأله ( حانى الشرع المدافع‬
‫عن االسالم ) ‪ .‬لم يكن الحجاج بن يوسف محتاجا لتبرير دينى وهو يقتل من يشاء وبمجرد‬
‫سنى ) حفل تكريم للخليفة يمارس فيها‬ ‫الشبهة ‪ .‬فى هذا العصر أصبح القتل بسيف الشرع (ال ُّ‬
‫سلطته الدينية والزمنية السياسية ‪.‬‬
‫‪ 3‬ــ وتضاف للضحايا تُهم أخالقية ‪ .‬وهذا ما حدث مع المتهمين من الطالبيين بالتعاطف مع‬
‫الثورة المشار اليها فى هذا العام ‪ .‬ففى أعقابها حدث قتل ألسرتين من بنى هاشم ‪ ،‬بتهمة‬
‫الزندقة مع اتهامات جنسية بذيئة ‪ .‬ال سند لها سوى اقوال العباسيين ‪ .‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫وفي هذه السنة‪ :‬خرج الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي‬
‫هللا عنهم ‪ .‬وقتل من بني هاشم يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن‬
‫الحارث بن عبد المطلب ‪ .‬وكان المهدي أتي به وبابن لداود بن علي ‪ ،‬فحبسهما لما أقرا له‬
‫بالزندقة ‪ .‬وقال ليعقوب‪ ":‬لوال دمحم رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص من كنت! أما وهللا لوال إني كنت جعلت على‬
‫هللا عهدًا إن والني أن ال أقتل هاشميًا لما ناظرتك ‪ " .‬ثم التفت إلى الهادي فقال‪ " :‬يا موسى‬
‫أقسمت عليك بحقي إن وليت هذا األمر من بعدي أن ال تناظرهما ساعة واحدة " ‪ .‬فمات ابن‬
‫داود بن علي في الحبس قبل وفاة المهدي ‪ ،‬فلما قدم الهادي من جرجان ذكر وصية المهدي‬
‫فأرسل إلى يعقوب فألقى عليه فراشًا وأقعدت عليه الرجال حتى مات ‪ ،‬ولها عنه ‪ ،‬وكان الحر‬
‫شديدًا فقيل له‪ " :‬قد انتفخ " فقال‪" :‬ابعثوا به إلى أخيه إسحاق بن الفضل فأخبروه أنه مات‬
‫في الحبس‪ " .‬فبعث إليه فإذا ليس فيه موضع للغسل فدفن من ساعته ‪ .‬وكان ليعقوب ابنة‬
‫تسمى فاطمة فوجدت حبلى منه ‪ ،‬وأقرت بذلك فأدخلت وامرأة يعقوب بن داود يقال لها‬
‫خديجة على الهادي أم على المهدي ‪ ،‬فأقرتا بالزندقة ‪ ،‬وأقرت فاطمة أنها حبلى من أبيها ‪،‬‬
‫صا‬
‫فأرسل بهما إلى ريطة بنت أبي العباس فرأتهما مكحلتين مخضوبتين فعذلتهما خصو ً‬
‫البنت فقالت‪ " :‬أكرهني ‪ " .‬فقالت لها‪ " :‬فما بال الخضاب والكحل ؟ " ‪ .‬ولعنتهما ‪ ،‬ففزعتا‬
‫‪ ،‬فماتتا ‪ .) .‬وفى الرواية إضطراب ‪ ،‬فتزعم أن الثورة حدثت فى خالفة المهدى ‪ ،‬وقد حدثت‬
‫بعد موته وفى خالفة الهادى ‪ .‬وفيها أتهام بزنا المحارم ‪.‬‬
‫وتقول رواية أخرى ‪ ( :‬اشتد طلب المهدي للزنادقة‪ ،‬فقتل منهم جماعة علي بن يقطين‪ ،‬وقتل‬
‫أيضا ً يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب؛‬
‫وكان سبب قتله أنه أتى به إلى المهدي‪ ،‬فأقر بالزندقة‪ ،‬فقال‪ " :‬لوكان ما تقول حقا ً لكنت‬
‫حقيقا ً أن تتعصب لدمحم‪ ،‬ولوال دمحم من كنت! أما وهللا لوال أني جعلت على نفسي أن ال أقتل‬
‫هاشميا ً لقتلتك‪ ".‬ثم قال للهادي‪ " :‬أقسمت عليك إن وليت هذا األمر لتقتلنه! " ثم حبسه‪،‬‬
‫فلما مات المهدي قتله الهادي؛ وكذلك أيضا ً كان عهده إليه بقتل ولد لداود بن علي بن عبد‬
‫هللا بن عباس كان زنديقأ ‪ ،‬فمات في الحبس قبل المهدي‪ .‬ولما قتل يعقوب أدخل أوالده على‬
‫الهادي‪ ،‬فأقرت ابنته فاطمة أنها حبلى من أبيهأ ‪ ،‬ف ُخوفت‪ ،‬فماتت من الفزع‪ .) .‬هنا قتل‬
‫سمعة ‪.‬‬
‫وتشويه لل ُّ‬
‫‪ 9‬ـ وكان الزعم بأن فالنا شتم قريش يعنى القتل بالزندقة ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬قدمنا على أبي‬
‫دمحم الهادي شهودا ً على رجل منا أنه شتم قريشا ً ‪ ،‬وتخطى إلى رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فجلس لنا‬
‫مجلسا ً أحضر فيه فقهاء أهل زمانه ومن كان بالحضرة على بابه‪ ،‬وأحضر الرجل وأحضرنا‬
‫فشهدنا عليه بما سمعنا منه‪ .‬فتغير وجه الهادي ثم نكس رأسه ثم رفعه ثم قال‪ :‬إني سمعت‬
‫أبي المهدي يحدث عن أبيه المنصور‪ ،‬عن أبيه علي بن عبد هللا بن عباس‪ ،‬قال‪ :‬من أهان‬
‫قريشا ً أهانه هللا‪ ،‬وأنت يا عدو هللا لم ترض بأن آذيت قريشا ً حتى تخطيت إلى ذكر رسول هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ؟‪ .‬اضربوا عنقه‪ ،‬فما برحنا حتى قتل‪. ) .‬‬
‫المتهم غير مسموح له بالكالم ‪ .‬والمدعون الشهود والخليفة الهادى ( الذى كان وقتها شابا‬
‫غريرا (‪ 23‬عاما ) هو القاضى ‪ ،‬وهو المدعى ‪ ،‬ودليله قول لجده ابن عباس ( فقط ) أن من‬
‫أهان قريشا فقد (أهانه هللا ) جل وعال ‪ ،‬وهو حديث إفك وطاغوت يسىء لرب العزة جل‬
‫وعال ‪ .‬وبه أمر بقتل المتهم المظلوم المسكين‪ .‬كان ممكنا أن يقتله المهدى بدون هذه‬
‫التمثيلية الف ّجة ‪ ،‬ولكنه إستعراض لسلطة الخليفة الذى يملك الدين ( األرضى ) ويملك‬
‫األرض وما عليها ومن عليها ‪ ،‬ويبيح له دينه األرضى أن يجعل رب العزة جل وعال منحازا‬
‫لقريش ‪!.‬‬
‫‪ 0‬ـ ووصل القتل بالزندقة الى جوارى القصر ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬ذكر عيسى بن دأب قال‪:‬‬
‫كنت يوما ً عند الهادي إذ جيء بطست فيه رأس جاريتين قد ذبحا وقطعا‪ ،‬لم أر أحسن صورا ً‬
‫منهما‪ ،‬وال مثل شعورهما‪ ،‬وفي شعورهما الآللئ والجواهر منضدة‪ ،‬وال رأيت مثل طيب‬
‫ريحهما‪ .‬فقال لنا الخليفة‪ :‬أتدرون ما شأن هاتين ؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬فقال‪ :‬إنه ذكر أنه تركب إحداهما‬
‫األخرى يفعالن الفاحشة‪ ،‬فأمرت الخادم فرصدهما ثم جاءني فقال‪ :‬إنهما مجتمعتان‪ ،‬فجئت‬
‫فوجدتهما في لحاف واحد وهما على الفاحشة‪ ،‬فأمرت بحز رقابهما‪.‬ثم أمر برفع رؤوسهما‬
‫من بين يديه ورجع إلى حديثه األول كأنه لم يصنع شيئا ً‪.. . ) .‬وال داعى للتعليق ‪!!.‬‬
‫‪ 1‬ـ وخالل حكمه القصير كان المهدى مصمما على قتل المزيد والمزيد ‪ ،‬وكان ممن قتل‬
‫بتهمة الزندقة ( كاتب يقطين ) وابنه (على ) بتهمة أن االبن عليا وصف إزدحام الحجاج‬
‫بالبقر ‪ ،‬وهى تهمة قالها شاعر يحض على قتل المتهم ‪ ،‬فقتل الهادى االبن وقتل األب أيضا ‪.‬‬
‫تقول الرواية ‪ ( :‬اشتد طلب موسى ( الهادى ) للزنادقة ‪ ،‬فقتل منهم جماعة ‪ ،‬فكان فيمن‬
‫قتل منهم كاتب يقطين وابنه علي بن يقطين ‪ .‬وكان (علي ) قد ح ّج فنظر إلى الناس في‬
‫الطواف يهرولون فقال‪ :‬ما أشبههم ببقر يدوس في البيدر ‪.‬فقال شاعر‪ :‬قل ألمين هللا في‬
‫خلقه ووارث الكعبة والمنبر‬
‫يشبه الكعبة بالبيدر‬ ‫ماذا ترى في رجل كافر‬
‫حمرا يدوس البر والدوسر‬‫ً‬ ‫ويجعل الناس إذا ما سعوا‬
‫فقتله موسى ثم صلبه فسقطت خشبته على رجل من الحاج فقتلته وقتلت حماره ‪).‬‬
‫وصمم الهادى على قتل وصلب المزيد ‪ ،‬ومات قبل أن يحقق ما يريد ‪ ،‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫فلما ولي الهادي قال‪ :‬ألقتلن هذه الفرقة‪ .‬وأمر أن يهيأ له ألف جذع‪ .‬فمات بعد هذا القول‬
‫بشهرين ‪).‬‬
‫الغزو الخارجى وثورة الخوارج‬
‫‪ 7‬ـ وغزا الصائفة هذه السنة معيوف بن يحيى من درب الراهب‪ ،‬وقد كانت الروم قبل ذلك‬
‫جاؤوا مع بطريقهم إلى الحدث‪ ،‬فهرب الوالي وأهل السوق‪ ،‬فدخلها الروم‪ ،‬فقصدهم معيوف‬
‫فبلغ مدينة أشنة‪ ،‬فغنم وسبى‪ (.‬المقصد هو ‪ :‬غنم وسبى ) أى المال والشقراوات ‪ ،‬هذا‬
‫جهادهم فى سبيل الشيطان‬
‫‪ 2‬ـ فى منطقة الجزيرة ثار الخارجى حمزة بن مالك الخزاعي‪ ،‬وعلى خراجها منصور‬
‫بن زياد‪ ،‬فسير جيشا ً إلى الخارجي‪ ،‬فالتقوا بباعربايأن من بلد الموصل‪ ،‬فهزمهم الخارجي‬
‫وغنم أموالهم‪ ،‬وقوي أمره‪ ،‬وصحبه رجالن‪ ،‬ثم اغتااله‪ ( .‬الصراع حول المال ) ‪.‬‬
‫عام ‪ 715‬موت الخليفة الهادى ‪ ( :‬كانت وفاته ليلة الجمعة للنصف من ربيع األول‪..‬وكانت‬
‫خالفته سنة وثالثة أشهر؛ ‪ ..‬وكان عمره ثالثا ً وعشرين سنة ‪) .‬‬
‫مات قتيال ‪ .‬وقبله مات أبوه المهدى قتيال ‪ ..‬ولهذا قصة فى مسلسل الدماء ‪.‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس ِإنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَ َبا ِئ َل ِلتَ َع َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْل َعالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪َ ( :‬يا أَ ُّي َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُمبِ ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان إِنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَتهبِعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَا ِتلُ َ‬
‫ون ِفي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء ‪:‬الخيزران تقتل زوجها الخليفة المهدى ثم تقتل ابنها الخليفة الهادى‬

‫مقدمة‬
‫‪ 7‬ـ فى ( دار السالم ) ال يقتصر األمر على قتال المعارضين ‪ ،‬بل يصل األمر الى قتل الخليفة‬
‫سم (‪ ،‬أبو بكر ‪ ،‬يزيد بن معاوية وابنه معاوية بن يزيد ‪،‬‬
‫نفسه ‪ ،‬قد يكون قتال تآمرا بال ُّ‬
‫سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز ‪ ،‬والسفاح العباسى ) وقد يكون قتال عنيفا علنيا‬
‫( عمر بن الخطاب و عثمان وعلى و الوليد بن يزيد األموى ) ‪ .‬وانتهت حياة المهدى‬
‫العباسى وابنه الهادى قتال بمؤامرة سرية ‪ ،‬نكشف عنها النقاب هنا ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فى تصورنا ـ من تحليل الروايات ـ أن الخيزران هى التى خططت لمقتل زوجها ‪ .‬أما قتل‬
‫الخيزران البنها الهادى فقد ذكرته الروايات صريحا ‪ .‬ودعونا نتعجب فى صمت من بحور‬
‫الدماء التى تتفجر فى ( دار السالم ) باالضافة الى تفجيرهم بحوردماء أخرى فى اوربا‬
‫وآسيا ‪ ،‬بما يجعلنا نلعن هذه الخالفة الشيطانية وجهادها الشيطانى الذى يحمل إسم االسالم‬
‫زورا وبهتانا ‪ .‬ونعطى بعض التفصيالت عن مكائد القصر العباسى فى داخل ( دار السالم )‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مناقشة الروايات فى موت الخليفة المهدى‬


‫‪ 7‬ـ كان موت المهدى فى شهر المحرم عام ‪ ، 714‬بعد خالفة إستمرت عشر سنين تقريبا ‪.‬‬
‫وتوفي شابا وهو ابن ثالث وأربعين سنة‪ ( ،‬ودفن تحت جوزة كان يجلس تحتهأ ‪ ،‬وصلى‬
‫عليه ابنه الرشيد ‪ .) .‬مات بعيدا عن بغداد ‪ ،‬وبعيدا عن أهله وأعمامه وابناء عمومته‬
‫العباسيين ـ مات ــ فجأة ـ فى آسيا فى منطقة اسمها ( ماسبذان ) ‪.‬‬
‫‪ 2‬ــ ما الذى أخرجه من بغداد الى تلك المنطقة التى لقلى فيها ختفه ؟ ‪ .‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫مات المهدي أبوعبد هللا دمحم بن عبد هللا المنصور بماسبذان‪ ،‬وسبب خروجه إليها أنه قد عزم‬
‫على خلع ابنه موسى الهادي والبيعة للرشيد بوالية العهد وتقديمه على الهادي‪ ،‬فبعث إليه‪،‬‬
‫وهوبجرجان‪ ،‬في المعنى‪ ،‬فلم يفعل‪ .‬فبعث إليه في القدوم عليه‪ ،‬فضرب الرسول‪ ،‬وامتنع من‬
‫القدوم عليه‪ ،‬فسار المهدي يريده‪ ،‬فلما بلغ ماسبذان أكل طعامأ ‪..‬فبقي بعد ذلك عشرة أيام‬
‫ومات ) ‪.‬‬
‫هنا رائحة مؤامرة ‪ .‬فالمهدى أراد عزل ابنه الهادى من والية العهد والعهد البنه الرشيد‬
‫مكانه ثم يكون الهادى بعد الرشيد ‪ .‬فرفض الهادى وكان فى جرجان ( جورجيا اليوم ) ‪،‬‬
‫فبعث له المهدى ليأتيه فرفض الهادى الحضور فسار اليه أبوه ‪ ،‬وتوقف فى منطقة ماسبذان‬
‫حيث أكل طعاما مسموما فمات منه ‪ .‬وبالتالى فقد بطل عمل المهدى فى تولية الرشيد العهد‬
‫من بعده ‪ .‬وفاز الهادى ‪ ،‬ويكون قتل المهدى بالسم مؤامرة قام بها أتباع الهادى لمصلحة‬
‫الهادى ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وعن كيفية قتله تقول الرواية ‪ ( :‬وقد اختلف في سبب موته ‪ .‬فقيل إنه كان يتصيد‪،‬‬
‫فطردت الكالب ظبيأن وتبعته‪ ،‬فدخل باب خربة‪ ،‬ودخلت الكالب خلفه‪ ،‬ثم تبعها فرس‬
‫المهدي‪ ،‬فدخلها فدق الباب ظهره‪ ،‬فمات من ساعته ‪ .‬وقيل‪ :‬بل بعثت جارية من جواريه إلى‬
‫ض ّرة لها بإناء فيه سم‪ ،‬فدعا به المهدي فأكل منه‪ ،‬فخافت الجارية أن تقول إنه مسموم‪،‬‬‫ُ‬
‫فمات من ساعته ‪ .‬وقيل‪ :‬بل عمدت (حسنة ) جارية له إلى كمثرى فأهدته إلى جارية أخرى‬
‫كان المهدي يتح ّظاها ‪ ،‬وس ّمت منه كمثراة هي أحسن الكمثرى‪ ،‬فاجتازت بالمهدي‪ ،‬فدعا به‬
‫وكان يحب الكمثرى‪ ،‬فأخذ تلك الكمثرى المسمومة‪ ،‬فأكلهأ ‪ ،‬فلما وصلت إلى جوفه صاح‪:‬‬
‫جوفي جوفي! فسمعت صوته‪ ،‬فجاءت تلطم وجهها وتبكي وتقول‪ ":‬أردت أن أنفرد بك‪،‬‬
‫فقتلتك! " ‪ ،‬فمات من يومه‪ ) .‬تتفق الروايات هنا على موته السريع ‪ ،‬بسقوطه من على‬
‫ظهر حصانه ( وغريب هذا الموت المفاجىء بسبب السقوط من على الفرس ) ‪ .‬وليس غريبا‬
‫الموت السريع من تناول طعام مسموم ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ هنا تشير أصابع االتهام الى الهادى ‪ ،‬فهو صاحب مصلحة فى قتل أبيه حتى ال يخلعه من‬
‫والية العهد ويولى مكانه أخيه ( الشقيق ) هارون الرشيد‪ .‬وفعال تولى الهادى الخالفة سريعا‬
‫بعد موت أبيه المهدى‪ .‬وهذا يعنى وجود تنافس بين الشقيقين الهادى والرشيد ‪ ،‬ولكن‬
‫الرشيد كان هو الذى يصاحب أباه فى رحلته ‪ ،‬وهو الذى عمل على تولية أخيه الشقيق‬
‫الهادى الخالفة ‪ ،‬ورجع بالجيش الى بغداد ليؤكد على بيعة شقيقه الهادى ‪ ،‬وقت أن كان‬
‫الهادى غائبا فى جرجان ( جورجيا )‪ .‬ولو أراد الكيد للهادى لفعل ‪ ،‬ومعه الجيش وجثة ابيه‬
‫‪ ،‬وأخوه الهادى غائب عن المشهد ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ الذى نراه أن (المهدى ) كان يريد خلع الهادى ليس ليولى محله الرشيد ولكن ليولى إبنا‬
‫آخر له ‪ ،‬ليس من أبناء محظيته الخيزران ( أم الهادى والرشيد ) ‪ .‬وكان التخلص من‬
‫المهدى قبل أن يفعل هذا ‪ ،‬وتم هذا بتخطيط الخيزران والرشيد وخالد برمك ‪.‬‬
‫كان المهدى قد تزوج أميرتين عباسيتين ‪ :‬ريطة بنت الخليفة السفاح العباسى ‪ ،‬وأنجب‬
‫منها إثنين ( على وعبد هللا ) وتزوج عام ‪ 704‬أم عبد هللا بنت عمه صالح بن عبد هللا‬
‫العباسى ‪ .‬وهو نفس العام الذى اعتق فيه جاريته الخيزران وتزوجها ‪ .‬وفى العام التالى‬
‫‪ 715‬أخذ العهد البنه الهادى ‪ ،‬وفى عام ‪ 711‬جعل الرشيد وليا للعهد بعد الهادى ‪.‬‬
‫ثم بلغ إبنه ( على بن المهدى ) المعروف بابن ريطة شهرة جعلت أباه يقوم بتصعيده ‪،‬‬
‫خصوصا وهو حفيد أول خليفة عباسى ( ريطة بنت السفاح )‪ .‬فجعله المهدى عام ‪ 711‬يقوم‬
‫بإمرة الحج ‪ ،‬وكان تصعيده هذا يمثل خطرا على أخويه ألبيه الهادى والرشيد وهما ابناء‬
‫جارية ( الخيزران ) بعكس ابن ريطة بنت السفاح ‪ .‬والمنتظر أن يقع المهدى تحت ضغط من‬
‫كبار أسرته العباسيين ‪ ،‬كى يجعل والية العهد البنه ( على بن المهدى )‪.‬‬
‫وإذا كان عام ‪ 711‬هو العام الذى شهد تصعيد على بن المهدى وتأميره على الحج الذى‬
‫يحضره كبار القوم من البيت العباسى فإن العام التالى ‪ 714‬هو الذى شهد مقتل المهدى‬
‫بالسم ‪ ،‬فى بلد بعيد عن بغداد ‪ ،‬وبعيدا عن كبار األسرة العباسية ‪ .‬وهكذا فالذى نراه هو‬
‫تصحيح الرواية لتكون كاآلتى ‪ ( :‬مات المهدي أبوعبد هللا دمحم بن عبد هللا المنصور‬
‫بماسبذان‪ ،‬وسبب خروجه إليها أنه قد عزم على خلع ابنه موسى الهادي والبيعة البنه عبد‬
‫هللا ( ابن ريطة بنت السفاح العباسى ) بوالية العهد وتقديمه على الهادي‪ .)..‬البيعة لعبد هللا‬
‫ابن ريطة وتقديمه على الهادى تعنى خلع الرشيد ‪ ،‬ألن الهادى سيكون رقم ‪ ، 2‬هذا إذا تولى‬
‫الهادى أصال ‪ .‬وبالتالى تضيع أحالم الخيزران فى تولى ولديها الخالفة ‪ .‬ولذا كان ال بد من‬
‫التضحية بالمهدى ‪ .‬ونتعرف أكثر على الخيزران ‪:‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الخيزران ‪:‬‬


‫‪ 7‬ـ "الخيزران " هي أم هارون الرشيد‪ ،‬ومن نسل هارون الرشيد جاء كل الخلفاء العباسيين‬
‫ومن ثم فهي أم الخلفاء العباسيين ‪.‬‬
‫‪ -2‬كانت تجارة الجواري رابحة في العصر العباسي ‪ ،‬كان يؤتى بهن من بالدهن األصلية‬
‫ويقوم النخاسون " تجار الرقيق " بتعليم الجارية الحسناء علوم اللغة واألدب والشعر‬
‫والغناء واأللحان مع أساليب المحادثة والبروتوكول ‪.‬وكانت الجارية يؤتى بها من بالدها‬
‫ساذجة وسرعان ما تتحول إلى دائرة معارف وقد صقلوا عقلها لتضيف إلى جمال الوجه‬
‫والجسد حالوة اللسان وذكاء العقل وحسن الحديث وحضور البديهة ‪ ،‬وحينئذ يعلو ثمنها‬
‫وتكون مرشحة لقصور الخالفة وقصور الوزراء وعلية القوم ‪ .‬وكانت الخيزران واحدة من‬
‫هؤالء ‪..‬جاء بها النخاس إلى مجلس المهدي ولى العهد في خالفة أبيه المنصور ‪ ،‬وتأملها‬
‫المهدي واستعرض جمالها فأعجبته إال خشونة ساقيها ‪ ،‬وصارحها برأيه فردت عليه بجواب‬
‫أثار عقله وكوامن شهوته فاشتراها وحظيت عنده ‪ .‬ويقول أحد أحفاد الخيزران وهو هارون‬
‫بن عبد هللا بن المأمون يصف اللقاء األول بين جدته الخيزران وجده المهدي‪ (:‬لما عرضت‬
‫الخيزران على المهدي قال لها‪" :‬وهللا يا جارية انك لعلى غاية التمني ولكنك حمشة الساقين‬
‫"‪ ،‬فقالت ‪ :‬يا موالنا انك أحوج ما تكون اليهما ال تراهما ‪ !!..‬فاشتراها وحظيت عنده ) ‪.‬‬
‫‪ -3‬ومع أن الخيزران حظيت عند المهدي فقد تزوج ثالثة بعد أن تولى الخالفة ‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فقد كان لها نفوذ فى خالفة المهدى فقد أنجبت له مبكرا ( موسى ) الهادى و( هارون )‬
‫الرشيد ‪ ،‬وعملت كل جهدها ليجعل والية العهد فى ولديها الهادى ثم الرشيد ‪ ،‬ولتصعيدهما‬
‫أوكل لهما المهدى قيادة الجيوش ضد ( دار الحرب ) فى الشرق وفى الغرب لتكون‬
‫بطوالتهما الحربية مما يجبر النقص فى كون أمهما جارية سابقة‪ .‬وحتى لو كانت الخيزران‬
‫من الحرائر ولم تعرف االسترقاق فكيف لها أن تنافس اميرتين من البيت العباسى ‪ ،‬وإحداهما‬
‫بنت السفاح وقد أنجبت له إبنا ( عبد هللا )‪ ،‬تبدو عليه مخايل النجابة بحيث كان امير الحج‬
‫فى حضور أعمام أبيه كبار األسرة العباسية ‪.‬‬
‫هنا نفهم دوافع الخيزران ‪ .‬وأعانها على تحقيق ما تريد مستشارها يحيى بن خالد البرمكى ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬يحيى بن خالد البرمكى‬


‫‪ 7‬ـ كانت الخيزران صديقة لزوجته ‪ ،‬وحين ولدت زوجة يحيى البرمكى ابنها الفضل بن‬
‫يحيى عام ‪ 791‬أرضعت الخيزران الفضل بن يحيى فكان الفضل بن يحيى أخا الرشيد من‬
‫الرضاعة‪ ،‬ثم أرضعت ام الفضل الرشيد أيضا ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ومن هذه الصلة العائلية توثقت مكانة يحيى البرمكى فى خالفة المهدى ‪ ،‬وجعله المهدى‬
‫ــ بنفوذ الخيزران ــ قائما بأمر الرشيد ‪ .‬تقول الرواية فى الكامل البن األثير عن المهدى عام‬
‫‪ ( 717‬وجعل مع هارون يحيى بن خالد بن برمك )‪ .‬وفى العام التالى ‪ ، 712‬كانت الحملة‬
‫صنعت لتلميع وتصعيد هارون ( الرشيد‬ ‫الكبرى لغزو الروم بقيادة هارون ( الرشيد ) ‪ ،‬والتى ُ‬
‫) ‪ ،‬وكان ممن صحبه يحيى البرمكى‪ ،‬وعنه تقول الرواية ‪.. ( :‬ويحيى بن خالد بن برمك‪،‬‬
‫وكان إليه أمر العسكر‪ ،‬والنفقات‪ ،‬والكتابة وغير ذلك‪ . ) .‬وفي نفس العام تولى الرشيد معظم‬
‫الواليات ‪ ،‬وكان الذى يديرها عنه يحيى البرمكى ‪ .‬ونلمح أصابع الخيزران فى تجهيز ابنها‬
‫الثانى هارون ( الرشيد ) وتدريبه وتعليمه بمستشارها يحيى البرمكى ‪ ،‬الذى كان والد‬
‫هارون الرشيد ( من الرضاع )‪ .!.‬وعن صلة يحيى البرمكى بالخيزران تقول الرواية فى‬
‫الكامل البن األثير ‪( :‬وكان يحيى يصدر عن أمر الخيزران أم الرشيد ‪!.) .‬‬
‫‪ 3‬ــ لهذا نتصور أن ما بنته الخيزران كان على وشك أن يضيع بظهور عبد هللا ابن الخليفة‬
‫المهدى حفيد الخليفة السفاح ‪ ،‬وتصدره ‪ ،‬وخلفه كبار األسرة العباسية ‪ ،‬لذا كان ال بد من‬
‫التخطيط لقتل المهدى ‪ ،‬وأن يتولى ذلك إثنان ‪ :‬هارون ويحيى بن خالد بن برمك ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬البيعة للهادى ( الغائب فى جورجيا ) بتدبير الرشيد ويحيى بن خالد البرمكى ‪:‬‬
‫سم ( فى الغربة )‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬وبويع البنه موسى الهادي في‬ ‫‪ 7‬ــ بعد موت المهدى بال ُّ‬
‫اليوم الذي مات فيه المهدي‪ ،‬وهومقيم بجرجان‪ ،‬يحارب أهل طبرستان؛ ولما توفي المهدي‬
‫كان الرشيد معه بماسبذان‪ ،‬فأتاه الموالي والقواد‪ ،‬وقالوا له‪ :‬إن علم الجند بوفاة المهدي لم‬
‫تأمن الشغب‪ ،‬والرأي أن تنادي فيهم بالرجوع‪ ،‬حتى تواريه ببغداد‪ .‬فقال هارون‪ :‬ادعوا إلي‬
‫أبي يحيى بن خالد‪ ،‬وكان يحيى يتولى ما كان إلى الرشيد من أعمال المغرب‪ ،‬من األنبار إلى‬
‫إفريقية‪ ،‬فاستدعي يحيى إلى الرشيد‪ ،‬فقال‪ :‬ما تقول فيما رأى هؤالء؟ وأخيره الخبر‪ .‬قال‪ :‬ال‬
‫أرى ذلك‪ ،‬ألن هذا ال يخفي‪ ،‬وال آمن‪ ،‬إذا علم الجند‪ ،‬أن يتعلقوا بمحمله‪ ،‬ويقولوا‪ :‬ال نخلي‬
‫حتى نعطى لثالث سنين وأكثر‪ ،‬ويتحكموا ويشتطوأ ‪ ،‬ولكني أرى أن يوارى‪ ،‬رحمه هللا‪،‬‬
‫هاهنأ‪ ،‬وتوجه " نصيراً " إلى أمير المؤمنين الهادي الخاتم والقضيب‪ ،‬والتعزية‪ ،‬والتهنئة‪،‬‬
‫فإن الناس ال ينكرون خروجه‪ ،‬إذ هوعلى بريد الناحية‪ ،‬وأن تأمر لمن تبعك من الجند بجوائز‬
‫مائتين مائتين‪ ،‬وتنادي فيهم بالرجوع فال تكون لهم همة سوى أهلهم‪ .‬ففعل ذلك‪ ،‬فلما قبض‬
‫الجند الدراهم تنادوا‪ :‬بغداد بغداد! ‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ وتولى الهادى الخالفة بال تعب ‪ ،‬وشكر الخليفة الجديد يحيى البرمكى‪ ،‬وجعله مستشارا‬
‫لهارون الرشيد ‪ ،‬وهذا بإشارة أمه الخيزران ‪ .‬وكان ( الربيع ) حاجب المهدى هو المسيطر‬
‫على عقل المهدى ‪ ،‬وكان متآمرا خبيثا وخطرا على الوضع الجديد ‪ ،‬فكان ال بد من قتله ليحل‬
‫يحيى البرمكى محله فى الخالفة الجديدة ‪ ،‬وفعال ـ وكما تقول الرواية فقد (كتب الهادي إلى‬
‫الربيع كتابا ً يتهدده بالقتل؛ وكتب إلى يحيى يشكره‪ ،‬ويأمره بأن يقوم بأمر الرشيد‪ ، ).‬وتقول‬
‫الرواية عنه (وفي هذه السنة أيضا ً هلك الربيع‪.).‬‬

‫خامسا ‪ :‬الخليفة الشاب ( الهادى ) يسارع بمحاولة عزل أخيه الرشيد من والية العهد‬
‫‪ 7‬ـ بوصول الهادى للخالفة ــ بتدبير أمه ويحيى البرمكى وهارون ــ وقع فى نفس الخطأ ‪،‬‬
‫وهو أن يعزل أخاه الرشيد ليعهد البنه الطفل ( جعفر )‪ .‬وكالعادة أمر بتحقير الرشيد ‪،‬‬
‫وكالعادة أيضا تقرب القواد للخليفة بتأييده فيما يفعل ‪ .‬ولكن صمد يحيى بن خالد مدافعا عن‬
‫حق الرشيد ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى هذه الرواية نرى دهاء يحيى بن خالد و ُحمق الخليفة الشاب ( الهادى ) والصراع‬
‫بين القادة من ناحية ويحيى البرمكى من الناحية األخرى ‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬وكان يحيى بن‬
‫خالد بن برمك يتولى أمور الرشيد بأمر الهادي‪ ،‬فقيل للهادي‪ " :‬ليس عليك من أخيك خالف‬
‫إنما يحيى يفسده "؛ فبعث إليه‪ ،‬وتهدده‪ ،‬ورماه بالكفر‪ ،‬ثم إنه استدعاه ليلة‪ ،‬فخاف‪،‬‬
‫وأوصى‪ ،‬وتحنط‪ ( ،‬أى إستعد للموت ) وحضر عنده‪ ،‬فقال له‪ " :‬يا يحيى! مالي وما لك؟ "‬
‫قال‪ " :‬ما يكون من العبد إلى مواله إال طاعته؟!‪ . " .‬قال‪ " :‬لم تدخل بيني وبين أخي‬
‫وتفسده علي؟ " قال‪ " :‬من أنا حتى أدخل بينكما؟ إنما صيرني المهدي معه‪ ،‬ثم أمرتني أنت‬
‫بالقيام بأمره‪ ،‬فانتهيت إلى أمرك‪ . " .‬فسكن غضبه ‪ .‬وقد كان هارون طاب نفسا ً بالخلع‪،‬‬
‫فمنعه يحيى عنه‪ .‬فلما أحضره الهادي‪ ،‬وقال له في ذلك‪ ،‬قال يحيى‪ " :‬يا أمير المؤمنين! إنك‬
‫إن حملت الناس على نكث األيمان هانت عليهم أيمانهم‪ ،‬وإن تركتهم على بيعة أخيك ثم‬
‫بايعت لجعفر بعده‪ ،‬كان ذلك أوكد للبيعة " ‪ .‬قال‪" :‬صدقت‪ ،" .‬وسكت عنه ‪ .‬فعاد أولئك‬
‫الذين بايعوه من القواد والشيعة‪ ،‬فحملوه على معاودة الرشيد بالخلع‪ ،‬فاحضر يحيى وحبسه‪،‬‬
‫فكتب إليه‪ " :‬إن عندي نصيحة‪ " .‬؛ فأحضره‪ ،‬فقال له‪ " :‬يا أمير المؤمنين! أرأيت إن كان‬
‫األمر الذي ال يبلغه‪ ،‬ونسأل هللا أن يقدمنا قبله‪( ،‬يعني موت الهادي )‪ ،‬أتظن الناس يسلمون‬
‫الخالفة لجعفر‪ ،‬وهولم يبلغ الحنث‪ ،‬أويرضون به لصالتهم‪ ،‬وحجهم‪ ،‬وغزوهم؟" قال‪ " :‬ما‬
‫أظن ذلك! " ‪ .‬قال‪ " :‬يا أمير المؤمنين! أفنأمن أن يسمو إليها أكابر أهلك‪ ،‬مثل فالن‪ ،‬ويطمع‬
‫فيها غيرهم‪ ،‬فتخرج من ولد أبيك؟ وهللا لوأن هذا األمر لم يعقده المهدي ألخيك‪ ،‬لقد كان‬
‫ينبغي أن تعقده أنت له‪ ،‬فكيف بأن تحله عنه وقد عقده المهدي له! ولكني أرى أن تقر األمر‬
‫على أخيك‪ ،‬فإذا بلغ جعفر أتيته بالرشيد‪ ،‬فخلع نفسه له وبايعه‪ ".‬فقبل قوله‪ ،‬وقال‪ :‬نبهتني‬
‫على أمر لم أنتبه له‪ .‬وأطلقه ‪ .‬ثم إن أولئك القواد عاودوا القول فيه‪ ،‬فأرسل الهادي إلى‬
‫الرشيد في ذلك‪ ،‬وضيق عليه؛ فقال له يحيى‪ :‬استأذنه في الصيد‪ ،‬فإذا خرجت فأبعد‪ ،‬ودافع‬
‫األيام! ففعل ذلك وأذن له‪ ،‬فمضى إلى قصر بني مقاتل‪ ،‬فأقام أربعين يومأ ‪) ..‬‬
‫‪ 3‬ـ وخالل هذه المدة قتلت الخيزران ابنها الهادى ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬الخيزران تقتل ابنها الهادى‬


‫‪ 7‬ـ كان الهادى شابا قوى البنية رشيق الحركة بحيث كان يقفز على الدابة وعليه درعان‬
‫ثقيالن ‪ ،‬وكان شجاعا مقداما مندفعا جسورا غيورا ‪ .‬لذا كان من المنتظر أن تفقد الخيزران‬
‫في خالفته نفوذها الذي تعودت عليه ‪ .‬إال أن الطبري يذكر أن الهادي سمح باستمرار نفوذ‬
‫أمه أربعة اشهر وقال ‪ :‬وكانت الخيزران في أول خالفة ابنها موسى الهادي تفتات عليه في‬
‫أموره وتسلك به مسلك أبيه من قبله في االستبداد باألمر والنهى ‪.‬إال أن الهادي ما لبث أن‬
‫ثار على ذلك الوضع ولم يحتمله فقال لها ‪ :‬انه ليس من قدر النساء االعتراض في أمر الملك‬
‫‪ ،‬وعليك بصالتك وتسبيحك ‪ .‬إال أن المواكب التي اعتادت الوقوف بباب الخيزران استمرت‬
‫في التوافد عليها ‪ ،‬واستمر أصحاب الحاجات يطرقون بابها لتتوسط لهم بنفوذها ‪ ،‬فلجأت‬
‫الخيزران البنها تكلمه في قضاء بعض األمور فرفض ‪ ( ،‬فقالت له ‪ :‬أنى ضمنت هذه الحاجة‬
‫لعبد هللا بن مالك ‪ ،‬فغضب الهادي وقال ‪ :‬ويل له ‪ ..‬وهللا ال اقضيها له ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إذن وهللا ال‬
‫أسألك حاجة أبدا ‪ .‬فقال ‪ :‬إذن وهللا ال أبالى ‪ ،‬فقامت عنه غاضبة ولكنه استوقفها وصرخ‬
‫فيها ‪ :‬وهللا لئن بلغني أنه وقف أحد ببابك ألضربن عنقه وألقبضن ماله ‪ ،‬فمن شاء فليلزم‬
‫ذلك ‪ ،‬ما هذه المواكب التي تغدو وتروح إلى بابك في كل يوم ؟ أما لك مغزل يشغلك ؟ أو‬
‫مصحف يذ ّكرك أو بيت يصونك ؟ ثم إياك وإياك أن فتحت بابك لمسلم أو ذمي ‪ " ..‬فانصرفت‬
‫عنه وما تعلم كيف تسير ‪ ..‬وقاطعته بعدها فلم تكلمه‪ .‬ثم إنه قال ألصحابه‪ :‬أيما خير أنا أم‬
‫أنتم‪ ،‬وأمي أم أمهاتكم؟ قالوا‪ :‬بل أنت وأمك خير‪ .‬قال‪ :‬فأيكم يحب أن يتحدث الرجال بخبر‬
‫أمه‪ ،‬فيقال‪ :‬فعلت أم فالن‪ ،‬وصنعت؟ قالوا‪ :‬ال نحب ذلك‪ .‬قال‪ :‬فما بالكم تأتون أمي فتتحدثون‬
‫بحديثها؟ فلما سمعوا ذلك انقطعوا عنها‪)...‬‬
‫‪ -2‬ثم تطور األمر بينهما بمحاولة الهادى خلع أخيه هارون (الرشيد )‪ ،‬وهو المطيع ألمه‬
‫الرفيق بها ‪ .‬وقفت ضد الهادى فى هذا ‪ ،‬ورد الهادى بحبس يحيى بن خالد ‪ ،‬مما يُع ُّد تحديا‬
‫للخيزران ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وحتى هذا األمر ‪ ،‬فليس من المنتظر أن تقدم الخيزران على اغتيال ابنها لذلك السبب‬
‫وحده ‪ ،‬لذلك تأتى القاصمة ‪ ،‬وهى من جانب الهادي لتجعل الخيزران تقتنع بأنها إذا لم تقتل‬
‫الهادي فان الهادي سيقتلها وربما يقتل ابنها الرشيد أيضا ‪ .‬فقد بعث لها الهادي بطعام‬
‫مسموم مع رسالة منه إليها تقول ‪" :‬انه استطاب ذلك الطعام فأحب أن تأكل أمه منه "‪،‬‬
‫وكانت على وشك أن تأكل ‪ ،‬لوال أن جاريتها ( خالصة ) حذرتها ‪ ،‬وجاءوا بكلب أكل من ذلك‬
‫الطعام فتساقط لحمه ومات ‪ .‬ميتة بشعة بال شك ‪ !.‬لذلك تحركت الخيزران فدست بعض‬
‫الجواري فقتلن ابنها الهادي خنقا وهو نائم‪ .‬وبعثت الخيزران إلى يحيى بن خالد ليتولى عقد‬
‫الخالفة للرشيد في نفس الليلة‪ ( ،‬لما مات الهادي جاء يحيى بن خالد إلى الرشيد‪ ،‬وهونائم‬
‫في فراشه‪ ،‬فقال له‪ :‬قم يا أمير المؤمنين! فقال‪ :‬كم تروعني إعجابا ً منك بخالفتي‪ ،‬فكيف‬
‫يكون حالي مع الهادي إن بلغه هذا؟ فأعلمه بموته‪ ،‬وأعطاه خاتمه )‪ .‬ومارست الخيزران‬
‫نفوذها فى خالفته كما تريد الى أن ماتت ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ومات الهادي شابا سنة ‪ 715‬هجريا ‪ .‬مات بعد خالفة قصيرة بلغت سنة واحدة وبضعة‬
‫أشهر ‪ .‬مات شابا فى الثالثة والعشرين من العمر ‪.‬‬
‫فوض الرشيد أمور دولته كلها إلى يحيى بن خالد البرمكي )‪.،‬‬ ‫‪ 0‬ـ وفى عام ‪ّ ( 711‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة الرشيد ‪ :‬الرشيد بين االسراف فى النساء واالسراف فى الدماء‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫هارون الرشيد أشهر خليفة عباسى فى كتب التاريخ وكتب األدب وحتى (ألف ليلة وليلة )‪.‬‬
‫وكانت خالفته حوالى ‪ 23‬عاما ‪ ،‬وعاش حوالى ‪ 91‬عاما ‪ ،‬ومات بطوس يوم السبت ‪3‬‬
‫جمادى اآلخرة‪ ،‬سنة ‪ .743‬كان واسطة العقد فى تاريخ الدولة العباسية ‪ ،‬وصلت فى عهده‬
‫سنّى فى التدين‬
‫الى أوج فخامتها وإنتصاراتها وإزدهارها ‪ .‬كان يعكس مالمح الدين ا ٍل ٌّ‬
‫السطحى وإستغالل دينه األرضى فى تسويغ مطامحه ومطامعه الدينية‪ .‬وبين تدينه السطحى‬
‫وتقواه التى يُرائى بها الناس وبين إسرافه فى الدماء وجمع المال وقع فى التناقض ‪ ،‬مع‬
‫الحدة فى الغضب ‪ ،‬واالنقالب األهوج من الحب الجارف الى القسوة فى االنتقام ‪ .‬هذا‬
‫باالضافة الى ما عُرف عن الخلفاء من عبادة المال واالسراف فى سفك الدماء‪ .‬يمكن تلخيص‬
‫هارون الرشيد فى كلمة ( النهم أو اإلسراف ) ‪ .‬كان منهوما فى تناول ال ُمتع الجنسية وفى‬
‫جمع األموال ومسرفا فى سفك الدماء ‪ .‬ونعطى بعض التفصيالت ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬دينه األرضى ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ فى مرحلة الدعوة العباسية فى دولة األمويين ‪ ،‬نشر الدعاة أحاديث تبشر بقرب ظهور‬
‫المهدى من آل دمحم ‪ ،‬وكان من أساطين العباسيين من إختلط بالفقهاء ‪ ،‬مثل (أبى جعفر‬
‫صنّاع األحاديث يتزعمهم ( األعمش ت ‪791‬‬ ‫المنصور )‪ ،‬وهو الذى قام بتجنيد مجموعة من ُ‬
‫) وهو ( سليمان بن مهران ‪ ،‬شيخ أصحاب الحديث فى الكوفة ‪،‬وكان كارها لبنى أمية‪ .‬وهو‬
‫متهم بالتدليس‪،‬ومات فى خالفة المنصور‪ .) .‬وفى خالفة المنصور انتشرت أحاديث كثيرة‬
‫تنسب للنبى مدحا فى خلفاء بنى العباس‪ ،‬وبعضها كان من رواية الخلفاء العباسيين ‪.‬‬
‫وسمى المنصور ولى عهده بالمهدى لتنطبق عليه أحاديث المهدى ‪ .‬وبوصفه هذا كان‬
‫المهدى يقتل خصومه بتهمة الزندقة ‪ .‬وجاء إبنه الرشيد يرث ُملكا وطيدا تم تأسيسه على‬
‫دين أرضى ‪ ،‬فجعل نفسه مالكا لهذا الدين األرضى ‪ ،‬ومعه قاضى القضاة يُفتى له بما يريد‬
‫فى هذا الدين ( المالكى )‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وألنه كان المالك لهذا الدين األرضى فقد كان ال يقبل من يزاحمه فى هذه الملكية ‪ ،‬وألن‬
‫هذا الدين أرضى قد أقيم على أحاديث منسوبة للنبى فال مجال للعلويين أن يزاحموا الرشيد‬
‫فى ملكيته لتلك الشخصية التى صنعوها للنبى ‪ ،‬والتى قام ابن إسحاق من قبل فى تصويرها‬
‫فى (السيرة ) لتتشابه مع شخصية أبى جعفر المنصور ‪ .‬وبالتالى كان الرشيد يؤمن بملكيته‬
‫للقبر المنسوب للنبى فى المدينة والذى قام بتوسيعه أبوه المهدى ‪ .‬وحدث أن ( حج هارون‬
‫زائرا له وحوله قريش وأفياء القبائل ومعه موسى بن جعفر ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الرشيد ‪ ،‬فأتى قبر النبي ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫افتخارا على‬
‫ً‬ ‫فلما انتهيا إلى القبر قال ( الرشيد ) ‪ " :‬السالم عليك يا رسول هللا يا ابن عم ‪".‬‬
‫َم ْن حوله فدنا موسى بن جعفر فقال‪ ":‬السالم عليك يا أبت "‪ ،‬فتغير وجه هارون ) ولم‬
‫يغفرها الرشيد لموسى بن جعفر العلوى ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬ثم اعتمر الرشيد في رمضان‬
‫سنة تسع وسبعين فحمل موسى معه إلى بغداد فحبسه بها فتوفي في حبسه‪ .) .‬سجنه‬
‫الرشيد ألنه ( زايد ) على الرشيد ( دينيا ) بما يُتيح له ان ( يُزايد ) على الرشيد سياسيا ‪ ،‬لذا‬
‫سنّى وملكيته للدولة‬
‫حبسه وتركه يموت فى الحبس‪ ،‬حتى ال ينازعه أحد فى ملكيته للدين ال ُّ‬
‫سنّى‪.‬‬
‫الدينية المؤسسة على هذا الدين ال ُّ‬
‫‪ 3‬ـ وألنه كان المالك لهذا الدين األرضى المؤسس على األحاديث فقد كان ال يقبل أى نقد‬
‫ألى حديث مهما بلغت مخالفة هذا الحديث للمنطق ‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬وحدثه أبو معاوية‬
‫يوماً‪ ،‬عن األعمش‪ ،‬عن أبي صالح‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬بحديث احتجاج آدم وموسى‪ ،‬فقال ع ُّم‬
‫الرشيد‪ :‬أين التقيا يا أبا معاوية ؟ فغضب الرشيد من ذلك غضبا ً شديداً‪ ،‬وقال‪ :‬أتعترض على‬
‫ي بالنطع والسيف‪ ،‬فأحضر ذلك‪ ،‬فقام الناس إليه يشفعون فيه‪ ،‬فقال الرشيد‪ :‬هذه‬ ‫الحديث ؟عل ه‬
‫زندقة‪ .‬ثم أمر بسجنه وأقسم أن ال يخرج حتى يخبرني من ألقى إليه هذا‪ ،‬فأقسم ع ُّمه‬
‫باأليمان المغلظة ما قال هذا له أحد‪ ،‬وإنما كانت هذه الكلمة بادرة مني وأنا أستغفر هللا‬
‫وأتوب إليه منها‪ .‬فأطلقه‪ . ) .‬تساءل عم الخليفة سؤاال بريئا ‪ :‬متى تقابل آدم وموسى ؟ فكاد‬
‫أن يقتله الرشيد ‪ ،‬وإعتذر الرجل وأقسم أنه ما قال له أحد هذا السؤال ( الكافر ) ‪ .‬االعتراض‬
‫على أى حديث هو زندقة ‪ .‬والزندقة عقابها القتل بال تردد ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ولهذا كان ( زنديقا ) من يخرج ثائرا على الرشيد ‪ ،‬أى يكون خارجا عن الدين (‬
‫سنّى أيضا ‪.‬‬‫سنى ) وخارجا على طاعة الرشيد الذى يملك الدولة ويملك دينها ال ُ‬ ‫األرضى ال ً‬
‫وأصبح وصف الزندقة مرادفا للخروج على الرشيد ‪ .‬فى أحداث عام ‪ 715‬تقول الرواية (‬
‫ظهر من كان مستخفيأ منهم طباطبا العلوي‪ ،‬وهوإبراهيم بن إسماعيل‪ ،‬وعلي بن الحسين‬
‫بن إبراهيم بن عبد هللا بن الحسن‪ ،‬وبقي نفر من الزنادقة لم يظهروا ‪ ،‬منهم‪ :‬يونس بن‬
‫فروة‪ ،‬ويزيد بن الفيض‪ ،) .‬وفى أحداث عام ‪ ، 717‬تقول الرواية ( تتبع الرشيد خلقا ً من‬
‫الزنادقة فقتل منهم طائفة كثيرة‪ ) .‬وفى عام ‪ ( 715‬خرجت المحمرة بجرحان وكتب طي‬
‫بن موسى بن هامان‪ :‬أن الذي يهيج ذلك عليه عمرو بن دمحم العمركي وأنَه زنديق ‪ ،‬فأمر‬
‫الرشيد بقتله فقُتل ب َم ْرو ‪ ( ) .‬ظهرت طائفة بجرجان يقال لها‪ :‬المحمرة لبسوا الحمرة‬
‫واتبعوا رجالً‪ ،‬يقال له‪ :‬عمرو بن دمحم العمركي‪ ،‬وكان ينسب إلى الزندقة‪ ،‬فبعث الرشيد يأمر‬
‫بقتله فقتل وأطفأ هللا نارهم في ذلك الوقت‪.) .‬‬
‫‪ 0‬ـ وبسبب هذا الدين األرضى الذى يستند عليه سلطانه كان للرشيد ( ندماء ) من رواة‬
‫الحديث ( كما كان له ندماء للمجون أيضا إلضحاكه ولتسليته بالشعر ‪..‬وبالخمر ‪ ،‬هذا عدا‬
‫آالف الحسناوات ) ‪ .‬كان من رواة األحاديث لديه أبو معاوية الضرير ‪ ،‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫وقد استدعى إليه أبا معاوية الضرير دمحم بن حازم ليسمع منه الحديث ‪ .‬قال أبو معاوية‪ :‬ما‬
‫ذكرت عنده حديثا ً إال قال‪ " :‬ملسو هيلع هللا ىلص على سيدي " ‪ ،‬وإذا سمع فيه موعظة بكى حتى يبل الثرى‪.‬‬
‫وأكلت عنده يوما ً ثم قمت ألغسل يدي فصب الماء عل ه‬
‫ي وأنا ال أراه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا أبا معاوية‬
‫أتدري من يصب عليك الماء ؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬يصب عليك أمير المؤمنين‪ .‬قال أبو معاوية‪:‬‬
‫فدعوت له‪.‬فقال‪ :‬إنما أردت تعظيم العلم‪ .).‬وتكاثرت الروايات عن وعظهم للرشيد وبكاء‬
‫الرشيد عند الوعظ ‪ ،‬ولم نر لهذا الوعظ أثرا فى حياة الرشيد ‪ ،‬فلم يتوقف عن سفك الدماء‬
‫وسلب األموال و الفسق بالنساء ‪ !.‬يبكى أمام الفقهاء ‪ ،‬ثم يمارس عمله العادى فى الفسق‬
‫والطغيان ‪..‬‬
‫‪ 1‬ـ وروايات الفقهاء عن الرشيد منها ما يتعارض مع سيرته التاريخية ‪ ،‬فال نقبل قولهم فيه‬
‫‪ ( :‬كان يحج سنة ويغزو سنة ‪ ).‬فهذا ما لم تسجله الحوليات التاريخية التى رصدت غزواته‬
‫وسنوات حجه ‪ .‬وال نصدق قولهم فيه ‪ ( :‬كان الرشيد يصلي كل يوم مائة ركعة تطوعا إلى‬
‫أن فارق الدنيأ !‪ ) .‬فال يمكن لمن ينشغل بآالف الحسناوات أن يتسع وقته لهذا ‪ .‬واليمكن أن‬
‫نصدق هذه الراوية ‪ ( :‬وقال بعضهم‪ :‬دخلت على الرشيد وبين يديه رجل مضروب العنق‬
‫والسياف يمسح سيفه في قفا الرجل المقتول‪ ،‬فقال الرشيد‪ :‬قتلته ألنه قال القرآن مخلوق‪،‬‬
‫فقتله على ذلك قربة إلى هللا عز وجل‪ ) .‬ذلك أن (فتنة خلق القرآن ) لم تكن قد ظهرت بعد ‪.‬‬
‫ظهرت فى آخر عام من حكم المأمون ‪ .‬ولكن ال مانع من تصديق أنه ( أول من كتب في صدر‬
‫كتبه الصالة على رسول هللا‪ ،‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ).‬وأنه ( كان إذا ح ّج ح ّج معه مائة من الفقهاء وأبنائهم‪،‬‬
‫فإذا لم يحج أحج ثالثمائة رجل بالنفقة السابغة‪ ،‬والكسوة الطاهرة‪ .).‬وأنه ( كان الرشيد‬
‫حاج ‪ .) .‬فكل هذا من لوازم دينه‬
‫ٍ‬ ‫غاز‬
‫يكثر الحج والغزو واتخذ قلنسوة مكتوب عليها‪ٍ :‬‬
‫األرضى ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ومن لوازم دينه األرضى أيضا تناقضه بين البكاء عند الوعظ و القسوة المفرطة عند‬
‫الغضب ‪ .‬وحكايته مع البرامكة هى أبرز ذلك التناقض ‪ .‬ال يهمنا هنا األسباب ‪ .‬يهمنا‬
‫التناقض بين التطرف فى المحبة ثم االنقالب المفاجىء الى تطرف فى االنتقام ‪.‬‬
‫يحيى البرمكى هو الذى جعل الرشيد خليفة بالتخطيط مع الخيزران ‪ .‬لذا قيل عن السنوات‬
‫األولى فى حكم الرشيد ‪ ( :‬وكانت الخيزران هي الناظرة في األمور ‪ ،‬فكان يحيى يعرض‬
‫عليها ويصدر عن رأيها ‪ .‬وكان الرشيد يقول ليحيى‪ :‬يا أبي ‪ ( ) ..‬استوزر الرشيد يحيى بن‬
‫خالد‪ ،‬وقال له‪ :‬قد قلدتك أمر الرعية‪ ،‬فاحكم فيها بما ترى‪ ،‬واعزل من رأيت‪ ،‬واستعمل من‬
‫رأيت‪ ،‬ودفع إليه خاتمه‪ ) .‬أى يتصرف فى كل شىء باسمه دون أن يشاوره‪ .‬وفى عام ‪711‬‬
‫( فوض الرشيد أمور دولته كلها إلى يحيى بن خالد البرمكي‪.) .‬‬
‫ثم كانت نكبة البرامكة فى عام ‪ . 711‬سجن ( أباه ) يحيى البرمكى فى شيخوخته‪،‬وسجن‬
‫أخاه من الرضاع الفضل بن يحيى‪ ،‬وظال فى السجن حتى ماتا فيه ‪ .‬وقتل جعفر بن يحيى‪( ،‬‬
‫صلب بباب الجسر رأسه‪ ،‬وفي الجانب الغربي جسده )‪ .‬وفى عام ‪ 714‬أمر الرشيد (‬‫و ُ‬
‫بإحراق جثة جعفر بن يحيى‪ .).‬بل قتل الرشيد فى عام ‪ 711‬إبراهيم بن عثمان بن نهيك‪(،‬‬
‫وسبب قتله أنه كان كثيراً ما يذكر جعفر بن يحيى والبرامكة‪ ،‬ويبكي عليهم إلى أن خرج من‬
‫البكاء إلى حد طالبي الثأر‪ ،‬فكان إذا شرب النبيذ مع جواريه أخذ سيفه ‪ ،‬ويقول‪ :‬واجعفراه!‬
‫واسيداه! وهللا ألقتلن قاتلك وألثأرن بدمك ‪ ، ).‬وخاف إبنه أن يصل الخبر الى الرشيد فيقتلهم‬
‫جميعا فأخبر الرشيد بما يقوله أبوه ‪ ،‬فقتل الرشيد أباه ‪ .!.‬ولم يكتف الرشيد بالقتل بل صادر‬
‫أموال البرامكة ‪ ،‬وألجأ نساءهم الى التسول ‪ .‬يقول أحدهم ‪ ( :‬دخلت على أمي في يوم‬
‫أضحى وعندها امرأة بَ ْرزة في أثواب دنسة رثة ‪ .‬فقالت لي‪ :‬أتعرف هذه ؟! قلت‪ :‬ال ‪.‬قالت‪:‬‬
‫هذه عبادة أم جعفر بن يحيى بن خالد ‪.‬فسلمت عليها ورحبت بها وقلت لها‪ :‬يا فالنة حدثيني‬
‫ببعض أمركم ‪.‬قالت‪ :‬أذكر لك جملة كافية فيها اعتبار لمن اعتبر وموعظة لمن فكر‪ .‬لقد هجم‬
‫جعفرا ابني عاق بي ‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫ي مثل هذا العيد وعلى رأسي أربعمائة وصيفة وأنا أزعم أن‬ ‫عل َ‬
‫دثارا‪.).‬‬
‫شعارا واآلخر ً‬
‫ً‬ ‫أتيتكم في هذا اليوم أسألكم جلد شاتين أجعل أحدهما‬
‫ثانيا ‪ :‬نهمه للمال وإسرافه في إنفاقه ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ كان الرشيد مغرما بمصادرة األموال حتى من أقرب الناس اليه ‪ .‬فى عام ‪ : 713‬توفي‬
‫والى البصرة والكوفة (دمحم بن سليمان العباسى )‪ (:‬فأمر الرشيد باالحتياط على حواصله التي‬
‫تصلح للخلفاء‪ ،‬فوجدوا من ذلك شيئا ً كثيرا ً من الذهب والفضة واألمتعة وغير ذلك‪ ،‬كان‬
‫دخله في كل يوم مائة ألف‪.‬وكان له خاتم من ياقوت أحمر لم ير مثله‪.‬وقد أرسل الرشيد من‬
‫اصطفى من م اله الصامت فوجد له من الذهب ثالثة آالف ألف دينار‪ ،‬ومن الدراهم ستة آالف‬
‫ألف‪ ،‬خارجا ً عن األمالك‪ ،) .‬وفى رواية أخرى‪ (:‬وكانت عظيمة من المال والمتاع‪،‬‬
‫والدواب‪ ،‬فحملوا منه ما يصلح للخالفة‪ ،‬وتركوا مال ال يصلح ‪ ،‬وكان من جملة ما أخذوا‬
‫ستون ألف ألف‪ )،‬وأسرف الرشيد فى توزيع هذا المال لمن ال يستحق ‪ ،‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫فلما قدموا بذلك عليه أطلق منه للندماء والمغنين شيئا ً كبيرأ‪ ،‬ورفع الباقي إلى خزانته )‪.‬هذا‬
‫المال من عرق الغالبة فى البالد المفتوحة ‪!.‬‬
‫‪ 2‬ـ ويذكر أن الخيزران ماتت فى نفس العام ‪ ،‬وتقول الروايةعن ( دمحم بن سليمان نائب‬
‫البصرة ) أنه ( أهدى للخيزران فى اليوم الذى ماتت فيه ‪ :‬مائة وصيفة‪ ،‬مع كل وصيفة جام‬
‫من فضة مملوء مسكا ً‪ ) .‬وعن تركة الخيزران تقول نفس الرواية ( وكان مغل ( أى دخل )‬
‫ضياعها في كل سنة ألف ألف وستين ألفا ً )‪ .‬ورثها الرشيد ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وفى عام ‪ 714‬سافر الرشيد إلى الري خصيصا بسبب شائعات عن الوالى علي بن‬
‫عيسى والى خراسان‪ ،‬بأنه ( ظلم أهلهأ ‪ ،‬وأساء السيرة فيهم‪ ،‬فكتب كبراء أهلها وأشرافها‬
‫إلى الرشيد يشكون سوء سيرته وظلمه‪ ،‬واستخفافه بهم‪ ،‬وأخذ أموالهم‪ .‬وقيل للرشيد‪ :‬إن‬
‫علي بن عيسى قد أجمع على الخالف‪ .) ،‬وقدم هذا الوالى هدايا هائلة للرشيد ومن معه ‪،‬‬
‫فنجا من العزل والعقوبة ‪ .‬تقول الرواية‪ ( :‬وأقام الرشيد بالري أربعة أشهر حتى أتاه علي‬
‫بن عيسى من خراسان‪ ،‬فلما قدم عليه أهدى له الهدايا الكثيرة‪ ،‬واألموال العظيمة‪ ،‬وأهدى‬
‫لجميع من معه من أهل بيته‪ ،‬وولده‪ ،‬وكتابه‪ ،‬وقواده من الطرف والجواهر‪ ،‬وغير ذلك‪،‬‬
‫ورأى الرشيد خالف ما كان يظن فرده إلى خراسان‪ . ).‬وفى عام ‪ 747‬مات قتال أبن هذا‬
‫الوالى وظهرت أموال له قد دفنها فى بستان ‪ ،‬ونهبها بعض الخدم ‪ ،‬ووصلت األنباء الى‬
‫الرشيد فأرسل قائده هرثمة ليأتيه بها ‪ ،‬تقول الرواية‪ (:‬وكان ابنه عيسى قد دفن في بستان‪،‬‬
‫في داره ببلخ‪ ،‬أمواالً عظيمةً قيل كانت ثالثين ألف ألف‪ ،‬ولم يعلم بها أبوه ولم يطلع عليها إال‬
‫جارية له‪ ،‬فلما سار علي بن عيسى إلى مروأطلعت الجارية على ذلك بعض الخدم‪ ،‬وتحدث‬
‫به الناس‪ ،‬واجتمعوأ‪ ،‬ودخلوا البستان‪ ،‬ونهبوا المال‪ ،‬وبلغ الرشيد الخبر‪ ،‬فقال‪ :‬خرج عن‬
‫بلخ عن غير أمري‪ ،‬وخلف مثل هذا المال‪ ،‬وهويزعم أنه قد باع حلي نسائه‪ ..‬فعزله‪،‬‬
‫واستعمل هرثمة بن أعين‪ .‬فسار هرثمة وال يعلم بأمره أحد‪ ،‬حتى ورد نيسابور‪ ،‬فلما وردها‬
‫استعمل أصحابه على كورهأن وسار مجداً يسبق الخبر‪ ،‬فأتى مرو والتقاه علي بن عيسى‪،‬‬
‫فاحترمه هرثمة‪ ،‬وعظمه‪ ،‬حتى دخل البلد‪ ،‬ثم قبض عليه وعلى أهله وأصحابه وأتباعه وأخذ‬
‫أمواله فبلغت ثمانين ألف ألف؛ وكانت خزائنه وأثاثه على ألف وخمسمائة بعير‪ ،‬فأخذ الرشيد‬
‫ذلك كله‪.) .‬‬
‫‪ 9‬ـ لذا كانت تركة الرشيد هائلة ‪ :‬قال ابن الجوزي‪ (:‬وقد خلف الرشيد من الميراث ما لم‬
‫يخ لفه أحد من الخلفاء‪ ،‬وخلف من الجواهر واألثاث واألمتعة سوى الضياع والدور ما قيمته‬
‫مائة ألف ألف دينار‪ ،‬وخمسة وثالثون ألف دينار‪ .‬وقال الطبرى ‪ ( :‬وكان في بيت المال‬
‫سبعمائة ألف ألف ونيف‪ .‬وكان في بيت المال لما توفي تسعمائة ألف ألف‪. ) .‬هذا عدا ما‬
‫سحتا من عرق‬ ‫أسرف فى إنفاقه فى حياته على الشعراء والنساء ‪ .‬كل هذه األموال جاءت ُ‬
‫أهل البالد المفتوحة ‪ .‬يذكر أحدهم قول الرشيد له وقد خرج من عند زوجته زبيدة ‪ ( :‬دخلت‬
‫اليوم إلى هذه المرأة ‪ -‬يعني‪ :‬زبيدة – فأقلت ( من القيلولة ) عندها وبتُّ ‪ ،‬فما استيقظت إال‬
‫على صوت ذهب يصب‪ .‬قالوا‪ :‬هذه ثلثمائة ألف دينار قدمت من مصر‪ .‬فقالت زبيدة‪ :‬هبها لي‬
‫يا ابن عم‪.‬فقلت‪ :‬هي لك‪.‬ثم ما خرجت حتى عربدت علي وقالت‪ :‬أي خير رأيته منك ؟‪!.) .‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نهمه الجنسى ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ ذكر الطبرى وابن عساكر أنه ( كان في دار الرشيد من الجواري والحظايا وخدمهن‬
‫وخدم زوجته وأخواته أربعة آالف جارية‪ ،‬وأنهن حضرن يوما ً بين يديه فغنته المطربات‬
‫منهن فطرب جداً‪ ،‬وأمر بمال فنثر عليهن‪ .‬وكان مبلغ ما حصل لكل واحدة منهن ثالثة آالف‬
‫درهم في ذلك اليوم ‪ ).‬باالضافة الى آالف المحظيات فقد تزوج الرشيد زبيدة بنت عمه‪،‬‬
‫وأمة العزيز‪ ،‬و أم دمحم بنت صالح المسكين‪ ،‬والعباسة بنت عمه سليمان بن أبي جعفر‪ ،‬فزفتا‬
‫إليه في ليلة واحدة ‪ ،‬وعزيزة بنت الغطريف ‪ ،‬حفيدة عثمان بن عفان‪ ).‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫وأما الحظايا من الجوارى فكثير جداً ‪ .‬حتى قال بعضهم‪ :‬إنه كان في داره أربعة آالف جارية‬
‫سراري حسان‪ .).‬وتقول رواية أنه دخل الرشيد دار خالد البرمكي فرأى فيه جارية أعجبته‬
‫وقد استوقفته الجارية وقالت له ‪ :‬أما لنا فيك من نصيب ؟ فقال لها ‪ :‬وكيف ؟ استوهبني من‬
‫هذا الشيخ ‪ ،‬فأعطاها له خالد البرمكي ‪ ،‬وكانت اسمها هيالنة ‪. ) .‬‬
‫‪ 2‬ـ ومع هذا العدد من النساء فقد كان يحلو للرشيد أن يأخذ المزيد مهما كلفه األمر ‪ .‬وحين‬
‫تولى أخوه الهادي الخالفة استولت على قلبه إحدى جواريه واسمها غادر ‪ ،‬وقد خطر‬
‫للخليفة الهادى أنه سيموت ويتركها ويأخذها من بعده أخوه هارون الرشيد حين يتولى‬
‫الخالفة ‪ ،‬وقوى هذا الخاطر في نفسه إلى درجة أنه استحلف أخاه هارون باأليمان المغلظة‬
‫من الطالق والعتاق والحج ماشيا ً حافيا ً أال يأخذها بعده ‪ ،‬ثم استحلف الجارية نفس األيمان‬
‫المغلظة‪ ،‬وبعد موت الهادي طلبها الرشيد لنفسه فقالت له ‪ :‬كيف وقد حلفنا تلك األيمان‬
‫المغلظة ؟ فقال لها الرشيد ‪ :‬أنا أُكفّر عن تلك األيمان ‪ ،‬وصارت له‪ .‬وتقول رواية فى تاريخ‬
‫( المنتظم ) ‪ ( :‬دخل هارون الرشيد على عمه (سليمان بن أبي جعفر المنصور) ( ت ‪) 744‬‬
‫عليال فرأى عنده جارية تسمى ضعيفة في غاية الحسن والجمال والشكل فوقعت بقلبه‬ ‫ً‬ ‫وكان‬
‫فقال هارون‪ :‬هبها لي فقال‪ :‬هي لك يا أمير المؤمنين ‪ .‬فلما أخذها مرض سليمان من شدة‬
‫حبه لها فقال‪ (:‬أشكو إلى ذي العرش ما القيت من أمر الخليفة يسع البرية عدله ويريد ظلمي‬
‫في ضعيفة ) فبلغ ذلك هارون الرشيد فردّها عليه ‪ ).‬طبعا بعد أن قضى أربه منها وم ّل منها‬
‫‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ومع هذا العدد من النساء فقد كان يحلو للرشيد أن يفسق بنساء أخريات ‪ ،‬ويستعمل فى‬
‫سنى المالكى ‪ .‬وقد هوى جارية ألبيه فامتنعت عليه وقالت له ‪( :‬إن‬ ‫تسويغ هذا الفسق دينه ال ّ‬
‫أباك قد طاف بى ) أى نام معها وبالتالى تحرم على أوالده ومنهم الرشيد ‪ .‬فاشتدت رغبة‬
‫الرشيد فيها وبحث عن حيلة شرعية ‪ ،‬فأفتى له بالفقيه أبو يوسف باستحاللها‪ ،‬قال ابو‬
‫يوسف للخليفة هارون الرشيد ‪ :‬كيف نأخذ بشهادة جارية ؟ !‪ ،‬ولم يأخذ بصدق شهادتها‬
‫فيما تحكيه عن نفسها أن والد الرشيد ـ قد نالها من قبل ‪.‬‬
‫ويحكي أبو يوسف أنه جئ به من بيته ليالً إلى الخليفة الرشيد فوجد عنده عيسى بن جعفر‪،‬‬
‫فقال الرشيد ألبي يوسف يستفتيه أنه طلب جارية مغنية من عيسى ابن جعفر وأنه رفض أن‬
‫يعطيها له ‪ ،‬وأنه إن لم يفعل سيقتله‪ ،‬وقال عيسى أنه كان قد أقسم بالطالق و العتاق أنه‬
‫لن يبيع هذه الجارية ولن يهبها ألحد وأنه ال يعرف كيف يخرج من هذا القسم ‪ ،‬فأفتى له أبو‬
‫يوسف أن يبيع للرشيد نصفها وأن يهبه النصف اآلخر ‪ ،‬ففعل وصارت الجارية ملكا ً للرشيد‬
‫‪ .‬وأحضروها له في المجلس فلما رآها قال ألبي يوسف‪ :‬هل من سبيل إليها الليلة ؟ فقال أبو‬
‫يوسف إنها مملوكة والبد من استبرائها فالبد أن تعتقها وتتزوجها فإن الحرة ال تستبرأ‬
‫فأعتقها وتزوجها وأعطى أبا يوسف مائتي ألف درهم وعشرين ثمنا ً عن الثياب ‪ ،‬وأرسلت‬
‫له الجارية عشرة آالف درهم ‪ .‬وقد أخطأ أبو يوسف في إفتائه للرشيد بأن ينال الجارية بعد‬
‫زواجها بال استبراء ‪ ،‬ألن العدة بالنسبة للمرأة ال تختلف إن كانت المرأة جارية أو حرة ‪،‬‬
‫ففى كل األحوال ال بد من مراعاة العدة حتى تتيقن من خلوها من الحمل ‪ ،‬ولكن كان‬
‫العباسيون يملكون فقهاء الشرع يحكمون لهم بغير ما أنزل هللا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ فى قصر جعفر البرمكى كانت توجد إحدى الجواري الصغيرات من القادمات الجدد‬
‫‪،‬تعلقت به‪,‬وعزمت بكل ما لديها من عزم أن تجذب انتباهه ‪ .‬وعرفت غرامه بالطرب والغناء‬
‫فتعلمت وأجادت ‪ .‬وشيئا فشيئا بدأ يصغى إليها ويهتم بها وأحست أنها على وشك أن تفوز‬
‫به خاصة بعد أن أطلق عليها لقب"فتينة"‪ .‬ورأت فتينة أن اهتمام موالها بها مقترن‬
‫باهتمام ندمائه بغنائها فكانت تبذل كل ما تستطيع لتجيد الغناء في حضرة أصحابه‪،‬فازدادت‬
‫شهرتها ‪،‬وازداد جعفر بها إعجابا وإهتماما‪ .‬ووصلت شهرة فتينة إلى الرشيد فطلبها من‬
‫جعفر ولكن جعفر رفض طلب الخليفة‪.‬بعد مقتل جعفر صادر الرشيد أمواله وأموال أسرته‪،‬‬
‫وضم الرشيد إلى قصره كل جواري جعفر‪ ,‬ومنهن فتينة‪.‬وعقد الرشيد مجلسا استعرض فيه‬
‫جواري جعفر وأمر كل واحدة منهن أن تعرض فنّها عليه‪ ..‬إلى أن جاء دور فتينة‪ .‬وكانت‬
‫المفاجأة ‪ ..‬أمرها الرشيد أن تغنى ‪ ،‬وكان متشوقا لسماع غنائها‪ ،‬ولكنها نكست رأسها‬
‫لألرض وسكتت‪ .‬وتكهرب الجو‪ ،‬وتصاعدت أنفاس الجواري‪ ،‬وهن يعلمن أن غضب الرشيد‬
‫ساحق ماحق‪ ,‬وأنه يتطرف في عقوبته‪ .‬ارتفعت أصوات الجواري لفتينة وهن يرتعدن (‬
‫ويحك‪..‬غن!!)‪.‬وانهمرت دموع فتينة ونظرت للرشيد تتحداه وتقول ‪ (:‬أما بعد السادة فال‪!.)..‬‬
‫أي بعد السادة جعفر البرمكى وآله لن تغنى ألحد حتى لو كان الرشيد نفسه‪..‬وسقطت قلوب‬
‫الجواري في أقدامهن‪ ،‬وانقطعت أنفاسهن‪ ،‬وانتظرن تحول فتينة إلى جثة هامدة مختلطة‬
‫المالمح‪ .‬ونظر الرشيد إلى أقبح خادم في القصر واسمه الحارث بن بسيحر‪،‬وقال له ‪:‬‬
‫(خذها‪..‬قد وهبتها لك‪ )..‬فأخذها بيده ومضت معه‪ .‬فلما ولت دعا الرشيد الحارث بن بسيحر‬
‫وأمره أن ال يقربها‪ ,‬وأنه إنما أراد إذاللها ولم يعطها له على الحقيقة‪ ..‬وبعدها بأيام استدعى‬
‫الجميع‪ ،‬وسأل عن الحارث بن بسيحر وأمره باستدعاء فتينة‪ ،‬فحضرت وجلست ‪ ،‬وأخذت‬
‫الجواري في الغناء واأللحان‪ ,‬ثم قال الرشيد لفتينة ‪( :‬هيه ‪ ..‬غنى ‪ ،)..‬فانهمرت دموعها‬
‫وقالت نفس مقالتها األولى‪ ( :‬أما بعد السادة ‪ ..‬فال‪ !!)..‬وهنا ثار الرشيد‪ .‬وصرخ‪:‬سيف‬
‫ونطع‪(..‬والنطع هو قماش غليظ يوضع تحت المحكوم عليه باإلعدام حتى ال يلوث دمه‬
‫المكان)‪..‬ووقف السياف فوق رأسها‪ .‬وأجلسوها على النطع ‪..‬وقال لها الرشيد‪ :‬غنى ‪ ..‬فبكت‬
‫وقالت ‪ (:‬أما بعد السادة‪ ..‬فال‪ ،)..‬وذهبت عقول الحاضرين من الخوف‪.‬وصاح الرشيد‬
‫بالسياف‪ :‬أنظر إلى يدي‪ ..‬فإذا عقدت لك بالخنصر إلى اثنين فال تضربها‪ ..‬فإذا عقدت لك‬
‫بالوسطى ثالثا فاضرب عنقها‪..‬ورفع السياف سيفه فوق رأسها‪ ..‬وقال لها الرشيد‪ :‬غنى‪..‬‬
‫فقالت‪ :‬أما بعد السادة فال‪ ..‬وعال بكاؤها‪ ..‬وقال لها للمرة الثانية‪ ..‬غنى ‪ ..‬فقالت‪:‬أما بعد‬
‫السادة ‪..‬فال‪ ..‬وقال لها للمرة الثالثة واألخيرة‪ :‬غنى ‪ ..‬فأقبلت عليها الجواري يستعطفنها‬
‫ويناشدنها هللا في نفسها‪ ..‬فاندفعت تغنى باكية على حبيبها جعفر وتندبه قائلة‪:‬‬
‫أيقنت أن النعيم لم يعد‬ ‫لما رأيت الديار قد درست‬
‫آي غنت‪ ..‬ولكن لكي تغيظ الرشيد!! فوثب إليها الرشيد فأخذ العود من يدها وأخذ يضرب به‬
‫وجهها ورأسها حتى تفتت العود وغطى الدم وجهها وجسدها ‪ ،‬وحملوها من بين يديه مقيدة‬
‫تنزف دما فماتت بعد ثالثة أيام ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬مجرد أمثلة عن إسرافه فى الدماء ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بمجرد أن فرغ من جنازة أخيه الهادى كان أول أمر يصدره الرشيد هو ضرب عنق أبي‬
‫عصمة القائد‪،‬ألنه كان يطيع أوامر الخليفة الهادى وابنه ولى العهد يومئذ ‪ ،‬تقول الرواية‬
‫عن سبب قتل هذا القائد ( ألنه كان مع جعفر بن الهادي‪ ،‬فزاحموا الرشيد على جسر فقال‬
‫أبو عصمة‪ :‬اصبر وقف حتى يجوز ولي العهد‪ .‬فقال الرشيد‪ :‬السمع والطاعة لألمير‪ .‬فجاز‬
‫جعفر وأبو عصمة ووقف الرشيد مكسوراً ذليالً‪ .‬فلما ولي أمر بضرب عنق أبي عصمة‪ ،‬ثم‬
‫سار إلى بغداد‪.).‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى عام ‪ : 717‬قتل الرشيد أبا هريرة دمحم بن فروخ نائب الجزيرة صبراً في قصر‬
‫الخلد بين يديه‪.‬والسبب أن أباهريرة هذا إنهزم أمام الخارجى الصحصح ‪ .‬قتله صبرا ) أى‬
‫تركه يموت جوعا وعطشا ‪!.‬‬
‫‪ 3‬ـ وقبل دقائق من موته ‪ ،‬جىء للرشيد ببشير بن الليث أخ الثائر فى خراسان ( رافع بن‬
‫الليث ) وكان الرشيد ـ فى مرضه ـ قد قاد الجيش للقضاء على هذا الثائر ‪ .‬تقول الرواية عن‬
‫بشير بن الليث مع الرشيد ( فلما وقف بين يديه شرع يترقق له فلم يقبل منه‪ ،‬بل قال‪ :‬وهللا‬
‫لو لم يبق من عمري إال أن أحرك شفتي بقتلك لقتلتك‪ .‬ثم دعا بقصاب فجزأه بين يديه أربعة‬
‫عشر عضواً‪ ،‬ثم رفع الرشيد يديه إلى السماء يدعو هللا أن يمكنه من أخيه رافع كما مكنه من‬
‫أخيه بشير‪ . ).‬أى أمر جزارا أن يق ّطع بشيرا قطعة قطعة ‪ .‬كان هذا آخر ما فعله الرشيد قبيل‬
‫موته بدقائق ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ت فاصيل مسلسل الدماء فى خالفة الرشيد نتوقف معها فى المقال التالى بعون رب العزة‬
‫جل وعال‪.‬‬
‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬
‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخبِي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ إِاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫سبِي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫موجز أنباء مسلسل الدماء فى خالفة الرشيد (‪)743 : 715‬‬

‫المالحظ هنا إستمرار الغارات الصيفية على البيزنطيين ‪ .‬وكان الصيف هو المالئم للغزو‬
‫بعكس الشتاء ‪ ،‬ولكن كانت هناك بعض الغارات الشتوية فى البحر المتوسط ‪ .‬واستهدفت‬
‫هذه الغارات التدمير والقتل واألسر والسبى والسلب ‪ .‬وباالضافة الى الغارات كانت هناك‬
‫معارك هامة قادها الرشيد فإفتتح هرقلة ‪ .‬وباالضافة الى الهجوم على ( دار الحرب ) ففى‬
‫داخل ( دار السالم ) لم تنقطع حمامات الدماء ‪ ،‬بثورات الخوارج وغيرهم ‪ .‬والتنازع بين‬
‫الخليفة وخصومه هو حول المال ‪ .‬وكانت المساجد ـ كالعادة ـ مراكز حربية عدوانية ـ أى‬
‫مساجد ضرار ‪ .‬ونعطى بعض التفصيالت ‪:‬‬
‫عام ‪ 715‬العام الذى تولى فيه الرشيد الخالفة‬
‫‪ 7‬ـ توفي يزيد بن حاتم المهلبي‪ ،‬والي إفريقية‪ ،‬واستخلف عليها ابنه داود‪ ،‬وانتقضت جبال‬
‫باجة‪ ،‬وخرج فيها اإلباضية‪ ،‬فسير إليهم داود جيشأ‪ ،‬فهزمهم اإلباضية‪ ،‬فجهز إليهم جيشا ً‬
‫آخرهزم اإلباضية‪ ،‬فتبعهم الجيش‪ ( ،‬فقتلوا منهم فأكثروا )‪.‬‬
‫‪ ( 2‬عزل الرشيد الثغور كلها عن الجزيرة وقنسرين‪ ،‬وجعلها حيزا ً واحدأ‪ ،‬وسميت العواصم‪،‬‬
‫وأمر بعمارة طرسوس على يدي فرج الخادم التركي ونزلها الناس‪ .) .‬أى إنه جعل التخوم‬
‫جبهة عسكرية ‪ ،‬واستوطنها الناس ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الرشيد غزا الصائفة بنفسه‪ ،‬وقيل ‪ :‬غزا الصائفة سليمان بن عبد هللا البكائي‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ (ثار ) أو ( خرج ) الفضل بن سعيد الحروري فقتل‪.‬‬
‫عام ‪717‬‬
‫‪ 7‬ـ (خرج ) أو (ثار ) الصحصح الخارجي بالجزيرة‪ ،‬وكان عليها أبوهريرة‪ ،‬فوجه عسكراً‬
‫إلى الصحصح‪ ،‬فلقوه‪ ،‬فهزمهم الخارجى ‪ .‬وسار الصحصح إلى الموصل فلقيه عسكرها‬
‫بباجرمى‪ ،‬فقتل منهم كثيرأ‪ ،‬ورجع إلى الجزيرة‪ ،‬فغلب على ديار ربيعة‪ ،‬فسير الرشيد إليه‬
‫جيشا ً فلقوه بدورين‪ ،‬فقتلوه‪ ،‬وعزل الرشيد أبا هريرة عن الجزيرة‪.‬ثم قتله فيما بعد ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ استعمل الرشيد على صدقات بني تغلب روح بن صالح الهمداني‪ ،‬وهو من قواد‬
‫الموصل‪ ،‬فجرى بينه وبين تغلب خالف‪ ،‬فجمع جمعأ‪ ،‬وقصدهم‪ ،‬فبلغهم الخبر‪ ،‬فاجتمعوأن‬
‫وساروا إلى روح‪ ،‬فهزموه وقتلوه هو وجماعة من أصحابه‪ ،‬فسمع حاتم بن صالح‪،‬‬
‫وهوبالسكير‪ ،‬فجمع جمعا ً كثيرأن وسار إلى تغلب‪ ،‬فبيتهم‪ ،‬وقتل منهم خلقا ً كثيرأ ‪ ،‬وأسر‬
‫مثلهم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ولى الرشيد علي خراسان جعفر بن دمحم بن األشعث‪ ،‬فلما قدم خراسان سير ابنه العباس‬
‫إلى كابل‪ ،‬فقاتل أهلها حتى افتتحهأ‪ ،‬ثم افتتح سانهار‪ ،‬وغنم ما كان بها‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ثار بعض أهل البيت فطرد الرشيد بنى عمه ( الطالبيين ) أى ذرية أبى طالب ‪ ،‬من بغداد‬
‫إلى المدينة خال العباس بن الحسن بن عبد هللا بن علي بن أبي طالب‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ خرج الفضل بن سعيد الحروري فقتله أبوخالد المروروذي ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ كمل بناء مدينة طرسوس على يدي فرج الخادم التركي ونزلها الناس‪ .‬أى تم تحصينها‬
‫وتجهيزها عسكريا ‪ ،‬وسكن فيها المقاتلون ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ غزا الصائفة سليمان بن عبد هللا البكائي ‪.‬‬
‫عام ‪712‬‬
‫‪ 7‬ـ غزا الصائفة إسحاق بن سليمان بن علي‬
‫عام ‪710‬‬
‫‪ 7‬ـ غزا الصائفة عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح فبلغ أقريطية؛ فأصابهم برد شديد‬
‫سقط منه كثير من أيدي الجند وأرجلهم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ سار يحيى بن عبد هللا بن حسن بن حسن ين علي إلى الديلم‪ ،‬وثار هناك؛ واستمرت‬
‫ثورته فى العام التالى ‪ ( ، 711‬واشتدت شوكته‪ ،‬وكثر جموعه‪ ،‬وأتاه الناس من األمصار‪،‬‬
‫فاغتم الرشيد لذلك‪ ،‬فندب إليه الفضل بن يحيى ( البرمكى ) في خمسين ألفأ‪ ،‬وواله جرجان (‬
‫جورجيا اآلن ) وطبرستان والري وغيرهمأ ‪ ،‬وحمل معه األموال‪ ،‬فكاتب يحيى بن عبد هللا‪،‬‬
‫ولطف به‪ ،‬وحذره‪ ،‬وأشار عليه‪ ،‬وبسط أمله‪ ...‬فأجاب يحيى إلى الصلح‪ ،‬على أن يكتب له‬
‫الرشيد أمانا ً بخطه يشهد عليه فيه القضاة‪ ،‬والفقهاء‪ ،‬ومعظم الهاشمييين ‪ ،‬فأجابه الرشيد‬
‫إلى ذلك‪ ،‬وسير األمان مع هدايا وتحف الى يحيى ‪ ،‬فقدم يحيى مع الفضل بغداد‪ ،‬فلقيه‬
‫الرشيد بترحيب ‪،‬وأمر له بمال كثير‪ .‬ثم نكث الرشيد بعهده ‪ ،‬ووافقه الفقيه أبوالبختري على‬
‫نقض األمان ‪ ،‬وقال للرشيد ‪( :‬هذا أمان منتقض من وجه كذا؛ فمزقه الرشيد‪ ).‬فحبسه‪،‬‬
‫فمات في الحبس‪.‬‬
‫‪ 3‬ــ خرج بخراسان حصين الخارجي‪ ،‬وهومن الموالي ‪ ،‬من أهل أوق‪ ،‬وكان على سجستان‬
‫عثمان بن عمارة‪ ،‬فأرسل جيشأ ‪ ،‬فلقيهم حصين‪ ،‬فهزمهم‪ ،‬ثم أتى خراسان وقصد باذغيس‪،‬‬
‫وبوشنج‪ ،‬وهراة‪ .‬وكتب الرشيد إلى الغطريف في طلبه‪ ،‬فسير إليه الغطريف داود بن يزيد‬
‫في اثني عشر ألفأ‪ ،‬فلقيهم حصين في ستمائة فقط فهزمهم‪ ،‬وقتل منهم خلقا ً كثيرا ً‪ .‬وظلت‬
‫ثورته في خراسان إلى أن قتل سنة ‪.711‬‬
‫عام ‪711‬‬
‫‪ 7‬ـ حرب بين قبائل ( ُمضر ) و ( اليمانية ) فى دمشق ‪. .‬‬
‫‪ 2‬ـ خرج الفضل الخارجي بنواحي نصيبين‪ (،‬فأخذ من أهلها ماأل‪ ،‬وسار إلى دارا وآمد‬
‫وارزن‪ ،‬فأخذ منهم ماأل‪ ،‬وكذلك فعل بخالط‪ ،‬ثم رجع إلى نصيبين‪ ،‬وأتى الموصل‪ ،‬فخرج إليه‬
‫عسكرهأ‪ ،‬فهزمهم على الزاب‪ ،‬ثم عادوا لقتاله‪.) .‬وانتهى األمر بقتله وأصحابه ‪.‬‬
‫عام ‪:711‬‬
‫‪ 7‬ـ ثورة اهل شمال أفريقية على واليهم ‪ ،‬ونشوب حروب ‪ ،‬فولى الرشيد ( هرثمة بن‬
‫أعين ) وبعد عدة معارك طلب هرثمة من الرشيد إعفاءه ‪ ،‬فأعفاه في رمضان سنة ‪،717‬‬
‫فكانت واليته سنتين ونصفا ً‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ثورة بالموصل تزعمها (العطاف بن سفيان األزدي) ( وكان من فرسان أهل الموصل‪،‬‬
‫واجتمع عليه أربعة آالف رجل‪ ،‬وجبي الخراج‪ ،‬وأقام على هذا سنتين) ‪،‬وفى عام ‪ 715‬هدم‬
‫الرشيد سورالموصل ‪ ،‬وقد سار إليها بنفسه‪ ( ،‬وأقسم ليقتلن من لقي من أهلهأ‪ ،‬فأفتاه‬
‫القاضي أبويوسف‪ ،‬ومنعه من ذلك ‪ ( ) .‬وكان الخارجى العطاف ( قد سار عنها نحوأرمينية‬
‫فلم يظفر به الرشيد‪ ،‬ومضى إلى الرقة فاتخذها وطنا ً‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ غزا الصائفة عبد الرزاق بن عبد الحميد التغلبي‬
‫عام ‪711‬‬
‫‪ 7‬ـ ثورة أعراب الحوف الشرقى بمصر ( محافظة الشرقية اآلن ) بسبب الخراج‪ ،‬وهزمهم‬
‫العباسيون ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ خرج ( الوليد بن طريف التغلبي )( بالجزيرة‪ ،‬ففتك بإبراهيم بن خازم ابن خزيمة‬
‫بنصيبين‪ ،‬ثم قويت شوكة الوليد‪ ،‬فدخل إلى أرمينية‪ ،‬وحصر خالط عشرين يومأ‪ ،‬فافتدوا‬
‫منه أنفسهم بثالثين ألفا ً‪ .‬ثم سار إلى أذربيجان‪ ،‬ثم إلى حلوان وأرض السواد‪ ،‬ثم عبر إلى‬
‫غرب دجلة‪ ،‬وقصد مدينة "بلد"‪ ،‬فافتدوا منه بمائة ألف‪ ،‬وعاث في أرض الجزيرة ‪ ،‬فسير‬
‫إليه الرشيد (يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني )‪ ،‬وبعد معارك هزمه يزيد وقتله (فاحتز‬
‫رأسه ) ‪ .‬وقادت الجيش بعد ( الوليد بن طريف) أخته ( ليلى ) فهزمها يزيد ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ غزا الصائفة معاوية بن زفر بن عاصم‪ ،‬وغزا (الشاتية ) أى ( فى الشتاء) سليمان بن‬
‫راشد‪ ،‬ومعه البند بطريق صقلية‪.‬أى كانت غزوة بحرية فى البحر المتوسط ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ فى الشرق اآلسيوى ‪:‬غزا الفضل بن يحيى البرمكى ما وراء النهر من بخارى‪ ،‬فاستسلم‬
‫له صاحب أشروسنة‪ ،‬وبنى الفضل بخراسان المساجد والرباطات ( أى حصون الجهاد ‪ ،‬أى‬
‫إرتبطت مساجد الضرار بالقواعد العسكرية التى هى لإلعتداء على من لم يعتد على‬
‫العباسيين )‪.‬‬
‫عام ‪719 : 714‬‬
‫‪ 7‬ـ إنتشر فى خراسان األعراب ‪ ،‬وشجعهم بُعد خراسان عن بغداد وفساد والتها على‬
‫إعتناق مبدأ الخوارج ‪ .‬وقد ثار فى خراسان حمزة بن أترك السجستانى ‪ ،‬واستمرت ثورته‬
‫حتى عام ‪ ، 719‬فى والية على بن عيسى بن ماهان على خراسان ‪ ،‬وقد هزم ( حمزة )‬
‫جيوش العباسيين ‪ ،‬ثم هزموه فهرب الى ( قهستان ) ‪ ،‬فسار الوالى العباسى وقتل الخوارج‬
‫فى (أوق وجوين‪ )،‬وأحرق القرى التي كان أهلها يعينون ( حمزة ) وقتل من فيهأ‪ ،‬حتى‬
‫وصل إلى ( زرنج )‪ ،‬فقتل ثالثين ألفا ً ورجع‪ ،‬وترك جيشا فى ( بزرنج ) يقوده (عبد هللا بن‬
‫العباس النسفي ) ‪ ،‬فجبى األموال وقاتل ( حمزة ) فى ( بهأن ) وهزم حمزة بعد قتال شديد‬
‫( وقتل كثير من أصحابه‪ ،‬وجرح في وجهه‪ ،‬واختفى هو ومن سلم من أصحابه في الكروم‪،‬‬
‫ثم خرج وسار في القرى يقتل‪ ،‬وال يبقي على أحد‪ ( ).‬وكان علي بن عيسى قد استعمل (‬
‫طاهر بن الحسين ) على ( بوشنج )‪،‬وسار الخارجى ( حمزة ) الى ( بوشنج ) فقتل ثالثين‬
‫غالما فى مكتب تحفيظ للقرآن وقتل معلمهم‪ ،‬فانتقم ( طاهر )من الخوارج شر إنتقام ‪( :‬‬
‫فأتى قرية فيها قعد الخوارج‪ ،‬وهم الذين ال يقاتلون‪ ،‬وال ديوان لهم‪ ،‬فقتلهم طاهر‪،‬وأخذ‬
‫أموالهم؛ وكان يشد الرجل منهم في شجرتين‪ ،‬ثم يجمعهمأ ثم يرسلهمأ‪ ،‬فتأخذ كل شجرة‬
‫نصفه‪ ، ) .‬فكتب القاعدون من الخوارج إلى حمزة بالكف‪ ،‬فكف وواعدهم‪ ،‬وأمن الناس‬
‫مدة‪ ،‬وكانت بينه وبين أصحاب علي بن عيسى حروب كثيرة‪ ..‬وفى عام ‪ 719‬عاد ( حمزة‬
‫الخارجي ) للثورة فى (باذغيس) ‪ ،‬فقتل الجيش العباسى من أصحابه عشرة آالف‪ ،‬ودخل‬
‫الجيش العباسى عيسى كابل وزابلستان‪.‬‬
‫عام ‪715‬‬
‫‪ 7‬ـ خرج حراشة الشيباني بالجزيرة‪ ،‬فقتله مسلم بن بكار العقيلي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ خرجت ( الخوارج ) المحمرة بجرجان‪ .‬ثم غلبت على خراسان فى العام التالى ‪717 :‬‬
‫‪ 3‬ـ غزا الصائفة دمحم بن معاوية بن زفر بن عاصم‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ أمر الرشيد ببناء مدينة عين زربة وحصنها‪ .‬وسير إليها جنداً من أهل خراسان‬
‫وغيرهم‪ ،‬فأقطعهم بها المنازل ليتفرغوا ( للجهاد )‬
‫عام ‪717‬‬
‫‪ 7‬ـ ( فى أفريقية ‪) 741 : 717 :‬‬
‫ولّى الرشيد على أفريقيا أخاه من الرضاع دمحم بن مقاتل العكي‪ ،‬و ( لم يكن بالمحمود‬
‫السيرة‪ ،‬فاختلف الجند عليه واتفقوا على تقديم مخلد بن مرة األزدي‪ ،‬واجتمع معه كثير من‬
‫الجند والبربر‪ ).‬فارسل الوالى جيشأ هزم مخلد ‪ ،‬واختفى مخلد في مسجد‪ ،‬فأخذوه وذبحوه‬
‫‪.‬‬
‫وخرج بتونس (تمام بن تميم التميمي ) في جمع كثير‪ ،‬وساروا إلى القيروان في رمضان‬
‫سنة ‪ ،713‬وخرج إليه الوالى ابن مقاتل العكي ‪ ،‬فاقتتلوا بمنية الخيل‪ ،‬فانهزم ابن العكي‬
‫إلى القيروان ‪ ،‬وسار تمام فدخل القيروان وآمن ابن العكي‪ ،‬على أن يخرج عن إفريقية‪،‬‬
‫فسار في رمضان إلى طرابلس‪ .‬فجمع إبراهيم بن األغلب التميمي جمعا ً كثيرأ‪ ،‬وسار إلى‬
‫القيروان منكرا ً لما فعله تمام‪ ، )..‬وفى النهاية إنهزم تمام ( ‪ ..‬وقتل جماعة من أصحابه‪،‬‬
‫ولحق بمدينة تونس‪ ،‬فسار إبراهيم ابن األغلب إليه ليحصره‪ ،‬فطلب منه األمان فأمنه‪.).‬‬
‫وطلب أهل البالد من الرشيد تولية إبراهيم بن األغلب إفريقية ‪ ،‬وتنازل ابراهيم بن األغلب‬
‫عن مساعدة سنوية قدرها مائة ألف دينار ‪ ،‬كانت تأتى الى أفريقية من مصر‪ ،‬وأن يحمل‬
‫للرشيد كل سنة أربعين ألف دينار‪ ،‬فواله الرشيد في المحرم سنة ‪( ،719‬فانقمع الشر‪،‬‬
‫وضبط األمر‪ )،‬وأرسل المشاغبين الى الرشيد‪( ،‬فسكنت البالد‪ ،‬وابتنى مدينة سماها العباسية‬
‫بقرب القيروان‪ ،‬وانتقل إليها بأهله وعبيده‪.).‬‬
‫وخرج عليه‪ ،‬سنة ‪ ، 711‬رجل من أبناء العرب بمدينة تونس‪ ،‬اسمه حمديس‪ ،‬فارسل اليه‬
‫ابن األغلب جيشا يقوده (عمران بن مخلد ) ( فانهزم حمديس ومن معه‪ ،‬وأخذهم السيف‪،‬‬
‫فقتل منهم عشرة آالف رجل‪ ،) .‬ودخل (عمران بن مخلد ) تونس‪.‬‬
‫ثم ثار ( عمران بن مخلد ) على ( إبراهيم بن األغلب) وتبعه جمع كثير (فنزل بين القيروان‬
‫والعباسية‪ ،‬وصارت القيروان وأكثر بالد إفريقية معه‪ ( ).‬ودامت الحرب بينهما سنة كاملة‪،‬‬
‫فسمع الرشيد الخبر‪ ،‬فأنفذ إلى إبراهيم خزانة مال‪ ،‬فلما صارت إليه األموال أمر مناديا ً‬
‫ينادي‪ :‬من كان من جند أمير المؤمنين فليحضر ألخذ العطاء‪ .‬ففارق عمران أصحابه وتفرقوا‬
‫عنه‪ ، )،‬وهرب عمران‪ ،‬وانتهى أمره بالقتل بعد أن توفي إبراهيم في شوال سنة ‪.741‬‬
‫‪ 2‬ـ غزا الرشيد أرض الروم‪ ،‬فافتتح حصن الصفصاف‬
‫‪ 3‬ـ غزا عبد الملك بن صالح أرض الروم‪ ،‬فبلغ أنقرة‪ ،‬وافتتح مطمورة‬
‫‪ 9‬ـ كان الفداء بين الروم والمسلمين‪ ،‬وهوأول فداء كان أيام بني العباس‪ ،‬وكان القاسم بن‬
‫الرشيد هوالمتولي له‪ ،‬وكان الملك نقفور‪ ،‬ففرح بذلك الناس‪ ،‬ففودي بكل أسير في بالد‬
‫الروم‪ ،‬وكان الفداء بالالمس‪ ،‬على جانب البحر‪ ،‬بينه وبين طرسوس اثنا عشر فرسخأن‬
‫وحضر ثالثون ألفا ً من المرتزقة مع أبي سليمان‪ ،‬فخرج الخادم‪ ،‬متولي طرسوس‪ ،‬وخلق‬
‫كثيراً من أهل الثغور‪ ،‬وغيرهم من العلماء واألعيان‪ ،‬وكان عدة األسرى ثالثة آالف‬
‫وسبعمائة ‪.‬‬
‫عام ‪712‬‬
‫‪ 7‬ـ وغزا الصائفة عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح‪ ،‬فبلغ أفسوس ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ جىء بابنة خاقان ملك الخزر إلى الفضل بن يحيى‪ ،‬فماتت فى الطريق ‪ ،‬ورجع من‬
‫معها إلى أبيها فأخبروه أنها قتلت غيلة‪ ( ،‬فتجهز إلى بالد اإلسالم‪).‬‬
‫عام ‪: 713‬‬
‫‪ 7‬ـ بسبب ما حدث البنته هاجم خاقان الخزر بجيوشه‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬فأوقعوا بالمسلمين‬
‫وأهل الذمة‪ ،‬وسبوا أكثر من مائة ألف رأس‪ ،‬وانتهكوا أمرا ً عظيما ً لم يسمع بمثله في‬
‫األرض ‪ ) .‬وانتهى األمر بإخراج الخزر ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ثار أبوالخصيب وهيب بن عبد هللا النسائي فى بلدة ( نسا ) من خراسان ‪ ،‬وأمر الرشيد‬
‫أن يحاربه‬
‫علي بن عيسى من خراسان‪ ،‬وفى عام ‪ 719‬طلب أبوالخصيب األمان فأمنه علي بن عيسى‬
‫بن ماهان‪ .‬وفى عام ‪ 710‬غدر أبوالخصيب ثانية‪ ،‬وغلب على أبيورد‪ ،‬وطوس‪ ،‬ونيسابور‪،‬‬
‫وحصر مرو‪ ،‬ثم انهزم عنها وعاد إلى سرخس‪ ،‬وعاد أمره قويا ‪ .‬وفى عام ‪ 711‬سار اليه‬
‫علي بن عيسى بن ماهان من ( مرو ) إلى ( نسا ) فحاربه فقتله وسبى نساءه وذراريه‪.‬‬
‫عام ‪719‬‬
‫زهير القصاب ‪ .‬عام ‪710‬‬ ‫ً‬ ‫‪ 7‬ـ ( خرج أبوعمروالشاري) فى شهرزور ‪ ،‬فحاربه وهزمه‬
‫‪ 7‬ـ ( قتل أهل طبرستان مهرويه الرازي‪ ،‬وهو واليها‪ ،‬فولى الرشيد مكانه عبد هللا بن سعيد‬
‫الحرشي)‬
‫‪ 2‬ـ ثورة الخارجى أبان بن قحطبة بمرج القلعة ‪ ،‬وقتله عبد الرحمن األنباري‪.‬‬
‫عام ‪711‬‬
‫‪ 7‬ـ دخل القاسم بن الرشيد أرض الروم في شعبان‪ ،‬فأناخ على قرة‪ ،‬وحصرها‪ ،‬ووجه‬
‫العباس بن جعفر بن دمحم بن األشعث‪ ،‬فحصر حصن سنان‪ ،‬حتى جهد أهلهأ‪ ،‬فبعث إليه الروم‬
‫ثالثمائة وعشرين أسيراً من المسلمين على أن يرحل عنهم‪ ،‬فأجابهم ورحل عنهم صلحا ً‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ بين الرشيد ونقفور مك الروم ‪:‬‬
‫(وكان يملك الروم حينئذ امرأة اسمها ريني‪ ،‬فخلعتها الروم وملكت نقفور ‪ ،‬وماتت ريني بعد‬
‫خمسة أشهر من خلعها‪ .‬فلما استوثقت الروم لنقفور كتب إلى الرشيد‪ ( :‬من نقفور ملك‬
‫الروم إلى هارون ملك العرب‪ ،‬أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ‪ ،‬وأقامت‬
‫نفسها مكان البيدق‪ ،‬فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقا ً بحمل أضعافها إليهأ‪ ،‬لكن ذلك‬
‫ضعف النساء‪ ،‬وحمقهن‪ ،‬فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل لك من أموالهأ‪ ،‬وافتد نفسك‬
‫بما تقع به المصادرة لك‪ ،‬وإال فالسيف بيننا وبينك‪ .) .‬فلما قرأ الرشيد الكتاب استفزه‬
‫الغضب‪ ،‬حتى لم يقدر أحد أن ينظر إليه ‪..‬وتفرق جلساؤه‪ ،‬فدعا بدواة‪ ،‬وكتب على ظهر‬
‫الكتاب‪ ( :‬بسم ميحرلا نمحرلا هللا‪ ،‬من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم؛ قد قرأت‬
‫كتابك يا ابن الكافرة‪ ،‬والجواب ما تراه دون ما تسمعه‪ ،‬والسالم‪ . ) .‬ثم سار من يومه حتى‬
‫وخرب‪ ،‬فسأله نقفور المصالحة على خراج يحمله كل‬ ‫ّ‬ ‫نزل على هرقلة ‪ ،‬ففتح وغنم وأحرق‬
‫سنة‪ ،‬فأجابه في ذلك‪ .‬فلما رجع من غزوته وصار بالرقة نقض نقفور العهد‪ ،‬وكان البرد‬
‫شديدأ‪ ،‬فأمن ( نقفور ) رجعة الرشيد إليه‪ ،‬فلما جاء الخبر بنقضه ما جسر أحد على إخبار‬
‫الرشيد‪ ،‬خوفا ً ‪ ...‬فاحتيل له بشاعر من أهل جنده‪ ،‬وهوأبودمحم عبد هللا بن يوسف‪ ...‬فلما‬
‫سمع الرشيد ذلك قال‪ :‬أوقد فعل ذلك نقفور؟ وعلم أن الوزراء قد احتالوا له في ذلك‪ ،‬فرجع‬
‫إلى بالد الروم في أشد زمان وأعظم كلفة‪ ،‬حتى بلغ بالدهم‪ ،‬فأقام بها حتى شفي واشتفى‬
‫وبلغ ما أراد‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ (خرج عبد السالم بآمد‪ .. ،‬فقتله يحيى بن سعيد العقيلي‪) .‬‬
‫‪ 9‬ـ ( أغزى الرشيد ابنه القاسم الصائفة‪ ،‬فوهبه هلل‪ ،‬وجعله قربانا ً له وواله العواصم‪ ) .‬أى‬
‫إن القتال عندهم عبادة كبرى ‪..‬‬
‫عام ‪711‬‬
‫‪ 7‬ـ غزا إبراهيم بن جبرئيل الصائفة‪ ،‬فدخل أرض الروم من درب الصفصاف‪ ،‬فخرج إليه‬
‫نقفور ملك الروم‪ (.. ،‬وقُتل من الروم أربعون ألفا ً وسبعمائة‪!!.).‬‬
‫‪ 2‬ـ وفيها رابط القاسم بن الرشيد بدابق‪.‬‬
‫عام ‪714‬‬
‫‪ 7‬ـ ( كثر شغب أهل طرابلس الغرب على والتهم‪ ،‬وكان إبراهيم بن األغلب‪ ،‬أمير إفريقية‪،‬‬
‫قد استعمل عليهم عدة والة‪ ،‬فكانوا يشكون من والتهم‪ ،‬فيعزلهم‪ ،‬ويولي غيرهم‪ ،‬فاستعمل‬
‫عليهم هذه السنة سفيان ابن المضاء‪ ،‬وهي واليته الرابعة‪ ،‬فاتفق أهل البلد على إخراجه‬
‫عنهم‪ ،‬وإعادته إلى القيروان‪ ،‬فزحفوا إليه‪ ،‬فأخذ سالحه‪ ،‬وقاتلهم هو وجماعة ممن معه‪،‬‬
‫فأخرجوه من داره‪ ،‬فدخل المسجد الجامع‪ ،‬فقاتلهم فيه‪ ،‬فقتلوا أصحابه‪ ،‬ثم أمنوه‪ ،‬فخرج‬
‫عنهم في شعبان من هذه السنة‪ ،‬فكانت واليته سبعا ً وعشرين يوما ً ) ‪( .‬ثم وقع بين األبناء‬
‫بطرابلس أيضا ً وبين قوم يعرفون ببني أبي كنانة وبني يوسف حروب كثيرة‪ ،‬وقتال‪ ،‬حتى‬
‫فسدت طرابلس‪ ،‬فبلغ ذلك إبراهيم بن األغلب‪ ،‬فأرسل جمعا ً من الجند‪ ،‬وأمرهم أن يحضروا‬
‫األبناء وبني أبي كنانة‪ ،‬وبني يوسف‪ ،‬فأحضروهم عنده بالقيروان في ذي الحجة‪ ،‬فلما قدموا‬
‫عليه سألوه العفوعنهم في الذي فعلوه‪ ،‬فعفا عنهم‪ ،‬فعادوا إلى بلدهم‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ ‪ ( :‬الفداء بين المسلمين والروم‪ ،‬فلم يبق بأرض الروم مسلم إال فودي به )‪.‬‬
‫عام ‪745‬‬
‫‪ 7‬ـ ثورة ( رافع بن الليث بن نصر بما وراء النهر مخالفا ً للرشيد بسمرقند )‪ .‬وهو ابن نصر‬
‫بن سيار الوالى األموى السابق على خراسان ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ( فتح الرشيد هرقلة‪ ،‬وأخربها؛ بسبب (غدر نقفور)‪..‬وكان حصرها ثالثين يومأ‪ ،‬وسبى‬
‫أهلهأ ‪ ،‬وكان قد دخل البالد في مائة ألف وخمسة وثالثين ألفا ً من المرتزقة‪ ،‬سوى األتباع‬
‫والمتطوعة‪ ،‬ومن ال ديوان له‪ ،‬وأناخ عبد هللا بن مالك على ذي الكالع‪ ،‬ووجه داود بن‬
‫عيسى بن موسى سائراً في أرض الروم في سبعين ألفا ً يخرب وينهب‪ ،‬ففتح هللا عليه‪ ،‬وفتح‬
‫شراحيل بن معن بن زائدة حصن الصقالبة ودلسة‪ ،‬وافتتح يزيد بن مخلد الصفصاف‬
‫وملقونية‪ ،‬واستعمل حميد بن معيوف على سواحل الشام ومصر‪ ،‬فبلغ قبرس‪ ،‬فهدم واحرق‬
‫وسبى من أهلها سبعة عشر ألفا ً فأقدمهم الرافقة‪ ،‬فبيعوا بهأ‪ ،‬وبلغ فداء أسقف قبرس ألفي‬
‫دينار‪.‬وبعث نقفور بالخراج والجزية عن رأسه أربعة دنانير‪ ،‬وعن رأس ولده دينارين‪ ،‬وعن‬
‫بطارقته كذلك‪ ،‬وكتب نقفور إلى الرشيد في جارية من سبي هرقلة كان خطبها لولده‪،‬‬
‫فأرسلها إليه‪.) .‬‬
‫ونتأمل هذه العبارات ‪( :‬وسبى أهلهأ ‪ ،) ،‬أى سبى اهل هرقلة كلهم ‪ ( ، . !.‬سائراً في أرض‬
‫الروم في سبعين ألفا ً يخرب وينهب‪ ،‬ففتح هللا عليه‪ ) ،‬فى دينهم األرضى تجد السلب والنهب‬
‫والتخريب عبادة ‪ ،( !.‬فبلغ قبرس‪ ،‬فهدم واحرق وسبى من أهلها سبعة عشر ألفا ً فأقدمهم‬
‫الرافقة‪ ،‬فبيعوا بهأ ‪ .) !!.‬ماذنب هؤالء األبرياء ؟ هل هاجموا العباسيين ؟‬
‫‪ 3‬ـ ( خرج في هذه السنة خارجي من ناحية عبد القيس‪ ،‬يقال له سيف بن بكير‪ ،‬فوجه إليه‬
‫الرشيد دمحم بن يزيد ين مزيد‪ ،‬فقتله بعين النورة‪).‬‬
‫‪ 9‬ـ ( نقض أهل قبرس العهد‪ ،‬فعزاهم معيوف بن يحيى‪ ،‬فسبى أهلها‪ ) .‬من تانى ‪!.‬؟‬
‫‪ 0‬ـ غزا الرشيد الصائفة‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ خرجت الروم إلى عين زربي‪ ،‬والكنيسة السوداء وأغاروأ‪ ،‬فاستنقذ أهل المصيصة ما‬
‫كان معهم من الغنيمة‬
‫عام ‪747‬‬
‫‪ 7‬ـ خرج خارجي يقال له ثروان بن سيف بناحية حواليأ ‪ ،‬وتنقل في السواد‪ ،‬فوجه إليه‬
‫طوق بن مالك‪ ،‬فهزمه طوق‪ ،‬وجرحه وقتل عامة أصحابه‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ خرج أبوالنداء بالشام‪ ،‬فسير الرشيد في طلبه يحيى بن معاذ‪ ،‬وعقد له على الشام‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ظفر حماد البربري بهيصم اليماني‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ أرسل أهل نسف إلى رافع بن الليث يسألونه أن يوجه إليهم من يعينهم على قتل عيسى‬
‫ابن والى خراسان (علي بن عيسى )‪ ،‬فأرسل إليهم جمعأ‪ ،‬فقتلوا عيسى وحده في ذي‬
‫القعدة‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ غزا يزيد بن مخلد الهبيري أرض الروم في عشرة آالف‪ ،‬فأخذت الروم عليه المضيق‪،‬‬
‫فقتلوه وخمسين رجأل‪ ،‬وسلم الباقون‪ ،‬وكان ذلك بالقرب من طرسوس‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ استعمل الرشيد على الصائفة هرثمة بن أعين قبل أن يوليه خراسان‪ ،‬وضم إليه ثالثين‬
‫ألفا ً من أهل خراسان‪ ،‬ورتب الرشيد بدرب الحدث عبد هللا بن مالك‪ ،‬وبمرعش سعيد بن سلم‬
‫بن قتيبة‪ ،‬فأغارت الروم عليهأ‪ ،‬فأصابوا من المسلمين‪ ،‬وانصرفوأ‪ ،‬ولم يتحرك سعيد من‬
‫موضعه؛ وبعث دمحم بن يزيد بن مزيد إلى طرسوس‪.‬‬
‫وأقام الرشيد بدرب الحدث ثالثة أيام من رمضان‪ ،‬وعاد إلى الرقة‪ ،‬وأمر الرشيد بهدم‬
‫الكنائس بالثغور‪ ،‬وعاقب الرشيد (أهل الذمة) فألزمهم لباس معين يخالف المسلمين في‬
‫لباسهم‪ ،‬وركوبهم‪ ،‬وأمر هرثمة ببناء طرسوس وتمصيرهأ‪ ،‬ففعل‪ ،‬وتولى ذلك فرج الخادم‬
‫بأمر الرشيد‪ ،‬وسير إليها جندا ً من أهل خراسان ثالثة آالف‪ ،‬ثم أشخص إليهم ألفا ً من أهل‬
‫المصيصة‪ ،‬وألفا ً من أهل أنطاكية‪ ،‬وتم بناؤها سنة ‪ 742‬وبنى مسجدها‪. ).‬‬
‫عام ‪742‬‬
‫‪ 7‬ـ سار الرشيد الى خراسان لحرب ( رافع بن الليث)‪،‬وكان الرشيد مريضا ً ‪.‬وكانت آخر‬
‫حرب له ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أول ظهور لطائفة (الخرمية ) الفارسية العسكرية فى أذربيجان‪ ،‬فأرسل إليهم الرشيد‬
‫(عبد هللا بن مالك) في عشرة آالف‪ (،‬فقتل وسبى وأسر‪ )،‬وأمره الرشيد ( بقتل األسرى‪،‬‬
‫وبيع السبي‪).‬‬
‫‪ 3‬ـ وثار أبو النداء ‪ ،‬فهزمه يحيى بن معاذ ‪ ،‬وأحضره الى الرشيد ‪ ،‬فقتله‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ استعمل الرشيد على الثغور ثابت بن نصر بن مالك‪ ،‬فافتتح مطمورة‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ الفداء لألسرى بالبذندون‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ خرج ثروان الحروري بطف البصرة‪ ،‬فقاتل عامل السلطان بها‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ قتل الرشيد الثائر ‪ :‬الهيصم الكناني‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ إنشغل القائدان العباسيان (هرثمة ) و ( طاهر بن الحسين ) بمحاربة الثائر فى سمرقند (‬
‫رافع بن الليث )‪ ،‬وانتهز الفرصة حمزة الخارجى ‪ ،‬فدخل خراسان ( وصار يقتل‪ ،‬ويجمع‬
‫األموال‪ ،‬ويحملها إليه عمال هراة وسجستان‪ ،‬فخرج إليه عبد الرحمن النيسابوري‪ ،‬فاجتمع‬
‫إليه نحوعشرين ألفأ‪ ،‬فسار إلى حمزة فقاتله قتاالً شديدا ً فقتل من أصحاب حمزة خلقأ‪،‬‬
‫واستمرت المعارك بعد موت الرشيد ‪ ،‬وحتى عام ‪ 749‬حيث إقتحموا سمرقند ‪ ،‬وفى العام‬
‫التالى قتلوا رافع بن الليث ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وفيها كان الفداء الثاني بين المسلمين والروم‪ ،‬وكان القيم به ثابت بن نصر بن مالك‬
‫الخزاعي‪ ،‬وكان عدة األسرى من المسلمين ألفين وخمسمائة أسير‪.‬‬
‫عام ‪.743‬‬
‫هزم القائد العباسى (هرثمة ) الثائر ( رافع بن الليث ) ‪ ،‬وهرب رافع ‪ ،‬ووقع أخوه بشير فى‬
‫األسر ‪ ،‬فجىء به الى الرشيد فى طوس ‪ ،‬حيث كان الرشيد يجود بأنفاسه األخيرة‪ ،‬فأمر‬
‫حى ‪ .‬ومات الرشيد بعدها‪.‬‬
‫الرشيد جزارا بتقطيع بشير قطعة قطعة ‪ ،‬وهو ُّ‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة ( األمين ) العباسى (الخليفة الشاذ التافه )‬


‫أوال ‪ :‬شخصية الخليفة دمحم األمين‬
‫‪ 7‬ـ ( دمحم األمين ) مولود فى السنة التى تولى فيها ابوه الخالفة ‪ ، 715‬وعقد له أبوه‬
‫بالبيعة واليا لعهده عام ‪ ، 710‬وحكم خمس سنوات ‪ ،‬وقُتل عام ‪ . 741‬أشعل حربا كان‬
‫منتظرا أن يتفرغ لها ‪ ،‬ولكنه أشعلها وإنشغل عنها بمجونه وإستهتاره الذى تفوق فيه على‬
‫السابقين ‪ ،‬وسبق بشذوذه الجنسى الخلفاء العباسيين المنحلّين الذين أتوا بعده وساروا على‬
‫نهجه ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ قالوا فيه ‪ ( :‬وأما األمين فإنه تشاغل باللهو واللعب ‪ ،‬وبنى ميدانًا حول قصر المنصور‬
‫للصوالجة وعمل خمس حراقات في دجلة على خلقة األسد والفيل والعقاب والفرس والحيّة ‪.‬‬
‫وأمر لبعض من أنشده بثلثمائة ألف دينار وأوقر لشاعر أنشده ثالثة أبغل دراهم ‪).‬‬
‫( ثم وجه إألمين الى جمع البلدان في طلب الملهين‪ ،‬وضمهم إليه‪ ،‬وأجرى عليهم األرزاق‪،‬‬
‫واحتجب عن أخويه وأهل بيته‪ ،‬واستخف بهم وبقواده‪ ،‬وقسم ما في بيوت األموال‪ ،‬وما‬
‫بحضرته من الجواهر في خصيانه‪ ،‬وجلسائه‪ ،‬ومحدثيه‪ ،‬وأمر ببناء مجالس لمنزهاته‪،‬‬
‫ومواضع خلواته ولهوه ولعبه‪ ،‬وعمل خمس حراقات في دجلة على صورة األسد‪ ،‬والفيل‪،‬‬
‫والعقاب‪ ،‬والحية‪ ،‬والفرس‪ ،‬وأنفق في عملها ماالً عظيمأ )‪.‬‬
‫( أمر األمين أن يفرش له على دكان في (قصر ) الخلد يومأ ‪ ،‬ففرش عليها بساط زرعي‪،‬‬
‫ونمارق ‪ ،‬وفرش مثله‪ ،‬وهيئ من آنية الذهب والفضة والجواهر أمر عظيم‪ ،‬وأمر قيّمة‬
‫جواريه أن تهيئ له مائة جارية صانعة‪ ،‬فتصعد إليه عشراً عشرا ً بأيديهن العيدان‪ ،‬يغنين‬
‫بصوت واحد‪ ،‬فأصعدت إليه عشرا ً فاندفعن يغنين‪. ) ..‬‬
‫وعن شذوذه الجنسى قالوا ‪ (، :‬طلب الخصيان وأباعهم ( أى إشتراهم ) ‪ ،‬وغالى فيهم‪ ( ،‬أى‬
‫تطرف فى حبهم ) ‪ ،‬فصيرهم لخلوته ليله ونهاره‪،‬وقوام طعامه وشرابه‪ ،‬وأمره ونهيه‪،‬‬
‫وفرض لهم فرضا ً ( أى عيّن لهم جنودا ) سماهم الجرادية‪ ،‬وفرضا ً من الحبشان سماهم‬
‫الغرابية‪ ،‬ورفض النساء الحرائر واإلماء‪) ...‬‬
‫وبعد قتله قيل فى إستحالل قتله ‪ (:‬كيف ال يستحل قتل دمحم وشاعره ( ابو نواس ) يقول في‬
‫مجلسه‪ :‬أال فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر ** وال تسقني سرا ً فقد أمكن الجهر )‪.‬‬
‫ولم يجد المؤرخ ابن األثير فيه ما يستحق االشادة‪ ،‬فقال عنه ‪ ( :‬ولم نجد في سيرته ما‬
‫يستحسن ذكره من حلم‪ ،‬أومعدله‪ ،‬أوتجربة‪ ،‬حتى نذكرهأن وهذا القدر كاف‪).‬‬
‫‪ 3‬ـ وهجاه الشعراء إنكارا على فجوره ومجونه وشذوذه وسوء تدبيره ‪.‬‬
‫فعن شذوذه الجنسى قالوا عنه ‪:‬‬
‫لهم من عمره شطر وشطر ** يعاقر فيه شرب الخندريس‬
‫وما للغانيات لديه حظ ** سوى التقطيب بالوجه العبوس‬
‫إذا كان الرئيس كذا سقيما ً ** فكيف صالحنا بعد الرئيس‬
‫ولما بايع األمين البنه ( الطفل )‪..‬قال الشاعر البغدادى ‪:‬‬
‫وفسق اإلمام وجهل المشير‬ ‫أضاع الخالفة غش الوزير‬
‫يريدان ما فيه حتف األمير‬ ‫ففضل وزير وبكر مشير‬
‫وشر المسالك طرق الغرور )‬ ‫وما ذاك إال طريق غرور‬
‫ثم يقول عن شذوذ الخليفة األمين االيجابى وشذوذ الوزير السلبى ‪:‬‬
‫وأعجب منه خالق الوزير‬ ‫( لواط الخليفة أعجوبة‬
‫كذاك لعمري اختالف األمور‬ ‫فهذا يدوس وهذا يداس‬
‫لكانا بعرضة أمر ستير)‬ ‫فلو يستعينان هذا بذاك‬
‫ويقول عن عشق الخليفة بغالمه كوثر‬
‫ولم يشف هذا دعاس الحمير‬ ‫( ولكن ذا لج في كوثر‬
‫وصار خالفا كبول البعير )‪.‬‬ ‫فشنع فعالهما منهما‬
‫وقال عن البيعة البن الخليفة وهو ال يزال رضيعا يحتاج لمن ينظفه ‪:‬‬
‫نبايع للطفل فينا الصغير‬ ‫( وأعجب من ذا وذا أننا‬
‫ومن ليس يحسن غسل استه ولم يخل من بوله حجر ظير )‬
‫ومما قيل في هجائه بعد قتله تذكيرا ‪ :‬بمجونه وتركه الصلوات وشربه الخمر وشذوذه مع‬
‫غالمه كوثر وحمقه وتعريضه بغداد لتكون ميدانا للحرب بينه وبين اخيه المأمون ‪:‬‬
‫( لم نبكيك‪ ،‬لماذا؟ للطرب ** يا أبا موسى‪ ،‬وترويج اللعب‬
‫ولترك الخمس في أوقاتها ** حرصا ً منك على ماء العنب‬
‫وعلى كوثر ال أخشى العطب‬ ‫وشنيف أنا ال أبكي له **‬
‫لم تكن تعرف ما حد الرضى ** ال وال تعرف ما حد الغضب‬
‫تعطك الطاعة بالملك العرب‬ ‫لم تكن تصلح للملك ولم **‬
‫للمجانيق وطوراً للسلب‬ ‫لم نبكيك؟ لما عرضتنا **‬
‫غضب هللا عليه وكتب‬ ‫كان وهللا علينا فتنة **‬

‫ثانيا ‪ :‬مسلسل الدماء ( داخل "دار السالم " ) فى الخالف بين األمين والمأمون‬
‫‪ 7‬ـ قوة الخليفة المنصور المؤسس الحقيقى للدولة العباسية لم تسمح بوجود مراكز قوة الى‬
‫وخف الحال فى خالفة المهدى ‪ ،‬فكان‬
‫ّ‬ ‫جانبه ‪ ،‬قتل أبا مسلم الخراسانى ‪ ،‬وارعب وزراءه ‪.‬‬
‫فيه نفوذ للحاجب (الربيع بن يونس) ( ت ‪ ،) 715‬وح ّل محله نفوذ البرمكة فى عهد الرشيد‬
‫‪ .‬وكان هذا برضى الرشيد الذى كان يرتعب منه الجميع‪ ،‬وفى لحظة غضب أطاح بالبرامكة ‪،‬‬
‫ولم يسمح الرشيد بعدها بنفوذ ألى أحد ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تفاهة (األمين ) شجعت على تكوين مركز قوة تمثل فى (الفضل) ابن (الربيع ابن يونس‬
‫) الذى كان يخشى إنتقام المأمون منه فعمل على أال يصل المأمون للخالفة بأن يزيحه األمين‬
‫من والية العهد ‪ ،‬بتقديم إبن األمين الطفل فى والية العهد على (المأمون )‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ( دمحم األمين ) قدمه أبوه الرشيد على أخيه األكبر (عبد هللا المأمون ) ألن المأمون أمه‬
‫جارية بينما أم األمين ( زبيدة ) هى بنت عم الرشيد‪ .‬وبنفوذها قام الرشيد بتقديم األمين فى‬
‫والية العهد على أخيه األكبر المأمون‪ .‬وقد عاشت حتى شهدت هزيمة ابنها وقتله نتيجة‬
‫سر على إضطراره لهذا حين يقارن بين األمين‬ ‫لتدليلها له وسوء تربيته ‪ .‬وكان الرشيد يتح ّ‬
‫المدلل والمأمون المهذب‪ .‬ثم بايع الرشيد لعبد هللا المأمون بوالية العهد بعد األمين عام ‪712‬‬
‫‪ .‬أى وقع الرشيد فى نفس الخطأ القاتل وهو البيعة الثنين ‪ ،‬وهو نفس الخطأ الذى تكرر‬
‫يوقع الخالف بين األخوة ‪ ،‬حيث يعزل األخ أخاه ويولى العهد ابنه أو إبنين‪ .‬ولم يتعظ الرشيد‬
‫بما حدث له من أخيه الهادى ‪ .‬ويقول ابن األثير معلقا ‪( :‬وهذا من العجائب‪ ،‬فإن الرشيد قد‬
‫رأى ما صنع أبوه وجده المنصور بعيسى ابن موسى‪ ،‬حتى خلع نفسه من والية العهد‪ ،‬وما‬
‫صنع أخوه الهادي ليخلع نفسه من العهد‪ ،‬فلولم يعاجله الموت لخلعه‪ ،‬ثم هويبايع للمأمون‬
‫بعد األمين‪ ،‬و ُحبُّك الشيء يعمي ويصم ‪ .)!!.‬وحاول الرشيد إصالح األمر مقدما بإلزام إبنيه‬
‫األمين والمأمون بالوفاء ‪ ،‬فكتب عقدا علقه فى الكعبة ‪ ،‬فى عام ‪ ، 711‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫ولما وصل الرشيد إلى مكة‪ ،‬ومعه أوالده‪ ،‬والفقهاء والقضاة والقواد‪ ،‬كتب كتابا ً أشهد فيه‬
‫على دمحم األمين‪ ،‬وأشهد فيه من حضر بالوفاء للمأمون‪ ،‬وكتب كتابا ً للمأمون أشهدهم عليه‬
‫فيه بالوفاء لألمين‪ ،‬وعلق الكتابين في الكعبة‪ ،‬وجدد العهود عليهما في الكعبة‪.) .‬‬
‫‪ 3‬ـ فى البداية سارت األمور بين األخوين بسالسة ‪ :‬تسلم األمين خزائن الرشيد من أمه‬
‫زبيدة في شعبان عام ‪ (،749‬وأقر األمين أخاه المأمون على ما تحت يده من بالد خراسان‬
‫ظمه )‪.‬‬‫والري وغير ذلك) وإعترف المأمون بخالفة األمين ( وكتب إليه وع ّ‬

‫‪ 9‬ـ بدأ الفساد فى نفس العام ‪ ، 749‬بتدخل الفضل بن الربيع الذى زيّن لألمين خلع المأمون‬
‫‪ ،‬وأيده فى هذا علي بن عيسى بن ماهان‪ ،‬والسندي ‪ ،‬فأمر األمين بالدعاء على المنابر البنه‬
‫موسى ( بما يعنى العهد له بوالية العهد وخلع المأمون )‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ فلما بلغ ذلك المأمون وهو فى خراسان أسقط اسم األمين من الطراز‪ ،‬وقطع البريد عنه ‪.‬‬
‫وإنضم للمأمون القائد هرثمة وطاهر بن الحسين ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ وبعث األمين الى المأمون بعض كبار العباسيين (العباس بن موسى ‪ ،‬وعيسى بن جعفر‬
‫بن المنصور ) وبعض قواده‪( :‬صالح صاحب المصلى‪ ،‬ودمحم بن عيسى بن نهيك‪،) .‬‬
‫برسالة بأن يتنازل عن والية العهد للطفل موسى ابن األمين ‪ ،‬فرفض المأمون ‪ ،‬ورجع‬
‫أولئك الرسل الى األمين يخبرونه أن أهل خراسان مع المأمون ‪ .‬واستمال المأمون ( العباس‬
‫بن موسى العباسى ) وجعله جاسوسا على األمين مقابل وعود ‪ .‬وحصّن المأمون خراسان‬
‫بأعوانه فال يدخل اليها أحد من العراق إال بجواز سفر وبعد تفتيش ‪ .‬ولما علم األمين‬
‫بموقف المأمون إستحضر كتاب الرشيد المعلق على الكعبة ومزقه ‪ ،‬ومنع ذكر المأمون لى‬
‫المنابر‪ .‬وتعددت الرسل بين األمين والمأمون وانتهت الى قرار الحرب ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أرسل األمين جيشا من ‪ 95‬ألف فارس يقوده علي بن عيسى بن ماهان لحرب المأمون‬
‫وإشتبك مع جيش المأمون الذى يقوده طاهر بن الحسين ‪ ،‬وانهزم جيش األمين ‪ ،‬ولقى قائده‬
‫ابن ماهان مصرعه ‪ (..‬وانتهى الخبر إلى األمين وهو يصيد السمك من دجله فقال‪ :‬ويحك !‬
‫دعني من هذا فإن كوثراً قد صاد سمكتين‪ ،‬ولم أصد بعد شيئا ً‪ .) .‬كان األمين يصطاد مع (‬
‫معشوقه كوثر ) فلم يؤرقه إال إن كوثر فاز عليه بأن إصطاد سمكتين‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أرسل األمين جيشا آخر يقوده عبد الرحمن بن جبلة األنباري في عشرين ألف رجل نحو‬
‫همذان‪ ،‬وأتاه طاهر إلى همذان‪ ،‬فاقتتلوا قتاالً شديدأ‪ ،‬وصبر الفريقان‪ ،‬وكثر القتل والجراح‬
‫فيهم‪ ،‬ثم انهزم عبد الرحمن‪ ،‬ودخل همذان‪ ،‬وانتهى األمر بعد قتال شديد الى هزيمة جيش‬
‫األمين ( ووضع فيهم أصحاب طاهر السيوف يقتلونهم‪ ،‬حتى انتهوا إلى المدينة‪ ،‬وأقام طاهر‬
‫على بابها محاصراً لهأن فاشتد بهم الحصار‪ ،‬وضجر أهل المدينة‪ ،‬فخاف عبد الرحمن أن‬
‫يثب به أهل المدينة مع ما فيه من أصحابه من الجهد‪ ،‬فأرسل إلى طاهر يطلب األمان لنفسه‬
‫ولمن معه‪ ،‬فأمنه‪ ،‬فخرج عن همذان‪.).‬‬
‫‪ 4‬ـ استولى طاهر بن الحسين على قزوبن ‪ ،‬ونقض عبد الرحمن بن جبلة األمان وحارب‬
‫طاهر فهزمه طاهر وقتله ‪ .‬وكان األمين قد أرسل جيشا آخر يقوده ( الحرشى ) وعندما علم‬
‫بهزيمة عبد الرحمن بن جبلة هرب عائدا الى بغداد ‪ .‬وتوسع طاهر يأخذ البالد بلدا بلدا الى‬
‫أن وصل الى قرية من قرى حلوان فى العراق وعسكر بها ‪.‬‬
‫‪ 75‬ـ وفى عام ‪ ، 741‬بعث األمين جيشا آخر يقوده أسد بن يزيد بن مزيد‪ ،‬فى عشرين ألف‬
‫فارس‪ ،‬وسار معه عبد هللا بن حميد بن قحطبة في عشرين ألفاً‪ ،‬وسار بهم إلى حلوان ‪.‬‬
‫ودس طاهر الجواسيس داخل هذا الجيش ‪ ،‬مما جعلهم يقتتلون فيما بينهم ‪ ،‬ورجعوا الى‬ ‫ّ‬
‫بغداد ‪ .‬وأحتل طاهر (حلوان ) ثم ح ّل محله فى قيادة الجيش هرثمة ‪ ،‬وتوجه طاهر الى‬
‫األهواز ‪ .‬وتمت الخطبة للمأمون بأمير المؤمنين‪ ،‬وارتفعت منزلة وزيره ( الفضل بن سهل)‪.‬‬
‫وغنى عن الذكر أن الذى كان يرسل الجنود ويدبر األمور باسم ( األمين ) كان ( الفضل بن‬
‫الربيع ) ‪ .‬اما األمين فقد كان مشغوال بمجونه ‪.‬‬
‫‪ 77‬ـ واقترح عبد الملك بن صالح ـ عم األمين ـ عليه أن يجعله قائدا لجيش من الشام يحارب‬
‫به المأمون ‪ ،‬وسار عبد الملك الى ( الرقة )‪ ،‬وتجمع له فيها جيش هائل ‪ ،‬كان فيه كثيرون‬
‫من أهل خراسان ‪ ،‬ووقع شقاق بين الخراسانيين والعرب من بقية الجيش فاقتتلوا مقتلة‬
‫هائلة ‪ ،‬بينما مرض القائد عبد الملك بن صالح ‪ ،‬وانتهى األمر بفشل الحملة ‪.‬‬
‫‪ 72‬ـ ومن تبقى من الجيش رجع الى بغداد ومعهم الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان‬
‫الذى أعلن خلع األمين واالنقياد الى خالفة المأمون ‪ ،‬واقتتل مع أتباع األمين وهزمهم ‪.‬‬
‫ووثب العباس بن موسى بن عيسى العباسى باألمين‪ ،‬فحبسه مع أمه زبيدة بقصر المنصور‪،‬‬
‫وانتشرت الفوضى بين الجند ‪ ،‬وقُتلوا الحسين ابن ماهان ‪ ،‬وأعيدت البيعة لألمين ‪ ،‬وهرب‬
‫الفضل بن الربيع ‪.‬‬
‫‪ 72‬ـ سار دمحم بن يزيد المهلبى لقتال طاهر باألهواز ‪ ،‬وكان واليا من قبل لألمين على‬
‫األهواز ‪ ،‬قتقاتل مع طاهر ‪ ،‬وانهزم ‪ ،‬وقُتل ‪ .‬وسيطر طاهر بن الحسين على األهواز كاملة ‪،‬‬
‫وتحرك منها الى واسط ‪ ،‬فهرب عنها قادة األمين ( السندى وابن شعبة ) ‪ ،‬وأرسل طاهر‬
‫جيشا الى الكوفة فأسرع واليها بمبايعة المأمون ‪ .‬وبايع للمأمون والة البصرة والموصل‬
‫ومكة والمدينة ‪ ،‬ثم أهل مكة والمدينة ‪ .‬وأرسل األمين جيشا الستعادة الكوفة فانهزم الجيش‬
‫‪ .‬وانهزم جيش آخر لألمين حاول إستعادة الكوفة ‪ .‬واستولى طاهر على المدائن وهرب عنها‬
‫جيش األمين ‪ .‬وانهزمت جيوش أخرى لألمين فى النهروان ‪.‬‬
‫‪ 73‬ــ واستعمل األمين سالح المال ‪ ،‬واستمال به جزءا من جيش طاهر فخرج على طاهر ‪،‬‬
‫فحاربهم وهزمهم ‪ .‬وانفق األمين أمواال فى الناس ليحملوا السالح ‪ ،‬فاستعمل طاهر سالح‬
‫المال أيضا مع مهارته فى بث الفت فى صفوف أعدائه ‪ ،‬فأوقع الفوضى فى صفوفهم ‪،‬‬
‫وعمت الفوضى بدخول اللصوص وهروب المجرمين من السجون‪.‬‬
‫‪ 79‬ـ ثم كان حصار بغداد عام ‪ ، 741‬وحاصرها طاهر وهرثمة وزهير بن المسيب ‪،‬‬
‫وضربوها بالمجانيق والعرادات ‪ ،‬فتخربت بغداد ‪ ،‬وأنفق األمين كل أمواله فاضطر الى بيع‬
‫أمتعته ‪ ،‬وضرب أوانى الذهب والفضة دراهم ودنانير ‪ ،‬وضعف جنود األمين عن القتال ‪،‬‬
‫فأخذ فى الدفاع عن بغداد العوام فيها ‪ ،‬وكان معظمهم عُراة ‪ ،‬فأتعبوا جيش طاهر بفدائيتهم‬
‫ومكرهم مع قلة سالحهم ‪ .‬وبايع للمأمون بعض كبار قادة األمين الذى إنهمك فى الشراب ‪،‬‬
‫وأوكل القتال الى قائد من العوام يسمى بالهرش ‪ ،‬وكانوا خبراء فى السلب والنهب ‪.‬وأمر‬
‫طاهر بنهب وإحراق وتدمير قصور وبيوت من ال يدخل فى طاعته ‪ ،‬واستمر القتال داخل‬
‫بغداد بين جيش طاهر و ( المقاومة الشعبية ) ‪ ،‬وتكاثر القتلى من الجانبين ‪ ،‬ووصلت األنباء‬
‫الى األمين ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬وددت أن هللا قتل الفريقين جميعا ً فأراح الناس منهم‪ ،‬فما منهم إال‬
‫عدو لي‪ ،‬أما هؤالء فيريدون مالي‪ ،‬وأما أولئك فيريدون نفسي‪ .) !.‬وانتهى األمر باستيالء‬ ‫ُّ‬
‫طاهر على بغداد عام ‪ . 741‬وهرب األمين ‪ ،‬ثم لحقوا به فقتلوه وإحتزوا رأسه ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مسلسل آخر للدم فى خالفة األمين‬


‫توقفت غارات العباسيين على البيزنطيين ‪ ،‬وكان ممكنا أن ينتهزها البيزنطيون فرصة‬
‫لإلنتقام ‪ .‬ولكن لم يفعلوا ‪ .‬توقف هجوم ( دار السالم ؟!) على ( دار الحرب ؟! ) بسبب‬
‫إنهماك ( دار السالم ) بقتال بعضهم ‪ .‬ووقتها لم تهاجمهم ( دار الحرب )‪ .‬فمن األولى‬
‫بوصف السالم ومن األولى بوصف الحرب ؟ ‪..‬ومتى نتوقف عن الكيل بمكيالين ‪ ،‬ومتى‬
‫نتوقف عن تزكية أنفسنا بالباطل وإنتقاص الخصم أيضا بالباطل ؟‬
‫نتابع مسلسل الدماء فى خالفة األمين ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ عام ‪ 749‬ـ خالف أهل حمص على األمين‪ ،‬وعلى عامهم إسحاق بن سليمان‪ ،‬فانتقل‬
‫عنهم إلى سلمية‪ ،‬فعزله األمين واستعمل مكانه عبد هللا بن سعيد الحرشي‪ ،‬فقتل عدة من‬
‫وجوههم‪ ،‬وحبس عدة‪ ،‬وألقى النار في نواحيهأ‪ ،‬فسألوا األمان فأجابهم‪ ،‬ثم هاجوا بعد ذلك‬
‫فقتل عدة منهم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ خالف أهل تونس على ابن األغلب‪ :‬حاصروه وقتلوا جماعة من رجاله ‪ ،‬واستمرت‬
‫الحروب هناك ‪ .‬واستمرت القالقل بعدها عدة سنوات ‪.‬‬
‫عام ‪740‬‬
‫‪ 7‬ـ في هذه السنة خرج السفياني‪ ،‬من ذرية يزيد بن معاوية‪ ،‬وأمه من ذرية علي بن أبي‬
‫طالب‪ ،‬وكان يلقب بأبي المعيطر ‪ ،‬ودعا لنفسه بالخالفة ‪ ،‬واستولى على دمشق وانضمت‬
‫اليه صيدا؛ وحوصر فى دمشق وهرب منها متنكرا فى ثياب إمرأة ‪.‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخبِي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ إِاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ( ‪ ) 271 :741‬أوال ‪ :‬شخصية المأمون ‪:‬‬


‫مقدمة‬
‫‪ 7‬ـ خالفا ألخيه ( األمين ) األحمق التافه كان المأمون داهية ‪ ،‬أقرب الى معاوية فى سياسته‬
‫‪ ،‬فالظرف السياسية تتشابه فى عصريهما ‪ .‬كان أغلب عصر معاوية يستكثر عليه الخالفة‬
‫فى وجود من هو أقدم منه من الصحابة ‪ ،‬وكان أغلبية العرب ال تستريح للمأمون بسبب ميله‬
‫للفُرس وكراهيته للعرب ‪ ،‬وهم الذين ساندوا أخاه األمين وحرضوه على إشعال تلك الفتنة ‪،‬‬
‫بينما وقف الى جانبه القواد الفرس‪ .‬وقد قيل للمأمون‪ (:‬يا أمير المؤمنين! انظر لعرب الشام‬
‫ي؛ وهللا ما أنزلتُ قيسا ً من ظهور خيولها إال‬
‫كما نظرت لعجم خراسان! فقال له‪ :‬أكثرت عل ّ‬
‫وأنا أرى أنه لم يبق في بيت مالي درهم واحد‪ ،‬يعني فتنة ابن شبث العامري؛ وأما اليمن‬
‫فوهللا ما أحببتها وال أحبتني قط؛ وأما قضاعة فساداتها تنتظر السفياني‪ ،‬حتى تكون من‬
‫أشياعه‪ ،‬وأما ربيعة فساخطة على ربها مذ بعث هللا نبيه من مضر‪ ،‬ولم يخرج اثنان إال‬
‫وخرج أحدهما شارياً‪ ( ،‬أى خارجيا ) أعزب فعل هللا بك ‪ )!.‬أى إن قبائل قيس أرهقته‬
‫بحروبها ‪ ،‬وكانت اليمن ضده ‪،‬اما قبائل قضاعة اليمنية فهى تهوى األمويين ‪ ،‬وأما قبائل‬
‫ربيعة فنصفها ـ فى رأى المامون ـ مع الخوارج ‪.‬‬
‫‪ 2‬ــ واستعمل المأمون ذكاءه فى الحفاظ على سلطانه ‪ ،‬كان يغتال من يرى أنه خطر عليه‬
‫حتى لو كان أقرب الناس اليه ‪ .‬والعادة أن من يساعد السلطان فى الوصول الى الحكم ويكون‬
‫له نوع من السلطة ـ ال يلبث أن يتخلص منه السلطان لينفرد باالستبداد بالسلطة ‪ ،‬ثم يُنشى‬
‫السلطان حاشية جديدة يصنعها بنفسه تدين له بالوالء ‪ .‬لم يكن المأمون فى نفس سطوة أبيه‬
‫الرشيد ‪ ،‬خصوصا وأن جهود القادة والجنود الفرس هى التى قتلت أخاه األمين وجعلته‬
‫الخليفة بعده ‪ ،‬وهم الذين واجهوا كل الثورات التالية ووطدوا حكم المأمون ‪ .‬لذا لم يتصرف‬
‫المأمون كأبيه الرشيد الذى عصف بالبرامكة بكلمة ‪ ،‬ولكن وضع المأمون الحرج فى بداية‬
‫حكمه وهو بعيد عن بغداد لم يدخلها بعد ألجأه الى أن يستغل قواده فى قتال الثائرين عليه ‪،‬‬
‫وبعد مسلسل الدماء هذا يتخلص م ّمن يشكّ فيه منهم باالغتيال‪ .‬ونعطى أمثلة تصور‬
‫شخصية المأمون ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ فى عام ‪ : 741‬كان المستشار األكبر للمأمون هو الفضل بن سهل الذى سماه المأمون‬
‫( ذو الرياستين ) ‪ ،‬وهو صاحب التخطيط الذى أطاح بدمحم األمين ‪ .‬وتولى المأمون الخالفة‬
‫بعد مقتل األمين وإشتعلت الثورات فكان أول قرارته ‪ :‬تقسيم مشاكل االمبراطورية على أكبر‬
‫قواده ‪ ، :‬تولى (الحسن بن سهل ) نيابة العراق وفارس واألهواز والكوفة والبصرة‬
‫والحجاز واليمن‪ ،‬وبعث نوابه إلى هذه األقاليم‪ ،‬وتولى ( طاهر بن الحسين ) نيابة الجزيرة‬
‫والشام والجزيرة والشام والمغرب والموصل والمغرب‪ .‬وأمره بالزحف بجيش الى الرقة‬
‫لحرب نصر بن شبث‪ ،‬وواله ‪ .‬وتولى ( هرثمة بن أعين ) نيابة خراسان‪ .‬ونجح القواد‬
‫الثالثة فى مهامهم فاصبح نجاحهم خطرا عليه ‪ ،‬فتخلص منهم باالغتيال ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وكان أول من قتله من كبار القادة هرثمة بن أعين عام ‪ ، 255‬وهو الذى قضى شبابه‬
‫فى خدمة الرشيد ‪ ،‬وإنضم الى المأمون وسانده فى الصراع مع األمين ‪ ،‬وتولى خراسان‬
‫للمأمون ‪ ،‬وقاد حروبا من أجله ‪ ،‬ووقع فى الخطأ األكبر الذى ال يغتفره السلطان ‪ ،‬وهو‬
‫الدالل على السلطان بما قدمه من اجله ‪ .‬كان هناك صراع خفى بين قطبين كبيرين من‬
‫حاشية المأمون ‪ :‬هرثمة والفضل بن سهل ‪ .‬وكالهما يكيد لآلخر عند المأمون ‪ ،‬وكالهما‬
‫إغتاله المأمون ‪ .‬وكان التخلص من هرثمة أوال ـ عام ‪ ، 255‬ثم كان التخلص من الفضل بن‬
‫سهل عام ‪ . 252‬بعد أن ولّى المأمون ( هرثمة ) خراسان ‪ ،‬بذل الفضل بن سهل (الفارسى‬
‫) جهده ليخلع هرثمة من خراسان ‪ ،‬فأخذ يتهم هرثمة عند المأمون بأنه الذى أثار اهل‬
‫خراسان عليه وأنه تواطأ أو تآمر مع أبى السرايا قائد ثورة ابن طباطبا العلوى ‪ .‬وإختبر‬
‫المأمون بدهائه مدى والء هرثمة فعزله عن خراسان وواله الشام والحجاز ‪ ،‬فابى هرثمة ‪،‬‬
‫وجاء بجنده للقاء المأمون ‪ ،‬وعندما إقترب دق الطبول إلعالم المأمون بقدومه ‪ ،‬فتحققت فيه‬
‫إتهامات خصومه ‪ ،‬وقيل للمأمون عندما إنزعج من دق الطبول ‪( :‬هرثمة قد أقبل يبرق‬
‫ويرعد )‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬وظن هرثمة أن قوله المقبول فلما دخل قال له المأمون‪ " :‬ماألت‬
‫أهل الكوفة والعلويين وداهنت ودسست إلى أبي السرايا حتى خرج وعمل ما عمل وقد كان‬
‫رجال من أصحابك ولو أردت أن تأخذه ألخذته " فذهب هرثمة ليعتذر فلم يسمع منه ‪ ،‬وأمر‬ ‫ً‬
‫به فوجئ على أنفه وديس في بطنه وسحب على وجهه من بين يديه ‪ .‬وقد تقدم الفضل بن‬
‫سهل إلى األعوان بالغلظة عليه والتشديد حتى حبس ‪ ،‬فمكث في الحبس أيا ًما ‪ ،‬ثم دس إليه‬
‫َم ْن قتله وقالوا مات ‪).‬‬
‫‪ 3‬ـ ثم جاء دور مستشاره ( الفضل بن سهل بن عبد هللا )‪ .‬وكان ذلك عام ‪ . 252‬قالوا عن‬
‫الفضل بن سهل (وغلب على المأمون لخالله الجميلة من الكرم والوفاء والبالغة والكتابة ‪،‬‬
‫فوض إليه أموره كلها وسماه ذا الرئاستين لتدبيره أمر السيف والقلم‬ ‫فلما استخلف المأمون َ‬
‫‪ ).‬وتقول الروايات عن قتل الفضل بن سهل ‪ ( :‬قتل ذو الرئاستين الفضل بن سهل يوم‬
‫الخميس لليلتين خلتا من شعبان بسرخس في الحمام‪ ،‬اغتاله نفر فدخلوا عليه فقتلوه‪ ،‬فقتل‬
‫به المأمون عبد العزيز بن عمران الطائي ومؤنس بن عمران البصري وخلف بن عمرو‬
‫البصري وعلي بن أبي سعيد وسرا ًجا الخادم ‪ .‬وفي رواية أخرى‪ :‬أنه لما رحل المأمون من‬
‫سرخس شد أربع نفر من خواص المأمون وهم غالب المسعودي‬ ‫مرو ووصل إلى ْ‬
‫وقسطنطين الرومي وفرج الديلمي وموفق الصقلي على الفضل بن سهل وهو في ِ الحمام‬
‫فقتلوه وهربوا ‪ ،‬وذلك في يوم الجمعة لليلتيِن خلتا من شعبان هذه السنه ‪ ،‬فجعل المأمون‬
‫لمن جاء بهم عشرة آالف دينار ‪ ،‬فجاء بهم العباس بن القاسم فقالوا للمأمون‪ :‬أنت أمرتنا‬
‫بقتله فأمر بهم فضربت أعناقهم ‪ . ).‬أى قتل المأمون القتلة‪.‬‬
‫والعجيب إن المأمون يقتل الضحية ويستميل ذويه ‪ .‬ولهذا ظل الحسن بن سهل ( شقيق‬
‫الفضل ) فى خدمة المأمون الى أن تخلص منه المأمون ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ تمتع الحسن بن سهل بنفوذ هائل فى السنوات األولى من خالفة المأمون ‪ ،‬وقد تزوج‬
‫المأمون ابنته بوران عام ‪ ، 252‬وإغتال عمها الفضل بن سهل فى نفس العام ‪ ،‬ثم فى العام‬
‫التالى ‪ 253‬تعرض أبوها الحسن بن سهل الى مرض غامض فتم التخلص منه بالقيد‬
‫والحبس والعزل ‪.‬‬
‫اله ْرش )‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬يدعو‬ ‫‪ 0‬ـ وفى عام ‪ 744‬قامت ثورة من عوام بغداد يتزعمها ( ِ‬
‫كثيرا من األعراب‬
‫بزعمه إلى الرضى من آل دمحم ومعه جماعة من سفلة الناس وجمع ً‬
‫‪..‬فجبى األموال وأغار على التجار وانتهب القرى وساق المواشي ) ‪ ،‬وفى نفس العام ‪744‬‬
‫ثار العلويون فى الكوفة بزعامة ابن طباطبا ‪ ،‬وكان قائد جيشه أبا السرايا الشيبانى ‪.‬‬
‫باالضافة الى مسلسل الدماء الذى قضى به المأمون على ثورة ( الهرش ) وابن طباطبا فقد‬
‫لجأ المأمون الى حيلة عجيبة لكى يهدىء الشيعة ويوقع الفرقة بين العلويين ‪ ،‬فقد جعل أحد‬
‫العلويين ولى عهده ‪ ،‬ففى أحداث عام ‪ (: 257‬بايع المأمون لعلي الرضى بن موسى الكاظم‬
‫بن جعفر الصادق بن دمحم بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب أن يكون ولي العهد من‬
‫بعده‪ ،‬وسماه‪ :‬الرضى من آل دمحم‪ ،‬وطرح لبس السواد وأمر بلبس الخضرة‪ ،‬فلبسها هو‬
‫وجنده‪ ،‬وكتب بذلك إلى اآلفاق واألقاليم‪ ،‬وكانت مبايعته له يوم الثالثاء لليلتين خلتا من شهر‬
‫رمضان سنة إحدى ومائتين‪.‬وذلك أن المأمون رأى أن عليا ً الرضى خير أهل البيت وليس في‬
‫بني العباس مثله في عمله ودينه‪ ،‬فجعله ولي عهده من بعده‪.) .‬‬
‫وفى عام ‪ 252‬أصهر المأمون الى ولى عهده وزوجه إبنته ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬زوج‬
‫المأمون علي بن موسى الرضي ابنته أم حبيب ) بل فى نفس الوقت زوج إبن ولى العهد من‬
‫وزوج دمحم بن علي بن موسى ابنته أم الفضل ‪.).‬‬
‫إبنته الثانية ‪ّ ( :‬‬
‫ونجحت الخطة فى تهدئة بعض الشيعة وإيقاع الفرقة بين العلويين ولكن أثارت العباسيين‬
‫فثار بعضهم عليه كما سيأتى لذا كان ال بد من التخلص من ولى العهد ‪ .‬وكان المأمون فى‬
‫مرو ثم أخذ فى الرحلة عنها الى مقر الخالفة فى بغداد عام ‪ . 253‬وفى طريقه الى العراق‬
‫كان معه ولى عهده ‪ .‬ووصال الى طوس ‪ ،‬وتوقف فيها المأمون بحجة زيارة قبر ابيه الرشيد‬
‫‪ ،‬وحدث وقتها إغتيال ولى العهد المسكين ‪ .‬وتم (إخراج ) الموضوع بصورة درامية ‪ ،‬تقول‬
‫الرواية فى أحداث عام ‪ .. ( : 253‬فلما كان في آخر الشهر أكل علي بن موسى الرضى‬
‫عنبا ً فمات فجأة ‪ ) !.‬وتتجلى الدراما فى أن المأمون صلّى عليه ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬فصلى‬
‫عليه المأمون ودفنه إلى جانب أبيه الرشيد‪ ،‬وأسف عليه أسفا ً كثيراً فيما ظهر‪ ،‬وكتب إلى‬
‫الحسن بن سهل يعزيه فيه ويخبره بما حصل له من الحزن عليه‪ ،) .‬ثم ‪ ( :‬وكتب إلى بني‬
‫ي بسبب توليتي العهد من بعدي لعلي بن موسى‬ ‫العباس يقول لهم‪ ":‬إنكم إنما نقمتم عل ه‬
‫الرضى‪ ،‬وهاهو قد مات فارجعوا إلى السمع والطاعة ‪ .".‬فأجابوه بأغلظ جواب كتب به إلى‬
‫أحد‪ . ) .‬يعنى لم تنطل عليهم الخدعة فقد طمعوا فى السلطان ‪ ،‬وضاع دم العلوى المسكين‬
‫هدرا‪!.‬‬
‫‪ 1‬ـ وكان طاهر بن الحسين أعظم قائد حربى للمأمون ‪ ،‬وهو الذى أخضع العراق ‪ ،‬وهو‬
‫الذى هزم جيوش األمين ‪ ،‬ثم قتل األمين ‪ .‬يقال فيه ‪.( :‬بعثه المأمون إلى بغداد لمحاربة‬
‫األمين وظفر به طاهر وقتله ولقبه المأمون ذا اليمين )‪ .‬ولقد أهان طاهر بن الحسين أم‬
‫الخليفة األمين ( زبيدة ) فاشتكت الى المأمون فبكى من أجلها ( وهى عمته ) ‪ .‬ولم يكن‬
‫المأمون لينسى هذا لطاهر بن الحسين ‪ ،‬ولم يكن ينسى له أنه قتل أخاه األمين ‪ .‬ليس هذا‬
‫حبا فى األمين وأو حبا فى أمه زبيدة ‪ ،‬ولكن حفظأ لمقام الخالفة ومكانة األسرة العباسية‬
‫الحاكمة‪ ،‬فالذى يجرؤ على قتل خليفة عباسى سيستهين بأخيه ‪ .‬وكان طاهر بن الحسين‬
‫داهية ‪ ،‬وقد شهد ما فعله المأمون بالقادة هرثمة والفضل والحسن أبنى سهل وولى العهد‬
‫سب لألمر ‪ .‬تقول‬ ‫العلوى المسكين ‪ ،‬وخاف طاهر بن الحسين أن يكون الضحية القادمة فتح ّ‬
‫طاهرا‬
‫ً‬ ‫الرواية ‪ ( :‬أن المأمون كان إذا ذكر أخاه األمين وما فعل به طاهر جرت دموعه‪ ،‬وأن‬
‫أعلم بذلك وطلب البُعد عن الخليفة واحتال لذلك ‪ ،‬فواله خراسان ‪ ،‬فخرج فلما كان بعد مدة‬
‫من مقدمه خراسان قطع الدعاء للمأمون على المنبر يوم الجمعة ‪ ) .‬وعلم المأمون ‪..‬وانتهى‬
‫األمر بوفاة طاهر ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬وكان قد أخذته حمى وحرارة فوجدوه في فراشه ميتًا‪.‬‬
‫)‪ .‬أى واله المأمون خراسان عام ‪ ، 250‬ثم قتله عام ‪ ، . 251‬وكالعادة كان المأمون‬
‫يكتسب والء أقارب الضحية ‪ ،‬وقد ولى المأمون مكانه إبنه ( طلحة بن طاهر ) ( فأقام واليًا‬
‫على خراسان سبع سنين بعد موت أبيه ثم توفي فولي عبد هللا بن طاهر خراسان مع الشام ‪.‬‬
‫)‬
‫‪ 1‬ـ وعيّن المأمون ( عبد هللا بن طاهر ) واليا على مصر والشام والجزيرة عام ‪. 277‬‬
‫وحقد عليه المعتصم أخ المأمون فقال للمأمون إن (عبد هللا بن طاهر ) يميل إلى ولد علي‬
‫بن أبي طالب‪ .‬وأرسل المأمون جاسوسا الى مصر يتظاهر بالدعوة الى ( القاسم بن إبراهيم‬
‫بن طباطبأ ) العلوى ‪ .‬ونجح هذا الداعية المزيف فى إستمالة جماعة من األعيان ‪ ،‬وقابل‬
‫الوالى ( عبد هللا بن طاهر ) وعرض عليه دعوته فى خلوة ‪ ،‬فرفض ( عبد هللا بن طاهر )‬
‫وطرده ‪ .‬تقول الرواية إن الحاسوس عاد الى المأمون واخبره ‪ ( :‬فاستبشر‪ ،‬وقال‪ :‬ذلك‬
‫غرس يدي‪ ،‬وألف أدبي‪ ،‬وترب تلقيحي‪ .) .‬وبهذا نجا من االغتيال ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ باالضافة الى سفك الدماء بعنف وبنعومة إشتهر المأمون وقادته بالبذخ ‪ .‬وتجلى هذا‬
‫فى زفافه األسطورى ببوران بنت الحسن بن سهل ‪ .‬تقول الروايات ( وزفت إليه بوران‪،‬‬
‫فلما دخل إليه المأمون كان عندها حمدونة بنت الرشيد وأم جعفر زبيدة أم األمين‪ ،‬وجدتها أم‬
‫الفضل‪ ،‬والحسن بن سهل ‪ ،‬فلما دخل نثرت عليه جدتها ألف لؤلؤة من أنفس ما يكون‪ ،‬فأمر‬
‫المأمون بجمعه‪ ،‬فجمع فأعطاه بوران‪ ...‬وألبستها أم جعفر البدلة اللؤلؤية األموية‪ ،‬وابتنى‬
‫بها في ليلته وأوقد في تلك الليلة شمعة عنبر فيها أربعون منّا ‪ .‬وأقام المأمون عند الحسن‬
‫سبعة عشر يوماً‪ ،‬يعد له كل يوم ولجميع من معه ما يحتاج إليه‪ ،‬وخلع الحسن على القواد‬
‫على مراتبهم‪ ،‬وحملهم‪ ،‬ووصلهم‪ ،‬وكان مبلغ ما لزمه خمسين ألف ألف درهم‪ ،‬وكتب الحسن‬
‫أسماء ضياعه في رقاع‪ ،‬ونثرها على القواد فمن وقعت بيده رقعة منها فيها اسم ضيعة بعث‬
‫فتسلمها ‪ ( ) .‬لما بنى المأمون ببوران بنت الحسن فرش له يوم البناء حصير من ذهب‬
‫مشفوف ونثر عليه جوهر كثير فجعل بياض الجوهر يشرف على صفرة الذهب وما مسه‬
‫أحد‪ .‬فو هجه الحسن إلى المأمون ‪" :‬هذا النثار نحب أن نلتقطه " ‪ ،‬فقال المأمون ل َم ْن حوله‬
‫شر ْف َن أبا دمحم " ‪ ،‬فمدت كل واحدة منهن يدها فأخذت درة ‪ ،‬وبقي باقي‬ ‫من بنات الخلفاء‪ّ ِ " :‬‬
‫الدر يلوح على الحصير‪. ) .‬‬
‫هذه الثروات من عرق الغالبة المعذبين فى األرض ‪!!.‬‬
‫ونعايش مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ‪ ..‬الداهية ‪..‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪َ ( :‬يا أَ ُّي َها النه ُ‬
‫اس ِإنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َج َع ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخبِي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ إِاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُمبِ ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان إِنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَتهبِعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَا ِتلُ َ‬
‫ون ِفي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء بين المأمون وأهله العباسيين والبغداديين‬


‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ دارت الحرب بين المأمون المقيم فى ( مرو ) بفارس واألمين المقيم فى بغداد ‪ ،‬أى‬
‫كانت الحرب بين فارس وبغداد ‪ .‬وانتصر المامون ودخل جيشه بغداد ‪ ،‬ودافع عن بغداد‬
‫العوام فيها ‪ ،‬وأظهروا بطوالت بأسلحتهم الخشبية والبدلئية ‪ .‬وبعد قتل األمين ‪ ،‬ظل المامون‬
‫فى فارس ‪ ،‬ثم سافر فى رحلة طويلة حتى وصل بغداد عام ‪. 259‬‬
‫‪ 2‬ــ أهل بغداد لم ينسوا ثأرهم ‪ ،‬خصوصا وقد شاع خضوع المأمون للفضل بن سهل ‪،‬وصار‬
‫ألخيه الحسن بن سهل نفوذ كبير ‪ ،‬بما أغضب األسرة العباسية فى بغداد ‪ ،‬وثار العلويون‬
‫وتزعم جيشهم أبو السرايا وانضم اليه العرب ‪ ،‬وامتدت ثورته من الكوفة الى البصرة‬
‫والمدائن ومكة والمدينة واليمن ‪ ،‬وعالج المأمون هزائم جيشه أمام العلويين بتعيين علوى‬
‫وليا لعهده وس ّماه الرضى (على الرضى ) ‪ ،‬فزاد غضب العباسيين ولم يفلح فى كسر شوكة‬
‫العلويين بهذا التعيين ‪ ،‬فتخلص بالسم من ولى عهده العلوى ‪ ،‬ولكن لم تنته مشاكل المأمون‬
‫فى بغداد ‪ ،‬فتوالت ثوراتهم بأشكال مختلفة ‪ ،‬منها قطاع الطرق ‪ ،‬ومنها ثورة ( ابراهيم بن‬
‫المهدى ) عم المأمون وبعض العباسيين ‪ ،‬ومنهم فقهاء رفعوا شعار األمر بالمعروف والنهى‬
‫عن المنكر طريقا للتحكم فى الشارع ‪ .‬وجاء المأمون الى بغداد ‪ ،‬وأنهى كل هذه القالقل بعد‬
‫مسلسل من الدماء فى عاصمة ما يعرف بدار السالم ‪ .‬ونعطى بعض التفصيالت ‪:‬‬
‫ثورة الرعاع والعوام من اهل بغداد‬
‫عام ‪ ( : 744‬خرج الحسن الهرش في جماعة من سفلة الناس معه خلق كثير من األعراب‬
‫ودعا إلى الرضى من آل دمحم‪ ،‬وأتى النيل( منطقة زراعية بالعراق ) ‪ ،‬فجبى األموال ونهب‬
‫القرى وانتهب األنعام وعاث في البالد فساداً ) ‪ ،‬فهزمه جيش للمأمون يقوده أزهر بن زهير‬
‫بن المسيب ‪ ،‬فقتلوه في المحرم من هذه السنة‪.‬‬
‫عام ‪ 253‬مع تفاقم األوضاع حيث تداعت سلطة ابراهيم بن المهدى الذى بويع خليفة بعد أن‬
‫خلع البغداديون المأمون ـ ( ظهرت الفتن والشطار والفساق ببغداد وتفاقم الحال‪ ،‬وصلوا يوم‬
‫الجمعة ظهراً‪ ،‬أ همهم المؤذنون فيها من غير خطبة‪ ،‬صلوا أربع ركعات‪ ،‬واشتد األمر واختلف‬
‫الناس فيما بينهم في إبراهيم والمأمون‪ ،‬ثم غلبت المأمونية عليهم‪ ،.‬وخلع أهل بغداد إبراهيم‬
‫بن المهدي‪ ) ..‬وسنعرض البراهيم بن المهدى فيما بعد ‪.‬‬
‫ثورات الفقهاء‬
‫عام ‪ 257‬فى بغداد وأجوارها ‪ ( :‬ع ّم البالء بالعيهارين ( قطاع الطرق ) والشطار (‬
‫ساق ببغداد وما حولها من القرى‪ ،‬كانوا يأتون الرجل يسألونه ماالً يقرضهم‬ ‫اللصوص )والفُ ّ‬
‫أو يصلهم به فيمتنع عليهم فيأخذون جميع ما في منزله‪ ،‬وربما تعرضوا للغلمان والنسوان‪،‬‬
‫ويأتون أهل القرية فيستاقون من األنعام والمواشي‪ ،‬ويأخذون ما شاؤوا من الغلمان‬
‫والنسوان‪ ،‬ونهبوا أهل (قطربل) ولم يدعوا لهم شيئا ً أصالً‪ .‬فانتدب لهم رجل يقال له‪ :‬خالد‬
‫الدريوش‪ ،‬وآخر يقال له‪ :‬سهل بن سالمة‪..‬من اهل خراسان‪.‬والتف عليهم جماعة من العامة‬
‫فكفوا شرهم وقاتلوهم‪ ،‬ومنعوهم من الفساد في األرض‪. ) .‬‬
‫المطوعة لإلنكار على الفساق ببغداد‪ ،‬وكان‬
‫ّ‬ ‫تجردت‬
‫ه‬ ‫وفى رواية أخرى اكثر تفصيال ‪( :‬‬
‫رئيسهم خالد المريوش وسهل بن سالمة ‪.‬وكان السبب في ذلك‪ :‬أن فساق الجند والشطار‬
‫أذى شديدًا وأظهروا الفسق وقطع الطريق وأخذوا النساء والغلمان عالنية من‬ ‫أذوا الناس ً‬
‫الطرق ‪ ،‬وكانوا يجتمعون فيأتون الرجل فيأخذون ابنه فيذهبون به فال يقدر على المنع منهم‬
‫‪ ،‬وكانوا يجتمعون فيأتون القرى فيأخذون ما قدروا عليه وال سلطان يمنعهم ‪ ..‬وخرجوا في‬
‫آخر أمرهم إلى ( قطربل ) فانتهبوها عالنية ‪ ،‬وجاءوا بما أخذوه يبيعونه عالنية ‪ ،‬وجاء‬
‫أهلها فاستعدَوا السلطان فلم يعدِهم‪ ،‬وكان ذلك في آخر شعبان‪ .‬فلما رأى الناس ذلك قام‬
‫ودرب ومشى بعضهم إلى بعض وقالوا‪ :‬إنما يكون في الحرب الواحد‬ ‫صلحاء كل َربَض ْ‬ ‫ُ‬
‫الفاسق والفاسقان إلى العشرة فأنتم أكثر منهم وقد غلبوكم فلو اجتمعتم لمنعتم هؤالء الفساق‬
‫‪.‬فقام رجل من ناحية طريق األنبار يقال له‪ :‬خالد الدريوش فدعا جيرانه وأهل محلته إلى‬
‫معاونته على األمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأجابوه ‪ ،‬فشد على َم ْن يليه من الفساق‬
‫والشطار فمنعهم وحبسهم ورفعهم إلى السلطان‪ ،‬ألنه كان ال يرى أن يُغَ ِيّر على السلطان‬
‫شيئًا‪ . ) .‬أى لم يقم بالثورة على السلطة ‪ .‬وهذا عكس ما فعله الفقيه اآلخر ‪ .‬تقول الرواية ‪:‬‬
‫( ثم قام من بعده بيومين أو ثالثة رجل يقال له‪ :‬سهل بن سالمة األنصاري من أهل ُخراسان‬
‫ويكنى‪ :‬أبا حاتم ‪ ،‬فدعا الناس إلى األمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل بكتاب هللا‬
‫سنهة نبيه ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬وعلّق مصحفًا في عنقه ‪ ،‬ثم بدأ بأهل محلته وجيرانه ‪ ،‬فأمرهم ونهاهم ‪،‬‬
‫و ُ‬
‫فقبلوا منه ‪ ،‬ثم دعا الناس جميعًا إلى ذلك ‪ ،‬وجعل لنفسه ديوانًا يثبتَ فيه اسم من أتاه يبايعه‬
‫على ذلك لقتال من خالفه‪ .‬فأتاه خلق كثير فبايعوه ‪ .‬إال أن خالد الدريوش خالفه فقال‪ :‬أنا ال‬
‫أغير على السلطان شيئًا وال أقاتله ‪.‬قال سهل‪ " :‬أنا أقاتل كل من خالف الكتاب والسنة كائنًا‬
‫َم ْن كان‪ ،‬سلطانًا أو غير سلطان فمن بايعني على ذلك قبلته ومن خالفني قاتلته "‪ .‬وقام سهل‬
‫بذلك يوم الخميس ألربع خلون من رمضان ‪ ،‬وقوتل من قبل السلطان قاتله عيسى بن دمحم بن‬
‫أبي خالد ‪ ،‬فقاتل ‪ ،‬فضرب ضربة بالسيف ‪ ،‬فرجع إلى منزله ‪ .‬ثم اعتذر إليه عيسى ‪) .‬‬
‫ثورات العباسيين على المأمون‬
‫المنصور بن المهدى‬
‫‪ 7‬ـ بسبب كراهيتهم فى الحسن بن سهل حارب اهل بغداد نائب الحسن بن سهل على بغداد ‪،‬‬
‫وأخرجوه ‪ ،‬وراودا ( منصور بن المهدي ) على الخالفة فأبى فطلبوا منه اإلمرة عليهم‬
‫على أن يدعو للمأمون بالخالفة ‪.‬وقالوا‪ (:‬ال نرضى بالمجوسي ابن المجوسي )يعنون‬
‫الحسن بن سهل ‪ -‬فأجابهم المنصور لذلك‪ .‬وكان هذا عام ‪ . 257‬وسالت دماء كثيرة فى‬
‫معارك ‪،‬‬
‫‪ 2‬ـ وننقل فقرات ( دموية ) من بعض الروايات ‪ ( :‬وقدم عيسى بن دمحم بن أبي خالد من‬
‫ألرقة من عند طاهر‪ ،‬في هذه األيام‪ ،‬فوافق أباه على قتال الحسن بن سهل‪ ،‬فمضيا ومن‬
‫معهما إلى قرية أبي قريش قريب واسط‪ ،‬ولقيهما في طريقهما عساكر الحسن‪ ،‬في غير‬
‫موضع‪ ،‬فهزماهم‪ ( ) .‬ثم تقدم دمحم إلى واسط‪ ،‬ووجه دمحم ابنه هارون من دير العاقول إلى‬
‫النيل‪ ،‬وبها نائب للحسن‪ ،‬فهزمه هارون‪ ،‬وتبعه إلى الكوفة‪ ( ).‬وكان الفضل بن الربيع‬
‫مختفيا ً كما تقدم إلى اآلن‪ ،‬فلما رأى أن دمحما ً قد بلغ واسطا ً طلب منه األمان فأمنه‪ ،‬وظهر‪،‬‬
‫وسار دمحم إلى الحسن على تعبئة فوجه إليه الحسن قواده وجنده‪ ،‬فاقتتلوا قتاالً شديدأ ‪،‬‬
‫فانهزم أصحاب دمحم بعد العصر‪ ،‬وثبت دمحم حتى جرح جراحات شديدة‪ ،‬وانهزموا هزيمة‬
‫قبيحة‪ ،‬وقتل منهم خلق كثير‪ ،‬وغمنوا مالهم‪ ،‬ونزل دمحم بفم الصلح‪ ،‬وأتاهم الحسن‪،‬‬
‫فاقتتلوأ‪ ،‬فلما جنهم الليل رحل دمحم وأصحابه‪ ،‬فنزلوا المنازل‪ ،‬فأتاهم الحسن‪ ،‬فاقتتلوأ‪ ،‬فلما‬
‫جنهم الليل ارتحلوأ‪ ( ) .‬وقتل أبوزنبيل زهير بن المسيب من ليلته‪ ،‬ذبحه ذبحأ‪ ،‬وعلق رأسه‬
‫في عسكر أبيه‪ ( ) .‬وبلغ الحسن بن سهل موت دمحم‪ ،‬فسار إلى المبارك‪ ،‬فأقام به‪ ،‬وبعث في‬
‫جمادى اآلخرة جيشا ً له‪ ،‬فالتقوا بأبي زنبيل بفم الصراط‪ ،‬فهزموه‪ ،‬وانحاز إلى أخيه هارون‬
‫بالنيل‪ ،‬فتقدم جيش الحسن إليهم‪ ،‬فلقوهم‪ ،‬فاقتتلوا ساعة‪ ،‬وانهزم هارون وأصحابه‪ ،‬فأتوا‬
‫المدائن‪ ،‬ونهب أصحاب الحسن النيل‪ ،‬ثالثة أيام‪ ،‬وما حولها من القرى‪ ( ).‬وعسكر منصور‬
‫بكلواذي‪ ،‬بعث غسان بن عباد بن أبي الفرج إلى ناحية الكوفة‪ ،‬فنزل بقصر ابن هبيرة‪ ،‬فلم‬
‫يشعر غسان إال وقد أحاط به حميد الطوسي‪ ،‬فأخذه أسيرأ وقتل من أصحابه‪ ،‬وذلك ألربع‬
‫خلون من رجب‪ ( ).‬وسير منصور بن المهدي دمحم بن يقطين في عسكر إلى حميد‪ ،‬فسار‬
‫حتى أتى كوثى‪ ،‬فلم يشعر بشيء حتى هجم عليه حميد‪ ،‬وكان بالنيل‪ ،‬فقاتله قتاالً شديدا ً‬
‫وانهزم ابن يقطين‪ ،‬وقتل من أصحابه‪ ،‬وأسر‪ ،‬وغرق بشر كثير‪ ،‬ونهب حميد ما حول كوثى‬
‫من القرى‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ مسلسل الدماء هذا حدث خالل عام واحد من االضطرابات‬
‫ابراهيم بن المهدى‬
‫‪ 7‬ـ وفى عام ‪ 257‬جاء الخبر أن المأمون بايع لعلي الرضى بالوالية من بعده‪ ،‬فاختلف أهل‬
‫بغداد بين مجيب مبايع وممانع‪ ،‬مع امتناع العباسيين بزعامة ابنا الخليفة المهدي ( إبراهيم‬
‫ومنصور ) ‪ ،‬ثم بايعوا فى آخر ثالثاء من ذي الحجة (إبراهيم بن المهدي) خليفة بدال من‬
‫المأمون ‪ ،‬ولقبوه‪ :‬المبارك ‪ ،‬ومن بعده البن أخيه إسحاق بن موسى بن المهدي‪ .‬فلما كان‬
‫يوم الجمعة التالى أراد بعضهم أن يدعو فى صالة الجمعة للمأمون ثم من بعده إلبراهيم بن‬
‫المهدى فرفض عوام بغداد ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬ال تدعوا إال إلى إبراهيم فقط‪ ،‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫واختلفوا واضطربوا فيما بينهم‪ ،‬ولم يصلوا الجمعة‪ ،‬وصلى الناس فرادى أربع ركعات‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ واستقبل ابراهيم بن المهدى خالفته مع العام الجديد ‪ 252‬باسترضاء الجند ‪ ،‬تقول‬
‫الرواية (فأعطى كل رجل منهم مائتي درهم وكتب لبعضهم إلى السواد ( األرض الزراعية‬
‫فى العراق ) بقيمة ما لهم من الحنطة‪ ،‬فخرجوا في قَبْضها فلم ّ‬
‫يمروا بشيء إال نهبوه‬
‫وأخذوا النصيبين جميعًا‪ :‬نصيب أهل البالد ونصيب السلطان‪ ) .‬وبمساعدة أهل بغداد سيطر‬
‫ابراهيم بن المهدى على الكوفة والسواد كله ( وعسكر بالمدائن ‪ ،‬وولّى الجانب الشرق ّ‬
‫ي من‬
‫ي إسحاق بن موسى الهادي ‪) .‬‬ ‫بغداد العباس والجانب الغرب ّ‬
‫‪ 3‬ـ كل هذا بينما ظل ( الحسن بن سهل ) والى العراق من طرف المأمون في حدود واسط ‪،‬‬
‫والمأمون ببالد ُخراسان ‪ .‬فلم يزل إبراهيم خليفة على بغداد وما غلب عليه من السواد‬
‫والكوفة ‪ ،‬الى أن رحل المأمون من خراسان وأشرف على العراق وقرب من بغداد‪ ،‬فضعف‬
‫وتفرق الناس عنه ‪ ،‬وهرب ‪ ،‬ثم قبض عليه أعوان‬
‫ه‬ ‫أمر إبراهيم بن المهدي وقصرت يده‬
‫المأمون ‪ ،‬وجىء به للمأمون فعفى عنه ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ وفى عام ‪ 252‬هزم جيش البراهيم بن المهدى جيشا ألبلى السرايا يقوده أخو أبى‬
‫السرايا بالكوفة ‪ ،‬وانتهى أمره بالقتل ( وثب أخو أبي السرايا بالكوفة فبيض واجتمعت إليه‬
‫سان بن الفرج في رجب فقتله وبعث برأسه إلى إبراهيم بن المهدي ‪).‬‬ ‫جماعه فلقيه َ‬
‫غ ّ‬
‫‪ 0‬ـ ودخل ابراهيم بن المهدى فى حروب فى الوقت القصير الذى كان فيه خليفة ( أقل من‬
‫سنتين ) ‪ .‬ونقتطف بعض السطور الدامية من تلك المعارك ‪ ... ( :‬فلما كان الليل خرج حميد‬
‫إلى الحسن‪ ،‬وكان الحسن قد وجه حكيما ً الحارثي إلى النيل‪ ،‬فسار إليه عيسى بن دمحم‪،‬‬
‫فاقتتلوأ‪ ،‬فانهزم حكيم‪ ،‬فدخل عيسى النيل‪ ،‬ووجه إبراهيم إلى الكوفة سعيدأن وأبا البط‪ ،‬لقتال‬
‫العباس بن موسى ) ‪ ( ،‬فلما أتاه سعيد وأبوالبط ونزلوا قرية شاهي بعث إليهم العباس ابن‬
‫عمه علي بن دمحم بن جعفر‪ ،‬وهوابن الذي بويع له بمكة‪ ،‬وبعث معهم جماعة منهم أخوأبي‬
‫السرايأ ‪ ،‬فاقتتلوا ساعة‪ ،‬فانهزم علي بن دمحم العلوي وأهل الكوفة‪ ،‬ونزل سعيد وأصحابه‬
‫الحيرة‪ ،‬وكان ذلك ثاني جمادى األولى؛ ثم تقدموأ فقاتلوا أهل الكوفة‪ ،‬وخرج إلى شيعة بني‬
‫العباس ومواليهم‪ ،‬فاقتتلوا إلى الليل‪ ،‬وكان شعارهم‪ :‬يا أبا إبراهيم‪ ،‬يا منصور‪ ،‬ال طاعة‬
‫للمأمون‪ ،‬وعليهم السواد‪ ،‬وعلى أهل الكوفة الخضرة‪ .‬فلما كان الغد اقتتلوأ‪ ،‬وكان كل فريق‬
‫منهم إذا غلب على شيء أحرقه ونهبه؛ فلما رأى ذلك رؤساء أهل الكوفة خرجوا إلى سعيد‬
‫فسألوه األمان للعباس وأصحابه‪ ،‬فأمنهم على أ ن يخرجوا من الكوفة‪ ،‬فأجابوه إلى ذلك‪ ،‬ثم‬
‫أتوا العباس فأعلموه ذلك‪ ،‬فقبل منهم‪ ،‬وتحول عن داره‪ ،‬فشغب أصحاب العباس بن موسى‬
‫على من بقي من أصحاب سعيد‪ ،‬وقاتلوهم‪ ،‬فانهزم أصحاب سعيد إلى الخندق‪ ،‬ونهب أصحاب‬
‫العباس دور عيسى بن موسى‪ ،‬وأحرقوأ‪ ،‬وقتلوا من ظفروا به‪.‬فأرسل العباسيون إلى سعيد‪،‬‬
‫وهو بالحيرة‪ ،‬يخبرونه أن العباس بن موسى قد رجع عن األمان‪ ،‬فركب سعيد وأصحابه‪،‬‬
‫وأتوا الكوفة عتمة‪ ،‬فقتلوا من ظفروا به ‪)...‬‬
‫( وأمر إبراهيم بن المهدي عيسى بن دمحم أن يسير إلى ناحية واسط على طريق النيل‪ ،‬وأمر‬
‫ابن عائشة الهاشمي‪ ،‬ونعيم بن حازم أن يسرا جميعأ ‪ ،‬ولحق بهما سعيد‪ ،‬وأبوالبط‪،‬‬
‫واإلفريقي‪ ،‬وعسكروا جميعا ً بالصيادة‪ ،‬قرب واسط‪ ،‬عليهم جميعا ً عيسى بن دمحم‪ ،‬فكانوا‬
‫يركبون‪ ،‬ويأتون عسكر الحسن بواسط‪ ،‬فال يخرج إليهم منهم أحد‪ ،‬وهم متحصنون‬
‫بالمدينة‪.‬ثم إن الحسن أمر أصحابه بالخروج إليهم‪ ،‬فخرجوا إليهم ألربع بقين من رجب‪،‬‬
‫فاقتتلوا قتاالً شديدا ً إلى الظهر‪ ،‬وانهزم عيسى وأصحابه‪ ،‬حتى بلغوا طرنايا والنيل‪ ،‬وغمنوا‬
‫عسكر عيسى وما فيه‪).‬‬
‫وفى عام ‪ 253‬ضرب إبراهيم بن المهدي قائده (عيسى بن دمحم بن أبي خالد ) وحبسه ‪،‬‬
‫واتهمه بالخيانة ‪ ،‬فقام أهل عيسى وأعوانه بتحريض أهل بغداد على خليفتهم ( ابراهيم بن‬
‫المهدى ) فثاروا عليه وخلعوه وقاتلوه ‪ ،‬بينما انهزم جيشه الذى يحارب الحسن بن سهل ‪،‬‬
‫فاختفى ابن المهدى ‪ .‬تقول الرواية ( لما حضر األضحى من سنة ثالث ومائتين‪ :‬ركب‬
‫إبراهيم في زي الخالفة فصلّى بالناس صالة األضحى ومضى من يومه إلى داره المعروفة‬
‫فلم يزل فيها إلى آخر النهار ثم خرج منها بالليل فاستتر وانقضى أمره وكانت مدته منذ بويع‬
‫شهرا وخمسة أيام ثم ظفر به المأمون فعفى‬
‫ً‬ ‫له بمدينة السالم إلى أن استتر سنة وأحد عشر‬
‫عنه‪) .‬‬
‫وفى عام ‪ ، 275‬قبضوا على ابرهيم بن المهدى (وهو في زي امرأة‪ ) ،‬وقد عرض رشوة‬
‫على الحارس (فأعطاه إبراهيم خاتم ياقوت كان في يده ‪ ،‬له قدر عظيم ) ‪ ،‬وجىء به الى‬
‫المأمون ‪ ،‬وبعد حديث بينهما عفا عنه المأمون ‪.‬‬
‫ابن عائشة‬
‫قبلها بعام اى ‪ ، 254‬بايع جماعة من القادة العسكريين سرا البن عائشة ‪ ،‬وهو ( إبراهيم‬
‫بن دمحم بن عبد الوهاب بن إبراهيم اإلمام بن دمحم بن علي بن عبد هللا بن عباس ) ومن‬
‫هؤالء القواد ‪ :‬دمحم بن إبراهيم األفريقي ومالك بن شاهك ‪ .‬ووصل أمرهم للمأمون ‪.‬فحبسهم‪،‬‬
‫ثم أخرجهم فى العام التالى ‪ 275‬وضرب أعناقهم وأمر بصلبهم‪ (.‬وكان ابن عائشة أول‬
‫صلب في اإلسالم‪ ( .) .‬ووجد البن عائشة صناديق فيها كتب القواد وغيرهم إليه‪،‬‬ ‫عباسي ُ‬
‫فجلس ( المأمون ) في المسجد ‪ ،‬وأحضر الصناديق ‪ ،‬وقال للناس‪ " :‬أنا أعلم أن فيكم‬
‫البريء الذي ال اسم له في هذه الصناديق ومنكم الغائب والمستزيد ‪ ،‬وإن نظرت فيها لم‬
‫إلي ‪ .‬فتوبوا إلى هللا"‪ !.‬ثم أمر بإحراق الصناديق ‪).‬‬
‫أصف لكم ولم تصفوا ً‬
‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬
‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬
‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ( ‪ : ) 271 :741‬بين المأمون والعرب‬


‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ مسلسل الدماء الذى تسبب فيه الخليفة األمين إستمر هادرا فى خالفة أخيه المأمون‪.‬‬
‫تفجرت الصراعات داخل ما يسمى ب ( دار السالم ) من كل االتجاهات تقريبا ‪ ،‬تحمل‬
‫شعارات مختلفة‪ .‬وعرفنا سياسة المأمون فى االغتيال لمن يخشى نفوذهم مع إستمالته‬
‫لذويهم ‪ ،‬ونضيف الى هنا فى تعامله مع الثورات الدامية أنه كان أحيانا يعفو ويصفح عن‬
‫الثوار بعد أن يتمكن منهم ‪ .‬ولكن لم تكن له سياسة محددة فى العفو ‪ ،‬فتراه يقتل يحيى بن‬
‫عامر بن إسماعيل فى حضرته عام ‪ ، 255‬ألنه قال له ( يأمير الكافرين ) ‪ ،‬بينما يعفو عن‬
‫ثائر عربى ( نصر بن شبث العقيلى ) أرهق المأمون بثورته وتسبب فى قتل اآلالف ‪ ،‬ثم هو‬
‫يقتل بعض أقاربه العباسيين الثائرين عليه ويصلبهم ( إبن عائشة وصحبه ) عام ‪، 275‬‬
‫بينما يعفو عن عمه الثائر عليه ( ابراهيم بن المهدى ) بعد أن ظفر به ‪ . .‬وثار‬
‫المصريون ( األقباط البشموريون ) بسبب الظلم الذى أوقعه بهم والة المأمون ‪ ،‬ومع أن‬
‫المأمون قد إعترف بهذا الظلم وأصلحه بعض الشىء‪ ،‬ولكن عاقب الثوار المصريين بقتلهم‬
‫سخرة فى إستصالح األراضى البور فى العراق ‪.‬‬ ‫ونفى من بقى من ذويهم عبيدا ليعملوا ُ‬
‫‪ 2‬ـ ولقد تنوعت الثورات فى خالفة المهدى فإشتعل ما يسمى ب ( دار السالم ) فى كل‬
‫أرجائه ‪ ،‬ومع ذلك فقد فلم يغفل المأمون عن غزو ( دار الحرب ) ‪ .‬حارب المأمون‬
‫البيزنطيين فى آسيا الصغرى ‪ ،‬وإستولى األغالبة فى تونس على جزيرة سردينيا ‪ .‬أى إنه‬
‫فى عهد هذا الخليفة المأمون ــ المثقف منشىء دار الحكمة ـ ظل الظلم سائدا ‪ ،‬وظل مسلسل‬
‫الدماء سائرا ‪ ،‬وظل سلب الرعية فاشيا واستمر السفه فى االنفاق مستحكما ‪ .‬ويكفى أن هذا‬
‫الخليفة المثقف كان قبيل وفاته يغزو الروم ( دار الحرب ) وكان آخر قرارته إقامة محكمة‬
‫تفتيش للفقهاء اهل الحديث الذين خالفوا رأيه فى موضوع ( خلق القرآن )‪ ،‬لم ينجح فى‬
‫إقناعهم برأيه فاستخدم سلطته ليرغمهم على رأيه ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ونتوقف مع مسلسل الدماء داخل ( دار السالم ) بزعمهم ‪ ،‬ونبدأ بمسلسل الدماء داخل (‬
‫دار السالم ) فى ثورات العرب والخوارج ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬ثورات العرب ‪ :‬ثورة نصر بن شبث العقيلي‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ فى الصراع بين األمين والمأمون كان معظم أنصار األمين من العرب بسبب أن أمه‬
‫عربية هاشمية عباسية ‪ ،‬بينما كان معظم أنصار المأمون من الفرس ( الموالى سابقا فى‬
‫العصر األموى ) ‪ .‬كانت ال تزال هناك مالمح إستعالء لدى العرب مترسبة من العصر األموى‬
‫الذى ساد فيه إحتقار الشعوب غير العربية خصوصا ( الموالى ) أى الفرس ‪ ،‬وقابلها الفرس‬
‫فى العصر العباسى بالشعوبية ( أى التغنى بالقومية الفارسية والحضارة الفارسية )‪ ،‬وهذه‬
‫المواجهة الثقافية هى التى مكنت الفرس من االحتفاظ بلسانهم الفارسى حتى اآلن بينما‬
‫اندثرت ألسنة المصرييين واألنباط والسريان ‪ .‬وهذه المواجهة الثقافية بين العرب والفرس‬
‫كانت العامل المساعد فى سخط بعض العرب على المأمون وكراهيتهم النتصاره على أخيه‬
‫األمين ‪ .‬لم يهتموا بتفاهة األمين وعدم صالحيته للخالفة ‪ ،‬ولكن الذى أهمهم هو أن إنتصار‬
‫المأمون أصبح إنتصارا للفرس على العرب ‪ .‬ويمثل وجهة النظر هذه ( نصر بن شبث‬
‫العقيلى )‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ بمجرد إنتصار المأمون وقتل األمين فى عام ‪ 741‬ـ أعلن نصر بن سيار بن شبث‬
‫العقيلي الخالف على المأمون؛ ( وكان نصر من بني عقيل يسكن كيسوم‪ ،‬شمالي حلب‪ ،‬وكان‬
‫في عنقه بيعة لألمين‪ ،‬وله فيه هوى؛ فلما قتل األمين أظهر نصر الغضب لذلك‪ ،‬وتغلب على‬
‫ما جاوره من البالد‪ ،‬وملك سميساط‪ ،‬واجتمع عليه خلق كثير من األعراب‪ ،‬وأهل الطمع‪،‬‬
‫وقويت نفسه‪ ،‬وعبر الفرات إلى الجانب الشرقي‪.) .‬طمع نصر هذا فى التغلب على المنطقة‬
‫وقت أن كان المأمون فى الشرق لم يأت الى بغداد بع ُد ‪ .‬وكثرت جموع نصر العقيلى ‪،‬‬
‫سلطة المأمون ‪.‬‬
‫وأصبح خطرا حقيقيا على ُ‬
‫‪ 3‬ـ لذا بادر المأمون عام ‪ 741‬بتعيين أفضل قواده العسكريين ( طاهر بن الحسين ) وأمره‬
‫أن يسير إلى ( الرقة ) لمحاربة نصر بن شبث العقيلي‪ ،‬وواله الموصل والجزيرة والشام‬
‫والمغرب‪ ،‬فسار طاهر إلى قتال نصر بن شبث‪ ،‬وأرسل إليه يدعوه إلى الطاعة‪ ،‬وترك‬
‫الخالف‪ ،‬فلم يجبه إلى ذلك‪ ،‬فتقدم إليه طاهر‪ ،‬والتقوا بنواحي كيسوم‪ ،‬واقتتلوا قتاالً شديداً‬
‫أبلى فيه نصر بال ًء عظيمأ وإنتصر على طاهر بن الحسين الذى تراجع الى الرقة مهزوما‪. ،‬‬
‫وإقتصر على الحفاظ على ما تحت سيطرته ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ واستفحلت ثورة نصر بن شبث العقيلى مع إستمرار غياب المأمون فى الشرق بعيدا عن‬
‫العراق ‪ ،‬وفى عام ‪ 744‬تكاثرت جموعه ‪ ،‬وحاصر مدينة (حران )‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ وبسبب إنتصاراته المتتابعة جاءه بعضهم يطلبون منه أن يبايع لخليفة يحارب باسمه ‪.‬‬
‫قالوا له‪ ( :‬قد وترت بني العباس‪ ،‬وقتلت رجالهم‪ ..‬فلوبايعت لخليفة كان أقوى ألمرك‪، ).‬‬
‫فقال‪ ( :‬من أي الناس؟) فقالوا‪ ( :‬نبايع لبعض آل علي بن أبي طالب؛) فقال مستنكرا ‪( :‬‬
‫أبايع بعض أوالد السوداوات فيقول إنه خلقني ورزقني؟) قالوا‪ ( :‬فنبايع لبعض بني أمية؛ )‬
‫فقال‪ ( :‬أولئك قد أدبر أمرهم‪ ،‬والمدبر ال يقبل أبدأ ‪ ،‬ولوسلكت علي رجل مدبر ألعداني‬
‫إدباره‪ ) .‬ثم قال لهم يعبر عن رأيه ‪ ، ( :‬وإنما هواي في بني العباس‪ ،‬ولكن حاربتهم محاماة‬
‫على العرب ألنهم يقدمون عليهم العجم ‪ .) .‬هواه مع بنى العباس ‪ ،‬ولكنه ليس مع المأمون‬
‫الذى إنحاز للفرس على حساب العرب‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ثم رحل المأمون من الشرق وإستقر فى بغداد عام ‪ ، 259‬وفى عام ‪ 251‬مات يحيى بن‬
‫معاذ والى المأمون على الجزيرة ‪ ،‬والذى كان يواجه نصر بن شبث العقيلى‪ ،‬وقد عهد يحيى‬
‫قبل موته البنه أحمد بن يحيى بن معاذ ‪ .‬ولم يرض المأمون بهذا ‪ ،‬ولم ير المأمون الوالى‬
‫الجديد أحمد كفئا لمواجهة نصر العقيلى ‪ ،‬فاستدعى المأمون عبد هللا بن طاهر من مصر ‪،‬‬
‫وواله الرقة مركز الجزيرة ‪ ،‬وأمره بحرب نصر بن شبث ‪ .‬وكان عبد هللا بن طاهر بن‬
‫الحسين ينقم على ( نصر العقيلى ) أنه هزم من قبل أباه ( طاهر بن الحسين ) ‪ ،‬ولقد كتب‬
‫طاهر البنه عبد هللا كتابا يعظه وينصحه ‪ ،‬ذكره الطبرى بالكامل ‪ ،‬إعتبره المأمون وحاشيته‬
‫آية فى األدب السياسى ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ودارت الحرب بين عبد هللا بن طاهر ونصر بن شبث العقيلى حتى عام ‪ . 254‬ودحر ابن‬
‫طاهر غريمه العقيلى ‪ ،‬وحاصره عام ‪ 254‬فى معقله كيسوم ‪ .‬وصمد نصر فى الحصار قليال‬
‫ثم طلب األمان ‪ ،‬ودارت مفاوضات إشترط فيها المأمون أن يأتى نصر خاضعا اليه ‪،‬ورفض‬
‫نصر خوفا من الغدر ‪ ،‬وطمأنه المأمون ـ عن طريق مبعوثه ـ بأنه صفح من قبل ع ّمن خانه‬
‫‪ ،‬كالفضل بن الربيع‪ ،‬وعيسى بن دمحم ابن أبي خالد ‪ .‬ورفض نصر ‪ ،‬فضيق ابن طاهر عليه‬
‫الحصار ‪ ،‬فرضخ فى النهاية نصر ‪ ،‬وتحول من معسكره إلى الرقة وسلّم نفسه الى عبد هللا‬
‫بن طاهر ‪ ،‬بعد حصار وحرب إستمرت خمس سنين‪ ،‬فلما خرج إليه أخرب عبد هللا حصن‬
‫كيسوم‪ ،‬وسير نصراً إلى المأمون ‪ .‬ووصل نصر فى صحبة عبد هللا بن طاهر الى المأمون‬
‫في صفر سنة عشر ومائتين ‪ .‬فأنزله المأمون فى مدينة المنصور وحدد إقامته فى بيت فيها‬
‫‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الصراعات الحربية بين القبائل العربية‬


‫أشعل األمويون التعصب القبلى بين قبائل العرب العدنانية ( بفروعها المختلفة من نزار‬
‫وربيعة و ُمضر وربيعة وقيس ) وقبائل قحطان اليمنية ( كلب وقضاعة واألزد ‪..‬الخ )‪،‬‬
‫واستمرت الصدامات الحربية بين القبائل وفروعها فى العصر العباسى ‪ ،‬وكان منها فى‬
‫خالفة المأمون ‪:‬‬
‫‪ 7‬ــ عام ‪ 741‬حرب قبائل نزار واألزد فى الوقعة المعروفة بالميدان بالموصل ‪ ،‬وكان سببها‬
‫أن عثمان بن نعيم البجمي صار إلى ديار مضر‪ ،‬فشكا اليهم الظلم الذى يقع على قومه من‬
‫قبائل األزد اليمنية ‪ ،‬واستنصر قبائل ُمضر ‪ ،‬فسار معه إلى الموصل ما يقارب عشرين ألفا‬
‫من قبائل ( ُمضر ) ‪ ،‬فتفاوض معهم ( علي بن الحسن الهمداني ـ من قبيلة همدان اليمنية )‪،‬‬
‫وهوحينئذ متغلب على الموصل‪ ، ،‬وفشلت المفاوضات بين ( علي بن الحسن الهمداني ) و(‬
‫عثمان بن نعيم البجمى ) ‪ ،‬فنشبت الحرب بينهم ‪ ،‬تقول الرواية ( فالتقوا واقتتلوا قتاالً‬
‫شديدأ‪ ،‬عدة وقائع‪ ،‬فكانت الهزيمة على النزارية‪ ،‬وظفر بهم (علي) وقتل منهم خلقا ً كثيراً‬
‫وعاد إلى البلد )‪.‬‬
‫‪ 2‬ــ وفى عام ‪ ( 255‬وقعت الفتنة بالموصل بين بني سامة وبني ثعلبة‪ ،‬فاستجارت ثعلبة‬
‫بدمحم بن الحسين الهمداني‪ ،‬وهوأخو (علي بن الحسين )‪ ،‬أمير البلد‪ ،‬فأمرهم بالخروج إلى‬
‫البرية‪ ،‬ففعلوا ‪ ،‬فتبعهم بنوسامة في ألف رجل إلى العوجاء‪ ،‬وحصروهم فيهأ‪ ،‬فبلغ الخبر‬
‫عليا ً ودمحما ً ابني الحسين‪ ،‬فأرسال الرجال إليهم‪ ،‬واقتتلوا قتاالً شديدأ‪ ،‬فقتل من بني سامة‬
‫جماعة‪ ،‬وأسر جماعة منهم‪ ،‬ومن بني تغلب‪ ،‬وكانوا معهم فحبسوا في البلد ‪) .‬‬
‫‪ 3‬ـ وفى عام ‪ 252‬كان قتل (علي بن الحسن الهمداني ) وأخوه أحمد وجماعة من أهل بيته‪.‬‬
‫وسبب قتله أن ( على الهمدانى ) ‪ ،‬كان متغلبا ً على الموصل ‪ ،‬وقد إختلف مع قبائل األزد فى‬
‫الموصل ‪ ،‬وطمع فى إخراجهم منها وأمرهم أن يلحقوا بعُمان ‪ ،‬وهم ينتمون مثله الى قبائل‬
‫قحطان اليمنية ‪ ( ،‬ثم قتل رجال من األزد يقال له عون بن جبلة‪ ،‬فبنى عليه حائطأ‪ ،‬فمات‬
‫فيه‪ ،‬وظهر خبره‪ ،‬فركبت األزد‪ ،‬وعليهم السيد بن أنس‪ ،‬فاقتتلوأن واستنصر علي بن‬
‫الحسين بخارجي يقال له مهدي بن علوان‪ ،‬فأتاه‪ ،‬فدخل البلد‪ ،‬وصلى بالناس‪ ،‬ودعا لنفسه‪،‬‬
‫واشتدت الحرب‪ ،‬وكانت أخيراً على علي بن الحسين وأصحابه‪ ،‬فخرجوا عن البلد إلى‬
‫الحديثة‪ ،‬فتبعهم األزد إليهأ‪ ،‬فقتلوا عليا ً وأخاه أحمد وجماعة من أهلهمأ‪ ،‬وسار أخوهما دمحم‬
‫إلى بغداد‪ ،‬فنجا وعادت األزد إلى الموصل‪ ،‬وغلب السيد عليها وخطب للمأمون وأطاعه‪) .‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الخوارج ( الحروية و الشراة ) ‪:‬‬


‫إستمرت ثورات الخوارج فى خالفة المأمون ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ تقول الروايات فى أحداث عام ‪ ( : 252‬خرج مهدي بن عُلوان الحروري فوجه إليه‬
‫إبراهيم بن المهدي أبا إسحاق بن الرشيد في جماعة من القواد فهزم مهديًا ‪ ( ).‬وخرج عليه‬
‫مهدي بن علوان الحروري‪ ،‬وغلب على طساسيج نهر بوق والراذانين‪ ،‬فوجه إليه إبراهيم‬
‫أبا إسحاق بن الرشيد‪ ،‬وهوالمعتصم‪ ،‬في جماعة من القواد‪ ،‬فلقوه‪ ،‬فاقتتلوا‪ ،‬فطعن رجل من‬
‫أصحابه ابن الرشيد‪ ،‬فحامى عنه غالم تركي يقال له‪ :‬اشناس‪ ،‬وهزم مهدي إلى حواليا‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ وتقول الروايات فى أحداث عام ‪ ( : 279‬خروج بالل الضبابي شاريًا ‪ ،‬فشخص المأمون‬
‫إلى العَ ْلث ‪ ،‬ثم رجع إلى بغداد ‪ ،‬ووجه ابنه عبا ً‬
‫سا في جماعة من القواد ‪ ،‬فيهم هارون بن‬
‫أبي خالد فقتله هارون ‪).‬‬
‫رابعا ‪ :‬فى شمال أفريقيا‬
‫عام ‪ ، 271‬ثار فضل بن ابى العنبر على الوالى زيادة هللا بن األغلب ( صاحب أفريقية ‪/‬‬
‫تونس ) وتعاون هذا الثائر مع ثائر آخر هو عبد السالم بن المفرج الربعى ‪ ،‬وتحارب‬
‫االثنان مع جيش األغلبى ‪ ،‬تقول الرواية ‪( :‬فالتقوا مع عسكر زيادة هللا‪ ،‬وجرى بين‬
‫الطائفتين قتال شديد عند مدينة اليهود بالجزيرة‪ ،‬فقتل عبد السالم‪ ،‬وحمل رأسه إلى زيادة‬
‫هللا‪ .‬وسار فضل بن أبي العنبر إلى مدينة تونس‪ ،‬فدخلهأ‪ ،‬وامتنع بهأ ‪ ،‬فسير زيادة هللا إليه‬
‫جيشأ‪ ،‬فحصروا ( فضالً ) بهأ‪ ،‬وضيقوا عليه حتى فتحوها منه‪ ،‬وقتل وقت دخول العسكر‬
‫كثير من أهلهأ ‪ ،‬وهرب كثير من أهل تونس‪) ..‬‬
‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬
‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخبِي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ إِاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذِي َن‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫سبِي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ( ‪ : ) 271 :741‬بين المأمون والعلويين‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ كانت سياسة المأمون أقرب الى سياسة معاوية فى الدهاء ‪ ،‬ومداهنة الخصوم ‪،‬‬
‫والقضاء عليهم باالغتيال ‪ ،‬وجعل الحرب هى الخيار األخير ‪ ،‬وهو القائل ‪ ( :‬أ ّخر الحرب ما‬
‫إستطعت ‪ ،‬فإن لم تجد منها بُدّا فإجعلها آخر النهار ) وهو بذلك يطبق شعرة معاوية فى قوله‬
‫( لو كان بينى وبين الناس شعرة ما انقطعت ‪ . ) ..‬الطريف أن المامون كان كارها لمعاوية‬
‫وقد أمر بلعنه على المنابر عام ‪ ، 277‬ووزع منشورا يقول ( برئت الذمة ممن ذكر معاوية‬
‫بخير‪ ،‬أوفضله على أحد من أصحاب رسول هللا‪ ،‬صلى هللا عليه ) ‪ .‬ومع ميل المأمون لعلى‬
‫بن أبى طالب فقد ثار العلويون عليه فى أضخم حركة إنقالبية تشجعت بالقالقل التى عصفت‬
‫بخالفة المأمون ‪ ،‬ووضح فيها أنهم كانوا ( األسوأ ) من العباسيين واألسوأ من أسالفهم‬
‫الثوار فى العصر األموى وفى خالفة المنصورـ جد المأمون ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ نتتبع مسلسل الدماء بين المامون والعلويين داخل ما يسمى بمعسكر أو ( دار السالم ) ‪.‬‬
‫ويتضح فيه كالعادة ـ أن المال هو المعبود األعظم لديهم ‪ ،‬ال فارق بين خليفة أو أمير أو‬
‫قاطع طريق ‪ ،‬كما يظهر من سيرة أبى السرايا ‪:‬‬
‫ثورة ابن طباطبا وأبى السرايا ‪:‬‬
‫ابو السرايا ‪ :‬من (سائق حمير ) الى ( امير )‬
‫‪ 7‬ـ هو ( أبوالسرايا ال سري بن منصور‪ ،‬وكان يذكر أنه من ولد هانئ بن قبيصة بن هانئ بن‬
‫مسعود الشيباني)‪ .‬أى يزعم النسب اليه ‪ ،‬وهو فى بدايته كان يستأجر ( يكري ) الحمير‪( ،‬‬
‫أى ح ّمار ) ثم أصبح زعيم عصابة وقاطع طريق ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬وقوي حاله‪ ،‬فجمع نفرأ‬
‫طلب‪ ،‬فاختفى‪ ،‬وعبر الفرات إلى الجانب‬ ‫‪ ،‬فقتل رجالً من بني تميم بالجزيرة‪ ،‬وأخذ ما معه‪ ،‬ف ُ‬
‫الشامي‪ ،‬فكان يقطع الطريق في تلك النواحي‪ ،‬ثم لحق بيزيد بن مزيد الشيباني بأرمينية‪،‬‬
‫ومعه ثالثون فارسأ ‪ ،‬فقوده‪ ( ،‬أى جعله قائدا ) فجعل يقاتل معه الخرمية‪. )..‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى الحرب بين األمين والمأمون إنضم الى جيش األمين الذى يحارب هرثمة بن أعين‬
‫قائد المأمون ‪ ،‬وإشتهرت شجاعة أبى السرايا ‪ ( ،‬فراسله هرثمة يستميله‪ ،‬فمال إليه‪ ،‬فانتقل‬
‫إلى عسكره‪ )،‬وانتقل معه بعض أعراب الحزيرة هناك ‪ ،‬وجعل ابو السرايا لهم مرتبات‬
‫وأرزاقا ‪ ،‬فصار معه ( نحو ألفي فارس وراجل‪ ،‬فصار يخاطب باألمير‪).‬‬
‫ابو السرايا من أمير الى قاطع طريق‬
‫‪ 7‬ـ بعد قتل األمين تأزمت العالقة بين أبى السرايا وهرثمة ‪ ،‬فأنقص هرثمة من عطائه ( أى‬
‫مرتبه ) ومن عطاء أصحابه ‪ ،‬وتظاهر ابو السرايا بالرغبة فى الحج فأذن له هرثمة بالحج ‪،‬‬
‫وأعطاه ( عشرين ألف درهم‪ ،‬ففرقها في أصحابه ومضى‪ ،‬وقال لهم‪ :‬اتبعوني متفرقين‪. ) .‬‬
‫فكون منهم عصابة تخصصت فى الهجوم على والة المدن تنهبهم ‪ ،‬وكان‬ ‫‪ 2‬ـ ولحقوا به ّ‬
‫حريصا على إعطاء رفاقه اللصوص ( حقوقهم ) من السلب والنهب ‪ . !.‬وبسبب ( امانته )‬
‫تكاثر أتباعه من اللصوص وقطاع الطرق ‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬فاجتمع معه منهم نحومن مائتي‬
‫فارس‪ ،‬فسار بهم إلى عين التمر‪ ،‬وحصر عاملهأ ‪ ،‬وأخذ ما معه من المال وفرقه في‬
‫أصحابه‪ .‬وسار‪ ،‬فلقي عامالً آخر ومعه مال‪ ،‬على ثالثة بغال‪ ،‬فأخذها وسار‪ ،‬فلحقه عسكر‬
‫كان قد سيره هرثمة خلفه‪ ،‬فعاد إليهم‪ ،‬وقاتلهم‪ ،‬فهزمهم ‪ ،‬ودخل البرية‪ ،‬وقسم المال بين‬
‫أصحابه‪ ،‬وانتشر جنده‪ ،‬فحلق به من تخلف عنه من أصحابه وغيرهم‪ ،‬فكثر جمعه‪ ،‬فسار‬
‫نحو دقوقأ ‪ ،‬وعليها أبوضرغامة العجلي‪ ،‬في سبع مائة فارس‪ ،‬فخرج إليه‪ ،‬فلقيه‪ ،‬فاقتتلوأ‪،‬‬
‫فانهزم أبوضرغامة‪ ،‬ودخل قصر دقوقأ ‪ ،‬فحصره أبوالسرايأ ‪ ،‬وأخرجه من القصر باألمان‬
‫وأخذ ما عنده من األموال‪ .‬وسار إلى األنبار‪ ،‬وعليها إبراهيم الشروي‪ ،‬مولى المنصور‪،‬‬
‫فقتله أبوالسرايأ ‪ ،‬وأخذ ما فيها وسار عنها؛ ثم عاد غليها بعد إدراك الغالل‪ ،‬فاحتوى عليهأ‪.‬‬
‫)‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ‪ ،‬ثم ضجر ابو السرايا من التنقل بين البالد ‪ ،‬فقصد الرقة‪ ،‬وانضم الى قبيلة بنى تغلب‬
‫فى حربهم لقيس ‪ ،‬وساعدهم فى التغلب على قيس ‪ .‬وفى الرقة قابل ( دمحم بن إبراهيم دمحم بن‬
‫إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ) المعروف‬
‫بابن طباطبأ ‪ ،‬فدخل به أبو السرايا فى دور جديد ‪.‬‬
‫أبو السرايا من قاطع طريق الى زعيم ثورة علوية ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ فى هذا الوقت ع ّم السخط فى العراق على المأمون فى مقامه فى الشرق بعيدا عن‬
‫عاصمة ملكه ‪ ،‬وأن الفضل بن سهل الفارسى قد أصبح المتحكم فى المأمون ‪ ،‬وسارت‬
‫االشاعات بان الفضل بن سهل أنزل المأمون فى قصر وحجبه عن الناس وتحكم فى األمر‬
‫دونه ‪ ،‬باالضافة الى نفوذ الحسن بن سهل أخ الفضل بن سهل ‪ ،‬والذى تحكم فى العراق ‪،‬‬
‫وأغضب الهاشميين من عباسيين وعلويين ‪ .‬كان المناخ ُمتاحا لثورة علوية ‪ ،‬وشيوخ‬
‫العلويين كثيرون ولكن ينقصهم قائد عسكرى ‪ .‬وت ّم هذا عندما إلتقى أبو السرايا بابن طباطبا‬
‫‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ بايع أبو السرايا ابن طباطبا ‪ ،‬واتفقا على الهجوم على الكوفة برا ونهرا ‪ ،‬ودخالها فى‬
‫نفس التوقيت فجأة ‪ ،‬تقول الرواية (وابتدأ أبوالسرايا بقصر العباس ابن موسى بن عيسى‬
‫فأخذ ما فيه من األموال والجواهر‪ ،‬وكان عظيما ً ال يحصى‪ ،‬وبايعهم أهل الكوفة‪.) .‬‬
‫مراحل الثورة العلوية ( ابو السرايا ‪ /‬ابن طباطبا )‬
‫‪ 7‬ـ وتقول الرواية فى أحداث عام ‪ ( 744‬خرج بالكوفة " دمحم بن إبراهيم بن إسماعيل بن‬
‫إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب " يوم الخميس لعشر خلون من جمادى‬
‫اآلخرة يدعو إلى الرضى من آل دمحم‪ ،‬والعمل بالكتاب والسنة‪ ،‬وهو الذي يقال له‪ :‬ابن‬
‫طباطبا‪ ( ) .‬وكان القائم بأمره وتدبير الحرب بين يديه أبو السرايا السري بن منصور‬
‫الشيباني‪ ،‬وقد اتفق أهل الكوفة على موافقته‪ ،‬واجتمعوا عليه من كل فج عميق‪ ،‬ووفدت إليه‬
‫األعراب من نواحي الكوفة‪ ) .‬أى تزعم ابن طباطبا العلوى ثورة إشتعلت فى الكوفة وإنضم‬
‫اليه األعراب ‪ ،‬وكان أبو السرايا الشيبانى قائده الحربى ‪ .‬وحاول الوالى العباسى على الكوفة‬
‫( الحسن بن سهل ) حفيد أبى جعفر المنصور ترغيب وترهيب ابن طباطبا فارسل له يعظه‬
‫وبعث بجيش من عشرة آالف فارس ‪ ،‬فهزم أبو السرايا الجيش العباسى وهرب قائده (زاهر‬
‫بن زهير بن المسيب ) ‪ ،‬تقول الرواية ( فتقاتلوا خارج الكوفة فهزموا زاهرا ً ‪ ،‬واستباحوا‬
‫جيشه ونهبوا ما كان معه‪ ،‬وذلك يوم األربعاء سلخ جمادى اآلخرة‪) .‬‬
‫سم ‪ ،‬وولى‬‫‪ 2‬ـ فى اليوم التالى مات زعيم الثورة ابن طباطبا فجأة ‪ ،‬وإغتاله ابو السرايا بال ُّ‬
‫مكانه صبيا ‪ ،‬تقول الروايات عن موت ابن طباطبا ‪( :‬س ّمه أبوالسرايا؛ وكان سبب ذلك أنه‬
‫لما غنم ما في عسكر زهير منع عنه أبا السرايأ ‪ ،‬وكان الناس له مطيعين‪ ،‬فعلم أبوالسرايا‬
‫أنه ال حكم له معه‪ ،‬فسمه فمات‪ ،‬وأخذ مكانه غالما ً أمرد يقال له دمحم بن دمحم بن زيد بن علي‬
‫بن الحسين بن علي بن أبي طالب‪ ،‬عليه السالم‪ ،‬فكان الحكم إلى أبي السرايا‪ .‬وكان أبو‬
‫السرايا هو الذي ينفَذ األمور ويولي َم ْن يرى ويعزل من يريد ) أى هو المال المعبود األعظم‬
‫لديهم ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وارسل الوالى العباسى جيشا من أربعة آالف فارس مددا للمهزوم زاهر الذى إنسحب‬
‫الى قصر ابن هبيرة ‪ ،‬وهزمهم ابو السرايا للمرة الثانية هزيمة تامة فلم ينج منهم أحد ‪.‬‬
‫تقول الروايات ‪ ( :‬وو ّجه أبو السرايا جيوشًا إلى البصرة وواسط فدخلوها وكان بواسط‬
‫ي وال ًيا عليها من قبل الحسن بن سهل فواقعه جيش أبي‬ ‫ونواحيها عبد هللا بن سعيد ال َح َرش ّ‬
‫السرايا قريبًا من واسط فهزموه فانصرف راجعًا إلى بغداد وقد قُتل من أصحابه جماعة وأسر‬
‫آخرون ) ( وانتشر الطالبيون ( العلويون ) في تلك البالد‪ ،‬وضرب أبو السرايا الدراهم‬
‫والدنانير في الكوفة‪ ،‬ثم بعث أبو السرايا جيوشه إلى البصرة وواسط والمدائن فهزموا من‬
‫فيها من النواب ( الوالة العباسيين ) ودخلوها قهراً‪ ،‬وقويت شوكتهم‪) .‬‬
‫‪ 9‬ـ إضطر والى الكوفة العباسى ( الحسن بن سهل ) الى طلب مساعدة القائد الحربى (‬
‫هرثمة بن أعين )‪ ،‬وجاء هرثمة وهزم أبا السرايا وطرده حتى رده إلى الكوفة‪ ،‬تقول‬
‫الرواية ‪ ( :‬فلما قدم هرثمة خرج إلى المدائن فقاتل بها أصحاب أبي السرايا ‪ ..‬فانكشف‬
‫أصحاب أبي السرايا ‪ ..‬رجع أبو السرايا من نهر ص َْرصَر إلى قصر ابن هبيرة فنزل به‬
‫وأصبح هرثمة متوج ًها في طلبه فوجد جماعة كثيرة من أصحاب أبي السرايا فهزمهم وقتلهم‬
‫‪ ،‬وبعث برؤوسهم إلى الحسن بن سهل ‪ .‬فلما صار هرثمة إلى قصر ابن هبيرة كانت بينه‬
‫وبين أبي السرايا وقعة وقتل فيها خلق كثير ‪ ،‬فلما رأى ذلك أبو السرايا انحاز إلى الكوفة )‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ وانتقم العلويون بنهب مساكن العباسيين فى الكوفة والبصرة ‪ ،‬عن الكوفة تقول الرواية‬
‫‪ ( :‬وثب الطالبيون على دور بني العباس بالكوفة فنهبوها وخربوا ضياعهم‪ ،‬وفعلوا أفعاالً‬
‫قبيحةً‪ ( ).‬فوثب دمحم بن دمحم ومن معه من الطالبيين على دور بني العباس ودور مواليهم‬
‫وأتباعهم بالكوفة فانتهبوها وهدموها وأحرقوها وخربوا ضياعهم وأخرجوهم من الكوفة‬
‫ً‬
‫عمال قبي ًحا واستخرجوا الودائع التي كانت لهم عند الناس فأخذوها ‪.) .‬‬ ‫وعملوا في ذلك‬
‫وحدث نفس الشىء فى البصرة ‪ ،‬وتزعّم السلب والنهب فيها ( زيد بن موسى بن جعفر بن‬
‫دمحم بن علي بن الحسين بن أبي طالب الذي يقال له‪ :‬زيد النار ‪ -‬وإنما قيل له ذلك لكثرة ما‬
‫حرق من دور بني العباس وأتباعهم بالبصرة‪ ) .‬أى كان يحرق البيوت بأصحابها ‪ !!..‬وفى‬
‫رواية أخرى عنه ‪ ( :‬زيد بن موسى بن جعفر بن دمحم بن علي بن الحسن بن علي‪ ،‬عليه‬
‫السالم‪ ،‬وهوالذي يسمى زيد النار‪ ،‬وإنما سمي بها لكثرة ما أحرق بالبصرة من دور‬
‫العباسيين وأتباعهم‪ ،‬وكان إذا أتى رجل من المسودة ( أى أتباع العباسيين ) أحرقه‪ !.‬وأخذ‬
‫أمواالً كثيرة من أموال التجار سوى أموال بني العباس ‪ ).‬أيضا ‪ :‬فالمال معبودهم األعظم ‪..‬‬
‫نهاية ابى السرايا‬
‫‪ 7‬ـ عام ‪ : 255‬حاصره هرثمة فى الكوفة ‪ ،‬وضيق عليهم فضجروا من القتال ‪ ،‬فهرب‬
‫أبوالسرايا من الكوفة‪ ،‬ومعه ‪ 155‬فارس ‪ ،‬ودخل هرثمة الكوفة فأ ّمن أهلهأ ‪ ،‬ولم يتعرض‬
‫إليهم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أما أبو السرايا فقد سار من الكوفة وأتى القادسية ( وسار منها إلى السوس بخوزستان‬
‫‪ ،‬فلقي ماالً قد حمل من األهواز‪ ،‬فأخذه‪ ،‬وقسمه بين أصحابه‪ .‬وأتاه الحسن بن علي‬
‫المأموني ‪ ...‬فكره قتاله ‪ ،‬فأبى أبوالسرايا إال قتاله‪ ،‬فقاتله‪ ،‬فهزمه المأموني وجرحه‪ ،‬وتفرق‬
‫أصحابه‪ ، .‬وسار أبو السرايا جريحا الى منزله برأس عين‪ ،‬ومعه بعض أصحابه ‪ ،‬فلما‬
‫انتهوا إلى جلوالء ظفر بهم حماد الكندغوش‪ ،‬فأخذهم‪ ،‬وأتى بهم الحسن بن سهل‪ ،‬وهو‬
‫بالنهروان‪ ،‬فقتل أبا السرايأ‪ ،‬وبعث رأسه إلى المأمون‪ ،‬ونصبت جثته على جسر بغداد‪) .‬‬
‫العلويون وانتهاك حرمة البيت الحرام‬
‫‪ 7‬ـ فى عام ‪ 744‬استولى ابو السرايا على مكة والمدينة ‪ ،‬وتأثرت شعيرة الحج بما حدث ‪،‬‬
‫فقد بعث أبو السرايا الى مكة ( حسين بن حسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‬
‫طالب وبعث إلى المدينة دمحم بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي‬
‫طالب ليأخذها وكان الوالي على مكة والمدينة داود بن عيسى بن دمحم بن علي بن عبد هللا بن‬
‫العباس ‪ .‬فأما المبعوث إلى المدينة فإنه دخلها ولم يمنعه أحد ‪ .‬وأما المبعوث إلى مكة فإنه‬
‫لما مضى توقف هُنيْهة لمن فيها ‪ .‬وكان ( الوالى عليها ) ( داود بن عيسى ) لما بلغه توجيه‬
‫أبي السرايا حسين بن حسن جمع موالي بني العباس والعبيد ‪ .‬وكان ( القائد العسكرى التابع‬
‫للمأمون ) "مسرور الكبير الخادم " قد ح هج تلك السنة في مائتي فارس من أصحابه‪ ،‬وتعبأ‬
‫لحرب من يريد دخول مكة من الطالبيين ‪ .‬فقال لداود‪ " :‬أقم لي شخصك أو شخص بعض‬
‫ولدك وأنا أكفيك قتالهم " ‪.‬فقال له داود‪ " :‬ال استحل القتال في الحرم وهللا لئن دخلوا من هذا‬
‫الف ّج ألخرجن من هذا الف ّج " ‪ .‬فانحاز داود من مكة وقال البنه ‪ " :‬ص ّل بأهل الموسم وبتْ‬
‫بمنى ثم الحقني "‪ .‬وخشي مسرور أن يقاتل فيميل عنه أكثر َم ْن جمع ‪.‬فخرج إلى العراق ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ودفع الناس ألنفسهم من عرفة بغير إمام حتى أتى مزدلفة فصلى بهم المغرب والعشاء رجل‬
‫من عرض الناس من أهل مكة ‪ ،‬وحسين بن حسن ( األفطس ) واقف يرهب أن يدخل مكة‬
‫فيدفع عنها فخرج إليه قوم يميلون إلى الطالبيين فأخبروه أن األماكن قد خلت من السلطان‪،‬‬
‫فدخل قبيل المغرب ومعه نحو من عشرة ‪ ،‬فطافوا وسعوا ومضوا إلى عرفة بالليل ‪ ،‬ثم رجع‬
‫إلى مزدلفة ‪ ،‬فصلى بالناس الفجر ودفع بالناس وأقام بمنى أيام الحج فلم يزل مقي ًما بها حتى‬
‫انقضت سنة تسع وتسعين وأقام دمحم بن سليمان الطالبي بالمدينة حتى انقضت سنته أيضًا ‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ وتقول رواية أخرى أن أبا السرايا بعث ‪ ( :‬حسين بن حسن األفطس ليقيم لهم الموسم‬
‫فخاف أن يدخلها جهرة‪ ،‬ولما سمع نائب مكة ‪ -‬وهو‪ :‬داود بن عيسى بن موسى بن علي بن‬
‫عبد هللا بن عباس ‪ -‬هرب من مكة طالبا ً أرض العراق‪ ،‬وبقي الناس بال إمام فسئل مؤذنها‬
‫أحمد بن دمحم بن الوليد األزرقي أن يصلي بهم فأبى‪ ،‬فقيل لقاضيها دمحم بن عبد الرحمن‬
‫المخزومي فامتنع‪ ،‬وقال‪ :‬لمن أدعو وقد هرب نواب البالد‪ ،‬فقدم الناس رجالً منهم فصلى‬
‫بهم الظهر والعصر‪ ،‬وبلغ الخبر إلى حسين األفطس فدخل مكة في عشرة أنفس قبل الغروب‬
‫فطاف بالبيت‪ ،‬ثم وقف بعرفة ليالً وصلى بالناس الفجر بمزدلفة وأقام بقية المناسك في أيام‬
‫منى‪ ،‬فدفع الناس من عرفة بغير إمام‪ ).‬دخل مكة بال قتال ‪ ،‬فأفسد فيها وانتهك الحرم ‪!!.‬‬
‫‪ 3‬ـ فألن المال معبودهم األعظم فلم تنج الكعبة من سلبهم ‪ ،‬ففى أول يوم من عام ‪( 255‬‬
‫جلس حسين بن حسن األفطس على طنفسة مثلثة خلف المقام ‪ ،‬وأمر بتجريد الكعبة مما‬
‫عليها من كساوي بني العباس‪ ،‬وقال‪ :‬نطهرها من كساويهم‪ .‬وكساها مالءتين صفراوتين‬
‫عليهما اسم أبي السرايا‪ ،‬ثم أخذ ما في كنز الكعبة من األموال‪ ،‬وتتبع ودائع بني العباس‬
‫فأخذها‪ ،‬حتى أنه أخذ مال ذوي المال ويزعم أنه للمسودة ( أى يسلب أموال الناس بزعم أنها‬
‫ودائع لبنى العباس عندهم ) ‪ .‬وهرب منه الناس إلى الجبال‪ ،‬وسبك ما على رؤوس األساطين‬
‫من الذهب‪ ،‬وكان ينزل مقدار يسير بعد جهد‪ ،‬وقلعوا ما في المسجد الحرام من الشبابيك‬
‫وباعوها بالبخس‪ ،‬وأساؤوا السيرة جدا ً‪. ) .‬‬
‫تفرق الحاج من مكة جلس حسين‬ ‫وتقول رواية أخرى فى المنتظم ‪( :‬في أول المحرم بعدما ّ‬
‫بن حسن األفطس خلف المقام على نُمرقة مثن هية وأمر بالكعبة فجردت من الثياب حتى بقيت‬
‫حجارة مجردة ثم كساها ثوبين من قَز كان أبو السرايا وجههما معه عليهما مكتوب‪ " :‬مما‬
‫أمر به األصفر بن األصفر أبو السرايا داعية آل دمحم لكسوة بيت هللا الحرام وأن يطرح عنه‬
‫كُسوة الظلمة من ولد العباس ليطهره من كُسوتهم وكتب في سنة تسع وتسعين ومائة" ‪ .‬ثم‬
‫أمر حسين بالكسوة التي كانت على الكعبة فقسمت بين أصحابه العلويين وأتباعهم ‪ .‬وعمد‬
‫إلى ما في خزانة الكعبة من مال فأخذه‪ ،‬ولم يسمع بأحد عنده وديعة ألحد من ولد العباس‬
‫وأتباعهم إال هجم عليه في داره‪ ،‬فإن وجد من ذلك شيئًا أخذه ‪ ،‬وإذا لم يجد شيئًا حبسه‬
‫وعذبه حتى يفتدي نفسه ‪.‬وهرب كثير من الناس فهدم دورهم ‪ .‬وجعلوا يح ُّكون الذهب‬
‫الرقيق الذي في رؤوس أساطين المسجد الحرام فيخرج من األسطوانة بعد التعب الشديد قدر‬
‫مثقال‪ ،‬وقلعوا شباك زمزم فبيع بالثمن ‪).‬‬
‫‪ 9‬ــ ثم هرب األفطس حين أتاه خبر هزيمة أبى السرايا وهربه من الكوفة ‪ .‬تقول الرواية‬
‫عن هذا األفطس ‪( :‬واستمر على سوء السيرة‪ ،‬ثم هرب في سادس عشر المحرم منها‪ ،‬وذلك‬
‫لما قهر هرثمة أبا السرايا وهزم جيشه وأخرجه ومن معه من الطالبيين من الكوفة‪) .،‬‬
‫‪ 0‬ـ وفى حوادث نفس العام ‪ : 255‬يعود الى مكة ( حسين بن حسن األفطس العلوى ) ‪.‬‬
‫فبعد مقتل أبى السرايا إجتمع العلويون فى مكة بزعامة األفطس وأرغموا رجال من العلويين‬
‫على أن يبايعوه حليفة فى مكة ‪ ،‬وهو ( دمحم بن جعفر بن دمحم بن علي بن حسين بن علي بن‬
‫أبي طالب ) وكان مشهورا بالزهد والعلم ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬بويع لدمحم بن جعفر بن دمحم بن‬
‫علي بن حسين بن علي بن أبي طالب ‪ ،‬وذلك أن حسين بن حسن الذي حكينا عنه ما فعل‬
‫بمكة عن أمر أبي السرايا ــ لما تغير الناس له لسوء سيرته ‪ ،‬وبلغه أن أبا السرايا قد قتل‬
‫وأنه قد طرد من كان بالكوفة والبصرة وكور العراق من الطالبيين ورجعت الوالية بها لولد‬
‫العباس ــ اجتمعوا إلى دمحم بن جعفر بن دمحم بن علي ‪ -‬وكان شي ًخا محببًا في الناس حسن‬
‫السيرة يروي العلم والناس يكتبون عنه ويظهر زهدًا وسمتًا ‪ -‬فقالوا له‪ " :‬قد نعلم حالك في‬
‫الناس فأ ْب ِر ْز شخصك نبايع لك بالخالفة فإنك إن فعلت ذلك لم يختلف عليك اثنان " ‪ ،‬فأبى‬
‫عليهم ‪ ،‬فلم يزل ابنه به وحسين بن حسن األفطس حتى غلباه على رأيه ‪ ،‬فأجابهم ‪،‬‬
‫فأقاموه بعد صالة الجمعة لثالث خلون من ربيع اآلخر فبايعوه بالخالفة ‪ ،‬وحشروا إليه‬
‫أشهرا ‪ ،‬وليس له من‬‫ً‬ ‫الناس من أهل مكة والمجاورين ‪ ،‬فبايعوه طوعًا وكر ًها‪ .‬فأقام كذلك‬
‫األمر سوى االسم ‪ .‬ثم أقبل إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي من اليمن فاجتمع العلويون‬
‫إلى دمحم بن جعفر فقالوا له‪ :‬هذا إسحاق بن موسى قد أقبل في الخيل والرحل وقد رأينا أن‬
‫نخندق على مكة ونحاربه ‪ .‬فقاتلوه أيا ًما ‪ ،‬ثم كره إسحاق الفتال فرجع ‪ ،‬ثم ر ّد عليهم‪،‬‬
‫وكانت الهزيمة على دمحم بن جعفر وأصحابه فطلب دمحم األمان حتى يخرج من مكة فأمنوه ‪).‬‬
‫‪ .‬إنتهاك معتاد للبيت الحرام ‪ ،‬سبق به عبد هللا بن الزبير ثم إعتاده العلويون فى مكة ‪،‬‬
‫والذين حملوا الحقا لقب األشراف ‪.‬‬
‫‪ 1‬ــ وفى تفصيالت أكثر عن مساوىء األفطس وأهله تقول الرواية عنهم وهم يحكمون مكة‬
‫بعد أن أكرهوا دمحم بن جعفر ليكون خليفة باالسم فقط ‪ .. ( :‬فامتنع من ذلك‪ ،‬فلم يزل به ابنه‬
‫علي والحسين بن الحسن األفطس‪ ،‬حتى غلباه على رأيه‪ ،‬وأجابهم‪ ،‬وأقاموه في ربيع األول‪،‬‬
‫فبايعوه بالخالفة‪ ،‬وجمعوا له الناس‪ ،‬فبايعوه طوعا ً وكرهأ ‪ ،‬وسموه أمير المؤمنين‪ ،‬فبقي‬
‫شهوراً وليس له من األمر شيء‪ ،‬وابنه علي والحسين بن الحسن وجماعتهم أسوأ ما كانوا‬
‫سيرة وأقبح فعالً‪ .‬فوثب الحسين بن الحسن على امرأة من بني فهر كانت جميلة‪ ،‬وأرادها‬
‫على نفسهأ ‪ ،‬فامتنعت منه‪ ،‬فأخاف زوجهأ‪ ،‬وهومن بني مخزوم‪ ،‬حتى توارى عنه‪ ،‬ثم‬
‫كسر باب دارهأ‪ ،‬وأخذها إليه مدة ثم هربت منه‪ .‬ووثب علي بن دمحم بن جعفر على غالم‬
‫أمرد‪ ،‬وهوابن قاضي مكة‪ ،‬يقال له إسحاق بن دمحم‪ ،‬وكان جميأل‪ ،‬فأخذه قهرأ‪ ،‬فلما رأى ذلك‬
‫من أهل مكة ومن بها من المجاورين اجتمعوا بالحرم‪ ،‬واجتمع معهم جمع كثير‪ ،‬فأتوا دمحم بن‬
‫جعفر‪ ،‬فقالوا له‪ :‬لنخلعنك‪ ،‬أولنقتلنك‪ ،‬أولتردن غلينا هذا الغالم! فأغلق بابه وكلمهم من‬
‫شباك‪ ،‬وطلب منهم األمان ليركب إلى ابنه ويأخذ الغالم‪ ،‬وحلف لهم أنه لم يعلم بذلك‪ ،‬فأمنوه‪،‬‬
‫فركب إلى ابنه وأخذ الغالم منه وسلمه إلى أهله‪ .‬ولم يلبثوا إال يسيراً حتى قدم إسحاق بن‬
‫موسى العباسي من اليمن فنزل المشاش واجتمع الطالبيون إلى دمحم بن جعفر‪ ،‬وأعلموه‪،‬‬
‫وحفروا خندقأن وجمعوا الناس من األعراب وغيرهم‪ ،‬فقاتلهم إسحاق‪ ،‬ثم كره القتال‪ ،‬فسار‬
‫نحوالعراق‪ ،‬فلقيه الجند الذين أنفذهم هرثمة‪ ،‬إلى مكة‪ ،‬ومعهم الجلودي ورجاء بن جميل‪،‬‬
‫فقالوا إلسحاق‪ :‬ارجع معنأن ونحن نكفيك القتال‪ ،‬فرجع معهم‪ ،‬فقاتلوا الطالبيين‪ ،‬فهزموهم‪،‬‬
‫فأرسل دمحم بن جعفر يطلب األمان‪ ،‬فأمنوه‪ ،‬ودخل العباسيون مكة في جمادى اآلخرة وتفرق‬
‫الطالبيون من مكة‪) .‬‬
‫ثورة ( الجزار ) العلوى باليمن‬
‫‪ 7‬ــ وتقول الرواية في أحداث عام ‪ ( : 255‬خرج باليمن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن‬
‫دمحم بن علي بن الحسين بن علي‪ ،‬ويقال له‪ :‬الجزار لكثرة من قتل من أهل اليمن‪ ،‬وأخذ من‬
‫أموالهم‪ .‬وهو الذي كان بمكة وفعل فيها ما فعل كما تقدم‪ ،‬فلما بلغه قتل أبي السرايا هرب‬
‫إلى اليمن‪ ،‬فلما بلغ نائب اليمن خبره ترك اليمن وسار إلى خراسان واجتاز بمكة وأخذ أمه‬
‫منها‪ .‬واستحوذ إبراهيم هذا على بالد اليمن وجرت حروب كثيرة يطول ذكرها‪ ،‬ورجع دمحم بن‬
‫جعفر العلوي عما كان يزعمه‪ ،‬وكان قد ادعى الخالفة بمكة‪ .‬وقال‪ :‬كنت أظن أن المأمون قد‬
‫مات وقد تحققت حياته‪ ،‬وأنا أستغفر هللا وأتوب إليه مما كنت ادعيت من ذلك‪ ،‬وقد رجعت إلى‬
‫الطاعة وأنا رجل من المسلمين‪ ) .‬أى بعد أن قتل وسلب ونهب تاب خوفا من العقاب ‪ .‬وفى‬
‫رواية أخرى (خرج إبراهيم بن موسى بن جعفر بن دمحم بن علي باليمن وذلك أنه كان بمكة ‪،‬‬
‫فلما بلغه خبر أبي السرايا والطالبيين بالعراق خرج باليمن في جماعة من أهل بيته ‪ ..‬وكان‬
‫يقال‪ :‬إلبراهيم بن موسى الجزار لكثرة من قتل باليمن من الناس وسبى وأخذ من األموال ‪.‬‬
‫)‬
‫‪ 2‬ــ وفى عام ‪ 255‬أرسل ذلك العلوى المتغلب على اليمن ابن عمه من ولد عقيل بن أبى‬
‫طالب قائدا لبعثة الحاج الى مكة ‪ ،‬ومعه جند كثيف ‪ ،‬فمنعوه من دخول مكة بجيشه وهزموا‬
‫جيشه ‪ ،‬فعاد ‪ ،‬وهو فى الطريق ( مرت به قافلة من الحاج والتجار وفيها كسوة الكعبة‬
‫وطيبها ‪ ،‬فانتهب ذلك‪ .‬وكان على الموسم أبو إسحاق بن الرشيد فبعث إليه من قتل من‬
‫أصحابه وهرب الباقون ‪ ) .‬وفى رواية أكثر تفصيال ‪ ( :‬وجه إبراهيم بن موسى بن جعفر من‬
‫اليمن رجالً من ولد عقيل بن أبي طالب في جند ليحج بالناس‪ ،‬فسار العقيلي حتى أتى بستان‬
‫ابن عامر‪ ،‬فبلغه أن أبا إسحاق المعتصم قد حج في جماعة من القواد‪ ،‬فيهم حمدويه بن علي‬
‫بن عيسى بن ماهان‪ ،‬وقد استعمله الحسن بن سهل على اليمن‪ ،‬فعلم العقيلي أنه ال يقوى‬
‫بهم‪ ،‬فأقام ببستان ابن عامر‪ ،‬فاجتاز قافلة من الحاج‪ ،‬ومعهم كسوة الكعبة وطيبهأ‪ ،‬فأخذ‬
‫أموال التجار‪ ،‬وكسوة الكعبة وطيبهأ‪ ،‬وقدم الحجاج مكة عراة منهوبين‪ .‬فاستشار المعتصم‬
‫أصحابه‪ ،‬فقال الجلودي‪ :‬أنا أكفيك ذلك‪ ،‬فانتخب مائة رجل‪ ،‬وسار بهم إلى العقيلي‪ ،‬فصبحهم‪،‬‬
‫فقاتلهم‪ ،‬فانهزموأ‪ ،‬واسر أكثرهم‪ ،‬وأخذ كسوة الكعبة‪ ،‬وأموال التجار‪ ،‬إال ما كان مع من‬
‫هرب قبل ذلك‪ ،‬فرده ‪ ،‬وأخذ األسرى‪ ،‬فضرب كل واحد منهم عشرة أسواط‪ ،‬وأطلقهم‪،‬‬
‫فرجعوا إلى اليمن يستطعمون الناس‪ ،‬فهلك أكثرهم في الطريق ‪.) .‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬

‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ( ‪ ) 271 :741‬بين المأمون وبالد الشرق‬


‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ نفس السبب فى مصر وخراسان وما حولها ‪ ،‬أى نهم العباسيين فى جمع المال أدى الى‬
‫ثورات ومسلسل دماء ‪ .‬ومع المشاكل التى واجهت المأمون ففى عام ‪ 257‬إفتتح واليه على‬
‫طبرستان ( عبد هللا بن خرداذبة البالذر‪ ،‬والشيزر‪ ،‬من بالد الديلم‪ ،‬وافتتح جبال طبرستان‪،‬‬
‫فأنزل شهريار بن شروين عنهأ ‪ ،‬وأشخص مازيار بن قارن إلى المأمون‪ ،‬واسر أبا ليلى ملك‬
‫الديلم‪ ).‬وتقول رواية أخرى أكثر تعبيرا عن ثقافة (دار االسالم ‪ /‬السالم ودار الكفر‪ /‬الحرب)‪:‬‬
‫( إفتتح عبد هللا بن ُخ ْر ْ‬
‫داذبه والي طبرستان بالدًا من بالد الديلم وزادها في بالد اإلسالم‪.) .‬‬
‫تأمل عبارة ( وزادها فى بالد االسالم )‪ .‬فهل إستفاد االسالم شيئا من السلب والنهب أم أن‬
‫الخليفة المأمون هو المستفيد من السلب والنهب ؟ ‪ .‬ثم المسكوت عنه هنا ‪ :‬كم عدد القتلى‬
‫واألسرى والسبى ؟‪..‬وما ذنب أهالى تلك البالد حتى يتعرضوا لإلعتداء ؟ وما ذنب ملك الديلم‬
‫حتى يُساق أسيرا ؟‪.‬‬
‫‪ 2‬ــ وبسبب عبادة المال تفجرت فى الشرق شالالت الدم فى خالفة المأمون ‪ ،‬ونعطى بعض‬
‫التفصيالت ‪:‬‬
‫أوال ‪ُّ :‬‬
‫الزط ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ جىء بهم ليسكنوا البطائح ‪ .‬والبطائح هي منخفض بين دجلة والفرات ‪ .‬وكان عدد الزط‬
‫سبعة وعشرين ألفًا ومائتين ‪ ،‬ومنهم المقاتلة اثنا عشر ألفًا ‪ .‬فلما استوطنوا البطائح قطعوا‬
‫الطريق ومنعوا المجتازين ما بين البصرة وواسط ‪ .‬واستغاث الناس بالمأمون فأرسل لحرب‬
‫الزط عام ‪ 251‬داود بن ماسجور‪ ،‬وواله بالد البصرة وكور دجلة واليمامة والبحرين‪ ،‬ولم‬
‫يفلح ‪ ..‬واستمرت إعتداءاتهم وقطعهم الطريق فأرسل المأمون حملة أخرى عام ‪270‬‬
‫يقودها عيسى بن يزيد الجلوذى ‪ ،‬تقول الرواية (فجرت بينهم وبينه وقائع ولم يظفر منهم‬
‫بطائل فاستظهروا عليه وعادوا إلى ما كانوا عليه من الفساد وقطع الطريق فندب المأمون‬
‫غيره فلم يظفر منهم بشيء ‪ . ) .‬هنا حرب بين قوتين كلتاهما تسلب وتنهب ‪ ،‬الخالفة‬
‫العباسية وعصابات الزط ‪ .‬الفارق فى أن العصابة العباسية تحمل شعارا دينيا وهى األكثر‬
‫قوة وتنظيما ‪..‬ورسوخا ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وظل خطر الزط قائما حتى قضى عليهم القائد العباسى عجيف بن عنبسة فى خالفة‬
‫المعتصم عام ‪. 274‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ثورة أهل مدينة (قُم )‬


‫‪ 7‬ـ فى عام ‪ 254‬أو ‪ 275‬وبسبب الضرائب ( خلع أهل قم المأمون‪ ،‬ومنعوا الخراج؛ فكان‬
‫سببه أن المأمون لما سار من خراسان إلى العراق أقام بالري عدة أيام واسقط عنهم شيئا ً‬
‫من خراجهم‪ ،‬فطمع أهل قم أن يصنع بهم كذلك‪ ،‬فكتبوا إليه يسألونه الحطيطة‪ ،‬وكان خراجهم‬
‫ألفي ألف درهم‪ ،‬فلم يجبهم المأمون إلى ما سألوأ ‪ ،‬فامتنعوا من أدائه‪ ،‬فوجه المأمون إليهم‬
‫علي بن هشام‪ ،‬وعجيف بن عنبسة‪ ،‬فحارباهم فظفرا بهم‪ ،‬وقتل يحيى بن عمران‪ ،‬وهدم‬
‫سور المدينة‪ ،‬وجباها على سبعة آالف ألف ردهم‪ ،‬وكانوا يتظلمون من ألفي ألف‪.).‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى عام ‪ 279‬أو ‪ : 271‬عاد الى (قم ) احد الثوار‪ ،‬وهو جعفر بن داود القمي ‪ ،‬وكان‬
‫منفيا الى مصر فهرب منها عائدا لوطنه وأعلن خلع المأمون ‪ ،‬وكانت نهايته القتل ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬ثورة بابك الخرمى‬

‫‪ 7‬ـ شغلت المأمون فى خالفته ثم أفلح الخليفة المعتصم فى هزيمته وقتله بطريقة بشعة ‪،‬‬
‫كانت من المعتاد فى عصر العباسيين ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وال نعرف عن بابك الخرمى ونحلته او ملته الخرمية إال من خالل ما أوردته الحوليات‬
‫التاريخية عند ظهوره أو ل مرة عام ‪ . 257‬وواضح التحامل عليه ‪ ،‬كما هو واضح أيضا أنه‬
‫يمص دماء الشعوب التى يحتل أرضها ‪ .‬تقول الروايات عن بداية‬ ‫ّ‬ ‫ثائر على محتل أجنبى‬
‫الخرمي واتبعه طوائف من السفلة والجهلة‪ ،‬وكان يقول‬‫ه‬ ‫ثورة بابك الخرمى ‪( :‬تحرك بابك‬
‫بالتناسخ‪ ( ، ) .‬تحرك بابك الحرمي في الجاويذَان ّية أصحاب جاويذان بن سهل وادعى أن‬
‫ُروح جاويذان صاحب البذّ دخلت فيه وأخذ في العيْث والفساد ) (تحرك بابك الخرمي في‬
‫الجاويدانية‪ ،‬أصحاب جاويدان بن سهل‪ ،‬صاحب البذ‪ ،‬وادعى أن روح جاويدان دخلت فيه‪،‬‬
‫وأخذ في العيث والفساد‪ ،‬وتفسير جاويدان الدائم الباقي‪ ،‬ومعنى " خرم " أى فرج‪ ،‬وهي‬
‫مقاالت المجوس‪ ،‬والرجل منهم ينكح أمه‪ ،‬وأخته‪ ،‬وابنته‪ ،‬ولهذا يسمونه دين الفرج‪،‬‬
‫ويعتقدون مذهب التناسخ‪ ،‬وأن األرواح تنتقل من حيوان إلى غيره ‪. ) .‬‬
‫‪ 3‬ـ وانتصر بابك الخرمى إنتصارات سريعة على الجيوش العباسية فى خالفة المامون ‪ .‬ففى‬
‫عام ‪ 257‬إنتصر على القائد العباسى عيسى بن دمحم بن أبي خالد‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬نكب‬
‫بابك الخرمي عيسى بن دمحم بن أبي خالد )‪ .‬وفى عام ‪ 259‬لم يستطع القائد العباسى يحيى‬
‫بن معاذ هزيمة بابك ؛ تقول الرواية ‪( :‬واقع يحيى بن معاذ بابك‪ ،‬فلم يظفر واحد منهما‬
‫الخرمي فلم يظفر به ) ‪ .‬وفى عام ‪ .250‬ولى‬
‫ه‬ ‫بصاحبه‪ ( ) .‬وواقع يحيى بن معاذ بابك‬
‫المأمون ( عيسى بن دمحم بن أبي خالد ) أرمينية وأذربيجان وكلفه بمحاربة بابك ‪ .‬واستمرت‬
‫الحرب بمسلسل دم دون القضاء على بابك ‪.‬وتولى عبد هللا بن طاهر والى خراسان حرب‬
‫بابك فأقام بالدينور وبعث بالجيوش تحارب بابك دون جدوى ‪ ،‬وفى عام ‪ : 251‬كلف‬
‫المأمون علي بن هشام حرب بابك ‪ .‬وفشل علي بن هشام ‪ .‬وفى عام ‪ 254‬ولّى المأمون‬
‫على أرمينيا وأذربيجان (زريق بن علي بن صدقة األزدى ) وأمره بمحاربة بابك‪ ،‬وأرسل‬
‫الوالى زريق جيشا يقوده ( أحمد بن الجنيد اإلسكافي )‪ ،‬فأسره بابك‪ ،‬فولى المأمون (‬
‫إبراهيم بن الليث بن الفضل ) أذربيجان ‪ .‬وعزل ( زريق بن على بن صدقة األزدى )‬
‫بين الخوارج العرب الثائرين وبابك الخرمى‬
‫‪ 7‬ـ وترتب على هذا ان ( زريق ) هذا عصى المأمون واستولى على المنطقة الجبلية بين‬
‫الموصل وأذربيجان ‪ ،‬فصار حائال يحمى بابك من غارات المأمون ‪ .‬وقامت حروب بين زريق‬
‫ووالى الموصل العباسى وهو (السيد بن أنس األزدي ) وكالهما من قبيلة األزد العربية‬
‫القحطانية اليمنية‪ .‬وفى عام ‪ ( 277‬جمع زريق جيشا من أربعين ألفأ ‪ ،‬وسيرهم إلى‬
‫الموصل لحرب والى الموصل ‪ ( :‬السيد بن أنس األزدي ) ‪ ،‬فخرج إليهم الوالى فى جيش‬
‫قليل ( أربعة آالف )‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬فالتقوا بسوق األحد‪ ،‬فحين رآهم السيد حمل عليهم‬
‫وحده‪ ،‬وهذه كانت عادته أن يحمل وحده بنفسه‪ ،‬وحمل عليه رجل من أصحاب زريق‪ ،‬فاقتتأل‬
‫‪ ،‬فقتل كل واحد منهما صاحبه لم يقتل غيرهما‪ ( ) .‬فلما بلغ المأمون قتله غضب لذلك‪ ،‬وولى‬
‫دمحم ابن حميد الطوسي حرب زريق وبابك الخرمي‪ ،‬واستعمله على الموصل‪ ) .‬أى مكان‬
‫الوالى المقتول ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى عام ‪ ، 273‬إشتد نشاط الخوارج فى خراسان متشجعين بالقالقل والفوضى التى‬
‫أحدثها بابك الخرمى ‪ ،‬فهجموا على قرية ( الحمراء من نيسابور‪ ،‬فأكثروا فيهم القتل‪،‬‬
‫واتصل ذلك المأمون‪ ،‬فأمر عبد هللا بن طاهر بالمسير إلى خراسان‪ ،‬فسار إليهأ ‪) .‬‬

‫بابك يهزم ويقتل القائد العباسى دمحم بن حميد الطوسى‬


‫‪ 7‬ـ كان ال بد لهذا القائد العباسى أن يحمى ظهره بالقضاء على التمرد العربى فى الموصل ‪،‬‬
‫تقول الرواية فى أحداث عام ‪ ( : 272‬توجيه المأمون (دمحم بن حميد الطوسي) لمحاربة‬
‫بابك ‪،‬فمضى على طريق الموصل وأخذ جماعة من المتغلبة بأذربيجان فبعث بهم إلى‬
‫المأمون ‪ ).‬وتوجه ابن حميد الطوسى الى الموصل التى إحتلها ( زريق ) ‪ ،‬وأصطحب‬
‫الطوسى معه دمحما إبن الوالى السابق للموصل المقتول (السيد بن أنس األزدي )‪ .‬والتقى‬
‫الجيشان فى الزاب (واقتتلوا ‪ ..‬فانهزم زريق وأصحابه‪ ،‬ثم أرسل يطلب األمان‪ ،‬فأمنه دمحم‪،‬‬
‫فنزل إليه‪ ،‬فسيره إلى المأمون‪ .) .‬وبأمر المأمون صادر ابن حميد الطوسى كل ممتلكات‬
‫زريق ( من قرى ورستاق‪ ،‬ومال‪ ،‬وغيره‪ ( ،) .‬ثم سار إلى أذربيجان‪ ،‬واستخلف على‬
‫الموصل دمحم بن السيد ‪ ..‬وسار نحو بابك الخرمي لمحاربته‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ جرت المعركة الفاصلة بينهما عام ‪. 279‬‬
‫تجمع مع دمحم بن حميد الطوسى ( عالم كثير من المتطوعة من سائر األمصار‪ ،‬فسلك‬
‫المضايق إلى بابك‪ ،‬وكان كلما جاوز مضيقا ً أوعقبة ترك عليه من يحفظه من أصحابه إلى أن‬
‫نزل بهشتادسر‪ ،‬وحفر خندقأ ‪ ،‬وشاور في دخول بلد بابك‪ ،‬فأشاروا عليه بدخوله من وجه‬
‫ذكروه له‪ ،‬فقبل رأيهم‪ ،‬وعبى أصحابه‪..‬ووقف دمحم بن حميد خلفهم في جماعة ينظر إليهم‪،‬‬
‫ويأمرهم بسد خل إن رآه‪ ،‬فكان بابك يشرف عليهم من الجبل‪ ،‬وقد كمن لهم الرجال تحت كل‬
‫صخرة‪ .‬فلما تقدم أصحاب دمحم‪ ،‬وصعدوا في الجبل مقدار ثالثة فراسخ‪ ،‬خرج عليهم الكمناء‬
‫وانحدر بابك إليهم فيمن معه‪ ،‬وانهزم الناس‪ ....،‬ومروا على وجوههم‪ ،‬والقتل يأخذهم‪،‬‬
‫وصبر دمحم بن حميد مكانه‪ ،‬وفر من كان معه ‪...‬فرأى جماعة وقتاأل ‪ ،‬فقصدهم‪ ،‬فرأى‬
‫الخرمية يقاتلون طائفة من أصحابه‪ ،‬فحين رآه الخرمية قصدوه لما رأوا من حسن هيئته‪،‬‬
‫فقاتلهم‪ ،‬وقاتلوه‪ ،‬وضربوا فرسه بزراق‪ ،‬فسقط إلى األرض‪ ،‬وأكبوا على دمحم بن حميد‬
‫فقتلوه‪ ....‬فلما وصل خبر قتله إلى المأمون عظم ذلك عنده‪ ،‬واستعمل عبد هللا بن طاهر على‬
‫قتال بابك فسار نحوه‪.) .‬‬
‫عصيان على بن هشام‬
‫‪ 7‬ـ ولم يشأ عبد هللا بن طاهر التوجه الى بابك ‪ ،‬فأعاد المأمون عام ‪ 279‬تعيين (علي بن‬
‫هشام ) واليا على الجبل وقم وأصبهان وأذربيجان ‪ ،‬وأمره بمحاربة الخرمية ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وكان ( على بن هشام ) فاسدا غشوما ظلوما ‪ ،‬ووصلت للمأمون أنباء ظلمه ‪ ،‬تقول‬
‫الرواية فى أحداث عام ‪( : 271‬وفيها قتل المأمون علي بن هشام‪ ،‬وكان سبب ذلك أن‬
‫المأمون كان استعمله على أذربيجان وغيرهأن كما تقدم ذكره‪ ،‬فبلغه ظلمه‪ ،‬وأخذه األموال‪،‬‬
‫وقتله الرجال‪ ،‬فوجه إليه عجيف بن عنبسة‪ ،‬فثار به علي بن هشام‪ ،‬وأراد قتله وإللحاق‬
‫ببابك‪ ،‬وظفر به عجيف‪ ،‬وقدم به على المأمون‪ ،‬فقتله‪ ،‬وقتل أخاه حبيبا ً في جمادى األولى‪،‬‬
‫وطيف برأس علي في العراق‪ ،‬وخراسان‪ ،‬والشام‪ ،‬ومصر‪ ،‬ثم ألقي في البحر‪.) .‬‬
‫إنتشار الخرمية وهزيمة بابك عام ‪271‬‬
‫‪ 7‬ـ تقول الرواية ( فى هذا العام دخل كثير من أهل الجبال‪ ،‬وهمذان‪ ،‬وأصبهان‪ ،‬وماسبذان‪،‬‬
‫وغيرهأ‪ ،‬في دين الخرمية‪ ،‬وتجمعوأ‪ ،‬فعسكروا في عمل همذان‪ ،‬فوجه إليهم المعتصم‬
‫العساكر‪ ،‬وكان فيهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب‪ ،‬وعقد له على الجبال في شوال‪ ،‬فسار‬
‫إليهم‪ ،‬فأوقع بهم في أعمال همذان‪ ،‬فقتل منهم ستين ألفأ‪ ،‬وهرب الباقون إلى بلد الروم‪،‬‬
‫وقرئ كتابه بالفتح يوم التروية‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ وظل خطر بابك ماثال حتى قضى عليه االفشين قائد الخليفة المعتصم عام ‪. 222‬‬
‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬
‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخبِي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ إِاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫عد ٌُّو ُم ِبي ٌن (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫سبِي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫المأمون ومسلسل الدماء فى مصر‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫شهد عصر المأمون آخر ثورة قام بها المصريون ( األقباط ) ضد الظلم ‪ ،‬بعدها خمدت‬
‫ثوراتهم وارتضوا الذل ـ وال يزالون ‪.‬‬
‫نعطى لمحة سريعة ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬النهم فى سلب األموال هو سبب هذا الظلم ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ وخالفا للقول بأن عمر بن العاص كان األرفق بالمصريين فقد كان جشعا فى سلب‬
‫أموالهم وكنوزهم ‪ ،‬وهو الذى هدد المصريين وقال ‪ ( :‬من كتمنى كنزا قتلته ) ‪,‬التفاصيل فى‬
‫مبحث ( إضطهاد األقباط فى مصر بعد الفتح االسالمى )‪ .‬ومن مجموع هذه المصادرات‬
‫تضخمت ثروة عمروالشخصية وحين حضرته الوفاة استحضر أمواله فكانت (‪ )795‬أردبا ً‬
‫من الذهب ‪ .‬وتنافس الوالة فى السرقة والسلب بالجزية والخراج والمصادرات ‪ .‬وفى الدولة‬
‫يورد للخليفة مبلغا معينا كل عام ‪،‬‬
‫العباسية كان الخليفة يريح نفسه بأن يعين الوالى على أن ّ‬
‫ويترك له أن يحصّل أضعاف هذا المبلغ من المصريين كيف شاء ‪ .‬وفى احداث عام ‪250‬‬
‫تقول الرواية ( ومات نائب مصر السري بن الحكم بها‪ ،‬ونائب السند داود بن يزيد‪ ،‬فولى‬
‫مكانه بشر بن داود على أن يحمل إليه في كل سنة ألف ألف درهم ) أى تم تعيين الوالى على‬
‫الهند ‪ /‬السند مقابل دفع مبلغ مليون درهم سنويا ‪ ،‬وليس مهما كيف يجمعها أو المقدار الذى‬
‫يجمعه ‪.‬‬
‫سحت بتبذير هائل ‪ .‬وسبق ما تم إنفاقه من اموال وضياع وجواهر‬ ‫‪ 2‬ـ وتم إنفاق هذا المال ال ُّ‬
‫فى زفاف المامون ‪ /‬بوران بنت الحسن بن سهل ‪ .‬ومدحوا المأمون بالكرم الزائد ‪ ،‬دون أن‬
‫يساءلوا عن مصدر هذه األموال وكيف جىء بها اليه ‪ .‬ودائما يكون المستفيدون بهذا‬
‫السخاء الشعراء والمنافقون والقواد ‪ .‬ومدحوا عبد هللا بن طاهر قائد المأمون وواليه على‬
‫مصر بالسخاء ‪ .‬ونعطى أمثلة ‪:‬‬
‫ضر ونحن‬‫‪ : 7 / 2‬فى أحداث عام ‪ ، 251‬يقول أحد الرواة ( لما افتتح عبد هللا بن طاهر ُم ْ‬
‫سوغه المأمون خراجها سنة ) أى منحه خراج مصر عاما بأكمله ‪ .‬تقول الرواية ‪( :‬‬ ‫معه ه‬
‫فصعد المنبر فلم ينزل حتى أجاز بها كلها ثالثة آالف دينار أو نحوها ‪ ) .‬أى فرق أيراد مصر‬
‫كله على أصحابه وهو على المنبر‬
‫‪ : 2 / 2‬وفى الحرب عام ‪ 275‬بين عبد هللا بن طاهر و عبيد هللا بن السرى المتغلب على‬
‫مصر إنهزم عبيد هللا بن السرى وتحصن بالفسطاط ‪ ،‬تقول الرواية ( ودخل الفسطاط منهز ًما‬
‫فأغلق على نفسه وأصحابه الباب فحاصره ابن طاهر فبعث إليه ً‬
‫ليال ألف وصيف وألف‬
‫وصيفة مع كل وصيف ألف دينار في كيس حرير ‪ . ) ..‬الوصيف والوصيفة ( رقيق من‬
‫الذكور واالناث ) ومعهم مليون دينار ‪!!..‬‬
‫‪ ( : 3 / 2‬فمن الحوادث فيها‪ :‬موت طلحة بن طاهر بخراسان فولَى المأمون أخاه أبا‬
‫إسحاق الشام ومصر وولى ابنه العباس بن المأمون الجزيرة والثغور والعواصم وأمر لهما‬
‫ولعبد هللا بن طاهر لكل منهم بخمسمائة ألف دينار ‪ ) .‬أى نصف مليون دينار لكل منهم ‪!.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التطرف فى سلب األموال من المصريين أدى ثورة المصريين االقباط ‪ ،‬وانفجار‬
‫شالالت من الدماء ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ وأدى تطرف الوالة األمويين فى جمع األموال من المصريين إلى اضطرار المصريين‬
‫للقيام بثورات متعاقبة‪ ،‬فأخمد األمويين ثوراتهم بالحديد والنار‪ ..‬وتطرفوا فى اضطهادهم‬
‫والعسف بهم‪..‬وأدى العسف فى جباية الجزية والخراج إلى ثورة المصريين‪ ،‬وهم أقدر‬
‫شعوب الدنيا على احتمال الصبر‪ ،‬ولكن العسف األموى كان فوق طاقة المصريون‬
‫أنفسهم‪.!!.‬‬
‫‪ 2‬ـ ونرجع للمقريزى فى الخطط‪ :..‬يذكر أن األقباط صاروا عونا ً لعمرو على الروم حتى‬
‫انتصر عليهم‪ ،‬وإن عمراً كتب أمانا ً لبطرك القبط سنة عشرين من الهجرة فأتى إلى عمرو‬
‫وجلس على كرسى البطريركية بعد غياب ثالثة عشر سنة‪ .‬واحتمل المصريون جشع عمرو‬
‫بسبب موقفه من البطرك بنيامين الذى كان له النفوذ األكبر على قلوب المصريين‪ .‬وتبدل‬
‫الحال بعد تحكم األمويين من أوالد مروان بن الحكم‪ ،‬ووصل االضطهاد إلى البطاركة األقباط‬
‫والرهبان أنفسهم‪..‬ففى والية عبد العزيز بن مروان على مصر صودر البطرك مرتين‪ ،‬وأمر‬
‫عبد العزيز‪ -‬وهو بالمناسبة والد الخليفة عمر بن عبد العزيز‪ -‬بإحصاء الرهبان وأخذ منهم‬
‫الجزية‪ ،‬وهى أول جزية أخذت من الرهبان‪ .‬وتولى مصر عبد هللا ابن الخليفة عبد الملك بن‬
‫مروان فاشتد على النصارى‪ ،‬واقتدى به الوالى التالى قرة بن شريك فأنزل بالنصارى شدائد‬
‫لم يبتلوا بمثلها من قبل على حد قول المقريزى‪ .‬وأقام األمويون مذبحة لألقباط سنة ‪751‬‬
‫هجرية حين ثاروا فى شرق الدلتا بسبب جشع الوالى عبد هللا بن الحبحاب‪..‬وفى خالفة يزيد‬
‫بن عبد الملك تطرف الوالى أسامة بن زيد التنوخى فى اضطهاد األقباط‪ ،‬فصادر أموالهم‬
‫ووشم أيدى الرهبان بحلقة من حديد‪ ،‬وكل من وجده منهم بغير وشم قطع يده‪ ،‬وفرض‬
‫غرامات على األقباط‪ ،‬وصادر األموال من األديرة‪ ،‬ومن وجده من الرهبان فى تلك األديرة بال‬
‫وشم ضرب عنقه أو عذبه‪ ،‬وهدم الكنائس وكسر الصلبان‪ .‬وفى خالفة هشام بن عبد الملك‬
‫تشدد الوالى حنطلة بن صفوان فى زيادة الخراج‪ ،‬وأحصى األقباط وجعل على كل نصرانى‬
‫وشما ً فيه صورة أسد ومن وجده بال وشم على يده قطع يده‪ .‬وثار األعراب الساكنون فى‬
‫مصر سنة ‪ 771‬بسبب قيام األقباط ببناء كنيسة يوحنا‪ ،‬وكان ذلك فى والية الوليد بن رفاعة‪.‬‬
‫وأدت زيادة المظالم إلى قيام األقباط بثورة عارمة فى الصعيد سنة ‪ 727‬هجرية‪ ،‬وانتقلت‬
‫الثورة إلى سمنود سنة ‪ 732‬وإلى رشيد فى نفس العام وتولى األمويون إخمادها بالعنف‬
‫الشديد‪ .‬وفى هذا العام انهزم مروان بن دمحم آخر خليفة أموى أمام العباسيين فهرب إلى مصر‬
‫فوجدها ثائرة على مظالم األمويين‪ ،‬ومع ظروفه السيئة إال أن الخليفة األموى الهارب استنفذ‬
‫ما بقى من قوته وعدته فى القضاء على ثورات األقباط حتى قضى عليها‪ ،‬ثم واصل هروبه‬
‫فى مصر أمام الجيش العباسى إلى أن لقى حتفه فى أبو صير‪ ،‬وكان يحتجز عنده البطرك‬
‫القبطى ومجموعة من كبار الرهبان وزعماء األقباط فأفرج عنهم الجيش العباسى‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ونتتبع االضطهاد العباسى حتى عصر المأمون ‪ :‬وفى هذه الفترة واصل األقباط ثوراتهم‬
‫على ظلم الوالة العباسيين‪ ،‬وكان االضطهاد فى أغلبه رسميا ً من السلطة الحاكمة التى تريد‬
‫اعتصار الضرائب بالقسوة‪ ،‬والعنف فال يجد األقباط طريقة إال الثورة التى تنتهى بالهزيمة‬
‫والمذابح‪ ..‬ونعطى أمثلة سريعة‪ :‬فى سنة ‪ 705‬هجرية ثار األقباط فى سخا وطردوا والة‬
‫الضرائب فأرسل لهم العباسيون جيشا ً يقوده يزيد بن حاتم‪ ،‬وهاجم األقباط الجيش ليالً وقتلوا‬
‫بعض أفراده وهزموا بعض فصائله‪ ،‬إال أن اإلمدادات العباسية تالحقت وحاصرت األقباط‬
‫وهزمتهم‪ ،‬وامتد االنتقام إلى حرق الكنائس‪ .‬واضطر األقباط إلى دفع غرامة قدرها خمسون‬
‫ألف دينار للوالى العباسى سليمان بن على كى يكف عن حرق الكنائس إال أنه أبى‪ ..‬وتولى‬
‫بعد ه الوالى موسى بن عيسى العباسى فاستمع إلى نصيحة األئمة المستنيرين من الفقهاء‬
‫المشهورين بمصر مثل الليث بن سعد وعبد هللا بن لهيعة‪ ،‬وقد أفتوا له بأن بناء الكنائس من‬
‫عمارة البلد‪ ،‬فأذن الوالى بإعادة بناء الكنائس‪ ،‬ولكن ظلت المظالم على حالها‪ .‬وفى سنة‬
‫‪ 701‬هجرية عاد األقباط للثورة فى بلهيت‪ ،‬فأرسل لهم الوالى موسى بن عيسى جيشا ً‬
‫فهزمهم وحكم بقتل الرجال وسبى النساء والذرية ‪.!!. .‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ثورة المصريين األقباط األخيرة ( أو ثروة البشمويين ) فى عصر المأمون ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ وفى عصر المأمون كانت ثورة ‪ 271‬هجرية هى آخر ثورات األقباط الحربية‪ ،‬وبعدها‬
‫اتبعوا طريق المقاومة السرية‪ ،‬ونحن ننقل معاناة األقباط عن المقريزى وهو الذى ال يخفى‬
‫تعصبه ضد النصارى‪ ،‬يقول فى التعليق على ثورة ‪ 271‬هجرية وآثارها "ومن حينئذ ذلت‬
‫القبط فى جميع أرض مصر ولم يقدر أحد منهم على الخروج على السلطان‪ ،‬وغلبهم‬
‫المسلمون على عامة القرى‪ ،‬فرجعوا من المحاربة إلى المكيدة واستعمال المكر والحيلة‬
‫ومكايدة المسلمين‪ !. ) .‬يقول المقريزى ‪ :‬عن عام ‪ 271‬فى خالفة المأمون ‪( :‬وفي أيامه‬
‫انتقض القبط في سنة ست عشرة ومائتين فأوقع بهم اإلفشين حتى نزلوا على حكم أمير‬
‫َّللا المأمون ‪ ،‬فحكم فيهم بقتل الرجال وبيع النساء والذرية ‪ ،‬فبيعوا وسبى‬
‫المؤمنين عبد ّ‬
‫أكثرهم ‪ .‬ومن حينئذ ذُلت القبط في جميع أرض مصر ولم يقدر أحد منهم بعد ذلك على‬
‫الخروج على السلطان ‪ ،‬وغلبهم المسلمون على عا ّمة القرى‪ ،‬فرجعوا من المحاربة إلى‬
‫المكايدة واستعمال المكر والحيلة ومكايدة المسلمين‪ ) .‬المأمون الذى إشتهر بالعفو والذى‬
‫نهب مصر ‪ ( :‬حكم فيهم بقتل الرجال وبيع النساء والذرية ‪ ،‬فبيعوا وسبى أكثرهم )‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وتُطلق المراجع القبطية على هؤالء الثوار المصريين لقب ( البشموريين ) وتقول انهم‬
‫كانوا يسكنون شمال الدلتا فى المنطقة الرملية الساحلية بين فرعي دمياط ورشيد ‪ ،‬ويعملون‬
‫في إنتاج ورق البردي الذي كان العالم كله في ذلك الوقت يستخدمه لتسجيل علومه ومعارفه‬
‫وفى مختلف أنشطه حياته اليومية‪..‬ثاروا ضد الظلم أيام عيسى بن منصور الوالى العباسى‬
‫من زياده ظلم جباة الخراج (الضرائب) ومضاعفة الجزية ‪،‬وقد قاموا بطرد عمال الدولة‬
‫ورفضوا دفع الجزية‪ .‬ارسل المأمون قائده االفشين بحربهم ‪ ،‬وفشل االفشين بسبب مناعة‬
‫منطقتهم التى تحيط بها قنوات المياه ‪ ،‬وجهل جنود االفشين بالطرق والمسالك ‪ ،‬فكان‬
‫البشموريون يتبعون حرب العصابات يختطفون جنود العدو ويقتلونهم على حين غفلة ‪.‬‬
‫وبهزيمة االفشين جاء المأمون بنفسه ‪ ،‬وصحب معه إلى مصر البطرك ديونوسيوس‬
‫بطرك إنطاكية واستعان به وببطرك األقباط األنبا يوساب‪ ،‬إلخماد ثورة البشموريين‪،‬‬
‫وساعدوه بفرقة من خبراء الطرق والمسالك حتى تمكن من االنتصار على البشموريين ‪.‬‬
‫وأحرق جيش المأمون بيوت البشموريين ‪ ،‬ولما رأى المأمون كثرة القتلى أمر جنوده بأن‬
‫يتوقفوا عن قتلهم‪ ،‬ثم أرسلهم في طلب رؤسائهم وأمرهم أن يغادروا بالدهم ‪ .‬وسافروا على‬
‫سفن إلى أنطاكية حيث أرسلوا إلى بغداد ‪ ،‬وكان يبلغ عددهم ثالثة آالف‪ ،‬مات معظمهم في‬
‫الطريق‪ .‬أما الذين أسروا في أثناء القتال فقد سيقوا كعبيد ‪ ،‬وبلغ عدد هؤالء خمسمائة‪،‬‬
‫فأرسلوا إلى دمشق وبيعوا هناك ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬مسلسل الدماء فى صراع العباسيين مع أعراب مصر‬
‫‪ 7‬ـ في الفتوحات العربية كان انتشار القبائل العربية بمصر وشمال أفريقيا متساويا بين‬
‫القبائل القحطانية والقبائل العدنانية من مضر وربيعة وكانت قبائل قيس أهم القبائل المضرية‬
‫العدنانية وكانت تتصارع علي النفوذ مع قبائل كلب اليمنية القحطانية خصوصا في الشام فى‬
‫الدولة األموية ‪ .‬وعمل األمويون علي نقل بعض القبائل القيسية إلي مصر في شرق الدلتا أو‬
‫ما كان يعرف بالحوف الشرقي وهو المنطقة بين األرض الزراعية في الدلتا وشبه جزيرة‬
‫سيناء وتحتلها اآلن محافظات الشرقية والدقهلية والقليوبية والسويس واإلسماعيلية‬
‫وبورسعيد ‪ .‬وقبل خالفة هشام بن عبد الملك لم يكن من قبائل قيس بمصر إال بعض البيوت‬
‫من قبيلتي فهم وعدوان ‪ ،‬ثم وفد ابن الحبحاب علي هشام ابن عبد الملك وسأله أن ينقل إلي‬
‫مصر بعض قبائل أخري من قيس وكان ذلك في والية الوليد بن رفاعة الفهمي علي مصر ‪،‬‬
‫فأذن هشام في أن يهاجر إلي مصر ثالثة آالف من قبائل قيس وأن يحول ديوانهم إلي مصر‬
‫بشرط أال ينزلوا الفسطاط عاصمة الحكم وقتها ‪ ..‬فأنزلهم الحبحاب في الحوف الشرقي‪.‬‬
‫وهناك رواية أخري تقول إن ابن الحبحاب في واليته علي مصر كتب إلي هشام بن عبد‬
‫الملك يعرض عليه أن ينقل بعض قبائل قيس إلي الحوف الشرقي حول بلبيس بالذات حيث ال‬
‫يضر ذلك بأحد وحيث تخلو المنطقة من الوجود العربي ‪ ،‬فوافق هشام‪ .‬ونزلت قيس‬
‫بالمنطقة ‪ ،‬جاءوا من البادية العربية إلي بلبيس وما حولها وكان منهم مائة بيت من بني‬
‫نضر ومائة بيت من بني سليم ‪ ،‬واستوطنوا المنطقة الزراعية القريبة من صحراء بلبيس‬
‫وباشروا زراعتها وقاموا بتحصيل الصدقات والزكاة لصالح الدولة األموية ‪ ،‬وكانوا‬
‫يحملونها علي اإلبل إلي الدلتا إلي ما يعرف بميناء السويس اآلن ‪ ،‬وكان الرجل منهم يتكسب‬
‫في نقل المحاصيل هذه أكثر من عشرة دنانير في الشهر ‪ .‬ثم سمحت لهم السلطات بشراء‬
‫الخيول واالتجار فيها فأثروا من تربية الخيول بسبب جودة المرعي واتساع الصحراء‬
‫لنشاطها ‪ ،‬وكان أحدهم يشتري المهر فال يلبث المهر عنده شهرا حتى يصلح للركوب ‪.‬‬
‫وازداد ثراؤهم ووصلت األخبار إلي أقاربهم من قيس في الجزيرة العربية فنزح إليهم‬
‫خمسمائة بيت ‪ ،‬وبعدها بعام واحد جاء خمسمائة بيت آخر فصار في بلبيس وحدها ألف‬
‫وخمسمائة بيت من قبائل قيس ‪ .‬وفي خالفة مروان بن دمحم آخر خلفاء بني أمية كان واليه‬
‫علي مصر الحوثرة ابن سهيل الباهلي ‪ ،‬وقد مالت إليه قبائل قيس فتوافد علي مصر في‬
‫عهده عناصر كثيرة ‪ ،‬حتى أصبح عددهم حينئذ أكثر من ثالثة آالف بيت ‪ .‬وحينئذ أصبح‬
‫تركز القيسيين في شرق الدلتا ظاهرة تاريخية وسياسية ألنهم أثاروا القالقل للدولة العباسية‬
‫‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فى نهم العباسيين للمال فرضوا زيادة جديدة في الضرائب سنة ‪ 711‬في والية إسحاق‬
‫بن سليمان بن علي العباسي ‪.‬وثار أعراب قيس علي تلك الزيادة وجمعوا فرسانهم ومنعوا‬
‫تحصيل الضرائب ‪ ،‬فبعث إليهم الوالي العباسي جيشا لم يستطع إخماد ثورتهم ‪ ،‬فأرسل إلي‬
‫هارون الرشيد يطلب المدد فأرسل له بجيش هائل يقوده هرثمة بن أعين ‪ ،‬ونزل ذلك‬
‫الجيش الحوف الشرقي فأخاف القيسيين وأذعنوا ودفعوا الخراج كله ‪ .‬ثم أرسل الوالي‬
‫العباسي رجاال يقيسون األرض الزراعية ويمسحونها ولم يعجب عملهم عرب قيس في‬
‫الحوف الشرقي واتهموهم بعدم األمانة في القياس ‪ ،‬واشتكوا إلي الوالي وهو الليث ابن‬
‫الفضل البيودي فلم يهتم بهم ‪ .‬فجمعوا فرسانهم وساروا إلي الفسطاط والعسكر حيث يقيم‬
‫الوالي ‪ ،‬فخرج إليهم الوالي في شعبان سنة ‪ 711‬في أربعة آالف جندي ‪ ،‬فالتقي معهم في‬
‫معركة طاحنة في رمضان ومع أن جنوده انهزموا وتركوه في ‪ 72‬رمضان إال أنه ثبت مع‬
‫نحو المائتين من جنوده حتى هزم القيسيين وطاردهم إلي غيتة ‪ ،‬وهي قرية بجوار بلبيس ‪.‬‬
‫وبعد هذا االنتصار بعث الوالي إلي بغداد بثمانين من رؤوس أكابر القيسيين ‪ ،‬ورجع إلي‬
‫عاصمته ‪.‬إال أن تلك الهزيمة المنكرة لم تخضع القيسيين بل أثارت فيهم نزعة الثأر واالنتقام‬
‫فعادوا إلي منع الخراج ‪ ،‬وخشي الوالي أن يخسر أمامهم الجولة التالية فسافر بنفسه إلي‬
‫بغداد في محرم سنة ‪ 711‬وطلب من هارون الرشيد أن يزوده بجيش قوي ألنه ال يستطيع‬
‫تحصيل الخراج من الحوف الشرقي إال بقوة الجيش ‪ .‬وكان حاضرا محفوظ بن سليم ذلك‬
‫المجلس فضمن للرشيد خراج مصر عن آخره بال سوط وال عصا ‪ ،‬فواله الخراج وعزل‬
‫الوالي ليث بن الفضل ‪ ..‬وظلت الفتن والمعارك دائرة بين القبائل العربية في مصر التي‬
‫انحازت إلي قبائل قيس ورفضت الزيادات في الضرائب العباسية حتى تولي الخالفة المأمون‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وتحالف القيسيون مع البشموريين ‪ ،‬وأعلن الجميع الثورة العامة في الدلتا كلها وفي‬
‫صعيد مصر وطردوا الموظفين العباسيين ‪،‬واستمرت المعارك سجاال منذ بداية الثورة في‬
‫حمادي األولي عام ‪ 271‬إلي ‪ 75‬محرم عام ‪ 271‬حتى جاء الخليفة العباسي المأمون بنفسه‬
‫وأخمد الثورة وألغي الزيادات الضريبية ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬مسلسل الدماء بين المأمون والطامعين فى تملك مصر‬
‫كانت مصر بثرائها مطمعا للطموحين من الوالة العباسيين ‪ ،‬ومن غيرهم ‪ .‬وبسبب التكالب‬
‫على نهب مصر حدثت معارك أضافت الى مسلسل الدماء فى مصر ‪ .‬وتفصيالتها معقدة‬
‫جاءت فى ( النجوم الزاهرة ) للمؤرخ أبى المحاسن و السلوك للمقريزى باالضافة الى الكامل‬
‫للمؤرخ ابن األثير وتاريخ الطبرى ‪.‬‬
‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬
‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم إِ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا إِ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫عد ٌُّو ُم ِبي ٌن (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون‪ :‬زيادة هللا األغلبى فى شمال أفريقيا بين حرب الداخل‬
‫والخارج‬
‫مقدمة‬
‫‪ 7‬ـ بسبب إنشغال العباسيين بمشاكل الجزء الشرقى اآلسيوى ضعفت سيطرتهم على شمال‬
‫أفريقيا ( أو ما يسمى بأفريقيا )‪ ،‬خصوصا مع كثرة القالقل والثورات بين العرب واألمازيغ (‬
‫البربر ) وتداخل هذا مع حركات الخوارج االباضية والصفرية ‪ ،‬مع تداخل آخر بين الشمال‬
‫األفريقى وما يجرى فى االندلس ‪ .‬وقد إنفصل األندلس مبكرا عن الدولة العباسية بقيام الحكم‬
‫األموى فيه ‪ ،‬ثم تبعه إنفصال المغرب تحت حكم األدارسة العلوى ‪ ،‬وكانت لهذا تأثيرات‬
‫عززت من إمكانية قيام األغالبة بحكم ما تبقى من الشمال األفريقى من طرابلس ليبيا شرقا‬
‫الى القيروان ‪ .‬وكان مركز الحكم فى تونس ‪ .‬وما لبث أن اقام األغالبة لهم دولة تتبع إسميا‬
‫سنّتها فى تفجير مسلسل الدماء فى الداخل ( دار السالم )‬‫الخالفة العباسية ‪ ،‬وتسير على ُ‬
‫ومع الغرب األوربى فى الخاج ( دار الحرب ) ‪ .‬عزز هذا المسلسل الدموى قُرب تونس من‬
‫الساحل األوربى االيطالى ومن الجزر الهامة فى البحر المتوسط ( سردينيا وصقلية ) ‪،‬‬
‫وكانت صقلية تابعة لبيزنطة ‪ ،‬وبالتالى كانت بيزنطة العدو المشترك للخالفة العباسية‬
‫وربيبتها دولة األغالبة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى خالفة المأمون وحيث كان منشغال عن الهجوم على البيزنطيين قام األغالبة‬
‫بالواجب ‪ ،‬فى صراع حول سردينية وصقلية ‪ .‬ثم تشعب ودخلت فيه عناصر أخرى أقامت (‬
‫مستعمرات ) للمسلمين داخل القارة األوربية إستمرت الى حين ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ نتوقف فى لمحة هنا مع مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ‪ :‬مع زيادة هللا األغلبى فى‬
‫شمال أفريقيا بين حرب الداخل والخارج ‪ ،‬ونتتبعه حسب السنين‬
‫أوال ‪ :‬مسلسل الدماء فى حروب خارجية فى عام ‪: 250‬‬
‫‪ 7‬ـ تولى زيادة هللا بن إبراهيم بن األغلب( إفريقية ) أى شمال افريقيا ‪ ،‬بعد موت أخيه عبد‬
‫هللا ‪ .‬وحدث مسلسل الدماء فى هجومه على سردينيا واحتالله وفى نزاعاته المسلحة مع‬
‫خصومه‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى هذا العام ‪ 250‬تقول الرواية ( وفيها غزا المسلمون من إفريقية جزيرة سردانية‪،‬‬
‫فغمنوأ وأصابوا من الكفار‪ ) .‬الحظ وصف أهل سردينية بالكفار ‪ ،‬مع انهم لم يعتدوا على (‬
‫المسلمين ) بل هم ضحايا للمسلمين ‪ !.‬وتقول الرواية عن ( زيادة هللا ) فى أول عام من‬
‫حكمه ‪ ( :‬ثم جهز جيشا ً في أسطول البحر‪ ،‬وكان مراكب كثيرة‪ ،‬إلى مدينة سردانية‪ ،‬وهي‬
‫للروم‪ ،‬فعطب بعضهأ بعد أن غمنوا من الروم‪ ،‬وقتلوا كثيرأ‪ ،‬فلما عاد من سلم منهم أحسن‬
‫إليهم زيادة هللا ووصلهم‪).‬‬
‫ثانيا ‪:‬مسلسل الدماء فى حروب داخلية ‪:‬أعوام ‪) 254 : 251 ( :‬‬
‫عام ‪: 251‬‬
‫( خرج عليه زياد بن سهل المعروف بابن الصقلبية‪ ،‬وجمع جمعا ً كثيرأ‪ ،‬وحصر مدينة‬
‫باجة‪ ،‬فسير إليه زياد هللا العساكر‪ ،‬فأزلوه عنهأ وقتلوا من وافقه على المخالفة‪).‬‬
‫عام ‪: 251‬‬
‫‪ 7‬ـ وصلت المعلومات الى زيادة هللا األغلبى ( أن منصور بن نصير الطنبذي يريد المخالفة‬
‫عليه بتونس‪ ،‬وهويسعى في ذلك‪ ،‬ويكاتب الجند‪ ،‬فلما تحققه سير إليه قائداً اسمه دمحم بن‬
‫حمزة في ثالث مائة فارس‪ ،‬وأمره أن يخفي خبره‪ ،‬ويجد السير إلى تونس‪ ،‬فال يشعر به‬
‫منصور حتى يأخذه فيحمله إليه‪ .‬فسار دمحم ودخل تونس‪ ،‬فلم يجد منصورا ً بهأ‪ ،‬كان قد‬
‫توجه إلى قصره بطنبذة‪ ،‬فأرسل إليه دمحم قاضي تونس‪ ،‬ومعه أربعون شيخأ‪ ،‬يقبحون له‬
‫الخالف‪ ،‬وينهونه عنه‪ ،‬ويأمرونه بالطاعة‪ ،‬فساروا إليه‪ ،‬واجتمعوا به‪ ،‬وذكروا له ذلك؛ فقال‬
‫منصور‪ :‬ما خالفت طاعة األمير‪ ،‬وأنا سائر معكم إلى دمحم‪ ،‬ومن معه إلى األمير‪ ،‬ولكن أقيموا‬
‫معي يومنا هذأ‪ ،‬حتى نعمل له ولمن معه ضيافة‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ وكانت هذه خدعة من منصور بن نصير للقاضى والشيوخ األربعين ‪ .‬خدعهم منصور‬
‫باللحوم والطعام ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬فأقاموا عنده‪ . )،‬وفعل منصور نفس الشىء مع القائد‬
‫العسكرى دمحم بن حمزة ‪ ،‬بعث له البقر والغنم ‪ ،‬وكتب له أنه قادم اليه مطيعا ‪ ،‬تقول‬
‫الرواية‪ (:‬وسير منصور لدمحم ولمن معه اإلقامة الحسنة الكثيرة من الغنم والبقر وغير ذلك‬
‫من أنواع ما يؤكل‪ ،‬فكتب إليه يقول‪ :‬إنني صائر إليك مع القاضي والجماعة؛ فركن دمحم إلى‬
‫ذلك‪،‬وأمر بالغنم فذبحت‪،‬وأكل هوومن معه‪ ،‬وشربوا الخمر‪.).‬‬
‫‪ 3‬ـ وبعدها سجن منصور القاضى والشيوخ وتسلل بجنده وهاجم دمحما بن حمزة وهو فى‬
‫طعامه وشرابه وهزمه وجنده ‪ ( :‬فلما أمسى منصور سجن القاضي ومن معه ‪ ،‬وسار مجداً‬
‫فيمن عنده من أصحابه سرا ً إلى تونس ‪ ،‬فدخلوا دار الصناعة‪ ،‬وفيها دمحماً وأصحابه‪ ،‬فأمر‬
‫بالطبول فضربت‪ ،‬وكبر وهو وأصحابه‪ ،‬فوثب دمحم وأصحابه إلى سالحهم‪ ،‬وقد عمل فيهم‬
‫الشراب‪ ،‬وأحاط بهم منصور ومن معه‪ ،‬وأقبلت العامة من كل مكان‪ ،‬فرجموهم بالحجارة‪،‬‬
‫واقتتلوا عامة الليل‪ ،‬فقتل من كان مع دمحم‪ ،‬ولم يسلم منهم إال من نجا إلى البحر ‪ ،‬فسبح حتى‬
‫تخلص ‪ .‬وذلك في صفر‪).‬‬
‫‪ 9‬ـ وحتى يثق قادة تونس فى منصور طلبوا منه ان يقتل أحد أقارب زيادة هللا حتى يكون‬
‫العداء سافرا بينهما ‪ ،‬تقول الرواية ‪ ( :‬وأصبح منصور‪ ،‬فاجتمع عليه الجند وقالوا‪ " :‬نحن‬
‫ال نثق بك‪ ،‬وال نأمن أن يخليك زيادة هللا‪ ،‬ويستميلك بدنياه‪ ،‬فتميل إليه‪ ،‬فإن أحببت أن نكون‬
‫معك فاقتل أحدا ً من أهله ممن عندك‪ ،" .‬فأحضر إسماعيل بن سفيان بن سالم بن عقال‪،‬‬
‫وهومن أهل زيادة هللا‪ ،‬فكان هوالعامل على تونس‪ ،‬فلما حضر أمر بقتله‪).‬‬
‫‪ 0‬ـ وارسل زيادة جيشا يقوده قريبه ( غلبون ) وهددهم بالقتل إن إنهزموا ‪ ،‬فهزمهم‬
‫منصور ‪ ،‬فخافوا الرجوع الى زيادة فيقتلهم ‪ ،‬فتركوا قائدهم غلبون وانتشروا يفسدون فى‬
‫األرض ويستولون على المدن ‪ ( :‬منها‪ :‬باجة‪ ،‬والجزيرة‪ ،‬وصطفورة ومسر واألربس‬
‫وغيرها ‪ ،‬فاضطربت إفريقية‪ ،‬واجتمع الجند كلهم إلى منصور؛ أطاعوه لسوء سيرة زيادة‬
‫هللا معهم‪ .‬فلما كثر جمع منصور سار إلى القيروان فحصرها في جمادى األولى‪ ،‬وخندق على‬
‫نفسه‪ ،‬وكان بينه وبين زيادة هللا وقائع كثيرة؛ وع ّمر منصور سور القيروان فوااله أهلهأ‪،‬‬
‫فبقي الحصار عليه أربعون يوما ً‪.‬ثم إن زيادة هللا عبأ أصحابه‪ ،‬وجمعهم‪ ،‬وسار معهم الفارس‬
‫والراجل‪ ،‬فكانوا خلقا ً كثيرأ‪ ،‬فلما رآهم منصور راعه ما رأى وهاله‪ ،‬ولم يكن يعرف ذلك من‬
‫زيادة هللا‪ ،‬لما كان فيه من الوهن‪ ،‬فزحف المنصور إليه بنفسه أيضأ ‪ ،‬فالتقوأ ‪ ،‬واقتلوا قتاالً‬
‫شديدأ ‪ ،‬وانهزم منصور ومن معه‪ ،‬ومضوا هاربين‪ ،‬وقتل منهم خلق كثير‪ ،‬وذلك منتصف‬
‫جمادى اآلخرة‪ ،‬وأمر زيادة هللا أن ينتقم من أهل القيروان بما جنوه من مساعدة منصور‬
‫والقتال معه ‪ ..‬وخرب سور القيروان‪).‬‬
‫عام ‪254‬‬
‫‪ 7‬ـ ؛ أرسل زيادة هللا جيشأ إلى مدينة سبيبة‪ ،‬يقوده قريبه ( دمحم بن عبد هللا بن األغلب )‪( ،‬‬
‫وكان بها جمع من الجند الذين صاروا مع منصور‪ ،‬فالتقوا في العشرين من المحرم‪،‬‬
‫واقتتلوأ ‪ ،‬فانهزم ابن األغلب‪ ،‬وعاد هو ومن معه إلى القيروان‪ ،‬فعظم األمر على زيادة هللا‪،‬‬
‫وجمع الرجال‪ ،‬وبذل األموال‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ ( وانصرف منصور إلى تونس‪ ،‬ولم يبق بيد زيادة هللا من إفريقية كلها إال قابس‪،‬‬
‫والساحل‪ ،‬ونفزاوة‪ ،‬وطرابلس‪ ،‬فإنهم تمسكوا بطاعته‪ .‬وأرسل الجند إلى زيادة هللا‪ :‬أن ارحل‬
‫عنأ‪ ،‬وخل إفريقية‪ ،‬ولك األمان على نفسك‪ ،‬ومالك‪ ،‬ومن ضمه قصرك؛ فضاق به وغمه‬
‫األمر‪ ،‬فقال له سفيان بن سوادة‪ :‬مكني من عسكرك ألختار منهم مائتي فارس وأسير بهم‬
‫إلى نفزاوة‪ ،‬فقد بلغني أن عامر بن نافع ( تابع لمنصور ) يريد قصدهم‪ ،‬فإن ظفرت كان الذي‬
‫تحب‪ ،‬وإن تكن األخرى عملت برأيك‪ ،‬فأمره بذلك فأخذ مائتي فارس وسار إلى نفزاوة‪ ،‬فدعا‬
‫برابرها إلى نصرته‪ ،‬فأجابوه‪ ،‬وسارعوا إليه‪ ،‬وأقبل عامر بن نافع في العسكر إليهم‪ ،‬فالتقوأ‪،‬‬
‫واقتتلوأ‪ ،‬فانهزم عامر ومن معه‪ ،‬وكثر القتل فيهم‪).‬‬
‫ثالثا ‪ :‬مسلسل الدماء فى حروب خارجية فى جزيرة صقلية‬
‫عام ‪ : 272‬غزو صقلية بمساعدة ( فيمى ) ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ( جهز زيادة هللا جيشا ً في البحر‪ ،‬وسيرهم إلى جزيرة صقلية‪ ،‬واستعمل عليهم أسد بن‬
‫الفرات‪ ،‬قاضي القيروان‪ ،‬وهومن أصحاب مالك‪ ،‬وهومصنف (األسدية ) في الفقه على‬
‫مذهب مالك؛ فلما وصلوا إليها ملكوا كثيراً منها‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ تملك ( الكثير ) من جزيرة صقلية حدث بمساعدة ( فيمى ) الذى كان قائدا بيزنطيا‬
‫السطول صقلية عينه واليها البيزنطى قسطنطين ‪ ،‬غزا ( فيمى ) سواحل أفريقيا ونهب‬
‫المسلمين‪ .‬ولكن أمر االمبراطور البيزنطى بإعتقال (فيمى ) وتعذيبه فتمرد ( فيمى) واحتل‬
‫مدينة سرقوسة ‪ ،‬وهزم قسطنطين والى صقلية واصبح ( فيمى ملكا )‪ .‬ثم إنهزم ( فيمى )‬
‫اخيرا فهرب الى أفريقيا ‪ ،‬فتحالف مع زيادة هللا األغلبى وأقنعه باالستيالء على صقلية ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تقول الرواية عن فيمى ( وأرسل إلى األمير زيادة هللا يستنجده‪ ،‬ويعده بملك جزيرة‬
‫صقلية‪ ،‬فسير معه جيشا ً في ربيع األول سنة اثنتي عشرة ومائتين‪ ،‬فوصلوا إلى مدينة مارز‬
‫من صقلية‪ ،‬فساروا إلى بالطه الذي قاتل فيمي‪ ،‬فلقيهم جمع الروم‪ ،‬فانهزمت الروم‪ ،‬وغنم‬
‫المسلمون أموالهم ودوابهم‪ ،‬وهرب بالطه إلى قلورية‪ ،‬فقتل فيها ‪ .‬واستولى المسلمون على‬
‫عدة حصون من الجزيرة ووصلوا إلى قلعة تعرف بقلعة الكراث ‪ ،‬وقد اجتمع إليها خلق‬
‫كثير‪ ،‬فخدعوا القاضي أسد بن الفرات أمير المسلمين‪ ،‬وذلوا له‪ ،‬فلما رآهم فيمي مال إليهم‪،‬‬
‫وراسلهم أن يثبتوأ ويحفظوا بلدهم‪ ،‬فبذلوا ألسد الجزية‪ ،‬وسألوه أن ال يقرب منهم‪ ،‬فأجابهم‬
‫إلى ذلك‪ ،‬وتأخر عنهم أيامأ‪ ،‬فاستعدوا للحصار‪ ،‬ودفعوا إليهم ما يحتاجون إليه‪ ،‬فامتنعوا‬
‫عليه‪ ،‬وناصبهم الحرب‪ ،‬وبث السرايا في كل ناحية‪ ،‬فغمنوا شيئا ً كثيرأ ‪ ،‬وافتتحوا عمرانا ً‬
‫كثيراً حول سرقوسة‪ ،‬وحاصروا سرقوسة براً وبحرأ ‪ ،‬ولحقته األمداد من إفريقية‪ ،‬فسار‬
‫إليهم والي بلرم في عساكر كثيرة‪ ،‬فخندق المسلمون عليهم‪ ،‬وحفروا خارج الخندق حفرا ً‬
‫كثيرة‪ ،‬فحمل الروم عليهم‪ ،‬فسقط في تلك الحفر كثير منهم‪ ،‬فقتلوا)‬
‫عام ‪. 273‬‬
‫اسطول بيزنطى يحاول إنقاذ سرقوسة من الحصار ويمنع المسلمين من الهرب بحرا ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ ( ضيق المسلمون الحصار على سرقوسة‪ ،‬فوصل أسطول من القسطنطينية فيه جمع‬
‫كثير‪ ،‬وكان قد حل بالمسلمين وباء شديد ‪ ،‬هلك فيه كثير منهم‪ ،‬وهلك فيه أميرهم أسد بن‬
‫الفرات‪ ،‬وولي األمر على المسلمين بعده دمحم بن أبي الجواري‪ ،‬فلما رأى المسلمون شدة‬
‫الوباء ووصول الروم‪ ،‬تحملوا في مراكبهم ليسيروأ‪ ،‬فوقف الروم في مراكبهم على باب‬
‫المرسي‪ ،‬فمنعوا المسلمين من الخروج ‪.‬فلما رأى المسلمون ذلك أحرقوا مراكبهم‪ ،‬وعادوأ‪.‬‬
‫)‬
‫‪ 2‬ـ عاد المسلمون واستولوا على مدن ‪ ،‬ثم مصرع فيمى ‪ .‬تقول الرواية ‪ ( :‬ورحلوا إلى‬
‫مدينة ميناو‪ ،‬فحصروها ثالثة أيام‪ ،‬وتسلموا الحصن‪ ،‬فسار طائفة منهم إلى حصن جرجنت‪،‬‬
‫فقاتلوا أهله‪ ،‬وملكوه‪ ،‬وسكنوا فيه‪ ،‬واشتدت نفوس المسلمين بهذا الفتح وفرحوا ‪.‬ثم ساروا‬
‫إلى مدينة قصريانة ومعهم فيمي‪ ،‬فخرج أهلها إليه‪ ،‬فقبلوا األرض بين يديه‪ ،‬وأجابوا إلى أن‬
‫يملكوه عليهم‪ ،‬وخدعوه‪ ،‬ثم قتلوه‪).‬‬
‫‪ 3‬ـ البيزنطيون يرسلون جيشا ‪ ،‬ويتبادل الفريقان النصر والهزيمة ‪ .‬تقول الرواية ‪( :‬‬
‫ووصل جيش كثير من القسطنطينية مددا ً لمن في الجزيرة‪ ،‬فتصافوا هم والمسلمون‪ ،‬فانهزم‬
‫الروم‪ ،‬وقتل منهم خلق كثير‪ ،‬ودخل من سلم قصريانة‪ ،‬وتوفي دمحم بن أبي الجواري أمير‬
‫المسلمين‪ ،‬وولي بعده زهير ابن غوث‪ .‬ثم إن سرية المسلمين سارت للغنيمة‪ ،‬فخرج عليها‬
‫طائفة من الروم‪ ،‬فاقتتلوأ ‪ ،‬وانهزم المسلمون‪ ،‬وعادوا من الغد‪ ،‬ومعهم جمع العسكر‪ ،‬فخرج‬
‫إليهم الروم‪ ،‬وقد اجتمعوا وحشدوأ‪ ،‬وتصافوا مرة ثانية ‪ ،‬فانهزم المسلمون أيضأ ‪ ،‬وقتل‬
‫منهم نحو ألف قتيل‪ ،‬وعادوا إلى معسكرهم‪ ،‬وخندقوا عليهم‪ ،‬فحصرهم الروم‪ ،‬ودام القتال‬
‫بينهم‪ ،‬فضاقت األقوات على المسلمين‪ ،‬فعزموا على بيات الروم‪ (،‬الهجوم عليهم ليال )‬
‫فعلموا بهم‪ ،‬ففارقوا الخيم‪ ،‬وكانوا بالقرب منهأ ‪ ،‬فلما خرج المسلمون لم يروا أحدا ً‪ .‬وأقبل‬
‫عليهم الروم من كل ناحية‪ ،‬فأكثروا القتل فيهم‪ ،‬وانهزم الباقون‪ ،‬فدخلوا ميناو‪ ،‬ودام الحصار‬
‫عليهم‪ ،‬حتى أكلوا الدواب والكالب‪ .‬فلما سمع من مدينة جرجنت من المسلمين ما هم عليه‬
‫هدموا المدينة‪ ،‬وساروا إلى مازر‪ ،‬ولم يقدروا على نصرة إخوانهم‪).‬‬
‫عام ‪ : 279‬جيوش من األندلس وافريقية تنقذ المسلمين من الحصار‪ ،‬والمسلمون‬
‫يحاصرون باليرم‬
‫‪ 7‬ـ تقول الرواية ‪ ( :‬ودام الحال كذلك إلى أن دخلت سنة أربع عشرة ومائتين‪ ،‬وقد اشرف‬
‫المسلمون على الهالك‪ ،‬وإذ قد أقبل أسطول كثير من األندلس‪ ،‬خرجوا غزاة‪ ،‬ووصل في ذلك‬
‫الوقت مراكب كثيرة من إفريقية مدداً للمسلمين‪ ،‬فبلغت عدة الجميع ثالثمائة مركب‪ ،‬فنزلوا‬
‫إلى الجزيرة‪ ،‬فانهزم الروم عن حصار المسلمين‪ ،‬وفرج هللا عنهم‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ ( وسار المسلمون إلى مدينة بلرم‪ ،‬فحصروهأ ‪ ،‬وضيقوا على من بهأ ‪ ،‬فطلب صاحبها‬
‫األمان لنفسه وألهله ولماله‪ ،‬فأجيب إلى ذلك‪ ،‬وسار في البحر إلى بالد الروم‪).‬‬
‫عام ‪ : 271‬استسالم باليرم بعد هالك معظم سكانها ‪:‬‬
‫( ودخل المسلمون البلد ( باليرم ) في رجب سنة ست عشرة ومائتين‪ ،‬فلم يروا فيه إال أقل‬
‫من ثالثة آالف إنسان‪ ،‬وكان فيه لما حصروه‪ ،‬سبعون ألفأ وماتوا كلهم؛)‬
‫‪:‬‬ ‫عام ‪271‬‬
‫حروب فى صقلية بين المسلمين (وجرى بين المسلمين‪ :‬أهل إفريقية‪ ،‬وأهل األندلس‪ ،‬خلف‬
‫ونزاع‪ ،‬ثم اتفقوأ‪).‬‬
‫عام ‪ : 274‬هزيمة الروم فى قصريانة ‪:‬‬
‫( وبقي المسلمون إلى سنة تسع عشرة ومائتين‪ ،‬وسار المسلمون إلى مدينة قصريانة‪،‬‬
‫فخرج من فيها من الروم‪ ،‬فاقتتلوا أشد قتال‪ ،‬ففتح هللا على المسلمين وانهزم الروم إلى‬
‫معسكرهم؛ ثم رجعوا في الربيع‪ ،‬فقاتلوهم‪ ،‬فنصر المسلمون أيضأ‪) .‬‬
‫عام ‪ : 225‬تتابع انتصارت االغالبة فى صقلية برا وبحرا‬
‫‪ 7‬ـ ( ثم ساروا سنة عشرين ومائتين وأميرهم دمحم بن عبد هللا إلى قصريانة‪ ،‬فقاتلهم الروم‪،‬‬
‫فانهزموأ‪ ،‬وأسرت امرأة لبطريقهم وابنه‪ ،‬وغمنوا ما كان في عسكرهم وعادوا إلى بلرم‪ .‬ثم‬
‫سير دمحم بن عبد هللا عسكراً إلى ناحية طبرمين‪ ،‬عليهم دمحم بن سالم‪ ،‬فغنم غنائم كثيرة‪ ،‬ثم‬
‫عدا عليه بعض عسكره‪ ،‬فقتلوه‪ ،‬ولحقوا بالروم‪ ،‬فأرسل زيادة هللا من إفريقية الفضل بن‬
‫يعقوب عوضا ً منه‪ ،‬فسار في سرية إلى ناحية سرقوسة‪ ،‬فأصابوا غنائم كثيرة وعادوا؛ ثم‬
‫سارت سرية كبيرة‪ ،‬فغمنت وعادت‪ ،‬فعرض لهم البطريق ملك الروم بصقلية‪ ،‬وجمع كثير‪،‬‬
‫فتحصنوا من الروم في أرض وعر‪ ،‬وشجر كثيف‪ ،‬فلم يتمكن من قتالهم‪ ،‬وواقفهم إلى‬
‫العصر‪ ،‬فلما رأى أنهم ال يقاتلونهم عاد عنهم‪ ،‬فتفرق أصحابه وتركوا التعبئة‪ .‬فلما رأى‬
‫المسلمون ذلك حملوا عليهم حملة صادقة‪ ،‬فانهزم الروم وطعن البطريق‪ ،‬وجرح عدة‬
‫جراحات‪ ،‬وسقط عن فرسه‪ ،‬فأتاه حماة أصحابه‪ ،‬واستنقذوه جريحأ وحملوه‪ ،‬وغنم‬
‫المسلمون ما معهم من سالح ومتاع ودواب ‪ ،‬فكانت وقعة عظيمة‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ ( وسير زيادة هللا من إفريقية إلى صقلية أبا األغلب إبراهيم بن عبد هللا أميراً عليهأ ‪،‬‬
‫فخرج إليهأ‪ ،‬فوصل إليها منتصف رمضان‪ ،‬فبعث أسطوأل ‪ ،‬فلقوا جمعا ً للروم في أسطول‪،‬‬
‫فغنم المسلمون ما فيه‪ ،‬فضرب أبواألغلب رقاب كل من فيه‪ .‬وبعث أسطوالً آخر إلى قوصرة‪،‬‬
‫فظفر بحراقة فيها رجال من الروم‪ ،‬ورجل متنصر من أهل إفريقية‪ ،‬فأتى بهم فضرب رقابهم‪.‬‬
‫وسارت سرية أخرى إلى جبل النار والحصون التي في تلك الناحية‪ ،‬فأحرقوا الزرع وغمنوا‬
‫وأكثروا القتل‪) .‬‬
‫عام ‪ : 227‬حروب سجال ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ ( ثم سير أبواألغلب سرية إلى جبل النار أيضأ ‪ ،‬فغمنوا غنائم عظيمة‪ ،‬حتى بيع الرقيق‬
‫بأبخس األثمان‪ ،‬وعادوا سالمين‪ ،‬وفيها جهز أسطوأل فساروا نحوالجزائر‪ ،‬فغمنوا غنائم‬
‫عظيمة‪ ،‬وفتحوا مدنا ً ومعاقل‪ ،‬وعادوا سالمين‪ ،‬وفيها سير أبواألغلب أيضا ً سرية إلى‬
‫قسطلياسة فغمنوا وسبوأ‪ ،‬ولقيهم العدو‪ ،‬فكانت بينهم حرب استظهر فيها الروم‪ ،‬وسير سرية‬
‫إلى مدينة قصريانة‪ ،‬فخرج إليهم العدو‪ ،‬فاقتتلوأ‪ ،‬فانهزم المسلمون‪ ،‬وأصيب منهم جماعة‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ ( ثم كانت وقعة أخرى بين الروم والمسلمين‪ ،‬فانهزم الروم‪ ،‬وغنم المسلمون منهم تسعة‬
‫مراكب كبار برجالها وشلندس‪ ،‬فلما جاء الشتاء وأظلم الليل رأى رجل من المسلمين غرة‬
‫من أهل قصريانة‪ ،‬فقرب منه‪ ،‬ورأى طريقأ‪ ،‬فدخل منه‪ ،‬ولم يعلم به أحد‪ ،‬ثم انصرف إلى‬
‫العسكر‪ ،‬فأخبرهم فجاؤوا معه‪ ،‬فدخلوا من ذلك الموضع وكبروأ‪ ،‬وملكوا ربضه‪ ،‬وتحصن‬
‫المشركون منهم بحصنة‪ ،‬فطلبوا األمان فأمنوهم‪ ،‬وغنم المسلمون غنائم كثيرة‪ ،‬وعادوا إلى‬
‫بلرم‪).‬‬
‫عام ‪ : 223‬حروب قبيل وفاة زيادة األغلبى ‪:‬‬
‫( وصل كثير من الروم في البحر إلى صقلية‪ ،‬وكان المسلمون يحاصرون جفلوذى‪ ،‬وقد طال‬
‫حصارهأ‪ ،‬فلما وصل الروم رحل المسلمون عنهأ ‪ ،‬وجرى بينهم وبين الروم الواصلين‬
‫حروب كثيرة‪ ،‬ثم وصل الخبر بوفاة زيادة هللا بن إبراهيم بن األغلب‪ ،‬أمير إفريقية‪ ،‬فوهن‬
‫المسلمون ثم تشجعوا‪ ،‬وضبطوا أنفسهم‪) .‬‬
‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬
‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬
‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس إِنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان ِإنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَته ِبعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قت ال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبِي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫مسلسل الدماء فى خالفة المأمون ‪ :‬الهجوم على البيزنطيين (دار الحرب )‬
‫وقت إنشغال المأمون بالثورات التى إشتعلت فى خالفته لم يتعرض لهجوم إنتقامى من‬
‫البيزنطيين ‪ .‬فلما أحكم سيطرته وإستعاد سلطته ووجد بعض الفراغ فى نهاية حكمه ولّى‬
‫وجهه نحو البيزنطيين غازيا مهاجما فى السنوات األخيرة من حياته ( ‪. ) 271 : 270‬‬
‫ومات هناك حيث كان يجهز الثغور ويعززها بالحصون ويشحنها بالمقاتلة لشن عدوان جديد‬
‫‪ .‬مات وقد ختم عمره باالعتداء على من لم يقم باالعتداء عليه ‪ ،‬وهو الذى كان ـ فى الداخل‬
‫ـ يتفادى الحرب ما أمكنه مع الثائرين عليه ‪ .!.‬ونعطى بعض التفصيالت ‪:‬‬
‫عام ‪ : 270‬المأمون يغزو ويتملك بعض الحصون‬
‫‪ 7‬ـ تقول الرواية ‪ ( :‬في هذه السنة سار المأمون إلى الروم في المحرم‪ ،‬وسار المأمون‬
‫على طريق الموصل‪ ،‬حتى صار إلى منبج‪ ،‬ثم إلى دابق‪ ،‬ثم إلى أنطاكية‪ ،‬ثم إلى المصيصة‬
‫وطرسوس‪ ،‬ودخل منها إلى بالد الروم في جمادى األولى‪ ،‬ودخل ابنه العباس من ملطية‪،‬‬
‫فأقام المأمون على حصن قرة حتى افتتحه عنوة‪ ،‬وهدمه ألربع بقين من جمادى األولى‪،‬‬
‫وقيل إن أهله طلبوا األمان فأمنهم المأمون‪ ،‬وفتح قبله حصن ماجدة باألمان‪ ،‬ووجه أشناس‬
‫إلى حصن سندس‪ ،‬فأتاه برئيسه‪ ،‬ووجه عجيفأ وجعفرا ً الخياط إلى صاحب حصن سناذ‪،‬‬
‫فسمع وأطاع‪ . ).‬وتقول رواية أخرى ‪ ( :‬أن المأمون شخص من بغداد لغزو الروم في يوم‬
‫البردان يوم الخميس بعد‬
‫السبت لثالث بقين من المحرم‪ ،‬وكان ارتحاله من الشماسيّة إلى َ‬
‫صالة الظهر لست بقين من المحرم‪ .. ،‬ثم سلك المأمون طريق الموصل حتى صار إلى منبج‬
‫سوس‪ ،‬ثم دخل إلى بالد‬ ‫ثم إلى دابق ثم إلى إنطاكية ثم إلى المصّيصة ‪ ،‬ثم خرج منها إلى َ‬
‫ط َر ُ‬
‫فمن على أهله‪ ،‬ثم أقام على حصن فتحه‬‫الروم للنصف من جمادى األولى فافتتح حصنًا ّ‬
‫عنوة وأمر بهدمه ‪ ،‬وذلك يوم األحد ألربع بقين من جمادى األولى ‪ .‬ووجه أشناس إلى‬
‫حصن فأتاه برئيسه ‪ ،‬ووجه عجيفًا إلى صاحب حصن سنان فسمع وأطاع ‪ .‬وشخص‬
‫المأمون إلى دمشق ‪).‬‬
‫‪ 2‬ـ المستفاد أن المأمون قاد جيشا بنفسه إجتاز به منطقة ( الثغور ) أى التخوم الحربية‬
‫للعباسيين فى مواجهة البيزنطيين ‪ ،‬ثم دخل فى األراضى البيزنطية ــ معتديا ـ فهاجم حصنين‬
‫‪ ،‬يبدو أن األول إستسلم بال مقاومة فعفا عن أهله ‪ ،‬أما اآلخر فقاوم اهله فانهزموا فأمر‬
‫بهدمه ‪ ،‬وال نعرف مصير أهل الحصن المقاومين ‪ .‬وفى نفس الوقت قاد إثنان من قواد‬
‫المأمون جيشين ‪ ،‬وهما أشناس التركى ‪ ،‬وعجيف ‪ ،‬وقد انتصر كل منهما على حصن من‬
‫حصون الروم ‪ .‬وبالتالى تملك المأمون أرضا وحصونا بالغزو ‪ .‬ثم رجع الى دمشق ‪.‬‬
‫صلحا )‬
‫عام ‪ : 271‬المأمون يفتح هرقلة ( ُ‬
‫‪ 7‬ـ تقول الرواية عن عودة المأمون لغزو البيزنطيين ‪ ( :‬في هذه السنة عاد المأمون إلى‬
‫بالد الروم؛ وسبب ذلك أنه بلغه أن ملك الروم قتل ألفا ً وستمائة من أهل طرسوس‬
‫وا لمصيصة‪ ،‬فسار حتى دخل أرض الروم في جمادى األولى‪ ،‬فأقام إلى منتصف شعبان‪ .‬وقيل‬
‫كان سبب دخوله إليها أن ملك الروم كتب إليه وبدا بنفسه‪ ،‬فسار إليه‪ ،‬ولم يقرأ كتابه‪ ،‬فلما‬
‫دخل أرض الروم أناخ على أنطيغوأ‪ ،‬فخرجوا على صلح؛ ثم سار إلى هرقلة‪ ،‬فخرج أهلها‬
‫على صلح‪ ،‬ووجه أخاه إبا إسحاق المعتصم‪ ،‬فافتتح ثالثين حصنأ ومطمورة‪ ،‬ووجه يحيى بن‬
‫أكثم من طوانة‪ ،‬فأغار‪ ،‬وقتل‪ ،‬وأحرق‪ ،‬فأصاب سبيأ ورجع؛ ثم سار المأمون إلى كيسوم‪،‬‬
‫فأقام بها يومين‪ ،‬ثم ارتحل إلى دمشق‪ .).‬أى هناك سببان لعودته للغزو ‪ :‬أحدهما إغارة ملك‬
‫الروم على إحدى الثغور وهى مدينة طرسوس وقتا ‪ 7155‬من أهلها ‪ ،‬والسبب اآلخر ‪ :‬أن‬
‫ملك الروم خالف البروتوكول فى خطاب للمأمون فبدأ بنفسه ثم بالمأمون ‪ .‬وفى هذه الحملة‬
‫التى قادها المأمون إستسلمت له مدينة هرقلة فتملكها صلحا وليس عُنوة ‪ .‬وارسل المأمون‬
‫أخاه ولى عهده المعتصم فافتتح ثالثين حصنا ‪ ،‬وأرسل حملة يقودها يحيى بن أكثم قامت‬
‫بالحرق والتدمير والقتل والسبى ‪.‬‬
‫‪ 2‬ــ وهذا ما تردد تقريبا فى الرواية األخرى ‪ ،‬تقول ‪ ( :‬رجوع المأمون ِإلى أرض الروم‬
‫وفي سبب ذلك قوالن‪ :‬أحدهما‪ :‬أنه ورد عليه الخبر بقتل ملك الروم قو ًما من أهل طرسوس‬
‫والمصيصة زهاء ألف وستمائة فرجع فدخل أرض الروم يوم االثنين إلحدى عشرة ليلة بقيت‬
‫من جمادى األولى فأقام بها إلى نصف شعبان ‪.‬والثاني ِ‪ :‬أن تَوفيل بن ميخائيل كتب إليه فبدأ‬
‫توفيل بأدَنة ووجه خمسمائة رجل من أسرى‬ ‫بنفسه فلم يقرأ الكتاب وخرج فوافته رسل ْ‬
‫المسلمين ‪ ،‬فنزل المأمون في ِ أرض الروم على حصن فخرج على صلح وصار إلى هرقلة‬
‫فخرج على صلج ووجه أخاه أبا إسحاق ففتح ثالثين حصنا ومطمورة وو ٌجه يحيى بن أكثم‬
‫فأغار وقتل وحرق وأصاب سبيًا ثم ارتحل المأمون‪) .‬‬
‫عام ‪ : 271‬البيزنطون يأسرون القائد (عجيف ) ثم يطلقون سراحه‬
‫‪ 7‬ـ تقول الرواية ( وفي هذه السنة‪ :‬دخل المأمون أرض الروم فأناخ على لؤلؤة مائة يوم ثم‬
‫أسيرا في أيديهم ثمانية أيام ثم‬
‫ً‬ ‫رحل عنها وخلف عليها عجيفًا فاختدعه أهلها فأسروه فمكث‬
‫أخرجوه ‪ ،‬وصار توفيل إلى لؤلؤة فأحاط بعجيف فصرف المأمون الجنود إليه ‪ ،‬فارتحل‬
‫توفيل قبل موافاتهم‪ .‬وخرج أهل لؤلؤة إلى عجيف بأمان ‪ .‬وكتب توفيل إلى المأمون يسأله‬
‫الصلح ‪ ).‬أى استسلم أهل مدينة لؤلؤة البيزنطية بعد أن حاصرهم المأمون مائة يوم ‪.‬‬
‫صلحا اى باالتفاق مع أهلها ‪ .‬وبعد رحيل المأامون عنها خدعوا‬ ‫وصارت مملوكة للمأمون ُ‬
‫القائد (عجيف بن عنبسة ) نائب المأمون ‪ ،‬واسروه ‪ ،‬وجاء االمبراطور توفيل فأرسل اليه‬
‫المأمون بجيش فهرب توفيل ‪ ،‬وأطلق أهل لؤلؤة سراح عجيف ‪ .‬وطلب توفيل الصلح من‬
‫المأمون ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وتقول رواية أخرى ( وفيها عاد المأمون إلى بالد الروم‪ ،‬فأناخ على لؤلؤة مائة يوم‪ ،‬ثم‬
‫رحل عنهأ‪ ،‬وترك عليها عجيفأ‪ ،‬فخدعه أهلهأ‪ ،‬وأسروه‪ ،‬فبقي عندهم ثمانية أيام‪،‬‬
‫وأخرجوه‪ ،‬وجاء توفيل ملك الروم فأحاط بعجيف فيه‪ ،‬فبعث إليه الجنود‪ ،‬فارتحل توفيل قبل‬
‫موافاتهم‪ ،‬وخرج أهل لؤلؤة إلى عجيف بأمان‪ ،‬وأرسل ملك الروم يطلب المهادنة فلم يتم‬
‫ذلك‪) .‬‬
‫عام ‪. 271‬التحصين الحربى‬
‫‪ 7‬ـ قام المأمون بتحصين مدينة الطوانة ‪ ،‬وأن يسكنها المقاتلون ‪ ،‬على نحو ما فعل أبوه‬
‫الرشيد من قبل فى مدن الثغور ‪ ،‬بتحصينها وإسكانها المقاتلين ‪ .‬تقول الروايات ‪ ( :‬وجه‬
‫المأمون ابنه العباس إلى أرض الروم في أول يوم من جمادى ‪ ،‬وأمره بنزول الطوانة وبنائها‬
‫‪ .‬وكان قد وجه الفعلة( عمال المبانى ) فابتدأ في بنائها ‪ ،‬وفرضها ً‬
‫ميال في ميل ‪ ،‬وجعل لها‬
‫أربعة أبواب ‪ ،‬وبنى على كل باب حصنًا ‪) .‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى رواية أخرى ( في هذه السنة عاد المأمون إلى سلغوس‪ ،‬ووجه ابنه العباس إلى‬
‫طوانة‪ ،‬وأمره ببنائهأ‪ ،‬وكان قد وجه الفعلة‪ ،‬فابتدأوا في بنائها ميالً بعد ميل‪ ،‬وجعل سورها‬
‫على ثالثة فراسخ‪ ،‬وجعل لها أربعة أبواب‪ ،‬وجعل على كل باب حصنأ‪ ،‬وكتب إلى البلدان‬
‫ليفرضوا على كل بلد جماعة ينتقلون إلى طوانة‪ ،‬وأجرى لهم لكل فارس مائة درهم‪ ،‬ولكل‬
‫راجل أربعين درهم‪. ) .‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى حضور أخيه المعتصم وإبنه العباس مات المأمون فجأة‪ ،‬وتمت البيعة ألخيه‬
‫المعتصم ‪!!.‬‬

‫أخيرا ‪ :‬حتى اليضيع منا طرف الخيط ‪:‬‬


‫نذكركم بعنوان الكتاب ‪ ( :‬مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ـ األصل التاريخى لتقسيم العالم‬
‫فى عصر الخلفاء الى ‪ ":‬دار السالم ودار الحرب ")‬
‫األصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السالم ودار الحرب )‪.‬‬

‫ونذكركم ‪:‬‬
‫‪ 7‬ـ بأن هللا جل وعال لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ‪ ،‬بل خلق البشر جميعا‬
‫أخوة من أب واحد وأم واحدة ‪ ،‬وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ‪ ،‬ال لكى يتقاتلوا ‪،‬‬
‫يقول جل وعال يخاطب البشر جميعا ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها النه ُ‬
‫اس ِإنها َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَك ٍَر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِبي ٌر (‪ )73‬الحجرات )‬ ‫َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ هن ه‬
‫َّللاَ َ‬ ‫ارفُوا ِإ هن أَك َْر َم ُك ْم ِع ْن َد ه ِ‬
‫شعُوبا ً َوقَبَائِ َل ِلتَ َع َ‬
‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن هللا جل وعال أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ‪،‬‬
‫س ْلنَاكَ ِإاله َرحْ َمةً ِل ْل َعالَ ِم َ‬
‫ين (‪ )751‬األنبياء )‬ ‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫‪ 3‬ـ إن هللا جل وعال أمر المؤمنين بالدخول فى السالم كافة ‪ ،‬فقال جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ِين‬
‫ين (‪ )251‬البقرة )‪.‬‬ ‫عد ٌُّو ُمبِ ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان إِنههُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ت ال ه‬ ‫س ْل ِم كَافهةً َوال تَتهبِعُوا ُخ ُ‬
‫ط َوا ِ‬ ‫آ َمنُوا ا ْد ُخلُوا فِي ال ِ ّ‬
‫وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السالم ‪ .‬ولكن الصحابة إتبعوا خطوات‬
‫الشيطان بالفتوحات ‪ ،‬وجعلوها دينا ‪ ،‬نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا‬
‫مستمرة ‪ ،‬ال يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم‬
‫‪ 9‬ـ القتال فى االسالم هو لرد العدوان فقط ‪ ،‬وهذا معنى أن يكون فى سبيل هللا جل وعال ‪.‬‬
‫أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ‪ ،‬وليس هناك توسط ‪ :‬إما‬
‫قتال دفاعى فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ‪ ،‬أى فى‬
‫َّللا َوالهذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِبي ِل ه ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬ ‫سبيل الشيطان ‪ .‬يقول جل وعال عن نوعى القتال ‪( :‬الهذ َ‬
‫ت )(‪ )11‬النساء )‬‫غو ِ‬ ‫س ِبي ِل ال ه‬
‫طا ُ‬ ‫َكفَ ُروا يُقَاتِلُ َ‬
‫ون فِي َ‬
‫‪ 0‬ـ فى حمامات الدم هذه كانوا يحرصون على تأدية صالة شكلية ‪ ،‬كانت صالة شيطانية‬
‫وتسوغ لهم‬
‫ّ‬ ‫ألنها لم تكن تنهاهم عن الفحشاء والمنكر بل كانت تأمرهم بالفحشاء والمنكر‬
‫سفك الدماء والسلب والنهب واالسترقاق باسم االسالم العظيم‪ .‬كانت صالتهم الشيطانية حربا‬
‫لرب العزة جل وعال‪!.‬‬
‫بعون هللا جل وعال نلتقى فى الجزء الثانى الذى يبدا بالخليفة المعتصم العباسى ‪.‬‬

You might also like