You are on page 1of 181

http://coptic-treasures.

com
‫واحتاق "الهيكل ى‬
‫ر‬ ‫خراب اورشليم ى‬
‫الثان"‬ ‫الثان‪،‬‬

‫بقلم المؤرخ اليهودى يوسفوس‬


‫(ح ‪011-73‬م)‬

‫تعريب مع تقديم وحواش‬


‫د‪ /‬ب ــوال س ــاويرس‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الثان"‬ ‫ر‬
‫الثان واحتاق "الهيكل ي‬
‫خراب أورشليم ي‬ ‫إسم الكتاب‪:‬‬
‫المؤرخ اليهودي يوسيفوس‬ ‫المؤلف‪:‬‬
‫األب الدكتور‪ /‬بول ساويرس‬ ‫تعريب‪:‬‬
‫ر‬
‫األلكتونية‬ ‫األوىل‬ ‫الطبعة‪:‬‬
‫مشوع الكنوز القبطية‬ ‫الناش‪:‬‬

‫بمباركة األب الدكتور بول ساويرس يتشف مشوع الكنوز‬


‫الرسم ألعمال األب بول‬ ‫ون‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫القبطية بأن يكون الناش األلكت ي‬
‫ساويرس عىل ر‬
‫اإلنتنت‪.‬‬
‫األكاديم من الكتب هو بحسب النسخة‬
‫ي‬ ‫عىل أن يكون األقتباس‬
‫المنشورة عىل مشوع الكنوز القبطية‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫َ َ‬
‫الم َال َي ُزولُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ُ َ َ ْ ُ َ ُ َ‬
‫السماء واألرض تزوالن‪ ،‬و ِلكن ك ي‬
‫(لو‪)77:30‬‬

‫َ ُ ُ َ ُ َ ُ ُ َ ُ َ َ َ َ َْ َ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ‬
‫ي ِإل ْي َها ك ْم َمرٍة‬ ‫«يا أورش ِليم يا أورش ِليم يا ق ِاتلة األن ِبي ِاء ور ِاجمة المرس ِل‬ ‫‪‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬
‫اخ َها َت ْح َت َج َن َ‬ ‫َ ََ َ َ‬ ‫َ ْ ُ َْ َ‬
‫اح ْي َها َول ْم‬ ‫أ َردت أن أ ْج َم َع أ ْوالد ِك ك َما ت ْج َم ُع الدجاجة ِفر‬
‫ُ َ ُُ ْ ُ َُ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫مت ‪، 73:37،73‬‬ ‫ت ِريدوا‪ .‬ه َوذا َب ْيتك ْم ُي ر َتك لك ْم خ َرابا »‬
‫لو‪71:07‬‬

‫ِّ ْ ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ ٌ َ َْ ْ َ َ َ َ ُ َ ٌ ْ َ َ‬
‫يذ ِه‪َ « :‬يا ُم َعل ُم انظ ْر َما‬
‫و ِفيما هو خ ِارج ِمن الهيك ِل قال له و ِاحد ِمن تال ِم ِ‬ ‫‪‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه ِذ ِه ال ِح َج َارة َوه ِذ ِه األ ْب ِن َية؟»‬
‫ََ‬ ‫َْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ‬
‫يمة؟ ال ُي ر َتك َح َج ٌر عىل َح َج ٍر‬
‫ُ ََ ْ ُ َ‬
‫اب َي ُسوع‪« :‬أتنظ ُر ه ِذ ِه األب ِنية الع ِظ‬ ‫َف َأ َج َ‬

‫مر ‪3 ،0 :07‬‬ ‫ض»‬ ‫َال ُي ْن َق ُ‬

‫ََ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َْ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫« ِإن ِك لو ع ِلم ِت أن ِت أيضا حّت ِ يف يو ِم ِك هذا ما هو ِلسال ِم ِك‪ .‬ول ِك ِن‬ ‫‪‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ َْ ُْ َ َ َ َ‬
‫ف ع ْن ع ْين ْي ِك‪ .‬ف ِإنه‬ ‫اآلن قد أخ ِ ي‬
‫َُ َ ُ َ‬ ‫رْ َ َ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ََْ ُ‬ ‫َ َْر َ ٌ َُ ُ‬
‫اِصون ِك ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ك‬ ‫ب‬
‫ِ ِ‬ ‫ون‬ ‫ق‬‫د‬‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ك‬
‫ِ ِِ‬ ‫اؤ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫ك‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫يط‬ ‫ستأ ِ ين أيام وي ِح‬
‫ََ‬
‫يك َح َجرا عىل َح َج ٍر‬
‫َ َ َ رْ ُ ُ َ‬ ‫ََْ ُ َ ََ‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫يك وال يتكون ِف ِ‬ ‫يك ِف ِ‬ ‫كل ِجه ٍة‪ ،‬وي ه ِدمون ِك وب ِن ِ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ألن ِك ل ْم ت ْع ِر ِ يف ز َمان اف ِتق ِاد ِك» لو ‪11-10 :01‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫نصف رومان من القرن الميالدى االول‪ ،‬قيل أنه للمؤرخ اليهودى‬ ‫تمثال‬
‫يوسفوس‪ .‬محفوظ‬
‫‪Ny Carlsberg Glyptotek, Copenhagen, Denmark‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ت ـ ـوط ـ ـئـة‬
‫التجمة ف سنة ‪2891‬م‪ ،‬ولكن أحد‬‫المفتض ان تنش هذه ر‬‫ر‬ ‫كان من‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الباء الساقفة وهو عزيز عىل جدا عندما عرضت عليه المسودات األوىل‬
‫لمراجعتها والتقديم لها‪ ،‬ما أن قرأ العنوان ر‬
‫حّت نظر إىل مبتسما وقال‪:‬‬
‫عمل تاريخ بحت‪ ،‬وصحيح ان المؤلف األصىل‬ ‫ٌ‬ ‫صحيح أن هذا العمل‬
‫يهودى الجنس والعقيدة‪ ،‬ولكن وقت نشه غت مالئم بتاتا‪ .‬فال ُيعقل أن‬
‫تسىع الدولة عىل الصعيد السياىس نحو تطبيع العالقات مع اشائيل‪ ،‬ثم‬
‫يخرج كتاب من الكنيسة المرصية بعنوان "خراب أورشليم وا ر‬
‫حتاق‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫حّت ولو كان هذا تاري خ قديم !!!‪ .‬وهكذا ُحب َست ر‬
‫الهيكل" ر‬
‫التجمة األوىل‬ ‫ِ‬
‫ف الدرج منذ ذلك التاري خ‪.‬‬
‫ولك ن اآلن‪ ،‬وق د مض ت عق ود ع ىل التطبي ع ‪ ..‬وألن الت اري خ الع ام‬
‫والمس يخ (بفروع ه المتنوع ة) وزن رّت الخاص ة ال رّت ين بىع أل أ مره ا‪،‬‬
‫حيان عىل المغيب واق رتب قارب تغرن من المين اء األخ ت‬ ‫ر‬ ‫وأوشكت شمس‬
‫ُ‬
‫حي ص ل عاص ف ول ري ح‪ ،‬رأي ت إع ادة ترجم ة ه ذا العم ل‪ -‬ل يس ع ىل‬
‫المس توى الش عّت والمخترص كم ا ك ان ف الثمانين ات‪ -‬ولك ن بأس وب اك اديم‬
‫وتوثيق للمعلومات الواردة به‪ ،‬مع تغذيت ه ب الحواىس والتوض يحات الالزم ة‬
‫و ُ‬
‫المالحظ ات الض افية والتعليق ات المناس بة‪ .‬ونشه بموق ع الكن وز القبطي ة‬
‫إلثارة شهية الباحثي والدارسي‪ ،‬بل والقارىء العادى‪.‬‬
‫القاهرة‪1129 ،‬م‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫مـقـدم ــة المعرب‬
‫لم تحظ المكتبة العربية ربتجمة كاملة ألعمال هذا المؤرخ الكبت‪ .‬وكل ما عرف ه‬
‫ُ‬
‫الق ارىء الع رن منه ا ا تل ك الش ذرات ال رّت قرأه ا هن ا وهن اك ف كتاب ات الكت اب نق ال‬
‫عن ه‪ .‬وف الواق ع هن اك بع ض الع ذر ف ع دم ظه ور ترجم ة عربي ة ش املة لك ل اعم ال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رجم ت كله ا إىل اللغ ة العربي ة س وف‬‫ؤل ف إن ت ِ‬
‫يوس فوس‪ ،‬ذل ك ان اعم ال ه ذا الم ِ‬
‫تح ول دون تحقيق ه‬ ‫تس تغرق مجل دات عدي دة م ن الحج م الكب ت‪ ،‬األم ر ال ذى ُ‬
‫ص عوبات جم ة‪ .‬إذ يك ف ان تعل م ان ر‬
‫التجم ة النجلتي ة ألعمال ه تش مل مجل دا م ن‬
‫ُ‬
‫‪ 898‬ص فحة م ن القط ع الكب ت ومطب وع بخ ط ص غت‪ .‬فض ال ع ن ان بع ض كتب ه وا‬
‫تتح دن ع ن ت اري خ ب ّت اشائي ل تعتم د ع ىل الس فار المقدس ة للعه د الق ديم وه ذه‬
‫يمكن الرجوع إليها ف كتب أخرى‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وف الحقيق ة‪ ،‬عن دما أردت أن أتص دى لنش كتاب ات ه ذا الم ؤرخ تح تت كث تا‬
‫م ن أي ن أب دأ‪ .‬ه ل أب دأ بعمل ه ع ن ف رتة م ا ب ي العه دين وال رّت تغ زمني ا أح دان نح و‬
‫أربعمائ ة س نة قب ل الم يالد‪ .‬أم بف رتة م ا بع د الم يالد وا تش مل خ راب أورش ليم‬
‫واحتاق الهيكل‪ ،‬وتشتت اليهود‪ ،‬وا أحدان نحو سبعي سنة بعد الميالد‪.‬‬ ‫ر‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫جزء من الف رتة الثاني ة كرص ٍب م ن‬
‫أقدم لك هنا ً‬ ‫وأختا‪ ،‬رأيت عزيزى القارىء أن‬
‫وكشاهد تاريخ عىل أن السموات واألرض ت زولن أم ا كلم ة واح دة‬
‫ِ‬ ‫التشويق والتذوق‪،‬‬
‫تخ رج م ن ف م الس يد المس يح ف ال ت زول‪ .‬وأن م ا نط ق ب ه ع ن اورش ليم(‪ )2‬باكي ا ل م يك ن‬
‫نب وة ن ّت‪ ،‬ول "تكه ن ِعل م" م ن باح ص‪ ،‬ب ل ك ان رؤي ة برص ُمس َبقة ‪ -‬م ن الع ِالم بك ل‬
‫ىسء ‪ِ -‬لم ا ه و عتي د أن يح دن بع د ص عوده بالجس د ب أربعي س نة‪ .‬ع ىل أم ل أن أع ود‬
‫فتة م ا ب ي العه دين ر‬ ‫ُ ُ‬
‫فأعد لك ر‬
‫بالتتي ب ال زمّت ال ذى عرض ها ه و‬ ‫وعشت ِ‬ ‫إن شاء الرب ِ‬

‫‪ - 2‬انظر‪ :‬مت ‪ ، 73:37،73‬لو‪71:07‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ب ه‪ ،‬خاص ة وأن ه كان ت ل ه تعليق ات ومالحظ ات تاريخي ة وجغرافي ة وعام ة ع ىل نح و‬
‫ُيوضح النص الكتان للقارىء العادى‪.‬‬
‫إن أعم ال يوس فوس غزي رة ف الواق ع‪ .‬فع ىل س بيل المث ال بينم ا ه و يشد ت اري خ‬
‫ش عب اشائي ل يزودن ا أيض ا بمعلوم ات ع ن اس فار العه د الق ديم تض ء لن ا بع ض‬
‫جوان ب ن ص م ا م ن نص وق الكت اب المق دس وكي ف فهم ه اليه ود‪ .‬وم ن هن ا ج اءت‬
‫الم َس م ب "ح روب اليه ود"‪ .‬إذ يس اعدنا‬
‫أهمي ة نش ه ذا الج زء م ن عم ل يوس فوس ُ‬
‫ُ َ‬
‫المقدس ة‬ ‫كتاب يوسفوس ه ذا ع ىل فه م الكث ت م ن النق اص الخاص ة بالمب ان اليهودي ة‬
‫ال رّت كان ت موج ودة ف زمان ه‪ :‬كي ف كان ت وع ىل م ا كان ت تحت وى‪ ،‬وم دى فخامته ا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ُمقدما تفستا رمزيا لها شيقا‪ .‬وأيضا‪ ،‬كيف كانت تم َارس الطق وس اليهودي ة ان ذاك بم ا‬
‫ُيضء لنا فهم بعض فقرات العهد القديم‪.‬‬
‫كم ا س نجد ف ه ذا الج زء ال ذى ر‬
‫اختن اه ل ك ت أمالت ك اهن يه ودى ع ىل األح دان‬
‫َ‬
‫العص يبة ال رّت أل َم ت ب اليهود غاي ة ف التش ويق‪ ،‬وص الحة للتأم ل فيه ا ف ك ل زم ان وم ن‬
‫ِقب ل ك ل انس ان‪ .‬وف تعليقات ه ع ىل مجري ات األم ور ال رّت ش اهدها بعيني ه وس معها‬
‫ُ‬ ‫بنفسه من أصجابها قد تختلف معه ف الرأى ولكنك نظل ر‬
‫تحتمه وتثمن جهده‪.‬‬
‫رف‬
‫ٍ‬ ‫وأيضا أعجبّت ف كتابة يوسفوس لكتابه هذا أنه كان ُيحلل دوافع كل‬
‫أول من منظور واحد من هذا الطرف ذاته‪ ،‬ثم كواحد من الطرف اآلخر‪ .‬فكان ف‬
‫تحليله آلراء العدو اليهودى – وهو داخل المعسكر الرومان‪ُ -‬يتز نقاص القوة لدى‬
‫اليهود بأقض جهد ممكن‪ .‬ثم يتكلم – وهو أيضا داخل المعسكر الرومان‪ -‬عما‬
‫قصد‬
‫ٍ‬ ‫يخاف منه الرومان‪ ،‬بل ونقاص ضعفهم بكل ِصاحة‪ .‬وف هذا‪ ،‬أظهر دون‬
‫مسبق منه‪ ،‬ولكن ربما كمحلل ومؤرخ وهو ينظر إىل مجرى األحدان بعد انتهائها‬
‫تماما بعي ائر من أعىل‪ ،‬يد هللا ر‬
‫الّت كانت تتمم ما سبق أن نطق به السيد المسيح‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ ،‬منذ أربعي سنة سابقة لهذا الحدن‪.‬‬ ‫عن مدينة أورشليم وهيكلها‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫يوسفوس‬
‫اسمه باليونانية تيطس فالفيوس يوسفوس ‪ .Titus Flavius Josephus‬أما‬
‫اسمه العتى ‪ -‬كما ذكر هو بنفسه ف مقدمته لكتابه المعنون "حروب اليهود"‪ -‬فهو‬
‫"يوسف ابن متياس"(‪ .)1‬وهو من جهة األب "كاهن عتان" سليل أشة كهنوتية‪ ،‬أما‬
‫أمه فكانت تنحدر من نسل الحشمونيي الذين ملكوا عىل يهوذا ر‬
‫حّت ‪44‬م‪.‬‬
‫يرى الدارسون أنه قد ُو ِلد ف حواىل سنة ‪73‬م(‪ )7‬بمنطقة الجليل‪ ،‬عندما كانت‬
‫اليهودية إقليما خاضعا للسيادة الرومانية‪ .‬وعاش إىل حواىل سنة ‪211‬م(‪.)4‬‬
‫وف ريعان شبابه عندما كان ف التاسعة عش من عمره بعد‪ ،‬انضم إىل‬
‫ر‬
‫الّت كانت إحدى األشياع الدينية الرئيسية لدى اليهود قبل دمار‬
‫شيعة الفريسيي ي‬
‫الهيكل‪.‬‬
‫وعندما اندلعت الحرب اليهودية‪ /‬الرومانية األوىل (‪31-73‬م) كان أول ًمن‬
‫حارب ضد الرومان‪ ،‬حسبما سجل هو بنفسه ف مقدمته لكتاب "حروب اليهود"‪.‬‬
‫فقد كان حاكما للجليل وقاد القوات اليهودية المتمردة ضد ُ‬
‫الحكم الرومان ف هذه‬
‫الحرب‪ ،‬إىل أن وقع ف األش سنة ‪73‬م‪ ،‬بعد صمود مدينته يوتاباتا ‪( Jotapata‬أو‬
‫يودفات) الجليلية أمام الحصار الرومان لمدة ‪ 41‬يوما أو ‪ 43‬يوما ف رأى اخر‪.‬‬
‫وعندما صار فسبسيان امتا ورا عتقه سنة ‪78‬م‪ ،‬ومنحه الرعوية الرومانية‪،‬‬
‫وأسبغ عليه السم المتا ورى‪ .‬ومن هنا اإلضافة "فالفيوس تيطس" إىل اسمه‪.‬‬
‫وانضم إىل حاشية تيطس ابن فسبسيان ف زحفه عىل اورشليم ودحره لقوات‬

‫ُ‬
‫‪ -1‬المقدمة‪ .2 ،‬ومن هنا ل يصح كتابته ف اللغة العربية "يوسيفوس" فمن المعروف لغويا أن‬
‫َ َ‬ ‫سائر األسماء ُيضاف إليها َ‬
‫المقطع فإنه سيكون‬ ‫المقطع (وس) ف اللغة اليونانية‪ .‬فإذا ما حذفنا هذا‬
‫– تبعا لهذا الشكل العرن الثان‪ -‬يوسيف وهذا بالطبع خالف "يوسف" بالعتية والعربية‪.‬‬
‫‪ -7‬أى بعد صعود السيد المسيح بقليل‪.‬‬
‫‪ -4‬أى أنه قد عاِص بالتأكيد مار يوحنا الحبيب وقرأ ‪ -‬وهو المؤرخ المثقف ‪ -‬األناجيل وسمع‬
‫الكرازة بالمسيح‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫المتمردين هناك بزعامة الطاغية سيمون بن جيوراس ‪ ،Gioras‬والطاغية يوحنا‪.‬‬
‫واحتاق هيكل‬‫ر‬ ‫شاهد عيان لخراب مدينة اورشليم الثان المهول‪،‬‬ ‫ومن ثم كان‬
‫ِ‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ ،‬ونقض أسوار أورشليم من اساساتها( )‪.‬‬ ‫هتودس (الهيكل الثان)‪ ،‬والبيت‬
‫ثم رافقه ف موكبه إىل روما حيص عاش هناك ف قرص وهبه له المتا ور‪ ،‬وتفرغ‬
‫للكتابة‪ ،‬ول سيما تاري خ أمته‪.‬‬
‫حسب ما علمه من ر‬
‫التان والمصادر اليهودية المتوفرة له يف ذلك الحي‪.‬‬
‫ر‬
‫الّت شهدها‬
‫وتحتوي هذه المؤلفات عىل تقارير مفصلة خاصة بشأن األحدان ي‬
‫يوسفوس بنفسه‪ ،‬ويعتت معظم المؤرخي المعاِصون هذه التقارير ذات مصداقية‬
‫ر‬
‫الّت تتناول تاري خ الشق األوسط يف القرن الميالدى‬
‫ويستندون إليها يف األبحان ي‬
‫األول‪.‬‬
‫أعمال يوسفوس‬
‫لقد تمثلت أعماله ف‪:‬‬
‫‪" -2‬حرب اليهود"‪ ،‬أو "الحرب اليهودية"‪ ،‬أو "تاري خ الحرب اليهودية"‪ .‬وهذا‬
‫ِّ‬
‫العمل‪ُ ،‬يقدر الباحثون تاري خ كتابته بسنة ‪ 3‬تقريبا(‪ .)7‬وهو باللغة‬
‫اليونانية ومن المحتمل أن يوسفوس كتبه باآلرامية أول‪ ،‬ثم ترجمه إىل‬
‫اليونانية‪ ،‬غت أن لم تبق إل النسخة اليونانية‪.‬‬
‫ف هذا العمل ُي َسجل يوسفوس تاري خ الحروب اليهودية ا رلّت حدثت ف أيامه‬
‫ُ‬ ‫عت َت" – كما يقول ر‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫المتجم النجلتى لعمله "أدق ما ك ِتب عن هذه‬ ‫ف سبعة كتب "ت‬
‫بناء عىل معلوماته الشخصية"‪ .‬وف عمله‬ ‫الحرب‪ .‬وقد وصف الكثت من األحدان ً‬
‫ُ ِّ‬ ‫ر ُ‬
‫الّت ك ِتبت ف أيامه عن الرومان تعظم من‬ ‫هذا ُيبي ف المقدمة كيف أن الكتابات‬
‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫بخس من قدر اليهود للغاية‪ ،‬وتقدم روايات غت دقيقة‪ .‬وأنه لهذا‬
‫شأنهم بشدة وت ِ‬

‫‪-‬انظر‪ :‬لو ‪11-10 :01‬‬


‫ِّ‬
‫‪ - 7‬هناك َمن ُيفدر تاري خ كتابته بسنة ‪39‬م‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫عمد إىل ترجمة ما ُكتبه ر‬
‫الّت كتبها لبّت و نه بلغتهم‪ ،‬أى بالعتانية‪ ،‬إىل اللغة‬ ‫السبب َ‬
‫اليونانية لفائدة التابرة‪ ،‬أى لفائدة األجانب غت اليهود وتعريفهم بتاري خ اليهود‪َ ،‬‬
‫ومن‬
‫هم‪ .‬وف الواقع يلمس القارىء العادى قبل الباحص مدى الموضوعية ف عمله هذا‪.‬‬
‫ثم يتناول ف كتابه(‪ )3‬األول من " ُكتبه" السبعة "لعمله" هذا األحدان ر‬
‫الّت وقعت ما‬
‫بي استيالء انتيوخس ابيفانس عىل أورشليم إىل موت هتودس الكبت‪ .‬وا تغ‬
‫ويغ الكتاب الثان أحدان ‪ 78‬سنة من‬‫مدة ‪ 273‬سنة‪ .‬وينقسم إىل ‪ 77‬فصل‪ُ .‬‬

‫موت هتودس إىل ارسال نتون لفسبسيان إلخضاع اليهود‪ .‬ويتكون من ‪ 11‬فصل‪.‬‬
‫الكتاب الثالص أحدان سنة واحدة وا من حضور فسبسيان إىل أخذه‬ ‫ُ‬
‫ويغ‬
‫الكتاب الرابع سنة واحدة من حصار جمال‬ ‫لجمال‪ ،‬وهو عشة فصول‪ .‬وأيضا ُيغ‬
‫نحو ستة‬ ‫إىل قدوم تيطس لحصار اورشليم‪ ،‬وهو ‪ 22‬فصل‪ .‬والكتاب الخامس يغ‬
‫شهور من مخء تيطس لحصار اورشليم إىل الشدة العظيمة ر‬
‫الّت كان اليهود فيها‪،‬‬
‫وهو ‪ 27‬فصل‪ .‬والكتاب السادس يغ مدة حواىل شهر‪ ،‬من الضيقة العظم ر‬
‫الّت‬
‫وصل إليها اليهود إىل أخذ تيطس ألورشليم‪ ،‬وهو ‪ 21‬فصول‪ُ .‬‬
‫ويغ الكتاب السابع‬
‫مدة حواىل ثالن سنوات‪ ،‬من استيالء تيطس عىل اورشليم إىل فتنة القتاون‪ ،‬وهو‬
‫‪ 22‬فصل‪.‬‬
‫ر‬
‫واألكت انتشار‬ ‫وقد كتب أعماله باللغة اليونانية بنفسه‪ ،‬ألنها كانت اللغة العامة‬
‫للثقافة والمثقفي‪ ،‬إىل جانب كتابتها باللغة العتانية ذاتها‪ ،‬مما يدل عىل سعة ِعلمه‪.‬‬

‫ر‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ذكر ى‬ ‫ُ ِّ‬


‫مقدمان ألعمال اآلباء األولي وهو أن كتاباتهم ف‬ ‫قارن العزيز بما سبق أن قلته ف‬ ‫‪ -3‬دعّت ا‬
‫ذلك الزمان لم تكن تعرف تقسيماتنا الحالية للكتابة من‪ :‬مجلد‪ ،‬وكتاب‪ ،‬وأبواب‪ ،‬وفصول‪،‬‬
‫وفقرات‪ .‬وإنما ف أغلبها كانت عىل شكل‪ ،‬مقال بتعبتنا الحاىل‪ُ ،‬مقسم بصفة عامة إىل أجزاء كانوا‬
‫ُ‬
‫جزء منها "كتاب"‪ .‬وأحيانا يقسمون هذه "الكتب" إىل فصول ل تتجاوز ف كثت من‬ ‫يسمون كل ٍ‬
‫األحيان فقرة بمفهومنا الحاىل‪ ،‬وقد يكون سطرين أو ثالن‪ .‬لذلك يلزم الوىع بأنّت حرصا عىل‬
‫سهولة الرجوع إىل النص ف لغاته األجنبية سأستخدم هنا ذات تعبتاته مع وعينا بمضمونها الخاق‬
‫بها‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫يقول عنه المؤرخ يوسيبيوس القيرصى "أنه خليق بنا أن نصدقه بسبب أمانته‬
‫ف المواضيع األخرى"‪.‬‬
‫‪ -1‬عاديات اليهود" ‪ ،Antiquities of the Jews‬أو "العاديات اليهودية"‬
‫‪ ،Jewish Antiquities‬أو "اثار اليهود" ‪ ،Archeology of the Jews‬أو " اآلثار‬
‫اليهودية" ‪ً . Jewish Archeology‬‬
‫ويقدر الدارسون تاري خ كتابته ف حواىل سنة‬
‫‪84‬م‪.‬‬
‫ف هذا العمل َيشد تاري خ شعب اشائيل من ابراهيم ر‬
‫حّت بداية الحرب‬ ‫ِ‬
‫مع روما ف عشين كتابا‪ .‬وذلك حسب ر‬
‫التان والمصادر اليهودية ر‬
‫الّت كانت‬
‫متوفرة انذاك‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪" -7‬ضد إبيون"‪ .‬وإبيون هذا كان لغويا أو ن َحويا‪ ،‬وكتب ِكتابا وقتذاك ضد‬
‫ومبينا أفضلية اليهودية‪ .‬وأرى أن القديس‬‫اليهود‪ .‬فأظهر يوسفوس أقدمية اليهود‪ُ ،‬‬

‫كليمندس السكندرى قد اعتمد عىل‪ ،‬أو عىل األقل ا لع عىل‪ ،‬هذا العمل ف كتابه‬
‫استوماتيس" أى المتفرقات(‪ )9‬ف بابه الذى يوضح فيه مديونية الفالسفة‬ ‫" ر‬
‫اليونانيي ألسفار العهد القديم‪ً .‬‬
‫ويقدر الدارسون تاري خ كتابته ف حواىل سنة ‪83‬م‪.‬‬
‫‪" -4‬حياة فالفيوس يوسفوس" أو "الستة الذاتية لفالفيوس يوسفوس"‬
‫ً‬
‫ويقدر الدارسون تاري خ كتابته ف حواىل سنة ‪88‬م‪.‬‬
‫ُ‬
‫ويعلق أحد الباحثي عىل اعماله قائال أتها تزودنا برؤية قيمة ليهودية القرن‬
‫الميالدى األول‪ ،‬وبخلفية قيمة للمسيحية األوىل‪ .‬وأقول أنا أن إشاراته إىل المسيحية‬
‫واىل السيد المسيح الذى لبد وأن يكون قد استمع إىل أحد تالميذه قبل سنة ‪211‬م‪،‬‬
‫لم تكن مباشة باعتباره كان فريسيا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن اشارته عن "يسوع" ر‬
‫الّت ترد يف‬

‫‪ - 9‬انظر ترجمته للمعرب عىل موقع الكنوز القبطية‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ُ‬
‫كتابه "العاديات اليهودية" ت َعد أول وأقدم اشارة إىل السيد المسيح كشخصية‬
‫َ‬
‫تاريخية ُو ِجدت ف زمن معي ومكان معي‪.‬‬
‫نسب خطأ إىل يوسفوس عمل بعنوان "خطاب يوسفوس إىل اليونانيي‬ ‫كما ُي َ‬
‫ر‬
‫الحقيف – كما أثبت الدارسون‪ -‬هو‬ ‫بشأن الجحيم ‪ ."Hades‬فهذا العمل كاتبه‬
‫هيبوليتس الرومان ‪ Hippolytus of Rome‬وعنوانه األصىل "ضد افال ون‪ ،‬عن‬
‫علة الوجود"‪.‬‬
‫‪+++++‬‬
‫هذا الكتيب‬
‫ف ُكتيبنا هذا ر‬
‫اجتأت األجزاء الخاصة بإتمام ما نطق به رب المجد عن أورشليم‬
‫ُ‬
‫وهيكلها‪ ،‬مما كتبه يوسفوس بنفسه ف "الحروب اليهودية"‪ .‬لذلك حافظت عىل‬
‫أرقام " ُكتبه" وعىل تقسيم ر‬
‫المتجم إىل اإلنجلتية للكتاب إىل فصول وفقرات ُمرقمة‬
‫لتسهيل اإلشارة إليها والرجوع إليها ف مصدرها النجلتى‪.‬‬
‫ُ‬
‫اعتدت ف اعماىل السابقة عىل وضع الضافات ر‬ ‫ُ‬
‫الّت‬ ‫وأحب أن أنوه إىل أنّت قد‬
‫ُ‬
‫يستلزمها النص النجلتى عند التعريب حرصا عىل السياق اللغوى أو لتوضيح‬
‫ُ‬
‫وجدت ر‬ ‫َ‬
‫المتجم إىل‬ ‫قوسي ُمربعي هكذا [ ]‪ .‬ولكن ف هذا العمل‬ ‫المعّت بي‬
‫ر‬
‫وبكتة‪ .‬ولهذا‬ ‫النجلتية قد استخدم هو هذا الشكل من األقواس بصفة رئيسية‬
‫ُ‬
‫وضعت عىل إضافا رن ر‬
‫مّت اضطررت إىل ذلك هامشا برقم ثابت ف سائر المواضع‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫الّت أضفت فيها كلمة ما‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫"حروب اليهـود"‬

‫الكتاب األول‬
‫(ويشتمل عىل احدان مدة ‪ 273‬سنة‪ .‬من استبالء انتيوخس ابيفانس‬
‫ُ‬
‫‪ EPIPHANES ANTIOCHUS‬عىل أورشليم إىل موت هتودس الكبت)‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب األول‪ :‬الفصل االول‬
‫(كيف ِأخذ انتيوخس مدينة أورشليم‪ ،‬و َسلب ونهب الهيكل‪.‬وأيضا بشأناعمال‬
‫َ‬
‫المكابيي‪ :‬متياس ويوداس‪ ،‬وموت الثان)‬

‫َ‬
‫(‪ )2/2/2‬ف ذات الوقت الذى كان فيه انتيوخس الذى كان ُيدىع ابيفانس ف‬
‫نزاع مع بطلميوس(‪ )8‬السادس بشأن حقه ف كل اقليم سوريا‪ ،‬وقعت فتنة عظيمة‬
‫بي الرجال المقتدرين ف اليهودية‪ ،‬وكانوا يقصدون الستيالء عىل ُ‬
‫الحكم‪ ،‬إذ كان ُ‬
‫كل‬
‫قادر للخضوع ألقرانه‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬حاز‬
‫ٍ‬ ‫واحد من أولئك الرجال ذوى الكرامة غت‬
‫ٍ‬
‫أونياس ‪ – Onias‬أحد رؤساء الكهنة‪ -‬السبق‪ ،‬و رد أبناء وبيا من المدينة‪ .‬فهربوا‬
‫رشدين] لقواده‪ ،‬وأن يقوم بحملة عىل‬ ‫ُ‬
‫إىل انتيوخس‪ ،‬وتوسلوا له أن يستخدمهم [م ِ‬
‫اليهودية‪.‬‬
‫ولما كان الملك ُي ِّعد لذلك من قبل‪ ،‬أذعن لهم‪ .‬وهجم عىل اليهود بغتة بجيش‬
‫عظيم‪ ،‬واستوىل عىل مدينتهم بالقوة‪ .‬وقتل جمعا عظيما ممن كانوا ُيشايعون‬
‫بطلميوس‪ ،‬وأرسل جنوده لينهبوهم بال رحمة‪ ،‬وأفسد الهيكل أيضا‪ ،‬وأبطل الممارسة‬
‫الدائمة لتقديم ذبائح الكفارة اليومية لمدة ثالن سنوات وستة أشهر‪.‬‬
‫وهرب أونياس رئيس الكهنة إىل بطلميوس الذى وهبه مكانا ف منطقة‬
‫هليوبوليس حيص بّت مدينة تشبه اورشليم‪ ،‬و[شيد] هيكال مثل هيكلها‪ ،‬وسنتكلم‬
‫عنه ر‬
‫أكت فيما بعد‪.‬‬

‫‪ -8‬أنا اعلم أن الشكل الدارج لهذا السم ف الكتابات العربية المرصية هو بطليموس‪ ،‬ولكنّت اتبّت‬
‫هنا الشكل العرن الذى قدمه الدكتور نصخ ف كتاباته عن العرص البتن فهو أقرب تعريب‬
‫للشكل النجلتى لهذا اإلسم‪ .‬كما يكتب أيضا بتولم أو بطولم‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫نحو لم‬
‫ٍ‬ ‫(‪ )1/2/2‬واآلن‪ ،‬لم يكن انتيوخس راضيا ل بأخذه للمدينة عىل‬
‫يتوقعه‪ ،‬ول بغنائمه‪ ،‬ول بالمذبحة العظيمة ر‬
‫الّت فعلها هناك‪ ،‬أجت اليهود ‪ -‬وهو‬
‫مغلوب من أهوائه الطاغية‪ ،‬ومتذكرا ِلما عاناه أثناء الحصار ‪ -‬عىل التخىل عن قواني‬
‫بلدهم‪ ،‬وعىل إبقاء أولدهم بال ختان‪ ،‬وعىل تقديم لحم الخنازير ف الذبائح عىل‬
‫عتتين منهم‪.‬‬ ‫الّت عارضها جميعهم‪ُ ،‬فاعدم الكثتون من ُ‬
‫الم َ‬ ‫المذبح‪ .‬تلك األمور ر‬
‫ِ‬
‫ومارس باخيدس ‪ Bacchides‬أيضا الذى ُارسل لحماية الحصن – إذ ر‬
‫تلف‬ ‫ِ‬
‫هذه األوامر الشيرة‪ ،‬ر‬
‫والّت تالقت مع بيعته التبرية – كل انواع الشور األفظع‪،‬‬
‫فعذب ر‬
‫أكت الموا ني إجالل رجال رجال‪ ،‬وهدد مدينتهم كل يوم بالخراب‪ .‬إىل أن‬
‫هيج أختا ‪ -‬بتطرفه ف أفعاله الشيرة‪ -‬الفقراء لإلنتقام ألنفسهم‪.‬‬

‫(‪ )7/2/2‬ونتيجة لذلك تسلح متياس ابن اسامونس ‪ - Asamoneus‬احد‬


‫الكهنة الذين عاشوا ف قرية مودين ‪( Modin‬؟؟؟؟) هو وعائلته‪ ،‬وكان له فيها‬
‫كتة حراس‬ ‫خمسة ابناء‪ .‬وقتل باخيدس بالخناجر‪ ،‬ثم هرب اىل الجبال خوفا من ر‬
‫[العداء]‪ .‬وتبعه جمع غفت ر‬
‫حّت أنه تشجع ونزل من الجبال لمحاربة جتالت‬
‫انتيوخس‪ .‬فرصب هم و ردهم من اليهودية‪ .‬ونتيجة لنجاحه هذا صار أمتا لشعبه‬
‫بكامل رضائهم‪ .‬ثم مات وخلفه ف ُ‬
‫الحكم ابنه األكت يوداس‪.‬‬

‫افتض يوداس أن انتيوخس لن يهدأ‪ ،‬جمع جيشا من موا نيه‪،‬‬ ‫(‪ )4/2/2‬وإذ ر‬

‫وكان أول َمن ُيتم معاهدة صداقة مع الرومان‪ ،‬ثم رد ابيفانس من البالد عندما قام‬
‫بحملة ثانية عليه‪ ،‬وألحق به هزيمة شديدة هناك‪ .‬وإذ تحمس بهذا النجاح العظيم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫انقض عىل الحامية ر‬
‫الّت كانت ف المدينة ألنها لم تكن قد ازيلت بعد‪ ،‬واخرجهم من‬
‫الّت كانت جز ًء من المدينة ُ‬
‫ويدىع‬ ‫المدينة العليا و رد الجنود اىل [المدينة] السفىل ر‬

‫القلعة‪ .‬وعندئذ استحوذ عىل الهيكل وجعله تحت سلطانه‪ ،‬و هر المكان كله‪ ،‬وسور‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫حواليه‪ ،‬وصنع أوان جديدة للخدمات المقدسة‪ ،‬وأحرصها إىل الهيكل ألن األوان‬
‫األوىل كانت قد تنجست‪ .‬وبّت أيضا مذبحا جديدا‪ .‬وبدأ يقرب الذبائح‪.‬‬

‫(‪ (1/4/2‬وعندما ر‬
‫استدت المدينة نظامها المقدس مرة أخرى‪ ،‬مات انتيوخس‬
‫وخلفه ابنه انتيوخس ف المملكة‪ ،‬وأيضا ف كراهيته لليهود‪.‬‬

‫(‪)21‬‬
‫خمسي ألف من المشاة‪ ،‬وخمسة‬ ‫(‪ ) /2/2‬وهكذا جمع انتيوخس هذا‬
‫الف من الفرسان‪ ،‬وثماني فيال‪ ،‬وزحف خالل اليهودية إىل الجزاء الجبلية‪ .‬فأ خذ‬
‫الّت كانت مدينة صغتة‪ ،‬ولكن ف مكان كان ُيدىع بيت‬ ‫أول بيت سورا ‪ Bethsura‬ر‬

‫زخرياس حيص كان الممر ضيقا‪ ،‬قابله يوداس بجيشه‪ )1/ /2( .‬ومع ذلك‪ ،‬وقبل أن‬
‫تلتحم القوات ف معركة‪ ،‬رأى اليعازر اخو يوداس فيال ضخما عاليا ُمزينا بتج كبت‬
‫ُمذهب وقوات عسكرية تحرسه‪ ،‬فظن أنه فيل انتيوخس نفسه‪ ،‬فاندفع نحوه وشق‬
‫لنفسه ريقا بي قوات األعداء ر‬
‫حّت وصل اىل الفيل‪ .‬ولما كان الفيل مرتفعا جدا لم‬
‫يستطع أن يصل اىل ذلك الشخص الذى ظن أنه الملك‪ .‬فأخذ يطعن بسالحه بطن‬
‫وسحق تحته‪ .‬وإذ لم يفعل ر‬
‫أكت من أنه حاول أمرا عظيما‪،‬‬ ‫حّت سقط عليه ُ‬
‫الوحش ر‬
‫ِ‬
‫أظهر أنه فضل المجد عن الحياة‪.‬‬
‫اما ذاك الرجل صاحب هذا الفيل فلم يكن سوى رجل خاق‪[ ،‬وتظاهر بأته]‬
‫انتيوخس‪ .‬وأن اليعازر لم يفعل شيئا ر‬
‫اكت‪ ،‬بهذا الهجوم الجرىء‪ ،‬سوى أنه أظهر أنه‬
‫أمل ف أن يكون هذا العمل مسلكا مجيدا‪.‬‬
‫اختار الموت عندما كان لديه مجرد ٍ‬
‫فأل ألخيه (يوداس) بكيف ستنتىه‬ ‫بل إن هذا الحدن غت المتوفع أع‬
‫المعركة كلها‪.‬‬

‫‪ -21‬أى اإلبن‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫وف الحقيقة‪ ،‬حارب اليهود ف هذه المعركة بشجاعة لمجة ويلة‪ ،‬لكن قوات‬
‫ُ‬
‫الملك إذ كانت فائقة ف العدد‪ ،‬وكان الحظ ف جانبها‪ ،‬حازت عىل النرص‪ .‬وعندما ق ِتل‬
‫ٌ‬
‫عدد كبت من رجاله‪ ،‬أخذ يوداس الباقي معه وهرب إىل قمة جوفنا(‪.Gophna )22‬‬
‫وهكذا ذهب انتيوخس إىل أورشليم‪ ،‬ومكص هناك بضعة أيام ألنه احتاج إىل‬
‫مؤونة ثم مض ف ريقه‪ ،‬وترك حامية خلفه عىل نحو ما راه كافيا لحراسة المكان‪،‬‬
‫ر‬
‫ولكنه سحب باف جيشه ليقضوا شتائهم ف سوريا‪.‬‬

‫(‪ )7/2/2‬واآلن بعد أن رحل الملك‪ ،‬لم يكن يوداس خامال فقد جاء إليه كثتون من‬
‫شعبه‪ .‬فجمع حوله‬
‫ُ َ‬
‫أولئك الذين هربوا من المعركة‪ ،‬وقام بمعركة مع جتالت انتيوخس ف قرية تدىع‬
‫"أداسا" ‪ .Adasa‬وإذ كان شديدا جدا عىل أعدائه ف المعركة‪ ،‬وقتل عددا غفتا‬
‫منهم‪ُ ،‬ق ِتل هو نفسه أختا‪ .‬ولم تمض أيام كثتة بعد ذلك ر‬
‫حّت وقع أخوه يوحنا ف‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫مكيدة ضده بواسطة حزب أنتيوخس وقتل بواسطتهم‪.‬‬

‫‪ -22‬جوفنا مدينة فلسطينية كانت تقع ف قسم بنيامي‪ .‬وكان يوسفوس يعتتها تىل اورشليم‬
‫مباشة ف الهمية‪ ،‬ويضمها عادة باركاباتا‪ .‬وقد استوىل عليها فسبسيان ف حملته عىل فلسطي‪.‬‬
‫وعندما زحف تيطس بجيشه عت قيرصية والسامرة اجتاز من خاللها‪ .‬وقد جعلها يوسيبيوس‬
‫القيرصى اشكول الكتابية ودعاها "فاليس بوترى" وحدد موقعها بخمسة عش ميال من اورشليم‬
‫عىل الطريق إىل نيابوليس(نابلس اآلن)‪ .‬وا اآلن قرية بنفس اسمها القديم "جوفنا" واغلبها‬
‫مسيحيون‪[ .‬عن ‪]Dictionary of Greek and Roman Geography, 1854.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‬
‫(ويشتمل عىل مدة ستة أشهر تقريبا من مخء تيطس لحصار أورشليم‬
‫الّت أصبح اليهود ُمهددون فيها بالنحطاص)‬
‫إىل الشدة القصوى ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل األول‬
‫ُ ُ‬
‫(بشأن التحريض عىل الفتنة ف أورشليم‪ ،‬والبؤس المرعب الذى ابت ِل َيت‬
‫به المدينة من جراء ذلك)‬

‫( ‪ )2/2/‬وعندما بدأ تيطس يجتاز ف تلك الصحراء ر‬


‫الّت تقع بي مرص وسوريا‬
‫نظم قواته ف‬ ‫ُ‬ ‫(‪ )21‬ر‬
‫عىل النحو السابق اإلشارة إليه ‪ ،‬أن إىل قيرصية عاقدا العزم عىل أن ي ِ‬
‫ذلك المكان قبل أن يبدأ الحرب‪.‬‬
‫وف الواقع‪ ،‬بينما كان ُيساعد أباه ف األسكندرية عىل تثبيت ُ‬
‫الحكم الذى كان‬
‫هللا قد أسبغه عليه حديثا‪ ،‬خدن أن انتعشت الفتنة ف أورشليم وانقسمت إىل ثالن‬
‫ُ َ‬
‫فئات متناحرة‪ .‬كل فئة تحارب ضد األخريتي ‪ .‬وكانت كل زمرة تنقسم أيضا عىل‬
‫نفسها‪ .‬ول شك ف أن هذا التجزىء ف مثل هذه الحالت الشيرة يمكن أن يكون أمرا‬
‫جيدا‪ ،‬وأنه من ِفعل العدالة اإللهية‪ .‬وأما بالنسبة للهجوم الذى قام به الغيورون عىل‬
‫ُ‬
‫واف‪ :‬من‬
‫شح من قبل عىل نحو ٍ‬ ‫الشعب والذى أحسبه أنا بداية خراب المدينة فقد ِ‬
‫سوء وصل‪ .‬ولكن بالنسبة للفتنة الحالية‪ ،‬فإن المرء ل‬
‫أين نشأ‪ ،‬وكيف كان‪ ،‬وإىل أى ٍ‬
‫ُيخ ء إن دعاها فتنة مولودة من فتنة أخرى‪ ،‬وأنها مثل حيوان ر‬
‫مفتس ازداد جنونا‬
‫بسبب افتقاره إىل الطعام الخارج فبدأ يلتهم ذات جسده‪.‬‬

‫( ‪ )1/2/‬ألن اليعازر بن سيمون‪ -‬الذى كان سبب النفصال األول للغيورين‬


‫وجعلهم ر‬
‫يعتلون ف الهيكل‪ -‬قد أظهر غضبا شديدا عىل أعمال يوحنا‬ ‫ْ‬ ‫عن الشعب‪،‬‬
‫ِ‬
‫الّت كان يقوم بها كل يوم ضد الشعب ألن هذا الرجل لم يكف قط عن‬ ‫الوقحة ر‬

‫‪ -21‬ف كتبه السابقة من هذا العمل‪ .‬أى ف أبوابه السابقة من هذا الكتاب‪ .‬ر‬
‫والّت حذفناها هنا‬
‫رغبة ف اإليجاز‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ر‬
‫الحقيف هو أنه لم يستطع الخضوع لطاغية ٍخالف نفسه‪ .‬وإذ‬ ‫القتل‪ .‬ولكن السبب‬
‫كان تواقا إىل استحواذ كل القوة والسلطان ف يده‪ ،‬انفصل عن يوحنا‪ ،‬وأخذ‬
‫لمساعدته يوداس ابن خلكياس‪ ،‬وسيمون ابن ازرون اللذان كانا من أعظم الرجال‬
‫قوة‪ .‬وكان معه أيضا حزقيا ابن خوبار وهو رجل من البارزين‪ .‬وكان ٌ‬
‫كل منهم يتبعه‬
‫عدد كبت من الغيورين‪ .‬فاحتل أولئك دار الهيكل الداخلية ووضعوا أياديهم عىل‬
‫ُ َ‬
‫المقدسة لذلك الدار‪ .‬وإذ كانت لديهم وفرة من‬ ‫البوابات المقدسة‪ ،‬وعىل الواجهات‬
‫المؤن المخصصة لإلستعمالت المقدسة تشجعوا ولم يتشككوا ف الستفادة بها‪.‬‬
‫ومع ذلك كانوا خائفي من جراء ِقلة عددهم‪ .‬وعندما وضعوا أياديهم هناك لم‬
‫يتحركوا من المكان الذى كانوا فيه‪.‬‬
‫أما بالنسبة ليوحنا فقد حاز عىل متة كبتة تفوق تلك ر‬
‫الّت لليعازر إذ كان‬
‫بقدر لم يكن اليعازر يتمتع بمثله‪ .‬ولكن أعدائه كانوا فوق رأسه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الحشد الذى يتبعه‬
‫قادر عىل أن يشن أية غارة عليهم بدون ىس ٍء من الرعب‪ ،‬كان غضبه‬
‫وإذ كان غت ٍ‬
‫عليهم شديدا جدا ألن يدعهم ف راحة‪ .‬فعىل الرغم من أنه قد عان من األذى من‬
‫أليعازر وحزبه ر‬
‫أكت من منازلتهم‪ ،‬إل أنه مع ذلك لم يكف عن اإلغارة عليهم ر‬
‫حّت أنه‬
‫ُ‬
‫كل منهما ضد اآلخر‪ ،‬حيص كانت السهام ت رلف من‬
‫كانت هناك هجمات مستمرة من ٍ‬
‫بغضهم عىل بعض‪ .‬وتتدنس الهيكل ف كل مكان بالقتلة‪.‬‬

‫( ‪ )7/2/‬واآلن‪ ،‬بعدما صارت المدينة العليا وجزء من [المدينة] السفلية‬


‫تحت سلطان الطاغية سيمون ابن جيوراس ‪ - Gioras‬الذى استدعاه الشعب عىل‬
‫أمل أن ُيساعدهم ف هذه المحنة العظيمة ا رلّت كانوا فيها‪ -‬أخذ يشن غارات عنيفة‬
‫عىل يوحنا وحزبه ألنهم كانوا يحاربون من فوق أيضا‪ ،‬وكان موقعه تحتهم ف هجومه‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪)27‬‬
‫أسفل أولئك الذين كانوا فوقهم‪ .‬ولذلك حدن أن‬ ‫عليهم‪ .‬كما كانوا هم أيضا‬
‫ُ‬
‫اصيب يوحنا بسهولة بأذى وخسارة عظيمة ألنه كان يحارب ف كال الجانبي‪ .‬ونفس‬
‫الّت كانت ألليعازر وحزبه من فوق‪ -‬حيص كان هو أسفلهم‪ -‬كانت ا ذاتها ر‬
‫الّت‬ ‫المتة ر‬

‫له بالنسبة لسيمون حيص كان موقعه أعىل‪ .‬لهذا السبب كان يصد بسهولة الهجمات‬
‫الّت ر‬
‫تأن عليه من أسفل بأسلحة ملقاة بأياديهم فقط‪ .‬ولكنه كان مضطرا لصد أولئك‬ ‫ر‬

‫حرب‪ ،‬ألنه كان‬


‫ٍ‬ ‫الذين كانوا يرشقونه بسهامهم من الهيكل من فوقه بواسطة الت‬
‫َ‬ ‫ر ُ‬
‫الّت [تستخدم] ف إلقاء السهام والرماح‬ ‫لديه عدد ليس بقليل من تلك اآللت‬
‫دافع عن نفسه ضد أولئك الذين‬ ‫ُ‬ ‫والحجارة‪ ،‬ر‬
‫والّت بواسطتها لم يستطع فقط أن ي ِ‬
‫كانوا ُيحاربونه‪ ،‬ولكنه َ‬
‫قتل ر‬
‫أكت من ذلك العديد من الكهنة الذين كانوا ف خدماتهم‬
‫ُُ‬
‫المقدسة‪ .‬إنهم لم يقاوموا أولئك الذين فتنوا بكل أنواع العقوق‪ ،‬ولكنهم كانوا‬
‫يسمحون ألولئك الذين يرغبون ف تقديم ذبائحهم(‪ )24‬ولو أن ذلك كان بإرتياب وحذر‬
‫( ‪)2‬‬
‫يفتشون الغرباء – الذين رغم الترصي ح الذى تلقوه‬ ‫بالنسبة لآلهاىل‪ .‬فقد كانوا‬
‫(‪)27‬‬
‫إىل الساحة‪ ،‬كانوا بذلك‬ ‫منهم‪ -‬كانوا قساة معهم إىل حد بعيد‪ .‬ولىك يدخلون‬
‫ُ َ‬
‫الّت كانت ت رلف بواسطة اآللت كانت تندفع‬
‫يصتون ضحايا هذا الشغب‪ .‬ألن السهام ر‬
‫بقوة ر‬
‫حّت أنها كانت تمر فوق جميع المبان وتصل بعيدا إىل المذبح والمزار نفسه‬
‫وتستقر عىل الكهنة وعىل أولئك الذين كان يتصادف وجودهم ف خدمات مقدسة‪،‬‬
‫لدرجة أن كثتين من األشخاق الذين أتوا إىل هناك بغتة عظيمة من أقاىص األرض‬
‫قربوا ذبائحهم ف هذا الموضع اإلحتفاىل الذى كان ُيعد ُمقدسا من جميع البش‪،‬‬
‫ُلي ِّ‬

‫سقطوا هم أنفسهم أمام ذبائحهم ورشوا بدمائهم المذبح الذى كان ُمكرما من جميع‬

‫‪ -27‬أى يوحنا وحزبه‪.‬‬


‫‪ -24‬أن يقدموها‪.‬‬
‫‪ -2‬أى مثتو الفتنة‬
‫‪ - 27‬أى الغرباء‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ر‬
‫المون الغرباء مع األهاىل‪ ،‬والنجسي مع‬ ‫الناس‪ :‬يونانيي وبرابرة‪ ،‬واختلطت جثص‬
‫ُ ِّ‬
‫الكهنة‪ ،‬وصارت دماء كافة الجثص تشكل بحتات ف الدار المقدسة ذاتها‪.‬‬
‫واآلن‪" ،‬أيتها المدينة التعسة‪ ،‬أى بؤس أعظم من هذا‪ ،‬كابدتيه من الرومان‬
‫تعود بعد موضعا لئقا هلل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بنار من كراهيتك األهلية‪ ،‬ألنك لم‬
‫طهروك ٍ‬
‫ِ‬ ‫عندما جاءوا ُلي‬
‫وجعلت‬
‫ِ‬ ‫ِصت لحدا ألجساد شعبك‪،‬‬‫ِ‬ ‫ول يمكنك بعد أن تستمرى ف الوجود بعدما‬
‫البيت ُ‬
‫المقدس نفسه جبانة ف حربك األهلية هذه‪ .‬ولكن ربما تصتين أحسن مرة‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫وجد خرابك"‪ .‬ولكن يجب عىل‬
‫نت فيما بعد غضب هللا الذى هو م ِ‬
‫أخرى إن سك ِ‬
‫نفىس أن تكف عن هذه العوا ف عمال بقواعد التاري خ حيص أن هذا ليس الوقت‬
‫المناسب للنحيب الو ّت ولكن للشد التاريخ‪ .‬لذلك أعود إىل األحدان ر‬
‫الّت تلت‬
‫هذه الفتنة‪.‬‬

‫( ‪ )4/2/‬واآلن‪ ،‬كانت هناك ثالثة مجموعات متنافرة ف المدينة‪ ،‬كل منها‬


‫منفصل عن اآلخر‪ :‬أليعازر وحزبه‪ ،‬الذى حافظ عىل البكور المقدسة وجاء ضد‬
‫يوحنا وكؤوسه‪ .‬وكان أولئك الذين كانوا مع يوحنا‪ ،‬يسلبون وينهبون العامة ويخرجون‬
‫بحمية ضد سيمون‪ .‬وسيمون هذا كانت له مؤونته من المدينة ف مواجهة مثتى‬
‫ر‬
‫الفي‪.‬‬
‫ولذلك عندما كان يوحنا يتعرض لغارة من كال الجانبي‪ ،‬كان يجعل رجاله‬
‫يدورون ُ‬
‫ويلقون سهامهم عىل أولئك الموا ني الذين يهجمون عليه من األروقة ر‬
‫الّت‬
‫كانت ف حوزته‪ ،‬بينما كان هو يواجه الذين يهاجمونه من الهيكل بواسطة الت‬
‫ُ‬
‫حربه‪ .‬فإذا ما تحرر ف أى وقت من أولئك الذين كانوا فوقه – األمر الذى كان يحدن‬
‫مرارا ف بعض األحيان‪ ،‬بسبب تعبهم أو ُسكرهم‪ -‬كان يشن هجمات ر‬
‫أكت أمنا وبعدد‬
‫كبت عىل سيمون وحزبه‪ .‬وكان يفعل ذلك أيضا عىل أى جزء من المدينة مهما كان‪.‬‬
‫وكان يحرق البيوت ر‬
‫الّت يكون بها حنطة ومؤن أخرى‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ونفس األمر كان يفعله سيمون حيص كان هو أيضا يغت عىل المدينة عندما‬
‫مد لخدمة الرومان بتدمت ما‬ ‫َ‬
‫يخلد اآلخرون إىل الراحة‪ .‬كما لو كانوا يفعلون هذا عن ع ٍ‬
‫تمتلكه المدينة لمقاومة الحصار‪ .‬وب هذا كانوا يقطعون أعصاب قوتهم الذاتية‪.‬‬
‫الّت حول الهيكل وصارت قفرا ُمهيئا‬
‫احتقت كل األماكن ر‬ ‫ونتيجة لذلك‪ ،‬حدن أن ر‬

‫الّت كان يمكن أن تكف لحصار‬‫كل الحنطة ر‬ ‫ر‬


‫واحتقت تقريبا ُ‬ ‫كل من جانبيه‪.‬‬
‫للقتال ف ٍ‬
‫سنوات عديدة‪ .‬وهكذا‪ُ ،‬أ ِخذوا بواسطة المجاعة ر‬
‫الّت كان من المستحيل أن يتعرضوا‬
‫لها لو لم ُيمهدوا الطريق لها بمثل هذا اإلجراء‪.‬‬

‫( ‪ ) /2/‬واآلن‪ ،‬إذ انهمكت المدينة ف حرب من كل جانب بي أولئك الخونة‬


‫وحشود األشار‪ ،‬كان شعب المدينة بينهم مثل جسد كبت ممزق إىل قطع‪ .‬وكان‬
‫الرجال المسني والنساء ُ‬
‫المسنات بها(‪ )23‬ف ضيقة من كوارثهم الداخلية إىل الحد‬
‫الذى تاقوا فيه للرومان‪ ،‬وترجوا بشغف الحرب الخارجية لىك ما يتخلصوا من بؤسهم‬
‫ذعر وخوف رهيب‪ ،‬ولم يكن لديهم أية فرصة‬
‫المحىل‪ .‬وكان الموا نون أنفسهم ف ٍ‬
‫للتشاور ف تغيت سلوكهم ولم يكن هناك أى رجاء ف اتفاق مع أعدائهم‪ ،‬ول أية‬
‫فرصة للتفكت ف الهرب فقد كان الحرس ف كل مكان‪ ،‬وكذا رؤساء اللصوق‪ .‬وعىل‬
‫الرغم من أن كل واحد من مثتى الشغب كان ضد اآلخر ف األمور األخرى‪ ،‬لكنهم مع‬
‫ذلك اتفقوا عىل قتل أولئك الذين أرادوا أن يسالموا الرومان‪ ،‬أو أولئك الذين ارتابوا يف‬
‫مشتك(‪ .)29‬إنهم لم يتفقوا ف ىس ٍء إل هذا‪:‬‬‫أن لهم أى ميل للتخىل عنهم‪ ،‬كأنهم عدو ر‬

‫وهو قتل أولئك األيرياء‪ .‬وكانت أيضا ضجة أولئك المتقاتلي ل تكف نهارا وليال‪،‬‬
‫ولكن عويل النائحات فاقتها‪ ،‬ولم تكن هناك أية مناسبة لهن ليكففن عن العويل ألن‬
‫فواجعهن تالحقت واحدة بعد األخرى‪ .‬وعىل الرغم من الذعر الشديد‪ ،‬كن ممنوعات‬

‫‪ - 23‬أى بالمدينة‪.‬‬
‫‪ - 29‬للفئات المتناحرة‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫من النواح الخارج‪ .‬ولكن ف انحصارهن بالخوف‪ ،‬حاولن إخفاء مشاعرهن الداخلية‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فكن يتعذبن داخليا دون أن يجرؤن عىل فتح شفاههن والتأوه‪ .‬ولم ُيعط أى إعتبار‬
‫ألولئك الذين كانوا ما زالوا أحياء ر‬
‫حّت من أقارب هم‪ .‬ولم يكن هناك أى اهتمام بدفن‬
‫واحد يائس من نفسه‪ .‬ألن أولئك الذين لم يكونوا بي مثتى‬ ‫ر‬
‫المون‪ ،‬فقد كان كل‬
‫ٍ‬
‫الشغب‪ ،‬لم تكن لديهم رغبة كبتة ف أى ىسء إذ كانوا كأشخاق يتوقعون هالكهم‬
‫ر‬
‫اآلن شيعا‪ .‬أما مثتو الشغب أنفسهم‪ ،‬فكانوا يدوسون‪ -‬وهم يحاربون بعضهم بعضا‬
‫ر‬
‫المون حيص كانت مكدسة ف أكوام فوق بعضها البعض‪ .‬وإذ يستمدون‬ ‫‪ -‬فوق جثص‬
‫أكت وحشية فوقها‪ .‬وكانوا ر‬
‫أكت‬ ‫الّت تحت أقدامهم‪ ،‬يصتون ر‬
‫غيظا جنونيا من الجثص ر‬

‫من ذلك ما زالوا يتفنون ف وسيلة أو أخرى تكون مميتة ألنفسهم‪ .‬وعندما كانوا‬
‫يعقدون العزم عىل ىسء‪ ،‬كانوا ينفذونه بال رحمة ول ريتكون أية ريقة للتعذيب أو‬
‫التبرية‪ .‬كال‪ ،‬بل أن يوحنا قد أساء استعمال الموارد ُ‬
‫المقدسة واستخدمها ف بناء‬
‫الت حربه‪.‬ألن الشعب والكهنة كانوا قد صمموا من قبل عىل ترميم الهيكل وتعلية‬
‫ُ َ‬
‫المقدس عشين ذراعا علوا‪ .‬وأحرص الملك أغريباس من لبنان‪ ،‬بنفقات كثتة‬ ‫البيت‬
‫ومشقة عظيمة‪ ،‬تلك المواد المالئمة لهذا الغرض ‪ -‬أجزاء من الخشب الجيد جدا‬
‫للنظر بسبب استقامتها وكتها‪ -‬ولكن الحرب اندلعت وتعطل العمل‪ ،‬فقطعها يوحنا‬
‫وأعدها لبناء "األبراج" إذ وجدها ويلة بما يكف للغرض منها ف صد المقاومي‬
‫الذين كانوا يحاربونه من الهيكل من فوقه‪ ،‬فأحرصها ونصبها خلف الفناء الداخىل ف‬
‫مواجهة رف الرواق الغرن حيص كان هناك فقط يمكن نصبها ألن الجزء اآلخر من‬
‫هذا الرواق كانت به درجات كثتة عىل نحو ل يمكنهم أن يكونوا قريبي من األروقة‬
‫بما فيه الكفاية‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )7/2/‬وهكذا كان يوحنا ي رتج أن يكون شديدا جدا بالنسبة ألعدائه بواسطة‬
‫(‪)28‬‬ ‫هذه اآللت ُ‬
‫المشيدة بعقوقه‪ ،‬ولكن هللا نفسه أظهر أن تعبه سيكون بال فائدة له‬
‫وذلك بجلب الرومان عليه قبل أن يرفع َأيا من بروجه‪ .‬ألن تيطس عندما أخذ ً‬
‫جزء‬
‫ر‬
‫من قواته معه وأمر باف القوات أن يقابلوه ف اورشليم‪ ،‬زحف من قيرصية‪ .‬وكان معه‬
‫ثالثة فيالق تلك ر‬
‫الّت رافقت أبيه عندما خرب اليهودية‪ ،‬مع الفيلق الثان عش الذى‬
‫كان مثل اآلخرين متمتا ببسالته‪ .‬وهكذا زحفوا اآلن برشاقة أعظم لينتقموا ألنفسهم‬
‫من اليهود متذكرين ما عانوه سابقا منهم‪ .‬وقد أمر الفيلق الخامس من هذه الفيالق‬
‫أن ُيقابلوه عن ريق عمواس‪ ،‬والعاش عن ريق أريحا‪ .‬ثم تحرك هو بنفسه أيضا‬
‫ساعدة ر‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫الّت أرسلها‬ ‫مع الباف‪ .‬وإىل جانب أولئك سارت أيضا القوات اإلضافية الم ِ‬
‫أكت عددا من‬ ‫جدير بالعتبار رأن لمساعدته من سوريا فصار اآلن ر‬
‫ٌ‬ ‫الملوك‪ ،‬مع عدد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رسلوا مع موكيانوس إىل‬
‫ختتوا من هذه الفيالق األربعة وا ِ‬
‫ذى قبل‪ .‬وأولئك الذين ا ِ‬
‫ُ‬
‫ايطاليا‪ ،‬ش ِغلت أماكنهم بأولئك الجنود الذين أتوا من مرص مع تيطس وكانوا ألفي‬
‫نتخبي من الجيوش ر‬ ‫ُ َ‬
‫الّت بالسكندرية‪ .‬وقد تبعه أيضا ثالثة الف‬ ‫من الرجال الم‬
‫ُمنتخبي من أولئك الذين كانوا يحرسون نهر الفرات‪ .‬وجاء أيضا تيباريوس الكسندر‬
‫واألكت نفعا بسبب صدق رغبته من جانب وفطنته من جانب‬ ‫ر‬ ‫الذى كان صديقا له‬
‫ُ ُ‬
‫اخر‪ .‬وكان حاكما لآلسكندرية من قبل ولكنه اعت ِت اآلن مستحقا أن يكون قائدا عاما‬
‫للجيش(تحت تيطس)‪ .‬وكان سبب ذلك هو أنه كان أول َمن أول َمن شجع فسبسيان‬
‫عىل قبول السلطة الجديدة‪ ،‬وربط نفسه به بإخالق شديد عندما كانت األمور غت‬
‫متيقنة بعد‪ .‬وتبع أيضا تيطس ف حربه ُ‬
‫كمشت نافع جدا له ف هذه الحرب‪ ،‬بعمره‬
‫ومهارته ف مثل هذه األمور‪ ،‬معا‪.‬‬

‫‪ - 28‬ألنه إن لم يحرس الرب البيت فبا ال تعب الحراس‪( .‬قارن‪ :‬مز ‪)1:213‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل ى‬
‫الثان‬
‫[كيف زحف تيطس إىل أورشليم‪ ،‬وكيف كان ف خطر وهو يشاهد المدينة‪.‬‬
‫والمكان الذى عسكر فيه]‬

‫( ‪ )2/1/‬واآلن‪ ،‬عندما شع تيطس ف الست نحو بلد العدو‪ ،‬زحفت القوات‬


‫الم َ‬
‫رسلة من الملوك أول ومعها كل القوات اإلضافية‪ ،‬ومن خلفها كان يليها‬ ‫المساعدة ُ‬
‫ِ‬
‫أولئك الذين كان عليهم إعداد الطرق وتهيئة المعسكر‪ ،‬ثم أمتعة القادة‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫ُ َ‬
‫المسلحون بالكامل ليدعموهم‪ .‬ومن بعدهم تيطس نفسه ومعه‬ ‫الجنود اآلخرون‬
‫يأن رماة الرماح‪ ،‬وبعدهم ر‬ ‫َ‬
‫المنتخبي‪ ،‬ثم ر‬
‫يأن فرسان هذا الفيلق‪.‬‬ ‫جسم اخر من‬
‫يأن قبل مخء اآللت‪ .‬وبعدها ر‬
‫يأن ر‬
‫التبيون(‪ )11‬وقواد الكتائب مع‬ ‫وكل هذا ر‬

‫تأن الرايات مع النسور‪ ،‬وأمام تلك الرايات قارعو‬‫حرسهم المختار‪ .‬وبعد ذلك ر‬

‫الطبول الخاصة بها‪ .‬ويليها الجسم األساىس للجيش ف صفوفه‪ .‬وكل فيلق ستة‬
‫يأن َخ َدم كل فيلق بعدهم‪ .‬وقبل أولئك اآلخرين تكون أمتعتهم و ر‬
‫يأن‬ ‫اعماق‪ .‬و ر‬

‫المرتزقة أختا‪ ،‬وأولئك الذين يحرسونهم ف المؤخرة‪.‬‬


‫َ‬
‫الجيش عىل نحو معقول‪ ،‬واجتاز‬ ‫وقاد تيطس بحسب العادة الرومانية‬
‫ُ َ‬ ‫السامرية إىل "جوفنا" ‪[ Gophna‬؟؟]‪ [ ،‬وا] المدينة ر‬
‫الّت كانت قد ا ِخذت قبال‬
‫بواسطة أبيه ثم صارت بها حامية جنود رومان‪ .‬وبعدما بات هناك ليلة واحدة‪،‬‬
‫واصل زحفه ف الصباح‪ .‬وعندما سار نحو مستة يوم‪ ،‬نصب معسكره ف الوادى‬
‫ُ َ‬
‫الذى ُيسميه اليهود ف لغتهم "وادى الشوك"(‪ )12‬بالقرب من قرية تدىع "جباوت‬

‫المدافع عن حقوق العامة ومصالحهم عند الرومان‪ .‬أى بمثابة النائب العام اآلن‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪-11‬‬
‫‪ -12‬يوسفوس‪ ،‬ألنه يكتب عمله باليونانية وبالطبع لغت اليهود فإنه ُي رتجم هنا معان األسماء‬
‫العتية لقرائه‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫سان" ‪ Gabaothsath‬ر‬
‫الّت تعّت "تل شاول"‪ ،‬وكانت تبعد عن أورشليم نحو ثالثي‬
‫غلوة(‪.)11‬‬
‫َ‬
‫المنتخبي وذهب ُليعاين المدينة ُ‬
‫وليالحظ‬ ‫وهناك اختار ستمائة من الفرسان‬
‫مدى قوتها‪ ،‬ودرجة شجاعة اليهود‪ .‬ومع ذلك عندما رأوه‪ ،‬وقبلما يأتون إىل معركة‬
‫مباشة‪ ،‬أبدوا خوفا وخضوعا‪ .‬وقد َع ِلم‪ -‬وهو صحيح حقا– أن الشعب الذى وقع‬
‫تحت سلطة مثتى الشغب واللصوق كانوا تواقي بشدة إىل السالم‪ ،‬وكانوا خائفي‬
‫لضعفهم الشديد ف أن يثوروا ضد الباقي‪ ،‬فلبثوا هادئي‪.‬‬

‫( ‪ )1/1/‬وبينما هو سائر ممتطيا جواده عت الطريق الرئيىس الذى ُيؤدى إىل‬


‫أى شخص خارج البوابات‪ .‬ولكنه عندما انحرف عن ذلك‬ ‫سور المدينة‪ ،‬لم يظهر ُّ‬

‫الطريق ومال نحو برج "بسفينوس" ‪ Psephinus‬وانحرفت زمرة الفرسان وراءه‪،‬‬


‫ر ُ َ‬
‫دىع "أبراج النساء" ر‬
‫الّت‬ ‫قفز فجأة عدد هائل من اليهود(‪ )17‬من عىل األبراج الّت ت‬
‫كانت خالل تلك البوابة ر‬
‫الّت كانت ف مواجهة خرائب الملكة هيالنة ‪،)14(Helena‬‬
‫ر‬
‫واعتِصا حصانه‪ ،‬ووقفوا مباشة ف مواجهة أولئك الذين كانوا ما زالوا يستون عت‬
‫الطريق‪ ،‬وعوقوهم عن اللحاق بأولئك الذين انحرفوا عن الطريق المستقيم‪.‬‬
‫ر‬
‫واعتضوا تيطس أيضا مع بعض اآلخرين‪.‬‬
‫وكان من المستحيل له أن يتقدم ألن كل األماكن كانت مملوءة بالخنادق حول‬
‫األسوار لحماية البساتي المحيطة‪ ،‬وبالبساتي المائلة الواقعة هناك‪ ،‬وبكثت من‬
‫الحواجز‪ .‬ورأى أنه من المستحيل أيضا أن يرجع إىل رجاله الذين خلفه بسبب‬

‫ُ‬
‫‪ -11‬مقياس للطول يساوى نحو ثمن ميل أو ‪ 111‬ياردة‪.‬‬
‫‪ -17‬بالطبع من أفراد الفصائل المتناحرة واللصوق كما واضح توا من بقية الجملة‪ ،‬وليس من‬
‫عامة الشعب المدن الخائف من هذه الحروب‪.‬‬
‫سيبي يوسيفوس ف موضع‬ ‫‪ -14‬يلزم النتباه وبشدة إىل أن الملكة هيالنة المذكورة هنا – وكما ُ‬
‫لحق َمن تكون‪ -‬ليست ا الملكة أم قنسطنطي‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫تجمهر أعدائه ُ‬
‫المحتشدين بينه وبينهم والذين لم يعرف الكثتون منهم‪ ،‬ف‬
‫الحقيقة‪ ،‬أن الملك ف خطر ومن ثم هربوا إىل خلف ر‬
‫مفتضي أنه مازال بينهم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عندئذ أدرك أن المحافظة عليه رهينة بالكامل بشجاعته الخاصة‪ ،‬فالتفت بحصانه‬
‫وصاح عاليا إىل أولئك الذين كان عليهم أن يتبعوه‪ ،‬وركض بعنف إىل وسط أعدائه‬
‫لىك يفتح عنوة ريقا لرجاله‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ومن ثم ينبىع أن نعلم أساسا أن كال من نجاح الحروب والخطر الذى يتعرض‬
‫ُ رَ‬ ‫ٌ‬
‫عىل تيطس عندما‬
‫له الملوك‪ ،‬هو من عناية هللا‪ .‬ألنه بينما كان عدد من السهام يلف ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شاهد‬
‫لم يكن معه ل خوذة ول درع (ألنه كما قلت لكم ذهب ل ليحارب ولكن لىك ي ِ‬
‫المدينة) فإن أيا منها لم يمس جسده‪ ،‬ولكنها حادت عنه بدون أن ترصه كما ولو‬
‫كانت جميعا قد أخطأته عن قصد‪ ،‬وأحدثت فقط ضجة عند مرورها بجانبه‪.‬‬
‫وهكذا شطر بسيفه أولئك الذين جاءوا إىل جانبه‪ ،‬وقلب كثتين ممن واجهوه‬
‫مباشة‪ ،‬وجعل حصانه يطأ الذين قلبهم‪ .‬وِصخ األعداء حقا من جسارة القيرص‪،‬‬
‫وحص بعضهم بعضا للوثوب عليه‪ .‬ولكنه استطاع مع ذلك الهروب منهم‪ ،‬وأن‬
‫يقلعوا هم عنه ف عدد كبت‪ .‬بينما حافظ أولئك الذين كانوا معه ف هذا الخطر عىل‬
‫اللتصاق به‪ ،‬عىل الرعم من أنهم قد ُج ِرحوا ف ظهورهم وف جوانبهم معا‪ .‬ألن كال‬
‫منهم لم يكن له سوى أمل الهرب إذا استطاعوا أن ُيساعدوا تيطس عىل شق ريق‬
‫حّت ل ُيحاِصه أعداؤه قبل أن يفلت منهم‪ .‬وكان هناك عىل مسافة منه اثنان‬
‫لنفسه ر‬

‫ممن كانوا معه‪ ،‬حاِص األعداء أحدهما وقتلوه بسهامهم هو وحصانه أيضا‪ .‬أما اآلخر‬
‫فقتلوه عندما قفز عن حصانه‪ ،‬وأخذوا حصانه معهم‪ .‬ولكن تيطس هرب مع الباقي‬
‫ر‬
‫وأن إىل المعسكر سالما‪.‬‬
‫ً‬
‫رجاء بال‬ ‫ولهذا أثار نجاح اليهود ف هذه المعركة األوىل ذهنهم واعطاهم‬
‫أساس‪ .‬وجعلهم هذا الميل البسيط للحظ إىل جانبهم ر‬
‫أكت شجاعة يف المستقبل‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )7/1/‬ولكن اآلن‪ ،‬بمجرد أن انضم الفيلق الذى كان ف عمواس إىل قيرص‬
‫َ‬
‫وأن إىل مكان ُيدىع سيوبس ‪ ،Scopus‬ومن‬
‫حّت تحرك عندئذ نهارا من هناك ر‬‫ليال‪ ،‬ر‬

‫هناك أمكن مشاهدة المدينة عىل الفور ومشاهدة الهيكل العظيم بوضوح‪ .‬وهذا‬
‫َ‬
‫سهل ُيدىع بالصواب‬
‫ٌ‬ ‫المكان كان ف الرب ع الشماىل للمدينة ويتصل به من هناك‬
‫الم َطل]‪ ،‬ولم يكن يبعد عنها ر‬
‫أكت من سبع غلوات‪ .‬وهنا أمر تيطس بإنشاء‬ ‫اسكوبس [ ُ‬

‫معسكر لفيلقي معا‪ ،‬ولكنه أمر بإنشاء معسكر اخر خلفه( ‪ )1‬عىل مسافة أبعد بثالن‬
‫َ‬
‫غلوات للفيلق الخامس ألنه فكر أنه أثناء الست ليال ربما يكونوا متعبي ومن ثم يلزم‬
‫خوف‪.‬‬ ‫غطاء من العدو ويحصنون أنفسهم بأقل‬ ‫ً‬ ‫أن يتوفر لهم‬
‫ٍ‬
‫وعندما ُب ِدأ ف إنشاء هذه المعسكرات كان الفيلق العاش الذى جاء من خالل‬
‫ُ َ‬
‫الم َسلحي قد اصطفوا من‬ ‫أريحا قد وصل توا إىل هذا المكان حيص كان بعض الرجال‬
‫ُ‬ ‫قبل لحراسة الطريق الذى يؤدى إىل المدينة و ر‬
‫الّت كانت قد ا ِخذت من قبل بواسطة‬
‫ُ‬
‫عطيت األوامر لهذه الفيالق بأن تعسكر عىل مسافة ستة غلوات من‬
‫فسبسيان‪ .‬وقد أ ِ‬
‫َ‬
‫أورشليم عند جبل ُيدىع جبل الزيتون والذى يقع ف مواجهة المدينة من الجانب‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫الشف‪ ،‬وينفصل عنها بوادى عميق يفصل بينهما ُيدىع [وادى] ِقدرون ‪.Cedron‬‬

‫( ‪ )4/1/‬ولما كانت األحزاب العديدة ف داخل المدينة تتطاحن بصفة‬


‫مستمرة مع بعضها البعض‪ ،‬فقد أدت هذه الحرب األجنبية ر‬
‫الّت أتت عليهم بغتة‬
‫عىل نحو عنيف إىل توقف نزاعهم ضد بعضهم البعض‪ .‬وعندما رأى مثتو الشغب‬
‫بدهشة الرومان وهم ينصبون معسكراتهم العديدة‪ ،‬بدأوا يفكرون ف نوع من التفاق‬
‫األخرق‪ ،‬وقال بعضهم لبعض‪" :‬ماذا نفعل نحن هنا‪ ،‬وماذا نقصد عندما كابدنا بناء‬
‫ثالثة أسوار حصينة‪ ،‬ا لنحبس أنفسنا خلفها ر‬
‫حّت ل يمكننا أن نتنفس بحرية‪ ،‬بينما‬

‫‪ =1‬أى خلف المعسكر السابق مباشة‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫األعداء يبنون بآمان مدينة ف مواجهتنا ونحن قابعي خلف أسوارنا‪ ،‬ونتفرج فقط‬
‫عىل ما يفعلونه بأيادينا الخاملة ودروعنا المهملة‪ ،‬كما لو كان ذك عىل نحو ما لختنا‬
‫ومتتنا‪ .‬نحن فقط كما يبدو(هكذا ِصحوا) شجعان ضد أنفسنا‪ ،‬بينما الرومان‬
‫محظوظون بأخذ المدينة بدون سفك دم بسبب فتنتنا"‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬شجعوا بعضهم بعضا عندما اجتمعوا معا‪ ،‬وحملوا أسلحتهم ف الحال‬
‫وركضوا إىل الفيلق العاش‪ ،‬وهجموا عىل الرومان بغتة عظيمة وبصياح شديد بينما‬
‫كانوا ُيحصنون معسكرهم‪ .‬وكان أولئك الرومان ف مجموعات مختلفة لىك ُينجزوا‬
‫ٌ‬
‫كبت منهم قد َوضع أسلحته جانبا‪ ،‬ألنهم‬
‫عدد ٌ‬ ‫أعمالهم المتعددة‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬كان‬
‫ُ‬ ‫ظنوا أن اليهود لن يتجرأوا عىل الهجوم عليهم‪ ،‬ر‬
‫وافتضوا أن فتنتهم ستبددهم‪ .‬ولهذا‬
‫الّت كانوا يقومون بها‪ ،‬وتفرقوا ف‬ ‫اضطربوا عىل حي غرة وترك بعضهم األعمال ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِصبوا وق ِتلوا قبل أن يمكنهم العودة إىل‬
‫الحال‪ ،‬بينما هرع كثتون إىل أسحتهم لكنهم ِ‬
‫وأكت لتشجعهم بنجاح أولئك الذين قاموا بالهجوم‬ ‫أكت ر‬
‫أعدائهم‪ .‬وازداد عدد اليهود ر‬
‫األول‪ .‬وإذ حازوا مثل هذا الحظ‪ ،‬بدوا ألنفسهم ولألعداء معا ر‬
‫أكت مما كانوا عليه‬
‫حقا‪ .‬إن األسلوب غت النظاىم لقتالهم جعل الرومان أيضا ‪ -‬الذين اعتادوا دوما عىل‬
‫الّت تصدر‬‫الحرب بمهارة بأسلوب نظاىم‪ ،‬ومحافظي عىل صفوفهم‪ ،‬وإ اعة األوامر ر‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫إليهم‪ -‬ف موقف [صعب]‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬ا ِخذ الرومان عىل حي غرة‪ ،‬واضطروا إىل‬
‫ر ُ‬
‫الّت شنت عليهم‪ .‬ولما أفاق الرومان من المباغتة‪ ،‬التفتوا إىل‬ ‫إفساح المجال للغارات‬
‫اليهود ووضعوا حدا لمهمتهم وجرحوهم‪ ،‬حيص أن ياشتهم جعلتهم قليىل الحذر‪.‬‬
‫أكت ر‬
‫فأكت اضطرب الرومان ومالوا إىل الهرب وتركوا‬ ‫ولكن لما تكاثر اليهود المهاجمي ر‬
‫ُ‬
‫علم‬
‫المعسكر‪ .‬وبدت األمور كما ولو كان الفيلق كله ف خطر‪ ،‬ما لم يكن تيطس قد ا ِ‬
‫بالحالة ر‬
‫الّت هم فيها فأرسل لهم مددا ف الحال‪ .‬وأنبهم عىل جبنهم وأرجع الذين‬
‫هربوا‪ ،‬وتوسطهم هو بنفسه وهجم عىل اليهود بجحافل مختارة كانت معه فقتل‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫عددا معقول وجرح ر‬
‫أكتهم وأجتهم جميعا عىل الفرار‪ ،‬وجعلهم يركضون بعجلة إىل‬
‫أسفل الوادى‪.‬‬
‫وعان اليهود بشدة من انحدار الوادى‪ ،‬لكنهم تغلبوا عىل ذلك‪ ،‬ثم رجعوا‬
‫ووقفوا ف مواجهة الرومان وكان الوادى بينهم‪ .‬وهناك قاتلوهم‪ ،‬واستمروا هكذا ف‬
‫القتال ر‬
‫حّت الظهر‪ .‬ولكن بعد الظهر جعل تيطس أولئك الذين جاءوا لمساعدة‬
‫الرومان معه‪ ،‬وجعل أولئك الذين يخصون الكتائب يمنعون اليهود من القيام بأية‬
‫ر‬
‫هجمات أخرى‪ .‬ثم أرسل باف الفيلق إىل الجزء العلوى للجبل لتحصي موقعهم‪.‬‬

‫( ‪ ) /1/‬وقد بدت مستة الرومان هذه لليهود عىل أنه هروب‪ .‬وما أن اع‬
‫حّت خرجت جمهرة جديدة من‬ ‫المراقب الذى كان عىل السور إشارة بتلوي ح ردائه‪ ،‬ر‬
‫ر‬
‫األكت رعبا‪.‬‬ ‫ر‬
‫المفتسة‬ ‫اليهود بجرأة قوية يمكن للمرء أن ُيقارنها بركوض الحيوانات‬
‫ِّ‬
‫واحد من أولئك الذين قاوموهم استطاع أن ُيقدر ِصاوة‬
‫ٍ‬ ‫والحق ُيقال‪ ،‬أنه ول‬
‫هجماتهم‪ ،‬ولكنهم كما ولو كانوا قد ألقت بهم الت‪ ،‬مزقوا صفوف األعداء إىل أجزاء‪،‬‬
‫فلجأوا إىل الفرار والركوض إىل الجبل‪ ،‬ولم يبق سوى تيطس وحده ومعه قليلون‬
‫ر‬
‫المرتف‪ .‬وأولئك اآلخرون الذين كانوا أصدقاءه استهانوا بالخطر‬ ‫اخرون ف وسط هذا‬
‫الذى كانوا فيه‪ ،‬وخجلوا أن ريتكوا قائدهم فحثوه بإخالق أن ريتاجع عن أولئك‬
‫اليهود الذين يتوقون إىل الموت وأن ل يواجه مخا ر مثل هذه إزاء أولئك الذين‬
‫ينبىع المكون أمامه وأن يتبرص فيما كان عليه حظه‪ ،‬وأل يهجم عىل العدوفجأة وهو‬
‫يشغل موضع جندى عادى‪ .‬وهذا ألنه جتال ف الحرب وسيد المسكونة الذى‬
‫صغ إىل مثل هذه‬ ‫ُ‬
‫تعتمد عليه المحافظة عىل الشؤن العامة‪ .‬ولكن تيطس لم ي ِ‬
‫اإلغراءات‪ ،‬بل واجه الذين هجموا عليه وِصب هم عىل وجوههم وأجتهم عىل‬
‫التقهقر وقتلهم‪ .‬وهجم أيضا عىل عدد كبت كانوا يرتقون التل و رحهم إىل أسفل‪.‬‬
‫وبينما كان أولئك الرجال مندهشي من شجاعته وقوته‪ ،‬إل أنهم لم يهربوا مع ذلك‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫مباشة إىل المدينة ولكنهم تفرقوا عىل جانبيه وكبسوا عىل الهاربي إىل التل‪ .‬ولكنه‬
‫ظل مع ذلك يهاجم أجنحتهم ر‬
‫حّت وضع حدا لرصاوتهم‪.‬‬
‫شيدون معسكرهم‬ ‫ف نفس الوقت حدثت فوىص ورعب ألولئك الذين كانوا ُي ِّ‬
‫ر‬
‫عىل قمة التل عندما رأوا أولئك الذين كانوا أسفلهم يهربون لدرجة أن باف الفيلق‬
‫ُ‬
‫تشتت عندما ظنوا أن هجمات اليهود عليهم لم ت َصد‪ ،‬وأن تيطس نفسه قد هرب‬
‫ألنهم فهموا أنه لو كان باقيا َلما هرب الباقون‪ .‬هكذا كانوا محصورين من كل جانب‬
‫بالهلع والذعر‪ .‬وتشتت البعض ف ريق والبعض اآلخر ف ريق اخر‪ ،‬إىل أن رأى‬
‫بعضهم قائدهم ف وسط العمليات ذاتها‪ .‬ولما تيقنوا بشدة منه صاحوا معلني‬
‫الخطر الذى فيه كل الفيالق‪ ،‬وجعلهم الخجل يرجعون ويوبخون بعضهم بعضا أنهم‬
‫صنعوا ما هو أردأ من الهرب بالتخىل عن قيرص‪ .‬لذلك استخدموا أقض ما ف قوتهم‬
‫ضد اليهود‪ ،‬ومالوا عن المنحدر المستقيم وألقوا بهم أكواما إىل قاع الوادى‪ .‬عندئذ‬
‫قاتلهم اليهود وهم يتقهقرون‪ .‬ولما كان للرومان متة األرض إذ كانوا فوق اليهود‪،‬‬
‫لذلك ردوهم جميعا إىل الوادى‪ ،‬وكبس تيطس أيضا عىل الذين كانوا قريبي منه‪،‬‬
‫وأرسل الفيلق مرة أخرى لتشييد معسكرهم‪ ،‬بينما واجه هو والذين كانوا معه من قبل‬
‫ُ‬
‫ىسء‬
‫ي‬ ‫أى‬ ‫ضيف‬ ‫أ‬ ‫أكت‪ ،‬لدرجة أنه إذا ُس ِمح ىل أل‬
‫العدو ومنعه من القيام بأية أِصار ر‬
‫ُ‬
‫بدافع التملق‪ ،‬أو ا ِنقص أى ىسء عن حسد‪ ،‬ولكن أن أقول الحق الرصي ح – [فإنّت‬
‫أرى] أن قيرص قد أنقذ الفيلق بأكمله مرتي عندما كان ف كارثة‪ ،‬ومنحه فرصة هادئة‬
‫لتحصي معسكره‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الثالث‬
‫[كيف انتعشت ر‬
‫الفي من جديد ف داخل أورشليم‪ ،‬ومع ذلك كان اليهود‬
‫ينصبون أشاكا للرومان‪ .‬تيطس يتوعد جنوده إلندفاعهم الطائش]‬

‫( ‪ )2/7/‬ولما كفت الحرب ر‬


‫الّت من الخارج لبعض الوقت‪ ،‬انتعشت الفتنة‬
‫ف الداخل‪ .‬وف عيد الفطت الذى كان قد حل اآلن‪ ،‬إذ كان اليوم الرابع عش من شهر‬
‫َ‬
‫اكزنتيكس ‪[ Xanthicus‬نيسان] الذى ُيعتقد أن اليهود قد تحرروا فيه قبال من‬
‫المرصيي‪ ،‬فتح اليعازر وحزبه بوابات هذه [الدار الداخلية] للهيكل‪ ،‬وسمح للشعب‬
‫التواق إىل عبادة هللا بدخوله‪ .‬ولكن يوحنا استغل هذا الحتفال كستار لمقاصده‬
‫َ‬
‫الشيرة‪ ،‬وسلح رعاع حزبه الخاق‪ ،‬والذين كان معظمهم غت متطهرين‪ ،‬باألسلحة‬
‫ُ َ‬
‫المخ َبأة تحت ثيابهم‪ ،‬وأرسلهم بحماس عظيم إىل الهيكل ليحتلوه‪ .‬وحالما دخل‬
‫أولئك الرجال المسلحون هناك‪ ،‬خلعوا ثيابهم ف الحال وظهروا بدروعهم‪ .‬ونتيجة‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ .‬بينما ظن الشعب الذى‬ ‫لذلك كان هناك هرج وانزعاج عظيم بشأن البيت‬
‫لم يكن له شأن بالفتنة أن هذا الهجوم هو ضد الجميع بدون تميت‪ .‬وكان الغيورون‬
‫يظنون أنه ضدهم هم وحدهم‪ .‬لذلك ترك أولئك حراسة البوابات وقفزوا من ابراج‬
‫الحراسة إىل أسفل قبل أن يأتوا وهربوا إىل المغائر الشية ف الهيكل‪ ،‬بينما وقف‬
‫الشعب إىل جانب المذبح مرتعدا‪ ،‬وتدحرجوا عىل بعضهم بعضا أكواما ف البيت‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ .‬وكانوا ُيرصبون بالعض وباألسلحة الحديدية بدون رحمة‪ .‬وكان مثل هذا‬
‫ُ‬
‫يحدن مع اخرين‪ .‬وق ِتل كثتون من المسالمي بدافع العداوة والكراهية الشخصية‬
‫كما لو كانوا مقاومي لمثتى الشغب‪ُ .‬‬
‫وع ِرف اآلن كل الذين كانوا قد دبروا أية مكيدة‬
‫ُ‬
‫من قبل واقتيدوا إىل القتل‪ .‬وعندما فعلوا باألبرياء كل أذى مرعب بوفرة‪ ،‬عقدوا مع‬
‫المذنبي هدنة وسمحوا ألولئك الذين هربوا للمغائر بالخروج‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫واستوىل اتباع يوحنا هذا عىل زمام الهيكل الداخىل هذا‪ ،‬وعىل كل شبه الت‬
‫حرب فيه‪ ،‬وعندئذ تجرأوا عىل مواجهة سيمون‪ .‬وهكذا انخفضت جماعات الفتنة‬
‫من ثالثة فرقاء إىل جماعتي متنافرتي اآلن‪.‬‬

‫( ‪ )1/7/‬ولكن تيطس‪ ،‬وهو عازم عىل أن ينصب معسكره بالقرب من المدينة‬


‫َ‬ ‫ر‬
‫أكت من اسكوبس‪ ،‬وضع كثتا من فرسانه المنتخبي ومشاته بقدر ما راه كافيا ف‬
‫مواجهة اليهود ليصدوا هجماتهم عليهم‪ ،‬بينما اصدر تعليماته لكل الجيش بتسوية‬
‫المسافة لغاية سور المدينة‪ .‬وهكذا اقتلعوا جميع السياجات والسوار ر‬
‫الّت أقامها‬
‫السكان حول بساتينهم وحدائقهم‪ .‬واقتلعوا كل أشجار الفاكهة ر‬
‫الّت تقع بينهم وبي‬
‫سور المدينة‪ ،‬وردموا جميع الفجوات والشقوق‪ ،‬وأزالوا المساقط الصخرية باألدوات‬
‫الحديدية‪ .‬وهكذا جعلوا كل المكان مستويا‪ ،‬من اسكوبس إىل خرائب هتودس‬
‫المتاخمة ل ِلتكة المسماة "بركة الثعابي"‪.‬‬

‫( ‪ )7/7/‬وف هذا الوقت ذاته احتال اليهود عىل الرومان بالخدعة التالية‪ .‬فقد‬
‫الّت ُت َ‬
‫عرف "بأبراج النساء"‪ ،‬كما ولو كانوا قد‬ ‫خرج ر‬
‫أكت مثتى الشغب جرأة من األبراج ر‬
‫ُ‬
‫ِردوا من المدينة من ِق َبل أنصار السالم‪ ،‬واحتشدوا معا مرتعدين كما ولو كانوا‬
‫خائفي من هجوم الرومان‪ ،‬وخائفي من بعضهم بعضا‪ .‬وبدأ أولئك الذين كانوا‬
‫يقفون عىل السور يصيحون بصوت مرتفع من أجل السالم‪ ،‬وبدوا كأنهم إىل جانب‬
‫الشعب‪ ،‬والتمسوا اآلمان لحياتهم‪ ،‬ودعوا الرومان ووعدوهم بفتح األبواب لهم‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأخذوا يصيحون بهذا المنوال‪ ،‬وهم يلقون الحجارة عىل شعبهم(‪ )17‬كما ولو كانوا‬
‫ُ ُ‬
‫بعدوا بالقوة‪،‬‬
‫يطردونهم بعيدا عن البوابات‪ .‬وأولئك أيضا تظاهروا بأنهم قد است ِ‬

‫‪ -17‬أى اليهود الذين خارج األبواب‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫وأنهم يتوسلون إىل الذين عىل األبواب إلدخالهم‪ .‬وعندما كان يطردهم اآلخرون إىل‬
‫الرومان‪ ،‬كانوا يرجعون باستمرار‪ .‬وبدوا كما لو كانوا ف فوىص عظيمة‪.‬‬
‫فظن الجنود الرومان عندئذ أن هذه الخدعة الماكرة من اليهود حقيقية‪ ،‬وأنه‬
‫قد صار لهم حزب تحت سيطرتهم‪ ،‬ويمكنهم معاقبتهم كما يشاؤون‪ ،‬واملوا ف أن‬
‫يفتح لهم الحزب اآلخر بواباتهم‪ .‬فشعوا ف تنفيذ مقاصدهم ف الحال‪.‬‬
‫ولكن تيطس نفسه ارتاب من سلوك اليهود ُ‬
‫المدهش هذا‪ ،‬ألنه كان قد دعاهم‬
‫إىل تسوية ف اليوم السابق بواسطة يوسفوس‪ ،‬ولم يستطع أن يتل رف أى ٍرد مدن‬
‫منهم‪ .‬لذلك أمر الجنود بأن يمكثوا حيص هم‪ .‬ولكن بعضا منهم – الذين كانوا ف‬
‫مقدمة األعمال عارضوه وامتشقوا أسلحتهم وركضوا إىل البوابات‪ ،‬بينما أولئك الذين‬
‫تظاهروا بأنهم منبوذين ر‬
‫اعتلوا أول‪ .‬ولكن بمجرد أن صار الجنود بي أبراج البوابات‬
‫حّت ركض اليهود وحاِصوهم وانقضوا عليهم من الخلف‪ ،‬بينما أخذ‬ ‫من كل جانب‪ ،‬ر‬

‫ذلك الجمهور الذى يقف عىل السور ُي رلف عليهم كوما من الحجارة والنبال من كل‬
‫نوع‪ ،‬فقتلوا عددا ملحوظا منهم وجرحوا عددا ر‬
‫أكت ألنه لم يكن يستا للرومان أن‬
‫يهربوا بسبب أولئك الذين كبسوا عليهم من خلف‪ ،‬إىل جانب العار الذى صاروا فيه‬
‫بسبب خطأهم‪ ،‬وشغلهم الخوف الذى كانوا فيه من قوادهم عن أن ُيثابروا ف‬
‫أخطائهم‪ .‬لذلك حاربوا بحرابهم وقتا ويال‪ ،‬وتلقوا ِصبات عديدة من اليهود عىل‬
‫الرغم من أنهم أعطوهم حقا ِصبات أخرى‪ .‬وأختا صدوا أولئك الذين حاِصوهم‪،‬‬
‫ويلقون عليهم سهامهم وال‬ ‫بينما كان اليهود ُيطاردونهم ف تقهقرهم ويتعقبونهم ُ‬

‫المسافة إىل خرائب الملكة هيالنة‪.‬‬

‫بعدئذ غطرسة بحظهم الطيب‪ ،‬وتهللوا بدون‬


‫ٍ‬ ‫( ‪ )4/7/‬وازداد أولئك اليهود‬
‫أدن لياقة إلنخداع الرومان بحيلتهم ر‬
‫الّت صنعوها‪ ،‬وأحدثوا جلبة بقرع دروعهم‪،‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ُ ُ‬
‫قبل أولئك الجنود بالتهديد من ضبا هم‪،‬‬
‫وكانوا يثبون ف فرح ويتهللون‪ .‬بينما است ِ‬
‫وبنقمة من القيرص نفسه [الذى خا بهم هكذا]‪:‬‬
‫أولئك اليهود الذين يسلكون فقط بطياشتهم‪ ،‬يفعلون كل ىس ٍء‬
‫الخدع والكمائن‪ ،‬ويع ي الحظ نجاحا‬
‫بعناية وحذر‪ .‬إنهم يدبرون ِ‬
‫لحيلهم ألنهم مطيعون ويحفظون مشتهم وإخالصهم لبعضهم‬
‫بعضا‪ .‬بينما الرومان الذين تعودوا أن يحالفهم الحظ دوما بسبب‬
‫حسن تنظيمهم وخضوعهم لقادتهم‪ ،‬قد أخفقوا اآلن بسبب سلوكهم‬
‫المضاد‪ ،‬ولعدم قدرتهم عىل غل أياديهم عن العمل الذى تور وا فيه‪.‬‬
‫أمر من قادتهم‪ ،‬وف‬ ‫ُ َ‬ ‫ر‬
‫وهذا هو أكت ما يوبخوا عليه أنهم ذهبوا بدون ٍ‬
‫حضور القيرص نفسه‪ .‬وف الحقيقة – يقول تيطس ‪ -‬إن شائع الحرب‬
‫مّت علم بهذا ُ‬ ‫ى‬
‫الجرح الذى أصابنا‪ ،‬حيص لم‬ ‫تي بشدة‪ ،‬وكذا أن نفسه ر ِ‬
‫يفعل أبدا مثل هذا الخطأ السقيم‪ ،‬وهو الذى تدرج ف الحروب‪ .‬إن‬
‫شائعنا ف الحرب توقع دوما عقوبة قاسية عىل أولئك الذين عىل‬
‫األقل يكشون النظام‪ ،‬بينما ف هذا الوقت قد رأوا جيشا بالكامل‬
‫تصيبه الفوىص‪ .‬ومع ذلك أولئك الذين تغطرسوا سوف ُيعادون حال‬
‫إىل رشدهم‪ ،‬فإنه ر‬
‫حّت الذين ينترصون من الرومان بدون تعليمات‬
‫بالقتال يكونون تحت العقاب"‪.‬‬
‫وعندما أفاض تيطس ف هذا الموضوع أمام القواد‪ ،‬بدا جليا أنه ُ‬
‫سيطبق‬
‫القانون ضد جميع المعنيي‪ ،‬لذلك غرقت أذهان الجنود ف اليأس إذ توقعوا اإلعدام‪،‬‬
‫وأن ذلك سيكون شيعا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬التفت الفيالق األخرى حول تيطس‪ ،‬والتمسوا‬
‫منه أن يتعطف عىل زمالئهم الجنود‪ ،‬وترصعوا إليه أن يعفو عن ياشة ِقلة منهم‬
‫سيصلحون خطأهم الحاىل بحسن سلوكهم ف‬ ‫بسبب اعة الباقي‪ ،‬ووعدوه بأنهم ُ‬

‫المستقبل‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ ) /7/‬لذلك نزل القيرص إىل رغباتهم‪ ،‬وبفطنة منه أيضا‪ ،‬ألنه حسب أنه‬
‫ر‬ ‫ُ َ‬
‫عاقب بعض األفراد منهم ُ‬
‫حقيف‪ ،‬ولكن معاقبة جمهرة عظيمة‬ ‫بحكم‬ ‫من المالئم أن ي‬
‫سوف ل ينتج عنها سوى الخزى‪ .‬ولهذا صالح الجنود‪ ،‬ولكنه أمرهم بالسلوك بحكمة‬
‫ف المستقبل‪ .‬وتفكر هو ف نفسه فيما ينبىع أن يكون مع اليهود إزاء خدعتهم هذه‪.‬‬
‫ولما تمت تسوية المكان بي الرومان والسور‪ -‬وهو ما تم ف أربعة أيام‪ -‬وكان‬
‫ر‬
‫راغبا ف أن ُيحرص أمتعة الجيش مع باف الجمهور الذى يتبعه بأمان إىل المعسكر‪،‬‬
‫أرسل الجزء األقوى من الجيش ليواجه السور الذى يقع ف الرب ع الشماىل للمدينة‬
‫وفرسان من‬
‫ٍ‬ ‫والرب ع الغرن منها‪ .‬وجعل جيشه سبعة أعماق‪ ،‬بمشاة من األمام‬
‫الخلف‪ُ ،‬‬
‫وكل منهم ف ثالثة صفوف‪ ،‬بينما وقف رماة السهام ف الوسط ف سبعة‬
‫صفوف‪ .‬وهكذا إذ ُم ِنع اليهود‪ ،‬بهذا الحشد الهائل من الرجال‪ ،‬من القيام بشن‬
‫الّت تحمل المهمات ر‬
‫الّت تخص الفيالق الثالثة‪،‬‬ ‫هجمات عىل الرومان‪ ،‬فإن الدواب ر‬
‫ٍ‬
‫وبقية القوات زحفت بال أى خوف‪.‬‬
‫أما تيطس نفسه فكان عىل مسافة غلوتي من السور عند ذلك الجزء الذى كان‬
‫زاوية‪ ،‬وف مواجهته كان التج المدعو بسفينوس والذى يقع عند ميل السور إىل‬
‫الشمال ويمتد إىل الغرب‪.‬‬
‫أما الجزء اآلخر من الجيش فقد حصن نفسه عند التج المدعو "هيبيكس"‬
‫‪ ،Hippicus‬وكان يبعد أيضا عىل هذا النحو عن المدينة بغلوتي‪ .‬وظل الفيلق العاش‬
‫ف مكانه عىل جبل الزيتون‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الرابع‬
‫[وصف أورشليم]‬

‫( ‪ )2/4/‬كانت مدينة أورشليم محصنة بثالثة أسوار ف تلك المنا ق ر‬


‫الّت لم‬
‫تكن تطوقها وديان غت مسلوكة‪ ،‬ألنه ف مثل هذه المنا ق لم يكن هناك سوى ٌ‬
‫سور‬
‫واحد‪ .‬وكانت المدينة مبنية عىل تلي يواجه أحدهما اآلخر‪ ،‬ويفصل بينهما وادى‪.‬‬
‫وعند هذا الوادى كانت تنتىه صفوف البيوت المتصلة عىل كل من التلي‪ .‬وعىل أحد‬
‫التلي‪ ،‬كانت تقع المدينة العليا‪ ،‬وا أعىل كثتا ر‬
‫وأكت استقامة‪ .‬ولهذا دعاها‬ ‫هذين َ‬
‫ُ َ‬
‫الملك داوود ابو سليمان ‪ -‬الذى بّت أول هذا الهيكل‪" -‬القلعة" ولكنها تدىع منا‬
‫ُ ِّ‬ ‫َ‬
‫ويشكل المدينة‬ ‫"السوق ال ُعلوى"‪ .‬ولكن التل اآلخر الذى كان ُيدىع "أكرا" ‪Acra‬‬
‫السفلية فهو عىل شكل القمر عندما يكون هالل‪ .‬ومقابل هذا التل كان هناك تل‬
‫ثالص ولكنه ر‬
‫أكت انخفاضا من أكرا‪ ،‬وينفصل عن التل اآلخر بوادى عريض‪ .‬ومع ذلك‬
‫الّت كان الحشمونيون يحكمون فيها‪ ،‬ردموا هذا الوادى ر‬
‫بالتاب‪،‬‬ ‫ف تلك األوقات ر‬
‫وكانوا ينوون أن يصلوا المدينة بالهيكل‪ ،‬فاقتلعوا ً‬
‫جزء من ارتفاع أكرا وخفضوه إىل‬
‫علو أقل مما كان عليه لىك يصت الهيكل عىل نحو أفضل منه‪ .‬أما وادى "بائعو ُ‬
‫الجي"‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫كما كان ُيدىع‪ ،‬والذى كان يمت‪ -‬كما قلنا عنه من قبل‪ -‬تل المدينة العليا عن تل‬
‫السفلية‪ ،‬فكان يمتد إىل سلوام‪ .‬فهذا هو اسم الينبوع الذى كانت مياهه عذبة وبكمية‬
‫وفتة أيضا‪ .‬ولكن من الخارج كانت هذه التالل محا ة بأودية عميقة‪ ،‬وبسبب‬
‫الجروف ر‬
‫الّت كانت بها‪ ،‬كانت المدينة بعيدة المنال من جميع الجوانب‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )1/4/‬واآلن‪ ،‬بالنسبة لهذه األسوار الثالثة كان السور القديم صعب أن‬
‫َ‬
‫ُيؤخذ بسبب الوديان من ناحية وبسبب التل الذى كان مبنيا عليه من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ولكن إىل جانب تلك المتة العظيمة وا المكان الذى كان يقع عليه‪ ،‬كان أيضا بناؤه‬
‫قويا‪ .‬ألن داوود وسليمان والملوك التاليي كانوا غيورين جدا عىل هذا العمل‪ .‬وهذا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫السور يبدأ من الشمال عند برج ُيدىع "هيبيكس" ويمتد بعيدا إىل مكان ُيدىع‬
‫اكسيستوس ‪ ،Xistus‬وعندئذ يتصل بدار الولية‪ ،‬وينتىه ف الرواق الغرن للهيكل‪.‬‬
‫ولكن إذا ِشنا ف التجاه اآلخر غربا‪ ،‬فإنه يبدأ من نفس المكان‪ ،‬ويمتد خالل موضع‬
‫َ‬
‫ُيدىع بتسو ‪ Bethso‬إىل بوابة اسنس ‪ ،Essens‬وبعد ذلك يتجه جنوبا منحرفا عند‬
‫عي سلوام‪ ،‬ومن هناك يميل مرة أخرى نحو الشق عند ِبركة سليمان ويمتد بعيدا‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫إىل موضع ُيدىع أوفالس ‪ ophlas‬حيص يتصل بالرواق الشف للهيكل‪.‬‬
‫الّت ْيدعونها "جينات" ‪ Gennath‬ر‬
‫الّت‬ ‫أما السور الثان فيبدأ من البوابة ر‬

‫تخص السور األول‪ .‬وهو ُيطوق فقط الجزء الشماىل من المدينة‪ ،‬ويمتد إىل برج‬
‫انطونيا‪.‬‬
‫وكان السور الثالص يبدأ من برج هيبيكس ثم يصل إىل الرب ع الشماىل للمدينة‬
‫وبرج بسفينس‪ ،‬ثم يمتد بعيدا إىل مقابل خرائب هيالنة‪ .‬وهيالنة هذه كانت ملكة‬
‫اديابي ‪ Adiabene‬وبنت إزاتس ‪ .Izates‬ثم يمتد إىل أبعد امتداد كبتا ويجتاز مغائر‬
‫عرف‬‫الّت ُت َ‬
‫مدافن الملوك‪ ،‬ثم يميل مرة أخرى عند برج الزاوية عند الخرائب ر‬
‫َ‬
‫"بخرائب فولر ‪ "Fuller‬ويتصل بالسور القديم عند الوادى الذى كان ُيدىع وادى‬
‫قدرون‪.‬‬
‫لقد كان اغريباس هو الذى وق األجزاء المضافة إىل المدينة القديمة بهذا‬
‫السور‪ ،‬فقد كانت غت محصنة من قبل‪ .‬فإذ كانت المدينة رتتايد ف العمران‪ ،‬زحفت‬
‫ضيفت إليها تلك األجزاء ر‬‫ُ َ‬
‫الّت كانت ف‬ ‫تدريجيا إىل ما وراء الحدود القديمة‪ .‬وقد أ‬
‫حد بعيد‪ ،‬وجعل هذا التل الذى‬
‫شمال الهيكل وإىل جانب التل‪ ،‬مما جعلها أكت إىل ٍ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫َ‬
‫هو الرابع والذى ُيدىع بزيتا ‪ Bezetha‬يصت معمورا أيضا‪ .‬وهو ُيقابل برج انطونيا‬
‫ولكنه ينفصل عنه بوادى عميق كان قد ُح ِفر عن قصد لىك َي ُحول دون اتصال‬
‫اساسات برج انطونيا بهذا التل‪ ،‬وبالتاىل َي ُحول دون توافر الفرصة لالستيالء عليه‬
‫بسهولة‪ .‬ولهذا السبب ُيوفر ارتفاعه الشاهق األمن‪ .‬وأيضا جعل عمق هذا األخدود‬
‫َ‬
‫أكت للنظر‪ .‬وهذا الجزء المبّت حديثا من المدينة كان ُيدىع بزيتا‬
‫ارتفاع األبراج ملفتا ر‬
‫ر ُ‬
‫رجم إليه "المدينة الجديدة"‪ .‬ولكن َلما كان‬ ‫ف لغتنا وتعّت باللسان اليونان مّت ت ِ‬
‫سكانها ما زالوا ف حاجة إىل غطاء‪ ،‬فإن والد الملك الحاىل وكان بنفس السم مثله‬
‫اغريباس‪ ،‬بدأ هذا السور الذى نتكلم عنه‪ ،‬ولكنه تخىل عنه بعدما وضع األساسات‬
‫فقط بسبب تخوفه من كلوديوس قيرص لئال يشك ف أن سورا قويا مثل هذا قد ُب ِّت‬
‫لىك يؤدى إىل بعض البتداعات ف الشؤون العامة‪ .‬ألن المدينة ما كان من الممكن‬
‫أخذها لو أن هذا السور كان قد انتىه عىل النحو الذى ُب ِدأ به‪ .‬فقد كان ُيشيد من‬
‫حجارة ولها عشون ذراعا وعرضها عشة أذرع‪ ،‬ولم يكن من الممكن تقويضها‬
‫نوع من األدوات الحديدية‪ ،‬أو نقبها بأىة الة من األلت‪ .‬وكان السور‪،‬‬
‫بسهولة بأى ٍ‬
‫أكت من ذلك‪ ،‬عرضه عشة أذرع(‪ .)13‬وكان من المحتمل أن يكون ر‬
‫أكت ارتفاعا من‬ ‫ر‬
‫رُ‬
‫فتت غتة ذاك الذى بدأ ف بنائه‪ .‬وبعد ذلك تم تسييجه‬ ‫ذلك‪ ،‬ما لم يكن فقط قد‬
‫ُ‬
‫تال من‬
‫باجتهاد عظيم من اليهود اىل ارتفاع عشين ذراعا‪ ،‬وكان فوقه شفات ِق ٍ‬
‫ذراعي‪ ،‬ومتاريس ثالثة أذرع علوا‪ .‬لدرجة أن الرتفاع الكىل كان يصل إىل ما يقرب من‬
‫خمسة وعشين ذراعا‪.‬‬

‫‪ -13‬الذراع وحدة قياس قديمة للطول تساوى حواىل ‪ 29‬بوصة‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )7/4/‬وكان عرض األبراج ر‬
‫الّت فوقه عشين ذراعا‪ ،‬وارتفاعها عشون ذراعا‪.‬‬
‫وكانت مربعة وصلدة مثل السور نفسه‪ .‬وكان جمال الحجارة ونعومة الوصالت فيها‬
‫ُ َ‬ ‫ليست أقل‪ ،‬بأى حال من الحوال‪ ،‬عن تلك ر‬
‫المقدس نفسه‪.‬‬ ‫الّت كانت ف البيت‬
‫وفوق هذا العلو لألبراج الصلدة والذى كان عشين ذراعا‪ ،‬كانت هناك غرف رائعة‬
‫جدا‪ ،‬وفوقها غرف أعىل‪ ،‬وأحواض لتجميع مياه األمطار‪ .‬وكان هناك‪ ،‬ر‬
‫أكت من ذلك‪،‬‬
‫ساللم خاصة للرياح‪ ،‬ودرجات عريضة للصعود‪.‬‬
‫كل منها‬
‫وكان السور الثالص به تسعون من هذه األبراج وكانت المسافات بي ٍ‬
‫ر‬
‫مائّت ذراع‪ .‬ولكن السور األوسط كان به أربعون برجا‪ .‬وكان بالسور القديم ستون‪.‬‬
‫بينما كان محيط المدينة كلها ثالثة وثالثي غلوة‪.‬‬
‫واآلن‪ ،‬كان السور الثالص كله رائعا‪ ،‬ومع ذلك كان ر‬
‫أكت روعة منه برج بسيفنس‬
‫المرتفع فوقه عند الركن الشماىل الغرن حيص نصب تيطس خيمته الخاصة‪ .‬فقد‬
‫كان ارتفاعه سبعون ذراعا‪ ،‬وكان ُيتيح مشاهدة [الصحراء] العربية عند شوق‬
‫وأكت من‬ ‫الشمس‪ ،‬ونفس الىسء ف أقض حدود ممتلكات العتانيي عند البحر غربا‪ .‬ر‬
‫ُ‬
‫ذلك كان مثمن األضالع‪ .‬وف مقابله برج هيبيكس‪ ،‬وبالكاد برجي اخرين ش ِّيدا‬
‫الكت والجمال‬
‫بواسطة الملك هتودس عىل السور القديم‪ .‬هذه األبراج كانت من ِ‬
‫والقوة بما يفوق كل ما كان موجودا ف المسكونة‪ .‬فإىل جانب روعة بيعتها‪ ،‬وروعة‬
‫المدينة ف مناسبات أخرى‪ ،‬كانت قد ُب ِنيت عىل نحو غت عادى إلشباع الشعور‬
‫الخاق‪ ،‬ولتكريس هذه األبراج لذكرى أولئك األشخاق الذين كانوا أعز َمن له‪ ،‬وعىل‬
‫أسمائهم تسمت‪ :‬وهم أخوه وصديقه وزوجته‪ .‬فزوجته كان قد قتلها بسبب‬
‫حبه[والغتة] كما روينا من قبل‪ ،‬واآلخران كانا قد فقدهما ف الحرب عندما كانا‬
‫يحاربان بشجاعة‪ .‬وهكذا ُدىع برج هيبيكس عىل اسم صديقه‪ ،‬وكان مربعا ٌ‬
‫وكل من‬ ‫ِ‬
‫وله وعرضه خمسة وعشون ذراعا‪ ،‬وارتفاعه ثالثون‪ ،‬ولم يكن فيه فراغ‪ .‬وفوق‬
‫هذا البناء الصلد الذى كان يتكون من حجارة عظيمة ر‬
‫متابطة معا‪ ،‬كان هناك صهري ج‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ٌ‬
‫ابقي‪ ،‬ارتفاعه خمسة وعشون ذراعا‪،‬‬ ‫عمقه عشون ذراعا‪ ،‬وفوقه بيت من‬
‫ُ‬
‫وينقسم إىل أدوار عديدة‪ .‬وفوقه أيضا شفات معارك من ذراعي ومتاريس من ثالثة‬
‫أذرع ارتفاعا‪ ،‬لدرجة أن الرتفاع الكىل لألشياء المضافة كان يبلغ ثماني ذراعا‪.‬‬
‫أما التج الثان الذى دعاه عىل اسم أخيه فاسيلوس ‪ )19(Phasaelus‬فقد كان‬
‫وله مساويا لعرضه وكان اربعي ذراعا‪ ،‬وارتفاعه اربعون‪ .‬وفوقه رواق ارتفاعه عشة‬
‫ّت أيضا ف وسط هذا‬‫أذرع‪ ،‬وكان ُمغ بمتاريس حامية للصدور ضد األعداء‪ .‬وقد ُب ِ َ‬

‫برج اخر ينقسم إىل غرف رائعة ومكان لإلستحمام لدرجة أن هذا التج لم‬ ‫الرواق ٌ‬
‫يكن ُيعوزه ىسء لىك ُيصبح قرصا ملكيا‪ .‬وكان مزينا بشفات قتال ر‬
‫اكت مما سبق‪ ،‬وكان‬
‫ارتفاعه الكىل تسعي ذراعا‪ .‬وكان منظره ُيشبه برج فاروس ‪ Pharus‬باألسكندرية‬
‫الذى يعرض ً‬
‫نار للسفن المبحرة ‪ ،‬ولكنه كان أكت منه ف محيطه‪ .‬وهذا كان قد تحول‬
‫بيت كان يمارس فيه الطاغية سيمون سلطته المرعبة‪.‬‬
‫إىل ٍ‬
‫(‪)18‬‬
‫عىل اسم زوجته‪ ،‬وكان‬ ‫أما التج الثالص فهو برج ماريامن ‪Mariamne‬‬
‫متينا وارتفاعه عشون ذراعا‪ ،‬وعرضه مثل وله عشون ذراعا‪ .‬وبناؤه العلوى كان‬
‫أكت روعة‪ ،‬ويحتوى عىل تنوع ر‬
‫أكت من التجي اآلخرين‪ .‬ألن الملك رأى أنه من‬ ‫ر‬

‫أكت مما هو للرجال‪ -‬فهما قد ُب ِنيا أقوى من هذا‬


‫المناسب له أن ُيزين ما هو لزوجته ر‬

‫التج الذى يحمل اسم زوجته‪ .‬وكان الرتفاع الكىل لهذا التج خمسون ذراعا‪.‬‬

‫أكت علوا بواسطة‬ ‫( ‪ )4/4/‬ولما كانت هذه األبراج عالية جدا‪ ،‬فقد ظهرت ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المكان الذى ش ِّيدت عليه‪ ،‬ألن السور القديم جدا الذى ش ِّيدت فيه كان قد ُب ِّت عىل‬
‫تل مرتفع‪ ،‬وكان هو نفسه عىل نحو حواىل ثالثون ذرعا ارتفاعا‪ ،‬وكانت هذه األبراج‬ ‫ٍ‬
‫ر‬
‫تقع فوقه‪ .‬ولهذا السبب كانت تبدو أكت ارتفاعا‪ .‬وكان ِكت الحجارة أيضا رائعا‪ ،‬فىه لم‬

‫‪ -19‬كتبه البعض بالعربية فازيلس‪.‬‬


‫‪ -18‬كتبه أحدهم ماريمنا‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫تكن من الحجارة الصغتة العامة‪ ،‬ول من تلك الحجارة الكبتة ر‬
‫الّت يستطيع الرجال‬
‫أن يحملوها‪ ،‬بل كانت من الرخام األبيض ومقطوعة من الصخر‪ .‬وكان كل حجر وله‬
‫عشون ذراعا وعرضه عشة أذرع‪ ،‬وعمقه خمسة أذرع‪ .‬وكانت الحجارة متصلة‬
‫بعضها ببعض(‪ )71‬بالضبط‪ ،‬لدرجة أن كل برج كان يبدو بالكامل مثل صخرة واحدة‬
‫من الحجر ُنحتت هكذا بيعيا‪ ،‬ثم ُقطعت بعد ذلك بأيدى ُ‬
‫الصناع إىل شكلها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتكوينها الحاىل‪ .‬فقد كانت وصالتها تظهر قليال أو ل تظهر ا القا‪.‬‬

‫ولما كانت هذه األبراج ذاتها عىل الجانب الشماىل للسور‪ ،‬كان للملك قرص ف‬
‫متصل بها‪ .‬وهذا يفوق كل ق ر‬
‫درن عىل الوصف‪ .‬ألنه كان ملفتا للنظر بشدة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الداخل‬
‫فلم تعوزه تكلفة أو مهارة ف بنائه‪ .‬وكان َ‬
‫مسورا بالكامل إىل ارتفاع ثالثي ذراعا‪ ،‬ومزينا‬
‫أشة لمئة ضيف‬ ‫باألبراج عىل مسافات متساوية‪ ،‬وبشقق كبتة وغرف ضيافة تسع ِّ َ‬
‫بالغرفة‪ .‬وفيه تنوع حجارة ل ُي َعت عنه ألن كمية كبتة من تلك ر‬
‫الّت كانت نادرة ف كل‬
‫مكان ُج ِم َعت معا‪ .‬وأسقفه كانت رائعة لطول عروقها‪ ،‬وفخامة زينتها معا‪ .‬وكان عدد‬
‫الغرف أيضا كبتا‪ ،‬وتعدد أشكالها مذهال‪ .‬وكان أثاثها كامال‪ .‬والجزء األعظم من أوانيها‬
‫ر‬
‫الّت كانت موضوعة فيها كان من الذهب أو الفضة‪ .‬وإىل جانب ذلك‪ ،‬كانت هناك‬
‫كل من هذه األروقة أعمدة مثتة‪.‬‬
‫أروقة ذات أعمدة مستديرة واحد تلو اآلخر‪ .‬وف ٍ‬
‫المعرضة للهواء من كل جانب خرصاء‪ .‬وكانت هناك‬ ‫ومع ذلك كانت كل الساحات ُ‬
‫ر‬
‫أكت من ذلك بساتي اشجار عديدة وممرات ويلة بينها بها قنوات وأحواض عميقة‪،‬‬
‫وف أجزاء عديدة تماثيل نحاسية تجرى من خاللها المياه‪ .‬وكانت هناك أبراج حمام‬
‫عديدة عىل ول القنوات‪ .‬ولكنه ل يمكن حقا اعطاء وصف كامل لهذه القصور‪،‬‬
‫عذاب للمرء ألنها تضع ف ذهن النسان [صورة لمدى] السعة‬
‫ٍ‬ ‫فذكرها نفسه مصدر‬

‫‪ -71‬أنظر‪ :‬مز ‪ 212‬ص‪ /‬سبعينية‪( .‬مز ‪ 211‬ص‪ /‬بتوتية)‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الّت أِصم فيها اللصوق النار ر‬
‫الّت التهمتها‪ .‬ألنها لم‬ ‫الّت كانت لهذه المبان الغنية ر‬
‫ر‬
‫ُت َ‬
‫حرق بواسطة الرومان‪ ،‬ولكن بواسطة المتآمرين المحليي‪ ،‬كما روينا حال‪ ،‬ف بداية‬
‫عصيانهم‪ .‬وهذه النار بدأت بتج انطونيا وامتدت إىل القصور‪ ،‬والتهمت األجزاء‬
‫العليا من التوج الثالثة ذاتها‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الخامس‬
‫[وصف الهيكل]‬

‫ُ‬
‫تل متي‪ .‬فأول كانت‬
‫( ‪ )2/ /‬واآلن‪ ،‬كان الهيكل‪ ،‬كما قلت توا‪ ،‬مبنيا عىل ٍ‬
‫ُ َ‬
‫المقدس والمذبح‪ ،‬ألن األرض هناك‬ ‫األرض عند قمته منبسطة وتكف بالكاد للبيت‬
‫كانت غت مستوية جدا ومثل جرف‪ .‬ولكن عندما بّت الملك سليمان‪ -‬وهو الشخص‬
‫ر ُ‬
‫الذى بّت الهيكل‪ -‬سورا لها ف جانبها الشف‪ ،‬أضيف عندئذ رواق واحد مؤسس عىل‬
‫ُ َ‬
‫المقدس فقد بقيت عارية‪ .‬ولكن ف العصور‬ ‫ركام مرفوع له‪ .‬أما األجزاء األخرى للبيت‬
‫التالية أضاف الشعب ركاما اخر فصار التل مستويا ر‬
‫أكت‪ ،‬وهدموا عندئذ السور من‬
‫الجانب الشماىل وضموا قدرا ما يكف لتطويق الهيكل بكامله فيما بعد‪ .‬وعندما بنوا‬
‫األسوار ف الجوانب الثالثة من حوله ومن أسفل التل‪ ،‬انجزوا عمال أعظم مما يمكن‬
‫أن ريتجوه (وف هذا العمل انقضت عصور ويلة‪ ،‬خاللها وبواسطة استنفاد الخزائن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫المق َدسة ر‬
‫ُ‬
‫المرسلة إىل هللا من كافة ارجاء‬ ‫الّت كانت ما زالت تدعم بالرصائب‬
‫المسكونة)‪ .‬وقد وقوا عندئذ الساحات العليا مع األروقة‪ ،‬كما فعلوا أيضا بالمثل‬
‫(فيما بعد بالدار السفلية) للهيكل‪ .‬وكان الجزء األدن مشيدا عىل ارتفاع ثالثمائة ذراع‪،‬‬
‫أكت‪ .‬ومع ذلك فإن العمق الكىل لألساسات لم يظهر‪ ،‬ألنهم‬ ‫وف بعض األماكن كان ر‬

‫أحرصوا ترابا وردموا الوديان إذ كانوا راغبي ف تسويتها مع شوارع المدينة‪ ،‬لذلك‬
‫استخدموا حجارة هائلة حجمها حواىل اربعون ذراعا‪ .‬ألن وفرة النقود ر‬
‫الّت كانت‬
‫ُ‬
‫لديهم انذاك وحرية الشعب‪ ،‬جعلت محاولتهم هذه تنجح إىل درجة ل تصدق‪ .‬وما‬
‫باألكت أن ُيرج اتمامه أبدا‪ ،‬صار بالمثابرة و ول الزمن عمال كامال‪.‬‬
‫ر‬ ‫لم يكن ممكنا‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )1/ /‬واآلن‪ ،‬بالنسبة لألعمال ر‬
‫الّت كانت فوق هذه األساسات‪ ،‬فهذه لم‬
‫تكن زهيدة لمثل هذه األساسات‪ .‬فجميع األروقة كانت مزدوجة‪ ،‬واألعمدة الخاصة‬
‫بها كان ارتفاعها خمسة وعشين ذراعا‪ ،‬وتدعم األروقة‪ .‬وكان ٌ‬
‫كل من هذه األعمدة من‬
‫حجر واحد بالكامل‪ ،‬وذلك الحجر كان رخ َاما أبيض‪ .‬وكانت األسقف مزينة بألواح‬
‫األرز المنقوشة عىل نحو ُم ِلفت للنظر‪ .‬وقد أعطت الروعة الطبيعية‪ ،‬والصقل‬
‫َ‬
‫مشهدا رائعا جدا‪ .‬ولم يكن الخارج مزينا‬ ‫الممتاز‪ ،‬وتناسق المفاصل ف هذه األروقة‬
‫األكت ُبعدا) ثالثي ذراعا‪،‬‬
‫ر‬ ‫لنقاش أو نحات‪ .‬وكان عرض األروقة (للدار‬
‫ٍ‬ ‫بأية أعمال‬
‫بينما كان محيطها الكىل ستة غلوات‪ ،‬مشتمال ف القياس برج انطونيا‪ .‬وكانت كل‬
‫الساحات ُ‬
‫المعرضة للهواء من حجارة من كل األنواع‪.‬‬

‫وعندما تجتاز هذه األروقة (األوىل) للهيكل إىل (الثانية)‪ ،‬كان هناك حاجز من‬
‫ُ‬
‫الحجر العام ارتفاعه ثالثة أذرع‪ ،‬وكان بناؤه أنيق جدا‪ .‬اقيمت عليه أعمدة عىل‬
‫مسافات متساوية بي بعضها البعض‪ ،‬معلنة شيعة التطهت‪ .‬بعضها باليونانية‬
‫وبعضها باللغة الرومانية وا "ل يدخل أجنّت إىل داخل ذلك القدس"‪ .‬ألن هذه‬
‫ُ َ‬
‫(الدار) الثانية للهيكل كانت تدىع القدس‪ ،‬وكان ُيص َعد إليها من الدار األوىل بأربعة‬
‫عش درجة‪ .‬وكانت هذه الدار مربعة‪ ،‬ولها سور ممت بنفسه‪ .‬وعىل الرغم من أن‬
‫ارتفاع مبانيه كان من الخارج اربعي ذراعا‪ ،‬إل أنه كان مختفيا بالدرجات‪ .‬وكان هذا‬
‫الرتفاع من الداخل ليس إل خمسة وعشين ذراعا‪ ،‬ألنه إذ كان مبنيا فوق الجزء‬
‫بالتل‬ ‫األعىل للتل بدرجات‪ ،‬لم يكن من السهل مالحظة كل ما ف الداخل ألنه مغ‬
‫نفسه‪ .‬ووراء هذه الثالثة عش درجة كانت هناك مسافة إىل داخل القاعة ولها‬
‫عشة أذرع‪ .‬وكانت مستوية بالكامل‪ .‬وكانت هناك أيضا مجموعة درجات أخرى تؤدى‬
‫إىل البوابات‪ ،‬كل قطعة منها خمسة أذرع‪ .‬وكان عدد اليوابات عىل الجانب َي الشماىل‬
‫َ‬
‫الجانبي‪ .‬وإثنان ف الشق للرصورة‪ .‬ألنه‬ ‫والجنون ثمانية‪ ،‬أربعة ف ف كل من َ‬
‫هذين‬ ‫ٍ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫لما كان هناك ِقسم مبّت للنساء ف هذا الجانب كمكان مالئم يعبدون فيه‪ ،‬كانت‬
‫ُ‬
‫قرت ف سوره مقابل البوابة‬
‫هناك ِصورة لبوابة ثانية لهن‪ .‬وهذه البوابة كانت قد ن ِ‬
‫األوىل‪ .‬وكان هناك عىل الجوانب األخرى بوابة جنوبية وبوابة شمالية من خاللهما‬
‫كان هناك ٌ‬
‫ممر إىل دار النساء‪ .‬ألنه بالنسبة للبوابات األخرى لم يكن مسموحا للنساء‬
‫أن يجتازوا منها‪ .‬ول عندما يدخلن من بوابتهن أن يتجاوزن سورهن‪ .‬وهذا المكان كان‬
‫ُ‬
‫مخصصا بالتساوى للنساء من بلدنا والبالد األخرى شيطة أن َيكن من نفس‬
‫األمة(‪ .)72‬ولم يكن ف الجانب الغرن من هذه الدار بوابة عىل ال الق‪ ،‬ولكن السور‬
‫كان مبنيا بالكامل ف هذا الجانب‪ .‬وكانت األروقة المبنية بي البوابات‪ ،‬تمتد من‬
‫السور إىل الداخل أمام الغرف‪ ،‬ألنها كانت ُم َ‬
‫دعمة بأعمدة كبتة وجميلة‪ .‬وكانت هذه‬
‫األروقة مفردة‪ ،‬وباستثناء فخامتها لم تكن بحال من األحوال دون أروقة الدار‬
‫السفلية‪.‬‬

‫( ‪ )7/ /‬وكانت تسعة من هذه البوابات عىل كل جانب مغطاة بالذهب‬


‫والفضة‪ ،‬وكذلك قوائم وعتبات أبوابها ُ‬
‫العليا‪ .‬ولكن كانت هناك بوابة واحدة ‪ -‬تلك‬
‫ر‬ ‫ُ َ‬ ‫ر‬
‫كورنّت‪ ،‬وفاقت بشدة‬ ‫المقدس‪ -‬من نحاس‬ ‫الّت كانت خارج [الدار الداخلية] للبيت‬
‫ف القيمة تلك البوابات ر‬
‫الّت كانت مغطاة بالذهب والفضة‪ .‬وكل بوابة كان لها بابان‬
‫ارتفاعهما ثالثون ذراعا وعرضهما خمسة عش ذراعا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كان هناك متسع كبت‬
‫ف الداخل نحو ثالثي ذراعا‪ .‬وكانت هناك غرف عىل كل جانب‪ ،‬وكانت هذه ف ولها‬
‫وعرضها ُمشيدة مثل أبراج‪ ،‬وكان ارتفاعها ر‬
‫أكت من أربعي ذراعا‪ .‬وكان يدعم هذه‬
‫الغرف أيضا عمودان محيطهما اثناعش ذراعا‪ .‬أما بالنسبة لضخامة البوابات األخرى‬
‫فكانت تساوى بعضها البعض‪ ،‬ولكن البوابة الكورنثية ر‬
‫الّت تفتح ف الشق مقابل‬

‫‪ - 72‬أى يهوديات العقيدة‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫المق َدس نفسه فكانت ر‬
‫أكت ِكتا ألن ارتفاعها كان خمسي ذراعا و[ارتفاع]‬ ‫بوابة البيت ُ‬

‫أكت ُسمكا‪ ،‬وب ها بقات من‬


‫بأكت سعة فكانت ر‬
‫ِ‬
‫أبوابها أربعون ذراعا‪ ،‬وكانت مزينة ر‬
‫الفضة والذهب ر‬
‫أكت من األبواب األخرى‪.‬‬
‫وهذه البوابات التسع كان بها ذهب وفضة مسبوكان بواسطة الكسندر والد‬
‫تيباريوس‪ .‬وكانت هناك خمسة عش درجة تخرج من سور النساء إىل هذه البوابة‬
‫األعظم‪ ،‬بينما تلك ر‬
‫الّت كانت تؤدى إليها من البوابات األخرى كانت تقل عنها خمسة‬
‫درجات‪.‬‬

‫ُ َ‬
‫الفناء األوغل)‬
‫( ‪ )4/ /‬وبالنسبة للبيت المقدس ذاته الذى يقع ف وسط ( ِ‬
‫أكت أماكن الهيكل قدسية‪ ،‬فكان ُي َ‬
‫صعد إليه ر‬
‫بإثنّت عش درجة‪ .‬وف المقدمة‬ ‫الذى هو ر‬

‫يتساوى عرضه مع ارتفاعه وكل منهما مائة ذراع‪ .‬عىل الرغم من أنه كان من الخلف‬
‫كل من‬ ‫ُ َ‬
‫أقل أربعي ذر ٍاعا‪ .‬ألنه ف مقدمته كانت له كما يمكن أن ينعت أكتاف ف ٍ‬
‫الجانبي‪ ،‬وا تجاوز عشون ذراعا ر‬
‫أكت‪ .‬وكانت بوابته األوىل سبعي ذراعا علوا‪،‬‬
‫وخمسة وعشين ذراعا عرضا‪ .‬ولكن هذه البوابة ليس لها أبواب ألنها تمثل المنظور‬
‫ُ َ‬
‫ست َ‬
‫بعد من أى مكان‪ .‬وكانت مقدمتها مغشاة‬ ‫الكون للسماء ومن ثم ل يمكن أن ي‬
‫ر‬
‫األكت إيغال يظهر كله‬ ‫بالذهب بأكملها‪ .‬ومن خاللها كان الجزء األول من البيت ذلك‬
‫لمن ف الخارج‪ .‬ونظرا إلتساعها كانت تسمح بظهور جميع أجزاء البوابة الداخلية لمن‬
‫كل البيت منقسم عندئذ إىل جزئي ف الداخل‪،‬‬ ‫يراها‪ ،‬متألقة بالذهب‪ .‬ولكن لما كان ُ‬

‫كان الجزء األول فقط هو المتاح للرؤية‪ .‬وكان ارتفاعه يصل إىل تسعي ذراعا علوا‪،‬‬
‫وكان وله خمسي ذراعا وعرضه عشين ذراعا‪ .‬ولكن تلك البوابة ر‬
‫الّت كانت عند‬
‫رف هذا الجزء األول للبيت فكانت‪ ،‬كما لحظنا توا‪ ،‬مغطاة كلها بالذهب وكذا كل‬
‫الحائط الخاق بها‪ .‬وكانت هناك أيضا كرمة ذهبية فوقها تتدىل منها عناقيد عنب‬
‫ُ َ‬
‫المقدس ذاته ينقسم إىل جزئي‪ ،‬فقد كان‬ ‫بإرتفاع علو النسان‪ .‬ولكن لما كان البيت‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الجزء الداخىل ر‬
‫أكت انخفاضا من مظهر الخارج‪ ،‬وله أبواب ذهبية ارتفاعها خمسة‬
‫وخمسون ذراعا وعرضها ستة عش ذراعا‪ ،‬ولكن امام هذه األبواب كان هناك حجاب‬
‫مساوى ف ضخامته لألبواب‪ .‬وبه ستارة من بابلية منسوجة بروعة حقا‪ ،‬ومطرزة‬
‫بكتان أزرق جميل وأرجوان وقرمز‪ .‬ولم يكن هذا المزي ج من األلوان بال تفست‬
‫شائرى‪ .‬فلقد كان نوعا لصورة [أى أليقونة] الوجود‪ .‬ألن األرجوان كان عىل ما يبدو‬
‫يرمز إىل النار‪ .‬وخيوص الكتان الجميلة [ترمز] إىل األرض‪ .‬واللون األزرق إىل الهواء‪،‬‬
‫والقرمز إىل البحر‪ .‬وكان إثنان منهما يستمدان رمزيتهما من لونهما‪ .‬ولكن الكتان‬
‫الجميل والقرمز لهما أصلهما الخاق لهذا األساس‪ .‬فاألرض تنتج الواحد‪ ،‬والبحر‬
‫ُينتج اآلخر‪ .‬وهذه الستارة كان مطرزا عليها أيضا كل ما هو مستيىك ف السماوات فيما‬
‫(‪)71‬‬
‫الممثلة للمخلوقات الحية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عدا (اإلثّت عش) عالمة‬

‫( ‪ ) / /‬وعندما يدخل أى زائر الهيكل‪ ،‬تستقبله أرضيته‪ .‬وهذا الجزء من‬


‫الهيكل‪ ،‬كان ارتفاعه ستي ذراعا‪ ،‬و وله نفس الىسء‪ ،‬أما عرضه فكان عشين ذراعا‪.‬‬
‫ولكن هذه الستون ذراعا ف الطول كانت تنقسم أيضا إىل جزء أول وله أربعون‬
‫ذراعا‪ ،‬وبه ثالثة أشياء رائعة جدا ومشهورة بي جميع البش وا‪ :‬المنارة‪ ،‬والمائدة‬
‫(لخت الوجوه)‪ ،‬ومذبح البخور‪ .‬السبعة ُشج تعّت الكواكب السبعة‪ ،‬ألنها كانت تنبع‬
‫من الشمعدان‪ .‬أما اإلثّت عش رغيفا ر‬
‫الّت كانت عىل المائدة فتعّت الدائرة الفلكية‬
‫والسنة‪ .‬ولكن مذبح البخور بأنواع بخوره الثالثة عش نوعا العطرة ر‬
‫الّت كان البحر‬

‫‪ - 71‬لحظ هنا التفست الرمزى وكيف كان معروفا ف القرن األول الميالدى‪ ،‬ليس فقط لدى مار‬
‫بولس الرسول ومار يوحنا الحبيب فقط‪ ،‬بل وف األدب اليهودى لدى فيلو اليهودى األسكندرى‪،‬‬
‫ولدى يوسيفوس المؤرخ اليهودى‪ .‬وهما من رجال القرن األول الميالدى(فالدارسون يرجحون وفاة‬
‫يوسيفوس بحواىل ‪211‬م‪ .‬وا ذات ر‬
‫الفتة ر‬
‫الّت كتب فيها مار يوحنا الحبيب رؤياه) وكالهما قبل‬
‫ُ‬
‫اوريجنوس وكليمندس األسكندرى‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الّت ف كال ُجزأى األرض المسكونة‬
‫يمدنا بها فتعّت أن هللا هو مالك جميع األشياء ر‬

‫وغت المسكونة‪ ،‬وأن جميع األشياء مكرسة لخدمته‪.‬‬


‫وأما الجزء األوغل من الهيكل فكان عشين ذراعا‪ ،‬وكان هذا أيضا منفصال عن‬
‫الجزء الخارج بحجاب‪ .‬ف هذا الجزء لم يكن هناك ىس ٌء ا القا(‪ ،)77‬إذ كان ل يمكن‬
‫َ‬
‫أحد‪ ،‬وكان ُيدىع قدس األقداس‪.‬‬
‫الوصول إليه أو انتهاكه أو رؤيته من أى ٍ‬
‫أما عن جوانب الجزء السفىل من الهيكل‪ ،‬فكانت هناك منازل قليلة بممرات‬
‫بي بعضها البعض‪ .‬وكان هناك عدد كبت منها وكانت بارتفاع ثالثة وابق‪ .‬وكانت‬
‫كل من الجوانب إليها من بوابة الهيكل‪ .‬ولكن الجزء األفضل‬
‫هناك أيضا مداخل عىل ٍ‬
‫للهيكل لم تكن به مثل هذه المنازل القليلة‪ ،‬ألن الهيكل هناك كان أضيق وارتفاعه‬
‫أربعون ذراعا‪ ،‬وجسمه أصغر من األجزاء السفلية‪ .‬ولهذا‪ ،‬إذا جمعنا الرتفاع كله بما‬
‫فيه الستي ذراعا من األرضية فإنه ُيقدر بمائة ذراع‪.‬‬

‫( ‪ )7/ /‬وأما واجهة الهيكل الخارجية فلم يكن يعوزها ىسء ف مقدمتها‪ ،‬فقد‬
‫كانت مدهشة ألذهان الناس ولعيونهم معا ألنها كانت مغشاة كلها برقائق من الذهب‬
‫والّت تعكس عند أول شوق الشمس فخامة نارية جدا‪ ،‬وتجعل‬ ‫العظيم الوزن‪ ،‬ر‬

‫أولئك الذين ُيجتون أنفسهم عىل النظر إليها أن يردوا أبصارهم بعيدا‪ ،‬تماما كما لو‬
‫كانوا ينظرون إىل أشعة الشمس ذاتها‪ .‬ولكن هذا الهيكل كان يظهر للغرباء عندما‬
‫يالثلج ألن هذه األجزاء ر‬
‫الّت لم تكن مطلية‬ ‫يأتون إليه من بعيد مثل جبل مغ‬
‫بالذهب كانت فائقة البياض‪ ،‬وعىل قمته كانت توجد نتوءات معدنية ذهبية بأ راف‬
‫حادة لمنع أى تدنيس له بواسطة الطيور ر‬
‫الّت تعشش عليه‪ .‬وكان من حجارته ما هو‬
‫خمسة وأربعي ذراعا ول وستة أذرع عرضا وخمسة أذرع ارتفاعا‪.‬‬

‫‪ - 77‬هكذا كتب يوسيفوس فلعل تابوت العهد كان مفقودا ف زمنه !!‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫وأمام هذا الهيكل كان يوجد المذبح‪ .‬وكان مبناه مرب ع الشكل و ول ضلعه خمسون‬
‫ذراعا وارتفاعه خمسة عش ذراعا‪ .‬وأركانه مثل قرون‪ .‬وكان الوصول إليه عن ريق‬
‫انحدار فيف‪ .‬وكان ُمشكال بدون أية أداة حديدية‪ ،‬بل لم تمسه أية أداة حديدية ف‬
‫وقت ما‪ .‬وكان هناك أيضا جدار فاصل ارتفاعه نحو ذراع‪ ،‬مصنوع من الحجر‬ ‫ٍ‬ ‫أى‬
‫ُ َ‬
‫المقدس والمذبح‪ ،‬ويفصل‬ ‫الجميل لىك يكون مستحبا للبرص‪ .‬وكان هذا يطوق البيت‬
‫الناس الذين يكونون بالخارج عن الكهنة‪ .‬ر‬
‫وأكت من ذلك كان المصابون بالجذام أو‬
‫السيالن ممنوعي من دخول المدينة كلها‪ .‬وأيضا النساء‪ ،‬عندما يكونوا ف حالة‬
‫مص أو العادة الشهرية‪ُ ،‬ي َ‬
‫منعن من دخول الهيكل‪ .‬ول ر‬
‫حّت عندما يكونوا ا هارا من‬
‫الطمص كان مسموحا لهن بتجاوز الحد المشار إليه سابقا‪ .‬بل الرجال أيضا الذين‬
‫يكونوا غت ا هار بالكامل‪ ،‬كانوا ممنوعي من الدخول إىل الدار الداخلية للهيكل‪.‬‬
‫والكهنة أنفسهم‪ ،‬الذين ل يكونون أ هارا‪ ،‬كانوا أيضا ممنوعي من الدخول‪.‬‬

‫( ‪ )3/ /‬وكان كل الذين من نسل الكهنة ول يستطيعون أن يخدموا بسبب‬


‫عجز جسمان فيهم‪ ،‬يأتون إىل داخل الحاجز مع أولئك الذين ليس بهم عجز‬
‫نصيب معهم بسبب أصلهم‪ ،‬ولكن ل يستفيدوا بىس ٍء سوى‬ ‫ٌ‬ ‫جسمان‪ ،‬ويكون لهم‬
‫َ‬
‫ألحد إل الكاهن الخادم تكون له مالبس ُمقدسة‪ .‬وكان‬
‫ٍ‬ ‫الرداء الخاق بهم‪ .‬ألنه ليس‬
‫لوم عليهم‪ ،‬هم الذين يصعدزن إىل المذبح وهم بمالبس كتانية‬
‫الكهنة الذين بال أى ٍ‬
‫جميلة‪ .‬وأولئك كانوا ُيحجمون بصفة رئيسية عن الخمر خوفا من أن يتعدوا عىل‬
‫بعض قواعد الخدمة الدينية(‪ .)74‬وكان الكاهن األعظم يصعد معهم‪ ،‬حقيقة ليس‬
‫دائما ولكن ف اليوم السابع وف أوائل الشهور ر‬
‫ومّت حل أى احتفال يخص أمتنا الذى‬
‫نحتفل به عىل مدار السنة‪ .‬وعندما يقوم بالخدمة الدينية‪ ،‬كان عليه أن يرتدى زوجا‬

‫ِّ‬
‫‪ - 74‬حرفيا ُيقدس ‪officiate‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫من الشاويل تصل إىل أسفل حقويه‪ ،‬ثم ً‬
‫رداء داخليا من الكتان مع رداء أزرق بدون‬
‫شق يصل إىل األقدام وله شاريب‪ .‬وكانت هناك أيضا أجراس ذهبية معلقة عىل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األهداب ورمانات متمازجة بينها‪ .‬واألجراس تشت إىل الرعد والرمانات تشت إىل التق‪.‬‬
‫المنطقة ر‬
‫الّت كانت تربط الرداء بالصدر مشغولة بخمسة صفوف من األلوان‬ ‫وكانت ِ‬
‫المتعددة‪ :‬الذهبية والقرمز واألرجوان والكتان الصاف واألزرق‪ .‬ومعها األلوان ر‬
‫الّت‬
‫كانت ستائر الهيكل مطرزة بها كما ذكرنا سابقا‪ .‬وكان نفس التطريز عىل اإلفود‪ ،‬ولكن‬
‫الصدر‬ ‫الّت فيه كانت أكت‪ ،‬وكان عبارة عن قطعة قماش تغ‬ ‫كمية الذهب ر‬

‫والمعدة( ‪ .)7‬وكان عليه زران من الذهب كمثل درعان صغتان كانا ُيزرران بهما األفود‬
‫العقيف الر َ‬
‫ائعي‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫الزرين قطعتان كبتتان من الجزع‬ ‫مع الرداء‪ .‬وكانت ترتبط بهذين‬
‫ٌ‬
‫محفور عليهما أسماء األسباص اإلثّت عش لهذه األمة‪ .‬وعىل الجزء اآلخر معلق‬ ‫جدا‪،‬‬
‫(‪)77‬‬
‫والزمرد والعقيق األحمر‬ ‫اثّت عش حجرا من العقيق األحمر التتقاىل والتوباز‬
‫(‪)78‬‬ ‫(‪)79‬‬ ‫(‪)73‬‬
‫والجزع‬ ‫والليغور‬ ‫واليشب والياقوت األزرق والعقيق المصنوع والجشت‬
‫والتيل والزبرجد الزيتون‪ .‬ف أربعة صفوف‪ ،‬كل صف ثالثة أحجار‪ .‬وعىل كل حجر‬
‫(‪)42‬‬
‫من هذه األحجار محفور اسم من أسماء األسباص اإلثّت عش(‪ .)41‬وعىل الرأس تاج‬
‫من الكتان الصاف ُيحيط برأسه‪ ،‬ومربوص بشيط أزرق‪ .‬وفوقه تاج(‪ )41‬اخر من‬
‫ُ َ‬ ‫ٌ‬
‫المقدس [اسم هللا]‪ ،‬وهو يحتوى عىل أربعة حركات‪.‬‬ ‫منقوش عليه اإلسم‬ ‫الذهب‬
‫ر‬
‫األكت‬ ‫ولم يكن الكاهن األعظم يرتدى هذه المالبس ف أوقات أخرى‪ .‬ولكن العادة‬

‫‪stomacher - 7‬‬
‫‪ - 77‬حجر كريم متعدد األشكال واأللوان‪.‬‬
‫‪ - 73‬حجر كريم‬
‫‪ - 79‬حجر كريم‬
‫‪ - 78‬عقيق يونان‪.‬‬
‫‪ - 41‬لحظ‪ ،‬أن كل حجر من اإلثّت عش نوع معي‪.‬‬
‫‪ - 42‬الكلمة النحلتية المستخدمة هنا ‪ mitre‬وليس ‪ . crown‬وا تعّت حرفيا "تاج السقف"‬
‫ذو الشكل المثلص وليس المستدير‪.‬‬
‫المتجم إىل النجلتية كلمة ‪. crown‬‬‫‪ - 41‬هنا استخدم ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الّت كان فيها فقط يرتديها ا عندما كان يدخل إىل الجزء األ ر‬
‫كت تقديسا‬ ‫وضوحا ر‬

‫للهيكل‪ .‬وهذا ما لم يكن يفعله إل مرة واحدة ف السنة‪ .‬وف ذلك اليوم نراىع جميعنا‬
‫حسب عادتنا صوما هلل‪.‬‬
‫هذا هو كل ما يتعلق بالهيكل والمدينة‪ ،‬أما ما يخص التقاليد والشائع المرتبطة‬
‫باق منها أشياء كثتة عظيمة‬ ‫ر‬
‫وقت اخر‪ ،‬ألنه ٍ‬
‫بها فإننا سنتحدن عنها بأكت تدقيق ف ٍ‬
‫ُ‬
‫مرتبطة بها لم تمس بعد‪.‬‬

‫( ‪ )9/ /‬واآلن‪ ،‬بالنسبة لتج انطونيا‪ .‬كان يقع عند زاوية رواقي من ساحة‬
‫الهيكل لذلك الذى ف الناحية الشمالية وذلك الذى ف الناحية الغربية‪ .‬وكان مشيدا‬
‫عىل صخرة ارتفاعها خمسون ذراعا‪ ،‬وحولها جرف عميق‪ .‬وكان من عمل الملك‬
‫هتودس الذى أظهر به شهامته الطبيعية‪ .‬وأول كانت الصخرة ذاتها مغطاة من‬
‫أساساتها بحجارة ملساء للزينة من ناحية‪ .‬ولكن من ناحية أخرى‪ ،‬إن أراد شخص ما‬
‫أن يصعد [عليها](‪ )47‬أو يتل‪ ،‬ل يكون قادرا عىل تثبيت قدميه عليها‪ .‬ويىل هذا‪ ،‬وقبل‬
‫تأن إىل ِصح التج ذاته‪ ،‬سور ارتفاعه ثالثة أذرع‪ .‬وكان ف داخل هذا السور مبّت‬‫أن ر‬

‫قرص‪ .‬فقد‬
‫ٍ‬ ‫التج ذاته بارتفاع أربعي ذراعا‪ .‬وكان لألجزاء الداخلية له اتساع وشكل‬
‫كانت تنقسم إىل كل أنواع الغرف ووسائل الراحة األخرى مثل الساحات والحمامات‬
‫وساحات شاسغة للمعسكرات لدرجة أنه‪ ،‬بتوافر كل وسائل الراحة ر‬
‫الّت تحتاج إليها‬
‫كقرص‪ .‬ولما كان المبّت‬
‫ٍ‬ ‫المدن‪ ،‬بدا التج أنه يتكون من عدة مدن‪ ،‬ولكن بفخامته بدا‬
‫كله يشبه برجا فقد اشتمل أيضا عىل أربعة بروج ممتة عند أركانه األربعة‪ .‬وكانت‬
‫ر‬
‫ارتفاعاتها خمسي ذراعا‪ ،‬بينما كان ارتفاع التج الواقع ف الركن الجنون الشف‬
‫سبعي ذراعا‪ .‬ومن هناك كان يمكن مشاهدة الهيكل كله ولكن من الزاوية ر‬
‫الّت يتصل‬

‫‪ - 47‬قوس المعرب‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ر‬
‫[فيها] رواف الهيكل‪ .‬وكانت هناك ممرات لوصول الحراس من خاللها إليه (ألنه كان‬
‫يمكص دائما ف هذا ُ‬
‫التج فيلق رومان) ويذهبون عدة مرات ف األعياد اليهودية بي‬
‫ٌ‬
‫األروقة بسالحهم لمراقبة الشعب لىك ل ُيحاول أحد ما أن يقوم بأى ىسء‪ .‬ألن‬
‫ً‬
‫الهيكل كان قلعة تحرس المدينة‪ ،‬مثلما كان برج انطونيا يحرس الهيكل‪ .‬وف ذلك‬
‫التج كان يوجد حرس هذه األشياء الثالثة‪ .‬وكان هناك أيضا حصن ممت ف المدينة‬
‫العليا‪ ،‬وهو قرص هتودس‪ .‬ولكن بالنسبة لتل بتيتا ‪ Bezetha‬كان منفصال عن برج‬
‫انطونيا‪ ،‬كما أختنا حال‪ .‬ولما كان هذا التل ُ‬
‫المقام عليه برج انطونيا هو األعىل لهذه‬
‫ُ‬
‫الثالثة [تالل]‪ ،‬لذلك ضم إىل المدينة الجديدة‪ ،‬وكان المكان الوحيد الذى يعوق‬
‫مشاهدة الهيكل من الشمال‪.‬‬
‫ُ‬
‫وهذا يكف ف الوقت الحاِص للكالم عن المدينة واألسوار‪ ،‬ألنّت عاهدت‬
‫نفىس أن أصف ذلك ر‬
‫بأكت تدقيق ف مكان اخر‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل السادس‬
‫[بشأن الطغاة سيمون ويوحنا‪ .‬وكيف ُج ِرح نيكانور بسهم عندما كان تيطس‬
‫يطوف حول سور المدينة‪ ،‬مما دفع تيطس إىل اإلِصار عىل الحصار]‬

‫( ‪ )2/7/‬واآلن كان عدد مثتى ر‬


‫الفي والرجال المولعي بالحرب الذين كانوا مع‬
‫سيمون ف المدينة عشة الف إىل جانب اإلدوميي ‪ .Idumeans‬وكان ألولئك‬
‫العشة الف خمسون قائدا‪ ،‬وفوقهم جميعا سيمون الذى الذى كان األعىل‪ .‬وكان‬
‫اإلدوميون الذين أدانوا له بالولء خمسة الف ولهم ثمانية قواد‪ .‬ومن بي أولئك‬
‫الذين كانت لهم شهرة أعظم كان يعقوب بن سوساس‪ ،‬وسيمون بن كاتالس‪.‬‬
‫أما يوحنا الذى سيطر عىل الهيكل‪ ،‬فكان له ستة الف رجل مسلح تحت عشين‬
‫قائدا‪ .‬وأيضا كان الغيورون الذين شايعوه وتخلوا عن معارضتهم له‪ ،‬الفي وأربعمائة‪،‬‬
‫وكان لهم نفس القائد الذى كان لهم من قبل وهو اليعازر مع سيمون ابن ارينوس‪.‬‬
‫واآلن‪ ،‬بينما كانت هذه األحزاب تحارب بعضها البعض‪ ،‬كان الشعب هو‬
‫الشطر من الناس الذى ل ينضم‬‫الغنيمة لكليهما‪ ،‬كما قلنا من قبل‪ ،‬فقد كان ذلك ِ‬
‫إليهم يف اعمالهم الشيرة ُي َنهب بواسطة كل من هذه األحزاب‪ .‬وكان سيمون يسيطر‬
‫عىل المدينة العليا‪ ،‬والسور العظيم إىل قدرون‪ ،‬وبمقدار ما كان السور القديم يميل‬
‫عند سلوام إىل الشق ويتل إىل قرص مونوبازوس ‪ Monobazus‬الذى كان َملكا‬
‫لديابي ‪ Adiabeni‬فيما وراء الفرات‪ .‬واستحوذ أيضا عىل ذلك الينبوع‪ ،‬وعىل أكرا‬
‫ر‬
‫الّت لم تكن سوى المدينة السفلية‪ ،‬وعىل كل ما كان يوصل إىل قرص الملكة هيلينا أم‬
‫مونابازوس‪.‬‬
‫ولكن يوحنا كان يسيطر عىل الهيكل واألجزاء الملحقة به والطريق الكبت‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وأيضا عىل اوفال ‪ Ophla‬والوادى الذى ُيدىع وادى قدرون‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫وحيثما كانت هناك أماكن يتنازعون عىل ملكيتها‪ ،‬كانت ُت َ‬
‫حرق بواسطتهم‪.‬‬
‫وتركوا مساحات شاسعة بينهم تمكنهم من قتال بعضهم بعضا‪ .‬ألن هذه الفتنة لم‬
‫حّت عندما عسكر الرومان بالقرب من اسوارهم ذاتها‪ .‬وعىل الرغم من أنهم‬ ‫تكف ر‬
‫ُ‬ ‫كانوا قد بدأوا يتعقلون ف بداية ر‬
‫اقتاب الرومان إليهم‪ ،‬إل أن ذلك لم يدم إل للحظة‬
‫ألنهم عادوا إىل جنونهم السابق‪ ،‬وانفصلوا عن بعضهم بعضا واثروا القتال‪ ،‬وفعلوا‬
‫كل ما كان المحاِصون لهم يرغبون ف أن يفعلوه لهم‪ .‬إنهم لم ُيقاسوا قط من‬
‫الرومان أسوأ مما قاسوه من بعضهم بعضا‪ .‬ولم يكن هناك أى بؤس تحتمله المدينة‬
‫سعيد قبل‬ ‫حسب جديدا‪ .‬بل كان معظمهم غت‬ ‫بعد اعمال أولئك الرجال ُيمكن أن ُي َ‬
‫ٍ‬
‫أن تنقلب المدينة‪ ،‬بينما كان الذين أخذوها ر‬
‫أكت شفقة‪ .‬بل إنّت اتجرأ وأوكد أن الفتنة‬
‫حّت‬ ‫الّت كانت ر‬
‫أكت قوة من األسوار‪ .‬ر‬ ‫قد دمرت المدينة‪ ،‬وأن الرومان قد دمروا الفتنة ر‬

‫بعدل لشعبنا سوء قدرنا‪ ،‬وأن النتقام العادل هلل رأن عليهم بواسطة‬
‫ٍ‬ ‫يمكننا أن نصف‬
‫ِّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫وليقدر كل واحد هذه األمور حسبما ُيقدر هو األحدان‪.‬‬ ‫الرومان‪.‬‬

‫( ‪ )1/7/‬وبينما كانت األمور ف دلخل المدينة عىل هذا النحو‪ ،‬كان تيطس‬
‫يطوف حول المدينة من الخارج مع بعض الفرسان المختارين باحثا عن مكان مالئم‬
‫ِّ‬
‫يمكنه أن ِّ‬
‫يكون منه انطباعا عن األسوار‪ .‬ولكنه لما كان يشك ف امكانية القيام‬
‫بهجوم من أى جانب‪( ،‬فلم يكن من السهل الحصول عىل مكان إذ كانت الوديان من‬
‫ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى كان السور القديم يظهر قويا جدا ضد زعزته بأية الة)‪.‬‬
‫َ‬
‫لذلك فكر ف أنه من األحسن أن يشن غاراته عىل خرائب يوحنا رئيس الكهنة‪ ،‬حيص‬
‫كان الستحكام األول هناك أقل علوا‪ ،‬والثان ليس متصال به‪ ،‬حيص اهمل البناؤون‬
‫تقوية هذا السور عندما لم تكن المدينة الجديدة قد ُع ِّم َرت كثتا بعد‪ .‬وكان هناك‬
‫ممر سهل إىل السور الثالص‪ .‬وفكر أن يستوىل من خالله عىل المدينة العليا‪ ،‬والهيكل‬
‫نفسه من خالل برج انطونيا‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ٌ‬
‫ولكن ف هذه اللحظة بينما كان يطوف حول المدينة‪ُ ،‬ج ِرح واحد من اصدقائه‬
‫دىع نيكانور ‪ Nicanor‬بسهم ف كتفه األيش بينما كان ر‬ ‫ُ َ‬
‫يقتب من السور جدا‬ ‫وكان ي‬
‫مع يوسفوس الذى كان يحاول أن يخا ب أولئك الذين كانوا عىل السور حول شوص‬
‫السالم‪ ،‬ألنه كان شخصا معروفا لهم‪.‬‬
‫علم قيرص بمدى عنفهم‪ ،‬وأنهم لم يطيقوا ر‬
‫حّت‬ ‫وبناء عىل هذه الحادثة‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫أولئك الذين ر‬
‫اقتبوا إلقناعهم بالمحافظة عىل ذواتهم‪ ،‬وف الحال اثت سخطه وأِص‬
‫الجنود ف نفس الوقت ترصيحا بحرق الضواج‪ ،‬وأمرهم‬ ‫عىل الحصار‪ .‬واع‬
‫بإحضار عروق الخشب وإقامة الصقالت تجاه المدينة‪ .‬وقسم جيشه إىل ثالثة‬
‫اقسام للقيام بهذه العمال‪ ،‬ووضع قاذف السهام والحراب ف وسط المتاريس ر‬
‫الّت‬
‫نصب انذاك‪ .‬ثم وضع أمامهم تلك اآللت ر‬
‫الّت تقذف الرماح والنبال‬ ‫كانت ُت َ‬

‫واألحجار لىك يمنع العدو من الهجوم عليهم أثناء العمل‪ ،‬ولىك يعوقوا أولئك الذين‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫العتاض لسبيلهم‪ .‬فق ِطعت األشجار ف‬ ‫كانوا عىل السور من أن يكونوا قادرين عىل‬
‫حمل لنصب‬ ‫الحال‪ ،‬وأضحت الضواج قفرة‪ .‬ولكنه بينما كانت عروق األخشاب ُت َ‬

‫المتاريس‪ ،‬والجيش كله منهمك بشغف ف اعماله‪ ،‬لم يكن اليهود ساكني‪ .‬فقد‬
‫ُ َ‬
‫ويقتلون ‪ -‬كانت لهم شجاعة حسنة‬ ‫حدن أن شعب اورشليم الذين كانوا ُي َنهبون‬
‫اآلن‪ ،‬وظنوا أنهم قد يحصلون عىل وقت إللتقاص األنفاس‪ ،‬بينما كان اآلخرون‬
‫مشغولي جدا ف مقاومة أعدائهم خارج المدينة‪ ،‬وأن عليهم النتقام ممن كانوا سبب‬
‫بؤسهم ف حالة ما إذا فاز الرومان بالنتصار‪.‬‬
‫(‪ )7‬ومع ذلك‪ ،‬لبص يوحنا ساكنا بسبب تخوفه من سيمون ر‬
‫حّت عندما كان‬
‫رجاله تواقي إىل الهجوم عىل أعدائهم ف الخارج‪ .‬ولكن سيمون‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬لم يركن‬
‫فكمن بالقرب من موضع الحصار‪ ،‬وأحرص الته الحربية ووزعها عىل‬‫إىل السكون ُ‬
‫مسافات مناسبة عىل السور‪ .‬تلك اآللت ر‬
‫الّت كان قد أخذها سابقا من سيستيوس‬
‫الّت حصل عليها عندما استوىل عىل الحامية ر‬
‫الّت كانت تقيم ف برج‬ ‫‪ ،Cestius‬وتلك ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫انطونيا‪ .‬ولكن عىل الرغم من أنه كانت ف حوزتهم هذه اآللت إل أن مهارتهم ف‬
‫استعمالها كانت قليلة‪ ،‬ر‬
‫حّت أضحت بدرجة كبتة عديمة الجدوى بالنسبة لهم‪ .‬ولكن‬
‫كانت هناك قلة كانت قد تعلمت من هاربي من الجندية كيفية استخدامها‪،‬‬
‫فاستخدموها وإن كان عىل نحو أخرق‪ .‬وألقوا الحجارة والسهام عىل أولئك الذين‬
‫كانوا ُيقيمون الصقالت‪ ،‬وأيضا اندفعوا إليهم ف جماعات وتقاتلوا معهم‪ .‬عندئذ‬
‫أولئك الذين كانوا ف العمل انفسهم بالسياجات والحواجز ر‬
‫الّت عىل صقالتهم‪،‬‬ ‫غ‬
‫واستعض عليهم استخدام اآللت ف شودهم‪ .‬وكانت كل اآللت ر‬
‫الّت أعدتها الفيالق‬
‫الّت للفيلق العاش‪ ،‬فقد‬ ‫ر‬
‫باألكت كانت تلك ر‬ ‫لهم مدهشة‪ ،‬ولكن اللت غت العادية‬
‫ر‬
‫الباف‪ ،‬ر‬ ‫الّت ترىم الحجارة ر‬
‫الّت تقذف النبال وتلك ر‬
‫كانت نلك ر‬
‫والّت‬ ‫أكت قوة وأ كت من‬
‫بها لم يستطعيوا فقط صد هجمات اليهود‪ ،‬بل وأيضا رد أولئك الذين كانوا عىل‬
‫السور‪ .‬فقد كانت الحجارة ُ‬
‫الملقاة تزن الواحدة وزنة وتندفع إىل مسافة غلوتي بل‬
‫وأبعد‪ .‬وكانت الرصبة ل تخيب ليس فقط للذين يكونون واقفي ف ريقها‪ ،‬ولكن‬
‫أيضا ألولئك الذين يكونون واقفي خلفهم بمسافة‪ .‬وف البداية حافظ اليهود عىل‬
‫درك فقط بصوتها‬‫أنفسهم ضد هذه الحجارة ألن لونها كان ابيض‪ ،‬ولذلك كانت ل ُت َ‬
‫العظيم ولكن أيضا بلمعانها قبل أن ر‬
‫تأن إليهم‪ .‬وكان المراقبون لذلك يصيحون عاليا‬
‫ات" وبالتاىل أولئك الذين يكونون ف ريقها يرقدون‬
‫قائلي بلغتهم الخاصة "الحجر ٍ‬
‫ويطرحون أنفسهم أرضا‪ .‬وب هذه الوسيلة حافظوا عىل أنفسهم‪ ،‬وكانت الحجارة ل‬
‫ُ‬ ‫ُتؤذيهم‪ .‬ولكن الرومان عرفوا كيف ُ‬
‫يحولون دون ذلك بأن لوا الحجارة باللون‬
‫األسود‪ ،‬وعندئذ كانت تصيبهم بنجاح‪ ،‬حيص لم يكن من الممكن تميت الحجارة قبل‬
‫ُ‬
‫وصولها كما كان‪ .‬وهكذا أبادوا كثتين منهم برصبة واحدة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم يدع اليهود ‪-‬‬
‫َ‬
‫تحت كل هذه الضيقات‪ -‬الرومان يقيمون متاريسهم بهدوء‪ ،‬ولكنهم قاوموهم بجرأة‬
‫نهارا وليال‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )4/7/‬ولما أنىه الرومان اعمالهم قاس العمال المسافة من هناك إىل السور‬
‫المرجاس(‪ )44‬الذى ألقوه إليه من متاريسهم‪ ،‬ألنه لم يكن ف استطاعتهم غت‬
‫بواسطة ِ‬
‫ذلك وإل ِصب هم اليهود إذا أتوا بأنفسهم‪ .‬وعندما وجدو أن اآللت يمكنها أن تصل‬
‫إىل األسوار‪ ،‬أحرصوها إىل هناك‪ .‬ووزعها تيطس عندئذ عىل مسافات مناسبة لتكون‬
‫حّت ل يمكن لليهود أن ُيقاوموهم‪ .‬وأع أمرا بالعمل‪.‬‬
‫قريبة ما أمكن من السور‪ ،‬ر‬

‫وف هذه األثناء إذا بضجة هائلة ريتدد صداها من ثالثة مواضع‪ .‬وفجأة كانت‬
‫هناك ضجة عظيمة أحدثها الموا نون داخل المدينة‪ .‬وليس أقل من ذلك‪ ،‬الرعب‬
‫َ‬
‫المتناحرين](‪ )41‬الخطر‬ ‫الذى وقع عىل مثتى الفتنة أنفسهم عندما رأى كال الفريقي [‬
‫ر‬
‫مشتك‪ .‬وهكذا كان كل فريق‬ ‫العام الذى كانوا فيه‪ ،‬واقتنعوا بأن يكون لهم دفاع‬
‫يصيح باآلخر لىك يسلكوا بإتفاق معا ضد األعداء‪ ,‬وأنه ينبىع‪ ،‬ر‬
‫حّت وإن كان هللا لم‬
‫ُيعطهم هذا التفاق الدائم‪ ،‬أن يضعوا جانبا‪ ،‬ف ظروفهم الحالية‪ ،‬عداوتهم لبعضهم‬
‫سيمون ألولئك الذين أتوا من‬ ‫بعضا لىك يتحدوا معا ضد الرومان‪ .‬وبالتاىل أع‬
‫الهيكل ترصيحا بالصعود إىل السور‪ .‬وهكذا فعل يوحنا عىل الرغم من أنه لم يثق‬
‫َ‬
‫الجانبي كراهيته جانبا ومشاجراته الخاصة‪ ،‬وتشكلوا ف‬ ‫باآلخر‪ .‬وهكذا وضع ٌ‬
‫كل من‬
‫جسم واحد‪ ،‬وركضوا حينئذ إىل السوار حاملي معهم مشاعل عديدة وألقوها عىل‬
‫اآللت‪ ،‬والقوا بالسهام بصفة دائمة عىل أولئك الذين كانوا يدفعون اآللت ر‬
‫الّت‬
‫ترصب األسوار‪ .‬بل أن ر‬
‫أكت الجماعات جرأة وثبوا ف مجموعات عىل هذه المتاريس‬
‫اآللت وحطموها إىل قطع‪ ،‬وهجموا عىل المدافعي عنها وِصبوهم‬ ‫ر‬
‫الّت كانت تغ‬
‫ليس عن مهارة كبتة ولكن عن جرأة الهجوم‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬أرسل تيطس نفسه مددا إىل الذين كانوا ف موقف أصعب‪ ،‬ووضع‬
‫كل الفرسان ُ‬
‫ورماة الرماح ف الجوانب العديدة لآللت‪ ،‬وصدوا بالتاىل أولئك الذين‬

‫َ َ‬
‫المسبار " ‪ " lead and a line‬خيط ُيستخدم لقياس المسافات واألعماق‪.‬‬
‫المرجاس أو ِ‬
‫‪ِ - 44‬‬
‫المعرب‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫احرصوا النتان‪ ،‬والذين يطلقون الحجارة والنبال من البراج‪ ،‬وبالتاىل هيأ اآللت‬
‫للعمل جيدا‪.‬‬
‫ولكن السور لم يستسلم لهذه الرصبات‪ ،‬فيما عدا األماكن ر‬
‫الّت كان الكبش‬
‫الحديدى للفيلق العاش يهز ركن التج‪ ،‬بينما السور نفسه ظل سليما‪ .‬ألن السور لم‬
‫يكن ف نفس الخطر مع التج الذى كان بعيدا عنه‪ .‬ولم يكن سقوص هذا التج يزعزع‬
‫بسهولة أى جزء من السور نفسه الذى كان فيه‪.‬‬

‫( ‪ ) /7/‬واآلن توقف اليهود عن هجماتهم لبعض الوقت‪ .‬ولكنهم عندما‬


‫لحظوا أن الرومان قد تفرقوا جميعا إىل اعمالهم‪ ،‬وإىل معسكراتهم العديدة ( ألنهم‬
‫ظنوا أن اليهود قد اعتكفوا لضعفهم أو لخوفهم) قاموا فجأة بهجوم عىل برج‬
‫هيبيكس من خالل بوابة غامضة‪ ،‬واشعلوا ف نفس الوقت النتان ف العمال‪،‬‬
‫وهجموا بجرأة عىل الرومان وعىل تحصيناتهم ذاتها‪ .‬وعند صياحهم‪ ،‬هرع إليهم‬
‫بشعة أولئك الذين كانوا بالقرب منهم لمساعدتهم‪ ،‬وركض إليهم الذين كانوا بعيدين‬
‫عنهم‪ .‬وهنا كانت جرأة اليهود صعبة جدا أمام ُحسن تنظيم الرومان الذين سحقوا‬
‫أولئك المهاجمي أول وكبسوا عليهم معا‪ .‬وكان القتال حول اآللت ضاريا‪ ،‬فبينما كان‬
‫الجانب األول يحاول بمشقة اشعال النار فيها‪ ،‬كان الجانب اآلخر يجاهد للحيلولة‬
‫كل من الجانبي‪ .‬وسقط كثتون قتىل من الذين كانوا ف‬
‫دون ذلك‪ .‬وعال الرصاخ من ٍ‬
‫مقدمة المعركة‪ .‬ومع ذلك كان اليهود قساة ف الهجوم الوحىس الذى قاموا به‬
‫كمجاني‪ ،‬وأمسكت النتان بالعمال‪ .‬وصارت العمال واآللت ذاتها ف خطر‬
‫َ‬
‫الح رتاق‪ ،‬ما لم يضع الجنود المنتخبون القادمون من السكندرية انفسهم لمنع هذه‬
‫أكت شجاعة مما كان ر‬
‫مفتض أن يسلكوه‪.‬‬ ‫النتان‪ ،‬وما لم يسلكوا هم بأنفسهم مسلكا ر‬
‫فإن ما صنعوه جعلهم ر‬
‫أكت شهرة مما كانوا عليه من قبل‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫كانت هذه ا حالة األمور قبل أن يأخذ قيرص اشجع فرسانه وي هاجم العدو‪،‬‬
‫فقتل هو بنفسه اثّت عش يهوديا ممن كانوا ف المقدمة‪ .‬فلما رأى اآلخرون موتهم‬
‫ولوا هاربي‪ ،‬فتعقبهم و اردهم إىل اسوار المدينة‪ ،‬وانقذ العمال من النتان‪.‬‬
‫ُ‬
‫وحدن أن يهوديا ق ِبض عليه حيا ف المعركة‪ ،‬فأمر تيطس بصلبه أمام السور‬
‫لتى ما إذا كان الباقون سيفزعون ويكفون عن العناد أم ل‪ .‬ولكن بعد أن اعتكف‬
‫اليهود‪ ،‬فإن يوحنا الذى كان قائدا لإلدوميي‪ ،‬وكان يتكلم مع أحد جنوده عىل السور‪،‬‬
‫ُج ِرح بسهم ا لقه عليه أحد العرب ومات ف الحال تاركا وراءه مناحة عظيمة بي‬
‫لكل من اعماله‬ ‫ر‬
‫اليهود‪ ،‬وأسفا بي مثتى الفي ألنه كان رجال ذا مقام عظيم نظرا ٍ‬
‫وعدالته معا‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل السابع‬
‫[كيف انهار احد األبراج ر‬
‫الّت نصبها الرومان من تلقاء ذاته‪ .‬وكيف استوىل‬
‫قتال ضارى‪ .‬وكيف شن تيطس هجوما عىل السور‬
‫الرومان عىل السور األول بعد ٍ‬
‫الثان‪ .‬وأيضا بشأن لونجينوس الرومان‪ ،‬وكاستور اليهودى]‬

‫( ‪ )2/3/‬واآلن‪ ،‬ف اليلة التالية‪ ،‬حدن انزعاج مباغت للرومان‪ .‬ألنه بينما أمر‬
‫كل من‬ ‫ر‬
‫تيطس بنصب ثالثة ابراج بارتفاع خمسي ذراعا حّت يمكنه – بإقامة برج عىل ٍ‬
‫الصقالت – أن يطرد من هناك أولئك الذين عىل السور‪ .‬فحدن أن انهار أحد هذه‬
‫األبراج بغتة ف حواىل منتصف الليل‪ .‬ولما كان سقو ه قد أحدن جلبة عظيمة‪ ،‬فإن‬
‫الخوف حل بكل الجيش‪ .‬وإذ ر‬
‫افتضوا أن األعداء قد هجموا عليهم‪ ،‬ركض الجميع إىل‬
‫سالحهم‪ .‬وترتب عىل ذلك أن ساد انزعاج وشغب عىل الفيالق‪ .‬ولما كان كل واحد‬
‫قادر عىل أن يعرف ماذا حدن بالضبط‪ ،‬فقد خرجوا جميعا ف حالة تفطر‬
‫ٍ‬ ‫غت‬
‫القلوب حزنا‪ .‬وعندما لم يروا ظهور األعداء‪ ،‬كانوا خائفي من بعضهم بعضا‪ ،‬وكان كل‬
‫واحد يسأل جاره عن كلمة الش باهتمام عظيم كما ولو كان اليهود قد غزوا‬
‫ٍ‬
‫علم تيطس بما حدن‬
‫معسكرهم‪ .‬وكانوا حينئذ مثل أناس ف فزع عظيم‪ ،‬إىل أن ِ‬
‫وأصدر أوامره ىك َيعلم الجميع بها‪ .‬وعندئذ كفوا بصعوبة عن انزعاجهم‪.‬‬

‫( ‪ )1/3/‬واآلن‪ ،‬كانت هذه األبراج مزعجة جدا لليهود‪ ،‬ولولها لكانوا قد‬
‫قاوموا الرومان بشجاعة‪ .‬ألنهم كانوا يتعرضون للرشق من هذه اآللت النارية من تلك‬
‫األبراج‪ ،‬وأيضا من رماة الرماح والسهام ومن تلك ر‬
‫الّت تقذف األحجار‪ .‬ولم يكن‬
‫باستطاعة اليهود ل الوصول إىل أولئك الذين كانوا فوقها بسبب ارتفاعها‪ ،‬ول كان‬
‫ُيمكنهم‪ ،‬عمليا‪ ،‬الستيالء عليها أو قلبها بسبب ثقلها‪ ،‬ول إلقاء النار عليها بسبب‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫تغطيتها بصفائح من الحديد‪ .‬لذلك تنحوا بعيدا عن مرىم السهام‪ .‬ولم يعودوا بعد‬
‫َيعوقون عمل هذه اآللت ر‬
‫الّت أمكنها بالرصبات المستمرة أن تسود أختا عىل السور‬
‫ُ‬ ‫إىل الحد الذى افسح مكانا لهذه اآللة ر‬
‫الّت كانت تسم "نيكو" ‪ –)4 (Nico‬ألنه بهذا‬
‫السم كان اليهود انفسهم ينعتون أكت اآللت عندهم ألنها كانت تقهر كل ىس ٍء‪.‬‬
‫وأختا تعبوا جدا من القتال لمدة ويلة ومن الحراسة‪ ،‬فركنوا إىل الراحة أثناء الليل‬
‫عىل مسافة من السور‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬ربما كان تفكتهم أيضا ف عدم حراسة‬
‫باقيي‪ .‬وإذ كانوا متكاسلي‪،‬‬ ‫َ‬
‫تحصيني اخرين ما زال َ‬ ‫السور أنه يوجد إىل جانب ذلك‬
‫فإن مشورتهم كانت سقيمة من جميع الوجوه‪ ،‬ومن ثم تكاسل الكثتون وهدأوا‪.‬‬
‫فتك جميع اليهود‬‫الّت أحدثتها اآللة نيكو‪ ،‬ر‬
‫وعندئذ صعد الرومان إىل الثغرة ر‬

‫حراسة هذا السور وتقهقروا إىل الثان‪ .‬عندئذ فتح الذين صعدوا السور البوابات‪،‬‬
‫ودخل كل الجيش إىل الداخل‪.‬‬
‫وهكذا استوىل الرومان عىل هذا السور األول ف اليوم الخامس عش من‬
‫الحصار‪ ،‬الذى كان اليوم السابع من شهر ارتميسيوس ‪[ Artemisius‬ايار](‪.)47‬‬
‫الّت كانت‬ ‫وعندئذ أزالوا ً‬
‫جزء كبتا منه‪ ،‬مثلما حدن أيضا لألجزاء الشمالية للمدينة ر‬
‫ُ‬
‫قد دمرت أيضا بواسطة سيستيوس سابقا‪.‬‬

‫َ‬
‫( ‪ )7/3/‬وعسكر تيطس اآلن داخل المدينة‪ ،‬ف ذلك الموضع الذى كان ُيدىع‬
‫"معسكر الشوريي"‪ ،‬وقد امسك بزمام كل ما يمتد إىل قدرون‪ ،‬ولكنه أخذ حذره أن‬
‫يكون بعيدا عن مدى سهام اليهود من السور الثان‪ .‬وبدأ عندئذ ف الحال هجماته‪،‬‬
‫ر‬
‫الّت قسم اليهود أنفسهم إزائها إىل فرق متعددة‪ ،‬ودافعوا بشجاعة عن هذا السور‪.‬‬

‫جد الحرف األول‬ ‫ُ‬


‫‪ - 4‬نالحظ أن هذا اإلسم هو باليونانية‪ ،‬وا تعّت "الغالب" أو "القاهر"‪ .‬وقد و ِ‬
‫منها ف اآلثار المسيحية للرسوم الجدارية ر‬
‫الّت وصلتنا داخل هالة السيد المسيح‪ .‬راجع رؤ ‪1:7‬‬
‫‪ 1 - 47‬مايو سنة ‪31‬م‪ .‬المعرب‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫وفعل ذلك يوحنا وحزبه من برج انطونيا ومن الرواق الشماىل من الهيكل‪ ،‬وقاتلوا‬
‫الرومان أمام خرائب الملك الكسندر‪ .‬وكذلك جعل جيش سيمون نصيبهم األرض‬
‫ُ َ‬ ‫حّت إىل تلك البوابة ر‬
‫الّت كانت بالقرب من خرائب يوحنا وحصنوها ر‬
‫ر‬
‫الّت كانت تجلب‬
‫من عندها المياه إىل برج هيبيكس‪ .‬وقام اليهود‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬بهجمات عنيفة وعديدة‬
‫أيضا‪ ،‬وحاربوا بأجسادهم الرومان خارج البوابات أيضا‪ .‬وعندما كانوا ُي َ‬
‫طردون من عىل‬
‫ُ‬ ‫السور‪ ،‬كانوا ُي َ‬
‫قهرون ف المعارك إذ كانت تعوزهم مهارة الرومان‪ .‬ولكنهم عندما كانوا‬
‫يقاتلونهم من عىل السور كانوا أقوياء جدا عليهم‪ .‬وإذ قد تشجع الرومان من ناحية‪،‬‬
‫بقوتهم‪ ،‬ومهارتهم‪ ،‬وتشجع اليهود من ناحية أخرى‪ ،‬بجرأتهم ر‬
‫الّت كان يغذيها الخوف‬
‫مما هم فيه‪ ،‬والضيقة ر‬
‫الّت ا بيعية ألمتنا ف ظل هذه المحن‪ ،‬وكانوا يتطلعون‬
‫أيضا إىل النجاة مثلما كان الرومان يتطلعون إىل السيطرة عىل المدينة ف وقت قصت؛‬
‫فإن كل ذلك جعل كال الطرفي ل يكل‪ .‬فكانت الهجمات المستمرة والقتال عىل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫السور ف الخارج وال النهار‪ .‬ولم تكن هناك أساليب حرب لم تستخدم‪ .‬وكان لليل‬
‫نفسه نصيب كبت‪ .‬فما كانوا يبدأون الحرب ف الصباح ر‬
‫حّت يكون الليل نفسه غت‬
‫نوم من كليهما‪ .‬وبينما كان البعض يخشون‬
‫مري ٍح للجانبي إذ كان يمر مثل النهار بال ٍ‬
‫الستيالء عىل السور‪ ،‬كان البعض اآلخر يخشون أن يهجم اليهود عىل معسكراتهم‪،‬‬
‫فكان [أفراد] ٌ‬
‫كل من الفريقي يرقدون يسالحهم خالل الليل‪ ،‬ليكونوا مستعدين بذلك‬
‫عند أول تباشت الصباح للتوجه إىل المعركة‪ .‬وكان الطموح لدى اليهود هو َمن يسود‬
‫شف قواده‪ .‬باإلضافة إىل أنه كان لهم اكرام عظيم لسيمون‬ ‫أول عىل المعارك ُ‬
‫وي ِّ‬
‫أحد تحته‪ ،‬ر‬
‫حّت أنهم كانوا عىل‬ ‫ورعب منه‪ .‬فإىل هذا الحد أنه كان معتتا من كل ٍ‬
‫ً‬
‫استعداد أن يقتلوا انفسهم بأياديهم عند أمره(‪ .)43‬وما جعل الرومان شجعان جدا هو‬

‫‪ - 43‬لحظ أن التبعية العمياء لصاحب فكر ما‪ ،‬ليست بجديدة عىل واقعنا النسان‪ ،‬ول ا‬
‫قاِصة عىل دين معي أو مذهب معي‪ .‬فها نحن نرى ذلك لدى "الغيورين" ف اليهودية قبلما تظهر‬
‫هذه الظاهرة ف المسيحية (ف محاكم التفتيش ف الغرب)‪ ،‬وف السالم لدى الجماعات المتطرفة‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫عاداتهم المعتادة ف النتصار‪ ،‬والخوف من الهزيمة‪ ،‬وحروب هم الدائمة‪ ،‬وتداريبهم‬
‫العسكرية المستمرة‪ ،‬وعظمة سيادتهم‪ .‬غت أن سبب شجاعتهم اآلن كان أيضا وجود‬
‫تيطس معهم جميعا ف كل مكان‪ .‬ألنه كان أمرا مزعجا أن يكلوا هم بينما قيرص نفسه‬
‫شاهد عيان‬
‫ِ‬ ‫معهم‪ ،‬لذا حاربوا بشجاعة بقدر ما فعلوا‪ .‬وكان هو نفسه ذات مرة‬
‫ُ‬
‫لسلوكهم الشجاع وكافأهم جميعا عىل ذلك‪ .‬وإىل جانب ذلك كانت ت َعد متة أن يكون‬
‫الشخص معروف لدى القيرص نفسه‪ ،‬األمر الذى جعل الكثتين منهم يظهر ر‬
‫بأكت‬
‫رشاقة لىك ُيقابل القوة‪.‬‬
‫وبينما كان اليهود ف نحو هذا الوقت يقفون ف صفوف أمام السور ف جسم‬
‫َ‬
‫قوى‪ ،‬وكان كال الفريقي ُي رلف بسهامه عىل اآلخر‪ ،‬إذا بواحد من الرومان ُيدىع‬
‫لونجينوس وثب من بي صفوف جيشه إىل وسط جيش اليهود األمر الذى أدى إىل‬
‫َ‬
‫أكتهم شجاعة حيص ِصب أحدهما عىل وجهه عندما رأن‬ ‫وقتل اثني من ر‬ ‫تشتتهم‪،‬‬
‫الّت ر‬
‫انتعها من جسد األول‪ ,‬فالذ ذلك الرجل‬ ‫لمالقاته ثم ِصب اآلخر بنفس الحربة ر‬

‫بالفرار وجرى وا ف جنبه‪ .‬وعندما فعل ذلك ركض راجعا إىل جيشه دون أن يصيبه‬
‫رح‪ .‬وبذلك مت هذا الرجل نفسه‪ ،‬وجعل الكثتين يتوقون إىل اكتساب سمعة‬ ‫ُ‬
‫أى ج ٍ‬
‫مثله‪.‬‬
‫وكان اليهود غت مبالي بما ُيعانوه من الرومان‪ ،‬وكانوا يفكرون فقط فيما‬
‫ُ‬
‫عساهم أن يفعلوه‪ ،‬وبدا الموت نفسه ل ىسء بالنسبة لهم مقابل أن يقتلوا أى‬
‫شخص من األعداء‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ولكن تيطس أخذ حذره لىك ُيؤمن جنوده من أى أذى مثلما يريدهم أن يتغلبوا‬
‫عىل أعدائهم‪ ،‬فقال لهم أيضا‪ :‬العنف غت المعقول هو جنون‪ ،‬وأن الشجاعة‬
‫ر‬
‫المقتنة بتفكت سابق‪ ،‬به تكون الرصبات بدون معاناة‪ .‬لذلك‬ ‫الحقيقية ا فقط تلك‬
‫أمر جنوده بأخذ حذرهم عند محاربة أعدائهم لىك ل ينالهم أى ِصر منهم‪ ،‬وف نفس‬
‫كرجال محاربي بالحقيقة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الوقت يظهرون‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )4/3/‬وأحرص تيطس إحدى الته إىل التج المتوسط للجزء الشماىل من السور‬
‫َ‬
‫الذى كان يكمن عنده رجل يهودى ماكر ُيدىع كاستور مع عشة من أمثاله‪ ،‬وكان‬
‫الباقون قد هربوا بسبب الرماح‪ .‬أولئك الرجال ظلوا ساكني بعض الوقت جاثي عىل‬
‫دروعهم‪ ،‬ولكن عندما تزعزع التج قاموا‪ .‬وبسط كاستور عندئذ يديه مترصعا وأخذ‬
‫ينادى عىل القيرص بصوت يثت الشفقة ملتمسا منه الرحمة عليهم‪ .‬فأمر تيطس‬
‫صدقا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫بتاءة قلبه بإيقاف عمل الكبش الحديدى‪ ،‬متجيا أن يكون اليهود قد ندموا‪ ،‬وم ِ‬
‫هذا الرجل‪ ،‬ومنعهم من ِصب أولئك الذين يترصعون إليه‪ .‬وأمر كاستور أن يقول ما‬
‫ٌ‬
‫مشور جدا‬ ‫ُيريد له‪ .‬فقال أنه يريد أن يتل إذا أعطاه يمي األمان‪ .‬فأجاب تيطس أنه‬
‫بهذا المسلك الفطن‪ ،‬وسيكون مشورا جدا لو كان كل اليهود مثل عقله‪ ،‬وأنه عىل‬
‫هذه اليد للمدينة‪ .‬وعندئذ قام خمسة من الرجال الذين كانوا معه‬ ‫استعداد أن يع‬
‫وتظاهروا بأنهم يلتمسون الرحمة‪ ،‬بينما أخذ الباقون يصيحون بأن ل يكونوا عبيدا‬
‫للرومان‪ ،‬بينما هم ف كامل قوتهم ليموتوا من أجل الحرية‪ .‬وبينما كان أولئك الرجال‬
‫يتشاجرون لمدة ويلة‪ ،‬تعطل الهجوم وأرسل كاستور أيضا إىل سيمون وأخته أن‬
‫عليه أن يستفيد من هذا التعطيل ر‬
‫حّت يزوغون من قوة الرومان إىل حد ما‪ .‬وف نفس‬
‫الوقت الذى ارسل فيه هذا‪ ،‬تظاهر بوضوح أنه يوب خ أولئك الذين يمتنعون عن قبول‬
‫يمي تيطس ألمانهم‪ .‬فتظاهروا هم بالغضب عليه ولوحوا بسيوفهم المجردة‬
‫مهددين‪ ،‬و عنوا أنفسهم ف صدورهم وسقطوا‪.‬‬
‫وعندئذ تعجب تيطس والذين كانوا معه من شجاعة الرجال‪ .‬وإذ كانوا غت‬
‫عجبوا بهم‪ ،‬وأشفقوا عىل ملمتهم‪ .‬وف غضون‬‫قادرين أن يروا ما يحدن بالضبط‪ُ ،‬ا َ‬

‫هذه األشياء أ لق شخص ما سهما عىل كاستور فجرحه ف أنفه‪ ،‬فجذبها ف الحال‬
‫وأراها لتيطس وشىك له هذه المعاملة غت العادلة‪ .‬فوب خ قيرص ذاك الذى ر‬
‫ألف‬
‫السهم‪ ،‬وأرسل يوسفوس الذى كان يقف إىل جانبه ُليع يمينه إىل كاستور‪ .‬ولكن‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫يوسفوس قال له أنه ل يود الذهاب إليه ألن هذا اإللتماس التظاهرى ل يعّت شيئا‬
‫يبا‪ ،‬ومنع أيضا أصدقاءه الذين كانوا غيورين من الذهاب إليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ولكن كان هناك مارق من الجيش ُيدىع انياس ‪ ،Eneas‬قال أنه يرغب ف‬
‫يأن شخص ما ويأخذ النقود ر‬
‫الّت‬ ‫الذهاب إليه‪ .‬وكان كاستور يدعوهم أيضا إىل أن ر‬
‫معه‪ ،‬مما جعل انياس أ ر‬
‫كت شوقا للركوض إليه بصدر مفتوح‪ .‬وعندئذ أخذ كاستور‬
‫حجرا كبتا وألقاه عليه‪ ،‬ولكنه أخطأه ألنه ر‬
‫احتس منه‪ .‬ولكن الحجر أصاب جنديا‬
‫اخر كان اتيا إليه‪.‬‬
‫وعندما فهم قيرص أن هذا كان تعطيال للحرب‪ ،‬أدرك أن الرحمة ف الحرب ا‬
‫ر‬
‫األكت شدة‪.‬‬ ‫أمر خبيص ألن مثل هذه الحيل الماكرة‪ ،‬لها مكان أقل ف ظل الممارسات‬
‫عندئذ أمر اآللة بالعمل ر‬
‫بأكت قوة من ذى قبل بسبب غضبه من هذه الخدعة ر‬
‫الّت‬
‫انطلت عليه‪.‬‬
‫ولكن كاستور ورفقاءه اشعلوا النار ف التج‪ ،‬وعندما بدأت تأخذ ريقها‪ ،‬قفزوا‬
‫ر‬
‫باألكت أن‬ ‫خالل اللهب إىل منافذ خفية كانت تحتها‪ ،‬مما جعل الرومان ر‬
‫يفتضون‬
‫أولئك الرجال عىل شجاعة عظيمة‪ ،‬إذ رحوا أنفسهم وسط النتان‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الثامن‬
‫[كيف أخذ الرومان السور الثان مرتي‪ ،‬وصاروا جاهزين ألخذ السور الثالص]‬

‫( ‪ )2/9/‬واآلن‪ ،‬أخذ قيرص هذا السور ف اليوم الخامس بعد استيالئه عىل‬
‫السور األول‪ .‬وعندما هرب اليهود منه إىل داخله‪ ،‬دخل هو بألف رجل مسلح‬
‫وجحافله المختارة‪ ،‬من المكان الذى كان فيه تجار الصوف‪ ،‬والنحاسون‪ ،‬وسوق‬
‫القماش‪ ،‬حيص كانت الشوارع الضيقة تؤدى إىل السور‪ .‬لذلك لو كان تيطس قد دمر‬
‫الجزء األكت من السور ف الحال‪ ،‬أو كان قد دخل وخرب ما ربف تبعا لشيعة الحرب‪،‬‬
‫َلما كان انتصاره عىل ما أظن قد شابه أية خسارة من جانبه‪ .‬ولكنه لم ُي ِّ‬
‫وسع من‬
‫الثغرة ف السور‪ -‬بسبب أمله ف أن يخجل اليهود من عنادهم [عندما يرونه] غت‬
‫راغب ف أن يوسع من ثغرة السور (لىك يوفر تقهقرا ر‬
‫أكت أمنا عند اللزوم)‪ ،‬وهو قادر‬
‫عىل أن يذلهم ر‬
‫أكت مما يحتاج هو إليه‪ .‬ألنه لم يظن أنهم سينصبون له شاكا مقابل‬
‫أى ممن يقبضون عليهم‪،‬‬ ‫يبته معهم‪ .‬ولذلك عندما دخل‪ ،‬لم يسمح لجنوده بقتل ٍ‬
‫ول أن ُيشعلوا النتان ف منازلهم‪ .‬بل أع إذنا لمثتى الشغب أن يحاربوا إذا أرادوا‪،‬‬
‫عىل الشعب لهم‪ .‬ألنه كان يتوق إىل‬
‫دون الحاق اى ِص ِر بالشعب‪ .‬ووعد باإلبقاء ي‬
‫حفظ المدينة ألجل ذاتها‪ ،‬وحفظ الهيكل من أجل المدينة‪ .‬أما بالنسبة للشعب فقد‬
‫ر‬
‫لمقتحاته‪ ،‬ولكن الرجال المسلحي‬ ‫كانوا مستعدين منذ زمن ويل إىل أن يذعنوا‬
‫ر‬
‫المقتحات ألنه كان غت‬ ‫بدت لهم انسانيته هذه عالمة ضعف‪ ،‬وتخيلوا أنه قدم هذه‬
‫ٌ‬ ‫ر‬
‫قادر عىل أخذ باف المدينة‪ .‬وهددوا أيضا الشعب بالموت إن تكلم أحد منهم بكلمة‬
‫ٍ‬
‫ر‬
‫وأكت من ذلك‪ ،‬قطعوا أعناق المتكلمي بالسالم‪ .‬وهاجموا عندئذ الرومان‬ ‫تسليم‪.‬‬
‫الذين أتوا إىل داخل السور‪ .‬فقابلوا بعضهم ف الشوارع الضيقة‪ ،‬وجاربوا ضد بعضهم‬
‫من منازلهم‪ .‬كما قاموا بغارة مفاجئة عىل الذين ف البوابات العليا‪ ،‬وأغاروا عىل‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الرومان الذين كانوا وراء السور‪ ،‬إىل حد أن الذين كانوا يحرسون السور كانوا مرتعبي‬
‫وقفظوا من ابراجهم‪ ،‬واختلوا بمعسكراتهم العديدة‪ .‬فحدثت عند ذلك ضجة‬
‫عظيمة بواسطة الرومان الذين كانوا ف الداخل ألنهم كانوا محاِصين من كل جانب‬
‫بواسطة أعدائهم‪ ،‬وأيضا ممن كانوا ف الخارج ألنهم كانوا مرتعبي عىل أولئك الذين ف‬
‫داخل المدينة‪ .‬وهكذا ازداد عدد اليهود بصفة مستمرة‪ ،‬وصارت لهم مزايا كبتة عىل‬
‫الرومان من جراء معرفتهم باألزقة‪ .‬فجرحوا عددا كبتا منهم‪ ،‬وقتلوهم و روهم‬
‫خارج المدينة‪ .‬واضطر الرومان أن يقاوموا بأقض ما استطاعوا ألنهم لم يكونوا‬
‫قادرين عىل الخروج من الثغرة بأعداد كبتة ألنها كانت ضيقة جدا‪ .‬وكان من المحتمل‬
‫أن يتم تمزيق الذين بقوا ف الداخل إربا‪ ،‬لول أن تيطس أرسل إليهم مددا ألنه أمر رماة‬
‫الرماح بالوقوف عىل األ راف العليا لألزقة‪ ،‬ثم وقف هو بنفسه حيص كان الجمهور‬
‫األوفر من أعدائه وصدهم بسهامه‪ .‬وقد فعل بالمثل دوميتيوس سابينوس أيضا‬
‫كرجل باسل ظهر ف هذه المعركة أنه كذلك‪ .‬واستمر قيرص يرىم سهامه باستمرار‬
‫ٍ‬
‫عىل اليهود ويعوقهم عن اإليقاع برجاله إىل أن تقهقر جميع جنوده إىل خارج المدينة‪.‬‬

‫ُ‬
‫( ‪ )1/9/‬وهكذا ِرد الرومان خارجا بعد أن استولوا عىل السور الثان‪ .‬لذلك‬
‫ترفع الرجال المسلحون الذين كانوا ف المدينة ف عقولهم‪ ،‬واتكلوا عىل نجاحهم‬
‫الطيب وبدأوا يفكرون ف أن الرومان لن يجرأوا عىل دخول المدينة مرة أخرى‪ ،‬وأنهم‬
‫هزموا أبدا‪ .‬ألن هللا كان قد أعم عقولهم بسبب المعاىص ر‬
‫الّت‬ ‫إذا بقوا بداخلها فلن ُي َ‬

‫الّت تقهقرت اآلن‪.‬‬ ‫ر‬


‫األكت بكثت من تلك ر‬ ‫أذنبوها فلم يقدروا أن يروا القوات الرومانية‬
‫ولم يستطيعوا بعد أن يمتوا كيف أن المجاعة كانت تزحف عليهم‪ ،‬ألنهم كانوا‬
‫يغذون أنفسهم ببؤس الشعب‪ ،‬ويشبون دماء المدينة‪ .‬ولكن الفاقة اآلن أمسكت‬
‫بالجزء األفضل لمدة ويلة‪ ،‬ومات عدد كبت إلفتقارهم إىل الرصوريات‪ .‬وكان مثتو‬
‫يفتضون‪ ،‬ف الحقيقة‪ ،‬أن هالك الشعب هو ُي ٌ‬
‫ش لهم‪ ،‬ألنهم ما كانوا يرغبون‬ ‫الشغب ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫أحد إل فقط أولئك الذين كانوا ضد السالم مع الرومان‪ ،‬وعزموا‬ ‫ُ‬
‫ف أن يبقوا عىل أى ٍ‬
‫عىل أن يعيشوا لمقاومتهم‪ .‬فكانوا ُيشون بهالك أولئك الذين يخالفونهم ف الرأى‪،‬‬
‫نفع‪ .‬كان هذا هو تدبت عقول أولئك الذين‬
‫كما لو كانوا قد تحرروا من عبء ثقيل بال ٍ‬
‫ف الداخل‪ ،‬فغطوا أنفسهم بدروعهم ومنعوا الرومان من محاولة دخول المدينة مرة‬
‫أخرى‪ ،‬وأقاموا من أجسادهم سورا اخر إزاء الجزء المنقوب ف الجدار‪ .‬وفعلوا ذلك‬
‫ببسالة‪ ،‬ودافعوا ثالثة أيام ولكن ف اليوم الرابع لم يستطيعوا تدعيم أنفسهم إزاء‬
‫شدة هجمات تيطس‪ ،‬واضطروا إىل الفرار ما لم يكونوا قد فروا من قبل‪ .‬وهكذا‬
‫استوىل مرة أخرى عىل السور‪ ،‬ودمر الجزء الشماىل كله‪ .‬ولما وضع حامية ف األبراج‬
‫ر‬
‫الّت كانت ف الجزء الجنون للمدينة‪ ،‬اقتنع بكيفية النقضاض عىل السور الثالص‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل التاسع‬
‫[كيف واصل تيطس نفس الىسء عندما وجد أن اليهود لم ُي ِّلطفهم وقف‬
‫الحصار لبعض الوقت‪ .‬ولكنه ارسل إليهم يوسفوس ليخا ب أهل بلده عن السالم]‬

‫( ‪ )2/8/‬واآلن‪ ،‬عقد تيطس العزم عىل إرخاء الحصار لبعض الوقت لىك يمنح‬
‫لمثتى الشغب فرصة للتبرص‪ ،‬ولىك يرى ما إذا كان تدمت سورهم الثان يجعلهم ر‬
‫أكت‬
‫كياسة‪ ،‬وما إذا كانوا غت خائفي من المجاعة ألن الغنائم ا رلّت اغتصبوها لم تكن‬
‫ر‬
‫الستخاء ُليدبر خططه تبعا لذلك‪ .‬ولما‬ ‫لتكفيهم مدة ويلة‪ .‬لهذا استفاد من هذا‬
‫كان الوقت المعي لرصف أجور الجنود قد حل‪ ،‬لذلك أصدر أوامره إىل القواد بأن‬
‫واحد عندئذ أجره‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫يصطف الجنود صفوف معركة ف مواجهة العدو(‪ ،)49‬وإعطاء كل‬
‫لذلك فتح الجنود – بقا للعادة‪ -‬صناديقهم حيص كانت األسلحة مغطاة من قبل‪،‬‬
‫وساروا مرتدين دروعهم‪ .‬وكذا فعل الفرسان بجيادهم بالمثل ف مستة عسكرية‬
‫جميلة‪ .‬وعندئذ تألق المكان بتيق الذهب والفضة‪ ،‬فلم يكن هناك ىسء جميل‬
‫لتيطس ورجاله مثل هذا المنظر‪ ،‬ول ىسء مرعب مثله للعدو‪ .‬ألن كل السور القديم‬
‫والجانب الشماىل للهيكل كان غاصا بالمشاهدين‪ ،‬وكان المرء يرى البيوت مكدسة‬
‫بأولئك المتفرجي‪ .‬ولم يكن هناك أى جزء ف المدينة ل تغطيه الجماهت‪ .‬بل أن رعبا‬
‫عظيما حل ر‬
‫حّت عىل أقىس رجال اليهود أنفسهم عندما رأوا كل الجيش ف نفس‬
‫المكان بروعة أسلحتهم ُ‬
‫وحسن تنظيم رجالهم‪ .‬ول يمكنّت سوى أن أظن أن مثتى‬
‫الشغب كانوا من الممكن أن ُيغتوا رأيهم عند هذا المنظر ما لم تكن الجرائم ر‬
‫الّت‬
‫ارتكبوها ضد الشعب من البشاعة‪ ،‬فيأسوا ف عفو الرومان لهم‪ ،‬واعتقدوا أن الموت‬
‫بالتعذيب سيكون عقوبتهم ما لم يستمروا ف الدفاع عن المدينة‪ ،‬لذلك رأوا أنه من‬

‫‪ - 49‬أى كما نقول اليوم ف تشكيل ميدان‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫األفضل الموت ف الحرب‪ .‬وقد ساد القدر كثتا ر‬
‫حّت أن األبرياء كانوا عتيدين أن‬
‫ُ‬
‫يهلكوا مع المذنبي‪ ،‬وكانت المدينة عتيدة أن تخرب من مثتى الشغب فيها‪.‬‬

‫( ‪ )1/8/‬وهكذا قض الرومان أربعة أيام ف ِصف النقود للفيالق المختلفة‪.‬‬


‫ولكن ف اليوم الخامس عندما لم تظهر من اليهود أية عالمة للسالم‪ ،‬وزع تيطس‬
‫الفيالق‪ ،‬وبدأ ف إقامة الصقالت عند برج انطونيا وعند خرائب يوحنا‪ .‬وكانت‬
‫خططه ا أخذ المدينة العليا من عند هذه الخرائب‪ ،‬والهيكل من عند برج انطونيا‪.‬‬
‫ألنه إذا لم يؤحذ الهيكل فإنه من الخطر المحافظة عىل المدينة ذاتها‪ .‬لذلك أقام‬
‫كل من هذه األماكن‪ .‬كل فيلق أقام واحدا‪ .‬فقام اإلدوميون وأولئك‬
‫المتاريس عند ٍ‬
‫الذين كانوا ف جيش سيمون بهجمات عىل أولئك الذين كانوا يعملون عند خرائب‬
‫يوحنا وأوقفوهم‪ .‬بينما فعل اتباع يوحنا وجمهور الغيورين نفس الىسء بالنسبة‬
‫ألولئك الذين كانوا أمام برج انطونيا‪ .‬وكان اليهود أشداء جدا ضد الرومان ليس فقط‬
‫ف الحرب مباشة معهم ألنهم كانوا يقفون عىل أرض أعىل‪ ،‬ولكن ألنهم تعلموا‬
‫استخدام التهم ر‬
‫الّت كانوا يستعملونها باستمرار من يوم إىل يوم بتحسن ومهارة‪ .‬فقد‬
‫الّت ر‬
‫تلف الحجارة أربعي‪.‬‬ ‫تلف السهام ثالثمائة‪ ،‬ومن ر‬ ‫الّت ر‬
‫كان لديهم من تلك ر‬

‫وبواسطتها جعلوا من الصعب عىل الرومان إقامة صقالتهم‪.‬‬


‫ولكن تيطس‪ -‬وهو عال ٌم أن المدينة إما أن ُتد َمر وإما أن ر‬
‫تبف لنفسه ‪ -‬لم يتقدم‬ ‫ِ‬
‫ف الحصار بشغف‪ ،‬ولكنه أخذ أيضا يحص اليهود عىل الندم‪ .‬وهكذا مزج بي العمل‬
‫والحصار وبي المشورة الحسنة‪ .‬وألنه عاقل كان يرى أن هذا الحص غالبا ما ُيؤثر ر‬
‫أكت‬
‫من األسلحة‪ ،‬فقد حص المدينة عىل التسليم عىل نحو ما بينا توا لىك يخلصوا‬
‫بواحد من‬
‫ٍ‬ ‫أنفسهم‪ .‬وأرسل يوسفوس ليخا بهم بلغتهم ألنه تخيل أنهم قد يقتنعوا‬
‫أهل بلدهم‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )7/8/‬وهكذا أخذ يوسفوس يدور حول السور‪ ،‬ويحاول أن يجد مكانا يكون‬
‫بعيدا فيه عن مرىم السهام ولكن يكون أيضا ف نطاق سمعهم‪ .‬ثم توسل إليهم بكالم‬
‫كثت أن يحفظوا أنفسهم‪ُ ،‬‬
‫ويبقوا عىل بلدهم وعىل هيكلهم‪ ،‬وأل يكونون ر‬
‫أكت فظاظة‬
‫ف هذه الحالت من األجانب أنفسهم‪ .‬ألن أولئك الرومان الذين ليس لهم أية عالقة‬
‫ُ َ‬
‫المقدسة عىل الرغم من أنها تخص أعدائهم‪،‬‬ ‫بهذه األشياء يوقرون األماكن والطقوس‬
‫وأنهم [أى األجانب] قد أمسكوا ر‬
‫حّت اآلن أياديهم عن التدخل فيما ل يعنيهم‪ .‬بينما‬
‫هذه األشياء إذا تمت ستكونون [أنتم] فقط الشعب الذى سيجّت عواقبها‪ ،‬والذى‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫يشع إىل تدمتها‪ .‬فبالتأ كيد قد رأوا أن أقوى أسوارهم قد د ِمرت‪ ،‬وأن السور الباف‬
‫ُ‬ ‫ر ُ‬
‫الّت ا ِخذت بالفعل‪ .‬وعليه يجب أن يعلموا أن قوة الرومان ل تقهر‪،‬‬ ‫أضعف من تلك‬
‫ُ‬
‫الحرب من أجل الحرية‪ ،‬أمرا سليما‪،‬‬ ‫وأنهم قد اعتادوا عىل خدمتهم‪ .‬ألنه إن كانت‬
‫فإنه كان عليهم فعل ذلك من قبل‪ .‬ولكن بالنسبة ألولئك الذين قد وقعوا تحت‬
‫سلطة الرومان وخضعوا لهم لسنوات عديدة‪ ،‬فإن تظاهروا بالتخلص من هذا النت‬
‫فيما بعد‪ ،‬فإنه ُي َعد عمل ناجما عن عقول تبىع الموت التعيس ل الحرية‪ .‬وفوق‬
‫ذلك‪ ،‬قد يتذمر الرجال من عدم وفاء سادتهم لهم‪ ،‬ولكن ليس لهم أن يفعلوا ذلك‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َمن كانوا كل ىس ٍء تحت أمرهم‪ .‬ألنه أى جزء من العالم(‪ )48‬قد انفلت من الرومان ما‬
‫نافع [لهم] لحره أو لتده‪ .‬ومن الثابت أن الحظ كان فوق أياديهم‪ ،‬وأن‬
‫لم يكن غت ٍ‬
‫هللا بعدما اف حول األمم بهذا السلطان استقر اآلن ف ايطاليا‪ .‬ر‬
‫وأكت من ذلك‪ ،‬إنها‬
‫ر‬
‫المفتسة – كما ا بي البش‪ -‬الخضوع‬ ‫شيعة ثابتة وقوية ر‬
‫حّت بي الحيوانات‬
‫لألقوى ولمن له سلطان‪ ،‬ولمن كان شديدا ف الحرب‪ .‬لهذا السبب كان اباؤكم‬
‫األولون الذين كانوا أفضل كثتا ف نفوسهم وأجسادهم معا‪ ،‬ومواردهم األخرى قد‬
‫خضعوا مع ذلك للرومان الذين ما كانوا ليخضعوا لهم لو لم يعرفوا أن هللا معهم‪.‬‬

‫‪ - 48‬بعا المعروف انذاك‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫وبالنسبة لهم عىل َمن كان يمكن أن يعتمدوا ف مقاومتهم إذا كان الجزء األكت من‬
‫ُ‬
‫مدينتهم قد اخذ قبال؟‪ .‬وعندما كان الذين ف داخلها ف باليا أعظم مما لو كانت قد‬
‫ُ‬
‫ا ِخذت‪ ،‬بالرغم من أن أسوارها ما زالت قائمة؟‪ .‬ألن أولئك الرومان غت ملمي‬
‫المقاتلون‬
‫ِ‬ ‫الّت ف داخل المدينة‪ ،‬ر‬
‫والّت بها فّت الشعب بالفعل‪ ،‬والرجال‬ ‫بالمجاعة ر‬

‫يهلكون هم أيضا ف زمن قصت‪ .‬ألنه عىل الرغم من أن الرومان قد رفعوا الحصار ولم‬
‫يهجموا عىل المدينة بسيوفهم ف أياديهم‪ ،‬إل أنه كان هناك عدو ف الداخل ريتايد ف‬
‫كل ساعة ما لم يكونوا قادرين عىل دفع الحرب بالمجاعة والحرب ضدها‪ ،‬أو‬
‫يستطيعوا فقط التغلب عىل شهيتهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قم أضاف ر‬
‫أكت " ما أحسن أن تغتوا سلوككم قبل أن تصبح مصائبكم عديمة‬
‫ُ‬
‫الشفاء‪ .‬وأن تصغوا إىل هذه النصيحة وتحفظوا أنفسكم بينما الفرصة متاحة لكم‪.‬‬
‫ُ‬
‫ألن أولئك الرومان لن يذكروا اعمالكم السالفة ومساوئكم ما لم ترصوا عىل سلوككم‬
‫إىل النهاية ألنهم متعودين عىل الفتوحات‪ُ ،‬‬
‫ويفضلون ما هو مفيد قبل أن يفعلوا ما‬
‫نفع لهم ف أن ريتكوا المدينة خاوية من السكان ول ف أن‬
‫تمليه عليهم الظروف‪ .‬فأى ٍ‬
‫عرض عليكم اليوم يمي األمان‪ .‬بينما إذا أخذ المدينة‬
‫يكون البلد خرابا‪ .‬لكن القيرص ي ِ‬
‫أحد منهم‪ ،‬وخاصة إذا ما رفضوا عروضه ف هذه الضيقة‬ ‫عنوة‪ ،‬فلن يخلص أى ٍ‬
‫ر ُ‬
‫الّت ا ِخذت حال ل يمكن إل أن تؤكد لهم أن السور الثالص‬ ‫العظم‪ .‬ألن األسوار‬
‫سيؤخذ أيضا شيعا‪ .‬وعىل الرغم من أن هذه التحصينات قد تتهن عىل أنه ر‬
‫أكت قوة‬
‫من أن ُيحدن فيها الرومان ثغرة‪ ،‬إل أن المجاعة ستحارب أيضا من أجل الرومان‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )4/8/‬وبينما كان يوسفوس يحص اليهود‪ ،‬بدأ كثتون منهم يشتمونه من‬
‫عىل السور ويوبخونه‪ ،‬بل ر‬
‫وألف بعضهم سهامهم عليه‪ .‬ولكن عندما لم يستطع هو‬
‫نفسه أن ُيقنعهم بهذه النصيحة الواضحة‪ ،‬لجأ إىل التواري خ الخاصة بأمتهم‪ ،‬وصاح‬
‫عاليا‪:‬‬
‫" أيها الشعب البائس ا إىل هذا الحد أنتم غت واعي بأولئك الذين يساعدونكم‬
‫مّت قهرنا أية أمة بمثل هذه‬‫حّت أنكم تحاربون بأسلحتكم وأياديكم ضد الرومان‪ .‬ر‬
‫ر‬
‫ُ‬ ‫األسلحة را؟‪ .‬ر‬
‫ومّت كان هللا خالق الشعب اليهودى ل ينتقم لهم إذا ما اصيبوا؟‪ .‬ال‬
‫تعودون ثانية وتنظرون إىل ورائكم وتعتتوا‪ ،‬منذ ر‬
‫مّت كنتم تقاتلون بهذا العنف‪ ،‬وأى‬
‫عاضد عظيم أسأتم إليه؟‪ .‬أل تتذكرون تلك األشياء المذهلة ر‬
‫الّت جرت عىل ابائكم‬
‫ً‬ ‫ُ َ‬
‫أعداء ِعظام قد خضعوا لكم‪ .‬أنا نفىس‬ ‫المقدس‪ ،‬وكيف أن‬ ‫األولي‪ ،‬وعىل هذا المكان‬
‫ارتعد من إعالن أعمال هللا أمام اذانكم غت المستحقة للسمع‪ .‬ومع ذلك اصغوا اىل‪،‬‬
‫لىك تعلموا أنكم ل تحاربون ضد الرومان فقط بل ضد هللا نفسه‪ .‬فف األزمنة‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ويدىع أيضا فرعون‪ .‬هذا جاء بجيش‬ ‫القديمة كان هناك ملك ُيدىع نخو‪ ،‬ملك لمرص‬
‫جرار وقبض عىل الملكة سارة ر‬
‫الّت ا أم شعبنا‪ .‬فماذا فعل ابراهيم جدنا األعظم‬
‫عندئذ؟‪ .‬هل دافع عن نفسه ضد أولئك الرجال بالحرب‪ ،‬عىل الرغم من انه كان‬
‫تحت إمرته ثالثمائة وثمانية عش قائدا‪ ،‬وكان تحت كل منهم جيش هائل‪ .‬حقا‪ ،‬إنه‬
‫حسبهم كلهم كال ىسء بدون معونة هللا‪ .‬وبسط فقط يديه النقيتي نحو هذا‬
‫المق َدس الذى دنستموه أنتم اآلن‪ ،‬واعتمد عليه كما عىل معي ل ُي َ‬
‫قهر‪ ،‬بدل‬ ‫الموضع ُ‬
‫من جيشه الخاق‪ .‬ألم ُت َ‬
‫رسل ملكتنا بدون أى دنس إىل زوجها ف ذات المساء التاىل‪،‬‬
‫بينما هرب ملك مرص بعدما زين هذا المكان الذى نجستموه بسفك دماء موا نيكم‪،‬‬
‫كشعب‬
‫ٍ‬ ‫الّت راها ف ُحلم الليل‪ ،‬ووهب ذهبا وفضة للعتانيي‬
‫وارتعد أيضا من الرؤى ر‬

‫محبوب من هللا‪ .‬هل أحدثكم عن ارتحال ابائنا إىل مرص الذين لما عوملوا باستبداد‬
‫وسقطوا تحت سطوة الملوك األجانب لمدة اربعمائة سنة هل دافعوا عن أنفسهم‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫بالحرب والقتال‪ ،‬هل فعلوا شيئا سوى أنهم أسلموا ذواتهم هلل؟‪َ .‬من ذا الذى ل‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫المفتسة وسائر أنواع الرصبات‪،‬‬ ‫ِصيت بكل أنواع الحيوانات‬
‫يعرف أن مرص قد ِ‬
‫وكيف أن األرض لم تعط ثمارها‪ ،‬والنيل لم ُيعط ماءه‪ ،‬وكيف توالت الرصبات العش‬
‫عىل مرص واحدة بعد األخرى‪ ،‬وكيف أنه بهذه الوسائل خرج اباؤنا تحت الحفظ‬
‫بدون سفك دماء أو التعرض ألى خطر ألن هللا قادهم كشعب خاق له‪ .‬ر‬
‫وأكت من‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ ،‬وماذا‬ ‫ذلك ألم ىتي فلسطي تحت سطوة السوريي عندما نقلوا تابوتنا‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫ِصبوا ف أعضائهم الشية‬ ‫حدن للصنم داجون‪ ،‬ولكل تلك األمة الّت حملته وكيف ِ‬
‫حّت أن تلك األيادى ر‬
‫الّت‬ ‫من أجسادهم عندما سقطت أحشائهم بكل ما كانوا يأكلونه ر‬
‫ُ‬ ‫شقته ا ر‬
‫الّت اضطرت أن تعيده بصوت الدفوف والصنوج وكل أنواع التذراعات لىك‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ .‬إنه إذن هللا هو الذى صار قائدا لنا‪،‬‬ ‫يتقوا غضب هللا إلغتصابهم التابوت‬
‫وأكمل آلبائنا هذه األعمال العظيمة‪ .‬وهذا ألنهم لم يلجأوا إىل الحرب والقتال‪،‬‬
‫ولكنهم أذعنوا له ليقض لهم أمورهم‪ .‬وعندما أحرص سنحاريب ملك أشور شعب‬
‫ُ‬
‫أسيا معه وحاِص هذه المدينة بجيشه‪ ،‬هل انحدر بأيدى بش؟‪ .‬ألم ترفع تلك‬
‫األيادى إىل هللا ف صلوات‪ ،‬دون اتكالنا عىل السالح‪ ،‬فأهلك مالك الرب هذا الجيش‬
‫الجرار ف ليلة واحدة‪ ،‬ر‬
‫حّت أن الملك اآلشورى عندما نهض ف صباح اليوم التاىل‬
‫ووجد اربعمائة وخمسة الف جثة‪ ،‬هرب هو والذين بقوا معه‪ ،‬من العتانيي عىل‬
‫الرغم من أنهم كانوا غت مسلحي ولم يتعقبوهم‪ .‬أنتم تعلمون أيضا العبودية ر‬
‫الّت كنا‬
‫تحتها ف بابيلون حيص كان الشعب أشى لمدة سبعي سنة‪ ،‬ولكنهم لم ر‬
‫يستدوا‬
‫حريتهم مرة أخرى قبل أن ُي ِعد هللا أداته العظيمة – كورش ‪ -‬ف تحقيقها‪ .‬وتبعا لذلك‬
‫تحرروا بواسطته واستعادوا مرة أخرى عبادة ُمنقذهم ف هيكله‪ .‬ولنتكلم بصفة‬
‫عامة‪ ،‬إننا ل نستطيع أن نجد مثال حصل فيه اباؤنا عىل أى نجاح بواسطة الحرب‪،‬‬
‫َ‬
‫أو أخفقوا فيه عندما لم ُيحاربوا وسلموا فيه ذواتهم هلل‪ .‬عندما مكثوا ف بيوتهم غلبوا‬
‫حسب َ‬
‫مشة قاضيهم‪ ،‬ولكنهم عندما كانوا يخرجون للحرب كانوا يفشلون دائما‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫َ‬
‫وحارب ملكنا‬ ‫فعىل سبيل المثال عندما حاِص ملك بابيلون هذه المدينة ذاتها‪،‬‬
‫ُ‬
‫صدقيا ضده بالرغم من تحذير أرميا النّت له‪ ،‬ا ِخذ ف الحال أستا ورأى خراب‬
‫أكت اعتدال من حكامكم الحاليي‪،‬‬‫المدينة والهيكل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كم كان ذلك الملك ر‬
‫وكم كان الشعب الذى تحته ر‬
‫أكت من أولئك الذين هم اآلن‪ .‬ألنه عندما صاح أرميا‬
‫عال بكيف كان هللا غاضبا عليهم بسبب معاصيهم‪ ،‬وقال لهم أنهم‬ ‫بصوت ٍ‬
‫ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ُ َ‬
‫سيأخذون أشى ما لم ُي َسلموا المدينة‪ ،‬فإنه ل الملك ول الشعب قتلوه‪ .‬ولكن‬
‫ولنتك ما فعلتموه داخل المدينة من شور‪ ،‬وهو ما ل أستطيع وصفه‬ ‫بالنسبة لكم ( ر‬

‫كما يجب) فأنتم تشتمونّت وترشقونّت بسهامكم‪ ،‬أنا الذى فقط أحثكم عىل‬
‫المحافظة عىل أنفسكم والوىع بأثامكم ول تستطيعون تحمل ِذكر جرائمكم ر‬
‫الّت‬
‫َ‬
‫تفعلونها كل يوم‪ .‬وعىل سبيل المثال أيضا‪ ،‬عندما كمن انطيوخس الذى كان ُيدىع‬
‫وافتى ر‬
‫بافتاءات كثتة ضد هللا وعندما قابله اباؤنا‬ ‫ر‬ ‫ابيفانس أمام هذه المدينة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يالسالح فإنهم ق ِتلوا عندئذ ف المعركة‪ ،‬ونهبت المدينة بواسطة أعدائنا‪ ،‬وصار‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قدسنا خرابا لثالثة سنوات وستة أشهر‪ .‬وأى حاجة ىل ألورد لكم أمثلة أخرى‪ .‬حقا‬
‫م ِ‬
‫ماذا يمكن أن ُيهيج جيش الرومان ضد أمتنا؟ أليس هو شور سكانها؟‪ .‬ومنذ ر‬
‫مّت‬
‫بدأت عبوديتنا‪ ،‬أليست ا ناجمة عن الفتنة ر‬
‫الّت كانت بي ابائنا عندما جعل جنون‬
‫ارستوبولس وهركانوس ومعاركهم المتبادلة بومّت يصعد إىل المدينة‪ .‬فخفض هللا‬
‫عندئذ أولئك الذين كانوا خاضعي للرومان وغت مستحقي للحرية ر‬
‫الّت تمتعوا بها‪.‬‬
‫ُ‬
‫جتوا عىل تسليم أنفسهم بالرغم من أنهم لم يكونوا مذنبي‬
‫وبعد حصار ثالثة أشهر ا ِ‬
‫بمقدسنا وشائعنا مثلكم‪ .‬وكان هذا ف الوقت الذى كان لديهم فيه‬
‫ِ‬ ‫بمخالفات خاصة‬
‫أكت مما هو لديكم‪ .‬ال نعرف كيف كانت نهاية أنتيجينوس ابن‬ ‫موارد للحرب ر‬
‫ُ‬
‫ارستوبولس الذى ف عهده قض هللا أن تؤخذ هذه المدينة مرة أخرى بسبب معاىص‬
‫الشعب‪ .‬وعندما جلب علينا هتودس ابن انتيباتت سوسيوس‪ ،‬جلب سوسيوس‬
‫ُ‬
‫جيش الرومان‪ ،‬فأحا وا بنا عندئذ وحاِصونا لمدة ستة أشهر إىل أن ا ِخذوا كعقاب‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫آلثامهم‪ ،‬ون ِهبت المدينة بواسطة األعداء‪ .‬وب هذا يتضح أن األسلحة لم تعط قط‬
‫ألمتنا‪ ،‬ولكن إن انهمكنا ف الحرب فمن المؤكد أننا سنؤخذ ألنّت أظن أن مثل هذا‬
‫ُ َ‬
‫المقدس ينبىع أن يكون تحت ترصف هللا ف كل ىسء‪ ،‬وأن ينخفض سلطان‬ ‫المكان‬
‫البش عندما يعبدون حاكمهم األعىل‪ .‬أما بالنسبة لكم‪ ،‬فماذا فعلتم من األمور ر‬
‫الّت‬
‫ر‬
‫باألكت من‬ ‫شعنا؟ وماذا لم تفعلوا من أمور أدانها؟ كم أنتم غت صالحي‬ ‫أوىص بها ُم َ ِّ‬
‫أولئك الذين ُأ ِخذوا شيعا؟‪ .‬إنكم لم تتجنبوا كثتا تلك اآلثام ر‬
‫الّت تفعلونها شا‪ ،‬أقصد‬
‫الشقة والخيانة والمكيدة ضد البش والزن‪ .‬أنتم تصنعون الرذيلة مع بعضكم‬
‫ر‬
‫وتختعون رقا غريبة للش‪ .‬بل أن الهيكل نفسه قد صار‬ ‫البعض بالسلب والقتل‬
‫ُ َ‬ ‫ً‬
‫المقدس قد تنجس بكل أنواع القتل‪ .‬أى مكان صار‬ ‫وعاء لكل ىسء‪ .‬وهذا الموضع‬
‫موقرا من الرومان عندما كان بعيدا عنهم‪ ،‬ر‬
‫حّت أنهم ابطلوا عادات كثتة لهم من أجل‬
‫اعطاء مكان لشيعتنا‪ .‬وبعد كل هذا هل تتوقعون من أولئك الذين تشتمونهم وكنتم‬
‫الحي معهم أن يؤيدوكم؟‪ .‬كونوا إذن متأكدين أنكم عىل صواب لىك تلتمسوا‬
‫وتدعوه أن يساعدكم بأياديكم النقية جدا!!‪ .‬هل رفع ملككم حزقيا مثل هذه األيادى‬
‫ف الصالة إىل هللا ضد ملك اشور‪ ،‬عندما أهلك [هللا] هذا الجيش العظيم ف ليلة‬
‫واحدة؟‪ .‬هل ر‬
‫اقتف الرومان مثل هذه الشور مثلما فعل ملك اشور‪ ،‬ر‬
‫حّت يكون لكم‬
‫ُعذر ف أن تأملوا بأن يحل عليهم انتقام مثل هذا‪ .‬ألم يقبل ذلك الملك نقودا من‬
‫ملكنا عىل شص أن ل ُيدمر المدينة‪ ،‬ومع ذلك وعىل النقيض من َ‬
‫قس ِمه أخذها ونزل‬
‫ليحرق الهيكل‪ ،‬بينما ل يطلب الرومان ر‬
‫أكت من الجزية المعتادة ر‬
‫الّت كان اباؤنا‬
‫يدفعونها آلبائهم‪ .‬وأنهم إذا حصلوا عىل هذا ل يهدفون إىل تدمت المدينة ول إىل‬
‫ُ َ‬
‫المقدس بل سيمنحوكم إىل جانب الحرية‪ ،‬الممتلكات والمقتنيات‪،‬‬ ‫لمس [الهيكل]‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫المقدسة دون انتهاك لها‪ .‬ومن الجنون التوقع أن هللا سوف‬ ‫ويحافظوا عىل شائعكم‬
‫ظهر تدبتا سيئا نحو البار كما نحو األثيم بما أنه يعلم أنه من المالئم معاقبة البش‬ ‫ُ‬
‫ي ِ‬
‫عىل اثامهم ف الحال‪ .‬وتبعا لذلك حطم قوة اآلشوريي ف الليلة األوىل ر‬
‫الّت نصبوا‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫فيها معسكراتهم‪ ،‬بينما لو كانت أمتنا تستحق الحرية أو كان الرومان يستحقون‬
‫العقاب ألوقع ف الحال عقابا عىل الرومان مثلما فعل باألشوريي‪ ،‬عندما بدأ بومّت‬
‫يتدخل ف شؤون أمتنا‪ ،‬أو عندما قام سوسيوس بعد ذلك ضدنا‪ ،‬أو عندما خرب‬
‫فسبسيان مقا عة الجليل‪ ،‬أو أختا عندما ر‬
‫اقتب تيطس من هذه المدينة عىل الرغم‬
‫من أن مجنوس وسوسيوس ليسا فقط لم يخشا شيئا بل وأخذا المدينة عنوة‪ ،‬كما‬
‫أن فسبسيان خرج من الحرب ليتسلم المتا ورية‪ .‬أما بالنسبة لتيطس فإن ينابيع‬
‫المياه ر‬
‫الّت كانت تقريبا جافة سابقا عندما كانت تحت سلطانكم‪ ،‬فإنها ما أن تيطس‬
‫حّت تدفقت منها كميات غزيرة أوفر مما كانت عليه قبال‪ .‬ألنكم تعلمون أن سلوام‬ ‫ر‬
‫الّت كانت ف خارج المدينة كانت ل تكف‪ ،‬ر‬ ‫ر‬
‫وباف الينابيع األخرى بالمثل ر‬
‫حّت أن المياه‬
‫ُ‬
‫كانت تباع بالكيل‪ ،‬بينما ا اآلن تع ِ كمية هائلة من المياه ألعدائكم ل تكف فقط‬
‫الّت‬ ‫ر‬
‫ولسف حيوانتهم ولرى بساتينهم ايصا‪ .‬نفس العالمة العجيبة ر‬ ‫لشب هم هم بل‬
‫اختتتموها سابقا عندما حارب ملك اشور ضدنا‪ ،‬وعندما أخذ المدينة وأحرق‬
‫الهيكل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬اعتقد أن يهود ذلك العرص لم يكونوا صالحي مثلكم‪ .‬لذلك ل‬
‫قدسه ووقف إىل جانب أولئك الذين‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫يمكنّت إل أن افتض أن هللا قد هجر م ِ‬
‫تحاربونهم(‪ .) 1‬ألنه ر‬
‫حّت بي البش‪ ،‬يهرب النسان الصالح من البيت النجس‪ ،‬ويكره‬
‫أولئك الذين فيه‪ .‬فهل تحاولون انتم ان تقنعوا انفسكم أن هللا سيمكص معكم ف‬
‫اثامكم هذا الذى يرى كل الخفيات ويسمع كل المكنونات‪ .‬واآلن أى جريمة هناك‬
‫واضح ألعدائكم‪ ،‬ألنكم‬
‫ٍ‬ ‫أرجوكم ا ش بينكم أو تخفونها‪ .‬كال‪ ،‬ليس هناك ما هو غت‬
‫ُ‬
‫تظهرون تعدياتكم عىل نحو من األبهة ويفتخر كل منكم لآلخر ف كل يوم كيف كان‬
‫ر‬
‫أكت شا‪ ،‬وتقومون بمظاهرة عامة لظلمكم كما لو كان فضيلة‪ .‬ومع ذلك هناك فرصة‬
‫ر‬
‫متوكة لكم لحفظكم إذا كنتم راغبي ف قبولها‪ ،‬فاهلل يصالح بسهولة أولئك الذين‬

‫‪ - 1‬أليس بذلك يشهد يوسفوس بما نطقه السيد المسيح مسبقا عن الهيكل "هوذا بيتكم ُي رتك‬
‫لكم خرابا"‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ر‬
‫يعتفون بخطاياهم‪ ،‬ويندمون عليها‪ .‬أيها األشقياء قساة القلوب‪ ،‬ا رحوا عنكم‬
‫رقكم الشيرة‪،‬‬ ‫أسلحتكم واشفقوا عىل بلدكم السائرة نحو الخراب‪ .‬ارجعوا عن‬
‫ِّ‬
‫وقدروا شف مدينتكم ر‬
‫الّت ستخونوها‪ ،‬وهذا الهيكل الممتاز بعطايا البالد العديدة له‪.‬‬
‫َمن يقدر أن يحتمل أن يكون أول َمن أحرق هذا الهيكل‪ .‬من ل يرغب ف أن تكون‬
‫أكت‪ ،‬وماذا هناك يكون مستحقا للمحافظة عليه ر‬
‫أكت‪ .‬ايتها الخالئق غت‬ ‫هذه األمور ر‬

‫غباء من الحجارة ذاتها‪ ،‬لماذا لم تستطيعوا أن تنظروا إىل هذه األمور‬ ‫ر‬
‫واألكت ً‬ ‫الواعية‬
‫فرزة‪ .‬اشفقوا مع ذلك عىل عائالتكم وليضع كل واحد أمام عينيه أ فالكم‬ ‫ً‬
‫بعي م ِ‬
‫وزوجاتكم ووالديكم الذين سيهلكون تدريجيا إما بالمجاعة وإما بالحرب‪ .‬إنّت أىع أن‬
‫الّت ىل وربما تتخيلون أنّت بسببهم فقط‬ ‫ر‬
‫وأشن ر‬ ‫ر‬
‫وزوجّت‬ ‫هذا الخطر سيمتد إىل أىم‬
‫أنصحكم‪ ،‬إذا كان هذا هو كل ىس ٍء‪ ،‬اقتلوهم‪ .‬بل خذوا دىم كمكافأة إذا كان ذلك من‬
‫أجل سالمتكم(‪ ) 2‬ألنّت مستعد أن أموت ف حالة ما إذا كنتم تعودون وتعقلون بعد‬
‫ر‬
‫مون‪.‬‬

‫ََ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫وإال ف ْام ُح ِ يّت ِم ْن ِكت ِابك \ل ِذي كت ْبت»"(خر‪ ،)71:71‬وقول بولس‬
‫‪ - 2‬راجع قول ُ موىس النّت ُ " ِ‬
‫ى‬
‫أنسبان حسب الجسد" (رو‬ ‫ر‬
‫إخون‬ ‫الرسول "فإن كنت أود لو كنت أنا محروما من المسيح ألجل‬
‫‪.)7:8‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل العاش‬
‫[كيف تاق جمهور كبت من اليهود ف التول إىل الرومان‪ .‬األشياء ر‬
‫الّت حدثت‬
‫المرتتبة عليها]‪.‬‬
‫ألولئك الذين عانوا من المجاعة والنتائج ُ‬

‫بصوت عال وبدموع‪ ،‬فإن مثتى‬‫ٍ‬ ‫( ‪ )2/21/‬ولما كان يوسفوس يتكلم هكذا‬
‫ِّ‬
‫الشغب لم ُي َسلموا بما قاله‪ ،‬ول اعتتوا تغيت مسلكهم ِصبا من اآلمان‪ .‬أما الشعب‬
‫حّت ر‬
‫أكت‬ ‫فقد تحركوا للهرب إىل الرومان‪ ،‬وتبعا لذلك باع بعضهم ما يملك‪ ،‬بل ر‬

‫الّت يحتفظون بها ككت بثمن بخس‪ ،‬وابتلعوا قطعا من الذهب ح رّت ل‬ ‫األشياء قيمة ر‬
‫ُ َ‬
‫تكتشف من اللصوق‪ .‬وعندما كانوا يفرون إىل الرومان‪ ،‬كانوا يذهبون إىل المرحاض‪،‬‬
‫ويصت لهم المال الكاف لتودهم برصورياتهم‪ .‬ألن تيطس سمح لعدد كبت منهم‬
‫بالذهاب إىل الريف كما شاءوا‪ .‬وكانت الدوافع الرئيسية لهروب هم ا أن يتحرروا من‬
‫البؤس الذى عانوه ف المدينة‪ ،‬ول يكونوا عبيدا للرومان‪ .‬ومع ذلك فإن يوحنا‬
‫بأكت عناية خروج أولئك الرجال ر‬
‫أكت من دخول الرومان‪.‬‬ ‫وسيمون مع حزبيهما راقبوا ر‬
‫ُ‬
‫فإذا أظهر أى امرؤ أدن ميل ف ف مثل هذه النوايا‪ ،‬كانت رقبته تقطع ف الحال‪.‬‬

‫( ‪ )1/21/‬ولكن بالنسبة لألثرياء فكان من الثابت أن األمر سيان بالنسبة لهم‬


‫سواء ألبثوا ف المدينة أو حاولوا الخروج منها‪ ،‬ألنهم كانوا سيهلكون ف الحالتي‪ .‬فكل‬
‫من أولئك األشخاق كان ُمعرضا للموت بحجة أنهم ينوون الخروج من المدينة‪،‬‬
‫ولكن ف الحقيقة لىك يستوىل اللصوق عىل ما يملكونه‪ .‬وتزايد جنون مثتى الفتنة‬
‫أكت ر‬
‫وأكت‪ ،‬ألنه لم يكن هناك‬ ‫أيضا مع تزايد المجاعة‪ .‬وهذا البؤس كان يزداد كل يوم ر‬
‫حنطة تظهر ف أى مكان عالنية ر‬
‫حّت يهرول اللصوق‪ ،‬ويقتحمون المنازل‬
‫ويفتشونها‪ .‬فإذا ما وجدوا عندئذ أيا منها يعذبونهم ألنهم انكروا أن لديهم شيئا‪ .‬وإذا‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫حرق‪ .‬وكانت‬ ‫يفتضون أنهم قد أخفوها ر‬
‫بأكت‬ ‫أكت ألنهم ر‬
‫لم يجدوا شيئا يعذبونهم ر‬
‫ٍ‬
‫عالمة أن لديهم ىسء أم ل ا أجسام أولئك البؤساء‪ ،‬فإذا ما كانت ف حالة جيدة‬
‫فإنهم ر‬
‫يفتضون أنهم ليسوا معوزين إىل الطعام‪ .‬ولكن إن كانت هزيلة فإنهم يمضون‬
‫بدون مزيد من البحص‪ .‬ولم يكونوا يفكرون ف قتل أولئك الذين سيموتون شيعا من‬
‫انفسهم بسبب العوز إىل الطعام‪ .‬وف الحقيقة‪ ،‬باع كثتون كل ما لهم مقابل وزنة‬
‫واحدة من القمح إذا كانوا من األغنياء‪ ،‬أو من الشعت إن كانوا فقراء‪ .‬وعندما كان ذلك‬
‫يحدن كانوا يحبسون أنفسهم ف داخل الغرف الداخلية ف منازلهم ليأكلوا الحنطة‬
‫الّت حصلوا عليها‪ .‬وبعضهم كانوا يأكلونها بدون حن بسبب شدة الحاجة ر‬
‫الّت كانوا‬ ‫ر‬

‫فيها‪ ،‬واخرون ختوا منها ختا تبعا ِلما كانت تمليه عليهم الرصورة والخوف‪ .‬ولم‬
‫نصب مائدة ف أى مكان لوجبة ممتة‪ ،‬بل كانوا يخطفون الخت من النار نصف‬ ‫ُت َ‬

‫ناضج ويأكلونه بعجلة‪.‬‬


‫ٍ‬

‫( ‪ )7/21/‬كانت حالة بائسة اآلن ومنظرا يذرف الدموع من عيوننا‪ .‬كيف‬


‫أكت مما يكف‪ ،‬واألضعف‬ ‫األكت قوة لديهم ر‬
‫ر‬ ‫يعتاز الناس إىل عامهم بينما‬
‫ينوحون(‪ .) 1‬ولكن المجاعة تقهر سائر العوا ف‪ ،‬وتدمر كل ىسء ر‬
‫حّت الحياء‪ .‬ألنه ما‬
‫كان يستحق التوقت كان ُيزدرى به‪ .‬كانت الزوجات تخطفن الفتات من أزواجهن‪،‬‬
‫ح رّت من افواههم وهم يأكلون‪ .‬وهكذا كان يفعل األ فال مع ابائهم‪ .‬وماذا ربف‬
‫للشفقة‪ ،‬فإن األمهات كن تفعلن ذلك مع أولدهن‪ .‬وعندما كان يهلك أولئك األعزاء‬
‫جدا بي أياديهن‪ ،‬لم يكن يخجلن من أن يخطفون اخر فتاتة قد تظهر ُليحافظن عىل‬
‫حياتهن‪ .‬وبينما كانوا يأكلون عىل هذا النحو‪ ،‬لم يكونوا مع ذلك يخفونها‪ .‬وكان مثتو‬
‫الفي يأتون إىل اى مكان ف الحال‪ ،‬ويخطفون منهم ما حصلوا عليه من اآلخرين‪.‬‬ ‫ر‬

‫‪ - 1‬بسبب عوزهم إىل الرصوريات‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ألنهم عندما كانوا يرون أى مت ٍل مغلق كان ذلك عالمة لهم عىل أن الذين بداخله‬
‫يتناولون بعض الطعام‪ .‬وف الحال‪ ،‬يقتحمون األبواب‪ ،‬ويركضون إىل الداخل‬
‫ر‬
‫وينتعون الفتات منها‪ .‬والشيوخ الذين كانوا يأكلون‬ ‫ويعرصون حلوقهم بالقوة‬
‫ُ َ‬
‫عامهم بشعة‪ ،‬كانوا ُيرصبون‪ ،‬وإذا أخفت النسوة ما معهن ف أياديهن‪ ،‬كانت تنتف‬
‫ظهرون أى رثاء سواء للمسني أو‬ ‫ُ‬
‫شعورهن بسبب هذا الترصف‪ .‬ولم يكونوا ي ِ‬
‫لأل فال‪ ،‬فكانوا يرفعون األ فال من عىل الرض ويعلقونهم وي هزونهم ويطرحونهم‬
‫أرضا‪ .‬بل كانوا أيضا ر‬
‫أكت بربرية وقسوة مع أولئك الذين كانوا يمنعونهم من الدخول‪،‬‬
‫عدل سلبوهم من‬ ‫ٍ‬ ‫او الذين ابتلعوا فعال ما كانوا ينوون امساكه‪ ،‬كما لو كانوا بغت‬
‫عام يكون‪ ،‬قبلما‬ ‫اختعوا أيضا رقا مرعبة للتعذيب إلكتشاف أى‬ ‫حقهم‪ .‬لقد ر‬
‫ٍ‬
‫يع رتضوا أماكن المحن‪ ،‬يتعرض [بها] النسان لتحمل ما هو مرعب ر‬
‫حّت لمجرد‬
‫سماعه لىك ر‬
‫يعتف ما إذا كان لديه ح رّت رغيف خت واحد أو حفنة شعت يخفيها‪ .‬وكان‬
‫ُ ِّ‬
‫المعذبون يفعلون ذلك عندما ل يكونوا جائعي ألن الىسء األقل بربرية [‬ ‫أولئك‬
‫يقصد الجوع] كان يجتهم عىل هذا‪ ،‬وإنما كان ذلك يتم لحفظ جنونهم ف‬
‫الممارسة‪ُ ،‬‬
‫ولي ِعدوا ألنفسهم المؤونة [الالزمة] لأليام اآلتية‪ .‬وقد ذهل أولئك الرجال‬
‫ألولئك الذين كانوا يتسللون إىل خارج المدينة ليال إىل حرس الرومان لىك يجمعوا‬
‫بعض الحشائش واألعشاب ر‬
‫الّت تنمو بريا‪ .‬وعندما كان يظن أولئك الناس أنهم فلتوا‬
‫من العدو‪ ،‬كانوا يخطفون منهم ما أحرصوه معهم‪ ،‬ر‬
‫حّت حينما كانوا يتوسلون إليهم‬
‫جزء مما أحرصوه‪ .‬وبالرغم من‬ ‫ً‬ ‫وهم يدعون بإسم هللا العظيم لىك ريتكوا لهم‬
‫ُ‬
‫ذلك(‪ ،) 7‬لم يكن ُيعطونهم أقل فتاتة‪ .‬وكانوا ُيحسبون أنهم أحسن حال أنهم قد ن ِهبوا‬
‫َ‬
‫فقط ولم ُيقتلوا ف نفس الوقت‪.‬‬

‫‪ - 7‬أى من َ‬
‫القسم باهلل العظيم‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الّت عانت منها الطبقات الدنيا من الشعب من‬ ‫( ‪ )4/21/‬هذه كانت األوجاع ر‬

‫أولئك الطغاة‪ .‬أما الناس الذين كانوا ذوى كرامة وأثرياء فكانوا ُيقدمون إىل الطغاة‬
‫بعضهم بتهم زائفة عن تدبت مكائد خيانة‪ ،‬وبالتاىل يهلكون‪ .‬والبعض اآلخر بتهم‬
‫اكت استعمال كانت أن ُيحرضوا‬ ‫الّت كانت ر‬
‫خيانة المدينة للرومان‪ .‬ولكن الطريقة ر‬

‫يعتمون الهرب إىل الرومان‪ .‬وكان الذى ُينهب بالكلية‬


‫شخصا ما عىل تأكيد أنهم كانوا ر‬
‫رسل إىل يوحنا أيضا‪ ،‬والذين كانوا ُي َنهبون من يوحنا كانوا ُي َ‬
‫رسلون‬ ‫بواسطة سيمون‪ُ ،‬ي َ‬

‫إىل سيمون ليأخذ ما ربف‪ .‬إىل هذا الحد‪ ،‬شبوا دماء العامة من واحد آلخر‪ ،‬وقسموا‬
‫ر‬
‫المون المساكي فيما بينهم‪ .‬وبالرغم من أنهم كانوا يتنافسون مع بعضهم‬ ‫أجساد‬
‫بعضا بسبب تطلعهم إىل السلطة‪ ،‬إل أنهم مع ذلك اتفقوا حسنا جدا ف ممارساتهم‬
‫الشيرة‪ ،‬ألن الذى لم يكن يتصل بالطاىع اآلخر فيما ألحقه من بؤس باآلخرين‪ ،‬كان‬
‫َ‬
‫ُيعت َت أنانيا‪ .‬والذى ل ُيشارك فيما اتصل به كان يحزن عىل ذلك كما عىل خسارة لىسء‬
‫قيم‪ ،‬ف أنه ليس له نصيب ف هذه التبرية‪.‬‬

‫( ‪ ) /21/‬لذلك من المستحيل أن نبي بالتفصيل كل حالة آلثام أولئك‬


‫تعان مدينة أخرى أبدا مثل هذه الباليا‪،‬‬
‫الرجال‪ .‬لذلك سأقول هنا ر يأن بإختصار‪ .‬لم ِ‬
‫أكت شا من هذا‪ .‬وأختا‪ ،‬لقد عاملوا‬‫ول كان أى عرص من العصور منذ بداية العالم‪ ،‬ر‬
‫ٍ‬
‫حّت َيظهروا أقل الحا بالنسبة للغرباء‪ ،‬ر‬
‫واعتفوا بمن كانوا حقا‬ ‫األمة العتانية برىص ر‬
‫َ‬
‫ومجهض ألمتنا‪ .‬بينما قلبوا هم أنفسهم مدينتهم‪،‬‬ ‫عبيدا جفاة ونسال غت شىع‬
‫وأجتوا الرومان –سواء أرادوا أم لم يريدوا ‪ -‬عىل أن [يجعلوهم] يجنون سمعة‬
‫سوداوية بترصف مجيد ضدهم‪ .‬إنهم [أى الطغاة اليهود] تقريبا لم ُيبعدوا عن الهيكل‬
‫ء‪ ،‬بل أنهم ف الحقيقة عندما رأوا من المدينة العليا‪،‬‬ ‫النار ر‬
‫الّت ظنوا أنها اتية بب‬
‫يحتق لم يرتعبوا منها ولم يذرفوا دمعا لهذا‪ ،‬بينما ظهرت هذه العوا ف‬‫الهيكل ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫لدى الرومان أنفسهم‪ .‬هذه الظروف ر‬
‫الّت سنتكلم عنها فيما بعد ف مكانها المناسب‬
‫عندما نتناول هذه الموضوعات‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الحادى عش‬
‫[كيف كان اليهود ُيصلبون أمام أسوار المدينة‪ .‬بشأن انتيوخس ابيفانس‪ ،‬كيف‬
‫قلب اليهود الصقالت ر‬
‫الّت أقامها الرومان‪].‬‬

‫( ‪ )2/22/‬واآلن‪ ،‬كانت صقالت تيطس تتقدم بصورة كبتة‪ ،‬وكان جنوده‬


‫يضغطون عىل السور بشدة‪ .‬فأرسل عندئذ مجموعة من الفرسان وأمرهم بأن يكمنوا‬
‫حرب‬
‫ٍ‬ ‫ألولئك الذين يخرجون إىل الوديان ليلتقطوا عاما‪ .‬وكان بعض أولئك رجال‬
‫حقا‪ ،‬ولكن لم يكونوا راضي بعمليات السلب‪ ،‬ولكن الجزء األعظم منهم كان من‬
‫الفقراء الذين كانت ُ‬
‫تحول دون نزوحهم مسؤلياتهم اتجاه اقارب هم إذ لم يكن لهم أمل‬
‫الهروب مع زوجاتهم وأ فالهم بدون علم مثتى ر‬
‫الفي‪ ،‬ولم يقدروا عىل التفكت ف‬ ‫ِ‬
‫ترك أقارب هم ُليقتلوا بسبب ذلك‪ .‬ولكن شدة المجاعة جعلتهم جسورين عىل‬
‫َ‬
‫الخروج‪ .‬لذلك لم يبق ىسء سوى أن يتخفوا وي هربوا‪ ،‬وأن ُيؤخذوا من العدو‪ .‬وعندما‬
‫جتون عىل الدفاع عن أنفسهم‪ .‬وبعدما كانوا ُيحاربون‪ ،‬يجدون‬ ‫كانوا ُيؤحذون كانوا ُي َ‬

‫رصبون بالسياص أول‪ ،‬ثم ُيعذبون بكل أنواع‬


‫أن لب الرحمة متأخر جدا‪ .‬لذلك كانوا ُي َ‬
‫َ‬
‫العذاب قبل أن يموتوا ثم ُيصلبون أمام سور المدينة‪ .‬هذا اإلجراء البائس جعل‬
‫تيطس ُيشفق عليهم‪ ،‬إذ كانوا ُيمسكون ف كل يوم خمسمائة يهودى‪ ،‬بل وف بعض‬
‫أكت‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم يكن من اآلمان له أن يجعل أولئك الذين ُيؤخذون بالقوة‬
‫األيام ر‬

‫يمضون إىل حال سبيلهم‪ ،‬أو أن يضع حرسا عليهم إذ رأى أن حراستهم بال فائدة له‪.‬‬
‫وكان سبب عدم منعه هذه القسوة هو أنه ِامل ف استسالم اليهود عندما يرون هذا‬
‫المنظر خوفا من أن يتعرضوا هم أنفسهم لنفس المعاملة القاسية فيما بعد‪ ،‬لذلك‪،‬‬
‫كان الجنود‪ -‬بسبب غيظهم من اليهود وكراهيتهم لهم‪ُ -‬يسمرون أولئك الذين‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫يمسكونهم واحدا بعد واحد عىل الصلبان من الرسغ‪ .‬وكان عددهم كبتا ر‬
‫حّت صارت‬
‫الحاجة إىل صلبان‪ ،‬والصلبان إىل أجساد‪.‬‬

‫( ‪ )1/22/‬ولكن مثتى ر‬
‫الفي كانوا بعيدين جدا عن التوبة من هذا المنظر‬
‫المحزن بل عىل العكس رأوا أنه من المناسب أن ُي َ‬
‫عمل مع الباقي نفس المعاملة‪،‬‬ ‫ُ‬

‫فأحرصوا بشغف أقارب الذين هربوا إىل الرومان لبا لآلمان المعروض عليهم‪ ،‬لىك‬
‫ُ‬
‫مسكوا كانوا‬
‫يروا ما يجرى ألولئك الذين يهربون إليهم‪ .‬وقالوا لهم أن أولئك الذين ا ِ‬
‫ُ‬
‫يتوسلون إليهم‪ ،‬وليسوا أنهم ا ِخذوا أشى‪ .‬هذا المنظر جعل كثتين ممن ف داخل‬
‫المدينة‪ ،‬وإن كانوا يتوقون إىل الفرار‪ُ ،‬يحجمون [عن ذلك] إىل أن ُع ِرفت الحقيقة‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن بعضا منهم ركض ف الحال كما إىل عقوبة معينة حاسبي الموت أمام‬
‫أعدائهم رحيل هادىء إذا قورن بالموت بواسطة المجاعة‪ .‬لذلك أمر تيطس بقطع‬
‫حّت ل ُيظن أنهم هاربون ولىك ُي َ‬
‫حاسبوا عىل المصائب ر‬
‫الّت كانوا‬ ‫يد الذين ُي َ‬
‫مسكون ر‬
‫ر‬
‫باألكت‪ ،‬لىك‬ ‫فيها وأرسلهم إىل يوحنا وسيمون بهذا الحص‪ :‬أن يتخلوا اآلن عن جنونهم‬
‫ر ر‬
‫حّت ف ضيقتهم القصوى‬ ‫ل ُيجتوه عىل تدمت المدينة بينما لهم هذه المزايا للتوبة‬
‫لىك يحفظوا حياتهم‪ ،‬وهذه المدينة الجميلة وهذا الهيكل بمجده الخاق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ر ُ‬
‫وعندئذ‪ ،‬اف حول الصقالت الّت اقيمت‪ ،‬وعجل بالعمال لىك ي ِ‬
‫ظهر أن‬
‫وقت ليس ببعيد‪ .‬وردا عىل ذلك لم مثتو الشغب قيرص‬ ‫ر‬
‫كالمه سيقتن بأعماله ف ٍ‬
‫عال أنهم يفضلون الموت عن العبودية‪ ،‬ولكنهم‬
‫نفسه ووالده أيضا‪ ،‬وصاحوا بصوت ٍ‬
‫ُ‬
‫سيكبدون الرومان كل ما يقدرون عليه من ِصر الما أن هناك نفس فيهم‪ .‬وهذا من‬
‫أجل مدينتهم الما أنه كما قال يريد أن يدمرها‪ ،‬وأنهم ل ينشغلون عليها‪ ،‬فالعالم‬
‫نفسه هيكل هلل أعظم منها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فالهيكل نفسه سيحفظه الساكن فيه الذى ما‬
‫زال معينهم ف هذه الحرب‪ .‬وانهم لذلك يضحكون عىل تهديداته ر‬
‫الّت ا ل ىسء‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ألن النهاية تعتمد بالكلية عىل هللا فقط‪ .‬وقد خلطوا هذا الكالم بالتعيتات‬
‫ر‬
‫والفتاءات‪.‬‬

‫( ‪ )7/22/‬ف نفس الوقت جاء إىل المدينة انطيوخس ابيفانس مع عدد‬


‫معقول من الرجال المسلحي ومعه عصبة ُت َ‬
‫عرف بالعصبة المكدونية وكلهم من‬
‫َ‬
‫نفس العمر والطول وقد أنهوا حال فولتهم‪ُ ،‬مسلحي ومتدربي عىل الطريقة‬
‫المكدونية‪ .‬ولذلك ُس ِميت بهذا السم‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كان كثتون منهم غت جديرين بهذه الشهرة‪ ،‬ألنه حدن أن ملك‬
‫أى من الملوك اآلخرين الذين كانوا تحت‬ ‫ر‬
‫كوماجن ‪ Commagene‬قد برز أكت من ٍ‬
‫سلطة الرومان‪ ،‬إىل أن حدن تغت ف حالته‪ .‬وعندما صار ُم ِسنا أعلن بوضوح أنه ل‬
‫ينبىع أن ندعو أى إنسان سعيدا قبل موته‪ .‬ولكن ابنه هذا الذى جاء إىل هنا قبل‬
‫تداىع والده قال أنه يعجب كيف أن الرومان قد تأخروا ف هدمهم لهذا السور‪ .‬وكان‬
‫ظهر إقداما عىل المخا رة‪ ،‬وكان قويا أيضا‬ ‫ُ‬
‫رجال مولعا بالحرب‪ ،‬ومن الطبيىع أن ي ِ‬
‫شارك‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫حّت أن جرأته أفسدت نجاحه‪ .‬وعند ذلك ابتسم تيطس وقال أنه يمكنه أن ي ِ‬
‫ف أتعاب الهجوم معه‪.‬‬
‫وعندئذ ذهب انطيوخس كما كان عندئذ مع المكدونيي وهجموا فجأة عىل‬
‫حّت أنه حفظ نفسه من سهام‬‫السور‪ .‬وف الحقيقة‪ ،‬كانت قوته ومهارته عظيمة جدا ر‬
‫اليهود ر‬
‫وألف سهامه عليهم‪ ،‬بينما كان الشباب الذين معه تقريبا وقحي إىل حد بعيد‬
‫الّت كانت بسبب شجاعتهم‪ ،‬فلم يتحفظوا ف‬ ‫ألنهم كان لهم اعتبار كبت بالمواعيد ر‬
‫قتالهم‪ .‬وأختا‪ ،‬تقهقر كثتون منهم‪ ،‬ولكن ليس قبل أن ُي َ‬
‫جرحوا‪ .‬وعندئذ ادركوا أن‬
‫المكدونيي لو كانوا غزاة لكان عليهم أن يكون لهم حظ الكسندر أيضا‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )4/22/‬واآلن‪ ،‬ما أن بدأ الرومان يقيمون الصقالت ف اليوم الثان عش من‬
‫ر‬
‫حّت كانت هناك ضجة عظيمة إلنهائها ف اليوم التاسع‬ ‫(‪) 4‬‬
‫شهر ارتيمسيوس [ايار]‬
‫وعشين( ) من نفس الشهر‪ ،‬بعد أن عملوا بمشقة باستمرار مدة سبعة عش يوما‪.‬‬
‫وكان هناك اآلن اربعة صقالت عظيمة‪ .‬واحدة ُا َ‬
‫قيمت عند برج انطونيا‪ ،‬وهذه أقامها‬
‫ستوثيوس"‬ ‫الّت كانت تدىع " ر‬
‫الفيلق الخامس‪ .‬وأخرى كانت ف مواجهة تلك التكة ر‬
‫ِ‬
‫‪ .Struthius‬والثالثة ُا َ‬
‫قيمت بواسطة الفيلق الثان عش عىل مسافة عشين ذراعا من‬
‫األختة‪ .‬ولكن عمل الفيلق العاش الذى كان له وضغ عظيم‪ ،‬فكان ف الرب ع الشماىل‬
‫ُ‬
‫التكة ا رلّت تسم "اميجدالون" ‪ Amygdalon‬كما كانت عىل مسافة ثالثي‬ ‫عند ِ‬
‫ذراعا من تلك ر‬
‫الّت كانت للفيلق الخامس عش عند خرائب رئيس الكهنة‪.‬‬
‫وعندما ُاح ِرصت اآللت‪ ،‬حدد يوحنا من الداخل المساحة ر‬
‫الّت كانت ف‬
‫الرض ر‬
‫الّت كانت فوق نفق بعروق‬ ‫مواجهة برج انطونيا لغاية الصقالت ذاتها وغ‬
‫ر‬
‫والّت بسببها كان الرومان يقفون عىل أرض غت‬ ‫موضوعة واحدة فوق األخرى‬
‫مستقرة‪ .‬وعندئذ أمر بحرق هذه المواد وكانت مغموسة ف بيتومي‪ .‬وما أن ر‬
‫احتقت‬
‫الّت كانت تدعم الصقالت ر‬
‫حّت ظهرت فجأة الفجوة‪ ،‬وانهارت‬ ‫هذه العروق الخشبية ر‬

‫البراج وسقطت ف الفجوة بضجة هائلة وثار غبار ودخان كثيف حيص كانت النتان‬
‫تلتهم كل ىسء‪ .‬ولكن‪ ،‬ما أن كانت المواد الخانقة تتبدد أول بأول ر‬
‫حّت ظهر اللهب‬
‫ألف الرعب عىل الرومان وأثبط شجاعتهم‪ .‬حقيقة أتت هذه‬ ‫بوضوح عىل نحو ر‬

‫الحادثة عليهم ف وقت ظنوا فيه أنهم قد حازوا بالفعل عىل ما يريدون‪ ،‬وبردت من‬
‫تطلعاتهم اآلتية‪ .‬وفكروا أنه بال جدوى محاولة ا فاء النتان ألنه ر‬
‫حّت إذا أ فأوها‬
‫ُ ُ‬
‫نفع لهم](‪.) 7‬‬
‫ٍ‬ ‫بال‬ ‫وصارت‬ ‫[‬ ‫مت‬‫ه‬‫فإن العروق ستكون قد ا ِ‬
‫لت‬

‫‪ 71 - 4‬مايو‪.‬‬
‫‪ 27 -‬يونيو‪.‬‬
‫‪ - 7‬قوس ر‬
‫المتجم كما قلنا قبال‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ ) /22/‬وبعد يومي من هذا‪ ،‬قام سيمون وحزبه بمحاولة لتدمت‬
‫الصقالت األخرى‪ ،‬ألن الرومان كانوا قد أحرصوا التهم إىل هناك وبدأوا بالفعل ف‬
‫دك السور‪ .‬فكان هناك تفيثوس ‪ Tephtheus‬من جارسيس ‪ ،Garsis‬مدينة‬
‫بالجليل‪ ،‬وميجاساروس ‪ Megassarus‬الذى ينحدر من أحد عبيد الملكة ماريامن‬
‫َ‬
‫ومعهما واحد من اديابي كان ابنا لنباتيوس‪ ،‬وكان ُيدىع – لسوء حظه‪ -‬خاجتاس‬
‫‪ Chagiras‬فالكلمة تعّت "األعرج"‪ .‬فخطفوا بعض المشاعل وركضوا بغتة إىل‬
‫حارب خارج المدينة أبدا سواء عن‬ ‫َ ُ‬
‫اآللت‪ .‬ولم يكن هناك خالل هذه الحرب من ي ِ‬
‫جرأة أو عن رعب من أعدائهم‪ ،‬ألنهم ركضوا إىل الرومان ليس كما إىل أعداء بل كما إىل‬
‫َ‬
‫أصدقاء دون خوف أو إبطاء ولم َيدعوا اعداءهم إىل أن اندفعوا وسطهم بعنف‬
‫الم َصوبة نحوهم من كل جانب‪،‬‬
‫وأشعلوا النار ف التهم‪ ،‬عىل الرغم من السهام ُ‬

‫وسيوف األعداء الذين كانوا يهاجمونهم من كل جانب‪ ،‬ولم ريتاجعوا بسبب الخطر‬
‫الذى كانوا فيه إىل أن امسكت النتان باألدوات‪ .‬ولكن عندما تصاعد اللهب هرع‬
‫اعتضوا من السور مددهم‪،‬‬‫الرومان من معسكراتهم إلنقاذ التهم‪ .‬ولكن اليهود ر‬

‫وحاربوا أولئك الذين أرادوا إ فاء النتان دون اعتبار للخطر عىل أجسامهم‪ .‬وهكذا‬
‫انتشل الرومان التهم من النار بينما كانت الصفائح المغطاة بها ر‬
‫تحتق‪ .‬ولكن اليهود‬
‫امسكوا بالكباش الحديدية خالل اللهب ذاته بشعة عىل الرغم من أن الحديد كان‬
‫قد صار محميا‪ ،‬وانتشت النتان من ذاتها من اآللت إىل الصقالت وحالت دون‬
‫ويئسوا من انقاذ‬
‫أولئك الذين جاءوا للدفاع عنها‪ .‬وإذ احا ت النتان بالرومان ِ‬
‫اعمالهم منها‪ ،‬تقهقروا إىل معسكراتهم‪.‬‬
‫ر‬
‫فأكت بواسطة أولئك الذين أتوا من داخل‬ ‫وعندئذ تزايد عدد اليهود ر‬
‫أكت‬
‫المدينة لمساعدتهم‪ .‬ولما كانوا قد تجرأوا كثتا بهذا النجاح الطيب الذى حازوه‪ ،‬لم‬
‫أكت إىل تحصينات معسكر األعداء وقاتلوا حرسه‪ .‬وعندئذ‬ ‫ُيراعوا المهم بل تقدموا ر‬

‫اصطف الجنود امام المعسكر واحد تلو اآلخر تبعا لدوره‪ ،‬وكانت شيعة الرومان‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫َ‬
‫بالنسبة ألولئك مرعبة‪ .‬فالذى ريتك مكانه مهما كانت الظروف ٌيقتل‪ .‬لذلك كان‬
‫الجنود ُيفضلون الموت بشجاعة ف القتال عن الموت عقوبة للجي‪ ،‬فوقفوا بثبات‪،‬‬
‫وكان الذين يهربون عند الرصورة يرجعون مرة أخرى من الخجل‪ .‬وعندما نصبوا‬
‫اآللت ف مواجهة السور وضعوا حدا للجماهت اآلتية من المدينة [وهذا استطاعوا‬
‫َ‬
‫بأكت سهولة] ألنهم لم َيدعوا هناك أية وسيلة للمحافظة عىل أجسامهم أو‬
‫عمله ر‬

‫حراستها‪ .‬ألن اليهود كانوا ُيحاربون اآلن يدا بيد بكل ما تصل إليه أياديهم ف ريقهم‪،‬‬
‫احتاس من رماح أعدائهم‪ ،‬وهاجموهم أجساد بأجساد‪ .‬ألنهم كانوا اآلن‬ ‫وبدون أى ر‬

‫عمل حرن اخر‪.‬‬ ‫أشداء جدا عىل الرومان‪ .‬وهجموا بذلك عىل الرومان ر‬
‫أكت من أى‬
‫ٍ‬
‫وأعطاهم الرومان مجال لجرأتهم ر‬
‫أكت مما فعلوه بالنسبة للرصر الذى نالوه منهم‪.‬‬

‫( ‪ )7/22/‬والن‪ ،‬جاء تيطس من برج انطونيا حيص كان ذاهبا للبحص عن‬
‫مكان إلقامة صقالت أخرى‪ ،‬وأنب الجنود بشدة عىل سماحهم بالخطر لسورهم‬
‫َ‬
‫المحاِصين إذ سمحوا‬ ‫الخاق‪ ،‬بعدما أخذوا اسوار أعدائهم‪ ،‬وعززوا حظ الرجال‬
‫ِ‬
‫لليهود أن يهجموا عليهم كما من سجن‪ .‬و اف عندئذ حول األعداء بفرق مختارة‪،‬‬
‫وانقض بنفسه عىل فلولهم‪ .‬لذلك فإن اليهود الذين كانوا يهاجمون مواجهة‪ ،‬التفتوا‬
‫إىل تيطس واستمروا ف القتال‪ .‬واختلطت الجيوش عندئذ بعضها ببعض‪ ،‬وثار الغبار‬
‫وأعاق رؤية بعضهم لبعض‪ ،‬كما أعاقت الضجة سماع بعضهم بعضا ر‬
‫حّت أنه لم يكن‬
‫من الممكن تميت العدو من الصديق‪ .‬ومع ذلك لم يجفل اليهود‪ ،‬ليس بسبب قوتهم‬
‫الحقيقية بقدر يأسهم من النجاة‪ .‬كذلك الرومان لم يكفوا بسبب مجدهم ُ‬
‫وسمعتهم‬
‫ف الحروب‪ ،‬وألن قيرص نفسه دخل الخطر أمامهم‪ .‬لدرجة أنّت ل أقدر إل أن أظن‬
‫أن الرومان كانوا سيقضون ف النهاية عىل كل اليهود لغضبهم الشديد عليهم ما لم‬
‫يحول دون ذلك تسللهم من المعركة وتقهقرهم إىل المدينة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬عند رؤية‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫َ‬
‫صقالتهم ُمدمرة‪ ،‬كان الرومان ُم َثبطي جدا بسبب خسارة هذا الجهد الطويل ف‬
‫ساعة واحدة‪ ،‬ويأس كثتون ف الحقيقة من أخذ المدينة بآلتهم العادية فقط‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل ى‬
‫الثان عش‬
‫َ‬
‫[فكر تيطس أنه من المالئم تطويق المدينة بسور‪ .‬المجاعة تلتهم الشعب‬
‫ببيوتهم وعائالتهم ]‬

‫َ‬
‫( ‪ )2/21/‬والن‪ ،‬أخذ تيطس يتشاور مع قواده عما ُيتخذ‪ .‬فالذين كانوا ذوى مزاج‬
‫َ‬
‫حار فكروا ف إحضار كل الجيش ضد المدينة ودك السور ألنه إىل اآلن لم يكن‬
‫حارب اليهود سوى جزء من الجيش‪ .‬ولكن ف حالة مخء كل الجيش دفعة واحدة‬ ‫ُ‬
‫ي ِ‬
‫لم يكن ف إمكانهم تقوية هجومهم بل سينقلبون بسهامهم‪ .‬ولكن أولئك الذين كانوا‬
‫أكت حذرا ف اإلدارة فكان بعضهم يرون إقامة الصقالت من جديد‪ ،‬واخرون كانوا‬ ‫ر‬

‫ينصحون ربتكها وحدها والمكون أمام المدينة‪ ،‬ومراقبة مخارج اليهود ودخول‬
‫مؤنهم‪ ،‬وبذلك ريتكون العدو للمجاعة وذلك دون حرب مباشة‪ ،‬ألن ذلك اليأس لم‬
‫ر‬
‫األكت رعبا‬ ‫يكن ُلي َ‬
‫قهر ل سيما ألولئك الذين يتوقون إىل الموت بالسيف بينما البالء‬
‫هو المحفوظ لهم‪.‬‬
‫أما تيطس فلم َير أنه من المالئم أن ريتك جيشا عظيما كهذا خامال كله‪ ،‬وأنه‬
‫من العبص مع ذلك القتال مع أولئك الذين كانوا سيهلكون الواحد بواسطة اآلخر‪.‬‬
‫وأظهر لهم أيضا كيف أن إقامة صقالت أخرى أمر غت عمىل بسبب الحاجة إىل‬
‫عمىل‪ ،‬كما أن تطويق المدينة بكل‬
‫المواد‪ ،‬وأن مراقبة اليهود ف خروجهم أيضا أمر غت ي‬
‫الجيش أيضا أمر غت سهل جدا بسبب ضخامة وصعوبة موقعه ومخا ره األخرى‬
‫من هجمات اليهود خارج المدينة‪ .‬فعىل الرغم من أنهم قد يحرسون الممرات‬
‫المعروفة‪ ،‬إل انهم عندما يرون أنفسهم ف ضيقة قصوى ر‬
‫يختعون ممرات شية لهم‬
‫باعتبارهم ملمي بمثل هذه األماكن‪ .‬فإذا ما ُح ِملت إىل الداخل أى مؤن ولو بالشقة‪،‬‬
‫فإن الحصار سيتأخر بالتاىل ويال‪ .‬وقد كان يخىس أيضا من أن ول الزمن المنقض‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫قد ُيقلل من مجد نجاحه‪ .‬فعىل الرغم من أن هذه حقيقة وا أن ول الزمن ُيتمم‬
‫كل ىس ٍء‪ ،‬ولكن مع ذلك ِفعل ما نفعله ف زمن قصت ما زال ِصورى لنوال الشهرة‪.‬‬
‫لذلك كان رأيه أنه إذا قصدوا الشعة مع اآلمان عليهم ببناء سور حول المدينة بأكملها‬
‫والذى‪ ،‬كما ظن‪ ،‬هو الطريق الوحيد لمنع اليهود من الخروج بأية ريقة‪ ،‬وعندئذ إما‬
‫ييأسوا تماما من إنقاذ المدينة وبالتاىل يستسلمون‪ ،‬وإما يمكن قهرهم بسهولة عندما‬
‫تتغلب المجاعة عليهم‪ .‬ألنه باإلضافة إىل هذا السور‪ ،‬فإنه لن يخلد كلية إىل الراحة‪،‬‬
‫ولكنه سيهتم حينئذ بإقامة الصقالت مرة أخرى عندما َيضعف المقاومون‪ .‬ولكن إذا‬
‫واحد أن هذا العمل كبت جدا ول ينتىه بدون صعوبة‪ ،‬فعليه أن يعتت أنه‬ ‫فكر ُ‬
‫أى‬
‫ٍ‬
‫ليس مالئما للرومان النهوض باألعمال الصغتة‪ ،‬وأنه ل يستطيع أى شخص إتمام أى‬
‫ىسء عظيم أيا كان بسهولة‪.‬‬

‫تيطس أوامره بتوزي ع‬ ‫( ‪ )1/21/‬وسادت هذه الحجج عىل قواده‪ .‬وأع‬


‫الجيش عىل األنصبة المختلفة للعمل‪ .‬وإذا بحمية إلهية تسود عىل جميع الجنود‪ ،‬ف‬
‫الحقيقة‪ ،‬لدرجة أنهم حينما قسموا كل العمل المطلوب بناؤه فيما بينهم‪ ،‬لم يكن‬
‫فقط كل فيلق يتنافس مع الفيلق اآلخر‪ ،‬بل كانت التقسيمات األصغر ف الجيش‬
‫تتنافس ا أيضا‪ .‬إىل الحد الذى كان كل جندى موح ف أن َي ُّش قائد العشة‪ ،‬وقائد‬
‫التبيون ف أن َي ُّش القائد‬
‫التبيون‪ ،‬ويطمح ر‬
‫كل عشة قائد كل مائة‪ ،‬وقائد المائة ر‬

‫األعىل‪ .‬ولحظ القيرص نفسه ذلك‪ ،‬فكافأ هذا التنافس بي القواد‪ ،‬ألنه كان يطوف‬
‫شاهد ما يتم عمله‪ .‬وقد بدأ تيطس السور من‬ ‫ُ‬
‫حول األعمال مرات عديدة كل يوم وي ِ‬
‫معسكر الشوريي حيص كان معسكره منصوبا‪ ،‬ونزل به إىل األجزاء السفىل‬
‫لسينوبوليس ‪ .Cenopolis‬ومن هناك مر بوادى قدرون إىل جبل الزيتون‪ ،‬وعندئذ‬
‫ر‬ ‫ر ُ َ‬ ‫انحرف إىل الجنوب و وق الجبل ر‬
‫بريستيون ‪Peristereon‬‬ ‫الّت تدىع‬ ‫حّت الصخرة‬
‫وذلك التل اآلخر الذى يقع بعدها والذى هو فوق الوادى المو ِصل إىل سلوام‪ ،‬ومن‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫هناك يميل مرة أخرى إىل الغرب‪ ،‬ويتل مرة أخرى إىل الينبوع‪ ،‬ومن ورائه يصعد مرة‬
‫أخرى عند خرائب "أنانوس"[= حنانيا] رئيس الكهنة ويطوف الجبل الذى نصب فيه‬
‫بومّت معسكره قبال‪ ،‬ثم يرجع إىل الجانب الشماىل للمدينة‪ ،‬ويستمر إىل قرية معينة‬
‫ُ‬
‫اربينّت" ‪ ،Erebinthi‬وبعدها وق خرائب هتودس‪ ،‬ومن هناك يتصل‬ ‫ر‬ ‫ت َسم "بيت‬
‫شقا بمعسكر تيطس من حيص بدأ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وكان ول هذا السور أربعي غلوة إل واحدة فقط‪ .‬وف هذا السور‪ ،‬اقيمت فيه‬
‫من الخارج ثالثة عش حامية كان محيطها معا نحو عشة غلوات‪ .‬وقد تم كل ىس ٍء ف‬
‫ثالثة أيام‪ .‬لدرجة أن ما كان يستلزم عمله بيعيا بضعة أشهر ُع ِمل ف وقت قصت ل‬
‫ُيصدق‪.‬‬
‫وعندما وق تيطس المدينة بسوره‪ ،‬ووضع الحاميات ف أماكنها المناسبة‪ ،‬أخذ‬
‫وير ِاقب كيف كان الحراس يحفظونه‪،‬‬‫يطوف حول السور ف الهزي ع األول من الليل‪ُ ،‬‬

‫وف الهزي ع الثان أناب الكسندر‪ ،‬ثم قواد الفيالق ف الهزي ع الثالص‪ .‬وقد ألقوا قرعة‬
‫ومن يراقب وال الليل المسافات ال رّت‬‫فيما بينهم عىل َمن ستاقب ف وقت الليل َ‬

‫بي الحاميات‪.‬‬

‫أمل لليهود ف الهروب‪ ،‬وكذلك ف حرية‬


‫( ‪ )7/21/‬عندئذ انقطع كل ٍ‬
‫خروجهم من المدينة‪ .‬واتسع عندئذ نطاق المجاعة والتهمت الشعب بكل بيوته‬
‫وعائالته‪ ،‬وامتألت الغرف العليا باأل فال والنساء الذين كانوا يموتون من المجاعة‪،‬‬
‫ون من المسني‪ .‬وكان األ فال والشباب معا‬ ‫وامتألت أزقة المدينة بجثص الم ر‬

‫يتجولون ف األسواق وكلهم متورمون من المجاعة‪ ،‬وكانوا يسقطون أمواتا حيثما‬


‫يباغتهم قدرهم‪ .‬وبالنسبة لدفنهم‪ ،‬كان أولئك الذين كانوا مرىص ل يقدرون عىل‬
‫ذلك‪ ،‬وأولئك الذين كانوا أصحاء وبعافية أحجموا عن ذلك بسبب الكم المهول من‬
‫الجثص‪ ،‬ولعدم تيقنهم من مصتهم هم أنفسهم‪ ،‬وأنهم سيموتون عاجال‪ .‬ألن كثتين‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫حّت قبل أن ر‬
‫تأن‬ ‫كانوا يموتون وهم يدفنون اآلخرين‪ .‬واخرون ذهبوا إىل لحدهم ر‬
‫ساعة قدرهم‪ .‬ولم تكن هناك أية مناحة عىل هذه الباليا‪ ،‬ولم ُت َ‬
‫سمع اهات النواح‪،‬‬
‫بل أخمدت المجاعة كل المشاعر الطبيعية‪ .‬ألن أولئك الذين كانوا عىل وشك الموت‬
‫وبأفواه فاغرة‪ .‬وغمر المدينة‬ ‫كانوا ينظرون إىل الذين ر‬
‫استاحوا قبلهم بعيون الحشة‬
‫ٍ‬
‫الم َ‬ ‫ُ‬
‫صمت رهيب ونوع من الليل ُ‬
‫دلهم‪ ،‬بينما كان اللصوق‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬أشد رعبا من‬
‫أكت من قبور للجثص‪،‬‬ ‫الّت لم تكن ر‬
‫هذه األهوال‪ ،‬فقد كانوا يقتحمون المنازل ر‬

‫األجساد‪ ،‬وينرصفون ضاحكي وهم يجربون‬ ‫حّت ما ُيغ‬


‫وينهبونها ويسلبون ر‬

‫سيوفهم ف الجثص لىك يختتوا من اى نوع من المعدن كانت مصنوعة منه‪ ،‬وكانوا‬
‫يغرزونها ر‬
‫حّت ف أولئك المطروحي عىل الرض ومازالوا أحياء‪ .‬وكان أولئك الذين‬
‫يترصعون إليهم أن يمنحوهم يمينهم وسيفهم يفخرون جدا إن منحوهم لبهم‬
‫وتركوهم يهلكون بالمجاعة‪ .‬ومات كل واحد من أولئك وعيناه شاخصتان إىل الهيكل‬
‫أحياء‪ .‬وكان مثتو ر‬
‫الفي قد أمروا أول بدفن الجثص من‬ ‫ً‬ ‫مخلفا وراءه مثتى ر‬
‫الفي‬
‫الخزانة العامة حيص لم يحتملوا نتانة الجثص‪ ،‬ولكن فيما بعد عندما عجزوا عن ِفعل‬
‫ذلك كانوا ُيلقونها من األسوار إىل اسفل الوديان‪.‬‬

‫( ‪ )4/21/‬ومع ذلك‪ ،‬عندما كان تيطس يدور حول الوديان ف بعض اليام‬
‫وراها مملوءة من الجثص‪ ،‬والعفن الشديد ينبعص منها‪ ،‬تأوه وبسط يديه نحو السماء‬
‫داعيا هللا أن يشهد أن هذا ليس منه‪ .‬وهذه ا الحالة المحزنة ر‬
‫الّت كانت عليها‬
‫الفي لم َي ُعد يمكنهم‬
‫المدينة‪ .‬ولكن الرومان كانوا مشورين جدا حيص أن مثتى ر‬

‫القيام اآلن بشن أية هجمات خارج المدينة‪ ،‬ألنهم كانوا هم أنفسهم قنو ي‪ ،‬وكانت‬
‫المجاعة قد مستهم بالفعل‪ .‬وباإلضافة إىل ذلك‪ ،‬كان لدى الرومان وفرة من الحنطة‬
‫والرصوريات األخرى من سوريا ومن المقا عات المجاورة‪ .‬وكان كثتون منهم يقفون‬
‫ويظهرون للناس ِعظم كميات هذه المؤن ر‬
‫الّت لديهم‪ ،‬ويالتاىل‬ ‫بالقرب من السور ُ‬
‫ِ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫أكت حساسية بالمجاعة‪ .‬ومع‬‫الّت لديهم‪ -‬ر‬‫حّت التخمة ر‬
‫جعلوا العدو – بهذه الوفرة ر‬
‫ذلك‪ ،‬لم ُيظهر مثتو ر‬
‫الفي أدن ميل للتسليم‪ .‬لذلك بدأ تيطس ‪ -‬رثاء منه للباقي من‬ ‫ِ‬
‫المخلصة ف انقاذ َمن ربف من أولئك البؤساء‪ -‬ف نصب‬ ‫ِ‬ ‫الشعب‪ ،‬وبسبب رغبته‬
‫صقالت أخرى عىل الرغم من صعوبة توفر المواد‪ ،‬ألن كل األشجار ر‬
‫الّت كانت حول‬
‫ُ‬
‫المدينة كانت قد ق ِط َعت لعمل الصقالت السابقة‪ .‬ومع ذلك جلب الجنود هذه‬
‫المواد من عىل مسافة تبعد تسعي غلوة‪ ،‬وأقاموا الصقالت ف الجهات األرب ع أعظم‬
‫مما كانت سابقا‪ ،‬عىل الرغم من أن ذلك قد ُع ِمل فقط أمام برج انطونيا‪ .‬وأخذ قيرص‬
‫ويظ ِهر للصوق أنهم اآلن ف قبضة يديه‪.‬‬ ‫ويعجلهم عىل العمل‪ُ ،‬‬‫يطوف بي فيالقه ُ‬
‫ولكن أولئك الرجال‪ ،‬أولئك فقط‪ ،‬كانوا غت قادرين عىل الندم عن شورهم ر‬
‫الّت‬
‫أذنبوا بها‪ ،‬وأن يفصلوا نفوسهم عن اجسادهم ر‬
‫الّت استخدموها معا كما لو كانت‬
‫تخص غتهم وليس انفسهم‪ .‬ألنه ل عا فة يبة استا عت أن تلمس نفوسهم‪ ،‬ول‬
‫أى شعور مؤلم استطاع أن يؤثر عىل أجسادهم حيص كانوا ما زالوا قادرين عىل تمزيق‬
‫جثص الشعب مثلما تفعل الكالب‪ ،‬ومأل السجون بالمرىص‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الثالث عش‬
‫[المذبحة العظيمة ف اورشليم‪ ،‬وتدنيس المقدسات]‬

‫( ‪ )2/27/‬لم يكن سيمون بالطبع ر‬


‫ليتك متياس يستوىل عىل المدينة بوسائله‬
‫الخاصة بدون تعذيب‪ .‬ومتياس هذا كان ابنا لبوثس ‪ ،Boethus‬وكان واحدا من‬
‫رؤساء الكهنة‪ ،‬وأمينا جدا للشعب‪ ،‬ومعتتا جدا منهم‪ .‬هذا أقنع الشعب عندما‬
‫وجدهم محصورين جدا من الغيورين الذين كان يوحنا معدودا منهم‪ ،‬بأن يسمحوا‬
‫لسيمون بالقدوم ُليساعدهم‪ ،‬دون أن يضع هو أية شوص أو يتوقع أى ش منه‪ .‬ولكن‬
‫عندما دخل سيمون واستوىل عىل المدينة‪ ،‬حسب أنه[ أى متياس](‪ )41‬قد نصحهم‬
‫بقبول عدو مساوى للباقي‪ ،‬ونظر إىل هذه النصيحة كىسء من سذاجته فقط‪ .‬لذلك‬
‫أحرصه [سيمون] (‪ )41‬وحكم عليه بالموت‪ ،‬باعتبار أنه ف جانب الرومان‪ ،‬دون إعطائه‬
‫أى رخصة للدفاع‪ .‬وحكم بالموت أيضا عىل أبنائه الثالثة ألن اإلبن الرابع كان قد‬
‫َ‬
‫انفلت وهرب منه إىل تيطس من قبل‪ .‬وعندما توسل إليه أن ُيقتل هو قبل أبنائه‪،‬‬
‫و لب ذلك كمعروف مقابل أنه فتح أبواب المدينة أمامه [ أى أمام سيمون](‪ ،)41‬أمر‬
‫حّت رأى جميع أبنائه ُيقتلون أمام عينيه‪ .‬وقد‬
‫بقتله اخر الكل جميعا‪ .‬لذلك لم ُيقتل ر‬

‫نفذوا ذلك أمام الرومان‪ .‬فقد أسند سيمون هذه المهمة إىل ارتانوس ابن بامادوس‬
‫أكت بربرية من جميع حرسه‪ .‬فأخذ يهزأ بهم‪ ،‬ويقول لهم َ‬
‫لت ما إذا كان‬ ‫الذى كان ر‬

‫وأكت من ذلك منع‬ ‫ستسلون مددا لهم أم ل‪ .‬بل ر‬‫أولئك الذين قصدوا الذهاب إليهم ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫دفن أجسادهم‪ .‬وبعد هذه المذبحة‪ ،‬ق ِتل أيضا كاهن معي ُيدىع انانياس بن‬
‫ماسامبالوس وهو شخص وقور‪ ،‬ومعه أيضا ارسيتنوس من كتبة السنهدريم ومولود‬
‫ف عمواس ومعهما خمسة عش رجال من المعتتين ف الشعب‪ .‬ووضعوا أيضا والد‬
‫يوسفوس ف السجن‪ .‬وأذاعوا بيانا عاما بأل يتكلم أى انسان مهما كان ف شه‪ ،‬أو مع‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫رفقائه خوفا من خيانتهم‪ .‬وقتلوا أيضا أولئك الذين ناحوا عىل أولئك الرجال‪ ،‬بدون‬
‫أى فحص‪.‬‬

‫( ‪ )1/27/‬وعندما جاء يهوذا بن يهوذا‪ ،‬الذى كان واحدا من ضباص سيمون‬


‫وشخص موضع ثقته للمحافظة عىل أحد األبراج‪ ،‬ورأى سلوك سيمون هذا‪ ،‬استدىع‬
‫أكت إخالصا له‪ ،‬وخا بهم هكذا‪" :‬إىل ر‬
‫مّت‬ ‫العشة الذين كانوا معه والذين كانوا ر‬
‫سنتحمل هذه المصائب؟‪ .‬أو أى رجاء لنا ف النجاة‪ ،‬مع استمرار وفائنا ر‬
‫لشف شير‬
‫مثل هذا؟‪ .‬أليست المجاعة قد أتت ضدنا؟‪ .‬ألم يدخل الرومان إىل داخل المدينة؟‪.‬‬
‫ألم يصبح سيمون غت مخلص ألوفيائه؟‪ .‬أليس هناك أى سبب للخوف من أن‬
‫يجلب علينا حال مثل هذه العقوبة‪ ،‬بينما أمان الرومان المعروض علينا مضمون؟‪.‬‬
‫ُ ِّ‬
‫هيا بنا ن َسلم هذا السور‪ ،‬وننقذ أنفسنا والمدينة‪ .‬ألن يترصر سيمون شيعا‪ ،‬فقد يأس‬
‫ُ َ‬
‫وسيطلب للعدالة حال بأشع مما يظن"‪( .‬ربما فعل ذلك جزئيا‬ ‫اآلن من النجاة‪،‬‬
‫ُ‬
‫بسبب الشفقة عىل أولئك الذين ق ِتلوا بتبرية‪ ،‬ولكن أساسا ليوفر لنفسه اآلمان)‪.‬‬
‫فاقتنع أولئك الرجال العشة بهذه الحجج ‪ .‬فأرسل بعضا ممن تحت إمرته إىل ريق‬
‫ما‪ ،‬والبعض إىل ريق اخر‪ ،‬ر‬
‫حّت ل ينكشف ما عزموا عليه‪ .‬وبناء عليه بدأ ينادى‬
‫عىل الرومان من التج ف نحو الساعة الثالثة(‪ .) 3‬ولكن البعض منهم [أى من‬
‫صدق انه جاد(‪ ،) 9‬بينما‬ ‫ُ‬ ‫(‪)41‬‬
‫الرومان] نتيجة كتياء احتقروا ما قاله‪ ،‬والبعض اآلخر لم ي ِ‬
‫أجل العدد األكت الموضوع معتقدين أنهم سيستولون عىل المدينة ف زمن قصت‬
‫(‪) 8‬‬
‫ولكن عندما كان تيطس يمر توا هناك مع بعض الرجال‬ ‫دون أية مجازفة‪.‬‬

‫ر‬
‫‪ - 3‬بعا بالتوقيت الشف‪ ،‬أى التاسعة صباحا بتوقيتنا الحاىل‪.‬‬
‫أكت من مرة‪ ،‬فكان عليهم بالطبع أن يتسجسوا‬ ‫‪ - 9‬كالهما معذور بعدما حدن لهم من خداع ر‬
‫ويتشككوا ف أية محاولة بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ - 8‬المفروض أنهم يبلغون شيعا القادة بأية رسالة أول بأول‪ ،‬وأولئك ُيبلغون القيرص‪ .‬ولكن ألن‬
‫هللا كان له قصد اخر‪ ،‬لم يقم الجنود بهذا‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫المسلحي‪ ،‬ألم سيمون باألمر قبل وقوعه‪ ،‬فوضع يده ف الحال عىل التج قبل أن‬
‫يستسلم‪ ،‬وقبض عىل أولئك الرجال وقتلهم أمام مرأى الرومان أنفسهم‪ .‬وعندما مثل‬
‫بجثثهم ألقاها اسفل سور المدينة‪.‬‬

‫( ‪ )7/27/‬وف نفس الوقت بينما كان يوسفوس يطوف حول المدينة‪،‬‬


‫ُ‬
‫ُج ِر َحت رأسه بحجر ا ِ رلف عليه‪ ،‬وسقط عىل إثره مغشيا عليه‪ .‬وعندئذ قام اليهود‬
‫بهجوم‪ ،‬وأرادوا نقله بشعة إىل داخل المدينة‪ ،‬لول أن قيرص كان قد أرسل حال رجال‬
‫لحمايته‪ .‬وبينما كان أولئك الرجال يتقاتلون‪ ،‬تم نقل يوسفوس عىل الرغم من أنه قد‬
‫سمع قليال مما حدن‪.‬‬
‫وهكذا ظن مثتو ال ر‬
‫في أنهم قد قتلوا ذاك الرجل الذى كانوا يتوقون جدا إىل قتله‪،‬‬
‫فأثاروا ضجة عظيمة كنوع من البتهاج‪ .‬وترددت هذه الحادثة ف المدينة‪ ،‬وقنطت‬
‫الجماهت من هذا الخت‪ ،‬فقد اقتنعت بأنه مات حقيقة‪ ،‬والذى بسببه فقط كانوا‬
‫يجرأون عىل الفرار إىل الرومان‪ .‬ولكن‪ ،‬عندما سمعت أم يوسفوس وا ف السجن أن‬
‫ابنها قد مات‪ ،‬قالت ألولئك الذين يحرسونها "أنها كانت دائما تفكر منذ حصار‬
‫ُ‬
‫يوتاباتا ‪[ Jotapata‬أنه قد ق ِتل](‪ ،)41‬ألنه ليست لها متعة بحياته بعد"‪ .‬وصنعت‬
‫ر‬
‫اللوان كن معها‪ ،‬وقالت" أية متة لها من‬ ‫مناحة عظيمة بصفة خاصة مع اإلماء‬
‫َ‬
‫إنجاب شخص غت عادى للعالم مثل هذا اإلبن الذى كانت تتوقع أن يدفنها هو‪،‬‬
‫وهاا تعجز عن دفنه هو"‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن هذا الخت الزائف لم ُيوجع أمه‪ ،‬ولم يدع اللصوق يمرحون ويال‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رحه‪ ،‬وخرج وصاح عاليا‪" :‬لن يمض وقت‬‫ألن يوسفوس شعان ما ش ِف حال من ج ِ‬
‫حّت ُيعاقبوا عىل هذا ُ‬
‫الجرح الذى ألحقوه به"‪ .‬وأخذ يحثهم من جديد عىل‬ ‫ويل ر‬
‫َ‬
‫المع َ لهم‪ .‬وكان منظر يوسفوس هذا ُمش ِجعا للشعب‬ ‫الخروج ً‬
‫بناء عىل األمان ُ‬

‫في‪.‬‬‫بشدة‪ ،‬وجلب ذعرا شديدا عىل مثتى ال ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )4/27/‬بعد هذا قفز بعض الهاربي إىل اسفل ف الحال‪ ،‬ولم تكن لهم‬
‫ريقة أخرى‪ .‬بينما خرج اخرون [وراءهم] بالحجارة كما لو كانوا سيقاتلونهم‪ ،‬ولكن‬
‫أكت مما وجدوا داخل‬‫عند ذاك هربوا إىل الرومان‪ .‬ولكن مصتا سيئا قد صاحبهم ر‬

‫المدينة‪ .‬فقد لقوا قتال أشع مما كانت ستفعله المجاعة باليهود‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫الوفرة العظيمة ر‬
‫الّت كانت لدى الرومان‪ .‬ألنهم عندما جاءوا إىل الرومان كانوا منتفخي‬
‫تخمت جميع هذه الجساد ر‬ ‫ُ‬
‫الّت‬ ‫ويلهثون مثل رجال مصابون بالستقساء‪ ،‬وفجأة ا ِ‬
‫كانت خاوية من قبل فانفجرت‪ .‬فيما عدا أولئك الذين كانوا مهرة وامسكوا شهيتهم‪،‬‬
‫وأخذوا يأكلون عامهم تدريجيا ُلي َع ِّودوا أجسادهم [عىل الطعام ثانية](‪.)41‬‬
‫ولكن ِصبة أخرى حلت بأولئك الذين بقوا‪ .‬فلقد ُو ِجد بي السوريي الهاربي‬
‫ُ‬
‫مسك وهو يلتقط قطعا من الذهب من برازه‪ ،‬ألن الهاربي كانوا‪ ،‬كما قلنا‬
‫شخص ما ا ِ‬
‫حّت ل ُيفتشهم مثتو‬ ‫قبال‪ ،‬معتادين عىل ابتالع قطع من الذهب عندما يخرجون ر‬

‫الفي‪ ،‬ألنه كانت هناك كمية كبتة من الذهب ف المدينة‪ ،‬لدرجة أن قطعة الذهب‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬
‫كانت تستبدل [ ف معسكر الرومان] بإثّت عش أتك ‪ )71(Attic‬بينما كانت تباع قبال‬
‫ُ ُ‬
‫بخمسة وعشين‪ .‬ولكن عندما اكت ِشف األمر ف هذه الحالة‪ ،‬وانتش الخت ف سائر‬
‫المعسكرات أن الهاربي قد أتوا مملوئي من الذهب‪ ،‬قطع جمهور العرب والسوريي‬
‫رقاب أولئك الذين جاءوا مترصعي‪ ،‬وفتشوا بطونهم‪ .‬ول يبدو ىل أن بؤسا قد حل‬
‫َ‬ ‫باليهود ر‬
‫أكت رعبا من ذلك‪ ،‬فف ليلة واحدة هلك نحو ألفي من الفارين‪.‬‬

‫( ‪ ) /27/‬ولكن لما َعلم تيطس بهذه العادة الشيرة‪ ،‬أراد أن ُي ِّ‬


‫طوق أولئك‬ ‫ِ‬
‫المذنبي بفرسه ويقتلهم‪ .‬وكان سيفعل ذلك لول أن عددهم كان كبتا جدا‪ ،‬وكان‬
‫أولئك الذين سيتعرضون لهذه العقوبة أضعاف أضعاف الذين قتلوهم‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬

‫‪ - 71‬يقول ر‬
‫المتجم النجلتى أنها ربما تكون الدراخما‪ .‬وهذا مرجح ألن الدراخما‪ ،‬كما هو معروف‪،‬‬
‫ُ َُ‬
‫ا عملة اليونان تاريخيا قبل انضمامها لمنطقة اليورو‪ .‬ومن كلمة دراخما‪ ،‬اشتقت الكلمة درهم‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ُ‬
‫علم)‬
‫استدىع قواد الفيالق معا (ألن بعضا من جنوده أيضا كانوا مذنبي‪ ،‬حسبما ا ِ‬
‫أى من جنودى مثل هذا األمر عىل أمل‬ ‫ونقم عليهم بشدة قائال‪" :‬ماذا‪ ،‬هل فعل ٌ‬
‫مكسب غت أكيد دون اعتبار ألسلحتهم المصنوعة من الذهب والفضة؟‪ .‬ر‬
‫وأكت من‬
‫ذلك‪ ،‬هل السوريون والعرب يحكمون أنفسهم كما يريدون‪ُ ،‬‬
‫فيشبعون ف الحرب‬
‫نسب ذلك إىل‬ ‫األجنبية ‪ -‬شهيتهم التبرية ف قتل البش وكراهيتهم لليهود‪ ،‬ف ُي َ‬

‫اشتك ف السلوك المشي"‪ .‬وهدد تبطس عندئذ بأنه‬ ‫الرومان ألن بعضا من جنودى ر‬
‫ر ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫مّت اكت ِشف أنه يقوم بمثل هذا العمل مرة‬ ‫سيحكم عىل مثل أولئك الرجال بالموت‬
‫َ‬
‫وأكت من ذلك‪ ،‬كلف الفيالق أن ُيجروا تفتيشا عمن هو مشكوك فيه‬ ‫ر‬ ‫أخرى‪.‬‬
‫ُ‬
‫ويحرصوه إليه‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬تبي أن محبة النقود شديدة جدا إزاء كل العقوبات المخيفة‪ ،‬وأن‬
‫الشهوة الجامحة للمكسب ا بيعة البش‪ .‬وليس هناك وجع ر‬
‫أكت جرأة من الطمع‪.‬‬
‫وأن هذه األوجاع(‪ )72‬ربما ف األوقات األخرى لها قيود معينة وتخضع للخوف‪ ،‬ولكن‬
‫ف الحقيقة كان هللا هو الذى أدان كل األمة‪ ،‬وقلب كل ىسء كان ُيع َمل للحفاظ عليها‬
‫إىل هالكها‪ .‬لذلك هذا الذى كان ممنوعا بهذا التهديد من قيرص‪ ،‬كان يتم بجرأة ضد‬
‫الفارين شا ‪ .‬فكان أولئك التابرة(‪ )71‬ما زالوا يخرجون ويالقون أولئك الذين يركضون‬
‫قبل أن يراهم احد ويفتشون عما اذا كان أحد من الرومان يتجسس عليهم‪ ،‬وعندئذ‬
‫هلكونهم ويستخرجون من احشائهم هذه األموال النجسة‪ .‬تلك األموال ر‬
‫الّت كانت ما‬ ‫ُ‬
‫ي ِ‬
‫تزال توجد ف قلة منهم‪ .‬بينما كان يهلك مع ذلك كثتون لمجرد األمل الكاذب دون‬
‫الحصول عىل ىسء منهم‪ .‬مثل هذه المعاملة البائسة جعلت كثتين من الفارين‬
‫يرجعون مرة أخرى‪ .‬إىل المدينة‪.‬‬

‫‪ - 72‬أنظر األهواء الثمانية لكاسيان‪ ،‬ف كتاب األنظمة لكاسيان‪ ،‬للمعرب‬


‫‪ - 71‬أى غت الرومان من القوات المساعدة ر‬
‫الّت جاءت من المقا عات المختلفة لدعم الجيش‬
‫الرومان‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )7/27/‬ولكن بالنسبة ليوحنا‪ ،‬عندما لم يستطع سلب الناس‪ ،‬لجأ إىل‬
‫ر ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫عطيت للهيكل‬
‫الّت ا ِ‬ ‫المقدسة‬ ‫المقدسات بنفسه‪ ،‬فأذاب كثتا من األوعية‬ ‫تدنيس‬
‫مثل أشياء أخرى كثتة كانت لزمة للخدمة كأشياء ُمقدسة‪ ،‬واأل باق والصحون‬
‫ر ُ‬ ‫والخالقي(‪ .)77‬بل لم ُيحجم عن ر‬
‫رسلت إليهم من‬ ‫الّت ا ِ‬ ‫حّت عن أوان السكب‬
‫ويزينون الهيكل‪ ،‬بينما هذا‬ ‫كرمون ُ‬
‫اوغسطس وزوجته‪ .‬ألن األبا رة الرومان كانوا ُي ِّ‬

‫الرجل الذى كان يهوديا(‪ ،)74‬كان يستوىل عىل عطايا األجانب ويقول ِل َمن كانوا حوله‬
‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫المقدسة بدون‬ ‫المقدسات‪ ،‬استخدام األشياء‬ ‫أنه من الالئق لهم وهم يقاتلون عن‬
‫خوف‪ .‬وأن هذه الحرب ا من أجل الهيكل‪ ،‬ومن ثم يجب أن يحيوا من الهيكل( ‪.)7‬‬
‫ُ َ‬ ‫ً‬
‫المقدس ووزعه عىل الجمهور وسمح لهم أن‬ ‫وبناء عليه‪ ،‬أفرغ األوان من النبيذ‬
‫(‪)41‬‬
‫من الزيت الذى كان الكهنة يحفظونه ليسكبوه‬ ‫يشبوه‪ .‬وكذلك [أفرغ األوان]‬
‫عىل المحرقات والذى كان موضوعا ف الدار الداخلية‪ .‬وهنا ل يسعّت إل أن أقول‬
‫رأن‪ ،‬وما تمليه عىل مشاعرى وهو هذا‪ :‬أظن أنه لو كان الرومان قد أبطأوا ر‬
‫أكت من‬ ‫ي‬
‫ُ ُ‬
‫ذلك ف الهجوم عىل أولئك األوغاد‪ ،‬لكانت المدينة قد ابت ِل َعت بأن تفتح األرض‬
‫فاهها عليهم‪ ،‬أو أن تغمرها المياه‪ ،‬أو أن تهلك بالرعد مثل أرض سدوم ألنها أنجبت‬
‫جيال من البش ر‬
‫أكت إلحادا مما كان عليه أولئك الذين عانوا مثل هذه العقوبات ألنهم‬
‫بجنونهم َ‬
‫أوردوا جميع الناس إىل الهالك‪.‬‬

‫‪ - 77‬جمع خلقي‪ ،‬أى وعاء للطىه‪.‬‬


‫‪" - 74‬كان يهوديا" وبالطبع "مات يهوديا"‪ .‬بالطبع يكتب يوسفوس تاريخه هذا بعد انقضاء مدة‬
‫ما من الزمن عىل األحدان‪ ،‬لذلك يستخدم زمن الماىص "كان" و"كانوا"‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -7‬نالحظ هنا الطبيعة البشية وكيف أنها ا ا ف كافة األديان‪ ،‬فتستطيع أن تحرف مضمون‬
‫أى نص ديّت وتفشه حسب هواها الخاق‪ .‬فمنذ أن قالت الحية ألمنا حواء "أحقا قال لكما‬
‫ويعوزن الوقت إليراد أمثلة تاريخية‬ ‫الرب‪...‬؟" واإلنسان الساقط ُيؤول كل نص حسبما ُيريد‪ُ .‬‬
‫ِ‬
‫وواقعية وملموسة لذلك ف المسيحية واإلسالم‪ -‬وها قد رأينا هنا ف ر‬
‫المي ما قاله يوحنا اليهودى‬
‫اعتمادا ىع ما ورد ف أسفار العهد القديم العتانية‪ .‬بل أيضا ف المعتقدات الينية غت السماوية‪.‬‬
‫وأيضا ف كتابات الفالسفة‪ .‬انظر عن ذلك بالتفصيل مذكرات غت مطبوعة ألحد رهبان السقيط‬
‫بعنوان "الفكر البشى الديّت ف مواجهة الحق اإللىه المسيخ"‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫( ‪ )3/27/‬حقا‪ ،‬لماذا أروى هذه المحن بالتفصيل‪ ،‬بينما مانوس ‪ Manneus‬ابن‬
‫اليعازر رأن راكضا إىل تيطس ف نفس ذلك الوقت وأخته أنه تم حمل ما ل يقل عن‬
‫‪ 22 991‬جثة من بوابة واحدة (وكان ُمكلفا بالعتناء بها)‪ ،‬ف المدة ما بي اليوم‬
‫(‪)77‬‬
‫عندما نصب الرومان‬ ‫الرابع عش من شهر اكزنتيكس ‪[ Xanthieus‬نيسان]‬
‫معسكرهم إىل جانب المدينة واليوم األول من شهر بانيمس ‪[ Panemus‬تموز](‪.)73‬‬
‫ََ‬
‫وكان هذا العدد ذاته مهول‪ ،‬عىل الرغم من أن هذا الرجل لم ُيكلف أن يكون هو نفسه‬
‫حاكما عىل البوابة‪ ،‬ولكنه كان ُم َعينا ليدفع للعامة راتبا لحمل هذه الجثص إىل الخارج‪،‬‬
‫ِّ‬
‫ولهذا كان مضطرا بالرصورة إىل عدهم‪ .‬بينما كان اآلخرون ُيدفنون بواسطة أقارب هم‪.‬‬
‫إحضارهم إىل الخارج وإلقائهم خارج‬
‫ِ‬ ‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬كان كل دفنهم هو‬
‫المدينة‪.‬‬
‫وبعد هذا الرجل‪ ،‬ركض إىل تيطس كثتون من الموا ني المعتتين وأختوه‬
‫ُ‬
‫بالعدد الكىل للمساكي الذين ماتوا‪ ،‬وأنه ليس أقل من ‪ 711‬ألف قد أ ِ رلف خارج‬
‫ر‬
‫الباف غت معلوم‪ .‬وقالوا له ر‬
‫أكت من ذلك أنه عندما لم‬ ‫المدينة‪ .‬بينما ظل العدد‬
‫يعودوا قادرين عىل حمل جثص الفقراء كدسوها ف أكوام ف المنازل الفسيحة‬
‫وأغلقوا عليها‪ .‬وأن "المديمنوس" ‪ )79(medimnus‬من القمح كان أيضا ُيباع بوزنة‪.‬‬
‫وأنه بعدما لم يعد ممكنا جمع األعشاب بسبب تسوير المدينة كلها‪ ،‬كان بعض‬
‫األشخاق‪ -‬مدفوعي بالمحنة المرعبة – يفتشون ف المزابل العامة ورون البهائم‬
‫ويأكلون ما يجدونه هناك‪ .‬وما كان المسنون ل يحتملون رؤيته‪ ،‬صار اآلن عاما‬
‫معتادا‪ .‬وعندما سمع الرومان كل هذا بجالء‪ ،‬رثوا لحالتهم‪ .‬بينما مثتو ر‬
‫الفي الذين‬

‫‪ 2 -77‬مايو‪.‬‬
‫‪ - 73‬يوليو‪.11‬‬
‫‪ - 79‬هو أصغر كيل للحبوب‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫رأوها أيضا‪ ،‬لم يتوبوا‪ ،‬بل عانوا من نفس المحنة اآلتية عليهم‪ ،‬ألنهم كانوا عميانا عن‬
‫قدرهم الذى كان بالفعل اتيا عليهم هم أنفسهم‪ ،‬وعىل المدينة‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‬
‫[وهو يشتمل عىل مدة شهر واحد‪ .‬من الخطر العظيم إىل الحد الذى وصل‬
‫فيه اليهود إىل أقل عدد‪ .‬ثم إىل أخذ تيطس ألورشليم]‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل األول‬
‫[نمو بؤس اليهود إىل األردأ‪ .‬كيف شن الرومان هجوما عىل برج انطونيا]‬

‫(‪ )2/2/7‬هكذا كان بؤس اشائيل ينمو كل يوم إىل أسوأ وأسوأ‪ .‬وكان مثتو‬
‫الفي مازالوا ف حالة هياج ر‬
‫أكت بسبب النكبات ر‬
‫الّت كانوا تحتها‪ ،‬بينما كانت المجاعة‬ ‫ر‬
‫تنهكهم بعد أن انهكت الشعب‪ .‬وف الحقيقة‪ ،‬كان منظر الجثص ُ‬
‫المكدسة ف أكوام‬
‫فوق بعضها بعضا فظيعا‪ ،‬وأدى إىل انتشار األوبئة ر‬
‫الّت كانت عقبة ف سبيل شن‬
‫هجمات خارج المدينة‪ ،‬وقتال العدو ألنه كان عليهم أن يطأوا عىل الجثص ويستون‬
‫كما لو كانوا ف ميدان ِقتال امتأل بربوات القتىل‪ .‬ومع ذلك لم يرتعبوا‪ ،‬ولم يحسبوا‬
‫كفأل ىسء ألنفسهم‪ .‬ولكن كما أن أياديهم كانت قد‬ ‫المقدمة للجثص‬ ‫هذه اإلهانة ُ‬
‫ٍ‬
‫تدنست بقتل بّت جنسهم وركضوا وهم ف هذه الحالة لقتال األجانب‪ ،‬فقد بدوا ىل‬
‫أنهم ُيلقون باللوم عىل هللا نفسه(‪ )78‬كما ولو كان بطيئا جدا ف معاقبته لهم‪ ،‬ألن‬
‫الحرب لم تكن مستمرة معهم كما ولو كان لهم أمل ف النتصار‪ .‬ولكن [أولئك]‬
‫الرجال ازدادوا جرأة بسبب اليأس ف النجاة(‪.)31‬‬
‫واآلن‪ ،‬أقام الرومان ‪ -‬عىل الرغم من أنهم كانوا ف ضيقة شديدة بسبب الحاجة‬
‫إىل المواد بعد أن قطعوا كل األشجار ر‬
‫الّت حول المدينة واىل مسافة تسعي غلوة‬
‫حواليها‪ ،‬كما رويت قبال ‪ -‬الصقالت ف واحد وعشين يوما‪ .‬وف الحقيقة‪ ،‬كان منظر‬
‫األرض ذاتها شيئا باعثا عىل فقدان العقل‪ ،‬ألن تلك األماكن ر‬
‫الّت كانت مزينة من قبل‬
‫ُ‬
‫بالشجار والبساتي صارت اآلن أرضا قفرة من كل جانب‪ ،‬وق ِط َعت أشجارها كلها‪ .‬ول‬

‫‪ - 78‬كما كان هكذا يكون‪ .‬فمنذ ادم أبينا ر‬


‫وحّت انقضاء الدهور‪ ،‬واإلنسان ف كل زمان يبحص دوما‬
‫شماعة ُيعلق عليها خطاياه‪ ،‬وعندما ل يجدها ل يخجل من أن يجعل هللا نفسه جل جالله هو‬
‫ٍ‬ ‫عن‬
‫َ‬
‫تلك "الشماعة"‪ .‬ألست أنت يا هللا‪ ،‬الذى اعطيتّت هذه المرأة!!‪.‬‬
‫مّت يأس ممكن يعمل أى ىسء‪ .‬ممكن َي ُ‬
‫فجر‪.‬‬ ‫‪ - 31‬يقول أحد المتأملي أن اإلنسان ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫يستطيع أى أجنّت رأى اليهودية من قبل وعاين ضواحيها الجميلة‪ ،‬إل أن يولول حزنا‬
‫عىل هذا التغت المهول‪ ،‬ألن الحرب تركت كل عالمات الجمال صفصافا‪ .‬ول يمكن‬
‫ألى واحد عرف المكان من قبل‪ ،‬وحرص إليه فجأة اآلن أن يعرفه مرة أخرى عىل‬
‫ِ‬
‫الرغم من أنه ف المدينة ذاتها‪ ،‬بل إنه سيبتعد عنها ألنها ليست ا‪.‬‬

‫ر‬
‫(‪ )1/2/7‬وانتهت الصقالت الّت كانت رعبا ٍ‬
‫لكل من الرومان واليهود‪ .‬فاليهود‬
‫ُ‬
‫توقعوا أن المدينة ستؤخذ ما لم يستطيعوا حرق هذه الصقالت‪ .‬وللرومان‪ ،‬ألنهم‬
‫توقعوا أنه إذا حرقها اليهود مرة أخرى فلن يكون ف إمكانهم أخذ [المدينة](‪ .)41‬ألنه‬
‫ُ‬
‫كانت هناك ندرة هائلة ف المواد‪ ،‬وكانت أجساد الجنود قد بدأت ت َنهك بسبب هذه‬
‫األعمال الشاقة‪ ،‬كما بدأت النفوس تخور بسبب مرات اإلخفاق العديدة‪ .‬بل إن هذه‬
‫الّت كانت ف نفس المدينة كانت سببا أعظم لتثبيط الهمة للرومان ر‬
‫أكت‬ ‫النكبات ذاتها ر‬

‫من أولئك الذين كانوا ف داخل المدينة ألنهم وجدوا أن المقاتلي اليهود لم توهنهم‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫سلمت‬
‫هذه األوجاع عىل ال الق‪ .‬بينما يقل أملهم هم ف النجاح أكت وأكت منذ أن ا ِ‬
‫صقالتهم لخداع العدو‪ ،‬والتهم لثبات السور‪ ،‬وقتالهم لجرأة هجماتهم‪ .‬وما كان‬
‫ر‬
‫باألكت هو أنهم وجدوا شجاعة نفوس اليهود أقوى من النكبات‬ ‫ثبطا لشجاعتهم‬ ‫ُ‬
‫م ِ‬
‫الّت يرزحون تحتها‪ ،‬ومن ر‬
‫الفي‪ ،‬ومن المجاعة‪ ،‬ومن الحرب نفسها‪ ،‬لدرجة أنهم كانوا‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫مستعدين أن يتخيلوا أن عنف هجماتهم ل ُت َ‬
‫قهر‪ ،‬وأن الرشاقة ر‬
‫الّت أبدوها لن تثبطها‬
‫الكوارن‪ .‬ألنه ماذا ُيمكن عمله مع أولئك الذين حول حظهم سوء العهم إىل‬
‫تحسي لبسالتهم‪ .‬هذه العتبارات جعلت الرومان يضعون عىل ضفاتهم حراسة‬
‫أقوى مما كانت عليه قبال‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪ )7/2/7‬وأخذ يوحنا وحزبه ف انطونيا حذرهم لتأمي أنفسهم فيما بعد ف‬
‫عىل فعله‪،‬‬ ‫َُ‬
‫حالة سقوص هذا السور‪ ،‬فبدأوا ف عملهم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم يعق ما عزموا ي‬
‫إحضار الت الكباش الضاربة إىل أمامهم‪ .‬فما ان خرجوا حاملي مشاعلهم(‪ )32‬ر‬
‫حّت‬
‫يقتبوا من هذه الصقالت‪ ،‬وذلك لألسباب اآلتية‪ :‬أنه ف‬‫رجعوا قانطي قبل أن ر‬

‫المقام األول‪ ،‬لم يبدو مسلكهم شبه جماىع‪ ،‬ولكنهم خرجوا ف ربوات متفرقة وأزمنة‬
‫مختلفة‪ ،‬وعىل نحو ب ء وبجي‪ .‬وف كلمة‪ ،‬بدون شجاعة يهودية‪ ،‬ألنه كان ُيعوزهم‬
‫اآلن ما هو ممت ألمتنا ال وهو الجرأة‪ ،‬وعنف الهجوم‪ ،‬والنقضاض عىل العدو معا‪،‬‬
‫والمثابرة فيما خرجوا إليه‪ .‬وعىل الرغم من أنهم لم ينجحوا أول‪ ،‬لكنهم خرجوا اآلن‬
‫أكت من المعتاد‪ ،‬وف نفس الوقت وجدوا الرومان مصطفي ف حالة‬ ‫ف فتور همة ر‬

‫وأكت شجاعة من المعتاد وأنهم يحرسون صقالتهم بأجسادهم وأسلحتهم‬ ‫حرب‪ ،‬ر‬
‫َ‬
‫حّت أنهم لم َيد ُعوا مكانا ألن تجتاز‬
‫بالكامل معا‪ .‬وهذه الحالة كانت من كل جانب‪ ،‬ر‬
‫ْ‬
‫س منهم [ أى من الرومان](‪ )41‬كانت ف شجاعة يبة‪،‬‬ ‫النار بينهم منه‪ .‬وأن كل نف ٍ‬
‫ر‬
‫حّت أنهم كانوا عىل استعداد ألن يموتوا أشع من أن يهربوا من صفوفهم‪ .‬ألنه إىل‬
‫جانب فكرتهم ف أن كل رجائهم سينقطع ف حالة حرق هذه األعمال‪ ،‬فإن الجنود‬
‫كانوا خجولي بشدة ر‬
‫أكت من أن يكون حذق اليهود أقوى من الشجاعة‪ ،‬والجنون‬
‫(‪)41‬‬ ‫(‪)41‬‬ ‫(‪)41‬‬
‫من‬ ‫من المهارة‪ ،‬واليهود [أقوى]‬ ‫من السالح‪ ،‬والدهماء [أقوى]‬ ‫[أقوى]‬
‫الرومان‪ .‬وكان للرومان اآلن متة أخرى وا أن التهم ر‬
‫الّت للحصار تعاونت معهم ف‬
‫حّت عند خروجهم من المدينة‪ ،‬حيص ُيصبح‬
‫إلقاء السهام والحجارة عىل اليهود ر‬

‫الرجل الذى يسقط عائقا لمن بعده‪ .‬كما أن خطر الذهاب أبعد جعلهم أقل غتة ف‬
‫محاولتهم‪ .‬وأولئك الذين كانوا يهرولون من السهام‪ ،‬كان بعضهم يرتعد من ُحسن‬
‫التنظيم ر‬
‫واقتاب صفوف األعداء ر‬
‫حّت قبل أن يأتوا إىل القتال المتالحم‪ .‬وبعضهم‬

‫‪ - 32‬بقصد إحراق اللت‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫كانوا ينغرسون ف رماحهم‪ ،‬ويعودون مرة أخرى مؤنبي بعضهم بعضا عىل جبنهم‬
‫ويولون اإلدبار دون عمل اى ىسء‪ .‬وقد حدن هذا الهجوم ف اليوم األول لشهر‬
‫بانيمس ‪( Panemus‬تموز)(‪ )31‬ولهذا عندما تقهقر اليهود‪ ،‬أحرص الرومان التهم‬
‫عىل الرغم من أن الحجارة كانت ُت رَلف عليهم من برج انطونيا‪ ،‬وكانوا ُي َ‬
‫هاجمون‬
‫َ‬ ‫بالسيوف والنتان وكل انواع السهام ر‬
‫الّت زودت الرصورة اليهود بكيفية استخدامها‪.‬‬
‫أكت عىل إرادتهم وعىل منافسة اآللت‬‫وعىل الرغم من أن هذه األشياء كانت تعتمد ر‬

‫الرومانية‪ ،‬إل أنها أعاقت الرومان ف إحضارهم آللتهم‪ .‬وقاوم الرومان بشدة عىل‬
‫العكس من ذلك‪ُ ،‬ليحرصوها كما لو كانت غتة اليهود هذه‪ ،‬ا ف تجنب أى ضغط‬
‫عىل برج انطونيا ألن أسواره كانت ضعيفة وأساسه كان هشا‪ .‬ومع ذلك لم يستسلم‬
‫ذلك التج لرصبات هذه اآللت‪ .‬ولكن الرومان تحملوا ضغط سهام األعداء ر‬
‫الّت‬
‫كانت ُت رَلف باستمرار عليهم‪ ،‬ولم َي َدعوا للخطر مكانا أن ر‬
‫يأن عليهم من فوق‪ .‬وهكذا‬
‫ُ َ‬
‫الّت كانت ت رلف عليهم‪.‬‬
‫أحرصوا التهم للعمل ولكن بمشقة عظيمة من الحجارة ر‬
‫وجرح البعض وانهزموا‪ ،‬ر‬
‫وألف اخرون دروعهم عىل أجسادهم وعىل أياديهم محاولي‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫زعزعة األساسات ر‬
‫حّت أزالوا بمشقة عظيمة أربعة من حجارته‪ .‬وحينئذ أوقف الليل‬
‫كال الجانبي‪ .‬ومع ذلك ف تلك الليلة كان السور قد تزعزع من الت الكباش الضاربة‬
‫ر‬
‫ف ذلك المكان الذى كان فيه يوحنا معتادا عىل حيله من قبل وتقويض الصقالت‪،‬‬
‫ذلك أن األرض انهارت وسقط السور بغتة‪.‬‬

‫‪ 11- 31‬يوليو‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪ )4/2/7‬وعندما حدثت هذه الحادثة غت المتوقعة‪ ،‬تأثرت عقول كال‬
‫الطرفي تأثرا متباينا‪ .‬ألن البعض كان يتوقع أن اليهود قد يقنو ون لسقوص سورهم‬
‫هذا غت المتوقع لهم‪ ،‬ولن يقوموا بىسء ف هذه الحالة‪ .‬إل انهم مع ذلك ر‬
‫استدوا‬
‫شجاعتهم ألن برج انطونيا نفسه كان مازال قائما‪ .‬كذلك الفرح غت المتوقع للرومان‬
‫بسقوص هذا السور شعان ما تالىس عندما رأوا أن سورا اخر قد بناه يوحنا وحزبه‬
‫من الداخل‪ .‬ومع ذلك فإن الهجوم عىل هذا السور الثان بدا لهم أسهل من األول ألنه‬
‫أكت سهولة للحصول عليه من خالل أجزاء السور السابق الذى انهدم اآلن‪.‬‬ ‫كان ر‬
‫وهذا السور الجديد بدا ر‬
‫أكت ضعفا من التج ذاته‪ ،‬وبالتاىل تخيل الرومان أنه كما أنه‬
‫سيسقطونه حال‪ .‬ولكن لم يجرأ أى واحد عىل الصعود اآلن إىل‬ ‫قد ُبّت فجأة فإنهم ُ‬
‫ِ‬
‫ذلك السور‪ ،‬ألن مثل هذه الجرأة ا ٌ‬
‫قتل بالتأكيد‪.‬‬

‫(‪ ) /2/7‬ونظرا ألن خفة ورشاقة الجنود ف الحرب إنما تحثها بصفة رئيسية‬
‫اآلمال والكلمات الطيبة‪ ،‬كما أن مثل هذه الوعود والحض تجعل الرجال غالبا ينسون‬
‫المخا ر بل ويستهينون بالموت نفسه‪ ،‬فإن تيطس حاول أن يفعل ذلك مع رجاله‬
‫بخطر لهو أمر غت مجيد للرجال‬
‫ٍ‬ ‫فقال لهم‪ " :‬أن أحض الرجال عىل ِفعل ما هو ليس‬
‫الذين أحضهم‪ .‬وحقا هو كذلك ذاك الذى يجعل الحض حجة ُ‬
‫لجبنه أيضا‪ .‬لذلك‬
‫فإنّت أظن أن مثل هذا الحض إنما يكون مفيدا فقط ف المشوعات الخطتة لىك ما‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫أحد‪ .‬وبالتاىل فإنّت أتفق معكم تماما ف‬
‫يظهروا أنهم جديرين بأن يختتوا من أى ٍ‬
‫ُ‬
‫ظهره لكم هو أنه‬
‫الرأى أنها مهمة صعبة وا صعود هذا السور‪ .‬ولكن ما أود أن ا ِ‬
‫يليق ومن الجميل ألولئك الذين يرغبون ف السمعة لبسالتهم وكفاحهم ضد‬
‫الصعوبات‪ ،‬الموت ألجل المجد وهنا تكون الشجاعة ِصورية‪ ،‬كما أن أولئك الذين‬
‫ر‬
‫حجّت األوىل لحثكم مما يمكن أن‬ ‫يبدأون أول المحاولة‪ ،‬لن يمضوا بال جزاء‪ .‬ولتكن‬
‫الّت ألولئك اليهود ر‬
‫حّت‬ ‫يعتته البعض معقول إلقناعكم‪ ،‬انّت اعّت الصت والمثابرة ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫السلم كيف‬
‫مع فشلهم‪ ،‬وهذا غت حادن معكم أيها الرومان جنودى الذين تدربتم ف ِ‬
‫ُ‬
‫تغلبوا ف هذه الحروب‪[ .‬فهل تريدون](‪ )41‬أن تكونوا أقل من‬
‫تحاربون‪ ،‬وتعودتم أن ِ‬
‫اليهود ف عمل اليدين أو ف شجاعة النفس وهذا بصفة خاصة عندما تكونون‬
‫ُ َ‬
‫ومؤازرين باهلل نفسه‪ .‬فإنه من ناحية سوء العنا فقد كان ذلك بسبب‬ ‫ظافرين‬
‫جنون اليهود‪ ،‬بينما كانت معاناتهم بسبب بسالتكم ومساعدة هللا ر‬
‫الّت منحها لكم‪،‬‬
‫الّت هم فيها والمجاعة ر‬
‫الّت هم ف ظلها‪ ،‬والحصار الذى يتحملوه‪،‬‬ ‫ألن ر‬
‫الفي ر‬

‫وسقوص أسوارهم بدون الت ماذا يمكن أن تكون سوى أنها عالمات لغضب هللا‬
‫ُ‬
‫ظهروا أنفسكم أدن من اليهود الذين‬
‫عليهم ومساعدته لنا‪ .‬لذلك ل يليق بكم أن ت ِ‬
‫أنتم حقا سادتهم‪ ،‬أو أن تخونوا تلك المساعدة اإللهية ر‬
‫الّت منحها لكم‪ .‬وف الحقيقة‪،‬‬
‫إنه ل يمكن أن يكون إل أمرا وضيعا وتافها‪ ،‬أنه بينما أولئك الذين ليسوا ف حاجة إىل‬
‫أن يخجلوا إذا ما انهزموا ألنهم اعتادوا ويال أن يكونوا عبيدا لآلخرين‪ ،‬أن يزدروا‬
‫حّت إىل وسطنا ليس‬ ‫بالموت الذى لن يتأخر ويال عليهم‪ ،‬وأن يشنوا الهجمات مرارا ر‬
‫ُ‬
‫عىل أمل أن يغلبونا ولكن لمجرد استعراض شجاعتهم‪ .‬بينما أنتم الذين استوليتم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قهروهم‪ ،‬وإن لم‬‫عىل كل العالم تقريبا إما برا وإما بحرا سيكون عارا عظيما لكم إن لم ت ِ‬
‫تقوموا بهجوم عىل أعدائنا حيص هناك خطر ر‬
‫أكت إذا ما لبثتم خاملي بهذه األذرع‬ ‫ي‬
‫الّت لنا‪ ،‬وتنتظرون فقط أن تعمل المجاعة والحظ عملهما‪ ،‬وهذا بينما‬ ‫الشجاعة ر‬

‫نملك من قوتنا وبقليل من المخا رة أن نكسب كل ما نريد‪ ،‬ألنه إذا صعدنا هذا التج‬
‫ظفرنا بالمدينة ألنه إن كانت هناك أية فرصة للقتال ضد أولئك الذين ف داخل‬
‫المدينة‪ ،‬وهو ما ل ر‬
‫افتض أنه سيكون ألننا سنكون عندئذ عند قمة التل ونجلس‬
‫فوق أنفاس العدو‪ .‬وهذه المزايا تعدنا ليس بأقل من الظفر المؤكد وحال‪ .‬أما بالنسبة‬
‫ىل فإنّت سأرجء ف الوقت الحاىل أية توصية بالنسبة ألولئك الذين يموتون ف‬
‫َ‬
‫الحرب‪ ،‬وألىع أى كالم عن خلود أولئك الذين ُيقتلون ف وسط المعارك الباسلة‪ .‬ومع‬
‫السلم‪ ،‬عىل عكس‬
‫ذلك ل أستطيع أن أمتنع عن لعن أولئك الذين يموتون ف وقت ِ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ُ‬
‫النظام‪ ،‬بوسيلة أو بأخرى بينما تدان نفوسهم بالقبور مع أجسادهم‪ .‬ألنه َمن هناك ل‬
‫الّت تنفصل من أجساهما اللحمية بالسيف ف المعارك‬‫يعرف أن نفوس األبرار ر‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫أنف العناِص‪ ،‬وتوضع بي النجوم لىك ُيصبحوا الهة‬
‫قبل ف األثت الذى هو ر‬‫ست َ‬ ‫ت‬
‫يبي وأبطال صفوحي‪ُ ،‬‬
‫وي ِّ‬
‫هيؤوا أنفسهم هكذا لرخائهم فيما بعد؟‪ .‬بينما تلك‬
‫تأن إىل ليل مدلهم وتتحلل إىل ل ىسء‪ ،‬وتنمخ‬‫الّت تكل مع أجسادها ر‬
‫النفوس ر‬
‫َ‬
‫ذاكرتها‪ .‬وهذا دون األخذ ف العتبار التنقية من كل دنس العالم‪ ،‬لدرجة أنه ف هذه‬
‫الحالة ر‬
‫تأن النفس إىل النهاية القصوى لحياتها وجسدها وذاكرتها أيضا‪ .‬ولكن‪ ،‬لما‬
‫ُ‬ ‫كان القدر قد حتم أن ر‬
‫يأن الموت عىل كل البش‪ ،‬وكان السيف هو ألطف أداة لهذا‬
‫الغرض عن أى وبأ اخر أيا كان ‪ ،‬فإنه ليس باألمر الزهيد لنا أن نرفض اإلذعان‬
‫للمنفعة العامة‪ ،‬وأن نستسلم للقدر‪ )37(.‬وهذا الكالم أقوله ر‬
‫بإفتاض أن أولئك الذين‬
‫سيحاولون أول الصعود إىل هذا السور قد يتعرضون للقتل ف محاولتهم‪ ،‬مع أنه‬
‫مازال لدى الرجال الشجعان الفرصة للهرب ف ر‬
‫أكت العمليات مجازفة‪ .‬ألنه ف المقام‬
‫ُ‬
‫األول هذا الجزء من السور السابق الذى ه ِدم بسهولة من السهل صعوده‪ ،‬وبالنسبة‬
‫للسور المبّت حديثا من السهل تدمته‪ .‬ال يستجمع بعضكم شجاعته لذلك ويبدأ ف‬
‫ُ‬
‫حطم شجاعتكم حال‬ ‫هذا العمل وتشجعون وتساعدون بعضكم بعضا‪ ،‬وعندئذ ت ِ‬
‫قلوب أعدائكم‪ ،‬وربما قد تتم عمليات مجيدة مثل عملياتكم بدون سفك دماء إذا ما‬

‫‪ - 37‬لقد وضع يوسفوس هذا الحديص عىل لسان تيطس الرومان الجنس الوثّت العقيدى‪ .‬وهنا‬
‫لهون منه عىل فكر تيطس‪ ،‬وإما أن ذلك‬ ‫ر‬ ‫نفتض أنه إما إسقاص‬‫كباحص أقول أنه من الممكن أن ر‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫حّت ف وثنيته قد‬ ‫وأريد أنا أن افتض هنا الفرض الثان وأقول أن النسان ر‬ ‫كان فعال تفكت تيطس‪.‬‬
‫َ‬
‫أخذ منذ زمن مبكر سابق للقرن السابع الميالدى بمفهوم نعت ذلك الذى ُيقتل ف الحرب‬
‫حّت إن كانت غزوا لبالد األخرين "عمل مجيد"‬ ‫"بالشهيد" بصورة أو أخرى‪ .‬فالموت ف الحرب ر‬
‫وهو "من هللا"‪ ،‬و"أجساد ونفوس" المقتولي ستهنأ ف القبور‪ .‬كما نالحظ أيضا أن تيطس – رغم‬
‫ُ‬
‫وثنيته‪ُ -‬يكرر كلمة "هللا" ف كل حديص له‪ ،‬ناسبا النرصة إىل معونته‪ .‬ألم ُيؤنب من قبل الوثتيون ف‬
‫عىل هروبه من "هللا" وعدم ِخشيته له؟‪ .‬إذن – ف ر يأن الخاق‪ -‬التقوى‬ ‫المركب رجل هللا يونان ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫الشخصية الفردية يمكن أن توجد لدى اآلخرين‪ ،‬مّت اقتبوا روحيا من معبودهم‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫ُ‬
‫الّت ُيؤمنون بها‪ .‬وف الواقع هذه الفقرات من خطاب تيطس تتيح قدرا‬ ‫حرفية النصوق الدينية ر‬
‫معقول لدارىس تاري خ الفكر البشى الديّت للدرس والتأمل‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫سيحاولون عرقلتكم‬ ‫ر‬
‫المفتض حقا أن اليهود ُ‬ ‫بدأت فقط‪ .‬ألنه عىل الرغم من أنه من‬
‫عند بدئكم ف الصعود إليهم‪ ،‬إل أنهم لن يكونوا قادرين عىل الصمود أمام جهودكم‬
‫مّت أخفيتم أنفسكم منهم أو تطردونهم بالقوة‪ .‬وليس ر‬
‫أكت من أن يمنعهم‬ ‫ضدهم ر‬

‫بعضكم ويصعدون فوق السور‪ .‬أما بالنسبة لذلك الشخص الذى سيصعد أول اىل‬
‫حسد من اآلخرين من جراء تلك‬ ‫َ‬
‫سأحمر خجال إذا لم أجعله محل‬ ‫السور‪ ،‬فإنّت‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫الّت سأسبغها عليه‪ .‬والذى سينجو بحياته سيكون قائدا لمن هم أقرانه‬‫المكافآت ر‬

‫اآلن‪ .‬وأيضا َمن يموت ف محاولته سينال الشف الجدير بالمحاكاة"‪.‬‬

‫ر‬
‫(‪ )7/2/7‬وعقب هذا الخطاب‪ ،‬كان باف الجمهور خائفا من ِعظم المخا رة‪.‬‬
‫ولكن واحدا اسمه سابينوس ‪ ،Sabinus‬جندى سورى المولد وخدم بي الكتائب‪،‬‬
‫بدا ذا َج َلد عظيم ف العمل الذى عمله وف شجاعته ر‬
‫الّت أظهرها معا‪ .‬فعىل الرغم‬
‫َ‬
‫من أن أى واحد كان سيظن قبل أن يقوم بما عمله بأنه ضعيف البنية وليس مالئما‬
‫ر‬
‫حّت ألن يكون جنديا عاديا‪ ،‬فقد كان لونه أسود وجسده نحيف ورفيع‪ ،‬ولكن كانت‬
‫بطل تسكن هذا الجسم الصغت‪ .‬ذلك الجسم الذى كان حقا ضيقا جدا‬‫هناك نفس ٍ‬
‫الّت كانت فيه‪ .‬هذا كان أول َمن نهض وقال‪" :‬إنّت عىل‬
‫لتلك الشجاعة الفريدة ر‬
‫ُ ِّ‬
‫استعداد أن اسلم نفىس لك يا قيرص‪ .‬أنا أصعد أول إىل السور‪ ،‬وأرغب من كل قلّت‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الحظ‬
‫مهمّت‪ ،‬فلت ِ‬ ‫شجاعّت وعزىم‪ .‬وإذا ما جندل سوء الحظ نجاج ف‬ ‫أن يتبع ح‬
‫ر ُ‬ ‫ر‬
‫اختت الموت َ واعية من أجلك"‪.‬‬ ‫أن إخفاف لن يكون غت متوقع بل أنا الذى‬
‫وعندما قال هذا‪ ،‬بسط ترسه فوق رأسه بيده اليشى‪ ،‬وجرد سيفه بيمناه‪،‬‬
‫وسار صاعدا نحو السور ف حواىل الساعة السادسة من النهار(‪ .)34‬وتبعه أحد عش‬
‫أكت من الذين عزموا أن ُيحاكوه ف شجاعته‪ ،‬ولكن كان هو ما‬
‫جنديا اخرون‪ ،‬وليس ر‬

‫ر‬
‫‪ - 34‬بالتوقيت الشف‪ ،‬أى الثانية عش ظهرا بتوقيتنا الحاىل‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫زال الشخص الرئيىس لهم جميعا‪ ،‬وذهب هو أول مدفوعا بحمية مقدسة‪ .‬وعندئذ‬
‫ر‬
‫ألف عليهم الذين كانوا يحرسون السور من هناك كمية كبتة من السهام من كل‬
‫جانب‪ ،‬ودحرجوا حجارة ضخمة فوقهم فقلبت بعضا من األحد عش الذين كانوا‬
‫معه‪ ،‬ولكن بالنسبة لسابينوس نفسه فإنه صد السهام ر‬
‫الّت كانت تصوب نحوه‪ .‬وعىل‬
‫الرغم من أنه كان مغمورا بها إل أنه لم يكف عن عنف هجومه قبلما يصعد إىل قمة‬
‫ويجت األعداء عىل الهرب‪ .‬ألن اليهود كانوا مندهشي من قوته العظيمة‬ ‫السور ٌ‬

‫وبسالته‪ .‬وف انسحابهم تخيلوا أن كثتين قد صعدوا إىل السور حقيقة‪ ،‬ولذلك لذوا‬
‫بالفرار‪.‬‬
‫ولكن المرء ل يشكو اآلن إل من الحظ الذى ما زال يحسد الفضيلة( ‪ ،)3‬ودائما‬
‫ما يعوق أداء المنجزات المجيدة‪ .‬فقد كان هذا هو حال هذا الرجل الذى أمامنا‪ .‬فما‬
‫تعت ف حجر كبت وسقط عىل رأسه بضجة كبتة‬ ‫حّت ر‬‫أن حصل عىل غرضه‪ ،‬ر‬

‫جدا(‪ .)37‬فرجع اليهود الذين لما رأوه وحده منطرحا هكذا‪ ،‬ألقوا عليه السهام من كل‬
‫جانب‪ .‬ومع ذلك قام عىل ركبتيه وغ نفسه ربتسه‪ ،‬ودافع عن نفسه أول ضدهم‬
‫اقتبوا منه‪ ،‬ولكنه شعان ما ُاجت عل إرخاء يمينه من ر‬
‫كتة‬ ‫وجرح كثتين من الذين ر‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫سلم روحه أختا‪ .‬لقد كان‬ ‫ُ‬ ‫الجروح ر‬
‫الّت نالها‪ ،‬إىل أن غطته تقريبا السهام قبل ان ي ِ‬
‫قدرا أفضل بسبب بسالته‪ ،‬ولكن كما يجب أن ُي َ‬ ‫َ‬
‫توقع سقط تحت ِثقل‬ ‫واحدا يستحق‬
‫ر‬
‫هذه المحاولة‪ .‬أما بالنسبة لباف رفقائه فقد سحق اليهود ثالثة منهم بالحجارة إىل‬
‫قطع وقتلوهم عندما كانوا يصعدون إىل قمة السور‪ ،‬والثمانية اآلخرون ُج ِرحوا‬
‫ُ‬
‫وح ِملوا إىل المعسكر‪.‬‬
‫هذه األمور حدثت ف اليوم الثالص من شهر بانيمس[= تموز= ‪ 11‬يوليو]‪.‬‬

‫‪ - 3‬يوسفوس اليهودى العقيدة‪ ،‬ألنه يكتب تاريخه هذا إىل غت اليهود فإنه يستخدم المفردات‬
‫الّت تناسب ثقافتهم الخاصة‪ .‬لذلك يستخدم هنا كلمة "الحظ" بدل من إبليس أو الشيطان حسب‬ ‫ر‬
‫الفكر الديّت الكتان‪.‬‬
‫‪ - 37‬بعا المتمردون من جانبهم سيعتتون ذلك تدخل من هللا نفسه لصالحهم‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪ )3/2/7‬وبعد ذلك بيومي تجمع إثنا عش من أولئك الذين كانوا يحرسون‬
‫الصقالت واستدعوا حامل الراية ف الفيلق الخامس‪ ،‬واثنان من فرقة الفرسان‪،‬‬
‫وواحد من نافخ األبواق‪ ،‬وذهبوا بال ضجة ف نحو الساعة التاسعة(‪ )33‬من الليل‪ ،‬من‬
‫خالل الخرائب إىل برج انطونيا‪ .‬وعندما قطعوا أول أعناق حرس المكان بينما هم‬
‫ر‬
‫نائمون‪ ،‬واستولوا عىل السور أمروا نافخ البوق بأن ُيبوق‪ .‬وعندئذ نهض باف الحرس‬
‫فجأة ولذوا بالفرار قبل أن يمكن ألى واحد أن يرى كم عدد أولئك الذين صعدوا‬
‫وذلك بسبب الخوف الذى كانوا فيه من ناحية‪ ،‬وبسبب صوت البوق الذى سمعوه‬
‫من ناحية أخرى ر‬
‫حّت أنهم تخيلوا أن عددا عظيما من العدو قد صعدوا‪ .‬ولكن بمجرد‬
‫أن سمع قيرص اإلشارة‪ ،‬أمر الجيش بارتداء سالحهم ف الحال‪ ،‬وجاء إىل هناك مع‬
‫قواده‪ ،‬وصعد قبل الكل‪ ،‬فحذا الرجال المختارون حذوه‪ .‬وبينما كان اليهود يفرون إىل‬
‫الهيكل‪ ،‬دخلوا من الشداب الذى كان يوحنا قد حفره تحت الصقالت الرومانية‪.‬‬
‫وعندئذ ردهم مثتو ر‬
‫الفي من كال الحزبي اليهوديي‪ :‬الذين ينتمون إىل يوحنا‪،‬‬
‫والذين ينتمون إىل سيمون‪ .‬وف الحقيقة‪ ،‬لم تكن تعوزهم أية حاجة إىل العنف‬
‫والخفة القصوى ألنهم حسبوا أنفسهم أنهم سيهلكون جميعا إذا حصل الرومان عىل‬
‫الهيكل‪ .‬وهذا ما كان يتطلع إليه الرومان كبداية إلنتصارهم الكامل‪ .‬لذلك كانت هناك‬
‫معركة رهيبة عند مدخل الهيكل بينما كان الرومان يشقون ريقهم عنوة ليستولوا‬
‫عىل هذا الهيكل‪ ،‬وكان اليهود يصدونهم إىل برج انطونيا‪ .‬ف معركة كهذه‪ ،‬أضحت‬
‫نفع‪ ،‬فجرد كل من الفريقي سيوفهم‪ ،‬واقتتلوا يدا بيد‪ .‬وخالل‬
‫السهام وكذا الرماح بال ٍ‬
‫هذا الرصاع كان موقف الرجال غت متمت من الجانبي‪ ،‬وكانوا ُيقاتلون عشوائيا‪،‬‬
‫واختلط الرجال بعضهم ببعض‪ ،‬وارتبكوا بسبب ضيق المكان بينما كانت الضجة‬
‫الحادثة تصك اآلذان ألنها كانت عالية جدا‪ .‬وحدثت مذبحة عظيمة من كال‬

‫ر‬
‫‪ - 33‬بالتوقيت الشف‪ ،‬أى الثالثة بعد الظهر‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ر‬
‫المون‪ ،‬ويسحقونهم‬ ‫الجانبي‪ ،‬وكان المتحاربون يطأون فوق الجثص‪ ،‬وفوق أسلحة‬
‫أى من الجانبي‪ ،‬كان الذين لهم متة‬
‫طع‪ .‬وبالتاىل فإنه حالما تميل المعركة إىل ٍ‬
‫إىل ِق ٍ‬
‫يحثون بعضهم بعضا عىل الستمرار‪ ،‬بينما كان المنهزمون ينوحون بشدة‪ .‬ولكنه لم‬
‫يكن هناك مجال للهرب‪ ،‬ول للمطاردة بل لإلقدام والتقهقر فالجيشان اختلطا‬
‫قتلوا أو أن‬ ‫َ‬
‫بعضهما ببعض‪ .‬وكان أولئك الذين ف الصفوف األوىل تحت ِصورة أن ي ِ‬
‫َ‬
‫ُيقتلوا بدون أى مجال للهرب من كال الجانبي‪ .‬وكان الذين يأتون من خلف ُيجتون‬
‫الذين أمامهم عىل الستمرار بدون ترك أى مجال فيما بي الجيشي‪ .‬وأختا‪ ،‬فإن‬
‫حمية وعنف اليهود كانت صعبة جدا للرومان ومهارتهم‪ ،‬ر‬
‫حّت أن المعركة مالت‬
‫بالكامل إىل هذه الناحية ألن القتال استمر من الساعة التاسعة من الليل ر‬
‫حّت الساعة‬
‫السابعة من النهار‪ .‬وكان اليهود يأتون ف جماعات وكان خطر الهيكل هو دافعهم‪ ،‬ولم‬
‫يكن للرومان هنا سوى جزء من الجيش ألن تلك الفيالق ر‬
‫الّت كان يعتمد عليها الجنود‬
‫َ‬
‫لم تصعد ألنه كان ُيظن ف ذلك الوقت أنه يكف للرومان أن يستولوا عىل برج‬
‫انطونيا‪.‬‬

‫َ‬
‫(‪ )9/2/7‬ولكن واحدا ُيدىع يوليان‪ ،‬قائد مائة جاء من بيثينيا وكان رجال ذا‬
‫لكل من‬ ‫ر‬
‫سمعة عظيمة من بي جميع الذين رأيتهم ف تلك الحرب ومن أكتهم شهرة ٍ‬
‫مهارته ف الحرب ولقوة جسده وشجاعة نفسه‪ .‬هذا الرجل حالما رأى الرومان‬
‫يتخلون عن األرض ُ‬
‫ويدافعون عن أنفسهم برداءة ألنه كان يقف إىل جانب تيطس ف‬
‫برج انطونيا‪ ،‬قفز خارجا وأجت هو بنفسه وحده اليهود عىل الهرب بينما كانوا هم‬
‫غالبون‪ ،‬وجعلهم يتقهقرون بعيدا إىل ركن الساحة الداخلية للهيكل‪ .‬ولذ الدهماء‬
‫مفتضي أنه ل قوته ول هجماته العنيفة يمكن أن تكون‬ ‫بالهرب منه ف جماعات ر‬

‫إلنسان‪ .‬وبالتاىل‪ ،‬اندفع إىل وسط اليهود وشتتهم جميعا إىل الخارج‪ ،‬وقتل الذين‬
‫أكت عجبا ف عيون قيرص‪ ،‬ول ر‬
‫أكت رعبا‬ ‫أمسكهم‪ .‬ولم يكن هناك حقا منظر ظهر ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫لآلخرين من ذلك‪ .‬ومع ذلك كان هو نفسه ُمطاردا من قدره هذا الذى ليس من‬
‫الممكن إلنسان مائت أن يهرب منه‪ .‬ألنه إذ كان حذاءه مملوء من المسامت الحادة‬
‫السميكة مثل سائر الجنود اآلخرين‪ ،‬لذلك عندما ركض عىل بالص الهيكل انزلق ووقع‬
‫عىل ظهره بضجة شديدة جدا أحدثها درعه‪ .‬وهذا جعل الذين يهرعون منه‪ ،‬يرجعون‬
‫إليه‪ .‬بينما أ لق أولئك الرومان الذين كانوا ف برج انطونيا ِصاخا عظيما خائفي عىل‬
‫الرجل(‪ )39‬ولكن اليهود انقضوا ف جماعات و عنوه برماحهم وسيوفهم من كل‬
‫ناحية‪ ،‬ر‬
‫وتلف عددا هائال من ِصبات هذه األسلحة الحديدية عىل ترسه‪ ،‬وحاول مرار‬
‫ٌ‬ ‫أن ينهض مرة أخرى‪ ،‬ولكنه كان ُي َ‬
‫طرح من الجموع ر‬
‫الّت كانت تطعنه‪ .‬ولكنه وهو راقد‬
‫َ‬
‫عن كثتين بسيفه‪ ،‬ولم ُيقتل شيعا وهو مغ بخوذته ودرعه الحديدى ف كل‬
‫األماكن ر‬
‫الّت من الممكن أن تكون جروحها مميتة‪ .‬وقد سحب أيضا رقبته وقرب ها من‬
‫جسده إىل أن تمزقت أ رافه‪ .‬ولم يجرأ أحد عىل الدفاع عنه‪ ،‬إىل أن استسلم لقدره‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وعندئذ تأثر تيطس بشدة بسبب َجلد هذا الرجل العظيم‪ ،‬وبالذات من أنه ق ِتل أمام‬
‫مرأى من شعب غفت‪ .‬وكان يتوق إىل أن يتل لمساعدته بنفسه‪ ،‬ولكن المكان لم‬
‫يسمح له‪ ،‬بينما ما تم كان مرعبا جدا لمحاولته‪ .‬وهكذا عندما صارع يوليان مع‬
‫َ‬
‫الموت وقتا ويال‪ ،‬ولم يدع أولئك الذين جرحوه جرحا مميتا يمضون بدون أذى‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ق ِطعت رقبته أختا عىل الرغم من أن ذلك لم يكن بدون صعوبة ما‪ ،‬وخلف وراءه‬
‫شهرة عظيمة جدا ليس فقط بي الرومان ولدى القيرص نفسه‪ ،‬ولكن أيضا بي‬
‫أعدائه‪ .‬عندئذ رفع اليهود جثته‪ ،‬وأجتوا الرومان عىل الهرب مرة أخرى‪ ،‬وحبسوهم‬
‫ف برج انطونيا وكان أولئك الذين تمتوا وقاتلوا ر‬
‫بأكت غتة ف هذه المعركة من‬
‫الجانب اليهودى‪ِ :‬الكساس وجفتيوس من حزب يوحنا‪ ،‬ومالخياس ويوداس بن مرتو‬

‫المفتضة ف هذه الحالة‪ ،‬وأين النجدة الرومانية الشيعة لهذا‬‫ر‬ ‫‪ - 39‬عجبا‪ ،‬أين التغطية الحربية‬
‫عل‪ .‬هذه نقاص عسكرية تثور بالطبع ف‬ ‫ٍ‬ ‫من‬ ‫المنظر‬ ‫د‬ ‫يشاه‬
‫ِ‬ ‫الذى‬ ‫البطل‪ ،‬وأين أمر القائد األعىل‬
‫ُ‬
‫لمحلل حرن ليعلق عليها حربيا‪.‬‬ ‫ذهن القارىء‪ ،‬أدعها ُ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ويعقوب بن سوساس قائد اإلدوميي من حزب سيمون‪ .‬ومن الغيورين أخوين يوداس‬
‫وسيمون ابناء يايروس‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل ى‬
‫الثان‬
‫[كيف دك تيطس برج انطونيا‪ ،‬واقنع يوسفوس بحض اليهود مرة أخرى عىل‬
‫التسليم]‬

‫تيطس أوامره لجنوده الذين كانوا معه بدك أساسات‬ ‫(‪ )2/1/7‬والن‪ ،‬اع‬
‫برج انطونيا‪ ،‬وإعداده ليكون ممرا لصعود جيشه‪ .‬بينما أحرص هو نفسه يوسفوس‬
‫ُ‬
‫علم أنه ف نفس ذلك اليوم الذى كان السابع عش من بانيمس‬ ‫(ألنه كان قد ا ِ‬
‫َُ‬ ‫ُ َ‬ ‫بطلت الذبيحة ر‬ ‫(‪ُ )38‬‬
‫الّت كانت تدىع "الذبيحة اليومية" ولم تقدم هلل بسبب‬ ‫[تموز] ا ِ‬
‫الحاجة إىل الرجال الذين يقدمونها‪ .‬وكان الشعب ف رعب عظيم من جراء ذلك)‬
‫وأمره أن يقول ليوحنا نفس الىسء الذى قاله من قبل‪ ،‬وهو " إذا كان لديه أى ميل‬
‫ويقاتل كما يشاء بدون تعريض‬ ‫كت عددهم ُ‬ ‫شف للقتال فليخرج هو ورجاله مهما ر‬‫ر‬

‫المدينة أو الهيكل للخراب‪ .‬وأنه إذا أراد‪ ،‬ل يدنس الهيكل‪ ،‬ول يرتكب مخالفات ضد‬
‫الّت توقفت اآلن بواسطة أى من اليهود الذين ُي ِّ‬ ‫ر ُ ِّ‬
‫قدم الذبائح تلك ر‬
‫عينهم‬ ‫ٍ‬ ‫هللا‪ ،‬حّت ي‬
‫هو"‪.‬‬
‫مكان يكون فيه مسموعا ليس من يوحنا فقط‪ ،‬بل‬ ‫ٍ‬ ‫وعندئذ وقف يوسفوس ف‬
‫َ‬
‫ومن جمع غفت وأعلن لهم باللغة العتية ما كلفه به قيرص‪ ،‬وترجاهم بإلحاح أن ُيبقوا‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫مسك بالهيكل‪ ،‬وأن ُيقدموا فيه‬
‫عىل مدينتهم وأن يمنعوا تلك النار الوشيكة من أن ت ِ‬
‫وحزن عظيم بي الشعب‪ ،‬ولكن‬ ‫الذبائح المعتادة هلل"‪ .‬وأدت كلماته هذه إىل صمت ُ‬

‫ألف توبيخا ولعنات عىل يوسفوس‪ .‬وأختا قال له "إنه لن يخاف‬ ‫الطاغية نفسه ر‬
‫ُ َ‬
‫ا القا من أن تؤخذ المدينة ألنها مدينة هللا نفسه"‪ .‬وردا عىل هذا قال له يوسفوس‬
‫َ‬
‫عال "هل أنت متأكد أنك حفظت هذه المدينة نقية رائعة من أجل هللا‪ ،‬وأن‬‫بصوت ٍ‬

‫‪38‬أى اوغسطس‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ُ‬
‫الهيكل لم يتدنس بالكلية باستمرار‪ .‬ألم تذنب بأى إثم ضد هذا الذى رتتج‬
‫ر‬
‫الشف لو أن واحدا من الناس‬ ‫مساعدته‪ ،‬ال زال يقبل ذبائحه المعتادة‪ .‬أيها البائس‬
‫حرمك من لقمتك لحسبته عدوا لك‪ .‬افأنت رتتج أن يكون هللا معينك ف هذه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عزى هذه اآلثام إىل الرومان‬
‫الحرب‪ ،‬هذا الذى منعت عنه عبادته الدائمة‪ .‬وأنت ت ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫لزموننا بأت تقدم الذبائح إىل‬
‫الذين حّت هذه اللحظة عينها يراعون شائعنا ويكاد ي ِ‬
‫الّت توقفت بوسيلة أو بأخرى‪َ .‬من هناك َمن يقدر أن يتجنب اآلهات والمناحات‬‫هللا ر‬

‫المذهل الحادن ف هذه المدينة‪ .‬حيص أن األجانب‬ ‫ِ‬ ‫عند مشاهدة هذا التغت‬
‫َ‬ ‫واألعداء يصححون هم بأنفسهم اآلثام ر‬
‫الّت فعلتها‪ ،‬بينما أنت اليهودى المتمرس ف‬
‫شائعنا ِصت عدوا لها أعظم من اآلخرين‪ .‬ولكن ما زال يا يوحنا [ممكنا] أن تندم –‬
‫حّت ف اخر لحظة‪ .‬ولديك ٌ‬ ‫صلح ما قد أفسدته ر‬ ‫ُ‬
‫مثل ف‬ ‫وهذا ليس من العار‪ -‬وأن ت ِ‬
‫يكنيا ‪ Jechoniah‬ملك اليهود – إن كانت لديك النية إلنقاذ المدينة‪ -‬الذى عندما‬
‫ُ‬
‫شن عليه ملك بابل الحرب‪ ،‬خرج من تلقاء نفسه إىل خارج المدينة قبل أن تؤخذ‪،‬‬
‫ِّ‬
‫وقبل واعية األش هو وعائلته عن أن ُيسلم الهيكل للعدو‪ ،‬ولىك ل يرى بيت هللا‬‫ِ‬
‫محتقا‪ .‬وبسبب ذلك يحتفل به جميع اليهود ف تذكاراتهم المقدسة‪ ،‬وصارت ذكراه‬‫ر‬
‫خالدة وستظل حية عت األجيال؟ هذا مثل رائع يا يوحنا ر‬
‫حّت ف الخطر‪ ،‬بل إنّت‬
‫أتجرأ وأعدك بأن الرومان سيصفحون عنك‪ ،‬ولحظ أنّت أنا الذى أحضك‪ ،‬أنا الواحد‬
‫من أمتك‪ ،‬أنا اليهودى هو الذى َيعدك‪ .‬وهذا يجعلك تعتت َمن أنا الذى يعرض عليك‬
‫هذه المشورة ومن أين استقيتها ألنه بينما أنا ج لن أكون ف مثل هذه العبودية ر‬
‫حّت‬
‫أنت تسخط عىل مرة أخرى ر‬ ‫َ‬ ‫ربان أو أنىس شائع ى‬
‫أهجر أق ى‬
‫وتفتى عىل وتوبخّت‪.‬‬ ‫ابان‪.‬‬
‫حقا إنه ل يمكن أن انكر أن أكون مستحقا لمعاملة سيئة ر‬
‫أكت من كل هذا ألنّت أقاوم‬ ‫ِ‬
‫القدر وأدعوك اآلن وأتوسل إليك أن تنقذ أولئك الذين قد أدانهم هللا‪ .‬فمن هو الذى‬
‫ل يعرف أن كتابات األنبياء القداىم قد احتوت عىل ذلك‪ ،‬وبصفة خاصة الوج عن‬
‫ُ‬
‫هذه المدينة البائسة‪ ،‬والذى سيتم حال‪ .‬ألنهم تنبأوا أن هذه المدينة ستؤخذ عندما‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫يبدأ شخص ما بمذبحة ألبناء و نه(‪ .)91‬أليست المدينة كلها اآلن مملوءة من جثص‬
‫بّت و نك؟ وكذلك الهيكل‪ .‬لذلك‪ ،‬هللا نفسه هو الذى جلب هذه النار ُلت ِّ‬
‫طهر هذه‬
‫المدينة والهيكل‪ ،‬بواسطة الرومان‪ .‬وهو الذى ينوى حرن هذه المدينة ر‬
‫الّت امتألت‬
‫بأدناسك"‪.‬‬

‫(‪ )1/1/7‬وما أن تكلم يوسفوس بهذه الكلمات بتأوهات وبدموع عينيه ر‬


‫حّت‬
‫بدأ يجهش بالبكاء‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬بينما لم يسع الرومان إل أن ُيشفقوا عىل هذه المآىس‬
‫عجبوا بخطابه‪ ،‬فإن يوحنا والذين كانوا معه ازدادوا سخطا عىل‬ ‫الّت كان يكابدها‪ُ ،‬‬
‫وي َ‬ ‫ر‬

‫الرومان بسبب هذا‪ ،‬وكانوا يتوقون إىل الحصول عىل يوسفوس أيضا ف حوزتهم‪ .‬ومع‬
‫ذلك فقد أثر هذا الخطاب ف الجزء األفضل من الشعب‪ .‬وحقيقة‪ ،‬كان بعضهم‬
‫يخىس من حرس مثتى ر‬
‫الفي الذين يكمنون حيثما يكون‪ ،‬ولكنهم كانوا ما زالوا‬
‫راضيي بأنهم هم والمدينة ماضي إىل الخراب‪ .‬ولكن البعض‪ ،‬وقد راقبوا الفرصة‬
‫المواتية للخروج ف امان‪ ،‬هربوا إىل الرومان ومنهم رؤساء الكهنة يوسف ويشوع‬
‫ُ‬
‫وأبناء رئيس الكهنة اسماعيل الثالثة‪ .‬وهذا كانت قد ق ِط َعت رأسه ف القتوان‪ .‬وأربعة‬
‫أبناء لمتياس‪ .‬وأيضا ابن واحد لمتياس اآلخر الذى هرب بعد قتل سيمون بن‬
‫ُ‬
‫جيوراس ألبيه واخوته الثالثة‪ ،‬كما قلت سابقا‪ .‬وأيضا كثتون من النبالء نزحوا مع‬
‫رؤساء الكهنة‪ ،‬إىل الرومان‪ .‬ولم يستقبلهم قيرص فقط بمعاملة يبة تليق بهم‪،‬‬
‫ولكنه أيضا وهو يعلم أنهم لن يحبوا العيش حسب عادات األمم األخرى‪ ،‬أرسلهم إىل‬
‫جوفنا ‪ Gophna‬ليمكثوا هناك ف الوقت الحاِص‪ ،‬وأختهم أنه بعد أن ُينىه الحرب‬
‫ستد لكل منهم ممتلكاته مرة أخرى‪ .‬لذلك اختلوا هناك بشور ف تلك المدينة‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫الّت ُع ِّينت لهم بدون خوف من أى خطر‪ .‬ولكنهم إذ لم يظهروا أشاع مثتو‬
‫الصغتة ر‬

‫‪ - 91‬هل هو تأمل خاق من جانب يوسفوس‪ ،‬أم ماذا ؟؟؟؟؟‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الفي أن الهاربي قد قتلهم الرومان‪ .‬ولقد فعلوا ذلك ُ‬
‫ليحولوا دون هروب اآلخرين‪،‬‬ ‫ر‬

‫خوفا من نفس المعاملة‪ .‬وقد نجحت حيلتهم هذه ف البداية لبعض الوقت كما‬
‫حدن لنفس الحيلة من قبل‪ ،‬ألن الباقي أحجموا عن الهرب خوفا من أن ُي َ‬
‫عاملوا‬
‫بنفس المعاملة بالمثل‪.‬‬

‫(‪ )7/1/7‬ومع ذلك‪ ،‬عندما أحرص تيطس أولئك الرجال من جوفنا‪ ،‬وأمرهم أن‬
‫ظهروا أنفسهم للشعب‪ ،‬هرب عندئذ إىل‬ ‫ُ‬
‫يطوفوا حول السور مع يوسفوس‪ ،‬وي ِ‬
‫الرومان عدد كبت‪ ،‬ووقفوا أمام الرومان وتوسلوا إىل مثتى ر‬
‫الفي بتأوهات ودموع أن‬
‫يسلموا المدينة بالكامل للرومان‪ ،‬فهذا أفضل ىسء لهم‪ ،‬وأن ُينقذوا موضع إقامتهم‬
‫مرة أخرى‪ .‬وأنهم إذا لم يوافقوا عىل هذا األمر فعىل األقل يرحلوا عن الهيكل ُ‬
‫وينقذوا‬
‫ُ َ‬
‫المقدس من استخدامهم له‪ .‬ألن الرومان ما كانوا ليجرأوا عىل حرق الهيكل إل‬ ‫البيت‬
‫أكت ر‬
‫وأكت وهم‬ ‫الفي كانوا ما زالوا يعارضونهم ر‬
‫ف حالة الرصورة الملحة‪ .‬ولكن مثتى ر‬
‫يوبخون الهاربي‪ ،‬ووضعوا أيضا التهم ر‬
‫الّت ترىم السهام والنبال والحجارة عند‬
‫البوابات المقدسة للهيكل عىل مسافات مناسبة لدرجة أن كل المساحة ر‬
‫الّت كانت‬
‫داخل الهيكل كان من الممكن مقارنتها بمقتة عامة‪ .‬هكذا كان عدد الجثص فيها كبتا‬
‫ُ َ‬
‫المقدس نفسه كان ُيقارن بقلعة‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬اندفع أولئك الرجال‬ ‫جدا‪ .‬كما أن البيت‬
‫ٌ‬ ‫ُ َ‬
‫المقدس‪ ،‬ذلك الذى كان ل يدنو منه أحد‪ ،‬بحللهم العسكرية وبأياديهم‬ ‫إىل البيت‬
‫الّت كانت ساخنة بدماء شعبهم ر‬
‫الّت سفكوها‪ .‬بل أنهم تقدموا إىل إثم عظيم وهو أن‬ ‫ر‬

‫السخط الذى كان لدى اليهود بيعيا عىل الرومان وقد صاروا مذنبي اآلن ضدهم‪،‬‬
‫قد صار اآلن لدى الرومان عىل اليهود لعدم مراعاتهم لعاداتهم الدينية‪ .‬حقا‪ ،‬لم يكن‬
‫َ‬
‫هناك أى من الجنود الرومان ل ينظر إىل الهيكل برعب ُمقدس‪ ،‬ويوقره ويتوق إىل أن‬
‫يندم اللصوق قبل أن تصبح شقاوتهم غت قابلة للعالج‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪ )4/1/7‬واآلن‪ ،‬تأثر تيطس جدا بهذه الحالة‪ ،‬ووب خ يوحنا وحزبه وقال لهم‪:‬‬
‫ألستم أنتم أيها األشقياء هم الذين وضعوا هذا الحاجز امام مقدسكم؟ ألم تقيموا‬
‫(‪)41‬‬
‫األعمدة عىل مسافات معينة‪ ،‬ونقشتم عليها باليونانية وبلغتنا [اى بالرومانية]‬
‫هذا التحذير وهو "محظور عىل اى اجنّت ان يتجاوز هذا الحاجز"‪ .‬ألم نعطيكم‬
‫ترخبصا بقتل اى انسان يتجاوزه ر‬
‫حّت وإن كان رومانيا‪ .‬واآلن أيها األوغاد والخبثاء‬
‫المون ف الهيكل ولماذا تدنسون هذا البيت بدم األجانب‬‫ر‬ ‫لماذا تدوسون عىل جثص‬
‫ُ‬
‫شهد الهة بلدى‪ ،‬وكل إله له اعتبار ف هذا المكان‪ ،‬ألنّت ل اظن‬‫واليهود معا؟‪ .‬إنّت ا ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شهد أيضا أولئك اليهود الذين‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫أيضا‪،‬‬ ‫جيىس‬ ‫د‬ ‫شه‬
‫ِ‬ ‫وأ‬ ‫أن هناك إله معتت منهم اآلن‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مىع اآلن‪ ،‬بل ر‬
‫وحّت أنتم أنفسكم بأنّت ل اريد أن انجس مقدسكم هذا‪ ،‬وأنه إذا غتتم‬
‫المكان الذى ُتحاربون فيه‪ ،‬فلن ر‬
‫يقتب أى رومان من هذا الهيكل‪ ،‬أو ُيصيبه بأى أذى‪,‬‬
‫ُ َ‬
‫المقدس سواء أردتم أم ل‪.‬‬ ‫بل إنّت اتعهد بأن أحفظ لكم بيتكم‬

‫(‪ ) /1/7‬وما أن شح [أى ترجم] يوسفوس هذه األمور من فم قيرص‪ ،‬ر‬


‫حّت‬
‫اجم عن خوف تيطس ل عن ُحسن‬ ‫ظن ٌ‬
‫كل من الطغاة واللصوق أن هذا الحض ن ٌ‬

‫شيرته‪ ،‬وأخذوا يتغطرسون عليه‪.‬‬


‫ولكن لما رأى تيطس أن أولئك الرجال لن يتحركوا ل بدافع الرثاء نحو أنفسهم‪،‬‬
‫ُ َ‬
‫المقدس شع‪ ،‬بدون رغبته‪ ،‬ف الستمرار ف الحرب‬ ‫ول بأى اعتبار لديهم للبيت‬
‫ضدهم‪ .‬صحيح أنه لم يستطع أن ُيحرص كل الجيش ضدهم بسبب ضيق المكان‬
‫جدا‪ ،‬ولكنه اختار ثالثي من الجنود من بي كل مائة من ر‬
‫أكت المقاتلي‪ ،‬وألف من كل‬
‫تربيون‪ .‬وجعل ِشياليس ‪ Cerealis‬القائد رئيسا لهم‪ ،‬وأصدر أوامره بأن يهجموا عىل‬
‫حرس الهيكل نحو الساعة التاسعة من تلك الليلة‪ .‬وكان يرتدى درعه وأراد التول‬
‫معهم‪ ،‬ولكن أصدقاءه منعوه بسبب عظم الخطر‪ .‬وكذلك منعه أيضا قواده ر‬
‫مقتحي‬ ‫ِ‬
‫أكت بجلوسه فوق برج انطونيا كمانح للمكافآت ألولئك الجنود‬‫عليه أنه سيفعل ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الذيت يمتون انفسهم ف المعركة‪ ،‬عن أن يتل ويجازف بشخصه ف المقدمة ألن‬
‫سيقاتلون ببسالة عندما يرون أن القيرص يتطلع إليهم‪ .‬وب هذه النصيحة ر‬
‫التم‬ ‫الجميع ُ‬

‫قيرص وقال أن السبب الوحيد [لقبوله] هذه النصيحة أنه سيكون بإمكانه ال ُحكم عىل‬
‫مجاهد من الجنود ُليفقده مكافأته ول جبان‬ ‫ِ‬ ‫شجاعة األعمال‪ .‬وأنه لن يختص‬
‫در عىل أن ُيع ِ دليال عىل‬ ‫ليفقده عقوبته‪ .‬ألنه سيكون هو نفسه شاهد عيان‪ ،‬وقا ٌ‬
‫ِ‬
‫كل ما ُعمل‪ .‬وهو الذى سيوزع المكافآت والعقوبات عليهم‪.‬‬
‫وهكذا أرسل جنوده إىل عملهم ف الساعة المذكورة‪ ،‬بينما توجه هو نفسه إىل أعىل‬
‫مكان ف برج انطونيا ر‬
‫حّت يمكنه أن يرى من هناك ما يتم‪ .‬وانتظر هناك بفارغ صت أن‬
‫يرى الحادثة‪.‬‬
‫ُ‬
‫الحرس نائمي كما كانوا ريتجون‪،‬‬
‫َ‬ ‫رسلوا‬
‫(‪ )7/1/7‬ومع ذلك‪ ،‬لم يجد الجنود الذين ا ِ‬
‫ولذلك اضطروا إىل القتتال معهم يدا بيد ف الحال وبمجرد أن اندفعوا نحوهم‬
‫بعنف وصياح عظيم‪ .‬ولذلك بمجرد أن استمع أولئك الذين ف داخل الهيكل ذلك‬
‫الصياح من الحرس ر‬
‫حّت هرعوا ف فرق إليهم‪ .‬وعندئذ تلقاهم الرومان الذين أتوا أول‪،‬‬
‫ولكن الذين أتوا بعدهم انقضوا عىل فرقهم هم‪ .‬وكثتون عاملوا جنودهم كأعداء‪ ،‬ألن‬
‫الفوىص العظيمة ر‬
‫الّت حدثت من كال الطرفي أعاقت تميت أصوات بعضهم بعضا كما‬
‫أن الظالم قد حال دون التميت بالرؤية‪ .‬باإلضافة إىل ذلك العم الناجم عن الغضب‬
‫ف الواحد أو الخوف ف اخر الذى كان واحدا لكل الجنود‪ .‬ومع ذلك كان هذا الجهل‬
‫أقل ِصرا للرومان عن اليهود ألنهم كانوا متصلي بعضهم ببعض تحت ر‬
‫التوس‪،‬‬
‫وجعلوا هجماتهم منظمة عن اآلخرين‪ٌ ،‬‬
‫وكل منهم تذكر كلمة الش‪ .‬بينما كان اليهود‬
‫يتشتتون إىل الخارج باستمرار‪ ،‬ويقومون بهجماتهم أو تقهقرهم عشوائيا‪ .‬وهكذا بدوا‬
‫واحد منهم كان يعامل أولئك العائدين من رجاله‬
‫ٍ‬ ‫مرارا لبعضهم بعضا كأعداء‪ ،‬ألن كل‬
‫ف الظالم عىل أنهم رومان أتوا للهجوم عليهم‪ ،‬لدرجة أن كثتين ُج ِرحوا من رجالهم‬
‫أكت من األعداء إىل أن لح النهار وتمتت بيعة الحرب بالعي فيما بعد‪ .‬وعندئذ‬ ‫ر‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫وقفوا ف المعركة بأجسام ممتة‪ ،‬وألقوا سهامهم بانتظام‪ ،‬ودافعوا عن أنفسهم‬
‫بانتظام‪ ،‬ولم يستسلم أى من الجانبي أو يكل‪ .‬وتنافس الرومان مع بعضهم البعض‬
‫سيقاتل ر‬
‫بأكت ثبات سواء فرادى او جماعات لكونهم تحت برص تيطس‪ .‬وكل‬ ‫عىل َمن ُ‬
‫ِ‬
‫واحد ختم هذا اليوم يبدأ ترقيته إذا كان قد حارب بشجاعة‪ .‬وما كان تشجيعا كبتا‬
‫ِ‬
‫لليهود هو خوفهم عىل أنفسهم وعىل الهيكل‪ ،‬وحضور الطاغية نفسه الذى كان‬
‫يحض البعض‪ ،‬ويرصب ُ‬
‫وي هدد البعض اآلخر ليترصفوا بشجاعة‪ .‬وقد حدن اآلن أن‬
‫ويتاجعون ف‬‫هذه المعركة كانت راكدة ف الجزء األكت‪ ،‬بينما كان الجنود يتقدمون ر‬
‫زمن قصت‪ .‬وفجأة‪ ،‬ألنه لم يكن هناك ٌ‬
‫أرض فسيحة للهروب أو المطاردة‪ ،‬وكان هناك‬
‫ضجة شديدة بي الرومان الذين كانوا ف برج انطونيا يصيحون بصوت عال إىل‬
‫رجالهم ليستمروا ف شجاعتهم عندما كان اليهود يشتدون لىك يصمدوا ف تقهقرهم‬
‫لدرجة أنه كان كمشح للحرب ألن ما ُع ِمل ف هذه المعركة لم يكن من الممكن أن‬
‫خف عىل تيطس أو عن الذين حوله‪ .‬وأختا‪ ،‬انتهت هذه المعركة ر‬ ‫ُ َ‬
‫الّت بدأت من‬ ‫ي‬
‫التاسعة ليال‪ ،‬ف الساعة الخامسة من النهار وف نفس المكان الذى بدأت فيه‪ .‬حيص‬
‫لم يقدر أى من الجانبي أن يقول أنه جعل اآلخر يتقهقر‪ ،‬ولكن ترك ٌ‬
‫كل من الجيشي‬
‫النرص غت مؤكد بينهما‪.‬‬
‫وأما أولئك الذين متوا أنفسهم من الجانب الرومان‪ ،‬فكانوا كثتين‪ .‬وأما من‬
‫الجانب اليهودى فكانوا يوداس بن مرتو‪ ،‬وسيمون بن جوشيا من أولئك الذين كانوا‬
‫مع سيمون‪ .‬ومن اإلدوميي‪ :‬يعقوب وسيمون الذى كان ابنه كاتالس‪ ،‬ويعقوب بن‬
‫سوساس‪ .‬ومن أولئك الذين كانوا مع يوحنا‪ :‬جيفتيوس والكساس والغيورين سيمون‬
‫بن يايروس‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪ )3/1/7‬وف نفس الوقت‪ ،‬نقض بقية الجيش الرومان [بعض] اساسات برج‬
‫انطونيا ف سبعة أيام‪ ،‬وهيأ ريقا واسعا إىل الهيكل‪ ,‬وعندئذ أتت الفيالق إىل قرب‬
‫الدار األوىل‪ ،‬وبدأت ف إقامة الصقالت‪ .‬واحدة ف مواجهة الركن الشماىل الغرن‬
‫للهيكل الداخىل‪ ،‬وأخرى عند الرصح الشماىل الذى كان بي البوابتي‪ .‬وبالنسبة‬
‫َ‬
‫األخريتي فكانتا واحدة عند الرواق الغرن للدار الخارجية للهيكل‪ ،‬واألخرى‬ ‫لالثنتي‬
‫ف مواجهة الرواق الشماىل‪ .‬وعىل الرغم من أن هذه األعمال كانت متقدمة جدا عند‬
‫الرومان‪ ،‬ولكن [تمت] ليس بدون صعوبة أو مشقة كبتة وخاصة ألنهم كانوا‬
‫مضطرين لجلب المواد من مسافات بعيدة عىل نحو مائة غلوة‪ .‬وكانت هناك‬
‫صعوبات أخرى أمامهم‪ .‬إما بسبب الفخاخ اليهودية حيص جعلت الثقة ف نجاحهم‬
‫أقل حذرا وأحيانا بسبب جرأة اليهود الناجمة عن يأسهم ف الهرب ألن بعضا من‬
‫َ‬
‫الفرسان عندما كانوا يخرجون لجمع األخشاب أو الحشائش كانوا يدعون جيادهم‬
‫شجها‪ .‬فكان اليهود ُيغتون ف جماعات عىل هذه الجياد‬‫تتغذى بنفسها‪ ،‬وعليها ُ ُ‬
‫ُ‬
‫ويستولون عليها‪ .‬ولما كان ذلك يتم باستمرار‪ ،‬تأكد قيرص أن هذه الجياد تشق‬
‫نتيجة إلهمال رجاله ر‬
‫أكت من إقدام اليهود‪ .‬وعندئذ‪ ،‬صمم عىل استخدام عقوبة‬
‫حّت يجعل الباقي ر‬
‫يحتسون عىل أحصنتهم‪ ،‬فأمر‬ ‫شق حصانه ر‬ ‫قاسية ضد كل َمن ُي َ‬
‫بمعاقبة الجندى الذى ُي َ‬
‫شق حصانه بقسوة شديدة‪ ،‬وبذلك أرعب اآلخرين وحافظوا‬
‫عىل جيادهم فيما بعد‪ .‬ألنهم لم ريتكوها بعد ذلك تتغذى بنفسها‪ ،‬بل كما ولو كانوا‬
‫غت منفصلي عنها كانوا يأخذونها معهم ر‬
‫حّت عند قضاء ِصورياتهم‪ .‬وهكذا استمر‬
‫الرومان ف الحرب ضد الهيكل‪ ،‬وف إقامة الصقالت أمامه‪.‬‬

‫(‪ )9/1/7‬وبعد أن مر يوم عىل تركيب الرومان للصقالت‪ ،‬ضغطت المجاعة‬


‫عىل كثتين من مثتى ر‬
‫الفي عقب فشلهم الحاىل ف السلب‪ ،‬فتجمعوا معا وقاموا‬
‫بهجوم عىل الحرس الرومان الذى كان بجبل الزيتون‪ ،‬ف نحو الساعة الحادية عش‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫من النهار ر‬
‫مفتضي أول أنهم[أى الرومان](‪ )41‬لن يتوقعوا مثل تلك الغزوة‪ ،‬وثانيا أنهم‬
‫سيكونون مهتمي بأجسادهم ف تلك الساعة وبالتاىل يكون من السهل ر‬
‫اختاقهم‪.‬‬
‫ولكن الرومان كانوا يخمنون هجومهم سلفا‪ ،‬فركضوا مشعي من المعسكرات‬
‫القتاب من تحصيناتهم أو أن ر‬
‫يختقوا السور الذى‬ ‫المجاورة ف الحال‪ ،‬ومنعوهم من ر‬
‫حولها‪ .‬وعند ذلك حدثت معركة ضارية‪ ،‬أظهر فيها ٌ‬
‫كل من الجانبي اعمال عظيمة‬
‫فبينما أظهر الرومان شجاعتهم ومهارتهم ف الحرب معا‪ ،‬فإن اليهود هجموا عليهم‬
‫بقوة وقسوة‪ .‬فجانب كان مدفوعا بخجله‪ ،‬واخر كان مدفوعا بالرصورة‪ .‬ألنه كان من‬
‫َ‬
‫المخجل جدا للرومان أن يدعوا اليهود يذهبون وقد صاروا اآلن ف شبكة جيدة‪ .‬بينما‬
‫يختقوا سور‬‫كان كل رجاء اليهود هو إنقاذ أنفسهم‪ ،‬وكان ذلك إذا استطاعوا أن ر‬

‫الرومان‪.‬‬
‫وكان هناك شخص اسمه بدانيوس ‪ Pedanius‬من فرقة الفرسان‪ .‬هذا‪ ،‬عندما‬
‫ُ‬
‫د ِحر اليهود ولذوا بالفرار إىل الوادى‪ ،‬أخذ يحص حصانه ف إثرهم بعنف شديد‪،‬‬
‫وأمسك بأحد شباب العدو من عقبه بينما كان يلوذ بالفرار وكان غليظ الجسم وف‬
‫فتجل بدانيوس من فوق فرسه بشعة وكان قويا ف ذراعه ُ‬
‫اليمّت وكذا ف بقية‬ ‫درعه‪ ،‬ر‬

‫جسمه وماهرا ف الفروسية وقبض عىل هذه الغنيمة كما عىل كت ثمي وحمله كأست‬
‫ُ‬
‫عجب تيطس بالرجل الذى أمسك اآلخر لقوته العظيمة‪ ،‬وأمر‬
‫إىل قيرص‪ .‬وعندئذ ا ِ‬
‫َ‬
‫بأن ُيعدم األست لمحاولته ضد سور الرومان‪ .‬واستمر ف محاِصة الهيكل والضغط‬
‫عىل إقامة الصقالت‪.‬‬

‫(‪ )8/1/7‬ف نفس الوقت كان اليهود محصورين جدا بالقتال الذى كانوا فيه‬
‫المق َدس نفسه‪ ،‬ر‬
‫حّت أنهم كما ولو كانوا‬ ‫حيص ازدادت الحرب وزحفت إىل البيت ُ‬
‫يقطعون أ راف أجسادهم المصابة لىك ما يمنعوا نش نكدهم إىل اجزاء أ ر‬
‫كت‪ ،‬ألنهم‬
‫كانوا قد أحرقوا الرواق الشماىل الغرن الذى كان ملحقا بتج انطونيا‪ ،‬وبعد ذلك‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫نقضوا نحو عشين ذراعا من ذلك الرواق‪ ،‬وبذلك بدأوا ف حرق القدس‪ .‬وبعد ذلك‬
‫(‪)92‬‬
‫أشعل الرومان النار ف‬ ‫بيومي‪ ،‬أو ف اليوم الرابع والعشين من الشهر المذكور‬
‫الرواق الملحق باآلخر حيص امتدت النتان إىل مسافة ‪ 2‬ذراعا أبعد‪ .‬وقطع اليهود‬
‫ر‬
‫وحّت‬ ‫السقف بالمثل ولم ريتكوا شيئا بالكامل ح رّت انفصل برج انطونيا عن الهيكل‪.‬‬
‫عندما كان ف إمكانهم وقف النتان‪ ،‬بل أنهم سكتوا عندما ر‬
‫احتق الهيكل أول وسمحوا‬
‫بإنتشارها كما ولو كانت لمصلحتهم‪ .‬ومع ذلك كانت الجيوش ما زالت تحارب بعضها‬
‫بعضا حول الهيكل‪ .‬واستمرت الحرب بمعارك مستمرة من الجانبي ضد اآلخر‪.‬‬

‫(‪ )21/1/7‬واآلن‪ ،‬كان هناك رجل ما من اليهود اسمه يوناثان‪ ،‬قصت القامة‪،‬‬
‫حقت ف مظهره‪ ،‬ل شخصية له سواء بالنسبة لعائلته أو لنواج أخرى‪ .‬هذا خرج إىل‬
‫خرائب رئيس الكهنة يوحنا وتفوه بأمور كثتة وقحة ضد الرومان‪ ،‬وتحدى أفضلهم‬
‫إىل مبارزة فردية‪ .‬ولكن أولئك الذين كانوا يقفون هناك من الجيش‪ ،‬كانوا يحتقرونه‪.‬‬
‫َ‬
‫ولكن بعضا منهم(كما يجب أن ُيقال) كان خائفا منه‪ .‬وبعضهم فكر ف أنه ل يليق‬
‫القتال مع رجل يريد أن يموت‪ .‬وحقا كان هذا‪ .‬ألن أولئك الذين يأسوا بالكامل ف‬
‫النجاة‪ ،‬يهاجمون بدون اعتبار‪ ،‬وأيضا ُيعتون هللا عىل مساعدته لهم‪ .‬وهذه مجازفة‬
‫للمرء بنفسه‪ ،‬الذى إن تغلبت عليه فلن تفعل شيئا عظيما‪ ،‬وبواسطتها يكون مخجال‬
‫ٌ‬ ‫ُ َ‬
‫أن تغلب ل عن شجاعة رجولية ولكن عن ياشة‪ .‬لذلك لم يقبل أحد أن يتحداه‪.‬‬
‫وأخذ اليهودى يصفهم ُ‬
‫بالجي ويشتمهم ألنه كان متعاليا جدا ومفتخرا بنفسه‪.‬‬
‫ولكن واحدا من الرومان اسمه بودنس ‪ ،Pudens‬من الفرسان‪ ،‬بسبب كلماته‬
‫الرجسة وصفاقته معا‪ ،‬وربما عن ياشة بسبب ِضعة اآلخر‪ ،‬ركض نحوه وكان قاسيا‬
‫جدا عليه‪ ،‬ولكن حظه قد خانه ووقع‪ .‬فركض يوناثان نحوه وقطع رقبته‪ .‬ووقف‬

‫‪ -92‬بانيمس أو تموز= ‪ 21‬اوغسطس‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫عندئذ فوق جثته ملوحا بسيفه الملطخ بالدم كما كان‪ ،‬وهز ترسه بيده اليشى وصاح‬
‫ٌ‬
‫ضد الرومان‪ ،‬وأهان الميت‪ ،‬وشتمهم‪ .‬وأختا‪ ،‬رشقه واحد من قواد المائة اسمه‬
‫بريسكس بينما كان يقفز ويلعب بغباء مع نفسه‪ ،‬فنفذ فيه‪ .‬وعندئذ صاح كل من‬
‫الرومان واليهود عىل الرغم من اختالف السبب‪ .‬وعندئذ ازداد هياج يوناثان بجرحه‪،‬‬
‫وسقط عىل جثة مقاومه كإشارة واضحة كيف ر‬
‫يأن النتقام شيعا عىل أولئك الرجال‬
‫الذين ينجحون ف الحرب دون أن يكون لهم أى استحقاق‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل الثالث‬
‫واحتق بسببها عدد كبت من الرومان‪.‬‬‫الّت تمت من اليهود‪ ،‬ر‬
‫[بشأن الحيلة ر‬
‫ووصف اخر للمجاعة المرعبة ر‬
‫الّت كانت ف المدينة]‬

‫(‪ )2/7/7‬ولكن مثتى ر‬


‫الفي الذين كانوا ف الهيكل كانوا يسعون ف كل يوم‬
‫للتغلب عىل الجنود الذين فوق الصقالت‪ .‬وف اليوم السابع والعشين من الشهر‬
‫المذكور [بانيمس أو تموز] دبروا هذه الخدعة‪ :‬مألوا الرواق الغرن الذى كان بي‬
‫العروق والسقف تحتهم باألخشاب الجافة والنفط أيضا‪ .‬ثم انسحبوا من المكان كما‬
‫لو كانوا قد تعبوا من المهم‪ .‬وإزاء ها المسلك‪ ،‬أخذ كثتون من الطائشي الرومان‪،‬‬
‫الذين تجرفهم أهواء العنف‪ ،‬يتتبعونهم بشدة وهم ينسحبون‪ ،‬ووضعوا ساللم‬
‫(‪)41‬‬
‫عندما‬ ‫للرواق وكانوا يقفزون إليه‪ .‬ولكن البعض الفطن منهم [أى من الرومان]‬
‫ادركوا هذا التقهقر غت المحسوب لليهود‪ ،‬ظلوا باقي حيص كانوا من قبل‪ .‬ومع ذلك‬
‫امتأل الرواق من أولئك الذين صعدوا إليه‪ ،‬وف نفس الوقت أشعل اليهود النتان فيه‪.‬‬
‫وعندما اندلع اللهب فجأة ف كل مكان‪ ،‬ارتعب الرومان الذين كانوا بعيدين عن الخطر‬
‫بشدة عظيمة كما لو كانوا هم أنفسهم ف وسط خطر هذه الكارثة‪ .‬وعندما أدركوا أنهم‬
‫ألف بعضهم بأنفسهم إىل المدينة مرة أخرى‪ ،‬وبعضهم بي‬ ‫محاِصون بالنتان‪ ،‬ر‬

‫أعدائهم [أى ف الهيكل] (‪ ،)41‬وقفز كثتون عىل أمل أن ُينقذوا أنفسهم إىل رجالهم‬
‫وكشوا أ رافهم‪ .‬ولكن كثتين ممن كانوا ينوون القفز منعتهم النتان بالرغم من أن‬
‫البعض منعها بسيوفه‪ .‬ومع ذلك امتدت النتان بعيدا إىل أولئك الذين كانوا‬
‫سيهلكون‪ .‬أما بالنسبة لقيرص نفسه‪ ،‬فلم يكن له إل أن ر‬
‫يرن ألولئك الذين هلكوا‬
‫هكذا بالرغم من أنهم صعدوا إىل هناك بدون أى أمر لهم بعمل ذلك‪ ،‬ولم يكن لهم‬
‫َ‬
‫أى عذر ُيلت َمس‪ .‬ولكن كان هناك مع ذلك بعض العزاء للذين هلكوا‪ ،‬هو أن يرى كل‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫واحد يحزن من أجله وهو ات إىل نهايته‪ ،‬ألنه كان يركض إليهم ويشدهم إىل فوق‪،‬‬
‫ٍ‬
‫واحد منهم مبتهجا‬
‫ٍ‬ ‫ويحص كل َمن حوله عىل تقديم المساعدة لهم‪ .‬وهكذا‪ ،‬مات كل‬
‫حامال معه هذه الكلمات ومشاعر القيرص ككفن مجيد‪ .‬وقد تراجع بعضهم نحو‬
‫حوِصوا من اليهود‪،‬‬ ‫جدار الرواق الذى كان عريضا ُ‬
‫وح ِفظوا من النتان ولكنهم‬
‫ِ‬
‫وبالرغم من أنهم أبدوا مقاومة ضد اليهود مدة وبلة لكنهم ُج ِرحوا وسقطوا أختا‬
‫قتىل‪.‬‬

‫(‪ )1/7/7‬وبينما كل واحد من الذين هلكوا يستحق الذكرى‪ ،‬فإن رجال شابا‬
‫منهم اسمه لونجس ‪ Longus‬صار زينة لهذا المنظر المحزن‪ .‬وظهر أنه يستحق ما‬
‫ُ‬
‫عجب اليهود بشجاعته وكانوا تواقي لقتله‪ ،‬لذلك حثوه عىل‬
‫يجاوز جميعهم‪ .‬فقد ا ِ‬
‫التول إليهم بضمانهم لحياته‪ .‬ولكن كورنليوس أخاه أقنعه عىل النقيض أل يلطخ‬
‫مجده الخاق ول مجد الجيش الرومان‪ .‬ر‬
‫فالتم بهذه النصيحة األختة ورفع سيفه‬
‫كل من الجيشي وقتل نفسه‪.‬‬
‫أمام ٍ‬
‫وكان هناك واحد اسمه ارتوريوس ‪ Artorius‬من الذين حاِصتهم النتان‪ .‬هذا‬
‫هرب بحدة ذهنه إذ نادى بصوت عال عىل لوكيوس‪ -‬واحد من رفقائه الجنود الذين‬
‫يرقدون معه ف نفس الخيمة – وقال له إنّت أأذن لك أن تكون وارثا لكل ما أملك إذا‬
‫فألف ارتوريوس بنفسه إىل‬ ‫جئت وتلقيتّت"‪ .‬وعندئذ ركض إليه ليتالقاه باستعداد‪ .‬ر‬

‫أسفل وأنقذ حياته هو بينما سحق الرجل الذى جاء ليتلقاه تحت ِثقله عىل البالص‬
‫الحجرى ر‬
‫حّت أنه مات ف الحال‪.‬‬
‫هذه الحادثة الجنونية جعلت الرومان يحزنون لبعض الوقت‪ ،‬ولكنهم عىل‬
‫الحتاس ر‬
‫اكت ف المستقبل‬ ‫ر‬ ‫الرغم من أنهم كانوا غت متعزين إل أنها أعطتهم متة وا‬
‫من خداع اليهود الذى هلك بسببه كثتون بسبب عدم درايتهم بهذه األماكن‬
‫وبطبيعة السكان‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ر‬
‫واحتق هذا الرواق لغاية برج يوحنا الذى بناه ف حربه مع سيمون أمام‬
‫ر‬ ‫البوابات ر‬
‫الّت تؤدى إىل "اكستوس" ‪ .Xystus‬وقطع اليهود أيضا باف الرواق عن‬
‫الهيكل بعد أن أهلكوا أولئك الذين صعدوا إليه‪ .‬ولكن ف اليوم التاىل أحرق الرومان‬
‫ر‬ ‫الرواق الشماىل بالكامل ر‬
‫حّت الرواق الشف الذى تتصل زاوبته بالوادى الذى يدىع‬
‫قدرون والمبّت فوقه‪ ،‬والذى كان عمقه لذلك مرعبا‪ .‬وهذه كانت حالة الهيكل ف‬
‫ذلك الوقت‪.‬‬

‫(‪ )7/7/7‬أما أولئك الذين هلكوا بالمجاعة ف داخل المدينة‪ ،‬فقد كان عددهم‬
‫هائال‪ .‬وكان البؤس الذى كانوا فيه ل ُي َعت عنه‪ ،‬ألنه ما أن يظهر ظل أى عام ف أى‬
‫مكان ر‬
‫حّت تندلع حرب ف الحال ويتقاتل أعز األصدقاء مع بعضهم بعضا عليه‪،‬‬
‫ويخطفون من بعضهم بعضا أود الحياة مهما كان ضئيال لينقذوا حياتهم البائسة‪ .‬ولم‬
‫يكن اللصوق يصدقون أن الذين يموتون ليس لديهم عاما‪ ،‬فكانوا يفتشونهم وهم‬
‫يحترصون لئال يكون اى احد قد اخف عاما ما ف حضنه وتظاهر بالموت‪ .‬بل أن‬
‫ويتنحون مثل كالب مسعورة‬ ‫ويتعتون ر‬
‫ر‬ ‫أولئك اللصوق كانوا يفغرون أفواههم‬
‫وي هوون عىل أبواب المنازل مثل السكارى‪ .‬وكانوا أيضا ف المحنة الشديدة ر‬
‫الّت كانوا‬
‫فيها يندفعون إىل ذات البيوت مرتي أو ثالن ف نفس اليوم الواحد‪ .‬ر‬
‫وأكت من ذلك‪،‬‬
‫حّت أنهم اضطروا إىل مضغ أى ىسء‪ .‬فكانوا يلتهمون تلك‬ ‫كان جوعهم ل ينفد ر‬
‫ر‬
‫األكت دناءة ويتحملون أكلها‪ .‬ولم‬ ‫حّت تلك الحيواتات‬ ‫الّت ل ر‬
‫تقتب منها ر‬ ‫األشياء ر‬

‫يستنكفوا أ كل جلود األحذية والمنا ق وذات سيور دروعهم‪ :‬وصار الحفة الضئيلة‬
‫من التي عاما للبعض‪ ،‬وجمع البعض األعشاب الجافة واأللياف‪ ،‬وكانوا يبيعون‬
‫القليل جدا منها بأربعة اتيك [دراخما]‪.‬‬
‫الّت جلبتها المجاعة للناس من أشياء غت‬ ‫المخجلة ر‬ ‫ولكن لماذا اصف الوقاحة ُ‬

‫رو التاري خ مثله ف الحقيقة‪ ،‬سواء بي اليونان أو‬ ‫َ‬


‫مألوفة بينما أنا أنوى أن أروى ما لم ي ِ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ُ‬
‫المرعب الكالم عنها‪ ،‬ول ُيصدق سماعها‪ .‬وكنت أرغب ف الحقيقة أن‬
‫التبر(‪ ،)91‬فمن ُ‬
‫الّت لنا ر‬
‫حّت ل أبدو أنّت أبالغ‪ ،‬ولكن لدى شهادات عديدة عىل‬ ‫أحذف هذه الكوارن ر‬

‫ذلك ف عرصى‪ ،‬باإلضافة إىل أن بلدى سوف يكون لديه أقل سبب لشكرى عىل‬
‫إخفاء هذه المآىس ر‬
‫الّت تعرض لها ف ذلك الوقت‪.‬‬

‫(‪ )4/7/7‬لقد كانت هناك امرأة ما تسكن فيما وراء األردن اسمها مريم وأبوها‬
‫دىع اليعازر من قرية بيت إيزوب ‪ Bethezob‬ر‬ ‫ُ َ‬
‫الّت تعّت بيت الزوفا‪ .‬وكانت امرأة‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫بارزة بسبب عائلتها وبسبب ثرائها‪ .‬وكانت قد نزحت إىل اورشليم مع باف الجمهور ف‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫وِصت معهم‪ .‬وكان قد تم الستيالء بالفعل عىل باف منقولتها‬ ‫ذلك الوقت وح ِ‬
‫األخرى‪ .‬اقصد ما كانت قد أحرصته معها من بتية‪ ،‬وانتقلت إىل المدينة‪ ،‬وكل ما‬
‫ُ‬
‫اكتتته باإلضافة إىل ذلك وما لديها من عام كانت قد ادخرته كان قد ا ِخذ بواسطة‬
‫الحراس الجشعي الذين كانوا يركضون إىل بيتها ف كل يوم من أجل هذا الغرض‪.‬‬
‫وهذا جعل المرأة المسكينة ف محنة عظيمة‪ ،‬وبواسطة التوبيخ المستمر الذى كانت‬
‫توجهه إىل أولئك السالبي الجشعي أثارت حفيظتهم ضدها‪ .‬ولكن واحدا منهم‪ ،‬إما‬
‫بسبب سخطها عليهم وإما رثاء لحالتها رغب ف قتلها‪ .‬وعندما كانت تجد اى كعام‬
‫كانت تعلم أن تعبها هو لآلخرين وليس لنفسها‪ .‬وقد صار اآلن مستحيال عليها أن‬
‫تجد أى عام اخر بينما المجاعة تنهش أمعائها‪ .‬ولما ازدادت نتان حنقها بما يفوق‬
‫مشت إل حدة المها وعوزها‪ ،‬عندئذ قامت بىسء غت‬ ‫ٌ‬ ‫المجاعة ذاتها ولم يعد لها‬
‫بيىع جدا إذ خطفت ابنها الذى كان رضيعا عىل صدرها وقالت "أيها الصّت البائس‬
‫لمن سأحفظك ف هذه الحرب‪ ،‬وهذه المجاعة‪ ،‬وهذه الفتنة؟‪ .‬فبالنسبة للحرب مع‬

‫‪ - 91‬نالحظ هنا التعبت الذى كانت ثقافة العرص تستخدمه للتعبت عن "التحرص وغت التحرص"‬
‫مثل تعبت العرب فيما بعد "عرن وأعجم" فالمقصود هنا بكلمة "بربرى" ليس المعّت الشعّت ف‬
‫ر‬
‫الذهن العرن أى الرجل المتوحش الالأخالف‪ ،‬ولكن غت اليونانيي جنسا فاليهود والرومان كانوا‬
‫بالنسبة لليونانيي "برابرة" مثلما كانت دولة "فارس" بكل تاريخها بالنسبة للعرب "أعاجم" وهكذا‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الرومان‪ ،‬فإنهم إن أبقوا عىل حياتنا فسنكون عبيدا‪ .‬بل أن هذه المجاعة ستهلكنا‬
‫ُ‬ ‫الفي أولئك فهم ر‬
‫حّت قبل أن نصبح عبيدا‪ .‬وأما مثتو ر‬
‫ر‬
‫أكت رعبا من كليهما‪ .‬إذن كن‬
‫عاما ىل‪ ،‬ونقمة لمثتى ر‬
‫الفي األوغاد‪ ،‬وبإختصار للعالم أجمع هذا الذى يريد اآلن‬
‫أن تتم كوارثنا نحن اليهود"‪ .‬وبمجرد أن قالت هذا‪ ،‬ذبحت ابنها وشوته وأكلت‬
‫نصفه‪ ،‬وأخفت النصف اآلخر‪ .‬وحينذاك جاء مثتو ر‬
‫الفي ف الحال وقد اشتموا‬
‫َ‬
‫الرائحة وهددوها بالقتل فورا إذا لم تري هم أى عام أعدته‪ .‬فأجابتهم أنها قد حفظت‬
‫تبف من ابنها‪ .‬وعندئذ حل عليهم رعب‬‫لهم نصيبا رائعا منه‪ .‬ثم كشفت أختا عما ر‬

‫ودهشة عقل‪ ،‬ووقفوا مشدوهي من المنظر‪ .‬وعندئذ قالت لهم‪ :‬هذا هو ابّت‪ ،‬وما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حدن له كان من ِفعىل‪ .‬تعالوا وكلوا من هذا الطعام الذى أ كلت أنا نفىس منه‪ .‬ول‬
‫تحاولوا أن َتظهروا بأنكم ر‬
‫أكت رقة من امرأة‪ ،‬أو ر‬
‫أكت حنانا من أم‪ .‬ولكن إذا كنتم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فلي َحفظ‬
‫قلت لكم‪ ،‬إذن ُ‬ ‫ذبيحّت هذه ر‬
‫الّت أكلت أنا نصفها كما‬ ‫ر‬ ‫موسوسي وترذلون‬
‫ر‬
‫النصف الباف أيضا ىل‪ .‬وعندئذ خرج الرجال مرتعدين إذ لم يخشوا شيئا ا القا مثلما‬
‫ر‬
‫عل َمت المدينة كلها بهذا‬
‫حدن لهم توا‪ ،‬وبصعوبة تركوا باف اللحم لألم‪ .‬وف الحال ِ‬
‫واحد هذه الحالة التعيسة أمام عينيه مرتعدا كما لو كان‬
‫ٍ‬ ‫الفعل الفظيع‪ ،‬ووضع كل‬‫ِ‬
‫الفعل الذى ل ُيطاق َس ْمعه قد حدن منه هو نفسه‪ .‬وهكذا كان الذين ف محنة‬ ‫هذا ِ‬
‫المجاعة هذه يتوقون إىل الموت‪ ،‬وكان الذين ماتوا بالفعل ُيحسبون سعداء ألنهم لم‬
‫َيحيوا ويال لىك يسمعوا أو يروا مثل هذه األشياء‪.‬‬

‫(‪ ) /7/7‬هذا الشقاء المحزن بلغ شيعا مسامع الرومان فلم يستطع بعضهم‬
‫أن ُيصدق‪ ،‬واخرون اشفقوا عىل اليهود ف محنتهم‪ .‬ولكن كان هناك كثتون كانوا‬
‫مدفوعي بكراهية ُمرة ر‬
‫أكت من المعتاد ألمتنا‪ .‬أما بالنسبة لقيرص‪ ،‬فقد أعف نفسه‬
‫أمام هللا بالنسبة لهذا األمر وقال أنه " ر‬
‫اقتح لليهود السالم والستقالل‪َ ،‬‬
‫وترك كل‬
‫اسائتهم السابفة ولكنهم بدل من أن يوافقوا اختاروا الفتنة‪ ،‬وبدل من السالم اختاروا‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الحرب‪ ،‬وبدل من الشبع والوفرة اختاروا المجاعة‪ .‬ر‬
‫حّت أنهم بدأوا بذات أياديهم‬
‫بحرق الهيكل الذى حافظنا عليه ر‬
‫حّت اآلن ولهذا استحقوا أن يأكلوا عاما مثل هذا‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬هذا العمل الفظيع أن تأكل ٌأم ابنها ينبىع أن ُيغ بنقض المدينة ذاتها‪،‬‬
‫ول ينبىع للرجال أن ريتكوا مدينة مثل هذه عىل األرض المعمورة تحت الشمس إذ لم‬
‫تعاين قط عاما لألمهات مثل هذا ف مدينة ما‪ .‬ألنها ما زالت ف حالة حرب ضدنا‬
‫رغم أنها تعان كل هذه الباليا مثل هذه‪ .‬وف نفس الوقت الذى قال فيه هذا‪ ،‬أخذ‬
‫ُيفكر ف الحالة ر‬
‫الّت تدفع الرجال إىل القنوص إذ لم يستطع أن يتوقع أن مثل أولئك‬
‫الرجال يرجعون إىل عقولهم ويندمون‪ ،‬بعد أن تحملوا كل هذه األتعاب لتجنب ما هو‬
‫محتمل‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل الرابع‬
‫ُ‬
‫[عندما كملت الصقالت واحرصت الت الكبش ولم تستطع عمل ىسء‪ ،‬أمر‬
‫ُ َ‬ ‫تيطس بحرق بوابات الهيكل‪ .‬وف زمن ليس بطويل ر‬
‫المقدس نفسه‪،‬‬ ‫احتق البيت‬
‫وبدون موافقته‪].‬‬

‫(‪)97‬‬
‫أكمل فيلقان إقامة‬ ‫(‪ )2/4/7‬وف اليوم الثامن من شهر لوس ‪[ Lous‬اب]‬
‫صقالتهم [استحكامتهم](‪ .)41‬ومن ثم أصدر تيطس أوامره بإحضار الت الكبش‬
‫َ‬
‫ونصبها ف مواجهة الرصح الشماىل الداخىل للهيكل ألنه قبل أن يتم‬ ‫الضاربة‪.‬‬
‫إحضارها كانت اآللت األخرى معا ل تكف عن ِصب الجدار لستة أيام دون أن‬
‫تتمكن من ترك أى أثر عليه‪ ،‬وذلك بسبب ِكت حجم الحجارة المهول ر‬
‫الّت كانت أقوى‬
‫من هذه اآللت والت الكبش الضاربة ذاتها‪ .‬وقد قام حقا بعض الرومان اآلخرين‬
‫بتقويض اساسات البوابة الشمالية‪ ،‬وبعد مشقة عظيمة أزالوا فقط الحجارة‬
‫الخارجية‪ ،‬بينما ظلت البوابات مع ذلك راسخة ف الحجارة الداخلية وقائمة دون أن‬
‫ُيصيبها أى ِصر إىل أن يئس الرجال من كل هذه المحاولت بواسطة التهم‪،‬‬
‫فأحرصوا ساللم إىل األروقة‪ .‬ولم ر‬
‫يعتضهم اليهود ف أثناء هذه المحاولت‪ ،‬ولكن‬
‫عندما صعدوا إليهم هجموا عليهم وتقاتلوا معهم فقتلوا بعضا و ردوا البعض األخر‬
‫من فوق ومزقوا البعض الثالص و عنوا بالسيوف الذين عادوا إىل التول وقتلوهم‬
‫قبل أن يحصلوا عىل أتراسهم لتحميهم‪ .‬بل أنهم قلبوا الساللم وكانت ممتلئة‬
‫بالمسلحي‪ .‬وحدثت أيضا مذبحة عظيمة من اليهود ف نفس الوقت لحامىل الرايات‬
‫الذين كانوا يقاتلون بشدة ضدهم [ أى ضد اليهود](‪ )41‬حاسبي أنه ٌ‬
‫ألمر مخزى‬
‫ومرعب إن هم سمحوا لهم بخطفها‪ .‬ومع ذلك استطاع اليهود ف النهاية أن يستولوا‬

‫‪ 13 - 97‬اوغسطس‪ ،‬سنة ‪31‬م‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ويمزقوها ُ‬
‫وي هلكوا أولئك الذين صعدوا إليهم‪ ،‬بينما كان اآلخرون غت مهتمي‬ ‫عليها ُ‬

‫بما يالقونه أولئك المقتولي لدرجة أنهم تقهقروا عىل الرغم من أنه لم يحدن أن‬
‫أحدا من الرومان قد مات قبل أن يؤدى خدمة جيدة قبل موته‪ .‬أما مثتو ر‬
‫الفي‪ ،‬فإن‬
‫المثل ف هذه المعركة‪ ،‬ومعهم‬
‫أولئك الذين قاتلوا بشجاعة ف المعارك السابقة فعلوا ِ‬
‫أيضا اليعازر ابن أج سيمون الطاغية‪.‬‬
‫ولكن عندما أدرك تيطس أن اإلبقاء عىل هيكل أجنّت قد يتحول إىل هالك‬
‫َ‬
‫لجنوده وإىل أن ُيقتلوا‪ ،‬أصدر أوامره بإشعال النتان ف البوابات‪.‬‬
‫(‪ )1/4/7‬وف نفس الوقت‪ ،‬هرب إليه انانوس(‪ Ananus)94‬الذى رأن من عمواس‪،‬‬
‫أكت رجال سيمون سفكا للدماء‪ .‬وارشالوس بن ماجادتوس‪ .‬وكانا ريتجيان العفو ألنهم‬
‫ر‬

‫تركا اليهود وهم ظافرون‪ .‬لكن تيطس رذلهما‪ ،‬واعتتها حيلة ماكرة منهما‪ .‬وعندما‬
‫ُ‬
‫علم عن أعمالهما التبرية ضد اليهود‪ ،‬كان ينوى قتلهما شيعا‪ .‬وقال لهما أنهما قد‬
‫ا ِ‬
‫هربا فقط لشدة المحنة ر‬
‫الّت كانا فيها‪ ،‬ولم يخرجا لحسن نيتهما‪ ،‬وأنهما ل يستحقان‬
‫ُ‬
‫حرقت مدينتهم‪ ،‬غت جديرين بالمحافظة عليهم‪.‬‬ ‫النجاة‪ .‬فأولئك الذين بواسطتهم ا ِ‬
‫وهم يحاولون اآلن الفرار من النتان‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬تغلب اآلمان الذى وعد به الهاربي عىل أحاسيسه‪ ،‬وِصفهم بالتاىل‪ .‬غت‬
‫أنه لم يمنحهم ذات المزايا ر‬
‫الّت قدمها لآلخرين‪.‬‬
‫والن‪ ،‬كان الجنود قد أشعلوا النار ف البوابات وذابت الفضة ر‬
‫الّت كانت عليها‪،‬‬
‫وتغلغلت النتان إىل األخشاب ر‬
‫الّت بداخلها‪ ،‬ومن ثم بدأت تنتش من تلقاء ذاتها ف‬
‫ُ‬
‫الحال وتمسك باألروقة‪ .‬وعندما رأى اليهود النتان حولهم خارت نفوسهم ف‬
‫حّت أنه ول واحد منهم أشع ُليدافع عن نفسه أو‬
‫أجسادهم‪ ،‬وكانوا ف ذهول عجيب ر‬
‫ٍ‬
‫طفأ النتان‪ .‬ولكنهم وقفوا فقط مثل متفرج أخرس‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم يحزنوا لخسارة‬ ‫ُ‬
‫لي ِ‬

‫‪ - 94‬حنانيا بالعتية‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫َ‬
‫ما كان يحتويه اآلن‪ ،‬ول تعقلوا للمستقبل‪ .‬ولكن كما ولو كان البيت ا ُلمقدس قد‬
‫اح رتق فعال‪ ،‬ألقوا بغضبهم عىل الرومان‪ .‬وقد استمرت هذه النتان خالل ذلك اليوم‬
‫واليوم التاىل أيضا ألن الجنود لم يكونوا قادرين عىل حرق كل األروقة ر‬
‫الّت كانت‬
‫حواليه ف نفس الوقت‪ ،‬ولكن عىل أجزاء‪.‬‬

‫(‪ )7/4/7‬ولكن ف اليوم التاىل أمر تيطس بعضا من جيشه بإ فاء النتان‬
‫وإعداد ريق خالل البوابات لسهولة زحف الفيالق‪ ،‬بينما جمع هو نفسه القواد معا‪.‬‬
‫ومن أولئك الذين اجتمعوا كان الستة أشخاق الرئيسيي‪ :‬تيباريوس الكسندر قائد‬
‫[تحت الجتال] الجيش كله‪ ،‬وسكستوس شياليس قائد الفيلق الخامس وكان معهم‬
‫َ‬
‫اللذين أتيا من السكندرية‪ ،‬وماركوس انطونيوس‬ ‫أيضا إترنيوس قائد الفيلقي‬
‫يوليانوس حاكم اليهودية‪ .‬وبعد هؤلء أ رن كل ال ُحكام و ر‬
‫التبيونات ‪ .tribunes‬وعندئذ‬
‫ُ َ‬
‫المقدس وكانت بعض اآلراء ترى أنه‬ ‫سألهم تيطس المشورة بشأن ما ُيعمل بالبيت‬
‫من األفضل استخدام قواعد الحرب [وتدمته] ألن اليهود لن يكفوا عن العصيان‬
‫الما أن هذا البيت قائم‪ .‬ذلك البيت الذى تعودوا أن يجتمعوا فيه معا‪ .‬وبعض‬
‫ٌ‬
‫منهم كانوا رأيهم أنه ف حالة ما إذا تركه اليهود ولم يرفع أحد منهم السالح فيه‪ ،‬فمن‬
‫َ‬
‫ثم يجب أن ُيحافظ عليه‪ .‬ولكن ف حالة الحصول عليه والقتال فيما بعد‪ ،‬فيجب أن‬
‫ُيحرق ألنه ف هذه الحالة يجب النظر إليه عىل أنه ليس بيتا مقدسا ولكن قلعة‬
‫نسب عندئذ إىل أولئك الذين أجتوهم عىل القيام‬‫حربية‪ ،‬وأن عار الحريق سوف ُي َ‬

‫بذلك‪.‬‬
‫ولكن تيطس قال أنه "عىل الرغم من أن اليهود يحصلون عىل هذا البيت‪،‬‬
‫ويحاربوننا من هناك‪ ،‬فإنه ينبىع مع ذلك أل ننتقم ألنفسنا من األشياء العديمة الوىع‬
‫عمل عظيم كهذا ألن هذا‬
‫بدل من الرجال أنفسهم‪ ،‬ول يتعي بحال من األحوال حرق ٍ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫سيكون شيئا مؤذيا للرومان أنفسهم‪ ،‬كما أنه يمكن أن يكون زينة ُ‬
‫لحكمهم إذا ما‬
‫استمر"‪.‬‬
‫لذلك تشجع فرونتو والكسندر وشيالياس بهذا الترصي ح‪ ،‬ووافقوا عىل رأى‬
‫تيطس‪ ،‬وانفض عندئذ الجتماع‪ .‬وأصدر تيطس أوامره إىل القواد بأن ُيريحوا بقية‬
‫أكت نشا ا عندما يأتون إىل المعركة‪ .‬ولكنه أمر بأن الرجال‬ ‫حّت يكونوا ر‬‫قواتهم ر‬
‫المختارين من الذين ُاخذوا من الكتائب‪ ،‬أن يجتازوا خالل الخرائب ُ‬
‫ويطفأوا النتان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫متعبي جدا وف قنوص عظيم ر‬ ‫ٌ‬
‫وصحيح أن اليهود ف ذلك اليوم كانوا َ‬
‫حّت‬ ‫(‪)4/4/7‬‬
‫استدوا قوتهم‪ ،‬وركضوا‬‫أنهم أحجموا عن القيام بأية هجمات‪ .‬لكن ف اليوم التاىل ر‬

‫معا بشجاعة إىل أولئك الذين كانوا يحرسون الدار الخارجية للهيكل‪ ،‬من خالل البوابة‬
‫الشقية‪ ،‬وكان ذلك نحو الساعة الثانية من النهار( ‪ .)9‬فقابل الحراس هناك هجومهم‬
‫هذا بشجاعة عظيمة‪ ،‬وسحبوا شيتهم جنبا إىل جنب وهم ُيغطون أنفسهم‬
‫بأتراسهم كما لو كانوا سورا‪ .‬ولكنه كان من الواضح أنهم لن يقدروا أن يمكثوا هناك‬
‫قهرون بواسطة هذه الهجمات الغزيرة عليهم وبآلمهم المستعرة‪.‬‬ ‫سي َ‬
‫ويال‪ ،‬وأنهم ُ‬
‫ومع ذلك عندما رأى قيرص من برج انطونيا أن هذه الشية عىل وشك ر‬
‫التاجع‪ .‬أرسل‬
‫إليهم بعض الفرسان المختارين لتدعيمهم‪ .‬وعندئذ وجد اليهود أنفسهم غت قادرين‬
‫عىل الصمود ف غزوتهم‪ ،‬فالذ كثتون من الباقي بالفرار فوق جثص القتىل الذين كانوا‬
‫ف المقدمة‪ .‬ولكن ما أن كف الرومان‪ ،‬ر‬
‫حّت رجع اليهود إليهم مرة اخرى وقاتلوهم‪.‬‬
‫وعندئذ هجم الرومان مرة أخرى عليهم‪ ،‬فتقهقروا‪ .‬واستمر األمر كذلك إىل الساعة‬
‫الخامسة من النهار عندما ُقهروا ُ‬
‫وح ِبسوا ف [الدار] الداخلية للهيكل‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ر‬
‫‪ - 9‬بالتوقيت الشف‪ ،‬أى الثامنة صباخا بتوقيتنا الحاىل‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪ ) /4/7‬عندئذ اختىل تيطس بنفسه ف برج انطونيا‪ ،‬وعزم عىل اقتحام‬
‫الهيكل ف اليوم التاىل ف الصباح الباكر بكل جيشه‪ ،‬وأن ُيعسكر حول البيت‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪.‬‬
‫َ‬
‫ولكن‪ ،‬بالنسبة لذلك البيت‪ ،‬فمن المؤكد أن هللا كان قد َحكم عليه منذ زمن‬
‫بعيد بالحرق(‪ .)97‬وأن ذلك اليوم المصتى قد حل اآلن‪ .‬فتبعا لمرور األجيال‪ ،‬كان‬
‫احتق فيه من قبل‬ ‫اليوم العاش من شهر لوس[اب](‪ )93‬هو نفس اليوم الذى ر‬

‫بواسطة ملك بابيلون‪ -‬عىل الرغم من أن هذا اللهب قد اندلع [ف هذه المرة](‪ .)41‬من‬
‫اليهود أنفسهم وكان ناتجا منهم ألنه عندما اختىل تيطس بنفسه‪ ،‬هدأ مثتو ر‬
‫الفي‬
‫وقتا قليال‪ ،‬ثم هجموا عىل الرومان مرة أخرى عندما كان أولئك الذين يحرسون البيت‬
‫المق َدس يحاربون الذين ُيطفأون النتان ر‬
‫الّت كانت تحرق الدار الداخلية ف الهيكل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ُ َ‬
‫المقدس ذاته‪.‬‬ ‫ولكن أولئك الرومان أجتوا اليهود عىل الفرار وتعقبوهم لغاية البيت‬
‫ف هذا الوقت اختطف واحد من الجنود – بدون أية أوامر‪ ،‬وبدون أى اهتمام‬
‫عمل خطت كهذا – وكأنه مدفوع بحمية مقدسة معينة‪ ،‬بعضا من المواد‬
‫أو خوف إزاء ٍ‬
‫المشتعلة‪ ،‬وإذ رفعه جندى اخر أشعل النتان ف النافذة الذهبية ر‬
‫والّت من خاللها‬
‫ُ َ‬ ‫كان هناك ممر إىل الغرف ر‬
‫المقدس ف الجانب الشماىل منه ‪.‬‬ ‫الّت كانت حول البيت‬
‫وما أن تصاعدت النتان ر‬
‫حّت أحدن اليهود ضجة عالية بمقدار فداحة الحزن‬
‫المطلوب وهرولوا لمنعها‪ .‬ولم يعودوا اآلن يدخرون حياتهم‪ ،‬أو يهتمون بقوتهم‬
‫الما أن هذا البيت‪ ،‬الذى من أجله كانوا يحافظون عىل حراسته اخذ ف الهالك‪.‬‬

‫‪ - 97‬لحظ أن هذه المالحظة ا لمؤرخ يهودى الجنس والعقيدة عايش الحدن ذاته كشاهد‬
‫عيان‪ .‬وف نظرى ربما شاهد ف صباه المبكر السيد المسيح بالجسد‪ ،‬وربما سمع ف شبابه بعض‬
‫أقواله‪ .‬فالدراسون يجعلون ر‬
‫فتة حياة يوسفوس القرن األول الميالدى‪ .‬المعرب‬
‫‪ 18 -93‬أوغسطس سنة ‪31‬م‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ر‬
‫مستيحا ف خيمته بعد‬ ‫برجل ما رأن راكضا إىل تيطس بينما كان‬
‫ٍ‬ ‫(‪ )7/4/7‬وإذا‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‬ ‫المعركة األختة‪ ،‬وأخته بالحريق‪ .‬فنهض شيعا كما هو وركض نحو البيت‬
‫لىك يوقف الحريق‪ .‬وتبعه جميع قواده ومن ورائهم كل الفيالق ف ذهول عظيم‪.‬‬
‫لذلك كانت هناك ضجة عظيمة‪ ،‬وِصخات عالية كأمر بيىع ف حالة تحرك جيش‬
‫عظيم مثل هذا بدون نظام‪ .‬وأخذ قيرص عندئذ ينادى بصوت عاىل عىل جنوده‬
‫َُ‬
‫ويل ِّوح لهم بيمينه أيضا محاول اصدار أوامره بإ فاء‬ ‫الذين كانوا يقاتلون بصوت عاىل‪،‬‬
‫النتان‪ .‬ولكنهم لم يسمعوا ما كان يقوله عىل الرغم من صياحه‪ ،‬فقد اصطكت‬
‫اذانهم بضجة أعظم بطريق اخر‪ .‬ول رأوا إشاراته ر‬
‫الّت فعلها لهم بيده‪ ،‬فقد كان‬
‫بعضهم منهمكا ف القتال‪ ،‬وبعضهم ف النفعال‪ .‬وبالنسبة للفيالق ر‬
‫الّت أتت راكضة‬
‫كل منهم‬
‫إىل هناك‪ ،‬فال أى إغراء أو تهديد استطاع أن يوقف عنفهم‪ ،‬بل كان غضب ٍ‬
‫هو قائده ف ذلك الوقت‪ .‬وإذ كانوا يحتشدون ف الهيكل معا‪ ،‬فإن كثتين منهم كانوا‬
‫يدوسون بعضهم بعضا‪ ،‬بينما سقط عدد كبت ف خرائب األروقة ر‬
‫الّت كانت ما زالت‬
‫الّت دحروا بها أولئك‪ .‬وعندما ر‬
‫اقتبوا من‬ ‫مستعرة ومدخنة وهلكوا بنفس الطريقة ر‬
‫ُ َ‬
‫المقدس سلكوا عىل النقيض كما لو كانوا لم يسمعوا أوامر قيرص‪ .‬فكانوا‬ ‫البيت‬
‫ُيشجعون الذين أمامهم عىل حرقه‪.‬‬
‫الفي فقد كانوا ف محنة عظيمة عن أن ُيقدموا أية مساعدة‬
‫أما بالنسبة لمثتى ر‬
‫ُ َ‬
‫قتلون ف كل مكان ُ‬
‫ويطعنون أينما كانوا‪ .‬وبالنسبة‬ ‫[نحو إ فاء النتان]‪ ،‬فقد كانوا ي‬
‫ُ َ‬
‫للشعب‪ ،‬فقد كان الجزء األكت ضعيفا وبال سالح‪ ،‬فكانت تقطع رقابهم حيثما‬
‫ُبمسكوا‪ .‬وصارت الجثص اآلن حول المذبح مكدسة ف أكوام بعضها فوق بعض‪ ،‬بل‬
‫كانت فوق المذبح أيضا(‪ .)99‬وسالت عىل األرض كميات هائلة من الدماء‬

‫‪ - 99‬لحظ أن ذلك كان منتىه الدنس‪ .‬راجع شيعة الدنس ف سفرى الالويي والتثنية‪ .‬وعقوبة‬
‫ُ َ‬
‫المقدسات‪.‬‬ ‫تدنيس‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪ )3/4/7‬ولما كان قيرص غت قادر اآلن عىل وقف حماس الجنود المتأجج‪ ،‬وكانت‬
‫ُ َ‬ ‫أكت ر‬
‫النتان تتأجج ر‬
‫المقدس ف الهيكل‪ ،‬مع قواده‪ ،‬وراه بكل‬ ‫وأكت‪ ،‬دخل إىل الموضع‬
‫ما كان فيه‪ ،‬والذى كان أفضل مما تشتمل عليه الهياكل األجنبية‪ .‬وليس أقل من أن‬
‫نفتخر نحن أنفسنا به ونؤمن به‪.‬‬
‫ولكن لما كانت النتان لم تمتد بعد إىل أجزائه الداخلية‪ ،‬بل كانت ما تزال تلتهم‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ ،‬وإذ كان تيطس يف رتض‪ -‬ما هو حقيقة ‪ -‬أن‬ ‫الّت كانت حول البيت‬‫الغرف ر‬
‫َ‬
‫البيت ذاته يجب أن ُينقذ‪ ،‬فإنه دخل مشعا وحاول أن ُيقنع الجنود بإ فاء النتان‪.‬‬
‫وأمر ليباراليوس ‪ Liberalius‬قائد المائة وواحد من رماة الرماح الذين كانوا حوله بأن‬
‫يرصبوا الجنود الذين كانوا مدفوعي بهواهم ويمنعوهم‪ .‬ولكن غيظهم كان شديدا‬
‫الّت وضعها قيرص وخوفهم منه‪ ،‬كما كانت كراهيتهم لليهود‬‫جدا إزاء العتبارات ر‬
‫وميلهم العنيف إىل القتال أيضا كان شديدا جدا بالنسبة لهم‪ .‬ر‬
‫وأكت من ذلك كان أمل‬
‫السلب يدفعهم ر‬
‫أكت إىل الستمرار إذ ان لديهم فكرة أن كل األماكن ر‬
‫الّت ف الداخل‬
‫مملوءة من النقود عندما كانوا يرون أن كل ما حولهم مصنوع من الذهب‪ .‬وباإلضافة‬
‫إىل ذلك فإن واحدا من أولئك الذين دخلوا إىل المكان‪ ،‬أعاق قيرص عندما ركض‬
‫بشعة ليمنع الجنود‪ ،‬ر‬
‫وألف النتان عىل مفصالت البوابات ف الظالم‪ .‬وبذلك اندلع‬
‫ُ َ‬
‫المقدس ذاته ف الحال‪ .‬وعندئذ اختىل قيرص ومعه القادة‬ ‫اللهب من داخل البيت‬
‫عندما لم يعد ألى أحد أن يمنع الذين ف الخارج من إشعال النار‪ .‬وهكذا‪ ،‬ر‬
‫احتق‬
‫ِّ‬ ‫ُ َ‬
‫المقدس بدون أن ُيصدق تيطس عىل ذلك‪.‬‬ ‫البيت‬
‫(‪ )9/4/7‬واآلن رغم أن كل واحد سينوح بحق عىل خراب مثل هذا العمل الذى كان‪،‬‬
‫حيص أنه كان ر‬
‫أكت عجائب األعمال ر‬
‫الّت رأيناها أو سمعنا عنها‪ ،‬لمبناه الهائل‬
‫ولضخامته وثرائه العريض الذى كان ُي َ‬
‫سبغ عليه من كل جانب‪ ،‬ولصيته المجيد ف‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫هو‬ ‫القداسة‪ .‬ولكن مثل هذا المرء عليه أن ُيعزى نفسه بهذا الفكر‪ :‬أن القدر‬
‫(‪)98‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫كل من المخلوقات الحية‪ ،‬واألعمال‪،‬‬‫الذى حكم بهذا األمر الذى ل يمكن تجنبه من ٍ‬
‫عجب من دقة هذه ر‬
‫الفتة ر‬
‫الّت نروى عنها ألنه‪،‬‬ ‫واألماكن أيضا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن المرء ُي َ‬
‫كما لحظنا‪ ،‬كان نفس اليوم ونفس الشهر كما قلنا من قبل الذى ر‬
‫احتق فيه البيت‬
‫ُ َ‬
‫المقدس قبال بواسطة البابليي‪.‬‬
‫والن‪ ،‬كانت عدد السنوات ر‬
‫الّت مرت من تأسيسه األول بواسطة الملك‬
‫ْ‬
‫سليمان إىل خرابه هذا الذى حدن ف السنة الثانية من ُحكم فسبسيان ا ألف‬
‫ومائة وثالثون سنة وسبعة أشهر وخمسة عش يوما‪ .‬ومن بنائه الثان الذى تم‬
‫بواسطة حخ ف السنة الثانية للملك كورش إىل هذا الخراب ف عهد فسبسيان ستة‬
‫مائة وتسعة وثالثون سنة وخمسة وأربعون يوما‪.‬‬

‫‪ - 98‬عجيب أن يستخدم يوسفوس هذه الكلمة وهو إىل جانب أنه مؤرخ دارس بالطبع لألسفار‬
‫المقدسة فكيف يستخدم مثل هذه المفردة‪ ،‬ف حي سبق أن قال "هللا حكم‪"..‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل الخامس‬
‫ُ َ‬ ‫[المحنة الشديدة ر‬
‫المقدس‪ .‬بشأن النّت‬ ‫الّت كان فيها اليهود‪ ،‬عند حرق البيت‬
‫الزائف‪ .‬العالمات ر‬
‫الّت سبقت هذا الخراب]‬

‫َ‬ ‫المق َدس ر‬


‫يحتق كان كل ما تصل إليه اليد ُيسلب‪،‬‬ ‫(‪ )2/ /7‬وبينما كان البيت ُ‬
‫ُ َ‬ ‫ٌ‬
‫رثاء ألى‬
‫وعدد ل حرص لهم من المقبوض عليهم كانوا يقتلون‪ ،‬ولم يكن هناك أى ٍ‬
‫عمر‪ ،‬ول اعتبار ألى وزن‪ .‬ولكن األ فال والعجائز‪ ،‬الكهنة والنجسي‪ ،‬كانوا جميعا‬
‫َ‬
‫ُيقتلون عىل هذا النحو لدرجة أن هذه الحرب أحدقت بكل أنواع البش وأوردتهم إىل‬
‫عوملوا مثل أولئك الذين كانوا‬
‫التهلكة‪ .‬وأولئك الذين كانوا يتوسلون من أجل حياتهم ِ‬
‫يدافعون عنها بالقتال‪ .‬وامتدت اللهب إىل مسافات بعيدة‪ ،‬وترددت أصداؤها مع‬
‫اهات أولئك المقتولي‪ .‬وألن التل كان عاليا وأعمال الهيكل كانت عظيمة جدا كان‬
‫احتقت‪ .‬ول يقدر أى انسان أن يتخيل أى ىسء أعظم‬‫المرء يظن أن المدينة كلها قد ر‬
‫أو ر‬
‫أكت رعبا من هذه الضجة‪ .‬ألنه كان هناك ف نفس الوقت صياح الفيالق الرومانية‬
‫ف زحفها معا‪ ،‬والجلبة الحزينة للمشاغبي الذين كانوا محصورين اآلن بالنتان‬
‫والسيف‪ ،‬والشعب األعزل الذى كان ُي َ‬
‫طعن من العدو ف قنوص شديد ويتأوه حزنا‬
‫الّت هم فيها‪ .‬وانضمت أيضا الجماهت ر‬
‫الّت كانت ف المدينة إىل أولئك‬ ‫عىل الكارثة ر‬

‫الذين عىل التل ف هذا الرصاخ‪ .‬وباإلضافة إىل أولئك‪ ،‬فإن كثتين من أولئك الذين‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‬ ‫أنهكتهم المجاعة وكانت عيونهم تقريبا مغلقة‪ ،‬عندما رأوا حريق البيت‬
‫استجمعوا أقض ما ف جهدهم وانفجروا ف ِصاخ وتأوهات‪ .‬وقد رددت بتية ‪Pera‬‬
‫أيضا الصدى مثلما فعلت الجبال حول [المدينة] وضاعفت من شدة الضجة الكلية‪.‬‬
‫َ‬
‫بيد أن هذا البؤس كان أشد رعبا من الفوىص ذاتها‪ .‬ألن المرء كان يظن أن التل نفسه‬
‫الذى كان الهيكل مقاما عليه قد تفتت بجذوة نار‪ ،‬من كل جانب‪ .‬وكانت كمية الدم‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ُ َ‬
‫قتلون ر‬
‫أكت عددا من القاتلي‪ ،‬إذ لم تعد الرض‬ ‫أكت من النتان‪ .‬وكان أولئك الذين ي‬
‫مرئية من جثص القتىل ف كل مكان‪ ،‬وكان الجنود يستون فوق هذه األكوام وهم‬
‫ردهم الرومان اآلن‪ ،‬إىل الساحة‬ ‫يركضون وراء الهاربي‪ .‬وفر اللصوق وقد‬
‫الخارجية‪ ،‬وإىل المدينة‪ .‬بينما فر الباقون من عامة الشعب اىل الرواق ف الساحة‬
‫ُ َ‬ ‫الخارجية‪ .‬وبالنسبة للكهنة‪ ،‬البعض منهم ر‬
‫المقدس المسامت الكبتة‬ ‫انتع من البيت‬
‫ر‬
‫الّت كانت من الرصاق وأخذوا يرشقون بها الرومان عوضا عن السهام‪ .‬ولكن عندما‬
‫وجدوا أنهم لم يجنوا شيئا من عملهم هذا وأن النتان قد شبت فيهم تراجعوا إىل‬
‫الحائط الذى كان عرضه ثمانية أذرع وباتوا هناك‪ .‬ولكن اثني من البارزين ‪ -‬اللذين‬
‫قدرهما بشجاعة مع‬ ‫كانا يمكنهما أن ُينقذا نفسيهما بالذهاب إىل الرومان أو أن يالقيا َ‬
‫ُ َ‬ ‫ر‬
‫المقدس‪ .‬وكان اسمهما‬ ‫واحتقا معا مع البيت‬ ‫اآلخرين‪ -‬رحا نفسيهما ف النتان‪،‬‬
‫متوس ابن بلجاس‪ ،‬ويوسف بن دالوس‪.‬‬

‫(‪ )1/ /7‬واآلن‪ ،‬وقد رأى الرومان أنه من العبص المحافظة عىل ما هو حول‬
‫المق َدس وهو ر‬
‫يحتق‪ ،‬فأحرقوا كل هذه األماكن‪ ،‬وأيضا بقايا األروقة والبوابات‬ ‫البيت ُ‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫ماعدا اثنت َي‪ :‬واحدة عند الجانب الشف‪ ،‬وأخرى عند الجنون‪ .‬وقد د ِمرتا الثنتان‬
‫معا فيما بعد‪ .‬وقد أحرقوا أيضا الخزانة ر‬
‫الّت كانت بها كميات هائلة من النقود‪ ،‬وعدد‬
‫َ‬ ‫ضخم من المالبس والسلع األخرى الثمينة ر‬
‫والّت كانت مودعة هناك‪ .‬وبإختصار‪ ،‬كان‬
‫ُمكدسا هناك ف أكوام‪ ،‬كل ِغّت اليهود حيص َبّت األغنياء ألنفسهم غرفا [لتحتوى‬
‫ر‬
‫باف األروقة ر‬
‫الّت كانت ف الدار‬ ‫عىل مثل هذه األثاثات(‪ .])81‬وجاء الجنود أيضا إىل‬
‫الخارجية للهيكل‪ ،‬حيص كانت النساء واأل فال وجمهور عظيم مختلط من الشعب‬
‫الهارب ف اعداد نحو ستة الف‪ .‬ولكن قبل أن ُيح ِدد قيرص أى ىسء بالنسبة ألولئك‬

‫‪ - 81‬ل أعرف لماذا استخدم ر‬


‫المتجم النجلتى كلمة ‪ furniture‬هنا‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الناس أو ُيصدر أية تعليمات لقواده بالنسبة لهم‪ ،‬كان الجنود ف غيظ شديد ر‬
‫حّت‬
‫الّت بسببها حدن أن بعضهم قد رلف حتفه عندما ألقوا‬
‫أنهم أحرقوا هذه األروقة ر‬

‫احتقوا ف هذه األروقة ذاتها(‪ ،)82‬ولم‬ ‫بنفوسهم فسقطوا عىل رؤوسهم‪ .‬واخرون ر‬
‫يفلت ٌ‬
‫أى منهم [ممن كانوا ف األروقة من اليهود](‪ )41‬بحياته‪.‬‬
‫وحدن أن نبيا زائفا كان سبب هالك أولئك الناس‪ .‬إذ ِصح جهرا ف المدينة ف‬
‫نفس اليوم أن هللا يأمرهم بالصعود إىل الهيكل‪ ،‬وهناك ستون اآليات العجيبة‬
‫ٌ‬
‫الم َعيني من ِقبل الطغاة‬
‫المزيفي ُ‬‫عدد كبت من األنبياء ُ‬ ‫لنجاتهم‪ .‬وقد كان هناك‬
‫حّت ريتجوا النجاة من هللا‪ .‬وذلك ىك‬
‫علنوا لهم هكذا‪ ،‬ر‬ ‫ُ‬
‫للضغط عىل الناس‪ ،‬بأن ي ِ‬
‫(‪)41‬‬
‫فوق الخوف‬ ‫يضمنوا [اى الطغاة](‪ )41‬عدم هروب هم‪ ،‬ولىك يرتفعوا [اى العامة]‬
‫ذعن بسهولة لمثل هذه الوعود‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫والهم بهذه اآلمال‪ .‬والنسان ف مثل هذه المحن ي ِ‬
‫خادع ما مثل هذا يعتقد ف أنه سينجو من هذه المحنة والبؤس‬ ‫ُ‬
‫وعندما يجعله م ِ‬
‫الذى يضغط عليه‪ ،‬فإن الصت يتوفر عندئذ عىل أساس هذه اآلمال‪.‬‬
‫غوى من ِقبل المخادعي‪ ،‬وأولئك الذين‬ ‫(‪ )7/ /7‬هكذا‪ ،‬كان هذا الشعب البائس ُي َ‬

‫صدقوا العالمات‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫يعطونه فكرة خا ئة عن هللا نفسه‪ .‬بينما لم يصغوا هم إليه‪ ،‬ولم ي ِ‬
‫بوضوح عن هالكهم العتيد‪ .‬ولم يعتتوا بهجر هللا لهم‬ ‫الّت كانت ثابتة ر‬
‫والّت تنبأت‬ ‫ر‬
‫ٍ‬
‫بل كانوا مثل أناس مفتوني بدون عيون ترى أو عقول تفهم‪.‬‬

‫‪ - 82‬انظر فقرة (‪ )2/7/7‬سابقا‪,‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪)41‬‬
‫[أحداث رآها يوسفوس إشارت مسبقة للخراب العتيد]‬
‫فلقد كان هناك نجم يشبه السيف‪ ،‬كان يقف فوق المدينة‪ ،‬واستمر لمدة‬
‫سنة‪ .‬وكان هذا قبل ِعصيان اليهود‪ ،‬وقبل ظهور أية فتنة قبل الحرب عندما كان‬
‫تأن ف حشود كبتة لتحتفل بعيد الفطت ف اليوم الثامن من شهر‬ ‫الناس ر‬

‫اكسانتيكس[نيسان](‪.)81‬‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‬ ‫وف الساعة التاسعة من الليل‪ ،‬أضاء نور عظيم فوق المذبح والبيت‬
‫ر‬
‫حّت أنه بدى لمعا كضوء النهار‪ ،‬واستمر هذا الضوء لمدة نصف ساعة‪ .‬وبدا هذا‬
‫المقدسي فقد فشوه بأنه نذير‬‫الضوء لغت المهارة كعالمة يبة‪ .‬أما الكتبة ُ‬
‫للحوادن ر‬
‫الّت تبعت ذلك ف الحال‪.‬‬
‫وأيضا ف نفس الحتفال‪ ،‬بينما كان رئيس الكهنة يقود ِعجلة للذبيحة‪ ،‬إذا بها‬
‫أنجبت حمال ف وسط الهيكل‪.‬‬
‫ر‬
‫وأكت من ذلك‪ ،‬البوابة الشقية [للدار الداخلية] للهيكل ‪ -‬ر‬
‫والّت كانت من‬
‫النحاس وثقيلة جدا وكان ُيغلقها ف المساء عشون رجال‪ ،‬وكانت ترتكز عىل عروق‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُمسلحة بالحديد ولها مزلج ُمثبت ف عمق سحيق ف األرض الصلدة ال رّت كانت عبارة‬
‫َ‬
‫شوهدت تنفتح من تلقاء ذاتها ف نحو الساعة‬ ‫ِ‬ ‫عن قطعة حجر واحدة‪ -‬هذه‬
‫السادسة من الليل(‪ .)87‬ر‬
‫فأن أولئك الذين كانوا يحرسون الهيكل راكضي إىل قائد‬
‫الهيكل وأختوه‪ .‬فصعد عندئذ وأغلقها مرة أخرى بدون مشقة كبتة(‪ .)84‬هذه‬
‫ُ‬
‫[الواقعة](‪ )41‬أيضا ظهرت للدهماء عىل أنها اعجوبة سارة‪ ،‬كما لو أن هللا قد فتح لهم‬
‫ُ َ‬
‫المقدس قد انحل‬ ‫بذلك باب السعادة‪ .‬ولكن الرجال المثقفي أدركوا أن أمن بيتهم‬
‫من تلقاء ذاته‪ ،‬وأن البوابة قد افتحت لصالح أعدائهم‪.‬‬

‫‪ 1 - 81‬ابريل‪.‬‬
‫‪ - 87‬اى ف الثانية عش ليال بتوقيتنا الحاىل‪.‬‬
‫‪ - 84‬لحظ "بدون مشقة كبتة" مقابل "عشين رجال"!!‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫هكذا أعلنت هذه العالمات سلفا‪ ،‬الخراب ر‬
‫اآلن عليهم( ‪.)8‬‬
‫باإلضافة إىل ذلك فإنه بعد أيام قليلة من الحتفال ف اليوم الواحد والعشين‬
‫(‪)87‬‬
‫ظهرت أعجوبة مذهلة‪ ،‬وظاهرة ل‬ ‫من شهر ارتيميوس ‪[ Artemisius‬أيار]‬
‫ُ‬
‫تصدق‪ .‬وإنّت أظن أن روايتها سيكون ِصبا من األسا ت لو لم يكن قد رواها أولئك‬
‫الذين عاينوها‪ ،‬ولو لم تكن المصائب ر‬
‫الّت تلتها معقولة ف بيعتها وتستحق هذه‬
‫اإلشارات‪ .‬فقبل غروب الشمس‪ ،‬إذا بمركبات وحشود من الجنود ف دروعهم كانوا‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫واألكت من ذلك أنه ف ذات‬ ‫حدقون بالمدن‪.‬‬ ‫يشاهدون راكضي بي السحب وي ِ‬
‫ر‬
‫البنطقسّت بينما كان الكهنة يدخلون ليال إىل [الدار] الداخلية‬ ‫الحتفال الذى ندعوه‬
‫ُ َ‬
‫المقدسة‪ ،‬شعروا أول‪ -‬كما قالوا‪-‬‬ ‫[للهيكل]‪ ،‬كما كانت عادتهم‪ ،‬إلنجاز خدماتهم‬
‫بزلزلة‪ ،‬وسمعوا جلبة‪ .‬وبعد ذلك سمعوا صوتا كصوت جمع غفت يقول " ر‬
‫فلنتك هذا‬
‫المكان"‪.‬‬
‫ولكن ماهو ر‬
‫أكت رعبا‪ ،‬أنه كان هناك رجل اسمه يشوع ابن حنانيا(‪ ،)83‬مزارع من‬
‫عامة الشعب‪ .‬هذا جاء قبل الحرب بأرب ع سنوات‪ ،‬وف وقت كانت المدينة فيه ف‬
‫واحد مظلة هلل‪-‬‬
‫ٍ‬ ‫رخاء وسالم عظيم‪ .‬رأن إىل العيد‪ -‬حيص من عاداتنا فيه أن يصنع كل‬
‫وبدأ فجأة يصيح عاليا وف الهيكل "صوت من المشق‪ .‬صوت من المغرب(‪.)89‬‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ .‬صوت ضد العريس‪.‬‬ ‫صوت من الرياح األربعة‪ .‬صوت ضد اورشليم والبيت‬

‫ُ‬
‫‪ - 8‬لست مع يوسفوس ف هذا التعليق‪ .‬فالنبوة ف الواقع ل تظهر ول تتضح أنها حقيقية وأنها‬
‫ر ُ‬
‫من هللا‪ ،‬إل بعد تمامها‪ .‬فتالميذ السيد المسيح بدأوا يفهمون كل النبوات الّت كتبت عن السيد‬
‫المسيح بعد الصلب والقيامة ولذلك نقرأ "عندئذ تذكروا ما قيل بالنّت‪"...‬؟؟؟‪ .‬وهذا أيضا كان‬
‫الّت ستوي ها حال بعد قليل إذ يقول هو نفسه "كما أثبتت‬ ‫تعليق يوسفوس نفسه ف الظاهرة ر‬
‫الحالة فيما بعد‪ :‬أما قبل ذلك يمكن أن تظهر النبوة وإن كانت صادقة حقا عىل أنها دعوة انهزامية‬
‫وتثبيط لهمم المجاهدين والمحاربي‪ ،‬ودفع الشعب إىل الخوار‪ .‬أى يمكن أن يظهر النّت‪ -‬وإن كان‬
‫حقيقيا هو كذلك‪ ،‬وليس زائفا ‪ -‬كخائن للو ن وللشعب وهو ما حدن مع ارميا‪.‬‬
‫‪ 9 - 87‬يونيو‬
‫ر‬
‫‪ - 83‬كتبه المتجم النجلتى يسوع ابن انانوس ‪Jesus, the son of Ananus‬‬
‫‪ - 89‬ليس دولة المغرب بأفريقيا اآلن‪ ،‬فلم تكن قد ظهرت بعد عىل خريطة المسكونة بهذا اإلسم‪.‬‬
‫القسم الغرن لألرض‪.‬‬ ‫ولكن من ِ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫صوت ضد العروس‪ .‬صوت ضد كل الشعب"‪ .‬وهذا كان ِصاخه بينما كان يطوف ف‬
‫ر‬
‫لألكت اعتبارا بي الشعب سخط عظيم عىل ِصاخه‬ ‫كل أزقة المدينة ليال ونهارا‪ .‬وكان‬
‫هذا‪ .‬وقبضوا عىل الرجل وجلدوه بقسوة جلدات عديدة‪ .‬وأما هو فلم ينطق بأى‬
‫ىسء ل دفاعا عن نفسه‪ ،‬ول بأى ىسء خاق بأولئك الذين يرصبونه‪ ،‬بل ظل مستمرا‬
‫الّت كان يرصخ بها من قبل‪ .‬وعندئذ احرصه ُح َكامنا وهم ر‬
‫مفتضي‪-‬‬ ‫ف نفس الكلمات ر‬

‫كما اثبتت الحالة فيما بعد ‪ -‬أن هذا كان نوعا من اإللهام اإللىه ف الرجل‪ .‬فأحرصوه‬
‫إىل الحاكم الرومان الذى جلده بالسياص إىل أن برزت عظامه‪ .‬ومع ذلك لم يتوسل‬
‫حول صوته إىل نغمة نائحة ر‬
‫أكت ما يمكن‬ ‫من أجل نفسه ولم يذرف أية دموع لكن ِّ‬

‫عند كل جلدة من السياص مرددا "الويل ألورشليم"‪ .‬وعندما سأله البينوس ‪Albinus‬‬
‫(الذى كان حاكمنا انذاك) َمن يكون هو‪ ،‬ومن أين جاء؟ ولماذا يتمتم بهذا الكالم؟‪ .‬لم‬
‫يهتم بالرد عما سأله‪ ،‬ولكنه لم يكف عن ر‬
‫التديد الجنون لذات الكلمات إىل أن حسبه‬
‫البينوس مجنونا وِصفه‪ .‬وخالل كل هذا الوقت الذى مض قبل بداية الحرب‪ ،‬لم‬
‫يقتب من اى واحد من الموا ني‪ .‬ولم ُي َر قط متكلما مع أى انسان‪،‬‬
‫يكن هذا الرجل ر‬
‫َُ‬
‫المتعمد‪" :‬الويل‪ .‬الويل‬ ‫وإنما كان ينوح كل يوم بهذه الكلمات كما لو كانت نذره‬
‫سوء عىل أولئك الذين يرصبونه‪ ،‬ول بكلمة يبة إىل‬
‫ألورشليم"‪ .‬ولم يتكلم ل بكلمة ٍ‬
‫أولئك الذين كانوا ُيطعمونه‪ .‬ولكن هذا كان رده عىل كل الناس‪ .‬وحقا لم يكن هناك‬
‫ىسء اخر ر‬
‫أكت إختالل لعقله مما كان عتيدا أن يكون‪ .‬كان ِصاخه هذا هو األعىل ف‬
‫الحتفالت‪ .‬وقد استمر ف قصيدته هذه سبع سنوات وخمسة أشهر‪ ،‬بدون أن‬
‫يجش صوته أو يكل إىل ذلك الوقت الذى رأى فيه إنذاره يتحقق ويتم ف حصارنا‪،‬‬
‫وعندئذ كف‪ .‬ألنه عندما كان يطوف حول السور‪ ،‬صاح بأقض قوته "الويل‪ .‬الويل‬
‫ُ َ‬
‫المقدس"‪ .‬وحينذاك أضاف أختا‬ ‫مرة أخرى للمدينة‪ .‬الويل للشعب‪ .‬الويل للبيت‬
‫ٌ‬
‫حجر من إحدى اآللت وصدمه وقتله ف‬ ‫للتو " الويل‪ .‬الويل لنفىس أيضا‪ ".‬وهنا رأن‬
‫الحال‪َ ،‬‬
‫وأسلم روحه بينما كان يردد نفس اإلنذار‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫(‪ )4/ /7‬واآلن‪ ،‬إذا كان أى شخص يتخذ هذه األمور عتة فلسوف يجد أن‬
‫ظهر لجنسنا‪ ،‬بكل الوسائل الممكنة‪ ،‬ما هو لحفظهم‪ .‬ولكن‬ ‫ُ‬
‫هللا يعتّت بالبش وي ِ‬
‫أولئك البش يهلكون بشقاوتهم ر‬
‫الّت يجلبونها عىل أنفسهم بجنونهم وبإرادتهم‪ .‬ألن‬
‫اليهود عندما نقضوا برج انطونيا‪ ،‬جعلوا الهيكل مربعا‪ .‬بينما ف نفس الوقت مكتوب‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫المقدس أنه عندما ُيصبح هيكلهم مربعا‪ ،‬عندئذ تؤخذ مدينتهم وبيتهم‬ ‫ف وحيهم‬
‫ُ َ‬
‫المقدس أيضا(‪.")88‬‬
‫أكت عجبا لهم ف مباشة الحرب‪ ،‬كان وحيا ملتبسا ُو ِجد أيضا‬
‫ولكن اآلن ما هو ر‬
‫ٌ‬ ‫ُ َ‬
‫المقدسة‪ .‬كيف أنه ف نحو ذلك الزمان واحد من و نهم سيصت حاكما‬ ‫ف كتاباتهم‬
‫للمسكونة"‪ .‬وقد أخذ اليهود هذا التكهن بالنسبة لهم بصفة خاصة‪ ،‬وانخدع كثتون‬
‫من العقالء لذلك ف تحديدهم [لهذه الشخصية](‪ .)41‬واآلن‪ ،‬هذا الوج ُيشت‬
‫بالتأكيد إىل حكومة فسبسيان الذى ُع ِّي امتا ورا ف اليهودية‪ .‬ومع ذلك ليس ممكنا‬
‫للبش الهروب من القدر عىل الرغم من رؤيتهم له سلفا‪ ،‬ولكن أولئك الناس فشوا‬
‫هذه العالمات تبعا لهواهم الخاق‪ .‬وبعضهم ازدرى بها كلية إىل أن ظهر غباؤهم‬
‫بأخذ المدينة‪ ،‬وهالكهم معا‪.‬‬

‫‪ - 88‬لألسف لم يزودنا ل المؤرخ اليهودى يوسفوس بمرجع أو مصدر هذه العبارة وأين وردت‬
‫ُ‬ ‫بالضبط‪ ،‬ول ر‬
‫المتجم إىل النجلتية بتعليق عليها‪ .‬ويغلب عىل الظن أن يوسفوس استقاها هنا من‬
‫َ ِّ‬
‫كتب التقاليد اليهودية العامة واألقوال الشفاهية لمعلم اليهود‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل السادس‬
‫[كيف حمل الرومان راياتهم إىل الهيكل‪ .‬وهنفوا لتيطس‪ .‬خطاب تيطس إىل‬
‫اليهود عندما التمسوا الرحمة‪ .‬وردهم عليه‪ .‬وكيف أثار ردهم سخط تيطس عليهم‪].‬‬

‫ُ َ‬ ‫(‪ )2/7/7‬واآلن‪ ،‬عقب هروب مثتى ر‬


‫المقدس‬ ‫الفي إىل المدينة‪ ،‬وحرق البيت‬
‫ذاته وكل المبان ر‬
‫الّت حواليه‪ ،‬أحرص الرومان راياتهم إىل الهيكل ونصبوها ف مواجهة‬
‫البوابة الشقية وقدموا هناك الذبائح ألجلها‪ .‬وأقاموا تيطس امتا ورا بتهليل فرح‬
‫الّت حصلوا عليها بالنهب ح رّت‬
‫شديد‪ .‬وصار لجميع الجنود كميات كبتة من الغنائم ر‬

‫أن الجنيه الذهب كان ُيباع ف سوريا بنصف قيمته السابقة‪.‬‬


‫ُ َ‬
‫المقدس‪.‬‬ ‫ولكن بالنسبة ألولئك الكهنة الذين حفظوا أنفسهم فوق سور البيت‬
‫فكان هناك ولد بسبب العطش الذى كان فيه أراد أن ُيعطيه الرومان يمينهم باآلمان‬
‫الّت‬ ‫ر‬
‫واعتف أنه عطشان جدا‪ .‬فأشفق الحراس عليه نظرا لسنه‪ ،‬وللمحنة ر‬ ‫لحياته‪،‬‬
‫هو فيها وأعطوه يمينهم بالتاىل‪ .‬فتل بنفسه وشب بعض الماء ومأل ً‬
‫إناء كان معه‬
‫ٌ‬ ‫ر‬
‫قفل راجعا إىل أصدقائه‪ .‬ولم يستطع أحد من الحراس أن‬‫عندما أن إليهم بالماء‪ ،‬ثم ِ‬
‫يتغلب عليه‪ ،‬ولكنهم أخذوا ُيعنفونه عىل غدره‪ .‬فأجاب عىل ذلك قائال‪" :‬إنّت لم‬
‫أكش اإلتفاق‪ ،‬ألن اآلمان الذى أخذته لم يكن لىك أمكص معكم‪ ،‬ولكن فقط لىك أنزل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بآمان واخذ بعض الماء‪ .‬ولقد أتممت األمرين‪ .‬ولذلك أظن ف نفىس أنّت وفيت‬
‫ُ‬
‫بتعهدى"‪ .‬فاعجب أولئك الذين خدعهم بالصّت ومكره بسبب سنه‪.‬‬
‫وف اليوم الخامس بعد ذلك‪ ،‬نزل الكهنة الذين تضوروا جوعا من المجاعة‪.‬‬
‫وعندما أحرصهم الحراس إىل تيطس‪ ،‬توسلوا من أجل حياتهم‪ ،‬ولكنه رد عليهم‬
‫ُ َ‬
‫المقدس الذى كان‬ ‫قائال‪ :‬أن وقت الصفح قد انتىه بالنسبة لهم‪ .‬وأن هذا البيت‬
‫ُ‬
‫بسببه فقط يمكنهم أن يلتمسوا‪ ،‬بحق‪ ،‬المحافظة عليهم قد د ِّمر‪ .‬وأنه من المالئم‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫َ‬
‫لوظيفتهم أن يهلك الكهنة مع البيت ذاته الذى ينتمون إليه‪ .‬لذلك حكم عليهم‬
‫بالموت‪.‬‬

‫(‪ )1/7/7‬ولكن بالنسبة للطغاة أنفسهم والذين كانوا معهم‪ ،‬فأولئك عندما‬
‫وجدوا أنفسهم محاِصين من كل جانب بسور‪ ،‬وليست هناك أية وسيلة للهرب‪،‬‬
‫أرادوا أن يتعاملوا مع تيطس بكالم الفم‪ .‬وتبعا لذلك ‪ -‬ومن يبة بيعته ولرغبته ف‬
‫أن يصون المدينة عىل أية حال من الخراب‪ ،‬وبمشورة أصدقائه الذين ظنوا أن‬
‫اللصوق قد صاروا اآلن ف حالة تعقل‪ -‬وضع نفسه ف الجانب الغرن [للدار]‬
‫الخارجية للهيكل‪ ،‬ألنه كانت هناك بوابات ف ذلك الجانب فوق اكسستس ‪،Xystus‬‬
‫وقنطرة توصل المدينة العليا بالهيكل‪ .‬وهذه القنطرة كانت تقع بي الطغاة وقيرص‬
‫وتفصل بينهم‪ ،‬بينما اكتظت الجماهت من الناحيتي‪ .‬أولئك الذين من األمة اليهودية‬
‫حول سيمون ويوحنا‪ ،‬يأملون بشدة ف العفو‪ .‬والرومان ف انتظار ما سيطلبه قيرص‬
‫منهم‪ .‬لذلك أمر تيطس جنوده أن ُي َس ِكنوا غيظهم‪ ،‬ويضعوا سهامهم جانبا‪ .‬وعي‬
‫ر‬
‫متجما كعالمة عىل أنه الظافر وبدأ أول خطابه قائال‪:‬‬
‫ارجوكم يا سادة وقد شبعتم اآلن بمصائب بلدكم‪ ،‬تلك ر‬
‫الّت لم تكن ألية‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ ،‬سواء بقوتنا العظيمة‬ ‫أمة‪ ،‬وجلبتم الدمار لشعبكم ومدينتكم وبيتكم‬
‫أو بضعفكم الشديد ولكن كمثل مجاني عىل نحو غت مقبول وعنيف‪ .‬وف‬
‫َ‬
‫الحقيقة‪ ،‬كان يجب أن تهلكوا حيص أنكم لم تكفوا عن عصيانكم منذ أن‬
‫دحركم أول بومّت‪ ،‬وأشهرتم منذ ذلك الحي الحرب عىل الرومان‪ .‬فهل‬
‫تعتمدون عىل جماهتكم بينما جزء صغت جدا من العسكرية الرومانية كان قويا‬
‫أمم هناك خارج حدود‬
‫جدا لكم‪ .‬هل تتكلون عىل إخالق حلفائكم؟‪ .‬أى ٍ‬
‫سلطاننا‪ ،‬يمكنها أن تساعد اليهود ضد الرومان‪ .‬هل أجسامكم أقوى من‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫أجسامنا؟‪ .‬إنكم تعلمون أن الجرمان(‪ )211‬أنفسهم [األقوياء] عبيد لنا‪ .‬هل‬
‫ترتكنون عىل قوة أسواركم؟ أى عقبة أعظم من سور المحيط الذى ُي ِّ‬
‫طوق‬
‫بريطانيا‪ ،‬ومع ذلك كانوا يمدون أذرعتهم للرومان‪ .‬هل تتكلون عىل شجاعة‬
‫نفوسكم وحكمة قوادكم؟ كال‪ ،‬إنكم‪ ،‬ف الحقيقة‪ ،‬ل تقدرون إل أن تعرفوا أن‬
‫ُ‬
‫القر اجنيي قد د ِحروا منا‪ .‬لذلك ل يمكن أن يكون هناك ىسء مؤكد سوى‬
‫بيعة الرومان الذين ف المقام األول أعطوكم هذه األرض لتمتلكوها(‪ )212‬وف‬
‫المقام الثان‪ ،‬أقاموا عليكم ملوكا من أمتكم‪ .‬وف المقام الثالص‪ ،‬حافظوا لكم‬
‫ُ‬
‫عىل شائع ابائكم‪ .‬وأختا سمحوا لكم بالحياة كما تشون بالنسبة ألنفسكم‬
‫ٌ‬
‫ولآلخرين‪ .‬وماهو معروف بصفة رئيسية لنا هو أننا قد أعطيناكم ترصيحا أن‬
‫نستدع‬ ‫ولم‬ ‫‪.‬‬ ‫له‬ ‫سة‬‫كر‬ ‫ُت َح ِّصلوا الجزية المدفوعة هلل مع الهبات األخرى ُ‬
‫الم ِّ‬
‫ِ‬
‫قدمون عطاياهم لهذا السبب أو نمنعهم‪ .‬ر‬ ‫ُ ِّ‬
‫حّت ِصتم أختا أغّت‬ ‫أولئك الذين ي‬
‫ُ‬ ‫منا نحن أنفسنا‪ ،‬ر‬
‫حّت عندما كنتم أعداءنا وكنتم تجهزون للحرب ضدنا‬
‫بنقودنا‪ .‬كال‪ ،‬وبعد كل ذلك عندما كنتم تتمتعون بكل هذه المزايا حولتم‬
‫وفرتكم العظيمة إىل ضد أولئك الذين منحوكم إياها‪ .‬وكمثل أفاىع بال رحمة‬
‫نفثتم سمومكم عىل أولئك الذين عاملوكم بطيبة‪ .‬إنّت أعتقد لذلك أنه ينبىع‬
‫عوقة‪ِ ،‬صتم‬‫الم َ‬
‫أن تزدروا بكسل نتون‪ .‬وكمثل أ راف الجسد المكسورة أو ُ‬

‫خاملي منتظرين لوقت اخر وإن كان‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬بنية خبيثة‪ .‬وعندما انتش‬
‫ُ‬
‫بينكم الوباء‪ ،‬أظهرتم أنفسكم‪ ،‬وبسطتم رغباتكم إىل أبعد ما تمكنكم منه‬
‫تطلعاتكم الهائلة غت الفطنة‪ .‬لقد جاء أن إىل هذا البلد ل بقصد عقابكم عىل‬
‫ما فعلتموه مع سستيوس ‪ ،Cestius‬ولكن لىك يحثكم‪ .‬ألنه لو كان قد جاء‬

‫‪ - 211‬األلمان حاليا‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -212‬بعا هذا فكر خاىطء من تيطس‪ ،‬فاهلل هو الذى أعطاهم هذه األرض‪ .‬ولكن عذر تيطس‬
‫هنا أنه يتكلم كغازى وكفاتح وكمستعمر وبلغته "كسيد" لمعظم أجزاء المعمورة المعروفة انذاك‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫لقلب أمتكم لكان قد ركض مباشة إىل ينبوعكم الرئيىس‪ ،‬وخرب ف الحال هذه‬
‫المدينة‪ ،‬ولكنه ذهب وغزا الجليل واألجزاء المجاورة‪ .‬وب هذا أعطاكم وقتا‬
‫للندم‪ .‬واألمر الذى كان من انسانيته‪ ،‬ظننتموه أنتم ذريعة ضعف‪ .‬وغذيتم‬
‫صفاقتكم بلطفنا‪ .‬عندما رحل نتون عن العالم‪ ،‬فعلتم مثلما يفعل ر‬
‫اشف‬
‫األشار وشجعتم أنفسكم ضدنا بسبب شقاقنا المدن‪ ،‬وأسأتم استعمال ذلك‬
‫ُ‬ ‫الوقت الذى كان فيه ُ‬
‫كل من أن وأنا ذاهبون إىل مرص لتجهزوا الستعدادات‬
‫لهذه الحرب‪ ،‬ولم تخجلوا من إثارة الضطرابات ضدنا عندما ِصنا أبا رة‪.‬‬
‫وهذا بينما كنتم قد اختتتم مدى لطفنا عندما لم نكن سوى جتالت ف‬
‫الجيش‪ .‬بل عندما كانت السلطة تنتقل إلينا‪ ،‬وكان كل الناس اآلخرون هادئي‬
‫حّت أن األمم األجنبية أرسلت سفارات لتهنئتنا بالحصول عىل ُ‬
‫الحكم‪ ،‬أظهرتم‬ ‫ر‬

‫أنتم أيها اليهود مرة أخرى عداءكم لنا‪ .‬فأرسلتم سفارات إىل أولئك الذين من‬
‫أمتكم فيما وراء الفرات ُليساعدوكم عىل إثارة القالقل‪ ،‬وكنتم تبنون أسوارا‬
‫ُ‬
‫وتثتون ر‬
‫الفي‪ ،‬ويتنافس اغية مع اخر‪ ،‬وحرب أهلية‬ ‫جديدة حول مدينتكم‪،‬‬
‫تندلع بينكم‪ .‬مثل هذا‪ ،‬ف الحقيقة‪ ،‬ل يصت إل لشعب شير مثلكم‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أتيت إىل هذه المدينة مرسول من أن بدون إر ر‬
‫ادن‪ ،‬وتلقيت أوامرا مشددة منه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫علمت أن الشعب يجنح إىل السالم‪ ،‬ابتهجت لذلك وأخذت أحضكم‬ ‫وعندما ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫عىل اإلقالع عن هذه األمور قبل أن أبدأ هذه الحرب‪ .‬وكنت أحافظ عليكم‬
‫ُ‬
‫لفتة ويلة‪ ،‬وأعطيت يميّت باآلمان للمارقي‪،‬‬ ‫حّت عندما كنتم ُتحاربونّت ر‬‫ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتقيدت بما وعدت به بإخالق عندما فروا إىل‪ .‬وأشفقت عىل كثتين ممن‬
‫ُ‬
‫أخذتهم أشى‪ ،‬وعذبت فقط أولئك الذين كانوا يتوقون إىل الحرب لىك‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫رغبّت إحضار اآللت ضد أسواركم‪ ،‬منعت دائما‬ ‫أمنعهم‪ .‬لقد كان بدون‬
‫انتصار‪ ،‬كنت‬
‫ٍ‬ ‫جنودى من قسوتهم عليكم عندما قاموا لقتلكم‪ .‬وعقب كل‬
‫ر ُ‬ ‫ُ‬
‫اقتبت من هيكلكم‬ ‫أناشدكم للسالم‪ ،‬كما ولو كنت أنا نفىس المهزوم‪ .‬وعندما‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ُ‬
‫تخليت مرة أخرى عن شائع الحرب‪ ،‬وناشدتكم أن تدخروا أنفسكم وتصونوا‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ ،‬وسمحت لكم بخروج هادىء منه‪ ،‬وبآمان لبقائكم‪ .‬أو إذا‬ ‫بيتكم‬
‫ُ‬
‫أذنت لكم أن يكون ف مكان اخر‪ .‬ولكنكم كنتم تزدرون بكل ر‬
‫اقتاح‬ ‫أردتم القتال‬
‫ُ َ‬
‫المقدس‪ .‬والن‪ ،‬أيها األشقياء‬ ‫من عروىص‪ ،‬وأشعلتم النار بأياديكم ف بيتكم‬
‫ُ‬
‫األشار هل تريدون التعامل مىع بكالم الفم لتنقذوا هذا البناء كما كان‪ ،‬الذى‬
‫ُ‬
‫د ِّمر اآلن؟‪ .‬أى بقاء يمكن أن يكون لكم اآلن بعد خراب هيكلكم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ما‬
‫زلتم ر‬
‫حّت هذه اللحظة تقفون ف دروعكم‪ ،‬ول يمكنكم أن تجعلوا نفوسكم‬
‫تتظاهر بالترصع ر‬
‫حّت ف شدتكم القصوى ايها التعساء‪ .‬ما هو هذا الذى‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫المقدس؟‪ .‬أليست‬ ‫يمت شعبكم؟‪ .‬ألم َيضع بيتكم‬‫تعتمدون عليه‪ .‬ألم ُ‬

‫مدينتكم تحت سلطان؟‪ .‬أليست حياتكم نفسها ف يدى‪ ،‬أم ما زلتم تحسبونه‬
‫أمرا جليال أن تموتوا بشدة؟‪ .‬ومع ذلك فإنّت لن أحاىك جنونكم‪ ،‬فإذا رحتم‬
‫َ‬
‫أسلحتكم‪ ،‬وسلمتم أجسادكم ىل فإنّت أهب لكم حياتكم‪ .‬وسأسلك مثل رب‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫عائلة لطيف‪ ،‬ما ل يمكن شفاؤه ُيعاقب‪ ،‬والباف سأصونه إلستعماىل الخاق"‪.‬‬

‫(‪ )7/7/7‬فأجابوا عىل هذا العرض من تيطس أنهم ل يستطيعون قبوله ألنهم‬
‫أقسموا أل يفعلوا ذلك أبدا‪ .‬ولكنهم يرغبون ف الحصول عىل ترصي ح بالخروج من‬
‫السور الذى حولهم‪ ،‬هم وزوجاتهم وأ فالهم ألجل أن يذهبوا إىل الصحراء ر‬
‫ويتكون‬
‫المدينة له‪.‬‬
‫ُ‬
‫وعندئذ صار تيطس ف سخط شديد‪ ،‬ذلك ألن أناسا قد ا ِخذوا بالفعل أشى‪،‬‬
‫ُيريدون أن ُيملوا شو هم عليه كما ولو كانوا هم الغالبون‪ .‬لذلك أمر بإلقاء هذا البيان‬
‫عليهم‪:‬‬
‫أحد إليه كهارب‪ .‬ولن ريتجوا أى امان بعد ذلك‪،‬‬
‫يأت بعد اآلن أى ٍ‬
‫" لن ِ‬
‫أحد‪ ،‬ولكن سيحارب هم بكل‬ ‫ُ‬
‫بق عىل أى ٍ‬ ‫ألنه من اآلن فصاعدا لن ي ِ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الجيش‪ .‬وعليهم أن ُينقذوا أنفسهم بقدر ما يستطيعون‪ ،‬ألنه من اآلن‬
‫فصاعدا ُ‬
‫سيعاملهم وفقا لشائع الحرب"‪.‬‬
‫ولذلك أصدر أوامره إىل جنوده لحرق وسلب المدينة معا‪ .‬وحقا لم يفعلوا‬
‫شيئا ف ذلك اليوم‪ ،‬ولكنهم ف اليوم التاىل أشعلوا النار ف األروقة‪ ،‬وف أكرا ودار‬
‫َ‬
‫الولية‪ ،‬وف مكان ُيدىع اوفالس ‪ .Ophlas‬وعندئذ امتدت النتان بعيدا لغاية قرص‬
‫الّت كانت مكدسة‬ ‫ر‬
‫واحتقت األزقة ببيوتها ر‬ ‫الملكة هيلينا الذى كان ف وسط أكرا‬
‫بجثص أولئك الذين هلكوا بالمجاعة‪.‬‬

‫(‪ )4/7/7‬وف نفس ذلك اليوم اجتمع معا أبناء وإخوة الملك إزاتس ‪،Izates‬‬
‫مع كثتين من عامة الشعب المعتتين وتوسلوا إىل قيرص أن ُيعطيهم يمي األمان‪.‬‬
‫وعندئذ‪ ،‬بالرغم من أنه كان ف غضب شديد عىل كل الباقي اآلن‪ ،‬إل أنه مع ذلك لم‬
‫وقبل أولئك الرجال‪ .‬ف ذلك الوقت حفظهم جميعا حقا ف‬ ‫ُ‬
‫نح جانبا إعتداله القديم ِ‬
‫ي ِ‬
‫حبس‪ ،‬لكنه ربط أبناء الملك وأقاربه وقادهم معه فيما بعد إىل روما ليجعلهم رهائن‬
‫إلخالق بالدهم للرومان‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل السابع‬
‫[ما جرى بعد ذلك لمثتى ر‬
‫الفي عندما فعلوا إساءة عظيمة‪ ،‬وعانوا‬
‫من باليا عديدة‪ .‬وكيف صار قيرص سيدا للمدينة العليا]‬

‫(‪ )2/3/7‬والن‪ ،‬اقتحم مثتو ر‬


‫الفي القرص الملىك الذى وضع فيه كثتون‬
‫ممتلكاتهم ألنه كان قويا جدا‪ ،‬و ردوا الرومان منه‪ ،‬وقتلوا أيضا جميع الناس الذين‬
‫احتشدوا فيه والذين بلغ عددهم نحو ثمانية الف وأربعمائة وسلبوهم مما كان‬
‫وأشوا اثني من الرومان أحياء‪ .‬واحد من المشاة واآلخر من الفرسان‪ .‬فقطعوا‬
‫معهم‪ِ .‬‬
‫عندئذ رقبة جندى المشاة‪ ،‬وجروه ف الحال ف كل المدينة كإنتقام ألنفسهم من‬
‫جميع الرومان بهذه الحالة الوحيدة‪ .‬ولكن الفارس قال لهم أن لديه ر‬
‫اقتاح لىك‬
‫ُ‬
‫حرص إىل سيمون‪ .‬ولكنه إذ لم يكن لديه ىسء ليقوله‬ ‫يصونوا أنفسهم‪ .‬وف الحال ا ِ‬
‫هناك‪ ،‬أسلمه عندئذ ألردلس‪ -‬واحد من قواده‪ُ -‬ليعاقبه‪ .‬وهذا ربط يديه وراءه ووضع‬
‫عصابة عىل عينيه‪ ،‬وأحرصه قدام الرومان كأنه يقصد قطع رقبته‪ .‬ولكن الرجل منع‬
‫هذا اإلجراء وركض نحو الرومان‪ ،‬وذلك بينما كان الذين سيعدمونه يجردونه من‬
‫سيفه‪ .‬وعندما هرب من األعداء‪ ،‬لم يستطع تيطس أن ُيفكر ف قتله‪ ،‬ولكن ألنه كان‬
‫ُ‬
‫يحسبه غت مستحق أن يكون جنديا رومانيا فيما بعد بسبب أنه أ ِخذ حيا بواسطة‬
‫أعدائه‪ ،‬جرده من سالحه و رده من الفيلق الذى كان ينتم إليه‪ .‬األمر الذى كان‬
‫عالمة عار وعقوبة أشد من الموت نفسه‪.‬‬

‫رد الرومان اللصوق خارج المدينة السفلية‪،‬‬ ‫(‪ )1/3/7‬وف اليوم التاىل‪،‬‬
‫وأِصموا النتان فيها إىل سلوام‪ .‬وكان أولئك الجنود مشورين حقا بتخريب المدينة‪،‬‬
‫ولكنهم فقدوا السلب‪ .‬ذلك أن مثتى ر‬
‫الفي كانوا قد حملوا معهم كل ممتلكاتهم‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫واعتلوا بالمدينة العليا ألنهم لم يندموا رغم كل ذلك عىل ما ر‬
‫اقتفوه من اساءات‬ ‫ر‬

‫لكنهم كانوا وقحي كما لو كانوا قد فعلوا حسنا‪ .‬ألنهم ما أن رأوا المدينة تضطرم‬
‫حّت ظهروا مبتهجي وقالوا أنهم ينتظرون الموت بشور وقد تركوا ل ىسء‬‫بالنتان ر‬
‫ُ‬ ‫للعدو‪ .‬فالشعب قد ُقتل‪ ،‬والبيت ُ‬
‫المق َدس قد ر‬
‫احتق‪ ،‬والمدينة قد خ ِّربت‬ ‫ِ‬
‫حّت ف هذه الضيقة القصوى عن أن يتوسل‬ ‫ومع ذلك لم يكل يوسفوس ر‬
‫ر‬
‫اليهم أن ُي ِنقذوا باف المدينة‪ .‬وتكلم كثتا معهم عن عدم تقواهم وبربريتهم ونصحهم‬
‫لىك يهربوا‪ .‬عىل الرغم من أنه لم يجن منهم شيئا سوى السخرية‪ .‬وإذ كانوا غت‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫أقوياء بما فيه‬ ‫قادرين عىل تسليم أنفسهم بسبب الق َسم الذى أخذوه‪ ،‬ولم يكونوا‬
‫الكفاية لمحاربة الرومان بعد ذلك ميدانيا‪ ،‬إذ كانوا محاِصين من كل جانب وكانوا ف‬
‫الواقع كمسجوني عىل نحو ما‪ ،‬وكانوا متعودين عىل قتل الناس‪ ،‬فإنهم لم يقدروا أن‬
‫ُيحجموا أياديهم عن ِفعل ذلك بالتاىل‪ .‬لذلك فرقوا أنفسهم أمام المدينة‪ ،‬وكمنوا‬
‫هناك بي الخرائب ليقبضوا عىل كل َمن يحاول الهرب إىل الرومان‪ .‬وبالتاىل فإن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كثتين ممن ق ِبض عليهم ق ِتلوا ألنهم كانوا ضعفاء جدا بسبب عوزهم إىل الطعام عن‬
‫أن يهربوا منهم‪ُ .‬والقيت جثثهم إىل الكالب‪ .‬لقد كان أى نوع اخر للموت ر‬
‫أكت احتمال‬ ‫ِ‬
‫من المجاعة‪ ،‬لدرجة أنه عىل الرغم من يأس اليهود اآلن ف الرحمة‪ ،‬إل أنهم مع ذلك‬
‫بنفس واحدة أن يقعوا ر‬ ‫ْ‬
‫حّت ف يد القتلة والعصاة أيضا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫هربوا إىل الرومان‪ ،‬وأرادوا‬
‫ولم يكن هناك أى مكان ف المدينة ليس به جثص ر‬
‫مون‪ ،‬بل كانت مغطاة بالكامل‬
‫ُ‬
‫بجثص الذين ق ِتلوا إما بالمجاعة وإما بالعصاة‪ .‬كان كل ىسء مملوء بجثص الذين‬
‫هلكوا بالفتنة والمجاعة‪.‬‬

‫(‪ )7/3/7‬واآلن‪ ،‬كان األمل األخت الذى يدعم الطغاة واللصوق الذين معهم‬
‫الّت تحت األرض‪ ،‬ر‬
‫حّت إذا ما هربوا إليها ل يتوقعون البحص‬ ‫هو الكهوف والمغائر ر‬
‫عنهم‪ .‬لذلك سعوا إليها بعد خراب المدينة‪ ،‬ر‬
‫حّت يمكنهم عند انرصاف الرومان‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫أكت من ُحلم بالنسبة لهم‪ .‬ألنهم لم‬
‫الخروج منها ثم الهرب منهم‪ .‬ولم يكن هذا ر‬

‫يكونوا غت قادرين عىل اإلختباء‪ ،‬ل من هللا ول من الرومان‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد اعتمدوا‬
‫أكت األماكن‪ ،‬ر‬
‫أكت من الرومان‬ ‫عىل هذه الشاديب التحت أرضية‪ ،‬وأِصموا النتان ف ر‬
‫ر‬
‫المحتقة هذه إىل الخنادق‪ ،‬كانوا يقتلونهم‬ ‫أنفسهم‪ .‬وأولئك الذين هربوا من بيوتهم‬
‫واحد يقبضون‬
‫ٍ‬ ‫بدون رحمة ويسلبونهم أيضا‪ .‬وإذا وجدوا معهم عاما يخص أى‬
‫عليهم ويبتلعونه بدمه أيضا‪ .‬بل لقد بدأوا يقتلون بعضهم بعضا بشأن األسالب‪ .‬ول‬
‫يمكنّت إل أن أظن أنه لو لم يكن هالكهم قد حال دون ذلك‪ ،‬ألفضت بهم بربريتهم‬
‫إىل تذوق عم الجثص ذاتها‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل الثامن‬
‫[كيف أقام تيطس الصقالت حول المدينة العليا‪ .‬وعندما كملت‪ ،‬أصدر أوامره‬
‫بإحضار اآللت‪ .‬استيالئه عىل كل المدينة بنفسه]‬

‫(‪ )2/9/7‬وعندما أدرك تيطس أن المدينة العليا كانت شاهقة عىل نحو ل‬
‫يمكنه أن يأخذها بدون إقامة صقالت أمامها‪ ،‬وزع األجزاء المتعددة للعمل بي‬
‫(‪)211‬‬
‫جيشه‪ .‬وكان ذلك ف اليوم العشين من شهر لوس [اب]‬
‫وكان جلب المواد عبء صعب جدا حيص أن جميع الشجر الذى كان حول‬
‫ُ‬
‫المدينة داخل مسافة مائة غلوة كانت قد ق ِط َعت بالفعل إلقامة الصقالت السابقة‪،‬‬
‫كما قلت لكم من قبل‪ .‬وكانت العمال المخصصة للفيالق الربعة هو نصبها ف‬
‫الجانب الغرن من المدينة ف مواجهة القرص الملىك‪ .‬أما [نصيب] كل الفرق‬
‫ر‬
‫وباف الجموع ر‬
‫الّت كانت معهم فكان [نصب صقالتهم] عند اكسستوس‪،‬‬ ‫المساعدة‬
‫ِ‬
‫ومن هناك َي ِصلون إىل القنطرة وبرج سيمون الذى كان قد بناه لنفسه كقلعة له ضد‬
‫يوحنا عندما كانا يحاربان بعضهما بعضا‪.‬‬

‫(‪ )1/9/7‬وكان ف ذلك الوقت أن قادة اإلدوميي اجتمعوا معا عىل انفراد‬
‫وتشاوروا ف تسليم أنفسهم للرومان‪ .‬وبالتاىل ارسلوا خمسة رجال إىل تيطس‪،‬‬
‫وتوسلوا إليه أن ُيعطيهم يمي اآلمان‪ .‬وهكذا ظن تيطس أن الطغاة سيستسلمون إذا‬
‫تخىل عنهم اإل ُ‬
‫دوميون الذين يعتمدون عليهم ف الجزء األكت من الحرب‪ .‬عندئذ بعد‬
‫بعض التأخت والتمنع اتفق معهم ومنحهم اآلمان لحياتهم‪ ،‬وأرجع الخمسة رجال‪.‬‬
‫ولكن ما أن استعد اإلدوميون لإلنسحاب ر‬
‫حّت أدرك سيمون ذلك‪ ،‬فقتل ف الحال‬

‫‪ 7 - 211‬سبتمت سنة ‪31‬م‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الخمسة رجال الذين ذهبوا إىل تيطس‪ ،‬وقبض عىل قادتهم وحبسهم ف سجن‪ .‬وكان‬
‫من بينهم يعقوب بن سوساس‪ .‬ولكن بالنسبة لجمهور اإلدوميي الذين لم يعرفوا‬
‫ُ‬
‫بعدد‬
‫ٍ‬ ‫عىل اإل الق ماذا يفعلون وقد ا ِخذ قوادهم منهم‪ ،‬فقد راقبهم‪ ،‬وأمن األسوار‬
‫ُ‬
‫أكت من الحاميات‪ .‬ولكن هذه الحاميات لم تستطع أن تقاوم مع ذلك أولئك الذين‬
‫ُ‬
‫كانوا يهربون‪ .‬فعىل الرغم من أن عددا كبتا منهم قد ق ِتل‪ ،‬لكن الهاربي مع ذلك كانوا‬
‫ُ ُ‬
‫قبلوا بواسطة الرومان ألن تيطس نفسه بسبب‬ ‫أكت عددا منهم‪ .‬وأولئك جميعا است ِ‬
‫َ‬
‫انسانيته أهمل أوامره السابقة بقتلهم‪ ،‬وبسبب أن الجنود أنفسهم قد كلوا من قتلهم‪،‬‬
‫وألنهم املوا ف الحصول عىل بعض النقود باإلبقاء عىل حياتهم‪ .‬ألنهم تركوا فقط‬
‫ر‬
‫الموا ني وباعوا باف الجموع مع زوجاتهم ونسائهم وكل واحد منهم بثمن بخس‬
‫ر‬
‫المشتون قليلي‪.‬‬ ‫وذلك ألن الذين كانوا معروضي للبيع كان عددهم كبتا جدا وكان‬
‫يأن أحد من الهاربي وحده ولكن‬‫وعىل الرغم من أن تيطس كان قد أعلن سابقا بأل ر‬

‫مع أشته‪ ،‬لكنه استقبل أولئك وأولئك أيضا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬مت بينهم وبي َمن كان منهم‬
‫ُ‬
‫يستحق العقاب‪ .‬وحقا‪ ،‬كان عدد الذين بيعوا كبتا جدا‪ .‬ولكن من الموا ني ا ِنقذ‬
‫نحو اربعي ألف‪ .‬أولئك ا لقهم قيرص ليمضوا إىل حيثما ُيريدون‪.‬‬

‫(‪ )7/9/7‬ولكن ف ذلك الوقت‪ ،‬حدن أن واحدا من الكهنة‪ ،‬اسمه يشوع ابن‬
‫ِّ‬
‫ثيبوثوس ‪ ،Thebuthus‬عندما نال اآلمان بقسم قيرص عىل نجاته بشص أن ُي َسلمه‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫المقدس‬ ‫وسلمه من سور البيت‬ ‫األشياء الثمينة المودعة ف الهيكل‪ ،‬خرج منه‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫المقدس‪ ،‬مع موائد وأوان من الذهب الخالص‬ ‫شمعداني مثل اللذان كانا ف البيت‬
‫َ‬
‫وكانت ثقيلة جدا‪ .‬وأيضا سلمه الستور والمالبس واألحجار الكريمة وعدد كبت من‬
‫األوان الثمينة ر‬
‫الّت تخص العبادة المقدسة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأيضا خازن الهيكل وكان اسمه فينحاس ق ِبض عليه وأظهر أيضا لتيطس‬
‫َ‬
‫معا ف ومنا ق الكهنة‪ ،‬مع كمية كبتة من األرجوان والقرمز كانت مودعة هناك‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ألغراض الستور‪ .‬وكذلك كمية كبتة من القرفة والسنا (كاسيا) مع كمية كبتة أيضا‬
‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫العطارة ر‬
‫وسلمت إليه أيضا‬ ‫كبخور إىل هللا ف كل يوم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الّت كانت تخلط معا وتقدم‬ ‫من ِ‬
‫خزائن أخرى كثتة مع جواهر مقدسة للهيكل ليست بقليلة مقابل الحصول منه لهذا‬
‫ُ‬
‫الرجل – (عىل الرغم من أنه كان قد ا ِش بالقوة)‪ -‬عىل نفس العفو الذى كان قد سمح‬
‫به ألولئك الهاربي من تلقاء ذواتهم‪.‬‬

‫(‪ )4/9/7‬ولما تمت إقامة الصقالت ف اليوم السابع من شهر جوربيوس‬


‫‪[ Gorpieus‬ايلول](‪ )217‬ف مدة ثمانية عش يوما‪ ،‬أحرص الرومان التهم ضد السور‪.‬‬
‫ولكن بالنسبة لمثتى ر‬
‫الفي‪ ،‬فإن بعضا منهم وهم يائسون ف انقاذ المدينة‪ ،‬انسحبوا‬
‫من السور إىل القلعة‪ .‬واخرون نزلوا إىل اسفل ف الشقوق األرضية‪ .‬وعىل الرغم من‬
‫أن كثتين منهم ظلوا يدافعون عن أنفسهم ضد أولئك الذين أحرصوا الت الرصب‪،‬‬
‫إل أن الرومان مع ذلك قهروهم ِبعددهم وعتادهم‪ .‬والىسء الرئيىس ف كل هذا كان‬
‫إقدامهم عىل العمل بابتهاج‪ ،‬بينما كان اليهود قد أصبحوا ضعفاء وهزلي‪.‬‬
‫والن‪ ،‬بمجرد أن اندك جزء من السور‪ ،‬واستسلم جزء من األبراج لرصبات‬
‫الت الكبش الضاربة‪ ،‬لذ أولئك الذين كانوا يقومون بالفرار وحل ذعر شديد عىل‬
‫الطغاة أعظم مما تسمح به األمور‪ .‬ألنه ح رّت قبل أن يصعد األعداء إىل الصقالت‬
‫كانوا قد ُص ِعقوا تماما‪ ،‬وولوا اإلدبار ف الحال‪ .‬وكان النسان يرى أولئك الذين كانوا‬
‫وقحي ومتعجرفي ف ممارساتهم الشيرة‪ ،‬مطروحي مرتعدين لدرجة تستدر شفقة‬
‫قلب النسان ليالحظ التغت الذى حدن ف أولئك األشار‪ .‬ومن ثم ركضوا بعنف‬
‫شديد نحو سور الرومان الذى كان ُيحدق بهم لىك يشقوا ريقا لهم بي حرسه‪ ،‬ولىك‬
‫يجتازوه ويخرجون منه‪ .‬ولكن عندما رأوهم أولئك الذين كانوا مخلصي لهم ف‬

‫‪ 19 - 217‬سبتمت‪31 ،‬م‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫السابق [هكذا] تخلوا عنهم‪( .‬وحقا‪ ،‬كانوا يهربون كلما كانت المحنة الشديدة تقنعهم‬
‫بالهرب)‪ .‬كما أن أولئك الذين ركضوا قبلهم قالوا لهم أن السور الغرن قد انهار‬
‫بالكامل‪ .‬بينما قال اخرون أن الرومان قد دخلوا‪ ،‬واخرون قالوا أنهم قد ر‬
‫اقتبوا وأنهم‬
‫يبحثون عنهم‪ .‬واستطاع اخرون أن يروا األعداء فوق األبراج‪ .‬وكل هذه األمور كانت‬
‫وقتئذ نتاج الخوف الذى سيطر عليهم‪ ،‬فتوهموا رؤية ذلك‪ .‬عندئذ انطرحوا عىل‬
‫وجوههم وأخذوا يندبون سلوكهم الجنون‪ .‬وانحلت أعصابهم بالكامل ر‬
‫حّت أنهم لم‬
‫يقدروا عىل الفرار‪.‬‬
‫وهنا فليتأمل النسان ف قوة هللا العاملة ف الحظ الطيب والردىء للرومان‬
‫ألن أولئك الطغاة قد َح َرموا أنفسهم اآلن من اآلمان الذى كان ف سلطتهم‪ ،‬ونزلوا من‬
‫أبراج ذواتهم من حيص لم يكن ممكنا أن ُي َ‬
‫ؤحذوا بالقوة‪ ،‬ول بأى وسيلة أخرى ‪ ،‬ف‬
‫الحقيقة‪ ،‬خالف المجاعة‪ .‬وهذا ما فعله الرومان عندما تحملوا مشقات كثتة مثل‬
‫هذه بخصوق أضعف األسوار‪ .‬فحصلوا بالحظ الطيب عىل ما لم يكن ف إمكان‬
‫ُ‬
‫تحصل عليه‪ .‬ألن ثالثة من هذه األبراج كانت قوية جدا ضد كل اآللت‬ ‫التهم أن‬
‫الميكانيكية مهما كانت ر‬
‫والّت تكلمنا عنها فيما سبق‪.‬‬

‫ُ‬
‫(‪ ) /9/7‬وهكذا تركوا هذه األبراج من أنفسهم‪ ،‬أو أنهم قد ِردوا من هناك‬
‫بواسطة هللا نفسه‪ ،‬وهربوا ف الحال إىل ذلك الوادى الذى كان تحت سلوام حيص‬
‫شفوا أنفسهم هناك‪ ،‬لبعض الوقت‪ ،‬من الرعب الذى كانوا فيه‪ .‬ثم ركضوا نحو جزء‬
‫َ‬
‫من السور الرومان كان يقع ف ذلك الجانب‪ .‬ولكن لما كانت شجاعتهم قد خارت‬
‫كثتا ُلي ِشنوا هجمات قوية كافية وكانت قوتهم قد تحطمت وقتذاك من الخوف‬
‫والحزن فقد صدهم الحرس وتشتتوا عن بعضهم بعضا عىل مسافات‪ ،‬ونزلوا إىل‬
‫الشاديب التحت أرضية‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وقد صار الرومان اآلن سادة األسوار‪ ،‬وضعوا كال من التهم فوق‬
‫األبراج‪ ،‬وهللوا مبتهجي بالظفر الذى أحرزوه‪ .‬وقد وجدوا نهاية الحرب أخف كثتا‬
‫من بدايتها‪ .‬ألنهم عندما استولوا عىل السور األخت بدون أى سفك دماء بالكاد‬
‫قاومهم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صدقوا أن هذا حقيقة‪ .‬ولكنهم عندما لم يروا أى واحد ي ِ‬
‫استطاعوا أن ي ِ‬
‫تشككوا فيما عىس أن يكون معّت هذا الهدوء‪ .‬ولكن عندما دخلوا إىل أزقة المدينة ف‬
‫شهرون سيوفهم‪ ،‬قتلوا كل َمن صادفهم بدون رحمة‪ ،‬وأحرقوا البيوت‬ ‫ُ‬
‫أعداد وهم ي ِ‬
‫هناك وكل نفس فيها حيص هرب إليها اليهود‪ .‬وأهلكوا الكثتين منهم‪ .‬وعندما كانوا‬
‫ُ‬
‫يأتون إىل المنازل لينهبوها‪ ،‬كانوا يجدون فيها جثص ا َش بأكملها‪ ،‬والغرف العليا‬
‫َ‬
‫المشهد‬ ‫مكدسة بجثص أولئك الذين ماتوا بالمجاعة‪ .‬وكانوا يقفون مرتعبي أمام هذا‬
‫ويخرجون دون لمس أى ىسء‪ ,‬ولكن عىل الرغم من أنهم كانوا َي ْرثون ألولئك الذين‬
‫هلكوا عىل هذا النحو‪ ،‬لكنهم لم يكونوا كذلك بالنسبة للذين كانوا ما زالوا أحياء‪ ،‬بل‬
‫ويعوقون األزقة بجثثهم‪ .‬وجعلوا المدينة تطفوا‬ ‫كان كل واحد يجرى نحو َمن بالقيه ُ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫ف الدماء‪ .‬إىل درجة أن دماء الرجال كانت تطفء حقا حريق كثت من البيوت‪.‬‬
‫وف الحقيقة‪ ،‬عىل الرغم من أن المقاتلي قد كفوا ف المساء‪ ،‬لكن النار ظلت‬
‫يحتق عندما لح اليوم الثامن من شهر‬‫سائدة وال الليل‪ .‬وكان كل ىسء ما زال ر‬
‫عىل اورشليم‪ .‬تلك المدينة ر‬
‫الّت قاست باليا هذا مقدارها‬ ‫(‪)214‬‬
‫جوربيوس[ايلول]‬
‫خالل هذا الحصار‪ ،‬ر‬
‫والّت كانت تتمتع بسعادة كبتة منذ تأسيسها األول‪ ،‬وكانت‬
‫َ‬
‫بالتأكيد موضع حسد العالم أجمع‪ .‬ولم تكن بسبب ذلك لتستحق كل أنواع‬
‫المصائب هذه إل إلنجابها جيال من البش كان سبب انقالبها هذا‪.‬‬

‫‪ 17 - 214‬سبتمت‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل التاسع‬
‫[ التعليمات ر‬
‫الّت أصدرها قيرص عندما دخل المدينة‪ .‬عدد األشى‪ ،‬وأولئك‬
‫الذين هلكوا ف الحصار‪ .‬أولئك الذين هربوا إىل المغائر التحت ارضية‪ ،‬ومن بينهم‬
‫الطغاة يوحنا وسيمون أنفسهما‪].‬‬

‫ُ‬
‫عجب ليس‬
‫(‪ )2/8/7‬واآلن‪ ،‬عندما دخل تيطس إىل هذه المدينة [العليا]‪ ،‬ا ِ‬
‫فقط ببعض األماكن األخرى القوية فيها‪ ،‬ولكن بصفة خاصة بهذه األبراج المنيعة‬
‫وكت حجارتها‬ ‫ر‬
‫الشاهق ِ‬
‫ِ‬ ‫الّت شيدها الطغاة ف جنونهم‪ .‬ألنه عندما رأى ارتفاعها‬
‫المتعددة‪ ،‬ودقة وصالتها وضخامة عرضها‪ ،‬واتساع ولها‪ ،‬عت عن نفسه عىل النحو‬
‫ر‬
‫اآلن‪:‬‬
‫"بالتأكيد كان هللا هو عوننا ف هذه الحرب‪ .‬فليس اخر إل هللا هو الذى رد‬
‫اليهود من هذه التحصينات ألنه ماذا يمكن أليدى البش أو اآللت أن تفعل إزاء هذه‬
‫األبراج؟"‪ .‬وف نفس الوقت كان يقول مثل هذا الكالم ألصدقائه‪ .‬وأ لق أيضا الذين‬
‫ر‬ ‫كانوا مقيدين بواسطة الطغاة ر‬
‫ومتوكي ف السجون‪ .‬وأختا‪ ،‬دمر باف المدينة‬
‫ُ‬
‫بالكامل‪ ،‬ونقض أسوارها‪ .‬إل أنه ترك أبراجها لتكون نصبا تذكاريا لحظه الطيب الذى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أثبت أنه كان مواتيا له‪ ،‬وأنه َمكنه من أن يأخذ ما كان ل يمكنه أن يأخذه بنحو اخر‪.‬‬

‫َ‬
‫(‪ )1/8/7‬ولما كان الجنود قد كلوا من القتل‪ ،‬وكان هناك جمهور غفت من‬
‫أحد إل أولئك المسلحي‬
‫األحياء ما زال باقيا‪ ،‬فقد أصدر قيرص أوامره بعدم قتل أى ٍ‬
‫ر‬
‫فقط‪ ،‬والذين يقاومونهم‪ ،‬وأن يأخذوا الباف أحياء‪ .‬ولكنهم قتلوا مع الذين أمر‬
‫بقتلهم‪ ،‬أيضا المسني والمرىص‪ .‬أما الذين كانوا ف زهرة شبابهم الذين يكونون‬
‫نافعي لهم‪ ،‬فساقوهم جميعا إىل الهيكل وحبسوهم ف دار النساء‪ .‬وأقام عليهم‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫ِّ‬
‫قيرص واحدا من عبيده المعتوقي وأيضا فرونتو أحد أصدقائه‪ .‬وهذا األخت كان ُيحدد‬
‫الفي واللصوق‬‫مصت كل واحد تبعا لستحقاقه‪ .‬وهكذا قتل فرونتو هذا كل مثتى ر‬
‫الذين كانوا يدلون عىل بعضهم بعضا‪ .‬ولكنه اختار من بي الشباب أ ولهم ر‬
‫وأكتهم‬
‫ر‬
‫رشاقة وأبقاهم لموكب الظفر‪ .‬أما بالنسبة لباف الجمهور الذين كانت اعمارهم نحو‬
‫السبعة عش سنة فقيدهم وأرسلهم إىل المناجم المرصية‪ .‬وأرسل تيطس عددا كبتا‬
‫إىل المحافظي كهدايا لهم‪ ،‬لىك يهلكون عىل المسارح بالسيف أو بالحيوانات‬
‫ر‬
‫المفتسة‪ .‬ولكن أولئك الذين كانوا تحت سن السبعة عش سنة فقد بيعوا كرقيق‪.‬‬
‫وخالل األيام ر‬
‫الّت كان فرونتو يفرز فيها أولئك الرجال‪ ،‬هلك إحدى عش ألفا بسبب‬
‫الحاجة إىل عام‪ .‬بعضهم لم يذق أى عام بسبب كراهية الحرس لهم‪ .‬وبعضهم لم‬
‫يشأ أن يأخذ شيئا عندما كانوا ُيعطونهم‪ .‬وكانت الجموع غفتة جدا لدرجة أنهم كانوا‬
‫ف عوز إىل الكفاف‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫(‪ )7/8/7‬واآلن‪ ،‬قدر عدد الذين ا ِخذوا أشى خالل كل هذه الحرب بنحو ‪83‬‬
‫فتة الحصار بأكملها إحدى عش مائة‬‫ألف‪ .‬كما كان عدد الذين هلكوا خالل ر‬

‫ألف( ‪ .)21‬وكان الجزء األكت منهم‪ ،‬ف الحقيقة‪ ،‬من نفس األمة[ مع موا ّت‬
‫(‪)217‬‬
‫ألنهم كانوا قد صعدوا من سائر‬ ‫أوررشليم] ولكن ل ينتمون إىل المدينة ذاتها‬
‫أرجاء الريف لإلحتفال بعيد الفطت‪ ،‬وعندئذ اندلعت الحرب فجأة ر‬
‫الّت كانت ف‬
‫البداية ِضيقة شديدة لهم‪ ،‬ثم صارت هالكا لهم‪ ،‬ثم بعد ذلك تلك المجاعة ر‬
‫الّت‬
‫أهلكتهم أشع‪ .‬وكون أن هذه المدينة استطاعت أن تضم كثتين جدا من الشعب‬
‫فيها‪ ،‬فهذا واضح من عددهم الذى أخذه سيستيوس ‪ Cestius‬الذى كان يتوق‬
‫إلعالم نتون بقوة المدينة‪ ،‬ولول ذلك َلما عدها وكان قد ازدرى بهذه األمة‪ .‬لذلك‬

‫‪ - 21‬أى (‪ )2211111‬نسمة‪ُ ،‬‬


‫ويعت عنها أيضا ب ‪ 22‬ريوة‪.‬‬
‫‪ - 217‬أى ليسوا من اورشليم‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫كلف رئيس الكهنة بإحصاء جمهورهم كله إذا كان ذلك ممكنا‪ .‬وهكذا‪ ،‬قام رؤساء‬
‫الكهنة عند مخء ذلك العيد الذى ندعوه "الفصح" – عندما يذبحون ذبائحهم من‬
‫الساعة التاسعة إىل الحادية عش‪ ،‬حيص كان كل جماعة ل تقل عن عشة تخصها‬
‫ذبيحة واحدة (ألنه ليس شعا الحتفال فرادى بأنفسهم)‪ ،‬وكثتون منا كان عددهم‬
‫عشين ف مجموعهم‪ .‬فوجدوا أن عدد الذبائح كانت ‪ 1 7‬ألف وخمسمائة ر‬
‫الّت عىل‬
‫أكت من عشة اشخاق يحتفلون معا تكون مليونان وسبعمائة ألف‬ ‫أساس ليس ر‬
‫ومقدسي‪ .‬ألنه بالنسبة ألولئك ُ‬
‫التق أو ذوى السيالن أو‬ ‫شخص الذين كانوا أتقياء ُ‬
‫ر‬
‫اللوان ف عادتهن الشهرية‪ ،‬أو الدنسي بوسيلة أو بأخرى فأولئك ل يجوز لهم‬ ‫النساء‬
‫شعيا أن ر‬
‫يشتكوا ف هذه الذبيحة‪ .‬وبالمثل أى أجنّت جاء إىل هناك للعبادة‪.‬‬

‫(‪ )4/8/7‬واآلن‪ ،‬هذا الجمع الغفت قد تجمع من األماكن النائية‪ .‬ولكن األمة‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫غلق عليها بقدرها كما ف سجن‪ ،‬و وق الجيش الرومان المدينة‬ ‫بأكملها كان قد ا ِ‬
‫عندما كانت مكتظة بالسكان‪ ،‬وبالتاىل فإن الجموع ر‬
‫الّت هلكت فيها فاقت كل هالك‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫جلبه النسان أو هللا عىل العالم را‪ .‬بل لنتكلم فقط عما هو معروف علنا‪ :‬لقد قتل‬
‫وأشوا بعضهم‪ ،‬وفتشوا عن اآلخرين تحت الرض وعندما كانوا‬ ‫الرومان بعضهم‪ِ ،‬‬
‫يجدونهم حيثما يجدونهم كانوا يشقون الرض ويقتلون كل من يصادفونه‪ .‬وقد ُو ِجد‬
‫أيضا قتىل يربو عددهم عىل ألف شخص بعضهم ماتوا بعد يوم واخرون قتلوا‬
‫بعضهم بعضا‪ .‬ولكنهم بصفة رئيسية هلكوا بالمجاعة‪ .‬وكانت الرائحة النتنة للجثص‬
‫خانقة جدا ألولئك الذين كانوا يحملونهم لدرجة أن بعضهم اضطر إىل النرصاف ف‬
‫حّت انهم مضوا بي الجثص ر‬
‫الّت كانت ف‬ ‫الحال بينما كان اخرون شهي للمكسب ر‬

‫أكوام وو أوها ألن قدرا كبتا من الكنوز كانت توجد هناك ف هذه المغائر وأفض‬
‫األمل ف المكسب إىل جعل كل وسيلة للحصول عليها شعية‪ .‬أيضا‪ ،‬كثتون ممن‬
‫(‪ُ )41‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫قلعوا‬
‫و ِضعوا ف الحبس بواسطة أولئك الطغاة اعتقوا‪ .‬وألنهم [أى الطغاة] لم ي ِ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫عن اعمالهم التيرية وقسوتهم ر‬
‫حّت ف اخر لحظة‪ ،‬فإن هللا انتقم لنفسه منهما معا‬
‫عىل نحو عادل ومقبول‪ .‬فبالنسبة ليوحنا فقد اعتاز هو وإخوته إىل الطعام ف هذه‬
‫المغائر‪ ،‬وتوسل إىل الرومان أن يعطونه يمي اآلمان له‪ ،‬ذلك الذى كان يرفضه بكتياء‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫جت عىل تسليم‬ ‫من قبل‪ .‬أما سيمون فقد صارع مع المحنة الّت كان فيها إىل أن ا ِ‬
‫َ‬
‫نفسه‪ .‬كما ستى ذلك فيما بعد‪ .‬وهكذا كان محفوظا لموكب الظفر‪ ،‬وألن ُيقتل فيما‬
‫بعد‪ .‬كما ُح ِكم عىل يوحنا بالسجن المؤبد‪ .‬واآلن أحرق الرومان أ راف المدينة‬
‫ونقضوها وهدموا أسوارها بالكامل‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس‪ :‬الفضل العاش‬
‫ُ َ‬
‫[مدينة اورشليم تؤخذ خمس مرات من قبل‪ .‬وهذه ا المرة الثانية لخرابها‪.‬‬
‫بيان مخترص لتاريخها]‬

‫(‪ )2/21/7‬وهكذا‪ ،‬اخذت اورشليم ف السنة الثانية ُ‬


‫لحكم فسبسيان ف اليوم‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫الخامس من شهر جوربيوس [ايلول](‪ .)213‬ولقد ا ِخذت خمس مرات من قبل‪ .‬عىل‬
‫الرغم من أن هذه كانت ا المرة الثانية لخرابها ألن شيشق ملك مرص‪ ،‬ومن بعده‬
‫انطيوخس ثم بومّت ثم سوسيوس فهتودس استولوا عىل المدينة ولكنهم حافظوا‬
‫عليها‪ .‬ولكن قبل ذلك غزاها ملك بابل وخرب ها وذلك بعد بنائها ب ألف وأربعمائة‬
‫وثمانية وستي سنة وستة أشهر (‪ )2479‬ولكن الذى بناها أول كان رجال قويا بي‬
‫ُ ً‬
‫ويدىع ف لغتنا "ملىك صادق" أى ملك الت‪ .‬ألنه كان حقيقة هكذا‪.‬‬ ‫الكنعانيي‬
‫وبسبب ذلك كان أول كاهن هلل وأول َمن بّت هيكال [هناك]‪ .‬ودىع المدينة ر‬
‫الّت كانت‬
‫ُ‬
‫تسم قبال ساليم‪ ،‬مدينة اورشليم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن داوود ملك اليهود رد الكنعانيي‬
‫وو ن شعبه هناك‪ .‬وقد دمرها البابليون بالكامل بعده ب ‪ 433‬سنة وستة أشهر‪ .‬ومن‬
‫الملك داوود الذى كان أول ملك من اليهود يحكم فيها‪ ،‬إىل هذا الخراب ف عهد‬
‫تيطس كان ‪ 2238‬سنة‪ .‬ولكن من بنائها األول إىل هذا الخراب األخت ‪ 1233‬سنة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬لم تكن اثارها العظيمة‪ ،‬وثراءها العريض‪ ،‬وروعتها ف كل المسكونة‬
‫والتوقت الكبت ُ‬
‫المقدم لها دينيا بكاف لحفظها من الخراب‪.‬‬
‫وب هذا انتىه حصار اورشليم‪.‬‬

‫‪ 17 - 213‬سبتمت‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السابع‬

http://coptic-treasures.com
‫الكتاب السابع‪ :‬الفصل األول‬

‫(‪ )2/2/3‬وإذ لم َي ُعد الجيش يجد َمن يقتله من الشعب أو ينهبه ألن أحدا‬
‫يعد هناك َمن يكون موضع حنقهم‪( ،‬ألنهم ما كانوا ُليبقوا عىل شخص‬ ‫من الباقي لم ُ‬
‫ما لم يكن قد ربف اعمال أخرى ليعملوها)‪ ،‬ر‬
‫حّت أعطاهم قيرص أوامر بنقض المدينة‬
‫العظم وا‪:‬‬‫والهيكل بالكامل‪ ،‬وأل ريتكوا سوى عددا من األبراج قائمة لتظهر روعتها ُ‬

‫فاسيلس ‪ ،Phasaelus‬وهيبيكس‪ ،‬وماريمنا ‪ .Mariamne‬والجزء من السور القريب‬


‫من المدينة ف الجانب الغرن‪ .‬وهذا السور فقط لىك يوفر معسكرا للحامية ر‬
‫الّت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ظهر رخاء ونوع تلك المدينة وتحصيناتها‬
‫ستمكص هناك مثلما حفظت األبراج ولىك ت ِ‬
‫ر‬
‫الّت دحرها الرومان وقهروها‪ .‬ولكن بالنسبة لكل باف السور‪ ،‬فقد ُس ِّوى بالرض‬
‫تلك ر‬
‫حّت أن الذى ر‬
‫يأن إىل هناك ل‬ ‫تماما‪ ،‬وذلك بأن حفروا أساساته ولم ريتكوا شيئا منه‪ ،‬ر‬
‫ِّ‬
‫ُيصدق أبدا أنها كانت مسكونة‪.‬‬
‫هذه كانت النهاية ر‬
‫الّت الت إليها اورشليم بسبب جنون أولئك الذين ابتكروها‪:‬‬
‫مدينة ذات روعة عظيمة وشهرة جبارة بي سائر البش‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السابع‪ :‬الفصل ى‬
‫الثان‬
‫ُ‬
‫[ كيف استعرض تيطس ف قيرصية فيليّت كل أنواع الستعراضات‪ .‬وكيف ا ِش‬
‫وح ِفظ لموكب النرص]‬ ‫سيمون الطاغية‪ُ ،‬‬

‫وأن إىل قيرصية‬ ‫الّت تقع عىل شاىطء البحر ر‬


‫‪ .....‬وزحف تيطس من قيرصية ر‬
‫ُ‬
‫هلك‬‫فيلّت‪ ،‬ومكص هناك ردحا من الزمان‪ ،‬وشاهد هناك كل أنواع العروض‪ .‬وهناك‪ ،‬ا ِ‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫جتوا عىل‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫وبعضهم‬ ‫سة‪،‬‬‫المفت‬ ‫الوحوش‬ ‫بواسطة‬ ‫بعضهم‬ ‫شى‪،‬‬ ‫األ‬ ‫عدد كبت من‬
‫منازلة بعضهم بعضا كأعداء ر‬
‫حّت الموت‪.‬‬
‫َ‬
‫وهناك أعلموا تيطس بالقبض عىل سيمون ابن جيوراس ‪ Gioras‬الذى تم عىل‬
‫النحو ر‬
‫اآلن‪:‬‬
‫كان سيمون هذا‪ ،‬خالل ر‬
‫فتة حصار اورشليم‪[ ،‬يقيم] بالمدينة العليا‪ ،‬ولكن‬
‫عندما اقتحم الجيش الرومان األسوار وخرب المدينة‪ ،‬أخذ عندئذ من أصدقائه‬
‫ر‬
‫األكت ً‬
‫وفاء له‪ ،‬ومن بينهم قا ع أحجار بأدواته الحديدية الخاصة بالمهنة‪ ،‬وكمية‬
‫كبتة من المؤن تكف لزمن مديد‪ ،‬ونزلوا إىل شاديب مخفية تحت األرض وغت‬
‫ظاهرة من فوقها‪ .‬وهناك‪ ،‬استمروا ف حفرها إىل أن صادفوا أرضا صلدة فحفروا‬
‫منجما تحت األرض عىل أمل التقدم إىل أبعد ما يمكن عىل نحو يمكن الصعود منه‬
‫أرض امنة وبذلك يلوذون بالفرار(‪ .)219‬ولكنهم بالتجربة انقطع رجائهم حيص لم‬
‫إىل ٍ‬
‫يتمكن المنجمون(‪ )218‬سوى إحراز قليل من التقدم وبمشقة أيضا‪ ،‬ر‬
‫حّت أن مؤونتهم‬

‫المسماة "حماس" ف أيامنا هذه ف‬‫الّت لجأت إليها الحركة ُ‬


‫‪ - 219‬واضح أن فكرة األنفاق ر‬
‫ر ُ ِّ‬
‫فلسطي‪ ،‬ا فكرة أملتها بيعة األرض ف هذه البالد الّت تمكنهم من عمل ذلك‪ .‬وهكذا كما كان‬
‫هكذا يكون‪.‬‬
‫‪" - 218‬المنجمون" هنا ليسوا أولئك الذين يتكهنون بالغيب‪ ،‬ولكن أولئك الذين يحفرون‬
‫المناجم‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫بالرغم من اقتصادهم ف استخدامها بدأت تنفد‪ .‬وعندئذ ظهر سيمون فوق األرض‬
‫عند الموضع الذى كان فيه الهيكل من قبل‪ ،‬وهو يرتدى ثوبا أبيض وفوقه عباءة من‬
‫سيدهش الرومان ويخدعهم‪.‬‬ ‫األرجوان(‪ )221‬ظانا أنه ُ‬

‫وف الحقيقة‪ ،‬ف البداية اندهش بشدة أولئك الذين رأوه وتسمروا ف أماكنهم‪.‬‬
‫اقتبوا منه وسألوه َمن يكون؟‪ .‬وعندئذ لم يشأ سيمون أن ُيختهم‬‫ولكنهم بعد ذلك ر‬

‫وأمرهم بإستدعاء قبطانهم‪ .‬وعندما هرعوا إىل ترنتيوس روفوس ‪Terentius Rufus‬‬
‫وعرف منه الحقيقة بالكامل‪ .‬فوضعه ف‬ ‫ر‬
‫الذى كان قائد الجيش هناك‪ ،‬أن إىل سيمون ِ‬
‫األصفاد‪ ،‬وأخطر تيطس بالقبض عليه‪.‬‬
‫َ‬
‫وهكذا‪ ،‬أحرص هللا هذا الرجل ل ُيعاقب عىل غيانه الوحىس المرير الذى‬
‫َ‬
‫مارسه ضد بّت و نه‪ ،‬عىل يدى أولئك الذين كانوا ألد أعدائه‪ .‬وسلم نفسه لهم دون‬
‫َ‬
‫قهر له‪ ،‬بل واعية(‪ُ )222‬ليعاقب‪ .‬وألنه اتهم با ال يهودا كثتين بمحاولة الهروب إىل‬
‫الرومان وقتلهم بتبرية‪ .‬ألن األعمال الشيرة ل تفلت من الغضب اإللىه‪ .‬ول العدالة‬
‫ُ‬
‫عاقب الذين ريتكونها‪...‬‬
‫اإلجتماعية أضعف من أن ت ِ‬
‫ُ‬
‫حرص سيمون إىل قيرص‬ ‫وقد أدرك سيمون هذا عندما خضع لنقمة الرومان‪ .‬وا ِ‬
‫الّت عىل شاىطء البحر(‪ ،)221‬فأمر‬‫مصفدا باألغالل عندما كان راجعا إىل قيرصية ر‬

‫بحفظه لموكب النرص(‪ )227‬بروما الذى سيتم بهذه المناسبة‪.‬‬


‫‪+ + +‬‬

‫وهم البسطاء بأنه "المسيح"‪ .‬وقد سبق أن قال معلمنا مار بولس الرسول "سيظهر‬ ‫ُ‬
‫‪ - 221‬بعا لي ِ‬
‫بينكم "مسحاء كذبة" كثتون‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ - 222‬بعا أراد سيمون بظهوره "المنفرد" أن يظهر أمام البسطاء أنه فدى رجاله‪ ،‬بتسليم نفسه‬
‫هو وحده‪ .‬وأن "هللا" سينجيه بوصفه "مسيح الرب"‪ .‬وهكذا‪ ،‬النسان ف كل زمان ومكان‪ ،‬وعىل‬
‫حّت لو كانت شيرة ف نظر الناس و بقا لوصايا‬ ‫ٌ‬
‫صواب تام‪ ،‬ر‬ ‫اختالف األديان‪ ،‬يرى أن كل أعماله‬
‫هللا نفسه‪ .‬وأن تدخل "هللا" لبد أن يكون بمثابة "ختم تصديق" عليها‪!!.‬‬
‫الّت عىل البحر المتوسط‪.‬‬‫‪ - 221‬أى قيرصية فلسطي‪ ،‬ر‬
‫ُ‬
‫‪ - 227‬وهو "موكب انتصارى" يعلن به القادة العسكريون عندما يرجعون من حمالتهم العسكرية‪،‬‬
‫أمام قيرص انتصارهم ف حملتهم‪ ،‬ويعرضون أمامه األشى واألسالب والغنائم‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫[وبعد ان يعرض يوسفوس ف الفصل الخامس من كتابه السابع من عمله‬
‫الم َسم "الحرب اليهودية" وصفا لموكب الظفر‪ ،‬وللغنائم ر‬
‫الّت كانت تتدفق فيه‬ ‫ُ‬
‫ر ُ‬
‫الّت د ِح َرت]‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫كنهر‪ ،‬ولألشى‪ ،‬ورؤوساء المدن‬
‫ُ‬
‫"أما ما ا ِخذ من اورشليم فكان يفوق كل ىسء ف العرض‪[ .‬فهو] المائدة‬
‫الّت تزن وزنات عديدة‪ .‬والشمعدانات الذهبية عىل الرغم من أن بعضا منها‬‫الذهبية ر‬
‫ُ‬
‫قد ا رنتع‪ ،‬وعددها سبعة وتمثل كرامة السبت عند اليهود‪.‬‬
‫ر‬
‫جوبيت كابيتولس حيص توقف الموكب‬ ‫وأختا كان نهاية هذا الموكب ف معبد‬
‫كما جرت العادة لبعض الوقت إىل حي قدوم شخص ما يزف نبأ مقتل قائد األعداء‪.‬‬
‫ُ‬
‫وكان هذا القائد هو سيمون ابن جيوراس الذى كان قد اقتيد بي األشى ف موكب‬
‫الظفر هذا حيص ُو ِضع حبل حول عنقه وتم جره إىل موضع مالئم وهو ُيعذب من‬
‫الذى يجرونه‪ ،‬ثم قتلوه‪ ..‬وهناك هلل الحاِصون ابتهاجا‬
‫ولكن هل تاب اليهود ورجعوا إىل الرب؟ وهل صدقوا السيد المسيح بعد‬
‫تمام كالمه حرفيا؟‪.‬‬
‫كال‪ .‬فف السنة الثامنة عش من ُحكم تراجان قام اليهود بثورة أخرى‪ ،‬هلك‬
‫منهم ف أثنائها عدد غفت‪.‬‬
‫حّت الفقراء ُ‬
‫والمعدمي‬ ‫وأختا أمر هادريان بإجالء جميع اليهود الذين بقوا ر‬
‫عن اورشليم‪ُ .‬واخليت المدينة تقريبا من الشعب اليهودى‪ُ .‬‬
‫وب ِنيت ف موضعها‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫لجوبيت فوق موقع الهيكل‬ ‫مدينة أخرى بإسم رومان هو "إيليا"‪ .‬وش ِّيد معبد‬
‫اليهودى القديم‪ .‬وهو كما نعرف ذلك الذى هدمته فيما بعد الملكة هيالنة أم‬
‫ُ َ ِّ‬
‫المخلص‪.‬‬ ‫المتا ور قنسطنطي وا تبحص عن صليب‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫[تعليق عىل خطاب يوسفوس لليهود‬
‫(للمعرب)]‬

‫رأينا ف( ‪ )7/8/‬و ( ‪ )4/8/‬كيف وقف يوسفوس امام السور الثالص والقديم‪،‬‬


‫ويوجه إليهم خطابا مستفيضا‪ ،‬يشح لهم فيه مواقف‬ ‫يخا ب من هناك بّت أمته ُ‬

‫شعب اشائيل عت التاري خ القديم ومواقفهم المتباينة من هللا‪ ،‬وكيف كانوا يجلبون‬
‫بعصيانهم وتمردهم غضب هللا عليهم‪ ،‬ثم بتوبتهم ورجوعهم إىل هللا و اعتهم‬
‫وخضوعهم لمشيئته كانوا يستدرون مرة أخرى مراحم هللا الغافرة لهم‪ .‬وكيف أن‬
‫نرصتهم عىل أعدائهم كانت دائما تتحقق عت تاريخهم كله عندما يبسطون إليه‬
‫اياديهم‪ .‬وناشدهم أن يكفوا عن العتماد عىل ذواتهم وعىل التهم العديمة الجدوى‬
‫وأن ُيصغوا إىل عرض تيطس ويوافقوا عىل إنهاء الحرب سلميا‪ .‬لسيما وأن شوص‬
‫تيطس كانت مشفة وغت مجحفة‪.‬‬

‫وف الحقيق ة‪ ،‬خط اب يوس فوس ه ذا يمك ن أن ُي َع د ‪ -‬ع ىل الص عيد الس ياىس ‪-‬‬
‫للهم م وإض عاف لل روح الو ني ة ولمعنوي ات الش عب ع ىل نح و يجعل ه موض ع‬
‫إثب اص ِ‬
‫إتهام بالخيانة العظم وقت الحرب ومن ثم يكون مستوجبا لإلعدام‪.‬‬

‫ولك ن يوس فوس هن ا ل م يك ن ف واق ع األم ر ي تكلم كرج ل س ياىس ول ك و ّت‬


‫ُ‬
‫خ ائن لو ن ه وش عبه وديانت ه‪ ،‬فق د جاه د عس كريا إىل أن ا ِش(‪ ،)224‬ب ل ك ان ‪ -‬ف‬
‫اس تغراقه الش ديد بالش عور والفع ل والحاس يس والواق ع الملم وس الي وىم ع ىل األرض‬

‫‪ - 224‬أنظر تاري خ حياته بالمقدمة‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫لمحن ة ش عبه وو ن ه وب ّت جلدت ه ‪ -‬ي تكلم ب روح الع ِالم وال دارس والم ؤرخ‪ .‬أى أن ه ك ان‬
‫يتكهن عىل نحو ما ُيعرف اليوم بالتكهن العلم باألح دان المتوق ع ح دوثها ترتيب ا ع ىل‬
‫والمعطي ات القائم ة فع ال ع ىل األرض أمام ه‪ ،‬وم ن اس تقرائه لمجري ات‬ ‫الم َس َلمات ُ‬
‫ُ‬

‫تخدم هن ا م ا ُيع رف ف أيامن ا ه ذه بإص طالح "التق دم‬


‫األمور عت التاري خ‪ .‬وكأنه كان يس ِ‬
‫نح و الخل ف" أو إع ادة انتش ار للتعب ت ع ن النس حاب حقن ا ل دماء الم دنيي األبري اء‬
‫ومنع ا لإلنتح ار الجم اىع‪ .‬ولع ل م ا يؤي د ر يأن ه ذا أن ك ال م ن ت يطس ويوس فوس ق د‬
‫ناش د ِصاح ة وم رارا مث تى الف ري والمق اتلي والمس لحي م ن اليه ود أنه م إن أرادوا‬
‫الح رب فليخرج وا خ ارج الس وار‪ ،‬ر‬
‫ويعتل وا الم دنيي حرص ا ع ىل س المة البري اء‪ ،‬أو أن‬
‫َ‬
‫ي دعوا الم دنيي يتح ون ع ن المدين ة‪ .‬أى ناش دهم بتعبتن ا الي وم بفص ل الم دنيي ع ن‬
‫المقاتلي‪ .‬ولكن واضح تماما‪ ،‬وأيضا بتعبتنا اليوم‪ ،‬أنهم عن عمد وسبق إِصار أج توا‬
‫الم دنيي ع ىل أن يكون وا دروع ا بشية له م‪ .‬ل يس ه ذا فحس ب‪ ،‬ب ل كم ا ن رى الي وم م ن‬
‫قيام الجماعات اإلرهابية باستخدام المعاب د كمخ انء مس رتتة للس الح‪ ،‬ب ل واس تخدام‬
‫المعب د ذات ه للرصب من ه‪ ،‬هك ذا اس تخدم مث تو الف ري اليه ود ف الق رن األول الم يالدى‬
‫هيك ل اورش ليم ال ذى ك ان ف ذل ك الزم ان بالنس بة لليه ود كالكعب ة بالنس بة للمس لمي‪،‬‬
‫ه ذا اس تخدموه كم ا رأين ا ل يس فق ط كس احة للقت ال ب ل وكمق تة عام ة لآله اىل‬
‫واألجان ب‪ .‬وبينم ا ك ان ت يطس ال وثّت األم م بتعب ت اليه ود يس تخدم القواع د الشيفة‬
‫للح رب والقت ال‪ ،‬وا ان تك ون الح رب م ع العس كريي ول يس م ع الم دنيي‪ ،‬ويس ىع‬
‫م ر َارا إىل الحف اظ ع ىل س المة الم دنيي كاظم ا ف رص غ يظ ق واده‪ ..‬ك ان مث تو الف ري‬
‫اليه ود الق ارئي للت وراة يرفض ون س ائر الع روض الس لمية ويقتل ون ك ل َم ن ُيفك ر ف‬
‫السلم او يحاول التوح عن المدينة من المدنيي‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫وإنّت أرى من جانب اخر أن يوسفوس ك ان هن ا مث ل بلع ام ب ن بغ ور ي تكلم رغم ا‬
‫عن ه بقض اء هللا الق ادم ع ىل ش عب اشائي ل بع ي مفتوح ة ت رى وتق رأ م ا س طرته ي د‬
‫القدير كمصت لهذه األمة الشقية‪.‬‬

‫عىل أية حال ستظل التفرقة بي التنبؤ بما هو عتيد أن يكون وبي ما يندرج‬
‫تحت باب الخيانة الو نية قضية خالدة منذ ما حدن لرميا النّت وإىل انقضاء‬
‫الدهر‪ ،‬من العست حلها قبل تمام الحدن‪ .‬ووقتها يكون الحدن ذاته قد صار تاريخا‬
‫مرويا‪ ،‬ولو تكرر ما ُيشبهه لحدن كما حدن قبال‪.‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الفهرس‬
‫تـ ــوط ـ ـئـة ‪5...........................................................................................‬‬

‫المعرب ‪6..................................................................................‬‬
‫ِّ‬ ‫مـقـدم ــة‬

‫يوسفوس ‪8.......................................................................................‬‬

‫الكتاب األول ‪31 .....................................................................................‬‬

‫الكتاب األول‪ :‬الفصل االول ‪31 ...............................................................‬‬

‫الكتاب الخامس ‪38 ..................................................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل األول ‪31 ............................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الثانى ‪66 ............................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الثالث‪11 ............................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الرابع ‪18 ............................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الخامس ‪15 .........................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل السادس ‪55 .........................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل السابع ‪66 ...........................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الثامن‪68 ............................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل التاسع ‪13 ...........................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل العاشر ‪83 ..........................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الحادى عشر ‪86 ...................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الثانى عشر ‪11 ....................................................‬‬

‫الكتاب الخامس‪ :‬الفصل الثالث عشر ‪18 ....................................................‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬
‫الكتاب السادس ‪306 ................................................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل األول ‪301 ..........................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل الثانى ‪360 ..........................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل الثالث ‪313 ..........................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل الرابع ‪311 ...........................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل الخامس ‪315 .......................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل السادس ‪356 ........................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل السابع ‪358 .........................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل الثامن ‪363 ..........................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفصل التاسع ‪366 .........................................................‬‬

‫الكتاب السادس‪ :‬الفضل العاشر ‪310 .........................................................‬‬

‫الكتاب السابع ‪313 ..................................................................................‬‬

‫الكتاب السابع‪ :‬الفصل األول ‪316 ............................................................‬‬

‫الكتاب السابع‪ :‬الفصل الثانى ‪311 ............................................................‬‬

‫[تعليق على خطاب يوسفوس لليهود (للمعرب)] ‪316 ......................................‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬

You might also like