Professional Documents
Culture Documents
7
-1العلم باألنساب :قال عنه رسول اهلل « : إن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها».
-2تاجرا
-1موضع األلفة بين قومه وميل القلوب إليه
-0لم يشرب الخمر في الجاهلية
-5ولم يسجد لصنم
1 تاريخ اخللفاء الراشدين
ملا رجع رسول اهلل من حجة الوداع يف ذي احلجة ،أقام فبدأ بتجهيز جيش أسامة و َّأمر عليهم أسامة بن زيد بن
حارثة ،وأمره أن يتوجه حنو البلقاء وفلسطني ،فتجهز الناس وفيهم املهاجرون واألنصار ،وكان أسامة بن زيد ابن َثاين عشرة سنة،
وملا اشتد املرض بالنيب وحضرته الصالة فأذن بالل قال النيب « :مروا أبا بكر فليصل» ،فقيل :إن أبا بكر رجل أسيف(،)7
يصل بالناس ،وأعاد فأعادوا له الثالثة ،فقال« :إنكن صواحب يوسف ،مروا أبا بكر فليصل».
إذا قام مقامك َل ِّ
وملا تويف رسول اهلل اضطرب املسلمون؛ فمنهم من دهش فخولط ،ومنهم من أقعد فلم يطق القيام ،ومنهم من اعتقل
لسانه فلم يطق الكالم ،ومنهم من أنكر موته بالكلية .وملا مسع أبو بكر اخلرب أقبل على فرس من مسكنه حىت نزل ،فدخل
املسجد ،فلم يكلم الناس ،حىت دخل على عائشة فتيمم رسول اهلل وهو مغشَّى بثوب حربة ،فكشف عن وجهه ،مث أكب عليه
فقبله وبكى ،مث قال :بأيب أنت وأمي ،واهلل ال ُيمع اهلل عليك موتتني؛ أما املوتة اليت كتبت عليك فقد متها ،وخرج أبو بكر على
الناس خطيبا بعد أن محد اهلل وأثىن عليه:
أما بعد :فإن من كان ي عبد حممدا فإن حممدا قد مات ،ومن كان يعبد اهلل فإن اهلل حي ال ميوت ،مث تال هذه اآليةَ ﴿ :وَما
ب َعلَى َع ِقبَـ ْي ِه فَـلَن يَّ ُ
ض َّر اهللَ
ِ ِ
ات أ َْو قُت َل انْـ َقلَْبتُ ْم َعلَى أَ ْع َقابِ ُك ْم َوَمن يَـ ْنـ َقل ْ ت ِمن قَـ ْبلِ ِه ُّ
الر ُس ُل أَفَِإن َّم َ ُم َح َّم ٌد إِالَّ َر ُس ٌ
ول قَ ْد َخلَ ْ
َشيئًا وسيج ِزي اهلل َّ ِ
ين﴾ [آل عمران ]700 :فنشج الناس يبكون .قال عمر بن اخلطاب :فواهلل ما مسعت أبا بكر الشاك ِر َ ُ ْ َ ََ ْ
تالها ،فهويت إىل األرض ما حتملين قدماي ،وعلمت أن رسول اهلل قد مات .تقول عائشة -رضي اهلل عنها :-فواهلل لكأن الناس
َل يكونوا يعلمون أن اهلل أنزل هذه اآلية حىت تالها أبو بكر ،فتلقاها منه الناس ،فما يسمع بشر إال يتلوها.
رغم الذهول الذي أصاب املسلمني بوفاة النيب صلى اهلل عليه و سلم ،فإن أمهية إقامة السلطة يف اإلسالم جعلتهم
يتحركون يف إجتاه اختيار احلاكم قبل أن ينتهوا من تشييع اجلسد الشريف إىل مثواه ،وقد يقف خلف هذا التحرك السريع إدرك
املسلمني خبطورة األوضاع احمليطة بالكيان اإلسالمي الذي مضى عليه عقد واحد من الزمن ،تأسست فيه الدولة واتسعت رقعتها،
وكسبت أنصارا هلا داخل املدن احلجازية الثالث خاصة ،يف حني بقيت القبائل الكبرية يف أعدادها واملنتشرة يف البوادي والصحراء
حتيط باملراكز اإلسالمية من كل مكان.
وكانت الضوابط الشرعية الختيار احلاكم األول للدولة اإلسالمية تنحصر يف قرشيته ومكانته اليت حيددها قدمه يف اإلسالم،
وخدمته للدعوة والدولة ،ومنزلته لدى النيب ، وإمكان إمجاع األمة أو أكثرها على شرعية توليه لرئاسة الدولة وخالفة النبوة.
وكانت النخبة اليت تتمثل يف املهاجرين الذين تطلعوا إىل أيب بكر ،وبعضهم كان منشغال مع علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه
بتشييع النيب ، ويف األنصار الذين التفوا حول زعيم اخلزرج سعد بن عبادة ،وعقدوا اجتماعا يف سقيفة بين ساعدة ملناقشة
املوقف اجلديد ،فاألنصار هم السكان األصليون للمدينة ،وقد آووا املهاجرين ،ونصروا اإلسالم بأرواحهم وأمواهلم ،وهيأوا له فرص
االستقرار واالنتشار ،وعرفوا بإيثارهم وصربهم وجهادهم وتضحياهتم ،أفال يكون هلم احلق يف رئاسة الدولة ورعاية اإلسالم؟
( )7أسيف :من األسف ،وهو شدة احلزن ،واملراد أنه رقيق القلب.
74 تاريخ اخللفاء الراشدين
وق د بلغ خرب اجتماع األنصار يف سقيفة بين ساعدة إىل املهاجرين ،وهم جمتمعون مع أيب بكر الصديق لرتشيح من
يتوىل اخلالفة ،فقال املهاجرون لبعضهم :انطلقوا بنا إىل اخواننا من األنصار ،فإن هلم يف هذا احلق نصيبا .قال عمر بن اخلطاب
رضي اهلل عنه :فانطلقنا نريدهم يف سقيفة بين ساعدة وقد حدث نقاش طويل بني املهاجرين واألنصار حول أحقية كل طرف بتويل
اخلالفة ،وقد نبني أحد األنصار أحقيتهم يف اخلالفه ولقد نظر األنصار إىل اخلالفة من زاوية ضيقة بظروف اجملتمع املدين ،والعالقة
التارخيية بني املهاجرين واألنصار ،أما املهاجرون فنظروا نظرة واسعة على مستوى الدولة كلها ،وما يرتتب على خروج السلطة من
قريش من عواقب كبرية ،ألن العرب ميكن أن ترض بقيادهتا ملكانتها فيهم ،أما لو توالها األنصار فقد تقع انشقاقات خطرية تؤدي
إىل تفكك الدولة اإلسالمية.
وقد طرح عدد من األنصار فكرة تعيني أمريين أحدمها من املهاجرين واآلخر من األنصار ،ولكن أبا بكر قال :ال ،ولكنا
األمراء وأنتم الوزراء .وقال عمر بن اخلطاب :سيفان يف غمد واحد ،إذا ال يصطلحان .وهنا تدخل كاتب الوحي زيد بن ثابت وهو
من اخلزرج فقال :إن رسول اهلل كان من املهاجرين ،وحنن أنصارهم كما كنا أنصار رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم .فقال أبو بكر:
جزاكم اهلل خريا من حي يا معشر األنصار ،وثبت قائلكم ،واهلل لو فعلتم غري ذلك ملا صاحلناكم .وهكذا فإن اخلزرج هم الذين
قاموا بالتنازل إتباعا للحق ومراعاة للمصلحة اإلسالمية ،وَل يكن التنازل بسبب عدم رغبة األوس يف تويل اخلزرج اخلالفة ،كما يزعم
أبو خمنف.
لقد جرى الرتشيح بعد أن استقر الرأي على استخالف أحد املهاجرين ،فرشح أبو بكر أحد اثنني ،عمر بن اخلطاب ،وأيب
عبيدة ،فقال عمر :بل نبايعك أنت ،فأنت سيدنا وخرينا ،وأحبنا إىل رسول اهلل .وذ نكر بفضل أبا بكر قائال :ألستم تعلمون أن
رسول اهلل قد أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ،فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ قالوا :نعوذ باهلل أن نتقدم أبا بكر .وذ نكرهم
مبوقفه يف حادثة اهلجرة ،مث بايعة عمر وبايعه املهاجرون مث بايعته األنصار.
وقد عرفت بيعة أيب بكر يف السقيفة بالبيعة الخاصه و الصغرى ،وكانت يف يوم اإلثنني الثاين عشر من شهر ربيع األول سنة أحد
عشر من اهلجرة ،ويف اليوم التايل خرج إىل املسجد فبايعه الناس فيما عرف بالبيعة العامة و الكبرى.
77 تاريخ اخللفاء الراشدين
)1الطمع في الزعامه وحب السيطره لدى بعض الزعماء. )1عدم تغلغل االسالم وااليمان في القلوب لتأخر اسالمهم.
)0الرغبه في التخلص من التكاليف الشرعيه. )2العصبيه القبليه جعلتهم يأنفون من األنقياد لقريش.
وأما أصنافها :فمنهم من ترك اإلسالم مجلة وتفصيال وعاد إىل الوثنية وعبادة األصنام ،ومنهم من ادعى النبوة ،ومنهم من دعا إىل
ترك الصالة ،ومنهم من بقي يعرتف باإلسالم ويقي م الصالة ولكنه امتنع عن أداء زكاته ،ومنهم من مشت مبوت الرسول وعاد أدراجه
ميارس عاداته اجلاهلية ،ومنهم من حتري وتردد وانتظر على من تكون الدبرة ،وكل ذلك وضحه علماء الفقه والسري.
الردة أواخر عصر النبوة:
بدأت هذه الردة منذ العام التاسع للهجرة املسمى بعام الوفود ،وهو العام الذي أسلمت فيه اجلزيرة العربية قيادها
للرسول ، ، حىت إذا كان أواخر العام العاشر اهلجري وهو عام حجة الوداع اليت حجها رسول اهلل ،ونزل به وجعه الذي مات
فيه وتسامع بذلك الناس ،وجترأ الذين يف قلوهبم مرض على اخلروج ،فوثب األسود العنسي باليمن ،ومسيلمة الكذاب باليمامة،
وطليحة األسدي يف بالد قومه ،وملا كان أخطر متمردين على اإلسالم ومها األسود العنسي ومسيلمة خاصة وأهنما مشايعان بقوى
غفرية وإمكانيات وفرية فقد أرى اهلل نبيه من أمرمها ما تقر به عينه ،ومن مث ما تقر به عيون أمته من بعده ،فقد قال يوما وهو
خيطب الناس على منربه « :أيها الناس ،إين قد أريت ليلة القدر مث أنسيتها ،ورأيت أن يف ذراعي سوارين من ذهب فكرهتهما
فنفختهما فطارا ،فأولتهما هذين الكذابني :صاحب اليمن وصاحب اليمامة»
73 تاريخ اخللفاء الراشدين
وقد أقر اجلميع وشهد التاريخ بأن أبا بكر قد وقف يف مواجهة الردة الطاغية وحماولة نقض عرى اإلسالم عروة عروة،
موقف األنبياء والرسل يف عصورهم ،وهذه خالفة النبوة اليت أدى أبو بكر حقها ،واستحق هبا ثناء املسلمني ودعاءهم إىل أن يرث
َ
اهلل األرض وأهلها.
لقد ظهر معدن الصديق النفيس يف حمنة الردة على أجلى صورة للقائد املؤمن الذي يفتدي قومه بنفسه ،فالقائد يف فهم
املسلمني قدوة يف أعماله ،فكان من آثاره هذه السياسة الصديقية أن تقوى املسلمون وتشجعوا حلرب عدوهم واستجابوا لتطبيق
األوامر الصادرة إليهم من القيادة .لقد اعتمدت سياسته يف القضاء على الردة على اهلل تعاىل ،مث على ركائز قوية من القبائل
والزعماء واألفراد الذين انبثوا يف مجيع أحناء اجلزيرة وثبتوا على إسالمهم ،وقاموا بأدوار هامة ورئيسية يف القضاء على فتنة الردة.
المواجهة الرسمية من الدولة:
-7وسيلة اإلحباط من الداخل:
كان رسول اهلل قد استعمل هذه الوسيلة ،فقام مبراسلة وبعث الرسل إىل قبائل املتنبئني لتجميع الثابتني على اإلسالم،
وليشكل هبم مجاعة حتارب الردة ،وسار الصديق على نفس املنهج ،وحاول أن حيجم ويقضي على ما ميكن القضاء عليه من
بؤر املرتدين ،واستطاع أن يتصل بالثابتني على اإلسالم وجعل منهم رصيدا للجيوش املنظمة؛ فقد كان يعد األمة ملواجهة منظمة مع
املرتدين بعد عودة جيش أسامة؛ فقد راسل الصديق زعماء الردة والثابتني على اإلسالم ليحقق بعض األهداف؛ وكان هذا الرتتيب
بداية للخطة العسكرية القادمة ،وقد حالف التوفيق بعض الثابتني بالوصول إىل املدينة ومعهم صدقاهتم؛ مثل عدي بن حامت الطائي،
والزبرقان بن بدر التميمي.
-إرسال اجليوش املنظمة:
ملا وصل جيش أسامة بعد شهرين من مسريهم واسرتاحوا ،خرج أبو بكر الصديق بالصحابة -رضي اهلل عنهم -إىل ذي
القصة ،وهي على مرحلة من املدينة؛ وذلك لقتال املرتدين واملتمردين ،فعرض عليه الصحابة أن يبعث غريه على القيادة ،وأن يرجع
إىل املدينة ليتوىل إدارة أمور األمة ،وأحلوا عليه بذلك .فرجع اىل املدينة وقد قسم أبو بكر اجليش اإلسالمي إىل أحد عشر لواء
وجعل على كل لواء أمريا ،وكان أكرب اجليوش جيش خالد بن الوليد.
75 تاريخ اخللفاء الراشدين
صة) مركز انطالق أو قاعدة حترك للجيوش املنظمة اليت ستقوم بالتحرك إىل مواطن
وهكذا اختذت قرية (ذي ال َق َّ
الردة للقضاة عليها.
ومن خالل تقسيم األلوية وحتديد املواقع يتضح أن الصديق كان جغرافيا دقيقا خبريا بالتضاريس والتجمعات
البشرية وخطوط مواصالت جزيرة العرب ،وكان على صلة مستمرة مع جيوشه كلها .كما كانت اجليوش اليت بعثها الصديق
متماسكة ،وهي أحد إجنازات الدولة اهلامة؛ إذ مجعت تلك اجليوش بني مهارات القيادة وبراعة التنظيم فضال عن اخلربة يف
ال قتال؛ صهرهتا األعمال العسكرية يف حركة السرايا والغزوات اليت تعدى بعضها شبه اجلزيرة يف زمن النيب ،فقد كان
اجلهاز العسكري لدى الصديق متفوقا على كل القوى العسكرية يف اجلزيرة ،وكان القائد العام لهذه الجيوش سيف اهلل
المسلول خالد بن الوليد صاحب العبقرية الفذة يف حروب الردة والفتوحات اإلسالمية.
هذا وقد كتب أبو بكر الصديق كتابا واحدا إىل قبائل العرب من املرتدين واملتمردين فدعاهم للعودة إىل اإلسالم
وتطبيقه كامال كما جاء من عند اهلل تعاىل ،مث حذرهم من سوء العاقبة فيما لو ظلوا على ما هم عليه يف الدنيا واآلخرة،
وكان قويا يف إنذارهم ،وهذا هو املناسب لشدة احنرافهم وقوة تصلبهم يف التمسك بباطلهم.
-3نص اخلطاب الذي أرسله للمرتدين والعهد الذي كتبه للقادة:
بعد التنظيم الدقيق ،وحسن اإلعداد للجيوش اإلسالمية اليت عقد هلا الصديق األلوية جند الدعوة البيانية القولية تطل لتقوم
بدورها وتديل بدلوها؛ فقد حرر الصديق كتابا عاما ذا مضمون حمدد سعى إىل نشره على أوسع نطاق ممكن يف أوساط من
ثبتوا على اإلسالم ومن ارتدوا عنه مجيعا قبل تسيري قواته حملاربة الردة ،وبعث رجاال إىل القبائل ،وأمرهم بقراءة كتابه يف كل
جمتمع ،وناشد من يصله مضمون الكتاب بتبليغه ملن َل يصل إليه ،وهذا نص الكتاب الذي بعثه الصديق:
بسم اهلل الرمحن الرحيم :من أيب بكر خليفة رسول اهلل إىل من بلغه كتايب هذا من عامة وخاصة ،أقام على إسالمه أو
رجع عنه :سالم على من اتبع اهلدى وَل يرجع بعد اهلدى إىل الضاللة والعمى ،فإين أمحد إليكم اهلل الذي ال إله إال هو،
وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأن حممدا عبده ورسوله ،نقر مبا جاء به ونكفر من أىب وجناهده ،أما بعد :فإن
اهلل تعاىل أرسل حممدا باحلق من عنده إىل خلقه بشريا ونذيرا وداعيا إىل اهلل بإذنه وسراجا منريا؛ لينذر من كان حيا وحيق
القول على الكافرين ،فهدى اهلل باحلق من أجاب إليه وضرب رسول اهلل بإذنه من أدبر عنه ،حىت صار إىل اإلسالم
طوعا وكرها ،مث توىف اهللُ رسولَه وقد نفذ ألمر اهلل ونصح ألمته وقضى الذي عليه ،وكان اهلل قد بني له ذلك وألهل
ات أ َْو قُتِ َل ت ِمن قَـ ْب ِل ِه ُّ
الر ُس ُل أَفَِإن َّم َ اإلسالم يف الكتاب الذي أنزل ،قال للمؤمننيَ ﴿ :وَما ُم َح َّم ٌد إِالَّ َر ُس ٌ
ول قَ ْد َخلَ ْ
ض َّر اهلل َشيئًا وسيج ِزي اهلل َّ ِ ِ ِ ِ
ين﴾ [آل عمران ،]700 :فمن الشاك ِر َ ُ ب َعلَى َعقبَـ ْيه فَـلَن يَّ ُ َ ْ َ َ َ ْ انْـ َقلَْبتُ ْم َعلَى أَ ْع َقابِ ُك ْم َوَمن يَـ ْنـ َقل ْ
كان إمنا يعبد حممدا فإن حممدا قد مات ،ومن كان يعبد اهلل وحده ال شريك له فإن اهلل له باملرصاد ،وال تأخذه سنة وال
نوم ،حافظ ألمره منتقم من عدوه حبزبه.
76 تاريخ اخللفاء الراشدين
وإين أوصيكم بتقوى اهلل وحظكم ونصيبكم من اهلل ،وما جاءكم به نبيكم ،وأن هتتدوا هبداه وأن تعتصموا بدين اهلل ،فإن
كل من َل يهده اهلل ضال ،وكل من َل يعافه ممُبتلى ،وكل من َل يعنه اهلل خمذول ،فمن هداه اهلل كان مهتديا ،ومن أضله كان
ضلِ ْل فَـلَن تَ ِج َد لَهُ َولِيًّا ُّم ْر ِش ًدا﴾ [الكهف ،]71 :وَل يقبل منه يف
ضاال ،قال اهلل تعاىلَ ﴿ :من يَـ ْه ِد اهللُ فَـ ُه َو ال ُْم ْهتَ ِد َوَمن يُ ْ
الدنيا عمل حىت يقر به ،وَل يقبل منه يف اآلخرة صرف وال عدل .وقد بلغين رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقر
باإلسالم وعمل به اغرتارا باهلل وجهالة بأمره وإجابة للشيطان .وإين بعثت إليكم فالنا يف جيش من املهاجرين واألنصار
والتابعني بإحسان ،وأمرته أال يقاتل أحدا وال يقتله حىت يدعوه إىل داعية اهلل ،فمن استجاب له وأقر وكف وعمل صاحلا قبل
منه وأعانه عليه ،ومن أىب أمرت أن يقاتله على ذلك مث ال يبقى على أحد منهم قدر عليه ،وأن حيرقهم بالنار ويقتلهم كل
قتلة ،وأن يسيب النساء والذراري وال يقبل من أحد إال اإلسالم ،فمن تبعه فهو خري له ومن تركه فلن يعجز اهلل .وقد أمرت
رسويل أن يقرأ كتايب يف كل جممع لكم والداعية األذان :فإذا أذن املسلمني فأذَّنوا كفوا عنهم ،وإن َل يؤذنوا عاجلوهم ،وإن
أذنوا اسألوهم ما عليهم ،فإن أبوا عاجلوهم ،وإن أقروا قبل منهم ومحلهم على ما ينبغي هلم.
ولقد كانت الشارة اليت ينجو هبا املرتدون من غارة املسلمني أن يعلن فيهم األذان وإال فاملعاجلة بالقتال هي البديل.
وحىت ال يرتك اخلليفة األمر للقادة واجلند بغري انضباط كتب للقواد مجيعا كتابا واحدا يدعوهم فيه إىل االلتزام مبضمون كتابه
السابق.
القضاء على فتنة األسود العنسي وطليحة األسدي ومقتل مالك بن نويرة:
-1القضاء على األسود العنسي ،وردة اليمن الثانية:
امسه :عبهلة بن كعب ويكىن بذي اخلمار؛ ألنه كان دائما معتما متخمرا خبمار ،ويعرف باألسود العنسي السوداد يف وجهه،
واستخدم الكهانة والسحر واخلطابة البليغة ،فقد كان كاهنا مشعوذا واستخدم األموال للتأثري على الناس.
األسود العنسي في عهد الرسول :
وما أن انتشر خرب مرض رسول اهلل بعد حجة الوداع حىت ادعى األسود العنسي النبوة ،وقيل :إنه أطلق على
نفسه (رمحان اليمن) كما تسمى مسيلمة (رمحان اليمامة) ،وأنه كان يدعي النبوة وال ينكر نبوة حممد عليه الصالة والسالم،
رسول اهلل الثابتني على اإلسالم ملواجهة ردة األسود ،وأمرهم بالسعي للقضاء عليه إما مصادمة أو غيلة ،وأتى
وقد راسل ُ
النيب من السماء الليلة اليت قتل فيها العنسي ليبشرنا فقال« :قتل العنسي البارحة ،قتله رجل مبارك من أهل بيت
اخلرب َّ
وعني أبو بكر «فريوز الديلمي» واليا على صنعاء وكتب إليه بذلك ،وكان مبدأ
مباركني» قيل :ومن هو؟ قال« :فريوز»َّ .
أيب بكر عدم االستعانة مبن ارتد.
71 تاريخ اخللفاء الراشدين
-سجاح وبنو تميم ومقتل مالك بن نويرة اليربوعي ( معركة البطاح ) :
كانت بنو متيم قد اختلفت آراؤهم أيام الردة؛ منهم من ارتد ومنع الزكاة ،ومنهم من بعث بأموال الصدقات إىل
الصديق ،ومنهم من توقف لينظر يف أمره ،فبينما هم كذلك إذ أقبلت (سجاح بنت احلارث التغلبية) من اجلزيرة وهي من
نصارى العرب ،وقد ادعت النبوة ومعها جنود من قومها ومن التف هبم ،وقد عزموا على غزو أيب بكر الصديق ،فلما مرت
ببالد بين متيم دعتهم إىل أمرها فاستجاب هلا عامتهم ،وكان ممن استجاب هلا مالك بن نويرة التميمي ومجاعة من سادات
أمراء بين متيم.
بعد ان هزم خالد رضي اهلل عنه طليحه واتباعه انطلق لقتال مالك بن نويره واتباعه من متيم يف البطاح وملا مسع اتباع
مالك بتوجه املسلمني اليهم ندم بعضهم واعلنوا السمع والطاعه وأدوا الزكاه .وادرك مالك انه غري قادر علي جماهبه املسلمني
فأمر من كانوا معه ان يتفرقوا فلما علم خالد بذلك بعث سرايا لتعقب اولئك القوم .ومتكنت احدى السرايا من القبض
على مالك فقتل ويف هناية األمر عاد بنو متيم كلهم اىل السمع والطاعه.
طغت أخبار ردة مسيلمة الكذاب باليمامة على غريها من أخبار ثبات مجاعات من املسلمني الصادقني باليمامة
بصفة عامة ،ويف بين حنيفة قوم مسيلمة بصفة خاصة وَل يتعرض كثري من الكتاب احملدثني لذكر املسلمني الذين متسكوا
بإسالمهم يف فتنة مسيلمة ووقفوا يف وجهه ،وساندوا جيوش اخلالفة للقضاء على فتنته.
تحرك خالد بن الوليد بجيشه إلى مسيلمة الكذاب باليمامة:
كان أبو بكر قد أمر خالدا إذا فرغ من أسد وغطفان ومالك بن نويرة أن يقصد اليمامة وأكد عليه يف ذلك،
سار خالد إىل قتال بين حنيفة باليمامة وعىب معه املسلمني ،فسار ال مير بأحد من املرتدين إال نكل به،وملا مسع مسيلمة
بقدوم خالد عسكر مبكان يقال له :عقرباء .
وبعد ان وصل اىل بالد بين حنيفه دارت بينه وبني مسيلمه عدة مناوشات .مث وقعت بينهما اكرب معركه يف حروب
الرده كلها وهي معركة عقرباء 7ه ،وقد تقاتل املسلمون وبنو حنيفه قتاال شديدا ،وكادت اهلزميه حتل باملسلمني لوال ان اهلل
سبحانه ثبتهم فأنقضوا على اعدائهم حىت هزموهم .وجلأمسيلمه واتباعه اىل حديقه هناك فأقتحمها عليهم املسلمون ودار
بني الطرفني قتال عنيف مات فيه كثريون؛حىت مسيت تلك احلديقه (حديقة الموت) .وأغلقت بنو حنيفة احلديقة عليهم
وأحاط هبم الصحابة.
بطوالت نادرة.
-7قال الرباء بن مالك :يا معشر املسلمني ،ألقوين عليهم يف احلديقة ،فاحتملوه فوق اجلحف ،ورفعوها بالرماح حىت ألقوه
عليهم ،فلم يزل يقاتلهم دون باهبا حىت فتحه ،ودخل املسلمون احلديقة من الباب الذي فتحه الرباء.
-مصرع مسيلمة الكذاب :خلص املسلمون إىل مسيلمة لعنه اهلل ،وإذا هو واقف يف ثلمة جدار فتقدم إليه (وحشي بن
حرب) وسارع إليه (أبو دجانة مساك بن خرشة) فضربه بالسيف فسقط فكان مجلة من قتلوا يف احلديقة ويف املعركة قريبا من
عشرة آالف مقاتل ،وفيهم من سادات الصحابة والقراء
لقد كان لألنصار مواقف عظيمة وإقدام منقطع النظري يف حروب الردة وخصوصا باليمامة ،وقد استشهد كثري من
املهاجرين واألنصار يف هذه املعركة الفاصلة .كانت املدينة على الرغم من فرحها بانتصار املسلمني على املرتدين ما زالت
تبكي شهداءها؛ ففي حرب اليمامة وحدها قتل من املسلمني مائتان وألف ،منهم عدد من كبار الصحابة وفيهم أكثر
حفاظ القرآن؛ حنو أربعني من القراء.
( )7قرية يف بادية البصرة ،يف منتصف الطريق بني مكة والبصرة.
( ) موضع على حدود الشام مما يلي العراق.
3 تاريخ اخللفاء الراشدين
وعندما أرسل الصديق إىل خالد يأمره بالتوجه إىل الشام وتويل اجليوش هناك ،قام الصديق بإرسال رسالة إىل أيب
وبني فيها سبب تولية خالد( :أما بعد ،فإني قد وليت
عبيدة خيربه فيها بتولية خالد عليه ويأمره فيها بالسمع والطاعةَّ ،
خال ًدا قتال الروم بالشام ،فال تخالفه واسمع له وأطع أمره ،فإني وليته عليك وأنا أعلم أنك خير منه ،ولكن ظننت أن
له فطنة في الحرب ليست لك ،أراد اهلل بنا وبك سبيل الرشاد ،والسالم عليك ورحمة اهلل وبركاته) .وكانت رسالة
خالد إىل أخيه أيب عبيدة قد قطعت املسافات من العراق إىل الشام واستقرت يف قلبه الغين باإلميان والزهد يف هذه الدنيا
الفانية ،وهذا نصها( :أليب عبيدة بن اجلراح من خالد بن الوليد ،سالم عليك ،فإين أمحد اهلل إليك الذي ال إله إال هو ،أما
بعد :فإين أسأل اهلل لنا ولك األمن يوم اخلوف والعصمة يف دار الدنيا ،فقد أتاين كتاب خليفة رسول اهلل يأمر فيه باملسري إىل
الشام وباملقام على جندها والتويل على أمرها ،واهلل ما طلبت ذلك وال أردته وال كتبت إليه فيه ،وأنت رمحك اهلل على حالك
الذي كنت به :ال تُ ْعصى يف أمرك وال خيالف رأيك وال يقطع أمر دونك ،فأنت سيد من سادات املسلمني ال ينكر فضلك
وال يستغىن عن رأيك ،متم اهلل ما بنا وبك من نعمة اإلحسان ،ورمحنا وإياك من عذاب النار ،والسالم عليك ورمحة اهلل)
وأرسل كذلك رساله إىل اجليش .فلما قدم حامل الرسالتني (عمرو بن الطفيل بن عمرو األزدي) على املسلمني وقرأ عليهم
خطاب خالد بن الوليد وهم باجلابية دفع إىل أيب عبيدة كتابه ،فلما قرأه قال( :بارك اهلل خلليفة رسول اهلل فيما رأى ،وحيا اهلل
خالدا بالسالم) .إن هذا التعامل الرفيع بني هذين العظيمني يكشف لنا عن معاين األخوة املنبثقة عن التوحيد الصحيح،
واحملفوفة بسياج األخالق احلميدة اليت كان يتصف هبا صحابة رسول اهلل.
فما أن اصطدمت قوات عمرو بالروم حىت انقض خالد بقواته الرئيسة ،وجرت معركة عنيفة ،وكان ملهارة القائدين
خالد وعمرو العسكرية دور كبري يف حتقيق النصر احلاسم؛ حيث مت توجيه قوة اقتحامية اخرتقت صفوف العدو حىت وصلت
إىل قائد الروم فقتلوه ،ومبقتل القائد اهنارت مقاومة الروم وهربوا يف اجتاهات خمتلفة .وقد كانت أجنادين أولى المعارك
الكبيرة في بالد الشام بين المسلمين والروم ،وكتب خالد بن الوليد إىل أيب بكر بفتح اهلل -عز وجل -عليه وعلى
املسلمني :فلما وصل الكتاب إىل أيب بكر -رمحة اهلل عليه -فرح به وأعجبه ،وقال :احلمد هلل الذي نصر املسلمني وأقر عيين
بذلك.
جيش الروم :أقبلت الروم يف خيالئها وفخرها كأهنم غمامة سوداء يصيحون بأصوات مرتفعة ورهباهنم يتلون اإلجنيل وحيثوهنم
على القتال .ونزلت الروم الواقوصة قريبا من الريموك ،وتعبأ الروم باستخدام أسلوب الكراديس يف خطني.
المفاوضات قبل القتال:
وذكر الوليد بن مسلم :أن (ماهان) طلب خالد ليربز إليه فيما بني الصفوف فيجتمعا يف مصلحة هلم ،فقال
إيل أن أعطي كل رجل منكم عشرة دنانري وكسوة
اجلَ ْهد واجلوع ،فهلموا َّ
ماهان :إنا قد علمنا أن ما أخرجكم من بالدكم إال ْ
وطعاما وترجعون إىل بالدكم ،فإذا كان من العام املقبل بعثنا لكم مبثلها ،فقال خالد :إنه َل خيرجنا من بالدنا ما ذكرت ،غري
أنا قوم نشرب الدماء ،وأنه بلغنا أنه ال دم أطيب من دم الروم ،فجئنا لذلك .فقال أصحاب ماهان :هذا واهلل ما كنا حندث
به عن العرب .وملا تكامل االستعداد وَل تنجح املفاوضات تقدم خالد إىل عكرمة بن أيب جهل والقعقاع ابن عمر ،ومها
على جمنبيت القلب أن ينشبا القتال ،وجتاولوا مع العدو ومحيت احلرب وقامت على ساق.
إسالم أحد قادة الروم في ميدان المعركة( :وخرج جرجة -أحد األمراء الكبار -من الصف وقابل خالد بن الوليد و أعلن
اسالمه) .مث تقدمت صفوف الروم وأقبلت كقطع الليل للقيام هبجوم عام على اجليش اإلسالمي ،واستطاعوا إحداث ثغرة
يف صفوف املسلمني والتسلل إىل مؤخرهتم ،فقال عكرمة بن أبي جهل( :قاتلت رسول اهلل يف مواطن وأفر منكم اليوم؟ مث
عمه الحارث بن هشام وضرار بن األزور في أربعمائة من وجوه المسلمين نادى :من يبايع على املوت؟ فبايعه ُّ
وفرسانهم ،ومسيت ب(كتيبة الموت) فقاتلوا حىت أُثْبِتوا مجيعا جراحا ،وقتل منهم خلق ،منهم ضرار بن األزور .وثبت
كل قوم على رايتهم حىت صارت الروم تدور كأهنا الرحا ،فلم تر يوم الريموك إال ُخمًّا ساقطا ومعصما نادرا ،وكفا طائرة من
ذلك املوطن .وكان عدد شهداء املسلمني ثالثة آالف بينهم من صحابة النيب وشيوخ املسلمني وأقطاهبم ،وممن
استشهد من هؤالء :عكرمة بن أيب جهل وابنه عمرو ،وغريهم .وكان عدد قتلى الروم مائة وعشرين ألفا ،منهم َثانون ألفا
مقيدون بالسالسل وأربعون ألفا مطلقون سقطوا مجيعهم يف الوادي.
لقد فرح املسلمون هبذا النصر العظيم ،وقد قدم الربيد مبوت الصديق واملسلمون يف القتال ،فكتم خالد ذلك عن
املسلمني لئال يقع يف صفوفهم وهن أو ضعف ،فلما مت النصر وأصبحوا أجلى هلم األمر ،وكان الفاروق قد عني أبا عبيدة بن
اجلراح بدال من خالد بن الوليد جيوش الشام ،وتقبل خالد أمر الفاروق برحابة صدر ،وعزى املسلمني يف خليفة رسول اهلل،
وتوىل أبو عبيدة القيادة العامة جليوش الشام.
37 تاريخ اخللفاء الراشدين
استخالف الصديق لعمر بن الخطاب ووفاته قام أبو بكر بعدة إجراءات لتتم عملية اختيار اخلليفة القادم:
لقب أمير المؤمنين :كان أبو بكر يدعى خليفة رسول اهلل ، وملا توىل عمر بن اخلطاب دعي خبليفة خليفة
رسول اهلل ، فكان ذلك لقبا طويال ،مث ما لبث أن لقب أمري املؤمنني ،وقد روي أن أول من جرى على لسانه ذلك مها:
(لبيد بن ربيعة ،وعدي بن حامت) ،حيث قدما عليه من العراق بعيد خالفته فقاال لعمرو بن العاص رضي اهلل عنه :استأذن
لنا على أمري املؤمنني ،فقال :أنتما واهلل أصبتما امسه ،إنه أمري وحنن املؤمنون .وقد روي أن عمر مسنى نفسه فقال :أنتم
املؤمنون وأنا أمريكم.
أخالقه وصفاته :
كان عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه ثاقب الراي حاد الذكاء قوي البصريه وافقه القران يف كثري من املواقف ،كما كان
شديدا يف احلق ،متواضعا هلل ،عاملا بالقران الكرمي وتأويله ،من اكثر الصحابه شجاعه وجرأة ،وكان إيل جانب كل ذلك
ورعا ،عادال بني الناس ،زاهد يف الدنيا.
أظهر يف خالفته حسن السياسه ،واحلزم ،والتدبري ،والتنظيم لالدارة واملالية ،والسهر علي مصاحل الرعيه ،وإقامة العدل يف
البالد ،ورسم خطط الفتح ،وسياسه املناطق املفتوحه ،وحماسبة الوالة وفق مبدأ " :من أين لك هذا ؟ " ،ومنعهم من أذى
الرعية ،وفتح بابه أمام شكاوى الناس.
أهم اعماله:
أوال:
التنظيمات اإلدارية في الدولة اإلسالمية
االهتمام باألنظمة اإلدارية. إنشاء المدن اإلسالمية. تنظيم الواليات اإلسالمية. وضع التاريخ الهجري. انشاء الدوواين نظام الخراج والجزيه
ثانيا:
إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب
ثالثا:
استمرار الفتوحات اإلسالمية
30 تاريخ اخللفاء الراشدين
هـ -انشاء المدن اإلسالمية :بعد استقرار الفتوح نسبيا وجه عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه ببناء بعض املدن ،وأن تكون
قريبة من املاء واملراعي ،وأن ُيتمع فيها املسلمون لتكون قواعد انطالق للجيوش االسالمية .وقد مت اختيار مواقع املدن اجلديدة
بعد مشاورات بني اخلليفه عمر رضي اهلل عنه وقادته امليدانيني؛فبىن عتبة بن غزوان رضي اهلل عنه مدينة البصرة سنة 76ه ،
وسعد بن أيب الوقاص رضي اهلل عنه مدينة الكوفة سنة 71ه ،وكلتامها يف العراق ،كما بين عمرو بن العاص رضي اهلل عنه
مدينة الفسطاط يف مصر سنة 7ه .
و -االهتمام بألنظمة االداريه :استحدث عمر عدة انظمة منها :نظام العسس ،ونظام احلسبة ،ونظام الربيد ،ونظام
القضاء.
ثانيا :إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب :أوصى النيب يف أواخر حياته بإخراج اليهود والنصارى من اجلزيرة العربية،
حيث قال :لئن عشت ألخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ،حىت ال أترك فيها إال مسلما .وقد هتيأت الظروف لعمر
بن اخلطاب رضي اهلل عنه أن ينفذ هذه الوصية ،فنفى اليهود إىل أرحيا وسوريا ،وأذن للنصارى باالنسياح خارج اجلزيرة العربية
ملا أتوا إليه طالبني السماح بذلك ،فخرجوا إىل العراق والشام ،وقد كتب عمر إىل عماله هناك أن يسكنوهم يف أرض بوار غري
مملوكة.
ثالثا :الفتوحات االسالمية :اكمل عمر رضي اهلل عنه مابدأه أبو بكر رضي اهلل عنه من الفتوحات يف بالد العراق فهزم الفرس
يف معركة القادسيه ودخل املسلمون عاصمة الفرس املدائن وامتدت الفتوحات ايل بالد السند واهلند .اما يف بالد الشام فقد
استكمل املسلمون فتح البالد وهزموا الروم يف معركة الريموك ودخلوا بيت املقدس .كما فتحت مصر وليبيا واحلزيره الفراتيه.
فتوحات العراق في عهد عمر :متثل الفتوحات يف عهد الصديق يف العراق بقيادة خالد بن الوليد املرحلة األوىل من
الفتوحات اإلسالمية ويف عهد عمر بن اخلطاب استكملت اخلطة على مراحل هذه إحداها:
أوالً :تأمير أبي عُبيد الثقفي على حرب العراق :وكان عمر يتابع جبهات العراق والفرس والشام وميد اجليوش
باإلمدادات ويرسل هلم التعليمات ،واألوامر ،ويضع اخلطط للمعارك ويشرف بنفسه على تنفيذها.
وقعة النمارق 11هـ :انتصر فيها املسلمون على الفرس بقيادة أبو عُبيد الثقفي.
معركة الجسر سنة 11هـ :هي املعركة الوحيدة اليت خسرها املسلمون أمام الفرس يف العراق .وأثبتت أمهية القيادة امليدانية
املتمثلة يف املثىن وأركان قيادته الذين معه ،فعندما تنزل احملن باجليوش خيرج القادة الذين يستطيعون أن خيرجوا جبيوشهم من تلك
احملن فقد توىل املثىن مع مساعديه من األبطال محاية اجليش اإلسالمي ،فكان آخر من عرب اجلسر ،وهذا لون رفيع من ألوان
ُ
التضحية والفداء
36 تاريخ اخللفاء الراشدين
وقعة البُـ َويب 11هـ :استقام األمر للمسلمني بعد معركة البويب ،واخنضع هلم أهل العراق .حيث استغل املثىن النصر الرائع
الذي أحرزه املسلمون يوم البويب وشن غارات منظمة على أسواق مشا ل العراق وطبق مبدأ مطاردة األعداء وقد استطاع بعد
توفيق اهلل مث مبا أعطاه اهلل من صفات القائد العسكري أن ينفذه يف قوة وعمق بلغ حوايل أربعمائة كيلو مرتا أو يزيد مشاال،
خالف ما تبحبحوا به شرقا وجنوبا وغربا على امتداد ذلك اخلط ،وقد طبق املثىن اسرتاتيجية وتكتيكات احلرب اخلاطفة يف
عملياته تلك ،وال شك أن هذه العمليات قد وجهت إىل السلطة الفارسية احلاكمة يف املدائن أكرب إهانة أمام شعبها،
وأضعفت الثقة يف قدرهتا على القيام بالدفاع ضد هجمات ق وم كان الفرس حىت وقتها ينظرون إليهم نظرة ملؤها اإلهانة
واالزدراء.
معركة القادسية 10هـ :ملا علم الفاروق أن الفرس يعدون العدة ويتجمعون الستئصال القوة القليلة من املسلمني املتبقية يف
العراق أمر بالتجنيد اإلجباري وكان أول من عمل به يف اإلسالم ،وقام بتأمري سعد بن أيب وقاص رضي اهلل عنه على اجلهاد يف
العراق سنة 70ه ،وذلك ملا استشار الصحابه عازما يف اخلروج لقتال الفرس فوافقوه كلهم على الذهاب إىل العراق إال عبد
ضعف املسلمون يف سائر أقطار األرض ،وإين أرى أن تبعث رجال رت أن تَ ْ ِ
الرمحن بن عوف فإنه قال له :إين أخشى إن ُكس َ
وترجع أنت إىل املدينة فاستصوب عمر والناس عند ذلك رأي ابن عوف .فقال عمر :فمن ترى أن نبعث إىل العراق؟ فقال:
فأمره على العراق.
قد وجدته قال :ومن هو؟ قال :األسد يف براثنه ،سعد بن مالك الزهري فاستجاد قوله وأرسل إىل سعد ،ن
سار سعد جبيشه حىت نزل مبكان يقال له (( َزُرود)) ( ،)75من بالد جند وأم نده أمري املؤمنني بأربعة آالف ،واستطاع سعد أن
حيشد سبعة آالف آخرين من بالد جند ،وكان املثىن بن حارثة الشيباين ينتظره يف العراق ومعه اثنا عشر ألفا .وأقام سعد بزرود
استعدادا للمعركة الفاصلة مع الفرس وانتظارا ألمر أمري ا ملؤمنني عمر رضي اهلل عنهم أمجعني ،وقد كان عمر عظيم االهتمام
هبذه املعركة مث جاء األمر من عمر أمري املؤمنني إىل سعد بن أيب وقاص رضي اهلل عنهما بالرحيل من ((زرود)) إىل العراق
استعدادا خلوض املعركة الفاصلة مع الفرس وأوصاه بالوصية التالية( :أما بعد فإين آمرك ومن معك من األجناد بتقوى اهلل على
كل حال ،فإن تقوى اهلل عز وجل أفضل العدة على العدو ،وأقوى العدة يف احلرب وآمرك ومن معك أن تكونوا َّ
أشد احرتاسا
من املعاصي منكم من عدوكم فإن ذنوب اجليش أخوف عليهم من عدوهم ،وإمنا ينصر املسلمون مبعصية عدوهم هلل ،ولوال
ذلك َل تكن لنا هبم قوة ألن عددنا ليس كعددهم ،وال ُعدَّتنا كعدهتم ،فإذا استوينا يف املعصية كان هلم الفضل علينا يف القوة،
وإن ال ننصر عليهم بفضلنا َل نغلبهم بقوتنا ،واعلموا أن عليكم يف سريكم حفظة من اهلل يعلمون ما تفعلون ،فاستحيوا منهم،
ب قوم سلط عليهم شر وال تعملوا مبعاصي اهلل وأنتم يف سبيل اهلل وال تقولوا إن عدونا شر منَّا ولن يسلط علينا وإن أسأناُ ،فر َّ
منهم كما سلط على بين إسرائيل ملا عملوا مبساخط اهلل كفرة اجملوس ،فجاسوا خالل الديار ،وكان وعدا مفعوال ،اسألوا اهلل
العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم ،وأقم مبن معك كل مجعة يوما وليلة حىت تكون هلم راحةُ ،يمعون فيها
ونح منازهلم عن قرى أهل الصلح والذمة ،فال يدخلنها من أصحابك إال من تثق بدينه،
أنفسهم ،ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم َّ
وال تنتصروا على أهل احلرب بظلم أهل الصلح ،وإذا وطئت أدىن أرض العدو فأذك العيون بينك وبينهم ،وال خيف عليك
أمرهم ،وليكن عندك من العرب أو من أهل األرض من تطمئن إىل نصحه وصدقه ،فإن الكذوب ال ينفعك خربه وإن صدق
وتبث السرايا بينك
يف بعض ،والغاش عني عليك وليس عينا لك ،وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطالئع ،ن
وبينهم ،فتقطع السرايا أ مدادهم ومرافقهم ،وتتبع الطالئع عورهتم ،وانتق الطالئع أهل الرأي والبأس من أصحابك ،وختري هلم
سوابق اخليل ،فإن لقوا عدوا كان أول من تلقاهم القوة من رأيك ،واجعل أمر السرايا إىل أهل اجلهاد ،فإذا عاينت العدو
فاضمم إليك أقاصيك وطالئعك وسراياك ،وامجع إليك مكيدتك وقوتك ،مث ال تعاجلهم املناجزة ما َل يستكرهك قتال ،حىت
تبصر عورة عدوك ومقاتله ،وتعرف األرض كلها كمعرفة أهلها ،فتصنع بعدوك كصنيعته بك مث أذك حراسك على عسكرك،
وحتفظ من البيات جهدك ،وال تؤتى بأسري ليس له عهد إال ضربت عنقه لرتهب بذلك عدوك وعدو اهلل ،واهلل ويل أمرك ومن
معك وويل النصر لكم على عدوكم واهلل املستعان).
فهذا خطاب عظيم يشتمل على وصايا نافعة ،يوضح لنا جانبا مهما من عظمة عمر وهو خربته العالية يف
التخطيط احلريب ،وقد كان التوفيق اإلهلي واضحا يف كل توجيهاته ووصاياه .لقد كان عمر رضي اهلل عنه يعيش مع اجليش
اإلسالمي بكل مشاعره وأحاسيسه ،ولقد تكاثفت عليه اهلموم حىت أصبح ال يهنأ بعيش وال يقر له قرار حىت يسمع أخبارهم.
فبعث سعد بدعاة إىل ملك الفرس بأمر عمر وهم من سادات القوم كما أرادهم عمر ،كي يستطيعوا دعوة يزدجرد
باحلكمة واملوعظة احلسنة واجملادلة باليت هي أحسن ،ولعل اهلل يهديه هو وجنده لإلميان وحتقن دماء الطرفني .لقد كان الوفد
بعي بن عامر وحذيفة بن
يتمتع مبيزيت الرغبة والرهبة اليت تتوفر يف جسامتهم ومهابتم وجلدهم وشدة ذكائهم.كان منهم ر َّ
صن الغلفاين ،و املغرية بن شعبة . ِ
ْحم َ
االستعداد للمعركة:
َل ينتفع الفرس بدعوة الوفود ،ومتادوا يف غيهم ليقضي اهلل أمرا كان مفعوال ،فأمجع الفرس على القتال واستعد املسلمون لذلك
وعني رستم جيشه العرمرم على الشكل التايل :اخليالة يف الصفوف األوىل ،يليها الفيلة ،مث املشاة،وعرب الفرس هنر العتيق ن
ونصب لرستم مظلة كبرية استظل هبا على سريره وجلس يراقب سري املعركة ،وكان املسلمون على أهبة االستعداد وعلى أحسن
وعرف على كل عشرة عريفا ،وجعل على الرايات رجاال تعبئة للقتال ،فقد عبأ سعد بن أيب وقاص جيشه مبكرا ،و نأمر األمراء ،ن
من أهل السابقة أيضا ورتنب املقدمة والساقة واملجنِّبات والطالئع.
ُ
وقد كان سعد مريضا بعرق النسأ ،وبه دمامل ال يستطيع الركوب وال اجللوس فكان مكبِّا على صدره وحتته وسادة
ويشرف على امليدان من قصر قُ َديْس الذي كان يف القادسية وقد أناب عنه يف تبليغ أوامره خالد بن عرفطة.
38 تاريخ اخللفاء الراشدين
فتح المدائن:
أقام سعد بالقادسية شهرين ينتظر أمر عمر ،حىت جاءه بالتوجه لفتح املدائن ،ففعل وسار باجليش حىت وصلوا إىل املدائن،
وهي عاصمة دولة الفرس ،وملا علم سعد أن كسرى قد عرب بالسفن إىل املدائن الشرقية وضم السفن كلها إليه وقع يف حرية من
أمره ،فالعدو أمامهم وليس بينهم إال النهر وال سبيل إىل عبوره لعدم توفر السفن ،وهو خيشى أن يرحتل عدوه فيصعب القضاء
عليه ويف أثناء ذلك رأى سعد رؤيا صاحلة مفادها أن خيول املسلمني قد عربت النهر ،فعزم لتأويل رؤياه على العبور ،ومجع
الناس فحمد اهلل تعاىل وأثىن عليه وقال :إن أعدائكم قد اعتصموا منكم هبذا البحر فال ختلصون إليهم معه وهم خيلصون
إليكم إذا شاؤوا فَيُنَاوشونكم يف سفنهم وليس وراءكم شئ ختافون أن تؤتوا منه ،قد كفاكموهم أهل األيام ،وعطلوا ثغورهم
وأفنوا ذادهتم وقد رأيت م ن الرأي أن تبادروا جهاد عدوكم بنياتكم قبل أن حتصركم الدنيا ،أال إين قد عزمت على قطع هذا
البحر إليهم فقالوا مجيعا :عزم اهلل لنا ولك على الرشد فافعل.
صب أحد منهم بأذى ،وَل يقع منهم يف النهر لقد دهش ندب سعد الناس إىل العبور ومت عبور املسلمني مجعيا ساملني َل يُ َ
الفرس من عبور املسلمني وهرب يزدجرد قاصدا حلوان ودخل املسلمون من غري معارض ونزل سعد القصر األبيض واختذه
ِ ِ ِ ٍ ٍ
َّات وعي ٍ ِ
ك وع َوَم َق ٍام َك ِرٍمي(َ ) 6ونَ ْع َمة َكانُوا ف َيها فَاك ِه َ
ني(َ ) 1ك َذل َ ون(َ ) 5وُزُر ٍ مصلى وقرأ قوله تعاىلَ :ك ْم تَ َرُكوا م ْن َجن َ ُُ
ين(( ) 8الدخان،آية ،) 8 ، 5:وصلى َثان ركعات صالة الفتح . آخ ِر َ
اها قَ ْوما َ
َوأ َْوَرثْنَ َ
كان املسلمون قد انتصروا على جيوش الفرس يف معارك عديدة متتالية ،وأضحوا يطاردون فلول تلك اجليوش دون أن يرتكوا
هلا فرصة إللتقاط أ نفاسها ،مرت أربع سنوات كان املسلمون ينتقلون خالهلا من نصر إىل نصر ،وكانت تلك اجليوش تتابع
تقدمها لكي تقضي على ما تبقى من فلول الفرس ،لوال أن أوامر اخلليفة عمر رضي اهلل عنه كانت تقضي بالتوقف عند هذا
احلد ،وذلك بغية إعادة تنظيم اجليوش املنهكة من القتال املستمر ،وتنظيم إدارة األقاليم املفتوحة.
ولقد أثارت اهلزائم املتتالية اليت أحلقها املسلمون بالفرس بعد القادسية خاصة حفيظتهم وخنقهم فكتب أمراؤهم وقادهتم إىل
مليكهم (يزدجرد) يستنهضونه للقتال من جديد ،فأخذ يعد العدة للعودة إىل قتال املسلمني فيما تبقى له يف بالده فكتب
إىل أهل اجلبال أن يتحركوا للقاء املسلمني وواعدهم مجيعا هناوند ،وكان قد وقع عليها كمركز أخري للمقاومة ،وكميدان
للمعركة احلامسة فهي مدينة منيعة حتيط هبا اجلبال من كل جانب وال ميكن الوصول إليها إال عرب مسالك وعرة صعبة ،وقد
حتشَّد الفرس يف هذه املدينة واجتمع ليزدجرد فيها مائة ومخسون ألف مقاتل فجعل يزدجرد عليهم (الفريزان) قائدا.
04 تاريخ اخللفاء الراشدين
كان سعد بن أيب وقاص يف الكوفة حني علم خبرب احلشود الفارسية فكتب إىل اخلليفة عمر ينبئه بذلك حيث أرسل عمر
جيش لقتال الفرس يف معقلهم األخري "هناوند" ،و أن يتوىل قيادة جيوش املسلمني يف هناوند (النعمان بن مقرن) ،ووضع
اخلليفة خطة لتعبئة جيش واستطاع الفاروق أن حيشد جيشا مقداره ثالثني ألف مقاتل وحترك جيش اإلسالم بقيادة النعمان بن
مقرن إىل هناوند .و وجدها حمصنة حتصينا قويا وحوهلا خندق عميق وأمام اخلندق حسك شائك ولقد اصطدمت خيول
املسلمني باحلسك الشائك مث باخلندق فلم يستطيعوا اجتيازها ،بينما توىل رماة الفرس رمي جند املسلمني الذي متكنوا من
اإلقرتاب من السور ،واستمر األمر كذلك ملدة يومني ورأى النعمان أن ُيمع أركان اجليش اإلسالمي لتدارس الوضع معه ومن
مث مواجهة الفرس بعد اعداد خطه لذلك ومباغتتهم بالقتال وحصارهم.
وكانت مفاجأة الفرس مذهلة عندما وجدوا أنفسهم ،يف آخر املطاف حماصرين بني قوات املسلمني اليت شرعت
سيوفهم يف حصد رقاب املشركني والذ املشركون بالفرار ليتحصنوا خبندقهم وحصوهنم إال أهنم وقعوا يف خنادقهم ويف احلسك
الشائك ،واستمر املسلمون يطاردوهنم ويعملون سيوفهم يف ظهورهم واقفيتهم حىت سقط من الفرس ألوف يف اخلندق
واستطاع القعقاع أن يطارد الفريزان فلحقه وقضى عليه ودخل املسلمون ،بعد هذه املعركة "هناوند" مث مهذان ،مث انطلقوا بعد
ذلك يستكملون فتح ما تبقى من بالد فارس دون مقاومة تذكر ،وَل يكن للفرس بعد هناوند اجتماع ،وملك املسلمون
بالدهم لذلك مسيت معركة هناوند بفتح الفتوح .وهكذا مت فتح العراق وبالد إيران يف عهد عمر رضي اهلل عنه وأقام املسلمون
املساحل يف شىت أرجائها متوقعني انتقاض الفرس يف هذه الديار
دورالفاروق في عام الرمادة :حدث يف عهد عمر قحط يف احلجاز مسي بعام الرماده سنه 78ه اجدبت فيه األرض
وانقطع نزول املطر،وماتت املواشي،وجاع الناس كثريا .وَل يكن اخلليفه بعيدا عن مواقع رعيته ،فبعث إىل البالد االسالميه
الرسال مازاد عن حاجتهم بعد أن التجأ هو والصحابه ايل رهبم يدعونه لتفريج كربتهم فما ان مضت فرته من الزمن حىت
هطلت األمطار ونبت العشب وعادت احلياه اهلانئه.
07 تاريخ اخللفاء الراشدين
موافقات عمر للقرآن الكريم :نزل القرآن الكرمي موافقا لرأيه رضي اهلل عنه يف بعض املواقف وهي:
)1مقام ابراهيم :قال عمر قلت :يا رسول اهلل لو اختذت من مقام إبراهيم ُمصلنى ،فأنزل اهلل تعاىل ذلك.
)2آية الحجاب :قال عمر قلت :يا رسول اهلل ،يدخل عليك الناس ،فلو أمرت أمهات املؤمنني باحلجاب ،فأنزل اهلل
تعاىل آية احلجاب.
)1ترك الصالة على المنافقين :قال عمر :ملا تويف عبد اهلل بن أيب ُدعي رسول اهلل للصالة عليه ،فقام إليه ،فلما وقف
أيب القائل وأخذت أعدد عدو اهلل عبد اهلل بن ن
عليه يريد الصالة حتولت حىت قمت يف صدره فقلت :يا رسول اهلل :أعلى ن
خريت فاخرتت مث صلى عليه ومشى أيامه اخلبيثة ورسول اهلل يبتسم حىت إذا أكثرت عليه ،قال :أخر عين يا عمر ،إين ن
ات معه على قربه حىت فرغ منه ،فعجبت يل وجلرأيت على رسول اهلل ،مث نزلت هاتان اآليتان :والَ تُص ِّل علَى أ ٍ ِ
َحد مْن ُه ْم َم َ
َ َ َ َ
أَبَدا َوالَ تَ ُق ْم َعلَى قَ ِْربِه فما صلى رسول اهلل بعده على منافق وال قام على قربه حىت قبضه اهلل عز وجل.
)0موافقته في أسرى بدر :قال عمر :ملا كان يوم بدر وهزم اهلل املشركني وأُسر منهم سبعون ،استشار رسول اهلل
الصحابة ،فقال يل :ما ترى يا ابن اخلطاب؟ فقلت :أرى أن متكنين من فالن – قريب لعمر – فأضرب عنقه ،ومتكن
يهو رسول اهلل ما قلت ،فأخذ منهم الفداء .فلما الباقني منهم حىت يعلم اهلل أنه ليس يف قلوبنا هوادة للمشركني .فلم َ
كان من الغد غدوت إىل النيب فإذا هو قاعد وأبو بكر ،ومها يبكيان ،فقلت يا رسول اهلل ما يبكيك أنت وصاحبك؟
علي عذابكم أدىن من هذه الشجرة )) -لشجرة علي أصحابك (( :من الفداء ،لقد عُرض َّ ض َّ قال النيب :للذي َعَر َ
ِ ِ
يم ( األنفال،آية)68:
اب َعظ ٌ
َسَرى إىل قوله َ ع َذ ٌ قريبة -فأنزل اهلل تعاىلَ :ما َكا َن لنَِ ٍّ
يب أَ ْن يَ ُكو َن لَهُ أ ْ
)5موافقته في االستئذان :أرسل النيب غالما من األنصار إىل عمر بن اخلطاب .وقت الظهرية َ
ليدعوه ،فدخل عليه وكان
حرم الدخول علينا يف وقت نومنا ويف (رواية) قال :يا رسول اهلل وددت لو نائما وقد انكشف بعض جسده ،فقال :اللهم ن
َّ ِ َّ ِ ِ ِ َّ ِ
احلُلُ َم ت أَْميَانُ ُك ْم َوالذ َ
ين ََلْ يَْب لُغُوا ْ ين َآمنُوا ليَ ْستَأْذنْ ُك ْم الذ َ
ين َملَ َك ْ أن اهلل أمرنا وهنانا يف حال االستئذان فنزلت يَاأَيُّ َها الذ َ
صالَِة الْعِ َش ِاء ( النور،آية)58: ِ ِ ِ ِ ِ
ضعُو َن ثيَابَ ُك ْم م ْن الظَّ ِه َرية َوم ْن بَ ْعد َني تَ َ
ِ ات ِمن قَب ِل ِ
صالَة الْ َف ْج ِر َوح َ
ِمْن ُكم ثَالَ َ ٍ
ث َمَّر ْ ْ َ ْ
)6عمر ودعاؤه في تحريم الخمر:
اخلَ ْم ِر َوالْ َمْي ِس ِر .قال عمر :اللهم بني لنا يف اخلمر بيانا شافيا فنزلت اآلية اليت يف
ك َع ْن ْملا نزل قول اهلل تعاىل :يَ ْسأَلُونَ َ
الصالََة َوأَنْتُ ْم ُس َك َارى فكان منادي النيب إذا أقام الصالة نادى أن ال يقربن الصالة ين َآمنُوا الَ تَ ْقَربُوا َّ َّ ِ
النساء يَاأَيُّ َها الذ َ
سكران ،فدعي عمر فقرئت عليه ،فقال :اللهم بني لنا يف اخلمر بيانا شافيا ،فنزلت اآلية يف املائدة فدعي عمر فقرئت عليه
فلما بلغ فَ َه ْل أَنْتُ ْم ُمنتَ ُهو َن .قال عمر :انتهينا ،انتهينا وهكذا خضع حترمي اخلمر لسنة التدريج ويف قوله فَ َه ْل أَنْتُ ْم
ُمنتَ ُهو َن فهم عمر من االستفهام االستنكاري بأن املراد به التحرمي ،ألن هذا االستفهام أقوى وأقطع يف التحرمي من النهي
العادي ،ففي ألفاظ اآلية وتركيبها وصياغتها هتديد رهيب واضح كالشمس يف التحرمي.
مالحظه :إلى هنا االختبار النصفي و ستكون محذوفه من االختبار النهائي