You are on page 1of 6

‫فضل اإلسالم‬

‫وقول هللا تعالى‪ ( :‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم دينا) (المائدة‪:‬‬
‫‪ )2‬وقوله تعالى ‪( :‬قل يا أيها الناس إن كمتم في شك من ديني فال أعبد الذين تعبدون من دون هللا‬
‫ولكن أعبد هللا الذي يتوفاكم) (يونس‪ )104:‬اآلية ‪ ،‬وقوله تعالى‪( :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا هللا وآمنوا‬
‫برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به وغفر لكم وهللا غفور رحيم) (الحديد‪:‬‬
‫‪. )28‬‬
‫وفي‪ A‬الصحيح عن ابن عمر أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل‬
‫رجل استأجر أجيراً فقال‪ :‬من يعمل لي من غدوة إلي نصف النهار على قيراط؟‪ A‬فعملت اليهود‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬من يعمل من نصف النهار إلى صالة العصر‪ A‬على قيراط؟‪ A‬فعملت النصارى‪ ،‬ثم قال‪ :‬من يعمل‬
‫من صالة العصر‪ A‬إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم‪ ،‬فغضبت اليهود والنصارى‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫مالنا أكثر عمال وأقل أجرا؟ قال‪ :‬هل نقصتكم من حقكم شيئاً؟ قلوا‪ :‬ال قال‪ :‬ذلك فضلي أوتيه من‬
‫أشاء)‪.‬‬
‫وفيه أيضا عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (أضل هللا عن‬
‫الجمعة من كان قبلنا‪ ،‬فكان لليهود يوم السبت‪ ،‬وللنصارى‪ A‬يوم األحد‪ ،‬فجاء هللا بنا فهدانا‪ A‬ليوم‬
‫الجمعة‪ ،‬وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة‪ :‬نحن آخرون من أهل الدنيا واألولون يوم القيامة) ‪.‬‬
‫وفيه تعليقا عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪( :‬أحب اإليمان إلى هللا الحنيفية السمحة)‪.‬‬
‫وعن أبي بن كعب رضي هللا عنه قال‪ :‬عليكم بالسبيل والسنة‪ ،‬فإنه ليس من عبد على سبيل وسنة‬
‫ذكر هللا ففاضت عيناه من خشية هللا فتمسه النار‪ .‬وليس من عبد على سبيل وسنة الرحمن فاقشعر‬
‫جلده من مخالفة هللا إال كان كمثل شجرة يبس ورقها‪ A‬إال تحاتت عنه ذنوبه كما تحات عن هذه‬
‫الشجرة ورقها‪ ،‬وإن اقتصا في سنة خير من اجتهاد في خالف سبيل وسنة‪.‬‬
‫وعن أبي الدرداء رضي هللا عنه قال‪ :‬يا حبذا نوم األكياس وإفطارهم‪ .‬كيف يعيبون سهر الحمقى‬
‫وصومهم؟ مثفال ذرة من بر مع تقوى ويقين‪ ،‬أعظم وأفضل‪ A‬وأرجح من عبادة المغترين‪.‬‬

‫باب وجوب اإلسالم‬


‫وقول‪ A‬اله تعالى‪( :‬ومن يبتغ غير اإلسالم دينا فلن يقبل منه وهو في اآلخرة من الخاسرين) (آل‬
‫عمران‪ )85:‬وقوله تعالى‪( :‬وأن هذا صراطي‪ A‬مستقيما فاتبعوه وال تتبعوا السبل فتفرق بكم عن‬
‫سبيله) (األنعام‪)153 :‬‬
‫قال مجاهد‪ :‬السبل ‪ :‬البدع والشبهات‪.‬‬
‫وعن عائشة رضي هللا عنها أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ A‬قال‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما‬
‫ليسمنه فهو رد ) وفي‪ A‬لفظ (من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد)‪.‬‬
‫وللبخاري عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬كل أمتي‬
‫يدخلون الجنة إال من أبى ‪ -‬قيل‪ :‬ومن أبى؟ قال‪ :‬من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) ‪.‬‬
‫وفي‪ A‬الصحيح عن ابن عباس رضي‪ A‬هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬أبغض‬
‫الناس إلى هللا ثالثة‪ :‬ملحد في الحرم‪ ،‬ومبتغ في اإلسالم سنة الجاهلية‪ ،‬ومطلب دم امرئ مسلم بغير‬
‫حق ليهريق‪ A‬دمه) (رواه البخاري)‪ ،‬وبند رج فيها كل جاهلية مطلقة أو مقيدة‪ ،‬أي في شخص دون‬
‫شخص‪ ،‬كتابية‪ ،‬أو وثنية‪ ،‬أو غيرهما من كل مخالف لما جاء به المرسلون‪.‬‬
‫وفي‪ A‬الصحيح عن حذيفة رضي هللا عنه قال‪ :‬يا معشر القراء استقيموا‪ A‬فقد سبقتم سبقا بعيدا‪ ،‬فإن‬
‫أخذتم يمينا وشماال فقد ضللتم ضالال بعيدا‪.‬‬
‫وعن محمد بن وضح‪ :‬كان يدخل المسجد فيقف على الحلق فيقول تذكرة وقال‪ :‬أنبأنا ابن عيينة‪ ،‬عن‬
‫مجالد عن الشعبي‪ ،‬عن مسروق‪ ،‬قال عبدهللا‪ -‬يعني ابن مسعود‪ -‬ليس عام إال والذي بعد أشر منه‪،‬‬
‫ال تقول عام أخصب من عام‪،‬وال أمير خير من أمير‪ ،‬لكن ذهاب علمائكم وخياركم‪ ،‬ثم يحدث أقوام‬
‫يقيسون األمور بآرائهم‪ A‬فيهدم اإلسالم وينثلم‪.‬‬

‫باب تفسير اإلسالم‬


‫وقول‪ A‬هللا تعالى‪( :‬فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي‪ A‬هلل ومن اتبعن) (آل عمران‪ )20 :‬اآلية‪.‬‬
‫وفي الصحيح عن ابن عمر رضي هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬اإلسالم أن‬
‫تشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن محمدا رسول‪ A‬هللا‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤتي الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪،‬‬
‫وتحج البيت إن استطعت إليه سبيال)‪.‬‬
‫وفيه عن أبي هريرة رضي هللا عنه مرفوعا‪( :‬المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)‪.‬‬
‫وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده‪ ،‬أنه سأل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‪( :‬أن تسلم قلبك‬
‫هلل‪ ،‬وأن تولي وجهك إلى هللا‪ ،‬وأن تصلي الصالة المكتوبة‪ ،‬وتؤتي الزكاة المفروضة) رواه أحمد ‪.‬‬
‫وعن أبي قالبة عن عمرو بن عبسة عن رجل من أهل الشام عن أبيه أنه سأل رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ما اإلسالم؟ قال‪( :‬أن تسلم قلبك هلل ويسلم المسلمون من لسانك ويدك) قال‪ :‬أي اإلسالم‬
‫أفضل؟ قال‪ :‬اإليمان قال‪ :‬وما اإليمان؟ قال‪ L‬أن تؤمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله والبعث بعد‬
‫الموت)‪.‬‬

‫باب قول هللا تعالى (ومن يبتغ غير اإلسالم دينا فلن يقبل منه)‬
‫وعن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال‪ :‬رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (تجيء األعمال يوم‬
‫القيامة فتجيء الصالة فتقول‪ :‬يا رب أنا الصالة فيقول ‪ :‬إنك على خير‪ ،‬ثم يجيء الصيام‪ A‬فيقول‪ :‬إنك‬
‫على خير‪ ،‬ثم تجيء األعمال على ذلك فيقول‪ :‬إنك على خير‪ ،‬ثم يجيء اإلسالم فيقول‪ :‬يا رب إنك‬
‫السالم وأنا اإلسالم فيقول‪ :‬إنك على خير ‪ ،‬بك اليوم آخذ وبك أعطى قال هللا تعالى‪( :‬ومن يبتغ غير‬
‫اإلسالم دينا فلن يقبل منه وهو في اآلخرة من الخاسرين) (آل عمران‪ )85:‬رواه أحمد ‪.‬‬
‫وفي‪ A‬الصحيح عن عائشة رضي هللا عنها أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬من عمل عمال‬
‫ليس عليه أمرنا فهو‪ A‬رد ) (رواه أحمد) ‪.‬‬

‫باب وجوب االستغناء بمتابعته صلى هللا عليه وسلم عن كل ما سواه‬


‫وقول‪ A‬هللا تعالى‪( :‬ونزلنا عليك الكتب بينا لكل شيء) النحل‪89:‬‬
‫روى‪ A‬النسائي‪ A‬وغيره عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه رأى في يد عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‬
‫ورقة من التوراة فقال‪( :‬أمتهوكون يا ابن الخطاب؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية‪ ،‬لو كان موسى‪ A‬حيا‬
‫واتبعتموه وتركتموني‪ A‬ضللتم) وفي رواية‪( :‬لو كان موسى حيا ما وسعه إال اتباعي ) فقال عمر‪:‬‬
‫رضيت باهلل ربا وباإلسالم دينا وبمحمد نبيا ‪.‬‬

‫باب ما جاء في الخروج عن دعوى اإلسالم‬


‫وقوله تعالى ‪( :‬هو سماكم المسلمين من قبل وفي‪ A‬هذا) الحج‪. 78 :‬‬
‫عن الحارث األشعري رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ A‬قال‪( :‬آمركم‪ A‬بخمس‪ ،‬هللا‬
‫أمرني بهن‪ :‬السمع‪ ،‬والطاعة‪ ،‬والجهاد‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والجماعة‪ ،‬فإنه من فارق‪ A‬الجماعة قيد شبر فقد‬
‫خلع ربقة اإلسالم من عنقه إال أن يراجع‪ ،‬ومن دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم) فقال‬
‫رجل‪ :‬يا رسول‪ A‬هللا وإن صلى وصام‪ A‬قال‪( :‬وإن صلى وصام‪ A‬فادعوا هللا الذي سماكم المسلمين‬
‫والمؤمنين عباد هللا ) رواه أحمد والترمذي وقال‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫وفي‪ A‬الصحيح‪( :‬من فارق‪ A‬الجماعة شبرا فميتته جاهلية) وفيه‪( :‬أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم)‬
‫قال أبو العباس‪ :‬كل ما يخرج عن دعوى اإلسالم والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو‬
‫طريقة فهو من عزاء الجاهلية‪ ،‬بل لما اختصم مهاجري‪ A‬وأنصاري‪ A‬قال المهاجري‪ :‬يا للمهاجرين!‬
‫وقال األنصاري‪ :‬يا لألنصار! قال صلى هللا عليه وسلم (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟)‬
‫وغضب لذلك غضبا شديداً ‪ .‬انتهى كالمه‪.‬‬

‫باب وجوب الدخول في اإلسالم كله وترك ما سواه‬


‫وقول‪ A‬هللا تعالى‪( :‬يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) (البقرة‪ )208:‬وقوله تعالى‪( :‬ألم تر إلى‬
‫الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) النساء ‪ 60‬اآلية ‪ .‬وقوله تعالى‪( :‬يوم‬
‫تبيض وجوه وتسود‪ A‬وجوه) آل عمران‪ . 106 :‬قال ابن عباس رضي هللا عنه ‪ :‬تبيض وجوه أهل‬
‫السنة واالئتالف‪ ،‬وتسود وجوه أهل البدع واالختالف‪.‬‬
‫عن عبدهللا بن عمر رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (ليأتين على أمتي ما‬
‫أتي على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل‪،‬حتى إن كان منهم من أتى أمة عالنية كان في أمتي من‬
‫يصنع ذلك‪ ،‬وأن بني إسرائيل افترقت على اثنتين وسبعين ملة) وتمام‪ A‬الحديث قوله‪( :‬وتفترق هذبه‬
‫األمة على ثالث وسبعين فرقة كلهم في النار إال ملة واحدة ‪ -‬قالوا‪ :‬من هي يا رسول هللا ؟ قال‪ :‬ما‬
‫أنا عليه وأصحابي‪ ) A‬يا لها موعظة وافقت من القلوب حياة) رواه الترمذي ورواه أيضا ً من حديث‬
‫معاوية عند أحمد وأبي داود وفيه‪( :‬إنه سيخرج من أمتي قوم تتجارى‪ A‬بهم تلك األهواء كما يتجارى‬
‫الكلب بصاحبه‪ ،‬فال يبقى منه عرق وال مفصل إال دخله) وتقدم قوله‪( :‬ومبتغ في اإلسالم سنة‬
‫الجاهلية) ‪.‬‬

‫باب ما جاء أن البدعة أشد من الكبائر‬


‫لقوله عز وجل ‪( :‬إن هللا ال يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) النساء‪ 48:‬وقوله‬
‫تعالى‪( :‬ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم‪ A‬بغير علم أال ساء ما يزرون)‬
‫النحل‪25 :‬‬
‫وفي‪ A‬الصحيح أنه صلى هللا عليه وسلم قال في الخوارج‪( :‬أينما لقيتموهم‪ A‬فاقبلوهم) ‪.‬‬
‫وفيه أنه نهى عن قتل أمراء الجور ما صلوا ‪.‬‬
‫عن جرير عن عبدهللا أن رجالً تصدق بصدقة ثم تتابع الناس فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪A:‬‬
‫(من سن في اإلسالم سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من‬
‫أجورهم‪ A‬شيء‪ ،‬ومن سن في اإلسالم سنة سيئة كان عليه وزرها‪ A‬من عمل بها من غير أن ينقص من‬
‫أوزارهم شيء) رواه مسلم ‪.‬‬
‫وله من حديث أبي هريرة ولفظة ‪( :‬من دعا إلى هدى ‪ -‬ثم قال ‪ -‬من دعا إلى ضاللة) ‪.‬‬
‫باب ما جاء أن هللا احتجر التوبة على صاحب البدعة‬
‫هذا مروي‪ A‬من حديث أنس من مراسيل الحسن ‪.‬‬
‫وذكر‪ A‬ابن وضاح عن أيوب قال‪ :‬كان عندنا رجل يرى رأيا ً فتركه فأتيت محمد بن سيرين فقلت‪:‬‬
‫أشعرت أن فالنا ترك رأيه؟ قال‪ :‬انظر إلى ماذا؟ إن آخر الحديث أشد عليهم من أوله ‪( :‬يمرقون من‬
‫اإلسالم؟ ثم ال يعودون إليه) وسئل أحمد بن حنبل عن معنى ذلك فقال‪ :‬ال يوفق للتوبة‪.‬‬

‫باب قول هللا تعالى (يأهل الكتب لم تحاجون في إبراهيم)‬


‫قول هللا تعالى‪( :‬يأهل الكتب لم تحاجون في إبراهيم) آل عمران‪ 65 :‬إلى قوله‪( :‬وما كان من‬
‫المشركين) آل عمران‪ 67 :‬وقوله‪( :‬ومن يرغب عن ملة إبراهيم إال من سله نفسه ولقد اصطفيناه‬
‫في الدنيا وإنه في اآلخرة لمن الصالحين) البقرة‪ 130:‬وفيه حديث الخوارج وتقدم وفيه أنه صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ A‬قال‪( :‬آل أبي فالن ليسو إلى بأولياء إنما أوليائي‪ A‬المتقون) وفيه أيضا عن أنس أن رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم ذكر له أن بعض الصحابة قال‪ :‬أما أنا فال آكل اللحم‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أما أنا‬
‫فأقوم‪ A‬وال أنام وقال آخر‪ :‬أما أنا فأصوم‪ A‬وال أفطر‪ A‬فقال صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لكنني أقوم وأنام‬
‫وأصوم‪ A‬وأفطر وأتزوج‪ A‬النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني) فتأمل إذا كان بعض‬
‫الصحابة أراد التبتل للعبادة قيل فيه هذا الكالم الغليظ وسمي فعله رغوبا ً عن السنة فما ظنك بغير‬
‫هذا من البدع وما ظنك بغير الصحابة؟‬

‫باب قول هللا تعالى (فأقم وجهك للدين حنيفا)‬


‫قول هللا تعالى‪( :‬فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت هللا التي فطر‪ A‬الناس عليها ال تبديل لخلق هللا ذلك‬
‫الدين القيم ولكن أكثر الناس ال يعلمون) الروم‪30 :‬‬
‫وقوله تعالى‪( :‬ووصى‪ A‬بها إبراهيم بنيه ويعقوب يبنى إن هللا أصطفى لكم الدين فال تموتن إال وأنتم‪A‬‬
‫مسلمون) البقرة‪ 132 :‬وقوله‪( :‬ثم أوحينا إليك أن أتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين)‬
‫النحل‪123:‬‬
‫وعن ابن مسعود رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ A‬قال‪( :‬إن لكل نبي والة من‬
‫النبيين وأنا وليي منهم أبي إبراهيم وخليل ربي) ثم قرأ‪( :‬إن أولى الناس بإبراهيم‪ A‬للذين اتبعوه وهذا‬
‫النبي والذين آمنوا وهللا ولي المؤمنين) آل عمران‪ 68:‬رواه الترمذي‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (إن هللا ال ينظر إلى‬
‫أجسامكم‪ A‬وال إلى أموالكم‪ A‬ولكن ينظر إلى قلوبكن وعمالكم)‪.‬‬
‫ولهما عن ابن مسعود قال‪ :‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬أنا فرطكم على الحوض‬
‫وليرفعن إلي رجال من أمتي حتى إذا أهويت ألناولهم‪ A‬احجبوا دوني فأقول‪ :‬أي رب أصحابي فيقال‬
‫إنك ال تدري ما أحدثوا بعدك)‪.‬‬
‫ولهما عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬وددت أنا قد رأينا‬
‫إخواننا قالوا‪ :‬أولسنا إخوانك يا رسول هللا ؟ قال‪( :‬أنتم أصحابي‪ ،‬وإخواني هم الذين لم يأتوا بعد)‬
‫قالوا‪ :‬فكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك؟ قال‪( :‬أرأيتم لو أن رجالً له خيل غر محجلة بين‬
‫ظهري خيل دهم بهم أال يعرف‪ A‬خيله؟ قالوا‪ :‬بلى قال‪ :‬فإنهم يأتون غر محجلين من الوضوء‪ A‬وأنا‬
‫فرطهم على الحوض‪ ،‬أال ليذادن رجال يوم القيامة عن حوضي‪ A‬كما يذاد البعير الضال أناديهم أال‬
‫هلم فيقال‪ :‬إنهم قد بدلوا بعدك فأقول‪ :‬سحقا سحقا) ‪.‬‬
‫وللبخاري‪( :‬بينما أنا قائم إذا زمرة‪ ،‬حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم‪ A‬فقال‪ :‬هلم فقلت‪:‬‬
‫أين ؟ قال‪ :‬إلى النار وهللا ‪ .‬قلت ‪ :‬وما شأنهم؟ قال‪ :‬إنهم ارتدوا‪ A‬بعدم على أدبارهم القهقري ثم إذا‬
‫زمرة ‪ -‬فذكر مثله ‪ -‬قال‪ :‬فال أراه يخلص منهم إال مثل همل النعم) ‪.‬‬
‫ولهما من حديث ابن عباس رضي هللا عنهما‪ :‬فأقول كما قال العبد الصالح‪( :‬وكنت عليهم شهيدا ما‬
‫دمت فيهم فلما توفيتنى‪ A‬كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد) المائدة‪117 /‬‬
‫ولهما عنه مرفوعاً‪( A:‬ما من مولود يولد إال على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما‬
‫تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها) ثم قرأ أبو‬
‫هريرة‪( :‬فطرت هللا التي فطر الناس عليها) الروم‪ 30 :‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعن حذيفة رضي هللا عنه قال‪ :‬كان الناس يسألون رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن الخير وأنا‬
‫أسأله عن الشر مخافة أن يدركني‪ A‬فقلت يا رسول هللا‪ :‬إنا كنا في جاهلية وشر‪ A‬فجاءنا هللا بهذا الخير‪،‬‬
‫فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬فقلت‪ :‬وهل بعد ذلك الشر من خير؟ (نعم وفيه دخن) قلت‪:‬‬
‫وما دخنه؟ قال‪ :‬قوم‪ A‬يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت‪ :‬فهل بعد ذلك‬
‫الخير من شر؟ قال‪ :‬نعم فتنة عمياء ودعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها‪ ،‬قلن‪ :‬يا‬
‫رسول هللا صفهم لنا قال‪( :‬قوم من جلدتنا ويتكلمون بألستنا ‪ -‬قلت ‪ :‬يا رسول هللا ما تأمرني‪ A‬إن‬
‫أدركت ذلك قال‪ :‬تلزم جماعة المسلمين وإمامهم‪ ،‬قلت‪ :‬وإن لم يكن جماعة وال إمام؟ قال‪ :‬فاعتزل‬
‫تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك) أخرجاه وزاد‬
‫مسلم‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪ :‬يخرج الدجال معه نهر ونار فمن وقع في ناره وجب أجره قلت ثم ماذا؟ قال‪:‬‬
‫هي قيام الساعة) قال أبو العالية‪ :‬تعلموا اإلسالم فإذا تعلمتموه فال ترغبوا عنه‪ ،‬وعليكم بالصراط‬
‫المستقيم فإنه اإلسالم‪ ،‬وال تتحركوا عن الصراط يمينا وال شماال‪ ،‬وعليكم بسنة نبيكم وإياكم وهذه‬
‫األهواء‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫تأمل كالم أبي العالية هذا ما أجله‪ ،‬واعرف زمانه الذي يحذر فيه من األهواء التي من اتبعها فقد‬
‫رغب عن اإلسالم‪ ،‬وتفسير اإلسالم بالسنة‪ ،‬وخوفه على أعالم التابعين وعلمائهم من الخروج عن‬
‫السنة والكتاب‪ ،‬يتبين لك معنى قوله تعالى‪( :‬إذ قال له ربه أسلم) البقرة‪ 131 :‬وقوله‪( :‬ووصى بهما‬
‫إبراهيم بنيه ويعقوب يبني إن هللا أصطفى لكم الدين فال تموتن إال وأنتم مسلمون) البقرة‪132 :‬‬
‫وقوله تعالى‪( :‬ومن يرغب عن ملة إبراهيم إال من سفه نفسه) البقرة‪ 130 :‬وأشباه هذه األصول‪A‬‬
‫الكبار التي هي أصل األصول والناس عنها في غفلة‪ ،‬وبمعرفته تبين معنى األحاديث في هذا الباب‬
‫وأمثالها‪ ،‬وأما اإلنسان الذي يقرأها وأشباهها‪ A‬وهو مطمئن أنها ال تناله ويظنها‪ A‬في قوم كانوا فأمنوا‬
‫مكر هللا فال يأمن مكر هللا إال القوم الخاسرون‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود رضي هللا عنه قال‪ :‬خط لنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خطا ثم قال‪( :‬هذا‬
‫سبيل هللا ثم خط خطوطا‪ A‬عن يمينه وعن شماله ثم قال‪ :‬هذه سبل على كل سبيل مهنا شيطان يدعو‬
‫إليه وقرأ‪( :‬وأن هذا صراط مستقيما فاتبعوه وال تشبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) األنعام‪153 :‬‬
‫رواه أحمد والنسائي‪.‬‬

‫باب ما جاء في غربة اإلسالم وفضل‪ A‬الغرباء‬


‫وقول‪ A‬هللا تعالى‪( :‬فلوال كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في األرض إال قليال‬
‫ممن أنجينا منهم) هود‪ 116 :‬اآلية وعن أبي هريرة مرفوعاً‪( A:‬بدأ اإلسالم غريبا ً وسيعود‪ A‬غريبا ً كما‬
‫بدأ فطوبى للغرباء) رواه مسلم ورواه أحمد من حديث ابن مسعود‪ A‬فيه‪ :‬من الغرباء؟ قال‪( :‬النزاع‬
‫من القبائل والذين يصلحون إذ فسد‪ A‬الناس) ‪.‬‬
‫وللترمذي من حديث كثير بن عبدهللا عن أبية عن جده (فطوبى‪ A‬للغرباء الذين يصلحون ما أفسد‬
‫الناس من سنتي) ‪.‬‬
‫وعن أبي أمية قال‪ :‬سألت أبا ثعلبة كيف تقول في هذه اآلية؟ (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ال‬
‫يضركم‪ A‬من ضل إذا اهتديتم) المائدة‪ 105 :‬قال‪ :‬أما وهللا لقد سألت عنها خبيراً‪ ،‬سألت رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم فقال(بل ائتمروا‪ A‬بالمعروف وتناهوا‪ A‬عن المنكر حتى إذا رأيتم‪ A‬شحا مطاعا ً‬
‫وهوى متبعا‪ ،‬ودنيا‪ A‬مؤثرة‪ ،‬وإعجاب كل ذي رأي برأيه‪ ،‬فعليك بنفسك‪ ،‬ودع عنك العوام‪ ،‬فإن من‬
‫ورائكم أياما ً الصابر فيهن مثل القابض على الجمر‪ ،‬للعامل فيهن أجر خمسين رجال يعملون مثل‬
‫عملكم قلنا‪ :‬منا أم منهم؟ قال‪ :‬بل منكم) رواه أبو داود والترمذي‪.‬‬
‫وروى‪ A‬ابن وضاح معناه من حديث ابن عمر ولفظه‪( :‬إن من بعدكم أياما للصابر فيها المتمسك بدينه‬
‫مثل ما أنتم عليه اليوم‪ ،‬له أجر خمسين منكم ثم قال‪ :‬أنبأنا محمد بن سعيد‪ ،‬أنبأنا أسد‪ ،‬قال سفيان بن‬
‫عيينة‪ :‬عن البصري‪ ،‬عن سعيد أخي الحين يرفعه قال‪( :‬إنكم اليوم على بينة من ربكم‪ ،‬تأمرون‬
‫بالمعروف‪ A‬وتنهون عن المنكر وتجاهدون في سبيل هللا‪ ،‬ولم يظهر‪ A‬فيكم السكرتان‪ :‬سكرة الجهل‪،‬‬
‫وسكرة حب العيش‪ ،‬وستحولون عن ذلك‪ ،‬فالمتمسك‪ A‬يومئذ بالكتاب والسنة له أجر خمسين) قيل‪:‬‬
‫منهم؟ قال ‪( :‬بل منكم) وله بإسناد عن المعافري‪ A‬قال‪ :‬قال رسول‪ A‬هللا صلى هللا عليه وسلم (طوبى‬
‫للغرباء‪ ،‬الذين يتمسكون‪ A‬بالكتاب حين يترك‪ ،‬ويعملون بالسنة حين تطفأ) ‪.‬‬

‫باب التحذير من البدع‬


‫عن العرباض بن سارية قال‪ :‬وعظنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم موعظة بليغة‪ ،‬قلنا‪ :‬يا رسول‬
‫هللا كأنها موعظة مودع فأوصنا‪ A‬قال‪( :‬أوصيكم بتقوى هللا عز وجل‪ ،‬والسمع والطاعة‪ ،‬وإن أمر‬
‫عليكم عبد‪ ،‬وإنه من يعش منكم فسيرى‪ A‬اختالفا‪ A‬كثيرا‪ ،‬فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين‬
‫المهديين‪ ،‬عضوا عيها بالنواجذ‪ ،‬وإياكم ومحدثات األمور‪ ،‬فإن كل بدعة ضاللة) قال الترمذي‬
‫حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫وعن حذيفة قال‪ :‬كل عبادة ال يتعبدها أصحاب محمد فال تعبدوها فإن األول لم يدع لآلخر مقاال‪،‬‬
‫فاتقوا هللا يا معشر‪ A‬القراء‪ ،‬وخذوا طريق‪ A‬من كان قبلكم‪ ،‬رواه أبو داود وقال الدارمي‪ :‬أخبرنا الحكم‬
‫بن المبارك‪ ،‬أنبأنا عمرو بن يحيى‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبي يحدث عن أبية قال‪ :‬كنا نجلس على باب عبدهللا‬
‫بن مسعود قبل صالة الغداة‪ ،‬فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد‪ ،‬فجاءنا أبو موسى‪ A‬األشعري فقال‪:‬‬
‫أخرج أبو عبدالرحمن ؟ قلنا‪ :‬ال‪ ،‬فجلس معنا‪ ،‬فلما خرج قال‪ :‬يا أبا عبدالرحمن إني رأيت في‬
‫المسجد أمرا أنكرته‪ ،‬ولم أر والحمد هلل إال خيرا‪ ،‬قال‪ :‬فما هو؟ فقال‪ :‬إن غشت فستراه قال‪ :‬رأيت‬
‫في المسجد قوما‪ A‬حلقا جلوسا ينتظرون الصالة‪ ،‬في كل حلقة رجل وفي‪ A‬أيديهم‪ A‬حصى فيقول‪ :‬كبروا‬
‫مائة‪ ،‬فيكبرون مائة‪ ،‬فيقول‪ :‬هللوا مائة‪ ،‬فيهللون مائة‪ ،‬فيقول‪ :‬سبحوا مائة فيسبحون مائة‪ ،‬قال‪ :‬فماذا‬
‫قلت لهم؟ قال‪ :‬ما قلت لهم شيئا‪ ،‬أنتظر أمرك قال‪ :‬أفال أمرتهم‪ A‬أن يعدوا سيئاتهم وضمنت‪ A‬لهم أن ال‬
‫يضيع من حسناتهم‪ A‬شيء؟ ثم مضى حتى أتى حلقة‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا؟ قالوا له‪ :‬حصى نعد به التكبير‬
‫والتهليل والتسبيح‪ ،‬قال‪ :‬فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن ال يضيع من حسناتكم شيء‪ ،‬ويحكم يا أمة‬
‫محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤالء صحابة نبيكم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم متوافرون‪ ،‬وهذه ثيابه‬
‫لم تبل‪ ،‬وآنيته لم تكسر‪ ،‬والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب‬
‫ضاللة‪ ،‬قالوا‪ A:‬وهللا يا أبا عبدالرحمن ما أردنا إال الخير قال‪ :‬وكم من مريد للخير لم يصبه إن رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم حدثنا أن قوماً‪ A‬يقرءون القرآن ال يجاوز تراقيهم‪ ،‬وأيم هللا لعل أكثرهم إال‬
‫منكم فقال‪ :‬عمرو بن سلمة رأينا عامة أولئك يطاعنوننا‪ A‬يوم النهروان مع الخوارج‪.‬‬
‫هذا أخر ما تيسر‬
‫شيخ اإلسالم ‪ /‬محمد بن عبدالوهاب ‪ -‬رحمه هللا تعالى‪-‬‬

You might also like