‫العالقات االقتصادية واحلضارية بني‬

‫الدولة اآلشورية والفينيقيني‬

‫(‪858-199‬ق‪.‬م)‬

‫أ‪.‬م‪.‬د‪.‬حسن كاظم دخيل‬

 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين‬

‫(‪858-199‬ق‪.‬م)‬

‫د‪.‬حسن كاظم دخيل‬

‫المقدمة‬
‫الشؾ أف عوامؿ التأثر والتأثير بيف المجتمعات والحضارات موجودة قدـ‬
‫وجود ىذه الحضارات والجماعات والعامؿ األساسي الذي يمعب دو اًر فييا ىو‬
‫مستوى الرقي لمحضارة التي تؤثر بمف جاورىا أو لو صبلت تجاريو معيا أو تربطو‬
‫عوامؿ سياسيو أو اقتصادية أو عسكرية ذات تأثير متبادؿ بيف الطرفيف ‪ ،‬والبد مف‬
‫ذكر أف حضارة الع ارؽ القديـ اتصفت بالسبؽ الزمني قياساً بالحضارات األخرى في‬
‫منطقة الشرؽ األدنى القديـ ‪ ،‬وأف أغمب أوجو التشابو بيف الحضارة العراقية‬
‫والحضارات المجاورة ليا آنذاؾ إنما تعني أف الحضارات المجاورة قد أقتبست مف‬
‫الحضارة العراقية القديمة عمى أف تكوف ىناؾ قنوات اتصاؿ عبرت أو انتقمت‬
‫بواسطتيا الحضارة مف العراؽ القديـ إلى األقاليـ سواء منيا المجاورة لو أو البعيدة‬
‫عنو ‪،...‬وىذا الكبلـ ينطبؽ عمى العبلقات بيف أشور واألقاليـ المجاورة ويشتمؿ‬
‫عمى الجوانب العسكرية والمصاىرات السياسية والتمثيؿ الدبموماسي والمعاىدات‬
‫السياسية‪.‬‬
‫أف الظروؼ السياسية العامة التي أحاطت بالمممكة األشورية أممت عمييا‬
‫إتباع سياسة عسكرية تتمثؿ بالضربات األستباقية لممحافظو عمى حدودىا ولضماف‬
‫سيادة المممكة ووحده أرضيا وشعبيا وكذلؾ لتأميف طرؽ مواصبلتيا التجارية مع‬
‫العالـ‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫ويتبيف مف تفسير الممؾ األشوري توكمتي ننورتا األوؿ ((‪-<=8‬‬

‫‪ <<8‬ؽ‪.‬ـ)) الذي يقوؿ ((إف السبلـ ال يمكف تحقيقو في أوقات عديدة بدوف‬
‫حرب)) فمسفة العبلقات الخارجية عند فشؿ الطرؽ السممية أو عقد المعاىدات أو‬
‫قياـ المصاىرات السياسية فأف البديؿ ىو الحمبلت العسكرية إلرغاـ الطرؼ األخر‬
‫عمى توقيع أتفاؽ لمسبلـ ‪ ،‬وىذا المفيوـ الفكري العسكري لممموؾ األشورييف لعب‬
‫دو اًر في نقؿ الموروث الحضاري بيف تمؾ المجتمعات السيما مجتمعات البحر‬
‫المتوسط ‪ ،‬كما أف لسياسية التيجير التي انتيجتيا الممالؾ القوية التي تقوـ بنقؿ‬
‫واستبداؿ سكاف المدف المغموبة واستبداليـ بسكاف مناطؽ أخرى ‪ ،‬وىذا األجراء لو‬
‫دور كبير في نقؿ الموروث الحضاري ومثاؿ عمى ذلؾ حينما َى ّجر الممؾ األشوري‬
‫شركيف الثاني سكاف مدينة السامرة عاـ (‪ ;27‬ؽ‪.‬ـ ) وأتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػى بأقػ ػ ػ ػ ػواـ م ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػف‬
‫األصمييف بني‬ ‫بابػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػؿ أسكنػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػيـ فػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػي السام ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرة بػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػدؿ سكانػ ػ ػػيا‬
‫إسرائيؿ ‪ ،‬واألقواـ الذيف ُنقموا معيـ مورثيـ الحضاري مف ببلدىـ إلى ببلد التي‬
‫سكنوىا ‪ ،‬والذيف ُىجروا مف بني إسرائيؿ إلى وسط المجتمع البابمي ساعدىـ عمى‬
‫التعرؼ عمى حضارتو مف خبلؿ التعايش أو مف خبلؿ االطبلع عمى النصوص‬
‫المسمارية التي تتعمؽ منيا باآلداب والديف ‪.‬‬
‫ومف ابرز األنظمة السياسية التي ظيرت في العراؽ القديـ ىو نظاـ‬
‫دويبلت المدف ومف العراؽ انتقؿ إلى مناطؽ أخرى مف العالـ ومنيـ الفينيقييف‬
‫بدليؿ انتشار دويبلت المدف مف نير الفرات حتى البحر المتوسط ‪.‬‬
‫وأف العام ػ ػػؿ التج ػ ػػاري متم ػ ػػثبلً بحاج ػ ػػة العػ ػ ػراؽ إل ػ ػػى المع ػ ػػادف واألخش ػ ػػاب‬
‫واألحجػ ػ ػػار واسػػ ػػتيراده ليػػ ػػذه األشػػ ػػياء مػػ ػػف ال ػ ػػدوؿ المج ػ ػػاورة ك ػ ػػاف ليػػ ػػذا االتصػ ػ ػػاؿ‬
‫بالمجتمعات المجاورة فحممت السمات الحضارية كما حممت البضػائع ممػا ادى إلػى‬
‫توطيد الصبلت الثقافية التي ترافؽ التواصؿ االجتماعي خاصة في أوقات السمـ ‪.‬‬
‫سنتناوؿ في ىذا الموضوع أربع مباحث ‪-:‬‬

‫‪424‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫المبحث األوؿ ‪ :‬تطمعات حكاـ ببلد وادي الرافديف لمتوسع غرباً لمقبض‬
‫عمى نيايات الطرؽ التجارية‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬العبلقات الحضارية‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬الحياة االقتصادية‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬الحياة الدينية واالجتماعية‬

‫المبحث األول‬
‫( تطمعات حكام بالد الرافدين لمتوسع غرباً لمقبض عمى نهايات الطرق‬
‫التجارية)‬
‫ترجع أولى اإلشارات التي تدؿ عمى عبلقة ببلد النيريف بفينيقيا إلى أياـ‬
‫الممؾ السومري (لوكاؿ زاكيزي) في القرف الرابع والعشريف قبؿ الميبلد ممؾ الوركاء‬
‫حيف يقوؿ في أحدى نصوصو أف معبوده (( إنميؿ )) قد جعؿ شعوب كؿ الببلد‬
‫(مف البحر السفمي عند دجمة والفرات والخميج العربي حتى البحر العموي البحر‬
‫(‪)7‬‬
‫‪ ،‬ولـ يحصؿ لو مناوئ‬ ‫المتوسط توجو أقداميا نحوه ‪ ،‬أي تتجو إلية كقائد ليا)‬
‫مف الشرؽ إلى الغرب ‪ ،‬وىذا يعني أنو بسط نفوذه مف الخميج العربي جنوباً إلى‬
‫البحر المتوسط شماالً ‪.‬‬
‫وفي عيد الممؾ اإلكدي ((سرجوف األوؿ)) ‪ 2779 – 27;8‬ؽ‪.‬ـ أوؿ‬
‫المموؾ السامييف العظاـ في العراؽ القديـ يشير أف المعبود (( أنميؿ )) قد منحة‬
‫كؿ المنطقة مف البحر العموي ( البحر المتوسط ) إلى البحر السفمي ( الخميج‬
‫(‪)2‬‬
‫ويذكر (( نراـ سف )) في‬ ‫العربي ) وأنو قد غسؿ أسمحة في البحر المتوسط‬
‫نصوصو إلى حممة في الشماؿ الغربي كأقصى امتداد ألمبلؾ أكد في غرب الفرات‬
‫(‪)7‬‬
‫وانو وصؿ إلى البحر العموي ( البحر المتوسط )‬

‫‪428‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫أما في عيد األشورييف فمـ يسفر الضغط السياسي العسكري األتي مف‬
‫المناطؽ الشرقية عمى فينيقيا عف نتيجة حاسمة إال عندما انيارت الدولة الحيثية ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ أصبح مف مبادئ سياسة حكاـ الرافديف أف‬ ‫وظيرت قدرة الدولة األشورية ‪،‬‬
‫(‪)8‬‬
‫‪.‬‬ ‫يتوسعوا غرباً لكي يقبضوا عمى نياية الطرؽ التجارية‬
‫بدأت أشور منذ أياـ ( تجبلت ببلسر الثالث ‪ ;2; – ;88‬ؽ‪.‬ـ) ترى أف‬
‫امتبلكيا السورية وفمسطيف وفينيقيا ىو الشرط األساسي لنجاح إمبراطوريتيا ‪ ،‬فيو‬
‫لـ يكف بالنسبة لحكاـ ببلد الرافديف بسبب ثورة ببلد الشاـ مف أخشاب نادرة في‬
‫الشرؽ‪ ،‬وبسبب ثورتيا المعدنية ‪ ،‬وسواحميا الطويمة عمى شاطئ البحر المتوسط‬
‫وتجارتيا الغنية فحسب ولكف النيا المدخؿ إلى جنوب شرؽ أسيا الصغرى مف‬
‫ناحية ‪،‬ومصر مف ناحية أخرى ‪ ،‬لذلؾ يتخذ (( تجبلت ببلسر )) الخطوات الجادة‬
‫لضـ األجزاء األساسية مف سوريو وفمسطيف وفينيقيا ‪ ،‬مف ىنا فانو لـ يقنع ‪ ،‬كغيره‬
‫مف الحكاـ األشورييف ‪ ،‬بقبوؿ الجزية ممف يخضعيـ مف األمراء في ببلد الشاـ ‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫‪ ،‬وىكذا بدأت أشور‬ ‫األمر الذي كاف يتبعو الحكاـ الكمدانيوف كذلؾ‬
‫تتجو نحو غزو ببلد الشاـ في عيد (( تجبلت ببلسر األوؿ ‪78=8 – 777:‬‬
‫ؽ‪.‬ـ)) والذي غ از سورية في عاـ ‪ 78=8‬ؽ‪.‬ـ ‪ ،‬وأعمف نفسو فاتحاً ألمور كميا ‪،‬‬
‫كوريث لمحيثييف في سيطرتيـ عمى سورية ‪ ،‬وقطع الفاتح األشوري أخشاب األرز‬
‫(‪):‬‬
‫‪ ،‬وبعد عقديف مف الزماف‬ ‫مف جباؿ لبناف وأرسميا إلى ببلده لبناء ىياكؿ ال ليتو‬
‫الزماف تقدـ العاىؿ األشوري (( ناصر باؿ الثاني ‪ <9= – <<7‬ؽ‪.‬ـ )) نحو‬
‫سورية الشمالية ‪ ،‬ثـ اتجو إلى الجنوب ‪ ،‬وعبر نير العاصي ودخؿ لبناف ‪ ،‬ونزؿ‬
‫إلى البحر المتوسط بدوف مقاومة ‪ ،‬وىنا تمقى خضوع المدف الفينيقية ‪ ،‬صور‬
‫وصيدا وجبيؿ في حوالي ‪ <;:‬ؽ‪.‬ـ ‪ ،‬وأرغميا عمى أف تدفع الجزية ‪ ،‬وأف يقدـ لو‬
‫سكانيا الذىب والفضة والنحاس والقصدير والحديد والمنتوجات الممونة وكميات مف‬

‫‪421‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫خشب األبنوس واألرز والصندؿ والعاج ‪ ،‬وأقاـ بيذه المناسبة لوحو تذكارية عند‬
‫(;)‬
‫ويقوؿ الممؾ األشوري (( لقد استوليت عمى كؿ‬ ‫نير الكمب ‪ ،‬شماؿ بيروت‪،‬‬
‫جباؿ لبناف المترامية األطراؼ ‪ ،‬ووصمت إلى البحر الكبير في ببلد أمورو ‪،‬‬
‫(<)‬
‫‪.‬‬ ‫وغسمت أسمحتي في البحر العظيـ‪ ،‬وقدمت قرابيف مف الماشية لئللية جميعاً‬
‫وفي عاـ ‪ <97‬ؽ‪.‬ـ يتقدـ شممنصر الثالث (=‪ <28-<9‬ؽ‪.‬ـ) الى وسط‬
‫سورية ‪ ،‬وحدثت موقعة قرقار واعاد الكرة تحدث مرات بيدؼ اخضاع سورية‬
‫وفينيقيا وفمسطيف حتى استطاع في عاـ ‪ <82‬ؽ‪.‬ـ مف إرغاـ المدف الفينيقية ‪،‬‬
‫وخاصة صور وصيدا ‪ ،‬عمى دفع الجزية لو ‪ ،‬ويقوؿ الممؾ األشوري في حولياتو‬
‫عف نصره في ىذا (( في السنة الثامنة عشرة لممكي عبرت الفرات لممرة السادسة‬
‫عشر ‪ ،‬وكاف حزائيؿ ممؾ أراـ يثؽ بجيوشو ‪ ...‬ولكني حققت سقوطو ‪ .‬وزحفت‬
‫الى (بمعي راسي) وىو رأس في البحر وأقمت صورتي ىناؾ ‪ ،‬وفي ذلؾ الحيف‬
‫(=)‬
‫‪،‬وفي عيد (( أدد‬ ‫تمقت الجزية مف رجاؿ صور وصيدا ‪ ،‬ومف ياىو بف عمري‬
‫نيراري الثالث)) الذي قدـ إلى فينيقيا مرتيف في عاميف ‪ <88‬و ‪ <87‬ؽ‪.‬ـ‬
‫واستمرت صور وصيدا تدفعاف الجزية لؤلشورييف ‪ ،‬وكذلؾ الحاؿ بالنسبة ((تجبلت‬
‫ببلسر الثالث ‪ ;2; – ;89‬ؽ‪.‬ـ )) الذي أقاـ معسكرة الرئيسي في ((أرباد)) (‬
‫أربادو باألشورية وىي تؿ ارفاد الحالية عمى مبعدة ‪ 27‬كـ شمالي حمب ومنيا‬
‫ارسؿ الى دمشؽ حممة‪ ،‬ثـ فرض الجزية عمى المدف الفينيقية ‪ ،‬وطبقاً لما جاء في‬
‫المسمة السوداء ‪ ،‬فقد خضع لو كذلؾ (( ياىو )) ممؾ إسرائيؿ ‪ ،‬وقدـ لو الجزية‬
‫(‪)78‬‬
‫‪ ،‬وفي عيد (( سرجوف الثاني‬ ‫عمى ىيئة أواف مف الذىب والفضة والرصاص‬
‫‪ ;89 – ;22‬ؽ‪.‬ـ )) سقطت السامرة في ربيع أو خريؼ عاـ ‪ ;22‬ؽ‪.‬ـ تحت‬
‫(‪)77‬‬
‫وفي عيد ((‬ ‫أقداـ األشورييف ‪ ،‬ومنيا أتجو سرجوف الثاني إلى فينيقيا‬
‫سنحاريب ‪ :<7 – ;89‬ؽ‪.‬ـ )) نيج نيج سمفو ‪ ،‬فأعاد فتح المدف الفينيقية‬

‫‪434‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫والسورية ومممكة ييوذا ‪ ،‬ثـ قاـ بعد ذلؾ بنقؿ عماؿ فينيقييف إلى عاصمتو (نينوى)‬
‫ليقوموا بصناعة سفف لو تشبو سفف ببلدىـ ‪ ،‬وقد جيزت ىذه السفف ببحارة مف‬
‫صور وصيدا ‪ ،‬وكذا مف اليونانييف ‪ ،‬وربما القبارصة ‪ ،‬واستطاع سنحاريب بيذا‬
‫األسطوؿ القياـ بحممة بحريو ( نيرية ) عمى دجمة إلخضاع شعوب ( بيت ياقيف )‬
‫(‪)72‬‬
‫جاء‬ ‫والعيبلمييف ‪ ،‬وعاد مف ىناؾ بأسرى وذلؾ في عاـ ‪ :=8‬ؽ‪.‬ـ‬
‫((أسرحدوف ‪ ::= – :<8‬ؽ‪.‬ـ )) بعد والده سنحاريب ‪ ،‬وفي عيده ظف ممؾ‬
‫صيدا (ممقارت) أف في وسعو أف يستقؿ ‪ ،‬فسعى الى ذلؾ وارتبط ببعض االمراء‬
‫فعجؿ بالقضاء عميو ‪ ،‬وباءت المحاولة‬
‫المجاوريف في حمؼ أدرؾ أسرحدوف أىدافو ّ‬
‫بالفشؿ ‪،‬بعد أف اغتصبت صيدا في عاـ <;‪ :‬ؽ‪.‬ـ وعوممت بقسوة حتى ال تعود‬
‫لمثميا (‪.)77‬‬
‫وأنتقـ أسرحدوف مف أىؿ صيدا أبشع انتقاـ ‪ ،‬ودمر المدنية وىدـ عمرانيا‬
‫‪ ،‬ودؾ بيوتيا ‪ ،‬وأطاح بأسوارىا ‪ ،‬وقذؼ بأحجارىا في البحر ‪ ،‬وكانت ىذه الكارثة‬
‫أوؿ الكوارث التي توالت عمى صيدا عبر التاريخ ‪ ،‬ثـ أمر أسرحدوف سكاف صيدا‬
‫باالنتقاؿ عنيا إلى ببلده ‪ ،‬وأحؿ محميـ أقواماً مف الخميج العربي ‪ ،‬أو مف شرؽ‬
‫اإلمبراطورية األشورية ‪ ،‬وأمر بتعمير مدينة جديدة في موضع صيدا وأسماىا‬
‫(‪)78‬‬
‫وقد تكررت عممية التيجير‬ ‫((كار أسرحدوف)) أي مدينة أسرحدوف ‪،..‬‬
‫واإلحبلؿ عمى درجة كبيرة ‪ ،‬وحيف نجح العاىؿ األشوري في القضاء عمى ىذه‬
‫االضطرابات عمؿ أف يأتي بقوـ آخريف ‪ ،‬وأف يسكنيـ ىذه األقاليـ ومف بينيـ‬
‫مجاميع مف العرب حددىـ النص األشوري (( قبائؿ تامودي وايباديدي ومرسيمانو‬
‫وجبايا‪ ،‬الذيف يعيشوف بعيداً في الصحراء والذيف لـ يعترفوا برؤساء وموظفيف‬
‫وا لذيف لـ يكونوا قد جاءوا مف قبؿ بجزاىـ ألي ممؾ ‪ ،‬سبيت األحياء منيـ‪ ،‬ونقتميـ‬
‫(‪)79‬‬
‫‪ ،‬وكاف األشوريوف ييدفوف مف وراء ذلؾ إلى كسر التحالفات‬ ‫إلى السامرة‬

‫‪439‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫القديمة بإدخاؿ أجانب في الببلد ‪ ،‬ربما كانوا في بعض الحاالت مف األشورييف‬

‫أنفسيـ ‪ ،‬وبداية لظروؼ ‪ ،‬جديدة أكثر مبلئمة لئلمبراطورية األشورية الطموح ‪،‬‬
‫أف الغزوات األشورية قد عجمت بنياية الدويبلت السامية المنيارة ‪ ،‬كما أف‬
‫األحواؿ القديمة قد تغيرت ‪ ،‬واختفت المعالـ القديمة ‪ ،‬واضمحمت المشاعر المحمية‬
‫(‪)7:‬‬
‫‪.‬‬ ‫والقومية ‪ ،‬ودمرت الدويبلت الحاجزة‬
‫أف موقؼ المدف الفينيقية مف أسرحدوف يتوضح مف خبلؿ خضوع ممؾ‬
‫أرواد (( ياكنمو )) وسمـ مدينتو وكذا أبنتو إلى أسرحدوف ‪ ،‬كما خضعت مدف‬
‫فينيقية أخرى تحت زعامة ((بعؿ)) ممؾ صور ألسرحدوف ‪ ،‬ووقعت معاىدة بيف‬
‫بعؿ واسرحدوف غير أف ممؾ صور سرعاف ما مزقيا حيف أحس بأف الوقت أصبح‬
‫(;‪)7‬‬
‫‪.‬‬ ‫مناسباً لنزع النير األجنبي‬
‫في عيد (( أشور بانيباؿ <‪ :2: – ::‬ؽ‪.‬ـ )) حوصرت صور لممرة‬
‫الثالثة ‪،‬فأقامت الحصوف الدفاعية عمى األرض اليابسة ‪ ،‬ووضعت المتاريس في‬
‫كؿ الطرؽ ب اًر وبح اًر ‪ ،‬واضطر أىميا المحاصروف أف يشربوا مف ماء البحر ‪ ،‬كما‬
‫أف بعميا أضطر أف يستسمـ في ظروؼ قاسية ‪ ،‬واستولى األشوريوف عمى خيرات‬
‫صور ‪ ،‬وعمى أسطوليا الذي استخدموه في إخضاع ممؾ أرواد (( ياكنمو)) الذي‬
‫العاصمة‬ ‫أضطر في نياية األمر أف يستسمـ ويبعث بابنتو إلى (( نينوى))‬
‫(<‪)7‬‬
‫‪.‬‬ ‫األشورية‬
‫أما في عيد الكمدانييف البابمييف الذيف ورثوا إمبراطوريو األشورييف بعد‬
‫انتصارىـ في نينوى عاـ ‪ :72‬ؽ‪.‬ـ ‪ ،‬ثـ في حراف عاـ =‪ :8‬ؽ‪.‬ـ والمذيف اضحوا‬
‫وارثيف لئلمبراطورية األشورية في السيطرة عمى سوريا وفينيقيا وفمسطيف ‪،‬وتكرر‬
‫تمرد المدف الفينيقية في زمف الكمدانييف كما حصؿ مع األشورييف مف‬
‫قبميـ‪،‬وساعدتيـ مصر وذلؾ في سعييا السترداد سيادتيا المفقودة عمى ببلد الشاـ‬

‫‪432‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫‪ .‬وكانت المدف الفينيقية أكثر ميبلً لبلعتراؼ بالسيادة المصرية منيا بالسيادة‬
‫البابمية‪.‬‬
‫في عاـ ;<‪ 9‬ؽ‪.‬ـ ظير نبوخذ نصر ((‪ 9:2 – :89‬ؽ‪.‬ـ )) في شمالي‬
‫سورية ‪،‬وأقاـ معسكره في ((ربمو)) عمى مبعدة ‪ 77‬كـ جنوب حمص ‪ ،‬في وادي‬
‫العاصي ‪،‬ومف ىناؾ أرسؿ قواتو إلخضاع المدف الفينيقية وفتح ببلد الييودية ‪ ،‬وقد‬
‫تـ االستيبلء عمى القدس في عاـ ‪ 9<:‬ؽ‪.‬ـ ونيبت المدينة المقدسة ‪ ،‬وأشعموا فييا‬
‫النيراف ‪ ،‬وأحرقوا القصر الممكي والمعبد ‪ ،‬وفيو البقية الباقية مف التابوت الذي كفت‬
‫الروايات الييودية عف ذكره بعد نقمو إلى معبد أورشميـ (=‪.)7‬‬
‫وفي عاـ ‪ 9;2‬ؽ‪.‬ـ أتجو نبوخذ نصر إلى فينيقيا ‪ ،‬فياجـ صيدا‬
‫وحاصرىا حتى مات عدد كبير مف أىميا بسبب الجوع والوباء ‪ ،‬فاستسممت لو ‪،‬‬
‫أما صور فقد صمدت أمامو ‪ 77‬عاماً وبعد ذلؾ تحطمت مقاومتيا فاستسمـ ممكيا‬
‫(( أثبعؿ الثالث)) ودخمت قوات الكمدانييف ودمرت مبانييا وسوتيا باألرض ‪ ،‬ومنذ‬
‫ذلؾ الحيف تخمت صور عف مكانتيا ‪ ،‬خاصة وأف الفرعوف ((أحمس الثاني ‪9;8‬‬
‫– ‪ 92:‬ؽ‪.‬ـ )) كاف قد أنتقص مف سيادتيا بانتزاع قبرص (‪.)28‬‬
‫بعد سقوط بابؿ في أكتوبر عاـ =‪ 97‬ؽ‪.‬ـ واعبلف ((كيروش الثاني <‪99‬‬
‫– ‪ 978‬ؽ‪.‬ـ)) نفسو ممكاً عمى بابؿ ‪ ،‬وقبميا سقوط نينوى عاـ ‪ :72‬ؽ‪.‬ـ ‪ ،‬ال‬
‫يعد نياية لتاريخ العراؽ القديـ كدولة مستقمة فحسب بؿ نياية لسيطرة العناصر‬
‫السامية ‪،‬وبداية سيادة العناصر اليندو – أوربية ‪ ،‬مف فرس واغريؽ وروماف ‪،‬‬
‫والتي استمرت قرابة أثنى عشر قرناً ‪ ،‬حتى جاء اإلسبلـ الحنيؼ ‪ ،‬وقد أعتبر‬
‫الفرس واليات سورية وفينيقيا وفمسطيف مف أمبلكـ ‪ ،‬كورثة لئلمبراطورية البابمية‬
‫بما فييا فينيقيا بالحكـ الفارسي‬ ‫‪،‬واعترفت جميع مناطؽ اإلمبراطورية البابمية‬
‫(‪)27‬‬
‫‪.‬‬ ‫الجديد‬

‫‪433‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫(العالقات الحضارية ‪ ،‬الحياة الفكرية واألدبية)‬
‫المغة والكتابة‬ ‫‪.9‬‬
‫األدب‬ ‫‪.2‬‬
‫عند تحديد العناصر الحضارية المقتبسة بيف المجتمعات القديمة ‪،‬وحسب‬
‫رأي الباحثيف‪ ،‬البد مف توفر عدد مف الشروط السيما السبؽ الزمني منيا‪،‬إذ البد‬
‫أف تكوف الحضارة المقتبس منيا سابقة لمحضارة المقتبسة‪،‬فضبلً عف ضرورة وجود‬
‫عدة أوجو شبو ومضاىات بيف العناصر الحضارية بيف الحضارتيف المشار إلييما‬
‫يدؿ عمى االقتباس(‪.)22‬‬
‫واذا أردنا التحدث عف العمميات العسكرية ودورىا في نقؿ الموروث‬
‫الحضاري بيف المجتمعات القديمة‪،‬فبلبد مف ذكر مسالة بالغة األىمية أال وىي‬
‫السياسة العسكرية إلى انتيجتيا الدوؿ أو الممالؾ القوية حينذاؾ وفي مقدمتيا‬
‫سياسة التيجير إلى كانت تقضي نقؿ أعداد كبيرة مف سكاف المدف المغموبة‬
‫واستبداليـ بسكاف مف مناطؽ أخرى ‪،‬وىذه العممية التي كاف ليا دور كبير وفعاؿ‬
‫في نقؿ الموروث الحضاري إلقميـ معيف ‪،‬ذي طابع حضاري معيف إلى إقميـ أخر‬
‫فمثبلً حينما ىجر الممؾ األشوري شركيف الثاني في عاـ ‪ ;27‬ؽ‪.‬ـ سكاف مدينة‬
‫السامرة وأتى بأقواـ أخرى أسكنيـ بدالً منيـ وكاف معظـ الذيف أسكنيـ في السامرة‬
‫مف ببلد بابؿ‪،‬كما جاء في النص التالي (( ‪ .....‬في بداية حكمي‪ ..‬أجميت‬
‫‪ 2;2=8‬شخصاً مف السامرة التي أعدت بنائيا بشكؿ جيد وأسكنت فييا أناساً مف‬
‫مناطؽ أخضعتيا سابقاً وعينت فييا حاكماً ‪.)27())....‬‬
‫لقد بيف النص أف األشورييف عندما نقموا ىؤالء الناس مف مناطقيـ‬
‫وأسكنوىـ في السامرة‪،‬فأف ىؤالء نقموا معيـ موروثيـ الحضاري مف ببلدىـ إلى‬

‫‪434‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫المناطؽ التي سكنوىا‪،‬وأف تواجد الميجريف الذيف تـ إجبلئيـ مف قبؿ األشورييف‬

‫إلى وسط المجتمع العراقي آنذاؾ ساعدىـ عمى التعرؼ عمى حضارتو مف خبلؿ‬
‫اطبلعيـ عمى النصوص المسمارية ‪،‬خاصة تمؾ التي تتعمؽ بالديف واألدب‪.‬‬
‫ونتيجة ليذه المواجو واالحتكاؾ اندمج الكثير مف األشورييف بالشعوب‬
‫المجاورة‪ ،‬فأخذت معظـ ىذه األقواـ عف األشورييف الشيء الكثير مف النظـ‬
‫السياسية واإلدارية ‪،‬فضبلً عف مجاالت عديدة السيما ما كاف يتعمؽ منيا بالزراعة‬
‫(‪)28‬‬
‫والري والتجارة‪.‬‬
‫أما بخصوص نظاـ الحكـ فأنو في عموـ المنطقة بما فييا الدوؿ الكبرى‬
‫والصغيرة منيا كاف نظاماً وراثياً وفي أغمب األحياف كاف االبف األكبر يرث أباه ‪،‬‬
‫أمتاز ىذا النظاـ بكثرة حاالت اغتصاب العرش مف أفراد في األسر الحاكمة ال‬
‫يمتمكوف الحؽ فيو وقد أكد ىؤالء في نقوشيـ الكتابية أحقيتيـ الشرعية في امتبلؾ‬
‫زماـ الحكـ عف طريؽ التفويض اإلليي ليـ ‪،‬كما جاء في نص الممؾ سف – اخي‬
‫ادينا بقولو ‪(( :‬عمى الرغـ مف أنني أصغر مف أخوتي الكبار ‪.‬أال أف أبي الذي‬
‫خرجت مف صمبة اختارني في اجتماع مف بيف إخوتي بأمر اإللية أشور‬
‫وشمش‪،‬بيؿ‪،‬نابو‪،‬عشتار‪ ،‬قائبلً ‪( :‬ىذا ىو خميفتي)) وأستفسر مف اإللو شمش وأدد‬
‫(‪)29‬‬
‫عف طريؽ الفأؿ وأجابوه مؤكديف‪ :‬أنو ىو الذي يجب أف يخمفؾ‪.‬‬
‫المغة والكتابة ‪:‬‬ ‫‪-9‬‬
‫الكتابة تعد الوسيمة المثمى لتسجيؿ معرفة اإلنساف وعممو فضبلً عف ماضي‬
‫أفكاره وثقافتو ‪.‬‬
‫(‪)2:‬‬
‫تمكـ الفينيقيوف وكتبوا كتاباتيـ بالكنعانية – الفينيقية نسبة إلييـ‪،‬‬
‫كما أشتير الفينيقيوف باقتراف أسميـ بالحروؼ اليجائية التي ينسب إلييـ‬
‫أنيـ أوؿ مف تعرؼ عمييا‪،‬فقد كاف الفينيقيوف بحكـ وضعيـ الجغرافي يحتموف مكاناً‬

‫‪435‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫وسطاً بيف شعبيف‪،‬استطاعا أف يصبل إلى التعبير عف أفكارىـ وتسجيميا بالكتابة‬

‫(;‪)2‬‬
‫‪،‬أنيـ ليسوا أوؿ مف عرؼ حروؼ اليجاء‪ ،‬بؿ ىناؾ مف سبقيـ إلييا واىتدى‬
‫إلى معرفتيا قبميـ فيـ في أغمب األمر ناقموف استطاعوا أف يدخموا بعض‬
‫التحسينات واإلضافات لمحروؼ التي وأخذوىا مف حيث أخذوا البردي(<‪.)2‬‬
‫أف أقدـ الوثائؽ األبجدية التي كشؼ عنيا في فينيقيا‪،‬إنما وثائؽ أوغاريت‬
‫ولكنيا مسمارية الطابع‪ ،‬وأقدـ نقش أبجدي فينيقي الطابع ىو النقش المكتوب عمى‬
‫تابوت أحيراـ =‪ =7: – =:‬ؽ‪.‬ـ (=‪.)2‬‬
‫إف كؿ ما فعمو الفينيقيوف أنيـ طوروا الفكرة ‪،‬واستخدموا الرموز لمداللة عمى‬
‫حروؼ فقط أي أنيـ جعموا منيا نظاماً أبجدياً تاماً مؤلفاً مف أثنيف وعشريف‬
‫عبلمة(‪.)78‬‬
‫وقد سبقيـ السومريوف في اختراع الكتابة بنحو ألؼ عاـ‪،‬إذ تأثرت بيا‬
‫األوغاريتيو بالخط المسماري الذي نشأ في أرض العراؽ القديـ‪.‬‬
‫األدب ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كاف لؤلدب العراقي القديـ أثره الواضح في آداب الشعوب األخرى ال يقؿ‬
‫أىميو عف إنجازاتيـ في الجوانب األخرى كالجانب الديني والتشريعي‪،‬السيما تمؾ‬
‫التأثيرات في حضارة الساحؿ الفينيقي بحكـ موقعو الجغرافي بيف حضارتي العراؽ‬
‫القديـ ووداي النيؿ مما أكسب أىمو حضارة مكتسبة وليست أصمية ‪،‬إذ استحدثت‬
‫(‪)77‬‬
‫‪.‬‬ ‫الكثير مف مقوماتيا الحضارية منيا‬
‫أف التنقيبات األثرية التي أجريت في العراؽ القديـ قد أسفرت عف قدـ‬
‫األدب العراقي وأصالتو ‪،‬السيما أف النصوص المسمارية المكتشفة آنذاؾ قد أثبتت‬
‫أف العراؽ القديـ أخذ السبؽ في ىذا المجاؿ‪،‬إذ أثارت الكثير مف المصادر ذات‬

‫‪436‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫العبلقة أف الكثير مف األفكار األدبية قد انتشرت مف العراؽ القديـ إلى سوريا‬

‫ومصر وأسيا الصغرى وصوالً إلى ببلد اليوناف(‪.)72‬‬
‫كاف لؤلدب صدى واضح في األدب الكنعاني الفينيقي نتيجة لبلحتكاؾ‬
‫المباشر مع العراؽ القديـ وعموـ ببلد الشاـ(‪.)77‬‬
‫يعد الطوفاف مف أكثر القصص القديمة انتشا اًر في اآلداب القديمة‪،‬فبل يكاد‬
‫(‪)78‬‬
‫أدب مف آداب األمـ يخمو منيا‪،‬‬
‫وقد بقت رواية مقدسة تتناقميا األجياؿ في العراؽ القديـ‪،‬وشقت طريقيا غرباً‬
‫نحو البحر المتوسط‪،..‬ويرجع السبب في ذلؾ إلى األثر العميؽ الذي تركتو قصة‬
‫الطوفاف في أذىاف الناس وقموبيـ في ذلؾ الزماف ‪،‬فضبلً عف ذكر النصوص‬
‫الكنعانية التي تشير إلى أف الكنعانييف اتخذوا مف بعؿ وأنات إلييف لمخصب‪ ،‬وىما‬
‫يكوناف شبيياف الدموزي وعشتار في العراؽ القديـ‪،‬وعمى الرغـ مف أوجو التشابو‬
‫بيف األسطورة الكنعانية واألسطورة العراقية القديمة ‪،‬إال أف فارقاً بينيما ىو عشتار‬
‫كانت سبباً في مأساة حبيبة زوجيا دموزي ‪،‬‬
‫(‪)79‬‬
‫أف قصة والدة‬ ‫أما اإللية أنات تقوـ بدور المنتقـ لآللة بعؿ مف قاتمو ‪،‬‬
‫شركيف كاف ليا حضور متميز بيف آداب األقواـ والشعوب القديمة في المنطقة‪ ،‬إذ‬
‫أف الطبيعة القصصية التي كانت سائدة آنذاؾ تميؿ إلى إظيار عظمة المموؾ مف‬
‫خبلؿ االقتداء أو التقميد وصوالً إلى أكبر قدر مف الشيرة وقد اختمفت اآلراء حوؿ‬
‫جذور ىذه القضية إذ ذىب بعض الباحثيف عمى أف اقدـ تقديـ ليا يعود الى‬
‫العصر األشوري وبالتحديد عاـ ‪ ;98‬ؽ‪.‬ـ‪،‬وىناؾ رأي أخر يعود إلى عاـ ‪:88‬‬
‫ؽ‪.‬ـ ‪،‬أي خبلؿ حكـ الدولة البابمية الحديثة‪،‬فضبلً عف رأي ثالث يؤكد عمى أف‬
‫قصة شركيف دونت بعد قصة موسى (ع) بأكثر مف ستة قروف‪،‬وأف األشورييف‬
‫كانوا عمى اتصاؿ دائـ مع ببلد الشاـ‪،‬ومف المتحمؿ أف ىؤالء قد تعرفوا عمى قصة‬

‫‪434‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫موسى (ع) وتأثروا بيا فنسجوا قصة مشابو ليا مثؿ شخصية شركيف األكدي مف‬
‫(‪)7:‬‬
‫ويزداد المتتبع لتفاصيؿ القصتيف قناعة‬ ‫أجؿ إضفاء العظمة والقدسية عمية ‪،..‬‬
‫بأنيا نسجت مف جذور واحدة‪،‬إذ تكمف بوادر الشبو فييما مف نقطتيف ميمتيف‬
‫األولى كانت تتمثؿ بالتكتـ السرية الذي رافؽ والدة بطمي القصة‪،‬أما النقطة الثانية‬
‫فيي الطريقة التي ألقي فييا الطفؿ بالنير إذ أشارت كمتا القصتيف إلى أف تمؾ‬
‫العممية قد تمت بوضع الطفؿ في السمة والقاءه في النير فضبلً عف طريقة إنتشالو‬
‫ىي األخرى متشابو في كمتا القصتيف(;‪،)7‬ىنالؾ جوانب أدبية أخرى تدلؿ عمى تمؾ‬
‫الصبلت الحضارية المتبادلة بيف الطرفيف‪،‬منيا ما يتعمؽ باألمثاؿ وأدب الحكمة‬
‫والذي يشير إلى ذلؾ ما ينسب إلى احيقار الحكيـ وزير الممؾ( سيف – أخي –‬
‫اريبا بف أشور – أخ – ادينا) حسبما جاءت في القصة األراميو ‪،‬ورغـ االختبلؼ‬
‫الذي ظير بيف الميمتيف بالتاريخ األشوري والفينيقي حوؿ أصوؿ ىذه القصة ‪،‬إال‬
‫أف الراجح إنيا أشورية ألنيا انتشرت بالمساف األشوري ومف ثـ نقمت إلى اآلرامية‬
‫التي كتبت عمى البردي لجزيره الفيمة ‪،‬والدليؿ عمى أشورية القصة‪،‬فاف كاف نصيا‬
‫ومؤلفيا إغريقي أو ييودي أو فارسي‪،‬فمماذا جاءت األسماء فييا أشورية كما أف‬
‫أسماء اإللية ىي األخرى أشورية‪،‬فضبلً عف مسرح أحداثيا في نينوى وآشور ‪،‬‬
‫فروح القصة وآليتيا ومسرح أحداثيا وأسموب سردىا تدؿ عمى أنيا أشورية المنشأ‬
‫والمغة وعنيا بقيت شائعة في القرف السادس ؽ‪.‬ـ فأخذىا الييود الذيف يتكمموف‬
‫األراميو ‪.‬‬
‫وعف األراميو نقمت بأسماء ييودية‪،‬وبروح عبرية إلى المغة العبرية فاليونانية‬
‫(<‪)7‬‬
‫فضبلً عف سائر اآلداب التي يرد فييا ذكر احيقار وحكمو وأمثالو‪،‬‬

‫‪438‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫أف لحكمة احيقار ترابطاً وثيقاً بعدة أسفار مف العيد القديـ كونيا حكمة‬
‫إنسانية منتشرة سواء بطريقة الكتابة أو بالكبلـ الشفيي عف طريؽ الطرفيف المشار‬
‫(=‪)7‬‬
‫إلييما‪،‬‬
‫نستنتج مما تقدـ أف االتصاؿ بيف العراؽ القديـ وسكاف ساحؿ البحر‬
‫المتوسط كاف واضحاً بشكؿ ال يقبؿ الشؾ‪،‬وذلؾ مف خبلؿ ما جاء في النصوص‬
‫التوراتية التي حممت بيف أسفارىا العديد مف القصص واألشعار وىي باألساس‬
‫كانت موجودة في النصوص المسمارية لمعراؽ القديـ ولفترة زمنية جاوزت ألؼ سنة‬
‫أو أكثر‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫( الحياة االقتصادية )‬
‫الزراعة‬ ‫‪-9‬‬
‫الصناعة‬ ‫‪-2‬‬
‫التجارة‬ ‫‪-3‬‬
‫ارتكزت الحياة االقتصادية عمى الزراعة والتجارة والصناعة‪.‬‬
‫الزراعة ‪-:‬‬ ‫‪-9‬‬
‫لعب ػ ػػت الز ارع ػ ػػة دو اًر أساس ػ ػػياً ف ػ ػػي االقتص ػ ػػاد األش ػ ػػوري ‪،‬إذ ش ػ ػػكؿ الش ػ ػػعير‬
‫المحص ػ ػػوؿ األساس ػ ػػي‪،‬ويميو م ػ ػػف حي ػ ػػث األىمي ػ ػػة القمح‪،‬وك ػ ػػاف ى ػ ػػذاف المحصػ ػ ػوالف‬
‫يعتمداف بالدرجة األولى عمػى ميػاه األمطػار ولػيس عمػى الػري وخاصػة فػي المنطقػة‬
‫الشمالية مف العػراؽ القػديـ ‪،‬إال أف االعتمػاد عمػى األمطػار فقػط كػاف لػو أثػار سػمبية‬
‫فػػإف أنحباسػػيا فػػي بعػػض السػػنوات يػػؤدي الػػى حصػػوؿ مجاعػػات فػػي الػػببلد ‪ ،‬والػػى‬
‫جانب ىذيف المحصػوليف ‪ ،‬كػاف ىنػاؾ محصػوؿ الكتػاف الػذي يسػتفاد مػف بػذوره فػي‬

‫‪431‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫إنتاج نػوع مػف الزيػوت(‪،)88‬ىػذا والػى جانػب الفواكػو ‪،‬كالعنػب والتػيف والزيتػوف والتمػر‬
‫وغيرىا‪،‬‬
‫ولق ػ ػ ػػد س ػ ػ ػػعى المم ػ ػ ػػوؾ األش ػ ػ ػػورييف إل ػ ػ ػػى إدخ ػ ػ ػػاؿ مزروع ػ ػ ػػات عدي ػ ػ ػػدة إل ػ ػ ػػى‬
‫ببلدىـ‪،‬فالممؾ سيف – أخي – اريبا مثبلً زرع القطف فػي حديقػة نينػوى وأطمػؽ عميػو‬
‫(‪)87‬‬
‫‪،‬فيقػػوؿ (( جمبػػت الشػػجرة التػػي تحمػػؿ‬ ‫أسػػـ (( األشػػجار التػػي تحمػػؿ الصػػوؼ ))‬
‫الصوؼ وزرعتيا في العاصمة وحممت الصوؼ وقاموا بجزه وغزلو )) ‪.‬‬
‫ويذكر الممؾ نفسو في أحدى حولياتو في معرض حديثو عف أحدى‬
‫الحدائؽ التي أقاميا في شماؿ عاصمتو نينوى عف الثروات الطبيعية لمبمداف التي‬
‫فتحيا وعرفت الناس بثروات الجباؿ البمداف وبأعشاب ببلد حاتي ( ببلد األناضوؿ)‬
‫وبنباتات المر‪.‬‬

‫حيػػث إف قائػػدتيا ىنػػا – أي بػػبلد أشػػور – أكثػػر مػػف موطنيػػا الطبيعػػي وكػػؿ‬
‫أنواع الكػروـ وجميػع أنػواع الفواكػو مػف مختمػؼ البمػداف ومختمػؼ األعشػاب وأشػجار‬
‫الفاكي ػػة كم ػػا ي ػػذكر المم ػػؾ األش ػػوري ( ش ػػركيف الث ػػاني ) أنواعػ ػاً كثيػ ػرة م ػػف أخش ػػاب‬
‫األشػػجار التػػي أسػػتعمميا فػػي تشػػييد قصػػور عاصػػمتو دور شػػركيف ( خػػر سػػباد ) ‪،‬‬
‫وىػ ػػو الػ ػػذي شػ ػػيد القصػ ػػور مػ ػػف خشػ ػػب القبقػ ػػب والػ ػػبقس والتػ ػػوت والسػ ػػرو والعرعػ ػػر‬
‫والصنوبر وخشب أشجار الفستؽ‪،‬وبعد تعداد ىذه األنواع مف األشجار يختتـ حديثو‬
‫قائبلً ‪ :‬وىي مف نتاج خماف ( جبؿ األمانوس في سوريا ) (‪.)82‬‬
‫ونق أر في ممحمة كمكامش عف مشاىدتو العنب األسػود أثنػاء رحمتػو إلػى بػبلد‬
‫الشاـ والذي لـ يكف لو وجود في العراؽ آنذاؾ ‪،‬ولـ يدخؿ العنب في بػبلد أشػور إال‬
‫ف ػػي األل ػػؼ األوؿ ؽ‪.‬ـ حي ػػث انتش ػػرت زراعت ػػو ‪،‬ف ػػي العص ػػر األش ػػوري الح ػػديث أف‬
‫جميع إلبساتيف كانت مزروعػة بالعنػب حسػبما جػاء فػي إحصػاء حػراف مػف العصػر‬

‫‪444‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫المػػذكور ‪،‬إذ بمػػأ عػػدد أشػػجاره مػػف ‪ 2=888 – 2888‬شػػجرة ‪،‬فض ػبلً عػػف وجػػود‬
‫منطقػػة أخػػرى بمغػػت اشػػجار العنػػب فييػػا ‪ 2<2888‬شػػجرة وأخػػرى ‪ 87888‬شػػجرة‬
‫(‪،)87‬وم ػػا ي ػػدلؿ عم ػػى أىمي ػػة تنظ ػػيـ االقتص ػػاد الز ارع ػػي ل ػػدى األش ػػورييف أني ػػـ ك ػػانوا‬
‫حريصيف عمى حماية الممكية الزراعية بما شرعوا في قانونيـ عدة مواد قانونية منيا‬
‫المػػادة العاش ػرة مػػف القػػانوف األشػػوري الوسػػيط الػػذي تػػنص ‪ (( :‬إذا تجػػاوز شػػخص‬
‫عمى حقوؽ الغيػر وحفػر بئػر فييػا أو أقػاـ سػد ‪ ،‬تصػادر البئػر أو السػد ‪،‬فضػبلً عػف‬
‫الجمد والخدمة لدى الممؾ))(‪.)88‬‬
‫وقد أنتشر استعماؿ نوع مف المحاريث التي عرفيا العراقيوف القدماء‪،‬السيما‬
‫بعد أف تـ استبداؿ المح ارث ذي اليديف بالمحراث ذي اليد الواحدة‪،‬مما أعطتو ىذه‬
‫الميزة ازدواجية في العمؿ ألحداث أخدود أكثر عرضاً وعمقاً‪،‬ومكنت المزارع مف‬
‫استعماؿ يده الثانية لتسير الثيراف التي تجره ‪،‬فأصبح ىذا النوع مف المحاريث مف‬
‫أكثر األنواع شيوعاً في مدف البحر المتوسط السيما الفينيقية منيا بعد ما كانوا‬
‫يبذروف الحب بأيدييـ في أوؿ األمر ‪،‬ثـ ما لبثوا أف استعمموا المحاريث التي أدت‬
‫إلى إنتاج نسبي أكبر في قطع األراضي المزروعة وذلؾ بجعؿ استعماؿ القوة‬
‫الحيوانية في الزراعة ممكنا ‪،‬وىذه المحاريث ال يزاؿ يستعمؿ قسماً منيا ليومنا ىذا‬
‫مع تعديؿ بسيط في الشكؿ(‪.)89‬‬
‫الصناعة ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ترتبط الصناعة في ببلد أشور ومدف الساحؿ الفينيقي ارتباطاً وثيقاً‬
‫بالعوامؿ السياسية ‪،‬وذلؾ أف كبل العامميف يتأثر باألوضاع الطبيعة والبشرية التي‬
‫كانت تحيط بأشور والساحؿ الفينيقي ‪،‬‬
‫ومف ىنا نستطيع القوؿ أف الفينيقييف لعبوا دور الوسيط بيف العراؽ القديـ‬
‫وبيف جزر البحر المتوسط واألقاليـ واألخرى ‪،‬وسرعاف ما قمدوا وىذه الصناعات‬

‫‪449‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫والتي ارتكزت عمى المواد األولية التي توفرىا ليـ أرضيـ وسواحميـ البحرية‪،‬فضبلً‬
‫عف استيراد المواد األولية مف الدوؿ المجاورة كالصوؼ الذي يستورد مف أعالي‬
‫العراؽ (‪،)8:‬الذي قاموا بتموينو بإصباغيـ األرجوانية الشييرة التي أصبحت ليـ‬
‫شيره صناعية خاصة بيا السيما في صناعة الثياب ذات الموف األرجواني التي‬
‫انفردوا بصناعتيا فضبلً عف الصناعات األولى التي استطاعوا أف يؤثروا بيا كما‬
‫في ال وقت نفسو ليتأثروا بالصناعات األخرى مف البمداف واألقاليـ المجاورة التي‬
‫تعامموا معيا‪ ،‬السيما العراؽ القديـ‪،‬كما تأثر الفينيقيوف بسكاف العراؽ القديـ فيما‬
‫يتعمؽ بتنظيـ األفراد في الحرؼ حيث كاف أصحاب ىذه الحرؼ يدينوف بالوالء‬
‫لرؤساء يمثموف حرفيـ‪،‬ويطمؽ عمى رئيس الحرؼ لقب ( رب ) الذي يدير أمور‬
‫(;‪)8‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحرفة ويتولى رعاية شؤونيـ‬
‫ومف أىـ الصناعات ذات التأثير المتبادؿ بيف األشورييف والفينيقييف ‪:‬‬
‫صناعة الزجاج‪:‬‬ ‫‪-9‬‬
‫يعد األشورييف أوؿ مف أبتكر صناعة الزجاج دوف غيرىـ إذ عدت مف‬
‫الصناعات الميمة في ببلد أشور ونينوى ‪،‬كما أنتشر صناعتيا في مناطؽ أخرى‬
‫مف العراؽ ‪،‬أال أنو يمكف االستدالؿ عمى أف ببلد أشور كاف ليا السبؽ في ذلؾ‬
‫ألف زجاجيا اكتسب شيرة أكثر مف غيره في العراؽ القديـ حتى أنيـ قمدوا في‬
‫صناعاتيـ الزجاجية األحجار الكريمة غالية الثمف(<‪.)8‬‬
‫وما دامت الغاية التي تكمف وراء تصنيع الزجاج ىي الحصوؿ عمى‬
‫أألحجار الكريمة فقد أحاط األشورييف عممية بناء الفرف الخاص بتصنيع الزجاج‬
‫ببعض الطقوس التي ال يجوز االستغناء عنيا ‪،‬لقد ورد في إحدى النصوص التي‬
‫تصؼ كيفية بناء الفرف ‪ (( :‬عندما تضع أسس فرف لصناعة الزجاج‪،‬عميؾ أوال أف‬
‫تختار الشير المناسب واليوـ البييج‪،‬وبعد أف تنتيي مف وضع األسس عميؾ أف‬

‫‪442‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫تبدأ في بناء الفرف وبشرط أف ال تنسى وضع تمثاؿ اإللو كوبو داخؿ بناء‬
‫الفرف‪،‬عمماً أنو ال يجوز أف يمر مف قرب الدمية رجؿ غير نظيؼ‪،‬وعميؾ أيضا‬
‫سكب الماء المقدس وتقديـ األضاحي إلى دمية اإللو كوبو‪،‬وفي اليوـ الذي تنوي‬
‫فيو وضع مزيج الزجاج في الفرف عميؾ أف تقدـ البخور في المبخرة ‪،‬وعميؾ أف‬
‫تسكب خميطاً مف العسؿ والزبد‪،‬ثـ أشعؿ النار البلزمة لعمؿ الزجاج‪.)8=())...‬‬
‫عمى الرغـ مف قدـ صناعة الزجاج في العراؽ القديـ‪،‬إال أنو حاوؿ بعض‬
‫الميتميف بصناعة الزجاج ومنيـ المؤرخ اإلغريقي بميني التأكيد عمى أسبقية‬
‫الفينيقييف بصناعة‪،‬وينسب ذلؾ إلى االكتشاؼ التمقائي لمادة الزجاج عف طريؽ‬
‫تجار مادة النطروف‪،‬الذيف نزلوا السواحؿ الفينيقية قرب عكا ‪،‬ففي أثناء قياميـ بما‬
‫يمزـ ألعداد طعاميـ‪،‬لـ يعثروا إال عمى أحجار الكربونات‪،‬لعدـ وجود أحجار عمى‬
‫الشاطئ واستخدموىا كمساند لمقدر‪،‬ولكف نترات البوتاس ما لبثت أف انصيرت‬
‫بتأثير النار وامتزجت برمؿ الشاطئ مما أدى إلى ظيور سائؿ شفاؼ‪،‬فكاف ذلؾ‬
‫بداية فجر اكتشاؼ الزجاج وصناعتو (‪،)98‬والبلفت لمنظر أف دقة الفينيقييف في‬
‫صناعة الزجاج واتقانيـ ليا كاف سبباً مباش اًر في دفع المؤرخيف الكبلسيكييف‬
‫(اليونانيوف والرومانييف) عمى القوؿ بأف اكتشاؼ صناعة الزجاج كانت عمى يد‬
‫الفينيقييف‪،‬إال أف الحقيقة أنيـ يدينوف بذلؾ إلى معممييـ العراقيوف القدماء(‪،)97‬‬
‫واألمر الذي يؤكد ىذه الحقيقة األلواح الفخارية الموجودة في المتحؼ‬
‫البريطاني المسروقة مف مكتبة أشور – أخ – أدينا الشييرة في نينوى والتي تحمؿ‬
‫نصوصاً مسمارية تتعمؽ بتعميمات طرؽ صنع الزجاج(‪.)92‬‬
‫‪ -2‬صناعة السفن ‪:‬‬
‫المطؿ عمى البحر المتوسط‬
‫أستوطف الفينيقيوف الساحؿ السوري المبناني ُ‬
‫وكانت مف أىـ مدنو التي ليا دور فعاؿ ارواد ‪،‬جبيؿ‪ ،‬صيدا‪ ،‬صور‪ ،‬فضبلً عف‬

‫‪443‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫مدف أخرى كانت ليا أىمية أقؿ مثؿ عمريت واسيمي ار وتأتي شيرتيـ مف تجارتيـ‬
‫البحرية الرائدة في حوض البحر المتوسط‪،‬والبمداف المطمة عمية والعراؽ القديـ شرقاً‬
‫والعالـ األيجي ‪،‬فقد شكموا نقطة التقاء بيف الحضارات ‪،‬وتفاعؿ وثيؽ الصمة عبر‬
‫تجارتيـ التي بفضميا نقموا فنونيـ وعاداتيـ وحرفيـ الصناعية إلى تمؾ األقاليـ‬
‫والبمداف(‪.)97‬‬
‫بعد نقؿ األخشاب إلى أسفؿ تجمع في شكؿ أرماث ثـ تصدر إلى الخارج‬
‫أو توضع في أحواض خاصة ويشرع في صناعة القوارب ثـ السفف التي تشكؿ‬
‫البحرية الفينيقية بنوعييا التجارية والحربية وغالباً ما كانت أحواض صناعة السفف‬
‫توجد ضمف الموانئ البحرية (‪.)98‬‬
‫أف صناعة السفف في العراؽ القديـ كانت تمر بمراحؿ متعددة بدأ مف تييئة‬
‫األخشاب بأنواعيا المختمفة وحجوميا كخشب التوت والعرعر واألرز والغار‬
‫واألبنوس‪،‬واألوتاد التي كانت تستعمؿ لردـ الفراغات أو الفجوات التي كانت بيف‬
‫األلواح العرضية ‪،‬فضبلً عف توفير الزفت والقار الذي يضاؼ إلية زيت نباتي‬
‫ليمنحو ليونة عند االستخداـ‪،‬كما يضاؼ إلى ىذا المزيج مواد نباتية مثؿ القصب‬
‫والقش وذلؾ لقدرتيا عمى منع تسريب المياه إلى بدف السفينة‪،‬مف خبلؿ عممية‬
‫األكساء والطبلء(‪.)99‬‬
‫ويوضح النص المسماري الذي ترد فيو أوؿ أشارة إلى صناعة السفف في‬
‫ممحمة كمكامش عندما صدرت األوامر اإلليية ألتونابشتـ ببناء السفينة التي‬
‫ستنجيو ومف معو الطوفاف(‪،)9:‬والجدير ذكره أف التوراة في سفر حزقياؿ أشارت إلى‬
‫المواد التي تصنع منيا السفف الفينيقية بنوعييا التجاري والحربي‪،‬وىذا يزيد‬
‫النصوص المسمارية قوة في االستدالؿ فأنيا تصؼ السفف التجارية عمماً أنيا كانت‬

‫‪444‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫مستديرة‪،‬وتظير بمقدمة ومؤخرة مرتفعيف وشكؿ المقدمة غالباً ما يشبو عنؽ الطير‬
‫ورأسو ‪،‬وكانت في أوؿ األمر شراعيو‪.‬‬
‫ثـ تقدمت صناعتيا عندما بدأت تتوغؿ في أعماؽ البحار والمحيطات‬
‫فزودت بالمجاذيؼ التي تستعيف بيا عند الدخوؿ إلى الموانئ أو الخروج منيا في‬
‫حالة سكوف الرياح حتى أصبحت تشبو إلى حد كبير السفف المستعممة حالياً في‬
‫سوريا والتي تعرؼ بالماعوف (;‪.)9‬ويشترط في السفينة الفينيقية التجارية سعتيا‬
‫الكبيرة لحمؿ الكثير بغض النظر عف عامؿ السرعة‪،‬وقد وجدت عدة نماذج لسفف‬
‫تجارية وحربية فينيقية منقوشة عمى جدراف قصر خرسباد الذي بني في عيد‬
‫شركيف الثاني‪،‬وىي محممة بأعداد كبيرة مف الخشب‪،‬‬
‫أما بالنسبة لمنوع الثاني أي السفف الحربية فقد كانت مستطيمة الشكؿ وليا‬
‫مؤخرة مرتفعو ومقدمة تكوف في مستوى الماء‪،‬واف الفينيقييف ىـ الذيف كانوا يقودوف‬
‫البحرية الحربية في الشرؽ القديـ(<‪.)9‬‬
‫كاف األشوريوف عند استيبلئيـ عمى الساحؿ الفينيقي يستخدموف سفف المدف‬
‫الخاضعة ليـ ألخماد ثورات المدف األخرى التي كانت تمتنع عف دفع الجزية والتي‬
‫تتمرد عمى حكميـ انضماـ سفف صيدا وعكا وصور في البحر إلى الممؾ األشوري‬
‫شمماف اشريد الثالث (شممنصر) أثناء حصاره لمدينة صور سنة ‪ ;22‬ؽ‪.‬ـ والذي‬
‫داـ خمس سنوات انتيى بمعاىدة التزمت فييا صور بدفع الجزية لؤلشورييف‪،‬فضبلً‬
‫عف طمب الممؾ سف – أخي – أريبا مف الفينيقييف أف يبنوا لو أسطوال حربياً ‪،‬وجد‬
‫ضمف بقايا قصره في نينوى رسـ منقوش يصور جزاءاً مف حممتو في جنوب العراؽ‬
‫إلخضاع المنشقيف (=‪،)9‬وكانت ىذه السفف مبنية مف طابقيف األوؿ مخصص‬
‫لممبلحيف والثاني مخصص لمجنود‪،‬واستخدـ في قسـ منيا المجاذيؼ والقسـ واألخر‬
‫فيو األشرعة(‪،):8‬أف ثمة فوارؽ بيف السفف التجارية والحربية‪،‬فاالخير مستطيمة‬

‫‪445‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫الشكؿ وليا مؤخرة مرتفعة ومقدمتيا غالباً ما تكوف بمستوى الماء مجيزه بكتمو‬
‫حديدية في شكؿ سكة المحراث يطمؽ عمييا أسـ رأس الكبش تستعمؿ لتحطيـ سفف‬
‫األعداء أو قمبيا في الماء أثناء االصطداـ بيا‪ ،‬تتميز السفف الفينيقية بالخفة‬
‫والسرعة أثناء مناورة األعداء وىي تعتمد في سيرىا عمى المجاذيؼ بدالً مف‬
‫األشرعة التي تستعمميا السفف التجارية‪،‬إذ كانت في أوؿ األمر تعتمد عمى صفيف‬
‫مف المجذفيف ينتظـ أحدىما فوؽ األخر ثـ تطورت صناعتيا فيما بعد لتصبح‬
‫(‪):7‬‬
‫ثبلثة صفوؼ أو أربعة‬
‫التجارة ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تعد التجارة مف أىـ النشاطات االقتصادية الفينيقية ‪،‬نظ اًر لوقوع المدف‬
‫الفينيقية عمى شاطئ البحر الذي أعطاىا دو اًر كبي اًر في التجارة حينذاؾ‪،‬السيما‬
‫البحرية منيا‪،‬فضبلً عف منتجاتيـ المحمية مف األخشاب والزيوت التي كانت‬
‫تصدرىا إلى مصر وبالمقابؿ فأف منتجات ىذه البمداف كانت تصؿ إلى سورية‬
‫والعراؽ القديـ عبر الموانئ الفينيقية واىـ ىذه المنتجات النحاس مف قبرص والذىب‬
‫مف مصر(‪.):2‬‬
‫فضبلً عف تجارة األخشاب‪،‬إذ نجد الفينيقييف ىـ الذيف أمدوا الممؾ األشوري‬
‫شركيف الثاني باألخشاب الستعماليا في بناء قصر خرسباد‪،‬ثـ أف األشورييف حيف‬
‫فرضوا عمى فينيقية معاىدة جعموا بعض الجزية المفروضة مف خشب‬
‫الصنوبر‪،‬ومف المعروؼ لدينا أف حضارة العراؽ القديـ وصمت إلى سواحؿ البحر‬
‫المتوسط (فينيقية) منذ وقت مبكر عف طريؽ الحمبلت العسكرية‪ ،‬فضبلً عف‬
‫المراكز األشورية اإلستراتيجية التي عدت مف أىـ االنجازات التي اقترنت باسـ‬
‫أشور ناصر إيمي الثاني الذي أسس ىذه المراكز في مناطؽ خارج السيطرة‬
‫األشورية المباشرة‪.‬‬

‫‪446‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫ولعؿ أىـ تمؾ المراكز أىـ تمؾ المراكز (كار‪ -‬أشو اريمي) و( نابارتي–‬
‫أشور) وقد حققت تمؾ المراكز لؤلشورييف نفوذاَ سياسياً ونشاطاً تجارياً متمي اًز الى‬
‫عيد المموؾ الذيف خمفوه في الحكـ لتحقيؽ انجازات أعظـ فازدادت المممكة‬
‫األشورية قوة وجبروتاً(‪.):7‬‬
‫أضطر األشوريوف لعقد معاىدات اقتصادية بغية تأميف الممرات التجارية‬
‫مف اجؿ وصوؿ المواد األولية‪،‬مثؿ معاىدة الممؾ أشور – اخ – ادينا مع بعؿ‬
‫حاكـ صور (‪،):8‬تضمنت ىذه المعاىدة تعييف مندوب أشوري ميمتو مراقبة مصالح‬
‫ببلده التجارية(‪،):9‬فضبلً عف إعطائو صبلحيات مطمقو إذ ال يجوز لبعؿ حاكـ‬
‫صور أف يتصرؼ مف دوف استشارة المندوب األشوري ‪،‬في حيف تعيد الممؾ‬
‫األشوري بحماية السفف التابعة لو ‪،‬فإذا تحطمت في مكاف أخر تابع لسيطرة الدولة‬
‫األشورية يعد كؿ اعتداء عمييا اعتداء عمى أمواؿ الدولة األشورية نفسيا كما ورد‬
‫في النص األتي‪ (( :‬إذا تحطمت ( غرقت ) سفينة لبعؿ أو لشعب صور في‬
‫ساحؿ ببلد الفمسطينييف أو أي مكاف عمى حدود إقميـ أشوري ‪،‬فكؿ شيء في‬
‫السفينة ُممؾ لسف – اخ – ادينا ممؾ ببلد أشور))‬
‫لقد أثرت البينة الجغرافية لببلد أشور كثي اًر في توجيو االقتصاد وصياغة‬
‫السياسة العسكرية لممممكة األشورية‪ ،‬فمف الناحية االقتصادية عمى الرغـ مف أف‬
‫األشورييف عنوا بالتجارة واشتغموا بيا وقاتموا كثي اًر مف اجؿ المحافظة عمى طرؽ‬
‫مواصبلتيا وجعميا مفتوحة أماـ قوافميـ التجارية واال أف االقتصاد األشوري كاف‬
‫زراعياً‪،‬بما أعطتو ارض أشور مف تربة خصبة ووفرة في المياه الزراعية البلزمة‬
‫لزراعة الغبلؿ ‪،‬التي كانت ضرورية لديمومة الحياة واستمرارىا األمر الذي حدا‬
‫باإلنساف القديـ ومنذ العصور التاريخية المبكرة إلى االستقرار في ىذه األماكف‬
‫القريبة مف أشور(‪.)::‬‬

‫‪444‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫لقد شكمت ببلد الشاـ واألقاليـ الغربية في أعالي العراؽ العمؽ االستراتيجي‬
‫ألمف ببلد أشور واقتصادىا وعمى مدى تاريخيا الطويؿ وليذا نرى أف اتجاه‬
‫األشورييف نحو الغرب في العصر األشوري الحديث كاف بميوليـ ونزعاتيـ‬
‫ونشاطيـ التجاري والحضاري(;‪،):‬خاصة وأف تمؾ المدف وفرت ىي أو عف طريقيا‬
‫كؿ ما تحتاجو ببلد أشور مف مواد خاـ ويد عاممة فنية واقتصاد تجاري وفتحت‬
‫الطرؽ والممرات والمسالؾ التي ساىمت بنمو الحركة التجارية‪،‬ويبدو ذلؾ واضحاً‬
‫مف خبلؿ العمميات العسكرية التي شيدتيا األقساـ الغربية مف ببلد أشور كونيا‬
‫تشكؿ أكثر الجيات تحديداً وتيديداً لمصالح المممكة األشورية االقتصادية‪.‬‬
‫ترد أشارات إلى انخراط أعداد كبيرة مف سكاف المدف الفينيقية كمرتزقة في‬
‫الجيش األشوري كجنود ومستخدميف وعماؿ‪،‬ويبدو أف بعضيـ تبوأ مراكز ىامة في‬
‫الجيش األشوري‪،‬وبرز قسـ منيـ كحكاـ مقاطعات تابعيف لمدولة األشورية ( شاكف‬
‫‪، ) sakana‬كما عيف إلى جوار ىذا الموظؼ جامع الضرائب (ناجيرو) ‪،‬أف أىـ‬
‫الواجبات الممقاة عمى عاتؽ حكاـ المقاطعات ىو حفظ األمف في المقاطعات وفي‬
‫الطرؽ المؤدية إلييا عف طريؽ وضع فيالؽ عسكرية تحضر دائماً في الحصوف‬
‫المحمية وتكوف متأىبة ألي طارئ يحدث(<‪.):‬‬
‫ولـ يكف واجب حكاـ المقاطعات وموظفييـ حماية الثكنات العسكرية‬
‫والحصوف فحسب بؿ عمييـ أيضاً مراقبة حركة التجارة بيف المدف‪.‬‬

‫‪448‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫(( الحياة الدينية واالجتماعية ))‬
‫‪ -9‬الحياة الدينية ‪:‬‬
‫أف ما نعممو عف ديانة الفينيقييف وصؿ إلينا نبذاً في التوراة وتواريخ‬
‫اإلغريؽ‪،‬وال توجد سجبلت مف سكاف الببلد ذاتيا يبيف لنا ماىية عباداتيـ‪،‬ومف تمؾ‬
‫النبذ مف اآلثار الموجودة أستطاع الباحثيف والمؤرخيف كشؼ النقاب عف ديانتيـ‬
‫ومعرفتيا معرفة تامة‪.‬‬
‫لقد انتشرت اإللية في المدف الفينيقية‪،‬حيث كاف لكؿ مدينة تقريباً إلية‬
‫خاصة بيا‪،‬فمثبلً جبيؿ ( بيبموس ) وصور وصيدا وغيرىا كانت إليتيا الرئيسة‬
‫ثبلثة‪،‬أي ثالوث اإللية كاف شائعاً في مدف الساحؿ الفينيقي‪،‬إلى جانب مجموعة‬
‫مف اإللية الثانوية وبعض ىذه اإللية كاف عمى صمة بالطبيعة وبعض األخر‬
‫بالكواكب(=‪.):‬‬
‫أزداد التأثير األشوري في مجاؿ المعتقدات الدينية خبلؿ الوجود العسكري‬
‫لؤلشورييف في مدف الساحؿ الفينيقي فضبلً عف قياـ المراكز التجارية‪،‬وفي موضع‬
‫التأثيرات الحضارية بيف العراؽ القديـ ومدف الساحؿ الفينيقي نرى المعتقدات الدينية‬
‫الخاصة باإللية أنانا السومري (عشتار ) واإللو دموزي السومري (تموز) في تراث‬
‫تمؾ األمـ ومنيا ببلد فينيقية (‪. );8‬‬
‫وأف ىناؾ التقاء وتشابو بيف أساطير شعوب الشرؽ األدنى القديـ (عراقييف‬
‫قدماء – فينيقييف – مصرييف ) عمى وجو الخصوص وبالذات ما كاف يتعمؽ منيا‬
‫باإللو دموزي عند السومرييف والبابمييف وبعؿ عند الكنعانييف وأدونيس عند‬
‫(‪);7‬‬
‫تذكر‬ ‫الفينيقييف واليونانييف ‪،‬فالنصوص المكتشفة في أوغاريت ( رأس شمرة )‬
‫أف الفينيقييف اتخذوا مف بعؿ وأنات إلييف لمخصب وبذلؾ يكوناف شبيييف لتموز‬

‫‪441‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫وعشتار عمى التوالي‪،‬وىنالؾ أوجو تشابو بيف األساطير عند الشعوب القديمة في‬
‫الشرؽ وربما جاءت مف أصؿ واحد بعيد مشترؾ استمدت منو األساطير‬
‫مادتيا(‪.);2‬‬
‫مػػارس الفينيقيػػوف الطقػػوس الدينيػػة داخػػؿ المعابػػد أو خارجيػػا وتضػػع لئلليػػة‬
‫تماثي ػػؿ توض ػػع ف ػػي زواي ػػا المعاب ػػد‪،‬كما ك ػػاف الفينيقي ػػوف يق ػػدموف الض ػػحايا البشػ ػرية‬
‫لئلليػػة(‪،);7‬أمػػا المعبػػد فكػػاف يمثػػؿ بحػػد ذاتػػو مكانػػة بػػارزة فػػي المعتقػػدات الدينيػػة عنػػد‬
‫الش ػػعوب ألن ػػو المك ػػاف الطبيع ػػي لتأدي ػػة مناس ػػؾ التعب ػػد واجػ ػراء الم ارس ػػيـ والطق ػػوس‪،‬‬
‫فبالنسبة أللػو الفينيقيػيف ىنػاؾ نػص لممػؾ أشػور –سػف – أخ – أدينػا يحمػؿ معاىػدة‬
‫بػػيف بعػػؿ ممػػؾ صػػور وممػػؾ أشػػور المػػذكور‪،‬وىو الػػنص الوحيػػد الػػذي يقػػدـ تفاصػػيؿ‬
‫تتعمؽ بإلية الكنعانييف الفينيقييف فضبلً عف بنػود المعاىػدة التػي يحمميػا والتػي تمقػى‬
‫الضػػوء عمػػى عبلقػػة المممكػػة األشػػورية بمدينػػة صػػور زعيمػػة مػػدف السػػاحؿ الفينيقػػي‪،‬‬
‫ومف النقاط البارزة فيػو‪،‬أف المعاىػدة تبػدأ بػذكر مجموعػة مػف اإلليػة العراقيػة القديمػة‬
‫والكنعػػانييف الفينيقيػػيف كشػػيود عمػػى المعاىػػدة وضػػماف لتنفيػػذ بنودىػػا(‪،);8‬خاصػػة مػػف‬
‫قب ػ ػ ػ ػػؿ الط ػ ػ ػ ػػرؼ الفينيقي‪،‬واإللي ػ ػ ػ ػػة ى ػ ػ ػ ػػـ عش ػ ػ ػ ػػترت‪،‬جوال‪،‬اإللية المح ػ ػ ػ ػػاربوف ‪،‬بي ػ ػ ػ ػػت‬
‫إؿ‪،‬وعناة‪،‬إليػ ػػة السػ ػػماء واألرض‪،‬إليػ ػػة أشػ ػػور وأكػ ػػد ‪،‬بعػ ػػؿ شػ ػػميـ وبعمػ ػػة ممقػ ػػة‪،‬بعؿ‬
‫صفف‪،‬ممقرت‪،‬إشمف‪،‬يسمي نص المعاىدة وظيفة مشتركة لكؿ مػف بعػؿ شػميـ وبعمػة‬
‫ممقة وبعؿ صفف يذكر أف أولئؾ اإللية سوؼ يثيروف ريحاً صرص اًر عمى سػفنكـ –‬
‫أي سفف الفينيقييف‪...‬األمر الذي يتعمؽ بالعاصفة وىي إحدى صفات اإللو بعؿ أما‬
‫ممقرت واشمف فقد ورد في نػص المعاىػدة أنيمػا سيسػمماف أرضػكـ لمخػراب ويعمػبلف‬
‫عم ػػى زواؿ طعػػػاـ أفػ ػواىكـ ومبلبػػػس أجسػ ػػادكـ وزي ػػت أدىػ ػػانكـ وتم ػػؾ أمػػػور ت ػ ػرتبط‬
‫بوظائؼ الخصوبة‪ ،‬ومف بنود المعاىدة (( إذا تحطمت سفينة لبعػؿ ممػؾ صػور أو‬
‫ألى ػػؿ أرواد ف ػػي المي ػػاه اإلقميمي ػػة الفمس ػػتية أو ف ػػي أي مك ػػاف ت ػػابع لؤلش ػػورييف ف ػػاف‬

‫‪454‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫محتوياتي ػػا ُممكػ ػاً لس ػػف – أخ – أدين ػػا دوف التع ػػرض لمبلحيي ػػا‪...‬يمنح س ػػف – أخ –‬
‫أدينػػا لخادمػػو بعػػؿ ممػػؾ صػػور حػػؽ رسػػو سػػفنو فػػي م ػوانئ عكػػا ودور فػػي اإلقمػػيـ‬
‫الفمسػ ػ ػ ػػتي‪ ...‬وف ػ ػ ػ ػػي المػ ػ ػ ػػدف الس ػ ػ ػ ػػاحمية التابع ػ ػ ػ ػػة آلشػ ػ ػ ػػور‪،‬وفي جبي ػ ػ ػ ػػؿ‪ ...‬والم ػ ػ ػ ػػدف‬
‫الجبمية‪.);9())...‬‬
‫‪ -2‬الحياة االجتماعية ‪:‬‬
‫أف التغي ػرات الديموغرافيػػة التػػي أج ارىػػا بعػػض الممػػوؾ األشػػورييف فػػي مػػدف‬
‫السػػاحؿ الفينيقػػي ‪،‬السػػيما بعػػد تيجيػػر أىػػؿ السػػامرة واحػػبلؿ بػػابمييف محميـ‪،‬األمػػر‬
‫الذي يفيد في معرفة أصوؿ السكاف في المنطقة(‪.);:‬‬
‫وأف مف أىـ المعمومات االجتماعية التي تستمد مف حوليات الممػؾ أشػور –‬
‫باف – أيمي إذ تستنتج بعػض العػادات االجتماعيػة التػي تخػص الػزواج ( الزوجػة‬
‫غيػػر الشػػرعية وتقػػديـ البائنػػو لمرجػػؿ ) فيػػذكر‪... ( :‬بالنسػػبة إلػػى يكينمػػو ممػػؾ ارواد‬
‫السكاف وسط البحر والذي لـ يخضػع آلبػائي الممػوؾ ‪،‬فقػد أخضػعتو ‪....‬وقػد جػائني‬
‫بابنتو إلى نينوى ومعيا بائنو ضخمة لتكوف سرية لي )) ‪.‬‬
‫عمى معمومات تخص الحياة االجتماعية‬ ‫ويطمعنا ىذا النص األشوري‬
‫الفينيقية‪،‬فورد ذكر الزوجة غير الشرعية‪،‬وكانت بنت ممؾ أرواد مثاالً عمى ىذا‬
‫النوع مف الزواج بالممؾ األشوري‪،‬وكما واضح في النص فاف البائنة الضخمة ىي‬
‫ىدية ترافؽ الزوجة غير الشرعية‪،‬ولـ يوضح النص إف كاف ىذا الزواج منتش اًر بيف‬
‫العامة كما ىو الحاؿ عند المموؾ ومف خبلؿ االطبلع عمى حوليات الممؾ‬
‫األشوري عمى مجموعة أسماء فينيقية كاسـ ممؾ أرواد وأبناءه العشرة‪ (( :‬بعد وفاة‬
‫يكينموا ممؾ أرواد جاءنئ أبناءه عزييعبؿ‪ ،‬وابيبعؿ‪ ،‬وادنبعؿ‪،‬وشفط بعؿ‪ ،‬وبدبعؿ‪،‬‬
‫وبعميشب‪،‬وبعؿ حنوف‪،‬وبعؿ ممؾ ‪،‬وابيممؾ‪،‬واحميمؾ‪،‬جاءني جميعيـ بيداياىـ‬
‫الثمينة وقبموا قدمي فأثنيت عمى عزييعبؿ ونصبتو ممكأ عمى أرواد‪.)) ...‬‬

‫‪459‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫مف ىذا النص يتضح االعتقاد بتبعية أرواد إلى الممؾ األشوري الذي قاـ‬
‫بتنصيب الممؾ الجديد عمى العرش فييا‪،‬وبما أف الممؾ األشوري اختار االبف‬
‫األكبر مف بيف أبناء ممؾ أرواد المتوفى‪،‬استناد إلى ترتيب ورود أسمو في النص‬
‫األشوري‪،‬فذلؾ يعني اعتراؼ الممؾ األشوري بالنظاـ الوراثي لممدينة ودائماً شريطة‬
‫تقديـ فروض الطاعة لو‪،‬أف الميجريف الذيف تـ إجبلئيـ مف مناطقيـ مف قبؿ‬
‫المموؾ األشورييف لـ يعامموا معاممة مختمفة عف األشورييف اجتماعياً واقتصادياً‬
‫‪،‬وقد وصؿ أناس كثر مف الميجريف إلى مناصب عالية في الجيش األشوري‪،‬إذ‬
‫إنيـ شكموا فرقاً منفصمة في الجيش األشوري‪.‬‬
‫كما كانت المممكة األشورية ترسؿ أشخاصاً مف الميجريف لتدريبيـ عمى‬
‫حرؼ معينة لبلستفادة منيـ كالتدريب عند الخبازيف‪،‬وكذلؾ لمعمؿ في مجاؿ‬
‫األعماؿ المكتبية في القصر في عيد شركيف الثاني‪ ،‬ويتضح مف ذلؾ أف ىؤالء‬
‫المرحميف لـ يعيشوا عبيداً في ببلد أشور ‪،‬وانما عدوا مف السكاف واستمروا‬
‫باالشتغاؿ في حرفيـ التي تعمموىا أو ورثوىا في ببلدىـ طبقاً لحاجات المممكة‬
‫األشورية(;;)‪.‬‬
‫ويمكف االستنتاج إف لسياسة الترحيؿ أىدافاً بعيدة المدى أال وىي توحيد‬
‫جميع األقاليـ والمقاطعات األشورية في دولة واحدة ودمج السكاف المرحميف مع‬
‫سكاف البمد الذي رحموا إلية لجعميـ أمة واحدة ذات عادات وتقاليد اجتماعية‬
‫متشابيو ‪،‬وبيذا يمكف القوؿ أف ىذه السياسة حققت أىدافيا مف جوانب عدة منيا‬
‫الجانب االجتماعي‪،‬إذ أصبحت ىناؾ عبلقات واتصاالت اجتماعية بيف أبناء تمؾ‬
‫الشعوب وبيف المجتمع األشوري(<;)‪.‬‬

‫‪452‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫ل ـ تمدنا الحمبلت العسكرية بمعمومات عف أولئؾ المرحميف ‪،‬بؿ أف اإلشارة‬

‫إلييـ وردت في النصوص الممكية‪،‬كما ورد في نص شركيف الثاني ‪ (( :‬أحصيتيـ‬
‫سوية مع المواطنيف والناس في ببلد أشور واعتبرتيـ مع أناس ببلد أشور ))‪.‬‬
‫كما وردت العبارة نفسيا في حوليات (( شمماف اشريد الثالث )) حينما رحؿ‬
‫‪ 7;988‬شخص مف بيت أدني إلى ببلد أشور وعدىـ بمنزلة األشورييف األصمييف‬
‫في المتجمع‪ ...‬لذا ساد اعتقاد أف جميع األقواـ التي عاشت في ببلد أشور كانت‬
‫تتمتع بالحقوؽ والواجبات‪ ....‬سواء في فرض الضريبة أو الجزية التي كانت‬
‫تفرض عمى سكاف أشور األصمييف‪،‬فضبلً عف وقوعيـ تحت الحماية األشورية‪،‬كما‬
‫جاء في حوليات شركيف الثاني ‪ (( :‬فرضت الضريبة واألتاوة عمى ببلد أشور ))‪.‬‬
‫أمػػا مػػدى تػػأثير األق ػواـ الميج ػرة عمػػى بػػبلد أشػػور مػػف خػػبلؿ انػػدماجيا فػػي‬
‫المجتمع األشوري إذ وردت أسماء أعبلـ مختمفة في العائمػة الواحػدة فمػثبلً يػرد ذكػر‬
‫أخويف احدىما يحمؿ أسماً أشورياً نػابو – ازقػب – انشػي‪،‬واألخر يحمػؿ أسػماً أراميػاً‬
‫– ناني‪ ،‬وادى ىذا االندماج كذلؾ إلػى حػدوث روابػط وثيقػة بػيف األشػورييف واألقػواـ‬
‫الميجرة إلى ببلد أشور عف طريؽ الزواج‬
‫ويب ػػدو أف س ػػمطات المممك ػػة األش ػػورية كان ػػت تي ػػتـ بت ػػوفير الحي ػػاة المس ػػتقرة‬
‫ليؤالء الميجريف في مناطؽ سكناىـ الجديدة‪،‬كما أف الزوجػة الثانيػة لمممػؾ األشػوري‬
‫سيف – اخي – اريبا المعروفة باسػميا األ ارمػي ىػو نقيػة ‪ Naqia‬التػي تحمػؿ أسػماً‬
‫اشورياً ىو زاكو تو ‪ Zakkutu‬وقد أثرت ىذه المرأة في أدارة دفة الحكـ في المممكة‬
‫األشورية بوصفيا زوجة لمممؾ ووالدة ولي العيد أشور – أخ – أدينا وظيػرت قوتيػا‬
‫فػػي صػػناعة الق ػرار السياسػػي األشػػوري ‪،‬مػػف خػػبلؿ تنصػػيب ابنيػػا ولي ػاً لمعيػػد عمػػى‬
‫الرغـ مف انو لـ يكف االبف األكبر لوالده‪،‬وجعمتو يرتقى العرش بعد وفاة والدة(=;)‪.‬‬

‫‪453‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫الخــــــاتمة‬
‫يتبيف مما عرضنا مف معمومات متواضعة حوؿ موضوعنا‪،‬أف الموقع‬
‫الجغرافي لببلد أشور قد أثر في تاريخيا وجعميا منطقة مفتوحة ميددة باستمرار‬
‫لذلؾ أىتـ األشورييف بالجانب العسكري خاصة بعد خضوع ببلد أشور لفترة طويمة‬
‫لبلحتبلؿ الميتاني ‪،‬ففكروا بتأميف حدود المممكة األشورية ضد األخطار‬
‫الخارجية‪،‬كما كاف لعامؿ المناخ دور كبير في جعؿ االقتصاد في ببلد أشور‬
‫اقتصاداً زراعياً‪ ،‬واعتمدت الببلد عمى استيراد ما ليس موجوداً فييا كاألخشاب‬
‫والمعادف والذىب والفضة‪....‬‬
‫أف أوؿ اتص ػػاؿ ب ػػيف األش ػػورييف والفينيقي ػػيف ق ػػد ت ػػـ أثن ػػاء العص ػػر األش ػػوري‬
‫الوسػػيط وبالتحديػػد فػػي زمػػف الممػػؾ تػػوكمتي إبػػؿ أيشػػر األوؿ وذلػػؾ حينمػػا أشػػار ذلػػؾ‬
‫المم ػػؾ ف ػػي حوليات ػػو إل ػػى م ػػدف الس ػػاحؿ الفينيقي‪،‬وث ػػاني اتص ػػاؿ يرج ػػع إل ػػى العص ػػر‬
‫األشوري الحديث إباف حكـ الممؾ أشػور ناصػر إيمػي واسػتمر بعػد ذلػؾ حتػى سػقوط‬
‫المممك ػػة األش ػػورية‪ ،‬بع ػػد انتش ػػار اس ػػتعماؿ الحدي ػػد أس ػػتغمو األش ػػورييف ف ػػي ص ػػناعة‬
‫أس ػ ػػمحتيـ الفتاك ػ ػػة وآالت الحص ػ ػػار وظي ػ ػػرت نتائج ػ ػػو ف ػ ػػي المع ػ ػػارؾ والح ػ ػػرب الت ػ ػػي‬
‫خاضوىا ضد أعدائيـ خاصة في الجبية الغربية لمعراؽ القديـ‪.‬‬
‫لقد تحقؽ الرفاه االقتصادي لممممكة األشورية بعد أف توسعت وامتدت‬
‫حدودىا لتصؿ إلى البحر العظيـ ( البحر المتوسط ) وبذلؾ أحكمت سيطرتيا عمى‬
‫طرؽ التجارة‪،‬وأخذت ىدايا الطاعة والوالء تتدفؽ عمييا مف المدف الفينيقية التابعة‬
‫ليا‪.‬‬
‫ونتيجة لتوسع حدود اإلمبراطورية األشورية فقد أنتشر شعور الكراىية‬
‫ضدىا في الببلد التي سيطرت عمييا‪،‬فقامت تحالفات ضدىا ففي الغرب تحالفت‬
‫الدويبلت اآلرامية والمدف الفينيقية ومممكة إسرائيؿ‪،‬‬
‫وقد غزت المممكة المصرية تمؾ التحالفات بإرساليا األمواؿ واإلمدادات‬
‫العسكرية خوفاً عمى فقداف مصالحيا في الساحؿ الفينيقي‪،..‬‬

‫‪454‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫وفي نياية المطاؼ سيطر حكاـ المقاطعات وانفصموا عف السمطة المركزية‬

‫وبدأوا يعمموف لصالحيـ مما سبب ضعؼ المممكة األشورية‪.‬‬
‫بغداد ‪2872‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -7‬إب ػ ػ ػراىيـ ‪ ،‬نجيػ ػ ػػب ميخائيػ ػ ػػؿ ‪ :‬مصػ ػ ػػر والشػ ػ ػػرؽ األدنػ ػ ػػى القػ ػ ػػديـ ‪،‬ج‪، 7‬ط‪، 2‬‬
‫(اإلسكندرية ‪.)7=::،‬‬
‫األحمد ‪ ،‬سامي سعيد ‪ :‬الزراعة والري ‪ ،‬موسوعة حضارة العراؽ‬ ‫‪-2‬‬
‫‪(،‬بغداد‪)7=<9،‬‬
‫‪ -7‬األحمد ‪ ،‬سامي سعيد ‪ :‬الزراعة في العصور التاريخية‪،‬موسوعة الموصؿ‬
‫الحضارية ‪(،‬الموصؿ‪)7==7،‬‬
‫األحمد ‪ ،‬سامي سعيد وجماؿ رشيد ‪ :‬تاريخ الشرؽ القديـ ‪( ،‬بغداد‪)7=<<،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫‪ -9‬إسماعيؿ ‪ ،‬أحمد عمي ‪ :‬تاريخ ببلد الشاـ القديـ (دمشؽ‪)7=<<،‬‬
‫‪ -:‬باقر ‪ ،‬طو ‪ :‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة‪(،‬بغداد‪،)7=<:،‬ج‪7‬‬
‫;‪ -‬بصمجي ‪ ،‬فرج ‪ :‬كنوز المتحؼ العراقي‪(،‬بغداد‪)7=;2،‬‬
‫بيتيناو ‪ ،‬جيوفاني ‪ :‬سمير أميس ممكة أشور وبابؿ‪،‬ترجمة عيد‬ ‫<‪-‬‬
‫مرعي‪،‬ط‪(،7‬دمشؽ‪)288<،‬‬
‫=‪ -‬الجادر ‪ ،‬وليد ‪ :‬الحروؼ والصناعات اليدوية في العصر األشوري المتأخر‬
‫‪(،‬بغداد‪)7=;9،‬‬
‫‪ -78‬حتى ‪ ،‬فيميب ‪ :‬تاريخ سوريا ولبناف وفمسطيف ‪ ،‬ترجمة جورج حداد وعبد‬
‫الكريـ رأفت‪(،‬بيروت‪،)7=9<،‬ج‪7‬‬
‫‪ -77‬الخطيب ‪ ،‬محمد ‪ :‬الحضارة الفينيقية ط‪(،7‬دمشؽ‪)288:،‬‬

‫‪455‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫‪ -72‬الخبليمي ‪ ،‬إبراىيـ خميؿ ‪ :‬الحياة الدينية والمدنية في المدينة الكنعانية‬

‫والفينيقية في صور العيد القديـ والحوليات األشورية ‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير‬
‫منشورة(تونس‪)2887،‬‬
‫‪ -77‬ديورانت ‪ ،‬وؿ ‪ :‬قصة الحضارة ‪ ،‬ترجمة محمد بدراف‪،‬ط‪،2‬‬
‫(القاىرة‪،)7=:7،‬مج‪2‬‬
‫‪ -78‬رشيد ‪ ،‬فوزي ‪ :‬العموـ اإلنسانية والطبيعية ‪،‬موسوعة الموصؿ الحضارية ‪،‬‬
‫مج‪.7==7، 7‬‬
‫‪ -79‬رو ‪ ،‬جورج ‪ :‬العراؽ القديـ ‪،‬ترجمة حسيف عمواف ‪ ،‬ط‪( ، 2‬بغداد‪)7=<:،‬‬
‫‪ -7:‬زريؽ ‪ ،‬قسطنطيف ‪ :‬في معركة الحضارة ‪ ،‬ط‪( ،8‬بيروت ‪)7=<7،‬‬
‫;‪ -7‬ساكز ‪ ،‬ىاري ‪ :‬عظمة بابؿ‪ ،‬ترجمة عامر سميماف ‪(،‬الموصؿ‪)7=;=،‬‬
‫<‪ -7‬سميماف ‪ ،‬عامر ‪ :‬القانوف في العراؽ القديـ‪،‬ط‪(،2‬بغداد;<=‪)7‬‬
‫=‪ -7‬ألشمري ‪ ،‬طالب منعـ ‪ :‬سنحاريب سيرتو ومنجزاتو ‪ :<7-;88‬ؽ‪.‬ـ رسالة‬
‫غير منشورة‪(،‬بغداد‪)7=<;،‬‬
‫‪ -28‬أبو الصوؼ ‪ ،‬بيناـ ‪ :‬تجارة العراؽ الخاصة في عصور ما قبؿ التاريخ‬
‫مجمة ما بيف النيريف‪،‬العدد<‪(،8‬بغداد‪)7=<9،‬‬
‫‪ -27‬الطائي ‪ ،‬ابتياؿ عادؿ ‪ :‬أصالة الحضارة العراقية القديمة وأثرىا في‬
‫الحضارات األخرى في مجاؿ العمو اإلنسانية رسالة ماجستير غير منشورة‬
‫‪(،‬الموصؿ‪)7==:،‬‬
‫‪ -22‬عبد المطيؼ ‪ ،‬محمد ‪ :‬تاريخ العراؽ القديـ ‪(،‬اإلسكندرية ‪)7=;;،‬‬
‫‪ -27‬عبد الواحد ‪ ،‬فاضؿ ‪ :‬مف الواح سومر إلى التوراة ‪،‬ط‪(، 7‬بغداد‪)7=<=،‬‬
‫‪ -28‬عبػ ػ ػ ػػد الواحػ ػ ػ ػػد ‪ ،‬فاضػ ػ ػ ػػؿ ‪ :‬الكتابػ ػ ػ ػػة واألدب ‪،‬الع ػ ػ ػ ػراؽ موكػ ػ ػ ػػب الحضػ ػ ػ ػػارة ‪،‬‬
‫ط‪(،7‬بغداد‪)7=<<،‬‬
‫‪ -29‬مرعي ‪ ،‬عيد ‪:‬موجز تاريخ الشرؽ األدنى القديـ ‪(،‬السعودية‪2887،‬ـ)‬

‫‪456‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫‪ -2:‬غ ػ ػػانـ ‪ ،‬محم ػ ػػد الص ػ ػػغير ‪ :‬التوس ػ ػػع الفينيق ػ ػػي ف ػ ػػي غ ػ ػػرب البح ػ ػػر المتوس ػ ػػط‬
‫(الجزائر‪)7=;=،‬‬
‫;‪ -2‬الفتيػػاف ‪ ،‬أحمػػد مالػػؾ ‪ :‬نظػػاـ الحكػػـ فػػي العصػػر األشػػوري الحديث‪،‬أطروحػػة‬
‫دكتوراه غير منشورة ‪(،‬بغداد‪)7==7،‬‬
‫<‪ -2‬فريحة ‪ ،‬أنيس ‪ :‬أحيقار حكيـ مف الشرؽ األدنى ‪(،‬بيروت‪)7=:7،‬‬
‫=‪ -2‬قابمو ‪ ،‬جباغ ‪:‬تاريخ الحضارات القديمة في الوطف العربي ‪(،‬دمشؽ‪)288=،‬‬
‫‪ -78‬كونتينيػػو ‪ ،‬جػػورج ‪ :‬الحضػػارة الفينيقيػػة ‪،‬ترجمػػة محمػػد عبػػد اليػػادي شػػعيره ‪،‬‬
‫(القاىرة ‪)7=<7،‬‬
‫‪ -77‬مي ػراف ‪،‬محمػػد بيػػومي ‪ :‬المػػدف الفينيقيػػة ‪ ،‬تػػاريخ لبنػػاف القػػديـ ‪ ،‬دار النيضػػة‬
‫العربية‪(،‬بيروت‪)7==8،‬‬
‫‪ -72‬الياشػ ػ ػػمي ‪ ،‬رضػ ػ ػػا ج ػ ػ ػواد ‪ :‬المبلحػ ػ ػػة النيريػ ػ ػػة فػ ػ ػػي بػ ػ ػػبلد ال ارفػ ػ ػػديف ‪،‬مجمػ ػ ػػة‬
‫سومر‪(،‬بغداد‪)7=<7،‬‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫(‪)7‬‬
‫محمد بيومي ميراف ‪ ،‬المدف الفينيقية ‪ ،‬دار النيضة العربية ‪ ،‬بيروت ‪، 7==8‬‬
‫ص ‪.289‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد عبد المطيؼ ‪ ،‬تاريخ العراؽ القديـ ‪ ،‬اإلسكندرية ;;=‪ ، 7‬ص‪2:2‬‬
‫(‪)7‬‬
‫المرجع السابؽ نفسو ‪ ،‬ص ‪2<7‬‬
‫(‪)8‬‬
‫فميب حتى ‪ ،‬تاريخ سورية ولبناف وفمسطيف ‪ ،‬ترجمة جورج حداد وعبد الكريـ‬
‫رافؽ ‪،‬بيروت <‪ ، 7=9‬ص ‪798‬‬
‫(‪)9‬‬
‫محمد بيومي ميراف ‪ ،‬المدف الفينيقية ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ;‪28‬‬
‫(‪):‬‬
‫فيميب حتى ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪7;7‬‬

‫‪454‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫(;)‬
‫محمد بيومي ميراف ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص <‪28‬‬
‫(<)‬
‫نجيب ميخائيؿ ‪ ،‬مصر والشرؽ األدنى القديـ ‪ ،‬ج ‪ ، 7‬اإلسكندرية ‪، 7=::‬‬
‫ص <‪8‬‬
‫(=)‬
‫نجيب ميخائيؿ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪772‬‬
‫(‪)78‬‬
‫فيميب حتى ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪797‬‬
‫(‪)77‬‬
‫محمد بيومي ميراف ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪298‬‬
‫(‪)72‬‬
‫السيد عبد العزيز سالـ‪ ،‬دراسة في تاريخ مدينة حيدا‪ ،‬بيروت ‪ ،7=;8‬ص ‪72‬‬
‫(‪)77‬‬
‫نجيب ميخائيؿ ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص=‪72‬‬
‫(‪)78‬‬
‫السيد عبد العزيز سالـ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪77‬‬
‫(‪)79‬‬
‫محمد بيومي ميراف ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪228‬‬
‫(‪)7:‬‬
‫طو باقر ‪ ،‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص=‪2:‬‬
‫(;‪)7‬‬
‫قيميب حتى ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪799‬‬
‫(<‪)7‬‬
‫نجيب ميخائيؿ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪. 777‬‬
‫(=‪)7‬‬
‫محمد بيومي ميراف ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪29:‬‬
‫(‪)28‬‬
‫السيد عبد العزيز سالـ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪77‬‬
‫(‪)27‬‬
‫محمد بيومي ميراف ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص <‪29‬‬
‫(‪)22‬‬
‫ابتياؿ عادؿ الطائي‪،‬أصالة الحضارة العراقية القديمة وأثرىا في الحضارات‬
‫األخرى في مجاؿ في العموـ اإلنسانية‪،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪،‬الموصؿ‬
‫‪ ،7==:‬ص‪77‬‬
‫(‪)27‬‬
‫ثروت عكاشة ‪،‬الفف العراقي القديـ‪،‬سومر وبابؿ وأشور‪،‬بيروت‪،‬ب ت‪،‬ص ‪29‬‬
‫(‪)28‬‬
‫خميؿ سعيد‪،‬معالـ حضارة ببلد الرافديف‪(،‬الدار اليضاء‪،)7=<8،‬ص ‪:7‬‬

‫‪458‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫(‪)29‬‬
‫قسطنطيف زريؽ‪ ،‬في معركة الحضارة‪،‬ط‪( 8‬بيروت‪7=<7،‬ـ) ‪،‬ص‪277‬‬
‫(‪)2:‬‬
‫عيد مرعي‪،‬موجز تاريخ الشرؽ األدنى القديـ‪ ،‬ص‪7::‬‬
‫(;‪)2‬‬
‫محمد الخطيب‪،‬الحضارة الفينيقية‪ ،‬ص =‪77‬‬
‫(<‪)2‬‬
‫أحمد عمي إسماعيؿ‪،‬تاريخ ببلد الشاـ‪(،‬دمشؽ‪،)7==<.‬ص <‪7:‬‬
‫(=‪)2‬‬
‫محمد الخطيب‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪787‬‬
‫(‪)78‬‬
‫سامي سعيد األحمد وجماؿ رشيد‪،‬تاريخ الشرؽ القديـ‪7::،‬‬
‫(‪)77‬‬
‫ابتياؿ عادؿ الطائي‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪:8‬‬
‫(‪)72‬‬
‫فاضؿ عبد الواحد‪،‬العراؽ في موكب الحضارة‪،‬ط ‪،7‬بغداد <<=‪،7‬ص ;=‪7‬‬
‫(‪)77‬‬
‫المرجع السابؽ نفسو‪،‬ص ==‪7‬‬
‫(‪)78‬‬
‫وؿ ديورانت ‪،‬قصة الحضارة‪،‬ص ‪<8‬‬
‫(‪)79‬‬
‫ابتياؿ عادؿ الطائي‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪;8‬‬
‫(‪)7:‬‬
‫المرجع السابؽ نفسو‪،‬ص =‪9‬‬
‫(;‪)7‬‬
‫فاضؿ عبد الواحد‪،‬مف ألواح سومر إلى التوراة‪(،‬بغداد =<=‪7‬ـ)‪،‬ص ‪787‬‬
‫(<‪)7‬‬
‫أنيس فريحة‪،‬أحيقار حكيـ مف الشرؽ األدنى‪(،‬بيروت ‪ ،)7=:7‬ص =‪78‬‬
‫(=‪)7‬‬
‫طو باقر ‪،‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ‪،‬ص ‪.779‬‬
‫(‪)88‬‬
‫سامي سعيد األحمد ‪،‬الزراعة في العصور التاريخية ‪،‬ص ‪7;8‬‬
‫(‪)87‬‬
‫عامر عبد هلل ألجميمي ‪،‬المعارؼ الجغرافية عند العراقييف القدماء ‪ (،‬دىوؾ‬
‫‪،) 2877‬ص ‪.729‬‬
‫(‪)82‬‬
‫سامي سعيد األحمد‪،‬الزراعة والري‪ ،‬موسوعة حضارة العراؽ‪ (،‬بغداد ‪) 7=<9‬‬
‫‪،‬ج‪،2‬ص ‪7:9‬‬
‫(‪)87‬‬
‫المرجع السابؽ نفسو‪ ،‬ص ‪7::‬‬

‫‪451‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫(‪)88‬‬
‫عامر سميماف ‪،‬القانوف في العراؽ القديـ‪،‬ط‪ (،2‬بغداد ;<=‪، ) 7‬ص ‪2=7‬‬
‫(‪)89‬‬
‫فيميب حتى ‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪7:9‬‬
‫(‪)8:‬‬
‫ابتياؿ عادؿ الطائي‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪7=9‬‬
‫(;‪)8‬‬
‫المرجع السابؽ نفسو‪،‬ص ‪7=:‬‬
‫(<‪)8‬‬
‫فوزي رشيد‪،‬العموـ اإلنسانية والطبيعية ‪،‬موسوعة الموصؿ الحضارية‬
‫‪،‬مج‪،7‬ص‪7<2‬‬
‫(=‪)8‬‬
‫ابتياؿ عادؿ الطائي‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪7=:‬‬
‫(‪)98‬‬
‫فيميب حتى‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ==‬
‫(‪)97‬‬
‫نعيـ فرج‪،‬موجز تاريخ الشرؽ األدنى القديـ‪،‬ص ;‪7‬‬
‫(‪)92‬‬
‫جورج رو‪،‬العراؽ القديـ‪،‬ص =‪82‬‬
‫(‪)97‬‬
‫محمد الصغير غانـ‪،‬التوسع الفينيقي في غرب البحر المتوسط ‪،‬ص‪27‬‬
‫(‪)98‬‬
‫ابتياؿ عادؿ الطائي‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪78‬‬
‫(‪)99‬‬
‫رضا جواد الياشمي ‪،‬المبلحة النيرية في ببلد الرافديف‪،‬مجمة‬
‫سومر‪،‬بغداد‪،7=<7‬ص =‪8‬‬
‫(‪)9:‬‬
‫احمد سمطاف محمد‪،‬الصناعات الخشبية في العراؽ القديـ حتى ‪ :72‬ؽ‪.‬ـ‬
‫‪،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪،‬الموصؿ ‪،2877‬ص ‪792‬‬
‫(;‪)9‬‬
‫جورج كونتينو ‪،‬الحضارة الفينيقية‪ ،‬ص ‪278‬‬
‫(<‪)9‬‬
‫ابتياؿ عادؿ الطائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪72‬‬
‫(=‪)9‬‬
‫محمد الصغير غانـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪:8‬‬
‫(‪):8‬‬
‫طالب منعـ ألشمري‪،‬سنحاريب سيرتو ومنجزاتو‪،‬ص ‪789‬‬
‫(‪):7‬‬
‫محمد الصغير غناـ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪:2‬‬

‫‪464‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫(‪):2‬‬
‫جباغ قابمو‪،‬تاريخ الحضارات القديمة في الوطف العربي‪،‬دمشؽ =‪،288‬ص‬
‫‪772‬‬
‫(‪):7‬‬
‫جورج رو‪،‬العراؽ القديـ‪،‬ص ‪7=8‬‬
‫(‪):8‬‬
‫ىاري ساكز ‪،‬قوة أشور‪،‬ص ‪728‬‬
‫(‪):9‬‬
‫جورج رو‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪=2‬‬
‫(‪)::‬‬
‫بيناـ أبو الصوؼ‪،‬تجارة العراؽ الخاصة في عصور ما قبؿ التاريخ‪،‬مخيمة‬
‫مابيف النيريف‪،‬العدد <‪(،8‬بغداد‪،)7=<9،‬ص ‪7=7‬‬
‫(;‪):‬‬
‫محمد صبحي عبد هلل‪،‬العبلقات العراقية المصرية في العصور القديمة‪،‬رسالة‬
‫الماجستير غير منشورة‪،‬بغداد ;;=‪،7‬ص ‪28‬‬
‫(<‪):‬‬
‫جيوفاني بيتيناو‪ ،‬سمير أميس ممكة أشور وبابؿ‪،‬ترجمة عيد مرعي‪،‬ط‪،7‬دمشؽ‬
‫<‪،288‬ص ‪787‬‬
‫(=‪):‬‬
‫جباغ قابمو‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪277‬‬
‫(‪);8‬‬
‫فاضؿ عبد الواحد‪،‬عشتار ومأساة تموز ( بغداد‪، ) 7=<:،‬ص ‪7;7‬‬
‫(‪);7‬‬
‫فاضؿ عبد الواحد ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪7;8‬‬
‫(‪);2‬‬
‫محمد أبو المحاسف عصفور‪،‬معالـ حضارة الشرؽ األدنى‪،‬ص ‪7:9‬‬
‫(‪);7‬‬
‫المرجع السابؽ نفسو‪،‬ص ‪7:9‬‬
‫(‪);8‬‬
‫محمد حسيف منطر‪،‬الحرؼ والصورة في عالـ قرطاج‪،‬تونس ===‪7‬ـ‪،‬ص‬
‫;‪77‬‬
‫(‪);9‬‬
‫إبراىيـ خميؿ خبليمي‪،‬الحياة المدنية والدينية في المدنية الكنعانية والفينيقية في‬
‫ضوء العيد القديـ والحوليات األشورية‪،‬أطروحة دكتوراه غير‬
‫منشورة‪،‬تونس‪،2887‬ص ‪729‬‬

‫‪469‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬
 ‫العالقات االقتصادية والحضارية بين الدولة اآلشورية والفينيقيين (‪-199‬‬
‫‪858‬ق‪.‬م)‪...............................................................................................................‬‬

‫(‪);:‬‬
‫إبراىيـ خميؿ خبليمي‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪72:‬‬
‫(;;)‬
‫ولي ػ ػ ػ ػ ػػد الج ػ ػ ػ ػ ػػادر‪،‬الحرؼ والص ػ ػ ػ ػ ػػناعات اليدوي ػ ػ ػ ػ ػػة ف ػ ػ ػ ػ ػػي العص ػ ػ ػ ػ ػػر األشػ ػ ػ ػ ػ ػوري‬
‫المتاخر‪،‬بغداد‪،7=;9‬ص‪72‬‬
‫(<;)‬
‫فرجي بصمجي‪،‬كنوز المتحؼ العراقي‪،‬بغداد ‪،7=;2‬ص <=‪2‬‬
‫(=;)‬
‫أحمد مالؾ الفتياف‪،‬نظاـ الحكـ في العصر األشوري الحديث‪،‬أطروحة دكتوراه‬
‫غير منشورة‪،‬بغداد ‪،7==7‬ص <‪29‬‬

‫‪462‬‬
‫جامدي الاول ‪1438‬هـ ‪ -‬ش باط ‪2017‬م‬ ‫العدد (‪)57‬‬