Professional Documents
Culture Documents
Larangan Mencela Angin
Larangan Mencela Angin
هذا من كمال
التوحيد ومن كمال اإليمان أن ال يسب الريح؛ ألنها خلق مدبّر ومأمور فال يجوز سبه ،تأتي بالخير والشر؛ فإذا رأى اإلنسان من
الريح ما يكره فليقل :اللهم إني أسألك من خير هذه الريح ،وخير ما فيها ،وخير ما أمرت به ،ونعوذ بك من شرها ،وشر ما فيها،
.وشر ما أمرت به
وفي اللفظ اآلخر :وشر ما أرسلت به ،وبهذا يحصل المطلوب وهو السالمة من المكروه ،أما سبها :لعن هللا هذه الريح ،قاتل هللا هذه
الريح ،كل هذا ال يجوز ،ولكن يقول :اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ،وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها
.وشر ما أرسلت به ،وهذا كاف في األدب الشرعي
ً
متحفظا في وهكذا ال يسب األمراض ،وال يسب الدنيا ،ويحفظ لسانه عن الكالم السيئ إال من سبه هللا ورسوله ،ويكون اإلنسان
ً
متحفظا في دعائه وسبّه وغير ذلك إال حسب ما تمليه الشريعة .كلماته،
المؤلف رحمه اهلل أطلق النهي ولم يفصح :هل المراد به التحريم أو الكراهية ،وسيتبين إن شاء اهلل من
.الحديث
.قوله( :الريح) .الهواء الذي يصرفه اهلل عز وجل ،وجمعه رياح
وأصولها أربعة :الشمال ،والجنوب ،والشرق ،والغرب ،وما بينهما يسمي النكباء ،ألنها ناكبة عن
.االستقامة في الشمال ،أو الجنوب ،أو الشرق ،أو الغرب
فأحيانا 9تكون شديدة تقلع األشجار 9وتهدم البيوت وتدفن الزروع9
ً وتصريفها 9من آيات اهلل عز وجل،
وأحيانا9
ً وأحيانا 9حارة،
ً وأحيانا تكون باردة،
ً وأحيانا 9تكون هادئة،
ً ويحصل معها فيضانات عظيمة،
وأحيانا نازلة ،كل هذا بقضاء اهلل وقدره ،ولو أن الخلق اجتمعوا كلهم على أن يصرفوا الريح
ً عالية،
عن جهتها التي جعلها اهلل عليه ما استطاعوا إلى ذلك سبياًل ،ولو اجتمعت جميع المكائن العالمية النفاثة
لتوجد هذه الريح الشديدة ما استطاعت إلى ذلك سبياًل ،ولكن اهلل عز وجل بقدرته يصرفها 9كيف يشاء
وعلي ما يريد ،فهل يحق للمسلم أن يسب هذه الريح؟
أحيانا تضر بإحراقها 9بعض األشجار،
ً الجواب :ال ،ألن هذه الريح مسخرة مدبرة ،وكما أن الشمس
».ومع ذلك ال يجوز ألحد أن يسبها ،فكذلك الريح ،ولهذا قال« :ال تسبوا الريح
عن أبي بن كعب رضي اهلل عنه ،أن رسول اهلل قال« :ال تسبوا الريح ،فإذا رأيتم ما تكرهون ،فقولوا:
اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ،ونعوذ بك من شر هذه الريح
.وشر 9ما فيها وشر ما أمرت به» صححه الترمذي
.قوله« :ال تسبوا الريح»( .ال) ناهية ،والفعل مجزوم بحذف النون ،والواو فاعل ،والريح مفعول به
والسب :الشتم ،والعيب ،والقدح ،واللعن ،وما أشبه ذلك ،وإ نما نهي عن سبها ألن سب المخلوق سب
مبنيا وفيه عيب فسببته ،فهذا السب ينصب على من بناه ،وكذلك سب الريح،
قصراّ 9
لخالقه فلو وجدت ً
.ألنها مدبرة مسخرة على ما تقتضيه حكمة اهلل عز وجل
ولكن إذا كانت الريح مزعجة ،فقد أرشد النبي إلى ما يقال حينئذ في قوله« :ولكن قولوا :اللهم إنا
».نسألك ..إلخ
قوله« :من خير هذه الريح» .الريح نفسها فيها خير وشر ،فقد تكون عاصفة تقلع األشجار وتهدم الديار
.وتفيض البحار واألنهار 9،وقد تكون هادئة تبرد الجو وتكسب النشاط
خيرا ،كتلقيح الثمار ،وقد تحمل رائحة طيبة
قوله« :وخير ما فيها» .أي :ما تحمله ،ألنها قد تحمل ً
شرا ،كإزالة لقاح الثمار ،وأمراض تضر 9اإلنسان والبهائم
.الشم ،وقد تحمل ًّ
.قوله« :وخير ما أمرت به» .مثل إثارة السحاب وسوقه إلى حيث شاء اهلل
.قوله« :ونعوذ 9بك» .أي :نعتصم 9ونلجأ
.قوله« :من شر هذه الريح» .أي :شرها بنفسها ،كقلع األشجار ،ودفن الزروع 9،وهدم البيوت
.قوله« :وشر ما فيها» .أي :ما تحمله من األشياء الضارة ،كاألنتان ،والقاذورات ،واألوبئة وغيرها
قوله« :وشر ما أمرت به» .كاإلهالك والتدمير 9،قال تعالى في ريح عاد{ :تدمر كل شيء بأمر
ربها}[ األحقاف ،]25 :وتيبيس 9األرض من األمطار ،ودفن الرز وع ،وطمس اآلثار والطرق ،فقد
.تؤمر 9بشر لحكمة بالغة قد نعجز عن إدراكها
وقوله« :ما أمرت به» هذا األمر حقيقي ،أي :يأمرها اهلل أن تهب ويأمرها أن تتوقف ،وكل شيء من
كرها قالتا
طوعا أو ً
ً المخلوقات فيه إدراك بالنسبة إلى أمر اهلل ،قال اهلل تعالى لألرض والسماء{ :ائتيا
أتينا طائعين}[ فصلت ،]11 :وقال للقلم« :اكتب .قال :ربي وماذا أكتب؟ قال :اكتب ما هو كائن إلى
».قيام الساعة
:فيه مسائل *
األولى :النهي عن سب الريح الثانية :اإلرشاد 9إلى الكالم النافع إذا رأى اإلنسان ما يكره .الثالثة:
.اإلرشاد 9إلى أنها مأمورة .الرابعة :أنها قد تومر بخير وقد تؤمر بشر
:فيه مسائل
.األولى :النهي عن سب الريح .وهذا للتحريم ،ألن سبها سب لمن خلقها وأرسلها *
الثانية :اإلرشاد إلى الكالم النافع إذا رأي اإلنسان ما يكره .أي :منها ،وهو أن يقول« :اللهم إني *
أيضا ،كاالتقاء من شرها بالجدران أو الجبال
أسألك من خيرها »..الحديث ،مع فعل األسباب الحسية ً
.ونحوها
.الثالثة :اإلرشاد 9إلى أنها مأمورة .لقوله( :ما أمرت به) *
.الرابعة :أنها قد تؤمر بخير وقد تؤمر بشر .لقوله( :خير ما أمرت به ،وشر ما أمرت به) *
والحاصل :أنه يجب على اإلنسان أن ال يعترض على قضاء اهلل وقدره ،وأن ال يسبه ،وأن يكون
مستسلما ألمره الشرعي ،ألن هذه المخلوقات التملك أن
ً مستسلما ألمره الكوني كما يجب أن يكون
ً
شيئا إال بأمر اهلل سبحانه وتعالى
تفعل ً