Professional Documents
Culture Documents
تطلق الجرائم الماسة باآلداب أو جرائم العرض كما يسميها بعض الفقه ،على كل الجرائم
التي تخرج عن إطار األخالق العامة والقيم والمبادئ السامية والسائدة في المجتمع.1
وقد تعرض المشرع المغربي لجرائم العرض في الفرع السادس من الباب الثامن من
خالل الفصول 384إلى 394من القانون الجنائي تحت عنوان "في انتهاك اآلداب" وفي
الفرع السابع من نفس الباب من خالل الفصول 394إلى 403ق ج تحت عنوان " إفساد
الشباب وفي البغاء" ،ـ إضافة إلى المواد من 49إلى 44من قانون الصحافة التي عاقبت
على األفعال المنتهكة لآلداب العامة ـ والتي تولت تحديد األركان العامة التي يقتضيها
تحقق جرائم الفساد والخيانة الزوجية واالغتصاب والشذوذ الجنسي ،حيث تتحقق من خالل
كل ممارسة جنسية خارج إطار العالقة الزوجية المشروعة سواء كانت برضى الطرفين أو
بإكراه أحدهما ،بين رجل وامرأة أو بين فردين من نفس الجنس.32
كما عاقبت على التحريض على العالقات الجنسية غير المشروعة وأعمال الوساطة
واالتجار والمساعدة على ارتكابها واإلخالل العلني بالحياء ،ونشر وتوزيع الصور والرسوم
المنافية لألخالق واآلداب.
وسوف نقتصر في دراستنا لهذا النوع من الجرائم على جريمتي الفساد و الخيانة الزوجية
ثم جريمة االغتصاب.
1ـ اختلفت التشريعات الوضعية حو ل تقرير العقاب على جرائم العرض ،فمنها من تشدد في ذلك واعتبر كل العالقات الخارجة عن إطار رابطة
الزواج جريمة فساد يستحق القائم بها أقصى العقوبات ومن بينها المشرع المغربي .في حين اقتصر جانب آلخر على المعاقبة على االتجار في بغاء
الغير وإكراهه على ممارسة الجني خارج إطار العالقة الزوجية.
واتخذ اتجاه ثالث موقفا وسطا بحيث ال يعاقب على الفساد والزنا اللذان يتمان برضا أطرافه ،وتعاقب على الجرائم التي يكون أحد طرفيها متزوجا
أو قاصرا ويمارس البغاء بصفة اعتيادية.
2خصص المشرع المصري لجرائم االعتداء على العرض الباب الرابع من الكتاب الثالـث من قانـون العقوبات تحت عنوان " هتك
العرض وفساد األخالق"
3ـ أحمد الخمليشي ،القانون الجنائي الخاص ،الجزء الثاني ،الطبعة الثانية .6891ص.222:
المبحث األول
جريمة الفساد
جريمةةة الفسةةاد أو جريمةةة الزنةةا كمةةا يسةةميها بعةةض الفقةةه ،مةةن الجةةرائم الماسةةة بةةاألخالق
واآلداب التي جرمتها الديانات السماوية ومن بينهةا اإلسةالم الةذم لةم يكتةف بتجريمهةا وإنمةا
فرض عقوبة قاسية على كل من يرتكب هذه الجريمة ،قال تعةالى ":الزانيةة والزانةي فاجلةدوا
كل واحد منهما مائةة جلةدة و ال تذخةذكم بهمةا رأفةة فةي ديةن ن إن كنةتم تنمنةون بةاو واليةوم
اآلخر وليشهد عذابهما طائفة من المنمنين ".4
كمةا جرمتهةا السةنة أيضةا فعةن عبةد ن بةن مسةعود ـ رضةي ن عنةه ـ قةال :قةال رجةل :يةا
رسول ن ،أم ذنب أعظةم عنةد ن ،قةال :أن تجعةل و نةدا وهةو خلقةك ،فقةال لةه :إن ذلةك
لعظيم ،ثم أم قال :أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ،قال :ثم أم ،قال :أن تزانةي حليلةة
جارك ،فذنزل ن عز وجل تصديقها :والذين ال يةدعون مةع ن إلهةا ،خةر ،وال يقتلةون الةنفس
التةةي حةةرم ن غةةال بةةالحق ،وال يزنةةون ،وم يفعةةل ذلةةك يلةةق اثامةةان يضةةاعف لةةه العةةذاب يةةوم
القيامة ويخلد فيها مهانا".
وعن عمر بن الخطاب رضي ن عنه قال ":إن ن بعث محمد بةالحق وأنةزل عليةه الكتةاب
فكان ما أنزل ن عليه ،ية الرجم فقرأناها ووعيناها ورجم رسول ن (صلى ن عليةه وسةلم)
ورجمنا بعده فذخشى إن طال بالناس زمن أن يقول قائل ما نجد الرجم فةي كتةاب ن فيضةلوا
بترك فريضة أنزلها ن في كتابه فإن الرجم في كتاب ن الحق على من زنى".
و تعتبر جريمة الفساد من الجرائم االستثنائية لكونها تمس باألمن االجتماعي و األخالقي
لكل شخص داخل المجتمع ولكونها تتعلق بعرض الناس و شرفهم من جهة ،ومن جهة
أخرى ،ألن المشرع خصها بوسائل إثبات معينة تختلف عن تلك التي اعتمدها بالنسبة
لباقي الجرائم حيث يقضي فيها بحرية اإلثبات.
5ومعنى الفساد مرادف للزنا ،وله معاني كثيرة في اللغة وأشهرها المباشرة المحرمة ،واصطالحا معناه وطء المرأة دون وجود عقد
شرعي .وأجمع أغلب فقهاء الشريعة اإلسالمية تعريف هذه الجريمة
فالمذهب الحنفي يرى أن ” :الزنا هو اسم للوطء الحرام من قبل المرأة الحية في حالة االختيار ،في دار العدل ممن التزم أحكام اإلسالم. ،
وعن المذهب الشافعي ” :الزنا هو وطء رجل من أهل دار اإلسالم امرأة محرمة عليه من غير عقد وال شبهة عقد والملك ،وهو مختار عالم .
بالتحريم".
المذهب المالكي ”:الزنا هو وطء مكلف فرج امرأة الملك له فيه تعمدا" وعرفـوه أيضا بأنه“ :كل وطء وقع على غير نكاح صحيح المذهب .
الحنبلي ”:الزنا هو وطء امرأة من قبلها حراما ال شبهة له في وطئها فهو زان ،ويجب عليـه الحد
7ـ وهو ما أكده المجلس األعلى من خالله قراره التالي والذي جاء فيه:
" حيث أنه من جهة فبمقتضى الفصل 481من القانون الجنائي فإن كل عالقة جنسية بين رجل وامرأة ال تربط بينها عالقة الزوجية تكون جريمة
الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر إلى سنة".
قرار رقم 4446الصادر بتاريخ 2أكتوبر ، 6894منشور مجموعة قرارات المجلس األعلى ،المادة الجنائية من 6896إلى ،6882ص.42 :
8ـ العلمي عبد الواحد ،مرجع سابق،ص.624:
بتعبير ،خر ،فإنه يلزم أن يكون كل من الفاعلين عالما ومريدا الرتكاب هذا العمل
اإلجرامي ،فإذا تحقق العلم واإلرادة تحقق الركن المعنوم لجريمة الفساد وثبت بالتالي الحق
في مساءلة كل منهما ومعاقبته بما هو مقرر قانونا.
على أن وجود عالقة الزوجية ينفي تحقق الركن المعنوم وإن كان الطرفين غير عالمين
بها أو يجهالن وجودها وبالتالي فلهما الحق في إثباتها ونفي جريمة الفساد عنهما.
1ـ محضر ضابط الشرطة القضائية المحرر في حالة التلبس :14والذم يكتفي فيه الضابط
بتسجيل الوقائع التي شاهدها بحيث يبقى للمحكمة السلطة والصالحية في اعتبارها تمثل
حالة للتلبس أم ال وبالتالي ثبوت جريمة الفساد في حق المتهم أو العكس هذا من جهة ،من
جهة أخرى فإن حالة التلبس تعتبر من المسائل الخاصة بالجريمة وليس بالجاني وعلى هذا
األساس إذا ثبتت الجريمة اتهم بها كل من الفاعل األصلي والمساهمين والمشاركين وإن لم
يتم ضبطهم في حالة التلبس.
2ـ االعتراف المضمن في مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم :والمقصود بذلك
االعتراف الصادر عن المتهم بالجريمة أم تلك األوراق التي يقوم المتهم بكتابتها ،لكن هل
يشترط أن تكون هذه المكاتيب واألوراق مكتوبة بيد المتهم شخصيا أم يجوز االعتداد بها
وإن كانت مكتوبة من طرف الغير .
ال يوجد بالقانون مقتضى قانوني يجيب على هذا التسانل ،وعليه يمكن القول أن انه يعد
من األوراق المكتوبة الصادرة من المتهم تلك األوراق التي وإن لم تكتب بيده إال أنها
موقعة من طرفه بذية وسيلة بالكتابة أو بالبصمة أو أو غيرها من الطرق شرط أن يكون
المبحث الثالث
جريمة الخيانة الزوجية
أشار إلى هذه الجريمة الفصل 391من القانون الجنائي الذم يقول:
" يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذم يرتكب جريمة الخيانة الزوجية،
وال تجوز المتابعة في هذه الحالة إال بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه.
إال أنه في حالة غياب أحد الزوجين خارج المملكة ،فإنه يمكن للنيابة العامة أن تقوم
تلقائيا بمتابعة الزوج اآلخر الذم يتعاطى الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة".
وعلة تجريم فعل الخيانة الزوجية من طرف المشرع ،ترجع إلى رغبته في حماية العالقة
الزوجية وكذا الحقوق التي تترتب عليها والتي تقوم على اإلخالص واالحترام حماية
لألسرة والمجتمع.
وخالفا للمشرع المغربي الذم سمى هذه الجريمة بالخيانة الزوجية ،فإن العديد من
التشريعات العربية تسميها جريمة الزنا وتميز في هذا الصدد بين زنا الزوج وزنا الزوجة
من حيث توفر الشروط الالزمة لقيامها وكذا من حيث العقوبة المخصصة لها ،من ذلك
قانون العقوبات المصرم من خالل المادة 244جاء فيها " :المرأة المتزوجة التي تثبت
زناها يحكم عليها بالحبس لمدة ال تزيد على سنتين" ،والمادة 244تنص على أن ":كل
زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه هذا األمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة ال
تزيد على ستة أشهر".
نفس األمر بالنسبة للقانون العراقي في المادة ( )2-444من قانون العقوبات رقم 111
لسنة 1949التي تقول:
" 1ـ تعاقب بالحبس الزوجة الزانية ومن زنى بها
_2ويعاقب بالعقوبة ذاتها الزوج إذا زنا في منزل الزوجية".
والمالحظ من خالل ما سبق ،أن الغريب في تنظيم جريمة الزنا بالنسبة للتشريعين أعاله
اشتراطهما شروطا خاصة لتبوث الخيانة الزوجية بالنسبة للزوج وهو ضرورة أن يحصل
االتصال الجنسي والمواقعة التي تعتبر عنصرا الزما لقيام الركن المادم في بيت الزوجية،
مما يعني أن تحقق هذا الفعل في غير مكان الزوجية تنعدم معه عناصر الجريمة كاملة.من
االختالفات أيضا أن العقوبة المقررة في حق الزوجة أشد من تلك المقررة في حق الزوج
كما لو أن خيانة الزوجة أعظم وأشد من خيانة الزوج في حين أن األمر سيان بالنسبة
لكليهما.
وعموما ،فدراسة جريمة الخيانة الزوجية حسب التشريع المغربي تقتضي أن نعرض
ألركانها ،والقيود المقررة إلمكانية متابعة الجاني.
.18قرار المجلس األعلى الصادر بتاريخ 9يناير 6841مجلة القضاء و القانون عدد 661-618ص 481
19
قرار محكمة النقض عدد ،9464بتاريخ ،66/62/6891ملف جنحي عدد ،92/61916منشور بالموقع اإللكتروني :محكمتي
تبعا إلحكام الشريعة اإلسالمية فإن الزواج ال يلزم بقانه مستمرا لكي تثبت صفة اإلحصان
لحين الزنا حتى ولو تزوج الفاعل من امرأة بنكاح صحيح ثم زال هذا النكاح وبقي مجردا
وزنى فيجب رجمه.
لكن بالنسبة للقانون الجنائي المغربي ،فرابطة الزواج يجب أن تكون قائمة وقت اقتراف
الجريمة ،أما إذا انتفت هذه الصفة عند ارتكاب الفعل المجرم فإن الخيانة الزوجية لن تتحقق
وإنما سنكون أمام جريمة فساد ،20إضافة إلى أن الفاعل إذا كان مطلقا أو متوفى عنه زوجه
فلن يواجه بشكاية من الزوج اآلخر ألنه متوفي أو ألنه مطلق.21
رابعا :أن المشرع المغربي كان ظل يميز بين المرأة و الرجل بخصوص استفادة هذا
األخير من العذر المعفي من العقاب حال ارتكابه جريمة قتل أو ضرب أو جرح ضد
زوجته و شريكها عند ضبطهما متلبسين بالخيانة الزوجية.
إال أنه تراجع عن هذا التمييز بموجب القانون رقم 04-23الذم عدل الفصل 318من
القانون الجنائي بحيث أصبح من حق الزوجين معا االستفادة من العذر المخفض للعقوبة في
جرائم القتل أو الجرح أو الضرب متى ارتكبهما أحد الزوجين ضد الزوج اآلخر و شريكه
عند مفاجذتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية.
ويشترط في الخيانة الزوجية باعتبارها من الجرائم العمدية ضرورة توفر القصد الجنائي،
بحيث يجب أن يكون كل من الرجل والمرأة المقترفين لفعل الخيانة الزوجية مدركا وعالما
بعدم مشروعية هذا الفعل ،وال ينتفي إال بسبب خلل عقلي او جنون أو أن يكون أحدهما في
حالة سكر غير اختيارية أو تم تخديره ،مثل هذه األوضاع ينتفي فيها القصد الجنائي ،لكن
اذا كان السكر او المخدرقد حصل بكيفية اختيارية قامت مسنولية الجاني وذلك عمال بما
تقره مقتضيات الفصل 144من القانون الجنائي التي جاء فيها ":السكر و حاالت االنفعال
20ـ على أنه تجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن رابطة الزواج تظل قائمة خالل عدة الطالق الرجعي ،حيث تتحقق جريمة الخيانة الزوجية سواء
بالنسبة للرجل أو للمرأة إذا ما تحققت أركانها.
21ـ وهو ما أكده المجلس األعلى بقوله:
" لما أبرزت المحكمة أن المتهم لم يكن متزوجا وقت فتح المتابعة ضده وأنه كان قد طلق زوجته فإن إدانته والحالة هذه بجريمة الفساد تكون
مطابقة للقانون"
ـ قرار رقم 449الصادر بتاريخ 61فبراير ،6849منشور بمجلة المحاماة عدد ،21ص.656 :
او االندفاع العاطفي او الناشئ عن تعاطي المواد المخدرة عمدا،ال يمكن بذم حال من
األحوال ان يعدم المسنولية او ينقصها"
فتقديم الشكوى من طرف أحد الزوجين يعد إجراءا جوهريا يعبر من خالله أحد
الزوجين عن رغبته في المتابعة بتحريك الدعوى العمومية ،بحيث ال يجوز للنيابة العامة
تحريكها من تلقاء نفسها والسبب يرجع إلى رغبة المشرع في حماية مصلحة الزوج أو
الزوجة التي يمكن أن تتضرر من جراء المتابعة القانونية وتتضرر معها سمعة ومصلحة
األسرة والعائلة .كما أن تقديم الشكوى يعد حقا شخصيا لكال الزوجين وهو ما يعني أن
موت أحدهما ال يعط الحق للورثة في المتابعة .
22ـ قرار رقم 5484الصادر بتاريخ 69أبريل ،6892ملف جنحي ،48148مجموعة قرارات المجلس األعلى ،ص.614 :
لكن ما الحكم في الحالة التي ترتكب فيها أكثر من جرم ومعها خيانة زوجية ،من ذلك
مثال ممارسة البغاء والخيانة الزوجية ،هل يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية .
جوابا على هذا السنال نقول بذنه يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى بالنسبة للجريمة
األولى والتي ال تتطلب تقديم شكوى بتوفر أركانها وشروطها ،دون أن تتجاوز حدودها في
عدم المتابعة على الخيانة الزوجية دون تقديم شكاية باألمر من طرف المعني .
وال تتحرر النيابة العامة من هذا القيد إال في حالة غياب أحد الزوجين خارج تراب
المملكة وتبث على أحدهما تعاطي الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة ،وهذا ما أكدته الفقرة
األخيرة من الفصل 391من القانون الجنائي التي جاء فيها:
" غير أنه في حالة غياب أحد الزوجين خارج تراب المملكة ،فإنه يمكن للنيابة العامة أن
تقوم تلقائيا بمتابعة الزوج اآلخر الذم يتعاطى الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة".23
وإضافة إلى ذلك فالمشرع لم يشترط شكال خاصا بالشكاية وعلى هذا األساس يمكن أن تتم
بطريقة كتابية أو شفوية أو بذية وسيلة أخرى .كما يمكن تقديمها من طرف المعني باألمر
شخصيا أو من طرف وكيله.
أما عن إمكانية التنازل عن الشكاية فقد نص الفصل 392من القانون الجنائي على أن:
تنازل أحد الزوجين عن شكايته يضع حدا لمتابعة الزوج أو الزوجة المشتكى بها عن
جريمة الخيانة الزوجية".
وبناء على نص الفصل أعاله ،يمكن القول بذن تنازل أحد الزوجين عن شكايته يضع حدا
لمتابعة الزوج أو الزوجة المشتكى بها.24
وإذا وقع التنازل من طرف أحد الزوجين عن شكايته ،فإن ذلك يضع حدا آلثار الحكم
بالمناخذة مع اإلشارة في هذا الصدد إلى أن المشارك في جريمة الخيانة الزوجية ال يستفيد
من هذا التنازل.
23ـ ويرى بعض الفقه بأن للنيابة العامة السلطة التقديرية في إثارة الدعوى العمومية أو عدم إثارتها وذلك حسب تقديرها لظروف ممارسة المرأة
للفساد مادام أن النص استعمل عبارة " يمكن للنيابة العامة متبعتها" .عل أننا نعتقد وخالفا لهذا الرأي بأن النيابة العامة ملزوم بمتابعة المرأة التي
تمارس الفساد مهما كانت ظروف هذه الممارسة مادامت أركان تحقق الفساد متوفرة ،بل أكثر من ذلك فهي مجبرة على القيام بالمتابعة ومسألة أن
عبارة يمكن التي أوردها النص القانوني يمكن تفسيرها بأنها استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بضرورة تقديم شكاية من طرف أحد الزوجين
للمتابعة على أن األمر يختلف في هذه الحالة ألن المشرع اشترط شروط محددة لذلك وهي أن تمارس المرأة الفساد بصورة واضحة وأن يكون
زوجها مقيما بالخارج.
24ـ وفي هذا تطبيق لنص المادة الثالثة من قانون المسطرة المدنية التي حددت حاالت وأسباب سقوط الدعوى العمومية وجعلت سحب الشكاية إن
كانت شرطا للمتابعة من بين أسبابها.
المبحث الثالث
جريمة االغتصاب
25وقد أولى القانون الدولي اهتماما بجريمة االغتصاب حيث أشار من خالل الفقرة األولى من المادة السابعة من النظام األساسي
للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة (روما) التي وصفت جريمة االغتصاب على أنها جريمة ضد اإلنسانية عندما ترتكب بطريقة منظمة ضد مجموعة
.من السكان المدنيين ،كذلك أشارت إليها العديد من االتفاقيات والمعاهدات الدولية في موادها،
،كما أشارت إليه المادة 72من اتفاقية جنيف التي تحظر بصفة خاصة االغتصاب،كما ورد حظر االغتصاب ضمنيا واالعتداء الجنسي في المادة
4الفقرة 1من البروتوكول اإلضافي الثاني المتعلق بالنزاعات المسلحة التي تنص على أنه « لجميع األشخاص الحق في احترام
شخصهم وشرفهم" ،وكذا المادة 44من اتفاقية الهاي لسنة . 1092
والمادة ، 24الفقرة األولى من البروتوكول اإلضافي األول التي تقضي بحماية النساء من االغتصاب كما يحظر االغتصاب بصفته جريمة ضد
اإلنسانية بموجب المادة 5من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا ،كما أشارت إليه المادة 72في فقرتها الثانية من الباب الرابع
جاء فيها " :يجب حماية النساء بصفة خاصة ضد أي اعتداء على شرفهن وال سيما ضد االغتصاب واإلكراه على الدعارة وأي هتك لحرمتهن".
ـ أن جريمـــة االغتصاب مــن الجرائم المادية ال الشكلية ألن العنصر المكون لها هو
المواقعة بدون رضاء المر،ة وهو في نفس الوقت يشكل حدثا عدواني على الحرية الجنسية
،مادام أن انعدام المرأة ينفي اعتبار وقوع الجريمة راجع إلى سلوك صادر منها و إنما
تحقق هذه الجريمة يكون مصدره فعل صادر عن الرجل .
ـ أن جناية االغتصاب من جنايات ذوم الصفة حيث يلزم فيها أن يكون الفاعل األصلي
ذكرا والمجني عليه أنثى.
وإذا كان األصل أن المرأة ال يمكن أن تكون فاعلة أصلية في هذا النوع من الجرائم ،إال
أنه يمكن أن تكون مشاركة فيها إذا أتت أحد األفعال الواردة في المادة 129من القانون
الجنائي بذن تكون قد قدمت وسيلة لكي تستعمل في الجريمة كمنوم ،أو تساعد مرتكب
الجريمة على األعمال التحضيرية أو المسهلة الرتكاب الجريمة كاستدراج المجني عليها
إلى منزل الجاني أو تقديم ملجذ للقيام بفعلته.
إضافة إلى ما سبق ومن خالل قراءة نص الفصل 384قد يعتقد أن مواقعة الرجل
لزوجته دون رضاها يعد جريمة اغتصاب ،إذا كان هذا األمر مسلما به في بعض القوانين
المقارنة كالقانون السويدم مثال ،فإنه بالنسبة للقانون المغربي ال مجال لذلك مادام أن
الشريعة اإلسالمية الدين الرسمي للبالد تبيح للزوج التمتع بزوجته متى شاء ولكن شرطة
عدم التعسف.
وعموما ،فإن تحقق جريمة االغتصاب يستلزم تحقق ركنيها المادم والمتمثل في مواقعة
الرجل لمرأة ال تربطه بها عالقة الزوجة مع انتفاء رضا المرأة بذلك ،والمعنوم وهو
القصد الجنائي.
ـ السجن من عشر إلى عشرين سنة ،في الحالة المشار إليها في الفقرة األولى من الفصل .492
ـ السجن من عشرين سنة إلى ثالثين سنة ،في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل .492
ـ ال سجن من عشر إلى عشرين سنة ،في الحالة المشار إليها في الفقرة األولى من الفصل .491
ـ السجن من عشرين إلى ثالثين سنة ،في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل .491
على أنه إذا كان الجاني أحد األشخاص المشار إليها في الفصل ،494فإن الحد األقصى المقرر للعقوبة في كل فقرة من فقراته يكون هو العقاب".
28
الموطذ لإلمام مالك " ( " 443 / 2ـ