You are on page 1of 11

‫حقيقة الجمال ودوره في تسامي النفس اإلنسانية‬

‫بقلم‪ :‬العالمة الشيخ محمد تقي جعفري‬

‫نظراً لقبول اإلسالم للجمال ضمن أطر الطبيعة‪ ،‬والنتاجات البشرية الفكرية واليدوية‪ ،‬واألهداف المعقولة‪ ،‬وما وراء‬
‫الطبيعة‪ ،‬لهذا فإن دراسة الجمال دراسة علمية هادفة ليست مفيدة على الصعيد المعنوي فحسب‪ ،‬بل وتعد خطوة ضرورية‬
‫الفن من المنظار الكالمي‪.‬‬
‫لفهم التعامل مع الحياة‪ ،‬فضالً عن كونها عمالً ال ب ّد منه للتعرف على ّ‬

‫وألجل الدخول إلى هذا البحث ال ب ّد من توضيح أربع مفردات مهمة‪ ،‬قد ال يميز الكثيرون بينها وبين مفردة لجمال»‪،‬‬
‫مما يؤدي إلى حدوث الكثير من الشطحات واألخطاء عند دراسة «علم الجمال»‪ ،‬وهذه المفردات هي‪:‬‬

‫‪ - 1‬القيمة‬

‫وهي عبارة عن النوعية المنتزعة من الفائدة التي تتسم بها حقيقة من الحقائق‪ ،‬وقد ال تملك بذاتها حقيقة موضوعية‪ ،‬إال‬
‫أنها تفهم كحقيقة على أساس منشأ انتزاعها الذي هو «الفائدة» بمعناها العام‪.‬‬

‫‪ - 2‬اللذة‬

‫وهي عبارة عن الرضا النفسي الناجم عن نيل اإلنسان لشيء يرى أنه خير وفائدة وكمال‪ .‬وهذا التعريف للذة تعريف‬
‫بسيط وابتدائي‪ ،‬فمعرفة الحقيقة وأنواعها يع ّد من أعقد وأطول المباحث النفسية والفلسفية‪.‬‬

‫‪ - 3‬التعجب‬

‫هو الحالة الذهنية المتولدة عن توقف اإلنسان أمام موضوع أو حدث ما خارج دائرة القوانين والمبادئ المعروفة‪،‬‬
‫وبشكل عام خارج معلومات اإلنسان ومعارفه وظروفه النفسية‪.‬‬

‫‪ - 4‬الجودة‬

‫عبارة عن اتصاف موضوع أو حدث بعناصر الكمال التي يمكن للموضوع أو الحدث أن يتحملها‪.‬‬

‫ونحن نعلم أن هذا التعاريف ليست كاملة‪ ،‬غير أن هدفنا تقديم صورة بسيطة عنها يمكن لنا من خاللها أن نميزها عن‬
‫الجمال‪ .‬وال ب ّد لنا هنا أن نتحدث بإيجاز عن العالقة بين كل من هذه المفردات األربع والجمال ومدى انطباقها أو انفصالها‬
‫عنه‪:‬‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫‪ - 1‬اللذة والجمال‬

‫إن الجمال في الحقيقة يالزم اللذة باستمرار‪ ،‬اي بإمكاننا القول أن إدراك الجمال واستيعابه يؤدي إلى الشعور باللذة‪ ،‬إال‬
‫أن كل شعور باللذة ال ينجم بالضرورة عن إدراك الجمال!‬

‫فنحن نعلم أن عوامل اللذة كثيرة ومتنوعة‪ ،‬أحدها العامل األخير‪ ،‬فاالنتصار على العدو مثالً يحقق هو اآلخر الشعور‬
‫باللذة‪ ،‬لكنه ليس من سنخ الجماالت‪ ،‬وإنما يتم تحقيقه من خالل أقسى الظواهر وأكثرها ألماً‪ ،‬ومع ذلك فهو يبعث على‬
‫اللذة!‬

‫واألغرب من ذلك‪ :‬أننا قد نشعر باللذة أحياناً حتى عند مشاهدة منظر قبيح‪ ،‬لما له من اتصال خاص بذواتنا ونفسياتنا‪،‬‬
‫مثل مشاهدة كوخ طيني يذكرنا بذكريات طفولتنا‪.‬‬

‫‪ - 2‬القيمة والجمال‬

‫لو أخذنا القيمة بالمعنى الذي أشرنا إليه فيما سبق‪ ،‬فسيكون لها مفهوم أوسع من الجمال‪ ،‬ألن المواد الضرورية التي‬
‫تستهلك خالل الحياة‪ ،‬وينظر إليها كمعدات ووسائل مرغوبة‪ ،‬تتصف بالقيمة واألهمية‪ ،‬لكنها ال تتصف بالجمال‪ ،‬أو ال‬
‫تطرح كجمال بشكل مستقل‪.‬‬

‫وهنا يمكن أن نقول‪ :‬أن كل جمال له قيمة‪ ،‬وليس المقصود بالقيمة‪ ،‬القيمة المتبادلة‪ ،‬ألن ذلك الجزء من جماالت‬
‫الطبيعة الذي ال يقبل االنتقال والملكية والحيازة الشخصية‪ ،‬خارج عن مجرى التبادل‪ ،‬مثل جمال السماء والكواكب والقمر‬
‫والجبال والوديان واألشجار‪.‬‬

‫‪ - 3‬التعجب والجمال‬

‫على ضوء التعريف الذي قدمناه للتعجب نقول‪ :‬أننا ال نريد بتوقف ذهن اإلنسان أمام موضوع أو حدث‪ ،‬ركود هذا‬
‫الذهن تماماً‪ ،‬وإنما نريد به مراوحته أمام تلك الحالة المتعارضة مع األصول المثبّتة في الذهن‪.‬‬

‫وقد يكون ذلك التعجب ناجماً عن الشعور بعظمة الظاهرة المشاهدة‪ ،‬أو الشعور بتفاهتها‪ ،‬مثل ارتكاب إحدى‬
‫الشخصيات الفاضلة لبعض األعمال المشينة‪.‬‬

‫وهذا النوع من التعجب يرتفع عند ارتفاع الجهل‪ ،‬ولهذا قيل‪« :‬عند العلم باألسباب يرتفع اإلعجاب»‪.‬‬

‫‪ - 4‬الجودة والجمال‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫الجودة والجمال يلتقيان عند نقطة واحدة ويفترقان في نقطتين‪ .‬فإما نقطة االلتقاء فهي أن بعض الحقائق تتصف بصفتي‬
‫الجودة والجمال معاً مثل المنظر الطبيعي الذي تتصف بعض أجزائه بعناصر الكمال النسبي‪ ،‬فضالً عن اتسامه بالمظهر‬
‫الجمالي‪.‬‬

‫وأما نقطتا االفتراق‪:‬‬

‫‪ .1‬قد نجد حقيقة ما تتصف بالجودة والعلو‪ ،‬إال أنها ال تتميز بمظهر جمالي‪ ،‬مثل ماكينة الحراثة‪ .‬فهذه الماكينة تحمل‬
‫العناصر المطلوبة ألداء الهدف المتوخى من صنعها رغم قباحة منظرها‪.‬‬

‫‪ .2‬مظاهر الجمال العادية الموجودة حوالينا والمؤلّفة من عناصر بسيطة وألوان شائعة‪ ،‬تع ّد مظاهر جميلة إال أنها ليست‬
‫من النوع الرائع الذي يلفت االنتباه أو يقع ضمن إطار «الجودة»‪.‬‬

‫ومما سبق نفهم أن القيمة أو اللذة أو التعجب أو الجودة‪ ،‬ال يمكن أن تكون مفردات مرادفة للجمال‪ ،‬إال أنها يمكن أن‬
‫تكون من خصائص الجمال ومواصفاته‪.‬‬

‫ما هو الجمال؟‬

‫هل أن الجمال حقيقة موضوعية وعينية محضة ينحصر دور الذهن في إبرازها وعكسها‪ ،‬أم أنه عبارة عن اإلدراك‬
‫واالستيعاب الذهني للظواهر الموضوعية‪ ،‬بحيث ينعدم الجمال مع عدم وجود مثل هذا اإلدراك؟ أم أنه حقيقة موضوعية‬
‫عينية يعد إدراكها نوعاً من الجمال المتصل بالشهود أو الذوق أو الشعور الخاص بالذهن اإلنساني؟‬

‫إذن هناك ثالثة آراء مهمة على هذا الصعيد‪:‬‬

‫األول‪ :‬الجمال ظاهرة عينية وموضوعية تحظى بقبول الذهن‪ ،‬وال دور للذهن اإلنساني سوى عكس أو إبراز هذه‬
‫الظاهرة‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬الجمال عبارة عن التلقي واإلدراك الذهني للظواهر الموضوعية‪ ،‬وال وجود للجمال في حالة عدم توفر الذهنية‬
‫المدركة‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬الجمال ذو قطبية ثنائية‪ ،‬أي أنه ظاهرة مرتبطة بقطبي داخل الذات وخارج الذات‪.‬‬

‫ويأخذ بعض المفكرين بالرأي األول‪ ،‬ويعتقدون أن الذهن اإلنساني في تعامله مع الجمال أشبه بالمرآة التي ال تعكس‬
‫سوى الجسم الموضوع أمامها!‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫في حين وقف آخرون في الجهة المضادة بالضبط‪ ،‬فقالوا‪ :‬الجمال ال يوجد سوى في داخلنا‪ ،‬أما خارج ذواتنا فليس‬
‫هناك جمال أو قبح!‬

‫وإذا أخذنا بهذا الرأي فال يمكن قبول الرأي القائل أن العالم الطبيعي صورة لمدركاتنا‪ ،‬الن حقائق العالم الموضوعية‬
‫موجودة سواء أدركناها آم لم ندركها‪ .‬ومن أفراد هذه المجموعة يمكن اإلشارة إلى «بي برغاستاال» الذي يقول‪« :‬ال يوجد‬
‫الجمال إال في وجودنا‪ ،‬وكلما كان غنياً وكلياً‪ ،‬كان شديداً أيضاً‪ .‬فالجمال مجرد شعور حساس بمظاهر الجمال‪ ،‬كما أنه‬
‫ليس سوى قوة واستغناء يتمتع بهما طبعنا»‪.‬‬

‫واالنتقاد الموجه للرأي األول هو‪ :‬لو كان الجمال عبارة عن ظاهرة موضوعية تحظى بقبول الذهن‪ ،‬وليس لهذا الذهن‬
‫اي دور فيها سوى عكسها‪ ،‬فكيف نعلل اللذة الناجمة عن إدراك الجمال؟‬

‫فالشعور بلذة الجمال يدل على وجود اتصال ما وراء اتصال االنعكاس الذهني المجرد بين الجمال وذهن ونفس‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫شل سائر نشاطاتنا‬


‫ألم يشعر كلٌّ منا كيف يؤثر الجمال على نفوسنا في بعض األحيان بحيث نفقد صوابنا‪ ،‬أو يؤدي إلى ِّ‬
‫الذهنية للحظات أو ساعات؟ أو إلى تحريك دماغنا وتنشيطه بحيث تذوب األسئلة التي ربما شغلته لسنوات طويلة كذوبان‬
‫الجليد بفعل حرارة الشمس؟‬

‫وحينما نقف أمام الجماالت‪ ،‬قد يصبح بإمكاننا تفسيرها إلى حد ما وتبيان أسبابها وتأثيراتها على الذهن والنفس‪ ،‬واللذة‬
‫التي تمنحها لنا‪ .‬وفي هذا التفسير والتعليل نفيد بشكل رئيس من محتويات نفوسنا‪ .‬السنا عندما نشاهد مظهراً أفقيا مفتوحاً‪،‬‬
‫نلجأ بشكل عفوي إلى استعراض المسار الحياتي الذي نمر به‪ ،‬ونتلذذ به؟‬

‫تجسد أهدافنا المعقولة ولهذا ال يمكن للرأي‬


‫وعلى صعيد آخر فإن مجموعة كبيرة من الجماالت‪ ،‬هي الجماالت التي ّ‬
‫األول أن يقدم تفسيراً صحيحاً للجمال‪.‬‬

‫أما الرأي اآلخر الذي يرى الجمال عبارة عن التلقي والفهم الذهني للظواهر الموضوعية‪ ،‬فأصحاب هذا الرأي ينكرون‬
‫موضوعية الجمال كمظهر وتجسيد للجمال‪.‬‬

‫والرد على هذا الرأي واضح‪ ،‬ألن دعاته يقولون لو أننا عرفنا النفس اإلنسانية فال حاجة إلى علم الجمال وسيغنينا علم‬
‫النفس عنه‪ ،‬وهذا أمر ال يختلف احد في خطئه‪.‬‬

‫الموجه لهذا الرأي هو‪ :‬لماذا تقوم كافة التيارات والمظاهر الطبيعية واإلنسانية بإثارة شعورنا أو شهودنا‬
‫ّ‬ ‫واالنتقاد اآلخر‬
‫وتذوقنا للجمال وإشباعه؟ ولماذا تبدو الجماالت بأشكال ونوعيات مختلفة بحيث يترك كل شكل ونوعية لوناً خاصاً من‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(4‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫التأثر واللذة فينا؟‬

‫والرأي اآلخر القائل بأن الجمال حقيقة ثنائية القطب‪ ،‬وأن مظاهر الجمال ال تختلف عن باقي الحقائق والظواهر الطبيعية‬
‫سواء كان هناك إنسان يراها ويتلذذ بها‪ ،‬أم لم يكن‪ ،‬فمن المؤكد أن الحيوانات ال تتلذذ برؤية الجمال الطبيعي أو‬
‫األخرى‪ً ،‬‬
‫الفني‪ ،‬وال تبدي ردود الفعل الذهنية والنفسية التي نبديها نحن بني اإلنسان‪ ،‬فالحيوانات حينما تشاهد أجمل الورود‪ ،‬فإنها‬
‫تدير ظهرها لها بمجرد أن تدرك أنها ال تصلح طعاماً لها‪ ،‬وتنطلق باتجاه األحراش والعواسج‪ .‬فلماذا يدرك اإلنسان الجمال‬
‫بذهنه ونفسه ويتلذذ به؟‬

‫وبغض النظر عن الذهن والروح‪ ،‬فلو لم يكن للحقيقة وجود‪ ،‬النتفى موضوع الجمال أيضاً‪ ،‬حتى ولو ُوجد اإلنسان‪،‬‬
‫وكان على أعلى درجات الشعور واإلحساس من حيث الفهم الذهني والتلقي النفسي‪.‬‬

‫ولو افترضنا أن اإلنسان يتلذذ باألفكار التي تسري في ذهنه‪ ،‬فمن الطبيعي أن المدرك في هذه الظاهرة النفسية يختلف‬
‫المدرك‪ ،‬بل حتى الفنان الذي يلقي نظرة على أثره الفني‪ ،‬فإنه يدرك جمال أثره العيني بشكل يختلف عن إدراكه الذاتي‪.‬‬
‫عن َ‬

‫وهناك ثالثة عناوين قد يحصل خطأ لدى بعض المفكرين في فهمها ال يتمكنون في إنقاذ أنفسهم منه وهي‪:‬‬

‫األمر األول‪ :‬أصالة قطب داخل الذات في مفهوم الجمال‬

‫وكما أشرنا من قبل ليس هناك من شك انه لو لم يكن للـ «أنا» وجود بظروفها الذهنية والنفسية الخاصة‪ ،‬لما كان وجود‬
‫للشعور بالجمال والتأثر به‪ .‬فالجمال ال مفهوم له كحقيقة بالنسبة لنا بدون ارتباط المنظر بقطب داخل الذات‪ .‬ولهذا فان‬
‫الذهن البشري في مفهوم الجمال يتمتع باألصالة باعتباره احد األساسين أو القطبين‪ .‬غير أن اإلفراط على هذا الصعيد اي‬
‫اعتبار كل ما موجود هو القطب الذاتي والذهن البشري سيحول علم الجمال آخر المطاف إلى علم النفس‪.‬‬

‫األمر الثاني‪ :‬نسبية الجمال‬

‫وتنبع هذه النسبية من مصدرين مهمين‪:‬‬

‫األول‪ :‬المظهر الموضوعي خارج الذات‬

‫فمن المؤكد أن باقة الورد البسيطة ذات اللون البسيط العادي‪ ،‬تختلف عن باقات الورد ذات األلوان الزاهية الجميلة‬
‫التي البد وان يكون جمالها أعظم وأروع بكثير من الباقة األولى‪ .‬كما أن الصوت الهادئ الذي يبعث االرتياح في نفس‬
‫السامع يختلف هو اآلخر عن اإليقاع المتزن الذي البد وان يكون أجمل من األول‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬الظروف الذهنية والنفسية أثناء التعامل مع الجمال‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(5‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫فنسبية تلقي الجماالت وإدراكها‪ ،‬قضية بديهية وواضحة على ضوء طبيعة قطب الذات الداخلي وتنوع الثقافات‬
‫ومختلف الظروف المؤقتة والدائمية األخرى‪.‬‬

‫األمر الثالث‪:‬‬

‫عندما تُطرح علينا حقيقة ما على أساس أنها حقيقة جمالية‪ ،‬فهل أن أبعادها الجمالية تقتصر فقط على ما طُرح علينا‪،‬‬
‫ونعتبرها جميلة على هذا األساس فحسب‪ ،‬آم أن الجمال حقيقة تقودنا إلى حقيقة أخرى؟ أي هل لنا أن نقف عند حدود‬
‫تلك الحقيقة الجميلة ونعتبرها الهدف النهائي لذلك المظهر الذي عُ ِرض علينا؟‬

‫بعبارة أخرى‪ :‬هل يحق لذهننا أو هل يستطيع أن يجتاز ذلك المظهر إلى حقيقة أخرى ارفع وأكثر معقولية وأصالة من‬
‫األولى؟ وهل علينا أن نتلقى هذه الحقيقة الجميلة على أساس أنها رمز يخفي خلفه حقيقة أخرى؟‬

‫بعبارة أوضح‪ :‬هل الجماالت العينية رموز وظالل لحقائق تختفي خلف ستارات الجمال‪ ،‬وا ّن هناك حقيقة أخرى كامنة‬
‫خلف هذه المظاهر الجمالية؟‬

‫ويمكن أن ننسب بداية االهتمام بهذا األمر إلى «أفالطون» لقوله أن روح اإلنسان في عالم المجردات وقبل دخولها إلى‬
‫عالم الدنيا‪ ،‬كانت تشاهد حقيقة الجمال والحسن المطلق بدون حجاب‪ .‬وحينما تبصر الحسن الظاهري المجازي في هذه‬
‫الدنيا‪ ،‬تذكر الجمال المطلق الذي شاهدته من قبل‪ ،‬فتحزن لفراقه‪ ،‬وتتوق إليه‪ ،‬فتصبح أشبه بالطير الحبيس الذي يتطلع‬
‫لالنفالت من القفص [‪. ]1‬‬

‫وطبقاً لآلثار التي خلفها «أفالطون» فإنه يرى الجماالت المحسوسة في عالم الطبيعة ظالً ورمزاً للجمال المطلق‪ ،‬وليس‬
‫بإمكانها أن تشبع الشعور بالحاجة إلى الجمال لدى اإلنسان‪.‬‬

‫ويستدل «أفالطون» على مجازية وظليّة الجماالت بقوله‪" :‬لو قيل لك ما هو الجمال؟ ألشرت إلى زهرة وقلت‪ :‬هذه‬
‫جميلة‪ ،‬أو ألشرت إلى وجه جميل وقلت‪ :‬هذا جميل‪ .‬ومن الممكن أن تشير إلى منظر طبيعي أو إلى القمر‪ .‬نعم كل هذه‬
‫المظاهر جميلة‪ ،‬اي أنها مظاهر للجمال‪ ،‬إال انك لم تخبرني ما هو الجمال‪ .‬فأنا أسألك عن حقيقة الجمال ال عن مظاهر‬
‫يتجلى فيها‪ .‬فإذا كان الجمال في الزهرة فقط‪ ،‬فمن المحال أن يتجلى في شيء آخر كالقمر أو المنظر الطبيعي أو الوجه‬
‫الحسن‪ .‬وهذا يؤكد على أن الجمال حقيقة عامة‪.‬‬

‫كما يمكن االستدالل على وحدة حقيقة الجماالت من خالل وحدة الكلمة المستخدمة في كافة مظاهر الجمال‪ ،‬فإذا‬
‫كان الجمال خاصاً بنوع من المظاهر‪ ،‬فال معنى لتعميمه على مختلف األنواع واستعمال كلمة واحدة في كافة أنواعه‪.‬‬

‫ومن الممكن أن تعترض قائالً أن الجمال ليس حقيقة واحدة‪ ،‬بل هناك أنواع من الجماالت تظهر في األشياء؟!‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(6‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫وهنا يحق لنا أن نتساءل‪ :‬ما هو الدافع الذي يقودك للقول بأن الزهرة والوجه الصبوح والمنظر الطبيعي والليلة المقمرة‬
‫تشترك جميعها في صفة واحدة وهي صفة الجمال؟ أال يعني االعتراف بوجود اشتراك بين الجماالت أنك قد وجدت عامل‬
‫االشتراك الذي تتشابه فيه هذه المظاهر؟ فمن هو الذي جعل عامل االشتراك هذا مفهوماً ومقبوالً لديك؟‬

‫مما ال شك فيه انك لم تنتزع هذا العامل المشترك من المظاهر الموضوعية أو العينية‪ ،‬الن عينك لم تشاهد شيئاً في‬
‫الزهرة الجميلة يشبه ما هو موجود في الليلة المقمرة‪ .‬إضافة إلى ذلك أن التشابه بين األشياء ال يُدرك دون المقارنة بينها‪،‬‬
‫ومن الواضح أن المقارنة عمل ذهني وليس حساً طبيعياً‪ .‬ويجب أن نقول بالنتيجة أن ذهنك يحمل فكرة عامة عن الجمال‬
‫يقارن على أساسها بين األشياء خارج الذات واألشياء داخل الذات‪.‬‬

‫وإذا لم يكن للفكرة اي مدلول في العالم يمكن أن تُقارن به‪ ،‬فالجمال في هذه الحالة يُع ّد ظاهرة خيالية من نسج الذهن‪،‬‬
‫وهذا ما ينسجم مع الفلسفة السفسطائية التي تقول‪ :‬اإلدراك الشخصي لإلنسان هو مقياس لكافة األشياء في الكون‪ ،‬فكل ما‬
‫يراه جميالً فهو جميل‪ ،‬وكل ما يراه قبيحاً فهو قبيح‪ .‬وعلى هذا األساس ال يوجد اي طريق أمامنا سوى أن نقول‪ :‬فكرة‬
‫الجمال الموجودة في عقلنا تنطبق مع حقيقة واقعية خارج إطار ذهننا وعقلنا‪ .‬ويصح هذا التفسير على العدل والخير‪،‬‬
‫والبياض والسواد‪ ،‬وباقي الظواهر الكونية األخرى"‪]2[ .‬‬

‫وعلى صعيد آخر فان تحليل الجماالت الموضوعية ومن اي نوع كانت‪ ،‬ليس كافياً للتفسير النهائي‪ .‬فلو شرعت‬
‫بالبحث عن علة جمال شجيرة ورد من حيث الشكل واللون وطبيعة األوراق‪ ،‬فمن الممكن أن تحصل على أجوبة شبه شافية‬
‫في المراحل األولى من البحث‪ ،‬إال أن التفسير التحليلي ألي نوع من أنواع الجماالت ال يصل إلى تحديد العلل النهائية‬
‫حتى على يد األخصائيين في علم الجمال‪.‬‬

‫فأنت ما أن تشير إلى علة جمال اللون أو الشكل حتى يُطرح عليك سؤال حول هذه العلة‪ ،‬وربما يشير «صائب‬
‫التبريزي» إلى هذا المعنى في البيت التالي‪:‬‬

‫[‪]poem=2‬افتح العين لمشاهدة الصنع اإللهي وأغلق الشفة [‪]pline‬فاألفضل رؤية خط األستاذ بدالً من قراءته[‪/‬‬
‫‪]poem‬‬

‫ويتفق «هيغل» مع «أفالطون في رأيه بالجمال مع فارق واحد وهو أن هيغل يرى أ ّن كافة الجماالت تعبّر عن مثال واحد‬
‫(فكرة معقولة عامة)‪ ،‬في حين يعتقد أفالطون أن كل نوع من أنواع الجماالت‪ ،‬ظل أو تعبير عن مثال واحد (فكرة ما وراء‬
‫الطبيعة المعقولة)‪.‬‬

‫فيقول هيغل على هذا الصعيد‪« :‬الضياء المطلق من خلف حجاب عالم المحسوسات يسمى الجمال‪ .‬ويشترط في مفهوم‬
‫الجمال أن يكون موضوعه محسوساً‪ ،‬اي أن يكون حقيقة تستشعرها الحواس كالنصب أو المبنى أو اإليقاع المحبب‪ ،‬أو أن‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(7‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫يكون على األقل صورة ذهنية لشيء محسوس مثل ذلك الذي يصنعه الشعر‪ ،‬فالجمال ال يمكن أن يكون شيئاً تجريدياً‬
‫ومنتزعاً‪ .‬إذن فعين الجمال أو موضوعه هو الذي يطرح نفسه على الحواس فيتجلى للذهن أو الروح‪ ،‬ال ّن وجود الحس‬
‫الخفي ليس جماالً بذاته‪ ،‬وإنما يصبح جماالً حيثما يبصر الذهن شعاع ضياء المثال من خالله‪ .‬ولما كان المثال حقيقة مطلقة‬
‫فالبد أن تكون الحقيقة والجمال شيئاً واحداً ألنهما مثال واحد وان كانا متميزين في نفس الوقت»‪.‬‬

‫ويخلص «هيغل» إلى القول‪« :‬غير أن جمال الطبيعة يعاني من بعض النقائص والسلبيات‪ .‬فمن ضروريات عرض الجمال‬
‫الحقيقي‪ ،‬الالنهائية والحرية‪ .‬فمثال الفكرة الكلية مطلق ال ينتهي‪]3[.»...‬‬

‫ولو دققنا النظر في ما تحدث به «أفالطون» و «هيغل»‪ ،‬لوجدنا أنهما يتحدثان عن حقيقة يمكن أن نطلق عليها‬
‫«الحقيقة المطلقة»‪ ،‬ولن نجد بينهما تفاوتاً كبيراً في الرأي‪ ،‬ولظهر لنا أنهما يق ّدمان للجمال مفهوماً واحداً‪.‬‬

‫نُضيف إلى ذلك القول‪ :‬أن نظرية «هيغل» الجمالية تتفق في الواقع مع نظرية بعض أبرز فالسفة وشعراء المسلمين‪،‬‬
‫كالشاعر العارف «جالل الدين الرومي» المعروف بالمولوي‪ ،‬التي ترى أن مظاهر الجمال هي مظاهر للجمال اإللهي‬
‫المطلق‪.‬‬

‫وال يراد في ذلك أن جماالت الطبيعة أو الفن شبيهة بالجمال المطلق اإللهي‪ ،‬بل المقصود أن الجمال نموذج من‬
‫الكمال المطلق الجامع لكافة الصفات اإللهية‪.‬‬

‫وليس هناك شك في أن استدالل «أفالطون» و «المولوي» على رفض النمط الفكري القائل بأن الجمال ظاهرة‬
‫موضوعية بحتة ندركها بحواسنا‪ ،‬استدالل رصين غير قالللرفض وذلك‪:‬‬

‫‪ .1‬أن تنوع الجماالت كبير إلى درجة أن البحث عن التشابهموضوعي بين هذه األنواع يعد أحد األعمال التي ال معنى‬
‫لها‪ .‬فعلى حد تعبير «أفالطون»‪ :‬ما هو وجه الشبه بين الليلة المقمرة‪ ،‬وبين الزهرة القهوائية التي زينها عدد كبير من النقاط‬
‫البيضاء؟ وما هو وجه الشبه بين جمال وجه اإلنسان و ريش الطاووس؟‬

‫‪ .2‬أن كل ما هو محسوس يقع ضمن حركة التحوالت الذاتية والظاهرية‪ ،‬وليس له من عودة أبداً‪ ،‬بل وال يمكن له أن‬
‫يتكرر أيضاً حتى في مكان واحد وزمان واحد‪ .‬إذن ما هي علة إدراك وقبول الجميع للمفاهيم التي تطرح كحقائق وقوانين‬
‫عامة وثابتة عن الظواهر داخل وخارج الذات؟‬

‫ويمكن أن يكون استدالل «أفالطون» و «المولوي» إجابة على مثل هذه التساؤالت‪ ،‬غير أن هذا االستدالل ال يلزمنا‬
‫بشكل قاطع بقبول األفكار العامة الثابتة (أي مثل حقائق ما وراء المحسوس) في عالم خارج الذات‪ ،‬بل ويمكن أن يطرح‬
‫أمامنا ثالثة مواضيع أخرى‪:‬‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(8‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫الموضوع األول‪:‬‬

‫وجود حقائق في داخل الذات‪ ،‬تصل إلى مرحلة العقلية‪ ،‬من خالل تزايد األفكار والتجارب المفيدة واإلخالص في فهم‬
‫الجمال وأهدافه المعقولة‪.‬‬

‫والبد أن تتفتح األزهار الجميلة في داخل النفس اإلنسانية عند تعاظم المشاعر الفكرية العليا‪ ،‬وهذا ال يعني أن زهرة‬
‫العالم العيني‪ ،‬من صنع ذات اإلنسان‪ ،‬بل أن النفس اإلنسانية تتصف بجوهر الجماالت وتمتزج بالجمال‪.‬‬

‫الموضوع الثاني‪:‬‬

‫الوجود الحقيقي للجماالت في العالم وجود موضوعي عيني‪ ،‬يؤدي إلى إشاعة الهدوء في النفس اإلنسانية‪ ،‬وقد جعل اهلل‬
‫هذه الحقائق في نظام الوجود انطالقاً من حكمته البالغة‪ ،‬فتعمل على الح ّد من خشونة المادة التي ال تكثرت قوانينها بالنفس‬
‫اإلنسانية‪ ،‬والتي تطبق امتداداتها على عالم الطبيعة‪ ،‬ولوال جماالت عالم الوجود‪ ،‬لجعلت خشونة المادة وال أبالية قوانينها‬
‫التي تعرقل نفوذ الروح وعبورها من الحياة مرحلة ال تطاق‪.‬‬

‫ولو تفحصنا الوضع النفسي ألولئك الذين ال يشعرون باللذة والراحة في عالم الطبيعة‪ ،‬لوجدناهم ممن ألغى شعور البحث‬
‫عن الجمال‪ ،‬أو أن العوامل البيئية واالجتماعية القاهرة هي التي أبطلت مفعول هذا الشعور‪.‬‬

‫وفي عصرنا الراهن ضغطت الماكينة الال واعية بمختلف أنواعها على اإلنسان الواعي‪ ،‬ولهذا فان موضوع عالقة اإلنسان‬
‫بالجماالت‪ ،‬يعد أحد العوامل المهمة جداً في نضارة وغضاضة الحياة‪ ،‬ال سيما جماالت الطبيعة وجماالت األهداف‬
‫والشعارات المعقولة‪.‬‬

‫وقد أُقصي اإلنسان إلى حد ما عن هذين النوعين من الجماالت بفعل قسرية الحياة الميكانيكية‪ ،‬ولهذا اكتنف حياة‬
‫الناس شعور بالخوائية والعبثية إلى درجة أدى إلى ضعف الطاقة الحياتية التي تع ّد أقوى الطاقات‪.‬‬

‫مما سبق‪ ،‬يتلخص مفهوم الجمال في‪ :‬أن الحكمة اإللهية البالغة قد أوجدت ذلك المقدار العظيم من المظاهر الجمالية‬
‫في كيان الطبيعة‪ ،‬من أجل إشاعة الهدوء في النفس اإلنسانية واستمرار الحياة‪ .‬كما أنه تعالى أوجد استعداد التجميل لدى‬
‫اإلنسان فيقوم بصناعة زجاجات ملونة وشفافة في سجن الحياة الكبير‪ ،‬فيجعل من هذا السجن قابالً للتحمل والعيش‪.‬‬

‫الموضوع الثالث‪:‬‬

‫اإلنسان ومن خالل عالقته بالجماالت‪ ،‬يدرك أن خالق الوجود ليس موجداً صانعاً محضاً للوجود‪ ،‬بحيث يقتصر على‬
‫إيجاد الكائنات وتحريكها‪ ،‬ثم يدعها وشأنها‪ ،‬فيحصل الناس خالل م ّد الحياة وجزرها على المعارف ويعطلون استعداداتهم‬
‫المتنوعة بحفنة من الخيال والوهم‪.‬‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(9‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫بل أن اهلل تعالى قد جعل القوانين واألصول في العالم طريقاً لمعرفة حكمته‪ ،‬وجعل شعور البحث عن الكمال لدى‬
‫اإلنسان طريقاً لمعرفة الكمال والدوران في مداره‪ ،‬وجعل الجماالت عامالً لسروره وبهجته الداخلية كي يصبحوا عبر هذا‬
‫الطريق ضمن مجال الجاذبية اإللهية المطلقة‪.‬‬

‫وتذكر اهلل في الحقيقة‪ ،‬يعني تذكر حكمة اهلل وكماله وجماله المطلق‪ ،‬مما يدفعه للحركة ضمن مدار جاذبيته‪.‬‬

‫وذلك الذي ال يحركه الكمال والجمال اإللهي نحو النمو والتسامي الروحي‪ ،‬فليس بمقدور النظام وقانون عالم الوجود‬
‫الرفيع أن يرشده نحو الحكمة الربانية‪.‬‬

‫والبد من اإلشارة إلى نقطة في غاية األهمية وهي انه ال يمكن إدراك مظهر الفكرة المطلقة على حد تعبير هيغل‬
‫والمعشوق الجميل المطلق على حد تعبير المولوي في مظاهر الجمال المحسوسة أو القضايا المعقولة بدون تنقية النفس من‬
‫األدران والتلوثات الحيوانية والخروج من مستنقع العالقات المحدودة والمحددة للفكر والشهود الجمالي‪.‬‬

‫وهذه ليست نصيحة أخالقية محترفة كما يتصور بعض الكتاب‪ ،‬وإنما لما كان من العسير على العقل اإلنساني ادارك‬
‫القانون العام للعلوم بدون التخلص من مخالب المحسوسات المتغيرة واألهواء غير المنطقية‪ ،‬كذلك ال يمكن للذهن‬
‫البشري إدراك مظهر الفكرة المطلقة والكمال المطلق بدون تصفية النفس وتنقيتها‪.‬‬

‫فما دام المرء يغوص في مستنقع الذاتية‪ ،‬فليس بإمكان اي ظاهرة وقانون في إطار الوجود أن ينقذه من أطر مواقفه‬
‫الخاصة وأالعيب حواسه الطبيعية المحضة‪ ،‬واالرتفاع به إلى الذرى التي يلمح من خاللها عظمة النظام والقانون والوجه‬
‫الرياضي للوجود!‬

‫كما ليس بإمكان تغاريد الطير الجميل‪ ،‬والليلة المقمرة‪ ،‬والسماء الزرقاء بنقاطها الذهبية‪ ،‬أن تحلّق به في الفضاء‬
‫العلوي‪ ،‬كي تداعب أنوار الجمال المطلق بصيرته‪ ،‬ويطّلع على فظاظة المادة وال أبالية قوانينها ومظاهرها القبيحة!‬

‫فما دام المرء ينسج نماذج وأنماط القبح والجمال والقيم والال قيم واللذة والحزن من خيوط أهوائه ومعلوماته الناقصة‪،‬‬
‫ويفسر جماالت الوجود بشكل قاطع وجذري؟‬
‫فكيف بإمكانه أن يدرك جمال اهلل ّ‬

‫وكيف يمكن تصور أن ينظر اإلنسان الشيطاني إلى السماء الزرقاء كما ينظر إليها اإلنسان اإللهي فتضفي دموع الشوق‬
‫إلى الجمال على وجهه جماالً أروع من جمال السماء؟‬

‫ومن أجل إدراك الجمال العلوي في هندسة الوجود‪ ،‬ال ب ّد من تحول استعداد مشاهدة الجمال الموجود في ذات‬
‫اإلنسان من حالته الكامنة إلى الحالة المتحركة‪.‬‬

‫[‪ ]1‬سير الحكمة في أوروبا‪ ،‬فروغي‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.20‬‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(10‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬


‫[‪ ]2‬قصة الفلسفة اليونانية والوسطى والحديثة‪ ،‬احمد أمين‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.162 - 161‬‬

‫[‪ ]3‬فلسفة هيغل‪ ،‬و‪ .‬ت‪ ،‬استيس‪ ،‬ترجمة الدكتور عنايت‪ ،‬ص ‪.617‬‬

‫* مالحظة‪ :‬اآلراء الواردة تعبر عن رأي صاحبها وال تعبر بالضرورة عن رأي المؤسسة‪.‬‬

‫‪SITE: WWW.ALDHIAA.COM‬‬ ‫)‪(11‬‬ ‫‪EMAIL: INFO@ALDHIAA.COM‬‬

You might also like