Professional Documents
Culture Documents
com/node/10907
يمنيون يشاركون في االحتجاجات المطالبة بتنحي صالح في صنعاء امس (هاني محمد
-أ ف ب)
جمانة فرحات
أثار تقلّب موقف الرئيس اليمني علي عبد هللا صالح ،خالل األسابيع القليلة الماضية،
تجاه المبادرات المطروحة لحل األزمة اليمنية ،تساؤالت بشأن وجود خالفات بين
األشخاص المحيطين به ،ما ينعكس تضاربا ً في موقفه .فهو تار ًة يبدي موافقته على
ترك السلطة ،وتارة أخرى يعلن تمسّكه بها ،واضعا ً الوسطاء الذين يحاولون التوصل
إلى اتفاق بينه وبين المعارضة أمام مأزق.
عزز الشكوك في وجود صراع أجنحة فهم ال يفهمون ما يريده صالح بالتحديد ،ما ّ
داخل القصر الرئاسي ،تتقدم فيه أصوات الرافضين ألي تسوية تبعد صالح عن منصبه،
بعدما تك ّفلت سنوات حكم الرئيس الطوال بانكفاء عدد كبير من العقالء من حوله ،ليُفسح
المجال أمام مجموعة جديدة من الشخصيات التي عملت على تعزيز وجودها إلى جانبه.
أظهرت البرقيات التي سرّ بها موقع «ويكيليكس» أن هذه الشخصيات كانت موضع
تدقيق من قبل السفارة األميركية في صنعاء ،بعدما كشفت عن تخصيص السفير
األميركي السابق ،ستيفن سيش ،ثالث برقيات للحديث عن عملية اتخاذ القرار في
اليمن ،واألشخاص الذين يستمع إليهم علي عبد هللا صالح قبيل اتخاذه أي قرارات على
الصعيدين السياسي واالقتصادي.
والبرقيات الصادرة بين كانون الثاني 2007وآذار ،2008تحت عنوان «لمن يصغي
الرئيس اليمني» ،سعت إلى تصنيف المقرّ بين من علي عبد هللا صالح ،وتحديد من منهم
يملك قدرة على التأثير في صناعة القرارات T،ومن ينحصر دوره في تطبيق هذه
القرارات.
وعلى الرغم من أن الثورة اليمنية تك ّفلت بإبعاد بعض الشخصيات المذكورة في
البرقيات عن الرئيس اليمني ،فإن مضمون ما تكشفه البرقيات يشير بوضوح إلى أن
الرئيس اليمني الذي وصف بأنه «دعامة المسرح السياسي منذ عام »1978لطالما
كان محاطا ً بمروحة من األشخاص ،تختلف أدوارهم حينا ً وتتضارب أحيانا ً أخرى ،ما
يسهم في ضياع عملية صنع القرار ،وتحديداً عندما ترتبط المسألة بالسياسة الخارجية
لليمن ،وخصوصا ً أن معظم الذين آثروا البقاء حوله يفتقدون الخبرة الكافية.
وأوضحت البرقية األولى (] )07SANAA2196 [1أن مستشاري صالح ينقسمون
يمثلون دائرة الرئيس الضيّقة ،وآخرين عرضيين ،أي «مطلعين جداًّ ،
ّ إلى فئتين ،بين
متخصصين في قضايا محددة فقط».
ووفقا ً للبرقية ،فإن الدائرة الضيقة هي التي تتولى تقديم المشورة للرئيس في مختلف
القضايا ،من االقتصاد إلى اإلصالح والشؤون األمنية ومكافحة اإلرهاب ،ويسيطر
عليها أفراد من العائلة ومن سمّتهم رفقاءه «السنحايين» ،يستمع إليهم علي عبد هللا
صالح أكثر من أي شخص آخر.
وتنقل البرقية عن عدد من مصادر السفارة قولهم إن هذه الدائرة تضم نجل الرئيس
وقائد الحرس الجمهوري أحمد علي عبد هللا صالح ،ابن شقيقه يحيي عبد هللا صالح
رئيس أركان قوات األمن المركزي ،وكيل جهاز األمن القومي عمار محمد عبد هللا
صالح ،قائد المنطقة الشمالية علي محسن األحمر الذي أعلن أخيراً انضمامه إلى الثورة
اليمنية ،قائد المنطقة الجنوبية مهدي مقوله ،وقائد المنطقة الشرقية محمد علي محسن.
وأوضحت البرقية أن الرئيس اليمني يعتمد على هؤالء األشخاص لضمان سلطاته في
مختلف أرجاء اليمن ،وبنا ًء على ذلك جرى تسليم هؤالء األشخاص أدواراً قيادية في
أجهزة البالد العسكرية واالستخبارية.
وعدم ثقة صالح سوى بأفراد عائلته يفسّر من وجهة نظر فارس السقاف ،الذي كان
عضواً في حزب المؤتمر الشعبي العام ،بقيام علي عبد هللا صالح بإنشاء مكتب األمن
القومي ،وتعيين ابن شقيقه وكيالً له بهدف ضمان أن الرئيس يستطيع الحفاظ على
سيطرته المطلقة على النشاطات األمنية ومكافحة اإلرهاب في كافة أنحاء اليمن.
أما علي محسن األحمر ،فأوضح السقاف أن دوره المركزي يقتصر على الشؤون
المرتبطة بمحافظة صعدة ،ولكنه حذر في الوقت نفسه من االستخفاف بتأثيره في
القضايا األمنية في الجنوب وفي عمليات مكافحة اإلرهاب في الشرق.
وإضافة إلى الدائرة الضيقة ،أوضحت البرقية أن صالح يستشير عدداً آخر من
المتخصصين ،وغالبا ً ما يلجأ إلى اجتماع متعلق بنقاط اختصاصاتهم ،يلتمس مشورتهم
في القضايا ،ومن ثم يقرر أي وجهة سيسلك.
وفي السياق ،ع ّدد سعد الدين طالب ،وهو عضو سابق في المؤتمر الشعبي العام،
مجموعة من المستشارين الرئيسيين لصالح ،من بينهم الشيخ ناجي شايف الذي وُ صف
بأنه المستشار الرئيسي لصالح في قضايا القبائل منذ غياب الشيخ عبد هللا األحمر عن
المشهد السياسي اليمني ،بسبب المرض في عام ،2006بعدما كان صالح يستشيره في
العالقات مع السعودية وعدد آخر من القضايا اإلقليمية.
كذلك لفت السقاف إلى دور رئيس مجلس الشورى ،عبد العزيز عبد الغني ،معتبراً أنه
من بين أبرز مستشاري صالح في القضايا االقتصادية واإلدارية ،ومن بين قلة من
التكنوقراط الذين يستمع إليهم الرئيس اليمني.
أما رئيس مجلس الوزراء السابق عبد القادر باجمال فيوصف ،وفقا ً لطالب ،بأنه
«متخصص في التعامل مع المعارضة» ،فيما نائب األمين الحالي للحزب الحاكم
ورئيس كتلته البرلمانية ،سلطان البركاني ،أحد أهم مستشاري الرئيس اليمني للقضايا
اإلعالمية.
كذلك يعتمد صالح وفقا ً للسقاف على باجمال للمساعدة في التأكد من امتثال محافظة
حضرموت للحكومة المركزية والحفاظ على النظام ،على غرار شبكة من الحلفاء
موزعين على عدد من المحافظات ويستعين بهم صالح لتعزيز بعض مظاهر السيطرة
خارج العاصمة صنعاء ،في محاولة للتخفيف من التحديات التي تفرضها جغرافيا
اليمن ،والتركيبة القبلية.
أما في عدن ،فتشير البرقية إلى عبد هللا غانم على أنه حليف صالح األقرب ،فيما يتولى
كل من رئيس الوزراء علي مجور ونائب الرئيس عبد ربه منصور هادي أداء الدور
نفسه في محافظتي شبوة وأبين .ووفقا ً للسقاف ،هؤالء األشخاص لديهم القليل من التأثير
على اتخاذ القرار ،وهم فقط يتل ّقون األوامر من الرئيس اليمني ويسعون إلى تنفيذها.
نظراً إلى كون العديد من الدول األوروبية دوالً مانحة لليمن ،تظهر البرقيات أن وزاة
التخطيط والتعاون الدولي تؤدي دوراً محوريا ً في صياغة سياسة الحكومة اليمنية تجاه
االتحاد األوروبي.
وحدد السكرتير األول في السفارة الدنماركية ،ميشيل فان كامبن ،نائب رئيس الوزراء
ووزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الكريم إسماعيل األرحبي العبا ً رئيسيا ً في مسائل
االتحاد األوروبي ،إلى جانب نبيل شيبان الذي يتولى مكتب الشؤون األوروبية
واألميركية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
وبينما لفت كامبن إلى أن وزير الخارجية أبو بكر القربي هو أحد المؤثرين على
الرئيس في قضايا السياسة الخارجية تجاه االتحاد األوروبي ،رأى أحد الدبلوماسيين
البريطانيين أن صالح ال يلجأ إلى القربي إال في المواضيع Tالتي ال يفهمها.
في الشأن الفلسطيني ،توضح البرقية أن المؤثرين على صالح في هذا الموضوع هما
صالح نفسه والشارع اليمني .وفي السياق ،تحدث نائب رئيس البعثة الفلسطينية ،فايز
عبد هللا جواد ،عن وجود سببين الستمرار الرئيس اليمني في جهود الوساطة مع
الفلسطينيين ،أحدهما إدراك صالح لمشاعر التأييد القوية للفلسطينيين بين المواطنين
اليمنيين ،وهو يرى أن من مصلحته أن يميّز بطالً للقضية الفلسطينيةT.
وأضافت البرقية ،يبدو أن صالح يأمل أن يُنظر إليه على أنه قائد إقليمي ،ويعتقد أن
القضية الفلسطينية تمنحه المسرح المثالي للقيام بهذا األمر .وهو ما أكده نائب قسم
الدول العربية في وزارة الخارجية ،حسن علي عليوة قائالً« :كيف يمكن الحكومة أال
تستجيب لمشاعر الناس».
تقدم البرقية (] )08SANAA46 [3المزيد من التفاصيل بشأن من يؤثر على الرئيس
في القضايا االقتصادية .وتنقل البرقية عن أستاذ االقتصاد في جامعة صنعاء ووزير
المال السابق ،سيف األصيلي ،أن دور الرئيس Tاليمني أصبح غير فعّال في اإلصالح
منذ منتصف عام ،2006بعدما تنازل علي عبد هللا صالح عن سلطات اتخاذ القرار في
ضالً تركيز اهتمامه على قضايا الجنوب، موضوع اإلصالح إلى نجله أحمد علي ،مف ّ
اإلرهاب وصعدة ،ليقتصر دوره على التصديق على القرارات عندما تمرّ ر إليه.
وتأسيسا ً على ذلك ،أوضح األصيلي أن نجل الرئيس اليمني يعتمد بدوره على مجموعة
من التكنوقراط ،بينهم وزير التخطيط والتعاون الدولي ونائب رئيس الوزراء لإلصالح
االقتصادي عبد الكريم إسماعيل األرحبي ،ونائب وزير المال للعالقات المالية جالل
يعقوب ،بسبب النقص في الخلفية المالية واالقتصادية.
وأعرب األصيلي عن اعتقاده أن أحمد علي غير منخرط في اإلصالح سوى باالسم
فقط ،وعلى نحو رئيسي من أجل خدمة طموحاته السياسية ،انطالقا ً من االعتقاد أن
الجهود اإلصالحية الناجحة ستساعده على نيل دعم دولي ومحلي.
كذلك ذكر األصيلي عبد العزيز عبد الغني من بين األشخاص المؤثرين Tاقتصادياً ،إلى
جانب كل من المدير العام للعالقات المالية الخارجية في وزارة المال طارق الشرفي،
وعضو مجلس الشورى عالوي السالمي .وبعدما نسب جالل يعقوب إلى أحمد سوفان
الفضل في إقناع الرئيس اليمني ونجله أحمد علي بإحياء جهود اإلصالح في عام
،2005أوضح أن تأثير سوفان تضاءل في أعقاب تركه لمنصبه غداة التغيير
الحكومي في عام ،2006في مقابل تعاظم تأثير األرحبي .وفي المحصلة ،تشير
البرقية إلى أن الرئيس اليمني غير مهتم باإلصالح في اليمن بقدر انشغاله
باالضطرابات في الجنوب ،صعدة واإلرهاب .كذلك تجمع مصادر السفارة على أن أنه
ال أصوات قوية تنادي باإلصالح داخل الحكومة اليمنية ،بمن فيهم أحمد علي عبد هللا
صالح واألرحبي.
وتؤكد المصادر أن هؤالء األشخاص ومن يدعمهم ،يبذلون جهوداً شكلية مرتبطة
باإلصالح ،بغرض استرضاء المجتمع الدولي المانح ،فيما ال أحد من هؤالء يُنظر إليه
على أنه متفان لإلصالح ،وجميعهم يُنظر إليهم على أنهم يركزون على قضايا أخرى،
دافعين جهود اإلصالح إلى الخلف .من جهتها ،علّقت السفارة على الخالصات التي
توصلت إليها مصادرها ،معتبر ًة أن أي فشل لألرحبي في الدفع باإلصالح مر ّده إلى
نقص الدعم وليس نقص في االلتزام من جانبه ،مشددة على أن ترجمة األرحبي تفانيه
من أجل إصالح حقيقي جرى تحديها ،نظراً إلى سلبية الحكومة اليمنية تجاه اإلصالح
االقتصادي.
عربيات
العدد ١٣٩٨االربعاء ٢٧نيسان ٢٠١١
اليمن []4