You are on page 1of 15

‫‪1‬‬

‫اإلسالم وأمريكا‬
‫عالقة السيف يصنعها‬
‫بقلم الشيخ ؛ عمر بن حممود أبو عمر ؛ أبو قتادة الفلسطيين‬

‫ما كادت أمريكا تستفيق من نشوهتا املطربة حني ختلّصت من شيطاهنا األكرب‬
‫حّت كانت تعيد ترتيب سلّم‬‫يسمي االحتاد السوفيايت‪ّ -‬‬‫الشيوعي ‪-‬كما كان حيلو لريغان أن ّ‬
‫األعداء يف قوائمها‪ ،‬فبعد أن َه َذى "فرانسيس فوكوايما" رجل اإلدارة األمريكي اجلنسية‬
‫الياابين األصل من ش ّدة هذه النشوة وأطلق نظريّة هناية التاريخ ‪ -‬وهي تعين أ ّن صراع‬
‫احلضارات قد ُح ِسم هنائياً واترخييّاً إىل األبد لصاحل الرأمسالية وزعيمتها الوالايت املتّحدة‬
‫حمّب الفكر والفلسفة واحلكمة‬
‫األمريكية‪ -‬وت ّبني أ ّن هذه النظرايت السخيفة إّّنا تطلق ملداعبة ّ‬
‫النظرية وليس لرجل سياسي دهقان يشغله الواقع وينشغل به‪.‬‬

‫بكل وضوح وجالء وبسابق معرفة لرتكيبة العامل واترخيه‬‫حينها أعلن هذا ال ّدهقان ّ‬
‫عدواً كامناً يف الرماد‪ ،‬حيضر نفسه لإلنطالق‪ ،‬وحيمل شعلة‬ ‫وواقعه ومستقبله أ ّن هناك ّ‬
‫اخلصومة للغرب وأمريكا‪ ،‬ويف داخله عوامل القوة الكافية للتح ّدي ودوام الصراع‪ ،‬هذا اخلصم‬
‫هو اإلسالم‪.‬‬

‫نعم؛ "فرانسيس فوكوايما" يعلن هناية التاريخ وسكوت صوت املدافع‪ ،‬فقاعة سالم‬
‫حمليط العامل املخدوع واحلامل والرئيس األمريكي السابق ريتشارد نيكسون حي ّذر من نشوة‬
‫يسمي كتابه‪ ،‬يقول ابحلرف الواحد ‪( :‬إ ّن اإلسالم‬
‫النسيان ويدعو إىل "اقتناص اللحظة" كما ّ‬
‫ّنو ّقوته املالية سوف‬
‫ّنو عدد أتباعه و ّ‬
‫اصة‪ ،‬وإ ّن ّ‬
‫متعصبة ومرت ّ‬
‫ّ‬ ‫سوف يكون ّقوة جغرافية‬
‫ملف جديد مع موسكو من أجل‬ ‫يفرضان حت ّدايً رئيسيّاً‪ ،‬وإ ّن الغرب سوف يضطر لتشكيل ّ‬
‫مواجهة عامل إسالمي ٍ‬
‫معاد وعنيف‪ ...‬إ ّن املسلمني ينظرون إىل العامل على أنّه يتألّف من‬
‫معسكرين ال ميكن اجلمع بينهما؛ دار اإلسالم ودار احلرب)‪.‬‬

‫مثّ يقول‪( :‬يوجد يف العامل اإلسالمي عامالن اثنان مشرتكان فقط‪ :‬مها الدين‬
‫اإلسالمي واالضطراب السياسي)‪.‬‬

‫سياسي خمضرم‪ ،‬ويقوله دارس يق ّدم نصائحه لصنّاع السياسة وهو‬


‫ّ‬ ‫هذا يقوله‬
‫ملف مشايل األطلسي‬
‫"هيلموت سونفيل" مدير معهد "بروكنغز" يف واشنطن‪ ،‬يقول‪( :‬إ ّن ّ‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪2‬‬

‫سوف يعيش‪ ،‬وإ ّن الغرب سيبقى جمموعة دول هلا قيم أساسيّة مشرتكة‪ ،‬وستبقى هذه‬
‫التطرف‬
‫خارجي؛ املوقف من الفوضى أو ّ‬
‫ّ‬ ‫اجملموعة متماسكة معاً من خالل الشعور خبطر‬
‫اإلسالمي)‪.‬‬

‫ويف ربيع (‪1990‬م) ألقى هنري كيسنجر وزير اخلارجية األمريكي السابق خطاابً أمام‬
‫املؤمتر السنوي لغرفة التجارية الدولية‪ ،‬قال فيه‪( :‬إ ّن اجلبهة اجلديدة اليت على الغرب مواجهتها‬
‫هي العامل العريب اإلسالمي ابعتبار هذا العامل هو العدو اجلديد للغرب)‪.‬‬

‫وهذا أ ّكده فيما بعد األمني العام حللف مشال األطلسي ويلي كاليس الذي وصف‬
‫أبهنا أعظم خطر راهن يواجه حلف مشال األطلسي‪.‬‬
‫رمسي له ّ‬
‫األصولية اإلسالمية يف خطاب ّ‬
‫وههنا ال ب ّد من سؤال‪:‬‬
‫ملاذا اإلسالم؟!‬

‫ولإلجابة على هذا السؤال ال ب ّد من اإلحاطة ابلعامل املهم يف حتريك احلضارات‬


‫واألمم وتسيريها‪.‬‬

‫سيتم القضاء وهنائيّاً على أفكار أولئك احلاملني الوامهني‬


‫وابإلجابة على هذا السؤال ّ‬
‫املؤسسات العربية حيناً‪ ،‬والبسة لباس‬
‫وسيتبني لنا أ ّن هذه ّ‬
‫ّ‬ ‫إبمكانية التعايش مع الغرب‪،‬‬
‫اإلسالم حيناً‪ ،‬وتعمل من أجل تغيري وجهة السياسة األمريكية من عداء اإلسالم وأهله‬
‫أي‬
‫و ّأمته‪ ،‬وحمبّة لليهود وعطف وأتييد هلم إىل ّاّتاه عكسي؛ ّأهنا فقاعات صابون خالية من ّ‬
‫عقالنيّة وفاقدة ألي وعي لتاريخ األمم وحاضرها ومستقبلها‪ ،‬دع عنك فهمها لدين هللا تعاىل‬
‫وكتابه وسنّة نبيّه صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬

‫سنتجاوز يف مقالنا هذا النصوص القرآنية واألحاديث النبويّة اليت تكشف جبالء أ ّن‬
‫احلضارات واألمم حتكمها العقائد واألداين ال السياسة واملصاحل فقط‪ ،‬إىل إثبات ذلك عن‬
‫طريق هذه الدولة املختلف عليها وهي أمريكا‪ ،‬إذ أ ّن أمريكا تع ّد ّنوذجاً مثاليّاً لكوهنا الدولة‬
‫اليت حاول التجار أن جيعلوا السياسة حمكومة للمصلحة ال للعقائد‪ ،‬فخسروا املعركة أمام‬
‫املتديّنني وانتهت املعركة إىل كون أمريكا حمكومة لعقيدة ودين‪ ،‬وأ ّهنا على استعداد أن ختسر‬
‫الكثري من املصاحل مقابل دفاعها عن عقيدهتا ودينها‪.‬‬
‫وليت بين قومي يعقلون‪.‬‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪3‬‬

‫صوبوا وجهتهم إىل البالد املكتشفة اجلديدة‬ ‫شك فيه أن الرواد األوائل الذين ّ‬‫مما ال ّ‬
‫ألهنا البالد املكتنزة ابملال والثراء‬
‫وّتمع الناس فيها ّ‬
‫كان حيدوهم لذلك هو املال والثراء‪ّ ،‬‬
‫تكونت فيه هذه الوالايت هو العامل االقتصادي‪ ،‬بل وقامت‬ ‫واجلمال‪ ،‬فكان العامل الذي ّ‬
‫الصراعات يف داخل هذا العامل اجلديد على أساس الثروة واالقتصاد‪ ،‬ولذلك حاول الرؤساء‬
‫مصرون‬
‫األوائل ّتنيب أمريكا اخلوض فيما حيدث يف العامل من حوهلم انشغاالً مبا هم فيه‪ّ ،‬‬
‫أي دولة من الدول أو ّأمة من األمم حّت‬ ‫وخاصة مع ّ‬
‫ّ‬ ‫أي عالقة محيمة‬ ‫على أن ال ِّ‬
‫يكونوا ّ‬
‫الدول اليت جاؤوا منها وأصوهلم تنتهي إليها‪.‬‬

‫حّت خالل احلرب العاملية األوىل‪ ،‬فبعد أن اندلعت احلرب سنة‬ ‫وبقي هذا األمر ّ‬
‫التورط فيها‪ ،‬مع أ ّن بعض املصاحل األمريكية قد‬
‫(‪1914‬م) عزم الرئيس "ويلسون" على عدم ّ‬
‫تعرضت لبعض اإليذاء من قبل األملان‪ ،‬ففي عام (‪1915‬م) أغرقت غواصة أملانية الباخرة‬ ‫ّ‬
‫اإلجنليزية "لوسيتاان" دون سابق إنذار كما يزعمون‪ ،‬وغرق فيها ألف شخص بينهم (‪)128‬‬
‫أمريكيّاً‪ ،‬مثّ تالها يف سنة (‪1916‬م) إغراق الباخرة األمريكية "سسكس" ومل يزد ويلسون‬
‫سوى االحتجاج مثّ إنشاء حوار سياسي بينه وبني األملان‪ ،‬انتهى إىل توقيع صفقة مع أملانيا‬
‫على عدم التعرض ملصاحل أمريكا‪.‬‬

‫مرة اثنية سنة (‪1916‬م) مل يكن له من شعار‬ ‫وعندما أراد "ويلسون" أن ير ّشح نفسه ّ‬
‫جيذب إليه الناخب األمريكي سوى أنّه الرجل الذي استطاع أن جينّب أمريكا الدخول يف‬
‫احلرب‪ ،‬مع أ ّن اجلمهوريني اليمينيني الذين ر ّشحوا يومها "تشارلز إينانس هجز" هامجوه‬
‫ووصفوه ابجلنب والرتدد يف تعامله مع األملان‪ ،‬إال أ ّن تيار املصاحل كان األعلى واألقوى واندحر‬
‫مرة اثنية‪.‬‬
‫فتم انتخاب "ويلسون" ّ‬ ‫اليمني ّ‬

‫هذه السياسة هي اليت أرادها الرواد األوائل من أهل الثراء واملال والذين كانوا حيكمون‬
‫عرب عن هذه السياسة خطاب جورج واشنطن سنة‬ ‫اإلدارة السياسية يف أمريكا‪ ،‬وقد ّ‬
‫(‪1796‬م) يف وداعه ملنصب الرائسة قائالً‪( :‬إ ّن على األمة اجلديدة ‪ -‬أي أمريكا ‪ -‬أن‬
‫تسعى إىل بناء عالقات دولية مع اجلميع‪ ،‬وعليها أن تبتعد عن إقامة أي عالقة محيمة مع‬
‫أي أمة أخرى‪،‬‬
‫األمة أن ّتتنب أن حتمل أي كراهة مفرطة ضد ّ‬ ‫أي ّأمة أخرى‪ ،‬وعلى هذه ّ‬
‫ّ‬
‫وعليها أن ترعى قيام عالقات سالم وانسجام مع اجلميع)‪.‬‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪4‬‬

‫كانت هذه العقلية ‪ -‬عقلية املصاحل ال العقائد ‪ -‬هي اليت حتكم أمريكا وكان يقابل‬
‫ذلك تيار يصارع إلثبات وجوده وسيطرته وميلك لغة اخلطاب اإلرثي الكامن يف نفس هذا‬
‫التاجر اجلشع‪ ،‬أال وهو اخلطاب الديين‪.‬‬

‫األول يق ّدم املبادئ والعقائد على املصاحل‪ ،‬فتكون املصاحل اتبعة للعقائد‬ ‫التيار ّ‬
‫واملبادئ‪ ،‬وتيار آخر يرى أن املصاحل مق ّدمة على املبادئ‪ ،‬وكون أمريكا قائمة يف بداية األمر‬
‫على املال والثراء‪ ،‬فكانت املعارك عادة تنتهي ملصلحة املال والثراء‪.‬‬

‫ومثال ذلك قانون حترمي اخلمر‪ ،‬فقد كافحت الداينة الربسيتياراينة – القساوسة ‪ -‬من‬
‫أوجها‬
‫حّت سنة (‪1906‬م) حيث بلغ ّ‬ ‫سنة (‪1820‬م) ملنع اخلمر وبقيت تشتد يف دعوهتا ّ‬
‫حّت سنة (‪1920‬م) عندما صدر‬ ‫ووجدت دعوهتا قبوالً بني الكنائس واملدن والقرى الصغرية ّ‬
‫القرار للمادة الثامنة عشر املع ّدلة يف امليثاق القومي ‪ -‬البالغ عمرها وقتئذ ثالثة عشر عاماً ‪-‬‬
‫حّت سنة (‪1930‬م)‬ ‫وقضى بتحرمي اخلمر ومنع صنعها واالّتار هبا‪ ،‬وبقي العمل ابلقانون ّ‬
‫حيث ّاّتهت األنظار إلعادة تصنيع اخلمر لتنمية الناحية االقتصادية وتشغيل احلركة العمالية‪،‬‬
‫وهبذا انتصر التاجر على املتديّن‪ ،‬وكالمها سياسي‪.‬‬

‫وال ينبغي الذهاب بعيداً يف الفصل بني هذين التيّارين‪ ،‬فكالمها يتعامل مع املصاحل‬
‫متعصب‪ ،‬ولكن كانت بؤرة اخلالف يف نقطتني‪:‬‬ ‫إجنيلي ّ‬
‫وكالمها ّ‬
‫أوالمها‪ :‬من نق ّدم‪.‬‬
‫واثنياً‪ :‬دور أمريكا مع العامل اخلارجي‪.‬‬

‫ّتاوز للحقيقة‪ ،‬فهو صاحب املبادئ العشر‬


‫فالقول أب ّن "ويلسون" ليس متديّناً ٌ‬
‫الربوتستانية ولكنه كان ال يرضى أبن تستخدم الوالايت املتحدة يف حرب ملصلحة دولة أو‬
‫يهودي إىل فلسطني‪ ،‬وذلك سنة‬
‫ّ‬ ‫دول أخرى‪ ،‬مع أنّه فرض على أمريكا هتجري مائة ألف‬
‫(‪1946‬م) يف إعالن له يف ديسمرب‪.‬‬

‫حّت كانت‬
‫بقيت هذه السياسة هي اليت حتكم رجل البيت األبيض ومديري السياسة ّ‬
‫احلرب العاملية الثانية‪ ،‬وقد طلب روزفلت من الكونغرس كثرياً السماح ابلدخول للحرب إال‬
‫حّت كانت "بريل هاربر" وبدون سابق إنذار قامت القوات‬
‫أنّه كان جيابه ابلرفض واإلنكار ّ‬
‫اجلوية الياابنية وبغباء أو لسبب ما يزال جمهوالً وفجأة بقصف حاملة الطائرات األمريكية‬
‫"بريل هاربر" ودمرهتا تدمرياً كامالً‪ ،‬وحينها ذهب "روزفلت" وخطب الكونغرس والدموع‬
‫تطفر من عينيه أ ّن هيبة أمريكا قد صارت يف احلضيض ومرغت يف الطني‪ ،‬فما كان من‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪5‬‬

‫الكونغرس إالّ التصويت بقبول دخول احلرب‪ ،‬ومما ينبغي التنبّه له أن زوجة "روزفلت" كانت‬
‫يهودية الداينة‪ ،‬بل هناك من يعترب أن "روزفلت" نفسه كان سبتيّاً‪.‬‬

‫مثّ كانت "إسرائيل" الدولة املسخ‪ ،‬وكان الرئيس األمريكي يومها هو "هاري ترومان"‬
‫الذي حكم ما بني (‪1945‬م – ‪1953‬م) وكانت أمريكا اثين دولة تعرتف بـ "إسرائيل" بعد‬
‫االحتاد السوفيايت والذي كان مندوهبا يومذاك يف األمم املتحدة اليهودي "كوسيغن"‪ ،‬والذي‬
‫يع ّده العرب احلمر – الشيوعيون ‪ -‬حمبّباً هلم‪.‬‬

‫ومع اعرتاف أمريكا بـ "إسرائيل" إال أ ّن "ترومان" حاول أن يقف يف وجه "إسرائيل"‬
‫مرة أن يوقف مبلغ (‪ )49‬مليون دوالر املتب ّقي من‬
‫مرات لكنّه مل يفلح []‪ ،1‬فقد حاول ّ‬ ‫عدة ّ‬
‫أصل القرض البالغ (‪ )100‬مليون دوالر الذي ق ّدمه بنك االسترياد والتصدير األمريكي إىل‬
‫دولة اليهود ليجربهم على التفاوض لعودة الالجئني أو التباحث بشأهنم إال أن قوة اإلدارة‬
‫الدينية واملؤيّدة لليهود أجربته على العدول عن موقفه‪.‬‬

‫جاء "إيزهناور" بعد "ترومان" ومتّ انتخابه أبكثرية عالية ج ّداً‪ ،‬وقد وقف اليهود‬
‫أصواهتم على خصمه الدميقراطي "إدالي ستيفنسن"‪ ،‬وهبذا مل تكن سنوات "دوايت إيزهناور"‬
‫املؤسسات اليهودية األمريكية‬
‫سنوات مجيلة للعالقة بني اليهود واإلدارة األمريكية‪ ،‬وقد قامت ّ‬
‫حّت أن "بن غوريون" ا ّهتم‬
‫مرات ع ّدة ابالحتجاج ضد اإلدارة األمريكية ووصفها ابلقسوة ّ‬
‫اإلدارة قائالً‪( :‬هناك العديدون‪ ،‬وهم أقوايء‪ ،‬من أولئك الذين يؤمنون بعناد أ ّن على اليهود‬
‫يلمح‬‫مشردين إىل األبد أل ّن حداثً وقع يف هذه البالد منذ ألفي سنة مضت)‪ ،‬وكان ّ‬
‫أن يبقوا ّ‬
‫بذلك إىل وزير اخلارجية "جون فوسرت داالس"‪.‬‬

‫والناس يذكرون إنذار "جاجارين" ضد اهلجوم الثالثي على مصر بعد أتميم قناة‬
‫السويس سنة (‪1956‬م) إال أ ّن اإلنذار السوفيايت كان بعد إنذار "إيزهناور" ضد فرنسا‬
‫وبريطانيا و "إسرائيل" والذي أوقف يومها اهلجوم ضد مصر‪.‬‬

‫فتم‬
‫و "إيزهناور" نفسه الذي أجرب اليهود على الرحيل عن سيناء بعد اهلجوم الثالثي ّ‬
‫لكن هذا‬
‫احلق‪ّ ،‬‬
‫انسحاهبم سنة (‪1957‬م)‪ ،‬وال يعين هذا أبداً ميالً أمريكياً إىل العرب أو إىل ّ‬
‫االّتاه كان مييل إىل عدم االستجابة الكلية للدولة املسخ دولة اليهود "إسرائيل"‪.‬‬

‫‪ )1‬مع أنّه فرض على أمريكا هتجر (‪ )100,000‬يهودي إىل فلسطني وذلك سنة (‪)1946‬‬
‫يف إعالن له يف ديسمرب من نفس العام‪.‬‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪6‬‬

‫يف سنة (‪1963‬م) متّ انتخاب "ليندون جونسون"‪ ،‬وكان قد استكمل التوراتيون‬
‫املؤسسات األمريكية‪ ،‬ويف مراكز صناعة القرار‪ ،‬وإذا كانت الفرتة‬
‫تشكيل قواهتم داخل ّ‬
‫السابقة هي فرتة وسطيّة فإ ّن فرتة جونسون وما بعدها كانت أمريكا حبق هي دولة التوراتيني‬
‫العسكريني‪.‬‬

‫ففي عهد "جونسون" ارتفعت املساعدات األمريكية إىل (‪ )71‬مليون دوالر سنة‬
‫(‪1965‬م) وإىل (‪ )130‬مليون سنة (‪1966‬م)‪ ،‬وكانت (‪ )71%‬من هذه املساعدات‬
‫عسكرية‪.‬‬

‫ومن عهد "جونسون" (‪1963‬م – ‪1969‬م) إىل "ريتشارد نيكسون" (‪1969‬م –‬


‫‪1974‬م) إىل "جريالد فورد" (‪1974‬م ‪1977 -‬م) إىل "جيمي كارتر" (‪1977‬م –‬
‫‪1981‬م) إىل "ريغان" مثّ "بوش" إىل "كلينتون" كانت أمريكا حمكومة للتوراتيني العسكريّني‪.‬‬

‫األول كما‬
‫العدو ّ‬
‫وكان اإلسالم عندهم‪ ،‬بسبب اإلرث التارخيي هلم كعقائديني‪ ،‬ميثّل ّ‬
‫عرب عن هذا "أورجني روستو" مستشار "جونسون" عام (‪1967‬م) بعد اهلجوم اليهودي‬
‫على بقيّة فلسطني حني قال‪( :‬لقد كان الصراع بني املسيحيّة واإلسالم منذ القرون الوسطى‬
‫حّت هذه اللحظة ومنذ قرن ونصف خضع اإلسالم لسيطرة الغرب والرتاث‬ ‫مستمر ّ‬
‫ّ‬ ‫وهو‬
‫املسيحي)‪.‬‬

‫ففي عهد "نيكسون" كان وزير اخلارجية هو اليهودي املتعصب "هنري كيسنجر"‪ ،‬و‬
‫"جيمي كارتر" هو املتدين الذي كان يوصف ابلقسيس الذي حيكم أمريكا‪ ،‬و "ريغان" كان‬
‫وسيدمر‬
‫ّ‬ ‫ممن يؤمنون بالهوت هارجمدون ‪ -‬وهي معركة تذكرها التوراة وأهنا ستقع يف فلسطني‬
‫فيها العامل‪ ،‬وستقوم بني أتباع املسيح وحلفائهم اليهود وضد أعداء املسيح وهم املسلمني‬
‫وسينتصر فيها اإلجنيليون وبعدها سيعود املسيح إىل األرض ‪.-‬‬

‫كل هذه الفرتات كانت أمريكا حمكومة للرجل العقائدي الذي يؤمن أنّه حيمل‬ ‫يف ّ‬
‫رسالة للعامل‪ ،‬هي رسالة الكتاب املق ّدس ‪ -‬التوراة واإلجنيل ‪ -‬ومن رسائل هذه الداينة أنّه‬
‫حّت لو متّ تدمري أكرب املصاحل للرجل األمريكي‪.‬‬
‫جيب على أمريكا أن ترعى اليهود ّ‬

‫القس "كرال ماكانتاير" وهو بروتستانيت صريح من أتباع مذهب العصمة يقول يف‬
‫رسالة له‪( :‬إ ّن اللرباليني الذين ميثّلهم العميد ‪ -‬أي ساير‪ ،‬وكان قد ألقى موعظة سنة‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪7‬‬

‫(‪1972‬م) دعا فيها إىل ّتنيب أمريكا العالقات احلميمة مع اليهود‪ ،‬وساير هو حفيد‬
‫الرئيس ويلسون املتق ّدم الذكر ‪ -‬قد حادوا منذ زمن طويل عن وجهة النظر املسيحية التارخيية‬
‫ّتاه "إسرائيل" والقدس)‪.‬‬

‫يهب اآلن ملساعدة‬


‫ويقول‪( :‬على من يؤمن منّا أب ّن الكتاب املق ّدس هو كلمة هللا أن ّ‬
‫حيق هلم أن ميتلكوه‪ ،‬وال جيوز أن يقايضوا على األرض اليت‬
‫جرياننا اليهود‪ ،‬فما أعطاهم هللا ّ‬
‫كسبوها)‪.‬‬

‫ولذلك تع ّد دولة اليهود "إسرائيل" حتقيق لنبوءة توراتية يؤمن هبا اإلجنيليون‪ ،‬بل إ ّن‬
‫بعضهم يرى أ ّن محاية اليهود هو لكون اليهود سيصبحون يوماً نصارى‪.‬‬

‫يقول "دان روسنغ" مدير دائرة الطوائف املسيحية يف وزارة الشؤون الدينية اإلسرائيلية‪:‬‬
‫(إن املشروع الالهويت اإلجنيلي ليشري بوضوح إىل أن على اليهود أن يصبحوا مسيحيني‪ ،‬طبعاً‬
‫األايم)‪.‬‬
‫ليس اليوم وإّّنا يف يوم من ّ‬

‫يسمونه ‪ -‬استطاع‬‫ومن طريق هؤالء اإلجنيليني التوراتيني ‪ -‬الكتاب املقدس كما ّ‬


‫اليهود إقناع الشعب األمريكي ابلروابط العنصرية بني الوالايت املتحدة األمريكية واليهود‪،‬‬
‫واباللتزام الديين للحفاظ على اليهود ودولتهم‪ ،‬ومن خالهلم استطاع اليهود النفاذ إىل مراكز‬
‫القرار وصنع السياسة يف اإلدارة األمريكية نفسها‪.‬‬

‫واليهود هم اليهود‪ ،‬وأصحاب العقائد يتعاملون ابلسياسة ويستخدمون الكياسة ما‬


‫كشروا عن‬
‫دامت ضمن مصاحلهم حّت إذا اقرتب معاد ملخاصمتهم ولسلبهم مكاسبهم ّ‬
‫أنياهبم‪ ،‬والذين يريدون إخراج أمريكا كدولة ‪ -‬حكومة وشعباً ‪ -‬من هذا اإلطار هم من‬
‫الشعب األمريكي ولكنّهم ينفخون يف رماد‪ ،‬وهم فقط يريدون إثبات مواقف أكثر من تغيري‬
‫سياسة ومنهج‪ ،‬ولذلك مسّى "بول قنديل" كتابه "من جيرؤ على الكالم؟" وهو عنوان يدل‬
‫توجس وال‬
‫أي إن الذين يريدون احلديث عن مصلحة أمريكا هم يف ّ‬ ‫على نفسيّة كاتبه ّ‬
‫يستطيعون احلديث ولو مهساً عن احلال اليت فيها أمريكا‪.‬‬

‫وإذا رضي أصحاب املصاحل؛ الرواد األوائل أن يتخلّوا عن سيطرهتم على أمريكا حتت‬
‫لعبة الدميقراطية وتداول السلطة ورضوخ األقلية حلكم األغلبية‪ ،‬فإ ّن هذا ال ميكن أن يقبله‬
‫التوراتيون‪ ،‬ولذلك عندما حاول "بول فنديل" املس يف هذا األمر وهو عضو الكونغرس الذي‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪8‬‬

‫يضارع مل يستطع النجاح سنة (‪1982‬م) لسيطرة التوراتيني اإلجنيليني‪ ،‬ولقوة صدى‬ ‫ال َ‬
‫الصوت اليهودي يف عمق الفرد األمريكي ومراكز القرار‪.‬‬

‫يقول الصحفي هارولد ابييت‪( :‬إن صيحة الالسامية القبيحة هي العصا اليت يستعملها‬
‫الصهاينة حلمل غري اليهود على قبول وجهة النظر الصهيونية بشأن األحداث العاملية أو على‬
‫التزام الصمت)‪.‬‬

‫ويتابع‪( :‬لقد جنح اللويب اليهودي "اإلسرائيلي" يف السيطرة على وسائل اإلعالم‬
‫األمريكي بشن محالت احرتافية لرتويع وسائل اإلعالم مبختلف الوسائل‪ ،‬وأخرياً لفرض الرقابة‬
‫حّت أصبحت هذه الوسائل ِمطواعة وجبانة)‪.‬‬
‫ّ‬

‫حّت وسائل الرتفيه كالسينما صارت حمكومة لليهود‪ .‬قبل ثالثة أعوام فقط من كتابة‬
‫ّ‬
‫هذا املقال صرخ املمثل الفرنسي "ألن ديلون" صرخة مكلوم‪( :‬إن هوليوود ‪ -‬مدينة السينما‬
‫يف أمريكا ‪ -‬حمكومة لليهود)‪.‬‬

‫ولذلك فإ ّن أقوى صاحب شركة إنتاج يف هوليود هو "ستيفن سبليربغ" وهو يهودي‪،‬‬
‫وأخرج وأنتج عام (‪1993‬م) فيلم "قائمة شندلر" والذي يستعطف فيه مزيداً من الشفقة‬
‫على اليهود وجلمع األصوات املؤيّدة هلم‪ ،‬واستطاع هذا الفيلم أن يكسب أكثر من (‪)7‬‬
‫جوائز أوسكار يف سنة واحدة‪.‬‬

‫لقد صارت "إيباك" وهي اسم اللويب اليهود يف أمريكا هي مفتاح السياسة األمريكية‪،‬‬
‫وصار اليهودي يف "إسرائيل" إذا أراد شيئاً من أمريكا ال يتّصل ابلرئيس األمريكي بل يتّصل‬
‫كل معارضة هناك حمكوم عليها ابلفشل‪.‬‬ ‫ليتم الوصول إىل مطالبهم‪ ،‬و ّ‬
‫هبا ّأوالً ّ‬

‫ويف يومنا هذا مل يبق خمرز إبرة يف أمريكا إال وحيكمها اليهود واإلجنيليون الذين‬
‫يعتقدون اإلمامة فيهم‪ .‬وللتدليل على هذا إليك املراكز اليت يشغلها اليهود أنفسهم يف اإلدارة‬
‫األمريكية احلالية أي يف إدارة كلينتون‪:‬‬

‫‪ -1‬مادلني أولربايت ‪ :‬وزيرة اخلارجية األمريكية‪ ،‬وهي من عائلة‬


‫"كوربيل"‪ ،‬وهي أشهر عائلة يف تصنيع الشمبانيا يف العامل‪.‬‬
‫‪ -2‬وليام كوهني ‪ :‬وزير الدفاع األمريكي‪.‬‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪9‬‬

‫‪ -3‬مارتن إنديك ‪ :‬مساعد وزيرة اخلارجية‪ ،‬وهو يعترب ّ‬


‫مقرر السياسة‬
‫اخلارجية ألمريكا‪ ،‬وكان يشغل سفرياً ألمريكا يف إسرائيل‪ ،‬وكان قبلها‬
‫يشغل مستشار األمن القومي األمريكي‪.‬‬
‫‪ -4‬سنادي بريغر ‪ :‬مستشار األمن القومي األمريكي‪ ،‬وساندي ليس هو‬
‫امسه احلقيقي بل امسه "صموئيل"‪.‬‬
‫‪ -5‬آرون – هارون ‪ -‬ميلر ‪ :‬مكتب التخطيط السياسي للشرق‬
‫األوسط‪.‬‬
‫‪ -6‬دينيس روس ‪ّ :‬‬
‫منسق املفاوضات "اليهودية‪/‬العربية" يف الشرق‬
‫األوسط‪.‬‬

‫هؤالء يف أعلى مراكز القرار واإلدارة‪ ،‬وهناك عشرات األلوف من اليهود يف مراكز أقل‬
‫كسفراء وغريهم‪ ،‬مثل السفري األمريكي يف مصر فإنّه يهودي ويفتخر هبا علناً وهو "دانييل‬
‫كريتز"‪ ،‬فحقيقة األمر أ ّن هناك زمرة كاملة حتكم مراكز القرار واإلدارة يف أمريكا هي من‬
‫اليهود والعقائديني‪.‬‬

‫وبعد فماذا يريد العريب أو املسلم ‪ -‬زوراً ‪ -‬حني يدخل الكنيست اليهودي يف الدولة‬
‫اليهودية العربية؟ وآسف هلذا السؤال الغلط‪ ،‬بل السؤال الصحيح ‪:‬‬

‫ماذا يرجو ويؤمل من دخوله للكنيست اليهودي؟‬


‫هل يؤمل ويرجو أن حيكم دولة ال يهود يوماً ما؟‬
‫هل يؤمل ويرجو أن يقلب وجهة النظر اليهودية يف اترخيهم ودولتهم؟‬
‫هل يؤمل أن يُسلم اليهود؟‬

‫املثل العامي يف بالدان يقول عن هؤالء عندما حيلمون "أملهم مثل أمل إبليس يف‬
‫اجلنّة" وهذه هي حال من يرجو أن تقوم عالقة مصاحل بيننا وبني أمريكا‪.‬‬

‫فأمريكا حمكومة بـ‪:‬‬


‫‪ -1‬السياسة العقادئية "توارتية‪/‬إجنيلية"‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلعالم اليهودي‪.‬‬
‫‪ -3‬املال اليهودي‪.‬‬
‫‪ -4‬مراكز التشريع والقرار اليهودي‪.‬‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪10‬‬

‫إ ّن املعوانت األمريكية لـ "إسرائيل" بلغت من سنة (‪1971‬م) إىل سنة (‪1991‬م) إىل‬
‫(‪ )40‬مليار دوالر‪ ،‬سوى االمتيازات األخرى‪ ،‬وبلغت املعوانت سنة (‪1992‬م) لوحدها‬
‫(‪ )5‬مليار دوالر ما عدا ضماانت قروض اإلسكان وغريها من املعوانت اجلانبية‪ ،‬دعك من‬
‫األايم إىل ما يقارب (‪ )40‬مليار دوالر‬
‫التكاليف السياسية واألخالقية‪ ،‬وقد وصلت هذه ّ‬
‫سنوايً‪.‬‬
‫ّ‬

‫حني يرى املرء هذه األرقام أال حي ّق له السؤال‪:‬‬


‫ماذا تستفيد أمريكا من إسرائيل؟‬
‫اجلواب‪ :‬ال شيء‪ ،‬هذه حقيقة‪.‬‬
‫فلماذا إذاً تقدم أمريكا هذا كله وأكثر منه إىل إسرائيل؟‬
‫وحني جنيب عن هذا السؤال ندرك؛ أي نوع من االرتباط يقوم بني‬
‫بكل وضوح االرتباط العقائدي‪.‬‬‫أمريكا وإسرائيل‪ .‬إنّه ّ‬
‫فإذا فهمنا ذلك كان اجلواب على السؤال املتق ّدم‪:‬‬
‫ملاذا اإلسالم؟‬

‫أل ّن اإلسالم هو العدو التارخيي ملمثّلي الشيطان يف األرض‪ ،‬وهم يدركون ذلك‪،‬‬
‫ومراكز صنع القرار تعرف ذلك‪ ،‬وعندما متّت دراسة "ديورانت" يف كتابه "اتريخ احلضارة"‬
‫وهي دراسة علمية لكنها حتمل الطابع االستخبارايت كانت هناية دراسته تنبّئ أ ّن حضارة‬
‫اإلسالم هي العدو احلقيقي حلضارة الشيطان الغريب ممثّالً اليوم أبمريكا‪ ،‬ولكنّه طرح يف‬
‫يسمى "ابإلسالم املع ّدل" وهو يعين اإلسالم‬‫دراسته الطريقة ملعاجلة هذا العدو إبجياد ما ّ‬
‫يفرغ من حمتواه يف كون عقيدة الوالء والرباء واليت من تطبيقاهتا اجلهاد يف سبيل هللا‬ ‫الذي ّ‬
‫إسالم مع ّد ٌل يقوم على قبول التعايش مع اآلخر‪ ،‬وليس هو‬ ‫ٌ‬ ‫تعاىل هي لبّه وحمتواه‪ ،‬بل هو‬
‫تعايش الن ّد للن ّد واملثيل ابملثيل‪ ،‬بل هو تعايش العبد مع سيّده‪ ،‬وهذا اإلسالم املع ّدل –‬
‫احملرف ‪ -‬نتمثّل صوره ابلوجود التايل‪:‬‬
‫ّ‬

‫احملرف ‪ : -‬وأجلى صورة هلذا اإلسالم‬


‫‪ -1‬الدولة املنتسبة لإلسالم املع ّدل – ّ‬
‫احملرف علماء سلطة‬
‫الكاذب دولة آل سعود‪ ،‬ويقوم على رعايتها يف التسويق إلسالمها ّ‬
‫ومراكز إعالم‪.‬‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪11‬‬

‫‪ -2‬احلركات اإلسالمية ‪ -‬الدميقراطية السلمية ‪ : -‬وهي صورة من صور اإلسالم‬


‫احملرف‪ ،‬وهؤالء مهّهم البحث عن القواسم املشرتكة مع الغرب‪ ،‬وكما كانوا سابقاً‬ ‫املع ّدل ّ‬
‫أدوات للوقوف أمام امل ّد الشيوعي فهم اليوم يعملون للوقوف أمام إسالم الوالء والرباء‬
‫حممد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ويشرتك مع هذه احلركات‬ ‫وإسالم اجلهاد وإسالم أصحاب ّ‬
‫تسمى إسالمية عاملية أو‬ ‫تسمى ابملعاهد اإلسالمية العاملية أو جبامعات ّ‬ ‫مراكز دراسة ّ‬
‫هم تدجني املسلم وتقليم أظافره وذلك‬ ‫مبجالت ودراسات حتمل صفة اإلنسانية‪ ،‬وهي حتمل َّ‬
‫بسلبه خصوصيّته‪ّ ،‬أوالً‪.‬‬
‫وبتحريف آايت الكتاب وأحاديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فهذا شيخ مثالً‬
‫يفسر حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أ ّن من عالمات القيامة الكربى خروج الشمس‬ ‫ّ‬
‫من املغرب أ ّن معناه ؛ أن اإلسالم سيشرق نوره من أمريكا والغرب‪ ،‬وهذا زعيم حركة‬
‫إسالمية !! يعيب على شباب اإلسالم الذي اضطر أن يسكن يف الغرب كيف ال يندمج‬
‫ويسمي خمالفة أصحاب اجلحيم احنطاطاً وختلّفاً‪.‬‬
‫ويتعامل مع اجملتمع الغريب‪ّ ،‬‬

‫‪ -3‬املسلمون املتغربون ‪ -‬أو اإلقليميون غربيّا ‪ : -‬وهؤالء ميثلّهم الكثري من‬


‫املسلمني الذين ما زالوا ينتمون إىل قومياهتم ويق ّدموهنا على دينهم وعقيدهتم‪ ،‬وأصرح متثيل‬
‫هلؤالء هم اجلنود األمريكيون املنتسبون لإلسالم‪ ،‬فقد عُ ِّمد قبل أربعة أعوام ّأول إمام مسلم‬
‫لوحدات اجليش األمريكي‪ ،‬مثّ تتابع السيل‪ ...‬وقد صار اجليش األمريكي يصنع للجنود‬
‫خاصة للمسلمني‪ ،‬فيها أمكنة للمصاحف ولسجاد الصالة‪ ،‬وهي‬ ‫املسلمني سرتات عسكرية ّ‬
‫طريقة رآها بعض مشاخينا ‪ -‬األذكياء!! ‪ -‬أ ّن هذا األمر هو إحدى اخلطوات لقدوم اإلسالم‬
‫وإشراقه من الغرب‪ ،‬وينبغي أن يطلق املثل للعجائب هبؤالء‪ ،‬ال برجب وال بصيامه‪.‬‬

‫هل اإلسالم نفسه حيمل سيفا ألمريكا؟‬


‫إذا كان اإلسالم املع ّدل يريدونه إسالم اخلاضع التابع الذليل‪ ،‬فما هي حقيقة اإلسالم‬
‫نّب اإلسالم عن طبيعة العالقة بني اإلسالم والروم – النصارى ‪-‬‬
‫قبل تعديله؟ وكيف أخرب ّ‬
‫واليت متثّلهم اليوم زعيمتهم الكربى "أمريكا"؟‬

‫مرات هو؛ {إهدان الصراط املستقيم *‬


‫كل يوم مرات و ّ‬
‫يكرره يف ّ‬
‫شعار املسلم الذي ّ‬
‫صراط الذين أنعمت عليهم غري املغضوب عليهم وال الضالني}‪ ،‬وهذه اآلايت من سورة‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪12‬‬

‫الفاحتة‪ ،‬ويعلم صغار الطلبة لعلم هذا الدين العظيم أ ّن املغضوب عليهم هم اليهود‪ ،‬وأ ّن‬
‫احلق وأنكروه‪ ،‬و ّأما النصارى فاتّبعوا الباطل دون‬
‫الضالني هم النصارى‪ ،‬أل ّن اليهود علموا ّ‬
‫ابحلق‪.‬‬
‫علمهم ّ‬

‫النّب صلى هللا عليه وسلم من اتّباع اليهود والنصارى وقال‪( :‬لتتّبعن سنّن‬
‫وقد ح ّذر ّ‬
‫ضب لدخلتموه وراءهم)‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫حّت لو دخلوا حجر ّ‬ ‫من كان قبلكم حذو النعل ابلنعل‪ّ ،‬‬
‫(اليهود والنصارى اي رسول هللا؟)‪ ،‬فقال‪( :‬وهل الناس إال هم؟)‪ .‬فاليهود والنصارى هم فتنة‬
‫حممد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ّأمة ّ‬

‫واليهود والنصارى هم الناس؛ أي أ ّن الشؤون العظمى هلذه األمة معهم هم دون‬


‫النّب صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬تقوم الساعة والروم أكثر الناس كلّما ُك ِسَر‬
‫غريهم‪ ،‬ولذلك قال ّ‬
‫ذر هلم قرن) []‪ .2‬فأمر الروم‪ ،‬وهم اليهود والنصارى هو األمر‪ ،‬وشأهنم هو األكرب‬ ‫هبم قرن ّ‬
‫حممد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وقرهنم اليوم هو أمريكا‪ ،‬ومل يكسر قرهنم يف التاريخ إال‬
‫مع ّأمة ّ‬
‫أهل اإلسالم‪.‬‬

‫النّب صلى هللا عليه وسلم‬


‫بل إ ّن معارك التاريخ الكربى مل تكن إال معهم‪ ،‬وقد أخرب ّ‬
‫أ ّن هناية معارك أهل اإلسالم ستكون معهم حيث قال‪( :‬ستصاحلون الروم صلحاً آمناً فتغزون‬
‫قوماً من ورائكم وورائهم فتغلبون وتغنمون فيقوم رجل منهم فيقول‪ :‬غلب الصليب‪ ،‬فيقوم له‬
‫رجل منكم فيقتله‪ ،‬فيجتمعون عليكم حتت ثـمانني غاية حتت كل غاية ثـمانني ألفاً)‪ ،‬وهذه‬
‫املعركة هي آخر معارك أهل اإلسالم الكربى‪.‬‬

‫ومن سيقاتلون‬
‫وهذه اآلايت واألحاديث ما هي إال ليعلم أهل اإلسالم َمن عدوهم َ‬
‫كل حماولة لفرض‬
‫وممّن ّتب الرباءة‪ .‬فهذه عقيدة اإلسالم وأهله يف الروم واليهود والنصارى‪ ،‬و ّ‬
‫علوم أخرى على أهل اإلسالم إّّنا هي كذب على اإلسالم واملسلمني‪ ،‬وهي من اإلسالم‬
‫املع ّدل – املنحرف ‪ -‬الذي يريده أهل الكفر أنفسهم كما تق ّدم‪.‬‬

‫خصائص اإلسالم من وجهة نظر غربية‬

‫نسي اجلنسية‪ ،‬مكث مديراً للمخابرات الفرنسية سنة‬ ‫الكونت "دي مارنشيز"‪ ،‬فر ّ‬
‫مرة اثنية اجلنرال "ديغول" للعودة إىل رائسة‬
‫(‪1969‬م)‪ ،‬وهي السنة اليت استجاب فيها ّ‬
‫‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪13‬‬

‫اجلمهورية الفرنسية وبقي مديراً للمخابرات إىل ما بعد سنة (‪1980‬م)‪ ،‬يف سنة (‪1993‬م)‬
‫وّتسس يف عمر اإلرهاب" كشف فيه‬
‫كتب كتاابً مساه "احلرب العاملية الرابعة؛ دبلوماسية ّ‬
‫حقيقة هذا العدو "القدمي‪/‬اجلديد"؛ اإلسالم‪ ،‬وبني خصائصه‪.‬‬

‫يقول الكونت‪( :‬إ ّن اجلنوب اليوم ‪ -‬أي اإلسالم ‪ -‬يقوم بصنع قائد يعوزه التفكري‬
‫السليم لسنا معتادين على التعامل معه)‪.‬‬

‫أوج خصومته مع الغرب الرأمسايل كان‬ ‫ويشرح ذلك أب ّن االحتاد السوفيايت وهو يف ّ‬
‫يلعب ضمن خطوط اللعبة‪ ،‬وّنطيّة تفكري قادته تقارب وتسري ضمن ّنطية التفكري الغريب‪،‬‬
‫حّت عندما قام "خروتشوف" زعيم روسيا خبلع حذائه يف وسط اجتماع اجلمعية العامة لألمم‬ ‫ّ‬
‫املتحدة وضرب به على الطاولة صارخاً‪( :‬سوف ندفنكم)‪ ،‬كان ذلك ضمن حدود اللعبة‪،‬‬
‫بل هو أشبه ابلتمثيل املسرحي‪ ،‬ويقول‪( :‬لقد كانت القوانني أوروبية؛ قوانني مشالية‪ ،‬وليست‬
‫القوانني اجلنوبية نفس خطوط العرض على نفس الطول موجة العقل ‪ -‬أي العقل األورويب ‪-‬‬
‫لكنها ليست نفس خطوط الطول)‪.‬‬

‫هكذا إذاً هي املشكلة يف النفس الغربية‪ ،‬وهذه هي صيغة التفكري حنو اإلسالم‪،‬‬
‫ط خمتلف‪ ،‬ومع أ ّن هذه الفكرة اليت هي من عوامل ّقوة املسلمني‪ ،‬وهي منبثقة من‬
‫اإلسالم ّن ٌ‬
‫عقيدة الوالء والرباء‪ ،‬إال أ ّن مجعاً من املسلمني يف العمل اإلسالمي يعمل على تدمريها‬
‫وإزالتها‪.‬‬

‫ويتابع الكونت توصيفه للحرب الرابعة بني اإلسالم والغرب قائالً‪( :‬إن احلرب العاملية‬
‫الرابعة من املمكن أن تكون معركة ختويف‪ ،‬بنسب هائلة ح ّقاً‪ ،‬ابستخدام أسلحة اإلرهاب‬
‫اليت مل يتم رؤيتها يف املعارك السابقة‪ ،‬سيكون الكثري منها أسلحة مت إجيادها للمعارك‬
‫تغريت بطريقة غريبة حتت سيطرة أفراد ال يقيمون لضوابط أي حضارة وزانً‪،‬‬ ‫السابقة‪ ،‬إال ّأهنا ّ‬
‫وهي الضوابط اليت نعرفها ونفهمها)‪.‬‬

‫املتعصبني املسلمني‪ ،‬يقول الكونت‪:‬‬‫ّ‬ ‫أما قادة املعركة القادمة من املسلمني فهم يف نظره‬
‫حل حملّه أعداء جدد‪ ،‬أكثر ترويعاً‪ ،‬ورّمبا أكثر األعداء‬
‫(إن عدوان على مدى ثالثة أرابع قرن ّ‬
‫خطورة‪ ،‬وعلينا أن نفهمهم إن أردان التعامل معهم‪ ،‬فبالنسبة لدميقراطيات الغرب‪ ،‬وابلنسبة‬
‫لدميقراطيات الشرق اليت ظهرت حديثاً‪ ،‬حّت ابلنسبة لإلمرباطورية السوفياتية نفسها قد‬
‫بدأت احلرب العاملية الرابعة ابلفعل‪ ،‬وإ ّن أعداءان املتعصبني وأولئك الذين يسيطرون عليهم‬
‫ويستخدموهنم هم حولنا وبيننا‪ ،‬وإذا جنحوا يف غزواهتم فإ ّن ّأول ضحاايهم رّمبا يكون‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪14‬‬

‫املتعصبني هم‬
‫ّ‬ ‫املعتدلون ج ّداً من املسلمني الذين هم اآلن أصدقاؤان وحلفاؤان‪ .‬إ ّن هؤالء‬
‫مؤسساتنا الدميقراطية)‪.‬‬
‫إرهابيون يقوضون ّ‬

‫ويقول‪( :‬قبل أن نستطيع هزميتهم أو انتفاؤهم جيب علينا أن نفهمهم)‪.‬‬

‫ّأما كيف فهم هذا الكونت فيقول‪( :‬إ ّن اجلوهر احلقيقي للعدو يتضمن شكالً جديداً‬
‫اآلن وهو الذي جيعل احلرب العاملية الرابعة أكثر هالكا قياساً‪ ،‬إ ّن عدوان اآلن هو عدو‬
‫متعصب دينيّاً‪ ،‬ذلك املتعصب لن يكون سعيداً طاملا أ ّن هناك عضواً من املعارضة البغيضة‬
‫على قيد احلياة)‪.‬‬

‫سيتكشف‬
‫ّ‬ ‫يتصورها فيقول‪( :‬إن الصراع الذي‬‫أما صورة احلرب اجلديدة وكيف ّ‬
‫كحرب عاملية رابعة قد ال يتضمن عمالً مجاعياً من أي نوع‪ ،‬رّمبا تشتمل املعارك على‬
‫حتركات مجاعية مكثّفة للقوات مثل عملية عاصفة الصحراء‪ ،‬إال أ ّن القتال ستخوضه دون‬
‫شك أيضاً وحدات مميتة ج ّداً وصغرية من اإلرهابيني املوجودين فعالً يف مكان مت متويهه‬
‫كل من عواصمنا‬‫بعناية فيما بني الشعوب املهاجرة من األمم اجلنوبية ويعيشون ابلفعل يف ّ‬
‫الشمالية)‪.‬‬

‫ويقول الكونت رابطاً بني احلرب الصليبية القدمية وبني احلرب القادمة‪( :‬إن احلمالت‬
‫الصليبية القدمية كانت أعمال غزو من أجل الغرب‪ ،‬لكن ستكون احلمالت الصليبية القادمة‬
‫كل‬
‫لنضحي أبنفسنا يف ّ‬
‫يتوجب علينا أن نكون مستع ّدين ّ‬ ‫أعمال دفاع عن النفس‪ ...‬ولذلك ّ‬
‫مكان‪ ،‬إ ّن أعداءان الذين حولنا مستعدون للتضحية أبنفسهم وعلى استعداد للموت ألجل‬
‫معتقداهتم‪ ،‬إن معتقداتنا راسخة بعمق أيضاً على السعادة املادية)‪.‬‬
‫والكتاب مليء ابلعظات والعرب‪ ،‬وقد ق ّدم الكونت "دي مارنشيز" نفسه واعظاً فكرّاي‬
‫واستخباراتيّاً للرئيس "ريغان" سنة (‪1980‬م) ملعاجلة املوضوع السوفيايت يف أفغانستان‪ ،‬وقد‬
‫أ ِ‬
‫ُعجب "ريغان" بطروحاته أش ّد اإلعجاب‪.‬‬

‫وهي تكشف عمق اهلوة بني حضارتني‪ ،‬حضارة تريد هللا وحضارة تسعى للسعادة‬
‫املادية‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬فقاتلوا أولياء الشيطان إ ّن كيد الشيطان كان ضعيفاً}‪.‬‬
‫ّ‬

‫رب العاملني‬
‫واحلمد هلل ّ‬

‫مراجع البحث‪:‬‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬


‫‪15‬‬

‫موقع اإلسالم يف صراع احلضارات والنظام العاملي اجلديد ‪ /‬حممد السماك‪.‬‬


‫من جيرؤ على الكالم ‪ /‬بول فنديل‪.‬‬
‫الفكر التورايت واحلرب النووية‪ ،‬أو اإلجنيليون العسكريون قادمون ‪ /‬لغريس هالسل‪.‬‬
‫أمريكا وإسرائيل؛ عالقة محيمة ‪ /‬جورج بول ودوغالس بول‪.‬‬
‫حكومة الوالايت املتحدة األمريكية؛ كيف وملاذا تعمل؟ ‪ /‬جمموعة من الكتاب‪.‬‬
‫احلرب العاملية الرابعة ‪ /‬كونت دي مارنيشز ووانريا أندليمان‪.‬‬

‫عن جملة نداء اإلسالم‬


‫العدد اخلامس والعشرون ‪ /‬السنة اخلامسة‬
‫مجادى اآلخرة ورجب ‪1419‬هـ‬

‫مت تنـزيل هذه املادة من‬


‫منرب التوحيد واجلهاد‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬ ‫اإلسالم وأمريكا‪ ..‬عالقة السيف يصنعها‬

You might also like