Professional Documents
Culture Documents
اإلسالم وأمريكا
عالقة السيف يصنعها
بقلم الشيخ ؛ عمر بن حممود أبو عمر ؛ أبو قتادة الفلسطيين
ما كادت أمريكا تستفيق من نشوهتا املطربة حني ختلّصت من شيطاهنا األكرب
حّت كانت تعيد ترتيب سلّميسمي االحتاد السوفيايتّ -الشيوعي -كما كان حيلو لريغان أن ّ
األعداء يف قوائمها ،فبعد أن َه َذى "فرانسيس فوكوايما" رجل اإلدارة األمريكي اجلنسية
الياابين األصل من ش ّدة هذه النشوة وأطلق نظريّة هناية التاريخ -وهي تعين أ ّن صراع
احلضارات قد ُح ِسم هنائياً واترخييّاً إىل األبد لصاحل الرأمسالية وزعيمتها الوالايت املتّحدة
حمّب الفكر والفلسفة واحلكمة
األمريكية -وت ّبني أ ّن هذه النظرايت السخيفة إّّنا تطلق ملداعبة ّ
النظرية وليس لرجل سياسي دهقان يشغله الواقع وينشغل به.
بكل وضوح وجالء وبسابق معرفة لرتكيبة العامل واترخيهحينها أعلن هذا ال ّدهقان ّ
عدواً كامناً يف الرماد ،حيضر نفسه لإلنطالق ،وحيمل شعلة وواقعه ومستقبله أ ّن هناك ّ
اخلصومة للغرب وأمريكا ،ويف داخله عوامل القوة الكافية للتح ّدي ودوام الصراع ،هذا اخلصم
هو اإلسالم.
نعم؛ "فرانسيس فوكوايما" يعلن هناية التاريخ وسكوت صوت املدافع ،فقاعة سالم
حمليط العامل املخدوع واحلامل والرئيس األمريكي السابق ريتشارد نيكسون حي ّذر من نشوة
يسمي كتابه ،يقول ابحلرف الواحد ( :إ ّن اإلسالم
النسيان ويدعو إىل "اقتناص اللحظة" كما ّ
ّنو ّقوته املالية سوف
ّنو عدد أتباعه و ّ
اصة ،وإ ّن ّ
متعصبة ومرت ّ
ّ سوف يكون ّقوة جغرافية
ملف جديد مع موسكو من أجل يفرضان حت ّدايً رئيسيّاً ،وإ ّن الغرب سوف يضطر لتشكيل ّ
مواجهة عامل إسالمي ٍ
معاد وعنيف ...إ ّن املسلمني ينظرون إىل العامل على أنّه يتألّف من
معسكرين ال ميكن اجلمع بينهما؛ دار اإلسالم ودار احلرب).
مثّ يقول( :يوجد يف العامل اإلسالمي عامالن اثنان مشرتكان فقط :مها الدين
اإلسالمي واالضطراب السياسي).
سوف يعيش ،وإ ّن الغرب سيبقى جمموعة دول هلا قيم أساسيّة مشرتكة ،وستبقى هذه
التطرف
خارجي؛ املوقف من الفوضى أو ّ
ّ اجملموعة متماسكة معاً من خالل الشعور خبطر
اإلسالمي).
ويف ربيع (1990م) ألقى هنري كيسنجر وزير اخلارجية األمريكي السابق خطاابً أمام
املؤمتر السنوي لغرفة التجارية الدولية ،قال فيه( :إ ّن اجلبهة اجلديدة اليت على الغرب مواجهتها
هي العامل العريب اإلسالمي ابعتبار هذا العامل هو العدو اجلديد للغرب).
وهذا أ ّكده فيما بعد األمني العام حللف مشال األطلسي ويلي كاليس الذي وصف
أبهنا أعظم خطر راهن يواجه حلف مشال األطلسي.
رمسي له ّ
األصولية اإلسالمية يف خطاب ّ
وههنا ال ب ّد من سؤال:
ملاذا اإلسالم؟!
سنتجاوز يف مقالنا هذا النصوص القرآنية واألحاديث النبويّة اليت تكشف جبالء أ ّن
احلضارات واألمم حتكمها العقائد واألداين ال السياسة واملصاحل فقط ،إىل إثبات ذلك عن
طريق هذه الدولة املختلف عليها وهي أمريكا ،إذ أ ّن أمريكا تع ّد ّنوذجاً مثاليّاً لكوهنا الدولة
اليت حاول التجار أن جيعلوا السياسة حمكومة للمصلحة ال للعقائد ،فخسروا املعركة أمام
املتديّنني وانتهت املعركة إىل كون أمريكا حمكومة لعقيدة ودين ،وأ ّهنا على استعداد أن ختسر
الكثري من املصاحل مقابل دفاعها عن عقيدهتا ودينها.
وليت بين قومي يعقلون.
صوبوا وجهتهم إىل البالد املكتشفة اجلديدة شك فيه أن الرواد األوائل الذين ّمما ال ّ
ألهنا البالد املكتنزة ابملال والثراء
وّتمع الناس فيها ّ
كان حيدوهم لذلك هو املال والثراءّ ،
تكونت فيه هذه الوالايت هو العامل االقتصادي ،بل وقامت واجلمال ،فكان العامل الذي ّ
الصراعات يف داخل هذا العامل اجلديد على أساس الثروة واالقتصاد ،ولذلك حاول الرؤساء
مصرون
األوائل ّتنيب أمريكا اخلوض فيما حيدث يف العامل من حوهلم انشغاالً مبا هم فيهّ ،
أي دولة من الدول أو ّأمة من األمم حّت وخاصة مع ّ
ّ أي عالقة محيمة على أن ال ِّ
يكونوا ّ
الدول اليت جاؤوا منها وأصوهلم تنتهي إليها.
حّت خالل احلرب العاملية األوىل ،فبعد أن اندلعت احلرب سنة وبقي هذا األمر ّ
التورط فيها ،مع أ ّن بعض املصاحل األمريكية قد
(1914م) عزم الرئيس "ويلسون" على عدم ّ
تعرضت لبعض اإليذاء من قبل األملان ،ففي عام (1915م) أغرقت غواصة أملانية الباخرة ّ
اإلجنليزية "لوسيتاان" دون سابق إنذار كما يزعمون ،وغرق فيها ألف شخص بينهم ()128
أمريكيّاً ،مثّ تالها يف سنة (1916م) إغراق الباخرة األمريكية "سسكس" ومل يزد ويلسون
سوى االحتجاج مثّ إنشاء حوار سياسي بينه وبني األملان ،انتهى إىل توقيع صفقة مع أملانيا
على عدم التعرض ملصاحل أمريكا.
مرة اثنية سنة (1916م) مل يكن له من شعار وعندما أراد "ويلسون" أن ير ّشح نفسه ّ
جيذب إليه الناخب األمريكي سوى أنّه الرجل الذي استطاع أن جينّب أمريكا الدخول يف
احلرب ،مع أ ّن اجلمهوريني اليمينيني الذين ر ّشحوا يومها "تشارلز إينانس هجز" هامجوه
ووصفوه ابجلنب والرتدد يف تعامله مع األملان ،إال أ ّن تيار املصاحل كان األعلى واألقوى واندحر
مرة اثنية.
فتم انتخاب "ويلسون" ّ اليمني ّ
هذه السياسة هي اليت أرادها الرواد األوائل من أهل الثراء واملال والذين كانوا حيكمون
عرب عن هذه السياسة خطاب جورج واشنطن سنة اإلدارة السياسية يف أمريكا ،وقد ّ
(1796م) يف وداعه ملنصب الرائسة قائالً( :إ ّن على األمة اجلديدة -أي أمريكا -أن
تسعى إىل بناء عالقات دولية مع اجلميع ،وعليها أن تبتعد عن إقامة أي عالقة محيمة مع
أي أمة أخرى،
األمة أن ّتتنب أن حتمل أي كراهة مفرطة ضد ّ أي ّأمة أخرى ،وعلى هذه ّ
ّ
وعليها أن ترعى قيام عالقات سالم وانسجام مع اجلميع).
كانت هذه العقلية -عقلية املصاحل ال العقائد -هي اليت حتكم أمريكا وكان يقابل
ذلك تيار يصارع إلثبات وجوده وسيطرته وميلك لغة اخلطاب اإلرثي الكامن يف نفس هذا
التاجر اجلشع ،أال وهو اخلطاب الديين.
األول يق ّدم املبادئ والعقائد على املصاحل ،فتكون املصاحل اتبعة للعقائد التيار ّ
واملبادئ ،وتيار آخر يرى أن املصاحل مق ّدمة على املبادئ ،وكون أمريكا قائمة يف بداية األمر
على املال والثراء ،فكانت املعارك عادة تنتهي ملصلحة املال والثراء.
ومثال ذلك قانون حترمي اخلمر ،فقد كافحت الداينة الربسيتياراينة – القساوسة -من
أوجها
حّت سنة (1906م) حيث بلغ ّ سنة (1820م) ملنع اخلمر وبقيت تشتد يف دعوهتا ّ
حّت سنة (1920م) عندما صدر ووجدت دعوهتا قبوالً بني الكنائس واملدن والقرى الصغرية ّ
القرار للمادة الثامنة عشر املع ّدلة يف امليثاق القومي -البالغ عمرها وقتئذ ثالثة عشر عاماً -
حّت سنة (1930م) وقضى بتحرمي اخلمر ومنع صنعها واالّتار هبا ،وبقي العمل ابلقانون ّ
حيث ّاّتهت األنظار إلعادة تصنيع اخلمر لتنمية الناحية االقتصادية وتشغيل احلركة العمالية،
وهبذا انتصر التاجر على املتديّن ،وكالمها سياسي.
وال ينبغي الذهاب بعيداً يف الفصل بني هذين التيّارين ،فكالمها يتعامل مع املصاحل
متعصب ،ولكن كانت بؤرة اخلالف يف نقطتني: إجنيلي ّ
وكالمها ّ
أوالمها :من نق ّدم.
واثنياً :دور أمريكا مع العامل اخلارجي.
حّت كانت
بقيت هذه السياسة هي اليت حتكم رجل البيت األبيض ومديري السياسة ّ
احلرب العاملية الثانية ،وقد طلب روزفلت من الكونغرس كثرياً السماح ابلدخول للحرب إال
حّت كانت "بريل هاربر" وبدون سابق إنذار قامت القوات
أنّه كان جيابه ابلرفض واإلنكار ّ
اجلوية الياابنية وبغباء أو لسبب ما يزال جمهوالً وفجأة بقصف حاملة الطائرات األمريكية
"بريل هاربر" ودمرهتا تدمرياً كامالً ،وحينها ذهب "روزفلت" وخطب الكونغرس والدموع
تطفر من عينيه أ ّن هيبة أمريكا قد صارت يف احلضيض ومرغت يف الطني ،فما كان من
الكونغرس إالّ التصويت بقبول دخول احلرب ،ومما ينبغي التنبّه له أن زوجة "روزفلت" كانت
يهودية الداينة ،بل هناك من يعترب أن "روزفلت" نفسه كان سبتيّاً.
مثّ كانت "إسرائيل" الدولة املسخ ،وكان الرئيس األمريكي يومها هو "هاري ترومان"
الذي حكم ما بني (1945م – 1953م) وكانت أمريكا اثين دولة تعرتف بـ "إسرائيل" بعد
االحتاد السوفيايت والذي كان مندوهبا يومذاك يف األمم املتحدة اليهودي "كوسيغن" ،والذي
يع ّده العرب احلمر – الشيوعيون -حمبّباً هلم.
ومع اعرتاف أمريكا بـ "إسرائيل" إال أ ّن "ترومان" حاول أن يقف يف وجه "إسرائيل"
مرة أن يوقف مبلغ ( )49مليون دوالر املتب ّقي من
مرات لكنّه مل يفلح [] ،1فقد حاول ّ عدة ّ
أصل القرض البالغ ( )100مليون دوالر الذي ق ّدمه بنك االسترياد والتصدير األمريكي إىل
دولة اليهود ليجربهم على التفاوض لعودة الالجئني أو التباحث بشأهنم إال أن قوة اإلدارة
الدينية واملؤيّدة لليهود أجربته على العدول عن موقفه.
جاء "إيزهناور" بعد "ترومان" ومتّ انتخابه أبكثرية عالية ج ّداً ،وقد وقف اليهود
أصواهتم على خصمه الدميقراطي "إدالي ستيفنسن" ،وهبذا مل تكن سنوات "دوايت إيزهناور"
املؤسسات اليهودية األمريكية
سنوات مجيلة للعالقة بني اليهود واإلدارة األمريكية ،وقد قامت ّ
حّت أن "بن غوريون" ا ّهتم
مرات ع ّدة ابالحتجاج ضد اإلدارة األمريكية ووصفها ابلقسوة ّ
اإلدارة قائالً( :هناك العديدون ،وهم أقوايء ،من أولئك الذين يؤمنون بعناد أ ّن على اليهود
يلمحمشردين إىل األبد أل ّن حداثً وقع يف هذه البالد منذ ألفي سنة مضت) ،وكان ّ
أن يبقوا ّ
بذلك إىل وزير اخلارجية "جون فوسرت داالس".
والناس يذكرون إنذار "جاجارين" ضد اهلجوم الثالثي على مصر بعد أتميم قناة
السويس سنة (1956م) إال أ ّن اإلنذار السوفيايت كان بعد إنذار "إيزهناور" ضد فرنسا
وبريطانيا و "إسرائيل" والذي أوقف يومها اهلجوم ضد مصر.
فتم
و "إيزهناور" نفسه الذي أجرب اليهود على الرحيل عن سيناء بعد اهلجوم الثالثي ّ
لكن هذا
احلقّ ،
انسحاهبم سنة (1957م) ،وال يعين هذا أبداً ميالً أمريكياً إىل العرب أو إىل ّ
االّتاه كان مييل إىل عدم االستجابة الكلية للدولة املسخ دولة اليهود "إسرائيل".
)1مع أنّه فرض على أمريكا هتجر ( )100,000يهودي إىل فلسطني وذلك سنة ()1946
يف إعالن له يف ديسمرب من نفس العام.
يف سنة (1963م) متّ انتخاب "ليندون جونسون" ،وكان قد استكمل التوراتيون
املؤسسات األمريكية ،ويف مراكز صناعة القرار ،وإذا كانت الفرتة
تشكيل قواهتم داخل ّ
السابقة هي فرتة وسطيّة فإ ّن فرتة جونسون وما بعدها كانت أمريكا حبق هي دولة التوراتيني
العسكريني.
ففي عهد "جونسون" ارتفعت املساعدات األمريكية إىل ( )71مليون دوالر سنة
(1965م) وإىل ( )130مليون سنة (1966م) ،وكانت ( )71%من هذه املساعدات
عسكرية.
األول كما
العدو ّ
وكان اإلسالم عندهم ،بسبب اإلرث التارخيي هلم كعقائديني ،ميثّل ّ
عرب عن هذا "أورجني روستو" مستشار "جونسون" عام (1967م) بعد اهلجوم اليهودي
على بقيّة فلسطني حني قال( :لقد كان الصراع بني املسيحيّة واإلسالم منذ القرون الوسطى
حّت هذه اللحظة ومنذ قرن ونصف خضع اإلسالم لسيطرة الغرب والرتاث مستمر ّ
ّ وهو
املسيحي).
ففي عهد "نيكسون" كان وزير اخلارجية هو اليهودي املتعصب "هنري كيسنجر" ،و
"جيمي كارتر" هو املتدين الذي كان يوصف ابلقسيس الذي حيكم أمريكا ،و "ريغان" كان
وسيدمر
ّ ممن يؤمنون بالهوت هارجمدون -وهي معركة تذكرها التوراة وأهنا ستقع يف فلسطني
فيها العامل ،وستقوم بني أتباع املسيح وحلفائهم اليهود وضد أعداء املسيح وهم املسلمني
وسينتصر فيها اإلجنيليون وبعدها سيعود املسيح إىل األرض .-
كل هذه الفرتات كانت أمريكا حمكومة للرجل العقائدي الذي يؤمن أنّه حيمل يف ّ
رسالة للعامل ،هي رسالة الكتاب املق ّدس -التوراة واإلجنيل -ومن رسائل هذه الداينة أنّه
حّت لو متّ تدمري أكرب املصاحل للرجل األمريكي.
جيب على أمريكا أن ترعى اليهود ّ
القس "كرال ماكانتاير" وهو بروتستانيت صريح من أتباع مذهب العصمة يقول يف
رسالة له( :إ ّن اللرباليني الذين ميثّلهم العميد -أي ساير ،وكان قد ألقى موعظة سنة
(1972م) دعا فيها إىل ّتنيب أمريكا العالقات احلميمة مع اليهود ،وساير هو حفيد
الرئيس ويلسون املتق ّدم الذكر -قد حادوا منذ زمن طويل عن وجهة النظر املسيحية التارخيية
ّتاه "إسرائيل" والقدس).
ولذلك تع ّد دولة اليهود "إسرائيل" حتقيق لنبوءة توراتية يؤمن هبا اإلجنيليون ،بل إ ّن
بعضهم يرى أ ّن محاية اليهود هو لكون اليهود سيصبحون يوماً نصارى.
يقول "دان روسنغ" مدير دائرة الطوائف املسيحية يف وزارة الشؤون الدينية اإلسرائيلية:
(إن املشروع الالهويت اإلجنيلي ليشري بوضوح إىل أن على اليهود أن يصبحوا مسيحيني ،طبعاً
األايم).
ليس اليوم وإّّنا يف يوم من ّ
وإذا رضي أصحاب املصاحل؛ الرواد األوائل أن يتخلّوا عن سيطرهتم على أمريكا حتت
لعبة الدميقراطية وتداول السلطة ورضوخ األقلية حلكم األغلبية ،فإ ّن هذا ال ميكن أن يقبله
التوراتيون ،ولذلك عندما حاول "بول فنديل" املس يف هذا األمر وهو عضو الكونغرس الذي
يضارع مل يستطع النجاح سنة (1982م) لسيطرة التوراتيني اإلجنيليني ،ولقوة صدى ال َ
الصوت اليهودي يف عمق الفرد األمريكي ومراكز القرار.
يقول الصحفي هارولد ابييت( :إن صيحة الالسامية القبيحة هي العصا اليت يستعملها
الصهاينة حلمل غري اليهود على قبول وجهة النظر الصهيونية بشأن األحداث العاملية أو على
التزام الصمت).
ويتابع( :لقد جنح اللويب اليهودي "اإلسرائيلي" يف السيطرة على وسائل اإلعالم
األمريكي بشن محالت احرتافية لرتويع وسائل اإلعالم مبختلف الوسائل ،وأخرياً لفرض الرقابة
حّت أصبحت هذه الوسائل ِمطواعة وجبانة).
ّ
حّت وسائل الرتفيه كالسينما صارت حمكومة لليهود .قبل ثالثة أعوام فقط من كتابة
ّ
هذا املقال صرخ املمثل الفرنسي "ألن ديلون" صرخة مكلوم( :إن هوليوود -مدينة السينما
يف أمريكا -حمكومة لليهود).
ولذلك فإ ّن أقوى صاحب شركة إنتاج يف هوليود هو "ستيفن سبليربغ" وهو يهودي،
وأخرج وأنتج عام (1993م) فيلم "قائمة شندلر" والذي يستعطف فيه مزيداً من الشفقة
على اليهود وجلمع األصوات املؤيّدة هلم ،واستطاع هذا الفيلم أن يكسب أكثر من ()7
جوائز أوسكار يف سنة واحدة.
لقد صارت "إيباك" وهي اسم اللويب اليهود يف أمريكا هي مفتاح السياسة األمريكية،
وصار اليهودي يف "إسرائيل" إذا أراد شيئاً من أمريكا ال يتّصل ابلرئيس األمريكي بل يتّصل
كل معارضة هناك حمكوم عليها ابلفشل. ليتم الوصول إىل مطالبهم ،و ّ
هبا ّأوالً ّ
ويف يومنا هذا مل يبق خمرز إبرة يف أمريكا إال وحيكمها اليهود واإلجنيليون الذين
يعتقدون اإلمامة فيهم .وللتدليل على هذا إليك املراكز اليت يشغلها اليهود أنفسهم يف اإلدارة
األمريكية احلالية أي يف إدارة كلينتون:
هؤالء يف أعلى مراكز القرار واإلدارة ،وهناك عشرات األلوف من اليهود يف مراكز أقل
كسفراء وغريهم ،مثل السفري األمريكي يف مصر فإنّه يهودي ويفتخر هبا علناً وهو "دانييل
كريتز" ،فحقيقة األمر أ ّن هناك زمرة كاملة حتكم مراكز القرار واإلدارة يف أمريكا هي من
اليهود والعقائديني.
وبعد فماذا يريد العريب أو املسلم -زوراً -حني يدخل الكنيست اليهودي يف الدولة
اليهودية العربية؟ وآسف هلذا السؤال الغلط ،بل السؤال الصحيح :
املثل العامي يف بالدان يقول عن هؤالء عندما حيلمون "أملهم مثل أمل إبليس يف
اجلنّة" وهذه هي حال من يرجو أن تقوم عالقة مصاحل بيننا وبني أمريكا.
إ ّن املعوانت األمريكية لـ "إسرائيل" بلغت من سنة (1971م) إىل سنة (1991م) إىل
( )40مليار دوالر ،سوى االمتيازات األخرى ،وبلغت املعوانت سنة (1992م) لوحدها
( )5مليار دوالر ما عدا ضماانت قروض اإلسكان وغريها من املعوانت اجلانبية ،دعك من
األايم إىل ما يقارب ( )40مليار دوالر
التكاليف السياسية واألخالقية ،وقد وصلت هذه ّ
سنوايً.
ّ
أل ّن اإلسالم هو العدو التارخيي ملمثّلي الشيطان يف األرض ،وهم يدركون ذلك،
ومراكز صنع القرار تعرف ذلك ،وعندما متّت دراسة "ديورانت" يف كتابه "اتريخ احلضارة"
وهي دراسة علمية لكنها حتمل الطابع االستخبارايت كانت هناية دراسته تنبّئ أ ّن حضارة
اإلسالم هي العدو احلقيقي حلضارة الشيطان الغريب ممثّالً اليوم أبمريكا ،ولكنّه طرح يف
يسمى "ابإلسالم املع ّدل" وهو يعين اإلسالمدراسته الطريقة ملعاجلة هذا العدو إبجياد ما ّ
يفرغ من حمتواه يف كون عقيدة الوالء والرباء واليت من تطبيقاهتا اجلهاد يف سبيل هللا الذي ّ
إسالم مع ّد ٌل يقوم على قبول التعايش مع اآلخر ،وليس هو ٌ تعاىل هي لبّه وحمتواه ،بل هو
تعايش الن ّد للن ّد واملثيل ابملثيل ،بل هو تعايش العبد مع سيّده ،وهذا اإلسالم املع ّدل –
احملرف -نتمثّل صوره ابلوجود التايل:
ّ
الفاحتة ،ويعلم صغار الطلبة لعلم هذا الدين العظيم أ ّن املغضوب عليهم هم اليهود ،وأ ّن
احلق وأنكروه ،و ّأما النصارى فاتّبعوا الباطل دون
الضالني هم النصارى ،أل ّن اليهود علموا ّ
ابحلق.
علمهم ّ
النّب صلى هللا عليه وسلم من اتّباع اليهود والنصارى وقال( :لتتّبعن سنّن
وقد ح ّذر ّ
ضب لدخلتموه وراءهم) ،قالوا:
حّت لو دخلوا حجر ّ من كان قبلكم حذو النعل ابلنعلّ ،
(اليهود والنصارى اي رسول هللا؟) ،فقال( :وهل الناس إال هم؟) .فاليهود والنصارى هم فتنة
حممد صلى هللا عليه وسلم.
ّأمة ّ
ومن سيقاتلون
وهذه اآلايت واألحاديث ما هي إال ليعلم أهل اإلسالم َمن عدوهم َ
كل حماولة لفرض
وممّن ّتب الرباءة .فهذه عقيدة اإلسالم وأهله يف الروم واليهود والنصارى ،و ّ
علوم أخرى على أهل اإلسالم إّّنا هي كذب على اإلسالم واملسلمني ،وهي من اإلسالم
املع ّدل – املنحرف -الذي يريده أهل الكفر أنفسهم كما تق ّدم.
نسي اجلنسية ،مكث مديراً للمخابرات الفرنسية سنة الكونت "دي مارنشيز" ،فر ّ
مرة اثنية اجلنرال "ديغول" للعودة إىل رائسة
(1969م) ،وهي السنة اليت استجاب فيها ّ
)2رواه مسلم.
اجلمهورية الفرنسية وبقي مديراً للمخابرات إىل ما بعد سنة (1980م) ،يف سنة (1993م)
وّتسس يف عمر اإلرهاب" كشف فيه
كتب كتاابً مساه "احلرب العاملية الرابعة؛ دبلوماسية ّ
حقيقة هذا العدو "القدمي/اجلديد"؛ اإلسالم ،وبني خصائصه.
يقول الكونت( :إ ّن اجلنوب اليوم -أي اإلسالم -يقوم بصنع قائد يعوزه التفكري
السليم لسنا معتادين على التعامل معه).
أوج خصومته مع الغرب الرأمسايل كان ويشرح ذلك أب ّن االحتاد السوفيايت وهو يف ّ
يلعب ضمن خطوط اللعبة ،وّنطيّة تفكري قادته تقارب وتسري ضمن ّنطية التفكري الغريب،
حّت عندما قام "خروتشوف" زعيم روسيا خبلع حذائه يف وسط اجتماع اجلمعية العامة لألمم ّ
املتحدة وضرب به على الطاولة صارخاً( :سوف ندفنكم) ،كان ذلك ضمن حدود اللعبة،
بل هو أشبه ابلتمثيل املسرحي ،ويقول( :لقد كانت القوانني أوروبية؛ قوانني مشالية ،وليست
القوانني اجلنوبية نفس خطوط العرض على نفس الطول موجة العقل -أي العقل األورويب -
لكنها ليست نفس خطوط الطول).
هكذا إذاً هي املشكلة يف النفس الغربية ،وهذه هي صيغة التفكري حنو اإلسالم،
ط خمتلف ،ومع أ ّن هذه الفكرة اليت هي من عوامل ّقوة املسلمني ،وهي منبثقة من
اإلسالم ّن ٌ
عقيدة الوالء والرباء ،إال أ ّن مجعاً من املسلمني يف العمل اإلسالمي يعمل على تدمريها
وإزالتها.
ويتابع الكونت توصيفه للحرب الرابعة بني اإلسالم والغرب قائالً( :إن احلرب العاملية
الرابعة من املمكن أن تكون معركة ختويف ،بنسب هائلة ح ّقاً ،ابستخدام أسلحة اإلرهاب
اليت مل يتم رؤيتها يف املعارك السابقة ،سيكون الكثري منها أسلحة مت إجيادها للمعارك
تغريت بطريقة غريبة حتت سيطرة أفراد ال يقيمون لضوابط أي حضارة وزانً، السابقة ،إال ّأهنا ّ
وهي الضوابط اليت نعرفها ونفهمها).
املتعصبني املسلمني ،يقول الكونت:ّ أما قادة املعركة القادمة من املسلمني فهم يف نظره
حل حملّه أعداء جدد ،أكثر ترويعاً ،ورّمبا أكثر األعداء
(إن عدوان على مدى ثالثة أرابع قرن ّ
خطورة ،وعلينا أن نفهمهم إن أردان التعامل معهم ،فبالنسبة لدميقراطيات الغرب ،وابلنسبة
لدميقراطيات الشرق اليت ظهرت حديثاً ،حّت ابلنسبة لإلمرباطورية السوفياتية نفسها قد
بدأت احلرب العاملية الرابعة ابلفعل ،وإ ّن أعداءان املتعصبني وأولئك الذين يسيطرون عليهم
ويستخدموهنم هم حولنا وبيننا ،وإذا جنحوا يف غزواهتم فإ ّن ّأول ضحاايهم رّمبا يكون
املتعصبني هم
ّ املعتدلون ج ّداً من املسلمني الذين هم اآلن أصدقاؤان وحلفاؤان .إ ّن هؤالء
مؤسساتنا الدميقراطية).
إرهابيون يقوضون ّ
ّأما كيف فهم هذا الكونت فيقول( :إ ّن اجلوهر احلقيقي للعدو يتضمن شكالً جديداً
اآلن وهو الذي جيعل احلرب العاملية الرابعة أكثر هالكا قياساً ،إ ّن عدوان اآلن هو عدو
متعصب دينيّاً ،ذلك املتعصب لن يكون سعيداً طاملا أ ّن هناك عضواً من املعارضة البغيضة
على قيد احلياة).
سيتكشف
ّ يتصورها فيقول( :إن الصراع الذيأما صورة احلرب اجلديدة وكيف ّ
كحرب عاملية رابعة قد ال يتضمن عمالً مجاعياً من أي نوع ،رّمبا تشتمل املعارك على
حتركات مجاعية مكثّفة للقوات مثل عملية عاصفة الصحراء ،إال أ ّن القتال ستخوضه دون
شك أيضاً وحدات مميتة ج ّداً وصغرية من اإلرهابيني املوجودين فعالً يف مكان مت متويهه
كل من عواصمنابعناية فيما بني الشعوب املهاجرة من األمم اجلنوبية ويعيشون ابلفعل يف ّ
الشمالية).
ويقول الكونت رابطاً بني احلرب الصليبية القدمية وبني احلرب القادمة( :إن احلمالت
الصليبية القدمية كانت أعمال غزو من أجل الغرب ،لكن ستكون احلمالت الصليبية القادمة
كل
لنضحي أبنفسنا يف ّ
يتوجب علينا أن نكون مستع ّدين ّ أعمال دفاع عن النفس ...ولذلك ّ
مكان ،إ ّن أعداءان الذين حولنا مستعدون للتضحية أبنفسهم وعلى استعداد للموت ألجل
معتقداهتم ،إن معتقداتنا راسخة بعمق أيضاً على السعادة املادية).
والكتاب مليء ابلعظات والعرب ،وقد ق ّدم الكونت "دي مارنشيز" نفسه واعظاً فكرّاي
واستخباراتيّاً للرئيس "ريغان" سنة (1980م) ملعاجلة املوضوع السوفيايت يف أفغانستان ،وقد
أ ِ
ُعجب "ريغان" بطروحاته أش ّد اإلعجاب.
وهي تكشف عمق اهلوة بني حضارتني ،حضارة تريد هللا وحضارة تسعى للسعادة
املادية ،قال تعاىل{ :فقاتلوا أولياء الشيطان إ ّن كيد الشيطان كان ضعيفاً}.
ّ
رب العاملني
واحلمد هلل ّ
مراجع البحث: