Professional Documents
Culture Documents
الصادرة عن:
احلمد هلل القوي املتني ،والصالة والسالم على َمن بُعِث ابلسيف رمحة للعاملني ،أما بعد :فإن هذه
سلسلة صوتية مثينة فريدة ،صادرة عن إذاعة البيان التابعة للدولة اإلسالمية -أعزها هللا ،-وهي تتكون
من مثان حلقات ،قام إخواننا يف مؤسسة البتار اإلعالمية -ثبتهم هللا -بتفريغها نصيا ونشرها على
شكل سلسلة حلقات متفرقة ،فارأتينا مجعها وتنسيقها يف كتاب لتخرج أبمجل حلة وأهبى صورة
وليسهل تداوهلا وقراءهتا وحفظها ،كما قمنا بتنقيحها وحتقيقها.
نسأل هللا تبارك وتعاىل أن يربم هلذه األمة أمرا رشدا ،يُعز فيه أهل الطاعة ،ويذل فيه أهل املعصية،
ويؤمر فيه ابملعروف ،وينهى فيه عن املنكر ،ونسأله سبحانه أن يرفع الغمة عن هذه األمة وأن يهلك
الطواغيت وأنصارهم وأتباعهم من دعاة السوء ومشيخات الردة ،وأن ينفعنا مبا علمنا وأن جيعل هذا
العمل حجة لنا ال علينا يوم نلقاه ،إنه ويل ذلك والقادر عليه.
1441 ه
1
قالوا وما فعلوا ِ
علموا وما عملوا
احلمد هلل مالك امللك يؤيت امللك من يشاء وينزع امللك وعن اآلخرة يعدلون للدنيا يعملون
ممن يشاء ,ويعز من يشاء ويذل من يشاء ,بيده اخلري وعما هناهم هللا عز وجل ال ينتهون إىل املكاسب يتسابقون
إنه على كل شيء قدير ,والصالة والسالم على النيب وأكلوا بعلومهم الدنيا أفتوا مبا يرضي الطواغيت
تعجب من نظر إليها وتقتل من أيكلها مثلهم كشجرة الدفلى
املبني الذي تركنا على احملجة البيضاء ليلها كنهارها ال
وال هم بعبيد أتقياء ما هم أبحرار كرام
يزيغ عنها بعده إال هالك ,وأشهد أن ال إله إال هللا وحده
وقلوهبم أننت من احلمأة والصديد أفهامهم مقفلة أبقفال احلديد
ال شريك له وأشهد أن حممدا عبده ورسوله صلى هللا ووالوا أولياء الشيطان ضلوا وأضلوا عادوا أولياء الرمحن
عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم إبحسان إىل يوم وهم يف احلقيقة قطاعه حيسبون أنفسهم أدالء على الطريق
الدين ,أما بعد؛
ََ ََ ُ ْ َ َ ٓ َ َّ ُ َ َ َٰ ٌ َ َ ٓ َ َّ َ ٗ َ َ
اۡوقائ ِ ٗماَۡيذ ُرۡٱٓأۡلخِرۡةۡويرجواۡ جد لۡسا ِ نۡهوۡقن ِتۡءاناءۡٱَّل ِۡ فقد مدح هللا عز وجل أهل العلم به وبدينه فقال سبحانه ﱩ أم ۡ
َ ُ ْ ُ َّ َ َ َ ُ َ َ َّ َ َ َ َ ُ َ َّ َ َ َ َّ ُ َ ۡح َة َ
ب ﱨ ،1وأمر هللا سبحانه من ال اۡي َتذك ُرۡأ ْولواۡٱۡلل َبَٰ ِۡ ِينَۡلۡيعلمونۡإِنم ۡوۡٱَّل ۡ
ِينۡيعلمون ۡ ۡرب ِ ۡهِۦۡۡقلۡهلۡيَس َتوِيۡۡٱَّل ۡ َر َ
ُ ُ َ َ َ َ َ َُ َْ َ
ون ﱨ ,2وقال نتمَۡلۡتعل ُم ۡ سۡل ٓوۡاۡأهلۡٱَّلِك ِۡرۡإِنۡك يَعلم أبن يسأل أهل الذكر ويطيعهم فيما أيمرونه وينهونه ,فقال تعاىل ﱩ ف
َ ُ ُّ ُ َ َّ َ ُ َ ََ َ ُ َ ِيعواْۡٱ َّلر ُس َۡ َ ُ ْ ََٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ َ ُ ْ َّ
ّللۡ َوأَط ُ
ّللِۡ
وهۡإَِلۡٱ ۡ ِۡفَۡشءٖۡفرد ولۡوأو ِِلۡٱۡلم ِۡرۡمِنكمۖۡۡفإِنۡتنَٰزعتم ِ ِيعواۡٱ َۡ ِينۡءامنواۡأط تعاىل ﱩ يأيهۡاۡٱَّل ۡ
َ
َ َٰ َ َ ً َ ُ َ َ ٞ َ َّ ُ ُ ُ
يل ﱨ ،3فأمر بطاعة العلماء واألمراء بشرط أن ن ۡتأوِ ۡ
سۡ نتم ۡتؤم ُِنون ۡۡب ِۡٱ ۡ
ّللِۡ َۡوۡٱَّلَو ِۡم ۡۡٱٓأۡلخِرِۡ ۡذل ِك ۡخۡي ۡوأح ۡ َۡوۡٱ َّلر ُسو ِۡل ۡإِنۡك
تكون طاعتهم اتبعة لطاعة هللا وطاعة رسوله ﷺ ،وإن وقع خالف بني الناس أو خالف بني الناس وبني العلماء أو بني الرعية وبني
األمراء أو بني العلماء واألمراء فريد التنازع إىل هللا وإىل رسوله ﷺ أي إىل كتاب هللا واىل سنة رسوله ﷺ فذلك خري للناس يف الدنيا
واآلخرة.
َّ َّ َ َ
والعلماء الذين ينفعهم علمهم هم الذين يورثهم علمهم خشية هللا تعاىل كما قال سبحانه ﱩ إِن َمۡا َۡيَش ۡۡٱ َۡ
ّلل ۡمِنۡ
َ ُْ
ع َِبادِه ِۡٱل ُعل ََٰٓمؤۡا ﱨ ،4واخلشية هي اخلوف املقرون بتعظيم هللا عز وجل ,فاجتمع فيهم العلم ابهلل والعلم أبوامره مع اخلوف منه
وتعظيمه سبحانه ,ولذلك كان الالئق هبم أن يكونوا ألزم الناس لطاعة هللا وأبعدهم عن معصيته ,ومعرفتهم ابهلل تدعوهم إىل إخالص
العمل له فهو سبحانه الذي عنده حسن الثواب وهو الذي ال يوثق واثقه أحد وال يعذب عذابه أحد.
لقد ذكر هللا تعاىل علماء أهل الكتاب من قبلنا وذكر من استحقوا الذم منهم ,ومدح الذين متسكوا بكتبهم قبل بعثة نبينا
َ
حممد ﷺ وعملوا على إصالح الناس بتعليمهم دينهم وأمرهم ابملعروف وهنيهم عن املنكر ,قال تعاىل عن بين إسرائيل ﱩ َوق َّطع َنَٰ ُهمۡۡ
ون ﱨ القائمون حبقوق هللا وحقوق
َ ۡرضۡأُ َم ٗمۡا ۖۡ ﱨ 5أي فرقناهم ومزقناهم يف األرض بعدما كانوا جمتمعني ,ﱩ مِن ُه ُۡمۡٱ َّ َٰ
لصل ُِح ۡ
َ
ِِفۡٱۡل ِ ۡ
ُ َ َ َ
ِكۖۡ ﱨ أي دون الصالح إما مقتصدون يفعلون الواجبات دون املستحبات ويرتكون احملرمات دون عباده ,ﱩ َومِن ُهمۡ ۡدون ۡذَٰل ۡ
لس َ
يۡاتِۡ ﱨ أي ابلعسر واليسر ﱩ املكروهات وإما ظاملون ألنفسهم ,ﱩ َوبَلَو َنَٰ ُهم ﱨ على عادتنا وسنتنا ﱩ ۡب ۡٱ َ
ۡل َس َنَٰ ِۡ َ َّ
ت ۡ ۡوۡٱ ِ ِ
ون ﱨ عما هم عليه مقيمون من الضالل ويراجعون ما خلقوا له من اهلدى ,فلم يزالوا بني صاحل وطاحل ومقتصد حىت
َ
ج ُع ۡ َ َ َّ ُ َ
لعلهمۡۡير ِ
1الزمر9:
2النحل43:
3النساء59:
4فاطر28:
5األعراف168:
2
َ َ ََ
فۡ ِم ۢن َۡبع ِدهِمۡ ﱨ زاد شرهم ورثوا بعدهم الكتاب وصار املرجع فيه إليهم وصاروا يتصرفون فيه أبهوائهم وتبذل هلم األموال
ﱩ فخل ۡ
َٰ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َٰ َ َ َ
ن ﱨ أي يبيعون دينهم مقابل عرض من الدنيا ون ۡعرضۡهذاۡٱۡلد ۡ ليفتوا وحيكموا بغري احلق ,وفشت فيهم الرشوة ﱩ يأخذ ۡ
َ ُ ُ َ
وقول على هللا بال علم,
خال من احلقيقة ٌ ون ۡ َس ُيغ َف ُر َۡلَۡا ﱨ وهذا ادعاء ٍ
مقرين أبهنم مذنبون وأهنم ظلمة ومع ذلك ﱩ َيقول ۡ
ََُ ُ َ َ َ َ
ۡس ُيغف ُر َۡلَۡا ﱨ ,ولو كانوا طالب مغفرة لندموا على ما فعلوا وعزموا على أن ال يعودوا, يتجرؤون على املوبقات ﱩ ويقولون
ولكنهم إذا أاتهم عرض آخر ورشوة أخرى أيخذوهنا فاشرتوا آبايت هللا مثنا قليال واستبدلوا الذي هو أدىن ابلذي هو خري ,قال هللا
َ َٰ َ َّ ُ ُ ْ َ َ َّ
ّللِۡإ ِ ََّلۡٱ َ َ ََ ُ َ َ َ
ق ﱨ 6فما ابهلمۡل َّۡ بۡأنَۡل َۡيقولواۡلَعۡۡٱ ۡ ۡعلي ِهمۡمِيثَٰ ُقۡٱلكِت ِۡ تعاىل يف اإلنكار عليهم وبيان جراءهتم ﱩ ألمۡۡيؤخذ
ۡماۡفِي ۡهِ ﱨ فليس عليهم فيه إشكال فقد عرفوا يقولون عليه غري احلق اتباعا ألهوائهم وميال مع مطامعهم ,واحلال أهنم قد ﱩ َد َر ُسوا ْ َ
احلق واضحا وأتوا أمرهم متعمدين وكانوا يف أمرهم مستبصرين وهذا أعظم للذنب وأشد للوم وأشنع للعقوبة ,وهذا من نقص عقوهلم
َ ُ َ َ ُ َ َّ ٞ
ِين َۡي َّتق ۡ
ون ﱨ أي يتقون ما حرم هللا ۡيۡل َِّل وسفاهة رأيهم إبيثار احلياة الدنيا على اآلخرة ,وهلذا قال تعاىل ﱩ َۡوۡٱ َّدل ُۡ
ارۡٱٓأۡلخِرۡةۡخ ۡ
عليهم ,فاآلخرة خري للمتقني من املآكل اليت تصاب وتؤكل رشوة على احلكم بغري ما أنزل هللا وغري ذلك من أنواع احملرمات ,ﱩ
َََ َ ُ َ
ون ﱨ أي أفال يكون لكم عقول توازن بني ما ينبغي إيثاره وما ينبغي اإليثار عليه وما هو أوىل ابلسعي إليه والتقدمي له
لۡتعقِل ۡ
أف ۡ
فأىن له العقل والرأي! على غريه ,فخاصية العقل النظر للعواقب ,وأما من نظر إىل عاجل طفيف منقطع يفوت نعيما عظيما ابقيا ى
َ ُ َ َّ
ب ﱨ أي يتمسكون به علما وعمال فيعلمون ما فيه من ِينۡ ُي َمسِكونۡۡب ِۡٱلكِتَٰ ِۡ
وإمنا العقالء حقيقة من وصفهم هللا بقوله ﱩ َۡوۡٱَّل َۡ
األحكام واألخبار اليت ِعلمها أشرف العلوم ويعملون مبا فيها من األوامر اليت هي قرة العيون وسرور القلوب وأفراح األرواح وصالح
الدنيا واآلخرة.
ومن أعظم ما جيب التمسك به من املأمورات إقامة الصالة ظاهرا وابطنا ,وهلذا خصها هللا ابلذكر لفضلها وشرفها وكوهنا
َّ َ ُ ُ َ
يح َۡ يعۡأج َرۡٱل ُمصل ِ ِ ميزان اإلميان وإقامتها داعية إلقامة غريها من العبادات ,وملا كان عملهم كله إصالحا قال تعاىل ﱩ إِنۡاَۡلۡن ِ
ض
َ َٰ َ َ ُ َ َ َ َّ ُ َ َ َّ َ ُ ُ ْ
بَۡلُبَيِن َّن ُۡه ۡۥۡ
ِينۡأوتواۡۡٱلكِت ۡ ّللۡمِيثَٰقۡۡٱَّل ۡ ﱨ 7يف أقواهلم وأعماهلم ونياهتم مصلحني ألنفسهم ولغريهم ,وقال تعاىل ﱩ ۡ
ِإَوذۡأخذۡٱ ۡ
ََٗ َ ٗ َ َ َ َ َُ َ َ ََ ْ ََ َ ُُ َُ َََ ُ ُ َ ٓ ُ ل َّ
ون ﱨ 8فهذا هو الذي كلف َت ۡ َتوۡاۡب ِ ۡهِۦۡثمناۡقل ِيل ۖۡۡفبِئسۡماۡيش ۡو َرا َءۡظ ُهورِهِم ۡ
ۡوۡٱش اسۡوَلۡتكتمون ۡهۥۡفنبذوه ِلن ِ
َ
هللا به العلماء أن ال يكتموا احلق بل يظهرونه ويبينونه وال يلبسونه ابلباطل كما قال سبحانه خماطبا علماء بين إسرائيل ﱩ َو ۡ
َلۡ
َ َ ُ ُ ْ َ َّ َ َ ُ َ َ َ تَلب ِ ُسواْۡۡٱ َ
ون ﱨ ,9وقد الم هللا علماء أهل الكتاب وذمهم ملا خالفوا أمره فكتموا نتمۡتعل ُم ۡ قۡوألۡوتكتمواۡٱۡل ۡ ۡل َّۡ
قۡۡب ِۡٱل َبَٰ ِط ِۡ
َ َ ُ َ َ َ َ
قۡۡل َّۡون ۡٱ َ شيئا من احلق الذي حيتاج الناس إىل معرفته ولبسوا بعض احلق ابلباطل فقال سبحانه ﱩ يََٰٓأه ۡ
ل ۡۡٱلكِتَٰ ِۡ
ب ۡل ِم ۡتلبِس
َ َ ُ ُ َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ
ون ﱨ.10 نتمۡتعل ُم ۡ قۡوأ
لۡوتكتمونۡۡٱۡل ۡ ۡب ِٱل َبَٰ ِط ِۡ
6األعراف169:
7األعراف170:
8آل عمران187:
9البقرة42:
10آل عمران71:
3
وقد بني لنا نبينا ﷺ أنه ما من خمالفة وقع فيها أهل الكتاب اليهود والنصارى إال وستقع يف هذه األمة احملمدية ,وهلذا
قال اإلمام سفيان بن عيينة ( من فسد من عبادان ففيه شبهٌ من النصارى ,ومن فسد من علمائنا ففيه شبهٌ من اليهود) ,11وكثريا
ما خيرب هللا سبحانه أن أهل السعادة هم الذين عرفوا احلق واتبعوه ,وأن أهل الشقاوة هم الذين جهلوا احلق وضلوا عنه أو علموه
وخالفوه واتبعوا غريه ,ولذلك يدعوا املسلم يف كل ركعة من صلواته أن يهديه هللا الصراط املستقيم صراط الذين أنعم هللا عليهم من
النبي ني والصديقني والشهداء والصاحلني ,ويسأل املسلم ربه أن جينبه طرق املغضوب عليهم وهم الذين عرفوا احلق ومل يعملوا به,
والضالني الذين جهلوا احلق وضلوا عنه.
وأول تعامل لنبينا ﷺ مع الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب كان مع ورقة بن نوفل الذي تنصر وكان يكتب الكتاب
العرباين وكان يعرف التوراة واإلجنيل ومل يكن ممن دخل يف التبديل وال أخذ عمن بدلوا دينهم وحرفوا كتبهم ,ففي صحيح البخاري
ٍ
الَ ( :ما أَ َان ال( :اقْ َرأْ) ،قَ َ ك فَ َق َ عن أم املؤمنني عائشة -رضي هللا عنها -أن النيب ﷺ [ َجاءَهُ احلَ ُّق َوُه َو ِيف َغا ِر ِحَراء ،فَ َجاءَهُ امللَ ُ
َ
َخ َذِين فَغَطَِّين الثَّانِيَةَ َح َّىت بَلَ َغ تَ ( :ما أَ َان بَِقا ِر ٍئ) ،فَأ َ
ِ
َخ َذِين فَغَطَِّين َح َّىت بَلَ َغ م ِىين اجلَ ْه َد ُُثَّ أ َْر َسلَِين ،فَ َق َال( :اقْ َرأْ) ،قُلْ ُ ال :فَأ َ بَِقا ِر ٍئ) ،قَ َ
َ َّ
يۡ َّل ۡ ال :ﱩۡٱق َرأۡۡۡب ِٱس ِۡمۡ َربِكۡٱ ِ َخ َذِين فَغَطَِّين الثَّالِثَةَ ُُثَّ أ َْر َسلَِين ،فَ َق َ تَ ( :ما أَ َان بَِقا ِر ٍئ) ،فَأ َ ال( :اقْ َرأْ) ،فَ ُقلْ ُ ِم ِىين اجلَ ْه َد ُُثَّ أ َْر َسلَِين ،فَ َق َ
َ َ ُّ َ َ
ف فُ َؤ ُادهُ ،فَ َد َخ َل َعلَى َخ ِدجيَ َة ج ر ي ﷺ اَّللِ ول سر ا هبكۡٱۡلك َر ُۡم ﱨ 12فَرجع ِ ب ر و ۡ أ
ۡرۡعلَقۡۡ٢ٱق َ نۡمِن َ ۡنس َ
َٰ َ
ۡل ٱۡ ققَ ۡ١خلَ َ َۡخلَ َ
َْ ُ ُ َّ ُ َََ َ َُ ِ
يت َعلَى ِ الروع ،فَ َق َ ِ ِ اَّللُ َعْن َها ،فَ َق َ ِ ِ ِ ِ ت ُخ َويْلِ ٍد َر ِض َي َّ بِنْ ِ
َخ ََربَها اخلَََرب( :لَ َق ْد َخش ُ ال خلَدجيَةَ َوأ ْ ب َعنْهُ َّ ْ ُ ال َ ) :زىملُوين َزىملُوين) فَ َزَّملُوهُ َح َّىت ذَ َه َ
ِ ِ ِ صل َّ ِ اَّلل أَبدا ،إِن َ ِ نَ ْف ِسي) فَ َقالَت خ ِدجيةَُ ( :ك َّال و َِّ
نيفَ ،وتُع ُ ومَ ،وتَ ْق ِري الضَّْي َ ب املَْع ُد َ الرح َمَ ،وَْحتم ُل ال َك َّلَ ،وتَكْس ُ َّك لَتَ ُ يك َُّ َ اَّلل َما ُخيْ ِز َ َ ْ َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ
ت بِه َخدجيَةُ ح َّىت أَتَ ْ ِ ِ َعلَى نَوائِ ِ
صَر ِيف َسد بْ ِن َعْبد العَُّزى ابْ َن َع ِىم َخدجيَةَ َوَكا َن ْامَرأ تَنَ َّ ت به َوَرقَةَ بْ َن نَ ْوفَ ِل بْ ِن أ َ َ ب احلَ ِىق) ،فَانْطَلَ َق ْ َ
ت لَ ُه ل ا ق ف ، ي ِ
م ع د ق اري ِ
ب ك ا خ ي ش ن ا ك
و ، ب ْت
ك ي نَأ اَّلل اء ش ام ِ
ة يِان
رب ِ
لع ِ
اب ِ
يل ِ
جنْ ِ
إل ا ن ِ ِ ِ ِ ِ ِِ
ْ َ َّ َ َ َ َُّ ْ َ ُ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ اجلَاهليَّ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ْ َ َّ ََ ُ ُ َ
م ب ْتك ي ف ، اين رب الع اب ت الك ب ْت
ك ي ن ا كو ، ة
ول َِّ ِ اْسع ِمن اب ِن أ ِ ِ
اَّلل ﷺ َخ ََرب َما َرأَى ،فَ َق َال لَهُ َخ ََربهُ َر ُس ُال لَهُ َوَرقَةَُ ( :اي ابْ َن أَخي َماذَا تَ َرى؟) فَأ ْ يك) ،فَ َق َ َخ َ َخدجيَةَُ ( :اي ابْ َن َع ِىمْ َ ْ َْ ،
ِ وس الَّ ِذي نََّزَل َّ
وسى َ ، --اي لَْي تَِين ف َيها َج َذعا ،لَْي تَِين أَ ُكو ُن َحيًّا إِ ْذ ُخيْ ِر ُج َ
13
ولال َر ُس ُ ك) ،فَ َق َ ك قَ ْوُم َ اَّللُ َعلَى ُم َ َّام َُوَرقَةَُ ( :ه َذا الن ُ
ط مبِِثْ ِل ما ِجْئ ِِ ِ ِ ال( :نَعمَ ،مل أيْ ِ ِ َِّ
صرا ُم َؤزَّرا) ُُثَّ ص ْرَك نَ ْك أَنْ ُ يَ ،وإِ ْن يُ ْد ِرْك ِين يَ ْوُم َ ت به إَّال عُود َ َ َ ت َر ُجل قَ ُّ
ٌ اَّلل ﷺ ) :أ ََو خمُْ ِرج َّي ُه ْم) ،قَ َ َ ْ ْ َ
الو ْح ُي] 14انتهى. ِ
يفَ ،وفَََرت َ ب َوَرقَةُ أَ ْن تُ ُو ىََملْ يَْن َش ْ
قال ابن حجر يف "فتح الباري"( وكان ورقة بن نوفل قد خرج هو وزيد بن عمرو بن نفيل ملا كرها عبادة األواثن إىل
الشام وغريها يسألون عن الدين ,فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر وكان لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ومل يبدل,
وهلذا أخرب بشأن النيب ﷺ والبشارة به إىل غري ذلك مما أفسده أهل التبديل ,وملا ْسع ورقة من نبينا ﷺ خرب بدأ الوحي متىن ورقة
15
أن يكون جذعا ,واجلذع هو الصغري من البهائم ,كأنه متىن أن يكون عند ظهور الدعاء إىل اإلسالم شااب ليكون أمكن لنصره]
انتهى.
ُث واجه النيب ﷺ صنفا آخر من الذين أوتوا العلم وهو أمية بن أيب الصلت الذي كان ينكر شرك املشركني ويتربأ من
هل
قالْ ( : سول هللاِ ﷺ يَ ْوما ،فَ َ ت َر َ ِ
ضالهلم ولكنه مل يُسلم ,جاء يف صحيح مسلم عن الشريد بن سويد الثقفي قالَ [ :ردفْ ُ
(هيه), قالِ ( :هيه) ,فأنْش ْدتُه ب ي تا ،فقالِ ( :هيه)ُُ ,ثَّ أَنْش ْدتُه ب ي تا ،فقالِ : لت :نَ َع ْمَ ، معك ِمن ِشع ِر أُميَّةَ ب ِن أَِيب َّ ِ
َ ُ َْ َ ُ َْ الصلْت شيءٌ؟) قُ ُ ْ َ َ
4
ت ,فقال النيب ﷺ (إِ ْن َك َاد لِيُ ْسلِ ُم ) ,16ويف رواية (فَلَ َقد َك َاد يُسلِم ِيف ِشع ِرهِ) ,]17كان أمية بن أيب الصلت مثالحىت أَنْ َش ْدتُه ِمئَةَ ب ي ٍ
ُ َْ َّ
سيئا للعامل الذي عرف احلق واهلدى ولكنه مل يتبعه بل حاربه وكفر ابهلل ومات كافرا ,أرداه حسده يف جهنم والعياذ ابهلل ,قال ابن
َ َ َ َّ ٓ َ َ َ َٰ ُ َ َ َ ُ َ
ۡءايَٰت َِنۡا ﱨ 18قال( :هو ِيۡءاتينه لۡ َعلي ِهمۡنبأۡۡٱَّل ۡ كثري عن عبد هللا بن عمرو -رضي هللا عنهما -يف قوله تعاىل ﱩ ۡوۡٱت ۡ
صاحبكم أمية بن أيب الصلت).19
وقد روي من غري وجه عنه وهو صحيح إليه وكأنه إمنا أراد أن أمية بن أيب الصلت يشبهه ,فإنه كان قد اتصل إليه علم
كثري من علم الشرائع املتقدمة ولكنه مل ينتفع بعلمه فإنه أدرك زمان رسول هللا ﷺ وبلغته أعالمه وآايته ومعجزاته وظهرت لكل من
له بصرية ومع هذا اجتمع به ومل يتبعه وصار إىل مواالة املشركني ومناصرهتم وامتداحهم ,ورثى أهل بدر من املشركني مبراثة بليغة قبحه
هللا تعاىل ,وقد جاء يف بعض األحاديث أنه ممن آمن لسانه ومل يؤمن قلبه ,فإن له أشعارا رابنية وحكما وفصاحة ولكنه مل يشرح هللا
صدره لإلسالم.
أقول -وابهلل التوفيق :-أن من يقرأ السرية النبوية على صاحبها -الصالة والسالم-؛ ليَعجب من مواقف اليهود ،وأحبارهم،
من نبينا حممد ﷺ ،ودعوته إىل اإلسالم ،فال شك أنه ،مل يكن خافيا عليهم ظهوره مبكة ،فال يتحركون حنوه ،وال يبادرون إىل نصره،
وهم الذين جاؤوا إىل املدينة؛ فسكنوها انتظارا ملبعثه ،حىت أختار هللا األنصار؛ لنصرة دينه وإيواء نبيه ﷺ ،وأتباعه ،لقد جتاهلوا
مبعث النيب ﷺ حىت إذا جاءهم يف املدينة ،وأقام دولة اإلسالم فيها؛ حسدوه ﷺ ،وابرزوه ابلعداوة ،وبدت البغضاء من أفواههم،
وكادوه ،وأدعوا كذاب ،وزورا؛ أنه ليس ابلنيب الذي كانوا ينتظرونه ،ليؤمنوا به.
روى حممد ابن إسحاق يف السرية ،عن عاصم بن عمر ،عن قتادة األنصاري -رمحهم هللا -عن أشياخ منهم قال" :قالوا :فينا ،وهللا،
َّ
ّللِۡ
ب ۡمِن ۡعِن ِد ۡۡٱ ۡوفيهم -يعين :يف األنصار،ويف اليهود ،-الذين كانوا جرياهنم؛ نزلت هذه القصة يعين ﱩ ۡ َول َ َّمۡا ۡ َجا ٓ َء ُهم ۡك َِتَٰ ٞ
َ َ ُ َّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ َّ َ ٓ َ ُ َّ َ ُ ْ َ َ ْ ُ َ ْ ُ ََ ُ َ َ َ ٞ
اۡع َرفواۡكف ُرواۡب ِ ۡهِۦۡ ۡفلع َنة ۡۡٱ ۡ
ّللِۡ ِينۡكفرواۡفلماۡجاءهمۡم ۡوَكنواۡمِنۡقبل ۡيستفت ِحونۡلَع ۡۡٱَّل ۡ مصدِق ۡل ِماۡمعهم
ََ َ
ين ﱨ 20قالوا :كنا قد علوانهم دهرا يف اجلاهلية ،وحنن أهل شرك ،وهم أهل كتاب؛ فكانوا يقولون :أن نبيا من األنبياء، ك َٰف ِِر َۡ
لَعۡٱل ۡ
فلما بعث هللا رسوله ﷺ من قريش؛ واتبعناه ،كفروا به ،يقول هللا أظل زمانه؛ نقتلكم معه ،قتل عاد ،وإرمَّ ، يبعث اآلن؛ نتبعه ،قد َّ
َ َ َ َ ُ َّ َ َ َ َ َّ َ ٓ َ ُ َّ َ ُ ْ َ َ ْ
ين ﱨ.21 ّللِۡلَعۡۡٱلكَٰفِرِ َۡ اۡع َرفواۡكف ُرواۡب ِ ۡهِۦۡۡفلعنةۡٱ ۡ تعاىل :ﱩۡفلماۡجاءهمۡم
أخطب -رضي هللا عنها :-اختاذ اليهود قرار املعاداة للنيب ﷺ ولإلسالم, َ صورت أم املؤمنني :صفية بنت ُحيَ ىي بن وقد َّ
ط َم َع َولَ ٍد َهلَُما ،إِال ب َولَ ِد أَِيب إِلَْي ِهَ ،وإِ َىل َع ِىمي أَِيب َاي ِس ٍرَ ،ملْ أَلْ َق ُه َما قَ ُّ َح َّ
تأَ فقالت ،كما روى ابن إسحاق ،يف السرية عنهاُ " :كنْ ُ
بَ ،و َع ِىمي أَبُو ِ ٍ ِ ِ ول َِّ ال :فَلَ َّما قَ ِد َم َر ُس ُ َخ َذ ِاين ُدونَهُ ،قَ َ
َخطَ َ اَّلل ﷺ الْ َمدينَةََ ،ونََزَل فنَاءَ بَِين َع ْم ِرو بْ ِن َع ْوف َغ َدا َعلَْيه أَِيب ُحيَ ُّي بْ ُن أ ْ أَ
ني ،ميَْ ِشي ِ نيَ ،ساقِطَ ْ ِ نيَ ،كسالنَْ ِ َّ ِ ِ ِ َخطَب ُمغَلِىس ْ ِ ِ
ان َ ت :فَأَتَيَا َكال ْ ْ س ،قَالَ ْ َّم ِ ت :فَلَ ْم يَ ْرج َعاَ ،ح َّىت َكا َن َم َع غُُروب الش ْ ني ،قَالَ ْ َ َايس ِر بْ ُن أ ْ َ
ت َع ِىمي أ ََاب ِ ِِ ِ اَّللِ ما الْتَ َفت إِ ََّ ِ ِ
ت :فَ َسم ْع ُ يل َواح ٌد مْن ُه َما َم َع َما هب َما م َن ا ْهلَِىم ،قَالَ ْ َ َصنَ ُع ،فَ َو َّ َ
تأ ْ ت إِلَْي ِه َماَ ،ك َما ُكْن ُت :فَ َه َش ْش ُ ا ْهلَُويْنَا ،قَالَ ْ
ال: ك ِمنْهُ؟ قَ َ ال :نَ َع ْم .قَ َال :فَ َما ِيف نَ ْف ِس َ اَّللِ .قَ َال :أَتَ ْع ِرفُهُ َوتُثْبِتُهُ؟ قَ َ
ال :نَ َع ْم َو َّ
ب " :أ َُه َو ُه َو؟ قَ َ َخطَ َول ألَِيب ُحيَ ِىي بْ ِن أ ْ َاي ِس ٍر َوُه َو يَ ُق ُ
يت أَبَدا"22انتهى. ع َدواتُه و َِّ ِ
اَّلل َما بَق ُ َ َ َُ
5
وكان من فضل هللا ،ورمحته أن هدى بعضا من أهل الكتاب إىل اإلسالم ،فقد كانوا يعلمون ابلبشارة بنبينا حممد ﷺ،
ويعلمون أين سيخرج ،ويعرفون صفته ﷺ؛ فلم يبقى إال أن أيتوه ،فريوه ،ويسمعوا منه ،فيؤمنوا به ،وينصروه ،ويشهدوا ،شهادة احلق
َ َ َ َ َ ََٰٓ ٓ َ ۢ ٞ َّ َ َ ُ َ َ ُ َ
سءِيلۡ ۡمنۡب ِِنۡ ِإ ّللِۡ َوكفرتمۡب ِ ۡهِۦۡوش ِهدۡشاهِد ِعلى صدق النيب ﷺ ،كما قال تعاىل :ﱩۡقلۡأ َر َءي ُتمۡۡإِنَۡكنۡمِنۡعِندِۡٱ ۡ
َّ َٰ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َّ َّ َ َ
ّللَۡل َۡيهدِيۡۡٱلقو َۡمۡٱلظل ِ ِم َۡ
ي ﱨ .23 ۡوۡٱستكَبت ۡمۡإِنۡٱ ۡ لَعۡمِثل ِ ۡهِۦۡفۡامن ۡ َ َ َٰ
َح ٍد ميَْ ِشي َعلَى اَّللِ ﷺ ي ُق ُ ِ
ول أل َ َ ول َّت َر ُس َ ِ
روى البخاري ،ومسلم ،والنسائي ،عن سعد بن أيب وقاص قالَ :ما َْس ْع ُ
فۡ َ
ام َنۡ ِيل َ َ َٰ
ۡلَعۡمِثل ِ ۡهِۦۡ َ َ َ َ َ َ َ ََٰٓ ٓ َ ۢ ٞ
ۡمنۡب ِِنۡإِسء اَّللِ بْ ِن َس َالٍم ،--وفيه نزلت :ﱩۡوش ِهدۡشاهِد ِ اجلَن َِّة إَِّال لِ َعْب ِد َّ
ض إِنَّهُ ِم ْن أ َْه ِل ْ و ِ
جه ْاأل َْر ِ َ
ُ
24
َۡوۡٱس َتك ََبتمۡ ﱨ.
الناس إليه، وقد أخرج الرتمذي ،وصححه ،عن عبد هللا بن سالم ،أنه قال" :أ ََّو ُل ما قَ ِدم ُ ِ
رسول هللا ﷺ املدينةَ ْاجنَ َف َل ُ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ف ُكن ِ
ال: عت من َك َالمه أَن قَ َ يس بَِوجه َك َّذاب ،قَالَ :وَكا َن أََّو ُل َما َْس ُ جههُ لَ َفت أَ َّن َو َ جههُ ،واشتَبَهتُهُ؛ َعَر ُ ت َو َ ت ممَّن َجاءَهُ ،فَلَ َّما َأتََّملَ ُ ُْ
بس َالٍم) 25.لقد سلك عبدهللا بن سالم ،الذي ِ وصلُّوا ِ السالم ،وأَطْعِ ُموا
الناس نيَ ٌام ،تَ ْد ُخلُوا اجلنةَ َ ابلليل و ُ الطعامَ ، َ َ الناس ،أَفْ ُشوا
(أَيُّها ُ
كان من أحبار اليهود ،وعلمائهم؛ سلك سبيل الصادقني ،الذين يريدون معرفة احلق ،ليتبعوه؛ فسعى ملعرفة انطباق صفات النيب
املوعود ،على صفات نبينا حممد ﷺ ،فلما تبني له ،أنه هو الذي بَشَّرت به التوراة ،واإلجنيل ،وأنه هو الذي أخذ هللا ميثاق النبيني
أن يؤمنوا به ،وينصروه ،ملا تبني له ذلك؛ ابدر إىل اإلميان ،وشهد أنه احلق ،وأقام احلجة على علماء أهل الكتاب ،وكشف كذهبم،
وهبتاهنم.
اَّللِ ﷺ امل ِدينَةَ فَأَ َاتهُ ،فَ َق َال: ول َّاَّللِ بن سالٍَم م ْق َدم رس ِ
كما جاء يف صحيح البخاري ،عن أنس ،أنه قَال :بَلَ َغ َعْب َد َّ ْ َ َ َ ُ َ ُ
َ
الساع ِة؟ وما أ ََّو ُل طَع ٍام أيْ ُكلُه أَهل اجلن َِّة؟ وِمن أ ِ ٍ ِ ٍ
الولَ ُد
َي َش ْيء يَْنزِعُ َ َ َ ُ ُْ َ َ ْ ى يب قَ َالَ :ما أ ََّو ُل أَ ْشَراط َّ َ َ َ ك َع ْن ثَالَث الَ يَ ْعلَ ُم ُه َّن إَِّال نَِ ٌّ إِِىين َسائِلُ َ
ود ِم َن اَّللِ ذَ َاك ع ُد ُّو الي ه ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ول َِّ َخ َوالِِه؟ فَ َق َ إِ َىل أَبِ ِيه؟ وِمن أ ِ ٍ
َ َُ ال :فَ َق َال َعْب ُد َّ يل قَ َ
اَّلل ﷺ َخ ََّربين هب َّن آنفا ج ْرب ُ ال َر ُس ُ َي َش ْيء يَنْزِعُ إِ َىل أ ْ َ ْ ى
ب ،وأ ََّما أ ََّو ُل طَع ٍام أيْ ُكلُه أَهل اجلنَّةِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ املالَئِ َك ِة ،فَ َق َ
َ َ ُ ُْ َ َّاس م َن املَ ْشرق إ َىل املَغْر َ اعة فَنَ ٌار َْحت ُش ُر الن َالس َ
اَّلل ﷺ :أ ََّما أ ََّو ُل أَ ْشَراط َّ ول َّ ال َر ُس ُ
َ
الر ُج َل إِذَا َغ ِش َي امل ْرأََة فَ َسبَ َق َها َم ُاؤهُ َكا َن الشَّبَهُ لَهَُ ،وإِذَا َسبَ َق َم ُاؤَها َكا َن الشَّبَهُ َهلَا قَ َ ِ ِ ِ ٍ ِ ِ
ال:
َ
نَّ
َ ُ َ َ َّإ ف : د ل
َالو يف ه َّب
الش ا َم
َّ أوَ ، وت فَ َِ َ ُ َ ُ
ح د ب ك ة د اي
ز
ِ ِ ِ ِ ول َِّ اَّللُُِ ،ثَّ قَ َ
ت ،إِ ْن َعل ُموا إبِِ ْسالَمي قَ ْب َل أَ ْن تَ ْسأَ َهلُْم َهبَتُ ِوين عْن َد َك ،فَ َجاءَت اليَ ُه ُ
ود اَّلل إِ َّن اليَ ُه َ
ود قَ ْوٌم ُهبُ ٌ الَ :اي َر ُس َ ول َّ َّك َر ُس ُ أَ ْش َه ُد أَن َ
ِ َي رج ٍل فِي ُكم عب ُد َِّ ول َِّ ودخل عب ُد َِّ
ال َخ َِريَان ،فَ َق َ اَّلل بْ ُن َسالٍَم قَالُوا أ َْعلَ ُمنَاَ ،وابْ ُن أ َْعلَمنَاَ ،وأ ْ
َخ َريَُانَ ،وابْ ُن أ ْ ْ َْ اَّلل ﷺ أ ُّ َ ُ ال َر ُس ُ ت ،فَ َق َ اَّلل البَ ْي َ َ َ َ َ َْ
َن ال :أَ ْش َه ُد أَ ْن الَ إِلَهَ إَِّال َّ
اَّللُ َوأَ ْش َه ُد أ َّ اَّللِ إِلَْي ِه ْم فَ َق َ
ك ،فَ َخَر َج َعْب ُد َّ ِ
اَّللُ ِم ْن ذَل َ
َعاذَهُ َّاَّلل قَالُوا :أ َ
اَّللِ ﷺ أَفَرأَي تم إِ ْن أَسلَم عب ُد َِّ
ْ َ َْ َ ُْ ْ ول َّ َر ُس ُ
اَّللِ ،فَ َقالُواَ :شُّرَانَ ،وابْ ُن َشىِرَانَ ،وَوقَعُوا فِ ِيه 26،فقال عبدهللا بن سالم :هذا الذي كنت أخافه اي رسول هللا".27 ول َّ ُحمَ َّمدا َر ُس ُ
لقد أخرب هللا تعاىل ،أن أهل الكتاب يعرفون النيب ﷺ حق املعرفة ،بل كما يعرفون أبنائهم ،وأن كثري منهم ليكتمون احلق،
َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َّ َ َ َ َ َ َٰ َ ً َ ُ َ َّ َ َ َّ ُ َ
ّللۡبِغَٰفِلۡع َّماۡتع َمل ۡ
ون ّللِۡوماۡۡٱ ۡ وهم يعلمونه ،وهم الذين قال هللا تعاىل فيهم :ﱩ ومنۡأظل ۡمۡمِمنۡكتمۡشهدةۡعِند ۡهۥۡمِنۡٱ ۡ
ﱨ ،28وملا كانت عادة أكثر الناس ،أن يتبعوا علمائهم ،ورؤسائهم ،دون تَ ُّ
بصر ،وال تَ ُّبني ،فكان جواهبم؛ تلبيس احلق ،ابلباطل،
وكتمان احلق ،الذي يعلمونه ،وهو صفة نبينا حممد ﷺ ،ومبعثه ،ونبوته.
23األحقاف10:
اىل عنْ هم -ابب ِمن فَضائِ ِل عب ِد َِّ
اَّلل بْ ِن َس َالٍم َر ِض َي َّ
اَّللُ َعنْهُ -برقم 4662وللبخاري يف صحيحه يف الص َحابَِة َر ِض َي َّ
ضائِ ِل َّ 24
اَّللُ تَ َع َ َ ُ ْ َ ُ ْ َ َ ْ يف السنن الكربى للنسائي يف كتاب املناقب برقم 7022وملسلم يف صحيحه يف كتاب فَ َ
كتاب مناقب األنصار -ابب مناقب عبدهللا بن سالم رضي هللا عنه برقم 3636
25يف سنن الرتمذي أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول هللا ﷺ برقم 2485
26صحيح البخاري/كتاب أحاديث األنبياء/ابب خلق آدم صلوات هللا عليه وذريته برقم 3176
27الزايدة عند البخاري يف صحيحه كتاب مناقب األنصار برقم 3938
28البقرة140:
6
قال" :ال تكتموا ما 29 وا ْۡۡٱ َ
ۡلقۡ ﱨ
َ
روى ابن جرير ،عن ابن عباس -رضي هللا عنهما -يف قوله تعاىل :ﱩ َوتك ُت ُم ۡ
عندكم من املعرفة برسويل وما جاء به ،وأنتم جتدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب اليت أبيديكم".30
وأما تلبيس أهل الكتاب للحق ،ابلباطل ،فكان بطرق كثرية منها :أهنم كانوا خيلطون ،التوراة ،واإلجنيل ،اليت أنزهلا هللا
أبشياء ،اختلقوها ،وكتبوها أبيديهم ،افرتاء على هللا ،وعلى ،رسله ،ومنها :أهنم أقروا بنبوة نبينا حممد ﷺ ،ولكنهم زعموا كاذبني؛
أنه مل يرسل إليهم ،بل إىل غريهم ،ومن تلبيساهتم ،أن منهم من سلك طريق النفاق األكرب ،فآمن ظاهرا مع إبطان الكفر ،والعداوة؛
ليكيد لإلسالم وأهله.
َ َ َ
َ َ ُ ُ َ َ َّ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ
ون ﱨ :31 نتم ۡتعل ُم ۡ ق ۡوأ
ل ۡوتكتمون ۡٱۡل ۡ ۡل َّۡ
ق ۡۡب ِٱل َبَٰ ِط ِۡ ون ۡۡٱ َ قال جماهد ،عن قوله تعاىل :ﱩ يََٰٓأهل ۡٱلكِتَٰ ِۡ
ب ۡل ِم ۡتلبِس
"تكتمون حممدا ،وأنتم تعلمون ،وأنتم جتدونه عندكم يف التوراة ،واإلجنيل ،فتأويل اآلية إذا :وال َختْلِطُوا على الناس ،أيها األحبار من
أهل الكتاب ،يف أمر حممد ﷺ ،وما جاء به من عند ربه ،وتزعموا أنه مبعوث إىل بعض أجناس األمم ،دون بعض ،أو تُنافقوا يف
أمره ،وقد علمتم أنه مبعوث إىل مجيعكم ،ومجيع األمم غريكم؛ فتخلطوا بذلك الصدق ،ابلكذب ،وتكتموا به ما جتدونه يف كتابكم،
من نعته ،وصفته ،وأنه رسويل إىل الناس كافة ،وأنتم تعلمون أنه رسويل ،وأن ما جاء به إليكم فمن عندي ،وتعرفون أن من عهدي
الذي أخذت عليكم ،يف كتابكم اإلميان به ،ومبا جاء به ،والتصديق به".32
ومن صور خلط أحبار اليهود للحق ،ابلباطل :أهنم اتفقوا على مكيدة لإلسالم؛ أبن يظهروا اإلسالم أول النهارُ ،ث يف
آخره يكفرون ابإلسالم؛ ليضلوا اجلهال من الناس ،وحياولوا رد من آمن ابإلسالم عن دينه؛ بتفهيمهم أهنم رجعوا عن اإلسالم؛ ألهنم
َ َ َ َ َ َّ ٓ َ ٞ
تۡطائِفةۡمِنۡأه ِلۡٱلكِتَٰ ِۡ
بۡ اطلعوا على عيب فيه ،وأنه ليس هو الدين الذي يرضاه هللا ،ففضح هللا كيدهم ،قال تعاىل ﱩ وقال
َ ُ ُ ٓ ْ َ َ ُ َ َ َّ ُ َ ام ُنوا ْ َ
ۡوج َهۡٱَلَّ َه ۡ َ ِينۡ َء َ َ ُ ْ َّ ٓ ُ َ َ َ َّ
ونﱨ .33هذه مكيدة أرادوها؛ ليَلبِ ُسوا ج ُع ۡ
ارِۡ ۡوۡٱكفروۡاۡءاخِرۡهۥۡلعلهمۡير ِ نزلۡلَعۡۡٱَّل َِۡيۡأ ِ
ءامِنواۡۡب ِۡٱَّل ۡ
على الضعفاء من الناس ،أمر دينهم ،وهو أهنم ا ْشتَ َوُروا بينهم؛ أن يظهروا اإلميان أول النهار ،ويصلوا مع املسلمني صالة الصبح،
قيصة ،وعيب يف دين ِ
فإذا جاء آخر النهار ،ارتدوا إىل دينهم؛ ليقول اجلهلة من الناس" :إمنا ردهم إىل دينهم اطىَالعُهم على نَ َ
ون ﱨ.
َ
ج ُع ۡ َ َ َّ ُ َ
املسلمني"؛ وهلذا قالوا ﱩ لعلهمۡير ِ
وهنا حيق لكل مسلم أن يتساءل :ملاذا مل يؤمن علماء أهل الكتاب بنبينا حممد ﷺ؟ ملاذا مل يكونوا أول مؤمن به بدل من
أن يكونوا أول كافر به؟ ملاذا حاربوه ،وصدوا الناس عنه ،بدال من أن يناصروه ،وحياربوا أعدائه؟ أال خيافون عذاب هللا؟! أال يطمعون
يف رمحة هللا ،ومغفرته ،وجنته! وما الذي صرفهم عن أن يَ ْش ُروا أنفسهم ابتغاء مرضاة هللا؟
اجلواب الشايف عن كل تلك التساؤالت السابقة :يف كتاب هللا -عز وجل ،-بينه هللا أحسن بيان ،فضحهم هللا ،وكشف
َ َٰ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َٰ َ ُ َ ُ
ِي ﱨ.34 ۡسبِيلۡٱل ُمجرِم َۡ صلۡۡٱٓأۡليتِۡۡول ِتستبِي خبااي نفوسهم اخلبيثة ،وأعماهلم الضالة ،كما قال تعاىل :ﱩ وكذل ِكۡنف ِ
فأكرب أسباب ضالهلم:
الكرب الذي توعد هللا صاحبه؛ أبن يصرفه عن أن ينتفع ويهتدي آبايت هللا ،قال -أوال :ما انطوت عليه نفوسهم ،من ِ
َ َ ْ ُ َّ َ َ َّ ُ ُ ْ َ َ َ ُ َ َ َ َٰ َ َّ َ َ َ َ َّ ُ َ
واۡب ِ َهاِۡإَونۡ ۡرضۡب َغۡيۡۡٱ َ
قِۡإَونۡيرواُۡكۡءايةَٖۡلۡيؤمِن ۡ
ۡل ِۡ ِۡفۡٱۡل ِ ۡ ِ ِِينۡيتكَبون ِ تعاىل :ﱩ سأ ِ
ۡصفۡعنۡءاي ِِتۡٱَّل ۡ
29البقرة42:
30جامع البيان يف تفسري القرآن يف تفسري اآلية برقم 832
31آل عمران71:
32جامع البيان يف تفسري القرآن يف تفسري اآلية برقم 838
33آل عمران72:
34األنعام55:
7
َ َ ْ َ َ َ َ َّ ُ ُ َ ٗ َ َٰ َ َ َّ ُ َ َّ ُ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ َ ُّ َ َ َّ ُ ُ َ ٗ
كۡبِأنهمۡكذبواۡأَِبيَٰت ِناۡوَكنواۡ
غۡيتخِذوهۡسبِيلۡذۡل ِ ۡ ۡسبِيلِۡإَونۡيرواۡسبِيلۡٱل ِۡ يرواۡسبِيلۡٱلرش ِۡدَۡلۡيتخِذوه
َ َ َ َ َُ َ َ
ِي ﱨ ،35ويف اآلية اليت قبلها ،تكلم هللا عن األلواح؛ اليت آاتها موسى ،قال تعاىل :ﱩ وكتبن ۡ
اۡل ۡۥۡ عن َهاۡغَٰفِل َۡ
ُ ُ ْ َ َ َ َ ُ
خذ َها ۡب ُق َّوة ٖ َ ٗ ُ َ َّ َ ٗ َ َ ُ َ َ
ۡوأ ُمر ۡقو َمك ۡيَأخذوا ۡبِأح َسن َِهاۡ ِ ۡف ء
ٖ َۡش ِك
ِ ۡل يلصِ ف ت ۡو ةِظ
ع وۡم ء
ٖ َۡش ُۡك
ِ ِن م ۡ ِ
اح
ۡ َ
و ل ِِف ۡٱۡل
َ ُ َ ُ
ِي ﱨ .36أخرب تعاىل أن فيها من كل شيء ،حيتاج إليه العباد ،موعظة ترغب النفوس ،يف سق ََۡسأ ْورِيكم ۡد َار ۡٱلفَٰ ِ
أفعال اخلري ،وترهبهم من أفعال الشر ،وتفصيال لكل شيء من األحكام الشرعية ،والعقائد ،واألخالق ،واآلدابُ ،ث أخرب
أنه تعاىل سيحرم املتكربين ،من أن يهتدوا هبا؛ بل جيعلهم يتخبطون يف الغواية ،فريفضون اإلميان آبايت هللا ،ويسلكون
سبيل الضاللة ،وجيتنبون طريق الرشد ،واهلداية؛ وذلك كله عقوبة هلم ،على تكذيبهم آبايت هللا ،وغفلتهم عنها ،وجتاهلهم،
واحتقارهم هلا .إن بين إسرائيل مل يكذبوا برسولنا حممد ﷺ فحسب؛ بل كان هذا شأهنم مع كل من ال هتوى أنفسهم،
من رسل هللا الذين ابتعثهم من بعد موسى ،بل بلغ فيهم اإلجرام ،أن جيمعوا بني تكذيب بعض الرسل ،وقتلهم،
ن ۡ َمريَ َم ۡٱۡلَي ِ َنَٰ ِۡ
تۡ ل ۡ َو َءاتَي َناۡع َ
ِيَس ۡٱب َۡ ب ۡ َو َق َّفي َناۡ ِم ۢن َ
ۡبع ِدۡه ِۦ ۡۡب ِٱ ُّلر ُس ِۡ
َ اۡم َ
وَس ۡٱلكِتَٰ َ ۡ قال تعاىل :ﱩ َولَ َقد َ
ۡءاتَي َن ُ
َ ٗ ُ ُ َ َ ُ َّ َ َ ٓ َ ُ َ ُ ُ ۢ َ َ َ َ َٰٓ َ ُ ُ ُ ُ َ َ ُ َ َ ٗ َ َّ َ
اۡكذب ُتمۡۡ َوف ِريقاۡ سۡأفُكماۡجاءكمۡرسولۡبِماَۡلۡتهوىۡأنفسكمۡٱستكَبتمۡۡفف ِريق ۡ وحۡٱلقد ِ ۡ َوأيَّد َنَٰ ُهۡب ِ ُر ِ
َ ُ َ
ون ﱨ .37 تق ُتل ۡ
-اثنيا :حسدهم لرسول هللا ﷺ؛ ألن هللا تعاىل اجتباه ،واصطفاه ،لرسالته ،ومل جيعل الرسول ،من بين إسرائيل ،قال تعاىل:
َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َّ ُ َ ْ ُ َ َ ُ َ َ َ ٞ ﱩ َول َ َّم َ
اۡجا ٓ َء ُهم ۡك َِتَٰ ٞ
ِين ۡكف ُرواۡۡوَكنوا ۡمِنۡقبل ۡيستفت ِحون ۡلَع ۡۡٱَّل ۡ ّللِ ۡمصدِق ۡل ِماۡمعهم ب ۡمِن ۡعِن ِد ۡٱ ۡ
ُ ْ َ َ ُ ََ ْ َ َ َ َ ُ َّ َ َ َ َ َّ َ ٓ َ ُ َّ َ ُ ْ َ َ ْ
َتوۡاۡب ِ ۡهِ ۡۦٓۡأنف َس ُهمۡأنۡيَكف ُرواۡ ينۡ٨٩بِئ َس َماۡٱش ّللِۡلَعۡٱلكَٰف ِِر َۡ اۡع َرفواۡكف ُرواۡب ِ ۡهِۦۡۡفلعنةۡٱ ۡ فلماۡجاءه ۡمۡم
َ
َ َٰ َ َ ََُٓ َ َ ۡمن ۡي َ َشا ٓ ُء ۡمِن ۡع َلَع ََ َ َ َ
ّلل ۡ َبغ ًيا ۡأن ۡيُ َن َل ۡٱ َّ ُ ب َما ٓ ۡأَ َ
نز َل ۡٱ َّ ُ
بۡ ض ۡغ ۡ
ۡلَع ب ض غِ بۡ وء ا ب ف ۡ ۡ
ۦ ِ
ۖۡ ۡ
ه د
ِ ا ِب َٰ ۡ ۦِ ۡ
ه ِ لض ۡف ِنم ۡ ۡ
ّلل ِ ۡ ِ
ٖ
َ
ۡعذ ٞ ين َ َ
ي ﱨ ،38أي :وملا جاءهم كتاب ،من عند هللا على يد أفضل ،اخللق ،وخامت األنبياء ،املشتمل ۡم ِه ۡٞاب ُّ َول ِلكَٰفِر َ
ِ
على تصديق ما معهم من التوراة ،وقد علموا به ،وتيقنوه ،حىت إهنم كانوا إذا وقع بينهم ،وبني املشركني يف اجلاهلية حروب؛
استنصروا هبذا النيب ،وتوعدوهم خبروجه ،وأهنم يقاتلون املشركني معه ،فلما جاءهم هذا الكتاب ،والنيب الذي عرفوا؛ كفروا
به ،بغيا ،وحسدا أن ينزل هللا من فضله ،على من يشاء من عباده؛ فلعنهم هللا ،وغضب عليهم غضبا ،بعد غضب؛ لكثرة
ۡع َذ ٞ
ين َ َ َ
ي ﱨ أي :مذل ،مؤمل ،موجع ،وهو صلي اجلحيم ،وفوت ۡم ِه ۡٞ
اب ُّ كَٰفِر َ
ِ كفرهم ،وتوايل شكهم ،وشركهم ﱩ ول ِل
النعيم ،املقيم ،وكان احلسد ،من أهم أسباب صد أحبار أهل الكتاب ،عن اإلسالم ،وحماربتهم له ،وحماولتهم رد من أسلم
َ َٰ ُ ُ َّ ً َ ٗ َ َٰ َ ُّ َ ُ َ َّ َ
اۡح َسداۡمِنۡعِن ِدۡ بۡلوۡيَ ُردونك ِ
مۡم ۢن َۡبع ِدۡإِيمن ِكمۡكفار إىل الكفر ،قال تعاىل :ﱩ َودۡكث ِۡيۡٞمِنۡأه ِلۡٱلكِت ِۡ
ُّ َ ُ ُ َ َ َ َ َّ َ َ
ۢ َ ُ
ق ۖۡ ﱨ .
39
مۡمنۡبعدِۡماۡتبيۡلهمۡٱۡل ۡ س ِه ِ
أنف ِ
35األعراف146:
36األعراف144:
37البقرة87:
38البقرة90-89:
39البقرة109:
8
-اثلثا :من أسباب ضالل أحبار أهل الكتاب :عدم اخلوف ،والرهبة من هللا تعاىل ،يدل على ذلك قوله تعاىل :ﱩ َي َٰ َب ِ ٓ
ِنۡ
ُ َّ َٰ َ َ َ َ ُ َ ُ ْ َ َّ َ َ ُ َ َ ُ َ َ ُ ْ َ ٓ ُ
ون ﱨ .
40
ۡفٱرهب ِۡ وفۡبِعهدِكمِۡإَوَّي ۡ ِتۡأنعمتۡعليكمۡوأوفواۡبِعهدِيۡأ ِ ِتۡۡٱل ِ ٓۡ
واۡن ِعم ِ َ سءِيلۡٱذك ُر ۡ إ ِ ََٰٓ
َ َ َّ َ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ ُ ُ
ّللِۡ َو َماۡن َزلۡ َّۡلِك ِرۡٱ ۡ ۡء َام ُن ٓواۡأنَۡتش َعۡقلوبُ ُهم ِ -رابعا :قسوة قلوهبم ،كما أخرب هللا عنهم يف قوله :ﱩ ألمۡيأ ِنۡل َِّلِين
َ ُ َ َ َ َ َ ُ ََ ُ ََ َ ُُ ُُ ََ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ َّ َ ُ ُ ْ
ۡوكث ِۡيۡٞمِن ُهمۡ بۡمِنۡقبلۡفطالۡعلي ِهمۡٱۡلم ۡدۡفقستۡقلوبهمۖۡ ِينۡأوتواۡۡٱلكِتَٰ َ ۡ ۡك ۡٱَّل ۡ قۡوَلۡيكونوا ۡ مِنۡٱۡل ِۡ
َ ََ َ ََ َ ُ َ
ۡعلي ِه ُم ۡٱۡل َم ُۡد ﱨ أي :وال يكونوا كالذين أنزل هللا عليهم الكتاب ،املوجب ون ﱨ ،41وقوله تعاىل :ﱩ فطال فَٰسِق ۡ
خلشوع القلب ،واالنقياد التامُ ،ث مل يدوموا عليه ،وال ثبتوا ،بل طال عليهم الزمان ،واستمرت هبم الغفلة؛ فاضمحل إمياهنم،
َ ُ َ َ
ون ﱨ ،فالقلوب حتتاج يف كل وقت إىل أن تُذكر ،مبا أنزله هللا ،وال وزال إيقاهنم؛ فقست قلوهبم ﱩ َوكث ِۡيۡٞمِن ُهمۡفَٰسِق ۡ
ينبغي الغفلة عن ذلك؛ فإن ذلك سببا ،لقسوة القلب ،ومجود العني.
ُُ َ َ َ َ َ
ض ِهمۡمِيثَٰق ُهمۡل َع َّنَٰ ُهم َۡو َج َعل َناۡقلوبَ ُهمۡ -خامسا :نقضهم امليثاق ،والعهد الذي أخذه هللا عليهم ،قال تعاىل :ﱩ فب ِ َماۡنق ِ
ُ ْ ََُ ْ َٗ ونۡٱل َُك َِۡمۡ َع َّ
َ َٰ َ ٗ ُ َ ُ َ
ۡحظاۡم َِّماۡذك ُِرواۡب ِ ۡهِۦۡ ﱨ.42 نۡم َواضِ عِ ۡهِۦۡونسوا قسِيةَۖۡۡي ِرف
الكرب واحلسد وعدم الرهبة فقد تكلمنا عن الصفات واألفعال اليت غضب هللا على علماء أهل الكتاب ألجلها ،وهي ابختصار ِ
واخلشية من هللا ،وقسوة قلوهبم واشرتاؤهم آبايت هللا مثنا قليال ،ونقضهم مواثيقهم مع هللا -سبحانه وتعاىل ،-فكذبوا رسل هللا ،وقتلوا
أبوا اإلميان آبخر الرسل وخامت األنبياء حممد ﷺ ،وكتموا صفته ونعته ،ولبسوا احلق ابلباطل ،ومل يكتفوا بعدم اإلميان به، بعضهم ،و ُ
بل وقفوا مع أعدائه ضده ،وحاولوا صد من آمن به عن سبيل هللا ،وشهدوا ألعدائه من كفار قريش أهنم أهدى سبيال من نبينا حممد
ُ ُ َ َ َّ َٰ ُ َ َٰ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َّ َ ُ ُ ْ َ
وتۡ َويَقولونۡ لطغ ِۡ ۡلبتِۡۡ ۡوۡٱ ِ ِ ٱ ۡ
ب ۡ ون ِن
م ؤ ي ۡ ۡ
ب ِ ِتك ل ٱۡ يباۡم َ
ِن ص ِٗ ِينۡأوتواۡن وصحابته األخيار ،كما قال تعاىل :ﱩ ألمۡۡترۡإَِلۡۡٱَّل ۡ
َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ َٰٓ َ َّ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َٰٓ ُ َ ٓ َ َ َٰ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ ً
ۡل ۡۥۡنَۡت َد ُّۡلل ۡفل ِ ّللۖۡۡ َو َمنۡيَل َع ِن ۡٱ ۡ ِين ۡل َع َن ُه ُم ۡٱ ُۡ يلۡ ٥١أولئِك ۡۡٱَّل ۡ ۡسب ِ ۡ ِين ۡءامنوا ل َِّلِين ۡكفروا ۡهؤَلءِۡأهدى ۡمِن ۡٱَّل ۡ
َّ َ
َ ُ ُ َ َّ َ َ َٰ َ ٓ َ َ َ اس ۡنَق ً ُ َ َّ َ ٗ ۡيۡاۡ ٥٢أَم ۡل َ ُهم ۡنَص ٞ َ
ّلل ۡمِنۡ ۡءاتى َٰ ُه ُم ۡۡٱ ُۡ اس ۡلَع ۡما ِۡيۡاۡ ٥٣أم َۡيسدون ۡٱَل ۡ يب ۡم َِن ۡۡٱل ُملكِۡ ۡفإِذاَۡل ۡيُؤتون ۡٱَلَّ َ ۡ ِ ص ً ن ِ
نۡص َّدۡ مۡم َ ام َنۡب ۡهِۦۡ َومِن ُه َّ ۡء َمۡمن َ ِيمۡاۡ٥٤فَمن ُه َّ ۡعظ ٗ بۡ َۡوۡٱۡل ِك َم َۡةۡ َو َءا َتي َنَٰ ُهمۡ ُّمل ًًك َ َ
ِيمۡٱلكِتَٰ َ ۡ ۡء َالۡإب َرَٰه َ ََ َ َ َٓ َ
ِ ِ ۡءاتينا َ ِ فضل ِ ۡهِۖۡ ۡۦۡفقد
َ
ﱨ.43 ۡسع ً
ِۡيۡا َ ِۡب َه َّن َم
َ
ِ ۡ َوك َ َٰ
َف عن ُه
َ
وهذا من قبائح اليهود ،وحسدهم للنيب ﷺ واملؤمنني أن أخالقهم الرذيلة ،وطبعهم اخلبيث محلهم على ترك اإلميان ابهلل ورسوله،
والتعوض عنه ابإلميان ابجلبت والطاغوت ،وهو اإلميان بكل عبادة لغري هللا ،أو حكم بغري شرع هللا ،فدخل يف ذلك السحر و ِ
الك َهانة،
وعبادة غري هللا ،وطاعة الشيطان؛ كل هذا من اجلبت والطاغوت ،وكذلك محلهم الكفر واحلسد على أن فضلوا طريقة الكافرين ابهلل
َ َ ُ ُ َ َّ َ َ َ ْ
ِينۡكف ُرواۡﱨ أي ألجلهم متلقا هلم ومداهنة وبغضا لإلميان ،ﱩ عبدة األصنام على طريق املؤمنني ،قال تعاىل :ﱩ ويقولونۡل َِّل
َ َٰٓ ُ َ ٓ َ َ َٰ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ ً
يل ﱨ أي طريقا ،فما أْسجهم وأشد عنادهم وأقل عقوهلم ،فكيف يفضلون دينا قام على ِينۡءامنواۡسب ِ ۡ
هؤَلءِۡأهدىۡمِنۡۡٱَّل ۡ
عبادة األصنام واألواثن ،وعلى حترمي الطيبات وإابحة اخلبائث ،وإحالل كثري من احملرمات ،وإقامة الظلم بني اخللق ،وتسوية اخلالق
ابملخلوقني ،والكفر ابهلل ورسله وكتبه؟! كيف يفضل أحبار أهل الكتاب دين الكفار على دين اإلسالم القائم على عبادة الرمحن،
40البقرة40:
41احلديد16:
42املائدة13:
43النساء55-51:
9
واإلخالص هلل يف السر واإلعالن ،والكفر مبا يعبد من دونه من األنداد واألواثن؟! ،وقام دين اإلسالم على صلة األرحام ،واإلحسان
إىل مجيع اخللق حىت البهائم ،وإقامة العدل والقسط بني الناس ،وحترمي كل خبيث وظلم ،والصدق يف مجيع األقوال واألعمال ،فهل
اإلجرام. أعظم إال الكتاب أهل يفعله الذي هذا
َ َٰٓ َ َّ ُ
إن صاحب هذا القول ملن أعظم الناس عنادا ومتردا وحماربة للحق ،وهلذا طردهم هللا من رمحته ،قال تعاىل عنهم :ﱩۡأ ْولئِكۡٱَّل َۡ
ِينۡ
َّ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َّ َ
ۡيۡا ﱨ أي لن ينصرهم أحد إذاص ً ۡل ۡۥۡن ِ
نَۡتد ۡ
ّللۡفل ِ ل َع َن ُه ُمۡۡٱ ُۡ
ّللۖۡۡﱨ أي طردهم عن رمحته ،وأحل عليهم نقمته ،ﱩ َو َمنۡيَل َع ِنۡٱ ۡ
يبۡم َِنۡٱل ُملكِۡۡﱨ أي فيفضلون من شاؤوا على من استغاثوا من شدة ما يلقون من العذاب الذي ال هناية له ،ﱩ أَمۡل َ ُهمۡنَص ٞ
ِ
شاؤوا مبجرد أهوائهم ،فيجعلون أنفسهم شركاء هلل يف تدبري ملكه ،فلو كانوا كذلك؛ لشحوا وخبلوا أشد البخل ،وهلذا قال تعاىل :ﱩ
اسۡنَق ً ُ َ َّ َ ٗ
ِۡيۡا ﱨ أي شيئا ولو كان قليال كالنقرة اليت تكون على نواة فإِذا ﱨ أي لو كان هلم نصيبا من ملك هللا ،ﱩ َلۡيُؤتونۡٱَلَّ َ ۡ
َ َّ َ َ ُ ُ َ َّ َ َ َ َٰ َ ٓ َ َ
ّللۡمِنۡفضل ِ ۡهِۖۡ ۡۦۡﱨ ۡءاتى َٰ ُه ُمۡٱ ُۡ اسۡلَعۡما التمرة ،وهذا وصف هلم بشدة البخل على تقدير وجود ُملك هلم ،ﱩ أمَۡيسدونۡٱَل ۡ
أي هل احلامل هلم على تلبيس احلق ابلباطل ،والشهادة للكفر أنه احلق واهلدى ،واحلسد للرسول وللمؤمنني على ما أاتهم هللا من
َ
ِيم ۡٱلكِتَٰ َ ۡ ۡء َال ۡإب َرَٰه َ ََ َ َ َٓ
بۡ ۡءاتينا َ ِ ببدع وال غريب على فضل هللا أن يصيب به من يشاء من عباده ﱩ فقد فضله؟ ،وذلك ليس ٍ
َۡوۡٱۡل ِك َم َۡةۡ َو َءا َتي َنَٰ ُه ۡمۡ ُّمل ًًك َ
ۡعظ ٗ
ِيمۡا ﱨ وذلك ما أنعم هللا به على إبراهيم وذريته من النبوة والكتاب وامللك الذي أعطاه من أعطاه
فإنعامه مل يزل مستمرا على عبادة املؤمنني ،فكيف ينكرون إنعامه ابلنبوة والنصر وامللك حملمد ﷺ
من أنبياءه كداوود وسليمانُ ،
ۡء َام َنۡب ِ ۡهِۦۡﱨ ،أي مبحمد ﷺ ،فنال بذلك السعادة أفضل اخللق وأجلهم وأعظمهم معرفة ابهلل وأخشاهم له؟! ،ﱩ فَمن ُه َّ
مۡمن َ ِ
َ ُ َّ َ َ
نۡص َّدۡعن ُهۡﱨ عنادا وبغيا وحسدا ،فحصل هلم من شقاء الدنيا ومصائبها ما هو بعض الدنيوية والفالح األخروي ،ﱩ ومِنهمۡم
ِۡب َه َّن َم َ
ۡسع ً َف َ ََ
ِۡيۡا ﱨ ،تُ َسعَُّر على من كفر ابهلل وجحد نبوة أنبيائه من اليهود والنصارى وغريهم من أصناف آاثر معاصيهم ،ﱩ َوك َٰ ِ
الكفرة.
وقد ذكرت من قبل أن كل ضالل وخمالفة لشرع هللا وقع فيها أهل الكتاب ،فسيقع مثلها يف هذه األمة ،كما أخرب نبينا ﷺ ،فيما
جحر ٍى
ضب لدخلتُموه .قالوا: حىت لو دخلوا َ نن من كا َن قبلَكم حذو ال ُق َّذةِ ابل ُق َّذةِ َّ
َّبعن َس َ
رواه أبو سعيد أن رسول هللا قال" :لتت َّ
فمن" ،44وهذا خربٌ صادق ويفيد أيضا النهي عن التشبه ابليهود والنصارى ،ووجوب احلذر من الوقوع يف قالَ :
هود والنَّصارى؟ َ
اليَ ُ
مثل ما وقعوا فيه من املخالفات ،ومن أخطر تلك املخالفات احنراف العلماء عن جادة احلق ،وطلبهم الدنيا بعلمهم ،وتقرهبم
َّرعيَّة ،ويصدرون الفتاوى يف وجوبللطواغيت احلاكمني بغري شرع هللا ،واملبدلني لدين هللا ،فيصبغون عليهم وعلى حكمهم الش ِ
طاعتهم وحترمي اخلروج عليهم ،ولو وقع طواغيتهم يف كل نواقض اإلسالم أو أكثرها ،بل وحاربوه بكل وسيلة ،وأعانوا الكفار على
الكفر البواح والردة الصرحية عن دين هللا. ُ املسلمني ،وقتلوا وسجنوا اجملاهدين والعلماء الصادقني وظهر منهم
إن العلماء إذا احنرفوا أضلوا خلقا كثريا ،فيقتدي هبم اجلاهل وصاحب اهلوى ،وتصري فتاوى عامل الضالل سيفا بيد الطاغوت احلاكم
يضرب به كل من دعا إىل دين هللا احلق ،وطالب بتحكيم شريعته ،واستنكر مواالة احلاكم ألعداء هللا ،وهنا جيب أن نطرح سؤاال
هاما ،هل العلم وحده دون العمل به ينجي العامل من عذاب هللا ،ويرفعه درجات عند هللا؟ ،كال وهللا ،فالعلم بال عمل؛ وابال على
صاحبه ،فكيف إذا جعل علمه ُسلُّما للوصول إىل الدنيا وزخرفها ،وصار مهه احلظوة لدى ذوي اجلاه والسلطان؟!.
قال عبد هللا بن مبارك ألحد علماء زمانه حني توىل إحدى الوالايت وخشي عليه من أن يضيع دينه بسببها:
10
اد أ َْمو َال الْمساكِ ِ
ني اع َل الْعِلْ ِم لَهُ َاب ِزًّاي اي ج ِ
صطَ ُ َ َ َ يَ ْ َ َ
ب ِابل ىِدي ِن ِ ِِ ٍ ت لِلدُّنْيَا َولَ َّذ ِاهتَا ِ
حبيلَة تَ ْذه ُ ا ْحتَ لْ َ
ني ِ ِ ت َْجمنُوان ِهبَا ِ
ت َد َواء ل ْل َم َجان َ ُكْن َ بعدما
َ فَص ْر َ
الس َالَ ِط ِ
ني ِيف تَرِك أَبْو ِ
اب َّ ْ َ ك يف َس ْرِد َها أَيْ َن ِرَو َاايتُ َ
َزَّل ِمحَ ُار الْعلْ ِم ِيف الطىني
ِ ِ 45 ِ ت فَ َذا َاب ِط ٌل ت أُ ْك ِرْه ُ إ ْن قُلْ َ
إنه ال ينجي املسلم إال أن يطلب العلم لوجه هللا تعاىل ال ليحصل به أي نفع دنيوي سواء كان مدحا أم جاها أم ماال أو رايسة
ضى يَ ْوَم َّاس يُ ْق َدينية أو دنيوية ،جاء يف حديث أيب هريرة الذي أخرجه مسلم يف صحيحه ،أن النيب ﷺ قال( :إِ َّن أ ََّوَل الن ِ
ال :قَاتَ ْل ِ ت فِ َيها؟ قَ َ ِ استُ ْش ِه َد ،فَأُِيتَ بِِه فَ َعَّرفَهُ نِ َع َمهُ فَ َعَرفَ َها قَ َ ِ ِ ِ
ت، ت ،قَ َال َ :ك َذبْ َ استُ ْش ِه ْد ُ يك َح َّىت ْ تف َ ُ ال :فَ َما َعم ْل َ الْقيَ َامة َعلَْيهَ ،ر ُج ٌل ْ
ب َعلَى َو ْج ِه ِه َح َّىت أُلْ ِق َي ِيف النَّا ِرَ ،وَر ُج ٌل تَ َعلَّ َم الْعِلْ َم َو َعلَّ َمهُ َوقَ َرأَ الْ ُق ْرآ َن، ِ ِِ ِ
يلُُ ،ثَّ أُمَر به فَ ُسح َ
ِ
ال َجريءٌ ،فَ َق ْد ق َ
ت؛ ِألَ ْن يُ َق َ ِ َولَ ِكن َ
َّك قَاتَلْ َ
ال :تَعلَّمت الْعِلْم وعلَّمته وقَرأ ِ ال :فَما ع ِملْ ِ
ت َّك تَ َعلَّ ْم َتَ ،ولَ ِكن َ الَ :ك َذبْ َ يك الْ ُق ْرآ َن ،قَ َْت ف َ ت ف َيها؟ قَ َ َ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ ُ
ِ
فَأُِيتَ بِه فَ َعَّرفَهُ ن َع َمهُ فَ َعَرفَ َها قَ َ َ َ َ
ِ
ب َعلَى َو ْج ِه ِه َح َّىت أُلْ ِق َي ِيف النَّا ِرَ ،وَر ُج ٌل َو َّس َع َّ ِ ِِ ِ ِ ال ُه َو قَا ِر ٌ ْت الْ ُق ْرآ َن؛ لِيُ َق َ الْعِلْم؛ لِي ق َ ِ
اَّللُ يلُُ ،ثَّ أُمَر به فَ ُسح َ ئ ،فَ َق ْد ق َ ال َعاملٌ َوقَ َرأ َ َ َُ
ب أَ ْن يُْن َف َق ِ
ت م ْن َسبِ ٍيل ُحت ُّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َصنَاف الْ َم ِال ُكلىه ،فَأُِيتَ بِه فَ َعَّرفَهُ ن َع َمهُ فَ َعَرفَ َها قَ َ ِ ِ ِ
الَ :ما تََرْك ُ ت ف َيها؟ قَ َ ال :فَ َما َعملْ َ َعلَْيهَ ،وأ َْعطَاهُ م ْن أ ْ
ب َع لَى َو ْج ِه ِه ُُثَّ أُلْ ِق َي ِيف ِ ِِ ِ
يلُُ ،ثَّ أُمَر به فَ ُسح َ
ِ
ت؛ ليُ َق َال ُه َو َج َو ٌاد ،فَ َق ْد ق َ
الَ :ك َذبت ،ولَ ِكنَّك فَعلْ ِ
ك ،قَ َ ْ َ َ َ َ َ ت ف َيها لَ َ
فِيها إَِّال أَنْ َف ْق ِ
ُ َ
ِ 46
والعافية. السالمة هللا النَّار) نسأل
قال ابن رسالن الشافعي:
ب من قَ ْب ِل عُبَّ ِاد ُم َع َّذ ٌ يعملَ ْن
وعاملٌ بعلمه مل َ
ِِ
47 48
خلص هلل يف طلبه للعلم ويف تعليمه الوثَ ْ،ن تنبيها لطالب العلم؛ ليُ َ ولذلك كثريا ما يبدأ أهل العلم كتبهم حبديث( :إمنا األعمال ابلنيات) َ
ك) ،49فالقرآن حجة ملن قرأه بتدبر وعلم ما فيه وعمل مبا علم ،وأما منك أ َْو َعلَْي َ
للناس ،وقد أخرب النيب ﷺ أن( :الْ ُق ْرآ ُن ُح َّجةٌ لَ َ
أعرض عن كتاب هللا ،أو علم ما فيه ولكنه مل يعمل به؛ فالقرآن حجة عليه يوم القيامة ،وقد أخرب هللا تعاىل أن الرسخني يف العلم
َّ ُ َ َ َ َّ َ َ
َ َ ََ َ َ ً َّ َ
يدعون هللا تعاىل قائلني :ﱩ َر َّب َنۡاَۡلۡتُزغۡقلوبَ َن َ ُُ َ
نتۡٱل َوه ُ ۡ
اب ﱨ ،50أي ال متل قلوبنا كۡأ َ اۡوهبَۡلَاۡمِنۡدلنكۡرۡحةۡإِن اۡبع َدۡإِذۡهديتن ِ
عن احلق جهال أو عنادا منا ،بل اجعلنا مستقيمني على دينك هادين مهتدين فثبتنا على هدايتك وعافنا مما ابتليت به الزائغني ،ﱩ
َّ َّ َ َ ۡر َ ُ َ َ ً َّ َ
نتۡٱل َوه ُۡ
اب ﱨ، كۡأ َ ۡحةۡۡﱨ ،أي رمحة عظيمة توفقنا هبا للثبات على اإلسالم غري مفرطني وال مبدلني ،ﱩ إِننك َ َوهبَۡۡلَاۡمِنۡدل
عم جودك مجيع املخلوقات ،والعامل العامل بعلمه له مكانته عند هللا أوال ،وعند أي واسع العطااي واهلبات كثري اإلحسان الذي َّ
املسلمني اثنيا ،فاهلل تعاىل قد أثىن على الذين خيشونه وال خيشون أحد غريه ،فقال تعاىل عن الذين يبلغون رساالت هللا من األنبياء
َ َ َ َّ َّ َ ُ َ ُ َ َ َٰ َ
ّللِ ۡ َويَخشون ُۡهۥ ۡ َوَلۡ سل َٰ ِ
ت ۡٱ ۡ والرسل -عليهم الصالة والسالمُ -ث من الدعاة إىل هللا يف هذه األمة :ﱩ ۡٱَّل ۡ
ِين ۡيبل ِغون ۡرِ
11
َّ َّ َ ُ َ ُ َ َ َٰ َ َ َ َ َ َ ً َّ َّ َ َ َ َ َٰ َّ
ّللِۡ َحس ٗ
ّللِۡﱨ ،أي إىل سل َٰ ِ
تۡٱ ۡ ِ ۡر ونِغ لبيِۡين
ۡ َّلٱۡ ﱩ تعاىل: ميدح كثري ابن قال ,51
ﱨۡاۡ ِيب ۡ ّللۡوكَفۡۡب ِۡٱ
َيشونۡأحداۡإَِلۡۡٱ ۡ
َ َ
خلقه وأيدوهنا أبمانتها ،ﱩ َويَخشون ُۡهۥ ﱨ ،أي خيافونه وال خيافون أحد سواه فال متنعهم سطوة أحد عن إبالغ رساالت هللا ،ﱩ
َ َ َ َٰ َّ
ّللِۡ َحس ٗ
ِيبۡاۡﱨ ،أي وكفا ابهلل انصرا ومعينا ،وسيد الناس يف هذا املقام ،بل ويف كل مقام حممد رسول هللا ﷺ فإنه قام َفۡۡب ِٱ ۡ وك
أبداء الرسالة وإبالغها إىل أهل املشارق واملغارب إىل مجيع أنواع بين آدم ،وأظهر هللا كلمته ودينه وشرعه على مجيع األداين والشرائع،
فإنه وقد كان النيب يبعث إىل قومه خاصة وأما هو -صلوات هللا عليه -فإنه بعث إىل مجيع اخللق عرهبم وعجمهم إنسهم وجنهم ﱩ
َ ُ ُ َّ َ ُ َ ُ َ
َۡج ً
ِيعۡا ﱨُ ،52ث ورث مقام البالغ عنه أمته من بعده ،فكان أعلى من قام هبا بعده ّللِۡإَِّلكم قلۡۡيََٰٓأ ُّي َهاۡٱَلَّ ُ ۡ
اسۡإ ِ ِنۡرسولۡۡٱ ۡ
أصحابه بلغوا عنه كما أمرهم به يف مجيع أقواله وأفعاله وأحواله يف ليله وهناره وحضره وسفره وسره وعالنيته -فرضي هللا عنهم
وأرضاهمُ -ث ورثة كل خلف عن سلفهم إىل زماننا هذا ،فبنورهم يقتدي املهتدون ،وعلى منهجهم يسلك املوفقون ،فنسأل هللا
ِ 53
. بنحوه كالمه انتهى َخلَ َفهم) من جيعلنا أن املنان الكرمي
جيب على كل مسلم االتصاف به ،فكل صفة وصف جيب أن تكو َن يف العلماء ،فأوهلا ما ُ وإذا أردان أن نتحدث عن الصفات اليت ُ
هللا هبا املؤمنني فاتصاف أهل العلم هبا أوىل وأحرى؛ ألن قيام احلجة عليهم أكرب من قيامها على غريهم مبا عرفوا من احلق؛ وألهنم
من حيث العلم يتميزون على غريهم من املسلمني مبا يعلمونه من علوم شرعية تعلمها فرض كفاية مع استكماهلم للعلم الذي حتصيله
فرض عنيُ ،ث هم مرجع املسلمني فيما جيد وينزل من حوادث؛ ألن عندهم من العلم أبدلة الشرع وعلوم اآللة ما يؤهلهم لالجتهاد
واستنباط األحكام ،والعلم علمان :علم ابهلل ،وعلم أبمره ،فأهل العلم به أكثر الناس معرفة أبْساء هللا وصفاته وأفعاله ،ويالحظون
معاين وآاثر أْساء هللا وصفاته يف آايته القرآنية وآايته الكونية ،ولذلك ذكر هللا تعاىل شهادهتم على وحدانيته وضمها إىل شهادته
َ ٓ َ َّ ُ َٓ َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ ٓ َ َٰ َ َّ ُ َ َ َ َٰٓ َ ُ ُ ُ ْ
ط َۡل ۡإِل َٰ َه ۡإَِل ۡه َوۡ
ۡوۡٱل َملئِك ۡة ۡ َوأ ْولوا ۡٱلعِل ِۡم ۡقائ ِ َمۢاۡۡب ِٱلقِس ِۡ وشهادة مالئكته ،قال تعاىل :ﱩ ش ِه ۡد ۡٱ ۡ
ّلل ۡأن ۡهۥ َۡل ۡإِله ۡإَِل ۡهو ۡ
َّ َ َ
ِيم ﱨ ،54والعلم الصحيح ابهلل تعاىل وبدينه هو الذي يوصل أهله إىل خشية هللا ابلغيب قال تعاىل :ﱩ إِن َمۡاَۡيَشۡ ۡلك ُۡ ٱل َع ِز ُۡ
يزۡٱ َ
َ ُْ َّ
ّللۡمِنۡع َِبادِه ِۡۡٱل ُعل ََٰٓمؤۡا ﱨ.55ٱ َۡ
َّ َّ َ َ
ّللۡمِنۡع َِبادِهِۡ
فإن العلم الصحيح ابهلل تعاىل بدينه هو الذي يوصل أهله إىل خشية هللا ابلغيب قال تعاىل :ﱩۡإِن َمۡاَۡيَشۡۡٱ َۡ
َ ُْ
ٱل ُعل ََٰٓمؤۡا ﱨ ,أي إمنا خيشاه ابلغيب العلماء الذين علموه بصفاته فعظموه ومن ازداد علما ابهلل ازداد منه خوفا ,وأحق الناس خبشية
َّ َّ َ ُ ُ َ َّ َ َ ُ
ِينۡإِذاۡذك َِرۡۡٱ ُۡ
ّللۡ ونۡٱَّل ۡ هللا هم العلماء الذين آمنوا ابهلل وزادهتم آايت هللا القرآنية والكونية إمياان كما قال تعاىل :ﱩ إِنماۡٱلمؤمِن ۡ
لصلَ َٰوَۡةۡ َوم َِّم َ َّ َ ُ ُ َ َّ ُ َ اۡو َ َ َٰ َ َ َٰ ُ ُ َ َ َ ُ َ ََ َ َ ُُ
اۡر َزق َنَٰ ُهمۡ ونۡٱ َِّينۡيقِيم
ونۡ٢ٱَّل ۡ لَع َۡرب ِ ِهم َۡي َت َوَّك ۡ يم َٰ ٗن َ
ادت ُهمۡإ َ
ِ ۡعلي ِهمۡءايت ۡهۥۡز جلتۡقلوبُ ُهمِۡإَوذاۡتل ِيت و ِ
ََ ََ ٞ َ ٞ ت ۡع َ ۡد َر َ ٗ
ْ َ َ ُ ُ ُ ُ َ َ َّ ُ َ َٰٓ ُ ُ َ
يم ﱨ ,56وقال تعاىل عن نظر العلماء ۡورِزقۡك ِر ۡٞ ۡر ۡب ِ ِهمۡومغفِرة ِند َ ج َٰ ٌ ونۡحقاۡلهم ۡه ۡمۡٱلمؤمِن ۡونۡ٣أولئِك ۡ يُنفِق ۡ
ُ ٞ
ۡل َبا ِۡلۡ ُج َددۢۡبِيضۡ لس َمآءِۡۡ َما ٓ ٗءۡفَأَخ َرج َناۡب ۡهِۦۡ َث َم َر َٰ ُّ َ ً َ َ ُ َ َ َ نز َلۡم َِنۡٱ َّ ّللۡأَ َ
َ َ َ َ َّ َّ
إىل آايته الكونية :ﱩۡألمۡت َرۡأنۡۡٱ َۡ
تُّۡمتل ِفاۡألوَٰنهاۡومِنۡٱ ِ ٖ ِ
َّ َ َّ َ ٓ َ َ َ َٰ ُ َ ٌ َ ُ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ٞ ُ ُ َ َ َ َ ُ َٰ َ َ ٌ َ ُّ ٞ
ّللۡمِنۡ فۡأل َوَٰن ُۡه ۡۥۡكذَٰل ِكۡإِن َماَۡيَشۡۡٱ َۡ بۡ ۡوۡٱۡلنع ِۡمُّۡمت ۡل ِ ۡ اسۡ ۡوۡٱدلوا ِۡ ودَ ۡ٢٧وم َِنۡٱَلَّ ِ ۡ وۡحرُّۡمتل ِفۡألونهاۡوغرابِيبۡس ۡ
51األحزاب39:
52األعراف158:
53تفسري القرآن العظيم /يف تفسري اآلية 39من سورة األحزاب
54آل عمران18:
55فاطر28:
56األنفال4-2:
12
ُ َ ََٰٓ ُ ْ َّ َّ َ َ ٌ َ ُ
ور ﱨ ,57ومن علمه ابهلل أقل كان أقل خشية له جلهله وسوء نظره فيما وراء هذه احلياة ألن يزۡغف ٌۡ ع َِبادِه ِۡٱلعلمؤۡاۡإِنۡۡٱ ۡ
ّللۡع ِز
َخ َشا ُك ْم ََِّّللِ َوأَتْ َقا ُك ْم
مدار اخلشية على معرفة هللا والعلم أبمره مع عمل صاحل يصحبه خشوع هلل ,قال عليه الصالة والسالم " :إِِىين َأل ْ
59
وجل"
عز َّ لَهُ " 58وقال الربيع بن أنس" :من مل خيش هللا فليس بعامل" ,وقال جماهد" :إمنا العامل من خشي هللا َّ
وتقدمي لفظ اجلاللة وأتخري العلماء يفيد أن الذين خيشون هللا من عباده هم العلماء دون غريهم وأن خشية هللا تزداد كلما ازداد العبد
َّ َّ َ َ ٌ َ ُ
ور ﱨ هذا تعليل خلشية العلماء رهبم ألن صفة العزة تدل على كمال قدرة هللا على عقوبة يزۡغف ٌۡ علما ابهلل وأبمره ﱩۡإِنۡٱ ۡ
ّللۡع ِز
العصاة وقهرهم واملغفرة تدل على إاثبة أهل الطاعة والعفو عنهم ,واملعاقِب املثيب حقه أن ُخيشى ألنه على كل شيء قدير ,فخشية
هللا تدفع من استقرت يف قلبه إىل تقوى هللا بفعل ما أمر من الفروض والواجبات وترك ما حرم من الكبائر والسيئات وال تكتمل
التقوى إال ابخلوف من هللا ومن عقابه ورجاء رمحته وثوابه ,روى اإلمام أمحد والبيهقي يف كتاب "الزهد الكبري" عن طلق بن حبيب
أنه قال " :التقوى أن تعمل بطاعة هللا رجاء رمحته على نور من هللا وأن ترتك معصية هللا على نور من هللا ختاف عقاب هللا",
"الس َري" معلقا على قول طلق " :أبدع وأوجز ,فال تقوى إال بعمل وال عمل إال برتٍو من العلم والتباع وال ينفع ِ
قال الذهيب يف ى
ذلك إال ابإلخالص هلل ,ال ليقال فالن اترك للمعاصي بنور الفقه إذ املعاصي يفتقر اجتناهبا إىل معرفتها فيكون الرتك خوفا من هللا
ال ليمدح برتكها فمن داوم على هذه الوصية فقد فاز" ,وأحق الناس أبن يتصف بصفات أهل اإلميان الذين حيبهم هللا وحيبونه ,هم
َّ ُ َ ُ ُّ ُ َ ُ ُّ َ ُ ٓ َ َّ َ َ َ َ َ ُ َّ ََٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ َ
حبون ۡه ۡۥۡأذِلةۡ ّللۡبِقو ٖمَۡيِبهمۡوي ِ
ِينۡءامنواۡمنۡيرتدۡمِنكمۡعنۡدِين ِ ۡهِۦۡفسوفۡيأ ِِتۡٱ ۡ العلماء قال تعاىل :ﱩ يأيهاۡۡٱَّل ۡ
َ َ ٓ َ َ ُ َ َ َ ٓ َ َ َ ُ ََّ َ َّ َ َ َّ َ َ َ َٰ َ ُ َ َٰ ُ َ ََ
ِۡمنۡيَشا ُءۡ ّللِۡ َوَلَۡيافونۡلو َمةَۡلئ ِ ٖمۡذَٰل ِكۡفضلۡٱ ۡ
ّللِۡيُؤتِيه يلۡٱ ِۡ ِ ب ونِۡف َ
ۡس ِ د ه
ِ ج يۡ ۡ
ين ِر
ِ ف كل ٱۡۡلَعة ِز
ع أِۡي
ۡ نمِ ؤ ملَعۡٱل ُ
َّ
ّللۡ َوَٰس ٌِع َ
ۡعل ِيم ﱨ ,60إذا ال فصل بني العلم وبني اخلشية من هللا والعمل بكتابه وسنة رسوله عليه الصالة والسالم ,فمن عمل َۡوۡٱ ُۡ
مبا يغضب هللا مل يشفع له علمه بل هو حجة عليه ,فعلم العلماء ال أيذن هلم يف أن يفعلوا ما شاءوا من خمالفات ألمر رهبم سبحانه
ۡع َذ َۡرّب َ اف ۡإن َ
ۡع َصي ُ ٓ َ َ ُ ُ
ابۡيَومۡ ِ
ت َ
ِ فليس ذلك حىت لألنبياء عليهم الصالة والسالم الذين قال هللا خلامتهم ﷺ ﱩ قل ۡإ ِ ِنۡأخ
َ َ َ ُ َ َ َ َ َّ
ِين ۡمِنۡ وِح ۡإَِّلك ِۡإَوَل ۡۡٱَّل َۡ َعظِيم ﱨ 61وقال تعاىل خمربا عن ما أوحاه إىل أنبيائه ورسله عليهم الصالة والسالم ﱩ ۡولقد ۡأ ِ
ََّٰ ُ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ ُ َ
ين ﱨ 62وقد ّلل ۡ ۡفٱع ُبدۡ ۡ َوكنۡم َِن ۡٱلشك ِِر َۡ
ينۡ ٦٥ب ِل ۡٱ ۡ ۡوَلَكون َّن ۡم َِن ۡٱلخَٰ ِِ
ِس ۡ قبل ِك ۡلئِن ۡأۡشكت َّۡلحبطن ۡعملك
حذر هللا تعاىل من خطر العلماء البائعني لدينهم مقابل مثن قليل وال شك أن كل مثن أيخذه إنسان مقابل دينه فهو قليل زهيد وإن
َ َّ ََٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ َّ َ ٗ َ َ َ َ ُّ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ
لۡ َٰ
اسۡۡب ِٱلب ِط ِۡ انَّۡلأكلونۡأموَٰلۡٱَل ِ ۡ ارِۡ ۡوۡٱلرهب ِۡ
ِينۡءامنواۡإِنۡكث ِۡياۡمِنۡٱۡلحب ۡرآه كثريا فاغرت به قال تعاىل :ﱩ يأيهاۡٱَّل ۡ
ّللِ ﱨ ,63وهذه اآلية وإن حتدثت عن أهل الكتاب إال أهنا حتذر من مشاهبتهم يف إفسادهم لدين الناس
َّ
يلۡٱ ۡ َ َ ُ ُّ َ َ َ
ويصدونۡعنۡسب ِ ِ
ودنياهم قال ابن كثري عن هذه اآلية " :واملقصود التحذير من علماء السوء وعباد الضالل كما قال سفيان بن عيينة ( :من
فسد من علماءان كان فيه شبه من اليهود ,ومن فسد من عبادان كان فيه شبه من النصارى) ويف احلديث الصحيح " :لرتكنب سنن
من كان قبلكم حذو القذة ابلقذة قالوا :اليهود والنصارى ؟ قال :فمن ؟" ويف رواية "فارس والروم ؟ قال :ومن الناس إال هؤالء
57فاطر28-27:
58صحيح البخاري /كتاب النكاح /ابب الرتغيب يف النكاح برقم 4793
59تفسري القرطيب /تفسري سورة فاطر آية 28
60املائدة54:
61األنعام15:
62الزمر66-65:
63التوبة34:
13
َ ُ ُ َ َ َ
اس ۡۡب ِٱل َبَٰ ِط ِۡ
ل ﱨ وذلك أهنم !" واحلاصل التحذير من التشبه هبم يف أحواهلم وأقواهلم وهلذا قال تعاىل ﱩ َّۡلَأكلون ۡأم َوَٰل ۡٱَلَّ ِ ۡ
أيكلون الدنيا ابلدين ومناصبهم ورايستهم يف الناس أيكلون أمواهلم بذلك كما كان ألحبار اليهود على أهل اجلاهلية شرف وهلم
عندهم خرج وهدااي وضرائب جتيء إليهم ,فلما بعث هللا رسوله صلوات هللا وسالمه عليه استمروا على ضالهلم وكفرهم وعنادهم
طمعا منهم أن تبقى هلم تلك الرايسات فأطفأها هللا بنور النبوة وسلبهم إايها وعوضهم ابلذلة واملسكنة وابءوا بغضب من هللا ,وقوله
ّللِ ﱨ أي وهم مع أكلهم احلرام يصدون الناس عن اتباع احلق ويلبسون احلق ابلباطل ويُظهرون
َّ َ َ ُ ُّ َ َ َ
يلۡٱ ۡ تعاىل :ﱩۡويصدونۡعنۡسب ِ ِ
َّ
ملن اتبعهم من اجلهلة أهنم يدعون إىل اخلري وليسوا كما يزعمون بل هم دعاة إىل النار ويوم القيامة ال ينصرون ,وقوله :ﱩۡ َۡوۡٱَّل َۡ
ِينۡ
َّ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َّ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ُ َ
م ﱨ ,هؤالء هم القسم الثالث من رؤوس ّللِۡفب ِّشهمۡبِعذاب ۡأ َِّل ٖۡ يل ۡۡٱ ۡ ِ ِ ب ون َهاِۡف َ
ۡس ِ ب ۡ ۡوۡٱلفِض ۡة ۡوَل ۡينفِق يَك ِنون ۡٱَّله ۡ
الناس فان الناس عالة على العلماء وعلى العباد وعلى أرابب األموال ,فإذا فسدت أحوال هؤالء فسدت أحوال الناس كما قال
بعضهم :وهل أفسد الدين إال امللوك وأحبار سوء ورهباهنا" 64انتهى كالمه .
وها هنا تساؤل مهم :هل يُعذر الناس يف اتباع علماء السوء الضالني املضلني وهم يروهنم خيالفون نصوص القرآن والسنة ويرون
صحبتهم للطواغيت وأهنم ال ينكرون عليهم مواالهتم للكفار وتبديلهم لشرع هللا وحتكيمهم لقوانني البشر؟ بل قد صار هؤالء
تربىُر لطواغيت احلكم كفرهم وإجرامهم ويعتذر مشايخ العمالة عن كل انقض لإلسالم يقع فيه طاغوهتم املنتسبون إىل العلم طواغيت ِ
فصاروا شركاء يف الكفر والطغيان يسبغون على الطاغوت أوصاف التقوى واإلميان كذاب وزورا ويسبغ هو عليهم األموال واأللقاب
الطنانة ,وصار دجل مشايخ العمالة موضع إعجاب رؤوس الكفر حكام أمريكا وأورواب فيمدحوهنم ويصفوهنم ابإلعتدال والوسطية.
لقد أخربان هللا تعاىل أن رؤوس الكفر والضاللة وأتباعهم على كفرهم وشركهم كلهم يف النار يتربأ بعضهم من بعض كما قال تعاىل:
َ َ َّ َ َّ َ ُّ ُ ْ َ ّللۡ َشد ُ َ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ َ َ َ َ َ َ َ َّ ُ َّ َ َّ َ ٗ َ َ َّ َّ
واۡم َِنۡ ِينۡۡٱتبِع ۡ
ابۡ١٦٥إِذۡتَبأۡٱَّل ۡ ِيدۡٱل َعذ ِۡ اۡوأنۡٱ َۡ ابۡأنۡۡٱلقوۡةۡ ِّللَِۡجِيع ِينۡظلمواۡإِذۡيرونۡٱلعذ ۡ ﱩۡولوۡيرىۡٱَّل ۡ
َ َ
َ َ َ َّ َ َّ َ ُ ْ َ َّ َ َ َ َّ ٗ َ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ ْ ُ َ َ َ َّ َّ َ َّ َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ َ َ َ َ َ َ
اۡتَبءواۡ واۡلو ۡأن َۡلاۡكرةۡفنتَبأ ۡمِنهم ۡكم ۡ ِينۡٱتبع ۡ
الۡٱَّل ۡابۡ ۡ ١٦٦وق ۡ ُ
اب ۡوتقطعت ۡب ِ ِهم ۡٱۡلسب ۡ واۡورأواۡۡٱلعذ ۡ ِينۡٱتبع ۡ
ٱَّل ۡ
خَٰرج َ ََ ُ َ ََ َ
ۡك َذَٰل َِكۡيُريه ُمۡۡٱ َّ ُۡ َ َ ُ َ َ َ َّ َ
ارِۡﱨ 65وبني تعاىل أن الذين يتبعون األحبار يۡم َِنۡٱَلَّ ۡ ّللۡأعمَٰلهمۡحسرَٰتۡعلي ِهمۖۡۡوماۡهمۡب ِ ِ ِ ِ ِ مِنا
َّ َ ُ ْ
والرهبان يف حتليل ما حرم هللا وحترمي ما أحل هللا أهنم اختذوهم أراباب من دون هللا وهو الشرك األكرب والعياذ ابهلل قال تعاىل ﱩۡٱَتذ ٓوۡاۡ
َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ٓ ُ ُ ٓ ْ َّ َ ُ ُ ٓ ْ َ َٰ ٗ َ ٗ َّ ٓ َ َّ ُ ُ ۡو ُره َبَٰ َن ُهم ۡأَربَ ٗ أَح َب َ
ار ُهم َ
اۡوَٰحِداَۖۡۡل ۡإِل َٰ َه ۡإَِل ۡه َوۡ َّۡلعبدوا ۡإِله
ن ۡمريم ۡوما ۡأمِروا ۡإَِل ِ ِيح ۡۡٱب ّۡللِ ۡ ۡوۡٱلمس ۡ ون ۡۡٱ ۡ
ِ ِنۡد اۡم اب
ُ َ َٰ َ ُ َ َّ ُ ُ َ
ون ﱨ 66وال خيتلف حكم من يتبعون مشايخ الضالل يف حتليل ما حرم هللا أو حترمي ما أحل هللا عن حكم ّشك ۡسبحن ۡهۥۡعماۡي ِ
أهل الكتاب الذين اختذوا أحبارهم ورهباهنم أراباب من دون هللا؛ ألن الناس مأمورون يف األصل ابتباع كالم هللا وكالم رسوله ﷺ
ََُ ُ َ َٓ َ
ِي ﱨ .
67
وعن ذلك سيسألون كما قال تعاىل :ﱩۡ َويَو َم ُۡي َنادِي ِۡهمۡفيقولۡماذاۡأجبتمۡٱلمرسل ۡ
َ َ ُ ُ ُ َ
وأما العلماء فال جتب طاعتهم إال إذا أمروا بطاعة هللا وطاعة رسوله ﷺ ولذلك قال كثري من أهل العلم" :أقوال العلماء يستدل هلا
وال يستدل هبا" أي أهنا ليست حجة مستقلة بنفسها فال تكون حجة إال إذا استندت إىل دليل من األصلني الكتاب والسنة أو
قياس صحيح عليهما أو إمجاع يقيين ألمة اإلسالم يف عصر من العصور على حكم شرعي ,وأما العامل الذي ابع دينه واشرتى به
مثنا قليال كعلماء الطواغيت وشيوخ القنوات الذين ملعتهم وأشهرهتم قنوات الطواغيت فيجب احلذر منهم وقد رأينا تركهم للجهاد يف
َّ
14
سبيل هللا ,بل حارب مشايخ الضالل اجلهاد واجملاهدين ووقفوا مع احلاكم املوايل للكفار ضد اجملاهدين ووصفوا اجملاهدين ابخلوارج,
وحينما قامت دولة اخلالفة حارهبا مشايخ الطواغيت وأصدروا الفتاوى للحكام ابلدخول يف احللف الصلييب وحماربة دولة اإلسالم.
ولننتقل اآلن إىل الكالم عن كيد أئمة الكفر لإلسالم عن طريق استعمال كثري ممن ينتسبون إىل العلم الشرعي وكذلك استعماهلم
للفَرق اليت تسمي نفسها مجاعات إسالمية فأقول وابهلل التوفيق والسداد: ِ
ملا سقطت الدولة العثمانية قررت الدول الصليبية أن تتقاسم بالد املسلمني وحتتلها احتالال مباشرا فثارت عليهم الشعوب لظهور
االحتالل ووضوح راية الكفر اليت يرفعها ,ولكن املؤسف أن معظم تلك الثورات مل ترفع راية اإلسالم واضحة صرحية يف مواجهة
االحتالل الصلييب ,بل كانت راايت وشعارات ختتلط فيها احلمية لإلسالم ابحلمية للوطنيات والقوميات ,ولذلك قبلت هذه الشعوب
بشكل عام أن حيكمها عمالء للصليبيني ال ِيقلُّون عنهم كفرا إال أهنم حيملون أْساء إسالمية أو عربية ويدَّعون اإلسالم مع فعل ما
يناقضه ,ال حيكمون بشرع هللا مع نصهم يف دساتريهم على أن اإلسالم هو املصدر األول أو الرئيس للتشريع ,أو أن دين الدولة
ذرا للرماد يف عيون الشعوب اإلسالم ,بل نصت بعض الدساتري على أن أي قانون خيالف اإلسالم فهو ملغى وال يعمل به ,وذلك ًّ
ألن الدساتري نفسها فيها مواد خمالفة لإلسالم مع نصها على أن القانون املخالف لإلسالم ال يصح العمل به.
وقد كان للكفار تدخل أساسي يف تنصيب احلاكم واعتباره شرعيا فقد جعلوا احلكومات اليت ورثتهم اتبعة هلم ظاهرا وابطنا ,أما
تغري اْسها بعد ذلك إىل هيئة األمم املتحدة وكذلك جعلوا الدول أعضاء ظاهرا فعن طريق جعلها أعضاء فيما ْسوه عصبة األمم اليت َّ
فيما يسمى جملس األمن ,ويتحكم يف هيئة األمم املتحدة وجملس األمن أكرب دول الكفر يف العامل أمريكا وروسيا والصني وبريطانيا
وفرنسا.
وأما من حيث الباطن فاحلكومات اليت خلفت االحتالل الصلييب ليست عميلة لدول الكفر فحسب بل الوصف الصحيح حلكامها
تؤخذ آراء
أهنم موظفون ,ال استقالل هلم عن دول الكفر يف شيء ,تصدر إليهم األوامر من أسيادهم فيطبقوهنا حبذافريها دون أن َ
هؤالء العبيد يف شيء إال فيما َخيدم أسيادهم وحرب اإلسالم ,ومنع عودة اإلسالم إىل احلكم وحماربة أي عودة صحيحة للشعوب
إىل دين هللا .
وأمر أئمة الكفر عبيدهم أبن يلعبوا أمام شعوهبم لعبة الدميقراطية وهي كذبة كبرية على الشعوب إلفهامها أن احلاكم العميل ألمريكا
أو روسيا إمنا جاء إىل احلكم برغبة وموافقة شعبه ولذلك صنعوا صناديق االنتخاابت وقالوا للناس رشحوا من تريدون ليصري حاكما
أو مساعدا للحاكم وإلكمال الضحك على الشعوب يتم تزوير االنتخاابت ونتائجها بل وإجبار الناس أحياان على اختيار حاكم
حمدد سلفا حبيث يقف عسكر النظام جبوار الصندوق مهددين من يكتب كلمة "ال" ابلعقاب األليم ورمبا رشحوا حاكما واحدا
وعملوا ما يسمى استفتاء للشعب للموافقة عليه كما فعلوه كثريا يف عهد اجملرم حافظ األسد أو حسين الالمبارك أو بوتفليقة يف
اجلزائر وأمثاهلم.
ونتيجة مهزلة الدميقراطية أن تقول دول الكفر إن هذا احلاكم وصل إىل احلكم ابختيار شعبه وهو الذي يقبلون به حاكما وال يقبلون
بغريه ,وال يقبلون أن خيرج أحد عليه وأهنم سوف يواجهون كل من خيرج عليه ابلقوة واحلرب وبكل وسيلة ممكنة ,وهنا أتيت احللقة
اخلطرة املهمة يف هذه اللعبة اإلجرامية وهي أن هؤالء احلكام حيتاجون إىل من يُسبِغ على حكمهم الشرعية الدينية ليتم استعباد
الشعوب ابسم اإلسالم املزيف فيأيت دور مشايخ الضاللة والفرق اليت تصف نفسها أبهنا مجاعات إسالمية لتُسبغ على هذا احلاكم
الشرعية الدينية ,وتفيت حبرمة اخلروج عليه وتبيح هلذا الطاغوت دماء وأموال من خيرجون عليه ,ولو كانوا من أتقى الناس ولو كان
هدفهم إقامة حكم هللا يف أرضه ,وإنقاذ العباد من العبودية ألمم الكفر ليعبدوا هللا وحده حتت حكم شريعته.
وإذا تساءلت أخي املس تمع عن أسباب وقوف مشايخ السوء مع الطاغوت وكذلك وقوف الفرق اليت تصف نفسها أهنا مجاعات
إسالمية ,مع احلاكم الكافر املوايل للكفار من دون املؤمنني فارجع إىل ما ذكرته أوال من أسباب ضالل أحبار أهل الكتاب واحنرافاهتم
15
َ َٰ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َٰ َ ُ َ ُ
ۡسبِيلۡٱل ُمج ِرم َۡ
ِي تۡول ِتستبِي وتضليلهم للناس وكل ذلك ذكره لنا ربنا مفصال مبيَّنا كما قال تعاىل :ﱩۡوكذل ِكۡنف ِ
صلۡۡٱٓأۡلي ِۡ
ﱨ 68قال ابن كثري يف تفسريه" :يقول تعاىل :وكما بيَّنىا ما تقدم بيانه من احلجج والدالئل على طريق اهلداية والرشاد وذم اجملادلة
َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َٰ َ ُ َ ُ
ِي ﱨ أي ولتظهر ۡسبِيل ۡٱل ُمج ِرم َۡ صل ۡٱٓأۡليَٰتِۡ ﱨ أي اليت حيتاج املخاطبون إىل بياهنا ﱩ ۡول ِتستبِي
والعناد ﱩ ۡوكذل ِك ۡنف ِ
طريق اجملرمني املخالفني للرسل ,وقُِرئ (وليستبني سبيل اجملرمني) أي وليستبني اي حممد -أو اي خماطب -سبيل اجملرمني" ,انتهى كالمه
.
فنفس العلل واألمراض القلبية والدوافع اإلجرامية اليت دفعت أحبار أهل الكتاب ورهباهنم إىل رفض دين هللا وحماربة أولياء هللا
اجملاهدين امل َح ىِكمني لشرع هللا أقول :تتكرر نفس العلل واألمراض القلبية واالحنرافات العقدية والعملية يف مشايخ السوء وفرق الضالل
ُ
اليت تصف نفسها أبهنا مجاعات إسالمية نسأل هللا أن ال ميكر بنا وأن حييينا ويتوفاان على ما يرضيه عنا.
فقد حتدثت عن أن نفس العلل واألسباب اليت ضل هبا أحبار ورهبان أهل الكتاب وأضلوا أجدها عند مشايخ السوء يف العصر
الكرب الذي مينعهم من قبول احلق واحتقار الدعاة إىل دين احلاضر فمشايخ السوء وفرق الضاللة املنتشرة املنتسبة لإلسالم ترى فيهم ِ
هللا احلق ,والتقليل من شأن اجلهاد واجملاهدين ,فمشايخ الضاللة قد أعجبتهم أنفسهم وغرهم تعيني الطاغوت هلم يف مناصب ابتدعها
كمنصب املفيت العام ومنصب هيئة كبار العلماء ,ووصفهم الطاغوت أبصحاب السماحة والفضيلة وأعطاهم األموال الطائلة
والعقارات الواسعة حىت صار أكثرهم أسرى لعطاايه وهباته وصار مهه رضاه ولو كان فيه الكفر والضالل ,وترى مشايخ الضاللة
والفرق املنتسبة إىل اإلسالم كذاب وزورا كاإلخوان والسرورية واجلامية قد أعماهم احلسد للمجاهدين على إقامة دولة اإلسالم وإحياء
اخلالفة واحلكم بسنة النيب ﷺ وخلفائه الراشدين يدل على ذلك حتقريهم للمجاهدين ,وزعمهم أهنم مل يصنعوا شيئا حقيقيا لإلسالم.
بل أولئك اجملرمون يظهر منهم التشفي والفرح إذا أصابت اجملاهدين مصيبة كما وقع ذلك من أسالفهم أهل النفاق قال تعاىل :ﱩۡ
َ َ ُ َ َ َ َ َّ ْ َّ ُ َ َ ُ َ َ َ َٓ َ َ َ ْ ُ ُ ٞ ُ َ َ َُ َ ٞ ُ
ۡوهمۡف ِر ُح ۡ
ون ﱨ 69فيقولون: يبة َۡيقولواۡقدۡأخذناۡأم َرناۡمِنۡقبلۡويتولوا ۡص صبكۡح َسنةۡت ُسؤهمِۖۡۡإَونۡت ِ
صبكۡم ِ إِنۡت ِ
"أمل نقل لكم إنكم ال تقدرون على أمريكا وعدهتا وعتادها؟!" ومن األمراض اليت بلي هبا مشايخ السوء وفرق الضالل قسوة قلوهبم
فرتاهم حني يرون الطاغوت يسجن أهل العلم واجلهاد يصبون لومهم على اجملاهدين وأهنم مل يستشريوا األمة فيما يفعلونه ,وأهنم
تسببوا ألنفسهم يف هذا البالء ,بل يوغل بعضهم يف الكفر واإلجرام أكثر من ذلك فيقول" :إن اجملاهدين يستحقون ما يصيبهم
على أيدي الطواغيت ,وأهنم أحدثوا فتنة يف البالد ,وأهنم مل أيتوا اإلصالح من اببه ,بل يشارك بعضهم الطاغوت يف احلكم على
اجملاهدين ابلتعذيب والسجن والقتل".
ومن اآلفات اليت أصابت مشايخ السوء والضالل قلة أو عدم خوفهم ورهبتهم من هللا يدل على ذلك فتاواهم املضلة اليت حترم اجلهاد
وتعترب أهله جمرمني وفتاواهم بشرعية احلاكم ولو ظهر منه الكفر البواح بل صرح بعض مشايخ آل سلول بوجوب السمع والطاعة ل
"برمير" مندوب أمريكا الصلييب يف العراق ونفس ذلك الشيخ السلويل ينافح ويدافع عن آل سلول وحكمهم مع أنه كان أايم دخول
جيش صدام حسني الكويت يقول" :إن آل سعود كفار وإن دولتهم حتكم ابلعلمانية ال ابإلسالم" ,فسبحان مقلب القلوب
واألبصار اللهم إان نعوذ بعزتك ال إله إال أنت أن تضلنا أنت احلي الذي ال ميوت واجلن واإلنس ميوتون.
وأما اشرتاؤهم آبايت هللا مثنا قليال -أعين علماء الضالل والفرق اليت تصف نفسها أبهنا إسالمية -فالدليل عليها اهلبات الضخمة
يتسام َع هبا الناس واملناصب اليت يتولوهنا حىت إن بعض الوزارات تعطى ملن يسمون أنفسهم اليت أيخذوهنا من الطواغيت حىت َ
ابإلخوان املسلمني مقابل اتفاقيات مع الطواغيت كما حصل يف العراق بعد احتالل أمريكا والرافضة هلا حيث استلم احلزب
68األنعام55:
69التوبة50:
16
الالإسالمي املرتد منصب انئب رئيس الوزراء ,ودخل احلزب يف االنتخاابت ليعطوا االحتالل الشرعية الكاذبة وشهدوا كذاب وزورا
أبن الطاغوت احلاكم العميل ألمريكا وإيران قد اختاره الشعب ,وكذلك استلم اإلخوان اجملرمون رائسة الوزراء يف دويلة األردن
وأعطاهم الطاغوت بعض الوزارات لريضوا عنه ويكونوا شركاء له يف كفره وطغيانه ,وأعطي اجملال يف جزيرة العرب للسرورية لتفتح
قنوات يدَّعون أهنا إسالمية مع أهنا ال تذيع من األخبار والربامج إال ما أيذن به الطاغوت ,كقناة اجملد اليت ترتحم على عسكر
طاغوت آل سلول وتصفهم أبهنم شهداء وبنفس الوقت تتهم اجملاهدين أبهنم خوارج ,ومن رضا الطاغوت عنها وبل وآتمره معها أن
تتاح هذه القناة للسجناء من أهل التوحيد واجلهاد يف سبيل هللا حملاولة إضالهلم وحرفهم عن دينهم.
ذكرت صورا منها فقد صاروا شركاء للطواغيت يف ُ وأما مواالة مشايخ الضاللة والفرق املنتسبة لإلسالم زورا للكفار واملرتدين فقد
احلكم يف دول كثرية يربرون هلم كفرهم وظلمهم وإجرامهم ,ففي الدولة السلولية مثال جتد أن من أكرب أعوان احلاكم املرتد املفيت
املرتد ,ووزير ما يسمى ابلشؤون اإلسالمية وهيئة كبار العمالء وكثري من مشايخ اجلامعات يف األقسام اليت يصفوهنا أبهنا شرعية هم
أعوان للطاغوت يقدمون له الوالء وحياربون من حياربه ,مقدمني له ما يريد من فتاوى إجرامية حىت صارت الكليات واألقسام واملعاهد
اليت يدَّعون أهنا شرعية من أهم أواتد حكم آل سعود املرتدين ,فالعقيدة اليت تدرس فيها هي عقيدة اإلرجاء على أخبث ما يكون
اإلرجاء ,فهم يدرسون للطالب عقيدة السلف وأهل السنة وأن العمل من اإلميان ولكنهم يعلموهنم أن الطواغيت املدعني لإلسالم
مهما ارتكبوا من نواقض لإلسالم فهم حكام شرعيون مل خيرجوا من اإلسالم ,وخيتلقون هلم أعذارا من جنس تلبيس اليهود والنصارى
ويدافعون عنهم الدفاع املستميت ويعلنون احلرب على كل من خيرج على الطاغوت وال يرى شرعيته ,ويكتبون التقارير لوزارة الداخلية
السلولية على كل من حيمل عقيدة الوالء للمؤمنني والرباء من الطواغيت هذا حال أغلبهم ولكل قاعدة شواذ.
وإذ ا أظهر أي شيخ عقيدة خمالفة ملشايخ السوء فمصريه السجون اليت يشرف عليها األمريكان يسام فيها سوء العذاب وحياولون
فيها ثنيه عن دينه ابلرتغيب والرتهيب ,وأيتيه مشايخ الكفر والضالل حتت اسم جلان املناصحة ملناقشته وحماولة تلبيس دينه عليه ُث
يرفعون عنه التقارير إىل أقسام املباحث السلولية لتعامله وفق توجهه وثباته على دينه أو تراجعه عن عقيدته ,وتلك اللجان تتكون
من مشايخ السوء الرْسيني ومن شيوخ القنوات ومن مشايخ من الفرق الثالث احملاربة لإلسالم والتوحيد :اإلخوان والسرورية واجلامية.
وجيب هنا أن نتذكر أن من خمالفة كفار بين إسرائيل لشرع هللا واليت استحقوا بسببها لعنة هللا أهنم كانوا ال يتناهون عن منكر فعلوه
َ َ َ َ َٰ َ َ َ ْ اوۡۥ َۡدۡ َوع َ ُ َ َّ َ َ َ ُ ْ ۢ َ ٓ ََٰٓ َ َ َ َٰ َ َ
اۡع َصواۡ ِكۡبِم
نۡمريمۡذل ۡ ِيَسۡٱب ِۡ انۡد ُۡ
ِينۡكفرواۡ ِمنۡب ِِنۡإِسءِيلۡلَعۡل ِس ِ ويوالون الكفار ,قال تعاىل ﱩۡلعِنۡٱَّل ۡ
َّ َ َّ َ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َ ُّ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ َ َ َ َٰ َ َ َ ُ ْ
اۡمن ُهمۡۡ َي َت َولونۡۡٱَّل َۡ
ِينۡ ۡكث ٗ
ِۡي ِۡ ونۡ٧٩ترى ونَۡ٧٨كنواَۡلۡيتناهونۡعنۡمنك ٖرۡفعلوهۡۡلِئسۡماَۡكنواۡيفعل ۡ َّوَكنوا َۡيع َت ُد ۡ
َ َّ َ َ ُ ْ
ونَ ۡ٨٠ولوَۡكنواۡيُؤم ُِنونۡۡب ِۡٱ ۡ
ّللِۡ
ُ َ َٰ ُ َ
ِل ۡ ابۡهمۡخ ِ
َ ّللۡ َعلَيۡهم َ
ۡو ِِفۡٱل َعذ ِۡ ۡ نف ُس ُهمۡأَ َ
نۡسخ َِطۡۡٱ َّ ُ َ َ ُ ْ َ َ َ َ َّ َ َ ُ َ ُ
كفرواۡۡلِئسۡماۡقدمتۡلهمۡأ
ِ
َ ُ ۡكث ٗ َ ٓ َ َ َ َٰ َّ َ َ َ َّ َ َ ٓ ُ َ َ َ َّ َ ُ ُ
ن ﱨ 70قال العويف عن ابن عباس رضي هللا عنهما: ِۡياۡمِن ُهمۡفَٰسِقو ۡ ِۡماۡٱَتذوهمۡۡأو َِّلاءۡولكِن نزلۡإَِّلهبۡوماۡأ ِ ۡوۡٱَل ِ ِۡ
"لعنوا يف التوراة ويف اإلجنيل ويف الزبور ويف الفرقان" 71وحني نتأمل حال مشايخ السوء يف كل دولة ال حتكم بشرع هللا فسنجدهم
كحال اليهود والنصارى ال ينهون عن منكرات احلاكم ويوالونه رغم كفره ابهلل تعاىل ,وقد رأينا يف هذا الزمان العجب العجاب فقد
رأينا ثناء األمريكان على مشايخ آل سلول ووصفهم هلم ابالعتدال! كيف ال وقد ْسعنا إمام احلرم املرتد عبد الرمحن السديس وهو
يستعطف الكفار ويصف رئيس أمريكا بوش أبنه صانع القرار يف العامل ويناشده أن ال يعاقب املسلمني كلهم بفعلة اجملاهدين الذين
برجي التجارة وتسويتهما ابألرض ألن املرتد السديس يتربأ من ذلك الفعل وهو حطموا أمريكا وأحرقوا قوهتا االقتصادية إبسقاط َ
يبكي ويعتربه ال ميثل توجه اإلسالم املعتدل الذي يدين به كما يدعي.
70املائدة81-78:
71نقله ابن كثري يف تفسريه
17
لقد وصف هللا عز وجل املنافقني أبهنم أيمرون ابملنكر وينهون عن املعروف ألهنم نسوا هللا فنسيهم ,فنسيهم بسبب فسقهم وخروجهم
َ ُُ َ ُ َ
نك ۡرۡ َويَن َهو َن َ ض ُه ِ َ ُ َ َٰ ُ َ َ ُ َ َٰ َ َٰ ُ َ ُ
ۡع ِنۡٱل َمع ُر ِۡ
وفۡ مۡم ۢنۡبع ٖضۡيأمرونۡۡب ِٱلم ِ تۡبع ابلكلية عن طاعة هللا فقال تعاىل ﱩۡٱلمنفِق ۡ
ونۡ ۡوۡٱلمنفِق ۡ
َ َ ُ َ َ َ ُ َ ُ ْ َّ َ َ َ َ ُ َّ ُ َ َٰ َ ُ َ ُ َ
ون ﱨ 72ومل أذكر هذه اآلية الكرمية ألقول إن إمام احلرم ِيۡه ُمۡٱلفَٰسِق ۡ
ّللۡفنسِيهمۡإِنۡٱلمنفِق ۡ
ويقبِضونۡأيدِيهمۡنسواۡۡٱ ۡ
املذكور منافق ,بل هو مرتد وتشبيهه ابليهود والنصارى هو الصحيح ,بل هو كسحرة فرعون قبل إمياهنم يستعمل حاكم آل سلول
هؤالء السحرة لتعبيد الناس وإخضاعهم حلكمه الكافر وقد شابه هذا اجملرم الكفار واملنافقني من أوجه كثرية وأما مواالة هؤالء املشايخ
للكفار فلها صور كثرية وعليها أدلة عديدة:
فمن ذلك حزهنم ومواساهتم للرافضة ملا ضربت الدولة اإلسالمية معابدهم وإعالهنم املعاداة للدولة اإلسالمية بسبب ضرهبا للرافضة
وإغضاهبا لطواغيتهم آل سلول ,وأذكر حني قام اجملاهدون بغزوة "ماهناتن" يف أمريكا وأحرقوا ودمروا برجي التجارة وسببوا لليهود
والنصارى الرعب يومها انطلق مشايخ السوء كإمام احلرم املكي عبد الرمحن السديس وشيخ آل سلول صاحل اللحيدان يتربؤون من
هذا الفعل اجلهادي ووصموه ابإلرهاب واإلجرام وعللوا ذلك أبن هذا عدوان على املدنيني اآلمنني الذين ال ذنب هلم ,وأن يف هذا
اهلجوم نقضا للعهد مع سيدهتم أمريكا ,فأما وصفهم للمجاهدين ابإلرهابيني فهذه الصفة ليست ذما هلم يف شرعنا املطهر بل قد
ُ َّ
ّللِۡ َو َع ُد َّوكمۡ
َ َ ُ
لۡتره ُِبونۡب ِ ۡهِۦۡ َع ُد َّوۡٱ ۡ
اطۡۡٱۡلي ِۡ
ُ أمر هللا املسلمني بذلك يف قوله ﱩۡ َوأَع ُِّدواْۡل َ ُه َّ
مۡماۡۡٱس َت َطع ُتمۡمِنۡق َّوة ٖ َۡومِنۡرِبَ ِ
َّ ُ َ َّ َ ُ َ َ ُ َ ُ َ َ َ
ِنَۡشءِٖۡف َ َ َ َ ُ َ ُ ُ َّ ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ ْ ُ ََ َ
نتمَۡلۡتظل ُم ۡ
ون كمۡۡوأ ّللِۡيوفۡإَِّل ۡ يلۡۡٱ ۡ
ِ ِ ب ۡس ِ م ۡ ّللۡيعلمهمۡوماۡتنفِقوا ينۡمِنۡدون ِ ِهمَۡلۡتعلمونهمۡٱ ۡ اخر َ
وء ِ
ﱨ .73
ولذلك يفرح كل مؤمن حني يرى الرهبة والرعب يدخل قلوب املشركني ابهلل وأما من يصفوهنم ابملدنيني اآلمنني فهم كفار غري
معصومي الدم واملال لقوله ﷺ (أمرت أن أقاتل الناس حىت يشهدوا أن ال إله إال هللا ،وأن حممدا رسول هللا ،ويقيموا الصالة ،
ويؤتوا الزكاة ،فإذا فعلوا ذلك ،عصموا مين دماءهم وأمواهلم ،إال حبق اإلسالم ،وحساهبم على هللا تعاىل) ,74بل هؤالء الذين
يصفهم مشايخ التضليل ابملدنيني الذين ال ذنب هلم ,هم مع كفرهم مشاركون يف قتل املسلمني وقتاهلم ابختيارهم حلكومتهم ورئيسهم
ابالنتخاابت ,ومشاركون بدفع الضرائب حلكومتهم بل وحىت معارك أمريكا ضد اجملاهدين هي مبوافقة شعبها عرب االستفتاءات.
وأما زعم مشايخ الطواغيت أن يف هذا العمل اجلهادي نقضا للعهد مع أمريكا فهذا من سلسلة أكاذيبهم وتضليلهم ؛ألن اجملاهدين
ليس بينهم وبني أمريكا وسائر أعداء هللا عهود والذين عاهدوا أمريكا هم عبيدها آل سلول وأمثاهلم وقد عاهدوها على كل ما فيه
حرب لإلسالم واملسلمني وأن مينعوا قيام دولة لإلسالم ما استطاعوا إىل ذلك سبيال ,وأن ينفقوا أموال النفط على إفساد املسلمني
وحمارب تهم وحماربة اجملاهدين يف سبيل هللا أينما كانوا ,فهذه صورة من تلبيس مشايخ الضالل للحق ابلباطل وكتمان احلق الذي
يعلمونه.
ولعل كل مسلم يفهم دين هللا يالحظ أن الفرق اليت ذكرهتا وهم ما يسمى اإلخوان والسرورية واجلامية قد صاروا مجيعا يف خدمة
الطواغيت سواء أمريكا وبريطانيا وفرنسا أئمة الكفر أو عبيدهم من طواغيت العرب ,وصاروا جيوشا خلفية حتمي حكم الطواغيت
وتثبت العبودية والتبعية ألمريكا أو بريطانيا أو هيئة األمم املتحدة ,وقد أعطت بريطانيا شهادة لإلخوان املرتدين يف أوائل عام
1436ه أبهنم منذ 40سنة ينبذون العنف واإلرهاب ,ويقصدون بذلك نبذ مجاعة اإلخوان للجهاد وإلغائه من قاموسها بل وحرهبا
للمجاهدين أينما كانوا ,ومعاونتها للطواغيت يف حماربة اجملاهدين وحماربة حتكيم الشريعة وسعي اإلخوان اجملرمني للحكم ابلدميقراطية
72التوبة67:
73األنفال60:
74أخرجه البخاري يف صحيحه /كتاب اإلميان /ابب :فإن اتبوا وأقاموا الصالة برقم 25ومسلم يف صحيحه/كتاب اإلميان/ابب :األمر بقتال الناس حىت يقولوا الشهادتني برقم 22
18
الكفرية ,بل إن أي إصالح مزعوم يقومون به ال يكون إال حتت مظلة الدعوة إىل دميقراطية الشرك األكرب واحلفاظ على اهليمنة
األمريكية على رقاب املسلمني واحلفاظ على الوالء ألمم الكفر املتحدة.
ومما جيدر الوقوف عنده هذا االرتباط الوثيق بني مجاعة اإلخوان املرتدين وبني الشيعة الروافض الكفار فمنذ أتسيس اخلميين -مأل
هللا قربه انرا -للحكم الرافضي يف إيران بدع ٍم فرنسي ذهب اإلخوان املرتدون إليه مهنئني مستبشرين ,وادعوا كذاب وهبتاان أن هذا هو
أمل املسلمني يف قيام دولة إسالمية متثلهم وقد كشف هللا كذب فرقة اإلخوان ومل ترج هذه الكذبة الكبرية على من أانر هللا بصريته
بل إن اإلخوان املرتدين منذ أتسيس فرقتهم على يد حسن البنا وهم يدعون إىل التقارب مع الرافضة املشركني ويدافعون عنهم
تدين ِ ِ
ويلبسون على املسلمني أبن الرافضة فرقة تنتمي إىل اإلسالم وأهنم إخوا ٌن للمسلمني واحلقيقة أن الرافضة إخوا ٌن لفرقة اإلخوان املر َ
فقط دون سائر املسلمني.
واجلدير ابلذكر أن بريطانيا روجت للماسوين مجال الدين األفغاين اإليراين الرافضي على أنه من دعاة اإلصالح ُث قام ابلرتويج له
مشايخ الضالل رغم ثبوت انتسابه إىل احملافل املاسونية هو وتلميذه حممد عبده فانظر إىل هذا التوافق بني بريطانيا ومشايخ الكفر
والضالل ,بل هو التنسيق وتبادل األدوار بني بريطانيا ومن معها من أئمة الكفر وبني كثري من أولئك املشايخ الذين يصفون أنفسهم
ابلعقالنيني ,ويريدون اإلصالح بزعمهم الكاذب على الطريقة الغربية الكافرة بتطبيق الدميقراطية والدعوة إىل ثورات ال حتمل راية
احلكم ابإلسالم ,وال تنتهج اجلهاد يف سبيل هللا ,مع استبعادهم لعقيدة الوالء للمؤمنني والرباء من الكافرين.
فإن اهلداية إىل صراط هللا املستقيم؛ هي حمض فضل هللا ورمحته بعبادة الذين أراد فالحهم يف الدنيا واآلخرة ،وقد جعل هللا هلداية
وتذلل وافتقار ،فقد وعد هللا من طلبها أبن بصدق ٍ ٍ عباده أسبااب أمران ابختاذها وإتباعها ،ومن أسباب اهلداية أن نطلبها من هللا
ضال إال من هديته فاستهدوين يكرمه هبا ,ففي احلديث القدسي الذي يرويه نبينا عن ربه يقول هللا تعاىل« :اي عبادي كلكم ٌ
َّ َ
ِينۡ طۡٱل ُمس َتق َۡ
ِيمۡ٦صِ َر َٰ َطۡۡٱَّل َۡ لص َر َٰ َ ۡ
أهدكم» ,75ويف سورة الفاحتة اليت يقرأها املسلم يف كل ركعة من صلواته نقول :ﱩۡٱهدِنۡاۡٱ ِ
َ َ َّ َ ُ َ َ َ َ ََ
ِي ﱨ ،76فيسأل املسلمون رب العاملني أن يهديهم صراطه املستقيم ،أبن ۡوَلۡٱلضٓال َۡ وبۡ َعلي ِهم
ۡيۡٱل َمغض ِۡ
ِ ۡغ م ه
أنعمتۡعل ِ
ي
يثبتهم على دين اإلسالم ،وأن يهديهم لإلميان الصحيح والعمل الصاحل ،وأن جينبهم طرق الضاللة اليت تتلخص يف طريق اليهود
وأشباههم الذين غضب هللا عليهم؛ ألهنم مل يعملوا مبا عرفوا من احلق ،والطريق الثاين من طرق الضاللة الذي يطلب املسلم من هللا
جهل فضلوا عن دين هللا ،يدعو املسلم أن جينبه أيضا أن جينبه إايه ،هو طريق النصارى ومن شاهبهم الضالني الذين عبدوا هللا على ٍ
هللا طريق العدو األكرب للمسلمني ،وهم اليهود والنصارى ،الذين يكيدون لإلسالم وأهله املكائد العظام ،وميكرون املكر الكبار ابلليل
والنهار؛ ليصدوا غري املسلمني عن اتباع دين اإلسالم ،وليحاربوا املسلمني على كل األصعدة وبكل وسيلة ،ومنها وسائل اإلعالم
ص ِد ُرَها احلكومات العميلة للكفار ،واليت شغلها الشاغل تشويه اإلسالم ،وشغل املسلمني أبنواعها ،من قنوات وإنرتنت وجرائد تُ ْ
ابمللهيات ،ودعوهتم للكفر والفسوق والعصيان.
وحارب الكفار دين هللا ،أبن منعوا حتكيم شريعة هللا يف البالد ،وسلطوا عبيدهم الطواغيت الصغار على رقاب املسلمني؛
ليمنعوهم حقهم يف التحرر من شياطني اإلنس واجلن ،وطواغيت احلكم والتشريع ،واستخدموا يف سبيل ذلك وسائل الرتغيب
والرتهيب.
ومن أهم وسائل احلكومات اليت تسمي نفسها إسالمية يف تلبيس احلق ابلباطل استخدام مشايخ يزينون الكفر واإلجرام،
كمشايخ احلكام الرْسيني املوظفني عندهم ،وكمشايخ اجلامية واملدخلية عبيد الطواغيت الذين ميدحون ويزكون احلكام املرتدين،
75رواه مسلم يف صحيحه/كتاب الرب والصلة واآلداب/ابب :حترمي الظلم برقم 2577
76الفاحتة 7-6
19
ويسعون لتعبيد املسلمني للطواغيت ،مدعني كذاب وزورا وافرتاء على هللا أن من اإلسالم والسلفية بذل الطاعة للطاغوت ،مهما فعل
من نواقض لإلسالم ،كاحلكم بغري ما أنزل هللا وكإحالل القوانني البشرية حمل أحكام هللا وشرعه وكمواالة الكفار وإعانتهم على
حماربة املسلمني ,وبرروا للطاغوت كل كفر ،واختلقوا أعذارا للطاغوت ما أنزل هللا هبا من سلطان ،حىت ال يكفروه مستخدمني
النصوص الشرعية يف غري حملها ،فيستدلون أبدلة البيعة والسمع والطاعة على وجوب طاعة احلاكم أبمر أمريكا وبريطانيا وفرنسا،
وحيرمون اخلروج عليه مستدلني ابألدلة اليت تذم اخلوارج وحتض على قتاهلم وقتلهم ،واستخدم أئمة الكفر أيضا اجلماعات اليت تدعي
أهنا إسالمية يف توجيه اجملتمعات واألفراد إىل نبذ اجلهاد واجملاهدين ،وسلوك الطرق الكفرية لتغيري األنظمة احلاكمة أو إصالحها
بزعمهم ،فوجهتهم أمريكا إىل أن اإلصالح املزعوم جيب أن ال خيرج عن اإلطار الذي حتدده هي وهيئة أممها املتحدة ،وصارت هذه
اجلماعات الإلسالمية كاحلمري تدور يف املسار احملدد من أئمة الكفر ،بل هم أضل من احلمر سبيال.
قالت هلم أمريكا إن إصالح الطواغيت يكون عن طريق الدميقراطية وصناديقها ،واللهث خلف ما ْسوه الشرعية الدولية ،فرددت
اجلماعات ا ليت تدعي اإلسالم شعارات الدميقراطية كالببغاوات ،وقالت هلم أمريكا أهنا مستعدة لتسليمهم حكم البالد اليت فيها
مسلمون ،بشرط عدم حتكيم الشريعة ،وبشرط حماربة ما ْسوه اإلرهاب ،وقصدهم حماربة اجلهاد واجملاهدين ،فسارعوا المتثال أوامرها،
كما فعلت حكومة عمر البشري يف السودان ،ومحاس يف فلسطني ،بل وجهت أمريكا وأورواب مجاعة اإلخوان املرتدين لالرمتاء يف
أحضان الرافضة وطلب العون منهم ،واحلقيقة أن حكم ماليل إيران وآايت الشيطان صناعةٌ أمريكيةٌ وبريطانيةٌ وفرنسية ،فقد كان
آية الشيطان اخلميين يوجه الرافضة من فرنسا إىل الثورة على شاة إيران املرتد -لعنه هللا -وجاء اخلميين إىل إيران على منت طائرةٍ
اعتداء عليها من قبل الفلسطينيني ،مع عمل بعضٍ فرنسية ،ومنذ عام 1415ه ،والرافضة يف لبنان حيمون حدود اليهود ومينعون أي
مزعومة لالحتالل اليهودي ،وتولت مجاعة محاس املرتدة حكم غزة يف عام 1425تقريبا عن طريق ٍ ٍ
كمقاومة التمثيليات اليت تظهرهم
شرك الدميقراطية ،وحكمت قوانني السلطة الفلسطينية نفسها ،ومل حتكم ابإلسالم ،بل قتلت من طالبوها بتحكيم الشريعة اإلسالمية
يف األراضي اليت حتكمها متقربة بدمائهم إىل أمريكا ،وأخرجت بياان وصفتهم فيه ابإلرهابيني املتشددين ،ومنذ تولت حكومة محاس
احلكم ارمتت يف أحضان إيران ،وصارت أتخذ منها الرواتب واملعوانت ،وفتحت هلا يف املقابل اجملال إلخراج املسلمني من اإلسالم
بتشييعهم ,وفتحت حكومة السودان اإلخوانية اجملال لرافضة إيران ليفتحوا مركزا ثقافيًّا ينشر التشيع والرفض ،وابع حاكم السودان
عمر البشري جنوب السودان للنصارى عرب لعبة الدميقراطية :لئال تصفه أمريكا ابإلرهاب ولرتضى عنه فهو عبدها الذي يطلب
رضاها بعدم حتكيم الشريعة ومبحاربة اجلهاد واجملاهدين.
وقد عرضت مجاعة اإلخوان املرتدين على أمريكا أن تتوىل هي احلكم يف عدة دول بدال من احلكام الذين كرهتهم الشعوب
بسبب عسفهم وظلمهم ،وتعهد اإلخوان بطاعة أمريكا وهيئة األمم املتحدة وبتحكيم الدميقراطية وحماربة اجلهاد واجملاهدين واحلفاظ
على احلدود الدولية اليت رْسها سايكس وبيكو فوعدهتم أمريكا أبن توليهم احلكم بشرط أن يطيعوها يف كل ما تطلبه منهم ،وقادهتم
ُ نۡإِذۡقَ َالۡل ِِۡل َ َٰ
نس ِنۡۡٱكف ۡرۡ
َّ َ َ
من كفر إىل كفر ،وصار حاهلم يذكر حبال استدراج الشيطان لإلنسان إىل الكفر ﱩۡك َمث ِلۡٱلشي َطَٰ ِۡ
َ َ َ ٓ َّ ُ َ َ ٓ َ ٞ َ َ َّ َ َ َ َ
ي ﱨ.77 ّللۡ َر َّبۡۡٱلعَٰل ِم َۡ
نۡأخافۡٱ َۡ فلماۡكف َرۡقالۡإ ِ ِنۡب ِريءۡمِنكۡإ ِ ِ
استخدمت أمريكا اإلخوان املرتدين يف تثبيت عروش عبيدها الطواغيت ،كما هو حاصل يف األردن حيث حتالف إخوان
الشياطني مع املرتدين حسني بن طالل وابنه ,ويف تونس أعادة اجلماعات املرتدة احلكم إىل حزب بناء ،وهو نفس حزب الطاغوت
زين العابدين بن علي اهلارب فما الذي تغري ،الذي حصل أن مجاعة اإلخوان املرتدين اليت يقودها الطاغوت الغنوشي حالفت
77احلشر16:
20
أمريكا الصليبية حملاربة اجملاهدين مع إدخاهلا لشعب تونس يف كفر الدميقراطيةُ ،ث أعادت حزب الرئيس اهلارب إىل احلكم واعرتفت
به ،ورفضت احلكم ابإلسالم صراحة قوال وعمال ،وشاركهم يف ذلك الكفر حزب جبهة اإلصالح السروري املدعي للسلفية ،نسأل
هللا أن خيزيهم وميكن دولة اخلالفة من رقاهبم.
وأما يف مصر فقد كان نظام الطاغوت مبارك يستعني ابإلخوان اجملرمني يف انتخاابت واستفتاءات الرائسية ،فيعطونه أصواهتم
اتفهة إبعطائهم مكاسب مزعومةُ ،ث استعملهم العسكر املتحكمون يف احلكم يف منع حتول الثورة على وعود ٍليمنعوا سقوطه مقابل ٍ
حسين الالمبارك إىل تغي ٍري شامل يقتلع النظام من جذوره ،فأرسل إخوان الشياطني شباهبم ليكونوا سورا حيول بني الثائرين الغاضبني
وبني إحراق مبىن وزارة الداخليةُ ،ث دعوا الناس إىل شرك الدميقراطية ،وزينوا هلم الكفر بدعواهم أن الطاغوت مرسي سيحكم ابلشريعة
إذا فاز ابالنتخاابت ،وسبحان هللا! كيف سيأيت كفر الدميقراطية ابحلكم اإلسالمي؟ وهل أييت الضالل ابهلدى؟! وأين يف شرعنا
املطهر أنه جيوز التوصل إىل ما حيبه هللا ويرضاه ابرتكاب أسباب غضب هللا من اإلقرار والرضى بدستوٍر جيعل البشر آهلة ،ويعطيهم
َّ َّ
ۡلك ُۡمۡإَِل ِ ۡ
ّۡللِ حق أن يشرعوا للناس ما مل أيذن به هللا ،وجييز هلم احلكم بغري ما أنزل هللا ،سبحان هللا! هذا هبتان عظيم :ﱩۡإ ِ ِنۡٱ ُ
ﱨ.78
وليتوصل اإلخوان اجملرمون إىل احلكم ،فقد ركضوا إىل سفارات أمريكا والدول األوروبية ودول اخلليج ،يؤكدون هلم ويتعهدون
ابحلفاظ على سلطة اجمللس العسكري على مصر ،وأن يبقوا مصر دولة علمانية ،وأهنم لن خيرجوا عن الدميقراطية ،وعاهدوهم على
حماربة اجملاهدين يف سيناء ابلتعاون مع جملس األمن واحلكومات الطاغوتية ،وأضافوا إىل تلك اخلياانت هلل ولرسوله وللمؤمنني ،أهنم
رضوا حبكم انقص حبيث ال يكون هلم سلطا ٌن على وزارات الداخلية واخلارجية واجليش واجمللس العسكري املعني من قبل األمريكان،
مما سهل على جمرمي نظام الطاغوت حسين قلب احلكم ليتسلمه الطاغوت السيسي ،وهو أشد كفرا وإجراما من الالمبارك ،فواجه
اإلخوان الكفر ابلكفر ،وسعوا السرتضاء اليهود والنصارى وعبيدهم من طواغيت اخلليج ،فشهد الطاغوت مرسي لليهود والنصارى
حق للشعب ،إىل غري ذلك أبهنم ليسوا كفارا ،ومد يده إىل رافضة إيران وأعلن احلرب على جماهدي سيناء ،وأكد أن سلطة التشريع ٌ
َ َ َّ َّ َ َ
سد َۡ
ِين ﱨ ,79فال ميكن ّللَۡلۡيُصل ُِحۡع َملۡٱل ُمف ِ
من الكفرايت ،نعوذ ابهلل من الكفر والفسوق والعصيان ،قال تعاىل :ﱩۡإِنۡٱ ۡ
إصالح أبدا ،ومن ادعى أن غايته صحيحهُ ،ث مل يسلك الطرق الشرعية اليت ترضي هللا ،فهو مفس ٌد يف ٍ أن يوصل اإلفساد إىل
َ َ ْ ُ
ۡرضۡقَال ٓواۡإ َّن َماَۡن ُن ُ َ ْ ُ َ َ َ َ
ۡمصل ُِح ۡ
ونۡ١١ ِ األرض ،وال تنفعه دعواه أنه يريد اإلصالح ،قال تعاىل :ﱩِۡإَوذاۡقِيلۡل ُهمَۡلۡتفس ُِدوا ِِۡفۡٱۡل ِ ۡ
َ ُ ُ َ 80
َّ
َٰ َ َ ٓ َّ ُ ُ ُ ُ ُ َ َ َ
ون ﱨ .ونۡولكِنَۡلۡيشعر ۡ أَلۡإِنهمۡهمۡٱلمفسِد ۡ
فاملسلمون حيكمون على ظواهر الناس وأعماهلم ،فإذا رأوا منكرا أنكروه استجابة ألمر هللا وأمر رسوله القائلَ « :م ْن َرأَى
ِ ِ ِ
ان» ،81وقال أمري املؤمنني عمر بن اإلميَ ِ
ف ِْ َض َع ُكأْ ِمْن ُك ْم ُمْن َكرا فَلْيُغَِىْريهُ بِيَدهِ ،فَِإ ْن َملْ يَ ْستَ ِط ْع فَبِل َسانِِه ،فَِإ ْن َملْ يَ ْستَ ِط ْع فَبِ َقلْبِ ِهَ ،و َذل َ
الو ْح َي قَ ِد انْ َقطَ َعَ ،وإَِّمنَا ََنْ ُخ ُذ ُك ُم اآل َن ِمبَا ظَ َهَر لَنَا ِم ْن ِ
اَّلل َ ،وإ َّن َ
ول َِّ اخلطاب « :إِ َّن أُ َانسا َكانُوا ي ْؤخ ُذو َن ِابلوح ِي ِيف َع ْه ِد رس ِ
َُ َْ ُ َ
ِِ أ َْعمالِ ُكم ،فَمن أَظْهر لَنَا خريا ،أ َِمنَّاه ،وقَ َّرب نَاه ،ولَيس إِلَي نَا ِمن س ِريرتِِه َشيء َّ ِ
اَّللُ ُحيَاسبُهُ ِيف َس ِر َيرتهَ ،وَم ْن أَظْ َهَر لَنَا ُسوءا َملْ ََنَْمنْهَُ ،وَملْ ُ َ ْ ُ َْ َ ْ ْ َ َ ٌْ َ ْ َ ْ ََ َ ْ
ال :إِ َّن َس ِر َيرتَهُ َح َسنَةٌ» .
82
ص ىِدقْهَُ ،وإِ ْن قَ َنُ َ
78يوسف40:
79يونس81:
80البقرة12 - 11:
81أخرجه مسلم يف صحيحه /كتاب اإلميان/ابب :النهي عن املنكر من اإلميان برقم 49
82أخرجه البخاري يف صحيحه/كتاب الشهادات/ابب :الشهداء العدول برقم 2641
21
فما قاله عمر هو سبيل املؤمنني ،وال تصلح حياة الناس مبخالفته ،وبه يتبني سبيل فرق الضالل اإلخوان اجملرمني والسرورية
واجلامية الذين حيكمون على اجملاهدين القائمني بتحكيم شرع هللا أبهنم مفسدون يف األرض ،وحيكمون للطواغيت احلاكمني بغري
شرع هللا أبهنم أهدى من اجملاهدين سبيال ،فشاهبت فرق السرورية واإلخوان املرتدين الرافضة والباطنية يف السفسطات املخالفة
للعقل والدين ،ويف التأويالت الباطنية للمصاحل الشرعية حىت قلبوا احلق ابطال والباطل حقا ،فحكموا للطاغوت أردوغان أبنه من
املصلحني رغم حكمه ابلعلماينة ومواالته ألنواع الكفار من صليبيني ويهود ورافضة ،ورغم حماربته للدولة اإلسالمية احلاكمة بشرع
هللا.
حكام شرعيون ال جيوز اخلروج ٌ وحكمت فرق اإلخوان والسرورية واجلامية واملدخلية للطواغيت التابعني لألمم املتحدة أبهنم
عليهم ،وأفىت هؤالء املرتدون ابلتعاون مع أمريكا وعمالئها يف حماربة الدولة اإلسالمية بكل وسيلة حىت أفىت بعض طواغيت هذه
الفرق أبن الذين قتلتهم الدولة اإلسالمية من يهود ونصارى يف بلجيكا أهنم شهداء ،وهي إحدى مشاهباهتم لليهود حيث شهدوا
َ َ َ َ َ َ َ َّ َ ُ ُ ْ َ
بۡيُؤم ُِنونۡ ص ٗ
يباۡم َِنۡٱلكِتَٰ ِۡ أبن الذين كفروا أهدى سبيال من جماهد الدولة اإلسالمية ،قال تعاىل :ﱩۡألمۡترۡإَِلۡٱَّل ۡ
ِينۡأوتواۡن ِ
َ َ ُ ُ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َٰٓ ُ َ ٓ َ َ َٰ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ ً َ َّ َٰ ُ
يل ﱨ.83 ۡسب ِ ۡ ِينۡءامنوا
وتۡويقولونۡل َِّلِينۡكفرواۡهؤَلءِۡأهدىۡمِنۡٱَّل ۡ لطغ ِۡ ۡلبتِۡۡ ۡوۡٱ
ۡب ِٱ ِ
وأفىت قادة اإلخوان املرتدين أتباعهم بوجوب إعانة الدول األوروبية على كشف من حيمل الفكر اجلهادي يف أورواب ،وساعدوا
خمابرات أورواب يف التحقيق مع اجملاهدين وترمجوا هلم ما يف أجهزهتم اجلوالة ،وسران نرى هذه الفرق الثالث :اإلخوان والسرورية
يوم ضالال وإجراما ،وأئمة الكفر يطلبون منهم املزيد من الكفر والتضليل ،وال يقنعون منهم ابلقليل من الكفرايت واملدخلية ،تزداد كل ٍ
لقد بعث هللا عز وجل نبيه حممد داعيًّا إىل عبادة هللا وحده ،وإىل الكفر ابلطاغوت وبني أنه ال يصح إسالم ٍ
أحد حىت جيمع
بني األمرين اإلميان ابهلل رًّاب وإهلا مع اعتقاد بطالن عبادة غريه ،وأن أي دي ٍن غري دين اإلسالم فهو ابطل.
َ َ َ َ ُ
وصفة الكفر ابلطاغوت قد أمران هللا عز وجل ابلتأسي فيها خبليله إبراهيم فقال هللا عز وجل تعاىل :ﱩۡقدَۡكنتۡلكمۡ
ُ َّ َ َ َ ُ ُ َ َّ َ ُ ُ َ َّ ُ َ َ ُ ْ ُ َ ٌ َ َ َ َ ْ ُ َ ٓ ُ َ َ َ َّ َ َ َٰ َ ٓ ٞ
ّللِۡكفرناۡبِكمۡ ونۡٱ ۡ ِينۡمع ۡه ۡۥۡإِذۡۡقالواۡل ِقو ِم ِهمۡإِناۡبر َٰٓءؤاۡمِنكمۡومِماۡتعبدونۡمِنۡد ِ ۡوۡٱَّل ۡ
ِۡفۡإِبرهِيم ۡ
أسوةۡحسنة ِ
َ َ َّ َ َ َ ٓ َ َ َ َّ
ّللِ ۡ َوح َد ۡهُ ٓۡۥ ۡإَل ۡقَو َل ۡإب َرَٰه َْ َّ َ
َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َٰ َ ُ َ َ َ ٓ ُ َ ً َ َّ َٰ ُ
ۡو َماۡ ِۡۡلستغفِرن ۡلك
ۡۡلبِيه ۡ ِيم ِ ِ ِ ِت ۡتؤم ُِنوا ۡۡب ِۡٱ ۡ وبداۡبينناۡوبينكم ۡٱلعدوۡة ۡ ۡوۡٱۡلغضا ۡء ۡأبداۡح
َ
َّ َّ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َّ
ۡي ﱨ ,84واملصلحة الكربى اليت جيب على كل ص ُۡ ِ َ
م لٱ ۡ ك اِۡإَوَّل ن بن ۡأ ك اِۡإَوَّل نَّكوۡت ك يلاۡع نب ۡرء
ٖ ِنَۡش م ۡأمل ِكۡلكۡمِنۡٱ ِ
ّلل
ۡ
مسل ٍم السعي إليها أن تكون كلمة هللا هي العليا ،وأن يعبد هللا وال يشرك به شيء ،وأن يكون احلكم هلل واملفسدة الكربى أن يشرك
ابهلل وأن تعلو كلمة الكفر ،ولذلك شرع هللا تعاىل قتال الكفار حىت ال تكون فتنة ،ويكون الدين كله هلل.
إسالم حيكم فيها بشرع هللا ،وجتب اهلجرة إليها ،وجيب على كل مسل ٍم مناصرهتا ،وإما دار كف ٍر تعلو فيها وصارت الداير إما دار ٍ
أحكام الكفر ،ويظهر فيها الكفر البواح ،جيب على أي مسل ٍم يسكنها أن يهاجر منها إىل دولة اإلسالم ،وأن يقاتل دول الكفر
َ َ ٓ َّ ٗ َ َ ُ َ َٰ ُ َ ُ َ ٓ َّ ٗ َ َ ْ َ َّ َّ َ َ ُ ْ ُ
ّللۡ َم َعۡٱل ُم َّتقِي ﱨ ،85وقوله عز ۡوۡٱعل ُم ٓوۡاۡأنۡۡٱ َۡ
ِيَۡكفةۡكماۡيقت ِلونكمَۡكفة ۡ امتثاال ألمر هللا تعاىل :ﱩۡوقَٰت ِلواۡٱلم ِ
ّشك ۡ
َ ٗ َ َ ْ َ َّ َّ ُ ْ ََٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َٰ ُ ْ َّ َ َ ُ َ ُ َ ُ
ك َّف ۡ َ
ّللۡ َم َعۡٱل ُم َّتق َۡ
ِي ج ُدواۡفِيكمۡغِلظة ۡ
ۡوۡٱعل ُم ٓوۡاۡأنۡٱ َۡ ارِۡوَّلَ ِ ِينۡيلونكمۡمِنۡۡٱل وجل :ﱩۡيأيهاۡۡٱَّل ۡ
ِينۡءامنواۡقت ِلواۡٱَّل ۡ
83النساء51:
84املمتحنة4:
85التوبة36:
22
ﱨ ,86واحلمد هلل الذي من على املسلمني بقيام دولة اخلالفة حتكمهم بشريعة هللا ،وجتاهد أعداء هللا نسأل هللا أن يؤيدها بنصره،
شيء قدير ،وهو حسبنا ونعم الوكيل. ٍ وأن يزيدها متكنا يف األرض إنه على كل
ُ َ َ َ
فإن هللا سبحانه قد جعل كتابه العظيم هدى للمتقني وحجة على املكذبني وكاشفا لشبهات املبطلني كما قال تعاىل ﱩۡ َوَلۡيَأتونكۡ
َ ََ َ َ َ َ َ َ َّ
ِۡيۡا ﱨ 87أي وال أيتونك مبثل يعارضون به احلق ويدفعون به رسالتك إال جئناك ابحلق ۡتفس ً قۡوأحسن جئ َنَٰكۡۡب ِٱۡل ِۡبِمثلۡإَِلۡ ِ
وأحسن تفسرياَ أي أنزلنا عليك قرآان جامعا للحق يف معانيه والوضوح والبيان التام يف ألفاظه فمعانيه كلها حق وصدق ال يشوهبا
ابطل وال شبهة بوجه من الوجوه وألفاظه وحدوده لألشياء أوضح ألفاظا وأحسن تفسريا ُمبني للمعاين بياان كامال وقد ينتقل أهل
الباطل والضالل من طرح الشبهات إىل حتدي الرسل بطلب آايت يدَّعون َّأهنم إذا َرأ ْْوها آمنوا هبم ومبا أُرسلوا به كما أخرب تعاىل
ّللۡ
َ َ َ َ ُ ْ َ َ َّ
َبۡمِنۡذَٰل ِكۡفقال ٓواۡأرِناۡٱ َۡ وَسۡأَك َ َ ۡس َألُوا ْ ُ
ۡم َ َٰٓ ۡعلَيهمۡك َِتَٰ ٗباۡم َِنۡٱ َّ
لس َمآءِۡۡ َف َقد َ بۡأَنۡتُ َن َل َ
ۡ َٰ َ
ِتك ل ٱۡ
َ َُ َ َ ُ
ل عنهم ﱩۡيسۡلكۡأه
ِ ِ ِ
اۡم َ َٰۡو َء ۡاتَي َن ُ َ ۢ َ َ َ ٓ َ ُ ُ َ َ َٰ ُ َ َ َ َ َ َ
نۡذَٰل َِك َ ُ َّ َّ َ ُ ْ َ َ ٗ َ َ َ َ ُ ُ َّ َٰ َ ُ ُ
وَسۡ تۡفعفوناۡع اۡجاءته ۡمۡٱۡليِن ۡ لۡ ِمنۡبعدِۡم ۡ واۡٱلعِج ۡ لصعِق ۡةۡبِظل ِم ِهمۡثمۡٱَتذ ۡ جهرةۡفأخذتهمۡٱ
اۡمب ٗ
ُ َ ٗ ُّ
ينۡا ﱨ 88هذا السؤال الصادر من أهل الكتاب للرسول حممد ﷺ على وجه العناد واالقرتاح وجعلهم هذا السؤال يتوقف سلطَٰن ِ
عليه تصديقهم أو تكذيبهم وهو َّأهنم سألوه أن ينزل عليهم القرآن مجلة واحدة كما نزلت التوراة واإلجنيل وهذا غاية الظلم منهم
واجلهل فإن الرسول بشر وعب ٌد هلل ليس يف يده من األمر شيء بل األمر كله هلل وهو الذي يرسل وينزل ما يشاء على عباده كما
ُ ُ َ َ َ َ ُ ُ َّ َ َ ٗ َّ ٗ
اۡر ُس ۡ
وَل قال تعاىل عن الرسول ملا ذكر اآلايت اليت فيها اقرتاح املشركني على حممد ﷺ ﱩۡقلۡسبحانۡر ِّبۡهلۡكنتۡإَِلۡبّش
ﱨ 89وادعى املكذبون للرسل أيضا َّ
أن الكتاب الذي ينزله هللا ال بد َّ
أن ينزل مجلة واحدة ال مفرقا وهذا االدعاء حمض افرتاء على
هللا فأين يوجد يف نبوة أحد من األنبياء َّ
أن الرسول الذي أيتيكم بكتاب نزل مفرقا فال تؤمنوا به وال تصدقوه؟
َ َ
بل نزول هذا القرآن مفرقا حبسب األحوال مما يدل على عظمته واعتناء هللا مبن أنزل عليه كما قال تعاىل :ﱩ ۡ َوقالۡ
ََ َ ُ َ َ َ َ ٗ َّ َُ َ ُ َ ُ ُ َٗ َ َ ٗ َ
ۡك َذَٰل َِكَۡلِ ُثَب َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ َ َ َ
كۡب ِ َمثلۡ تۡب ِ ۡهِۦۡفؤاد َك َۖۡۡو َرتل َنَٰ ُهۡترت ۡ
ِيلۡ٣٢وَلۡيأتون ۡ ِ ة ِد
ح َٰ ۡو ةلَج ۡان
ۡ ء ر ق ل ٱِۡ هي ِينۡكفرواۡلوَلۡن ِزلۡعل ٱَّل ۡ
َ َ َ َ ََ َ َّ
ۡتفس ً
ِۡيۡا ﱨ.90 قۡوأحسن جئ َنَٰكۡۡب ِۡٱۡل ِۡ
إَِلۡ ِ
فلما ذكر اعرتاضهم الفاسد أخرب أنَّه ليس بغريب من أمرهم بل سبق هلم من املقدمات القبيحة ماهو أعظم مما سلكوه
مع الرسول الذي يزعمون َّأهنم آمنوا به وهو موسى من سؤاله رؤية هللا عياان واختاذهم العجل إله يعبدونه من بعد ما َرأ َْوا من
وهددوا َّأهنماآلايت أببصارهم مامل يََرهُ غريهم وامتنع أهل الكتاب من قبول أحكام كتاهبم وهو التوراة حىت ُرفع الطور فوق رؤوسهم ُ
إ ْن مل يؤمنوا اُسقط عليهم فقبلوا ذلك على وجه اإلغماض واإلميان الشبيه ابإلميان الضروري وامتنعوا من دخول أبواب القرية اليت
أُمروا بدخوهلا ُسجدا ُمستغفرين فخالفوا القول والفعل واعتدى من اعتدى منهم يف السبت فعاقبهم هللا تلك العقوبة الشنيعة وأخذ
هللا عز وجل عليهم امليثاق الغليظ فنبذوه وراء ظهورهم وكفروا آبايت هللا وقتلوا ُرسله بغري حق وادعى اليهود َّأهنم قتلوا املسيح عيسى
لف ال تفقه مايقولوه نبينا ﷺ غريُه وصلبوه وادعى اليهود أن قلوهبم غُ ْوصلبوه واحلال أهنم ماقتلوه وماصلبوه بل ُشبه هلم َغ ْريُْه فقتلوا ْ
هلم وال تفهمه وصدوا الناس عن سبيل هللا ودعوهم إىل ما هم عليه من الضالل والغَ ىي وأخذوا السحت والراب مع هني هللا هلم عنه
86التوبة123:
87الفرقان33:
88النساء154-153:
89اإلسراء93:
90الفرقان33-32:
23
والتشديد فيه فالذين فعلوا هذه األفاعيل ليس غريبا عليهم أن يسألوا الرسول حممد ﷺ أن ينزل عليهم كتااب من السماء ُث أخرب
تعاىل عن عقوابت دنيوية أصاب هبا أولئك الذين تركوا احلق بعد ماعرفوه واتبعوا أهواءهم وهي أحكام شرعية شدد هللا عليهم فيها
فإن أطاعوا وأانبوا كان ذلك خريا هلم وإ ْن مل ينصاعوا ألوامر هللا بل استمروا يف االستكبار عاقبهم هللا تعاىل العقاب األليم قال تعاىل
ُ َ َٰ ْ ََ ٗ َّ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َّ َ َ َّ َ َ ُ ْ َ َّ َ َ َ َ ُ
ّللِۡكث ِۡياۡ١٦٠وأخ ِذهِمۡٱلرِبوۡاۡ ِينۡهادواۡحرمناۡعلي ِهمۡطيِبَٰتۡأحِلتۡلهمۡوبِص ِدهِمۡۡعنۡسب ِ ِ
يلۡۡٱ ۡ ﱩۡفبِظل ٖمۡمِنۡٱَّل ۡ
ََّٰ ُ َ َّ َٰ َ َ ََ َ َ َ ۡوأَكلِهمۡأَم َو َٰ َلۡٱَلَّ ََ ُُ ْ َ
ونۡ ِِفۡۡٱلعِل ِۡمۡ
لرسِخ ۡ ينۡ ِۡمن ُهمۡۡ َعذابًاۡأ َِّل ٗمۡاۡ١٦١لك ِِنۡٱكَٰفِر َ
ِ ِل لاۡ ن دتع أو ۡ ۡ
لِ ط
ِ َٰ باسۡۡبٱل َ
ِ ۡ ِ ِ
ۡعن ُه َ وقدۡنهوا
َ َّ َ َٰ َ َ ُ ُ َ َّ َ َٰ َ َ ُ ُ َ َّ َ َ ُ
ُ َ ُ ُ َ ُ ُ َ َٓ َ َ َ ََٓ َ ُ
ّللِۡ
ونۡۡب ِٱ ۡ
ونۡٱلزكوۡةۡ ۡوۡٱلمؤمِن ۡ يۡٱلصلوۡةۡ ۡوۡٱلمؤت ۡ نزلۡمِنۡقبل ِك َۡ
ۡوۡٱل ُمقِي ِم ۡ نزلۡإَِّلكۡوماۡأ ِ ونۡيؤم ِۡنونۡبِماۡأ ِ ۡوۡٱلمؤمِن ۡ مِنهم ۡ
اۡعظ ً َ
ۡس ُنؤتِيهمۡأج ًر َ ك َْ َ َٰٓ َ ُ
َ َ
ِيمۡا ﱨ .91 ِ ۡوۡٱَّلو ِۡمۡۡٱٓأۡلخِرِۡۡأولئ ِ
ََّٰ ُ َ َّ َٰ
ونۡ ِِفۡٱلعِل ِۡمۡﱨ أي الذين لرسِخ ۡ وبعد أ ْن ذكر هللا تعاىل معايب أهل الكتاب ذكر املمدوحني منهم فقال :ﱩ لك ِِنۡٱ
ثبت العلم يف قلوهبم ورسخ اإليقان يف أفئدهتم فأمثر هلم االميان التام العام مبا اُنزل إليك وما اُنزل من قبلك وأمثر هلم االعمال الصاحلة
من إقامة الصالة وإيتاء الزكاة اللذين مها أفضل األعمال وقد اشتملت على اإلخالص للمعبود واإلحسان إىل العبيد وآمنوا ابليوم
ورجوا الوعد أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما ألهنم مجعوا بني العلم واالميان والعمل الصاحل واإلميان ابلكتب والرسل اآلخر فخافوا الوعيد ُ
السابقة والالحقة ومن صفات الذين آمنوا برسل هللا من علماء أهل الكتاب اخلشوع هلل الذي عصمهم هللا به من أن يشرتوا آبايته
َ َٰ َ َ ُ ُ َّ َ َ ٓ ُ َ َ ُ َ َّ
نزلۡإَِّلكمۡ ِ ۡأ ا موِۡ ۡ
ّللٱِۡ ۡ
ب ۡ ِنم ؤ نۡي م لۡبِۡ ِت
ك لٱۡۡ لمثنا قليال ولذلك وعدهم هللا وعدا حسنا ابجلزاء الكرمي قال تعاىل ﱩِۡإَونۡمِنۡأ ِ
ه
يعۡ ۡربهم ۡإ َّن ۡۡٱ َّ َ
ّلل ۡ َس ُ
ۡ ِند َ ك ۡل َ ُهم ۡأَج ُر ُهم ۡع َ
َّ َ َ ٗ َ ً ُ ْ َ َٰٓ َ
ئ ل وۡأ ِيل لاۡق نم ث ۡ ۡ
ّللٱۡۡ ت َٰ َ َّ َ َ َ ُ َ َ
يۡأَِب ون َتش ۡي َِۡل ّۡلل
ِ ِي ع َٰ َ
ۡخ م ه
ََٓ ُ َ َ
ِ ِِ ِ ِ ِ ِ شِ نزل ۡإ ِ ِ
َّل وما ۡأ ِ
اب ﱨ .92 ٱۡل َِس ِۡ
فهؤالء العلماء مجعوا بني اإلميان بنبيهم وبنبينا عليهم السالم وصدقوا ابلتوراة اليت أنزهلا هللا وصدقوا ابلقرآن العظيم فدخلوا
يف اإل سالم الذي جاء به نبينا حممد ﷺ وكان دافعهم لقبول احلق هو خشوعهم هلل املنايف للكرب وقسوة القلب اللذين مينعان
صاحبهما من اتباع خامت األنبياء ﷺ وننتقل اآلن بعون هللا إىل الكالم عن شيوخ السوء وخدمتهم للطاغوت فكما هو معلوم أن
الدول الصليبية تقاْست الداير اليت يسكنها املسلمون وهو الذي ْسوه االستعمار وقد كذبوا لعنهم هللا فقد كان استخرااب ودمارا
أن ِم ْن مكر اليهود والنصارى َّأهنم مل حيتلوا جزيرة العرب احتالال مباشرا حلساسية ذلك يف نفوس املسلمني للمسلمني ولتدينهم ىإال َّ
ومكانة احلرمني اإلسالمية فاختارت بريطانيا عبد العزيز آل سعود ليكون أداهتا يف حتقيق أهدافها الصليبية ولتحاول جعل جزيرة
العرب منوذجا مزيفا للحكم ابإلسالم يضل به املسلمون عن حقيقة دينهم وينخدعون به فيتبعون سرابه معلقني أماهلم به وكان ال
بد من أت كيد لصحة منهج خادمهم عبدالعزيز وإصباغ لشرعية كاذبة عليه إبحاطته مبشايخ يزكونه ويدافعون عنه ويربرون له كل
منكر ويدفعون عنه كل هتمة ويتأولون له كل انقض لإلسالم يقع فيه واستغل عبدالعزيز اتريخ جده حممد بن سعود يف نصرة دعوة
اإلمام حممد بن عبدالوهاب ليدعي كاذاب أنَّه على خطى جده يف نصرة توحيد هللا وتقرب عبدالعزيز إىل املشايخ والعلماء وأظهر هلم
إلتزامه بتحكيم الشريعة وأنه يريد فتح البالد إلخضاع أهلها ألحكام اإلسالم فأحسنوا به الظن وأطاعوه يف طاعة هللا حسب ما
يظهر هلم ولكن األمر كما قال الشاعر:
َوإِن خا َهلا َختفى َعلى ِ
الناس تُعلَِم ند اِم ِر ٍئ ِمن َخلي َق ٍة َوَمهما تَ ُكن ِع َ
91النساء162-160:
92آل عمران199:
24
فقد بدأ عبدالعزيز ينكشف على حقيقته وتصل إىل أْساع املشايخ أنباء اجتماعاته ابلربيطانيني ُث ابألمريكان فكاشفه
أن اجتماعه هبم من ابب اهلدن اجلائزة ولكن الشمس ال تُغطى بعض املشايخ وسأله عن ذلك فأبدى هلم أنَّه ال يوايل الكفار و َّ
بغرابل فصار بعض العلماء ينكرون عليه هذه االجتماعات املريبة ابلصليبيني وظهر هلم أدلة على مواالة عبد العزيز بن سعود للكفار
وتبعية ألحكامهم والتزام ابحلدود اليت رْسوها للدول وهي حدود سايكس بيكو فعبدالعزيز أعلن اجلهاد ملا أراد إخضاع مناطق اجلزيرة
العربية حلكمه فلما وصل إىل احلدود اليت رْسها الكفار توقف عندها ومن حكمة هللا البالغة أن هللا تعاىل جعل الباطل زهوقا ﱩۡ
َ ُ َ ٓ َ َ ُّ َ َ َ َ َ َٰ ُ َّ َ َٰ َ َ َ ُ ٗ
لَۡكنۡ َزهوقۡا ﱨ 93أي من طبيعته االضمحالل والتالشي ،انكشفت حقيقة عبدالعزيز لۡإِنۡٱلب ِط ۡ
قۡوزهقۡٱلب ِط ۡ
وقلۡجاءۡۡٱۡل ۡ
عميل الصليبيني فشعر خبطر هؤالء املشايخ على حكمه ومشروعه الذي هو يف حقيقته مشروع بريطانيا ُث أمريكا الحتالل جزيرة
العرب والسيطرة على بالد احلرمني لتصري له زعامة دينية على املسلمني وكذلك السيطرة على منابع النفط وغريه من الثروات اليت
تزخر هبا بالد احلرمني ليستخدمها اإلجنليز وبعدهم األمريكان يف حماربة اإلسالم واحليلولة بني املسلمني وبني عودهتم إىل حتكيم شريعة
رهبم ملا علم عبد العزيز وأسياده الربيطانيون خبطورة أولئك املشايخ والعلماء الذين أدركوا حجم اخلديعة يف عبد العزيز وادعاءاته أنَّه
ى
حيكم ابإلسالم وجياهد أعداء اإلسالم حينها بدأ الكيد الربيطاين السلويل ابلقضاء على هؤالء العلماء واملشايخ وكانت البداية بتشويه
صورهتم وْسعتهم يف نفوس املسلمني عن طريق مشايخ السوء ليتقبل الناس بعد ذلك القضاء على من وصفوهم ابخلروج على
عبدالعزيز وشق صف اجلماعة واإلفساد يف األرض بزعمهم.
فأرسل مشايخ ابن سعود السلويل الرسائل تلو الرسائل إىل إخوان من أطاع هللا الذين يقودهم الشيخان سلطان بن جباد
وفيصل الدويش لإلنكار عليهم وإظهار َّأهنم خوارج على اإلمام املزعوم عبد العزيز و َّأهنم إ ْن مل ينتهوا عن اإلنكار عليه علنا ووصفه
مبواالة اليهود والنصارى وأنىه منحرف عن حتكيم شرع هللا فإهنم يستحقون أ ْن يردعهم عبد العزيز السلويل مبا يَراهُ مناسبا وقد أرسل
جمموعة من مشايخ آل سلول إىل الشيخني فيصل الدويش وسلطان بن جباد ومن لديهما من إخوان من أطاع هللا حيذروهنم فيها من
أن اخلروج عليه سبيل اخلوارج واملبتدعة وحذروهم اخلروج على عبد العزيز آل سلول وأنَّه خريُ من يصلح لإلمامة يف ذلك الزمان و َّ
من اهتام مشايخ آل سلول ابملداهنة له والسكوت عن منكراته وبرؤوه من مواالة اليهود والنصارى وأرسل مشايخ آل سلول رسائل
إىل رأس الكفر والردة عبد العزيز آل سلول يطلبون منه أ ْن يضرب من خيرجون عليه ويقصدون بذلك مشايخ إخوان من أطاع هللا
أن عبد العزيز آل سلول ال يوافق على هذا اجلهاد طاعة لربيطانيا إلهنم انطلقوا جلهاد أهل الشرك دون إذن من عبد العزيز واحلقيقة َّ
اليت رْست له حدود ال يتجاوزها وتلك املناطق اليت يريد إخوان من أطاع هللا فتحها ختضع لسلطان بريطانيا وملا ثبت إلخوان من
أطاع هللا أن عبدالعزيز مرتد عن اإلسالم عميل للكفار خلعوه ورفضوا طاعته يف ترك اجلهاد يف سبيل هللا.
وقال سلطان بن جباد ملشايخ عبدالعزيز السلويل ملا اهتموه أبنه طالب إماره وأنه خلع يده من طاعة من زعموه احلاكم الشرعي قال
هلم" :عبد العزيز علىمكم أنىنا طالىب إمارة ،ال وهللا اخلالف بيننا وبني ابن سعود ما هو على اإلمارة...املسألة مسألة دين...وعبد
العزيز يعرف زين أنىنا ما نبغي اإلمارة وال حنرص عليها.ولكنىنا مع عبد العزيز مثل الغار والنار...إذا جلسنا أخذتنا النىار...وإذا قمنا
الرايض"، أبشركم إان إذا هلكنا أبنكم ستتزامحون مع النىصارى أبسواق ى رطمنا الغار...وعبد العزيز يبغي يوم اخلالص منىا...ولكن ى
ولكن مشايخ السوء والضالل أصروا على كذهبم وهو اهتامهم إلخوان من أطاع هللا ابالفتئات على ويل أمرهم عبد العزيز عميل
اإلجنليز بل اهتموهم أبهنم جياهدون أُانسا مل يثبت عليهم الشرك وأهنم أخذوا منهم غنائم بغري حق ومن يتأمل كالم املشايخ التابعني
آلل سلول حني يتحدثون عن عبد العزيز عميل اإلجنليز ويثنون عليه يصفونه بصفات الصحابة واخللفاء الراشدين ويرتبون على ذلك
أحكام السمع والطاعة له وحرمة اخلروج عليه ويفتون بقتل من خيالف أمره ولو كان يف اجلهاد الذي منع عبد العزيز منه طاعة
93اإلسراء81:
25
ألسياده اإلجنليز وبعد أن أعطاه مشايخ السوء شرعية كاذبة يف قتال إخوان من أطاع هللا قام عبدالعزيز آل سلول بقتاهلم مستعينا
الزلفي وحىت يتضح أكثر حجم التلبيس الذي قام به مشايخ أبوليائه اإلجنليز حىت قضى عليهم تقريبا يف موقعة السبلة قرب مدينة ُ
أن مفيت آل سلول حممد بن ابراهيم آل الشيخ قد أنكر عليهم اخرتاع هيئات ابن سلول وأهنم عرفوا احلق فكتموه وأضلوا الناس عنه َّ
وجلان ال حتكم بشريعة هللا حيث وضع آل سلول يف كل مفصل من مفاصل دولتهم حماكم غري شرعية ْسوها جلان وهيئات تزويرا
للحق وتلبيسا على اخللق ووضعوا هلا قوانني بشرية مأخوذة من القوانني الفرنسية وقوانني األمم املتحدة وتشريعاهتا كاحملاكم التجارية
واحملاكم العسكرية وحماكم العمل والعمال وهيأة فض املنازعات التابعة لوزارة التجارة ونظام العمل والعمال واجملالس اإلدارية واهليئات
املختلفة األخرى كاهليأة الزراعية واهليأة امللكية ومكتب مكافحة املخدرات وهي جلان يبلغ عددها العشرات تتحايل هبا احلكومة
السلول ية على شرع هللا وتلزم الناس إىل التحاكم إىل تلك احملاكم الكفرية ومتنع ما وصفته من احملاكم الشرعية من النظر يف تلك
القضااي حبجة ذلك أهنا ليست من اختصاصها ويضاف إىل ذلك الكفر مواالة آل سلول لليهود والنصارى وحتاكمهم إىل حمكمة
العدل الدولية التابعة لألمم املتحدة وتوقيعهم على معاهدات ومواثيق األمم املتحدة الكفرية انبذين لشرع هللا وراء ظهورهم.
نقول كل تلك النواقض وقع فيها آل سلول وأكثر ,وأوضح هلم شيخهم حممد بن إبراهيم كثريا من تلك الكفرايت
واستنكرها عليهم وهنا سؤال استنكاري يفرض نفسه هل تربأ حممد بن ابراهيم آل الشيخ من آل سلول وكفرهم ؟ هل كفر هبم ملا
ظهر له َّأهنم طواغيت وهل ترك منصب مفيت ما يسمى اململكة العربية السعودية أو ختلى عن منصب رئيس القضاة؟...لألسف كل
ذلك مل حيدث بل استمر يف اعتبارها حكومة إسالمية شرعية حىت مات ،بل وكان ينكر على من خيرج على آل سلول ويفيت أب ىهنم
خوارج يُقتلون تقراب إىل هللا بزعمه كما فعل مع إخوان من أطاع هللا الذين كفروا ابلطاغوت وكفروا آبل سعود املرتدين وتربؤوا منهم
أبن ضالل اإلرجاء قد حتكم فيه ويف فتواه ومن والئهم للصليبيني وال أجد تفسريا هلذه التناقضات اليت وقع فيها مفيت آل سلول ىإال َّ
وأ َّن ُحب الزعامة الدينية هو الذي حال بينه وبني أ ْن يعتزل آل سعود املرتدين وينبذ إليهم مناصبهم الكاذبة اخلادعة وأن احللول
الرتقيعية اليت حاوهلا وسعى اليها مل تفلح ومل تنجح ملخالفتها لشرع هللا أوال فإنكار املنكر جيب أن يكون ابلضوابط الشرعية ال إبقرار
حاكم مرتد على حكمة ولو حذره مئات املرات من الكفرايت اليت وقع فيها فالرباءة من الطواغيت والكفر هبم هو سبيل األنبياء
ك ۡأَن ۡٱتَّبعۡ ۡمِلَّ َة ۡإب َرَٰه َ
ِيمۡ
ُ َّ َ َ َ ٓ َ َ
واملرسلني وهي ملة إبراهيم اليت أُمر نبينا حممد ﷺ ابتباعها كما قال تعاىل ﱩ ۡثم ۡأوحينا ۡإَِّل
ِ ِ ِ
ِي ﱨ 94فكفر نبينا حممد ﷺ بكل طاغوت ال كما فعل مشايخ السوء الذين كفروا ببعض ّشك َۡ َ ٗ ََ َ َ َ ُ
حن ِيفا ۖۡۡوماَۡكن ۡمِن ۡٱلم ِ
الطواغيت وآمنوا ببعض حبجج غري شرعية فضلوا وأضلو ,ربنا التزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رمحة إنك أنت الوهاب.
فإن احلاجة ماسة ألن نتبني أولياء الرمحن من أولياء الشيطان ،ألن هللا أمران أبن نوايل أولياءه وحنبهم ونناصرهم ،وأن نبغض
َّ َّ ونِۡف َ َّ َ َ َ ُ ْ ُ َ َٰ ُ َ
ّللِۖۡۡ َۡوۡٱَّل َۡ
ِينۡ يلۡۡٱ ۡ
ِ ِ ب ۡس ِ ِينۡءامنواۡيقت ِل أعداءه ونتربأ منهم ونعاديهم ،وأن نسعى يف قتاهلم وحماربتهم كما قال تعاىل :ﱩۡۡٱَّل ۡ
َ َ َٰ ُ ٓ ْ َ َ ٓ َ َّ َ َٰ َّ َ َ َّ َ َٰ َ َ َ ً َّ َٰ ُ ونِۡف َ َ َ ُ ْ ُ َ َٰ ُ َ
نَۡكنۡضعِيفۡا ﱨ 95وقد بني هللا ورسوله نۡإِنۡكيدۡٱلشيط ِۡ وتۡفقت ِلواۡأو َِّلاءۡٱلشيط ِۡ لطغ ِۡ يلۡٱ
ِ ِ ب ۡس ِ كفرواۡيقت ِل
بيان ،فمن اتصف ابلصفات اليت حيبها هللا؛ فهو املؤمن الذي حنبه ونواليه كما صفات أولياء الرمحن وصفات أولياء الشيطان أحسن ٍ
لَع َ
ۡرب ِ ِهمۡ اۡو َ َ َٰ ِ ِۡإَوذاۡتُل َِيتۡ َعلَيهم َ
ۡء َاي َٰ ُت ُۡه ۡۥۡ َز َادت ُهمۡإ َ
يم َٰ ٗن َ
ِ
َ َّ َ ُ ُ َ َّ َ َ ُ َ َّ ُ َ َ ُ ُ
جلتۡقلوبُ ُهم ّللۡو ِ ِينۡإِذاۡذكِرۡٱ ۡ ونۡۡٱَّل ۡ قال تعاىل :ﱩۡإِنماۡٱلمؤمِن ۡ
ْ َ َٰٓ َ ُ ُ ُ ُ َ َ ٗ َّ ُ َ
ۡد َر َ ُ ُ َ لصلَ َٰوَۡة ۡ َوم َِّم َ َّ َ ُ ُ َ َّ ُ َ
ۡرب ِ ِهمۡ ِند َ ت ۡع َ ج َٰ ٌ ون ۡحقا ۡلهم ۡه ۡم ۡٱلمؤمِن ۡونۡ ٣أولئِك ۡ اۡر َزق َنَٰ ُهم ۡيُنفِق ۡ ون ۡٱ َّ ِين ۡيقِيم
ونۡۡ ٢ٱَّل ۡ َي َت َوَّك ۡ
ََ ََ ٞ َ ٞ
يم ﱨ ،96ومن اتصف بصفات أعداء هللا؛ فهو عدو هلل ولرسوله وللمؤمنني ،ال نقبل منه أن يعمل الكفر ۡورِزق ۡك ِر ۡٞ ومغفِرة
94النحل123:
95النساء76:
96األنفال4-2:
26
والفسوق والعصيانُ ،ث يدعي كمال االميان ،وأنه من أولياء الرمحن ،كما قال أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب « إِ َّن أُ َانسا َكانُوا
الو ْح َي قَ ِد انْ َقطَ َعَ ،وإَِّمنَا ََنْ ُخ ُذ ُك ُم اآل َن ِمبَا ظَ َهَر لَنَا ِم ْن أ َْع َمالِ ُك ْم ،فَ َم ْن أَظْ َهَر لَنَا ِ
اَّلل َ ،وإ َّن َ
ول َِّ ي ْؤخ ُذو َن ِابلوح ِي ِيف َع ْه ِد رس ِ
َُ َْ ُ َ
ِ
ص ىدقْهَُ ،وإِ ْن قَ َ ِِ خريا ،أ َِمنَّاه ،وقَ َّرب نَاه ،ولَيس إِلَي نَا ِمن س ِريرتِِه َشيء َّ ِ
ال: اَّللُ ُحيَاسبُهُ ِيف َس ِر َيرتهَ ،وَم ْن أَظْ َهَر لَنَا ُسوءا َملْ ََنَْمْنهَُ ،وَملْ نُ َ ُ َ ْ ُ َْ َ ْ ْ َ َ ٌْ َْ
إِ َّن َس ِر َيرتَهُ َح َسنَةٌ» ،وقد أخربان هللا تعاىل أن املنافقني يعرفون بلحن قوهلم ،وبني هللا ورسوله صفات أهل النفاق ،فمن عمل
أعماهلم واتصف بصفاهتم فهو املنافق وإن أظهر اإلميان ،وعمل أبعمال اإلسالم الظاهرة ،بل هم أعدى أعداء املسلمني كما قال
ۡصي َ َ َ َّ ُ ُ ُ َّ ُ َ ُ َ َ ٞ َ َّ َ ُّ ٞ
ُۡك َ َ َُ ُ ْ َ ُ َ َ َ ََ َ ُ ُ
حةۡ ِۡإَونۡيقولوا ۡتس َمع ۡل ِقول ِ ِهمۖۡۡكأنهم ۡخشب ۡمسندة َۖۡۡيسبون ج ُبك ۡأج َسام ُهمۖۡ تعاىل :ﱩ ِۡإَوذاۡرأيتهم ِ
ع ۡت
ُ ُ َ ُ ُّ َ َ ُ َ َٰ َ َ ُ ُ َّ ُ َ َّ َٰ َ ُ َ َ
ون ﱨ ،97وبني هللا تعاىل وبني رسوله صفات أهل الكفر واإلشراك؛ نۡيُؤفك ۡ َعلي ِهمۡهمۡۡٱلعد ۡوۡ ۡف ۡٱحذرهمۡۡقتلهمۡٱ ۡ
ّللۖۡۡأ
ُ َ ُ
لئال نشاهبهم وال نواليهم ولنحذرهم ونعاديهم ونقاتلهم ،وال نغرت منهم مبعسول كالم أو تلطف ظاهر كما قال تعاىل :ﱩۡيُرضونكمۡ
ٓ َّ ُ َ ٓ ِيل ۡفَ َص ُّدوا ْ َ َّ َ َ ٗ َ ٗ ََ ْ َ َ َ َ َٰ ُ ُ ُ ُ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ َ
ۡسا َء ۡ َمۡاۡ نۡسبِيل ِ ۡهِ ۡۦ ۡإِنهم ۡع َ ّللِ ۡثمناۡقل ت ۡٱ ۡ َتوۡا ۡأَِبي َٰ ِ ونۡ ٨ٱش َثهم ۡفَٰسِق ۡ بِأف َوَٰهِ ِهم ۡوتأَب ۡقلوبهم ۡوأك
َ ٗ َ َ َّ ٗ َ ُ َ َٰٓ َ ُ َ ُ ْ َ َُ َ َ َ ُُ َ
ون ۡﱨ 98وقد مجع هللا الكفار واملنافقني يف ۡوأ ْولئِكۡه ُم ۡٱل ُمع َت ُد ۡ ۡمؤمِن ۡإَِل ۡوَل ۡذِمة ون ِۡف ُ
ونَۡ ٩لۡيرقب ِ َكنواۡيعمل ۡ
َ
ص ُۡ
ۡي ۡوبِئ َسۡٱل َم ِ ۡج َه َّن ُمۖۡ َ ِيۡ َۡوۡٱغلُظۡۡ َعلَيهم َ
ۡو َمأ َوى َٰ ُهم َ ۡارۡ َۡوۡٱل ُم َنَٰفِق َ ۡ
ُ
ك َّف َ ل ٱِۡ
د ه َٰ بۡ َ
ج ُّۡ وجوب جهادهم فقال تعاىل :ﱩۡيََٰٓأ ُّي َهاۡٱَلَّ
ِ ِ ِ
ﱨ 99فجهاد الكفار ابحلجة والبيان والسيف والسنان ،وجهاد املنافقني ابحلجة والبيان فحسب ،ما داموا غري مظهرين لنواقض
اإلسالم ،ومل تثبت عليهم ببينة شرعية ،وإال فلو ثبت عليهم ابلبينة الشرعية أهنم ارتكبوا ما ينقض إسالمهم ،فهناك يعاملون معاملة
املرتدين ،ويتخذ ويل أمر املسلمني حبقهم العقوبة الرادعة اليت يراها مناسبة ،من استتابتهم أو إقامة حد الردة عليهم دون استتابة،
وقد كان من كذب املنافقني أهنم يعدون ما يفعلونه إصالحا ،وال تنفعهم نصيحة الناصحني ،بل يتلقوهنا ابلكرب والغرور واملخادعة
َ ُ َ َ َ ٓ َّ ُ ۡرضۡقَال ُ ٓواْۡإ َّن َماۡ ََن ُن ُ َ َ َ َُ َ ُ ُ ْ
ونۡ١١أَلۡإِن ُهمۡه ُمۡٱل ُمفس ُِد ۡ
ونۡ ۡمصل ِح ۡ ِ كما أخرب تعاىل عنهم :ﱩِۡإَوذاۡقِيلۡلهمَۡلۡتفسِدوا ِ
ِۡفۡٱۡل ِ ۡ
َ َّ َ
ون ﱨ ،100فيفسدون يف األرض مبواالة الكفار وحثهم على قتال املسلمني واستئصاهلم ،وإعانتهم مبا يستطيعون َولَٰكِنَۡلۡيَش ُع ُر ۡ
على حرب املسلمني ،ومبحاربتهم لتحكيم شريعة هللا ،وبثهم الشبه حول اإلسالم وشرائعه ،وتوهني صفوف املسلمني ،وتضخيم قوة
الكفار ابلدعاايت الكاذبة املضللة ،وتقليلهم من شأن انتصارات املسلمني وأثرها على الكفار ،وها حنن اليوم نرى الفرق اليت تسمي
نفسها مجاعات إسالمية ،واملشايخ الرْسيني للحكومات الكافرة املرتدة عن دين هللا ،قد جتاوزوا أوصاف املنافقني إىل الكفر البواح
والردة الصراح؛ ألن قائدة الصليب واحلكومات التابعة هلا ،مل تعد تقنع منهم مبمارسة دور املنافقني ،بل يريدوهنا حراب أشد على
اإلسالم ،وعلى دولة اخلالفة اليت تتمسك هبدي رسول هللا وخلفائه الراشدين ،وتعلنه منهجا هلا تبذل دونه الغايل والنفيس ،طلبا
إلرضاء هللا ،وها هو الدين املزيف يتهاوى بفضل هللا ُ ث بدعوة وجهاد الدولة اإلسالمية وقادهتا وجنودها ،وها هي أقنعة املرتدين
هاداي ونصريا.
تتساقط أمام أنوار دولة اخلالفة احلاملة لكتاب هللا اهلادي بيد ،وللسيف الناصر ابليد األخرى ،وكفى بربك ًّ
لقد عمل شياطني اإلنس واجلن طويال لئال تقوم لإلنسان دولة تعود ابلناس إىل هنج النبوة الصايف ،وقد عملت دول اليهود
كفار بدراسة اتريخ اإلسالم السياسي والعلمي ،ونشأة والصليبيني على الكيد لإلسالم لعدة قرون خلت ،فأنشؤوا مراكز يقوم فيها ٌ
فرق الضالل اليت حرفت املسلمني عن دينهم الصايف ،وْسوا أنفسهم ابملستشرقني ،فسعوا لبث ونشر ضالالت الفرق الضالة املضلة
بكل درجات الضالل من الزندقة واإلحلاد إىل ضالل املعتزلة الذين حيكمون العقل يف الشرع ،فال يقبلون منه إال ما تقبله عقوهلم
97املنافقون4:
98التوبة10-8:
99التوبة73:
100البقرة11:
27
الصدئة الضالة ،وإىل املرجئة الذين ميعوا الدين وأخرجوا العمل عن مسمى اإلميان ،وقالوا ال تضر مع اإلميان معصية ،وقد درس
اليهود والنصارى جغرافيا العامل اإلسالمي ،وخططوا لتقسيمه وتقطيع أوصاله ،ودعموا كل من يطعن يف اإلسالم من العلمانيني
املرتدين ،وممن يدعون اإلسالم من مشايخ الكفر والضالل ،الذين درسوا يف معاهد وجامعات اليهود والنصارى يف فرنسا وبريطانيا
ني :مجال الدين األفغاين ،وتلميذه وغريمها ،كأمثال :طه حسني ،وعلي عبد الرازق ،وقاسم أمني ،وغريهم ،وقدمت بريطانيا املاسونيَ ْ ِ
حممد عبده على أهنما من املصلحني ،لقد أحي هللا بفضله ومنه الدولة اإلسالمية من جديد؛ لتقضي على كل ذلك املكر اليهودي
الصلييب ،ولتهيل الرتاب على الدين املزيف الذي صنعته دول الكفر وقدمته للمسلمني على أنه اإلسالم الصحيح ،واي هلل العجب
كيف يصدق بعض من ينتسبون إىل اإلسالم أن أعداء هللا من اليهود والنصارى سريضون عن اإلسالم واملسلمني؟! وقد حاربوا
َ
لۡ َو َءاتي َناۡ بۡ َو َق َّفي َناۡ ِم ۢن َ
ۡبع ِد ۡه ِۦۡۡب ِٱ ُّلر ُس ِۡ
َ
وَسۡٱلكِتَٰ َ ۡ ۡءاتَي َن ُ
اۡم َ رسل هللا وأنبياءه على مدى قرون كما قال تعاىل عنهم :ﱩۡ َولَ َقد َ
ُ ُ َ َ ُ َّ َ َ ٓ َ ُ َ ُ ُ ۢ َ َ َ َ َٰٓ َ ُ َ َ َ َ َ َ َٰ َ َ َّ َ َٰ ُ ُ ِ ُ
ى ۡأنف ُسك ُم ۡٱس َتك ََبت ۡمۡ س ۡأفُكماۡجاءكم ۡرسول ۡبِماَۡل ۡتهو وح ۡٱلق ُد ِ ۡ ن ۡمريم ۡٱۡليِنتِۡ ۡوأيدنه ۡبِر ع َ
ِيَس ۡٱب ۡ
ون ﱨ ،101إن الكفار ال يرضون إال عن دي ٍن مز ٍ َ َ ٗ َ َّ ُ َ َ ٗ َ ُ ُ َ
أانس يدعون اإلسالم ،وحقيقتهم الردة عن ٌ و ، يف ۡ اۡكذبت ۡمۡوف ِريقاۡتقتل
فف ِريق ۡ
َّ ُ َ ُ َ َٰ َ ُ َّ ُ َّ َ َ َ َ َٰ َ َ َ ُ ُ َ َ َّ َ َٰ َ َٰ َ َّ َٰ َ َّ
ىۡ َولئ ِ ِنّۡللِۡهوۡٱلهد ۡ ِتۡتتب ِ َعۡمِل َت ُهمۡقلۡإِنۡه َدىۡٱ ۡ ى ۡح ودۡوَلۡٱَلصر ۡ اإلسالم ،قال تعاىل :ﱩۡولنۡترَضۡعنكۡٱَّله ۡ
َ ََ َ َ َ َ َ َّ يۡ َجا ٓ َء َكۡم َ َّ َ َ َ َ ٓ َ ُ َ َ َّ
صۡيۡ ﱨ ،102ولذلك رضي اليهود والنصارى ۡوَلۡن ِ ِل
ِٖ ِنۡو م ِۡ ّلل
ۡ ٱِۡن م ۡك اۡل م ۡمۡ
ِ ِل عل ٱِۡن ۡ َّل
ِ تۡأهواءهمۡبعدۡٱ ٱتبع ۡ
عن آل سعود املرتدين ،ورضوا عن أمثاهلم من احلكام التابعني هلم املوالني للكفر وأهله؛ احملاربني لإلسالم الذي رضي هللا لعباده
املؤمنني ،وهؤالء احلكام املدعون كذاب لإلسالم ،قاموا بعمل أشياء كثريها للتغطية على حرهبم لإلسالم الذي يرضاه هللا ،فطبعوا
ين من قبل أفراد املسلمني ،ال من قبل احلكومات العميلة، ِ
املصاحف كما فعل آل سلول ،وادعوا راعية املساجد ،مع أن أكثرها بُ َ
وْسحوا حبلقات حتفيظ القرآن الكرمي ،وادعوا دعمها بشرط أال يدرس فيها املعتقد الصحيح ،والتفسري وعلوم السنة واحلث على
اجلهاد ،فاملسموح به عند آل سلول ونظام النصرييني وسائر أحكام الردة ،حفظ القرآن وتعليم التجويد فقط ،وأما اجلامعات فتدرس
اإلرجاء ،ووجوب طاعة احلاكم ولو ارتد ،ويتأولون له كل ردة ،وخيتلقون له األعذار اليت ما أنزل هللا هبا من سلطان ،وحيرمون اخلروج
عليه ،ويضعون شروطا تعجيزية لقيام اجلهاد يف سبيل هللا ،ويتخرج فيها الطالب بعقائد منحرفة عن الصراط املستقيم ،حىت ال يكونوا
مصلحني على هدي رسول هللا بل ضمن حلقة ال تعكر على احلاكم املرتد حكمه ،بل يسبغون عليه الشرعية الكاذبة ،ال فرق
يف ذلك بني من يدعي السلفية منهم ،وبني من يتربأ منها ،وتعاقدت احلكومات املرتدة مع الفرق الضالة املضلة ،اليت ادعت أهنا
مجاعات إسالمية؛ ملنع إحياء عقيدة الوالء والرباء ،ومنع قيام اجلهاد يف سبيل هللا ،فصار أولئك اجملرمون يلبسون على الناس دينهم،
وأن اإلصالح ممكن ابلوسائل اليت يسمح هبا حكام الردة عبيد اليهود والنصارى ،ففي جزيرة العرب مثال حتالف آل سلول مع
السروريني املدعني للسلفية منذ عام 1405تقريبا ،واتفقوا معهم على أال خترج الدعوة والتعليم عن اإلطار الذي يسمح به آل
سلول ،ومنذ ذلك احلني وهم يلقنون أتباعهم أن احلاكم مسلم جتب طاعته وعدم اخلروج عليه ،ومينعون شباهبم املبايعني هلم من
متنوعة ،فمنعوا شباهبم من اجلهاد يف أفغانستانُ ،ث يف البوسنة ،واهتموا ٍ ٍ
وتلبيسات حبجج كثرية
اجلهاد يف أي منطقة من العاملٍ ،
اجملاهدين ابإلفتيات على األمة اإلسالمية؛ ألن اجملاهدين ال يشاوروهنم وال يصدرون عن رأيهم ،وبنفس الوقت أيد مشايخ السرورية
جبهة اإلنقاذ يف اجلزائر يف دخول االنتخاابتُ ،ث الفوز فيها ،مع أنه دخول يف الشرك األكرب ابلرضى ابلدميقراطية واختاذها سبيال
للحكم ،ودعا مشايخ السرورية وحرضوا على اجلهاد املزعوم مع حاكم اليمن علي عبدهللا صاحل ،املنتمي إىل حزب البعث ،واعتربوه
جهاد شرعيًّا إسالميًّا؛ ألنه يقاتل فيه حاكم حضرموت امللحد الشيوعي ،واحلقيقة أهنا كانت خدمة ألمريكا؛ إلخراج احلزب املوايل
101البقرة87:
102البقرة120:
28
لروسيا من احلكم ،مقابل إشراك االخوان املرتدين يف احلكم ،ومل يبالوا بكونه حاكما مرتدا عن اإلسالم ،حيكم بغري ما أنزل هللا ،وقد
بدل شريعة هللا كف را بواحا ،وقد استخدم املرتد البعثي علي صاحل اإلخوان والسرورية حىت انتهى من حربه مع حاكم حضرموت
املرتدُ ،ث خلع اإلخوان كما خيلع نعليهُ ،ث أعلن السروريون وابقي اجلماعات املوالية للطاغوت كاجلامية واإلخوان اجملرمني حرهبم على
اجلهاد وأهله ،الذين عكروا صفو أمريكا وأمنها بضربيت الربجني الشهرية ،ولبسوا على الناس أبن اجملاهدين تسببوا بعملهم هذا بتعطيل
الدعوة اإلسالمية ،والتضييق على املسلمني من قبل الدول الصليبية اليت يعيشون فيها ،وخوفوا الناس من أمريكا وقوهتا ،وقللوا من
شأن اجملاهدين ،وادعوا أهنم ال يستطيعون حماربة رأس الكفر أمريكاُ ،ث أعلن زعيم السرورية املرتد يف جملته اليت ْساها السنة ْ -ساها
السنة كذاب وزورا -أنه سيتعاون مع دول الكفر العاملي يف حماربة اإلرهاب يف العراق ،أي حماربة الدولة اإلسالمية ،اليت أعلنت حتكيم
اإلسالم والكفر ابلطواغيت ،وقد تعاون السرورية واإلخوان واجلامية املدخلية مع مرتدي آل سلول ومشاخيهم الرْسيني يف تسليم
العراق ألمريكا وإيران ،وتعاونوا على حماولة وأد مشروع الدولة اإلسالمية ،الذي يهدد كل مشاريعهم ،ويفضح مؤامراهتم واستمتاع
بعضهم ببعض ،وملا قامت الثورة على طاغوت الشام ،انصب تفكري اإلخوان املفلسني والسرورية على كيفية استثمارها واالستفادة
من تضحيات الشعب املسكني الذي مل يتلقى منهم أي توجيه أو حتريض على اجلهاد يف سبيل هللا وال وجهوه حنو أن تكون الراية
والغاية إسالمية ،أبن حيكم شرع هللا بدال من حكم الطاغوت ،وملا قام اجلهاد يف الشام مل يشاركوا فيه أبي مشاركة سوى السعي
إلفساد اجلهاد واجملاهدين ،وعملوا على حماولة سرقة مثرة اجلهاد ليصب يف مصلحة العلمانيني املرتدين ،وأبدوا إعجاهبم وأتييدهم ُث
دعمهم ملا يسمى اجليش احلرُ ،ث تسللوا بتعاون مع خمابرات آل سلول إىل الفصائل املختلفة ،واخرتقوها ابلدعم املادي ،وطلبوا منهم
صراحة أال يرفعوا راية اإلسالم ،وأال يطالبوا بتحكيم شرع هللا ،حبجة أن دول الكفر لن ترضى بذلك ،فلما أرسلت الدولة اإلسالمية
جبهة النصرة؛ للجهاد يف الشام ،وقفوا منها موقف املراتب ،وتساءلوا عن حقيقتها ومصدر دعمهاُ ،ث دعوا الفصائل إىل ضرهبا إن
خرجت عن ط ريق اجليش احلر وأهدافه ،فلما أعلنت الدولة اإلسالمية متددها إىل الشام ،وإلغاء مسمى جبهة النصرة ،تالعب
السرورية واإلخوان املرتدون جببهة اجلوالين ،وحرضوها على قتال الدولة اإلسالمية ،ودعموها ابملال واملكر الكبار ،حىت صارت غطاء
للفصائل املرتدة ،ومرتعا ألجهزة املخابرات ،وآتمر السرورية وإخوان الشياطني مع معظم الفصائل لقتال الدولة اإلسالمية جمتمعني،
َ َ َ ُ ْ َ َ َّ
ۡو َمك َرۡٱ ُۡ
ّللۖۡۡ يف ساعة حددوها إلهناء وجود الدولة اإلسالمية يف الشام ،وإجبارها على االنسحاب إىل العراق ،ولكن ﱩۡومكروا
ّللۡ َخ ُ
ۡيۡۡٱل َمَٰك ِِر َۡ
ين ﱨ ،103كان للدولة مقرات وأماكن متفرقة تركتها واحنازت منها؛ بسبب حرب املرتدين فيسر هللا أن تصري
َّ
َۡوۡٱ ُۡ
مدن ومساحات شاسعة حتت حكم دولة اإلسالم ،خيضع الناس فيها لشرع هللا ،ويطيعون ألمري املؤمنني وخليفة املسلمني الشيخ
أىب بكر البغدادي القرشي احلسيين ،وجياهدون معه أعداء هللا املتحزبني حلرب دولة اخلالفة ،واجملاهدون واثقون من نصرهللا القائل
َ َ َّ ُ َ َ َ َّ ُ َ ُ ُ َ ُ ُ َ َ َََ َ َ َ
ون ﱨ .104ندناۡل ُه ُمۡٱلغَٰل ُِب ۡونِۡ١٧٢إَونۡج
ور ۡ ۡس َبقتَۡك َِم ُت َناۡلِع َِبادِناۡٱل ُمر َسل َۡ
ِيۡ١٧١إِنهمۡلهمۡٱلمنص سبحانه :ﱩۡولقد
وأما اإلخوان املرتدون ،فبدال من اجلهاد يف سبيل هللا ،أنشؤوا اجمللس الوطين العميل والتابع لدول الكفر ،واستقطبوا
لعضويته عمالء أمريكا وفرنسا وروسيا وبريطانيا وغالبهم من أخبث الناس كفرا وخلقا ،ودخل اإلخوان اجملرمون والسرورية السلولية
يف عضوية اجمللس الوثينُ ،ث يف عضوية ما ْسوه االئتالف الوطين الذي مت برعاية أمريكية قطرية ،وأنشؤوا هلذا االئتالف الكافر جملسا
إسالميا بزعمهم الكاذب؛ ليربروا نواقض اإلسالم اليت يرتكبوهنا ،وليصبغ على كفرايهتم شرعية كاذبة خاطئة ،تصدر الفتاوى اليت
يطلبها األمريكان وأذانهبم املرتدون ،وصرف إخوان الشياطني والسرورية أموال التربعات اليت مجعوها على املؤمترات اليت عقدوها مع
السفري األمريكي فورد وغريه من سفراء الكفر ،وآتمروا على اجلهاد واجملاهدين ،وكان أكرب مههم الذي أقض مضاجعهم كيف يتم
103آل عمران54:
104الصافات173-171:
29
القضاء على دولة اإلسالم ،أو منع متددها وأرسلوا بعض اخلبثاء الذين يلبسون ثياب طالب العلم زورا وكذاب؛ ليؤلبوا الفصائل التائهة
على الدولة اإلسالمية ،وليلبسوا احلق ابلباطل على من يهم اباللتحاق ابلدولة اإلسالمية ولكن األمر كما قال تعاىل :ﱩ ۡإِنۡ
َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َّ َ ُ ُ ُ َ َّ َ ُ ُ َ َ ُ َ ُ ُ ُ َّ ُ َ َ َ
َّكۡٱل ُمؤم ُِن ۡ
ون ّللِۡفليتو ِ مۡم ۢنۡ َبع ِد ۡه ِۦۡۡولَعۡۡٱ ۡ
نُصك ِ ّللۡفلَۡغل َِبۡلكمِۖۡۡإَونَۡيذلكمۡف َمنۡذاۡۡٱَّلِيۡي
ينُصكمۡۡٱ ۡ
ﱨ ،105لو استعرضنا اتريخ اإلخوان املرتدين يف قرن مضى سنجد أهنم أماتوا الوالء والرباء ،ومل يرفعوا بتصحيح العقيدة رأسا ،الغاية
عندهم تربر الوسيلة ،يتخذون شرك الدميقراطية األكرب وسيلة إىل احلكم ،فإذا حكموا؛ حكموا ابلقوانني الكفرية ال بشرع هللا ،كذبوا
على األمة اإلسالمية ،واتجروا بدمائها ،ومل يبذلوا أرواحهم يف ساحات اجلهاد ،فزهقت أنفسهم يف ساحات الثورات السلمية،
وانتهكت أعراضهم ،فصرخوا "سلمية سلمية" ،هان عليهم دينهم فهانت ورخصت أنفسهم وأعراضهم ،فبذلوها ولكن ليس يف سبيل
هللا ،بل يف سبيل ما ْسوه الشرعية ،أي الشرعية اليت ترضاها هلم أمريكا ،حكموا ابلقوانني البشرية الكفرية يف تركيا ومصر والسودان
ويف غزة فلسطني ،وكانوا جنود الشيطان ،وأولياءه احملاربني جلنود هللا ،ولذا ال نعجب حني توصي مؤسسات الكفر ،ومنها مؤسسة
راند األمريكية اليت مقرها دويلة قطر ابستخدام اإلخوان املرتدين وأفراخهم السرورية ضد من رفعوا راية القرآن والسنة وجاهدوا يف هللا
حق جهاده ،منذ عام 1425أوصت مؤسسة راند مبواصلة استخدام اجلماعات اليت تصفها ابالعتدال ،وهي اليت تنبذ اجلهاد
وترضى ابلدميقراطية يف حماربة أهل التوحيد واجلهاد وحتكيم اإلسالم الذين أعلنوا اخلالفة فيما بعد وحكموا الشريعة اإلسالمية اليت
ّللۡ َمنۡيَ ُ ُ َ َ َ ُ َ َّ َّ
نُصُۡه ٓۡۥۡ نُصنۡٱ ُۡ رضيها هللا لنا وحكموا الشريعة اإلسالمية اليت رضيها لنا ربنا دينا رغم أنف الكافرين واملرتدين :ﱩۡ ۡوَّل
وف ۡ َو َن َهوا ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ُ ْ َّ َ َ َّ َّ ََّٰ ُ َّ ّلل ۡلَ َقو ٌّي َ َّ َّ َ
ۡع ِنۡ لصل َٰوَۡة ۡ َو َءات ُوا ۡٱ َّلزك َٰوَۡة ۡ َوأ َم ُروا ۡۡب ِٱل َمع ُر ِ ۡ ۡرض ۡأقاموا ۡٱ
ِۡف ۡۡٱۡل ِ ۡ
ِين ۡإِنۡمكنهم ِ يزۡۡ ٤٠ٱَّل َۡ
ۡع ِز ٌۡ إِن ۡٱ ۡ ِ
َّ َ ُ ُ َ
ٱل ُمنك ِۡرۡ َو ِّللِۡعَٰق َِبةۡٱۡل ُم ۡ
ورِ ﱨ .106
والصالة والسالم على خامت األنبياء واملرسلني وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إبحسان إىل يوم الدين ،واحلمد هلل رب العاملني.
105آل عمران160:
106احلج41-40:
30
31