You are on page 1of 3

‫معهد العلوم الإسلامية والع برية في ابدوبيس اي‬

‫م‬ ‫س‬ ‫ع‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫ح‬‫جم م م‬


‫ا عة الإ ام مد ن ود الإ لا ية‬

‫قسم الش يرعة‬


‫االسم‪ :‬نوفل نزل نارايا‬
‫المادة‪ :‬الفقه‬
‫معلم المادة‪ :‬أ‪ .‬محمدون عبد الحميد‬
‫المستوى‪ :‬األول‬
‫حكم دباغ الحيوان الذي ال يؤكل لحمه‬
‫جاء اإلسالم مبينا ً منهج الحياة لسعادة اإلنسان في الدارين‪ ،‬فأرسل هللا‬
‫الرسل وأنزل الكتب من أجل هذا‪ ،‬ومن أجل الغاية العليا وهي عبادة هللا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َۡ ُ ۡ َ ۡ‬
‫ون‪ ﴾٥٦‬وقوله‬ ‫ٱۡلنس إَِّل ِِلعبد ِ‬ ‫ٱۡلن و ِ‬‫وحده‪ .‬قال هللا تعالى‪﴿ :‬وما خلقت ِ‬
‫ٱلط ُغوتَ‬
‫َّٰ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ا َ ۡ‬ ‫ُل ُ‬ ‫َ‬ ‫َََ ۡ ََۡ‬
‫ك أمةٖ رسوَّل أ ِن ٱعبدوا ٱّلل وٱجتنِبوا‬ ‫تعالى‪﴿ :‬ولقد بعثنا ِِف ِ‬
‫َۡ‬ ‫ت َعلَ ۡيهِ ٱلض َلَّٰلَ ُة فَس ُ‬ ‫فَ ِم ۡن ُهم م ۡن َه َدى ُ‬
‫ٱّلل َوم ِۡن ُهم م ۡن َحق ۡ‬
‫ۡرض‬
‫ِريوا ِِف ٱۡل ِ‬
‫َ ُ ُ َ ۡ َ َ َ َ َّٰ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ك لِذب َ‬
‫ي‪ .﴾٣٦‬وكما ذكرنا من قبل‪ ،‬جاء اإلسالم‬ ‫فٱنظروا كيف َكن عقِبة ٱلم ِ‬
‫كمۡ‬‫ََۡۡ َ ۡ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ ُ‬
‫كامال ال نقصان فيها‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿ :‬ٱِلوم أكملت لكم دِين‬
‫ٗ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ ُ ۡ ۡ ََّٰ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ َ ۡ ُ َ َۡ ُ‬
‫ٱۡلسلم دِينا﴾‪.‬‬ ‫ضيت لكم ِ‬ ‫وأتممت عليكم ن ِعم ِِت ور ِ‬

‫فالشريعة بينت لنا ما وجب علينا‪ ،‬وما نُهينا عنه‪ ،‬وما التي سكتت عنه‬
‫الشريعة فليس علينا أن نتساءل عنه‪ .‬ومما يباح لنا هو األكل والشرب‬
‫لكونهما فطرة اإلنسان‪ ،‬ولحاجتنا إليهما‪ .‬فنأكل من النباتات والحيوانات‪،‬‬
‫ومن الحيوانات ما ال يؤكل لحومها لورود دليل يحرمها‪ ،‬مثل الخنزير‪،‬‬
‫ُ ل َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ ُ َ َۡ ُ ۡ‬
‫ير‬
‫ِزن ِ‬
‫نحو قول هللا تبارك وتعالى‪﴿ :‬ح ِرمت عليكم ٱلميتة وٱدلم وَلم ٱۡل ِ‬
‫َ ُ َََٓ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡۡ َ َ ُ َ َۡ ُۡ َُ َ ُۡ ََلَُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََُٓ‬
‫ري ٱّللِ بِهِۦ وٱلمنخن ِقة وٱلموقوذة وٱلمَتدِية وٱنل ِطيحة وما أكل‬ ‫وما أهِل ل ِغ ِ‬
‫َّٰ‬ ‫ََۡۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َۡ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ ُۡ ۡ ََ ُ َ ََ‬ ‫ُُ‬
‫ب وأن تستقسِموا ب ِٱۡلزل ِم﴾ ‪ ،‬وكذلك‬ ‫ٱلسبع إَِّل ما ذكيتم وما ذبِح لَع ٱنلص ِ‬
‫يجوز انتفاع َ بالحيوانات غير لحمه‪ ،‬مثل للركوب‪ ،‬وأخذ ۡ صوفه‪ ،‬كما قال‬
‫كمۡ‬ ‫َ ۡ ۡ َ َّٰ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ ‪ُ َ َ َ ُ ُ َ َ ۡ َ ُ َّٰ َ َ َ ٞ‬‬
‫تعالى‪﴿ :‬وٱۡلنعم خلقها لكم فِيها دِفء ومنفِع ومِنها تأكلون‪ ٥‬ول‬
‫َل لمۡ‬‫َ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َّٰ َ َ‬ ‫َ ََ ٌ‬
‫فِيها َجال حِي ت ِريحون وحِي تۡسحون‪ ٦‬وَت ِمل أثقالكم إَِل ب ٖ‬
‫‪َ َ ۡ َ َ ۡ َۡ َ ٞ‬‬ ‫َ ُ ۡ ََ ُ ‪ٞ‬‬ ‫ل َۡ ُ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫تكونوا َبَّٰلِغِيهِ إَِّل بِشِ ِق ٱۡلنف ِس إِن ربكم لرءوف رحِيم‪ ٧‬وٱۡليل وٱۡلِغال‬
‫َ َۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ٗ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫وٱَل ِمري ل َِتكبوها وزِينة ويخلق ما َّل تعلمون‪.﴾٨‬‬

‫ومن دباغ جلود الحيوانات من االنتفاع بالحيوانات‪ ،‬وقد دل على جوازه‬


‫حديث ابن عباس رضي هللا عنهما‪َّ ،‬‬
‫أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬إذا دبغ‬
‫اإلهاب فقد طهر» أخرجه مسلم‪.‬‬
‫وحديث سلمة بن المحبق رضي هللا عنه‪ ،‬أنه قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬
‫«دباغ جلود الميتة طهورها» صححه ابن حبان‪ ،‬وكال الحديثين ورد في‬
‫بلوغ ا لمرام للحافظ ابن حجر‪.‬‬
‫فاستدل بحديث ابن عباس من ذهب َّ‬
‫بأن أي إهاب دُبغ فهو طاهر‪ ،‬سواء‬
‫فإن الحديث عام‪ .‬لكن‬‫أكان جلود الحيوان الذي يؤكل لحمه أو ما ال يؤكل‪َّ ،‬‬
‫بأن جلود الحيوان الذي ال يؤكل لحمه ال‬‫استدل بحديث ميمونة من ذهب َّ‬
‫تُطهر بالدباغ‪ ،‬فقالت‪ :‬مر رسول هللا ﷺ بشاةٍ يجرونها‪ ،‬فقال‪« :‬لو أخذتم‬
‫إهابها» فقال‪ :‬إنَّها ميتة‪ .‬فقال‪« :‬يطهرها الماء والقرظ» أخرجه أبو داود‪،‬‬
‫والنسائي‪ .‬وهي كل حيوان مأكول اللحم‪ ،‬لقوله‪« :‬دباغ جلود الميتة‬
‫إهابها» وفي لفظ‪« :‬دباغ األديم ذكاتها» وفي لفظ‪« :‬فإنَّ ذكاتها دباغها»‬
‫فشبه الدبغ بالذكاة‪ ،‬والذكاة ال تؤثر إال في مأكول اللحم‪ ،‬فكذا الدباغ؛ َّ‬
‫ألن‬
‫المشبه يأخذ حكم المشبه به‪ ،‬وهذا قول في مذهب الحنابلة‪ ،‬ورجحه شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وصححه الشيخ عبد الرحمن السعدي‪ ،‬والشيخ عبد‬
‫العزيز بن باز‪ ،‬وذكر النووي‪ :‬أنه مذهب األوزاعي وابن المبارك وأبي‬
‫‪1‬‬
‫ثور وإسحاق بن رواهيه‪.‬‬
‫والقول بأن األحاديث عامة‪ ،‬أنه يدخل في ذلك جميع أنواع الجلود قول‬
‫قوي‪ ،‬لكن أظهر األقوال وأقربها للصواب أن ذلك فيما يؤكل لحمه‪ ،‬وأن‬
‫الورع يقتضي ترك ما سوى ذلك‪ ،‬عمالً بقول النبي ﷺ‪« :‬من اتقى‬
‫الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه»‪ ،2‬وقوله عليه الصالة والسالم‪« :‬دع‬
‫‪43‬‬
‫ما يريبك إلى ما ال يريبك» ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫منحة العالم لعبد هللا بن صالح الفوزان‬
‫‪2‬‬
‫أخرجه البخاري (‪ ،)52‬ومسلم (‪)1599‬‬
‫‪3‬‬
‫أخرجه الترمذي (‪ ،)2518‬والنسائي (‪ ،)327/8‬وإسناده صحيح‬
‫‪4‬‬
‫منحة العالم لعبد هللا بن صالح الفوزان‬

You might also like