You are on page 1of 27

‫طريقة أهل السنة واجلماعة‬

‫يف‬

‫خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫تأيلف‪:‬‬

‫أيب أمحد حممد اخلرض األندونييس‬

‫غفر اهلل هل ولوادليه وللمؤمنني‬


‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫طريقة أهل السنة واجلماعة‬

‫يف‬

‫خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫أتليف‪:‬‬

‫أيب أمحد حممد اخلضر األندونيسي‬

‫غفر هللا له ولوالديه وللمؤمنني‬

‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫الطبعة األولى‬

‫‪ 8341‬ه – ‪ 7182‬م‬

‫‪ ‬هاتف‪+6285741741433:‬‬
‫‪ ‬بريد إلكرتوين‪abuahmad.limbory@gmail.com :‬‬
‫‪ ‬قناة التيليجرام‪http://t.me/maktabatulkhidhir :‬‬

‫‪2‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫الفهرس‬
‫اَل ِْف ْه ِرس ‪3...........................................................................................‬‬

‫املقدمة ‪4............................................................................................‬‬

‫اتباع الشريعة ظاهرا وابطنا ‪4.........................................................................‬‬

‫حب هللا تعاىل ورسوله صلى هللا عليه وسلم ‪6........................................................‬‬

‫حب أصحاب النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ومن تبعهم إبحسان ممن سلف ‪8.......................‬‬

‫حب املؤمنني ‪9......................................................................................‬‬

‫الدعوة إىل هللا على بصرية والتمسك ابألدلة الشرعية ونبذ التقليد األعمى ‪12 .......................‬‬

‫الوضوح ‪13 ........................................................................................‬‬

‫األمر ابملعروف والنهي عن املنكر والرد على املخالف للحق كائنا من كان ‪11 ......................‬‬

‫ربط الناس ابلكتاب والسنة على فهم السلف الصاحل‪16 ............................................‬‬

‫املسح على اخلفني‪16 ..............................................................................‬‬

‫الصالة يف النعال ‪11 ...............................................................................‬‬

‫معرفة دخول الشهر برؤية اهلالل ‪11 ................................................................‬‬

‫الوالء والرباء على أسس الكتاب والسنة ‪19 .........................................................‬‬

‫عدم اخلروج على والة األمور املسلمني وإن جاروا ‪21 ...............................................‬‬

‫الرجوع إىل احلق مىت ظهر هلم ويقبلونه ممن جاء به ‪23 ..............................................‬‬

‫قبول خرب الواحد الصدوق الثقة ‪23 ................................................................‬‬

‫عدم تكفري أحد من املسلمني بذنب ما مل يستحله ‪24 .............................................‬‬

‫اجلرح والتعديل ‪24 .................................................................................‬‬

‫‪3‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫املقدمة‬

‫بِ ْس ِم ا هَّللِ الهر ْْحَ ِن الهرِحي ِم‬

‫احلمد هلل رب العاملني ْحداًكثرياً طيباً مباركاً فيه كما حيب ربنا ويرضاه‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ال إله إال هللا وحده ال شريك له وال إله سواه‪ ،‬وأشهد أن حممداً عبده ورسوله الذي اصطفاه‬
‫واجتباه وهداه‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى آله وسلم تسليماًكثرياً إىل يوم الدين‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فهذه رسالة مسيتها "طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة"‪.‬‬

‫ومن طريقتهم يف ذلك‪:‬‬

‫اتباع الشريعة ظاهرا وابطنا‬


‫ول َوأ ِوِل ْاأل َْم ِر ِمْنك ْم‬ ‫اَّلل وأ ِ‬
‫َطيعوا الهرس َ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬
‫ين آَ َمنوا أَطيعوا هَ َ‬
‫﴿َي أَيُّ َها الذ َ‬
‫قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫اَّللِ والهرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ول﴾ [النساء‪ ]19 :‬أي كتاب هللا وسنة الرسول ‪-‬‬ ‫فَإ ْن تَنَ َاز ْعت ْم ِيف َش ْيء فَرُّدوه إ َىل ه َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬الصحيحة‪.‬‬

‫فاعلم رْحك هللا أن يف البدعة خروجا عن اتباع الشريعة‪ ،‬وقد قال هللا تعاىل‪:‬‬
‫السب َل فَتَ َفهر َق بِك ْم َع ْن َسبِيلِ ِه َذلِك ْم َو ه‬
‫صاك ْم بِِه‬ ‫يما فَاتهبِعوه َوَال تَتهبِعوا ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫﴿وأَ هن َه َذا صَراطي م ْستَق ً‬
‫َ‬
‫لَ َعلهك ْم تَتهقو َن﴾ [األنعام‪ ،]113 :‬فمن ابتدع بدعة يتعبد هلل هبا فقد خرج عن اتباع الشريعة‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن املبتدع ال حيكم ابلكتاب والسنة‪ ،‬ألنه خيرج إىل هواه فيحكمه‪،‬‬
‫﴿واتْل َعلَْي ِه ْم نَبَأَ اله ِذي آَتَ ْي نَاه آَ ََيتِنَا فَانْ َسلَ َخ ِمْن َها فَأَتْ بَ َعه الشْهيطَان فَ َكا َن ِم َن‬
‫قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫ب إِ ْن‬ ‫ض واتهبَ َع َهواه فَمثَله َكمثَ ِل الْ َكلْ ِ‬ ‫الْغَا ِوين * ولَو ِشْئ نَا لَرفَ ْعنَاه ِهبَا ولَ ِكنهه أ ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َخلَ َد إ َىل ْاأل َْر ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫ص لَ َعلهه ْم‬ ‫ين َك هذبوا ِِبَ ََيتِنَا فَاقْص ِ‬ ‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫ث أَو تَ ْت رْكه ي ْله ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َ‬ ‫ص الْ َق َ‬ ‫ك َمثَل الْ َق ْوم الذ َ‬ ‫ث َذل َ‬ ‫ََ‬ ‫ََْتم ْل َعلَْيه يَْل َه ْ ْ‬

‫‪4‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫ين َك هذبوا ِِبَ ََيتِنَا َوأَنْف َسه ْم َكانوا يَظْلِمو َن * َم ْن يَ ْه ِد ه‬


‫اَّلل فَه َو‬ ‫هِ‬ ‫ه‬
‫يَتَ َفكرو َن * َساءَ َمثَ ًال الْ َق ْوم الذ َ‬
‫ك هم ا ْخل ِ‬ ‫الْمهت ِدي ومن ي ْ ِ‬
‫اسرو َن﴾ [األعراف‪.]118-111 :‬‬ ‫َ‬ ‫ضل ْل فَأولَئِ َ‬ ‫َْ ََ ْ‬

‫اك َعلَى‬
‫جعل هللا سبحانه الشريعة لنا وأمران ابتباعها‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ُ﴿ :‬ثه َج َعلْنَ َ‬
‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫َش ِر َيعة م َن ْاأل َْم ِر فَاتهب ْع َها َوَال تَتهب ْع أ َْه َواءَ الذ َ‬
‫ين َال يَ ْعلَمو َن﴾ [اجلاثية‪.]18 :‬‬

‫فمن أعرض عن اتباع الشريعة فما معه إال هوى‪ ،‬قال هللا تعاىل‪﴿ :‬ق ْل فَأْتوا‬
‫ِ‬ ‫اَّللِ هو أَه َدى ِمْن هما أَتهبِعه إِ ْن كْن تم ِ ِ‬ ‫بِ ِكت ٍ ِ ِ ِ‬
‫اعلَ ْم أَهَّنَا‬
‫ك فَ ْ‬‫ني * فَِإ ْن َملْ يَ ْستَجيبوا لَ َ‬
‫صادق َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫اب م ْن عْند ه َ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫اَّلل إِ هن ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َض ُّل ممه ِن اتهبَ َع َه َواه بِغَ ِْري ه ًدى م َن ه‬
‫اَّللَ َال يَ ْهدي الْ َق ْوَم‬ ‫يَتهبِعو َن أ َْه َواءَه ْم َوَم ْن أ َ‬
‫ِِ‬
‫ني﴾ [القصص‪.]15-49 :‬‬ ‫الظهالم َ‬
‫ِ‬ ‫ويف الشريعة قد أمران مبجانبة اهلوى‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ ِ :‬ه ِ‬
‫اب‬‫ين أوِرثوا الْكتَ َ‬ ‫﴿وإ هن الذ َ‬ ‫َ‬
‫ت َوَال تَتهبِ ْع أ َْه َواءَه ْم َوق ْل‬ ‫ِ‬ ‫يب * فَلِ َذلِك فَادع و ِ‬ ‫ك ِمْنه م ِر ٍ‬ ‫ِمن ب ع ِد ِهم لَ ِفي َش ٍ‬
‫استَق ْم َك َما أم ْر َ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫ْ َْ ْ‬
‫اَّلل َربُّنَا َوَربُّك ْم لَنَا أ َْع َمالنَا َولَك ْم أ َْع َمالك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َوأ ِم ْرت أل َْعد َل بَْي نَكم ه‬ ‫اَّلل ِمن كِتَ ٍ‬ ‫ِ‬
‫آَ َمْنت مبَا أَنْ َزَل ه ْ‬
‫صري﴾ [الشورى‪ .]11-14 :‬وقال تعاىل‪:‬‬ ‫اَّلل ََيمع ب ي نَ نَا وإِلَي ِه الْم ِ‬
‫َال ح هجةَ بَْي نَ نَا َوبَْي نَكم ه ْ َ َْ َ ْ َ‬
‫اَّلل‬
‫ض َما أَنْ َزَل ه‬ ‫وك َع ْن بَ ْع ِ‬ ‫اح َذ ْره ْم أَ ْن يَ ْفتِن َ‬ ‫احك ْم بَْي نَه ْم ِمبَا أَنْ َزَل ه‬
‫اَّلل َوَال تَتهبِ ْع أ َْه َواءَه ْم َو ْ‬
‫ِ‬
‫﴿وأَن ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس لََفاسقو َن﴾‬ ‫ض ذنوهب ْم َوإ هن َكث ًريا م َن النه ِ‬ ‫اَّلل أَ ْن يصيبَه ْم ببَ ْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫اعلَ ْم أََّنَا يريد ه‬ ‫ه‬
‫ك فَإ ْن تَ َول ْوا فَ ْ‬ ‫إِلَْي َ‬
‫[املائدة‪.]49 :‬‬

‫ال‪َ « :‬دع ِوِن َما تََرْكتك ْم‪ ،‬إِهَّنَا‬


‫هب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫وع ْن أ َِِب هَريْ َرةَ َع ِن النِ ِ‬
‫َ‬
‫اجتَنِبوه‪َ ،‬وإِذَا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫هلَك من َكا َن قَب لَكم بِسؤاهلِِم و ِ ِ‬
‫اختالَف ِه ْم َعلَى أَنْبِيَائ ِه ْم‪ ،‬فَِإذَا نَ َهْي تك ْم َع ْن َش ْىء فَ ْ‬
‫ْ ْ َ َْ ْ‬ ‫َ َ َْ‬
‫ِ‬
‫استَطَ ْعت ْم»‪( .‬متفق عليه)‪ ،‬واختالفهم على أنبيائهم يعين خمالفتهم‪.‬‬ ‫أ ََم ْرتك ْم ِِب َْم ٍر فَأْتوا مْنه َما ْ‬

‫ع‬
‫﴿شَر َ‬
‫وال شك أن األنبياء بعثهم هللا تعاىل ابألحكام الشريعة‪ ،‬قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫يسى أَ ْن‬ ‫ِ‬ ‫صى بِِه نوحا واله ِذي أَوحي نا إِلَيك وما و ه ِِ ِ ِ‬ ‫لَكم ِمن ِ‬
‫الدي ِن َما َو ه‬
‫وسى َوع َ‬
‫صْي نَا به إبْ َراه َيم َوم َ‬ ‫ْ َ َْ ْ َ َ َ َ‬ ‫ً َ‬ ‫ْ َ‬
‫ين﴾ [الشورى‪ ،]13 :‬فما أحله الشريعة لنا فإننا نقبله ونعمل به على أنه حالل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَقيموا الد َ‬

‫‪1‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫﴿وَما آَ ََتكم الهرسول‬


‫وما هناان عنه فإننا ننتهي عنه‪ ،‬ونرتكه وال نتعرض له‪ ،‬قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫اَّلل َش ِديد الْعِ َق ِ‬ ‫فَخذوه وما نَ َهاكم َعْنه فَانْتَهوا واتهقوا ه ِ‬
‫اب﴾ [احلشر‪.]1 :‬‬ ‫اَّللَ إ هن هَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬

‫وهلذا بعث هللا تعاىل الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬التباع الشريعة‪ ،‬وعن َزيْد بْن‬
‫ال‪ :‬لَ ْوالَ أ َِِن‬
‫اب ‪-‬رضى هللا عنه‪ -‬قَبه َل ا ْحلَ َجَر‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫اخلَطه ِ‬
‫ال‪َ :‬رأَيْت ع َمَر بْ َن ْ‬ ‫َسلَ َم َع ْن أَبِ ِيه قَ َ‬
‫أْ‬
‫ك‪( .‬رواه البخاري ويف مسلم من‬ ‫ول هِ‬
‫ك َما قَبه ْلت َ‬
‫اَّلل ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قَبه لَ َ‬ ‫َرأَيْت َرس َ‬
‫حديث َعابِ ِ‬
‫س بْ ِن َربِ َيعةَ)‪.‬‬

‫قال اإلمام حممد بن صاحل العثيمني ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "شرح رَيض الصاحلني" (ج‪:‬‬
‫‪/11‬ص‪ :) 64 :‬ويف هذا دليل على أن كمال التعبد أن ينقاد اإلنسان هلل عز وجل‪ ،‬سواء‬
‫عرف السبب واحلكمة يف املشروعية أم مل يعرف‪ .‬فعلى املؤمن إذا قيل له افعل؛ أن يقول‪:‬‬
‫مسعنا وأطعنا‪ ،‬وإن عرفت احلكمة فهو نور على نور‪ ،‬وإن مل تعرف فاحلكمة أمر هللا تعاىل‬
‫﴿وَما َكا َن لِم ْؤِم ٍن َوال م ْؤِمنَ ٍة إِذَا‬
‫ورسوله ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬وهلذا قال هللا يف كتابه‪َ :‬‬
‫اَّلل َوَرسوله أ َْمراً أَ ْن يَكو َن َهلم ا ْخلِيَ َرة ِم ْن أ َْم ِرِه ْم﴾ (األحزاب‪ .)36 :‬اه ‪.‬‬
‫ضى ه‬ ‫قَ َ‬

‫حب هللا تعاىل ورسوله صلى هللا عليه وسلم‬


‫َش ُّد حبًّا ِهَّلل﴾ [البقرة‪.]161 :‬‬
‫ين آَ َمنوا أ َ‬
‫قال هللا تعاىل‪ :‬ه ِ‬
‫﴿والذ َ‬
‫َ‬

‫ومن املعلوم أن من أحب هللا احملبة الواجبة فال بد أن حيب الرسول صلى هللا عليه‬
‫هعي‬ ‫وسلم‪ ،‬قال احلافظ ابن حجر ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "فتح الباري" (ج‪/1 :‬ص‪﴿ :)21 :‬فَمن يد ِ‬
‫َْ َ‬
‫اىل‪ :‬ق ْل إِ ْن كْن ت ْم َِتبُّو َن ه‬
‫ك‪َ ،‬وي ِشري إِلَْي ِه قَ ْوله تَ َع َ‬ ‫ِ‬
‫اَّللَ‬ ‫اَّلل َمثَ ًال َوَال ِحيب َرسوله َال يَْن َفعه ذَل َ‬
‫حب ه‬
‫ور َرِح ٌيم﴾ [آل عمران‪ .]31 :‬اه ‪.‬‬ ‫اَّلل َويَ ْغ ِف ْر لَك ْم ذنوبَك ْم َو ه‬
‫اَّلل َغف ٌ‬ ‫فَاتهبِع ِوين ْحيبِْبكم ه‬

‫قال اإلمام ابن كثري ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "تفسري القرآن العظيم" (ج‪/2 :‬ص‪:)32 :‬‬
‫هذه اآلية الكرمية حاكمة على كل من ادعى حمبة هللا‪ ،‬وليس هو على الطريقة احملمدية فإنه‬
‫كاذب يف دعواه يف نفس األمر‪ ،‬حىت يتبع الشرع احملمدي والدين النبوي يف مجيع أقواله‬

‫‪6‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫وأحواله‪ ،‬كما ثبت يف "الصحيح" عن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أنه قال‪َ « :‬م ْن َع ِم َل‬
‫اَّلل﴾‬ ‫س عليه ْأمرَان فَه َو َرُّد»‪ ،‬وهلذا قال‪﴿ :‬ق ْل إِ ْن كْن ت ْم َِتبُّو َن ه‬
‫اَّللَ فَاتهبِع ِوين ْحيبِْبكم ه‬ ‫َع َمال لَْي َ‬
‫أي‪ :‬حيصل لكم فوق ما طلبتم من حمبتكم إَيه‪ ،‬وهو حمبته إَيكم‪ ،‬وهو أعظم من األول‪ ،‬كما‬
‫قال بعض احلكماء العلماء‪ :‬ليس الشأن أن َِتب‪ ،‬إَّنا الشأن أن َتَب وقال احلسن البصري‬
‫وغريه من السلف‪ :‬زعم قوم أهنم حيبون هللا فابتالهم هللا هبذه اآلية‪ ،‬فقال‪﴿ :‬ق ْل إِ ْن كنْ ت ْم‬
‫َِتبُّو َن ه‬
‫اَّللَ فَاتهبِع ِوين ْحيبِْبكم ه‬
‫اَّلل﴾‪.‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية –رْحه هللا‪ -‬يف "اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة‬
‫أصحاب اجلحيم" (ج‪/2 :‬ص‪ :)81 :‬وإَّنا كمال حمبته وتعظيمه يف متابعته وطاعته واتباع‬
‫وظاهرا‪ ،‬ونشر ما بعث به‪ ،‬واجلهاد على ذلك ابلقلب واليد واللسان‪.‬‬
‫ً‬ ‫أمره‪ ،‬وإحياء سنته ابطنًا‬
‫فإن هذه طريقة السابقني األولني‪ ،‬من املهاجرين واألنصار‪ ،‬والذين اتبعوهم إبحسان‪ .‬اه ‪.‬‬

‫وقال اإلمام حممد بن صاحل العثيمني –رْحه هللا‪ -‬يف "شرح رَيض الصاحلني" (ج‪:‬‬
‫‪/19‬ص‪ :) 3 :‬واحلقيقة أن املبتدع بدعته تتضمن أنه يبغض الرسول صلى هللا عليه وسلم وإن‬
‫كان يدعي أنه حيبه؛ ألنه إذا ابتدع هذه البدعة والرسول عليه الصالة والسالم مل يشرعها‬
‫لألمة‪ ،‬فهو كما قلت سابقاً إما جاهل وإما كامت‪ .‬اه ‪.‬‬

‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪« :-‬الَ ي ْؤِمن َعْب ٌد َح هىت‬ ‫ال َرسول ه‬ ‫س قَا َل‪ :‬قَ َ‬ ‫وع ْن أَنَ ٍ‬
‫َ‬
‫ني»‪( .‬متفق عليه)‪ ،‬ويف البخاري َع ْن أ َِِب هَريْ َرَة ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب إِلَْيه م ْن أ َْهله َوَماله َوالن ِ‬
‫َمجَع َ‬ ‫هاس أ ْ‬ ‫َح ه‬ ‫أَكو َن أ َ‬
‫ال‪« :‬فَ َواله ِذى نَ ْف ِسى بِيَ ِدهِ الَ ي ْؤِمن‬
‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫ول ه‬ ‫رضى هللا عنه‪ -‬أَ هن َرس َ‬
‫ب إِلَْي ِه ِم ْن َوالِ ِدهِ َوَولَ ِدهِ»‪.‬‬ ‫َح ه‬
‫َحدك ْم َح هىت أَكو َن أ َ‬‫أَ‬

‫‪1‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫حب أصحاب النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ومن تبعهم إبحسان ممن سلف‬
‫الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وأصحابه سلف هذه األمة‪ ،‬فقد قال النيب ‪-‬صلى‬
‫ني أ َْو َسيِ َدة نِ َس ِاء َه ِذ ِه األ هم ِة فاطمة رضي هللا عنها‪:‬‬‫ِ ِ ِِ‬
‫هللا عليه وسلم‪ -‬لبنته َسيِ َدة ن َساء الْم ْؤمن َ‬
‫ك»‪( .‬متفق عليه عن عائشة –رضي هللا عنها‪.)-‬‬ ‫فَِإ ِِن نِعم ال هسلَف أ ََان لَ ِ‬
‫َْ‬

‫ين‬ ‫هِ‬ ‫هِ‬ ‫وقال ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أيضا‪َ « :‬خْي ر الن ِ ِ‬
‫ين يَلونَه ْم‪ُ ،‬ثه الذ َ‬
‫هاس قَ ْرِن‪ُ ،‬ثه الذ َ‬
‫اَّللِ بن مسعود ‪-‬رضى هللا عنه‪.)-‬‬
‫يَلونَه ْم»‪( .‬متفق عليه َع ْن َعْب ِد ه‬

‫ب األَنْصا ِر آية ا ِإلميَ ِ‬


‫ان‬ ‫ال‪« :‬ح ُّ‬
‫هب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أَنهه قَ َ‬ ‫وع ْن أَنَ ٍ‬
‫س َع ِن النِ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوب ْغضه ْم آيَة الن َفاق»‪( .‬متفق عليه)‪.‬‬

‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا‬


‫ول ه‬ ‫وع ْن أ َِِب سعيد اخلدري وأيب هَريْ َرةَ ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬أَ هن َرس َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َار َرج ٌل ي ْؤمن اب هَّلل َوالْيَ ْوم اآلخ ِر»‪( .‬رواه مسلم)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال‪« :‬الَ ي ْبغض األَنْ َ‬
‫عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬

‫صار الَ‬ ‫هب صلى هللا عليه وسلم‪« :‬األَنْ َ‬ ‫ال النِ ُّ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫وعن الْبَ َراء ‪-‬رضى هللا عنه‪ -‬قَ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اَّلل»‪.‬‬
‫ضه ه‬ ‫ضه ْم أَبْغَ َ‬
‫اَّلل‪َ ،‬وَم ْن أَبْغَ َ‬
‫َحبهه ه‬ ‫حيبُّه ْم إاله م ْؤم ٌن‪َ ،‬والَ ي ْبغضه ْم إاله منَاف ٌق‪ ،‬فَ َم ْن أ َ‬
‫َحبهه ْم أ َ‬
‫(متفق عليه)‪ .‬وأخرجه البخاري من حدبث أنس بن مالك ‪-‬رضي هللا عنه‪ :-‬قال النِ ُّ‬
‫هب ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪:-‬‬

‫فَا ْغ ِفر لِألَنْصا ِر والْمه ِ‬


‫اجَرْه‪.‬‬ ‫اللهه هم الَ خي ر إِاله خي ر ِ‬
‫اآلخَرْه‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََْ َْ‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رْحه هللا‪ -‬كما يف "قصيدته"‪:‬‬

‫ومودة القريب هبا أتوسل‬ ‫حب الصحابة كلهم ِل مذهب‬

‫اع ِة َس َال َمة‬ ‫السن ِهة َو ْ‬


‫اجلَ َم َ‬ ‫وقال ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "العقيدة الواسطية"‪ :‬وِمن أص ِ‬
‫ول أ َْه ِل ُّ‬ ‫َ ْ‬
‫اَّلل بِِه ِيف قَولِهِ‬ ‫اَّللِ ‪-‬صلهى ه ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ص َفهم ه‬ ‫اَّلل َعلَْيه َو َسله َم‪َ ،-‬ك َما َو َ‬ ‫ق لوهب ْم َوأَلْسنَت ِه ْم أل ْ‬
‫َص َحاب َرسول ه َ‬

‫‪8‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫ان َوَال‬ ‫وان ِابِْإلميَ ِ‬ ‫ِِ ِ ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫اىل‪ :‬ه ِ‬


‫ين َسبَ ق َ‬
‫ين َجاءوا م ْن بَ ْعده ْم يَقولو َن َربهنَا ا ْغف ْر لَنَا َوإل ْخ َواننَا الذ َ‬ ‫﴿والذ َ‬ ‫تَ َع َ َ‬
‫اَّلل َعلَْي ِه َو َسله َم‬
‫صلهى ه‬ ‫هك رء ٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫اعة النِ ِ‬
‫هيب َ‬ ‫وف َرح ٌيم﴾‪َ ،‬وطَ َ‬ ‫ين َآمنوا َربهنَا إن َ َ‬‫ََْت َع ْل يف ق لوبِنَا غ ًّال للهذ َ‬
‫َح َدك ْم أَنْ َف َق ِمثْ َل أح ٍد ذَ َهبًا َما بَلَ َغ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َص َح ِايب فَ َوالهذي نَ ْفسي بيَده لَ ْو أَ هن أ َ‬
‫ِيف قَ ْوله‪َ« :‬ال تَسبُّوا أ ْ‬
‫صي َفه»‪( .‬متفق عليه عن أيب سعيد اخلدري رضي هللا عنه)‪.‬‬ ‫م هد أَح ِد ِهم وَال نَ ِ‬
‫َ َْ‬

‫دول بتعديل هللا ورسوله هلم‪ ،‬وهم أَولياء هللا وأصفياؤه‪،‬‬


‫والصحابة الكرام كلهم ع ٌ‬
‫وخريته من خلقه‪ ،‬وهم أَفضل هذه األمة بعد نبيها ‪-‬صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪ ،-‬قال‬
‫اج ِرين و ْاألَنْصا ِر واله ِذين اتهب عوهم إبِِحس ٍ‬
‫ان َر ِض َي ا هَّلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿وال هسابقو َن ْاألَهولو َن م َن الْم َه َ َ َ َ َ َ ْ ْ َ‬ ‫هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫ك الْ َف ْوز الْ َع ِظيم﴾‬ ‫ِ‬ ‫هات ََت ِري ََتت ها ْاألَنْهار خالِ ِد ِ‬
‫ٍ‬
‫َعنْ ه ْم َوَرضوا َعنْه َوأ ََع هد َهل ْم َجن ْ َْ َ َ َ َ‬
‫ين ف َيها أَبَ ًدا ذَل َ‬
‫[التوبة‪.]155 :‬‬

‫فهذه فيه رد على الروافض والنواصب‪ ،‬على الروافض الذين يبغضون أصحاب‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم ويدعو حب آل بيته‪ ،‬وعلى النواصب الذين ينصبون العداء‬
‫ألصحاب النيب صلى هللا عليه وسلم السيما آلل البيت‪ ،‬الرفض والنصب كالمها ضالل وإن‬
‫كان الرفض أشد ضالال‪ ،‬ألنه يتضمن ما تضمنه النصب‪.‬‬

‫قال اإلمام الشوكاين رْحه هللا يف "أدب الطلب ومنتهى األرب" (ص‪ :)145 :‬ومل‬
‫أجد أهل ملة من امللل وال فرقة من الفرق اإلسالمية أشد هبتا وأعظم كذاب وأكثر افرتاء من‬
‫الروافض‪ .‬اه ‪.‬‬

‫حب املؤمنني‬
‫اَّللَ لَ َعلهك ْم‬
‫َخ َويْك ْم َواتهقوا ه‬ ‫قال هللا تعاىل‪﴿ :‬إهَّنَا الْمؤِمنو َن إِخوةٌ فَأ ِ‬
‫ني أ َ‬
‫َصلحوا بَ ْ َ‬
‫َْ ْ‬ ‫ْ‬
‫ت ْر َْحو َن﴾ [احلجرات‪.]15 :‬‬

‫‪9‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫وسلم‪َ « :-‬مثَل‬ ‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا عليه‬ ‫ال َرسول ه‬ ‫ان بْ ِن بَ ِش ٍري قَ َ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ع ِن النُّعم ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫اعى لَه َسائِر‬
‫تَ َد َ‬ ‫اجلَ َس ِد إِ َذا ا ْشتَ َكى ِمنْه ع ْ‬
‫ض ٌو‬ ‫اْح ِه ْم َوتَ َعاط ِف ِه ْم َمثَل ْ‬
‫الْم ْؤِمنِني ِِف تَو ِاد ِهم وتَر ِ‬
‫َ ْ ََ‬ ‫َ‬
‫ا ْجلَ َس ِد ِابل هس َه ِر َوا ْحل همى»‪( .‬رواه مسلم)‪.‬‬

‫َحدك ْم َح هىت ِحي ه‬


‫ب‬ ‫ِ‬
‫ال‪« :‬ال ي ْؤمن أ َ‬
‫هب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫وع ْن أَنَ ٍ‬
‫س َع ِن النِ ِ‬ ‫َ‬
‫ب لِنَ ْف ِس ِه»‪( .‬متفق عليه)‪.‬‬ ‫َخ ِيه َما ِحي ُّ‬
‫أل ِ‬

‫ال‪« :‬إِ هَيك ْم َوالظه هن‪ ،‬فَِإ هن الظه هن‬


‫هب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫وع ْن أ َِِب هَريْ َرَة َع ِن النِ ِ‬
‫َ‬
‫اسدوا‪َ ،‬والَ تَ َدابَروا‪َ ،‬والَ تَبَا َغضوا‪َ ،‬وكونوا‬ ‫ِ‬ ‫أَ ْك َذب ْ ِ‬
‫احلَديث‪َ ،‬والَ ََتَ هسسوا‪َ ،‬والَ ََتَ هسسوا‪َ ،‬والَ ََتَ َ‬
‫اَّلل إِ ْخ َو ًاان»‪( .‬متفق عليه)‪.‬‬ ‫ِعباد هِ‬
‫ََ‬

‫اإل ْعَراض‬‫ض همن ا ْحلَ ِديث ََْت ِرمي ب ْغض الْمسلِم و ِْ‬
‫ْ َ‬ ‫ال ابْن َعْبد الْبَر ‪-‬رْحه هللا‪ :-‬تَ َ َ‬ ‫قَ َ‬
‫َعْنه َوقَ ِط َيعته بَ ْعد ص ْحبَته بِغَ ِْري َذنْب َش ْر ِعي‪َ ،‬وا ْحلَ َسد لَه َعلَى َما أَنْ َع َم بِِه َعلَْي ِه‪َ ،‬وأَ ْن ي َع ِامله‬
‫اضر َوالْغَائِب‪َ ،‬وقَ ْد‬ ‫احل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معاملَة ْاألَخ الن ِ‬
‫ني َْ‬ ‫ك بَ ْ َ‬ ‫هسيب‪َ ،‬وأَ ْن َال ي نَ قب َع ْن َم َعايِبه‪َ ،‬وَال فَ ْر َق ِيف َذل َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫ك‪" .‬فتح الباري البن حجر" (ج‪/11 :‬ص‪.)231 :‬‬ ‫احلَي ِيف َكثِري ِم ْن ذَل َ‬
‫يَ ْش َِرتك الْ َميِت َم َع ْ‬

‫الناس إذا تباغضوا تفرقوا‪ ،‬ألن البغض يؤدي إىل التباعد فمآله إىل التفرق؛ والفرقة‬
‫ِ‬ ‫هِ‬
‫ك‬‫اختَلَفوا ِم ْن بَ ْعد َما َجاءَهم الْبَ يِنَات َوأولَئِ َ‬
‫ين تَ َفهرقوا َو ْ‬
‫﴿وَال تَكونوا َكالذ َ‬
‫بدعة‪ ،‬قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫اَّلل‬
‫ث ه‬ ‫َهلم ع َذاب ع ِظيم﴾ [آل عمران‪ ،]151 :‬وقال هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬كا َن النهاس أ همةً و ِ‬
‫اح َد ًة فَبَ َع َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ٌ َ ٌ‬
‫اختَلَفوا فِ ِيه َوَما‬ ‫يما ْ‬
‫النهبِيِني مب ِش ِرين ومنْ ِذ ِرين وأَنْزَل معهم الْ ِكتاب ِاب ْحل ِق لِيحكم ب ني الن ِ ِ‬
‫هاس ف َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ََْ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ََ‬
‫ين آَ َمنوا لِ َما‬ ‫اخت لَف فِ ِيه إِهال اله ِذين أوتوه ِمن ب ع ِد ما جاءتْهم الْب يِنات ب غْيا ب ي ن هم فَه َدى ه ه ِ‬
‫اَّلل الذ َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ ً َْ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل يَ ْهدي َم ْن يَ َشاء إ َىل صَراط م ْستَقي ٍم﴾ [البقرة‪.]213 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اختَلَفوا فيه م َن ا ْحلَ ِق إب ْذنه َو ه‬
‫ْ‬

‫االختالف يفرق األمة‪ ،‬وال ميكن للناس إذا صاروا خمتلفني أن يتعاونوا ويتناصروا‬
‫دائما وأبدا‪ ،‬بل يكون بينهم عداوة وعصبية لفرقهم وأحزاهبم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫واألمة اإلسالمية إذا فتح هلا ابب البدع كل منهم يبتدعوا على حسب هواه‪،‬‬
‫واألهواء ختتلف فحصلت الفرقة ال حمالة لتفرق كلماهتم‪ ،‬فلذلك قال اإلمام الشاطيب رْحه هللا‪:‬‬
‫البدعة قرينة الفرقة‪ .‬اه ‪.‬‬

‫فإذا ابتدع الناس تفرقوا‪ ،‬وصار هذا يبتدع شيئاً‪ ،‬وهذا يبتدع شيئاً‪ ،‬وهذا يبتدع‬
‫شيئاً‪ ،‬كما هو الواقع اآلن‪ ،‬وصار كل واحد يقول احلق معي‪ ،‬وفالن ضال مقصر‪ ،‬ويرميه‬
‫ابلكذب والبهتان وسوء القصد وما أشبه ذلك‪ ،‬فتكون األمة اإلسالمية كل حزب منها مبا‬
‫لديه فرح كما قال تعاىل‪﴿ :‬ك ُّل ِح ْز ٍب ِمبَا لَ َديْ ِه ْم فَ ِرحو َن﴾ (الروم‪ ،)32 :‬كل حزب يقول‬
‫احلق معي‪ ،‬والضالل مع اآلخر‪ ،‬قال اإلمام الشوكاين ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "أدب الطلب ومنتهى‬
‫األرب" (ص‪ :)91 :‬فأهل هذا املذهب يعتقدون أن احلق ِبيدهم وأن غريهم على اخلطأ‬
‫والضالل والبدعة‪ ,‬وأهل املذهب اآلخر يقابلوهنم مبثل ذلك‪ .‬اه ‪ .‬وقد قال هللا تعاىل‪﴿ :‬إِ هن‬
‫ت ِمْن ه ْم ِيف َش ْي ٍء إِهَّنَا أ َْمره ْم إِ َىل ه‬
‫اَّللِ ُثه ي نَ بِئ ه ْم ِمبَا َكانوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين فَهرقوا دينَه ْم َوَكانوا شيَعاً لَ ْس َ‬
‫هِ‬
‫الذ َ‬
‫يَ ْف َعلو َن * َم ْن َجاءَ ِاب ْحلَ َسنَ ِة فَلَه َع ْشر أ َْمثَ ِاهلَا َوَم ْن َجاءَ ِابل هسيِئَ ِة فَال َيَْزى إِهال ِمثْلَ َها َوه ْم ال‬
‫يظْلَمو َن﴾ (األنعام‪.)165-119 :‬‬

‫فال َيوز هلذه األمة أن يتفرقوا يف دينهم‪ ،‬بل َيب أن يكونوا أمة واحدة على‬
‫ون﴾ [األنبياء‪:‬‬ ‫اعبد ِ‬ ‫األخوة اإلسالمية‪ ،‬قال هللا تعاىل‪﴿ :‬إِ هن ه ِذهِ أ همتكم أ همةً و ِ‬
‫اح َد ًة َوأ ََان َربُّك ْم فَ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫اح َدةً وأ ََان ربُّكم فَاتهق ِ‬
‫ون * فَتَ َقطهعوا أ َْمَره ْم‬ ‫‪ ،]92‬وقال هللا تعاىل‪﴿ :‬وإِ هن ه ِذهِ أ همتكم أ همةً و ِ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ب ِمبَا لَ َديْ ِه ْم فَ ِرحو َن﴾ [املؤمنون‪.]13-12 :‬‬ ‫ب ْي نَهم زب را ك ُّل ِح ْز ٍ‬
‫َ ْ ً‬

‫وال ميكن أن حيصل اتفاق الكلمة واجتماع الصف إال أن يرجع كل إىل الكتاب‬
‫والسنة‪.‬‬

‫وكذلك فال َيوز هلذه األمة أن يتعصبوا‪ ،‬بل َيب أن يكونوا أمة واحدة على‬
‫ال اإلمام البيهقي –رْحه هللا‪ -‬يف "السنن الصغرى" (ج‪/3 :‬ص‪:‬‬
‫األخوة اإلسالمية‪ ،‬قَ َ‬

‫‪11‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫الم‪،‬‬ ‫َ َ َ ْ ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪ :)351‬قال الشهافِعِ ُّي ‪َ -‬ر ِض َي ه‬


‫اَّلل َعْنه‪ِ -‬يف َشه َادةِ أ َْه ِل الْعصبِيه ِة‪ :‬من أَظْهر الْعصبِيهةَ ِابلْ َك ِ‬
‫هه َاد ِة‪ ،‬ألَنهه أَتَى‬ ‫ِِ ٍ ِ‬
‫ف َعلَْي َها‪َ ،‬وَد َعا إِلَْي َها‪َ ،‬وإِ ْن َملْ يَك ْن ي ْش ِهر نَ ْف َسه بقتَال ف َيها فَه َو َم ْردود الش َ‬‫َو َأتَله َ‬
‫اَّللِ َعهز‬
‫احتَ هج بِ َق ْوِل ه‬ ‫اَّلل عنْ هم فِ ِ‬ ‫الف فِ ِيه ب ني علَم ِاء الْمسلِ ِم ِ‬ ‫حمهرما‪ ،‬الَ ِ‬
‫يما َعل ْمته‪َ ،‬و ْ‬‫ني َرض َي ه َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫اخت َ َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ًَ‬
‫اَّللِ‬
‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪َ « :-‬وكونوا ِعبَ َاد ه‬ ‫ول رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ه‬ ‫َو َج هل‪﴿ :‬إهَّنَا الْم ْؤمنو َن إ ْخ َوةٌ﴾‪َ ،‬وبِق َ‬
‫إِ ْخ َو ًاان»‪.‬‬

‫ال‪« :‬الَ تَبَا َغضوا‪َ ،‬والَ‬‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫ول ه‬ ‫س ب ِن مالِ ٍ‬
‫ك أَ هن َرس َ‬ ‫َع ْن أَنَ ِ ْ َ‬
‫َخاه فَ ْو َق ثَالَ ِث‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ََتاسدوا‪ ،‬والَ تَ َداب روا‪ ،‬وكونوا ِعباد هِ‬
‫اَّلل إِ ْخ َو ًاان‪َ ،‬والَ َحي ُّل لم ْسل ٍم أَ ْن يَ ْهجَر أ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لَيَ ٍال»‪( .‬رواه البخاري والبيهقي)‪.‬‬

‫ابألخوة َتتمع الكلمة ويتوحد الصف وتظهر قوة أهل اإلسالم وعزهتم وابألخوة‬
‫هدم اإلسالم كل التعصبات اجلاهلية والقبلية والعنصرية فال فرق عريب وال أعجمي وال أبيض‬
‫﴿َي أَيُّ َها النهاس إِ هان َخلَ ْقنَاك ْم ِم ْن ذَ َك ٍر َوأنْثَى َو َج َعلْنَاك ْم‬
‫وال أسود إال ابلتقوى‪ ،‬قال هللا تعال‪َ :‬‬
‫اَّللَ َعلِ ٌيم َخبِريٌ﴾ [احلجرات‪.]13 :‬‬ ‫اَّللِ أَتْ َقاك ْم إِ هن ه‬
‫واب َوقَبَائِ َل لِتَ َع َارفوا إِ هن أَ ْكَرَمك ْم ِعْن َد ه‬
‫شع ً‬

‫الدعوة إىل هللا على بصرية والتمسك ابألدلة الشرعية ونبذ التقليد األعمى‬
‫اَّللِ علَى ب ِ‬
‫ص َريةٍ أ ََان َوَم ِن اتهبَ َع ِين‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫قال هللا تعاىل‪﴿ :‬ق ْل َهذه َسبِيلي أ َْدعو إ َىل ه َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسبحا َن هِ‬
‫ني﴾ [يوسف‪ .]158 :‬قال اإلمام ابن كثري ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف‬ ‫اَّلل َوَما أ ََان م َن الْم ْش ِرك َ‬ ‫َ َْ‬
‫"تفسريه" (ج‪/4 :‬ص‪ :)422 :‬يقول [هللا] تعاىل لعبد ورسوله إىل الثقلني‪ :‬اإلنس واجلن‪،‬‬
‫آمرا له أن خيرب الناس‪ :‬أن هذه سبيله‪ ،‬أي طريقه ومسلكه وسنته‪ ،‬وهي الدعوة إىل شهادة أن‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬يدعو إىل هللا هبا على بَصرية من ذلك‪ ،‬ويقني وبرهان‪ ،‬هو‬
‫وكل من اتبعه‪ ،‬يدعو إىل ما دعا إليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على بصرية ويقني وبرهان‬
‫شرعي وعقلي‪ .‬اه ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫وقال هللا تعاىل‪﴿ :‬اتهبِعوا َما أنْ ِزَل إِلَْيك ْم ِم ْن َربِك ْم َوَال تَتهبِعوا ِم ْن دونِِه أ َْولِيَاءَ قَلِ ًيال‬
‫َما تَ َذ هكرو َن﴾ [األعراف‪ .]3 :‬قال اإلمام ابن كثري ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "تفسريه" (ج‪/3 :‬ص‪:‬‬
‫نزل إِلَيْك ْم ِم ْن َربِك ْم﴾ أي‪ :‬اقتفوا آاثر النيب‬
‫‪ُ :)381‬ث قال تعاىل خماطبًا للعامل‪﴿ :‬اتهبِعوا َما أ َ‬
‫﴿وال تَتهبِعوا ِم ْن دونِِه‬
‫األمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من رب كل شيء ومليكه‪َ ،‬‬
‫أ َْولِيَاءَ﴾ أي‪ :‬ال خترجوا عما جاءكم به الرسول إىل غريه‪ ،‬فتكونوا قد عدلتم عن حكم هللا إىل‬
‫حكم غريه‪ .‬اه ‪.‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "الفتاوى الكربى" (ج‪/4 :‬ص‪:)241 :‬‬
‫وذلك أن ابب العبادات والدَيانت والتقرابت متلقاة عن هللا ورسوله فليس ألحد أن َيعل‬
‫ِ ِ‬
‫شيئا عبادة أو قربة إال بدليل شرعي‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬أ َْم َهل ْم شَرَكاء َشَرعوا َهل ْم م َن الدي ِن َما َملْ‬
‫يما فَاتهبِعوه َوَال تَتهبِعوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ََيْ َذ ْن بِِه ه‬
‫﴿وأَ هن َه َذا صَراطي م ْستَق ً‬ ‫اَّلل﴾ [الشورى‪ ،]21 :‬وقال تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ك‬ ‫السب َل فَتَ َفهر َق بِك ْم َع ْن َسبِيله﴾ [األنعام‪ ،]113 :‬وقال تعاىل‪﴿ :‬املص * كتَ ٌ‬
‫اب أنْ ِزَل إِلَْي َ‬ ‫ُّ‬
‫ني * اتهبِعوا َما أنْ ِزَل إِلَيْك ْم ِم ْن َربِك ْم َوَال‬‫ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ‬
‫ص ْد ِرَك َحَر ٌج منْه لت نْذ َر بِه َوذ ْكَرى للْم ْؤمن َ‬
‫فَ َال يَك ْن ِيف َ‬
‫تَتهبِعوا ِم ْن دونِِه أ َْولِيَاءَ قَلِ ًيال َما تَ َذ هكرو َن﴾ [األعراف‪ .]4-1 :‬ونظائر ذلك يف الكتاب كثري‬
‫َيمر هللا فيه بطاعة رسوله واتباع كتابه وينهى عن اتباع ما ليس من ذلك‪.‬‬

‫الوضوح‬
‫أهل السنة واجلماعة واضحون يف دعوهتم‪ ،‬ال يلبسون على املسلمني شيئا من‬
‫أمور دينهم خبالف أهل البدعة والفرقة فإن دعوهتم ليست واضحة فتارة مع الزاندقة وَترة مع‬
‫هب ‪-‬‬‫ال النِ ُّ‬ ‫الرافضة وَترة مع احلزبية‪ ،‬فحاهلم كما يف حديث أ َِِب هَريْ َرَة ‪-‬رضى هللا عنه‪ -‬قَ َ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫ني‪ ،‬اله ِذى ََيْتِى‬ ‫هاس ي وم الْ ِقيام ِة ِعْن َد هِ‬
‫اَّلل َذا الْو ْج َه ْ ِ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ََ « :-‬تد م ْن َش ِر الن ِ َ ْ َ َ َ‬
‫َهؤالَِء بَِو ْج ٍه َوَهؤالَِء بَِو ْج ٍه»‪( .‬متفق عليه)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫ومنهج أهل السنة واجلماعة الوضوح كما يف حديث أ َِِب الد ْهرَد ِاء قَ َ‬
‫ال‪َ :‬خَر َج َعلَْي نَا‬
‫ال‪« :‬آلْ َف ْقَر َختَافو َن‪َ ،‬واله ِذى‬ ‫اَّلل ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪َ -‬وََْنن نَذْكر الْ َف ْقَر َونَتَ َخ هوفه فَ َق َ‬ ‫رسول هِ‬
‫َ‬
‫َّب علَيكم الدُّنْيا صبًّا ح هىت الَ ي ِزيغ قَلْب أَح ٍد ِمنْكم إِزا َغةً إِاله ِهيه‪ ،‬و ْامي ا هَّللِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ص هه َ ْ‬ ‫نَ ْفسى بيَده لَت َ‬
‫اَّللِ ‪-‬‬ ‫اَّللِ َرسول ه‬ ‫ِ‬ ‫ض ِاء لَْي ل َها َونَ َهارَها َس َواءٌ»‪ .‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ص َد َق َو ه‬ ‫ال أَبو الد ْهرَداء َ‬ ‫لَ َق ْد تََرْكتك ْم َعلَى مثْ ِل الْبَيْ َ‬
‫ض ِاء لَْي ل َها َونَ َهارَها َس َواءٌ‪( .‬رواه ابن ماجه‬ ‫ِ‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬تَرَكنا و هِ‬
‫اَّلل َعلَى مثْ ِل الْبَ ْي َ‬ ‫ََ َ‬
‫وحسنه اإلمام األلباين)‪.‬‬

‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬يَ ْوًما فِينَا َخ ِطيبًا ِمبَ ٍاء‬ ‫ال‪ :‬قَ َام َرسول ه‬ ‫َع ْن َزيْ ِد بْ ِن أ َْرقَ َم قَ َ‬
‫ال‪« :‬أَهما بَ ْعد أَالَ أَيُّ َها‬ ‫ظ َوذَ هكَر ُثه قَ َ‬ ‫ني َم هكةَ َوالْ َم ِدينَ ِة فَ َح ِم َد ه‬
‫اَّللَ َوأَث ََْن َعلَْي ِه َوَو َع َ‬ ‫ي ْد َعى ُخًّا بَ ْ َ‬
‫اَّللِ‬
‫ني أَهوهل َما كِتَاب ه‬ ‫وشك أَ ْن ََيْتِى رسول رِِب فَأ ِجيب وأ ََان ََت ِرٌك فِيكم ثَ َقلَ ْ ِ‬ ‫النهاس فَِإهَّنَا أ ََان ب َشر ي ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث َعلَى كتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫استَ ْمسكوا بِه»‪ .‬فَ َح ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فِ ِيه ا ْهل َدى والنُّور فَخذوا بِكتَ ِ‬
‫ِ‬
‫ب فيه‪( .‬رواه‬ ‫اَّلل َوَر هغ َ‬
‫اب ه‬ ‫اَّلل َو ْ‬
‫اب ه‬ ‫َ‬
‫مسلم)‪.‬‬

‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪« :-‬أَالَ َوإِِِن‬ ‫ال َرسول ه‬‫ال‪ :‬قَ َ‬‫وع ْن َزيْ ِد بْ ِن أ َْرقَ َم أيضا قَ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اَّلل َم ِن اتهبَ َعه َكا َن َعلَى ا ْهل َدى َوَم ْن‬ ‫ِ‬
‫اَّلل َعهز َو َج هل ه َو َحْبل ه‬ ‫ِ‬
‫َحدمهَا كتَاب ه‬ ‫ََت ِرٌك فِيكم ثَ َقلَ ْ ِ‬
‫ني أ َ‬ ‫ْ‬
‫ضالَلٍَة»‪( .‬رواه مسلم)‪.‬‬ ‫تَ َرَكه َكا َن َعلَى َ‬

‫قال اإلمام الشوكاين ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "أدب الطلب ومنتهى األرب" (ص‪:‬‬
‫‪ :)141‬فإن منهج احلق واضح املنار يفهمه أهل العلم ويعرفون براهينه‪ .‬اه ‪.‬‬

‫ك َع ْن بَيِنَ ٍة َوَْحي ََي َم ْن َح هي َع ْن‬ ‫ِ ِ‬


‫ك َم ْن َهلَ َ‬
‫وقال هللا تعاىل يف القرآن العظيم‪﴿ :‬ليَ ْهل َ‬
‫بَيِنَ ٍة﴾ [األنفال‪.]42 :‬‬

‫اإلنْ َسان‬ ‫صهرفْ نَا ِيف َه َذا الْق ْرآَ ِن لِلن ِ‬


‫هاس ِم ْن ك ِل َمثَ ٍل وَكا َن ِْ‬ ‫﴿ولََق ْد َ‬
‫وقال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫َ‬
‫أَ ْكثَ َر َش ْي ٍء َج َدًال﴾ [الكهف‪ .]14 :‬قال اإلمام ابن كثري –رْحه هللا‪ -‬يف "تفسريه" (ج‪:‬‬
‫‪/1‬ص‪ :) 111 :‬يقول تعاىل‪ :‬ولقد بينا للناس يف هذا القرآن‪ ،‬ووضحنا هلم األمور‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫وفصلناها‪ ،‬كيال يضلوا عن احلق‪ ،‬وخيرجوا عن طريق اهلدى‪ .‬ومع هذا البيان وهذا الفرقان‪،‬‬
‫اإلنسان كثري اجملادلة واملخاصمة واملعارضة للحق ابلباطل‪ ،‬إال من هدى هللا وبصره لطريق‬
‫النجاة‪ .‬اه ‪.‬‬

‫األمر ابملعروف والنهي عن املنكر والرد على املخالف للحق كائنا من كان‬
‫َح َدك ْم َهْي بَة‬ ‫عن أ َِِب سعِ ٍ‬
‫يد َع ِن النِ ِ‬
‫ال‪« :‬الَ ميَْنَ َع هن أ َ‬
‫هب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ال أَبو َسعيد‪َ :‬ود ْدت أَِن َملْ أَك ْن َمس ْعته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هاس أَ ْن يَتَ َكله َم ِِبَ ٍق إِذَا َرآه أ َْو َشه َده أ َْو َمس َعه»‪ .‬فَ َق َ‬
‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫ضَرةَ َوِد ْدت أ َِِن َملْ أَك ْن َِمس ْعته‪( .‬رواه أْحد‪ ،‬احلديث يف "الصحيح املسند مما ليس‬ ‫ال أَبو نَ ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫يف الصحيحني")‪.‬‬

‫هاس َأتْمرو َن ِابلْمعر ِ‬


‫وف َوتَنْ َه ْو َن َع ِن‬ ‫َْ‬ ‫ت لِلن ِ‬ ‫ٍ‬
‫قال هللا تعاىل‪﴿ :‬كنْ ت ْم َخْي َر أ همة أ ْخ ِر َج ْ‬
‫اب لَ َكا َن خي را َهلم ِمْن هم الْم ْؤِمنو َن وأَ ْكثَرهم الْ َف ِ‬
‫اسقو َن‬ ‫الْمْن َك ِر وت ْؤِمنو َن ِاب هَّللِ ولَو آَمن أ َْهل الْ ِكتَ ِ‬
‫َ‬ ‫ًَْ ْ‬ ‫َْ ََ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫صرو َن﴾ [آل عمران‪-115 :‬‬ ‫* لَ ْن يَضُّروك ْم إِهال أَ ًذى َوإِ ْن ي َقاتلوك ْم ي َولُّوكم ْاأل َْد َاب َر ُثه َال ي ْن َ‬
‫‪.]112‬‬

‫قد أمر هللا سبحانه الناس ابألمر ابملعروف والنهي عن املنكر والنهي عن التفرق‬
‫يف الدين‪ ،‬وقال هللا تعاىل‪﴿ :‬ولْتكن ِمنْكم أ همةٌ ي ْدعو َن إِ َىل ا ْخل ِري وَيْمرو َن ِابلْمعر ِ‬
‫وف َويَْن َه ْو َن‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ََ ْ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اختَلَفوا م ْن بَ ْعد َما َجاءَهم‬ ‫ين تَ َفهرقوا َو ْ‬ ‫ه‬
‫ك هم الْم ْفلحو َن * َوَال تَكونوا َكالذ َ‬ ‫َع ِن الْمْن َك ِر َوأولَئِ َ‬
‫اب َع ِظ ٌيم﴾ [آل عمران‪.]151-154 :‬‬ ‫الْبَيِنَات َوأولَئِ َ‬
‫ك َهل ْم َع َذ ٌ‬

‫قال شيخ أإلسالم ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "اقتضاء الصراط" (ج‪/1 :‬ص‪:)44 :‬‬
‫اإلنسان إذا عرف املعروف وأنكر املنكر كان خريا من أن يكون ميت القلب ال يعرف‬
‫معروفا وال ينكر منكرا أال ترى أن النيب صلى هللا عليه و سلم قال « َم ْن َرأَى ِمْنك ْم مْن َكًرا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ان» (رواه مسلم)‬ ‫َضعف ا ِإلميَ ِ‬ ‫فَلْي غَِ ْريه بِيَده فَِإ ْن َملْ يَ ْستَ ِط ْع فَبِل َسانِِه فَِإ ْن َملْ يَ ْستَ ِط ْع فَبِ َقلْبِ ِه َوذَل َ‬
‫ك أ َْ‬
‫ويف لفظ ليس وراء ذلك من اإلميان حبة خردل وإنكار القلب هو اإلميان ِبن هذا منكر‬

‫‪11‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫وكراهته لذلك فإذا حصل هذا كان يف القلب إميان وإذا فقد القلب معرفة هذا املعروف‬
‫وإنكار هذا املنكر ارتفع هذا اإلميان من القلب‪ .‬اه ‪.‬‬

‫ربط الناس ابلكتاب والسنة على فهم السلف الصاحل وليس أبشخاص ألن‬
‫املعصوم عندهم هو الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫اب بِق هوةٍ﴾ [مرمي‪.]12 :‬‬ ‫ِ ِ‬
‫﴿َي َْحي ََي خذ الْكتَ َ‬
‫قال تعاىل‪َ :‬‬

‫اخلَ ِم ِ‬
‫يس ُثه بَ َكى‬ ‫اخلَ ِم ِ‬
‫يس‪َ ،‬وَما يَ ْوم ْ‬ ‫ال يَ ْوم ْ‬
‫اس ‪-‬رضى هللا عنهما‪ -‬أَنهه قَ َ‬ ‫َع ِن ابْ ِن َعبه ٍ‬
‫يس‬ ‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم َو َجعه يَ ْوَم ْ‬
‫اخلَ ِم ِ‬ ‫ول ه‬ ‫ال‪ :‬ا ْشتَ هد بِرس ِ‬
‫َ‬ ‫صبَاءَ فَ َق َ‬
‫ب َد ْمعه ا ْحلَ ْ‬
‫ضَ‬ ‫َح هىت َخ َ‬
‫اب أَ ْكتب لَكم كِتَااب لَن تَ ِ‬
‫ضلُّوا بَ ْع َده أَبَ ًدا»‪( .‬متفق عليه)‪.‬‬ ‫ال‪« :‬ائْ ت ِوِن بِكِتَ ٍ‬
‫فَ َق َ‬
‫ْ ْ ً ْ‬

‫اَّلل َرِيب َعلَيْ ِه‬ ‫اختَلَ ْفت ْم فِ ِيه ِم ْن َش ْي ٍء فَحكْمه إِ َىل ه‬


‫اَّللِ َذلِكم ه‬ ‫﴿وَما ْ‬
‫وقال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫تَ َوهكلْت َوإِلَيْ ِه أنِيب﴾ [الشورى‪.]15 :‬‬

‫ول َوأ ِوِل ْاأل َْم ِر ِمْنك ْم‬


‫َطيعوا الهرس َ‬ ‫اَّلل وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬
‫ين آَ َمنوا أَطيعوا هَ َ‬ ‫﴿َي أَيُّ َها الذ َ‬
‫وقال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَِإ ْن تَنَ َاز ْعت ْم ِيف َش ْي ٍء فَرُّدوه إِ َىل ه‬
‫اَّللِ َو ه‬
‫ك َخْي ٌر‬‫ول إِ ْن كْن ت ْم ت ْؤِمنو َن ِاب هَّلل َوالْيَ ْوم ْاآلَ ِخ ِر َذل َ‬
‫الرس ِ‬
‫َح َسن َأتْ ِو ًيال﴾ [النساء‪]19 :‬‬ ‫َوأ ْ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫﴿وَما يَْنطق َع ِن ا ْهلََوى * إ ْن ه َو إهال َو ْح ٌي ي َ‬
‫وحى﴾ [النجم‪-3 :‬‬ ‫وقال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫‪.]1‬‬

‫املسح على اخلفني‬


‫فاعلم ‪-‬رْحك هللا‪ -‬أن هذه املسألة أنكرها الشيعة أو الرافضة وأثبتها أهل السنة‬
‫اخل ِ‬ ‫ِ‬ ‫واجلماعة‪َ ،‬ع ْن َعلِ ٍى رضى هللا عنه قَ َ‬
‫ف أ َْوَىل ِابلْ َم ْس ِح‬ ‫ال لَ ْو َكا َن الدين ِابلهرأْ ِى لَ َكا َن أ ْ‬
‫َس َفل ْ‬

‫‪16‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم ميَْسح علَى ظَ ِ‬


‫اه ِر خفْهي ِه‪( .‬رواه أبو داود‬ ‫ول ه‬ ‫ِم ْن أ َْعالَه َوقَ ْد َرأَيْت َرس َ‬
‫َ َ‬
‫إبسناد حسن)‪.‬‬

‫فهذا احلديث فيه رد على أهل الرأي‪.‬‬

‫الصالة يف النعال‬
‫فاعلم –رْحك هللا‪ -‬أن هذه املسألة أنكرها الصوفية وأثبتها أهل السنة واجلماعة‪،‬‬
‫ال‪ :‬سأَلْت أَنَس بن مالِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك أَ َكا َن النِ ُّ‬
‫هب ‪-‬صلى هللا عليه‬ ‫َ َْ َ‬ ‫عن أَيب َم ْسلَ َمةَ َسعيد بْن يَِزيد األ َْزدي قَ َ َ‬
‫صلِى ِِف نَ ْعلَيْ ِه؟ قَ َ‬
‫ال‪ :‬نَ َع ْم‪( .‬رواه البخاري)‪.‬‬ ‫وسلم‪ -‬ي َ‬

‫قال شيخ اإلسالم ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب‬
‫اجلحيم" (ج‪/1 :‬ص‪ :)119 :‬والسلف َترة يعللون الكراهة ابلتشبه ِبهل الكتاب‪ ،‬وَترة‬
‫ابلتشبيه ابألعاجم‪ ،‬وكال العلتني منصوصة يف السنة مع أن الصادق ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫قد أخرب بوقوع املشاهبة هلؤالء وهؤالء كما قدمنا بيانه‪ .‬عن ي علَى ب ِن َشد ِ‬
‫هاد بْ ِن أ َْو ٍس َع ْن أَبِ ِيه‬ ‫َ ْ َْ ْ‬
‫صلُّو َن ِِف نِ َعاهلِِ ْم َوالَ‬
‫ود فَِإنهه ْم الَ ي َ‬
‫ِ‬ ‫ال رسول هِ‬
‫اَّلل ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪َ « :-‬خالفوا الْيَه َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ِ ِ‬
‫اخلَ ْع‬‫خ َفاف ِه ْم»‪ .‬وهذا مع أن نزع اليهود نعاهلم مأخوذ عن موسى عليه السالم ملا قيل له‪﴿ :‬فَ ْ‬
‫ك﴾ [طه‪.]12 :‬‬ ‫نَ ْعلَْي َ‬

‫معرفة دخول الشهر برؤية اهلالل‬


‫هب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪« :-‬إِ َذا‬ ‫قال اإلمام البخاري ‪-‬رْحه هللا‪ :-‬ابب قَ ْوِل النِ ِ‬
‫ال ِصلَة َعن َع هما ٍر‪ :‬من صام ي وم الش ِ‬
‫هك فَ َق ْد‬ ‫َ ْ َ َ َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َرأَيْتم ا ْهلِالَ َل فَصوموا َوإِ َذا َرأَيْتموه فَأَفْ ِطروا»‪َ .‬وقَ َ‬
‫اس ِم ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬ ‫عصى أَاب الْ َق ِ‬
‫ََ َ‬

‫‪11‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫ول ه‬‫اَّللِ بْ ِن ع َمَر ‪-‬رضى هللا عنهما‪ -‬أَ هن َرس َ‬ ‫َع ْن َعْب ِد ه‬
‫ال‪« :‬الَ تَصوموا َح هىت تَ َروا ا ْهلِالَ َل‪َ ،‬والَ ت ْف ِطروا َح هىت تَ َرْوه‪ ،‬فَِإ ْن غ هم َعلَْيك ْم‬ ‫ضا َن فَ َق َ‬
‫ذَ َكَر َرَم َ‬
‫فَاقْدروا لَه»‪( .‬رواه البخاري)‪.‬‬

‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا‬ ‫ال‪َِ :‬مس ْعت َرس َ‬


‫ول ه‬ ‫اَّللِ بْ ِن ع َمر ‪-‬رضى هللا عنهما‪ -‬قَ َ‬ ‫وع ْن َعْب ِد ه‬ ‫َ‬
‫عليه وسلم‪ -‬يَقول‪« :‬إِ َذا َرأَيْتموه فَصوموا‪َ ،‬وإِ َذا َرأَيْتموه فَأَفْ ِطروا‪ ،‬فَِإ ْن غ هم َعلَْيك ْم فَاقْدروا لَه»‪.‬‬
‫ال‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫اَّللِ بْ ِن ع َمَر ‪-‬رضى هللا عنهما‪ -‬أيضا قَ َ‬ ‫(متفق عليه)‪ .‬ويف صحيح مسلم َع ْن َعبْ ِد ه‬
‫ههر تِ ْس ٌع َو ِع ْشرو َن فَِإذَا َرأَيْتم ا ْهلِالَ َل فَصوموا َوإِذَا َرأَيْتموه‬
‫اَّلل صلى هللا عليه وسلم‪« :‬الش ْ‬
‫رسول هِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَأَفْطروا فَإ ْن غ هم َعلَْيك ْم فَاقْدروا لَه»‪.‬‬

‫ال ابْن بَِز َيزَة ‪-‬رْحه‬‫فهذه األحاديث بيان على إبطال مذهب أهل احلساب‪ ،‬قَ َ‬
‫هللا‪ -‬كما يف "سبل السالم" (ج‪/3 :‬ص‪ :)355 :‬هو م ْذهب اب ِطل قَ ْد نَه ِ‬
‫ت ال هش ِر َيعة َعلَى‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ٌ َ ٌ‬
‫س فِ َيها قَطْ ٌع‪ .‬اه ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ا ْخلو ِ ِ‬
‫س َوَختْ ِم ٌ‬
‫ني لَْي َ‬ ‫ض ِيف علْ ِم النُّجوم؛ ألَن َهها َح ْد ٌ‬ ‫َْ‬

‫ال ابْن بَطه ٍال ‪-‬رْحه هللا‪ -‬كما يف "سبل السالم" (ج‪/3 :‬ص‪ِ :)355 :‬يف‬ ‫قَ َ‬
‫ني‪ ،‬وإِهَّنَا الْمع هول َعلَْي ِه رْؤية ْاأل َِهله ِة وقَ ْد هنِينَا َعن الته َكلُّ ِ‬
‫ف‪ .‬اه ‪.‬‬ ‫يث دفْع لِمر ِ ِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اعاة الْمنَجم َ َ‬
‫ا ْحلَد َ ٌ َ َ‬

‫قال اإلمام صديق حسن ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "الروضة الندية" (ج‪/1 :‬ص‪:)218 :‬‬
‫قال بعض احملققني‪ :‬التكليف الشهري علق معرفة وقته برؤية اهلالل دخوال وخروجا أو إكمال‬
‫العدة ثالثني يوما فهل يف األكوان أوضح من هذا البيان والتوقيت يف األَيم والشهور‬
‫ابحلساب للمنازل القمرية بدعة ابتفاق األمة‪ .‬اه ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫الوالء والرباء على أسس الكتاب والسنة وليس على أسس احلزبية‪ ،‬فيحبون‬
‫أهل السنة واجلماعة لتمسكهم ابلكتاب والسنة على فهم السلف الصاحل‪،‬‬
‫ويبغضون على أهل البدعة والفرقة ملخالفتهم ملنهج السلف الصاحل‬
‫عن الرباء ‪-‬رضي هللا عنه‪ ،-‬قال رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪« :-‬إن أوثق‬
‫عرى اإلسالم أن َتب ِف هللا وتبغض ِف هللا» (رواه الطيالسى‪ ،‬وأْحد‪ ،‬وابن أِب شيبة‪،‬‬
‫والبيهقى ِف شعب اإلميان‪ ،‬وحسنه اإلمام األلباين)‪.‬‬

‫اَّلل ‪-‬صلى هللا عليه‬ ‫ول هِ‬‫عن معاذ بن جبل ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬قال‪َِ :‬مس ْعت َرس َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬‫ِ‬ ‫ني ِ ه‬
‫ِف َوالْمتَ َزا ِور َ‬ ‫ِف َوالْمتَ َجالس َ‬ ‫ت َحمَبهِىت للْمتَ َحابِ َ‬
‫ني ِ ه‬ ‫اىل َو َجبَ ْ‬
‫اَّلل تَبَ َارَك َوتَ َع َ‬
‫ال ه‬ ‫وسلم‪ -‬يَقول‪« :‬قَ َ‬
‫ِف»‪( .‬رواهأْحد ومالك يف "موطأ")‪.‬‬ ‫ني ِ ه‬‫ِِ‬ ‫ِه‬
‫ِف َوالْمتَبَاذل َ‬
‫َّلل وأَعطَى ِهِ‬
‫َّلل‬ ‫َّلل وأَب غ ِ ِ‬
‫اَّلل ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪« :-‬من أَح ه ِ ِ‬
‫ال رسول هِ‬
‫ض ه َْ‬ ‫ب ه َ َْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫وقَ َ َ‬
‫ْم َل ا ِإلميَا َن»‪( .‬رواه أبو داود عن أِب أمامة وأْحد‪ ,‬والرتمذي عن معاذ بن‬ ‫ِِ ِ‬
‫استَك َ‬
‫َوَمنَ َع هَّلل فَ َقد ْ‬
‫أنس عن أبيه وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح)‪.‬‬

‫فهذه األحاديث فيها بيان عبادة من أعظم العبادات القلبية وهي احلب يف هللا‬
‫والبغض يف هللا الذي َيتمعها يف الظاهر الوال والرباء‪.‬‬

‫واألدلة عن هذه املسألة كثرية معلومة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫ال إِبْ َر ِاهيم ِألَبِ ِيه َوقَ ْوِم ِه إِن ِهين بََراءٌ ِممها تَ ْعبدون﴾ [الزخرف‪:‬‬
‫﴿وإِ ْذ قَ َ‬
‫قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫‪.]26‬‬

‫ص ْو َك فَق ْل إِِين بَِريءٌ ِممها تَ ْع َملو َن﴾ [الشعراء‪]216 :‬‬


‫وقال تعاىل‪﴿ :‬فَِإ ْن َع َ‬

‫‪19‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫ين َم َعه إِ ْذ قَالوا لَِق ْوِم ِه ْم‬ ‫ِ ِ ِ هِ‬


‫ت لَك ْم أ ْس َوةٌ َح َسنَةٌ يف إبْ َراه َيم َوالذ َ‬ ‫وقال تعاىل‪﴿ :‬قَ ْد َكانَ ْ‬
‫ون هِ‬ ‫إِ هان ب رآَء ِمْنكم وِممها تَعبدو َن ِمن د ِ‬
‫ضاء أَبَ ًدا‬ ‫اَّلل َك َف ْرَان بِك ْم َوبَ َدا بَْي نَ نَا َوبَْي نَكم الْ َع َد َاوة َوالْبَ ْغ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ ِمن شيءٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك م َن ه ْ َ ْ‬ ‫ك َوَما أ َْملك لَ َ‬ ‫َستَغْفَرن لَ َ‬ ‫َح هىت ت ْؤمنوا اب هَّلل َو ْح َده إال قَ ْو َل إبْ َراه َيم ألَبيه َأل ْ‬
‫ين َك َفروا َوا ْغ ِف ْر لَنَا َربهنَا‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ك أَنَب نَا وإِلَي َ ِ‬
‫ك الْ َمصري * َربهنَا َال ََتْ َعلْنَا فتْ نَةً للهذ َ‬ ‫ك تَ َوهكلْنَا َوإِلَْي َ ْ َ ْ‬ ‫َربهنَا َعلَْي َ‬
‫احلَ ِكيم * لَ َق ْد َكا َن لَك ْم فِي ِه ْم أ ْس َوةٌ َح َسنَةٌ لِ َم ْن َكا َن يَ ْرجو ه‬
‫اَّللَ َوالْيَ ْوَم ْاآلَ ِخَر‬ ‫ت الْ َع ِزيز ْ‬‫هك أَنْ َ‬‫إِن َ‬
‫ين ا ْحلَ ِميد﴾ [املمتحنة‪.]6-4 :‬‬ ‫َوَم ْن يَتَ َوهل فَِإ هن ه‬
‫اَّللَ ه َو الْغَِ ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ه ِ‬ ‫وقال تعاىل‪﴿ :‬ب راءةٌ ِمن هِ‬


‫اه ْد ْمت م َن الْم ْش ِرك َ‬
‫ني﴾ [التوبة‪:‬‬ ‫ين َع َ‬
‫اَّلل َوَرسوله إ َىل الذ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫‪.]1‬‬

‫وقال هللا تعاىل‪﴿ :‬ق ْل ََي أَيُّ َها الْ َكافِرو َن * َال أ َْعبد َما تَ ْعبدو َن * َوَال أَنْت ْم َعابِدو َن‬
‫ِل ِدي ِن﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َما أ َْعبد * َوَال أ ََان َعاب ٌد َما َعبَ ْد ْمت * َوَال أَنْت ْم َعابدو َن َما أ َْعبد * لَك ْم دينك ْم َو َ‬
‫[الكافرون‪.]6-1 :‬‬

‫قال اإلمام ابن القيم ‪-‬رْحه هللا‪ :-‬إن هذه السورة ‪-‬سورة الكافرون‪ -‬تشتمل‬
‫على النفي احملض وهذه خاصية هذه السورة‪ ،‬فإهنا سورة براءة من الشرك كما جاء يف‬
‫وصفها‪ .‬ومقصودها األعظم الرباءة املطلوبة بني املوحدين واملشركني‪ ،‬وهلذا أتى ابلنفي يف‬
‫اجلانبني َتقيقاً للرباءة املطلوبة‪ .‬مع تضمنها لإلثبات ِبن له معبوداً يعبده وأنتم بريئون من‬
‫عبادته‪ ،‬وهذا يطابق قول إمام احلنفاء ﴿إِن ِهين بََراء ِممها تَ ْعبدو َن * إِاله اله ِذي فَطََرِين﴾ [الزخرف‪:‬‬
‫‪ ]21-26‬فانتظمت حقيقة ال إله إال هللا‪" .‬الوالء والرباء" (ج‪/1 :‬ص‪.)129 :‬‬

‫‪25‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫عدم اخلروج على والة األمور املسلمني وإن جاروا‪ ،‬والسعي ملناصحتهم‬
‫وبيان احلق هلم‪ ،‬وطاعتهم يف غري معصية‬
‫ول َوأ ِوِل ْاأل َْم ِر ِمْنك ْم‬
‫َطيعوا الهرس َ‬ ‫اَّلل وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬
‫ين آَ َمنوا أَطيعوا هَ َ‬ ‫﴿َي أَيُّ َها الذ َ‬
‫قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اَّللِ والهرس ِ‬ ‫ٍ‬
‫ك َخيْ ٌر‬‫ول إِ ْن كنْ ت ْم ت ْؤِمنو َن ِاب هَّلل َوالْيَ ْوم ْاآلَ ِخ ِر ذَل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَإ ْن تَنَ َاز ْعت ْم ِيف َش ْيء فَرُّدوه إ َىل ه َ‬
‫َح َسن َأتْ ِو ًيال﴾ [النساء‪.]19 :‬‬ ‫َوأ ْ‬

‫اَّللَ‬
‫اع ه‬ ‫اع َِن فَ َق ْد أَطَ َ‬
‫ال‪َ « :‬م ْن أَطَ َ‬
‫هب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫وع ْن أ َِِب هَريْ َرَة َع ِن النِ ِ‬
‫َ‬
‫ص ِاِن»‪.‬‬ ‫اَّلل ومن ي ِط ِع األ َِمري فَ َق ْد أَطَاع َِن ومن ي ع ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص األَم َري فَ َق ْد َع َ‬ ‫َ ََ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ص ى هَ َ َ ْ‬ ‫َوَم ْن يَ ْعص َِن فَ َق ْد َع َ‬
‫(متفق عليه)‪.‬‬

‫وأمر رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬بطاعة والة األمور والصرب عليهم وإن‬
‫جاروا ومن خالف ذلك خمطئا أو متعمدا مل حيصل بفعله صالح بل فساد ألن رسول هللا ‪-‬‬
‫صِ ْرب َعلَْي ِه‪ ،‬فَِإنهه َم ْن فَ َار َق‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قال‪َ « :‬م ْن َرأَى م ْن أَم ِريه َشْي ئًا يَكَْرهه فَلْيَ ْ‬
‫اهلِيهةً »‪( .‬متفق عليه عن ابن عباس)‪.‬‬ ‫ا ْجلماعةَ ِشب را فَمات‪ ،‬إِاله مات ِميتةً ج ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ََ َ ًْ َ َ‬

‫اَّلل ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪َ « :-‬م ْن َخَر َج ِم َن‬ ‫ال رسول هِ‬ ‫وع ْن أ َِِب هَريْ َرَة قَ َ‬
‫ال‪ :‬قَ َ َ‬ ‫َ‬
‫صبَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الطهاع ِة وفَار َق ا ْجلماعةَ ُثه مات م ِ‬
‫ت َرايَة ع ِميهة يَغْ َ‬
‫ضب للْ َع َ‬ ‫ات ميتَةً َجاهليهةً َوَم ْن قت َل ََْت َ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫وي َقاتِل لِلْع ِ‬
‫س ِم ْن أ هم ِىت َوَم ْن َخَر َج ِم ْن أ هم ِىت َعلَى أ هم ِىت يَ ْ‬
‫ض ِرب بَهرَها َوفَاجَرَها الَ يَتَ َح َ‬
‫اش‬ ‫صبَة فَلَْي َ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫س م َِن»‪( .‬رواه مسلم والبيهقي)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن م ْؤمن َها َوالَ يَفى بذى َع ْهد َها فَلَْي َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫دله ِ ِ‬
‫ني‬
‫ت َعلَيْه َكل َمة الْم ْسلم َ‬ ‫ت َهذه ْاألَلْ َفاظ َعلَى أَ هن َم ْن َخَر َج َعلَى َإم ٍام قَ ْد ْ‬
‫اجتَ َم َع ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َوالْمَراد أ َْهل قطْ ٍر َك َما ق لْنَاه‪ ،‬فَِإنهه قَ ْد ْ‬
‫استَ َح هق الْ َقتْ َل ِِإل ْد َخاله الضَهرَر َعلَى الْعبَاد َوظَاهره َس َواءٌ‬
‫َكا َن َجائًِرا‪ ،‬أ َْو َع ِادًال‪" .‬سبل السالم" (ج‪/1 :‬ص‪.)462 :‬‬

‫‪21‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫ك ال هس ْم َع‬ ‫ال رسول هِ‬ ‫َع ْن أ َِِب هَريْ َرَة قَ َ‬


‫اَّلل ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪َ « :-‬علَْي َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ‬
‫ِ‬
‫ك َوأَثََرةٍ َعلَْي َ‬
‫ك»‪( .‬رواه مسلم)‪.‬‬ ‫اعةَ ِِف ع ْس ِرَك َوي ْس ِرَك َوَمْن َش ِط َ‬
‫ك َوَمكَْره َ‬ ‫َوالطه َ‬

‫ال‪« :‬ال هس ْمع‬ ‫هب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قَ َ‬ ‫اَّللِ ‪-‬رضى هللا عنه‪َ -‬ع ِن النِ ِ‬ ‫وع ْن َعْب ِد ه‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫صية‪ ،‬فَِإ َذا أمر ِمبَع ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صيَة فَالَ مسَْ َع َوالَ‬ ‫َ ْ‬ ‫ب َوَك ِرَه‪َ ،‬ما َملْ ي ْؤَم ْر مبَْع َ‬
‫َح ه‬ ‫اعة َعلَى الْ َم ْرء الْم ْسل ِم‪ ،‬ف َ‬
‫يما أ َ‬ ‫َوالطه َ‬
‫اعةَ»‪( .‬متفق عليه)‪.‬‬ ‫طَ َ‬

‫اَّللِ ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬


‫ال َرسول ه‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ك ‪-‬رضى هللا عنه‪ -‬قَ َ‬ ‫س ب ِن مالِ ٍ‬
‫وع ْن أَنَ ِ ْ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْسه َزبِيبَةٌ»‪( .‬رواه البخاري)‪.‬‬ ‫امسَعوا َوأَطيعوا َوإِن ْ‬
‫است ْعم َل َعلَْيك ْم َعْب ٌد َحبَش ٌّى َكأَ هن َرأ َ‬ ‫‪ْ «:‬‬

‫فلم ميدح الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أحدا خرج على والة األمور وفارق‬
‫اجلماعة بل جاءت أدلة كثرية معلومة يف ذم من فعل ذلك‪ ،‬منها قول النيب ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫صاك ْم أ َْو ي َف ِر َق َمجَ َ‬
‫اعتَك ْم‬ ‫يع َعلَى َرج ٍل َواحد ي ِريد أَ ْن يَش هق َع َ‬
‫وسلم‪َ « :-‬م ْن أ َََتك ْم َوأ َْمرك ْم َمج ٌ‬
‫فَاقْ ت لوه»‪( .‬رواه مسلم َع ْن َع ْرفَ َجةَ رضي هللا عنه)‪.‬‬

‫يحة» ق لْنَا لِ َم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ال‪« :‬الدين النهص َ‬
‫هب صلى هللا عليه وسلم قَ َ‬ ‫ِ‬
‫وع ْن ََتي ٍم الدها ِر ِى أَ هن النِ ه‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قَ َ ِ ِ ِ‬
‫ال‪ « :‬هَّلل َولكتَابِه َولَرسوله َوألَئ همة الْم ْسلم َ‬
‫ني َو َعا همت ِه ْم»‪( .‬رواه مسلم)‪.‬‬

‫وأما النصيحة ألئمة املسلمني‪ :‬فمعاونتهم على احلق وطاعتهم وأمرهم به وتنبيههم‬
‫وتذكريهم برفق ولطف وإعالمهم مبا غفلوا عنه وتبليغهم من حقوق املسلمني وترك اخلروج‬
‫عليهم ابلسيف وأتليف قلوب الناس لطاعتهم والصالة خلفهم واجلهاد معهم وأن يدعو هلم‬
‫ابلصالح‪" .‬شرح األربعني النووية" (ج‪/1 :‬ص‪.)31 :‬‬

‫‪22‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫الرجوع إىل احلق مىت ظهر هلم ويقبلونه ممن جاء به سواء أكان الذي جاء به‬
‫صغريا أم كبريا‪ ،‬قريبا أم بعيدا‬
‫اخ بَ ْد ٍر‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ال‬ ‫ال َكا َن ع َمر ي ْد ِخل َِن َم َع أَ ْشيَ ِ‬ ‫اس ‪-‬رضى هللا عنهما‪ -‬قَ َ‬ ‫َع ِن ابْ ِن َعبه ٍ‬
‫ات‬ ‫هن قَ ْد َعلِ ْمت ْم‪ .‬قَ َ‬ ‫ب عضهم ِمل ت ْد ِخل ه َذا الْفىت معنا‪ ،‬ولَنا أَب ناء ِمث له فَق َ ِ ِ‬
‫ال فَ َد َعاه ْم ذَ َ‬ ‫ال إنهه مم ْ‬ ‫َ َ َ َ ََ َ َ َْ ٌ ْ َ‬ ‫َْ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ال َما تَقولو َن‪﴿ :‬إذَا َجاءَ‬ ‫ال َوَما رئِيته َد َع ِاِن يَ ْوَمئِ ٍذ إِاله لِ ِرييَه ْم ِم َِن فَ َق َ‬ ‫يَ ْوٍم‪َ ،‬وَد َع ِاِن َم َعه ْم قَ َ‬
‫ال بَ ْعضه ْم‪ :‬أ ِم ْرَان أَ ْن ََنْ َم َد‬ ‫ورةَ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫نَصر هِ‬
‫الس َ‬
‫هاس يَ ْدخلو َن﴾ َح هىت َختَ َم ُّ‬ ‫ت الن َ‬ ‫اَّلل َوالْ َفتْح * َوَرأَيْ َ‬ ‫ْ‬
‫ال بَ ْعضه ْم‪ :‬الَ نَ ْد ِرى‪ .‬أ َْو َملْ يَق ْل بَ ْعضه ْم َشْي ئًا‪ .‬فَ َق َ‬
‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّللَ َونَ ْستَغْفَره‪ ،‬إذَا نص ْرَان َوفت َح َعلَْي نَا‪َ .‬وقَ َ‬
‫ه‬
‫اَّللِ صلى‬ ‫ول ه‬ ‫ال‪ :‬فَما تَقول؟ ق لْت‪ :‬هو أَجل رس ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫اس أَ َك َذ َاك تَقول؟ ق لْت الَ‪ .‬قَ َ َ‬ ‫ِىل‪ََ :‬ي ابْ َن َعبه ٍ‬
‫اَّللِ والْ َفْتح﴾ فَ ْتح م هكةَ‪ ،‬فَ َذ َاك عالَمة أ ِ‬
‫ك‪:‬‬ ‫َجل َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫صر ه َ‬ ‫اَّلل لَه‪﴿ :‬إِ َذا َجاءَ نَ ْ‬ ‫هللا عليه وسلم أ َْعلَ َمه ه‬
‫ال ع َمر‪َ :‬ما أ َْعلَم ِمْن َها إِاله َما تَ ْعلَم‪( .‬رواه‬ ‫استَ ْغ ِف ْره إِنهه َكا َن تَ هو ًااب﴾ قَ َ‬‫ك َو ْ‬
‫ِ‬
‫﴿فَ َسبِ ْح ِِبَ ْمد َربِ َ‬
‫البخاري)‪.‬‬

‫قال اإلمام الشوكاين ‪-‬رْحه هللا‪ -‬يف "أدب الطلب ومنتهى األرب" (ص‪:)142 :‬‬
‫ومن اآلفات املانعة عن الرجوع إىل احلق أن يكون املتكلم ابحلق حدث السن ابلنسبة إىل من‬
‫يناظره أو قليل العلم أو الشهرة يف الناس‪ ،‬والآلخر بعكس ذلك فإنه قد َتمله ْحية اجلاهلية‬
‫والعصبية الشيطانية على التمسك ابلباطل أنفة منه عن الرجوع إىل قول من هو أصغر منه‬
‫سنا أو أقل منه علما أو أخفى شهرة ظنا منه أن يف ذلك عليه ما حيط منه وينقص ما هو‬
‫فيه‪ ،‬وهذا الظن فاسد فإن احلط والنقص إَّنا هو يف التصميم على الباطل‪ ,‬والعلو والشرف ِف‬
‫الرجوع إىل احلق بيد من كان وعلى أي وجه حصل‪ .‬اه ‪.‬‬

‫قبول خرب الواحد الصدوق الثقة‬


‫فاعلم أن هذه املسألة أنكرها حزب التحرير وأثبتها أهل السنة واجلماعة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫وق ِِف‬ ‫صد ِ‬ ‫اح ِد ال ه‬


‫فقد قال اإلمام البخارى رْحه هللا‪ :‬ابب ما جاء ِِف إِجازةِ خ ِرب الْو ِ‬
‫َ َ َ َ َ ََ َ‬
‫اىل‪﴿ :‬فَلَ ْوالَ نَ َفَر ِم ْن ك ِل فِْرقٍَة ِمْن ه ْم‬ ‫ض واألَح َك ِام‪ ،‬وقَول هِ‬ ‫ِ‬ ‫صالَِة وال ه ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل تَ َع َ‬ ‫َْ‬ ‫ص ْوم َوالْ َفَرائ ِ َ ْ‬ ‫األَ َذان َوال ه َ‬
‫الدي ِن َولِي نْ ِذروا قَ ْوَمه ْم إِذَا َر َجعوا إِلَيْ ِه ْم لَ َعلهه ْم َحيْ َذرو َن﴾‪َ .‬وي َس همى الهرجل‬ ‫طَائَِفةٌ لِي ت َفقههوا ِِف ِ‬
‫ََ‬
‫ني اقْ تَ تَلوا﴾‪ .‬فَلَ ِو اقْ تَ تَ َل َرجالَ ِن َد َخ َل ِِف َم ْع ََن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫﴿وإِ ْن طَائ َفتَان م َن الْم ْؤمن َ‬ ‫اىل‪َ :‬‬ ‫طَائَِفةً لَِق ْولِِه تَ َع َ‬
‫ِ‬ ‫اآليَِة‪َ .‬وقَ ْوله تَ َع َ‬
‫هب صلى هللا عليه وسلم‬ ‫ث النِ ُّ‬ ‫اىل‪﴿ :‬إِ ْن َجاءَك ْم فَاس ٌق بِنَ بٍَإ فَتَ بَ يه نوا﴾‪َ .‬وَكْي َ‬
‫ف بَ َع َ‬
‫السن ِهة‪.‬‬
‫َح ٌد ِمْن ه ْم رهد إِ َىل ُّ‬ ‫ٍِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أ َمَراءَه َواح ًدا بَ ْع َد َواحد ‪ ،‬فَإ ْن َس َها أ َ‬
‫هام قَ َ ِ‬ ‫ث ب عثَتْه إِ َىل معا ِويةَ ِابلش ِ‬ ‫ض ِل بِنْت ْ ِ‬
‫هام‬
‫ال‪ :‬فَ َقد ْمت الش َ‬ ‫َ َ‬ ‫احلَا ِر َ َ‬ ‫ب أَ هن أ هم الْ َف ْ َ‬ ‫َع ْن كريْ ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلم َعة ُثه قَد ْمت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضان َوأ ََان ابلشهام فَ َرأَيْت ا ْهلالَ َل لَْي لَةَ ْ‬ ‫ِ‬
‫استه هل َعلَ هى َرَم َ‬ ‫اجتَ َها َو ْ‬
‫ضْيت َح َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫اس رضى هللا عنهما ُثه ذَ َكَر ا ْهلِالَ َل فَ َقا‪َ :‬ل َم َىت‬ ‫اَّللِ بْن َعبه ٍ‬‫هه ِر فَ َسأَلََِن َعْبد ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الْ َمدينَةَ ِِف آخ ِر الش ْ‬
‫صاموا‬ ‫ت َرأَيْتَه فَقلْت نَ َع ْم َوَرآه النهاس َو َ‬ ‫ال‪ :‬أَنْ َ‬ ‫اجلم َع ِة‪ .‬فَ َق َ‬‫َرأَيْتم ا ْهلِالَ َل؟ فَقلْت‪َ :‬رأَيْنَاه لَْي لَةَ ْ‬
‫ني أ َْو نََراه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وصام معا ِوية‪ .‬فَ َق َ ِ‬
‫ال‪ :‬لَكنها َرأَيْنَاه لَْي لَةَ ال هسْبت فَالَ نََزال نَصوم َح هىت ن ْكم َل ثَالَث َ‬ ‫َََ َ َ‬
‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫ال الَ َه َك َذا أ ََمَرَان َرسول ه‬ ‫فَقلْت أ ََوالَ تَكْتَ ِفى بِرْؤيَِة م َعا ِويَةَ َو ِصيَ ِام ِه فَ َق َ‬
‫(رواه مسلم)‪.‬‬

‫عدم تكفري أحد من املسلمني بذنب ما مل يستحله ويكون ذلك ‪-‬أي‬


‫احلكم بتكفري‪ -‬بعد قيام احلجة وإزالة الشبهة‬
‫ِ‬
‫هب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬يَقول‪« :‬الَ‬ ‫َع ْن أ َِِب َذ ٍر ‪-‬رضى هللا عنه‪ -‬أَنهه َمس َع النِ ه‬
‫ك»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وق‪ ،‬والَ ي رِم ِيه ِابلْك ْف ِر‪ ،‬إِاله ارتَدهت علَي ِه‪ ،‬إِ ْن َمل يكن ص ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫احبه َك َذل َ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫ْ ْ َْ‬ ‫يَْرمى َرج ٌل َرجالً ابلْفس َ َْ‬
‫(رواه البخاري)‪.‬‬

‫اجلرح والتعديل‬
‫قال هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬واتْل َعلَْي ِه ْم نَبَأَ اله ِذي آَتَ ْي نَاه آَ ََيتِنَا فَانْ َسلَ َخ ِمْن َها فَأَتْ بَ َعه الشْهيطَان‬
‫َخلَ َد إِ َىل ْاأل َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َواتهبَ َع َه َواه فَ َمثَله َك َمثَ ِل‬ ‫فَ َكا َن م َن الْغَا ِو َ‬
‫ين * َولَ ْو شْئ نَا لََرفَ ْعنَاه هبَا َولَكنهه أ ْ‬

‫‪24‬‬
‫طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة|‬

‫ين َك هذبوا ِِبَ ََيتِنَا فَاقْص ِ‬ ‫ِ هِ‬ ‫ث أَو تَ ْت رْكه ي لْه ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص‬ ‫ك َمثَل الْ َق ْوم الذ َ‬ ‫ث َذل َ‬ ‫ََ‬ ‫ب إِ ْن ََْتم ْل َعلَْيه يَلْ َه ْ ْ‬
‫الْ َكلْ ِ‬
‫ين َك هذبوا ِِبَ ََيتِنَا َوأَنْف َسه ْم َكانوا يَظْلِمو َن * َم ْن‬ ‫هِ‬ ‫ه‬
‫ص لَ َعلهه ْم يَتَ َفكرو َن * َساءَ َمثَ ًال الْ َق ْوم الذ َ‬
‫ص َ‬
‫الْ َق َ‬
‫اخل ِ‬ ‫اَّلل فَهو الْمهت ِدي ومن ي ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫اسرو َن﴾ [األعراف‪.]571-571 :‬‬ ‫ك هم َْ‬ ‫ضل ْل فَأولَئِ َ‬ ‫يَ ْهد ه َ ْ َ َ َ ْ‬
‫ك ِحزب الشهيطَ ِ‬
‫ان‬ ‫قال هللا تعاىل‪﴿ :‬استحو َذ علَي ِهم الشهيطَان فَأَنْساهم ِذ ْكر هِ ِ‬
‫ْ‬ ‫اَّلل أولَئ َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ْ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ هِ‬
‫اَّللَ َوَرسولَه أولَئِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ك ِيف ْاألَ َذل َ‬
‫ني * َكتَ َ‬ ‫ب الشْهيطَان هم ا ْخلَاسرو َن * إ هن الذ َ‬
‫ين حيَ ُّادو َن ه‬ ‫أََال إِ هن ح ْز َ‬
‫ي َع ِز ٌيز﴾ [اجملادلة‪.]21 - 19 :‬‬ ‫َّب أ ََان َورسلِي إِ هن ه‬
‫اَّللَ قَ ِو ٌّ‬ ‫اَّلل َألَ ْغلِ َ ه‬
‫ه‬

‫ففي هذه اآلَيت جرح عام ألهل األهواء وحزب الشيطان‪ ،‬بدون تفصيل عن‬
‫أفرادهم‪.‬‬

‫ْم َوالنُّب هوةَ َوَرَزقْ نَاه ْم ِم َن‬


‫اب َوا ْحلك َ‬
‫وقال هللا سبحانه‪﴿ :‬ولَ َق ْد آَتَي نَا ب ِين إِسرائِ ِ‬
‫يل الْكتَ َ‬ ‫ْ َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اختَلَفوا إِهال م ْن بَ ْعد َما‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الطهيِب ِ‬
‫ني * َوآَتَ ْي نَاه ْم بَيِنَات م َن ْاأل َْم ِر فَ َما ْ‬ ‫ضلْنَاه ْم َعلَى الْ َعالَم َ‬ ‫ات َوفَ ه‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما َكانوا ف ِيه خيَْتَلفو َن * ُثه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جاءهم الْعِْلم ب غْيا ب ي نَهم إِ هن ربه َ ِ‬
‫ك يَ ْقضي بَْي نَه ْم يَ ْوَم الْقيَ َامة ف َ‬ ‫َ ً َْ ْ َ‬ ‫ََ‬
‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ين َال يَ ْعلَمو َن)﴾ [اجلاثية‪-16 :‬‬ ‫اك َعلَى َش ِر َيعة م َن ْاأل َْم ِر فَاتهب ْع َها َوَال تَتهب ْع أ َْه َواءَ الذ َ‬‫َج َع ْلنَ َ‬
‫‪.]18‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية –رْحه هللا‪ -‬يف "اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة‬
‫أصحاب اجلحيم" (ج‪/1 :‬ص‪ :) 91 :‬أخرب سبحانه أنه أنعم على بين إسرائيل بنعم الدين‬
‫والدنيا‪ ،‬وأهنم اختلفوا بعد جميء العلم بغيا من بعضهم على بعض ُث جعل حممدا صلى هللا‬
‫عليه وسلم على شريعة شرعها له‪ ،‬وأمره ابتباعها‪ ،‬وهناه عن اتباع أهواء الذين ال يعلمون‪ ،‬وقد‬
‫دخل يف الذين ال يعلمون‪ :‬كل من خالف شريعته‪ .‬اه ‪.‬‬

‫اب َم ْن‬ ‫َحز ِ‬ ‫وقال هللا تعاىل‪﴿ :‬واله ِذين آَتَي نَاهم الْ ِكتاب ي ْفرحو َن ِمبَا أنْ ِزَل إِلَي َ ِ‬
‫ك َوم َن اْأل ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ك أَنْ َزلْنَاه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضه ق ْل إِهَّنَا أ ِم ْرت أَ ْن أ َْعب َد ه‬ ‫ِ‬
‫اَّللَ َوَال أ ْشرَك به إلَْيه أ َْدعو َوإلَْيه َمآَب * َوَك َذل َ‬ ‫ي ْنكر بَ ْع َ‬

‫‪21‬‬
‫|طريقة أهل السنة واجلماعة يف خمالفة أهل الفرقة والبدعة‬

‫اَّللِ ِم ْن َوٍِِل َوَال َو ٍاق﴾‬


‫ك ِم َن ه‬
‫ت أ َْه َواءَه ْم بَ ْع َد َما َجاءَ َك ِم َن الْعِلْ ِم َما لَ َ‬ ‫ِ‬
‫ْما َعَربِيًّا َولَئ ِن اتهبَ ْع َ‬
‫حك ً‬
‫[الرعد‪.]67-63 :‬‬

‫فالضمري يف (أهوائهم) يعود وهللا أعلم إىل ما تقدم ذكره وهم األحزاب الذين‬
‫ينكرون بعض ما أنزل إليه‪ ،‬فدخل يف ذلك كل من أنكر شيئا من القرآن من يهودي أو‬
‫نصراين وغريمها‪" .‬انظر اقتضاء الصراط" (ج‪/5 :‬ص‪.)51 :‬‬

‫بني هللا سبحانه و تعاىل يف هذه اآلَيت أخالق حزب الشيطان وصفاهتم‪ ،‬الذين‬
‫ينكرون بعض ما أنزل هللا‪ ،‬كما أنكرهم على علم اجلرح والتعديل‪ ،‬ال ينكر هذا العلم إال رجل‬
‫من سفهاء األحالم أو رجل يف قلبه النكتة السوداء‪ ،‬قال اإلمام الوادعي رْحه هللا‪ :‬ال يزهد يف‬
‫هذا العلم إال رجل جاهل أو رجل يف قلبه حقد أو رجل يعلم أنه جمروح فهو ينفر عن اجلرح‬
‫والتعديل‪ ،‬ألنه يعلم أنه جمروح‪" .‬اجملروحون عند اإلمام الوادعي" (ص‪.)51 :‬‬

‫‪26‬‬

You might also like