Professional Documents
Culture Documents
1
2
العقل والقلب
3
بسم اهلل الرحمن الرحيم
4
حممد وعلى آله األخيار املنتجبني.
رب العاملني ،والصالة والسالم على أشرف اخللق ّ
احلمد هلل ّ
مهما تغرّي ت الظروف فإ ّن الفكر األصيل يبقى على أصالته ،ومهما تب ّدلت األحوال فإ ّن الكالم احملكم بالدليل يبقى
على إحكامه..
فاألصالة واإلحكام أساس الثبات والدوام ،ومن هنا جند اإلمام اخلميين الراحل "قدس سره" يوصي..." :الطبقة
المفكرة والطالب الجامعيين أال يدعوا قراءة كتب األستاذ العزيز (الشهيد مرتضى مطهري) ،وال يجعلوها
تُنسى جراء الدسائس المبغضة لإلسالم...،
5
أي استثناء سهلة ومربِّية".
والمعارف اإلسالمية المختلفة فريداً من نوعه ...وإن كتاباته وكلماته كلها بال ّ
وكذلك جند قائد الثورة اإلسالميّة مساحة السيد علي اخلامنئي دام ظله يصفه بأنّه:
إ ّن الخط الذي يستطيع أن يحفظ الثورة من الناحية الفكرية هو خط الشهيد مطهري يعني خط اإلسالم
األصيل غير اإللتقاطي...
وصيّتي أن ال تدعوا كالم هذا الشهيد الذي هو كالم الساحة المعاصرة ...،واجعلوا كتبه محور بحثكم
ودرسوها بشكل صحيح"...
وتبادل آرائكم وادرسوها ّ
مركز نون للتأليف والترجمة
6
حول الكتاب
مطهري حتت عنوان "العقل والقلب"] مأخوذة من كتاب "حماضرات يف الدِّين
هذا البحث حملاضرة للشهيد] مرتضى ّ
واالجتماع".
7
8
العقل والقلب
ويؤجج محاسته على فعل أمر ما؟ يشجع اإلنسان ّ -1ما الّذي ّ
يوجه محاسته أو يؤثّر عليها؟
-2هل هناك ما ّ
-3هل هناك صراع بني العقل والقلب؟
والرتدد عندما نكون يف مقام ترجيح فعل على آخر؟ السر يف الصراع الّذي يقوم يف داخلنا ّ -4ما ّ
-5ملاذا مل نفلح حىّت اآلن يف بناء جمتمع صاحل؟
احلل الّذي يق ّدمه اإلسالم يف سبيل حتقيق العدالة االجتماعيّة وبناء اجملتمع الصاحل؟
-6ما هو ّ
الظن بالنفس ،أو نلقي املالمة على اآلخرين؟
-7هل ينبغي أن حنسن ّ
العدو؟
-8ما هو اجلهاد األكرب؟ وهل هناك جهاد أكرب من الفداء بالنفس ومقارعة ّ
9
10
أبعاد اإلنسان التي تؤثر في فعاليته
يتمركز يف اإلنسان قطبان يتح ّكمان مبختلف فاعليّته العمليّة وجتلّياته الروحيّة:
تشق طريقها
وتشع اهلدايةُ واالستنارة من هذا البعد اإلنساينّ ،والّذي يفتقر إىل ّقوة العقل والبصرية يشبه السيّارة الّيت ّ
ّ
فتضل وتتيه يف الطرقات ،إذ ال سبيل إىل معرفة املعامل من
ليالً من غري أن تضيء مصابيحها وال أيّة وسيلة منريةّ ،
غري تلك األنوار.
11
لكل فاعليّة
يتحول إىل كائن ساكن جامد ،كائن فاقد ّ
كيان اإلنسان ،والّذي ميلك قلباً كئيباً ال رغبة فيه وال أمالًّ ،
يف هذا اجملتمع ،فيكون يف احلقيقة أقرب إىل املوت منه إىل احلياة.
وكل
فكل عمل يقوم به اإلنسانّ ، بكل حركاهتم بل وسكناهتمّ ،
القوتني حتكمان الناس مجيعاً ّ
ويف الواقع فإ ّن هاتني ّ
كل ذلك يرتبط مبجموعة من املشاعر والعواطف واالنفعاالت النفسيّة من جهة ،وبتدبّر
كلمة تنبس هبا شفتاهّ ،
وتفكري العقل من جهة أخرى.
القوتان من مصدر] واحد هو تلك العني والروح الّيت تغ ّذي اإلنسان بفاعليّتة ،ومع ذلك فإ ّن هاتني
تنبع هاتان ّ
وتبصره مع مراد القلب وهواه ،وقد حيصل صراع بينهما :فريى القوتني قد تتوافقان ،حبيث ينسجم حكم العقل ّ
ّ
العقل صالح أم ٍر ال يستهويه القلب ،أو ينجذب ُ
القلب إىل أمر ال يقتنع العقل بصالحيّته.
12
يهز كيان الوالدين يف طول مسرية تربيتهما لألوالد ،إذ يستهوي قلبهما رفاهيّة وراحة
ومثاله :ذلك النزاع الّذي ّ
يتحمل
حب قرب األوالد واحملافظة عليهم بأفضل ما ميكن ،فيما حيكم العقل بضرورة أن ّ وحيل فيه ّ
األبناء املطلقةّ ،
األوالد بعض املش ّقات يف هذه احلياة وأن خيربوا مصاعب هذه الدنيا ،بل رمبا حيكم أحياناً بضرورة أن يذوق
الوالدان مرارة فراق هذا الولد للسفر مثالً سعياً يف تأمني مستقبله وضمان جناح أكرب يف احلياة.
وإما أن
ملقود عقلهّ ،
فإما أن خُي ضع اإلنسان أهواءَ قلبه َ
القوتني ،يربز اختالف بعض الناسّ ،وعند النزاع بني هاتني ّ
ينجر وراء القلب والعاطفة.
وإما أن َّ
بع العقل ّ
يُطيع عقلُه هوى قلبه ،وبتعبري آخر ّإما أن يتّ َ
فإذا غلّب سلطا َن عقله فسينعم بأمان االنضباط والتنظيم والسلوك] السليم ،وإذا مال إىل املشاعر والعواطف فسريزح
التصرفات.
حتت عبء الالمباالة والتقلّب يف األهواء واملزاجيّة يف ّ
13
تأثير القلب على حكم العقل
14
عين السخط تُبدي المساويا
كما أ ّن َ كل ٍ
عيب كليلةٌ وعين الرضا عن ّ
ُ
إذاً قد تفقد السلطة القضائيّة يف داخل اإلنسان حريّتها لتقع أسرية القلب وأهوائه ،ممّا جيعل أحكامها سقيمة
وحرة غري مكبّلة بالسالسل ،كذلك
وخمطئة ،وكما أ ّن أعضاء اإلنسان ال تستطيع احلركة إاّل إذا كانت طليقة] ّ
أحكام العقل ال تكون مصيبة ما دامت مقيّدة بسالسل رغبات النفس وأهواء القلب.
إ ّن أبرز ميدان لصراع العقل والقلب هو النفس ،ذلك أ ّن العقل والقلب] على طريف نقيض يف احلكم على هذه
كل منهما سعيه ألجل أن يكون املسيطر يف احلكم عليها ،ولذا تُع ّد مسألة تربية النفس وهتذيبها النفس ،ويسعى ّ
وتزيينها باألخالق اإلنسانيّة من أصعب األمور وأش ّقها.
ويف هذا الصراع قد يتغلّب العقل أحياناً ،وأثر ذلك ال حيتاج إىل زيادة بيان وتوضيح.
15
أي شيء آخر ،ذلك العقل على اإلنصياع ألهوائه ،وهو أنّه يعشق نفسه وحيبّها أكثر من ّ
القلب َ
وأحياناً أخرى جُي رب ُ
أهم الغرائز الكامنة يف باطن هذا اإلنسان ،فيكون أثر ذلك يف النتيجة أن ينظر املرء إىل
حب الذات من ّأ ّن غريزة ّ
نفسه نظرة إعجاب ورضا.
والنظر إىل النفس كذلك نظرة اإلعجاب هبا والرضا عنها يف مجيع األحوال هو مبثابة وضع منظا ٍر ال يرى من خالله
احلق واحلقيقة يف احلكم عليها ،وعليه فسريى أخالقه الرديئة
الظن هبا دائماً ،وهذا ما جيعله حييد عن ّ إاّل حسن ّ
وأعماله السيئة حسنة﴿ :أَفَ َمن ُزيِّ َن لَهُ ُسوءُ َع َملِ ِه َف َرآهُ َح َسنًا﴾.2
الظن بنفسه،
وامللفت للنظر أ ّن من يعيش حالة حسن ّ
-2سورة فاطر ،اآلية.8/
-3سورة الكهف ،اآليتان.104103/
16
يعتقد بذلك فعالً وجيزم به ،ال أنّه يُبدي خالف ما يعتقده من نفسه ،والسبب يف ذلك أنّه يكون وقد سيطر القلب
حترر
عليه عاجزاً عن إدراك احلقيقة ورؤية الواقع على ما هو عليه ،يكون "قد أغشى بصره" ،وذلك نتيجة عدم ّ
عقله ومنطقه.
الظن بالنفس إىل عدم الشعور بالتقصري ،فال يرى حاّل ً لألخطاء الّيت يقع هبا إاّل بأن يلقيها على
وتؤدي كثرة حسن ّ
ّ
الظن عن بصريته ليضع
متربئاً منها ،بل إنّه كلّما نظر إىل اآلخرين وما يفعلونه فإنّه ينزع منظار حسن ّعاتق اآلخرين ّ
الظن هبم ،وليس هذا إاّل من تسويالت تلك النفس الظن مكانه ،وحيكم عليهم مبا يراه حينها فيسيء ّ
منظار سوء ّ
األمارة.
ّ
الظن بالنفس وسوء الظن باآلخرين يؤدي إىل مشكالت إجتماعية ال حصر هلا ،فهو حيول دون حتقق
مث إ ّن حسن ّ
واحلق
هبمة سواعد العاملني الذين حيكمون بالقسط ّ
العدالة اإلجتماعية؛ إذ العدالة اإلجتماعية تقوم ّ
17
على أنفسهم وعلى غريهم.
18
الظن واإلعجاب هبا متجنّباً سيطرة أهواء قلبه ،ومسلّطاً يف املقابل
فهو يراقبها نازعاً عن رؤى بصريته منظار حسن ّ
املستقل على مجيع ما يريد أن يقوم به ،وذلك كحج ٍر ٍ
أساس يف بناء اجملتمع الصاحل. ّ احلر
قضاء العقل ّ
ين بِال ِْق ْس ِط ُش َه َداء لِل ِّه َول َْو َعلَى أَن ُف ِس ُك ْم أَ ِو ال َْوالِ َديْ ِن ِ َّ ِ
آمنُواْ ُكونُواْ َق َّوام َ ين َ واآلية الشريفة﴿ :يَا أ َُّي َها الذ َ
ين إِن يَ ُك ْن غَنِيًّا أ َْو َف َق ًيرا فَاللّهُ أ َْولَى بِ ِه َما فَالَ َتتَّبِعُواْ ال َْه َوى أَن َت ْع ِدلُواْ﴾.5
َواألَق َْربِ َ
ببث روح اإلنصاف يف احلكم على النفس وعلى الناس ،فعلى اجملتمع الصاحل
وما مل تتح ّقق هذه العدالة االجتماعيّةّ ،
السالم.
19
اإلسالم والتزام جانب التع ّقل
ليحرر اإلنسان الّذي يرزح مستسلماً لسطوة تضليل نفسه ،جاء ليحطّم تلك إ ّن اإلسالم مبفاهيمه السامية جاء ّ
ليضع عنهم إصرهم ،فقد وصف القرآ ُن احلكيم رسولَه األغالل والسالسل الّيت تكبّل عقول الناس وأرواحهم ،جاء َ
اهم َع ِن الْمن َك ِر وي ِح ُّل ل َُهم الطَّيِّب ِ
ات َويُ َح ِّر ُم ِ ِ
ُ َ ُ َُ الكرمي صلى اهلل عليه وآله وسلم...﴿ :يَأ ُْم ُر ُهم بال َْم ْع ُروف َو َي ْن َه ُ ْ
ت َعلَْي ِه ْم .6﴾... ص َر ُه ْم َواألَ ْغالَ َل الَّتِي َكانَ ْ
ض ُع َع ْن ُه ْم إِ ْ َعلَْي ِه ُم الْ َخبَآئِ َ
ث َويَ َ
اهتم كثرياً هبذا اجلانب ،فاعترب تقييد سلطة العقل والتدبّر والتنظيم داءاً خطريا خُي شى أن يسري
إ ّن اإلسالم قد ّ
ختوف منه رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله على ّأمته" :ما أخاف على ّأمتي
وباؤه يف شرايني هذا اجملتمع الطموح ،لذا ّ
الفقر ولكن أخاف عليهم سوء التدبير".7
20
تدمره ،وذلك بتقوية سلطان العقل :بأن يتّبع
بنظر اإلسالم إ ّن على املسلم أن ينقذ نفسه من سطوة الشهوات الّيت ّ
كل عمل يعزم على القيام به ،بأن يبعد مزاجه
املنطق ال املشاعر واألحاسيس والعواطف ،بأن يلقي نور بصريته على ّ
الّذي جيعله يطرح سلطة العقل جانباً ومينعه بالتايل من تبنّي عواقب األمور ونتائجها.
العلمي الوافر ،أن يتع ّقل ويتف ّكر يف أموره وأن يتجنّب
ّ] الفكري الوايف وبالرأمسال
ّ فعلى املسلم ،وقد تسلّح باملخزون
العجلة والسرعة ،كما يف وصية الرسول صلى اهلل عليه وآله وسلم لذلك الرجل الّذي جاءه طالباً املوعظة :عظين يا
رسول اهلل ،فأجابه الرسول صلى اهلل عليه وآله وسلم" :هل أنت مستوص إن أوصيتك؟".
يرد عليه
كل مرة ّ
فكرر الرسول صلى اهلل عليه وآله وسلم سؤاله ثالث مرات ،ويف ّ
فقال الرجل :نعم يا رسول اهللّ ،
النيب صلى اهلل عليه وآله وسلم.
الرجل باإلجياب .وأخرياً قال له ّ
21
عاقِبته فإن يك رشدا فامضه ،وإن يك غيّا فانته عنه".8
النيب صلى اهلل عليه وآله وسلم يويل أمهيّة استثنائيّة هلذه املوعظة القيّمة .يتبنّي ذلك من تشديده صلى اهلل
وواضح أ ّن ّ
كرر سؤاله عن ذلك ثالثاً. عليه وآله وسلم على الرجل بااللتزام هبذه املوعظة إذ ّ
التعمق يف التفكري ودراسة النتائج والعواقب ،وضبط مشاعره الداخليّة ،قبل اختاذه قراراً
فعلى اإلنسان اإلعتياد على ّ
سريعاً حامساً فيما ينوي القيام به من عمل.
فرد عليه
النيب صلى اهلل عليه وآله وسلم وطلب] منه النصيحةّ ،
قصة أخرى أ ّن رجالً من األعراب جاء إىل ّ
ويف ّ
الرسول صلى اهلل عليه وآله وسلم جبملة قصرية ومضمون] كبري ،إذ قال له" :ال تغضب!".
وقد كان لنصيحة الرسول صلى اهلل عليه وآله وسلم هذه أثرها يف اجملتمع.
-8العالمة اجمللسي ،حبار األنوار ،ج ،68ص ،339ينقله عن قرب اإلسناد ص.32
22
جوهرة حتكيم العقل وعدم االستسالم للقلب] والعواطف ،وبنور العقل واملنطق استطاع أن يُطفئ حرباً بني قبيلته
وقبيلة أخرى أشعلتها العواطف واالنفعاالت ،على إثر حادث وقع بني القبيلتني.
فمجرد
يتحول إىل حكيم ذي بصرية بني ليلة وضحاهاّ ، ويف مقام معاجلة هذه اآلفّة ،على اإلنسان أن ال يتوقّع أن ّ
مرور الزمن ال يكفي ليجعل من املرء رجل عقل ومنطق ،بل إ ّن هذه الفضيلة األخالقيّة ،كغريها من الفضائل،
حتتاج إىل مترين ومراس.
إ ّن جهاد النفس واحلصول على امللكات األخالقيّة الرفيعة واتّباع العقل وترك اتّباع اهلوى ال حيصل تلقائيّاً ،كما ال
يتم على مرحلتني: مبجرد مرور الزمن والتق ّدم بالعمر ،وإمّن ا ّ
حيصل ّ
في المرحلة األولى :على اإلنسان أن يقف بوجه رغباته وأهوائه ،فعند ّ
كل معركة ونزاع ينشب بني العقل والقلب]
عليه أن يتجاهل رغبات القلب ويرتضي أوامر العقل.
23
األمارة ،فعلى في المرحلة الثانية :وهي مرحلة التمرين واحلصول على امللكة بالسيطرة ّ
التامة على هذه النفس ّ
اإلنسان أن يَلزم نفسه م ّدة طويلة لريبّيها ويث ّقفها بشكل دائم ال يهدأ ،فال تكون السيطرة يوماً لرغبات قلبه .وينبغي
أن يكون عقله هو املسلّط على أعماله وأقواله ،وحركاته وسكناته ،فال تعود نفسه تشتهي أصالً ما ال يرضاه عقله،
بأي شكل من األشكال ،ويئست من إمكانيّة أن تكون وذلك ألهّن ا إذا علمت بأهّن ا ال ميكن أن تؤثّر يوماً عليه ّ
السيطرة هلا ،فستعتاد مع مرور الزمن على ذلك ،وتصبح طيّعة لعقله] وبصريته ،ال تطلب سوى ما يطلبه.
القصة الّيت
األمارة يتطلّب نفحة قويّة من القدرة ،بل هي القدرة] األمسى ،كما ورد يف ّ
والصراع واجلهاد مع النفس ّ
مر جبمع من الشبّان كانوا يتبارون يف رفع صخرة ثقيلة ميتحنون
تُنقل عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم حني ّ
هبا أشدَّهم وأقواهم ،فقال هلم" :أال أخبركم ِّ
بأشدكم وأقواكم؟".
24
ولكن الرسول صلى اهلل عليه وآله وسلم على خالف ما ظنّوا ،قال:
وقد ظنّوا أنّه سوف خيتار منهم أقواهم عضالًّ ،
"أشدكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم وال باطل ،وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول
الحق ،وإذا قدر لم يتعاط لم ليس بحق".9
بقوة الروح.
بقوة العضل ،بل الّذي ميتاز ّ
فليس األقوى من امتاز ّ
األمارة يتطلّب القدرة] األمسى ،بل نوعاً من احلرب الداخليّة الّيت هي أش ّد من احلروب العاديّة
وأل ّن جماهدة النفس ّ
املتعارفة فإ ّن الرسول صلى اهلل عليه وآله وسلم ،وبعد أن رجع مع أصحابه من اجلهاد ،التفت إليهم وقال هلم:
"مرحباً بقوم قضوا الجهاد األصغر وبقي عليهم الجهاد األكبر".
فقال "صلى اهلل عليه وآله وسلم"" :هو مجاهدة النفس ،ومجالدة هواها".
-9العالمة اجمللسي ،حبار األنوار ،ج ،72ص ،28ينقله عن معاين األخبار ص.366
25
الخالصة
القوتني يف صراع دائم ،نفسه تدعوه إىل االستسالم للشهوات والعواطف ،وعقله حي ّفزه على التع ّقل
إ ّن هاتني ّ
والتبصر فيما يقوم به.
ّ
26
عن لوم ذاته فيدفعه ذلك إىل قذف األخطاء الّيت يقع فيها على عاتق اآلخرين.
الظن باآلخرين من قيام اجملتمع الصاحل .إذ قوام اجملتمع الصاحل العدالة االجتماعيّة
الظن بالنفس وسوء ّ
مينع حسن ّ
واحلكم على النفس واآلخرين بالعدل.
الداخلي ،وحماربة
ّ لذا فاإلسالم يف بنائه للمجتمع الصاحل ينطلق من هذه النقطة ،من إصالح النفس وإقامة العدل
حسن الظن هبا وسوء الظن باآلخرين.
ويف هذا املقام فإ ّن اإلسالم يدعو إىل التع ّقل واالحتكام إىل املنطق دائماً ،وجيابه أشكال االستسالم للقلب] وشهواته.
27
الثانية :أن يرتفع النزاع بني العقل والقلب ،بأن يتّحد ما خيتاره القلب مع ما ينتخبه العقل ،وذلك بالسيطرة ّ
التامة
على النفس وأهوائها.
رب العالمين
والحمد هلل ّ
28
الفهرس
5 المقدّمة
7 حول الكتاب
11 أبعاد اإلنسان الّتي تؤثّر في فاعليّته
12 منشأ واحد ونزاع متوقّع
14 تأثير القلب على حكم العقل
15 حسن الظنّ بالنفس ومالمة اآلخرين
17 حسن الظنّ بالنفس والمجتمع الصالح
20 اإلسالم والتزام جانب التعقّل
23 للحصول على الملكة األخالقيّة
26 الخالصة
29