Professional Documents
Culture Documents
ومن الواضح أن هذا التوصيف العام مشترك بين المكتبات بكافة أنواعها وأشكالها مع اختالف قد يكون كبي ًرا وقد ي
طفيفًا في بعض التفاصيل.
ولكن هذا التوصيف ينطبق على المكتبة التقليدية ،ذات المبنى الفيزيائي الموجود في العالم الواقعي ،والمتضمنة للك
الورقية المصفوفة على الرفوف .أما المكتبة الحديثة ،التي أفرزها العصر التكنولوجي ،فتحمل مالمح تختلف كثي ًرا
تلك المذكورة أعاله ،تتناسب أكثر مع إيقاع العصر ،وتعبّر عنه بدقة أكبر ،كما أنها أشد قدرةً على تحفيز عدد أكبر
المتلقين للدخول إليها وسبر أغوارها وقراءة ما فيها بأساليب جديدة ومبتكرة ،تضفي على عالقة المتلقي بالقراءة
باستقبال المواد النصية المحملة بالمعلومات المختلفة نكهة جديدة ،تشجع على المزيد من محاوالت السعي إلى المع
تعريف المكتبة اإللكترونية
تُع ّرف المكتبة اإللكترونية (– )Electronic Libraryكما ورد في موقع جامعة الملك فيصل -بأنها نمط من المكت
توفر أوعية المعلومات ومصادرها على وسائط رقمية ( ،)Digitalمخزنة في قواعد بيانات (Databases
بشبكة اإلنترنت ،بحيث تتيح للمستفيدين االطالع والحصول على هذه األوعية من خالل نهايات طرفية مرتبطة بقوا
البيانات الخاصة بالمكتبة .وهذه الطريقة تسمح للمستفيدين باالطالع على أوعية المعلومات ومصادرها والحصول
في أي وقت ومن أي مكان تتوفر فيه نهايات طرفية مرتبطة بتلك القواعد المعلوماتية.
ويتضح من تعريف المكتبة اإللكترونية أنها تشترط توافر جهاز كمبيوتر ،متصل بشبكة اإلنترنت ،كي يتمكن المستف
من الدخول على المصادر المعلوماتية الموجودة فيها بأنواعها المختلفة من خالل االتصال بالشبكة والدخول على
موقعها.
ويُقصد باألنواع المختلفة للمصادر المعلوماتية المتوافرة في المكتبة اإللكترونية طبيعة الموا ّد التي يتم حفظها وتخ
في موقع المكتبة اإللكترونية؛ فقد تكون مواد نصية ،وقد تكون مواد مسموعة ،وقد تكون مواد بصرية ،وقد تكون
سمعية بصرية.
مالمح المكتبة اإللكترونية
تختلف مالمح المكتبة اإللكترونية اختالفًا ب ّينًا عن مالمح المكتبة التقليدية ذات المحتوى الورقي؛ فالمكتبة اإللكترون
ليس لها حيز فيزيائي (مادي) كالمكتبة التقليدية ،وال تتضمن رفوفًا وال كتبًا ذات دفّتين ،إنما تقع في العالم االفتراض
محتلة موق ًعا على شبكة اإلنترنت ،وتتضمن كتبًا عبارة عن مواد نصية مخزنة في ملفات موجودة في الموقع.
الفهرس في المكتبة اإللكترونية أكثر دقة منه في المكتبة التقليدية؛ فال يتوقف عند حدود البحث التقليدي بواسطة
المؤلف ،أو العنوان ،أو الموضوع ،للوصول إلى الكتاب أو الكتب المطلوبة ،بل يمتد ليشمل البحث في صفحات الكت
نفسه ،من خالل الكلمة أو الجملة ،بما يتيح للباحث عن موضوع ما تتبعه داخل متون الكتب ،كما ييسر عملية الوص
إلى صفحة محددة داخل كتاب ما.
وكما سبقت اإلشارة فإن مواد المكتبة اإللكترونية قد تكون نصية مكتوبة ،أو مسموعة ،أو مرئية ،وفي كل األحوال
الحصول على نسخة من تلك المواد على اختالف تصنيفها بتحميلها على الجهاز الشخصي ،أو على قرص مدمج ،د
جهد يُذكر ،ودون مقابل مادي غالبًا.
والحديث عن المكتبة اإللكترونية يعني بشكل أو بآخر الحديث عن النشر اإللكتروني ،الذي بدأ ينتشر مؤخ ًرا بسرعة
كبيرة ،دون أن يؤثر سلبًا على حركة النشر الورقي ،ودون أن يزاحمه ،أو يسحب البساط من تحته؛ فال يزال النشر
الورقي يحظى بجمهور ممتد وعريض ،يحرص على متابعة آخر مستجداته ،سواء على شكل صحف يومية ،أو مج
دورية متخصصة أو غير متخصصة ،أو على شكل كتب .ولعل اإلقبال المتزايد الذي تشهده معارض الكتب المتعددة
عواصم ومدن مختلفة في العالم دليل على أن النشر الورقي لم يفقد بريقه ،وأن له جمهو ًرا ال يفرط به حتى إن كان
هذا الجمهور نفسه على نتاجات النشر اإللكتروني كبي ًرا ،بما يؤكد أن التوجه نحو اإللكترون ال يعني إزاحة الورق أ
إلغاءه وإحالل اإللكترون محله.
مميزات المكتبة اإللكترونية
للمكتبة اإللكترونية مميزات عدة ،منها ما يلي:
-متوفرة للجميع.
-مجانية في الكثير من األحيان.
-يمكن الدخول إليها في أي وقت ،ومن أي مكان.
-توفر خاصية البحث اآللي على مستوى العنوان واسم المؤلف والموضوع.
-يمكن البحث في فهرس كل كتاب على حدة.
-تسمح بالبحث في متون الكتب.
-تسمح بالتصفح اإللكتروني للكتب.
-توفر خاصية النسخ واللصق.
-توفر الوقت والجهد.
-تتيح الفرصة للتفاعل بين القراء والنصوص التي يقرؤونها.
وقد ذكرت الباحثة منى محمد الشيخ في مقالة بعنوان "هل يُلغى دور المكتبي في المكتبة اإللكترونية" مزايا أخرى
للمكتبة اإللكترونية ،منها أنها تسمح بأن يطلع عدد كبير من المستفيدين على الوثيقة نفسها في آن واحد .كما أن
استخدامات الوثيقة الواحدة تتعدد في المكتبة اإللكترونية ،مما يوسع نطاق الفائدة المرج ّوة منها .كذلك تتميز هذه
المكتبة بسهولة استرجاع المعلومات المخزنة فيها ،والتي ال تعتمد على الخطية والتراتبية في كثير من األحيان ،مم
يسهل الوصول إلى المعلومة أنى كانت ،بغض النظر عن مكان وجودها أو ترتبيها بالنسبة لما حولها.
ويعود السؤال ذاته ليفرض نفسه عند الحديث عن موضوع له صيغتان :ورقية وإلكترونية ،وهو :هل ستح ّل المكتب
اإللكترونية ذات المحتوى الرقمي –بما تمتلكه من مميزات آخذة في التطور يو ًما بعد يوم -مح ّل المكتبة التقليدية ذات
المحتوى الورقي؟
ملح كهذا هي أن كالً من هذين المصدرين المعرفيين يقوم بدور ما ،يخدم به شريح ولع ّل اإلجابة المثلى على تساؤل ّ
شرائح المجتمع المختلفة ،بتوصيل المعلومات إليها ،أيًّا كان نوعها ،وأيًّا كانت طبيعتها.
وإذا كان جمهور الجيل الماضي ورقيًا في معظمه فإننا ال نعدم وجود الكثير من اإللكترونيين بينهم ،كما أن جمهور
الحاضر إلكتروني في معظمه إال أننا ال نعدم وجود الورقيين من بينهم ،مما يعني إمكانية وجود هذين المصدرين
المعرفيين في مكان واحد ،وزمان واحد ،ولخدمة شخص واحد ربما ،وهذا ما يدفعنا إلى القول إن الحكم على إزاحة
الورق وملحقاته وإحالل اإللكترون محله سيظ ّل حك ًما غير دقيق طالما أن الورق قادر على البقاء بهذه القوة ونحن
ذروة عصر التكنولوجيا الرقمية ،والدعوات إلى إلغاء الورق وتوديعه على أشدها.
د .فاطمة البريكي
جامعة اإلمارات
sunono@yahoo.com