You are on page 1of 18

‫خطـ ـ ـ ـ ــة البح ـ ـ ــث‬

‫المقدمة‬

‫المبحث األول‪:‬تعريف املعجم (القاموس) و تسمية املعاجم يف الرتاث العريب‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف املعجم (القاموس)‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تسمية املعاجم يف الرتاث العريب‬

‫المبحث الثاني‪:‬نشأة املعاجم العربية القدمية‬

‫المطلب االول‪ :‬نشأة املعجم عند األمم القدمية‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نشأته عند العرب القدماء‬

‫الخاتمـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫‪1‬‬
‫مقـ ـ ــدمة‪:‬‬

‫تعد دراسة المعاجم العربية من أهم الدراسات التي نالت عناية فائقة من قبل الباحثين‪،‬‬
‫فقد تناولت بنية الكلمة المفردة من جميع جوانبها‪ ،‬وقد كان الدافع األساس لصناعة المعاجم هو‬
‫الدافع نفسه لظهور مختلف علوم العربية وهو القرآن الكريم‪ ،‬وقد اهتم الدارسون منذ القديم‬
‫بالتأليف في المعاجم التي تعود جذوره األولى إلى عصر ما قبل الميالد‪ ،‬حيث ظهر عند اليونان‬
‫والصين واآلشور وغيرهم‪ ،‬هذا بالنسبة لألمم القديمة أما بالنسبة في البالد العربية فارتبط ظهورها‬
‫مع مجيء‬
‫اإلسالم الذي كان الدافع األساسي لمختلف علوم العربية‪ ،‬من بينها تأليف المعاجم‪ ،‬إضافة إلى‬
‫اهتمامات أخرى دفعتهم لوضع تلك المعاجم‪ ،‬ومنها أن القرآن والحديث يمثالن المصدرين‬
‫الرئيسيين للتشريع‪ ،‬وسن القوانين في الدولة اإلسالمية‪ ،‬واالختالف في فهم معنى لفظة من األلفاظ‬
‫قد يؤدي إلى نتائج خطيرة في هذا المجال‪ ،‬كذلك االهتمام بتحديد معنى األلفاظ‪ ،‬إضافة إلى عامل‬
‫مهم هو انتشار الدين واللغة بين الشعوب العربية التي لم تكن العربية لغتهم‪ ،‬فهذه الشعوب ال تفهم‬
‫العربية بإحساسها بل عن طريق التلقين‪ ،‬فهم بذلك كانوا بحاجة إلى من يقدم معلومات دقيقة‬
‫وصحيحة‪.‬‬
‫أثن اء قيامن ا به ذا البحث وج دنا أنفس نا أم ام إش كالية‪ ،‬كي ف ك انت بداي ة ه ذه الق واميس (المع اجم)؟‬
‫ترتب علينا طرح هذه التساؤالت‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ما هو القاموس أو المعجم؟‬ ‫‪-‬‬
‫ماهي التسميات التي أطلقت على المعجم؟‬ ‫‪-‬‬
‫كيف كانت نشأة المعاجم العربية عند األمم القديمة و عند العرب القدماء ؟‬ ‫‪-‬‬
‫يرمي هذا البحث المتواضع إلى دراسة المعاجم العربية القديمة ‪ ،‬فما يالحظ في الدراسات القديمة‪،‬‬
‫أن تناولها للمعاجم كان من ناحية المنهج والبناء ولتحقيق منهجنا هذا اتبعنا خطة البحث التالية‪:‬‬
‫قسمنا عملنا هذا إلى مبحثين تتصدرهما مقدمة‪ ،‬فبخصوص المقدمة فقد تناولنا فيها التعريف‬
‫بموضوع دراستنا وأهم األسباب التي أدت إلى وضع المعاجم باإلضافة إلى شرح خطة البحث‪،‬‬
‫عارضين منهج البحث وبعض المصادر والمراجع المتعمد عليها وأهم الصعوبات والعراقيل التي‬
‫واجهتنا ‪ ،‬أنهينا البحث عارضين فيه أهم النتائج التي توصلنا إليها‪ ،‬ومن أهم المصادر والمراجع‬
‫التي استندنا إليها نذكر كتاب "لسان العرب" البن منظور‪ ،‬وكتاب "المخصص" البن سيده هذا‬
‫بالنسبة إلى المصادر أما بالنسبة إلى المراجع فنذكر كتاب المدارس المعجمية للدكتور عبد القادر‬
‫عبد الجليل‪ ،‬وكتاب المعجم العربي نشأته وتطوره بجزأيه األول والثاني للدكتور حسين نصار‪،...‬‬
‫وغيرها من المصادر والمراجع‪.‬‬
‫وقد اعتمدنا في بحثنا هذا على المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬أما عن الصعوبات التي واجهتنا أثناء‬
‫قيامنا بهذا البحث نذكر منها‪ ،‬المشقة المتواصلة‪ O‬عن المصادر والمراجع و كذلك افتقادنا لبعض‬
‫الكتب الهامة‪ ،‬من كل شيء إال أننا بفضل اهلل تعالى و تحدي كل العقبات و الصبر أنجزنا هذا‬
‫العمل المتواضع و الحمد هلل الذي بفصله و نعمته تتم الصالحات‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف المعجم وتسمية المعاجم في التراث العربي‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف المعجم‪.‬‬

‫أ‪ -‬لغة‪:‬‬

‫جاء في لسان العرب‬

‫‪3‬‬
‫ب‬
‫الع َر ُ‬
‫بو َ‬‫الع ْر ُ‬
‫الع َج ُم خالف ُ‬
‫الع ْج ُم و َ‬
‫عجم‪ُ :‬‬

‫و العجم جمع األعجم‪ :‬الذي ال يفصح ويجوز أن يكون العجم جمع العجم وكذلك العرب جمع‬

‫العرب‪،‬يقال هؤالء العجم والعرب واألنثى عجماء وكذلك اَألعجمي‪ ،‬فأما العجمي فالذي من جنس‬

‫العجم إذا كان في لسانه عجمة وان أفصح بالعجمية وحروف المعجم هي الحروف المقطعة من‬

‫سائر حروف المعجم‪.‬‬

‫قال أبو النجم‪:‬‬

‫فصيحا‬
‫ً‬ ‫مليحا*** أعجم في آذانها‬
‫صوتًا مخوفًا عندها ً‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ .‬والمقصود هنا هو وصف حمار الوحش‪.‬‬

‫ب ‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫المعجم عبارة عن قائمة من المفردات‪ ،‬ومشتقاتها وطريقة نطقها‪ ،‬مرتبة وفق نظام معين مع شرح‬

‫لها‪.‬‬

‫ويعرفه الدكتور عبد القادر عبد الجليل‪ :‬مرجع يشتمل على ضروب ثالثة‪ ::‬وحدات اللغة مفردة‬

‫أو مركبة‪ ،‬النظام التبويبي و الشرح الداللي‪.‬‬

‫وعلى هذه المرتكزات الثالثة يقوم المعجم بشكله العام من حيث كونه وعاء يحفظ متن اللغة‪ ،‬وليس‬

‫نظاما من أنظمتها‪ ،‬ذلك ألن المعنى المعجمي هو جزء من النظام الداللي للغة‪ ،‬والمرجع في‬
‫(‪)2‬‬
‫التزود واغتناء الذهن اإلنساني‪ ،‬حينما تستجد الحاجة وتمليها متطلبات الفكر‪.‬‬

‫ومما سبق نستنتج أن المعجم هو كتاب أو مؤلف‪ ،‬يتضمن مجموعة من الكلمات‪ ،‬تكون مرتبة وفق‬

‫ترتيب معين وفي مقابل كل كلمة هناك شرح والهدف منه هو إعطاء معاني كثيرة وشرحها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫(‪ )1‬ابن منظور بن مكرم محمد‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صامد‪ ،‬بيروت‪ ، 1992 ،‬ج ‪ ، 12‬ط ‪ ،1‬ص ‪38‬‬

‫(‪ )2‬عبد القادر الجليل‪ ،‬المدارس المعجمية دراسة في البنية التركيبية‪ ،‬دار الصفاء‪ ،‬عمان‪ ، 1999 ،‬ط ‪ ،1‬ص ‪37‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تسمية املعاجم يف الرتاث العريب‬

‫أ ‪ -‬يرى كثير من المختصين بدراسة المعاجم العربية أنه تم أخذ هذا المصطلح من مصنفات‬

‫رجال الحديث‪ ،‬القراء والشراح وجامعي أثر الصحابة‪ ،‬تلك الحركة التي بدأت بواكيرها في القرن‬

‫الثالث الهجري‪.‬‬

‫فقد جاء في صحيح البخاري عنوان من تعبيره وقوله‪ ،‬وهو‪" :‬باب تسمية من سمي من أهل بدر‬

‫في الجامع الذي وضعه أبو عبد اهلل على حروف المعجم" ووضح أبو يعلي أحمد بن علي بن‬

‫المثنى الموصلي‪ :‬محدث الجزيرة ‪ ‬كتابا اسماه "معجم الصحابة وتاله عبد اهلل بن محمد البغوي‬

‫وسمى كتابيه المؤلفين في أسماء الصحابة "المعجم الكبير" والمعجم الصغير"‪ ،‬ثم أطلق هذا اللفظ‬

‫(‪)1‬‬
‫"المعجم" في القرن الرابع الهجري على كثير من كتب الحديث والقراءات‬

‫ب ‪ -‬ومن التسميات التي أطلقت على المعجم‪ ،‬تسمية قاموس حيث اتخذ محمد الدين محمد بن‬

‫يعقوب الفيروز أبادي اسم "القاموس المحيط "عنوانا لمعجمه‪.‬‬

‫ت ‪ -‬ويخبرنا الفيروز أبادي في معجمه المذكور‪ ،‬أن كلمة قاموس تعني معظم ماء البحر‪،‬‬

‫والقاموس مشتق من مادة) ق‪.‬م‪.‬س)‪‬وبعد صدور القاموس المحيط بفترة جيزة انتشر هذا المعجم‬

‫( ‪)2‬‬
‫انتشارا واسعا واشتهر في المدارس اشتهار أبي دلف بين متحضره وباديه‬

‫‪5‬‬
‫كما يقول عنه مرتضى الزبيدي في مقدمة معجمه ‪‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬كما هو‬

‫ظاهر من عنوانه – يتخذ من معجم القاموس منطلقا له‪ ،‬وهذا بشأن كثير من المعاجم الالحقة التي‬

‫جعلت من "القاموس" أساسا لها ‪ .‬يطلقون كلمة قاموس على أي معجم آخر من باب إطالق اسم‬

‫أحد أفراد النوع على النوع كله‪ ،‬أو ما يسميه الدكتور إبراهيم أنيس ب" تعميم الداللة"‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن بعض اللغويين المتشددين يعتبرون استعمال كلمة قاموس بمعنى معجم‪ ،‬نوعا‬

‫من الخطأ الشائع كما يرى الدكتور إبراهيم السامرائي‪ ،‬فان هذا ال يعني أن كلمة قاموس أصبحت‬

‫( ‪)3‬‬
‫مرادفة لكلمة معجم في اللغة العربية المعاصرة‬

‫(‪)1‬عزة حسين غراب‪ ،‬المعاجم العربية رحلة في الجذور‪ ،‬التطور والهوية‪ ،‬ص ‪14‬‬

‫(‪ )2‬علي القاسمي‪ ،‬المعجمية العربية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬لبنان‪ ، 2003 ،‬ط ‪ ،1‬ص ‪10‬‬

‫(‪ )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪1‬‬

‫ج‪ -‬ومن التسميات التي تطلق على المعجم نجد كلمة الموسوعة لغة في الفعل ويتسع يسع اتِّ ً‬
‫ساعا‪،‬‬

‫وسع رزقه جميع خلقه‪.‬‬

‫أما اصطالحا فهي معجم ضخم يشمل مجلدات كثيرة‪ ،‬تهتم بتفاصيل المواد اللغوية‪ ،‬وغير اللغوية‪،‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫كأسماء األعالم وغيرها‬

‫غير أن المعجم يختلف عن الموسوعة في بعض المالمح منها‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫أن الموسوعة معجم ضخم يشتمل مجلدات كثيرة في حين أن المعجم يتفاوت حجمه تبعا للهدف‬

‫المراد منه أن المعجم يهتم بالوحدات المعجمية للغة‪ ،‬وبالمعلومات اللغوية الخاصة بها‪ ،‬بمعنى أنه‬

‫يهتم بالمفردة أو الكلمة وبالمعلومات التي ترافقها وتشرحه‪.‬‬

‫(‪ )1‬أحمد عمر مختار‪ ،‬البحث اللغوي عند العرب‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ، 2003 ،‬ط ‪ ،1‬ص ‪16‬‬

‫‪7‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نشأة المعاجم العربية القديمة‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة المعجم عند األمم القديمة‬

‫مما ال شك فيه أنه قد وجدت معاجم عند األمم األخرى غير العرب‪ ،‬في فترات زمنية بعيدة‬

‫لضرورة‪ O‬لغوية أو دينية‪ ،‬تتمثل في معظمها في خطر كان يحدق بهذه اللغات‪ ،‬استدعى التفكير في‬

‫حلول لغوية تمثلت في نشأة المعاجم‪ ،‬ومن هذه األمم نذكر اآلشوريين‪ ،‬والصينيين‪ ،‬والهنود‬

‫واليونان‪.‬‬

‫‪ 1-‬اآلشوريين‪:‬‬

‫وجدت أقدم المعاجم المعروفة في وادي الرافدين ألسباب عملية‪ ،‬فقد واجه اآلشوريون الذين قدموا‬

‫إلى بابل – قبل حوالي ثالثة آالف عام – واجهوا صعوبة في فهم الرموز السومرية ورأى التالميذ‬

‫اآلشوريون‪ ،‬أن من المفيد إعداد لوائح تحتوي على الكلمات السومرية وما يقابلها باآلشورية‪ ،‬وذلك‬

‫(‪)1‬‬
‫للتغلب على هذه الصعوب‪.‬‬

‫وخوفا على لغتهم من الضياع قام اآلشوريون بجمع ألفاظهم في مسارد محفورة على قوالب من‬

‫طين‪ ،‬وحفظت في مكتبة آشوري يانبال الكبيرة في قصر(قوبونجيك ‪ 625‬ق‪.‬م)‪ -‬في نينوى سنة‬

‫)‪668(2‬‬

‫ثم اكتشف علماء اآلثار مؤخرا‪ ،‬العالمات المسمارية ومعاينها مصنفة تحت رؤوس الموضوعات‪O‬‬

‫مثل المهن‪ ،‬العالقات العائلية‪ ،‬وكان استنساخ هذه القوائم يحقق غرضين في آن واحد‪ :‬التمرن على‬
‫(‪)3‬‬
‫الكتابة‪ ،‬واكتساب المعرفة‪ ،‬فكانت هذه العالمات والرموز مصدرا مهما لدراسة اللغة اآلشورية‬

‫‪ 2-‬الصينيون‪:‬‬
‫‪8‬‬
‫كانت أول محاولة صينية معجمية منظمة للتعريف باألشكال التعبيرية للعمل المؤرخ له بالفترة ما‬

‫بين ‪ 200‬قبل الميالد وميالد المسيح‪ ،‬ثم (‪ )Eachya‬المسمى ظهر أول معجم حقيقي هو ‪‬معجم‬

‫شوفان‪‬لمؤلفه ‪‬هوش‪‬المطبوع سنة ‪ 150‬م‪ ،‬ومعجم ‪‬يوبيان‪‬لصاحبه ‪‬كوبي وانج‪‬المطبوع‬

‫(‪)4‬‬
‫سنة ‪ 530‬ق‪.‬م ويعد هذا المعجمان أصل الصينية‪.‬‬

‫(‪)1‬عزة حسين غراب‪ ،‬المعاجم العربية رحلة في الجذور‪ ،‬التطور‪ ،‬الهوية‪ ،‬ص ‪26‬‬

‫(‪ )2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪27‬‬

‫(‪ )3‬علي القاسمي‪ ،‬المعجمية العربية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ص ‪2‬‬

‫(‪ )4‬أحمد عمر مختار‪ ،‬البحث اللغوي عند العرب‪ ،‬عالم الكتب‪،‬القاهرة‪ ، 2003 ،‬ط ‪ ،8‬ص ‪74‬‬

‫‪ 3-‬الهنود‪:‬‬

‫لقد روت لنا كتب التاريخ‪ :‬أن األمة الهندية كانت لها أعمال معجمية بدأت في شكل قوائم‪ ،‬تضم‬

‫األلفاظ الصعبة الموجودة في نصوصهم المقدسة‪ ،‬ثم تطور هذا النظام‪ ،‬فألحق بكل لفظ في القائمة‬

‫شرحا لمعناه‪.....‬ثم ظهرت بعد ذلك كتب ال تقتصر نفسها على ألفاظ النصوص المقدسة فحسب‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وإ نما تضم إليها كلمات أخرى من المترادفات أو المشترك اللفظي‪.‬‬

‫وأقدم ما وصل إلينا من هذه المعاجم‪ ،‬معجم ظهر قبل القرن السادس الميالدي الذي كتب (‪Amara‬‬

‫‪ )cosa‬لمؤلف بوذي‪ ،‬اسمه ‪‬أماراسانها‪‬وكان اسم معجمه في شكل منظوم ليسهل حفظه‪ ،‬ولم‬

‫يتبع أي ترتيب ييسر اللجوء إليه‪ ،‬وهو عيب من العيوب التي أخذت عنه كما آخذت على المعاجم‬
‫(‪)2‬‬
‫الهندية التي كانت إلى ما بعد القرن العاشر الميالدي فاقدة للترتيب والشمول‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ 4-‬اليونانيون‪:‬‬

‫عمل اليونانيون عددا ضخما من المعجمات‪ ،‬وقد تم إنتاج كثير منها في مدينة "اإلسكندرية" ولذلك‬

‫يعتبر العلماء القرون بعد الميالد‪ ،‬العصور الذهبية للمعجمات اليونانية‪ ،‬خاصة في مدينة‬

‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫هذا وقد اشتهر من بين تلك المعجمات اليونانية "معجم أبي قراط" الذي ألفه عام ‪ 180‬ق‪.‬م‪،‬ومعجم‬

‫يوليوس توليكس "الذي يشبه إلى حد كبير نظام المخصص البن سيده في إتباعه المعاني‬

‫والموضوعات‪ O‬وغير ذلك من المعاجم اليونانية‪ ،‬وأقدمها خاص بألفاظ هومير‪ ،‬من تأليف أبو‬

‫لونيوس السكندري في عهد أغسطس قبل الميالد‪ ،‬وكانت أشعار هومير موضع الدراسة المشتركة‬

‫عند اإلغريق دوما‪ ،‬لذلك عنوا بألفاظها كثيرا‪.‬‬

‫وأوسع هذه المعاجم مجاال‪،‬معجم يوليوس بولكس في عهد أكمدوس‪ ،‬ومعجم هالديوس السكندري‬

‫حوالي ‪ 400‬م‪ ،‬ومعجم أريون الطبي ‪ 450‬م ومعجم اللهجات والمحليات لهزيتيوس في القرن‬

‫الرابع الميالدي(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬عزة حسين غراب‪ ،‬المعاجم العربية رحلة في التطور‪ ،‬الجذور والهوية‪ ،‬ص ‪28‬‬

‫(‪ )2‬أحمد عمر مختار‪ ،‬البحث اللغوي عند العرب‪ ،‬ص ‪2‬‬

‫(‪ )3‬عزة حسين غراب‪ ،‬المعاجم العربية رحلة في التطور‪ ،‬الجذور والهوية‪ ،‬ص ‪29‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة المعجم عند العرب القدماء‬

‫‪10‬‬
‫‪ 1-‬مرحلة العصر الجاهلي‪:‬‬

‫ارتقت اللغة العربية في أواخر العصر الجاهلي رقيا كبيرا‪ ،‬وتطورت جميع لهجاتها التي تتكلم بها‬

‫القبائل المختلفة‪ ،‬ونشأت لهجة أدبية راقية‪ ،‬تأخذ من هذه اللهجات جميعا‪ ،‬وينظم بها الشعراء‪،‬‬

‫ويخطب الخطباء‪ ،‬لتشيع آثارهم الفنية‪ ،‬ويكتب لها الخلود‪.‬‬

‫وحين انتشرت هذه اللهجة األدبية اعتبرت اللغة الفصحى‪ ،‬وبقيت اللهجات غير فصيحة وتتفاوت‬
‫(‪)1‬‬
‫في الرداءة بمقدار قربها أو بعدها من هذه اللهجة األدبية‪.‬‬

‫لذلك انتشرت قبل أن تدون‪ ،‬كاللغة الصفوية‪ ،‬المؤابية الحميرية‪ ،‬فلماذا اندثرت هذه اللغات ولم‬

‫تندثر اللغة العربية الفصحى على الرغم من أنها لم تدون قبل اإلسالم؟‬

‫أحس العرب جمال لغتهم ورقيها‪ ،‬فحاولوا السيطرة عليها ليتخذوا منها سالحا بتارا في عداوتهم‬

‫وخصوماتهم‪ ،‬حيث أدركوا منذ العصر الجاهلي قيمة الشعر والشعراء في حياتهم ومن ثم كان‬

‫احتفالهم بنبوغ الشاعر فيهم وحرصهم على قول شعره وبروايته جيال بعد جيل‪.‬‬

‫ومن مظاهر هذه العناية أيضا‪ ،‬أنهم كانوا يدفعون صبيتهم إلى أدبائهم وشعرائهم ليعيشوا‬

‫معهم ‪،‬نشاؤا على تفوقهم اللغوي‪ :‬مثال ذلك زهير بن أبي سلمى الذي عاش مع خاله بشامة بن‬

‫الغدير الشاعر‪ ،‬فخرجه شاعرا‪.‬‬


‫(‪)2‬‬

‫ونضيف نحن لمظاهر هذه العناية باللغة والحب لها ابتداع القوالب األدبية المختلفة التي تحمل‬

‫وتحمي ألفاظ اللغة وشعور الشاعر وجماعته فما بحور الشعر وأوزانه المتنوعة وال قالب الخطية‬

‫وما لها من شروط في الشكل وال الحكمة والمثل ذو القصة – سوى محاوالت جادة لحفظ اللغة‬

‫لفظا وداللة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وما العمل على تقوية الذاكرة واختبارها من حين إلى آخر إال لتكون وعاء للغة أحبها أهلها فعملوا‬

‫على الحفاظ عليها وجعلوا من الذاكرة وعاء تصب فيه‪ ،‬وتنتقل عبر األجيال لتحفظ لنا تاريخ‬
‫(‪)3‬‬
‫وصورة هذا المجتمع العربية‪.‬‬

‫حسين نصار‪ ،‬المعجم العربي نشأته وتطوره‪ ،‬دار مصر للطباعة‪ ،‬مصر ‪ ، 1988‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،4‬ص ‪1‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪1‬‬

‫(‪ )3‬عزة حسين غراب‪ ،‬المعاجم العربية رحلة في التطور‪ ،‬الجذور والهوية‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫إذا كان هذا هو حال اللغة العربية وصورتها في العصر الجاهلي من قوة وثراء وحياة وفكر بارز‬

‫للعيان‪ ،‬فكيف كانت حالتها في صدر اإلسالم‪.‬‬

‫‪ 2-‬مرحلة صدر اإلسالم‪:‬‬

‫قضى اإلسالم على الوثنية الجاهلية بكل ما طوى فيها من كهانة وسحر وخرافة وشعوذة‪ ،‬وذلك‬

‫ارتقى بعقل اإلنسان إذ خلصه من الحماقات والترهات‪ ،‬وقد مضى يحتكم إليه في معرفة المولى‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد اتسعت العربية بفضل القرآن أيما اتساع‪ ،‬وذلك في‬ ‫عز وجل الذي أنشأ الكون ودبر نظامه‪.‬‬

‫األغراض والمعاني واألخيلة واألساليب واأللفاظ‪ ،‬وقد فتح القرآن أبوابا كثيرة من فنون القول لم‬

‫يكن العرب يعرفونها‪.‬‬

‫وباتساع رقعة الدولة اإلسالمية ودخول األعاجم في اإلسالم‪ ،‬فاختلط العربي بغير العربي وقع‬

‫الخلل في الكالم‪ ،‬ما أدى إلى تسرب اللحن إلى النص القرآني‪ ،‬ومن هنا بدأت الفكرة في جمع اللغة‬

‫‪12‬‬
‫العربية‪ ،‬وتنقيتها وتخليصها من الشوائب وإ قامة القواعد لفصاحتها وإ عرابها وتصاريفها‪ ،‬اذن‬

‫فالطريق إلى الحكم على سالمة اللغة وفصاحتها ونقائها‪ ،‬هو قياسها على لغة هؤالء البدو والطريق‬

‫إلى تعلم الفصحى هو معاشرتهم‪ ،‬وحصر العلماء قبائل عربية بذاتها‪ ،‬محددين أسماءها وموقعها‬

‫الجغرافي‬
‫(‪)2‬‬
‫من شبه الجزيرة العربية‪ ،‬ومن هذه القبائل قيس‪ ،‬تميم‪ ،‬أسد‪.‬‬

‫إن الباعث الحقيقي لجمع اللغة وتأليف المعاجم هو حاجة العرب إلى تفسير ما ستغلق عليهم من‬

‫ألفاظ القرآن الكريم ورغبتهم في حراسة كتابهم المقدس من أن يقتحمه خطأ في النطق أو الفهم‪،‬‬

‫يؤكد ذلك ما روي عن استفسار العرب عن معاني بعض ألفاظ القرآن‪ ،‬وثانيها كثرة الكتب التي‬

‫ألفت في أوائل مرحلة التدوين‪ ،‬خاصة في موضوع غريب القرآن‪ ،‬وأول من كتب في هذا‬

‫الموضوع عبد اهلل بن عباس‪.‬‬


‫(‪)3‬‬

‫شوقي ضيف‪ ،‬تاريخ األدب العربي‪"،‬العصر اإلسالمي" دار المعارف للنشر‪ ،‬مصر‪ ، 2002 ،‬ج ‪ ،2‬ط ‪ 20‬ص ‪15‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬حسين نصار‪ ،‬المعجم العربي نشأته وتطوره‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪17‬‬

‫(‪ )3‬عزة حسين غراب‪ ،‬المعاجم العربية رحلة في التطور‪ ،‬الجذور والهوية‪ ،‬ص ‪3‬‬

‫وكان للحديث الشريف نصيبه في إظهار الدراسات اللغوية فقد اتجهت هذه الدراسات إلى العناية‬

‫بغريب الحديث كما عنيت بغريب القرآن‪ ،‬ولعل أهم من ذلك أن الدراسات القرآنية أو تفسير‬

‫‪13‬‬
‫القرآن وغريبه كانت تعتبر من الحديث في نشأتها األولى‪ ،‬ألن المفسر األول هو الرسول الكريم‪،‬‬

‫والحديث حديثه عليه الصالة والسالم‪.‬‬

‫هذا ما جعل الدراسات اللغوية والدينية مرتبطة أشد االرتباط‪ ،‬فاالهتمام بتفسيرغريب القرآن يعد‬

‫حجر أساس العمل المعجمي‪.‬‬

‫‪ 3-‬مرحلة عصر بني‪ 2‬أمية‪:‬‬

‫لقد كانت دولة األمويين كما يقول الجاحظ ‪‬ت ‪ 254‬ه‪ 865 /‬م‪‬دولة أعرابية‪ ،‬نظرا لعصبيتهم‬

‫للعرق العربي‪ ،‬واتخذت هذه العصبية ألوانا شتى‪ ،‬حيث كانت الرواية اللغوية وسيلة لها‪ ،‬إذ حاول‬

‫األمويون إبراز محاسن العرب ردا على الفرس‪ ،‬فدرسوا اللغة وتفننوا فيها حتى أصبحت تطلب‬
‫(‪)1‬‬
‫غاية في حد ذاتها بعدما كانت تطلب لفهم القرآن الكريم‪.‬‬

‫واستمرت عناية العرب بلغتهم وزادت أكثر‪ ،‬عندما أحسوا بتفوقهم على األمم األجنبية‪ ،‬نتيجة‬

‫الفتوحات اإلسالمية وغلبة جيوشها‪ ،‬فكان األمويون يحافظون كثيرا على نقاء دمائهم‪ ،‬فال‬

‫يصاهرون إال العرب الخلص‪ ،‬فانطبعت اللغة بطابع الغريب والنادر من األلفاظ‪ ،‬والذي لم يقتصر‬

‫على المعلمين بل تعداهم إلى بقية األدباء‪ ،‬ألن العصر كله مهتم اشد االهتمام باللغة‪ ،‬وكان ذلك‬
‫(‪)2‬‬
‫سببا من أسباب ازدهار الرجز ازدهارا لم نره من قبل‪.‬‬

‫يضاف إلى ما سبق ظاهرة أدبية أثرت تأثيرا كبيرا في الدراسات اللغوية‪ ،‬إذ عرف عن بني أمية‬

‫حبهم الشديد لألدب‪ ،‬وخاصة معاوية وعبد الملك بن مروان‪ ،‬فقربوا إليهم األدباء والعلماء‪ ،‬وعقدوا‬

‫لهم المجالس الخاصة يعرضون لألمور األدبية‪ ،‬ويتبادلون فيها اآلراء‪ ،‬شارحين ناقدين وحاول‬
‫(‪)3‬‬
‫العلماء أن يهيئوا أنفسهم إلرضاء رغبات الخلفاء‪ ،‬فجمعوا شعراء الفحول والقبائل ودونوها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫(‪ )1‬بلعيد صالح‪ ،‬مصادر اللغة‪ ،‬ص ‪2‬‬

‫(‪ )2‬عزة حسين غراب‪ ،‬المعاجم العربية رحلة في التطور‪ ،‬الجذور والهوية‪ ،‬ص ‪4‬‬

‫(‪ )3‬حسين نصار‪ ،‬المعجم العربي نشأته وتطوره‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪25‬‬

‫وبنهاية العصر األموي نصل إلى تسجيل آخر الظواهر لمعاصرتها تيارالدراسات اللغوية‪ ،‬ففي هذه‬

‫الحقبة‪ ،‬وضعت أسس معظم علوم العربية‪ ،‬وبذلك ينتهي العصر األموي‪ ،‬عصر بداية التدوين‬

‫ممهدا لظهور عصر التأليف ففي هذه المرحلة زاد االهتمام باللغة مما أدى إلى تطور مختلف‬

‫أشكال األدب‬
‫(‪)1‬‬
‫وفتح المجال للتأليف واإلبداع في مختلف العلوم‪.‬‬

‫‪ 4-‬مرحلة العصر العباسي‪:‬‬

‫قامت الدولة العباسية على أنقاض الدولة األموية‪ ،‬وبحصول هذا التمازج بين العرب والفرس‪،‬‬

‫كانت اللغة العربية هي الضحية األولى لهذا االنفتاح االجتماعي الالنهائي‪ ،‬فالعجم امتألت بهم‬

‫الدواوين والبيوت والشوارع في كل الوظائف‪ ،‬وهم أصحاب بناء لغوي – أي لسان غير عربي –‬
‫(‪)2‬‬
‫مخالف للعربية‪.‬‬

‫لقد وصلت اللغة العربية في العصر العباسي‪ ،‬من تفشي اللحن بين أفراد المجتمع‪ ،‬باختالف‬

‫األلسنة‪ ،‬فتبدلت مخارج الحروف‪ ،‬وتغيرت أبنية الكلمات وشكل الترتيب العربي‪ ،‬وكان طبيعيا أن‬

‫‪15‬‬
‫تنشأ الدراسات اللغوية الخالصة ضعيفة‪ ،‬بعد ذلك أخذ العلماء والباحثون يقننونها ويدعمونها‬

‫بأقوالهم وأبحاثهم‪ ،‬فنمت وتطورت إلى أن استطاعت الوقوف على رجليها ثم بلغت مرحلة النضج‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وفي هذه المرحلة األخيرة ظهرت المعاجم‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪ )1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪2‬‬

‫(‪ )2‬حسين نصار‪ ،‬المعجم العربي نشأته وتطوره‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪1‬‬

‫(‪ )3‬عزة حسين غراب‪ ،‬المعاجم العربية رحلة في التطور‪ ،‬الجذور والهوية‪ ،‬ص ‪29‬‬

‫خـــاتمـــة‪:‬‬

‫تعد املعاجم مقياسا لتقدم و ختلف أي أمة من األمم ألن بفضل املعاجم مت مجع و تنقيح مفردات اللغة العربية‪ ،‬و‬

‫قد نشأت عند العرب املسلمني من أجل احلفاظ على كتاب اهلل عزو جل حىت ال يتسرب إليه اللحن‪ ،‬ومما توصلنا‬

‫إليه من خالل عملنا هذا بأن هناك أمم قد سبقت العرب في فكرة وضع المعاجم وهم األشوريين‬

‫والصنيين‪ O‬والهنود واليونانيين‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫قائمــــــــــة المصـــــــــــادر و المـــــــــــراجع‪:‬‬

‫أحمد عمر مختار‪ ،‬البحث اللغوي عند العرب‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ، 2003 ،‬ط ‪1‬‬ ‫‪.1‬‬

‫ابن منظور بن مكرم محمد‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صامد‪ ،‬بيروت‪ ، 1992 ،‬ج ‪ ، 12‬ط ‪1‬‬ ‫‪.2‬‬

‫بلعيد‪ O‬صالح‪ ،‬مصادر اللغة‪،‬‬ ‫‪.3‬‬

‫حسين نصار‪ ،‬المعجم العربي نشأته وتطوره‪ ،‬دار مصر للطباعة‪ ،‬مصر ‪ ، 1988‬ج ‪ ،1‬ط ‪4‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪17‬‬
‫عبد القادر الجليل‪ ،‬المدارس المعجمية دراسة في البنية التركيبية‪ ،‬دار الصفاء‪ ،‬عمان‪ ، 1999 ،‬ط ‪1‬‬ ‫‪.5‬‬

‫عزة حسين غراب‪ ،‬المعاجم العربية رحلة في الجذور‪ ،‬التطور والهوية‬ ‫‪.6‬‬

‫علي القاسمي‪ ،‬المعجمية العربية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬لبنان‪ ، 2003 ،‬ط ‪1‬‬ ‫‪.7‬‬

‫شوقي ضيف‪ ،‬تاريخ األدب العربي‪"،‬العصر اإلسالمي" دار المعارف للنشر‪ ،‬مصر‪ ، 2002 ،‬ج ‪ ،2‬ط ‪20‬‬ ‫‪.8‬‬

‫‪18‬‬

You might also like