Professional Documents
Culture Documents
الطبعة األوىل
1441ـه 2019 /م
5
تاريخ وطيوط
التاريخ اإلسالمي التي أرخت لليمن يف المدة من القرن السابع وحتى التاسع
الهجريين /الثالث عشر وحتى الخامس عشر الميالديين ،كما شدين عنوان
هذا المخطوط الذي كتب عليه معلومات الكتاب ،مما يدل على أن من دونه
جديد على مسألة توثيق المعلومات أو أنه ما زال متدرب ،أو ُمد بمعلومات
دون التأكد من صحتها ،السيما أنه قد خلط يف اسم المؤلف دون التدقيق فيه،
ولجهله بمؤلف المخطوط الحقيقي ،وهذا المخطوط هو« :تاريخ وطيوط»،
كما جاء على صفحة العنوان التي كتبت حدي ًثا يف صفحة التعريف المطبوعة
بالكمبيوتر على رأس المخطوط ،وأن اسم مؤلفه هو :عبد اهلل هادي الحكمي،
وأنه تويف سنة 950هـ1543 /م.
كان مخطوط «تاريخ وطيوط» من بين أهم المصادر التاريخية التي اعتمدت
عليها يف دراستي للدكتوراه لما جاء فيه من معلومات غزيرة ،وأحداث تاريخية
مشيرا إلى
ً مهمة ،وأخبار عاصرها المؤلف الذي سجل مالحظاته حولها،
أهنا حصلت يف حياته ،مع إشارته إلى بعض الجوانب االجتماعية المهمة،
وأنساب العديد من القبائل التهامية واألسر التي عاشت يف عصره؛ ألستفيد
منها يف موضوع رسالتي الذي يتناول :الحياة االجتماعية يف اليمن يف عصر
الدولة الرسولية (858 - 626ﻫ1454 - 1229 /م) ،وهي المدة الزمنية
نفسها التي دون لها صاحب مخطوط« :تاريخ وطيوط».
ويف سنة 2013م من خالل تواصلي مع إحدى طالبايت المجتهدات يف
جمهورية مصر العربية وهي الباحثة النجيبة :شيرين شحته ألماظ التي كانت
تعمل على إعداد رسالة ماجستير ويف المجال نفسه (التاريخ اإلسالمي)،
6
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
خاصة تاريخ اليمن بدأت فكرة تحقيق هذا المخطوط ،السيما وأنه قد
توافرت لدينا نسختان فقط عنه ،وعلى الرغم من الجهد الذي بذلناه يف البحث
والمراسلة للحصول على نسخ أخرى ممكن االستفادة منها إال أن جميع
محاوالتنا باءت بالفشلً ،
فضل عن تعرقلي يف البحث عن نسخ أخرى نتيجة
للظروف السياسية الصعبة التي كانت تمر هبا اليمن حيث إهنا لم تمكني من
الخروج ع ّلي أجد غير تلك النسخ.
ونتيجة ألهمية هذا المخطوط ومحتواه بالنسبة لتاريخ اليمن اإلسالمي
قررت العمل على دراسته وتحقيقه على الرغم من كل المصاعب التي
واجهتني ،من مشاغل العمل ،والتزامي بالمحاضرات لطالبي يف البكالوريوس
والماجستير والدكتوراهً ،
فضل عن عدم االستقرار السياسي يف اليمن عامة ،ويف
عدن خاصة منذ عام 2011م الذي انتهى بإعالن الحرب الغاشمة على مدينتي
التاريخية الصابرة عدن يف مارس 2015م ،مما دفعني إلى تأجيل التحقيق
بسبب مشاكل النزوح ،وما إلى ذلك من مشكالت االنقطاعات المتواصلة
للتيار الكهربائي لعدن إثر عودتنا ،والتزامايت البحثية والتعليمية وغيرها ،كل
ذلك كان سب ًبا يف أن يطول عملي على هذا المخطوط المهم.
ومع هذا وذاك ،واصلت العمل عليه كلما حانت لي الفرصة ،وتم ذلك
على مراحل متباعدة ،مع تصميمي على ضرورة إنجازه وتجهيزه ونشره لوجه
اهلل تعالى ،ليستفيد منه عامة أهل العلم وطالبه الباحثون عن المعرفة،فإن
أصبت فمن اهلل وإن أخطأت فمن نفسي ،والكمال هلل تعالى.
7
تاريخ وطيوط
يف األخير ال يسعني إال أن أتوجه بالشكر الجزيل لكل من ساعدين وشجعني
وشد على يدي ،إلنجاز هذا العمل الذي يعد إضافة إلى المكتبة اليمنية وتراثها
الحضاري ،وأخص بالشكر شريكتي يف هذا العمل الباحثة /شيرين ألماظ،
و د .أحمد صالح رابضة الذي تكرم بمراجعة جزء من هذا العمل بحكم عمله
يف التحقيق وإخراجه لعدد من كتب الرتاث المحلي.
ُ
أ .د .طه حسني عوض هديل
1حمرم 1439ـه 21/سبتمرب 2017م
8
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
-1اسم المؤلف:
من الصعوبات التي واجهتني عند البحث عن مؤلف هذا المخطوط ونسبه
أنني لم أجد أي إشارة واضحة يف غالفه أو يف متنه تؤكد أن الحسين بن إسماعيل
البجلي ،الشهير بالمعلم وطيوط هو مؤلفه ،إال ما جاء عند المؤرخ والمحقق
عبد اهلل بن محمد الحبشي( ،)1وعند المؤرخ أيمن فؤاد سيد( ،)2الذي -على
ما يبدو -أهنم اعتمدوا يف ذلك على أول ترجمه يف المخطوط لحياة اإلمام
الصالح العالمة الحسين بن إسماعيل البجلي الذي عاش يف مدة قريبة من
زوال دولة الحبشة (دولة بني نجاح التي زالت يف سنة 554ﻫ1159 /م) ،كما
يشير مؤلف المخطوط( ،)3دون أن ينسب هذا المخطوط له ،وعند البحث عن
مصادر المؤرخ أيمن فؤاد سيد( )4يف ذلك وجدت أنه اعتمد يف هذه المعلومة
على كتاب« :تاريخ ثغر عدن»( ،)5كمصدر رئيس يف معلوماته ،مما دفعني إلى
ضرورة العودة إلى هذا الكتاب الذي ترجم فيه للحسين بن إسماعيل البجلي
((( مصادر الفكر اإلسالمي يف اليمن ،المجمع الثقايف ،أبو ظبي2004 ،م ،ص.498
((( مصادر تاريخ اليمن يف العصر اإلسالمي ،المعهد العلمي الفرنسي لآلثار الشرقية،
القاهرة1974 ،م ،ص.187
((( تاريخ المعلم وطيوط ،ق 1أ ،ب.
((( مصادر تاريخ اليمن يف العصر اإلسالمي ،ص.187
((( بامخرمة ،عفيف الدين أبو محمد الطيب بن عبد اهلل (ت947 :ﻫ1540 /م) ،ج،2
مطبعة :بريل ،ليدن1936 ،م ،ص.59 - 58
9
تاريخ وطيوط
الشهير بالمعلم الذي يشير إلى أنه زار مدينة عدن ،وهناك التقى بالعالمة
إسماعيل بن علي الحضرمي ،وسافرا م ًعا إلى لحج يف طريقهم إلى هتامة.
أيضا صاحب المخطوط ومن المالحظ أن هذه الرتجمة هي نفسها ما جاء هبا ً
كأول ترجمة ،دون أن يشير بامخرمة إلى أي مؤلفات تنسب للمعلم حسين،
مما دفعني مرة أخرى إلى البحث عن مصادر بامخرمة التي اعتمد عليها يف
هذه المعلومة ،فتبين لي اعتماده على كتاب األهدل( ،)1وهي من المؤلفات
أيضا وبعض أفراد أسرته دون أن تشير إلى مؤلفه
التي ترجمت للمعلم حسين ً
علما بأن األهدل اعتمد يف بعض الرتجمات معاصرا له ً ،-
ً هذا -مع أنه كان
عن أسرة البجلي على ما جاء به المؤرخ الجندي( )2من معلومات للعديد من
أفراد هذه األسرة ،على الرغم من أن الجندي تويف يف مدة زمنية سابقة لوفاة
مؤلف هذا المخطوط الذي عاش حتى مطلع القرن التاسع الهجري /الخامس
عشر الميالدي.
ومما ال شك فيه ،أن مؤلف هذا الكتاب هو الحسين بن إسماعيل ،ولكنه
ليس الحسين بن إسماعيل البجلي الذي ورد يف أول ترجمة مخطوط المعلم
كل من بامخرمة وقبله الجندي وبعده األهدل؛ وطيوط ،أو الذي أشار إليه ٌ
ومن اعتمد عليهم مثل عبد اهلل الحبشي وأيمن فؤاد سيد ،والمشار إليه أنه
((( الحسين بن عبد الرحمن (ت855 :هـ1451 /م) ،تحفة الزمن يف تاريخ سادات
اليمن ،ج ،1تحقيق :عبد اهلل محمد الحبشي ،المجتمع الثقايف ،أبو ظبي2004 ،م،
ص.280 - 274
((( أبو عبداهلل هباء الدين محمد بن يوسف بن يعقوب ،السلوك يف طبقات العلماء
والملوك ،ج ،2تحقيق :محمد بن علي األكوع ،ط ،2مكتبة اإلرشاد ،صنعاء،
1416ﻫ1995/م ،ص.265 - 264
10
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
عاش حتى زوال دولة الحبشة يف منتصف القرن السادس الهجري /الثاين
عشر الميالدي مثلما يذكر المعلم وطيوط ،السيما وأن هذا المعلم عاش
إلى مدة زمنية الحقة ،ومما يؤكد ذلك أن آخر ترجمة أشار إليها مؤلفه هذا
كانت سنة 821هـ1418 /م( ،)1لذلك قد يكون اسم الحسين بن إسماعيل
المشهور بالمعلم وطيوط مشابه السم العالمة حسين بن إسماعيل البجلي
أيضا ألنه مات يف مدة زمنية سابقة لتأليف
صاحب عواجة الذي اشتهر بالمعلم ً
أيضا ،ويورد
هذا المخطوط ،بينما اشتهر مؤلف المخطوط بوطيوط وبالمعلم ً
ذلك يف الرواية التي ذكرها الح ًقا( ،)2السيما وأن كل منهم مختلف يف النسب.
-2أسرته ونسبه:
أما عن أسرة المؤلف وهو ما لم نجده يف المصادر التاريخية التي بين أيدينا؛
فيورد المعلم وطيوط يف سياق ترجمته للقبائل واألسر التي وجدت وعاشت
واستقرت يف مناطق هتامة المختلفة معلومات عن بيت بني المعلم التي يذكر
أنه تربطهم عالقات أسرية وقرابة مع أسرة بني المكدش ،ثم يذكر أن بني
وطيوط بيت من بيوت بني سملقة ،ويقول يف ذلك« :ثم بنو المعلم قرابة لبني
المكدش ،مصاهرة وأهلية ،ثم بنو وطيوط ،وب ُيوت يف بني سملقة»( ،)3وهو ما
يوحي لنا أن تسميتي معلم ووطيوط ألقاب ألسرته وليس لقب شخصي له،
ولكن عرف هبا أكثر من اسمه الحقيقي الحسين بن إسماعيل ،وبحسب هذا
النسب يتأكد لنا أن الحسين بن إسماعيل البجلي ليس الحسين بن إسماعيل
وطيوط ،لما بينهما من تباعد يف المدة الزمنية والنسب األسري والقبلي.
-3مولده ونشأته:
ولد المعلم وطيوط يف عهد السلطان الرسولي األفضل العباس بن علي
بن داود بن يوسف (778 - 764ﻫ1376 - 1362/م) ،دون تحديد العام،
وهو ما يؤكده المؤلف نفسه بقوله« :وقام الملك األفضل ،ودانت له العرب
واستقام يف األمر ،ورخصت األسعار ،وهبا -أعني دولته -ولد المؤلف
رحمه اهلل»( .)1وإذا توقعنا والدته بعد ست سنوات ً -
مثل -من حياة األفضل،
وربطناها بآخر ترجمة ذكرها سنة 821هـ1418 /م( ،)2يمكن أن نستنتج أن
المعلم وطيوط تويف يف سن مبكر ،بين 50 – 45عا ًما ،قد تزيد وقد تنقص.
ويقدم لنا المعلم وطيوط معلومات يسيرة عن حياته الشخصية ونشأته،
مشيرا إلى بعض مراحل طفولته وتربيته التي قضاها برفقة أخته يف مدينة زبيد،
ً
بعد أن انتقلت هبم والدهتم إليها يف عهد السلطان األفضل ،وما عانوه من وحدة
يتيما وتربى هو وأخته على يد وفقد وحاجة بعد وفاة والدهتم هناك ،فعاش ً
امرأة من نساء زبيد ذات ثقة ،قد تكون قريبة أو صديقة لوالدهتم ،لما ذكر من
أن والدهتم قد تركت عندها دراهم لتعينها على تربية أبنائها بعدما شعرت بقرب
أجلها ،واص ًفا ما كانت تقدمه لهم من طعام مفتوت ،كان يشاركه به بعض
أيضا يتصدقون عليهم ببعض الدراهم التي تساعدهم الصالحين ،الذين كانوا ً
على العيش ،فيتحدث عن نفسه ويقول« :وقد حكى لي بعض الثقات :أهنا
سكنت به أمه زبيد أيام دولة الملك األفضل ،قال :وكانت له أخت فماتت أمه
وهما أطفال ال ندري ما نعمل ،وكنا عند امرأة قد جعلت أمي عندها دراهم،
ليل من ذلك الطعام ،فجاء إنسان فوقع لنا طعام مفتوت ،فأكلت أنا وأختي ً
عليه ثياب بيض حسنة ،وجلس معنا ليأكل ثم جعل يده يف اإلناء ،وقام فوجدنا
دراهم يف اإلناء»(.)1
-4مكانته العلمية:
من المالحظ أن المعلم وطيوط قد نشأ على العلم والمعرفة بالعلوم
المختلفة ،السيما وأنه – على ما يبدو -كان كثير االطالع على كتب العلم،
مثل كتب األنساب وغيرها ،ومن أبرز ما اطلع عليه من هذه الكتب؛ كتاب
األنساب الذي ألفه السلطان األفضل العباس بن علي( ،)2فيقول عن هذا
الكتاب« :قد وقفت عليه بزبيد ببيت الوزير ابن معيبد»(.)3
رجل بسي ًطا ،ال
ومع كل ذلك يمكن أن نستنتج؛ أن المعلم وطيوط كان ً
يعرفه الكثير من الناس ،واكتسب لقب (المعلم) عن أسرته ،أو قد يكون
لتدريسه يف إحدى كتاتيب منطقته أو قريته ،واشتهر يف إطار تلك المنطقة التي
كان يعيش فيها ،مع عدم ذكره لذلك ،أو ألي مجلس من مجالسه العلمية مع
طالبه يف كتابه المذكور ،كما أنه لم يكن من كبار علماء عصره رغم علمه
واطالعه وقراءته ،ويعد كتابه المذكور« :تاريخ وطيوط»هو الكتاب اليتيم
له ،وأورد فيه ما أورد من معلومات مهمة ،ومما يؤكد عدم شهرة المعلم
وطيوط أو كتابه هذا؛ أن المصادر التاريخية التي ُأو ِّل َفت يف حياته ،وكُتب
الرتاجم والطبقات التي ترجمت لمن جاء بعده أمثال :أبو العباس أحمد بن
عبد اللطيف الشرجي (ت893 :ﻫ1487 /م) ،وعبد الوهاب بن عبد الرحمن
الربيهي (ت904 :ﻫ1498 /م) وغيرهم ،لم تورد أي ذكر له أو معلومات عن
حياته أو كتابه ،إال ما جاء به الحسين بن عبد الرحمن األهدل (ت855 :هـ/
1451م) من معلومات أوردناها سل ًفا ،دون إشارة إلى هذا الكتابً ،
علما بأن
معاصرا له ،مع أنه تويف يف مدة زمنية تزيد عنه
ً األهدل -على ما يبدو -كان
بما يقارب خمسة وعشرين عا ًما ،وقد يكون نقل عن كتابه بعض المعلومات
والرتاجم مع عدم اإلشارة إليه لما وجدنا من تقارب يف المعلومات بين
الكتابين مع توسع األهدل يف المعلومات ،وشحة بعضها عند المعلم وطيوط
أيضا نقل عن األهدل دون أن يورد أي ذكر لكتاب األهدل: الذي قد يكون ً
«تحفة الزمن».
ومما ال شك فيه ،أن عدم ذكر المصادر التاريخية وكتب الرتاجم لهذا
المخطوط قد يكون بسبب وجود نسخة واحدة يتيمة له ،وهي التي قد كتبها
المؤلف ،ثم اختفائها لمدة زمنية طويلة ،وعدم ظهورها إال يف وقت متأخر
ألسباب نجهلها ،قد يكون منها وجودها لدى بعض األسر اليمنية التي لم تقدر
قيمتها التاريخيةً ،
فضل عن عدم شهرة مؤلفه وجهلهم به ،ومما يؤكد ما ذهبنا
إليه هو النسخ التي وجدناها واعتمدنا عليها يف تحقيقنا هذا وبعدها عن مدة
حياة المؤلف.
14
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
عصر المؤلف
ولد المعلم وطيوط يف عهد السلطان األفضل العباس بن علي بن داود بن
يوسف الرسولي ،دون تحديد العام( ،)1وخالل حياته عاصر عد ًدا من سالطين
األسرة الرسولية الذين أشار إليهم يف كتابه هذا ،أمثال :السلطان األشرف
(الثاين) إسماعيل بن األفضل عباس بن علي الرسولي (803 - 778ﻫ/
1400 - 1376م) ،والسلطان الناصر أحمد بن األشرف (الثاين) إسماعيل
ابن رسول (827 - 803ﻫ1423 - 1400 /م) ،وقد شهدت اليمن بصورة
عامة خالل حياته ،ومنطقة هتامة وواديي سهام وذؤال بصورة خاصة العديد من
المتغيرات يف مختلف نواحي الحياة العامة ،وهو ما أشار إليه يف سياق حديثة
عن حياة علماء منطقة هتامة ،وشكلت المعلومات التي قدمها هذا المؤرخ عن
بعض هذه الجوانب مادة تاريخية مهمة لتاريخ اليمن ،وألي مؤرخ أو مهتم
بتاريخ قبائل المنطقة التهامية.
علما أن منطقة هتامة خالل تلك المدة الزمنية تعرضت للكثير من الصراعات ً
القبلية التي كانت سب ًبا يف عدم استقرار األوضاع هناك ،وأ َّدت القبائل التهامية
كبيرا
دورا ًالسيما قبائل المعازبة بفروعها المختلفة وقبائل األشاعر وغيرها ً
يف عدم االستقرار هذا ،نتيجة لخالفاهتا المتواصلة فيما بينها ،أو لصراعاهتا
مع حكام الدولة الرسولية ووالهتا يف المنطقة ،مما انعكس على حياة الناس
وأوضاعهم المعيشية والمادية ،وعلى ما يبدو أن ما فرض على هذه القبائل
وغيرها من سكان هتامة من أعباء وضرائب وجبايات ،وعجزهم عن دفعها
لوالة الدولة وعمالها من األمور التي أجربت أهالي هتامة على الخروج عن
((( تاريخ المعلم وطيوط ،ق 64أ.
15
تاريخ وطيوط
طاعة الدولة خالل عصر سالطين بني رسول سالفي الذكر الذين عاصرهم
المعلم وطيوط.
ومع كل ذلك ،حاول وطيوط يف كتابه هذا أن يعطي صورة توضيحية
من خالل تراجم علماء هتامة وفقهائها وصالحيها للحياة العامة السياسية
واالقتصادية واالجتماعية والعلمية والفكرية ،معتمدً ا على مشاهداته أو ما
وصله من أخبار ،متطر ًقا إلى من حكم اليمن قبل ذلك من سالطين الدولة
الرسولية ومؤسسيها ومن سبقهم ،يف محاولة لعمل مقارنة بين حكامها ومن
خارجا بنتيجة أن عصر الدولة الرسولية من أحسن ً حكم اليمن قبل ذلك،
العصور ،وسالطينها من أحسن من حكم اليمن من السالطين والملوك،
وعلى ما يبدو أنه خرج بتلك النتيجة التي ذكرها يف هناية كتابه هذا؛ لما شاهده
خالل مدة حياته التي عاشها يف عصر سالطين بني رسول األفضل العباس
واألشرف إسماعيل والناصر أحمد ومن سبقهم من سالطين هذه الدولة
من نشر للعدل والمساواة ،وتطور يف الحياة العلمية والفكرية ،والعلوم
المختلفة ،وتعمير المساجد بكافة مرافقها ،والمدارس بكل مبانيها ،واألربطة
والخانقاوات وغيرها من المظاهر الحضارية التي جعلت عصر المؤلف عصر
متميز بكل المقاييس.
16
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
موضوع المخطوط
تناول مخطوط تاريخ المعلم وطيوط مرحلة زمنية مهمة من تاريخ اليمن
وتحديدً ا لجزء مهم من منطقة هتامة متمثلة بكل من واديي سهام وذؤال( )1التي
اشتهرت يف التاريخ بعلمائها وفقهائها وصلحائها ،مع تحديد المؤلف مدة زمنية
معينة خصصها لكتابه هذا ،تنقل فيها بين القرون الزمنية من السادس وحتى
مطلع القرن التاسع الهجريين /الثاين عشر وحتى الخامس عشر الميالديين،
وقد ركز المؤلف على سير علماء منطقة سهام وذؤال التهامية وتراجمهم،
وما كان لهم من مكانة ودور يف نواحي الحياة العلمية واالجتماعية والفكرية،
وما قدموه من خدمات مجتمعية أعطت لهم مكانه خاصة بلغت اآلفاق ،مع
تركيزه على كبار العلماء ،السيما علماء الصوفية يف هذه المنطقة ممن ذاع
صيتهم ،وارتفعت مكانتهم وشهرهتم ،بعدما ظهرت عليهم كرامات وقدرات،
علما أن أكثر تلك األعمال
وصلت إلى درجة المبالغة يف وصف المؤلف لهاً ،
التي أطلق عليها المؤلف بالكرامات قد ال تدخل العقل لمن يتفكر فيها،
وكأهنا نسج من الخيال البعيد عن الواقع ،على الرغم من اإليمان الكامل هبا
من قبل المؤلف واالعتقاد بأصحاهبا من هؤالء المشايخ الذين أعطوا يف هذا
المخطوط فوق حد العقل البشري.
لهذا- ،ومن وجهة نظرنا– أن من األمور التي تؤخذ على مؤلف كتاب تاريخ
كثيرا يف الرتكيز على مشايخ الصوفية ،وزيادة االعتقاد
المعلم وطيوط أنه أوغل ً
كبيرا ،مما
هبم وبشطحاهتم التي تجاوزت الواقع ،والتي كان يعتقد هبا اعتقا ًدا ً
دفع بأهل العلم والتحقيق –على ما يبدو -يف وقتنا الحاضر إلى تجنب تحقيق
((( سوف يتم الحديث عن هذه المناطق وترجمتها الح ًقا يف متن الكتاب.
17
تاريخ وطيوط
هذا المخطوط لما فيه من قصص وحكايات تخرج عن حدود المعقول ،ومع
ذلك خضت يف أمر تحقيقه ودراسته لما وجدت فيه من معلومات حاد عنها
العديد من المؤرخين الذي رأوا يف تحقيقه مضيعة للوقت ،وتبذير للجهد،
ورأيت فيه عكس ذلك بعدما تعمقت فيه ويف محتواه من معلومات لم أجدها
يف دراستي للدكتوراه يف بقية المصادر التاريخية التي أرخت للمدة المذكورة.
ومن شطحات مؤلف الكتاب وقصصه الخيالية المستمرة التي أوردها يف
كتابه هذا؛ هو تواصل أبي العباس أو سيدنا الخضر (عليه السالم) -كما كان
يكنى -بكبار علماء الصوفية وفقهائهم يف ذلك الزمن ،ولقاؤه هبم بشكل دائم،
ومصاحبتهم له ،حتى إنه كان سب ًبا يف حل العديد من المشكالت التي كانت
تواجههم ،وقد بلغ من اعتقاده به وبفكرة وجوده إلى أن يكرر قصصه التي
بلغت الخيال بين صفحات المخطوط( ،)1إضافة إلى روايات لقاء النبي ﷺ
والجلوس معه( ،)2والحديث مع الصالحين يف قبورهم والموتى ،ومناشدهتم
لحل بعض المسائل والمشكالت التي تقف أمامهم( ،)3وإحياء الموتى أو
تأخير أجلهم إلى مدة زمنية أطول( ،)4وهو ما يأخذه العديد من المؤرخين
اليوم على صاحب المخطوط.
ومن القصص الواردة لدى هذا المؤرخ قصة الرجل الذي جاء إلى الفقيه
محمد بن أبي بكر الحكمي ثم مات وتولى الفقيه محمد تغسيله وإدخاله القرب،
ونسيانه جبته هناك قبل الدفن ،ونزول أحد طالبه الستعادهتا ،حتى إنه شاهد
رجال يحملون الميت لرفعه إلى السماء ،مما ً هناك -كما يصف المؤلف-
دفع هبذا الطالب إلى اإلسراع بالخروج ليخرب سيده الذي يطلب منه السكوت
وعدم إخبار الناس بما شاهده ،على اعتبار أهنا نوع من الكرامات لرجال ذلك
فضل عن قصة الكلب الذي عوى فحلل الفقيه محمد بن أبي بكر الزمن(ً ،)1
عواه بأنه بكاء وفقد ألهله ،وغير ذلك من القصص التي تخرج عن إطار
الواقع( ،)2وصراع الجن والمعارك التي كانت تدور بينهم حول ما يسمى (كنز)
مطلب سليمان ،وغيرها من الخرافات التي انتشرت يف ذلك الزمان واعتقد هبا
عدد من الناس كنوع من الكرامات(.)3
إال أن من أفضل ما قدمه لنا المعلم وطيوط هو وصفه لحالة الصراع التي
ظهرت بين صوفية ذلك الوقت والفقهاء المعارضين لهم ،بعدما أوغل الكثير
منهم يف مذهب محي الدين ابن عربي ،وما تبع ذلك من شطحات مختلفة
مخالفة لمذهب أهل السنة ،وعلى الرغم من أن المعلم وطيوط كان ممن
يميلون إلى التصوف والصوفية ،وهو ما يظهره موقفه من كراماهتم وشطحاهتم
التي تخرج عن المعقول ،إال أننا نتعجب من موقفه من هذا الصراع عندما ظهر
بين الفقهاء والصوفية يف مدينة زبيد خاصة ،ومنطقة هتامة عامة ،حتى إنه يصف
العالمة إسماعيل المقرئ ( 837 - 755هـ1433 - 1354 /م) الذي تصدر
ذلك الصراع ضد رجال الصوفية بأنه ناصر السنة وقامع البدعة( ،)4وهو ما يؤكد
لنا أن المعلم وطيوط مع إيمانه هبؤالء الصوفية ولكنه كان يف بعض المرات
ينكر عليهم بعض تصرفاهتم التي خرجت عن إطار المعقول بمخالفتها للشرع
وسنة النبي ﷺ يف كثير من المواقف والبدع التي كانوا يخدعون هبا البسطاء
من الناس.
كما يورد لنا المؤرخ وطيوط بعض الحوادث السياسية التي شهدها بنفسه،
موضحا أنه كان من بين الحاضرين فيها ،مثل حادثة مهاجمة العبد منصور
ً
مقدم عسكر اإلمام محمد بن علي لمدينة الكدراء وقرى وادي سهام(،)1
ودخوله يف العديد من المعارك مع قادة الدولة الرسولية ،وقتله على يد األمير
هباء الدين الشمسي أمير بني رسول يف منطقة المحالب يف إحدى تلك المعارك
سنة 791هـ1388 /م وغيرها من الحوادث التي سيتناولها المخطوط.
أسباب التأليف:
من األمور التي تميزت هبا معظم المؤلفات التاريخية السيما كتب الرتاجم
والطبقات أن مؤلفيها عادة ما يشرحون يف المقدمة األسباب التي دفعتهم
أيضا موجودة بين
لكتابة هذا المؤلف ،يف حين قد نجد بعض تلك األسباب ً
سطور المخطوط دون أن يشير إليها المؤلف بصورة واضحة وصريحة.
وإذا ما نظرنا إلى مخطوط تاريخ وطيوط لوجدنا أن المؤلف أشار يف
المقدمة إلى السبب الرئيس يف تأليفه ،بينما جمعنا بقية األسباب من محتويات
باقي المخطوط ،ومن أهم هذه األسباب:
-1تكليفه من قبل بعض أهالي منطقته لالجتهاد وعمل كتاب كامل شامل
مختصر لطيف لكل من سكن مناطق ذؤال وسهام( ،)2من المشايخ
والعلماء والصالحين ،حتى إنه يقول يف مقدمة مخطوطه هذا« :فقد سألني
مختصرا لطي ًفا يف مناقب الصالحين مشايخ
ً بعض اإلخوان أن أجمع كتا ًبا
سهام ،وما جرى بـه القلم واللسان من أعيـان فضالء جهة ذؤال»(.)1
-2البحث يف أنساب أهالي تلك المناطق وقبائلها التي تعيش فيها ،بما يحفظ
سالالهتا من الضياع ،السيما يف ذكـر شيء من نسب ذؤال وسهام ،ومن
سكنها من أعيان ومشايخ ،مع تجنبه التوسع يف ذلك خو ًفا من أن يطول
الموضوع عليه ،والرتكيز على من حضر وخطر بباله.
-3إبراز مكانة بعض الشخصيات التهامية التي كان لها دور كبير يف مختلف
نواحي الحياة السياسية أو االجتماعية أو العلمية والفكرية ،مع الثناء على
تلك الشخصيات وإظهار ما اشتهرت به من كرامات وشطحات غلبت
عليها الصفة الصوفية التي كان لها رواج يف ذلك الزمان.
-4الرغبة يف إظهار دور بعض األسر ،ومن ينسب إليهم من الصالحين ،أمثال:
آل البجلي وغيرهم ،ودورهم يف المنطقة ،وما قدموه من أعمال خيرية
وعلمية واجتماعية ،حتى إنه يقول يف ذلك« :وهـا أنـا أذكـر يف بدء كتـابـي
هـذا قـدوم اإلمام الصالح العالمـة الحسين بن إسماعيـل البجلـي الشهيـر
بالـمعلم» ،وهو خير دليل على رغبته يف إبراز أهمية دور بعض األفراد
واألسر يف هذه المنطقة(.)2
-5التأكيد على عربية نسب األسرة الحاكمة يف عصره ،وهي األسرة الرسولية
التي كانت مسألة نسبها مسألة خالفية قديمة مع القبائل اليمنية ،مما جعله
كثيرا ما يذكر بأهنم عرب ،دون تربير واضح لذلك الذكر ،مما يوحي لنا
ً
أن عصره شهد خال ًفا مبطنًا حول النسب الرسولي ،ومدى أحقية هذه
األسرة يف حكم اليمن من عدمه ،وهو ما يبين مدى محبة هذا المؤرخ
لهذه األسرة ،وما حققته من منجزات أشار إليها بكل وضوح وجدية على
اعتبار أن عصرهم أحسن العصور.
-6إثبات النسب لعدد من األسر التهامية التي تعود جذورها إلى بعض
السالالت القادمة من خارج اليمن ،السيما من األشراف من آل بيت
رسول اهلل ﷺ وبني أمية وغيرهم.
-7الرتجمة لعدد من المناطق والقرى التي كان على معرفة جيدة هبا،
وحدودها الجغرافية ،وأقدم من سكنها من القبائل وأهمها ،مما يعطي لنا
فكرة عن موقع تلك المناطق التهامية وقراها وودياهنا وجبالها وتركيبتها
السكانية والقبلية ومنتجاهتا وغير ذلك من بالد هتامة.
-8توثيق بعض الحوادث والكوارث الطبيعية والبيئية التي تعرضت لها منطقة
هتامة يف سهام وذؤال خالل ذلك العصر ،من أمطار وسيول وفيضانات
وجفاف وقحط ،ومدى تأثير ذلك على حياة الناس ،مع اإلشارة إلى
موقف بعض أهل الخير من األغنياء والحكام وغيرهم ،ممن سعوا إلى
التخفيف من وقع تلك الكوارث وآثارها على عامة الناس.
22
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
أهمية المخطوط
من األمور التي تظهر لنا أهمية مخطوط تاريخ وطيوط أن مؤلفه تطرق
للعديد من األحداث التي شهدها عصره ،أو عاش بعضها ،أو سمع عنها مِ َّمن
يكربه سنًا ،أو مما وجده يف كتب من سلف من المؤلفين والعلماء الذين سبقوه
يف الكتابة ،فكان للتنوع الذي صاحب تراجم علماء سهام وذؤال وغيرهم دوره
يف كشف الغطاء عن العديد من الوقائع التي شهدها ذلك العصر السيما من
القرن السادس وحتى مطلع التاسع الهجريين /الثاين عشر حتى الخامس عشر
الميالديين ،لذلك كان لإلشارات إلى بعض الجوانب السياسية واالجتماعية
والعلمية والفكرية أثرها يف كل ذلك.
فمن الناحية السياسية يتطرق المعلم وطيوط إلى مرحلة زوال الدولة
األيوبية (626 - 569هـ1229 - 1173 /م) يف اليمن ،وآخر سالطينها
المسعود صالح الدين يوسف بن الكامل األيوبي (ت626 :هـ1229 /م)،
وقيام الدولة الرسولية ً
بدل عنها (858 - 626هـ1462 - 1229 /م) ،والدور
الذي أ َّداه الشيخان البجلي والحكمي( )1يف تقديم البشارة للسلطان المنصور
نور الدين عمر بن علي بن رسول (647 - 626ﻫ1250 – 1229/م) من
وصوله إلى الحكم ،وقيام دولته ،والمساحة التي من الممكن أن تصلها ،وهي
بشارة نالت استحسان المنصور الذي كافأهم بمجرد استقامة األمر له(.)2
كما يقدم لنا المؤلف تفاصيل مختلفة عن تاريخ الدولة الرسولية خالل
عصر بعض سالطينها مثل المنصور نور الدين عمر ،والمظفر يوسف
يف هذا المخطوط الذي عكس لنا الواقع السياسي لتلك المناطق التي كانت
تحكم من غير أبنائها ،وإنما من قبل المماليك والعجم أو ال ُغز كما وصفهم ،يف
حين يقدم لنا المؤلف العديد من القصص يف أثناء سرده لبعض الرتاجم يظهر
من خاللها الظلم التي كان يعانيه الناس من بعض المتنفذين سوا ًء من والة أو
حكام أو عسكر من أصحاب المناصب يف بعض المناطق التهامية(.)1
إضافة إلى ما قدمه لنا المعلم وطيوط من معلومات قيمة عن بعض أصحاب
الوظائف العسكرية واألمنية والمدنية يف العصر الرسولي ،وما كان لهم من دور
فاعل ومهم يف تسيير شؤون الحكم ،وأمور السلطان وآل بيته ونسائه ،مثل:
الوزير ،والزمام ،والجنادرة ،والمهتار ،والدويدار ،وسند الباب ،واألستادار،
والحاجب ،وأمير جندار ،ومشد المشدين ،والطواشية وغيرهم(.)2
أما النواحي االجتماعية فيورد لنا المعلم وطيوط العديد منها ،ومن ذلك
بعض العادات االجتماعية الطيبة التي يذكرها يف مؤلفه هذا ،كسعي بعض
علماء ذلك العصر وأغنيائه إلى خدمة الناس والتخفيف عنهم ،ودعمهم يف
لحظات الشدة والمحن ،كجانب من جوانب التكافل االجتماعي الذي تميز
به المجتمع اليمني يف ذلك الحين( ،)3وما إلى ذلك من صفات الكرم والجود
للغريب والمسكين والمنقطع واليتيم ،على الرغم من الوضع االقتصادي
والمعيشي الصعب الذي كان يعيشه أهالي هذه المناطق التي اشتهر أهلها
بجودهم وكرمهم(.)4
ويف الوقت نفسه ،يقدم المؤلف لنا بعض مظاهر الحياة االجتماعية من
عادات وتقاليد مرتبطة بحياة الناس يف قرى وادي سهام وذؤال يف هتامة،
مثل عادات الزواج ،وما يشهده من احتفاالت ووالئم وأفراح تعم المنطقة
التي يحدث فيها ،السيما أفراح كبار المشايخ من أصحاب األموال والتجار
فضل عن عادات الوالدة والسبوع ،وما يصاحبها من احتفاالت وغيرهم(ً ،)1
وأناشيد يتغنى هبا الناس يف مثل هذه المناسبات االجتماعية(.)2
إضافة إلى ذكره لبعض العادات االجتماعية السيئة التي كانت منتشرة يف
المجتمع اليمني التهامي ،منها عادة ارتفاع المهور ،وذلك يف الحكاية التي
أوردها عن الحسين بن إسماعيل البجلي وخطبته لشجينة ،ومقدار ما طلب
منه والدها من مهر عجز عن دفعه الرتفاعه( ،)3وعادة شرب الخمور التي
انتشرت بين فئة واسعة من الشباب بما فيهم بعض أبناء كبار الفقهاء الذين
عجزوا عن صد أبنائهم عن شربه ،لما كان له من مضرة على المجتمع وأهالي
المناطق التي كانوا يعيشون فيها ،ومحاوالت بعض الفقهاء للتصدي لهذه
الظاهرة السيئة رغم انتشارها الواسع(.)4
ومن التفاصيل القيمة التي قد ال نجدها يف العديد من المصادر التاريخية
األخرى التي أرخت لهذه الحقبة المهمة؛ المعلومات التي يقدمها لنا المعلم
وطيوط عن أنساب بعض األسر والقبائل التي سكنت منطقة هتامة وغيرها،
مع تدقيقه يف الحديث عنها وعن جذورها القبلية وفروعها ،وأحيانًا يعود هبا
((( تاريخ المعلم وطيوط ،ق70أ.
((( تاريخ المعلم وطيوط ،ق71أ .ب.
((( تاريخ المعلم وطيوط ،ق ا ب.
((( تاريخ المعلم وطيوط ،ق 6أ .ب.
27
تاريخ وطيوط
((( تاريخ المعلم وطيوط ،ق 57أ .ب .وسوف يتم التعريف بكل هذه المصطلحات يف
سياق التحقيق.
((( تاريخ المعلم وطيوط ،ق 3أ.
((( تاريخ المعلم وطيوط ،ق 3أ .ب 10 ،ب28 ،ب29 ،أ30 ،أ.
29
تاريخ وطيوط
وكان لحياة المرأة التهامية نصيب يف هذا المخطوط ،إذ يقدم لنا المؤرخ
وطيوط معلومات عن طبيعة حياة هذه المرأة وزواجها وحملها وما تلقاه من
اهتمام وعناية طيلة مدة الحمل ،وما يعم البيت التهامي من فرحة وسرور
بوالدهتا ،وعادات ما يعرف بالسبوع التي يحتفل هبا بعد أسبوع من الوالدة ،مع
ما يصاحب ذلك من أناشيد وأغاين كانت معروفة بين أهالي تلك المناطق(،)1
فضل عن بعض قصص الحياة الزوجية وما كان بين األزواج من حب وخالف ً
ناتج عن أمور حياتية يقدمها لنا المؤلف بطريقة سلسة وسهلة.
ويف إشارة بسيطة يورد لنا المعلم وطيوط معلومات عن النشاط التجاري
الذي كانت تشهده منطقة سهام وقراها وذؤال وما جاورها مثل منطقة األنفة
وغيرها السيما عالقاهتا التجارية مع بعض المناطق اليمنية مثل تعز ،الذي
كان يرد تجارها إلى هذه المناطق للمتاجرة بالعطب (القطن)( ،)2كما أشار
إلى مدينة الخرقاء يف هتامة ،وعرفها أهنا كانت مدينة عظيمة يأتيها التجار
وصعده ،وصنعاء ،ومشارف تعز ،وأهنا كانت تسمى من طقشة ،والدرديةَ ،
عدن الصغير(.)3
ومن ناحية جغرافية؛ ُيعد مخطوط تاريخ وطيوط معجم جغرايف تاريخي
لما احتواه من ذكر لمناطق تنوعت بين مدن والقرى وأودية وجبال زادت من
أهميته ،حتى إن المؤلف لم يورد تلك المناطق والمدن وقرى وغيرها من باب
الذكر فقط وإنما راح يف شرح مواقع بعضها وحدودها التاريخية والجغرافية،
وأهم منتجاهتا الزراعية من عنب وتين وموز( ،)1وقصب السكر وأرز وبر
(حبوب)( ،)2وحبحب (بطيخ)( ،)3وعطب (قطن)( ،)4والزيت المستخرج
من الجلجل( ،)5ومنتجاهتا الصناعية وغيرها ،وهو ما قد نفتقده يف العديد
من المؤلفات التي تناولت السير والرتاجم التاريخية يف اليمن وغيرها من
البالد اإلسالمية.
كما شكلت النواحي العلمية والفكرية من أهم ما تطرق له المعلم وطيوط
صورا جميلة وواضحة ً عند ترجمته للعديد من علماء عصره؛ مما أعطى لنا
لسير العملية التعليمية ،وطرق التدريس ،واللقاءات التي كانت تتم بين العلماء
أنفسهم ،وبين العلماء وسالطين ذلك الزمن من بني رسول وغيرهم من حكام
فضل عن ذكرهً عصرهم ،وحلقات العلم والشعر التي كانت تقوم بينهم(،)6
للعديد من المدارس يف سياق ترجمته لبعض علماء هتامة وتعز وغيرها
السيما المدارس التي اشتهرت يف ذلك الحين بتدريسها ومدرسيها ومناهجها
وطالهبا ،مما يعطي لنا صورة ولو بسيطة عن دور تلك المدارس يف نشر العلم
بين سكان المناطق التي وجدت فيها ،لشهرة من درسوا فيها(.)7
اليمن وهتامة التي لم يرد حتى بعضها يف المصادر التي أرخت للحقبة
الرسولية وما قبلها ،مع عدم تزمين بعض تلك األحداث بسنتها التي
وقعت فيها ،لتكون أكثر دقة وأهمية ،واكتفاؤه فقط بذكر الحادثة واسم
السلطان الذي وقعت يف عهده أو الوالي أو غيره.
-4على الرغم من اعتماد المعلم وطيوط على مصادر تاريخية مهمة لنقل
بعض المعلومات إال أنه -على ما يبدو -لم يعد إليها مباشرة ،واعتمد
على مصدر السماع من غيره عنها ،لعدم إيراده لتواريخ تلك األحداث التي
كانت واردة يف المصادر التي عاد إليها ،السيما أننا قد عدنا إلى المصادر
التي اعتمد عليها وذكرها ،ووجدنا تفصيل أكثر بالشهر والسنة يف بعضها،
مما جعلنا نعتقد أنه قرأ بعضها فقط ،ونقل الباقي عن أناس قرأوا فيها.
-5عند نقله لبعض القصائد الشعرية ال يتحرى الدقة يف كتابتها ،وقد يخلط يف
األبيات ،ويقدم ويؤخر بعضها على بعض ،السيما قصائد الشعر الجاهلي
مع عدم ذكره السم الشاعر وزمانه ،حتى إن بعضها لم نجده يف كتب األدب
والشعر الجاهلي أو غيره ،إال ما جاء على لسان بعض شعراء عصره كابن
حمير الذي نقل عنه مع عدم تحري الدقة يف ذلك.
33
تاريخ وطيوط
مصادر المؤلف
اعتمد مؤلف مخطوط« :تاريخ وطيوط» على العديد من المصادر التاريخية
المكتوبة ،والمصادر الشفهية التي كانت يتلقى منها األخبار لثقته بناقليها وبما
يقدمونه ،وقد أشار المؤلف إلى تلك المصادر يف أثناء حديثة عن تلك الرتاجم،
مبينًا أهميتها التاريخية ومدى ثقته فيها ،ومن أبرز هذه المصادر المكتوبة التي
استقى منها معلوماته:
-1كتاب« :طبقات فقهاء اليمن» ،للمؤرخ عمر بن علي بن الحسن بن سمرة
الجعدي المتوىف سنة 586ﻫ1190/م(.)1
-2كتاب« :وفيات األعيان البن خلكان» ،للمؤرخ شمس الدين أبو العباس
أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان المتوىف سنة 681هـ/
1282م(.)2
-3كتاب« :السلوك يف طبقات العلماء والملوك» ،للمؤرخ أبي عبداهلل هباء
الدين محمد بن يوسف بن يعقوب الجندي المتوىف سنة 732ﻫ1331/م،
ويعد من بين أهم المصادر التي اعتمد عليها يف معلوماته(.)3
-4كتابي« :روض الرياحين يف مناقب الصالحين»َ ،و«مرآة الجنان وعربة
اليقظان يف معرفة ما يعترب من حوادث الزمان» للمؤرخ أبي محمد عفيف
الدين عبد اهلل بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي المتوىف سنة 768هـ/
حضرمي ذكر فيه كرامات للفقيه محمد ابن يعقوب ،وكرامات ولده أبي بكر
بن محمد نفع اهلل هبما»(.)1
أيضا على المعلومات التي كانت
ويف الوقت نفسه ،اعتمد المؤرخ وطيوط ً
مخزونه لديه يف ذاكرته أو التي سمعها من بعض األسر ،أو من غيره من الناس
كعلماء زبيد وغيرهم ممن كانوا يحفظون التواريخ ،فيقول يف ذلك:
«وقد حكى لي بعض األصحاب»(.)2
«وقد ُحكي لي بعض القضاة الثقات»(.)3
«هكذا سمعت بعض علماء التواريخ بزبيد»(.)4
«وأخبرين بعض رؤوسا بني قاسم أهل المغارب».
«فأخبرين من أثق به أوائل بني قاسم أهل المنصورية»(.)5
وتشكل معلوماته من بين أهم المعلومات السيما أهنا جاءت عنه كمعاصر
للحدث ،وهذا ما أعطى كتابه هذا أهمية خاصة ،كما اعتمد على معلومات
معاصريه أمثال:
الفقيه عمر بن محمد بن إسماعيل المكدش ،الذي يبدو أنه سمع منه الكثير
من المعلومات ،لقوله عنه« :على ما سمعته منه»(.)6
منهج المؤلف
خاصا تنوع بين الرتجمة لبعض ً منهجا
ً اتبع المعلم وطيوط يف كتابه هذا
الشخصيات المشهورة من العلماء والصالحين من رجال زمنه ،ومن سبقهم من
أيضا لبعض األسر التهامية الشهيرة يف منطقتي
أصحاب الكرامات ،والرتجمة ً
سهام وذؤالً ،
فضل عن ترجمته لبعض قبائل هذه المناطق وأنساهبا وتفرعاهتا
متناول أدق األمور يف ذلك ،حيث استهل حديثة ً
أول بالرتجمة ً المختلفة،
لشخصية الرجل الصالح الحسين بن إسماعيل البجلي وأبنائه ومن عاصرهم
من الصالحين ،مع التوسع يف الحديث عنه ،وعن كراماته ،ورحالته ،وعالقاته
وغير ذلك ،ثم ذكر من تبعه وعاصره من علماء عصره وزمانه والرتجمة لهم،
مع التطرق لبعض األسر التهامية ،ووضع عناوين جانبية لكل أسرة ،وتميز
المؤلف بأسلوب الخلط عند الحديث عن تلك األسر والشخصيات مع
ربطها بغيرها من األسر والشخصيات األخرى التي سكنت المنطقة.
ومما ال شك فيه ،أن المعلم وطيوط خصص لنفسه منهجية متميزة فيما
يتعلق بكتابه هذا ،حتى إنه بدأه ً
أول برتاجم بعض الشخصيات المهمة من
منطقتي سهام وذؤال وبعض مناطق هتامة ،ثم تطرق إلى بعض األسر المهمة
ً
تفصيل قد ال نجده من هنا وهناك ،ومنها عرج على قبائل المنطقة ،وفصل فيها
عند العديد من معاصريه من المؤرخين والنسابة ،وأهنى كتابه هذا بالتطرق إلى
بعض األسر اليمنية المشهورة يف هتامة ،ثم األسر التهامية األخرى القادمة من
خارج اليمن ،خاصة من الحجاز والعراق وغيرها ،السيما من ذوي الشرف
أمثال :آل الرديني ،وآل الناشري ،وآل النهاري ،وآل األهدل وآل القليصي
وغيرهم ،مع الخلط يف المعلومات التي يقدمها عن هذه األسر ،والتقديم
38
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
والتأخير فيما يخص سرد األخبار المتعلقة هبا نتيجة لتداخل أحداثها ،مما
أعطى لهذا المخطوط أهمية كبيرة بين مؤلفات تاريخ اليمن ،يف حين أن
كثيرا ما يتطرق ألحداث مختلفة حشرها يف سياق الرتاجم التي
المؤلف كان ً
تناول سيرها ،إال أنه لم يحاول أن يذكر أعوام تلك الحوادث إال فيما ندر،
وهي ميزة عجيبة يف منهج المعلم وطيوط.
وكغيره من مؤرخي العصر اإلسالمي يف اليمن ،فقد اتبع المؤرخ المذكور
طريقة تكاد تكون واحدة أو مشاهبة لغيره؛ حيث كان يذكر يف مدخل عباراته
ً
أصل من كالمه، جمل قد يعتقد من يقرأها أهنا من صنع الناسخ ،وهي
ً
كقوله مثل:
«ولما ذكر المؤلف -رحمه اهلل تعالى -أنه طال االتساع يف ذكر أهل
هذا البيت»(.)1
وقوله يف موضع أخر« :ومما نظمه المؤلف -رحمه اهلل تعالى.)2(»-
وقوله« :قال المؤلف :وأخبرين غير واحد عن الفقيه محمد.)3(»...
وقوله« :قال المؤلف رحمه اهلل تعالى»(.)4
وهو ما وجدناه عند العديد من المؤرخين الذين سبقوه ،والمعاصرين
له ،كإشارة إلى أهنا منهجية سار عليها هؤالء المؤرخون وغيرهم من مؤلفي
ذلك الزمن.
41
تاريخ وطيوط
منهج التحقيق
حاولنا يف إطار تحقيقنا لمخطوط المعلم وطيوط العمل على ضبط النص
صحيحا ،يف محاولة إلخراجه بالصورة التي تركها عليه المؤلف،
ً ضب ًطا
وألجل ذلك عملنا على:
-1مقابلة نصوص النسختين وضبطها ،وإكمال النقص ،وتصحيح األخطاء
التي وقع فيها النساخ من تحريف وتصحيف ،وأشرنا إلى ذلك يف الحاشية.
-2تقطيع النص إلى فقرات ،وجمل حسب الرتجمة أو الحدث ،وإدخال
عالمات الرتقيم المختلفة عليها من نقاط وفواصل ،وفواصل منقوطة،
وعالمات استفهام وتعجب ،وشرطات ،وأقواس معقوفة وهاللية
ومشجرة وغيرها حسب الحاجة لها ،وبما هو معمول به.
-3إدخال بعض الكلمات والعبارات الساقطة من النسخ بعد مقارنتها،
ووضعها بين قوسين معقوفين ،مع اإلشارة إلى ذلك يف الحواشي السفلية.
-4تصحيح اآليات القرآنية ،وضبط مكاهنا كما وردت يف القرآن الكريم بعد
التأكد منها ،ووضعها بين قوسين مزهرين ،مع اإلشارة يف الحاشية إلى
اسم تلك اآلية ،ورقمها.
-5تخريج األحاديث النبوية الشريفة ،ووضعها بين قوسين معقوفين،
والتأكد من مدى صحتها ،وتحديد مصدرها من كتب الصحاح ،مع
اإلشارة إلى مدى صحة الحديث ،وتصحيحه يف الحاشية السفلية،
وتحديد المصدرية واإلسناد.
-6البحث عن األبيات الشعرية والرسائل والعبارات النصية الواردة يف متن
42
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
43
تاريخ وطيوط
44
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
45
تاريخ وطيوط
46
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
47
التحقيق
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
ولم أكن قاصدً ا يف كتابي جميع فضالء اليمن؛ بل ما حضرين تثبيته( ،)1وما خطر
أرقم
ببالي رقمته ،غير مستوع لما شرحت ،وال موس ًعا فيما شرطت ،بل مرادي ُ
يف ديوان محبي الصالحين ،وأنظم يف شكل المحشر نـفـع اهلل بمـن سأذكـرهم
وبـجميـع الصالـحـين أينما كـانـوا ،وكـان الكائـن منـهم آمين.
وهـا أنـا أذكـر يف بدء كتـابـي هـذا قـدوم اإلمام الصالح العالمـة الحسين بن
إسماعيـل البجلـي الشهيـر بالـمعلم ،خـرج من بلـد قومه بجبلـة( )2إلى تـهامـة
()3
اليمن على قدم السياحة والتجرد والعبادة وصحبة الصالحين ،وقيل خرج من
الش ِعر( )1مختف ًيا ،فعلم [به]( )2أوالد عمر بن عدنان الصريفي( ،)3وعلم به أخوه
َّ
وهم بـزواج ابنة الفقيه
الصليحي فوصل إليه وعزم به ،ثم رجع إلى ذؤالّ ،
[ /1أ]( )4محمد [بن]( )5فـالح[ ،وكان]( )6بقرية يف شرقـي عواجة( )7يقال
لـها الذنبة ،وكـان ذلـك العصـر قـري ًبا مـن زوال دولـة الـحبشـة( ،)8وكـان كبيـر
الش ِعر :منطقة مشهورة وواسعة من ناحية النادرة ،شرقي إب ،كثير الخيرات، ((( َّ
وفيه حصون حميرية قديمة .الجعدي ،عمر بن علي بن الحسن بن سمرة
(ت586 :ﻫ1190/م) ،طبقات فقهاء اليمن ،تحقيق :فواد سيد ،ط ،2دار الكتب
العلمية ،بيروت1401 ،ﻫ1981 /م ،ص318؛ الحجري ،مجموع بلدان اليمن،
مج ،2ج ،1ص ،454ج ،2ص.727
(((الزيادة من (ب).
((( الصيرفيون :قبيلة يف هتامة ،وهي من قبائل ذؤال .انظر :الجندي ،السلوك ،ص.373
وتنسب إلى صريف بن ذؤال بن شبوة بن ثوبان بن عبس بن سحارة بن غالب بن
عبد اهلل بن عك .انظر :الخزرجي ،علي بن الحسن (ت812 :هـ) ،العقد الفاخر
الحسن يف طبقات أكابر أهل اليمن وهو طراز أعالم الزمن يف طبقات أعيان اليمن،
مج ،4تحقيق :عبد اهلل بن قائد العبادي وآخرون ،الجيل الجديد ،صنعاء1430 ،هـ/
2009م ،ص.1943
((( كتب الناسخ يف الهامش( :الحظ من هنا تبدأ ترجمة البجلي).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( ُع َ
واجة :قرية يف هتامة من بالد الرامية على مقربة من المراوعة ،فيها قرب الشيخين:
أبي عبد اهلل محمد بن أبي بكر الحكمي المتوىف سنة 617ﻫ1220 /م ،وأبي عبد
اهلل محمد بن حسين البجلي المتوىف سنة 621ﻫ1224 /م رحمهم اهلل جمي ًعا .انظر:
الحجري ،مجموع بلدان اليمن ،مج ،2ج ،3ص.615
((( يبدو أن المقصود بدولة الحبشة يف اليمن هي الدولة النجاحية التي سقطت على
يد علي بن مهدي سنة 554ﻫ1159 /م .انظر :عمارة اليمني ،نجم الدين عمارة
53
تاريخ وطيوط
القــريـة المذكـورة مـحمد بـن فـــالح ،ولـه بنـت تسمـى شجينـــة( ،)1وكانت
موصوفـة بالجمال والعقل والكمال ،وكان مـحمد بن فالح وقومه لهم معرفـة
بـكتب الـرمل( ،)2وكان قد صح عندهم أنه البد ألولياء ثالثة يكونون يف قرية
بالقرب من محلهم ،وهي عواجة( ،)3ويكون أكثر هؤالء من ذريتهم ،ويكون
الحل والربط ،وربما أن المملكة للناس عليهم إقبال ومزار ،ويكون لهم َ
تثبت( )4يف اليمن بعقدهم ودعائهم ،فذكر أبو العباس( )5للمعلم شجين َة وأمره
أن يخطبها إلى أبيها ،فلقي أباها( )6خاط ًبا إليه شجينة ،فقال أبوها( )7وقد نظر
يف يده مخالة ،وهي إناء يجعل فيه حسيك الفرس والحمار :ال ُأزوجك(،)8
إياها إال إذا مألت لي هذه المخالة دراهم.
= ابن علي الحكمي (ت569 :ﻫ1173/م) ،تاريخ اليمن ،حقق نصه وضبط أعالمه
وعلق عليه وقدم له باإلضافة إلى مقدمة وتعليقات الناشر األول (كاي) سنة 1892م
المرتجمة ترجمة دقيقة :حسن سليمان محمود ،ط ،1مكتبة اإلرشاد ،صنعاء،
1425ﻫ2004/م ،ص153 - 152؛ الحريري ،محمد عيسى ،معالم التطور
السياسي يف دولة بني نجاح باليمن وعالقاهتم بالصليحين (412ﻫ1021 /م)
(554ﻫ1559 /م) ،دار القلم ،الكويت1404 ،ﻫ1984 /م ،ص.85
((( ترجم لها :الجندي ،السلوك.366 /2 ،
قديما ،يبحث فيه عن المجهوالت ،وهو خرافة .انظر :إبراهيم ِ
((( وهو علم عرف ُه العرب ً
مصطفى وآخرين ،المعجم الوسيط ،ج ،1تحقيق :مجمع اللغة العربية ،دار الدعوة،
القاهرة ،د .ت ،ص.374
((( وردت يف (ب) يكون بالقرب يف قرية من محلهم وهي عواجة.
((( كُتبت يف (أ) مملكة تثب ،والتصحيح يف المتن من (ب).
((( ويبدو أنه يقصد به سيدنا الخضر (عليه السالم) الذي كان يكنى أبا العباس ،وتعد
هذه المعلومة من شطحات الصوفية.
((( وردت يف (ب) فأتى أباها.
((( وردت يف (أ) أبيها والتصحيح من (ب).
((( وردت يف (أ) ألزوجك ،والتصحيح من (ب).
54
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
فرد عنه( ،)1فمكث أيا ًما ،وحثه أبو العباس على ذلك ،فقال :قال لي محمد
ابن فالح ال أزوجك إال بملء( )2المخالة دراهم .فيقال إن أبا العباس أعطاه
ِ
أمض إليه هبذه الدراهم؛ فإهنا تمأل المخالة. قبضة دراهم ،وقال له:
فأتاه بالمخالة وهي مآلنة دراهم ،فعقد هبا من ساعته ،وبنى لها شجينة(،)3
فوهبت له :محمد بن الحسين( ،)4وعلي بن الحسين( ،)5وعبد الرحمن
ابن الحسين ،وإسماعيل بن الحسين وغير هؤالء ،فكان يف ذلك الزمان
الشيخ األسدي( ،)6وكان له الشهرة التي ال مزيد عليها ،وكانت فقراؤه تزيد
على ثالثمائة( )7فقير( ،)8وكان يمر يف البالد .وكان الشيخ محمد بن أبي بكر
نجارا بمحل عيسي؛ قرية شرقي الجبل الصغير الذى شرقي ً
()1
الحكمي
القحمة([ ،)2وكان]( )3يتجر بذي األغرب ،موضع يف الهيجة( ،)4مكانه يعرف إلى
الساعة ،وكان إذا مر األسدي -نفع اهلل به -على الشيخ محمد بن أبي بكر
[/1ب] [الحكمي]( )5يخرج منه قبيح إلى الشيخ محمد ،فيحتمل الشيخ
محمد ،وكان يشكو على المعلم حسين -نفع اهلل هبم أجمعين ،-فيأمره
من بني فالح ،أن ()6
باالحتمال ،وربما أن المعلم حسين أعلمه بما علم
البد من واليـة تامة وإقبال عليه ،وقد سمعنا أهنا كُتب كانت عند بني فالح،
((( ترجم له :الجندي ،السلوك364 /2 ،؛ الشرجي ،طبقات الخواص ،ص- 264
267؛ اليافعي ،أبو محمد عفيف الدين عبد اهلل بن أسعد بن علي بن سليمان (ت:
768هـ) ،مرآة الجنان وعربة اليقظان يف معرفة ما يعترب من حوادث الزمان ،وضع
حواشيه :خليل المنصور ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت1417 ،هـ1997 /م/4 ،
267 - 266؛ ابن العماد ،أبو فالح عبد الحي بن أحمد بن محمد (ت1089 :هـ)،
شذرات الذهب يف أخبار من ذهب ،تحقيق :محمود األرناؤوط ،خرج أحاديثه :عبد
القادر األرناؤوط ،ط ،1دار ابن كثير ،دمشق -بيروت1406 ،هـ1986 /م/7 ،
.138 - 137
((( القحمة :بلدة عامرة يف بالد الرجود من أعمال زبيد ،وتقع شرقي الطريق المعبد
ً
شمال .إسماعيل األكوع، بالقرب من الركب بين وادي زبيد جنو ًبا ووادي رمع
البلدان اليمانية ،ص.226
((( الزيادة من (ب).
اله ْيجة :أسماء لعدد من المناطق والقرى اليمنية ،فمنها قرية يف بني مديخة من مديرية
((( َ
أيضا قرية يف نواحي الزهرة بتهامة،
الشاهل الشرفين ،وأعمال محافظة حجة ،وهي ً
وتعرف بدير الهيجة ،ويبدو أهنا هي المقصودة .انظر :المقحفي ،معجم البلدان/2 ،
.1838 - 1837
((( الزيادة من (ب).
((( كتبت يف (أ) فعلم بما إليه.
56
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
ولكنها أودعت يف الجبال لنفاستها مخافة النار يف هتامة( ،)1وأتى عليهم الزمان
وعلى الكتب ،وسبحان( )2الدائم بعد فناء الخلق( ،)3حتى كان من المقدور
السماوي ما كان ،وفنيت بنو فالح ،وكانوا أهل مآثر ،مآثرهم مسجد هو يف
قرية تسمى عارضة ابن األعرج يف برع الجبل(.)4
ثم ظهر الفقيه محمد بن الحسين البجلي ،وكان صاحب أحوال مشهورة،
وكرامات مذكورة ،وكان صاحب علم لدُ ين( ،)5وكرم جم ،وقد صنف كت ًبا أجاد
«لب اللباب» ،ذكر فيه ما أستجاده أهل العلم ،وكان من طبعه القيام
فيها ،منهاُ :
مرتفها يف الملبس والمركب ،وكان فيه
ً بحوائج الناس ،وبأمر الواردين ،وكان
من الصرب الجميل والنيل الجزيل ،ما يكل عن الوصف ،ويدل( )6على ما فيه.
((( يبدو أنه تم أرسال هذه الكتب إلى الجبال ،وهي مناطق باردة بعكس هتامة التي تتميز
بحرارة جوها الذي شبهه المؤلف بالنار الحارقة التي قد تتلف هذه الكتب.
((( يف (ب) فسبحان.
((( يف (ب) خلقه.
((( ُب َرع :جبل كبير بناحية زبيد ،يسكنه الصنابر من حمير ،تنتشر فيه الكثير من المزارع،
السيما مزارع البن .الهمداين ،أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب ،صفة جزيرة
العرب ،تحقيق :محمد بن علي األكوع ،ط ،1مكتبة اإلرشاد ،صنعاء1410 ،ﻫ/
1990م205 ،؛ إسماعيل األكوع ،البلدان اليمانية ،ص.41
((( العلم اللدُ نِّي :هو العلم الجامع للحقائق كلها الواردة يف القرآن الكريم .ويقول
الجرجاين« :القرآن هو المنزل على الرسول المكتوب يف المصاحف المنقول عنه
متواترا بال شبهة والقرآن عند أهل الحق هو العلم اللدين اإلجمالي الجامعً ً
نقل
للحقائق كلها» .علي بن محمد بن علي ،التعريفات ،تحقيق :إبراهيم األبياري ،دار
الكتاب العربي ،ط ،1بيروت1405 ،هـ ،ص.223
((( يف (أ) ويولوا ،والتصحيح من (ب).
57
تاريخ وطيوط
كثير الــتــواين يف الــذي أنــا طالبـه ولو أنني أسعى لنفسي وجدتني
عـار إذا جاع صاحبه
وشبـع الفتى ٌ ولكنني أســعــى النــفــع صاحبي
ويحمي شجاع القوم من ال يناسبـه يــفـ َـر جــبــان الــقــوم عــن أم نفسه
ويحرم من مال البخيل أقاربـــه ويــأكــل مــن زاد الــكــريــم عـدوه
234
وقال( )1غيره:
()3
فام أعوج عىل يشء من الصغر ()2
ألفـت من نائبات الدهر أكثرها
كأنني املسـك بني الصخر واحلجر تــزيــد يف قــســوة األيــــام طــيــب ثنـا
غيره:
()4
والــعــود يف ك ــورة ويف قتبــــه تــلــك ب ــن ــات الــمــخــاض رائــعـــــة
م ــن راحــــة الــخــلــق يف تعبــــه ال يستريح مــن الــدنــيــا وحسرتها
عادها إلى وقتنا هذا عند ذريته ،وكان الشاعر ابن حمير( )1يمتدحهما جمي ًعا،
وربما قدم ذكر الفقيه قبل الشيخ ،فقيل( )2ذلك ألجل حرمة العلم ،وقيل إن
الشيخ أمره بذلك ،وكان أخوه علي بن الحسين صاحب دنيا واسعة ،وأحوال
القرة [يف]( )3شرقي رمان( ،)4وكانمشهورة ،وكان له حرث ،وقرية تسمى َ
ربما أنكر على الشيخ يف أمور كثيرة ،وكان إذا أذن الشيخ يرى الفقيه علي بن
الحسين أن الوقت لم يدخل؛ فينكر على الشيخ ،حتى إن الشيخ أمر المؤذن
يو ًما أن يؤذن الظهر يف ساعة يرى أهل الشرع [أن]( )5األذان فيها غير جائز،
فأنكر ذلك الفقيه علي بن الحسين ،وشتم المؤذن ،فأتى الشيخ إلى الفقيه علي
()6
-نفع اهلل هبما ،-وقال له :انظر إلى المؤذن تحت سدرة المنتهى .فرأى
الفقيه ذلك ،فكان ذلك سبب عدم األنكار منه.
((( هو أبو عبد اهلل جمال الدين محمد بن حمير بن عمر الوصابي الهمداين ،وكان
يلقب بشاعر الملك المنصور ،أو شاعر الدولة المنصورية ،تويف يف مدينة زبيد
سنة651 ﻫ1253/م ،وقرب بمقربة باب سهام .للمزيد عنه ،انظر :ابن حمير،
أبو عبداهلل جمال الدين محمد بن حمير الهمداين ،ديوان ابن حمير ،حققه
وعلق عليه :محمد بن علي األكوع ،ط ،1دار العودة ،بيروت1985 ،م،
ص 21وما بعدها.
((( التصحيح من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( رمانٍ :
واد وبلدة يف منطقة الحجبة السفلى من مديرية الدُ ريهمي وأعمال الحديدة،
وتقع على ساحل البحر األحمر أمام خليج غليفقة .المقحفي ،معجم البلدان،
.703/1
((( الزيادة من (ب).
((( كتبت يف (أ) فرئى ،والتصحيح من (ب).
59
تاريخ وطيوط
وكان قراءة محمد بن الحسين وأخيه؛ على الفقيه برهان الدين إبراهيم
أيضا الفقيه
بن محمد بن زكريا( )1بالشويرى( )2وكانا يأتيان الشويرى ،وكان ً
موسى بن علي أبو الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل( -)3نفع اهلل هبم،-
()5
وعبداهلل بن محمد بن عبد اهلل جمعان( )4وعلي بن قاسم الحكمي
((( ترجم له الخزرجي بقوله :بلغني أن الفقيه إبراهيم بن عبد اهلل بن محمد بن زكريا كان
من الصالحين الكبار ،العلماء المشهورين ،وأنه تويف سنة 607ﻫ1253 /م .يف حين
عرفه الشرجي بقوله :أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اهلل بن زكريا الفقيه اإلمام الكبير،
وقد تويف سنة 609ﻫ1253 /م .للمزيد عن الفقيه المذكور ،انظر :الجعدي ،طبقات
فقهاء اليمن ،ص246 - 245؛ الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن203 - 202 /1 ،؛
1480 /3؛ الشرجي ،طبقات الخواص ،ص.47 - 46
الش َو ْيرى :قرية قديمة خاربة من بالد نعيمة يف مخالف جعفر على وادي سهام .ابن ((( ُ
سمرة الجعدي ،طبقات فقهاء اليمن ،ص319؛ الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن،
.547 /1
((( هو الفقيه المشهور أبو أحمد موسى بن علي بن عمر بن عجيل ،كان من أكرب وأشهر
فقراء عصره ،ترجم له بعض المؤرخين .انظر :الجندي ،السلوك416 - 415 /1 ،؛
الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن2154 - 2153 /4 ،؛ الملك األفضل ،العباس بن
علي بن المؤيد الرسولي (ت778 :ﻫ1376/م) ،العطايا السنية والمواهب الهنية
يف المناقب اليمنية ،دراسة وتحقيق :عبد الواحد عبداهلل الخامري ،إصدارات وزارة
الثقافة والسياحة ،صنعاء1425 ،ﻫ2005 /م ،ص.642 - 641
أيضا جعمان .انظر :األهدل ،تحفة الزمن ،ج ،1ص .288وهو أبو عبد اهلل ((( وتكتب ً
فقيها كبير القدر سامي الذكر ،عنه أخذ محمد بن عبد اهلل بن جمعان الصريفي ،كان ً
موسى بن عجيل الفرائض ،وكانا زميلين يف القراءة على إبراهيم بن زكريا .السلوك،
373 /2؛ الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن.1943 /4 ،
((( هو الفقيه اإلمام الشافعي أبو الحسن علي بن قاسم بن هيس بن سليمان بن عمرو بن
نافع الحكمي الشراحيلي ،المتوىف سنة 640ﻫ1242 /م .للمزيد عنه انظر :الجندي،
السلوك474 – 473 /1 ،؛ الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن1481 - 1480/3 ،؛
الملك األفضل ،العطايا السنية ،ص.456 - 455
60
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
أيضا على الفقيه إبراهيم يف الشويرى ،فخرج يو ًما الفقيه محمد بن يقرأون(ً )1
الحسين وأخوه علي بن الحسين كجاري العادة إلى الشويرى ،وكان ذلك يف
أيام الصيف ،فماال إلى شجرة يف الطريق من شدة الهاجرة ،فنام الفقيه محمد
فصب يف فم الفقيه شيء
َ بن الحسين فجاء طائر من السماء ،والفقيه ناظر إليه،
مثل الزبد ،وله رائحة [طيبة]( )2عبقت ذلك المكان عر ًفا حسنًا ،فلما استيقظ
الفقيه من ذلك النوم قال ألخيه :نرجع إلى منزلنا .فقال له أخوه :أال نتقدم إلى
الشويرى .فقال :ال .فرجعا ،واتفق [ /2ب] أن الفقيه -نفع اهلل به -مرض
عقب ذلك فسمع به الفقيه إبراهيم فزاره فيمن كان معه من أهل القرية ،فأكرمهم
الفقيه ،وخرج مشي ًعا له وألصحابه والفقيه إبراهيم يلقي عليه( )3مسائل غامضة
ويجيبه عليها(.)4
ٍ
ماش بعد أن ثم إن الفقيه إبراهيم نزل فقال :مثلي ال يكون راك ًبا ،وأنت
فارقتنا يا محمد بن الحسين ،وأنت على غير هذه الصفة عندي ،أن هذا علم
أعطيته دوننا هذا .وعلي بن الحسين -نفع اهلل به -يسكن شجينة يف القرة،
والفقيه محمد بن الحسين هو والشيخ -نفع اهلل هبما -مسكنهما عواجة،
وقيل إن عواجة يف ذلك الزمان كان فيها ثالثمائة دهليز ،وكان الفقيه محمد
أرضا جليلة قبلي عواجة ،وهي
بن الحسين وأخوه علي بن الحسين قد اكتسبا ً
أرضا شرقي رمان وما
أيضا ً
واد يقال له شرياف ،والفقيه علي بن الحسين ملك ً ٍ
قبلهما قرية يقال( )5لها القرة.
((( التصحيح من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) يلقي إليه.
((( يف (ب) فيجيبه عنها.
((( أضاف بالهامش كلمة»يقال» ،وهي كلمة ناقصة بالمتن.
61
تاريخ وطيوط
ومن بعض مكارمه؛ أنه وقعت أزمة شديدة أفنت المواشي ،وحصل عقبها
حريق( )1قوي ،فمر الفقيه شرقي القحمة ،وأهلها عرب( )2أصلهم( )3بط ٌن من
الالميين من أوالد ساعدة بن عك( ،)4وأرضهم تفيض بالماء عقب( )5المطر،
فهناهم الفقيه علي بن الحسين بسقي أرضهم ،فقالوا له :واهلل يا سيدي ،ما
معنى فرح بالمطر( .)6فقال لهم الفقيه :ل ِ َم [ذاك]()7؟! قالوا :لعجزنا عن
القيام بعمارهتا .فقال الفقيه :من أراد منكم السلف إلى الخير ،طعام بطعام
القرة .وكان متوجها إليها ،فوصلوا إليه؛ فأسلفهم ،وأقاموا أرضهم فليأت إلى ّ
فلما أحرزوا غلتهم؛ قيا ًما كل ًيا وأعاضهم اهلل [سبحانه] يف ذلك الزرعَّ ،
()8
حملوا إلى الفقيه ما كان أقرضهم إياه وفا ًء له ،فلما وصلوه قال لهم :أنتم
يف حل مما كان لي يف ذمتكم ،واهلل ما أصرفته عليكم( )9إال صدقة لوجه اهلل
تعالى ،رضي اهلل عنه ونفعنا [/ 3أ] به وبأمثاله من أهل الوالية يف الدارين.
وكان الفقيه محمد بن الحسين البجلي -رضي اهلل عنه -ذو علم وعمل،
وكان مستجاب الدعوة ،قيل إن وال ًيا يف زمانه تولى ال َكدْ َراء( ،)10وكان ف ًظا
ظالما ،فطالب الفقيه بالمكتب( ،)1والوقت متعذر عليه( ،)2ورسم عليه مملوكًا
ً
عجم ًيا يف ساعة لم يشعر به أحد ،وبعد ربط الفقيه بمربط الفرس ،ونال الفقيه
النجاسة من البول والروث ،ثم أن الفقيه رفع بصره إلى السماء ،وقال :اللهم إن
حلمك على الظالمين ،فثبت قلوب المظلومين ،وأنت حليم ذو أناة ،وال صرب
لي عن أناتك واغوثاه .فظهر شخص من تحت الفرس يف يده سيف ،فضرب
ً
صارخا ،فقال له الناس :ما به المملوك ،فقده نصفين ،وخرج غالم المملوك
دهاك !! فأخربهم بما جرى على مواله ،وعلم بذلك الملك المنصور(.)3
وقيل إن الفقيه انكسر عليه وعلى أهل جهاته عشرة آالف دينار مكت ًبا(،)1
وكانت سنة جديبة( ،)2فعزم هو والشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي -نفع اهلل
هبما -إلى الملك المنصور ،طالبين له أن يصفح عنهم ما عليهم أو بعضه ،فبينما
هم يف ُذ َؤال إذ نظروا إلى رجل من بني معزب أو من بني الشغادر( )3كانوا أهل
يسار( )4وجاه ،وذلك الرجل يقال له العجل ،وهو يف محمل وتحته غلمان له،
وهم متوجهون إلى بلدهم ،وغلمان ذلك الرجل يقولون :جبلي نزل من جباله،
وينال الرمض والرمض ما يناله .فسأل عن الشيخ والفقيه ،ف ُعرف هبما ،فجاء
وسلم عليهما ،وسألهما :ما سبب مجيئهما ،فأعلماه أهنما متوجهان إلى الملك
وجها ،فرفع عنهم المنصور ،وأن عليهم عشرة آالف دينار مكت ًبا ،ما وجدا لها ً
العشرة ،فقال أنا أحق هبا من هؤالء .وسمع الملك المنصور بذلك فشكره على
فعله ،وهذا الرجل البد أن أذكر أهله( )5يف غير هذا المكان إن شاء اهلل تعالى.
بدو سيدي الشيخ [/3ب] محمد بن أبي بكر [الحكمي]( )6كانوقيل إن ّ
الم ْصبِر( )7بناحيه حرض( ،)8وكان يف تلك القرية رجل
والده أبو بكر يسكن َ
((( يف (ب) مكتو ًبا .أي ضريبة فرضة عليهم للدولة دفعها.
((( كتبت يف (أ) جديدة ،والتصحيح من (ب).
((( يبدو أن المؤلف يقصد ببني معزب ،المعازبة أشهر قبائل عك يف ذلك الحين .انظر:
الملك األشرف ،طرفة األصحاب ،ص.53
((( كتبت يف (أ) سيارة ،والتصحيح من (ب).
((( كتبت يف (ب) :البد أن أذكره.
((( الزيادة من (ب).
الم ْصبِرا :هي قرية من نواحي مدينة حرض ،و ُتعد مكان الم ْصبِرى أو َ
الم ْصبِر أو َ
((( َ
إقامة وسكن آل الحكمي ،الجعدي ،طبقات فقهاء اليمن ،ص.324
((( وحرض :بلدة عامرة يف هتامة شرق ميناء مِيدي .إسماعيل األكوع ،البلدان اليمانية،
ص.94
64
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
نورا من السماء يضيئ إلى منزل الشيخ، متعبد رأى ليلة وضع الشيخ محمد ً
فأتى فرأى البيت ،ورأى النور يخرج ،وسمع الطفل يبكي يف البيت ،فوقف
ساعة ،فمر به رجل فسأله عن صاحب هذا البيت ،فقيل له( :)1هو رجل يسمى
أبو بكر الحكمي ،وولد له هذه الليلة ولد .فأتى إلى والد الشيخ؛ فقال له:
يا سيدي أريد أن أخدم أم هذا المولود تربكًا هبذا المولود .فقال أبو الشيخ:
افعل .فكان يخدم المرأة بالماء والنار يف البيت ،وما عجزوا عنه( )2خدمهم
كثيرا ما يكون يف البادية ،وأول أمره أنه سمع امرأة بدوية فيه ،وكان هذا الرجل ً
يف ذؤال وهي تقول:
لِـــمـــ ْل َ
ـــت إلـــيـــه بــالــكــل أدنــــاك أال يــاســعــد لــو ســاعــدت مــوالك
فكان هذا سبب دخوله يف الطريق إلى اهلل تعالى ،وكان الشيخ والفقيه محمد
بن الحسين -نفع اهلل هبما يف الدارين -لهما يف زماهنما شهرة عظيمة ،وقيل إن
أولياء زماهنما كانوا يحضرون يف كل عام ليلة معهما يف عواجة ،ويتذاكرون
ما أبرم يف السماء ،وما جرى به القلم من المقدور السماوي ،وما سيكون من
خير وشر يف ذلك العام ،ويسألون اهلل دفع الشر عن المسلمين ،وقيل إن الفقيه
محمد بن إسماعيل الحضرمي( )3كان يحضر مع جملة من حضر على بغلة،
وقيل تذاكر الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي والفقيه محمد بن الحسين يف
أهل العلم وأهل التصوف .فقال الفقيه :أهل العلم أسلك .فقال الشيخ :أهل
وفقيها حتى أميز لك
ً فقيرا
التصوف أسلك .فقال الشيخ للفقيه :اطلب لي ً
حالهما .فطلبهما ،فقال الشيخ للفقيه :يا فقيه يف نفسي منك [/4أ] شيء .فقال
الفقيه :وأنا يف نفسي منك شيئان .وجاء الفقير ،فقال له الشيخ :يا فقير ،تعلم يف
نفسي منك شيء .فقال الفقير :أنا استغفر اهلل .وقام يف الصف ،فشهد يف ذلك
المقام للفقير مع هذا أن ال ينكر حرمة العلم ،وال [ينكر]( )1حرمة العلماء ،فإذا
وفعل فال أحد يدانيه ،ألن الواجب منً ً
وقول وظاهرا
ً عمل العالم بعلمه باطنًا
العلم العمل ،وإذا كان العالم يزل بعمله فباطنه خالف ظاهره ،وليس بعامل،
فقد قيل إن زلة العالم كزلة الظالم( ،)2نسأل اهلل الرحمن الرحيم أن يتغمدنا
برحمته الواسعة ،وأن يرضى علينا وأن يتوفانا مسلمين.
ومن كرامات الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي منذ( )3خلقه اهلل تعالى
ما كتب على مسلم زلة ،وكان رجل قدم على الشيخ والفقيه صاحبي عواجة
-نفع اهلل هبما ،-فأعطاهما شي ًئا كان عنده ،وشرط عليهما أنه متى دعاهما
أجاباه ،وإنه ال يموت إال وهما عنده ،وإنه يقرب بين السماء واألرض ،فقاال له
اكتب ورقة فيها :محمد يا محمد ،فمتى أحسست بالموت فاطرحها ،فإهنا تقع
عندنا ،وتكون طل ًبا لنا إليك .فكان متى دعا هبما أجاباه ،وعند وفاته( )4كتب
ورقة وطرحها ،فأقبال عليه وهو يف مسجد يعالج سكرات الموت ،فلما مات
حفرا له وقرباه ،وأدخله الشيخ القرب ونسي جبته ،فقال لبعض الفقراء ادخل
هبا القرب واطرحها عليه ،فدخل القرب فوجد منربًا من نور ،وعليه ذلك الرجل،
وقوم طالعون به إلى السماء ،فقال الشيخ للفقير :أكتم ما رأيت .فقال :مثل
هذه الكرامة ال تكتم(.)1
وقيل وقعت يف زمان الشيخ والفقيه سنة جدبة ،وحصل مطر [يف]( )2الصيف
بالقرب من عواجة ،فانتجعت( )3له أهل المواشي من كل مكان ،وجاء عرب
من عرب سهام معهم غنم وكلب ،فكان الكلب [/4ب] يدخل عواجة إلى
بعض من هو ساكن فيها فيربه ،فاستمال الكلب إلى أهل ذلك البيت ،وبقي
قليل ما تأيت أهله ،وهي عامرة بأهلها ،وهي كانت مساكن قوم من الحبشة(،)4
فيها أهل يسار وجاه ،ثم أن الكلب تردد يف أن يتبع أهله األصل ،ويف أن يعود
إلى قومه إلى أهل البيت الذى أبروه ،فرفع رأسه وعوى والشيخ محمد بن أبي
عظيما ،فلما هدى من البكاء،
ً مارا إلى مدينة الكدراء ،فبكى الشيخ بكا ًء
بكر ً
مم تبكي( .)5فقال :إن الكلب الذي رأيتموه
قال له الجماعة الذي معه :يا سيدى ّ
((( هذه القصة من شطحات الصوفية ،وهي كثيرة يف هذا الكتاب ،مما يبين لنا جز ًءا من
ثقافة ذلك العصر الفكرية ،ومدى اعتقاد الناس هبذه الفئة.
((( الزيادة من (ب).
((( يبدو أنه يقصد فتجمعت.
((( شهدت اليمن خالل المدة المذكور تواجد الكثير من العناصر الوافدة إليها من
األحباش والرتكمان واألكراد والفرس والعرب وغيرهم ،نتيجة لما تعرضت له
اليمن من أحداث سياسية أدت إلى قدومهم خالل مراحل مختلفة .للمزيد انظر:
ُهديل ،الحياة االجتماعية يف اليمن ،ص.80 – 54
((( كتبت يف (ب) :بكيت.
67
تاريخ وطيوط
شعرا:
2
ً
()1
يعوي قال يف عوائه
وأهــــل أقـــامـــوا أي أهـــل أتــبـ ُـع أال أن لــي أهــلــيــن أه ــل ترحلـوا
()2
وســار الــذي قلبي بهم متولع أقــــام الــــذي ال أســتــطــيــع فــراقــهــم
قلت :وقد ذكر اليافعي(- )3نفع اهلل به [يف الدارين]( )4يف روض الرياحين-
إن الشيخ أبو الغيث بن جميل( -)5نفع اهلل به [يف الدارين]( -)6ذكر أنه رأى يف
اليقظة أن الشيخ والفقيه خوطبا من غير واسطة ،وقيل لهما ً
قول ما شئتما،
ذل السؤال يف واقطعا بما شئتما ،وال تطلباين حاجة ،فإين أكره أن أرى َّ
علما بأحوال عباده(.)7
وجوهكما ،نفع اهلل هبما ،سبحان من أحاط ً
عليه ،فأتوا يو ًما وقد برز كجاري عادته إلى عواجة وعزم يوم ربوع( )1ال يدور،
فقال له بنو عجيل :ويف مثل هذا اليوم تعزم ،فقال :اليوم يوم اهلل والعبد عبد
اهلل .وكان زمانه طيب كثير الخصب والسعة ،وقيل إنه حج سنة وولده إبراهيم
()2
معه وجماعة ،فزاروا المدينة [المنورة على صاحبها الصالة والسالم]
فمر عليهم كلب عقور فهز عليه الفقيه إبراهيم بن فخرجوا خارج المدينةّ ،
علي عصا( ،)3فمات الكلب من ساعته ،فكان أهل الكلب أناس رافضية( ،)4لهم
سطوة وبغض ألهل المذهب السني ،فحملوا على الفقيه إبراهيم وأصحابه،
فهربوا إلى منزل الفقيه علي بن إبراهيم ،وجرى منهم توعد للفقيه وأصحابه،
فقالت أهل المدينة العقالء منهمً :
مهل هذا الفقيه رجل( )5صالح .فقالوا :واهلل
ما نعذرهم عن دم الكلب؛ إال إذا أعلمنا بكنز مدفون يف نخلنا لعجوز منا.
فأتوا الفقيه وأعلموه بذلك ،فأمهلهم الفقيه إلى يوم الجمعة ،فدخل فيها
على النبي ﷺ فأعلمه أن الكنز تحت نخلة َجد ًبا ،فلما أصبح الفقيه مضى
هو وأصحابه ،وأتوا إلى القوم وإلى [نخل]( )6تلك المرأة؛ فرأى الفقيه نخلة
جدبا بين النخل فأتاها ،ووقف تحتها ،وقال :هو ها هنا فحفروا له .فوجدوه
((( ويقصد بيوم الربوع يوم األربعاء ،باللهجة العامية ،وعادة ما يتشاءم أهالي بعض
المناطق اليمنية من الخروج أو العمل يف مثل هذا اليوم.
((( الزيادة من (ب).
((( التصحيح من (ب).
((( الرافضة :فرقة من الشيعة تجيز الطعن يف الصحابة ،قال األصمعي :سموا بذلك ألهنم
تركوا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رحمهم اهلل تعالى ،بعد أن كانوا
الرزاق الحسيني
محمد بن عبد ّ محمد بن ّ الزبيدي ،مرتضى ّ بايعوه ،ثم قالوا له :تربأَّ .
(ت1205 :هـ) ،تاج العروس ،تحقيق :مجموعة من المحققين ،دار الهداية،
(د .ن)( ،د .ت).350 /18 ،
((( يف (ب) عبد.
((( الزيادة من (ب).
70
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
-نفع اهلل به ،-وكان أخوه [عمر بن إبراهيم]( - )1نفع اهلل به -صاحب كرامات
واسعة ،وبنى مسجدً ا يف غيبة أخيه علي إلى الحج بالجص واآلجر ،وقل ما
بني [/5ب] يف اليمن مثله ،وقيل إنه على ذراع الكعبة.
وللفقيه علي بن إبراهيم [نفع اهلل به األمة]( )2مسجد خوص( )3غربي مسجد
[الفقيه]( )4أخيه بالقرب منه ،وقيل إن الفقيه عمر بن إبراهيم منذ أسس المسجد
أكل ،ويف ذلك المسجد ما ترى تدريس العلم ما فرق البنائين اللحم كل ليلة ً
الشريف ،وتالوة كتاب اهلل عز وجل( ،)5وقيل كان من درسة الفقيه علي بن
إبراهيم الفقيه أبو بكر بن يوسف شيخ( ،)6ثم قرأ بعد ذلك على والده إبراهيم،
وكان الذي يقرأون على الفقيه علي بن إبراهيم محمولين النفقة ،فلما مات
رحمه اهلل تعالى وانقطع الطلبة من جاري العادة اجتمعوا ،وقالوا لولده :إن
أباك (رحمه اهلل تعالى) كان يحمل نفقة الطلبة ،فهل لك أن تجريهم على ما
كانوا يعتادونه من والدك .فقال :أمهلوين .فأمهلوه( )7حتى رآه يف النوم ،وقال
له :يا ِ
أبت إن الطلبة لم يقع لهم من يقوم هبم ،أبطلوا القراءة .فقال أبوه :يا
ولدي قم هبم ،وال تضيع لهم جنا ًبا ،وأعلمهم أهنم من أهل الجنة .فأجراهم
الفقيه إبراهيم على [جاري]( )8عادهتم مدة حياته.
وكان للفقيه علي بن إبراهيم ولد يتهم بصحبة ال ُغز( ،)1يقال له أحمد ،وقيل
إنه كان يروح الكدراء ،ويهب الختمة من خروجه من شجينة حتى يدخل
الكدراء ،وكان من رآه يف شجينة يف غير الطريق أخذه بالغزو والجنيه( ،)2وكان
يذب بذلك ،فمن هنا كان متهو ًما ،وباطنه خالف ذلك ،وكان اختالفه على
الغز [/6أ] ،وإلى الكدراء يعاقب من فعل ماال يليق عرضه بذكر نزهة مآثر
آلل الطاهرة .وقيل كان ولد الفقيه علي بن عمر -نفع اهلل به -قد خرج عن
الطريق يف شرب الخمر وغيره ،مما ال يليق بمنصبه الكريم ،وكان رجل آخر
جارا للفقيه علي بن إبراهيم ،وكان له زوجة( )3إذا شرب يقال له شراب ،كان ً
الخمر هذا الولد يأتيها ،فأتاها ليلة وهو سكران هو وندماؤه معه؛ وزوجة هذا
حمل هو وأصحابه ،فاستيقظ شراب ،فأخذ الرجل نائمة بين عيالها ،فأخذها ً
الولدين الطفلين ،وحملهما وصاح :يا إسالماه( )4ياغوثاه .فسمعه الفقيه،
فقال :من هذا .فقالوا له :شراب من ما ناله .فقال :ما ناله( .)5قالوا :ما ندرى.
((( مكتوبة يف (أ) الغزاة ،والتصحيح من (ب) .وال ُغز :جنس من الرتك .ابن منظور ،محمد
بن مكرم بن على ،لسان العرب ،ط ،3دار صادر ،بيروت1414 ،ه .65 /10 ،وقد
كان وجودهم يف اليمن منذ مدة سابقة لعصر المؤلف ،ونتيجة لتداخلهم مع السكان
األصلين وتزاوجهم هبم ظهر جيل جديد جمع بين المالمح اليمنية والرتكمانية ،وقد
زاد من مكانة هذا الجنس دخول األيوبيين اليمن سنة 569ﻫ1173 /م ،وتوليهم
لمقاليد الحكم فيها ،ثم تولي األسرة الرسولية التي جاء أفرادها مع األيوبيين ،حتى
أن مؤرخي ذلك العصر أطلقوا على األيوبيين والرسوليين اسم ال ُغز مع أن األيوبيين
جنس من الكرد .للمزيد عن ال ُغز يف اليمن انظرُ :هديل ،الحياة االجتماعية يف اليمن،
ص.77 - 55
((( عبارة غير مفهومة.
((( كتبت يف (أ) وكانت زوجة كان ،والتصحيح من (ب).
((( يف (ب) يا سالمة.
((( كتبت يف (أ) :فقال ما نابه ،والتصحيح من (ب).
72
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
هيبة للفقيه أن يذكروا ولده بمثل هذه الحكاية ،فصاح شراب :يا إسالماه
ياغوثاه .فضاق قلب الفقيه علي ،وقال :ما لشراب .قالوا له :ال ندرى .قال:
اطلبوه لي ،فطلبوه ،فقال له :ما معك؟ فقال :ولدك أحمد فعل وفعل .فأطرق
الفقيه ساعة ،وقال :يا ولدي اجتنب هذه المرأة ،فليست تصلح لك .وأعطاه
دينارا ،وقال :تزوج أو اشرتِ [لنفسك]( )1جارية .وبقي ذلك الولد
خمسمائة ً
مصرا على المعاصي( ،)2حتى مات الفقيه ،فلما حصل الفقيه بالنزع أتى الولد
ً
إلى أبيه ،وقال :يا أبت أوالدك متولون ،وأنا رجل فقير .فقال له :يا ولدي
أمض إلى جليدة؛ قرية يمنا شجينة ،وأت إلى ِ أنت [رجل]( )3جاهل ،ولكن
القطان( )4فالن ،قل له :قال أبي أعطني الخمسمائة التي عندك .فقال :هي
عطب/6[ ،ب] فإن أمهلتني جلبتها( )5إلى الجبل ،وتأخذ نصف الفائدة ،وأنا
كذلك ،وأعطيك ما كان لك .فتغيب عنه ثالث سنين ،فأتاه هبا( )6وهي ثالثة
أالف ،فأعطاه ما كان له ،وجلس ذلك الولد إلى أن مات يو ًما عمه ،ونظر يف
قرب عمه ،فداخله الخوف من ساعته ،والخوف والرعب [م ًعا]( )7من اهلل تعالى
والحيا ،فأتى إلى منزله وقد أورد شي ًئا من الخمر ،فكسر آنية الخمر ،وتاب
()8
توبة حسنة ،فنسأل اهلل تعالى حسن التوبة ،وحسن الخاتمة نحن [ووالدينا]
وأوالدنا والمسلمين آمين.
قلت ،وقد ذكرت الفقيه محمد بن الحسين البجلي وولده إبراهيم وولديه
علي بن إبراهيم وولده إبراهيم بن علي -نفع اهلل هبم أجمعين ،-وسأذكر من
ذرية الشيخ محمد بن أبي بكر [الحكمي]( ،)1عمر بن عثمان زخم الدارين(،)2
صاحب الكرامات التامة ،والعطايا العامة ،وأنه كان يسكن يف الربية( )3ستة
أشهر ،ويف الروضة( )4أو نواحيها ستة أشهر على ما حكى الحاكي ،وكان
قد جرى بينه وبين محمد بن يعقوب أبو حربة( )5مشاجرة سببها؛ أن صاح ًبا
سمى به ولدً ا ،وكان هذا
لمحمد بن يعقوب صاحب الفقيه عمر ابن عثمان ّ
المذكور يسكن بيت األحنف ،قرية يمنا المحالب( ،)6قري ًبا منه ،فجعل ليلة
حاضرا بغير
ً السابع لولد( )7هذا الرجل سما ًعا فيه الفقيه محمد بن يعقوب
علم الرجل ،وأ َّما السماع والمستمع فما عقده إال الفقيه عمر بن عثمان،
ٍ
مختف يف الناس أو معتزل ساعة ،فقال الفقيه وكان الفقيه محمد بن يعقوب
عمر بن عثمان :ياحادي قم ،ويامشي امشي .فلم يقدر [/7أ] يصوت يف
الرباعة ،وال يسمع لها صوت ،هذا بعد أمر عظيم ،وقال عمر بن عثمان:
وانظروا من معنا .فنظروا ،فإذا الفقيه محمد بن يعقوب منفرد عنهم بعيد،
فجاء الفقيه عمر بن عثمان إلى الفقيه محمد ابن يعقوب ،وجرى بينهما كالم،
فغشي على هذا ،وعلى هذا ،فاستيقظ الفقيه محمد بن يعقوب ،وقال لفقيره:
ارتحل (بنا .فارتحلوا)( )1إلى موزع( ،)2فأقام فيها ،ويف لحج( )3زمانًا حتى مات
[الفقيه]( )4عمر بن عثمان -نفع اهلل به آمين ،-ويقال إن الفقيه أبا بكر (بن
محمد)( )5لقي امرأة من الصالحات( )6يف الدردية( ،)7فقال لها :إلى متى هذا
األمر؟ قالت :إلى أن يموت عمر بن عثمان -نفع اهلل هبم.-
وكان الفقيه عمر بن عثمان مستجاب الدعوة ،وقيل إن الشيخ والفقيه
اجتمعا يو ًما ،فقال الفقيه محمد بن الحسين :أن ربي وعدين أن يجعل من
فقيها .وانتشر ولدي ً
شيخا .وقال الشيخ :إن ربي وعدين أن يجعل من ولدي ً
مالمسا إلى
ً ذكر الفقيه عمر بن عثمان يف الشام( ،)1وتحكم به من تحكم ،وكان
تعشر( )2وإلى جازان( ،)3وانتشرت كلمته إلى ذلك [اليوم]( )4وإلى يو ًما هذا،
فقيرا له عاش إلى قريب،
يواصلون ذريته ،وينقادون طاعة لهم ،وقيل إن ً
()5
وكان يحكي للناس عن كرامات الفقيه ،قال :ولقد ذكراين ،كنت معه يو ًما
فمر الفقيه عنه يف
واصلين من الربزة مررنا على جبل هيطف يمنا واقر ّ ،
()8 ()7 ()6
اليمن ساعة ،والتفت إليه ،وقال :شايخرج( )9اهلل ما فيك ياهيطف .قلت وهذا
الجبل كان لملك من األذوا يقال له سالمة ذو أفايش ،واألذوا من كان له اسم
يف أوله ذو ،مثل ذو أفايش [/7ب] (وذا األكناف)( )10وذو الجناح وذو رعين،
وهذا الملك سالمة من ملوك حمير ،وكانت له وللعكوي وقعات كثيرة،
ل بالشام ،لذلك ((( الشام :يطلق معظم مؤرخي ذلك العصر يف اليمن على ما جاء شما ً
كثيرا ما يقال مناطق الشام وقبائل الشام ،أي الواقعة شمال اليمن .الخزرجي ،العقود
ً
اللؤلؤية ،ج ،2ص.99
((( تعشر :لم أحصل لها على ترجمة.
((( جازان :بلدة على ساحل البحر األحمر من جهة صبيا ،وهي فرضة تلك الجهة.
الحجري ،مجموع بلدان اليمن ،مج ،1ج ،1ص.171
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) طاعتهم.
((( الربزة :موضع بتهامة أورده الشرجي .انظر :طبقات الخواص ،ص.309
((( هيطف :حصن باليمن بجبل واقرة .إسماعيل األكوع ،البلدان اليمانية ،ص.304
الم َراوعة بمسافة 20كم ،وهي من ديار قبيلة ِ
((( َواقر :بلدة يف وادي َس َهام جنوب شرق َ
القطاملة ،أحد قبائل العبسية من عك .المقحفي ،معجم البلدان.1851 /2 ،
((( لهجة يمنية دارجة يقصد هبا سوف يخرج.
( ((1ساقطة من (ب):
76
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
وقد قصد العكوك( ،)1وهم يف جبل القمة( ،)2والقمة قمتان؛ قمة غربي مور(،)3
وقمة غربي وادي بنى عمران الزيديين ،والجبل الذى قصدهم فيه سالمة هو
جبل قمة بني جامع المنسكيين ،ولكنه أسفل بالد بنى عمران( ،)4وقيل هذا
ملك العكوك يف داره بعد طردوه ،ويف ذلك شاهد قول سملقه بن الحباب(،)5
حيث يقول:
أال بلغا مني على النائي( )6وبيننا
7
حتى يقول:
تــــأمــــر يف طـــغـــيـــانـــه وتــغــلــبــا ولـــمـــا أتــــى عــلــى ســـامـــة أنــه
إلــى الملك حتى هم أن يتحجبا ()7
ودانــت له أعــداء تهامة وانتهى
((( يبدو أن المؤلف قصد بالعكوك قبائل عك .انظر :الملك األشرف ،طرفة األصحاب،
ص.54 - 53
((( جبل القمة :يقول الهمداين القمة من هتامة بناحية مور والمهجم ،وجبلها يستخرج
منه الملح .الصفة ،ص.269
واد مشهور يف هتامة مآتيه من بالد حجة واألهنوم والسودة وأكثر بالد حاشد، ((( مورٍ :
وينتهي إلى البحر بجوار ال ُّلحية .إسماعيل األكوع ،البلدان اليمانية ،ص.275
((( بنو عمران والزيديين والمنسكيين :كلهم من قبائل عك بن عدنان التي سكنت هتامة.
للمزيد من التفاصيل عنهم انظر :الملك األشرف ،طرفة األصحاب ،ص.84 - 83
((( هو سملقة بن حباب العكي سيد قومه من عك يف زمن هتدم سد مارب .للمزيد عنه
انظر :الحميري ،أبو محمد جمال الدين عبد الملك بن هشام بن أيوب المعافري
التيجان يف ُملوك ِح ْم َي ْر ،تحقيق :مركز الدراسات واألبحاث اليمنية،
(ت213 :هـ)َ ،
ط ،1مركز الدراسات واألبحاث اليمنية ،صنعاء1347 ،هـ ،ص283 - 281؛
الزركلي ،األعالم ،ج ،3ص.140 - 139
((( كتبت يف (أ) النادي والتصحيح من (ب).
((( يف (ب) كتبت :ودانت له أعالهتا وأنتها.
77
تاريخ وطيوط
وقال:
وكــان مكان التاج أو كــان أقربا ون ــام هيطف والــفــتــا تحت أذنــه
وما منعني أن أذكر الشعر [إال]( )1خشية اإلكثار .ويقال إن سالمة ذو أفايش
ابن برع ،صاحب جبل برع ،وكان هذا الملك إذا خرج يخرج قبله العبيد
النوبة( ،)2عشرة آالف سيف( ،)3وكان يجر الوادي إلى الهيطف ،ويسقي به
بساتين كانت له من عنب وقف( )4وتين وموز ،فإذا قضى حاجته( )5سرح الماء،
فمن حوى ألما حله الهرم.
ثم نعود إلى ذكر من كنا عليه من الصالحين ،ثم أبو بكر بن عثمان أخو
الفقيه عمر بن عثمان ،وكان يقال [إنه]( )6يحفظ االسم األعظم ،وكان له
()7
وسامة عظيمة ،وكان هو وأخوه [/8أ] يسكنان الروضة ،وقد ذكرنا أنه يسكن
عواجة على ما ُذكر لنا ،وسبب تسمية الروضة أن الفقيه علي ابن إبراهيم
-نفع اهلل به -قد [صنف]( )1كتاب« :الروضة»( ،)2وهي السنة التي دخل [فيها]
( )3كتاب الروضة اليمن ،فأخذة الفقيه علي بن إبراهيم وحمله معه ،ووصل إلى
الفقيه عمر بن عثمان وهو مبتدئًا يف بناء الروضة ،فسأل الفقيه عمر عنه ،فقال
فسمى الفقيه عمر بن عثمان قريته بالروضة، هذا كتاب« :الروضة»للنووي ّ ،
()4
زوجها بابن أخيه محمد بن أبي بكر ابن وكانت للفقيه عمر بن عثمان بنت َّ
عثمان ،وكانا متحابين ،فقالت له على وجه المجون كل أهل قريتنا يتطالقون،
وأنت ال تطلق .فقال لها هات فكرهت ،فخرجا يتمشيا يف القرية ،وقال لها :كل
حافة فيها الطالق ،وأنا وأنتي ال نذوق الطالق .فقال لها :أبذلي .فبذلت عليه
وهما ولدين جاهلين ،فطلقها ،فمن ساعتها ردت الخنة( )5على وجهها عنه،
فقام ليحدثها فلم تحدثه ،وكان يسمى كبيش الجنة ،فذهب بيت [أبيها]
()7 ()6
الفقيه عمر ،فأخذ الولد من ساعته الحب لها القوي ،وهجر النوم والطعام
والشراب ،وبعد انقضاء عدهتا وصل ابن ٍ
عم لها يسكن الغانمية( ،)1قرية تسمى
سرا وحملها من ساعتها إلى الغانمية،
بيت علي قبلي بيت المدور ،فعقد هبا ً
()2
ولم يعلم ابن عمها إال الصبح ،فأخذه من [/8ب] ذلك الفقد العظيم والتربيح
األليم ،وله أقوال رقيقة ،وقصائد أنيقة فيها رقة عظيمة وال يمل سماعها ،وكان
يأت إلى زوجها ،ويضيفه ويقول له :ال تضيفني إال بما طحنته فالنة ،ومما ِ
خبزته فالنة ،وما كان آثار أصابعها عليه ،وكان زوجها يتحمل منه ما قاله ،وقد
كان قصد الغانمية مسخر مضحك يسمى خماس ،ويغني بقصائده ،ويسمعها
[سيدي]( )3الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش( ،)4ويحب الفقيه سماعها.
وكان للفقيه عمر بن عثمان ولد يسمى أحمد ،وهو جد أهل الرد( )5ومنشئ
الرد ،خرج أرض شرياف قبلي عواجة ،وهي أرض جيدة ،وقيل إن الفقيه أحمد
أخذ شوكة من سدر كأهنا إبرة ،ووضعها بين أسنانه؛ فوقعت يف حلقه ،ونزلت
إلى قلبه ،فلقي منها ماال يعلمه إال اهلل من األلم ،فلم ينم وال قدر يتحرك مما
وجده من الوجع ،فجلس وهو يتألم منها ،وضاق أبوه من [الوجع]( )6ذلك،
((( ال َغانِمية :قرية فيما بين مدينتي بيت الفقيه وزبيد .المقحفي ،معجم البلدان،
.1165/2
((( بيت المدور :من قرى هتامة ،القريبة من الزيدية .الخزرجي ،العقود اللؤلؤية.117/2 ،
((( الزيادة من (ب).
َان من كبار وسف المكدشَ ،وك َ ِ ِ
((( هو الفقيه ُم َح َّمد بن إ ْس َماعيل بن أبي بكر بن ُي ُ
الصالِحين ،وأصحاب الكرامات يف زمانه حسب ما تورده المصادرَ ،وكَانَت َو َفاته َّ
سنة 798هـ1395 /م .ترجم له :ال َع ْيدَ ُروس ،محي الدين عبد القادر ابن شيخ بن
عبد اهلل (ت1038 :هـ) ،النور السافر عن أخبار القرن العاشر ،ط ،1دار الكتب
العلمية ،بيروت1405 ،هـ ،ص.36
((( الرد :منطقة من بالد الواعظات .انظر :األهدل ،تحفة الزمن ،ص.59
((( الزيادة من (ب).
80
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
ابن أبي بكر بن يوسف بن محمد بن المكدش (ابن المنبت)( )1بن سملقة ،وهو
أصح ما يكون .وقد ذكر آخرون أهنم سمعوا الفقيه محمد بن إسماعيل -نفع
اهلل به -يقول :لسنا من أهل هذه البلدة .نعم الصالحون [أهل]( )2نسك ونور
رباين له ليس بعد من أهل الغفلة وال من أهل الحيل .ثم نذكر جده أبو بكر:
له يف العلم مشاركة ،وكان يصحب الشيخ والفقيه -نفع اهلل هبما ،-وقيل
إهنما قاال للفقيه أبي بكر :يافقيه أبو بكر تقدم إلى جبل برع وإلى الظاهر(،)3
وع ِّلم أهلها شرائع اإلسالم ،وكن أملك بمن ال ولي لها .فاستمرت هذه
الصحبة يف ذريته إلى وقتنا هذا ،وكان الفقيه أبو بكر هذا يسكن المجبلة(،)4
وهو مزوج صبية عادها صغيرة ،وهو كبير ،وكان تقع أزمات وغالء أسعار(،)5
وكان ولداه الفقيه يوسف وموسى ،وكان الفقيه يوسف يبوك(/9[ )6ب] إليه
من األنفة( )7عن ثاين يوم ،يسلم عليه ويأخذ علف البقرة ،ويأخذ عذقة دخن
إلخوته ،ويجعلها لهم ،ويوم يبوك موسى وأخوه ،وربما يتغدى عنده من جاءه
منهما ،فلما كان اليوم الذى جاء فيه ولده يوسف سمع زوجة أبيه يخرج منها
كالم غير موافق ،فقال له وقد جاءه الغداء :اتغدى عندي .فقال له الولد :ليس
لي حاجة .والوقت وقت مجاعة عظيمة ،فعلم أبوه أنه من سماع كالم زوجته،
ووهب له أبوه عذقة [دخن]( )1ألخواته ،فرتك أباه حتى غفل ورمى بالعذقة،
فرآها أبوه العصر ،وانتظر يف اليوم الثاين وصول يوسف وأخوه فلم يصلوا فأتى
إليهم ،وقال [لهم]( :)2يا أوالدي ما قطعكم عني؟ .فقال له ولده يوسف يا
أبت( :)3تقول زوجتك وتقول ،ما نأتيك إال محبة لك ،ولما يلزمنا من حقك.
فبكى الفقيه أبوبكر ،فقال :اهلل يغنيكما.
وكان سبب غناهما ،وملكا أمالكًا كثيرة منها إلى الجرف شرقي الكدراء،
أرض جليلة قد بسط فيها كثير من الناس ،وكان الحال منهم ،وهو ولد المكدش،
ولم يكن له إال بنات ،وكان ذو حال عظيم ،وكل بناته تزوجوا إلى الدهينة(،)4
قيل ولما دنت وفاته جاء إلى بناته مود ًعا لهم .قلت :ولما مات الفقيه أبو بكر
بن يوسف [بن]( )5المكدش يف المجبلة ،جاء أهل األنفة ليحملوه ويقربوه
عند سلفه برتبتهم المعروفة بالمضيضاء ،فمنهم أهل المجبلة ،وعزموا على
القتال [ /10أ] ،فجاء بعض الصالحين ونكس على أذنه ،وقال يا فقيه :أين
نقربك؟ قال :بالمضيضاء بين آبائي .فعند ذلك تركوا أهله فحملوه ،ثم كان
من بعده ولده يوسف بن أبي بكر بن يوسف ،ذو أحوال مشهورة وكرامات
مذكورة ،قلت :وقد لحقت من لحقه قيل أصابه العمى يف آخر عمره،
فكان متواض ًعا هلل [تعالى]( )1غاية التواضع ،وكان أكثر ما يلبس شملة( ،)2وكان
األيتام واألرامل يدخلون عليه يف أزمة وقعت فيشكون عليه ما حل هبم من
الجوع والفاقة ،فيدخل يده [ما]( )3بين ثوبيه وبطنه ،فيعطي هذا درهم وهذا
أمر وجاءه أحد
درهمين ،وكان الفقيه محمد بن إسماعيل [المكدش] متى نابه ٌ
مالزمين له ال ينزل هبم إال على قرب الفقيه يوسف ،ولقد ذكر يو ًما أن إبراهيم
بن محمد الحكمي صاحب الرد -نفع اهلل به ،-قال :كنا مع رجل يقال له
أبو القاسم المدين ،قال جئت يو ًما إلى الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش
-نفع اهلل به -من الرد ،فوصلت إلى السائل فخرج السائل على أناس أخذوا
زائرا فلقيت مسجدً ا يف القرية ،فدخلته ٍ
عار، ثوبي ودارهم فيه ،فدخلت األنفة ً
فاسترتت ببعض فرشه ،فجاء إنسان طويل سمين قمري بدري الوجه ،أبلج
عليه آثار الصالح ،فقال لي :هل لك حاجة بالغداء( .)4قلت :نعم ،ولكنني
ٍ
عار .فرجع إلى منزله وأتى بثوب فطرحه علي ،وتقدم بي إلى منزله ،ولم أعلم
بأنه الفقيه ،إال أين( )5رأيت كل من لقيه قبل يف كفه ،فقلت وأنا وراءه لرجل:
من هذا .فقال :الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش [/10ب] .فأدخلني منزله
وأجلسني عنده( )1وغدا عني .فلما كان وقت العشاء طلبني ،فقلت له :ياسيدي
زائرا فسلبت ،وراح ليأنا رجل من مدينه النبي صلي اهلل عليه وسلم ،وجئتك ً
دراهم ،وما يدخلني لك طعام حتى تقضي حاجتي .فقال لي :تعش وحاجتك
تنقضي .فلما كان الليل تقدم بي إلى قرب الفقيه يوسف وكانت لديه مظلمة،
وجلس على قرب الفقيه يوسف وتال ما شاء اهلل ،ثم قال :ياجد يوسف هذا أبو
زائرا لنا ،وأخذ له كذا وكذا .وإذا به يقول :يا فالن ما هذا
القاسم المدين جاء ً
على يمين القرب .فقلت :روث بقر ،ظننته روث بقر ،فقال لي :قم فانظر .فدنوت
منه ،فإذا هو ثوبي والدراهم واهلل ما نقص منها درهم واحد ،ففرحت ،وقلت:
ياسيدي بقي من قضاء حاجتي االتصال إلى أوالدي بيت حسين( .)2فقال:
مر علينا .قلت :ال أعرف إال األوالد،تمسي معنا حتى نجعلك تروح مع من ّ
وها أنا سائر الساعة .فودعته بعد أن غلبته ،فسرت يف الليل فأصبحت يف قرية
يقال لها القريسا( ،)3وكل من لقيته تعجب من سالمتي ،لكوين منفر ًدا ،فتقدمت
سالما ،وكان ذلك يف أشد ما يكون من الخوف نفع اهللحتى بلغت بيت حسين ً
هبما وبالصالحين يف الدارين(.)4
ومما حكاه سيدي الشيخ الصالح المدين شيخ الحقيقة ،وهبجة الطريقة أبوّ
العباس أحمد بن الحسين -نفع اهلل به [/11أ] وبجملة األولياء يف الدارين،-
قال :حججت أنا والفقيه عمر بن محمد ولد سيدي الفقيه محمد بن إسماعيل
-نفع اهلل به ،-فمرض علي يف مكة [المشرفة](- )1حرسها اهلل تعالى،-
()2
فخرجت من منزلي ألصلي المغرب مع الناس يف الحرم ،فرأيت سيدي
الفقيه محمد بن إسماعيل ومعه مشعل( )3من أدم وهو يتوضأ منه ،فسلمت
عليه ،فسألني عن الفقيه عمر ،فقلت :نرجو له العافية إن شاء اهلل تعالى .فقلت
له يا سيدي :من أين لك هذا الماء يف مشعلك .فقال لي :من ب ْير أبي بكر(،)4
بير لهم على باب دارهتم .وأمرين بكتمان ما عاينته من كراماته مدة حياته-
()6
نفع اهلل به وبالصالحين يف الدارين ،-وكانت جماعة( )5من أهل المراوعة
يزورونه ويكثرون زيارته ،ومهما سألوه من سؤال [منهم]( )7أجاهبم بالجواب
الشايف ،وسمعته يو ًما يحكي ألهل المراوعة والزائرين له بعد [أن]( )8قالوا
نرى رسول اهلل ﷺ يف اليقظة ،فذكر أن الشيخ صاحب حلي( )9دخل عليه تلميذ
وعرف المنزل يتضوع له يو ًما وعنده رجل عليه غاية الوسامة واألنوار الباهرةْ ،
مس ًكا( ،)10فقال التلميذ :ياسيدي إن فالنًا بالباب يستأذن عليك .فقال الفقيه:
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ا) كيدي والتصحيح من (ب).
المشعل :إنا من جلد لحفظ الماء أو النبيذ .ابن منظور ،لسان العرب.791 /1 ، ((( ِ
((( يقصد تقري ًبا أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين.
((( نسيها الكاتب يف المتن وأشار لها بالهامش
الحدَ ْيدة َ -ب ِ
اجل ،وتبعد شر ًقا عن مدينة الحديدة الم َر ِ
او َعة :مدينة واقعة على طريق ُ ((( َ
بمسافة 30كم ،وتتبعها العديدة من المراكز .انظر :المقحفي ،معجم البلدان،
.1482/2
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( َح ْلي :مدينة على ساحل البحر األحمر ،وتنسب إلى حلي بن يعقوب .انظر :إسماعيل
األكوع ،البلدان اليمانية ،ص.103
( ((1لعله يقصد أن عرف المنزل كان يفوح مس ًكا.
86
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
بسم اهلل الرحمن الرحيم أخرج إليه ،فخرج التلميذ إليه ،وقال له ياسيدي:
هذا الفقيه خارج إليك .فما زال التلميذ يكثر الدخول ،ويطلب الفقيه حتى
ضيق عليهما ،فرجع وليس عند الفقيه أحد فقال للفقيه :ياسيدي عند دخولي
عليك رأيت عندك [/11ب] ً
رجل من صفته كذا [كذا]( .)1فقال الفقيه(:)2
ذلك رجل يصل إلينا من بعد .فألح عليه التلميذ( )3وأقسم عليه ،فأعلمه أنه
رسول اهلل ﷺ.
وكان الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش -نفع اهلل به -ج ّيد النقل عن
الصالحين ،وعن العلماء المتقدمين وعن أكابر العرب المشهورين ،وكان
ظاهره فيه ول ُه ،وربما نسي الوقت للصالة( )4ال يعلمه بذلك إال أهل بيته ،وكان
يوضع يف كفه الدراهم ويؤخذ من كفه وال يشعر بذلك ،وكان يقول :إذا أنابكم
خطب فأعلموين به .وكان من الزمه يف الدعاء أمر ُه بمالزمة قرب جده يوسف،
وقيل إن الفقيه المذكور باألحوال المشهورة والكرامات المذكورة إسماعيل
بن محمد الحضرمي -نفع اهلل به -كان متى ما يأيت من الشام واليمن( )5ال يرتك
زيارة الشويرى من سيدي الفقيه( )6برهان الدين إبراهيم بن محمد ومن حوله
فمر مرة ولم يزر الفقيه يوسف( )7وال أباه( ،)8فجاء مرة ثانية فزار
أهل الصالحّ ،
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) الشيخ.
((( يف (ب) فألح على الفقيه.
((( يف (أ) للصلوة والتصحيح من (ب).
((( يف (ب) كتبت :متى وصل من الشام أو اليمن.
((( كلمة الفقيه لم ترد يف (ب).
((( مكتوب بالهامش * وال أباه فجاء مرة ثانية فزار الفقيه يوسف ...وأشار لها بـ .12
((( يف (ب) كتبت :وال أتاه يف المضيضا.
87
تاريخ وطيوط
الفقيه يوسف ،ووقف على قربه ،وقال :السالم عليك يافقيه يوسف .قال له:
مرح ًبا بك ياجايف ،وعليك السالم ورحمة اهلل وبركاته .فقال :ما أنا بجايف.
فقال الفقيه أبو بكر :نعم جايف -نفع اهلل هبم يف الدارين وحشرنا يف زمرهتم،
وأعاد علينا من بركاهتم يف الدارين .-وكان من زار قرب الفقيه يوسف -نفع اهلل
به -طال ًبا قضاء حاجته ،فعالمة قضاء حاجته أن يخرج من القرب شعرة ،وقد
سمعت من أثق به أنه سمع الفقيه محمد بن إسماعيل -نفع اهلل بهُ -يحدث
الفقيه يوسف وهو يحدثه من قربه -نفعنا اهلل به وبالصالحين .-وأبو بكر بن
يوسف ولد [/12أ] الفقيه يوسف بن أبي بكر ُعرف بالحاج ،وكان صاحب
عقل( )1رصين( ،)2وعلي بن يوسف ،والفقيه عيسى ولد أبي بكر الحاج ،قربه
غربي قرب الفقيه يوسف.
ولقد حكى الفقيه محمد بن إسماعيل [المكدش]( -)3نفع اهلل به -أن
من زار قرب الفقيه عيسى يوم السبت قبل شروق الشمس قضيت حاجته
البته ،وكان الفقيه إسماعيل بن أبي بكر والد الفقيه محمد بن إسماعيل
صاحب تكتم بالصالح ،وكانت أحواله مشهورة( )4أشهر من نار على علم،
وكان يصحبه أمير [يف]( )5الغانمية ،يقال له الموفق الطربي( ،)6وكان نائ ًبا
()7
البن النقاش( )1خال الملك المجاهد( ،)2وكان كثير المالزمة للفقيه إسماعيل
بن أبي بكر المكدش -نفع اهلل به[ ،-وهو]( )3خاش( )4عقوبة الملك المجاهد،
فعقد الفقيه أنك إذا لم تظلم أحدً ا ال تخش أحدً ا ،فأقام وال ًيا أربعين سنة،
ً
محمل ،ودفن عند قرب الفقيه إسماعيل ،وكان فيها عرفنا له( )5الفقيه ومات
[يوسف] )6( أبو بكر ابن إسماعيل كانت أحواله مشهورة ،ولكنه خرج إلى
بيت المقدس ومات هبا واهلل أعلم ،وكان يقال للفقيه محمد بن إسماعيل :هل
مات .فيقول :لو مات عرض علي.
عنه وعن ()7
وأما الفقيه فكان فيما يذكرون أنه يبحث عن األحاديث
[كثيرا]( )8ال
ً غيره ،وكان كثير الذهول ،وربما أصبح بعيدً ا عن منزله ،وكان
يطعم حتى يعرض عليه ،وكان يعرض عليه الشراب أهل بيته والطعام من
غفلته وشغله باهلل تعالى ،وقد حكى عنه سيدي الشيخ المدين ،سيد الطائفة
((( هو القاضي منتخب الدين إسماعيل بن عبد اهلل بن علي الحلبي بلدً ا ،المعروف
ً
كامل ،قدم إلى اليمن من مكة ،فقربه السلطان ً
عاقل ً
فاضل بالنقاش ،كان ً
رجل
المظفر يوسف بن عمر منه لما سمع عنه من صالح وخير ،فكان يعظمه ويعززه
ويكرمه ،ويوصي به الوالة ،وقد تزوج المؤيد داود ابنته فولدت له المجاهد ،وقد
تويف يف مدينة زبيد سنة 711ه1311 /م .انظر :الخزرجي ،العقود اللؤلؤية.399/1 ،
داود بن يوسف ُ ((( هو السلطان الرسولي المجاهـد علي بن المؤيد
(764 -721ﻫ1362 - 1321/م).
((( الزيادة من (ب).
((( كتبت هكذا وقد يكون المقصود هبا يخشى.
((( كتبت يف (ب) فيها عم قناله ،وهي عبارة غير مفهومة.
((( الزيادة من (ب).
((( كتبت يف (ب) أبيحت له األحاديث ،والتصحيح من (أ).
((( الزيادة من (ب).
89
تاريخ وطيوط
أبو العباس أحمد بن الحسين الصويف( ،)1قال :سمرت ليلة أنا وسيدي الفقيه
محمد بن إسماعيل [المكدش]( ،)2نفع اهلل به ،بالقرب من منزله ،بموضع
يسمى الزاري [/12ب] ،والزاري عند العرب ما أحاط بالقرية ،والفقيه ّ
يحدث بأحوال الصالحين ،فقلت له :ياسيدي هل تختص عند الصالحين من
حالة القدم .فقال لي :نعم يا أحمد التحيز .فقلت له :فما التحيز .فقال لي:
هكذا وتحرك -نفع اهلل به -فإذا نحن بأرض ال نعرفها ،فقال لي :يا أحمد
تعرف كم بينك وبين ما كنا .فقلت :ال .فقال [لي]( :)3مسير سنتين( .)4وتحرك
ثانيةً ،فإذا بنا مكاننا .وكان هذا محمد بن إسماعيل -نفع اهلل به -طلق الوجه،
أشم األنف ،عليه عنوان الصالح ،وكان إذا ُطلب أدعج العينين ،طويل القامةّ ،
ومما حكاه
ولح عليه أمر بزيارة قرب [جده] الفقيه يوسفّ ،
()6
منه [الدعاء](ّ ،)5
القاضي عبد اهلل بن محمد ابن عبد اهلل الناشري(- )7نفع اهلل [به]( )8وبسلفه-
((( قد يكون هو الفقيه أبو العباس أحمد بن حسين بن أبي السعود بن مسلم بن علي
الهمداين المتوىف سنة 696هـ1294/م .انظر :الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن،
.280 – 279/1
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) :سنين.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( هو القاضي عفيف الدين عبد اهلل بن محمد بن عبد اهلل الناشري ،كان من قضاة الشرع
يف عصر السلطان األشرف إسماعيل بن العباس الرسولي ،وقد وصفه الخزرجي
بأنه أكمل أهل زمانه ،وال يوجد له نظير يف أبناء جنسه ،كان يف سنة 796ه1393 /م
قاضي للشرع الشريف يف هتامة .العقود اللؤلؤية.264 /2 ،
((( الزيادة من (ب).
90
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
وهو
زائرا له ،فتقدم هو َ أنه وصل إلى الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش ً
ليل فقرأوا من القرآن الكريم ما قرأوا ،ثم بعد القراءةإلى قرب الفقيه يوسف ً
أخذ الفقيه محمد بن إسماعيل يخاطب الفقيه وهو يقول :يا جد يوسف ،هذا
زائرا .وكان قد نام بعض العلماء والفقيه محمد -نفع القاضي عبد اهلل وصل ً
عظيما ،فانتبه
ً اهلل به -والقاضي [عبد اهلل]( )1عنده ،إذ سمعوا من القرب صو ًتا
النيام الذين معهما على القرب من سماع ذلك الصوت .وقد حكى سيدي
الشيخ شهاب الدين أحمد بن الحسين الصويف -نفع اهلل به وبالصالحين يف
الدارين -أن [سيدي] ( )2الفقيه المشهور صاحب الكرامات الظاهرة واألحوال
يوسف ،ولقرب والده وأجداده فأرسل إلى لفقيه محمد بن إسماعيل المكدش
[13أ] -نفع اهلل به -أن يلقاه فتواجها على قرب الفقيه يوسف ،وتحدثا بكرامات
الصالحين ،فقال الفقيه عبد الرحمن على وجه المجون :يافقيه محمد ،جدك
الفقيه يوسف يسمعنا .وإذا هبم يسمعون كال ًما من القرب يقول لهم :نعم الولي
يسمع كالم زائره.
وقد سمعت الفقيه محمد بن إسماعيل يقول :الفقيه يوسف جالس يف قربه،
زائرا .وكان إذا حصل بين أهل برع أمر فيرجعون فيه إلى
يسمع كالم من يأتيه ً
الفقيه [يوسف بن]( )4محمد بن إسماعيل [المكدش]( - )5نفع اهلل به ،-وكذلك
()2
من زمان الفقيه أبو بكر بن يوسف بن المكدش وأهل جبل الضامر( ،)1و [إلى]
هذا التاريخ أمرهم إلى الفقيه عمر بن محمد( )3بن إسماعيل -نفع اهلل هبم ،-ويف
جبل برع حصن يقال له «الكرش»( ،)4أهله أهل محبة تامة لبنى المكدش ،خالف
محبة( )5أهل جبل برع ،وهذا الكرش حصن قديم مشهور كانت الوالة تعرفه(،)6
()7
أيضا أهل محبة تامة خالف محبه
ويف الضامر حصن يسمى بيت الذائب ،أهله ً
أهل الضامرين لبنى المكدش ،وكان مفلح البغل قد هرب إليه أيام دولة الحبشة،
وقد جرى بينه وبين سرور الفاتكى( )8شيء فخرج إلى الكرش ومرابط خيله
،
إلى هذا التاريخ ترى ،وكان له شط [يف]( )9الحلفا( )10وهو وادي رأسه سهام
وكان يزرع [يف]( )1هذا الشط قصب السكر واألرز والرب والموز ،ومات يف
منصورا عبد اإلمام محمد
ً الكرش بعد غارات له على الكدراء ،ولقد ذكر أن
عظيما،
ً أمرا
بن علي نزل هتامة ،وهنب المراوعة ،وحرقها والقى أهلها منه ً
()2
أضر بالمراوعة
فكان قد نزل يف جيش عظيم معه الشريف بن الباقر والذهبي فلما ّ
سر ألهل المراوعة ،وقالتكلم [ /13ب] رجل من العسكر ممن فيه الخير َّ
منصورا أن يرتفع عنكم فيمن معه ،فاذبحوا له رأسين ،فهذا دأب ً إذا أردتم
أضرهم العسكر ذبحوا لصاحب العسكر رأسين .فذبحوا من البلد معنا ،إذا ّ
ساعتهم له ،فارتفع عنهم ،وقد لزم رجلين من السادة األشراف( )3وتقدم هبم
إلى الغانمية ،وخرج يف ذلك اليوم سيدي( )4الفقيه أحمد بن عمر األهدل(،)5
والفقيه محمد بن عمر الدبر( )6إلى واقر( )7مختفيان ،فيقال إن الفقيه محمد ابن
عمر الدبر ،قال للفقيه أحمد بن عمر األهدل :ما أشبه خروجنا هذا بخروج
النبي ﷺ هو وأبو بكر [الصديق]( )1بن أبي قحافة [رضي اهلل عنه] ،)2( فأقاما
[به]( )3أيا ًما قالئل ثم تقدم منصور إلى األنفة بعد أن حرق الكدراء وقرى
سهام ،وتمادت خيل من عسكره إلى القحمة وحرقوها ،فلما وصل من
الغانمية إلى األنفة حرق الجبل المعروف بجبل الموسم( )4فنظرت أهل األنفة
الحريق يف الجبل ،وحصل هراب قوي إلى دارة( )5سيدي الفقيه محمد بن
إسماعيل المكدش ،وبقي أهل األنفة يحرضون( )6الفقيه محمد ،وكنت يومئذ
فيمن حضر معهم ،فقال الفقيه للمحرضين( :)7أليس اهلل بكاف عبدهّ .ثم إن اهلل
تعالى حماه حماية اشتهرت عند جميع الناس ،وحصل على جميع العسكر
شعرا يف قصيدة
عمى أعين ،وعلى جميع من كان معه ،وقد قلت يف ذلك ً
()8
9
امتدحته هبا:
()9
منهس ًفا ملا التفت له
ور ّد َ وجند منصور أعمى اهلل أعينهم
()1
فارسا على فرس ،لـم يكن فـي الخيل شبهـه
وكـان قد أبصر أهـل األنفـة ً
طـول وحسنًا ،وكـان يـذب عــن الـدارة ،دارة سيـدي الفقيه مـحمد بن ً
إسماعيل [الـمكـدش](- )2نفع اهلل به ،-فيقال إنه أبو العباس (رضـي [/14أ]
()5
اهلل عنه) ( ،)3وكان يف األنفة تجار من تعز( )4معهم عطب ،ودخل شفلوت
= أشرف على طبعه :أحمد الجاسر ،دار اليمامة للبحث والرتجمة والنشر ،الرياض،
1378هـ1967 /م ،ص .297ويقول عنـهم محمد بن علي األكـوع محقق
كتاب»السلوك» إهنم :لصوص وقطـاع طرق ال عمل لهم ،وكانـوا يرتقبون الفرص
دورا
والغفالت للقيام بالسرقة .الجندي ،406 /2 ،للمحقق .وقد أدى الشفاليت ً
كبيرا يف الحياة السياسية واالجتماعية يف عصر بني رسول .انظر :ابن حاتم ،بدر الدين
ً
محمد بن حاتم اليامي الهمداين (ت .د702 :ﻫ1302/م) ،السمط الغالي الثمن يف
أخبار الملوك من الغز باليمن ،تحقيق :ركس سميث ،لندن1974 ،م ،ص495؛
الجندي ،المصدر نفسه والجزء ،ص509 ،607 ،580 - 579 ،406 ،256؛
الخزرجي ،العقود اللؤلؤيـة335 ،334 /1 ،؛ 200 ،48 – 47 ،40 ،35 ،14 /2؛
مجهول (ت .د840 :ﻫ1436/م) ،تاريخ الدولة الرسولية يف اليمن ،تحقيق :عبداهلل
محمد الحبشي ،مطبعة الكاتب العربي ،دمشق1405 ،ﻫ1984/م ،ص،170
.193 ،178
((( سيدي غير موجودة يف (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) كتبت :تصور تعصور.
ِ
الـم ْه َجم :مدينة هتامية مشهورة قديمة االختطاط ،عدَ ادها اليوم يف ُقرى بني محمد
((( َ
ِ
من مديرية الم ْغالَف شرقي الزيدية .المقحفي ،معجم البلدان.1671 /2 ،
((( هو هباء الدين الشمسي أمير المحالب يف ذلك الوقت ،وقد أورد الخزرجي بعض من
تلك المعارك التي كان أشهرها سنة 791هـ ،وقتل فيها العبد منصور .انظر :العقود
اللؤلؤية.211 - 210 /2 ،
((( الزيادة من (ب).
96
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
من مشايخ الزيديين بني عمران الذين يسكنون غربي سر ُدد ،والرجل يسمى
يوسف بن إبراهيم ،وهو يحتمي على العسكر فضايقه ،وأبو هنشل ال رمح
معه( )1من شدة الطعن ،فلما رآه الرجل الحقيقي ال سالح معه ،طمع به فقاربه
ليلوي عليه ،فنزع أبو هنشل رجله اليمنى من الركاب ،وخص هبا الحقيقي،
فوقع يف األرض هو وفرسه ،وتكسرت عظامه ،هذه الحكاية سمعتها من
سيدي الشريف أحمد الرديني -نفع اهلل به.)2(-
قلت ،وقد حكى لي بعض األصحاب ،قال :بلغت الجوف( )3بلد هذا أبو
4
شعرا:
هنشل ،ودخلت عليه ومعه سيف بين يديه مسلول ،وفيه مكتوب ً
جسورا على األعـــــداء شلت أنامله
()4
ً إذا كنت يف كف القناء ولم يكن
إذا لـم يكن أمضـى من السيـف حاملـه فما السيـف إال آلـه مثــل غيــــره
حاضرا مع الفقيه محمد ابن إسماعيل يوم وصول ً [/14ب] قال :كنت
منصور المذكور إلى المراوعة ،وذلك يف تسعين وسبعمائة( )1من الهجرة(،)2
فلما أشرف عسكر األمير [منصور]( )3على قرية األنفة ،وكان الفقيه محمد
بن إسماعيل يدعو ويقول :اللهم أنت ربنا ورهبم ورب الخلق كلهم ،إن أتونا
فردهم ،وإن قهرونا فاهدهم .فحمى اهلل بربكته أهل القرية ،وكان يوم سالمة
-نفــع اهلل بالصالحيـن.-
قلت ،وقد حكى الشيخ الصالح عبد الرحمن بن علي حندب من أهل
األنفة ،أنه رأى جملة من السادة بني األهدل( ،)4أعرف منهم اثنين يف النوم
عقب فعله منصور بالمراوعة ،ورأى سفينة أرضية [عظيمة على األرض،
قال ،قلت :ما هذه .فقيل لي هذه سفينة]( )5تسير إلى الشام وحواليها فارسان
فأسأل( )6عنهما ،فقيل له هذا الشيخ علي بن عمر األهدل( ،)7والشيخ
محمد بن أبي بكر الحكمي -نفع اهلل هبما وبجميع الصالحين يف الدارين،-
وهما يتمثالن أو يمثل الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي بأبيات حفظت منها:
إىل كل من آذى املناصـــــب باملكر أال يا رسول اهلل هل مـــــنك غارة
والغالب أن منصور نزل نزلة يف األثر بعد هنبه المراوعة ،وقتل يف النزلة الثانية.
أول من ذكر كرامات سيدي الفقيه جمال الدين ثم نعود إلى ما كنا عليه ً
ّ
محمد بن إسماعيل المكدش -نفع اهلل به وبالصالحين يف الدارين ،-وقد
حكى سيدي الشيخ األجل أبو العباس أحمد بن الحسين الصويف ،قال نزل
اإلمام محمد بن علي صاحب صنعاء قبل نزلة المنصور ،فوقع يف البالد
خوف وهرب ،وكان ألوالد سيدي الفقيه محمد بن إسماعيل أرض يف مكان
يسمى العرش ،شرقي الكدراء ،وكانت قري ًبا ،فتقدم سيدي الفقيه محمد ّ
بن إسماعيل العرش ،وكنت قبله [/15أ] خاد ًما له ،فوصلنا هناك قري ًبا من
الليل ،فلما جن علينا الليل وقمنا لنصلي صالة العشاء ،إذ جاء األسد فربك
قري ًبا منا ،وكنا يف غير قرية ،فنفرت منه حمارة سيدي [الفقيه]( ،)1وتخوفت أنا
أيضا منه ،فأعلمت الفقيه ،وقلت األسد ياسيدي أتانا( .)2فقال لي :ال تخشى
()3
ً
حارسا لنا .ثم استمر الفقيه على صالته ،وسكنت الحمارة
ً منه ،فما أتانا إال
ولم تنفر ،وأمسى عندنا إلى صالة الصبح ،وتوال عنا ،فأمرين الفقيه أن أطمس
آثار األسد ،وقد سمعت أبو القاسم ابن معيبد( ،)4وقد كنت قرأت عليه كتاب:
()2
«العروض» البن القطاع( )1سنه تسع وتسعين وسبعمائة من الهجرة (799هـ)
يف زبيد ،ذكر أن أخاه أحمد بن عمر معيبد( )3نزل مستمر إلى المحالب بعياله
وخدمه وحاشيته ،فحال وصل إلى المحالب أتاه طلب من السلطان الملك
األشرف( ،)4فشق عليه ذلك أي المشقة ،وكان عبد الرحمن العلوي( )5بينه
= سنة 790هـ1388 /م يف عهد السلطان األشرف الثاين إسماعيل بن األفضل عباس
(803 - 778ﻫ1400 – 1376/م) .انظر :الخزرجي ،العقود اللؤلؤية166 /2 ،؛
العقد الفاخر الحسن.1619 /3 ،
((( هو علي بن جعفر بن علي السعدي ،ويعرف بابن الق ّطاع الصقلي ،ولد سنة 433هـ،
وكان إمام وقته ببلده وبمصر يف علم العربية وفنون األدب ،وقد أقام بالقاهرة يع ّلم
ولد األفضل ابن أمير الجيوش بدر الجمالي وزير اآلمر باهلل الذي كان بمصر متغ ّلبا،
حتى تويف يف مصر سنة 514هـ ،وقد ترك الكثير من المؤلفات ،منها كتابه العروض.
للمزيد عنه انظر :ياقوت الحموي ،شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل
الرومي الحموي (ت626 :هـ) ،معجم األدباء ،إرشاد األريب إلى معرفة األديب،
تحقيق :إحسان عباس ،ط ،1دار الغرب اإلسالمي ،بيروت1414 ،هـ1993 /م،
.1669 /4
((( 799هـ1396/م.
((( هو الوزير أبو الفرج شهاب الدين أحمد بن عمر بن أبي القاسم بن معيبد ،أحد
وزراء دولة السلطان األشرف الثاين إسماعيل بن األفضل العباس الرسولي .ترجم
له :الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن388 - 387 /1 ،؛ بامخرمة ،تاريخ ثغر عدن،
.43/1
((( ويقصد السلطان األشرف الثاين إسماعيل بن األفضل عباس بن رسول (- 778
803ﻫ1400 – 1376/م).
((( هو الفقيه أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن عمر بن علي علوي .ترجم
له :الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن ،1165 - 1161 /3 ،مجهول ،تاريخ الدولة
الرسولية ،ص250 - 105؛ ابن الديبع ،قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ،حققه
وعلق علية :محمد بن علي األكوع ،ط ،2دار بساط ،بيروت1409 ،ﻫ1988/م،
ص.378
100
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
وبينه عداوة كلية ،قال فقال لي :يا أبا القاسم :مالها إال الفقيه محمد بن
إسماعيل ،والفقيه محمد بن أبي بكر شبيح( .)1قال :فتقدمت من المحالب
حتى وصلت األنفة ،فأتيت الفقيه محمد بن إسماعيل ،فأرسلوا من ساعتهم
إلى الفقيه محمد بن أبي بكر شبيح ،فوصل فسمرنا نحن وهم بعد أن وقفوا
على كتاب« :المصنف»( )2وما شرحه لهم ،وما شكى فيه عليهم ،فأمسى الفقيه
محمد بن أبى بكر شبيح يحرض الفقيه محمد بن إسماعيل ،ويقول له :أعلم
عذرا ،وأخشى أن يهسفه ،ويسمع فيه كالمأن السلطان ما هو قابل من الوزير ً
الغرماء ،ونشتهي أن تدعو لنا أن السلطان يقره على والية المحالب .فما زال
[به]( )3حتى قال لنا :الحاجة قضيت ،وليلة ٍ
غد يف الوقت الفالين يصل كتاب
السلطان إليك بما تقر به عين الوزير ،وكتب(/15[ )4ب] بذلك إلى الوزير
قط ًعا جمي ًعا ،فرجعت المحالب ،فلما كان يف الساعة المعينة؛ وصل الكتاب
من السلطان يقول فيه :الشاكر هلل على نعمائه [يا أحمد]( )5إسماعيل يا أحمد
صدر بعد أن استخرت اهلل تعالى على قدومك إلينا ،فاستقر على عملك،
وهلل درك( .)6وكان الفقيه محمد بن أبى بكر شبيخ يقدم الفقيه [محمد ابن
إسماعيل] )7( يف المجالس ويتأدب له األدب.
((( هو الفقيه محمد بن أبي بكر بن يوسف بن شبيح (ت798 :هـ1395 /م) .ترجم له:
األهدل ،تحفة الزمن.229 - 228 /2 ،
((( كثيرة هي الكتب التي تحمل اسم المصنف ،ولم يحدد المؤلف من هو صاحب
الكتاب الذي ذكره لنتعرف عليه.
((( الزيادة من (ب).
((( يف (أ) كتبت :وكتبالي ،والتصحيح من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( كتبت يف (أ) سودك ،والتصحيح من (ب).
((( الزيادة من (ب).
101
تاريخ وطيوط
وكان سيدي الفقيه عمر بن محمد بن إسماعيل المكدش وقد بنى يف وقت
راض عنه( ،)1ولكن كان له شفقة على أوالده ،لم ٍ أبيه مرابيع ،وكان والده غير
تكن يف والد ،فرآه يو ًما يبني مرب ًعا ،والعمار( )2لعله قد وصل إليه من جبل برع،
بعد طلب عظيم ،فتعذر عليهم سرو( ،)3فقال العمار إن هذا السرو غير موافق،
لسرو غيره ،وأنا أعود إلى بلدي وأرجع إليك إذا حصل ٍ فامتهل يف أمرك وانظر
سرو ،فشق [ذلك]( )4على الفقيه عمر ،وكان ذلك عند الغداء؛ فدخل العمار
للغداء ،ومضى الفقيه عمر إلى والده يشتكي عليه ،وقال :يا أبت أنت غير
راض بالبناء ،وإال ما كان تعذر علينا هذا السرو ،وقال العمار إنه غير موافق
وهو راجع إلى بلده ،ولئن رجع بلده ما يأتينا يف هذه الساعة .وشكى على
والده ،وأظهر االكتئاب ،فشق على [الفقيه]( )5شكية ولده عمر ،قال فقام الفقيه
السرو .قال قلت له :لو حصل فيه َ يقلب السرو ،وقال لي :ما يشكيه العمار من
قليل حدب( .)6فقال الفقيه هو ال يعدم الحدب ،ولكنه ما تأمله بشيء .قال:
فلما تغدى العمار وخرج ،قلت له :تأمل سيدي السرو .قال فتأمله ،فإذا به واهلل
يضحك ،فقلت مِ ّم ضحكت [/16أ] .فقال لي :واهلل العظيم حصل فيه الذى
هو فوق الغاية .ذكر أنه لما استشار الفقيه عمر والده ببناء المرابيع ،كرهها
الفقيه محمد بن إسماعيل ،وقال له :ابن مربعة يكون أساسها الحطب ،فلما
بنى ولده أول مربعة بناها حتى صاروا شايضعون( )1عليها األسري ،ثم إهنا
تنقضت ،وكان لها هدة عظيمة( ،)2ثم إهنا وقعت على رجل جبلي من الذين
كانوا يعمروهنا ،فأنكسر رأسه نصفين ،وخر الجبلي مغش ًيا عليه ال ندرى أحي
هو أم ميت .ففزعوا إلى الفقيه -نفع اهلل به ،-وقال له ولده كل هذا كما بنيتها
على غير رضاك ،وهذا الجبلي قد مات .فقام إليه الفقيه ولف( )3بيديه رأس
الجبلي ،فشفاه اهلل تعالى بالعافية ،وكان يتعجب على رأسه من رآه يف حياته
-نفع اهلل به.-
وكان سيدي الفقيه -نفع اهلل به -قد حضي بكرامات لم توجد يف صالحي
وقته ،وكانت بنت له كادت تموت على والدة ولدهتا ،فيقال إنه طلب المهلة،
ويف هذا التاريخ هي باقية ،قالوا ومات يو ًما بعض أرحامه وهو غائب ،فقال لو
حضرت ما يمت علي( ،)4قال ولده إسماعيل إن والده كان يوم تويف هذا الرجل
كان قد عزم يف شفاعة لبعض األصحاب إلى بعض األمراء ،فما وصل الفقيه
إال وقد تويف الرجل( )5وكانت ليلة عيد ،فتكلم الفقيه هبذا الكالم واهلل أعلم،
وقد كان يف المراوعة ولد من بيت حسين يسمى أبو بكر بن المنور ،وكنت
أعلمه ،وكان قد ظهرت عليه أعالم الوالية ،وكان كثير الكشف وربما صرخ
معلم نساخ يسمى ابن شكيل .فقال ٌ وقال :النار النار .وكان من أهل المراوعة
له ابن المنور :لم يبق [/16ب] من عمرك أال نصف شهر ،فأدخل الرعب يف
قلبه ،وأظهر الخوف العظيم ،وامتنع من المنام ،والطعام ،وبكى ليله وهناره،
فلما عاين ما حل به أشفق عليه ،فقال له إذا أحببت من يستوهب كل من اهلل
وأجل ثان ًيا ،فعليك بالفقيه محمد بن إسماعيل -نفع اهلل به ،-وقل لهً مهلة
أجل ثان ًيا ،فاطلب لي من اهلل ً
أجل ثان ًيا. بعالمة( )1ما استوهبت لبنتك جميلة ً
فذهب ذلك النساخ من ساعته إلى الفقيه محمد بن إسماعيل -نفع اهلل به،-
عظيما ،وال ترك الفقيه
ً فلما وصل إليه وسلم وانكب على قدميه ،وبكى بكا ًء
يمضي موض ًعا ،وال طعم الفقيه طعا ًما ،فسأله الفقيه ما حاجتك .فأجابه بعد
بكاء عظيم :أن ابن المنور( )2قال له وقال وأعلمه بالعالمة ،فلم يجد الفقيه
بدً ا من قضاء حاجته ،فدعا له ،وأعلمه بما له من السنين ،ومتى يأتيه األجل.
فقال الفقيه محمد بن إسماعيل :هذا معه مصباح يحتاج من يطفئه عليه .ولقيته
بموزع سنة 801هـ إحدى وثمان مائة من الهجرة( ،)3واستشارين يف سكني
جبال موزع ،فعلمت أنه مات هبا مقعدً ا ،هذا بعد ما كان عبد الرحمن العلوي
مختف ًيا َبزبيدْ مدة قليلة ،وقد سمعت جماعة من أهل القحمة ،وهم ثقات
أهنم خرجوا به يف سنة مجدبة يستمطرون ،وقد يبس زرعهم ،وكانوا يدعون
وهو يلحن يف دعائه ،وأكثر الذين خرجوا به نحاة ،وبقوا يتعجبون من لحنه،
قال الجماعة :فحصل لنا مطر يف ساعتنا( ،)4ومما قلته يف سيدي الفقيه محمد
وسطرت هذه الحكاية وهو يف البلدة ،بعد أن أقام ما يقارب يف ثماين عشرة سنة،
وهو خارج إلى السياحة ،ويروه الناس من الحاالت مالم يكن يف غيره ،وكان
يف بدء أمره كثير العكف ورديعا( )1يف البيع والشراء إلى برع الجبل ،قلت وقد
سمعته يحكي أنه قال له أبو العباس أو النبي ﷺ اتبع البيع والشراء حتى هتون
أخبارك .وكثير ما يمسي يف بيت غيره وعليه صاحب المنزل( )2متحف ًظا ،فال
يجده فيه ،أي البيت من غير خروج من الباب ،وسألته هل تمسي يف الغانمية أم
يف غيرها ،بعد أن أقسمت عليه قسامة عظيمة باهلل تعالى ،فقال لي :حين أمسي
باألبطح( ،)3وحين يف جزيرة خلف عدن ،وحين عند أوالدي يف موضع يسمى
الحجف( ،)4وليس حجف النخل بوادي [/17ب] زبيد.
وكان بدء أمره يف الصغر يف لحج يخدم المساجد بالماء ،ففتح عليه
وأحبه السلطان الملك األشرف ،وجهة( )5كانت معه ،وحطوا له مسامحة
وأرضا يف لحج جليلة ،على ما حكى قيمتها أربعين أل ًفا ،وكان يختلف إلى
ً
عدن ،وأعلم الناس بموت الملك األشرف ،واستقامة ولده الناصر( ،)1فنم
به بعض المناصب الذين يبغضونه ،وكتبوا به إلى الملك األشرف ،فلما
أيضا سبب إقبال الملك الناصر عليه،
وصل كتابه إلى الملك الناصر ،كان ً
أكابر [وبعد جري بينه وبين جهة ذلك الزمان مكاثرة ،وأرسلت عليه]
()2
الحب ،فقال هذا حب( )1من جبل قاف( ،)2وقد أتى يف أيام الصيف بحبة من دبا
حبحب( )3يف غير وقتها ،فقيل له يف ذلك ،فقال هذه من مصر -نفع اهلل به.-
وكثيرا ما ينكرون
ً وله أحوال وأخبار غير محصاة ،وكأنه واهلل قد أبيح له ذلك،
عليه ،وقد ُسئل ،فقال :أنا أعرف من ينكر علي[ ،ومن ال ينكر علي]( )4وما ينكر
علي إال شقي ،وما يعتقدين إال رجل مبارك -نفع اهلل به وبجميع الصالحين،-
كثيرا من الناس أنه يصلي بأناس عليهم ثياب بيض ،فإذا نظر إليهم وقد رأى ً
يعلم
الغانمية قتل مرة بعد أخرى ،وهو ُ
ّ الناظر احتجبوا عنه ،وقد جرى يف حد
الناس قبل وقوعه -نفع اهلل به.-
()5
أميرا كان يضمن
ثم نعود إلى ذكر الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش أن ً
الغانم ّية من الملك األشرف( )6بمال معين ،فانكسر عليه أربعة عشر أل ًفا،
يهم به فلم ينله
فهرب إلى الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش ،وكان السلطان ُّ
سوء .وحكى الفقيه الصالح أبو القاسم بن أبي بكر األهدل -نفع اهلل به وسلفه
((( يقصد بالحب هي الحبوب ،واليمن مشهورة بزراعة أنواع الحبوب من ذرة وبر
وشعير ودخن وسمسم وغيرها.
((( جبل قاف :من الجبال التي اختلفت كتب الجغرافيا يف تحديد موقعه ،وقامت حوله
األساطير .انظر :ياقوت الحموي ،معجم البلدان.298 /4 ،
((( الحبحب هو البطيخ يف لهجة أهل اليمن.
((( الزيادة من (ب).
((( الضامن :مسؤول يتولى جباية األموال يف مناطق معينة أو أسواقها ويلتزم بتسليمها
للدولة .انظر :ابن المجاور ،جمال الدين أبو الفتح يوسف بن يعقوب بن محمد (ت:
690ﻫ1291/م) ،صفة بالد اليمن ومكة وبعض الحجاز المسماة تاريخ المستنصر،
اعتنى بتصحيحها :أوسكر لو فقرين ،ط ،2دار التنوير ،بيروت1407 ،ﻫ1986/م،
ص.89
((( يقصد الملك األشرف الثاين إسماعيل.
109
تاريخ وطيوط
يف الدارين ،)1(-قال جئنا زائرين الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش -نفع اهلل
به ،-وجئنا الشيخ الصالح أحمد بن حسين الصويف ،فقلنا له نشتهي هذه الليلة
تبحث( )2لنا الفقيه محمد بن إسماعيل بحث اإلشارة على ذلك ،فلما سمرنا
()4
نحن وأياه أعني الفقيه محمد( )3جاء شيخان من مشايخ أهل البلد العبوس
فجعال يذكران الحرب والحرب ،فحصل لنا( )5انكسار وراح أكثر ليلتنا يف
ذكر الحرب ،فحصل لنا بذلك فتور وعدم نشاط ،ونالنا ما يعلم اهلل من هسف
القلوب ،والفقيه معنا .فقال :يافقيه .فقلت :لبيك .قال :أخربين [/18ب] برواية
والدك عن الفقيه محمد [بن أبي بكر بن يعقوب -نفع اهلل به يف الدارين.)6(]-
قلت :قال والدي عن الفقيه محمد بن أبي بكر بن محمد بن يعقوب – نفع
اهلل هبم يف الدارين ،-قال :إن الولي يسعد بمجالسة أهل السموات واألرضين
السبع -نفع اهلل هبم .-قال :فذهب عنا ما وجدناه من االنكسار.
وحدث سيدي الشيخ الصالح أحمد بن حسين -نفع اهلل به يف الدارين-
أنه سمر ليلة هو والفقيه جمال الدين محمد بن إسماعيل المكدش -نفع
فخر بين يدي الفقيه طائر فقال:ّ
()7
اهلل به وبالصالحين [يف الدارين]-
((( من كبار مشائخ آل األهدل يف ذلك الوقت .انظر :األهدل ،تحفة الزمن258 /1 ،؛
.85/2
((( يف (ب) كتبت :يتحدث.
((( العبارة( :نحن وأياه أعني الفقيه محمد) ،غير موجودة يف (ب).
((( العبوس :نسبة إلى العبسية من عك بن عدنان التي تسكن مدينة المراوعة الواقعة يف
شرقي مدينة الحديدة .المقحفي ،معجم البلدان.1010 /2 ،
((( كتبت يف (ب) فينا.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
110
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
السالم عليكم يافقيه محمد ورحمة اهلل وبركاته .فرد عليه السالم ،فقال :يا سيدي
أشتهي الوصل إلى جالة والدي .فقال له الفقيه :بينك وبين ذلك ليال ،وأين
لك ذلك( .)1فقبل كف الفقيه وطار من بين يديه .قلت يا سيدي :من أين هذا.
فقال [لي]( :)2هذا من العراق -نفع اهلل به وبالصالحين.-
ونذكر حديث سيدي الفقيه محمد [أبي بكر]( )3بن شبيح -نفع اهلل به ،-هو
اإلحيمر( ،)4واإلحيمر أخو زكريا ،صاحب دنيا واسعة ،وكسب الخيل، وبني َ
ونسبته إلى سبأ ،من بيوت قحطان ،فخرج لزكريا هذا( )5الفقيه إبراهيم،
صاحب علم وسأذكره( )6يف غير هذا المكان إن شاء اهلل تعالى ،وكان الفقيه
محمد بن أبى بكر بن شبيح يصحب الفقيه أبا بكر بن محمد بن يعقوب
-نفع اهلل به ،-وكان إذا حضر هو وهؤالء ال يصلي إال الفقيه محمد
[أبي بكر] ( )7بن شبيح .وكان كثير التواضع ،وكان ال يزال يف قضاء حوائج
المسلمين إلى الوالة وإلى [المأمير]( )8العامرية( )9يف رد ما هنب فيها ،وكان
كثير التواضع لكل أحد -رضي اهلل عنه -لين الجانب ،عليه ثوبان إذا قوما
سو ًيا أربعة دنانير [/19أ] دراهم اليمن ،ال دنانير الشام ،وكان له عند األمراء
الحظ الذي ال مزيد عليه ،ولزمت مشايخ أهل الغانم ّية ،فتقدم أربعة ،هو وولد
الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش بعد أن عول عليهما أهل الغانمية إلى
السلطان الملك األشرف ووزيره أحمد بن عمر معيبد( ،)1فحط الفقيهان يف
الممالح( )2يف منزل للوزير ومعهما خلق كثير( ،)3فأقاموا أيا ًما وكرامتهم تخرج
إليهم من الوزير ،وأما الفقيه محمد ابن أبى بكر شبيح والفقيه إسماعيل بن
حل يرسل محمد فكانا ال يأكالن من ما جاء من بيت الوزير ،وكان رجل م ِ
ُ
إليهم بما يتقوتون( )4منه ،وأقاما أيا ًما ،فرجعا بغير قضاء حاجة ،وكان قد
حدث المشايخ الملزومين [رجل]( )5رملي( )6أن ال فكاك لهم يف هذا الوقت
أيضا ال فكاك لهم يف هذا الوقت]( ،)7ثم [فكان كما قال ،وكان قد قال الفقيه ً
أيضا عمر بن خليل معهم ،ثم ّ
إن الوزير رجع الفقيهان والذين معهما والشيخ ً
راجع فيهم من المهجم ،ففكهم اهلل تعالى ،فدخلوا الغانم ّيه ليلة عيد ،وأرادوا
نائب للوزير كان عليهم ،فجرى بينه وبين الفقيهيمسون عند أوالدهم ،فمنعهم ٌ
هريج ،وأمسوا مع أوالدهم ليلة العيد بعد [أن]( )8ضمن فيهم الفقيه ،وتقدموا
إلى المهجم وافتكوا.
فقال :بلدي الشبارق ،قرية شرقي َزبيدْ المدينة ،وجئتك طال ًبا منك الدعاء،
وعلي أربعون أوقية فضحك عليه الفقيه ،وكان هذا ّ فإين هارب عن عيالي،
طبعه ،وقال أنا ال أسوي أربعين أوقية [ /20أ] على وجه المجون والمزح،
فلم يزل عنده حتى نزل الوزير( ،)1وكان ينزل كل سنة إلى وادي سهام ،وسردد
ستخلصا ،فلما جاء الوزير إلى الكدراء طلب الفقيه فأتاه ،ودخل عليه ،ورجع ً ُم
بذلك الرجل إلى الوزير وأعلمه بما كان ،فوهب له على الفور أربعين أوقية،
فرجع الرجل منجرب إلى عياله نسأل اهلل الكريم العلى العظيم الرحمن الرحيم
أن يجرب كسرنا وكسر أوالدنا والمسلمين بحرمة عباده الصالحين ،وكان كما
قال ابن ِح ْم َير:
إال أقام مقام العارض اهلطل مبارك الوجه ما أن حل يف بلد
وهذا قاله سيدي الشريف أحمد بن محمد الرديني ،قال مثل الفقيه محمد
بن أبي بكر شبيح -نفع اهلل به[ ،-كما قال ابن حمير يف الفقيه محمد بن حسين
البجلي -نفع اهلل به ،)2(]-وكان من طبعه أنه ال يلزم ما يف يده ،وال يطلب
شي ًئا يقدر عليه يلزمه عن الطالب ،وكان من الصرب الجميل ،وجرب كل منكسر،
حكى عنه أنه وقعت أزمة عظيمة [أي شديدة]( ،)3وكان يف بيت
َ ومن أعجب ما
حصل [له]( )4درهم عن نصف درهم يف الوزن ،وكان المدور فقير ذو عيال ّ
رجل يبيع الطعام يف قرية تسمي بيت عفي ،قبلي بيت المدور ،فأتى هذا الرجل
الفقير بالدرهم وأعطاه صاحب الطعام طام ًعا ،يف أن يعطيه بدرهم وايف ،فحال
وقع الدرهم يف كف صاحب الطعام قال له :عليك من أيام درهم ،وقد قبلت
هذا وفا ًء لي .فقال واهلل عيالي ما ذائقهم طعام منذ يومين .فقال :صاحب الطعام
لغلمانه :أخرجوه ،فأخرجوا ذلك الرجل مهسوف الحال ،فرجع يف الليل ولم
يقدر يدخل على [/20ب] عياله ،لما يعهد هبم من الفاقة ،وأكثرهم أطفال ال
يعرفون( )1العذر ،فأمسى يف المسجد يفكر ،ولم يرقد( )2له جفن ،فعزم على
أنه يأيت بعلف ويبيعه لهم ببعض ما يكون ،قال وكانت ليلة مقمرة ،فتقدمت
إلى الهيجة ،فعرض لي أن آيت الفقيه محمد بن أبي بكر شبيح ،قال فوصلت
جالسا يذكر اهلل تعالى ،فدعوته
ً إليه ،وطلعت الجبل والناس نيام ،وسمعته
()3
فخرج إلي ،وأعلمته بما كان من حديثي ،وحديث صاحب الطعام[ ،فرجع]
سريعا إلى بيته ،وخرج إلي ٍ
بإناء فيه ذرة ،وقال لي :افتح ثوبك ،ففتحت ثوبي ً
وصب عليه الذرة ،ورجع سري ًعا ،وخرج إلي بدخن ،فقال :ا ُمر أوالدك يأكلون ّ
هذا حتى يفرغ الطعام -نفع اهلل به وبأمثاله يف الدارين ،-وكشف ما بي من
االنكسار ،وكان ،نفع اهلل به ،صاحب عقد وحل ،وقطع وحزم ،وكان قد أقام
يف الناس قيا ًما كل ًيا ،وقيل إنه قام بإشارة نبوية ،وكان له جاه واسع عند الوالة،
وكان إذا حضر هو والفقيه محمد بن إسماعيل [المكدش نفع اهلل به]( )4يتأدب
له ويبجله ،ويتحدث بحوائج الفقيه ،والفقيه محمد بن إسماعيل صامت،
وكان والده ،أعني محمد ابن أبي بكر شبيح وأبو بكر بن يوسف األحمر( )5قرآ
على الفقيه علي بن إبراهيم البجلي ،وعلى ولده إبراهيم بن علي بعده.
((( كتبت يف (ب) ال يقبلون.
((( كتبت يف (ب) ينم.
((( كتبت يف (أ) فخرج ،والتصحيح من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) كُتبت األحيمر يف النسخة كلها .ويقول الجندي عن أبي بكر األحمر إنه كان
فقه ًيا تق ًيا ،ونسبه يف المعازبة .انظر :السلوك.380 /2 ،
115
تاريخ وطيوط
وكان بنو األحـمر بيت علم وصالح ،ومنهم فقهاء كثيرون مذكـورون
بسعة العلم والشهرة بالصالح ،وكـان مسكنهم بيت ميقا ،قريـة كانت على
مـحجة السلطان الـذى كان يف زمن الملوك القديمين ،شرقـي الشويــرى،
وهــذا السلطان كان يف زمن بـنـى رسول ،وأما [/21أ] السلطان يف
زمـن ُملك بنـى زيـاد( ،)1وعبيدهم( ،)2وعلي بن مهدي( )3وتوران شاه( )4وأخوه
((( ويقصد ملوك الدولة الزيادية الذين حكموا اليمن يف المدة من 407 - 204هـ/
1016 -819م ،وكانت عاصمتهم زبيد .انظر :عمارة اليمني ،تاريخ اليمن،
ص.58 -41
((( ويقصد بعبيدهم آل نجاح.
((( أبو الحسن علي بن مهدي بن محمد بن علي بن داود الحميري الرعيني (ت:
554هـ1159 /م) ،مؤسس دولة بني مهدي بزبيد ،التي استمرت حتى قضي عليها
من قبل األيوبيين عند دخولهم اليمن سنة 569هـ1173 /م ،وقد أسس علي بن
مهدي مذهبه سنة 536هـ1141 /م ،وكان يف بدايته حنفي المذهب ،ثم أضاف
لعقيدته التكفير يف المعاصي ،وكان على مذهب الخوارج يف قتل مخالفيه ،واستباح
نساءهم وأوالدهم ،ويقتل شارب الخمر والزاين ومن تأخر عن صالة الجماعة،
وسامع الغناء ،والمنهزم من عسكره ،ويقتل من يتأخر عن مجالس وعظه يومي
الخميس واالثنين .انظر :ابن الديبع ،قرة العيون ،ص267 - 255؛ الخزرجي،
العقد الفاخر الحسن1533 - 1523 /3 ،؛ الشمري ،محمد كريم إبراهيم ،عدن
دراسة يف أحوالها السياسية واالقتصادية (627 – 476ﻫ1229 – 1083/م) ،ط،2
جامعة عدن ،عدن2004 ،م ،ص ،159حاشية (.)4
((( شمس الدولة توران شاه بن أيوب بن شادي بن مروان الملقب فخر الدين ،أخو
صالح الدين األيوبي ،وأكرب منه سنًا ،قدم إلى اليمن على رأس حملة يف سنة 569هـ/
1173م ،وأخضع اليمن لحكم األسرة األيوبية يف مصر ،تويف يف اإلسكندرية سنة
576هـ1180 /م .انظر :ابن خلكان ،أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد،
وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ،حققه وعلق عليه ووضع فهارسه :محمد محي
الدين عبد الحميد ،ط1367 ،1هـ1946 /م.276 - 273 /1 ،
116
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
طغتكين( )1فأنه كان شرقي المصفاة يف سفح الضامر ،وسفح جبل الدهنة ،قرية
يف شعب الشيم( ،)2كانت مدينة عظيمة عاد هبا مسجد إلى هذا التاريخ منه بقية،
ومدينة شعب الشيم موض ًعا بناه حسين بن سالمة( )3العابد( -)4نفع اهلل به،-
()5
وكان من الصالحين ،وليس هذا موضع ذكره وطري ًقا وسطى ،وهي [على]
مأثرا للعلم الشريف ،وكان يقرأ الخرقاء ،وعلى مسجد المزحف ،وكان ً
()7 ()6
فيه الحديث النبوي ،وكان ينزله الشيخ عمران القرابلي( )8للسماع ،وهو أول
ما قرأ فيه الحديث.
((( أبو الفوارس السلطان الملك العزيز سيف اإلسالم طغتكين بن أيوب أخو صالح
الدين ،تولى حكم اليمن بعد أخيه توران شاه ،وبقي فيها حتى تويف يف سنة 593هـ/
1197م ،يف المنصورة بمدينة تعز .انظر :ابن تغري بردي ،جمال الدين أبو المحاسن
يوسف (ت874 :ﻫ1469/م) ،النجوم الزاهرة يف ملوك مصر والقاهرة ،قدم له
وعلق عليه :محمد حسين شمس الدين ،دار الكتب العلمية ،بيروت1992 ،م/6 ،
127؛ بامخرمة ،تاريخ ثغر عدن.102 /2 ،
((( يف (ب) البشم.
((( من بالد النوبة ،وعرف بابن سالمة نسبة إلى أمه ،وكان يف بدايته وصي ًفا لرشيد أحد
عبيد طفل بني زياد وعمته هند ،وقد اتصف بالذكاء والحذق ،وتمكن من أن يعيد
للدولة الزيادية هيبتها بعد ضعفها ،ويخضع زعماء القبائل الذين تمردوا عليها،
وكانت له العديد من اآلثار العمرانية ،يف مجال التعليم والطرق وحفر اآلبار ،وهو
من اختط مدينة الكدراء ومدينة المعقر ،واشتهر بعدله يف الرعية ،وشجاعته .انظر:
عمارة اليمني ،تاريخ اليمن ،ص54 - 49؛ بامخرمة ،تاريخ ثغر عدن.102 /2 ،
((( كتبت يف (أ) القاحد والتصحيح من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الخرقاء :من أعمال المهجم ،وسكاهنا من ناج ومنسك من عك .الملك األشرف،
طرفة األصحاب ،ص.83
((( يف (ب) المزحوف.
((( كتبت القابلي والتصحيح من الخزرجي ،وهو الشيخ عمران بن قبيع القرابلي .انظر:
العقود اللؤلؤية.166/1 ،
117
تاريخ وطيوط
وكان المجامشة من المقاصرة( ،)1أهل علم واسع ،وبنو الدليل كانوا بقرية
تسمى العنربة( ،)2عنربة وادي سهام قبلي المراوعة ،خروج بني الدليل منها،
ونسبهم تغلبي( )3على ما سمعنا.
ثم نعود إلى ذكر الفقيه محمد بن أبي بكر شبيح [نفع اهلل به]( ،)4وحكى عن
رجل من أهل العامرية كان ذا عيال سرقت عليه بقرة فجاء إلى الفقيه محمد بن
أبي بكر شبيح -نفع اهلل به -وقعد يف منزله بعياله ،وكان يطالب الفقيه بالبقرة
[وكلما ذكر الفقيه بالبقرة]( ،)5قال له ليس هذا أوان خروجها ورجوعها إليك،
فبينما الفقيه يو ًما يعظه ويعده ،ويقول له يا ولدي أنت وعيالك عندنا ،فاتفق
يو ًما أن زوجة الفقيه غفلت عنهم ،فبكى طفله لفقد اللبن الذى كانت تجرعه
زوجة الفقيه ألطفال ذلك الرجل ،فغضب الرجل على زوجته وعياله ،فضرب
عياله ،فعلم الفقيه بذلك فضاق صدره ،فعندها [/21ب] قال الفقيه للرجل:
ما اسم بقرتك؟ قال :سعيدة .قال :ها تلك فادعها فدعاها ،فأقبلت إلى بيت
الفقيه جارية.
((( مؤلفه علي بن أحمد بن محمد بن علي بن أبي الحسن الواحدي (ت468 :هـ/
1075م)..
((( عبارة غير واضحة.
((( وهذه شطحة أخرى من شطحات الصوفية.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
119
تاريخ وطيوط
عبد الرحمن عنهما ،فوقف على قرب أحدهما ساعة ،فقال :سألت صاحب هذا
القرب عنه وعن صاحبه [/22أ] فذكر أنه تابعي ،وأن صاحبه تابع التابعين.
ونزل بعض أهل الجبل إلى الفقيه عبد الرحمن -نفع اهلل به -مطال ًبا بعافية
ادع اهلل لها بالعافية،
زوجته ،وكانت مريضة ،فقال يا سيدي :زوجتي مريضةُ ،
جرة ماء يف جرب قرية هذا الرجل، فقال الفقيه له انظر إلى زوجتك تحمل ّ
جاهرا أنه نظرها حاملة جرة ماء(.)1
ً فحلف باهلل
وكان هذا الفقيه عبد الرحمن -نفع اهلل به -يسكن آخر عمره قرية من
قرى الغانمية ،تسمى المحايقة ،وكان دأبه أنه يتوضأ قبل طلوع الفجر ،ويأخذ
من الدرس والذكر ما أخذ حتى إذا طلع الفجر أتى مؤذن مسجده ،فيقول:
الصالة .فتأيت الجماعة ينتظرونه ،فيصلي هبم .فلما كان ليلة موته ،قال ألهل
القرية عصر تلك الليلة :يأهل القرية ،خذوا حذركم أنتم مهجومون فظنوا أهنم
من الحراميين أو من عدو ،وأمسوا يحرسون ،فلما كان الفجر توضأ للصالة،
جالسا يف قارعة منزله ،وقيل قبض عقيب فراغهً ونزل يف قارعة منزله ،فقبض
من الوضوء ،فأتاه المؤذن كجاري عادته ،فوجده ميتًا رحمه اهلل ونفعنا به،
وكذلك الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش ذكر أوالده أن قبل موته بيومين
دخل عليه [رجل]( )2هندي ،فذكر له فالن مات بنيسابور( ،)3وفالن مات
بالهند ،وفالن مات بالعراق[ ،وفالن مات يف السند]( ،)1وفالن مات بدمشق،
وعدد له موت جماعة ماتوا يف عامه ذلك ،فدخل الفقيه محمد بن إسماعيل
المكدش [نفع اهلل به]( ،)2وهو يقول مالنا عن األصحاب تأخر ،فحمل عليه
زكام؛ فمات رحمه اهلل تعالى [/22ب] ،وهو يف عشر التسعين على رأس
القرن من ختم ثمان مائه من الهجرة (800هـ)( ،)3وغسله الشريف الحسيب
النسيب أحمد بن محمد الرديني ،وكانت وفاته ليلة عشر مضت من شهر ذي
الحجة ،ليلة عيد األضحى.
الشريف أحمد بن محمد الرديني(:)4
صغيرا ،فرتبي برتبية سيدي الشيخ
ً قلت هذا الشريف أحمد الرديني أتى
المدين الصالح العارف باهلل تعالى أحمد بن الحسين -نفع اهلل به وبالصالحين،-
وكان يمتحنه الشيخ -نفع اهلل به -بورود الماء ،وقد تخيل [فيه]( )5خياالت
الصالح ،وكان لسيدي الشريف عمر زوج ألمه ينكر على الشيخ ،ويقول:
شريف من ذرية رسول اهلل ﷺ يرد الماء لبيتك يا أحمد بن حسين .فيجيبه
الشيخ يقول له :ثالثة محرومو الربكة ،ولد الشريف يقول أبي شريف ،فيحول
ذلك بينه وبين الفضل ،وولد الفقيه يقول :أبي فقيه ،وولد الشيخ يقول:
أبي شيخ .وطريق القوم -نفع اهلل هبم -التواضع والتذلل كما قال سيدي
إبراهيم بن أدهم( )1لتلميذه -نفعنا اهلل هبم :-ال تنال درجة الصالحين حتى
تفتح باب الذل ،وتغلق باب العز ،وتفتح باب الجهد ،وتغلق باب الراحة،
وتفتح باب السهر ،وتغلق باب النوم ،وتفتح باب التواضع ،وتغلق باب الكرب.
فلزم خدمة سيدي الشيخ حتى الحت عليه أعالم الوالية ،وانتشرت من
كراماته الرواية ،وسكن شرقي وادي مور ،وكانت له الهيبة يف صدور الوالة
والعرب ،والسهل والجبل ،وكان [/23أ] له تعلق بالعلم ،وكان ً
عامل بالعلم،
ومتأد ًبا بأدب العلم ،وكان يغلب عليه الخوف من اهلل تعالى ،وانتقل إليه شيخه
أحمد بن الحسين ،وسكن هو وهو يف بالد واحد ،ويقال إن ذلك بإشارة من
الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش رآه يف النوم يقول له :انتقل إلى حيث
فسر الشريف بقدومه سكن الشريف أحمد بن محمد الرديني [نفع اهلل به] ّ ،
()2
عظيما ،وكان الشريف -نفع اهلل به -له معرفة تامة يف الشرع والحقيقة،
ً سرورا
ً
ويف النحو ،وكان قريب الجانب ،عربي السجايا ،طلق الوجه مقبول عند ال ُغز
والعرب ُمهاب هيبة عظيمة -نفع اهلل به.-
قلت :ولما مات سيدي الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش وكان يوم معزا
الناس به ،حضرت الناس من السهل والجبل ،والمناصيب( ،)3ووهبت على
كثيرا ،وكان ذكر قربه ديون كثيرة ،كان أهلها عجزوا عن الوفاء ،ووهب ً
قتل ً
((( هو أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن جابر العجلي التميمي البلخي
الزاهد (ت161 :هـ777 /م) .انظر عنه :الذهبي ،شمس الدين أبو عبد اهلل محمد
بن أحمد بن عثمان بن َقا ْيماز (ت748 :هـ) ،تاريخ اإلسالم ووفيات المشاهير
واألعالم ،تحقيق :عمر عبد السالم التدمري ،دار الكتاب العربي ،ط ،2بيروت،
1413هـ1993 /م.58 - 44 /10 ،
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) المناصب.
122
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
أنه كان على قربه ذلك اليوم جرة [ماء]( )1والناس يشربون منها إلى عصر ذلك
اليوم ،وتعجب من حضر ذلك اليوم ،ولم ينقص منها شيء.
إبراهيم بن زكريا(:)2
قلت ،وسأذكر عندها من حديث الفقيه إبراهيم بن زكريا ،هو من سبأ،
وكان أبوه صاحب دنيا واسعة ،وأما الفقيه فسلك طريق الشرع ،كانت قراءته
على الفقيه الطويري( ،)3وهو من قرية تسمى الطوير بالقرب من حيس( ،)4قرأ
عليه الفقيه إبراهيم بن جمعان العلم ورجع إلى الشويرى ،وكان يقرأ على
الفقيه إبراهيم بن محمد بن الحسين وأخيه على بن الحسين -نفع اهلل هبما-
أيضا موسى بن علي [/23ب] ،وكان قد ذكرنا ذلك يف كتابنا هذا وقرأ عليه ً
عجيل والد الفقيه أحمد بن موسي ،وعلي بن قاسم ،وعبد اهلل بن جعمان،
ومحمد بن إسماعيل الحضرمي -نفع اهلل هبم أجمعين ،-فأما علي بن قاسم،
وموسي بن علي ،وعبد اهلل بن جعمان فكانوا يحملون النفقة إلى الشويرى،
وكان أهل الشويرى أهل دنيا واسعة ،ثم حدثت أن موسى بن علي وصاحبيه
انقطع أحدهم من النفقة ،وكانوا أهل عفة وورع خارج عن الحد ،فعزموا إلى
الخرقاء يتسلفون نفقة لذلك المنقطع من بعض تجار الخرقاء ،وكانت مدينة
وصعدة( ،)3وصنعاء ،ومشارف
عظيمة يأتيها التجار من طقشة( ،)1والدردية(َ ،)2
تعز ،وكانت تسمى عدن الصغيرة ،فتقدم الفقهاء الفقيه موسى بن عجيل هو
وأصحابه إلى الشيخ الصالح محمد بن عبد اهلل الدهني( ،)4فلما قدموا عليه
وأعلموه ،قال لهم :اعلموا أنه أصابنا من أيام مجاعة عظيمة ،وحصل على
درهما.
ً أوالدي انقطاع عظيم ،فجئت بعض التجار فقلت له :أقرضني خمسين
الئما نفسي ،وقلت:
درهما .فكره ،فرجعت إلى أوالدي ً
ً فكره فقلت :عشرين
هذا هو الخلل ،حيث يطلب الخلق ،وينسى الخالق .فقلت ألوالدي وأمهم:
يا أوالدي ،يف الحديث النبوي :أن من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة
الدعاء فيها مستجاب ،والرزق فيها مبسوط .فأخذنا ال نغفل بعد صالة الفجر
إال على الذكر القوي حتى تطلع [/24أ] الشمس ،فلما كان يف اليوم السابع
خرجت جنب الدارة التي أنا هبا ،فرأيت مثاقيل كثيرة قد ظهرت من حفرة
واسعة ،فلزمت بكفي على عيني ،وقلت :يارب ال أسألك إال القوت .فتوارت
عيني تلك المثاقيل ،فلما وصلت إلى منزلي ،وصلني ذلك التاجر الذى كنت
جئته متسل ًفا منه ،فقال لي :يا سيدي إين رأيت النبي ﷺ ،يقول :يأتيك محمد
بن عبد اهلل طال ًبا منك سل ًفا ،فكرهت ألن لم تقض حاجته ،ليكون كذا ،قلت:
قد أغناه اهلل سبحانه وتعالى .فلما وعى( )1الفقهاء حديثه طلبوا الدعاء ،وتقدموا
إلى الشويرى -نفع اهلل هبم.-
ويقال إن الفقيه إبراهيم كان يو ًما يدرس فجاءه شخص وحدثه ،ولم يفرغ
لتدريس العلم الشريف ،فشق ذلك على طلبة العلم ،وانقطع عنهم الفقيه ،فجاء
أحد الصوفية الناظرين بنور اهلل تعالى ،فاستأذن على الفقيه ،فلم يأذن له وهو
مختل هو وذلك الشخص ،فدخل عليهم وهز بالعصا على ذلك الشخص،
فخرج هار ًبا ،فيقال إنه الشيطان لعنه اهلل ،وإن الصويف محمد بن عبد اهلل -نفع
اهلل به ،-وكان الفقيه المشهور أبو الذبيح إسماعيل بن محمد بن إسماعيل
ِ
الحضرمي متى ما نزل من الكثيب الحاجز بين الغانمية وال َع ْس َلق َّية(ّ ،)2
رجل عن
ً
إجالل للفقيه إبراهيم ،ثم يأيت قربه ،ويدخل المسجد ويتمرغ [فيه] (،)3 دابته
شعرا [/24ب]
4
ثم كان بعد ذلك أهل الشويرى من كثرة العلماء فيها ال يصلون الجمعة
حتى يعدون أربعين مفت ًيا ،وكان سبب خراهبا بسكنى المنسكيين([ )5هبا] ()6؛
انتقلوا هبا من السلف( ،)1وقد تخلوا من القحرا( ،)2فأكثروا فيها السرقة والنهب،
نائما فيها فرأى
أمير من الكدراء وخرهبا ،وقيل كان رجل ً حتى غار عليهم ٌ
[ /25أ] أن مل ًكا نزل من السماء ومعه نار ،ومل ًكا ثان ًيا معه ،فقال شهاب أو
شهابان ،فوقعت النار يف الشويرى ،فما نبه الرجل الرائي إال صراخ الناس على
النار -نفع اهلل بالصالحين ،-وذكر أن أول وصول الشيخ محمد بن عبد اهلل
الصويف( )3أن سيدي الشيخ الصالح علي ابن عمر األهدل -نفع اهلل به -رأى
رجل اسمهالنبي ﷺ يقول له :يا علي تقدم إلى جبل [أنف]( )4دهنة تجد به ً
باسمي ،واسم أبيه باسم أبي ،وأمره يسكن يف المنسكية( ،)5فجاء به ،وأخذ
منه الصحبة ،وكان جيد الطريق المرضية ،صادق النية ،قيل إنه اجتمع هو
والشيخ علي األهدل ،ومحمد بن الحسين البجلي ،والشيخ محمد بن أبي بكر
الحكمي ،نفع اهلل هبم ،فقال الشيخ محمد بن عبد اهلل للشيخ علي األهدل باهلل
عليك ياسيدي من يموت قبلنا ،فقال له الشيخ علي األهدلً :
مهل ما تشاء هبذا
الكالم .فقال :يا سيدي باهلل عليك الكتمن علي ما سألتك عنه .فقال الشيخ:
أنا أموت قبلكم ،ثم الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي .رجع الناس من قربه
والناس تابعة للفقيه محمد بن الحسين فمضى هبم إلى غير منزله ،فلما تمادى
قال له من معه :إلى أين تريد بنا ياسيدي .فقال :منزلي .ثم استيقظ الفقيه،
وقال :واهلل يا أوالدي ما معي ذهن ،واهلل يا ولدي خذ أنت ومن معك وجميع
الناس خذوكم( ،)1واتقوا فمنذ خلق اهلل محمد بن أبي بكر الحكمي ما كتَب
على مسلم زلة.
[ثم ذكر سيدي الشيخ]( )2علي بن عمر األهدل -نفع اهلل به:-
هو رجل شريف حسيني ،أبوه عمر مدفون أجواف السوداء( ،)3يعلم قربه
كثير من أهل المراوعة [/25ب] ،ومات وهو شاب فلهذا حكاياته قليلة،
وفضله أشهر من نار على علم ،قيل إنه أخذ الصحبة من الشيخ األجل محي
()6
الدين عبد القادر الجيالين([ )4نفع اهلل به]( )5وجميع مناصب [اليمن]
((( يف (ب) كتبت جذركم.
((( الزيادة من (ب) .ترجم له :الجندي ،السلوك361 - 360 /2 ،؛ الخزرجي العقد
الفاخر الحسن.1467 - 1466 /3 ،
((( وردت يف النسخ (كدف السوداء) ،والتصحيح من الخزرجي ،الذي يضيف أهنا من
وادي سهام ،يف حين يسميها الجندي أجوال السوداء ،ويعلق عليها محمد األكوع أنه
ال يعرف عنها شيء .السلوك360 /2 ،؛ العقد الفاخر الحسن.1466 /3 ،
((( هو الشيخ أبو محمد محيي الدين عبد القادر بن موسى بن عبد اهلل بن جنكي دوست
الحسني الجيالين أو الكيالين أو الجيلي ،مؤسس الطريقة القادرية ،ويعد من كبار
الزهاد والمتصوفين ،ولد يف جيالن (وراء طربستان) سنة 471هـ1078 /م ،وانتقل
إلى بغداد شا ًبا يف 488هـ1095 /م ،فاتصل بشيوخ العلم والتصوف ،وبرع يف أساليب
الوعظ ،وتفقه ،وسمع الحديث ،وقرأ األدب واشتهر ،وتصدر للتدريس واإلفتاء يف
بغداد سنة 528هـ1133 /م ،وتويف هبا سنة 561هـ1166/م ،له العديد من الكتب
منها« :الغنية لطالب طريق الحق»و»الفتح الرباين»و»فتوح الغيب»و»بالفيوضات
الربانية» .الزركلي ،األعالم.47 /4 ،
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
128
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
له مثل :أحمد بن الجعد( ،)1والشيخ أبي الغيث بن جميل ،ولكن كان الشيخ
أبو الغيث بن جميل عند ابن أفلح ،وخرج إلى الشيخ علي بن عمر األهدل،
فعلى يد الشيخ علي بن عمر األهدل فتح عليه ،وكان يقول خرجت من عند
ابن أفلح( )2لؤلؤة هبما؛ فثقبني الشيخ األهدل ،فيقال إن اللؤلؤة إليهما ال قيمة
لها ،حتى تثقب ألن الثاقب غال يف الناس ،ال يوجد إال يف القليل من الناس.
وكان الشيخ علي األهدل يقول -نفع اهلل به :-أدخلني ربي يف بطن الحية
المحيطة بالعرش ،فرأيت فيها ماال يكفيه إال اهلل تعالى( .)3ومات شا ًبا -نفع
اهلل به ،-وحضر وفاته ،ويوم ثالثة كثير من صالحي وقته كالشيخ محمد بن
أبي بكر الحكمي ،والفقيه محمد بن الحسين [البجلي]( ،)4وموسى بن علي
عجيل ،والشيخ لعله أبو الغيث بن جميل .وكان أحد أوالد الشيخ علي
طفل ،وحصل من الشيخ أبي الغيث بن جميل مالم يوافق األهدل ذلك اليوم ً
عليه الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي ،وجرى منازعة قوية ،فقال الشيخ
محمد بن أبي بكر [الحكمي]( )5لبعض الفقراء :أصح( )6أن من جلس بعد هذه
الساعة إلى صالة الظهر مات .فتفرق جميع من حضر ،فذلك بنظر نظر فيه
الشيخ -نفع اهلل به وبالصالحين.-
((( هو الشيخ الصالح أبو العباس أحمد بن الجعد .ترجم له :الجندي ،السلوك،
446/2؛ الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن267 - 265 /1 ،؛ الشرجي ،طبقات
الخواص ،ص72؛ اليافعي ،مرآة الجنان.263 /4 ،
((( الشيخ الصالح أبو الحسن علي بن عبد الملك بن أفلح .انظر :الجندي ،السلوك،
.332 /1
((( من شطحات مشايخ ذلك الزمن من رجال الصوفية.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( كتبت يف (أ) فقراء صيح ،والتصحيح من (ب).
129
تاريخ وطيوط
وكان [لسيدي]( )1الشيخ عبد يقال له فرج ،وكان يخدم [سيدي]( )2الشيخ،
ويستمع منه نفحات وال يسمعها غيره ،قيل إن الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل
فرجا عبد الشيخ علي بن عمر األهدل -نفع اهلل به ،-فقال له :أعلمني ما
لقي ً
سمعته من الشيخ/26[ .أ] قال سمعته يو ًما يقول :ما خرجت نطفة من فرج
إلى فرج إال وقد وضعت يف كفي هذا( .)3فقال الفقيه أحمد بن موسى عجيل -
نفع اهلل به -كف الشيخ منزه عن ذلك .ولهذا تأويل لم يخف عن الفقيه أحمد
بن موسى عجيل ،ولكن العلم يقيد أهله ،وكان الشيخ قد نزل بالمراوعة،
وساكنوها بني المجدلي عرب من الرقابة( ،)4كانوا أهل ثروة وخيل ورياسة
حسنة ،وكانت الشعراء تمتدحهم ،فمن هذا قول ابن حمير يف بنى المجدلي:
كان [جئت]( )9حمل الغادة العيطيل جــئــت مــن ربـــع ومـــن منزلي
ثم أن الشيخ كثرت ذريته ،وكان له ولدان [سيدي]( )1الشيخ أبو بكر
ابن علي( ،)2و[سيدي]( )3الفقيه عمر بن علي ،وكان الشيخ أبو بكر صويف
مر على الفقيه الهرملي( )5وهو
[أمي] مكاشف ،له بالكشف نور تام ،قيل إنه ّ
()4
ومر
يدرس يف العطفة ،قرية من قرى الالمية ،فقام إليه الدرسة ،فصافحوهّ ،
()6
الشيخ أبو بكر بن علي ذاه ًبا فقال الفقيه الهرملي للدرسة :كيف تقومون يف
وجه رجل أمي ،واهلل لو سئل عن مسألة يف الوجيز أو البسيط( )7ما عرفها.
فرجع الشيخ أبو بكر من الطريق ،فقال :يا فقيه قلت للدرسة كذا وكذا ،واهلل
إهنا كذا وكذا ،وإهنا يف الكتاب من جهت كذا وكذا ،وعلى كذا وكذا ورقه
فيها .فتعجب الفقيه من ذلك ،وعد ورق الكتاب فكان كما عده الشيخ (رضي
اهلل عنهم أجمعين) ،وابن الهرملي هذا من ذريته علي بن إبراهيم ،وهو نسبة
معاصرا للشيخ
ً إلى الشعريين القحرا/26[ ،ب] ولكن( )8ابن الهرملي كان
والفقيه ،وعندي أن هذا المعاصر للشيخ والفقيه ،جد لهذا المذكور المقدم
ذكره ،فإن ابن الهرملي المعاصر للشيخين -نفع اهلل هبم )1(-وهب للفقيه
أرضا شرقي [مقبلة ،قبلي]( )2القحمة ،يف حد سهام محيا، محمد بن الحسين ً
وكان عمر ولد [سيدي]( )3الشيخ علي بن عمر األهدل أصغر من الشيخ
أبى بكر ،وكان له مطالعة يف الشرع ،وكان له ورع وزهد تام ،وولده الفقيه
أبو القاسم بن عمر كان من الصوفية الزاهدين العارفين باهلل تعالى [شر ًعا
أيضا يف العلم الشريف ،ثم كان بعده أبو بكر ولده
وحقيقةً]( ،)4وكان له مطالعة ً
أحد أكابر الصوفية السالكين العارفين شر ًعا وحقيقة ،كان أبوه أبو القاسم
قد نصبه ،وكان يختلف إلى الشيخ الصالح المشهور قمر الصالحين جمال
الدين محمد بن عمر النهاري( ،)5وكان يكره ال يتحكم عليه ،وكان الشيخ
يحكم ،فإذا أتاه الفقيه أبو بكر يكره ال يحكم أحدً ا لما يعلم( )6يف باطنه من
كراهته التحكيم ،قال :رأيت الشيخ [علي بن عمر]( )7األهدل جدي يقول
لي :يا أبا بكر تحكم على الشيخ محمد ،وخذ الربكة منه .قال :وكنت أقول
واهلل ال أتحكم على هذا الجبلي .فلما أشار علي جدي ،جئت إليه فقلت له:
يا سيدي أريدُ التحكم .قال :فقال الشيخ ردوا يا شباب عذب الما ُء وطاب.
وكان يقول هبذا الكالم إذا حكم أحدً ا هكذا يحكي .وكان كثير االختالف
إلى الشيخ محمد بن عمر النهاري ،والزيارة له ،كان كثير الثناء عليه ،وكان
عظيما ،وكان أبوه
ً ظهورا
ً الشيخ محمد بن عمر [النهاري]( )1ظهرت كراماته
عمر بن موسى قبله ،وقيل هذا محمد بن عمر ظهرت أخباره يف كل ناحية،
الزوار من [/27أ] كل مكان ،قيل إن أول كراماته أنه اعتكف على بداية
وجاءه ّ
الهداية للشيخ محمد بن محمد الغزالي([ )2نفع اهلل به]( ،)3هكذا حكاه القاضي
األجل الصالح محمد بن عبد اهلل الناشري( ،)4ولقد سمعت الفقيه الصالح أبو
زائرا إلى الشيخ محمد بن عمر بكر بن أبى القاسم األهدل ،قال :قدمت ً
()5
مشهورا بالكشف
ً كذا وكذا جعلته .فرجع الرجل مسر ًعا وأخذ ثوبه .وكان
الذي ما عليه مزيد ،وكان يأتيه الناس من اليمن األقصى ،والشام األقصى(،)1
وينبئ الناس بأسمائهم ،وأين بلدهم ،وما معهم يف بلدهم من الصالحين .قيل
إن الفقيه عمر بن عثمان الحكمي طلع ليسلبه عقيب ما جرى بينه وبين محمد
بن يعقوب ،فجعل الشيخ محمد بن عمر النهاري يصفق بيديه ،ويقول :عمر
مما
بن عثمان أتانا ليأخذ ما أعطاه الرحمن .فزاره الفقيه ولم يقدر على شيء ّ
كثيرا ما يروي عن الشيخ
عزم عليه ،وكان الفقيه أبو بكر بن أبى القاسم األهدل ً
المشهور بالصالح جمال الدين محمد بن عمر النهاري نفع اهلل به ،ومما روي
عنه أنه وصل إليه ابن سهيل الزين( ،)2وكان ملتز ًما( )3لوادي سهام وضاحية،
فانكسر عليه جملة مال ،فهرب إلى ريمة( )4إلى الشيخ المذكور محمد بن
عمر النهاري [نفع اهلل به]( )5فقال له :تقيم عندنا ،فكلما بعد الكبش كان أقوى
للنطاح( .)6وكتب إليه الملك المجاهد« :يا هناري ،قلت غلماننا ،فليس لهم
((( تم التعريف ساب ًقا بما يقصده أهل اليمن بالشام .انظر فيما سبق :ص.18
((( هو الشيخ سهيل الزين ،وجاء يف الشرجي اليزين ،ضامن خراج وادي سهام لدولة
السلطان المجاهد علي بن داود الرسولي .طبقات الخواص ،ص.284
أرضا من أراضي الدَّ ولة أو
يتعهد بأداء قدر من المال لقاء استغالله ً
((( الملتزم :هو َم ْن َّ
منطقة معينة.أحمد مختار عبد الحميد ،معجم اللغة العربية المعاصرة.2008 /3 ،
((( يطلق اسم َر ْي َمة على مناطق كثيرة ومختلفة يف اليمن ،ويبدو أن المؤلف يقصد هبا
ريمة األشابط التي تتكون من منطقة جبلية واسعة متصلة ببالد وصاب وأطراف جبل
برع ،وتشرف من جهة الشرق على المنصورية وبيت الفقيه من هتامة ،وكانت تسمى
أيضا ريمة جبالن .المقحفي ،معجم البلدان.724 - 723 /1 ، ً
((( الزيادة من (ب).
((( عبارة غير مفهومة .ولكنه يبدو أنه مثل يطلق على مثل حالة ابن سهيل.
134
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
شفقة إال أبوابنا»/27[ .ب] فكتب النهاري« :من الفقير إلى اهلل العزيز الباري
محمد بن عمر النهاري إلى السلطان؛ خل لنا قدحنا ،نخلي لك طاستك ،ومن
كفأ شعير الناس كفأ الناس بره ،والذليل من يغلب صاحبه يا أبا عريدان ،هذا
الفرس والميدان ياصاحب الطرفين ال يفوتك الوسط .ضمناك يا ابن سهيل
ح ًيا وميتًا ،ضمان عنب يف كرمه ال ينتقص وال يفهمس» .فلما وصل الكتاب
إلى الملك المجاهد قال لوزيره« :ما تقول يف هذا» .قال :القول قول الملك.
فقال الملك المجاهد« :لوال أنه فاعله ما كان قائله ،جوب له على لساين ،فلم
عما كان انكسر عليه ،فالتفت الشيخ
تجر أقالم كاتبه .فكتب الملك بالصفح َّ ِ
جوب لك الساعة ،خرج
محمد بن عمر النهاري إلى ابن سهيل ،الذى تخشاه ّ
كتابك من بعد ذا الحين ،ويأتيك غدً ا مثل ذا الحين .وله كالم غير هذا؛ سمعت
الناس يف رنة يقولوا باكر العيد ،وعيد الناس دنياهم ،وعيدي أنت ياسيدي.
زائرا من أرض بعيدة ،فالتقى يف طريقه بامرأة
معلما وصل إليه ً
ً ويقال إن
حسناء فقبلها ،فحين قابل الشيخ ،قال الشيخ« :قبلة المعلم يف الخدود تعلم».
وكان إذا وصله( )1أهل هتامة مستمطرين يقول لهم :مروا البنات األبكار أن
يعاعوا .وهو كالم مثل الغناء يقلن به ،ويقال إن امرأة من تجار الهند ُسرق لها
مال عظيم ،فجاءت إليه من الهند ،فانكبت على قدميه ،ولم ترتكه يصلي وال
يمشي ،فسألها عن حالها ،فأظهرت البكاء العظيم ،وأعلمته بما سرق لها ،فمد
ثو ًبا يف المنزل وربط أطرافه األربعة ،وجلس عندها وإذا بالثوب قد وقع يف
وسطه دراهم كثيرة مألته ،وكان الثوب ثوبا كبيرا/28[ ،أ] وقال لها :تعرفين
كم عدد دراهمك .قالت :نعم .فقامت فعدت الدراهم فلم يتخلف لها شيء
-نفع اهلل به[ -آمين]( .)1ويقال إن بعض [العلماء]( )2الصالحين لقي أبا العباس
الخضر ،فسأله عن الشيخ محمد بن عمر النهاري ،فقال :هو قمر الصالحين(.)3
وقد صح أنه شريف حسيني نفع اهلل به ،وقربه إلى هذا التاريخ مشهور يزوره
الوالة من هتامة الجبل والسهل ،وله نذور تأتيه من كل ناحية ،وشهرته وأحواله
مشهورة يف كل مكان.
ثم نعود إلى ذكر الفقيه أبي بكر بن القاسم األهدل -نفع اهلل به وبسلفه،-
علما وحقيقة ،وكان قد ذكر عنه بعض الثقات أنه وصله، قد ذكرنا أنه مجود ً
﴿أ َل ْم ت ََر َأ َّن اهَّللَ َي ْس ُجدُ َل ُه
فأتى وهو بأرض له يدرس يف سورة الحج ،حتى أتىَ :
ات﴾ حتى أتى﴿ :إِ َّن اهَّللَ َي ْف َع ُل َما َي َشا ُء﴾( ،)4قال الراوي :فرأيتمن فِي السماو ِ
َّ َ َ َ ْ
كل شيء سجد لسجوده ،قلت :هذا الراوي له نظر تام(.)5
قلت :وكنت ُأعلم عنده يف قرية تسمى العذبة قبلي المراوعة ،وكنا يف أيام
حزيران( )6يف شدة الرياح ،فجئت ليلة عند صالة العصر وهو تحت عريش
يدرس ،ورأسه مغطاة بثوبه ،فسمعته وقد ترك الدرس وهو يقول :أين تغدي
غدً ا بالثيرة الوادي ،شا يصبح غدً ا فيه سيل العبار ،والخبت( )1فيه الغيث ،ولم
يكن غيث إال قوة ريح قد دفنت خيم البالد .فقلت يف نفسي حين سمعته :هذا
رجل تغير عقله ،ينبغي ألهله( )2أن يحجبوه ،فواهلل العظيم ما كان آخر الليل
إال والمطر العظيم ،والسيل قد أطبق الوادي والخبت -نفع اهلل به ،-وكان
متعاصرا هو والشيخ عبد اهلل بن يعقوب بن عمر الحكمي( ،)3وكان هذا إليه ً
نصب بنى الحكمي/28[ ،ب] وهذا إليه نصب بنى األهدل ،وكان أحدهما
ال ينصب أحدً ا حتى يحضر اآلخر ،وقيل إهنم يو ًما كان معهم يف بيت العقار(،)4
قرية سيدي الشيخ عبد اهلل بن يعقوب الحكمي ختان لولد الشيخ محمد( )5بن
يعقوب ،فحضر الفقيه أبو بكر بن أبي القاسم األهدل وصلى بالناس المغرب،
فيقال إن الفقيه أبو بكر بن أبي القاسم األهدل قال :واهلل ما صليت بالناس
المغرب إال ورسول اهلل ﷺ إما ًما لي ولهم( .)6وكان هذا الشيخ عبد اهلل بن
الجم الذي ال مزيد عليه ،وكانت له أرض ّ يعقوب من أهل الصالح والكرم
يف موضع من الجبل يسمى المرتفق( )7تأيت صي ًفا ،وكان يوصل الناس منهما
غاية اإليصال.
((( الخبت :المفازة ،ويطلق يف هتامة على األماكن الخالية من السكان أو القليلة السكان.
إسماعيل األكوع ،البلدان اليمانية ،ص.110
((( يف (ب) كتبت :ألوالده.
(((لم أجد له على ترجمة.
((( بيت ال ُع َقار :قرية يف وادي زبيد ،فيها طائفة من آل الحكمي وآل الجربيت ،وبعض
قبائل الواعظات .المقحفي ،معجم البلدان.1091 /2 ،
((( يف (ب) عبد اهلل بن يعقوب.
((( من خرافات الصوفية.
(((لم أحصل على ترجمة لموقع المرتفق.
137
تاريخ وطيوط
حكي أنه وقعت( )1مجاعة عظيمة وكان الشيخ عبد اهلل -نفع اهلل به -يف
المرتفق يخبط زرعه ،فوصله كثير من الناس من بني الحكمي وغيرهم ،فأتاهم
العيد ،ويقال إن الشيخ قضى [حوائجهم أي]( )2حوائج جميع الناس الذين
ولحما وسمنًا ،حتى الحطب حمله من أرضه -نفع اهلل به،- ً وصلوه طعا ًما
كرماء العصر ،وكانت له أوصاف ِ أيضا من
وكان أخوه عيسى بن يعقوب ً
مشهورة ،ومكارم مذكورة ،وكان بعده ولد له ُيسمى زياد بن عيسى ،أحيا
وصالحا ،وكانت الشعراء تفد إليه؛ ويكرمهم غاية اإلكرام،
ً مآثر آبائه كر ًما
وكان جيد النقل عن الصالحين ،وكان يقال أبوه عيسى من( )3األبدال ،سمعت
أن سيدي الفقيه محمد بن إسماعيل [المكدش]( -)4نفع اهلل به ،-وفد إلى
الجحمة( )5وقد سرق له ثور ،فعول عليه أوالده أن يسأل عنه ،فوصل الجحمة
فلقيه الشيخ عيسى بن يعقوب الحكمي ،ولم [/29أ] يكن راه قبل ،وال
يعرفه ،فدخل به منزله ،وقال له :أعلمني من أنت .فقال له الفقيه :عبد من عباد
()6
نجارا معه ساكنًا ،قال له :معي رجل [صالح]
ً اهلل .فجعله يف منزله ،ودعا
يف بيتي( )7لم يعلمني من هو ،األت معي البيت لعلك تعرفه ،فلما دخل عليه
النجار عرفه ،قال :هذا محمد بن إسماعيل المكدش .فقال الشيخ :مرح ًبا بك
ً
وسهل ،واهلل ما منعني الموت إال مواجهتك .فأقام عنده الفقيه ً
وأهل يافقيه
تلك الليلة ،وتقدم بلده ،فما وصل الفقيه محمد األنفة إال وخرب موته معه
-نفع اهلل هبما وبالصالحين.-
ونعود إلى ذكر الفقيه أبي بكر بن أبي القاسم األهدل -نفع اهلل به ،-وكان
له المعرفة التامة يف علم التصوف ،ويقال إن يو ًما دخل المنصور( )1المرواعة،
وأضر بالناس ،جاءه [بعض]( )2بني الشيخ ،وعنفه ،وقال :يا فقيه :هنسف،
ّ
وأنت بين أظهرنا ،وهتسف المراوعة .فقال [له]( :)3انظر إلى الرتبة ،فنظر إلى
وفارسا يمنعه ،فقال:
ً فارسا يريد أن يحمل على العسكر،
الرتبة ،فرأى فارسينً ،
يا سيدي من هذان الفارسان .فقال له :هذا الشيخ أبو بكر الذي يغزي( )4على
العسكر ،وهذاك [الشيخ]( )5الذي يمنعه أبوه .وكان قد نصب الفقيه أحمد
ابن عمر -نفع اهلل به -يف ليلة شهد فيها الفضل ،وشهد فيها بالربكة [الكلية](.)6
ويقال إهنم خجلوا من شدة السرور ،سبب ذلك بيت قاله ابن زنقل( )7يف الفقيه
ليلة النصب ،وهذا البيت هو:
كـــذا وح ــس ــان ب ــن ثــابــت يسجع خجلوا كما خجل الصحابة يوم فتح
وهذا [البيت]( )1يف قصيدة له أولها :صب بكاظمة أشحبت ُه أربعة.
وهذا فيها إجادة قوية ،ذكر فيها جملة من علماء الزمان المتقدمين
[/29ب] وشيوخ الطائفة المشهورين ،قلت وقد حكى الفقيه إبراهيم بن
محمد بن أحمد األهدل( ،)2قال :جئت جدي الفقيه أبي بكر بن أبي القاسم
زائرا ،فقال :يا إبراهيم اكتب .قلت :ما أكتب .قال :اكتب بسم اهلل
األهدل ً
أسرة اهلل يف بقعة من بقع اهلل إال كانت
سر من ّ الرحمن الرحيم ،ما سكن ٌّ
مقدسة ،أي مطهرة إلى يوم القيامة .قلت :وأذكر ليلة( )3أن جماعة زاروه إلى
محلته التي كنا فيها معه ،ومدح أحدهم بقصيدة الشيخ عبد القادر الجيالين
-نفع اهلل به وبالصالحين -بقوله:
()4
رق النسيم وراقت األسحار
فحصل الفقيه يف حالة عظيمة ،فقالت الجماعة للفقيه عقيب صحى من
البكاء :يا سيدي نشتهي لمجلسنا كرامة تكون مذكورة .فقال :من حضر معنا،
غفر له هذه الليلة -نفع اهلل به [آمين]( )1وبالصالحين .-قلت :وهم أهل بيت
عفة وصالح ،وفقر -نفع اهلل هبم ،-وولده الفقيه أبو القاسم بن أبي بكر حاله
حال مبارك وعليه عنوان الصالح والخير -نفعنا اهلل هبم وبأمثالهم.-
ثم الفقيه أحمد بن عمر األهدل كان له الورع الكلي والصالح ،وكان صاحب
شارة( ،)2وكان عليه من النور واألدب ما ال يوجد( )3يف ذريته؛ الوسامة واألدب
الذي لم يكن يف غيرهم من الناس ،بحيث إنك إذا رأيت ً
طفل منهم يف المعالمة
()4
()1
والورد يمتاز بالسماء من السلم
ومن ولده :محمد ،وعمرو ،وعثمان ،ويحيى ،فيحيى أمه بنت الفقيه محمد
بن عمر الدبر(- )2نفع اهلل به ،-وكان الفقيه محمد [بن عمر]( )3سعيد الصورة،
مآثرا لم
عظيما ،وبنى ً
ً ميمون [/30أ] المشورة( ،)4أقبلت عليه الدنيا ً
إقبال
خوصا( ،)5ثم
ً أثرا ،وبنى جامع المراوعة ،وهو كان للشيخ يبني غيره مثلها ً
وآجرا ،وهو مسجد أنور من مسجد عمر بن إبراهيم ً جصا
بناه الفقيه محمد ً
عظيما ،وهو مأثر
ً انشراحا
ً البجلي بشجينة ،وفيه نور عظيم ،وينشرح داخله
للربكات ،وفيه منرب ساج ،وطاقات حديد ،وللفقيه أحمد بن عمر والده
مسجد بالقرب منه ،ولكن هذا المسجد الذى بناه الفقيه فيه تألق عظيم وزينة
لم يكن [عندي]( )6يف ِ
بالد العرب ما يشبهه من المساجد ،وهو الجامع اليوم،
ولما مات الفقيه محمد بن أحمد -رحمه اهلل تعالى -وصل الفقيه محمد بن
زائرا للشيخ ومعزيه ،فاجتمع إليه بنو الشيخ يف المسجد ،فقال لهم
إسماعيل ً
الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش :اعلموا يا بني الشيخ أن الفقيه أحمد
((( يقول البيت:
تميزهم
ْ السالحِ لهم سيمى
شاكي ِّ
والور ُد يمتا ُز بالسيمى عن السل ِم
نشرهم
ُ رياح النصرِ
ُ تُهدى َ
إليك
من ديوان البوصيري ،ص.250
((( كتب المؤلف يف الهامش :قف على الفقيه محمد الدبر .والفقيه محمد بن عمر
الدبر :هو.
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) الشهرة.
خصوصا.
ً ((( يف (ب)
((( الزيادة من (ب).
142
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
ابن عمر بركتكم وولده محمد سعدكم .وقد كان يقال يف أيام حياته هو أسعد
أهل زمانه ،فلما مات تغيرت الحاالت من كل شيء ،وعرف الناس سعده،
ثم ولده أحمد بن محمد األهدل -نفع اهلل به ،-صاحب كرم واسع مشهور،
وإطعام مذكور ،لم يكن أحد يشبهه بالكرم الجم ،والصرب الجميل ،والنيل
الجزيل ،وفيه حرية ،ولم يكن يلزم ما يف يده لو يحصل له يف ساعته( )1ألف
فقيرا ،كما قال
يمس عنده منها شيء من كرم نفسه ،ولكرمه ال يزال ً ِ دينار ،ولم
المتنبي رحمه اهلل تعالى:
()2
الجود يفقر واألقدام قتال
وال يزال يحث بنى الشيخ على مكارم األخالق -نفع اهلل به ،وحفظ على
المسلمين بقاه ،وأعال يف جنة الفردوس مرتقاه/30[ .-ب]
ومن جملة ما فيه أهنا وقعت مجاعة عظيمة ،وحصل له من السلطان ألف
دينار قرضه يف وقت أشد ما يكون ،فما خرج من زبيد إال وقد ذهب أكثره،
وكذلك يف الطريق ،كان حيث ما أمسى صرف شيء لم يصرفه غيره ،نفع
اهلل به ،ثم [كان]( )3كذلك الفقيه محمد الدبر والفقيه علي بن آدم الزيلعي
()4
((( محل الدارية :من قرى وادي سهام .انظر :الجندي ،السلوك.382/1 ،
((( عبارة غير مفهومة.
((( هو الولي الشيخ اإلمام عبد الرحمن عبد اهلل اليافعي ،وكان من كبار شيوخ عصر،
ذكره الربيهي يف ترجمة المقرئ الصالح جمال الدين محمد بن الفضل الشهيلي
المتوىف سنة 850هـ1446 /م .طبقات صلحاء اليمن ،ص .61
((( يف (ب) قدم.
((( السبع المثاين :وقيل هي فاتحة الكتاب ،وهي سبع آيات ،قيل لها مثان ألهنا يثنى
هبا يف كل ركعة من ركعات الصالة وتعاد يف كل ركعة .ابن منظور ،لسان العرب،
.119/14
144
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
((( لعل مقصوده بالجرز سورة السجدة ،ألهنا السورة الوحيدة التي وردت فيها الكلمة
ض ا ْل ُج ُر ِز.﴾...
﴿أ َو َل ْم َي َر ْوا َأنَّا ن َُس ْو ُق ا ْل َما َء إِ َلى ْالَ ْر ِ
يف قوله تعالىَ :
((( (ب) الرحمن.
((( الرقابة :من قبائل العبسية ،أحد فروع قبائل عك ،ومنطقتهم المراوعة .المقحفي،
معجم البلدان.699 /1 ،
((( يف (ب) كتبت يف بعض األسفار يف الطريق.
((( عبارة غير مفهومة.
((( يف (ب) شديدً ا.
((( يف (ب) فما انتبه إال أخر الشمس.
145
تاريخ وطيوط
ثم نذكر أوالد عبد اهلل الناشري نفع اهلل هبم( )1منهم :إسماعيل بن عبد
اهلل الناشري ،كان قاض ًيا ال تأخذه [/31ب] يف اهلل لومة الئم ،وكان أكرم
القضاة( ،)2وتولى مد ًة القضاء يف المهجم ،وكان ربما يفطر يف بيته ما ينيف
على المائتين ،وكان ربما يعزل نفسه من القضاء ،وسمعت الفقيه محمد ابن
علي األشخر( )3رحمه اهلل تعالى ،قال :كنت أقرأ على الفقيه إسماعيل بن عبد
اهلل الناشري رحمه اهلل ،فمرضت وتحملت من المهجم إلى بيت األشخر(،)4
()6
عظيما قاربت( )5فيه الموت ،فسمع بي وجاءين وقعد [معي]
ً مرضا
ومرضت ً
يف المنزل ،ولم أشعر به من شدة المرض ،فرأيت ملكين نزال علي وأنا مستيقظ،
وقال أحدهما :أقبضه .وقال الثاين :سل عنه ربك .قال :فرجع( )7أحدهما وأنا
ناظر إليه حتى غاب عن عيني ،وجاء ضاح ًكا ،فقال له صاحبه :هل حصلت
مهلة .قال[ :نعم]( .)8فأصبحت قد أفقت ً
قليل ،ورأيت الفقيه فعرفته ،وسمعته
يقول لغالمه :شد الحمار .فقلت :يا سيدي إلى أين؟ قال :إلى المهجم.
قلت :يا سيدي إين لم أشعر بك إال اليوم قف عندي حتى أتمأل بك .فقال لي:
كريما عزل نفسه يف آخر عمره من
صالحا ً
ً قد حصلت المهلة نفع اهلل به .وكان
((( يف الهامش كتبت عبارة :أوالد عبد اهلل الناشري يف النسخة (ب).
((( كتبت يف (ب) الناس.
((( هو الفقيه أبو عبد اهلل محمد بن علي األشخر (ت818 :هـ1415 /م) .ترجم له:
الشرجي ،طبقات الخواص ،ص.300 - 299
األش َخر :وتعرف باسم محل األشخر من مديرية الزيدية .المقحفي ،معجم ((( بيت ْ
البلدان.69 /1 ،
((( كتبت يف (ب) فرأيت.
((( الزيادة من (ب).
((( كتبت يف (ب) فعرج.
((( الزيادة من (ب).
146
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
القضاء ،وأخوه محمد بن عبد اهلل بن يعقوب([ )1الناشري] ( ،)2نفع اهلل به[ ،أحد
الكرماء روى الشيخ الصالح عبد اهلل بن يعقوب نفع اهلل به]( )3أنه رأى النبي ﷺ
يقول :من ق ّبل بين عيني القاضي محمد بن عبد اهلل الناشري دخل الجنة.
وكان إذا حضر عنده خصمان يف الحكومة؛ عرف صاحب الباطل فراسة
فيه ،وقيل إن الشيخ أبا بكر بن يوسف الكحالين قدم بعدما حج إلى الكدراء
إلى الراوي ،وكان ال يأمن األمراء ،فأرسل إلى القاضي محمد فواجهه ،وقبل
عينيه ،ورجع [/32أ] إلى منزله ،فما عاش إال ً
قليل حتى( )4مات رحمه اهلل
تعالى ،وكان كثير إطعام الطعام ،قيل إنه اعتكف على أذكار النووي( )5أيا ًما،
علي،
إلي ،وتغضب ّ
كلب آخر عن حاله ،فقال :كالب تأيت ّ
فسمع كل ًبا يسأله ٌ
وأنا فرد ال ثاين معي ،فعينني عليهم .قال فسمعت الكلب الذي يسأله يقول(:)6
علي فلن أتركك لهم.
أما بعدما شكوت ّ
ومما حكاه القاضي األجل جمال الدين محمد بن عبد اهلل الناشري ،كان
رجل يف حد ذؤال ،وكان يف أزمة شديدة ،فحصل على أوالده انقطاع من الطعام
ثالثة أيام ،فحصل لهم شيء ،فحال عزموا على األكل هو وعياله( )7وفد عليهم
ثالثة أقوام سراق ،فقالوا له :هات ما عندك .فقدم إليهم ذلك الطعام مخافة
شرهم ،فبقيت أم عياله( )1تلومه على فعله ،فقال لها صاحب البيت :إنما
ً
جمل على بابه فعلت( )2ذلك خيفة منهم .فلما أكلوا خرجوا من منزله رأوا
أيضا نبيعه بكذا وكذا .فركبه واحد منهم فطار به يف الهوى، ً
مناخا ،فقالوا :هذا ً
فبقوا أصحابه حائرين مما جرى على صاحبهم ،فجلسوا ساعة فسمعوا دو ًيا
شديدً ا فوقع صاحبهم بين أيديهم ميتًا ،ومضوا( )3هاربين.
ويف نواحي سهام غبيش( ،)4وهو الشيخ محمد بنا كان فيه الخير العظيم(،)5
وكان يهب كل يوم ختمة ،وكان مشهور الحال ،قربه شرقي قرب سيدي الشيخ
علي األهدل نفع اهلل هبما ،قيل من رقد على قربه وتمرشح دخل الجنة ،وهذا
مروي عن الثقات ممن رأى [/32ب] النبي ﷺ.
والقطقطي كان رعوي مشهور بالصالح العظيم ،قيل إنه كان بعد عصر
[سيدي]( )6الشيخ على األهدل نفع اهلل هبما ،قيل إنه جاء إليه جندي يف
المكتب وراعه( ،)7وهز عليه بالسيف ،فنظر إلى السماء ،وقال :يا رب العبد
يقتلني .فمات الجندي من ساعته ،وهو مقبور قبلي محل الدارية بنصف ميل.
ثم نذكر بنو المقرصة :هم أناس صالحون ،يف قرية بجنب المراوعة ،يقال
[لها]( )8بيت بن أحمد ،شرقي المراوعة ،يقال إن صوابه أن أمهم بنت الشيخ
((( كتبت يف (ب) أم العيال.
((( كتبت يف (أ) فعلنا والتصحيح من (ب).
((( كتبت يف (ب) وولوا.
((( سهام غبيش ويف الهامش كتبت بيت غبيش منطقة غير معروفة ،ويبدو أهنا من قرى
وادي سهام.
((( عبارة غير مفهومة
((( الزيادة من (ب).
((( أخافه.
((( الزيادة من (ب).
148
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
علي األهدل واهلل أعلم ،كان يقول الشيخ محمد بن عمر النهاري نفع اهلل به:
بنوا المقرصة فراقيص مذفنة .الفرقوص ثمر الدبا حبحب ،حبته( )1تزكو فتأكله
العرب( ،)2وتدفن منه .وهو يف شجرة ما يدفن فتكون مني ًفا ،فيقال فرقوص
مدفونًا ،عرف منهم الفقيه الصالح عمر بن أحمد ،جاوز عمره المائة السنة،
وكان ال يعرف النساء ،وكان من أهل الصالح والخير نفع اهلل به.
ثم بنو خطاب بمحل الدارية ،كانوا يف قديم الزمان أهل علم مشهور ،ثم بعد
ذلك دخلوا يف الكتابة ،ويقال إن الفقيه أبا بكر بن خطاب كان من علماء الزمان،
معاصرا للشيخ والفقيه أهل عواجة نفع اهلل هبما ،وكان قد قتل الملكً وكان
المنصور( )3ووقعت فرتة ،فقال الشيخ والفقيه للفقيه أبي بكر بن خطاب :خذ
القضاء واحكم .فقال الفقيه أبو بكر :من غير دستور من( )4الوالة .فقال له :قم
وال ُتعزل حتى تموت .فكان كذلك ،ووصل يحيى بن العمك الرامي( )5خاط ًبا
والفقيه أبو بكر بن محمد بن يعقوب أبو حربة زائرين ،قال :وسمرنا على
تربة سيدي الشيخ األجل علي بن عمر األهدل نفع اهلل به ،قال :فجاءتنا الحرة
حفصة( )1ونحن نذكر حكايات الصالحين ،فانكبت على قدم اليافعي ،وقالت
له :يا سيدي ،الملك المجاهد قطعني عاديت ومسامحتي ،ادع لي برجوعها.
قال وسمرنا إلى آخر الليل ،وكان معنا جماعة ،فقال أحدهم :ياسيدي ،ادع
لنا قد أضر بنا النعاس .فقال اليافعي :سبحان اهلل العظيم تنعسون من ذكر
[عظيما]( ،)2وأخذ يذم نفسه ،ويقول :أنا
ً األحباب .ثم حصل عليه حالة وبكاء
الكلب األجرب .حتى أضاء الفجر ،وصلينا الصبح ،وظل عندنا حتى( )3كان
صالة العصر عقدنا زيارة الفقيه عمر بن حميد( )4صاحب الحصامة( )5فتقدمنا
إليه ،فدخلنا الحصامة مع صالة المغرب ،ومعنا الفقيه أبو بكر بن محمد ابن
يعقوب يوصينا ويقول :يا ولدي ال يساير إال من كان يخمد على حشر الموز،
واحذرونا من يقول :وحق رأس جدى وحق رأس أبي .فسمعنا يف طرف قرية
[/34أ] الحصامة امرأة تمدح على ولدها وهى تقول:
مـــا لــنــا الـــذئـــب الـــمـــعـــوي مـــا لــه
لــــيــــا وال ل ــي ــل ــى لــه
ً يــــعــــوي يـــشـــا
لـــيـــلـــى تـــــوالهـــــا رجـــــــــال غ ــي ــره
فخر الفقيه أبو بكر بن محمد بن يعقوب( )1مغش ًيا عليه إلى قريب الفجر،
وخرج إلينا الفقيه عمر بن حميد نفع اهلل هبم أجمعين ،قلت :وهذا عمر بن
حميد أحد شيوخ الطريقة العارفين شريعة وحقيقة ،نسبه حمادي من القحرا(،)2
[له]( )3بداية( )4جيدة ،صنف كتا ًبا أجاد فيه غاية اإلجادة ،وهذبه غاية التهذيب،
وأمر فيه بأحسن التأديب ،هنى فيه عن األمور التي يف كثير من أهل وقتنا ،ومن
كثير ما أجاد حصله القاضي األجل شرف الدين إسماعيل بن عبد اهلل الناشري
بخطه ،وحذر فيه من الشيطان ومدارجته التي غفل عنها الناس ،وأمر فيه
ً
أهوال يطيش عقل سامعها، بالتواضع هلل ،وذكر أنه رأى القيامة( )5قامت ،وذكر
ويذوب لبه ،وأنه رأى اجتماع الناس بعرفة من الصالحين ،يقول خراج بر
خراج بر بلغة أهل البلد ،ورأى مجتمع األنبياء ،وسمع هذه وقال :واهلل لو رأى
ً
رجال [ممن أنسان( )6ما رأيت( ،)7ما أكل طعا ًما ،وال عرف منا ًما ،قال :ورأيت
لست
ُ يقرأ كتاب اهلل تعالى]( )8ممن أعرف قد جيء به ،وقيل له :اقرأ .قال:
ُأحسن أقرأ حر ًفا واحدً ا .وقد كان ممن يقرأ كتاب اهلل تعالى ،ورأيت النساء
والصبيان ينادون :وا محمداه ،وا محمداه ،وا فضيحتاه ،وا كرباه ،ورأيت أكثر
الناس جثاة على الركب قد أغرقتهم [/34ب] مدامعهم ،وذكر ما ال يحصى
يف الساعة عشرة عشرة ،ثم ذكر أن وال ًيا أغار سنة من السنين يف أسفل وادى
وغنما ،ثم قفل راج ًعا إلى الكدرا،
ً
()1
كثيرا من العرب منعوه
مال ً سهام ،فأخذ ً
فشفعت إليه ،فلم ينظر إلي ،وكان جليسه رجل من عسكر الكدراء حرضه
أدعو عليه ،فلما أصبحت أتاين أهل ذلك َ على أن يردين خائ ًبا ،فهممت أن
البقر والغنم ،وقالوا :يافقيه ،اشفع لنا إلى هذا الرجل ،وأفد لنا منه .وإذا بفقير
()3
ينادي ،يقول لي :مالي أدعوك( )2وأنت ال تجيبني .انظر ،ال يكون [لك]
تعرض يف هؤالء إلى األمير ،أيكون هؤالء ال صالة لهم ،وال زكاة ،وال صيام،
وال مصيبة .فقلت لهم :يف اهلل تعالى الخير .ارجعوا( )4منازلكم ،واستخلفوا
عظيما ،ومما ذكره أنه قال :من
ً اهلل تعالى .فالموين على قولي لهم ،وبكوا بكاء
تبجيل األجل ،مقته اهلل( ،)5وسقط من عين ً كتب إلى ٍ
وال من الوالة ،يقول له
اهلل .نسأل اهلل السالمة من كل إثم ،والغنيمة من كل بر.
وقد حكى كثير من أهل البلد معنا أن الفقيه عمر بن حميد سكن معنا
بالغانمية ،وتزوج هبا ،وذكر للفقيه محمد بن إسماعيل المكدش ،نفع اهلل به،
أنه كان يرى كل ليلة الموتى تأيت األنفة ،ليرى كل والد ولده ،واألخ أخاه،
واألم ولدها ،قال :فيسمعون نباح الكالب ،فيرجعون هاربين.
وقد حكى بعض العرب ،قال :خرجت ليلة إلى زائري األنفة ،فلقيت ً
رجل
عريانًا ،فقلت له/35[ :أ] من أنت؟ قال لي :فالن من بني المكدش ،أريد
أوالدي .فسمع كل ًبا ينبح ،فهرب إلى الرتبة .قلت :ومما سمعته من بعض
أناسا
أناسا كثيرة ،وذكر أهنم قصار ،قال :فعرفت منهم ً العرب أنه رأى ليلة ً
()1
قد ماتوا واهلل أعلم هم أنس أم جن تصورت له .وذكر هذا الرجل ،قال :خرجنا
مرة إلى أرض الزعلية ،فكنا يف المرعى ،وكان رجل منا ساعة ،فناداه منا واحد،
فكان كلما ناداه خرجت عقرب من جحرها غير مرة ،فلما وصله ذلك المنا َدى
قال له المنادي :عجبت ،كلما دعوتك خرجت عقرب .فقال له :نادي حتى
أنظر .فدعا به ،فخرجت العقرب ،فأخذ ذلك الرجل ً
حبل وثناه وضرهبا به،
فعلقت بالحبل ووقعت يف هامته وضربته فيها ،فمات من ساعته.
ذكر بني حربة:
ثم كذلك نعود إلى حديث( )2بني حربة ،ذكر بني أبي حربة :هم أناس نفع
اهلل هبم أهل أحوال خارقة ،وأقوال صادقة ،كان منهم محمد بن يعقوب له
دعاء للقرآن قد فشا يف اليمن ،ونقله أكثر الناس تربكًا به ،وقيل إنه وفد على
بعض رعايا سهام وهو ساكن يف أرضه عند حصادها ،فأضافه ،فلما أصبح
الصبح( )3عزم على المسير ،فقال له ذلك الرعوي :تغدوا عندنا وسافروا .فلم
يخالفه الفقيه؛ فتغدوا( )4عنده ،فجاءه المساح( )5وقد هتيأ الفقيه ،نفع اهلل به،
للركوب ،فمروا على زهب ذلك الرجل ،وكان طبع الفقيه ،نفع اهلل به ،حسن
الشيم والسجايا والقيام بالصاحب ،فلم يمكنه إال وقف [/35ب] وجاء إلى
المساح( )1وسأله أن( )2يحط للرعوي ما أمكن ،فلم يفعل وربما خرج من
المساح كالم؛ علم الفقيه باطنه فتغير الفقيه ،وجاء إعصار فحمل المساح يف
الهوى ،وهنقت حميرهم يف الهوى ،وكان المساح يستغيث ،فدعا لهم الفقيه
فعادوا ،وأبلغني أنه حج سنة من السنين مع ركب ،فحصل على الركب عطش
عظيم ،وأشرف أهل الركب على الهالك ،فلما عاين ما حل هبم أخذ تلميذه
ومشى إلى شرقي الوادي الذى هم فيه ،فصلى هلل ركعتين ودعا ،وإذا بالماء
ً
سائل والفقيه قبله وهو بعده ،فجاء الفقيه إلى الناس والماء بعده، قد أقبل
فشربوا( ،)3فارتوى الناس والدواب ،نفع اهلل به.
ثم أبو الفقيه محمد بن يعقوب بن الكميت كان [له]( )4صحبة بالفقيه أحمد
مر به للحج وجاء ،يقول الفقيه يعقوب بن بن موسى عجيل ،قيل كان إذا ّ
ً
وسهل بالخليفة .فيقول: الكميت للفقيه أحمد بن موسى [عجيل](ً :)5
أهل
الفقيه أحمد بن موسى :سلمك اهلل ياسلطان .وهم الملوك على التحقيق ،وقد
شعرا:
ً
()6
قال اإلمام عبد اهلل بن أسعد اليافعي ،نفع اهلل به[ ،آمين]
مــن الملك إال اســمــه وعقابه ملوك على التحقيق ليس لغيرهم
ويقول فيها:
12
[/36أ]
ومن أوالد الفقيه محمد بن يعقوب ،أبو بكر بن محمد ،نفع اهلل به ،وقد
ذكرته قبل هذا المكان ،وله الحاالت التي ال مزيد عليها ،فقيل إنه سمر ليلة
على قرب الشيخ عيسى بن حجاج( ،)3نفع اهلل به ،فغشي عليه ،فحمل إلى
[منزله]( ،)4فلما أفاق ،قال ألصحابه :سألني بعض الصالحين ،قال يافقيه
()5
أبا بكر :ما دين الناس اليوم .فقلت :الدين الحنيفي الرسولي .فقال [ما]
أكثر الناس إال محولين الوجوه ،يموتون على غير اإلسالم. لي أرى
()6
نسأل اهلل الكريم الرحمن الرحيم أن يتغمدنا برحمته التي وسعت كل شيء
نحن وأوالدنا وأصحابنا ووالدينا( )1والمسلمين.
قلت ،وقد وجدت([ )2بعض]( )3الناس من أهل سردد أن يوسف المقامي
كان من أهل األنفة( )4بالغانمية ،كان يصحب الفقيه أبا بكر بن محمد بن
يعقوب والفقيه محمد بن حشيرب( ،)5نفع اهلل هبما ،وكان كثير االختالف
إليهما ،قال يو ًما زرهتما وقلت سأزورهما( )6هلل تعالى ،ولم أطلبهما إال أن يهبا
لي من أنفسهما ما وهبا ،فإن غرضي قناع لصاحبة البيت ،فلما جئت محمد
بن حشيرب ،رحب بي وكنت يف نفسي قصدي أربعة وعشرون دينار يهبا لي
من أنفسهما ،فوقفت عند الفقيه محمد بن حشيرب ثالثة أيام ،وودعته ،فقال
لي :مالك هذه المرة حاجة .فقلت :ال .فقال :وال قناع لصاحبة البيت .فخرج
دينارا دينار .حتى بلغ اثني عشر دينار ،وقال:ً معي ،وقال مد يدك وعد لي
هذا نصف ما ذكرت .فضحكت ثم تبعت الفقيه أبا بكر بن محمد ،فوقفت
معه ثالثة أيام وودعته ،فقال لي :مالك حاجة .فقلت :ال/36[ .ب] فقال :ال
قناع لصاحبة البيت .فعد لي ثالثة عشر أربعة عشر حتى بلغ أربعة وعشرين،
نفع اهلل هبما وبالصالحين.
((( ووالدينا ساقطة من (ب).
((( يف (ب) كتبت حدث بعض.
((( يف (ب) قعدوا.
((( مكتوبه يف المتن األ ويف الهامش نفه.
((( هو الفقيه الصالح محمد بن عمر بن حشيرب ،ونسبه يف قوم يقال لهم الهليلويون ،كان
فقيها زاهدً ا ور ًعا صاحب كرامات وكالم بالحكمة ،تويف سنة 720هـ1320 /م، ً
خيرا صحب الشيخ أبي الغيث بن جميل .انظر :الجندي ،السلوك، وكان والده فقيها ً
.348/ 2
((( مكتوبة :شاأزورهما ،وهي لهجة يمنية دارجة تعني سأزورهما.
158
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
قلت :سأذكر حكاية عن الفقيه أبي بكر بن أبي القاسم األهدل ،نفع اهلل به،
()2
قال بعض أهل َزبِيد وكان يسمى صالح البزار أنا [كنت]( )1أعرفه ،حججنا
نحن والفقيه أبو بكر بن أبي القاسم األهدل ،نفع اهلل به ،وركبنا يف البحر،
فاشتهى علينا السمك ،فسألناه المالحين ،فذكروا أهنم ليس معهم ما يجنون
به السمك ،فقال الفقيه :هبوا لهم ولو خيو ًطا ،فإهنم ال عقول لهم .فبينما
نحن كذلك إذ بالسمك يدخل يف سفينتنا من كل جانب ،وأخذنا منه حاجتنا،
ولم نره بعدها.
ثم نذكر الفقيه محمد بن يعقوب:
قيل ،كان شهرته ال هناية لها( ،)3فرأى النبي ﷺ يقول [له]( :)4قم يا محمد
ً
جمل يف الناس ،وعلينا لك الوفاء والكفاية والدفا .فأخذ أمير المحالب
لصاحب له فجاءه شاك ًيا عليه ،وسأل أن يشفع له إلى األمير ،فبلغ معه إلى
األمير ،فاستأذن عليه ،فأذن له فدخل عليه ،فقال له :رد جمل صاحبي هذا،
فهو ضعيف الحال ،وصاحب عيال ،وما أقامه عياله إال على ظهر جمله .فلم
يلتفت إليه األمير وال عبا به ،فخرج من عنده ،فطعن األمير ،وطعن داره بأصبعه،
وإذا يد قد خرجت ولزمت بأصبعه ،وطعن ثانية وثالثة ،وقال يارسول اهلل ﷺ
قلت لي :لك علينا الوفاء والكفاية والدفا( .)5فإذا بصاحب اليد قد ظهرت،
وإذا به محمد بن المؤذن ،نفع اهلل به/37[ ،أ] ،فقال له :يامحمد بن يعقوب
هذا صاحبي ملتزمي .فقال له :إنه أخذ جمل صاحبي هذا .فدخل ابن المؤذن
على األمير ،وقال له :هذا محمد بن يعقوب ،وحذره من الصالحين .فندم
األمير ورد جمل صاحبه ،نفع اهلل بالصالحين.
قيل ،أن أهل مريخه قرية شرقي المحالب ،جعلوا الرجل جعال على أن
يسب الشيخ( )1أبا بكر بن محمد بن يعقوب ،نفع اهلل به وبسلفه ،وأرادوا
ّ
اختبار أمره ،هل له حالة أم ال ،وكان ذلك عقيب صالة الجمعة ،فقعد الرجل
عظيما ،فقال له الفقيه :هل نصبوك
ً وسب الفقيه أبا بكر س ًبا
ّ يف المحراب،
غرضا للبالء .فقال له :نعم .فلزم الفقيه باصبع يده اليمنى يف أصبع يده
هؤالء ً
اليسرى ،ورماه ثالث رميات ،فراحت عينه ويده ورجله.
وقيل دخل الفقيه أبو بكر بن محمد المهجم ،فسمعت امرأة قريبة من منزله،
فقالت يف نفسها :يافقيه أبا بكر أفرغ بيني وبين فالن ،فأنا لست أشاء زواجة.
فقال الفقيه بين الناس :فرغ فرغ .فمات ذلك الرجل من ساعته ،قيل لما نزل
ابن ميكائيل نزل قاصدً ا زبيد ،نزل معه الفقيه أبو بكر ووعده بفتحها ،فلما جاء
خرجت إليهم امرأة من زبيد وقالت :يافقيه أبا بكر عقد عقدة محمد بن أبي
بكر الحكمي ،ومحمد بن الحسين [البجلي]( )2شيخي عواجة ،نفع اهلل هبم
تريد تفتحه ،فولى الفقيه وهو يقول :ذكرتنا مانسينا .وقيل رأى يف طريقه الشيخ
والفقيه وهما يقوالن له يافقيه أبا بكر ال تفتح ما عقدناه [/37ب] إال [من
()4
مكان]( )3أعلى رتبه منا .قلت :وسبب هذا العقد أن اليمن كان لبني أيوب
((( يف (ب) الفقيه.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) لبني رسول.
160
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
()3
وكان آخرهم المسعود( ،)1وكان الملك المنصور عربي( ،)2قيل كانت [له]
والية الليل ،فحصل له حوالة من الملك المسعود فوصل هبا إلى الكدراء إلى
أميره ،والحوالة إليه فحصلها( )4األمير على الفقيه محمد بن الحسين البجلي،
وكان كثير الحرث ،وقد قيل إن الحوالة ألف دينار ،فأتاهم الملك المنصور
وهو عربي [فجاء]( )5إلى الشيخ والفقيه وطالبهما بالمبلغ ،فعجز الفقيه محمد
بن الحسين البجلي عنه ،وشكى على الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي ،فشق
عليهما[ ،فطلبا]( )6الغزي ،وقال له الشيخ وكان ذلك يف أيام الخريف :ياغزي
درهما واحدً ا .فقال :ال عذر من
ً هذه األيام نقرتض واهلل ،ما يجد الفقيه لك
ذلك .وبعد أن الشيخ ،نفع اهلل به ،بشره بملك اليمن على أنه يعذر الفقيه،
علي .فقال له :واهلل ما نقطع لك إال ح ًقا.
فقال ياسيدي :أنا طفل تضحكون ّ
ووعداه بأن الملك يكون له يف صفر أو ربيع األول ،فكتبا له بذلك كتا ًبا ،فرجع
فرسا،فرسا ،وأمير فشال ً وقد عمته بركة الشيخين ،فوهب له أمير الكدراء ً
والقحمة كذلك ،وزبيد وحيس كذلك ،فلما وصل( )7تعز لقيه بالليل رجل
معه ركوة وعكازة ،وقال له :أبشر بما هتوى يا أبا الخطاب بالملك من عدن
((( هو الملك المسعود صالح الدين يوسف بن الكامل األيوبي آخر ملوك بني أيوب
يف اليمن تويف يف مكة سنة 626هـ1229 /م .ابن حاتم ،السمط الغالي الثمن،
ص.41 - 40
((( وهنا يكرر المعلم وطيوط عربية بني رسول.
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) فجعلها.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) دخل.
161
تاريخ وطيوط
إلى عيذاب( .)1ثم أن الملك المسعود حج إلى بيت اهلل الحرام ،واستناب عمر
بن علي على الملك ،فلما وصل الملك المسعود مكة حرسها اهلل تعالى لقية
فدا( ،)2وقد دخل عليه داره الذي نزل به فضرب بقطعة( )3سم ،فمات هو ومات
الملك يف ذريته
جميع [/38أ] من يف الدار ،واستقام الملك المنصور ،فاستمر ُ
إلى هذا التاريخ.
بدو أمره عند ابن أفلح،
ثم أن الشيخ أبا الغيث بن جميل ،نفع اهلل به ،كان يف ّ
ثم خرج إلى الشيخ علي األهدل ،فخدمه خدمة خالصة ففتح اهلل عليه .وكان
يقول خرجت من عند ابن أفلح لؤلؤة هبما؛ فثقبني الشيخ علي األهدل .وكان،
ً
مقبول عند الوالة ،نفع اهلل به ،وكان نفع اهلل به ،شامخ المقام ،عالي الهيبة،
يقال إنه مولى ،ولكنه رقا رتبة تقاصر عنها األحرار من الصالحين ،وقيل كان
()5
الملك المظفر كان يغمزه هو وزوجته ،وكان كما قال اليافعي( )4سبا ًغا يسبغ
((( يقع ميناء عيذاب يف أقصى الساحل الجنوبي لمصر المطل على البحر األحمر على
مقربة من الحدود المصرية السودانية حال ًيا ،ويعد من أهم موانئ الحج يف القارة
األفريقية التي ارتبطت بشكل كبير ببعض الموانئ التاريخية المهمة يف الجزيرة
العربية مثل ميناء ينبع والجار وجدة المقابالت له على سواحل بالد الحجاز الغربية
المطلة على البحر األحمر ،أو ميناء عدن يف خليج عدن .انظرُ :هديل ،طه حسين،
أثر الموانئ األفريقية يف تسهيل الحج خالل القرن السابع الهجري /الثالث عشر
أنموذجا ،بحث تمت المشاركة به يف المؤتمر الدولي :طرق
ً الميالدي عيذاب وزيلع
الحج يف أفريقيا :مركز البحوث والدراسات األفريقية ،جامعة أفريقيا العالمية –
السودان (الخرطوم) ،يف المدة من 30-28نوفمرب 2016م ،ص.7 - 6
((( كلمة غير مفهومة وهي محذوفة من (ب).
((( كتبت يف (أ) بقط ،والتصحيح من (ب).
((( اليافعي صاحب كتاب :مرآة الجنان.
((( يف (ب) كتبت صبا ًغا يصبغ.
162
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
الناس من الصفة الدنية إلى الصفة العالية( )1يف ذلك المقام .وقيل وفد عليه
جماعة من الفقهاء زائرين له ،واتفق أنه مر عليه يف ذلك المقام أناس معهم
ثور ،فأمر الفقيه( )2أن يأخذوه ويذبحوه ،وتعجب الفقهاء من ذلك ،فلما حضر
قال للفقراء :كلوا فإن الفقهاء ال يأكلون الحرام .فبينما هم كذلك إذ جاء رجل
علي ناس .فقال الشيخ :قد
إليه ،فقال ياسيدي :كنت نذرت لك بثور فأخذه ّ
جاء حق الفقراء إليهم .فبقي الفقهاء يضربون بيد على يد.
ويقال إن أحمد بن عمر الزيلعي( )3سأله ولده عن الصالحين ،أي رجل
أرفع [درجة]( )4حالة فيهم .فقال :يا ولدي ،يف اليمن فقيهان وشيخان،
فالشيخان أبو الغيث بن جميل ،والشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي ،نفع اهلل
هبما ،والفقيهان أحمد بن موسى عجيل ،وإسماعيل بن محمد الحضرمي،
ثم قال له/38[ :ب] خصص يا أباه .فقال :شيخ وفقيه ،فالشيخ أبو الغيث بن
الص ِ ِ ِ
ور جميل ،والفقيه أحمد ابن موسى [عجيل]( .)5ثم قالَ ﴿ :فإِ َذا نُف َخ في ُّ
اب َب ْين َُه ْم َي ْو َمئِ ٍذ َو َل َيت ََسا َء ُل َ
ون﴾(.)6 َف َل َأن َْس َ
وكان أحمد بن عمر الزيلعي صاحب حال عظيم ،قيل إنه كان يصحب
أبا العباس الخضر ،فقال له :هل صحبت محمد بن الحسين البجلي.
قال :عرضت عليه الصحابة فكرهني ،إال أين اجتمعت به ليلة يف الحضرة
القدسية بين يدي اهلل [سبحانه و]( )1تعالى ،فألقيت عليه ما ينيف على مائة
مسألة ،وأجابني على الكل ،وألقى علي مسألة واحدة عجزت عنها .فقال
لي :واهلل ما كنت بأعلم من موسى ،ولكن امتحنه اهلل بك .وقال أبو العباس:
وأنا امتحنني اهلل بك.
ومن الفقهاء الصالحين إبراهيم الحضرمي كان بسردد ،وله حالة عظيمة يف
الشرع وغيره ،قيل كان يو ًما يدرس وعنده الفقيه محمد بن إسماعيل يقرأ عليه،
مزوجا على بنت
ً وأبو جمال الدين شارح« :التنبيه» ،وكان [أبو]( )2جمال الدين
الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمي ،نفع اهلل هبم ،ورجل من أهل الكدراء
سهام ،ورجل من أهل بيت عطا( )3من أهل الغصن ،فأطبق الفقيه برهان الدين
الحضرمي الكتاب ،وقال يسأل كل رجل حاجته ،فأبواب السماء قد فتحت،
مشهورا
ً فقال أبو جمال الدين :يارب أسالك ولدً ا من بيت الفقيه ،يكون
يف العلماء .وقال الذى من كدراء سهام :يارب أسالك رد ذهبي من األمير
فالن .وقال الذى من الغصن :يارب [/39أ] بنت عمي ليلة غدً ا زفافها إلى
التاجر فالن ،أسالك أن ال تجعلها زوجه لغيري( .)4وقال الذى من بيت عطا:
يارب أسالك االتصال ،بال انفصال منك .فشكره الحضرمي على هذا الدعاء،
فكل قضيت حاجته ،والرجل الذى من الغصن جاء إلى الغصن وجاء زفاف
بنت عمه تلك الليلة ،فدخل المسجد لوعة وكآبة ،فجاء التاجر ليجتليها،
فطالبته ق ِّيمة العروس شي ًئا فكره ،فحلف فتغير أهلها وحصل بينهم خصام،
فطلقها على المنصة ،ودعوا من ساعتهم ابن عمها فعقد هبا .وأما الرجل الذى
من الكدراء فإن أمير الكدراء رأى النبي ﷺ يقول له :أرجع ذهب فالن ،ابعث
مشهورا
ً له مجانًا ،فبعث .ورزق أبو جمال الدين ولدً ا من بيت الفقيه ،كان
يف العلم ،ودرس ثالثين سنة يف مسجد المهجم ،قيل من ورعة ما بزق يف
المسجد ،وال تكلم فيه كلمة ،وكان إذا أراد الحديث أخرج رأسه من طاقة
المسجد وتحدث .وقيل للفقيه محمد بن إسماعيل :أفرتزق ولدً ا محد ًثا(،)1
فرزق ولدً ا محد ًثا محبو ًبا ،له حالة عظيمة ،أعطاه الملك المظفر القضاء من
عدن إلى حلي( ،)2وقيل إنه استناب قاض ًيا يف زبيد ،ورجع إلى بلده فدخل عليه
بعد مدة فرأى ثيا ًبا كثيرة معلقة على حبل يف بيته ،فقال :ما هذه؟ فقال :بربكتك
يا أبا الذبيح .فقال له :ذبحني اهلل إن لم أعزلك .وقيل كان يقعد يف الضحى
ستة أشهر ،ويف زبيد كذلك ،وكان كثير التزوج يف ربع الجامع(/39[ ،)3ب]
وأمر أوالده يف اجتناب التزوج يف ربع الجامع .وحدث ابن جمال الدين شارح
ً
عامل ،قيل إنه ليلة مات رأى بعض أهل الضحى جم ًعا عالما
التنبيه ،وكان ً
((( كتبت يف (ب) أختار ولدً ا محد ًثا.
((( حلي :مدينة على ساحل البحر األحمر عرفت باسم حلى بن يعقوب .إسماعيل
األكوع ،البلدان اليمانية ،ص.103
((( ربع الجامع :يبدو أهنا من نواحي مدينة زبيد.
165
تاريخ وطيوط
عظيما جاءوا ورآهم ،محدقين برسول اهلل ﷺ ،ورأى العشرة وكانوا جاءوا
ً
ألبي جمال الدين ،فحال ذهاهبم [به]( )1سمع [الرائي عليه] )2( صراخ المراي(.)3
وابن جمال الدين أصله من واقر( )4كان الفقيه المعلم إسماعيل الحضرمي
نزل واقر ساكنًا هبا ،وقيل كان يصحب المعلم حسين( )5يف ّ
بدو أمره ،وأصلهم
من ذرية سيف ذي يزن ،وهو الذى نزل يف الضحى على بنى كبانة قبيلة من
الجرابح( ،)6وكان يرى ابنه إسماعيل موقف الشمس ،يحضر الحديث النبوي
كثيرا ما يأمر الملك المظفر برتك عمل
بزبيد ويحضر الملك المظفر معه ،وكان ً
الخمر ،وكان الملك المظفر ال يخالفه يف ذلك ،وكان حينًا يستغلط( )7ويقال
له إن ترك الخمر يخل بالديوان وفيه قانون ،وفيه الزيادة والمعونة لكم ،فيأمر
بإيراد الخمر ،و [كان]( )8يعلم الفقيه بذلك فيأمر الملك بذلك ،فيقول الملك:
اتركوا الخمر .وكان هذا من الفقيه إسماعيل ،رضي اهلل عنه ونفع به [دأ ًبا ينهي
عن الخمر ،وكان الفقيه إسماعيل ،نفع اهلل به] )9( ،ال يرتك زيارة الشيخ الصالح
أبي العباس أحمد بن أبي الخير الصياد( ،)1نفع اهلل به ،وقيل كان ابن صفيح قبل
دخوله يف الطريق صاحب حرث ودنيا واسعة ،وكان يصحب الفقيه إسماعيل
بن محمد الحضرمي ،نفع اهلل به ،فقال له يو ًما :يافقيه إسماعيل مالذة الدنيا.
فقال له الفقيه إسماعيل ،نفع اهلل به/40[ :أ] طاعة اهلل على تمام العافية ،وزوجة
أديبة ،ومركوب نجيبة ،وجربة قريبة .وكانت البن صفيح زوجة من أحسن أهل
زماهنا( ،)2فقال له :أشهدك أن زوجتي فالنة طالق ،ومعه جربة جليلة كانت
حمارا أنجب مركوب ،فالمه الفقيه ً بالقرب من الضحي وهبها له ،ووهب له
على ذلك ،وقيل كتب رجل إلى الفقيه إسماعيل( )3بن محمد الحضرمي نفع
اهلل به ،هل يجوز قراءة كتب الغزالي؟ فكتب إليه الفقيه إسماعيل نفع اهلل به:
إنا هلل وأنا إليه راجعون محمد ابن عبد اهلل ﷺ سيد األنبياء ،ومحمد بن إدريس
الشافعي سيد األمة ،ومحمد بن محمد الغزالي سيد المصنفين.
وقيل رأى بعض العلماء رضي اهلل عنه النبي ﷺ هو وموسى وعيسى عليهما
[الصالة و]( )4السالم ،والنبي [ﷺ]( )5قابض على يد محمد بن محمد الغزالي
رضي اهلل عنه ،والنبي ﷺ يقول لهما :أيف أمتكما حرب كهذا .فقاال :ال .وقيل
()6
((( هو الشيخ الصالح قطب الدين أبو العباس أحمد بن أبي الخير الصياد (ت579 :هـ/
1183م) ،من أكابر الصالحين يف ذلك الوقت وله الكثير من الكرامات والمعتقدات
عند الصوفية ،وقربه مشهور يف شرقي باب سهام يتبارك به الناس ويزوروه .للمزيد
عنه انظر :الخزوجي ،العقد الفاخر الحس ،مج.300 - 286 ،1
((( مكتوب بالمتن زما وبالهامش هنا.
((( كتب يف (ب) محمد ،والصح ما جاء يف (أ).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( كتبت يف (ب) ويقال.
167
تاريخ وطيوط
إنه رضي اهلل عنه( )1بعد تدريس العلم ببغداد دخل البادية وعبد اهلل تعالى،
وتصوف فلقيه بعض السائحين ،فقال له :أليس تدريس العلم [ببغداد]( )2خير ّ
أم هذا .فقال :ال .ثم تمثل هبذه األبيات:
3
()3
وعدت إلى محبوب أول منزل تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل
منازل من تهوى رويــدك فأنزل مهل فهـذه
ونادتني األش ــواق ً
وقد قيل كان يحضر مجلس اإلمام محمد بن محمد الغزالي [/40ب] من
أوالد األمراء والكتاب ما ينيف على مأيت محربة ،قلت وزار مرة الشيخ أبو بكر
ابن حسان صاحب التحتيا([ )4سيدي]( )5الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش،
نفع اهلل هبما ،فقال له وقد عزم على الوداع :ياسيدي ،كل شيخ علمت شيخه
الذى أخذ منه الخرقة إال سهل بن عبد اهلل التسرتى( )6ما علمت له ً
شيخا .فنظر
الفقيه محمد بن إسماعيل يف راحة كفه اليمنى ساعة ،وقال :شيخه خاله محمد
ابن سوار ،نفع اهلل هبما وبالصالحين .قلت ونظرت يو ًما يف تاريخ ابن خلكان
وأثنى عليه ،وقال :شيخه خاله محمد بن سوار ،وقال إنه حكمة ،وقال له ،قل
ياسهل :اهلل حاضري ،اهلل شاهدي ،اهلل ناظري .فقالها أيا ًما ،فجاءه خاله فقال:
ياسهل قال لبيك .فقال( :)1من كان اهلل حاضره وناظره وشاهده هل يعصيه؟
عظيما ،وكان سب ًبا لطاعته.
ً تأثيرا
فأثرت هذه الكلمات يف قلبه ً
كثيرا
قلت :وكذلك الفقيه أبو بكر بن أبي القاسم األهدل ،نفع اهلل به ،كان ً
ما ينظر يف كفه اليمنى عند الحديث ،وعندما ُيسأل ،قلت وسأذكر ما حضرين
كثيرا ما يتحمل المغارم عن الناس، من ذكر الفقيه محمد بن أبي يعقوب ،كان ً
ويحمل المكتب عن أكثر أهل ناحيته ،حتى كان يجتمع عليه أيام المساحة
الحمية الجميلة والمكارم الجليلة،
ّ نحو ثالثين ألف معاد ،لما كان فيه من
واشتهر إلى الملك المؤيد ما يمتسح به محمد بن يعقوب ،فولى المحالب
[/41أ] مملوكًا عجم ًيا ال يعرف شي ًئا ،فجاء عراف البالد ،وكثروا عليه،
وقالوا ال يصير إليك وال إلى السلطان شيء من الفقيه محمد وما يتمسح به،
فعزم المملوك على مفاتحة الفقيه محمد بن يعقوب ،وأرسل للفقيه جندً ا،
ورسم عليه ،وجاءه بنفسه وحمل عليه [بالسيف]( ،)2فلما عاين الفقيه أنه غير
شعرا:
متأخر عنه ،أومأ إليه الفقيه ً
فــلــن تــعــد جــبــا ًنــا بــعــدهــا أب ــدً ا افتك ولو بالورى يف الدهر واحدة
وليس هذا البيت للفقيه ،ولكن تمثل به عندما يوجب ذلك ،نفع اهلل به
وبالصالحين ،فخر المملوك ساق ًطا ،فقال السلطان حين جاءه الخرب :جنبونا
أولياء اهلل تعالى .وقد رأيت كتا ًبا صنفه رجل حضرمي ذكر فيه كرامات للفقيه
محمد بن يعقوب ،وكرامات ولده أبي بكر بن محمد نفع اهلل هبما.
((( قال لبيك فقال ،ساقطة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
169
تاريخ وطيوط
ويف بيت الفقيه الحسين الفقهاء الصلحاء بنو مطير( )1أهل علم وعمل ،لهم
يف رمضان مجلس يقرأ فيه الحديث النبوي ،يأتيه المستمعون من أماكن بعيدة،
أيضا ،ولكن [قد]( )2اجتمع األخبار أن مجلس بني والحديث يقرأ يف زبيد ً
خالصا هلل تعالى ،سالم العوارض المبعدة عن اهلل تعالى،
ً مطير له تأثير ،كأنه
نسأل اهلل السالمة يف الدارين.
قلت :وقد سمعت من جدهم الفقيه عيسى بن مطير ،نفع اهلل به ،أنه طلبه
الملك المظفر إلى تعز ،وقرأ هبا العلم الشريف ،وعند دخوله على السلطان،
[/41ب] قال [له السلطان] )3(:إذا أتاكم [رجل]( )4خارجي بمن تقاتلوه .فقال
له الفقيه :بسيفك المسلول .فقال له :أحسنت .ثم قال له :إنه ال يوافقني الحرام.
عدل ،حتى إنه غاب يو ًما فحصل يف البيت عذر ،فأخذ فجعل قوته عند رجل ٍ
غداه من السوق ،فحال أدخله [يف]( )5بطنه لم يستقر يف بطنه ،فجاء صاحب
المنزل وهرج على أهل بيته ،وكان الحرام ال يستقر يف بطن الفقيه عيسى ،ثم
كان بعده [ولده]( )6إبراهيم ،كانت أوصافه مشهورة ،وحالته مذكورة ،قيل لما
عزى به الفقيه أبو بكر بن محمد أبو حربة ،ونشر راج ًعا إلى بلده ،فقال
مات ّ
ألصحابه :ما الحكاية التي تروى عن الفقيه إبراهيم بن زكريا حين قال الطائر
((( بنو مطير :أصلهم من حكماء حرض وأعياهنم ،وهم بيت علم وصالح ،وقد برز
منهم العديد من العلماء والفقهاء الذين ترجم لهم الخزرجي وغيره ،أمثال :عيسى
بن مطير .انظر عنه :العقد الفاخر الحسن ،مج ،3ص.1673 - 1670
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
170
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
فكأن تلك الصالة صالة الصبح ،فأعلن الفقيه بالقراءة حتى أتى ّ قال الراوي:
ك َحت ًْما َّم ْق ِض ًّيا﴾( ،)1فلما فرغ ﴿وإِن ِّمنك ُْم إِالَّ َو ِار ُد َها ك َ
َان َع َلى َر ِّب َ قوله تعالىَ :
الفقيه من القراءة ،قال النبي ﷺّ :إل من المحالب إلى حيس .فقيل :يارسول
اهلل بم ذلك .فقال :يجور والهتم عليهم .قلت :والجور يف حد اليمن ،وغالبها
من حرض إلى أبين.
وقيل كان رجل عاص عفا اهلل عنا وعنه بأرض المغرب ،وله أخ عالم،
وكان ينهاه عن ارتكاب المعاصي ،فلم ينته ،فمات فانشجن عليه أخوه ،وقعد
يسأل اهلل تعالى رؤيته يف النوم ،فرأه يف حالة طيبة ،وبأرض أنيقة ،فقال له :ما
فعل اهلل بك يا أخي .فقال :غفر لي .فقلت :وما السبب؟ وقد كان منك ما
كان .قال :يا أخي ليلة مت نودي يف السماء أن اهلل قد غفر هذه الليلة لكل من
مات فيها ،ألن عيسى بن حجاج [/42ب] مات فيها ،إكرا ًما له ،نفع اهلل به
وبالصالحين .قيل إن أخا الرجل الذى غفر اهلل له بموته ليلة مات الشيخ عيسى
بن حجاج حج مكة [المشرفة]( ،)2وسأل عن الشيخ عيسى بن حجاج ،وعن
بلده ،فقيل له بلده مدينة باليمن [تسمى]( )3بيت حسين[ ،فقدم ذلك الرجل إلى
أن وصل بيت حسين] ،)4( وخدم تربة [سيدي]( )5الشيخ إلى أن تويف ،رحمه
()6
اهلل تعالى ،وأعاد علينا من بركات الصالحين ،ثم الفقيه أحمد الحضرمي
((( سورة مريم (آية رقم )71
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( كتبت يف متن المخطوط (أ) الحضرمي ،وكتب الناسخ يف الهامش (لعله الحرضي)،
وعند العودة إلى النسخة (ب) كتبت الحرضي ،وكأهنا مراجعة عن الحضرمي.
172
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
كان له األحوال الخارقة ،واألفعال الصادقة ،قيل إن هند ًيا أقام ببابه قرب
السنة حتى مل فقراءه ،فلما كان ذات يوم أمر على الفقيه باألذان ،فأذن .فقال
له :ياسيدي أريد أعلمك الكيمياء .فكره الفقيه من ذلك ،ثم أقام مقدار أربعة
أشهر ،فاستأذن عليه ،فأذن له ،فطلب منه الخلوة فاختلى به ،فقال ياسيدي:
أريد أعلمك صناعة الذهب يف علم الكاف .فكره الفقيه ذلك( ،)1ثم [أقام مقدار
األربعة أشهر]( )2كان بعد ذلك طلب االجتماع به فأذن له ،فقال له :ياسيدي
أريد الخلوة بك .فخلى به الفقيه ،فقال :ياسيدي أريد أعلمك الطيران .فكره
الفقيه ذلك منه ،فقال له الفقيه أحمد :أرين الطيران إن كنت صاد ًقا .وكان يف
عريش واسع فطار الهندي من حد العريش إلى حده ،ثم أقام عند الفقيه أيا ًما،
خيرا( )3من الطيران منك .فأخذه الفقيه ورمى به إلى فقال :ياسيدي أعلمك ً
ناحية الهند ،قال الفقيه :فما وقع إال يف منزله بالهند .وكان هذا الفقيه أحمد
كثيرا.
له حاالت ال تحصى ،وأهل بيت حسين وأهل مور [/43أ] يرون منها ً
حكاية ،قيل إن محمد السنبلي األمير( )4كان يصحبه صحبة شافية ،فسأل
منه أن يريه [مصر]( )5فاعتذر [إليه]( ،)6فلم يقبل [منه]( )7فأراه مصر ،ومشى يف
()1
شوارعها ،ورأى مساجدها هذا واهلل معه ،نفع اهلل به ،وقيل إنه طلبه الملك
األشرف ،رحمه اهلل تعالى ،وهو بالممالح ،وكان يف مجلس السلطان فيه بركة
ماء ،فقال لي السلطان :يا فقيه أحمد ادخل هذه الربكة .فقال للسلطان :يشق
عذرا ،فدخل الربكة
علي الربد .وأراد السلطان اختباره فلم يجد من السلطان ً
()2
وقعد هبا ساعة كثيرة ،فقال السلطان والجلساء :إنه [قد]( )3مات يف الربكة ،ثم
خرج بعد ساعة كبيرة .وكان يف عصره ابن الفخر( )4أحد الصوفية ،جرى بينه
وبين الفقيه أحمد مخاصمة يف زواج ،وكان الفقيه أحمد [قد]( )5تزوج ربيبة
الفقيه محمد بن الفخر ،فطال بينهما الخصام ،فقال ابن الفخر :رسمت عليك
الحمى .وقال الفقيه أحمد الحضرمي( :)6رسمت عليك القيء ،وجريان البطن، ّ
نعوذ باهلل العظيم الكايف الكريم من البالء ،فحصل على ابن الفخز القيء من
ساعته والجريان ،فمات بعد أيام قالئل نسأل اهلل السالمة يف الدارين.
تلميذا كان يخدم الشيخ السالك أمام شيوخ الصوفية ابن الشموسً وقيل إن
أبو الغيث بن جميل ،نفع اهلل به وبالصالحين ،فقال له التلميذ :ياسيدي أريد
كرامة منك ،فمنذ خدمتك ما رأيت لك شي ًئا من الكرامات .وإذا به يرى بلدً ا
غير البالد التي هو فيها ،وخرج [على راعي]( )7يرعى ضانًا شعرها يسحب
يف األرض ،والراعي علج عجمي ،فكلمه فلم يعرف كالمه/43[ .ب] فقال
يف نفسه :ياسيدي الشيخ الغوث الغارة .فما أتم كالمه إال وهو يف طرف( )1بيت
عطا ،هذه سكنها الشيخ بعد خروجه من المراوعة ،وخدمه [سيدي]( )2الشيخ
علي بن عمر األهدل نفع اهلل به ،وهي لرجل من العبديين يقال له عطا ،وفيها
الج َب ْيلي مقبور ،كانت له أيام حسنه ،وكان صاد ًقا يف اهلل تعالى فتح اهلل عليه،
ُ
ولكن بني فيروز( )3قتلوه ً
جهل منهم ،وفيهم حسن ظن بالصالحين ،ومنهم يف
وقتنا هذا من يدرس العلم ،وهو على الفقر ،قيل إنه انقطع هو وعياله انقطا ًعا
عظيما ،وقد حصلت أزمة فبكى أطفاله ،والمته صاحبة بيته ،وبكت لبكاء
ً
أطفالها ،فعند ذلك ضاق ذرعه ،وكان لهم من الطعام ثالثة أيام حتى قاربت
وقرطاسا وكتب :بسم اهلل الرحمن الرحيم ،رب
ً أطفاله الموت ،فأخذ دواة
الضر وأنت أرحم الراحمين( .)5وأخرجها وجعلها على ظهر
ّ [أين]( )4مسني
داره ،فجاء على الفور رجل يقود ً
جمل عليه دون الحمل الرب والسمن وعسل،
وقال :خذوا هذا من بني فالن .قلت وكان عرب ًيا يصحب الفقيه محمد بن
يعقوب صحبة خاصة ،وذلك العربي صاحب سالح وهو على الفراغ والفقر
((( مكتوبه بالهامش وعالمه v
((( الزيادة من (ب).
((( بنو فيروز :من أشهر األسر الكردية التي ذاع صيتها يف عصر الدولة الرسولية يف اليمن،
لمواقفهم السياسية ،ولمكانتهم االجتماعية المرموقة ،وقد سكنت هذه األسرة يف
مدينة إب وجبل حبيش ،واستوطن بعضهم منطقة بعدان .انظر :الجندي ،السلوك،
ج ،2ص.165 - 164
((( الزيادة من (ب).
ِ ِ ِ
ين﴾ نت َأ ْر َح ُم َّ
الراحم َ وب إِ ْذ نَا َدى َر َّب ُه َأنِّي َم َّسن َي ُّ
الض ُّر َو َأ َ ﴿و َأ ُّي َ
((( قال تعالىَ :
سورة األنبياء ،آية (.)83
175
تاريخ وطيوط
فقدر اهلل تعالى أنه تزوج بامرأة من القواد ،كانت قد تربت يف نعمة وزالت،
فحال زفافها( )1إلى بيته ،أصبح هو وهي على الفراغ ،لم يكن عندهم شيء،
وأمسوا الطوى ،فلما أضر ذلك بالمرأة أتى الرجل إلى الفقيه أبي بكر بن
محمد بن يعقوب ،وكان هو وهو يف قرية ،فقال له :ياسيدي تزوجت فالنة ولنا
من الطعام منذ جئت هبا ما ذاقها عندي شيء ،ولنا ثالثة أوقات .فبكى الفقيه
عندما حكى عليه ،ودخل منزله وأخرج له إناء عليه غطاء وإناء فيه [/44أ]
خبز وموز ،وخرج إليه وهو ٍ
باك ،وقال :خذ [هذا]( )2واهلل العظيم ما بعدها
ترى سوء .قال الرجل :فمن ذلك الوقت جاءين رجل بحمل يحمل عليه بر،
وقال :هذا من فالن نفع اهلل بالصالحين أينما كانوا.
ومما حكاه بعض أصحاب الفقيه أحمد الحضرمي( ،)3نفع اهلل به ،قال:
خرج علينا( )4مرة يف سفر سفرنا نحن والفقيه أحمد قوم حراميون ،فاقبلوا إلينا
ليأخذونا ،فقلنا [للفقيه أحمد]( :)5ياسيدي هؤالء قوم [حراميون]( )6يريدون بنا
النهب .فقال الفقيه :ال تطالعون لهم .فغفلنا عنهم ،فلم نرهم ،ثم مررنا بعد ذلك
بسنة حيث خرجوا علينا هنا ،فقلنا للفقيه[ :ياسيدي]( )7تذكر القوم الذين خرجوا
علينا هنا .قال :نعم ،هم يتجلجلون يف األرض من تلك الساعة ،نفع اهلل به.
مزوجا يف الزيدية( )3على صبية حسناء ،وكانتً صحبت أخاه محمد ،وكنت
عند خالة لها أخت ألمها ،وكان يحط عند خالتها رجل من المشايخ بنى
حفيص( ،)4فرآها يو ًما فراودها عن نفسها ،فقالت لي :أعلمك أن هذا الرجل
الذى تراه يأتينا يراودين ،أشير عليك( )5تخرجني من هذا المكان .فحصل يف
نفسي شيء عظيم ،فجئت إلى الشيخ محمد بن جعيش ،وحكيت عليه ،فقال
لي :قم بنا .فجئنا إلى قرب أخيه أحمد بن جعيش وبكى ،بقي يقول ألخيه:
ياسيدي هذا أبو بكر بن فالن يصحبنا ،وفالن جرى [/44ب] منه وجرى.
فأخذته بعد ذلك سنة ،فلما استيقظ ،قال :أخربين ما يجر هذا العربي إلى
المنزل الذى فيه زوجتك .قلت :له أرض بالقرب من منزلها ،فهو يأيت بسبب
هذه األرض[ .فلما]( )6كان اليوم [الذي]( )7وصل[ ،وصل]( )8رجل بفرس
يعرضها( ،)9فاشرتاها هذا الرجل وملكها ،فعند قبضها وقع صارخ ،وأغار
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيدية :من مدن هتامة القريبة من وادي سردد ،وشرق وشمال الحديدة بمسافة 65كم.
المقحفي ،معجم البلدان ،ج ،1ص .755
((( بنو حفيص :قبيلة كبيرة تعود إلى عك .انظر :الملك األشرف ،طرفة األصحاب،
ص.84
((( كتبت (ب) إليها.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (أ) كتبت يعرفها (ب).
177
تاريخ وطيوط
على الفرس ،فأتى الزيديين والجرابح صافين للحرب ،فحمل بين الصفين،
فسقطت به فرسه بين الجرابح ،فأخذوه بعد جرح عظيم قارب فيه الموت،
فجاء صاحب الفرس يطالبه بالفرس أو قيمته ،فما أمكنه إال أن باع األرض
التي تجره إلى بيت زوجته نفع اهلل بالصالحين ،ومما سمعت الفقيه العالمة
المشهور [عمر]( )1بن الجزار( )2الحميري قال :كان معنا يف الدولة المجاهدية
شريف مقدم يف المهجم ،وكان قد دامت تقدمه فيها ،فخرج ليلة يسير فرأى
خادمة من النساء الذين يأكلون الميتة ،وهم أناس ال قدر لهم عند الناس،
يدفون( )3الطبول ،وتولغ الكالب يف آنيتهم فأعجبته ،فطلب أبويها فخطب
إليهما ،فقاال :سبحان اهلل ياسيدي ،كيف أنت [رجل]( )4شريف .فضرب أباها،
فلم يجد بدا أن عقد هبا ،فتعجب الناس من ذلك غاية التعجب ،فزفها إلى بيته،
فكانت معه شريفة ،فشغف هبذه الخادمة ،ولم يقدر يخرج منها؛ ألن الدخل
والخرج يف بيتها ،فقعد( )5زمانًا فوقع له علم أن أرضه سقيت بالشام ،فسافر
[/45أ] هبا على جمل ،فلما قارب المنزل وقع عليها ،وطعنها على فرجها
مؤلما ،وذهب وطرح هبا وذهب عنها ،وكانت صورة وقد تنعمت معه،
ً طعنًا
فخرج عليها راع فحملها إلى منزله ،وبقي يهب لها شي ًئا من اللبن ومن السمن
حتى عوفيت ،وخرجت سر إلى اليمن ،فجاءت( )6أهلها وقد رجع الشريف
ولم يعبأ هبا وال بقومها لحقارهتم وخساستهم ،فتسير ليلة فرأها يف منزل أبيها،
فبقي متعج ًبا حينًا يقول هذه أخت لها ،وحينا يقول هي ،ولم يعتقد هبا حية(،)1
وال جسر يسأل عنها لسوء فعله [هبا]( ،)2فجاءت أمها وقد أنست به ،وقالت:
ياسيدي ،فالنة تبلغكم السالم .فقال :كم لها عندكم؟ قالت :كذا وكذا .فقال:
هل حكت لكم شي ًئا؟ قالت :ال .فالم نفسه ،وأمر عليها من أخذها ،وأتى هبا
وبأمها إلى المهجم فخلى هبما ،وقال :أقسم باهلل تعالى لئن لم تصدقيني من
أبو بنتك [ألضربن عنقك]( .)3قالت :واهلل ياسيدي كنت شابة ،وعلى طراوة
الشبة ،وأنا أجني يف زهب ،فجاء فارس زعم أنه شريف ،فواقعني ،فحملت هبا
[واهلل ما أكذب]( .)4ثم أتى الشريف إلى أمه ،وقال لها :يا أماه ،أخربيني من
أبي .قالت :أبوك الشريف .قال :أصدقيني قبل أن أفضحك .فقالت :أشتهي
األمان .قال لها :أنت آمنه .قالت :كنت مزوجة على أبيك ،فلم أحمل منه
الـم ْش ِعل ،مشعل الضوء على الباب بشيء ،فخشيت أن يتزوج علي ،وكان ُ
وهو جلد ،فطلبته فوقع علي ،فحملت بك ،واهلل ما كذبت [/45ب] عليك،
وهذا ما كان.
وكان أبو بكر بن محمد بن يعقوب أبو حربة نفع اهلل هبما يصحبه شريف يخدم
مع أمير المحالب ،فأرسله األمير إلى رعوي ،فقبض منه مكت ًبا للفقيه مقدار
ثالثمائة دينار ،فق ّبضه [الشريف]( )5عامل الديوان[ ،فطالب األمير الشريف،
فقال :ق ّبضتُه عامل الديوان]( )1فسأل األمير العامل ،فأنكر ذلك ،فأتى الشريف
بالفقيه أبي بكر إلى العامل ،فصلى الفقيه عندهما ركعتين يف منزل العامل،
وقال :يارسول اهلل ﷺ هذا العامل عمل مع ولدك كذا وكذا .فوقع ولد العامل
ميتًا وزوجته وجميع دوابه ،فجاء العامل وارتبط برجل الفقيه ،نفع اهلل به ،وفتح
اهلل على ولد العامل وزوجته بالعافية والفوز ،نفع اهلل به.
بنو عجيل(-:)2
ثم كذلك عجيل ،كان من ذريته ابن الصريدح( ،)3ذكره ابن سمرة يف طبقات
عالما ،ثم كان والده موسى وإبراهيم ،نفع
متبصرا ً
ً الفقهاء( ،)4ثم علي ولده كان
اهلل هبما ،فأما موسى فقد ذكرته أنه قرأ هو وعبد اهلل بن جعمان ،وعلي بن قاسم
بالشويري على الفقيه برهان الدين إبراهيم بن زكريا ،نفع اهلل به ،ثم كان بعد
ذلك موسى يقرأ يف الجبال ،وأخوه إبراهيم يقوم مكانه على العيال واألرض،
وبعده تزوج إبراهيم ،وكان [/46ا] موسى يقرأ قبله يف الجبال ،وكان أخوه
يرسل إليه بالورق فال يقرأه( )5خشية أن يسجنه( )6فيجعله يف زنبيل ،فلما قضى
نحبه من القرآن ،أخذ الورق وقرأ جميعه.
وكان الفقيه موسى صاحب علم وعمل وورع كلي ،وكان فيه يكتب
الشفاعات لكل من يشفع به ،فمات وهو على فنه يكتب الشفاعات ،وقيل
كان كثير الحج إلى بيت اهلل الحرام ،فكتب اهلل أنه صحب ً
رجل قاض ًيا من
قضاة مكة ،وكان غير مجود يف الشرع ،وكان له حسدً ا يحسدونه على القضاء،
فكتبوا فيه إلى والي البيت وكان يأمر إلى العراق؛ بأنه غير مجود وغير مستحق
للقضاء ،ولو يسأل عن مسألة فقهية ما أجاب عليها ،فأمر الخليفة بمن يجمع
مسائل غامضة ،ويدخل هبا مكة ،ويسأل عنها يف الحرم على رؤوس المال،
فإن عجز عنها ُعزل ،فكتب الفقهاء بذلك عند جهاز الركب العراقي إلى مكة،
حرسها اهلل تعالى ،فكتب إليه صاحب له يف العراق يعلمه بذلك ،فضاق ذرعه
وتعب ،وقال :إن الفقيه موسى بن علي الذؤالي يحج هذه السنة ،فال أبالي
هبم .فلما قرب الحج أمر القاضي جاريته أن تكتمه عن كل من سأل عنه ،فقدر
اهلل تعالى أن موسى بن علي الذؤالي [حج]( ،)1وكان يعرف بالذؤالي ،وبنو
أيضا قضاة فشال ،وهم صوفيون ،ثم أن الفقيه موسى أتى إلى بابه، الذؤالي ً
وسأل عنه ،وقالت جاريته :ليس هو هنا .فقال لها الفقيه موسى« :قولي له أنا
موسى بن علي الذؤالي» .فأعلمته به[ ،ففرح بذلك]( )2وخرج إليه وأدخله
منزله وأكرمه وأعلمه بما كان من فقهاء العراق ،وأهنم قد [/46ب] صاروا
نفسا ،وقر عينًا ،غير أين
يف مكة ،وما هم عازمون عليه .فقال له الفقيه :طب ً
أريد منك أن ال تخالفني فيما أشير به عليك .فقال :كيف؟ قال :أريد أن أكون
يف صورة التلميذ ،وال تخالفني فيما آمرك به .فوافقته على ذلك ،فاجتمع
الفقهاء يف الحرم وطلبوه ،فخرج من منزله والفقيه موسى معه على هيئه
جالسا عنده،
ً التلميذ ،فلما دخل الحرم وجلسوا أخذ الفقيه موسى عليه ،وكان
وأخرج الفقهاء المسائل وألقوها عليه ،فقال للفقيه موسى :جبهم يا تلميذ.
فأجاهبم الفقيه موسى جوا ًبا شاف ًيا استجاده كل من سمعه ،فقيل لهم :هذا
تلميذه ،كيف هو؟ واهلل ما صدقتم فيما قلتم ،رضي اهلل عنه .وقيل كان الفقيه
إبراهيم بن علي له نور تام يف زمان ابن أخيه أحمد بن موسى ،فقعد ال يصلي
الجمعة ،فقال ابن أخيه أحمد بن موسى [عجيل]( :)1يا عم أال تصلي [معنا].)2(
فقال يا ولدي :ما أرى إال كل رجل له ذنب ،فذلك الذي منعني الصالة.
عصار يبيع السليط ،وأخذ [منه]( )3من مجمعه ما يسقط ثم أن الفقيه مضى إلى ّ
من السليط من فيض المكيال ،وذلك ألناس يشرتون منه السليط ،فأخذه الفقيه
وشرى خفوشة( )4من السوق وعركها بذلك السليط ،وقال لعمه :يا عم تبارك
معنا باألكل ،أو كل معنا لعلنا نأخذ الربكة .فأكل ،فقال له ابن أخيه أحمد بن
موسى :ياعم اخرج معنا اليوم للصالة ،صالة الجمعة .فخرج ،فلم َير شي ًئا،
وكان الفقيه أحمد بن موسى أتقى الناس ،وأورع الناس ،وأعف الناس ،وقيل
إن مثله يف العلماء [/47أ] كمثل يحيى بن زكريا يف األنبياء ،وقيل كان والده
يصحب شيخي عواجة نفع اهلل هبما ،وكان قد أخذ عليه أنه يعلمهم بالسابع(،)5
وكان الفقيه موسى يرتقب ذلك حتى ظهر الفقيه أحمد وأعلمهم ،فانتظرهما
فوصال مع صالة المغرب ،فصلوا المغرب وقرأوا عليه ،فألجل ذلك بنو
عجيل ال يقرأون على مولودهم إال بعد صالة المغرب ،ثم أن الفقيه أو الشيخ
نكس على أذن الفقيه ،فسأل عن ذلك ،فقال :أوصاين بذريتهما.
زائرا بزوجته إلى الشيخين ،فأمسى عندهما، وقيل إن الفقيه موسى وصل ً
فقال الشيخ ألوالده :زينوا زوجة الفقيه وعطروها له ،فلعلها تحمل يف هذه
الليلة برجل فرد يف العلماء ،فواقعها الفقيه موسى فحملت به( ،)1وكان الفقيه
زائرا له ،نفع اهلل هبما ،فيقول:
أحمد بن موسى يأيت إلى المعلم ابن األكسع ً
ليت شعري يامعلم من يسير بالقافلة إلى بيت اهلل وزيارة نبيه بعدك .فقال :هذه
الربعة بعينه( .)2وقيل كان الفقيه أحمد يحج بالقافلة [كل سنة]( )3إلى بيت اهلل
الحرام ،فإذا دخل الحرم يرتك الناس الطواف ،ويرمون بأنفسهم عليه ،فيقول:
اتقوا اهلل تعالى هذا بيت اهلل .فال يزيدهم إال ترام عليه ،ثم يأيت القرب النبوي
والناس عليه فيرتكون القرب ،ويسلمون عليه ،فيقول لهم :اتقوا اهلل ،هذا قرب
سيد المرسلين .فما يزيدهم إال ترا ٍم عليه ،فيقال :هذا عالمة القطبية.
وقيل حج سنة من السنين فلما رجع من المدينة بمقدار مرحلة خرجت
عليهم عرب ،فأوقفوه [/47ب] هو والركب ثالثة أيام ،فلقي الركب من
ذلك مشقة عظيمة ،فقال علي بن نعيم ،وكان يف الحاضرين :يافقيه أحمد
إلى كم هذا .فقال له الفقيه أحمد بن موسى :تأدب ياعلي هذا ربك .فأومأ
إلى السماء ،وقال :هذا نبيك .وأوما إلى الشام ،أقبل شريف المدينة المتولي
هبا ،فهرب العرب المتعرضون للفقيه وأصحابه ،فلما جاء الشريف سلم على
نائما فرأيت النبي ﷺ يقول لي :الحق الفقيه أحمد
الفقيه ،وقال :ياسيدي كنت ً
ابن موسى [عجيل]( )4والركب الذين معه .قيل هي الساعة التي قال فيها هذا
((( العبارة التي سقطت ساب ًقا يف النسخة (ب) ،ورد ذكرها هنا يف النسخة (أ).
((( عبارة غير مفهومة
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
183
تاريخ وطيوط
ربك وهذا نبيك ،قيل وكان على جبل قاف( )1رجل متعبد فسمع الجراد يدوي
وبحرا
ً ً
وشمال وقائل يقول له :يا جند اهلل كلي من البالد شر ًقا وغر ًبا ويمينًا
وبرا إال زهب أبي القاسم األكسع .فقال ذلك الرجل :ليت شعري من هذا ً
الذي حماه اهلل هبذه الحماية ،فحج وزار واجتمع بالناس بالموقف .وسأل
كل جنس عن ابن األكسع ،فقيل له :هو رجل من بلد يقال لها ذؤال .فتقدم
مع أهل اليمن [فجاء إلى أهله]( )2فسأل عنه ،قيل له :هو يف الزهب .فتقدم إليه
فأتى وهو عربي حازبا يف سالح ،فبكى وتوهم أنه ليس هو ،وبكى على طول
فرضا التعب والمسافة ،فقال :أنا هو .فقال :بم ذلك .فقال :منذ كنت ،ما تركت ً
افرتضه اهلل علي ،وقيل قدم أناس فقهاء من فقهاء الجبل على الفقيه إبراهيم
بن علي ،نفع اهلل به ،بمسائل فقهية ،فلم يجبهم لورع كان فيه ،فقال أحمد بن
موسى ابن أخيه :ياعم أنا أجيبهم .وكان لم يقرأ سوى التنبيه/48[ ،أ] فقال له:
ياولدي أنت لم تقرأ غير التنبيه .فأجاهبم الفقيه أحمد بن موسى جوا ًبا شاف ًيا
أفحمهم به .قيل وكان يف [بلد]( )3شرق وادي زبيد صبي قد اشتهر بالصالح،
وكان مقبول الدعاء ،وكان بزبيد تاجران قد ماتا يف عام واحد ،فخلفا بنتًا وابنًا،
فتزوج االبن البنت ،وجلسا زمانًا( )4ما حبلت( )5زوجته ،فتقدما إلى هذا الصبي،
((( يقول ياقوت الحموي عن هذا الجبل« :وقاف مذكور يف القرآن ذهب المفسرون
إلى أنه الجبل المحيط باألرض قالوا وهو من زبرجدة خضراء وإن خضرة السماء
من خضرته ،قالوا وأصله من الخضرة التي فوقه ،وإن جبل قاف عرق منها».
معجم البلدان.298/4 ،
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) أيا ًما.
((( يف (ب) ما حملت.
184
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
فدخلت عليه زوجة ولد التاجر ،فلم تجد أحدً ا [عنده]( ،)1فافتتن هبا وراودها
عن نفسها ،فعصمها اهلل تعالى ولم تطعه ،فقال لها :إن لم تمكنيني من نفسك
ليظهرن يف فرجك كذا وكذا [يمنعك البول]( .)2فخرجت لوقتها ولم يعلم
ألم هبا يف فرجها وجع منعها البول( ،)3فعزمت هي زوجها ،فرجعا زبيد وقد ّ
وزوجها إلى الفقيه أحمد بن موسى [نفع اهلل به]( ،)4وشكت عليه وقالت [له:
ياسيدي]( )5أريد أن تخلي لي المنزل حتى أحدثك بسر لست آمن عليه غيرك.
فقال :ياولدي البد لثالث عندنا .فقالت :لست آمن على سري غيرك .فاتفقنا
أن يكون زيلعي عجمي عندهما ،فقالت له :ياسيدي ،جئت هذا الصبي شرقي
وادى زبيد طالب ًة منه الدعاء ،فكان منه ما كان ،فلم أطعه ،فقال ال بد يحصل
لك يف فرجك كذا وكذا ،فالساعة لست أقدر أن أبول .فقال لها :أما البول فمن
()6
ساعتك تبولين وتشفين ،وأما الولد فما يصح إال بدعاء الصبي ،ارجعي [إليه]
فإن الشيطان عارضه .فرجعت هي وزوجها إليه فدخلت عليه وقالت [له](:)7
ادع لي ياسيدي بولد .فقال :سيكون لك ولد وثان وثالث ورابع وخامس قوي. ُ
فقامت فحصل لها ما قال لها ،نفع اهلل بكل ولي يف الدنيا واآلخرة/48[ .ب]
قيل كان راع ًيا يرعى بفشال فمات ،فرأته أمه وهو يشكو عليها من منكر
ونكير ،فجاءت إلى الفقيه أحمد بن موسى فأعلمته بشكية ولدها وبكت ،فدعا
الفقيه بدواة وقرطاس وكتب :بسم اهلل الرحمن الرحيم إلى الملكين الكريمين
منكر ونكير أما بعد ،فقد شكت [علي]( )1أم الراعي فالن أنكما آذيتما ولدها،
وقد سألتكما باهلل تعالى ال تتعرضا له .فرأته يف النوم وهو يضحك ،ويقول :يا
ونكيرا .فجز اهلل الخير عنا الفقيه أحمد بن موسى.
ً منكرا
أماه لم َأر ً
حكاية [أخرى]( )2قيل ،كان يف اليمن بعض الفقهاء الكبار( )3المشهورين
بالعلم والعمل والصالح والورع والكرم الذي ما عليه مزيد ،واألخالق الرضية
واألوصاف المرض ّية ،وكانت له زوجة عديمة النظر يف الحسن والعفة ،وكانت
[أول]( )4ال يتزوج اآلخر بعدقد تعاهدت هي وهو على أن من مات منهما ً
صاحبه ،فمات الفقيه ،فنالها عليه الحزن العظيم منعها النوم واألكل والشرب،
فطمع الناس يف تزويجها من كل ناحية ،فلم تجب إلى ذلك ،فقال لها أبوها
وأخوها :الزواج سنّة نبوية والبد كل منه .وكان للفقيه تلميذ جمع أوصاف
الفقيه فيه ،وال شبه الناس به( ،)5فلما علمت عزم أبيها وأخوهتا ،قالت :إن كان
فرحا هبا
جزيل ًً والبد فتلميذ الفقيه .فاتفق األمر على ذلك ،ودفع لها شي ًئا
لكوهنا كرهت أكثر الناس ،وعينوا ليلة يكون فيها العقد ،فقالوا ليلة الجمعة،
فلما نامت ليلة الخميس رأت الفقيه يف النوم ،وطرح عليها كرمان(/49[ )6أ]
كان له قيمة ،وكان [قد]( )7كفن فيه الفقيه ،ورأت الفقيه وهو يقول لها :يا ناقضة
العهد ،أكان هذا بيننا .فأصبح الكر عندها ،وكان جميع الناس أهل البلد يعرفه
ويعرفون( )1أنه كفن فيه ،فأصبحت باكية ،فقال لها أبوها :ما يبكيك .فأعطتهم
الكر ،وتعجبوا من هذا المنام .وقيل هرب عامل إلى بيت الفقيه أحمد بن
موسى ،وكان معه يف حد الدارة ،وكانت للعامل بنتًا لها حسن باهر ،فرآها ولد
الفقيه فهم بزواجها ،فشاور أباه يف ذلك ،فنظر إليه أبوه نظرة غضب ،وقال:
ياولدي هذه نظرة عاقبة نظرت معك ،فمات الولد من ساعته.
بيت بن جعفر(:)2
قلت ونذكر الفقيه الفصيح [الفذ]( )3عفيف الدين عبد اهلل بن جعفر
الشاعر( ،)4كان أصله من أهل الزيدية من بني عمران ،أسفل سردد ،وسكنه
[بيت]( )5المؤيد أكرم بني رسول ،وكان يكرمه حتى كان يأتيه كل عيد ينزل
كاتب
ٌ وج ِعل يف الدولة المؤيدة
ضرب يف منزله صنفان(ُ ،)6
إليه ألف دينار ،و ُي َ
ألنشاء شفاعة( )7بني محمد ،كان لهم عليه إقبال ،وله جاه عندهم وقبول.
((( كتبت يف (ب) ويعلمون.
((( كتب هذا العنوان يف هامش النسختين.
((( الزيادة من (ب).
((( هو األديب الفاضل أبو محمد عفيف الدين عبد اهلل بن علي بن جعفر (ت713 :هـ/
ً
فاضل فصيحا بار ًعا
ً شاعرا
ً 1313م) ،شاعر الدولتين المظفرية والمؤيدية ،كان
ظري ًفا بلي ًغا ،وقد اشتهر أنه كان ذا دين رصين ،كثير العبادة محاف ًظا على الصلوات
المفروضة والمسنونة ،نظيف األدب ،صائن العرض ،واستمر كاتب إنشاء يف الدولة
مداحا للملوك واألمراء يف عصره ،وله مدائح كثيرة يف رسول اهلل ﷺ
ً المؤيدية ،وكان َ
وله مدائح ربانية .انظر :الجندي ،السلوك ،ج ،2ص.352
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) ضيفان.
((( كتبت يف (ب) كاتب شفاعة.
187
تاريخ وطيوط
قيل كان يعول أربعين بيتًا ،وقيل ما صلى صالة فائتة من أدبه ودينه ،وله مدائح
نبوية وربانية ،وقيل كان أول زمانه عند بن زكريا ،وكان لم يعبه بجرب كان به،
وكان يتيما جر ًبا ،وكان لم يعبأ به حقارة ،وكان حينًا يعطونه زو ًما( ،)1فقال:
قد لي ثالثة أيام ،وأمس واليوم ال الزوم يفرقني وال أفارق الزوم .فنظر الشيخ
كتابه ،فقال :لمن هذا؟ فقيل/49[ :ب] لفالن .فدخل به على زوجته ،وقال
لها :إياك تغفلين عن هذا .وأضاف له الكرامة ،وأجرى له بقرة يأخذ لبنها
حتى شفي من الجرب ،وقرأ يف علم األدب حتى صار إما ًما يف الفضل ،قيل
إنه ُرئي بعد موته ،فقيل له :ما فعل اهلل بك؟ قال :أوقفني بين يديه ،وقال:
ضرا وال مو ًتا وال حياة وال
قلت يف عربي ال يملك لنفسه نف ًعا وال ً
أنت الذي َ
234
ا ،شعرا:
ً نشور
ً
()4
بــوعــيــده( )3وبــوعــده مــا أخلفا ترك الجبال الشم( )2قا ًعا صفص ًفا
فقال :يارب أنت أعلم من عنيت .وله وسيلة حسنة جعلها يف ولده،
((( الزوم :هو أدام للطعام يتخذ من اللبن – الحقين – المغلي المبتل ببعض البهارات.
ُهديل ،الحياة االجتماعية ،ص.411
((( يف (ب) الشمخ.
((( كتبت يف (أ) توعيده ،والتصحيح من (ب)
((( وهي قصيدة طويلة قالها الشاعر عفيف الدين عبد اهلل بن جعفر سنة 706هـ1306 /م
بعد االنتصارات التي حققها السلطان يف هتامة واستقر يف زبيد ،ويقول يف مطلعها:
ترك الجبال الشم قا ًعا صفص ًفا * من وعــده ووعــيــده ما أخلفا
متقاض ًيــا ميــراثـــه مســتشهدً ا * سمر العوالي والصفيح المرهفا
انظر :الخزرجي ،العقود اللؤلؤية.372 - 370 /1 ،
188
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
وقد تقرحت( )1رجله بقرحة ،سمعت من يروي عن أبيه عن جده ،أنه كان بين
المعالمة ،وكان ال يستطيع أحد يجلس عنده من شدة الجيفة ،فشكى الولد
على أبيه ،فوهب وسيلة أولها:
أراكبها وجنا( )2كالسهم ترتمى( .)3ذكر فيها من األنبياء من [ذكر و]
()4
شعرا(:)5
الصالحين من ذكر ،وقال ً
6
()6
إلي كشكوى معدم حول معدم
َّ تعبت من الطفل الذى هو يشكي
وقال:
فداويتها منكم بأحسن مرهم تعذر عنها كل صاحب مرهم
قالوا ،وكان بعض أوزاع أهل الزيدية أسفل وادى سردد يف زهبة ،وقد
سدل الليل ليله ،أنشأ هذه القصيدة ،فرأى يف الهوى سجادة رايحة جهة
اليمن ،فقال :هذا الوازع بحق معبودك يا هذا إلى أين؟ فقال له :استغاث بنا
()7
مهدي([ )8يف النخل]( )9فاستغلطه ،فقبض عمر بن عدنان عند مطلع غربي باب
النخل بقليل ،وعلي بن مهدي يف النخل قاعد ،فجاء رجل وقال للذين عمر بن
عدنان يف أيديهم :اشنقوا عمر بن عدنان ،فقد أمر بذلك علي بن مهدي.
فشنقوه ،وتعب عليه علي بن مهدي ،وتوعد الشوكي ،ثم إهنا لم تدم والية
علي بن مهدي(.)1
وكان أهل جراجر ،قرية شرقي ذؤال من السعادف؛ بطن من قحطان،
لهم شهرة بمكارم األخالق ،قد عاينوا عمر بن عدنان ،فحسدوه على ذلك،
[وفدوا عليه]( )2ليلة بعد صالة العشاء بمائة فرس مالها لجم وال شبح وال
استعجازا منهم ،فطلبوه ،فأخرج لهم فيما رووا مائة قعادة
()3
ً مخال ،وكان هذا
جديدة ،ومائتي( )4شبحة( /50[ ،)5ب] ومائة مخلة( ،)6وقال لهم على الفور:
ليتم ّن كل رجل منكم ما يشتهي من الطعام ،من أراد القميط المسمن ،والعسل،
ولبن البقر ،ومن أراد الخبز والسمن ولحم الكبش ،ومن أراد الهريس( ،)7ومن
أراد منكم شي ًئا فال يكتمه ،فمن تمنى منكم شي ًئا صح له منه على الفور .ثم
قال :تشهون تسقوا الخيل لبن األبل ،أو لبن البقر( ،)8أو لبن الغنم ،فأفحمهم
تحميضا
ً [ذلك] )9( غاية اإلفحام ،فرجعوا .وروى أهنم أخذوا يجعلون اللبن
منهم يف اليوم ثالثة أوقات ،ويف الليلة ثالثة أوقات ليطهوه القطيب( )1الذى بين
الحلو والحامض ،فوفد عليهم فأفحموه كذلك ،وكان يف هذه القرية جراجر
رجالن أخوان؛ الشيخ خلف السعدين وحسين أخوه ،فحرقت القرية جميعها،
فعدت البيوت [جمي ًعا]( )2جاءت ألف وثالثمائة بيت .فقال خلف ألخيه
حسين :أما احتملت نفقة جميع أهل القرية ،وأنا احتمل بيوت أهل القرية،
وإال احتمل النفقة ،فاحتمال ذلك( .)3وكان يف القرية ثالثة شعراء بنو أبي
4
الحسين ،فأحدهم كان أعرج مداح كداح ،واالثنان فصيحان ،فقال أحدهما:
ق ــل ــت الـــحـــريـــق لــــه خــلــف ــــرقــــت
قــــالــــوا جــــراجــــر ُح ِّ
إذ [هــــــي]( )4نـــار ل ــم ُت ـ َطــف قــلــنــا فــمــا خــلــف الــحــريــق
يف عــــلــــي وفـــــــــــي خــلــف فــأجــبــتــهــم أن الــخــلــوفــة
[/51أ]
وكان أحدهم له زوجتان زوجة بجراجر ،وزوجة بصمع( ،)5فوقع بصمع
قميصا
ً عروس ،فطلبت من زوجها حلية تتزين هبا يف العرس ،فاستعار لها
مزينًا ،فوضعه على القعادة وخرج إلى بيت زوجته التي بجراجر ،وقد أعلمها
أن زوجته التي بصمع طلبته منه ،فأخذت القميص وكسرت أكرب لؤلؤة،
فدخل وقد فعلت ما فعلت فهرب ،ففقدوه المشايخ ،فعلموا أن سبب هرابه
من زوجته ،فعلت وفعلت فركبوا له ،وقالوا :مما هربت؟ .وأرجعوه ،وطلبوا
قميصا ثان ًيا ليغرمه عن ذلك ،فلما حمله الشيخ لصاحبه قال :قد جعلته له.
ً له
يعني الشاعر رحم اهلل أهل المكارم واألخالق ،وبرد مضجعهم.
قلت :ومن ذريته صريف بني الذؤالي القضاة بفشال ،وبنو األحنف،
وبنو الهتار بالرتبية( )1وبزبيد ،منهم ذرية الشيخ نجم الدين طلحة بن عيسى
الهتار له تقدم ،وبنو أجعمان ،وابن أبي الباطل بعدن( )2من المشهورين بالعلم
والتصوف والورع والصالح.
حكاية ،قيل كان اإلمام محمد بن محمد [بن محمد]( )3الغزالي ،نفع اهلل
به ،له أخ يسمى أحمد كان صوف ًيا ،وكان الغزالي ،نفع اهلل به ،قد رأى كراماته،
فقال له :يا أخي أشتهي أين إذا وقعت يف ملمة [/51ب] يكون خاطري معي.
ألم بك أمر .فخطب يو ًما بالناس ،فأحدث وهو على المنرب،
فقال :نادين إذا ّ
فقال يف نفسه :يا أحمد .ولم يقدر ينزل من على المنرب ،فوقع من ساعته على
بركة ٍ
ماء ،فتوضاء وأتم الخطبة ،فلما نزل قال ألصحابه :هل رأيتم أين نزلت
أو قطعت خطبتي ،أو غبت عن أعينكم .فقالوا له :ال .فعلم أن ذلك من بركة
أخيه ،فدخل يف الطريق؛ فأول دخوله دخل مسجدً ا ليختلي فيه ،فلقي(ً )4
رجل
مبطونًا ،فكان كلما أخرج شي ًئا أخرجه من المسجد ،حتى أضاء الفجر على
((( الرتيبة :قرية كبير بالقرن من مدينة زبيد من الجهة الشرقية الجنوبية ،وهي من بالد
األشاعر .المقحفي ،معجم البلدان.227 /1 ،
((( انظر :بامخرمة ،تاريخ ثغر عدن .201 - 200 /2 ،وسوف يتم الرتجمة له الح ًقا.
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) كتبت :فوجد.
193
تاريخ وطيوط
تلك الحالة ،فقال اإلمام :فنظرت ،فرأيت( )1ما تحت األرضين السبع ،وما
فوق السموات السبع .فقال لي ذلك المبطون :ما رأيته بربكة خدمتي ،وشفيت
أنا بربكة خدمتك لي .وقد كانت جاءت مسائل إلى اإلمام الغزالي من أناس
من أجاب عليها كفر ،فأتى اإلمام إلى أخيه أحمد فأعلمه بالمسائل ،فحال
قدمت عليه ،قال :أرين من أجاهبا .فأراه القوم .فقال لهم أخوه أحمد :موتوا.
فماتوا من ساعتهم نفع اهلل بالصالحين يف الدارين.
وقيل كان يف المدالهة قرية من قرى ذؤال ،هي لبني الصريدح ،رجل ذو
يحصل كل يوم على عياله ثالثة( )2الدرهم سكة اليمن
عيال ،وكان فقير الحالّ ،
الرسولية ،فضاق حاله من ذلك [ /52أ] ،فقال يف نفسه( :)3مالي ال أخرج
يف عبادة اهلل تعالى ،ولعيالي الذي تكفل باألرزاق .فخرج شرقي رمان ،فعبد
عظيما عجز منه ً اهلل تعالى اليوم األول والثاين [والثالث]( ،)4حتى جاع جو ًعا
منتظرا
ً جالسا ،فربح به الجوع ،فبقي مضطج ًعا
ً عن الصالة وهو قائم ،فصلى
للموت ،وكان على طرف سائلة [الماء من أمره]( ،)5فجلس من نومه( )6تكل ًفا
فمر به رغيف متفكرا يف أمره ،وطلب اهلل تعالى التقوى والمعونة على أمرهّ ،
ً
يسيل يف الماء حتى دنى منه ،فوقع على رجله فأكله ،فذهب عنه الجوع ،وظهر
منه نشا ًطا للعبادة ،وكان لم يؤم إلى شيء من األشجار إال وجده حال ًيا.
حكاية( ،)1قلت وقد حكى لي بعض القضاة الثقات أن أصبهان ًيا( )2كان
جند ًيا يخدم مع الملك( )3المجاهد ،فتفكر يو ًما يف عمره كيف ذهب سدى،
فأضر به الجوع يف أول أمره ،فأتاه
َّ وكيف يكون عذره إلى اهلل تعالى؟ فخرج
حنش فابتلع رجله جمي ًعا وهو مسلم للقضاء ،ثم أخرجها ،فجاءه أسد بعد
عظيما فلم يفر منه وسلم اهلل أمره ،ثم جاءه بعد ذلك رجل شاب فضحك ً ذلك
يف وجهه ،وقال :أبشر أنا ملك أرسلني اهلل إليك [ألمتحنك]( )4مختربًا ألمرك،
حنشا ،ثم بعد ذلك أسدً ا ،وقد ثبتك اهلل تعالى ،فما بقيت فأنا الذي جئتك ً
بعد هذا يسو ُءك وال يضرك( ،)5ثم إنه عري ،وكان يف وقت الشيخ [ /52ب]
محمد بن عمر النهاري نفع اهلل به ،فجاءه طال ًبا منه ثو ًبا يسرت [به]( )6عورته،
وطلبه وهو جالس بين الناس بعدما سلم عليه ،فشتمه الشيخ محمد [بن عمر
النهاري نفع اهلل به]( ،)7وجلس عنده ساعة ،وجاءه يضحك يف وجهه بعدما
خلي به( ،)8فاعتذر إليه وسأله عن حاله ،وحضه على طاعة اهلل تعالى ،ثم إنه
((( يورد المعلم وطيوط هنا عد ًدا من الحكايات إال أن أكثرها مبالغ فيه بشكل ملفت
للنظر ،وهي تعرب عن وجهة نظر المجتمع ومعتقداته يف ذلك الحين لما فيها من
شطحات لكبار علماء الصوفية يف ذلك الزمن.
((( أصبهان :مدينة عظيمة مشهورة من أعالم المدن يف بالد فارس ،خرج منها العديد من
العلماء المسلمين ،فكانت لها مكانة يف التاريخ .الحموي ،معجم البلدان.206 /1 ،
((( [الملك] ساقطة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) كتبت :فما بقيت ترى شي ًئا يسؤك وال يضرك.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) كتبت :فشتمه الشيخ محمد بن عمر النهاري نفع اهلل به وهو جالس عنده
ساعة وهو يضحك بعدما خال به ،فاعتذر إليه.
195
تاريخ وطيوط
سأله ثو ًبا ،فقال له :ثوبك ما يحصل لك إال غدً اُ ،يقتل رجل يف الهيجة ،وال
يدري( )1من قتله غير ربه ،وثوبه هو لك .فلما أصبح اليوم الثاين إذ( )2سمعوا
صارخا من جانب الهيجة ،فنزل جماعة منهم ذلك [الرجل]( )3األصبهاين، ً
فوجدوا المقتول فواروه ،وأعطوه ثوبه ،نفع اهلل بالصالحين.
حكاية ،قيل ظهرت حية بالديار الشامية كانت من نظرت إليه مات لوقته،
فتخوف منها أهل ذلك اإلقليم الذي ظهرت به ،فجمع ملك المكان حكماء
ناعما حتى يصير كالمرآة ،يرى
جدارا ،ويدلك ًً بلده ،فأشاروا إليه أن يبني
الرائي شخصه فيه ،ويجعل قبلها ،فلما بني على طريقها ،ودنت منه ،رأت
شخصها فماتت لوقتها.
أيضا يف نواحي خراسان( )5حية طولها ثالثة
حكاية [أخرى]( ،)4وظهرت ً
فراسخ( ،)6فهاب منها الناس هيبة عظيمة ،وقطعت الركب والطرق خيفة منها،
فجمع ملك ذلك الزمان أهل دولته واستشارهم يف أمرها ،وطلب الحكماء،
فقال رئيسهم [تذبح]( )7ثالث نياق [/53أ] [ويسلخ لحمها]( )8وتحشى نورة
غير مطفاة ،وتكون النياق كأهنا مناخة وتحمل الجلود وتجعل على طريقها
حيث سعت ،ففعلوا ذلك فجاءت إلى النياق فابتلعتهم وشربت عليهم من
الماء الذى بالقرب منهم ،فتفطرت لوقتها وحرقت ،ومات من شمها الناس،
نارا
مر بالشجر العظيم أشعله ً
ويقال إن صديدها سال مسيرة يومين ،وكان إذا ّ
نسال اهلل السالمة يف الدارين.
أيضا يف دولة الملك المظفر تزوج رجل من عرب ذؤال حكاية ،وقيل ً
بابنه عمه ،فلما نصت اختطفت وهي على المنصة ،فلحق أهلها وزوجها من
الحزن والفقد عليها ما ال حد له ،فتقدم ابن عمها إلى الملك المظفر فاشتكى
عليه ،فقربه وسأله كيف القضية .فأعلمه فقال له :خذ هذا الشقف ،والشقف
طلسما ،وقال له امض به إلى مجزرة عدن إذا جن الليل،ً إناء ،وكتب له فيه
فإذا جاءت الكالب فتنح عنها غير بعيد ،ثم يأيت كلب كأنه الفيل فال يهولنك
فادن منه ،وناوله هذا الشقف ،وقل له هذا من الملك المظفر .فتقدم الرجل
ليل ،فلما جاء هذا الشخص رمى كما أمره الملك إلى عدن ،ودخل المجزرة ً
إليه بالشقف[ ،فقال :هذا من الملك المظفر]( )1فأخذه وقبله وأركبه على
ظهره ،وقال له :ال تفزع( )2وال تحزن ،فما شعر إال وهو بين أناس لهم خلق
[/53ب] قبيحة ،ولهم ملك على سرير من حديد ،فكلمه ذلك الشخص
بعد أعطاه الطلسم ،فقبله ،ثم إنه جمع العتاة وسألهم عن زوجته ،فقالوا(:)3
بانسية .وهو بجزيرة من جزائر الهند ،فأتى به
غاب من العفاريت العتاة عفريت ّ
يف ساعة ،فقال له الملك :أرجع زوجة هذا اإلنسي .فكره ،فقال له :هذا الملك
المظفر ذو أسماء شريفة عظيمة ،واهلل يقتلك .فشتم يف مجلسه الملك المظفر،
كرها ،فحال نظرت إلى ابن عمها عرفها وعرفته ،بكت وبكى ،فقال فأرجعها ً
لهما ملك الجن :ال [حرج]( )1عليكما ،وال تخافا .فأمر الذي دخل بابن عمها
أن يطلع هبما إلى عدن ،فأوصلهما عدن يف ساعة ،فتعجبت والة عدن من
ذلك .ثم إنه رجع على الملك المظفر فدخل عليه ،وحكى له بما كان ،وشتم
العفريت للملك المظفر .فقال الملك المظفر :أزل من ذلك الغطا .فأزاله فإذا
تحته رأس ذلك العفريت العايت.
حكاية ،وكان رجل يف دولة الملك المجاهد يف الجند( ،)2وكان يحرث له
صغيرا فقتله ،وإذا هو بين
ً حارث يف زرعه ،فجاء الحارث بغداه ،فرأى ً
حنشا
أقوام شتى ،خلقتهم قبيحة ،هذا يقول :قتلت ابن عمي .وهذا يقول :قتلت
سرا:
أخي .وهذا يقول :قتلت ابن أخي .فارتاب منهم ،فقال له رجل منهم ً
إهنم سيتقدمون بك إلى ملكهم ،ويقولون إنك قتلت منهم واحدً ا ،فقل حاشا
[/54أ] هلل ،إنما قتلت ً
حنشا .فأتوا به إلى الملك كأنه الرحمة ،عليه أثر الكرب،
فقالوا [له]( )3ياسيدي :هذا قتل منا واحدً ا .فقال له :ما تقول؟ فقال :حاشا اهلل،
حنشا .فقال لهم ملكهم :أنا سمعت عن رسول اهلل ﷺ يقول :من إنما قتلت ً
تشبه باألحناش فاقتلوه .ثم هتددهم وعاقبهم ،وأمرهم بإخراجه ،وإن تعرض
له منكم متعرض ألفعلن فيه وال فعلن.
ثم نذكر ما كان مبتدأ بني جابر[ ،عرب الحبشة]( )1هم من أوالد مهدي
بن فخر ،وهم من بني خلف ،فهم بينهم وزكريا وجدهم الحدقي ،وجد بني
إسماعيل الوارش لعسان ،والحدقي هؤالء ذريته ،وقد مدح ابن حمير بني
شعرا:
الحدقي ً
وأيــن منه مكان الــعــود والــورق إين سألت الندا باألمس أين تشا
أو حاتم أو عطا مما مضي وبقي فقلت هل أنت منسوب إلى هرم
وذاك أصلي وفرعي من بني الحدقي فقال لي لست من هذا وذاك وذا
وكان زكريا له من المرياح إلى بلد بني خلف إلى الساحل إلى قريب
العامرية ،مما يقارب الضامر ،وكان يف هذا الموضع المحدد قرى وإقليم
عظيم ،ونعمة تامة ،وكان زكريا يجباها إلى نفسه ،ويعطي ملك البالد شي ًئا
()3
فجعله على نفسه ،وكان تزوج بالشيخة بنت جابر ،فطنة( )2وأوالد [أخيه]
فأرسا
ً فصيحا
ً شاعرا
ً جابر [/54ب] وسليمان وعبد اهلل ،وكان سليمان
شجا ًعا ،وكان عبد اهلل أخوه كذلك له خلق عظيم ،قيل كان إهبام يده شربًا ،ثم
إهنما وصال إلى زكريا يسلمان عليه يوم العيد( )4فأكرمهما ،فلما أراد الرجوع
فرسا ،وسليمان وولده محمد على راحلة ،وأبوه على دابة،
ركب الشيخ زكريا ً
فتواصيا عليه وعلى الولد أن يقتالهما ،فقال أحدهما :أ ّما الولد فال سبيل إلى
قتله .فقتاله وجعال ثوبه عليه ،وأخذ البالد والولد محمد بن زكريا يرضع،
((( الوعرة :اسم للعديد من المناطق والمدن اليمنية يف لحج والضالع وإب والمحويت.
انظر عنها :المقحفي ،معجم البلدان ،ج ،2ص.1880 - 1879
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
200
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
عليه .وخرج سليمان إلى بلد الزنيين( ،)1وكانوا أهل ثروة عظيمة ورياسة
وكرم ،فاستقام محمد بن زكريا استقامة حسنة ،ورجعت إليه البالد ،وكان
ممتدحا يمدحه الشعراء من كل ناحية ،والبن جعفر فيه قصيدة أولها:
ً
فرحا بسيف الدين لما حلها
ً طــرق النسيم بشيحه وبرندة
كشف الكروب بنيله وبسعده
قيل ،وصله يف يوم واحد ابن حمير ،وبنت السوددي ،وابن األصمع،
فلما قدموا عليه أكرمهم ،وأخرج كت ًبا وجاء بمسخرة( )2معه ،فقابل بينه وبين
[/55ب] مسخرة معهم ،وظل يومهم ذلك على التمني ،فلما عشى( )3القوم
خرج إليهم بحمالة( )4سيفه ،وقام ابن حمير بما معه ،وقامت رواة ابن األصمع،
وقامت بنت السوددي بما معها ،وكانت قصيدة ابن األصمع غير العربية
حمينية( )5دون العربية ،وهي حسن من الشعر ،وقصيدة بنت السوددي هذه:
قــــد غــــيــــروا عـــهـــد الــــــوداد مــــا بـــــال أهـــلـــك يــــا ســعــاد
والـــســـمـــهـــريـــات الــــحــــداد تــحــمــيــهــم جـــــرد ال ــج ــه ــاد
((( الزنيون :بطن من قبيلة عك .ابن حمير ،الديوان ،ص ،110حاشية رقم (.)1
((( المسخرة أو المسحرة شنطة تصنع من حديد أو خشب بشكل صندوق.
((( كتب يف هامش النسخة (ب) ،لعله عشى القوم ،من العشاء وهو الطعام بالعشي.
((( يف (ب) كتبت :بحمائل.
((( الحميني :وهو الشعر العامي الملحون ،وقد برز يف ذلك العصر العديد من الشعراء
الذين تعاملوا به مثل الشاعر ابن محمد بن أحمد فليته (ت731 :هـ1331/م).
انظر :الزركلي ،األعالم223 /1 ،؛ .249 /2
201
تاريخ وطيوط
((( الزمام :وهو أرفع خدم السلطان محلً وأمثلهم وجاهة ،وهو المخاطب أمامه عن
متعلقات الحريم وأوالد الملوك واألطفال ومعتقاته ،ويشرتط يف متولي هذه الوظيفة
أن يكون من الخصيان المعروفين بالطواشية .ابن كنان ،محمد بن عيسى (ت:
1153ﻫ1740/م) ،حدائق الياسمين يف ذكر قوانين الخلفاء والسالطين ،تحقيق:
عباس صباغ ،ط ،1دار النفائس ،بيروت1412 ،ﻫ1991/م ،ص.127
((( كتبت يف (ب) :أستاذ.
((( سند الباب :ويبدو أنه يقصد به صاحب الباب أو القائم بالباب هو من يقف بباب
السلطان يبلغه أخبار الرعية ويأخذ لهم اإلذن منه ،ويطلق عليه اسم الحاجب،
والحجب هو المنع من الدخول .الباشا ،حسن ،األلقاب اإلسالمية يف التاريخ
والوثائق واآلثار ،دار النهضة العربية ،القاهرة1978 ،م ،ص.251
((( األستاذ دار :من أكرب موظفي البالط السلطاين وهو المسؤول عن بيوت السلطان
كلها من المطابخ والشراب خاناه والحاشية والغلمـان وال يمشي إال بأمـر السلطان،
ويحكم يف غلمانه وباب داره وله الحديث المطلق والتصرف التام يف استدعاء ما
يحتاج إليه بـيت السلـطان من النفقات والكسوات وغيرها .القلقشندي ،أبي العباس
أحمد بن علي (ت821:ﻫ1418/م) ،صبح األعشى يف صناعة اإلنشا ،شرحه
وعلق عليه وقابل نصوصه :نبيل خالد الخطيب ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت،
1407ﻫ1987/م ،ج ،4ص21؛ دهمان ،معجم األلفاظ التاريخية ،ص15 - 14؛
ﭪ نسنك ،أ .ج ،مقال أستاذ ،دائرة المعارف اإلسالمية ،ج ،3ط ،1مركز الشارقة
لإلبداع الفكري ،الشارقة1418 ،هـ1998 /م ،ص.700
((( الزيادة من (ب).
203
تاريخ وطيوط
مني القصيدة وأقوم ،فما يفرغ الغدا إال وعبدك عند عياله ،وال أتغدا إال بلبن
من عند الممدوح ،وأربعمائة دينار .فضحك الملك من ذلك.
وكان يف الزنيين ابن سهيل له مشيخة عظيمة ورياسة ومقابلة ،قد سمع
به الملك المظفر وبما عنده من الدنيا الواسعة ،فاهتمه بالكيمياء أو باالسم
األعظم( ،)1وأرسل الملك المظفر طواش ًيا( )2حاذ ًقا ،له فهم وذكاء إلى ابن
سهيل الزين ،وقال له :اخترب أمر ابن سهيل .وكان الطواشي يساير ابن سهيل،
ويروح معه أرضه يوم جنى العطب ،وكانت أرضه مسكن بني سهيل الرماة
اليوم ،وكان عند جنى العطب يأيت المشرتي يتعطب من خرق المنسكية
والالمية والقينية( )3فيبيع كل يوم من العطب بعشرة آالف دينار ،فتعجب
()4
خارجا عن ما وهب وما شري به النبيق والربعي
ً الطواشي من ذلك ،هذا
واللحوح( ،)5وماسرق .فرجع الطواشي إلى الملك بتحقيق ذلك ،فزال توهمه
((( يبدو أنه كان ينظر لمن يتعامل بعلم الكيمياء نظرة الساحر أو التعامل بالسحر ،حتى
إن اهتامه له بالكيمياء دليل على أهنا جريمة كان ال يتعامل هبا العرب يف ذلك الوقت،
ومن يتعامل هبا يحاسب على ذلك.
((( التطويش :معناها جب الذكر ،والطواشي هم الخصي من الغلمان .انظر :الزبيدي،
تاج العروس ،ج ،4مادة (طوش).
((( المنسكيون من قبائل عك من أعمال الهجم وعمران ،والالمية وقين بطون من
ساعدة بن نبت بن هنشل بن الشاهد بن عك ،وأرضهم من حيس إلى األوشج.
الملك األشرف ،طرفة األصحاب ،ص.83 ،78 ،51
((( كتبت يف (ب) :وما شرا به السق والربي.
((( النبيق :هي ثمرة شجر السدر تقري ًبا المعروفة يف اليمن بالدوم ،أما اللحوح فهي نفسها
وجبة الخفوش التي تكلمنا عنها ساب ًقا .إبراهيم مصطفى وآخرون ،المعجم الوسيط،
.898 ،817 /2أما الربعي فنوع من أنواع البقوليات تقري ًبا هو العرت المعروف يف
اليمن ،وكان يطبخ ويأكل ،وما زال يؤكل حتى اليوم يف العديد من المدن اليمنية.
204
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
فيه ،وكان [/57أ] يف ذلك [الوقت]( )1العدل الكلي ،ولم تظهر المساحة
()2
إال من يوم دولة المجاهد ،ولظهور المساحة ،حيث كانوا يأخذون العاشرة،
وبعده ما زالت المساحة تزيد حتى تضاعف الجور على الرعية ،وارتفعت
الربكة لذلك ،ولم تكن المساحة إال يف زمن دولة بني رسول فقط ،وسائر
ملوك اآلفاق ال يعرفون ذلك.
وكان يف دولة الملك المؤيد والملك المجاهد عدل كلي وبركة ،وكان
الملك المنصور قد جعل شي ًئا يسمى المعونة( ،)3وهو ما يؤخذ من الرعية ماله
وجه ،فأزاله الملك المظفر ،وعلم الملك المظفر بأن ملك الصين على دين
المجوسية إال من عصمه اهلل تعالى منهم ،ثم إن الملك نظر يف هدية توافق
غرض ملك الصين ،فأرسلها إليه ،وسأله أن يجري المسلمين الذين يف جواره
على ما يقتضيه [دينهم]( ،)4ففعل ذلك ورد جوابه بذلك ،وكان الملك المظفر
قد أقطعه والده الملك المنصور المهجمَ ،ف ُقتل الملك المنصور ،قيل مملوكًا
يسمى الدباهي ،وخرج ولم يعرف أين أخذ ،وقيل إهنم دخلوا عليه
صغيرا ّ
ً
عقيب قتله فوجدوا عنده قر ًدا ،هكذا سمعت بعض علماء التواريخ بزبيد .ثم
إن الملك المظفر تحول إلى بني القرابلي ،وكانوا أهل رياسة عظيمة يف العرب،
وجعلت المقاصرة تدخل عليه وتناديه :يايوسف بغير نداء المملكة/57[ ،ب]
وكانت زوجة ابن القرابلي الشيخة بنت جابر صاحب الجثة ،فخرجت على
المقاصرة فأمرت بكفافهم من الدخول ،وجعلت بوا ًبا ال يدخل عليه إال بإذنه،
حتى جاءه الشيخ أبو الغيث بن جميل ،نفع اهلل به ،فقال له :قم فقد وقعت
إشارة نبوية .فقام ،وكانت المماليك قد اعتزلت يف فشال( )1مقدار ألف مملوك
قدم عليهم ،وأقام يف الملك أربعين سنة ،رحمه اهلل تعالى.
ثم ولي بعده ولده الملك األشرف سنين( ،)2وكان المؤيد مقيدً ا يف طرف
الدار ،فيقال إن جارية مرت بعشاء المؤيد ،ويف يدها إناء فيه نوع من الطبايخ،
وله رائحة شديدة يتوق إليها كل من شمها ،فقال الملك األشرف :ياجارية ،ما
هذا اإلناء؟ قالت :عشاء سيدي داود .فقال :دعي اإلناء .فكان ذلك عند عشاء
الملك ،فوضعته يف مجلس الملك األشرف على السفرة وفيه السم ،فأكل منه
فمات لساعته ،وكان الملك األشرف بن المظفر فيه حياء من اهلل تعالى ،وله
صالحا جيد الوصف.
ً معرفة تامة بالعلم ،وكان ناس ًكا
كريما ذا قوة ،لم تكن يف ملوك عصره
ثم ولي األمر داود بن المظفر ،وكان ً
مثله ،قيل من قوته أنه أمر صاحب األسد أن يدخله عليه مجلسه ،وقد جعل
جلساءة يف موضع ثان ،فأدخل [/58أ] عليه األسد ،فجعل يرميه بحب
ترسا فلما
السفرجل حتى أغضبه ،وقد جعل يف يده شفرة دون السيف ،وأخذ ً
حمل عليه األسد تلقاه بالرتس ،وضربه بالشفرة ،فوقع نصفين .قالوا وعاد
هذا الدار إلى وقتنا هذا ،حكى الشريف مهدى بن محمد بن سليمان بن
مدرك الخزاين( )1أن السلطان الملك الناصر أدخله إياه ،وكان على أخره قد
هتدم شيء منه.
حكاية ،قلت وقد سمعت أن ً
شيخا كان يف الشرجة ربع من أرباع مدينة زبيد،
معلما كان يعلم يف ربع الشرجة ،وكانت له زوجة ،وكان مملوكًا من
ً حكى أن
مماليك الملك المؤيد يدخل عليها ،ويظل يشرب يف بيتها وهى معه ،وال يقدر
زوجها المعلم يرده عن ذلك ،فطال به األمر ،فشكى إلى ٍ
جار له ،فقال له:
واهلل لو علم الملك المؤيد ما سلم منه( .)2فقال المعلم :من أين اتصل بالملك
المؤيد .فما زال الرجل يحث المعلم حتى اشتكى إليه ،وكان يف حايط البيت،
مشطرا ،أصلها من أهل بيت الذهيب ،قرية للصوفية بني
ً وكانت زوجته تسمى
الذهيب شرقي القحرية ،قرية من شرقي بلد الذهيب ،وكانت قد جاءت وهي
صغيرة مع قوم يضربون الدفوف على األبواب ،فعلق هبا الملك المؤيد ح ًبا،
فأمر بحجبها وتزوجها ،وكانت عنده لها حظ [/58ب] يجل عن الوصف ،ثم
أن المعلم أتى نصف النهار والملك المؤيد يف الشباك ،فرفع صوته ،فابتدرت
إليه الجنادرة( )3ليضربوه ،فأمر به الملك المؤيد ،فدخل عليه وشكى عليه من
المملوك ،فقال له الملك :أي وقت يأتيك فالن؟ فقال :بعد ثالثة أيام .فقال:
متى دخل منزلك؛ فأسرع إلي .هذا بعدما طلب الزمام ،وقال له الملك :أي
علي خربه .ثم أن المعلم تقدم إلى بيته(،)4
ساعة جاءك هذا الفقيه فال تكتم ّ
((( والده هو الشريف جمال الدين محمد بن سليمان بن مدرك الذي قتل بحرض سنة
778هـ1376 /م .انظر عنه :األهدل ،تحفة الزمن.525 /2 ،
((( العبارة األخيرة ساقطة من (ب).
((( الجنادرة :هم من يقومون مقام الشرطة التي تحيط بمقام السلطان لحمايته يف قصر.
للمزيد انظرُ :هديل ،الحياة االجتماعية ،ص.116
((( العبارة األخيرة ساقطة من (ب).
207
تاريخ وطيوط
فما شعرا إال والمملوك داخل عليه ،تقدم المعلم إلى الزمام ،والزمام أمر
دويداره( )1إلى الملك ،فأخذ الملك شفرة دون الذراع ،وحل قميصه ،وأخذ
حول خادم وجعله على رأسه ،وقال للزمام :ال يتبعني غير عبد واحد .فتقدم
()2
الملك والمعلم دليله حتى دخل به على المملوك ،فأخذ المملوك الدبوس
وخرج عليهما ليضرب األول منهما بعد أن خرج منه كالم سكر ،فأزال الملك
أيضا ساق ًطا ،فارتاب
وخر الملك ً
الثوب عن رأسه وضربه ضربة قده نصفينّ ،
المعلم ،فقال الملك للمعلم :يافقيه غثني بقليل قطيب[ .وقال الملك :ال اله
إال اهلل محمد رسول اهلل صل اهلل عليه وسلم ،يافقيه]( )3منذ شكوت علي ما
ذقت طعا ًما ،وال سقطت إال من شدة الجوع ،ال خو ًفا من الدم.
قيل كانت أم الملك المؤيد رومية ،وقد أهديت للملك المظفر/59[ ،أ]
فحملت بالمؤيد ،فعندما قارهبا الوالدة ،قالت للملك :مر صاحب الخيل أنه
ال يخالفني فيما أمرته به .فطلب الملك المظفر مهتار( )4الخيل ،فأمره بذلك.
((( الدويدار :وهم من يقومون بحمل دواة السلطان أو األمير ،ويتولون أمرها ،كما يقمون
بتبليغ الرسائل عن السلطان ،وإبالغه عامة األمور ،وتقديم الربيد ،ومن يفد إليه إلى
بابه ،وعادة ما يكون من األمراء .القلقشندي ،صبح األعشى ،ج ،4ص20 -19؛
ج ،5ص.434
((( الدبوس :عبارة عن عصا من الحديد أو القصب لها رأس كروية ،أو مضلعة ،أو شكل
سطحها على هيئة نتوءات مثلثة الشكل .انظر :العراشي ،عبد الحكيم محمد ثابت،
الجيش يف اليمن يف عصر الدولة الرسولية (858 – 626هـ1454 – 1228 /م)،
ط ،1دار الوفاق ،عدن1435 ،هـ2014 /م ،ص.351
((( الزيادة من (ب).
((( المهتار :وهو كبير موظفي الركاب خاناه أو الركبخاناه ،وعادة ما يكون متسلم لجميع
عدة روكبة السلطان .انظر :ابن كنان ،حدائق الياسمين ،ص.183 - 182
208
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
()1
[عظيما]
ً فرسا
فعندما قارهبا الوالدة ،قالت :علي بمركوب الملك .وكان ً
له قيمة عظيمةُ ،فأيت به فقالت :انحروه .فنحروه ،وعند سقوط الولد يف األرض،
تلقوا به دم الفرس حتى ابتل جميع الولد من دم الفرس ،وقعد الدم على الولد
عضوا
ً مقدار شهر ،وسلخت الفرس فأخذ لحمها وجعلته أعضاء ،فأكلته
عضوا حتى أتت على آخره ،فكان الملك المؤيد يف غاية القوة والشجاعة ً
والكرم ،وكان الملك المظفر ،رحمه اهلل [تعالى]( )2قد زوجه بنت النقاش(،)3
فقيها يف كل علم ،وأصوله من حلب ،وكان يف دولة ابن وكان ابن النقاش ً
مقبول عند الملك المظفر ،وكان ينسب عنه الحسد عند كل ً فقيها
دعاس(ً )4
ذي فن ،حتى إن الملك المظفر أراد أن يقرأ على ابن النقاش يف المنطق ،فأشار
عليه ابن دعاس ،فقال :ياسيدي البالء موكل بالمنطق .فتشاءم الملك بقوله،
وقال له :أين هذا من هذا؟
وكان ابن النقاش مع ما فيه من سعة العلوم؛ إذا قيل له صل بالناس كره،
ألنه ذكروا أنه كان ال يحفظ غير الفاتحة ،فأنكر كثير من الناس ،وقالوا البد أن
[يكون]( )5يحفظ قل هو اهلل أحد وأخواهتا/59[ ،ب] وأما الفاتحة فال يكون.
وبنت النقاش أم الملك المجاهد كانت ممن تحب فعل الخير ،ولها
وقوف ومسجد يف زبيد ،ومساجد يف آخر مملكة ولدها ،وكانت تعتقد يف
الفقيه دعسين( ،)1وكان سكنه المتينة ،غربي وادي زبيد ،والفقيه دعسين قرشي
النسب ،قيل إنه رآها يف النوم بعد موهتا ،وهى عريانة ،فقال لها :ما هذا؟ قالت:
ما كان معنا رد إلى أهله .ورأى خادمها وعليه ثياب را ّيقة وأنوار مشرقة ،فقال
لها :مالي أرى خادمك عليه هذه الهيئة الحسنة .قالت :أما كان يدخل علينا
ورق ذوي الحاجات ،فأثابه اهلل على ذلك ما رأيت .وكان الملك المؤيد عدل
كلي ،وكرم جسيم ،وكانت [مقدار]( )2مملكته ثمانية عشر سنة أو أحدى
وعشرين [سنة](.)3
ثم ولي بعده ولده الملك المجاهد ،فاستطالت مدته ،وكانت دولته مقدار
إحدى وأربعين سنة ،ولكن وقع يف آخرها ضعف ،وعارضه الملك الظاهر
()4
معارضة كلية ،وكان له -أعني الملك الظاهر -الدملوة إلى عدن وأبين
أيضا تغلبوا ولزم القلعة ،وبعد وصلوا المصارية( )1بإشارة من ملك والعرب ً
مصر ،ولقيهم المجاهد بالممالح ،وتوجوه بتاج جاءوا به من عند ملك مصر،
وقد وصف غير ذلك أنه تشدد بمشدة( )2جعلوا [/60أ] لها أطرا ًفا مرخاه.
ثم أن الملك المجاهد ارتفع تعز وخافهم على نفسه ،وبعد ساءت سيرهتم يف
اليمن [وباعوا]( )3أوالد العرب رقي ًقا ،وأضروا بالناس مضرة عظيمة ،وقد ذكر
الجندي ،رحمه اهلل [تعالى]( ،)4يف تاريخه أهل اليمن كانوا يقولون ربما ينصلح
اليمن بقدومهم ،ففسد اليمن ،وقتلوا يو ًما يف أهل الجبل بناحية جبلة مقتلة
عظيمة ،سبب ذلك أهنم أغاروا والناس قد انحازوا منهم ،فنهق حمار فدلهم
عليهم فقتلوهم ،وكانوا أهل مصر خل ًقا ناشر ،وقيل كانت جمال الماء ثالثون
أل ًفا ،ويوم مروا بسهام كان أحدهم يف المغرب األبيات ،ويف الشرق الراحتين
بلد الزنيين ،ثم اجتمع العلماء والصالحون وابتهلوا إلى اهلل تعالى يف رفعهم،
فارتفعوا بعد ياس ومضرة بالمسلمين ،وخرج الملك المفضل( )5على الكدراء
أيضا ألنه كان مخال ًفا على الملك المجاهد ،وكان عند عرب يسمون المساودة(،)6
ً
((( كان قدوم القوات المصرية إلى اليمن يف سنة 725هـ1324 /م .للمزيد عن هذه
القوات وما ارتكبته من بشاعات يف بالد اليمن ،انظر :الجندي ،السلوك/2 ،
.595 -593
((( المشدة بلغة أهل اليمن هي شبيه بالشال الذي حول الكتف ،ومن الناس من كان
يربطها بطريقة معينة على رأسه ،ال سيما كبار شخصيات المجتمع لتميزهم.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) المظفر.
((( يذكر المقحفي أن المساودة قبيلة من ذي أصبح .معجم البلدان.1509 /2 ،
يف حين يذكر الملك األشرف المساودة بحرف الراء (المساورة) وهي من قبائل
حمير ،ويبدو أهنا األقرب للصح .طرفة األصحاب ،ص.50
211
تاريخ وطيوط
وكان لهم ذلك الوقت شوكة ،وكانوا يعرفون بالغارة على المدائن ،وكان أطنبا
المحمودي مملوك مشهور بالشجاعة والفتك يف العرب ،قيل إنه قتل ليلة يف
غارة على المعازبة( )1ثالثمائة رجل ،وكان أطنبا المحمودي هو والمماليك
بالكدراء ،ووصلهم علم الملك األفضل أنه متصدر لهم هم والعرب ،وكان
الشيخ عيسى [الحكمي]( )2صاحب المفاوزة( )3وساكنها يف ذلك الزمان،
فجعل له العلم وحوط على القرية -قرية المفاوزة /60[-ب] بعد أدار
على القرية هو وفقيه يسمى ابن دبيق ،نسبه صريفي( ،)4قالوا إن امرأة قالت
بحرا حائ ًطا بالقرية ،فصبحت
عقب ذلك رأت الشيخ عيسى :إنما أراين أرى ً
[العرب]( )5الكدراء ،وفروا بالمفاوزة والمماليك فيها ،فقهرت المماليك
العرب ،وكُسرت العرب ،وحصلت مقتلة عظيمة يف العرب حتى إن الشيخ
عيسى الحكمي ،نفع اهلل به ،عجز أن يقرب قتاله لكثرهتم ،فما دفنوا عليهم إال
بالثيرة ،وكان أكثر القتلى يف أهل المشرق ،قرية من ُقرى المساودة ،ووصل
أيضا [الشريف]( )6علي بن موسى( )7مالقي أشراف ،وحصل بينه وبين ً
((( يف (ب) العرب.
((( الزيادة من (ب) .هو الفقيه الصالح أبو محمد عيسى بن مطير -تصغير مطر -بن
علي بن عثمان الحكمي ،أصله من حكماء حرض .انظر ترجمته :الجندي ،السلوك،
.344/2
((( قد يكون المقصود هبا المفازة ،وقد تفرد المعلم وطيوط بتفاصيل هذه الحادثة التي
وقعت يف سنة 724هـ1323 /م ،وذكر هذه المناطق والقرى ،وهو مالم نجده عند
أكثر المؤرخين الذين دونوا لهذه الحقبة التاريخية.
((( يف (ب) وفقيه يسمى صريف.
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) علي بن يوسف.
212
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
المماليك حرب عظيم وهو يوم جاحف ،وكان مع المماليك اإلقبال ،وكان إذا
صرخت [خيلهم] )1( نفرت منها خيل األشراف ،وهمت األشراف بالهزيمة،
فقال لهم علي بن موسى :أين منكم ،فال تستقبلوا الشمس بوجوهكم ،واهلل
عظيما،
ً ما يصل منكم إلى المهجم إال من كرهوا قتله .فصرب األشراف صربًا
وكانت كبار المماليك أطنبا المحمودي والسفري والقصري ،فاستشاروا
السفري ،وكان علي بن موسى الشريف قد رأى شجاعته وصربه يف الحرب،
فلم يقتله ،وطرح أطنبا المحمودي( ،)2وكان [من]( )3الثالثمائة الذين قتلهم
أطنبا المحمودي رجالن أخوان قتال ،فدخل ولد المقتول [/61أ] من المعازبة
عروسا ،فلما زفت إليه قالت :ال تقربني وال أقبلك ،وال
ً على بنت عمه المقتول
أمكنك من نفسي إال إذا أتيتني برأس أطنبا المحمودي .وقد وقع يف ذؤال علم
كسرته ،فخرج ذلك الرجل المتزوج بنت عمه ،فأوقفه القضاء السماوي على
أطنبا المحمودي يف الخزيمي( ،)4وهو مجروح وفرسه مربوطة عنده ،فقال له
أطنبا المحمودي :هل لك أن توصلني زبيد وأعطيك ألف مثقال؟ فقال له :إذا
أعلمتني من اسمك( .)5فقال له :أنا أطنبا المحمودي .فدنى إليه ،فحز رأسه،
وجاء إلى بنت عمه ،فبتن نساء الحي يقلن:
واصبيه قومي انقري يف امدف * أطنبا المحمودي وقع يف الكف
قيل إن الشيخ عيسى الحكمي ،نفع اهلل به وبالصالحين ،قال ذلك اليوم
لولده :اركب المربعة وانظر إلى العرب أين هم .فقال :هم هؤالء أقبلوا،
ولكنهم يمشوا على رؤوس .فقال له والده :انزل واسكت .وتمادت دولة
المجاهد قريب أربعين سنة ،وكان آخرها ضعف ومنازعة من الملك الظاهر،
ونزل الزعيم واستخدم ورد األمر قليل ،وكان الزعيم أصله كان ملتزم وادي
مور ،وبعد طلع أمره حتى كان له الناموس األعظم والشهرة بالكرم والشوكة
التي ال توجد يف أهل عصره إال فيه ،حتى قيل كان مناخة جماله خمسمائة جمل،
وكان يعرف بزعيم المحالب لكثرة واليته هبا ،وتغير منه الملك [/61ب]
المجاهد ،فأرصد له من قتله بالدملوة ،ومات الملك المجاهد بعده ،قيل إن
مر بمجزرة زبيد بعد العشاء ،فسمع كل ًبا يقول لكلب :الملك المجاهد ً
رجل ّ
مات الساعة( )1بعدن.
وحديث الزعيم وموته أنه كان قد خلد والية المحالب ،وكان قد حقد
وحسن ثناء الناس عليه قاطبة ،فدخل
ْ عظيما سببه الكرم
ً عليه الملك حقدً ا
الزعيم يو ًما على الملك المجاهد وعنده رجل محظوظ عنده وله جاه عند
الملك ،وإذا دخل الزعيم على الملك البد للملك أن يومئ برأسه إيما ًء
ضعي ًفا ،فجلس عنده ما شاء اهلل ثم قام ،فيقال إن الملك المجاهد قال عند قيام
الزعيم :قتلني اهلل إن لم أقتلك يا هرير .فكأن الزعيم سمع الكالم ،فجلس إلى
أن دخل الليل وأتى إلى ذلك الرجل الذي كان محظو ًظا عند الملك ،فاستأذن
عليه ،فقال [للحاجب]( :)2قل لفالن :الزعيم على الباب .فدخل الحاجب إلى
((( يف (ب) الليلة.
أيضا بصاحب الباب الذي يحجب الناس ((( الزيادة من (ب) .والحاجب :ويعرف ً
أو يمنعهم من الدخول على السلطان إال بعد إذنه .للمزيد انظرُ :هديل ،الحياة
االجتماعية ،ص.103
214
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
مواله ،فقال له :الزعيم على الباب .فقال يف نفسه :إن الزعيم لجاللة قدره أجل
أن يأتيني .فقال :ارجع ،وقل :أي الزعيم؟ .فقال له الزعيم :زعيم المحالب.
وكانت شهرته ،فلما دخل الحاجب وأعلمه خرج حاف ًيا حاسر الرأس فقبل
يديه ،وطلع به إلى البيت ،فقال له الزعيم :أعلمني ما قال الملك عند قيامي من
عنده؟ .فقال :لم يقل شي ًئا .فقال له الزعيم/62[ :أ] واهلل العظيم لئن تصدقني
ما قال ألخذت رأسك الساعة .فلما علم جده؛ قال له .قال :فدخل الزعيم
ثانية على الملك المجاهد فرحب به ،وقال :أرحب ياعمر .فقال له الزعيم:
بل قال ياهرير .فقال الملك :سبحان اهلل ياعمر ما هذا؟ فقال :هكذا سمعتها
منكم .ثم تضاحك الملك وأعطاه قتا ًء( )1وعشرة آالف ،وفرسين ،وقال له:
تقدم المحالب ،وإن أحببت تزور معنا الدَّ ْم ُل َوة .ثم تقدم إلى المحالب عقيب
ذلك .فعزم الملك المجاهد إلى الدملوة والزعيم صحبته ،فلما دخلوا الدملوة
أجلس له الملك المجاهد أربعة عبيد أهل جالدة عظيمة ،وأمرهم أن يجلسوا
يف موضع ،فإذا مر عليهم الزعيم ضربوه بسيوفهم ضربة رجل واحد ،فلما
دخل الملك هو والزعيم ،كل مكان من الدملوة فيه ذخائر ،فقال له :ياعمر.
قال :لبيك .قال :ادخل ذلك المكان ترى فيه أعجب [ما رأيت وما يكون](.)2
وهو المكان الذى أمر الملك فيه العبيد [يدخلوه]( )3فدخله( ،)4فحمل عليه
()5
العبيد ،فقطعوه بأسيافهم ،وجاءوا برأسه إلى الملك ،فوضعه يف طست
وغطى عليه بثوب ،فلما أصبح الملك ودخل عليه السنبلي وزياد والوزير ابن
حسان والخراساين ،قال لهم :من عرف ما يف هذا اإلناء أقطعته مورٌ .
وكل قال
بشيء [ /62ب] ،فلما لم يعرفوا ذاك أمر الملك المجاهد بإزالة الغطاء؛ فرأوا
مجلسا
()1
ً رأس الزعيم ،فتحيروا وطاشت عقولهم .وأمر الملك بإدخالهم
وأغلق عليهم الباب ساعة ،ثم فتح عنهم ووهب لكل واحد منهم ألف مثقال،
والرجل الذي أعلم الزعيم كان ذلك اليوم يف زبيد ،فأرسل الملك المجاهد
إلى أمير زبيد أن أسمل( )2عيني فالن .فلما قرأ األمير الكتاب أوقف عليه ذلك
الرجل ووسم عينيه ،وكان الملك المجاهد سفاكًا للدماء ،قاسي القلب ،وقيل
فرسا على وجه
سبب قتل الزعيم أن الملك المجاهد زاره ليلة فطلب منه ً
المجون ،فقال الزعيم للملك المجاهد :ندوة .وهى كلمة عجمية معناها رح.
فحقد عليه لذلك ،واهلل أعلم.
حكاية بدر المشاعلي ،وكان ً
رجل قري ًبا إلى القصير ،لونه أحمر لون رومي،
وارم العينين ،وكان له مشاعلي يسمى بدر ،قيل إنه غضب الملك المجاهد ليلة
ِ
الجوار ،فذبح على جواري الدار ،فدعاء ببدر ،فعصب على عينيه وأمره بذبح
يف ساعة ثالثمائة جارية ،حتى بلغ الدم سرته ،وكان الملك المجاهد أفصح
بني رسول ،ويقال إنه فقيه بني رسول ،وله أشعار رائقة( ،)3منها:
بــنــزع الــجــوا والــنــوا شجني * مــنــعــا عــيــنــي مــــن ال ــوس ــن
قصيدة كبيرة قالها وعاد صنعاء له ،أيام علي بن محمد [/63أ] اإلمام ،وهو
شعرا:
ببعض األماكن ً 1
ثم أخذت عليه صنعاء بعد ذلك ،وكان الملك المجاهد له صنعة يف
الوسائل ،وفصاحة عجيبة؛ فمنها ما كتبها إلى بعض الصوفية ،وقد كتب إليه
يجوب للملك ،فكتب الملك المجاهد الشاكر هلل على نعمائه :ياهذا،
وكره أن ّ
ونتقرب إلى خاطرك الشريف وأنت ُ أن نستصلحك وأنت مسيئ بنا الظن،
وآمرا
جل وعال حاك ًياً ، عنا تنفر ،هب أنك موسى ،وأين فرعون ،أليس أن اهلل َّ
ول َل ُه َق ْو ًل َّل ِّينًا َّل َع َّل ُه َيت ََذ َّك ُر َأ ْو َي ْخ َش ٰى﴾(،)2
لموسى وأخيه عليهما السالمَ ﴿ :ف ُق َ
قطعت لنفسك بالغفران ولغيرك بغير ذلك ،ال واهلل ال واهلل ،حتى نجتمع بين
يدي صاحب الرحمة ،فينفذ فينا أمره والسالم.
اللهم إن كل صانع يحب
َّ ومما كتبه بمسجد معاذ الذي شرقي وادى زبيد:
إصالح صناعتك ،وأنا صناعتك فأصلحني .ومما قاله :عنَّيتني ربي وشقيتني
وسقيتني( )3بحب يحيى بن الجرد( ،)4ثم قبله عنيتني ربي ،وسقيتني بحب
تغيرا القول من الغانيات .وكان فيما يقولون إن دولته
حب الغانيات الجرد ً ،
()5
أحسن الدول ،ورعية عصره [/63ب] أحسن الرعية ،ولقد ُشكي إليه بابن
ّ
فمر عليه الطيور البيض،
الغرنوق ،شيخ من مشايخ سر ُدد ،ثم نسي سنين ّ
فقال :ما اسم هذه الطيور؟ فقال جلساؤه :الغرانيق( .)1فذكر أمر ابن الغرنوق،
فأرسل من قبضه وشنقه ،وكان فيما يقولون أنجل الملوك ثم ضعف آخر
دولته ،وكانت دولته عرب شيس(.)2
وقام الملك األفضل( ،)3ودانت له العرب واستقام يف األمر ،ورخصت
األسعار ،وهبا أعني دولته ،ولد المؤلف رحمه اهلل( ،)4وكانت واليته أربع
عشرة سنة ،وكانت له العطايا السنية( ،)5وكثر يف دولته الدراهم مع [جميع]
()6
أهل الفنون ،حتى كان الدرهم ال مقدار له ،وقد حكى لي بعض الثقات :أهنا
سكنت به أمة زبيد أيام دولة الملك األفضل ،قال :وكانت له أخت فماتت أمه
وهما أطفال ال ندري ما نعمل ،وكنا عند امرأة قد جعلت أمي عندها دراهم،
فوقع لنا طعام مفتوت ،فأكلت أنا وأختي ً
ليل من ذلك الطعام ،فجاء إنسان
عليه ثياب بيض حسنة ،وجلس معنا ليأكل ثم جعل يده يف اإلناء ،وقام فوجدنا
((( ال ُغرنوق :هو طير من طيور الماء .السيوطي ،جالل الدين عبدالرحمن بن أبي بكر،
المزهر يف علوم اللغة وأنواعها ،تحقيق :فؤاد علي منصور ،ط ،1دار الكتب العلمية
-بيروت1998 ،م.116/2 ،
((( يف (ب) سنس ،وهي كلمة غير مفهومة.
((( هو الملك األفضل العباس بن علي بن داود بن يوسف الرسولي
(778- 764ﻫ1376 – 1362/م) ،ومن المالحظ أن المعلم وطيوط قد ولد
خالل حكم األفضل كما يشير ،دون أن يحدد العام.
((( تعد هذه من المعلومات المهمة التي يقدمها لنا المؤلف عن حياته ووالدته.
((( اسم الكتاب :العطايا السنية والمواهب الهنية يف المناقب اليمنية.
((( الزيادة من (ب).
218
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
دراهم يف األناء ،وكانت زوجته جهة طي( )1قيل كانت يو ًما [/64أ] يف شباك
دار الملك شرموزيان( )2قيل إهنما شرامير بنت جوزا( ،)3وكانا بخراج عدن،
ألن فيها جواهر ال قيمة لها ،وقيل إهنما شرموزيت الحميري التي كانت تزوجها
أول ثم ولد الصليحي( ،)4ثم تزوجها بعده سبأ بن أحمد الداعي ،ثم المكرم ً
أن جهة طي وضعت رجلها يف بعض الشراميز ،وهى النعل ،فقالت امرأة يف
عظيما
ً الدار كانت لها معرفة بالرمل« :البد ياسيديت أن تلقي من الدملوة ً
مال
((( ساقطة من (ب) .وجهة طي :هي جهة الطواشي جمال الدين طي بن عبد اهلل األفضلي
األشريف ،ابنة الشيخ جمال الدين محمد بن عبد اهلل الربكاين اللحجي من ناحية لحج
وأبين ،كانت امرأة لبيبة حازمة ،غاية يف الجمال والكمال ،تزوجها الملك األفضل
عباس ،وأنجبت له عد ًدا من األوالد منهم :السلطان األشرف إسماعيل وعبد اهلل
والمنصور والمفضل وأبوبكر المؤيد وعمر المظفر وعلي المجاهد .الخزرجي،
العقد الفاخر الحسن.2502 /5 ،
((( الشرموزة :من خالل الوصف يتبين أهنا نعال أو أحذية فاخرة الصنع لنساء الملوك
والسالطين ،لما كانت ترصع به من جواهر ال قيمة لها.
((( وهي ابنة األتابك سنقر ،واشتهرت بالملكة بنت جوزة ،وكانت تكنى بأم قطب الدين،
تزوجها السلطان المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول على زوجته األولى أم
ولديه الملك المظفر وابنته الدار الشمسي ،وقد كانت تمتاز بالذكاء والحنكة ،ولها
مواقف سياسية كثيرة بعد موت زوجها المنصور ،منها سعيها ألن تتحول والية العهد
بدل عن الوريث الشرعي الملك المظفر .للمزيد انظر :ابن حاتم ،السمط لولديها ً
الغالي الثمن ،ص224 - 223 ،202؛ الحمزي ،عماد الدين إدريس بن علي
(ت714 :هـ1314 /م) ،كنز األخيار يف معرفة السير واألخبار ،دراسة وتحقيق:
عبد المحسن مدعج المدعج ،ط ،1مؤسسة الشراع العربي ،الكويت1992 ،م،
ص.100
((( على ما يبدو أنه يقصد هبا الحرة الملكة سيدة بنت أحمد الصليحي (ت532 :هـ/
1137م) ،زوجة المكرم أحمد بن علي الصليحي (ت484 :هـ1091 /م) .للمزيد
عنها انظر :الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن.2497 – 2488 /5 ،
219
تاريخ وطيوط
ال يحصى له عدد» .قالت لها« :كيف ذلك؟» قالت« :ال يدخل رجل يف هذه
الشرموز إال الذي يفعل ذلك».
ثم إن الملك األفضل فيما يذكرون ظلم الرعية والتجار يف مدته ،واستجاروا
بالشيخ طلحة بن عيسى الهتار منه ،وشفع إليه فلم يقبل األفضل الشفاعة،
وضج الناس من ظلمه واستهالكه ألموالهم وخوفهم منه ،فجرى بينه وبين
الشيخ طلحة ابن عيسى الهتار ،نفع اهلل به وبالصالحين ،مكابرة ،فقال الملك
األفضل للشيخ طلحة« :لك من بالدي ثالثة أيام» .وقال الشيخ طلحة« :وأنت
لك من بالد اهلل ثالثة أيام».
وقد حكى بعض الثقات عن رجل كان صحب الخضر أنه سمع أبا العباس
الخضر يقول« :مات الملك األفضل بدعاء الشيخ طلحة»[/64ب] ،نفع اهلل
به وبالصالحين ،فمات الملك األفضل دون انقضاء ثالثة أيام ،واستقام الملك
األشرف( )1وهو طفل ال يعقل ،ودخلت به أمه على الشيخ طلحة بزبيد ليلة مات
أبوه األفضل ،وأخذ كمال دولة أبيه ،والزموا الشيخ طلحة على أقامته والدعاء
له ،ففعل ذلك الشيخ طلحة لهم ،ودعاء له ،وقال« :استقم على المسلمين
بإذن اهلل تعالى» .أو كما قال ،ويقال إن أمه هي والطواشي فرحان أخذا من
نسا ًبا ،له مصنف يف أنساب العرب(،)2
الدملوة ما أخذا ،وكان الملك األفضل ّ
أجاد فيه غير أنه مختصر ،قد وقفت عليه بزبيد ببيت الوزير ابن معيبد ،وكان
((( وهو السلطان األشرف (الثاين) إسماعيل بن العباس بن األفضل عباس بن علي
الرسولي (803 - 778ﻫ1400 – 1376/م) .انظر عنه :الخزرجي العقود
اللؤلؤية.320 - 163 /2 ،
((( اسمه« :رساله يف األنساب» .أيمن فواد سيد ،مصادر تاريخ اليمن ،ص.149 - 148
220
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
((( هو الشاعر والمؤرخ الفقيه إسماعيل بن أبي بكر بن عبد اهلل بن إبراهيم الشرجي
الحسني الشاوري اليمني ( 837 - 755هـ 1433 - 1354 /م) .الزركلي،
األعالم.310/1 ،
((( على ما يبدو أنه يقصد هبا خنجر أو شفرة حادة.
((( يف (ب) مستغل ًطا.
((( يف (ب) الجاللة.
((( يف (ب) غاية االحاجة والنهاية.
((( يبدو أنه يقصد به كتاب« :الشرف الوايف يف الفقه والنحو والتاريخ والعروض
والقوايف» .أيمن فواد سيد ،مصادر تاريخ اليمن ،ص.173
((( الزيادة من (ب).
221
تاريخ وطيوط
نظر فيه غاية التعجب ،ويقطع أن ال أحد يأيت بما أتى ،ولقد نظرت فيما قاله
عززا بثالث وهما:
2
عزا أن ُي َّ
الحريري( )1من البيتين اللذين قال َّ
واشكر لمن أعطى ولو سمسمة ســـم ســمــة تــحــمــد آثـــارهـــا
()2
واكتسب السؤدد والمكرمة والمكر مهما اسطعت ال تأته
ثم إنه أتم ذكر بأكثر من اثني عشر ،وسطرت هذه وهو بيت الفقيه أحمد
ابن موسى بن عجيل وبينه وبين السلطان الملك الناصر( )3مكاثرة ،سبب ذلك
شاعر يسمى ابن روبك من نواحي جبلة ،ورجل [أعجمي]( )4يسمى عمر
الكرماين جاء إليه الشيخ أحمد الرداد ،أحد أصحاب الشيخ إسماعيل الجربيت،
وأمثاله، ً
شيخا على أتباعه وأهل معتقده يف ابن عربي
()1
ونصبه
الحضا عند السلطان ،ولكنه هو هذا
ثم إن الرداد علم به السلطان ،فرزق َ
الشاعر وشى إلى الملك الناصر بابن المقري حتى مال السلطان مثلهما،
ولذلك حديث ،كانت فقهاء زبيد وصوفيتها أهل حم ّية قد جرى بينهم قبيح،
وأخرج ابن المقري قصيدتين أنكر فيهما على الصوفية أتباعه [/65ب] ،ونال
فيها من الشيخ أحمد الرداد ،وسر األمير ونسابين الفقهاء والصوفية ،وذلك كله
حسدً ا على السلطان وعدم ثقة باهلل تعالى ،ومال السلطان ميل الصوفية ،وفيه
ابن الرداد وأتباعه ،وذاك فيما يذكرون كان ابن المقري له مسامحة وسبب من
جهة عطايا السلطان ،فتحول إلى ابن الرداد وإلى من يميل ميل الرداد ،فدخل
يف قلب إسماعيل المقري ذلك ،والتحقيق أنه منزه عن المطامع ،بل ذب عن
الدين ،وقمع غالة الملحدين ممن ينسب إلى الصوفية وليس بصويف ،فجزاه
خيرا ،وجمع أهل زمانه النصوص الصحيحين
اهلل عن اإلسالم والمسلمين ً
وأخرجهم عن ملة اإلسالم باعتقادهم ماال يجوز شر ًعا ،كالرداد وأصحابه(.)2
((( هو الفقيه الصويف محي الدين محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي
األندلسي (ت638 :هـ1240 /م) ،أحد أشهر المتصوفين ،لقبه أتباعه وغيرهم
من الصوفيين« :بالشيخ األكرب» ،ولذا ُتنسب إليه الطريقة األكربية الصوفية ،ولد
يف مرسية يف األندلس يف سنة 560هـ1164 /م قبل عامين من وفاة الشيخ عبد القادر
الجيالين ،ودفن يف سفح جبل قاسيون بدمشق .الزركلي ،األعالم.281 /6 ،
دائرا بين الصوفية والفقهاء يف ذلك
((( ناقش عبد اهلل الحبشي قضية الصراع الذي كان ً
الوقت ،محد ًدا أسبابه ،وموقف سالطين بني رسول منه .للمزيد انظر :الصوفية
والفقهاء يف اليمن ،مكتبة الجيل الجديد ،صنعاء1396 ،هـ1976 /م ،ص20
وما بعدها.
223
تاريخ وطيوط
قلت ،وقد رأيت فقهاء زبيد وصوفيتها بخالف فقهاء الرب وصوفيتها،
وطبعهم طبع األمراء ،ويتفاخرون بالمالبس والمراكب والمساكن ،ومالوا
عما كان عليه السلف من سالمة الصدر والثقة باهلل تعالى ،وعدم الحقد ،وعدم
ّ
المباهات يف زينة الدنيا ،فقد بلغنا أن بعض الصوفية عزم من سمرقند( )1حتى
قدم بغداد على بعض الصوفية ،فقال له الصويف الذى ببغداد :ياسيدي إين أريد
عيادة الفقهاء وهو مريض ،فعزم معه ذلك [/66أ] الصويف وهو من مشهوري
الصوفية ،فلما دخال على الفقيه وجداه على سرير مزين غاية الزينة ،وعليه
الفرش اللينة من الديباج( ،)2ونظر إلى آنية الذهب والفضة وإلى دار مزخرف
من الذهب المموه ،فتغير ذلك الصويف الذي من سمرقند ،فقال للفقيه :ممن
أخذت هذا العلم .قال له :من الثقات .قال :فممن أخذته الثقات .قال :أخذوه
أكابر عن أكابر عن رسول ﷺ عن جربيل عن اهلل .۵قال :فهل أمر اهلل بذلك،
أو أمر جربيل محمدً ا بذلك ،أو أمر محمد هبذا الذي أخذته يف منزلك من هذه
الزينة التي ال يفعلها مؤمن ،وال من يف قلبه من اإلسالم ما يزن حبة خردل ،أين
الحياء من اهلل تعالى؟ أين هني العلم لكم؟ .ثم قال له :أما علمت أن النبي ﷺ
كان يشد على بطنه الحجر من شدة الجوع؟ ،وطال ما جلس بيته من النار
((( هو الفقيه الصالح أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حشيرب (ت822 :هـ/
1419م) .ترجم له :الشرجي ،طبقات الخواص ،ص.233 - 232
ورة .ابن سيده ،المحكم والمحيط ((( ال َب َّطةُ :الدَّ َّب ُة ( َم ِّك َّيةٌ) ،وقِ َيل :هي إنا ٌء كال َق ُار ِ
األعظم.137 /9 ،
((( حراز :ناحية كبيرة إلى الغرب من صنعاء ،مركزها مناخة .إسماعيل األكوع ،البلدان
اليمانية ،ص.90
225
تاريخ وطيوط
حكاية( ،)1روى وهب بن منبه( )2أن عبد اهلل بن قالبة خرج يف طلب إبل له
شردت ،فبينما هو يف صحاري عدن أذ وقع على مدينة عظيمة وحولها قصور،
فدخل الحصن فإذا ببابين عظيمين مرصعين بالدر والياقوت األحمر ،فدخل
فإذا مدينة عظيمة وفيها قصور [/67أ] ،ويف كل قصر غرفة وفوقها غرف مبنية
بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت ،غرفها مفروشة باللؤلؤ وبنادق المسك
والزعفران ،يف كل زقاق شجر قد أثمر ،وتحت األشجار أهنار منظرة يجري
ماؤها يف قنوان الفضة ،فقال الرجل :هذه الجنة .فحمل معه من لؤلؤها ومسكها
()3
ورجع إلى اليمن ،وأظهر ما معه ،فبلغ الحديث إلى معاوية [رضي اهلل عنه]
أيام دولته ،فأرسل له يقص عليه ما رأى ،فأرسل معاوية إلى كعب ،فلما قدم
[كعب]( )4عليه؛ قال له معاوية :يا كعب ،هل سمعت أن يف الدنيا مدينة من
ذهب وفضة .قال :نعم ،إرم ذات العماد .قال له معاوية :حدثني بحدثيها.
قال :كان إرم بن عاد مول ًعا بقراءة الكتب ،فرأى أن هلل جنة فيها القصور من
((( وردت هذه الرواية عند عدد من المؤرخين ،منهم :األصبهاين ،أبو محمد عبد اهلل
بن محمد بن جعفر بن حيان (ت369 :هـ979 /م) ،العظمة ،تحقيق :رضاء اهلل بن
محمد إدريس المباركفوري ،ط ،1دار العاصمة ،الرياض1408 ،هـ1493 /4 ،؛
ابن حجر العسقالين ،أبو الفضل أحمد بن علي الشافعي ،فتح الباري شرح صحيح
البخاري ،دار المعرفة ،بيروت1379 ،هـ.702 /8 ،
((( أبو عبد اهلل وهب بن منبه األبناوي الصنعاين الذماري (114 - 34هـ- 654 /
732م) ،مؤرخ كثير األخبار عن الكتب القديمة ،عالم بأساطير األولين وال سيما
اإلسرائيليات ،يعد يف التابعين ،أصله من أبناء الفرس الذين بعث هبم كسرى إلى
اليمن ،وأمه من حمير ،ولد ومات بصنعاء ،وواله عمر بن عبد العزيز قضاءها.
الزركلي ،األعالم.125 /8 ،
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
226
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
وجاءت هبا إليه ووضعتها بين يديه ،فأظهر الفرح هبا والمحبة لذلك ،وأمر
خواصه أن يلعبوا هبا ويظهروا الفرح هبا والمحبة لذلك ،ثم إنه أجازها على
ذلك جائزة أقر هبا عينها ،وكان يسكن بعض األوقات جزعة على المحجة
شاعر من
ٌ السلطاين يف زماننا هذا ،وهي قبلي رمان بالقرب منه ،وكان ينتجعه
الشام ويكرمه غاية اإلكرام ،ثم إن الشاعر جاء وبجزعه مر على حسن الجندبي
فلم يكرمه ،فقال:
عجبت مــن جــزعــة إذ بدلت * بعد الصريفي حسن الجندب
[/68أ]
وجاء رجل من حيس بحصير مزين قد تأنق فيه وزينه ،فجاء به إلى الشيخ
ابن الجندب فلم يكرمه وال عبأ به ،فشكا إلى معلم عند بني الجندب ،فقاله
له المعلم :لو أنك تقدمت هبذا الحصير إلى سيف الدين( )1محمد بن زكريا ما
عدمت منه جائزة .فتقدم به الرجل إلى الوعرة ،فسأل عن الشيخ ،فجاء وهو
قد أغار بعض األماكن ،فقعد يف منزلة الشيخ ،فلما عاد الشيخ رجع والموكب
يوكب قبله ،فخرجت الناس يتعجبون على الشيخ ،والرجل قاعد يف المنزل،
فقالت له زوجة الشيخ :اخرج تعجب مع الناس .فقال :ليس معي ثوب أتعجب
فيه( .)2فأخذت ثوهبا وأعطته إياه ،فخرج مع الناس ،ثم دخل الشيخ ورمق
الثوب وهو على الرجل فعرفه ،فلما وصل حدث زوجته بما رأى ،فقالت له:
نعم .وأعلمته بما قال لها الرجل ،وبما دل عليه المعلم ،ثم إن الشيخ أعطاه
ثوبا آخر ،ومائة دينار ،وأرسل به إلى المعلم بدابة نجيبة.
وكان بنو الجندب أهل رياسة متأصلة ،وثروة ويسار ،ولكن كان ُيشكي
منهم البخل وما ال يليق من القبيح إلى الناس ،وهم من ذرية زيد بن ذؤال،
وجرى بينهم وبين األمير عداوة [كلية]( ،)1وأكثر ما كانت بين بني عاقل وبني
أيضا
محمد [/68ب] ،فخذان من الالميين ،ثم إن بني عاقل وبني محمد ً
وقع بينهم عداوة كلية حتى تفانوا ،ومن مآثر بني الجندب :الزنات( )2والمنيفة
والسليطينية [يمنية]( ،)3وقيل غير ذلك(.)4
والقرة( )5أصلها للفقيه علي بن الحسين -نفع اهلل به ،-قيل إن الفقيه علي
ابن الحسين -نفع اهلل به -مرض ،فأرسل إليه ابن حمير بقصيدة أولها:
()6
أعلمت عن حادي الركائب إذ حدى
فأنشدت بين يديه ،فأرسل إليه بمائة دينار واعتذر منه .وقد روى سيدي
[الشيخ]( )1الفقيه الصالح برهان الدين إبراهيم بن محمد الحكمي -نفع اهلل
به -أنه كانت عندهم مسرة حضرها أعيان الناس ،وكان ذلك بالرد ،قال :فجاء
األمير أبو القاسم بن محمد البجلي وأخوه الجواب ،والشيخ محمد بن أبي
أيضا من ذؤال ،وكان من بكر أمقمة وحضر المسمع ابن الحباب ،والمستمع ً
الحضور الفقيه عبد الرحمن بن عمر بن عثمان الحكمي -نفع اهلل هبم ،-فقال
للمستمعين :أنشدوا لنا بقصيدة ابن حمير يف علي بن الحسين -نفع اهلل هبما:-
أعلمت عن حادي الركائب إذ حدى
عواجي ،وهذا العواجي له حلة حسنة ،فأنشدوا هبا ،ثم قال لهما/69[ :أ]
أيضا حلة أكثر ما نشد هبا مع ملوك اليمن ،فأنشدوا هبا
أنشدوا هبا حاتمي ،وهي ً
عظيما.
ً حاتمي ،فقال الفقيه إبراهيم :فما بقي أحد إال بكى بكا ًء
وكانت بنو أمقمة( )2لهم رياسة ما بلغها أحد من العرب ،فأولهم علي بن
يعقوب ،ثم ولده أبو بكر ،ثم ولده محمد بن أبي بكر ،وأبو القاسم بن أبي
أميرا بالغانم ّية
أيضا ،فأما محمد بن أبي بكر فكان ًبكر وأخوهتما جماعة ً
زمانًا ،وسنة دولة العرب ارتفعت أحكام الغز عن البالد ،وبقت دولة العرب،
وتواصلت العرب ،فرتاضت العرب بمحمد بن أبي بكر ابن أمقمة أن يكون
حاكما فيهم؛ يرد المظالم عن المظلوم ،وكانت له رياسة وألخيه أبي القاسم بن
ً
أبي بكر ،وكانا إذا حضرا بين العرب يلبسان ما يلبسان الملوك ،حتى سمعت
بذلك ملوك بني رسول ،وقد حكى بعض الثقات قال :دخلنا تعز فأضافنا ولد
من أوالد الملوك بعدما سألنا وقلنا له :نحن بالغانمية .ثم فتح لنا أربع خزائن،
وخزانة مملوءة براشما من ذهبِ ،
وخزانة فيها ِخزانة مملوءة سيو ًفا حمائليةِ ،
وخزانة فيها [/69ب] تجافيف تلمع ذه ًبا( ،)1فقال رماح مجوزات ذهباِ ،
ً
لنا :من أحسن هذه اآللة أم آلة بني أمقمة .قلنا له :سبحان اهلل العظيم أنتم
أهل مملكة ،وبنو أمقمة رعيتكم .فقال :أناس تخرب أن ملك بني أمقمة يجل
عن الوصف.
وقد َح َكي لي بعض الثقات أنه كان بالغانمية قرية للرماة ،كانوا هبا أيام دولة
عرسا البن الجريح من المعازبة ،ولكنه سكن مع الرماة،
العرب ،وكان هبا ً
ووهب وليمة لعرسه حضرهتا من العرب من حرض إلى زبيد ،و ُعدت خيل
العرب أنافت على ألف ،وحضرت بنو أمقمة والغانميون ،وجاءوا يف زينة
حسنة عليهم وعلى خيولهم ،ولم يحضر من العرب من يشاهبهم يف الزينة ،ثم
عند الطرح( )2جاءت بنو أمقمة بألف دينار يف كيس فصبوه والناس [حاضرة]
()3
وناظرة إليهم ،ونثروا الدراهم فالتقطها العرب ،وصاح صايح المعازبة وكانوا
أكثر الحاضرين ً
خيل :إال أن بني أمقمة ملوك ،فأخذ الرماة والقحرا الغيرة
القوية حتى نظروا إلى خيل عليها الرباشم المحلية ،والتجافيف الحسينة(،)4
((( يبدو أن كلها من عدة الحرب إال أن ما يميزها هو نوعية الخامة التي صنعت منها
من الذهب وغيرها ،مما أعطى لهم نوع من الجاه والعظمة لعظمة هذه الممتلكات.
((( الطرح :وتعرف بالنقوط ،وانتشرت يف األفراح والمناسبات ،وتقوم على مساهمة
المدعوين من األهل واألصدقاء والجيران بمبالغ مالية للعريس .ابن المجاور،
تاريخ المستبصر ،ص7؛ ُهديل ،الحياة االجتماعية ،ص.217
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) الحبشية.
231
تاريخ وطيوط
والرماح والبيارق المزينة( )1التي ما قد ركب هبا أحد إال الملوك ،فأما محمد
بن أبي بكر بن أمقمة [/70أ] فعرف به السلطان الملك األفضل غيرة منه،
وبما نما إليه من رياسة ،وأخوه أبو بكر [بن علي]( )2حبس يف حصن تعز زمانًا،
وفكه اهلل تعالى كما يشاء ،قيل إنه كان يو ًما يسير الملك المؤيد ،فقال صاحب
مسيرا فهلل ،ربما تحصل من اهلل نفحةً السجن :يا شيخ أبو بكر إذا مر الملك
بفكاك ،فلما قرب الملك قال الشيخ وهو ولد ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل
صل اهلل عليه وسلم ،فقال له :يا ولد ،هل تعرف العطافية؟ فرد الولد رأسه
قبلي الفقيدي جفار بني مديهن وهم جبالية ،وأكثر
خيفة من الملك ،والعطافية ّ
العطافية لهم .وهي بلد العامريين ،كان أبو بكر بن علي يهرب به أبوه عندهم،
ثم افتك بعد ذلك ،وكان له زمان حسن تجنب بعده خمس جنائب ،وكان له
كرم عظيم.
ثم نذكر حديث عجيل -نفع اهلل به :-هو عجيل بن حامد من الزرانيق(،)3
وقيل عجيل بن عمر( )4ابن محمد [حامد]( )5بن معزب بن عبيد بن محمد
الفارسي ابن زيد بن ذؤال بن نشرة .كان بدو أمره يقرأ على الفقيه علي
الصريدح -نفع اهلل به – ذكره ابن سمرة(– )6رحمه اهلل ،-ثم كان علي ولده
((( البيارق المزينة يقصد هبا األعالم المزينة المزركشة .إبراهيم مصطفى وآخرون،
المعجم الوسيط.78 ،51 /1 ،
((( الزيادة من (ب).
((( الزرانيق :من أشهر وأكرب قبائل هتامة ،وأكثرها بأس وقوة وصالبة ،وهم يف األصل
قبائل المعازبة .انظر :الحجري ،مجموع بلدان اليمن ،مج ،2ج ،4ص.636
((( ابن عمر ساقطة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يقصد المؤرخ ابن سمرة الجعدي صاحب كتاب« :طبقات فقهاء اليمن».
232
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
متبصرا ،وأخوه عثمان هو أبو بني العجيل ،قيل كان فيه جهل؛ من جهله أنه ً
عدا على زرعة ثور ألخيه علي ،فطرده حتى وقع يف جرف ،فاندق [/70ب]
عنقه ،فدفن عليه ولم يعلم أخوه علي بذلك ،فطلبه أوالد علي فما وجدوه،
فخرج علي ومعه مشعل فيه ماء ،فقال :الماء من المشعل يا فقيه علي ،إن
ثورك يف جرف بموضع كذا وكذا قد قتله أخوك عثمان .فأعلم علي أوالده
بذلك فطلبوه ،فوجدوه بالمكان المذكور ،وأوالد علي :موسى وإبراهيم
ومحمد جد العراجشة ،وقد ذكرنا أن موسى قرأ على إبراهيم بن زكريا،
ً
سؤال قبل قيل جاء معزبي فألقى على موسى [بن علي]( )1وأخيه إبراهيم
قرأهتما ،فما عرفا له جوا ًبا ،فقال :اهلل المستعان ،واهلل لقد ضيع الفقيه علي.
أيضا يف
ثم أن أحدهما أقام على العيال ،وأحدهما قرأ ،وقرأ [إبراهيم](ً )2
وصاب( )3بعد قراءة أخيه موسى ،وقد علمنا أن موسى بن علي أناب الفقيه
إبراهيم بن زكريا يف تدريس العلم بالشويري ،وقد حج الفقيه إبراهيم ،قال
الفقيه موسى -نفع اهلل به :-لم أرى أحكم من الفقيه عمر بن إبراهيم ،يرى أبا
العباس الخضر يدخل علينا كل مرة ،فما يسأل عنه ،وكان الفقيه موسى بن
علي يصحب الشيخ والفقيه ويزورهما هو وزوجته ،فحملت بمحمد قبل
أحمد ،فجاءت مع الفقيه [/71أ] موسى زائرة ،وقد كان قال الشيخ محمد
ابن أبي بكر الحكمي :ستحمل زوجتك يا فقيه موسى بولد يكون صاحب فنة(.)4
فقال له الفقيه محمد بن الحسين :ها هو هذا الذي زوجة الفقيه [موسى]
()1
حاملة به .فقال الشيخ محمد :ليس .ثم إهنا وضعت محمدً ا ولدها وجاءت به
إلى عواجة وهي طامث ،فلما زال الطمث قال الشيخ للفقيه محمد بن الحسين:
مر أهل بيتك أن يزينوا زوجة الفقيه موسى ،ويخلون لهم ً
منزل ،وإهنا ستحمل
بالولد المذكور .فحملت به ،فلما قارهبا الوالدة قال الشيخ والفقيه :يا موسى
ال تحقرنا ،أعلمنا بالسابع( ،)2وال تقروا عليه حتى نصل .فلما ولد الفقيه أحمد
[بن موسى]( ،)3وكان السابع ،قالوا له أهل القرية :اقرأ قبل الغروب .فقال:
معنا أصحاب .فوصل الشيخ والفقيه – نفع اهلل هبما – وصلوا المغرب ،وقرأوا
على الفقيه ،فلهذا بنو عجيل ال يقرأون على المولود إال بعد صالة المغرب
اقتداء بذلك.
ً
طويل ،سمينًا ،وكان يصحب الشيخ يعقوب قيل :كان الفقيه أحمد بن موسى
ابن الكميت( ،)4أبو الفقيه محمد بن يعقوب( ،)5وكان يعقوب بن الكميت من
الرجال ،فقدم يو ًما من مريخه( ،)6وقد وفد الفقيه المحالب للحج ،فواجهه
الفقيه [/71ب] أحمد وأنزله بيده من على حماره ،وقال الفقيه أحمد :مرح ًبا
بك يا سلطان .فقال له يعقوب بن الكميت :سلمك اهلل يا خليفة .والخليفة
((( المخالف السليماين :من مناطق األطراف يف شمال اليمن ،تمتد حدوده من وادي
حرض يف الجنوب إلى وادي عتود يف الشمال ،ومن البحر األحمر يف الغرب إلى شرق
مرتفعات فيفا ،وتعد مدينة جازان من أشهر مدنه .انظر :تاريخ المخالف السليماين يف
ظل أسرة آل خيرات (1264 - 1141هـ1848 - 1727 /م) ،مع تحقيق مخطوط
(نفح العود يف أيام الشريف حمود) ،دراسة وتحقيق :فواد بن عبد الوهاب الشامي،
إصدارات وزارة الثقافة والسياحة ،صنعاء2004 ،م.30 - 17 ،
235
تاريخ وطيوط
يف الالمية ،فعلم أوالد الفقيه إبراهيم وإخوته ،فلحقوا الشريف باألحدبية(،)1
وكان هبا رجل له رياسة فقصده الشريف وبات عنده ،ثم إن إبراهيم ولد الفقيه
محمد بن موسى وإخوته قالوا له :يا شريف هب أنك أخ لنا ،ما يقع لك إال
نصفها .فأعطاهم نصفها ،وكان األصل فيها ثالثمائة ،فأخذوا مائة وخمسين،
ومضى بمثلها.
()2
ثم أن الفقيه إبراهيم كانت له شهرة بالصالح ،فقيل لما أتى ابن ميكائيل
ومعه الفقيه أبو بكر بن محمد بن يعقوب ،وكان فيما ضمن البن ميكائيل
فتح زبيد ،فلقيه الفقيه إبراهيم بن محمد بن موسى عجيل وهرج عليه ،وقال:
يا فقيه أبو بكر تقول إنك تريد تميت دولة بني رسول [/72ب] وتقيم فالن،
فلما كان من حديث ابن ميكائيل ما كان ورجع الفقيه أبو بكر؛ كان صيت
يف الناس أن الفقيه إبراهيم بن محمد بن موسى عجيل [نفع اهلل به]( )3سلب
الفقيه أبو بكر بن محمد بن يعقوب ،وحصل بينهم – أعني بني حربة وبني
عجيل قليل يف النفوس ،وقد سمعت أن الفقيه يوسف بن إبراهيم بن محمد
()5
زائرا [للسيد]
ابن موسى بن أحمد بن موسى عجيل -نفع اهلل به -وصل ً
()4
الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش -نفع اهلل به ،-ومعه الفقيه إسماعيل
صغيرا ،فتحدث الفقيه يوسف والفقيه محمد بن إسماعيل ساعة
ً ابن إبراهيم
وافرتقا ،بعد الدعاء سأل الفقيه محمد بن إسماعيل مكدش عن الفقيه يوسف
فأثنى عليه ،وقال :هو مجاب الدعوة( .)1ثم سأل عن الفقيه إسماعيل ،فقال:
ليس له اليوم حديث ،حديثه غير اليوم.
وحكى لي من أثق به أن الفقيه عبد الرحمن بن محمد بن زكريا -نفع
()2
اهلل به -كان له شهرة بالصالح وبالعلم والحقيقة ،وكان مكاش ًفا [ور ًعا]
غاية وهناية ،وكانت الناس يعتقدونه غاية االعتقاد ،فبات ليلة بالمفاوزة عند
رجل ،فذكر له أن بيت الفقيه( )3هبا ولد للفقيه إبراهيم بن محمد عجيل -نفع
اهلل هبم -يف المهد له أحاديث يف الصالح [/73أ] مشهورة ،ثم أقام الفقيه
إسماعيل وساد سيادة عظيمة ،وكسب دنيا واسعة ما كسبها أحد قبله وال
بعده ،وال وهب أحدٌ ما وهبه ،وال اتسع أحد يف الحرث متسعه ،فمن متسعه
يف الحرث أنه حرث وادي زبيد ورماع وسردد وذؤال كافة شر ًقا وغر ًبا ويمينًا
ً
وشمال ،ويف الالمية وسهام وسردد ،حتى قيل إن غلته التي من ذؤال وما قارهبا
عما بعد .وكان إذا نزل به السلطان يقدم إليه عشرة
خارجا ّ
ً عشرون ألف عدل
مصارا ،وأربع رؤوس خيل ،وعشرة أحمال برعم(،)4
ً أجمال ،وعشرة حمر
((( الفقرة األخيرة ساقطة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( بيت الفقيه :من مدن هتامة ،وتنسب إلى الفقيه ابن عجيل ،تقع بين زبيد والحديدة،
وهي يف وسط بالد الزرانيق .الحجري ،مجموع بلدان اليمن ،مج ،2ج ،4ص.636
((( الربعم :هو ثمرة تستخرج من األشجار يبدو أن لها فوائد طبية .الزبيدي ،تاج
العروس.279 /31 ،
237
تاريخ وطيوط
ومثلها عصارة ،وثالثة أحمال عسل ،ومثلها سمن ،ومثلها بر ،وعشرون حمل
طعام للحسيك ،وعشرون رأس رقيق ،ثم يحمل للسلطان ضيافة تجل عن
الوصف ،وللوزير ومشد المشدين( )1وللزمام وأمير جندار( )2ولألمراء على
مراتبهم ،بحيث ال أحد يفعل ما فعل وال يقدم ما قدمه .قيل إنه كان يف كل يوم
يف منزله يحتاج إلى عشرة آالف ،ومن مشهور ما فعله ،وقد حصلت مجاعة
كان كل ليلة يدخل الفقراء المنقطعين بعد ذبح رأسين من البقر ،ويأكلون قبله،
ثم يفرغ ذلك فيهب تمر ،ويهب بعد التمر حب الدخن والجلجالن .وحكوا
[أن حالة ما بقي معه من الطعام إال الذري ،فأنفقه]( ،)3وليلة عدُّ وا [/73ب]
الذين أكلوا يف بيته ثالثة آالف وسبعمائة ،وأنفق جميع ما معه من الطعام حتى
ما بقى معه من الطعام إال الذري ،فأنفقه هلل تعالى ،تقبل اهلل ذلك منه ،وأجزل
أجرنا جميعا آمين( ،)4وكانت الناس تتهمه بحب الدنيا ،فلما أنفق فيها ما أنفق،
وأنفق الذري تحقق الناس محض كرمه هلل تعالى.
وقد روى لي من ال يتهم بالكذب أن المحجوب( )5قال :ما أعطينا ُعشر ما
((( مشد المشدين :موظف كبير يف الدواوين السلطانية كالديوان الكبير والخاص
والحالل والوقف وغيره ،مهمته عملية إبالغ أوامر السلطان فيما يخص الخراج
الذي يفرض على الرعية وغير ذلك من الوظائف اإلدارية والماليةُ .هديل ،الحياة
االجتماعية ،ص.125 - 124
((( األمير جندار :من كبار األمراء يف الدولة ،ويكون تحت يده جماعة من الحرس
يعرفون بالشاوشية ،يتولون حماية السلطان ،والجلوس يف مجلس للرتحيب به.
انظرُ :هديل ،الحياة االجتماعية ،ص.116
((( الزيادة من (ب).
((( العبارات األخيرة يف تقديم وتأخير بين النسختين (أ) و (ب).
((( هو الفقيه الصالح أبو بكر بن محمد المحجوب بن أبي بكر بن محمد بن أبي حربة.
وسوف يتم الحديث عنه الح ًقا.
238
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
أعطي الفقيه إسماعيل ،وقد ذكر أن المحجوب لم يمت إال من ُجرح حصل به
يف معركة كانت بين سعد الدين الجربيت ،والكافر حطي ،وشهد بذلك األخيار
أن المحجوب شهد الحرب الذي بين سعد الدين وبين حطي ،وأنه ُجرح ذلك
اليوم ،وسأل الفقيه إسماعيل ،فقال :نعم.
ثم حديث الفقيه يوسف بن إبراهيم كان يدخل على الوالة ،فإذا لم
يقضوا حاجته شتمهم ،ويقول :أنت فالن تعزل غدً ا .فيكون ذلك ،وكان قد
قرأ« :اللمع النورانية» للبوين( ،)1فدخل يو ًما على ميت من السادة بني عجيل
-نفع اهلل هبم -فرأى دم ذلك الميت ،وبقي يقول أحذروا الدم ،ولم يروا
د ًما ،وكانت حاالته مشهورة ،ومات بالبزوا( - )2رحمه اهلل تعالى ،-وكان
ولده محمدً ا مبارك الوصف على طريقة ،وولده محمد بن محمد له [/74أ]
سيرة حسنة وأخالق رضية ومكارم مرضية وسالمة قلب كلي ،وصلة رحم
لم تكن يف غيره ،وقرب جناب ،وحمية يف اهلل تعالى ،لم تكن يف أحد غيره
–نفع اهلل به وبالصالحين.-
ذكر لي بعض الثقات ممن يقرأ كتاب اهلل تعالى ،قال :غبت عن عيالي
يف سنة مجاعة إلى بيت الفقيه ابن حشيرب ،وكنا يف مسجد على ما فتح اهلل
به ،يأتينا من العصر إلى العصر حب دخن ،وحب جلجالن نسد به حرارة
((( هو أبو العباس أحمد بن علي بن يوسف البوين (ت 622 :هـ1225 /م) ،متصوف
مغربي األصل ،نسبته إلى بونة (بأفريقية ،على الساحل) ،صاحب المصنفات يف علم
(الحروف) ،له« :شمس المعارف الكربى» ويسمى «شمس المعارف ،ولطائف
العوارف ،يف علم الحروف والخواص» أربعة أجزاء ،وله« :اللمعة النورانية»،
تويف بالقاهرة يف السنة المذكورة .الزركلي ،األعالم.174/1 ،
((( كلمة غير مفهومة ،لم نتمكن تمييز معناها.
239
تاريخ وطيوط
الجوع( ،)1وكان يف المسجد صبي راقد مدىف على رأسه ،كلما أقيم الفرض
()2
قام [إلى الصالة] )3( من غير وضوء ،ويصلي مع الجماعة ،ونحن ناظرون
إليه ،قد أنكر عليه منا من أنكر ،فجاءنا يوم حب دخن وجلجالن ،فأكلنا منه
وجعلت لذلك الصبي المذكور مقدار مالء السبع ،وقلت له :يا سيدي كل.
فكره ،فأقسمت عليه بمعبوده :مالك ال تأكل؟ فقال :أنا من أهل األربعين،
ال آكل إال يف األربعين يوم يو ًما .قال :فانكببت على قدميه باك ًيا ،وقلت له:
أحوال وكرامات ،ولكم الحظ الوافر ،مالكمً يا سيدي [قد]( )4أعطاكم اهلل
ال تدعون للمسلمين لعل اهلل يفرج عنهم ما هم فيه .وشكوت عليه حالي،
وقلت له[ :واهلل]( )5ما خرجت عن أطفال معي يف البيت إال وهم يعوون عوي
الذئاب [/74ب] يا سيدي من شدة الجوع ،ادع اهلل لهم ولي أن يفتح علي
وعلى عيالي .فقال :حاجتك مقضية ،انشر( )6بيت حسين حاجتك تقضى.
قال :فنشرت بيت حسين ،فدخلت مسجدً ا ،فدخل رجل فصلى صالة العصر
ومعه مفاتيح( ،)7فقال لي :أين بلدك .فقلت :سهام .فقال :ألك عيال؟ قلت:
نعم .قال :نزلهم ،فنزلتهم ،فوهب لي ثو ًبا ،وأعطاين مئة دينار ،ودخلت
مسجدً ا ثان ًيا ،فلقيني به رجل ،فسألني عن عيالي ،ووهب لكل واحد منهم
ثو ًبا ،والمرأة ثوبين ،وأعطاين مئة دينار .فرجعت إلى أوالدي بعد أن كان
((( يف (ب) فاقة الجوع.
((( يف (ب) الصالة.
((( يف (ب) فاقة الجوع.
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) فاقة الجوع.
((( انشر بالعامية معناها :اذهب أو نسري يف المساء.
((( يف (ب) مفتاح.
240
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
الرجل الصالح قد ذكر لي أنه من أهل زبيد ،وقال لي :إذا لك حاجة فالقني
علي دين ،فرجعت إلى أوالدي فقالوا :فالن وفالن على باب سهام .فكان َّ
علي ،ثم تقدمتلهما يرسالن لك يومين .فجئتهما فجعالين يف حل مما لهما َّ
إلى زبيد فلقيني على باب سهام ،ودخل بي بيتًا [فنظرته وإذا]( )1أمه تشتمه:
يا فاسق .وهو يبتسم يف وجهها ،فأخذ لي غداء ،وغداين وقال لي :إين ميت
الساعة .فخرجت ورجعت إليه ،فإذا هم يصرخون عليه ميتًا .قلت :مات
يوم ولد من أوالد السلطان الملك األشرف ،فدفن عند والدته جهة [/75أ]
معتب( ،)2بجوار سيدي الشيخ طلحة بن عيسى الهتار – نفع اهلل به ،-وقرأ عليه
جماعة من الدرسة ،وكنت من جملتهم ،وكانوا وجوه الدولة يطلعون عليه
بالصبح والعصر سبعة أيام ،فحضر ليلة الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجربيت
سري ،وقلت :اللهم إن – نفع اهلل به – مع الذين حضروا ،فأنكرت عليه يف ّ
كان له والية تامة فأرين منه كرامة ،وهو أن يسقط من ثوبه شيء .فجعل من
ذلك الوقت ينظر إلي وما مال طرفة عين عني ،ونظرته وهو ناظر إلي ال يغفل
عني ساعة ،فلما انقضى مجلس الناس ،ودعا من دعا ،قال بأعلى صوته :إليك
يا هذا .ونفض ثوبه فسقطت حبة ،فأخذهتا والناس ينظرون( )3متعجبون من
ذلك ،ورآها معي ناقوسي ،فقال :هذه سكر نبات .فجعلت يف اآلنية ،ولم
أحفل هبا وضاعت – نفع اهلل بأولياء اهلل الصالحين.-
((( النويدرة :قرية خارج مدينة زبيد من الشمال الغربي ،ال تزال آثارها العمرانية ظاهرة
على سطح األرض .المقحفي ،معجم البلدان.1779 /2 ،
((( يف (ب) فاقة الجوع.
((( يف (ب) فاقة الجوع.
((( الرتسيم :ويقصد به المصادرة لألموال ،وهو نوع العقاب الذي اتبعه سالطين بني
رسول يف ذلك الوقت ضد المخالفين لهم من رعيتهم .الجندي ،السلوك.441 /2 ،
((( العصار من يعمل يف عصر سليط أو زيت الجلجل.
((( أحد أبواب زبيد.
242
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
قال :فجئنا والناقوس يضرب ،فمر بنا حتى دخلنا باب الدار ،وطلع يف الدرجة
وأنا بعده ،وقلبي يخفق خو ًفا ،فجئنا ويف الدرجة أربعة مماليك سيوفهم على
أرجلهم وهم يتحدثون ،فمررنا هبم ،فما حدثونا بشيء ،وأتينا إلى مجلس
مجلسا وفيه شمعدان يوقد
ً ٍ
وجوار وبين أيديهم طبق ،وهم يأكلون منه ،ثم طلعنا
نائما ،ويف يده اليمنى خاتم فيه فص يلمع كأنه الكوكبوالسلطان على سرير ً
[الدري]( ،)1فأومأ الشيخ بيده إلى الفص ،وإذا صوت من جدار المجلس
مهل .فرد [/76أ] الشيخ يده ،ثم تناول شفرة من تحت رأس السلطان يقولً :
مزينة بالذهب والجوهر ال قيمة لها ،ثم نزلنا وقصدنا بيت أخيه ،فلما أصبح
الصباح كتب لي الشيخ ورقة إلى ابن سالم ،وحكى فيها له ،وحملني الشفرة
فرددهتا له إلى ابن سالم ،فكتب ابن سالم ورقة على الشفرة مراجعة ،وأرسل
هبا إلى السلطان [وهو مدفون بخارج مدينة زبيد المشرفة بالعلماء والحكماء]
( ،)2فطلبني السلطان وقال :هل لهذا العصار ملزم؟ قلت :نعم ،لهم رحامة
من الشيخ طلحة بن عيسى الهتار .فكتب السلطان إلى ابن سالم يفك له ،وال
يتعرض له أحد بشر .قلت :وقد سمعت عن بعض الثقات أن الهبة سجاف هذا
كان من أكابر العلماء ،إذا مر عليهم تواضعوا له غاية التواضع ،ويبجلوه غاية
التبجيل ،وقد سمعت بعض أمراء زبيد كان إذا نزلت به فاقة يطلبنا الدرهم
والدرهمين ،وقال لنا :نحن نطلبكم إذا حصلنا يف حاجة ضرورية .ثم قال
تلبيسا عليكم .ثم أومأ بكفه إلى الهوى ،فإذا فيه
ً لنا يوم :واهلل ما نطلبكم إال
درهما وردها ،وقال :هذه علي دين وهذا قضاؤه.ً دراهم ،فأخذ منها اثني عشر
((( يف (ب) فاقة الجوع.
((( الزيادة من (ب) .وهو مدفون يقصد هبا -على ما يبدو -محاط بالعلماء والحكماء،
وال تكاد تراه من كثرهتم ،أي مدفون بينهم.
243
تاريخ وطيوط
قلت ،وقد سمعت عن بعض الثقات :أن الشيخ علي بن عمر األهدل
-نفع اهلل به -رأى النبي ﷺ يف المنام يقول له :يا علي تقدم إلى جبل الدهنين(،)1
فثم به رجل اسمه باسمي ،واسم أبيه باسم أبي وانصبه .ففعل ما أمره به ،وكان
محمد بن عبد اهلل على الطريق الرضية والسير المرضية [/76ب] ،وكان له
بداية لم تكن يف غيره من الصالحين -نفع اهلل به وبالصالحين.-
ومما حكى سيدي الفقيه برهان الدين إبراهيم بن محمد الحكمي
-نفع اهلل به -قال :حججت سنة من السنين يف الدولة األشرفية ،فلقيني يف
الحرم بمكة( )2رجل عليه قميص من صوف ،جميل الوجه ،فقال لي :أنت
من عمال هذا الملك اليماين؟ قلت له :نعم .قال لي :أقطع الحج عن بيت اهلل
الحرام قطعه اهلل؟ .فقلت له :أهل اليمن يحجون .قال :أركبهم أهوال البحر.
ثم أخذ يسألني عن القحمة ،قلت له :القحمة؟ قال :نعم ،كم بينك وبينها.
قلت له :قليل ،ربع يوم أو أقل .ثم قلت له :أين بلدك؟ قال شرقي سمرقند.
قلت :فما سؤالك عن القحمة؟ وهي بعيدة عن بلدك ،ولم تذكر غيرها .قال:
يا فقيه معنا يف كتاب نجد فيه تسمية األماكن التي فيها المطالب السليمانية(،)3
من جملتها القحمة مسماة عندنا ،وهي قرية يف حصبا ،شرقيها جبل صغير
بالقرب ،وقبلي ذلك الجبل مما يأخذ على أسفله سدر ملتف ،وإن بالقرب من
الجبل مطلب سليماين ،لو اجتمع عليه األولون واآلخرون ما أخذوا نصفه.
((( ِد ْهن قبيلة من عك يف هتامة ،ويبدو أن الجبل ينسب إليهم .انظر :الملك األشرف،
طرفة األصحاب ،ص.63
((( بمكة ساقطة من (ب).
((( يبدو أهنا نسبة إلى النبي سليمان (عليه السالم) ،على اعتبار أهنا مواقع يوجد فيها
كنوز دفنت من قديم الزمان ،وما يورده المؤلف من قصص الجن وصراعها على
هذه الكنوز خير دليل على ذلك ،وهي من شطحات المؤلف.
244
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
ثم ذكر لي :هل يف القرية وحولها أهليلج()1؟ حتى ذكر لي أنه يف دوائرها .قلت
له :كذلك .قال :إنا نجد يف كتبنا أن اليوم ظ ّلها فيه نفاعة عظيمة [/77أ] .قلت:
وبالقرب من هذا الجبل كدحة( ،)2يسموهنا أهل القحمة كدحة العافية ،فيها
يقولون :كنز ،وهذا تأييد لهذا الكالم [واهلل أعلم]( ،)3وقد سمعت سيدي الشيخ
أحمد بن حسين الصويف -نفع اهلل به ،-يذكر أنه يف بدايته كان يتعبد بواقر ،وبه
مسجد مشهور الفضل ،وكانت القرية ال ساكن فيها ،قال فسمعت ليلة تحت
عظيما ،وكانت ليلة مقمرة ،فدخل الشخص، ً ً
وقتال المسجد أصوا ًتا عظا ًما،
وقال :السالم عليك .فقلت :وعليك السالم .وسألته عن األصوات ،فقال:
ياسيدي مسلمي الجن وكفارهم يقتتلون على كنز سليماين .فقلت له :ألهم
سالح؟ .قال :ال( )4يرمون إال بشرر النار من أدبارهم ،فمن أصيب يف عينه مات
عظيما يتوقد
ً كنزا
الساعة .ثم أزال صخرة عظيمة يف جنب المسجد ،فأبصرت ً
()5
رحى ذه ًبا ،فرددهتا عليه ،فأرجعها مكاهنا ،ورأيت جملون ذه ًبا ،ثم أعطاين منه َ
((( اإلهليلج أو الهلج :جنس أشجار تنبت يف الهند والصين وغيرهما ،وأنواعها كثيرة،
الصنوبر الكبار .أحمد مختار عبد الحميد ،معجم اللغة العربية
حب َّثمرها على هيئة ّ
المعاصرة.136 /1 ،
((( اختلفت التفاسير يف كتب ومعاجم اللغة حول المقصود بالكدح أو الكتح ،وعلى
ما يبدو أن المقصود هبا هو األرض التي أكل ما عليها .انظر :ابن سيده ،المحكم
والمحيط األعظم.37 /3 ،
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) (بل).
مستديرا فهو قبة ،وهو من اصطالحً ((( الجملون :سقف محدب مستطيل ،فإن كان
ِ
أيضاُ .دوزي ،رينهارت بيرت آن ،تكملة العامة ،ويطلقونه على بيت من الخشب ً
محمد َسليم الن َعيمي ،ط ،1وزارة َّ المعاجم العربية ،نقله إلى العربية وعلق عليه:
الثقافة واإلعالم ،بغداد ،من 2000 -1979م.290 /2 ،
245
تاريخ وطيوط
ذهب .ويقال إن بالهيطف( )1كنز ذهب ،رواية تروى عن الفقيه عمر بن عثمان
الحكمي -نفع اهلل به ،-وقد ذكرت ذلك يف كتابي هذا ،ومما يروى أن بالكدراء
بجانب المسجد الجامع منها مطلب سليماين.
ونعود إلى ذكر الصالحين؛ كان بالمهجم أمير أيام سيدي الفقيه الصالح
العالم المشهور أبي الذبيح إسماعيل بن محمد الحضرمي(- )2نفع اهلل
به وبالصالحين/77[ -ب] وحضر معه وليمة ،فطلب عليها الفقيه إسماعيل
ابن محمد الحضرمي -نفع اهلل به ،-والشيخ أبو الغيث بن جميل
-نفع اهلل به ،-فحضر الفقيه [إسماعيل]( )3بن محمد قبله فدخل السماط(،)4
فرآه د ًما غبي ًطا ،فقال ألصحابه :ال تقربوا حتى يأيت الشيخ أبو الغيث بن
جميل .فلما جاء الشيخ أبو الغيث [بن جميل]( )5أخذ سواكه وشجه على
السماط من أوله إلى آخره ،فزال ذلك الدم ،فأكل الجميع ،وكان بعض
ذرية الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي يدخل بيت عطا ،وال يزور الشيخ
أبو الغيث ،فرأى الشيخ أبو الغيث يقول له يف النوم :يافالن ،تدخل يف بيت
عطاء وال تزورين .فقال :لم أعلم قربك .فقال الشيخ :إين لم أرض بذلك مرتين
-نفع اهلل به وبالصالحين ،-وحكى الفقيه أحمد بن موسى عجبل -نفع اهلل به،-
((( ا ُلهيطف :حصن بجبل واقرة .الحموي ،معجم البلدان.408 /5 ،
((( هو اإلمام العالمة الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي الحميري اليزين ،من علماء
الشافعية يف اليمن ،عرف بعلمه وصالحه وسعيه يف مساعدة الناس وخدمتهم ،تويف
يف قرية الضحى سنة 676هـ1277 /م .انظر عنه :الخزرجي ،العقد الفاخر الحس،
.550 - 541 /1
((( الزيادة من (ب).
((( السماط :ما يمد ليوضع عليه الطعام يف المآدب ونحوها .الزبيدي ،تاج العروس،
.386 /19
((( الزيادة من (ب).
246
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
قال :بلغني أن الفقيه برهان الدين إبراهيم بن زكريا ،وكان من الصالحين الكبار
والعلماء المشهورين ،أنه رأى النبي ﷺ [يف المنام]( ،)1وقد سأل عن مسألة،
فاستدعى بالثاين من المهذب[ ،وفتحه ووضعه بين يديه ،فأخذ ورقة ووضعها
على ركبته ،وكان يستملي الجواب من المهذب]( )2وينقله يف الورقة ﷺ.
أيضا الفقيه األجل أحمد بن موسى عجيل :حكى لي الفقيه األجل وقال ً
عبد اهلل بن جعمان ،قال :كنت وأنا ووالدك الفقيه موسى[/ 78أ] وعلي
بن قاسم -رحمهم اهلل تعالى ،-فقرأ على الفقيه إبراهيم بن زكريا ،وكان كل
منا يأيت بنفقته ،ونفدت نفقة الفقيه علي بن قاسم ،فسأل مني أنا والفقيه موسى
أن نتقدم صحبته إلى الشيخ محمد بن عبد اهلل المنسكي( ،)3وكان من مشايخ
الصوفية( ،)4وكان مشهور بالصالح وبالبداية الجيدة لنزوره ونسأل منه أن
يتكلم لبعض التجار الذين هم بالخرقاء( )5يف نفقة الفقيه علي بن قاسم ،قال:
فوردنا عليه وسلمنا عليه ،وسألناه ذلك ،فقال :أخربكم أنه وقعت علينا أزمة
شديدة يف وقت ،إلى أن كادوا األوالد يهلكون من الجوع ،فذهبنا إلى تاجر
فسألناه شي ًئا ،وامتنع ،فسألنا منه قرضة دراهم؛ لنسد فاقة ذلك اليوم ،فامتنع،
فذكرت حدي ًثا عن رسول اهلل ﷺ أنه قال« :ما بين طلوع الفجر إلى طلوع
الشمس ساعة تشبه ساعات الجنة ،ال يرد فيها الدعاء» .ويف رواية« :الدعاء فيها
مسموع والعمل فيها مقبول والرزق فيها مبسوط»( .)1فقلت ألوالدي :أقبلوا
بنا على الدعاء يف هذه الساعة ،عسى أن يكشف اهلل عنا هذه الحالة .فدعونا
سبعة أيام ،ففي اليوم السابع [/78ب] ذهبت ألغتسل يف جنب حائط قد بنيناه
قري ًبا ،وإذا سقف الحائط( )2قد اهتدم عن مثاقيل كثيرة ،قال الشيخ فلففت
وجهي وقلت :يارب [ال أسالك]( ،)3ال أريد هذا ،أريد سد فاقة [الجوع](.)4
فكشفت وجهي وقد زالت المثاقيل ،ووصل إلينا التاجر يحمل ألف درهم(،)5
فقلنا له :باألمس طلبنا منك قرضة درهم واحد فامتنعت ،واليوم تحمل إلينا
ألف درهم ما السبب؟! قال :رأيت النبي ﷺ يف المنام ،يقول :أقرض الشيخ
محمد ألف درهم ،والضمين أنا يف تيسير قضائها ،وإال فأنتم الربيئون منها.
يسيرا ،ورددنا بقيتها ،وكنا إذا انقطعنا ،أخذنا منهاً قال :فأخذنا منها شي ًئا
قدر حاجتنا.
((( نص الحديث كما جاء عن السيدة فاطمة بنت الرسول ﷺ أهنا قالت« :مر بي
رسول اهلل ﷺ وأنا مضطجعة متصبحة ،فحركني برجله ،ثم قال« :يا بنية قومي
اشهدي رزق ربك ،وال تكوين من الغافلين ،فإن اهلل يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع
الفجر إلى طلوع الشمس» .ويقول البيهقي أن إسناده ضعيف .انظر :أبو بكر أحمد
الخ ْس َر ْو ِجردي الخراساين (ت458 :هـ1065 /م)،بن الحسين بن علي بن موسى ُ
شعب اإليمان ،حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه :الدكتور عبد العلي عبد
الحميد حامد ،أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه :مختار أحمد الندوي ،مكتبة
الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ،بومباي1423 ،هـ/
2003م.404/6 ،
((( الفقرة السابقة ساقطة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) كف دراهم.
248
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
قال الفقيه أحمد بن موسى :فكنت منذ سمعت هذه الحكاية أفتش لها
الحديث ،حتى وجدهتا يف الثمانين األخيرة ،كله لفظ الفقيه أحمد بن موسى عجيل
-نفع اهلل به -وصل اهلل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قلت ،وقول عبد اهلل بن جعمان يف الشيخ محمد بن عبد اهلل المنسكي
هو دهني من الدهنيين([ ،)1من]( )2أوالد دهنه [/79أ] بن غافق بن الشاهد
ابن عك بن عدنان ،وقد ذكرنا حكايته يف كتابنا هذا.
قيل إن مبتدأ الشيخ األجل الصالح سليمان بن أحمد بن يوسف الحفار
()3
جد بني الهجاري ،كان الشيخ أبو الغيث بن جميل -نفع اهلل به -يسمر هو
وفقراؤه ومريديه ،فينظر بنور قلبه نور العلم ،فقال لمريديه :ترون ما أرى.
فقالوا :ال .ثم رأوا بعد ذلك ما رأى ،فقال :من يروح يباشر هذا النور .فقال
الشيخ الذهيب :أنا .فركب على دابته وسرا ،فوصل إلى مسجد الجر ،فدخل
المسجد ،فإذا الشيخ سليمان نائم والنور يخرج من فمه ،فأنبهه ،وتسالما
جمي ًعا ،وقص عليه الخرب ،ثم تقدم الذهيب إلى الشيخ وصليا الفجر
()4
أبو الغيث بن جميل -نفع اهلل به ،-فقال له :ياسيدي هذا رجل من أصحابنا
حراث يفعل الخير ،واسمه سليمان بن أحمد بن يوسف الحفار .فقال الشيخ
شيخا على نيابتي ،فوصلأبو الغيث بن جميل -نفع اهلل به :)1(-تقدم .وأنصبه ً
الذهيب ونصبه ً
شيخا ،وأقبل عليهما أهل البلد تربكًا ،ثم قصد الشيخ منصور
بن حربة ،والشيخ إبراهيم األعمى فنصبهما الذهيب ،ثم تقدم الجميع لزيارة
الشيخ] /79ب [أبو الغيث بن جميل -نفع اهلل به ،-فقال الشيخ أبو الغيث:
جر الوعرة .فقال الشيخ :اسمها المناورة. ياسليمان ،ما اسم قريتك؟ قال َّ
فثبتت المناورة( ،)2فسألهم الشيخ عن حالهم واحدً ا بعد واحد ،فبدأ بالشيخ
إبراهيم األعمى سأله عن حاله ،فقال :جرابي مآلن ال يفرغ .وسأل الشيخ
منصور عن حاله ،فقال :ال يغرين من وهب الدنيا خطوة ،وال البحر جرعة ،بل
الشيخ الذهيب مطعمه من شقاء ثيرته وحرثه .ثم التفت إلى الشيخ سليمان،
فقال له :كيف حالك؟ وكيف المناورة؟ فإن المناورة اليوم طلعت أنوارها،
وعلت يف اآلفاق أطوارها ،وعزت بعز اهلل أوطاهنا ودارها ،وأمتع اهلل جارها،
ومن زارها أمن بإذن اهلل تعالى من لهيب جهنم ونارها.
وقلت :ومما سمعته من الفقيه الصالح أبي بكر بن محمد المحجوب
ابن أبي بكر ابن محمد بن أبي حربة -نفع اهلل هبم ،-قال :كان األمير ابن شكيل
()4
أميرا على المحالب ،فأضر بأهل واسط( ،)3وحرق البالد ،بعد ثم [جرى] ً
بينه وبين الصميين فتنة عظيمة ،وكانت الصميون أخوال أبي ،قال :فشهد علي
أناديهم وشكيتهم على والدي من ابن [/80أ ] شكيل ،فأخذت ورقة وكتبت
ً
منقول عن لسان السلطان الملك الناصر :الشاكر هلل [تعالى]( )5على نعمائه هبا
أحمده يا عبد الرحمن العلوي( ،)1حاسب ابن شكيل على أموالنا وخذها منه،
فإن أطاع وإال فأوجعه ضر ًبا .وكان عبد الرحمن العلوي إليه الشد الكبير(،)2
فنزل يف أثر ذلك قري ًبا ،فطلب ابن شكيل فلقيه بالكدراء ،فطلبه بالمال فتغلب،
فضربه حتى هلك ومات ،وكانت الورقة التي كتبتها يف وسادة سرير والدي،
فجاءت امرأة فطلبت من والدي شيء فأخذ الورقة من الوسادة؛ ليكتب لها
فيها ،فنظر يف الورقة فعرف كتابي وما قلت فيه ،فطلبني وهرج علي ،ثم قدم
علينا ابن العلوي ،فاجتمع هو ووالدي ،وسأله والدي عن ابن شكيل وضربه،
فأخرج كتا ًبا فيه ابتداء :من السلطان واهلل مثلما قلت ما زاد وال نقص -نفع اهلل
بالصالحين يف الدنيا واآلخرة ،-قيل :كان عند موت الفقيه الصالح محمد
تلميذا له يبكي ويقول :ياسيدي كيف يكونً ابن الحسين البجلي -نفع اهلل به-
شعرا:
حالنا بعدكم يف الدنيا ويوم القيامة .فتمثل الفقيه يقول ً
()4()3
()5
* ال ينظر اآلدب منا ينتقر ()4
نحن يف األزمة ندعو للعال
[/80ب]
((( هو الوجيه عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن علي العلوي ،تولى منصب مشد
المشدين يف دولة السلطان األشرف بن األفضل ،وتويف يف أول دولة السلطان الناصر
سنة 806هـ1403 /م .األهدل ،تحفة الزمن.412 /1 ،
((( كتبت يف (ب) السعيد الكثير .والشدود هي الدواوين ،والديوان الكبير هو ديوان
الخراج أو ديوان السعيد .انظرُ :هديل ،الحياة االجتماعية ،ص.125 - 124
((( يف (أ) الجعال ،والتصحيح من (ب).
اآلد َب فِينَا َينْت َِق ْر
َاة َندْ عو ا ْلج َف َلىَ ...ال تَرى ِ
َ َ ُ
((( أخذه من قول طرفة :نَحن فِي الم ْشت ِ
َ ْ ُ
ِ
بن ُق َت ْي َب َة الدِّ ْين ََور ُّي :أدب الكاتب ،تحقيق :محمد ينظرَ :أ ُبو ُم َح َّم ٍد َع ْبدُ اهللِ ب ُن ُم ْسل ِم ِ
ِ
محيى الدين عبدالحميد ،المكتبة التجارية ،مصر ،ط ،1963 ،4:ص.136
251
تاريخ وطيوط
ِ
اآلد ُب :صاحب المأدبة ،وهي المائدة ،واالنتقار دعاء الضيف إلى الضيافة
أناسا دون أناس ،وللعال جملة الناس ،ومما تمثل به ابن مهنا الشريف ً
-نفع اهلل به ،-وكان من الكرماء األماجد.
1
ُ
نـــازل ملم
ٌّ يف جنحه ضيـــفٌ ال مرح ًبا بالليل إن لــم يأتنا
ُ ()1
إن كان فيه الضيفُ عنا راحل والصبح ال أه ـ ًـا بــه مــن قــادم
ومما روى لي بعض الثقات أن الملك المظفر رحمه اهلل تعالى لقي يف ورقة
كتاب[« :ليت]( )2من كان هنا ،كان هنا» .فقال :ال يخلو هذا من أبيات قبله،
فجعل يسأل عن من له معرفة بأشعار العرب ،فقيل له :إن فالنًا أعرف أهل
العصر بأشعار العرب( .)3فطلبه ،فلما مثل بين يديه قال له :وجدت كذا وكذا.
[شعرا](:)5
ً قال له :نعم هذا لفالن [بن فالن]( )4من الجاهلية
وبــذي الشطين مــن وادي منا أنـــتـــم ج ــي ــران ــن ــا بــالــمــنــحــنــا
فبكم ن ُْحمى وت ُْحمـــون بنا مــطــر الــــــوادي فــقــدنــا جــيــرة
والملك المظفر بتعز ،فتقدمت رعية وادي زبيد ورعية وادي رماع إلى تعز،
وشكوا إلى قاضي القضاة بالملك المظفر ،فطلب القاضي الملك المظفر،
فلما جاء ،قال له القاضي :هؤالء الرعية جاؤوا مشتكين بك .ثم إن الرعية قاموا
وقالوا للقاضي :انصفنا من الملك [/81ب] .قال القاضي :ما تشتكون منه؟
قالوا :إنه جبانًا وما حمانا .فقال القاضي للملك :ما تقول فيما ذكره الرعية؟
شهرا .فأمهلوه ،وكانت له صنعاء وما قارهبا كنجران
()1
قال :أشتهي المهلة ً
وصعدة( ،)2فصاح :من أراد الجامكية فليتقدم إلى تعز ،فما كان عشرين يو ًما إال
وخيله أربع عشرة أل ًفا ،ورجله كذلك ،ثم إنه أعطاهم الجامكية واألنعام ،ونزل
هبم إلى حائط المنصورة ،وهو الحائط الذي قبلي القرتب( ،)3وأعطاهم أنعا ًما،
فاجتمع أكابر العسكر ،وقالوا :يا موالنا ما المراد؟ قال :المعازبة .فاقتسم
العسكر الخيل والرجل نصفين :نصف الخيل والرجل أغاروا للمدبي
()4
((( نجران :منطقة شمال بالد صعدة ،حتى إنه يقال للباب الشمالي لها باب نجران.
إسماعيل األكوع ،البلدان اليمانية ،ص .280وتدخل نجران اليوم يف حدود المملكة
العربية السعودية.
((( صعدة :مدينة مشهورة شمالي صنعاء .انظر :الحجري ،مجموع بلدان اليمن ،مج،2
ج ،3ص.480 - 467
((( ال ُقر ُتب :قرية يف الضاحية الجنوبية لمدينة زبيد ،وقد سمي أحد أبواب زبيد هبا.
المقحفي ،معجم البلدان.1261 /2 ،
((( المدبي :نخل قبائل المعازبة .الخزرجي ،العقود اللؤلؤية.69 /2 ،
((( الصفارية :قلعة على مقربة من ساحل مدينة (الجاح) الواقعة يف غربي الحسينية ،من
بلدان مديرية بيت الفقيه .المقحفي ،معجم البلدان.911 /1 ،
((( قامرة :لم نجد لها ترجمة ،ويبدو أهنا من قرى هتامة المحيطة بزبيد.
254
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
وقع يف يدي العسكر ،فوقع قتل عظيم يف المعازبة ،وتقدم السلطان إلى فشال
فجمعت الرؤوس ،فعدّ ت قري ًبا من ستمائة رأس ،وبعث الملك المظفر يف
الخيل متقد ًما يف الميدان ،وهذا ما رواه الثقات.
عظيما ،وطالبه
ً تاجرا أسلف بعض ملوك اليمن بناحية جبلة ً
مال وقيل :إن ً
التاجر بالمال فساخطه ،ثم تقدم [/82أ] التاجر إلى قاض كان بذي أشرق
()1
وشكى عليه من الملك ،فكتب القاضي [إلى الملك](( :)2بسم اهلل الرحمن
الرحيم :إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اهلل ورسوله ليحكم بينهم أن
يقولوا سمعنا وأطعنا ،فإن كان الملك ممن يسمع ويطيع فليتقدم إلى المحاكمة
للتاجر فالن بذي أشرق ،والسالم) فوصل الملك فأمره أن يتقدم مع خصمه
التاجر ،فادعى عليه المبلغ ،فقال القاضي للملك :ما تقول؟ قال :نعم .قال:
فاحمل إليه الساعة ماله .قال :يعذرين حتى أصل البيت .قال له القاضي:
[أرسل للمال وأنت قائم مكانك .فأرسل للمبلغ وأعطاه ماكان له ،فعند قبض
التاجر المال ،قال له القاضي )3(]:ألك على الملك غير هذا؟ قال :ال .فوثب
القاضي وعانق الملك وأجلسه معه بمجلسه.
ومما عنى به العبد الفقير إلى اهلل تعالى محمد بن [عمر]( )4النهاري ،لطف
اهلل به يف الدارين ،ما وجد بخط الفقيه العالمة محمد بن موسى بن أحمد
((( ذي أشرق :قرية كبيرة بوادي نخالن على نصف مرحلة من الجند ،و ُتعد من القرى
المباركة ،لكثرة ما خرج منها من العلماء .الجندي ،السلوك.242 /1 ،
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
255
تاريخ وطيوط
ابن موسى عجيل -نفع اهلل هبم -أن ذؤال بن شنوة أوالده أربعة :مالك
وصريف وكثير وزيد ،فمالك جد المالكيين ،وصريف جد الصريفيين،
فمنه عمر بن عدنان ،والفقهاء الجعامنة ،وبنو الذؤالي قضاة فشال ،واألحنف
وذريته ،والعجمي وذريته ،والمشايخ بنو الهتار ،وابن [/82ب] أبي الباطل
بعدن -نفع اهلل به ،-وبنو عطيف ،وبنو سهالة ،وكثير جد المجاملة،
والزقاربة( ،)1وبنو حميد ،وزيد ولده محمد الفارسي ،وعبد اهلل الطحان ،فعبد
اهلل جد المجاملة ،وبني عياش( ،)2ومحمد الفارسي أوالده كعب ،ومغيث،
وعبيد ،وعبادة .فكعب جد الكعبيين ما خال بني الغنمي فإهنم من أوالد سملقة
بن جد بن غنيم ،وخروج جدهم من األنفة والمكاينة ،تزعم أنه من أوالد
مكن ،ولم يكن صحيح ،ومغيث جد المفالحة ،والمخاشفة ،والجرادية ،وبني
الرايس ،وعبادة جد الكواكرة ،والمرامحة ،والخرارة ،والمعانسة ،وعبيد ولده
معزب ،فأوالد معزب أربعة :نبيت ،وعكير ،وحامد ،وحميد جد بني يعقوب،
وهم بني المشرق ،وبني دبيق ،وبنو الخارق ،وبنو الدشيش[ ،وبنو الحديد،
والمعاجلة من بني الحديد ،وبنو الدشيش]( )3هم بنو الشجيفي ،وبنو القعود،
وبنو محمد ،وبنو زهير ،والمزاهرة وهم أهل بيت شجاف ،والمداية من بيت
شجاف ،وحامد أوالد حيسي ،ومحمد أوالده الزرانيق ،فمنهم بنو غانم أهل
الزيدية ،وبنو عجيل ،وبنو األكسع ،وبنو جميل ،وبنو يحيى ،والمساحرة،
وبنو حرمي ،وبنو كوير( ،)1وعجيل ،وهو عمر بن محمد بن حامد [/83أ]
بن زرنوق بن وليد بن زكريا بن محمد بن حامد بن معزب بن عبيد بن محمد
الفارس بن زيد بن ذؤال بن شنوه .هذا وجد بخط الفقيه محمد بن موسى.
العقيل ّيون أهل جراجر أشراف ،وهم أموال عبيد السعادف ،عبيد اللوا ،وبنو
قاسم أهل المنصورية أشراف حسينين ،ومنهم أناس يف المغارب بصعفان(،)2
مشايخ أهل رياسة متأثلة ،ومكابرة تامة ،وذكر عريض ،وكرم مستفيض،
وأجدادهم كانوا فقهاء ،أهل علم وعمل.
قلت ،وأنا أعرف منهم الشيخ الفاضل الكامل الشاجع الكريم عفيف الدين
عبد اهلل بن راشد ،وولده الشيخ الفصيح ،ذو النسب الصريح أحمد بن عبد
اهلل ،له المعرفة التامة واإلقدام يف الحرب ،مثل إقدام والده ،ولهم الهيبة يف
صدور األعادي ،ولهم اإلكرام للوافدين الذي ما عليه مزيد ،وكان الشيخ
عيسى الهتار -نفع اهلل به -وقومه من سكنة سطيح.
ذكر الشيخ عيسى الهتار -نفع اهلل به -من ذؤال ،ثم انتقل منه إلى قرية
مهاجرا لقومه ،وقدم معه أماثل قومه [/83ب] من الصريفيين وغيرهم
ً الرتيبة
من أهل المصفا وزهد يف بلده ،وسكن الرتيبة وتديرها ،وابتنى فيها مسكنًا
له ولمن معه ورباط( ،)3وتأهل هبا ،وكان ذلك كله بعد قريته ،ولزم السياحة
المشهورة التي لم يعلم مثلها ،وإقامته ببيت المقدس -نفع اهلل به.-
وبنو الذؤالي من الجفالية ،قرية شامي( )1المدالهة ،وبنو العواجي الذين هم
بلحج من بني عمر أهل الحجبة( ،)2من ذرية مالك( )3بن ذؤال ،ويسموا بنو
العواجي؛ ألن جدهم تحكم على الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي -نفع اهلل
به وبالصالحين ،-كان مسكنه جبل ابن السميل بالالمية ،ونسبوا إلى موضع
غربي بيت الفقيه اسمه األكيد ،وبيت األكيد وبيت الحول إلى موضع يسمى
الحول غربي المدالهة ،وبيت سجاف إلى موضع غربي بيت الفقيه يسمى
سجاف ،ومجامشة إلى موضع يسمى مجيمش غربي المحفور ،والمجاملة
إلى موضع اسمه جميل ،غربي المحفور ،والمضاربة إلى رجل اسمه ضريبة.
أناسا من ذرية غافق بن الشاهد بن
ومما ذكره ابن حازم المغربي أن ً
()4
المسماة بالناشرية ،وأظن ذلك يف أول المائة الخامسة أو قبلها ،وجرى إليها
رجل من صلحاء زمانه يسمى الشيخ مسعود من قريه تسمى زرعة ،وكان
يغلب عليه النسك والعبادة ،وكان أسود اللون ،فمن قال إنه مولى ،ومن قال
إنه زيلعي( ،)1وله يف الناشرية ذرية يعرفون بالفقه ،وينسبون إلى غافق ،وال
يعرف ذلك من غيرهم ،ولم تزل الناشرية دار علم وديانة مذ يومه إلى أن خرج
عنها من خرج من الفقهاء الناشريين الذين يأيت ذكرهم ،إن شاء اهلل تعالى ،وقد
()2
كان لهذا الرجل أعني ناشر وذريته سؤدد وشرف وذكر معرفته [أهل زمانه]
وناحيته ،وكان غيرهم من أهل وقته وفضالء زمانه يعرفون ذلك له ويكرمون،
وله حكايات [/85أ] وأخبار يطول ذكرها.
فصل ،وقد شارك ناشر يف التسمية هبذا االسم ،جمع من أعيان الناس
هو أشهرهم به ،فكثير ما تلتبس أنساهبم ،منهم ناشر [بن عريد]( )3بن عمر
بن فهد ابن راشد بن جوالن ،ومنهم قوم يعرفون( )4ببني ناشر بالحرسة قري ًبا
من الشريج ،بناحية المهجم من السفل( ،)5وهم من ذرية الفقيه األجل الجليل
فاضل من الحربيين ،وحرب بن سعد ً فقيها ناس ًكا
الحيل .وكان الحيل ً
بن راشد بن بوالن ،وسنذكر له قضية مع اإلمام أبي حامد الغزالي -رضى
اهلل عنه -عند ذكرنا قومه حرب بن سعد ،ومنهم ناشر بن حامد بن معزب
((( زيلع :مدينة ساحلية جنوب حيبويت بنحو (40كم) تقري ًبا ،وكانت تعد من جزائر
اليمن .انظر :إسماعيل األكوع ،البلدان اليمانية ،ص.142 – 141
((( الزيادة من (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) يعودون.
((( يف (ب) بالحربية بناحية من الشرج ،قري ًبا من المهجم من السفلي.
260
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
ابن عبيد بن محمد الفارس بن زيد بن ذؤال ،ومن ذريته الفقهاء المكاسعة،
أهل بيت األكسع من ذؤال ،ولم يشتهروا هبذا االسم ،وسيأيت ذكرهم ،إن شاء
اهلل تعالى ،وكان بالقمحة رجل يسمى الفقيه أبوبكر بن ناشر ،نسبه يف األزد،
وقد انقطع عقبه.
فصل ،والذى اشتهر من أوالد ناشر( )1بن عامر بن ناشر بن تيم بن سملقة ابن
أيضا،
الحباب خمسة أفخاذ ،األول/85[ :ب] المثارمة ،ويعرفون بالعرابدة ً
ومنهم بنو عمر و َعربد -بالعين المهملة المفتوحة ،والراء والباء الموحدة،
والدال المهملة -بن عبد الرحمن بن عبد اهلل بن يعقوب بن جابر بن سعد بن
ُج َري -بضم الجيم وفتح الراء -بن ناشر ،وكان لعربد هذا سبعة من الولد،
أعقب منهم ثمانية ،ومن ذريته الفقهاء بنو الناشري بزبيد وغيرها.
وأخربين الفقيه الصالح محمد شبيل الذي من ريمة األشابط( ،)2قدم علينا
كبيرا ،قال لي :إن جدكم كان يصحبه تاجر من تجار بيت حسين، شيخا ًزبيد ً
كبيرا فخطبها إلى أبيها فأنكحه هبا،
فوصفت له ابنة للتاجر شابة ،وقد كان ً
()3
فرزق منها أوال ًدا منهم هؤالء الذين خرجوا يطلبون العلم باليمن ،وكان أصل
بلدهم من هتامة الناشرية [بمور]( ،)4وكان تاريخ خروجهم من خرج منهم يف
أواخر عشر واألربعين والستمائة( )5تقري ًبا ،وكان هبذا التاريخ عمر بن أبي بكر
ابن عمر عربد ،وتبعه لذلك أخوه عثمان بن أبي بكر ،وابن عمه أبو بكر
ابن عبد اهلل [/86أ] كثير بن عمر بن عربد ،فقدموا زبيد أيام هبجتها وزهرهتا
بما اشتملت عليه من سادات الفقهاء المربزين الصلحاء الورعين ،اآلمرين
بالمعروف والناهين عن المنكر ،منهم الفقيه [الصالح]( )1القاضي محمد بن
علي بن إسماعيل الحضرمي ،الملقب بالشافعي الصغير ،لغزارة علمه وجودة
فهمه ،وأخوه صالح بن علي ،وابن عمهما قطب الدين إسماعيل بن محمد
بن الحضرمي ،وكان من سكنة الضحى ،فإذا قدم زبيد طالت إقامته هبا لكثرة
انتفاع الطلبة به ،واألخذ عنه ،والفقيه [عمر]( )2بن عاصم الكناين ،والفقيه علي
بن قاسم الحكمي ،والفقيه أبو الخير بن منصور الشماخي ،ومحمد بن إبراهيم
الفشلي ،وولده النجيب إبراهيم ،وكانا محدثي زبيد ،وبنو ثمامة ،وراشد بن
حسين بن راشد السكوين الحضرمي ،والفقيه عمر بن راشد الكناين ،وأخوه
أبو بكر وغيرهم ممن يكثرن تعدادهم -رحمهم اهلل تعالى جمي ًعا ،-وكان
أسن الخارجين عمر بن أبي بكر ،فطلبوا [/86ب] واجتهدوا وانتشر لهم ذكر
جميل وصيت حسين ،وبرع عمر وبرز ،وتقدم على أقرانه يف أقرب( )3مدة،
()4
وزامل أبو الخير يف سماع الحديث ،وكان إذا تفرد يف سماع من الحديث
يكون هو القاري دون غيره من جملة الحاضرين ،وتزوج عند قدومه زبيد
آخرا ،إن شاء اهلل تعالى ،وزوج ابنته جميلة
امرأة تنسب إلى الناشري اآليت ذكره ً
بابن عمه أبي بكر ،فأولد منها أوالد ثالثة ،ويأيت ذكرهم إن شاء اهلل تعالى،
ثم إن أهل هذا البيت يعرفون بالديانة والصيانة واألمانة ،ولهم شمائل مشهورة،
وقديما.
ً ومحاسن مأثورة ،ولم يزالوا على ذلك حدي ًثا
وكان ّأول من ولي القضاء منهم ،وتحقق بجودة الفقه ،واستمر بالورع
المرضي مما تحققناه القاضي الصالح نجم الدين عمر بن أبي بكر بن عمر
عربد ،وذريتة بزبيد وغيرها يعرفون عند [أكثر]( )1أهل بني عمر ،وولي
القضاء القحمة من قبل الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمى [/87أ]
-رحمهما اهلل تعالى ،-ولما قدم الفقيه الصالح شمس الدين عبد السالم
بن عبد المحسن بن أبي الحسن الدمياطي( )2زبيد عقد سادات الفقهاء هبا،
فأغناهم( )3بسماع صحيح البخاري عليه الفقيه قطب الدين إسماعيل بن محمد
مجالسا ،وكان القاري هبا عمر ابن أبي بكر المذكور ،والفقيه أبي
ً الحضرمي
الخير منصور الشماخي( ،)4كانا يقرؤون تارة هذا وتارة هذا ،وكان قبل ذلك
قد قرأ على الفقيه القاضي فخر الدين إسحاق بن الشيخ صالح بن أبي بكر بن
أيضا كتاب:
محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الطربي المكي( )5بزبيد ً
((( وهو ثالثة أجزاء ،ألبي القاسم علي بن الحسن بن هبة اهلل بن عساكر الحافظ الدمشقي
(ت571 :ه1175 /م) .انظر عنه :الحموي ،معجم األدباء1699 -1697 /4 ،؛
ابن نقطة ،أبو بكر معين الدين محمد بن عبد الغني بن أبي بكر بن شجاع الحنبلي
البغدادي (ت629 :هـ1231 /م) ،التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد،
التحقيق :كمال يوسف الحوت ،ط ،1دار الكتب العلمية1408 ،هـ1988 /م،
ص.406 - 405
((( الزيادة من (ب).
((( كتب الناسخ يف (ب) السنة كتابة وزاد عليها باألرقام .شوال 654هـ1256 /م.
((( هو الفقيه القاضي أبو عبد اهلل هباء الدين محمد بن أسعد بن محمد بن الحسين
العمراين (ت695 :هـ1295 /م) ،وزير الدولة المظفرية ،وجمع بين الوزارة
وقضاء األقضية ،اشتهر بأنه كان خطي ًبا مصق ًعا ،لبي ًبا ذا دهاء وسياسة .انظر ترجمته:
الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن.1821 – 1820 /4 ،
264
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
علي بن إبراهيم ،ولكنه كان أسن منه ،فلما تويف الفقيه علي بن إبراهيم تفقه
فقيها مجو ًدا كثير النسك والعبادة ،وأخربين
بعلي بن محمد الحكمي ،وكان ً
ولده إسماعيل بن عبد اهلل ،قال :وكان إذا وجدين والدي أيام الطلب ،وقد فرتت
لح( )1علي ،وقال :يا ولدي ،وزع أوقاتك ،وفرق عليها أورادك ،فمن لم يكن
ّ
ورد فهو مرد .وقال :بركة األوقات بتوزيع األعمال عليها [/88ب] .وكان
كثيرا ما يرى النبي ﷺ يف منامه ،ويبشره عليه السالم ببشارات عظيمة َسن ِ ّية،
ً
وكان كثير المالزمة للمساجد المهجورة ،ال يثار الخلوة والفرار من الناس
لسالمة األوقات ،قال القاضي هباء الدين الجندي :وكان يتعانى المعاملة
حرصا منه وتعف ًفا .قلت وإنه ،امتحن يف آخر عمره بفقر الجاه إلى
ً والتجارة
قبول القضاء ،فولي القضاء ببيت حسين ،وبيت عطا( ،)2حيث كانا وكانتا
ٍ
بقاض( ،)3ثم ولي قضاء القحمة بعد القاضي علي بن محمد اآليت يفردان
ذكره ،وأقام على ذلك إلى أن تويف هبا قبيل الظهر التاسع من شهر ربيع اآلخر
سنة ثمان وثالثين وسبعمائة( ،)4وقد غلط عليها الجندي يف تاريخ وفاته
[وكان]( - )5رحمه اهلل -يف قرب أجله يقول :ما أظن األجل إال قد قرب.
فقيل له( :)6يف ذلك .فقال :أنا يف العشر الدّ قاقة التي هي ما بين الستين إلى
السبعين ،وإنما سميت بذلك ألنه أقل من يخرج منها من المسلمين ،ألنه ورد
[/89أ] يف الحديث عن النبي ﷺ« :أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين»(.)1
ثم تويف بعد ذلك ،ومن [هذا]( )2يؤخذ تاريخ مولده تقري ًبا ،ومن هذا يؤخذ
وفاة أبيه -رحمهما اهلل تعالى ،-بالتخمين فإن والده تويف وهو ابن شهر أو
قري ًبا منه ،وكان وفاة أبيه( )3قري ًبا من وفاة شيخه الفقيه قطب الدين إسماعيل
بن محمد الحضرمي ،فإنه تويف يوم التاسع من ذي الحجة سنه ست وسبعين
وستمائة( ،)4وكانت وفاته قريبة وزميلة يف قراءة الحديث عن الفقيه إسماعيل
وغيره [الفقيه]( )5نجم الدين أبو الخير بن منصور الشماحي -رحمه اهلل
تعالى -يف ليلة الثالثاء لسبع بقين من شهر جمادى اآلخر من سنة ثمانين
وستمائة( ،)6وله ولدان :محمد وإسماعيل وهو األكرب ،وتفقه إسماعيل بأبيه،
وكان إلسماعيل عبادة حسنة ،وسيرة مرضية ،وطريقه طريق السلف الصالح
يف إيثار الزهد والتبتل والتواضع ،ومجانبة أهل الدولة ،وترك الدخول ،ولم
ينفع منه مدة طويلة يف المهجم [/89ب] ونواحيها إال بإفتائه واألخذ عنه،
اختيارا وتعف ًفا ً
أيضا ،وكان ً وكان قد ولي القضاء بالمهجم مرتين ،ثم تركه
قد ولي قضاء القحمة والكدراء قبل ذلك ،ثم لزم طريق التواضع والخمول
((( جاء عن أبي هريرة أن رسول اهلل ﷺ قال« :أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين،
وأقلهم من يجوز ذلك» .أخرجه ابن ماجه ،وقال عنه األلباين« :حسن صحيح».
انظر :أبو عبد اهلل محمد بن يزيد بن ماجه القزويني (ت273 :هـ) ،سنن ابن ماجه،
تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار الفكر ،بيروت( ،د .ت).1415 /2 ،
((( الزيادة من (ب).
((( العبارة السابقة ساقطة من (ب).
((( يف (ب) إحدى وستمائة676 ،هـ1277 /م.
((( الزيادة من (ب).
((( 680هـ1281 /م.
267
تاريخ وطيوط
-كما ذكرنا -إلى أن تويف بالمهجم آخر يوم من شعبان سنة أربع وثمانين
محصل سليم القلب،ً فقيها
وسبعمائة( ،)1وله أربعة من الولد ،محمد وكان ً
مباركًا له يف معيشته ،وتويف -رحمه اهلل تعالى -عند عمه بالكدراء ضحوة هنار
الخميس الخامس أو السادس من شهر صفر سنة تسع وثمانمائة( ،)2وله ولدان
يعقوب ،وقد تويف بالمهجم وال عقب له ،وبرهان وعبد اهلل .وأما أخوه محمد
بن عبد اهلل فسيأيت ذكره ،وأما القاضي -رضى اهلل عنه ،-رضي الدين أبو بكر
بن عبد اهلل ك َُشره -بضم الكاف وفتح الشين المعجمة -ثم ولي قضاء القحمة
صالحا دينًا ،وكان تفقه بالفقيه علي بن محمد
ً بعد عمه القاضي عمر ،وكان
ابن الحاج المعروف بابن ثمامة( )3بزبيد ،بأخذه عن الفقيه [/90أ] إسماعيل
بن محمد الحضرمي.
وبنو ثمامة قوم من أهل الضحى لم نذكرهم ،يعرفون عند أهلهم( )4ببني
أبي بكر ،وكان ألبي بكر هذا أربعة من الولد ،كلهم سادة فضالء ،وهم
محمد ،وإبراهيم ،وإسماعيل ،وأحمد أصغرهم ،هذا أحمد وأمه من الفقهاء
الحكميين أهل زبيد ،لم يشتهر بفقه بل بعبادة ،وال عقب له ،وأما محمد
وإبراهيم وإسماعيل فأمهم جميلة بنت القاضي عمر بن أبي بكر المقدم ذكره،
وتفقه محمد بفقهاء زبيد ،منهم :ابن نجاح( )1الذي تفقه به ،وإليه مسند فيما
ذكره القاضي الجندي ،وأعاد بالمدرسة التاجية ،وكان إليه نيابة القضاء بزبيد
مرة ،وإلى أحمد إسماعيل نيابة الخطابة هبا ،وكان قضاء( )2القحمة يعانية
حصل إلى القاضي عيسى بن محمد ،وهو رجل من الناشريين ،قال القاضي
الجندي وهو الذي أدركته سنة تسعين وستمائة( )3تقري ًبا ،وتويف سنة خمس
وتسعين وستمائة( )4وال عقب له ،فحينئذ نقل القاضي المذكور إلى قضاء
صالحا ،وصالته وبره ومكارمه يف ً فقيها أدي ًبا مجو ًدا ور ًعا
القحمة ،وكان ً
()5
أهل بيته [/90ب] وعشيرته وغيرهم مشهورة مأثورة ،بلغني عن [بعض]
أهل بيته أنه قال يف سنة المجاعة الواقعة يف عقب السبعمائة( )6هو وأخت له
تسمى زينب ،وكانت زوجة القاضي عيسى ،وعمته أم عبد اهلل ،وولدها عبد
كثيرا من
غفيرا ،وجم ًعا ً
حامل جم ًعا ًً اهلل بن عمر بالقحمة ،وكان يومئذ شا ًبا
الناشرين أهل الناشرية قدموا عليه مع ما تعلق هبم من أتباعهم مدة طويلة إلى
أن أخصبت بلدهم ،وتويف بالقحمة سنة ثماين عشر وسبعمائة( ،)7وله ولد
اسمه علي ،ولد سنة ثماين وثمانين وستمائة( ،)8وأمه الحرة الصالحة فاطمة
بن ر َش ْيد -بضم الراء -الكناين ،من فقهاء زبيد المشهورين بنت الفقيه عمر ُ
بالصالح والكرامات -رحمهم اهلل تعالى ونفع هبم ،-تفقه بأبيه ،ورثى أباه
مرثيات طويلة ،ذكر فيها ما استطاع من محاسنه ،وهي أحق أن تسمى أم
123
المراثي ،وأولها:
حين واىف [خَ ْط ُب] الخطوب الجليل ()1
طــاشــت حــلــومــنــا والـــ ُعـــقـــول
مهيل مهول ()3
كـــادت [هـــائـــل] ()2
ودهــانــا مــن الــحــوادث خــطــب
ثم ولي قضاء القحمة بعد أبيه ،وكان حاف ًظا لعلم المذهب [/91أ] ،مشهور
بجودة الفقه ،وشرف النفس ،وهو أشهر أهل زمانه بالفقه ،وكان ً
نقال
مختصرات الفقه وغيره ،له تصنيفة يف الفقه فائقة سماهاُ « :غنية ذوي التمييز
فيما شذ عن الوسيط وعن الوجيز».
حاكما بالقحمة إلى أن نقل عنها إلى قضاء زبيد يف سنة ثالث
ً ولم يزل
وثالثين وسبعمائة( ،)4وشهر عنه من الذكر الجميل ما أغنت شهرته عن إيراده،
ومن جملة ذلك أنه جرت معه حكومة لملك زمانه المعروف بالملك المجاهد،
فبارزه فيها بالحق بعد أن أظهر فيها الحق عليه ،ولم يهابه وال خاف يف اهلل لومة
الئم ،ولما أحس بتوحش قلب الملك عليه؛ عزل نفسه من القضاء ،ثم لم يعد
إليه إلى أن مات -رحمه اهلل تعالى -مع شدة حرص السلطان على ارتجاعه
يف القضاء ،وقنع بتدريس العلم بسيفية زبيد( ،)1وكان السلطان المذكور ينقله
إلى تدريس تعز ،ومرة إلى المدرسة المجاهدية( )2ومرة إلى تدريس المدرسة
المويدية( ،)3وتويف بتعز سنة تسع وثالثين وسبعمائة( - )4رحمه اهلل تعالى،-
وله ثالثة من الولد :محمد [/91ب] وأبو بكر وعمر ،وكان محمد أصغرهم
قد رجح شبا ًبا قبل أن ينكح بعد تفقه وبصيرة حسنة يف الفقه وغيره ،وال عقب
أخيارا ،أهل ديانة وصيانة ،وأخالق مرضية، ً له ،وكانوا ثالثة صلحاء فضالء
اختيارا وتعف ًفا ،وأقام يف تدريس السيفية
ً وسيرة رضية ،ولي قضاء القحمة ،تركه
بزبيد إلى أن تويف هبا يف آخر أيام التشريق سنة إحدى وخمسين وسبعمائة(،)5
حاجا بمنى ،وقدم به مصر ،ورجع إلى
ويف هذا التاريخ قبض الملك المجاهد ً
اليمن يف ذي الحجة من السنة المقابلة(.)6
وأعقب القاضي المذكور ولدين ماتا طفلين ،وانقطع [منهما العقب ،وأما
أبو بكر فكان أكرب الثالثة تفقه]( )1بأبيه وغيره ،وبرز يف العلوم ،وكان صاحب
صيانة وقناعة [وديانه]( ،)2واجتهاد يف العبادة ،ومحاسبة األعمال حتى ال
ً
عامل ،ورزق شهرة يف التدريس والفتوى ،وكان حسن الرب يكاد يرى إال
واإلنصاف بكافة أهله وبمن يقصده يف القراءة ،وتخرج به وتفقه عليه خلق
كثير ،وكان [/92أ] حاف ًظا للوجيز عن ظهر غيب ،وولي قضاء حيس ثم تركه
اختيارا ،وكان درس بالسيفية بزبيد قبل أخيه ،ثم نقل عنهما إلى شمسية
()3
ً
تعز ،ثم انتقل إلى المدرسة الصالحية( )4بالسالمة لتدريس الفقه( )5والحديث
والخطابة ،واختيار تنف ًعا بما فيه على قلبه ،ولم يزل على ذلك إلى أن تويف هبا
يف آخر شهر ربيع سنة اثنين وتسعين وسبعمائة( - )6رحمه اهلل تعالى ،-وكان
قبل وفاته قد انتقل إلى تعز الختالل بسبب السالمة ،وأخذ عنه هبا جماعة
من أعيان الطلبة ،منهم :الفقيه أبو بكر بن محمد بن صالح الجبلي المعروف
بابن الخياط( ،)1ولما علم أعيان أهل تعز اختالل معيشته ،أكثروا بره وصلته،
ولما استكثر ما حصل له من ذلك تورع ،وكان يقول لمن يأتيه بشيء :إن
تعطيني من زكاة مالك ،فال يحل لي ،وال تربأ منه ،و[إن]( )2كان صدقة تطوع
قبله -فرحمه اهلل ورضي عنه ،-وأعاد قبل موته يف المدرسة األفضلية( )3بتعز،
وله خمسة من الولد :أحمد ومحمد وعمر وعلي وعثمان ،أما أحمد تفقه بأبيه
تفقها معج ًبا [/92ب] ،وبرع يف الحاوي( ،)4وسائر كتب [أهل]( )5المذهب،
ً
در َس بالمدرسة الصالحية بزبيد
ورزق شهرة حسنة يف التدريس واإلفتاءّ ،
آمرا بالمعروف
مرتين ،وحمل الناس على طريقة حسنة من الحق ُمثلى ،وكان ً
ناه ًيا عن المنكر ،ال يأخذه يف اهلل لومة الئم ،وكرهه كثير من الناس لما يغلب
((( هو الفقيه أبو بكر بن محمد بن صالح الجبلي المعروف بابن الخياط
(ت811 :هـ1408/م) ،وكان من كبار علماء عصره ،فقد ذاع صيته بعد تنقله بين
العديد من المناطق اليمنية للتدريس فيها ،وللقاء علمائها .ترجم له :األهدل ،تحفة
الزمن.401/2 ،
((( الزيادة من (ب).
((( وتنسب إلى السلطان األفضل العباس بن علي بن داود بن بوسف بن علي بن رسول،
وتقع يف َحبيل المجلية شرق مدينة تعز ،بجوار المدرسة المجاهدية ،وأنشأها يف سنة
765هـ1364 /م وكانت من أجمل المدارس .الملك األفضل ،العطايا السنية،
ص.79
((( ويقصد كتاب« :الحاوي» لمؤلفه أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري،
المعروف بالماوردي ،الفقيه الشافعي (ت450 :هـ1058 /م) .انظر :ابن خلكان،
وفيات األعيان282 /3 ،؛ الذهبي ،شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن
عثمان بن َقا ْيماز ،سير أعالم النبالء ،دار الحديث ،القاهرة1427 ،هـ2006 /م،
.311 /13
((( الزيادة من (ب).
273
تاريخ وطيوط
عليه من كراهية الحق ،فرتك القضاء وأقبل على التدريس والفتوى ،وانتهت
إليه رئاسة العلم بزبيد يف زمانه ،وتويف يوم الجمعة الرابع والعشرين من شهر
محرم سنة خمس عشرة وثمانمائة( - )1رحمة اهلل عليه ،-ويف الجمعة التي
قبلها كان ابتداء مرضه ،وحضر للصالة عليه ،وشيع جنازته بالجامع ما ال عهد
عليه من الناس كثرة ،وله ولدان ،أحدهما ولده الطيب محمد ،تفقه بأبيه وهو
موجود -بارك اهلل يف عمره ،-ومن كرمه قل ما رد طال ًبا مخي ًبا ،وله تواضع
حسن ،ونفس جيدة ،والثاين محمد الصامت.
أيضا ،وكان تال ًيا آليات اهلل تعالى
وأما محمد ابن أبي بكر فتفقه بأبيه ً
آمرا بالمعروف ،ناه ًيا عن المنكر ،ال تأخذه يف اهلل لومة الئم ،وكرهه
[/93أ]ً ،
من أصحاب أهل الدولة لذلك ،واستشهد لسبب ذلك بيد محمد بن طلحة
الدميلي( ،)2وقد انصف اهلل منه ببعض [من]( )3ظلمة ،استدعى به من منزلة
ليل وقتله ،وله ثالثة من الولد أبو بكر وعبد اهلل وسليمان .وأما بحيس(ً )4
صالحا ،كثير التالوة لكتاب اهلل تعالى ،تويف عن ثالثة
ً أخوهم عمر فكان عبدً ا
من الولد ،تويف أحدهم وال عقب له ،وأما علي فهو القاضي [األكرب]( )5الحاكم
بزبيد منذ زمان طويل ،وليها بعد أخيه ،وهو فقيه بارع صالح فاضل ،له يد
طويلة يف العلم ،ووجاهة ،ورئاسة ،وحسن سمة ،وصلة رحم ،وذكر جميل،
وهو الحاكم يف وقتنا بزبيد ،وله ثمانية من الولد أخيار ،برع منهم يف الفقه
المسمى أبو بكر ،وتو ّفي يف حياة أبيه ألول سنة إحدى وعشرين ّ أكربهم وهو
وثمانمائة( ،)1وأما عثمان فكان قد برع يف األدب والشعر الفائق ،ومات وهو
شاب وال عقب له ،وأما إبراهيم بن أبي بكر بن عبد اهلل كشر [/93ب] بن عمر
صالحا ناس ًكا [أدي ًبا]( )2د ِّينًا ،مات بالقحمة -رحمه اهلل تعالى،-
ً عربد فإنه كان
وله ولد اسمه عيسى ،سلك طريق أبيه يف جميع ما ذكرنا حتى شاخ ،وتويف
بزبيد سنة أربع وثمانين وسبعمائة( ،)3وكان له ولدان أكربهم إسماعيل(،)4
وتويف يف حياة أبيه ،وانقطع عقبه ،والثاين إبراهيم ،تويف اليوم الثالث من أيام
التشريق سنة سبع عشرة وثمانمائة( - )5رحمه اهلل تعالى ،-وكان على طريقة
أبيه يف التعفف والزهد ،ومحاسن األخالق ،ومشاركة يف العلوم ،وله خمسة
ً
فاضل دينًا من الولد .وأما إسماعيل بن أبى بكر بن عبد اهلل ك َُش ْر فكان ً
فقيها
قديما ،ثم فصل عنه إلى عادة ً مقد ًما ،وهو أصغر الثالثة ،ولي قضاء حيس
المدرسة التاجية بزبيد( )6بعد خاله وابن عمه أحمد بن عمر ،ومات وله ابن
اسمه محمد ،أمه جميلة بنت الخطيب الشامي من فقهاء حيس والخطباء هبا،
ً
عاقل لبي ًبا متأد ًبا ،له مشاركة يف العلم ،وأعقبه ولدً ا ً
فاضل ونشأ هبا ،وكان
اسمه علي ،تفقه بالقاضي أبى بكر بن علي بن محمد( ،)7وله مشاركة يف سائر
العلوم [/94أ] ،وفضل عزيز ،وغلب عليه الشعر الرائق ،واألدب الفائق حتى
((( 821هـ1418 /م.
((( الزيادة من (ب).
((( 784هـ1382 /م.
((( الفقرتين األخيرتين ساقطة من (ب).
((( يف (ب) سنة عشر وثمان مائة 810هـ1407 /م .ويف (ب) سنة 817هـ1414 /م.
((( يف (ب) ثم نقل إلى أعالة المدرسة التاجية.
((( العبارة السابقة ساقطة من (ب).
275
تاريخ وطيوط
شهر به ،ولزم باب السلطان ،وله سخا وكرم نفس وحسن خلق ،تويف ً
قافل من
الحج بمدينة حرض يف أوائل سنة اثني عشرة وثمانمائة( ،)1وله ولدان ،وكان
ألبي بكر بن عبد اهلل أربع أخوات ،إحداهن أم القاضي عيسى ،وكان عيسى
يألفه ويتبعه إلى زبيد ،وقرأ العلم.
وقد ذكروا الثانية أم المعاين ،واثنتان صغيرتان لحقتا بأختهما إلى زبيد،
إحداهما أم عبد اهلل ،نكحها القاضي عمر بن عثمان بن أبي بكر ،فرزق منها
ولده أبا بكر الذي ولي قضاء الجند ،فلحق به أبوه عبد اهلل كشر ،وأدركته
الوفاة عند دخوله زبيد ،وكان قد بلغ عمره مائة سنة ،وهو ممن دفن من
الناشرين بمقربة باب الشباريق( ،)2وأما عثمان بن أبي بكر بن عمر عربد
فكان صاحب فقه ،ومشاركة يف كثير من فنون العلم ،وشارك أخاه عمر يف
قديما بزبيد ،وله ولدان محمد وعمر،
ً كثير من سماعات الحديث ،وتويف
وسع اهلل عليهما يف الرزق ،ولم يشتهر بسعة الفقه ،وتويف عمر بالقحمة،
وأعقب ولدً ا [/94ب] اسمه أبو بكر ،شهر بالذكاء وجودة الفهم ،وتفقه
بعمه عبد اهلل بن عمر ،وكرر عليه قراءة الفرائض ،حتى كان من أشهر أهل
زمانه بالفرائض والحساب والدور والجرب والمقابلة[ ،وله يف هذا الفن
مصنفات حسنة منها« :شرح الكايف» ،و»مختصر الخوارزمي» يف الجرب
وكتب( )5بديعة،
ٌ والمقابلة](ٌ )3
وكل شرح منهما أربعة أجزاء ،أودعه غرائب(،)4
وله مختصر كتاب« :المعين»( )1وغير ذلك ،وله نظر يف علم الفلك ،وأراجيز
فيه ،ويف علم المنطق ،ويف الحساب والفرائض والجرب والمقابلة وأصول
اختيارا ورجع إلى زبيد،
ً الفقه .ولي القضاء بالجند والتدريس هبا ثم تركه
وكان مسكنه الممالح ،وكانت وفاته يف ذي القعدة سنة ستين وسبعمائة(،)2
وله عقب منهم البدر ،تويف بعد الخمس والثمانمائة( ،)3وله ولدان .وأما محمد
بن عثمان بن أبي بكر بن عمر عربد فأولد ولدً ا اسمه عثمان ،تويف بالمهجم،
وأولد عثمان محمد تويف بزبيد سنة ثالث وخمسين وسبعمائة( ،)4وله عقب يف
ولد عثمان.
فصل ،والذي خرج من الناشرية لطلب العلم بعد [/95أ] المائة السابعة
إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن عمر عربد ،فأولد ولدً ا اسمه عثمان تويف
بالمهجم ،وأولد عثمان محمد ،تويف بزبيد سنة ثالث وخمسين وسبعمائة(،)5
وف ّقه يف بعض أسفاره ،وانقطع منه العقب.
فصل ،وأما محمد بن عبد اهلل بن عمر بن أبى بكر فهو أفقه( )6أهله ،ومولده
يف آخر عمر أبيه يف االثني عشر األخيرة من شهر ذي الحجة الحرام سنة ثالث
((( يف (ب) كتاب« :المغني» .وكتاب« :المعين»الذي ورد يف (أ) هم للفقيه اليمني
أبو الحسن علي بن أحمد األصبحي (ت703 :هـ1303 /م) .انظر :السبكي،
طبقات الشافعية الكربى129 /10 ،؛ الجندي ،السلوك.72 /2 ،
((( 760هـ1358 /م.
((( يف (ب) الخمس والثمانين805 ،هـ1402 /م.
((( 753هـ1352 /م.
((( هناك تشابه وتكرار بين الفقرتين السابقتين فقد تكون مكررة على الرغم من تكرارها
على مستوى النسختين.
((( يف (أ) أقعد أهله ،والتصحيح من (ب).
277
تاريخ وطيوط
وثالثين وسبعمائة( ،)1ونشأ بالقحمة يف حجر أبيه إلى أن تويف بالتاريخ السابق،
ثم كفلته أمه عائشة بنت علي بن إسماعيل الذي ذكرنا أنه ُيعرف عند قومه
بالفقيه ،وكان ولدها وأبوه إسماعيل الفقيه صالحين -رحمهما اهلل تعالى ،-ثم
نقل سنة أحد وأربعين وسبعمائة( )2إلى زبيد ليتعلم باقي القرآن العزيز والعلم،
وأقام هبا يف كفالة أمه إلى سنة إحدى وخمسين( ،)3ثم انتقل إلى أخيه إسماعيل
بالكدراء ،فاستدعى منه وقدم عليه يف أول يوم من رمضان من السنة المذكورة،
وهبا توفيت [/ 95ب] والدته ليلة الفطر من رمضان بزبيد ،وأقام عنده إلى أن
قرأ عليه التنبيه ،والمهذب ،ووسيط التفسير للواحدي ،وربع وسيط الغزالي
وغير ذلك ،ثم انتقل إلى قومه قرية السالمة إلى القاضي أبي بكر ،فاستدعى
أيضا ،وأخذ عليه التنبيه والوجيز( ،)4ومعظم كتاب الصرديف( ،)5وأكمل منه ً
عليه وسيط( )6الغزالي ،ثم سمعه عليه مرة ثانية من أوله إلى كتاب الجراح،
ثم بعض كتاب المهذب ،والبيان ،واللمع ،وبعض البخاري ومسلم وغير
ذلك من الكتب الفقهية وغيرها ،وأعاد منها بالمدرسة الصالحية ،ثم نقل
إلى قضاء القحمة عند اختالل سبب معيشته بصالحية السالمة ،ثم ولي قضاء
الكدراء ،وله من الولد خمسة ،أكربهم عبد اهلل ،ثم أبو القاسم ،ثم عثمان،
ثم عبد الرحمن ،ثم علي ،وتويف عبد اهلل -رحمه اهلل تعالى -يف حياة أبيه يف
الثلث األخير من ليلة الجمعة لخمس بقين من شهر صفر من سنة أربع عشرة
وثمانمائة( ،)1وعمره يومئذ ثماين وخمسين [/96أ] ،وله من الولد أربعة:
أحمد ومحمد وعبد القادر وعبد اللطيف ،أنشأهم اهلل نش ًءا حسنًا [وأعاذهم
وذريتهم من الشيطان الرجيم]( )2آمين آمين.
وكان عبد اهلل هذا يكنى أبا الفتوح ،وكان قد برع يف العلم والدين واألمانة
والصيانة ،وكان ذا جاه عريض ،وكرم( )3مستفيض ،أتاه اهلل من محاسن
األخالق ،والشيم والرجاحة والسماحة ،وسعة الصدر ،وكثرة الكرم ،واتساع
الحكم ،مالم يشاهبه فيه أحد من أهل زمانه فيما علمناه ،وكان أخذه بالعلم عن
والده ،ثم استدعاه الفقيه جمال الدين محمد بن عبد اهلل الريمي( )4فأخذ عنه
درس بجامع السلطان الملك األشرف فوائد جمة ،وعلق كتبه على كتبه ،ثم ّ
المنشأ بالممالح ،وأضاف إليه قضاء شيء من وادي زبيد ،ثم نقله إلى قضاء
تعز ،وخطبة جامع عدينة( )5وتدريسه يف األتابكية( ،)6واستقام له هنالك
صيت عظيم ،وجاه متسع مستقيم عند الملك األشرف وغيره ،وكرم عزيز
ونصرة الشريعة المطهرة ،وأمضى حكمها على القوي والضعيف [/96ب]،
وبسط يده يف عقوبة من استحق العقوبة من أولي المراتب العليا ،وال يزيده
ذلك عند الملك إال رفعة ،ولما اشتدت هيبتهم له ،وحسدوه أبناء جنسه تمالوا
عليه عند الملك ،وعملوا عليه المكيدة عند الملك ،فحفظه اهلل تعالى وحماه
وكفاه ،فألقى يف قلب الملك الشفقة عليه والخوف من أن يصالوه ،فنقله إلى
قضاء المهجم ،ولم يزل ما يف قلبه له ،بل زاده رفعة وإكرا ًما ،وأجرى له من
الحظ والجاه وقبول الكلمة أضعاف ما فعله له بتعز ،شهر هنالك بشهرة تؤتى
على ما كان له من مكارم األخالق ،وحسن الشيم ،وبذل المعروف ،وإطعام
الطعام ،ولم يزل هبا إلى أن تويف بالتاريخ الذي ذكره مبطونًا شهيدً ا ،ودفن بتعز
بجنب عمه إسماعيل -رحمة اهلل عليهما ،-وما أحقه بقول األول:
لنا ســيــدٌ أرب ــى على كــل ٍ
سيد * جـــوا ٌد حثا يف وجــه كــل جــواد
ولقد واهلل أظلمت الدنيا بعده ،وتغير حال أهله وولده وعياله ،ومن كان قد
اعتاد بره ومعروفه [/97أ] ،حتى إهنم لينكرهم من كان يعرفهم يف حياته ،وما
لف:أحقه بقول من قال ،يف أبي د ٍ
ُ
ٍ
()1
()2
لــــــــف( * )1و َّلــــت الــدنــيــا عــلــى أثـــــرهفــــــإذا و َّلــــــى أبـــــو ُد
(.)2
وبقول األعرابي الوافد على الفضل بن يحيى( )1حين امتدحه ،فأجزل( )2له
الصلة ،فلما هم أن ينصرف بكى ،فقال له الفضل :لعلنا قصرنا يف حقك .فقال:
[شعرا](:)3
ً ال واهلل ،ولكني علمت بيتين .فقال له الفضل :ما هما؟ فأنشأ يقول
لــعــمــرك مــا ال ــرزي ــة هـــدم دار * وال فـــرس يــمــوت وال بعير
()5
* يــمــوت لــمــوتــه بــشــر كــثــيــر ()4
ولــكــن ال ــرزي ــة مـــوت حـــر
()5( )4
= دار الكتب العلمية ،بيروت1428 ،هـ2007 /م ،ص .193وأبو دلف العجلي هو
القائد القاسم بن عيسى بن إدريس بن معقل ،شاعر وأديب فاضل وشجاع ،قلده
الرشيد وهو حديث السن أعمال الجبل ،فلم يزل عليها إلى أن تويف سنة 225هـ/
839م .انظر :المرزباين ،أبي عبيد اهلل محمد بن عمران (ت384 :هـ) ،معجم
الشعراء ،تصحيح وتعليق :الدكتور ف .كرنكو ،ط ،2مكتبة القدسي ،دار الكتب
العلمية ،بيروت1402 ،هـ1982 /م ،ص.334
((( هو أبو العباس الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك ،اشتهر بالكرم والجود ،وقد
واله هارون الرشيد الوزارة ،وكانت أم الفضل قد أرضعت الرشيد ،واسمها زبيدة
من مولدات المدينة ،والخيزران أم الرشيد أرضعت الفضل ،فكانا أخوين من
الرضاع ،وقد تويف يف السجن سنة 192هـ807 /م .للمزيد عنه انظر :ابن خلكان،
وفيات األعيان.36 -27 /4 ،
((( يف (ب) فأجرى.
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) ولكن الذرية هدم دار ،ويبدو أنه سهو وتكرار من الناسخ.
((( ورد ذكر البيتين يف كتاب :اإلصابة يف تمييز الصحابة ،دون أن يحدد صاحبها ،وهما:
زي ــة هــدم دار * وال شــــاة تــمــوت وال بعيرلعمرك مــا ال ـ ّـر ّ
زيــة مــوت شخص * ي ــم ــوت بــمــوتــه عــلــم كبير ولكن الـ ّـر ّ
ّ
انظر :ابن حجر العسقالين ،أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد
(ت852 :هـ1448 /م) ،اإلصابة يف تمييز الصحابة ،تحقيق :عادل أحمد عبد الموجود
وعلي محمد معوض ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت1415 ،هـ.123/1 ،
281
تاريخ وطيوط
وأجرى هذا األعرابي هذا المعنى من قوله األول يف معنى ما عز فيه من قول
شعرا:
الربيع بن زياد ،وقيس بن زهير العبسي ً
()1
()1
وما كان قيس هلكه هلك واحد * ولــكــنــه ُب ـنْ ـ َيــان ق ــوم تــهــدمــا
واهلل المستعان وعليه التكالن.
ولما حجب بصر ولده يف سنة تسع وثمانمائة( )2نقل إلى قضاء الكدراء إلى
ولده أبي القاسم الطيب( ،)3والخطابة هبا إلى ولده عبد الرحمن [/97ب]،
ٍ
قاض بالمهجم بعد أخيه المذكور يف سنة وسطرت هذه األحرف وولده عثمان
خمس عشرة وثمانمائة( ،)4والحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات.
قديما وحدي ًثا،
ً فصل ،ويف هذا الفخذ؛ أعني بني عربد الشرف والسؤدد
والذي رأس العلم منهم يف برع ،وولي القضاء إلى وقتنا قريب من عشرين
رجل أو يزيدونً ،
فضل عن غيرهم ممن اشتهر بالتدريس والفتيا والخطابة، ً
وولوا قضاء عدة من مدائن اليمن ،منها :الجند وزبيد وتعز والمهجم
((( صاحب هذه المرثية هو عبده بن يزيد (الطبيب) بن عمرو بن علي بن التميمي (ت:
25هـ645 /م) ،وكان من أشهر شعراء الجاهلية واإلسالم ،وقالها يف أبي علي
قيس بن عاصم بن سنان المقريزي السعدي التميمي ،أحد أمراء العرب وعقالئهم
شاعرا اشتهر وساد يف الجاهلية ،وهو
ً الموصوفين بالحلم والشجاعة فيهم ،وكان
ممن حرم على نفسه الخمر فيها ،ووفد على النبي ﷺ يف وفد تميم سنة 9هـ/
630م فأسلم ،وقال النبي ﷺ لما رآه :هذا سيد أهل الوبر! واستعمله على صدقات
قومه ،ثم نزل البصرة يف أواخر أيامه ،وروى أحاديث ،وتويف هبا سنة 20هـ640 /م.
انظر :الزركلي ،األعالم.206 /5 ،172 /4 ،
((( 809هـ1406 /م .ويف (ب) سبع وثمان مائة 807هـ1404 /م.
((( يف (ب) خطيب.
((( 815هـ1412 /م.
282
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
هذا ممن أدرك الشيخ الصالح القطب [سيدي وشيخي]( )1محي الدين بن عبد
القادر الجيالين -رضي اهلل عنه ونفع به وانتفع به ورزق بربكته ،-ثم انتقل
[من بغداد إلى مكة المشرفة]( ،)2وولي إمامة المقام الشريف هبا ،ثم انتقل إلى
المهجم لنشر العلم الشريف وتويف هبا ،وقربه مزار معروف بقرب الشيخ برهان
الدين ،والذي أخذ عنه العلم محمد بن إسماعيل الحضرمي وغيره .وحكي
أن القاضي عمر بن أبي بكر تزوج أبنة لهذا المذكور ،وأتت بابن له -واهلل
أعلم ،-وتويف [يف]( )3موضع قبلي تعز ،بينهما نصف يوم بمعشار شيبة ،بعزلة
إذا مات قوم يعرفون باألشوار( ،)4أصلهم من عك بن عدنان ،ويذكرون أهنم
من ناشر بن عامر بن ناشر بن تيم( )5بن سملقه بن الحباب ،على ما أخرب به
رجل صالح متفقه ،طالب علم ،محصل ضابط حسن الشيمة ،عظيم الرغبة
)( )6حسن بن مسعود بن معوضة بن علي بن مسعود بن [/99أ] ،اسمه (
علي بن يحيى الناشري على اصطالحاهتم يف النسبة.
قال ،ومن المستفيض بينهم أهنم من الفقهاء الناشريين ،وأن سبب افرتاقهم
دعوة صالح عليهم ،ولعله من ذرية هذا المذكور ،وإال فإنه بلغني أنه لزم الجبال
يف آخر عمره واهلل أعلم ،ولما ولي القضاء رضي الدين أبو بكر بن عمر
()7
ابن عثمان بن أبي بكر بالجند دعا هبم األمير نائبه وتكثر هبم ،فأجابوه ولم
ينكروا عليه دعوته.
من قرى فصل ،ومنهم قوم يشهرون بالعرابدة ،يسكنون النعميسة
()1
العبيدية( )2بسر ُدد ،ومنهم الشيخ عثمان بن عمر بن علي بن عربد وأخوه علي،
ولهما هناك عقب ،وكان لعثمان شهرة بكرم النفس والسخاء ،وحسن الخلق،
ومن ذريته أحمد خزيمة بن أحمد بن عثمان بن يوسف بن عثمان .ولخزيمة
خمسة من الولد ،وابن أخٍ لخزيمة ّ
يسمى أحمد بن مالك بن أحمد ابن عثمان،
أيضا [/99ب] وغيرهم .ومن ولد أخيه ومنهم محمد بن يوسف بن عثمان ً
علي ،الفقيه الفاضل محمد بن علي بن عمر بن علي بن عمر عربد ،وكان
يسكن قرية( )3من حارة سر ُدد ،وقد انقطع منه العقب.
ومن العرابدة :أبو بكر بن عبدل من سكنة بيت المفحق بالعيدية من سر ُدد،
قديما إلى
ومنهم بنو الدشيش ،واسمه أبو بكر بن علي ،وكان [قد] انتقل ً
()5 ()4
المنيفة من أرض عبس وسكن هبا ،وله ذرية هبا ،وكان يشهر بالصالح والعبادة
والنسك ،وإطعام الطعام ،وذريته على ذلك ،حيث كانوا إلى اآلن ،وكان من
أرباب األحوال ،وبلغني أنه انقطع منه العقب.
مح ّرق -بفتح الحاء والراء المشددة -الذين منهم:
ومنهم بالناشرية بنو َ
أبو بكر سويد بن عمر بن أحمد محرز اللين -بالحاء المهملة والزاي-
وأ َّما القيانة :فهم نافر أبو المنافرة ،القبيلة المشهورة غربي سهام ،وأخوهم
مقصر أبو المقاصرة ،يسمى هبذا االسم ألنه ولد لستة أشهر ،وأمهم القيانة من
()1
سعد العشيرة المذحجية نسبوا إليها ،وقال شاعرهم:
ِ ()1
وأســلــم وأحــــدب الــخــيــار أنــا مــن ثــار حين يدعى ثــاري
والمقصريون :لهم شطاري ،ودار المقاصرة التي يسكنوها ،البلد التي
تنسب إليهم وتعرف هبم ،ويليها الدهنة ،بلد الدهنيين والرئاسة التي للمقاصرة
يف قبيلتين ،وهما :بنو عمير ،وبنو غربين .فمن بني عمير :بنو القرابلي لهم
رئاسة وشرف وشهرة ،ولم يكن أمراء يف عك إال سملقة ،وبعده شرحبيل.
ومن أوالد عبد اهلل ،وبنو المجعش من فخوذ المقاصرة :بنو أحدابة ،وبنو
غريب([ ،)2منهم :بنو الربنقش] ( )3وبنو عمران ،وبنو [/101أ] زقين .والقبيلة
األخرى الذين هم بنو غربي( ،)4منهم بنو الربنقش ،وهم أربعة فخوذ منهم:
الكرابقة ،والطماطقة .ومن بني غربي :المجامشة( ،)5والدهامش ،وبنو
راحل ،ومن أعيان المقاصرة المشهورون بالديانة( ،)6الفقهاء البطيحة ،وبنو َ
بني أبو الفوارس ،لهم قرية بالمقصرية ،تنسب إليهم ،وكان من المشهورين
بالصالح وبقريته جماعة يشهرون بالخير والصالح ،منهم :الفقيه علي
المعروف بالخطيب ،وكان كثير الحج على قدميه إلى بيت اهلل الحرام.
ومن المقاصرة المشايخ بني كيدح( ،)1ولهم قرية تعرف هبم ،وهم أهل
تصوف ،ومنهم :الشيخ أبو بكر بن كيدح ،تويف سنة أحد وثمانين وسبعمائة(،)2
وكان له ذكر وصيت بالسخاء وحسن الخلق -رحمه اهلل تعالى ،-ويقال إن
بني كيدح ،وبنو أبي الفوارس من أوالد خد بن غنم وآخرين من القيانة ،وذلك
أن القيانة خرجوا من قريتهم المعروفة هبذا االسم من قرى [/101ب] الحازة
بالمقصرية ،وسكنوا أسفل البلد ،فدخلوا يف المقاصرة ،فالتبسن هبم واهلل أعلم.
ومن المقاصرة فخذ يسكنون بين رماع وذؤال ،ولهم كثيب المقاصرة،
ومنهم الفقهاء المعروفون ببني زياد ،أهل حلة زياد ،وهم أهل فقه وصالح
وديانة وصيانة ظاهرة ،ولهم تصوف ينسبون فيه إلى الشيخ أبو الغيث بن جميل،
مشهورا بالعلم والورع -رحمه اهلل تعالى.-
ً منهم الفقيه زياد بن علي ،كان
ومن أهل رئاستهم بني القرابلي ،منهم أمراء مشاهير من قبل بني رسول،
وكان اآلخر منهم بالرئاسة عبد الباقي بن أحمد ،وله أخبار يطول ذكرها،
ووقائع وحكايات مشهورة ،منها :أنه كان أزعج بكثرة خروجه من سلطان
عصره ،فنزل لقتاله وحاصره يف حازة سر ُدد حتى تفرقت ،وأكل هو وأهل بيته
ما يأكله المضطر من العدم ،ولم يدخل يف طاعته [/102أ] ،ثم مل السلطان
من اإلقامة والمحاصرة ،وارتفع إلى المهجم من غير أن يظفر به بشيء،
فأخذ أعقاب العسكر ولم يحرم منهم سوى السلطان ومن كان بين يديه،
فزاد ذلك [يف]( )3غيظ الملك حتى مضت مدة؛ فرضي فيها عنه ،ثم جاء إلى
السلطان على أمان منه فقتله ،ويقال إن الملك هو الذي ن َّبه ولي المقتول على
كثيرا ما [كان]( )2يتمثل هبذا البيت بعد [أن]
()3
ذلك ،وقيل إن الملك كان ً
()1
شعرا:
قتله ،وهو من نظمه ً
ال ــغ ــدر يف الـــغـــدار عــيــن وفــا * مـــا خــــاب ذو غــــدر بــغــدار
وكان عبد الباقي ممن برع يف الجمال ،وضربت فيه األمثال .وأما لعسان بن
عامر بن غافق؛ فقبيلته مشهورة ،وهبا سميت البلد المعروفة شرقي القحرية،
أولد لعسان أوال ًدا ،منهم :سعد ،وتيم ،وحرب ،ووالب ،ولؤي ،وركب،
ووهب ،والربيل ،والرباب ،وعمر ،و ُفيِن ،وربيعة .ويقال إن :الرباب بن حرب
بن لعسان ،ويقال :إن ركيب أبو الركب ،ويف األشعريين قبيلة تعرف بالركب
[/102ب] ،منهم المشهورين هبذا االسم ،وقيل :هم من قضاعة ،ويف المثل:
«أجلب بالركب بيت شرف لعسان» ،وبني مجيد ،وتيم بن لعسان ،وسرددهم.
ذرحا -بالذال المعجمة ،والراء
فصل ،وأما كارع بن عامر بن غافق ،فأولد ً
يسمى حماطة ،وهم
والحاء المهملتين -قبيلة مسكنهم فوق لعسان ،حصن ّ
أوالد أذروح .فأولد األذروح :وحش ًيا ،وعبد اهلل ،فأولد وحشي :رضالة،
وغريب .فبنو غريب هم بيت األذروح .وأما أكروع بن عامر بن غافق فأولد:
جيعان ،والحارث ،وشاكر ،وعل ًيا ،وعو ًفا .فمن شاكر :بنو شاكر بالقطيع من
مساوى[ .ومن]( )4بني عوف بنو عدنان بن الشعرا ،والعدد من أكرع يف الجميع.
ً
عكاشا .فمن عكاش :بنو عب .ومن أبناء وأبنين أبو جميلة .وأولد الرامي:
الرماة :بنو السهيل وهو أكثرهم عد ًدا ،وبنو إبراهيم :وهم بيت سؤددهم
ورئاستهم ،وبنو الربزة( ،)1وبنو الحاج ،وبنو شكى(ِ ،)2
والحوارقة ،وبنو محمد،
والكعادل ،وبنو قتيبة ،وميسر ،وبنو ال َعمك.
وقد دخل يف الرماة قوم يعرفون بالمساودة ،أو المشابطة ،وأوالد الرماة:
البسيط غربي الالمية من ضاحي سهام ،وقد انتقلوا إلى غربي سهام ،ومنهم
قوم متفرقون يف البالد يف الرماة عدد وجلد ،وفيهم جفوة وصلب ،ومنهم من
شهر بالعلم واألدب ،كالشيخ األديب [/104أ] الفاضل يحيى بن إبراهيم
ومما حكاه فيه
العمك ،وله يف األدب علم القوايف ،أودعه محاسن هذا الفنّ ،
3
من محاسن الجناس قول ابن جياش الحبشي مالك زبيد:
تلك المعاهد مــن صبا وتصابي هلل أيـــــام الــحــصــيــب وال خلت
()3
الهويب وشاطئ األهواب
بعض َ ال عــيــش إال م ــا أحــــاط بسوحه
وللشيخ يحيى يصف فيه نفسه وفرسه ورمحه ،وكان أصم -رحمه اهلل
شعرا:
تعالى -وهو قوله ً
أصم بحملة أصم حافورا
وله ديوان مدائح يف أوائل بني رسول الملك ،واتصل إليه منهم بسبب ذلك
إكرام كثير ،وكان ذا أدب غزير ،وفضل كثير ،وقد ذكرنا قصته مع بني خطاب
وتزويجهم له بنتهم ،وكان ينسب الربعي ،ولم أتحقق هذه النسبة ،وبرع أدنى
الجبال إلى وادي سهام.
ومن الدهنيين الشيخ الصالح أبو عبد اهلل محمد بن عبد اهلل ،وله قرية تنسب
إليه ،وله هبا وبغيرها ذرية كثير يعرفون [/104ب] ببني عبد اهلل ،ولهم تصوف،
وكان للشيخ المذكور قدم راسخ يف المعاملة ،وله شهرة بالصالح والكرامات،
وله حكايات هو والفقيه موسى بن علي ،وعبد اهلل بن جعمان عجيبة ،وقد
ذكرناها يف كتابنا هذا يف موضعين -رضي اهلل عنه ونفع به [آمين](.-)1
فصل ،وأما وحشي بن غافق فأولد :شيام( ،)2قبيلة غير مشهورة ،منهم:
محمد ابن إبراهيم الشامي ،والشاعر نسب ساعدة بن نبت بن هنشل بن
الشاهد بن عك ابن عدنان ،وأولد ساعدة ثالثة من الولد :الحرب ،وبجيلة،
وجليلة .وهو خشم األكرب ،وكانت عند الحرب عند أخت غنم وتاج ،وكانت
وصخرا .أمهات بطون الحربً تسمى السيدة بنت عيد ،فأولد منها :ال ًما،
ّ
ِ
الم وصخر ،ودعج ،وتعج ،قد انقرضوا ودخلوا إلى إخواهنم ،وال ذكر
لهم .والم بن حارث بن ساعدة( )3قبيلة عظيمة ،ودارهم بتهامة عظيمة(،)4
وفيها يقول شاعرهم:
()2
يدعون نبت العشب[من رنطال] ريحا يف المصيف()1ويف الشتاء
يدعون ً
[/105أ]
()2()1
وهما موضعان يعرفان بكنيفان( )3بالدهم شر ًقا وغر ًبا ،وفيهم عدد ومدد،
ولهم رئاسة وذكر جميل ،وفيهم ديانة ظاهرة.
وأوالد الم بن الحارث بن ساعدة أوالدهم :مالك ،وجشم( ،)4ومقبل،
واألهل .وهم :األهالية بنو الم بن الحارث ،ومنهم :األهالية بنو سلم سكنة
الروحا من سردد ،وأخربين من له إطالع من العصرين أن الم بن الحارث
أولد ثمانية من الولد منهم من امرأته المذكورة أربعة ،فعدّ من ذكرنا إال مال ًكا،
ومنهم من أمه له أربعة :قهود ،وجرش ،ومجاعن ،واألعرج .قال :وأوالد
جشم هم المعروفون اآلن بنو عاقل ،وبنو محمد .وأوالد عافر -بعين مهملة
ثم ألف قبل الفاء -ثم دارهم أهل المجدي ،وأهل المنصورية.
قلت :وأهل المجد فخذان :المحارشة( ،)5وأهل المنصورية بنو قاسم بن
حسن ابن قاسم ،وهم أهل بيت رئاستهم وسؤددهم ،منهم :الشيخ [/105ب]
إبراهيم ابن محمد بن قاسم ،كان ذا حسب ومروءة ،وله خؤولة يف الفقهاء
الهرامل ،ومنهم :الفقيه علي بن قاسم أبي بكر بن قاسم من أهل المنصورية،
فخذ يعرفون ببني ريحان ،أهل المسجد الجامع ،لهم ديانة وأمانة ،منهم:
إسماعيل بن أحمد ريحان.
قال المخرب األول :وأوالد مهل المحاولة ،وهم أهل األنفة المعروفون
اآلن ببني وتيد ،وبني زكري [/106ب] ،وبنو السمين أهل الجبل،
والقواصرة ،ومن القواصرة جماعة يسكنون الخوهة( ،)1واالقافيس هم بنو
أدحم ،والمقابسة ،وأهل محل قيس ،وأهل الحديدة( ،)2والمكاورة ،ومن بني
زكري أدحم المشهور بالكرم الجم ،الذي امتدحه ابن حمير وغيره من شعراء
زمانه( ،)3ومن ذريته :قمهود ،كان ذا كرم وفضل وصيت حسن ،قال :وأوالد
)( ،)4وقد خربت قريتهم ،ودخلوا يف قمهود :القاهدة ،وسكنه محل (
أخوهتم .والجرابش يسكنون يف حد رماع .والمحاوسة بنواحي النوري(.)5
والمعاوجة بالتحتيا غربي مدينة زبيد(.)6
صخرا
ً أما صخر فأولد :بعج ،ومال ًكا تؤمين ،وصخر األصغر ،وقيل إن
مات وامرأته حامل ،فولدت ولدً ا فسمته باسم أبيه صخر ،فهو صخر األصغر
((( الخوهة أو الخوخة :من قرى هتامة على ساحل البحر األحمر ،شمالي المخا ،قريبة
من حيس .الربيهي ،طبقات صلحاء اليمن ،ص277؛ الحجري ،مجموع بلدان
اليمن ،مج ،1ج ،2ص.312
((( يف (ب) الجدرية .والحديدة :مدينة يف هتامة ،وساحل من سواحل الوادي سهام.
الخزرجي ،العقود اللؤلؤية.225 /2 ،
((( العبارة األخيرة ساقطة من (ب).
((( يف (أ) بياض يف وسطه عالمة ،Xويف (ب) كتبت الجملة :وأوالد قمهود :القاهرة
محل ،وقد خربت...
((( النوري :قرية جيدة بين حيس وزبيد ،كانت عبارة عن مفازة خطيرة يهلك فيها المارة
من الناس ،عمرها السلطان المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول مؤسس الدولة
الرسولية ،وبنى فيها مسجد ،وأمر بمسامحة من يسكنها ويزرع أرضها فصارت قرية
عامرة بالسكان .الخزرجي ،العقود اللؤلؤية.83 - 82 /1 ،
((( يبدو أنه يقصد هبا قرية التحيتا القريبة من زبيد ،وقد تم الرتجمة لها ساب ًقا.
295
تاريخ وطيوط
ابن صخر األكرب( ،)1وأولد بعج بن صخر األكرب عداوة بينهما كلية على
أترنجة( )2قسمتها بينهما أمهما [/107أ] بحديدة ،فيقال عداوهتم مشهورة
ألجل ذلك.
ومن ولد مالك بن صخر الهشايم والمواسمة( .)3ومن ولد جبل بن ساعدة:
زعل ،وهو بطن كبير ،ودارهم بين سردد ومور ،وفيما بين حيس وزبيد .وقد
نسب بني مقمة أهل بيت المدور( )4إلى الزعليين ،ولم يكن ذلك ،وسبب
ذلك أنه خرج بقتل وقع عليه ،فخرج الزعلية وأطال فيها اإلقامة ،وعمر هبا
اآلبار ،وهي إلى اآلن ،فرجع بعد فقده قومه بتوخذ( ،)5وسادوا سيادة عظيمة
البد من ذكرها.
وجبل بن ساعدة له أربعة من الولد :نضير ،والحرث ،ومالك ،وفقي.
أمهات بطون :زن ،وقحر ،والربصة ،والرقابة ،والحماديون .فزن ،هو زن
بن مالك ابن جبل بن يخلد بن ساعدة .وقحر ،قبيلة ُع ْظ َما فيها بطون كثيرة
وأفخاذ ،منهم :بنو إسماعيل سكنة لعسان ،ويقال إهنم من ولد راقب ،وبنو
جابر .فبنو إسماعيل وبنو جابر من بني خلف .والشعريون [/107ب]،
والربصة بنو الرابص بن عبادة بن صالح األكرب بن قحر ،ومن ذريته فقي
الحمادين[ ،وقد دخل يف الحمادين بنو]( )1المؤذن .وهم من أوالد سبأ الذي
هو منتسب إلى قحطان ،والشرف والسؤدد لهم يف عصرنا هذا.
أيضا من سبأ ،وقالأيضا يسمون بنو براق ،وهم ً ويف المنسكيين قبيلة ً
بعضهم :أولد جبل أوال ًدا هم :مالك ،ونصر ،والحارث ،وفقي ،والفاقي،
وعزا .والعز يف لغتهم الرئيس.
والناقص ،والقلقل .وأولد مالك :كع ًبا ،وزنًاً ،
وأوالد نصر بن جبل :جرب ،ومحارب .وخرج ممن خرج العرجيون ،ومن
محارب القالقلة ،وأظنهم أهل محل القلقل( ،)2هذا منسوب إليه هذه القرية
بالقرب من زبيد.
فقها ذكره الجندي يف تاريخه( :)3ولقحر( )4أربعة من الولد :صالح األكرب،
ً
وذي الرجلين ،وحمير .فصالح ولده عبد اهلل ،والشعرا أبو الشعريين أبناء
صالح [/108أ] األكرب .وأولد :الشعرا ،وهنا ،وعليا ،وأبا الوفا ،وأولد
عبد اهلل[ :عبد]( )5القاهر ،والمجدح .وأولد المجدح ثالثة من الولد :صالح
األصغر ،ويحيى .وإلى يحيى بنو يحيى المعروفون ،ومن صالح األصغر
بنو الهرمل الفقهاء سكنة الالمية ،ومن عبادة بن المجدح ثالثة هم :مهدي،
وكميل ،وأربظا أبو الربظة( .)6وأولد بني حماد أبو الحماديين ،والمصايدة من
أوالد حماد( ،)1ومن القحرا من سكن بزبيد ورماع ،وله هبما شهرة يف الحرف
نحرا ،وكع ًبا ،والجايف،
من رماع ،ومن أوالد الحارث :الرقابة .وأولد الراقبً :
والمعتب .وبيت سؤددهم يف بني نحر بن الراقب .وبنو الجايف بن الراقب
ويسمى الحارث بن أوس ،وهو أخو الراقب،
ّ يعرفون بالجفوة .وأما الغوث
فأولد له الشاهد األصغر ،وساعدً ا ،واسمه وداعة بن الحارث ،وهو الغوث
ابن األوس ،وهو [هومة بن]( )2الحارث بن يخلد ابن ساعدة ،ومن بني عبد اهلل
[/108ب] بن وداعة :بشر.
ومن مشاهير زعل :األديب الفاضل عبد اهلل بن جعفر( ،)3وكان عفي ًفا
كاسمه ،وله ديوان كبير فيه أبيات ومدائح ،وله قصيدة مشهورة سأل فيها شفاء
ولده أحمد من ع ّلة أعيت األطباء ،وهي نقطة تقرحت يف رجله ،فنظمها ً
ليل
وأصبح ولده معا ًفا ،وكان الملك المؤيد له عنده مكانة ،ويمدح وزيره علي بن
محمد بن عمر العتوي( ،)4وكان إذا قصدهما يمتحنانه بطول المكث عندهما
شعرا
بتعز ،وال يزال يتوصل إليهما يف الفسح ،وال يكاد أن يساعدانه ،ومما قاله ً
((( العبارة األخيرة ساقطة (ب).
((( الزيادة من (ب).
((( هو أبو محمد عبد اهلل بن علي بن جعفر (ت713 :هـ1313 /م) ،أديب اليمن،
ً
فاضل ذا دين رصين ،لم يحك شاعرا
ً وشاعر الدولتين المظفرية والمؤيدية ،كان
عنه ما يشين يف دينه ،كان كثير العبادة محاف ًظا على الصلوات المفروضة والمسنونة،
نظيف األدب ،صار يف الدولة المؤيدية كاتب إنشاء ،له العديد من المدائح للملوك
واألمراء يف عصره ،ومدائح يف النبي ﷺ ،وأشعار ربانية .انظر ترجمته :الجندي،
السلوك.352 /2 ،
((( هو الصاحب الوزير علي بن محمد بن عمر (ت713 :هـ1313 /م) ،احتل مكانة يف
عهد السلطان المؤيد ،وترك العديد من المآثر .انظر :األهدل ،تحفة الزمن.503/2 ،
298
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
()2
يف طلب الفسح( )1مخاط ًبا للملك المؤيد ومداع ًبا له:
()2
يـــا مــلــيــكًــا لـــو وزنـــــا نعله * بجميع الخلق َطر َّا [و َز َنـ ْ
ـت]
وكنت بعد طول المكث عنها وزنت
ولم يكتب قافية البيت الثاين ،فكتب الملك المؤيد :وزنت روح العمري،
لقد أبدع يف التجنيس ،وذل ذلك منهم ومن الملك [/109أ][ ،فكتب
الملك]( )3على جودة الفهم والفطنة( )4والتيقظ( ،)5والصحيح أنه من الزيديين
()6
أعربي بنيات الجديل وشدقم * دال اكاورا الزاجر [المترنم]
()7
وقال فيها:
()7
خليلي من عبس بن عك وإنما * خليليواالمضاءيفالبيدترتمي
ومن القحرى بن الهرملي ،وأشهرهم الفقيه الصالح محمد بن عبد اهلل،
كان ذا ذكر عريض ،وكرم مستفيض ،وهو من الفقهاء الصلحاء السمحاء،
299
تاريخ وطيوط
مسكنه العطفة( ،)1وقرب فيها مكان مدرسته ،وكان له نظر لطيف يف الورع،
وحكى أن الفقيه الصالح إسماعيل بن محمد الحضرمي نزل عنده يف بعض
()2
أسفاره ،وكان كثير االختالف إليه من الضحى إلى زبيد ،وكانت قد اتسخت
ثيابه ،فسأل من الفقيه شي ًئا من الصابون ليغسل [/109ب] به ثيابه ،فقال:
واهلل منذ بلغنا أن السالطين يطرحون السمسم على العصارة( ،)3ما استعملنا
الصابون .فاستعظم الفقيه إسماعيل ذلك منه ،وقال :هذا نظر ما اهتدينا إليه.
فقيها مجو ًدا ،وأهله المجادلة من
ومن الرقابة :يحيى [بن]( )4قبيع ،وكان ً
الرقابة ،كان مسكنه بالمرواعة ،فقيه فاضل قرأ على الفقيه أحمد بن موسى
عجيل -نفع اهلل به ،-ومن جليلة وهو جشم بن ساعدة بن نبت بن هنشل بن
الشاهد ،فمشاهير بطوهنا :قين ،وهامل ،وواليه أبناء جشم األصغر.
أما مالك فأولد توأمين هما :غفر ،ومعاوية .ومن ذريته القعاميس ،وبني ابن
عبد اهلل ،سكنة العلف من سهام ،وقاضية من أوالده ،وإليه تنسب قاضية تجارة
ذؤال مما يلي بلد الالميين ،ويقال قد انقرضت قاضية ،ولم يبق منهم إال رجل
أو رجالن ،وبنو البطيل ،وبنو يحيى ،ومن بني [زيد]( )5ابن خيثم [/110أ]:
بنو خلف بن قين .فأما هاملة بن خيثم بن قين فهم األهمول ،ودارهم بين
حيس والجدون ،ولهم ثم عدد وجلد ،وفيهم عدة أفخاذ ،منهم :الفقهاء أهل
الحمرانية ،لهم شهرة بعلم األدب ،وجودة الشعر ،كان منهم الفقيه سراج
الدين الهاملي ،وهو أبو بكر بن علي بن موسى الحمراين ،له فضل وهو دون
فضل أبيه ،مات أبوه يف سجن الملك المجاهد بتعز -رحمه اهلل تعالى ،-كان
له كلمة مسموعة عند قبيلته ،ولعله أخذ بذلك أنساب عبد اهلل بن عك [بن
عدنان]( ،)1وهم :عبس ،وبوالن أبناء سخارة( )2بن غالب بن عبد اهلل بن عك
بن عدنان ،أمهما ليلى بنت هنشل بن الشاهد ،أخت بنت بن هنشل ،عمة غافق
وساعدة[ .فعبس أولد بوالن ،ومال ًكا .وأمهما هند بنت سهل ،أخت غافق
أيضا ،فأولدوساعدة]( ،)3ثم ماتت عنده ،فخلف على أختها صفية بنت هنشل ً
وعسيرا .فهم أربعة ،فكان ثوبان أكرب أوالد عبس ،وكان شري ًفا يف
ً منها :ربيعة
والسودد والرئاسة يف ولده وفيه ،ويف ولده
قومه ،مطا ًعا يف عشيرته ،والشرف ّ
[شعرا](/110[ :)4ب]
567
ً يقول
وكأفلح المفضال( )5يف تفضيلها مــن ذا كثوبان الهمام وغنمه
وأبــو المشية فرعها وأصيلها وكنشوة( )6المفضال أوكروا له
()7
فتيان إلــى مالذها ووكيلها وأبي شرحبيل الذي افتخرت به
وأراد مالذ أبو التاجي وكيلة بن قين بن التاجي ،وهو جد أبي شرحبيل
ابن الفاتك التاجي ،وسيايت ذكره ،إن شاء اهلل تعالى.
نسب ثوبان بن عبس :فأولد ثوبان شبوة ،وعبيد .أ ّما شبوة فأولد :ذؤال.
وتسمى السيدة .وكانت عند الحارث
ّ غنما ،وناج ًيا ،وعبيدة،
وأولد عبيدً :
ابن ساعدة أبو الم .والغنميون أخوال الالميين ،فلهذا هم أنسب الناس
هبم ،فالم أخوه صخر .فمشاهير أوالد ذؤال :مالك ،وصريف[ ،وكبير](،)1
وزيد ،وزهير ،ومعزب( .)2أما مالك جد المالكيين ،وصريف ،وزيد ،وأخوه
بنو ذؤال بن ش ْبوة ،وزهير بن محمد بن ذؤال ،وهو الزهريين إليه يرجع كل
زهيري باليمن(.)3
ومعزب ،أبو المعازبة القبيلة المشهورة ،وهو معزب بن عبيد [/111أ]
وكبيرا،
ً بن محمد بن زيد بن ذؤال .قال الراوي :أولد ذؤال :مال ًكا ،وصري ًفا،
وأنه عاش حتى كرب وهرم وكفله ولده كبير ،وكان كثير الشفقة عليه ،قالوا:
كبيرا أن ينكحه ،وكان
وكان لولده صريف معرفة بعلم الحدثان .وكان ينهى ً
()4
يقول :البد لكل واحد من ولد ذؤال من رئاسة عامة يف ولده وعشيرته .ويقول:
سيولد له ولد يكون هالك ذريتنا على يديه .فيقال إنه نكح صبية من عند قومه،
فحملت منه بولد فسمي زيد ،كأهنم حاولوا استقامة من الزيادة ،وقد رأس
()5
أما كبير بن ذؤال ،فأولد :عل ًيا وأبا كدر ،وسكنه الدومة( ،)1ومن كبير الساحبة(،)2
وهم بنو المخارقة ،وهم الذين ينسب إليهم محل الخارق غربي القحمة.
ولمالك أربعة من الولد :محمد ،وعلي ويعرف بالعرب ،ولعله صاحب
والسؤدد ،فأولد :أبا مشبه
المنيفة ،ومري ،وسحام األكرب .كان يف ولده الشرف ّ
زهيرا .فيما [قالوا و]( )3قاله إسحاق الهمداين(.)4
[/111ب] .وأولد أبو مشبهً :
وكان ابن األشعري سهيل بن محمد بن ذؤال ،وأولد محمد :أبا السباع،
والباهل( .)5فمن أبي السباع :بنو عجيل ،وبنو األعلى ،ومنه بنو مطعم ،وبنو قريط.
ومن الباهل :درارة ،وبنو رباح ،وبنو الدليل ،وبنو جعين ،وبنو الخطاب ،وهم:
بنو الحنفي .وما علي العربي ،وقيل العرب من ولده :بنو المكرول ،وبنو حاحا،
وبنو ُجويب ،وبنو الكرش ،وبنو األسود ،وبنو األبرع ،وبنو الصربة ،وبنو العاين
سكنة التهامة ،ومنهم سكنة جبير( ،)6ومنهم بنو العامل سكنة الزهرية(.)7
((( الدومة أو دومة تسمية لعدد من القرى يف اليمن .انظر عنها :المقحفي ،معج البلدان،
.634/1
((( يف (ب) المساخنة.
((( الزيادة من (ب).
((( قد يكون يقصد به لسان اليمن أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداين،
صاحب كتاب« :صفة جزيرة العرب» ،وكتاب« :اإلكليل» ،لكتابته يف أنساب
القبائل اليمنية.
((( الباهل ساقطة من (ب).
الج َب ْي ِرية :من قرى الزعلية يف جنوب وادي مور بمسافة ( 12كم) ،هبا قبور أوالد
((( جبير أو ُ
الفقيه محمد ابن يعقوب بن الكميت المعروف بأبي حربة (ت724 :هـ1323/م)،
وهي اليوم تابعة لمحافظة الحديدة .المقحفي ،معجم البلدان.289 /1 ،
((( الزهرية أو الزهرة :بلدة بوادي مور من أعمال ال ُّلحية بتهامة .الحجري ،مجموع
بلدان اليمن ،مج ،1ج ،2ص.396
303
تاريخ وطيوط
وأما مري فلعله الذي ينسب إليه ش َعبة المري ،وهي الشعبة المعروفة
بالخزيمي .فأولد خمسة من الولد :عيسى األصم ،وبنو عمران .وهم :بنو
موسى ،وبنو محكين ،وبنو يوسف ،وبنو البادل .ومنه بنو األعرج ،وبنو
الحامية ،فعيسى [/112أ] النوق جد بني ماسن ،وجد الهجين ،وبنو األصم
من كان وهم :بنو عقيقر .ومنهم :بنو زيد ،وبنو األحجف أهل المحاجنة،
وإليهم تنسب اإلبل الحجن ،ومن الحرب معيط ،وبنو عبد اهلل .فبنو عبد اهلل
معروفين بغسيقنة ،وهم :بالع ،وبنو المعلم .ومنهم :حنيف ،والربر ،والضيف،
والربتات منسوبين إليهما ،وقعط بنو حمزة ،وبنو حاتم ،وبنو قعاس ،وموسى،
وعيسى .فموسى أهل الجهلية .وعيسى أهل كب والنادرة .ومن ولد سحام
األكرب سكنة المحراق والمحرتق واهلل أعلم ،أي بنين هذا قوم يعرفون
بالمفاخرة ،مسكنهم الرتبات ،وهم :بنو زياد.
وصريف له ثالثة أوالد :الذاكر ،وجرف( ،)1وعلي .فذاكر له تسعة من الولد
وهم :األبيض ،وناعم ،ومدب ويقال وهب ،والخروج ،ونجارة ويقال نحرة،
وعالمة ،ومكحول .وولد األبيض :عبد الحميد [/112ب] ،ورهط سكنة
جميل ،ومن عبد الحميد ورهط سكنة البطيحى( ،)2وهم من ولد الناعم بن
الذاكر بنو أدعم سكنة األبيات ،ومن ذريته :علي بن صريف العكابر هارة ،منه
بنو جريمش وسكنة الحديد بنو المسافرة ،وأبو الغارات ،والجارة ،والهدالة،
والشوش ،وبنو هجيم ،وبنو زكري.
ومن صريف اشتهر جمع كثير بالعلم والديانة والرئاسة ،فمن أرباب الديانة:
الفقيه األحنف صاحب الثمرة ،واسمه محمد بن إسماعيل بن عمر بن محمد
بن أحمد ابن علي [بن]( )1الشوش بن علي بن وهب بن علي بن صريف،
وله ذرية شهروا بالعلم والديانة ،منهم :الفقيه محمد العجمي ،وهو محمد بن
عمر بن إسماعيل بن محمد األحنف بن إسماعيل ،وكان أخذ األحنف العلم
عن الفقيه الصالح عبد اهلل بن أيمن الهرملي ،كان الفقيه عبد اهلل الهرملي أحد
الفقهاء ،هرب من ابن مهدي حتى [أتى]( )2إلى قبلي التي يف زماننا هذا ،ويقال
إنه أموي [/113أ] النسب ،فكان يصحب الفقيه أبا زكري يحيى العمراين
ً
طويل وور ًعا علما
طويل ،وسكن معه بالجبل ،وحمل عنه ً ً صاحب البيان زمنًا
تا ًما ،ثم رجع إلى بلده ،وقتله ابن مهدي ،جرد بعض أناس من جنده ،فلحقوه
بحد بلد القحري فقتلوه ،هناك يسكنها بنو األهدل ،وقربه قبلي الزاوية ،ويقال
إنه صاحب النور الذي يرى ً
ليل -واهلل أعلم رحمه اهلل تعالى.-
ومن صريف الفقهاء :بنو الذؤالي سكنة فشال ،والفقيه المشهور المعروف
بابن أبي الباطل( ،)3وكان ابن أبي الباطل قد حمله الملك المسعودي( )4إلى
عدن ،وسجنه هبا ،سببه أن الملك المسعودي كان ملك اليمن من بني أيوب
عزم على زيارة أبيه ،فأحدث نوابه الجور من بعده ،فظهر هو ورجل من الجبال
يسمى مرغم الصويف( )1له عسكر عظيم ،فقاتل نواب الملك المسعودي ،وقتل
كثيرا ،فأصبح وقد فقد مرغم ،وكان يجعل كفه يف القدر وهو
من عسكره جم ًعا ً
نارا ،ويقلب اللحم فيه وال تضره النار [/113ب] شي ًئا ،فرجع الملك يفور ً
المسعودي فتخوف من ابن الباطل ،فعجل مرغم الصويف فحبسه بعدن،
فمات هبا ،فرثاه الفقيه محمد بن الحسين البجلي يف ذلك بيتين:
2
((( وهو أبو غالب مرغم الصويف ،كان رجلً ناس ًكا ،صاحب كرامات كما يذكر الخزرجي،
خرج على بني أيوب يف هناية دولتهم يف اليمن بعدما اشتد الظلم والجور ،وكان قيامه
يف الحقل وبالد زبيد ،واستجاب له كثير من الناس ،وكانت ثورته يف سنة 622هـ/
1225م .انظر ترجمته :الخزرجي ،العقد الفاخر الحسن 2107 -2106/4 ،؛
الشعيبي ،عبد الفتاح قاسم ناصر ،الحياة االجتماعية واالقتصادية يف اليمن
يف عصر الدولة األيوبية (626 – 569هـ) ،ط ،1دار جامعة عدن ،عدن،
2013م ،ص.55
((( يف األصل يبدو أنه يقصد هبا ليت شعري.
((( الزيادة من (ب).
306
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
ومن صريف بنو عطيف سكنة بيت الكمل( )1من ضاحي سهام ،وممن
شهر بالديانة والعلم من [/114أ] المالكيين بني الصريدح[ ،منهم :الفقيه
الصالح علي بن محمد الصريدح]( ،)2ومن أحد تالمذة الفقيه الصالح أحمد
جما -رحمهما اهلل تعالى ،-وقوم
علما ً
ابن موسى عجيل ،وممن نشر عنه ً
يعرفون ببني العواجي .وأما زيد بن ذؤال فأولد :محمد الفارسي ،وعبد اهلل
()3
ابني زيد .فمحمد أولد أربعة من الولد هم :عبيد ،وعبادة ،وكعب ،ومغيث
بنو محمد الفارسي .وعبد اهلل [بن زيد]( )4أولد :الطاحن ،وماطر ،وصما ًما
بني عبد اهلل بن زيد ،ومن ولده عباس ،أبو بني عباس ،وجميل ،أبو المجاملة
ينسب محمد الفارس .أما محمد عبيد فأولد :معزب وحده .فأولد معزب
خمسة من الولد :حامد ،وحميد ،وعكير ،والبد ،وعباس .فمات عباس وال
عقب له ،وحامد بن معزب له أربعة من الولد وهم :محمد الكبير ،وناشر،
وعجمي ،وعمران .ومحمد ولده زكريا ،وحامد .وأولد زكريا :وليدً ا.
وأولد وليد :زرنق أبو الزرانيق ،ووقيان .وأولد زرنق :حامدً ا ،والزرنوق.
فالزرنوق [/114ب] أولد :علي بن إبراهيم بن الوليد بن خلف بن شجيب
ابن أحمد ابن الزرنوق .وحامد بن زرنوق أولد :محمد .ومحمد أولد :عمر،
وهو المسمى عجيل ،ومنه الفقهاء بنو عجيل .وأولد حامد( )5بن محمد
ابن حامد بن معزب :حسين وعمر .فعمر أولد :بني المقص( .)6ومن حسين:
كويز الذي ينسب إليه بيت كويز .واسمه محمد بن علي بن حسين بن حامد
ابن محمد بن حامد بن معزب ،وإليه تنسب المكارة(.)1
الخليف بن وقيان بن الوليد .ومن أوالده :محمد الكبير،
ُ وأما وقيان فأولد:
وبنو المسحر ،وبنو خوالن .ومن الزرانيق :بنو عيسى ،وقرابتهم صوفية
الزيدية بذؤال ،ووجد بخط الفقيه أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن موسى
عجيل -رحمهم اهلل تعالى ،-قال :سمعت والدي -رحمه اهلل -يتحدث مع
بعض الناس وقد ذكروا أهل الزيدية الصوفية ،فقال :هم أقرب بيت من بيوت
المعازبة إلينا ،وهم من الزرانيق.
وأما [/115أ] ناشر فمن أوالده :المكاسعة ومن تبعهم .ويقال إن النشرة
الذي بين األهواب والسحارى من أوالد ناشر ،وهو أخو بشير ،ومن الخليف
ابن وقيان بن الوليد بن يحيى بن محمد بن عمر بن الخليف ،وله ولدان:
محمد وعمران أبناء يحيى بن محمد بن عمر .فلمحمد ثالثة :عمر ،وعمران،
وعبد الرحمن .فمن عمر ابن محمد بن عمران وزكري وعلي ومسمرة،
ومن عمران :محمد بن يحيى األحمر ،وعلي ،وإبراهيم .ومن عبد الرحمن
ابن محمد :عمر ،وعبد اهلل ،وأبو القاسم .وأما عمر ابن يحيى بن محمد بن
عمر ابن خليف فأولد :الفقيه يحيى ،وعلي ،والمحبة( .)2وعلي ال عقب
له ،وأولد الفقيه يحيى :محمد األجرد ،وإليه ينسب محل جردي من ذؤال.
ومن عمران بن عمر بن محمد بن يحيى :أبو بكر حدر ،وعبد الرحمن،
ومحمد ،وعمر .ومن أبي القاسم بن عبد الرحمن :محمد ،وعبد الرحمن
عسعن( )1والجميل.
فصل ،بنو حامد [/115ب] بن معزب:
هؤالء يعرفون ببيت األكيد ،ومنهم الفقهاء بنو عجيل ،وعجيل هو :عمر
بن محمد بن حامد بن زرنوق( )2وليد بن زكريا بن حامد بن محمد الكبير بن
حامد بن معزب بن عبيد بن محمد الفارس بن زيد بن ذؤال .وعمر عجيل
علي أول من ذكرنا بالفقه من أهل هذا
ولده :محمد ،وعلي ،وعثمان .وكان ٌّ
البيت ،وله من الولد :إبراهيم ،وموسى ،ومحمد .فإبراهيم الذي شهر بالفقه،
وطلبه بالجبال ،ويقال أقام بجبال اليمن اثني عشر سنة طال ًبا للعلم الشريف،
ثم رجع إلى بلده فقرأ عليه ولده الذين سنذكرهم ،منهم من راق ذكره ،فأخذ
عنه ابن أخيه الفقيه الشهير بالصالح والعلم الكبير أحمد بن موسى بن علي
عجيل ،وكان يقول :أنا قرأت وحصلت يف اثني عشر سنة ،وما قد لقيتم الشيخ
والتعليق فأحرز ،وما [/116أ] قرأت ونسخت وقابلت وعلقت من المدة
المذكورة قرأت ال غير يف أربعة وعشرين سنة ،وكان -رحمه اهلل تعالى-
صاحب صالح وأحوال وكرامات ظاهرة ،وورع حاجز .أما موسى فله من
الولد :محمد ،وأحمد .وكان للفقيه أحمد من األحوال [الكبار]( )3والكرامات
ما يغني تعريفها عن اإلكثار بإيرادها ،وكان له من الولد سبعة ،مات محمد
يف حياة أبيه وله عقب غليظ ،وهم :المشارعة ،وإبراهيم ،وموسى ،وعيسى،
وإسماعيل ،ويحيى ،وأبو بكر .وال عقب له إلسماعيل وعيسى ويحيى .وأولد
إبراهيم بن محمد خمسة :محمد ،وعبد اهلل ،وموسى ،وعيسى ،ويوسف وهو
أصغرهم سنًا ،وساد يف أيامه سيادة عظيمة ،وقد أعقبوا كلهم ،وليوسف من
الولد :محمد ،وأبو بكر ،وإبراهيم .وأما محمد بن موسى( )1أولد أوالد العقب
منهم يف محمد وإبراهيم وعيسى [/116ب] ويحيى ،فمن محمد بن أحمد
ولدان :موسى وهو األكرب ،وال عقب له ،وإبراهيم ومنه العقب ،شهر بالرئاسة
والسيادة[ ،وأبو بكر]( )2وله شهرة بالعلم ،وإسماعيل ،وله جاه عريض ،وذكر
ودنيا واسعة يعمل فيها من اإلحسان والخير ما يليق به ،حفظ اهلل له وعليه ،وله
أبو بكر [بن محمد]( )3بن أحمد بن موسى ،وهو أصغرهم ثالثة ،هم :محمد،
وأحمد ،ويحيى .فمن أبي بكر وأحمد ،ومن أحمد بن أبي بكر :أبو بكر،
ومحمد .ومن يحيى أبي بكر :أبو بكر ابن يحيى ولي القضاء األكرب باليمن.
فصل ،فأما حميد بن معزب فأولد :يعقوب ،وشنجاف( ،)4وجهين(.)5
فمن وجهين :بنو موسى ،والصحابة ،ويعقوب األكرب ،وأولد أحمد ،وزنباع.
وأولد محمد بن يعقوب األصغر ،والحديد .ومحمد بن يعقوب األصغر
ابن محمد بن يعقوب األكرب ،فأولد :الشرف ،ودبيق ،والدنشيش( ،)6والمشبه.
فمن الدنشيش :حسن ابن محمد بن حسن [/117أ] بن الدنشيش بن معزب
األصغر .ومن المشب :فخذ بني الجالل ،وبني زنيقط(.)7
ومن َّقر :بنو حسين .ومن سجام :القرامط ،وهم بنو الحشف المعروفون
باإلسماعلية ،وليسو بالفرقة المذمومة اإلسماعلية( )1الذين منهم علي بن
الفضل الجدلي( ،)2أوالده :سليمان األكدل ،ومنه الهجيش .وأولد الهجيش:
البطيح([ .)3وأولد]( )4األكدل :أفلح ،ويقال ابن الفالح ،وهو أبو المفالحة،
وموهب [/118أ] ،وعسيب ،بنو األكدل .ومن عسيب :سليمان ،والماكر،
والخطاب .فمن الماكر :المعيبد .ومن الخطاب :الحكيم ،وبنو حروب،
وبنو بكير ،وبنو الرايش.
((( ويقول الجرجاين عن هذه الفرقة أهنم من ينسبون إلى اإلمامة إسماعيل بن جعفر
الصادق ،ومن مذهبهم أن اهلل تعالى ال موجود وال معدوم ،وال عالم وال جاهل،
وال قادر وال عاجز ،وكذلك يف جميع الصفات ،وذلك ألن اإلثبات الحقيقي
يقتضي المشاركة بينه وبين الموجودات وهو تشبيه ،والنفي المطلق يقتضي
مشاركته للمعدومات وهو تعطيل ،بل هو واهب هذه الصفات ورب المتضادات.
انظر :التعريفات.42/1 ،
((( هو علي بن الفضل بن أحمد الحميري القرمطي (ت 303 :هـ 915/م) ،من قرية يف
سواحل زبيد تعرف بالعنربة ،كان أول ظهوره يف منطقة مسور (يف كوكبان) ،وأظهر
الدعوة للمهدي المنتظر سنة 290هـ902 /م ،فتبعته كثير من القبائل ،وملك مل ًكا
ضخما ،وقتل خل ًقا ً
كثيرا ،واستولى على الجبال والتهائم ،ثم دخل زبيدً ا وصنعاء، ً
وادعى النبوة وأباح المحرمات ،وكان المؤذن يؤذن يف مجلسه فيقول« :وأشهد أن
علي بن الفضل رسول اهلل» ،ثم امتد به عتوه ،فجعل يكتب إلى عماله« :من باسط
األرض وداحيها ،ومزلزل الجبال ومرسيها علي بن الفضل ،إلى عبده فالن» ،واتخذ
دارا لملكه .ومات مسمو ًما ،قيل :سمه طبيب من «المذيخرة» من أعمال صنعاء ً
أهل بغداد ،اسمه شريف ،وكانت مدة حكمه نحو 13سنة .عمارة ،تاريخ اليمن،
ص157 - 148؛ الزركلي ،األعالم.319/4 ،
((( يف (ب) اللطيح.
((( يف (أ) بياض عليه عالمة ،xوالزيادة من (ب).
312
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
وأما كعب بن [محمد]( )1الفارس أبو الكعبين ولهم ذكر ،وقيل بحيث
يكتفي باألنساب إليهم ،وال من المعازبة ،فمن ولده :برهام ،والمشقر،
وهو أبو بني مسعود ،ومن كعب :المجامشة ،والمصاربة( ،)2وبنو برهان
وهم بيت رئاستهم ،وبنو دجانة ،وبنو جنة ،وبنو أحمد ،وبنو حفيص منهم:
المدكين وغيرهم ،وقد دخل فيهم من ليس منهم ،وهم :بنو الغنمي ،وهم من
أهل األنفة ،من ذرية :سلمقة بن غنم.
سمعت سيدي الفقيه محمد بن إسماعيل المكدش -نفع اهلل به -قال
هكذا ،وأهل المجراعة ،وهم من [/118ب] ربيعة [بن]( )3نزار ،والصعيد
()4
من حازة المعازبة ،يكون هبا زرع الصيف أيام الصيف يأتيها الناس .وقد قيل
بئرا واحدة.
إن ليس هبا إال ً
وقد روى الفقيه عبد اهلل المشهور بالقحري ،قال :أخربين جدي ألمي
الفقيه محمد بن عيسى بن األحنف ،أحد تالمذة الفقيه أحمد بن موسى
مر جنديعجيل ،وكان لهذا الفقيه معرفة تامة بكايف الفرائض للصرديف ،قالَّ :
من أجناد القحمة يسير الصعيد ذات يوم عيد الفطر ،فمر على بئر عليها
جمع عظيم من الناس ،فنزل واحد وأخذ الدلو وقرهبا لفرسه ،فصاحت به
امرأة فقالت :يا هذا أتق اهلل ،واهلل إين هنا من السحر ،ولم يحصل لي غير هذا
السجل وحده ،وخلفي عيال وضيعة [/119أ] ،فاتركني .فلم يلتفت إليها،
والفرقة الثانية من الوعارية :بنو جمع من الجرابح ،وهم الذين منهم :بنو
سلمان( ،)1ومن بني سلمان :بنو عبد الرحيم ،بيت ديانة وأمانة .والضاجع بن
الحارث األكرب فمن ولده :عمر ،وعبد اهلل أبناء وهب [/120أ] بن خلف،
ومنه ابن مساك .ومنه أبو شوكة وبطون كثيرة مجهولة ،ومنهم :فطنة الشاعر،
وكعب ابن الحارث األصغر .فمنه :بنو مسروق بن جبلة ،بيت سؤدد يف صدر
اإلسالم وفتوح الشام ،ومهاجرة أهل اليمن إلى األردن ،وأبنه عبد الرحمن بن
مسروق بن جبلة( )2رئيس عك بصفين( ،)3وهو صاحب ليلة الهدير(.)4
تسمى
غنما ،وناج ًيا ،وعبده ،وكانت ّ
فصل ،وأما عبيد بن ثوبان فأولدً :
سيدة ،وقد ُذكرت .وأما غنم فأولدً :
عامرا .وأولد عامر :كثير ثم مات وزوجته
حامل ،فحملت بولد سمته :عامر بأبيه .فهو :عامر األصغر بن عامر األكرب(،)5
وكان كثير بن عامر بن غنم بن عبيد بن ثوبان الرئيس يف زمانه ،فتزوج امرأة
((( يف (ب) سليمان.
((( ويقصد المؤلف وطيوط -على ما يبدو :-مسروق بن األجدع بن مالك الهمداين
الوادعي (ت63 :هـ683/م) ،الشهير بـ( :أبو عائشة) ،وهو تابعي ثقة ،من أهل
اليمن ،قدم المدينة يف أيام أبى بكر ،وسكن الكوفة ،وشهد حرو ًبا عدة ،منها معركة
صفين ،الذي كان أحد المصلحين فيها والواعظين للقوى المتقاتلة المؤيدة للخليفة
علي بن أبي طالب (رضي اهلل عنه) ،ووالي الشام معاوية بن أبي سفيان ،وكان أعلم
بالفتيا .الزركلي ،األعالم.215/7 ،
((( يف (ب) كتبت نصفين.
((( يبدو أنه يقصد ليلة القدير.
((( يف (ب) جاءت هذه العبارة[ :وكان كثير بن عامر ،ثم مات وهي حامل فجأت بولد
فسماه بأبيه ،وهم فرقتين من ولد ولدان والمشاكلة من الوعارية] ،وهي عبارة عرضية
ال أساس لها.
315
تاريخ وطيوط
من أهل الجاه والمقدار من غير أهله ،قالوا :وكانت طويلة أدماء يقال لها
سلمى بنت سلمان الواقدي؛ طل ًبا لنجابة الولد .والعرب [/120ب] يقولون
يف العربيات أهنن أنجب للولد .وقد جاءت الشريعة بذلك ،فورد عنه عليه
الصالة والسالم أنه قال« :غربوا أوالدكم تضوو»( .)1أي ال تخلوا لولد ضاو ًيا
نحي ًفا .فأنجبت له أربعة من الولد كلهم وجوه ،وهم :حد ،ومكن ،وثابت.
فمن حد :المجابلة ،وهم أهل بيت المدور ،وبنو أمقمة ،وهم كانت لهم رئاسة
قديمة ومكارم ،وكثير من الناس من يقول إهنم زعليين ،ولكن كانوا خرجوا
وأرضا ،فهي إلى وقتنا هذا معروفة،
ً آبارا
قديما وأقاموا يف الزعلية ،وملكوا هبا ً
ً
وكانت لهم شهرة عظيمة بالرئاسة ،فادعتهم بنو زعل لذلك ،وكانوا فيما قبل
ذلك يف بيت المدور من الحد بين حسين بن اليوعا كان وزير األحباش ،وكان
()2
فصيحا فمن شعره:
ً شاعرا
ً
()2
يا طاوي الفلوات طي المدرج * ِّ
عر ْج بمنعرج العقيق وعـ ِّـرجِ
[/121أ]
((( لم نجد نص الحديث هذا؛ ولكن ذكر ابن قتيبة الدينوري أنه روي عن النبي ﷺ
قوله« :ا ْغتَربوا ال ت ُْض ُووا» .أي انكحوا الغرائب -أي غير القريبات -كيال تضعف
أوالدكم .انظر :أبو محمد عبد اهلل بن مسلم (ت276 :هـ) ،غريب الحديث ،تحقيق:
د .عبد اهلل الجبوري ،ط ،1مطبعة العاين ،بغداد1397 ،هـ.737 /3 ،
((( جاء هذا البيت عند الصفدي ،وفيه:
* ُع ْج ن َْحو منُعرج ا ْلكَثِيب و َع ِّرجِ المدرجِ
ـي َ ِ
َيا طــاو َي الفلوات َطـ ّ
انظر :الوايف بالوفيات.127 /9 ،
316
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
ثم كان بعده ولده وزير السرور الفاتكي( ،)1ومن الحد بين بني أبي عمارة،
وبنو محرقي المحيلة ،وأهل المحانقة بنو باجل ،وكان منهم :باجل بن أبي
القاسم ،كان فارس العرب وشجاعها ،وكان كريم النفس ،جيد الوصف،
معروف بالديانة والصيانة ،وكان متى شهد حر ًبا هزمه ،وكانت له أوصاف
ال تحصى.
أمقمة :أبو بكر بن علي ،كان أحد الشيوخ ،كانت له رئاسة قديمة،
ومن بني ّ
ونفس كريمة ،وكان قليل ما يأمن الدولة من غيرهتم عليه ،وكان له مكارم
جمة للشعراء وللوافدين ،ثم أخوه محمد بن علي ،كان يغلب عليه الدين
فصيحا ،ثم ظهر بعد وقيش ،وهو :أبو
ً شاعرا
ً والنسك ،والتعلق بالعلم ،وكان
بكر بن محمد بن علي ،له يف حرب القحرا ما شابه حرب مهلهل( ،)2وذلك
أن ولده وابن أخيه قتلهما القحرا بحيلة [/121ب] من المنسكيين ،حتى
يقوم وقيش ،وضاقت المنسكيون ما يقوم وقيش وبنو أمقمة لحرب [العدو]
( )3إذ أقبل منهم واحد واحد ،واهنزموا تعمدً ا ،فقتل ولد وقيش وابن أخيه،
((( هو الوزير أبو محمد سرور بن عبد اهلل الفاتكي (ت551 :هـ1156 /م) ،من أبرز
قادة الدولة النجاحية يف مدينة زبيد ،وأصله من الحبشة ،ونشأ يف زبيد ،اشتهر بتدينه،
وفضله ،وكرمه ،ومعرفته ببعض العلوم ،ومن مآثره المسجد الذي بناه يف زبيد ،وقتل
فيه .انظر :عمارة ،تاريخ اليمن ،ص.147 ،146 ،144 - 139 ،131
عدي بن ربيعة بن مرة بن هبيرة من بني بجشم ،اشتهر بالمهلهل:
((( هو الشاعر الجاهلي ّ
وعرف عنه أنه هو ا ّلذي ه ّيج الحرب بين :بكر وتغلب ،أربعين سنة .انظر :ابن قيبة
الدينوري :أبو محمد عبد اهلل بن مسلم ،المعارف ،تحقيق :ثروت عكاشة ،ط،2
الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة1992 ،م96 /1 ،؛ الزركلي ،األعالم،
.220/4
((( الزيادة من (ب).
317
تاريخ وطيوط
فقام وقيش قيا ًما شهر يف الشام واليمن ،حتى إن أهل الزيدية بنو عمران سفل
سر ُدد جعلوا إليه سيرة يف حربه للقحرا ،وله مالحم مشهورة ،وأخبار مذكورة
يوم خر وقر ،ويوم الدير ،ويوم األقطعية ،ويوم العظام ،كل مرة وقعات عظام،
كان فيها الغلب على القحرا ،وكان كريم السيرة ،ميمون الصورة ،صاحب كرم
للشعراء ،وصاحب أوصاف جميلة ،وكان صاحب سماط ال يفعله أحد من
العرب ،وله من األذكار واألوصاف يف مكارم األخالق ما ال يحصى كثرة.
ثم كذلك محمد بن أبي بكر وأخوه أبو القاسم بن أبي بكرُ ،عرف بن ربع
[/122أ] الخيل ،وكان إلى محمد كل أمر الغانمية ،وقيل إنه يف دولة العرب
أميرا على العرب بإشارة عك ،وكان علي عند حمول الملك المجاهد جعل ً
أميرا ،وكان إليهما التحاكم
أميرا ،ومحمد بن أبي بكر أمقمة ً
بن سهيل المعزبي ً
للعكوك ،وكان أبو القاسم أخوه له [سيرة]( )1حسنة ،والشجاعة التي لم تكن
يف غيره ،قيل إنه احتما الخيل يوم [علي]( )2بن عالء الدين من الصنادلة إلى
نايغة ،والخيل التي بعده تنيف على األلف واحتماها ،ولزم آخر العبوس لزمة
ساعة يف جميع العرب ،وكان إذا حضر يف يوم زينة ،أو يوم عرس ،أو يوم عيد،
ال يلبس إال لباس الملوك ،وكان إذا امتدحه الشعراء ال يعجبه من األشعار إال
العرب ّية ،وأما الطبول وغيرها ال يميل إلى سماعها ،وكان [/122ب] له معرفة
تامة بالشعر ،وبأيام الجاهلية.
ومن ولد حد :سملقة .فمن ولد سملقة :الفقهاء الصلحاء بنو المكدش ،وقد
أكثر الناس فيهم أنه ليسوا من الغنميين ،وذلك غير صحيح ،فقد حكى سيدي
الفقيه عمر بن محمد المكدش ،قال :لحقت كتا ًبا عند والدي لجدي يوسف بن
محمد ابن المكدش بن المنيب بن سملقة بن حد الغنمي ،وهذا أصح ما حكى
عنهم .ثم بنو المعلم قرابة لبني المكدش ،مصاهرة وأهلية .ثم بنو وطيوط،
وب ُيوت يف بني سملقة منهم :الغالفلة ،وبنو األمور الصالحة :وهي من آداب
الصالحين ،ومنهم بيوت كثيرة متقدمة ،ومنهم :بنو أبي الرعارع( )1بلحج.
فصل ،وأما قهب فهو أبو القهبيين ،وله أوالد قديمون ال يعرفون [إال]( )2يف
هذا الوقت .وبنو هليعة( ،)3هم من قهب ،فيهم [/123أ] الرئاسة والسيادة،
ومن قهب الفقهاء [بنو]( )4سودة ،ومن بني سودة :محمد بن يعقوب المعروف
بأبي حربة ،يقال إنه نال القطبية يف وقته ،وولده الفقيه أبو بكر بن محمد بن أبي
بكر المعروف بالمحجوب ،لما ك ّثر االحتجاب ،ثم علي بن أبي بكر ،أوصافه
جيدة ،وأخالقه مرضية ،قيل :وسعد بن راشد أولد :حر ًبا ،وهو أبو الحربيين.
فصل ،وأما أشهب بن بوالن ،فأولد :الواعظ ،وهل بني أشهب .فأولد
الواعظ رجلين ،ومنه بيوت قديمة ال يعرفها أهل الوقت( )5تركناها كذلك(.)6
ومن الفقهاء المعروفون بالفقه والصالح :بنو حشيرب ،واشتهر بالعلم
والصالح الفقيه الصالح علي بن أحمد بن عمر ،واشتهر قبله [/123ب]
((( الرعارع :قرية مشهورة يف وادي ُتبن (لحج) ،كانت عاصمة لحج يف أيام الزريعيين
واألتراك .المقحفي ،معجم البلدان.694 /1 ،
((( الزيادة من (ب).
((( يف (ب) هبيعة.
((( الزيادة من (ب).
((( تكررت العبارة السابقة يف (أ).
((( ساقطة من (ب).
319
تاريخ وطيوط
320
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
الذكر ،ما صورته وبعده الرعية الداعون المثنون الشاكرون ،وينهون إلى المقام
األعظم أعلى اهلل شأنه ووقاه ،ما شأنه أنه طرق البالد طارق البالء ،وقصدها
قاصد هالك ،لم يسمع بمثله األولون ،وال نقله اآلخرون ،وذلك لما كان
[/125أ] ليلة الثالثاء الثاين من شهر ربيع اآلخر سنة خمس وثمانين وستمائة
()7
ضربت ريح شديدة من القطر الشمالي ،وكانت يف غاية الشدة ،ودامت على
ذلك إلى الصباح ،ودام يومه إلى العصر ،وكان يأيت ألوانًا ،فتارة يأيت أسود،
وتارة يأيت أحمر شديد الحمرة ،حتى تظن أن النار تخرج منه ،حتى أن اإلنسان
يف بعض أحيانه يظلم عليه ،حتى ال يبصر جليسه من شدة الظلمة ،فلما كان
النسر الواقع ،وأتت بالمطر،
ّ وقت العصر اختلفت الريح ،فضربت من طلوع
فبقي المطر طول الليل يف مطر عظيم لم نشاهد مثله ،ويضرب بِضرب الريح،
وبقي من طلوع العقرب ،فما أتى الفجر [الصباح]( )1إال والسيول قد أتت من
كل مكان ،حتى ضربت درب قريب [/125ب] من ثمانين ذرا ًعا ،فلم تلق
دارا إال هدته ،ولوال أن م ّن اهلل بفتح من جانب البالد إلى البحر لغرق الناس.
ً
وطلع البحر [يف]( )2ليلة األربعاء طلو ًعا يعجز عنه الوصف ،حتى كسر الدرب
الجديد [القديمة]( ،)3وكسر الدور التي تتصل به ،ووصل يف البالد إلى نحو
من ثمانين ذرا ًعا ،وكسر غالب البيوت ،حتى سكن الناس يف المساجد ،وأما
[ما]( )4كان حول البالد من األعمال والبساتين ،فإن الريح كسرت أكثر نخلها
لما أتت األمطار والسيول ،حتى كأن من الفوافل والرانجيل ،وأتلف الموز ّ
()5
لم يكن قد كان الناس أصابوا من البحر عيدً ا( )6كثيرة ،وشغلهم عن تحصيل
المشي ،وأتى السيل أذهب ما كان من الطعام على األخر ،وطلع البحر فأذهب
جميع العيد ،ووصل يف اآلثار إلى موضع مقدار [/126أ] المدينة مرتين
أو ثال ًثا.
وقد عم البالء ،وعظم األمر ،ومن أعظم ما جرى على الناس أن الدور
هتدمت على أصحاهبا ،فقتلت الرقيق ،والمواشي ،والدواب ،وأصبح أكثر
الناس فقراء من أموالهم ال يجدون ما يأكلون ،وأنزلت السيول من الجبال
جميع الدواب ،ومن الناس خل ًقا ً
كثيرا ،تركتهم مصرعين يف كل جانب ،وقد
صارت البلد بغير درب وال مانع ،إال اهلل تعالى وعمارهتا ،ومن أوجب ما يكون
والقيام فيه بالعدل والمال( ،)1واجب المسؤول من تفضل موالنا وصدقاته
وشفقته ،وحسن رعايته النظر يف أحوالنا بعين شفقته ويرعانا برعايته ،ويرفع
عنا الديون سنة كاملة ،فقد عجزنا عن كل شيء ،وصرنا أضعف خلق اهلل
تعالى [/126ب] ،والمسؤول أن ترفعوا عنا [الهوى]( )2فأنا منه يف أضيق
حال ،وأكسف بال ،فال يقدر أحد يخاطب أحدً ا ،وال يضرب عمدً ا ،وقد صرنا
ال نقدر على شيء ،وصدقات موالنا عميمة ،ومواهبة جسيمة ،ونحن أحق
من تصدق عليه ،ووصل [بره إليه و]( )3إحسانه لديه ،فليس لنا مالذ نلوذ به،
علو
وال ملجأ نلجأ إليه إال اهلل تعالى ،ثم صدقات موالنا وإحسانه ،ولموالنا ّ
الرأي والسالم.
غفير وعدد كثير ،وتفرقوا يف البالد ،وسموا بالشيوخ ،وظهرت لهم األحوال
الحسنة ،منهم :الشيخ الشهير أبو الغيث بن جميل .ويذكر أن الشيخ أبا الغيث
[بن جميل]( -)1نفع اهلل به -نال القطبية ،وله كالم جيد يدل على تمكنه
-رحمهم اهلل تعالى ،-واسم أبي الغيث بن جميل :سعيد بن سلم.
وكان للشيخ علي األهدل ولدان :أبو بكر بن علي ،وعمر [بن علي](.)2
فأبو بكر يلقب بالشيخ ،وله أحوال [ظاهرة]( )3وكرامات خارقة .وأما عمر
بالفقيه فكان ينسب إلى الفقيه ،وله مشاركة يف العلم ،والذي [ينسب]
()4
هؤالء ينسبون ويدعون بالفقيه ،ومن ذريته عمر ،يدعون بالشيخ واحدهم،
وكان عمر بن علي األهدل -نفع اهلل هبما -من الصالحين ،وكان يفتي ويقرأ
العلم ،ومنهما انتشرت الذرية حتى صاروا يف وقتنا [هذا]( )6وما قبله أكثر
سكنة قريتهم المراوعة .فمن ولد الفقيه الصالح رضي الدين أبو بكر بن أبي
القاسم بن عمر ،وكان أعرف شيوخ الطريقة[ ،وكان له يف العلم مشاركة ،وكان
أكمل أهل الطريقة]( )7وأتمهم معرفة -نفع اهلل به وبسلفه ،-ومنهم :الفقيه
عظيما،
ً الصالح شهاب الدين أحمد بن عمر بن أحمد ابن عمر ،نال ح ًظا
وكثيرا من الدنيا والدين والعلم والعمل المرضي ،وله ذرية أخيار عليهم نور ً
الطاعة واألدب والعقل الراجح/128[ ،ب] والهيبة الحسنة التي لم تكن يف
غيرهم ،حتى إن الطفل منهم يعرف يف المكتب( )1من غيره ،ومن ذريته :محمد
بن أحمد الذي بنى جامع المراوعة ،وهو مسجد الشيخ -نفع اهلل به ،-فبناه
جص وآجور ،وله مؤخر ،وعليه حائط ،وله جبانة حسنة ،نور ُه [حسن](،)2
وللمسجد ضياء حسن بحيث [ال يماثله مسجد]( ،)3وال يمله من يجلس فيه،
وقل ما يوجد يف المساجد وأنه يختار فيه الجلوس بخالف غيره من المساجدَّ ،
مثله ،وبنى المآثر الحسنة التي ما يبنى مثلها ،وكانت له أيام حسنة وفعل فيها
الخير الكثير ،وساد سيادة عظيمة قصر عنها كل س ّيد .ثم كان بعده ولده أحمد،
فيه من الكرم [/129أ] ما ال زيد عليه ،وله أخالق رضية ،وسيرة رض ّية ،وقليل
والفتوة ،وهذا الدليل
ّ ما يف اليمن مثله يف [الخير و]( )4الحياء والسخاء والمروة
على أنه من أهل بيت النبوة .وأخوه عمر له العقل الراجح ،والدين القوي،
والصرب يف اهلل تعالى ،وكلهم أحرار أخيار -نفع اهلل هبم.-
فالتجأ إليها من برع ،وكان صاحب أحوال ظاهرة وعلوم/129[ ،ب] فتخرج
به أوائلهم ،واستحبوا باسمه وتسموا به ،وجدهم األكرب علي بن يوسف،
صاحب [محل]( )1عقبى يف رأس وادي زبيد ،وهو أحد تالمذة سيدي الشيخ
عيسى الهتاري ،وقرأ على يد الشيخ المذكور ،ونصبه ً
شيخا قبل أن يعرفوا ببني
القليصي ،وهو شيخ والد القاضي هباء الدين الجندي ،هكذا قاله يف تاريخه -
رحمه اهلل تعالى ،-وظهور اسم القليصي من بعد ذلك ،وسموا به المتأخرين
منهم ،وتخرج به أوائلهم بني نعيم ،ويقال إهنم حسنيون ،وأصل خروجهم من
قرية بين المديني [واهلل أعلم](.)2
فصل :ومن بني أم ّية طوائف يف اليمن ،منهم[ :ابن]( )3زياد ،بعثه المأمون
أيضا من ولدرجل من بني أم ّية ًً أميرا على اليمن ،وبعث معه [/130أ] ً
وزيرا وكات ًبا ،وبعث معهم محمد
سليمان ابن هشام بن عبد الملك بن مروان ً
بن هارون الثعلبي ،جد بني أبي عقامة قاض ًيا ،وكان خروجهم إلى اليمن سنة
ستين ومائة( ،)4وهي السنة التي مات فيها الشافعي -رضي اهلل تعالى عنه،-
فابن زياد هو الذي اختط مدينة زبيد أيام المأمون ،واستقرت والية الحبشة على
()5
اليمن يف بني نجاح ،وكان والية نجاح يف ذي القعدة سنة اثني عشر وأربعمائة
إلى أن أزالهم عنها ابن مهدي يف سنة أربع وخمسين وخمسمائة(.)6
وكان نجاح وال ًيا بالكدراء من سهام يف سنة اثنين وخمسين وأربعمائة(،)1
وكان له من الولد خمسة :سعيد األحول -وسعيد [/130ب] الذي قتل علي
بن [محمد]( )2الصليحي ،-وجياش( ،)3ومعارك ،والذخيرة ،ومنصور .ومدينة
صالحا دينًا ً
عاقل، ً الكدراء مما اختطها القائد حسين بن سالمة ،وكان ً
رجل
ويقال إنه ابتنى الجوامع باليمن من مدينة عدن إلى مكة ،وكان كثير الصدقات
والصالة يف ذات اهلل ،مقتد ًيا يف أكثر أحواله بعمر بن عبد العزيز ،ويقال إن له
أحوال سنية ،وكانت أيامه أحسن أيام الحبشة ،وهي دولة آل نجاح ،وهو مولى
رشيد ،ورشيد مولى بني زياد ،ونجاح مولى مرجان ،ومرجان مولى حسين بن
سالمة ،والمدائن التي يف الطريق الثالث البحرية والساحلية والوسطى ،وأنه
ً
وأميال ،وشيء أبيارا
اتخذ ما بين كل مدينتين على [/131أ] رأس كل ميل ً
من جوامعه موجودة إلى اآلن.
ومن بني أمية قوم يسكنون القرشية بأسفل رماع ،ينتمون إلى خالد بن أسيد
بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس( ،)4ويحكى عن الفقيه أخي عتاب ابن
أسيد دعسين -رحمه اهلل تعالى -أنه سكن القرش ّية من ولد عتاب بن أسيد،
وكان خالد صاحب راية مشركي قريش يوم بدرُ ،فأسر وفدا نفسه ،وأسلم
يوم فتح مكة ،ويقال إنه من المؤلفة .قال ابن قتيبة(« :)1وكان فيه تيه عظيم».
أميرا لرسول اهلل ﷺ على مكة بعد الفتح ،ومن ولده عبد
وأما عتاب فكان ً
الرحمن بن عتاب/131[ ،ب] قتل يوم الجمل مع علي -كرم اهلل وجهه،-
وال عقب له .وأما خالد فمن ولده يف القرشية بطن كلهم ينتمون إلى يحيى بن
عبد اهلل بن زكريا ابن خالد [بن عبد اهلل]( )2بن عبد العزيز بن عبد اهلل بن خالد
بن أسيد ،منهم :بنو غراب بيت رئاستهم ،وهو غراب بن سلمة( )3بن علي بن
مريخ [بن علي]( )4ابن رزام بن يحيى بن عبد اهلل بن زكريا بن خالد األصغر،
ومنهم :الفقيه العالمة أبو بكر دعسين بن أحمد بن علي بن عبد اهلل بن محمد
دعسين بن هبيين ،وهو من ولد :علي بن أحمد بن شكر بن رزام بن يحيى بن
عبد اهلل بن زكريا بن خالد األصغر/132[ ،أ] وللعدد يف ولد شكر بن رزام،
وفيهم عدة بطون ،نوفل بن عبد مناف ،منه أربعة أفخاذ :عبد عمر ،وعامر،
وعمر ،وعدي بن نوفل هو الذي من ولده جبير بن مطعم النسابة بن أبي عدي
الصحيفة ،وكان النبي ﷺ يشكر له .زيد ذلك
بن نوفل ،وكان ممن قام يف أمر ّ
يسمى قص ًيا ألن أمه انقصت به إلى
قصي بن كالب ،واسم قصي زيد ،وإنما ّ
يسمى مجم ًعا به ،ألنه جمع أوالد( )5فهر بعد تفرقهم،
بالد بني عذرة ،وكان ّ
((( ويقصد به المؤرخ :أبو محمد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري
(ت276 :هـ889/م).
((( يف (ب) أبوها.
((( يف (ب) بشامة.
((( يف (ب) أبوها.
((( يف (ب) القبائل من.
329
تاريخ وطيوط
()2
وفيه يقول الشاعر(:)1
()2
قصي لعمري كان يدعى مجم ًعا * به جمع اهلل القبائل من فهر
وقال ابن إسحاق( :)3ولد قصي أربعة نفر/132[ ،ب] وامرأتين :عبد مناف
بن قصي ،وعبد الدار ،وعبد العزي ،وعبد قصي( ،)4ولحم بنت قصي ،وبرة
بنت قصي .وأمهم :ح ّفى بنت خليل بن حسنة بن سلول بن كعب بن عمر
الحرامي( ،)5وقوم قصي عبد مناف ،وأما عبد الدار ،هم :العذريون ،رهط حج
بيت اهلل الحرام ،وهم من الفخذ األول من بني عبد الدار بني شيبة بن عثمان
ابن أبي طلحة بن عبد العزي بن عثمان بن عبد الدار .ومن بني شيبة قوم
[يعرفون]( )1بذلك يسكنون مور ،ومن بني عبد الدار قوم يعرفون ببني
الم ْعرتض من صوفة ،يسكنون بأسفل مور( ،)2ومن بني عبد العزي بنو أسيد
ابن عبد العزي ،بطن واهلل أعلم.
نقل اإلمام [/133أ] الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي إلى رحمة اهلل سنة
تسع وستمائة(.)3
ونقل الفقيه اإلمام العالمة قطب اليمن ،جمال الدين واإلسالم ،حجة اهلل
على األنام محمد بن الحسين البجلي سنة إحدى وعشرين وستمائة( )4قدس
اهلل روحهما ،ونور ضريحهما ،ونفع هبما يف الدارين(.)5
نقل إلى رحمة اهلل تعالى موالنا وسيدنا اإلمام األجل موفق الدين علي بن
محمد بن حسين البجلي ،عشية الخميس ليلة الجمعة ،ودفن يوم الجمعة ثاين
عشر من شهر المحرم أول سنة خمس عشرة وسبعمائة(.)6
نقل إلى رحمة اهلل تعالى موالنا وسيدنا اإلمام قطب الزمان برهان الدين
إبراهيم بن علي [/133ب] بن إبراهيم البجلي ليلة الجمعة بعد العشاء األخيرة،
ودفن يوم الجمعة السادس عشر من شهر ذي الحجة آخر سنة عشرين
وسبعمائة( ،)1وحج مع حياة والده سنتين أو ثالثة ،وأدرك من العلم الباطن
مرضا شديدً ا ،وكان
والظاهر ما ال يحضر حاضر ،واشتهر وعال شأنه ،ومرض ً
مرضه مرض أبي بكر الصديق ،أو بعض الصحابة -رضي اهلل تعالى عنهم.-
نقل إلى رحمة اهلل تعالى موالنا وسيدنا الفقيه األجل األوحد ،فريد دهره،
ووحيد عصره فاعل المعروف إلى أهله ،وإلى غير أهله نجم الدين مطعم
المساكين عمر بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلي [/134أ] -قدس اهلل
روحه ونور ضريحه -ليلة الثالثاء أول شهر ربيع اآلخر سنة اثنين وعشرين
وسبعمائة( ،)2حج هو وأخوه علي ثالثين حجة م ًعا -نفع اهلل هبما.-
ونقل الشيخ الصالح محمد بن أبى القاسم الذهيب يف شهر جمادى األول
()3
نقل اإلمام العالم( )1العارف [القطب]( )2الرباين أبو الغيث [بن جميل]
()3
وظاهرا
ً وآخرا،
ً تم الكتاب بعون اهلل الملك الوهاب ،والحمد هلل ً
أول
وباطنًا ،وكان الفراغ من رقمه ليلة الجمعة من شهر ذي القعدة الحرام سنة
.)1(1327
وهلل احلمد
نـــجـــز الـــنـــســـخ وانـــقـــضـــا * وفـــعـــلـــنـــا الــــــــذي وجـــب
غــــفــــر اهلل لــــمــــن قــــرى * ودعــــــــــا لـــــلـــــذي كــتــب
اللهم اغفر لكاتبه ولوالديه وكافة المنتسبين إليه وإليهم وجميع المسلمين
آمين اللهم آمين آمين.
جــل مــن ال عيب فيه وعال إن تــجــد عــيـ ًبــا فــســد الخلال *
وصلى اهلل على خير خلقه ومظهر لطفه وزنة عرشه محمد وآله وصحبه
وسلم [/135أ]
((( ذي القعدة 1327هـ /نوفمرب 1909م ،ويورد يف معلومات النسخة (ب) أنه تم
االنتهاء من نسخ المخطوطة يف 17رجب 1333هـ 30/مايو 1915م.
334
المصادر والمراجع
والفهارس
المصادر والمراجع
ً
أول -المصادر:
♦ ♦تحفة الزمن يف تاريخ سادات اليمن ،ج ،1تحقيق :عبد اهلل محمد
الحبشي ،المجتمع الثقايف ،أبو ظبي2004 ،م.
بامخرمة ،عفيف الدين أبو محمد الطيب بن عبد اهلل (ت947 :ﻫ1540 /م):
♦ ♦تاريخ ثغر عدن ،مطبعة :بريل ،ليدن1936 ،م.
338
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
339
تاريخ وطيوط
الحموي ،شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل (ت626 :ﻫ1228/م):
♦ ♦معجم األدباء ،إرشاد األريب إلى معرفة األديب ،تحقيق :إحسان
عباس ،ط ،1دار الغرب اإلسالمي ،بيروت1414 ،هـ1993 /م.
♦ ♦معجم البلدان ،دار الفكر ،بيروت د .ت.
ابن حمير ،أبو عبد اهلل جمال الدين محمد بن حمير الهمداين
(ت651 :هـ1253 /م):
♦ ♦ديوان ابن حمير ،حققه وعلق عليه :محمد بن علي األكوع ،ط ،1دار
العودة ،بيروت1985 ،م.
الحميري ،أبو محمد جمال الدين عبد الملك بن هشام بن أيوب المعافري
(ت213 :هـ828 /م):
التيجان يف ُملوك ِح ْم َي ْر ،تحقيق :مركز الدراسات واألبحاث اليمنية،
♦♦ َ
ط ،1مركز الدراسات واألبحاث اليمنية ،صنعاء1347 ،هـ.
الحميري ،محمد عبد المنعم (ت أواخر القرن 9ﻫ/أواخر القرن15م):
♦ ♦الروض المعطــار يف خرب األقطار ،تحقيق :إحسان عباس ،ط،2
مؤسسة ناصر للثقافة ،بيروت1980 ،م.
الحميري ،نشوان بن سعيد (ت573 :ﻫ1177/م):
♦ ♦منتخبات يف أخبار اليمن ،اعتنى بنسخها وتصحيحها :عظيم الدين
أحمد ،ط ،3دار التنوير ،بيروت1407 ،ﻫ1986/م.
الخزرجي ،علي بن الحسن (ت812 :ﻫ1409 /م):
♦ ♦العقد الفاخر الحسن يف طبقات أكابر أهل اليمن وهو طراز أعالم
الزمن يف طبقات أعيان اليمن ،مج ،4تحقيق :عبد اهلل بن قائد العبادي
وآخرون ،الجيل الجديد ،صنعاء1430 ،هـ2009 /م.
340
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
341
تاريخ وطيوط
الفتاح محمد الحلو ،ط ،2هجر للطباعة والنشر والتوزيع( ،د .ب)،
1413هـ.
السخاوي ،محمد بن عبد الرحمن بن محمد (ت902 :ﻫ1496/م):
♦ ♦الضوء الالمع ألهل القرن التاسع ،بيروت ،منشورات دار مكتبة
الحياة( ،د .ت).
ابن سعد ،أبو عبد اهلل محمد بن سعد بن منيع الهاشمي البصري البغدادي
(ت230 :هـ844 /م):
♦ ♦الطبقات الكربى ،ج ،6تحقيق :محمد عبد القادر عطا ،ط ،1دار
الكتب العلمية ،بيروت1410 ،هـ1990 /م.
السلمي ،أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى
(ت412 :هـ1021 /م):
♦ ♦طبقات الصوفية ،دار الكتب العلمية ،بيروت2003 ،م.
ابن سيده ،أبو الحسن علي بن إسماعيل (ت458 :هـ1066 /م):
♦ ♦المحكم والمحيط األعظم ،تحقيق :عبدالحميد هنداوي ،دار الكتب
العلمية ،ط ،1بيروت1421 ،هـ2000 /م.
السيوطي ،الحافظ جالل الدين عبدالرحمن بن أبي بكر (ت911 :ﻫ1505/م):
♦ ♦المزهر يف علوم اللغة وأنواعها ،تحقيق :فؤاد علي منصور ،ط ،1دار
الكتب العلمية -بيروت1998 ،م.
الشرجي ،أبو العباس أحمد بن عبد اللطيف (ت893:ﻫ1487/م):
♦ ♦طبقات الخواص أهل الصدق واإلخالص ،دار المناهل ،بيروت،
1406ﻫ1986/م.
342
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
الصفدي ،صالح الدين خليل بن أيبك بن عبد اهلل (ت764 :هـ1362 /م):
♦ ♦الوايف بالوفيات ،ج ،9تحقيق :أحمد األرناؤوط وتركي مصطفى ،دار
إحياء الرتاث ،بيروت1420 ،هـ2000 /م.
♦ ♦نكث الهميان يف نكت العميان ،علق عليه ووضع حواشيه :مصطفى
عبد القادر عطا ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت1428 ،هـ2007 /م.
ابن العماد ،أبو فالح عبد الحي بن أحمد بن محمد (ت1089 :هـ1678 /م):
♦ ♦شذرات الذهب يف أخبار من ذهب ،تحقيق :محمود األرناؤوط ،خرج
أحاديثه :عبد القادر األرناؤوط ،ط ،1دار ابن كثير ،دمشق -بيروت،
1406هـ1986 /م.
عمارة اليمني ،نجم الدين عمارة بن علي الحكمي (ت569 :ﻫ1173/م):
♦ ♦تاريخ اليمن ،حقق نصه وضبط أعالمه وعلق عليه وقدم له باإلضافة
إلى مقدمة وتعليقات الناشر األول (كاي) سنة 1892م المرتجمة
ترجمة دقيقة :حسن سليمان محمود ،ط ،1مكتبة الرشاد ،صنعاء،
1425ﻫ2004/م.
ال َع ْيدَ ُروس ،محي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد اهلل (ت1038 :هـ1628/م):
♦ ♦النور السافر عن أخبار القرن العاشر ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت،
1405هـ.
الفاسي ،تقي الدين محمد بن أحمد الحسني (ت832 :ﻫ1429/م):
♦ ♦العقد الثمين يف تاريخ البلد األمين ،تحقيق :محمد حامد الفقي،
فواد سيد ،محمود الطناحي ،ط ،2مؤسسة الرسالة ،بيروت،
1406هـ1946/م.
343
تاريخ وطيوط
ابن قتيبة الدينوري ،أبو محمد عبد اهلل بن مسلم (ت276 :هـ889 /م):
♦ ♦غريب الحديث ،تحقيق :د .عبد اهلل الجبوري ،ط ،1مطبعة العاين،
بغداد1397 ،هـ.
♦ ♦المعارف ،تحقيق :ثروت عكاشة ،ط ،2الهيئة المصرية العامة للكتاب،
القاهرة1992 ،م.
القلقشندي ،أبي العباس أحمد بن علي (ت821:ﻫ1418/م):
♦ ♦صبح األعشى يف صناعة اإلنشا ،شرحه وعلق عليه وقابل نصوصه :نبيل
خالد الخطيب ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت1407 ،ﻫ1987/م.
ابن الكلبي ،أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي
(ت204 :هـ819 /م):
♦ ♦نسب معد واليمن الكبير ،تحقيق :الدكتور ناجي حسن ،عالم الكتب،
مكتبة النهضة العربية ،ط ،1بيروت1408 ،هـ1988 /م.
ابن كنان ،محمد بن عيسى (ت1153 :ﻫ1740/م):
♦ ♦حدائق الياسمين يف ذكر قوانين الخلفاء والسالطين ،تحقيق :عباس
صباغ ،ط ،1دار النفائس ،بيروت1412 ،ﻫ1991/م.
ابن ماجه ،أبو عبد اهلل محمد بن يزيد بن ماجه القزويني (ت273 :هـ886 /م):
♦ ♦سنن ابن ماجه ،تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار الفكر ،بيروت،
(د .ت).
ابن المجاور ،جمال الدين أبو الفتح يوسف بن يعقوب بن محمد
(ت690 :ﻫ1291/م):
♦ ♦صفة بالد اليمن ومكة وبعض الحجاز المسماة تاريخ المستبصر،
344
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
345
تاريخ وطيوط
346
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
اليافعي ،أبو محمد عفيف الدين عبد اهلل بن أسعد بن علي بن سليمان (ت:
768هـ1366 /م):
♦ ♦مرآة الجنان وعربة اليقظان يف معرفة ما يعترب من حوادث الزمان،
وضع حواشيه :خليل المنصور ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت،
1417هـ1997 /م.
ثاني ًا -المراجع:
347
تاريخ وطيوط
348
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
1404ﻫ1984 /م.
دهمان ،محمد أحمد:
♦ ♦معجم األلفاظ التاريخية يف العصر المملوكي ،دمشق1410 ،ﻫ/
1990م.
ُد ِ
وزي ،رينهارت بيتر آن:
محمد َسليم
َّ ♦ ♦تكملة المعاجم العربية ،نقله إلى العربية وعلق عليه:
الن َعيمي ،ط ،1وزارة الثقافة واإلعالم ،بغداد ،من 2000 -1979م.
الرافعي ،مصطفى صادق بن عبد الرزاق:
♦ ♦تاريخ آداب العرب ،دار الكتاب العربي ،بيروت ،د .ت.
الزركلي ،خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس (ت:
1396هـ1976 /م):
♦ ♦األعالم ،دار العلم للماليين ،ط ،15بيروت2002 ،م.
السقاف ،عبد الرحمن بن عبيد اهلل:
♦ ♦إدام القوت يف ذكر بلدان حضرموت ،عني به تاريخ ًيا :محمد أبو بكر
عبد اهلل باذيب ،وعني به أدب ًيا :محمد مصطفى الخطيب ،دار المناهج،
بيروت1425 ،ﻫ2005 /م.
السنيدي ،عبد العزيز بن راشد:
349
تاريخ وطيوط
350
الحسين بن إسماعيل و ْ
َط ُيوط
351
تاريخ وطيوط
352
الفهارس
الفهارس
فهرس األعالم
355
تاريخ وطيوط
356
الفهارس
أبو بكر بن المنور.104 ،103 : أبو بكر بن عمر بن إبراهيم بن
أبو بكر بن موسى بن محمد دعاس.209 :
النهاري.324 : أبو بكر بن عمر بن عثمان بن أبو بكر
أبو بكر بن ناشر (الفقيه).261 : بن عمر عربد.285 ،284 ،276 :
أبو بكر بن يحيى بن أبي بكر بن محمد أبو بكر بن أبي القاسم بن عمر األهدل:
بن أحمد بن موسى بن عجيل.310 : ،139 ،137 ،136 ،134 ،133
أبو بكر بن يوسف بن إبراهيم بن أحمد .325 ،169 ،159 ،151 ،140
بن موسى بن علي بن عجيل.310 : أبو بكر بن كيدح.288 :
أبو بكر بن يوسف األحمر.115 : أبو بكر بن محمد بن أحمد بن موسى
أبو بكر بن يوسف شيخ.71 : بن عجيل.310 :
أبو بكر بن يوسف الكحالين.147 : أبو بكر بن محمد بن صالح الجبلي
أبو بكر بن يوسف بن محمد بن ابن الخياط.273 ،272 :
المكدش.92 ،88 ،83 ،82 : أبو بكر بن محمد بن علي بن أبي بكر
األبيض بن الذاكر بن صريف بن بن موسى النهار.324 :
ذؤال.304 : أبو بكر بن محمد بن علي أمقمة
أحجب (الحاجب) بن الحارث (وقيش).317 :
األكرب بن هل بن شبوة بن ثوبان بن أبو بكر بن محمد بن يعقوب أبو
عبس.314 : حربة (المحجوب)،111 ،75 ،36 :
إحسان عباس.52 : ،171 ،170 ،160 ،153 ،152
أحمد بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم ،238 ،236 ،180 ،179 ،176
الحسين البجلي:ُ بن محمد بن .319 ،239
.73 ،72 أبو بكر بن محمد بن يعقوب بن
أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن موسى الكميت.158 ،157 :
357
تاريخ وطيوط
358
الفهارس
359
تاريخ وطيوط
360
الفهارس
هباء الدين الشمسي.96 ،20 : بامخرمة = أبو محمد الطيب بن عبد اهلل
بوالن.314 : الباهل بن محمد بن ذؤال.303 :
بوالن بن سخارة بن غالب بن عبد اهلل بجيلة بنت ساعدة بن نبت بن هنشل
بن عك بن عدنان.301 : بن الشاهد بن عك بن عدنان.292 :
بوالن بن عبس بن سخارة بن غالب بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة:
بن عبد اهلل بن عك بن عدنان.301 : .52
(ت) البخاري.263 :
تعج بن الحرب بن ساعدة بن نبت بن البد بن معزب بن عبيد.307 :
هنشل بن الشاهد بن عك بن عدنان: بدر المشاعلي.216 :
.292 برهام بن كعب بن محمد الفارسي:
توران شاه بن أيوب.116 : .313
تيم بن سملقه بن الحباب.259 : البسالط بن مذهبة بنت دهينة.290 :
تيم بن لعسان بن عامر بن غافق:
بشر بن عبد اهلل بن وداعة بن الراقب:
.289
.298
(ث)
بشير بن حامد بن معزب.308 :
ثابت بن كثير بن عامر بن غنم بن عبيد
البطيح بن الهجيش بن سليمان
بن ثوبان.316 :
األكدل.312 :
ثوبان بن عبس بن سخارة بن غالب
بعج بن صخر.295 ،295 :
بن عبد اهلل بن عك بن عدنان،301 :
بنت جابر (الشيخة).206 ،199 :
.302
بنت جوزا.219 :
(ج)
بنت السوودي.202 ،201 :
الجابر بن كثيب بن عبد اهلل بن زجران
بن دهينة.290 : بنت النقاش.210 ،209 :
361
تاريخ وطيوط
362
الفهارس
363
تاريخ وطيوط
364
الفهارس
365
تاريخ وطيوط
366
الفهارس
367
تاريخ وطيوط
368
الفهارس
369
تاريخ وطيوط
370
الفهارس
371
تاريخ وطيوط
عبد اهلل بن جعمان،180 ،123 : عبد عمر بن نوفل بن عبد مناف:
.292 ،249 ،247 .329
عبد اهلل بن راشد.257 : عبد القادر الجيالين،140 ،128 :
عبد اهلل بن زجران بن دهينة.290 : .284
عبد اهلل بن زيد بن ذؤال.307 : عبد القادر بن علي بن محمد بن عبد
عبد اهلل بن صالح األكرب بن قحر: اهلل بن عمر بن أبي بكر بن عربد:
.297 .279
عبد اهلل بن الضاجع بن الحارث عبد القاهر عبد اهلل بن صالح األكرب بن
األكرب.315 : قحر.297 :
عبد اهلل الطحان.256 : عبد قصي (زيد) بن كالب.330 :
عبد اهلل بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللطيف بن علي بن محمد بن
يحيى بن محمد بن عمر بن الخليف: عبد اهلل بن عمر بن أبي بكر بن عربد:
.308 .279
عبد اهلل بن عك بن عدنان.301 : عبد اهلل بن إبراهيم بن أحمد بن موسى
عبد اهلل بن علي بن جعفر (الشاعر) = بن علي بن عجيل.310 :
ابن جعفر،201 ،190 ،187 ،126 : عبد اهلل األحول بن عبادة بن محمد
.298 الفارسي.311 :
عبد اهلل بن علي الهرملي.332 : عبد اهلل بن األذروح،289 :
عبد اهلل بن عمر بن أبي بكر بن عمر عبد اهلل بن أسعد بن علي بن سليمان
عربد.265 : اليافعي،152 ،151 ،68 ،34 :
عبد اهلل بن قائد العبادي.53 : .162 ،156
عبد اهلل القحري.313 : عبد اهلل بن أيمن الهرملي.305 :
372
الفهارس
عبس بن سخارة بن غالب بن عبد اهلل عبد اهلل بن قالب.227 ،226 :
بن عك بن عدنان.301 : عبد اهلل كُشر.276 :
عبس بن صحارة.299 : عبد اهلل بن محمد األحمر.265 :
عبس بن عبد اهلل بن عك بن عدنان: عبد اهلل محمد الحبشي.40 ،10 ،9 :
.299 ،52 عبد اهلل بن محمد بن عبد اهلل جمعان:
عبيد بن ثوبان بن عبس بن سخارة بن .60
غالب بن عبد اهلل بن عك بن عدنان: عبد اهلل بن محمد بن عبد اهلل بن عمر
.315 ،302 بن أبي بكر بن عربد.279 ،278 :
عبيد بن محمد الفارسي بن زيد: عبد اهلل بن محمد بن عبد اهلل الناشري:
.307 ،256 .91 ،90 ،37
عبيدة (السيدة) بنت عبيد بن ثوبان بن عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري:
عبس بن سخارة بن غالب بن عبد اهلل .329 ،35
بن عك بن عدنان.315 ،302 : عبد اهلل هادي الحكمي.6 :
أبو عبيدة بن الجراح.259 : عبد اهلل الناشري.146 :
عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية عبد اهلل بن يعقوب بن عمر الحكمي:
بن عبد شمس.329 ،328 : .147 ،138 ،137
عثمان بن أبي بكر بن عمر عربد: عبد مناف بن قصي (زيد) بن كالب:
.276 ،264 ،262 .330
عثمان بن أحمد بن عمر األهدل: عبد الواحد بن محمد بن أبي بكر بن
.142 عثمان الحكمي.81 ،79 :
عثمان بن إسماعيل بن علي بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن الربيهي:
إسماعيل بن عمر عربد.277 : .14
373
تاريخ وطيوط
374
الفهارس
375
تاريخ وطيوط
376
الفهارس
377
تاريخ وطيوط
378
الفهارس
380
الفهارس
381
تاريخ وطيوط
382
الفهارس
383
تاريخ وطيوط
محمد بن عبد اهلل بن عمر بن أبي بكر الحسين البجلي،53 ،52 :
محمد بن ُ
بن عربد.277 : ،66 ،65 ،62 ،61 ،60 ،57 ،55
محمد بن عبد اهلل المنسكي،247 : ،114 ،113 ،75 ،74 ،69 ،67
.249 ،161 ،160 ،132 ،129 ،127
محمد بن عبد اهلل الناشري،133 : .331 ،306 ،251 ،234 ،164
.148 ،145 محمد بن حمير الهمداين،59 ،33 :
محمد بن عبد اهلل بن يعقوب الناشري: ،202 ،200 ،199 ،130 ،114
.147 .295 ،230 ،229
محمد عبد المنعم الحميري.52 : محمد بن زكريا،201 ،200 ،199 :
محمد بن عثمان بن أبي بكر بن عمر .228 ،202
عربد.276 : محمد بن سوار.169 ،168 :
محمد بن عثمان بن إسماعيل بن علي محمد شبيل.261 :
بن إسماعيل بن عمر عربد.277 : محمد الشفلوت.242 :
محمد بن عثمان بن محمد بن عثمان محمد بن طلحة الدميلي.274 :
بن أبي بكر بن عمر عربد.277 : محمد عبد القادر بامطرف.52 :
محمد بن علي بن أبي بكر بن موسى محمد بن عبد اهلل.244 :
النهار.324 : محمد بن عبد اهلل الدهني.292 :
محمد بن علي بن إسماعيل الحضرمي محمد بن عبد اهلل الريمي.279 :
الشافعي الصغير.264 ،262 : محمد بن عبد اهلل الصويف الدهني:
محمد بن علي األشخر.146 ،37 : .127 ،125 ،124
محمد بن علي (اإلمام)،93 ،20 : محمد بن عبد اهلل بن علي الهرملي:
.99 .299 ،131
384
الفهارس
385
تاريخ وطيوط
386
الفهارس
387
تاريخ وطيوط
389
تاريخ وطيوط
390
الفهارس
391
تاريخ وطيوط
،279 ،273 ،272 ،271 ،254 بيت عطا.266 ،246 ،175 ،164 :
.301 ،298 ،284 ،282 ،280 بيت عفي.114 :
هتامة،17 ،16 ،15 ،11 ،10 ،6 : بيت عقار.137 :
،28 ،27 ،26 ،24 ،22 ،21 ،19 بيت علي.80 :
،51 ،38 ،35 ،33 ،32 ،31 ،30 بيت الفقيه.258 ،237 ،170 ،51 :
،136 ،135 ،96 ،93 ،77 ،57 ،52 بيت الكمل.307 :
.303 ،292 ،261 ،259 بيت كويز.308 :
(ج) بيت المدور،114 ،105 ،80 :
جازان.225 ،76 : .316 ،296
جامع عدينة.279 : بيت المفحق.285 :
جامع المراوعة.326 ،142 : بيت المقدس.257 ،89 :
الجبل.190 : بيت المؤيد.187 :
جبل ابن السميل: بيت ميقا.116 :
جبل الموسم.311 : بير أبو بكر.86 :
جبلة.255 ،222 ،211 : بيروت.52 ،51 :
جبير.303 : (ت)
الجثة.206 : التحتيا.295 :
الجحمة.138 : التحياتا.168 ،97 :
الجدون.300 : الرتبات.304 :
جر الوعرة.250 : الرتيبة.306 ،257 ،242 ،193 :
جراجر.257 ،192 ،191 : تعز،150 ،124 ،95 ،31 ،30 :
الجرف.83 : ،232 ،230 ،211 ،170 ،161
393
تاريخ وطيوط
394
الفهارس
رمع (رماع)،254 ،253 ،237 ،51 : الدهنة (جبل).287 ،127 ،117 :
.328 ،298 ،295 ،288 الدهنين (جبل).244 :
الروحا.293 : الدهينة.292 ،83 :
الروضة.79 ،78 ،74 : دوعن.107 :
ريمة.134 ،51 : الدومة.303 :
ريمة األشباط.261 : الديار الشامية.221 :
(ز) (ذ)
الزاري.90 : ذؤال،23 ،22 ،21 ،20 ،17 ،15 :
الزاوية.305 : ،65 ،64 ،51 ،38 ،30 ،27 ،24
زبيد،100 ،51 ،36 ،19 ،13 ،12 : ،190 ،184 ،181 ،147 ،145
،119 ،114 ،113 ،106 ،104 ،230 ،213 ،197 ،194 ،191
،166 ،165 ،161 ،160 ،143 ،300 ،288 ،261 ،257 ،237
،205 ،193 ،185 ،184 ،170 .314 ،311 ،308
،216 ،214 ،213 ،210 ،207 ذي أشرق.255 :
،224 ،223 ،220 ،218 ،217 ذي األغرب.56 :
،253 ،243 ،241 ،236 ،231 (ر)
،264 ،263 ،262 ،261 ،254 الراحة.126 :
،271 ،270 ،269 ،268 ،265 الرامية.53 :
،276 ،275 ،274 ،273 ،272 ربع الجامع.165 :
،283 ،282 ،279 ،278 ،277 الرد.230 ،84 ،80 :
،297 ،296 ،295 ،294 ،291 رمان،190 ،151 ،150 ،61 ،59 :
.327 ،326 ،306 ،300 ،298 .228 ،194
395
تاريخ وطيوط
396
الفهارس
397
تاريخ وطيوط
القحمة،132 ،104 ،94 ،62 ،56 : عواجة،66 ،65 ،61 ،54 ،53 ،11 :
،263 ،261 ،245 ،244 ،161 ،149 ،81 ،80 ،78 ،70 ،69 ،67
،270 ،269 ،267 ،266 ،265 .234 ،230 ،182 ،160
،303 ،283 ،278 ،276 ،271 العيدية.285 :
.314 ،313 عيذاب.162 :
القدير.315 : (غ)
القرتب.254 : الغانمية،106 ،94 ،93 ،88 ،80 :
القرشية.329 ،328 : ،154 ،125 ،120 ،112 ،109
قرطبة.258 : .318 ،231 ،230 ،158
القرة.229 ،62 ،61 ،59 : غبيش.148 :
القريسا.85 : غسيقنة.304 :
القطر الشمالي.322 : الغصن.165 ،164 :
القطيع.289 : (ف)
القفيري.113 : فشال،193 ،185 ،181 ،161 :
القمة.77 : .305 ،256 ،255 ،206
القيانة.288 : (ق)
(ك) قاضية.300 :
كب.304 : قاف (جبل).184 ،109 :
الكثيب.125 : قامرة.254 :
كثيب المقاصرة.288 : القاهرة.235 :
الكدراء،83 ،72 ،67 ،62 ،24 : القحراء (القحرية)،207 ،127 :
،127 ،114 ،113 ،99 ،94 ،93 .289
398
الفهارس
المحالب،100 ،96 ،74 ،20 : ،165 ،164 ،161 ،154 ،147
،172 ،169 ،160 ،159 ،101 ،267 ،251 ،246 ،212 ،211
،250 ،234 ،215 ،214 ،179 .328 ،283 ،282 ،278 ،268
.283 الكرش (حصن).93 ،92 :
المحانقة.317 : كلب بن هل بن شبوة بن ثوبان بن
المحايقة.120 : عبس.314 :
المحرتق.304 : بنو كيدح (قرية).288 :
المحراق.304 : (ل)
المحفور.258 : لحج،107 ،106 ،105 ،75 ،10 :
محل جردي.308 : .319 ،258
محل رويدة.311 : لعسان (جبل).296 ،289 ،259 :
محل عقبى.327 : الالمية،258 ،237 ،136 ،131 :
محل عيسى.56 : .297 ،294 ،291
محل القلقل.297 : (م)
محل قيس.295 : المتينة.210 :
المحيلة.317 : مجامشة.258 :
المخالف السليماين.235 : المجاملة258 :
المدالهة.258 ،194 : المجبلة.83 ،82 :
المدبي.254 : المجدي.294 ،293 :
المدرسة األتابكية.279 : المجراعة.313 :
المدرسة األفضلية.273 : مجيمش.258 :
المدرسة التاجية.275 ،269 ،265 : المحاجنة.304 :
399
تاريخ وطيوط
400
الفهارس
401
تاريخ وطيوط
402
الفهارس
403
تاريخ وطيوط
404
الفهارس
405
تاريخ وطيوط
406
الفهارس
407
تاريخ وطيوط
408
الفهارس
409
تاريخ وطيوط
413
تاريخ وطيوط
فهرس الموضوعات
المقدمة 5...................................................................
دراسة المؤلف والمخطوط9................................................
المؤلف ونشأته9............................................................
-1اسم المؤلف 9....................................................
-2أسرته ونسبه11...................................................
-3مولده ونشأته12..................................................
-4مكانته العلمية 13.................................................
عصر المؤلف 15...........................................................
موضوع المخطوط17......................................................
أسباب التأليف 20..........................................................
أهمية المخطوط 23........................................................
مما يؤخذ على مؤلف كتاب «تاريخ وطيوط» 32............................
مصادر المؤلف 34.........................................................
منهج المؤلف 38...........................................................
وصف نسخ المخطوطات40...............................................
منهج التحقيق 42...........................................................
نماذج من النسختين المخطوطتين 44.......................................
414
الفهارس
التحقيق49.................................................................
يف ذكر إبراهيم بن محمد بن الحسين69.....................................
نذكر السادة بني المكدش 81...............................................
الشريف أحمد بن محمد الرديني 121......................................
إبراهيم بن زكريا 123......................................................
ذكر بني حربة 155.........................................................
ثم نذكر الفقيه محمد بن يعقوب 159......................................
بنو عجيل 180.............................................................
بيت بن جعفر 187.........................................................
عمر بن عدنان190.........................................................
ترجمة السادة بني النهاري 324.............................................
األهدل أوالده 324.........................................................
قف على بني 326.........................................................
المالحق 335..............................................................
المصادر والمراجع337....................................................
ً
أول -المصادر 337.................................................
ثانيًا -المراجع 348.................................................
الفهارس355..............................................................
415