االشجار العالية الكثيفة و الحيوانات الملونة الجميلة و
االزهار الحمراء و الصفراء والبرتقالية والبيضاء .كانت الدجاجة السمينة كوكي تحتضن بيضها بكل حب و حنان٠ و كم كانت فرحتها كبيرة الن جميع الفراخ خرجوا بصحة جيدة فخاطبتهم قائلة :
-يا صغاري االعزاء سأعلمكم التقاط الحب بمناقركم و
تدريبكم حتى تكبروا ويشتد عودكم .تتقدم الدجاجة كوكي فراخها و تسير بخطى متئدة على قدر خطوات صغارها فتتحول هنا و هناك يقظة العين مرهفة السمع و تنبش االرض بحثا عن حبوب أو حشرات…
قدرتهم على التنقل ،وأصبحوا قادرين على البحث والنبش والبطش ،والتخاصم والشجار والتمرد على الكبار :إنهم ليسوا استثناء في هذا الزمان ،وحتى لو كانوا من فصيلة الحيوان. وفي يوم من األيام كان الطقس صحوا رائقا و السماء صافية ال تعكر صفوها سحابة و الشمس مشرقة يعم نورها الكون نهضت الدجاجة السمينة في الصباح الباكر كعادتها وكلها نشاط و حيوية خرجت مع فراخها تبحث عن قوتها و قوت صغارها و ال تترك فراخها تبتعد عنها خوفا عليهم من الثعلب الماكر .سمعت كوكي كتكتة أحد الفراخ
فأسرعت إليه تستطلع األمر :إنه نيسب نمل يسير في
نظام و دقة كان مهندسا بارعا قد صممها وهي محملة بالغذاء و الحبوب و المواد القابلة للتخزين كل هذا يحدث بنظام فائق الدقة…ال يوجد خلل او خطا سبحان هللا. فرحت كوكي كثيرا وتهللت أسارير وجهها و التمعت عيناها انها وليمة ستشبعها و تشبع فراخها دون أن تبتعد كثيرا عن قنها ،فالمتربصون والغادرون والحاسدون ال تغمض لهم جفون وال تنام لهم عيون . تقدمت كوكي وأعطت اإلشارة ألبنائها لإلستئثار بهذه الغنيمة ،فمنهم من سن منقاره استعدادا لألكل ،ومنهم لم ينتظر ،وانقض مباشرة ينقر ويزدرد الواحدة تلو األخرى ،ولكن نملة كبيرة الحجم تبدو عليها عالمات القيادة والتنظيم والتسيير والريادة ،رفعت رأسها صائحة : -تمهلوا ...تمهلوا .. توقف الجميع واشرأبت األعناق لسماع هذا النداء : -أيتها الدجاجة الرحيمة ،يا صديقتي الناشطة البهية ، أبقاك هللا لفراخك ،وأدام عزك وأفراحك :فهال تركتنا لحالنا فنحن بصدد العمل وادخار المؤونة للشتاء ،وأنت تعلمين أننا ال نستطيع الخروج في ذلك الفصل ،فصل األمطار والبرد والزمهرير واألنواء . أجابت الدجاجة األم : -لك الحق في ذلك ،ولكن مم سأقتات ؟ مم سأطعم صغاري ؟ فكرت النملة قليال ثم قالت: -سأرشدك الى بيدر قريب من هنا ،به من القمح والشعير ما يكفيك ألسابيع عديدة. ظهر على وجه األم التصديق واالقتناع بما قيل لها ،لكن فرخا من فراخها تدخل قائال : -كيف تصدقين هذا الكالم يا أمي ؟ إنه كذب وتضليل ، فهذه النملة تريد أن تنجو من الموت هي وأصحابها ،وال تنسي بأن الضعيف يستعمل كل أساليب الخداع والحيلة للتخلص من خصمه ،فال تكوني ساذجة يا أمي فنحرم من هذه الوليمة .أردف آخر : -لعل هذه النملة صادقة ،وأنا ال أشك في كالمها ، والدليل على ذلك ،هو أن البعض من أصحابها يحملون حبات قمح أو شعير . -إن هذه الحبيبات هي للتمويه والحيلة أيها األخ الغبي ولعل الثقة المفرطة في اآلخرين ،سذاجة وغباء .همت األم بالكالم لكن واحدا من فراخها نط فوق ظهرها وقرب منقاره من أذنها وقال باستهزاء وتهكم : -ما رأيكم لو نقوم بعملية القرعة لنحدد القرار الذي يمكن اتخاذه ؟ استدارت كوكي بسرعة وانتفضت كأنها تجبر فرخها على النزول من فوق ظهرها : -أيها الشقي… ايها التعيس الغبي :ألم أقل لك كم مرة بأن ال تمزج الجد بالهزل ؟ أال تعلم بأن لكل مقام مقاال … - -هذا رأيي يا أمي. -ال … ال … لو كان ما قلته رأيا لقبلناه واحترمناه حتى لو كان خاطئا وبعيدا عن الصواب ،ولكنك قصدت إثارة انتباه الجميع وإضحاكهم ،ونسيت أن الهزل في غير موضعه يحط من شأن صاحبه. شعر الفرخ بأنه دفع غاليا ثمن تهكمه المجاني ،فلم يتردد في طلب العفو من أمه وإخوته ثم إبتعد وأخذ مكانا خلف الجميع .رفعت كوكي رأسها كأنها تريد أن تعود إلى موضوعها األصلي لكنها وجدت الجدال واالختالف مازال قائما بين اإلخوة ،فخافت أن يتحول إلى شجار ...أعادت النظر إلى النيسب الذي أبهرها حسن تنظيمه ،وبعد تفكير وروية قالت الدجاجة كوكي « :اسمعوا يا صغاري : مهما كانت نية النمل ،فأنا لن أسمح لكم بأن تمسوه بأي سوء وعلينا بالتوجه اآلن إلى البيدر ،وحتى إن كان في ذلك خدعة كما قلتم .....فموقفي هذا ليس سذاجة كما تتهامسون وال ضعفا كما تتوقعون ،ولكن تقديرا لهذا النمل الذي يعمل صباحا مساء وال يتعب وال يكل ،أنا ال أسمح لنفسي وال لصغاري بتعطيل عمل هذا الجيش من الكادحين الذين يكدون من أجل تأمين مستقبلهم ومستقبل صغارهم» . لم يرد واحد من فراخ الدجاجة ،بل وافقوا أمهم على ما اتخذته من قرار .فال نجاح لمجموعة وال جماعة بدون تشاور واخترام وطاعة. لم تقطع الدجاجة وفراخها مسافه طويله حتى الحت لهم من بعيد ساحة فسيحة تكدس فيها أكوام السنابل و أكياس الحب :إنه البيدر الذي أرشدهم إليه قائد النمل . وما إن وطؤوا المكان حتى أخذت كل مجموعة طريقها : هؤالء صعدوا فوق النورج وأولئك اعتلوا ربائط التبن ،وأما البقية تحلقوا حول أمهم يأكلون مما تأكل. و في االثناء كان يوجد ثعلب جائع يبحث عن الطعام في كل مكان و ظل يبحث و يبحث و يقول في نفسه : -انا جائع جدا كيف لي ان اتمكن من العثور على شيء اكله. فجأة لمح الدجاجة و فراخها ففرح و هز ذيله طربا فاختبا وراء شجرة باسقة ينتظر الفرصة و يلتهمهم جميعا. قفز الثعلب قفزة هائلة و قد التمعت عيناه خبثا و شرورا شلت حركة كوكي و صغارها . شاهدت ملكة النمل المأزق التي وقعت فيه الدجاجة فقالت لجيشها : استعدوا لعدو شرس اذا تعاونا جميعا سوف ننتصر عليه و نغلبه انشاء هللا ثم أردفت : التعاون يجعلنا اقويا هاجم الثعلب المكار الدجاجة و فراخها إال أنهم لم s يستسلموا للهجوم بل هاجمت بمناقرها و لحق بها النمل ،مجموعة تهاجم عيني الثعلب و مجموعة تهاجم فمه وأخرى تدخل إلى أذنيه و واصل النمل عضه و قرصه
و بعد صراع أدرك الثعلب أنه لن يتمكن من الفوز و لم
يبقى أمامه سوى أن يلوذ بالفرار استطاع النمل ترسيخ مبدأ في االتحاد قوة لقد استطاعوا طرد الثعلب دون إلحاق أية خسائر . فرحت الدجاجة و تقدمت نحو قائدة النمل قائلة ل ك في هذا الزمان قلي ٌ كيف أشكرك يا صديقتي و من مثل ِ لو ال صنيعكم لكنت أنا و صغاري طعاماً لذلك الماكر ال تشكريني يا صديقتي هذا واجبنا أنت تركتنا في حال _ سبيلنا نجمع مؤونتنا لفصل الشتاء فما جزاء اإلحسان إال إلحسان تعلمت الدجاجة كوكي درسا مهما :التعاون يجلب القوة و االتحاد و مواجهة المخاطر سويا يجعل األشرار يفرون بعيدا و يهربون على الفور و لذلك يجب دائما االتحاد و عدم المحاربة بشكل منفرد و عدم الفرار من المشاكل و الهروب منها بينما يجب مواجهتها و الوقوف بجانب بعضكم البعض للتغلب على أي خطر