You are on page 1of 4

‫شبكة األلوكة ‪ /‬آفاق الشريعة ‪ /‬مقاالت شرعية ‪ /‬علوم الحديث‬

‫أوتيت الكتاب ومثله معه‬


‫د‪ .‬زكريا شعبان الكبيسي‬

‫مقاالت متعلقة

‫تاريخ اإلضافة‪ 1/10/2019 :‬ميالدي ‪ 2/2/1441 -‬هجري


‫الزيارات‪
82103 :‬‬

‫أوتيت الكتاب ومثله معه‬

‫‪ ‬‬
‫اْلِك َت اَب َو ِم ْث َلُه َم َع ُه ‪َ ،‬أ اَل‬ ‫َع ِن اْلِم ْق َد اِم ْب ِن َم ْع ِد ي َكِر َب اْلِك ْن ِد ِّي َرِض َي اُهلل َع ْن ُه ‪َ ،‬ق اَل ‪َ :‬ق اَل َر ُس وُل اِهَّلل َص َّلى اُهلل َع َلْي ِه َو َس َّلَم ‪َ(( :‬أ اَل ِإ ِّن ي ُأ وِت يُت‬
‫ِم ْن َح اَل ٍل َف َأ ِح ُّلوُه‪َ ،‬و َم ا‬ ‫ِإ ِّن ي ُأ وِت يُت اْلُق ْر آَن َو ِم ْث َلُه َم َع ُه ‪َ ،‬أ اَل ُي وِش ُك َرُج ٌل َي ْنَث ِن ي َش ْب َع اًن ا َع َلى َأ ِريَكِت ِه َي ُق وُل ‪َ :‬ع َلْي ُكْم ِب اْلُق ْر آِن ‪َ ،‬ف َم ا َو َج ْد ُت ْم ِف يِه‬
‫ِم ْن َم اِل ُم َع اَه ٍد ِإ اَّل َأ ْن‬ ‫َو َج ْد ُت ْم ِف يِه ِم ْن َح َر اٍم َف َح ِّر ُم وُه‪َ ،‬أ اَل اَل َي ِح ُّل َلُكْم َلْح ُم اْلِح َم اِر اَأْلْه ِل ِّي ‪َ ،‬و اَل ُكُّل ِذ ي َن اٍب ِم َن الِّس َب ا ‪َ ،‬أ اَل َو اَل ُلَق َط ٌة‬
‫ِع‬
‫َي ْس َت ْغ ِن َي َع ْنَه ا َص اِح ُب َه ا‪َ ،‬و َم ْن َنَز َل ِب َق ْو ٍم ‪َ ،‬ف َع َلْي ِه ْم َأ ْن َي ْق ُر وُه ْم ‪َ ،‬ف ِإ ْن َلْم َي ْق ُر وُه ْم ‪َ ،‬ف َلُه ْم َأ ْن ُي ْع ِق ُب وُه ْم ِب ِم ْث ِل ِق َر اُه ْم ))[‪.]1‬‬

‫‪ ‬‬

‫وَع ْن ُع َبْي ِد اِهَّلل ْب ِن َأ ِب ي َر اِف ٍع ‪َ ،‬ع ْن َأ ِب يِه َرِض َي اُهلل َع ْن ُه ‪َ ،‬ع ِن الَّن ِب ِّي َص َّلى اُهلل َع َلْي ِه َو َس َّلَم َق اَل ‪(( :‬اَل ُأ ْلِف َي َّن َأ َح َد ُكْم ُم َّت ِك ًئ ا َع َلى َأ ِريَكِت ِه َي ْأ ِت يِه‬
‫اَأْلْم ُر ِم ْن َأ ْم ِر ي ِم َّم ا َأ َم ْر ُت ِب ِه َأ ْو َن َه ْي ُت َع ْن ُه َف َي ُق وُل ‪ :‬اَل َن ْد ِري َم ا َو َج ْد َن ا ِف ي ِك َت اِب اِهَّلل اَّت َب ْع َناُه))[‪.]2‬‬

‫‪ ‬‬

‫بيان غريب الحديث‪:‬‬

‫♦‬ ‫((يوشك))‪ :‬من أوشك‪ ،‬أي‪ :‬قرب‪.‬‬

‫♦ ((أريكته))‪ :‬السرير في الَح َج َلة‪ ،‬وال يسمى منفرًد ا أريكة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو كل ما اُّت ِك ئ عليه‪.‬‬

‫♦ ((لقطة))‪ :‬الُّلقطة‪ :‬ما وجدته مرمًّي ا في األرض‪ ،‬ال تعرف له صاحًب ا‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫أهم ما يستفاد من الحديثين‪:‬‬


‫فيهما داللة على صدق نبوته صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬لذلك وضعها الحافظ البيهقي في كتابه دالئل الُّنبوة؛ إْذ نَّب ه فيه وأخبر صلى‬ ‫♦‬
‫اهلل عليه وسلم عن أناس سيأتون من بعده يردون فيه السَّنة الَّنبوية‪ ،‬مقتصرين على القرآن في زعمهم الكاسد‪ ،‬وفهمهم العاطل‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وقد وصفهم الَّنبُّي صلى اهلل عليه وسلم بالشبع واالتكاء على األريكة‪ ،‬واالتكاء يدل على المعاني التالية‪ :‬التكبر والتجبر والبطر‪،‬‬ ‫♦‬
‫والقعود عن طلب العلم وتحصيله والسعي وراءه؛ قال العاَّل مة القاري (‪1014‬هـ) رحمه اهلل‪( :‬وفيه إيماء إلى أَّن من َكُث َر أكله ال يقدر‬
‫على استمساك نفسه‪ ،‬ويمكن أن يكون قوله (شبعان) كناية عن غروره بكثرة علمه‪ ،‬وادعائه أن ال مزيد على فضله‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وفيه إشارة إلى أَّن السالك ينبغي أن يكون دائًم ا حريًص ا في طلب العلم كالجيعان في طلب الرزق؛ قال اهلل تعالى‪َ ﴿ :‬و ُق ْل َر ِّب‬ ‫♦‬
‫ْد ِن ي ِع ْلًم ا ﴾ [طه‪.]3[)]114 :‬‬ ‫ِز‬

‫‪ ‬‬

‫وفيه أَّن هؤالء المشككين يعيشون في الترفه والدعة والالمباالة‪.‬‬ ‫♦‬


‫‪ ‬‬

‫ويدل الحديثان على أَّن ه ال يجوز اإلعراض عن حديثه عليه الصالة والسالم؛ ألَّن المعرض عنه معرض عن القرآن أصاًل ؛ ألَّن اهلل‬ ‫♦‬
‫اَّل‬ ‫ْل‬ ‫َف‬ ‫ُل َف‬
‫يقول‪َ ﴿ :‬و َم ا آَت اُكُم الَّر ُس و ُخ ُذ وُه َو َم ا َن َه اُكْم َع ْن ُه اْن َت ُه وا ﴾ [الحشر‪ ،]7 :‬وقال تعالى‪َ ﴿ :‬و َم ا َي ْن ِط ُق َع ِن ا َه َو ى * ِإ ْن ُه َو ِإ َو ْح ٌي‬
‫ُي وَح ى ﴾ [النجم‪ ،]4 ،3 :‬ويقول تعالى‪َ ﴿ :‬ف اَل َو َر ِّب َك اَل ُي ْؤ ِم ُنوَن َح َّت ى ُي َح ِّكُم وَك ِف يَم ا َش َج َر َب ْي َنُه ْم ُث َّم اَل َي ِج ُد وا ِف ي َأ ْنُف ِس ِه ْم َح َر ًج ا ِم َّم ا‬
‫َق َض ْي َت َو ُي َس ِّلُم وا َت ْس ِل يًم ا ﴾ [النساء‪]65 :‬؛ قال حسان بن عطية الدمشقي (بعد‪120‬هـ)‪( :‬كان جبريل ينِز ُل على الَّنبِّي صَّلى اهلل عليه‬
‫وسَّلم بالُّس َّنة كما ينزُل عليه بالقرآن)[‪.]4‬‬

‫‪ ‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية (‪728‬هـ) رحمه اهلل‪( :‬فهذه النصوص توجب اتباع الرسول وإن لم نجد ما قاله منصوًص ا بعينه في‬
‫الكتاب‪ ،‬كما أَّن تلك اآليات توجب اتباع الكتاب وإن لم نجد ما في الكتاب منصوًص ا بعينه في حديث عن الرسول غير الكتاب‪ ،‬فعلينا‬
‫أن نَّت بع الكتاب وعلينا أن نَّت بع الرسول‪ ،‬واتباع أحدهما هو اتباع اآلخر؛ فإَّن الرسول بَّلغ الكتاب‪ ،‬والكتاب أمر بطاعة الرسول‪ ،‬وال‬
‫يختلف الكتاب والرسول البتة‪ ،‬كما ال يخالف الكتاب بعضه بعًض ا؛ قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َلْو َكاَن ِم ْن ِع ْن ِد َغ ْي ِر اِهَّلل َلَو َج ُد وا ِف يِه اْخ ِت اَل ًف ا َكِث يًر ا ﴾‬
‫[النساء‪ ،]82 :‬واألحاديث كثيرة عن الَّنبِّي صلى اهلل عليه وسلم في وجوب اتباع الكتاب‪ ،‬وفي وجوب اتباع سنته صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وسنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تفسر القرآن كما فسرت أعداد الصلوات وقدر القراءة فيها‪ ،‬والجهر والمخافتة‪ ،‬وكما‬
‫فسرت فرائض الزكاة ونصبها‪ ،‬وكما فسرت المناسك وقدر الطواف بالبيت‪ ،‬والسعي ورمي الجمار ونحو ذلك‪ ،‬وهذه السنة إذا ثبتت‪،‬‬
‫فإن المسلمين كلهم متفقون على وجوب اتباعها)[‪.]5‬‬

‫‪ ‬‬

‫وفيها دليل صريٌح على حجية السنة‪ ،‬وقد ُن قل اإلجماع على حجية السنة كثير من العلماء‪ ،‬منهم اإلمام الشافعي (‪204‬هـ) رحمه‬ ‫♦‬
‫اهلل إْذ قال‪( :‬وال أعلم من الَّص حابة وال الَّت ابعين أحدا أخبر َع ن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ِإ اَّل قبل َخ بره وانتهى ِإ ليه‪ ،‬وأثبت ذلك‬
‫سنة)[‪.]6‬‬
‫‪ ‬‬

‫♦‬
‫وفيها دليل على أَّن السنة وحٌي من اهلل جَّل وعال‪ ،‬وأَّن ه ال سبيل إلى َف هم القرآن إال بها‪ ،‬فهي المفسرة والشارحة والمقيدة له‪،‬‬
‫وهي تزيد عليه في األحكام‪ ،‬إًذ ا لن يصل أحٌد إلى اهلل إال عن طريق سنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫لذلك ما نراه من المبتدعة القرآنيين وأضرابهم من الفرق الضالة والمشككين في رد السنة تارة‪ ،‬وتشكيك بها تارة أخرى إنَّم ا هي‬
‫محاوالت إلبطال دين اهلل جَّل وعال‪ ،‬ولكن اهلل متم لنوره ولو كره المشككون‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وما هذا التشكيك الذي يشُّن على الحديث الشريف من ِق بل من ال خالق لهم في الدين والعلم إال تشكيك في السنة وصاحبها؛ لكي‬
‫يسعوا لمحاربة وإبطال الدين‪ ،‬فالناس إذا فقدت الثقة بالسنة تركت العمل بها‪ ،‬وإذا تركت العمل بها تركت الدين‪.‬‬

‫[‪ ]1‬أخرجه‪ :‬ابن أبي شيبة (‪ ،)24330‬وأحمد (‪ ،)17174‬واللفظ له‪ ،‬والدارمي (‪ ،)606‬وابن ماجه (‪
،)12‬‬
‫وأبو داود (‪ ،)4604‬والترمذي (‪ ،)2664‬والمروزي في السنة (‪ ،)244‬والطحاوي في شرح معاني اآلثار(‪ ،)6410‬واآلجري في‬
‫الشريعة(‪ ،)97‬والطبراني في الكبير(‪ ،)650‬وفي مسند الشاميين؛ له (‪ ،)1061‬والدارقطني في السنن(‪ ،)4667‬وابن عبد البر في‬
‫جامع بيان العلم وفضله (‪ ،)2343‬والبيهقي في الكبرى(‪ ،)13442‬وفي دالئل النبوة؛ له ‪ 549/ 6‬وابن بطه في اإلبانة (‪،)63‬‬
‫والخطيب في الفقيه والمتفقه ‪ ،262/ 1‬والحديث حَّس نه الترمذي (‪ ،)2663‬و(‪ ،)2664‬وصححه ابن حبان (‪ ،)12‬والحاكم (‪،)371‬‬
‫وله شواهٌد عَّد ة‪.‬‬

‫[‪ ]2‬أخرجه‪ :‬أحمد (‪ ،)23861‬والبخاري في التأريخ الكبير ‪ ،288/ 7‬وابن ماجه (‪ ،)13‬وأبو داود (‪ ،)4605‬واللفظ له‪ ،‬والترمذي‬
‫(‪ ،)2663‬والروياني (‪ ،)716‬والطحاوي في شرح معاني اآلثار (‪ ،)6412‬واآلجري في الشريعة (‪ ،)94‬والطبراني في األوسط‬
‫(‪ ،)8844‬وفي الكبير؛ له (‪ ،)934‬والاللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (‪ ،)98‬وابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله‬
‫(‪ ،)2342‬والبيهقي في معرفة السنن واآلثار (‪ ،)50‬وفي الكبرى؛ له (‪ ،)13441‬وابن بطة في اإلبانة (‪ ،)60‬وحسنه الترمذي (‪،)2663‬‬
‫وصححه ابن حبان (‪ ،)13‬والحاكم (‪ ،)368‬قلت‪ :‬وقد اختلف في إسناده وصاًل وإرسااًل ‪ ،‬ورَّج ح الحافظ الدارقطني في العلل‬
‫(‪ )1172‬رواية الوصل‪.‬‬

‫[‪ ]3‬مرقاة المفاتيح‪.247/ 1‬‬

‫[‪ ]4‬أخرجه‪ :‬الدارمي (‪ ،)608‬وأبو داود في المراسيل (‪ ،)536‬والمروزي في السنة (‪ ،)102‬والاللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل‬
‫السنة (‪ ،)99‬وابن بطة في اإلبانة (‪ ،)90‬والخطيب في الفقيه والمتفقة ‪.266/ 1‬‬

‫[‪ ]5‬مجموع الفتاوى ‪.86/ 19‬‬

‫[‪ ]6‬مفتاح الجنة في االحتجاج بالسنة؛ للسيوطي‪.34 :‬‬


‫حقوق النشر محفوظة ©
‪1443‬هـ ‪2022
/‬م لموقع األلوكة

‫آخر تحديث للشبكة بتاريخ ‪9/9/1443 :‬هـ ‪ -‬الساعة‪
12:20 :‬‬

You might also like