Professional Documents
Culture Documents
يوميات قاض
يوميات قاض
1
يوميات قاضٍ
الناشر :منشأة املعارف باإلسكندرية .جالل حزى ورشكاه.
44شارع سعد زغلول ت /فاكس 5503584 / 3033784
Email. Monchaa27@yahoo.com
2
يوميات قاضٍ
ُ
يوميات قاض
الواقع ساردًا
3
يوميات قاضٍ
4
يوميات قاضٍ
يوميات قاض
الواقع ساردًا
املستشار
بهاء املرى
الناشر
منشأة املعارف باإلسكندرية
2018
5
يوميات قاضٍ
6
يوميات قاضٍ
هذه اليوميات
ٍ
قاض ..حكايات من الواقعع أحداث ووقائع عاشها
مل يامرها خيال ..أتت بُلوها ومرهعا وشخوصعها لتسعتقر
ٍ
متكدسعة معن قاعايا ٍ
أوراق أمامه ععىل املنةعة نعمن آالف
متنوعة.
نظرها حينعا بعع إنسعان ي برقعإ إنسعانا معن خعالل
ٍ
لسعبإ أو آلخعر بع بعراان االهتعام ٍ
أحداث جسام ونعع بته
قاض يطبق القانون بُ ٍ
رفية بالغة ..ام بعع ٍ وحينا آخر بع
الرمحة وإعامل العقل واملنطق ىف أحيان أخرى ..ودائعام بعع
القانون الزاجر متى كان املجرم عاتيا ىف إجرامه.
وهو ىف هذا كلعه مل هيعدف إ إبعراز جعرم أو ترويعع
مشاعر قعارئ ..وال التهعوين معن ف ٍ
ععل إذا معا تعوافرت لعه
موجبات استعامل الرأفة مع ُمرم هو ىف النهاية إنسان.
وإنام كانت غايته التأمل ىف فعال البرش ..سواء ما
فعلوه بأنفسهم أوال ..أو ما فعلوه بغريهم وذوهيم اانيا
وآخرا ىف ُمتمعهم الذى يعيشون فيه ..وصوال إ تدبر يأخذ
بأيدينا إ طريق صواب ..وتنبيه إ أن أشجار الرش ال جينى
زارعها إال اامر الندم ..ام إمجاال دق نواقيس اخلطر.
7
يوميات قاضٍ
8
يوميات قاضٍ
اإلهداء
ُ
إىل كل من تسول له نفسه اتباع طريق الشر
لعله يتفكر كثريا قبل أن يطأه بأقدام
الرعونة.
9
يوميات قاضٍ
10
يوميات قاضٍ
تقديم
بقلم
األستاذ الدكتور
السعيد الورقى
أستاذ األدب احلديث والنقد
بكلية اآلداب جامعة اإلسكندرية
*******************
الواقع هو األدب الرشعى لكل احلكايات واألخبار
وأقةد بالواقع احلياة التى تدور بنا ومن حولنا مؤلفة رسد
الّسد ..أو رسد الواقع ..وهو رسد ملل احلياة بال منطق إال
الةدفة والةدفة غري املبرة ..فهى صدفة متتلك قانوهنا
اخلاص الذى ال حيتاج إ تبير أو تفسري منطقى يفّس به
اإلنسان حركة احلياة واإلنسان.
وعندما حيكى الواقع ..فالعشوائية واملةادفة
والفورية هى سمة هذا احل بكى ..وهى مفردات ال ترىض
الفنان حلياة موازية يركبها وإن اختار بعض تفةيالهتا أو كل
تفةيالهتا من أحداث احلياة الواقعية ..حيث يتدخل ىف
صياغة إعادة احل بكى ليُيل هذا الواقع القدرى إ رسد فنى
تتوافر فيه كل العنارص الّسدية الفنية وأواها القدرة عىل إعادة
11
يوميات قاضٍ
اجلدة وطزاجة الدهشة للمألوف والعادى ..ويساعدنا عىل
أن نراها من جديد وكأننا نراها للمرة األو ..أى حييل
الواقع إ فن ..مستغال إمكانات الّسد الفنى وحيلة األدائية
فيسهإ ىف التعامل مع الفااء الّسدى إذا كان رسده معتنيا
باملكان والزمان اللقافي وأارمها ىف تشكيل احلدث أو
الشخةية ..أو حياور الشخةية لتفةح عن مكنوهنا النفسى
ملا له من قيمة تأويلية ىف مسار حتريك األحداث ..أو يتابع
احلدث فيبدأ به الّسد بدايته النامية املتطورة ..أو يبدأ الّسد
من بؤرة احلدث أو من النهاية ليعود من خالل االسرتجاع
وتقنيات "الفالش باك" أو يستخدم تقنية االستباق الّسدى
أو غري هذا من حيل رسد احلدث ليةنع لنا حياة موازية حتيل
وقائع الواقع فنا.
هذا ما يفعله املستشار هباء املرى ىف حكاياته وقةةه
التى يقدم هبا ومن خالاها حكايات الواقع عندما يعيد
صياغتها ..فعل هذا ىف كتابه السابق "يوميات وكيل نيابة"
ويقدمه اليوم بوعى أكب وإدراك أوسع ملفهوم الّسد الفنى
ٍ
قاض". وحرفياته األدائية ىف كتابه اجلديد "يوميات
أحال املستشار هباء املرى الواقع فنا مستخدما صيغا
رسدية أكلر تطورا ىف الفهم واإلحساس والتذوق عن ح بكيه
السابق ..فقد اتسعت الرؤية لتتجاوز حدود رسد الواقع كام
12
يوميات قاضٍ
هو إ حتويل الواقع املّسود إ واقع فنى مع االحتفاظ
بمالمح وقائع الواقع املّسود ..ساعده ىف هذا وغلبه
مطاوعة أدوات الّسد وحرفية الةنعة إلحساس الكاتإ
وقد أصبح أكلر مترسا بأدواته ..وأكلر إحساسا بلغته الّسدية
ومتلكه األكلر قدرة جلامليات األداء الّسدى ..وأكلر وعيا
للمامون املختار وأبعاده االجتامعية واألخالقية والفكرية
الفلسفية والنفسية وعالقة كل هذا بقاايا الواقع وقاايا
الفرد وقاايا اإلنسان والعالقة اجلدلية بينهام ..كام أصبح
الكاتإ هنا أكلر قدرة واحرتافية مع إدارة مفردات البناء
الّسدى والبناء داخل بنية تعدد الاامئر ..والّسد داخل
الّسد ..وحسن استخدام "تكنيك" الوعى بأكلر من مستوى
أدائى.
ٍ
قاض أو عندما يعيد الفنان ح بكى الواقع رسد يوميات
قةىص فنى مبدع ..فيه الواقع ..وفيه احلياة وفيه الفن
استمتعت بقراءته ..وال شك ىف أن القارئ سيجد فيه فنا
رسديا مجيال ..وسيجد فيه متعة اإلفادة ومتعة اإلحساس
وسُر احل بكى.
األستاذ الدكتور
السعيد الورقى
13
يوميات قاضٍ
14
يوميات قاضٍ
15
يوميات قاضٍ
يداه إ مناطق بعينها من جسدها يدرك جيدا مبتغاه من
العبث هبا ..ختور قواها ..تسلم له نفسها رانية ُمتارة
فتغرب مع غروب الشمس عذريتها.
مل تندم عىل فعلتها ..مل تزل تةدقه ..تتكرر اللقاءات
كانت"العشة" شاهدة عليها ..وعىل أرنها يتُرك يشء ما
ىف أحشائها ..ختبه به ..مل يشعر بندم ..مل يزل يعد بالوفاء.
تبدو عليها عالمات احلمل ..دوار وصداع وقىء .مل
تغإ هذه العالمات عن فطنة أمها ..ختلو هبا األم تقررها
فتقر بكل ما حدث ..تبتلع األم آالم نفسها ..تنةُها
بمقابلته ليُسم أمره وإال أبلغت والدها.
هترع إليه الطفلة بعفويتها ..تبلغه حديث أمها .تتغري
مالحمه ..تتسع عيناه وتلمع فيهام فكرة ..يأخذها ىف أحاانه
هيدهد عىل ظهرها ..يطمئنها إ وعوده مرة أخرى ..يفهمها
أن ظروفه املادية حتول اآلن دون الزواج وأن احلل هو إسقاط
محلها ولكن األم ستكون عقبة ..البد إذن من اخلالص منها.
يستقر كالمه ىف وجداهنا وكأنه منزل من السامء
قامت من ب أحاانه ..تقلةت عاالت وجهها وكأهنا
تستُرض ما سيكون ..تومئ برأسها أهنا موافقة.
16
يوميات قاضٍ
تعود إ البيت ..أمها ىف انتظارها ..كانت شاردة
زائغة العين وهى تتُدث معها ..وىف النهاية طمأن بتها
سيأتى غدا يا أمى ليخطبنى.
تستيقظ الطفلة من نومها ىف اليوم التا مبكرا .يشء
ما يدور برأسها ..األم تسُإ املاشية لتخرج هبا إ احلقل
تسري من خلفها ..ربط بت األم املاشية وتوجهت إ زراعة
البسيم ..جلست القرفةاء لتُةد منه شيئا إلطعامها
تتبعها الطفلة دون هدى ..مل يكن ىف ذهنها حتى اآلن خطة
ما لتنفيذ جرمها ..تقع عيناها عىل جسم خشبى اقيل يسميه
الفالحون "مدقة" كأنه "جاكوش" يةنع من اخلشإ
الستعامله ىف أغراض احلقل ..تلتقط "املدقة" من عىل
األرض ..األم توا حةاد البسيم ..كلامت حبيبها تطن ىف
أذنيها ..ترفع "املدقة" عالية ىف ااهواء ..هتوى هبا فوق رأس
أمها ..ينفجر بركان الدم من الرأس املغدور به ..توا
الرضبات ..صورة حبيبها وهو حيتانها وهيدهد عليها مل تزل
شاخةة أمام عينيها ..كلامته ترن ىف أذنيها ..تةري األم جلة
هامدة.
تتةل بُبيبها فورا عىل هاتفه النقال ..قتلتها ..هنأها
بقرب الزواج منها ..يسأاها عن طبيعة املكان ..قالت ىف
17
يوميات قاضٍ
حقلنا خلف املنزل ..ينةُها بإخفاء اجللة ..تنزح إ الدار
تأتى بإناء حيتفظ فيه والدها "ببنزين" ماكينة الرى .تستُرض
من املطبخ "والعة" ..تسكإ البنزين عىل اجللة وترضم
النار فيها ..تغادر املكان ..تتوجه إليه ىف "العشة" .مل يكن
هناك تتةل به عىل هاتفه املُمول ..تسمع العبارة الشهرية :
"ااهاتف قد يكون مغلقا أو خارج نطاق اخلدمة" !
18
يوميات قاضٍ
19
يوميات قاضٍ
يّس العشيق ..حت منه ابتسامة ونظرة خبيلة .يسأاها
متى سيعود ..تفهم املغزى .تبتسم بملل ذات اخلبث .تغادره
دون إجابة ..تعود بعد دقائق كعروس ليلة زفافها ..هيإ
واقفا فاحتا أحاانه ..يطوقها بذراعيه ..يامرسان الرذيلة
حتى يعود الزوج.
يدق الاُية جرس الباب ..هيرع العشيق إ
دوالب املالبس ىف غرفة النوم ..تفتح هى الباب ..يفرك
الزوج عينيه ..يسأاها :من أنت ..تاُك بخبث ..تداعبه
تالطفه ..يشتهيها كزوجة ..يغلبه النعاس ..تستدعى
العشيق من الدوالب كاخلطة املرسومة عب "رنة" عىل هاتفه
النقال ..يرج بالفوطة املبللة ..يعتليان الّسير ..جيهزان
عليه ..يقاوم ..متسك بخةيتية بقوة ..تشل حركته .يكتامن
بالفوطة املبللة أنفاسة ..تةعد الروح إ بارئها.
يلتقطان أنفاسهام ..تنظر ىف عينيه ..ينظر ىف عينيها
تطوقه بذراعيها ..تتُرك رغبتهام من جديد ..يغادران إ
حجرة أخرى ..يامرسان الرذيلة قبل أن ينرصف.
يشيع النبأ ..يعرتفان ىف حتقيقات النيابة ..حياالن
للمُاكمة ..حيتل املُامون الةفوف اللالاة األول .تنشغل
20
يوميات قاضٍ
باقى الةفوف باألها ..تلتةق أجساد احلاور باألجساد
ختيم عىل األجواء حرارة األنفاس ..يفف احلاجإ حدهتا
بتشغيل مرواح السقف ىف عز الشتاء.
ينتةبان ىف قفص االهتام ..يواجههام القاىض
فيعرتفان ..قتلناه لنتزوج ..تبدأ اإلجراءات ..ينبى اانان
من كبار املُام للدفاع ..يطلإ القاىض منهام املرافعة
يتملمالن ..يستأجالن لالستعداد .يرفض األجل ..املتهامن
معرتفان فلتناقشا االعرتاف ..يرفاان ..يسوقان حججا
أخرى ..يرفض احلجج ..يدفعان بجنون العشيق ..يلبت
الدفع ىف حمرض اجللسة ..يرص عىل املرافعة.
يستشعر احلارضون ما حيدث ..تّسى ىف القاعة
مههمة ..تنبعث أصوات مكتومة تعرب عن نجر ..يدق
القاىض املنةة بمؤخرة قلمه الرصاص ..يعود الةمت إ
القاعة.
املُاميان يةمتان ..ينظر إليهام القاىض حمدقا
اللُظات متر رتيبة ..أع الناس مةوبة نُومها ..يبدو
احلنق عىل الوجوه ..القاىض يعيد الطلإ ..يتفتق ذهن
أحدمها عن حيلة جديدة ..نم حرز املالبس الداخلية
للمتهمة ..يقطع عليه القاىض مأربه ..يلبت ىف حمرض اجللسة
21
يوميات قاضٍ
طرحه له كدليل إدانة ..حيتد املُامى ..هيدئه القاىض .يعيد
ب
توجيهه إ املونوعية ..يةمم عىل الطلإ ..يفهم الناس
تلك املراوغة ..تعود ااهمهمة ..تنقلإ إ زُمرة مكتومة
يدق القاىض ىف هذه املرة عىل املنةة بيده ..يعود الةمت .ال
يمتلل املُامى ..جيادل من جديد ..يرفع القاىض اجللسة
يدخل القااة غرفة املداولة ..يتبعهم أم الّس ..يبلغهم أن
األستاذ طريح األرض يرضبه األها .
22
يوميات قاضٍ
23
يوميات قاضٍ
جذع شجرة يقطع الطريق ..يتوقف ..يرج عليه
أربع ببنادق آلية ..يقرتب منه أحدهم ..يةدر إليه أوامره
دع السيارة وأعطنى املفتاح ..الشاب قوى البنية ..يقاوم
يتبادالن اللكامت ..صورة وليده ومراسم السبوع تنتةإ
أمام عينيه ..يشتد ىف املقاومة ..يعود إ سيارته ..يتشبس
بمقودها ..جيذبه املجرم فال يستطيع ..يبتعد عنه ..يفرغ
عبوة البندقية ىف صدره ..يرتكونه جلة ىف سيارته وهيربون.
تتوافد األها عىل صوت الطلقات ..ينترشون بُلا
عن دليل ..يوا املجرمون الفرار ..تقابلهم سيارة عمالقة
يرتيلون لينفسح الطريق ..تلتقط كامريا أحد املقاهى صورة
ما يدور.
هيرع رجال الرشطة إ املكان ..يفرغون الكامريا
سيارة يستقلها أربعة ..بنادق آلية ىف أيدهيم ..يقباون عىل
صاحبها ..يرشد عن الباق وعن السالح ..يعرتفون أمام
النيابة.
ينتهى النبأ إ أهل القتيل .تسقط األم العجوز .تفقد
النطق ..تودع الزوجة الشابة العناية املركزة ..تنقلإ
األفراح إ أتراح.
24
يوميات قاضٍ
حيالون إ املُاكمة ..تعقد اجللسة وسط زحام
شديد ..تشدد الرشطة احلراسة عىل القفص ..مقعد متُرك
أمام املنةة تعتليه األم اللكىل ..الزوجة الشابة تلتُف
السواد ..تام رنيعها إ صدرها ..تقبض عليه بقوة
جسدها يرتعد ..حتاول إخفاء الرعدات دون جدوى .تتسع
عيناها وتروح رغام عنها إ القفص ..ام تعود ىف استكانة
لتتعلق باملنةة ..تبدأ اإلجراءات ..ينهض بالوقوف كوكبة
من املُام ..يتقدم كبريهم إ املنةة ..يةري دون أن
يدرى واقفا إ جوارمها ..يلتمس القااء بباءة املتهم
يلوا القااة إ أنفسهم ..حتال أوراق الدعوى إ فايلة
املفتى.
25
يوميات قاضٍ
26
يوميات قاضٍ
27
يوميات قاضٍ
ينةُه أحدهم أن يفاجئها ..أماه خطبت ولسوف
تعجبك العروس ..تغادره قبل أن يكمل ..تغلق عليها
حجرهتا ..تقاطعة.
يبدأ ىف جتهيز شقتة ..يبلغها لعلها ترجع ..تتسع
عيناها ..تكاد ب
أن جتُظ ..تقوم إ غرفتها ..تسري وكأهنا
متخشبة ..خاف من نظراهتا ..أوى إ حجرته.
جين عليها الليل ..تتزين ..ترتدى مالبس فانُة
تقتُم عليه حجرته ..تفاجئه ..سأعطيك ما تبُث عنه .ال
يةدق عينيه ..ال يةدق أذنيه ..يقوم مذعورا ..حتتانه
تنهال عليه تقبيال ..يدفعها ..تقرتب ..يتملص منها .حتكم
عليه قباتها ..توا ما تفعل ..تستمر ..تنهار مقاومته
يةري وأمه كزوج .
شهران ..االاة ..يعود إ رشده ..يشعر بندم .يكره
رص ..قال :لن أعود
نفسه ..يرفض ..تةمم ..يمتنع ..ت ب
ولو تقتليننى ..سأتزوج.
ترتكه ..تقف متةلبة .تسري ببطء إ غرفتها .جتلس
عىل حافة الّسير بمالبسها الداخلية ..ينبلج الةباح .تتوجه
إ حظرية املاشية ..تفتح علبة سم آفات القطن "النيت"
28
يوميات قاضٍ
تأخذ منها ملعقة ..تاع امللعقة ىف كوب اللبن ..تعد له
اإلفطار ..تقدم له اللبن ..ينقل إ املستشفى ..تةعد
الروح إ بارئها ..يقبض عليها ..تعرتف :حتى ال يناله
أحد !
29
يوميات قاضٍ
30
يوميات قاضٍ
ِغياب
سافر الزوج الشاب بعد شهر واحد من عرسه ..ع بقد
العمل ُم ٍز ال يمكن رفاه ..متتلل العروس الشابة لاغوط
احلياة ..تبقى مع أرسهتا حتى يعود ..الشقة غرفتان .تتقاسم
هى وشقيقها إحدامها والوالدان األخرى.
جلة ملولود مذبوح ..توا الرشطةيعلر الناس عىل ٍ
البُث والتُرى ..هو ابنها.
يواجهوهنا تعرتف ..شىء ما كان ينقةها ..حاولت
مقاومة غرائزها دون جدوى ..جتده هو أمامها ..يقايان
وقتا طويال من الليل معا ..الوالدان ىف غرفتهام ..تستدرجه
تبدأ بسؤاله عن عالقاته النسائية ..ال جيارهيا ..تقابله
بمالبس النوم كلام عاد متأخرا ..ال يكرتث ..تتةنع النوم
وتظهر شيئا من مفاتنها ..يغطيها ..يايق صدرها ..تعاود
الكرة ..مل يتوقع مأرهبا ..مل تفقد مجيع احليل.
تسهر ذات ليلة حتى يعود ..يبرصها بمالبس
فانُة ..هيم خارجا ..تغلق الباب ..تةارحه ..يقاومها
تتمكن منه ..متطره بوابل من القبالت ..ياعفان ..تةري
هى وشقيقها كزوج ىف غرفتهام املشرتكة.
31
يوميات قاضٍ
32
يوميات قاضٍ
سقطا فى اإلخراج
كان أحدهم يزور اجلار املالصق اهام ..ينزلق احلديث
إ سريهتا ..متارس الرذيلة مع الرجال دون متييز لقاء مال
يسأله الزائر عن علم زوجها ..يقول عنه " :هو منظم
املرور".
الداران متالصقان ..اقوب اجلدران تسمح بتبادل
سامع ما يدور ..يفهم الزوج املعنى ..تلور اائرته ..يرغى
ويزبد ..يقرر االنتقام.
يستل سكينا كبريا ..تتبعه زوجته ..تشد من أزره
يقتُامن عليه داره ..يتبئ الزائر ..يسدد للجار عرشين
طعنة ..يسقط قتيال.
حيمالن اجللة إ دارمها ..ياعاهنا ىف حجرة النوم
ترصخ ..هيرع إليهام اجلريان .هى بمالبس نوم فانُة .جلة
رجل ملقاة أرنا بعد تعريتها ..يقول الزوج كانا متلبس
بالزنا ..شهادة الزائر تفسد اإلخراج.
33
يوميات قاضٍ
34
يوميات قاضٍ
سراب وأطفال
صاح احلاجإ ص بيُته الشهرية ( حمكم به ) فهإ من
ىف القاعة واقف ..يبسط القاىض كفيه وهو يمد ذراعيه
لألمام فيجلسون.
جيول ببرصه ىف القاعة ..يلمح القفص احلديدى وقد
اكتظ عن آخره بمن فيه ..يأمر بإخراج أربعة عرش طفال
ويبىل اهم مقاعد ىف آخر القاعة.
يبدأ ىف فض األحراز ويأمر بتشغيل جهاز الفيديو عىل
شاشة العرض الكبرية ..تظاهرة كبى ..الفتات مناهاة
وقذف وإهانات ىف حق الوطن ومؤسساته.ٌّ سإ
للدولة ٌّ ..
تتوا املشاهد ..ختريإ ممتلكات ..إشعال شامريخ
ونع نار ىف حمالت ..إتالف سيارات ..قطع للطريق
بإطارات مشتعلة و .....و ......إلخ.
ت بظهر نمن األحداث مقاطع لألطفال ..يفعلون كام
يفعل الكبار ..يرددون من خلفهم ذات ااهتافات.
35
يوميات قاضٍ
يأمر القاىض بإيقاف التشغيل مؤقتا ..يأتى هبم من
آخر القاعة ..ترتواح أعامرهم ب ب اللاللة عرشة إ ما قبل
اللامنة عرشة.
يعاد التشغيل ببطء ..يااهى أشخاصهم عىل
الفيديو ..يواجههم ..فيعرتفون.
يةمت برهة ..يرخى عين بيه إ املنةة ..ي بطبق عىل
وترشئإ إليهب القاعة صمت ُميف ..حت بملق فيه األع
األعناق.
تتالحق ىف ذهنه تساؤالت شائكة ..هل يدرك هؤالء
األطفال ما يفعلون ..هل يؤمنون بام يرددون ..هل يعلمون
مغزى ما يةنعون .هل يستوعبون ىف هذا العمر ما يدور .أيا
ما كان األمر فقد باتوا ُمرم .
يستشعر أن صمته قد طال ..يسُإ نفسا عميقا
يرجه ز بفرة دون ص بوت ..يسأاهم برفق ليغوص حلظيا ىف
نفوسهم وهو يشري إ الشاشة :ملاذا ما رأينا ؟!
جييبون بتلقائية مفرطة وىف انكسار شديد :قالوا لنا
ستأخذون بعد املظاهرة ( تى شريتات ) !
36
يوميات قاضٍ
هوس
حراسات مشددة ..زحام ىف القاعة ..عدد جياوز
العرشين من جهابزة املُام حيرض معهم ..مرافعات
ساخنة.
ٍ
ساعات تنتهى خالاها يرفع القاىض اجللسة ..عدة
املداولة.
كانوا مخسة عرش ..يعرتف االاة منهم باستخدام
العنف ابتغاء إنقاذ الوطن ..تتأيد اعرتافاهتم بأدلة أخرى
دامغة ..ينكر الباقون وال يتوفر دليل ندهم.
جيهز احلاجإ القاعة للنطق باألحكام ..ينبه عىل
املوجودين ىف القفص بالرد عند النداء ..اللالاة األول
غائبون ..هربوا من سجنهم قبل املُاكمة ..الباقون
حارضون.
يةيح احلاجإ ( :حمكمة ).
ينطق القاىض باحلكم الةادر ىف حقهم ( :براءة ) .يرصخون
رغم براءهتم :يسقط يسقط حكم الع بسكر !.
37
يوميات قاضٍ
38
يوميات قاضٍ
قرابني الشيطان
مل يشأ القدر ب
أن يتوج حبهام املجنون بإنجاب أبناء ..مل
ي بفلح طوافهام بعيادات األطباء ومعامل التُاليل ىف إجياد أمل
حتى الدجالون طرقا أبواهبم دون جدوى ..أعيتهام مجيع
احليل عن أن جيدا لعقمه عالجا.
حزن شديد يسيطر عىل الزوجة الشابة ..ال تدع
وقتا يمر إال وأعربت فيه عن اشتياقها لألمومة ..يتأمل الزوج
من أجلها ..يريها ىف الطالق إيلارا اها كى تنجإ من غريه
فرتفض.
ٍ
إنجاب فام يطاردها أهلها ..سنوات متر رسيعا دون
جدوى العيش معه ..تزداد حزنا ومها ..ال تقوى عىل بعاده
مهام كان السبإ ..مل تتخيل يوما تعيش فيه حلظة واحدة
بعيدا عنه.
يواصل أهلها حمارصهتا ب بغية تطليقها ..ال تكف عن
كى
البكاء ..أصبح لساهنا مبُما عىل عبارة "أريد طفال ل ب
أبقى مع بك".
39
يوميات قاضٍ
مل يعد أمر اإلنجاب هيمه بقدب ر ما تؤمله أحزاهنا ..مل
يعد ي بقوى عىل رؤية دموعها الدائمة.
أمر جلل ..يواجهها ..سأحقق لك يتفتق ذهنه عن ٍ
ب
رغبتك ..يتهلل وجهها ..تنفرج أساريرها عن ابتسامة
عرياة ..بل تنتفض ىف مكاهنا واقفة لتسمع أخطر نبأٍ ىف
حياهتا.
تسأله ىف ٍ
اهفة بالغة ..هل كانت التُاليل كاذبة .هل
كانت لشخص آخر ونسبت إليك خطأ ..هل رأيت ليلة
ب
دعوتك ..قل كيف ..منذ متى القدر ودعوت فاستجيبت
تعرف ..وملاذا تركتنى ألتعذب ؟
يةمت حلظا ٍ
ت قبل أن يكمل حديله ..متر اللُظات
وكأهنا دهر ..يستجمع قواه ..يسُإ نفسا عميقا يرجه
تنهيدة حزينة ..يقول ..سآتيك بمن يعارشك ..ستكون أما
ب
أفارقك ! ولن
تسمرت مالحمها ..شلت أعااؤها ..أشاحت عنه
حلظيا بوجهها ..انتاهبا اخلوف ..تعود لتجلس ىف مكاهنا
عيناها مفتوحتان دون أن ترمش.
40
يوميات قاضٍ
اللُظات قاسية ..متر اقيلة اقيلة ..تستدير وكأهنا
متخشبة ..تاُك ىف هيسترييا ..حتتانه ..تغمره بوابل من
القبالت ..تعلن له موافقتها !
يقرتح للمهمة قريإ اها اعتاد زيارهتام ..حتدات ىف
األمر مع قريبها ..يرفض حتى يسمع ذلك من زوجها .يوجه
إليه الزوج ذات الطلإ ..ينزحان إ مدينة كبى ..تنتهى
املأمورية ..تسعة أشهر وتاع محلها !
تلور اائرة أهله ..يطردوهنا ..مل يستسلام ..يلتقيان
خلسة ..يفكران ..لو ختلةنا من الوليد عدنا ..يقتالن
الوليد ..يلتقيان فعال من جديد ..ولكن هذه املرة ىف قفص
االهتام.
41
يوميات قاضٍ
42
يوميات قاضٍ
ْ
ِوجدان
مل يةدق القاىض عينيه وهو يطالع أوراق الدعوى
تنتابه حالة مفاجئة من الدهشة ..تتةاعد دهشته كلام توغل
ىف القراءة ..ال يريد أن يةدق أهنا هى ..حياول إقناع نفسه
أن تشاهبا ىف األسامء إ حد التطابق هو ما حدث.
مل يبدأ اجللسة بام اعتاد أن يبدأ به ..وجده احلاور
يوجه برصه إ القفص منذ حلظة جلوسه عىل املنةة يتفُص
من فيه وهو يميل برأسه قليال يمنة ويّسة ..إهنا هى .انزوت
ىف الركن املالصق للباب مبارشة بعيدا عن الرجال.
يعود ببرصه أدراجه وقد بدت عىل مالحمه عالمات
األسى ..ينادى احلاجإ اسمها ..ينهض حماميها من ُملسه
يرشع ىف إبداء طلباته ..يرفع القاىض كف يده اليمنى
مبسوطا ىف مواجهته بام يعنى :انتظر ..ركن إ استجالء
احلقيقة بنفسه.
لقد اقرتب منها منذ ما يربو عىل أربع عاما ..أحبها
وأحبته ىف زمن الةبا ام تفرقت هبام السبل ..رقة قلبها
وسمو مشاعرها ال جيعالنه يةدق ما نسإ إليها من جرم
يقرر التأجيل لليوم التا ملناقشة الطبيإ الرشعى.
43
يوميات قاضٍ
حترش هبا القتيل فجرا وهى ىف انتظار املةعد .دفعتبه
فسقط أرنا وانتزعت منه مسدسه وأطلق بت منه عيارا ناريا
قطعى بالرأس يبلغ عرشة سنتيمرتات ٌّ استقر ىف رأسه ..جرح
ٍ
ملقذوف نارى علر عليه بمكان احلادث ..بنزف فتُة خروج
غزير وصدمة أديا للوفاة.
مل يأت الطبيإ الرشعى بتعليل لفتُة خروج
املقذوف النارى بغري فتُة دخول ..مل يذكر سببا للجرح
القطعى وهو ما ال حيدث من طلق نارى ..ومل ..ومل.
يأتى هبا من القفص ..تنظره نظرة طويلة متفرسه
ختفض وجهها لتتُاشى عينيه ..يوافق حماميها عىل مناقشتها
يسأاها القاىض وكأنه متيقن من براءهتا ..من كان معك .كيف
حدث اجلرح القطعى ..ملاذا فتُة خروج بغري فتُة دخول
للمقذوف وملاذا ..وملاذا ؟.
تلجلجت ..متتمت بعبارات مل تكملها ..تنساب
دموعها عىل خدهيا ..يطبق عىل القاعة صمت رهيإ ..ترفع
وجهها إ املنةة ..تنظر ىف عينيه وكأهنا تقول حقا أنت أعلم
بى منى ..قالت :القاتل ابنى ..اارت اائرته ح أدرك فعلة
القتيل معى ..رضبه رضبة قوية أطاحت به فاصطدم رأسه
44
يوميات قاضٍ
بُرف سور السلم ..رصفته ليُرض سيارة إسعاف ..كان
القتيل قد مات ..أمسكت باملسدس ..ونعته ىف اجلرح
وأطلقت منه طلقة ..قلت أفتدى ابنى ..اعرتف ابنى للرشطة
بُقيقة ما حدث ..ظنوه حيمل الوزر عنى فلم يةدقوه
وبقيت أنا عىل اعرتاىف فداء له ..هو مل يقتله كان يدفعه بعيدا
عنى.
يرفع القاىض اجللسة ..يرتاح وجدانه ..حييل القاية
لدائرة أخرى الستشعار احلرج.
45
يوميات قاضٍ
46
يوميات قاضٍ
كواليس اخليانة
صارت تكرهها كرها ال حدود له بعد أن أيقن بت
عالقتها بزوجها ..كانتا من قبل صديقت محيمت ال تفرتقان
معظم الوقت ..إبتلعت آالمها ومل تشأ افتعال مشكلة
فالةديقة تعرف عنها عالقتها هى األخرى بةاحإ كوافري
كان حيبها قبل زواجها.
العالقة شائكة ..الزوجان شقيقان ..وكل منهام
تتدخر رسا عن األخرى ..ولكنها استشعرت منها خطرا
أكب بعد أن صارت أرملة ..وملا راح يتذرع به زوجها من
وجوب رعايتها هى وابنها الوحيد بعد موت شقيقه عنهام.
مل يتوقف احلقد والتخطيط لتدمريها عند حد مع
راحت توسوس لزوجها بخطورة إمكانية زواجها وصريورة
اللروة الكبى التى خلفها شقيقه لغريإ جتلبه إليهم.
مل يعبأ بكالمها ..يستمر ىف الرتدد عليها ..يالحظ
تغيريا ملُوظا عىل حياهتا ..يظهر عىل مّسح األحداث ابن
عمها ..يزورها ىف أوقات كلرية ..نشبت بينهام خالفات
إن هى تزوجته ..فلروة ابن أخيه لن تذهإبسببه ..هددها ب
47
يوميات قاضٍ
لغريإ مهام كان اللمن ..تطرده من مسكنها وحتذره من
معاودة زيارهتا.
جتد زوجته مأرهبا ىف هذا احلدث ..تشتد وسوستها
له ..متأل قلبه حقدا عليها وعىل ابنها ..هذه اللروة ال جيإ أن
تايع سدى ..بل ابننا أو هبا ..أنت تعلم أهنا خائنة
ويمكنها تفايل ابن عمها عىل ابنها ..ف بليمت االبن لتعود
إليك اللروة.
يشيع نبأ عقد ابن عمها العزم عىل الزواج منها ..يغىل
الدم ىف عروقه ..يتذكر ما قالته زوجته ..يتملك منه
الشيطان ..يةمم عىل قتله.
يرتصدها حال عودهتا هى وابنها ىف ساعة متأخرة من
الليل ..يطلق عيارا ناريا صوب اإلبن فريديه قتيال ىف احلال
ويةيبها العيار ىف ذات الوقت وتنقل إ املستشفى.
حترض األم اللكىل جلسة املُاكمة ..يطلإ حماميها
سامعها ىف جلسة رسية إلبداء أقوال جديدة مل تقلها من قبل
ىف حتقيقات النيابة.
يرفع القاىض اجللسة ..يأتى باملتهم من القفص إ
غرفة املداولة ..توجه حديلها للقاىض وكأهنا جتيد املرافعة
48
يوميات قاضٍ
أعلم أنكم قد تقاون بإعدامه ..ولكنى أراها عقوبة غري
كافية فلسوف يسرتيح باملوت.
تستدير لتكون ىف مواجهة املتهم ..تتقلص عاالت
وجهها ..تاغط عىل أسناهنا بقوة وفكاها يتُركان يمنة
ٍ
بنظرات ينبعث منها الرشر ..ختاطبه وقد ويّسة ..حتدق فيه
اتسعت عيناها اتساعا غريبا ..أما أنت ..فقد جئت اليوم
ألقول لك ما مل تعلمه ..ألحرق قلبك قبل أن متوت .أتعرف
من الذى قتلته ؟ ..الذى قتلته هو ابنك .مح بلت به منك
أتذكر متى ..بالطبع أنت تذكر.
تةم بت ..تستمر حمدقة فيه للُظات ..يطبق
الةمت مع صمتها عىل املكان ..فغرت األفواه واتسعت
العيون ..يةاب املتهم بالذهول ..حيملق محلقة وكأن عينيه
أوشكتا عىل اجلُوظ ..يفتح فاه ليتكلم ..يتُرشج صوته
وال يقدر عىل الكالم ..بقى فاغرا فاه مادا يده إ األمام
ينتاهبا نُك هيستريى يقطع الةمت بةورة مأساوية تقول
والاُك يتعا ويتعا ..وابنك الذى ىف بيتك ليس ابنك
هو ابن فالن الكوافري ..يسقط املتهم عىل األرض ..تستمر
ىف الاُك ..يرفع القاىض اجللسة.
49
يوميات قاضٍ
50
يوميات قاضٍ
51
يوميات قاضٍ
يدخل الةديق كالعادة ..قةد ذلك املكان
املخةص للقاء الايوف ..تستأذنه لتعد له مرشوبا ..عىل
غري عادته يطلإ منها أن جتالسه ..مل يفعلها من قبل
إستدارت إليه متجهمة حمملقة وتيار من اخلوف املفاجىء بدأ
يّسى ىف أوصااها ..مل تنبس بكلمة ..وكأن صمتها يعنى
هات ما عندك.
تنفرج شفتاه عن ابتسامة ماكرة ..يلمع ىف عينيه مكبر
اخليانة ..تتسارع دقات قلبها ..تاغط فكيها عىل بعاهام ىف
حركة ال إرادية ..ينطق بعبارات غزل رصيح ىف مفاتن ٍ
جسمها.
خترج عن صمتها كالبكان املنفجر ..ترصخ فيه .ماذا
دهاك هذه الليلة ..أجننت أم أنك سكران ..ينتفض من
ُملسه ..ينقض عليها كاللور ااهائج ..تقاومه ..يشق قبلها
بعنفوان بالغ ..تدفعه دفعة قوية تلةقه باحلائط املقابل
ترصخ رصخة مدوية ..ينفتح الباب ىف ملح البرص ..جتد
زوجها من خلفها يسد فاها بكف يده.
تنفلت من ب يديه ..حتملق فيه بشدة وهى ترجتف
ٍ
بكلامت ال تريد مقاطعها أن تكتمل " :هو الذى .... تتمتم
52
يوميات قاضٍ
أنا فوجئت ....هو ....أنا .....ال أدرى ما " ....ام تنهار
لتدخل ىف نوبة من النُيإ.
الزوج هيدئ من روعها ..يامها إ صدره .ي بربت
عىل كتفيها ..تأنس إ أنه لن يسىء فهمها.
هتدأ قليال ..الةديق جيلس ىف مقعده ..ابتسامة
باهتة عىل شفتيه ..يتبادل مع زوجها نظرات غريبة ..يرد
عليه الزوج بابتسامة مماالة ..تواجهه بنظرة حادة بعين قد
اتسعتا إ درجة جُوظ املقلت ..يفهم زوجها النظرة
يتبسم ىف وجهها ..يبها هبدوء ..أنا الذى طل ببت منه ما
فعل !
تدفعه هو اآلخر دفعة قوية ..تفقد السيطرة عىل
أعةاهبا ..تبةق ىف وجهه عدة مرات .. ..تطلق رصخات
مدوية بقوة ما اعرتاها من نذالته ..يمأل الرصاخ أرجاء
املكان ..يتجمع اجلريان ..يبرصون قبلها وقد شق فأظهر
عورهتا ..يتُفظون عىل الةديق ..عبلا حاول الزوج
إاناءهم عن إبالغ الرشطة ..يزعم كذبا أنه الذى دفع به
الختبار خلقها.
53
يوميات قاضٍ
ت برتى باقى الوقائع ..كانا قد اتفقا عىل تبادل
الزوجات وفاز هو ببدء املارااون ..ب بيد أنه مل يقو ملل صديقه
عىل أن يطلإ منها ذلك فرتكه وشأنه معها ..كان الدور عىل
الةديق ىف حراسته املشددة وهو ينتظره خارج الباب.
54
يوميات قاضٍ
أسباب ما كان
عام مر عىل زواجهام مل يشعر خالله بانسجام تام
يشعر أن شيئا هاما مل يزل ينقةه ..حاول كلريا إفهامها ولكن
دون جدوى ..تةمم عىل قناعتها بعكس ما ينتظر منها.
قرر مواجهة أمها بأمرها ..ولكن حرية شديدة
متلكت تفكريه ..أإذا جترأ وباح اها فهل سي بمكنها استيعاب
ما يشكو ..أم ستعتب األمر رضبا من رضوب العبث ..هل
ٍ
استهجان تعقبها ابتسامة ساخرة ..أم سرتاه ستنظره نظرة
ٍ
قاسية من ماديات احلياة ..بل ٍ
أجواء ترفا ال حمل له وسط
خشى كلريا أن حتسبه متجاوزا حدود األدب.
جلس معها مهموما تبدو عليه عالمات األسى ..مل
يعرف من أين يبدأ ..ولكنه استطاع أن يلمح إ رؤية ابنتها
لتلك املسألة ..وكيف إ أى ٍ
حد تراها عبئا ..وإذا سلمت
هبا مرة راوغت منها مرات ..وعند حةواها فكأهنا غري
موجودة ..وكيف أنه كلام أفهمها رمقته بنظرة استنكار بُجة
أهنا زوجته وليست من نساء ااهوى.
55
يوميات قاضٍ
تبدو عىل وجهها ىف التو عالمات االمتعاض .تستنكر
ما يقول دون أن تدرى ح أجابته باقتااب " :عيإ هو
احلديث ىف أم ٍر كهذا ..ماذا تقول عنى ابنتى إذا حتدات فيه
معها".
ينةُه أحدهم بأن ي بلنى ويدعها وشأهنا ..إحدى
قريباته مطلقة وال حتتاج سوى زوج ..متلك شقتها ودخال
ماديا كبريا ولن تطلإ مسكنا وال نفقات ..ورشطها أن
يكون زواجا عرفيا.
جيد ىف اقرتاح صديقه مالذا ملتاعبه ..ينفذ فورا دونام
تفكري ..يشيع النبأ ..تلور اائرهتا ..مل تتوان عن رفع دعوى
التطليق للرضر.
رسية كان ب بوحها ولكن بعد فوات األوانٍ ٍ
جلسة وىف
وكأهنا دون أن تدرى أرادت باسرتجاع وصايا جدهتا العجوز
ليلة ما قبل الزفاف أن حتط عن نفسها قالة التقةري.
قالت تسبقها دموعها :ال أرانى قرصت معه ىف شىء
كان يريدنى عىل نُو ما ..متناسيا أننى زوجته ولست بائعة
هوى ..ولكن كيف ذلك وقد علمتنى جدتى العفة واألدب.
56
يوميات قاضٍ
تسُإ نفسا عميقا مهموما خترجه زفرة حارة تسدل
ٍ
بةوت رموش عينيها ..تطأطئ رأسها قليال ..تستكمل
خفيض وهى ال تنظر إ أحد ..الزلت أذكر وصاياها .قالت ٍ
إياك إذا احتاجك إظهار أن ذاك الشىء كنت ترغب ..ب
وإن
احتجته أنت فُذار من أن تظهريه ..وإذا ما كان فال تنطقي.
إشفاق تتبابعها برفق ..ترفع وجهها وقد ٍ نظرات
ٍ
حزين ٍ
بةوت محرة ظاهرة ..توجه حديلها إ القاىض علتبه ب
يكاد يتهدج ..هذا أدب تربينا عليه ..فامذا جن بيت.
تبلغ اجللسة منتهاها ..يقفل الكاتإ املُرض عقإ
إابات ما أ بملته عليه دون أن تدرى أنه من أسباب ما كان.
57
يوميات قاضٍ
58
يوميات قاضٍ
اجلزاء
كانت الريح هتإ رصرصا عاتية ..والسامء ملقلة
بسُإ سوداء متكاافة حجبت الشمس عن البزوغ .ول بسعة
البد قارسة تلفح الوجوه فتلجئ الناس إ التوارى من
الطريق.
مل يمنعه هذا اجلو العاصف املكفهر عن الذهاب إ
جهة عمله ىف اليوم التا مبارشة لإلفراج عنه ..وما أن
وطئت قدماه باب املبنى حتى قةد ذلك املكتإ الذى مجعهام
قرابة عام قبل سجنه ..مل جيدها هناك ..كل ما قالوه عنها إهنا
استقالت.
ٍ
كرتث هبذا الزمهرير و وجهه شطر مسكنها غري م
املكان شبه قرية ساحلية أقيمت قرب شاطئ البُر خلف
منطقة شعبية.
سار ي بسرتق اخلطى ع بب شارع طويل حتفه أشجار
كليفة ترنُت فروعها وتالطمت أوراقها ،فكانت ستارا
كئيبا يزيد من اإلحساس بالوحشة.
59
يوميات قاضٍ
وقف عىل بعد أمتار من منزل بسيط رضب من حوله
سور من الطوب احلجرى الذى يميز بنايات هذا املكان ..مل
ختطئه عيناه ..كم تردد عليه قبل االث سن خالل خطبته اها
وكان له فيه ذكريات مجيلة.
ملهوف كمن يتطلع إ قش ٍة ىف
ٍ راح يتطلع إليه بقلإ
البُر ليتعلق هبا معتقدا أن فيها نجاته ..وأخذ يسُإ
أنفاسا عميقة من هواء البُر النقى ليطرد به هواء الزنزانة
الكريه الذى مل تزل آااره عالقة ىف صدره.
دارت برأسه ذكريات هذا البيت الذى قىض فيه
ساعات هنيئة ..وطنت ىف رأسه آخر عبارة سمعها منها وهم
يقتادونه إ السجن يوم النطق باحلكم " ..سأنتظرك حتى
تعود" .
رشد بذهنه خالل وقفته حيدث نفسه من جديد ..من
املؤكد أهنا اآلن ىف انتظارى ..سيشعر قلبها أننى جئت
ستطل حاال من النافذة ..أو ربام تكون واقفة خلف الباب
ستتلقفنى ب أحااهنا وتغمرنى بوابل من القبالت ..سيقفز
قلبها من ب نلوعها فرحا ..ستذهل من املفاجأة ..وربام
تسقط من هواها مغشيا عليها.
60
يوميات قاضٍ
كانت حديلة عهد بالعمل ح التُقت به ..مجعهام
مكتإ واحد ورسعان ما مال كالمها لآلخر فخطبها.
خدعها أحدهم وقدم اها بيانات عىل خالف احلقيقة
لتستخرج هبا شهادة ..ساعدها وحرر بخط يده الشهادة التى
محلت من بعد توقيعها بةفتها املوظف املختص.
أجري بت حتقيقات موسعة كانت ستطااها ..ختيلها
مكبلة باألغالل نزيلة السجن فلم يقبل الةورة ..مل يقو عىل
ت بركها لتلقى هذا املةري.
يعرتف أنه الذى زور الشهادة ودسها ب أوراقها
ليستُةل خلسة عىل توقيعها ..المت نفسها حينها ولكنها
امنت تاُيته ووعدته باالنتظار ..وعند اقتياده للسجن
عاهدته بذات الوعد من جديد.
وبينام خياالت صورة استقباله ترتسم أمام ناظريه فإذا
بباب السور ينفتح ..هتلل وجهه ..فرح فرحة عارمة ..إهنا
هى ..بجاماها وحسن طلعتها ..مل تتغري عام كانت عليه منذ
االث سن ..ولكن من هذا الطفل الذى حتمله ..ومن هذا
الرجل الذى ي بتبعها.
61
يوميات قاضٍ
سارت عدة خطوات ..فوجئت به وجها لوجه
ارتعد جسدها ..انطربت مالحمها ..أخذت حتملق فيه
ورضبات قلبها تكاد أن تسمع.
جرى ص بوهبا ..أصبح عىل بعد مرت واحد منها .ق ببل
أن ينطق بُرف صار الرجل إ جوارها ..أشارت إليه
بةوت مرتعش ..زوجى ..والتفتت إ زوجها ٍ وقالت
لتقول "كان زميىل سابقا".
زُمرت الريح وأخذت عاد املطر ليهطل برشاسة ..ب
تةفر .استدار ال يدرى أللخلف يسري أم ىف اجتاه آخر .أ بطلق
العنان لساقيه وطفق راجعا.
62
يوميات قاضٍ
بائعا الباجنو
يستدعيان املشكوك ىف أمرمها ملواجهتهام فينكران
يرصفاهنام مؤقتا عىل ذمة إجراء املزيد من املعلومات.
اعتيادمها املبيت ىف بناية تتوصل املعلومات إ
مهجورة هناك عىل أطراف القرية ..ينتةف الليل ..يدامهان
املكان ..يبرصاهنام يدخنان املخدرات .هتللت رسائرمها .نظر
كل منهام لآلخر نظرة ابتهاج تعنى نج بُنا ىف خطة البُث
وهذا أول اخليط ..ينتفض املدخنان ذعرا عىل إار رؤيتهام
سكينتان كبريتان حيرز كل منهام واحدة.
أجريا حتقيقا وعقدا ىف ذات اللُظة املُاكمة ..ال
يافان أحدا وال يؤمنان بوجود قانون ..ىف البدء ينكر
ٍ
وجذب وىف حلظة عنجهية ٍ
وشد املابوط بان ..وبعد جدال
غري حمسوبة يتجرآن القول " ..نعم فعلنا".
ينظر كل منهام لآلخر وهو يطوح بالسك ىف ااهواء
قال كبريمها :إذن البد من دفع اللمن.
63
يوميات قاضٍ
يتقدم صاحبه .يسُإ واحدا من املعرتف ب .يطرحه
ٍ
ركالت أرنا ..يواق يديه وقدميه بُبل ..بيركل فيه بقدمه
متتابعات حتى يةري إ جوار احلائط ..ام جيعل وجهههٍ
ناحية مّسح األحداث ليبرص ما سوف يكون.
يأتيان باللانى ..يواقان يديه وقدميه بُبل آخر
يكبانه عىل وجهه ..جلسا حول رقبته ىف عكس اجتاه بعاهام
وراح كل منهام جيز بسكينه ىف عنقه بكل رشاسة.
ينطلق الدم من العنق كنافورة مياه ..ينتُيان جانبا
إ جوار احلائط تفاديا للدماء ..ينتفض اجلسد ..يتُرك عىل
األرض لعدة أمتار وكأنه يمشى عىل صدره ..يسكن بعدها
وتةعد الروح إ بارئها ىف السامء.
يبرص زميله بشاعة التنفيذ ..يفتح فاه عن آخره يريد
أن يرصخ ..أبت الرصخة أن خترج ..خرج صوت مابوحا
مبُوحا بالكاد يسمع ..ينظف كل منهام سكينه من الدماء
ىف شعره ..ينتفض ظنا أن دوره قد حان.
يشعل كل منهام سيجارة حمشوة بنبات البانجو
وينفلان ىف وجهه الدخان ..يستعطفهام بذات الةوت
64
يوميات قاضٍ
املتُرشج ليخليا سبيله ..يتوسل إليهام باإلشارات بعد أن
غاب صوته ..يعدمها بأنه ما رأى وما سمع شيئا مما جرى
ولكن عبلا حاول إاناءمها ..يقهقهان لبالهته ..يسُبانه
بعيدا عن اجلدار ..يكبانه عىل وجهه ..يذبُانه بذات
الطريقة.
ينكشف أمر اجللت املذبوحت ..تةل إليهام يد
العدالة ..يعرتفان ..كانا يبيعان املخدرات ىف ونح النهار
عىل قارعة الطريق من خالل "توك توك" حيفظان فيه
بااعتهام ..حيةون العدد ىف هناية اليوم فيكتشفان رسقة
"باكتت " من البانجو ..يسرتجعان رشيط البيع ..كان
القتيالن أحدمها يشاغلهام واآلخر يقف إ جوار "التوك
توك" بالق بطع مها وقطع الرقاب كان اللمن.
65
يوميات قاضٍ
66
يوميات قاضٍ
الثمن
استعانت به كرشيك ..فهى كام قالت "ال تفك
اخلط" ..يشهد اها اجلميع باملهارة والذكاء ..متكنت خالل
سنوات قالئل أن تتُول من بائعة خاار عىل قارعة الشارع
الذى تسكنه إ صاحبة حمالت كبرية ..ام أخريا كام شاع
عنها إ "سيدة أعامل".
راقت فكرهتا جلارها صاحإ ورشة الرخام ..لدهيا
أموال ستبدأ هبا ..ولكن أحدا لن يقبل استلامر أمواله ىف
اخلاار ..فإذا كان ىف تةدير واسترياد الرخام فإن األمر ال
شك سيختلف.
أعدت مكتبا كبريا فاخر الديكور واألااث
والواجهات ..اعتلت املكتإ يافطة تبهر األنظار " ..فالنة
لالستلامر" وزعت اإلعالنات عن النشاط ىف الطرقات وعىل
أبواب املساجد ..وتم النرش ىف الةُف املخةةة
لإلعالنات.
ىف وقت قياسى كانت حديث املدينة ..تعطى فائدة
مائة ىف املائة كل االث شهور ..جرهبا الناس ملدة سنة كاملة
مل تتوقف شهرا واحدا ..ومل يقل أحد بُةول أية مشكلة.
67
يوميات قاضٍ
اهنالت عليها األموال بغزارة ..جاء الط بعم بسمك
كلري ..من سبق له التعامل باع ما لديه من أصول اابتة
وسلمها أاامهنا ..ومن يعرف ُمددا يسيل لعابه.
كانت الطوابري متتد ملسافات طويلة بغية استلامر
الواقف ألموااهم ..املقابل ال يقاوم ..وكانت األموال تودع
ىف حساب مشرتك مع رشيكها.
رويدا رويدا كان التعلل بظروف البالد وركود
السوق ..انتاب الناس القلق ..رست أنباء عن هروب
رشيكها باألموال إ "فاس".
جتمهر الناس ..دامهت الرشطة املكان ..كان جواز
سفرها حيمل تأشرية مغادرة ىف اليوم التا هى األخرى إ
"فاس".
امتألت القاعة عن آخرها باملخدوع ..بدأت
اجللسة فهإ من ىف الةفوف األو إلابات حاورهم
كمدع باحلق املدنى ..أطباء ..نباط ..أساتذة جامعة
مهندسون ..حمامون ..جتار ...إلخ.
جال فيهم القاىض بنظره واحدا واحدا كأنه يتفرس
مالحمهم ،ودارت ىف ذهنه للُظات عدة تساؤالت ..ملاذا
68
يوميات قاضٍ
صدق هؤالء أن جتارة ما يمكن أن تدر عائدا مائة ىف املائة
هل جالسها أحدهم قبل أن يسلمها أمواله ..كيف رأوها
وكيف كانت هى تراهم ..وملاذا صدقوها ..و ..و ..إلخ.
أطبق عىل القاعة ىف هذه اللُظات صمت كئيإ .بدد
ٍ
بسؤال توجه به إليهم ..هل كنتم تةدقون ؟ هذا الةمت
نظر بعاهم إ بعض وعادوا إليه بأبةارهم وهم ال
ينطقون ..هز رأسه عموديا هزت أو االاة ..ام توجه إليها
ىف القفص بذات السؤال ..ملاذا صدقوك ..قالت وهى
تبتسم :طامعون.
69
يوميات قاضٍ
70
يوميات قاضٍ
املشاغل
ٍ
جلسة كان مل يقو والدها عىل إبداء شهادته حتى ىف
البد أن تكون رسية ..وقف مطأطئ الرأس يتُاشى التقاء
نظره بمن حوله.
حلف اليم وجاء لينطق فانعقد لسانه وراح ىف نوبة
بكاء مرير ..ترفق به القاىض إ ح ام عاد ليسأله ..نظر
إليه بعين زائغت دامعت وأجهش بالبكاء ..خفض بعدها
وجهه ومد يده ىف جيبه وأخرجها بعدد من الةفُات
ملُاداة جرت عىل "الواتس آب".
ٍ
صفاقة بالغة : ترجاه ىف املُاداة أن يتزوجها ..أجابه ىف
-ال أتزوج عاهرة.
يسأله وكأنه يسرتمحه :
-وماذا تريد منا يا ولدى ؟
يستمر ىف صفاقته :
-تعود كام كانت ولن أتزوجها.
يستعطفه ..يتمسك هو بموقفه ..بل يتوعده :
71
يوميات قاضٍ
-ب
إن مل تأتنى غدا نرشت عىل املأل ما أرسلته لك من قبل.
مل تنجح املساومة ..أرسل صورها العارية ومقاطع
الفيديو الفانُة "إليمالت" وبرامج املُاداات "والفيس
بوك" جلميع أصدقائها وصديقاهتا ..رست الفايُة ب
أقراهنا ىف كليتها العملية املرموقة رسيان النار ىف ااهشيم.
تسقط أمها مغشيا عليها ..وينقل األب إار ارتفاع نغط الدم
املفاجئ إ املستشفى.
يلبت القاىض ما حوته صفُات "الواتس آب"
ويعفيه من أن يعيد بلسانه تقطيع قلبه ..فباقى األوراق حتمل
ما كان.
وحيدة هى ألبوين أستاذين ىف علمهام ..مل جتد من
جليس وال أنيس ومها يتنقالن من تدريس إ عمل ىف
الةيدليات املتعددة اململوكة اهم ..إ إنشاء املزيد منها ..إ
.....وإ ....وإ ....ال تقابلهام هنارا إال مةادفة ىف
املةعد ..وعندما يعودان فجرا تكون قد خلدت إ نومها.
إستعانت به عنهام ..جيمعهام صف اانوى واحد ىف
مدرسة واحدة ..مل يكن له راعيا ..والداه معاران للخارج
ويعيش مع جدته ..إستمرا طيلة سنوات االاة ال يفرتقان
72
يوميات قاضٍ
يرجان ويمرحان ويعودان كام حيلو اهام ..مل يسأاها أحد إ
أين تذهإ ..ومتى عادت ..وفيم كان خروجها ..جوامح
الغريزة مل جتد اها كوابح وال مراقبا ..بلغ األمر حد تةوير
لقاءاهتام اجلنسية الكاملة بطريق الفيديو ..وملا عادت لرشدها
فور دخول اجلامعة قاطعته ونأت عنه ..فكان ما كان من
صنيعه.
ي برشع األطراف ىف االنرصاف بعد انتهاء املرافعة
يستوقفه القاىض لبهة ..يسأله ٍ
برفق كأنام أراد أن يوجهه :
-أنت وأمها أين كنتام ؟
يفض نظره ..تتُرك شفتاه كأهنا ترتعش ..جييإ
ٍ
بةوت متهدج فيه حرشجة ( ..املشاغل )!
73
يوميات قاضٍ
74
يوميات قاضٍ
ِشيزوفرينيا
وقف ىف القفص مبتسام بلُيته السوداء املهذبة
املهنبدمة ال يلوى عىل شىء ..كوكبة من مشاهري املُام
تنتةإ أمام املنةة للدفاع عنه ..قاطعهم فور ملواهم
ليتُدث قبلهم ..رمقوه استنكارا ولكنه مل يسكت.
مل يدب ر أن القاىض ود ىف قرارة نفسه أن يغوص بداخله
كيف يفكر ..ما وجه قناعته فيام ارتكإ ..وماذا لو أنه
استبدل األدوار ،فكان هو وابنته أو زوجته مكان من فعل
هبم ما فعل ..وكيف يرى حكم الدين الذى ا بلتُى امتلاال له
ىف هذه املسألة.
رفع القاىض كفه ىف مواجهة الدفاع ب
أن تريلوا ..ام
أشار إليه ليأتى بام عنده.
ظن أنه عىل منب زاوية أسفل عامرة أو ىف نجع أو كفر
أو حارة ُمهولة ..ب بسمل ومحد وأانى ،واسرتسل ىف مقدمة
محلق فيه بعض حماميه دون جدوى ليخترص. طويلة ..ب
ونع القاىض كوعه األيمن عىل املنةة ،وأقام
ساعده وأسند عىل كفه األيمن وجهه والتفت إليه ىف القفص
75
يوميات قاضٍ
يتابعه ،نغزه عاو اليسار عىل استخفاء ن بغزا خفيفا ..مد
القاىض يّساه برفق وربت هب ٍ
دوء عىل رجله بمعنى :فلننتظر.
يستمر الشاب ىف خطبته ..ما صن بعت ليس من عندى
مج بعته من الةُف واملواقع اإللكرتونية وأعدت نرشه عىل
صفُتى ..مل انزعاج السلطات هكذا ومهتها ىف مدامهتيى
ون ببطى ..هذا الذى شكانى ومهوا لنرصته هو علامنى ال
يقيم للدين وزنا ..وال يبغيها دولة إسالمية ..كم هامجنا بغري
حق مرارا وتكرارا وما هإ أحد لنرصتنا. ٍ
76
يوميات قاضٍ
الشاب احلدث وأنشأ صفُة باسم مستعار عىل "الفيس
بوك" وراح ينرش وينرش.
غلب بت القاىض ابتسامة تعجإ ..انفرجت شفتاه عنها
ال إراديا والتفت إليه يسأله :
-وهل ىف الدين اغتياب الناس وقذفهم بالتخفى وراء أسامء
مستعارة ؟!
حتسس حليته مرورا هبا من أعىل إ أسفل عدة مرات
وأجاب مبتسام :
-مع ملل هذا نعم ..بل يستباح دمه !
77
يوميات قاضٍ
78
يوميات قاضٍ
79
يوميات قاضٍ
لتسلك هذا الطريق ..وأى أسباب تلك التى نُ بت هبا إ
ه بجر دراستها لتسلكه ..هل تدرك حقيقة ما تةنع ..وهل
تةنعه رانية أم ُمبة أم ماطرة ..أم أهنا است بمرأته كمتعة
وجعلت من الظروف شامعة تعلق عليها أسباب سقوطها.أم
تراه ُمرد ٍ
عمل له أعباؤه وتبعاته ..وهل ..وهل ؟.
وجد نفسه منساقا للغوص ىف أعامقها ..الدفاع
احلارض معها يوافق عىل مناقشتها ..فالقانون يفرض أال
يناقش املتهم ىف اجللسة إال برناه أو موافقة دفاعه وليس
للقاىض إال أن يواجهه بالتهمة املسندة إليه فقط فيعرتف هبا
أو ينكرها ..يسأاها برفق بعد أن اعرتف بت :
-مل هذا الطريق ؟
جتيإ بتلقائية ظاهرة :
-أكل عيشنا.
-هل لك أبوان ؟
-والدى طلق أمى وأنا صغرية وأعيش معها وال نراه.
-هل هى مرياة وجلأت إ هذا لتنفقى عليكام ؟
-ال ..أمى لدهيا مال كلري وال حترمنى من شىء.
80
يوميات قاضٍ
-تقةدين للمتعة ؟
أطرقت لبهة ،ام عادت لرتفع وجهها واستطردت
كأهنا مل تتوقف :
-وليست متعة ..هو عمىل ..أكل عيشى . .وأمله كأى
عمل وال أشعر خالله بأى متعة ..ىف البدء كنت رافاة
ولكن ما قالته كان مقنعا ..لو أكملت تعليمى بعد
اإلعدادية بامذا كان ينفعنى ..ولو حةلت عىل أعىل شهادة
بكم من املال كانت ستأتينى ..وإن جاءت به فهل كان
سيكفينى ..كانت صائبة فاقتنعت وعملت معها رانية.
يرمقها بنظرة تأمل اابتة للُظات ،ويتُول بُديله إ مديرة
الوكر :
-لو أهنا ابنتك ..أكنت فاعلة هبا ما فعلت هبذه ؟
استدارت إ الطفلة قبل أن جتيبه وطوقتها بذراعها
املجاور اها ونمتها إ صدرها نمة خفيفة ام تركتها
وأجابت وهى تبتسم :
-هى ابنتى.
يسأاها متجهام :
81
يوميات قاضٍ
-تقةدين كأهنا ؟.
-ليس كأهنا ..هى ابنتى بالفعل.
يشعر أهنا ال متزح ..يعود إ األوراق ..يمسك
بشهادة امليالد ..مل يشغله فيها من قبل سوى السن ..يتفرس
ىف اسم األم ..يعود ليااهيه مع اسمها ..بالفعل هى ابنتها !
يتعجإ ىف قرارة نفسه ومل يقاطعها ..تركها تسرتسل :
-كنت خادمة عند سيدة غنية ..وكان زوجى جناينى حديقة
الفيال ..ذات يوم شعرت بإرهاق شديد فلم أذهإ إ
العمل ..وىف هناية اليوم حتسن بت حالتى فذهبت ..معى
مفتاح باب احلديقة ..وكان باب الفيال املطل عليها مفتوحا
توجهت كعادتى إ غرفة نومها ..وما أن اقرت ببت من الغرفة
حتى سمعت مههامت غريبة وصوت رجل معها ..استطعت
متييز الةوت ..هو صوت زوجى ..مل أحتمل ما سمعت من
عبارات !.......
دف بعت باب الغرفة ودخلت ال أدرى ما الذى أقوم بفعله
تسمرت قدماى وانعقد لسانى ..وجدته ب أحااهنا
عاري متاما كام ولدا ..رص بخت ..قام فكمم فاهى ورضبنى
رضبا مبحا ودفعنى دفعا خارج الفيال ..عدت إ بيتى
82
يوميات قاضٍ
لست أدرى كيف أبرصت الطريق حتى عدت ..مل يستح
راح يعنفنى بشدة ..وحيملنى وزر قطع عيشنا لدهيا ..ارت
فيه اورة عارمة ..طلقنى بعدها.
رحت أبُث عن عمل ليسد رمقى أنا وطفلتى دون جدوى
حتى قابلت صديقتى ..أقنعتنى بسهولة عملها وكم يدر
دخال وفريا ..مل أناقشها ..كنت ىف قرارة نفسى أمتنى لو
ألقيت بنفسى ب أحاان أى رجل يقابلنى ليفعل بى ملل ما
كان يفعل هبا ..وملا كب بت ابنتى نممتها إ فريق العمل .ىف
البدء كانت ترفض ..قة بةت اها قةة والدها مع صاحبة
الفيلال وما صار إليه حالنا بعدها ..زوجى أكل من جسده
والسيدة تدفع راتبه لتنفق عىل جسدها ..بااعة سهلة
ورائجة ..مل أتكبد عناء البُث عن عمل ..ومن كان
سيطعمنا حتى أجد ..ملاذا ال أستعمل جسدى ملله ..طالبو
املتعة يسعون إلينا ويدفعون بسخاء.
يقاطعها القاىض :
-حتى ابنتك ؟!
-ومل ال ..اجلميع خائنون ..فلتأكل كام يأكل والدها وأمها
صارت هذه مهنتنا ..بامذا سيفيدها التعليم ..أم تنتظر زوجا
83
يوميات قاضٍ
ويوهنا هى األخرى.
يشعر أن مناقشتها قد طالت ..يرفع يده ىف مواجهتها
أن كفى إ هذا احلد .ينطق بتلك العبارة التى تنهى املرافعة :ب
"احلكم بعد املداولة".
84
يوميات قاضٍ
الشاهد الرابع
مل يزل معتةام باإلنكار ..يستأجل دفاعه ملناقشة
الشهود ون بم حرز أداة القتل لعرنها عليهم.
رس بت مههمة ىف القاعة اعرتانا من أهل القتيل.
ظنوه تسويفا ليستطيل أمد التقاىض وهتدأ نريان القاية
قابلتبها مههامت تكتنفها زُمرة مكتومة من أهل القاتل
ٍ
بعدد كبري العائلتان كبريتان واحتدم الرصاع ..جاء كل طرف
مما استطاع الظفر به من مشاهري املُام ..تعود القاعة إ
ٍ
تتاليات عىل املنةة. ٍ
دقات م الةمت مع
يتعجإ القاىض اهذا العدد اجلرار من الدفاع دون أن
يظهر تعجبه ..القاية عادية وال حتتاج إ ملل هذا الفريق
ربام املقةود استعراض القوة املادية والعائلية لكال الطرف
يستجيإ لطلبات الدفاع ويرضب أجال ملناقشة الشهود.
خالفات حمتدمة ترضب بجذورها ىف عمق تاريخ
العائلت ..يؤججها كل ح وح خلو منةإ العمدية
ألى سبإ ..ويزكى نرياهنا رصاع الرتشح من جديد.
85
يوميات قاضٍ
ينشإ نزاع عادي ب القاتل والقتيل عىل احلد
الفاصل ب أرنيهام ..يتجمع اجلريان لفاه كعادة أهل
الريف ..النفوس مشُونة بالكراهية ..تلور ىف نفس القاتل
تراكامت حقد السن ..هيرع إ فأسه ..ينهال هبا فوق رأس
القتيل وجسده ..يلفظ أنفاسه أمام الشهود.
يقع الشهود ىف ح بيص ب بيص ..االاة منهم حسموا
أمرهم ..مل يقووا عىل الشهادة ند القاتل قريإ العمدة.
قالوا هرعنا إ مكان احلادث بعد حةوله ومل نشاهد القتبل.
رابعهم كان منةفا ..قال ىف التُقيقات إهنم مجيعا كانوا
حاورا وأبرصاوا القاتل ينهال عىل القتيل رضبا بالفأس
تواجهه النيابة بإنكارهم ..يقول ..هم خائفون أما أنا فلست
ٍ
بخائف ..إ متى اخلوف وقد قتل جارى أمام عينى.
الذ أهل القتيل هبذا الشاهد قبل اليوم املُدد ملناقشتة
توجهوا إليه ىف مسكنه بج بمع غفري عىل رأسه كبري العائلة.
قال له كبريهم " :أنت رجل شهم وال ختاف من أحد
وستشهد باحلق مرة أخرى أمام القاىض غدا".
مل ينم ليلتها ..كان يظن أن األمر قد انتهى بشهادته ىف
النيابة ..بل كانت املقاطعة التى رضبتها حوله عائلة العمدة
86
يوميات قاضٍ
تشعره بالندم أحيانا عىل تّسعه بالشهادة ىف حينها ..ولكنه
يتذكر قول كبري العائلة األخرى "أنت رجل شهم وال ختاف
من أحد" ..فهو ليس احلامر كام كان يناديه العمدة طيلة عمره
وهو يعمل لديه ،إ أن سافر ابنه إ اخلارج واشرتى فدانا
منذ سنت واستقل عنه وحترر من إهاناته ومن رضببه ىف
أحيان كلرية ..كم يشعر ىف هذه الليلة بالذات أنه أصبح مهام
ويزداد شعورا باإلحساس بالزهو كلام تذكر أن العمدة نفسه
مل يقو حتى هذه اللُظة عىل أن يطلإ منه تغيري شهادته.
يناقش القاىض الشهود ..مل يأت اللالاة املراوغون
بجديد ..فلم يطل احلديث معهم ..أما الرابع فقد حدق فيه
قليال وهو صامت وكأنه يسائل نفسه ..ترى هل سيظل هذا
الرجل عىل شهادته أم سينُو منبُى أهل الريف بعد أن هتدأ
نريان احلوادث ويتةاحلون عرفيا ويوجهون الشهود ليشيعوا
االهتام لدى مناقشتهم بجلسات املُاكمة.
يسأله عن اسمه وسنه وصناعته ..جييإ وهو يلتفت
ببطء إ اجلالس من خلفه بعين خائفت ومالمح مرتعدة
يلقى عليه صيغة اليم لريددها قبل الشهادة ..ينطق منها
بكلمت ويكمل الباقى وهو يلتفت إليهم بذات الذعر مرة
أخرى.
87
يوميات قاضٍ
الحظ القاىض أن أحدهم يتبسم له كلام التفت إ
اخللف ..ولكنه مل يتوقف عند هذه املالحظة ..نبه الشاهد
إ وجوب اللبات ىف مكانه واإلدالء بشهادته دون خ بوف
وأن الشهادة كم هى عظيمة عند اهلل :
-ما معلوماتك بشأن الواقعة ؟
تروح عينا الرجل ذات اليم وذات الشامل وال
ينطق بُرف ..ظنه القاىض هياب املوقف فطمأنه ..ولكنه
عاد لينظر إ القاىض ام إ اخللف وهيم بالكالم ام يمسك
ٍ
بةوت ي بةدر من ب اجلالس : عنه ..وإذا
-قل شهادتك يا "عبد العاطى".
يأمر القاىض بإحاار صاحإ الةوت أمام املنةة
هو العمدة ..وهو ذلك الشخص الذى كان يتبسم كلام
التفت الشاهد إ اخللف ىف بدب ء املُاكمة ..يقرر إدخاله
القفص وحبسه أربعا وعرشين ساعة إلخالله بنظام اجللسة.
يعود إ "عبد العاطى" ليستُله عىل الشهادة .ولكنه
ىف هذه املرة يتلس النظرات إ القفص ،ام يعود ببرصه إ
املنةة وال ينطق ..مل يزل القاىض يظنه هياب املوقف ..يسأله
عن ُمترص شهادته :
88
يوميات قاضٍ
-هل شاهدب ت القاتل وهو يرضب القتيل هبذه الفأس عىل
رأسه حتى مات كام قلت ىف حتقيقات النيابة ؟
جييإ ومل تزل عيناه تروح رغام عنه ىف زع ٍر جتاه
القفص ام تعود وهى زائغة :
-مل أقل هذا ىف النيابة ..ومل أره وهو يقتل !!
89
يوميات قاضٍ
90
ْ ُ ُ
يوميات قاضٍ
الذنب واجلنون
مل يشغلنى من أحوال املجان من قبل سوى ما
يتعلق بمسئولية أحدهم اجلنائية عن جرم ارتكبه وهو حتت
ٍ
عقلية أخرى تعدم تأاري اجلنون ..أو ما شابه ذلك من ٍ
آفات
اإلدراك والتمييز لدهيم حلظة إتيان هذا اجلرم.
ولكن قاية هذا الشاب نُ بت بى منُى آخر بشأن
هؤالء ،ما طبيعة العامل الذى يعيشون فيه ؟ ..هل هو عامل من
األحالم ..أم دنيا أخرى من صنع اخليال واألوهام ؟ ..أم
ير بون ما هم فيه واقعا وأن الناس هم الشواذ عن الناموس
وهل لو عادت إليهم عقواهم وتبينوا سبإ ما ذهإ هبا
وأدركوا رس جنوهنم سيطلبون املوت ؟ ..أم سيلتمسون
اجلنون مرة أخرى ليعيشوا ىف هذا اخليال ..وهل بعد أن
حترروا من رشائع املجتمع وسننه وقوانينه ..مل يعد يشء ىف
نظرهم مستُيال حتى لو كان احلديث مع اهلل كام يتُدث
الناس إ بعاهم.
اعرتف اعرتافا تفةليا دقيقا ينم عن م ٍ
درك وا ٍع لكل
منه كيف تفكر ىف قتله قبلها بنُو عدة شهور ما فعل يب
91
يوميات قاضٍ
كيف رسم بدقة خطة اختيار الوقت األملل للتنفيذ بعد
دراسة واعية جلميع حتركاته ..كيف فطن لرشاء آلة القتل من
بلدة أخرى حتى ال يشك بائعو السكاك ىف بلدته ىف أمر
رشائها.
انتظره فجر ذلك اليوم من شهر يناير حتى يعود ومل
يلنه عن عزيمته هطول األمطار بغزارة وال قسوة الرياح
وشدة البودة ..اختبأ خلف شجرة غليظة اجلذع متشابكة
الفروع كليفة األوراق ..أبرصه يدير املفتاح ىف باب منزله
يفاجئه من اخللف ..يطوق رقبته بذراعه األيّس ..يكم فاه
بكف ذات اليد ..يرضبه رضبة قوية بالسك الكبري احلاد
عىل عنقه من اخللف ..يفقد القتيل اتزانه وهيوى جاايا عىل
ركبتيه ..يمر بالسك يمينا ويسارا عىل جانبى رقبته ..ينهار
اجلسد ..يطرحه أرنا ..يعاجله بعدة طعنات نافذات ىف
الةدر والبطن ..تساعده قوته اجلسدية عىل إزهاق روحه
ىف حلظات حتت جنبح الظالم.
ٍ
معلومات رجال البُث متيط الللام عن خ بلف كان
بينهام ..يواجهونه فيعرتف.
يقول الناس إنه ُمنون ..مل يةدق املُقق قالتهم
كان يسرتسل ىف حديله اسرتساال طبيعيا ومنطقيا ..عباراته
92
يوميات قاضٍ
ٍ
بكلامت غري مرتابطة ..يشعر باملكان والزمان ..ال هيذى
مفهومة ..ولكنه استمع إ شهادهتم وأابتها ىف أوراقه.
يعيش مع أمه األرملة وأخته الوحيدة ..قوى البنية
يعمل ىف املعامر لبعض الوقت ..وتعمل أمه ىف أى منزل إذا
تعطل هو عن العمل ..وتساعدمها أخته ىف األعامل احلقلية
أحيانا ..حسن العالقات بجريانه وأهل بلدته.
وفجأة ينقطع عن عمله ..يعاف الناس ..هيجر
العمل ..ال يغادر املنزل ..ساءت حالته ويرفض التُدث
مع أحد وإذا حداته أمه أو أخته هاج هيجانا مدمرا.
لزم بعدها سطوح املنزل ليل هنار ورفض أن يغادره
وعجز أهله عن إقناعه بالعودة إ حجرته ..وملا حل الشتاء
تكافل أهل القرية وبنوا له غرفة فوق السطوح حتميه برد
الشتاء ..واختاروا طفال من اجلريان ينقل إليه الطعام عىل
السطوح نظرا لعدائه املفاجئ ألمه وأخته ،أما ق بتل جاره
فكان مفاجأة اهم مجيعا.
يودع ملدة مخسة وأربع يوما مستشفى األمراض
العقلية ..يقطع تقرير املستشفى بجنونه السابق عىل القتل.
93
يوميات قاضٍ
قىض األمر بالتقرير وصار بريئا ىف نظر القانون ولكن
فاوال كان قد متلكنى منذ بدء حماكمته للوقوف عىل رسه ومل
يغادرنى حتى بعد ورود التقرير ..كيف يعرتف وهو ُمنون
اعرتافا تفةيليا دقيقا هكذا ..وما سبإ جنونه وهذه شهادة
اجلريان ..وما عالقة ذلك باجلار الذى قتله.
دعوته ودفاعه بغرفة املداولة وسألته ..فعاد ليعرتف
بجرمه الذى صار منه براء ..مل أشأ أن أقاطعه ..يتلفت عن
يمينه وعن شامله ..يشري ملُاميه فيقرتب منه ..هيمس ىف
أذنه بشىء ..قال حماميه إنه ال يريد أن يسمع احلارضين
أبقيت عىل حماميه فقط واستأذنت الباق ىف اخلروج ودار بيننا
حديث :
-هل تعرف القتيل ؟
-كان جارى.
-ملاذا قتلته ؟
-سمعنى أتكلم مع اهلل وقال للناس ..وكانوا ياُكون
عىل.
-وهل كلمك اهلل ؟.
94
يوميات قاضٍ
-طبعا ..كنت أطلع عىل السطح ليسمعنى ..كلمته ورد
عىل الكالم.
-وفيم حتدات مع اهلل ؟
يةمت برهة ويفض برصه قليال إ األرض ويستكمل
ليقول :
-قلت له ساحمنى ملعارشتى أمى وأختى كاألزواج ..حكيت
له كل ما حدث ..قلت له إن ذلك كان غةبا عنى ..أيام
كلرية مل يرد عىل اهلل فبقيت عىل السطح حتى رد عىل .قال :
أنا ساحمتك.
يمسك عن الكالم فجأة ..تتسع عيناه ..يرتعد
جسمه ..ي بطبق كلتا يديه عىل هيئة قباة ..هيزمها بشدة وهو
ينتفض ..تعلو طبقات صوته ..يقول ..كان جارى يتنةت
عىل ىف كل ليلة ..قال للناس كل ما قلته لربنا ..ملاذا يقول
للناس ما قلته هلل ..ام أغمض عينيه وو وجهه شطر احلائط
وراح ىف ٍ
نوبة بكاء.
95
يوميات قاضٍ
96
يوميات قاضٍ
الرغبة واالنتقام
ربام كان شاذا ..ربام ُمرد ُمرم ..ولكن أمره كان
حمريا ..جاوز الست من عمره بقليل ..علروا عليه بعد جهد
ما ٍن ليفك ألغاز حادات مماالت كانتا تدالن عىل أن فاعلهام
املجهول شخص واحد.
ومما زاد تعقيد البُث أن الاُيات ىف ذلك املجتمع
البدوى كن يؤارن كتبم نزف جراحهن عىل البوح بتفاصيل ما
كان ..ووأد الفايُة إيلارا عىل عقاب فاعلها مهام كانت
اآلالم.
مل يشغلنى أمر اجلريمة وأدلتها ومدى ابوهتا بقدر ما
شغلنى أمره هو شخةيا ..فكم من جرائم بعد حةواها نجد
أن اخليال كان يعجز عن تةورها لوال أهنا وقعت.
جلة لسيدة عىل مشارف اللامن من عمرها ..علروا
عليها ىف فناء مسكنها البدوى املكون من غرفة واحدة
معروشة باألحطاب ..طعنات متعددات بالةدر والبطن
أودت بُياهتا ..مالبسها ممزقة وانُّست عنها املالبس
97
يوميات قاضٍ
الداخلية فأظهرت عورهتا ..وتقبض بيدها عىل خةلة من
ش بعر آدمى يشوبه البياض.
الفاعل ُمهول لعدة أيام حتى قال شاهد إنه رآه قرب
منتةف تلك الليلية الةيفية يمر بجوار سور عشتها ..ش بعر
رأسه الذى يشوبه البياض غري منتظم وغابت عنه خةلة بدا
الفراغ الذى كانت متلؤه وانُا ..وآاار خدوش ىف ساعديه
حتدث من ملل أظافر ..وبتفتيش مسكنه يعلرون عىل سك
مطبخ ملطخة بالدماء ..مل جيد مناصا من االعرتاف.
صنع بت احلياة الةُراوية من بنيانه اجلسمى نُافة
جعلته يبدو ىف مظهر رجل ىف األربعينيات من العمر وتعطيه
مظهر صُة وانُة ..يعيش بمفردة ىف عشة داخل سور
مبنى من الطوب احلجرى ..ال زوجة له وال ولد ..اعتاد
السهر والسكر بام حيةل عليه من نقود يّسقها ..أومن امن
ما يّسقه من أشياء يبيعها ب بخسا ..يلفظه الناس لسوء أخالقة
وال يستعملونه ىف أى عمل.
تاقت نفسه إ ممارسة الرذيلة ،فاستل سك املطبخ
وخرج يعرف وجهته ..فقد اعتاد اغتةاب السيدات
املسنات الالئى يعلم أماكن إقامتهن وظروف حياهتن ..أ بد
98
يوميات قاضٍ
بأسامء أربعة فعل هبن ذات الفعل ومل تبلغ اانتان منهن.
كانت األخرت قد أبلغتا مع ختفيف وطأة احلدث درءا للعار
قالتا ىف حينه إن ُمهوال حاول ذلك وقاومتاه فلم يبلغ مأربه
ولكنه مس بعوراهتام ..فجىء بمن مل تبلغا فأنكرتا قوله خوفا
من أهلهام.
ىف تلك الليلة تذكر القتيلة ..كانت من صديقات
والدته ..يعرف تفاصيل حياهتا ..تعيش بمفردها وال
يزورها أقارهبا إال كل ح هنارا من خالل مرور عابر هبا.
قال إهنا كانت نائمة ..اقرتب منها يتُسس جسدها .فزعت
من نومها ..قاومته مقاومة رشسة مل يكن يتوقعها ..مل يتمكن
منها رغم قوته التى تعادل أنعاف قوهتا ..عرفتبه ..نادته
باسمه وهى تلعنه ..سقط ىف يده ..إن مل يقتلها قطعه أهلها
إربا وألقوا للطري بلُمه.
الدليل ال نقاش فيه ..اعرتاف وتقرير معمل
بااولوجى عن ش بعره الذى ماتت وهى تقبض عليه ..وآاار
من جلده ىف أظافرها ..وفةيلة دمها عىل السك ..كان ما
يشغلنى هو أمر آخر ..ملاذا السيدات املسنات بالذات ؟.
99
يوميات قاضٍ
ىف جلسة رسية ب
ناقشته ..جعلته دون أن يشعر يعرج
عىل ما أبتغى ..كان وحيدا ألبوين يرعيان الغنم ..ىف صباه
ماتا وتركاه جلدته الةارمة القاسية ..كانت تكويه بالنار
لتدفعه لرعى الغنم ..مل يقبل مهنة والده ..ساءت أحواله
وباعت جدته الغنم ..ومل يفلح ىف إجياد عمل ..كان يّسق
ويكذب ويعود اها بام يسد رمقهام مدعيا ممارسته ألى حرفة
وكان ينام بجوارها حتى بلغ احللم.
غلبه شيطانه ذات يوم وحترش هبا وهى نائمة .متكنت
منه وأواقته إ عامود اخليمة وأوسعته رضبا مبحا وكيا
بالنار كاد أن يودى بُياته ..ومنعت عنه الطعام يوم
كامل مل يذق إال رشبة ماء كل ح حتى ال يموت ..ام
طردته طردا هنائيا فهام ىف الةُراء عىل وجهه دون عمل .ومل
يعد إ عشتها إال بعد وفاهتا ..ام باع دارها وبدد امنها وأقام
لنفسه عشة عىل زاوية ىف منعطف طريق تأويه هنارا حتى إذا
جن الليل خرج ملامرسة مجيع أشكال جرمه وأبرزها اغتةاب
املسنات ..حتى كانت واقعة هذه العجوز ليؤخذ هبا وبام
سلف مما أتى.
100
يوميات قاضٍ
102
يوميات قاضٍ
نبطتموها ومن فوقها البسيم ..وهؤالء ال يعلمون عنها
شيئا ..محلتها ىف غيبتهم.
تنعقد املُاكمة ..مجيعهم ىف قفص االهتام .واج بهتهم
بالتهمة فلم ينكروا ..حتى من أرادت املرأة تنُيتهم عن
االهتام اعرتفوا.
يتقدم الدفاع ليبدى طلباته ..يعلو صوهتا من داخل
القفص تطلإ التُدث ..تستمر ىف حديلها استكامال لتبير
طلبها :
-إن السيدة فاطمة ترافعت عن نفسها ىف مسجد رسول اهلل
أمام أبى بكر ىف قاية "فدك" ح صادر األرض التى وهبها
اها والدها سيد اخللق ملا صاحله هيود هذه البلدة عىل أرنهم
مل يمنعها أبو بكر من املرافعة ..دعونى أقول ما عندى.
صمت يطبق عىل القاعة ..ت برشئإ األعناق إليها
تتابعها ..الدفاع يلتزم الةمت مع الةامت ..أحرضت
ٍ
اابت قوى الطبقات ٍ
بةوت املرأ بة أمام املنةة ..قالت
متناسق الوترية :
-دخل الغاصبون بيتى كام دخلوا من قبل أرىض ..يعلمون
جهادى ندهم ..رضبوا بناتى اللالاة وولدى الةبى رضبا
103
يوميات قاضٍ
مبح ا ..مل نقبل إهانتهم ..قاومناهم بأيدينا ما استطعنا
جردونى وبناتى أمام نجىل وأمام عساكرهم حتى رصنا عرايا
كام ولدتنا أمهاتنا ..حطموا ما ىف البيت ..دهسوا الطعام
والرشاب بأرجلهم ..واعتبوا كل هذا ُمرد إنذار فخلوا
سبيلنا بعد اعتقال ملدة أسبوع .
تةمت برهة ..تسُإ نفسا عميقا خترجه زفرة
حارة ..ترفع سبابتها اليمنى ..ترتعش يدها ..تعلو دون أن
تدرى طبقات صوهتا ..تستكمل :
-غىل الدم ىف عروقى ..شعرت باملذلة واملهانة ..أفقت من
اللطمة فشعرت بالعار ..قررت اللأر ولبناتى وولدى
ألرىض وعرىض ..اشرتيت البنادق اخلمسة والذخرية بعدد
أفراد أرستى ..خد بعت السائق ومن معه وواريتها حتت
البسيم دون علمهم.
تطرق لبهة هى مقدار ابتالع ريقها ..تسُإ نفسا
يرج منها تنهيدة حزينة ..عالمات اإلجهاد تنال من صوهتا
ىف هذه املرة ..تعود لتستكمل :
-حكايتنا معروفة ..واقها صُافيون بالتةوير والفيديو
ساعة حةواها ..منشورة عىل "يوتيوب" ..راجعوها يا
سيدى أرجوكم ..لو كنت كاذبة اسجنونى.
104
يوميات قاضٍ
يتقدم حماميها من املنةة ..يرفع حافظة مستندات
ليقدمها ..عدة صُف حملية انطوت عليها احلافظة ..تتةدر
إحداها بالفعل صورة املرأة تفرتش األرض وجنود جيروهنا
عنوة ..وىف اخللفية آخرون يقباون عىل ص ببية ..وىف
الةُيفة األخرى كذلك ..وىف اللاللة ذات الةورة .وسطر
من حتتها مجيعا تفاصيل ما قالت.
يرفع الرجال اللالاة أيدهيم ىف القفص التامسا
أرشت اها لتنتظر ..سألتهم وهم ىف مكاهنم
للتُدث مللها ..ب
عن مطلبهم ..قالوا ال ..ليس كام قالت ..نُن نعلم
التفاصيل كلها ..ساعدناها ىف مطلبها ..لسنا أقل منها
رجولة ..جئنا اها بالبنادق والذخرية وتطوعنا لتوصيلها
فلتدافع عن عرنها وأرنها.
احلاور مشدوهون ..اتسعت العيون وترقرقت فيها
الدموع ..يةيح أحدهم " ..اهلل أكب" ..غلبته مشاعره
فانطلقت منه الةيُة ..فقد اإلحساس باملكان فانةاع
النفعاله ..يعتذر ..مل أقف عند فعلته ..ولو مل يعتذر ما ملته.
105
يوميات قاضٍ
يتوقف الرجال عن الكالم ..يسيطر عىل القاعة جو
غريإ ..رصاع ب دليل سليم ومنطق قوى ..ح برية بالغة
ومشاعر متااربة ..كان البد من ر بفع اجللسة مؤقتا
لالسرتاحة عىل أن تعود لالنعقاد بعدها.
106
يوميات قاضٍ
موالنا اإلمام
كنت أعرفه ..كم أديت الةعالة معن خلفعه ىف سعنى
حياتى األو ..وكم كانت تعجبنى خطبعه ودروسعه الدينيعة
املرققة للقلوب الداعية للتقوى.
كان إماما وخطيبا للمسعجد الكبعري املجعاور ملسعكن
أرستى ..ولكن معرفتى به مل تكن تلك املعرفعة التعى متنعنعى
من نظر الدعوى التى أقامتها أرملته نعد أبنائعه معن زوجتعه
الراحلة طلبعا ملريااهعا ..بعل مل تبلعغ تلعك املعرفعة درجعة أن
أستشعر احلرج ..فلم يكن بيننا عالقة مبارشة.
كنعت أراه معللام يعراه بععاقى النعاس ..ورععا ..حلععو
احلديث ودائم ربطه بآيات من القرآن وبالسنة ..موجهعا إ
حسن الفاائل ..ناصُا للناس بمراععاة احلعدود واحلقعوق
دائم التذكري باملوت ومبالغا ىف احلث عىل الفوز بُسن اخلامتة
ٍ
معاملعة ومل يكن ذا عالقات واسعة ..فلم يدع أحد حةعول
معه تنم عن غري هذه الةورة الظاهرة التى ألفوه عليها.
مععات موالنععا ..وكعععادة الععوارا رسعععان مععا دب
اخلالف حول املرياث ب أبنائه من زوجتة الراحلة و زوجتعه
107
يوميات قاضٍ
اللانية ..قالوا اها ال شىء لك ..باع لنا والدنا كل معا يملعك
مععن قبععل أن يتزوجععك ..وقالععت اهععم :عقععودكم مععزورة
ولسوف تعلمون ..فليس مللله أن يفعل هذه الفعلة الشنعاء.
تبسععمت سععاخرا مععن قععواهم وأنععا أطععالع األوراق.
أاارت ىف دخيلة نفسى عجإ عىل ترصف األبنعاء ..أإ هعذا
احلد يكون إنكار املرياث ..وإ هذه الدرجعة جيُعد النعاس
قواعد تقسيمه التى أنزاها رب العباد من فوق سعبع سعاموات
أينسبون هبذه البسعاطة إفكعا اهعذا الرجعل الةعالح العذى ال
يتةور أحد ممن يعرفونه نسبة هذه الفعلة املشينة إليه.
طعن بت الزوجة بعالتزوير ععىل التوقيععات ..والمعت
عليهم سذاجة ما فعلوا وهعم يعلمعون جيعدا أن أبعاهم كعان
صاحلا ..ليس هو من يقرتف ملل هذا اإلام.
ٍ
بأوراق شتى للمااهاة ..وكان جعل اهتاممعى جاءوا
هو إحاار أوراق غريها من جهة عمل موالنا ىف آخعر عهعده
بالوظيفة ووايقة زواجه األخري إلجراء املااهاة عليها.
مر الوقت رسيعا رسيععا حتعى حانعت تلعك اجللسعة
ٍ
بابتسعامة سعاخرة وعقععىل املرهونعة بعورود التقريعر ..تلقيتعه
الباطن حيدانى أنه ال شك سيكشف ز بيعف أبنعاء موالنعا فقعد
أناعوا وقتهم وسيخّسون دعواهم.
108
يوميات قاضٍ
ٍ
بتؤدة ودونعام فاات املظروف املنطوى عىل التقرير
فاول ..كنت وااقا ىف قررارة نفسى من قناعتى ..لن يكعون
التوقيع أبدا توقيع موالنا.
مررت ببرصى رسيعا عىل املقدمات وحمارض األععامل
كنت متشوقا إ بند النتيجة ..كأنى أريد أن أابت لنفسعى أن
ظنى ىف موالنا مل يإ.
فعت حواسعى أمعاموما أن بلغت النتيجعة حتعى توق ب
السطرين األخريين "التوقيعات حعررت ىف ظعروف طبيعيعة
وسياق متةل وىف تاريخ يسبق تاريخ الزواج اللعانى بأسعبوع
..ومجيعها مجيعها ملوالنا اإلمام" !
هالنى معا رأيعت ..وقفعزت إ ذهنعى حكايعة كعان
حيكيها لنا والدى ىف صغرنا عن جار لنا إسعمه ( ) ......منعع
بناته األربعة املرياث ..وباع كل ما يملك البنه الوحيد.
كان والدى من جيل موالنا وكانا جارين ..وأذكر أن
سبإ روايته تلك احلكاية لنا أنه وبعض اجلريان قعد تعدخلوا
عرفيا إلقةاء والدهن عن فعلتعه ولكعنهم عجعزوا ..فةعار
والدى يتندر هبا ..ويتعجإ كيعف أن ذلعك الرجعل ..وهعو
يقوم عىل شأن كتاب القرية ىف حينه وحيفعظ األطفعال القعرآن
الكريم يفعل ما فعل.
109
يوميات قاضٍ
ولست أدرى ملعاذا اآلن جعادت ععىل قرحيتعى باسعم
ذلك الرجل ..إنه كام كعانوا يلقبونعه الشعيخ ( .. ) .......يعا
للمفارقة ..إن لقإ العائلة واحد ..سألت أحد أبناء موالنعا
عنه ..قال :هو جدى لوالدى.
110
يوميات قاضٍ
الفهرس
------------------------
7 هذه اليوميات
11 تقديم
15 خارج نطاق الخدمة
19 على هامش قصاص
23 الحكم عنوان الحقيقة
27 حتى ال يناله أحد
31 غياب
33 سقطا فى اإلخراج
35 سراب وأطفال
37 َ ه َوس
39 قرابين الشيطان
43 وجدان
47 كواليس الخيانة
51 عندما يرعى الذئاب
55 أسباب ما كان
59 الجزاء
111
يوميات قاضٍ
63 بائعا البانجو
67 الثمن
71 المشاغل
65 شيزوفرينيا
79 حياة وأكل عيش
85 الشاهد الرابع
91 الذنب والجنون
97 الرغبة واالنتقام
101 مطرقة الدليل وسندان المنطق
107 موالنا اإلمام
111 الفهرس.
112