You are on page 1of 2

‫لعنة تيمورلنك العجيبة‬

‫عام ‪ ،1941‬ولسبب غامض‪ ،‬أمر الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين بنبش قبر تيمورلنك‪ ،‬والقبر يقع داخل ضريح مهيب‬
‫بمدينة سمرقند في اوزبكستان يعرف بأسم "غور أمير" ‪ ،‬أي ضريح األمير‪ .‬وقد كانت حملة التنقيب السوفيتية لفتح القبر‬
‫بقيادة عالم اآلثار ميخائيل كراسيموف‪.‬‬

‫بحسب الروايات‪ ،‬فأن ثالثة شيوخ طاعنين بالسن من سكان المدينة المسلمين أتوا إلى فريق التنقيب ونصحوهم بعدم فتح‬
‫القبر‪ ،‬محذرين أياهم من لعنة مميتة تحرس القبر‪ ،‬هذه اللعنة من القوة بحيث أنها لن تستغرق أكثر من ثالثة أيام لكي تتحقق!‬
‫‪..‬‬

‫بالطبع فريق العلماء لم يصدقوا حكاية اللعنة‪ ،‬اعتبروها مجرد خرافة يتداولها السكان المحليون ‪ ..‬ومضوا قدما في عملية‬
‫بنبش القبر ‪..‬‬

‫أول شيء فاجأ العلماء عندما فتحوا غطاء القبر هو انتشار رائحة زكية في أرجاء المكان‪ ،‬كأنهم فتحوا زجاجة عطر وليس‬
‫قبر! ‪..‬‬

‫بعدها وجدوا انفسهم أمام عبارة منقوشة على رخام القبر من الداخل تقول ‪" :‬عندما أقوم من الموت‪ ،‬فعلى العالم أن يرتعد"‪.‬‬

‫وهي عبارة تجعل المرء يرتعد فعال‪ ،‬خصوصا إذا كان مطلعا على الفظاعات التي ارتكبها تيمورلنك في حياته‪.‬‬

‫وفي داخل القبر نفسه وجد العلماء تابوتا خشبيا فاخرا‪ ،‬لم يهترأ أو يتلف رغم مرور خمسة قرون على دفنه‪ ،‬وعلى التابوت‬
‫توجد عبارة مخيفة أخرى تقول ‪:‬‬

‫"كل من يدنس قبري فسيطلق العنان لقوة غازية أكثر فظاعة مني"‪.‬‬

‫وقد صدم العلماء لوجود هذه العبارة‪ ،‬ألنها أكدت كالم الشيوخ في وجود لعنة تحرس القبر‪ ،‬لكنهم بالنهاية لم يأخذوا األمر‬
‫على محمل الجد ألنهم يعلمون جيدا بأن مثل هذه اللعنات موجودة بكثرة على جدران ومداخل قبور الملوك واالباطرة من‬
‫أجل تخويف السراق ولصوص المقابر‪.‬‬

‫أخيرا قام العلماء بقتح التابوت الخشبي ووجدوا بداخله هيكل عظمي من الواضح أنه يعود لرجل ضخم وطويل القامة يرتدي‬
‫حلة مدرعة ذهبية ‪..‬‬

‫العلماء أخذوا الهيكل العظمي ثم اغلقوا القبر وغادروا على عجل متوجهين إلى موسكو ‪..‬‬

‫القصة ال تنتهي هنا ‪ ..‬فبعد يومين فقط على فتح القبر‪ ،‬في ‪ 22‬يوليو ‪ /‬حزيران ‪ 1941‬استيقظ العالم فجأة على خبر اجتياح‬
‫االلمان لالتحاد السوفيتي ‪ ،‬كانت أكبر عملية غزو في التاريخ‪ ،‬شارك فيها قرابة ‪ 4‬ماليين جندي في عملية مباغتة بأمر‬
‫مباشر من هتلر‪.‬‬

‫الجيوش السوفيتية‪ p‬انهارت سريعا من هول المباغتة والصدمة‪ ،‬وتوغلت الجحافل األلمانية عميقا داخل األراضي السوفيتية‬
‫حتى وصلت إلى مشارف موسكو‪.‬‬

‫وهنا لنا أن نتساءل ‪ :‬هل حدث ذلك بسبب لعنة قبر تيمورلنك؟ ‪ ..‬أم كانت مجرد مصادفة أن تقوم أكبر قوة غازية في‬
‫التاريخ بمهاجمة االتحاد السوفيتي فجأة وبغتة بعد يومين فقط على فتح القبر؟‪..‬‬

‫ال نتهي غرابة القصة هنا‪ ،‬فطبقا للرواية المتداولة‪ ،‬فأن المخابرات السوفيتية أوصلت قصة لعنة قبر تيمورلنك إلى ستالين‪،‬‬
‫الذي كان آنذاك يائسا ويتشبث بأي أمل لوقف االكتساح النازي‪ ،‬لذلك ومن اجل رفع اللعنة ‪ ،‬أمر بإعادة رفات تيمورلنك إلى‬
‫سمرقند على وجه السرعة وأن يتم دفنها مجددا في قبره طبقا ألحكام وطقوس الشريعة األسالمية – وهو أمر لم يكن‬
‫الشيوعيون السوفييت ليسمحوا به في األوقات العادية‬
‫وبالفعل قامت طائرة عسكرية بنقل الرفات من موسكو إلى سمرقند وتم دفن تيمورلنك مجددا في قبره بأشراف المشايخ ‪..‬‬
‫وهنا حدثت المفاجأة المذهلة‪ ،‬فبعد يومين فقط على إعادة دفن الرفات تمكن الروس من هزيمة األلمان في مدينة ستالينغراد‬
‫(فولغوغراد حاليا) في معركة تعد األكبر واألشرس واالكثر دومية في تاريخ الحروب البشرية‪ ،‬المعركة التي يعتبرها‬
‫البعض بمثابة نقطة تحول في مسار الحرب العالمية الثانية ألنها شكلت بداية نهاية ألمانيا النازية وتحطم أحالم هتلر بأحتالل‬
‫العالم‪.‬‬

‫فهل حدث هذا من قبيل المصادفة‪ ،‬أعني حدوث أكبر عملية غزو في التاريخ بعد نبش القبر بيومين‪ p،‬وأنتهاء اشرس معركة‬
‫في التاريخ بعد اعادة دفن تيمور بيومين؟! ‪..‬‬

‫نادر شاه كان من أكبر المعجبين بتيمورلنك‪ ،‬يعتبره قدوة من الناحية العسكرية‪ ،‬ولعل احترام وتبجيل الشاه الشديد لتيمورلنك‬
‫يعود أيضا للتشابه الغريب في بعض نواحي حياتهما‪ ،‬فكالهما ينتمي للعنصر التركي‪ ،‬وكالهما ولد في عائلة فقيرة وجرب‬
‫حياة العوز والفاقة في طفولته‪ ،‬وكالهما بدأ حياته كقاطع طريق ومتمرد‪ ،‬وكالهما بنى مجده بساعده وأسس امبراطورية‬
‫شاسعة وخاض عشرات الحروب من دون أن يخسر معركة قط (نادر خسر معركة واحدة فقط بداية ظهوره) ‪ ..‬هذا التشابه‬
‫أمتد أيضا إلى الطباع‪ ،‬ألن نادر شاه في أواخر عهده بدأ يميل إلى الغطرسة والقسوة المفرطة في تعامله مع خصومه‪،‬‬
‫ووصل به االمر إلى التشبه بتيمور في تشييد ابراج من جماجم سكان المدن التي تقاومه‪ ،‬تماما كما فعل تيمورلنك مع سكان‬
‫دلهي واصفهان وبغداد وغيرها ‪..‬‬

‫أعجاب نادر شاه الشديد‪ p‬بتيمورلنك حداه في في أواخر حياته إلى غزو مدينة سمرقند التي يقع فيها ضريح غور أمير‪ ،‬كان‬
‫عاقدا العزم على نقل ضريح تيمور إلى إيران‪ ،‬فامر رجاله أن ينبشوا القبر‪ ،‬وألجل ذلك قاموا أوال برفع رخامة خضراء‬
‫ضخمة تغطي القبر‪ ،‬لكن أثناء عملية الرفع انكسر الحجر وانشطر إلى نصفين‪ ،‬وهو ما عده منجمو الشاه طالعا سيئا وعالمة‬
‫شؤم‪ ،‬فنصحوه بأن يعيد الحجر إلى مكانه‪ ،‬وقد نزل عند رأيهم فأمر باغالق القبر واعادته إلى حالته األولى ‪ ..‬لكن ذلك لم‬
‫يمنع – على ما يبدو – من تحقق الطالع السيء الذي حمله القبر لكل من حاول تدنيسه ونبشه ‪ ..‬ذلك أنه بعد وقت قصير على‬
‫تلك الواقعة تم اغتيال نادر شاه افشار غدرا وبوحشية على يد مجموعة من أشد المقربين إليه‪ ،‬ليتسلم الحكم بعدها أبن أخيه‬
‫عادل شاه الذي كانت أولى أوامره عند تسنمه العرش هو أعدام جميع أبناء وأحفاد نادر شاه – باستثناء واحد ‪ ، -‬ولم تلبث‬
‫األسرة االفشارية أن انهارت برمتها بعد فترة قصيرة ليستلم القاجاريون حكم ايران ‪..‬‬

‫فهل دفع نادر شاه افشار حياته ثمنا لتدنيسه قبر تيمورلنك؟! ‪ ..‬كما حدث مع ستالين واالتحاد السوفيتي ‪ ..‬أم أنها كانت مجرد‬
‫مصادفة أخرى ؟ ‪..‬‬

You might also like