‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫‪ 

                www.palestine‐studies.org‬‬

‫‪ ‬‬

‫وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ‬
‫‪‬‬
‫ﻟﻴﻮن ﻫﺪار‬

‫اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة‬

‫‪‬‬
‫وأوروﺑﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‬
‫‪ Max Boot, The Savage Wars of Peace: Small Wars and the Rise of‬‬
‫‪American Power. New York: Basic Books, 2002.‬‬
‫‪ Robert Kagan, Of Paradise and Power: America and Europe in the‬‬
‫‪New World Order. New York: Knopf, 2003.‬‬
‫‪ Charles Kupchan, The End of the American Era: U.S. Foreign‬‬
‫‪Policy and the Geopolitics of the Twenty-first Century. New York:‬‬
‫‪Knopf, 2002.‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻧﻘــﺎش اﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ـﻴــﺎﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ اﳋــﺎرﺟﻴــﺔ ﰲ اﻟــﺪاﺋﺮة اﻷوﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻊ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴــﻪ‬
‫دﺑﻠﻮﻣﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻴﻮن ﻣﺘﻘﺎﻋﺪون ﻣﺘﻮﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻄﻮ اﻟﻌﻤﺮ وﺟﻨﺮاﻻت وأﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺗﺬة ﺟﺎﻣﻌﺎت ﻣﻬﻮوﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻮن‬
‫وﻣﺴ ــﺘﺸ ــﺎرون ﻣﻐﺮورون ﻳﻈﻬﺮون ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم ﰲ ﺑﺮاﻣﺞ اﳌﻘﺎﺑﻼت اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺴ ــﻴﺎﺳ ــﺔ‬
‫اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﰲ واﺷ ــﻨﻄﻦ ﻫﻲ "ﺻ ــﻨﺎﻋﺔ" اﻟﺸ ــﻬﺮة واﻟﻨﺠﻮﻣﻴﺔ‪ .‬وﺑﻴﻦ اﳊﻴﻦ واﻵﺧﺮ‪ ،‬ﺗﺘﻤﺨﺾ‬
‫ﻫﺬه اﻟﺼ ـ ـ ــﻨﺎﻋﺔ ﻏﻴﺮ اﳌﺄﻟﻮﻓﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﺿ ـ ـ ــﺎت و"ﺻ ـ ـ ــﺮﻋﺎت" ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ .‬ﻓﻔﻲ أواﺧﺮ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت‪،‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺳ ـ ـ ــﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل‪ ،‬ﱂ ﻳﻜﻦ ﰲ وﺳ ـ ـ ــﻊ اﳌﺮء اﻟﺘﻨﻘﻞ ﰲ أي ﺣﻔﻞ ﻛﻮﻛﺘﻴﻞ ﰲ واﺷ ـ ـ ــﻨﻄﻦ ﻣﻦ‬
‫دون اﻹﺷـ ـ ـ ـ ـ ــﺎرة إﱃ "اﻧﻬﻴــﺎر اﻹﻣﺒﺮﻳــﺎﻟﻴــﺔ" ﰲ ﻛﺘــﺎب ﺑﻮل ﻛﻨﻴــﺪي "ﻧﺸ ـ ـ ـ ـ ــﻮء اﻟﻘﻮى اﻟﻌﻈﻤﻰ‬
‫واﻧﻬﻴﺎرﻫﺎ" )‪ .(The Rise and Fall of Great Powers‬وﺑﻌﺪ ﺳـ ــﻘﻮط ﺟﺪار ﺑﺮﻟﻴﻦ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﻜﻔﻲ‬
‫أن ﻳﻘﻮل اﳌﺮء "ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ" ‪ -‬وﻫﻮ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎب ﻟﻔﺮاﻧﺴـ ـ ـ ــﻴﺲ ﻓﻮﻛﻮﻳﺎﻣﺎ ‪ -‬ﻟﻠﺤﺼـ ـ ـ ــﻮل‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﻀ ــﻮﻳﺔ داﺋﻤﺔ ﰲ ﺻ ــﻔﻮف اﻟﺜﺮﺛﺮة واﻟﻬﺬر‪ ،‬ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻟﻄﻨﻴﻦ اﳌﺴ ــﻤﻮع ﻣﺆﺧﺮاً‬
‫ﻋﻦ "ﺻـ ـ ــﺮاع اﳊﻀـ ـ ــﺎرات" )‪ (Clash of Civilizations‬ﻟﺼـ ـ ــﻤﻮﺋﻴﻞ ﻫﻨﺘﻨﻐﺘﻮن ﻛﻠﻤﺎ وﻗﻊ ﻋﻤﻞ‬
‫إرﻫﺎﺑﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻹﺳ ـ ـ ــﻼﻣﻴﻴﻦ اﳌﺘﻄﺮﻓﻴﻦ‪ .‬ودﻋﻮﻧﺎ ﻃﺒﻌﺎً ﻻ ﻧﻐﻔﻞ ﻛﻞ أﻧﺒﻴﺎء‬
‫اﻟﻌﻮﳌﺔ‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮدﻫﻢ ﺗﻮﻣﺎس ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن‪ ،‬ﻣﻦ ﺻــﺤﻴﻔﺔ "ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ" وﺻــﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎب‬
‫"ﺳ ـ ـ ـ ــﻴﺎرة اﻟﻠﻴﻜﺴ ـ ـ ـ ــﻮس وﺷ ـ ـ ـ ــﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن" )‪ ،(The Lexus and the Olive Tree‬واﻟﺬي اﺑﺘﻜﺮ‬
‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ‪.‬‬
‫ﺗﻐﻴُّﺮ اﻟﻨﻤﻮذج ﰲ واﺷﻨﻄﻦ‬
‫ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬إذاً‪ ،‬ﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ "ﺻــﺮﻋﺔ" ﺟﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﺴــﻴﺎﺳــﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ‪ .‬وﻣﻊ ﺗﺒﻨﻲ إدارة ﺑﻮش‬
‫‪                                                             ‬‬
‫)‪ (‬زﻣﻴﻞ ﺑﺎﺣﺚ ﰲ دراﺳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﰲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻛﺎﺗﻮ ﺑﻮاﺷﻨﻄﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ‪.‬‬
‫)‪ (‬اﳌﺼﺪر‪Journal of Palestine Studies, vol. XXXII, no. 4, Summer 2003, pp. 74-82. :‬‬

‫‪ 1‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫ﻻﺳ ـ ــﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺛﻮرﻳﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻮق اﻟﻌﺴ ـ ــﻜﺮي اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ وﺗﻮﺟﻴﻪ‬
‫اﻟﻀ ـ ـ ـ ـ ــﺮﺑﺎت اﻷﺣﺎدﻳﺔ اﳉﺎﻧﺐ واﻻﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺒﺎﻗﻴﺔ إﱃ اﻟﺪول واجملﻤﻮﻋﺎت اﳌﻌﺎدﻳﺔ ‪ -‬ﻧﻔﺬت‬
‫اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻷوﱃ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻌﻼً ﰲ اﻟﻌﺮاق ‪ -‬ﻳﺒﺪو أن ﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ أن ﺗﻜﻮن "اﻟﺼ ـ ـ ـ ـ ــﺮﻋﺔ" اﳉﺪﻳﺪة‬
‫ﻫﻲ "اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ" اﳉﺪﻳﺪة‪ .‬ﺑﻞ ﻳﺠﺮي اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺼــﻌﻮد اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ‬
‫ﰲ اﻷوﺳﺎط اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ واﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ واﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫وﻓﺤﻮى اﻟﺮﺳـ ـ ــﺎﻟﺔ أﻧﻨﺎ أﺻـ ـ ــﺒﺤﻨﺎ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ‪ ،‬وﻳﺠﺪر ﺑﻨﺎ اﻻﺳـ ـ ــﺘﻔﺎدة ﻣﻦ‬
‫ذﻟﻚ إﱃ أﻗﺼﻰ ﺣﺪ‪ .‬وﻳﺮى اﻟﺒﻌﺾ أن ﻟﺪى اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻟﻘﻮة "اﻟﺼﻠﺒﺔ" )اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬
‫واﻟﻌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺮﻳﺔ( واﻟﻘﻮة "اﳌﺮﻧﺔ" )ﻫﻮﻟﻴﻮد‪ ،‬واﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻲ‪ .‬أن‪ .‬أن‪ ،.‬وأم‪ .‬ﺗﻲ‪ .‬ﰲ‪ (.‬ﻹﻗﺎﻣﺔ ﻫﺬه‬
‫اﻟﻬﻴﻤﻨــﺔ‪ .‬أﻣـّﺎ واﳊــﺎل ﻛــﺬﻟــﻚ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ اﻻﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻔــﺎدة ﻣﻦ ﻫــﺬه اﻟﻘﻮة ﻟﻔﺮض ﻧﻈــﺎم‬
‫ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺴـ ـ ــﺘﻨﺪ إﱃ اﳊﻀـ ـ ــﻮر اﻟﻌﺴـ ـ ــﻜﺮي اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ "اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻷﻣﺪ" )إﻗﺮأ‪ :‬اﻟﺪاﺋﻢ( ﰲ اﻟﺸـ ـ ــﺮق‬
‫اﻷوﺳﻂ وﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻏﺮار اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ‪.‬‬
‫ﺑﻞ إن ﻫﻨﺎك ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻳﺤﺘﻔﻲ ﺑﻬﺬه اﻟﺮوح اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة‪ .‬وﻗﺪ أﺻــﺒﺤﺖ‬
‫ﻗﺮاءة "ﺣﺮوب اﻟﺴــﻼم اﻟﻮﺣﺸــﻴﺔ‪ :‬اﳊﺮوب اﻟﺼــﻐﻴﺮة وﺑﺮوز اﻟﻘﻮة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ" ) ‪The Savage‬‬
‫…‪ ،(Wars of Peace‬وﻫﻮ ﻛﺘﺎب ﻳﻤﺘﺪح ﻓﻀــﺎﺋﻞ إرﺳــﺎل اﻟﻘﻮات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﳋﻮض اﳌﻌﺎرك‬
‫ﰲ ﺷــﺘﻰ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﱂ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺴــﻼم اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟﻌﺎﳌﻲ‪ ،‬أﻣﺮاً ﻣﻄﻠﻮﺑﺎً ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺤﺎول‬
‫ﲢﻠﻴﻞ اﻟﻨﻬﺞ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻹدارة ﺑﻮش‪ .‬واﻛﺘﺴﺐ ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻣﺎﻛﺲ ﺑﻮت ﺷﻬﺮة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ وﺳﺎﺋﻞ‬
‫اﻹﻋﻼم‪.‬‬
‫ﻧُﺸ ـ ــﺮ ﻛﺘﺎب "ﺣﺮوب اﻟﺴ ـ ــﻼم اﻟﻮﺣﺸ ـ ــﻴﺔ" ﺑﻌﺪ ﺑﻀ ـ ــﻌﺔ أﺷ ـ ــﻬﺮ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ وﻗﻮع اﻟﻬﺠﻤﺎت‬
‫اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻴﻮﻳﻮرك وواﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻨﻄﻦ ﰲ ‪ 11‬أﻳﻠﻮل‪/‬ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ .2001‬وﻳﻌﺮض ﻓﻴﻪ ﺑﻮت‬
‫اﻟﺼ ـ ـ ـ ــﻮرة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺒﺮوز اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺴ ـ ـ ـ ــﻜﺮﻳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ وﻣﺒﺮرات اﺳ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ اﻟﺒﻮﺳ ـ ـ ـ ــﻨﺔ‬
‫وﻛﻮﺳ ـ ــﻮﻓﻮ وأﻓﻐﺎﻧﺴ ـ ــﺘﺎن واﻟﻌﺮاق‪ ،‬ﻓﻀ ـ ـﻼً ﻋﻦ دول أُﺧﺮى ﺗﺸ ـ ــﻜﻞ ﺟﺰءاً ﻣﻦ ﳏﻮر اﻟﺸ ـ ــﺮ أو‬
‫ﻣﺘﻌﺎﻃﻔﺔ ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ إﻳﺮان‪ .‬وﻳﺮى أن اﳉﻤﻬﻮر اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ وﻗﺎدﺗﻪ ﻛﺎﻧﻮا ﰲ اﳌﺎﺿـ ـ ـ ـ ــﻲ‬
‫ﻳﺮﻛﺰون ﺑﺸﺪة ﻋﻠﻰ أن اﻟﺪور اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻫﻮ اﻟﻘﺘﺎل واﻻﻧﺘﺼﺎر ﰲ ﺣﺮوب ﻛﺒﻴﺮة‪،‬‬
‫ﺳ ــﺎﺧﻨﺔ وﺑﺎردة‪ ،‬ﺿ ــﺪ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪات اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ )أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟﻨﺎزﻳﺔ واﻟﻴﺎﺑﺎن اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ وروﺳ ــﻴﺎ‬
‫اﻟﺸـ ـ ـ ــﻴﻮﻋﻴﺔ واﻟﺼ ـ ـ ـ ــﻴﻦ(‪ .‬ﻏﻴﺮ أن ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ ﰲ ﻋﺎﱂ اﻟﻴﻮم اﻹﻗﺮار ﺑﻮﺟﻮب ﳑﺎرﺳـ ـ ـ ــﺔ‬
‫ﻗﻮﺗﻬﻢ اﻟﻌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺮﻳﺔ ﰲ ﺧﻮض "ﺣﺮوب ﺻ ـ ـ ـ ـ ــﻐﻴﺮة" ورﺑﺤﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺜﻞ اﳊﺮوب اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻬﺎ‬
‫اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﻘﺮﻧﻴﻦ اﻟﺘﺎﺳــﻊ ﻋﺸــﺮ واﻟﻌﺸــﺮﻳﻦ ﰲ ﻫﺎﻳﻴﺘﻲ وﻧﻴﻜﺎراﻏﻮا واﳌﻜﺴــﻴﻚ‬
‫واﻟﻔﻴﻠﻴﺒﻴﻦ‪.‬‬
‫وﻫﺬه اﳊﺮوب اﻟﺼ ـ ــﻐﻴﺮة‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺼ ـ ــﻔﻬﺎ ﺑﻮت‪ ،‬ﻟﻴﺴ ـ ــﺖ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﻼﻧﺘﺼ ـ ــﺎرات اﻟﺴ ـ ــﺮﻳﻌﺔ‬
‫واﻻﺷﺘﺒﺎﻛﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺗﻨﻄﻮي ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻄﻮﻟﺔ ﻟـ ـ ـ "ﺑﻨﺎء‬
‫اﻷﻣﺔ" ‪ -‬ﺗﺸ ـ ــﻤﻞ اﺳ ـ ــﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺴ ـ ــﻜﺮﻳﺔ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺳ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ــﺔ اﻟﺒﻠﺪ واﻗﺘﺼ ـ ــﺎده )ﻣﺜﻞ دﻋﻢ‬
‫اجملﻤﻮﻋﺎت اﻟﺴ ــﻴﺎﺳ ــﻴﺔ واﻟﻌﺴ ــﻜﺮﻳﺔ اﶈﻠﻴﺔ اﳌﻔﻀ ــﻠﺔ‪ ،‬وﻣﻘﺎﺗﻠﺔ رﺟﺎل ﺣﺮب اﻟﻌﺼ ــﺎﺑﺎت‪،‬‬
‫‪ 2‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وﺗﻘﺪﻳﻢ اﳌﺴ ــﺎﻋﺪة اﻻﻗﺘﺼ ــﺎدﻳﺔ‪ ،‬واﳌﺴ ــﺎﻋﺪة ﺑﻨﺸ ــﺎط ﰲ إﻧﺸ ــﺎء اﳌﺆﺳـ ـﺴ ــﺎت اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ‬
‫اﻟﺮأﺳ ـ ـ ــﻤﺎﻟﻴﺔ(‪ .‬وﻫﻮ أﻣﺮ ﻳﺸ ـ ـ ــﺒﻪ ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﺎ ﺳ ـ ـ ــﺘﻘﻮم ﺑﻪ إدارة ﺑﻮش ﰲ اﻟﻌﺮاق ﰲ اﻷﺷ ـ ـ ــﻬﺮ أو‬
‫اﻷﻋﻮام اﳌﻘﺒﻠﺔ‪.‬‬
‫ﺑــﺎﺧﺘﺼ ـ ـ ـ ـ ــﺎر‪ ،‬ﻻ ﺗﻨﻄﻮي رؤﻳــﺔ ﺑﻮت ﻋﻠﻰ ﺗــﺪﺧﻼت أﻣﻴﺮﻛﻴــﺔ ﺧــﺎرﺟﻴــﺔ ﻗﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺮة اﻷﻣــﺪ‬
‫وﻣﺸ ـ ــﻮﺷ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﺣﺮوب إدارة ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن اﻟﺼ ـ ــﻐﻴﺮة ﰲ اﻟﺼ ـ ــﻮﻣﺎل وﻫﺎﻳﻴﺘﻲ‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﻪ ﻳﻨﺒﺮي‬
‫ﻟﻠﺪﻓﺎع ﺑﻮﺿـ ــﻮح ﻋﻦ ]ﻓﺮض[ اﻟﺴـ ــﻼم اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ )وﻫﺬا ﻋﻨﻮان اﻟﻔﺼـ ــﻞ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ(‪،‬‬
‫ورﻓﺾ ﻣــﺎ أﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺢ ﻳﻌﺮف ﻣﻨــﺬ ذﻟــﻚ اﳊﻴﻦ ﺑﻤــﺬﻫــﺐ ﺑــﺎول ‪ -‬أي أن ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ أﻻّ‬
‫ﻳﺨﻮﺿـ ـ ـ ــﻮا ﺳـ ـ ـ ــﻮى اﳊﺮوب اﻟﺘﻲ ﲢﻈﻰ ﺑﺪﻋﻢ ﻣﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ )ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ‬
‫إﻋﻼن اﳊﺮب ﺑﻮاﺳ ـ ــﻄﺔ اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس( وﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﻦ "اﳌﺼ ـ ــﻠﺤﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ" واﻷﻫﺪاف‬
‫اﻟﻮاﺿ ـ ــﺤﺔ واﺳ ـ ــﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﳋﺮوج‪ .‬وﻳﺮى ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ذﻟﻚ أن دور أﻣﻴﺮﻛﺎ ﰲ "ﺿ ـ ــﺒﻂ اﻷﻣﻦ‬
‫اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﱄ" ﻳﺠﺐ أﻻّ ﻳﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة اﻟﺘﺼﻮرات اﶈﺪودة ﻟـ "اﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ"‪ ،‬وإﻧﻤﺎ‬
‫ﻳﺠﺐ أن ﻳﺸ ـ ـ ـ ـ ــﻤﻞ ﻻﺋﺤﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ أﻫﺪاف "ﺑﻨﺎء اﻷﻣﺔ" ﰲ أﻋﻘﺎب ﻫﺰﻳﻤﺔ اﻟﻌﺪو‪ ،‬وإﻧﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺎء‬
‫اﻟﺸ ــﺮوط ﻻﺣﺘﻼل ﻋﺴ ــﻜﺮي أﻣﻴﺮﻛﻲ ﻃﻮﻳﻞ اﻷﻣﺪ‪ .‬وﺳ ــﻮف ﻳﺪار ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﳌﺸ ــﺮوع اﻟﻄﻤﻮح‬
‫ﻟﻠﺴﻼم اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﰲ ﻣﻌﻈﻤﻪ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ واﳉﻴﺶ‪ ،‬وﺑﺘﺪﺧﻞ ﳏﺪود ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس‬
‫واﻟﺮأي اﻟﻌـ ــﺎم‪ .‬وﻳﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺮﺣـ ــﺐ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﱈ ﻏﻴﺮ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴـ ــﺔ ﰲ اﻟﻌـ ــﺎﱂ ﺑـ ــﺎﳊﻀ ـ ـ ـ ـ ــﻮر‬
‫اﻟﻌﺴــﻜﺮي اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ وﻓﻮاﺋﺪه اﻟﺴــﻴﺎﺳــﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼــﺎدﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﺳــﻜﺎن اﳉﺰﻳﺮة اﻟﻮﻫﻤﻴﺔ‬
‫ﰲ ﻓﻴﻠﻢ "اﻟﻔﺄر اﻟﺬي زأَر"‪ ،‬اﻟﺬي ﻋُﺮض ﰲ ﺳــﺘﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸــﺮﻳﻦ‪ ،‬إذ أﻋﻠﻨﻮا اﳊﺮب ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻛﻲ ﺗﻐﺰوﻫﻢ‪.‬‬
‫اﶈﺎﻓﻈﻮن اﳉﺪد‬
‫واﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة‬
‫ﻳﻌﻤــﻞ ﺑﻮت‪ ،‬اﻟــﺬي أﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺢ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﻴــﺎء اﻟﺒــﺎرزﻳﻦ ﻟﻺﻣﺒﺮﻳــﺎﻟﻴــﺔ اﳉــﺪﻳــﺪة‪ ،‬ﻛــﺎﺗﺒ ـﺎً ﰲ‬
‫ﺻ ـ ـ ـ ـ ــﻔﺤﺎت اﳌﻘﺎﻻت اﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﰲ ﺟﺮﻳﺪة "وول ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺮﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل"‪ ،‬وﻫﻲ ‪ -‬إﱃ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫"وﻳﻜﻠﻲ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺎﻧﺪرد" و"أﻣﻴﺮﻛﺎن إﻧﺘﺮﺑﺮاﻳﺰ إﻧﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻴﺘﻴﻮت" ‪ -‬ﻣﻌﻘﻞ ﺑﺎرز ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻗﻞ ﺣﺮﻛﺔ‬
‫اﶈﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉﺪد اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﻬﻠﻞ أﻋﻀ ـ ـ ـ ــﺎؤﻫﺎ ﻟﻠﻐﺰو اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻟﻠﻌﺮاق‪ ،‬ﻓﻀـ ـ ـ ـ ـﻼً ﻋﻦ‬
‫اﻟﺪﻋﻢ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﻮت‪ ،‬ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻳﻔﻜﺮ ﰲ اﻟﻌﺮاق ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺐ "ﺣﺮوب‬
‫اﻟﺴ ــﻼم اﻟﻮﺣﺸ ــﻴﺔ" اﻟﺬي ﻋﻜﺲ ﻓﻴﻪ اﻟﺮؤﻳﺔ اﳌﺸ ــﺘﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻘﺎﺳ ــﻤﻬﺎ زﻣﻼؤه اﶈﺎﻓﻈﻮن‬
‫اﳉﺪد‪ ،‬واﻧﺘﻘﺪ إدارة ﺑﻮش اﻷب ﻟﻌﺪم ﻣﻀ ـ ـ ـ ـ ـﻴّﻬﺎ إﱃ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ ﺣﺮب اﳋﻠﻴﺞ اﻷوﱃ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻨﺔ‬
‫‪ .1991‬ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﳌﻔـ ــﺎﺟﺊ إذاً أن ﻳﻜﻮن ﺑﻮت ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟـ ــﺪاﻋﻤﻴﻦ اﳌﺘﺤﻤﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻴﻦ ﻟﻠﻬﺠﻮم‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮاق‪ ،‬اﻟﺬي ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ "ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻨﻈﺎم" ﰲ ﺑﻐﺪاد‪.‬‬
‫إن ﻣﻦ اﻟﺼــﻌﺐ ﻓﻌﻼً‪ ،‬إن ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﳌﺘﻌﺬر‪ ،‬اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة‬
‫اﻟــﺬي ﻳﻄﺮﺣــﻪ ﺑﻮت ﰲ "ﺣﺮوب اﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻼم اﻟﻮﺣﺸ ـ ـ ـ ـ ـﻴــﺔ" ﻣﻦ دون ﻓﻬﻢ اﻟــﺪور اﻟــﺬي ﻗــﺎم ﺑــﻪ‬

‫‪ 3‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫اﶈﺎﻓﻈﻮن اﳉﺪد ﰲ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﻹدارة ﺑﻮش ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم‪ ،‬وﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺸﺮق‬
‫اﻷوﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻂ ﺑــﺎﻟﺘﺤــﺪﻳــﺪ‪ .‬ﻓــﺎﻹﻣﺒﺮﻳــﺎﻟﻴــﺔ اﳉــﺪﻳــﺪة ﻫﻲ‪ ،‬ﺑﻄﺮﻳﻘــﺔ ﻣــﺎ‪ ،‬ﻧﺘــﺎج اﻟﻨﻈﺮﻳــﺔ اﶈــﺎﻓﻈــﺔ‬
‫اﳉﺪﻳﺪة‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻃﻮرﻫﺎ ﻣﻔﻜﺮون ﰲ واﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻨﻄﻦ وﻧﻴﻮﻳﻮرك‪ ،‬وﰲ اﳌﻤﺎرﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻧﺮاﻫﺎ ﰲ‬
‫ﺳ ــﻴﺎﺳ ــﺎت ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺴ ــﻴﺎﺳ ــﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮش‪ ،‬وﺧﺼ ــﻮﺻـ ـﺎً اﻟﺒﻨﺘﺎﻏﻮن‪ .‬وﻗﺪ أﺻ ــﺒﺢ‬
‫ﻛﺘﺎب ﺑﻮت ﻻزم اﻟﻘﺮاءة ﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻤﻦ ﻫﺬه اجملﻤﻮﻋﺔ‪ ،‬وﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻋﺪ ﰲ وﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻊ اﻷﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎس اﻟﻔﻜﺮي‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺠﺮت اﳊﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮاق وﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﻌﺪاﺋﻴﺔ ﰲ اﻟﺸﺮق‬
‫اﻷوﺳﻂ‪.‬‬
‫ﰲ أﻋﻘ ــﺎب ‪ 11‬أﻳﻠﻮل‪/‬ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺘﻤﺒﺮ وﻣ ــﺎ ﺗﻼه ﻣﻦ ﺣﺮب ﻋﻠﻰ اﻹرﻫ ــﺎب‪ ،‬ﺑﻤ ــﺎ ﰲ ذﻟ ــﻚ‬
‫اﻟﻨﻬﻮض إﱃ ﳏــﺎرﺑــﺔ اﻟﻌﺮاق‪ ،‬ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻔﻜﺮون ﻳﻨﺘﻤﻮن إﱃ اﶈــﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉــﺪد‪ ،‬ﻣﻦ أﻣﺜــﺎل‬
‫وﻟﻴﻢ ﻛﺮﻳﺴـ ــﺘﻮل ورﻳﺘﺸـ ــﺎرد ﺑﻴﺮل وﺑﻮل وُﻟﻔﻮﻓﻴﺘﺰ‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸـ ــﻐﻠﻮن اﻟﻴﻮم ﻣﻨﺎﺻـ ــﺐ ﻗﻴﺎدﻳﺔ‬
‫ﰲ اﻟﺴـ ـ ــﻴﺎﺳـ ـ ــﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ واﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﰲ إدارة اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮش‪ ،‬أو ﻳﻬﻴﻤﻨﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ‬
‫ﻣﻨﺎﻓﺬ وﺳــﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﳌﺆﺳ ـﺴــﺎت اﻻﺳــﺘﺸــﺎرﻳﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺤﺰب اﳉﻤﻬﻮري‪ ،‬ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎح‬
‫)ﺑﻤﺴ ـ ـ ـ ـ ـﺎﻋﺪة اﻟﺪاﺋﺮة اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ اﳌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺤﻴﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ( ﰲ ﺣﻤﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮش ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﺒﺮﻧـ ــﺎﻣﺞ اﻹﻣﺒﺮﻳ ـ ــﺎﱄ اﳉ ـ ــﺪﻳـ ــﺪ ﰲ اﻟﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺮق اﻷوﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻂ‪ .‬وأدى ذﻟـ ــﻚ إﱃ ﺗﻄﻮرﻳﻦ‬
‫دراﻣﺎﺗﻴﻜﻴﻴﻦ‪ :‬ﻏﺰو اﻟﻌﺮاق‪ ،‬واﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ اﻟﻘﻮى اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﳌﺘﻄﺮﻓﺔ ﰲ إﺳ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ‬
‫وﻓﺮ ﳊﻜﻮﻣﺔ ﺷﺎرون اﻟﻀﻮء اﻷﺧﻀﺮ ﻟﺘﺤﻄﻴﻢ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺒﺪو أن ﺟﻮرج دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮش وﺑﻌﺾ ﻣﺴـ ـ ــﺘﺸـ ـ ــﺎرﻳﻪ‪ ،‬وﻻ ﺳـ ـ ــﻴﻤﺎ ﺻـ ـ ــﻨﺎع اﻟﺴـ ـ ــﻴﺎﺳـ ـ ــﺔ ﰲ‬
‫اﻟﺒﻨﺘﺎﻏﻮن‪ ،‬ﺗﺒﻨﻮا اﻟﻜﺬﺑﺔ اﻟﻠﻴﻜﻮدﻳﺔ ﺑﺄن أﺳ ـ ــﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﻻدن وﺻ ـ ــﺪام ﺣﺴ ـ ــﻴﻦ وﻳﺎﺳ ـ ــﺮ ﻋﺮﻓﺎت‬
‫ﻣﺘﺤﺎﻟﻔﻮن ﺳـ ــﻴﺎﺳـ ــﻴﺎً وﻋﺴـ ــﻜﺮﻳﺎً‪ ،‬وأن اﳌﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻔﻠﺴـ ــﻄﻴﻨﻴﺔ ﻟﻼﺣﺘﻼل اﻹﺳـ ــﺮاﺋﻴﻠﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ‬
‫ارﺗﺒﺎﻃﺎً ﻣﺒﺎﺷﺮاً ﺑﺎﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺮادﻳﻜﺎﱄ‪ ،‬وﺑﺎﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻓﻌﻼً‪ .‬وﻳﻔﺘﺮض أن‬
‫ﻫــﺬه اﻷﺧﻴﺮة ﻫﻲ اﻟﻘﻮة اﻟــﺪاﻓﻌــﺔ وراء اﻟﻬﺠﻤــﺎت اﻹرﻫــﺎﺑﻴــﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﺠــﺎرة اﻟﻌــﺎﳌﻲ‬
‫واﻟﺒﻨﺘﺎﻏﻮن‪ ،‬وأﻧﻬﺎ ﻧﻤﺖ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟﻠﻤﺜﻞ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ‪ ،‬وﺗﻠﻘﻰ اﻟﺪﻋﻢ ﻣﻦ اﻷﻧﻈﻤﺔ‬
‫اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﳌﻮﺟﻮد ﰲ ﺑﻐﺪاد ودﻣﺸ ــﻖ‪ ،‬أو ﻣﻦ اﻟﺴ ــﻠﻄﺔ اﻟﻔﻠﺴ ــﻄﻴﻨﻴﺔ‪ .‬وﻫﻜﺬا‬
‫ﻓﺈن وﻗﻮع ﻫﺠﻤﺎت ‪ 11‬أﻳﻠﻮل‪/‬ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺘﻤﺒﺮ ﺑﻌﺪ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ ﺑﺪء اﻻﻧﺘﻔﺎﺿ ـ ـ ـ ـ ــﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ إدارة ﺑﻮش ﲢﺎول وﺿ ـ ــﻊ اﻟﻨﻬﺞ اﳋﺎص ﺑﻬﺎ ﲡﺎه اﳌﺸ ـ ــﻜﻠﺔ اﻹﺳ ـ ــﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ‪-‬‬
‫اﻟﻔﻠﺴ ـ ــﻄﻴﻨﻴﺔ وﲡﺎه اﻟﻌﺮاق‪ ،‬وﻓﺮ اﻟﻔﺮﺻ ـ ــﺔ اﻟﺴ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ــﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉﺪد ﰲ اﻹدارة‪ ،‬ﻣﺜﻞ‬
‫ﺑﻮل وُﻟﻔﻮﻓﻴﺘﺰ ﻧ ـ ــﺎﺋ ـ ــﺐ وزﻳﺮ اﻟ ـ ــﺪﻓ ـ ــﺎع‪ ،‬وﳊﻠﻔ ـ ــﺎﺋﻬﻢ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس ووﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺋ ـ ــﻞ اﻹﻋﻼم‬
‫واﳌﺆﺳ ـ ـ ـ ـ ـﺴـ ـ ـ ـ ــﺎت اﻻﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﺸـ ـ ـ ـ ــﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺘﻤﻜﻨﻮا ﰲ أﻋﻘﺎب ﺗﻠﻚ اﻟﻬﺠﻤﺎت ﻣﻦ ﺗﺮوﻳﺞ ﺑﺮﻧﺎﳎﻬﻢ‬
‫ﺑﻨﺠﺎح؛ وﻫﻮ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺬي ﻳﺮى ﰲ اﻟﺴـ ــﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮاق وﺣﻤﺎﻳﺔ إﺳـ ــﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻌﻨﺼـ ــﺮﻳﻦ‬
‫اﳌﺮﻛﺰﻳﻴﻦ ﰲ اﺳــﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎ ﻓﺮض اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸــﺮق اﻷوﺳــﻂ ﻛﻮﺳــﻴﻠﺔ ﻹداﻣﺔ‬
‫اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ أﺣﺎدﻳﺔ اﻟﻘﻄﺐ ﰲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﱂ ﻛﺎﻓﺔ‪.‬‬
‫ﻻ ﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻚ ﰲ أن ﻛﺘﺎب ﺑﻮت‪ ،‬اﻟﺬي ﻛُﺘﺐ ﻗﺒﻞ ‪ 11‬أﻳﻠﻮل‪/‬ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺘﻤﺒﺮ‪ ،‬ﻻ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬه‬

‫‪ 4‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫اﻟﺘﻄﻮرات‪ ،‬ﻟﻜﻨــﻪ ﻳﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺒﻘﻬــﺎ‪ .‬واﻹﻣﺒﺮﻳــﺎﻟﻴــﺔ اﳉــﺪﻳــﺪة اﻟﻄﻤﻮﺣــﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮوﺟﻬــﺎ ﻻ ﺗــﺪﻋﻮ إﱃ‬
‫إﻧﺸ ـ ــﺎء ﻧﻈﺎم دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ وﻓﺪراﱄ ﰲ اﻟﻌﺮاق ﻓﺤﺴ ـ ــﺐ‪ ،‬ﺑﻞ أﻳﻀـ ـ ـﺎً إﱃ إﻋﺎدة رﺳ ـ ــﻢ اﳋﺮﻳﻄﺔ‬
‫اﻟﺴ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ــﻴﺔ ﻟﻠﺸ ـ ــﺮق اﻷوﺳ ـ ــﻂ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ‪ .‬وﻳﺸ ـ ــﺘﻤﻞ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺒﻌﺜﻲ ﰲ‬
‫دﻣﺸ ـ ـ ـ ـ ــﻖ‪ ،‬واﳌﻼﱄ ﰲ إﻳﺮان‪ ،‬واﻟﻮﻫﺎﺑﻴﻴﻦ ﰲ اﻟﺮﻳﺎض ‪ -‬إﺿ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻓﺔ إﱃ اﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻤﺮار اﻟﻮﺟﻮد‬
‫اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﰲ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن واﻟﺒﻠﻘﺎن وآﺳﻴﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ وأﺟﺰاء أُﺧﺮى ﻣﻦ ﻫﻼل ﻋﺪم‬
‫اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺬي ﻳﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻘﺎن إﱃ ﺣﺪود اﻟﺼﻴﻦ‪ .‬وﻳﻘﻀﻲ اﻟﻬﺪف اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻺﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ‬
‫اﳉﺪﻳﺪة ﺑﺈﻧﺸـ ــﺎء ﺳـ ــﻠﺴـ ــﻠﺔ ﻣﻦ اﶈﻤﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺴـ ــﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳉﻴﺶ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﰲ اﻟﺸـ ــﺮق‬
‫اﻷوﺳـ ـ ـ ـ ــﻂ وأﻃﺮاﻓﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺨﺪم اﳌﺼـ ـ ـ ـ ــﺎﻟﺢ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ واﻹﺳـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ‪ .‬وﻫﺬه‬
‫اﳌﺼــﺎﻟﺢ ﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺔ وﻓﻘﺎً ﻟﻠﻌﻘﻴﺪة اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ‪ -‬أي أن ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻴﺪ ﻹﺳــﺮاﺋﻴﻞ ﺟﻴﺪ‬
‫ﻷﻣﻴﺮﻛﺎ‪ ،‬واﻟﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﺗﻌﺎﻣﻞ اﳌﻔﻜﺮون اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﻮن اﳉﺪد ﻣﻊ أي ﺗﺸ ـ ـ ـ ــﻜﻴﻚ ﰲ‬
‫ﻫﺬه اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﺘﺠﺎوز اﳋﻄﺎب اﳌﺴـ ــﻤﻮح ﺑﻪ‪ ،‬وﺳـ ــﻌﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر‪ ،‬ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻐﻤﺰ‪،‬‬
‫ﻟﻮﺻﻢ ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻء اﳌﺸﻜﻜﻴﻦ ﺑﺄﻧﻬﻢ "ﻣﻌﺎدون ﻟﻠﺴﺎﻣﻴﺔ"‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻋﺎﱂ اﻟﺴــﻴﺎﺳــﺔ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻫﺎرﻓﺮد‪ ،‬ﺳــﺘﺎﻧﻠﻲ ﻫﻮﻓﻤﺎن‪ ،‬ﺑﺸــﻜﻞ ﻣﻘﻨﻊ ﰲ ﻫﺬا‬
‫اﳋﺼﻮص‪:‬‬
‫"ﻫﻨﺎك اﻵن ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻓﻀ ـ ـ ـ ــﻔﺎﺿ ـ ـ ـ ــﺔ ﻣﻦ أﺻ ـ ـ ـ ــﺪﻗﺎء إﺳ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺘﻄﺎﺑﻖ‬
‫اﳌﺼ ـ ـ ـ ــﺎﻟﺢ ﺑﻴﻦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ واﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪ ،‬ﺗﻘﻮل إﻧﻬﻤﺎ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺘﺎن ﳏﺎﻃﺘﺎن‬
‫ﺑــﺎﻷﻋـﺪاء‪ ،‬وﻛﻠﺘــﺎﻫﻤــﺎ ﳎﺒﺮة ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺘﻤــﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺮﻳــﺔ ﻟﻠﺒﻘــﺎء‪ ...‬وﻳﻨﻈﺮ ﻫﺆﻻء‬
‫اﶈﺎﻓﻈﻮن اﳉﺪد إﱃ اﻟﺴــﻴﺎﺳــﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪﺳــﺔ ﺷــﺎﻏﻞ وﺣﻴﺪ ﻣﻬﻴﻤﻦ‪ :‬ﻫﻞ ﻫﻲ‬
‫ﰲ ﻣﺼ ـ ــﻠﺤﺔ إﺳ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ أم ﺿ ـ ــﺪﻫﺎ؟ وﻣﻨﺬ إﻧﺸ ـ ــﺎء ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ﰲ ﺳ ـ ــﻨﺔ ‪ ،1948‬ﱂ ﻳﻜﺘﺴ ـ ــﺐ‬
‫ﻫﺆﻻء اﳌﻔﻜﺮون ﻧﻔﻮذاً ﻗﻮﻳﺎً ﰲ وزارة اﳋﺎرﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﻢ اﻵن ﻣﺴــﺘﻘﺮون ﺑﺸــﻜﻞ ﻣﺮﻳﺢ ﺟﺪاً‬
‫ﰲ وزارة اﻟﺪﻓﺎع ﺣﻮل اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﻴﻦ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﺑﻮل وُﻟﻔﻮﻓﻴﺘﺰ ورﻳﺘﺸﺎرد ﺑﻴﺮل ودوﻏﻼس‬
‫ﻓﻴﺚ‪".‬‬
‫وﻳﺘﺎﺑﻊ ﻫﻮﻓﻤﺎن ﻗﺎﺋﻼً إن "أﺣﺪ اﻟﻌﻨﺎﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﺪ ﰲ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻦ ﺣﺮب ﻣﺒﻜﺮة‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮاق ﺑﺎﻟﻨﺴ ــﺒﺔ إﱃ ﻫﺆﻻء اﻟﺼ ــﻘﻮر ﰲ إدارة ﺑﻮش‪ ،‬ﻫﻮ أن ﻫﺬه اﳊﺮب ﺳ ــﺘﺆﺟﻞ ﺣﻞ‬
‫اﳌﺸـ ـ ـ ــﻜﻠﺔ اﻟﻔﻠﺴـ ـ ـ ــﻄﻴﻨﻴﺔ وﺗﺰﻳﺪ ﰲ ﺻـ ـ ـ ــﻌﻮﺑﺔ وﺿـ ـ ـ ــﻊ ﺣﻞ ﳏﺎﻳﺪ ﻟﻬﺎ‪ ".‬وﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻫﺆﻻء‬
‫اﻟﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻘﻮر‪ ،‬أﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺤﺖ ﻣﺴ ـ ـ ـ ـ ـﻠّﻤﺔ اﶈﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉﺪد‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﺮض اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﺑﻴﻦ اﳌﺼ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻟﺢ‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ واﻹﺳــﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ‪ ،‬أﻗﻮى وأﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ‪ .‬ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﳌﺼــﻠﺤﺔ أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﺻــﺎﻟﺢ‬
‫ﻹﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻜﺒﺮى‪ ،‬واﻟﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ‪ .‬وﻣﻦ ﺛﻢ ﺟﺎء رأي ﺑﻌﺾ اﶈﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉﺪد ﰲ أن‬
‫ﲢﺪي اﳌﺸ ـ ــﺮوع اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﱄ اﳉﺪﻳﺪ ﰲ اﻟﺸ ـ ــﺮق اﻷوﺳ ـ ــﻂ‪ ،‬ﺑﺪءاً ﺑﻐﺰو اﻟﻌﺮاق‪ ،‬ﻟﻴﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫‪                                                             ‬‬
‫)‪Stanley Hoffman, "The High and the Mighty: Bush’s National-Security Strategy and the (‬‬
‫‪New American Hubris," The American Prospect, 13, no. 24 (2003).‬‬
‫ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﰲ اﳌﻮﻗﻊ‪www.prospect.org/ :‬‬

‫‪ 5‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫اﻧﻌﻜﺎس ﻟﻠﻤﻮاﻗﻒ اﳌﻌﺎدﻳﺔ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ‪ ،‬إذا ﱂ ﺗﻜﻦ اﳌﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻠﺴﺎﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻻﻧﻘﺴﺎم اﻟﺜﻘﺎﰲ‬
‫اﻷوروﺑﻲ ‪ -‬اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ‬
‫ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﳌﻔــﺎﺟﺊ أن ﻳﻘﻮد اﳌﻨﻈﺮون اﻷﻳــﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﻮن ﻟﻠﻤﺤــﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉــﺪد‪ ،‬ﻣﺜــﻞ وﻟﻴﻢ‬
‫ﻛﺮﻳﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻮل وروﺑﺮت ﻛ ـ ــﺎﻏ ـ ــﺎن‪ ،‬اﻟﻬﺠﻮم اﻟﻔﻜﺮي ﻋﻠﻰ "اﻷوروﺑﻴﻴﻦ"‪ ،‬ﻣﻨ ـ ــﺬ ﺑﺮوز اﻻﲢ ـ ــﺎد‬
‫اﻷوروﺑﻲ‪ ،‬وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ وأﳌﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻛﻼﻋﺐ ﺟﻐﺮاﰲ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﺮﻛﺰي ﻣﺼﻤﻢ ﻋﻠﻰ ﲢﺪي‬
‫ﺳ ـ ـ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ـ ـ ــﺔ إدارة ﺑﻮش ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺳ ـ ـ ـ ــﻼم أﻣﻴﺮﻛﻲ‪ .‬ﻓﺎﻷوروﺑﻴﻮن ﺑﻤﻌﺎرﺿ ـ ـ ـ ــﺘﻬﻢ اﻟﻬﺠﻮم ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻌﺮاق‪ ،‬ودﻋﻮﺗﻬﻢ إﱃ ﻧﻬﺞ ﳏﺎﻳﺪ ﲡﺎه اﻟﻘﻀـ ـ ـ ـ ـﻴﺔ اﻹﺳ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ‪ -‬اﻟﻔﻠﺴ ـ ـ ـ ــﻄﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺘﻬﻤﻮن‬
‫ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻀــﻤﺮون ﻣﺸــﺎﻋﺮ ﻣﻌﺎدﻳﺔ ﻷﻣﻴﺮﻛﺎ ﻓﺤﺴــﺐ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮد أﻳﻀ ـﺎً‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أن‬
‫ﺧﻄﺎً ﻣﺴ ـ ــﺘﻘﻴﻤﺎً ﻳﺮﺑﻂ أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟﻨﺎزﻳﺔ وﻓﺮﻧﺴ ـ ــﺎ ﻓﻴﺸ ـ ــﻲ ﺑﻤﻮﻗﻔﻲ ﻓﺮﻧﺴ ـ ــﺎ وأﳌﺎﻧﻴﺎ اﳊﺎﻟﻴﻴﻦ‬
‫اﳌﻌﺎرﺿﻴﻦ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ إدارة ﺑﻮش ﰲ اﻟﻌﺮاق وﳌﺸﺮوع ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺷﺎرون اﻻﺳﺘﻴﻄﺎﱐ‪ .‬وﻫﻜﺬا‬
‫ﻓﺈن اﳌﻨﺎﻓﺬ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﶈﺎﻓﻈﺔ اﳉﺪﻳﺪة‪ ،‬ﻣﺜﻞ "ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺑﻮﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺖ" و"وﻳﻜﻠﻲ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺎﻧﺪرد"‬
‫و"ﻧﺎﺷﻴﻮﻧﺎل رﻓﻴﻮ" واﻟﺼﻔﺤﺔ اﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﳉﺮﻳﺪة "وول ﺳﺘﺮﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل" ‪ -‬ﻣﻦ دون ذﻛﺮ‬
‫ﺗﻠﻔﺰة ﻓﻮﻛﺲ ﻧﻴﻮز ‪ -‬ﺗﻮﻓﺮ ﻣﺘﻨﻔﺴ ـ ـﺎً ﻻﻧﺘﻘﺎدات ﻣﻀـ ــﺎدة ﻷوروﺑﺎ ﺗﺴـ ــﻲء إﱃ ﺳـ ــﻤﻌﺔ ﳏﻮر‬
‫ﺑــﺎرﻳﺲ ‪ -‬ﺑﺮﻟﻴﻦ ودول أُﺧﺮى ﻣﺘﻨﻮﻋــﺔ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﱃ ﻣــﺎ أﺷـ ـ ـ ـ ـ ــﺎر إﻟﻴــﻪ وزﻳﺮ اﻟــﺪﻓــﺎع‪ ،‬دوﻧــﺎﻟــﺪ‬
‫راﻣﺴــﻔﻴﻠﺪ‪ ،‬ﻣﺆﺧﺮاً ﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ "أوروﺑﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ" وﻣﺎ ﻳﺼـﻮَّر ﻋﻠﻰ أﻧﻪ "ﳏﻮر اﺑﻦ ﻋﺮس" و"اﻟﺼــﻐﺎر‬
‫اﻷوروﺑﻴﻮن"‪ .‬ﻓــﺎﻷوروﺑﻴﻮن‪ ،‬ﻛﻤــﺎ ﻳﺮاﻫﻢ ﺑﻮت وﻛــﺎﻏــﺎن وﻏﻴﺮﻫﻤــﺎ ﻣﻦ اﶈــﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉــﺪد‪،‬‬
‫ﻟﻴﺴـ ـ ــﻮا أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺳـ ـ ــﺘﺮﺿـ ـ ــﺎﺋﻴﻴﻦ وﻃﻔﻴﻠﻴﻴﻦ وﻛﺎرﻫﻴﻦ ﻟﻸﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ وﻣﻌﺎدﻳﻦ ﻟﻠﺴـ ـ ــﺎﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻻ‬
‫ﻳﺨﺸ ــﻮن اﻟﻮﻗﻮف ﰲ وﺟﻪ ﺻ ــﺪام ﺣﺴ ــﻴﻦ ﻓﺤﺴ ــﺐ‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﻬﻢ ﻣﺼ ــﻤﻤﻮن أﻳﻀ ـ ـﺎً ﻋﻠﻰ إﻧﺸ ــﺎء‬
‫ﻛﺘﻠﺔ أوروﺑﻴﺔ ﺗﻬﺪف إﱃ ﲢﺪي اﻟﻘﻴﻢ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ واﻹﺿ ـ ـ ـ ـ ــﺮار ﺑﺎﳌﺼ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻟﺢ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ‪ .‬وﻗﺪ‬
‫أﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎر أﺣــﺪ ﻛﺘ ـّـ ﺎب اﻻﻓﺘﺘــﺎﺣﻴــﺎت ﰲ "ﻧــﺎﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻴﻮﻧــﺎل رﻓﻴﻮ" إﱃ اﻟﻔﺮﻧﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻴﻴﻦ ﺑــﺄﻧﻬﻢ "ﻗﺮود‬
‫ﻣﺴﺘﺴﻠﻤﺔ آﻛﻠﺔ ﻟﻠﺠﺒﻦ‪".‬‬
‫وﻳﺤﺎول ﻛﺎﻏﺎن‪ ،‬ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﻋﻦ اﳉﻨﺔ واﻟﻘﻮة‪ :‬أﻣﻴﺮﻛﺎ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ أوروﺑﺎ ﰲ اﻟﻨﻈﺎم‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻲ اﳉﺪﻳﺪ" )…‪ ،(Of Paradise and Power‬ﲡﺎوز اﳉﺪال ﻋﺒﺮ اﻷﻃﻠﺴــﻲ ﺑﺸــﺄن اﻟﺸــﺮق‬
‫اﻷوﺳــﻂ‪ ،‬وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻔﺴــﻴﺮ ﻋﺎم ﻟﻠﺘﻮﺗﺮات اﳊﺎﻟﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ واﻷوروﺑﻴﻴﻦ‪ .‬وﻫﻮ ﻳﺘﺒﻨﻰ‬
‫ﻣﺼ ـ ــﻄﻠﺤﺎت وﺿ ـ ــﻌﻬﺎ ﻣﻌﻠّﻢ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﺟﻮن ﻏﺮاي‪ ،‬ﻟﻮﺻ ـ ــﻒ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﺑﻴﻦ‬
‫اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴ ـ ــﺎء‪ ،‬وﻳﻌﻠﻦ أن "اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ ﻣﺘﺤﺪرون ﻣﻦ اﳌﺮﻳﺦ واﻷوروﺑﻴﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻫﺮة‪".‬‬
‫واﻷوروﺑﻴﻮن‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺮاﻫﻢ ﻛﺎﻏﺎن وزﻣﻼؤه ﰲ ﺣﺮﻛﺔ اﶈﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉﺪد‪ ،‬ﻟﻴﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻮا أﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫ذﻛﻮر ﳐﺼ ـ ـ ـﻴّﻴﻦ وﻋﺎﺟﺰﻳﻦ وﳐﻨﺜﻴﻦ‪ ،‬ﰲ ﺣﻴﻦ أن اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ رﺟﺎل ﺣﻘﻴﻘﻴﻮن ﻳﺘﻤﻴﺰون‬
‫ﺑﺎﻟﻔﺤﻮﻟﺔ واﻟﺼ ـ ـ ــﻼﺑﺔ‪ ،‬وﺟﺎﻫﺰون ﻟﻠﻘﺘﺎل دﻓﺎﻋﺎً ﻋﻦ اﻟﻨﺴ ـ ـ ــﺎء ﺿ ـ ـ ــﺪ اﻟﺒﺮاﺑﺮة اﻟﻮاﻗﻔﻴﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺒﺎب‪.‬‬

‫‪ 6‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وﻟﻮ اﺳـ ـ ـ ــﺘﺒﻌﺪ اﳌﺮء اﻟﺼـ ـ ـ ــﻮر اﳉﻨﺴـ ـ ـ ــﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳـ ـ ـ ــﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻛﺎﻏﺎن ﻟﻮﺻـ ـ ـ ــﻒ اﻻﻧﻘﺴـ ـ ـ ــﺎم‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ‪ -‬اﻷوروﺑﻲ‪ ،‬ﻟﻜﺎن ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﳌﺒﺎﻟﻐﺔ اﻟﻘﻮل‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻛﻮﺑﻜﺎن ﰲ ﻛﺘﺎب "ﻧﻬﺎﻳﺔ‬
‫اﳊﻘﺒﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ‪ :‬ﺳ ـ ـ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ـ ـ ــﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﳋﺎرﺟﻴﺔ واﻟﺴ ـ ـ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ـ ـ ــﺔ اﳉﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻟﻠﻘﺮن‬
‫اﳊـ ــﺎدي واﻟﻌﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺮﻳﻦ" )…‪ ،(The End of the American Era‬إن اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ واﻷوروﺑﻴﻴﻦ‬
‫اﳌﻌــﺎﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺮﻳﻦ ﻳﺒــﺪون أﻧﻬﻢ ﻳﻘﻴﻤﻮن وﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ ﻋــﺎﳌﻴﻦ ﺛﻘــﺎﻓﻴﻴﻦ ﻣﻨﻔﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻴﻦ‪ ،‬وﻟﻌﻠﻬﻢ‬
‫ﻳﺤﻠﻤﻮن أﺣﻼﻣﺎً ﳐﺘﻠﻔﺔ‪ .‬ووﻓﻘﺎً ﻟﻜﻮﺑﻜﺎن‪ ،‬ﻳﻌﻴﺶ اﻷوروﺑﻴﻮن اﻟﻴﻮم ﰲ ﻓﻀ ـ ـ ـ ـ ــﺎء " ﻣﺎ ﺑﻌﺪ‬
‫ﻗﻮﻣﻲ" وﺷﺪﻳﺪ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻧﺎدراً ﻣﺎ ﻳﻠﻮّح أﺣﺪﻫﻢ ﺑﻌﻠﻢ وﻃﻨﻲ وﻻ ﺗُﺆَم اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ إﻻّ ﰲ‬
‫اﳌﻨﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺎت اﳋﺎﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‪ .‬أﻣّﺎ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن‪ ،‬ﰲ اﳌﻘﺎﺑﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن وﻃﻨﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻻ ﻳﺰال‬
‫اﻹﺣﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺎس ﺑﺎﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ و"اﻻﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ" ﰲ ﻃﻮر اﻟﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻌﻮد ﻣﻨﺬ ‪11‬‬
‫أﻳﻠﻮل‪/‬ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ .2001‬ووﻓﻘ ـ ـﺎً ﻻﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻄﻼﻋـ ــﺎت رأي ﺣـ ــﺪﻳﺜ ــﺔ‪ ،‬ﻳﻌﺒّﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪ %90‬ﻣﻦ‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻔﺨﺮ ﻟﻜﻮﻧﻬﻢ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻦ ﰲ اﻟﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤــﺪة‪ .‬وأﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺢ اﻟﺘﻠﻮﻳﺢ ﺑــﺎﻟﻌﻠﻢ‬
‫"دارﺟﺎً" ﺟﺪاً‪ ،‬وﺧﺼﻮﺻﺎً ﰲ أوﺳﺎط اﳌﺘﻌﻠﻤﻴﻦ ﺟﻴﺪاً وأﻋﻀﺎء اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ‪.‬‬
‫وﺑﺼـ ــﻮرة ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻳﺸـ ــﻌﺮ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن ﺑﺄن اﻟﻬﺠﻤﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ ﻏﻴّﺮت ﻛﻞ ﺷـ ــﻲء وأﻧﻬﻢ‬
‫اﻵن ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺮب‪ ،‬ﰲ ﺣﻴﻦ أن اﻷوروﺑﻴﻴﻦ‪ ،‬اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺒﺮوا اﻹرﻫﺎب ﰲ اﳌﺎﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻲ‪ ،‬ﻏﻴﺮ‬
‫راﻏﺒﻴﻦ ﰲ ﻗﺒﻮل ﻫﺬا اﳌﻨﻄﻖ‪ .‬ﻛﻤﺎ أن اﳌﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻋﺮ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﰲ أوﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎط ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﻄﺎﻋﺎت‬
‫اجملﺘﻤﻊ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﺗﺒﺪو ﻣﺘﺸـ ـ ــﺎﺑﻜﺔ ﻣﻊ اﳌﻌﺘﻘﺪات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﺧﻠﺺ ﻣﺴـ ـ ــﺢ اﻟﻘﻴﻢ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬اﻟﺬي أﺟﺮﺗﻪ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻴﺘﺸ ــﻴﻐﻦ ﻣﺆﺧﺮاً‪ ،‬إﱃ أن اجملﺘﻤﻊ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ أﻛﺜﺮ "ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ"‬
‫ﺟﺪاً )ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺎس ﺑﻤﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻮى اﻻﻟﺘﺰام ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﺒﻠﺪ( ﻣﻦ أي ﺑﻠﺪ أوروﺑﻲ ﻏﺮﺑﻲ‬
‫ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء إﻳﺮﻟﻨﺪا‪ ،‬وﻛﻞ دول أوروﺑﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ واﻟﺸﺮﻗﻴﺔ‪ .‬وﻻ ﻳﻔﺴﺮ ذﻟﻚ اﻟﺴﺒﺐَ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ ﻳﻠﻮّﺣﻮن ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ وﻳﺆﻣﻮن اﻟﻜﻨﻴﺴ ــﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ ﻓﺤﺴ ــﺐ‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﻪ ﻳﻔﺴ ــﺮ‬
‫أﻳﻀ ـﺎً اﻟﺴــﺒﺐ اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻮ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ إﱃ ﻣﻌﺎرﺿــﺔ اﻹﺟﻬﺎض ودﻋﻢ‬
‫اﳊﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻠﺢ وﻋﻘﻮﺑﺔ اﻹﻋﺪام‪.‬‬
‫وﻫﺬه اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬وﻓﻘﺎً ﻟﻜﻮﺑﻜﺎن‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﺴِّ ـ ـ ـ ـ ـﺮ أﻳﻀ ـ ـ ـ ـ ـﺎً ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺐ اﺣﺘﻘﺎر‬
‫ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ‪ ،‬وﺧﺼـ ـ ــﻮﺻ ـ ـ ـﺎً ﰲ أوﺳـ ـ ــﺎط اﻟﻄﺒﻘﺎت اﳌﺜﻘﻔﺔ‪" ،‬راﻋﻲ اﻟﺒﻘﺮ" ﺟﻮرج‬
‫دﺑﻠﻴﻮ ﺑﻮش‪ ،‬اﳊﺎﻛﻢ اﻟﺴـ ـ ـ ــﺎﺑﻖ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺗﻜﺴـ ـ ـ ــﺎس اﶈﺎﻓﻈﺔ ﺟﺪاً‪ ،‬واﻟﺬي ﻳﺠﺴـ ـ ـ ــﺪ ﻗﻴﻢ أﻣﻴﺮﻛﺎ‬
‫اﻷﻛﺜﺮ وﻃﻨﻴﺔ وﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺴِّـ ـ ـ ـ ـﺮ ﺳ ـ ـ ـ ــﺒﺐ ﺣﺐ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ أﻧﻔﺴ ـ ـ ـ ــﻬﻢ ﻟﺴ ـ ـ ـ ــﻠﻒ ﺑﻮش‪ ،‬ﺑﻴﻞ‬
‫ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن‪ ،‬اﳌﺮاوغ واﻟﻔﺎﺳــﻖ ﺟﻨﺴــﻴﺎً واﻟﻠﻴﺒﺮاﱄ ﺳــﻴﺎﺳــﻴﺎً‪ ،‬اﻟﺬي درس ﰲ إﻧﻜﻠﺘﺮا وﺗﻨﻘﻞ ﰲ‬
‫أوروﺑﺎ‪ ،‬وأﻋﺠﺐ ﺑﺎﻟﻨﻤﻮذج اﻷﳌﺎﱐ ﻟـ "اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ" ودوﻟﺔ اﻟﺮﻓﺎه اﻟﺴﻮﻳﺪﻳﺔ‪.‬‬
‫وﺑﻴﻨﻤــﺎ ﻳﻨﺒﺮي ﻛــﺎﻏــﺎن وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﶈــﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉــﺪد ﳉﻠــﺪ اﻟﺜﻘــﺎﻓــﺔ اﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ـﻴــﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ـﻴــﺔ‬
‫اﻷوروﺑﻴــﺔ ﺑــﺎﻋﺘﺒــﺎرﻫــﺎ رﺟﻌﻴــﺔ وﻣﺘــﺪﻫﻮرة‪ ،‬وﺗﻌﻜﺲ اﻻﻧﻬﻴــﺎر اﻟﺘــﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﻘــﺎرة‪ ،‬ﻳﺼ ـ ـ ـ ـ ـﻔّﻖ‬
‫ﻛﻮﺑﻜﺎن ﻟﻠﻤﻴﺰة اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﳌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺎﳌﺔ ﻟﻸوروﺑﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻳﺘﻨﺒﺄ ﺑﺄن ﺗﻨﺘﺞ ﻫﺬه‬
‫اﻟﺘﻮﺗﺮات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺴـ ـ ـ ــﻴﺎﺳـ ـ ـ ــﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻷﻃﻠﺴـ ـ ـ ــﻲ اﻧﻘﺴـ ـ ـ ــﺎﻣﺎً رﺋﻴﺴـ ـ ـ ــﻴﺎً ﰲ اﻟﻐﺮب ﺑﻴﻦ أﻣﻴﺮﻛﺎ‬

‫‪ 7‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وأوروﺑﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻐﺎﻳﺮاً ﻟﻼﻧﻘﺴﺎم اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﻴﻦ روﻣﺎ وﺑﻴﺰﻧﻄﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﳉﻐﺮاﰲ ‪ -‬اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‬
‫ﻟﻴﺲ ﺛﻤــﺔ ﺷـ ـ ـ ـ ـ ــﻚ ﰲ أن اﻟﺘﻮﺗﺮات اﻟﻘــﺎﺋﻤــﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ واﻷوروﺑﻴﻴﻦ ﺗﻌﻜﺲ‪ ،‬ﻛﻤــﺎ‬
‫ﻳﺮى ﻛـﺎﻏـﺎن وﻛﻮﺑﻜـﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻮاء )وإن ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮرﻳﻦ ﳐﺘﻠﻔﻴﻦ(‪ ،‬ﻗﻴﻤـﺎً ﺛﻘـﺎﻓﻴـﺔ ﻋﻤﻴﻘـﺔ‬
‫اﳉﺬور‪ .‬ﻟﻜﻦ إن ﻃﺒّﻖ اﳌﺮء ﲢﻠﻴﻼً ﻳﺴ ــﺘﻨﺪ أﻛﺜﺮ إﱃ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﺴ ــﻴﺎﺳ ــﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ‬
‫إﱃ ﻫﺬه اﻟﺘﻮﺗﺮات ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻜﺲ اﺧﺘﻼﻓﺎت ﺟﺪﻳﺔ ﺑﺸــﺄن ﻗﻀــﺎﻳﺎ اﻟﺴــﻴﺎﺳــﺎت اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ‪،‬‬
‫وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﳌﺘﺒﻌﺔ ﲡﺎه إﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻟﻌﺮاق‬
‫ﺧــﺎﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‪ .‬وﺑﻌﺒــﺎرة أُﺧﺮى‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛــﺎن اﻷوروﺑﻴﻮن أﻛﺜﺮ "رﺟﻮﻟــﺔ" )ﻛﻤــﺎ ﻳﺮﻏــﺐ ﻛــﺎﻏــﺎن(‬
‫وﻛــﺎن اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن أﻛﺜﺮ ﺗﻘــﺪﻣﻴــﺔ ﻣﻦ اﻟﻨــﺎﺣﻴﺘﻴﻦ اﻻﺟﺘﻤــﺎﻋﻴــﺔ واﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ـﻴــﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ـﻴــﺔ )ﻛﻤــﺎ ﻳــﺄﻣــﻞ‬
‫ﻛﻮﺑﻜﺎن(‪ ،‬ﻓﺈن اﳋﻼﻓﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ واﻷوروﺑﻴﺔ ﺑﺸــﺄن اﻟﺸــﺮق اﻷوﺳــﻂ ﻟﻦ ﺗﺨﺘﻔﻲ‪ ،‬إذ إﻧﻬﺎ‬
‫ﺗﻌﻜﺲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ‪.‬‬
‫إن اﻟﺸــﺮق اﻷوﺳــﻂ ﺑﺎﻟﻨﺴــﺒﺔ إﱃ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻤﺜﻠﻪ اﳌﻜﺴــﻴﻚ وأﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟﻮﺳــﻄﻰ‬
‫ﺑ ــﺎﻟﻨﺴ ـ ـ ـ ـ ـﺒ ــﺔ إﱃ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ‪ :‬أي ﺑ ــﺎﺣﺘﻬﻢ اﻻﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺮاﺗﻴﺠﻴ ــﺔ اﳋﻠﻔﻴ ــﺔ‪ .‬وﻳﻌﺘﻤ ــﺪ اﻷوروﺑﻴﻮن‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻂ اﻟﺸــﺮق اﻷوﺳــﻂ أﻛﺜﺮ ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﻦ اﻋﺘﻤﺎد اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬وﻟﺪﻳﻬﻢ ﺟﻮال‬
‫ﻛﺒﻴﺮة وﻧﺎﺷ ـ ـ ــﻄﺔ ﻣﻦ اﳌﺴ ـ ـ ــﻠﻤﻴﻦ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ‪ .‬ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ اﳌﻔﺎﺟﺊ إذاً أن ﻳﻜﻮن ﻟﻸوروﺑﻴﻴﻦ‬
‫ﻣﺼ ـ ــﻠﺤﺔ ﰲ ﻣﺴ ـ ــﺎﻳﺮة اخملﺎوف اﻟﺴ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ــﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴ ـ ــﻠﻤﻴﻦ‪ ،‬وﺧﺼ ـ ــﻮﺻ ـ ـﺎً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺼـ ـ ـ ــﺮاع اﻹﺳـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻠﻲ ‪ -‬اﻟﻔﻠﺴ ـ ـ ـ ــﻄﻴﻨﻲ‪ .‬وﻣﻦ ﺛﻢ ﺷ ـ ـ ـ ــﻌﺮ اﻷوروﺑﻴﻮن ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ أن ﺗﺆدي‬
‫اﳊﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮاق إﱃ ﻇﻬﻮر ﻣﺸ ـ ـ ــﺎﻋﺮ ﻣﻀ ـ ـ ــﺎدة ﻟﻠﻐﺮب ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺮب‪ ،‬ووﺟﻬﻮا اﻧﺘﻘﺎدات إﱃ‬
‫اﻧﺤﻴﺎز واﺷـ ـ ـ ـ ــﻨﻄﻦ إﱃ إﺳـ ـ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﻌﻜﺲ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺴـ ـ ـ ـ ــﻴﺎﺳـ ـ ـ ـ ــﻲ اﻟﺬي ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ اﳉﺎﻟﻴﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ‪ .‬وﺗﻌﻜﺲ اﺳـ ـ ـ ــﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي ﰲ أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﻌﺎﻃﻒ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم‬
‫اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻣﻊ ﳏﻨﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ‪.‬‬
‫إن اﳌﻌﻀ ــﻠﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴ ــﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻻﲢﺎد اﻷوروﺑﻲ اﻟﻴﻮم ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺤﺎول أن ﻳﺘﺤﺪى‬
‫اﻟﺴ ـ ـ ــﻴﺎﺳ ـ ـ ــﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺮاق وإﺳ ـ ـ ــﺮاﺋﻴﻞ‪/‬ﻓﻠﺴ ـ ـ ــﻄﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺸ ـ ـ ــﻴﺮ ﻛﺎﻏﺎن وﻛﻮﺑﻜﺎن ﰲ‬
‫ﻛﺘ ــﺎﺑﻴﻬﻤ ــﺎ‪ ،‬ﻫﻲ أن أﻋﻀـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎء اﻻﲢـ ــﺎد اﻷوروﺑﻲ ﻳﻔﺘﻘﺮون إﱃ اﳌﻮارد اﻟ ــﺪﺑﻠﻮﻣ ــﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ـﻴ ــﺔ‬
‫واﻟﻌﺴــﻜﺮﻳﺔ ﻟﻌﺮض اﻟﻘﻮة اﻷوروﺑﻴﺔ ﰲ اﻟﺸــﺮق اﻷوﺳــﻂ أو ﻋﻠﻰ اﳌﺴــﺮح اﻟﻌﺎﳌﻲ‪ .‬وﻧﺘﻴﺠﺔ‬
‫ﺗﻨــﺎﻣﻲ اﻟﻔﺠﻮة ﰲ اﻟﻘــﺪرات اﻟﻌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺮﻳــﺔ ﺑﻴﻦ ﺟــﺎﻧﺒﻲ اﻷﻃﻠﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻲ‪ ،‬ﺗﺒﻘﻰ أوروﺑــﺎ ﻗﺰﻣ ـﺎً ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﺎﺣﻴﺘﻴﻦ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﻴﺎﺳﺎً ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪ ،‬ﺣﺘﻰ وإن ﺑﺮزت ﻛﻌﻤﻼق‬
‫اﻗﺘﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎدي‪ .‬وﻫــﺬا ﻣــﺎ أدى إﱃ اﻹﺣﺒــﺎﻃــﺎت اﻷوروﺑﻴــﺔ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤــﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ ﻓﺮﻧﺴـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ وأﳌــﺎﻧﻴــﺎ‬
‫ﺗﻀـ ـ ـ ــﻐﻄﺎن ﻋﻠﻰ واﺷ ـ ـ ـ ــﻨﻄﻦ ﻛﻲ ﻻ ﺗﺬﻫﺐ إﱃ اﳊﺮب ﺿ ـ ـ ـ ــﺪ اﻟﻌﺮاق‪ ،‬وﻛﻲ ﺗﻤﺎرس ﻣﺰﻳﺪاً ﻣﻦ‬
‫اﻟﻀـ ــﻐﻂ ﻋﻠﻰ إﺳـ ــﺮاﺋﻴﻞ‪ .‬ﻟﻜﻦ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ‪ ،‬ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر واﺷـ ــﻨﻄﻦ‪ ،‬ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺤﺼـ ــﻠﻮا ﻋﻠﻰ‬
‫ﻛﻌﻜﺘﻬﻢ‪ ،‬وأن ﻳﺄﻛﻠﻮﻫﺎ أﻳﻀـﺎً‪ ،‬ﰲ ﺣﻴﻦ ﻳﺤﺠﻤﻮن ﻋﻦ ﺗﺨﺼــﻴﺺ ﺷــﺮﻳﺤﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻧﺎﲡﻬﻢ‬

‫‪ 8‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﻠﺪﻓﺎع‪ ،‬وﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺪور دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ أﻛﺒﺮ ﰲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ‪.‬‬

‫إن اﻻﻓﺘﻘﺎر إﱃ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ ﰲ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻮارد ﻹﻋﺎدة‬
‫ﻫﻴﻜﻠﺔ ﻗﻮاﺗﻬﻢ اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻬﻢ اﺗﺨﺎذ ﻣﻮاﻗﻒ ﻋﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺮﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﺣﺰﻣﺎً‪ ،‬ﻳﻌﺰز ﻣﺎ‬
‫ﻳﺮى ﻛﺎﻏﺎن وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﶈﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉﺪد أﻧﻪ اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ أن اﻷوروﺑﻴﻴﻦ أﺻـ ــﺒﺤﻮا‬
‫ﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻌﻔــﺎء ﻓﻌﻼً‪ ،‬وﻋــﺪﻳﻤﻲ اﻷﻫﻤﻴــﺔ‪ ،‬وﻣﻔﺘﻘﺮﻳﻦ إﱃ إرادة اﻟﻘﺘــﺎل دﻓــﺎﻋـﺎً ﻋﻦ ﻣﺼـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﳊﻬﻢ‪،‬‬
‫وﻣﻴﺎﻟﻴﻦ إﱃ اﺳ ـ ـ ـ ــﺘﺮﺿ ـ ـ ـ ــﺎء اﳌﻌﺘﺪﻳﻦ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﺻ ـ ـ ـ ــﺪام ﺣﺴ ـ ـ ـ ــﻴﻦ‪ .‬وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺗﺮاﺟﻊ ﻗﻮة‬
‫اﻷوروﺑﻴﻴﻦ اﻟﻌــﺎﳌﻴ ــﺔ‪ ،‬ﻳﺒــﺪو أن اﻟﻄﺮﻳﻘ ــﺔ اﻟﻮﺣﻴ ــﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﺤﻬﻢ أي ﺗ ــﺄﺛﻴﺮ ﰲ اﻟﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺆون‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﱈ اﳌﺘﺤﺪة وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﳌﺆﺳﺴﺎت ﻣﺘﻌﺪدة اﻷﻃﺮاف‪.‬‬
‫ﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻳﺮﻓﺾ ﻛﻮﺑﻜﺎن اﻟﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻮرة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻋﻦ أوروﺑﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻗﻮة ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﻏﻨﻴﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻟﻜﻦ ﻣﺴ ـ ــﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻓﻘﻴﺮ‪ ،‬وﻳﺘﻨﺒﺄ ﺑﺄن اﻻﲢﺎد اﻷوروﺑﻲ ﺳ ـ ــﻴﺒﺮز ﰲ اﻷﻋﻮام اﳌﻘﺒﻠﺔ‬
‫ﻛﻘﻮة اﻗﺘﺼـ ــﺎدﻳﺔ ودﺑﻠﻮﻣﺎﺳـ ــﻴﺔ ‪ -‬ﻋﺴـ ــﻜﺮﻳﺔ رﺋﻴﺴـ ــﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻀ ـ ـﻼً ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻧﻤﻮذﺟﺎً ﺑﺪﻳﻼً ﻣﻦ‬
‫اﻟﺮأﺳ ـ ــﻤﺎﻟﻴﺔ ﻗﺎدراً ﻋﻠﻰ ﲢﺪي اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﰲ اﻟﺸ ـ ــﺮق اﻷوﺳ ـ ــﻂ وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ‪.‬‬
‫ﻏﻴﺮ أن ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﻦ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼــﺪد ﻏﻴﺮ ﻣﻘﻨﻊ‪ ،‬إذ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك أي دﻻﺋﻞ ﻣﻠﻤﻮﺳــﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫أن اﻻﲢﺎد اﻷوروﺑﻲ ﻳﺘﺨﺬ ﺧﻄﻮات ﺟﺎدة ﻟﻠﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻌﻔﻪ اﻟﻌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺮي إزاء اﻟﻮﻻﻳﺎت‬
‫اﳌﺘﺤﺪة‪ .‬ﻛﻤﺎ أن اﻷوروﺑﻴﻴﻦ ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﻣﺸ ـ ـ ـ ـ ــﻜﻠﺔ ﻗﺎﻋﺪة دﻳﻤﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻣﺘﺄﻛﻠﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺪﱐ‬
‫ﻣﻌــﺪﻻت اﳌﻮاﻟﻴــﺪ وﻣﻘــﺎوﻣــﺔ اﻟﻬﺠﺮة‪ .‬وﰲ ﻫــﺬه اﻷﺛﻨــﺎء‪ ،‬ﻳﻨﻤﻮ ﺗﻌــﺪاد اﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ـﻜــﺎن اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ‬
‫ﻃﻮال اﻟﻮﻗــﺖ‪ ،‬إذ ﻳﻨﺠــﺐ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن أﻃﻔــﺎﻻً أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻳﻔﺘﺤﻮن أﺑﻮاﺑﻬﻢ أﻣــﺎم‬
‫ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ‪ ،‬وﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ أوروﺑﺎ وإﻧﻤﺎ ﻣﻦ آﺳﻴﺎ وأﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ‪.‬‬
‫واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ أن اﻷﻣﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ‪ ،‬ذات اﻟﻮﻻءات اﻟﺴـ ـ ـ ــﻠﻔﻴﺔ ﻷوروﺑﺎ ﺑﺸـ ـ ـ ــﻜﻞ رﺋﻴﺴـ ـ ـ ــﻲ‪،‬‬
‫آﺧــﺬة ﰲ اﻟﺘﻐﻴُّﺮ ﺑﻔﻌــﻞ ﺗــﺪﻓﻖ اﳌﻬــﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﻣﻴﺮﻛــﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴــﺔ وآﺳ ـ ـ ـ ـ ـﻴــﺎ وارﺗﻔــﺎع ﻣﻌــﺪﻻت‬
‫اﳌﻮاﻟﻴﺪ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ .‬وﻳﺘﻨﺒﺄ ﺑﻌﺾ اﶈﻠﻠﻴﻦ ﺑﺄن اﻟﺴﻜﺎن اﳌﺘﺤﺪرﻳﻦ ﻣﻦ أﺻﻮل أوروﺑﻴﺔ ﺳﻮف‬
‫ﻳﻤﺜﻠﻮن ﰲ اﻟﻨﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻒ اﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن أﻗﻞ ﻣﻦ ‪ %50‬ﻣﻦ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺎن اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪،‬‬
‫وﺑﺄن أﻣﻴﺮﻛﺎ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻮف ﺗﺼ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺢ أﻗﻞ أوروﺑﻴﺔ وأﻛﺜﺮ ﺗﻮﺟﻬﺎً ﻧﺤﻮ أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ واﶈﻴﻂ‬
‫اﻟﻬﺎدئ‪.‬‬
‫ﻓﺮص اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة‬
‫ﻟﻜﻦ ﻫ ـ ــﻞ ﺗﺒﻘﻰ أﻣﻴﺮﻛ ـ ــﺎ اﻷﻛﺜﺮ "ﻻﺗﻴﻨﻴ ـ ــﺔ" وﺗﻮﺟﻬـ ـ ـﺎً ﻧﺤﻮ اﶈﻴﻂ اﻟﻬ ـ ــﺎدئ ﻣﻠﺘﺰﻣ ـ ــﺔ‬
‫اﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﰲ اﻟﺸـ ــﺮق اﻷوﺳـ ــﻂ؟ ﺛﻤﺔ أدﻟﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺗﺪﻋﻢ اﻟﻔﻜﺮة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ أن اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ اﳌﻌﺎﺻ ـ ـ ـ ـ ــﺮﻳﻦ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻴﻜﻮﻧﻮن راﻏﺒﻴﻦ ﰲ دﻋﻢ ﻣﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺮوع اﻟﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻼم‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟﻄﻤﻮح واﳌﻜﻠﻒ‪ ،‬اﻟ ــﺬي ﻳﻘﺘﺮﺣ ــﻪ ﺑﻮت وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﶈ ــﺎﻓﻈﻴﻦ اﳉ ــﺪد‪ .‬ﺑ ــﻞ إن‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ‪ ،‬ﺧﻼﻓﺎً ﻷﻃﺮوﺣﺔ ﺑﻮت‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺎً ﻣﺴــﺘﻌﺪﻳﻦ ﳋﻮض اﳊﺮوب اﺳــﺘﻨﺎداً إﱃ‬

‫‪ 9‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﺎ ﻳﺴ ـﻤّﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﺑﺎول‪ ،‬اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺮض وﺟﻮد ﺧﻄﺮ واﺿــﺢ وﺣﺎﺿــﺮ‪ ،‬ووﺟﻮد ﺣﺎﺟﺔ‬
‫إﱃ اﻟــﺪﻓــﺎع ﻋﻦ اﳌﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻟﺢ اﻟﻘﻮﻣﻴــﺔ وإﱃ اﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺮاﺗﻴﺠﻴــﺎ ﺧﺮوج‪ .‬إﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳــﺪون أن ﺗﻜﻮن‬
‫ﺣﺮوﺑﻬﻢ ﻣﺪﻣﺮة وﻗﺼﻴﺮة‪ ،‬وﻳﺮﻳﺪون اﻟﻌﻮدة إﱃ اﻟﻮﻃﻦ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ وﻗﻊ ﺑﻌﺾ "اﳊﺮوب اﻟﺼـ ـ ـ ـ ــﻐﻴﺮة" اﻟﺘﻲ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﻮت ﰲ اﳉﻮار اﻻﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ أو‬
‫اﻟﺒﺎﺣﺔ اﳋﻠﻔﻴﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة )اﳌﻜﺴـ ـ ـ ــﻴﻚ(‪ ،‬أو دﻓﺎﻋﺎً ﻋﻦ أرواح اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ وأﻣﻼﻛﻬﻢ‬
‫)ﺛﻮرة اﳌﻼﻛﻤﻴﻦ(‪ ،‬وﱂ ﺗﻨﻄﻮ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺑﺎﻫﻈﺔ‪ .‬وﺷ ـ ـ ـ ـ ــﻬﺪت اﻹدارات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﱂ‬
‫ﺗﺘﻤﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻚ ﺑﻬﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﰲ ﺗﺪﺧﻼﺗﻬﺎ اﻟﻌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺮﻳﺔ )اﻟﻔﻴﻠﻴﺒﻴﻦ وﻛﻮرﻳﺎ وﻓﻴﺘﻨﺎم( ﻫﺒﻮﻃﺎً ﰲ‬
‫دﻋﻢ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم‪.‬‬
‫إﺿ ـ ــﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺗﻔﺘﺮض اﻟﺘﺪﺧﻼت اﻟﻌﺴ ـ ــﻜﺮﻳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ أن ﺣﻠﻔﺎء أﻣﻴﺮﻛﺎ‬
‫اﻟﻌﺴ ــﻜﺮﻳﻴﻦ ‪ -‬ﻣﺜﻞ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ ﰲ اﻟﺒﻠﻘﺎن أو اﻷﺳ ــﺘﺮاﻟﻴﻴﻦ ﰲ ﺗﻴﻤﻮر اﻟﺸ ــﺮﻗﻴﺔ ‪ -‬راﻏﺒﻮن‬
‫ﰲ اﻻﻟﺘﺰام "ﺑﺘﻘﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻴﻢ اﻟﻌﻤــﻞ"‪ ،‬ﺣﻴــﺚ ﺗﻘ ـﺪّم اﻟﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤــﺪة ﰲ اﻟﻐــﺎﻟــﺐ اﻟﻘﻮة اﳉﻮﻳــﺔ‬
‫واﻻﺳــﺘﺨﺒﺎرات اﻟﻌﺴــﻜﺮﻳﺔ واﻟﺪﻋﻢ اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﻲ )وﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮات اﻷرﺿــﻴﺔ ﰲ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻷوﱃ‬
‫ﻣﻦ اﳊﺮب(‪ ،‬وﻳﻘـﺪّم اﳊﻠﻔــﺎء اﻟﻘﻮات اﻟﻼزﻣــﺔ ﳊﻔﻆ اﻷﻣﻦ ﰲ اﶈﻤﻴــﺔ‪ ،‬ﻓﻀ ـ ـ ـ ـ ـﻼً ﻋﻦ اﻟــﺪﻋﻢ‬
‫اﳌﺎﱄ )ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل‪ ،‬ﻣﻦ اﻟﺴﻌﻮدﻳﻴﻦ واﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﻴﻦ ﰲ أﺛﻨﺎء ﺣﺮب اﳋﻠﻴﺞ اﻷوﱃ(‪.‬‬
‫ﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ أﻣﺎم اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ‪ :‬ﻣﺎ اﻟﺬي‬
‫ﻳﺤــﺪث ﻋﻨــﺪﻣــﺎ ﻳﺮﻓﺾ اﳊﻠﻔــﺎء اﻟﺘﺰام ﻫــﺬه اﻟﻘﻮاﻋــﺪ ﻟﻠﻌﺒــﺔ اﻟﺘــﺪﺧﻠﻴــﺔ‪ ،‬اﳌﻔﻴــﺪة ﻟﻠﻮﻻﻳــﺎت‬
‫اﳌﺘﺤﺪة ﺑﻔﻀ ــﻞ ﺗﻔﻮﻗﻬﺎ اﻟﻨﺴ ــﺒﻲ ﰲ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ؟ وﻣﺎذا ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮات‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻤﻬﻤﺎت ﺣﻔﻆ اﻷﻣﻦ واﻟﻘﺘﺎل‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﻌﺮاق )وإﻳﺮان؟ وﺳــﻮرﻳﺔ؟(‪ .‬رﺑﻤﺎ‬
‫ﻳﺤﺘﻢ ذﻟ ــﻚ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ‪ ،‬ﰲ ﻣﺮﺣﻠ ــﺔ ﻣ ــﺎ‪ ،‬إﻋ ــﺎدة اﻟﺘﺠﻨﻴ ــﺪ اﻹﺟﺒ ــﺎري واﺧﺘﺒ ــﺎر رﻏﺒ ــﺔ‬
‫اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ ﰲ اﳋــﺪﻣــﺔ اﻟﻌﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻜﺮﻳــﺔ ﺑﻤﺜــﺎﺑــﺔ إﻣﺒﺮﻳــﺎﻟﻴﻴﻦ ﺟــﺪد‪ .‬ﻛﻤــﺎ أن اﻟﺘﻜــﺎﻟﻴﻒ اﳌــﺎﻟﻴــﺔ‬
‫ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﶈﻤﻴﺎت‪ ،‬ﰲ اﻟﻌﺮاق وﰲ أﻧﺤﺎء أُﺧﺮى ﻣﻦ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦ‬
‫أن ﺗﺆدي إﱃ ﺗﺼـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻋــﺪ اﻟﻌﺠﺰ وإﺿ ـ ـ ـ ـ ـﻌــﺎف اﻟــﺪوﻻر اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﰲ ﺣﻴﻦ ﻳﻜﺴـ ـ ـ ـ ـ ــﺐ اﻻﲢــﺎد‬
‫اﻷوروﺑﻲ واﻟﺼﻴﻦ ﻣﺰﻳﺪاً ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻟﺬا رﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻘﻠﻖ ﺑﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺄن اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﰲ‬
‫اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ‪ .‬ﻓﻬﻲ ﺗﺸ ــﻴﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻏﺮار "ﺻ ــﺮﻋﺎت" اﻟﺴ ــﻴﺎﺳ ــﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ اﻷُﺧﺮى ﰲ اﳌﺎﺿ ــﻲ‪ ،‬إﱃ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ‪ .‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻛﻨﻴﺪي ﳏﻘﺎً ﰲ اﻹﺷﺎرة‬
‫إﱃ ﺗﻜــﺎﻟﻴﻒ اﻻﻣﺘــﺪاد اﻹﻣﺒﺮﻳــﺎﱄ‪ .‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻛﻤــﺎ ﻳﺮى ﻓﻮﻛﻮﻳــﺎﻣــﺎ‪ ،‬ﻟﻘــﺪ اﻧﺘﻬــﺖ اﳊﺮب اﻷﻫﻠﻴــﺔ‬
‫اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﰲ اﻟﻐﺮب ﺑﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻘﻮط اﻟﺸ ـ ـ ـ ـ ــﻴﻮﻋﻴﺔ‪ .‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻟﻘﺪ أدرك ﻫﻨﺘﻨﻐﺘﻮن أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ رأى أﻧﻬﺎ ﺳ ـ ـ ـ ــﺘﺼ ـ ـ ـ ــﺒﺢ ﻣﺘﻐﻴِّﺮاً ﻣﻬﻤﺎً ﰲ اﻟﺼ ـ ـ ـ ــﺮاﻋﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﳌﻘﺒﻠﺔ‪ .‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻟﻘﺪ وﻓّﺮ‬
‫ﻓﺮﻳﺪﻣﺎن وﻏﻴﺮه ﻣﻦ أﻧﺒﻴﺎء اﻟﻌﻮﳌﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻘﻴّﻢ ﺑﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺄن دور اﻟﻌﻮﳌﺔ ﰲ ﺗﻌﺪﻳﻞ‬
‫اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻠﻘﻮة اﻟﺪوﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﻏﺮار ذﻟ ــﻚ ﰲ ﻫ ــﺬه اﻟﻜﺘ ــﺐ اﳊ ــﺪﻳﺜ ــﺔ‪ ،‬ﻳﺴ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻂ ﺑﻮت ﻓﻌﻼً اﻟﻀ ـ ـ ـ ـ ــﻮء ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ‬
‫‪  10‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻣﺟﻠﺩ ‪ ،14‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ‪) 56‬ﺧﺭﻳﻑ ‪ ،(2003‬ﺹ ‪139‬‬ ‫ﻣﺟﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺳﻁﻳﻧﻳﺔ‬ ‫ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻅﺭ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫اﻟﻀ ـ ــﻐﻮط اﻟﺘﻲ ﺳ ـ ــﺘﻮاﺟﻬﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪ ،‬ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ اﳊﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻨﺪ ﺗﻮﺳ ـ ــﻴﻊ‬
‫دورﻫﺎ اﻟﺪوﱄ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺸ ـ ــﻴﺮ ﻛﺎﻏﺎن وﻛﻮﺑﻜﺎن إﱃ ﺑﻌﺾ ﻧﻮاﺣﻲ اﻻﻧﻘﺴ ـ ــﺎم ﻋﺒﺮ اﻷﻃﻠﺴ ـ ــﻲ‬
‫اﳌﺜﻴﺮة ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم‪.‬‬
‫ﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻛﺎن ﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﳋﺎرﺟﻴﺔ وﻧﻤﺎذﺟﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮب ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ‬
‫اﻷﻋﻢ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﺻـ ــﻨﺎع اﻟﺴـ ــﻴﺎﺳـ ــﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺸـ ــﻜﻴﻚ اﻟﺬي ﺗﺴـ ــﺘﺤﻘﻪ‪ .‬ﻟﻘﺪ أدى اﻟﺘﻤﺪد‬
‫اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﱄ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ واﻟﺴــﻮﻓﻴﺎﺗﻲ إﱃ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎً؛ وﱂ ﻳﻀــﻊ اﻧﻬﻴﺎر اﻟﺸــﻴﻮﻋﻴﺔ‬
‫ﺣﺪاً ﻟﻠﺼ ـ ـ ـ ـ ــﺮاﻋﺎت اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ؛ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻫﻲ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﺑﻴﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻔﺴ ـ ـ ـ ـ ــﺮ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻮك اﻟﻼﻋﺒﻴﻦ اﻟـﺪوﻟﻴﻴﻦ‪ .‬ﺑـﻞ ﺣﺘﻰ اﻟـﺪول اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺟـﺪ ﻓﻴﻬـﺎ ﻣﻜـﺪوﻧـﺎﻟـﺪ ﻳﻤﻜﻦ أن‬
‫ﺗﺘﺤﺎرب‪.‬‬

‫‪  11‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﳎﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮق اﻟﻨﺸﺮ وإﻋﺎدة اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﳏﻔﻮﻇﺔ جملﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﻧﺸﺮﻫﺎ أو ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺎً إﻻ ﺑﺈذن ﻣﻦ رﺋﻴﺲ ﲢﺮﻳﺮ اجملﻠﺔ وذﻟﻚ ﻋﺒﺮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ إﱃ اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺒـ ــﺮﻳﺪي‬
‫اﻟﺘﺎﻟـ ـ ــﻲ‪majallat@palestine‐studies.org :‬‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﲢﻤﻴﻞ ﻫﺬه اﳌﻘﺎﻟﺔ أو ﻃﺒﻌﻬﺎ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام اﻟﻔﺮدي وﻋﻨﺪ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻳﺮﺟﻰ ذﻛﺮ اﳌﺼﺪر‪:‬‬
‫‪http://www.palestine‐studies.org/ar/mdf‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬