Professional Documents
Culture Documents
اعداد:
اشراف:
~~1
تغير المناخ والزراعة هما عمليتان مترابطتان ،فكالهما يحدث على النطاق العالمي .حيث يؤثر تغير المناخ
على الزراعة بعدة طرق منها :التغيرات في معدالت الحرارة ،هطول األمطار ،التقلبات المناخية الشديدة
(مثل :موجات الحر)؛ التغيرات في اآلفات واألمراض؛ التغيرات في غاز ثنائي أكسيد الكربون الموجود في
الغالف الجوي وتركيزات طبقة األوزون القريبة من سطح األرض؛ التغيرات في الجودة الغذائية لبعض
األطعمة؛ والتغيرات في مستوى سطح البحر.
يؤثر تغير المناخ بالفعل على الزراعة ،وتظهر هذه التأثيرات بشكل متفاوت في جميع أنحاء العالم .ومن
المحتمل أن يؤثر تغير المناخ في المستقبل بشكل سلبي على إنتاج المحاصيل في الدول التي تقع على
خطوط عرض منخفضة ،في حين أن التأثيرات في خطوط العرض الشمالية قد تكون إيجابية أو سلبية.
~~2
تلعب المتغيرات البيئية دورا هاما في تحديد إنتاجية ونوعية المحاصيل الزراعية فاإلنتاج الزراعي في أي
منطقة تتحكم في انتاجه بعض المتغيرات البيئية ،كما ان اي محصول له مستوى معين من االحتياجات
البيئية يجب توفرها إلنتاجه ،وبنا ًء على ذلك تتباين المحاصيل الزراعية في احتياجاتهم البيئية ،لذا يجب
التوافق بين المتغيرات البيئية السائدة في مناطق اإلنتاج واالحتياجات البيئية للمحاصيل المنزرعة فيها.
ويساهم االختالف في المتغيرات البيئية من حيث شدة ونوعية التأثير في خلق التباين البيئي بين المناطق
اإلنتاجية الزراعية ويؤدي هذا التباين إلى تنوع المحاصيل المزروعة ومساحتها أي أن التباين البيئي له
تأثير على المنوال اإلنتاجي للمحاصيل الزراعية ،حيث يرتبط التوسع أو االنكماش في مساحات محصول ما
بمدى التباين في المتغيرات البيئية بين المناطق اإلنتاجية.
ومن المحتمل أيضا ً أن يُزيد تغير المناخ من خطر انعدام األمن الغذائي لبعض الفئات الضعيفة ،مثل الفقراء.
حيوانات المزرعة هي مسئولة أيضا ً عن إنتاج الغازات المسببة لالحتباس الحراري من غاز ثاني أكسيد
الكربون ونسبة غاز الميثان الموجودة في العالم ،والذي يؤدي إلى عدم خصوبة األراضي في المستقبل
ونزوح األنواع المحلية.
~~3
تساهم الزراعة في التغير المناخي سواء من خالل انبعاثات غازات االحتباس الحراري الناتجة عن النشاط
البشري أو من خالل تحويل األراضي الغير زراعية مثل الغابات إلى أراضي زراعية .ساهم التغير في
استخدام الغابات كأراضي زراعية بنسبة حوالي 20إلى %25في االنبعاثات السنوية العالمية في عام
.2010
يمكن أن يقلل وضع مجموعة من السياسات من خطورة التأثير السلبي للمناخ على الزراعة وخطورة
انبعاثات غازات االحتباس الحراري الناتجة من قطاع الزراعة.
على الرغم من التقدم التكنولوجي ،مثل المحاصيل المحسنة والعضويات المعدلة وراثيًا وأنظمة الري،
فمازال المناخ أحد العوامل الرئيسية في اإلنتاجية الزراعية وكذلك الوضع بالنسبة لخصائص التربة
والمجتمعات الطبيعية .إن تأثير المناخ على الزراعة يرتبط بالمتغيرات الطارئة على أنماط المناخ المحلية
أكثر من ارتباطه بأنماط المناخ العالمية .فلقد زادت درجة حرارة سطح األرض بحوالي 1.5درجة
فهرنهايت { 0.83درجة مئوية} منذ عام .1880وبالتالي ،يرى الخبراء الزراعيون أن أي تقييم يجب أن
يدرس كل منطقة محلية على حدة.
~~4
قد يؤدي االحتباس الحراري إلى زيادة أعداد اآلفات الحشرية ،مما يضر بنتاج المحاصيل األساسية مثل
القمح وفول الصويا والذرة .بينما تُسبب درجات الحرارة األكثر دفئًا مواسم نمو أطول ،ومعدالت نمو أسرع
ضا من معدل األيض وعدد دورات التكاثر في الحشرات .فقد تكتسب الحشرات التي للنباتات ،فإنها تزيد أي ً
كان لها سابقًا دورتين فقط للتكاثر سنويًا دورة إضافية إذا امتدت فصول النمو الدافئة ،مما يُسبب حدوث
تغيرا
ً طفرة في أعدادها .من المرجح أن تشهد األماكن ذات المناخ المعتدل ومناطق خطوط العرض العليا
ً
هائال في أعداد الحشرات.
أجرت جامعة إلينوي دراسات لقياس تأثير درجات الحرارة األكثر دفئًا على نمو نبات فول الصويا وأعداد
الخنفساء اليابانية .تمت محاكاة درجات الحرارة األكثر دفئًا ومستويات ثاني أكسيد الكربون المرتفعة في
حقل من فول الصويا ،بينما تُرك آخر في ظروف طبيعية كعنصر ضابط .وجدت هذه الدراسات أن فول
الصويا في مستويات ثاني أكسيد الكربون المرتفعة نما بشكل أسرع وكان له نتا ًجا أكبر من المحصول ،لكنه
جذب الخنافس اليابانية بمعدل أعلى بكثير من الحقل الضابط .وضعت الخنافس في الحقل الذي تزيد فيه
أعمارا أطول ،ما يشير
ً ضا أكثر على نباتات فول الصويا وكان لها ضا بي ً
مستويات ثاني أكسيد الكربون أي ً
إلى إمكانية زيادة أعدادها بسرعة .توقع أنه إذا كان المشروع قد استمر ،فإن الحقل الذي يحتوي على
مستويات مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون سيعطي في النهاية نتا ًجا أقل من الحقل الضابط.
هناك عدد قليل من الحلول المقترحة لمشكلة زيادة أعداد اآلفات .أحد الحلول المقترحة هو زيادة عدد
المبيدات المستخدمة في المحاصيل المستقبلية .ميزة هذا الحل هي كونه منخفض التكلفة نسبيًا وبسيط ،لكنه
كونت العديد من اآلفات الحشرية مقاومة ضد هذه المبيدات .حل مقترح آخر هو قد يكون غير فعال .إذ َّ
استخدام عوامل المكافحة الحيوية لآلفات .ويشمل ذلك أشياء مثل زراعة صفوف من النباتات الواطنة بين
صفوف المحاصيل .هذا الحل مفيد في تأثيره البيئي الشامل .فال يقتصر األمر على زراعة المزيد من
النباتات الواطنة ،بل وفي منع تكوين اآلفات الحشرية لمقاومة ضد المبيدات .ومع ذلك ،يتطلب زراعة
نباتات واطنة إضافية مساحة أكبر ،ما يدمر أفدنة إضافية من األراضي العامة .كما أن التكلفة أعلى بكثير
من مجرد استخدام المبيدات.
~~5
رغم محدودية البحوث ،فقد أظهرت أن تغير المناخ قد يغير المراحل التطورية لل ُممرضات التي يمكن أن
تؤثر على المحاصيل .أكبر تداعيات تغير المناخ على انتثار الممرضات هو أن التوزيع الجغرافي
للمضيفات والممرضات قد يتغير ،ما قد يؤدي إلى المزيد من خسائر المحاصيل .قد يؤثر هذا على المنافسة
والتعافي من اضطرابات النباتات .تُنُبئ بأن تأثير تغير المناخ سيضيف مستوى من التعقيد لمعرفة كيفية
الحفاظ على الزراعة المستدامة
كانت آثار تغير المناخ اإلقليمي على الزراعة محدودة .تقدم التغيرات في دراسة األحداث البيولوجية
للمحاصيل ً
دليال ها ًما على االستجابة للتغير األخير في المناخ اإلقليمي .دراسة األحداث البيولوجية هي
دراسة الظواهر الطبيعية التي تتكرر بشكل دوري ،وكيف ترتبط هذه الظواهر بالتغيرات المناخية
والموسمية .وقد لوحظ تقدم كبير في دراسة األحداث البيولوجية للزراعة والغابات في أجزاء كبيرة من
نصف الكرة الشمالي.
تواترا وشدة ً
ً تكررا بسبب االحتباس الحراري ومن المتوقع أن تصبح أكثرً تحدث حاالت الجفاف بشكل أكثر
في أفريقيا ،وجنوب أوروبا ،والشرق األوسط ،ومعظم األمريكتين ،وأستراليا ،وجنوب شرق آسيا .تتفاقم
آثارها بسبب زيادة الطلب على المياه ،والنمو السكاني ،والتمدد العمراني ،وجهود حماية البيئة في العديد من
المناطق .يؤدي الجفاف إلى فشل المحاصيل وفقدان المروج والمراعي المخصصة للماشية.
شهدت المنطقة العربية ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة على امتداد العقود الماضية ما يزيد في انتشار
ظاهرة الجفاف والتصحر التي تعاني منها معظم الدول العربية تقريبا.
ومع إرتفاع نسب السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية في الدول العربية ،والتي بلغت 98في المئة
في الكويت على سبيل المثال ،ازداد الطلب على الطاقة لتوفير التبريد صيفا والتدفئة شتاء ,ويؤدي ارتفاع
الطلب على الطاقة إلى ارتفاع انبعاث الغازات السامة في الجو.
وحذر البنك الدولي خالل ندوة حول التغيرات المناخية أقيمت عام 2019في العاصمة القطرية الدوحة من
أن منطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا ستشهد ارتفاعا في معدل درجات الحرارة يبلغ ست درجات مئوية
بحلول عام ,2050وقال البنك الدولي في دراسات أجريت للغرض ذاته إن المنطقة ستشهد ارتفاعا في
معدالت الحرارة ونقصا في األمطار وانتشارا كبيرا لظاهرة الجفاف والتصحر .وحذر البنك من النتائج
الوخيمة لهذه التغيرات المناخية على األمن الغذائي لسكان الدول العربية وخصوصا المياه التي باتت شبه
منعدمة في العديد من المناطق الجافة في المنطقة.
~~6
وحذرت مسودة تقرير أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن التغير المناخي العالمي قد
يؤدي إلى نزاعات دامية وتهجير ماليين األشخاص في المنطقة العربية ،باإلضافة إلى إلحاق أضرار هائلة
باقتصاديات هذه الدول.
ويرسم التقرير صورة متشائمة لتداعيات التغير المناخي على سكان الدول العربية ،ال سيما في ظل انعدام
تساقط األمطار وتراجع حجم المحاصيل الزراعية بنسبة اثني في المئة كل عشر سنوات على المستوى
العالمي.
ويحذر التقرير كذلك من تأثير التغيرات المناخية على جودة المواد الغذائية التي ستشهد تراجعا حادا قد يؤثر
على صحة اإلنسان ،هذا ضافة إلى األمراض المنقولة عن طريق المياه أو المياه الملوثة.
يصف الخبراء معنى التغير المناخي بأنه إختالل في الظروف المناخية المعتادة كالحرارة وأنماط الرياح
واألمطار ،التي تميز كل منطقة على األرض ،األمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تأثيرات هائلة على
األنظمة الحيوية الطبيعية على المدى الطويل.
وتصنف هذه التغيرات وفق خبراء البيئة إلى نوعين ،أحدهما مصدره اإلنسان ويحمل المسؤولية األكبر عن
تلك التغيرات بنسبة %87واألخر مصدره الطبيعة ذاتها ،ويمثل ذلك النسبة األقل وهي ،%13وتشير
دراسة حديثة ،أجراها فريق من الباحثين الدوليين في جامعات “إكستير” البريطانية و”فاجينينجين” الهولندية
و”مونبلييه” الفرنسية ،إلى أن البلدان اإلستوائية ،التي تنتمي لها المنطقة العربية ،تميل إلى أن تكون األقل
إصدارا ً لغازات الدفيئة ،مقارنة بدول نصف الكرة األرضية الشمالي األكثر إصداراً ،ومع ذلك ستكون
األكثر معاناة من التقلبات المناخية ،األمر الذي من شأنه أن يزيد من ظاهرة عدم المساواة المتصلة بالمناخ.
إن “ تقلبات درجة الحرارة في المناطق اإلستوائية ستؤثر على األنظمة البيولوجية ،وتهدد األمن الغذائي،
وتمثل خطورة على الزراعة والبشر واالقتصاد ،وتهدد األنواع الحيوانية والنباتية ،وتؤدي إلى تجفيف التربة
اإلستوائية ،بسبب زيادة التبخر مع إرتفاع درجات الحرارة".
~~7
رغم ما شهدته المنطقة العربية طيلة العقود الماضية من إرتفاع شديد في درجات الحرارة وهو ما ينبئ
بمزيد م ن الجفاف والتصحر ،لكننا كنا ال نلحظ جدية في الشعور بحجم المشكلة ،وهو الوضع الذي بدأ يتغير
مع تفاقم المشكلة .وسجلت الصيف الماضي مدينة العمارة العراقية ومنطقة مطربة بالكويت أعلى معدل
درجات حرارة في العالم ،إذ وصلت درجة الحرارة إلى 51درجة مئوية .وحذر البنك الدولي في تقرير
صدر العام الماضي من أن معدالت درجات الحرارة في منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا ستزيد 6
درجات مئوية بحلول عام ،2050وهو ما يعني أنها قد تصل إلى 55أو 56درجة مئوية .وحذر البنك من
النتائج الوخيمة لهذه التغيرات المناخية المسببة للجفاف ،على األمن الغذائي لسكان الدول العربية ،وهو ما
يفرض حلوال عاجلة بدأت تتخذها الدول العربية.
ومن الحلول التي بدأت تتخذها الدول العربية هو اإلتجاه إلى النباتات المتحملة للحرارة ،كما تجري مراكز
األبحاث جهودها إلدخال الجينات المسؤولة عن تحمل الحرارة في النباتات المميزة بذلك إلى النباتات
األخرى الغذائية.
~~8
مصر أعلنت على سبيل المثال في التوجه إلى المحاصيل الموفرة للمياه ،وتقليص المساحات المزروعة من
النباتات المستهلكة للمياه مثل األرز وقصب السكر ،وطرح نبات “اإلستيفيا” كبديل عن قصب السكر في هذا
اإلطار.
وتوجد زراعة هذا النبات في المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة ,حيث تساعد الحرارة العالية على
زيادة النمو الخضري ,وال يحتاج هذا النبات سوى ُخمس األرض المطلوبة إلنتاج القصب ،ويحتاج إلى مياه
أقل بنسبة ،%90ولذلك فهو الخيار المثالي للدول التي تعاني من شح المياه ،ويعادل إنتاج الفدان الواحد من
هذا النبات زراعة 80فدانا ً كاملة من بنجر السكر.
ومن الجهود المبذولة في هذا اإلطار أيضاً ،إتجاه بعض الدول ومنها اإلمارات إلى الزراعات الملحية ،التي
تروى بمياه البحار ،في محاولة للتغلب على نقص المياه بسبب التغيرات المناخية.
وأظهرت تجارب نفذها المركز الدولي للزراعات الملحية بدبي بالتعاون مع الحكومة اإلماراتية نجاح
زراعة نبات الساليكورنيا باستخدام مياه البحار .والساليكورنيا نبات محب للملح ،يُستخدم كغذاء وعلف،
فضالً عن إستخدامه في إنتاج الوقود الحيوي ،وهو نبات حولي مزهر ثنائي الفلقة ،يتكاثر بالبذور وتحوي
الثمرة العصارية منه على بذرة واحدة تنبت في بداية الربيع ،وتنمو بشكل طبيعي على شواطئ البحار،
حيث تعد من أكثر النباتات تحمالً للملوحة ،ويمكن أن تنمو بعيدا ً عن المياه في المناطق التي يزيد معدل
األمطار فيها عن 1000ميليمتر .ومن الجهود األخرى التي تبذل في هذا اإلطار إنتاج صنف األرز
الصيني المقاوم للملوحة في صحراء دبي .وأظهرت االختبارات أن أعلى محصول لهذا النوع من األرز
الهجين المتحمل للملوحة والقلوية تجاوز 7.8طن لكل هكتار.
~~9
المصادر:
.د محمد بدوي :تأثير التغيرات المناخية و الجفاف والتصحر على مستقبل األمن الغذائي ,معهد بحوث
األراضى والمياه والبيئة – مصر
Impacts of Climate Change on the Eastern Mediterranean and the Middle .
East and North Africa Region and the Water–Energy Nexus
.أثر التغيرات المناخية علي إنتاج بعض المحاصيل الحقلية ,مجلة اتحاد الجامعات العربية للعلوم
الزراعية ،جامعة عين شمس ،القاهرة ،مصر
~ ~ 10